Professional Documents
Culture Documents
الملخ�ص
إن استطعنا اعتبار هيجل ملك الفكر األلماني في الفترة 1840 - 1820فإنه من الممكن اعتبار فيورباخ قمة الثورة
الفلسفية في الفكر األلماني خالل الفترة الواقعة بين نشره كتاب "جوهر المسيحية" ( )1841وثورة .)1(1848إن هذه
الحقيقة التي يوردها سدني هوك في كتابه "من هيجل إلى ماركس" هي ما أكدها أنجلز في كتابه "لودفيغ فيورباخ ونهاية
الفلسفة الكالسيكية األلمانية"؛ حيث يؤكد أنه في فترة ظهور "جوهر المسيحية" أصبح هو وماركس أتباع ًا لفيورباخ،
انطالق ًا من حاجتهما كيسار هيجلي للخروج من قيود هيجل؛ وعلى وجه الخصوص بعد أن بدأ هو وماركس بالتحول من
الليبرالية البرجوازية إلى الدفاع عن البروليتاريا.
تحاول الدراسة تتبع هذا التأثير وتحديد مقدار التوافق واالختالف بين موقف ماركس المادي وموقف فيورباخ.
وتهدف أيض ًا إلى تحليل موقف ماركس من مفهوم اإلنسان من خالل تحليل معمق ألطروحات عن فيورباخ ،والنقاط
2019
45
37 / 145
المقدمة
من املعروف أن ماركس مل يصل إىل مفهوم الشيوعية إال يف فرتة كتابته "حول املسألة
اليهودية"( )2الذي رد به عىل برونو باور ،وطرح خالله وألول مرة مفهوم الشيوعية .ويتضح من
خالل قراءة النص أن ماركس كان متأثر ًا بأطروحات فيورباخ التي قدمها يف جوهر املسيحية.
ويؤكد أنجلز أن تأثري فيورباخ عىل ماركس استمر حتى يف كتابات الحقة وعىل وجه اخلصوص
يف كتابه "العائلة املقدسة"(" :)3يمكن للمرء أن يتصور بعد قراءة "العائلة املقدسة" بأي محاس
رحب ماركس باملفهوم اجلديد وإىل أي درجة قد تأثر به( ،مع التحفظات النقدية)"(. )4
لكن ومع كتاهبام الالحق "األيديولوجية األملانية"( )5بدأ التأثري يأخذ بعد ًا نقدي ًا؛ حيث
تبلورت خالل هذا الكتاب األفكار اجلديدة املرتبطة بالفهم املادي للتاريخ واجلدل املادي،
وعىل الرغم من ذلك البعد النقدي استمر لودفيغ فيورباخ ليكون أحد املؤثرين األساسيني
يف ّ
تشكل هذه املفاهيم عند كل من ماركس وأنجلز(.)6
إن هذا التأثري يدفعنا إىل دراسة تطور نظرة ماركس وأنجلز لفكر لودفيغ فيورباخ
ولتتبع مدى تأثري هذا املفكر عىل كتاباهتام وجوانب هذا التأثري.
يوجه النقد إىل علم الالهوت ويتجه نحو املادية التي أحرزت
منذ 1836عىل اخلصوصّ ،
46
37 / 145
الغلبة هنائي ًا عنده يف سنة 1841من خالل كتاب "جوهر املسيحية" .ويف سنة 1843ظهر
كتابه "مبادئ لفلسفة املستقبل" .وقد كتب أنجلز فيام بعد حول هذين الكتابني لفيورباخ،
فقال" :كان جيب أن يكون اإلنسان قد حتسس بنفسه األثر التحريري هلذين الكتابني ...فلقد
أصبحنا نحن دفعة واحدة من أتباع فيورباخ"(.)7
ويعترب لينني أن هذا التأثري لفيورباخ قد استمر عند ماركس لفرتة طويلة حتى إنه
(ماركس) "مل يقر بام عند فيورباخ من نقاط ضعف ،حتى فيام بعد ،إال من حيث عدم الكفاية
يف منطق ماديته وشموليتها .لقد كان يرى الشأن التارخيي العاملي لفيورباخ الذي "شغل
دهر ًا" يف قطيعته النهائية مع مثالية هيجل بالضبط ،ومناداته باملادية"( ،)8إن هذه الثورة
الفيورباخية التي أثرت يف الفلسفة األملانية كلها جعلت من فيورباخ رمز ًا لتحقيق الثورة
الفلسفية ضد اهليجلية .فكام نعرف فقد سيطرت الفلسفة اهليجلية عىل الفكر األملاين لفرتة
تكون جمموعة من األتباع األوفياء الذين تعاملوا مع الفكر اهليجيل كفكرطويلة ،أدت إىل ّ
مطلق غري قابل للنقاش؛ مما حدا بامركس أن يصف هؤالء األتباع بـ"القديسني" (بأسلوبه
التهكمي املعروف) ،كإشارة إىل أن نمط إيامهنم بالفكر اهليجيل يشابه اإليامن الديني ال
االعتقاد الفلسفي .وأكد ماركس أن احلرب ضد األيديولوجية ال تكون حرب ًا ضد املؤسسات
السياسية والدينية التي تسوق هذه األيديولوجية بل هي حرب ضد كل أنواع امليتافيزيقا:
ال ضد املؤسسات السياسية الراهنة ،وكذلك ضد احلرب عىل األيديولوجية هي ليست "نضا ً
الدين والالهوت وحسب ...بل أيض ًا ضد كل ميتافيزيقا"(.)9
وهذه النقطة مهمة جد ًا؛ فوجهة نظر ماركس تؤكد أن األيديولوجيا بكل أشكاهلا
هي وسيلة لتعمية الوعي؛ فهي تشكل نوع ًا من الغشاء الذي يمنع العقل من رؤية الواقع
بوضوح .ولذلك فقد ربط ماركس بني األيديولوجيا وامليتافيزيقا؛ ألنه رأى أن األفكار
األيديولوجية هي أفكار متجاوزة للواقع ،ولكنها ،عىل الرغم من جتاوزها للواقع ،ليست
إال انعكاس ًا ملتطلبات هذا الواقع .وينتقد ماركس مفهوم استقاللية الفكر عن الواقع؛ ففي
معرض نقده هليجل يقول" :يرى هيجل أن حركة الفكر ،هذه احلركة التي يشخصها ويطلق
عليها اسم الفكرة ،هي اإلله (اخلالق ،الصانع) ...أما أنا فإين أرى العكس :إن حركة الفكر
ليست إال انعكاس ًا حلركة املادة منقولة إىل دماغ اإلنسان ومتحولة فيه"(.)10
2019
47
37 / 145
وهلذه األسباب يعترب لينني أن ماركس مل حياول إسقاط فيورباخ متام ًا كام أسقط هيجل؛
ألن ماركس اعترب أن نظرة فيورباخ إىل العامل ،عىل سذاجتها ،هي التي أعطت بوادر حتطيم
القلعة اهليجلية من أحد أبنائها املحدثني.
حتى إن تلك النظرة إىل الالهوت وانتقادات فيورباخ املقدمة عليها أدت بلينني إىل
االعرتاف بشكل رصيح أن فيورباخ رد ببالغ الدقة والصواب عىل أولئك الذين يدافعون
عن الدين بوصفه ينبوع "عزاء" للناس ،بأن تعزية العبد هي عمل نافع ملالك العبيد يف حني
أن نصري العبيد احلقيقي يعلم العبيد االستياء والتمرد واالنتفاضة ،ودك النري وال "يعزهيم
إطالق ًا"(.)11
ولكنه يعود ليربز االنتقادات التي من املمكن تقديمها للامدية "القديمة" ،عىل حد تعبريه،
()12
ومن مجلتها مادية فيورباخ (أو باألحرى املـــادية "املبتذلة" لبوخنر وفوغـت وموليشوت)
يف ثالث نقاط أساسية ،هي:
- 1إن هذه املادية كانت مادية ميكانيكية ،مل تأخذ تطور العلوم يف حساباهتا ،فجاءت
نظرياهتا جامدة تأخذ ُبعد ًا واحد ًا فقط دون باقي األبعاد.
- 2إن املادية القديمة مل تكن تارخيية وال ديالكتكية ،ومل تكن تأخذ بمفهوم التطور
االجتامعي عىل نحو منسجم إىل النهاية.
- 3نظرت هذه املادية إىل "جوهر اإلنسان" عىل نحو جتريدي ،ولذلك مل تقم
إال بتفسري العامل ،ولكن املطلوب تغيريه .ولذلك فإهنا تعترب بعيدة عن النشاط العميل
الثوري(.)13
وهو لذلك يعترب أن ماركس وأنجلز قد الما فيورباخ عىل عدم متكنه من أخذ مفهوم
املادية إىل هناياته الصحيحة ،ولذلك فقد اعتربا فيورباخ صاحب حماولة لنقد الدين من
زاوية حاجته لدين جديد؛ ألنه مل يتمكن من التخلص من قيود "التعابري املثالية يف حقل علم
االجتامع" ليصبح مادي ًا عىل نحو حقيقي(.)14
2019
48
37 / 145
(*)
لودفيغ فيورباخ وأثره في الفلسفة
ابتدأ لودفيغ فيورباخ نشاطه الفلسفي ،برسالة عنواهنا "عن العقل الواحد ،الكوين
الالهنائي" .وكانت تتوجي ًا لدراسته الفلسفية بعد أن حتول عن توجهاته الالهوتية ،التي
ُوجدت عنده نتيجة لتأثري والده الذي أراده أن يكون الهوتي ًا ،ولكنه يف سنة 1825متكن من
االعرتاف بعدم قدرته عىل االستمرار يف دراسة الالهوت ،وتوجه لدراسة هيجل ،فتأثر به
وكتب حتت تأثريه كل كتاباته من رسالته األوىل عام 1826إىل كتابه االنقاليب األول "جوهر
متكن من خالله ومن خالل كتابه "مبادئ فلسفة املستقبل" عام املسيحية" عام ،1841الذي ّ
،1843أن حيقق خروج ًا عن جممل السيطرة اهليجلية ،ومن ثم توجيه أول رضبة موجعة
يف وجه الفكر اهليجيل .هذه الثورة الفكرية ضد اهليجلية هي التي ميزت فيورباخ وأعطته
مكانته التي جعلته رائد ًا جلمهرة من الكتب التي فتحت جماالت النقد بشكل واسع يف فضاء
الفلسفة األملانية عرب تلك السنوات الثامين .1848-1841
أهم هذه الكتب والدراسات "جوهر الدين"( )15عام ،1845الذي بدأ خالله فيورباخ
يتوجه نحو نظرته اجلديدة إىل الدين باعتباره وازع ًا اجتامعي ًا رضوري ًا لتامسك املجتمع ،إىل
ادعائه بوجوب متكننا من االستعاضة عن الدين اخليايل دين ًا آخر من الواقع .وكان هذا
الكتاب هو بداية اهلبوط الفيورباخي .وقبله كتب "األطروحات املؤقتة" عام ،1843ثم
قدم فيورباخ عدد ًا من األبحاث عىل إثر الثورة األملانية ،1848وكانت عىل شكل دروس يف
فلسفة الدين لطالب هايدلربغ .ثم رسالة بعنوان "نظرية أغذية الشعب" التي بعثها إىل أحد
تالمذته جاكوب موليشوت ،وأتبعها بدراسة بعنوان "العلوم الطبيعية والثورة" عام ،1850
وأهنى فيورباخ كتابه األخري "أنساب اآلهلة" استناد ًا إىل املصادر القديمة الكالسيكية ،العربية
واملسيحية ،عام ،1857يف حماولة أخرية من فيورباخ نحو إجياد توافق بني إنسانية "جوهر
املسيحية" وطبيعية "جوهر الدين".
إن التأثري املبارش لفيورباخ كان بفتح باب احلوار والسجال عريض ًا يف فلك الفلسفة
يف أملانيا وبخاصة يف تيار اليسار اهليجيل ،حتى إنه يعترب هو وباور وشرتنر وشرتاوس( )16من
الذين قادوا محلة اهلجوم عىل هيجل عىل الرغم من أهنم كلهم كانوا أرسى الفلسفة اهليجلية
2019
بوجه من الوجوه.
49
37 / 145
ولكن منذ البدايات األوىل لسجال اليسار اهليجيل ،انطالق ًا من كتاب حياة املسيح
لشرتاوس وكتاب الفريد وخاصته لشرتنر ،الذي هاجم فيه فكرة اإلنسان عند فيورباخ،
استمر النقد املتبادل عىل الساحة األيديولوجية للفلسفة األملانية حتى تفجر بثورة نقدية من
نمط جديد ،وهي ما قدمها ماركس وأنجلز ،اللذان بدأا باخلروج عن أطر اليسار – اهليجيل،
بعد مؤلف ماركس "نقد فلسفة احلق عند هيجل"( )17ليتوجها مع ًا بعد كتاب ماركس "حول
املسألة اليهودية" عام ،1844إىل النظرة الشيوعية يف بداياهتا دون أن تأخذ الطابع اجلديل
بعد ،فكانت إىل حد ما إنسانية وغري متبلورة يف مجيع جوانبها ،ومن ثم ابتدأ النقد املشرتك
()18
يتعاىل عرب كتاب "العائلة املقدسة" ومن ثم "اإليديولوجية األملانية" وعرب "بؤس الفلسفة"
وغريها من كتابات ماركس وأنجلز ،التي اتسمت بطابع نقدي الذع اشتهر بلغته االستهزائية
الساخرة وبأسلوبه املعقد الشيق الذي يسري معه عرب تطوره بشكل متناسق من التطور الفلسفي
الرائع الذي و ّلد هذا التالحم الذي ال فكاك فيه بني مادية فيورباخ وجدلية هيجل ،وليولد
املادية اجلدلية ،ومن ثم عرب حتليله التارخيي املادي ليفجر ثورة جديدة يف عامل الفلسفة.
فمن الواضح أن ماركس منذ كتابته لألطروحة 11من أطروحات عن فيورباخ :إن
الفالسفة مل يفعلوا حتى تلك اللحظة سوى تفسري العامل بطرق خمتلفة ،بينام األمر املهم هو
تغيريه( )19ـ حتول موقفه نحو الثورة ،ثورة الربوليتاريا .ومنذ تلك اللحظة اعترب ماركس
فلسفته أهنا رفض لكل أيديولوجية؛ إذ إنه يعترب اجلدل املادي والنظرة املادية للتاريخ
واالقتصاد السيايس (كام عرب عنه يف كتاب رأس املال( )20ويف الغروندريسة( ،))21أهنا علم
الطبقة العاملة يف تطوره( .)22إن هذا الرفض للجمود وللدوغامطية هو ما يميز نقدية ماركس
عن النقديات التي قدمت عىل الساحة الفلسفية عرب السنوات .1848-1840
متكن من توجيه أكرب لطمة للدين وللفلسفة اهليجلية ولكنه ـ إن فيورباخ بفلسفته ّ
وألنه ،كام يقول ماركس ،مل يتمكن من امتالك املنهج السليم ،مل يستطع أن يكمل نظرته املادية.
ويعبرّ ماركس عن ذلك بقوله" :أنا متفق مع املاديني فيام يتعلق باملايض ولست متفق ًا معهم
فيام يتعلق باملستقبل"( )23ـ يقر بعدم قدرته عىل أن يستمر مادي ًا باألسلوب القديم من مادية
ميكانيكية ،وهو يف ذلك حمق بحسب تعبري أنجلز؛ ألن املادية يف تلك املرحلة مل تكن لتقدم كل
2019
50
37 / 145
ولكن فيورباخ بقي أسري ًا للهيجلية حني بدأ ينظر إىل الطبيعة عىل أهنا دين جديد للعامل
جيب أن نستعيض به عن الدين املتهاوي ،وهنا هو يبدأ مرحلة اهلبوط كام قلنا سابق ًا ،اهلبوط
من عرش السيطرة الفلسفية ،ألنه هبذا الطرح كان أضعف من أن حيتمل جممل التطور الذي
برز يف الفلسفة األملانية وكان أضعف أيض ًا من احتامل الرضبات املوجعة النتقادات شرتنر
وباور ،ومن ثم تصحيحات ماركس االنتقادية.
51
37 / 145
ويستمر ماركس وأنجلز يف امتالك زمام فلسفة فيورباخ يف نقده املستمر للمثالية
اهليجلية بممثليها األشد دفاع ًا ،باور وشرتنر ،ويؤكدان مرة أخرى أن نقد فيورباخ لألفكار
املسيحية "التجسيد والثالوث واخللود ...إلخ ،عىل أهنا رس التجسيد ،ورس الثالوث ورس
اخللود .وتصور اهلرزيليخا كل ظروف العامل احلايل عىل أهنا أرسار .ولكن حيث كشف
فيورباخ األرسار احلقيقية صنعت اهلرزيليخا أرسار ًا من التفاهات احلقيقية"()27؛ أي أهنام
يتفقان مع فيورباخ عىل وضع األفكار املسيحية بمكاهنا الصحيح؛ كوهنا نتاجات العامل
احلايل ،ويرفضان من ثم اعتبارها أرسار ًا ال يمكن سربها.
ثم يصل ماركس وأنجلز إىل درجة من املساجلة االستفسارية ألسس الثورات
النقدية عىل هيجل ومثاليته ليتساءال :من كشف رس "النظام" ...؟ إنه فيورباخ من أبطل
ديالكتيك املفاهيم؟ وأهنى حرب اآلهلة املعروفة لدى الفالسفة وحدهم؟ إنه فيورباخ.
من استبدل باهلراء القديم عن "الوعي الذايت غري املحدود" "اإلنسان" املحايث؟ إنه
فيورباخ ،وفيورباخ وحده .هبذا نرى مدى تأثر ماركس وأنجلز بأفكار فيورباخ ،بل إهنام
يذهبان ضمن تلك الفرتة إىل أبعد من ذلك يف تأييد موقف فيورباخ ،فهام يعتربانه أنه متكن
من التخلص من املقوالت التي يستخدمها "النقد" من مثل" :الثروة احلقيقية للعالقات
اإلنسانية ،املضمون األخري للتاريخ ،كفاح اجلمهور ضد الروح"( ...)28؛ كوهنا مقوالت
ميتافيزيقية حتيل اإلنسان إىل جمرد انعكاس للوعي .وهو لذلك يعترب أن من حاولوا دراسة
فيورباخ مل يستطيعوا أن يفهموه ،بل انعكس يف فكرهم جمموعة من األغالط املتأثرة
بالنظرة اهليجلية.
ويعرب ماركس وأنجلز عن موقفهام من التحول يف النظرة إىل اإلنسان من خالل املقارنة
بني النظرة اهليجلية املتجسدة بمدرسة "النقد النقدي" (باور وشرتاوس) وموقف فيورباخ.
فمدرسة "النقد النقدي" تعترب "اإلنسان" جوهر ًا ما ،ومن ثم فهي بذلك تنقل "اإلنسان"
ليكون جمرد مقولة جديدة ،وهي حتاول هبذا النقل لإلنسان من كونه موجود ًا عياني ًا إىل كونه
مقولة إىل إخراج الالهوت من أزمته .ويقول ماركس وأنجلز أنه :يمكن هلذه النظرة أن
تستمر؛ ألن "التاريخ ال يفعل شيئ ًا" ،إنه "ال يملك ثروة وفرية" ،إنه "ال يشن املعارك" .ويف
2019
مقابل هذه النظرة حيددان موقفهام :إنه اإلنسان ،اإلنسان احلي احلقيقي الذي يفعل كل ذلك،
52
37 / 145
53
37 / 145
اخللق اهليجلية هذه ،يالحظ فيورباخ [أن]" :املادة هي االغرتاب الذايت للروح .ولذلك
فاملادة نفسها تكتسب الروح والفكر ...ولكن يف الوقت نفسه تفرتض أهنا ال يشء،عىل
أهنا كائن غري واقعي بقدر ما يكون نتاج هذا االغرتاب فقط؛ أي الكائن الذي خيلق نفسه
من املادة ،من احلسية ،الكائن يف متامه ،معرب ًا عنه يف شكله وهيئته احلقيقيني .ولذلك
فالطبيعي واملادي واحليس هي أشياء منفية هنا كالطبيعة التي أفسدهتا اخلطيئة األصلية يف
الالهوت"( .)32وبعد هذا االقتباس الطويل لفيورباخ الذي يقدمه ماركس وأنجلز فإهنام ال
يضيفان أي لطمة أخرى يف وجه اهليجلية؛ ألهنام يعتربان أن هذه اللطمة الفيورباخية متكنت
من إهنائه عىل الصعيد الالهويت.
ولكن اهتامم ماركس وأنجلز ال ينحرص يف نقد الالهوت عىل نسق فيورباخ ،لكنهام
يريدان أن ينقدا الفكر امليتافيزيقي بعامة وفكر هيجل بخاصة؛ ألهنام يرفضان مقولة هيجل
الشهرية "أن التاريخ هو تاريخ لرصاع األفكار" ،فالتاريخ بالنسبة ملاركس وأنجلز هو تاريخ
الرصاع احلقيقي بني البرش ،هو تاريخ للرصاع الطبقي وليس لرصاع األفكار" :حتى ننهض
ال يكفي أن ننهض يف الفكر" (عىل النسق اهليجيل) "وفوق رأسنا احليس احلقيقي يبقى النري
ِ
املستغلة)" ،النقد احليس احلقيقي الذي ال يمكن رفعه باألفكار" (السيطرة الطبقية للطبقات
املطلق تع ّلم من فينومينولوجيا هيجل ،عىل األقل ،من تغيري احللقات املوضوعية احلقيقية
التي توجد خارج ًا عني إىل فكرة مثالية رصفة ،إىل حلقات ذاتية توجد يف داخيل فقط،
وبذلك أن حيول كل الرصاعات اخلارجية احلسية إىل رصاعات رصفة للفكرة"( .)33نلمس
متام ًا رفض ماركس وأنجلز للنقد ملجرد النقد (النقد املطلق) ،ومها من ثم يرفضان أن تتحول
احلقائق املوضوعية إىل حقائق ذاتية منفصلة عن املوضوعية ...يرفضان أن تبقى املساجالت
عىل مستوى الفكر دون أن نتمكن من تغيري الواقع احليس احلقيقي ...الذي ال يمكن تغيريه
إال بالعمل احلثيث ...بالثورة.
ولذلك يعترب ماركس وأنجلز أن نقد فيورباخ ،عىل أمهيته ودقته ،بقي أسري النقد
الفكري غري املندمج بالواقع؛ أي ذلك النقد الفكري اخلالص الذي ال هيمه ما حيدث عىل
أرض الواقع السيايس االجتامعي .ومن ثم فعند حديث ماركس وأنجلز عن سامح املراقب
2019
بطباعة كتاب فيورباخ يعزوان ذلك إىل أن أفكاره جاءت عىل املستوى الفلسفي فقط ومل
54
37 / 145
تنتقل إىل املستوى السيايس والعميل ،أو كام يضعاهنا" :عندما سمح بطبع كتاب فيورباخ
"أطروحات يف إصالح الفلسفة" ،فإن اللوم ال يقع عىل الرببرية الرسمية للمراقب ،بل عىل
حاجة أطروحات فيورباخ للتهذيب .إن النقد الصايف ،غري امللوث باجلمهور أو املادة ،جيد
أيض ًا فيه املراقب شك ً
ال أثريي ًا خالي ًا من أي حقيقة مجاهريية"( .)34وهبذا فهام يؤكدان رضورة
االلتحام باجلمهور لصناعة التغيري ،وللتمكن من اخلروج عن أطر املراقب ،ولرفض الواقع
بشكله القائم.
إن هذا التأثر بأفكار فيورباخ مل يستمر عىل الوترية نفسها عند ماركس وأنجلز،
ولكن الرضورة التي كانا يستشعران احلاجة هلا ،بوصفها حاجة إنسانية نحو رفض املثالية،
وبوصفها إمكانية خترج عن إطار الذات ،هي ما دفعتهام ليتأثرا بأطروحات فيورباخ.
فالصفة العامة لتلك املرحلة كانت بال ُبعد عن قضايا اإلنسانية إىل قضايا فكرية ال هتم
اجلمهور وليس هلا إال بأحاديث "اجلوهر" و"الوعي الذايت" و"الروح" ،دون أن يتم
النظر إىل اإلنسان كامهية ،وليس كمقولة جمردة .ولكن فيورباخ متكن من االنتقال من
اإلدراك املتعايل هلذه املقوالت إىل إدراك أرسارها احلقيقية وفضحها ،ولكنه مل يتمكن من
الوصول إىل االحتياجات احلقيقية للتغيري ،عىل حد تعبري ماركس وأنجلز ،بل حتول يف
هنايته لكي يصور البؤس الذي يعاين منه اإلنسان والبؤس الذي ينتج عن الفقر بأسلوب
احلزن والشفقة دون أن يقدم هلم شيئ ًا.
55
37 / 145
()35
أطروحات عن فيورباخ« :نظرة تحليلية»
يقول ماركس (األطروحة األوىل)" :إن العيب األسايس للامدية السابقة كلها – بام
فيها مادية فيورباخ – هو أن تصور اليشء ،الواقع ،العامل احليس ،ال يتم فيها إال عىل صورة
املوضوع أو احلدس ،وليس كفاعلية إنسانية حسية ،كمامرسة ،ليس بصورة ذاتية" .إذن ،فإن
الرؤية كانت واضحة ومنذ البداية لدى ماركس ،بأن احلاجة الرضورية تكمن يف املامرسة ،يف
النظر إىل العامل "كفاعلية إنسانسية حسية" ،يرفض أن تبقى هذه التصورات يف إطار الفكر،
ويكمل" :ولذا حصل أن املثالية طورت اجلانب الفاعل ،بصورة متعارضة مع املادية ،ولكن
بصورة جتريدية فقط؛ ألن املثالية بطبيعة احلال ال تعرف الفاعلية الواقعية احلسية بصفتها
هذه" .إن فيورباخ يريد أشياء حسية ،متميزة بصورة فعلية عن أغراض الفكر ،لكنه ال يعترب
الفاعلية اإلنسانية ذاهتا كفاعلية موضوعية .تربز عند فيورباخ -من وجهة نظر ماركس -
ال بعدم إدراكه الرتباط الفاعلية اإلنسانية كفاعلية النزعة نحو العودة إىل الفكر املثايل متمث ً
موضوعية ،عىل الرغم من رفضه للرؤية املثالية عندما يعترب األشياء متميزة بصورة فعلية عن
أغراض الفكر ،وهو لذلك يعترب يف جوهر املسيحية النشاط النظري عىل أنه النشاط اإلنساين
احلقيقي الوحيد ،أو كام يقول ماركس :ولكي خيرج من أزمته الفكرية يدخل يف متاهة فكرية
جديدة عىل الرغم من رفضه الظاهر للمثالية ،وإنام هي ،نتيجة العتامدها عىل النشاط النظري
(النتاج الفكري) الظاهر للمثالية ،حتجز نفسها يف إطار الفكر دون الواقع لدرجة تصل معها
املامرسة عىل شكل ظاهري شحيح جد ًا .ولكل هذه األسباب التي حترص فيورباخ يف الفكر
ال جتعله يدرك أمهية الفاعلية الثورية ،املتمثلة بـ "الفاعلية العملية النقدية".
يعود ماركس إىل دراسة بعض املقوالت الفلسفية لدى فيورباخ ليفصل بني
استخدامها احلقيقي واالستخدام الذي جيب أن تكون عليه ،فينطلق من تعيني العالقة بني
املسألة النظرية واملسألة العملية؛ ليقول :إن النشاط اإلنساين من حيث هو حقيقة موضوعية
هو نشاط عميل ،وهذا النشاط العميل إنام يكون ممارسة حلقيقة فكره؛ أي أن املسألة العملية
هي نتاج للمسألة النظرية .وبكلامت ماركس (األطروحة الثانية) "اإلنسان جيب أن يثبت يف
املامرسة حقيقة ْ
فكره ،يعني واقعية هذا الفكر وقوته يف هذا العامل ويف هذا العرص .إن اجلدال
2019
56
37 / 145
بشأن واقعية أو ال واقعية فكر ينعزل عن املامرسة مسألة مدرسية رصفة" .هو هبذا حيرض
بشكل مبارش لفكرة الرباكسيس؛ أي املامرسة العملية والتحام النظري مع العميل(.)36
حياول ماركس أن يؤسس ملفهوم مادي جديد ،املفهوم الذي يربط بني النشاط
اإلنساين والواقع املادي ،ولكن ال بد هلذا الربط أن يؤسس عىل أساس ديالكتيكي؛ أي
أن هناك تفاع ً
ال بني النشاط اإلنساين والواقع املحيط به .ولذلك فهو يرفض االنعكاس
امليكانيكي للظروف عىل البرش ،حيث يقول (األطروحة الثالثة)" :إن املذهب املادي القائل
إن البرش نتاج الظروف والرتبية ،ينسى أن البرش هم الذين يغريون الظروف ،وأنه من األمور
األساسية تربية املريب نفسه" .أي إن العالقة بني الفكر واملادة عالقة متبادلة ال يمكن فيها
عزل الفكر عن الواقع املوضوعي كام يفعل املثاليون ،وبخاصة هيجل ،حني ينظر إىل التاريخ
عىل أنه تطور للفكر دون الواقع؛ كام ال يمكن االتفاق مع موقف املاديني امليكانيكيني حني
يقولون إن الفكر نتاج للظروف والرتبية ،ومن ثم إن البرش املتغريين نتاج ظروف أخرى
وتربية متغرية .فإن هؤالء يسقطون إن اإلنسان وفكره يغريان الظروف املوضوعية ،ولذلك
جيب أن نطابق بني تغري الظروف وتغري الفاعلية اإلنسانية ،ونحن ال يمكننا أن نتصوره أو
نفهمه إال من حيث هو ممارسة ثورية.
يف األطروحة الرابعة حياول ماركس أن ينقد مادية فيورباخ التي عزلت العامل الواقعي
عن نتاجاته فيقول" :ينطلق فيورباخ من حقيقة االغرتاب الذايت الديني ،من ازدواج العامل
بني عامل ديني وعامل واقعي ،يضطر أن يرجع العامل الديني إىل أساسه الزمني" ،ولكنه ال
يتمكن من البناء عىل هذه الفكرة من خالل القيام باليشء الرضوري املتمثل بفهم العالقة
اجلدلية بني الزمانية والفاعلية اإلنسانية .فحقيقة أن "األساس الزماين ينفصل عن نفسه
ال" ال يمكن تفسريها إال من خالل التناقضات ال ميدان ًا مستق ً
ويستقر يف السحب ،مشك ً
املوجودة يف الواقع االجتامعي؛ أي الواقع املشكل ملا هو زماين ،ودون فهم التناقضات يف
الواقع االجتامعي ،التي أسهمت يف تشكيل العامل الديني يف ميدانه املتعايل املستقل ،يتحول
عنده (أي عند فيورباخ) األساس الزمني ليستقر يف مفهوم احلب( .)37وهنا ،وبام أنه أسقط
منهج هيجل بكامله ،فهو ال يعتمد عىل املنطق اجلديل ،ولذلك ال يرى التناقض الداخيل
القائم يف مفهوم األساس الزمني الذي جيب أن نتمكن من ح ّله من خالل فهمه أو ً
2019
ال ،ومن
57
37 / 145
ثم تثويره يف املامرسة بتجاوز ذاك التناقض .إن فشل فيورباخ يف فهم التوافق املمكن بني رؤيته
املادية واالستخدام املنطقي الديالكتيكي عند هيجل ،هو ما أوقعه بضعف الرؤية هذه.
يقول ماركس يف األطروحة اخلامسة" :إن فيورباخ ،الذي ال يكتفي بالفكر املجرد،
يستنجد [باملالحظة التجريبية] لكنه ال يعترب العامل احليس بمثابة فاعلية عملية حسية إنسانية".
إن تركيز ماركس عىل الفاعلية العملية احلسية لإلنسان ينطلق من أن هذه الفاعلية هي
التفاعل املبارش بني اإلنسان مع العامل احليس؛ أي هي تعرب عن التحام الذات مع املوضوع.
ولذلك فإن فيورباخ عندما حيلل املاهية اإلنسانية عىل أهنا فكر جمرد ،أو مالحظة جتريبية
خالصة ،فإنه يفصل الفكر عن التجربة ،أو يفصل الذات عن املوضوع .لكن ماركس يؤكد
أن ال إمكانية ألي جتربة حسية بدون اإلدراك ،بدون الفاعلية احلسية لإلنسان ،أي من دون
اإلنسان املدرك.
ويف نقد ماركس ملوقف فيورباخ من الدين فإنه يؤكد يف البداية أن فيورباخ يتعامل مع
ماهية الدين وكأهنا ماهية خاصة للفرد ،ومن ثم هيمل أمهية الواقع التارخيي االجتامعي الذي
أنتج االهتامم بالدين (األطروحة السابعة) .وهبذا النقص األسايس يف التعامل مع الدين عىل
أنه منتج تارخيي اجتامعي يعتقد ماركس أن فيورباخ قد التزم بنقطتني خطريتني:
النقطة األوىل" :أن يتجرد عن جمرى التاريخ ،وأن جيعل من روح الدين شيئ ًا ثابت ًا ،قائ ًام
بذاته ،مفرتض ًا الوجود السابق لفرد إنساين جمرد ،منعزل" (األطروحة السادسة) .وستكون
هذه النقطة حمور انتقاد ماركس لفيورباخ يف كتابه املشرتك مع أنجلز (األيديولوجية األملانية)؛
أي إمهاله ملجرى التاريخ واهتاممه باألفكار كام هي ،كام سنرى.
أما النقطة الثانية :فتتمثل يف أن فيورباخ "يعترب املاهية اإلنسانية بمثابة نوع فحسب من
حيث هي عمومية باطنة خرساء جتمع بصورة طبيعية حمض بني أفراد عديدين" (األطروحة
السادسة) .وهنا يربز أيض ًا افتقار فيورباخ للفهم االجتامعي التارخيي لتطور اإلنسان ،وتربز
احلاجة إىل الرؤية التارخيية الصحيحة ملفهوم اإلنسانية.
تتلخص بعد ذلك الرؤية االنتقادية عند ماركس يف عدم فهم احلياة االجتامعية
وتطورها التارخيي ،وعدم فهم التداخل اجلديل بينها وبني الفكر ،ومن ثم فإن الرؤية املادية
2019
58
37 / 145
القديمة هي رؤية ال جدلية وال تارخيية ،تفشل يف استيضاح احلياة اإلنسانية وختترصها يف أن
تكون جمتمع ًا مدني ًا (األطروحة التاسعة) ،ولكن املطلوب هو املجتمع اإلنساين أو اإلنسانية
ّ
االجتامعية (األطروحة العارشة)( .)38وتربز األطروحة 11التحول احلقيقي يف تفكريماركس
حني يقول" :مل يفعل الفالسفة حتى اليوم سوى تفسري العامل بطرق خمتلفة" ،لكن املطلوب
ليس تفسري هذا العامل ...املطلوب تغيريه.
يستمر نقد ماركس وأنجلز لفيورباخ يف األيديولوجيا األملانية ليؤكد عرب صفحاته
كلها النظرة املادية للتاريخ يف فهم ماركس وأنجلز للتطور اإلنساين منذ املشاعية البدائية إىل
فتكون املجتمع الطبقي ،وإىل الرضورات التي و ّلدت فكرة الدين والتطور ّ تقسيم العمل
االجتامعي من مرحلة إىل أخرى ،من الرق إىل اإلقطاع ،ومن اإلقطاع إىل املجتمع الرأساميل.
وبتطبيق املنهج الديالكتيكي يؤكد حتمية االنتقال إىل الشيوعية .ولكن ،باعرتاف أنجلز،
متك َن ماركس من جتاوز كانت الرؤية االقتصادية االجتامعية عندمها ما زالت ضعيفة ،وقد ّ
كثري من نقاط الضعف هذه ،عىل حد تعبري أنجلز ،يف كتاب "رأس املال" عىل الرغم من
اإلبقاء عىل اإلطار العام لألفكار.
ويعترب ماركس وأنجلز يف كتاهبام األيديولوجية األملانية أن "فيورباخ مثله كمثل
منافسيه اآلخرين ،يعتقد أنه جتاوز الفلسفة ،وأن النضال الذي خاضه الفرد حتى الوقت
الراهن ضد العمومية يلخص مطامع النقد الفلسفي األملاين .أما نحن فنؤكد أن هذا النضال،
كام هو دائر ،يرتكز هو نفسه عىل أوهام فلسفية ،بخصوص أن العمومية مل يتحقق بلوغها"(.)39
النقطة الرئيسية هنا أن فيورباخ حياول نقد الفلسفة من داخل النقاش الفلسفي ،ومن ثم فهو
يركز عىل النقد انطالق ًا من موقف الفرد ،املطلوب أن يتم إدراك العمومية؛ ألن الفرد ال يصل
إىل األفكار بصورة معزولة وفردية ،ويصل إليها من خالل عالقته البني-ذاتية مع األفراد
اآلخرين ،من خالل العمومية.
هنا يبدأ االنفصال احلقيقي ملاركس وأنجلز عن تأثري فكر فيورباخ الذي كان عىل
أشدّ ه يف "العائلة املقدسة" ليصال إىل حتديد أن تصور العامل احليس لدى فيورباخ يقترص من
جهة أوىل عىل جمرد تأمل هذا العامل ،ومن جهة أخرى عىل العاطفة املجردة( .)41ومما يدل
2019
59
37 / 145
عىل عدم اهتامم فيورباخ بالتطور التارخيي ،فاليقني احليس الذي وصل إليه فيورباخ مل يكن
باإلمكان أن يصل إليه بغري التطور االجتامعي الذي حدث بالفعل عرب تاريخ هذا التطور يف
املجتمع الذي أنتج فيورباخ .ومن نتاج هذا التطور االجتامعي فهو – أي فيورباخ – يتفوق
عىل املاديني قبله؛ ألنه إدراك أن اإلنسان هو أيض ًا "يشء حيس" ،ولكنه يبقى يف دائرهتم؛ ألنه
يتمسك هبذا التوصيف لإلنسان من خالل فهم نظري وال يدرك أمهية النظر إىل البرش يف
سياق تطورهم االجتامعي(.)41
لقد تعرضنا هلذه النقطة يف "أطروحات عن فيورباخ" ولكن جيب مالحظة التحول
يف أسلوب النقد املاركيس منذ تلك اللحظة إىل كتاب األيديولوجية األملانية؛ فامركس يف
األطروحات حيث فيورباخ عىل التطور من شكل املادية التي يقدمها إىل شكل أرقى ،ولكن
يف األيديولوجية األملانية يعترب أن هذا التطور غري ممكن لدى فيورباخ إلرصاره عىل التعامل
مع اإلنسان الفرد دون التعامل مع اإلنسان بصفته االجتامعية ،ولذلك يصبح لزام ًا أن يتم
نقده ضمن نقد ماركس وأنجلز ملجمل األيديولوجية األملانية؛ فام يقدمه فيورباخ هو أيض ًا
"وعي زائف".
تنبع رضورة نقد فيورباخ؛ ألنه حيرص التفكري املادي ضمن إطاره اخلاص ،فال يدرك
السياق االجتامعي العام ،ولذلك تربز رؤياه األيديولوجية .وتربز أيض ًا أمهية نقد رؤية
فيورباخ للدين يف أنه ينبع من احلب اإلنساين ،التي يعبرّ عنها بأهنا حقيقة عن البرش بقوله:
"اإلنسان املنعزل بحد ذاته ال يملك جوهر اإلنسان يف ذاته" " ،إن جوهر اإلنسان ال وجود له
إال يف اجلامعة ،يف وحدة اإلنسان واإلنسان ،.....،إن اإلنسان بحد ذاته هو اإلنسان (باملعنى
العادي) ،يف اإلنسان واإلنسان ،وحدة أنا وأنت ،فهي اهلل"( .)42وهنا تربز النزعة االجتامعية
عند فيورباخ ،ولكن عىل الرغم من إدراكه للحاجة االجتامعية عند اإلنسان ،وعىل الرغم
من نظرته املادية إىل العامل ،فإنه ال جيعل التاريخ يتدخل قط ،ويف حدود إدخاله التاريخ يف
حساسية ،فهو ليس مادي ًا .إن التاريخ واملادية منفصالن كلي ًا عنده(.)43
يرفض كتاب األيديولوجية األملانية نعت فيورباخ لنفسه عىل أنه شيوعي ،فبالنسبة
ملاركس وأنجلز ال يكون املرء شيوعي ًا فقط بتبني املصطلح ،يكون كذلك يف حال التزامه
2019
60
37 / 145
بحزب شيوعي؛ ألن الشيوعية دون هذه املامرسة احلزبية هي مقولة جمردة ليست ذات
قيمة( .)44وانطلق نقد ماركس وأنجلز مرة أخرى من أن فيورباخ ال يدرك االختالف بني
املامرسة العملية والفهم النظري يف األفكار .ويسحبان هذا النقد عىل موقف فيورباخ من
عالقة اإلنسان باإلنسان؛ فيورباخ حيدد عالقة البرش بعضهم ببعض من منطلق حاجة
بعضهم إىل بعض ،وكيشء كان موجود ًا وسيبقى موجود ًا عىل الدوام ،وكأن لسان حاله
يقول "ال يكون أفضل مما كان" .بينام املسألة بالنسبة إىل الشيوعي الفعيل ،عىل حد ما يقوله
ماركس وأنجلز ،هي قلب هذه األوضاع القائمة( .)45ومها هبذا النقد لفيورباخ يساويانه مع
غريه من منظري "األيديولوجية األملانية" ممن انشغلوا يف نقاش املقوالت واملفاهيم عن رؤية
حقائق الواقع القائم يف تطوره .وعىل الرغم من هذا النقد فإهنام (ماركس وأنجلز) يقوالن
عن قدرة فيورباخ عىل وعي الطبيعة االجتامعية لإلنسان" :إننا نقدّ ر كل التقدير فيورباخ يف
جهوده لتوليد وعي هذه احلقيقة بالضبط ،فهو يتقدم بقدر ما يستطيع ّ
منظر أن يتقدم ،دون
يكف عن كونه ّ
منظر ًا وفيلسوف ًا"( .)46ولكنهام يؤكدان أهنام قد انتقال من الفلسفة النظرية أن ّ
إىل فلسفة عملية ملتحمة بحاجات الفقراء واملسحوقني عىل حد تعبريهم.
ويشبه هذا الفهم بفهم كل
ّ ويقارن ماركس موقف فيورباخ من الوجود الواقعي
من برونو باور وماكس شرتنر ،فيقول :إن فيورباخ يف كتابه مبادئ فلسفة املستقبل "يرشح
الرأي القائل إن وجود يشء ما أو إنسان ما ،هو يف الوقت عينه جوهر هذا اليشء أو جوهر
اإلنسان؛ أي أن الرشط املحدد لوجود اليشء أو اإلنسان ،ونمط حياهتام ونشاطهام املعني
هي تلك الرشوط التي تشعر ماهيتهام بالرضا فيها"( ،)47ومن ثم هذا الطرح الذي يساوي
وجود اليشء وماهيته جيعل من رؤية فيورباخ متوائمة مع رؤية باور وشرتنر .والرد الذي
يقدمه ماركس وأنجلز عىل هذا الطرح إنام ينطلق من قدرة اإلنسان عىل رفض القبول
"باألمر الواقع" وتأبيده ،وإىل سعيه لتغيري نمط حياته وحتديد مستقبله من خالل تثوير
هذا الواقع(.)48
ويورد هنا ماركس وأنجلز نقطة خالفية أخرى مع فيورباخ؛ فبينام يرد فيورباخ كل
يشء إىل الطبيعة وكأهنا يشء ثابت يؤكدان أن اإلنسان يغري الطبيعة بفاعليته وبعمله؛ فهو
2019
يؤثر يف الطبيعة بمقدار تأثره هبا ،ومن ثم فال يمكن أن يتم اعتبارها أهنا "جوهر ثابت" بل
61
37 / 145
هي تتغري من خالل الفعل اإلنساين؛ أي أن هذه الطبيعة هنا تتحول إىل طبيعة مؤنسنة .إن
التأثريات املختلفة للواقع يف تزاوج احلركة بني اإلنسان والبيئة ،بني تأثري اإلنسان يف البيئة
وتأثري البيئة يف اإلنسان ،يدخل رضورة استخدام اجلدل يف أسلوب حل اإلشكاالت
املختلفة املمكن بروزها .وعند تلك اللحظة جيب دراسة الواقع بتطوره وليس بمس ّلامته،
تكف عن كوهنا "ماهية" السمك ،حاملا يوضع النهر يف خدمة الصناعة عىل فمياه النهر ّ
سبيل املثال(.)49
إن دراسة التطور التارخيي للواقع يعطي ماركس مؤرشات سريه إىل املستقبل؛ فال
يعزل نفسه عن هذا الواقع إال بمقدار ما يتمكن من فرض احتامالت املستقبل يف سبيل حتقيق
السعادة البرشية ...كيف؟ بإلغاء استغالل اإلنسان لإلنسان.
وعند هذه النقطة نصل إىل ُل ّب اخلالف بني موقف ماركس وأنجلز وموقف فيورباخ؛
فالعالقات القائمة بني البرش ليست عالقات بني ذات وذات فقط ،بني ذايت وذاتك فقط،
بني األنا واألنت دون الواقع ،إنام هي عالقات تتأثر بمستوى اإلنتاج املوضوعي للظروف،
ولذلك "فإن حتول القوى الشخصية (العالقات) إىل قوى موضوعية بفعل تقسيم العمل ال
يمكن إلغاؤه بمجرد رصف فكرته العامة من ذهن املرء ،بل ال يصبح إلغاؤه ممكن ًا إال إذا عمد
األفراد من جديد إىل إخضاع هذه القوى املوضوعية وإىل إلغاء تقسيم العمل"(.)50
بوجود قوى موضوعية معينة تفرز التفارق الطبقي ،ال يمكن أن نلغي هذا التفارق
دون إلغاء هذه القوى املوضوعية املؤثرة .أما عن الكيفية هلذا التغيري فال تكون إال بواسطة
اجلامعة .ففي اجلامعة فقط يملك كل فرد وسائل تنمية مواهبه يف مجيع االجتاهات ،ومن ثم
فإن احلرية الشخصية ال تكون ممكنة إال يف اجلامعة(.)51
إن االجتاه النقدي ضد مادية فيورباخ ابتدأ مع أطروحات عن فيورباخ ليصل إىل
قمته يف األيديولوجية األملانية ،وهنا تنتهي املرحلة التي كان اهتامم ماركس فيها باالغرتاب
الفلسفي ،ومن ثم أصبح االغرتاب يقيد كل كتاباته ،ولكن ليس كموضوع فلسفي ،وإنام
عىل أنه ظاهرة اجتامعية( .)52وانطلق ماركس من قيود فيورباخ ومن قيود هيجل لكي يتعدامها
بنظرته اجلديدة إىل العامل.
2019
62
37 / 145
إن هذه اللحظة يف االنتقال من مايض الفلسفة إىل مستقبل العلم ،من حالة االغرتاب
الفكري إىل حالة اغرتاب الواقع ،إن هذه اللحظة هي االنتقال من حالة الالعمل إىل حالة
العمل ،إىل املامرسة ،إىل النظر إىل عمل اإلنسان بوصفه "فاعلية حسية عملية".
املجتمعات اإلنسانية.
63
37 / 145
- 2عن التطورات االجتامعية والتارخيية للمجتمعات اإلنسانية يقول أنجلز" :إن
تأكيد فيورباخ أن مراحل اإلنسانية ال تتميز الواحدة عن األخرى إال بالتبدالت الدينية،
هو خطأ حمض" .وحياول أنجلز أن يوضح أن هذه النظرة هي نظرة مثالية وأن تطور
املجتمعات وتارخيه قائم عىل حد املقولة " :إن تاريخ البرشية املكتوب هو تاريخ رصاع
الطبقات داخل املجتمع"(.)56
- 3يالحظ أنجلز فقر فيورباخ إذا ما قورن مع هيجل يف جمال الدراسات األخالقية،
فهيجل قدم فلسفة احلق بكل أقسامها ،وجعلها تشمل كل فاعليات املجتمع ،ويؤكد أنجلز
أن فيورباخ واقعي من حيث الشكل؛ ألنه ينطلق يف حتليله من اإلنسان ،ولكنه ال ينبس ببنت
شفة عن العامل الذي يعيش فيه هذا اإلنسان ،وهلذا يظل اإلنسان عند فيورباخ دوم ًا نفس
اإلنسان املجرد الذي يتمثل يف فلسفة الدين(.)57
ويؤكد أنجلز أن السعادة ،بحسب مفهوم فيورباخ ،تنبع من انشغال الفرد بحاجاته
وليس من خالل وجوده االجتامعي؛ فهذه السعادة تنبع من أشياء ووسائط تشكل قاعدته
األخالقية ،ويضيف أنجلز معلق ًا" :إن األخالق عند فيورباخ ،إما أهنا تفرتض الوجود
املسبق واملتاح لكل إنسان جلميع الوسائط واألشياء التي تشبع رغباته ،وإما أهنا ُتغدق عليه
للتطبيق ،فإهنا لذلك ال تعدو أن تكون جمرد دخانّ نصائح مجيلة ولكنها نصائح غري قابلة
ملن ال يملكها"( .)58إن عدم إدراك األمهية التارخيية لتطور املجتمعات وعدم ربط التطور يف
املفاهيم األخالقية مع نمط اإلنتاج واألسس االقتصادية واالجتامعية (والسياسية يف كثري
من األحيان يف عرصنا هذا) جيعل من املفاهيم األخالقية عند فيورباخ مفاهيم جامدة كام
هي املفاهيم األخالقية الدينية؛ أي أهنا مفاهيم ال تأخذ بعني االعتبار الظروف التارخيية
املرافقة ،وهو هبذا ال خيتلف عن فالسفة األخالق املثاليني الذين يقدمون فلسفة أخالقية
حمايدة تارخيي ًا تصلح لكل زمان ومكان ،وتصلح لكل الشعوب ،وهلذا السبب نفسه ،يؤكد
أنجلز ،الفشل أمام إمكانية التطبيق.
وينتهي إكامل أنجلز للنقد املاركيس لفيورباخ عند هذه النقطة .وأقول إكامل النقد؛
ألن أنجلز يؤكد أنه عندما كتب "لودفيغ فيورباخ" عاد إىل خمطوطات األيديولوجية األملانية
2019
64
37 / 145
لكي ال يكرر االنتقادات السابقة ،ويقول" :وقبل إرسال هذه األسطر إىل املطبعة ،بحثت عن
املخطوطة القديمة لعامي 1846-1845وراجعتها مرة أخرى .يف هذه املخطوطة فصل عن
فيورباخ مل ينته" .ومن ثم فقد عمد أنجلز عىل إهنائه واعتمد أيض ًا عىل فروض عن فيورباخ
ليكتب كتابه هذا (.)59
ومن اجلدير مالحظته أن بعض املصادر التارخيية تؤكد أن فيورباخ توجه يف أواخر
حياته إىل أن "درس رأس املال ملاركس ،وأصبح عام 1870عضو ًا يف احلزب الديمقراطي
االشرتاكي"( .)60وهو ما يؤكد أن فيورباخ قد تأثر بامركس كام تأثر ماركس به ،ولكن بعد فرتة
طويلة من املحاوالت الفاشلة لتسويغ دينه اخلاص .فهذه حال الفلسفة والسجال الفلسفي،
تأثر وتأثري متبادل.
خاتمة
شكل فيورباخ منعطف ًا مه ًام يف تطور أفكار كل من ماركس وأنجلز ،ويمكن اعتباره
من أهم من أثر يف فكر ماركس ،ولكن مع ذلك مل يسلم من سهام النقد .حاولت هنا أن أمجل
نقاط االتفاق واالختالف بني مواقف فيورباخ وموقف كل من ماركس وأنجلز واملاركسية
من هذه املواقف .إن العالقة بني فيورباخ واملاركسية حتتاج إىل كثري من البحث والتحليل،
فعىل الرغم من وجود العديد من الدراسات يف هذا اخلصوص ،أعتقد أن هناك فسحة كبرية
إلعادة القراءة يف هذا الرتاث.
الهوامش والمراجع
Feuerbach, Ludwig: Essence of Christianity, 1841 (All Feuerbach writings can ( )1
:be found in his Archives on the net
)http://www.marxists.org/reference/archive/feuerbach/index.htm
Marx, Karl: On the Jewish Question, the Marxist Archives: https://www.marxists. ( )2
org/archive/marx/works/download/pdf/On%20The%20Jewish%20Question.pdf
ماركس ،كارل؛ وأنجلز ،فردريك :العائلة املقدسة أو نقد النقد النقدي ،ترمجة :حنا عبود ،دمشق: () 3
دار دمشق ،بدون تاريخ.
2019
65
37 / 145
أنجلز ،فريدريك :لودفيغ فيورباخ وهناية الفلسفة الكالسيكية األملانية ،م ،4موسكو :دار التقدم، () 4
ص.19
ماركس ،كارل؛ وأنجلز ،فردريك :األيديولوجية األملانية ،ترمجة :فؤاد أيوب ،دمشق :دار دمشق، ( )5
.1976
سدين هوك ،من هيجل إىل ماركس ،ص.220 ( )6
Hook, Sidney: From Hegel to Marx, Michigan: Ann Arbor Paperbacks, The University
.of Michigan Press, 1962
لينني ،فالديمري" :كارل ماركس" ،الكتابات املختارة ،م ،5موسكو :دار التقدم ،ص.227 ( )7
الكتابات املختارة ،م ،5ص .227 () 8
منقول يف كتاب :لينني ،فالديمري :ماركس ،أنجلز ،املاركسية ،ترمجة :إلياس شاهني ،موسكو :دار () 9
التقدم ،1978 ،ص .9
الكتابات املختارة ،م ،5ص .223 () 10
الكتابات املختارة ،م ،9ص ،136وأيض ًا :م ،5ص 321باملعنى نفسه. ( )11
فردريك (لودفيغ) بوخنر :فيلسوف مادي أملاين عاش بني ،1899 - 1824كارل فوغت :مادي أملاين ( )12
عاش بني ،1895 - 1817وياكوب موليشوت :كيميائي أملاين دافع عن صورة فجة من املادية عاش
بني 1822و .1893
الكتابات املختارة ،م ،5ص . 235 () 13
- 2أفرون ،هنري :فيورباخ ،ترمجة :إبراهيم العريس ،بريوت :املؤسسة العربية للدراسات والنرش.
- 3كورنو ،أرنست :ماركس وأنجلز ،ج ،1بريوت :دار احلقيقة.
- 4فيورباخ ،لودفيغ :مبادئ فلسفة املستقبل ،ترمجة :إلياس مرقص ،بريوت :دار احلقيقة .1975
االقتصاديــة والفلسفية :من أرشيف املاركـسية: 1844 ماركس ،كـارل :خمطــــوطـات - 5
https://www.marxists.org/archive/marx/works/1844/manuscripts/preface.htm
برونو باور فيلسوف الهويت أملاين عاش بني 1809و .1882ماكس شرتنر فيلسوف فوضوي أملاين () 16
عاش بني 1806و .1856ديفيد شرتاوس فيلسوف الهويت ليربايل أملاين عاش بني 1808و .1874
2019
66
37 / 145
ماركس ،كـارل :مسامهـة يف نقــد فلسفـة احلـق عند هيجـل ،من األرشيف الـمـاركيس: ( )17
https://www.marxists.org/archive/marx/works/download/Marx_Critique_of_Hegels_Philosophy_of_Right.pdf
ماركس ،كارل :بؤس الفلسفة :الرد عىل فلسفة البؤس لربودون ،ترمجة :أندريه يازجي ،دمشق: () 18
اليقظة العربية ،دون تاريخ.
ماركس ،كارل" :موضوعات عن فيورباخ" ،األيديولوجية األملانية ،ص.653 ( )19
ماركس ،كارل :رأس املال ،يف جملدين ،املجلد األول ،اجلزء األول ،ترمجة :فهد كم نقش ،املجلد ( )20
األول ،اجلزء الثاين واملجلد الثاين ،ترمجة :فالح عبد اجلبار وغانم محدون وفهد كم نقش ،موسكو:
دار التقدم 1985و.1987
.Marx, Karl: Grundrisse, Translated by: Martin Nicolaus, London: Penguin 1973 ( )21
شبه ماركس علم الطبقة العاملة بعلم الفيزياء؛ أي أنه علم قابل للتطور والتحول. () 22
لودفيغ فيورباخ وهناية الفلسفة الكالسيكية األملانية ،ص .26 ( )23
لقد قدم ألتوسري هذا التعريف "للقطيعة املعرفية" يف كتابه مع ماركس ( )For Marxكأسلوب ( )24
ماركس الشاب عن ماركس الكهل ،وحدد املوضوعات عن فيورباخ لتكون نقطة الفصل.
.Althusser, Louis: For Marx, Translated by: Ben Brewster, London: Penguin 1969
بيري باييل ،فيلسوف فرنيس يعترب من أوائل الفالسفة الذين عربوا بوضوح عن إحلاديتهم. ( )30
العائلة املقدسة ،ص.164-165 () 31
ص651-653 اعتمدت يف االقتباسات هنا عىل "فروض عن فيورباخ" ،األيديولوجية األملانية، () 35
ولكن حاولت أن أضبط بعض الصياغات باالعتامد عىل الرتمجة اإلنجليزية للنص يف:
Marx, Karl: Selected Writing in Sociology and Social Philosophy, Translated and
. Edited by: T. B. Bottomore, New York: McGraw-Hill, 1964, pp 67-69
ملزيد من التحليل عن مفهوم الرباكسيس ،الذي دافع عنه غراميش بشكل كبري ،يرجى مراجعة املقال ( )36
2019
67
37 / 145
http://www.wolfgangfritzhaug.inkrit.de/documents/ :التحلييل عن غراميش والرباكسيس يف
: انظر أيض ًا الفصل املتعلق بفلسفة الرباكسيسGramsci-PhilPraxis.pdf
Gramsci, Antonio: Selection from the Prison Notebooks, Translated by: Hoare,
.Quentin, and Smith, Geoffrey, London: ElecBook, 1999, pp 623 - 707
.325-324 ص، مبادئ فلسفة املستقبل: وأيض ًا.659 ص،األيديولوجيا األملانية ) 42(
Marx, Karl and Engels, Fredrick: Collective Writings, Vol. 5, Lawrence & Wishart, )47(
.Electric Book 2010, p 58
68
37 / 145
لودفيغ فيورباخ وهناية الفلسفة الكالسيكية األملانية ،ص .38 ( )57
.Ludwig Feuerbach and the End of Classical German Philosophy, chap. 3 p 6 ( )58
لودفيغ فيورباخ وهناية الفلسفة الكالسيكية األملانية ،ص .7 – 6 ( )59
مجاعة من أساتذة سوفييت :موجز تاريخ الفلسفة ،ترمجة وتقديم :توفيق سلوم ،بريوت :دار () 60
الفارايب ،1989ص .148
2019
69
70
37 / 145
2019