You are on page 1of 64

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬

‫‪Ministère de l’Enseignement Supérieur et de la Recherche‬‬


‫‪Scientifique‬‬
‫‪-‬جامـعة الشاذلي بن جديد‪ -‬الطارف‬
‫‪UNIVERSITE CHADLI BENDJEDID- El-Tarf-‬‬
‫‪…..‬كلية‬
‫‪Faculté …..‬‬
‫‪…..‬قسم‬
‫…… ‪Département‬‬

‫عنوان المذكرة‪:‬‬

‫‪ ‬التصوير البياني في ديوان‬


‫إبراهيم بن سمينة‬

‫مذكرة مكملة من مستلزمات نيل شهادة الماستر في …‪..‬‬


‫الميدان‪…… :‬‬
‫تخصص‪.… :‬‬
‫أعضاء لجنة المناقشة‪:‬‬
‫الصفة‬ ‫الجامعة األصلية‬ ‫الدرجة العلمية‬ ‫اإلسم واللقب‬
‫جامعة الطارف‬
‫جامعة الطارف‬
‫جامعة الطارف‬
‫تحت إشراف األستاذ (ة) ‪:‬‬
‫الطالبة‪:‬‬
‫معيفي‬ ‫عبدإعداد‬
‫الحميد‬ ‫من‬
‫‪ ‬حريزي ندا‬
‫‪ ‬‬

‫السنة الجامعية‪2020/2021 :‬‬


‫قال اهلل تعاىل‬
‫ين‪ ‬أو‬ ‫ِ‬
‫ذ‬ ‫َّ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫‪ ‬‬‫م‬ ‫ك‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫‪ ‬‬ ‫وا‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ِ‬
‫ا‬ ‫‪ ‬‬‫ين‬ ‫ِ‬
‫ذ‬ ‫َّ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫‪ ‬‬ ‫اهلل‬ ‫‪ ‬‬‫ع‬‫َ‬‫ف‬ ‫ر‬‫ي‬ ‫"‬
‫َْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َْ ُ ُ َ‬
‫ات‪ ‬واهلل‪ ‬مِب َا‪َ ‬ت ْعملُو َن‪َ  ‬خبِ‬ ‫توا‪ ‬الْعِْلم‪ ‬درج ٍ‬
‫َ‬ ‫َ ََ َ‬
‫َري " صدق اهلل العظيم‬
‫شكر‬
‫احلمد هلل الذي هدانا ولواله ما كنا لنهتدي احلمد هلل الذي وفقنا إلجناز هذا البحث بعد اجلهد مث‬
‫كل الشكر لألستاذ املشرف الدكتور عبد احلميد معيفي الذي بفضله وتوجيهاته السديدة أمتمنا‬
‫حبمد اهلل هذا البحث املتواضع وشكرا لك استاذي الفاضل وأدامك اهلل قدوة لنا علما وأخالقا‬
‫كما ال يفوتين أن اتقدم بالشكر لكل من مد يل يد العون من قريب أو بعيد‬
‫إهداء‬
‫إىل‬
‫اللذان غرساين كما الزهرة يف بستان احلب الصايف وأحاطاين بعطفهما وأحفاين بعنايتهما وسقياين‬
‫من روحهما وحياهتما فأشاعا يف نفسي اإلجالل واإلعظام‬

‫ي العزيزين‬
‫والد ّ‬
‫الفهرس‬
‫الصفحة العنوان‬
‫شكر‬ ‫‪/‬‬

‫إهداء‬ ‫‪/‬‬

‫الفهرس‬ ‫‪/‬‬
‫مقدمة‬ ‫أ‬

‫مدخل‬ ‫‪6‬‬
‫التعريف بالشاعر"‬ ‫‪7‬‬

‫وفاته‬ ‫‪12‬‬

‫أثر البيئة الطبيعة واالجتماعية في شعره‬ ‫‪13‬‬

‫الفصل األول‪ :‬الصورة الشعرية في النقد" األدبي" وتشكالتها"‬ ‫‪16‬‬


‫مفهوم الصورة الشعرية"‬ ‫‪17‬‬

‫أهمية الصورة الشعرية‬ ‫‪22‬‬

‫خصائص الصورة الشعرية"‬ ‫‪23‬‬

‫وظائف الصورة الشعرية‬ ‫‪25‬‬

‫أنواع الصورة الشعرية"‬ ‫‪28‬‬

‫أنماط الصورة الشعرية"‬ ‫‪30‬‬

‫الفصل الثاني‪ ":‬الصورة التشبيهية والصورة اإلستعارية‬ ‫‪33‬‬

‫الصورة التشبيهية‬ ‫‪34‬‬

‫الصورة اإلستعارية‬ ‫‪40‬‬


‫خاتمة‬ ‫‪47‬‬
‫المراجع‬ ‫‪49‬‬
‫مقدمة"‬

‫مقدمــة‬

‫‌أ‬
‫مقدمة‬

‫مقدمة‬

‫الشعر الشعيب شكل من أشكال التعبري يف األدب الشعيب بل هو وسيلة إعالم األمة يعكس‬
‫واقعها على حقيقته ما هو صادر من نفس صادقة إذا كانت هذه النفس قد مرت بتجربة لذلك‬
‫تكون العاطفة جيش وهو من نظم شعراء يعيشون أمال وأالم شعوهبم وبعفوية يتداول الناس هذه‬
‫األشعار يف جمالسهم مشافهة‪.‬‬

‫فالشاعر ال حياول أن ميد بصره إىل أبعد مما يرى أمامه وإمنا حياول أن يربز ما يراه يف‬
‫وضوح وبساطة وسهولة فال يغوص وراء املعاين وال يبتعد يف تصورها إذا وقع على املعىن الذي‬
‫يريده أخرجه وأوضحه يف صورة فال يتكلف يف اللفظ أو الصياغة وإمنا يرسل إرساال طبيعيا كما‬
‫قال اجلاحظ "كل شيء للعرب فإنما هو بديهة وإرتجال" وتأيت الصورة الشعرية عندهم على‬
‫أساس التطابق بني املشبه واملشبه به وإن جاءت تفريعات أو توليدات تكون عقلية هلا أصلها‬
‫ونسبها من املعىن املوايل فهم يصرون على ربط القرينة املنطقية بني املشبه واملشبه به‪.‬‬

‫ومن املعلوم أن الصورة أو الشكل أو الصياغة يف الكالم تكاد تكون هي اجلوهر وأن‬
‫كانت الصورة ليست مقصورة على اهلدف اجلمايل والقصد الشخصي وإمنا هي أيضا ذات قيمه‬
‫عاطفية ومعرفية‪.‬‬

‫وجتدر اإلشارة يف هذا الصدد إىل أنه ميكن أن تكون صورة ما مجيلة دون أن يكون‬
‫اجلمال هو الغرض املقصود أو الوحيد يف إيرادها بل ميكن أن تكون هلا وظائف أخرى ذلك أن‬
‫الصورة أكثر إحتمال لتعدد التفسري الذي ال سبيل أن يعرف كنه من العبارة اجملردة إال أننا سوف‬
‫نركز يف هذه الدراسة املعنونة ب‪:‬‬

‫“التصوير البياين يف الشعر الشعيب اجلزائري ديوان إبراهيم بن مسينة منوذجا"‬

‫‪33‬‬
‫مقدمة‬
‫على الدور الفين واجلمايل للصورة من خالل النص الشعري الشعيب وكان الدافع إىل هذا‬
‫البحث مجلة من األسباب منها الذاتية وتتمثل يف‪ :‬ميلي إىل الشعر الشعيب واإلستمتاع به عند قراءته‬
‫أما الدوافع املوضوعية‪ - :‬احلفاظ على املوروث الشعيب الشفوي وإبراز أمهيته بإعتباره يشكل جزءا‬
‫من اهلوية والتصدي لكل اآلراء اليت تقلل منه بإعتباره أدب العامة خايل من الصور اجلمالية‪.‬‬

‫‪-‬إمكانية دراسة الصورة الشعرية اليت تعد معيارا لقياس شاعرية املبدع ألهنا تعد من أهم وسائل‬
‫نقل الشاعر لتجربته والتعبري عن واقعة كما أن إختيار ديوان إبراهيم بن مسينة بل لكونه من أهم‬
‫شعراء منطقة وادي سوف وكذلك من القالئل الذين بقيت البعض من قصائدهم عالقة يف أذهان‬
‫الرواد مما سهل على املهتمني مجعها يف ديوان خاص هبا وللوصول ملرامي البحث والكشف عن‬
‫مكوناته قمنا بطرح اشكاالت التالية‪:‬‬

‫‪-‬من هو الشاعر إبراهيم بن مسينة؟ وما هي أثاره الشعرية؟‬

‫‪-‬ما مفهوم الصورة الشعرية؟ وما هي دورها ووظائفها؟‬

‫‪-‬كيف جتلت الصور البيانية يف قصائد الشاعر إبراهيم بن مسينة؟‬

‫‪-‬إىل اي مدى إستطاع الشاعر أن يأسر املتلقي وجيعله يعيش معايشة وجدانية ونفسية وعقلية؟‬

‫‪-‬كيف تقبل املتلقي صور الشاعر وهل إستطاع الشاعر أن جيعل املتلقي يتفاعل معه أو يتفاعل مع‬
‫صورة تفاعل كليا؟‬

‫ويف حماولة مين لإلجابة عن هذه األسئلة إتبعت اخلطة األتية اليت إستدعتها طبيعة البحث‬
‫وإقتصاد تقسيمة إىل مقدمة ومدخل والفصل األول نظري والثاين تطبيقي وخامتة‪.‬‬

‫أما املدخل‪ :‬فكان يتضمن التعريف بالشاعر ونشأته وأثر البيئة االجتماعية والطبيعية يف‬
‫شعره‬

‫‪33‬‬
‫مقدمة‬
‫مث الفصل األول‪ :‬الذي كان بعنوان الصورة الشعرية يف النقد األديب ومفهومة وأهم‬
‫الفروق ملفهوم الصورة الشعرية بني النقد القدمي واحلديث مث أمهية وخصائص وظائف وأمناط‬
‫الصورة الشعرية‪.‬‬

‫مث جاء الفصل الثاين‪ :‬الذي كان بعنوان الصورة الفنية التشبيهية واإلستعارية يف ديوان‬
‫إبراهيم بن مسينة الذي مت الرتكيز فيه على إستخراج التشبيهات واإلستعارات مع تبني الداللة‪.‬‬

‫لينتهي البحث خبامتة‪ :‬مت فيها إستخالص كل النتائج املتوصل إليها‪.‬‬

‫وقد إعتمد البحث يف مناقشة كل هذه املسائل املشار إليها يف اخلطة على مجلة من املصادر‬
‫واملراجع املتنوعة االغراض ومن بينها نذكر‪:‬‬

‫‪ -‬جابر عصفور الصورة الفنية يف الرتاث النقدي والبالغي عند العرب‪.‬‬

‫‪ -‬عبد القاهر اجلرجاين كتابه أسرار البالغة‪.‬‬

‫‪ -‬أيب هالل العسكري يف كتابه الصناعتني‪.‬‬

‫‪ -‬عبد القاهر اجلرجاين يف كتابه دالئل اإلعجاز‪.‬‬

‫‪ -‬عبد القاهر الرباعي يف كتابه الصورة الفنية يف النقد الشعري‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫مقدمة‬

‫وقد إعتمدت على املنهج الفين يف دراسة البحث للكشف عن القضايا الفنية يف شعر‬
‫الشاعر كما دعت احلاجة باإلحلاح إىل اإلعتماد على بعض األليات املنهجية يف أجزاء أخرى من‬
‫هذا البحث كألية التاريخ يف املدخل عند احلديث عن حياة الشاعر وأثاره وعند توفيق النصوص‬
‫بني احلاجة إليها كما نشري إىل ألية الوصف والتحليل يف الكثري من مواضيع هذا البحث أما بالنسبة‬
‫للصعوبات فلم تعرتضنا أي صعوبة بالنسبة للحصول على املصادر واملراجع ألن الصورة تتكلم‬
‫عليها العديد من الكتاب واملبدعني ولذلك فهي متوفرة ولكن الصعوبة اليت إعرتضت طريقنا هي‬
‫الكرونا وظروف احلجر الصحي الذي منعنا اإلستفادة من الرصيد الوثائقي لعديد من املكتبات‬
‫اجلامعية‪.‬‬

‫هذا بالرغم من ذلك فقد مت بعون اهلل وقوته إمتام هذا البحث الذي نتمىن أن ينال رضا‬
‫القراء عامة وأعضاء جلنة املناقشة خاصة وال يسعين يف هذا اجلانب أن أتقدم جبزيل الشكر والتقدير‬
‫إىل األستاذ املشرف عبد الحميد معيفي" الذي مل يبخل على يف إعطاء النصائح واإلرشادات ولكل‬
‫أعضاء اللجنة‪.‬‬

‫وال أساتذة واإلدارة واملكتبة وإىل كل من له عالقة من قريب أو من بعيد هبذا البحث على‬
‫أمل التوفيق والرشاد يف هذه املذكرة اليت أعتربها جهد بسيطا وحماولة خلدمة البحث العلمي‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫مدخل‬

‫مدخل‬
‫مدخل‬
‫التعريف بالشاعر‪":‬‬
‫‪-‬مولده ونشأته‪:‬‬
‫يعد الشاعر إبراهيم بن مسينة من الشعراء الشعبيني اجلزائريني الذين راج شعرهم داخل‬
‫الوطن وخارجه ‪،‬وذلك راجع إىل جودة شعره وحتكمه يف األدوات الفنية الالزمة يف هذه الصناعة‬
‫‪«.‬فبراعة الشاعر" تظهر عند توفيقه بين معاني القصيدة" وألفاظها‪ "،‬ووضعها ضمن نسق‬
‫موسيقي معين يتناغم مع حالته الشعورية وإنفعاالته التي تتماشى مع ما يطرأ من جديد" في‬
‫المعنى فهي بمثابة نبضات قلب الشاعر" تظهر في القصيدة" »‪ )1(.‬فجودة الشعر تظهر من خالل‬
‫براعة الشاعر و قدرته يف التوفيق بني معاين وألفاظ القصيدة ‪،‬وينتسب الشاعر بني مسينة إىل عرش‬
‫الربايع ‪،‬حيث يقول حمقق ديوانه ‪«:‬هو إبراهيم" بن على بن عبد اهلل بن سالم المصباحي"‬
‫الربعي" ‪،‬وأمه فاطمة بنت الحاج على بالرداد" تنسب إلى عميرة الرقيعات من عماير الربايع‬
‫(‪)2‬‬
‫هي األخرى»‪".‬‬

‫وقد تناقلت بعض املصادر أن الشاعر ينحدر من أصل عريب صريح جاء يف كتاب‬
‫الصروف يف تاريخ الصحراء وسوف الشيخ إبراهيم بن ساسي العوامر «أن الربايع جمع ربيعة‪،‬‬
‫وكانوا ثالثة من نسل زيد مناة تناسلت منهم هذه الذرية‪ "،‬حسب ما جاء في العقد" الفريد" ;‬
‫(‪)3‬‬
‫وربيعة بن مالك بن زيد بن مناة‪.».‬‬

‫واحلقيقة أن إبراهيم بن مسينة من أصل الربايع واليت تنحدر من نسل زيد بن مناة‪.‬‬

‫بلعيدي نبيلة ‪ :‬الداللة الصوتية يف القصيدة الثورية الشعبية ‪،‬قصيدة أول نوفمرب للشاعر واضح ثابت اجلاليل جملة اللغة الوظيفية ‪،‬العدد السادس‬ ‫(‪)1‬‬

‫جامعة الشلف ‪،‬اجلزائر ‪،‬ص‪.255‬‬


‫(‪ )2‬إبراهيم بن مسينة ‪ :‬الديوان‪ ،‬حتقيق أمحد زغب ‪،‬اصدار الرابطة الوالئية للفكر واالبداع ‪ ،‬الودي ‪،‬د ط‪ ,2004،‬ص ‪,14‬‬
‫(‪ )3‬إبراهيم حممد السياسي العوامر ‪ :‬الصروف يف تاريخ الصحراء وسوف ‪،‬حتقيق اجليالين بن إبراهيم العوامر ‪،‬دار النشر ثالة ‪،‬االبيار ‪،‬اجلزائر‬
‫‪،‬ت‪،‬ط‪ ,2007،‬ص ‪.375‬‬
‫مدخل‬
‫والربايع مكونة من جمموعة القبائل الصغرية "وتشمل هذه القبيلة" على أربعة" عشرة فصيلة‬
‫صغيرة هم‪ :‬أوالد بلول‪ ،‬الزيود‪ ،‬أوالد حمد الرقيعات‪ "،‬األفايز‪ ،‬األغواث‪ ،‬الدوامية‪ ،‬العتايرة‪"،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫الحوامد‪ ،‬المصابيح أوالد سعود‪ ،‬القطاطية‪ ،‬أوالد حجاج‪".‬‬

‫وهناك اختالف وتضارب حول أصل ونسب الربايع "ويعتقد" البعض أن الربايع الذين هم‬
‫باألغواط منهم وهذا غير صحيح‪ ،‬بل االرباع هم ابناء الربيع بن فنأن بن سلمة بن المعقل بن‬
‫كعب بن ربيعة بن الحرث بن كعب بن حرب بن علة بن خالد" بن مالك بن ادد بن يشجب‬
‫بن يعرب" بن قحطاب بن عابر إلى آخر ما تقدم في العقد الفريد والجمهرة فالربايع يختلفون‬
‫عن االرباع المتواجدون باالغواث ويختلفون عن االرباع الذين هم ابناء الربيع القحطانيون"‬
‫فالربايع هم مضريون وإليهم ينسب إبراهيم بن مسينة‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ولد إبراهيم يف السمانية ضاحية بدوية مشال بلدة البياضة‪ ،‬فيها بني سنيت‪1860‬و‪1865‬‬

‫فنب مسينة ولد بالبادية‪ ،‬يف حي السمانية ولعل كنيته بن مسينة نسبة إىل احلي الذي ولد فيه حي‬
‫السمانية‪ ،‬وقبيلته املصابيح قبيلة الشاعر إبراهيم بن مسينة عرفت برتحاهلا وإنتقاهلا من بادية إىل‬
‫اخرى وصوال إىل احلدود التونسية‪.‬‬

‫"كانت قبيلة المصابيح ترتحل إلى البوادي الشرقية الجنوبية الشرقية المثابرة للحدود‬
‫التونسية وذلك في المواضع من بوعروة (الطالب العربي" حاليا) إلى غابة الدخلة جنوبيا‬
‫ويقيمون الشتاء في بلدتهم" البياضة" (‪ )3‬وهذا ما ادى بالشاعر بن مسينة إىل اكتسابه ثقافته من‬
‫جمتمعه البدوي‪« ،‬وهكذا" أنسأن الشاعر في مجتمع بدوي جل ثقافته الغناء والشعر فرضه‬
‫(‪)4‬‬
‫وحفظه وإنشاده في حفالت األعراس"‪".‬‬

‫(‪ )1‬املرجع السابق ص‪.375‬‬


‫(‪ )2‬إبراهيم بن مسينة‪ :‬الديوان‪ ،‬ص‪.15‬‬
‫(‪ )3‬املصدر نفسه ‪،‬ص‪15‬‬
‫(‪ )4‬املصدر نفسه ‪،‬ص‪.15‬‬
‫مدخل‬
‫فثقافة الشاعر بن مسينة متثلت يف الشعر والغناء الذي كان يناشده يف املناسبات ويلقيه يف األعراس‬
‫واحلفالت‪.‬‬
‫ولقد عرف الشاعر بن مسينة حببه وولعه بالغناء مند الصغر‪ ،‬حىت ذكر أن امه حاولت أن متنعه‬
‫عن ذلك حىت ال يشب على عن الغناء والشعر خوفا عليه وعلى مستقبله «ولما الحظت امه فاطمة‬
‫الردادية هذه ولعه الشديد" بالغناء منذ صغره وخشيت عليه من هذه الهواية‪ ،‬سقته شرابا يسمى‬
‫(‬
‫النسبة حتى يفسد صوته فال يستطيع أن يكون منشدا ويهتم بما هو أنفع له‪ :‬الرعي والنخيل ‪"...‬‬
‫‪)1‬‬

‫ورغم أن امه منعته اال أنه وصل إىل ما كان يسعى إليه وصار شاعرا فحال‪« .‬وال ندري صحة‬
‫هذا الزعم لكن المشهور عن إبراهيم بن سمينة أن صوته ضعيف حتى يكاد أن يكون أجشا"‬
‫مع أنه لم يكن منشدا جيدا اال أنه أنشغل بفرض الشعر‪ ،‬وأنشغل" به هواة الشعر" العاطفية‬
‫(‪)2‬‬
‫فكانوا يشدون إليه الرجال ليحفظوا شعره "‪.‬‬
‫فبالرغم من أن بن مسينة مل يكن منشدا جيدا لضعف صوته اال أن شعره كان عذبا وامتاز‬
‫جبودة اللفظ وحسن املعىن‪ ،‬وتذكر الروايات أن الشاعر أحب امرأة‪ ،‬فقال فيها اشعار كثرية‬
‫ومتنوعة متغزال هبا ومادحا ومعاتبا‪.‬‬
‫"يقال أن معظم اشعار إبراهيم بن سمينة قالها في امرأة" اسميت مسعودة بنت قويدر‬
‫الرقيعية‪ ،‬وهي امرأة من عميرة الرقيعات" اخوال المشاعر‪ ،‬يقال أنه رآها ترقص رقصة النخ‬
‫(‪)3‬‬
‫في إحدى حفالت األعراس فعشقها وقال فيها قصائد كثيرة قبل أن يتزوجها "‪.‬‬
‫فالشعراء الشعبيني نظموا العديد من القصائد يف هذا الغرض متغزلني باملرأة من بينهم بن مسينة‬
‫الذي جنده متغزال مبحبوبته مسعودة يف معظم قصائده‪ ،‬والغزل كما يقول زكي مبارك يرجع إىل‬
‫(‪)4‬‬
‫أصلني اثنني‪:‬‬

‫(‪ )1‬إبراهيم بن مسينة‪ :‬الديوان‪ ،‬ص‪.15‬‬


‫(‪ )2‬املصدر نفسه‪ ،‬ص‪15‬‬
‫مدخل‬
‫(‪ )3‬املصدر نفسه‪ ،‬ص‪16‬‬
‫(‪ )4‬أمحد قيطون‪ :‬صورة الغزل يف الشعر اجلزائري عبد اهلل بن كريو واملختار بن صديق غنية‪ ،‬جملة الذاكرة جامعة ورقلة‪ ،‬جانفي ‪2012،‬‬

‫األول‪ :‬وصف ما يالقي يف احملبوب من عنت احلب‪ ،‬ويدخل يف ذلك كل ما يبهج الوجه‪،‬‬
‫ويثري الدمع‪ ،‬كحديث ال فراق‪ ،‬والعتاب والذكرى واحلنني‪.‬‬

‫الثاين‪ :‬وصف ما يرى الشعراء يف احباهبم من روعة احلسن ويدخل يف ذلك كل ما تتمتع به‬
‫النفس والعني من مجال األبدان واالرواح كوصف العيون واخلدود والصدور‪ ،‬كاحلديث عن الرفع‬
‫والوفاء والعفات (‪.)1‬‬

‫فالشاعر عند تغزله مبحبوبته جنده اما مهموما يعاتب حمبوبته ويذكر شوقه وحنينه هلا‪ ،‬واما‬
‫جنده واصفا جبمال حمبوبته وحماسنها اخللقية‪ ،‬وكل هذا جنده جمتمعا يف اشعار بن مسينة اجتاه حمبوبته‬
‫مسعودة‪.‬‬

‫وعلى الرغم من أن املعروف عن بن مسينة وقصائده اليت قالت أغلبها يف حمبوبته مسعودة‪ ،‬اال أن‬
‫الرواة ذكروا أن الشاعر قد ذكر نساء أخريات ولكل منها قصتها‪.‬‬

‫ومع ذلك فقد ذكر له الرواة قصائد ذكر فيها امساء أنشاء أخريات منها حدي‪ ،‬وال نعلم‬
‫من هي وما قصتها لكننا وجدنا عند الرواة مطريتني القصيدة اليت مطلعها‪:‬‬
‫(‪)2‬‬
‫يحةَ‪َ  ‬ي ْوِم‪ ‬الْ َخ َر ِ"‬
‫اب‪َ ‬ت ُقدِّي‬ ‫صبِ َ‬
‫يَا‪َ  ‬‬ ‫يَا‪ ‬ضاوية‪ ‬فِي‪ ‬الْ َق َم ِر‪ ‬ياحدي"‪ ‬‬

‫فالشاعر يف هذا البيت يتغزل للمرأة تسمي حدي ولكن حقيقة قصة هذه املرأة غري‬
‫معروف ومل يتم يتناقل الرواة حقيقة عالقتها بالشاعر فحب وعشق املرأة كان مصدر اهلام‬
‫املشاعر‪ ،‬حبه وهواه إليها لدي إىل نسخ قرحيته دباجية حتوز كلمات عذبة ورقيقة‪ ،‬فالشاعر يف‬
‫البيت السابق‪ ،‬جنده متغزال هبا وواصفا هلذه املرأة‪.‬‬
‫مدخل‬
‫فالغزل هو أحاسيس ومشاعر يعرب فيه الشاعر عما خيتلج يف نفسه من حب وحنني اجتاه‬
‫احملبوبة‪ ،‬كما أن الشاعر الشعيب إستطاع أن يبدع يف تناوله لألغراض الشعرية‪ ،‬وال ختتلف اغراض‬
‫هذا الشعر الشعبيني اغراض الشعر الفصيح كثريا‪.‬‬

‫(‪ )1‬إبراهيم بن مسينة‪ :‬الديوان‪ ،‬ص‪16‬‬


‫(‪ )2‬أمحد قيطون‪ :‬صورة الغزل يف الشعر اجلزائري عبد اهلل بن كريو واملختار بن صديق غنية‪ ،‬جملة الذاكرة جامعة ورقلة‪ ،‬جانفي ‪2012،‬‬

‫يقول الباحث التلي بن شيخ‪« :‬إستطاع الشاعر" الشعبي أن يقلد كل اغراض الشعر"‬
‫العربي" مدحا ورثاء وحماسة‪ "،‬وغزال مع إختالف الرؤية وتباين" في األسلوب واختالفا في‬
‫(‪)1‬‬
‫التصوير‪".‬‬

‫كما ذكر الرواة إضافة إىل املرأة اليت امسها حدي اليت ذكرها الشاعر إبراهيم بن مسينة يف‬
‫احدى قصائده‪ ،‬قد وجدت امرأة اخرى يف احدى القصائد‪ ،‬وله قصيدة اخرى يف امرأة من‬
‫الشعبانية‪ ،‬وقد وصل قومها إىل صراع قريبة من املنطقة فقال فيها القصيدة اليت مطلعها‪:‬‬
‫َعن‪َ  ‬شابٍَّة‪ ‬بِ َها‪ ‬النَّو ِ‬ ‫ت‪ ‬لِ َدا ِر ِك‪َ  ‬ر ْو ِحي‪َ  ‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ت‬
‫اج ُع‪َ  ‬ساقَ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ت‪ ‬‬
‫ضاقَ ْ‬ ‫ض َّح ْي ُ‬
‫َ‬
‫وعلى الرغم من أن الشاعر ذكر أخريات يف اشعاره اال أن أكثر النساء حضورا يف قصائده‬
‫واليت قال فيها قصائد كثرية حمبوبته مسعودة‪" .‬وعلى الرغم بن سمينة ربعي ومن عميرة‬
‫المصابيح‪ ،‬فأن أكثر الذين" شغفوا بشعره ورووه هم أوالد" جامع الذي كانوا يستضيفونه لمدة‬
‫(‪)3‬‬
‫طويلة‪ ،‬وحتى حين اشتد به الكبر والعجز كانوا يزورونه ويمكثون لديه ليحفظوا شعره "‬

‫إذا مل نستطع التعرف على الشعراء الذين كانوا اساتذة بن مسينة‪ ،‬تأثر هبم وحفظ عنهم‪،‬‬
‫وتعلم منهم قرضا الشعر‪ ،‬فأننا نعرف الكثري ممن عاصروه كالشيخ الناوي الفرجاين‪ ،‬والبشري بقاص‬
‫الرقيعي‪ ،‬والعريب بن عناد احلمدي‪ ،‬وغادة بن عون الصليعية‪ ،‬وامحد عتيقة العريب‪ ،‬وعلى بن الذيب‬
‫احلمدي وغريهم كثريا‪.‬‬
‫مدخل‬
‫ويعد الشاعر إبراهيم بن مسينة من بني الشعراء الفحول ذاع صيته داخل الوطن وخارجه‪،‬‬
‫وشاعر من الشعراء الذين تفوقوا على اقرأهنم يف عصره‪.‬‬

‫(‪)1‬التلي بن شيخ‪:  ‬منطلقات التفكري يف األدب الشعيب اجلزائري ‪،‬املؤسسة الوطنية للكاتب ‪،‬اجلزائر د طرد ت ‪،‬ص‪.30-29:‬‬
‫(‪)2‬إبراهيم بن مسينة‪: ‬الديوان ‪،‬ص‪17‬‬
‫(‪)3‬املصدر نفسه ‪،‬ص‪18‬‬

‫‪ -‬وفاته‪:‬‬

‫تعرض الشاعر إبراهيم بن مسينة إىل العديد من الصعوبات‪ ،‬واملتاعب اليت اعرتضته يف حياته‪ ،‬فقد‬
‫الشاعر زوجته اليت رحلت وتركته‪ ،‬وسجن بن مسينة لسنتني‪ ،‬مث اصيب يف آخر حياته مبرض اقعده‬
‫لسنوات‪.‬‬

‫"واخيرا فقد عانى الشاعر أواخر" حياته مدة طويلة من مرض صدري قيل أنه الربو اقعده في‬
‫(‪)1‬‬
‫سنواته االخيرة إلى أن توفي سنة ‪1945‬في مسقط رائع قرية السمأنية" "‪.‬‬

‫‪-‬خصائص شعره‪:‬‬

‫لقد تضمنت نصوصه الشعرية مجلة من اخلصائص واملميزات اجلوهرية واليت لفتت األنظار‬
‫لشعره‪ ،‬وجلبت إليه اهتمامات كبري ومن أهم خصائص شعره‪:‬‬

‫‪-‬جتلي ظاهرة التكرار يف قصائده مثل‪ :‬ضامي غين‪ ،‬ضامي على‪ ،‬فكلمة ضامي تكررت يف نفس‬
‫القصيدة وتكررت يف قصيدة أخرى‪.‬‬

‫‪-‬توظيف وكثرة اجملسمات البديعية والصور البيانية من (كنايات‪ ،‬إستعارات‪ ،‬تشبيهات)‪.‬‬

‫‪-‬حضور لألغراض الشعرية مبختلف أنواعها (غزل‪ ،‬وصف فخر‪ ،‬ذم مديح ديين)‬
‫مدخل‬
‫‪-‬ألفاظ موحية وقفة يف التصوير‪.‬‬

‫‪-‬توظيف مظاهر الطبيعة‪ ،‬خاصة مظاهر البيئة الصحراوي (خنيل ومجال)‪.‬‬

‫‪-‬استعمال الغاز املنطقة املتداولة بني أفراد اجملتمع وألفاظه قريبة للغة العربية الفصحى‪.‬‬

‫‪-‬يتجلى يف اشعاره النص واالرشاد والتأكيد على الوعظ والتذكري‪.‬‬

‫‪-‬توظيف املصطلحات الدينية مثل الصالة على النيب‪ ،‬استغفر اهلل‪.‬‬

‫(‪)1‬املصدر السابق ‪،‬ص‪.18‬‬

‫‪-3‬أثر البيئة الطبيعة واالجتماعية في شعره‪:‬‬


‫تناول الشعراء الشعبيون الطبيعة ومظاهرها يف اشعارهم كغريهم من شعراء الشعر الفصيح‪،‬‬
‫وقد كانت الطبيعة من أهم مصادر اإلبداع فهي من العوامل اليت تثري قرحية املبدع فقد كانت‬
‫مصدر االهلام واجلمال‪ ،‬اضافة ايل أن الشاعر وظف الطبيعة يف شعره معربة من خالهلا على حالته‬
‫الشعورية فلكل هدفه يف توظيفها يف قصائده فمن الشعراء‪" .‬من صور مظاهر الطبيعة واكتفي‬
‫بالنقل الحرفي لمظاهرها‪ "،‬وهناك من ادمجها في مشاعره ليؤكد تعلقه" بها بقسميها الصامت‬
‫والمتحرك‪ ،‬فنقلو مشاهد" زاهية تعكس نفسيتهم" الطربة‪ "،‬كما نقلوا وجها متجهما لها يعكس‬
‫نفسيتهم الحزينة" ‪¹‬‬
‫وهناك من الشعراء إضافة ايل توظيفهم الطبيعة يف قصائدهم بغرض التغين جبماهلا والتعبري عن‬
‫حالتهم الشعورية‪.‬‬
‫ومن مظاهر الطبيعة اليت تناوهلا الشعراء يف قصائدهم‪ ،‬البحر‪ ،‬الليل‪ ،‬والنهار والشمس‬
‫والقمر‪ ،‬الربق‪ ،‬النخيل‪ ،‬وصف بعض احليوانات كاحلصان‪ ،‬والغزال الفرس والناقة‪.‬‬
‫ومبا أن الشاعر إبراهيم بن مسينة ابن البادية‪ ،‬فقد كانت الطبيعة املادة اخلام يف شعره‪ ،‬يقول الشاعر‬
‫واصفا الربق ومهجدا عظمة املاء‪:‬‬
‫مدخل‬
‫‪ ‬فِي‪ ‬ال َْع ْق َربَِ"ة‪ ‬بَأن‬ ‫َب ْر ُق‪ ‬الض ََّوى‪َ  ‬ب ْي َن‪ ‬لمزان‬
‫‪َ  ‬خل ِْق‪ ‬لراظي‪ ‬نُ ِحيلُهُ‪².‬‬ ‫َس ْيلَةَ‪َ  ‬ر َوى‪ُ  ‬ك ُّل‪ ‬عطشان‬
‫يعد الربق من أهم الظواهر الطبيعية اليت أهتم هبا اإلنسان منذ القدم خاصة عند البدو ما‬
‫العالقة اليت جتمعه باملطر‪ ،‬فقد كان الربق ارتباطا نفسيا مع اإلنسان‪ ،‬حيث كان اهل البادية‬
‫وخاصة الفالحون يسعدون لرؤية الربق فهذا اشارة للمطر‪.‬‬
‫كما استخدم بن مسينة يف قصائده املاء (املطر‪ ،‬املزن) فاملاء من أهم العناصر الطبيعية‪ ،‬فاملاء مصدر‬
‫احلياة وال حياة بدون ماء ودليل ذلك قوله تعاىل‪« :‬وجعلنا" من الماء كل شيء حي» ‪³‬‬
‫‪1‬سعاد ارفيس‪ :‬موضوعة الطبيعة يف الشعر الشعيب‪ ،‬شعراء بوسعادة أمنوذجا‪ ،‬حوليات األدب واللغات‪ ،‬ص‪.171‬‬
‫‪²‬إبراهيم بن مسينة‪ :‬الديوان‪ ،‬ص‪.68‬‬
‫‪³‬سورة األنبياء اآلية (‪.)30‬‬

‫فالشاعر يف البيتني جنده ميجد عظمة املاء‪ ،‬فهو يقصد بلفظه "ملزان" وهو مجع مزن وهو‬
‫السحاب اي املطر ودليل ذلك الربق وملعانه الذي يرسم خطا ملتويا شبيه بالعقرب‪ ،‬ونتج عن‬
‫سيول روت وسقت األراضي واخرجت منها العشب‪.‬‬
‫ويف األبيات اليت ذكر فيها الشاعر الربق واملطر أيضا قوله‪:‬‬
‫َّص ِر‪َ  ‬م َّوالِ ٌّي‪.‬‬ ‫وق ِ‬
‫ْت‪ ‬الْفَاَل َ ِح‪َ  ‬والن ْ‬ ‫َ‬ ‫َب ْر ُق‪ ‬الهمد‪ ‬فِي‪ُ  ‬م ْزنِهُ‪َ  ‬عالِ ٌّي‪ ‬فِي‪ ‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ ‬فِي‪ ‬ال ُْب ْر ِج‪ ‬شيار‬ ‫ي‪ ‬لِ َمطَا ٍر‬
‫الض ِو ِّ‬
‫َب ْر ُق‪َّ  ‬‬
‫نالحظ براعة الشاعر وكيف خيتار األلفاظ اجلزلة ذات االحياء القوي‪ ،‬فالشاعر يقصد منها‬
‫أن الربق ملع يف السحاب العايل يف وقت الفالح اي زمن احلرث والبذر فكان مبثابة نصر للبدو‪.‬‬
‫ويتطرق الشاعر ايل وصف بعض احليوانات املوجودة بالبادية كالغزال واحلصان فيقول واصفا‬
‫للحصان‪:‬‬
‫َسابِ ِق‪َ  ‬و َسيَّا ٍر‬ ‫صبَّا ِر‪ ‬‬ ‫ِ‬
‫ب‪ ‬على‪ ‬ظُ ْه ِر‪َ  ‬‬
‫َراك ُ‬
‫اَل ‪ ‬يُ ِط ُ‬ ‫تَ ْحلِ ُ‬
‫ِِ‪2‬‬
‫يق‪َ  ‬ه ْم َزةُ‪ِ  ‬ر َكابه‬ ‫ف‪ ‬عليه‪ ‬طَيَّ َار‬
‫مدخل‬
‫صبار وسباق وسيار كلها أوصاف للحصان وتتمثل هذه املواصفات يف سرعة احلصان‬
‫وقوته وصربه‪ ،‬فالشاعر هنا يقدم مواصفات احلصان فهو يصفه بالسرعة واخلفة فمن املعروف عن‬
‫العرب أهنم احبوا اخليل حمبة وكانت هلا مكانة عظيمة عندهم ‪،‬فاخليل كانت متثل احدى مفاخر‬
‫العرب فقد كانت رمز القوة واالصالة وقد تغين الشعراء باخليل منذ اجلاهلية فقد كانت مصدر‬
‫االهلام واالبداع والشعراء تستشري مشاعرهم وذكروه يف اشعارهم فنجد منهم من يصف فرسه‪،‬‬
‫ومنهم من ميجد قوة حصانه ويتفاخر به ‪،‬ومنهم من شبه املرأة بالفرس ‪،‬وشبه مجال شعر املرأة‬
‫بالفرس ‪.‬‬

‫‪1‬إبراهيم بن مسينة‪ :‬الديوان‪ ،‬ص‪64‬‬


‫‪ 2‬املصدر نفسه ص ‪65‬‬

‫ويقول الشاعر بن مسينة‪:‬‬


‫ص ِف ٌّي‪ ‬فِي‪ُ  ‬ن ْفتِي‪ ‬لِ ِظاَل ٍل‬ ‫ْخ َّف ِة‬
‫السب ِق‪ ‬وال ِ‬‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ت‪َ  ‬و ْ‬
‫‪َ  ‬ثبَّ َ‬ ‫َوا ْز َر َّق‪ُ  ‬م َعام ٌل"‪ ‬ب َّ ْ َ‬
‫‪1‬‬
‫ش َر ٍة‪ ‬ابال‬
‫صبِ ُح‪َ  ‬ويَ ْم ِشي‪َ  ‬ب ْي َن‪ُ  ‬ع ُ‬
‫َويُ ْ‬ ‫مهيبت‪ ‬على‪ ‬شيء‪ ‬للشويل‪َ  ‬و َخ ْل َفةً‪ ‬‬
‫فاحلصان ميتاز بصفتني ومها السبق واخلفة‪ ،‬اي معد خصيصا للسباق واملنافسة وشعره طويل‬
‫ويلمع وخايل من الشوائب يسكن يف املناطق اليت تكثر فيها املراعي والظالل‪.‬‬
‫كما يتطرق الشاعر إبراهيم بن مسينة ايل ذكر الغزال (الرمي)يف العديد من قصائده حيث‬
‫جنده يف ابيات عديدة بنعت من حيب بالغزال أو أحد امسائه األخرى كالرمي وهذا األمهية وقيمة هذا‬
‫احليوان أن عند البدو‪ ،‬فقد كان يرمز للحرية‪ ،‬فكانت الغزال قداسة عند العرب خاصة عند‬
‫اجلاهليني حيث «حرص" الشعراء على اال يقتل الغزال" في قصائدهم مما يدل" على أنه كان‬
‫‪2‬‬
‫معبودا كالشمس»‬
‫فالغزال هلا حمبة كبرية ومكانة عظيمة عند العرب وكثريا ما جندها تثري مشاعر الشعراء وتفيض‬
‫قرائحهم بأمجل األشعار وذلك جلماله ورشاقته وسرعته فوصفوا مجال املرأة جبمال الغزال‪.‬‬
‫مدخل‬
‫ولقد تغىن الشاعر إبراهيم بن مسينة بالغزال يف العديد من قصائده خاصة عند تشبيه حمبوبته‬
‫بالغزال يف العديد من قصائده‪ ،‬فيقول‪:‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪ ‬وفُاَّل ي‪ ‬فِي‪ُ  ‬خطُ ِ‬
‫وط‪ ‬العفاطالس‬ ‫الر ْس ِم‪َ  ‬ب ْي َن‬
‫ال‪َّ  ‬‬‫الر َقبَةُ‪ ‬غَ َز َ‬
‫َّ‬
‫َ‬
‫‪4‬‬
‫اس‪ُ  ‬ك ُّل‪ ‬طَ ِو ُ‬
‫يل‬ ‫ب‪َ  ‬ع ْن‪َ  ‬ر ٍ‬
‫ُسوقُو‪َ  ‬رقَ َ‬ ‫ال‪ ‬اللَّ ِّي‪َ  ‬رتَ َع‪َ  ‬وَت ْق َه ُز‪ ‬‬
‫الر َقبَةَ‪ ‬غَ َز َ"‬
‫َّ‬

‫‪¹‬املصدر السابق ‪،‬ص‪.41‬‬


‫‪2‬امحد كمال زكي‪ :‬االساطري ‪،‬اهليئة املصرية العامة الكتاب ‪،‬ط ‪،1‬سنة ‪،1997‬ص‪.83‬‬
‫‪3‬إبراهيم بن مسينة;ص‪.45‬‬

‫املرجع نفسه‪،‬ص‪.49‬‬ ‫‪4‬‬


‫الفصل األول‪ :‬الصورة الشعرية في النقد األدبي وتشكالتها‬

‫الفصل االول‬
‫الفصل األول‪ :‬الصورة الشعرية في النقد األدبي وتشكالتها‬

‫لقد حظى مصطلح الصورة الشعرية إىل جأنب املصطلحات النقدية احلديثة واملعاصرة‬
‫باهتمام دارسينا ونقادنا املعاصرين ذلك أن الصورة الشعرية ركن أساسي من أركان العمل األديب‬
‫و ووسيلة األديب األوىل اليت يستعني هبا يف صياغة جتربته االبداعية‪ ،‬وأداة الناقد املثلي اليت يستعني‬
‫هبا يف احلكم على أصالة األعمال األدبية ‪،‬وصدق التجربة الشعرية ‪،‬فالصورة الشعرية‪ ،‬كما نعتت‬
‫لب العمل الشعري الذي يتميز به وجوهره الدائم والثابت بل أن ذات الشاعر تتحقق موضوعيا يف‬
‫الصورة اكثر منها تتحقق يف أي عنصر آخر من عناصر البناء الشعري‪ ،‬اال أن هذا ال يعين أهنا‬
‫نالت نصيبها من الدراسة واستوفت حقها يف التحليل بل أن املصطلح ال يزال غائما عند الكثري من‬
‫النقاد والدارسني‪.‬‬

‫‪-‬المبحث األول‪ :‬مفهوم الصورة الشعرية‬

‫اصطالحا‪:‬‬

‫تعددت مفاهيم الصورة اختلفت باختالف اصحاهبا واجتاهاهتم وتصوراهتم‪ ،‬فالكل يعرفها‬
‫حسب رؤيته اخلاصة‪ ،‬اال أن النقاد اختلفوا يف قضية تأصيل املصلح فمنهم من دافع عن اصالته يف‬
‫نقدنا العريب القدمي ومنهم من تعصب حلداثته اذ ال يرى اي امتداد تراقب فيه‪.‬‬

‫الصورة الشعرية" في النقد القديم‪:‬‬

‫لعل تباهي الشاعر اجلاهلي مع لغته وقرهبا الزماين من روحه البدائية األوىل جعلت لغته‬
‫تصويرىة لذلك النماذج التصويرىة يف الشعر العريب يف مرحلة ما قبل االسالم‪ ،‬دون أن يعتمد‬
‫(‪)1‬‬
‫التصوير منه بالضرورة على الوسائل البالغية‪.‬‬
‫الفصل األول‪ :‬الصورة الشعرية في النقد األدبي وتشكالتها‬

‫‪-1‬جابر عصفور‪ :‬الصورة الغنية‪ ،‬يف الرتاث النقدي والبالغي عند العرب‪ ،‬املركز‪ .‬الثقافة العريب بريوت‪ ،‬ط‪,3‬ص‪,7‬سنة ‪.1999‬‬

‫ولعل أول من اجته إىل التصوير هو ابو عثمان عمر بن حبر اجلاحظ إىل الصورة من خالل‬
‫نظرته التقوميية للشعر‪ ،‬واالشارة إىل اخلصائص اليت تتوفر فيه‪ ،‬فعندما بلغه أن ابا عمرو الشيباين‬
‫استحسن بيتني من الشعر ملعنامها مع سوء عبارهتما‪ ،‬فعلق برايه أن‪« :‬المعاني" مطروحة في الطريق"‬
‫يعرفها العجمي والعربي" والبدوي والقروي‪ ،‬وإنما الشأن في اقامة الوزن وتخير اللفظ‬
‫وسهولة المخرجين وكثرة الماء‪ ،‬وفي صحة الطابع وجودة السلم فإنما الشعر صناعته‬
‫(‪)1‬‬
‫وضرب من النسخ وجنس من التصوير"‪.‬‬

‫ففي هذا النص حتدث اجلاحظ عن التصوير وقد توصل إىل أمهية جانب التجسيم وأثره يف‬
‫اغناء الفكر بصورة حسية قليلة احلركة والنمو‪ ،‬تعطي الشعر قيمة فنية ومجالية ال ميكن للمتلقي‬
‫االستغناء عنها‪ ،‬فحينها يكون الشعر جنسا من التصوير يعين هذا "قدرته على اثارة صور بصرية‬
‫في ذهن المتلقي‪ ،‬وهي فكرة تعد المدخل" األول إلى المقدمة" األولى العالقة بين التصوير‬
‫(‪)2‬‬
‫والتقديم" الحسي للمعنى‪"».‬‬

‫وقد افاد البالغيون والنقاد العرب الذين جاؤوا من بعد اجلاحظ من فكرته يف جانب‬
‫التصوير "وحاولوا أن يصبوا اهتماماتهم على الصفات" الحسية في التصوير األدبي وأثره في‬
‫(‪)3‬‬
‫إدراك المعنى وتمثله وأن اختلفت آراؤهم وتفاوتت" في درجاتها"‪".‬‬

‫فالصورة عند قدامى بن جعفر "عنده الوسيلة أو السبيل لتشكل المادة وصوغها شأنها"‬
‫في ذلك شأن غيرها من الصناعات‪ ،‬وهي أيضا نقل حرفي" المادة الموضوعية‪ ،‬المعنى"‬
‫يحسنها ويزينها" ويظهرها حلبة تؤكد براعة المصانع من دون أين يسهم في تغيير هذه المادة‬
‫(‪)4‬‬
‫أو تجاوز صالتها‪ ،‬وعالقتها الموضعية المألوفة‪".‬‬

‫(‪)1‬أبو عثمان بن حبر بن اجلاحظ‪ ,‬احليوان‪ ,‬تح‪ ,‬عبد السالم حممد هارون‪ ,‬دار الكتاب العريب ‪ ,‬بريوت لبنان ‪,‬ط‪,1996, 3‬ص‪.132-131‬‬
‫الفصل األول‪ :‬الصورة الشعرية في النقد األدبي وتشكالتها‬

‫(‪ )2‬جابر عصفور‪ :‬الصورة الفنية يف الرتاث النقدي والبالغي عند العرب‪ ،‬ص‪.26/27‬‬
‫(‪ )3‬إبراهيم امني الزرزموين‪ :‬غواية الصورة الفنية واملفاهيم واملعامل قدميا وحديثا‪ ،‬ج‪1‬‬
‫(‪ )4‬قدامى بن جعفر نقد الشعر‪ ،‬تح ‪ :‬كمال مصطفى ‪،‬مكتبة اخلارجي ‪،‬القاهرة ‪،‬ط‪,3‬ت‪،‬ص‪.19‬‬

‫فيقول‪« :‬أن المعاني كلها معروضة للشاعر وله أن تكلمت فيها ال أحب وألثر من غير‬
‫أن يحضر عليها معنى يروم الكالم فيه‪ ،‬وإذا كانت المعاني الشعر بمنزله المادة الموضوعة‪،‬‬
‫والشعر كالصورة‪ ،‬كما يوجد كل صناعة‪ ،‬من أنه ال بد فيها من شيء موضوع يقبل تأثير‬
‫(‪)1‬‬
‫الصورة فيها مثل الخشب للنجارة والفضة" للصناعة»‪.‬‬

‫اما ابن طباطبا العلوي يعرض الصورة يف حديثه عن مشكلة اللفظ واملعىن‪« :‬والكالم الذي‬
‫ال معنى له كالجسد الذي ال روح فيه كما قال بعض الحكماء‪ :‬الكالم جسد وروح فجسده‬
‫(‪)2‬‬
‫النطق وروحه معناه‪».‬‬

‫اما ابو "هالل العسكري "فعنده احلديث عن الصورة أكثر وضوحا‪ ،‬فقد فصل فيها أكثر‬
‫من املقارنة مع جهود سابقة‪ ،‬فهو يرها يف جودة اللفظ وصفاؤه وصنعه احلسن يف تركيبه الكالم‪،‬‬
‫ويرى أن البالغية حمققة يف معرضهم فيقول‪« :‬البالغة كل ما تبلغ به المعنى" قلب التسامح‬
‫‪...‬وإنما جعلها المعرض وقبول الصورة شرط في البالغة ألن الكالم إذا كانت عبارته رثة‬
‫‪3‬‬
‫ومعرضة خلقا لم يسم بليغا‪»...‬‬

‫اما عبد القاهر اجلرجاين فقد سلك منهجا متميزا عمن سبقه من العلماء العرب على الرغم‬
‫من افادته الكبرية من جهودهم‪ ،‬فقد افاض يف حديثه عن الصورة‪ ،‬واقرتب من املفهوم املعاصرين‬
‫هلا‪ ،‬وارتبطت بنظريته املشهورة يف التعلم‪ ،‬فلم ينظر عبد القاهر إىل الشعر على أنه معىن أو مبىن‬
‫يسبق احدمها االخر‪ ،‬بل نظر إليهما مجلة واحدة‪.‬‬

‫(‪)1‬بشرى موسى صاحل‪ : ‬الصورة الشعرية يف النقد العريب احلديث ‪,‬املركز الثقايف العريب ‪,‬بريوت لبنان‪ ,‬ط ‪, 1994, 1‬ص ‪22‬‬
‫الفصل األول‪ :‬الصورة الشعرية في النقد األدبي وتشكالتها‬

‫(‪)2‬حممد بن امحد طباطبا العلوي‪ : ‬ديار النشر‪ ,‬تح‪ ,‬طه احلاجزي‪ ,‬حممد زغلول سالم‪ ,‬املكتبة التجارية‪ ,‬القاهرة ‪,‬د ط ‪ ,1950,‬ص ‪35‬‬
‫(‪ )3‬أبو هالل العسكري‪ : ‬الصناعتني‪ ,‬دار احياء الكتب العربية‪ ,‬مصر ‪ ,‬دط ‪ ,1962 ,‬ص ‪27‬‬

‫إذا يقول يف هذا الصدد‪« :‬واعلم أن قولنا الصورة‪ ،‬أنما هو تمثيل وقياس كما نعلمه‬
‫بعقولنا على الذي نراه بأبصارنا‪ "،‬فلما رأينا البينونة بين احاد االجناس‪ "،‬تكون من جهة‬
‫الصورة‪ ،‬فكان بين أنسأن من أنسأن‪ ،‬وفرس من فرس‪ ،‬بخصوصيته تكون في هذا‪ "،‬وال تكون‬
‫في صورة ذلك ‪ 1"....‬مث وجدنا بني املعىن يف أحد البيتني وبينه يف االخر بينونة يف عقولنا وفرقا‬
‫عربنا عن ذلك الفرق بالصورة‪ ،‬شيئا حنن إبتدأناه‪ ،‬فينكره منكر‪ ،‬بل هو نستعمل يف كالم العلماء‬
‫ويكفيك قول اجلاحظ‪« :‬أنما الشعر صناعة‪ ،‬وضرب من التصوير "(‪.)2‬‬

‫الصورة الشعرية" في النقد الحديث‪:‬‬

‫إذا كانت الصورة الشعرية يف الرتاث النقدي من العوامل األساسية‪ ،‬فأهنا يف النقد املعاصر‬
‫جوهر القصيدة كلها فلقد وله املعاصرين هبا ألهنا الوسيلة الفنية اجلوهرية لنقل التجربة‪ ،‬وحتدثوا‬
‫عنها بإسهاب بعد أن كان بعض املتقدمني يعدها زينه وتزويقا‪ ،‬ال عنصرا مهما من عناصر‬
‫القصيدة‪ .‬ليكشف عن حقيقة املشهد أو املعىن‪ ،‬يف إطار قوي تام حمس مؤثر‪ ،‬على حنو يوقظ‬
‫(‪)3‬‬
‫اخلواطر واملشاعر يف األخرين‪.‬‬

‫و"عبد القاهر القط "يرى فيها‪":‬الشكل الغني" الذي تتخذه األلفاظ" والعبارات" بعد أن‬
‫ينظمها الشاعر في سياق خاص ليعبر عن جانب من جوانب التجربة الشعرية" الكاملة" في‬
‫القصيدة مستخدما طاقات اللغة" وإمكانيتها" في الداللة والتركيب وااليقاع والحقيقة والمجاز‬
‫والترادف والتضاد والمثابرة والمجانسة وغيرها من وسائل التعبير الفني" ‪...‬واأللفاظ"‬
‫والعبارات" هما مادة الشاعر األولى" التي" يصوغ منها ذلك الشكل الفني‪ "،‬أو يرسم بها صورة‬
‫(‪)4‬‬
‫الشعر "‪.‬‬

‫(‪ )1‬عبد القاهر اجلرجاين ‪ :‬دالئل االعجاز ‪،‬تح ‪:‬حممود حممد شاكر ‪،‬مكتبة اخلارجي القارة ‪،‬مصر‪،‬ط‪،2‬سنة ‪ ,1989‬ص‪508‬‬
‫الفصل األول‪ :‬الصورة الشعرية في النقد األدبي وتشكالتها‬

‫(‪ )2‬أبو عثمان بن حبر بن اجلاحظ‪ ,‬احليوان‪ ,‬تح‪ ,‬عبد السالم حممد هارون‪ ,‬دار الكتاب العريب ‪ ,‬بريوت لبنان ‪,‬ط‪,1996, 3‬ص‪.132-131‬‬
‫(‪ )3‬عبد القاهر اجلرجاين ‪ :‬دالئل االعجاز ‪،‬تح ‪:‬حممود حممد شاكر ‪،‬مكتبة اخلارجي القارة ‪،‬مصر‪،‬ط‪،2‬سنة ‪ ,1989‬ص‪99‬‬
‫(‪)4‬عبد القاهر القط‪:  ‬االجتاه الوجداين يف الشعر العريب املعاصر ‪،‬داي النهضة العربية للطباعة والنشر ‪،‬بريوت ‪،‬ط‪،2‬سنة ‪،1981‬ص‪.391‬‬

‫وحتدثت "بشرى موسى صواحل" عن الصورة يف الدراسة الشعرية على إختالف أنواعها‬
‫فقالت‪« :‬هي التركيبة اللغوية المحققة من امتزاج الشكل بالمضمون في سياق خاص أو‬
‫حقيقي موحي كاشف ومعبر عن جانب من جوانب التجربة الشعرية‪ ،)1( "».‬واملفهوم من قوهلا‬
‫هو ضرورة املزج بني الشكل واملضمون بأسلوب موحي بالتعبري عن جوانب التجربة الشعرية‪.‬‬

‫ويقول "مصطفى ناصف"‪ :‬تستعمل كلمة صورة عادة للداللة" على ماله صلة بالتعبير‬
‫(‪)2‬‬
‫الحسي وتطلق أحيانا" مرادفة لالستعمال اإلستعاري" للكلمات‪».‬‬

‫جاء الرومانسيون يف مقدمتهم "كوليدج "بنظرية اخليال‪ :‬فاخد مصطلح الصورة بنحو‬
‫منحى جديد‪ ،‬غري حمصور يف األشكال البيانية أو الزخرف الذي يضفي على النص األديب مجاال‬
‫شكليا‪ ،‬أو يف األلفاظ من حيث هي أدلة معلم‪ ،‬ولكن الصورة أصبحت تعين كل هذه األشياء‬
‫وغريها بعد أن ميزجها الشاعر بعواطفه‪ ،‬وانفعاالته‪ ،‬ويضيف عليها من خالله ألن اخليال هو الذي‬
‫يولد الصورة‪ ،‬والصور وسائل حتسني املشاعر واألفكار‪ ،‬ولقد تأثر نقادها العرب احملدثون هبذين‬
‫(‪)3‬‬
‫االجتاهني فضال عن تأثرهم بالنقد العريب القدمي‪ ،‬فجاءت تعريفاهتم للصورة خمتلفة‪،‬‬
‫وإذا انتقلنا إىل التعاريف املصاغة للصورة وجدهنا كثرية ال ميكن حصرها ومنها‪:‬‬
‫فامحد الشايب يقول عنها‪« :‬هي المادة التي تتركب من اللغة" بداللتها اللغوية" والموسيقية‪ ،‬ومن‬
‫(‪)4‬‬
‫الخيال الذي يجمع بين عناصر التشبيه واإلستعارة" والكناية" والطباق وحسن التعليل‪».‬‬
‫اما الدكتور "على صبح" فيقول عنها‪ :‬الصورة األدبية هي الرتكيب القائم على األصالة يف التنسيق‬
‫الفين احلسي لوسائل التعبري اليت ينتقيها وجود الشاعر ‪-‬أعىن خواطره ومشاعره وعواطفه ‪-‬املطلق‬
‫من عامل احملسنات‪.‬‬
‫(‪ )1‬زكية خليفة مسعود ‪ :‬الصورة الفنية يف شعر ابن املعتز منشورات جامعة قان يونس‪ ,‬بنغازي ليبيا‪ ,‬ط ‪، 1999 ,1‬ص‪21‬‬
‫الفصل األول‪ :‬الصورة الشعرية في النقد األدبي وتشكالتها‬

‫(‪)2‬ناصف مصطفى‪ :‬الصورة األدبية مصطفى ناصف‪ ،‬الصور األدبية‪ ،‬دار األندلس‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪ ,3‬سنة‪ ،1881‬ص‪3‬‬
‫(‪)3‬زكية خليفة مسعود ‪ :‬الصورة الفنية يف شعر ابن املعتز ‪،‬ص‪20-19‬‬
‫(‪ )4‬إبراهيم امني الزرزموين‪ :‬غواية الصورة الفنية واملفاهيم واملعامل قدميا وحديثا‪ ،‬ج‪.1‬‬

‫‪-‬المبحث الثاني‪ ":‬أهمية الصورة الشعرية‬

‫أن الصورة الشعرية كما قال "جابر عصفور "‪ :‬هي الجوهر الثابت والدائم في الشعر" فكلما‬
‫تتغير مفاهيم الشعر‪ "،‬تتغير الصورة الفنية‪ ،‬فاإلهتمام بها دائما قائم‪ ،‬مادام هناك شعراء" يبدعون ونقاد‬
‫يحللون‪ ،‬أن الصورة الشعرية تعبر عن رؤية الشاعر الواقع‪ ،‬وتصور افكاره ومشاعره وخياله" وتبين‬
‫شخصيته‪ ،‬فالصورة الشعرية" إذن هي الوسيلة الجوهرية التي يستخدمها الشاعر في صقل ونقل‬
‫تجربته الشعرية"" ويف هذا الصدد يقول "مدحت اجلبار "‪":‬جوهر الشاعر وأداته" القاهرة" على الخلق‬
‫(‪)1‬‬
‫واالبتكار‪"".‬‬

‫وكذلك من النقاد من ربط الصورة والتجربة الشعرية بإعتبار أن الصورة جزء ال يتجزأ من‬
‫التجربة الشعرية للشاعر‪ ،‬ويف الصدد يقول‪ :‬حممد غنيمي هالل‪« :‬الوسيلة الفنية" الجوهرية" لنقل‬
‫التجربة هي الصورة في معناها" الجزئي" والكلي‪ ،‬فما التجربة الشعرية كلها اال صورة كبيرة‬
‫‪2‬‬
‫ذات أجزاء هي بدورها صورة جزئية‪ ،‬تقوم من الصورة الكلية‪».‬‬

‫ويوضح سي‪ ،‬دي‪ ،‬لويس أمهية الصورة يف قوله ‪" :‬أن كلمة الصورة قد تم استخدامها من‬
‫خالل خمسين سنة الماضية أو نحو ذلك كقوة غامضة‪ ،‬كما سلف الذكر ‪،‬ومع ذلك فأن الصورة‬
‫ثابتة في كل القصائد ‪،‬وكل قصيدة هي بحد ذاتها" صورة ‪،‬االتجاهات تأتي وتذهب واالسلوب‬
‫يتغير كما يتغير نمط الوزن ‪،‬حتي الموضوع الجوهري يمكن أن يتغير بدون إدراك ولكن" المجاز‬
‫(الصورة)تضاف لمبدأ الحياة في القصيدة وكمقياس لمجد الشاعر‪ )3(".‬كما أن الصورة الشعرية‬
‫أصبحت رؤية جديدة هلذا العامل وموضوعاته وأداة توحيد بني اشياء هذا العامل‪ ،‬وترجع أمهيتها إىل‬
‫الطريقة املميزة اليت تعرض هبا علينا‪ ،‬ما جيعلها تشد إنتباهنا للمعىن وتتفاعل معه بشكل خاص الطريقة‬
‫الفصل األول‪ :‬الصورة الشعرية في النقد األدبي وتشكالتها‬

‫اليت جتعلنا نتفاعل مع ذلك املعىن ونتأثر به أهنا ال تشغل األنتباه بذاته إال أهنا تريد أن تلفت إنتباهنا إىل‬
‫املعىن جمرد يف غيبة من الصورة‪.‬‬

‫(‪ )1‬زكية مسعود ‪ :‬الصورة الفنية يف شعراء ابن املعتز ‪،‬ص‪.65‬‬


‫(‪ )2‬حممد غنيمي هالل ‪ :‬النقض اجلاذبية احلديث ‪،‬هنضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع ‪،‬مصر ‪،‬ت ط ‪،‬سنة ‪،1997‬ص‪.42‬‬
‫(‪ )3‬سي‪ .‬دي‪ ،‬لويس الصورة الشعرية‪ :‬أمحد ناصيف اجلانيب واخرون‪ ،‬نقال عن إبراهيم امني الزرزموين‪ ،‬الصورة الفنية يف شعر على اجلارم‪،‬‬
‫منشورات وزارة الثقافة واالعالم‪ ،‬بغداد‪ ،‬ص‪.20‬‬

‫كما حتدث "مصطفى ناصف "عن الصورة وأمهيتها حيث‪ .‬قال ‪«:‬أن الصورة هي ثراء‬
‫الفكر العريب وأن الشعر كله يستعمل الصورة ليعرب من حاالت غامضة ال نستطيع بلوغها مباشرة‬
‫أو من اجل أن تنقل الداللة احلق جبدة الشاعر ‪،‬وكثريا ما تشارك متتابعة يف تنمية داخلية كما أنه‬
‫يرى أن الصورة يف الشعر توجه الشعور بعض التوجيه ‪،‬وأن فيضأن الصورة يف القصيدة يستطيع أن‬
‫ينقل بكل دقة قالب اخلربة الفنية ‪،‬وال شك يف أن قوهتا البليغة ذات رنني ونغم ينشر حنو اخلارج يف‬
‫دوائر ‪ ،‬فتعمم ما حوهلا وتلهمه من قوهتا‪ ،‬ويصبح اجملال مدينا هلذا اإلشعاع الغامر الذي ينعكس‬
‫من مسة اإلستعارة األوىل‪ ،‬وهي اكتناز خربة يف منطقة ضيقة يستميلها القارئ‪ ،‬ويأخذ منها ما قدر‬
‫(‪)1‬‬
‫عليه ويقرؤها يف مساقها فريى أثارها بادية على وجهه‪».‬‬

‫‪-‬خصائص الصورة الشعرية‪:‬‬

‫أهم اخلصائص اليت جيب أن تتوفر يف الصورة اجليدة‪:‬‬

‫•التطابق بني الصورة والتجربة‬

‫" البد أن تكون الصورة مطابقة متاما للتجربة اليت مر هبا الشاعر إلظهار فكرة‪ ،‬أو حديث‬
‫أو مشهد أو حالة نفسية أو غري ذلك‪ ،‬فكل صورة كلية أو عمل اديب حيدث نتيجة جتربة غامرة يف‬
‫نفس صاحبنا وتفاعلت يف جوانبها املختلفة ميتزج الطارئ إليها باملخزون فيها‪ ،‬حىت إذا ما‬
‫(‪)2‬‬
‫اكتملت يف نفسه تتالقى األشياء‪ ،‬وتتألف النظائر العالقة بني اجزائها‪".‬‬
‫الفصل األول‪ :‬الصورة الشعرية في النقد األدبي وتشكالتها‬

‫واملقصود من هذه املقولة ضرورة التطابق بني التجربة اليت مر هبا الشاعر والصورة اليت صاغها فيها‬
‫وندرك من هذه املقولة أيضا أن الشاعر يأخذ صورة من الواقع الذي يعيشه‪.‬‬

‫(‪ )1‬ناصف مصطفى ‪ :‬الصورة األدبية مصطفى ناصف ‪،‬الصور األدبية ‪،‬دار األندلس ‪،‬بريوت ‪،‬ط‪ ,3‬سنة‪،1881‬ص‪3‬‬
‫(‪ )2‬إبراهيم امني الزرزموين‪ :‬غواية الصورة الفنية واملفاهيم واملعامل قدميا وحديثا‪ ،‬ج‪.1‬‬

‫•الوحدة واإلنسجام التام‪:‬‬

‫وهذا العنصر مرتتب عما قبلها‪ ،‬فاذا كانت الصورة مطابقة مع التجربة الشعرية يسهل‬
‫حتقيق الوحدة‪ ،‬واإلنسجام بينهم حيث مستوية فال تقبل معىن شاردا وال خاطرة نافرة بل إنسجام‬
‫تام بني األفكار وتالزم متصل بني الشاعر مث جتانس حمكم بني هذه كله وبني مصادر الصورة‬
‫مجيعا‪.‬‬

‫•االيحاء‪ :‬أن الصورة اجليدة هي اليت ال تصح باملضمون مباشرة وال تكشف عنه‪ ،‬بل توحي له‬
‫لكي يعمل املتلقي فكرة فهي صورة موحية بال غموض وال تعتيم وقد يكون اإلحياء بكلمة‬
‫تستدعي معاين متعددة وهناك شكل ثالث لإلحياء وهو احياء بقرائن جغرافية أو ثقافية أو إنفعالية‪.‬‬

‫•الشعور‪ :‬وعند "شوقي ضيف "هو‪ :‬التجربة الشعرية ليست جمموعة من املعاين املتناثرة يفرغها‬
‫الشاعر يف الشعر كما يشاء‪ ،‬وإمنا هي وجداين متماسك ‪...‬وبدالالت أخرى تصوير حالة وجدانية‬
‫جبميع شعبها وعناصرها‪.‬‬

‫•العمق‪ :‬إذا كان لإلحياء بعد أهم عن املباشر‪ ،‬فأن العمق بعدا عن السطحية واملقصود منها أن‬
‫التجربة الشعرية ال جيب أن تتم بالبساطة والوضوح بل جيب أن يكون فيها عمق وفلسفة اال إذا‬
‫وجد الشاعر نفسه أمام هذا ألنه يزاوج بني العمق والشعر اهلادئ‪.‬‬
‫الفصل األول‪ :‬الصورة الشعرية في النقد األدبي وتشكالتها‬

‫•الحيوية‪ :‬فالصورة اجليدة هي الصورة احليوية وحيوية الصورة نتبع من قدرة املبدع عن حتريكها‬
‫أو تسكينها‪ ،‬وقدرته على إلتقاط أجزاءها‪ ،‬وصهرها يف بوتقة املشاعر مع صياغة فكرته صياغة‬
‫تليق هبا وحسن إختيار األلفاظ املعيشة املوحية‪ ،‬وتنوع األساليب بني خريىة‪ ،‬وإنشائية‪ ،‬وكذلك‬
‫(‪)1‬‬
‫حيوية للموسيقي وااليقاع واخليال واجليد النابع من الصورة والعاطفة‬

‫(‪ )1‬إبراهيم امني الزرزموين‪ :‬غواية الصورة الفنية واملفاهيم واملعامل قدميا وحديثا‪ ،‬ج‪ ،.1‬ص‪.227،239‬‬

‫وظائف الصورة الشعرية‪:‬‬

‫ميكن أن نتبني وظائف الصورة يف األدب كمايلي‪:‬‬

‫‪-‬أن الصورة تقدم عقدة فكرية وعاطفية‪ ،‬وتقوم بعملية التوحيد فيها بني األفكار املتفائلة داخل‬
‫التجربة وترابطها باإلحساس العام الذي ينظم عناصر التجربة‪ ،‬وجيعلها وحدة كاملة‪ ،‬فأن كانت‬
‫الصورة وعاء إلحساس والفكر والشعور‪ ،‬فأهنا تكون صورة لنفسية الشاعر‪ ،‬ومعرضا أصيال‬
‫للفكرة ورؤيته ملا يشعر به داخليا‪ ،‬وللموجود‪ ،‬مما حوله ورمزا جيسد شعوره وفكره يف إطار فين‬
‫خاص‪.‬‬

‫‪-‬تقوم الصورة بالكشف الظواهر للفكرة‪:‬‬

‫‪-‬أن الصورة الشعرية جتعلنا نتجاوز الوقوف عند جمرد للتشابه الحسي بني األشياء احلسية أو‬
‫الواقعية إىل عملية ربطها بالشاعر‪ ،‬لذلك نري أن وظيفتها يف الشعر تكفي يف ربط التشابه احلسي‬
‫باخللفي النفسية والفكرية املسيطرة على عقل الشاعر وبذلك توحد بني الشعور والتصوير‬
‫الفصل األول‪ :‬الصورة الشعرية في النقد األدبي وتشكالتها‬

‫‪-‬أن الصورة هي أداة اخليال ووسيلة‪ ،‬وهي مادته املهمة اليت ميارسوها من خالهلا فاعليته ونشاطه‬
‫ذلك ألن احلس هو منشأ اخليال‪.‬‬

‫‪-‬الصورة مبفهومها العام وسيلة نقدية أساسية‪ ،‬وظيفتها تتحدد يف كوهنا من الزاوية النقدية مقياسا‬
‫أصيال النقد واحلكم فبموجب فنيتها ومجاهلا حيكم على الشاعر املنشئ‪.‬‬

‫‪-‬والصورة ميدان امتزجت فيه نفس التدير لعامل الطبيعة فهي حتقق الوحدة النفسية للشاعر وتصل‬
‫(‪)1‬‬
‫بينه وبني العامل اخلارجي‪.‬‬

‫(‪ )1‬عبد القاهر اجلرجاين‪ :‬الصورة البالغية‪ ،‬ص‪155,158‬‬

‫والصورة وظائف أخرى عرفها العرب (خاصة)وضفوها أساسا لتقوميها أمهها‪:‬‬

‫•الشرح والتوضيح‪:‬‬

‫من أول وهلة لتعريف الشرح يتبادر إىل ذهننا أنه حماولة الوصول إىل نقطة معينة رمبا مستعصية الفهم‬
‫أو اإلدراك وحناول من خالهلا اقناع األخرين وهذا ما كان القدماء يعرفونه باإلبانة "ذلك أن اإلبانة تعين‬
‫التوضيح والشرح "(‪" )1‬فالشاعر قد يلخص فكرته وقد يتوسع فيها حبسب احلالة الشعورية اليت مير هبا ‪،‬املهم‬
‫أن يكون مالئما للصورة الشعرية" (‪()2‬الفنية ) ‪،‬على أننا جند الشرح و التوضيح خطوة أولية يف عملية‬
‫االقناع ذلك ممن يرىد اقناع األخرين مبعىن من املعاين يشرح له بادئ ذي بدء ويوضح توضيحا يغري بقبوله‬
‫والتصديق به‬

‫وتبلور أكثر ما تبلور هذا املفهوم من خالل التشبيه الذي جاء يف القرآن الكرمي عن شجرة الزقوم‬
‫وتشبيهها برؤوس الشياطني‪ ،‬فمن البديهي أن يكون التشبيه قائم عن شيء‪ ،‬لكن هنا التشبيه كان‬
‫الفصل األول‪ :‬الصورة الشعرية في النقد األدبي وتشكالتها‬

‫على شيء غائب هذا ما استدعى التوضيح واإلبانة وليس الوصفات وهذا ما قاله "اجلاحظ حيث‬
‫قال‪« :‬وإن كنا حنن مل نر الشياطني قط ففي امجاع املسلمني العرب وكل من لقيناه على ضرب‬
‫املثل بقبح الشيطان دليل على أنه يف احلقيقة أقبح من قبيح "(‪ )3‬ومن هنا ندرك أن اهلدف من‬
‫الشرح هو تقريب معىن غامض عن ذهننا وفكرنا أو بعيد عن متناولنا‪.‬‬

‫•المبالغة‪:‬‬

‫تعد املبالغة من وسائل إيصال املعىن وبالتايل من وسائل توضيحه وشرحه‪ ،‬فإذا أردنا أن‬
‫نوضح أمرا معينا البد لنا من اقناع املتلقي والتأثري عليه‪ ،‬واملبالغة مثل األيضاح والشرح وتبلورت‬
‫فكرهتا مع التصوير القرآين كما قال "ابن قتيبة "وأكثر ما في القرآن من مثل هذا ألنه يأتي‬
‫بالكاد‪ "،‬فما لم يأتي" يكاد فيه إضمارها‪.‬‬

‫(‪ )1‬جابر عصفور‪ :‬الصورة الفنية يف الرتاث النقدي والبالغي عند العرب‪ ،‬ص‪.333‬‬
‫(‪ )2‬إبراهيم امني الزرزموين‪ :‬الصورة الفنية يف شعر على اجلارم‪ ،‬ص‪.245‬‬
‫(‪ )3‬جابر عصفور‪ :‬الصورة الفنية يف الرتاث النقدي والبالغي عند العرب ص‪.404‬‬

‫كقوله‪ ":‬وبلغت القلوب الحناجر "اي كادت من شدة اخلوف تبلغ احللق‪ ،1‬فهذه صورة قرآنية‬
‫بأسلوب مبالغة غايته التأثري والتأكد‪ ،‬ونلحظ أن املبالغة يف التصوير هي اليت تكسب الكالم أو‬
‫خترجه من دائرة املألوف إىل الغريب‪ ،‬ومتيزه عن الكالم العادي حيث قال "ابن رشيق "‪":‬ولو‬
‫‪2‬‬
‫بطلت المبالغة كلها وعيبت‪ ،‬لبطل التشبيه وعيبت اإلستعارة‪"".‬‬

‫•التحسين والتقبيح‪:‬‬

‫نفهم من هذا املصطلح أننا نريد إضفاء معىن على معىن آخر ليس به ‪ ،‬أو إلصاق معىن على‬
‫معىن وبالتايل ستكون أمام إيهام املتلقي و خمادعته ‪،‬فكما قال العسكري ‪":‬وإمنا الشأن يف حتسني ما‬
‫ليس حيسن وتصحيح ما ليس بصحيح ‪،‬بضرب من االحتيال "‪،‬ولكن التحسني يف البحث البالغي‬
‫يقوم على هذا فهي تصور لنا متاما تلك الصفة ‪،‬وقال اجلاحظ رواية عن العتايب ‪":‬البالغية هي‬
‫الفصل األول‪ :‬الصورة الشعرية في النقد األدبي وتشكالتها‬

‫تصويرة احلق يف صورة الباطل‪ ،‬والباطل يف صورة احلق "‪،‬وهذا بطبيعة احلال ال يكون إال بالتحسني‬
‫‪،‬ويستلزم قدرة هائلة على الرباهني ‪،‬لذلك فالبد أن يكون الشاعر على قدر هذه املهمة حيت جيذب‬
‫املتلقي إليه ‪،‬فالصورة الشعرية هنا توضح لنا أحاسيس ومشاعر املبدع واليت ترتاوح بني الفرح‬
‫واحلزن واللذة واألمل فإذا أراد الشاعر أمرا حسنا صوره يف صورة حسنة وإذا أراد فكرة مستهجنة‬
‫(‪)3‬‬
‫عرضها يف صورة قبيحة يشاركه املتلقي أحاسيسه ومشاعره ‪.‬‬

‫•التشخيص والتجسيد‪:‬‬

‫ويربز أثره يف جعل الصورة حية نابضة متحركة فالتجسيم إلباس املعنويات صور‬
‫احملسوسات والتشخيص منح الصفة اإلنسانية مبا ليس كذلك‪ ،‬والصورة الفنية الرائعة هي اليت‬
‫(‪)4‬‬
‫يستطيع الشاعر فيها أن جيعل املعىن جمسدا وكذلك إحساس اجلماعات وبعث الروح فيها‪،‬‬

‫(‪)1‬ابن قتيبة‬
‫(‪ )2‬ابن رشيق‪ ..... : ‬يف صناعة الشعر و نقده تح حممد بن حمي الدين عبد احلميد املكتبة التجارية القاهرة ‪ 1995‬ص‪55‬‬
‫(‪ )3‬إبراهيم امني الزرزموين‪ :‬الصورة الفنية يف شعر على اجلارم‪ ،‬ص‪،257‬‬
‫(‪ )3‬املرجع نفسه ص ‪254‬‬

‫•المتعة الفنية" في ذاتها‪:‬‬

‫فمن وظائف الصورة أن حتقق نوعا من املتعة الفنية فهي تطرب النفس وتدعو إىل التعجب‬
‫وذلك ملا حتويه من خيال بديع فالشعر فن‪ ،‬والفنون البد أن تتوفر فيها عناصر اإلمتاع وهذا‬
‫اجلانب خمتلف عما تعرضنا له من جوانب الصورة‪")1( ،‬ال يهدف إلى نفع مباشر وال تقصد به‬
‫توجيه سلوك المتلقي ومواقفه‪ ،‬بقدر ما تقصد به تحقيق نوع من المتعة الشكلية‪ ،‬وهي غاية‬
‫‪2‬‬
‫في ذاتها‪ "،‬وليست وسيلة ألي شيء آخر‪".‬‬
‫•جمال الصورة‪:‬‬
‫الفصل األول‪ :‬الصورة الشعرية في النقد األدبي وتشكالتها‬

‫حبيث متنح الصورة الكالم تلوينا وتزينا مجاال وتلبسه ثوبا للزخرف فيحمل الشاعر املتلقي معه‬
‫على أجنحة اخليال وجيعل األسلوب النص حيا نابضا ومتحركا يرتاوح بني احلقيقة واجملاز والواقع‬
‫(‪)3‬‬
‫واخليال‪.‬‬

‫‪-‬أنواع الصورة الشعرية‪:‬‬

‫الصورة المفردة‪:‬‬

‫(اجلزئية) البسيطة اليت تتضمن تصويرا جزئيا حمددا‪ ،‬وهلا دالالهتا اليت متاما داخل السياق‬
‫الصوري الشاملة وقد تنحصر يف كلمتني فقط‪ ،‬يتحاوران على حنو بنيوي متفجر بالداللة الغامضة‬
‫اخلصبة مثلما جنده عند ادونيس "السماء طحلب "‪"،‬الزمن فخار "‪ ،‬ولدى درويش "الصوت‬
‫(‪)4‬‬
‫أخضر " بريوت تفاحة "‪"،‬حلم صواحل"‪.‬‬

‫وتبين هذه الصور بأساليب عدة تتكامل يف تشكيل كياهنا منها‪ :‬التجسيد أو التشخيص‪ ،‬التجريد‬
‫(‪)5‬‬
‫تراسل احلواس‪ ،‬التشبيه‪.‬‬

‫(‪ )1‬تسجيل صويت ملختارات من شعر شعيب صويف‪.‬‬


‫(‪ )2‬جابر عصفور‪ :‬الصورة يف الرتاث النقدي والبالغي‪ ،‬ص‪.440‬‬
‫(‪ )3‬إبراهيم بن عبد الرمحان الغنم‪ :‬الصورة يف الشعر العريب‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫(‪ )4‬املرجع نفسه ‪ ,‬ص ‪333‬‬
‫(‪ )5‬املرجع نفسه ‪ ,‬ص ‪334‬‬

‫الصورة المركبة‪:‬‬

‫وهي جمموعة من الصور البسيطة املتألفة اليت تقدم داللة معقدة أكرب من أن نستوعبها‬
‫صورة بسيطة‪ ،‬ويستخدم يف قالبها أسلوب حشد الصورة اليت تتشكل يف مجلتها الصورة الكلية‪،‬‬
‫ويتم هذا احلشد عن طريق تراكم الصور املختارة بعناية مما يشبه "املونتاج "أو بأسلوب تداعيات‬
‫(‪)1‬‬
‫املعاين تيار الوعي «‪ ،‬مثل مسيح اليامسني يف قصيدته (اجلواد االبيض يصهل على التل)‪.‬‬

‫الصورة الكلية‪:‬‬
‫الفصل األول‪ :‬الصورة الشعرية في النقد األدبي وتشكالتها‬

‫هي جمموعة الصور املفردة واملركبة املتآزرة يف وحدة عضوية غنية بالتنوع‪ ،‬الذي يتالحم‬
‫يف بؤرة داللية شاملة هي القصيدة يف ذاهتا‪.‬‬

‫ويستخدم يف بناء الصورة الكلية أساليب عدة‪ ،‬مثل "البناء الدرامي "من حوار خارجي‬
‫(ديالوغ)وحوار داخليا (مونولوغ)وسرد قصصي‪ ،‬و"البناء املقطعي "الذي يوجد مقاطع عدة يف‬
‫رباط عضوي على‪ ،‬و"البناء الدائري "الذي يبتدأ من موقف نفسي معني‪ ،‬مث يعود إليه الشاعر يف‬
‫هناية قصيدته‪ ،‬و"البناء التوقيعي "الذي يعتمد فيه على ثورة واحدة‪ ،‬و"البناء اللوليب "الذي تتداخل‬
‫فيه جمموعة من الصور واألفكار‪ ،‬ويستعان يف عرضها بأسلوب "تيار الوعي "مثل درويش يف‬
‫قصيدته "تلك صورهتا وهذا إنتحار العاشق "(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬إبراهيم رامي ‪ :‬الغموض يف الشعر العريب احلديث ‪،‬ص‪.332/333‬‬


‫(‪ )2‬املرجع نفسه‪،‬ص‪.333‬‬

‫‪-‬أنماط الصورة الشعرية‪":‬‬

‫سنتناول يف هذا اجلزء أمناط الصور الشعرية من خالل تصنيفها إىل‪:‬‬

‫أمناط حسية‪ :‬حتدث من خالل مادة الصورة‪.‬‬

‫أمناط عقلية‪ :‬اليت حتتوي جمموعة من الصور املثالية‪.‬‬

‫أمناط بالغية‪ :‬تتحدد من خالل الشكل التقليدي‪.‬‬


‫الفصل األول‪ :‬الصورة الشعرية في النقد األدبي وتشكالتها‬

‫•النمط احلسي‪ :‬يرتبط النمط احلسي للصورة باألثر النفسي الذي حتدثه يف امللتقيات‪ ،‬والشاعر‬
‫اخلالق هو الذي متتاز صوره مبيزات خاصة‪ ،‬وتتلون بتلون عاطفته‪ ،‬وتكون معربة عن خلجات‬
‫إحساسه وإنفعاالته والصفات احلسية تلعب دور كبري يف التشكيالت اجلمالية للصورة لذلك ألننا‬
‫(‪)1‬‬
‫جتد باحثا كبريا مثل ريتشارد يؤكد على أمهية الصفات احلسية للصورة‪.‬‬

‫وتنقسم الصورة احلسية وفق احلاسة اليت تصدر عنها إىل جمموعة من األقسام وهي‪:‬‬

‫‪-1‬الصورة البصرية‪ ":‬الصورة البصرية هي الصورة اليت ترتد إىل حاسة البصر وهي إنعكاس ملا‬
‫رأى الشاعر أو شاهد كما أن للبصر أمهية كبرية يف تكوين الصور النفسية فكثري من األشياء متيز‬
‫‪2‬‬
‫بالعني وال متيز باحلواس األخرى كاأللوان واألشكال واألحجام والضياء والظالل‪.‬‬

‫‪-2‬الصورة السمعية‪ :‬حاسة السمع هي عماد كل منو العقلي وأساسياته كل ثقافة ذهنية حبيث‬
‫يرى "إبراهيم أنيس "أن حاسة البصر تشتغل ليال وهنارا فهي الظالم والنور والصورة تقدم‬
‫باإلعجاب بالصوت‪ ،‬فقد جيعل الشاعر أذنه طريقا إىل قلبه فيتغىن حبديث املرأة وبصوهتا‪.‬‬

‫(‪ )1‬علي غريب الشناوي‪ :  ‬الصورة الشعرية عند االعمى التحليلي ‪,‬مكتبة اآلداب ‪, 42‬ميدان االوبرا ‪,‬ط‪, 2003 ,1‬ص ‪131.134‬‬

‫(‪)2‬املرجع السابق‪،‬ص‪333،334‬‬

‫‪-3‬الصورة الذوقية‪ :‬وهي عنصر من عناصر الصورة املرتبطة هبا إذا ما إستدعت الصورة‬
‫وجودها‪ ،‬وهذه املادة األكثر كثريا يف الشعر العريب القدمي حيث مل حتض حاسة الذوق باالستعمال‬
‫الذي حظيت به وسائل احلس األخرى فيتحدث الشاعر عن املرأة واحلالوة والعذوبة واللذة وما‬
‫إىل ذلك‪.‬‬
‫الفصل األول‪ :‬الصورة الشعرية في النقد األدبي وتشكالتها‬

‫‪ -4‬الصورة اللمسية‪ :‬يأخذ الشاعر هذه املادة ليسقطها على الصورة الشعرية فيتأثر بكل ما حوله‬
‫من حرارة وبرودة وليونة وصالبة ونعومة‪ )1( ،‬فالصورة اللمسية تقرب املعىن وتوضح القصص ألهنا‬
‫سهلة االستيعاب‪.‬‬

‫‪ -5‬الصورة الشمسية‪ :‬هي الصورة اليت تثار فيها عندما تشعر هبا عن طريق عضو الشم‬
‫فينا(األنف) فتحرك بالرائحة فوارق األشياء (‪.)2‬‬
‫وفيها يتأثر الشاعر بكل ما حوله من مشمومات‪ ،‬واليت تكون فيها رائحة الزهور تعبري الرياض‬
‫(‪.)3‬‬
‫والعطور كاملسك والعنرب أو رائحة النسيم الزكية فتنعكس تلقائيا عن شعره‬
‫‪-‬النمط العقلي‪ ":‬ونقصد به تلك الصورة اليت ترتبه إىل ثقافة الشاعر املتنوعة فتجعلها جماال خصبا‬
‫هلا‪ ،‬وميكن تقسيمها وفق العنصر الثقايف الذي ترتد إليه حنو التايل‪:‬‬
‫•الصورة المثالية الكبرى‪ :‬وهي الصورة اليت استقاها الشاعر من ثقافته الدينية ذات أثر عميق يف‬
‫وجدان املسلم‪ ،‬ملا حتمله من خصائص أصلية تتمثل يف‪ :‬النقاء‪ ،‬الشفافية والرقة‪ ،‬وألن املصدر‬
‫األساسي‪ ،‬الذي يكمن وراء هذا النوع من الصور من إحداث التاريخ وعظمته‪ ،‬وكانت هذه‬
‫الصورة من القوة مبكان‪.‬‬
‫•الصورة المثالية الصغرى‪" :‬وهي اليت يستمدها الشاعر من إحداث التاريخ وإخبار األدباء‪،‬‬
‫ومنها ما يتصل باألحداث والوقائع التارخيية‪ ،‬اليت ارتبطت بشكل‪ ،‬أو بأخر بسمات معينة يف‬
‫الالوعي اجلماعي للذاكرة الشعبية يضع األشخاص الذين تركوا بصمات يف التاريخ وأصبحوا مثال‬
‫وعربة‬

‫‪-1‬إبراهيم بن عبد الرمحان الغنيم‪ :‬الصورة الفنية يف الشعر العريب‪ ،‬ص‪.109‬‬


‫‪-2‬على غريب حممد الشناوي‪ :‬الصورة الشعرية عند األعمى التحليلي‪ ،‬ص‪.140‬‬
‫‪-3‬إبراهيم بن عبد الرمحان الغنيم; الصورة الفنية يف الشعر العريب‪ ،‬ص‪.96‬‬
‫الفصل األول‪ :‬الصورة الشعرية في النقد األدبي وتشكالتها‬

‫يف املواقف احلياتية‪ ،‬ومنها ما يتصل باألمثال الشعبية‪ ،‬اليت تعكس خالصة التجربة وعمارة احلياة‬
‫الشعبية والشاعر يتصرف يف املثل مبا يتناسب واملوقف الذي أورده فيه حبيث ال يكون إعتماده عليه‬
‫‪)1( .‬‬
‫حرفيا"‪.‬‬
‫‪-‬النمط البالغي "ميثل النمط البالغي أداة من أدوات التشكيالت اجلمالية للصورة عند الشاعر"(‪،)2‬‬
‫يعترب هذا النمط من ضرب اخليال يف الصورة الفنية‪ )3( ،‬واخليال هو القدرة على تكوين صورة ذهنية‬
‫ألشياء غابت على متناول احلس‪ ،‬فيعترب أهم عنصر اإلبداع الغين طريق الشاعر للخلق‪ ،‬لكننا ال‬
‫نستطيع فهمه إال من خالل الصورة الفنية املتملقة من التشبيه واإلستعارة والكناية واخليال أربعة‬
‫أنواع‪:‬‬
‫‪-‬أن يكون مبتكرا‪ ،‬وذلك بأن خيرتع الشاعر صورته من خياله‪ ،‬وقد اجتلت عناصرها من حقائق‬
‫ال من املتخيالت لتكون الصورة ذات عناصر حقيقية غري جمتمعة من الواقع‪.‬‬
‫‪-‬أن يكون مؤلفا‪ ،‬وذلك حينما يرى الشاعر منظرا من مناظر الطبيعة‪ ،‬فيستدعي عنده منظرا أخرا‬
‫يشابه املنظر األول‪ ،‬فيؤلف بني منظرين‪ ،‬كتشبيه الشجر اجلرداء والطيور تغرد فوقها‪ ،‬حبياة اهلرم‬
‫بعد قوة الشباب‪.‬‬
‫‪-‬أن يكون بيانيا تفسرييا وهذا عندما يقف األديب أمام املشهد احملسوس ليصور ما يوحي به ذلك‬
‫املشهد للشاعر من معاين وخواطر‪ ،‬لتكون صورته تفسريا ألثر النفسي ال واصفا املنظر املماثل‬
‫وذلك كتشبيه الزهر بفتاة مجيلة عليها جواهر خضر وجواهر محر‪.‬‬
‫‪-‬أن يكون ومهيا‪ ،‬وذلك إذا يبتكر الشاعر صورة مل تكن عناصرها‪ ،‬ضمن التجارب السابقة‪ ،‬ومل‬
‫(‪)4‬‬
‫تضبط بضابط العقل‪.‬‬

‫‪-1‬على غريب حممد الشناوي‪ :‬الصورة الشعرية عند األعمى التحليلي‪ ،‬ص‪.156-146‬‬
‫‪,-2‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.158‬‬
‫الفصل األول‪ :‬الصورة الشعرية في النقد األدبي وتشكالتها‬

‫‪-3‬جابر عصفور ;الصورة الفنية يف الرتاث النقدي والبالغي‪ ،‬ص‪.13‬‬


‫‪-4‬إبراهيم بن عبد الرمحان الغنيم‪ :‬الصورة الفنية يف الشعر العريب‪ ،‬ص‪.115-114‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الصورة التشبيهية والصورة االستعارية‬

‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫الصورةـ التشبيهيةـ‬
‫والصورةـ االستعاريةـ‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الصورة التشبيهية والصورة االستعارية‬
‫‪-‬المبحث األول‪ :‬الصورة التشبيهية‬
‫إن للتشبيه دورا فعاال وأمهية يف النص األديب سواء أكان شعريا أو نثريا‪ ،‬كذلك إهتم به الدارسون‬
‫والنقاد وأولوه عناية فائقة وجعلوا منه أداة فعالة يف الرقى بالكلمات وجعلها تأخذ مسار اإلبداع‪ ،‬وهو يعترب‬
‫من التصوير البياين من كأول صورة حتظى بالدراسة فقد سبقوه بالدراسة واإلهتمام والرعاية على اإلستعارة‬
‫والكناية‪.‬‬
‫وهو حالة وصفية جلعل شيء ما يقرتب من خالل أوصافه من شيء آخر أو مطابقته كليا‪ ،‬مثال‬
‫بعض األوصاف اليت يضعها املتكلم بني الشيء وما يقابله من وصف‪ ،‬مثال على ذلك نقول‪ :‬كوثر‬
‫كالشمس فحرف الكاف جعلناه يقتصر على جزء من األوصاف اليت هي من لوازم الشمس‪،‬‬
‫ولكن حنن اسندناها لكوثر فأصبحت كوثر قريبة من الشمس‪.‬‬
‫أما يف احلالة الثانية حينما تكون كوثر تتصف جبميع مواصفات الشمس فنقول‪ :‬كوثر مشس‬
‫يف هذه احلالة أصبحت «كوثر» مشسا كلية وهذا نظرا إلتصافها جبميع مواصفات الشمس‪ ،‬وهذه‬
‫املواصفات تكمن يف "الكربياء‪ ،‬والعلو‪ ،‬والدفء‪ ،‬والشمولية والنفع‪ ،‬واإلشراق ‪...‬اخل "‪ ،‬ومنها‬
‫تصبح كوثر هي الشمس والشمس هي كوثر‪.‬‬
‫وحينما نتطرق إىل تعاريف التشبيه عند بعض الدارسني واألدباء والنقاد جند تعريف ايب‬
‫هالل العسكري حيث يقول‪« :‬أن التشبيه هو الوصفات" بأن أحد الموصوفين ينوب مناب‬
‫(‪)1‬‬
‫األخر بأداة" التشبيه ناب" منابه" أو لم ينب‪ ،‬وقد تحذف أداة التشبيه»‪".‬‬
‫من خالل هذا التعريف جند التشبيه هو مبثابة عملية وصفية ألن الوصفات دائما يسري معنا يف‬
‫حركاتنا ومكانتنا وهذا ما ميكننا أن نصف‪ ،‬وهذا الوصف يرتكز على جزأين أحدمها ينوب نيابة‬
‫جزئية عن االخر أو كلية‪.‬‬
‫وحينما تعود إىل ديوان الشاعر «بن مسينة» جند صورة تشبيهية يف هذا البيت‪:‬‬
‫ف‪َ  ‬س َو ٍاد (‪.)2‬‬ ‫ود ِه‪ ‬غَثِيَ ْ‬
‫ت‪َ  ‬ك ْي َ‬ ‫ُ‬
‫‪ ‬و َك ِ‬
‫اس ُّي‪ُ  ‬نه ِ‬
‫َ‬ ‫ودةٌ"‬ ‫وع ْي ِن‪َ  ‬س َّو َدهُ‪ ‬قِ َّ‬
‫صتُهُ‪َ  ‬م ْه ُد َ‬ ‫بُ َ‬
‫‪-1‬ايب هالل العسكري‪ :‬الصناعيتني‪ ،‬جند مفيد قميحة‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت لبنان‪ ،‬ط‪ ،1‬ص‪265‬‬
‫‪ -2‬امحد زغب‪ :‬ديوان إبراهيم بن مسينة "من فحول الشعر الشفاهي بواد سوف دار مطبعة‪ ،‬ركيت‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬الوادي‪ ،‬اكتوبر ‪ ،2004‬ص‪.24‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الصورة التشبيهية والصورة االستعارية‬
‫الشاعر يف هذه األبيات يتغزل مبحبوبته مسعودة ووصف مجاهلا الذي متثل يف سواد العني كسواد‬
‫الليل وهذا يف قوله‪" :‬كيف سواد "واملشبه "بوعني سوده "‪.‬‬
‫والداللة يف هذا البيت حسب رأينا اخلاص جند أن الشاعر من أسباب قوة وصفه‪ ،‬وتوغله‬
‫يف هذا التشبيه البعيد والعميق حنس وكأنه يقوم بتوجيه رسالة لكل من يعاتبه على حبه ملسعودة‬
‫وهو يرى بأن وصفه مهما بلغ ذروته‪ ،‬فهو ال يفي حقها‪ ،‬أو مبعىن آخر ال يصل إىل وصفها‬
‫احلقيقي الذي تتصف به‪ ،‬وهذا لكي يوصف املالحظات اليت توجه إليه‪ ،‬وحنن ليس كمن رأى‬
‫كمن مسع‪ .‬وهذا هو دور التشبيه حينما يكون سلسا وقعه‪ ،‬عذبا نطقه مثل قول عبد القاهر‬
‫اجلرجاين «ألفاظه كالماء في السالسة وكالنسيم في الرقة‪ ،‬وكالعسل في الحالوة»‪ )1(, ‬وهذا‬
‫ما وجدناه فعال يف هذا البيت‪ .‬ويأيت تشبيه آخر حني يقول الشاعر‪:‬‬
‫ْب‪َ  ‬ج ِري َد ٍة‪َ  ‬كايَ َد‪ ‬الْ ُق َد ُ‬
‫اد‬ ‫صل ِ‬‫َ‬ ‫ض‪ ‬اللَّ ِّي‪َ  ‬ح ْف ٌل‪ ‬بُِزروبَِة‪ ‬‬
‫َوالْ َق ُّد‪ ‬غَ َر َ‬
‫(‪)2‬‬
‫ص‪ ‬الزاد‬ ‫قَ َّديْ ِن‪ ‬طََّولَهُ‪ ‬اَل ‪َ ‬ت َق ٍّ‬ ‫دود ِه‬
‫ات‪ ‬ح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫في‪َ  ‬و َسط‪ُ  ‬ه َو‪َ  ‬ده‪َ  ‬م ْب َر َد " ُ‬
‫ِ‬

‫هنا الشاعر يصف رشاقة مسعودة حيث وصفها يف شكلها وقدها كالفرس أي النخيل‬
‫لقوهتا كجدار النخيل يف الصالبة‪ .‬حيث شبهها كأهنا حميط به الزرب يف طبعها وهذا تشبيه متثيلي‬
‫لتمثيلها بنخلة الغرس‪ ،‬كما شبهها أيضا بق ّدين وهو مقدار الطول لدى حمبوبته الفريد من نوعه‬
‫كطول النخلة املتوسطة اليت تلفت النظر‪ .‬للمارين من حوهلا بعدم النقصان أو الزيادة يف شكلها‪.‬‬
‫والداللة يف هذان البيتني نرى أن الشاعر واصل وصف اجلمال احلسي ملسعودة من دون أي‬
‫قيود أو حواجز‪ ،‬فدقق يف كثري من التفاصيل مركزا على الصفات املادية‪ ،‬فشكل لنا لوحة مجيلة‬
‫للمرأة يريدها "بن مسينة "وأكثر احلديث عنها بأسلوب صريح‪ ،‬وأبدع يف رمسها يف ذهنه مستعينا‬
‫مبا حوله من صورة طبيعية ومن مميزات التشبيه و مجع بعض الصور البعيدة وجعلها صورة ثنائية‬
‫وهذا ما زاد التشبيه بعدا دالليا وحسنا مجاليا يف تباعد صورة‪.‬‬
‫‪-1‬عبد القاهر اجلرجاين‪ :‬اسرار البالغية‪ ،‬حتقيق حممد الفاضلي‪ ،‬املكتبة العصرية صيدا‪ ،‬بريوت ‪ ،2005،‬ص‪.24‬‬
‫‪-2‬إبراهيم بن مسينة‪ :‬ديوان‪ ،‬ص‪.24‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الصورة التشبيهية والصورة االستعارية‬
‫وهذا ما وجدناه يف قول جابر عصفور‪« :‬وقيل إن التشبيه إذا قام على عناصر شديدة التقارب" كان‬
‫تشبيها عاديا مبتذال‪ "،‬وأنه يصبح تشبيها مبتكرا مستطرفا إذا قام على الجمع بين عناصر متباعدة»‪.‬‬
‫فهذا القول يبني لنا مميزات التشبيه وتقنياته يف التأثري يف املتلقي‪.‬‬
‫وقال أيضا‪:‬‬
‫اد‬ ‫‪َ ‬ت ْق ِم ُز‪َ  ‬ك َما‪َ  ‬شا ِر ٌد‪َ  ‬و َح َّي‪َ  ‬‬
‫صيَّ ُ‬ ‫ف‪َ  ‬ع ْو َد َة‪َ  ‬سابَِقةَ‪َ  ‬و َم ْر ُكوبَةً‬
‫ْج ْو ُ‬
‫َوال َ‬
‫ِ ٍ (‪.)1‬‬
‫س‪َ  ‬ن َها ِر‪ ‬عنَاد‬ ‫اش‪َ  ‬ع ْن‪ ‬فَا ِر ِ‬ ‫‪َ  ‬و َم ٍ‬ ‫ت‪َ  ‬م ْر ُكوبُهُ‬ ‫ود ِه‪ ‬لََّف ْ‬
‫اش‪َ  ‬عن‪ ‬عُ ِ‬
‫َم ٍ ْ‬
‫شبه الشاعر هنا عظمة حمبوبته بعد خنلة الغرس بالسفينة يف ضخامتها وهيبتها‪ ،‬مث يصفها‬
‫بالفرس األصيلة اليت جتري قفزا على دفعات طويلة دون الشعور بالتعب أو اإلرهاق‪ ،‬فالشاعر هنا‬
‫يرسم صورة بليغة يف اإلحياء فهو يلمح دائما عن شجاعة وبالغة حمبوبته يف عدة دالالت غري‬
‫مباشرة منها املرونة واجلمال وللصمود‪ ،‬والتشبيه يف هذه األبيات مرسل مفصل‪ ،‬ألن الشاعر يف‬
‫أغلب تصاويره مفصلة وواضحة‪ .‬والداللة يف هذا البيت حسب رأينا اخلاص من خالل التشبيه أن‬
‫رسالة حمبوبته ال مثيل هلا‪ ،‬وأيضا يعلي من مكانة املمدوح ليس يف الشجاعة فقط بل يف البناء‬
‫واجلمال واخلفة وهنا يتبني شرف املمدوح ومكانته املرموقة لدى الشاعر‪ ،‬ويف التشبيه حدث ما‬
‫يسمي باملفارقة أو التباعد وهذه تعود إىل إمكانيات الشاعر التصويرية ودرايته الكاملة بالتشبيه‬
‫«ألن التشبيه في النهاية نوع من المالحظة الذكية لصلة بين شيئين أو اشياء ال تبدو للناظر‬
‫العادي األول" وهلة وتلك بدورها ليست شيئا سوى الفطنة التي يرتد إليها معنى كلمتي الشعر‬
‫(‪)2‬‬
‫والشاعر»‪.‬‬
‫وهذه الفطنة لوحظت يف هذه األبيات من خالل الصورة التشبيهية ومثيلها‪.‬‬

‫‪-1‬جابر عصفور‪ :‬الصورة الفنية يف الرتاث النقدي والبالغي عند العرب‪،‬ص‪.185‬‬


‫‪-2‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.313‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الصورة التشبيهية والصورة االستعارية‬
‫وم‪ ‬اللَّْي ِل‬
‫َونُ ْس ِه ُر‪َ  ‬ك َما‪ ‬تَ ْس َه ُر‪ ‬نُ ُج ُ‬ ‫‪ ‬‬
‫ول‪ ‬ال ُْم َدى‪ ‬نَ ْج ُم ُر‬ ‫ظامي‪َ  ‬علَى‪ ‬طُ ِ‬
‫‪ُ  ‬خ ُذونِي‪َ  ‬ر َو ِام َق‪َ  ‬ع ْي َن‪ ‬بوكنتيل‬
‫ك‪ ‬لَ َدغَنِي‪ ‬ياصغيرة‪َ  ‬و َم َّر‬ ‫ُحبَّ َ‬
‫(‪)1‬‬
‫يل‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ْجيِّ َد‪َ  ‬ك ْي‪َ  ‬يل ِْف َ‬
‫ظ‪ ‬بِالْكَاَل َِم‪ ‬يُ ْك ِم ُل‬
‫ْح ْم ُل‪ ‬الل َّي‪ ‬عليه‪ ‬ثَق َ‬ ‫‪َ  ‬و َي ْرف ُد‪ ‬ال َ‬ ‫ال َ‬
‫ويف هذه األبيات يصف الشاعر حالته الشعورية من طول الوقت وشوق احلبيبة ‪،‬وحرقة ضمريه‬
‫وسهره الليايل حيث شبهه كسهر جنوم الليل ‪،‬ويصف حبه وعشقه هلا كاللدغة اليت خلفت له أمارة‬
‫كلما نظر إليها ويف عيوهنا بالتحديد وشبه نظره إليها كطائر بوكنتيل يف دقته للتفاصيل مث يقول إن‬
‫الشهم الكرمي من ألفاظ كالمه صارم يتحمل املسؤولية امللقاة على عاتقه والوفاء بالوعد ‪،‬ففي البيت‬
‫األول جند التشبيه التمثيل جنده مثل سهره وهيامه كسهر جنوم الليل ‪،‬أما يف البيت الثاين جند نوع من‬
‫املبالغة يف وصف عشيقته وهذا ما زاد الصورة بالغة يف كون التشبيه والبيت األخري‪ ,‬جند التشبيه‬
‫الضمين يف تلميح للتشبيه يف غري صراحه هذه الصورة يف األبيات ال حتتاج إىل العقل يف اإلبانة عن‬
‫داللتها ألن الشاعر هدفه واحد وهو التغزل مبحبوبته ومدحها فالصورة رغم وضوحها ظاهريا ‪،‬إال أهنا‬
‫مل ختلو من الفنية و املسحة اخليالية اليت عودنا عليها الشاعر وملسناها يف أبياته من خالل تشابيهه كسهر‬
‫النجوم ولدغة احلب ‪،‬فقد إعتمد الشاعر على اخليال يف الكشف عن أوجه التشبيه بني أطراف التشبيه‬
‫لنقل الصورة النفسية الباطنية اليت ختتلج صدر الشاعر ‪،‬وهذا ما وجدناه يف قول ‪:‬مسعود خالف‬
‫«حيث يقوم الخيال بصهرها في بوتقته وبرغم ما حققته" هذه الصور الرومانسية" في خروجها" عن‬
‫الذوق القديم الذي يؤكد على النقل األمين" الواقع فأن الصورة في ظل هذا النمط التصويري ال‬
‫تخرج عن كونها شرحا وتوضيحات لما يجيش بداخل" الشاعر في اإلنتقال من نقل الواقع إلى‬
‫(‪)1‬‬
‫نقل المشاعر واألحاسيس »‪.‬‬

‫‪-1‬مسعود خالف‪ : ‬شعر عبد اهلل محادي بني الرتاث و احلداثة‪ ,‬رسالة ماجستري قسم اللغة العربية و آداهبا ‪,‬جامعة منتوري ‪,‬قسنطينة ‪ ,2001,‬ص‬
‫‪.260‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الصورة التشبيهية والصورة االستعارية‬
‫اَل ‪َ  ‬د َر َجةٌ‪ ‬اَل ‪ ‬لِ ُق َّح ٍة‪ ‬بِ ِح َوا ٍر‬
‫ت‪ ‬بَايُِرهُ‬ ‫‪ ‬‬ ‫اَل ‪ ‬خششوها‪ ‬لِس ِ‬
‫وق‪َ  ‬م َّزقَ ْ‬ ‫ُ‬
‫ص ِر‪ ‬لُِي َز َار‬‫‪َ  ‬كثِير‪ ‬و َكر ًها‪ِ  ‬من‪ ‬م ْنتَ ِ‬
‫ْح ْف ِل‪ ‬وحفايره"‬
‫َ َ ْ ْ ُ‬ ‫ثقلب‪ ‬على‪َ  ‬وبْن‪ ‬ال َ‬
‫ِ‬ ‫ط‪ ‬مَتعلِّ ِق‪ ‬ب ِ‬ ‫ِ‬
‫ُّوا ِر‬ ‫في‪ ‬شأو‪َ  ‬ما ِر َ‬ ‫في‪َ  ‬خ ِّ ُ َ َ‬
‫(‪)1‬‬
‫س‪َ  ‬ف ْت ِح‪ ‬الن َّ‬ ‫عيد‪ ‬سدايره"‪ ‬‬
‫هنا الشاعر شبه فتاته بالبكرة أ ي صبية ناضجة مثل الناقة اليت مل يسبق هلا أن محلت األثقال‬
‫أو سلكت مسافات بعيدة وأراضي وعرة‪ ،‬مث يشبه حمبوبته مرة أخرى بالناقة اليت مل يسبق هلا أن‬
‫أجنبت أو أرضعت أو عرضت للبيع يف األسواق وهذا يف قوله "ال درجت ال لقحت بحوار "‪ ،‬مث‬
‫يصف املناطق اليت متكث هبا البكرة فهي أراضي خالية كثرية املرتفعات واملنخفضات ومن هذه‬
‫املواضع “منتصر” ” ليزار” فقد شبه حمبوبته بالبكر اليت ترعى يف أراضي اخلالء البعيدة ال تصلها‬
‫اإلبل بالتحديد يف شهر مارس عند تفتح الزهور‬
‫فالشاعر هنا رسم صورة بليغة يف االحياء‪ ،‬فهو يتغزل مبحبوبته يف عدة دالالت وهنا تشبيه ضمين‬
‫ألنه يلمح املشبه "احملبوبة "واملشبه به "البكرة "ويفهمان من خالل املعىن‪.‬‬
‫وداللة الصورة أن الشاعر أدت به التجربة الغرامية يف مواصلة وصف اجلمال احلسي ملسعودة من‬
‫دون أي قيود أو حواجز فدقق يف الكثري من التفاصيل‪ ،‬مركزا على الصفات املادية‪ ،‬ومن مث شكل‬
‫لنا لوحة مجيلة للمرأة يردها‪ ،‬وأكثر احلديث عنها فكانت صورة حسية ماثلة يف شعره‪ ،‬تطفح منها‬
‫رائحة الغريزة بأسلوب صريح‪ ،‬وأبدع يف رمسها يف ذهنه‪ ،‬مستعينا مبا حوله من صورة طبيعية‪.‬‬
‫ِ‬
‫عود‬
‫لعجو‪َ  ‬بنْي َ ‪ ‬زوز‪ُ  ‬ر َ‬
‫‪ ‬براريق‪ُ  ‬‬ ‫َواخْلَ ُّد‪َ  ‬‬
‫سام ُر‪َ  ‬ك ْي‪ ‬لَ َم َع‪ ‬م ْش َعالُهُ‬
‫(‪)2‬‬

‫يف هذا البيت يشبه الشاعر خد حمبوبته سامر ومضيء يلمع كلمع هلب النار يف مشعله ويف خدها‬
‫ملعان كضوء الربق هنا تشبيه متثيلي‪.‬‬

‫إبراهيم بن مسينة‪ :‬ديوان ص‪.33‬‬ ‫‪-1‬‬


‫املرجع نفسه ‪ ,‬ص ‪36‬‬ ‫‪-2‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الصورة التشبيهية والصورة االستعارية‬
‫ب‪ِ  ‬ع ْرقِ َها‪َ  ‬ويْ َن‪ ‬تَ َح ُّم ِل‪ ‬الْ ِو ْديَان‬‫ض ْر ِ‬
‫‪َ ‬‬ ‫صةَ‬ ‫ِ‬
‫ت‪َ  ‬زاهيَةُ‪َ  ‬ش ْرق ُّي‪ ‬مجاري‪َ  ‬ق َف َ‬
‫ِج ُ ِ‬

‫َواَل ‪ُ  ‬م َع ِّك ُر‪ُ  ‬ش ْه‪ ‬اَل ‪ُ  ‬م ْنتَبِهُ‪ ‬لغصان‬ ‫ال‪َ ‬تبُسهُ‪ ‬‬ ‫َكما‪َ  ‬سرولَهُ"‪ ‬ظُ ْهرةُ‪ِ  ‬جبَ ِ‬
‫َ‬ ‫َ َْ‬
‫ت‪ِ  ‬م َن‪ ‬الكيفان‬ ‫‪ ‬جات‪َ  ‬ما ِرقَةَ‪ ‬تَاقَ ْ‬ ‫سهُ‬ ‫َعلَى‪ ‬و ٍاد‪ ‬ي ْنهر‪ ‬و َّ ِ‬
‫الس َّواق َّي‪ُ  ‬خ ُم َ‬ ‫َ َ َْ َ‬
‫(‪)1‬‬
‫َّاها‪َ  ‬م َواتِ ُّي‪ ‬الْ َكتَّان‬
‫َو ًاما‪َ  ‬عض َ‬ ‫َوالْ َخ َّد‪ ‬شمس‪ ‬اللَّ َّي‪ ‬ضوت‪َ  ‬ع ْن‪ ‬مهس‬
‫الشاعر يف مطلع البيت يشبه فتاته بالنخلة الفتية يف شكلها من خالل قوله "جت زاهية‬
‫" أي تسر النظر من شدة اإلخضرار واخلصوبة ألن عروقها بالقرب من الوديان‪ ،‬مث يشبه فتاته مرة‬
‫أخرى بشجرة السرو يف الرشاقة واالعتدال واالستواء فليس هبا أي عيب كمحبوبته متاما‪ ،‬بعدها‬
‫يتبع خطوات الفتاة ويشبهها يف خروجها كشجرة السرو يف بزوغها بني الصخور‪ ،‬وأخريا يشبه‬
‫خدها بالشمس اليت تشرق يف املساء يف ضياءها ونورها ويتغزل جبسمها املنسجم مع الثوب اليت‬
‫تلبسه‪.‬‬
‫يف هذه األبيات ظهور التشبيه التمثيلي من خالل وضع عدة تشبيهات لوصف حمبوبته يف أفضل‬
‫صورة بالغية‪.‬‬
‫فالشاعر يف كل مرة خيتار أمجل شيء يف احليوانات أو األشياء املوجودة حوله وينعتها هبا‬
‫ليطفئ حنينه الشديد حملبوبته وشوقها العارم لوجودها حوله ‪،‬فاإلحساس جبمال املرأة الذي يعود‬
‫إىل أعماق النفس البشرية ‪،‬ال خيتلف من اإلحساس جبمال تلك احليوانات أو األشياء املشبه هبا‬
‫واليت قد يثري اللذة ذاهتا ‪،‬فالعالقة بني الصورة ليست يف الشكل الظاهري فقط أهنا عالقة نفسية‬
‫تثريها هذه الصورة وأحاسيس تربط بني الصورة كما يؤدي إىل رباط نفسي حنكم بينهم ‪،‬إضافة‬
‫إىل نقل املعىن وتوضيحه وسيلة تأثريية تسلط على املتلقي فتحببه يف الشيء املصدور‪.‬‬

‫‪ -1‬املرجع السابق‪ ,‬ص‪.39‬‬


‫الفصل الثاني‪ :‬الصورة التشبيهية والصورة االستعارية‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الصورة اإلستعارية‪":‬‬


‫اإلستعارة خاصية فكرية‪ ،‬أي أهنا تتم يف الفكر‪ ،‬وتتجلي يف اللغة اليت نستعملها فتبني‬
‫طريقتها يف اإلدراك والتفكري والسلوك والتعبري فيجب على الشاعر أن خيتار ألفاظا تنحت صورة‬
‫يف السمع واخليال معا‪ ،‬كما أن مجال الشعر يف األعم من مجال اإلستعارة‪ ،‬اليت تعرب بالصورة‬
‫وتستعمل موضوعات العاطفة لتدل على موضوعات التفكري اخلاص‪.‬‬
‫فهي لون من ألوان البيان‪ ،‬قد ال تبني لنا الصورة مباشرة‪ ،‬لكنها يف ذات الوقت ترتكك‬
‫تلهث خلفها باحثا عن ماهيتها وعن هدفها وداللتها‪ ،‬وهذا اإلحنراف بالكالم عن موضعه األصلي‬
‫يكسب الكالم أو الشعر رونقا جذابا وحالوة تعبريية ترتك هذا التعبري عذبا مستأنسا هتتز اإلذن‬
‫عند مساعه ويقف العقل كي يتأمله‪ ،‬وهي عبارة عن كلمات تستعمل يف غري أصوهلا حىت يصعب‬
‫على املتلقي الوصول إىل املعىن مباشرة‪.‬‬
‫ويعطي عبد القاهر اجلرجاين حملة عن اإلستعارة نفهم من خالهلا حقيقتها كوهنا حني يقول‪:‬‬
‫«أعلم أن اإلستعارة في الجملة أن يكون للفظ أصل في الوضع اللغوي معروفا تدل الشواهد"‬
‫على أنه اختص به حين وضع‪ ،‬ثم يستعمله الشاعر أو غير الشاعر في غير ذلك األصل وينقله‬
‫(‪)1‬‬
‫إليه مثال غير الزم‪ ،‬فيكون هناك كالعارية»‪.‬‬
‫فاإلستعارة ترد يف الشعر كما أهنا ترد يف غريه من األجناس األدبية األخرى‪ ،‬وأن الكالم‬
‫الذي خيلو منها يعترب كالمها مباشرة واضحا فمعناه على سطح ألفاظه وال جيهد املتلقي وال يعىن يف‬
‫البحث عنه وهذا دليل أن اإلستعارة ترفع من شأن الكالم وتسمو به إىل مراتب اإلبداع فيصبح‬
‫كالما ثريا مزخرفا‪ ،‬حيمل معان عديدة يف لفظ وجيز‪ ،‬فيه دقة تصويرية واحيائية وبالغية‪.‬‬
‫توجد يف ديوان الشاعر "بن مسينة "العديد من الصور اإلستعارية منها‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ ‬ال ِْم ْن َقا ِر‪ ‬بَِريْنِ ِّي‪ ‬طَْي ِر‪َ  ‬ولَ ِد‪ ‬اجواد‬ ‫ود ِة"‬
‫ود ٍة‪ُ  ‬م َح ِّف َف ٍة‪َ  ‬و َم ْق ُد َ‬ ‫قَ َّ‬
‫ضةُ‪ ‬لُبُ َ‬

‫‪-1‬عبد القاهر اجلرجاين‪ :‬اسرار البالغية‪ ،‬ص‪.71‬‬


‫الفصل الثاني‪ :‬الصورة التشبيهية والصورة االستعارية‬
‫‪ -2‬إبراهيم بن مسينة‪ :‬ديوان‪ ،‬ص‪24‬‬

‫شبه الشاعر يف هذه الصورة حبيبته بطائر الربين ‪،‬وهو طري احلراري ‪،‬يف إعتدال أنفها‬
‫ووسامته فشبهها كمنقار الربين فحذف املشبه به "حمبوبته "وترك شيء من لوازمه منقار طائر‬
‫الربين ‪،‬على سبيل اإلستعارة التصرحيية ‪،‬ولقد صاغ الشاعر صورته صياغة مجالية بوعي سامهت يف‬
‫تركيز املعىن وتكثيفه عند املتلقي إنطالقا من وسطه املعاشي ‪،‬وتبقى اإلستعارة أشد الوسائل فعالية‬
‫يف توسيع جمال املعىن والتأثري يف املتلقي ويتضح من اإلستعارة يف الوقت نفسه أن األمر ال يتعلق‬
‫باملعىن فحسب وإمنا يتعلق كذلك مبشاركة كل املؤثرات احلسية والتصورات اجلانبية ‪،‬وبفضلها‬
‫‪1‬‬
‫أصبحت كلمة البحر إستعارة للحياة‪.‬‬
‫ويقول الشاعر‪:‬‬
‫الز َمان‪َ  ‬خيَ ٌ"‬
‫ال‬‫(‪)2‬‬
‫اسهُ"‪َ  ‬و َّ‬
‫َب َر ُموهُ‪ ‬نَ َ‬ ‫َحبيبِ ُّي‪ ‬اللَّ ِّي‪ُ  ‬م َفا ِر ٌق‪َ  ‬ب ْع َد‪ ‬ماجاورني"‪ ‬‬
‫برموه ناسه إستعارة مكنية ‪،‬إذ شبه الشاعر حمبوبته مبجموعة اخليوط اليت تربم وتتحول إىل حبل‬
‫‪،‬حيث حذف املشبه به ودل عليه بالزمة من لوازمه وهو الربم واملقصود به تغري طبعه و تغريه عن‬
‫حالته الطبيعية و إستعار هذه الصورة من بيئته فقد كان للخيوط واحلبال دور كبري ومهم يف حياة أهل‬
‫البادية يستعملوهنا لصنع مسكنهم وملبسهم وربط دواهبم ‪...‬اخل ومن أهم املواد اليت يصنع منها اخليط‬
‫أو احلبال ولكي يتحول اخليط إىل حبل متني صعب التمزيق جيب عليه أن مير مبرحلة الربم ‪،‬ولقد كان‬
‫هلذه الصورة دور مهم يف تقريب املعىن وجتسيده وتشخيصه مما زاد يف مجال الصورة وبراعة حبكها يف‬
‫ذهن املتلقي ‪،‬وهذا ما جنده يف نظر عبد القاهر اجلرجاين يف حتدثه عن دور اإلستعارة بقوله ‪«:‬ومن‬
‫الخصائص التي" تذكر بها ‪،‬وهي عنوان مناقبها أنها تعطيك الكثير من المعاني باليسر" من اللفظ‬
‫حتى تخرج من الصدقة الواحدة" من الذرر ‪،‬وتجني من الغضن" الواحد" أنواع من الثمر» (‪.)3‬‬

‫كايزر فولفغأنغ‪ :‬العمل الفين اللغوي (ندخل إىل علم األدب) ترمجة‪ :‬ابو العيد دودو‪ ،‬دار احلكمة ‪،‬ج‪1‬اجلزائر ‪2000،‬‬ ‫‪-1‬‬
‫إبراهيم بن مسينة‪ :‬الديوان‪ ،‬ص‪.24‬‬ ‫‪-2‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الصورة التشبيهية والصورة االستعارية‬
‫عبد القاهر اجلرجاين‪ :‬اسرار البالغية‪ ،‬ص‪.36‬‬ ‫‪-3‬‬

‫ويقول أيضا‪:‬‬
‫(‪)1‬‬ ‫ود‪ ‬ع‪ ‬لِطُر ٍ‬
‫اف‬ ‫‪ ‬لَ ْو ِح‪ ‬عظف‪ ‬ال ُْه َ‬ ‫ب‪ ‬والوطا‪َ  ‬م ْش ُقوقَة‬
‫َ‬ ‫الس ْي ُل‪َ  ‬يل َْع ُ‬
‫َو َّ‬
‫سيل املاء يلعب أي يتماوج‪ ،‬من املعروف منذ األزل وإىل يومنا هذا أن املصدر الرئيسية‬
‫األول للمياه هي السيول الناجتة عن األمطار الغزيرة‪ ،‬أو ذوبان الثلوج فكان عندهم عام اخلري إذا‬
‫كانت السيول جارفة إذ أهنا داللة على املراعي اخلضراء واخلريات الكثرية حليواناهتم وألنفسهم‪ ،‬مما‬
‫شبه السيل باإلنسان وحذف املشبه به‪ ،‬وأشار له بأحد لوازمه وهو اللعب على سبيل اإلستعارة‬
‫املكنية‪.‬‬
‫وإختار الشاعر صفة اللعب للسيل بضبط دون غريها ليدل على احلركة املستمرة العشوائية للمياه‬
‫وعلى مساحات كثرية‪ ،‬وهنا وفق الشاعر يف إختيار هذه اللفظة فقد شدت السامع وحولت‬
‫الصورة من صورة طبيعية جافة إىل صورة ملموسة لدى املتلقي‪ ،‬فزاد من مجال ورونق البيت‬
‫الشعري‪ ،‬كما أن الصورة خرجت بني الواقع واخليال‪ ،‬وهذا هو الشعر على حسب رأي جبار‬
‫(‪)2‬‬
‫عصفور يف قوله‪« :‬أن الشعر صناعة ذهنية أو تخيل عقلي»‪.‬‬
‫ويقول الشاعر أيضا‪:‬‬
‫بابور‪َ  ‬عن‪َ  ‬ش ٍ‬
‫اف‪ ‬الْبَ ْح ِر‪َ  ‬ي ْن َج ُ‬ ‫احةَ‪ُ  ‬ركوبِ ِه‪ ‬طُْرفِ ِه‪ ‬‬ ‫ِِ‬
‫َس ِر ُ‬
‫(‪)3‬‬
‫ال‬ ‫َُ ً ْ‬ ‫يع‪َ  ‬م ْشيَته‪َ  ‬ر َ‬
‫شبه هنا الشاعر احلصان يف ركبته بالبابور أي الباخرة مل يذكر املشبه احلصان وصرح‬
‫مباشرة باملشبه به وهو البابور على سبيل اإلستعارة التصرحيية ‪،‬بالرغم أن هذه الصورة دخيلة عن‬
‫بيئته ومكان عيشه وهو الصحراء ‪،‬إال أنه من املمكن أن يكون قد إستقاها من كثرة تنقالته من‬
‫بالد إىل بالد ‪،‬خاصة أنه كان يشتغل يف التجارة وغريه ‪،‬لكن ما يشدنا هلذه الصورة هو ما ملسناه‬
‫من روعة يف الوصف ومجال يف التصور ‪،‬وهنا تتحقق مزايا و دالالت اإلستعارة وهذا حسب قول‬
‫"كايزار فولفغانغ"‪ :‬تعتبر اإلستعارة" أكثر صور الكالم المخالف للواقع شعرية ‪،‬وتعني نقل‬
‫المعاني" من ميدان إلى آخر ‪،‬غريب بطبيعته ‪.)4("...‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الصورة التشبيهية والصورة االستعارية‬
‫‪-1‬إبراهيم بن مسينة‪ :‬ديوان‪ ،‬ص‪47‬‬
‫‪ -2‬جابر عصفور‪ :‬الصورة الفنية يف الرتاث النقدي والبالغي عند العرب‪ ،‬ص‪.206‬‬
‫‪-3‬إبراهيم بن مسينة‪ :‬الديوان‪ ،‬ص‪.41‬‬
‫‪-4‬كايزرلفغانغ‪ :‬العمل الفين اللغوي‪ ،‬ص‪.178‬‬

‫فالشاعر خيفي شوقه وحنينه إىل حبيبته بعد أن تركته يف ظروف غامضة فتارة يصفها باخليل يف‬
‫سرعة رحيلها وتارة أخرى بالبابور الذي جيوب البحر دون معرفة مصريه‪.‬‬
‫ويقول الشاعر أيضا‪:‬‬
‫‪ ‬لَ ْو ِح‪ِ  ‬غظ ُ‬
‫ْت‪ ‬الهودع‪ ‬لِطُر ٍ‬
‫(‪)1‬‬
‫اف‬ ‫َ‬ ‫ش ِّوقَةَ‬
‫ب‪ ‬والوطا‪ُ  ‬م َ‬
‫الس ْي ُل‪َ  ‬يل َْع ُ‬
‫َو َّ‬
‫سيل املياه يلعب أي يتماوج‪ ،‬معروف منذ األزل املصدر الرئيسي للمياه هي السيول الناجتة‬
‫عن تساقط األمطار الغزيرة‪ ،‬فإذا كانت السيول جارفة دليل على وجود املراعي اخلضراء واخلريات‬
‫الوفرية فهنا شبه السيل باإلنسان فحذف املشبه به وأشار له بأحد لوازمه وهو اللعب فهنا‬
‫اإلستعارة مكنية‪.‬‬
‫هنا وقف الشاعر يف إختيار هذه الصورة بالتحديد إختيار اللفظة فقد شدت السامع‬
‫وحولت الصورة من صورة طبيعية جافة إىل صورة ملموسة و ومستساغة لدى املتلقي‪ ،‬ويتجلى‬
‫(‬
‫ذلك يف قول كايزر فولفغانغ‪« :‬أن اإلستعارة هي الشكل اللغوي غير الحقيقي األكثر أهمية»‪.‬‬
‫‪)2‬‬

‫فهذه الصورة اليت إستعارها الشاعر من وحي الطبيعة سامهت يف تركيب صورة فنية جدا‬
‫رائعة‪ ،‬إستمدت من عناصر الطبيعة اليت تدخل اخللق الفين‪ ،‬حيث مجعت عناصرها وسيقت يف‬
‫مشهد غين واحد وعرب بذلك بأن املياه لن تذهب هكذا هدرا وأهنا تصنع حياة جديدة فقد خلع‬
‫مشاعره على الطبيعة‪ ،‬حماوال بذلك حتسني مشاعره فأمتزج شعوره بالطبيعة وبرزت مجالية شعرية‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ُ  ‬ك َواَي‪ ‬يَ ْك ِوي‪ ‬بالبارود‬ ‫ِ‬
‫ك‪َ  ‬ك َوأني‪ ‬ياظريف‪ ‬خاَل لَهُ‬
‫ُحبُّ َ‬
‫شبه الشاعر هنا احلب والود هو شيء حمسوس بالنار أو شيء آخر حيرتق فحذف املشبه به‬
‫ودل على الزمة من لوازم وهي الكوي‪ ،‬فهنا إستعارة مكنية‪ ،‬حيث جعل الشاعر حب هذه احملبوبة‬
‫كأهنا نار حترق به فؤاده بعد غياهبا فهو يصرح حببه هلا حىت بعد ختليها عنه ويكن هلا اإلحرتام‬
‫والوفاء واإلخالص بصفة دائمة دون تغري‪ ،‬وهذا يظهر من داللة الصورة اليت وضعها الشاعر يف‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الصورة التشبيهية والصورة االستعارية‬
‫أصدق تعبري فقد ترك املتلقي يتعايش ويتفاعل مع هذه احلالة اليت وصل إليها الشاعر فمرة يتغزل‬
‫مبحبوبته من ناحية مظهرها ومرة أخرى يتحسر ويلقي اللوم عليها‪.‬‬
‫‪ -1‬إبراهيم بن مسينة‪ :‬ديوان ص‪.46‬‬
‫كايزرفولفغانغ‪ :‬العمل الفين اللغوي‪ ،‬ص‪.192‬‬ ‫‪-2‬‬

‫‪ -3‬إبراهيم بن مسينة‪ :‬ديوان ص‪.35‬‬

‫وهذا ما جنده يف قول‪ :‬أمحد مبارك اخلطيب‪« :‬في اإلستعارة" وظيفة إنزياحيه" تختلط فيها المعالم"‬
‫وتتالشى الحدود وتميل إلى" اإلغراب واإلدهاش‪ ".‬وتخرق قواعد العقل" والمنطق»‪ .1‬ويقول‬
‫الشاعر أيضا‪:‬‬
‫َو ِم ْن َها‪ِ  ‬ش َّقا‪ ‬ال َْع ْق ِل‪ ‬بايت‪َ  ‬ح ِزي‬ ‫الجبيي ِن ‪ ‬وم ْنع ِ‬
‫وت‪َ  ‬ويْ ٍن‪ ‬‬ ‫ص َه َد‪ ‬داذاي‪ ‬ضاوي‪ُ َ َ ْ  ‬‬ ‫نُ ِح ُّ‬
‫س‪َ  ‬‬
‫(‪)2‬‬
‫َن‬
‫صرح الشاعر مباشرة باملشبه والعقل‪ ،‬على سبيل اإلستعارة التصرحيية‪ ،‬فالشاعر يبيت الليل‬
‫حزين يتفقد حبيبته والسؤال عنها والبحث الدائم على أخبارها حبيث كل هذه املشاعر‬
‫واألحاسيس تسبب له الصهد وهو العرق الذي يظهر على اجلبني عند ممارسة األعمال الشاقة‪،‬‬
‫فالشاعر هنا شبه مشقة حبه حلبيبته كمشقة األعمال الشاقة‪.‬‬
‫فهذه الصورة أضفت رونقا ومجاال خاص للقصيدة ألن الشاعر يدمج مشاعره ليؤكد تعلقه‬
‫مبحبوبته بقسميها الصامت واملتحرك‪.‬‬
‫جند أيضا قول الشاعر‪:‬‬
‫ِ (‪)3‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ ‬زازعامي‪ُ  ‬ق ْر َعةً‪َ  ‬وَت ْنكي َد‬ ‫ِّر‪ ‬متاموره‬
‫في‪ُ  ‬كنِّيني‪ُ  ‬ي َقد ُ‬
‫شبه الشاعر كنينه بالقلب الذي يف شدة النكد واحلزن وخمالفة احلظ له‪ ،‬فقد أحس بفراغ‬
‫وشوق وحنني حملبوبته فأخد ينشد قصيدة يعرب فيها عن مدى إشتياقه هلا ‪،‬إال أن كالمه مل يغري رأي‬
‫مسعودة بل زادها عزا وإصرار على عدم العودة له ‪،‬بل أحرقت فؤاده وتزوجت من رجل آخر‬
‫‪،‬فالشاعر يف هذا البيت ذكر املشبه "الكنني "وحذف املشبه به "اإلنسان "هنا إستعارة مكنية ‪.‬‬
‫ك‪َ  ‬س َك ُ"ن‪َ  ‬ب ْي ٍن‪ ‬لُِن َه َ‬
‫(‪)4‬‬
‫ياعوم‪ ‬لرياد‬ ‫اد‪ ‬‬ ‫َحبَّ َ‬
‫شبه الشاعر احلب والود باإلنسان‪ ،‬حذف املشبه ودل على الزمة من لوازمه سكن وهي‬
‫اللفظة ختص اإلنسان وهو الذي يسكن فالشاعر من كثر حبه حملبوبته جعل هذا احلب يسكن بني‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الصورة التشبيهية والصورة االستعارية‬
‫اكتافه ففي هذا البيت يرسل من خالل كلماته أشواقه حملبوبته رغم بعد املسافات‪ ،‬إضافة إىل‬
‫الصعوبات والعراقيل إال أنه مازال على عشقه هلا إىل درجة اجلنون‪.‬‬

‫‪ -1‬امحد مبارك اخلطيب‪ :‬اإلنزياح الشعري عند املتنيب (قراءة يف الرتاث النقدي عند العرب)‪ ،‬دار احلوار للنشر والتوزيع ‪،‬ط‪،1‬سوريا ‪.2009،‬‬
‫‪ -2‬إبراهيم بن مسينة‪ :‬ديوان‪ ،‬ص‪35‬‬
‫‪-3‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.54‬‬
‫‪-4‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.81‬‬

‫إذا تأملها صورة املرأة احلبيبة يف ديوان الشاعر إبراهيم بن مسينة جندها حاضرة يف تشكلها‬
‫العفيف‪ ،‬إذ ختطر املرأة احلبيبة يف صورة فتاة أحبها وكانت أمجل ما رأت عينه لكنها إختفت‬
‫وتركته بالرغم من هذا جنده ينظر للمرأة نظرة إجيابية هلا مكانة خاصة ومميزة‪.‬‬
‫ويقول أيضا‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ُ  ‬ش َّرا ٌ"د‪ ‬اَل ‪َ  ‬ي ْه َج ُع‪َ  ‬واَل ‪ ‬يَطُ َّمان‬ ‫قالق‪ ‬مايروم‪ ‬الْ ُخطُو َط‪ ‬الخاينة‬
‫الذي يفهم يف هذا البيت أن الشاعر يريد أن يشبه الفتاة اليت ال يشتهي للراحة وال‬
‫يطمئن ‪،‬وأصل الكالم (الفتاة كالغزال الشراب ال يهجع وال يطمان)‪،‬فحذف املشبه (الفتاة‬
‫احملبوبة)‪،‬وصرح باملشبه به (غزال الشراد )على سبيل اإلستعارة التصرحيية ‪،‬فهذه الصورة اليت‬
‫إستقاها الشاعر من صميم بيئته ‪،‬نظرا أن حيوان الغزال يعيش يف الصحاري ‪،‬وهو حيوان يضرب‬
‫به املثل يف شدة مجاله وسرعته ‪ ،‬وعندما شبه الشاعر فتاته هبذا الوصف زاد من مجال الصورة‬
‫جبمال هذا احليوان املادي واملعنوي وهناك تكمن بالغة اإلستعارة كما قال فيها "اجلرجاين «فأنك"‬
‫لترى بها الجماد حيا وناطقا واألعجم فصيحا واألجسام الخرس مبنية والمعاني" الخفية بادية‬
‫وتجد التشبيهات" على الجملة غير معجبة مالم تكنها أن شئت أترك المعاني" اللطيفة التي هي‬
‫من خفايا العقل" كأنها قد جسمت ورأتها" العيون ‪،‬وأن شئت لطفت األوصاف الجسمانية حتى‬
‫(‪)2‬‬
‫تعود روحانية ال تنالها إال الظنون‪ .‬وهذه إشارات وتلميحات في بدائعها‪»،‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الصورة التشبيهية والصورة االستعارية‬
‫ومن املعروف أن الشاعر وليد بيئته ‪،‬فهو ينهل مما حوله ويوظفه يف شعره ألنه خبري مبكوناهتا‬
‫وقادر على أن يصف ويشبه ويستعري من صورها املادية وميزجها مع أحاسيسه ومشاعره ليولد منها‬
‫صورة شعرية ملموسة واضحة يف ذهن القارئ فالشاعر بن مسينة قد أهتم بعناصر الطبيعة املتنوعة‬
‫كاجلو بربيعه وشتائه ورياحه وأمطاره ‪،‬واألرض بأشجارها وحيواناهتا ‪،‬وصحرائها ‪،‬بطريقة يرمز هبا‬
‫عن أشياء أخرى تشغل باله وحتريه ‪،‬وقدرت الشاعر على خلق صور من الطبيعة وجعلها رموز‬
‫ملدلوالت آخر كل ذلك يدل على ذوق الشاعر وحسه املرهف وكذلك يكشف لنا عن ما يف‬
‫اعماقها من شوق وحنني حملبوبته‬
‫‪-1‬إبراهيم بن مسينة‪ :‬الديوان‪ ،‬ص‪.62‬‬
‫‪-2‬املصدر نفسه‪ ،‬ص‪.81‬‬

‫وم‪ ‬اللَّْي ِل‬
‫‪َ  ‬ونُ ْس ِه ُر‪َ  ‬ك َما‪ ‬تَ ْس َه ُر‪ ‬نُ ُج ُ‬ ‫ِّي‪ ‬بِ َخ ْم ٍر‬
‫ظامي‪ ‬على‪ ‬طََّو َل‪ ‬ال ُْمد َّ‬
‫شبه الشاعر النجوم باإلنسان‪ ،‬فحذف املشبه‪ ،‬واشار له بأحد لوازمه وهو "تسهر‬
‫"‪،‬فاإلنسان هو الذي يسهر والذي يسهر هنا هو الشاعر وذلك بسبب بعد حمبوبته عنه فالشوق‬
‫واحلنني هلذه احملبوبة جعله يسهر الليايل ‪،‬وبقوله تسهر جنوم الليل فهو يعرب نفسه ليعرب عن حالته‬
‫الشعورية اليت وصل هلا واملعأناة النفسية اليت اصابته بسبب عشقه حملبوبته "مسعودة "‪،‬وجاءت هذه‬
‫اإلستعارة على سبيل اإلستعارة املكتبة ‪،‬ولقد كان هلذه الصورة دورا خام يف تقريب املعىن‬
‫وجتسيده وتشخيصه مما زاد يف براعة حبكما يف ذهن املتلقي‪.‬‬
‫ويقول الشاعر أيضا‪:‬‬
‫(‪)1 ‬‬
‫الد َر َك‪َ  ‬حتَّأن‪ُ  ‬ع َم ِر َّ‬
‫ي‪َ  ‬هأني"‬ ‫‪ ‬لجإلى‪َّ  ‬‬ ‫َس َه َرأن‪ ‬يالحباب‪َ  ‬ع ْينِ َّي‪َ  ‬عا َش ٍة‬
‫شبه الشاعر يف هذا البيت عينه عاشة ‪،‬والعني هي عضو من اعضاء اإلنسان اخلاص بالرؤية‬
‫لألنسأن حيث جعل منها كاهنا جتري من دوام السهر الفتقاد عاشقته ‪،‬فحذف املشبه به واشار له‬
‫يا حدي لوازمه وهي لفظة علىة على سبيل اإلستعارة املكتبة ‪ ،‬فالشاعر هنا يتقن فن التاعي‬
‫باأللفاظ‪ ،‬واخذ هذه الصورة ليشبهها حلالته الدائمة يف خرافية وتفقد حمبوبته‪ ،‬وذلك بتحسني املعىن‬
‫وجتميله وهذا ما وجدناه يف قول جابر عصفور‪" :‬أن التعبير اإلستعاري" قد يقوم على درجة من‬
‫درجات التقصص الوجدأني ‪،‬تمتد فيه مشاعر الشاعر إلى كائنات الحياة حوله فيلتحم بها‬
‫ويتأملها كما لو كانت هي ذاته ‪،‬ويلغي الثنائية التقليدية بين الذات والموضوع‪».‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الصورة التشبيهية والصورة االستعارية‬
‫ويقول الشاعر أيضا‪:‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ت‪ِ  ‬م ْن‪ ‬دونِ ٍّي‬
‫وها‪ ‬للياش‪َ  ‬ولَّ ْ‬
‫‪َ  ‬ب َر ُم َ‬ ‫َع َار َك‪ ‬فِي‪ ‬اجيال‪َ  ‬س ْح َقةَ‪َ  ‬م ْكنُونِي‬
‫شبه الشاعر املكونات وهو القلب وكانه أنسأن أو كان حي جعل منه يسحق‪ ،‬حذف‬
‫املشبه به ودل على الزمة من لوازمه سحقت على سبيل اإلستعارة املكنية‪ ،‬فالشاعر هنا يتحدث‬
‫عن فتاة مجيلة أحبها وجعل من حبها يسحق مكنونه بعد أن اعرضت عن الرجوع له والرفض التام‬
‫حىت حملادثته‪ ،‬وهذا ما زاد الصورة مجاال وتأثريا يف املتلقي‪.‬‬

‫‪ -1‬إبراهيم بن مسينة ‪:‬ديوأن ص‪.28‬‬


‫‪-2‬املصدر نفسه‪ ،‬ص‪3‬‬
‫خامتة‬

‫خاتمة‬

‫وبعد حمأولة التأمل يف شعر الشاعر وجدنا العديد من الصور اليت جذبتنا وزادت يف رغبتنا‬
‫لكي نقوم بتحليلها و الكشف عن مجالياهتا وحمأوله الوصول إىل معناها ودالالهتا ألن الشعر الشعيب‬
‫هو التعبري االصدق نظرا ألنه يصدر تلقائيا دون تكلفه وبذلك يكون معربا امني عن احلاالت‬
‫املوصوفة من طرف الشعراء وهذا ما يزيد يف رغبة الدارسني أو املتأمل يف مصاحبيت هذه األشعار‬
‫لكي يستفيد ويتمتع يف الوقت نفسه وهذا هو اهلدف االمسى لألدب أنه يزأوج بني الفائدة واملتعة‬
‫ويف جأنب الفائدة نستفيد من معاين ودالالت هذه الصور يف حياتنا اليومية كاإلرشاد والنصح‬
‫والرتغيب يف اتباع احلق اما يف جأنب املتعة فهي جتعلنا نسبح يف اخليال اجملنح لنهرب من املنطق‬
‫الذي يفرض الواقع علىنا ونعيش مع الشاعر احلرية التامة‬

‫يف ختام هذه الدراسة ميكن استخالص النتائج املتوصل إليها واملتمثلة فيما يلي‬

‫‪-‬يعد الشاعر إبراهيم بن مسينة من أبرز شعراء الشعر اجلزائري من أكثر من ذلك فقد ذاع‬
‫صيته داخل الوطن وخارجه‬

‫‪-‬يعد الشاعر إبراهيم بن مسينة من بيئة صحرأوية االمر الذي يتجلى بوضوح يف شعره‬

‫‪-‬كانت حياة الشاعر حافلة وثرية فقد ترك لنا ديوأن شعري احتوى جل االغراض الشعرية‬
‫املعروفة‬

‫‪-‬ابتسمت لغة شعره باحلرية والشوق واحلسرة على من احبه وكذلك الثورة عن حبيبته من‬
‫اهلها وكذلك التأسف على من حوله ألهنم مل يشعر به ويساعدونه يف مصائبه‬

‫‪-‬عمق الصور ومجاليتها ال ميكن أن يعرف مبعزل عن نفسيه الشاعر وظروفه االجتماعية‬
‫بيئة وعإذات وتقاليد فقد إستطاع الشاعر إبراهيم بن مسينة أن يطور لغته الشعرية اذا عربت عما‬
‫خامتة‬

‫خيرتع يف نفسه وما يدور بداخله من أنفعاالت دقيقة فجعلها تعرب عن أحاسيسه ومعأناته الكبرية‬
‫لفقدأن اقرب الناس لديه مما جعله يتميز عن غريه من الشعراء‬

‫‪-‬الصورة الفنية عند إبراهيم بن مسيه هي جاءت تلقائيه اكثرها رسم هادف وليست جمرد‬
‫تشكالت وتالعب باأللفاظ أو الدالالت فقد امتازت بالصدق والشفافية‬

‫‪-‬تؤدي الصورة وظائف عديدة يف العمل األديب كتعبريها عن احلالة الشعورية والنفسية‬
‫لألديب والشاعر‬

‫‪-‬كما جند أن الشاعر إبراهيم بن مسينة تغين مبوضوعات متعددة يف اشعاره‬

‫‪-‬توظيف الشاعر التشبيه بغرض اشباع املتلقي من رذاذ التجربة الشعرية وحتقيق ما يصبو‬
‫إليه توظيف الشاعر للصورة اإلستعارية بنوعها املكنية والتصرحيية واعتمد اعتمإذا كبريا على‬
‫اإلستعارة املكنية املناسبة ألسلوب الشعري يستكمل بالغتها يف التشخيص والتجسيد يف املعنويات‬
‫وبس احلركة واحلياة والنطق يف اجلماد وتعتمد على الوضوح واالجياز والبيأن‬

‫‪-‬تشكالت الصورة الشعرية يف النقد احلديث كانت قليلة جدا يف الديوان و هذا مليل‬
‫الشاعر إىل البالغة القدمية ويرجع ذلك اما لثقافته الغري متفتحة على العامل أو لعدم خمالطته فئات‬
‫بشرية خمتلفة‬
‫المراجع‬

‫قــائــمة‬
‫المصادر والمراجع‬
‫المراجع‬

‫المراجع‪:‬‬
‫‪H‬‬

‫‪hemaz@hotmail.com.1‬‬
‫أ‬
‫‪.2‬إبراهيم امني الزرزموين‪ :‬غواية الصورة الفنية واملفاهيم واملعامل قدميا وحديثا‬
‫‪.3‬إبراهيم بن مسينة‪ :‬الديوان‪،‬‬
‫‪ .4‬إبراهيم بن عبد الرمحأن الغنيم‪ :‬الصورة يف الشعر العريب‬
‫‪.5‬إبراهيم رامي‪ :‬الغموض يف الشعر العريب احلديث‬
‫‪ .6‬إبراهيم حممد السياسي العوامر‪ :‬الصروف يف تاريخ الصحراء‪ ،‬حتقيق اجليالين بن إبراهيم العوامر‪،‬‬
‫دار النسر ثالة‪ ،‬االبيار‪ ،‬اجلزائر‬
‫‪.7‬ابن قتيبة‬
‫‪.8‬ابو عثمأن عمر بن حبر بن اجلاحظ‪ :‬الصيوأن‪ ،‬تح‪ ،‬عبد السالم حممد هارون‪ ،‬دار الكتاب العريب‪،‬‬
‫بريوت لبنأن‬
‫‪ .9‬ايب هالل العسكري‪ :‬الصناعيتني‪ ،‬جند مفيد قميحة‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت لبنأن‬
‫‪.10‬امحد زغب‪ :‬ديوأن إبراهيم بن مسينة "من فحول الشعر الشفاهي بواد سوف دار مطبعة‪ ،‬ركيت‪،‬‬
‫اجلزائر‬
‫‪ .11‬أمحد قيطون‪ :‬صورة الغزل يف الشعر اجلزائري عبد اهلل بن كريو واملختار بن صديق غنية‪ ،‬جملة‬
‫الذاكرة جامعة ورقلة‪،‬‬
‫‪.12‬امحد كمال زكي‪ :‬االساطري‪ ،‬اهليئة املصرية العامة الكتاب‬
‫‪.13‬امحد مبارك اخلطيب‪ :‬األنزياح الشعري عند املتنيب‬
‫المراجع‬

‫‪ .14‬امحد مبارك اخليل‪ :‬األنزياح الشعري عند املتنيب (قراءة يف الرتاث النقدي عند العرب)‪ ،‬دار احلوار‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،1‬سوريا‬

‫ب‬

‫‪.15‬بلعيدي نبيلة‪ :‬الداللة الصوتية يف القصيدة الثورية الشعبية‪ ،‬قصيدة أول نوفمرب للشاعر واضح ثابت‬
‫اجلاليل جملة اللغة الوظيفية‪ ،‬العدد السادس جامعة الشلف‪ ،‬اجلزائر‬
‫ت‬
‫‪ .16‬التلي بن شيخ‪ :‬منطلقات التفكري يف األدب الشعيب اجلزائري‪ ،‬املؤسسة الوطنية للكاتب‪ ،‬اجلزائر‪.‬‬
‫ج‬
‫‪.17‬جابر عصفور‪ :‬الصورة الغنية‪ ،‬يف الرتاث النقدي والبالغي عند العرب‪ ،‬املركز‪ .‬الثقافة العريب‬
‫بريوت‬
‫ز‬
‫‪.18‬زكية خليفة مسعود‪ :‬الصورة الفنية يف شعر ابن املعتز‬
‫س‬
‫‪ .19‬سعاد ارفيس‪ :‬موضوعة الطبيعة يف الشعر الشعيب‪ ،‬شعراء بوسعادة أمنوذجا‪ ،‬حوليات األدب‬
‫واللغات‬
‫‪.20‬سورة األنبياء‪ ،‬االية ‪30‬‬
‫‪ .21‬سي‪ .‬دي‪ ،‬لويس الصورة الشعرية‪ :‬أمحد ناصيف اجلأنيب واخرون‪ ،‬نقال عن إبراهيم امني‬
‫الزرزموين‪ ،‬الصورة الفنية يف شعر على اجلارم‪ ،‬منشورات وزارة الثقافة واالعالم‪ ،‬بغداد‪.‬‬
‫ع‬
‫‪ .22‬عبد القاهر اجلرجاين‪ :‬دالئل االعجاز‪ ،‬تح‪ :‬حممود حممد شاكر‪ ،‬مكتبة اخلارجي القارة‬
‫المراجع‬

‫‪ .23‬عبد القاهر القط‪ :‬االجتاه الوجدأين يف الشعر العريب املعاصر‪ ،‬دار النهضة العربية للطباعة والنشر‪،‬‬
‫بريوت‬
‫‪.24‬على غريب حممد السمأوية‪ :‬الصورة الشعر عند األعمى التحليلي‬
‫ق‬
‫‪.25‬قدامو بن جعفر نقد الشعر‪ ،‬تح‪ :‬كمال مصطفى‪ ،‬مكتبة اخلارجي‪ ،‬القاهرة‬
‫ك‬
‫‪ .26‬كايزر فولفغاتغ‪ :‬العمل الفين اللغوي (ندخل إىل علم األدب) ترمجة‪ :‬ابو العيد دودو‪ ،‬دار احلكمة‪،‬‬
‫ج‪1‬اجلزائر‬
‫م‬
‫‪ .27‬حممد عنيمي هالل‪ :‬النقط اجلاذبية احلديث‪ ،‬هنضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع‬
‫ن‬
‫‪ .28‬ناصف خليفة‪ :‬الصورة األدبية مصطفى ناصف‪ ،‬الصور األدبية‪ ،‬دار األندلس‪ ،‬بريوت‬

You might also like