Professional Documents
Culture Documents
Kotobati - اللآلي من كلام الغزالي
Kotobati - اللآلي من كلام الغزالي
اإلهداء
إلى الشباب الطموح ،الذي لم يفقد األمل
بدينه ،فال تقف في وجهه العراقيل ،وال تمنع
تقدّمه السدود في مسيرته إلى التنوير ألجل
اإلحياء والبناء ،يرى مستقبالً مشرقا ً بنور
اإليمان متجددا ً باتباع المنهج الرباني والسنة
النبوية الشريفة.
الآللي من كالم الغزالي 6
الحمد هلل رب العالمين ،والصالة والسالم على المبعوث رحمة
للعالمين ،نبينا محمد ،وعلى آله الطيبين ،وصحبه الطاهرين ،ومن
تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
ـ ليس الثراء دليل قبول إلهي أو شرف نفسي ،وليس البؤس دليل
غضب إلهي أو غباء عقلي .إن هللا يبتلي الناس بالخير والشر،
والبأساء والضراء ،والمرء بعد ذلك هو صانع مستقبله بأسلوب
تصرفه ونهجه في معالجة ما أصابه.
﴿يا أيها الناس إنكم محشورون إلى هللا تعالى حفاة عراة غرّلً (غير
))2
مختونين) كما بدأْنا أ َّول خ ْل ٍ
ق نُّعيده ۚ و ْعدًا عليْنا ۚ إنَّا كنَّا فاعلين
أّل وإنه سيجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول :يا
رب أصحابي! فيقال :إنك ّل تدري ما أحدثوا بعدك ،فأقول كما قال
العبد الصالح عيسى ،عليه السالم :وكنت عليْه ْم شهيدًا َّما د ْمت
فيه ْم ۖ فل َّما توفَّيْتني كنت أنت َّ
الرقيب عليْه ْم ۚ وأنت عل ٰى ك ال ش ْيءٍ
شهيدٌ إن تعذابْه ْم فإنَّه ْم عبادك ۖ وإن ت ْغف ْر له ْم فإنَّك أنت ْالعزيز
ْالحكيم ﴾.)3(
()4
ـ ليست األمانة خلقا ً خاصاً ،بل األمانة جهاز كامل مشرف على ما
دق جله من أعمال الناس .والمؤمن أمين على الدماء واألموال
ولما كان أهل الكتاب األولون قد أصبحوا بهذه العلل على مر األيام
فقد خيفت عدواهم وانسياق المسلمين وراءهم ،فقال سبحانه :أل ْم
يأْن للَّذين آمنوا أن ت ْخشع قلوبه ْم لذ ْكر َّ
َّللا وما نزل من ْالح اق وّل
يكونوا كالَّذين أوتوا ْالكتاب من قبْل فطال عليْهم ْاألمد فقس ْ
ت قلوبه ْم ۖ
ير ام ْنه ْم فاسقون ،)5(ومع خور اإليمان تقل األمانات ،وّل تزال
وكث ٌ
تقل حتى تصبح أثراً بعد عين ...وليست األمانة التي نتحدث عنها
وديعة مالية جحدها خائن !،إن صور األمانة كثيرة ،فالكلمة تقولها
لصاحب لك ثم تلتفت أمانة .والوظيفة تتطلب الكفء ليشغلها أمانة،
وراتبك الذي ّل يجوز أن يزيد بطريقة ما أمانة .قال الشاعر:
ـ إنه عندما يكون الكفر أقدر على قيادة الحياة من اإليمان فقد ضاع
الدين ،ولم يغن ركوع أو سجود ،إن التدين الجامح في ناحية
والمنكمش في أخرى يفقد الميزان الضابط للحقائق والذي أشارت
إليه اآلية الكريمة :لق ْد أ ْرس ْلنا رسلنا با ْلبيانات وأنز ْلنا معهم ْالكتاب
و ْالميزان ليقوم النَّاس ب ْالقسْط.)9(
-إن الحياة ليست لونا ً واحداً؛ فإن الجو يصفو ويغيم ،والصحة
تقوى وتضعف ،واأليام تقبل وتدبر ،والمهم أّل تتعثر الخطا مع بعد
الغاية ووعثاء الطريق .إن الكدر طبيعة الدنيا ،وإن المصابرة
والتحمل طبيعة أهل اإليمان ،والرجولة مبنية على الصبر
والتماسك .أما الجزع واّلسترخاء فال يقوم عليهما خلق وّل يوصل
بهما إلى نجاح .ولوّل الصبر الذي يقهر الضجر ويطرد السآمة ما
قطع العقالء مرحلة ،وما بلغوا مرادهم.
-التقوى ثمرة عبادة مكتملة يا أيُّها النَّاس اعْبدوا ربَّكم الَّذي خلقك ْم
والَّذين من قبْلك ْم لعلَّك ْم تتَّقون.)14(
كيف تتم التقوى من غير عبادة هللا؟ كيف يبنى صرح من غير
لبنات وأدوات وأثاث ورياش؟
-إن األمة التي تشيع فيها الكبائر والمظالم واآلثام ليس لها عند هللا
وجاهة ،وّل ينتظر لها غدٌ كريم .قال تعالى للمسلمين:
-إن من أساء وهو قريب من الوحي أشد جرما ً ممن أساء وهو
جاهل بعيد عنه.
وعقل سليم ،ورباط وثيق باهلل جل شأنه .والمظهر الفخم على كيان
أجوف كالثوب الجميل على جلد أجرب أو بدن مجذوم.
أســئـلـة
ـ هل زلزلة القدم في الدنيا دليل على رسوخ القدم في اآلخرة؟ هل
الجهل بأسرار الحياة أثر لتقوى القلوب؟ هل اّلستبحار في فروع
إن القرآن الكريم قال للبشر جميعاً :ولق ْد م َّكنَّاك ْم في ْاأل ْرض
وجع ْلنا لك ْم فيها معايش...)19(
إن التمكين في األرض عطاء واسع ورضا من هللا كبير وك ٰذلك
م َّكنَّا ليوسف في ْاأل ْرض يتب َّوأ م ْنها حيْث يشاء ۚ نصيب برحْ متنا من
نَّشاء.)20(
مـقـالــة
سورة اإلخالص سطر واحد ،وهي تعدل ثلث القرآن؛ ألنها لخصت
أصل اّلعتقاد عندنا ،فاهلل سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء،
ويستحيل أن يكون أبا ً أو ابنا ً ،وهو الصمد؛ أي السيد الذي يقصده
كل من في السماوات واألرض ،وماذا يملك غيره؟
ـ عندما أقود سيارتي أملكها ألني أملك عقلي متوكالً على خالقي،
ا
ولكن لألدعية لكنني ّل أملك عقل سائق السيارة القادم من بعيد،
سراً .قال رسول هللا ،ﷺ ﴿ :م ْن قال إذا خرج من بيته بسم هللا
ْ
توكلت على هللا ّل حول وّل قوة إّل باهلل يقال له كفيت ووقيت وتن َّحى
عنه الشيطان﴾( .)24إن القلوب إذا عريت عن اليقين والتوكل خشيت
الهباء ،وإذا عمرت باإليمان والصدق لم تبال بشياطين اإلنس
والجن ،وحققت من النتائج ما يثير الدهشة.
ـ إن مال المسلمين الذي جعله هللا أمانة عند الحاكمين ليس مغنما ً
لذوي األطماع ،وكذلك السلطة التي بأيديهم ليست لرفع الوضيع
وتقريب الجاهل .إن ذلك كله إلحقاق الحق وإبطال الباطل ودعم
الكفء وإبعاد التافه...
مـقـالــة
25
صحيح مسلم ،برقم .1825
الآللي من كالم الغزالي 23
-أوصى أبو بكر عمر ،رضي هللا عنهما ،ل اما رشحه للخالفة فقال:
« . ..إني أدعوك ألمر متعب لمن وليه ،فاتق هللا يا عمر بطاعته
وأطعه بتقواه ،فإن التقي آمن محفوظ ،ثم إن األمر معروض ّل
يستوجبه إّل من عمل به ،فمن أمر بالحق وعمل بالباطل ،وأمر
بالمعروف وعمل بالمنكر يوشك أن تنقطع أمنياته وأن يحبط عمله،
فإن أنت وليت عليهم أمرهم فإن استطعت أن تجف يدك من دمائهم،
وأن تضمر بطنك من أموالهم وأن تجف لسانك من أعراضهم
فافعل ،وّل قوة إّل باهلل.»...
ـ إن من مزق األستار التي لفته بها األقدار م َّهد لنفسه طريقا ً إلى
النار.
ي سهالً،
ـ إنني عندما أحضر درسا ً أتعب فيه ،فإذا أعدته كان عل َّ
فلماذا يتهم صاحب الخلق األول بالعجز عن الخلق الثاني:
نحْ ن خل ْقناك ْم فل ْوّل تصداقون ،)26(وهو الَّذي يبْدأ ْالخ ْلق ث َّم يعيده
وهو أ ْهون عليْه.)27(
ـ إذا أحببت جائراً لنفع يعود عليك ،أو كرهت عادّلً لطمع لم يسقه
إليك فاتهم إيمانك؟!
مـقـالــة
وهذه تنظيمات عادلة تدل على روح الدين ،ولم يطل بها عهدٌ،
فسرعان ما فتحت مكة ودكت معاقل الوثنية وبنيت األسر المسلمة
على التوحيد الخالص...
ـ ا
إن تعلقنا بمتاع الدنيا شديد ،أما تعلقنا باآلخرة فوه ٌم ،وعلومنا
األرضية تتذبذب عند درجة الصفر ،وكيف يسود األرض من ّل
يعي شيئا ً من قوانينها؟!
والنفاق داء خبيث شديد الخطر ،ومن أيسر األمور على المنافق أن
يحلف كاذباً...
ـ إن علم الساعة عند هللا وحده ،وماذا ينفعنا العلم بها إذا لم نستعدَّ
لها؟ إن الوجود موصول ،والموت فاصل خفيف بين الوجودين
األول واألخير ،وسنعرف قيمة الدنيا يوم اللقاء كأنَّه ْم ي ْوم ير ْونها
ل ْم ي ْلبثوا إ َّّل عشيَّةً أ ْو ضحاها.)36(
الجنة ينزلون بعد عودتهم إلى هللا؟ إن أقل ما يقدم لهم هو أعلى
وأغلى ما كان ملوك األرض يتمتعون به .ونحن علمنا أن في الجنة
ما ّل ٌ
عين رأت وّل أذن سمعت وّل خطر على قلب بشر...
مـقـالــة
ولس ْوف ي ْرض ٰى .)38(ولو خلاص العمل من حب الدنيا وقارنه طلب
اآلخرة لنجت الدنيا من فتن رهيبة ،وانطفأت حروب مدمرة،
واجتمعت أحزاب متفرقة ،وانتظمت صفوف مختلة .نسأل هللا أن
يأخذ بنواصينا إلى ما يرضى.
ـ الدأب على الجهاد واإلقبال على هللا وصية من هللا تعالى إلى نبيه
ﷺ ،والوصية إلى النبي ﷺ إنما هي وصية إلى أمته .إن المؤمن إذا
انتهى من واجب نهض إلى غيره ،وّل مكان في حياته للفتور فإذا
فر ْغت فانصبْ وإل ٰى رباك ف ْ
ارغب .)39(إن الدين ،الذي جاء به
النبي ﷺ ،إذا أخبر صدق ،وإذا حكم عدل .والعالم ـ وّل سيما في
عصرنا ـ في حاجة إلى الصدق والعدل ،فإن الهراء والجور
ت كلمت رباك ص ْدقًا وع ْد ًّل ۚ َّّل مبدال
يطردان الحق والعدل وت َّم ْ
سميع ْالعليم ،)40(والدعاة وراء إمامهم خاتم األنبياء لكلماته ۚ وهو ال َّ
ﷺ ،ينبغي أن يعوا ذلك.
ـ إنني عرفت هللا بعقلي ،بعدما نظرت في نفسي وفي آفاق العالم
الذي يضمني وسائر البشر .إن العقل أثمن ما وهب هللا للناس.
واإليمان الذي يقوم على تخدير العقل أو تمويته ّل وزن له وّل خير
ولكن أناسا ً كثيرين ين احون العقل جانبا ً ثم يتكلمون! فكيف نسمع
ا فيه،
لهم؟!
الآللي من كالم الغزالي 32
إنه لن يجد أحدنا رداً أصدق من قوله تعالى :ه ْل أت ٰى على ْاإلنسان
ين امن الدَّ ْهر ل ْم يكن ش ْيئًا َّمذْك ً
ورا .)41(نعم إننا لم نكن شيئاً ،ثم ح ٌ
خلقنا هللا نسمع ونبصر ،ثم استعادنا إليه وخلت األرض منا...
إن القيادة ّل تتم ألهلها إّل إذا جمعوا بين الصبر واليقين.
إن التدين الجاهل يحسب التخلف في الدنيا أمارة على التقدم في
اآلخرة...
44سورة سبأ.19:
45البيت لجميل بثينة ،وقد أغار عليه الفرزدق ،ذكر صاحب األغاني أن الفرزدق قدم إلى
فمر بجماعة من الناس قد وقفوا على جميل بثينة وهو ينشدهم شعره ،فوصل إلى هذا
المدينةّ ،
البيت ،فصاح به« :أنا ّ
أحق بهذا البيت منك» ،ثم أدخله في شعره.
الآللي من كالم الغزالي 36
إحكام الخطط التي ينفذها هؤّلء جميعا ً ،ونلمح مثالً لذلك في عالقة
جْرا إن كنَّا
سحرة ف ْرع ْون قالوا إ َّن لنا أل ً
السحرة بفرعون :وجاء ال َّ
نحْ ن ْالغالبين قال نع ْم وإنَّك ْم لمن ْالمق َّربين.)46(
ـ ينبغي أ اّل يكون حفظ السورة أحرفا ً وأنغاماً ،وإنما يكون حفظها
إلهاما ً وأحكاماً ،ونوراً وفرقاناً ،وهكذا تبنى األمم.
ـ إن هللا إذا أراد كانت األسباب طوع أمره ،وهو يخلق ما يشاء
ويفعل ما يشاء.
من الخير أن نحترم ذوي اّلختصاص ،وأن نقف عند حدود علمنا.
واألمم الكبيرة تحترم ذوي اّلختصاص ،وتوفر لهم الجو الذي
ينتجون فيه ،فإهانة هؤّلء تضر المجتمع كله.
48البيت للحطيئة.
49البيت لألفوه األودي.
الآللي من كالم الغزالي 39
ـ الفاشل يظن إذا قتل الناجح يستفيد قوة جديدة ،وهذا مستحيل ،فإنك
لن تبني نفسك بهدم غيرك ،ستظل كما أنت.
ـ إن ابن آدم الفاشل إنما ضاع لفراغ قلبه من التقوى ،فعلى أهل
اإليمان أن يتجنبوا ذلك المصير يا أيُّها الَّذين آمنوا اتَّقوا َّ
َّللا
وابْتغوا إليْه ْالوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلَّك ْم ت ْفلحون.)54(
نعم إن الحليم قد تطول أناته ،ولكنه عندما يضرب يوجع وك ٰذلك
أ ْخذ رباك إذا أخذ ْالقر ٰى وهي ظالمةٌ ۚ إ َّن أ ْخذه ألي ٌم شديدٌ.)56(
يا بني آدم خذوا زينتك ْم عند ك ال مسْج ٍد وكلوا وا ْشربوا وّل تسْرفوا ۚ
إنَّه ّل يحبُّ ْالمسْرفين.)57(
والبسوا ما لم يخال ْ
طه وفي الحديث﴿ :كلوا واشربوا وتصدَّقوا ْ
إسراف أو مخيلةٌ﴾(.)58
ٌ
ـ إن أيام النعمة تدوم يوم يكون حارسها قائما ً عليها ،هذا الحارس
هو الشكر العملي قوّلً وفعالً :إيمانا ً واضحاً ،وعمالً صالحاًّ :ل
ظلمّ ،ل تكبرّ ،ل استبدادّ ،ل عجبّ ...ل فخامةّ ...ل إصرار على
المعصيةّ ،ل تمثيالً على هللا وعلى خلقه ،نعبده داخل بالدنا،
ونحاربه خارج بالدنا ...نتحجب في الداخل ،ونخلع الحجاب في
الخارج ...إن أيام النعمة لم تزد هؤّلء إّل عتواً وصلفا ً وضرب
طمئنَّةً يأْتيها ر ْزقها رغدًا امن ك ال مك ٍ
ان ت آمنةً ُّم ْ
َّللا مث ًال ق ْريةً كان ْ
َّ
َّللا لباس ْالجوع ،(59)وهذا ضعف في ت بأ ْنعم َّ
َّللا فأذاقها َّ فكفر ْ
اّلقتصاد ...وكل أولئك عقوبة من هللا لهم؛ ألنهم لم يرعوا هلل حقا ً
ولم يقدروا النعم حق قدرها...
ـ إن عدد المسلمين اليوم يماثل عدد أهل الصين؛ نحو مليار ومئتي
األخوة اإلسالمية تربط بين المسلمين كما تربط
ا مليون إنسان ،فهل
القومية الصينية بين الصينيين ،الذين تمثلهم دولة واحدة لها صوت
واحد في مجلس األمن إذا اعترض قرارا ً وقفه ،وواجه الدنيا
بموقف حاسم؟
والغريب أننا األمة التي يجب أن تدور أمورها على محور واحد،
ولكن تقطعت في األرض أمما ً ،منهم الصالحون ومنهم دون ذلك،
وهي تضم اآلن نحو سبعين جنسية ،لكل جنسية رايتها المميزة،
فهل تتساند في نصرة قضاياها أم تتخاذل؟ إن المسلمين في هيئة
األمم المتحدة أضيع من األيتام في مأدبة اللئام...
حــوار األديـان
ـ ماذا نستفيذ من سورة التوبة؟
في سلطانه ،وأن النبي محمداً ﷺ كان صاحب الصوت الوحيد على
ظهر األرض بأن الروم سوف ينتصرون على الفرس مرة أخرى
بعد هزيمتهم الهائلة التي منوا بها والتي حزن المسلمون لها...
ـ تمر باإلنسان أيام عصيبة يشعر فيها باأللم والعجز ،ويحس أن
األزمات أخذت بخناقه ،وأنها إذا بقيت فهي قاضية عليه ،فيهرع
إلى هللا طالبا ً النجدة ،ملتمسا ً الفرج ،ويدعو ويلح ...وتنكشف
الكروب آخر األمر ،فهل تبقى مع المرء حرارة إيمانه وصدق
تطلعه إلى ربه؟ أم تفتر حرارته وينسى؟
س ْاإلنسان الض ُُّّر دعانا لجنبه أ ْو قاعدًا أ ْو يقول هللا تعالى :وإذا م َّ
سه ۚ ك ٰذلكقائ ًما فل َّما كش ْفنا ع ْنه ض َّره م َّر كأن لَّ ْم ي ْدعنا إل ٰى ض ٍ ار َّم َّ
زيان ل ْلمسْرفين ما كانوا ي ْعملون.)60(
إن هذا مسلك ينطوي على خسة ،والواجب أن يتذكر اإلنسان من
أنقذه في شدته ،وامتن عليه بفرجه ،وأن يتشبت به في السراء ،كما
كان يتشبث به في الضراء.
إن إخراج أمة ما من الظلمة ّل يتم بين عشية وضحاها .إنه يحتاج
إلى زمان طويل ،وقد مكث سيدنا رسول هللا ﷺ ثالثا ً وعشرين سنة
يتعهد العرب بالقرآن الكريم ،حتى محا بداوتهم وجهالتهم وتخلفهم
العلمي والحضاري ،وأمسوا أهالً لصدارة العالم وقيادته.
إن القرآن الكريم نقلهم نقلة فسيحة :ثقافيا ً وسياسيا ً وعقليا ً وخلقياً،
فلما اشتبكوا مع أعداء هللا رجحت كفتهم عن جدارة واستحقوا
التمكين في األرض.
الـعـلـم اإللـهـي
ستزرع فإن هللا وحده يعلم أيان يجيئها المطر ،ويلتف حولها البشر،
ويلتقطون منها الثمر :ولق ْد عل ْمنا ْالمسْت ْقدمين منك ْم ولق ْد عل ْمنا
ْالمسْتأْخرين وإ َّن ربَّك هو يحْ شره ْم ۚ إنَّه حكي ٌم علي ٌم.)61(
إنني أتابع برامج عالم الحيوان وعالم البحار ،وأعجب كيف تتكاثر
األحياء وكيف تتفانى ،وكيف يجعل هللا طعام طير سارح من دودة
ملتصقة بظهر حيوان ضخم يستريح حين يأكلها هذا الطير!
وعالم اإلنسان نفسه مثال تفكير عميق .لقد خلق من طينة منتنة
من ص ْلصا ٍل ام ْن حمإٍ َّمسْن ٍ
ون.)62(
وعندما يعود إلى التراب بعد انقضاء رحلة العمر ويدفن تحته تكون
رائحته أشد إزعاجاً .كأن الناس يتدافنون حتى ّل يشمئز بعضهم
من بعض .بم زكا اإلنسان وسما؟ ثم ك ارم ونعام؟ بهذه اللطيفة
الربانية التي نفخت فيه ،والتي طالما جار عليها وضاق بأوجها!
إن في اإلنسان قبسا ً من نور هللا األسنى ،حسده عليه إبليس وكره
اّلعتراف به ،فقرر اّلنتقام من آدم وبنيه قال ربا بما أ ْغويْتني
ألزيان َّن له ْم في ْاأل ْرض وأل ْغوينَّه ْم أجْمعين إ َّّل عبادك م ْنهم
ي مسْتقي ٌم إ َّن عبادي ليْس لك ْالم ْخلصين قال ٰهذا صر ٌ
اط عل َّ
ان إ َّّل من اتَّبعك من ْالغاوين.)63(
عليْه ْم س ْلط ٌ
صطب ْرصالة وا ْ والعفاف ،لذلك قال هللا لنبيه ﷺ :وأْم ْر أ ْهلك بال َّ
عليْها ۖ ّل نسْألك ر ْزقًا ۖ َّنحْن ن ْرزقك ۗ و ْالعاقبة للتَّ ْقو ٰى.)66(
ورجاّلت اإلسالم ّل يتنافسون إّل في المكارم ،وّل تصدار بيوتهم
للناس إّل األسوة الحسنة .والدهماء تشغل نفسها بما ضمن لها من
رزق تكاد تموت وراءه من الهم ،وّل تكترث بما كلفت به من
واجبات وهذا ـ كما قال ابن عطاء هللا السكندري ـ من انطماس
البصيرة...
ـ لن ينشأ ود بين مؤمن باهلل ومنكر له ،ولن يلتقيا في نهج أو سيرة،
فهل يعني ذلك أن تندلع الحرب بينهما حتماً؟ ّل ،إن المؤمنين
مكلفون بدعوة الجاحدين ،وبيان طريق الحق أمامهم .وّل يجوز أن
يتجاوزوا الحكمة والموعظة الحسنة ،فإن هللا اختبر كال الفريقين
باآلخر ،وّل يسوغ أن نسقط في هذا اّلختبار.
تلك كانت سيرة سيدنا محمد ﷺ ،حتى نصره هللا على عدوه...
ـ قد يتطاول المرء فوق قدره ،ألن الرزق بسط له ،أو ألن جاهه
اتسع ،وقد كانت قريش شديدة الكبر على الحق ألن رغد العيش
أبطرها ،حتى دعا الرسول ﷺ عليها﴿ :الله َّم أعناي عليهم بس ْب ٍع كس ْبع
يوسف﴾( ،)67أي سبع سنوات عجاف...
ـ القرآن الكريم :يربط اإليمان بالعمل :إ َّّل الَّذين آمنوا وعملوا
صالحات.)68(
ال َّ
حـال الـمـسـلـمـيـن
ومالوا على الرومان والفرس ميلة واحدة ،فما هي إّل جوّلت حتى
أصبح المسلمون الدولة األولى في العالم.
خالل ثالثين سنة من نزول «اقرأ» تحول رجل واحد إلى أمة رائعة
تأخذ لربها ولنفسها ما تريد.
أهذه وسائل تنهض بها أمة؟ ويسقط بها جبروت حكم العالم كله
عشرة قرون؟ ّل تحْ سب َّن الَّذين كفروا م ْعجزين في ْاأل ْرض.)72(...
إن هذ ه اآلية تومئ إلى أن أمتنا لن تزول ،وأن كبوتها إلى حين،
ونحن نعلم أننا آخر الرساّلت وآخر األمم ،وليس بعدنا إّل قيام
الساعة ،هل نلم شملنا ونستأنف سيرنا ونستعيد أمجادنا؟
لعل ذلك يكون نهاية المطاف ،وهو يشير إليه آخر سورة الروم،
َّللا حق ۖ وّل يسْتخفَّنَّك الَّذين ّل
صب ْر إ َّن وعْد َّ
اآلية الستين فا ْ
يوقنون ،والصبر هنا على العمل الذي يعقب الثمر ،وعلى الجهاد
الذي يعقب النصر.
الآللي من كالم الغزالي 54
ـ إن مشكلة البشرية اآلن ليست ترك الصالة فقط ،بل رسم الخطط
إلضاعتها :أرأيْت َّالذي ي ْنه ٰى ع ْبدًا إذا صلَّ ٰى أرأيْت إن
كان على ْالهد ٰى أ ْو أمر بالتَّ ْقو ٰى.)73(
ـ أمام المسلمين خيار بين الظلم والعدل ،بين العز والذل ،بين الوفاء
لِلَف ْالع َّزة جميعًا ۚ إليْه ي ْ
صعد هلل والغدر بعهده :من كان يريد ْالع َّزة َّ
الطياب و ْالعمل ال َّ
صالح ي ْرفعه ۚ والَّذين ي ْمكرون ال َّ
س ايئات له ْم ْالكلم َّ
ولئك هو يبور.)74( اب شديدٌ ۖ وم ْكر أ ٰ
عذ ٌ
ـ يكاد اإلجماع ينعقد بين الخبراء باألديان على أن اإلسالم قام على
الفكر في الكون والبصر بالحياة ،وأنه دعوة حارة إلى التأمل في
العالم وتدبر آياته وقواه ،وكشف أسراره وقوانينه.
إن التفكر في ذات هللا مستحيل ،فلم يبق سبيل إلى معرفة عظمته
إّل من متابعة آياته في مخلوقاته ،وهو دليل ّل يكذب على علمه
وقدرته وجالله وجماله .إنه على مسافة خطوات محدودة من
أما أعداء هللا وخصوم دعوته فلهم جزاء آخرٰ :هذا ۚ وإ َّن ل َّ
لطاغين
صل ْونها فبئْس ْالمهاد.)77(
ب جهنَّم ي ْ
لش َّر مآ ٍ
حكى ابن كثير قال« :كان رجل ذو بأس من أهل الشام يفد إلى عمر
بن الخطاب ،فافتقده عمر لما غاب عنه ،فقالوا له :يا أمير المؤمنين
تتابع الشراب في هذا! فدعا عمر كاتبه ،فقال اكتب :من عمر بن
الخطاب إلى فالن بن فالن .سالم عليك ،فإني أحمد إليك هللا الذي
ّل إله إّل هو غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ...ثم قال
ألصحابه :ادعوا هللا ألخيكم أن يقبل بقلبه ،ويتوب هللا عليه.
فلما بلغ الرجل كتاب عمر ،جعل يقرؤه ويردده ويقول :غافر
الذنب ،وقابل التوب ،شديد العقاب .قد حذرني عقوبته ،ووعدني أن
يغفر لي .ولم يزل يرددها على نفسه ،ثم بكى ،ثم نزع فأحسن
النزع .فلما بلغ عمر خبره قال :هكذا ،فاصنعوا إذا رأيتم أخا ً لكم
زل زلة ،فسددوه ،ووثقوه( ،أي ّل تجعلوه يفقد الثقة بنفسه) وادعوا
هللا له ،وّل تكونوا عونا ً للشيطان عليه».
ـ إن شكران النعمة دليل بصر سليم وطبيعة مستقيمة ،وقد ذكر هللا
نوحا ً فقال :إنَّه كان ع ْبدًا شك ً
ورا ،)78(وذكر إبراهيم بأنه كان
شاك ًرا األ ْنعمه ۚ اجْ تباه وهداه إل ٰى صراطٍ ُّمسْتق ٍيم ،)79(وقال سيدنا
محمد ﷺ متحدثا ً عن سر اجتهاده في العبادة﴿ :أفال أكون عبداً
()80
شكوراً؟﴾
ـ إن الصدر إذا انشرح أقبل المرء بشغف على العمل ،كما قال
البوصيري:
ـ لماذا هلكت عاد؟ فأ َّما عادٌ فاسْت ْكبروا في ْاأل ْرض بغيْر ْالح اق
وقالوا م ْن أشدُّ منَّا ق َّوة ً.)82(
ـ ولماذا هلكت ثمود؟ وأ َّما ثمود فهديْناه ْم فاسْتحبُّوا ْالعم ٰى على
ْالهد ٰى.)83(...
ـ إن دين هللا واحد من بدء الخليقة إلى أن يرث هللا األرض ومن
عليها .رب تسبح له السموات السبع واألرض ومن فيهن ،وعباد
خلقهم هللا بقدرته ،ورباهم بنعمته ،ليس بينهم من يفارقه وصف
العبودية ،وأقرب إليه منزلة أكثرهم سجوداً ،وأشدهم له رغبة
ورهبة .وهذا المعنى شاع في القرآن الكريم طوّلً وعرضاً ،وهو
لب دين سيدنا محمد ﷺ.
ـ عند قيام الساعة يقال للمؤمنين :ا ْدخلوا ْالجنَّة أنت ْم وأ ْزواجك ْم
تحْ برون.)84(
83سورة فصلت.17:
84سورة الزخرف.70 :
الآللي من كالم الغزالي 60
أما غيرهم فلهم مصير أسود إ َّن ْالمجْرمين في عذاب جهنَّم
خالدون ّ ل يفتَّر ع ْنه ْم وه ْم فيه مبْلسون.)85(
ـ لقد كانوا في الدنيا يكيدون للحق ويمكرون بأهله ،فماذا جنوا؟ أ ْم
أبْرموا أ ْم ًرا فإ َّنا مبْرمون .)86(إنَّه ْم يكيدون ك ْيدًا وأكيد ك ْيدًا
فم اهل ْالكافرين أ ْمه ْله ْم رو ْيدًا.)87(
ـ رب شائعة ّل أصل لها أحدثت فتنة ﴿يا أيُّها الَّذين آمنوا إن جاءك ْم
صبحوا عل ٰى ما فع ْلت ْم
فاس ٌق بنبإٍ فتبيَّنوا أن تصيبوا ق ْو ًما بجهال ٍة فت ْ
نادمين.)91(
إن الذين خالطوا األنبياء واستفادوا منهم تأثروا بهم نفسيا ً وعقليا ً،
فكانوا أرقى من غيرهم وأطهر ،ولذلك يقول سيدنا رسول هللا ﷺ:
﴿خيْرك ْم ق ْرني ،ث َّم الَّذين يلونه ْم ،ث َّم الَّذين يلونه ْم﴾(.)92
﴿إن هللا سبحانه إذا أحبَّ عبداً دعا جبريل فقال :إناي أحبُّ فالنا ً
إن َّللا يحبُّ فالنا ً
سماء فيقولَّ :
فأحبَّه ،فيحبُّه جبريل ،ثم ينادي في ال ا
سماء ،ث َّم يوضع له القبول في األرض﴾(.)94
فأحباوه ،فيحبُّه أهل ال َّ
قال أحد الصالحين :ما أقبل عبد على هللا بقلبه إّل أقبل هللا بقلوب
المؤمنين إليه ،حتى يرزقه مودتهم :فإنَّما ي َّ
س ْرناه بلسانك لتب ا
شر ب ه
ْالمتَّقين وتنذر به ق ْو ًما لُّدًّا.)95(
ـ ولق ْد ن ْعلم أنَّك يضيق ص ْدرك بما يقولون فسباحْ بح ْمد رباك
ساجدين.)97(
وكن امن ال َّ
رسـالـة الـمـسـلـمـيـن
ـ علينا نحن -المسلمين -أن نعرف رسالتنا بين الناس .إننا لم نخلق
لننظر إليهم من أعلى .إننا أصحاب رسالة كلفنا بشرحها باألدب
والحكمة والرحمة والحب ،وأخشى أن يكون فشلنا في صبغ العالم
بها يرجع إلى سوء عرضنا وفشل أسلوبنا:
يا أيُّها النَّاس إنَّا خل ْقناك ْم م ْن ذك ٍر وأ ْنثى وجع ْلناك ْم شعوبًا وقبائل
لتعارفوا إ َّن أ ْكرمك ْم ع ْند َّ
َّللا أتْقاك ْم.)98(
إن السورة التي نقرؤها إذا لم تتحول في سلوكنا إلى خلق وعبادة
ومنهج حياة فإن نقصا ً فينا ينبغي أن نعالجه...
إن التدين السطحي ينتشر بيننا .ترى الرجل يتشبث برأي في فروع
الفقه ّل يقدم وّل يؤخر ،ويحسب أنه ملك مفاتيح الجنة دون غيره،
وينظر إلى الناس من عل ،ويعاملهم بجفاء .يعظ القرآن هؤّلء:
أل ْم يأْن للَّذين آمنوا أن ت ْخشع قلوبه ْم لذ ْكر َّ
َّللا وما نزل من ْالح اق
وّل يكونوا كالَّذين أوتوا ْالكتاب من قبْل فطال عليْهم ْاألمد فقس ْ
ت
قلوبه ْم.)101(
هذا المرض يحبط أعمال أفراد ،ويحول بين األمة اإلسالمية وأداء
رسالتها .إن التواضع والرحمة يزرعان القبول والحب ،أما العجب
والفضاضة فال يثمران إّل الخصام والقتال.
وتكرم
ا ـ ليالي هذه الدنيا حبالى تلد كل عجيبة ،تكذاب الصادق
الكذوب ،وترفع األسافل ،والكرام يهانون ويزعجون .أما في
اآلخرة فال تكذيب لصادق ،وّل تكريم لكذوب...
نعم .إن المرء يمرق إلى أهوائه كالسهم ،فإذا كلف بجهاد أو صالة
تقاعس واسترخى ...ومستقبل الناس عند ربهم ّل تقرره فلتات
الآللي من كالم الغزالي 67
ـ إن هللا ّل يعطي غنيا ً المال كي يقول لغيره :أنا أ ْكثر م ْنك ماّل
وأع ُّز نف ًرا ،)102(إنما يعطيه ليشارك غيره فيه ،ويسارع إلى
مواساة المحتاجين وتفريج كربهم .ولم يحرم أحداً المال ليبكي على
دنيا فاتته أو يحسد من أوتي شيئا ً منه ،بل ليصبر ويتربى على
العفاف.
وزكريَّا إ ْذ ناد ٰى ربَّه ربا ّل تذ ْرني ف ْردًا وأنت خيْر ْالوارثين
صلحْ نا له ز ْوجه ۚ إنَّه ْم كانوا
فاسْتجبْنا له ووهبْنا له يحْ ي ٰى وأ ْ
يسارعون في ْالخيْرات وي ْدعوننا رغبًا ورهبًا ۖ وكانوا لنا
خاشعين.)103(
104سورة الماعون 1 :ـ .3
105سورة هود.119 ،118 :
الآللي من كالم الغزالي 69
المؤلف في سطور
الدكتور يحيى مصري ،من مواليد مدينة حلب ،أستاذ النحو والصرف
في جامع حلب ،دكتوراه في النحو والصرف وفقه اللغة ،والفقه على
المذاهب األربعة ،وتفاسير القرآن الكريم.
مقيم في أمريكا ،له عدد من الكتب المنشورة والمخطوطات ،أبرزها:
-1تحقيق شرح الرضي لكافية ابن الحاجب ،صادر عن جامعة اإلمام
محمد بن سعود اإلسالمية ،بالسعودية.
-2لغتنا العربية ،فرائد وفوائد ،صادر عن «منشورات كتاب»
بواشنطن.
-3الشاهد النحوي ووجه االستشهاد ،صادر عن دار عكرمة بدمشق.
-4هذه كناشتي ،اعتنى بنشرها د .أحمد محمد ويس ،صادر عن
«شرفات للنشر والدراسات».
-5الوجيز في فقه الخلفاء الراشدين وابن عباس وابن مسعود.
(نسخة إلكترونية).
-6مشكل إعراب القرآن الكريم( .قيد النشر).
النحو القرآني( .قيد النشر).
-7الآللي من كالم الغزالي( .قيد النشر).
-8آللئ التفسير( .قيد النشر).
-9المسلمون وغير المسلمين( .قيد النشر).
-10مقاالت وخاطرات( .قيد النشر).
-11موضوعات قيمة( .قيد النشر).
للتواصل:
https://www.facebook.com/profile.php?id=100002046860416
الآللي من كالم الغزالي 70
الآللي من كالم الغزالي 71