You are on page 1of 87

‫التذوق الفني‬

‫‪Art Appreciation‬‬

‫أ‪.‬د مدثر سليم أحمد‬

‫‪1‬‬
2
3
‫المقدمة‬
‫يتميز اإلنسان بقدرته على التوافق مع ذاته ومع بيئته التي يعيش فيها ‪ ،‬مع عائلته وأصدقاءه‬
‫وزمالئه في مجال تعليمه أو عمله ‪ ,‬إذ إن تعامله مع البيئة وتفاعله مع مكوناتها يتطلب منه بالضرورة‬
‫أن يعرف تلك المكونات ليتسنى له التكيف معها ويوظفها لتلبية متطلباته وحاجاته وحماية نفسه من‬
‫أخطارها واشتراكه في أوجه نشاطاتها المختلفة ‪ ,‬والبد لإلنسان أن يمتلك قدر كبير من المعرفة وان‬
‫ينتبه إلى ما يهمه من مكونات البيئة وعناصرها وان يدركها عن طريق حواسه كي يستطيع أن يؤثر‬
‫فيها وان يسيطر عليها بعقله وبجهده أي بخبرته ومهارته ‪ ،‬و تتم عملية تفاعل اإلنسان مع بيئته عن‬
‫طريق حواسه المتمثلة في السمع و البصر والشم و اللمس و التذوق ‪ ،‬وتعد حاسة البصر من أكثر‬
‫الحواس أهمية فعن طريقها نحصل على ‪ %83‬من مدركاتنا لمكونات البيئة المحيطة بنا ‪.‬‬
‫إن العمليات اإلدراكية تؤلف القاعدة األساسية والضرورية لتنشيط العمليات المعرفية وهي تصمم في‬
‫العقل مثل التصور والتخيل والتفسير والتذكر والتعليم فضال عن دورها في حياة اإلنسان العملية‬
‫اإلنتاجية والترفيهية وتتداخل مع العمليات النفسية كافة فتتأثر بالبيئة الشخصية وما تحمله من مكونات‬
‫عقلية واجتماعية وعاطفية وثقافية وتقاليد وعادات وموروث وديانات وتربية وتذوق لمكونات البيئة ‪،‬‬
‫و من هنا تبرز أهمية تنمية اإلبداع لدي األفراد وصقل المواهب والطاقات الفنية في مختلف حقول‬
‫وميادين العلم الفن ‪ ،‬وهذا يتطلب ان نفهم الفن ونتعلمه جيدا بأنواعه وتقنياته و عناصره ومدلوالته‬
‫وكل فيه أو يحيط به ويتفاعل معه ‪ ،‬فالفنون على اختالف تخصصاتها تعد وسيلة من وسائل تنمية‬
‫سلوك الفرد المتعلم وتوجيهه توجيها تربويا وفنيا ‪..‬والفنون ليست دراسة لمهارات حرفية فحسب‬
‫‪,‬لكنها نشاط ذهني وبدني يشحذ القدرات اإلبداعية لدى المتعلم من خالل تنظيم أفكاره واهتماماته‬
‫وترتيبها وتخطيطها وتنمية قدرته علي الابتكار في أساليب تناوله للموضوعات الفنية و موضوعات‬
‫الحياة األخرى وهي تعديل في سلوك المتعلمين ايجابيا ‪ ,‬والفنون وسيلة للوصول إلى نفوس األفراد تنبه‬
‫من خاللها حواسهم‪ q‬وتحرك انفعاالتهم وتنمي أذواقهم‪ q‬وقيمهم في الحياة وتصقل سلوكهم وأسلوبهم في‬
‫التعبير عن ذاتهم وتكشف أنماط شخصياتهم وميولهم واتجاهاتهم‪. ‬‬
‫وتنطلق الفنون من فلسفة بناء الفرد المتعلم المبدع الحساس المفكر من خالل العودة بالفن إلى مقوماته‬
‫الثقافية من خالل تحسسه وتفاعله مع مكونات البيئة المحيطة به وتفهمه لحضارته وحضارات الشعوب‬
‫األخرى وإدراكه للعالقات بين الفنون واإلنسان فللتربية عن طريق الفن مهمة وضرورية ‪.‬‬
‫لذلك فان درس التذوق الفني هو واحد من الدروس الفنية التخصصية المهمة والمرتبط بكل الدروس‬
‫الفنية التي يدرسها الطالب‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫إن عملية االرتقاء بمستوى التذوق في أي مجتمع من المجتمعات تعد من أهم األهداف التي تهتم بها‬
‫المؤسسات التعليمية حيث االرتقاء بمستوى التذوق ارتقاء بالسلوك االجتماعي العام ألفراد أي مجتمع‬
‫بما يترتب عليه أن يحقق رقيا حضاريا لهذا المجتمع متمثال في أفراده ‪.‬‬
‫لذلك فالدولة من جانب والمؤسسات التعليمية التابعة لها من جانب أخر تجتهد كل االجتهاد في وضع‬
‫الخطط المؤهلة لتحقيق هذه الغاية اإلنسانية والعمل على بناء الشخصية المتكاملة‪.‬‬
‫يقول فيلسوف الجمال الفرنسي " فيكتور بارش " أن الموضوع الجمالي ليس مجرد دعوة إلى‬
‫التذوق أو االستمتاع إنما هو أيضا شيء يتمتع بطبيعة خاصة ويفرض علينا قاعدة خاصة في التأمل ‪,‬‬
‫حتى نرى أن اإلدراك الجمالي ألكثر األعمال يتحول إلى قوى حسية مجسمة‬
‫فالفن هو التوافق بين عالم الجمال ‪ ,‬وعالم الوجدان ‪ ,‬وعالم العقل ‪ ,‬وبين الفردي والجماعي ‪ ,‬وبين‬
‫الذاتي والموضوعي ‪ ,‬وبين الروح اإلنسانية والطبيعة نفسها‬
‫وهناك عديد من الدراسات التي أشارت إلي أهمية التذوق الفني ‪ ,‬والى حتمية االهتمام الرسمي به مما‬
‫من شانه أن يكون مؤثرا بطريقة مباشرة وغير مباشرة في تكوين ذوق عام لإلفراد ‪ ,‬بل أن االيجابية‬
‫الصحيحة لهذه العناصر البد وان ترتقي ـــ إذا عولجت مجتمعة ـــ بمستوى الذوق العام للمجتمع ‪,‬‬
‫وينعكس ذلك على أفراده ‪ ,‬ورفع مستوى التذوق لديهم ‪ ،‬وللتذوق الفني أهمية في إنماء الثقافة الفنية‬
‫لدى الشباب ‪ ,‬وتكوين كم هائل من المعلومات لديهم تساعدهم على قراءة العمل الفني وتذوقه ‪ ,‬ومعرفة‬
‫ما به من عناصر جمالية وأشكال وخامات ‪ ,‬وألوان وإعداد ناشئين لهم القدرة على تذوق األعمال الفنية‬
‫‪ ,‬لرفع المستوى الجمالي على مستوى الدولة ‪ ،‬ومن ثم بناء الشخصية المتكاملة للمواطنين‪.‬‬
‫أهداف مقرر التذوق الفني‪:‬‬
‫يهدف هذا المقرر إلى تنمية اإلحساس بالقيم الفنية عند الطالب وتدريبهم على تذوقها وكيفية التعرف‬
‫على مواطنها وتحديد معالمها من خالل التعمق في الرؤية والتمعن في أدراك العالقات التشكيلية التي‬
‫تحكم بناء العمل الفني ويمكن تحقيق ذلك بتبصير الطالب بالجوانب اآلتية‪:‬‬
‫‪ ‬مفهوم التذوق الفني ‪.‬‬
‫‪ ‬الفرق بين النقد الفني والتذوق الفني والصلة بين ممارس الفن والمتذوق له –وكيفية قراءة العمل‬
‫الفني كمدخل لتذوقه – ودور التذوق في تنمية الثقافة الفنية وانعكسا‪ q‬ت التذوق الفني على السلوك‬
‫االجتماعي‪ -‬الرؤية الفنية التذوقية لمختارات من الفنون المختلفة من التراث اإلنساني‬

‫‪5‬‬
6
‫الفصل األول‬
‫مفهوم التذوق الفني‬
‫أوال‪ :‬ماهية التذوق‪:‬‬
‫يتناول التذوق العديد من التخصصات‪ ،‬واهتمامنا هنا ينصب علي التذوق الفني ‪ ،‬في ما يهم تعريفاته‬
‫والموضوعات التي تتعلق به في ضوء الفن والتربية الفنية‪.‬‬
‫" أن التذوق هو اإلحساس بجماليات المدرك الشكلي‪ .‬وهو صفه تتعلق باإلنسان فتختلف من شخص‬
‫آلخر‪ ،‬تبعا للثقافة والتربية والبيئة المحيطة وظروف العصر‪ .‬وهو صفه من صفات الباحث عن قيمة‬
‫المدركات الموجودة في العمل الفني ‪ ،‬دون تعصب أو تحيز ‪ ،‬وهو رؤية فنية محايدة وكلية " (أبو‬
‫العباس عزام‪1999 ،‬م)‪.‬‬
‫ويرى (حنورة ‪ ،‬د‪.‬ت) أن التذوق الفني يعني قدرة الفرد على االستجابة للجمال أينما وجد ‪.‬‬
‫ويذهب (عبد الحميد وآخرون ‪1997 ،‬م ) إلي أن التذوق الفني له عالقات نفسية ‪ ،‬باإلضافة إلى وجود‬
‫فروق بين الجنسين في التفضيل الجمالي ‪ ،‬ووجود عالقة بين التفضيل و سمات الشخصية ‪.‬‬
‫وﺘﺭﻯ ﺭﻭﺯﻨﺘﺎل (‪ )Rosenthal,1996‬ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺫﻭﻕ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﺤﺎﻟﺔ ﻨﻔﺴﻴﺔ ﻭﺠﺩﺍﻨﻴﺔ‪ ،‬ﺘﻌﺘﻤـﺩ ﻋﻠـﻰ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ‬
‫ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻲ ﻟﻠﻅﻭﺍﻫﺭ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺩ ﺘﺭﺘﺒﻁ ﺒﺎﻟﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﻤﺠﻬﻭل ﺍﻟﻐﺎﻤﺽ‪.‬‬
‫ﻭﺍﻟﺘﺫﻭﻕ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻫﻭ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺒﻨﺎﺀ ﻟﻠﻘﻴﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺤﺎﻭل ﺍﻟﻤﺘﺫﻭﻕ ﺍﻟﻜـﺸﻑ ﻋﻨﻬـﺎ ﺒﺎﻟﺘﺤﻠﻴـل ﻭﺍﻟﺘﻔـﺴﻴﺭ ﻭﺍﻟﺘﻘﺩﻴﺭ‬
‫ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻨﻤﻭ ﻓﻲ ﻀﻭﺀ ﺍﻟﻔﻬﻡ ﺍﻟﺠﻴﺩ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺤﻜﻡ ﺍﻟﺴﻠﻴﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻭﺍﺤﻲ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟـﺸﻜل ﺍﻟﻔﻨـﻲ (ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻜﺭﻴﻡ‬
‫ﻤﺤﻤﺩ لبد ‪ ، )1999،‬وكان كروشي ( (‪Croco,1958‬قد أشار إلي أن التذوق هو تقويم األشياء ‪.‬‬
‫ومن كل ذلك ندرك أن التذوق الفني هو " أحساس الشخص المتذوق للعمل الفني بالجمال ‪،‬‬
‫ويختلف من شخص لآلخر ‪ ،‬تبعا ً لإدراك المتذوق للعمل الفني ‪ ،‬والعوامل البيئية ‪ ،‬والثقافية ‪،‬‬
‫والتربوية ‪ ،‬وهو تقويم لالشياء وبناء للقيم‪ ،‬ويشكل عالقة نفسية بين المتذوق والعمل الفني "‬

‫التذوق‬
‫الفني‬

‫( بناء للقيم‬ ‫(قدرة)‬


‫(تقويم‬ ‫(عالقات‬ ‫علي االستجابة‬
‫(إحساس‬ ‫(حالة نفسية‬
‫األشياء)‬ ‫)‬ ‫نفسية)‬ ‫للجمال‬ ‫بالجماليات)‬ ‫وجدانية)‬

‫‪7‬‬
‫ثانيا ‪ :‬تعريف التذوق‪:‬‬
‫من أكثر المصطلحات ترددا على ألسنة النقاد كلمة "الذوق" وذلك لشدة اتصالها بما يصدرون‬
‫من أحكام‪ ،‬باعتبار أن الذوق هو الفيصل في وصف الفن سواء أكانت نتيجة التذوق والتأثر ثابتة أم‬
‫متغيرة بتغير األزمان والبيئات‪ .‬وألهمية الذوق في التعامل مع األعمال الفنية ونقدها نتناول هنا‬
‫تعريفات التذوق ‪.‬‬
‫التعريف اللغوي للذوق‪:‬‬
‫وردت كلمة ( الذوق ) في معاجم اللغة بمعني الحاسة ال‪qq‬تي تم‪qq‬يز به‪qq‬ا طعم األش‪qq‬ياء بواس‪qq‬طة الجه‪qq‬از‬
‫الحسي في الفم ومركزه اللسان‪ .‬وفي الفن واألدب ف‪qq‬إن " ال‪qq‬ذوق حاس‪qq‬ة معنوي‪qq‬ة ‪ ،‬يص‪qq‬در عنه‪qq‬ا انبس‪qq‬اط‬
‫النفس وانقباضها لدي النظر في أثر من آثار الفن واألدب‪(.‬المعجم الوجيز‪.)2003 .‬‬
‫و في القاموس المحيط ‪ :‬ذاقه ذوقا وذوقانا ومذاقه اختبر طعمه ‪ ،‬وتذوقه ذاقه مرة بعد مرة ‪.‬‬
‫وفي المنجد ‪ :‬الذوق ملكة تدرك بها الطعوم‪ ، q‬والذوق الطبع ‪ ،‬يقال هو حسن الذوق للشعر أي مطبوع‬
‫عليه ‪.‬‬
‫ويقول ابن خلدون في مقدمته عن تفسير الذوق بأنه حصول ملكة البالغة للسان ‪ " :‬واستعير لهذه‬
‫الملكة ‪ ،‬عندما ترسخ وتستقر اسم الذوق الذي اصطلح عليه أهل صناعة البيان وإنما هو موضوع‬
‫إلدراك الطعوم ‪ ،‬ولكن لما كان محل هذه الملكة في اللسان من حيث النطق بالكالم كما هو إلدراك الطعوم‬
‫استعير لها اسمه ‪ ،‬وأيضا فهو وجداني للسان كما أن الطعوم‪ q‬محسوسة له فقيل له ذوق " ‪.‬‬
‫ومعنى هذا أن الذوق في معناه الحسي األول عالج األشياء باللسان للتعرف علي طعمها ‪ ،‬ويتبع‬
‫ذلك الداللة على ثمرة الذوق من حالوة أو ملوحة أو مرارة أو حموضة ثم النفور من األشياء أو‬
‫االطمئنان إليها ‪ ،‬فهنا مقدمة وحكم‪ q‬وعمل ‪ .‬وانتقلت الكلمة بعد ذلك إلى عالج األشياء بالنفس لتعرف‬
‫خواصها الجميلة أو الذميمة كحسن األلوان وتناسبها وجمال األلفاظ وبالغتها وروعة األنغام واتساقها ‪،‬‬
‫وعكس ذلك ‪ ،‬وبهذا دخلت دائرة الفنون الجميلة لتدل على هذه الملكة المكتسبة أو الموهوبة التي تدرك‬
‫ما في اآلثار الفنية من كمال وجمال أو نقص ودمامة ‪.‬‬
‫وبالنس‪qq‬بة للمص‪qq‬طلح األجن‪qq‬بي فالت‪qq‬ذوق الف‪qq‬ني ‪ ، ))Artistic Appreciation  :‬ووردت في بعض‬
‫الترجمات العربية كلمة‪ Taste ‬بدال من‪.Appreciation ‬‬
‫و كلم‪qq‬ة ((‪ Appreciation‬في ‪The Advanced learner's dictionary of current‬‬
‫‪   English,1968‬وردت بالمعاني اآلتية‪ :‬حكم ‪ ,‬تقييم ‪ ,‬معرفة القيمة ( إدراك القيمة ) ‪ ,‬إعطاء قيمة‬
‫الشئ ( تقديره ) ‪.‬‬
‫أم‪qqqq‬ا كلم‪qqqq‬ة (‪ )Taste‬فق‪qqqq‬د وردت بمع‪qqqq‬نى الق‪qqqq‬درة على االس‪qqqq‬تمتاع بالجميل ‪Albert Sydney‬‬
‫‪) Hornby,1968‬‬

‫‪8‬‬
‫ووردت كلم‪q‬ة (‪ )Taste‬في ترجم‪q‬ة نخب‪q‬ة من أس‪q‬اتذة اللغ‪q‬تين االنكليزي‪q‬ة والعربي‪q‬ة بأنه‪q‬ا ‪ :‬ذوق ‪ ,‬طعم ‪,‬‬
‫حاسة الذوق ‪ ,‬ذاق ‪ ..‬ومن هنا وجب التمييز بين‪ ‬الذوق‪ ‬بوصفه حاسة وبين‪ ‬التذوق الفني‪ ‬بوصفه حكم‪qq‬ا‬
‫جماليا‪.‬‬
‫والذوق حاسة في اللسان أي ذواق الطعام‪ q‬والشراب لنعرف حالوتها ‪ ،‬مرارتها ‪ ،‬ملوحته‪qq‬ا ‪ ،‬حموض‪qq‬تها‪،‬‬
‫مجوجتها ‪ ،‬والمستذاق هو المجرب والمعلوم فنقبله أو نرفضه نكرهه أو نحمده ‪.‬‬
‫التعريف االصطالحي للتذوق‪:‬‬
‫‪ ‬يري البعض أن التذوق هو " القدرة‪  ‬التي تجعل صاحبها مستمتعا بمواطن الجمال في العمل الفني ‪،‬‬
‫والتعرف علي جودة العمل ورداءته " (محمد مناع ‪)1995،‬‬
‫‪ ‬والتذوق الفني عملية اتصال تقتضي وج‪qq‬ود ط‪qq‬رفين أح‪qq‬دهما المرس‪qq‬ل والث‪qq‬اني المتلقي وبينهم‪qq‬ا قن‪qq‬اة‬
‫توصيل ‪ ،‬ورسالة محمولة علي هذه القناة ‪.‬‬
‫‪ ‬و يعرف (رشدي طعيمة‪ ) 1987 ، ‬التذوق بأنه ‪ :‬النش‪q‬اط اإليج‪q‬ابي ال‪q‬ذي يق‪q‬وم ب‪q‬ه المتلقي اس‪q‬تجابة‬
‫لنص أدبي بعد تركيز انتباهه عليه وتفاعله معه عقليا ووجدانيا علي نحو يستطيع به تق‪qq‬ديره ل‪qq‬ه والحكم‪q‬‬
‫عليه ‪ " .‬ويمكن ان نضيف إلي النص األدبي في تعري‪qq‬ف طعيم‪qq‬ة أو (عم‪qq‬ل ف‪qq‬ني)" ويتخ‪qq‬ذ ه‪q‬ذا النش‪qq‬اط‬
‫أشكاال بارزة ومتنوعة من السلوك اتف‪qq‬ق النق‪qq‬اد وعلم‪qq‬اء النفس علي اعتباره‪qq‬ا م‪qq‬يزات للت‪qq‬ذوق ‪ ،‬ودال‪qq‬ة‬
‫عليه ‪ ،‬وهذه األشكال المختلفة من السلوك هي التي يمكن قياسها ‪ ،‬وتقدير نس‪qq‬بة الت‪qq‬ذوق علي أساس‪qq‬ها‬
‫تقديرا كميا وموضوعيا ‪.‬‬
‫المعنى العام للتذوق‪: ‬‬
‫يمكن القول عن التذوق في معناه الع‪qq‬ام ان‪qq‬ه يمث‪qq‬ل اإلحس‪qq‬اس ب‪qq‬األخر ‪ ,‬منطلق‪qq‬ا في ذل‪qq‬ك لتلبي‪qq‬ة حاج‪qq‬ات‬
‫بيولوجية ‪ ،‬فطرية ‪ ،‬سلوكية‪ ،‬لحظية ‪ ،‬ع‪qq‬ابرة ‪ ،‬ال إرادي‪qq‬ة ‪ .‬ووف‪qq‬ق ق‪qq‬انون الوج‪qq‬ود والبق‪qq‬اء واس‪qq‬تمرارية‬
‫الحياة ‪.‬‬
‫المعنى الخاص للتذوق‪:‬‬
‫التذوق في معناه الخاص هو الشعور باألخر حسيا ‪،‬انفعاليا إراديا وإدراكيا و جمالي ‪q‬ا وفي‪qq‬ه أعم‪qq‬ال للعق‪qq‬ل‬
‫ومرتب‪qq‬ط أوال وأخ‪qq‬را باإلنس‪qq‬ان ووج‪qq‬وده االجتم‪qq‬اعي الفاع‪qq‬ل ‪ ,‬وبمح‪qq‬اوالت ال‪qq‬ذوق المعرفي‪qq‬ة والتاريخي‪qq‬ة‬
‫والجمالية والعقلية والنفس‪qq‬ية والمهني‪qq‬ة والوص‪qq‬ول إلى أحك‪qq‬ام قيمي‪qq‬ة معياري‪qq‬ة مقنن‪qq‬ة ‪ ,‬تقبال أو رفض‪qq‬ا أو‬
‫مغايرة ‪.‬‬
‫وفي مجال التخصص الفني فالتذوق الفني‪ ‬مرتبط بالإنتاج الفني وما نطلق عليه‪" ‬التذوق الفني"‪ ‬يتخ‪qq‬ذ‬
‫أشكاال لوظيفة متعددة في الكتابات والأطروحات الفنية الفكرية المختلفة للفالسفة والمفكرين فهو ‪:‬‬
‫‪ ‬االستجابة الجمالية واإلدراك الجمالي والحسي‪.‬‬
‫‪ ‬أو اإلحساس بالجمال‪. ‬‬

‫‪9‬‬
‫‪" ‬والتذوق الفني"‪ ‬هو التفاعل مع األخر انفعاليا ونفسيا‪.‬‬
‫‪ ‬وه‪qq‬و م‪qq‬دركات ش‪qq‬كلية وموض‪qq‬وعية وقيم جمالي‪qq‬ة مؤسس‪qq‬ة على أعم‪qq‬ال الح‪qq‬واس البص‪qq‬رية والس‪qq‬معية‬
‫واللمسية والمعرفية والمدركات الحسية والعقلية ‪.‬‬
‫‪ ‬وه‪q‬و أيض‪q‬ا تلمس األث‪qq‬ر الف‪q‬ني ( موض‪qq‬وع الت‪q‬ذوق ) في مج‪qq‬االت ومي‪qq‬ادين متع‪qq‬ددة س‪qq‬واء ك‪qq‬انت فن‪q‬ون‬
‫معرفية أو أدبية أو تعبيرية تشكيلية ‪ ,‬مهنية ‪ ,‬يدوية ‪ ,‬تقنية وص‪qq‬وال ممنهج‪qq‬ا ألحك‪qq‬ام قيمي‪qq‬ة مقنن‪qq‬ة وف‪qq‬ق‬
‫معايير الرصد المنهجي المباش‪qq‬ر معرفي‪qq‬ا وبص‪qq‬ريا بالمكون‪qq‬ات والعناص‪qq‬ر والرم‪qq‬وز وال‪qq‬دالالت للموض‪qq‬وع‬
‫الفني موضوع المتذوق‪.‬‬
‫‪" ‬والتذوق الفني "‪ ‬هو عملية اتصال وتواص‪qq‬ل بين أعم‪qq‬ال الفن‪qq‬ان وبين المت‪qq‬ذوق أو المس‪qq‬تمتع بالعم‪qq‬ل‬
‫الفني والمتفاعل معه برؤية تأملية ‪.‬‬
‫‪" ‬والتذوق الفني"‪ ‬باتجاه مزدوج بين الفن‪qq‬ان وأعمال‪qq‬ه من جه‪qq‬ة وبين المت‪qq‬ذوق للعم‪qq‬ل الف‪qq‬ني من جه‪qq‬ة‬
‫أخرى‪.‬‬
‫‪" ‬والتذوق الفني "‪ ‬عملية تبادل وجداني وفكري ونفسي لها صفة الترابط االجتماعي ال‪qq‬تي هي من أهم‬
‫وظائف الفن ودوره في توحيد أفكار ومشاعر وأحاسيس أفراد المجتمع‪.‬‬
‫‪" ‬والت‪qq‬ذوق الف‪qq‬ني"‪ ‬كعملي‪qq‬ة ال تتم على مس‪qq‬توى واح‪qq‬د ب‪qq‬ل ت‪qq‬أتي على مس‪qq‬تويات متفاوت‪qq‬ة نتيج‪qq‬ة ثقاف‪qq‬ة‬
‫المتذوقين وحالتهم المزاجية والنفسية واالجتماعية والبيئية‪.‬‬
‫‪" ‬والتذوق الفني"‪ ‬هو نمط مركب من السلوك يتطلب في جوهره إصدار أحكام على قيم‪q‬ة ش‪q‬ئ أو فك‪q‬رة‬
‫أو موضوع من الناحية الجمالية ‪ (.‬ثائر شاكر الأطرقجي ‪)2011 ،‬‬
‫معان‬
‫ٍ‬ ‫وهكذا تعددت التعريفات لتحديد معنى التذوق تحديداً دقيقا ً ‪ ،‬وقد دارت تلك التعريفات حول‬
‫متقاربة وإن اختلفت في بعض جزئياتها ‪ ،‬ويمكن حصرها في هذه المحاور ‪:‬‬
‫ا ـ التذوق ملكةٌ أو حاسة فنية يتمتع بها أصحاب الفطرة السليمة‪.‬‬
‫ب ـ التذوق هو الفهم الدقيق المتكامل لعناصر العمل الفني ‪.‬‬
‫ج استجابة وجدانية تحسن الحكم‪ q‬على العمل الفني بعد فهمه ‪.‬‬
‫د ـ تقدير العمل الفني تقديرا سليماً‪.‬‬
‫((وخالصة هذه التعريفات أنها تُجمع على أن الذوق ( التذوق ) هو ملكة يقدَّر بها األثر الفني أو‬
‫هو ذلك االستعداد الفطري أو المكتسب الذي نقدر به على تقدير الجمال واالستمتاع به ومحاكاته‬
‫بقدر ما نستطيع في أعمالنا وأقوالنا وأفكارنا))‪.‬‬

‫‪10‬‬
11
‫الفصل الثاني‬
‫أهمية التذوق الفني وتنميته‬
‫من أهم مقومات التنمية والتقدم‪ q‬في أي مجتمع االهتمام بالتنمية البشرية ‪ ،‬فان اإلنسان هو هدف‬
‫تنمية المفاهيم الجمالية لإلنسان‬ ‫التنمية ‪ ،‬وهو وسيلتها ‪ ،‬و أحد الجوانب الهامة للتنمية البشرية‬
‫وتهذيب سلوكه للوصول به إلى الشخصية السوية المتفردة في اإلبداع والتخيل والقادرة على التنسيق‬
‫وجودة في التنظيم وفي قوة المالحظة وكل هذا مستمد ومكتسب من الفن وتذوقه‪.‬‬
‫و في ميدان التربية الصحيحة المتكاملة يتم توظيف قدرات التربية الفنية في إثراء المفاهيم الجمالية‬
‫ووضع خريطة المفاهيم للسلوك اإليجابي في المجتمع كأحد العوامل للتنشئة السليمة السوية ألفراد‬
‫المجتمع‪ ،‬فاألفراد القادرون على اإلنتاج في مجتمعاتهم بطريقة إيجابية جمالية يشعرون بالنظافة‬
‫ويؤمنون بالجمال كقيمة فنية حتمية‪ ،‬ذلك الجمال المنعكس من جمال األماكن التي يعيشون فيها وبالتالي‬
‫فإن الجمال الداخلي منعكس من الجمال الخارجي المستمد من هذه األماكن‪ ،‬أذن فالعالقة هنا تبادليه ‪:‬‬
‫الفن يغذي الفرد بالقيم الجمالية والفرد بدوره يعكسها كما فيها من جماليات في حياته اليومية في‬
‫ملبسه وفي بيئته وكل ما يحيط به‪.‬‬
‫إن اإلحساس بالجمال هو نوع من السلوك لدى الناس ينمو ويكبر ويكتسب من خالل التعلم ‪ ،‬هذا‬
‫السلوك أداه من أدوات التمدن التي يسعى لها اإلنسان بطبعه‪ .‬فمنذ أن عرف اإلنسان هذا التمدن بأبسط‬
‫صوره فأن حالة التحول والتبدل ال تكاد أن تفارقه‪ ،‬ومن البديهي أن يكون السعي وراء الشعور بالجمال‬
‫واحد من اهتمامات اإلنسان السوي الباحث دائما عن االستقرار النفسي والتكامل الشعوري بين الروح‬
‫والجسد‪ .‬وهنا كانت الدعوة للتذوق الجمالي ترتفع يوما بعد يوم‪ ،‬فظهر علم الجمال وعلم تذوق الفنون‬
‫المحيطة باإلنسان بمختلف صورها (سلمان الحجري ‪.)2006 ،‬‬
‫‪  ‬إن التذوق هو قدرة علي إدراك الفن حيث‪  ‬يمثل الفن وسيلة تخاطب واتصال بين الفنان والمجتمع‬
‫كلغة اتصال اجتماعي له أدوار كثيرة فهو مرآة للحضارات على مر العصور ‪ ،‬وهو يلعب دوراً في رؤية‬
‫المتلقي لبيئته وإدراك جمالها ‪ ،‬كما أنه عملية توافق بين عالم الجمال وعالم الوجدان وعالم العقل ‪ ،‬بين‬
‫الفردي والجماعي ‪ ،‬بين الذاتي والموضوعي ‪ ،‬بين الروح اإلنسانية والطبيعة نفسها ‪   ،‬وينعكس على‬
‫قارئ لغة الفن ( المتذوق ) فوائد ثقافية عديدة مثل الستمتاع البصري والنفسي ‪،‬واكتساب لغة جديدة ‪،‬‬
‫واستيعاب للرموز والوحدات واألشكال وإثراء لخبرته الجمالية ‪ ،‬وغيرها من الفوائد‪ q‬الثقافية التي تفيد‬
‫المتلقي ‪ (.‬نجالء رشيد‪)2007 ،‬‬
‫ومما يعود على متذوق العمل الفني من فوائد عديدة‪:‬‬
‫‪ ‬االستمتاع البصري‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫‪ ‬القدرة على التعبير عن األحاسيس والمشاعر واألفكار ‪.‬‬
‫‪ ‬االستقرار النفسي واالتزان واإليجابية في الشعور والثقة بالنفس‪.‬‬
‫‪ ‬تشكيل وحدة الفكر والمشاعر بين الفنان والمجتمع ‪.‬‬
‫‪ ‬اكتساب المتذوق لغة جديدة‬
‫‪ ‬اكتساب المتذوق أنظمة وسلوك ‪.‬‬
‫‪ ‬استيعاب المتذوق للرموز والوحدات واألشكال‪.‬‬
‫‪ ‬إثراء خبرة المتذوق الجمالية ‪.‬‬
‫‪ ‬اكتساب المتذوق المعرفة ببعض المبادئ واألفكار‪ (.‬أبو العباس محمود ‪ ‬عزام‪. )1999،‬‬
‫‪ ‬ﺇكتساب ﺍﻟﺨﺒﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺴﺎﻋﺩ ﻋﻠﻰ ﺘﻜﻭﻴﻥ ﺍﻟﻤﺩﺭﻜﺎﺕ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﺩي االفراد‪.‬‬
‫‪ ‬ﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺤﺴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﺩﻯ االفراد‪.‬‬
‫‪ ‬ﺘﺸﺠﻴﻊ االفراد ﻭﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﺘﺠﺎﻫﺎﺘﻬﻡ ﻨﺤﻭ ﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻟﻔﻥ‪.‬‬
‫‪ ‬ﺇﻜتساب االفراد ﺍﻟﻘﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﻭﺘﺫﻭﻕ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺒﻤﻔﺎﻫﻴﻡ ﺍﻟﻔﻥ‪.‬‬
‫‪ ‬ﻴﺩﻓﻊ االفراد ﻨﺤﻭ ﺍﻟﻔﺤﺹ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻲ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻭﺼﻭل ﺇﻟﻰ ﻤﻔﻬﻭﻡ ﻋﺎﻡ ﻭﺸﺎﻤل ﻟﻠﻔﻥ‪.‬‬
‫‪ ‬ﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﻘﺩﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻴﺔ ﺍﻟﻤﺭﺘﺒﻁﺔ ﺒﺘﻁﺒﻴﻕ ﺍﻟﻤﻌﺎﻴﻴﺭ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺇﺒﺭﺍﺯ ﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤـل ﺍﻟﻔﻨـﻲ ﻤـﻥ ﻤﻀﺎﻤﻴﻥ‬
‫ﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺘﻬﺎ ﺒﺸﻜل ﻤﻭﻀﻭﻋﻲ‪.‬‬
‫‪ ‬ﺘﻁﻭﻴﺭ ﻤﻬﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﻼﺤﻅﺔ ﻭﺤﺏ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﻭﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﺍﻻﺒﺘﻜﺎﺭﻱ‪.‬‬
‫‪ ‬ﻴﺴﺎﻋﺩ ﺍﻟﻤﺘﺫﻭﻗﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﺘﻨﻅﻴﻡ ﺃﻓﻜﺎﺭﻫﻡ ﻟﻠﻭﺼﻭل ﺇﻟﻰ ﻗﺭﺍﺭﺍﺕ ﻤﻨﻁﻘﻴﺔ ﻟﻠﺤﻜﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ‪.‬‬
‫‪ ‬ﺍﻻﺭﺘﻘﺎﺀ ﺒﻭﺠﻬﺎﺕ ﻨﻅﺭ ﺍﻟﻤﺘﺫﻭﻗﻴﻥ‪ ،‬ﻭﺍﺯﺩﻴﺎﺩ ﻁﻤﻭﺤﺎﺘﻬﻡ ﻭﺃﻫﺩﺍﻓﻬﻡ‪.‬‬
‫‪ ‬ﺘﺭﺒﻴﺔ ﺤﻭﺍﺱ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻤﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﺭﺅﻴﺔ ﺍﻟﺠﻤﺎل‪ ،‬ﻭﺇﻜﺴﺎﺒﻬﻡ ﺴﻠﻭﻜﺎ ﺠﻤﺎﻟﻴﺎ‪ .‬ﺘﻁﻭﻴﺭ ﻤﻔﺭﺩﺍﺕ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻤﻴﻥ‬
‫ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺘﻌﺭﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻥ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻌﻤل ﻋﻠﻰ ﺍﺘﺴﺎﻉ ﻤﺠﺎﻟﻬﺎ‪.‬‬
‫‪ ‬ﺘﻨﻤﻴﺔ ﻗﺩﺭﺍﺕ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﺒﺼﺭﻱ ﻟﻠﻤﺘﺫﻭﻗﻴﻥ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﻤﻜﻨﻬﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻌﺭﻑ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻨﺎﺼـﺭ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔـﺔﺍﻟﻤﻜﻭﻨﺔ‬
‫ﻟﻺﺒﺩﺍﻋﺎﺕ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ‪( .‬ﻋﺒﻴﺭ ﺼﺒﺤﻲ ﺩﻴﺎﺏ ‪. )1999،‬‬
‫ﺍﻟﺘﺫﻭﻕ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻭﺍﻟﺘﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ‪:‬‬
‫ﻴﻌﺩ ﺍﻟﺘﺫﻭﻕ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻤﻥ ﺃﻫﻡ ﺃﻫﺩﺍﻑ ﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺨﺒﺭﺍﺕ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻜﺘﺴﺒﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻤـﻭﻥﺘﻨﻤﻲ‬
‫ﻟﺩﻴﻬﻡ ﺍﻟﻘﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺘﺫﻭﻕ ﺘﻌﺒﻴﺭﺍﺕ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺍﻻﺒﺘﻜﺎﺭﻴﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻤﺘﻌﻠﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻴﺱ ﻟﺩﻴـﻪ ﺤـﺱ ﻜـﺎﻑﺍﻟﻜﻔﺎﻴﺎﺕ‬
‫ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﻟﺩﻯ ﻤﻌﻠﻤﻲ ﺍﻟﺘﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﻟﻠﺠﻤﺎل ﻻ ﻴﻜﻭﻥ ﺃﻱ ﺸﻲﺀ ﻋﻨﺩﻩ ﻟﻪ ﻤﻌﻨﻰ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺘﺫﻭﻕ ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﻴﻜﺘﺴﺒﻪ‬
‫ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻡ ﺒﻨﻔـﺴﻪ ﻋـﻥ ﻁﺭﻴـﻕ ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺔ‪ ،‬ﻭﺃﻥ ﻴﻨﺩﻤﺞ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻋﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﻴﺘﺫﻭﻗﻬﺎ‪ ،‬ﻭﻫﺫﺍ ﻴﺘﻀﻤﻥ‬

‫‪13‬‬
‫ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ‪ ،‬وﺍﻟﻤﻌﺭﻓـﺔ ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﻴﺒﺫل ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻡ ﺠﻬﺩﺍﹰ ﻟﺘﻌﻠﻤﻬﺎ‪ ،‬ﻟﺫﻟﻙ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺘﺫﻭﻕ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻴﺭﺘﺒﻁ ﺒﺎﻷﺸـﻴﺎﺀ‬

‫ﺍﻟﺘـﻲ ﻴﺘﻌﻠﻤﻬـﺎ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻡ ﻭﻫﺫﺍ ﻴﺘﻁﻠﺏ‪:‬‬


‫‪ .1‬التحليل الواقعيﹰ ﻟﻠﻤﺒﺎﺩﺉ ﻭﺍﻷﺴـﺱ ﺍﻟﻔﻨﻴـﺔ‪.‬‬

‫‪ .2‬ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺒﺈﻤﻜﺎﻨﻴﺎﺕ ﺍﻟﺨﺎﻤﺎﺕ‪.‬‬


‫‪ .3‬المعرفة ﺒﻤﻌﻨﻰ ﺍﻻﺒﺘﻜﺎﺭ ﻭﺍﻟﻤﺸﻜﻼﺕ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺒﻪ‪( .‬ﺃﻤﺎﻨﻲ ﺴﻤﻴﺭ ﻓﺭﻴﺞ ‪.)2000،‬‬
‫ﻭﺘﺸﻴﺭ ﺩﺭﺍﺴﺔ ﺠﻨﺩﻱ (‪ )1997: 72‬ﺇﻟﻰ ﺃﻥ التربية ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﺘﻬﺩﻑ ﺇﻟﻰ ﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﻘﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺫﻭﻕ‪،‬ﻓﺎﻟﺘﺫﻭﻕ‬
‫ﻗﺩﺭﺓ ﻤﻭﺠﻭﺩﺓ ﻟﺩﻯ ﺠﻤﻴﻊ ﺍﻷﻓﺭﺍﺩ‪ ،‬ﻭﻴﺭﺘﺒﻁ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﺫﻭﻕ ﺒﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﻤﻬﻤﺔ ﺘﺘﻤﺸﻰ ﻤـﻊ ﺴـﻠﻭﻙﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻭﺘﺘﻤﺜل‬
‫ﻓﻲ ﺍﺴﺘﺠﺎﺒﺘﻪ ﻭﺘﻘﻴﻴﻤﻪ‪ ،‬ﻭﺃﺤﻜﺎﻤﻪ ﻓﻲ ﺸﺘﻰ ﺍﻟﻤﻭﺍﻗﻑ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺘﻌﺭﺽ ﻟﻬﺎ ﻓـﻲ ﺍﻟﺤﻴـﺎﺓ‪ ،‬ﺴﻭﺍﺀ ﺃﻜﺎﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﻠﻭﻙ‬

‫ﻤﺘﺼﻼﹰ ﺒﺎﻟﻨﻭﺍﺤﻲ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ‪ ،‬ﺃﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻥ‪ ،‬ﺃﻡ ﺍﻟﻨـﻭﺍﺤﻲ ﺍﻟﻤﺘـﺼﻠﺔ ﺒﺎﻟﺴﻠﻭﻙ ﺒﺸﻜل ﻋﺎﻡ‪ ،‬ﻭﻤﻥ‬

‫ﺍﻷﺴﺱ ﺍﻟﻤﻬﻤﺔ ﻟﻠﺘﺫﻭﻕ ﺍﻟﻔﻨﻲ‪ ،‬ﺍﻟﺭﺅﻴﺔ ﺍﻟﺴﻠﻴﻤﺔ ﻟﻠﻌﻤل ﺍﻟﻔﻨﻲ‪ ،‬ﺜﻡ ﻤﻥ ﺨـﻼل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺭﺅﻴﺔ ﻨﺴﺘﻁﻴﻊ ﺃﻥ ﻨﻜﻭﻥ‬

‫ﺴﻠﻭﻜﺎﹰ ﺠﻤﺎﻟﻴﺎﹰ‪ ،‬ﺃﻱ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺫﻭﻕ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻴﺅﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺨﻠﻕ ﺴـﻠﻭﻙ ﺠﻤـﺎﻟﻲ‪ ،‬ﻜﺫﻟﻙ ﺘﺩﻋﻴﻡ ﺍﻟﻘﻴﻡ ﻭﺍﻟﻌﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﺤﻤﻴﺩﺓ‪،‬‬

‫ﺫﻟﻙ ﻋﻥ ﻁﺭﻴﻕ ﺘﺫﻭﻕ ﺍﻷﻋﻤﺎل ﺍﻟﻔﻨﻴـﺔ ﻭﻤﻤﺎﺭﺴـﺘﻬﺎ‪ ،‬ﻓﺘـﺫﻭﻕ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﺃﻥ ﻴﺭﻓﻊ ﻤﻌﻨﻭﻴﺎﺕ‬

‫ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻤﻴﻥ ﻭﻴﺠﻌﻠﻬﻡ ﺃﻜﺜﺭ ﺘﺫﻭﻗﺎﹰ ﻟﻸﺸﻴﺎﺀ‪( .‬ﻤﺎﺠﺭﻴﺕ ﻋﻁﻴﺔ ﺠﻨﺩﻱ ‪.)1997،‬‬

‫ﻀﺭﻭﺭﺓ ﺘﻀﻤﻴﻥ ﺍﻟﺘﺫﻭﻕ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻲ ﻓﻲ ﻤﻨﺎﻫﺞ ﺍﻟﻔـﻥ ﺨﺎﺼﺔ ﻟﺯﻴﺎﺩﺓ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﻓﻲ ﺍﻵﻭﻨﺔ ﺍﻷﺨﻴﺭﺓ ﺒﺈﺜﺎﺭﺓ‬
‫ﺍﻷﺴﺌﻠﺔ ﺤﻭل ﺍﻟﺘﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﻭﺃﺩﻭﺍﺭﻫﺎ‪ ،‬ﻭﺃﻫﻤﻴﺘﻬـﺎ‪ ،‬ﻭﻀﺭﻭﺭﺓ ﺘﺩﻋﻴﻡ ﺍﻟﻤﻌﺎﻴﻴﺭ ﺍﻟﺴﻠﻴﻤﺔ ﻟﻠﺘﺫﻭﻕ ﻭﺭﻓﻊ‬
‫ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﻜﻔﺎﻴﺔ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻤﻴﻥ‪ ،‬ﻭﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﻨﺵﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺄﻤل ﻭﺍﻹﺒﺩﺍﻉ ﻭﺍﻟﻨﻘﺩ ﻭﺍﻟﺘﺤﻠﻴل‪ ،‬ﻭﻫﻭ ﻁﺭﻴﻕ ﺇﻟﻰ‬
‫ﻤﺠﺘﻤﻊ ﻤﺘﻘﺩﻡ‪.‬‬
‫ﻭ ﺘﺫﻭﻕ ﺍﻷﻋﻤﺎل ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ‪ ،‬ﻴﺸﻜل ﺩﻋﺎﻤﺔ ﻗﻭﻴﺔ ﻓﻲ ﺘﻨﻤﻴـﺔ ﺍﻟﺸﺨـﺼﻴﺔ ﺍﻟﻤﺒﺩﻋﺔ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ‪ ،‬ﺫﻟﻙ ﻓﻲ‬
‫ﻋﻨﺼﺭ ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﻬﻤﺔ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻌﺩ ﻤﻥ ﺃﻫـﻡ ﻤﻘﻭﻤـﺎﺕﺍﻟﺘﺫﻭﻕ ﺍﻟﻔﻨﻲ‪ ،‬ﺇﻟﻰ ﺠﺎﻨﺏ ﺍﻟﺭﺅﻯ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ ﻤﺤﻴﻁ البيئة ﺘﺴﻬﻡ ﻓـﻲ ﺘﻌﻤﻴـﻕ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ‪ ،‬ﻭﺩﻋﻡ ﺍﻟﺨﺒﺭﺍﺕ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺍﺴﺘﻴﻌﺎﺏ ﺍﻟﻤﻼﻤﺢ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ‬
‫ﻤﻥ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ‪ ،‬ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﻌﻜﺱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟـﺼﻭﺭ ﺍﻟﻔﻨﻴـﺔ ﻭﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻤﻥ ﺃﻟﻭﺍﻥ ﻭﺨﻁﻭﻁ‪ ،‬ﻭﺇﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺒﻴﻥ ﺍﻷﺸﻜﺎل‬
‫ﻭﺘﻨﺎﺴﺒﻬﺎ ﻭﺠﻭﺩﺓ ﺍﻟﺘﺭﻜﻴﺏ‪ ،‬ﻭﺍﻻﻨﺴﺠﺎﻡ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺘﻨﺎﻏﻡ‪ ،‬ﻭﺍﻹﻴﻘﺎﻉ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺘﻭﺍﺯﻥ ﻭﻏﻴﺭ ﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﺃﺴﺱ ﻋﻨﺎﺼﺭ ﺍﻟﻌﻤل‬
‫ﺍﻟﻔﻨﻲ ﺃﺜﻨﺎﺀ ﺘﺄﺩﻴﺔ ﺍﻟﻌﻤـل ﺍﻟﻔﻨـﻲ‪ ،‬ﻭﻫﺫﺍ ﻴﺘﻁﻠﺏ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻡ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻋﻥ ﺍﻟﻘﻴﻡ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ‬
‫ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﻠﻭﻨﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﻴﺸﺔ ﺍﻟﻜﺎﻤﻠﺔ ﻭﺍﻻﻨﺩﻤﺎﺝ ﻭﺍﻻﺴﺘﻤﺘﺎﻉ ﺤﺘﻰ ﺘﺘﺤﻘﻕ ﺍﻟﻤﻬﺎﺭﺓ(ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻜﺭﻴﻡ ﻤﺤﻤﺩ لبد‬
‫‪.)1999،‬‬
‫و ﺍﻟﺘﺫﻭﻕ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻴﻬﺘﻡ ﺒﺎﻟﺘﺤﻠﻴل ﻭﺍﻟﺘﻌﺭﻑ ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﻴﻠﻲ‪:‬‬
‫‪ -1‬ﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻉ ﺍﻟﻔﻨﻲ ‪ :‬ﻤﺩﻯ ﺍﻟﺸﻌﻭﺭ ﺒﺎﻟﻤﺘﻌﺔ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ ﻤﻥ ﺨﻼل ﻤﺸﺎﻫﺩﺓ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﻔﻨﻲ‪.‬‬
‫‪ -2‬ﺍﻟﺘﻌﺭﻑ ﺇﻟﻰ ﻓﻬﻡ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻭﺇﺩﺭﺍﻜﻪ ﻤﻥ ﺨﻼل‪:‬‬

‫‪14‬‬
‫ﺒﻤﺎﺫﺍ ﻴﺘﺼﻑ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﻔﻨﻲ ﺒﻌﺩ ﺘﺤﻠﻴﻠﻪ؟ ﻭﻤﻘﺎﺭﻨﺘﻪ ﺒﺄﻋﻤﺎل ﻓﻨﻴﺔ ﺃﺨﺭﻯ ﻋﻠـﻰ ﺍﻟﻤـﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﻔـﺭﺩﻱ‬ ‫‪‬‬
‫ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻋﻲ؟‬
‫ﻤﺩﻯ ﻓﻬﻡ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻤﻥ ﺘﻜﺭﺍﺭﺍﺕ ﻓﻨﻴﺔ ﺃﺨﺭﻯ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤـﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﻔـﺭﺩﻱ‬ ‫‪‬‬
‫ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻋﻲ‪.‬‬
‫ﻤﺩﻯ ﻓﻬﻡ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻤﻥ ﺘﻜﺭﺍﺭﺍﺕ ﻟﻸﻨﻭﺍﻉ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺘﺸﺎﺒﻪ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻌﻨﺎﺼﺭ ﻓـﻲ ﺍﻟﻨﻭﻉ‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫ﺍﻟﺘﺒﺎﻴﻥ ﻓﻲ ﺍﻷﺸﻜﺎل ﻭﺍﻟﻌﻨﺎﺼﺭ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﻭﺃﻨﻭﺍﻋﻬﺎ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﺍﻟﺘﻌﺭﻑ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺼﺩ ﻤﻥ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻤﻥ ﺨﻼل‪:‬‬
‫ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﻭﺍﻟﻘﻴﻡ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤﻘﻘﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﻔﻨﻲ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ﺍﻟﺸﻌﻭﺭ ﻭﺍﻹﺤﺴﺎﺱ ﺒﻤﻭﺍﻁﻥ ﺍﻟﺠﻤﺎل ﻭﺍﻟﻘﻴﻡ ﺍﻟﺤﺴﻨﺔ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻘﻴﻡ ﺍﻟﻐﻴﺭ ﺤﺴﻨﺔ ﻜﻤﺤﺘﻭﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﻔﻨﻲ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ﻤﺩﻯ ﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻹﺤﺴﺎﺱ ﺒﻭﺠﻭﺩ ﻗﻴﻡ ﺠﻤﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﻭﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻟﻤﺤﻴﻁﺔ ﺒﻪ‪( .‬أحمد ﻋﻠﻲ ﻜﻨﻌﺎﻥ‪)1995،‬‬ ‫‪‬‬
‫ﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﺫﻭﻕ ﺍﻟﻔﻨﻲ‪:‬‬
‫وتتجه األمم والشعوب في العصر الحديث إلى تنمية الذوق بشتى الوسائل باعتبار‪ q‬ال‪qq‬ذوق الرفي‪q‬ع يع‪qq‬د عنوان‪qq‬ا‬
‫للرقي والتقدم ‪ ،‬فليست المقاييس العمرانية والصناعية‪ q‬ببعيدة عن الذوق وإنما يعد الذوق ع‪qq‬امال أساس‪qq‬يا فيه‪qq‬ا ‪.‬‬
‫والتذوق الصحيح للفن يق‪qq‬ود لغايت‪qq‬ه المنش‪qq‬ودة وهي ته‪q‬ذيب الش‪qq‬عور واألخالق و تنقية‪ q‬النفس ول‪qq‬ذا ك‪qq‬انت تنمي‪qq‬ة‬
‫الذوق هي الغاية األولى في تدريس التربي‪q‬ة الفني‪q‬ة والت‪q‬ذوق رس‪q‬الة‪ q‬يجب أن يحس‪q‬ن فهمه‪q‬ا ‪ ،‬والمب‪q‬دع يمث‪q‬ل ل‪q‬ه‬
‫الذوق أهمية قصوى بوصفه أول المت‪qq‬ذوقين لعمل‪qq‬ه ‪ ،‬أم‪qq‬ا المتلقي فت‪qq‬ذوق العم‪qq‬ل الف‪qq‬ني‪ q‬يجعل‪qq‬ه ي‪qq‬درك الغاي‪qq‬ة من‪qq‬ه‬
‫وصاحب الذوق السليم‪ q‬يستطيع تقدير اآلثار‪ q‬الفنية وإدراك ما في الكون من تناسق وتناسب ‪.‬‬
‫ويمكن ﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﺫﻭﻕ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻲ‪ ،‬ﻭﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﺨﻼل التدﺭﻴﺏ ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﻴﻠﻲ‪:‬‬
‫‪ -1‬ﻤﻼﺤﻅﺔ ﻭﻤﺸﺎﻫﺩﺓ ﺍﻟﻅﻭﺍﻫﺭ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﻴﺔ‪.‬‬
‫‪ -2‬ﻤﻼﺤﻅﺔ ﺃﺸﻜﺎل ﺍﻟﺠﻤﺎل ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻟﻤﺤﻴﻁﺔ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﺠﻤﻊ ﻭﺘﺼﻨﻴﻑ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺜﻴﺭ ﺇﺤﺴﺎﺴﻪ ﺒﺎﻟﺠﻤﺎل ﻜﺎﻟﻔﺭﺍﺸﺎﺕ ﻭﺍﻟﺯﻫﻭﺭ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻘﻭﺍﻗﻊ‪،‬‬
‫ﻭﺍﻷﺼﺩﺍﻑﻭﺍﻷﺤﺠﺎﺭ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ‪.. .‬ﺍﻟﺦ‪.‬‬
‫‪ -4‬ﺍﺼﻁﺤﺎﺏ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻡ ﻟﻠﻤﻌﺎﺭﺽ ﻭﺍﻟﻤﺘﺎﺤﻑ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ‪.‬‬
‫‪ -5‬ﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻜﺎﻟﺭﺴﻡ ﻭﺍﻟﺘﺸﻜﻴل ﺒﺨﺎﻤﺎﺕ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﻋﻤﺎ ﺴﻤﻌﻪ و ﺸﺎﻫﺩﻩ‪.‬‬
‫‪ -6‬ﻓﻙ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ﻭﺘﺭﻜﻴﺒﻬﺎ‪ ،‬ﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻜﺘل ﻭﺍﻷﺠﺯﺍﺀ‪.‬‬
‫‪ -7‬ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻡاالصابع ﻓﻲ ﺍﻟﺭﺴﻡ‬
‫‪ -8‬ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﺍﻟﻔﺭﺸﺎﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻠﻭﻴﻥ‪.‬‬
‫‪ -9‬ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﺍﻟﻌﺠﺎﺌﻥ (ﺍﻟﺼﻠﺼﺎل ‪ -‬ﺍﻟﻁﻴﻥ ‪ -‬ﺍﻟﻭﺭﻕ)‪.‬‬
‫ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﺨﺎﻤﺎﺕ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﻜﺎﻟﻔﻠﻴﻥ‪ ،‬ﻭﺍﻷﺴﻼﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴل ﺍﻟﻔﻨﻲ‪.‬‬ ‫‪-10‬‬
‫ﺩﻤﺞ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﻓﻲ ﻓﺭﺍﻏﻬﺎ ﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺸﻜﻠﻬﺎ ﻭﺤﺠﻤﻬﺎ‪.‬‬ ‫‪-11‬‬
‫‪15‬‬
‫ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﺍﻟﺨﻁﻭﻁ ﺍﻟﻤﺘﻘﺎﺭﺒﺔ ﻭﺍﻟﻤﺘﺒﺎﻋﺩﺓ‪.‬‬ ‫‪-12‬‬
‫ﺘﺩﺭﻴﺏ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻡ ﻋﻠﻰ ﻤلﺀ ﻓﺭﺍﻍ ﺍﻷﺸﻜﺎل ﺒﺎﻟﻠﻭﻥ ﻟﻠﺘﻌﺭﻑ ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺎﺤﺘﻬﺎ‪.‬‬ ‫‪-13‬‬
‫ﻤﻘﺎﺭﻨﺔ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ﺒﻌﻀﻬﺎ ﺒﺒﻌﺽ ﻓﻲ ﺍﻷﺤﺠﺎﻡ ﻭﺍﻟﻠﻭﻥ‪.‬‬ ‫‪-14‬‬
‫ﻤﻁﺎﺒﻘﺔ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺘﺸﺎﺒﻬﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺎﺤﺔ‪( .‬ﺃﺤﻤﺩ ﺇﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ﺍﻟﺒﻨﺎ ‪)1992،‬‬ ‫‪-15‬‬
‫ويزيد من أهمية ﺍﻟﺘﺫﻭﻕ ﺍﻟﻔﻨﻲاالسس التي يخضع لها حيث ان ﺍﻟﺘﺫﻭﻕ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻴﺨﻀﻊ‬
‫ﻟﻸﺴﺱ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ‪:‬‬
‫‪ .1‬ﺍﻟﻨﻅﺭﺓ ﺍﻟﺴﻠﻴﻤﺔ ﻟﻠﻌﻤل ﺍﻟﻔﻨﻲ‪ :‬ﻜل ﻤﺘﻌﻠﻡ ﻟﻪ ﻁﺒﻴﻌﺘﻪ ﺍﻟﺨﺎﺼﺔ ﺒﺎﻟﺘﺫﻭﻕ‪ ،‬ﺍﻷﻤﺭ ﺍﻟـﺫﻱ ﻴﺅﻜـﺩ ﺃﻥ ﺍﻷﺫﻭﺍﻕ‬
‫ﻤﺘﻌﺩﺩﺓ ﻭﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﺤﺘﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﻋﻠﻰ ﺸﻲﺀ ﻤﻌﻴﻥ‪ ،‬ﺃﻭ ﻋﻤل ﻓﻨﻲ ﻤﻌﻴﻥ‪ ،‬ﻭﻴﺨﻀﻊ ﺫﻟـﻙ ﺇﻟﻰ ﻨﻭﺍﺤﻲ‬
‫ﻨﻔﺴﻴﺔ ﻭﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺒﻴﺌﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺴﻴﺎﺴﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ‪...‬ﺍﻟﺦ‪.‬‬
‫‪ .2‬ﺘﺭﺍﺙ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ﻭﺘﻭﺍﺼﻠﻪ ﺒﺎﻟﺤﺎﻀﺭ‪ :‬ﻻﺒﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺭﻜﻴﺯ ﻋﻠﻰ ﺘﺭﺍﺙ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ﻭﺘﺫﻭﻗـﻪ ﻭﻤﻌﺭﻓـﺔ‬
‫ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻭﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻗﺎﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻔﻥ‪ ،‬ﻤﻥ ﺨﻼل ﻤﻌﺎﻴﺸﺔ ﺘﺭﺍﺙ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ﺒﺎﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟـﺫﻱ ﻜـﺎﻥ ﺴﺎﺌﺩﺍﹰ‪،‬‬

‫ﻭﺍﻟﺘﻘﺩﻡ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻱ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻌﺼﺭ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻭﺍﻷﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺘﻭﻓﺭﺓ ﻓﻲ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻔﺘﺭﺓ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﺩﻭﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﺘﻌﺩﺩ ﺍﻟﺭﺅﻴﺔ‪ :‬ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻟﻬﺎ ﺩﻭﺭ ﻜﺒﻴﺭ ﻓﻲ ﻋﻘل ﺍﻟﻤـﺘﻌﻠﻡ ﺍﻟﻤﺘـﺫﻭﻕ ﻟﻸﻋﻤـﺎل ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ‪،‬‬

‫ﻓﺈﺫﺍ ﻭﺠﹺﺩ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻡ ﻓﻲ ﺒﻴﺌﺔ ﻓﻨﻴﺔ ﻴﺘﺤﺎﻭﺭ ﻤﻊ ﺍﻟﻤﺘﺫﻭﻗﻴﻥ ﻟﻠﻔﻥ ﺒﺎﺴﺘﻤﺭﺍﺭ‪ ،‬ﺍﻷﻤﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴـﺴﻬﻡ ﻓﻲ ﺇﻴﺠﺎﺩ‬

‫ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﻬﻡ ﻟﻤﻀﻤﻭﻥ ﻭﻜﻨﻪ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻟﺜﻭﺍﺒﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺭﺴﺒﺕ ﻓﻲ ﺫﻫـﻥ ﺍﻟﻤﺘﺫﻭﻕ‪ ،‬ﻭﻫﺫﺍ‬
‫ﻴﺨﻀﻊ ﻟﺨﺒﺭﺍﺕ ﺘﺫﻭﻗﻴﺔ ﻟﻴﺱ ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﻔﺭﺩ ﺒل ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ اﻟﻤﺠﺘﻤـﻊ ﺇﺫﺍ ﺸﺎﺀ ﺍﻟﻭﻋﻲ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ‪.‬‬
‫‪ -4‬ﺍﻟﺘﺫﻭﻕ ﻤﻥ ﻀﺭﻭﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ‪ q:‬ﺇﻥ ﺍﻟﺘﻘﺩﻡ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻭﺍﻟﺘﻜﻨﻭﻟﻭﺠﻲ ﻴﺴﻬﻡ ﻓﻲ ﺭﻗﻲ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﺘـﺫﻭﻕ ﻟﺩﻯ‬
‫ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻤﻴﻥ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺘﺫﻭﻕ ﻴﻨﺘﺞ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻌﻠﻡ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻡ ﻭﺍﻟﻤﺜﻘﻑ ﺒﺎﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ﺸﻌﺏ ﺫﻭﺍﻕ ﺭﺍﻕ ﻭﺍﻟﻌﻜﺱ‬
‫ﺘﻤﺎﻤﺎﹰ‪ ،‬ﻜﻤﺎ ﺃﻥ ﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺩﻴﻨﺔ‪ ،‬ﻭﺘﻨﻅﻴﻡ ﺸﻭﺍﺭﻋﻬﺎ ﻭﻤﺴﺎﻜﻨﻬﺎ‪ ،‬ﻭﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﺤﺭﻜـﺔ‪ ،‬ﻭﺘﺤﻤل ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ‬

‫ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﻤﻼﺕ ﺍﻟﻤﻨﻅﻤﺔ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺴﻠﻭﻜﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﻬﺫﺒﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻤﻴﻥ ﺘﺨـﻀﻊ ﻟﻠـﺫﻭﻕ(ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻜﺭﻴﻡ ﻤﺤﻤﺩ ﻟﺒﺩ ‪)2010،‬‬

‫‪16‬‬
17
‫الفصل الثالث‬
‫جـوانب الــتذوق الفني‬
‫ومجاالته‬
‫يستند تذوق العمل الفني إلى خ‪q‬برة تذوقي‪q‬ة تكاملي‪q‬ة تق‪q‬وم على التكام‪q‬ل بين ع‪q‬دة ج‪q‬وانب‪ ،‬وذل‪q‬ك به‪q‬دف‬
‫تحليل العمل ‪،‬وليس معني التحليل تفتيت العمل الف‪qq‬ني ‪ ،‬ولكن يع‪qq‬ني النظ‪qq‬ر ل‪qq‬ه من ك‪qq‬ل الج‪qq‬وانب وتك‪qq‬ثيف‬
‫الضوء على أشكال السلوك التذوقي المتمثلة في هذه الجوانب‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ .1‬الجانب العقلي‪ :‬ويقصد ب‪qq‬ه ق‪qq‬درة المتلقي على فهم العم‪qq‬ل الف‪qq‬ني من الناحي‪qq‬ة الفكري‪qq‬ة‪ ،‬واس‪qq‬تخراج‬
‫األفكار الواردة فيه‪ ،‬وفهم المعاني التي تكمن في األفكار‪ ،‬والجدة واالبتكار فيها‪.‬‬
‫وال بد للمتذوق أن تتوافر لديه القدرات العقلية ال‪q‬تي تؤهل‪q‬ه إلص‪q‬دار أحك‪q‬ام تقويمي‪q‬ة‪ ،‬وأن يتمت‪q‬ع بكف‪q‬اءة‬
‫عقلية عالية تمكنه من زمام العمليات المعرفية ك‪q‬الفهم واالس‪q‬تدالل والتخي‪q‬ل والح‪q‬دس مم‪q‬ا يس‪q‬اعده على‬
‫إعادة تشكيل المضمون العقلي للنص األدبي تبع‪q‬ا ً لقدرات‪q‬ه العقلية‪ ،‬وق‪q‬د أك‪q‬دت العدي‪q‬د من الدراس‪q‬ات على‬
‫أهمية الجانب العقلي وأنه من أكثر جوانب التذوق التي تحظى باهتمام المعلمين‬
‫‪ .2‬الجانب الوجداني ‪ :‬يقص‪qq‬د بالج‪qq‬انب الوج‪qq‬داني إحس‪qq‬اس المتلقي بعاطف‪qq‬ة المب‪qq‬دع‪،‬وم‪qq‬ا تركت‪qq‬ه ه‪qq‬ذه‬
‫التجربة الشعورية التي مر بها من ظالل وت‪qq‬أثيرات على خطوط‪qq‬ه وألوانه وص‪qq‬وره ومعاني‪qq‬ه في العم‪qq‬ل ‪،‬‬
‫وهكذا يعيش العمل أكثر من حياة‪ ،‬فيحيا حي‪qq‬اة جدي‪qq‬دة م‪qq‬ع كل مت‪qq‬ذوق ي‪qq‬راه فعن‪qq‬دما يط‪qq‬الع المتلقي العم‪qq‬ل‬
‫الفني ويتذوقه فإنه يعيش مع العمل‪ ،‬ويجري حوارات مع مبدعه ويستعيد تجربته‪ ،‬ويعيد بناء جو العم‪qq‬ل‬
‫نفسيا ً وفنيّا ً في ضوء خبرته وثقافته‪ ،‬ويحكم عليه في ضوء ما يُحدثه العمل في وجدانه‪.‬‬
‫‪ .3‬الجانب الجمالي ‪:‬يعني الجانب الجمالي بتذوق العمل الفني من ناحية الشكل والمضمون الجمالي‪،‬‬
‫والتع‪qq‬رف على أث‪qq‬ر ك‪qq‬ل عنص‪qq‬ر من عناص‪qq‬ر العم‪qq‬ل في إث‪qq‬ارة الجم‪qq‬ال في موض‪qq‬عه‪ ،‬وإدراك العالق‪qq‬ات‬
‫والتداخالت فيما بينها‪.‬‬
‫ويختلف تذوق الجانب الجمالي للعمل من شخص إلى آخر نظراً لما يتركه العمل الفني من ت‪q‬أثير وج‪qq‬داني‬
‫وعاطفي في نفس كل متذوق ‪ ،‬وهذه عملية نسبية متفاوتة‪.‬‬
‫‪ .4‬الجانب االجتماعي‪ :‬لعملية التنشئة دور كبير في إم‪qq‬داد المت‪qq‬ذوق بأس‪qq‬اليب س‪qq‬لوكية تجعل‪qq‬ه يفض‪qq‬ل‬
‫نماذج من الفن ويعارض أخرى‪ ،‬فالمتذوق ال يت‪qq‬ذوق العمل من خالل قراءت‪qq‬ه ل‪qq‬ه فقط ‪ ،‬ب‪qq‬ل في ض‪qq‬وء م‪qq‬ا‬
‫أرسته أياد كثيرة ساهمت في تكوين ذوقه مثل‪ :‬التنشئة االجتماعية والتربية والثقافة التي س‪q‬اهمت بح‪q‬ظ‬
‫وافر في تكوين شخصيته بما تتضمنه من ميول ودوافع واتجاهات وقيم‪.‬‬
‫لذا فالجانب االجتماعي بمثاب‪qq‬ة الوع‪qq‬اء ال‪qq‬ذي يض‪qq‬م ج‪qq‬وانب الت‪qq‬ذوق الف‪qq‬ني جميعه‪qq‬ا‪ ،‬فه‪qq‬و أس‪qq‬اس عملي‪qq‬ة‬
‫التذوق؛ ألن تذوق المتلقي للعمل الفني إنما يكون في إطار تربيته وثقافته‪ ،‬فعن‪qq‬دما يص‪qq‬در المتلقي حكم ‪q‬ا ً‬

‫‪18‬‬
‫عقليًا أو وجدانيًا أو جماليًا فإنه يتأثر بتكوينه العقلي وثقافته واتجاهاته وتنشئته االجتماعي‪qq‬ة ومعتقدات‪qq‬ه‪.‬‬
‫(مصري حنورة ‪ ،‬د‪.‬ت)‪.‬‬
‫رغم أن عملية التذوق الفني تتضمن تلك الجوانب الأربعة جوانب فإن هذه العملية خبرة تذوقي‪qq‬ة تكاملي‪qq‬ة‬
‫تقوم على التوازن والتكامل بين الجوانب األربع (العقلي‪ ،‬والوجدان‪q‬ي‪ ،‬والجمالي‪ ،‬واالجتماعي)‪ ،‬وال غنى‬
‫عن أي جانب في أثناء عملية التذوق‪.‬‬
‫العوامل التي تسهم في تكوين التذوق الفني ‪:‬‬
‫‪ .1‬البيئة‪ : q‬للبيئة أثر عميق في تكوين األخالق‪ ،‬وتمايزها‪ ،‬فالذوق الحضري يختلف عن ذوق الق‪qq‬روي‬
‫وذوق الغني غير ذوق الفقير‪.‬‬
‫ويراد بالبيئة الخواص الطبيعية واالجتماعية التي تتوافر في مكان ما ‪ ،‬فتؤثر فيما تحيط به آثارا حس‪qq‬ية‬
‫ممتازة ‪ ،‬والدليل على ذلك أننا نجد أن الذوق عند البدو غيره عند أهل الحضر لما بين البيئتين من فروق‬
‫مادي‪qq‬ة ومعنوي‪qq‬ة تطب‪qq‬ع عناص‪qq‬ر ال‪qq‬ذوق بطابعه‪qq‬ا في كلتيهم‪qq‬ا ‪ ،‬وهي ف‪qq‬روق بين الخش‪qq‬ونة والرق‪qq‬ة وبين‬
‫الجهالة والمعرفة وبين االض‪qq‬طراب واالس‪qq‬تقرار وبين البس‪qq‬اطة والتعقي‪qq‬د ‪ ،‬وهي ف‪qq‬روق بين ذوق يطمئن‬
‫إلى العناصر الخيالية الصحراوية وإلى المعاني القريبة الصريحة والفضائل البدوي‪qq‬ة والحري‪qq‬ة وبين ذوق‬
‫ال يرضى إال بصورة الترف وعميق المعاني ‪ ،‬والعناية باألداء والصنعة ‪ ،‬ف‪q‬إذا تغ‪qq‬يرت البيئ‪qq‬ة تغ‪qq‬ير معه‪qq‬ا‬
‫الذوق األدبي منشئا وناقدا ‪ ،‬ومما يدل على صدق ذلك قصة علي بن الجهم لما ورد على المتوك‪qq‬ل مادح‪qq‬ا‬
‫بقوله ‪:‬‬
‫أنت كالكلب في حفاظك للود وكالتيس في قراع الخطوب‬
‫فهم بعض الحضور بقتله‪ ،‬فقال الخليفة‪ " :‬خ‪q‬ل عن‪qq‬ه ف‪q‬ذلك م‪q‬ا وص‪q‬ل إلي‪q‬ه علم‪qq‬ه ومش‪q‬هودة‪ ،‬ولق‪q‬د‬
‫توسمت فيه الذكاء فليقم بيننا زمنا وقد ال نعدم منه شاعرا مجيدا " فلما أقام في الحضر بضع سنين ق‪qq‬ال‬
‫الشعر الرقيق المالئم للبيئة الحضرية كقوله‪:‬‬
‫عيون المها بين الرصافة والجسر *** جلبن الهوى من حيث أدري وال أدري‬
‫*‬
‫سلوت ولكن زدن جمــــرا على جمر‬ ‫* *‬ ‫أعدن لي الشوق القديــــــــم ولم أكن‬
‫وكان لهذه البيئات المختلفة آثارها المختلفة في تفاوت الذوق األدبي سواء أك‪qq‬ان في العص‪qq‬ر الواح‪qq‬د أم‬
‫في العصور المتتابعة ‪ ،‬فال شك أن عدي بن زيد في الجاهلية يختلف عن زهير وطرف‪qq‬ة في ال‪qq‬ذوق األدبي‬
‫لطول مق‪qq‬ام ع‪qq‬دي في الحاض‪qq‬رة مم‪qq‬ا أكس‪qq‬به رق‪qq‬ة وسالس‪qq‬ة ال تج‪qq‬دهما عن‪qq‬دهما في جزالتهم‪qq‬ا وب‪qq‬داوتهما‬
‫الخشنة ‪ ،‬وال شك أيضا أن الذوق األدبي على شطآن دجلة والفرات في العصر العباسي غيره في جزي‪qq‬رة‬
‫العرب ‪ ،‬لما هذه البيئة الحديثة من خواص تجمعت وطبعت النقاد واألدب‪qq‬اء طابع‪qq‬ا ح‪qq‬ديثا في ت‪qq‬ذوق األدب‬
‫وإنشائه ‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫‪ .2‬الزمان‪  :‬ويراد به العوامل المستحدثة التي تتوافر لشعب ما في فترة من الفترات فتنقله في درجات‬
‫الرقي والحضارة فيتشكل بما يتقرر في عصره من ثقاف‪qq‬ة وم‪qq‬ذاهب مبتك‪qq‬رة ‪ ،‬وهك‪qq‬ذا يك‪qq‬ون ال‪qq‬ذوق حلق‪qq‬ة‬
‫تاريخية تصور خالصة الجهود الثقافية والتهذيبية لعصر من عص‪qq‬ور الت‪qq‬اريخ الف‪qq‬ني ‪ ،‬وتج‪qq‬د أمثل‪qq‬ة ذل‪qq‬ك‬
‫واضحة في تحول الذوق الفني في العصور المختلفة ‪.‬‬
‫فكلما ارتقي اإلنس‪qq‬ان من عص‪qq‬ر لعص‪qq‬ر آخ‪qq‬ر تتغ‪qq‬ير مقوم‪qq‬ات حيات‪qq‬ه ‪ ،‬وت‪qq‬زداد معارف‪qq‬ه وتتعم‪qq‬ق أفك‪qq‬اره ‪،‬‬
‫وتترقي فنونه‪ ،‬ومن هنا تتباين األذواق عبر العصور المختلفة ‪.‬‬
‫نعني به الجماعة التي سكنت مكان‪qq‬ا واح‪qq‬دا‪ q‬وخض‪qq‬عت في حياته‪qq‬ا لعوامل‪qq‬ه عه‪qq‬ودا طويل‪qq‬ة‬ ‫‪ .3‬الجنس ‪:‬‬
‫فنشأت فيهم طائفة من العادات واألخالق وطرق الفهم واإلدراك يخالفون في‪qq‬ه س‪qq‬واهم ممن أنجبتهم بيئ‪qq‬ة‬
‫أخرى مغايرة ‪ ،‬ولكل جنس طابعه في الذوق الفني ‪.‬‬
‫‪ .4‬الشخصية ‪ :‬من أهم المؤثرات في التعامل مع العم‪qq‬ل الف‪qq‬ني اختالف مي‪qq‬ول األف‪qq‬راد مم‪qq‬ا ي‪qq‬ؤدي إلي‬
‫اختالفهم في الذوق ‪ ،‬وأيضا يكون للحالة النفسية ال‪qq‬تي يم‪qq‬ر به‪qq‬ا المت‪qq‬ذوق أث‪qq‬را كب‪qq‬يرا في تذوق‪qq‬ه للعم‪qq‬ل‬
‫الفني ‪ ،‬وهناك من العلماء م‪q‬ا يس‪q‬مي ذل‪q‬ك بت‪q‬أثير الم‪q‬زاج الخ‪q‬اص أو الشخص‪q‬ية الفردي‪q‬ة و الم‪q‬زاج ه‪q‬و‬
‫الشخصية الفطرية الطبيعية أو هو ذلك العنصر من عناصر الحياة العقلية الذي يختل‪qq‬ف ب‪qq‬اختالف األف‪qq‬راد‬
‫من الناحي‪qq‬ة الوجداني‪qq‬ة وك‪qq‬ذلك من ناحي‪qq‬ة المي‪qq‬ول ‪ .‬ومن المتف‪qq‬ق علي‪qq‬ه أن لألمزج‪qq‬ة آث‪qq‬ارا واض‪qq‬حة في‬
‫الشخصية وأنها تختلف باختالف األفراد وأنها تحدد وجهة نظر الف‪qq‬رد نح‪qq‬و م‪qq‬ا حول‪qq‬ه وت‪qq‬ؤثر في س‪qq‬لوكه‬
‫وي‪qq‬دخل في الم‪qq‬زاج الح‪qq‬االت النفس‪qq‬ية‬ ‫إلى حد بعيد فيظهر أثر ذلك في الذوق الف‪qq‬ني إنش‪qq‬اء ونق‪qq‬دا ‪،‬‬
‫التي تستأثر ببعض النفوس فتحملها على إنشاء أو استحسان فن خاص ‪.‬‬
‫‪ .5‬التربية‪ :q‬والمعني بها آث‪q‬ار األس‪q‬رة والتعليم والتنش‪qq‬ئة الخاص‪q‬ة ‪ ،‬فق‪qq‬د تج‪q‬د جماع‪qq‬ة من جنس واح‪q‬د‬
‫وبيئ‪qq‬ة واح‪qq‬دة وزم‪qq‬ان واح‪qq‬د و م‪qq‬ع ذل‪qq‬ك يختلف‪qq‬ون في األذواق بس‪qq‬بب م‪qq‬ا اختلافهم في الثقاف‪qq‬ة والدراس‪qq‬ة‬
‫والتهذيب الذي ظفر به كل منهم وفي الحياة الخاصة من لين وخشونة وتشمل وكاالت التربية المختلفة‪:‬‬
‫األسرة والمؤسسات التعليمية والتنشئة الخاص‪qq‬ة‪ .‬وهي م‪qq‬ؤثرات في ال‪qq‬ذوق حس‪qq‬ب الدراس‪qq‬ة و الته‪qq‬ذيب‪،‬‬
‫وحسب ما يناله المتذوق من ثقافة ‪ (.‬محجوب الصديقي ‪.)1989،‬‬
‫‪ .6‬التفكير‪  :‬إن التفكير الناقد و التفكير االبتك‪q‬اري ي‪q‬ؤثران في الت‪q‬ذوق األدبي بدرجة كب‪q‬يرة ويؤدي‪q‬ان‬
‫إلي قدرة الطالب على التذوق حيث أكدت دراسة (س‪qq‬عيد ذكي ‪ ) 2000 ،‬على وج‪qq‬ود عالق‪qq‬ة دال‪qq‬ه موجب‪qq‬ه‬
‫بين كل من التذوق وقدرات التفكير االبتكاري‪  ‬فى مستوى ( الطالقة – المرونة – األصالة (‪.‬‬

‫ﻴﻤﺭ ﺍﻟﺘﺫﻭﻕ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﺒﻌﺩﺓ ﻤﺭﺍﺤل ﻭﻫﻰ‪:‬‬ ‫ﻤﺭﺍﺤل ﺍﻟﺘﺫﻭﻕ ﺍﻟﻔﻨﻲ‪:‬‬


‫‪ .1‬ﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﻨﺎﺓ‪ :‬ﻭﻫﻰ ﺍﻟﺒﺤـﺙ ﻭﺍﻟﺘﻨﻘﻴـﺏ ﻋـﻥ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﻘل ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻉ ﺍﻟﺫﻱ‬
‫ﻴﺭﺍﻩ ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻴﺜﻴﺭ ﺍﻨﺘﺒﺎﻫﻪ ﺒﻬﺩﻑ ﺍﻟﻜﺸﻑ ﻋﻥ ﺍﻟﻌﻭﺍﻤـل ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤﻘﻕ ﺍﻻﺴﺘﻤﺘﺎﻉ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻲ‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫‪ .2‬ﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻻﻜﺘﺴﺎﺏ‪ :‬ﻭﻴﻜﻭﻥ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﺩﻭﺭ ﺍﻷﻜﺒﺭ ﻓﻲ ﺇﻜﺴﺎﺏ ﺸﺨـﺼﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻡ ﻁﺎﺒﻌﺎﹶ ﺠﻤﺎﻟﻴﺎﹰ‪ ،‬ﻴﻨﻌﻜﺱ ﻓﻲ‬

‫ﺘﻌﺩﻴل ﺴﻠﻭﻜﻪ‪ ،‬ﻭﺘﻬﺫﻴﺏ ﻭﺠﺩﺍﻨﻪ‪.‬‬


‫‪ .3‬ﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﺘﻌﻤﻴﻡ‪ :‬ﻭﻓﻴﻬـﺎ ﻴﻁﺒـﻕ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻡ ﻤﺎ ﺍﻜﺘﺴﺒﻪ ﻤﻥ ﺨﺒﺭﺍﺕ ﺠﻤﺎﻟﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺴﺎﺌﺭ ﺍﻟﻤﻭﺍﻗﻑ ﺍﻟﺘﻲ ﺴﻭﻑ‬
‫ﻴﻭﺍﺠﻬﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒل‪.‬‬
‫ﻓﺎﻟﻤﺭﺍﺤل ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻤﺭ ﺒﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﺫﻭﻕ ﺃﺜﻨﺎﺀ ﺘﺫﻭﻗﻪ ﻟﻠﻌﻤل ﺍﻟﻔﻨﻲ‪ ،‬ﻤﻥ ﺘﻘﺩﻴﺭ ﻭﺘﻌﺎﻁﻑ ﻭﺇﺤﺴﺎﺱ‪ ،‬ﺘﻌﺩ ﺒﻤﺜﺎﺒﺔ ﺴﺒل‬
‫ﻤﺴﺎﻋﺩﺓ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻡ ﺍﻟﻤﺘﺫﻭﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺴﺘﻤﺘﺎﻉ ﺒﺎﻟﻌﻭﺍﻤل ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻔـﻥ ﻭﺍﻟﺒﻴﺌـﺔ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴـﺔ‪( .‬ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻜﺭﻴﻡ‬
‫ﻤﺤﻤﺩ ﻟﺒﺩ ‪)2010،‬‬
‫اما بايير (‪ )R. Bayer‬فيري ان مراحل عملية التذوق الفني هي‪:‬‬
‫‪ ‬التوقف ‪ :‬حيث يستوقف الموضوع الجمالي ( العم‪qq‬ل الف‪qq‬ني) المش‪qq‬اهد و يجعل‪qq‬ه يتوق‪qq‬ف عن التفك‪qq‬ير‬
‫العادي من أجل االستغراق في حالة من المشاهدة أو التأمل أو االنص‪qq‬ات أو الس‪qq‬كوت ليتطل‪qq‬ع ببص‪qq‬ره الى‬
‫العمل الفني‪.‬‬
‫‪ ‬العزلة ‪ :‬تتمثل في قدرة الموضوع الجمالي للعمل الفني في انتزاع المشاهد من تفكيره واستبعاد من‬
‫مجال إدراكه كل ما ع‪qq‬دا األث‪qq‬ر الف‪qq‬ني أو الموض‪qq‬وع الجم‪qq‬الي وبه‪qq‬ذا ينع‪qq‬زل المتلقي عن عالم‪qq‬ه الخ‪qq‬ارجي‬
‫ويصبح في حوار مع العمل الفني وكأنه في جزيرة نائية‪.‬‬
‫‪ ‬االحساس بأننا أمام ظاهرة وليس حقيقة ‪ ( :‬التصور)‪ :‬يمث‪qq‬ل الموض‪qq‬وع الجم‪qq‬الي ط‪qq‬ابع ظ‪qq‬اهري‬
‫وليس طابع واقعي ‪ ،‬حينما نشاهد عمالً فنيًا نشعر بأننا ال ن‪qq‬درك اال ش‪qq‬يئًا ص‪qq‬وريًا وبالت‪qq‬الي فإنن‪qq‬ا ال نهتم‬
‫بمضمون ذلك الشيء بل نقصد اهتمامنا على النظر الى شكله أو مظهره‪.‬‬
‫‪ ‬الموقف الحدسي ‪ :‬يختلف الفن في موقفه عن العلم ورائدنا في السلوك الجمالي يعتمد على الح‪qq‬دث‬
‫المباشر واالدراك المفاجيء وليس كما في العلم على االستدالل والبرهنة والبحث العقلي‪.‬‬
‫‪ ‬الطابع العاطفي أو الوج‪qq‬داني ‪ :‬يحم‪qq‬ل العم‪qq‬ل الف‪qq‬ني مهم‪qq‬ا ك‪qq‬ان نوع‪qq‬ه أو أس‪qq‬لوبه أو تقنيت‪qq‬ه طاب ًع‪qq‬ا‬
‫عاطفيًا ووجدانيًا ألنه في األصل نابع من شخصية االنسان الفنان الذي يحمل في صفاته وجدانية العاطفة‬
‫الصادقة أو الوجدان الحي ‪ ،‬ويعيدنا العمل الفني الى حالة من حاالت الوعي أو الشعور‪.‬‬
‫‪ ‬التداعي‪ :‬وهو ما يثيره الموضوع من ذكريات وأحاسيس يجعل االنسان يتعاطف معه أو يبتعد عنه‪.‬‬
‫‪ ‬التقمص الوجداني‪ :‬نض‪qq‬في دائ ًم‪qq‬ا على الموض‪qq‬وع الجم‪qq‬الي ج‪qq‬ز ًءا من أنفس‪qq‬نا ‪ ،‬أو ق‪qq‬د تق‪qq‬وم ال‪qq‬ذات‬
‫باالمتزاج الكلي أو الجزئي في الموض‪q‬وع ‪ ،‬فتش‪q‬يع في الش‪q‬يء ال‪q‬ذي تتأمل‪q‬ه حياته‪q‬ا وروحه‪q‬ا ورغباته‪q‬ا‬
‫ومش‪qq‬اعرها وش‪qq‬تى مظ‪qq‬اهر االحس‪qq‬اس‪ .‬كم‪qq‬ا يح‪qq‬دث دائم‪qq‬ا ن‪qq‬وع من االتح‪qq‬اد و االم‪qq‬تزاج بين المش‪qq‬اهد‬
‫والموضوع تتمثل في تصوره وتأمل‪qq‬ه واالس‪qq‬تماع الي‪qq‬ه والحكم علي‪qq‬ه وتأويل‪qq‬ه ‪ ،‬فثم‪qq‬ة تب‪qq‬ادل مس‪qq‬تمر بين‬
‫شعورنا وبين العالم الخارجي متمثلة في مشاركة أجسامنا وأسماعنا وأبصارنا لألحداث الخارجية‪.‬‬
‫وتختلف مستويات التذوق ‪:‬‬

‫‪21‬‬
‫‪  ‬يمس الشعور باألخر عبر المران والتدريب والخبرة واالكتساب والتجربة‬
‫‪  ‬عبر أنماط الوعي والتواصل وارتقاء المستوى اإلدراكي ‪.‬‬
‫‪  ‬حسي من حالة المدركات الحسية الغريزية والعفوية‪ q‬والتلقائية ‪.‬‬
‫‪  ‬العقلي ذو المعنى الداللي والمتجاوز لمؤثرات اللحظ‪qq‬ات الوجودي‪qq‬ة االنطباعي‪qq‬ة وص‪qq‬وال إلص‪qq‬دار‬
‫أحكام معيارية وقيمية لمجاالت التذوق ‪.‬‬
‫ﻭﻴﺸﻴﺭ ﺍﻟﺒﺴﻴﻭﻨﻲ ﺇﻟﻰ ﻭﺠﻭﺩ ﻤﻌﺎﻴﻴﺭ ﻭﻤﺴﺘﻭﻴﺎﺕ ﺘﺫﻭﻗﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻴﻌﺘﻤـﺩ ﺍﻟﺘـﺫﻭﻕ ﻋﻠﻰ ﺜﻼﺜﺔ ﻋﻭﺍﻤل ﻋﻠﻰ‬
‫ﺍﻟﻨﺤﻭ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ‪:‬‬
‫‪ .1‬ﺍﻟﺘﺭﺒﻴﺔ ﺒﻤﻌﻨﺎﻫﺎ ﺍﻟﻤﻘﺼﻭﺩ ﻭﻏﻴﺭ ﺍﻟﻤﻘﺼﻭﺩ‪.‬‬
‫‪ .2‬ﺍﻹﺤﺴﺎﺱ ﻭﻤﻌﻨﺎﻩ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﺃﻭ ﺍﺴﺘﻘﺒﺎل ﺍﻷﺤﺎﺴﻴﺱ‪.‬‬
‫‪ .3‬ﺍﻷﺨﻼﻕ ﻭﺘﺸﻤل ﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﺍﻟﻌﻘﺎﺌﺩ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤـﺭﻙ ﺴـﻠﻭﻙ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻡ‪ ،‬ﻭﺘﻤﻜﻨﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﻋﻠﻰ ﺴﻠﻭﻙ‬
‫ﺍﻵﺨﺭﻴﻥ‪ ،‬ﻭ ﻴﻜﺘﺴﺏ ﺍﻟﺘﺫﻭﻕ ﺒﺘﻔﺎﻋل ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻡ ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﺭ ﺒﺒﻴﺌﺘـﻪ ﻓﻲ ﺍﻷﺴﺭﺓ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻤﺩﺭﺴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ‪ ،‬ﻭﻜﻠﻤﺎ‬
‫ﺍﺭﺘﻘﺕ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﻓﻲ ﺘﺫﻭﻗﻬﺎ‪ ،‬ﺍﺭﺘﻘﺕ ﺃﺫﻭﺍﻕ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻤﻴﻥ‪( .‬ﻤﺤﻤﻭﺩ ﺍﻟﺒﺴﻴﻭﻨﻲ ‪.)1988،‬‬
‫‪ .4‬و ﺍﻟﺘﺫﻭﻕ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻲ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﺴﺘﻤﺘﺎﻉ ﻴﻐﻠـﺏ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻁﺎﺒﻊ ﺍﻟﻭﺠﺩﺍﻨﻲ‪ ،‬ﻭﻴﻜﻔﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺫﻭﻕ ﺍﻟﺘﻔﺎﻋل‬
‫ﺍﻟﻀﻤﻨﻲ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺠﻤﻴل ﻭﺍﻟﻤﺭﺀ ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﺘﻊ ﺒﻪ‪ ،‬ﻭﻴﺸﻤل ﺍﻟﺘﺫﻭﻕ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﺒﺭﺓ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ‬
‫ﺒﺄﺒﻌﺎﺩﻫﺎ ﺍﻟﺜﻼﺜﺔ‪:‬‬
‫‪ ‬ﺍﻟﺘﺫﻭﻕ ‪.‬‬
‫‪ ‬ﺍﻟﺘﻘﺩﻴﺭ ‪.‬‬
‫‪ ‬ﺍﻹﻨﺘﺎﺝ‪.‬‬
‫ﻓﺎﻟﺘـﺫﻭﻕ ﻫﻭ ﻤﻀﻤﻭﻥ ﺃﻱ ﺘﻘﺩﻴﺭ ﺃﻭ ﺤﻜﻡ ﺠﻤﺎﻟﻲ‪ ،‬ﻜﻤﺎ ﺃﻨﻪ ﺃﻭل ﺨﻁﻭﺓ ﻴﻘﻭﻡ ﺒﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻡ ﻓﻲ ﺘﺤﻭﻴل ﺃﻭ‬
‫ﺘﺤـﻭﻴﺭ ﻤﺎ ﻴﺘﺫﻭﻗﻪ ﺇﻟﻰ ﺇﻨﺘﺎﺝ ﻓﻨﻲ‪ ،‬ﻭﻟﻪ ﺩﻭﺭ ﻜﺒﻴﺭ ﻓﻲ ﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻻﻨﺘﻤﺎﺀ ﻭﺍﻟﺫﺍﺘﻴﺔ ﻤﻊ ﺍﻟﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﻭﺤﺩﺓ‬
‫ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻤﻴﻥ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ‪ ،‬ﻓﻼ ﻴﻘﺘﺼﺭ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﺘﺫﻭﻕ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﺘﻜﺎﻤل ﺠﻭﺍﻨﺏ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻡ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩ ﻤﻨﻌﺯﻻ‪،‬‬
‫ﻋـﻥ ﺇﻁﺎﺭ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ‪ ،‬ﻭﺇﻨﻤﺎ ﻴﻤﺘﺩ ﺍﻟﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻡ ﺩﺍﺨل ﺇﻁﺎﺭ ﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ‪ q.‬ﻭﻋﻨﺩ ﺘﻘﻴﻴﻡ ﺍﻟﺘﺫﻭﻕ ﺍﻟﻔﻨﻲ‬
‫ﻴﺠﺏ ﻋﻠﻰ ﻤﻌﻠﻡ ﺍﻟﺘﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﺃﻥ ﻴﺭﻜﺯ ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺎﺱ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﻔﻨﻲ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﺒـﺎﻟﻤﺘﻌﻠﻡ ﻟﻜﻭﻨـﻪ ﻴﺘﻨـﻭﻉ ﻭﻴﺘﻌﺩﺩ‬

‫ﺘﺒﻌﺎ‪ ،‬ﻟﻠﻤﺘﻌﻠﻡ ﺍﻟﻤﺸﺎﻫﺩ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻤﺘﺫﻭﻕ ﻟﻠﻌﻤل ﺍﻟﻔﻨﻲ‪ ،‬ﻭﺇﻥ ﺇﺼﺩﺍﺭ ﺤﻜﻤﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻤـل ﺍﻟﻔﻨـﻲ ﺇﻨﻤـﺎ ﻴﺭﺘﺒﻁ ﺒﺜﻘﺎﻓﺘﻪ ﻭﻤﻘﺩﺍﺭ ﺘﻘﺒﻠﻪ‬
‫ﻭﺇﻗﺒﺎﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﻔﻨﻲ (ﺍﻟﺤﺴﻴﻨﻲ‪.)1990 ،‬‬
‫ﻋﻭﺍﻤل ﺍﻟﺘﺫﻭﻕ ﺍﻟﻔﻨﻲ‪:‬‬

‫‪22‬‬
‫ﻫﻨﺎﻙ ﻋﻭﺍﻤل ﻤﺅﺜﺭﺓ ﺒﺩﺭﺠﺔ ﻜﺒﻴﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺘﺫﻭﻕ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﺨﺘﻼﻓﻬﺎ ﺃﻭ ﺘﻭﺤﺩﻫﺎ ﻤﺅﺜﺭﺍﹰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺘﺫﻭﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ‬

‫ﺍﻟﺘﺫﻭﻗﻴﺔ ﻭﻤﻥ ﺃﻫﻤﻬﺎ ﻤﺎ ﻴﻠﻲ‪:‬‬


‫‪ ‬ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ‪.‬‬
‫‪ ‬ﻨﻭﻉ ﺍﻟﻔﻥ ﻭﻤﺎﺩﺘﻪ‪.‬‬
‫‪ ‬ﺍﻟﻤﺠﻬﻭﺩ ﺍﻟﺤﺭﻜﻲ‪.‬‬
‫‪ ‬ﺍﻟﺯﻤﺎﻥ ﻭﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﻌﺭﻭﺽ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﻔﻨﻲ‪.‬‬
‫‪ ‬ﺍﻟﺤﻴﺯ ﺍﻟﺯﻤﺎﻨﻲ ﻟﻠﻌﻤـل ﺍﻟﻔﻨﻲ‪.‬‬
‫‪ ‬ﻤﻀﻤﻭﻥ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﻔﻨﻲ‪.‬‬
‫ﻭﻓﻲ ﻀﻭﺀ ﻤﺎ ﺴﺒﻕ ﻴﺘﻀﺢ ﺃﻥ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﺫﻭﻕ ﺘﺒﺩﺃ ﺒﺎﻟﺘﺭﻜﻴﺯ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺎﻨﺏ ﺍﻟﻭﺠـﺩﺍﻨﻲ‪ ،‬ﻭﻴـﻨﻌﻜﺱ ﺘﺄﺜﻴﺭ ﺫﻟﻙ ﻋﻠﻰ‬

‫ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﻔﻨﻲ‪ ،‬ﻭﻴﺘﺤﻭل ﺍﻟﺘﺫﻭﻕ ﺇﻟﻰ ﻤﻭﻗﻑ ﺘﻔﻀﻴﻠﻲ‪ ،‬ﻭﻴﺘﻀﻤﻥ ﺤﻜﻤﺎﹰ ﻴﺘﻌﻠﻕ ﺒﺘﻔـﻀﻴل ﺸﻲﺀ ﻤﺎ‪ ،‬ﻭﻴﺘﺤﻭل ﺍﻟﺘﻔﻀﻴل‬

‫ﺇﻟﻰ ﻗﻴﻤﺔ‪ ،‬ﻭﻴﺘﻭﻗﻑ ﺘﻘﺒل ﺍﻟﻤﺘﺫﻭﻕ ﻟﻤﻭﻀﻭﻉ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﻤﻭﺍﺀﻤﺘـﻪ ﻤﻊ ﺃﻨﻤﺎﻁ ﺘﺠﺎﺭﺒﻪ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻗﺩﺭﺍﺘﻪ‬
‫ﺍﻹﺩﺭﺍﻜﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺎﻁﻔﻴﺔ ﻭﻏﻴﺭ ﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﺍﻷﻤﻭﺭ‪( .‬ﻋﺒﻴﺭ ﺼﺒﺤﻲ ﺩﻴﺎﺏ ‪)1999،‬‬

‫مجاالت التذوق الفني‬


‫إن دراسة الفن ال تقل شانا عن دراسة أوجه النشاطات المختلفة وذلك لضرورته في الحياة‪ q‬اإلنسانية‬
‫حيث استطاع‪ q‬اإلنسان‪ q‬عبر العصور التي عاشها‪ q‬أن ينقل جزا مهما من تجاربه‪ q‬عبر الفن وان يحول العديد‬
‫من أدواته التي استخدمها إلى أعمال فنية تتسم بالجمال وتضفي على الوجود سحرا يشدنا إليه ‪ ,‬حيث نقل‬
‫لنا الفنانون‪ q‬أشعارهم ومشاعرهم وتجاربهم الذاتية عبر وجهات الصور وقلم الكاتب وأزاميل النحاتين‬
‫وعجلة الفخار وبقية األدوات الفنية حيث كانت األعمال الفنية األصيلة التي حفظها لنا‪ q‬الزمن عبر منجزات‬
‫الفنانين والفن وأهميته وتذوقه ‪.‬‬
‫وتختلف مادة ومحتوى التذوق الفني باختالف المسالك البحثية والمناهج التأويلية والمدارس والميادين‪q‬‬
‫المعرفية والثقافية والمؤشرات الداللية الرمزية واألدوات والعناصر الفنية لمذاهب التكوين الفني‪ q‬وغاياته‪q‬‬
‫ونظرياته ومجاالت‪ q‬التذوق الفني‪ q‬من خالل الفنون‪ q‬المختلفة‪ q‬والمتنوعة ‪:‬‬
‫الفنون المعرفية‪: ‬‬
‫وتشمل جميع ميادين الفعل والتفاعل اإلنساني التواصلي مع الذات واآلخر وأنماط عالقاتها‬
‫اإلنسانية ‪ ,‬أو في تفاعله مع الطبيعة والمتغيرات الثقافية والمعرفية والتقنية وما بين مكونات‬
‫المجتمع اإلنساني المادية والمعنوية‪ q‬والقيمية ومرتبطة بشكل أساس ‪ ( :‬الفلسفة – الفكر – التربية‬
‫– االجتماع – اآلداب – التاريخ – الجمال – الفنون ) ‪.‬‬
‫الفنون التعبيرية‪:‬‬

‫‪23‬‬
‫وهي الفنون المتصلة بالتفاعالت المعرفية والبصرية والسمعية والحركية من ( مسرح – رقص‬
‫– غناء – تمثيل – موسيقى )‪.‬‬
‫الفنون التشكيلية‪: ‬‬
‫وهي الفنون المرتبطة بمناصي اإلبداع الفردي لإلنسان والمشتملة على التصوير بأنواعه‬
‫( الرسم والتخطيط والرسم باألصباغ الزيتية والمائية والباستيل والخشبية واألحبار المتعددة‬
‫والطالءات المختلفة والحفر والنقش والتصميم والطباعة على الورق أو القماش والتصميم الداخلي‬
‫والديكورات وواجهات العرض والصناعي والنحت بأنواعه المختلفة ومختلف الخامات والخزف‬
‫بأنواعه وأنواع وطرق عمله ) ‪.‬‬
‫الفنون التقنية‪: ‬‬
‫وهي الفنون المتصلة بتكنولوجيا وأدوات البحث العلمي الموظفة‪ q‬لمجموعة الكفايات المادية‬
‫والمعرفية والتي تخدم اإلنسان والمجتمعات وتشمل ( التصوير الضوئي – السينما وكل ما يتعلق‬
‫باإلنتاج الفني السينمائي – التلفزيون وكل ما يتعلق باإلنتاج الفني التلفزيوني – اإلذاعة وكل ما‬
‫يتعلق بالفنون اإلذاعية – الفيديو بأنواعه – الحاسوب بأنواعه الذي يدخل باألعمال الفنية –‬
‫االنترنت – الوسائل السمعية والبصرية المختلفة ) ‪.‬‬
‫الفنون المهنية اليدوية التطبيقية‪q:‬‬
‫وهي الفنون المتصلة بأنماط التفاعل النفعي والجمالي في أن واحد معا وتحقيق متطلبات الوجود‬
‫االجتماعي لإلفراد القائمين عليها في منتجاتهم وابتكاراتهم في قوالب جمالية متوازنة ومنها ( الخط‬
‫العربي – الزخرفة – النقش – الخياطة والتطريز – النسيج – السجاد – الحلي والمجوهرات –‬
‫المصوغات الذهبية والفضية – الطرق على المعادن – الخشب والصناعات الخشبية – التطعيم‪q‬‬
‫بأنواعه – الوشم – الصناعات الشعبية والتراثية بأنواعها المختلف ومختلف موادها وطرق أداءها‬
‫وصناعتها ) ‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫الفصل الرابع‬
‫‪25‬‬
‫النقد الفني‬
‫‪Art Criticism‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫النقد الفنى في لغتنا العربية يعني إظهار المزايا و العيوب في الشيء الذي نتحدث عنه إن كان‬
‫كتابا أو لوحة فنية أو قطعة موسيقية‪ ،‬و عادة ما يعتقد الناس أن النقد يعني التركيز على السلبيات‬
‫و المثالب التي في الشيء الذي ننتقده والسؤال عن جدوى وجود هذه الجوانب في العمل وهو‬
‫اعتقاد خاطئ ‪ ...‬فالنقد هو وسيلة إلثارة العقل و تحريك األفكار عبر مواجهتها باألسئلة و اإلشكاالت‬
‫و هذا ما يجعل النقد إيجابيا ً‪ .‬والنقد ايضا ً يعنى التهذيب والتمييز مابين الجيد والردئ والصالح‬
‫والطالح وهو اظهار محاسن الشئ وكذلك عيوبه (محمد غنيم ‪. )1983 ،‬‬
‫و لعل تحديد مفهوم دقيق للنقد أمر فى غاية الصعوبة اذ ان النقد بوصفه فنا ً يدرس االنتاج الفنى‬
‫واالدبى خاصة لم يستطع ان يؤسس نفسه بناء على الفروض العلمية كما فى العلوم الطبيعية ‪ ،‬ألن‬
‫النقد يعمل داخل ميادين الثقافة واالدب و الفن ‪ ،‬والفن أوسع من يحدد بهذا الشكل الرياضى‬
‫الجازم ‪ ،‬النقد عمل ثقافى فى المقام االول ‪ ،‬ويرتفع بالحس إلى ما هو أفضل وإلى التعبير عن‬
‫االحسن بقدر االمكان (اليسع حسن احمد ‪. )2005 ،‬‬
‫مفهوم النقد الفني‪: ‬‬
‫النقد الفني‪  ‬هو عملية تحليل وتفسير للعمل الفني‪ ،‬ليتمكن المتذوق أن يرى العمل الفني الرؤية‬
‫الفنية الصحيحة وبالتالي االستمتاع بهذا العمل‪.‬‬
‫والنقد الفني هو محاولة توضيح ما يتضمنه العمل الفني من خبرة جمالية ال تستطيع العين العادية‬
‫إدراكها‪ ،‬وحين يوضح الناقد محتوي هذه الخبرة ووصفها‪ ،‬تمكن المشاهد من إدراكها‪ ،‬والحصول‬
‫عليها كخبرة ن خبراته‪.‬‬
‫تعريف النقد‬
‫النقد هو دراسة األعمال األدبية والفنون وتفسيرها وتحليلها وموازنتها بغيرها المشابه لها‬
‫والكشف عما فيها من جوانب القوة والضعف والجمال والقبح ثم الحكم عليها ببيان قيمتها ودرجتها‬
‫وفي النقد يعطى التقدير الصحيح ألي اثر فني وبيان قيمته في ذاته ودرجته بالنسبة إلى سواه‪.‬‬
‫"ويعرف د‪.‬هيل النقد ‪ :‬بأنه العلم الذى يبحث عن الخصائص الجمالية للعمل الفنى وعالقة ذلك‬

‫بالمظاهر الحضارية كالدين واالخالق والسياسة‪( ".....‬ماجدة حمودة ‪.)1997،‬‬

‫‪26‬‬
‫و للنقد عدة مفاهيم وتعاريف تختلف باختالف التناول والمنطلق وهو عدة انواع بحكم المرجعية‬
‫الجمالية واالخالقية والفلسفية‪ q‬التى ينطلق منها ‪ ،‬فمنه النقد التفسيرى ‪ ،‬النقد التقديرى‪ ،‬النقد‬
‫بواسطة القواعد ‪ ،‬النقد الكالسيكى الجديد‪ ،‬النقد السياقى‪ ،‬النقد االنطباعى‪ ،‬النقد القصدى ‪ ،‬النقد‬
‫الباطن‪ ،‬ويمكن تقسيم مدارس النقد الفني الرئيسية الى ‪:‬‬
‫‪ .1‬المدرسة‪ q‬السيكولوجية ‪ :‬وهنا ينظر الى العمل الى انه تعبير عن شخصية الفنان فتحصر هذه‬
‫المدرسة اتجاهها بتحليل النوازع النفسية التي خاضها الفنان ثم تبلور العمل الفني نتيجة ذلك ‪.‬‬
‫‪ .2‬المدرسة‪ q‬االجتماعية ‪:‬وهنا ينظر الى العمل الفني على اعتبار انه مرآة للعصر الذي يعيشة‬
‫الفنان او عاشه وتعبيرا على المثل االجتماعية التي انفعل بها ‪.‬‬
‫‪ .3‬المدرسة‪ q‬التاثيرية‪ :‬وهنا التعبأ هذا المدرسة بنوايا الفنان او قصده فتزن االثر الفني وفقا‬
‫لوقعه في نفس المتلقي او الناقد نفسة ‪.‬‬
‫‪ .4‬المدرسة‪ q‬الموضوعية‪ :‬وهذه المدرسه تجمع بين جميع االتجاهات السابقة الذكر وينظر هنا‬
‫الى العمل الفني نظرة موضوعية شاملة اليغلب فيها اي اتجاه على االخر ‪.‬‬
‫‪..............................‬‬

‫والنقد غير االنتقاد بل هو نقيضه ولذا وجب أن ينتبه الناقد إلى هذه النقطة وال يجعل كل همه أن يبرز‬
‫األخطاء أو يبرز الجمال فقط ‪ ،‬فهو بهذا يسيء لنفسه أكثر من غيره ‪ ،‬ويصبح الناقد مثل اإلنسان‬
‫العادي الذي يعكس ما بداخله فإن كان جماالً فجمال وإال فغيره‪.‬‬
‫أهداف النقد الفني‪:‬‬
‫يري معظم الباحثين أن أهم أهداف النقد الفني تتلخص فيما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬تنبيه الفرد ألنواع الجمال في األعمال الفنية وغيرها‪.‬‬
‫‪ .2‬مالحظة القيم الجمالية في األشكال الفنية‪.‬‬
‫‪ .3‬إكساب الفرد القدرة علي وصف ما يشاهده بلغة فنية ناقدة تعتمد على المعرفة‪.‬‬
‫‪ .4‬تدريب الفرد علي تحليل األعمال الفنية وفق أسس منهجية وموضوعية‪.‬‬
‫‪ .5‬تعويد الفرد تفسير األعمال الفنية‪ ،‬وإصدار الأحكام على أساس من الوعي‪.‬‬
‫‪ .6‬تعليم الفرد المقارنة بين األعمال الفنية التي يشاهدها‪.‬‬
‫‪ .7‬يكون الفرد لنفسه مفهوما عن الفن والفنانين‪.‬‬
‫أسس‪ ‬النقد‪ ‬الفني ‪:‬‬
‫يقوم‪ ‬النقد‪ ‬الفني‪ ‬على مجموعة من األسس التي تؤثر على تقبل األشخاص بمختلف ثقافاتهم للفن‬
‫ولألعمال الفنية‪ .‬ويمكن تلخيص هذه األسس في‪ ( :‬األساس النفعي‪ ،‬والمعـرفي‪ ،‬واألخـالقـي‪،‬‬
‫والتـاريخـي‪ ،‬واالجـتمـاعـي‪ ،‬والنفســي‪ ،‬والجمالي البحت)‪ ( .‬عز الدين إسماعيل‪:)1968 ،‬‬

‫‪27‬‬
‫‪ .1‬األساس النفعي‪ :‬وهو القائم على وظيفة الفن النفعية‪ .‬حيث نظر اإلنسان منذ القدم إلى الفن في‬
‫إطار الفائدة المادية التي يجنيها منه‪ ،‬وفي إطار اإلحساس بالمتعة التي قد يشعر بها عند مشاهدته‬
‫لألعمال الفنية‪ .‬وقد ارتبط تقبل الفن في مختلف الحضارات القديمة بالمنفعة المتمثلة في وظيفة اإلنتاج‬
‫الحرفي‪ ،‬حيث كان إنتاج المهن الفنية يلبي حاجة اإلنسان اليومية ويجعلها أسهل وأجمل‪ .‬وكانت‬
‫المنفعة التي يجنيها اإلنسان من الشيء الوظيفي‪ ،‬تؤثر في حكمه بجماليته‪ .‬لقـد اختلف الفالسفـة حول‬
‫الجمالية النفعية‪ ،‬حيث يري البعض أن األشياء الجميلة هي األشياء الممتعة والنافعة‪ .‬وأن كل جميل‬
‫طيب وأن الطيب نافع‪ .‬ولكن هناك رأي مخالف يقول باختالط النافع بالضار في بعض الحاالت وذلك ينفي‬
‫الجمال عن النافع في المطلق‪.‬‬
‫‪ .2‬األساس المعرفي‪ :‬وهو األساس الذي يؤكد على قيام الفن بتوصيل رسالة‪ ،‬محملة بالفكر والحكمة‪q‬‬
‫والمشاعر الوجدانية التي تعلم الناس من خالل المتعة التي في الفن الجميل‪ ،‬وتنقل رسائل محملة‬
‫بالمعاني المعرفية التي توضح األفكار والتوجهات المختلفة‪ .‬وحيث أن الفن يسعى إلى الفضيلة فقد ساهم‬
‫في التعليم والموعظة في مختلف العصور‪ .‬وعليه فقد كان الحكم على تقدير القيمة التعليمية في‬
‫العمل‪ ‬الفني‪ ‬يبدو نسبيا ً أيضا ً بنا ًء على المحتوى المعرفي فيه‪ ،‬فبعض األعمال قد ال يكون مقنعـا ً بالحكـم‬
‫على جـديته في نقـل رسـالة معـرفية واضحـة من خـالل الصورة الشكلية فقط‪.‬‬
‫‪ .3‬األساس األخالقي والديني‪ :‬وهو األساس الذي يربط بين الشعور الديني والحاجة الجمالية‪ .‬فلقد‬
‫ارتبط الفن بالدين في بعض الحقب التاريخية وكانت األخالق التي يحث عليها الدين هي األساس الذي‬
‫يؤثر في الحكم على جمالية العمل الفني‪ .‬وقد عرف أفالطون الجميل بأنه‪ ‬هو‪ ‬الذي يقود إلى الخير‪ ،‬وأن‬
‫الفن واألخالق يعتمد كل منهما على اآلخر في نشر الوعي الديني في حياة األفراد‪ .‬وقد استعان بعض‬
‫النقاد باستلهام الجوانب الدينية في األعمال الفنية لتوضيح مفاهيمها الغامضة‪ ،‬فالحكم على جمـاليـة‬
‫الفـن من هـذه الناحيـة قد جـاء بهـدف اإلرشـاد إلى الخـير‪ ،‬وكراهية الشر‪ ،‬وتصحيح السـلوك‪،‬‬
‫وتهــذيب الوجــدان‪ ،‬ونشـر الفضيلة‪ ،‬وضبط النفس‪.‬‬
‫‪ .4‬األساس التاريخي‪ :‬فكل حكم جمالي معاصر‪ ‬هو‪ ‬قائم على أساس حكم جمالي تاريخي‪ ،‬وأي حكم‬
‫حالي سوف يصير تاريخا ً‪ .‬وعلى هذا األساس فقد يقوم بعض النقاد بإصدار أحكام جمالية على األعمال‬
‫الفنية بنا ًء على أحكام تاريخية مسبقة‪ ،‬أو قواعد كالسيكية قديمة‪ .‬إال أن لهذا النوع من الحكم‪ q‬قوة‬
‫وسطوة‪ ،‬فالناقد في هذه الحالة يكون متمتعا ً بثقافة فنية تاريخية‪ ،‬وقدرة تذوقية عالية من خالل هذه‬
‫الثقافة‪ ،‬وقادراً على تقبل الفن الجديد وبالتالي وصف وتفسير األعمال الفنية من خالل الرؤية التاريخية‪.‬‬
‫ورغم أن األساس التاريخي يقوم على قواعد كالسيكية إال أنه قد يتأثر باآلراء الشخصية عند الناقد‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫‪ .5‬األساس االجتماعي‪ :‬وهو الذي يرتبط بالحياة االجتماعية والحضارية ويتوجه إلى المجتمع‪ .‬فللفن‬
‫مهمة حيوية بالنسبة للمجتمع الذي يظهر فيه‪ ،‬وهي تحقيق القيم االجتماعية باإلضافة إلى المتعة‬
‫الجمالية‪ .‬فال يجب أن يكون الفن منعدم الصلة بالمجتمع‪ ،‬فاألساس االجتماعي يضم جميع األسس‬
‫السابقة التي يرتبط فيها الفن بالحياة والفائدة والمعرفة والتاريخ واألخالق والدين‪ .‬والحكم‪ q‬النقدي القائم‬
‫على األساس االجتماعي يبين الوظيفة التي يقوم بها الفن في المجتمع ويحافظ عليها ويحرص على‬
‫تطويرها‪.‬‬
‫‪ .6‬األساس النفسي‪ :‬وهو يركز على نفسية األفراد‪ ،‬ويجعل الحالة النفسية التي يكون فيها متلقي‬
‫العمل‪ ‬الفني‪  ‬موضوع دراسة لمعرفة تقبله أو نفوره من العمل الفني‪ .‬األمر الذي يجعلنا قادرين على أن‬
‫نتوقع حكمه عليه بالجمال والقبح‪ .‬ويساعد علم النفس في فهم العوامل المؤثرة على الحكم‪ q‬الجمالي‬
‫وفي تحقيق الفن لذاتية اإلنسان‪ .‬ويعتبر األساس النفسي الفنان إنسانا ً متميزاً بشعوره وطريقة‬
‫إحساسه‪ .‬ويقوم علم النفس كذلك بدراسة اإلبداع وأثر الحالة النفسية فيه‪.‬‬
‫‪ .7‬األساس الجمالي البحت‪ :‬ويتجه هذا األساس إلى الموضوع‪ ،‬والعمل‪ ‬الفني‪ ‬ذاته متجرداً عن كل‬
‫المؤثرات الخارجية‪ .‬فيبحث عن القيمة اإلستاطيقية في الشكل‪ ،‬وال يعتمد حكم القيمة على األهواء‬
‫الشخصية عند الناقد وإنما على التعاطف مع العمل‪ ‬الفني من خالل العالقات التي يقدمها‪ ..‬ويبحـث النقـد‬
‫الفـني من خـالل هـذا األسـاس عـن "عناصـر الجمـال في الجميل ذاته‪ ،‬على أسـاس أن هــذه العناصـر‬
‫الزمــة لتمييـزه عـن األشيـاء العـادية‪ ".‬وتتلخص هذه العناصر في النقاط والخطوط‪ q‬والمساحات‬
‫والظالل في عالقات التدرج والتباين مع النور واأللوان ومالمس الخامات وحجم الكتلة وحدود وحدة‬
‫العمل الفني‪ ،‬كل هذه العناصر تربطها عالقات داخل فراغ اللوحة تؤدي إلى الحكم‪ q‬بجمالها‪ .‬هذه العالقات‬
‫هي‪ :‬التنوع والتكرار والتماثل والتناظر والتوازن والثبات واإليقاع والسيادة والتناسب والعمق‬
‫والوحدة واالنسجام‪( .‬عبد الفتاح رياض‪)1995 ،‬‬
‫نظريات‪ ‬النقد‪ ‬الفني‪:‬‬
‫شاعت الكثير من النظريات الجمالية التي تشكل األساس الفلسفي للنقد الفني ومن أهم هذه النظريات‪:‬‬
‫أوال‪ :‬النظرية الواقعية (نظرية المحاكاة)‪ :‬لقد تكونت بذور نظرية المحاكاة من خالل الفلسفات‬
‫الكالسيكية للفن‪ ،‬وكانت النظرية الكالسيكية في‪ ‬النقد‪ ‬الفني‪ ‬أو النظرية الواقعية أو نظرية المحاكاة‪،‬‬
‫تجيب بطريقة‪ ‬ما‪ ‬عن التساؤل القائل (ما‪ ‬هو‪ ‬الفن الجميل؟)‪ ،‬فكانت هذه النظرية كما تقول ستولينتز (‬
‫‪ )1982‬تعتبر بأن الفن‪ ‬هو‪ ‬محاكاة ونقل ألشياء من الطبيعة‪ ،‬وتعتبر أن الفن الجميل‪ ‬هو‪" ‬الترديد‬
‫الحرفي األمين لموضوعات التجربة المعتادة وحوادثها‪ ،".‬وأن موضوع العمل‪ ‬الفني‪ ‬يجب أن يشبه‬
‫النموذج الموجود في الحقيقة‪ q.‬فالعمل‪ ‬الفني‪ ‬يحاكي صورته ويماثله‪ .‬ويركز‪ ‬النقد‪ ‬القائم على هذه‬
‫النظرية‪ ،‬على واقعية العمل‪ ‬الفني‪ ‬وظاهريته أي إمكانية إدراك ظواهره‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫وتقوم نظرية المحاكاة (الواقعية) على الفلسفة اإلغريقية القديمة عند أفالطون وأرسطو‪ ،‬فقد مثلت‬
‫األفكار اإلغريقية مثاالً نموذجيا ً للفن‪ ،‬وكان لها أثرها وسطوتها في الفن الهلينستي والروماني‬
‫وفنون عصر النهضة األوروبية وفي القرن التاسع عشر عند ظهور الكالسيكية الجديدة‬
‫والرومانتيكية والواقعية‪ ،‬وفي فنون‪ ‬ما‪ ‬بعد الحداثة‪ .‬حيث كانت هذه النظرية تملي قواعدها على‬
‫الفنانين‪ .‬فظل‪ ‬النقد‪ ‬يعتمد على هذه النظرية حتى لفترات طويلة من الزمن رغم تعدد وتنوع‬
‫االتجاهات الفنية ‪ )Gill 1999, P.19(،‬وما زالت هذه النظرية تؤثر في‪ ‬النقد‪ ‬الفني‪ ‬المعاصر‪،‬‬
‫ويعتبر أرسطو أن المحاكاة يجب أن تكون لما‪ ‬هو‪ ‬جوهري في الطبيعة‪ ،‬ويمكن للفنان أن يصل إلى‬
‫هذه المحاكاة من ثالثة نواح‪:‬‬
‫‪ ‬الوسيلة أو األدوات التي يستعملها الفنان‪.‬‬
‫‪ ‬الموضوع وهو إما أن يكون للشيء كما‪ ‬هو‪ ‬عليه أو أفضل مما‪ ‬هو‪ ‬عليه أو أسوأ مما‪ ‬هو‪ ‬عليه‪.‬‬
‫‪ ‬الطريقة وهو األسلوب‪ ‬الفني‪ ‬الخاص بالفنان‪.‬‬
‫ثانيا ‪:‬النظرية الشكلية‪:‬‬
‫تقوم النظرية الشكلية على أساس نظرية أخرى في فلسفة الفن هي نظرية الفن للفن‪ .‬وتعتبر‬
‫النظرية الشكلية مرادفة لمفهوم الحداثة في الفن التشكيلي‪ ،‬فهي تستبعد كل صور المحاكاة في الفن‬
‫وتعتبر التنظيم الشكلي‪ ‬هو‪ ‬المعيار الوحيد للحكم على العمل الفني‪ .‬وال تعترف بأي أثر للقيم سواء‬
‫األخالقية أو االجتماعية أو السياسية على الفن‪ .‬فلم يعد للموضوع وكذلك المضامين أي أهمية‪ ،‬بل‬
‫المهم‪ ‬هو‪ ‬الشكل فقط‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬نظرية‪ q‬المضمون‪:‬‬
‫معان أكبر وأعمق من المعاني الجمالية في األعمال الفنية التعبيرية‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫تبحث نظرية المضمون عن‬
‫وهي تعتبر الفن أداة تخدم القيم العامة في المجتمع وأنه (أي الفن) وسيلة فعالة للتأثير على السلوك‬
‫اإلنساني‪ )Barrett 1994, P.104( .‬وأن العمل‪ ‬الفني قد يعبر عن مستويات عديدة من المضامين‬
‫التي تتدرج من المستوى البسيط التوضيحي إلى المستويات المعقدة من المضامين الرمزية‬
‫االجتماعية والسياسية‪ .‬وحين يناقش النقاد مضامين األعمال الفنية فإنهم يهتمون بالمعاني التي‬
‫قصدها الفنان‪ .‬و المعاني التي تعكسها هذه األعمال عند رعاة الفن وعند العامة من الناس‪ ،‬وكذلك‬
‫المعاني التي تعكسها عند النقاد أنفسهم‪ q‬في لحظة مشاهدتهم لها‪ ،‬وفي حدود تفضيالتهم الذاتية‪( .‬‬
‫‪)Gill 1999, P.100‬‬

‫‪30‬‬
‫أهمية‪ q‬النقد‪ ‬الفني‪:‬‬
‫يمثل‪ ‬النقد‪ ‬الفني‪ ‬صوت المجتمع والجمهور‪ ،‬وصوت الفن والفنانين في نفس الوقت‪.‬‬
‫ويتضمن‪ ‬النقد‪ ‬الفني‪ ‬عملية تقييم لألعمال الفنية‪ ،‬فهو رد فعل مدروس من قبل الناقد نحو العمل‬
‫الفني‪ .‬والناقد‪ ‬هو‪ ‬ذلك الشخص الذي يكتب أو يتحدث عن انطباعاته حول إنتاج الفنانين‪ .‬وال يعني‬
‫ذلك أن‪ ‬النقد‪ ‬هو‪ ‬محاولة استخراج العيوب‪ ،‬بل يعني أن يقوم الناقد بتفحص األعمال الفنية تفحصا ً‬
‫دقيقا ً مبنيا ً على قدراته الخاصة‪ ،‬وخبراته الفنية‪ ،‬وما يتمتع به من ثقافة عامة‪ ،‬ليقدم تلك األعمال‬
‫إلى جمهور المتلقين بصورة مكتوبة أو منطوقة‪ ،‬وليساعدهم على إدراك خصائص وأبعاد ومضامين‬
‫هذه األعمال الفنية‪),Gill, 1999( .‬‬
‫أوال ‪ :‬أهمية‪ ‬النقد‪ ‬الفني لثقافة المجتمع‪:‬‬
‫يكتسب‪ ‬النقد‪ ‬الفني‪ ‬أهميته من خالل األدوار التي يقوم بها‪ ،‬ويؤثر بواسطتها في الفنون المختلفة‪،‬‬
‫التي تعتبر جزءاً من ثقافة المجتمع‪:‬‬
‫يتخذ‪ ‬النقد‪ ‬الفني‪ ‬من وسائل اإلعالم المختلفة ( الصحافة ‪ ،‬التلفزيون‪ ،‬االنترنت‪.....‬الخ) أدوات‬
‫للوصول إلى هدف معين أال وهو الرقي بالذوق العام في المجتمع من خالل شرح وتفسير القيم‬
‫الفنية في اإلنتاج الفني‪.‬‬
‫يقدم‪ ‬النقد‪ ‬الفني‪ ‬النصح للفنانين حول الكيفية التي يجب أن ينتج بها العمل الفني‪ ،‬متأثراً بوجهة نظر‬
‫المجتمع تجاه اإلنتاج‪ ‬الفني‪ ‬المعاصر‪.‬‬
‫يقف‪ ‬النقد‪ ‬الفني‪  ‬في مواجهة التيارات الفكرية المتعارضة مع قيم المجتمع الخاصة‪ ،‬سواء أكان ذلك‬
‫في اإلعالم أو في التربية الفنية‪.‬‬
‫ترتبط الفنون التشكيلية بعالقة وطيدة بالمجتمع الذي أنتجت فيه‪ ،‬وهي نشاط إنساني تقوم به فئة‬
‫معينة من المجتمع‪ ،‬هم الفنانون الذين يتفاعلون مع بيئتهم ومجتمعهم لينقلوا صوراً صادقة تعكس‬
‫حالة الحياة والمجتمع الذي يعيشون فيه‪ .‬ويقوم ازدهار الفنون التشكيلية على التفاعل المتبادل بين‬
‫ثالثة عناصر‪:‬‬
‫‪ ‬إبداعات الفنانين (اإلنتاج الفني)‪.‬‬
‫‪ ‬النقد الفني‪.‬‬
‫‪ ‬باإلضافة إلى منظومة العلوم والثقافة والتراث والتي تشكل الذوق العام في المجتمع‪.‬‬
‫وتؤثر هذه العناصر في الحركة التشكيلية وبالتالي في‪ ‬النقد‪ ‬الفني‪ .‬حيث أن التفاعل بين هذه‬
‫العناصر يتم في حركة ديناميكية متبادلة‪ ،‬ففي دائرة الفنون التشكيلية‪ ،‬ال وجود ألحد هذه العناصر‬
‫في غياب العناصر األخرى‪ ،‬فكل عنصر من هذه العناصر يؤثر في اآلخر‪( .‬زينات بيطار ‪)1997،‬‬

‫‪31‬‬
‫يعد‪ ‬النقد‪ ‬الفني‪  ‬عملية تحليلية تمكن الناقد من جعل األشخاص غير القادرين على تذوق األعمال‬
‫الفنية‪ ،‬قادرين على إدراك القيم التي تؤدي إلى الرؤية الفنية الصحيحة‪ ،‬وقد ينقل الناقد من خالل‬
‫نقده رؤية جديدة لم تكن واضحة لدى الفنان الذي أنتج العمل الفني‪ ،‬و النقد‪ ‬الفني‪"  ‬هو طريق‬
‫الرؤية الفنية السليمة المرتكز على الموضوعية والفهم‪ q‬السليم والدراسة‪ .‬وثقافة الناقد يجب أن‬
‫تكون على أعلى مستوى‪ ( ".‬أحمد رفقي علي‪)1998 ،‬‬
‫ومن رؤيتنا ألهداف النقد الفني في التربية النظامية يتضح لنا ا لدور الذي يلعبه في فهم المتعلم للغة‬
‫الفن‪ ،‬حيث يحمل النقد في ذاته عالقة جدلية ديناميكية بين الفن والمجتمع‪ ،‬أي الذوق العام‪ ،‬فالنقد‬
‫يعد ضرورة تاريخيه لضبط العالقات القيمة في المجتمع المعاصر ومن هذه الضرورة باتت للنقد‬
‫كضابط أو منظم لها‪:‬‬
‫الوظيفة األولى‪ :‬مباشرة‪ ،‬تنطلق باسم المجتمع إلى الفن لتهدية نحو منظومة القيم والتوجهات‬
‫التي يتميز بها المجتمع أو يطمح إليه‪.‬‬
‫الوظيفة الثانية‪ :‬يعكس الوظيفة األولى‪ ،‬أي تنطلق من الفن إلى المجتمع‪ ،‬مهمتها تقديم وتفسير‬
‫القيم المبتكرة والجديدة التي يطرحها الفنانون في أعمالهم‪ ،‬فالنقد يقوم على أرضية من الحوار‬
‫البناء بين الفن والذوق العام‪ ،‬وهو صوت المجتمع والجمهور‪ ،‬وصوت الفن والفنان في آن واحد‪.‬‬
‫ويقول البهنسي‪ " :‬ال شك أن تربية النقد الفني هي تربية حضارية‪ ،‬فالنقد الفني ال يمكن أن ينفصل‬
‫عن الحاضرة‪ ،‬بل أن نموه وقوته هما نمو قوة الحضارة اإلنسانية‪ ،‬التي تركت مهملة إلى أقصى حد‬
‫في منهاج تربيتنا‪ ،‬وأن هدف التربية هو تنمية الذوق السليم وتحسس الجمال في الفن‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أهمية‪ ‬النقد‪ ‬الفني للفنان‪:‬‬
‫إن العالقة بين الناقد والفنان التشكيلي هي عالقة تبادلية‪ ،‬قد يأخذ فيها الفنان برأي الناقد في إنتاجه‬
‫الفني‪ .‬وقد يلتقي الناقد بالفنان فيتم تبادل الرأي مباشرة‪ ،‬أو قد يتناول الناقد عمل الفنان بالدراسة‬
‫والتحليل في مقال نقدي ‪ .‬وقد تصل العالقة بين الناقد والفنان إلى حد الخالف بسبب تضارب اآلراء‬
‫أو عدم رضي الناقد عن عمل الفنان‪ ،‬أوعدم رضي الفنان عن‪ ‬ما‪ ‬يكتبه الناقد‪ .‬ومهما كان نوع‬
‫العالقة بين الفنان والناقد إال أن الفنان والحركة التشكيلية في حاجة إلى‪ ‬النقد‪ ‬الفني‪ .‬فالناقد ينقد‬
‫العمل‪ ‬الفني‪ ‬من خالل فهمه وخبرته الفنية ومعرفته الثقافية‪ .‬وهذا يؤثر في المتلقين من الجمهور‬
‫حــول أهمية أعمــال بعض الفنانين‪ ،‬وبالتــالي حــول أهميـة الفــن التشكيلي في المجتمع‪( .‬ايمان‬
‫أحمد إمام ‪)2000،‬‬

‫‪32‬‬
‫يؤكد باريت (‪ )Barrett ,1994‬أن على الناقد أن ال يكون في موقع المراقب الذي يبحث عن‬
‫األخطاء في األعمال الفنية‪ ،‬بل يجب أن يبحث عن اإليجابيات أيضا ‪ .‬حتى ال تصبح عملية‪ ‬النقد‪ ‬ذات‬
‫صفة شخصية وليست موضوعية‪ ،‬بل أن على الناقد أن يتجرد من األهواء الشخصية‪ ،‬وأن يحكم‪q‬‬
‫على األعمال الفنية من غير تحيز أو تشدد في الرأي‪ ،‬حيث يعتبره البسيوني (‪ )1986‬حكــم أو‬
‫ض لديـه معـرفة باألصـول وهو يحـاول تطبيقها‪.‬‬
‫قـا ٍ‬
‫ويرى بقشيش (‪ )1997‬أن‪ ‬النقد‪ ‬يشارك في صنع الفنانين واألعمال الفنية‪" ،‬فقد يربط الناقد بعض‬
‫المؤثرات بعمل فني ما‪ ،‬ال يكون الفنان نفسه قد تأثر بها‪ ( ".‬محمود بقشيش‪)1997،‬‬
‫ويعتبر البسيوني أن المغاالة في مدح الفنانين قد تؤدي إلى الخداع لهم وجعلهم‪ q‬يحسون بأنهم وصلوا‬
‫لمستويات عالية مما قد يقلل من االجتهاد‪ ،‬كما أن الهجوم والهدم المستمر قد يثبط من هممهم‪ ،‬ويقلل‬
‫من فرصهم‪ ،‬لذلك يؤكد على الحاجة إلى نقد متزن ال مغاالة فيه وال هدم‪ .‬يقول‪" :‬يجب أن تبرز‬
‫المحاسن والرؤى الكلية‪ ،‬ويقل االهتمـام بالهفــوات كيــال تضيــع المعــالم الرئيسيــة في العنــاية غير‬
‫المحدودة بالتفاصيل‪ (".‬محمود البسيوني ‪)1986،‬‬
‫ثالثا ‪ :‬أهمية‪ ‬النقد‪ ‬الفني‪ ‬في التربية‪ q‬الفنية‪:‬‬
‫إن أحد أهداف التربية الفنية‪ ‬هو‪ ‬تحقيق النمو الشامل والمتكامل لخبرات ولشخصية المتعلمين‪.‬‬
‫ويعتبر التذوق‪ ‬الفني‪ Art Appreciation ‬من األمور التي يمكن أن تحقق بعض أهداف التربية‬
‫الفنية‪ .‬فقد أصبح للنقد‪ ‬الفني‪  ‬في التربية الفنية مكانة خاصة فبعد أن كانت التربية الفنية تصب اهتمامها‬
‫على مهارات الرسم واألشغال اليدوية ‪ ،‬أصبحت من خالل النظريات المعاصرة في تدريس هذه المادة‪،‬‬
‫تركز على التنمية الشاملة لنمو خبرات وثقافة ومهارات المتعلمين‪ ،‬وأهم هذه النظريات هي نظرية‬
‫التربية الفنية المنظمة على أساس معرفي ‪ Discipline Based Art Education‬وتختصر‬
‫باألحرف الالتينية ‪ DBAE‬ويمثل‪ ‬النقد الفني‪ Art Criticism ‬أحد عناصرها الرئيسيــة‪ ،‬باإلضـافة‬
‫إلى اإلنتـاج الفــني‪ ،‬وعلـم الجمـال‪ ،‬وتاريخ الفن‪( .‬محمد عبد المجيد فضل‪)1996 ،‬‬
‫وتعتبر العالقة متبادلة بين هذه العناصر األربعة في التربية الفنية ضمن نظرية التربية الفنية المنظمة‬
‫على أساس معرفي( ‪:)DBAE‬‬
‫فتاريـخ الفـن له ارتباط وثيق بالنقد‪ ‬الفني‪ ‬فهو يمثل وجهة النظر التاريخية للفن‪ ،‬كما وأنه (أي تاريخ‬
‫الفن) يقوم بتوضيح مضامين بعض األعمال الفنية المرتبطة بأحداث تاريخية وصور شعبية تراثية‪،‬‬
‫وقضايا متعلقة باتجاهات فنية سادت في فترات سابقة‪.‬‬
‫ويعتبر علم الجمال دراسة فلسفية في التجربة الجمالية تثير أسئلة عن طبيعة الفن‪ ،‬تساعد في‬
‫دراسة وفهم معنى العمل‪ ‬الفني‪ ‬من خالل‪ ‬النقد‪ ‬الفني‪ ‬وتحسب لرد فعل المشاهد في تقبله واستجابته‬
‫لجمالية العمل الفني‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫ويرتبط النقد‪ ‬الفني‪ ‬باإلنتاج‪ ‬الفني‪ ‬بالضرورة حيث أنه يتحدث عن أساسيات العمل الفني‪ ،‬كالعالقات‬
‫الشكلية واللونية وتصورات الفراغ والكتلة والمنظور‪ ،‬وأن فهم هذه األساسيات في العمل‪ ‬الفني‪ ‬يؤدي‬
‫إلى تقـدير الفـن‪ ،‬وفهم كيفية تفكـير الفنانين في تعـاملهم مـع المصـاعب المتعلقة باإلنتاج الفني‪.‬‬
‫(مجموعة من الباحثين ‪.)1993،‬‬
‫والنقد‪ ‬الفني‪ ‬في التربية الفنية‪ ‬هو‪ ‬تمكين المتعلمين‪ ،‬من معرفة الطرق السليمة للحديث عن األعمال‬
‫الفنية‪ ،‬من خالل مجموعة المناقشات والحوارات التي تدور بين المعلم والطالب في حجرة الدرس‪ ،‬ويتم‬
‫خاللها استخدام المفاهيم والمصطلحات الفنية‪ ،‬التي تصف وتفسر وتحلل األعمال الفنية والتي توفر‬
‫للطالب ثقافة فنية كافية لفهم جمالية العمل الفني‪ ،‬من خالل "إتاحة الفرصة للطالب بالحديث عن‬
‫عمله‪ ‬الفني‪  ‬أو أعمال زمالئه اآلخرين بأسلوب موضوعي موجه من قبل المعلم‪ ،‬للوصول إلى‬
‫مرحلة متقدمة في معرفة وقراءة العمل‪ ‬الفني‪ ‬للرقي بمستوى التعبير الفني‪".‬‬
‫وتتعدى أهمية‪ ‬النقد‪ ‬الفني‪  ‬في التربية الفنية كل التوقعات فيما يخص نمو الثقافة الفنية‪ .‬فعندما يتحدث‬
‫الطالب عن عمله‪ ‬الفني ويعبر عن ميوله‪ ،‬ويناقش مع مدرس المادة العمل الفني‪ ،‬واألسلوب‪ ،‬والمعالجة‬
‫التقنية‪ ،‬والصعوبات التي مر بها‪ ،‬وكيف فكر بالحلول المناسبة لها‪ ،‬كل هذا وغيره من الخبرات األخرى‬
‫سوف يكسب الطالب قدرات فنية ونفسية ولغوية وعلمية واجتماعية تسهم في نمو شخصيته‪( .‬أحمد‬
‫محمد الغامدي‪)1999 ،‬‬
‫يوضح فيلدمان ‪ Feldman‬بأننا في حاجة إلى تنمية القدرة على قراءة البيئة البصرية من خالل اللغة‬
‫المنطوقة والمكتوبة‪ ،‬وذلك ألن هذه المقدرة تك ِّون في المتعلم أحد جوانب الشخصية المثقفة‪ .‬والتي تعني‬
‫الشخص الذي يستطيع التعايش مع الصفات الرائعة المتعددة للبيئة‪ ،‬وخصوصا ً البيئة المرئية‪ ،‬وكذلك‬
‫اإللكترونية‪ ،‬والبيئة الفراغية المنظمة‪ ،‬وبيئة وسائل االتصال‪( ".‬مجموعة من الباحثين ‪)1993،‬‬
‫‪ ‬النقد‪  ‬في التربية الفنية سوف يساعد الطالب في المدارس على توصيل أفكارهم بشكل مؤثر‪ ،‬وأنه‬
‫سوف يكون للنقد‪ ‬الفني‪ ‬دور في تعزيز المعرفة الفنية من خالل مناقشة‪ ،‬ودراسة‪ ،‬وتفسير‪ ،‬وإعطاء‬
‫األحكام‪ ،‬على األعمال الفنية‪( .‬مجموعة من الباحثين ‪)1993،‬‬
‫وتذكر هامبلين (‪ )Hamplen 1986‬بعض الفوائد االجتماعية من دراسة‪ ‬النقد‪ ‬الفني ضمن‬
‫التربية الفنية أبرزها‪:‬‬
‫‪ ‬تكوين الجمهور المتفتح جماليا ً في ظل التطور المعرفي‬
‫‪ ‬والتثقيف الجمالي من خالل الحديث عن الفن‬
‫‪ ‬اإلدراك األكبر للمضامين االجتماعية والتاريخية التي تنقلها لنا األعمال الفنية‬
‫‪ ‬تنمية الحس الوجداني للشعور‬

‫‪34‬‬
‫‪ ‬تنمية القدرات البصرية لالختيار المناسب لما يحتاجه اإلنسان في مجاالت اإلنتاج الصناعي‬
‫والمعماري واللباس واألثاث(مجموعة من الباحثين ‪)1993،‬‬
‫ومن هنا فال شك ان أهمية تدريس‪ ‬النقد‪ ‬الفني تبرز‪ ‬في المدارس من خالل الحاجة الملحة لتثقيف الأبناء‬
‫فنيا ً‪ .‬ويتم ذلك من خالل إعطائهم كمية مناسبة من المعلومات والمفاهيم الفنية المرتبطة ببعض‬
‫المصطلحات الصعبة والمفاهيم المرتبطة بالفن المعاصر ومستجداته محليا ً وعالمياً‪.‬‬
‫وذلك لما للنقد أهمية كبيرة في المجال التربوي تتضح فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬زيادة القدرة البصرية للمتعلم من خالل مشاهدته لألعمال الفنية‪.‬‬
‫‪ ‬اكتساب معلومات في تاريخ الفن مثل ( فن إسالمي‪ ،‬شعبي‪ ،‬قديم‪ ،‬حديث‪ ،‬معاصر) لدى المتعلم‪.‬‬
‫‪ ‬تنمية ثقة المتعلم في نفسه‪.‬‬
‫‪ ‬يساعد المتعلم على إبداء رأيه بصراحه‪.‬‬
‫‪ ‬يرتقي بالذوق العام للمتعلم وتقبل الجميل ورفض القبيح‪.‬‬
‫‪ ‬يزيد قدرة المتعلم على تحليل األشياء وإيجاد حلول للمشاكل التي تصادفه مستقبالً‪.‬‬
‫‪ ‬يساعد المتعلم على تنظيم أفكاره للوصول إلى قرارات مقبولة ومنطقة‪.‬‬
‫‪ ‬يساعد المتعلم على اكتساب خبرات جديدة من خالل تبادل اآلراء النقدية مع زمالئه ومعلميه‪.‬‬
‫‪ ‬يساعد المتعلم على فهم وتقبل التطورات العصرية السريعة المختلفة‪.‬‬
‫وظائف‪ ‬النقد‪ ‬الفني‪:‬‬
‫يتخذ‪ ‬النقد‪ ‬الفني‪  ‬مقوماته ومحتواه للقيام بوظيفته ضمن مجموعة من األشكال النقدية التي حددها‬
‫فيلدمان (‪ )1987‬في األشكال النقدية التالية‪ :‬النقد‪ ‬األكاديمي والنقد التعليمي‪ ،‬والنقد الصحفي‪ ،‬والنقد‬
‫الشعبي(مجموعة من الباحثين ‪:)1993،‬‬
‫النقد‪ ‬األكاديمي ‪ :‬ويأتي من خالل دراسة طويلة متخصصة‪ ،‬وحساسية نقدية مدربة‪ .‬ووظيفته‬
‫هي توفير التحليل‪ ،‬أو التأويل‪ ،‬والتقويم‪ ،‬الذي يجعل التجرد العلمي أو عدم التحيز ممكناً‪ ".‬ويحتاج هذا‬
‫النوع من‪ ‬النقد‪ ‬إلى فترة طويلة لتحقيقه‪ q.‬األمر الذي يمكن النقاد األكاديميين من أن يصدروا أحكاما ً على‬
‫الفن الجاد‪ ،‬ألنهم تزودوا بحماية الخبرة العلمية (األكاديمية) والبحث الموضوعي عن الحقيقة المجردة‬
‫النزيهة‪ .‬ويهتم النقد‪ ‬الفني‪ ‬األكاديمي بدراسة األعمال الفنية من منطلقات علمية تحدد لها أهداف‬
‫وتوضع الفروض ل لتقييم األعمال الفنية وفق معايير وقواعد محددة‪ .‬ويتم نشر المقال النقدي األكاديمي‬
‫في أبحاث علمية أو ضمن دوريات متخصصة صادرة عن هيئات معترف بها أكاديمياً‪ .‬كما‬
‫يهتم‪ ‬النقد‪  ‬األكاديمي كذلك بدراسة القيم الفنية واألساليب التي ارتبطت بفترات زمنية سابقة تميزت‬
‫برؤية فنية لم تلقي حظها من الدراسة والتحليل في عصرها ‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫‪ ‬النقد‪ ‬التعليمي‪ :‬وهو متضمن في التربية الفنية ويهدف إلى "تطوير النضج والإدراك الجماالي‬
‫للطالب‪ ، ‬ويعمل على تمكينهم من المقدرة على إعطاء األحكام‪ q‬النقدية بأنفسهم‪ ،‬إضافة إلى مقدرتهم‬
‫على الحكم على أعمالهم‪ ".‬ويقوم معلم متخصص بتعليم‪ ‬النقد‪ ‬للطالب‪ ،‬يكون لديه معرفة باألساليب‬
‫التربوية في تعليم الفن للصغار والموهوبين والشباب‪ ،‬ويكون عارفا ً بالفن الراقي وغيره‪ ،‬والفن المبدع‬
‫وغير المبدع‪ ،‬وفن الرواد ‪ ،‬والمجددين والمقلدين‪ .‬فتعليم‪ ‬النقد‪ ‬الفني‪ ‬يحتاج إلى معرفة متنوعة بشكل‬
‫كبير في الفنون‪ .‬ثم يكون دوره متمثالً في تحليل وتفسير عمل الطالب حتى يتعلم كيف يحلل ويفسر‬
‫عمله‪ ،‬ويدرك االتجاه الذي اتخذه في العمل‪.‬‬
‫‪ ‬النقد‪ ‬الصحفي ‪ :‬وهو "نوع من األخبار يقصد منه إعالم القراء عن أحداث عالم الفن ‪ ،‬وطبعا ً تتصف‬
‫كتابة المقال بأسلوب يحاول إيجاد أوصاف لألعمال الموجودة في المعرض‪ ".‬ويتخذ هذا النوع من‬
‫الكتابة الفنية شكل التقرير الذي يصف‪ ‬ما‪ ‬بداخل المعرض من أعمال فنية‪ ،‬وتكون في الغالب بقلم محرر‬
‫صحفي مما يعرض هذا النوع من‪ ‬النقد‪ ‬إلى مخاطر عدم الدقة والقرارات المتسرعة في الحكم على‬
‫األعمال الفنية‪ ،‬واستبدال‪ q‬التحليل بالرأي الذاتي‪ ،‬ومحاولة الكاتب الصحفي الظهور على حساب عمل‬
‫الفنان‪.‬‬
‫‪ ‬النقد‪ ‬الشعبي العام ‪ :‬وهو الذي يقوم على خلفية حكم‪ q‬الجمهور سواء أكانوا مؤهلين أو غير مؤهلين‬
‫فنياً‪ ،‬ويعتبر رأي الجمهور في الفن وفي األعمال الفنية‪ ,‬مؤثراً بدرجة واضحة‪ ،‬ويجب أن يعطى االهتمام‬
‫الكافي‪ .‬حيث يري البعض أن الجمهور‪ ‬هو‪ ‬الناقد الوحيد الذي يستحق رأيه شيء من االخذ في‬
‫االعتبار‪ ".‬واالهتمام بنقد النخبة من المفكرين والنقاد ال يلغي االهتمام بنقد العامة فهو يمثل رأي‬
‫شريحة من المجتمع لهم عالقة بالفن ويتأثرون به ويؤثرون فيه‪.‬‬

‫الخالصة‬
‫ان النقد فعل ابداعى يحمل رسالة غاية فى الخطورة والتعقيد و يحتم على الناقد ان يتزود باسلحة من‬
‫علم النفس وفلسفة الجمال وعلم االجتماع والتاريخ ‪ ،،‬وقبل كل شئ وبعد كل شئ أن يكون ذو ذوق‬
‫سليم وصيرة نافذة ‪ ،‬فالناقد كالفنان يولد وال يصنع ‪ ......‬فالناقد النه يدرس االعمال االدبية‬
‫واالعمال الفنية ويقوم بتفسيرها وتحليلها وموازنتها بغيرها المشابهة لها والكشف عما فيها من‬
‫جوانب القوة والضعف او الجمال و القبح ثم الحكم‪ q‬عليها ببيان قيمتها ودرجتها وهذا يعطى التقدير‬
‫الصحيح الي اثر فني(اليسع حسن احمد ‪.)2005 ،‬‬

‫‪36‬‬
‫والخالصة ‪ ...‬أن وجود النقد مهم جداً فى حياتنا االبداعية ‪ ،‬الن الحركة الفنية تتجدد عبر الزمن والبد‬
‫ان تصاحبها حركة نقديه موضوعية أو انطباعية أو تخصصية حتى تكتمل عجلة التطور وذلك ألن‬
‫الناقد فى أى مجال يقوم بدور المرآة العاكسة مابين المتلقى و المبدع ويتناول وجهات نظر اليراها او‬
‫يتخيلها االنسان العادى ‪ ،‬ويقوم‪ q‬بتلخيصها باسلوب سلس وبسيط حتى تكون سهلة الفهم‪ q‬لدى كافة‬
‫القراء حسب مستوياتهم‪ ،،‬فاإلنسان ال يرى أخطاء نفسه‪ ،‬فمثالً عندما يريد اإلنسان أن يرتدي لباسه‬
‫فهو ال يرى نفسه بل يحضر له مرآة لتبرز له إذا كان هناك خلل وخطأ فيرتاح من دور هذه المرآة‪.‬‬
‫ولو جاء إنسان ونظر إلى وجهه ورأى فيه شيئا ال يحبه فهو يتضايق منها فيأخذها ويكسرها مع أن‬
‫المفروض أن يرتاح ألنها كشفت له وجود شيء يجب إزالته‪.‬‬

‫‪37‬‬
38
‫الفصل الخامس‬
‫الجمال واالستجابة الجمالية‬
‫علم الجمال له دور كبير في تنمية اإلحساس بالجمال وتذوقه في حياة االفراد وتربية التذوق الفني‬
‫للجمال في الطبيعة والحياة االجتماعية والفن‪ ،‬مما يسهل عملية التواصل باللغة الفنية في مجتمع أفراده‬
‫يتمتعون بالحس والجمال‪.‬‬
‫والقصد من تدريس علم الجمال هو تدريب الطالب على وصف األعمال الفنية‪ ،‬وتحليلها ومقارنتها‬
‫على المستوى الفردي أو الجماعي‪ ،‬والوصول للموضوعية في الحكم على جمال العمل إذا توفرت فيه‬
‫جميع العناصر المذكورة ألي عمل فني وذلك بهدف البحث عن النوعية في العمل الفني‪ ،‬وتنمية المجال‬
‫البصري لدى الدارسين لكي نثري ونرفع من تذوقهم وتعاملهم مع الفن‪.‬‬
‫ومن أهداف علم الجمال والتي توضح دوره في تفعيل لغة الفن في المجتمع‪:‬‬
‫‪ ‬تزويد المتعلم بمجموعة من االستفسارات المنطقية حول طبيعة‪  ‬العمل الفني‪.‬‬
‫‪ ‬تعريف المتعلم باألسباب التي تجعل الشكل مدركا ً جماليا ً يتطلب االستجابة من قلبنا‪.‬‬
‫‪ ‬يفهم المتعلم الفن ويقيمه‪.‬‬
‫‪ ‬يستفسر المتعلم عن األسباب التي جعلت الشكل كيانا ً فنياً‪.‬‬
‫‪ ‬يتذوق المتعلم الجمال في األعمال الفنية والبيئة المحيطة به‪.‬‬
‫وقد شكل االهتمام بفلسفة الجمال والدراسات الجمالية محوراً رئيسيا ً من محاور التفكير اإلنساني‪ ،‬على‬
‫اعتبار أن اإلبداع الفني ظاهرة اجتماعية للحضارة ومؤشراً عاما ً على رقيها‪ ،‬فهو ال يقل في أهميته عن‬
‫العلم‪ ،‬ألن العلم يسعى إلى الكشف عن البيئة الخارجية‪ ،‬بينما اإلبداع الفني يكشف لنا البيئة الداخلية‪،‬‬
‫ومن خالل تكيفهما معا ً تنمو الحضارات وتتقدم وتزدهر‪.‬‬
‫فاإلنسان لن تظهر عظمته حين يكسب شيئا ً ويخسر ذاته‪ ،‬فالفكر وحده ال يصنع إنسانا ً عظيماً‪،‬‬
‫والعاطفة وحدها ال تصنعه أيضاً‪ ،‬واإلنسان الحق فعالً هو من يحقق التوازن الجميل بين القول والفعل‪،‬‬
‫بين الفكر والوجدان‪ ،‬بين القلب والعقل‪ ،‬فيجعل من األفكار ألوانا ً من الفنون‪ ،‬ويشيع نبض الحياة في‬
‫التأمالت‪ ،‬فيجعل من التأمالت حياة‪.‬‬
‫هذه الصلة بين اإلنسان والجمال دفعت الكثير من الفالسفة إلى االهتمام بالجمال‪ ،‬فقد ركز أفالطون‬
‫جهوده على التصدي النحالل أخالق بني وطنه‪ ،‬واشتغل< بالمسائل « األخالقية‪ ،‬فجعل الخير شرطا ً من‬
‫شروط الجمال‪ ،‬وجعل الفن جزءاً من علم األخالق‪،‬وأكد في جمهوريته أن مهمة الفن مهمة تربوية‪،‬‬
‫وذلك من خالل استخدام الموسيقى لترقية أحاسيس الشباب بعد استبعاد بعض أنواعها التي تتسم بطابع‬
‫الشكوى والكآبة واللذة ) راوية عباس‪.) 1987،‬‬

‫‪39‬‬
‫ماهيّة الجمال ‪:‬‬
‫تعددّت تعريفات الجمال عند الفالسفة حتى ضاع معها معني الجمال‪ ،‬فال يزداد القارئ إمعانا ً فيها إالّ‬
‫ازداد بالجمال جهالً؛ ألن الجمال يستعص على الحصر والتحديد فهو إحساس داخلي ينبثق من داخل‬
‫النفس اإلنسانية‪ ،‬أكثر من كونه هيئة محسوسة‪.‬‬
‫متلق إلى آخر باختالف الثقافة والخبرة ‪ ،‬ولهذا ال‬
‫ٍ‬ ‫فقد يكون للجمال مواصفات شكليّة‪ ،‬لكنَّها تختلف من‬
‫يكاد يجمع الناس على مفهوم محدّد للجمال‪ ،‬ألن األذواق مختلفة ‪.‬‬
‫إنّ " الجدول المترقرق ‪ ،‬والحقل المهتز ‪ ،‬والنسمة الطليقة ‪ ،‬والجبل القائم ‪ ،‬والكوكب المتألّق ‪ ،‬والبدر‬
‫المشرق ‪ ،‬والليل الساجي " مظاهر جمالية لكن جمالها ليس في ذاتها ‪ ،‬وإنّما فيما تولّده النفوس من‬
‫معاني لتلك المظاهر ‪ .‬ولذلك فان النفس العقيمة التي ال تنجب معاني جمالية ‪ ،‬ال تدرك الجمال ‪ ،‬وال‬
‫تعرف كنهه ‪ ،‬إما لعجز في حسها الجمالي ‪ ،‬وإما لما تقيمه اإللفة بينها وبين األشياء من حجب كالذي‬
‫نجده عند الفالح الذي ألف مظاهر الطبيعة من حوله ‪ ،‬فيفقد القدرة على توليد معاني الجمال ‪.‬‬
‫ان النفوس الدائبة دائما في البحث عن الجديد‪ ،‬ال تقف في إدراكها الجمالي عند حد‪ ،‬وال ترضى بقيم‬
‫جمالية ثابتة ‪ ،‬فهي متجددّة التأمل ‪ ،‬كتجدد الحياة التي ال تتوقف ‪ ،‬من هنا تفقد األشياء الجميلة قيمتها‬
‫عند هذه النفوس حين تكتشف أسرارها الخفيّة ‪ ،‬فإدمان النظرة إلى صورة جميلة ‪ ،‬يفقدها شيئا ً من‬
‫تأثيرها القوي كل ّما تجدّد إليها النظر بشغف ‪ ،‬وارتوى منها الحس المفهوم ‪ ،‬حتى تفقد مقدرتها على‬
‫التأثير واألداء ‪ (.‬صالح سعيد الزهراني ‪.)2002 ،‬‬
‫ومن هنا فإن الجمال جما ٌل بما يتولّد في النفوس من معاني ‪ ،‬وما يمكن يبعث من تخيّل من دالئله‬
‫وإشاراته‪ ،‬هو جمال بما يثير في النفوس من بهجة ‪ (.‬إبراهيم البليــهي ‪.)1995 ،‬‬
‫فالجمال ليس في " صور األشياء " وإن ّما في "الشعور بصور األشياء " ولهذا يختلف " الموقف‬
‫الجمالي " لدى المتأملين باختالف شعورهم ‪ ،‬وتل ّون أحاسيسهم‪ (. q‬إحسان عباس ‪.)1984،‬‬
‫وإنك لتعجب بالمنظر يفتنك ‪ ،‬ويلقاك بألف معنى ‪ ،‬أول ما تلقاه فما تزال نفسك دائـبة في تحليل معانيه‬
‫وإذابتها ‪ ،‬حتى تنتهي بـها إلى التصفية واإلفالس (غاستون باشيالر ‪. )1987 ،‬‬
‫*****************‬
‫تعريف علم الجمال‪:‬‬
‫علم الجمال فرع من فروع الفلسفة يبحث في طبيعة الفن والخبرة الجمالية سواء أتعلقت بالفنون أم‬
‫بالموضوعات الجميلة في الطبيعة‪ .‬وقد ظهر هذا المبحث فرعا فلسفيا مستقال في أثناء القرن الثامن‬
‫عشر في إنجلترا وغرب أوروبا متزامنا مع تطور نظريات الفن المختلفة التي عرفت آنذاك بالفنون‬
‫الجميلة‪ .‬و علم الجمال يأخذ على عاتقة القيام باختبار نقدي عن مفاهيمنا المتعلقة بأمور مثل‪:‬‬
‫‪ ‬ماهية الفن‪. ‬‬
‫‪ ‬طبيعة الفن‪. ‬‬
‫‪ ‬الفن الجميل‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫‪ ‬ما الذي يميز الفنان المبدع عن الفنان العادي‪.‬‬
‫‪ ‬أي نوع من التجربة يعد تذوق فني‪.‬‬
‫‪ ‬لماذا كانت هذه التجربة قيمة‪. ‬‬
‫‪ ‬هل يمكن ان نفصل الخالف حول الفن‪. ‬‬
‫‪ ‬ماهى وظيفة الناقد‪.‬‬
‫و"يسمى علم الجمال في اللغات األوروبية استيتك (‪ ) esthetic‬و هي مشتقة من كلمة ‪) )asthesis‬‬
‫اليونانية و تعني الشعور أو الحس ‪ .‬من هنا فإن قاموس (اكسفورد) يعرف الجماليات بأنها ‪ " :‬المعرفة‬
‫المستمدة من الحواس" ‪ .‬و هو تعريف ال يحدد خواص معينة لهذه المعرفة‪.‬‬
‫و يعتبر تعريف الفيلسوف األلماني (كانت) قريبا ً من هذا التعريف فقد قال عن علم الجمال " انه العلم‬
‫المتعلق بالشروط الخاصة باإلدراك الحسي"‪.‬‬
‫كذلك عرف القاموس اإلنجليزي الجديد ‪ ،‬هذا الفرع ‪ ،‬على أنه " فلسفة أو نظرية التذوق أو إدراك‬
‫الجميل في الطبيعة و الفن"‪ (.‬شاكر عبد الحميد‪.) 2001 ،‬‬
‫وال يمكن ان نهمل هنا تعريف قاموس "ويبستر"‪ q‬لعلم الجمال وهو أكثر دقة وبساطة من بعض التعاريف‬
‫األخرى‪ ،‬والذي يري ان علم الجمال هو " المجال الذي يتعامل مع وصف الظواهر الفنية والخبرة الجمالية‪q‬‬
‫وتفسيرها"‪.‬‬
‫و يتفق الباحثون بشكل عام ‪ ،‬على أن علم الجمال ‪ ،‬نشأ في البداية باعتباره فرعا ً من الفلسفة ‪ ،‬و يتعلق‬
‫بدراسة اإلدراك للجمال و القبح ‪ ,‬و يهتم أيضا ً بمحاولة استكشاف ما إذا كانت الخصائص الجمالية ‪،‬‬
‫موجودة موضــوعـيا ً في األشيـاء التي ندركـها أم هي موجـودة ذاتـيا ً ‪ ،‬في عقــل الشخـص القـائم‬
‫باإلدراك ‪.‬‬
‫و تضفي الجمالية عادة قيمة عالية على الشكل في الفن ‪ ،‬إذ تكون قيمة العمل الفني معتمدة على الشكل‬
‫دون الموضوع‪ (.‬جونسون‪. )1986 ،‬‬
‫وهذا ما عبر عنه (أفالطون) سابقا ً عند تفضيله للشكل على المضمون في العمل الفني ‪ ,‬و أبرز‬
‫الفالسفة القدامى ‪،‬كانوا يميلون إلى هذا االتجاه ‪.‬‬
‫و يعتبر علم الجمال ‪ ،‬من أقدم العلوم التي طرقها الفالسفة ‪ ،‬فنجد في الفلسفتين الصينية و الهندية‬
‫تأمالت جمالية ‪ ،‬و كان فالسفة اإلغريق يعتبرون الجمال مادة الفــن و أن القبح ال يصلح له ‪ ،‬و لهذا‬
‫غلب الجمال على فنون اإلغريق ‪ .‬و قام هؤالء الفالسفة أمثال (هرقليط) و (ديمقريط) و كذلك‬
‫(أفالطون) بتطوير الرؤية الجمالية‪ (.‬عدنان رشيد ‪)1985 ،‬‬

‫‪41‬‬
‫معنى الفلسفة‪:‬‬
‫( الفلسفة مجال نقدي يفحص شيئا لكي يحدد نقاط ضعفه وقوته وبذلك تكون الفلسفة دراسة نقدية‬
‫متعلقة بمزايا الموضوع الذي تدرسه وليس عيوبه ‪ ،‬والفلسفة ترفض قبول أي فكرة ال يثبت صحتها‬
‫بأدلة واستدالالت وقرائن‪ ، ‬و الفلسفة تأخذ على عاتقها مهمة البحث الفاحص في األشياء ‪ ,‬وتكرس‬
‫نفسها للبحث الدءوب الصريح لكي تتأكد ان كانت هذه النتائج لها مبرر من وجودها في داخل الحياة أم‬
‫ال‪ ، ‬باالضافة الي ان الفلسفة تعصمنا من االنحدار إلى مستوى االنحدار العقلي والقطع الذهني في الحكم‬
‫على العمل الفني) ‪.‬‬
‫ويعود الفضل في إطالق مصطلح علم الجمال على هذا الفرع المستقل من الدراسات الفلسفية إلى‬
‫الفيلسوف األلماني ألكسندر بومجارتن في كتابه" تأمالت في الشعر"(‪.)1735‬‬

‫فلسفة الجمال عند الفالسفة اليونان‬


‫يعتبر اليونانيون بحق أول من اهتم بالظاهرة الجمالية في شخص (هيراقليط)‪ ،‬و(سقراط)‪ ،‬و(أفالطون)‪،‬‬
‫و(أرسطو) وغيرهم‪ .‬على سبيل المثال‪ ،‬استطاع أفالطون أن ينحت للجمال الذي ينتمي إلى عالم‬
‫المحسوس أو المعقول‪ ،‬مثاالً هو (الجمال بالذات)‪ ،‬ومن ثم‪ ،‬أن يربط بين الحق والخير والجمال‪ .‬أما‬
‫(هيراقليط)‪ ،‬فلقد جعل من اإلله المثال األعلى للجمال‪ .‬وشدد على استحالة قيام علم يعنى بالجمال‪ ،‬نظراً‬
‫لنسبية األحكام الجمالية لدى الناس‪ ،‬ويتفق (سقراط) مع هذا الفيلسوف في مبدأ النسبية‪ ،‬ألنه يرى أن‬
‫للجمال مثالً أسمى يستحيل أن تبلغ مرتبته األشياء‪ .‬يتجلى هذا المثل األعلى في الفضيلة‪ .‬ظل هذا‬
‫التصور للجمال سائداً إلى حدود العصر الحديث ‪.‬‬
‫فلسفة الجمال عند افالطون ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫تجدر اإلشارة إلى أن فلسفة الجمال عند أفالطون ترتبط بفكرة التعالي معبراً عنها في صورة الفن‪،‬‬
‫وبالتالي تصبح فلسفة الفن فكرة سامية وخالدة تعلو على إدراكنا‪ ،‬ولهذا يكون شرط اإلحساس بها هو‬
‫االقتراب من الماهيات والمثل على قدر المستطاع‪ ،‬وكذلك المشاركة في النماذج األصلية لها‪ ،‬ومن دون‬
‫أن نحس بالنماذج الخالدة ونحاول السعي إليها فلن نستضيء بالجمال الموجود في األِشياء‪ ،‬وعلى‬
‫الرغم من أن الجمال في ذاته غير محسوس بالنسبة لنا‪ ،‬إ ال أنه يجب البحث عنه والترقي إليه‪.‬‬
‫وجدير بالذكر أن رؤية أفالطون للجمال كانت موجهة إلى مثال الجمال بالذات الذي رآه مبدأً متعاليا ً‬
‫يسمو على الذات وعلى العالم‪ ،‬فهو نموذج أصلي خالد أو مثال خارج العقل الذي يتصوره في حين‬
‫رأى فيه أرسطو نموذجا ً باطنا ً في العقل البشري ليس له موضوع نبحث عنه خارج أنفسنا‪ ،‬فليس‬
‫هناك مثال يتجاوز حدود اإلنسان أو العالم‪،‬فكل شيء موجود فينا نحن‪.‬‬
‫فلسفة الجمال عند ارسطو ‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫‪42‬‬
‫الجمال عند أرسطو يعني التناسب والتماثل والترتيب العضوي لألجزاء في كل ما هو مترابط من‬
‫األشكال‪ ،‬وهذا ما عبر عنه في الفصل السابع من كتابه (الشعر) حيث يقول " الكائن أو الشيء‬
‫المكون من أجزاء متباينة ال يتم جماله ما لم تترتب أجزاؤه في نظام‪ ،‬وتتخذ أبعاداً ليست تعسفية‪ ،‬ذلك‬
‫ألن الجمال ما هو إ ال التنسيق والعظمة ‪ (".‬عبد الفتاح الديدي‪. ( 1985،‬‬
‫فلسفة الجمال عند افلوطين ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫أما أفلوطين رائد الوحدانية‪ ،‬ومنهل الفالسفة العرب‪ ،‬فقد رأى أن الجمال ال يكون في تناسق أجزاء‬
‫األشياء بل في الفكرة التي يعبر عنها‪ ،‬أي بإيحائه الباطن غير الظاهر في الحس‪ ،‬والذي ندعوه لدى‬
‫اإلنسان نفساً‪ ،‬هكذا يكون الوجه جميالً عندما يبرز منه جمال النفس‪ ،‬وتوحي هذه النفس بالجمال على‬
‫قدر بروز صورة الخير اإللهي فيها ‪ ،‬ومع أن األفالطونية الجديدة كانت امتداداً ألفالطون‪ ،‬غير أنها قد‬
‫خلطت الجمال بالالهوت‪ ،‬بحيث لم يعد المجال يسمح للبحث في العبقرية المبدعة المستقلة‪ ،‬ألنها‬
‫ارتبطت عند أفلوطين بالمبدأ األوحد الذي هو الخير‪ ،‬والذي تصدر عنه الصور المشعة‪ ،‬وبعبارة‬
‫أخرى‪ ،‬فإن هللا هو مصدر الصور الفنية ومبدعها‪ ،‬كما أنه هو الذي يفيض بها على من ارتقت روحه‬
‫من الفنانين( غسان خالد‪. ( 1983 ،‬‬
‫من ناحية أخرى فقد تركت األفالطونية بصماتها واضحة على فلسفة العصر الوسيط‪ ،‬وقد عبر‬
‫أوغسطين عن الجمال ممثالً في الوحدة أي هللا‪ ،‬وأن قوانين الجمال والفن كالتساوي والتشابه‬
‫واالنسجام ما هي إ ّ ال انعكاسات للحقيقة أو الكلمة أو هللا‪ ،‬كما ظهر سانت بازيل الذي مزج بين الفن‬
‫والالهوت‪ ،‬وتبنى األفالطونية المحدثة‪ ،‬ودافع عنها في كتابات ظهرت تحت اسم مستعار هو ديو‬
‫نيسيوس الذي كان له أثر ال يستهان به في استطيقا العصور الوسطى ( يوسف كرم ‪.)1979،‬‬

‫فلسفة الجمال عند العرب المسلمين‬


‫الج َم ال المحور الذي يتوسط حياة الناس في الحضارة العربية اإلسالمية‪ .‬والدليل على ذلك أنه‬
‫كان َ‬
‫لم تكن هناك حدود فاصلة ما بين الفن والحرفة والصناعة وبين الفنون التشكيلية والتطبيقية‪ ،‬وبالتالي‬
‫كان الفنان والح َِرفي واحداً ال فرق بينهما بل أصبحت صفة الفن غالبة حتى على العلم فأُسبغت على‬
‫أنواع شتى من العلوم والمهارات منها فن الجراحة مثالً‪ .‬وكون الجمال متطلبا ً من متطلبات العبادة‬
‫والحياة فقد فرض على الذين يعيشون ضمن الحضارة اإلسالمية‪ ،‬أن يحيطوا أنفسهم بكل ما هو متقن‬
‫الصنع ومتوازن الشكل واللون وكامل الهيئة بقدر المستطاع‪ (.‬شربل داغر ‪.)1998،‬‬
‫فقد اهتم المسلمون بالظاهرة الحسية للجمال سواء عن طريق البصر أو السمع‪ ،‬والتزموا بالشرع في‬
‫تعاملهم مع الجمال ‪ ،‬فاهلل جميل يحب الجمال والتدبر في حسن صنعته يعد من تمجيد الخالق وتسبيح‬
‫بعظمته‪ .‬ومن ثم‪ ،‬نقول إن مفهوم الجمال في اإلسالم ارتبط ارتباطا ً وثيقا ً بمقاصد الشريعة اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ ‬فلسفة الجمال عند الكندي ‪:‬‬

‫‪43‬‬
‫وجد عند الفيلسوف الكندي ( ‪187‬هـ – ‪259‬هـ ) في مؤلفه عن الموسيقى‪ ،‬محاولة وضع تعريفً‬
‫عن التذوق الجمالي لأللحان واأللوان والروائح‪ .‬فاأللوان المختلفة برأيه مثل األلحان تستطيع أن تعبر‬
‫عن هذا الشعور أو ذا ك وتثيره‪ ،‬كما يوجد بين أنواع معينة من األلوان واأللحان من حيث تأثيرها‬
‫النفسي تشابه معين‪ .‬وكذلك الحال بالنسبة للروائح التي يعتبرها موسيقى صامته‪ ،‬ومرجع اإلحساس‬
‫بالجمال عند " الكندي" هو التأثر النفسي بالشيء الجميل‪ ،‬سواء كان لو ًنا أو رائحة أو لح ًنا‪ ،‬فهناك‬
‫قاسم مشترك بين اللون واللحن‪ ،‬أما الرائحة فهي الموسيقى الصامتة‪) .‬عصام البغدادي ‪)2005 ،‬‬
‫‪ ‬فلسفة الجمال عند الفارابي ‪:‬‬
‫يعد (أبو نصر محمد الفارابي ‪339- 260‬هـ) أحد المتأثرين باآلراء الفلسفية المثالية الباحثة في‬
‫الجمال األخالقي ‪ ،‬إذ أنه من خالل التزام (الفارابي) بمحاولة التوفيق بين الدين والفلسفة فقد كان‬
‫الجمال بالنسبة له تحقيق القيم الخيرة في األشياء الجميلة من خالل بنائها وترتيبها"‪ ( .‬نجم عبد حيدر‬
‫‪) 2001،‬‬
‫لذا وجد الفارابي في الفلسفة المدنية صنفين ‪:‬‬
‫أحدهما ‪ :‬يحصل به علم األفعال الجميلة‪،‬واألخالق التي تصدر عنها األفعال الجميلة ‪ ،‬والقدرة على‬
‫أسبابها ‪ ،‬وبه تصير األشياء الجميلة فنية لنا‪ ،‬وهذه تسمى الصناعة الخلقية‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬يشتمل على معرفة األمور التي بها تحصل األشياء الجميلة ألهل المدن‪ ،‬والقدرة على‬
‫تحصيلها لهم وحفظها عليهم‪ ،‬وهذه تسمى الفلسفة السياسية "‪ ( .‬مصطفي عبد الرازق ‪.)2005،‬‬
‫و يقر الفارابي بأن إدراك اإلنسان للجمال نسبي إذا ما قورن بإدراك الخالق للجمال ألن الخالق يمثل‬
‫الجمال ذاته ‪ ،‬لذا فإن إدراك الجمال غير متيسر تماما ً لإلنسان وال يدرك الجمال إال من قبل أصحاب‬
‫العقول وينال قبولهم ‪ ،‬فالجمال وفق رأي (الفارابي) يمثل "الشيء الذي يستحسنه العقالء"‪( .‬جعفر آل‬
‫ياسين‪.)1985،‬‬
‫‪ ‬فلسفة الجمال عند الصوفية ‪:‬‬
‫عند الصوفيـة‪( :‬جمال العالم ما هو إال انعكاسات للجمال اإللهي‪ ،‬الذي يجعل الصوفي يؤثر التقشف‬
‫والنسك والعبادة وتنقية الروح على الشهوات الدنيوية)‪.‬‬
‫إن الشيء في رأي (الصوفية) ال تتكشف ذاتيته إال بنقيضه وهذه العالقة تمثل (تآلف النقيضين)أو‬
‫(وحدة النقيضين) التي تؤكد التفاعل بين الحسيات المتناقضة ضمن اإلطار الموضوعي ‪ ،‬والتفاعل‬
‫ضمن اإلطار الذاتي المتناقض بين الحسي وغير الحسي يكشف عن جمالية الحسي المحدودة ‪ ،‬بينما‬
‫جمالية غير الحسي غير محدودة ‪ ،‬ووسائل التعبير عن الحسي محدودة ومنطقية تعد األشياء‬
‫وتمثلها ‪ ،‬بينما وسائل التعبير عن غير الحسي غير محدودة انفعالية مبهمة تأويلية‪،‬تثري الموجودات‬
‫وتحفز إمكانياتها ‪ ،‬مما جعل فعالية الكشف عموما ً تفترض وسائل للتعبير تتجاوز المنطق أحيانا مثل‬
‫إظهار قابليات جسدية تخرق أشكال التعبير المألوفة ‪) .‬ماجد محمد حسن ‪ . ) 2004 ،‬‬
‫‪44‬‬
‫‪ ‬فلسفة الجمال عند التوحيدي ‪:‬‬
‫وفي سياق الحديث عن التفسير الصوفي للجمال‪ ،‬ال ينبغي أن نغفل المساهمات الفريدة ألبي حيان‬
‫التوحيدي ( هـ‪414-320‬هـ) فالتوحيدي يرى أن جمال الموجودات التي كانت في علم هللا قبل أن‬
‫تكون‪ ،‬موجود في مصدرها‪ .‬وال يمكن إلنسان معرفة كنه هذه الموجودات وجمالها إال بمعرفة الخالق‬
‫وصفاته عبر استعمال العقل< على حساب الحواس‪ .‬ويصف التوحيدي صفات هللا تعالى الجميلة وأفعاله‬
‫الحسنة بأنها "من الحسن في غاية ال يجوز أن يكون فيها وفي درجتها شيء من المستحسنات‪ ،‬ألنها‬
‫هي سبب ُحسن كل َح سن‪ ،‬وهي التي تفيض الحسن على غيرها‪ ،‬إذ كانت معدنه ومبدأه‪ ،‬وإنما نالت‬
‫األشياء كلها الحسن والجمال والبهاء منها وبها"‪ .‬من ناحية أخرى‪ ،‬يربط التوحيدي مفهوم< الجمال‬
‫المادي بمفهوم الغاية التي ال بد أن تكون إيجابية وخيرة لبني البشر‪ .‬مثالً‪ ،‬إذا قدم المرء شيئا ً ما خيراً‬
‫لإلنسان‪ُ ،‬عد نافعا ً وجميالً‪ ،‬وإذا ما أدى الشيء المقدم وظيفة شريرة صار غير نافع وصار قبيحاً‪.‬‬
‫(‪ ‬إلهام سته ‪)2013 ،‬‬
‫فلسفة الجمال عند الجاحظ ‪:‬‬
‫‪ 255-163‬هـ) أن المعايير األساسية التي يتميز بها النتاج الفني الجمالي‬ ‫وجد (أبو عثمان الجاحظ‬
‫هي قدرته في التحفيز التخيلي وما يتطلبه من وجود انسجام لعالقات مفرداته الشكلية والموضوعية‬
‫ضمن وحدة عضوية تجمعهما ‪ ،‬ففي " … كتابات (الجاحظ) أفكارا كثيرة حول " الوحدة العضوية "‬
‫وحول " اللفظ والمعنى " وحول " فكرة التأثير " أو " الخيال " وغيرها من األفكار التي تعتبر من‬
‫مباحث علم الجمال "‪( .‬عبد العزيز الدسوقي ‪)1979 ،‬‬
‫طرح (الجاحظ) معايير جمالية أخرى تكون سبيالً لكشف المضمون‪،‬إذ وجد أن وضوح اإلشارة‬
‫وصوابها وحسن اختصارها ودقة البدء في إرسالها يكون أبين لظهور المعنى‪،‬فكلما كانت اإلشارة‬
‫أوضح كانت أقرب للظهور و قد نال التوازن والتناسب أهمية في معطيات (الجاحظ) الجمالية عبر‬
‫يستثن البعد األخالقي‬
‫ِ‬ ‫إيجاد الموازنة الجمالية بين الشكل ومضمونه وصوالً لتكامل الصورة الفنية ‪،‬ولم‬
‫‪ ،‬إذ نصح بمحاسبة اإلنسان لنفسه كي تخرج أفعاله مقسومة وألفاظه موزونة معتد له ومعانيها مصفاة‬
‫مهذبة ‪،‬وأكد على فكرة مطابقة الكالم لمقتضى الحال ‪ ،‬بحيث يكون مستوى األلفاظ متناسبا ً مع معانيها‬
‫دون زيادة أو نقصان بما يحقق الموازنة بينهما في األقدار‪( .‬أبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ ‪)1985 ،‬‬

‫وإلبانة الدور الجمالي للّ ون ‪ ،‬فان(الجاحظ) وجد أن المرأة الجميلة من اتسمت بلون يضرب إلى‬
‫الصفرة في العشي ‪ ،‬ويضرب إلى البياض بالغداة ‪ ،‬وأشار إلى لون السمرة التي يتسم بها سكان بابل ‪،‬‬
‫بوصفه أعدل األلوان ‪ ،‬والذي تحصلوا عليهم بسبب البيئة التي يسكنوها‪،‬فخرجت عقولهم معتدلة مثل‬
‫اعتدال ألوانهم< وشمائلهم الظاهرة ‪( .‬أبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ ‪)1982 ،‬‬

‫أبو حامـد الغزالي‪( :‬الجمال نوعان‪ :‬الجمال الظاهر وهو من شأن الحواس‪ ،‬والجمال الباطن وهو من‬
‫شأن البصيرة التي من حرمها فقد حرم التلذذ بالجمال الحقيقي) (أبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ ‪)1985 ،‬‬

‫‪45‬‬
‫‪ ‬فلسفة الجمال عند الغزالي ‪:‬‬
‫ميز (الغزالي ‪505-450‬هـ) بين الجمال المدرك بعين الرأس الذي يعكس جماله وهو مدرك لذاته وبين‬
‫الجمال المدرك بعين القلب وهو مدرك آخر وأيضا ً لذاته مقسما ً الجمال إلى جمال ظاهر وجمال باطن ‪،‬‬
‫إال إنه ال يستبعد تمازج جمال الظاهر والباطن عندما يؤكد دور الحواس في إدراك الجمال الظاهر والتي‬
‫بقبولها لما تدركه واستحسانها له تمهد الطريق للبصائر الباطنية إلدراك الجمال الباطني للتشكيل‬
‫الحسي الخارجي ‪ ،‬فالجميل "‪ ..‬في األصل وضع للصورة الظاهرة المدركة بالبصر ‪ ،‬مهما كانت‬
‫بحيث(تالءم)البصر وتوافقه ‪،‬ثم نقل إلى الصورة(الباطنية)التي تدرك بالبصائر"‪ (.‬أبو أحمد الغزالي ‪،‬‬
‫د‪.‬ت)‬
‫من ذلك يتحدد اإلدراك الجمالي وفق قدرة توفير متعة الشعور بالرضا لدى مدرك الجمال عبر المالئمة‬
‫والتوافق بين الموضوع والحاسة المدركة له‪ ،‬بما يحقق شعوراً بنوع من اللذة وفقا لنوع الحاسة‪،‬‬
‫بحيث تكون لذة العين في إبصار الصور الجميلة بينما تكون لذة أعضاء اللمس الجسدية في اللين‬
‫والنعومة ‪ ،‬ويتعزز اإلحساس الجمالي بما هو جديد بينما يقل اإلحساس بما هو معهود‪.‬‬
‫وبذلك يجد ( الغزالي ) عالقة فاعلة بين (أجزاء الحواس والموضوع المحسوس) في تحديد التأثير‬
‫الجمالي ‪ ،‬كما يشير إلى أهمية (التنويع) عبر التمييز بين الجديد والمعهود في اإلدراك الحسي‬
‫ومتطلبات التأثير فيه وفق محفزات اإلدراك الجمالي‪.‬‬
‫كما يؤكد ( الغزالي ) على الممازجة بين (األخالق والجمال) وعدم افتراقهما ‪ ،‬ذلك أن الجمال ال يقتصر‬
‫مثالً على الشكل الظاهري بل ويشمل السلوك األخالقي له‪،‬وأي قصور في تكشف احدهما ينتقص من‬
‫مستوى التكشف الجمالي الكلي‪ ،‬وهو بذلك ال يقف ضد الجمال بل يقرن الجمال الشكلي بالجمال‬
‫الموضوعي ويؤكد الميل نحو ما هو جميل ‪،‬فهو يرى مثالً أن ‪،‬حسن الوجه "… به يحصل التحصن ‪،‬‬
‫والطبع ال يكتفي بالدميمة غالبا ً ؛ كيف والغالب أن حسن الخلق وال ُخلق ال يفترقان"‪(.‬أبو أحمد‬
‫الغزالي ‪،‬د‪.‬ت)‪.‬‬

‫فلسفة الجمال في العصر الحديث‬


‫ان مفهوم الجمال في العصر الحديث تأثر بالتطورات العلمية واألبحاث التي تعنى بعالقة الجمال‬
‫بالفلسفة‪ ،‬والفن‪ ،‬والهندسة والطب‪ ،‬وغيرها من االهتمامات األخرى‪ .‬إن أهم ما يميز هذه الحقبة من‬
‫التفكير البشري هو سيطرة النزعة العقلية الديكارتية في التقييم الجمالي‪ ،‬ذلك بأن ديكارت يدعو إلى‬
‫الحكم النسبي الذاتي للجمال‪ ،‬بحيث يمكن إطالق العنان لإلحساسات واألهواء الفردية لتأسيس هذا الحكم‬
‫انطالقا ً من العقل‪ q.‬من هذا المنطلق تظهر استحالة صياغة تعريف مطلق ومقنع لمعنى الجمال بالنظر إلى‬
‫تغير السياقات الفكرية والمجتمعية والذاتية التي تنتج اختالفا ً في األذواق كما ذهب إلى ذلك (مونتني)‬
‫قبل (ديكارت(‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫فلسفة الجمال عند شوبنهور ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫في العصر الحديث ظهرت عند شوبنهور نغمة جديدة‪ ،‬فالجمال صفة للشيء الذي يبعث اللذة في‬
‫أنفسنا بصرف النظر عن منفعته أو فائدته‪ ،‬وهو الذي يحرك فينا فعال غير إرادي من التأمل‪ ،‬ويشيع‬
‫لونا ً من السعادة الخالصة‪ ،‬حيث يكمن سر الجمال – كما يقول شوبنهور ‪ -‬في هذا اإلحساس‬
‫الموضوعي البريء من الهوى‪ ،‬وفيه تكمن أيضا ً العبقرية الفنية‪ ،‬ويتحرر العقل بعض الوقت من‬
‫الرغبة فيحقق تلك الصورة الخالدة أو المثل األفالطونية التي ُتكون المظاهر الخارجية لإلرادة الكلية‪،‬‬
‫وعليه فإن الجمال عند شوبنهور هو الشكل الدال أو المثال المعطى إلى اإلدراك الحسي في حدود‬
‫الواقع‪ ،‬وبالتالي فإن العمل الفني هو تعبير الفنان عن مدى فهمه وإدراكه للمثال‪( .‬فؤاد كامل ‪،‬‬
‫‪.)1991‬‬
‫فلسفة الجمال عند ايمانويل كانت ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫أما ايمانويل كانت فقد ربط موضوع الجمال بموضوع األخالق‪ ،‬وأكد أن اإلنسان الذي يهتم بالجمال‬
‫الطبيعي‪ ،‬البد من أن يكون قد اعتاد من قبل حياة التأمل‪ ،‬ومن ثم فإن الخير األخالقي البد من أن يكون‬
‫قد أصبح متأصالً في نفسه‪ ،‬ومعنى هذا أن االهتمام المباشر بجمال الطبيعة هو مظهر من مظاهر‬
‫النزوع نحو الخير األخالقي‪ ،‬أو على األصح أثر من آثار التربية األخالقية‪ ،‬وإذا كانت هناك قرابة بين‬
‫األحكام الجمالية والشعور الخلقي‪ ،‬فذلك ألن الطبيعة تخاطبنا بلغة رمزية عن طريق ما فيها من أشكال‬
‫جميلة‪ ،‬وحينما يهتدي المرء إلى فك رموز هذه اللغة‪ ،‬فعندها سوف يعجب بمقاصد الطبيعة‪ ،‬ويفطن‬
‫إلى ما في قوانينها من نظام‪ ،‬ويدرك أنها تنطوي على غائية خاصة هي في صميمها مرتبطة بغاية‬
‫وجودنا وبمصيرنا األخالقي‪( .‬زكريا إبراهيم‪.)1972،‬‬
‫فلسفة الجمال عند هيجل ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫إن جوهر فكرة الجمال عند "هيجل" يجب أن يكون موضوعا ً حسياً‪ ،‬أي شيئا ً موجوداً بالفعل أمام‬
‫الحواس‪ ،‬كالتمثال أو المعمار أو األصوات الموسيقية الجميلة‪ ،‬أو يكون تصويراً ذهنيا ً لموضوع حسي‬
‫كما هو الحال في الشعر‪ ،‬والبد أن يكون فرداً عينياً‪ ،‬إذ ال يمكن أن يكون تجريداً‪ ،‬فالموضوع الجميل‬
‫يتجه إذاً إلى الحواس لكنه يتجه أيضا ً إلى العقل أو الروح‪ ،‬ألن الوجود الحسي المجرد ليس جميالً‪،‬‬
‫لكنه يصبح جميالً حين يدرك العقل تألق الفكرة من خالله‪ ،‬ومادامت الفكرة هي الحقيقة< المطلقة‪ ،‬فإنه‬
‫ينتج من ذلك اتحاد الحق والجمال‪ ،‬ألن كالً منهما هو الفكرة‪ ،‬لكنهما متمايزان أيضاً‪ ،‬فالجمال – فيما‬
‫يرى هيجل – هو الفكرة حين تدرك في إطار حسي وحين تدرك بالحواس سواء أكان في الفن أم في‬
‫الطبيعة‪ ،‬أما الحقيقة فهي الفكرة حين تدرك في ذاتها أي بوصفها فكرة خالصة‪ ،‬وهي التدرك بما هي‬
‫كذلك عن طريق الحواس بل عن طريق الفكر الخالص أي عن طريق الفلسفة‪( .‬ﺴﺘﻴﺱ‪ ،‬ﻭﻟﺘﺭ ‪)1982،‬‬
‫فلسفة الجمال عند شيلنج ‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫‪47‬‬
‫يشير " شيلنج " إلى أن اإلبداع الفني ينشأ من التناقض الالنهائي‪ ،‬ولهذا كانت الفنون هي المعيار‬
‫الذي توزن به جماليات المشاهد والمناظر الطبيعية‪ ،‬حيث يقوم اإلبداع الفني على التقابل بين العوامل‬
‫المتناقضة الفعالة وعلى التناقض الباطني‪ ،‬أي على شعور داخلي بالتناقض يصعب اجتيازه وتجاوزه إ‬
‫ال بتحقيق العمل نفسه‪ ،‬ومهما تكن العوامل< المتناقضة التي ينبع منها العمل الفني‪ ،‬فإنه ينتهي بالنجاح‬
‫في تحقيق الرضا والراحة والسرور‪ ،‬ويعقب إنتاج العمل الفني انفعال واضح لتحرره من التمزق الذي‬
‫عاناه بسبب ( التناقضات‪(( .‬عبد الفتاح الديدي‪( 1985،‬‬
‫فلسفة الجمال عند شيلر ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫يؤكد " شيلر " أن اإلحساس بالجمال ليس موضوعا ً ذاتيا ً فقط‪ ،‬وإنما يعتمد على قوانين الخبرة‬
‫الجمالية وأبعادها التربوية في فلسفة جون ديوي جمالية موضوعية‪ ،‬ويمكن في رأيه تقدير الجمال‬
‫وفقا ً لمقاييس موضوعية‪ ،‬ويرى أن الشيء ال يبدو جميالً إال إذا استقل وتحرر من األسباب والعوامل‬
‫الطبيعية‪ ،‬كذلك يصبح العمل الفني جميالً عندما تختفي منه آثار العوامل< التي أدت إلى وجوده‪ ،‬ولكنه‬
‫يخالف بعد ذلك فيرى أن الطبيعة هي صورة الكمال الذي ينبغي أن يتحقق بالحرية‪( .‬ﺸﻴﻠﺭ‪ ،‬ﻓﺭﻴﺩﺭﻴﺵ ‪،‬‬
‫‪)1991‬‬
‫بعد هذا العرض التاريخي لمعنى الجمال عند فالسفة اليونان وفالسفة العصر الحديث‪ ،‬وبيان أهمية هذا‬
‫الميدان في الفكر الفلسفي عامة‪ ،‬يتجه الباحث إلى مناقشة مفهوم< الخبرة الجمالية وأبعادها التربوية‬
‫في فلسفة جون ديوي وذلك وفق الخطوات التالية‪.‬‬
‫مفهوم الخبرة الجمالية ومعاييرها‪:‬‬
‫يحاط مفهوم< الخبرة بكثير من الغموض في أذهان الكثيرين على الرغم من شيوع من أكثر الفالسفة‬
‫« جون ديوي » استخدامه< وتأثيره في العمل التربوي‪ ،‬ولعل المعاصرين استخداما ً لهذا المفهوم‪ ،‬فهو‬
‫يجعل من الخبرة أساسا ً للتربية ومعياراً للحرية‪ ،‬وأن الخبرة ال تكتسب وال تنتقل من مكان إلى مكان‪،‬‬
‫وهي ليست مرادفة للمعرفة أو المهارات‪ ،‬وإنما الخبرة تعني موقفا ً من المواقف يعيشه الفرد مع‬
‫آخرين‪ ،‬فيتأثر به ويؤثر فيه‪ ،‬وهو يتعلم نتائج هذا الموقف‪ ،‬حيث تصبح هذه النتائج جزءاً من ‪(.‬‬
‫سلوكه سواء أكانت معلومات أو مهارات أو اتجاهات‪ ( (.‬ﻤﺤﻤﺩ ﺍﻟﻬﺎﺩﻱ عفيفي ‪)1970،‬‬
‫الفرق بين النقد وعلم الجمال‪:‬‬
‫النقد يقوم بتحليل العمل الفني فيحكم على مواطن الجمال أو النقص فيه ‪ ،‬أما المبادئ العامة التي‬
‫يفترضها الناقد فإنما ترجع إلى علم الجمال‬
‫أو بتعريف آخر‪ :‬إذا كان النقد تفسيرا للعمل الفني بهدف تحسين العالقة الجمالية بين العمل الفني‬
‫وجمهور المتذوقين‪ ،‬فان علم الجمال هو تفسير لهذا التفسير‪ ،  ‬أو بقول آخر إذا كان النقد فى حد ذاته‬

‫‪48‬‬
‫فرع من فروع الفلسفة فان علم الجمال نقد للنقد‪ .‬فالجمال‪ ‬لفظ يشير إلى قيمة األشياء التي أنتجها‬
‫أولئك المبدعون‪. ‬‬

‫تصنيف علم الجمال‪:‬‬


‫يصنف التفكير الفلسفي العلوم ‪ ،‬بعلوم وضعية وعلوم معيارية‪:‬‬
‫‪ .1‬العلوم الوضعية‪ :‬وتهتم بدورها في دراسة‪:‬‬
‫‪ -1‬الظواهر الطبيعية‬
‫‪ -2‬تعتمد على طرق تجريبية‬
‫‪ -3‬تستنتج قوانين وأحكاما ً تقريرية‪.‬‬
‫‪ -4‬تهتم بدراسة الكائن وتختص بالوقائع‪.‬‬
‫‪ .2‬العلوم المعيارية‪ :‬وهي العلوم التي تتميز‪ q‬باستعانتها بالعقل ‪ ،‬تتجاوز الوقائع الجزئية‪ q‬إلى البحث‪ q‬فيما‬
‫ينبغي عليه أن تكون ‪ ،‬تصدر أحكاما ً قيمية وتصوغ القواعد أو المعايير‪ q،‬وتدرس العلوم المعيارية‬
‫القيم اإلنسانية‪ q‬الثالث‪: q‬‬
‫الحق‬ ‫‪-1‬‬
‫‪ -2‬الخير‪q‬‬
‫‪ -3‬الجمال‪.‬‬
‫فإذا كان علم المنطق يضع القواعد واألسس التي تحاول تحديد العقل من الوقوع في الخطأ ويبحث فيما ينبغي‬
‫أن يكون عليه التفكير السليم‪.‬‬
‫وإذا كان علم األخالق يضع المثل العليا‪ q‬التي ينبغي أن يسير اإلنسان في سلوكه بمقتضاها أي كيف يجب أن‬
‫تكون تصرفات اإلنسان‪.q‬‬
‫فإن علم الجمال يبحث فيما ينبغي أن يكون عليه الشيء الجميل ويضع معايير‪ q‬يمكن أن يقاس بها‪ .‬إن الجمال‬
‫يقربنا‪ q‬من جوهرنا اإلنساني‪ q‬أكثر ويجعلنا‪ q‬أرقى اجتماعياً‪ q‬وأكثر نفعا ً ويقوي من إدراكنا للواقع المحيط ويمدنا‬
‫بأدوات يمكن عن طريقها أن نفسر ماهية الحياة بل وحتى أكثر من ذلك باعتبار إحدى أدوات المعرفة يعطينا‬
‫القدرة على لعب دور مؤثر في التحكم باليات‪ q‬التغير‪.q‬‬

‫اتجاهات علم الجمال ‪:‬‬


‫هناك وجهات نظر متعددة حول الجمال يمكن تلخيصها بما يأتي ‪:‬‬
‫‪ - 1‬النظرة الموضوعية ‪ :‬انصار المذهب الموضوعي يرون الجمال قائما ً بذاته وموجود خارج‬
‫النفس الشاعرة به‪ ،‬فالجمال ظاهرة موضوعية لها وجودها الخارجي وكيانها المستقل‪ ،‬مؤكدين تحرر‬
‫مفهوم الجمال من التأثر بالمزاج الشخصي ‪ ،‬فالشكل يبدو جميالً اذا توفرت فيه صفات معينة‪ .‬ويرون‬
‫ان الجمال وحده هو ما يدرك باإلحساس المباشر‪ ،‬فاأللوان واالصوات والملمس وغيرها من‬
‫موضوعات الحس هي وحدها يمكن ان تكون موضوعات جمالية ‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫‪– 2‬النظرة الذاتية ‪ :‬نشأ هذا المذهب كرد فعل على التطرف الشديد في تصوير الجمال وتقويمه ‪،‬‬
‫فقد رأي أصحاب هذا المذهب معنى الجمال في انه ليس صفة في الشيء الجميل تقوم بمعزل عن ادراك‬
‫المتلقي‪ ،‬لكنهم اعتبروا الجمال ظاهرة نفسية وخبرة ذاتية ‪ ،‬فالجمال يوجد في ذات المتلقي وبه‪ .‬و أن‬
‫إرضاء لمخيلته‪ ،‬والجمال في نظره من ناحية التمتع ‪ ،‬لعبة خيال لها دوافع ال‬
‫ً‬ ‫المتلقي يستمتع بالجمال‬
‫شعورية هي نفسها دوافع أحالم اليقظة‪ ،‬وان ارضاء هذه الدوافع هو نفسه ارضاء دوافع احالم‬
‫اليقظة‪( .‬أبو طالب محمد سعيد ‪.)1990 ،‬‬
‫‪ -3‬النظرة الثنائية ‪ :‬تجمع هذه النظرة بين الموضوعية والذاتية‪:‬‬
‫فالجمال حقيقة< موضوعية متناسقة توجد في الطبيعة وتوجد في بيئة معينة وتدرك في ظروف نفسية‬
‫خاصة تثير الشعور بالرضا واالرتياح‪ ،‬وان الجمال هو العالقة بين الموضوع الخارجي المتناسق‬
‫والبيئة المحيطة والنفس المدركة (ذات المتلقي)‪.‬‬
‫ويرى( ستولينتز) أن الجمال هو إدراك موضوع ما إدراكا ً منزها ً عن الغرض و ان التجربة الجمالية‬
‫تعزل المتلقي والموضوع معا ً ‪ ،‬فإعجاب المتلقي بذات الموضوع ينفصل عن عالقاته المتبادلة باألشياء‬
‫االخرى ويجعله يشعر كأن الحياة قد توقفت فجأة ‪ ،‬ويتوحد مع الموضوع الجمالي دون ان يتطلع‬
‫لغرض اخر‪ ،‬او يهتم باألمور الماضية او المستقبلية فهو يخوض التجربة الجمالية مركزاً انتباهه على‬
‫الموضوع الجمالي فقط عن طريق االندماج بالموضوع واعطائه مزيداً من الحيوية والداللة ‪ (.‬منى‬
‫خضر عباس ‪ . ،‬كاظم ذرب‪.)2012،‬‬

‫علم الجمال والتربية الفنية ‪:‬‬


‫ان منظروا التربية الفنية النظامية يذكرون أنه في مجال تدريس علم الجمال ال يستلزم دراسة منتظمة‬
‫لنظريات علم الجمال‪ ،‬ولكن يجب على المعلم أن يهتم بوضع وتوجيه أسئلة تدور حول المفاهيم‬
‫الخاصة بتطوير األحاسيس والمشاعر نحو األعمال الفنية المعقدة‪ ،‬وأحد هذه الطرق هي الطريقة‬
‫الحوارية لسقراط‪ ،‬والتي تعتمد على توجيه المعلم بعض األسئلة ألحد المتعلمين وبعد إجابته يواجه‬
‫بآراء مضادة إلجابته لتوليد نقاش فعال بينهما‪.‬‬
‫وعلم الجمال في التربية الفنية النظامية له دور كبير في تنمية اإلحساس بالجمال وتذوقه في حياة‬
‫المتعلمين وتربية التذوق الفني للجمال في الطبيعة والحياة االجتماعية والفن‪ ،‬مما يسهل عملية‬
‫التواصل باللغة الفنية في مجتمع أفراده يتمتعون بالحس والجمال‪.‬‬
‫حيث يقول رشيد‪ " :‬إن التربية الجمالية تعني تربية الذوق الفني عند اإلنسان‪ ،‬وبلورة العالقات‬
‫الجمالية لإلنسان مع الطبيعة وظواهر الحياة االجتماعية‪ ،‬ومع الفن أيضاً‪ ،‬أي مع جميع ظواهر الواقع‪،‬‬
‫وذلك ألنها تكشف ما في هذه الظواهر من قيمة جمالية معينة‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫والقصد من تدريس علم الجمال هو تدريب الطالب على وصف األعمال الفنية‪ ،‬وتحليلها ومقارنتها‬
‫على المستوى الفردي أو الجماعي‪ ،‬والوصول للموضوعية في الحكم على جمال العمل إذا توفرت فيه‬
‫جميع العناصر المذكورة ألي عمل فني وذلك بهدف البحث عن النوعية في العمل الفني‪ ،‬وتنمية المجال‬
‫البصري لدى التالميذ لكي نثري ونرفع من تذوقهم وتعاملهم مع الفن‪.‬‬
‫ومن أهداف علم الجمال كما ورد في تقرير جيتي والتي توضع دوره في تفعيل لغة الفن في المجتمع‪:‬‬
‫‪ .1‬تزويد المتعلم بمجموعة من االستفسارات المنطقية حول طبيعة‪  ‬العمل الفني‪.‬‬
‫‪ .2‬تعريف المتعلم باألسباب التي تجعل الشكل مدركا ً جماليا ً يتطلب االستجابة من قلبنا‪.‬‬
‫‪ .3‬يفهم المتعلم الفن ويقيمه‪.‬‬
‫‪ .4‬يستفسر المتعلم عن األسباب التي جعلت الشكل كيانا ً فنياً‪.‬‬
‫‪ .5‬يتذوق المتعلم الجمال في األعمال الفنية والبيئة المحيطة به‪.‬‬

‫المفهوم النفسي لالستجابة الجمالية‬


‫ترى معظم الكتابات ان الجمال هو مثير يولد لدى المتلقي جملة تغيرات جسمية ونفسية‬
‫ويستثير انتباهه ومالحظته ويجعله يندفع الى االستجابة له ‪ .‬والصعوبة التي تواجه أي دارس‬
‫لموضوع الجمال هي ارتباط الجمال الوثيق بمجاالت واسعة من حياة اإلنسان‪ ،‬فضالً عن تعدد اآلراء‬
‫حول معاني الجمال واالحساس به واالستجابة له وهي آراء ال يمكن التعامل معها على انها نظريات‬
‫علمية ألنها لم تخضع لشروط البحث العلمي ‪ ،‬والدارسون ينظرون اليها بوصفها فرضيات علمية‬
‫قابلة لإلثبات او الرفض حيث إنها تعبر عن وجهات نظر واضعيها ‪ ،‬وال يوجد ما يؤكد صحتها‬
‫علمياً‪ ،‬فقد افترضت بعض الدراسات بأن االستجابة الجمالية تتأثر بجملة مؤثرات ‪ ،‬وهي حالة‬
‫سيكولوجية لها طبيع تها المتميزة ‪ ،‬وهي ظاهرة مطروحة للدراسة‪،‬وقابلة للقياس‪ .‬وقد أكد‬
‫(ستولينتز) دور علم النفس في تفسير التذوق واالستجابة الجمالية‪ .‬ولعل أهم ما يركز عليه‬
‫المتخصصون من ابعاد مؤثرة في االستجابة الجمالية هو البعد الوجداني الذي يتضمن القيم‬
‫الشخصية واالتجاهات والميول والدوافع وخصائص الشخصية التي تلعب دوراً اساسياً في تشكيل‬
‫خلفية وجدانية يقبل بموجبها االنسان او يرفض ما يعرض عليه أو يتعرض له من نماذج قابلة‬
‫للتذوق والتقويم‪( .‬منى خضر عباس الطائي ‪ ،‬كاظم مرشد ذرب‪) 2011 ، ،‬‬
‫‪ -1‬تعريف االستجابة الجمالية ‪:‬‬
‫‪ ‬عرفها برلين ‪Berlyne‬بانها‪ :‬سلوك ‪ ،‬يمتد في معظم استجاباتنا وينعكس في إحساسنا‬
‫ب االستمتاع بالجمال يؤدي إلى درجة ما من تقبل أو رفض الموضوع الذي أثار فينا اإلحساس‬
‫بالجمال ‪ .‬ويثير فينا احاسيس عديدة مثل اإلحساس بالسرور‪ ،‬والنشوة ‪ ،‬والمتعة‪...‬الخ‪ ،‬أو حتى‬
‫رغبة المتلقي في رؤية المثير الجمالي مرات عديدة ‪)Berlyne،1974(.‬‬

‫‪51‬‬
‫‪ ‬وعرفها ستولينتز بانها ‪ :‬تجربة نقبل فيها موضوعاً ونستمتع به لذاته فحسب فال نستخدمه‬
‫اداةألغراض علمية وال نسعى الستخالص معرفة منه وال نهتم بنتائجه من حيث الخير والشر‪.‬‬
‫(ستولينتز‪)1981،‬‬
‫‪ ‬ويعرفها شاكر عبد الحميد بانها ‪:‬عملية مركبة تشتمل على مقارنات‪ ،‬وتمييزات‪ ،‬واختيارات بين‬
‫البدائل الجمالية المتاحة ‪ ،‬ويتم التعبير عنها من خالل تعبيرات لفظية أو اختيارات سلوكية‬
‫معينة‪ (.‬شاكر عبد الحميد ‪)2001 ،‬‬
‫‪ ‬وتري غادة احمد بانها‪ :‬القدرة على تنظيم ادراك المتلقي للجمال داخل اطر استيطيقية‬
‫يحملهالمتلقي في مجاله النفسي وان االستجابة للجمال في الفن كامنة في كل شخص وقابلة‬
‫للنمو‪( .‬غادة احمد‪)2008،‬‬
‫ونالحظ مما تقدم ومن خالل تفاوت التعاريف واختالفها شكليا ‪ ،‬وجود اتفاق في المعنى فيما‬
‫يخص شمول االستجابة الجمالية على المفاضلة بين الموضوعات الجمالية المعروضة على المتلقي ‪،‬‬
‫رغم ان بعضها يركز على الجانب االيجابي من موقف المتلقي الذي يتسم بالقبول واالستمتاع دون‬
‫االشارة الى احتمال الرفض او النفور من الموضوع الجمالي ‪.‬‬
‫و منذ ظهور علم النفس التجريبي اهتم علماء النفس في تفسير عمليات التذوق واالستجابة‬
‫الجمالية ‪ ،‬وقد ت وجه علماء النفس الى االهتمام بدراسة العالقة بين المنبه (الموضوع الجمالي)‬
‫والمتلقي الذي يستجيب لهذا المنبه ‪،‬وتختلف استجابات المتلقين‪ ،‬فقد تكون فسيولوجية (كتسارع‬
‫ضربات القلب ) أو استجابة عقلية ‪ ،‬أو استجابة عصبية كأحاسيس التوتر التي تنشأ مصاحبة‬
‫لالنفعال الذي تولده االستجابة الجمالية و قد تكون االستجابة لفظية او حركية (أبو طالب محمد سعيد‬
‫‪.)1990 ،‬‬
‫ولمعرفة كيف تتم عملية االستجابة الجمالية ينبغي دراسة تأثير المنبه الجمالي والعمليات التي‬
‫يتضمنها التنبيه وهي‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬االحساس ‪:‬‬
‫يعبر االحساس عن االثر النفسي الذي ينشأ مباشرة من تنبيه عضو حاس وتأثر مراكز الحس‬
‫في الدماغ ‪ ،‬بعد توفر مثيرات مناسبة للحاسة المعنية وشدة كافية ‪( .‬احمد عزت راجح‪)1973،‬‬
‫و‪  ‬يعرف اإلحساس ‪ ،‬في ضوء النظرية البنائية بأنه وحدة أو عنصر حسي غير قابل‬ ‫‪‬‬
‫للتحليل أو التفسير ‪ ،‬ولكنه قابل لإلدراك والوعي به ‪.‬‬
‫كما يعرف اإلحساس في ضوء النظرية الوظيفية بأنه العملية أو النشاط الحسي المتغير‬ ‫‪‬‬
‫الذي يمكن من خالله الوعي بالمنبهات أو المحسوسات الخارجية أو الداخلية أي أن مفهوم اإلحساس‬
‫يشير إلى " ما يحدث حينما يستقبل أي عضو من أعضاء الحس كالعين أو األذن أو األنف أو اللسان‬
‫سواء داخلية أو خارجية‪.‬‬
‫ً‬ ‫أو الجلد‪ "...‬منبها معينا‪ ،‬أو تنبيها محدداً من البيئة‪،‬‬

‫‪52‬‬
‫وتتم عمليات اإلحساسمن خالل التنبيه والمنبه في مجال سيكولوجية اإلحساس إما‬ ‫‪‬‬
‫خارجي أو داخلي ‪ ،‬وكالهما يمثل نوعا خاصا من الطاقة التي تؤثر في الخاليا الحسية المستقبلية ‪،‬‬
‫كالموجات الكهرومغناطيسية ( ضوء وحرارة ) أو الميكانيكية ( أصوات – تنبيه – لمس ) أو‬
‫الكيميائية ( كالشم والذوق ) أو الحرارية ( كالحرارة والبرودة ) أو عضلية حركية ( حمل الثقل‬
‫والتوتر أو المقاومة العضلية له ‪ ،‬وعندما يؤثر المنبه في الخاليا المستقبلة ‪ ،‬وهي خاليا حسية‬
‫متخصصة الستقبال تنبيهات حسية معينه تدفعها إلى النشاط ‪ ،‬تنطلق منها نبضات عصبية تختلف من‬
‫حاسة إلى أخرى‬
‫ومن خصائص اإلحساس‪ :‬‬ ‫‪‬‬
‫أنه يعتبر مرحلة سابقة على االنتباه واإلدراك‬ ‫(‪)1‬‬
‫نشاط قابل ألنه يدرس من جوانب ثالثة ‪ :‬فيزيائية و فسيولوجية وسيكولوجية‪ .‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫يحدث وفقاً ألقدار معينة من الطاقة التنبيهية أطلق عليها الباحثون اسم العتبات الحسية‬ ‫(‪)3‬‬
‫وهي نوعان ‪ :‬العتية المطلقة والعتبة الفارقة‬
‫ومن خصائص اإلحساس أن العتبة الفارقة تميل بوجه عام إلى أن تكون مقدارا ثابتا‪،‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫وهي تقدر عادة بنسبة ثابتة من شدة التنبيه‬

‫ثانيا‪ :‬االنتباه‪:‬‬
‫و يعرف االنتباه بانه تهيئة الحواس الستقبال المثيرات‪ .‬ويعرف االنتباه ايضا (تهيئة‬ ‫‪‬‬
‫وتوجيه الحواس نحو استقبال مثيرات المحيط الخارجية وتعرف قابلية االنتباه المحدودة ‪Limited‬‬
‫‪ Attention Capacity‬بانها‪ " :‬قدرة االنسان على التركيز على كمية محدودة جدا من المعلومات‬
‫في الوقت الواحد"‬
‫ويري "ويتينج" ان االنتباه هو تركيز الشعور في شيء‪ ،‬وتهيئة وتوجيه الحواس نحو‬ ‫‪‬‬
‫استقبال مثيرات المحيط الخارجية ‪(.‬ويتينج‪)1983،‬‬

‫انواع االنتباه‪:‬‬
‫يقسم االنتباه من ناحية مثيراته الى ثالث اقسام‪:‬‬
‫(‪ )1‬االنتباه القسري‪ :‬فيها يتجه االنتباه الى المثير رغم ارادة الفرد كاالنتباه الى طلقة مسدس‬
‫اوضوء خاطف او الم وخز مفاجيء فبعض اجزاء الجسم هنا يفرض المثير نفسه فرضا فيرغمنا‬
‫اختياره دون غيره من المثيرات‪.‬‬
‫(‪ )2‬االنتباه االرادي‪ :‬هو االنتباه الذي يقتضي من المنتبه بذل جهد قد يكون كبيرا كانتباهه الى‬
‫محاضرة او الى حديث جاف او محل او يدعو الى الضجر‪ .‬في هذه الحال يشعر الفرد بما يبذله‬
‫من جهد في حمل نفسه على االنتباه‪ .‬وهو جهد ينجم عن محاولة الفرد التغلب على ما يعتريه‬
‫من سام او شرود ذهن اذ البد له ان ينتبه بحكم الحاجة او الضرورة او التادب‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫(‪ )3‬االنتباه التلقائي‪ :‬هو انتباه الفرد الى شىء يهتم به ويميل اليه ‪ .‬وهو انتباه ال يبذل الفرد في‬
‫سبيله جهدا ‪ .‬بل يمضي سهال طيعا‪.‬‬
‫العوامل الموثرة على االنتباه‪:‬‬
‫‪ -1‬عوامل االنتباه الخارجية‪:‬‬
‫اجريت بحوث تجريبة كثيرة في هذا الميدان كانت لها قيمة كبيرة في االعالن عن السلع التجارية‪.‬‬
‫فمن اهم عوامل االنتباه الخارجية‪.‬‬
‫(‪ )1‬شدة المنبه‪ :‬فاالضواء الزاهية واالصوات العالية والروائح النفاذة اجذب لالنتباه من‬
‫االضواء الخافتة واالصوات الضعيفة والروائح المعتدلة‪.‬‬
‫(‪ )2‬تكرار المنبه‪ :‬فلو صاح احد (النجدة) مرة واحدة فقد ال يجذب صياحه انتباه اآلخرين‪ ،‬اما ان‬
‫كرر هذه االستغاثة عدة مرات كان ذلك ادعى ل جذب االنتباه‪ .‬على ان التكرار ان استمر‬
‫رتيبا وعلى وتيرة واحدة فقد قدرته على استدعاء االنتباه فلذلك يجب ان ينوع بإلقاءه‪.‬‬
‫(‪‌)3‬تغيير المنبه‪ :‬عامل قوي في جذب االنتباه فنحن ال نشعر بدقات الساعة في الحجرة لكنها ان‬
‫توقفت عن الدق فجأة اتجه انتباهنا إليها‪.‬‬
‫(‪‌)4‬التباين‪ :‬كل شيء يختلف اختالفا كبيرا عما يوجد في محيطه فمثال ظهور نقطة حمراء في‬
‫وسط قلة نقاط سوداء او وجود امرآة وسط محيط كله من رجال‪.‬‬
‫(‪ )5‬حركة المنبه‪ :‬الحركة نوع من التغير‪ ،‬فمن المعروف ان الالعالنات الكهربائية المتحركة‬
‫اجذب لالنتباه من االعالنات الثابتة‪.‬‬
‫(‪‌)6‬موضع المنبه‪ :‬وجد ان القارئ يميل الى قراءة الجزء االعلى من الصحيفة اكثر من النصف‬
‫االسفل‪.‬‬
‫‪  -2‬عوامل االنتباه الداخلية‪ :‬هنالك عوامل داخلية مؤقتة ودائمة‪.‬‬
‫‪ ‬العوامل المؤقته‪:‬‬
‫(‪ )1‬الحاجات العضوية ‪ :‬بالجائع ام كان سائرا في طريق استرعت انتباهه االطعمة وروائحها بوجه‬
‫خاص‪.‬‬
‫(‪ )2‬الوجهة الذهنية‪ ::‬نرى مشاهد الفيلم تكون وجهته الذهنية نحو احداث الفيلم وتصرفات‬
‫ابطاله ‪ ،‬والطبيب لجرس التلفون ليال‪.‬‬
‫‪ ‬العوامل الدائمة‪:‬‬
‫(‪ )1‬الدوافع الهامة‪ :‬لدى االنسان وجهة ذهنية موصلة االنتباه الى المواقف التي تنذر بالخطر او‬
‫االلم كما ان دافع االستطالع يجعله في حالة تأهب مستمر لالنتباه الى االشياء الجديدة او غير‬
‫المألوفة‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫(‪ )2‬الميول المكتسبة‪ :‬يبدو اثرها في اختالف النواحي التي ينتبه إليها عدد من الناس حيال موقف‬
‫واحد‪ .‬فمثال عند ذهاب رسام ونحات الي معرض فني فاننا نرى اختالف انتباههما عند الدخول‬
‫الى المعروضات فنرى االول بنتبه ما يخص اللوحات الفنية والثاني ينتبه الى ما يخص التماثيل‬
‫واعمال النحت‪.‬‬

‫‪ ‬ثالثا ‪ :‬الشعور‪:‬‬
‫كثيرا ما تستعمل كلمة الشعور مرادفة لإلحساس كأن يقال شعرت بالجوع أو أحسست بالجوع‪ ،‬كما‬
‫تستعمل للتعبير عن الحاالت النفسية الباطنية كالشعور بالفرح‪.‬‬
‫يعترض علماء النفس على المساواة بين الشعور و اإلحساس ذلك أن اإلحساس عملية بيولوجية‬
‫يشترك فيها اإلنسان و الحيوان بينما الشعور عملية نفسية قوامها الوعي و اإلدراك و المعرفة و من‬
‫ثمة فهو خاص باإلنسان وحده‪.‬‬
‫والشعور هو احد وظائف المخ ‪ ،‬وهومرتبط هنا بطرفين هما المتلقي والموضوع الجمالي وله ثالث‬
‫جوانب متداخلة هي‪:‬‬
‫(‪ )1‬الجانب االدراكي (المعرفي)‬
‫(‪ )2‬الجانب الوجداني (االنفعاالت والعواطف)‬
‫(‪ )3‬الجانب النزوعي (العمل التنفيذي)‬

‫رابعا ‪ :‬االدراك‪:‬‬
‫يرى "راجح" ان االدراك هو العملية التي يفسر المتلقي عن طريقها المثيرات الحسية ‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫فاإلحساس يسجل المثيرات البيئية ويفسرها االدراك ويصوغها في صور يمكن ان يفهمها المتلقي‪.‬‬
‫(احمد عزت راجح‪. )1973،‬‬
‫واالدراك عملية نفسية عقلية قوامها وعي األشياء الخارجية وصفاتها وعالقتها بما له صلة‬ ‫‪‬‬
‫مباشرة بالعمليات الحسية‪ (.‬فاخر عاقل‪.)1979،‬‬
‫ويعرف البعض االدراك بأن‪u‬ه العملي‪u‬ة المعرفي‪u‬ة االساس‪u‬ية الخاص‪u‬ة بتنظيم المعلوم‪u‬ات ال‪uu‬تي ت‪u‬رد إلى‬ ‫‪‬‬
‫العقل من البيئة الخارجية في وقت معين‪.‬‬
‫ويري أحمد صقر عاشور‪( :‬يقصد باالدراك الطريقة التي يرى بها الفرد العالم المحيط به‪ ،‬ويتم‬ ‫‪‬‬
‫ذلك عن طريق استقبال المعلومات وتنظيمها وتفسيرها‪ ،‬وتكوين مفاهيم ومعاني خاصة) (أحمد صقر‬
‫عاشور ‪)1989،‬‬
‫‪ ‬ويقول أحمد سيد مصطفى‪ ( :‬اإلدراك هو عملية إستقبال وإ نتقاء وتفسير لمثير أو أكثر في بيئتنا‬
‫المحيطة‪ ،‬فنحن نرى من نخالطهم أقاربنا وزمالءنا وأصدقائنا ورؤسائنا‪ ،‬ونستمع لما يقولون ونتلقي‬
‫معلومات ومثيرات من مصادر شتى محيطة بنا فنستقبلها وفقًا لقدرات حواسنا‪ ،‬ثم نفسرها وفقًا‬

‫‪55‬‬
‫لدرجة وضوح وإ كتمال وجاذبية هذه المعلومات أو المثيرات‪ ،‬وكذا وفقًا لحاجاتنا ودوافعنا وتوقعاتنا‬
‫وخبراتنا السابقة‪( .‬أحمد سيد مصطفى‪)2005،‬‬
‫أما راوية حسن فتشير الي أن اإلدراك‪ ( :‬هو العملية التي يقوم من خاللها الفرد بتنظيم وتفسير‬ ‫‪‬‬
‫إنطباعته الحسية لكي يضيف معني للبيئة التي يوجد فيها‪ ،‬فاألفراد المختلفين قد ينظرون إلى نفس‬
‫الشئ‪ ،‬وبالرغم من هذا يدركونه بطريقة مختلفة‪ ،‬والحقيقة ال يوجد أحد منا يرى الواقع كما هو‪،‬‬
‫ولكن ما نفعله هو تفسير لما نراه والذي نطلق عليه الواقع)‪( .‬راوية حسن‪)1999، ‬‬
‫ومن هنا ف ان اإلدراك هو نوع من االستجابة لألشكال واالشياء الخارجية ‪ ،‬وتهدف االستجابة‬
‫الى القيام بنوع معين من السلوك ويتوقف ذلك على طبيعة المنبه الخارجي والحالة الشعورية‬
‫ط‬
‫والوجدانية للمتلقي واتجاهه الفكري وخبراته السابقة أزاء مثيرات سابقة‪ .‬و يعد اإلدراك نشا ً‬
‫عقلي ) فهو يعتمد على فاعلية النظام الحسي ومدخالته‪ ،‬إذ أن عملية اإلدراك تبدأ‬ ‫( نفسي‪ ،‬حسي‪،‬‬
‫ً‬
‫عادة بوجود منبهات أو مثيرات من حولنا يستقبلها المتلقي عبر الحواس لتُنقل بعد ذلك إلى المخ‬
‫مناسب ‪ ،‬مع ربطها بالخبرات السابقة للمتلقي ‪.‬‬
‫ً‬ ‫معنى‬ ‫الذي يقوم بدوره بتنظيمها واعطائها‬
‫ً‬
‫ويتأثر االدراك بمجموعتين من المؤثرات هي‪:‬‬
‫المؤثرات الخارجية‪ :‬التي تتعلق بخصائص الموضوع المدرك‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫المؤثرات الداخلية‪ :‬التي تتعلق بذات المتلقي‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫ذلك فان هذه المؤثرات تؤدي الي سلوك يختلف من موقف جمالي ألخر ومن متل ٍ‬
‫ق آلخر‪.‬‬
‫وهي ناتج اتصالي يقوم على جوانب الشعورالثالثة(االدراك‪،‬الوجدان‪،‬النزوع) فالمتلقي يدرك اوالً‬
‫الموضوع الجمالي ادراكاً قد يكون (ادراكاً حسيا ‪ ،‬او عقلياً) ‪ ،‬ثم تثار لديه حالة وجدانية (انفعال‬
‫أوعاطفة) ثم يتخذ موقفاً تجاه هذا العمل ‪،‬فهي سلوك يتم بااللية االتية ‪:‬‬

‫مثير جمالي‬

‫استمتاع‬ ‫قبول‬
‫احساس‬
‫استجابة‬

‫نفور‬ ‫رفض‬ ‫انتباه‬

‫شعور‬

‫إدراك‬

‫و يرى معظم المفكرين ان االستجابة الجمالية تتوقف على جانبين اساسين ‪:‬‬

‫‪56‬‬
‫الجانب االول ‪ :‬هو العمل الفني وقدرته على اثارة االنفعال والمشاعر الداخلية لدى المتلقي‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫فالفن أداة تواصل بين االجيال وبين الحضارات وكذلك بين المجتمعات ‪ ،‬فمنذ نشأته االولى يعد لغة‬
‫التخاطب االجتماعية الخاصة التي نشأت للتفاهم وتبادل الخبرات وتلقي المعلومات‪.‬‬
‫والجانب الثاني‪ :‬هو الحالة الداخلية للمتلقي – سواء الفسيولوجية او السيكولوجية‪، - u‬‬ ‫‪‬‬
‫ومعنى ذلك ان استجابة المتذوقين للعمل الجمالي تتأثر باالطار االجتماعي الذي يحكم قيمهم‬
‫ومعاييرهم الجمالية ‪( .‬غادة مصطفى احمد‪)2008،‬‬
‫وعالقة االستجابة الجمالية بسمة االجتماعية هي عملية جدلية تفسر العالقة السببية من زاوية‬
‫نظر علم االجتماع وعلم النفس فكل شيء يعتمد على التبادل بحيث اننا ال نستطيع ان نصل الى‬
‫الطرف االخر بسبب تأثيره بل بسبب حاجتنا اليه وحاجته الينا ‪ ،‬فال يوجد تأثير جانب ‪ ،‬بل تأثير‬
‫الجانبين على بعض ‪ ،‬ومن هذه الزاوية تكون العالقة بين الفن والمجتمع ممثلة سلسلة تأثيرات‬
‫مترابطة ال يمكن كسرها او فصلها ‪ ،‬فالمجتمع يتبدل بسبب الفن الذي هو نتاجه ‪ ،‬والفن يتفاعل مع‬
‫المجتمع لكي يستطيع تحقيق االنسجام معه ‪ ..............‬و ان التفاعل االجتماعي بين المتلقي‬
‫والفن يمثل ركيزة تأخذ شكل التبادل النفسي _ االجتماعي ‪( .‬منى خضر عباس الطائي ‪ ،‬كاظم مرشد‬
‫ذرب‪) 2011 ، ،‬‬
‫والنسق الفني ال يتبلور وينمو اال من خالل حاجة االفراد وشعورهم بضرورة وجوده في حياتهم‬
‫االجتماعية لكي يحفظ وجودهم االجتماعي كجماعة او كمجتمع يساهم في استمرار حياتهم الجمعية ‪،‬‬
‫لذا فأن للنسق الفني جذور تبدأ منذ حياة االفراد على شكل تجمعات اولية‪ ،‬ثم تنمو بواسطة خبرات‬
‫االفراد عبر الزمن ‪.‬‬
‫ويرى اصحاب (النظرية االجتماعية) في تفسير االبداع الفني وتلقيه ان غاية ذات المتلقي هي تحقيق‬
‫ذاتها وذلك ال يتم االعن طريق الجماعة‪ ،‬ومعنى ذلك ان تحقيق الشخصية ال يتم اال في عالم‬
‫مشترك ‪ ،‬يشعر به المتلقي بوجود (النحن) التي هي أسبق من كل تمييز بين (االنا) و(االنت)‬
‫فالجماعة اسبق من الفرد ‪ ،‬او (النحن) اسبق من االنا ‪ ،‬فـ (أنا) االنسان هي هبة يمنحها االخرون له‬
‫(علي عبد المعطي ‪)1985 ،‬‬
‫وبما ان الفن ظاهرة اجتماعية على حد قول العديد من منظري الفن واالجتماع ‪ ،‬فالفن اجتماعي‬
‫ويقدره ‪( .‬منى خضر عباس الطائي ‪ ،‬كاظم مرشد ذرب‪، ،‬‬‫من ناحية ألنه يتطلب جمهوراً يعجب به ّ‬
‫‪) 2011‬‬
‫اما من الناحية النفسية فيرى ( يونك ) في نظريه (اإلسقاط )‪ ،‬ان االنسان يرث من االسالف‬
‫الالشعور الجمعي الذي يشترك به مع بقية البشر اآلخرين‪ ،‬فحينما يقوم الفنان بإخراج كوامن هذا‬
‫الالشعور إلى حيز الوجود على هيأة رموز عن طريق عملية اإلسقاط ‪ .‬يقوم المتلقي باالستجابة‬
‫للجمال فيه عن طريق الالشعور الجمعي للمتلقي مستخرجاً بذلك معنى ‪ ،‬اي بمعنى ان تحقيق‬
‫شخصية الفنان والمتلقي يتم في عالم مشترك يشعران فيه بوجود النحن ‪ ،‬فالجماعة أسبق من الفرد‬

‫‪57‬‬
‫او النحن أسبق من االنا ‪ ،‬وتلك الأطروحات تفسر عالقة سمة االجتماعية باالستجابة الجمالية ‪.‬‬
‫(منى خضر عباس الطائي ‪ ،‬كاظم مرشد ذرب‪) 2011 ، ،‬‬

‫‪58‬‬
59
‫الفصل السادس‬
‫الفن‬
‫ماهية الفن‪:‬‬
‫ان الفن يعد دون ادنى شك احد مكونات الحضارة البشرية االساسية وتطور نموها ووعيها‪،‬‬
‫والذي يعين االنسان على فهم المحيط الذي يكون فيه وباستجالء مفرداته ليصبها صورة ناطقة‬
‫للعصر الذي عاش فيه‪ ،‬وكلغة تواصلية انطالقا من اعتبار" ‪ ...‬الفن يمثل في اساسه عملية اتصال او‬
‫تخاطب تتم بين الفرد والجماعة" ‪.))Combrich, E.H, 1972‬‬
‫فالفنون باختالف انواعها وبما تعطيه من قيمة معرفية وكحاجة ظهرت مع وعي االنسان‪ ،‬انما‬
‫جاءت انعكاسا لثقافات الشعوب من خالل ما تفرزه خالل نتاجاتها الشاخصة‪ ،‬كما ان من شان دراسة‬
‫التربية الفنية ان تكشف لنا عن االصول االولى لتراث البشرية بفعل ما اضفته من روح التجديد‬
‫والوعي على المنجز الفني‪.‬‬
‫و ال شك ان مصطلح "الفن " يبدو غامضا بعض الشيء حيث انه أنه يطلق على التقنية ( الصنعة‬
‫أو الحرفية ) ويطلق أيضا على الفنون الجميلة واإلبداعات الفنية على الرغم من االختالف الكبير بين‬
‫عمل الصانع أو الحرفي الذي يهدف إلي تحقيق أهداف نفعية أداتية وعمل الفنان الذي يؤديه من‬
‫تلقاء نفسه والذي يهدف إلى قيمة نوعية متعلقة بالجمال أساسا‪ .‬لذلك يشير الفن في معناه العام‬
‫إلى اإلنتاج اإلنساني الذي يجمع بين الحرية والعقل واإلبداع‪.‬‬
‫و على هذا النحو يشير "لاالند " في معجمه إلى أن‪:‬‬
‫‪" ‬الفن أو الفنون تعني كل إنتاج للجميل بواسطة اآلثار التي يبدعها كائن واع‪ ".‬وبالتالي يتميز‬
‫الفن عن الطبيعة تميز الفعل عن الحركة والحرية عن الضرورة والواجب ‪ ،‬ويري "فرنسيس‬
‫بيكون" أن الفن هو "الشيء الذي يضيفه اإلنسان إلى الطبيعة"‪ (.‬زهير الخويلدي ‪. )2010،‬‬
‫‪ ‬كما أن الفن لغة معبرة عن مظهر كل عصر وما يرافقه من تبدل في األعراف والذائقة‬
‫والتكوينات الفنية المختلفة منذ بدأ اإلنسان بالتفكير في نتاجات حملت أفكاره وغدت سجل لها ‪.‬‬
‫‪ ‬والفن حسب تولستوي " ضرب من النشاط البشري الذي يتمثل في قيام اإلنسان بتوصيل عواطفه‬
‫إلى اآلخرين وبطريقة شعورية إرادية "‪(.‬زكريا إبراهيم ‪. ) 1976،‬‬
‫‪ ‬والفن طريقة للتعبير تواصل إليها اإلنسان محوالً قول شيء ما يدور حول إضافة إلى انه طريقة‬
‫للمعرفة‪( .‬ريد ‪ ،‬هربرت‪ ،‬ب ت )‪.‬‬
‫‪ ‬كما ان الفن هو إبداع أشكال قابلة لإلدراك الحسي تكون معبرة عن الوجدان البشري‪( .‬راضي‬
‫الحكيم ‪)1986،‬‬

‫‪60‬‬
‫وهذه األشكال في معظم النتاجات واألعمال تعكس طبيعة المجتمع والتفكير السائد في وقته ‪ ،‬وهي كبنى‬
‫رمزية عوضت عن األشكال الواقعية فهي تميل إلى التجديد واالختزال وذات دالالت رمزية متعددة ‪،‬‬
‫فالخوض فيها والبحث عن األفكار التي تقف خلفها ضمن زمكانيتها المختلفة يجعل ممارسة الـويل‬
‫ممكنة ‪.‬‬
‫‪ ‬وببساطة شديدة فان الفن هو نشاط إنساني تم االستدالل علية منذ عصور ما قبل التاريخ ‪ ،‬هذا‬
‫النشاط ينتجه مجموعة من البشر الذين يمتلكون موهبة إبداعية وابتكاريه ويكون لديهم القدرة على‬
‫التعبير عن طريق الوسائط الفنية عن أفكار وموضوعات تؤثر فى اآلخرين‪.‬‬
‫وهناك تعريفات متعددة لكلمة فن منها‪:‬‬
‫‪ ‬الفن هو إنتاج‪ u‬عناصر مبتكرة بطريقة إبداعية يكون لها اثر جمالي على المتذوقين‪.‬‬
‫‪ ‬وتشير كلمة فن فى معظم األحيان‪ u‬إلى الفنون البصرية‪ u‬كالرسم – التصوير‪ – u‬النحت – الحفر وقد تم تعريف‬
‫الفن أيضا‪ u‬على أنة وسيلة للتعبير عن األفكار وهو وسيلة لالتصال الثقافي‪.‬‬
‫‪ ‬ويري البعض في تعريف كلمة الفن للداللة‪ u‬على المهارات‪ u‬المستخدمة إلنتاج‪ u‬أشياء تحمل قيمة جمالية‬
‫‪ ‬ومن ضمن التعريفات‪ u‬أن الفن مهارة – حرفة – خبرة – إبداع – حدس – محاكاة‪.‬‬
‫‪ ‬ويمكن تعريف الفن أيضا على أنه دراسة المهارات‪ u‬اإلبداعية‪.‬‬
‫‪ ‬عملية استخدام المهارة إلنتاج‪ u‬عمل إبداعي‪.‬‬
‫‪ ‬هو منتج إبداعي يعتمد على مهارة‪.‬‬
‫‪ ‬الفن هو منتج إبداعي يقوم على تحفيز أفكار المشاهد لما نطلق عليه االستجابة الجمالية‪.u‬‬
‫‪ ‬الفن هو التعبير عن فكرة فردية ‪ -‬أو فكر الجماعة‪ u‬بطريقة إبداعية‪.‬‬
‫‪ ‬الفن هو تحويل الفكرة المتصورة إلى مجموعة من الرموز ذات الداللة‪.‬‬
‫ولقد تم تعريف كلمة فن تاريخيا‪ u‬على أنها ( المهارات)‪ u‬لإلشارة إلى أي مهارة أو إتقان‪ u‬ولقد تغير هذا المفهوم‬
‫منذ ظهور االتجاه الرومانسي فى تاريخ الفن ‪ ،‬حيث تم تصنيف مجال الفنون تبعا للعلوم اإلنسانية‪u‬‬
‫واختلف الفالسفة فى تعريف معنى الفن أو ماهية الفن ‪.....‬هذا‪ u‬التفسير الذي نطلق علية اليوم فلسفة الفن ومن‬
‫التعريفات الهامة لمعنى الفن أو ماهيته‪u:‬‬
‫‪ ‬الفن محاكاة (أفالطون – أرسطو)‬
‫‪ ‬الفن تعبير ( بندتو كروتشة )‬
‫‪ ‬الفن ظاهرة اجتماعية‪ ( u‬إميل دوركايم)‬
‫‪ ‬الرمز( سوزان النجر)‬
‫‪ ‬الفن حدس ( هنري برجسون) (رواق الفلسفة‪ )2009،‬‬
‫وهناك عالقة جدلية رابطة بين الفن والوعي اإلنساني فهي تعكس عالقة بالعالم المحيط ويعبر واقعة‬
‫االجتماعي والمبني والثقافي ‪ ،‬وكشف صراعه في خضم هذا العالم وغدا الفخار – كسطح تصويري‬
‫– في الفن العراقي القديم خير وسيلة عبر بها اإلنسان عن أفكاره ‪ ،‬فجاءت محملة بأشكال ذات‬
‫دالالت ومعاني بانت سجل لتلك األفكار‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫ثانياً ‪ :‬الفن وماهيته االجتماعية ‪:‬‬
‫الفن شيء إبداعي يعبر فيه الفنان عن األحاسيس والقيم‪ u‬اإلنسانية الخالدة ‪ ،‬كما يعبر عنها المجتمع‬
‫فى الظروف التاريخية واالجتماعية والثقافية واالقتصادية والسياسية التى يعيشها ‪ ،‬والعمل اإلبداعي‬
‫يتميز بأنه تجسيد ألحاسيس إنسانية ولكن ضمن قواعد عامة تضمن للعمل اإلبداعي تحقيقه على‬
‫المستوى التقني غايته إضافة إلى إبداعه وتجديده وعمقه فى تجسيد المعاني اإلنسانية العميقة‪ ( u‬أبو‬
‫بكر أحمد باقادر‪. )1984 ،‬‬
‫ويرى هربرت ريد أن الفن " عمل اجتماعي " ‪ ،‬فإذا نظرنا على الفن من وجهة نظر عالم االجتماع ‪،‬‬
‫فإننا لن نستطيع أن ننكر أن وجود الفن هو واقعة إيجابية لها أهميتها في صميم الحياة االجتماعية ‪،‬‬
‫والمجتمع نفسه فى كل زمان ومكان اعتبر الفن وظيفة اجتماعية ‪ ،‬فكان يعد الفنانين بمثابة صناع‬
‫مهرة يحترفون مهنة لها أصولها وقواعدها ‪ ،‬فلو رجعنا الى العصور الوسطى – مثالً‪ -‬لوجدنا أن‬
‫الفن قد كان آنذاك حرفة جدية يحرص عليها المجتمع ‪ ،‬فكانت هناك مراسم فنية ينفق عليها الملوك‬
‫واألمراء ‪ .......‬وللفن وظيفة جوهرية هامة فى صميم الحياة االجتماعية ‪ ،‬وهى وظيفة التوفير أو‬
‫االدخار ‪ ،‬ومعنى هذا أن الكائن االجتماعي ال يستهلك العمل الفني كما يستهلك غيره من الطاقات ‪،‬‬
‫بل هو يحتفظ به على شكل آثار تظل مسجلة فى المادة (ريد ‪ ،‬هربرت‪ ،‬ب ت )‪.‬‬
‫وال يمكن تصور فن من الفنون بدون متذوقين له ‪ ،‬بمعنى أن العمل الفني اإلبداعي الذي ال يظهر‬
‫للجمهور ال يدخل فى دائرة ما نقصد من فنون وذلك ألن عملية التذوق للفن تعتبر من أهم العمليات‬
‫االجتماعي المتعلقة بنشر الفنون ونمائها (‪ ‬أبو بكر أحمد باقادر‪. )1984 ،‬‬
‫ثالثاً ‪ :‬الفن كلغة اتصال بين الفنان ومجتمعه‪: u‬‬
‫يمثل الفن وسيلة تخاطب واتصال بين الفنان والمجتمع ‪ ،‬فاإلبداع هو القدرة على الرؤية واإلدراك‬
‫ومن ثم اإلستجابة والتفاعل ‪.‬‬

‫ولكل فن من الفنون لغة خاصة ال ينطق إال بها ‪ ،‬ويستحيل غالباً ترجمتها إلى أى لغة أخرى من‬
‫غير جنسها ‪ ،‬لذلك إن لم نعرف هذه اللغة معرفة دقيقة ونقف على دقائقها وأسرارها ‪ ،‬استعصى‬
‫علينا أن ندرك معانيها ‪ ،‬مهما بلغ من علمنا بلغات اآلداب أو الفنون األخرى ‪( .‬رمسيس‪ ‬يونان‪،‬‬
‫‪.‬‬ ‫د‪.‬ت)‬

‫وهذه اللغة هى أداة الفنان للتواصل مع غيره والتفاعل معهم‪ ، u‬واللغة بهذا الشكل تعد وسيلة‬
‫اتصال ‪ ،‬وهى الوحدات التى تحمل رموزاً وترجم ًة النفعاالت الفنان الناجمة عن الوجدان والخبرة ‪،‬‬
‫والثقافة والتفكير ‪ ،‬والذوق واالتجاهات ‪ ،‬مما يكون له األثر فى نقل الخبرات على المتلقي بطريقة‬
‫صحيحة ‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫‪   ‬فالفن كلغة اتصال اجتماعي له أدوار كثيرة فهو مرآة للحضارات على مر العصور ‪ ،‬وهو يلعب‬
‫دوراً فى رؤية المتلقي لبيئته وإ دراك جمالها ‪ ،‬كما أنه عملية توافق بين عالم الجمال وعالم الوجدان‬
‫وعالم العقل ‪ ،‬بين الفردي والجماعي ‪ ،‬بين الذاتي والموضوعي ‪ ،‬بين الروح اإلنسانية والطبيعة‪u‬‬
‫نفسها ‪.‬‬
‫‪   ‬وينعكس على قارئ لغة الفن عوائد ثقافية كثيرة كاالستمتاع البصري والنفسي ‪،‬واكتساب لغة‬
‫جديدة ‪ ،‬واستيعابه للرموز والوحدات واألشكال وإ ثراء خبرته الجمالية ‪ ،‬وغيرها من الفوائد الثقافية‬
‫التي تفيد المتلقي ‪( .‬نجالء رشيد محمد الرشيد‪)2013 ،‬‬

‫فاألديب قد يحدثنا عن األشكال واأللوان واألضواء والظالل فى منظر يشاهده ‪ ،‬أو قد يصف لنا‬
‫وقع هذه األشياء فى نفسه ‪ ،‬وما تثيره فى ذهنه من خواطر أو فى قلبه من عواطف ‪ ،‬ولكن الفنان ال‬
‫يصف األشكال واأللوان والظالل واألضواء ‪ ،‬وإ نما يتخذها أداة للتعبير عن وجدانه ‪......‬والعامل‬
‫الجوهرى المشترك بين شتى طرز الفن والذي يتأثر بالظروف الفردية واالجتماعية والحضارية ‪،‬‬
‫فالوجدان هنا ليس مجرد العواطف‪ u‬واالنفعاالت‪ u‬الجماعية أو الفردية الطارئة ‪ ،‬وإ نما هو خالصة ما‬
‫ترسب ويترسب فى أعماق نفس اإلنسان من صور ومعان نتيجة إدراكه – أوالً – أنه مخلوق يعيش‬
‫وسط قوى كونية هائلة ‪ ،‬تتفاعل معها ‪ ،‬ثم نتيجة لممارساته لشتى الثقافات والحضارات التى أنشأها‬
‫منذ ظهوره على سطح األرض ‪ ،‬وعندما ننظر على " لغة الفن " نجد أن الوجدان ليس فى اصله أو‬
‫أنغاماً موسيقية ‪ ،‬وإ نما هو فى حقيقته‪ u‬نوع من الذبذبات األثيرية التى ال ترى وال تسمع ويستحيل‬
‫‪.‬‬ ‫وصفها باأللفاظ أو بأى لغة أخرى محدودة المعاني (رمسيس‪ ‬يونان‪ ،‬د‪.‬ت)‬

‫من هنا يتضح أن التعبير عن الوجدان بتلك الوسائل أو الصور المادية الحسية لم يكن ممكن تحقيقه‪u‬‬
‫لو سحر " لغة الفن " التى تحيل المادة إلى طاقة أو شفافية ‪ ،‬دون أن تفقد هذه المادة كثافتها‬
‫الظاهرية ‪.‬‬
‫‪  ‬كما يتميز الفن عن العلم تميز المعرفة النظرية عن المعرفة العملية إذ ال يعرف اإلنسان بالضرورة‬
‫كل ما يقدر على فعله وال يصنع بالضرورة ما يقدر على معرفته‪ ،‬وقد برهن كانت عن ذلك بقوله‪:‬‬
‫"الفن هو العمل الوحيد الذي ال نملك مهارة صنعه حتى وان كنا نعرفه على الوجه األكمل‪ ".‬زد على‬
‫ذلك أن الفن ي تميز عن المهنة ألن الفنان هو الصانع الذي يمتلك فكرة عما سيبدعه ولكنه يتحرر من‬
‫كل غرض مادي‪.‬‬
‫الفرق بين الفن والطبيعة‬

‫الطبيعــة‬ ‫الفــن‬
‫عمل يتأسس على الضرورة‬ ‫عمل يتأسس على الوعي والتفكير‬
‫مثال ‪ :‬بناء أقراص الشمع‬ ‫مثال‪ :‬قطعة خشب منحوتة‬
‫من طرف النحلة‪ u‬ليس عمل قنيا‪ ،‬بل هو برمجة‬ ‫عمل فني ألن انجازها‪ u‬قام على الوعي‬

‫‪63‬‬
‫غريزية فطرية‪.‬‬ ‫والتفكير والحرية وتحديد الغاية‪. u‬‬
‫الفرق بين الفن والعلم‬

‫العلـــم‬ ‫الفــــن‬
‫نشاط لإلنسان‪.‬‬ ‫نشاط لإلنسان‪.‬‬
‫إنتاج للمعرفة و للحقيقة‪.‬‬ ‫إنتاج للجمال ‪.‬‬
‫يعتمد علي منهج بحثي وتقنيات وأدوات‪.‬‬ ‫له تقنيات وقواعد ‪.‬‬
‫ال يمكن لإلنسان أن ينتج عمال فنيا‬

‫بمجرد أن تكون له معرفة بفن ما ‪.‬‬


‫يمكن لإلنسان أن يكتسب الطريقة والمنهج‬
‫مثال ‪ :‬يمكن لإلنسان أن يقضي سنوات‬
‫العلمي وينتج عمال علميا ‪.‬‬
‫في دراسة الرسم وتقنياته وأساليبه ولكن‬

‫ذلك لن يجعل منه بالضرورة بيكاسو‪.‬‬


‫المقارنة بين الفن والحرفة‬

‫الحرفـــة‬ ‫الفـــن‬
‫نشاط ارتزاقي (يطلب منه الرزق والربح)‬ ‫نشاط حر ‪.‬‬
‫مشقة ‪ ،‬تعب ‪.‬‬ ‫متعة‪ ،‬لعب‪.‬‬
‫إلزام ‪ ،‬إكراه‪.‬‬ ‫غياب القواعد‪.‬‬
‫‪    ‬‬
‫و يشير جوليان هكسلي (‪ )J. Huxly‬إلى أن كال من العلم والفن يعتبرا أداتان ووسيلتان لفهم العالم‬
‫وتوصيل هذا الفهم لآلخرين ‪ ،‬فاإلنسان ينزع على نقل تجربته االجتماعية من خالل وسيلته فى ذلك "‬
‫العمل الفني ) على اآلخرين ‪ ،‬فمنبع الفن واساسه هو تمثيل تجربة الفنان الحياتية واستنباط‬
‫مفهومها وداللتها القيمية ‪ ،‬وتثبيت هذا اإلستنباط وتوصيله لآلخرين عن طريق استعادة حركية " فى‬
‫مجال اإلبداعي الدرامي " ‪ " ،‬أو خيالية " فى مجال اإلبداع األدبي " ‪ " ،‬أو تشكيلية " كما يحدث فى‬
‫فنون التصوير والتشكيل المجسم " ‪ ،‬فالفن ليس مجرد إبداع صور وأشكال إنما هو نشاط يتولد عنه‬
‫منتجات تصلح ألن تكون بمثابة منبهات أو مثيرات تثير لدى الغير بعض االستجابات المريحة (عبد‬
‫الرحمن يحيي المغربي ‪. )2001 ،‬‬
‫فالعمل الفني هو منبه أو مؤثر حسي يولد المتلقي مجموعة من التأثيرات الجسمية والنفسية ‪،‬‬
‫ويستثير انتباهه ومالحظته ‪ ،‬وينتج عن ذلك ما يعرف باالستجابة باإليجاب أو السلب أو التعديل‬
‫لرؤية هذا العمل ‪ ،‬والعالقة بين المنبه ( الرسالة ) واإلستجابة ( رد الفعل أو السلوك ) هى العالقة‬
‫التى تعتبر من اسس العملية االتصالية فى نماذج االتصال ‪ ،‬ونظريات التعلم هى التى تقدم تفسيراً‬

‫‪64‬‬
‫للسلوك ‪ ،‬والفنان فى هذه التفسيرات هو المصدر أو المرسل ‪ ،‬والرسالة فى هذه الحالة هى ما أعاد‬
‫الفنان صياغته فى عمل فني ‪ ،‬والمتلقي هو الفرد أو الجماعة التى يهدف الفنان توصيل العمل‬
‫إليها ‪   ،‬والتفاعل الذي يتم بين مرسل ومستقبل باستخدام رسالة معينة ‪ ،‬يراد لها أن تحدث أثراً ما ‪،‬‬
‫واالتصال فى هذه الحالة يشمل تلك العملية التفاعلية بكل مكوناتها ‪ ،‬والتى‪  ‬تحدد بين إرسال الرسالة‬
‫وحدوث األثر المطلوب ‪ ،‬وحدوث األثر إنما يرتبط به مقدار التفاعل الذي يحدث بين الرسالة‬
‫ومحتوياتها ‪ ،‬وبين المستقبل ومدى تعايشه ومشاركته وتقبله أو رفضه للرسالة (عبد الرحمن يحيي‬
‫المغربي ‪. )2001 ،‬‬
‫وهناك عدة معوقات ثقافية قد تحول بين المتلقي وتذوقه وفهمه وتاثره بالعمل الفني منها ‪:‬‬
‫‪ ‬اختالف وتضارب المفاهيم حول الفن والجمال ‪.‬‬
‫‪ ‬عدم التخطيط الجيد إلثراء وتنمية التذوق ‪.‬‬
‫‪ ‬انتشار المعتقدات الخرافية والتعاليم التى ال تستند إلى حقائق علمية ‪.‬‬
‫‪ ‬العزلة الثقافية عن المجتمعات األخرى ‪.‬‬
‫‪ ‬سيطرة الثقافات والمفاهيم الغازية عن طريق الوسائط المختلفة ‪.‬‬
‫‪ ‬نمطية األفكار والمفاهيم واألشكال فى المجتمع ‪.‬‬
‫‪ ‬عدم الرغبة فى التجديد واإلبتكار ‪.‬‬
‫‪ ‬عدم إدراك الفوارق الفردية بين أفراد المجتمع الواحد ‪.‬‬
‫‪ ‬دكتاتورية كبار المفكرين والنقاد ‪.‬‬
‫‪ ‬عدم إدراك طبيعة الشعوب النفسية ‪.‬‬
‫‪ ‬كما كان هناك عوامل ومؤثرات تحكم قارئ العمل الفني منها ‪.‬‬
‫‪ ‬الحالة النفسية والمزاجية له ‪.‬‬
‫‪ ‬التربية والتكوين فى األسرة والبيئة والمجتمع ‪.‬‬
‫الزمان والمكان ‪( .‬نجالء رشيد محمد الرشيد‪)2013 ،‬‬

‫الفنان و التجربة الفنية ‪:‬‬


‫‪ ‬إن التجربة الفنية هي تجربة إبداعية واإلبداع يتمثل في االنفصال عن السائد وامتالك قدرة على‬
‫االستكشاف والتنبؤ وتسليط الضوء على الحياة البشرية الخفية والتعبير عن الباطن بواسطة لعبة‬
‫الصور السيما و"أن هذا النوع من القوة االفتراضية للصور ستبحث في عمق الفكر عن اإلمكانيات‬
‫التي لم يقع استخدامها‪ u‬إلى اليوم"‪.‬‬
‫‪  ‬إن هدف الفنان هو إعادة خلق العالم وانتقال إلى عالم مافوق الحقيقة‪  u‬وهروب إلى مملكة‬
‫الحرية وانفالت إلى دنيا الحلم وان غرضه هو التعبير عن فرديته وتميزه وعبقريته من خالل حبكة‬

‫‪65‬‬
‫حية من األحداث والمشاعر وكلما كان أثره الفني الذي أبدعه أصيال اقترب من قيمة الحقيقة وعبر‬
‫بجالء عن مطلب المعنى‪." .‬‬
‫‪ ‬إن التذوق الجمالي ليس مجرد متعة حسية وإ نما غبطة روحية تدعو إلى النظر بانتباه واللعب مع‬
‫الوجود وممارسة التفكير بحيث يشعر المرء أنه أدرك الديمومة وشارف على االكتمال ويكاد يتحد‬
‫بالمطلق‬
‫‪ ‬إن ماهية الفن هي الحرية وان حرية الفنان هي أساس إبداعه وإ لهامه وان ضريبة الحرية هي‬
‫المغامرة في المجهول والمخاطرة بالحياة من أجل التضحية في معبد الجمال الفتان‪ .‬وكما قال‬
‫كانط‪":‬البد من ذوق حتى نحكم في شأن شيء جميل لكن البد من عبقرية إلبداع شيء جميل"(زهير‬
‫الخويلدي ‪.  )2010،‬‬
‫والنسق الفني ال يتبلور وينمو اال من خالل حاجة االفراد وشعورهم بضرورة وجوده في‬
‫حياتهم االجتماعية لكي يحفظ وجودهم االجتماعي كجماعة او كمجتمع يساهم في استمرار حياتهم‬
‫الجمعية ‪ ،‬لذا فأن للنسق الفني جذور تبدأ منذ حياة االفراد على شكل تجمعات اولية‪ ،‬ثم تنمو‬
‫بواسطة خبرات االفراد عبر الزمن ‪.‬‬

‫‪66‬‬
67
‫الفصل السابع‬
‫المدارس الفنية‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫تعددت المذاهب الفنية في اروربا بعد انقضاء فترة الفن المسيحي الذي انتشر في القرون‬
‫الوسطى فظهر فن النهضة العظيم في أوائل القرن الخامس عشر وصاحب ذلك اعتزاز الفنان‬
‫بفرديته بدال من إن يكون ذائبا في مجتمع كبير‪ .‬وتوالت الحركات الفنية في الغرب منذ مطلع القرن‬
‫التاسع عشر فظهرت الرومانسية والطبيعية والواقعية ‪ ..‬وألول مرة في تاريخ الفنون نجد إن‬
‫الهجوم التشكيلي للفن يخضع لتأثير العلم واالكتشافات الحديثة حيث بدأ العلماء يبحثون في عالقة‬
‫الضوء باأللوان كما اخترعت آلة التصوير الشمسي وساهمت هذه األحداث في ازدهار المذهب‬
‫التأثيري ‪ ..‬وما إن نصل إلى القرن العشرين حتى نقابل مذاهب جديدة من أهمها التكعيبية‪u‬‬
‫والوحشية والمستقبلية ‪ ..‬واختتمت هذه الحركات المتعددة بحركتي السريالية والتجريدية‬
‫وتهدف األولى إلى الغوص في أعمال الالشعور على حين تسعى الثانية إلى البحث في جمال األشكال‬
‫الالموضوعية والهندسية ‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬المدرسة الكالسيكية‪:u‬‬
‫يطلق لفظ كالسيكي على الشئ التقليدي أو القديم ‪ ،‬أو الشخص الذي يتمسك بالنظم السابقة دون‬
‫تغيير أو إضافة ‪ .‬و لفظ كالسيكية يوناني يعني ( الطراز األول ) أو الممتاز أو النموذجي ‪ ،‬فقد‬
‫أعتمد اليونان في فنهم األصول الجمالية المثالية ‪ ،‬فنرى في منحوتاتهم أشكاال بالكمال الجسماني‬
‫للرجال والجمال المثالي للنساء فينحتون أو يرسمون األنسان في وضع مثالي ونسب مثالية ‪ ،‬الرجل‬
‫وكانه بطل كمال جسماني ‪ ،‬و النساء وكأنهن ملكات جمال ‪ ،‬فالمفهوم‪ u‬الكالسيكي عندهم هو‬
‫األفضل ‪ ،‬بل المثال والجودة ‪......‬ومن أشهر فناني هذه المدرسة الفنان المعروف (ليوناردو‬
‫دافنشي) في فن التصوير والرسم و(مايكل أنجلوا) في فن النحت والعمارة وغيرهم ‪ ،‬ومن أشهر‬
‫أعمال الفنان ليوناردو دافنشي لوحة ( الجيوكندا) أو ما تسمى بالموناليزا ‪ ،‬أما أشهر اعمال مايكل‬
‫أنجلوا فهو تمثال موسى ‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫الجيوكندا ( الموناليزا) ‪ ..‬ليونارد دافنشي‬

‫تمثال موسي ‪ ..‬مايكل انجلو‬

‫ثانيا ‪ :‬المدرسة الرومانسية‬


‫ظهرت المدرسة الرومانسية الفنية في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر‪ ،‬مع‬
‫تقدم العلم وتوسع المعرفة‪ ...‬وتعتمد الرومانسية على العاطفة والخيال واإللهام أكثر من المنطق‪،‬‬
‫وتميل إلى التعبير عن العواطف واألحاسيس والتصرفات التلقائية الحرة‪ ،‬كما يختار الفنان الرومانسي‬
‫موضوعات غريبة غير مألوفة في الفن‪ ،‬مثل المناظر الشرقية والمناظر الطبيعية المؤثرة المليئة‬
‫باألحاسيس والعواطف‪ u،‬مما أدى إلى اكتشاف قدرة جديدة لحركات الفرشاة المندمجة في األلوان‬
‫النابضة بالحياة‪ ،‬وإ ثارة العواطف‪ u‬القومية والوطنية والمبالغة في تصوير المشاهد الدرامية‪.‬‬
‫‪ ‬ويؤمن فنان الرومانسية بأن الحقيقة والجمال في العقل وليس في العين‪ ،‬لم تهتم المدرسة‬
‫الرومانسية الفنية بالحياة المألوفة اليومية‪ ،‬بل سعت وراء عوالم بعيدة من الماضي‪ ،‬واهتمت بظالم‬
‫القرون الوسطى‪ ،‬و ما وراء أسرار الشرق حيث الخيال والسحر والغموض‪ ،‬حيث تأثر الفنانون‬
‫الرومانسيون بأساطير ألف ليلة وليلة‪ ...‬وكان من أهم وأشهر فناني الرومانسية كل من ( يوجيه دي‬
‫الكرواه ) و( جاريكو) ‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫الرعاه العاشقون ( جاريكو)‬ ‫النساء الجزائريات(الكرواه)‬

‫ثالثا ‪ :‬المدرسة الواقعية‪:‬‬


‫جاءت المدرسة الواقعية ردا على المدرسة الرومانسية ‪ ،‬فقد أعتقد أصحاب هذه المدرسة بضرورة‬
‫معالجة الواقع برسم أشكال الواقع كما هي ‪ ،‬وتسليط األضواء على جوانب هامة يريد الفنان إيصالها‬
‫للجمهور بأسلوب يسجل الواقع بدقائقه دون غرابة أو نفور ‪ .....‬فالمدرسة الواقعية ركزت على‬
‫االتجاه الموضوعي ‪ ،‬وجعلت المنطق الموضوعي أكثر أهمية من الذات فصور الرسام الحياة اليومية‬
‫بصدق وأمانة ‪ ،‬دون أن يدخل ذاته في الموضوع ‪ ،‬بل يتجرد الرسام عن الموضوع في نقله كما هو‬
‫‪ ،‬أنه يعالج مشاكل المجتمع من خالل حياته اليومية و يبشر بالحلول ‪.‬‬
‫و ت ختلفت الواقعية عن الرومانسية من حيث ذاتية الرسام ‪ ،‬إذ ترى الواقعية أن ذاتية الفنان يجب أن‬
‫ال تطغى على الموضوع ‪ ،‬ولكن الرومانسية ترى خالف ذلك أن العمل الفني إحساس الفنان الذاتي‬
‫وطريقته الخاصة في نقل مشاعره لآلخرين ‪ ...‬ويري البعض أن المدرسة الواقعية هي مدرسة‬
‫الشعب ‪ ،‬أي عامة الناس بمستوياتهم جميعا ‪ ،‬و أنه على الفنان أن يصور الواقع نفسه وأن يلتزم‬
‫في هذا التصوير الموضوعية التي تختفي أمامها صفة الفنان الذاتية ‪ ،‬وأن يختار موضوعة من واقع‬
‫الحياة اليومية ‪ ،‬فينفذ بذلك إلى حياة الجماهير ‪ ،‬يعالج مشكالتهم ويبصر بالحلول ‪ ،‬ويجعل من عمله‬
‫الفني على اإلجمال وسيلة اتصال بالجماهير‪.‬‬
‫‪ ‬ويعتبر الفنان " كوربيه" من أهم أعالم المدرسة الواقعية فقد صور العديد من اللوحات التي تعكس‬
‫الواقع االجتماعي في عصره ‪ ،‬حيث أنه أعتقد أن الواقعية هي الطريق الوحيد لخالص أمته ‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫من لوحـــــــــات الفنان " كوربيه"‬
‫رابعا‪ :‬المدرسة التأثيرية أو االنطباعية ‪:‬‬
‫يحاول رسامو االنطباعية تقليد الضوء عندما ينعكس على أسطح األشياء‪ ،‬ويحققون ذلك باستخدام‬
‫األلوان الزيتية في بقع منفصلة صغيرة ذات شكل واضح‪ ،‬بدالً من خلطه على لوحة األلوان‪ ،‬وفضَّل‬
‫االنطباعيون العمل في الخالء لتصوير الطبيعة مباشرة‪.‬‬
‫‪ ‬واهتمت االنطباعية بتسجيل الشكل العام ‪ ،‬فالتفاصيل الدقيقة ليست من أهدافها بل يسجلون‬
‫االنطباع الكلي عن األشياء ‪ ،‬بطريقة توحي للمشاهد انه يرى األجزاء رغم أنها غير مرسومه ‪،‬مما‬
‫يزيدها سحرا وجماال وجاذبية من قبل المشاهد ‪ .‬ومن مميزات االنطباعية أيضا عدم االهتمام بالناحية‬
‫الموضوعية للوحة ‪ ،‬إذ تمتزج األشكال في اللوحة فتصبح كال ‪ ،‬ومما هو جدير بالذكر ان االنطباعية‬
‫قد انبثقت من الواقعية ‪ ،‬لكن ضمن إطار علمي مختلف ‪ ،‬فهي تصور الواقع لكن بألوان تعتمد على‬
‫التحليل العلمي ‪ .‬ومن أشهر رسامي االنطباعية "أوجست رينوار" و"بول سيزان" الفرنسيان ‪.‬‬

‫بورتريه " أب" الفنان ‪ ....‬بول سيزان‬ ‫لوحة فينسيا ‪ ....‬أوجست رينوار‬
‫خامسا ‪ :‬المدرسة الوحشية‪:‬‬
‫المدرسة الوحشية اتجاه فني قام على التقاليد التي سبقته ‪ ،‬وأهتم الوحشيون بالضوء المتجانس‬
‫والبناء المسطح فكانت سطوح ألوانهم‪ u‬تتألف دون استخدام الظل والنور ‪ ،‬أي دون استخدام‪ u‬القيم‬
‫اللونية ‪ ،‬فقد اعتمدوا على الشدة اللونية بطبقة واحدة من اللون ‪ ،‬ثم اعتمدت هذه المدرسة أسلوب‬

‫‪71‬‬
‫التبسيط في اإلشكال ‪ ،‬فكانت أشبه بالرسم البدائي إلى حد ما ‪ ،‬فقد اعتبرت المدرسة الوحشية إن ما‬
‫يزيد من تفاصيل عند رسم األشكال إنما هو ضار للعمل الفني ‪ ،‬فقد صورت في أعمالهم صور‬
‫الطبيعة إلى أشكال بسيطة ‪ ،‬فكانت لصورهم صلة وثيقة من حيث التجريد أو التبسيط بالفن اإلسالمي‬
‫‪ ،‬خاصة أن رائد هذه المدرسة الفنان "هنري ماتيس" الذي استخدم عناصر زخرفية إسالمية في‬
‫لوحاته مثل األرابيسك أي الزخرفة النباتية اإلسالمية ‪.‬‬

‫والدة الفنان‬ ‫سجاجيد شرقية‬ ‫من لوحات هنري ماتيس‪..‬‬


‫سادسا ‪ :‬المدرسة التعبيرية ‪:‬‬
‫ال مدرسة التعبيرية اتجاه فني يرتكز على تبسيط الخطوط واأللوان لقد خرجت هذه المدرسة عن‬
‫األوضاع الكالسيكية التي تقوم على تسجيل معالم الجسم بل الطبيعة ‪ ،‬تسجيال دقيقا ‪ ،‬سواء في الخط‬
‫أو في تلوين األشكال فقد ركزت على دراسة االجسام ورسمها والمبالغة في إنحرافات بعض الخطوط‬
‫أو بعض أجزاء الجسم وحركته ‪ ،‬وهي بهذا تقترب في بعض األحيان من الكاريكاتير ‪.‬‬
‫ثم أعتمدت هذه المدرسة على إظهار تعابير الوجوه واألحاسيس النفسية ‪ ،‬من خالل الخطوط التي‬
‫يرسمها الرسام ‪ ،‬التي تبين الحالة النفسية للشخص الذي يرسمه الفنان ‪ ،‬وقد ساعد على ذلك‬
‫أستخدام بعض االلوان التي تبرز انفعاالت االشخاص ‪ ،‬بل تثير مشاعر المشاهد للموضوع التعبيري ‪،‬‬
‫إن التعبيرية وجه آخر للرومانسية ‪ ،‬إن المذهب التعبيري يعيد بناء عناصر الطبيعة بطريقة تثير‬
‫المشاعر والمذهب التعبيري قد صار يعمل على التنظيم والبناء من جديد للصورة الرومانسية ‪ ،‬ولكن‬
‫في إسلوب تراجيدي يتسم بما تعانيه األجيال في العصر الحديث من قلق وأزمات ‪.‬ويعد الفنان"فان‬
‫جوخ" أشهر فناني هذه المدرسة والرائد األول لها ‪ ،‬والفنان (مونخ) والفنان (لوتريك)‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫ملهي الكاحونة الحمراء "لوتريك"‬ ‫الصرخة " مونخ "‬ ‫زهرة الخشخاش " فان جوخ"‬
‫سابعا ‪ :‬المدرسة التكعيبية ‪:‬‬
‫المدرسة التكعيبية هي إتجاه ف ني أتخذ من األشكال الهندسية أساسا لبناء العمل الفني إذا قامت هذه‬
‫المدرسة على الإ عتقاد بنظرية التبلور التعدينية التي تعتبر الهندسة أصوال لألجسام ‪ .‬إعتمدت‬
‫التكعيبية الخط الهندسي أساسا لكل شكل ‪ ،‬فاستخدم فنانوها الخط المستقيم و الخط المنحني ‪ ،‬فكانت‬
‫األشكال فيها اما أسطوانيه أو كرويه ‪ ،‬وكذلك ظهر المربع واألشكال الهندسية المسطحة في‬
‫المساحات التي تحيط بالموضوع ‪ ،‬وتنوعت المساحات الهندسية في األشكال تبعا لتنوع الخطوط‬
‫واألشكال واتجاهاتها المختلفة ‪ ،‬ويعد بابلو بيكاسو أشهر فناني هذه المدرسة ‪ ،‬وكذلك الفنان (براك )‬
‫و(ليجرد)وغيرهم وقد صور بيكاسو العديد من اللوحات ‪ ،‬وكان أبرز الفنانين التكعيبين إنتاجا ‪ ،‬ومن‬
‫أشهر أعماله ( الجورنيكا ) وهي تمثل المأساة األسبانية في الحرب العالمية األولى ‪.‬‬

‫لوحة لـ " ليجرد"‬ ‫الجورينكا لبيكاسو‬


‫سابعا ‪ :‬المدرسة التجريدية ‪:‬‬
‫اهتمت المدرسة التجريدية الفنية باألصل الطبيعي‪ ،‬ورؤيته من زاوية هندسية‪ ،‬حيث تتحول المناظر‬
‫إلى مجرد مثلثات ومربعات ودوائر‪ ،‬وتظهر اللوحة التجريدية أشبه ما تكون بقصاصات الورق‬
‫المتراكمة أو بقطاعات من الصخور أو أشكال السحب‪ ،‬أي مجرد قطع إيقاعية مترابطة ليست لها‬

‫‪73‬‬
‫دالئل بصرية مباشرة‪ ،‬وإ ن كانت تحمل في طياتها شيئاً من خالصة التجربة التشكيلية التي مر بها‬
‫الفنان‪.‬‬
‫وعموماً فإن المذهب التجريدي في الرسم‪ ،‬يسعى إلى البحث عن جوهر األشياء والتعبير عنها في‬
‫أشكال موجزة تحمل في داخلها الخبرات الفنية‪ ،‬التي أثارت وجدان الفنان التجريدي‪ .‬وكلمة "تجريد"‬
‫تعني التخلص من كل آثار الواقع واالرتباط به‪ ،‬فالجسم الكروي تجريد لعدد كبير من األشكال التي‬
‫تحمل هذا الطابع‪ :‬كالتفاحة والشمس وكرة اللعب وما إلى ذلك‪ ،‬فالشكل الواحد قد يوحي بمعان‬
‫متعددة‪ ،‬فيبدو للمشاهد أكثر ثراء ‪ ،‬وقد نجح الفنان " كاندسكي " أحد فناني التجريدية العالميين في‬
‫بث الروح في مربعاته ومستطيالته ودوائره وخطوطه المستقيمة أو المنحنية‪ ،‬بإعطائها لوناً معيناً‬
‫وترتيبها وفق نظام معين‪ .‬ويبدو هذا واضحاً في لوحته "تكوين"‪.‬‬

‫لوحة " تكوين " لكاندسي‬


‫ثامنا ‪ :‬المدرسة السيريالية ‪:‬‬
‫نشأت المدرسة السيريالية الفنية في فرنسا‪ ،‬وازدهرت في العقدين الثاني والثالث من القرن‬
‫العشرين‪ ،‬وتميزت بالتركيز على كل ما هو غريب ومتناقض وال شعوري‪ .‬وكانت السيريالية تهدف‬
‫إلى البعد عن الحقيقة‪ u‬وإ طالق األفكار المكبوتة والتصورات الخيالية وسيطرة األحالم‪ .‬واعتمد فنانو‬
‫السيريالية على نظريات فرويد رائد التحليل النفسي‪ ،‬خاصة فيما يتعلق بتفسير األحالم‪.‬‬
‫وصف النقاد اللوحات السيريالية بأنها تلقائية فنية ونفسية‪ ،‬تعتمد على التعبير باأللوان عن األفكار‬
‫الالشعورية واإليمان بالقدرة الهائلة لألحالم‪ .‬وتخلصت السيرالية من مبادئ الرسم التقليدية‪ .‬في‬
‫التركيبات الغربية ألجسام غير مرتبطة ببعضها البعض لخلق إحساس بعدم الواقعية إذ أنها تعتمد‬
‫على اللاشعور ‪ ،‬واهتمت السيريالية بالمضمون وليس بالشكل ولهذا تبدو لوحاتها غامضة ومعقدة‪،‬‬
‫وإ ن كانت منبعاً فنياً الكتشافات تشكيلية رمزية ال نهاية لها‪ ،‬تحمل المضامين الفكرية واالنفعالية التي‬
‫تحتاج إلى ترجمة من الجمهور المتذوق‪ ،‬كي يدرك مغزاها حسب خبراته الماضية‪.‬‬
‫واالنفعاالت التي تعتمد عليها السيريالية تظهر ما خلف الحقيقة‪ u‬البصرية الظاهرة‪ ،‬إذ أن المظهر‬
‫الخارجي الذي شغل الفنانين في حقبات كثيرة ال يمثل كل الحقيقة‪ ،‬حيث أنه يخفي الحالة النفسية‬
‫الداخلية‪ .‬والفنان السيريالي يكاد أن يكون نصف نائم ويسمح ليده وفرشاته أن تصور إحساساته‬

‫‪74‬‬
‫العضلية وخواطره المتتابعة دون عائق‪ ،‬وفي هذه الحالة تكون اللوحة أكثر صدقاً‪ ،‬ومن أهم رواد‬
‫هذه المدرسة " سلفادور دالي "‬

‫لوحات سريالية لــ " سلفادور دالي "‬


‫تاسعا ‪ :‬المدرسة المستقبلية‪:u‬‬
‫بدأت المدرسة المستقبلية في إيطاليا‪ ،‬ثم انتقلت إلى فرنسا‪ ،‬وكانت تهدف إلى مقاومة الماضي‬
‫لذلك سميت بالمستقبلية‪ ،‬واهتم فنان المستقبلية بالتغير المتميز بالفاعلية المستمرة في القرن‬
‫العشرين‪ ،‬الذي عرف بالسرعة والتقدم التقني‪ .‬وحاول الفنان التعبير عنه بالحركة والضوء‪ ،‬فكل‬
‫األشياء تتحرك وتجري وتتغير بسرعة ‪ ،‬وتعتبر المدرسة المستقبلية الفنية ذات أهمية بالغة‪ ،‬إذ أنها‬
‫تمكنت من إيجاد شكل متناسب مع طبيعة العصر الذي نعيش فيه‪ ،‬والتركيز على إنسان العصر‬
‫الحديث‪.‬‬
‫وقد عبر الفنان المستقبلي عن الصور المتغيرة‪ ،‬بتجزئة األشكال الي آالف النقاط والخطوط‬
‫واأللوان‪ ،‬وكان يهدف إلى نقل الحركة السريعة والوثبات والخطوة وصراع القوى‪ ،‬قال أحد الفنانين‬
‫المستقبليين "إن الحصان الذي يركض ال يملك أربعة حوافر وحسب‪ ،‬إن له عشرين وحركاتها‬
‫مثلثية"‪ .‬وعلى ذلك كانوا يرسمون الناس والخيل بأطراف متعددة وبترتيب إشعاعي‪ ،‬بحيث تبدو‬
‫اللوحة المستقبلية كأمواج ملونة متعاقبة‪ ...‬وفي لوحة "مرنة" للفنان المستقبلي " بوكشيوني " يوحي‬
‫الشكل في عمومه بإنسان متدثر بثياب فضفاضة ذات ألوان زاهية‪ ،‬يحركها الهواء‪ ،‬فتنساب تفاصيلها‬
‫في إيقاعات حركية مستمرة‪..‬‬

‫‪75‬‬
76
‫الفصل الثامن‬
‫بعض المجاالت الفنيــة‬

‫‪77‬‬
‫أوال ‪ :‬الرسم والتصوير‪:‬‬
‫الرسم هو التعبير عن األشياء بالخط ‪ ،‬وقد يكون الرسم اعداد لعمل أخر ‪ ،‬أو قد يكون غاية‬ ‫‪  ‬‬
‫في حد ذاته ويمكن الحصول على الرسم بأي أداة خطية ‪ ،‬أما التصوير ( ‪ ) PAINTING‬فيعتبر من‬
‫ناحية األداء فن توزيع األلوان واألصباغ على أسطح مستوية متنوعة من أجل أيجاد اإلحساس‬
‫بالمسافة وبالحركة والملمس والشكل إلى جانب جمال اإلحساس بالقيم الناتجة عن تكوينات العناصر‬
‫المختلفة ‪.‬‬
‫كما إن فن الرسم والتصوير هو ترجمة اإلحساس واإلدراك البصري بالخط واللون ‪ ،‬أو التعبير عن‬
‫موضوع ‪ ،‬أو فكرة ‪ ،‬بواسطة وسائل التنفيذ اللونية بأنواعها وتركيباتها المختلفة على مسطحات‬
‫الرسم المتنوعة والمناسبة لهذا ‪  ‬احد أعمال االبتداع التي توقظ العاطفة وترتقي باإلحساس وتنمي‬
‫التذوق الجمالي ‪.‬‬
‫عناصر العمل الفني ‪:‬‬
‫تناول المتخصصون في مجال الفن تلك العناصر في دراساتهم وأبحاثهم‪ ،‬ويجدر بنا أن نذكر أهـم تلك‬
‫العـناصر وهي ‪ :‬الموسيقي ‪ ،‬الخط ‪ ،‬الظل ‪ ،‬اللون ‪ ،‬المساحة ‪ ،‬الكتلة ‪ ،‬الفراغ ‪ ،‬السطح ‪.‬‬
‫تنوع العمل الفني ‪:‬‬
‫‪ .1‬عمل فني في مجال البعدين مثل ( التصوير – الزخرفة – الحفر ) ‪.‬‬
‫‪ .2‬عمل فني في مجال األبعاد الثالثة مثل ( النحت – العمارة ) ‪.‬‬
‫الموسيقي ‪:‬وهي العالقة بين األشياء بالنسبة ‪ ‬لبعضها البعض في تضادها‬ ‫‪-1‬‬
‫وانسجامها والنغم في اللون هو العالقة بين الغامق والفاتح أو بين تفاوت الدرجات اللونية ‪ ،‬والبد‬
‫للنغم من أن يكون متوازنا‬
‫الخط ‪ :‬تعد الخطوط من العناصر األساسية التي تدخل في بناء األعمال الفنية‪،‬‬ ‫‪-2‬‬
‫فالخط هو أساس كل األعمال الفنية‪ ،‬وهو الذي يبرز التكوين الفني للموضوعات‪ ،‬ويحدد أشكال تلك‬
‫الموضوعات إلى جانب تحديد كل جزئيات العمل الفني من مساحة ولون وكتله‪ ،‬والخطوط لها دور‬
‫فاعل في العمل الفني فهي األساس في الرسم‪ ،‬وأساس تكوين الصورة‪ ،‬وهي التي تعطي العمق‬
‫للرسومات‪ ،‬وتقود عين المشاهد إلى مركز االنتباه في الصورة‪( ،‬الحيلة محمد محمود ‪)1998،‬‬
‫و تعتمد شخصية الخط وقوته على األداء التي ينفذ بها سواء كانت فرشاة أو طباشير والخط ربما‬
‫كون رفيعا او غليظا ‪ ،‬حادا أو لينا ‪ ،‬رصينا او مسترخيا‪  ‬متوترا او متموجا والخطوط أنواعا مختلفة‬
‫‪ ،‬لها تأثيرها النفسي على المشاهد ‪ ،‬فالخط الراسي يعطينا اإلحساس بالقوة والشموخ ‪ ،‬أما الخطوط‬
‫األفقية فتعطي أحساسا بالسكون والراحة والنوم أو الموت ‪ ،‬وهناك أيضا خطوط حلزونية ولولبية‬
‫ومنكسرة ومتعرجة ‪ ،‬كل هذا يعطينا نغما وتنوعا خطيا رائعا ‪.‬‬
‫الظل والنور ( مصادر الضوء) ‪:‬‬ ‫‪-3‬‬

‫‪78‬‬
‫‪ ‬تعريف الظل ‪ :‬اذا وقع أي جسم في مسار أشعة ضوئية نشأ ما نسميه بالظل ‪.‬‬
‫‪ ‬تعريف الضوء ‪ :‬هو المؤثر الخارجي الذي يحدث اإلحساس الضوئي ‪.‬‬
‫و للظل والنور دور مهم في تحديد وإ ظهار حجم األشكال والنماذج المرسومة‪ ,‬فإذا أردنا أن‬
‫نرسم كرة مثال فإننا ال نعرف أن لها حجما إال إذا أخضعناها لقانون الظل والنور‪ ,‬وإ ال بقيت خطا‬
‫منحنيا مقفال وهكذا أيضا رأس اإلنسان وجسمه‪ ,‬وعناصر الطبيعة الحقلية‪ ,‬والصامتة‪ ,‬وهذه العناصر‬
‫المجسمة والمحببة بظواهر دائرية وهندسية مستطيلة ومربعة‪ ,‬تخضع دائما لقانون الظل والنور من‬
‫أجل إظهار ثقلها وحجمها ووجودها‪ ,‬إذ أننا ال نستطيع أن نضع نورا على رسم‪ .‬دون أن يكون له‬
‫ظل ‪ ,‬فإذا أردنا أن تبدو لوحتنا واضحة وصحيحة‪ ,‬علينا أن نحدد من أين يأتينا النور بحيث نستطيع‬
‫أن نضع الظالل في مكانها المناسب ‪.‬‬
‫الظل إذا هو الجهة الغامقة من لون الحجم تضاء بيضاء تدريجيا وباتجاه معاكس حتى يصبح لونا‬
‫غامقا في الجهة المعاكسة للضوء ‪ ,‬هذا الظل والنور وهذا الضوء يخلق إيقاعا مهما وانعكاسات‬
‫جميلة بين عناصر الموضوع الواحد ‪.‬‬
‫وللضوء مصدرين اساسيين‪:‬‬
‫(‪ )1‬مصادر طبيعية مثل (الشمس – القمر – النجوم)‬
‫(‪ )2‬صادر صناعية مثل (المصابيح‪-‬الشموع)‬
‫عندما نضع الكرة غير شفافة أمام شمعة فأننا نشاهد الجانب الذي يسقط عليه النور يضيء ويسمى‬
‫(الضوء الساطع) أما الجانب اآلخر المظلم الذي لم يصله النور فيدعى (الظل الحقيقي) ويظهر خيال‬
‫الكرة على السطح الموضوعة عليه‪ ,‬ويسمى هذا الخيال (الظل الساقط) وهذا الظل يطول ويقصر‬
‫حسب قوانين ونظريات خاصة في علم الفيزياء ‪.‬‬
‫ويمكن تصنيف‪ u‬األجسام الموجودة في الطبيعة إلى ثالث أقسام ‪:‬‬
‫(‪ )1‬أجسام معتمة ‪ :‬مثل الخشب‪ -‬المعادن‪ -‬الورق‪,‬حيث تمتص معظم النور الذي يقع عليها وتعكس‬
‫جزءا يسيرا منه‪.‬‬
‫(‪ )2‬أجسام نصف شفافة‪ :‬كالزجاج غير المصقول‪ ,‬والورق المدهون بالزيت ‪ ,‬فهي تنفذ قليال من‬
‫النور الذي يقع عليها وتعكس كمية كبيرة منه وتمتص الباقي ‪.‬‬
‫(‪ )3‬أجسام شفافة‪ :‬كالماء الصافي والزجاج العادي‪ ,‬تمتص جزءا من النور الذي يقع عليها‪ ,‬وتعكس‬
‫جزءا ضئيال منه‪ ,‬ولكنها تدع معظمه ينفذ من خالله ‪:‬‬
‫المساحة والكتلة‪:‬‬ ‫‪-4‬‬
‫الكتلة ‪ :‬يقصد بها ناحية الحجم التي يدرك فيها البعد الثالث ‪ ,‬والتي‬ ‫(‪)1‬‬
‫يمكن أن يلمسها اإلنسان كجسم يمكن إدراكه من زوايا مختلفة‪ ,‬والكتلة في النحت ترتبط بالصفات‬
‫المعمارية وتتصف بالصالبة والثقل‪ ,‬يحس فيها اإلنسان أنها ممتلئة‪ ,‬والكتلة تظهر أيضا في التصوير‬

‫‪79‬‬
‫رغم اختالف الخامة‪ ,‬فالكتلة في التصوير تظهر وفيها العمق وتتميز بالبعد الثالث واالستدارة‬
‫ويتحسسها الرائي كما يتحسس النحت في الفراغ ‪.‬‬
‫المساحة‪ :‬فهي ذات بعدين ويغلب عليها األشكال الهندسية كالمربع‬ ‫(‪)2‬‬
‫والدائرة والمثلث وهي تختلف في المكعبات والمنشور واألسطوانة ألنها كتل لها حجم ذو أبعاد ثالثية‬
‫‪.‬‬
‫اللون‪:‬‬ ‫‪-5‬‬
‫تختلف حساسية الناس لأللوان اختالفا كبيرا‪ ,‬فهي تؤثر مباشرة على الذات والنفس البشرية‪ ,‬فهي‬
‫تحدث في أعماق اإلنسان إحساسا مختلفا بين االرتياح والطمأنينة ‪ ,‬والحزن واالضطراب ‪.‬‬
‫ومن األمور التي تفيد الفنان في دراسته ألوان الطيف‪ ,‬فقد أجرى العالم ( نيوتن ) تجربة في القرن‬
‫السابع عشر‪ ,‬وضع فيها منشورا زجاجيا شفافا في غرفة مظلمة يخترقها ضوء الشمس ليمر هذا‬
‫الضوء من أحد جوانب المنشور‪ ,‬وفي الجانب المقابل وضع لوحة بيضاء‪ ,‬فوجد أن الضوء األبيض‬
‫قد اخترق المنشور وخرج من الجانب اآلخر على اللوحة البيضاء بألوان متجاورة متدرجة ( أحمر‬
‫‪،‬برتقالي‪ ،‬أصفر‪ ،‬أخضر‪ ،‬أزرق‪ ،‬نيلي‪ ،‬بنفسجي ) ‪ ‬وهي ألوان الطيف السبعة ‪.‬‬
‫أما كيف ندرك ألوان األجسام ‪ ,‬فذلك إن كل جسم له لون معين يعكس لونه‪,‬ويمتص باقي األشعة‬
‫الطيفية‪ ,‬فمثال جسم أحمر يعكس فقط األشعة الحمراء ويمتص باقي األشعة‪ ,‬أما األبيض فيظهر كذلك‬
‫ألنه يعكس جميع األشعة الضوئية الساقطة عليه ‪ ,‬واألسود يمتصها كلها فيظهر أسودا ‪.‬‬
‫خصائص األلوان ‪ :‬لكل لون ثالثة خصائص ‪:‬‬
‫مدلول اللون ‪ :‬هو الصفة التي تميز اللون عن غيره‪ ,‬كأن نقول أن اللون أحمر أو أزرق‪ .‬أي‬ ‫(‪)1‬‬
‫مسميات األلوان كما يعني مدلولها أن اللون ‪...‬الخ ‪.‬‬
‫درجة اللون ‪ :‬كأن نقول أن اللون فاتح أو غامق ‪ ,‬أي مقدار قربه من األبيض ‪ .‬فيصبح فاتحا‪,‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫أو قربه من األسود فيصبح غامقا‪ ,‬فاللون نفسه في كامل قوته يطلق عليه لونا نقيا أو طبيعيا‪,‬‬
‫ويصبح فاتحا بإضافة األبيض وغامقا بإضافة األسود ‪.‬‬
‫وضوح اللون ‪ :‬وهي الصفة التي تبين شدة نقائه‪ ,‬فاأللوان بعضها نقي واضح‪ ،‬وبعضها‬ ‫(‪)3‬‬
‫ضعيف ممزوج بمركبات أخرى ‪.‬‬
‫(أ‌)‪ ‬األلوان األساسية ‪ :‬وهي ألوان رئيسية أساسية تسمى بهذا االسم ألنه ال يدخل في تركيبها أي‬
‫لون آخر ومنها تتركب جميع األلوان ‪ ( .‬األحمر ‪ ،‬األزرق ‪ ،‬األصفر ) ‪.‬‬
‫(ب‌) األلوان الثانوية‪:u‬وهي ألوان ثانوية أو ثنائية أو مركبة تتركب من مزج لونين أساسيين من‬
‫مثل ‪:‬‬
‫‪ ‬البنفسجي‪( :‬األحمر ‪ +‬األزرق) ‪.‬‬
‫‪ ‬األخضر‪( :‬األزرق ‪ +‬األصفر)‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫‪ ‬البرتقالي‪ ( :‬األحمر ‪ +‬األصفر)‪.‬‬
‫(ج‌)‪ ‬األلوان الثالثية ‪ :‬و هده األلوان تتركب من مزج لونين ثانويين فينتج عنهما لون آخر من مثل‬
‫‪:‬‬
‫‪ ‬الليموني ‪( :‬البرتقالي‪ + ‬األخضر ‪) ‬‬
‫‪ ‬الزيتوني‪( : ‬البنفسجي ‪ +‬األخضر) ‪ ‬‬
‫‪ ‬البنـــــــي ‪( :‬البنفسجي‪ + ‬البرتقالي)‬
‫تكامل األلوان ‪ :‬كل لون يكمل األخر عندها تكون أشعة اللونين مع اللون األبيض ‪ ،‬تقوم‬ ‫(‪)4‬‬
‫بالنظر لمدة نصف دقيقة في قطعة قماش حمراء بدون أن تحرك العين ثم نحولها فجأة إلى سطح‬
‫أبيض فأننا سوف نبصر لونا ازرق مخضرا وهو لون المتمم او المكمل ‪ ،‬وهذا سببه أن مجموعة‬
‫أعصاب العين التي تستقبل اللون األحمر بقيت‪  ‬وبقيت المجموعتان اآلخريات قويتين ‪ ‬هكذا نجد أن‬
‫اللون األحمر متمم للون األخضر الذي يتركب الذي يتركب منه فهو مكمل له ‪.‬‬
‫أنواع التصوير‪:‬‬
‫‪ -1‬التصوير الزيتي‬
‫‪ -2‬التصوير المائي‬
‫‪ -3‬الباستيل‬
‫‪ -4‬األقالم‬
‫‪ -1‬األلوان الزيتية ‪ :‬من مميزاتها أنها تجف ببطء ‪ ،‬وهكذا يسمح للفنان باستعمال أسلوب الفرشاة‬
‫الذي يسترح اليه أكثر من غيره ‪ ،‬ويمكنه التدرج تدريجا مناسبا من الغامق إلى الفاتح ‪ ،‬ويمكن‬
‫أن تستخدم هذه األلوان خفيفة أو سميكة ‪ ،‬للحصول على السطح أو الملمس المطلوبين ‪.‬‬
‫‪ -2‬األلوان المائية ‪ :‬هي مجموعات األلوان التي تستخدم بوسيط مائي لإلذابة وهي متنوعة منها ‪:‬‬
‫‪ ‬األلوان الشفافية‪             ‬‬
‫‪ ‬ألوان الجواش‬
‫و األلوان المائية تصلح للتعبير الذاتي والتلقائي السريع ‪ ،‬ومميزاتها الجفاف بسرعة ‪ ،‬أما ألوان‬
‫الجواش فهي نوع من األلوان ا لمائية غير الشفافة ‪ ،‬وهي تصلح لعمل التفاصيل الدقيقة‬
‫والمنمنمات ‪ ،‬كما في الزخارف اإلسالمية والفارسية ‪.‬‬
‫‪ -3‬ألوان الباستيل ‪ :‬وهي على شكل أصابع كالطباشير ‪ ،‬وبدرجات لونية متعددة ‪ ،‬والباستل يعطي‬
‫في التصوير درجات فنية من الظالل ‪ ،‬وخطوطا جميلة ‪ ،‬وهو في حاجة لمثبت ألنه يتطاير‬
‫كالطباشير‪ ,‬ويستخدم عادة على ورق ملون وطريقة العمل شبيهة باأللوان الزيتية ‪.‬‬
‫كما يمكن إعطاء ظالل ودرجات مختلفة من األلوان واألضواء بواسطة تغطية طبقة من األلوان فوق‬
‫طبقة أخرى ‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫ثانيا ‪:‬التصميم الزخرفي‪:‬‬
‫التصميم هو ترتيب الفنان لدوافعه في شكل من األشكال وتنظيم لعناصر الخط والشكل واللون‬
‫والملمس والفراغ والكتلة بحيث نحصل على الوحدة واالنسجام والتوازن ألي عمل فني ويستطيع‬
‫الفنان أن يتحكم في التصميم بطريقه واعية إذا عرف طبيعة الخامة المستعملة في التصميم وأسسه‬
‫والتصميم الزخرفي هو ترجمة لموضوع معين بفكرة هادفة لها عالقة بوسيلة التنفيذ وتحمل في‬
‫جوانبها قيما فنيه ويتوقف نجاح التصميم على األمور التالية ‪:‬‬
‫‪ -1‬توزيع الخطوط الرئيسة ‪.‬‬
‫‪ -2‬توزيع الوحدات والعناصر الزخرفة المتنوعة المكونة للشكل العام وتنسيقها واتزانها ‪.‬‬
‫‪ -3‬ترابط وتنسيق هذه العناصر يبعضها البعض في وحدة متكاملة تحقق الغرض المطلوب ‪.‬‬
‫‪ -4‬حسن إختيار األلوان وتنسيقها وانسجامها ‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬تشكيل المعادن‪:‬‬
‫فن تشكيل المعادن هو فن تطويع الخامات المعدنية في تشكيالت تجمع بين الجانبين الجمالي‬
‫والوظيفي ‪ ،‬ومنذ أن توصل اإلنسان إلى اكتشاف المعادن ‪ ،‬وهو يحاول استغاللها في استخدامات‬
‫متنوعة في حياته اليومية ‪ ،‬وقد تطورت هذه‪  ‬االستخدامات مع نطور اإلنسان حتى أصبحت عنصرا‬
‫أساسيا يلبي العديد من احتياجاته ‪.‬‬
‫إن صناعة الحديد وفنون المعادن المختلفة من أهم فنون الحضارة ‪ ،‬فاإلنسان قديما كانت له خبرات‬
‫وتقاليد فنية ‪ .‬وفي سعينا للمعرفة من خالل دراستنا للحضارات القديمة نجد في حضارة مصر‬
‫وأثارها مايدلنا الفنان أو الصنانع المصري في كل العصور قد استعمل‪ u‬الخامات المعدنية الموجودة‬
‫بكثرة هائلة في صحاري مصر وجبالها ‪ ،‬وذلك في تشكيل رائع وصياغة بديعة ‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬تشكيل الخشب‪:‬‬
‫إن فن تشكيل الخشب يعد من احد الفروع الفنية ينمو المتعلم من خاللها ‪ ،‬وهو مرحلة متطورة من‬
‫مراحل العمل يتميز بأسلوب خاص ‪ ،‬وحس متميز ‪ ،‬وصناعة تناسب العمل التنفيذي بعيدا عن روح‬
‫التقليد ‪.‬‬
‫ويعتمد في المقام األول على صفاء الفنان الذهني وقدرته على األساس بالخامة والتعامل معها‬
‫لتوضيفها وتطويعها ليصل التنفيذ إلى مادة تشكيلية متزنة ومركزة تثير في الرائي عنصرا جديدا من‬
‫االهتمام الذي يرقي بذوقه وبإحساسه الجمالي وبعاداته واتجاهاته ‪ ،‬فينجذب نحو أنماط تلك الصناعة‬
‫الراقية وأساليبها ويندفع شعوره نحو تذوق مافيها من قيم جمالية رائعة ‪ ،‬ونحو العمل الفني المبتكر‬
‫الذي هو سبيل النمو واالرتقاء بتذوق الجمال في تلك الصناعة ‪.‬‬
‫خامسا ‪ :‬تشكيل الخزف‪:‬‬

‫‪82‬‬
‫أن تخلق من شيء جامد منتوجاً ناطقاً بالحيوية نابضاً بالحياة فذاك هو اإلبداع والفن‪ ،‬وأن تحول‬
‫طيناً أو صلصاالً ميتاً ال حراك فيه إلى قطع فنية تشع بالجمالية الفريدة في الصياغة والتشكيل فذلك‬
‫هو فن صناعة الفخار والخزف‪.‬‬
‫و الخزف والفخار" هو منتجات المواد الطينية بعد تشكيلها وتسويتها" و الخزف يطلق على الجرار‬
‫وما شابهها‪.‬أما الفخار فيطلق أصالً على كل خفيف وقد استعمل للداللة على المشغوالت الطينية من‬
‫المواد ضعيفة البيئة‪.‬‬
‫ومجال ( تشكيل الخزف ) يرت بط بخامات متعددة وتركيبات وتجارب كيميائية مختلفة وتطبيقات‬
‫وإ بداعات تشكيلية ‪ ،‬وتعامل مع درجات حرارة مختلفة في أفران خاصة – فضال عما في هذه‬
‫الخبرات الخزفية من اثارات تعليمية ونمو تربوي وبحث وتجارب متنوعة ومتعددة ‪ ،‬مع االهتمام‬
‫بالتراث الخزفي في العصور المتعددة القديمة والحديثة منها واالطالع على ما في هذا التراث من‬
‫كنوز فنية تعد مدرسة كاملة لالستفادة منها والسير على هداها ‪.‬‬
‫سادسا ‪ :‬الصباغة و الطباعة‪:‬‬
‫إن صناعة المنسوجات فن جميل وصناعة قديمة ‪ ،‬و انتشارها واسع في كثير من بلدان العالم ‪.‬‬
‫وقد تطورت هذه الصناعة تبعا للتقدم العلمي والصناعي وتزايد االهتمام بها مع النمو الحضاري‬
‫وعلى الرغم من اكتشاف صباغة المنسوجات منذ زمن بعيد إال أن التقدم في هذا الميدان يرجع إلى‬
‫المائة عام األخيرة فقط ولقد تعلم اإلنسان في األزمنة القديمة أن يستخلص الصبغات من المصادر‬
‫الطبيعية ‪ ،‬وقد أعطت هذه الصبغات نتائج مدهشة ظلت كما هي سنوات ليست بالقليلة دون أن يطرأ‬
‫عليها أي تغيير ‪:‬‬
‫‪ -1‬الصباغة ‪:‬‬
‫تعتبر الصبغة هي المادة الملونة التي يمكنها أن تضفي لونها على مادة أخرى على أن تتوافر‬
‫فيها عدة شروط هي أن تكون لها قابلية معينة للجسم الذي يجري صباغته ‪،‬وأن تكون ذات لون‬
‫كثيف ‪ ،‬وأن تكون ذات صفات ثابتة ضد تأثير العوامل الكيمائية والطبيعية مثل الثبات للضوء‬
‫والغسيل وتستخدم األصباغ في وجوه متعددة منها صباغة المنسوجات والجلود والفرو والشعر‬
‫واألغذية والمشروبات واألخشاب واللدائن (البالستيك ) والزيوت ومواد الطالء وفي الطباعة‬
‫والتصوير الضوئي المواد المستخدمة في صباغة المنسوجات ‪:‬‬
‫األصباغ الطبيعية ‪ :‬و تعتبر األصباغ الطبيعية أول ما استعمل‪ u‬اإلنسان من صبغات وكانت مصادرها‬
‫النباتية جذور النباتات أو بذورها ‪.‬كما استعملت بعض الحشرات كمصادر حيوانية ‪:‬‬
‫أما المصادر المعدنية فكانت مياه اآلبار الطبيعية ولكن هذه الصبغات األخيرة كانت تسبب ضعفا‬
‫لأللياف ‪.‬‬
‫‪ -2‬الطباعة ‪:‬‬

‫‪83‬‬
‫تعتبر الطباعة نوع من أنواع الصباغة ولكن تختلف عنها في أن المنسوجات التتخذ لونا واحدا بل‬
‫تتخذ عدة ألوان أما بنقل العجائن على سطح القماش في مواضع مختلفة أو بوضع الشمع على‬
‫أجزاء معينة من القماش وغمره في محلول الصبغة ويمكننا الحصول على نماذج ورسومات وأشكال‬
‫زخرفية عديدة من فن الطباعة ‪.‬ويمكن تعريف الطباعة بأنها الطريقة التي يمكن بها الحصول على‬
‫نماذج أو رسومات ملونة بطرق مختلفة على شتى أنواع النسيج المعروفة من قطن ‪ ،‬صوف ‪ ،‬حرير‬
‫طبيعي ‪ ،‬كتان ‪ ،‬أو مخاليط من هذه األلياف ‪.‬‬
‫طرق الطباعة اليدوي ‪:‬‬
‫الطباعة بالقوالب الخشبية ‪ :‬وهي من أقدم الطباعة اليدوية ‪ ،‬وليست لهذه الطريقة أهمية تجارية‬
‫كبيرة وذلك ألنها عملية بطيئة نوعا ما‪،‬وعليه فإن المنتج منها يكون غالبا مرتفع السعر ‪ .‬وتستعمل‬
‫هذه الطريقة عادة في البالد التي فيها تكاليف العمالة منخفضة ‪ .‬واالستمرار في استعمالها إنما يتجه‬
‫لبعض المميزات وهي رغبة المستهلكين في اقتناء أعمال فنية أصلية بعيدة الشعور عن اآللية ‪.‬‬
‫كذلك فإن هذه الطريقة واسعة اإلمكانيات فيمكن استعمال عدد كبير من القوالب في التصميم الواحد‬
‫عالوة على أنه ال يحدث أي اختالط بين األلوان مما يسمح بالحصول على ألوان نظيفة ‪.‬‬
‫ولعمل هذا النوع من الطباعة يجب أوال حفر الشكل المطلوب على القوالب الخشبية أو المعدنية ‪ ،‬ثم‬
‫تنقل عجينة الطباعة على هذا الرسم الموجود على القالب وذلك بغمس القالب في معجون الصبغة ‪،‬‬
‫وعند الطبع يثبت القالب في المكان المخصص له على القماش ويستعان بالضغط عليه بآالت خاصة‬
‫ليتم نقل اللون من القالب للقماش ويرفع القالب في كل مرة ويغمس في معجون اللون ‪ ،‬وهكذا حتى‬
‫تتم طباعة القالب المخصص ألول األلوان ‪ .‬وللحصول على ألوان عديدة بالتكرار الواحد يجب عمل‬
‫عدة قوالب بنفس عدد األلوان المختارة ‪ ،‬وكلما زاد عدد األلوان الموجودة بالتصميم كانت القطعة‬
‫المطبوعة قيمة وغالية ‪.‬‬
‫الطباعة بالباتيك ‪ :‬وتنقسم هذه الطريقة إلى قسمين هما ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬الباتيك بالشمع ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬الباتيك بالربط ‪..‬‬
‫والطريقتان هما طباعة بالمناعة أي عزل جزء من النسيج عن امتصاص الصبغات إما بالشمع أو‬
‫بربط جزء من القماش بالخيط ‪.‬‬
‫أ ‪ -‬الطباعة بباتيك الشمع ‪ :‬يوجد تشابه بين طريقة الطباعة اليدوية (الباتيك) والطباعة اآللية‬
‫المعروفة بطريقة الطباعة بالمناعة ‪ .‬ويجب أوال عمل تصميم على القماش وتحديد أماكن توزيع‬
‫األلوان ثم يعمل خليط من شمع العسل والبرافين وتمأل به أجزاء التصميم واألرضية التي لن تتعرض‬
‫للطباعة ثم يترك القماش ليجف ‪ .‬كما يجب أن تكون الصبغات المستعملة باردة حتى ال تؤثر على‬
‫الشمع ‪ ،‬ويشترط أن يكون القماش خاليا من مواد البوش ‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫يغمر القماش في حمام الطباعة ‪ ،‬ويالحظ أن الشمع يقاوم تأثير اختراق الصبغة ‪،‬بعد جفاف القماش‬
‫يزال الشمع وذلك بتعريضه للتسخين أو البنزين ‪،‬ويمكن تكرار هذه العملية إذا كان المطلوب أكثر من‬
‫لون واحد ‪ .‬وفي بعض األحيان قد يتعرض الشمع في الخطوات األخيرة للتشقق مما يسمح الختراق‬
‫جزئي للصبغة على األجزاء المصبوغة معطيا بذلك تصميما متعدد األلوان معطيا الشكل المميز‬
‫للطباعة بالباتيك ‪..‬‬
‫ب ‪ -‬الباتيك بالربط ‪ :‬تشبه نتائج الطباعة بهذه الطريقة اليدوية إلى حد ما طريقة الطباعة بباتيك‬
‫الشمع ‪ ،‬إالأن التصميم يكون على شكل دوائر فقط ‪ ،‬حيث إن الصبغة يمكن عزلها عن التأثير على‬
‫القماش في مناطق محدودة ‪ ،‬وذلك بلف خيوط رفيعة مشمعة حولها قبل غمرها في حوض‬
‫الصباغة ‪ ،‬وبذلك تتعرض األجزاء الخارجية من العقد الملفوفة اللون للصبغة ‪ ،‬بينما يبقى الجزء‬
‫الداخلي خاليا من اللون إال ما قد يتسرب من خالل الخيوط إذا كانت غير محكمة معطيا نماذج‬
‫جذابة ‪.‬‬
‫يمكن تكرار العملية بعمل عقد أخرى وغمر المنسوج في أحواض الصباغة‬
‫ولطباعة القماش بطريقة الباتيك بالربط البد أن يكون القماش خاليا من المواد النشوية بنقعه‬
‫وغسله في الماء والصابون ‪ ،‬ثم الطباعة عليه وهو مندى غير مجفف تماما ‪.‬‬
‫بعد إتمام عملية الطباعة يترك القماش ليجف ثم تحل األربطة فتظهر تأثيرات جميلة لم تكن في‬
‫الحسبان ‪،‬إذ تظهر أماكن مختلفة التعاريج بيضاء تحدد أماكن األحزمة واألربطة ‪ ،‬كما تظهر ألوان‬
‫مشتقة جميلة نشأت من تسرب ألوان الصبغات المتزاجها مع بعضها البعض ‪.‬‬
‫الطباعة باالستنسل‪ :‬وتتلخص في تفريغ الزخارف على ورق مقوى ال ينفذ منه اللون وال يتشرب‬
‫به حيث يستعمل هذا الورق لعزل الصبغة عن القماش ولهذا تغطى األماكن التي ال يراد تلوينها ‪ ،‬أما‬
‫األماكن المفرغة فهي التصميمات التي تطبع باأللوان المختلفة ‪.‬وقد يجوز عمل الزخارف على‬
‫الخشب أو المعدن ‪ ،‬وقد تتخذ الطباعة شكال دقيقا أو قد تظهر مسافات كبيرة تتطلب كمية كبيرة من‬
‫األلوان ‪.‬والتصميمات التي تستعمل في الطباعة باالستنسل محددة باستعمال لون واحد فقط كما أنها‬
‫تستعمل في األقمشة ذات العرض الضيق ‪.‬وقد أدى البحث في تعديل طريقة الطباعة باالستنسل‬
‫وإ صالح إمكانياتها إلى ابتكار طريقة الطباعة بالشبلونات التي أصبح لها شأن عظيم في الطباعة على‬
‫القماش‬
‫طباعة الشبلونات ‪ :‬تعد هذه الطريقة من طرق الطباعة اليدوية واآللية في نفس الوقت ‪،‬وتعتبر هذه‬
‫الطريقة تطورا لطريقة الطباعة باالستنسل ‪.‬وتعتبر الطرق اآللية للطباعة تطورا حتميا في عصر‬
‫العلم ‪ ،‬ومن أهم هذه الطرق ‪:‬‬
‫‪ ‬ماكينة البيروتين‪:‬وتعمل بالحفر علي االسطوانات الخشبية‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫‪ ‬ماكينة الطباعة ذات األسطوانات‪ :‬في هذه الماكينات تم حفر الرسومات على أسطوانات نحاسية‬
‫بدال من االسطوانات الخشبية ‪ ،‬وهذه الطريقة هي خالصة االبتكارات المتعددة حيث إنها تضمنت‬
‫فكرة الطباعة اليدوية بالقوالب وطباعة االستنسل والطباعة بالبيروتين وغيرها‬
‫‪ ‬ماكينات الطباعة المزدوجة ‪ :‬هي عبارة عن ماكينات للطباعة باألسطوانات في صورة‬
‫مزدوجة ‪ ،‬ويتم العمل بين هاتين المجموعتين في توافق تام حتى أن المنسوجات المطبوعة بهذه‬
‫الطريقة اليمكن تفرقتها عن األنسجة الملونة ‪ .‬ويمر القماش المراد طباعته بهذه الطريقة على‬
‫ماكينات الطباعة باألسطوانات على مرحلتين المرحلة األولى لطباعة وجه واحد والمرحلة الثانية‬
‫لطباعة الوجه اآلخر ‪ .‬أما في حالة الماكينات المزدوجة فيمر القماش في مرحلة واحدة ‪ ،‬حيث‬
‫تخصص آلة لطباعة وجه القماش واألخرى لطباعة الوجه األخر في نفس األماكن بإحكام تام ودقة‬
‫فائقة ‪ .‬ولقد وصلت الطباعة بهذه الطريقة إلى اإلتقان الذي يمكن عنده عدم القدرة على تفرقة‬
‫القماش الملون بالطباعة والمنسوج وللتأكد من هذا يمكن تنسيل قطعة صغيرة والتعرف عليها ‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫الفهــرس‬

‫رقم‬
‫الموضــــــــــوع‬ ‫م‬
‫الصفحة‬
‫‪7‬‬ ‫مقدمة‬ ‫‪1‬‬
‫‪11‬‬ ‫الفصل األول‪:‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪29‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪47‬‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬ ‫‪4‬‬
‫‪69‬‬ ‫الفصل الرابع‪:‬‬ ‫‪5‬‬
‫‪99‬‬ ‫الفصل الخامس‪:‬‬ ‫‪6‬‬
‫‪121‬‬ ‫الفصل السادس‪:‬‬ ‫‪7‬‬
‫‪145‬‬ ‫الفصل السابع‪:‬‬ ‫‪8‬‬
‫‪169‬‬ ‫الفصل الثامن‪:‬‬ ‫‪9‬‬
‫‪181‬‬ ‫المراجع‬ ‫‪14‬‬

‫‪87‬‬

You might also like