Professional Documents
Culture Documents
أصول الفقه 01
أصول الفقه 01
ﻓﮭذه ﻣﺣﺎﺿرات ﻓﻲ أﺻول اﻟﻔﻘﮫ )اﻟﻣﻘرر ١١١أﺻل ، (٣ﺗﺷﺗﻣل ﻋﻠﻰ ﻣﺑﺎدئ ﻋﻠم اﻷﺻول
وﻣﻘدﻣﺎﺗﮫ وﻣﺑﺎﺣث اﻷﺣﻛﺎم ،روﻋﻲ ﻓﯾﮭﺎ اﺳﺗﯾﻔﺎء اﻟﻣﺳﺎﺋل ،وﺗﺣرﯾر اﻷﻗوال ،وﺗﻘرﯾر اﻷدﻟﺔ ،
ﻣﻊ ﺳﮭوﻟﺔ اﻟﻌﺑﺎرة ،ووﺟﺎزة اﻟﻠﻔظ .وﻧﺳﺄل ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ أن ﯾﻧﻔﻊ ﺑﮭﺎ ،وأن ﯾوﻓﻘﻧﺎ إﻟﻰ ﻣﺎ ﯾﺣﺑﮫ
وﯾرﺿﺎه .وﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﻰ ﺳﯾدﻧﺎ ﻣﺣﻣد وﻋﻠﻰ آﻟﮫ وﺻﺣﺑﮫ وﺳﻠم .
.
ﺗﻌرﯾف أﺻول اﻟﻔﻘﮫ
ﻟﻛﻠﻣﺔ أﺻول اﻟﻔﻘﮫ اﻋﺗﺑﺎران ﻋﻧد اﻟﻌﻠﻣﺎء :
اﻻﻋﺗﺑﺎر اﻷول :ﻗﺑل أن ﺗﻛون ﻋﻠﻣﺎ ً ﻋﻠﻰ ذﻟك اﻟﻔن ،وھﻲ ﺣﯾﻧﺋذ ﻣرﻛب إﺿﺎﻓﻲ ﺗﺗوﻗف ﻣﻌرﻓﺗﮫ ﻋﻠﻰ
ﻣﻌرﻓﺔ ﺟزﺋﯾﮫ اﻟذﯾن ھﻣﺎ :أﺻول وﻓﻘﮫ .وﺗﻌرﯾف أﺻول اﻟﻔﻘﮫ ﺑﮭذا اﻻﻋﺗﺑﺎر ﯾﺳﻣﻰ اﻟﺗﻌرﯾف اﻹﺿﺎﻓﻲ .
اﻻﻋﺗﺑﺎر اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﺑﻌد أن ﺻﺎرت ﻋﻠَﻣﺎ ً ﻋﻠﻰ ذﻟك اﻟﻔن اﻟﻣﺧﺻوص ،وﺗﻌرﯾف أﺻول اﻟﻔﻘﮫ ﺑﮭذا اﻻﻋﺗﺑﺎر
ﯾﺳﻣﻰ اﻟﺗﻌرﯾف اﻟﻠﻘﺑﻲ .
ﺗﻌرﯾف أﺻول اﻟﻔﻘﮫ ﺑﺎﻟﻣﻌﻧﻰ اﻹﺿﺎﻓﻲ :
أﺻول اﻟﻔﻘﮫ ﺑﺎﻟﻣﻌﻧﻰ اﻹﺿﺎﻓﻲ ﺗﺗوﻗف ﻣﻌرﻓﺗﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﻌرﻓﺔ ﺟزﺋﯾﮫ اﻟﻠذﯾن ھﻣﺎ أﺻول وﻓﻘﮫ :
أﻣﺎ اﻷﺻول :ﻓﮭﻲ ﺟﻣﻊ "أﺻلٍ " .
اﻷﺻل ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ :ﻣﺎ ﯾﺑﻧﻰ ﻋﻠﯾﮫ ﻏﯾره .
وﻓﻲ اﻻﺻطﻼح ﻟﮫ ﻋدة ﻣﻌﺎن ﻣﻧﮭﺎ :
أ ـ اﻟﻘﺎﻋدة ،ﺗﻘول " :اﻷﺻل ﻓﻲ اﻷﺷﯾﺎء اﻹﺑﺎﺣﺔ" .
ب ـ اﻟدﻟﯾل ،ﺗﻘول " :اﻷﺻل ﻓﻲ ھذه اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﻛﺗﺎب واﻟﺳﻧﺔ" أي اﻟدﻟﯾل ﻋﻠﯾﮭﺎ.
ﺗﻌرﯾف أﺻول اﻟﻔﻘﮫ
ﺗﻌرﯾف اﻟﻔﻘﮫ :ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ :اﻟﻔﮭم .
وﻓﻲ اﻻﺻطﻼح :اﻟﻌﻠم ﺑﺎﻷﺣﻛﺎم اﻟﺷرﻋﯾﺔ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﻣﻛﺗﺳب ﻣن أدﻟﺗﮭﺎ
اﻟﺗﻔﺻﯾﻠﯾﺔ .
ﺷرح اﻟﺗﻌرﯾف :
• اﻟﻌﻠم :اﻟﻣراد ﺑﮫ ﻣطﻠق اﻹدراك اﻟﺷﺎﻣل ﻟﻠﺗﺻور واﻟﺗﺻدﯾق .
• اﻷﺣﻛﺎم :ﺟﻣﻊ ﺣﻛم وھو اﻟﻧﺳﺑﺔ اﻟﺗﺎﻣﺔ ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن اﻟﺗﻲ ھﻲ ﺛﺑوت اﻟﻣﺣﻣول ﻟﻠﻣوﺿوع أو ﻧﻔﯾﮫ
ﻋﻧﮫ ،ﻛﻘوﻟﻧﺎ :اﻟﺻﻼة واﺟﺑﺔ ،وﺻﻼة اﻟوﺗر ﻟﯾﺳت واﺟﺑﺔ .
اﻟﺷرﻋﯾﺔ :أي اﻟﻣﻧﺳوﺑﺔ إﻟﻰ اﻟﺷرع اﻟذي ﺟﺎء ﺑﮫ ﻧﺑﯾﻧﺎ ﻣﺣﻣد . •
اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ :أي اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺷرﻋﯾﺔ اﻟﻣﻧﺳوﺑﺔ إﻟﻰ اﻟﻌﻣل ﻛﻘوﻟﻧﺎ :اﻟﺻوم واﺟب واﻟوﺗر ﺳﻧﺔ. •
اﻟﻣﻛﺗﺳبُ :ﯾﻘرأ ﺑﺎﻟرﻓﻊ ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﺻﻔﺔ ﻟﻠﻌﻠم ،وﻣﻌﻧﺎه :اﻟﺣﺎﺻل ﺑﻌد أن ﻟم ﯾﻛن . •
ﻣن اﻷدﻟﺔ اﻟﺗﻔﺻﯾﻠﯾﺔ :أي اﻟﺟزﺋﯾﺔ . •
وﺑﻧﺎ ًء ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﻘدم ﯾﻛون اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻹﺿﺎﻓﻲ ﻷﺻول اﻟﻔﻘﮫ ھو :اﻟﻘواﻋد اﻹﺟﻣﺎﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻧﺑﻧﻲ ﻋﻠﯾﮭﺎ
اﻟﻌﻠم ﺑﺎﻷﺣﻛﺎم اﻟﺷرﻋﯾﺔ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﻣﻛﺗﺳب ﻣن أدﻟﺗﮭﺎ اﻟﺗﻔﺻﯾﻠﯾﺔ .
ﺗﻌرﯾف أﺻول اﻟﻔﻘﮫ ﺑﺎﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻠﻘﺑﻲ
اﻟﻣراد ﺑﺎﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻠﻘﺑﻲ ﻷﺻول اﻟﻔﻘﮫ ﻣﻌﻧﺎه ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره ﻋﻠﻣﺎ ً ﻋﻠﻰ ذﻟك اﻟﻔن اﻟﻣﺧﺻوص ،وﻓﯾﻣﺎ ﯾﻠﻲ
اﻟﺗﻌرﯾف وﺷرﺣﮫ " :أﺻول اﻟﻔﻘﮫ :ﻣﻌرﻓﺔ دﻻﺋل اﻟﻔﻘﮫ إﺟﻣﺎﻻً ،وﻛﯾﻔﯾﺔ اﻻﺳﺗﻔﺎدة ﻣﻧﮭﺎ ،وﺣﺎل
اﻟﻣﺳﺗﻔﯾد" .
ﺷرح اﻟﺗﻌرﯾف :
• ﻣﻌرﻓﺔ :اﻟﻣﻌرﻓﺔ ھﻲ ﻣطﻠق اﻹدراك اﻟﺷﺎﻣل ﻟﻠﺗﺻور واﻟﺗﺻدﯾق .
• دﻻﺋل :ﺟﻣﻊ دﻟﯾل وھو :ﻣﺎ ﯾﻣﻛن اﻟﺗوﺻل ﺑﺻﺣﯾﺢ اﻟﻧظر ﻓﯾﮫ إﻟﻰ اﻟﻣطﻠوب ﻣطﻠﻘﺎ ً ظ ّﻧًﺎ أو ﻗطﻌﺎ ً .
•إﺟﻣﺎﻻً :اﻷدﻟﺔ اﻟﻛﻠﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻟم ﯾﻼﺣظ ﻓﯾﮭﺎ دﻟﯾل ﺟزﺋﻲ ﺑﺧﺻوﺻﮫ ﻛﻣطﻠق ﻧﮭﻲ وﻣطﻠق أﻣر .
• وﻛﯾﻔﯾﺔ اﻻﺳﺗﻔﺎدة ﻣﻧﮭﺎ :أي ﻣﻌرﻓﺔ ﻛﯾﻔﯾﺔ اﺳﺗﻔﺎدة اﻟﻔﻘﮫ ﻣن ﺗﻠك اﻟدﻻﺋل ،ﻓﻼ ﺑد ﻟﻸﺻوﻟﻲ
ﻣن ﻣﻌرﻓﺔ ﺗﻌﺎرض اﻷدﻟﺔ وﻣﻌرﻓﺔ اﻷﺳﺑﺎب اﻟﺗﻲ ﯾﺗرﺟﺢ ﺑﮭﺎ ﺑﻌض اﻷدﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﻌض .
• وﺣﺎل اﻟﻣﺳﺗﻔﯾد :اﻟﻣﺳﺗﻔﯾد ھو اﻟذي ﯾطﻠب اﻟﺣﻛم ﻣن اﻟدﻟﯾل ،واﻟذي ﯾطﻠب اﻟﺣﻛم ﻣن اﻟدﻟﯾل ھو
اﻟﻣﺟﺗﮭد ﻓﯾﻛون اﻟﻣﺳﺗﻔﯾد ھو اﻟﻣﺟﺗﮭد .
ﻣوﺿوع ﻋﻠم اﻷﺻول
اﺧﺗﻠف اﻟﻌﻠﻣﺎء ﻓﻲ ﻣوﺿوع ﻋﻠم اﻷﺻول ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﻣذاھب :
اﻟﻣذھب اﻷول :ﯾرى أن ﻣوﺿوﻋﮫ ھو اﻷدﻟﺔ اﻹﺟﻣﺎﻟﯾﺔ ﻣن ﺣﯾث إﺛﺑﺎت اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻛﻠﯾﺔ ﺑﮭﺎ ،
وﯾرى أﺻﺣﺎب ھذا اﻟﻣذھب أن اﻷﺣﻛﺎم ﻟﯾﺳت ﻣوﺿوﻋﺎ ً ﻟﻌﻠم اﻷﺻول ،وإﻧﻣﺎ ﺗذﻛر ﻓﯾﮫ اﺳﺗطراداً .
اﻟﻣذھب اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﯾرى أن ﻣوﺿوع ﻋﻠم اﻷﺻول ھو اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺷرﻋﯾﺔ ﻣن ﺣﯾث ﺛﺑوﺗﮭﺎ
ﺑﺎﻷدﻟﺔ ،أﻣﺎ اﻷدﻟﺔ ﻓﯾﺑﺣث ﻋﻧﮭﺎ ﻓﻲ اﻷﺻول اﺳﺗطراداً .
ﯾرى أن ﻣوﺿوع اﻷﺻول اﻷدﻟﺔ واﻷﺣﻛﺎم اﻟﺷرﻋﯾﺔ ﺟﻣﯾﻌﺎ ً. اﻟﻣذھب اﻟﺛﺎﻟث :
ﺑﯾﺎن ﻧوع اﻟﺧﻼف :اﻟﺧﻼف ھﻧﺎ ﻟﻔظﻲ ﻷن أﺻﺣﺎب ھذه اﻟﻣذاھب ﻗد اﺗﻔﻘوا ﻋﻠﻰ ذﻛر اﻷدﻟﺔ
واﻷﺣﻛﺎم ﺟﻣﯾﻌﺎ ﻓﻲ أﺻول اﻟﻔﻘﮫ ﻣن ﻏﯾر ﺗﻔرﻗﺔ .
أ ﺻﻮل اﻠﻔﻗﻪ )(١
ﻤﻗﺮر ) ١١١ـ أ ﺻﻞ (٣
اﻠﻮﺣﺪة اﻻٔوﻠﻰ
)ﻤﺒﺎدئ ﻋﻟﻢ أ ﺻﻮل اﻠﻔﻗﻪ(
اﻟﺗﺷرﯾﻊ ﻓﻲ ﻋﺻر اﻟﻧﺑوة وﻋﺻر اﻟﺻﺣﺎﺑﺔ واﻟﺗﺎﺑﻌﯾن
اﻟﺗﺷرﯾﻊ ﻓﻲ ﻋﺻر اﻟﻧﺑوة :
ﻟﻘد ﻛﺎن ﻣﺻدر اﻟﺗﺷرﯾﻊ ﻓﻲ ﻋﺻر اﻟﻧﺑﻲ ھو اﻟوﺣﻲ ﺑﻘﺳﻣﯾﮫ :اﻟﻣﺗﻠو وھو اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم ،وﻏﯾر
اﻟﻣﺗﻠو وھو اﻟﺳﻧﺔ اﻟﻧﺑوﯾﺔ وﻟم ﺗﻛن ھﻧﺎك ﺣﺎﺟﺔ داﻋﯾﺔ إﻟﻰ وﺿﻊ ﻗواﻋد وأﺳس ﻟﻼﺟﺗﮭﺎد ،ﻓﺈذا طرأت
ﺣﺎدﺛﺔ أو واﻗﻌﺔ ﺗﺣﺗﺎج إﻟﻰ ﺑﯾﺎن اﻟﺣﻛم اﻟﺷرﻋﻲ ﻓﺈن اﻟﻧﺑﻲ ﻛﺎن ﯾﻧﺗظر ﻧزول اﻟوﺣﻲ ﺑﺑﯾﺎن ﺣﻛم ﷲ ﻓﻲ
ھذه اﻟواﻗﻌﺔ ،وأﺣﯾﺎﻧﺎ ً ﻛﺎن اﻟﻧﺑﻲ ﯾﺟﺗﮭد ﻓﻲ اﻟوﺻول إﻟﻰ اﻟﺣﻛم إذا ﻟم ﯾﺗﻧَزﱠ ل ﻋﻠﯾﮫ اﻟوﺣﻲ ﻟﯾﺻل إﻟﻰ
اﻟﺣﻛم ،وھذا اﻟﺣﻛم إن ﻛﺎن ﺻواﺑﺎ ً أﻗره ﷲ ﻋﻠﯾﮫ ،وإن ﻛﺎن ﻏﯾر ذﻟك ﺑﯾﱠن ﷲ ﻋز وﺟل ﻟﮫ اﻟﺻواب .
وذﻟك ﻛﻣﺎ ﺣدث ﻓﻲ اﻓﺗداء أﺳﺎرى ﺑدر .
أﻣﺎ اﺟﺗﮭﺎد اﻟﺻﺣﺎﺑﺔ رﺿوان ﷲ ﻋﻠﯾﮭم ﻓﻲ ﺣﯾﺎة اﻟﻧﺑﻲ ﻓﻘد ﻛﺎﻧوا ﯾﺟﺗﮭدون ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻌرض ﻟﮭم ﻣن
وﻗﺎﺋﻊ ،ﻓﺈذا ﻟﻘوا رﺳول ﷲ ﻋرﺿوا ﻋﻠﯾﮫ اﺟﺗﮭﺎداﺗﮭم ،ﻓﺄﺣﯾﺎﻧﺎ ً ﯾﻘرھم ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻓﺗﻛون ﺗﻠك اﻷﺣﻛﺎم ﺛﺎﺑﺗﺔ
ﺑﺎﻟﺳﻧﺔ ،وأﺣﯾﺎﻧﺎ ً ﻻ ﯾﻘرھم ﻋﻠﻰ ذﻟك وﯾﺑﯾن ﻟﮭم ﻓﯾﻛون ﺑﯾﺎﻧﮫ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم ھو اﻟﻣﻌﺗﻣد .
ﺑﻧﺎ ًء ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ذﻛر ﯾﻣﻛن اﻟﻘول :إن اﻟﺗﺷرﯾﻊ ﻓﻲ ھذا اﻟدور اﻋﺗﻣد ﻋﻠﻰ اﻟوﺣﻲ ﺑﻘﺳﻣﯾﮫ :اﻟﻣﺗﻠو اﻟﻣﻌﺟز
وھو اﻟﻘرآن ،وﻏﯾر اﻟﻣﺗﻠو وھو اﻟﺳﻧﺔ .أﻣﺎ اﻻﺟﺗﮭﺎد ﻣﻧﮫ ﻓﮭو ﺳﻧﺔ ﺳﻧﮭﺎ ﻟﯾﺑﯾن ﻟﻠﺻﺣﺎﺑﺔ وﻟﻣن
ﺑﻌدھم ﻣﺷروﻋﯾﺔ اﻻﺟﺗﮭﺎد .
ﻋﺻر اﻟﺻﺣﺎﺑﺔ
ﻋﺻر اﻟﺻﺣﺎﺑﺔ :
ﻛﺎن اﻟﺻﺣﺎﺑﺔ رﺿوان ﷲ ﻋﻠﯾﮭم ﯾﺗﻠﻘون اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم ﻋن اﻟﻧﺑﻲ ﯾﻔﮭﻣون اﻟﻣراد ﻣﻧﮫ وﯾدرﻛون
ﻣﻘﺎﺻد اﻟﺷﺎرع وﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺷرﯾﻊ دون ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ وﺿﻊ ﻗواﻋد ﻟﻐوﯾﺔ أو أﺻوﻟﯾﺔ أو ﻏﯾر ذﻟك .
وأﻣﺎ اﻟﺳﻧﺔ ﻓﺈن ﻛﺎﻧت ﻗوﻟﯾﺔ ﻓﮭﻲ أﯾﺿﺎ ً ﺑﻠﻐﺗﮭم ﯾﻌرﻓون ﻣﻌﻧﺎھﺎ ،وإن ﻛﺎﻧت ﻓﻌﻠﯾﺔ ﺷﺎھدوھﺎ وﺗﻧﺎﻗﻠوھﺎ ،
ﻓﺷﺎھدوا وﺿوءه وﺻﻼﺗﮫ وﺣﺟﮫ وﻏﯾر ذﻟك ﻣن ﻋﺑﺎداﺗﮫ .ﻛﻣﺎ ﺳﻣﻌوا اﻟﻧﺎس ﯾﺳﺗﻔﺗوﻧﮫ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺎﺋل
ﻓﯾﻔﺗﯾﮭم وﯾﺑﯾن ﻟﮭم ﻓﺣﻔظوا ذﻟك ﻛﻠﮫ وﻧﻘﻠوه ﻋﻧﮫ .
وأﻣﺎ اﻻﺟﺗﮭﺎد ﻓﻘد ﺑﯾن اﻟﻧﺑﻲ ﻟﮭم ﻣﺷروﻋﯾﺗﮫ ،وأرﺷدھم إﻟﯾﮫ .
ﻓﻲ ﻋﺻر اﻟﺗﺎﺑﻌﯾن وﺗﺎﺑﻌﯾﮭم ﺗوﺳﻊ اﻟﻔﻘﮭﺎء ﻓﻲ اﻟﺣدﯾث ﻋن اﻟﻘواﻋد اﻷﺻوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺳﺗﻧدون
إﻟﯾﮭﺎ ،ﻛﻣﺎ اﺗﺳﻌت داﺋرة اﻻﺳﺗﻧﺑﺎط ﻧظراً ﻟﻛﺛرة اﻟﺣوادث ،وﻟﺗﻔرغ طﺎﺋﻔﺔ ﻣﻧﮭم ﻟﻠﻔﺗوى ﻣﺛل :
ﺳﻌﯾد ﺑن اﻟﻣﺳﯾب وﻏﯾره ﺑﺎﻟﻣدﯾﻧﺔ .
وﻋﻠﻘﻣﺔ وإﺑراھﯾم اﻟﻧﺧﻌﻲ ﺑﺎﻟﻌراق .
وﺗﻣﯾزت اﻟﻣﻧﺎھﺞ ﻓﻲ اﻟﻔﺗوى ﺗﺑﻌﺎ ً ﻻﺧﺗﻼف اﻷﻣﺻﺎر واﻟﻣدارس ،ﻓﻘد ﻛﺎن اﻟﻣدﻧﯾون ﻓﻲ ﻏﺎﻟب اﺟﺗﮭﺎداﺗﮭم
ﯾراﻋون اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ ﻓﯾﻣﺎ اﺳﺗﺟد ﺑﻣﺎ أدرﻛوه ﻣن ﻣﻘﺎﺻد اﻟﺷﺎرع ،وﻛﺎن اﻟﻌراﻗﯾون ﯾﻧﮭﺟون ﻣﻧﮭﺞ اﻟﻘﯾﺎس
وﯾﺳﺗﺧرﺟون ﻋﻠل اﻷﻗﯾﺳﺔ ،ﻣﻊ ﺿﺑطﮭﺎ واﻟﺗﻔرﯾﻊ ﻋﻠﯾﮭﺎ .وﻓﻲ ھذا اﻟﻌﺻر ﺑدأت ﺑﻌض اﻟﻘواﻋد اﻷﺻوﻟﯾﺔ
واﻟﻛﻠﯾﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺗذﻛر ﻓﻲ اﺳﺗدﻻﻻﺗﮭم ﻋَ رَ ﺿﺎ ً ،وإن ﻛﺎﻧوا ﻟم ﯾذﻛروھﺎ ﻛﻘواﻋد ﻋﺎﻣﺔ ﻟﻼﺳﺗﻧﺑﺎط .
واﺳﺗﻣر اﻷﻣر ﺣﺗﻰ ﻗرب اﻟﻘرن اﻟﺛﺎﻧﻲ اﻟﮭﺟري ﻓﺎﺗﺳﻌت رﻗﻌﺔ اﻟﺑﻼد اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ،واﺧﺗﻠط
اﻟﻌرب ﺑﻐﯾرھم ،ودﺧل ﻛﺛﯾر ﻣن اﻷﻋﺎﺟم ﻓﻲ اﻹﺳﻼم ،ﻓطﻐﻰ ﺳﯾل اﻟﻌﺟﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻌرب ،وﻛﺛر ﺗﺑﻌﺎ ً ﻟذﻟك
اﻻﺷﺗﺑﺎه واﻻﺣﺗﻣﺎل ﻓﻲ ﻓﮭم اﻟﻧﺻوص ،ﻓﻘﺎم اﻟﻣﺟﺗﮭدون ﺑوﺿﻊ ﻗواﻋد وﻗواﻧﯾن ﺗﺻون اﻟﻌﻘول ﻣن اﻟﺧطﺄ
ﻓﻲ اﻻﺳﺗﻧﺑﺎط ،ﺛم دوﻧوا ﺗﻠك اﻟﻘواﻋد وﺟﻌﻠوھﺎ ﻋﻠﻣﺎ ً ﻣﺳﺗﻘﻼً أﺳﻣوه "أﺻول اﻟﻔﻘﮫ" .
أول ﻣن دون ﻓﻲ ﻋﻠم أﺻول اﻟﻔﻘﮫ
دون ﻋﻠم أﺻول اﻟﻔﻘﮫ ھو اﻹﻣﺎم ﻣﺣﻣد ﺑن إدرﯾس اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ اﻟﻣﺗوﻓﻲ ﺳﻧﺔ ٢٠٤ھـ ، أول ﻣن ﱠ
ﻓرﺗب أﺑواﺑﮫ ،وﺟﻣﻊ ﻓﺻوﻟﮫ ،وﻟم ﯾﻘﺗﺻر ﻋﻠﻰ ﻣﺑﺣث دون ﻣﺑﺣث ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎب ،وﺑﺣث ﻓﻲ اﻟﺳﻧﺔ
وطرق إﺛﺑﺎﺗﮭﺎ وﻣﻘﺎﻣﮭﺎ ﻣن اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم ،وﺑﺣث ﻓﻲ اﻟدﻻﻻت اﻟﻠﻔظﯾﺔ ،وﺑﺣث ﻓﻲ اﻹﺟﻣﺎع وﺣﻘﯾﻘﺗﮫ،
وﺿﺑط اﻟﻘﯾﺎس ،وﺗﻛﻠم ﻓﻲ اﻻﺳﺗﺣﺳﺎن .
اﻻﻋﺗراض :
أورد ﺑﻌض اﻟﻌﻠﻣﺎء اﻋﺗراﺿﺎ ً ﻣؤداه أﻧﮫ ﯾﻣﻛن أن ﯾﻘﺎل :إن أﺻول اﻟﻔﻘﮫ ﻣﺎ ھو إﻻ ﻧﺑذ ﺟﻣﻌت ﻣن ﻋﻠوم
ﻣﺗﻔرﻗﺔ ﻛﻌﻠم اﻟﺗوﺣﯾد وﻋﻠم اﻟﻠﻐﺔ وﻏﯾرھﻣﺎ ،واﻟﻌﺎرف ﺑﮭذه اﻟﻌﻠوم ﻻ ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ أﺻول اﻟﻔﻘﮫ ،ﻓﺻﺎرت ﻓﺎﺋدة
اﻷﺻول ﺑﺎﻟذات ﻗﻠﯾﻠﺔ ﺟد ًاّ .
واﻟﺟواب :
ﺑﻣﻧﻊ ذﻟك ﻓﺈن اﻷﺻوﻟﯾﯾن دﻗﻘوا ﻓﻲ ﻓﮭم أﺷﯾﺎء ﻣن ﻛﻼم اﻟﻌرب ﻟم ﯾﺻل إﻟﯾﮭﺎ اﻟﻧﺣﺎة وﻻ اﻟﻠﻐوﯾون ،ﻷن ﻛﻼم
اﻟﻌرب ﻣﺗﺳﻊ ﺟد ًاّ واﻟﻧظر ﻓﯾﮫ ﻣﺗﺷﻌب ﻓﻛﺗب اﻟﻠﻐﺔ ﺗﺿﺑط اﻷﻟﻔﺎظ وﻣﻌﺎﻧﯾﮭﺎ اﻟظﺎھرة دون اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟدﻗﯾﻘﺔ اﻟﺗﻲ
ﺗﺣﺗﺎج إﻟﻰ ﻧظر اﻷﺻول واﺳﺗﻘراء زاﺋد ﻋﻠﻰ اﺳﺗﻘراء اﻟﻠﻐوي ،وﺑذﻟك ﯾﺳﻘط ھذا اﻻﻋﺗراض وﺗﺗﺑﯾن ﻓﺎﺋدة
أﺻول اﻟﻔﻘﮫ ﺣﯾث إﻧﮫ ﯾﺑﯾن ﺳﺑﯾل اﻟﻔﮭم ﻟﻠﻧﺻوص اﻟﺷرﻋﯾﺔ ،وﯾوﺿﺢ ﻣﻧﺎھﺞ اﻟﻧظر واﻻﺳﺗﻧﺑﺎط ،وﯾﻧﺷﺊ
أدوات اﻻﺟﺗﮭﺎد ،وﯾﺻوغ اﻟﻔﻘﯾﮫ اﻟﻘﺎدر ﻋﻠﻰ اﻟﻔﮭم واﻟﻧظر واﻻﺳﺗﻧﺑﺎط واﻟﻣوازﻧﺔ واﻟﺗرﺟﯾﺢ ،وﻏﯾر ذﻟك ﻣن
اﻟﻔواﺋد اﻟﺗﻲ اﺧﺗص ﺑﮭﺎ ﻋﻠم اﻷﺻول ،ﺑﺣﯾث ﻻ ﯾﺷﺎرﻛﮫ ﻓﯾﮭﺎ ﻋﻠم آﺧر .
ﺣﻛم ﺗﻌﻠم أﺻول اﻟﻔﻘﮫ
ﺗﻌﻠم أﺻول اﻟﻔﻘﮫ :ﻓرض ﻛﻔﺎﯾﺔ ،وﻋﻠﺔ ذﻟك أن ﺗﻌﻠﻣﮫ ﺿروري ﻟﻠﺗﻔﻘﮫ ﻓﻲ اﻟدﯾن ،وﻣﻌﻠوم أن اﻟﺗﻔﻘﮫ ﻓﻲ
اﻟدﯾن ﻓرض ﻋﻠﻰ اﻟﻛﻔﺎﯾﺔ ﯾﻘوم ﺑﮫ ﻣن ﺗﺗﺣﻘق ﺑﮭم ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻷﻣﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﻌرﻓﺔ أﺣﻛﺎم دﯾﻧﮭﺎ ،وﻣﺎ ﯾﺟد ﻣن
اﻟﺣوادث ﻓﻲ ﺣﯾﺎﺗﮭﺎ ﺣﺗﻰ ﻻ ﺗﻘﻊ ﺣﺎدﺛﺔ إﻻ وﯾﻘف اﻟﻣﻛﻠﻔون ﻋﻠﻰ ﺣﻛﻣﮭﺎ اﻟﺷرﻋﻲ ،وﺣﺗﻰ ﺗﻧﺿﺑط أﻋﻣﺎل اﻟﻣﻛﻠﻔﯾن
ﺑﺄﺣﻛﺎم اﻟﺷرع اﻟﺣﻧﯾف.
وﻣن اﻟﻣﻌﻠوم أن ﺣﻛم ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ اﻟوﻗﺎﺋﻊ اﻟﻧﺎزﻟﺔ ﻻ ﯾﻣﻛن اﻟوﻗوف ﻋﻠﯾﮫ إﻻ ﺑﻣﻌرﻓﺔ ﻋﻠم أﺻول اﻟﻔﻘﮫ ،وذﻟك
ﻷن اﻟﻣﻛﻠف إن ﻛﺎن ﻋﺎﻣ ّﯾًﺎ ﻓﻔرﺿﮫ اﻟﺳؤال ﻟﻘوﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ } :ﻓَﺎ ْﺳﺄَﻟُﻮا أَ ْﻫ َﻞ اﻟ ﱢﺬ ْﻛ ِﺮ إِن ﻛُﻨﺘُ ْﻢ ﻻ ﺗَـ ْﻌﻠَﻤُﻮ َن{]اﻟﻧﺣل ، [٤٣ :وﻻ ﺑد
ﻣن اﻧﺗﮭﺎء اﻟﺳﺎﺋﻠﯾن إﻟﻰ ﻋﺎﻟم ﯾﺑﯾن اﻟﺣﻛم .وھذا اﻟﻌﺎﻟم ﻻ ﯾﻣﻛﻧﮫ ﻣﻌرﻓﺔ ﺣﻛم ﷲ إﻻ ﺑطرﯾق ،ﻷن اﻟﺣﻛم ﺑﻣﺟرد
اﻟﮭوى واﻟﺗﺷﮭﻲ ﻏﯾر ﺟﺎﺋز ،وﻻ ﻣﻌﻧﻰ ﻷﺻول اﻟﻔﻘﮫ إﻻ ﺗﻠك اﻟطرق ،ﻓﺻﺎر ﺗﻌﻠﻣﮫ ﻓرﺿﺎ ً ﻟذﻟك .
وأﻣﺎ أﻧﮫ ﻓرض ﻛﻔﺎﯾﺔ ﻓﻸﻧﮫ ﻻ ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺎس ﺑﺄﺳرھم طﻠب اﻷﺣﻛﺎم ﺑﺎﻟدﻻﺋل اﻟﻣﻔﺻﻠﺔ ﻓﺈن ذﻟك ﻏﯾر ﻣﻘدور
ﻟﻛل إﻧﺳﺎن ،وﻷن ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻗﺎل َ } :وﻣَﺎ ﻛَﺎ َن اﻟْﻤ ُْﺆِﻣﻨُﻮ َن ﻟِﻴَﻨﻔِـﺮُوا ﻛَﺎﻓﱠﺔً ﻓَـﻠَﻮْﻻ ﻧَـﻔَـ َﺮ ﻣِﻦ ُﻛ ﱢﻞ ﻓ ِْﺮﻗَ ٍﺔ ِﻣ ْﻨـ ُﻬ ْﻢ ﻃَﺎﺋَِﻔﺔٌ ﻟِﻴَﺘَـ َﻔ ﱠﻘ ُﻬﻮا ﻓﻲ اﻟﺪﱢﻳ ِﻦ
َوﻟِﻴُﻨ ِﺬرُوا ﻗـ َْﻮَﻣ ُﻬ ْﻢ إِذَا َر َﺟﻌُﻮا إِﻟَْﻴ ِﻬ ْﻢ ﻟَﻌَﻠﱠﻬْﻢ ﻳَ ْﺤ َﺬرُو َن{]اﻟﺗوﺑﺔ ، [١٢٢ :ﻓﮭذه اﻵﯾﺔ ظﺎھرة ﻓﻲ أن اﻟﺗﻔﻘﮫ ﻓﻲ اﻟدﯾن ﻓرض ﻋﻠﻰ
اﻟﻛﻔﺎﯾﺔ ﯾﻘوم ﺑﮫ ﻣن ﺗﺗﺣﻘق ﺑﮭم ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻷﻣﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﻌرﻓﺔ أﺣﻛﺎم دﯾﻧﮭﺎ .