You are on page 1of 4

‫العلم تنشر نص تقرير اللجنة اإلستشارية حول الجهوية الموسعة‬

‫‪ ‬‬
‫مشروع الجهوية المتقدمة مستمد من ثقافتنا وقيمنا ومن تجاربنا التاريخية ومستجيب لتطلعاتنا‬

‫تمهيد‬

‫يعرض هذا القسم التمهيدي بإيجاز للقيم المؤسسة للنموذج المقترح للجهوية المتقدمة وللغايات المتوخاة منه‪ ،‬مشيرا إلى‬
‫‪.‬خطوطه العريضة وإلى المقاربة التي انبنى عليها إعداده وآفاق تفعيله‬

‫‪ ‬قيم الثبات ومقاصد الرقي ‪1‬‬

‫ا‪ -‬يتطلع هذا المشروع إلى بلورة اإلرادة الملكية السامية الرامية لتمكين المغرب من جهوية متقدمة ‪ ،‬ديمقراطية الجوهر‬
‫مك ّر سة للتنمية المستدامة والمندمجة اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا و بيئيا‪ ،‬تكون مدخال إلصالح عميق لهياكل الدولة من خالل‬
‫السير الحثيث المتدرج على درب الالمركزية والالتمركز الفعليين النافذين‪ ،‬والديمقراطية المعمقة‪ ،‬والتحديث االجتماعي‬
‫‪.‬والسياسي واإلداري للبالد‪ ،‬والحكامة الجيدة‬
‫ب‪ -‬تكتسي التوجيهات السامية لجاللة الملك محمد السادس الواردة في خطبه بشأن هذه األهداف داللة قوية من حيث العزم‬
‫واإلقدام والواقعية ‪ ، 1‬فهي تمثل بالنسبة للدولة والمواطنين والفاعلين السياسيين والهيئات المنتخبة على كل المستويات‬
‫مرجعية فلسفية وتاريخية وعملية للجيل الحاضر ولألجيال الالحقة‪ .‬وقد جعلتها اللجنة االستشارية للجهوية مصدر إلهام لها‪،‬‬
‫فمن تحليل مضامينها المتبصر انطلقت وعلى التفكير المسترسل في أبعادها اعتمدت‪ ،‬وبتبني مراميها التزمت‪ ،‬ساعية‬
‫‪.‬لبلورتها في جملة من المقترحات الواضحة الملموسة قدر اإلمكان‬
‫ت‪ -‬كما أن الشعب المغربي‪ ،‬القوي بوحدته التي ال تنفصم والمتشبع بروافده المتنوعة والغنية‪ ،‬سيظل‬
‫في تالحم تام مع العرش‪ ،‬متمسكا بالقيم المقدسة والثوابت الواردة في الدستور والتي تعارفت وتعاقدت عليها األمة المغربية‬
‫‪.‬على امتداد تاريخها‬
‫ث‪ -‬وغني عن البيان أن الدولة المغربية‪ ،‬وهي تدخل درب الجهوية المتقدمة‪ ،‬تبقى متمسكة‪ ،‬تحت قيادة صاحب الجاللة‬
‫الملك الممثل األسمى لألمة‪ ،‬بكامل سيادتها وبوحدة ترابها الوطني وبوحدتها السياسية والتشريعية والقضائية‪ ،‬فال محيد بأي‬
‫وجه من الوجوه عن ممارسة الدولة لجميع الوظائف التي هي حصريا من اختصاصها‪ ،‬كما هو الحال في كل الدول‬
‫‪.‬الموحدة‬
‫ج‪ -‬يتوخى من الجهوية المتقدمة أن تساهم بشكل حاسم في التنمية االقتصادية واالجتماعية للبالد وفي االستثمار األمثل‬
‫للمؤهالت والموارد الذاتية لكل جهة واستنهاض همم مختلف الفاعلين المحليين والمشاركة في إقامة وإنجاز المشاريع‬
‫المهيكلة الكبرى وتقوية جاذبية الجهات‪ .‬وإلى جانب هذا المرمى األساسي‪ ،‬فإن الجهوية المتقدمة‪ ،‬المقرونة بالالمركزية‬
‫وبالالتمركز النافذين‪ ،‬تحدوها إرادة تأصيل فضائل أخرى منها تفّتح كافة المغاربة من خالل المساهمة المواطنة في السعي‬
‫‪ : ‬المتواصل لخدمة ما فيه خير جماعتهم وجهتهم وأمتهم‪ .‬وهكذا فإن الجهوية المتقدمة ترمي إلى تحقيق المقاصد التالية‬
‫تعزيز روح المبادرة وتحرير الطاقات الخالقة لدى المواطنين والمواطنات ولدى منتخبيهم ؛ ‪-‬‬
‫الحد من المثبّطات والعراقيل البيروقراطية ومعالجة سلبياتها؛ ‪-‬‬
‫نهج سياسة القرب وتضافر الجهود بين القطاعات وأخذ البعد الترابي بعين االعتبار في السياسات العمومية وفي تدخالت ‪-‬‬
‫الدولة والجماعات الترابية‪ ،‬بغية الرفع من نجاعة الفعل العمومي؛‬
‫تعزيز المناخ الديمقراطي وتوسيع نطاق الممارسة التشاركية بما يواتي الحكامة الجيدة ويغذي روح المسؤولية ويعمم ‪-‬‬
‫إلزامية تقديم الحساب من طرف المصالح اإلدارية وموظفي‬
‫‪.‬الدولة والمنتخبين على جميع المستويات‬

‫الخطوط العريضة لمشروع الجهوية المتقدمة ‪2  ‬‬

‫ح‪ -‬أول ما يتميز به النموذج المقترح أنه "ديمقراطي الجوهر"‪ ،‬بناء على نداء صاحب الجاللة محمد السادس الذي استجابت‬
‫له كل الفعاليات السياسية المعنية وهكذا سيتعزز التدبير الديمقراطي لشؤون الجهة بما هو مقترح من تدعيم الديمقراطية‬
‫التمثيلية وتوسيع المشاركة النسائية ومشاركة المواطنين وتطوير عالقات الشراكة مع النسيج الجمعوي والقطاع الخاص‬
‫‪.‬وتقوية االختصاصات التقريرية والتنفيذية للمجالس المنتخبة بشكل منفتح متدرج‬
‫خ‪ -‬يهدف النموذج إلى ضمان التصور والتفعيل المتضافرين والمتناسقين للتنمية االقتصادية المندمجة في المجال الجهوي‪،‬‬
‫وذلك بإبراز الجماعة الجهوية كشريك مميّز للدولة في هذا الصدد‪ t،‬وإقرار صدارتها في تنسيق ودمج تصورات ومخططات‬
‫‪.‬وبرامج باقي الجماعات الترابية‪ ،‬مع احترام المساواة القانونية بين هذه الجماعات واالختصاصات المخولة لكل منها‬
‫د‪ -‬ولتمكين الجماعة الجهوية وباقي الجماعات الترابية من التكفل بتلك االختصاصات‪ ،‬وردت سلسلة من المقترحات الرامية‬
‫‪.‬إلى تقوية قدراتها في التدخل والتدبير وجعلها تعتمد‪ t‬األساليب االحترافية وتك ّرس مبادئ وقواعد الحكامة الجيدة‬
‫ذ‪ -‬وارتباطا بالتقدم المنتظر تحقيقه على هذا النهج‪ ،‬يفتح النموذج المقترح السبيل إلرساء عالقات جديدة بين الدولة‬
‫والجماعات الترابية‪ ،‬مبنية على الشراكة وعلى اإلشراف والمراقبة المرنة عوض الوصاية‪ .‬وعالوة على حقوق هذه‬
‫الجماعات وواجباتها المضبوطة في القوانين‪ ،‬فإن التعاقد سيكون هو النهج المعتمد‪ t‬إلقامة هذه الشراكة‪ ،‬في إطار مرجعيات‬
‫مجددة‪ ،‬تحدد بدقة األهداف والوسائل ومعايير تتبع وتقييم االلتزامات المتبادلة بين الدولة والجماعات الترابية في كل شأن‪.‬‬
‫ويندرج كذلك في هذا االتجاه اإلكثار من فرص اإلصغاء وتبادل الرأي والحرص على تنسيق السياسات العمومية الوطنية‬
‫والترابية‪ ،‬ومراجعة آليات المراقبة من طرف الدولة بتفضيل اللجوء إلى التقييمات البعدية على المراقبة القبلية التي ال يلجأ‬
‫‪.‬إليها إال في حاالت محددة‬
‫ر‪ -‬يعد إحداث صندوق للتأهيل االجتماعي وصندوق للتضامن الجهوي مع تقوية موارد الجهات بشكل ملموس‪ ،‬طفرة كبيرة‬
‫في النموذج المقترح‪ .‬ففي سياق المجهود الجبار من أجل التنمية االجتماعية والبشرية الذي يقوده جاللة الملك محمد السادس‬
‫والذي تعتبر المبادرة الوطنية للتنمية البشرية إحدى معالمه البارزة‪ ،‬تلتزم الدولة بإقامة صندوق للتأهيل االجتماعي للجهات‬
‫وتكريسه قانونا لمعالجة العجز الملحوظ في قطاعات حيوية من البنيات التحتية والخدمات االجتماعية‪ ،‬وذلك على مدى‬
‫‪.‬اثنتي عشرة سنة‪ .‬وبموازاة ذلك‪ ،‬يحدث صندوق للتضامن الجهوي تساهم فيه كل جهة بقسط من مواردها اإلضافية‬
‫وأخيرا سترفع الدولة بشكل ملموس من الموارد المالية التي تحولها للجهات بقصد تقوية قدراتها على العمل وعلى المبادرة‬
‫‪.‬في مجاالت التنمية االقتصادية واالجتماعية والثقافية والبيئية‪t‬‬
‫ز‪ -‬ومن مميزات النموذج المقترح أن التقطيع الجديد‪ t‬لجهات المملكة يجعل منها وحدات وظيفية ومؤسساتية مكرّسة أساسا‬
‫للتنمية المندمجة‪ .‬وحيث إن وحدة المملكة واستمراريتها التاريخية ألزيد من ألف سنة‪ ،‬انصهر خاللها السكان وتآلفوا بشكل‬
‫وثيق‪ ،‬فقد انبنى التقطيع على اعتبارات موضوعية مثل الوظائف االقتصادية وأقطاب التنمية المندمجة والعالقات‬
‫والتفاعالت الحيوية اآلنية والمستقبلية بين السكان المعنيين‪ .‬ولم يكن لهذا التقطيع أن يعاني من مثبطات تاريخية صعبة‬
‫التجاوز وال من إكراهات أو نعرات مخلة بالنهج العقالني والوظيفي المنشود‪ .‬هذا‪ ،‬ومن مميزات المشروع أيضا أنه‬
‫يراعي‪ ،‬مع ذلك‪ ،‬اإلكراهات البيئية والتحديات المرتبطة بها‪ ،‬خاصة في المناطق الشاسعة من التراب الوطني التي ساكنتها‬
‫قليلة وأرضها شبه صحراء تتخللها بعض الواحات‪ .‬وقد ذهب االختيار إلى إقامة جهات تؤخذ فيها هذه اإلكراهات ذاتها بعين‬
‫االعتبار لتحظى‪ ،‬عن قصد‪ ،‬بتضامن وطني ذي نفس جديد فاعل وملموس‪ ،‬حتى تتمكن بنفسها من النهوض بما لها من‬
‫‪.‬المؤهالت‬
‫س‪ -‬ومع االحتفاظ في الظروف الراهنة بمجالس العماالت واألقاليم‪ ،‬يقترح في المستقبل إجراء تقييم شمولي لمنظومة‬
‫الجماعات الترابية لتجنب االزدواجية العضوية للمجالس المنتخبة ولتطوير التجمع وذلك استجابة لضرورة إلغاء أسباب‬
‫البيني للجماعات االختصاصات بين المجالس المنتخبة المتراكبة في مجال )‪ ،(intercommunalité‬التداخل والتنازع في‬
‫‪.‬ترابي واحد‪ ،‬وللحاجة إلى تعضيد المشاريع والوسائل لدى الجماعات في إطار تنظيمها البيني الديناميكي‬
‫ش‪ -‬وال يتميز هذا النموذج المغربي للجهوية المتقدمة فقط بمحتواه الذي سبق تلخيصه أعاله‪ ،‬ولكن أيضا بمنبعه وبدوافعه‪.‬‬
‫فهو نابع من إرادة ملكية صريحة ومن التزام حر سيادي للدولة المغربية الموحدة‪ ،‬ولم يفرضه توفيق ما‪ ،‬بين نعرات إثنية أو‬
‫ثقافية أو عقائدية تزيد أو تنقص غل ّو ا‪ .‬ومع كون المشروع ورشا مؤسسا جديدا‪ ،‬فقد جاء في سيرورة متدرجة لالمركزية‬
‫وللديمقراطية المحلية م ّرت عليها خمسون سنة‪ .‬وتم وضعه وسوف يكرّس في ج ّو هادئ رصين من التفكير الجماعي ومن‬
‫االستشارات الواسعة في إطار نقاش وطني مفتوح وملتزم‪ ،‬يستند إلى توجهات كبرى يتقاسمها الفاعلون المعنيون‪ .‬والواقع‬
‫أن المقترحات الوجيهة المستخلصة من استشارة هؤالء الفاعلين سواء منهم الوزارات المعنية وممثلو المنتخبين‪ t‬ومجموع‬
‫األحزاب السياسية والنقابات والمنظمات المهنية وبعض الشبكات الجمعوية أسهمت منذ االنطالق في بلورة هذا المشروع‬
‫‪.‬المغربي للجهوية المتقدمة‬

‫مقاربة المشروع‪3 ‬‬

‫ص‪ -‬بمجرد تنصيبها كرست اللجنة االستشارية للجهوية أولى جلساتها لدراسة الخطاب الملكي ليوم ‪ 3‬يناير ‪ 2010‬دراسة‬
‫معمقة‪ ،‬جاعلة منه مرجعها األسمى وخارطة طريقها نحو تصور الجهوية المتقدمة‪ ،‬مستلهمة مما يتضمنه من أحكام سديدة‬
‫‪.‬أهداف ومنهج عملها‬
‫ض‪ -‬وبناء على ما أنيط بها من مهام التزمت اللجنة بوضع نموذج للجهوية ينطبق على مجموع التراب الوطني في انتظار‬
‫‪.‬ما ستنتهي إليه المفاوضات حول مشروع نظام الحكم الذاتي ألقاليم الجنوب‬
‫ط‪ -‬وللسير صوب هذه المقاصد‪ ،‬اختارت اللجنة البناء على مكتسبات التجربة الوطنية في الالمركزية بما لها وعليها‪،‬‬
‫معززة ما فيها من اإليجابيات وطارحة ما فيها من النقائص‪ ،‬ساهرة على جعل مضامينها ومظاهرها مستجيبة لمتطلبات‬
‫اللحظة التاريخية والغايات المنشودة‪ ،‬مما استلزم تسليط أضواء التقييم على المراحل السابقة واستشراف المستقبل استجابة‬
‫‪.‬للطموحات والتطلعات للتغيير‬
‫ظ‪ -‬وسعيا لهذه الغاية وعمال بمنطوق المهام المناطة بها‪ ،‬قامت اللجنة باستشارات واسعة النطاق شملت كل الهيئات الكفيلة‬
‫باإلسهام في البناء المنشود‪ ،‬أحزابا سياسية ومنظمات نقابية ومنتخبين في الجماعات والعماالت واألقاليم والجهات ومنظمات‬
‫مهنية وشبكات جمعوية للمجتمع المدني وقطاعات ‪ .‬وزارية وهيئات مكلفة بالتنمية وأجهزة عمومية مكلفة بالدراسات‬
‫‪ .‬والتقييم والمراقبة‬
‫ع‪ -‬وقد تمت هذه اإلستشارات إما مشافهة لتقييم األوضاع الراهنة واستشراف آفاق المستقبل‪ ،‬وإما‬
‫مكاتبة من خالل تقارير تعرض التشخيصات وتقدم المقترحات ‪ ،3‬وإما بكلتي الطريقتين‪ .‬وبناء على ما‬
‫توصلت به اللجنة من معطيات فإنها قامت بتحليل معمق الستجالء مواقف الهيئات المعنية‪ t‬عن مختلف‬
‫‪.‬مكونات البنيان المنشود‬
‫غ‪ -‬وبفضل حسن استعداد‪ t‬الهيئات المستشارة وتجاوبها‪ ،‬أتت هذه االستشارات أكلها إذ زودت اللجنة بمعطيات ثمينة سواء‬
‫عن نقائص التجربة الحالية أو عن مدى التطلعات‪ ،‬شاهدة بجالء على أن الجهوية المتقدمة تحظى باإلجماع في مبدئها وتثير‬
‫‪.‬آماال عريضة‬
‫ف‪ -‬أما عن المنهجية المتبعة ونظرا لما بين نماذج الجهوية من التفاوت الناجم عن اختالف ظروف قيام الدول وتطورها في‬
‫‪ :‬التاريخ‪ ،‬فإن اللجنة االستشارية للجهوية سارت على خط رئيسي في التفكير واستأنست بمصادر تكميلية‪t‬‬
‫اعتمادا على التوجيهات الملكية الواردة في خطاب صاحب الجاللة ليوم ‪ 3‬يناير ‪ ، 2010‬كان على اللجنة أن تضع _‬
‫مشروعا مغربيا مستمدا من ثقافتنا وقيمنا‪ ،‬من مؤسساتنا وتجاربنا‪ ،‬من تاريخنا وجغرافيتنا‪ ،‬من خصوصياتنا ومميزاتنا‪ ،‬من‬
‫تطلعاتنا وطموحاتنا‪ .‬وقد عملت على بناء المشروع‪ ،‬لبنة لبنة‪ ،‬وفق ما بدا لها‬
‫مستجيبا بأكثر ما يمكن من الدقة لواقع المغرب ولطموح أبنائه‪ ،‬وكفيال ببلوغ مقاصد الجهوية المتقدمة‪ ،‬مستلهمة ذلك من‬
‫التوجيهات الملكية السامية ومن األماني والمقترحات المالئمة لكل من تمت استشارته من الفاعلين المغاربة‪ ،‬وفي مقدمتهم‬
‫‪.‬األحزاب السياسية الوطنية بدون استثناء‬
‫بيد أن االمتناع عن التقليد األعمى وعن نقل النماذج لم يعف اللجنة من االطالع على التجارب األجنبية للوقوف على ما _‬
‫جاءت به من الحلول في قضية أو في أخرى‪ ،‬حيث أجرت بعض المقارنات المركزة أساسا على النماذج المعمول بها في‬
‫الدول الموحدة‪ ،‬واستشارت عددا من الهيئات الدولية والخبراء األجانب‪ .‬ولم تتردد عند االقتضاء من اقتباس بعض اآلليات‬
‫‪.‬التي ثبتت فائدتها وبدت قابلة لمالءمة الواقع المغربي‬
‫ق‪ -‬انكبت اللجنة على الدراسة المتواصلة‪ ،‬سواء في الجلسات العامة أو في إطار فرق العمل الموضوعاتية‪ ،‬للقضايا‬
‫الجوهرية المتعلقة بالجوانب المؤسساتية والديمقراطية‪ ،‬وباختصاصات المجالس المنتخبة وأنماط المراقبة من طرف الدولة‪،‬‬
‫والتنمية االقتصادية واالجتماعية بما في ذلك من تمويل التضامن‪ ،‬وبالحكامة وتحديث هياكل الدولة‪ ،‬وبالالتمركز وبالتقطيع‬
‫الجهوي‪ .‬وفي نهاية المطاف فإن نتائج هذا العمل قد أدرجت في التقارير الموضوعاتية الواردة في الكتابين الثاني والثالث‬
‫‪.‬من تقرير اللجنة‬
‫ك‪ -‬في ما يرجع لالتمركز اإلداري‪ ،‬كجانب متالزم مع الجهوية المتقدمة‪ ،‬واعتبارا لتوجيهات جاللة الملك للحكومة في‬
‫‪.‬خطاب ‪ 20‬غشت ‪ 2010‬بقصد وضع ميثاق في هذا الصدد‪ ،‬تقدم اللجنة إسهاما في هذا الورش‬

‫‪ ‬آفاق تفعيل المشروع ‪4‬‬

‫ل‪ -‬كما جاء في خطاب جاللة الملك ليوم المتقدمة موضوع نقاش وطني ‪ O‬غشت ‪ ، 2010‬سيكون التصوّر العام للجهوية ‪2‬‬
‫‪.‬تحسيسي لضمان أوسع انخراط للمواطنين فيه وت ّملكهم له‬
‫م‪ -‬تقتضي طبيعة المشروع تفعيله تدريجيا على مراحل‪ ،‬وفق خارطة طريق مضبوطة ترسم له‪ ،‬كما أشار بذلك جاللة‬
‫الملك‪ ،‬وقيادة من مستوى عال‪ .‬ويرافق التفعيل تقييم مستمر كفيل بأن يمنحه الوتيرة المثلى‪ ،‬مع إجراء ما يلزم من التصويب‬
‫‪ :‬على المشروع‪ ،‬كلما اقتضى األمر ذلك في ضوء الممارسة العملية‪ .‬ويتجلى هذا التدرج خاصة في الجوانب التالية‬
‫على الصعيد المؤسساتي‪ ،‬وبالرغم من كون بعض مقترحات المشروع تستدعي مراجعة الدستور‪ ،‬فإن الجهوية المتقدمة ‪-‬‬
‫يمكن الشروع في تفعيلها بمجرد إعادة النظر في الالزم من المقتضيات التشريعية والتنظيمية المعمول بها‪ .‬وينبغي معالجة‬
‫ما تعاني منه بعض هذه المقتضيات من تعثر في التطبيق رغم إيجابيتها‪ ،‬وذلك بسبب المثبطات اإلدارية وقلة الموارد المالية‬
‫‪.‬وضعف مالءمة الموارد البشرية والحاجة إلى تأهيل المنتخبين السيما في مجاالت التدبير العمومي‬
‫من حيث اختصاصات الجهات الجديدة‪ t‬ومنها أساسا اختصاصات مجالسها المنتخبة ‪ ،‬فإن المشروع الحالي يفتح أمامها ‪-‬‬
‫آفاقا عريضة للتدخل في كل مجاالت التنمية‪ t‬االقتصادية واالجتماعية والثقافية والبيئية‪ ،‬موفرا لها قاعدة من االختصاصات‬
‫الذاتية ومزيدا من الموارد‪ ،‬فضال عن آليات للتضامن تفتح لها مجاال رحبا للمبادرة‪ ،‬من شأنه أن يساعدها على االنطالق توّا‬
‫في عملها‪ .‬كما يقترح المشروع النقل التدريجي الختصاصات تزداد اتساعا وتقترن بنقل الموارد المعتمدة‪ t‬لها على أساس‬
‫‪.‬تفاوضي وتعاقدي بين الحكومة والمجالس الجهوية‬
‫يتم تدريجيا جعل المراقبة من طرف الدولة أكثر مرونة على أن يقترن ذلك بتطور القدرة على التدبير الجهوي ‪-‬‬
‫‪.‬وبالمؤشرات المالئمة للشفافية ولألداء الجيد‬
‫ن‪ -‬وعلى العموم فإن الجهوية المتقدمة تمثل جانبا من المسار الديمقراطي للبالد‪ ،‬وطنيا وجهويا ومحليا‪ .‬ومن شأن عدة‬
‫عوامل أن تؤثر في مصداقيتها وتعميقها وإشعاعها المستمر‪ ،‬من ذلك اتساع مشاركة السكان في االستحقاقات االنتخابية‪،‬‬
‫واتسام األنظمة والمسارات االنتخابية بالمزيد من النزاهة والشفافية والمنافسة الشريفة‪ ،‬وبروز نخب جهوية ومحلية رفيعة‬
‫‪.‬الكفاءات ومخلصة للمصلحة العامة ومؤهلة للحكامة الجيدة وتقديم الحساب‬
‫ه‪ -‬ومن ضمانات نجاح المشروع كما أطلقه ووضع خطوطه األساسية جاللة الملك‪ ،‬االنخراط التلقائي والفوري من قبل‬
‫مجموع القوى الحية لألمة فيه‪ .‬فقد ساهمت األحزاب السياسية‪ ،‬كما ذكر سابقا‪ ،‬في وضع هذا النموذج المغربي بما تقدمت‬
‫به من آراء فورية ومتينة‪ ،‬معبرة عن وعيها التام بما لها من األدوار ومن المسؤولية في إنجاح هذا المشروع الوطني‪ .‬وبناء‬
‫‪ :‬على الرسالة التي أناطها الدستور باألحزاب‪ ،‬فقد أكدت التزامها بما يلي‬
‫المساهمة بشكل نافذ في إخراج الجهوية المتقدمة إلى حيز التطبيق وفي تنشيطها في الممارسة السياسية والمؤسساتية ‪-‬‬
‫والتدبيرية وبالتالي إنجاحها ؛‬
‫تطوير وتأهيل هياكلها وبرامجها وأساليب عملها‪ ،‬خاصة في الجهات‪ ،‬لجلب اهتمام السكان وإشراكهم على أوسع نطاق؛ ‪-‬‬
‫المساهمة في تنقية كل جوانب الحياة السياسية وفي المنافسة الديمقراطية؛ ‪-‬‬
‫العمل على إبراز نخب جهوية ومحلية جديدة بإعداد وتقديم أطر ومرشحين ومنتخبين يكونون في مستوى ما يطمح إليه ‪-‬‬
‫المشروع؛‬
‫التزام اليقظة المسؤولة والخالقة بما يضمن حسن اشتغال الجهات وباقي الجماعات الترابية ومواصلة تطوير المنظومة ‪-‬‬
‫‪.‬المؤسساتية الجديدة‬

‫المقترحات‬

‫‪ ،‬تعرض المقترحات المكونة للتصور العام للنموذج المغربي للجهوية المتقدمة فيما يلي وذلك تيسيرا إلدراكها اإلجماليُ‬
‫بشكل مباشر مقتضب وبأسلوب "توصيفي وإلدراجها المحتمل الحقا ضمن نصوص معيارية‪ .‬ولم يبد من " )‪(prescriptif‬‬
‫المفيد تكرار المبررات المدعمة لكل مقترح لكونها مشتركة بين عدة مقترحات ومستمدة في أبعادها العامة من التوجيهات‬
‫الملكية السامية ومن المعايير الجاري بها العمل في الديمقراطية والحكامة الجيدة‪ .‬وعالوة على ذلك فإن‬
‫التقاريرالموضوعاتية المدرجة في الكتاب الثاني لهذا التقرير تتضمن براهين ومبررات أكثر دقة‪ .‬بيد أن خصوصيات بعض‬
‫‪.‬القضايا استوجبت بيانا وجيزا ضمن هذا الكتاب األول للمبادئ والمناهج المعتمدة‪ t‬بشأنها‬
‫وتتعلق المقترحات على التوالي بالحياة الديمقراطية الجهوية و توزيع االختصاصات وتمفصلها وأدوار الجهات في التنمية‬
‫المندمجة والموارد المرتبطة بها و الحكامة والمراقبة من طرف الدولة والالتمركز اإلداري و التقطيع الجهوي الجديد‬
‫‪.‬وأخيرا التدابير الدستورية والتشريعية والمواكبة لتفعيل المشروع‬

‫جهوية ديمقراطية الجوهر‬

‫ترمي المقترحات المدرجة في هذا المحور إلى تقوية التمثيلية والمشروعية الديمقراطية للمجالس الجهوية‪ ،‬وإلى اعتماد‬
‫مقاربة النوع‪ ،‬تشجيعا للنساء على ولوج الوظائف التمثيلية‪ t‬والمشاركة في تدبير شؤون الجهة‪ ،‬وإلى تنظيم مشاركة‬
‫‪..‬المواطنين والمجتمع المدني والقطاع الخاص في النقاش العمومي حول قضايا الجهة وكيفية تدبيرها على الوجه األحسن‬

You might also like