Professional Documents
Culture Documents
أفلاطون - ويكيبيديا
أفلاطون - ويكيبيديا
أفلاطون - ويكيبيديا
لذلك فإنه يجب على اإلنسان -الذي ينتمي إلى عالمين – أن يتحرر من الجسم (المادة) ليعيش وفق متطلبات الروح ذات
الطبيعة الخالدة ،كما توحي بذلك نظرية التذكر وتحاول البرهنة عليه حجج فيدون .من أجل" فإن الفضيلة ،التي تقود إلى
السعادة الحقيقية ،تتحقق ،بشكل أساسي ،عن هي التناغم النفسي الناجم عن خضوع الحساسية للقلب الخاضع لحكمة
العقل .وبالتالي ،فإن هدف الدولة يصبح ،على الصعيد العام ،حكم المدينة المبنية بحيث يَّت جه جميع مواطنيها نحو
الفضيلة.
هذا وقد ألهمت مشاعية أفالطون العديد من النظريات االجتماعية والفلسفية ،بدًء ا من يوطوبيات توماس مور وكامبانيال،
وصوًال إلى تلك النظريات االشتراكية الحديثة الخاضعة لتأثيره ،إلى هذا الحِّد أو ذاك .وبشكل عام فإن فكر أفالطون قد
أَّث ر في العمق على مجمل الفكر الغربي ،سواء في مجال علم الالهوت (المسلم أو اليهودي أو المسيحي) أو في مجال
الفلسفة العلمانية التي يشِّكل هذا الفكر نموذجها األول.
خصائص فكره
إلى جانب النزعة المنطقية الرياضية متأثر بفثاغورس التي تميز بها أفالطون الفكري نجد اتجاهًا إلى التصوف وإلى
ممارسة الحياة الروحية متأثر بسقراط في أعلى مراتبها فمن الناحية األولى نجد أن افالطون قد استخدم المنطق بكل
دقة في ميدان المعرفة وذلك في أسلوبه الجدلي المنهجي الذي استخدمه للبرهنة على وجود عالم المثل وكذلك
استعار االستدالل الرياضي من الفيثاغوريين وطبق منهجهم الفرضي وتمسك بضرورة دراسة الفيلسوف للرياضيات
وبهذا فقد كتب على باب األكاديمية اليدخل هذا إال من كان رياضيًا وهذا أكبر دليل على أهمية الرياضيات في
مذهبه]21[.
ومن الناحية الثانية نجد أنه قد أضاف إلى هذا المذهب المنطقي الرياضي اتجاهًا صوفيًا عميقًا تلقاه من النحلة
األورفيه وتعاليم الفيثاغوريين ،وقد كان لهذه النزعة الروحية العميقة عند أفالطون أثرها الكبير على المتصوفة فيما
بعد سواء المسيحيين أو المسلمين .ويبدو أن تعاليم األورفيه والفيثاغورية لم تكن الصدر الوحيد لهذه النزعة عند
أفالطون بل يرجع إلى طفولة أفالطون التي امتازت بالتدين واإليمان وباألسرار العميقة التي ترمز إلى وحي اآللهة
ولهذا فإنه اتجه إلى البحث عن المثل العليا أي عن عالم أسمى فيما وراء عالم الحس عالم تنطلق إليه النفس في
صفائها وتطهرها فكان أن كشفت له التجربة الروحية عن آفاق عالم المثل.
وقد أحس أفالطون بصعوبة التفسير اللفظي عن هذا الوجود المتعالي الذي يجاوز نطاق التجربة الحسية ولهذا فقد
لجأ إلى األسطورة وإلى الصور الخيالية لكي يفسر بها حقيقة هذا العالم العقلي وأبعاده المثالية وكان يشعر في أعماق
نفسه بأن العبارات الشاعرية الوصفية التي كان يسوقها إليضاح حقيقة عالم المثل لن تحقق هذا الغرض على الوجه
األكمل .فقد كان أفالطون إذًا شاعرًا بصعوبة التعبير عن مضمون مذهبه لخصوبة الفكرة التي انتهت إليها تجربته
الروحية ،وألن اللغة-وقد وضعت لإلشارة إلى الموجودات الحسية -اليمكن أن تصبح للتعبير عن عالم مثالى مغاير
لعالمنا الحسي في وجوده وطبيعته.
وتم أمر هام كان له تأثيره الواضح على تجربة األفالطونية ،فعلى الرغم مما كان يبدو من شدة تعطش أفالطون
للمعرفة والمثل العليا مما دفع به فب طريق التأمل والعزلة والتقشف وسيطرة النفس على البدن إال أنه قد نشأ في بيئة
أرستقراطية غرست في نفسه ميًال إلى ممارسة السياسة والمساهمة في شؤون الحكم ،لهذا فقد ظهر لديه اتجاه
واضح إلى إيجاد نوع من التوازن واالنسجام بين النفس والجسد مما ييسر له سبل االتصال بالحياة العامة ويحول
بينه وبين اإلغراق في حياة التأمل الخالص ،ومع هذا فإن الفكر األفالطوني لم يستطع التخلص من هذا االتجاه
المزدوج إلى النظر وإلى العمل ،أو بمعنى آخر االتجاه إلى التأمل الفلسفي والعمل السياسي معًا ،فإذا كانت غاية التأمل
الفلسفي عنده هي خالص النفس وتطهيرها عن طريق ممارسة الحكمة فإن غاية العمل السياسي في نظره إنما تكون
في خلق الظروف الصالحة لتربية المواطن اليوناني وذلك عن طريق إصالحه نظم المدنية اليونانية حتى تكفل لها
سالمة في الداخل والخارج.
وباإلضافة إلى هذا اإلنتاج المدون الضخم ،نجد أرسطو يشير في الميتافزيقا إلى مذهب األفالطونيين في األعداد والمثل
وهذا موقف ال نجد في محاورات تفصيالت عنه ،ولهذا فقد رجح المؤرخون أن ما نسبه أرسطو ألفالطون من آراء تؤلف
في مجموعها الجزء الشفوي على الكلمة المكتوبة والعبارة المركزة ومما يؤيد هذا الرأي أن أرسطو نفسه كان تلميذًا
ألفالطون وكان يواظب على حضور مناقشاته األكاديمية ،فهو إذًا على علم بالتعاليم الشفوية للمدرسة وكل هذه اآلراء
كان لها تأثير كبير على تطور الفكر األفالطوني وظهوره على صورة مذهب األفالطونية المحدثة في مدرسة اإلسكندرية
بعد]22[. وعند اإلسالميين والمسيحيين فيما
يعنى أفالطون بموضوع المعرفة في محاورات عديدة فيبين أنواعها المختلفة ويرتبها درجات حسب قيمتها في الكشف
عن الحقيقة ويهتم اهتمامًا بالغًا بتعريف العلم الفلسفي اليقيني وبالتمييز بينه وبين أنواع المعرفة األخرى الشائعة عند
معاصريه
.ونقطة البداية في نظرية المعرفة األفالطونية تتلخص في إثارة الشك في العالم الحسي ،وذلك حتى يعلم
السائر في طريق التفلسف أن العالم الذي يعيش فيه هو عالم زيف وخداع
.ويقيم أفالطون تصنيف ألنواع المعرفة في
العلوم المختلفة على أساس تفرقته الميتافزيقية بين العالم لمرئي والعالم المعقول فيسمى المعرفة التي تتناول العالم
الحسي بالظن .أما المعرفة التي تتناول الالمرئي والمعقول بالعلم أو بالتعقل .ولكي يوضح هذين النوعيين من المعرفة
يقول لنتصور مستقيمًا(أب)نقسمه أربعة أقسام بواسطة الرموز(جـ ،د ،هـ)
فالقسم األول :يرمز لألشباح والظالل المنعكسة عن العالم المحسوس والمعرفة التي تتناولها يسميها وهم.
القسم الثاني :والقسم الذي يليه في المرتبة يشير لموجودات العالم الحسي المرئي ومعرفتها ظن.
القسم الرابع :ويشير إلى المعقوالت التي هي أقرب إلى الميادئ والتي هي موجودة بغير حاجة للمحسوس فهي عالم
المثل ومعرفتها تعقل.
وعلى الرغم من هذه القسمة الرباعية إال أن أهم مستويات المعرفة التي يعنى أفالطون بدراستها ونقدها وهي الخبرة
المثأل]23[. الحسية واالستدالل العقلي ثم المعرفة الحدسية التي هي رؤية مباشرة لعالم
وفاته
مات أفالطون ميتًة هادئًة عام 347ق.م في نفس يوم ميالده -في نفس اليوم الذي ظهر فيه أبولو في األرض (بحسب
معتقدات اإلغريق) -وهكذا ربط األسطوريون بين أفالطون وإله الشمس ،وسادت أفكار بأنه ابن أبولو .وقد أقيم له
ضريح بعد موته ،وأصبح تالميذه يحتفلون سنويًا بعيد ميالده ووفاته ،حيث كانوا يعتبرون ذلك اليوم مقدسًا ،ألن اآللهة
أنجبت فيه أفالطون هدية منها للبشرية بحسب رأيهم.