Professional Documents
Culture Documents
B 57
B 57
*
د .ابوبكر المبروك بشير ابوعجيلة الملخص
يستعرض هذا البحث أهمية بناء القوة ،بالنسبة للمنطقة العربية ،بواسطة االندماج
والتكامل العربي ،لتغيير واقعها إلى األفضل .يحمل موضوع البحث إيضاحات حول مظاهر
الضعف السياسي واالقتصادي واالجتماعي التي ولدت الفقر والجهل والتخلف ،ويتناول ،أيضا،
أسباب الضعف من انتهاكات لحقوق اإلنسان إلى اإلرهاب إلى فشل التنمية.
ويبين البحث عوامل بناء القوة بالتركيز على بناء التجمعات واالندماج والتكامل العربي .ويشير
إلى بعض التجارب ،والمحاوالت العربية خالل العقود الماضية بنية إقامة أنواع من االتحادات.
ورجوعا إلى مقومات بناء التكامل فقد توصل الباحث إلى أن المنطقة العربية تمتلك المكونات
األساسية لالندماج والتكامل بواسطة تجمعات ،وتكتالت إقليمية عربية على أسس سياسية،
واقتصادية ،واجتماعية وذلك المتالك القوة كمطلب حيوي في العالقات الدولية.
المقدمة
منذ زهاء قرن من الزمن ظل مطلب القوة السمة السائدة في العالقات الدولية ،فركزت
الكثير من الدول عليها كهدف جوهري واحد ،وهو الحصول على القوة وتطويرها ،ألنها الوسيلة
األساسية لتحقيق المصلحة الوطنية .ونجحت الكثير من المحاوالت الدولية واإلقليمية
في بناء القوة ،اعتمادا على بناء التجمعات االقتصادية والسياسية في أوروبا ،وآسيا وشمال
أمريكا ،وأفريقيا ،وأمريكا الالتينية.
ربما تعثرت المنطقة العربية في رسم المسارات المباشرة للوصول للقوة ،وجانبها
الصواب في التخطيط المتالك القدرة المساعدة لتخطي العقبات التي منعتها من بناء القوة.
وكنتيجة طبيعية عانت المنطقة من الضعف فوقعت هدفا ً سهالً للكثير من المهددات الداخلية
والخارجية .ومع أنها تحمل أسباب بناء القوة ،لكنها لم تستطع حذو من سبقها في االعتماد على
بناء التجمعات والتكتالت اإلقليمية الفاعلة من اجل التكامل العربي .ففي هذا البحث سيتم التركيز
---------------مجلة جامعة سبها (العلوم اإلنسانية )المجلد الثالث عشر العدد الثاني (63-------------- ) 1024
على جوانب الضعف في المنطقة العربية وأهمية بناء القوة وارتباطها بتكوين التكتالت
اإلقليمية التي تساعد قيام التكامل العربي.
ولإلجابة على استفهام البحث ،يحاول الباحث اختبار الفرضية ،الواردة في المقدمة ،من
خالل طرح ،وتحليل عناصر الموضوع التي تتصل بمكونات القوة في العالقات الدولية ،ودور
التكامل العربي والتكتالت االقتصادية ،والسياسية ،وأهميتها في المنطقة العربية .إضافة إلى
بعض الجوانب األخرى المتعلقة بسبب ضعف المنطقة ،ومصادر تهديداتها والمحاوالت العربية
السابقة لبناء القوة ،وأخيرا إبراز نظرة مستقبلية تمثل فرصة المنطقة في بناء التكتالت اإلقليمية
ألجل القوة.
مشكلة البحث
في العالقات الدولية تتحدد قيمة الدولة برصيدها من القوة ،على مختلف أشكالها .ورغم
ذلك ال تزال المنطقة العربية تعاني من الضعف ،والتفتت ،والفقر ،والتبعية ،واالستبداد .فمشكلة
هذا البحث ترتبط بحاجات المنطقة إلى وسيلة لبناء القوة لتضعها في مكانة الئقة بين غيرها من
األمم .ففي هذه المرحلة ،قد تكون العودة الجادة إلى تكرار المحاوالت السابقة ،لالندماج والتكامل
العربي للوصول إلى هدف القوة في المنطقة العربية ،هي الخطوة المناسبة .بذلك يمكن تحديد
مشكلة البحث في االستفهام التالي:
األمهمية
تكمن األهمية العلمية لهذه الدراسة في أنها محاولة لمواصلة المزيد من البحث العلمي في
موضوع االندماج والتكامل العربي المتوقف وتقديمه في قالب جديد يربط مابين التكامل والقوة
وضعف المنطقة بإثارة األسباب وطرق العالج .فهو يقدم للباحثين في هذا المجال فكرة اشمل
لدفعهم إلى االستمرار في تناول الموضوع .أم من الناحية العملية فان إثارة الموضوع في هذه
األثناء بات أمر هام بسبب التقلبات السياسية واتساع رقعة الصراع اإلقليمي المهدد الستقرار
المنطقة .لعل التوجه نحو بناء تكامل عربي موسع يكون بداية عهد جديد يخرج المنطقة العربية
من أزماتها ويمهد لها الطريق أمام بناء القوة.
األمهداف
.1الكشف عن أسباب ضعف المنطقة العربية ومصادر تهديدها.
.2التعرف على مقومات القوة المتاحة في المنطقة.
.3معرفة مدى حاجة المنطقة لالندماج والتكامل.
---------------مجلة جامعة سبها (العلوم اإلنسانية )المجلد الثالث عشر العدد الثاني (63-------------- ) 1024
فرضية البحث
هناك الكثير من العوامل التي تعيق مطلب بناء القوة اإلقليمية بالمنطقة كالتشتت ،والفرقة ،وإهمال
حقوق اإلنسان ،وبعض التهديدات الداخلية والخارجية .بذلك يمكن تحديد فرضية البحث كالتالي :
{االندماج والتكامل يؤدي إلى بناء قوة المنطقة العربية}.
ويمكن ترجمة هذه العالقة بمتغيرين أحدهما مستقل واآلخر تابع :
فيكون االندماج والتكامل العربي كمتغير مستقل يؤدي إلى بناء قوة المنطقة العربية كمتغير تابع.
منهجية البحث
تعتمد منهجية هذا البحث على استخدام المنهج الكيفي إلى جانب االستعانة بمدخل النظم الختبار
فرضيات البحث .حيث سيتم التركيز على تحليل أسباب الظاهرة السياسية محل الدراسة (لماذا
يتجه العرب إلى االندماج والتكامل ببناء التجمعات اإلقليمية؟ ) ،وتحديد الخصائص والفرو قات
الكيفية لألجزاء المكونة لالندماج والتكامل العربي .كذلك يعمل مدخل النظم على دراسة الظاهرة
كنظام عام يحمل بداخله عدد من األنظمة الفرعية ذات االعتماد المتبادل داخل االندماج والتكامل
العربي .والوصول إلى قوة العرب ،كمدخالت ومخرجات ،ينتج عنها تغييرات مرتبطة ببعضها
تؤدي إلى وجود حالة استقرار وتوازن .وهو ما يحدث في هذه الظاهرة السياسية والمتغيرات
المتعلقة بها.
الدراسات السابقة
تم االطالع على العديد من الدراسات التي تناولت أدبياتها موضوعات على صلة ببناء
التكامل السياسي االقتصادي في نطاق المنطقة العربية .ومع أن هذه الدراسات حاولت تناول
أهمية التركيز على تحقيق شيء من التقارب والنمو إال أنها لم تتطرق بصورة مباشرة إلى أهمية
بناء التكامل العربي كالتجمعات اإلقليمية ودورها في بناء القوة .ففي هذه الدراسة يحاول الباحث
سد الفجوة العلمية في هذا الجانب بالربط بين مطلب القوة وأسباب الضعف وأهمية مواصلة
محاوالت التكامل العربي في هذه المرحلة.
وأهم األعمال العلمية التي تناولت هذا الموضوع هي :
.1علي خليفة الكواري ،نحو إستراتيجية بديلة للتنمية الشاملة ،المالمح العامة إلستراتيجية
التنمية في إطار اتحاد أقطار مجلس التعاون ،وتكاملها مع بقية األقطار العربية ،بيروت
مركز دراسات الوحدة العربية .1891 ،في هذه الدراسة تناول الكاتب كيفية الوصول
إلى تحقيق مصالح المنطقة من خالل محاوالت التقارب واالتحاد في طريق تحقيق
التكامل.
.2عبد الكريم العلوجي ،األعمدة السبعة للمستقبل العربي ،دمشق ،دار الكتاب العربي
.2009ركزت هذه الدراسة على أهم مفاصل القوة التي يمكن تحريكها في اتجاه ضمان
مستقبل عربي يعمل بصورة تكاملية.
---------------مجلة جامعة سبها (العلوم اإلنسانية )المجلد الثالث عشر العدد الثاني (63-------------- ) 1024
.3هاني خالف واحمد نافع ،الوطن العربي ،قضايا مستقبلية ،القاهرة .1888 ،يدور
موضوع هذه الدراسة حول الظروف السياسية للمنطقة ،والتحديات المحلية واإلقليمية
والدولية وفرص إقامة تقارب عربي يضمن االستقرار والتقدم.
حدود البحث
البحث يشمل المنطقة الممتدة من المغرب العربي غربا الى الخليج العربي شرقا ،ومن الشاطئ
الجنوبي للبحر المتوسط شماال الى مناطق ما وراء الصحراء الكبرى جنوبا.
تقسيمات البحث
يحتوي موضوع الدراسة على عدد من الناصر التي تعبر عن مضمونه حسب األهداف الواردة
في المقدمة وذلك كالتالي :
أوال :المفاهيم والتعريفات
ثانيا :أهمية التكامل
ثالثا :ضعف المنطقة
رابعا :قوة المنطقة
أوال :المفامهيم والتعريفات
اندماج الدول في تجمعات ،وتكتالت كبرى يكاد يكون الحل األمثل لتقارب الدول من
بعضها بهدف التخلص من مشكالتها العابرة للحدود اإلقليمية .فهو يقدم البديل عن معظم أنواع
االندماج السياسي والدستوري ،ألنه يطرح الشكل األنسب للتعاون الدولي بعيدا عن العراقيل
الدستورية والقانونية المالزمة للهياكل الفيدرالية في التجمعات اإلقليمية .حيث تسمح الدول بنقل
بعض صالحياتها إلى المنظمات اإلقليمية التابعة لها كي تنوب عنها في حل مشكالتها بصورة
تعاونية مع الغير .فهي بذلك أضحت البديل العصري للتعاون االقتصادي واالجتماعي عل غرار
ما حدث في منظمة االتحاد األوروبي.1
فالتكامل " :هو عملية ينتج عنها بروز فوق قومي تنتقل إليه مسئولية أداء االختصاصات
الوطنية التي كانت تتحملها الحكومة الوطنية ،ويصبح هذا الكيان الجديد والموسع بمثابة النواة
المركزي ة التي تستقطب مختلف الو الءات والتوقعات واألنشطة السياسية لألطراف القومية التي
أوجدته وشاركت في خلقه ".2
ويعرف ايرنست هاس التكامل بأنه " العملية التي تتضمن تحول الو الءات والنشاطات
لقوى سياسية في دول متعددة ومختلفة نحو مركز جديد تكون لمؤسساته صالحيات الدول
القائمة".3
كما يعرف لندبارغ التكامل بأنه " العملية التي تجد الدولة فيها نفسها راغبة ،أو عاجزة
في إدارة شؤونها الداخلية أو الخارجية باستقاللها عن بعضها البعض ،وتسعى بدال من ذلك
التخاذ قرارات مشتركة ،أو تفوض أمرها لمؤسسة أو منظمة جديدة ،أو هي العملية التي تقتنع من
خاللها مجموع المجتمعات السياسية بتحويل نشاطاتها إلى مركز جديد".4
---------------مجلة جامعة سبها (العلوم اإلنسانية )المجلد الثالث عشر العدد الثاني (63-------------- ) 1024
إن التعريفات السابقة تفي بتحديد مفهوم التكامل ،إال أن التعريف الثاني (اليرنست هاس)
هو األقرب إليضاح مفهوم التكامل بشكل اشمل ،يختلف عن باقي التعريفات ،ألنه يوضح الرابطة
بين قوة المركز والقوى األخرى .ففي هذا المفهوم يبرز معنى تكامل وتعامد مجموعة القوى في
قوة جديدة تختلف في أدائها عن الحالة االنفرادية التي كانت عليها في السابق.
فإقامة أي نوع من التكامل العربي اإلقليمي والتنسيق من اجل وقف التدهور وتحسين
األداء العربي العام على المستوى القطري واإلقليمي سيكون بوحدة عربية أو بتجمعات عربية
إقليمية تشبه االتحاد الفدرالي وذلك من اجل تحقيق تنمية عربية شاملة .5ربما ينظر إلى مشروع
الوحدة العربية كفكرة مثالية يصعب تحقيقها في هذا الوقت .ولكن ليس من الصعب إقامة تكامل
عربي سياسي اقتصادي في أي صورة للمحافظة على تماسك المقومات االجتماعية للمنطقة
للعربية ويمنحها وجود المرجعية القادرة على توحيد السياسات ورسم االستراتيجيات المستقبلية.6
فبالعودة إلى احياء فكرة إقامة سوق عربية مشتركة قد يدفع في اتجاه تحقيق التكامل االقتصادي
بين دول المنطقة مما يدعم القدرات العربية أمام التكتالت االقتصادية الكبرى ويمهد الطريق لقيام
اتحاد عربي شامل.7
ربما يزيد التكامل العربي بواسطة بناء التكتالت االقتصادية والسياسية من فرص
االندماج بين المجتمعات ،ويسهم في إيجاد أرضية لنمو القوة المطلوبة .يرى فريق من علماء
االقتصاد والسياسة أن اإلقليمية نقيض للعولمة ألنها تؤدي إلى تجزئة االقتصاد العالمي .بينما
يري فريق آخر أنه باإلمكان قيام ترابط بين اإلقليمية و العولمة إذا أنفتح النظام اإلقليمي على
العالم ،فأنه يزيد من خالل مكوناته تقديم الكثير من عطائه لباقي العالم ،كما أن العولمة إذا
استوعبت النظام اإلقليمي ,وأقامت معه تعاونا ً فإنها تحقق قدراً كبيرأً من االزدهار .8كما أن
التكامل يعتمد عادة على طبيعة األعضاء والمحيط الذي تعمل بداخله ،حيث تولد عملية التكامل
من تطابق أهداف كل عضو مع غيره من األعضاء .هناك عدة درجات من التكامل كالتكامل
اإلقليمي ،ولمنظماتي ،والترابط الذهني .فكل طرف من أطراف التكامل يضع ذهنيا ً تكامالً مع
اآلخرين ،كالمساواة والعدالة والتنوع ,وهذا يعني أن البحث عن التكامل يتولد أوالً ثم يليه التكامل
,ألمنظماتي ,ويعقبه التكامل اإلقليمي .9ومن مزايا التنظيمات اإلقليمية أن عدد أعضائها أقل،
مقارنة بالتنظيمات العالمية الكبرى ،ومن ثم تسهل عملية التعاون اإلقليمي بين العدد المحدود من
---------------مجلة جامعة سبها (العلوم اإلنسانية )المجلد الثالث عشر العدد الثاني (40-------------- ) 1024
الدول في التكتالت الصغرى ،والتي هي اقرب في ظروفها السياسية واالقتصادية واالجتماعية
إلى بعضها.
إن حل المشكالت اإلقليمية يتطلب تنظيما ً إقليميا ً ويتأتي هذا بضرورة دخول الدول ذات
العالقة في ترتيبات إقليمية معينة وذلك بعد توافر لوازم العمل الدولي المشترك .10دول المنطقة
العربية تتشابه في كثير من الظروف التي تساعدها على الدخول في بناء تكتالت سياسية
اقتصادية كرقعة جغرافية وتنوع في ثرواتها ,وسكانها وثقافاتها .ومن زاوية أخرى ،تحظي
التنظيمات اإلقليمية بارتياح شعبي بسبب أن الفرد يتقبل الروابط اإلقليمية التصاله بها جغرافيا ً
وسياسيا ً أكثر من التنظيمات العالمية التي يحس باالنتماء المباشر لها ،كما أن التنظيمات اإلقليمية
تمتد في مكونات المجتمع مثل مؤسسات المجتمع المدني ,وذلك بسبب التقارب المذهبي
واأليديولوجي أو األهداف الواحدة.
يقتضي تحقيق المصلحة الوطنية دخول الدولة في بناء التكتالت ،ولو انضوى بعضها
على نوع من التناقض .فبسبب تدويل االقتصاد بعد تكوين قاعدة االعتماد المتبادل بدأت الدولة
تتجه نحو التقاطع بدائرتها مع دوائر أخرى ,وفي درجات متعددة .وفي هذا النظام تزايدت
احتياجات الدولة في النظام العالمي الجديد ,وترتبط هذه االحتياجات بالكثيرمن اإلطراف خارج
دائرتها وغالبا ً ما تكون هذه األطراف ليست على توافق تام في مصالحها ،وهذا ما يدفع بالدولة
أن تكون شريكا ً في الكثير من األنظمة اإلقليمية .وهنا تبرز معضلة التناقضات ،وكيفية محافظة
ال دولة على بقائها واستمرارها في عدة أنظمة وأسواق رغم االختالف وتتجاوز في نفس الوقت
مشكلة التصادم وتحافظ على التعايش الجماعي ،وقد يحدث هذا ببناء تقاطع محوري بلعب دور
المنفعة والعالقة مع الدوائر األخرى المستقلة.11
إن طبيعة التحالفات الدولية الجارية حاليا ً يمكن فهمها في ضوء انتقال العالم من الصراع
اإليديولوجي إلى المنافسة االقتصادية في صورها المختلفة .فربما هذا ما أدى إلى اقتراب العالم
من بلورة نظام متعدد األقطاب ،حيث تتوزع القوى الدولية بين الكثير من الكتل والتجمعات
وعلى الدول العربية اآلن أن تدرك أهمية مجاراة هذا التحول لتكونوا طرف في هذه التفاعالت
االقتصادية .فقد بات من المؤكد أن األمة تمتلك مقومات القوة الالزمة لمساندة المكون القومي
والظهور أمام العالم في هيئة جديدة متكاملة في جوانبها االقتصادية.12
ربما أدى الصراع اإليديولوجي أبان فترة الحرب الباردة إلى الزج بالدول العربية في صراع
ال يخدم مصالحها القومية بصورة كبيرة .فالصراع الرأسمالي الشيوعي قسم المنطقة إلى فئتين
متضادتين حسب تحالفاتها ،رغم االدعاءات بعدم االنضمام إلى من المعسكرين .حيث فقد هذه
الدول آنذاك القدرة على التقارب ،واتسعت فجوة التوصل إلى التفاهم في تكوين أي كيانات تمهد
لبناء القوة.
---------------مجلة جامعة سبها (العلوم اإلنسانية )المجلد الثالث عشر العدد الثاني (42-------------- ) 1024
" األمن القومي العربي هو تأمين المناعة اإلقليمية واالستقرار السياسي والتكامل االقتصادي
بين أجزاء الوطن العربي ،وتعزيز آليات وقواعد العمل المشترك بما فيها القدرة الدفاعية لوقف
االختراقات الخارجية للجسم العربي " .13
يمكن القول ،أن هناك الكثير من المؤثرات التي هددت األمن القومي العربي ,وسببت في
ضعف المنطقة وحالت دون بناء قوتها كوجود الكيان الصهيوني وحاالت التدخل األجنبي أبان
حروب الخليج المتتالية .كذلك الحال الزال يهدد مستقبل المنطقة عدم التمكن من االتفاق على
إطالق مشروع أمني إقليمي متكامل ،يخلص المنطقة من الضعف والوقوع في األزمات
المتكررة .ليبقى التكامل االقتصادي في تكتل عربي هو حجر الزاوية ،لبناء القوة التي تفتقدها
المنطقة لتتجاوز الصعوبات وتنتقل بواسطتها إلى مرحلة من االستقرار والتعايش.
وإذا كان األمر كذلك ،فان تكوين التجمعات اإلقليمية هو خطة تحول مفيدة على صعيد بناء
التكامل العربي الشامل ودفع النظام العربي اإلقليمي للصعود .ولكن يحتاج هذا العمل إلى مزيد
من اإلصالح في البنى المؤسسية التي سيطرت طويالً على مؤسسات التكامل العربي الكلي
والجزئي .فالتجمعات اإلقليمية العربية لم ترق إلى اآلن إلى مستوى بناء النظم اإلقليمية الفرعية
المستقلة .فالتجمعات اإلقليمية العربية (مجلس التعاون الخليجي ،االتحاد ألمغاربي العربي) ال
تزال تتلمس الطريق للوصول إلى تكوين أدوات لتنظيم أعمالها لتعينها على تحقيق أهدافها في
التكامل اإلقليمي بين أعضائها.15
إن التكامل يعد محاولة لدعم الجهود المبذولة وصوالً إلى تحقيق األهداف المشتركة بين
أقطار اإلقليم ومن خالل معرفة الكثير من تجارب التكامل يمكن تلخيص أهداف التكامل-:
-1قيام الوحدة السياسية ،سواء بصورة مباشرة أو ببناء مؤسسات دولة اتحادية على مراحل
إلى أن تكتمل نهائيا ً
-2إقامة السالم الدائم واألمن واالستقرار لإلقليم وذلك بمعالجة أسباب االضطرابات داخليا ً
أو خارجيا ً
-3رفع مستوى المعيشة وتحقيق االزدهار واالنتعاش االقتصادي ،وذلك باتخاذ التدابير في
صورة جماعية للتخلص من السلبيات المؤثرة في االقتصاد والتي تساعد في النهوض به
حيث يتعين على الدولة الواحدة القيام بأي جهود منفردة في هذا الشأن .
-4حسن تدبير الموارد االقتصادية المختلفة .ويمكن لمجموعة من الدول مجتمعة االستفادة
القصوى من مواردها االقتصادية وقدراتها البشرية بحيث يعود على كل الدول بنمو
اقتصادي ووفرة في اإلنتاج وتحقيق التنمية القطرية أفضل مما كانت منفردة.16
---------------مجلة جامعة سبها (العلوم اإلنسانية )المجلد الثالث عشر العدد الثاني (41-------------- ) 1024
في ظل نظام الثنائية القطبية فإن الدول الصغيرة كانت لديها مساحة مناسبة من المناورة
لتحقيق أقصى ما تستطيع من مصالحها وذلك بسبب حالة االستقطاب السياسي الذي يفرضه
الصراع الدولي في تلك الفترة وبعد انتهاء الحرب الباردة في نهائية الثمانينات من القرن
الماضي وبروز القطب األمريكي المهيمن في النظام الدولي الجديد لم تجد الدول الصغيرة بد
من اللجوء إلى تكوين التجمعات اإلقليمية االقتصادية وذلك للمحافظة ولو جزئيا ً على حريتها
ومصالحها في محاولة لإلفالت من الهيمنة األمريكية.
" التماسك يسمح بتحقيق التجانس الحركي بين عناصر النظام اإلقليمي العربي ,حيث يجري
تحديد األغراض المشتركة واألهداف المنشودة ....وغياب التماسك يعني غياب الترابط لتباين
األغراض وتناقض األهداف بين عناصر النظام ...من ثم يختل التوازن فيما بينهما األمر الذي
يؤدي إلى إضعاف النظام بصفة عامة ".17
التماسك العربي في هذه المرحلة مطلوب كخطوة تضمن تحقيق الوحدة السياسية فاألمر ال يزال
مرتهن لظروف المنطقة التي تتأرجح بين عوامل سلبية تمنع التقارب العربي ,وعوامل إيجابية
تدفع في اتجاه بناء كتلة عربية قوية.فقيام التجمعات العربية كروافد لجامعة الدول العربية يمكن
أن تمثل التحرك السليم في اتجاه تحسن العمل العربي المشترك .18في هذه اآلونة بات األمر ملحا
لبناء تكتل عربي إقليمي ،والسعي ال يجاد وسيلة للتشجيع على زيادة التماسك بين عناصر
المنطقة ،ليفسح لها المجال للدخول بثقة في تكتالت إقليمية ،ودولية كبرى.
: 2التجربة العربية
رغم أن العالم قطع شوطا في االندماج والتكامل بواسطة التجمعات والتكتالت بمختلف
أنواعها وإغراضها ،إال أن المنطقة العربية بمقدورها إعادة محاوالت التكامل العربي ،ألنها
تمتلك مقومات بناء التجمعات والتكتالت على غرار ما وصلت إليه األمم األخرى .خاصة وأنها
خاضت بعض التجارب على مدى السبعة عقود الماضية.
بالنظر إلى التجارب العربية السابقة في االندماج والتكامل ألجل القوة تكاد تكون
محدودة .فقد اقتصر ذلك على مجلس دول التعاون الخليجي ومجلس التعاون العربي ،واتحاد
المغرب العربي .فقد تأسس مجلس التعاون الخليجي عام 1891كتجمع سياسي اقتصادي لدول
الخليج العربي مركزا على الكثير من مجاالت التعاون والتنسيق االقتصادي واالجتماعي ,وتقوية
الروابط في شتى المجاالت .ثم تأسس اتحاد دول المغرب العربي عام 1898للنهوض بالشعوب
العربية في المغرب العربي الكبير وتوثيق الصالت بين أبنائه .وتنصب أهدافه على تقوية أوجه
التعاون االقتصادي واالجتماعي واألمني وصوال لتحقيق الوحدة العربية الشاملة .19وعلى
الرغم من بعض النجاحات التي حققها مجلس التعاون الخليجي في النواحي السياسية كتنسيق
المواقف في السياسات الدولية ومحاوالت أخرى لخلق شيء من التعاون االجتماعي ,واالندماج
االقتصادي إال أن حجم الخالفات بين بعض دول المجلس ال يزال يعرقل المجلس في القيام
بدوره الذي تأسس من اجله .أما اتحاد المغرب العربي فكان حجم الخالفات السياسية بين أعضائه
أ كبر من المحاوالت المبذولة الرامية إلى تقريب وجهات النظر أو التفاهم مما سبب في تجميد
أعماله وفشله في تحقيق أهدافه.
---------------مجلة جامعة سبها (العلوم اإلنسانية )المجلد الثالث عشر العدد الثاني (46-------------- ) 1024
جرت على مدى العقود القليلة المنصرمة الكثيرمن المحاوالت لبناء مجموعة من
التكتالت العربية ،لكن جل هذه المحاوالت لم تكلل بالنجاح ،وهي على النحو التالي :
-1أنشئت جامعة الدول العربية عام ،1841من اجل التكامل العربي ،لكنها فشلت في بناء أي
هياكل عربية للتكامل والتعاون االقتصادي والسياسي والثقافي.
-2تأسس مجلس تعاون دول الخليج العربي عام 1890عشية نجاح الثورة اإليرانية في محاولة
إلطالق سوق إقليمية بين تلك الدول ,وتحقيق شيء من التكامل االقتصادي ،ولكن على الرغم
من النجاح في بعض الجوانب لم يرق ذلك المشروع إلى مستوى الكتل اإلقليمية الفاعلة.
-3تأسس مجلس التعاون العربي بين مصر والعراق واألردن واليمن عام ،1899إال انه فشل
بسبب الغزو العراقي للكويت.
-4أسست دول المغرب العربي الخمسة اتحاد المغرب العربي ،عام ،1899من أجل توحيد
المصالح االقتصادية واألمنية.
-1أقيم إعالن دمشق بين دول الخليج ومصر وسوريا.
-6تكوين التوافق العربي بين مصر ,وسوريا ولبنان ,واألردن ,والمغرب ,والسعودية ,ودولة
فلسطين ،للدخول في تسوية مع إسرائيل.20
تعد جامعة الدول العربية أولى الهياكل اإلقليمية التي عملت على إقامة التعاون بين
مجموعة من الدول العربية المستقلة آنذاك (السعودية ،مصر ،العراق ،سوريا ،األردن ،اليمن،
لبنان) .وتهدف الجامعة إلى تحقيق التعاون والتكامل بين األقطار العربية ،ففي ميثاق الجامعة
تحدد المادة الثانية أن الجامعة تسعى لصيانة استقالل أعضائها ،وإيجاد الوسائل التي تحقق
التعاون االقتصادي والسياسي بينهم .إال أن هذا التجمع العربي ترجع السلطة العليا فيه للدول
وليست لمجلس الجامعة ،أي أن الدولة العضو لها خيارات قبول ،أو رفض القرارات .22يبين
الشكل رقم ( )1حجم التجارب العربية في االنضمام للتكتالت والتجمعات اإلقليمية والدولية مما
يؤكد قدرتها على بناء المزيد من التكتالت التي قد تمنح المنطقة قدر من القوة.
---------------مجلة جامعة سبها (العلوم اإلنسانية )المجلد الثالث عشر العدد الثاني (44-------------- ) 1024
نزعة التكامل العربي اإلقليمي سادت لفترة من الزمن في مطلع السبعينيات والثمانينيات ,وأعتمد
محتواها النظري على أساس تنمية القدرات االقتصادية للدولة القطرية في المنطقة بالقدر الذي
يحقق التنمية الشاملة في العالم آنذاك .إال أنه قوبل هذا التوجه الرامي إلى بناء تكامل عربي
بمواجهة من بعض األقطار خوفا ً من تحقيق وحدة شاملة تذوب فيها الدولة القطرية ,وتذهب
معها المصالح الضيقة للزعماء العرب .فأتجه هؤالء إلى إبرام تحالفات مع العالم العربي قوامها
مصالح قطرية ضيقة على حساب التوجه اإلقليمي كمعاهدة مصر مع إسرائيل.23
في ضوء ما تقدم وعلى الرغم من خطورة التحديات الداخلية والخارجية على المجتمعات
العربية ،وعلى الرغم انطالق العديد من المشروعات الدولية واإلقليمية ،التي نجم عنها والدة
تجمعات سياسية اقتصادية فاعلة ،لم تبادر جامعة الدول العربية كمنظمة إقليمية مسؤولية إطالق
مبادرات جادة يمكن التأسيس عليها لبناء تجمع عربي فاعل يلبي حاجة اإلنسان في هذه المنطقة.
ولعل السبب يرجع إلى أن الجامعة ال تعبر عن رغبات وحاجات اإلنسان العربي ،بل هي
تعبير عن إرادة الحكومات العربية .ثم أن البناء المؤسساتي للجامعة في حد ذاته غير صالح لتبنى
أو طالق مشروعات إقليمية تخدم مصالح مجتمعات المنطقة .وبسبب عدم قدرتها على التدخل
والفصل في القضايا السياسية واالقتصادية والثقافية خسرت الجامعة دورها اإلقليمي كوحدة دولية
قادرة على تطوير منظومة أعضائها.
---------------مجلة جامعة سبها (العلوم اإلنسانية )المجلد الثالث عشر العدد الثاني (44-------------- ) 1024
التزال تعمل ليبيا وغيرها من الدول العربية 11تجمع س ص
ومن المالحظ أن هناك مجتمعات كثيرة في شرق العالم وغربه (اليابان والمانيا )اعتمدت
مبدأ الديمقراطية وتداول السلطة ،وبنت مؤسساتها السياسة ،واالقتصادية ،واالجتماعية ،فنجحت
في انجا زها لالستقرار واألمن والتنمية وضمان الحقوق .فكانت النتيجة بناء أجيال متحررة من
قيود التعسف ،قادرة على النقد واالعتراض واثقة في أداء مؤسساتها ومستبشرة بمستقبلها.
على الرغم من أن العالم قطع شوطا ً واسعا ً في اتجاه الديمقراطية ،وحقوق اإلنسان ،وهو ما
ساعد كث يرا في بناء قوة الدول المتقدمة ،إال أن معظم دول المنطقة لم تصل إلى المستوى
المطلوب من الديمقراطية واحترام حقوق اإلنسان .فمعظم اإلجراءات التي اتخذت في سياق
التحول الديمقراطي المزعوم كانت من أجل امتصاص غضب الفئة المناوئة للحكم ،أو إلرضاء
مطالب خارجية .وال يزال بعض المسئولين في المنطقة يكرسون جهودهم بالمضي قدما ً في
التسلط على شعوبهم والبحث عن وسائل مختلفة لاللتفاف على الديمقراطية المتبعة في العالم اليوم
واستبدالها بأنظمة سياسية ممسوخة ،فعمت بذلك نماذج الضعف في شتى إرجاء المنطقة .25
---------------مجلة جامعة سبها (العلوم اإلنسانية )المجلد الثالث عشر العدد الثاني (43-------------- ) 1024
بات اآلن من السهولة بمكان أن يلمس المرء مواطن العطب في هذه المنطقة ،فالقهر
واإلقصاء اللذان مورسا على المجتمعات العربية ولفترة طويلة كونا العامل األساسي الذي أدى
إلى انحطاط هذه األمة وتخلفها .هذا التراكم من الفشل ،والتردي وطابع العنف والتوتر ادخل أبناء
المنطقة في مأساة المذلة ،واإلحباط ،بعد فقدانهم حقوقهم السياسية ومنعهم من التمتع بحق العيش
الكريم .ومن جانب آخر ،فان انتهاكات حقوق اإلنسان في المجتمعات العربية أدخلت المنطقة
في دوامة الحروب والعنف المتواصل .فاستمرار االستبداد ولَد الصراع والعنف في المجتمع،
منعكسا في سلوك العامة من الناس ،بإصرارهم على الرفض والعصيان ومواجهة محاوالت
اإلكراه من قبل السلطات .فانعدم االستقرار وانحصرت معه فرص المشاركة السياسية والعدالة
في توزيع الثروات وشاع التمييز بين الناس.26
كما يبدو أن انعدام الديمقراطية في الدول العربية أوجد شعوراً باالغتراب في نفوس أبناء
المنطقة وإحساسهم بعدم االنتماء لهذه المجتمعات .دفع استيالء العسكر على السلطة لعقود طويلة
واستخدامهم للعنف والقمع ضد أبناء المنطقة الماليين من الشباب إلى الهروب خارج البالد ،تجنبا
لالضطهاد ،وبحثا ً عن الحرية والحياة الكريمة .أو باالنطواء على أنفسهم ،وامتناعهم عن
االنخراط في أي منشط سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي ،حتى خسر الوطن طاقاته الشابه من
مثقفين وعلماء ومبدعين.27
واألبعد من ذلك لم يكن التعليم يحضوا باهتمام تام ،وعم المنطقة نمط التعليم التقليدي ،الذي
يعوزه الجانب التقني وغزارة المعلومات الحديثة .غالبا ما تتالزم مظاهر الجهل والتخلف مع
أنظمة الحكم الديكتاتورية ،الن مثل هذه األنظمة ال تستمر مع العقول التي تعتمد المنهج العلمي
في التعامل مع قضايا الحياة اليومية .كلما اهتمت المجتمعات العربية بالشباب في االرتقاء
بمستوى التعليم والتدريب كلما دنت من اكتمال القوة ،فالقوة عبارة عن مجموعة عناصر تلتئم مع
بعضها لتشكل مكونها األكبر للقوة القومية.
في هذه المنطقة ال يزال يشكل االستبداد السياسي العائق الرئيسي الذي يكبح طاقات أالمه
ويعيق انطالقها الحضاري من جديد .فاالستبداد السياسي بسبب أنظمة الحكم الشمولي هو ما
يمنع العرب من التطور السياسي الذي يسمح بمواكبة الرقي الحضاري في هذا العصر .وهذا ما
يؤكد الضرورة الملحة لتفعيل ثقافة الديمقراطية وسيادة القانون واحترام حقوق اإلنسان.
---------------مجلة جامعة سبها (العلوم اإلنسانية )المجلد الثالث عشر العدد الثاني (43-------------- ) 1024
والمحاباة في توزيع الثروة ،وتفشي الفساد ،والفوضى ،واإلرهاب ،وهذا يعود إلى اإلخفاق في
مخططات التنمية في مختلف ميادينها.28
يتفق الكثيرون في أن نجاح مشروعات التنمية في مختلف المجاالت يسهم في توفير وتيسير
الخدمات ألفراد المجتمع ،ولكن تعثر تلك المشروعات بسبب استشراء الفساد المالي حرم المجتمع
من أسباب العمل ،واإلنتاج ،واالستقرار ،والرفاهية .وفي هذه الحالة يفقد المجتمع فرص النمو
االقتصادي ،واالجتماعي ،والسياسي فيقع ضحية للتخلف ،والضعف ،وتتراجع مكانة الدولة
اإلقليمية والدولية.
وتجدر اإلشارة هنا ،وحسب تقارير منظمة الشفافية ،إلى أن تردي الوضع السياسي وانعدام
الديمقراطية أدى إلى انتشار الفساد في هذه المنطقة ،ففشلت بذلك خطط التنمية االقتصادية
واالجتماعية .في العقد المنصرم وكنتيجة طبيعية أحتل عدد من الدول العربية المراتب األولى في
الدول األكثر فساداً (العراق ،السودان ،اليمن ،ليبيا) .وأكدت تقارير البنك الدولي أن حصيلة
الفساد في المنطقة تجاوزت ( )300مليار دوالر سنويا من أصل ( )1000مليار عالمياً .حيث
يعتقد أن هنالك تالزم بين الفساد وبين احتكار مجموعة معينة للسلطة ،ألنها ترى بأحقيتها في
التصرف واالستيالء على ما تشاء من أموال وتوظفها لصالحها .وفي واقع األمر هؤالء هم من
يقف وراء إفشال محاوالت اإلصالح والتنمية في المنطقة بسبب التالعب في عقود وصفقات
السالح ومشروعات البنية التحتية والنفط والتوكيالت التجارية .29تكرر قضايا الفساد المالي في
كثير من الدول العربية وان كانت تحدث بنسب متفاوتة ولكنها أسهمت في عمومها إلى حد بعيد
في ضعف المنطقة.
الخالفات العربية كانت واحدة من األسباب التي أدت إلى تعميق حالة الضعف واالنقسام
التي تعاني منها المنطقة .ظهرت هذه الخالفات في الفترة الممتدة مابين ()1891-1849
وتركزت حول مجموعة من الجوانب كالتغيير السياسي ،والثورة ،ومشكالت الحدود ،والسيادة
الوطنية ،والقضايا القومية ،والعالقات بين المنطقة والدول الكبرى .وتأثرت العالقات بين الدول
العربية بالخالف حول هذه الموضوعات التي يرى كل طرف أنه محق والطرف اآلخر مخطئ
ومن ثم توسع الخالف بين الفرقاء ،مما أفسح المجال أمام تقدم قوى إقليمية أخرى على حساب
القوي العربية ،وأدى إلى عجز اإلرادة العربية عن مواجهة واقعها اإلقليمي وفشلها في حل
مشاكلها فوقعت المنطقة فريسة سهلة لألطماع اإلقليمية والدولية.30
---------------مجلة جامعة سبها (العلوم اإلنسانية )المجلد الثالث عشر العدد الثاني (43-------------- ) 1024
ومن الوارد أن إخفاق العرب في التغلب على خالفاتهم دفع بهم إلى البحث عن بديل
للتقارب العربي – العربي .فاتجهوا إلى الدول الغربية فوقعوا في قبضة التبعية األجنبية ،وهي
العامل المسبب في الضعف بشتى أنواعه.
أضف إلى ذلك لعبت عائدات النفط دوراً كبيراً في التأثير على التقارب العربي ،فربط
إنتاج النفط الدول العربية المنتجة ،اقتصاديا وسياسياً ،بالواليات المتحدة األمريكية (خاصة دول
الخليج) أكثر من ارتباطها بالدول العربية األخرى .كما ارتبطت دول المغرب العربي بدول
االتحاد األوربي بسبب اإلرث االستعماري وخاصة الجوانب الثقافية .وهذا ما جعل المصلحة
القطرية والجهوية الضيقة هي المهيمنة على عالقات دول المنطقة .وبسبب تباين المصالح
القطرية وانعدام الحوارات الجادة على المستوى القطري واإلقليمي تشتتت فكرة التقارب
الجغرافي ،والحضاري ،والعرقي ،والديني وغابت دوره في بناء عالقات المصالح القومية
اإلقليمية.31
د -حجم التفاوت االقتصادي واالجتماعي
كان التفاوت االجتماعي والسياسي واالقتصادي من أهم عوامل الضعف التي حدت من
تقدم النظام اإلقليمي العربي ,وكادت أن تسقطه تماماً .هناك تفاوت واختالف ملحوظ بين الدول
العربية في عدد السكان وفي قدراتها االقتصادية .من هذا المنظور ،تشكل مصر لوحدها ما
يقرب من ربع سكان المنطقة (حوالي 80مليون نسمة) بينما عدد السكان في بعض دول الخليج
ال يتجاوز ربع مليون نسمة ،و قد يصل الناتج المحلي فيها حوالي 110مليار دوالر سنويا كحد
أقصى ،بينما يصل الحد األقصى في بعض دول المنطقة إلى مليار دوالر سنويا فقط .وهذا
التفاوت ينعكس على مستوى المعيشة ومتوسط دخل الفرد في كل دولة.32
ومن الواضح هنا أن حجم هذا التفاوت يشكل عائقا ً حقيقيا ً لمحاوالت التقارب بين العرب،
خاصة وان المسالة تحتاج إلى تنازالت وتضحيات من الساسة العرب ،وتحتاج إلى صبر وروية
وتفهم ،من بعض المجتمعات العربية ،لدور التنمية في تقريب الفوارق بسبب الثراء وحجم
السكان.
وعلى الرغم من المحاوالت الكثيرة التي بذلتها الدول العربية في تخطي مجتمعات المنطقة
لخط الفقر ،المتعارف عليه بأقل من 2دوالر للفرد يومياً ،إال أن النسبة التي تخطت خط الفقر لم
تتجاوز نسبة %19من السكان الفقراء بالمنطقة .33وبسبب وفرة المعلومات ،لم يعد المواطن
العربي غافالً عن حجم فشل حكوماته المتواصل في زمن التطورات والنجاحات السياسية
واالقتصادية الجارية من حوله في شتى أصقاع العالم .فاصطبغت مشاعر أبناء المنطقة بحالة من
اإلحباط بسبب البطالة والفقر والتخلف ،وانعدمت الثقة في تلك الحكومات ،واتسعت الهوة بينها
وبين مجتمعاتها .ولكن على الرغم من ذلك ال تزال هناك فرص لتدارك الخلل ،فمن واجب هذه
الحكومات اآلن السرعة في تحقيق مطالب أبنائها بإقامة الحياة الديمقراطية واحترام حقوق
اإلنسان واالتجاه نحو تنمية مجتمعاتها.34
بناء عليه تستمد الدولة قوتها من قوة أبنائها ،فكلما عاشوا أحراراً مرفهين في مجتمع يدار
بمؤسسات سياسية واقتصادية منظمة ،تسير وفق منهج دستوري يراعي حقوق الجميع ،كلما كان
---------------مجلة جامعة سبها (العلوم اإلنسانية )المجلد الثالث عشر العدد الثاني (43-------------- ) 1024
هؤالء األفراد قادرين على تحمل مسئولياتهم تجاه مجتمعاتهم .وهذا ما يمنح جزءاً من القوة
للدولة .ناهيك عن أن هذه القوى لو اجتمعت في المنطقة العربية لمنح ذلك قدراً وافراً يؤسس قوة
إقليمية كبرى.
-2مصادر التهديد
تشير الكثير من الدالئل إلى أن بعض من قوة المنطقة على صلة بالتنوع العرقي
والطائفي ،وان أعداءها يحاولون اتخاذ هذا الموضوع كقضية يستوجب حلها حتى لو تطلب األمر
تقسيمها .كانت قوة المنطقة تعتمد كثيرا على تنوع بنية الهيكل االجتماعي وما يتضمنه من تعدد
األثنيات والطوائف .لكن ومنذ عدة عقود اتسمت بنية النسيج العربي االجتماعي بالتفكك بسبب
تجاهلها لألقليات العرقية والثقافية والطائفية .ففقدت تلك القوة مكوناتها ،بعد أن أمعنت القوى
المناوئة للعرب في بث الفرقة لتقويض قواها وتقسيمها وإفساح المجال للهيمنة عليها.
يعد التخطيط لتنفيذ مشروع الشرق األوسط الجديد (يضم المنطقة الممتدة من أفغانستان
شرقا إلى موريتانيا غربا) من التهديدات الجسيمة التي تعصف بكيان المنطقة .فهو ال يكتفي
بالتأثير في هوية مجتمعات المنطقة بل يتعداها إلى إنتاج هوية مغايرة لها .فهناك محاوالت
متكررة للحيلولة دون نمو تجمعات إقليمية قوية في منطقة الشرق األوسط .قد ال ينوي الغرب
تقسيم المنطقة بفرض سايكس بيكو جديد ،ألن ذلك يدفع بالمنطقة إلى أتون حروب أهلية إقليمية،
ربما يمتد تأثيرها إلى أوروبا وتلحق األذى بالمصالح األمريكية واألوربية في هذه المنطقة .ولكن
يبدوا واضحا ً اعتماد الغرب على إثارة النعرات والفرقة الطائفية والعرقية باالعتماد على مسألة
حقوق اإلنسان واألقليات .وهذا ما يحد من طموح بناء تجمعات إقليمية قوية تنافس المصالح
الغربية في منطقة الشرق األوسط.35
ولكن هناك من يقول أن فكرة الشرق األوسط الجديد مبنية على تصورات لتفكيك المنطقة
وإعادة بنائها من جديد ،وفق رؤى غربية لمساعدة األقليات على الخروج من مشكل االضطهاد
والتهميش .أي أن مشروع الشرق األوسط الجديد ال يلحق الضرر بالمنطقة بقدر ما يجلب لها
االستقرار والتعايش.
---------------مجلة جامعة سبها (العلوم اإلنسانية )المجلد الثالث عشر العدد الثاني (40-------------- ) 1024
ومن وجهة نظر أخرى ،في الغالب يهدف مشروع الشرق األوسط الجديد إلى تحويل
اهتمامات أبناء المنطقة عن قيام التكتل القومي العربي اإلسالمي ،إلى القبول بإدخال دول أخرى
وقوميات مختلفة ومزجها مع المكون العربي اإلسالمي وكذلك إخراج دول ومجتمعات عربية
إسالمية تنتمي جغرافيا لهذه المنطقة ودفعها لالنخراط في تجمعات ال تمت لها بصلة وإضافة
صفة التعدد والتنويع بدل من التماثل والوحدة و إبراز المزيد من القوميات واألديان منعا ً لإلتحاد
ودفعا ً نحو التشرذم والتفكك .36إضافة إلى ذلك ،إن من خطوات التفتيت االتجاه للبحث عن
األقليات في هذه المنطقة ودفعها لتولي قضايا نضالية بعد دعمها ماديا ً وسياسياً .ثم االنتقال إلى
مرحلة أخرى وهي تحريك تلك األقليات لمجابهة بعضها حتى تتحول مجاالت المواجهة من
مواجهة عربية إسرائيلية إلى مواجهات عرقية وطائفية وغيرها.37
وفي كل األحوال هذا المشروع كان من األجدى أن تقوم به الدول العربية وفق لرؤاها
ومصالحها ،كي تتخطى بواسطته عقبة االنقسام والتخلف والضعف .هذا من جانب ،ومن جانب
آخر منع دولة ،ما يعرف بإسرائيل ،أو غيرها بالعبث بالمكون العربي اإلسالمي الجامع للكثير
من األعراق واألجناس والطوائف والثقافات للمحافظة على أهم أسباب بناء القوة.
شكلت االستراتيجيات اإلسرائيلية تهديدا حقيقيا على مستقبل المنطقة العربية ،بما اتبعته
من سياسات لمواجهة دول المنطقة .اعتمدت إسرائيل على الكثير من الوسائل إلضعاف المنطقة
من بينها.38:
بتراجع دور األقطاب العربية الفاعلية في الشرق األوسط (العراق ،سوريا ،السعودية،
مصر) وتسليم قياد المنطقة للهيمنة األمريكية ،أضحت األقطاب األخرى الصاعدة تعمل بحرية
(إيران ،تركيا ،إسرائيل ) وهو ما أدى إلى تراجع الدور العربي كقوة مؤثرة في منطقة الشرق
األوسط.39
في العالقات الدولية يأتي دائما مطلب القوة في مقدمة العناصر التي تخدم المصالح الوطنية
ومن بين تلك المطالب الحرص على الدخول في تحالفات ,وتجمعات ,وتكتالت دولية وإقليمية
إلتمام مطالب القوة .ولكن ما حدث عند الدول العربية هو عدم الحرص على هذا النوع من
المطالب مما سبب في ضعف المنطقة بفقدها لعنصر مهم كان من الممكن أن يقاوم التدخل
األجنبي.
في نظر الغرب ارتبطت بعض تيارات اإلسالم السياسي باألنشطة اإلرهابية ،فتحول هذا
االتهام إلى أداة لتهديد استقرار المنطقة .أعتبر الغرب المنطقة العربية مهداً النطالق الجماعات
اإلسالمية المتطرفة والتي تحترف اإلرهاب المسلح .في حين تطرح الواليات المتحدة نفسها
راعيا ً ليقود النظام العالمي الجديد المعروف بالعولمة محققة بذلك االنتصار على كل
األيديولوجيات ،يظهر في المقابل زعماء الصحوة اإلسالمية األصولية التي تتبنى تدمير
م جتمعات الكفر بقوة السالح ،حتى تعود الدولة اإلسالمية ،وفق رؤاهم .فالقلق الغربي هنا متعلق
بالخوف من امتداد تأثير هذه الجماعات ليصل إلى تهديد المصالح الغربية في المنطقة .وهذا قد
يؤدي إلى مواجهة شاملة ومباشرة مع هذه الجماعات لمنعها من المساس بأمن إسرائيل والتحكم
في منابع النفط وزعزعة النظم السياسية الصديقة للغرب.40
---------------مجلة جامعة سبها (العلوم اإلنسانية )المجلد الثالث عشر العدد الثاني (41-------------- ) 1024
أنعكس ،ما يعرف ،بالنشاط اإلرهابي للجماعات المتطرفة ،وخاصة التي تناصب
المصالح الغربية العداء ،سلبا ً على المنطقة .فبعد أحداث 11سبتمبر 2001اعتبرت الواليات
المتحدة وحلفاؤها أن المنطقة العربية باتت بؤرة لتصدير اإلرهاب ولهذا السبب أعلنت ،ما يسمى
بالحرب على اإلرهاب والتي تشمل بعض دول المنطقة ,ألنها راعية لإلرهاب أو داعمة له ( مثل
سوريا وليبيا وإيران على حد الوصف الغربي) .وقد كانت الحرب على اإلرهاب طويلة األمد
ومتعددة األوجه ،حيث شملت االقتصاد والسياسة والثقافة ،ونجم عنها تهديد االستقرار واندالع
العنف واالضطرابات.41
غير أنه ربما هناك من يعتقد أن االبتعاد عن تعاليم اإلسالم ,وعدم تطبيق الشريعة
اإلسالمية هو ما يدفع الكثير من عناصر الجماعات اإلسالمية إلى االعتماد على القوة لتحقيق
أهدافها وأن هذه األنشطة في نظر بعض المسلمين هي جهاد وليس إرهابا.
ويمكن القول أن أهم التهديدات التي تلقي بثقلها على المنطقة اآلن تتصل بنتائج الحرب
على اإلرهاب ،فبعد إعالن الواليات المتحدة الحرب على اإلرهاب ،بعد أحداث 11سبتمبر
،2001بدأت تتضح خطورة هذا التوجه الذي يشير بوضوح إلى النيل من استقرار المنطقة وذلك
من خالل: 42
التهديد بتحويل ساحة الحرب من أفغانستان إلى المنطقة العربية في العراق .1
والصومال واليمن والسودان وغيرها.
استخدام الحرب على اإلرهاب كوسيلة لضرب المقاومة المسلحة في المنطقة ،بوضع .2
منظمات حماس والجهاد وحزب هللا على رأس المنظمات اإلرهابية.
إتباع سياسة ربط المنطقة بالمصالح األمريكية باستخدام المعونات االقتصادية التي .3
تفتح باب التدخل األجنبي في القضايا الداخلية للمنطقة لتحقيق أهدافها في ( العراق،
والسودان ،وليبيا ،والصومال).
تعميق ثقافة قبول إسرائيل كشريك أساسي في المنطقة. .4
إتباع سياسة العقاب الجماعي ضد مجتمعات المنطقة بالعزل والحصار ووصفها .1
بالدول المارقة كما حدث في ( ليبيا ،العراق ،السودان ،وحتى سوريا)
محاولة دمج النظام العربي في منظومات أخرى مثل الشرق أوسطية والمتوسطة .6
واإلفريقية ,واآلسيوية ,وذلك إلقصاء القومية العربية.
أالعتماد على إستراتيجية تفكيك المنطقة بإذكاء الصراعات الداخلية لضرب .1
مشروعات التجمع العربي االقتصادي.
حرمان شعوب المنطقة من االستفادة من عائدات النفط والتنمية وتحويل مجتمعاتها .9
إلى مناطق استهالكية وإنفاق أغلب العائدات على التسليح الذي خسر فيه
العرب( )100مليار دوالر في حرب الخليج األولى و( )400مليار دوالر في حرب
الخليج الثانية.
---------------مجلة جامعة سبها (العلوم اإلنسانية )المجلد الثالث عشر العدد الثاني (46-------------- ) 1024
.8تهديد األمن المائي العربي بإثارة التوتر بين دول منابع األنهار والدول العربية كما
يحدث اآلن بين تركيا وسوريا و العراق وكذلك بين إثيوبيا ومصر والسودان.
.10استغالل النعرات األثنية واالنفصالية وهي عادة ما تكون وسيطة بقوة أجنبية وهي
تعمل على زعزعة االستقرار بالمنطقة بارتكابها ألعمال العنف كما في الصومال
واليمن والجزائر والسودان والعراق.
التهديد سواء من داخل المنطقة أو من خارجها يحمل دائما في داخله سالح اإلحباط
المدمر لمحاوالت المنطقة لبناء قوتها .فتلك التهديدات مجتمعة الزالت تسهم في وضع العراقيل
أمام االنطالق نحو لعب ادواراً فاعلة في المحيط اإلقليمي والعالمي .وربما يرجع تراجع مكانة
المنطقة في العالقات الدولية إلى العوائق الكثيرة الناجمة عن التهديد الداخلي والخارجي.
قوة الدولة "هي وسيلة للتأثير إيجابيا ً في سلوك الدولة التي تمتلكها ،وسلبيا ً في سلوك الدول
األخرى التي تتجه ممارستها إليها" .وللقوة الكثير من المصادر كالموارد الطبيعية والبشرية
وقدرة النظام السياسي على إدارة هذه الموارد وتوظيفها في المساعدة على إنجاز سياسته وتحقيق
أهدافه .والقوة عادة ما تكون معلومة الجوانب ومدى فاعليتها في كثير من األغراض.43
وتنحصر أنماط القوة في المجتمع الدولي في الجوانب التالية-: 44
.1نمط القوة اال نفرادي ،وتعتمد الدولة هنا على قدرتها الذاتية من القوة القومية لمواجهة أي
تحدي خارجي (لم يعد يلبي حاجة المنطقة).
.2نمط القوة في طابعها ألتحالفي ،وفي هذا النوع يتم تكتيل القوة المتوفرة لدى أعضائه
وصهرها في محصلة قوة جماعية يستطيع بواسطتها مقاومة التحديات المتوقعة من
أحالف أخرى (وهي المرحلة التي يعيشها العالم اآلن).
.3نمط قوة الحكومة العالمية ،وهي عبارة عن إتحاد فدرالي عالمي تكون فيه السلطة بيد
حكومة عالمية.
األمن الوطني "أن يكون القطر ضمن حدود بعيداً عن أي تهديد يعرض وجوده للخطر
بصورة مباشرة أو غير مباشرة" وقد يتحقق األمن الوطني بغياب التهديد وقد يتحقق بامتالك
القوة الكفيلة بمواجهة التهديد .45وتمتلك المنطقة العربية الكثير من عناصر القوة ما يجعلها
قادرة على فرض نفسها كقوة إقليمية بإمكانها مقاومة التهديد اإلقليمي والدولي ومن أهم أنواع
هذه القوة -:
---------------مجلة جامعة سبها (العلوم اإلنسانية )المجلد الثالث عشر العدد الثاني (44-------------- ) 1024
أ -الموقع الجغرافي والقوة العربية
تمتد المنطقة العربية ،التي تبلغ مساحتها حوالي ( ) 14مليون كم/مربع ،في قلب العالم
حيث تتوسط قارات العالم القديم آسيا ،أوروبا ،أفريقيا .مما يمنحها ميزة إستراتيجية دولية
وإقليمية بسبب إشرافها على بحار وخلجان لها أهميتها في المالحة الدولية .حيث تمر معظم
التجارة الدولية عبر هذه المنطقة من خالل جبل طارق ،وقناة السويس ،وباب المندب ،ومضيف
هرمز .46كما أن اتساع رقعة األرض يمنح الدول الكثير من الفرص في توافر مواد الخام
الطبيعية وفي أقامة المشروعات اإلنتاجية بمختلف أنواعها وهي ميزة مهمة من ميزات القوة.
وباإلمكان استغالل هذه الميزة في التجارة والمواصالت والسياحة وغيرها من أنواع االستثمار.
هناك الكثير من المؤشرات تبين أن المنطقة العربية أصبحت لها حظوه وأهمية دولية في
عصر العولمة أكثر من ذي قبل .فالواليات المتحدة سعيا ً منها لتحقيق وتعزيز دورها العالمي
---------------مجلة جامعة سبها (العلوم اإلنسانية )المجلد الثالث عشر العدد الثاني (44-------------- ) 1024
كقوة مهيمنة في النظام الدولي وكقطب أوحد أولت اهتمام كبير لهذه المنطقة ،باعتبارها تحرز
على اكبر مخزون من الطاقة العالمية ،وتمر بها أهم الطرق البحرية من الشرق والغرب .لهذا
كله ركزت الواليات المتحدة كل جهودها لتستأثر بهذه المنطقة وتدخلها ضمن نفوذها السياسي
واالقتصادي.50
تحتفظ هذه المنطقة بأكثر من %61من االحتياطي العالمي للنفط ,وهي تنتح حوالي %30
من اإلنتاج العالمي منه .وترجع أهمية النفط العربي وتميزه عن غيره في كونه األقرب إلى معظم
األسواق العالمية في آسيا وأوربا ،وكذلك رخص تكاليف استخراجه ،فال تزيد تكلفة إنتاج البرميل
عن 1.1دوالر ،وتكلفة اكتشافه ال يزيد عن 1سنتات .بينما تبلغ تكلفة إنتاج البرميل 1دوالرات
وتكلفة اكتشافه 4دوالرات في أماكن أخرى من العالم .ومن جانب آخر باإلمكان االستفادة منه
في الكثير من المواقف السياسية باستعماله ورقة ضغط على الدول الكبرى كالواليات المتحدة
واالتحاد األوربي ،واليابان ،والصين ،وغيرها إذا توفرت اإلرادة العربية الموحدة.51
عرف مورجانثيو القوة السياسية بأنها ( عالقة سيكولوجية بين من يستخدمونها ومن تستخدم
ضدهم القوة ،وأنها تعطي األول إمكانية السيطرة على سلوك وأفعال الطرف اآلخر ،وذلك من
خالل تفوق األول على الثاني.52
" تتقرر أنماط القوة في المجتمع الدولي تبعا ً للكيفية التي تستخدمها الدول في تنظيم قواها ،وحيث
يكون الهدف هو تدعيم إمكانياتها قبالة التحديات التي تواجه مصالحها الوطنية ،أو أمنها القومي
والتي تجابهها بها مراكز القوى الدولية األخرى والتي تقف منها موقف التنافس ،أو التصارع في
النظام الدولي القائم".54
فالمقدرة على إدارة أسباب القوة وحسن توظيفها لتحقيق المصلحة الوطنية في أي منطقة
في العالم يأتي باالنخراط في كيانات اكبر تتشابه فيها رؤاها وأهدافها .ولعل المنطقة العربية
---------------مجلة جامعة سبها (العلوم اإلنسانية )المجلد الثالث عشر العدد الثاني (43-------------- ) 1024
تفتقد إلى القاعدة التي يتوافق عليها الجميع لتنظيم مصادر القوة ودمجها في مركب واحد لقوة
أكثر شموال تنجح في خدمة المصالح القومية .بذلك يمكن اللجوء إلى التفاوض والتشاور لرسم
إستراتيجية موحدة يتم بمقتضاها االنتقال التدريجي إلى بناء التكتالت على مراحل وصوال إلى
بناء القوة المأمولة على المدى البعيد.
أم التحديات الخارجية يدور جلها حول خطر العولمة ،التي ال تقتصر على حرية حركة رأس
المال والسلع بل أضحت تشمل انتقال القيم واألفكار والثقافات والمعلومات والتكنولوجيا وأنماط
الديمقراطية وحقوق اإل نسان .هذا االرتباط الوثيق بين االقتصاد والسياسة والثقافة الذي بات سمة
من سمات العصر ألقى بظالله على التنمية المستدامة في بعديه المحلي واإلقليمي .فالتنمية أالن
هي الديمقراطية وحقوق اإلنسان وحق المشاركة لجميع األفراد في النشاط والعمل السياسي
واالقتصادي والثقافي واالجتماعي وحماية البيئة وتطويرها.
حالة المنطقة العربية في هذه اآلونة تنبئ بالمزيد من تردئ األوضاع واالنقسام ليس على
المستوى اإلقليمي فقط بل وعلى المستوى القطري أيضا .وللحد من هذا التدهور المستمر البد
للعرب من التنادي من جديد للتشاور والتنسيق واالتفاق على وضع إستراتيجية إقليمية تضع
العرب في مكانة دولية تليق بإمكانياتهم المادية والبشرية ،وتتناسب مع التحول الدولي الذي اخذ
يتشكل في صورة جديدة من القوة غير المعهودة.56
عقب ثورات الربيع العربي وحدوث الكثير من التغيرات على المستوى اإلقليمي ربما برزت في
الشارع العربي أهمية التغيير .فتغيير األنظمة السياسية وإعادة بنائها على أسس ديمقراطية
سيظهر واقع سياسي جديد يديره مسئولون مختلفون بفكر متجدد أميل إلى اإلصالح وأحرص من
أسالفهم على المصالح القومية.
ال ينبغي أن تترك مسؤولية التحول ومستقبل المنطقة العربية في يد الحكومات وحدها .إنما هناك
عناصر أخرى يجب أن تتولى الجزء األكبر من العمل ،كالقطاع الخاص ،والمؤسسات غير
الرسمية ،ومنظمات المجتمع المدني ،باالنخراط جميعا ً في عمل جماعي جاد ومدروس وفق
خطط وبرامج علمية ،التخاذ الخطوات المناسبة للتعامل مع فوائد وأخطار العولمة.
---------------مجلة جامعة سبها (العلوم اإلنسانية )المجلد الثالث عشر العدد الثاني (43-------------- ) 1024
م ن خالل حصيلة التجارب السابقة وما نجم عنها من انكسار على مختلف األوجه في هذه
المنطقة لعله بات من األفضل االتفاق على رسم إستراتيجية جديدة لالنتقال بشكل تدريجي نحو
بناء التكتالت اإلقليمية في المنطقة العربية .وتبنى هذه اإلستراتيجية لخدمة مختلف الغايات،
فيتراوح مسارها بين الحد االدني من المطالب والحد األعلى منها ،النجاز الكثير من المكاسب
والنجاحات التي يمكن صنعها في طريق بناء التجمعات والتكتالت وحتى الوحدة الشاملة.
وربما ظهور تلك التكتالت الدولية الكبرى ،التي أصبحت واقعا ً ملموسا ً ،قد مر بعدة بمراحل
حتى أصبحت كيانات عالمية لها تأثيرها االقتصادي والسياسي على الساحة الدولية .وربما
أضحت الظروف اآلن مناسبة للمنطقة للدخول في تكامل وبناء تجمعات أو تكتالت إقليمية
للوصول إلى الغاية الكبرى .هذه التجمعات إذا تم بناؤها بتوافق أعضائها ومنحها فرص وأسباب
العمل والنجاح ستنقل المنطقة إلى األفضل.57
ومن منطلق توافر الفرص لبناء التكامل العربي ،هناك الكثير من المستويات التي تتقاطع فيها
الدوائر العربية مع غيرها من الدوائر على المستوى العربي والدولي ،مكونة بهذه التقاطعات
الكثيرمن األمثلة النظرية القابلة للتطبيق ،لتكوين تجمعات اقتصادية إقليمية ودولية.
فعلى المستوى األول هناك دائرة الدولة العربية التي تتقاطع مع الدول األخرى في مختلف
أرجاء العالم .وهناك المستوى الثاني وهو تقاطع دائرة عربية مع عدد من الدوائر األخرى في
المنطقة ،كتقاطع دول الخليج في مجلس التعاون الخليجي ،وتقاطع دول المغرب العربي في إتحاد
المغرب العربي ،أو تقاطع مجلس التعاون الخليجي مع مصر وسوريا .وعلى المستوى الثالث
تقاطع مجموعة عربية مع مجموعات أخرى ،كفكرة مشروع تقاطع دوائر مصر والسودان وليبيا
في تجمع العمود العربي األفريقي .وعلى المستوى الرابع هناك فرصة إلقامة تقاطع عربي موسع
بين جميع الدول العربية لبناء تجمع اقتصادي كبير متعدد األبعاد .وعلى المستوى الخامس يمكن
بناء وتفعيل التقاطع اآلسيوي األفريقي ،الذي يضم حوض البحر المتوسط والشرق األوسط أو أن
يضم إحدى التجمعات العربية كمجلس التعاون الخليجي وإيران لتحقيق مصالح اقتصادية وأمنيه
مشتركة.58
القاعدة المثالية في هذه الحقبة هو االقتراب من الواقع الذي يعيشه العالم حيث التوجه إلى
االندماج طلبا ً للمصلحة سواء في تكتالت إقليمية أو دولية .وهذا ما يعيه الجميع ،فالمصالح بدأت
تجمع بين أعداء األمس شعوراً بمسؤوليتها الوطنية ودورها في المنظومة الدولية ،وربما حان
الوقت إلطالق المشروع العربي اإلقليمي النهضوي وااللتفاف حوله للتغلب على مصادر
العراقيل الخارجية والداخلية بنقل المنطقة من واقع رديء إلى بناء تكتل اقتصادي فاعل.59
خاصة وأنه هنالك الكثير من المؤشرات التي صدرت عن قوى دولية وإقليمية حاولت
استقطاب عدة دول عربية لبناء تجمعات اقتصادية وسياسية معها .ربما في ذلك دالئل على أهمية
بناء التجمعات اإلقليمية في المنطقة العربية وقيمتها االقتصادية ,والسياسية ,والثقافية
واالجتماعية على المدى القريب والبعيد .ولخدمة المصالح الغربية تقدمت الواليات المتحدة
---------------مجلة جامعة سبها (العلوم اإلنسانية )المجلد الثالث عشر العدد الثاني (43-------------- ) 1024
واالتحاد األوروبي وحتى إسرائيل بعروض لبناء الكثير من التجمعات ،إلعادة بناء جغرافية
المنطقة العربية بصورة تخدم مصالح الغرب ،وفي هذا دليل واضح على أهمية بناء التجمعات
العربية هنا وهناك لتحقيق أقصى فائدة من طاقات المنطقة.60
ومن زاوية أخرى وضعت دول االتحاد األوروبي في حسابها تحقيق أقصى فائدة من المنطقة
العربية .وذلك بتجديد الحوار العربي ،األوروبي ،ومد جسور التعاون مع دول المغرب العربي.
وتوسيع دائرة التعاون ،ليشتمل حوض البحر المتوسط ،وإطالق مشروع التعاون االورو
متوسطي ،واالورو شرق أوسطي ،لتمتد مصالح االتحاد األوروبي من المغرب العربي وحتى
المشرق العربي .وترى إسرائيل بدورها أن مشروع الشرق األوسط الكبير يعني ( نفط السعودية
+األيدي العاملة المصرية +المياه التركية+العقول اإلسرائيلية) .فبإمعان النظر في هذه التطلعات
األمريكية األوربية اإلسرائيلية ،يبدوا واضحا ً أهمية المنطقة اإلستراتيجية وتوفر اإلمكانات
الالزمة لبناء أي نوع من التكتالت اإلقليمية .وفي نفس الوقت عدم جدوى الدولة القطرية في هذه
المنطقة بعد دخول العالم في مرحلة جديدة ال تعترف إال بالكتل الكبرى ،السمة الغالبة لعصر
العولمة.61
فلو تم استبدال إسرائيل بدولة عربية من التجمعات المقترحة لبناء الشرق األوسط الكبير التضح
لنا إمكانية بناء واستمرار هذا التجمع ليصبح تجمع إقليمي ,وذلك على النحو التالي :
-1التجمع الفلسطيني األردني اإلسرائيلي ( تستبدل إسرائيل بسوريا أو السعودية ).
-2تجمع المنطقة الموسعة للتعاون االقتصادي وتضم مصر وسوريا ولبنان واألردن وفلسطين
وبلدان الخليج العربي.
-3تجمع الدول المتوسطة ويشمل الدول األوروبية المطلة على البحر األبيض المتوسط ودول
المغرب العربي .وهكذا نبني التجمعات العربية اإلقليمية ولكن دون إسرائيل.62
الكثير من الدول القوية والمتقدمة دخلت مع غيرها في بناء التجمعات الكبرى ،وذلك من اجل
بناء المزيد من القوة .ومن وثم كان من األجدر أن تبادر الدول الصغيرة ببناء تكتالت قوية فيما
بينها حتى تستطيع المحافظة على وجودها في عالم بات ال يعترف إال بالتكتل والقوى ذات التأثير
الدولي .ولبناء القوة هناك ثالثة الخيارات ينبغي الوقوف عندها ،إما االنكفاء في عزلة تؤدي إلى
المزيد من االنهيار ،أو االنخراط في تبعية الدول الكبرى ،أو الدخول في بناء تكامل إقليمي .ومما
الشك فيه أن التكامل اإلقليمي الذي يبني على أسس من الحوار حتما سيخدم مصالح الجميع.63
لم يعد مقبوال في المنطقة العربية االستمرار في التقوقع على واالنزواء وتجاهل التطورات
الدولية ،التي تتجه نحو بناء التجمعات والتكتالت الكبرى ،وتحقيق المزيد من التعاون بين األمم
رغم اختالفها ثقافيا ً وعرقيا ً وسياسياً ،ولكن جمعتها المصلحة المشتركة .ورغم توافر شروط بناء
التجمع ات العربية إال أن المنطقة ال زالت تتمسك بفكرة االعتماد على الدولة القطرية ،التي باتت
عاجزة عن مواجهة التهديدات الدولية .لذلك يجب التغلب على عقدة االرتهان للدولة القطرية
برسم إستراتيجية جديدة لبناء منظومة عربية فاعلة تعتمد على اتخاذ التدابير التالية :
---------------مجلة جامعة سبها (العلوم اإلنسانية )المجلد الثالث عشر العدد الثاني (43-------------- ) 1024
السع ي الدؤوب نحو تحقيق مصالحة سياسية دائمة بين الدول العربية ،الن الخالفات -1
العربية – العربية هي مصدر ضعف المنطقة .ويمكن إنجاز ذلك األمر بالوصول إلى
معرفة أسباب الخالفات والقضاء عليها.
االرتقاء بنمط المؤسسات المكونة للمنظومة العربية ،بات من الضروري اآلن مراجعة -2
البناء المؤسساتي لجامعة الدول العربية تطويرها بما يتماشى مع حاجة المنطقة .ويحتاج
هذا التطوير إلى إعادة النظر في بعض القوانين واللوائح حتى تتمكن الجامعة من اتخاذ
القرار المناسب وفي وقت بالئم الوقائع واألحداث المتعلقة بقضايا المنطقة.
إجراء المصالحة بين المجتمعات العربية وحكوماتها. -3
تكثيف الجهود لالرتقاء بمنظمات المجتمع المدني في المنطقة والعمل على إدماج -4
األقليات الدينية والعرقية واالهتمام بحقوقها منعا ً الستغاللها من أي قوى خارجية.
محاولة االستفادة من المشروعات اإلقليمية ( الشرق أوسطية والمتوسطة) على أن ترعى -1
ا لكتل العربية التي تنظم إليها بقائها عناصر أساسية في منظومتها العربية التي تضم كل
األقطار العربية.64
هذه الحقبة تدفع الجميع على ضرورة بناء التكتالت القوية سياسيا واقتصاديا .كانت أمثلة
النجاح ماثلة أمام الكل في غرب أوروبا وشرق آسيا وشمال أمريكا .دخلت هذه المناطق في
تكتالت فاعلة وقادرة على االحتفاظ بكياناتها الصغرى محققة في الوقت نفسه نصيب وافر
من احتياجاتها للقوة.
الخاتمة
وقعت هذه المنطقة في حالة من الضعف الظاهر في أبعاده المختلفة بسبب تدهور حقوق
اإلنسان والحريات العامة في المنطقة ،الذي نجم عن إهمال الكثير من الحكومات العربية لعملية
التداول السلمي على السلطة وحق المواطن في المشاركة السياسة وغيرها من الحقوق الفردية،
كالتعليم والنشاطات االقتصادية والثقافية .وهناك أيضا الكثير من األسباب األخرى كالتدخل
األجنبي في قضايا المنطقة واتهام بعض التيارات الدينية باإلرهاب والسعي إلى تقسيم المنطقة
وتجزئتها.
ومع أن المنطقة الزالت تحمل في تكوينها العناصر األساسية الالزمة لبناء القوة من
سكان وجغرافيا وموارد وغيرها من وسائل القوة ،إال أنها اخفقت في استغالل تلك المكونات
بسبب انعدام القدرة على رسم سياسات محددة لبناء القوة.
وبالنظر إلى فرضية الدراسة في أن خيار اللجوء إلى بناء القوة في هذه المنطقة مرتبط
بحالة الضعف والتهديد ،كما أن ضعف المنطقة متعلق بسوء األحوال السياسية واالقتصادية،
ومطلب القوة بالمنطقة مرتبط بكفاية عناصر القوة فيها ،واكتمال بناء قوة المنطقة يتوقف على
قيام االندماج والتكامل العربي ،فقد تبين من خالل هذه الدراسة صحة الفرضية المطروحة.
---------------مجلة جامعة سبها (العلوم اإلنسانية )المجلد الثالث عشر العدد الثاني (30-------------- ) 1024
بذلك يمكن القول أن بناء التكامل العربي على الرغم فشله سابقا ،لربما يكون الوسيلة
األقرب اآلن لدفع المنطقة في اتجاه لم الشتات وبناء القوة ،لدخول العرب هذا العصر بهيئة جديدة
تمنحهم مكانة متقدمة بين التكتالت القوية في النظام العالمي الجديد.
النتائج
اشتملت ثنايا البحث في مقدمته وفي فقراته وخاتمته على أهمية القوة وكيفية بناءها بواسطة
التكامل العربي وتكوين التكتالت اإلقليمية في مختلف إرجاء المنطقة،حيث يمكن إجمال نتائج
البحث فيما يلي :
كانت حالة الضعف في المنطقة العربية مرتبطة بسوء الظروف السياسية واالقتصادية .1
في المنطقة العربية.
إن الدافع الرئيسي لجعل القوة مطلبا ً أساسيا ً هو تعدد مصادر الضعف والتهديد للمنطقة. .2
إن المنطقة العربية تمتلك الكثير من المقومات الالزمة لبناء القوة اإلقليمية المالئمة لها، .3
والتي لم يتم استغاللها.
بدت التكتالت العربية اإلقليمية هي الوسيلة الناجحة الكتمال قوة العرب. .4
اتضح إن اإلخفاق في التجارب العربية لبناء التكامل ،سابقا ،هو بسبب انعدام الجدية أو .1
بسبب النزعة الفردية لدى بعض القادة العرب.
---------------مجلة جامعة سبها (العلوم اإلنسانية )المجلد الثالث عشر العدد الثاني (32-------------- ) 1024
المراجع
1مارتن قريفيش ،وتيري اوكالهان ،المفاهيم األساسية في العالقات الدولية ،دبي ،مركز الخليج لألبحاث،
،1000ص434
2علي عودة العقابي ،العالقات السياسية الدولية ،دراسة في األصول والتاريخ والنظريات ،سرت ،شركة النشر
والتوزيع واإلعالن،2334 ،ص 114
3عبد هللا مصباح زايد ،السياسة الدولية ،بيروت ،دار الرواد ،1001 ،ص241
4عبد هللا مصباح زايد ،نفس المرجع ،ص234
5ناصيف يوسف حتي ،القوى الخمس الكبرى والوطن العربي ،دراسة مستقبلية ،بيروت ،مركز دراسات الوحدة
العربية ،2333 ،ص3
6حامد خليل ،آفاق تأسيس إستراتيجية سياسية عربية مشتركة ،ندوة التحوالت العالمية ومستقبل الوطن العربي
في القرن الحادي والعشرون ،دمشق ،المركز العربي للدراسات اإلستراتيجية 21-20 ،ابريل ،1000ص203
7محمد األطرش ،العرب والعولمة :ما العمل ،ندوة العرب والعولمة ،بيروت ،مركز دراسات الوحدة العربية،
،2333ص414
8إبراهيم نافع ،انفجار سبتمبر بين العولمة واألمركة ،القاهرة ،مركز األهرام للترجمة والنشر ،2002 ،ص 148
9جيمي دورثي ،بيروت ،النظريات المتضاربة في العالقات الدولية ،ترجمة وليد عبد الحي ،الكويت ،كاظمة
للنشر والترجمة والتوزيع ،1891 ،ص 214
10إسماعيل صبري مقلد ،العالقات السياسية الدولية ،دراسة في األصول والنظريات ،بيروت ،1888 ،المكتبة
األكاديمية ،ص312
ً
11لطفي الخولي ،عرب؟ نعم ،وشرق اوسطيون أيضا ،القاهرة ،مركز األهرام للنشر والترجمة،1881 ،
ص116-106
12انمار لطيف نصيف جاسم ،تحديات االنتماء القومي العربي ،استقراء المخاطر الفكرية واألمنية ،بيروت ،دار
الجيل والمكتبة الثقافية ،2002 ،ص 116-114
13عطا محمد صالح زهرة ،في األمن القومي العربي ،طرابلس ،كلية االقتصاد ،2006 ،ص 116
14نجاح قدور ،مستقبل االقتصاد العربي في ظل العولمة ،طرابلس ،المركز العالمي للدراسات ،2006 ،ص
122
15عدنا السيد حسين ،العرب في دائرة النزاعات الدولية ،بيروت مطبعة سيكو ،2001 ،ص 111
16محمد محمود اإلمام ،تجارب التكامل العالمية ،ومغزاها للتكامل العربي ،بيروت ،مركز دراسات الوحدة
العربية ،2004 ،ص 111-110
17عطا محمد صالح زهرة ،المرجع السبق ،ص 291
18عطا محمد صالح زهرة ،نفس المرجع ،ص 296
19عبد السالم سالم عرفه ،التنظيم الدولي ،طرابلس ،الجامعة المفتوحة ،1882 ،ص ،218ص224
20لطفي الخولي ،المرجع السابق ،ص 102-100
21احمد برقاوي وآخرون ،األمن القومي العربي في عالم متغير ،القاهرة ،مكتبة مدبولي ،2001 ،ص 63-62
22محمد محمود اإلمام ،تجارب التكامل العالمية ،المرجع السابق ،ص 491 – 494
23محمد محمود اإلمام ،الظاهرة االستعمارية الجديدة الظاهرة االستعمارية الجديدة ومغزاها بالنسبة للوطن
العربي ،ندوة العولمة والتحوالت المجتمعية في الوطن العربي ،مركز البحوث العربية ،و الجمعية العربية لعلم
االجتماع ،القاهرة ،1888 ،المرجع ،ص101
24محمد محفوظ ،الحرية واإلصالح في العالم العربي ،بيروت ،الدار العربية للعلوم ،2001 ،ص126
25مجدي كامل ،جمهورية الموز العربية ،دمشق ،دار الكتاب ،العربي ،2009ص 213
26محمد محفوظ ،المرجع السابق ،ص 132 ،126
27عبد الكريم العلوجي ،األعمدة السبعة للمستقبل العربي ،دمشق ،دار الكتاب العربي ،2009 ،ص 24
---------------مجلة جامعة سبها (العلوم اإلنسانية )المجلد الثالث عشر العدد الثاني (31-------------- ) 1024
28مجدي حماد ،جامعة الدول العربية ،مدخل إلى المستقبل ،مجملة عالم المعرفة ،العدد ، 341نوفمبر ، 2001
ص 444-441
29مجدي كامل ،المرجع السابق ،ص 214-210
30عطا محمد صالح زهرة ،المرجع السابق ،ص266
31محمد محمود اإلمام ،المرجع السابق ،ص 101
32عدنان السيد حسين ،المرجع السابق ،ص.89
33التقرير العربي الثالث حول األهداف التنموية لأللفية ،وآثار األزمات االقتصادية العالمية على تحقيقها ،جامعة
الدول العربية ،القاهرة ،2010 ،ص6
34احمد برقاوي وآخرون ،المرجع السابق ،ص 68-61
35محمد احمد النابلسي ،أوهام مشروع الشرق األوسط الكبير ،دمشق ،دار الفكر ، 2001 ،ص 103-102
36ناظم عبد الواحد الجاسور ،تأثير الخالفات األوربية على قضايا األمة العربية ،حقبة ما بعد نهاية الحرب
الباردة ،بيروت ،مركز دراسات الوحدة العربية ،2001 ،ص118
37أحمد سعيد نوفل ،دور إسرائيل في تفتيت الوطن العربي ،بيروت ،مركز الزيتونة للدراسات واالستشارات،
،2001ص 19
38احمد سعيد نوفل ،المرجع السابق ،ص13-12
39جمال زهران ،منهج قياس قوة الدول ،واحتماالت تطور الصراع العربي اإلسرائيلي ،بيروت ،مركز دراسات
الوحدة العربية ،2006 ،ص 194
40صالح الدين حافظ ،كراهية تحت الجلد ،إسرائيل عدة العالقات العربية األمريكية ،القاهرة ،دار الشروق،
،2003ص 219 ،216
41بهجت قرني وآخرون ،صناعة الكراهية في العالقات العربية -األمريكية ،بيروت ،مركز دراسات الوحدة
العربية318-319 ،2003 ،
42احمد برقاي وآخرون ،المرجع السابق ،ص92
43عطا محمد صالح زهرة ،المرجع السابق ،ص 314
44إسماعيل صبري مقلد ،اإلستراتيجية والسياسية الدولية ،المفاهيم والحقائق األساسية ،بيروت ،مؤسسة األبحاث
العربية ،1818 ،ص86
45عطا محمد صالح زهرة ،المرجع السابق ،ص 116
46احمد سليم البرصان ،مصادر القوة العربية والسياسة الخارجية األمريكية ،إمكانية التأثير ،المجلة العربية
للعلوم السياسية ،العدد ،13شتاء ،2001ص14
47إسماعيل صبري مقلد ،العالقات السياسية الدولية ،المرجع السابق ،ص 190
48برنامج األمم المتحدة اإلنمائي ،حقائق عن المنطقة العربية2014/4/19 ،
http://www.undp.org/content/rbas/ar/home/regioninfo/
49باسكال بوني فاس ،التحديات الداخلية التي يواجهها العالم العربي من وجهة نظر أوروبية ،مؤتمر تحديات
العالم العربي في ظل المتغيرات الدولية ،القاهرة ،مركز الدراسات العربي – األوروبي ،من 21-21يناير
،1884ص93
50محمد محمود اإلمام ،الظاهرة االستعمارية الجديدة ،المرجع السابق ،ص 121-123
51احمد سليم البرصان ،المرجع السابق ،ص 19 – 11
52صالح الدين عبد الرحمن الدومة ،المدخل إلى علم العالقات الدولية ،الخرطوم ،مطبعة جي تاون،2001 ،
ص.39
53احمد سليم البرصان ،المرجع السابق ،ص18-19
54إسماعيل صبري مقلد ،اإلستراتيجية والسياسة الدولية ،ص86
55كمال شاتيال ،التحديات اإلقليمية والدولية التي يواجهها العالم العربي ،مؤتمر تحديات العالم العربي ،نفس
المرجع ص111
56حامد خليل ،آفاق تأسيس إستراتيجية سياسية عربية مشتركة ،مؤتمر التحوالت ومستقبل الوطن العربي في
القرن الحادي والعشرين ،دمشق ،المركز العربي للدراسات اإلستراتيجية ،ابريل ،2000 ،ص 106
57حامد خليل ،المرجع السابق ،ص 106
58لطفى الخولي ،المرجع السابق ،ص109-101
59انمار لطيف نصيف جاسم ،نفس المرجع ،ص 144
---------------مجلة جامعة سبها (العلوم اإلنسانية )المجلد الثالث عشر العدد الثاني (36-------------- ) 1024
60محمد علي سويب ،المشروع الشرق أوسطي ،دراسة في ظل المتغيرات الدولية الراهنة ،طرابلس ،أمانة
الثقافة ،2006 ،ص 101
61محمد محمود اإلمام ،الظاهرة االستعمارية الجديدة ،المرجع السابق ،ص 121-123
62محمد علي سويب ،المرجع السابق102-101 ،
63محمود الحمصي ،خطط التنمية العربية واتجاهاتها التكاملية والتنا فرية ،دراسة ،بيروت ،مركز دراسات
الوحدة العربية ،1890 ،ص 49
64احمد برقاوي ،المرجع السابق ،ص 12-121
---------------مجلة جامعة سبها (العلوم اإلنسانية )المجلد الثالث عشر العدد الثاني (34-------------- ) 1024