Professional Documents
Culture Documents
Art Appreciation
1
2
3
المقدمة
يتميز اإلنسان بقدرته على التوافق مع ذاته ومع بيئته التي يعيش فيها ،مع عائلته وأصدقاءه
وزمالئه في مجال تعليمه أو عمله ,إذ إن تعامله مع البيئة وتفاعله مع مكوناتها يتطلب منه بالضرورة
أن يعرف تلك المكونات ليتسنى له التكيف معها ويوظفها لتلبية متطلباته وحاجاته وحماية نفسه من
أخطارها واشتراكه في أوجه نشاطاتها المختلفة ,والبد لإلنسان أن يمتلك قدر كبير من المعرفة وان
ينتبه إلى ما يهمه من مكونات البيئة وعناصرها وان يدركها عن طريق حواسه كي يستطيع أن يؤثر
فيها وان يسيطر عليها بعقله وبجهده أي بخبرته ومهارته ،و تتم عملية تفاعل اإلنسان مع بيئته عن
طريق حواسه المتمثلة في السمع و البصر والشم و اللمس و التذوق ،وتعد حاسة البصر من أكثر
الحواس أهمية فعن طريقها نحصل على %83من مدركاتنا لمكونات البيئة المحيطة بنا .
إن العمليات اإلدراكية تؤلف القاعدة األساسية والضرورية لتنشيط العمليات المعرفية وهي تصمم في
العقل مثل التصور والتخيل والتفسير والتذكر والتعليم فضال عن دورها في حياة اإلنسان العملية
اإلنتاجية والترفيهية وتتداخل مع العمليات النفسية كافة فتتأثر بالبيئة الشخصية وما تحمله من مكونات
عقلية واجتماعية وعاطفية وثقافية وتقاليد وعادات وموروث وديانات وتربية وتذوق لمكونات البيئة ،
و من هنا تبرز أهمية تنمية اإلبداع لدي األفراد وصقل المواهب والطاقات الفنية في مختلف حقول
وميادين العلم الفن ،وهذا يتطلب ان نفهم الفن ونتعلمه جيدا بأنواعه وتقنياته و عناصره ومدلوالته
وكل فيه أو يحيط به ويتفاعل معه ،فالفنون على اختالف تخصصاتها تعد وسيلة من وسائل تنمية
سلوك الفرد المتعلم وتوجيهه توجيها تربويا وفنيا ..والفنون ليست دراسة لمهارات حرفية فحسب
,لكنها نشاط ذهني وبدني يشحذ القدرات اإلبداعية لدى المتعلم من خالل تنظيم أفكاره واهتماماته
وترتيبها وتخطيطها وتنمية قدرته علي الابتكار في أساليب تناوله للموضوعات الفنية و موضوعات
الحياة األخرى وهي تعديل في سلوك المتعلمين ايجابيا ,والفنون وسيلة للوصول إلى نفوس األفراد تنبه
من خاللها حواسهم qوتحرك انفعاالتهم وتنمي أذواقهم qوقيمهم في الحياة وتصقل سلوكهم وأسلوبهم في
التعبير عن ذاتهم وتكشف أنماط شخصياتهم وميولهم واتجاهاتهم.
وتنطلق الفنون من فلسفة بناء الفرد المتعلم المبدع الحساس المفكر من خالل العودة بالفن إلى مقوماته
الثقافية من خالل تحسسه وتفاعله مع مكونات البيئة المحيطة به وتفهمه لحضارته وحضارات الشعوب
األخرى وإدراكه للعالقات بين الفنون واإلنسان فللتربية عن طريق الفن مهمة وضرورية .
لذلك فان درس التذوق الفني هو واحد من الدروس الفنية التخصصية المهمة والمرتبط بكل الدروس
الفنية التي يدرسها الطالب.
4
إن عملية االرتقاء بمستوى التذوق في أي مجتمع من المجتمعات تعد من أهم األهداف التي تهتم بها
المؤسسات التعليمية حيث االرتقاء بمستوى التذوق ارتقاء بالسلوك االجتماعي العام ألفراد أي مجتمع
بما يترتب عليه أن يحقق رقيا حضاريا لهذا المجتمع متمثال في أفراده .
لذلك فالدولة من جانب والمؤسسات التعليمية التابعة لها من جانب أخر تجتهد كل االجتهاد في وضع
الخطط المؤهلة لتحقيق هذه الغاية اإلنسانية والعمل على بناء الشخصية المتكاملة.
يقول فيلسوف الجمال الفرنسي " فيكتور بارش " أن الموضوع الجمالي ليس مجرد دعوة إلى
التذوق أو االستمتاع إنما هو أيضا شيء يتمتع بطبيعة خاصة ويفرض علينا قاعدة خاصة في التأمل ,
حتى نرى أن اإلدراك الجمالي ألكثر األعمال يتحول إلى قوى حسية مجسمة
فالفن هو التوافق بين عالم الجمال ,وعالم الوجدان ,وعالم العقل ,وبين الفردي والجماعي ,وبين
الذاتي والموضوعي ,وبين الروح اإلنسانية والطبيعة نفسها
وهناك عديد من الدراسات التي أشارت إلي أهمية التذوق الفني ,والى حتمية االهتمام الرسمي به مما
من شانه أن يكون مؤثرا بطريقة مباشرة وغير مباشرة في تكوين ذوق عام لإلفراد ,بل أن االيجابية
الصحيحة لهذه العناصر البد وان ترتقي ـــ إذا عولجت مجتمعة ـــ بمستوى الذوق العام للمجتمع ,
وينعكس ذلك على أفراده ,ورفع مستوى التذوق لديهم ،وللتذوق الفني أهمية في إنماء الثقافة الفنية
لدى الشباب ,وتكوين كم هائل من المعلومات لديهم تساعدهم على قراءة العمل الفني وتذوقه ,ومعرفة
ما به من عناصر جمالية وأشكال وخامات ,وألوان وإعداد ناشئين لهم القدرة على تذوق األعمال الفنية
,لرفع المستوى الجمالي على مستوى الدولة ،ومن ثم بناء الشخصية المتكاملة للمواطنين.
أهداف مقرر التذوق الفني:
يهدف هذا المقرر إلى تنمية اإلحساس بالقيم الفنية عند الطالب وتدريبهم على تذوقها وكيفية التعرف
على مواطنها وتحديد معالمها من خالل التعمق في الرؤية والتمعن في أدراك العالقات التشكيلية التي
تحكم بناء العمل الفني ويمكن تحقيق ذلك بتبصير الطالب بالجوانب اآلتية:
مفهوم التذوق الفني .
الفرق بين النقد الفني والتذوق الفني والصلة بين ممارس الفن والمتذوق له –وكيفية قراءة العمل
الفني كمدخل لتذوقه – ودور التذوق في تنمية الثقافة الفنية وانعكسا qت التذوق الفني على السلوك
االجتماعي -الرؤية الفنية التذوقية لمختارات من الفنون المختلفة من التراث اإلنساني
5
6
الفصل األول
مفهوم التذوق الفني
أوال :ماهية التذوق:
يتناول التذوق العديد من التخصصات ،واهتمامنا هنا ينصب علي التذوق الفني ،في ما يهم تعريفاته
والموضوعات التي تتعلق به في ضوء الفن والتربية الفنية.
" أن التذوق هو اإلحساس بجماليات المدرك الشكلي .وهو صفه تتعلق باإلنسان فتختلف من شخص
آلخر ،تبعا للثقافة والتربية والبيئة المحيطة وظروف العصر .وهو صفه من صفات الباحث عن قيمة
المدركات الموجودة في العمل الفني ،دون تعصب أو تحيز ،وهو رؤية فنية محايدة وكلية " (أبو
العباس عزام1999 ،م).
ويرى (حنورة ،د.ت) أن التذوق الفني يعني قدرة الفرد على االستجابة للجمال أينما وجد .
ويذهب (عبد الحميد وآخرون 1997 ،م ) إلي أن التذوق الفني له عالقات نفسية ،باإلضافة إلى وجود
فروق بين الجنسين في التفضيل الجمالي ،ووجود عالقة بين التفضيل و سمات الشخصية .
وﺘﺭﻯ ﺭﻭﺯﻨﺘﺎل ( )Rosenthal,1996ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺫﻭﻕ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﺤﺎﻟﺔ ﻨﻔﺴﻴﺔ ﻭﺠﺩﺍﻨﻴﺔ ،ﺘﻌﺘﻤـﺩ ﻋﻠـﻰ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ
ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻲ ﻟﻠﻅﻭﺍﻫﺭ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺩ ﺘﺭﺘﺒﻁ ﺒﺎﻟﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﻤﺠﻬﻭل ﺍﻟﻐﺎﻤﺽ.
ﻭﺍﻟﺘﺫﻭﻕ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻫﻭ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺒﻨﺎﺀ ﻟﻠﻘﻴﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺤﺎﻭل ﺍﻟﻤﺘﺫﻭﻕ ﺍﻟﻜـﺸﻑ ﻋﻨﻬـﺎ ﺒﺎﻟﺘﺤﻠﻴـل ﻭﺍﻟﺘﻔـﺴﻴﺭ ﻭﺍﻟﺘﻘﺩﻴﺭ
ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻨﻤﻭ ﻓﻲ ﻀﻭﺀ ﺍﻟﻔﻬﻡ ﺍﻟﺠﻴﺩ ،ﻭﺍﻟﺤﻜﻡ ﺍﻟﺴﻠﻴﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻭﺍﺤﻲ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟـﺸﻜل ﺍﻟﻔﻨـﻲ (ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻜﺭﻴﻡ
ﻤﺤﻤﺩ لبد ، )1999،وكان كروشي ( (Croco,1958قد أشار إلي أن التذوق هو تقويم األشياء .
ومن كل ذلك ندرك أن التذوق الفني هو " أحساس الشخص المتذوق للعمل الفني بالجمال ،
ويختلف من شخص لآلخر ،تبعا ً لإدراك المتذوق للعمل الفني ،والعوامل البيئية ،والثقافية ،
والتربوية ،وهو تقويم لالشياء وبناء للقيم ،ويشكل عالقة نفسية بين المتذوق والعمل الفني "
التذوق
الفني
7
ثانيا :تعريف التذوق:
من أكثر المصطلحات ترددا على ألسنة النقاد كلمة "الذوق" وذلك لشدة اتصالها بما يصدرون
من أحكام ،باعتبار أن الذوق هو الفيصل في وصف الفن سواء أكانت نتيجة التذوق والتأثر ثابتة أم
متغيرة بتغير األزمان والبيئات .وألهمية الذوق في التعامل مع األعمال الفنية ونقدها نتناول هنا
تعريفات التذوق .
التعريف اللغوي للذوق:
وردت كلمة ( الذوق ) في معاجم اللغة بمعني الحاسة الqqتي تمqqيز بهqqا طعم األشqqياء بواسqqطة الجهqqاز
الحسي في الفم ومركزه اللسان .وفي الفن واألدب فqqإن " الqqذوق حاسqqة معنويqqة ،يصqqدر عنهqqا انبسqqاط
النفس وانقباضها لدي النظر في أثر من آثار الفن واألدب(.المعجم الوجيز.)2003 .
و في القاموس المحيط :ذاقه ذوقا وذوقانا ومذاقه اختبر طعمه ،وتذوقه ذاقه مرة بعد مرة .
وفي المنجد :الذوق ملكة تدرك بها الطعوم ، qوالذوق الطبع ،يقال هو حسن الذوق للشعر أي مطبوع
عليه .
ويقول ابن خلدون في مقدمته عن تفسير الذوق بأنه حصول ملكة البالغة للسان " :واستعير لهذه
الملكة ،عندما ترسخ وتستقر اسم الذوق الذي اصطلح عليه أهل صناعة البيان وإنما هو موضوع
إلدراك الطعوم ،ولكن لما كان محل هذه الملكة في اللسان من حيث النطق بالكالم كما هو إلدراك الطعوم
استعير لها اسمه ،وأيضا فهو وجداني للسان كما أن الطعوم qمحسوسة له فقيل له ذوق " .
ومعنى هذا أن الذوق في معناه الحسي األول عالج األشياء باللسان للتعرف علي طعمها ،ويتبع
ذلك الداللة على ثمرة الذوق من حالوة أو ملوحة أو مرارة أو حموضة ثم النفور من األشياء أو
االطمئنان إليها ،فهنا مقدمة وحكم qوعمل .وانتقلت الكلمة بعد ذلك إلى عالج األشياء بالنفس لتعرف
خواصها الجميلة أو الذميمة كحسن األلوان وتناسبها وجمال األلفاظ وبالغتها وروعة األنغام واتساقها ،
وعكس ذلك ،وبهذا دخلت دائرة الفنون الجميلة لتدل على هذه الملكة المكتسبة أو الموهوبة التي تدرك
ما في اآلثار الفنية من كمال وجمال أو نقص ودمامة .
وبالنسqqبة للمصqqطلح األجنqqبي فالتqqذوق الفqqني ، ))Artistic Appreciation :ووردت في بعض
الترجمات العربية كلمة Taste بدال من.Appreciation
و كلمqqة (( Appreciationفي The Advanced learner's dictionary of current
English,1968وردت بالمعاني اآلتية :حكم ,تقييم ,معرفة القيمة ( إدراك القيمة ) ,إعطاء قيمة
الشئ ( تقديره ) .
أمqqqqا كلمqqqqة ( )Tasteفقqqqqد وردت بمعqqqqنى القqqqqدرة على االسqqqqتمتاع بالجميل Albert Sydney
) Hornby,1968
8
ووردت كلمqة ( )Tasteفي ترجمqة نخبqة من أسqاتذة اللغqتين االنكليزيqة والعربيqة بأنهqا :ذوق ,طعم ,
حاسة الذوق ,ذاق ..ومن هنا وجب التمييز بين الذوق بوصفه حاسة وبين التذوق الفني بوصفه حكمqqا
جماليا.
والذوق حاسة في اللسان أي ذواق الطعام qوالشراب لنعرف حالوتها ،مرارتها ،ملوحتهqqا ،حموضqqتها،
مجوجتها ،والمستذاق هو المجرب والمعلوم فنقبله أو نرفضه نكرهه أو نحمده .
التعريف االصطالحي للتذوق:
يري البعض أن التذوق هو " القدرة التي تجعل صاحبها مستمتعا بمواطن الجمال في العمل الفني ،
والتعرف علي جودة العمل ورداءته " (محمد مناع )1995،
والتذوق الفني عملية اتصال تقتضي وجqqود طqqرفين أحqqدهما المرسqqل والثqqاني المتلقي وبينهمqqا قنqqاة
توصيل ،ورسالة محمولة علي هذه القناة .
و يعرف (رشدي طعيمة ) 1987 ، التذوق بأنه :النشqاط اإليجqابي الqذي يقqوم بqه المتلقي اسqتجابة
لنص أدبي بعد تركيز انتباهه عليه وتفاعله معه عقليا ووجدانيا علي نحو يستطيع به تقqqديره لqqه والحكمq
عليه " .ويمكن ان نضيف إلي النص األدبي في تعريqqف طعيمqqة أو (عمqqل فqqني)" ويتخqqذ هqذا النشqqاط
أشكاال بارزة ومتنوعة من السلوك اتفqqق النقqqاد وعلمqqاء النفس علي اعتبارهqqا مqqيزات للتqqذوق ،ودالqqة
عليه ،وهذه األشكال المختلفة من السلوك هي التي يمكن قياسها ،وتقدير نسqqبة التqqذوق علي أساسqqها
تقديرا كميا وموضوعيا .
المعنى العام للتذوق:
يمكن القول عن التذوق في معناه العqqام انqqه يمثqqل اإلحسqqاس بqqاألخر ,منطلقqqا في ذلqqك لتلبيqqة حاجqqات
بيولوجية ،فطرية ،سلوكية ،لحظية ،عqqابرة ،ال إراديqqة .ووفqqق قqqانون الوجqqود والبقqqاء واسqqتمرارية
الحياة .
المعنى الخاص للتذوق:
التذوق في معناه الخاص هو الشعور باألخر حسيا ،انفعاليا إراديا وإدراكيا و جمالي qا وفيqqه أعمqqال للعقqqل
ومرتبqqط أوال وأخqqرا باإلنسqqان ووجqqوده االجتمqqاعي الفاعqqل ,وبمحqqاوالت الqqذوق المعرفيqqة والتاريخيqqة
والجمالية والعقلية والنفسqqية والمهنيqqة والوصqqول إلى أحكqqام قيميqqة معياريqqة مقننqqة ,تقبال أو رفضqqا أو
مغايرة .
وفي مجال التخصص الفني فالتذوق الفني مرتبط بالإنتاج الفني وما نطلق عليه" التذوق الفني" يتخqqذ
أشكاال لوظيفة متعددة في الكتابات والأطروحات الفنية الفكرية المختلفة للفالسفة والمفكرين فهو :
االستجابة الجمالية واإلدراك الجمالي والحسي.
أو اإلحساس بالجمال.
9
" والتذوق الفني" هو التفاعل مع األخر انفعاليا ونفسيا.
وهqqو مqqدركات شqqكلية وموضqqوعية وقيم جماليqqة مؤسسqqة على أعمqqال الحqqواس البصqqرية والسqqمعية
واللمسية والمعرفية والمدركات الحسية والعقلية .
وهqو أيضqا تلمس األثqqر الفqني ( موضqqوع التqذوق ) في مجqqاالت وميqqادين متعqqددة سqqواء كqqانت فنqون
معرفية أو أدبية أو تعبيرية تشكيلية ,مهنية ,يدوية ,تقنية وصqqوال ممنهجqqا ألحكqqام قيميqqة مقننqqة وفqqق
معايير الرصد المنهجي المباشqqر معرفيqqا وبصqqريا بالمكونqqات والعناصqqر والرمqqوز والqqدالالت للموضqqوع
الفني موضوع المتذوق.
" والتذوق الفني " هو عملية اتصال وتواصqqل بين أعمqqال الفنqqان وبين المتqqذوق أو المسqqتمتع بالعمqqل
الفني والمتفاعل معه برؤية تأملية .
" والتذوق الفني" باتجاه مزدوج بين الفنqqان وأعمالqqه من جهqqة وبين المتqqذوق للعمqqل الفqqني من جهqqة
أخرى.
" والتذوق الفني " عملية تبادل وجداني وفكري ونفسي لها صفة الترابط االجتماعي الqqتي هي من أهم
وظائف الفن ودوره في توحيد أفكار ومشاعر وأحاسيس أفراد المجتمع.
" والتqqذوق الفqqني" كعمليqqة ال تتم على مسqqتوى واحqqد بqqل تqqأتي على مسqqتويات متفاوتqqة نتيجqqة ثقافqqة
المتذوقين وحالتهم المزاجية والنفسية واالجتماعية والبيئية.
" والتذوق الفني" هو نمط مركب من السلوك يتطلب في جوهره إصدار أحكام على قيمqة شqئ أو فكqرة
أو موضوع من الناحية الجمالية (.ثائر شاكر الأطرقجي )2011 ،
معان
ٍ وهكذا تعددت التعريفات لتحديد معنى التذوق تحديداً دقيقا ً ،وقد دارت تلك التعريفات حول
متقاربة وإن اختلفت في بعض جزئياتها ،ويمكن حصرها في هذه المحاور :
ا ـ التذوق ملكةٌ أو حاسة فنية يتمتع بها أصحاب الفطرة السليمة.
ب ـ التذوق هو الفهم الدقيق المتكامل لعناصر العمل الفني .
ج استجابة وجدانية تحسن الحكم qعلى العمل الفني بعد فهمه .
د ـ تقدير العمل الفني تقديرا سليماً.
((وخالصة هذه التعريفات أنها تُجمع على أن الذوق ( التذوق ) هو ملكة يقدَّر بها األثر الفني أو
هو ذلك االستعداد الفطري أو المكتسب الذي نقدر به على تقدير الجمال واالستمتاع به ومحاكاته
بقدر ما نستطيع في أعمالنا وأقوالنا وأفكارنا)).
10
11
الفصل الثاني
أهمية التذوق الفني وتنميته
من أهم مقومات التنمية والتقدم qفي أي مجتمع االهتمام بالتنمية البشرية ،فان اإلنسان هو هدف
تنمية المفاهيم الجمالية لإلنسان التنمية ،وهو وسيلتها ،و أحد الجوانب الهامة للتنمية البشرية
وتهذيب سلوكه للوصول به إلى الشخصية السوية المتفردة في اإلبداع والتخيل والقادرة على التنسيق
وجودة في التنظيم وفي قوة المالحظة وكل هذا مستمد ومكتسب من الفن وتذوقه.
و في ميدان التربية الصحيحة المتكاملة يتم توظيف قدرات التربية الفنية في إثراء المفاهيم الجمالية
ووضع خريطة المفاهيم للسلوك اإليجابي في المجتمع كأحد العوامل للتنشئة السليمة السوية ألفراد
المجتمع ،فاألفراد القادرون على اإلنتاج في مجتمعاتهم بطريقة إيجابية جمالية يشعرون بالنظافة
ويؤمنون بالجمال كقيمة فنية حتمية ،ذلك الجمال المنعكس من جمال األماكن التي يعيشون فيها وبالتالي
فإن الجمال الداخلي منعكس من الجمال الخارجي المستمد من هذه األماكن ،أذن فالعالقة هنا تبادليه :
الفن يغذي الفرد بالقيم الجمالية والفرد بدوره يعكسها كما فيها من جماليات في حياته اليومية في
ملبسه وفي بيئته وكل ما يحيط به.
إن اإلحساس بالجمال هو نوع من السلوك لدى الناس ينمو ويكبر ويكتسب من خالل التعلم ،هذا
السلوك أداه من أدوات التمدن التي يسعى لها اإلنسان بطبعه .فمنذ أن عرف اإلنسان هذا التمدن بأبسط
صوره فأن حالة التحول والتبدل ال تكاد أن تفارقه ،ومن البديهي أن يكون السعي وراء الشعور بالجمال
واحد من اهتمامات اإلنسان السوي الباحث دائما عن االستقرار النفسي والتكامل الشعوري بين الروح
والجسد .وهنا كانت الدعوة للتذوق الجمالي ترتفع يوما بعد يوم ،فظهر علم الجمال وعلم تذوق الفنون
المحيطة باإلنسان بمختلف صورها (سلمان الحجري .)2006 ،
إن التذوق هو قدرة علي إدراك الفن حيث يمثل الفن وسيلة تخاطب واتصال بين الفنان والمجتمع
كلغة اتصال اجتماعي له أدوار كثيرة فهو مرآة للحضارات على مر العصور ،وهو يلعب دوراً في رؤية
المتلقي لبيئته وإدراك جمالها ،كما أنه عملية توافق بين عالم الجمال وعالم الوجدان وعالم العقل ،بين
الفردي والجماعي ،بين الذاتي والموضوعي ،بين الروح اإلنسانية والطبيعة نفسها ،وينعكس على
قارئ لغة الفن ( المتذوق ) فوائد ثقافية عديدة مثل الستمتاع البصري والنفسي ،واكتساب لغة جديدة ،
واستيعاب للرموز والوحدات واألشكال وإثراء لخبرته الجمالية ،وغيرها من الفوائد qالثقافية التي تفيد
المتلقي (.نجالء رشيد)2007 ،
ومما يعود على متذوق العمل الفني من فوائد عديدة:
االستمتاع البصري.
12
القدرة على التعبير عن األحاسيس والمشاعر واألفكار .
االستقرار النفسي واالتزان واإليجابية في الشعور والثقة بالنفس.
تشكيل وحدة الفكر والمشاعر بين الفنان والمجتمع .
اكتساب المتذوق لغة جديدة
اكتساب المتذوق أنظمة وسلوك .
استيعاب المتذوق للرموز والوحدات واألشكال.
إثراء خبرة المتذوق الجمالية .
اكتساب المتذوق المعرفة ببعض المبادئ واألفكار (.أبو العباس محمود عزام. )1999،
ﺇكتساب ﺍﻟﺨﺒﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺴﺎﻋﺩ ﻋﻠﻰ ﺘﻜﻭﻴﻥ ﺍﻟﻤﺩﺭﻜﺎﺕ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﺩي االفراد.
ﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺤﺴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﺩﻯ االفراد.
ﺘﺸﺠﻴﻊ االفراد ﻭﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﺘﺠﺎﻫﺎﺘﻬﻡ ﻨﺤﻭ ﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻟﻔﻥ.
ﺇﻜتساب االفراد ﺍﻟﻘﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﻭﺘﺫﻭﻕ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺒﻤﻔﺎﻫﻴﻡ ﺍﻟﻔﻥ.
ﻴﺩﻓﻊ االفراد ﻨﺤﻭ ﺍﻟﻔﺤﺹ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻲ ،ﻭﺍﻟﻭﺼﻭل ﺇﻟﻰ ﻤﻔﻬﻭﻡ ﻋﺎﻡ ﻭﺸﺎﻤل ﻟﻠﻔﻥ.
ﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﻘﺩﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻴﺔ ﺍﻟﻤﺭﺘﺒﻁﺔ ﺒﺘﻁﺒﻴﻕ ﺍﻟﻤﻌﺎﻴﻴﺭ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ ،ﻭﺇﺒﺭﺍﺯ ﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤـل ﺍﻟﻔﻨـﻲ ﻤـﻥ ﻤﻀﺎﻤﻴﻥ
ﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺘﻬﺎ ﺒﺸﻜل ﻤﻭﻀﻭﻋﻲ.
ﺘﻁﻭﻴﺭ ﻤﻬﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﻼﺤﻅﺔ ﻭﺤﺏ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﻭﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﺍﻻﺒﺘﻜﺎﺭﻱ.
ﻴﺴﺎﻋﺩ ﺍﻟﻤﺘﺫﻭﻗﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﺘﻨﻅﻴﻡ ﺃﻓﻜﺎﺭﻫﻡ ﻟﻠﻭﺼﻭل ﺇﻟﻰ ﻗﺭﺍﺭﺍﺕ ﻤﻨﻁﻘﻴﺔ ﻟﻠﺤﻜﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ.
ﺍﻻﺭﺘﻘﺎﺀ ﺒﻭﺠﻬﺎﺕ ﻨﻅﺭ ﺍﻟﻤﺘﺫﻭﻗﻴﻥ ،ﻭﺍﺯﺩﻴﺎﺩ ﻁﻤﻭﺤﺎﺘﻬﻡ ﻭﺃﻫﺩﺍﻓﻬﻡ.
ﺘﺭﺒﻴﺔ ﺤﻭﺍﺱ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻤﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﺭﺅﻴﺔ ﺍﻟﺠﻤﺎل ،ﻭﺇﻜﺴﺎﺒﻬﻡ ﺴﻠﻭﻜﺎ ﺠﻤﺎﻟﻴﺎ .ﺘﻁﻭﻴﺭ ﻤﻔﺭﺩﺍﺕ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻤﻴﻥ
ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﻌﺭﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻥ ،ﻭﺍﻟﻌﻤل ﻋﻠﻰ ﺍﺘﺴﺎﻉ ﻤﺠﺎﻟﻬﺎ.
ﺘﻨﻤﻴﺔ ﻗﺩﺭﺍﺕ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﺒﺼﺭﻱ ﻟﻠﻤﺘﺫﻭﻗﻴﻥ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﻤﻜﻨﻬﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻌﺭﻑ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻨﺎﺼـﺭ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔـﺔﺍﻟﻤﻜﻭﻨﺔ
ﻟﻺﺒﺩﺍﻋﺎﺕ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ( .ﻋﺒﻴﺭ ﺼﺒﺤﻲ ﺩﻴﺎﺏ . )1999،
ﺍﻟﺘﺫﻭﻕ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻭﺍﻟﺘﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ:
ﻴﻌﺩ ﺍﻟﺘﺫﻭﻕ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻤﻥ ﺃﻫﻡ ﺃﻫﺩﺍﻑ ﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ،ﻓﺎﻟﺨﺒﺭﺍﺕ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻜﺘﺴﺒﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻤـﻭﻥﺘﻨﻤﻲ
ﻟﺩﻴﻬﻡ ﺍﻟﻘﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺘﺫﻭﻕ ﺘﻌﺒﻴﺭﺍﺕ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺍﻻﺒﺘﻜﺎﺭﻴﺔ ،ﻓﺎﻟﻤﺘﻌﻠﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻴﺱ ﻟﺩﻴـﻪ ﺤـﺱ ﻜـﺎﻑﺍﻟﻜﻔﺎﻴﺎﺕ
ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﻟﺩﻯ ﻤﻌﻠﻤﻲ ﺍﻟﺘﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﻟﻠﺠﻤﺎل ﻻ ﻴﻜﻭﻥ ﺃﻱ ﺸﻲﺀ ﻋﻨﺩﻩ ﻟﻪ ﻤﻌﻨﻰ ،ﻭﺍﻟﺘﺫﻭﻕ ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﻴﻜﺘﺴﺒﻪ
ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻡ ﺒﻨﻔـﺴﻪ ﻋـﻥ ﻁﺭﻴـﻕ ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ،ﻭﺃﻥ ﻴﻨﺩﻤﺞ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻋﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﻴﺘﺫﻭﻗﻬﺎ ،ﻭﻫﺫﺍ ﻴﺘﻀﻤﻥ
13
ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ،وﺍﻟﻤﻌﺭﻓـﺔ ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﻴﺒﺫل ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻡ ﺠﻬﺩﺍﹰ ﻟﺘﻌﻠﻤﻬﺎ ،ﻟﺫﻟﻙ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺘﺫﻭﻕ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻴﺭﺘﺒﻁ ﺒﺎﻷﺸـﻴﺎﺀ
ﻤﺘﺼﻼﹰ ﺒﺎﻟﻨﻭﺍﺤﻲ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ،ﺃﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻥ ،ﺃﻡ ﺍﻟﻨـﻭﺍﺤﻲ ﺍﻟﻤﺘـﺼﻠﺔ ﺒﺎﻟﺴﻠﻭﻙ ﺒﺸﻜل ﻋﺎﻡ ،ﻭﻤﻥ
ﺍﻷﺴﺱ ﺍﻟﻤﻬﻤﺔ ﻟﻠﺘﺫﻭﻕ ﺍﻟﻔﻨﻲ ،ﺍﻟﺭﺅﻴﺔ ﺍﻟﺴﻠﻴﻤﺔ ﻟﻠﻌﻤل ﺍﻟﻔﻨﻲ ،ﺜﻡ ﻤﻥ ﺨـﻼل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺭﺅﻴﺔ ﻨﺴﺘﻁﻴﻊ ﺃﻥ ﻨﻜﻭﻥ
ﺴﻠﻭﻜﺎﹰ ﺠﻤﺎﻟﻴﺎﹰ ،ﺃﻱ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺫﻭﻕ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻴﺅﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺨﻠﻕ ﺴـﻠﻭﻙ ﺠﻤـﺎﻟﻲ ،ﻜﺫﻟﻙ ﺘﺩﻋﻴﻡ ﺍﻟﻘﻴﻡ ﻭﺍﻟﻌﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﺤﻤﻴﺩﺓ،
ﺫﻟﻙ ﻋﻥ ﻁﺭﻴﻕ ﺘﺫﻭﻕ ﺍﻷﻋﻤﺎل ﺍﻟﻔﻨﻴـﺔ ﻭﻤﻤﺎﺭﺴـﺘﻬﺎ ،ﻓﺘـﺫﻭﻕ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﺃﻥ ﻴﺭﻓﻊ ﻤﻌﻨﻭﻴﺎﺕ
ﻀﺭﻭﺭﺓ ﺘﻀﻤﻴﻥ ﺍﻟﺘﺫﻭﻕ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻲ ﻓﻲ ﻤﻨﺎﻫﺞ ﺍﻟﻔـﻥ ﺨﺎﺼﺔ ﻟﺯﻴﺎﺩﺓ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﻓﻲ ﺍﻵﻭﻨﺔ ﺍﻷﺨﻴﺭﺓ ﺒﺈﺜﺎﺭﺓ
ﺍﻷﺴﺌﻠﺔ ﺤﻭل ﺍﻟﺘﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﻭﺃﺩﻭﺍﺭﻫﺎ ،ﻭﺃﻫﻤﻴﺘﻬـﺎ ،ﻭﻀﺭﻭﺭﺓ ﺘﺩﻋﻴﻡ ﺍﻟﻤﻌﺎﻴﻴﺭ ﺍﻟﺴﻠﻴﻤﺔ ﻟﻠﺘﺫﻭﻕ ﻭﺭﻓﻊ
ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﻜﻔﺎﻴﺔ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻤﻴﻥ ،ﻭﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﻨﺵﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺄﻤل ﻭﺍﻹﺒﺩﺍﻉ ﻭﺍﻟﻨﻘﺩ ﻭﺍﻟﺘﺤﻠﻴل ،ﻭﻫﻭ ﻁﺭﻴﻕ ﺇﻟﻰ
ﻤﺠﺘﻤﻊ ﻤﺘﻘﺩﻡ.
ﻭ ﺘﺫﻭﻕ ﺍﻷﻋﻤﺎل ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ،ﻴﺸﻜل ﺩﻋﺎﻤﺔ ﻗﻭﻴﺔ ﻓﻲ ﺘﻨﻤﻴـﺔ ﺍﻟﺸﺨـﺼﻴﺔ ﺍﻟﻤﺒﺩﻋﺔ ،ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ،ﺫﻟﻙ ﻓﻲ
ﻋﻨﺼﺭ ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﻬﻤﺔ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻌﺩ ﻤﻥ ﺃﻫـﻡ ﻤﻘﻭﻤـﺎﺕﺍﻟﺘﺫﻭﻕ ﺍﻟﻔﻨﻲ ،ﺇﻟﻰ ﺠﺎﻨﺏ ﺍﻟﺭﺅﻯ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ
ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ ﻤﺤﻴﻁ البيئة ﺘﺴﻬﻡ ﻓـﻲ ﺘﻌﻤﻴـﻕ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ،ﻭﺩﻋﻡ ﺍﻟﺨﺒﺭﺍﺕ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ،ﻭﺍﺴﺘﻴﻌﺎﺏ ﺍﻟﻤﻼﻤﺢ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ
ﻤﻥ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﻌﻜﺱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟـﺼﻭﺭ ﺍﻟﻔﻨﻴـﺔ ﻭﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻤﻥ ﺃﻟﻭﺍﻥ ﻭﺨﻁﻭﻁ ،ﻭﺇﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺒﻴﻥ ﺍﻷﺸﻜﺎل
ﻭﺘﻨﺎﺴﺒﻬﺎ ﻭﺠﻭﺩﺓ ﺍﻟﺘﺭﻜﻴﺏ ،ﻭﺍﻻﻨﺴﺠﺎﻡ ،ﻭﺍﻟﺘﻨﺎﻏﻡ ،ﻭﺍﻹﻴﻘﺎﻉ ،ﻭﺍﻟﺘﻭﺍﺯﻥ ﻭﻏﻴﺭ ﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﺃﺴﺱ ﻋﻨﺎﺼﺭ ﺍﻟﻌﻤل
ﺍﻟﻔﻨﻲ ﺃﺜﻨﺎﺀ ﺘﺄﺩﻴﺔ ﺍﻟﻌﻤـل ﺍﻟﻔﻨـﻲ ،ﻭﻫﺫﺍ ﻴﺘﻁﻠﺏ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻡ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻋﻥ ﺍﻟﻘﻴﻡ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ ،ﻭﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ
ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﻠﻭﻨﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﻴﺸﺔ ﺍﻟﻜﺎﻤﻠﺔ ﻭﺍﻻﻨﺩﻤﺎﺝ ﻭﺍﻻﺴﺘﻤﺘﺎﻉ ﺤﺘﻰ ﺘﺘﺤﻘﻕ ﺍﻟﻤﻬﺎﺭﺓ(ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻜﺭﻴﻡ ﻤﺤﻤﺩ لبد
.)1999،
و ﺍﻟﺘﺫﻭﻕ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻴﻬﺘﻡ ﺒﺎﻟﺘﺤﻠﻴل ﻭﺍﻟﺘﻌﺭﻑ ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﻴﻠﻲ:
-1ﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻉ ﺍﻟﻔﻨﻲ :ﻤﺩﻯ ﺍﻟﺸﻌﻭﺭ ﺒﺎﻟﻤﺘﻌﺔ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ ﻤﻥ ﺨﻼل ﻤﺸﺎﻫﺩﺓ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﻔﻨﻲ.
-2ﺍﻟﺘﻌﺭﻑ ﺇﻟﻰ ﻓﻬﻡ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻭﺇﺩﺭﺍﻜﻪ ﻤﻥ ﺨﻼل:
14
ﺒﻤﺎﺫﺍ ﻴﺘﺼﻑ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﻔﻨﻲ ﺒﻌﺩ ﺘﺤﻠﻴﻠﻪ؟ ﻭﻤﻘﺎﺭﻨﺘﻪ ﺒﺄﻋﻤﺎل ﻓﻨﻴﺔ ﺃﺨﺭﻯ ﻋﻠـﻰ ﺍﻟﻤـﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﻔـﺭﺩﻱ
ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻋﻲ؟
ﻤﺩﻯ ﻓﻬﻡ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻤﻥ ﺘﻜﺭﺍﺭﺍﺕ ﻓﻨﻴﺔ ﺃﺨﺭﻯ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤـﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﻔـﺭﺩﻱ
ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻋﻲ.
ﻤﺩﻯ ﻓﻬﻡ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻤﻥ ﺘﻜﺭﺍﺭﺍﺕ ﻟﻸﻨﻭﺍﻉ ،ﻭﺍﻟﺘﺸﺎﺒﻪ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻌﻨﺎﺼﺭ ﻓـﻲ ﺍﻟﻨﻭﻉ،
ﺍﻟﺘﺒﺎﻴﻥ ﻓﻲ ﺍﻷﺸﻜﺎل ﻭﺍﻟﻌﻨﺎﺼﺭ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﻭﺃﻨﻭﺍﻋﻬﺎ.
-3ﺍﻟﺘﻌﺭﻑ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺼﺩ ﻤﻥ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻤﻥ ﺨﻼل:
ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﻭﺍﻟﻘﻴﻡ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤﻘﻘﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﻔﻨﻲ.
ﺍﻟﺸﻌﻭﺭ ﻭﺍﻹﺤﺴﺎﺱ ﺒﻤﻭﺍﻁﻥ ﺍﻟﺠﻤﺎل ﻭﺍﻟﻘﻴﻡ ﺍﻟﺤﺴﻨﺔ ،ﻭﺍﻟﻘﻴﻡ ﺍﻟﻐﻴﺭ ﺤﺴﻨﺔ ﻜﻤﺤﺘﻭﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﻔﻨﻲ.
ﻤﺩﻯ ﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻹﺤﺴﺎﺱ ﺒﻭﺠﻭﺩ ﻗﻴﻡ ﺠﻤﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﻭﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻟﻤﺤﻴﻁﺔ ﺒﻪ( .أحمد ﻋﻠﻲ ﻜﻨﻌﺎﻥ)1995،
ﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﺫﻭﻕ ﺍﻟﻔﻨﻲ:
وتتجه األمم والشعوب في العصر الحديث إلى تنمية الذوق بشتى الوسائل باعتبار qالqqذوق الرفيqع يعqqد عنوانqqا
للرقي والتقدم ،فليست المقاييس العمرانية والصناعية qببعيدة عن الذوق وإنما يعد الذوق عqqامال أساسqqيا فيهqqا .
والتذوق الصحيح للفن يقqqود لغايتqqه المنشqqودة وهي تهqذيب الشqqعور واألخالق و تنقية qالنفس ولqqذا كqqانت تنميqqة
الذوق هي الغاية األولى في تدريس التربيqة الفنيqة والتqذوق رسqالة qيجب أن يحسqن فهمهqا ،والمبqدع يمثqل لqه
الذوق أهمية قصوى بوصفه أول المتqqذوقين لعملqqه ،أمqqا المتلقي فتqqذوق العمqqل الفqqني qيجعلqqه يqqدرك الغايqqة منqqه
وصاحب الذوق السليم qيستطيع تقدير اآلثار qالفنية وإدراك ما في الكون من تناسق وتناسب .
ويمكن ﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﺫﻭﻕ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻲ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﺨﻼل التدﺭﻴﺏ ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﻴﻠﻲ:
-1ﻤﻼﺤﻅﺔ ﻭﻤﺸﺎﻫﺩﺓ ﺍﻟﻅﻭﺍﻫﺭ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﻴﺔ.
-2ﻤﻼﺤﻅﺔ ﺃﺸﻜﺎل ﺍﻟﺠﻤﺎل ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻟﻤﺤﻴﻁﺔ.
-3ﺠﻤﻊ ﻭﺘﺼﻨﻴﻑ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺜﻴﺭ ﺇﺤﺴﺎﺴﻪ ﺒﺎﻟﺠﻤﺎل ﻜﺎﻟﻔﺭﺍﺸﺎﺕ ﻭﺍﻟﺯﻫﻭﺭ ،ﻭﺍﻟﻘﻭﺍﻗﻊ،
ﻭﺍﻷﺼﺩﺍﻑﻭﺍﻷﺤﺠﺎﺭ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ.. .ﺍﻟﺦ.
-4ﺍﺼﻁﺤﺎﺏ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻡ ﻟﻠﻤﻌﺎﺭﺽ ﻭﺍﻟﻤﺘﺎﺤﻑ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ.
-5ﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻜﺎﻟﺭﺴﻡ ﻭﺍﻟﺘﺸﻜﻴل ﺒﺨﺎﻤﺎﺕ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﻋﻤﺎ ﺴﻤﻌﻪ و ﺸﺎﻫﺩﻩ.
-6ﻓﻙ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ﻭﺘﺭﻜﻴﺒﻬﺎ ،ﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻜﺘل ﻭﺍﻷﺠﺯﺍﺀ.
-7ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻡاالصابع ﻓﻲ ﺍﻟﺭﺴﻡ
-8ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﺍﻟﻔﺭﺸﺎﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻠﻭﻴﻥ.
-9ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﺍﻟﻌﺠﺎﺌﻥ (ﺍﻟﺼﻠﺼﺎل -ﺍﻟﻁﻴﻥ -ﺍﻟﻭﺭﻕ).
ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﺨﺎﻤﺎﺕ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﻜﺎﻟﻔﻠﻴﻥ ،ﻭﺍﻷﺴﻼﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴل ﺍﻟﻔﻨﻲ. -10
ﺩﻤﺞ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﻓﻲ ﻓﺭﺍﻏﻬﺎ ﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺸﻜﻠﻬﺎ ﻭﺤﺠﻤﻬﺎ. -11
15
ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﺍﻟﺨﻁﻭﻁ ﺍﻟﻤﺘﻘﺎﺭﺒﺔ ﻭﺍﻟﻤﺘﺒﺎﻋﺩﺓ. -12
ﺘﺩﺭﻴﺏ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻡ ﻋﻠﻰ ﻤلﺀ ﻓﺭﺍﻍ ﺍﻷﺸﻜﺎل ﺒﺎﻟﻠﻭﻥ ﻟﻠﺘﻌﺭﻑ ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺎﺤﺘﻬﺎ. -13
ﻤﻘﺎﺭﻨﺔ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ﺒﻌﻀﻬﺎ ﺒﺒﻌﺽ ﻓﻲ ﺍﻷﺤﺠﺎﻡ ﻭﺍﻟﻠﻭﻥ. -14
ﻤﻁﺎﺒﻘﺔ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺘﺸﺎﺒﻬﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺎﺤﺔ( .ﺃﺤﻤﺩ ﺇﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ﺍﻟﺒﻨﺎ )1992، -15
ويزيد من أهمية ﺍﻟﺘﺫﻭﻕ ﺍﻟﻔﻨﻲاالسس التي يخضع لها حيث ان ﺍﻟﺘﺫﻭﻕ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻴﺨﻀﻊ
ﻟﻸﺴﺱ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ:
.1ﺍﻟﻨﻅﺭﺓ ﺍﻟﺴﻠﻴﻤﺔ ﻟﻠﻌﻤل ﺍﻟﻔﻨﻲ :ﻜل ﻤﺘﻌﻠﻡ ﻟﻪ ﻁﺒﻴﻌﺘﻪ ﺍﻟﺨﺎﺼﺔ ﺒﺎﻟﺘﺫﻭﻕ ،ﺍﻷﻤﺭ ﺍﻟـﺫﻱ ﻴﺅﻜـﺩ ﺃﻥ ﺍﻷﺫﻭﺍﻕ
ﻤﺘﻌﺩﺩﺓ ﻭﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﺤﺘﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﻋﻠﻰ ﺸﻲﺀ ﻤﻌﻴﻥ ،ﺃﻭ ﻋﻤل ﻓﻨﻲ ﻤﻌﻴﻥ ،ﻭﻴﺨﻀﻊ ﺫﻟـﻙ ﺇﻟﻰ ﻨﻭﺍﺤﻲ
ﻨﻔﺴﻴﺔ ﻭﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﻭﺒﻴﺌﻴﺔ ،ﻭﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ،ﻭﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ...ﺍﻟﺦ.
.2ﺘﺭﺍﺙ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ﻭﺘﻭﺍﺼﻠﻪ ﺒﺎﻟﺤﺎﻀﺭ :ﻻﺒﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺭﻜﻴﺯ ﻋﻠﻰ ﺘﺭﺍﺙ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ﻭﺘﺫﻭﻗـﻪ ﻭﻤﻌﺭﻓـﺔ
ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻭﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻗﺎﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻔﻥ ،ﻤﻥ ﺨﻼل ﻤﻌﺎﻴﺸﺔ ﺘﺭﺍﺙ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ﺒﺎﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟـﺫﻱ ﻜـﺎﻥ ﺴﺎﺌﺩﺍﹰ،
ﻭﺍﻟﺘﻘﺩﻡ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻱ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻌﺼﺭ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻭﺍﻷﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺘﻭﻓﺭﺓ ﻓﻲ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻔﺘﺭﺓ.
-3ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﺩﻭﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﺘﻌﺩﺩ ﺍﻟﺭﺅﻴﺔ :ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻟﻬﺎ ﺩﻭﺭ ﻜﺒﻴﺭ ﻓﻲ ﻋﻘل ﺍﻟﻤـﺘﻌﻠﻡ ﺍﻟﻤﺘـﺫﻭﻕ ﻟﻸﻋﻤـﺎل ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ،
ﻓﺈﺫﺍ ﻭﺠﹺﺩ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻡ ﻓﻲ ﺒﻴﺌﺔ ﻓﻨﻴﺔ ﻴﺘﺤﺎﻭﺭ ﻤﻊ ﺍﻟﻤﺘﺫﻭﻗﻴﻥ ﻟﻠﻔﻥ ﺒﺎﺴﺘﻤﺭﺍﺭ ،ﺍﻷﻤﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴـﺴﻬﻡ ﻓﻲ ﺇﻴﺠﺎﺩ
ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﻬﻡ ﻟﻤﻀﻤﻭﻥ ﻭﻜﻨﻪ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻟﺜﻭﺍﺒﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺭﺴﺒﺕ ﻓﻲ ﺫﻫـﻥ ﺍﻟﻤﺘﺫﻭﻕ ،ﻭﻫﺫﺍ
ﻴﺨﻀﻊ ﻟﺨﺒﺭﺍﺕ ﺘﺫﻭﻗﻴﺔ ﻟﻴﺱ ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﻔﺭﺩ ﺒل ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ اﻟﻤﺠﺘﻤـﻊ ﺇﺫﺍ ﺸﺎﺀ ﺍﻟﻭﻋﻲ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ.
-4ﺍﻟﺘﺫﻭﻕ ﻤﻥ ﻀﺭﻭﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ q:ﺇﻥ ﺍﻟﺘﻘﺩﻡ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻭﺍﻟﺘﻜﻨﻭﻟﻭﺠﻲ ﻴﺴﻬﻡ ﻓﻲ ﺭﻗﻲ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﺘـﺫﻭﻕ ﻟﺩﻯ
ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻤﻴﻥ ،ﻓﺎﻟﺘﺫﻭﻕ ﻴﻨﺘﺞ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻌﻠﻡ ،ﻭﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻡ ﻭﺍﻟﻤﺜﻘﻑ ﺒﺎﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ﺸﻌﺏ ﺫﻭﺍﻕ ﺭﺍﻕ ﻭﺍﻟﻌﻜﺱ
ﺘﻤﺎﻤﺎﹰ ،ﻜﻤﺎ ﺃﻥ ﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺩﻴﻨﺔ ،ﻭﺘﻨﻅﻴﻡ ﺸﻭﺍﺭﻋﻬﺎ ﻭﻤﺴﺎﻜﻨﻬﺎ ،ﻭﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﺤﺭﻜـﺔ ،ﻭﺘﺤﻤل ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ
ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﻤﻼﺕ ﺍﻟﻤﻨﻅﻤﺔ ،ﻭﺍﻟﺴﻠﻭﻜﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﻬﺫﺒﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻤﻴﻥ ﺘﺨـﻀﻊ ﻟﻠـﺫﻭﻕ(ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻜﺭﻴﻡ ﻤﺤﻤﺩ ﻟﺒﺩ )2010،
16
17
الفصل الثالث
جـوانب الــتذوق الفني
ومجاالته
يستند تذوق العمل الفني إلى خqبرة تذوقيqة تكامليqة تقqوم على التكامqل بين عqدة جqوانب ،وذلqك بهqدف
تحليل العمل ،وليس معني التحليل تفتيت العمل الفqqني ،ولكن يعqqني النظqqر لqqه من كqqل الجqqوانب وتكqqثيف
الضوء على أشكال السلوك التذوقي المتمثلة في هذه الجوانب ،وهي:
.1الجانب العقلي :ويقصد بqqه قqqدرة المتلقي على فهم العمqqل الفqqني من الناحيqqة الفكريqqة ،واسqqتخراج
األفكار الواردة فيه ،وفهم المعاني التي تكمن في األفكار ،والجدة واالبتكار فيها.
وال بد للمتذوق أن تتوافر لديه القدرات العقلية الqتي تؤهلqه إلصqدار أحكqام تقويميqة ،وأن يتمتqع بكفqاءة
عقلية عالية تمكنه من زمام العمليات المعرفية كqالفهم واالسqتدالل والتخيqل والحqدس ممqا يسqاعده على
إعادة تشكيل المضمون العقلي للنص األدبي تبعqا ً لقدراتqه العقلية ،وقqد أكqدت العديqد من الدراسqات على
أهمية الجانب العقلي وأنه من أكثر جوانب التذوق التي تحظى باهتمام المعلمين
.2الجانب الوجداني :يقصqqد بالجqqانب الوجqqداني إحسqqاس المتلقي بعاطفqqة المبqqدع،ومqqا تركتqqه هqqذه
التجربة الشعورية التي مر بها من ظالل وتqqأثيرات على خطوطqqه وألوانه وصqqوره ومعانيqqه في العمqqل ،
وهكذا يعيش العمل أكثر من حياة ،فيحيا حيqqاة جديqqدة مqqع كل متqqذوق يqqراه فعنqqدما يطqqالع المتلقي العمqqل
الفني ويتذوقه فإنه يعيش مع العمل ،ويجري حوارات مع مبدعه ويستعيد تجربته ،ويعيد بناء جو العمqqل
نفسيا ً وفنيّا ً في ضوء خبرته وثقافته ،ويحكم عليه في ضوء ما يُحدثه العمل في وجدانه.
.3الجانب الجمالي :يعني الجانب الجمالي بتذوق العمل الفني من ناحية الشكل والمضمون الجمالي،
والتعqqرف على أثqqر كqqل عنصqqر من عناصqqر العمqqل في إثqqارة الجمqqال في موضqqعه ،وإدراك العالقqqات
والتداخالت فيما بينها.
ويختلف تذوق الجانب الجمالي للعمل من شخص إلى آخر نظراً لما يتركه العمل الفني من تqأثير وجqqداني
وعاطفي في نفس كل متذوق ،وهذه عملية نسبية متفاوتة.
.4الجانب االجتماعي :لعملية التنشئة دور كبير في إمqqداد المتqqذوق بأسqqاليب سqqلوكية تجعلqqه يفضqqل
نماذج من الفن ويعارض أخرى ،فالمتذوق ال يتqqذوق العمل من خالل قراءتqqه لqqه فقط ،بqqل في ضqqوء مqqا
أرسته أياد كثيرة ساهمت في تكوين ذوقه مثل :التنشئة االجتماعية والتربية والثقافة التي سqاهمت بحqظ
وافر في تكوين شخصيته بما تتضمنه من ميول ودوافع واتجاهات وقيم.
لذا فالجانب االجتماعي بمثابqqة الوعqqاء الqqذي يضqqم جqqوانب التqqذوق الفqqني جميعهqqا ،فهqqو أسqqاس عمليqqة
التذوق؛ ألن تذوق المتلقي للعمل الفني إنما يكون في إطار تربيته وثقافته ،فعنqqدما يصqqدر المتلقي حكم qا ً
18
عقليًا أو وجدانيًا أو جماليًا فإنه يتأثر بتكوينه العقلي وثقافته واتجاهاته وتنشئته االجتماعيqqة ومعتقداتqqه.
(مصري حنورة ،د.ت).
رغم أن عملية التذوق الفني تتضمن تلك الجوانب الأربعة جوانب فإن هذه العملية خبرة تذوقيqqة تكامليqqة
تقوم على التوازن والتكامل بين الجوانب األربع (العقلي ،والوجدانqي ،والجمالي ،واالجتماعي) ،وال غنى
عن أي جانب في أثناء عملية التذوق.
العوامل التي تسهم في تكوين التذوق الفني :
.1البيئة : qللبيئة أثر عميق في تكوين األخالق ،وتمايزها ،فالذوق الحضري يختلف عن ذوق القqqروي
وذوق الغني غير ذوق الفقير.
ويراد بالبيئة الخواص الطبيعية واالجتماعية التي تتوافر في مكان ما ،فتؤثر فيما تحيط به آثارا حسqqية
ممتازة ،والدليل على ذلك أننا نجد أن الذوق عند البدو غيره عند أهل الحضر لما بين البيئتين من فروق
ماديqqة ومعنويqqة تطبqqع عناصqqر الqqذوق بطابعهqqا في كلتيهمqqا ،وهي فqqروق بين الخشqqونة والرقqqة وبين
الجهالة والمعرفة وبين االضqqطراب واالسqqتقرار وبين البسqqاطة والتعقيqqد ،وهي فqqروق بين ذوق يطمئن
إلى العناصر الخيالية الصحراوية وإلى المعاني القريبة الصريحة والفضائل البدويqqة والحريqqة وبين ذوق
ال يرضى إال بصورة الترف وعميق المعاني ،والعناية باألداء والصنعة ،فqإذا تغqqيرت البيئqqة تغqqير معهqqا
الذوق األدبي منشئا وناقدا ،ومما يدل على صدق ذلك قصة علي بن الجهم لما ورد على المتوكqqل مادحqqا
بقوله :
أنت كالكلب في حفاظك للود وكالتيس في قراع الخطوب
فهم بعض الحضور بقتله ،فقال الخليفة " :خqل عنqqه فqذلك مqا وصqل إليqه علمqqه ومشqهودة ،ولقqد
توسمت فيه الذكاء فليقم بيننا زمنا وقد ال نعدم منه شاعرا مجيدا " فلما أقام في الحضر بضع سنين قqqال
الشعر الرقيق المالئم للبيئة الحضرية كقوله:
عيون المها بين الرصافة والجسر *** جلبن الهوى من حيث أدري وال أدري
*
سلوت ولكن زدن جمــــرا على جمر * * أعدن لي الشوق القديــــــــم ولم أكن
وكان لهذه البيئات المختلفة آثارها المختلفة في تفاوت الذوق األدبي سواء أكqqان في العصqqر الواحqqد أم
في العصور المتتابعة ،فال شك أن عدي بن زيد في الجاهلية يختلف عن زهير وطرفqqة في الqqذوق األدبي
لطول مقqqام عqqدي في الحاضqqرة ممqqا أكسqqبه رقqqة وسالسqqة ال تجqqدهما عنqqدهما في جزالتهمqqا وبqqداوتهما
الخشنة ،وال شك أيضا أن الذوق األدبي على شطآن دجلة والفرات في العصر العباسي غيره في جزيqqرة
العرب ،لما هذه البيئة الحديثة من خواص تجمعت وطبعت النقاد واألدبqqاء طابعqqا حqqديثا في تqqذوق األدب
وإنشائه .
19
.2الزمان :ويراد به العوامل المستحدثة التي تتوافر لشعب ما في فترة من الفترات فتنقله في درجات
الرقي والحضارة فيتشكل بما يتقرر في عصره من ثقافqqة ومqqذاهب مبتكqqرة ،وهكqqذا يكqqون الqqذوق حلقqqة
تاريخية تصور خالصة الجهود الثقافية والتهذيبية لعصر من عصqqور التqqاريخ الفqqني ،وتجqqد أمثلqqة ذلqqك
واضحة في تحول الذوق الفني في العصور المختلفة .
فكلما ارتقي اإلنسqqان من عصqqر لعصqqر آخqqر تتغqqير مقومqqات حياتqqه ،وتqqزداد معارفqqه وتتعمqqق أفكqqاره ،
وتترقي فنونه ،ومن هنا تتباين األذواق عبر العصور المختلفة .
نعني به الجماعة التي سكنت مكانqqا واحqqدا qوخضqqعت في حياتهqqا لعواملqqه عهqqودا طويلqqة .3الجنس :
فنشأت فيهم طائفة من العادات واألخالق وطرق الفهم واإلدراك يخالفون فيqqه سqqواهم ممن أنجبتهم بيئqqة
أخرى مغايرة ،ولكل جنس طابعه في الذوق الفني .
.4الشخصية :من أهم المؤثرات في التعامل مع العمqqل الفqqني اختالف ميqqول األفqqراد ممqqا يqqؤدي إلي
اختالفهم في الذوق ،وأيضا يكون للحالة النفسية الqqتي يمqqر بهqqا المتqqذوق أثqqرا كبqqيرا في تذوقqqه للعمqqل
الفني ،وهناك من العلماء مqا يسqمي ذلqك بتqأثير المqزاج الخqاص أو الشخصqية الفرديqة و المqزاج هqو
الشخصية الفطرية الطبيعية أو هو ذلك العنصر من عناصر الحياة العقلية الذي يختلqqف بqqاختالف األفqqراد
من الناحيqqة الوجدانيqqة وكqqذلك من ناحيqqة الميqqول .ومن المتفqqق عليqqه أن لألمزجqqة آثqqارا واضqqحة في
الشخصية وأنها تختلف باختالف األفراد وأنها تحدد وجهة نظر الفqqرد نحqqو مqqا حولqqه وتqqؤثر في سqqلوكه
ويqqدخل في المqqزاج الحqqاالت النفسqqية إلى حد بعيد فيظهر أثر ذلك في الذوق الفqqني إنشqqاء ونقqqدا ،
التي تستأثر ببعض النفوس فتحملها على إنشاء أو استحسان فن خاص .
.5التربية :qوالمعني بها آثqار األسqرة والتعليم والتنشqqئة الخاصqة ،فقqqد تجqد جماعqqة من جنس واحqد
وبيئqqة واحqqدة وزمqqان واحqqد و مqqع ذلqqك يختلفqqون في األذواق بسqqبب مqqا اختلافهم في الثقافqqة والدراسqqة
والتهذيب الذي ظفر به كل منهم وفي الحياة الخاصة من لين وخشونة وتشمل وكاالت التربية المختلفة:
األسرة والمؤسسات التعليمية والتنشئة الخاصqqة .وهي مqqؤثرات في الqqذوق حسqqب الدراسqqة و التهqqذيب،
وحسب ما يناله المتذوق من ثقافة (.محجوب الصديقي .)1989،
.6التفكير :إن التفكير الناقد و التفكير االبتكqاري يqؤثران في التqذوق األدبي بدرجة كبqيرة ويؤديqان
إلي قدرة الطالب على التذوق حيث أكدت دراسة (سqqعيد ذكي ) 2000 ،على وجqqود عالقqqة دالqqه موجبqqه
بين كل من التذوق وقدرات التفكير االبتكاري فى مستوى ( الطالقة – المرونة – األصالة (.
20
.2ﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻻﻜﺘﺴﺎﺏ :ﻭﻴﻜﻭﻥ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﺩﻭﺭ ﺍﻷﻜﺒﺭ ﻓﻲ ﺇﻜﺴﺎﺏ ﺸﺨـﺼﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻡ ﻁﺎﺒﻌﺎﹶ ﺠﻤﺎﻟﻴﺎﹰ ،ﻴﻨﻌﻜﺱ ﻓﻲ
21
يمس الشعور باألخر عبر المران والتدريب والخبرة واالكتساب والتجربة
عبر أنماط الوعي والتواصل وارتقاء المستوى اإلدراكي .
حسي من حالة المدركات الحسية الغريزية والعفوية qوالتلقائية .
العقلي ذو المعنى الداللي والمتجاوز لمؤثرات اللحظqqات الوجوديqqة االنطباعيqqة وصqqوال إلصqqدار
أحكام معيارية وقيمية لمجاالت التذوق .
ﻭﻴﺸﻴﺭ ﺍﻟﺒﺴﻴﻭﻨﻲ ﺇﻟﻰ ﻭﺠﻭﺩ ﻤﻌﺎﻴﻴﺭ ﻭﻤﺴﺘﻭﻴﺎﺕ ﺘﺫﻭﻗﻴﺔ ،ﻭﻴﻌﺘﻤـﺩ ﺍﻟﺘـﺫﻭﻕ ﻋﻠﻰ ﺜﻼﺜﺔ ﻋﻭﺍﻤل ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻨﺤﻭ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ:
.1ﺍﻟﺘﺭﺒﻴﺔ ﺒﻤﻌﻨﺎﻫﺎ ﺍﻟﻤﻘﺼﻭﺩ ﻭﻏﻴﺭ ﺍﻟﻤﻘﺼﻭﺩ.
.2ﺍﻹﺤﺴﺎﺱ ﻭﻤﻌﻨﺎﻩ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﺃﻭ ﺍﺴﺘﻘﺒﺎل ﺍﻷﺤﺎﺴﻴﺱ.
.3ﺍﻷﺨﻼﻕ ﻭﺘﺸﻤل ﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﺍﻟﻌﻘﺎﺌﺩ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤـﺭﻙ ﺴـﻠﻭﻙ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻡ ،ﻭﺘﻤﻜﻨﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﻋﻠﻰ ﺴﻠﻭﻙ
ﺍﻵﺨﺭﻴﻥ ،ﻭ ﻴﻜﺘﺴﺏ ﺍﻟﺘﺫﻭﻕ ﺒﺘﻔﺎﻋل ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻡ ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﺭ ﺒﺒﻴﺌﺘـﻪ ﻓﻲ ﺍﻷﺴﺭﺓ ،ﻭﺍﻟﻤﺩﺭﺴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻭﻜﻠﻤﺎ
ﺍﺭﺘﻘﺕ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﻓﻲ ﺘﺫﻭﻗﻬﺎ ،ﺍﺭﺘﻘﺕ ﺃﺫﻭﺍﻕ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻤﻴﻥ( .ﻤﺤﻤﻭﺩ ﺍﻟﺒﺴﻴﻭﻨﻲ .)1988،
.4و ﺍﻟﺘﺫﻭﻕ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻲ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﺴﺘﻤﺘﺎﻉ ﻴﻐﻠـﺏ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻁﺎﺒﻊ ﺍﻟﻭﺠﺩﺍﻨﻲ ،ﻭﻴﻜﻔﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺫﻭﻕ ﺍﻟﺘﻔﺎﻋل
ﺍﻟﻀﻤﻨﻲ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺠﻤﻴل ﻭﺍﻟﻤﺭﺀ ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﺘﻊ ﺒﻪ ،ﻭﻴﺸﻤل ﺍﻟﺘﺫﻭﻕ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﺒﺭﺓ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ
ﺒﺄﺒﻌﺎﺩﻫﺎ ﺍﻟﺜﻼﺜﺔ:
ﺍﻟﺘﺫﻭﻕ .
ﺍﻟﺘﻘﺩﻴﺭ .
ﺍﻹﻨﺘﺎﺝ.
ﻓﺎﻟﺘـﺫﻭﻕ ﻫﻭ ﻤﻀﻤﻭﻥ ﺃﻱ ﺘﻘﺩﻴﺭ ﺃﻭ ﺤﻜﻡ ﺠﻤﺎﻟﻲ ،ﻜﻤﺎ ﺃﻨﻪ ﺃﻭل ﺨﻁﻭﺓ ﻴﻘﻭﻡ ﺒﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻡ ﻓﻲ ﺘﺤﻭﻴل ﺃﻭ
ﺘﺤـﻭﻴﺭ ﻤﺎ ﻴﺘﺫﻭﻗﻪ ﺇﻟﻰ ﺇﻨﺘﺎﺝ ﻓﻨﻲ ،ﻭﻟﻪ ﺩﻭﺭ ﻜﺒﻴﺭ ﻓﻲ ﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻻﻨﺘﻤﺎﺀ ﻭﺍﻟﺫﺍﺘﻴﺔ ﻤﻊ ﺍﻟﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﻭﺤﺩﺓ
ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻤﻴﻥ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻓﻼ ﻴﻘﺘﺼﺭ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﺘﺫﻭﻕ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﺘﻜﺎﻤل ﺠﻭﺍﻨﺏ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻡ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩ ﻤﻨﻌﺯﻻ،
ﻋـﻥ ﺇﻁﺎﺭ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻭﺇﻨﻤﺎ ﻴﻤﺘﺩ ﺍﻟﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻡ ﺩﺍﺨل ﺇﻁﺎﺭ ﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ q.ﻭﻋﻨﺩ ﺘﻘﻴﻴﻡ ﺍﻟﺘﺫﻭﻕ ﺍﻟﻔﻨﻲ
ﻴﺠﺏ ﻋﻠﻰ ﻤﻌﻠﻡ ﺍﻟﺘﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﺃﻥ ﻴﺭﻜﺯ ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺎﺱ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﻔﻨﻲ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﺒـﺎﻟﻤﺘﻌﻠﻡ ﻟﻜﻭﻨـﻪ ﻴﺘﻨـﻭﻉ ﻭﻴﺘﻌﺩﺩ
ﺘﺒﻌﺎ ،ﻟﻠﻤﺘﻌﻠﻡ ﺍﻟﻤﺸﺎﻫﺩ ،ﻭﺍﻟﻤﺘﺫﻭﻕ ﻟﻠﻌﻤل ﺍﻟﻔﻨﻲ ،ﻭﺇﻥ ﺇﺼﺩﺍﺭ ﺤﻜﻤﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻤـل ﺍﻟﻔﻨـﻲ ﺇﻨﻤـﺎ ﻴﺭﺘﺒﻁ ﺒﺜﻘﺎﻓﺘﻪ ﻭﻤﻘﺩﺍﺭ ﺘﻘﺒﻠﻪ
ﻭﺇﻗﺒﺎﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﻔﻨﻲ (ﺍﻟﺤﺴﻴﻨﻲ.)1990 ،
ﻋﻭﺍﻤل ﺍﻟﺘﺫﻭﻕ ﺍﻟﻔﻨﻲ:
22
ﻫﻨﺎﻙ ﻋﻭﺍﻤل ﻤﺅﺜﺭﺓ ﺒﺩﺭﺠﺔ ﻜﺒﻴﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺘﺫﻭﻕ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﺨﺘﻼﻓﻬﺎ ﺃﻭ ﺘﻭﺤﺩﻫﺎ ﻤﺅﺜﺭﺍﹰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺘﺫﻭﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ
ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﻔﻨﻲ ،ﻭﻴﺘﺤﻭل ﺍﻟﺘﺫﻭﻕ ﺇﻟﻰ ﻤﻭﻗﻑ ﺘﻔﻀﻴﻠﻲ ،ﻭﻴﺘﻀﻤﻥ ﺤﻜﻤﺎﹰ ﻴﺘﻌﻠﻕ ﺒﺘﻔـﻀﻴل ﺸﻲﺀ ﻤﺎ ،ﻭﻴﺘﺤﻭل ﺍﻟﺘﻔﻀﻴل
ﺇﻟﻰ ﻗﻴﻤﺔ ،ﻭﻴﺘﻭﻗﻑ ﺘﻘﺒل ﺍﻟﻤﺘﺫﻭﻕ ﻟﻤﻭﻀﻭﻉ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﻤﻭﺍﺀﻤﺘـﻪ ﻤﻊ ﺃﻨﻤﺎﻁ ﺘﺠﺎﺭﺒﻪ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ،ﻭﻗﺩﺭﺍﺘﻪ
ﺍﻹﺩﺭﺍﻜﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺎﻁﻔﻴﺔ ﻭﻏﻴﺭ ﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﺍﻷﻤﻭﺭ( .ﻋﺒﻴﺭ ﺼﺒﺤﻲ ﺩﻴﺎﺏ )1999،
23
وهي الفنون المتصلة بالتفاعالت المعرفية والبصرية والسمعية والحركية من ( مسرح – رقص
– غناء – تمثيل – موسيقى ).
الفنون التشكيلية:
وهي الفنون المرتبطة بمناصي اإلبداع الفردي لإلنسان والمشتملة على التصوير بأنواعه
( الرسم والتخطيط والرسم باألصباغ الزيتية والمائية والباستيل والخشبية واألحبار المتعددة
والطالءات المختلفة والحفر والنقش والتصميم والطباعة على الورق أو القماش والتصميم الداخلي
والديكورات وواجهات العرض والصناعي والنحت بأنواعه المختلفة ومختلف الخامات والخزف
بأنواعه وأنواع وطرق عمله ) .
الفنون التقنية:
وهي الفنون المتصلة بتكنولوجيا وأدوات البحث العلمي الموظفة qلمجموعة الكفايات المادية
والمعرفية والتي تخدم اإلنسان والمجتمعات وتشمل ( التصوير الضوئي – السينما وكل ما يتعلق
باإلنتاج الفني السينمائي – التلفزيون وكل ما يتعلق باإلنتاج الفني التلفزيوني – اإلذاعة وكل ما
يتعلق بالفنون اإلذاعية – الفيديو بأنواعه – الحاسوب بأنواعه الذي يدخل باألعمال الفنية –
االنترنت – الوسائل السمعية والبصرية المختلفة ) .
الفنون المهنية اليدوية التطبيقيةq:
وهي الفنون المتصلة بأنماط التفاعل النفعي والجمالي في أن واحد معا وتحقيق متطلبات الوجود
االجتماعي لإلفراد القائمين عليها في منتجاتهم وابتكاراتهم في قوالب جمالية متوازنة ومنها ( الخط
العربي – الزخرفة – النقش – الخياطة والتطريز – النسيج – السجاد – الحلي والمجوهرات –
المصوغات الذهبية والفضية – الطرق على المعادن – الخشب والصناعات الخشبية – التطعيمq
بأنواعه – الوشم – الصناعات الشعبية والتراثية بأنواعها المختلف ومختلف موادها وطرق أداءها
وصناعتها ) .
24
الفصل الرابع
25
النقد الفني
Art Criticism
مقدمة:
النقد الفنى في لغتنا العربية يعني إظهار المزايا و العيوب في الشيء الذي نتحدث عنه إن كان
كتابا أو لوحة فنية أو قطعة موسيقية ،و عادة ما يعتقد الناس أن النقد يعني التركيز على السلبيات
و المثالب التي في الشيء الذي ننتقده والسؤال عن جدوى وجود هذه الجوانب في العمل وهو
اعتقاد خاطئ ...فالنقد هو وسيلة إلثارة العقل و تحريك األفكار عبر مواجهتها باألسئلة و اإلشكاالت
و هذا ما يجعل النقد إيجابيا ً .والنقد ايضا ً يعنى التهذيب والتمييز مابين الجيد والردئ والصالح
والطالح وهو اظهار محاسن الشئ وكذلك عيوبه (محمد غنيم . )1983 ،
و لعل تحديد مفهوم دقيق للنقد أمر فى غاية الصعوبة اذ ان النقد بوصفه فنا ً يدرس االنتاج الفنى
واالدبى خاصة لم يستطع ان يؤسس نفسه بناء على الفروض العلمية كما فى العلوم الطبيعية ،ألن
النقد يعمل داخل ميادين الثقافة واالدب و الفن ،والفن أوسع من يحدد بهذا الشكل الرياضى
الجازم ،النقد عمل ثقافى فى المقام االول ،ويرتفع بالحس إلى ما هو أفضل وإلى التعبير عن
االحسن بقدر االمكان (اليسع حسن احمد . )2005 ،
مفهوم النقد الفني:
النقد الفني هو عملية تحليل وتفسير للعمل الفني ،ليتمكن المتذوق أن يرى العمل الفني الرؤية
الفنية الصحيحة وبالتالي االستمتاع بهذا العمل.
والنقد الفني هو محاولة توضيح ما يتضمنه العمل الفني من خبرة جمالية ال تستطيع العين العادية
إدراكها ،وحين يوضح الناقد محتوي هذه الخبرة ووصفها ،تمكن المشاهد من إدراكها ،والحصول
عليها كخبرة ن خبراته.
تعريف النقد
النقد هو دراسة األعمال األدبية والفنون وتفسيرها وتحليلها وموازنتها بغيرها المشابه لها
والكشف عما فيها من جوانب القوة والضعف والجمال والقبح ثم الحكم عليها ببيان قيمتها ودرجتها
وفي النقد يعطى التقدير الصحيح ألي اثر فني وبيان قيمته في ذاته ودرجته بالنسبة إلى سواه.
"ويعرف د.هيل النقد :بأنه العلم الذى يبحث عن الخصائص الجمالية للعمل الفنى وعالقة ذلك
26
و للنقد عدة مفاهيم وتعاريف تختلف باختالف التناول والمنطلق وهو عدة انواع بحكم المرجعية
الجمالية واالخالقية والفلسفية qالتى ينطلق منها ،فمنه النقد التفسيرى ،النقد التقديرى ،النقد
بواسطة القواعد ،النقد الكالسيكى الجديد ،النقد السياقى ،النقد االنطباعى ،النقد القصدى ،النقد
الباطن ،ويمكن تقسيم مدارس النقد الفني الرئيسية الى :
.1المدرسة qالسيكولوجية :وهنا ينظر الى العمل الى انه تعبير عن شخصية الفنان فتحصر هذه
المدرسة اتجاهها بتحليل النوازع النفسية التي خاضها الفنان ثم تبلور العمل الفني نتيجة ذلك .
.2المدرسة qاالجتماعية :وهنا ينظر الى العمل الفني على اعتبار انه مرآة للعصر الذي يعيشة
الفنان او عاشه وتعبيرا على المثل االجتماعية التي انفعل بها .
.3المدرسة qالتاثيرية :وهنا التعبأ هذا المدرسة بنوايا الفنان او قصده فتزن االثر الفني وفقا
لوقعه في نفس المتلقي او الناقد نفسة .
.4المدرسة qالموضوعية :وهذه المدرسه تجمع بين جميع االتجاهات السابقة الذكر وينظر هنا
الى العمل الفني نظرة موضوعية شاملة اليغلب فيها اي اتجاه على االخر .
..............................
والنقد غير االنتقاد بل هو نقيضه ولذا وجب أن ينتبه الناقد إلى هذه النقطة وال يجعل كل همه أن يبرز
األخطاء أو يبرز الجمال فقط ،فهو بهذا يسيء لنفسه أكثر من غيره ،ويصبح الناقد مثل اإلنسان
العادي الذي يعكس ما بداخله فإن كان جماالً فجمال وإال فغيره.
أهداف النقد الفني:
يري معظم الباحثين أن أهم أهداف النقد الفني تتلخص فيما يلي:
.1تنبيه الفرد ألنواع الجمال في األعمال الفنية وغيرها.
.2مالحظة القيم الجمالية في األشكال الفنية.
.3إكساب الفرد القدرة علي وصف ما يشاهده بلغة فنية ناقدة تعتمد على المعرفة.
.4تدريب الفرد علي تحليل األعمال الفنية وفق أسس منهجية وموضوعية.
.5تعويد الفرد تفسير األعمال الفنية ،وإصدار الأحكام على أساس من الوعي.
.6تعليم الفرد المقارنة بين األعمال الفنية التي يشاهدها.
.7يكون الفرد لنفسه مفهوما عن الفن والفنانين.
أسس النقد الفني :
يقوم النقد الفني على مجموعة من األسس التي تؤثر على تقبل األشخاص بمختلف ثقافاتهم للفن
ولألعمال الفنية .ويمكن تلخيص هذه األسس في ( :األساس النفعي ،والمعـرفي ،واألخـالقـي،
والتـاريخـي ،واالجـتمـاعـي ،والنفســي ،والجمالي البحت) ( .عز الدين إسماعيل:)1968 ،
27
.1األساس النفعي :وهو القائم على وظيفة الفن النفعية .حيث نظر اإلنسان منذ القدم إلى الفن في
إطار الفائدة المادية التي يجنيها منه ،وفي إطار اإلحساس بالمتعة التي قد يشعر بها عند مشاهدته
لألعمال الفنية .وقد ارتبط تقبل الفن في مختلف الحضارات القديمة بالمنفعة المتمثلة في وظيفة اإلنتاج
الحرفي ،حيث كان إنتاج المهن الفنية يلبي حاجة اإلنسان اليومية ويجعلها أسهل وأجمل .وكانت
المنفعة التي يجنيها اإلنسان من الشيء الوظيفي ،تؤثر في حكمه بجماليته .لقـد اختلف الفالسفـة حول
الجمالية النفعية ،حيث يري البعض أن األشياء الجميلة هي األشياء الممتعة والنافعة .وأن كل جميل
طيب وأن الطيب نافع .ولكن هناك رأي مخالف يقول باختالط النافع بالضار في بعض الحاالت وذلك ينفي
الجمال عن النافع في المطلق.
.2األساس المعرفي :وهو األساس الذي يؤكد على قيام الفن بتوصيل رسالة ،محملة بالفكر والحكمةq
والمشاعر الوجدانية التي تعلم الناس من خالل المتعة التي في الفن الجميل ،وتنقل رسائل محملة
بالمعاني المعرفية التي توضح األفكار والتوجهات المختلفة .وحيث أن الفن يسعى إلى الفضيلة فقد ساهم
في التعليم والموعظة في مختلف العصور .وعليه فقد كان الحكم على تقدير القيمة التعليمية في
العمل الفني يبدو نسبيا ً أيضا ً بنا ًء على المحتوى المعرفي فيه ،فبعض األعمال قد ال يكون مقنعـا ً بالحكـم
على جـديته في نقـل رسـالة معـرفية واضحـة من خـالل الصورة الشكلية فقط.
.3األساس األخالقي والديني :وهو األساس الذي يربط بين الشعور الديني والحاجة الجمالية .فلقد
ارتبط الفن بالدين في بعض الحقب التاريخية وكانت األخالق التي يحث عليها الدين هي األساس الذي
يؤثر في الحكم على جمالية العمل الفني .وقد عرف أفالطون الجميل بأنه هو الذي يقود إلى الخير ،وأن
الفن واألخالق يعتمد كل منهما على اآلخر في نشر الوعي الديني في حياة األفراد .وقد استعان بعض
النقاد باستلهام الجوانب الدينية في األعمال الفنية لتوضيح مفاهيمها الغامضة ،فالحكم على جمـاليـة
الفـن من هـذه الناحيـة قد جـاء بهـدف اإلرشـاد إلى الخـير ،وكراهية الشر ،وتصحيح السـلوك،
وتهــذيب الوجــدان ،ونشـر الفضيلة ،وضبط النفس.
.4األساس التاريخي :فكل حكم جمالي معاصر هو قائم على أساس حكم جمالي تاريخي ،وأي حكم
حالي سوف يصير تاريخا ً .وعلى هذا األساس فقد يقوم بعض النقاد بإصدار أحكام جمالية على األعمال
الفنية بنا ًء على أحكام تاريخية مسبقة ،أو قواعد كالسيكية قديمة .إال أن لهذا النوع من الحكم qقوة
وسطوة ،فالناقد في هذه الحالة يكون متمتعا ً بثقافة فنية تاريخية ،وقدرة تذوقية عالية من خالل هذه
الثقافة ،وقادراً على تقبل الفن الجديد وبالتالي وصف وتفسير األعمال الفنية من خالل الرؤية التاريخية.
ورغم أن األساس التاريخي يقوم على قواعد كالسيكية إال أنه قد يتأثر باآلراء الشخصية عند الناقد.
28
.5األساس االجتماعي :وهو الذي يرتبط بالحياة االجتماعية والحضارية ويتوجه إلى المجتمع .فللفن
مهمة حيوية بالنسبة للمجتمع الذي يظهر فيه ،وهي تحقيق القيم االجتماعية باإلضافة إلى المتعة
الجمالية .فال يجب أن يكون الفن منعدم الصلة بالمجتمع ،فاألساس االجتماعي يضم جميع األسس
السابقة التي يرتبط فيها الفن بالحياة والفائدة والمعرفة والتاريخ واألخالق والدين .والحكم qالنقدي القائم
على األساس االجتماعي يبين الوظيفة التي يقوم بها الفن في المجتمع ويحافظ عليها ويحرص على
تطويرها.
.6األساس النفسي :وهو يركز على نفسية األفراد ،ويجعل الحالة النفسية التي يكون فيها متلقي
العمل الفني موضوع دراسة لمعرفة تقبله أو نفوره من العمل الفني .األمر الذي يجعلنا قادرين على أن
نتوقع حكمه عليه بالجمال والقبح .ويساعد علم النفس في فهم العوامل المؤثرة على الحكم qالجمالي
وفي تحقيق الفن لذاتية اإلنسان .ويعتبر األساس النفسي الفنان إنسانا ً متميزاً بشعوره وطريقة
إحساسه .ويقوم علم النفس كذلك بدراسة اإلبداع وأثر الحالة النفسية فيه.
.7األساس الجمالي البحت :ويتجه هذا األساس إلى الموضوع ،والعمل الفني ذاته متجرداً عن كل
المؤثرات الخارجية .فيبحث عن القيمة اإلستاطيقية في الشكل ،وال يعتمد حكم القيمة على األهواء
الشخصية عند الناقد وإنما على التعاطف مع العمل الفني من خالل العالقات التي يقدمها ..ويبحـث النقـد
الفـني من خـالل هـذا األسـاس عـن "عناصـر الجمـال في الجميل ذاته ،على أسـاس أن هــذه العناصـر
الزمــة لتمييـزه عـن األشيـاء العـادية ".وتتلخص هذه العناصر في النقاط والخطوط qوالمساحات
والظالل في عالقات التدرج والتباين مع النور واأللوان ومالمس الخامات وحجم الكتلة وحدود وحدة
العمل الفني ،كل هذه العناصر تربطها عالقات داخل فراغ اللوحة تؤدي إلى الحكم qبجمالها .هذه العالقات
هي :التنوع والتكرار والتماثل والتناظر والتوازن والثبات واإليقاع والسيادة والتناسب والعمق
والوحدة واالنسجام( .عبد الفتاح رياض)1995 ،
نظريات النقد الفني:
شاعت الكثير من النظريات الجمالية التي تشكل األساس الفلسفي للنقد الفني ومن أهم هذه النظريات:
أوال :النظرية الواقعية (نظرية المحاكاة) :لقد تكونت بذور نظرية المحاكاة من خالل الفلسفات
الكالسيكية للفن ،وكانت النظرية الكالسيكية في النقد الفني أو النظرية الواقعية أو نظرية المحاكاة،
تجيب بطريقة ما عن التساؤل القائل (ما هو الفن الجميل؟) ،فكانت هذه النظرية كما تقول ستولينتز (
)1982تعتبر بأن الفن هو محاكاة ونقل ألشياء من الطبيعة ،وتعتبر أن الفن الجميل هو" الترديد
الحرفي األمين لموضوعات التجربة المعتادة وحوادثها ،".وأن موضوع العمل الفني يجب أن يشبه
النموذج الموجود في الحقيقة q.فالعمل الفني يحاكي صورته ويماثله .ويركز النقد القائم على هذه
النظرية ،على واقعية العمل الفني وظاهريته أي إمكانية إدراك ظواهره.
29
وتقوم نظرية المحاكاة (الواقعية) على الفلسفة اإلغريقية القديمة عند أفالطون وأرسطو ،فقد مثلت
األفكار اإلغريقية مثاالً نموذجيا ً للفن ،وكان لها أثرها وسطوتها في الفن الهلينستي والروماني
وفنون عصر النهضة األوروبية وفي القرن التاسع عشر عند ظهور الكالسيكية الجديدة
والرومانتيكية والواقعية ،وفي فنون ما بعد الحداثة .حيث كانت هذه النظرية تملي قواعدها على
الفنانين .فظل النقد يعتمد على هذه النظرية حتى لفترات طويلة من الزمن رغم تعدد وتنوع
االتجاهات الفنية )Gill 1999, P.19(،وما زالت هذه النظرية تؤثر في النقد الفني المعاصر،
ويعتبر أرسطو أن المحاكاة يجب أن تكون لما هو جوهري في الطبيعة ،ويمكن للفنان أن يصل إلى
هذه المحاكاة من ثالثة نواح:
الوسيلة أو األدوات التي يستعملها الفنان.
الموضوع وهو إما أن يكون للشيء كما هو عليه أو أفضل مما هو عليه أو أسوأ مما هو عليه.
الطريقة وهو األسلوب الفني الخاص بالفنان.
ثانيا :النظرية الشكلية:
تقوم النظرية الشكلية على أساس نظرية أخرى في فلسفة الفن هي نظرية الفن للفن .وتعتبر
النظرية الشكلية مرادفة لمفهوم الحداثة في الفن التشكيلي ،فهي تستبعد كل صور المحاكاة في الفن
وتعتبر التنظيم الشكلي هو المعيار الوحيد للحكم على العمل الفني .وال تعترف بأي أثر للقيم سواء
األخالقية أو االجتماعية أو السياسية على الفن .فلم يعد للموضوع وكذلك المضامين أي أهمية ،بل
المهم هو الشكل فقط.
ثالثا :نظرية qالمضمون:
معان أكبر وأعمق من المعاني الجمالية في األعمال الفنية التعبيرية.
ٍ تبحث نظرية المضمون عن
وهي تعتبر الفن أداة تخدم القيم العامة في المجتمع وأنه (أي الفن) وسيلة فعالة للتأثير على السلوك
اإلنساني )Barrett 1994, P.104( .وأن العمل الفني قد يعبر عن مستويات عديدة من المضامين
التي تتدرج من المستوى البسيط التوضيحي إلى المستويات المعقدة من المضامين الرمزية
االجتماعية والسياسية .وحين يناقش النقاد مضامين األعمال الفنية فإنهم يهتمون بالمعاني التي
قصدها الفنان .و المعاني التي تعكسها هذه األعمال عند رعاة الفن وعند العامة من الناس ،وكذلك
المعاني التي تعكسها عند النقاد أنفسهم qفي لحظة مشاهدتهم لها ،وفي حدود تفضيالتهم الذاتية( .
)Gill 1999, P.100
30
أهمية qالنقد الفني:
يمثل النقد الفني صوت المجتمع والجمهور ،وصوت الفن والفنانين في نفس الوقت.
ويتضمن النقد الفني عملية تقييم لألعمال الفنية ،فهو رد فعل مدروس من قبل الناقد نحو العمل
الفني .والناقد هو ذلك الشخص الذي يكتب أو يتحدث عن انطباعاته حول إنتاج الفنانين .وال يعني
ذلك أن النقد هو محاولة استخراج العيوب ،بل يعني أن يقوم الناقد بتفحص األعمال الفنية تفحصا ً
دقيقا ً مبنيا ً على قدراته الخاصة ،وخبراته الفنية ،وما يتمتع به من ثقافة عامة ،ليقدم تلك األعمال
إلى جمهور المتلقين بصورة مكتوبة أو منطوقة ،وليساعدهم على إدراك خصائص وأبعاد ومضامين
هذه األعمال الفنية),Gill, 1999( .
أوال :أهمية النقد الفني لثقافة المجتمع:
يكتسب النقد الفني أهميته من خالل األدوار التي يقوم بها ،ويؤثر بواسطتها في الفنون المختلفة،
التي تعتبر جزءاً من ثقافة المجتمع:
يتخذ النقد الفني من وسائل اإلعالم المختلفة ( الصحافة ،التلفزيون ،االنترنت.....الخ) أدوات
للوصول إلى هدف معين أال وهو الرقي بالذوق العام في المجتمع من خالل شرح وتفسير القيم
الفنية في اإلنتاج الفني.
يقدم النقد الفني النصح للفنانين حول الكيفية التي يجب أن ينتج بها العمل الفني ،متأثراً بوجهة نظر
المجتمع تجاه اإلنتاج الفني المعاصر.
يقف النقد الفني في مواجهة التيارات الفكرية المتعارضة مع قيم المجتمع الخاصة ،سواء أكان ذلك
في اإلعالم أو في التربية الفنية.
ترتبط الفنون التشكيلية بعالقة وطيدة بالمجتمع الذي أنتجت فيه ،وهي نشاط إنساني تقوم به فئة
معينة من المجتمع ،هم الفنانون الذين يتفاعلون مع بيئتهم ومجتمعهم لينقلوا صوراً صادقة تعكس
حالة الحياة والمجتمع الذي يعيشون فيه .ويقوم ازدهار الفنون التشكيلية على التفاعل المتبادل بين
ثالثة عناصر:
إبداعات الفنانين (اإلنتاج الفني).
النقد الفني.
باإلضافة إلى منظومة العلوم والثقافة والتراث والتي تشكل الذوق العام في المجتمع.
وتؤثر هذه العناصر في الحركة التشكيلية وبالتالي في النقد الفني .حيث أن التفاعل بين هذه
العناصر يتم في حركة ديناميكية متبادلة ،ففي دائرة الفنون التشكيلية ،ال وجود ألحد هذه العناصر
في غياب العناصر األخرى ،فكل عنصر من هذه العناصر يؤثر في اآلخر( .زينات بيطار )1997،
31
يعد النقد الفني عملية تحليلية تمكن الناقد من جعل األشخاص غير القادرين على تذوق األعمال
الفنية ،قادرين على إدراك القيم التي تؤدي إلى الرؤية الفنية الصحيحة ،وقد ينقل الناقد من خالل
نقده رؤية جديدة لم تكن واضحة لدى الفنان الذي أنتج العمل الفني ،و النقد الفني" هو طريق
الرؤية الفنية السليمة المرتكز على الموضوعية والفهم qالسليم والدراسة .وثقافة الناقد يجب أن
تكون على أعلى مستوى ( ".أحمد رفقي علي)1998 ،
ومن رؤيتنا ألهداف النقد الفني في التربية النظامية يتضح لنا ا لدور الذي يلعبه في فهم المتعلم للغة
الفن ،حيث يحمل النقد في ذاته عالقة جدلية ديناميكية بين الفن والمجتمع ،أي الذوق العام ،فالنقد
يعد ضرورة تاريخيه لضبط العالقات القيمة في المجتمع المعاصر ومن هذه الضرورة باتت للنقد
كضابط أو منظم لها:
الوظيفة األولى :مباشرة ،تنطلق باسم المجتمع إلى الفن لتهدية نحو منظومة القيم والتوجهات
التي يتميز بها المجتمع أو يطمح إليه.
الوظيفة الثانية :يعكس الوظيفة األولى ،أي تنطلق من الفن إلى المجتمع ،مهمتها تقديم وتفسير
القيم المبتكرة والجديدة التي يطرحها الفنانون في أعمالهم ،فالنقد يقوم على أرضية من الحوار
البناء بين الفن والذوق العام ،وهو صوت المجتمع والجمهور ،وصوت الفن والفنان في آن واحد.
ويقول البهنسي " :ال شك أن تربية النقد الفني هي تربية حضارية ،فالنقد الفني ال يمكن أن ينفصل
عن الحاضرة ،بل أن نموه وقوته هما نمو قوة الحضارة اإلنسانية ،التي تركت مهملة إلى أقصى حد
في منهاج تربيتنا ،وأن هدف التربية هو تنمية الذوق السليم وتحسس الجمال في الفن.
ثانيا :أهمية النقد الفني للفنان:
إن العالقة بين الناقد والفنان التشكيلي هي عالقة تبادلية ،قد يأخذ فيها الفنان برأي الناقد في إنتاجه
الفني .وقد يلتقي الناقد بالفنان فيتم تبادل الرأي مباشرة ،أو قد يتناول الناقد عمل الفنان بالدراسة
والتحليل في مقال نقدي .وقد تصل العالقة بين الناقد والفنان إلى حد الخالف بسبب تضارب اآلراء
أو عدم رضي الناقد عن عمل الفنان ،أوعدم رضي الفنان عن ما يكتبه الناقد .ومهما كان نوع
العالقة بين الفنان والناقد إال أن الفنان والحركة التشكيلية في حاجة إلى النقد الفني .فالناقد ينقد
العمل الفني من خالل فهمه وخبرته الفنية ومعرفته الثقافية .وهذا يؤثر في المتلقين من الجمهور
حــول أهمية أعمــال بعض الفنانين ،وبالتــالي حــول أهميـة الفــن التشكيلي في المجتمع( .ايمان
أحمد إمام )2000،
32
يؤكد باريت ( )Barrett ,1994أن على الناقد أن ال يكون في موقع المراقب الذي يبحث عن
األخطاء في األعمال الفنية ،بل يجب أن يبحث عن اإليجابيات أيضا .حتى ال تصبح عملية النقد ذات
صفة شخصية وليست موضوعية ،بل أن على الناقد أن يتجرد من األهواء الشخصية ،وأن يحكمq
على األعمال الفنية من غير تحيز أو تشدد في الرأي ،حيث يعتبره البسيوني ( )1986حكــم أو
ض لديـه معـرفة باألصـول وهو يحـاول تطبيقها.
قـا ٍ
ويرى بقشيش ( )1997أن النقد يشارك في صنع الفنانين واألعمال الفنية" ،فقد يربط الناقد بعض
المؤثرات بعمل فني ما ،ال يكون الفنان نفسه قد تأثر بها ( ".محمود بقشيش)1997،
ويعتبر البسيوني أن المغاالة في مدح الفنانين قد تؤدي إلى الخداع لهم وجعلهم qيحسون بأنهم وصلوا
لمستويات عالية مما قد يقلل من االجتهاد ،كما أن الهجوم والهدم المستمر قد يثبط من هممهم ،ويقلل
من فرصهم ،لذلك يؤكد على الحاجة إلى نقد متزن ال مغاالة فيه وال هدم .يقول" :يجب أن تبرز
المحاسن والرؤى الكلية ،ويقل االهتمـام بالهفــوات كيــال تضيــع المعــالم الرئيسيــة في العنــاية غير
المحدودة بالتفاصيل (".محمود البسيوني )1986،
ثالثا :أهمية النقد الفني في التربية qالفنية:
إن أحد أهداف التربية الفنية هو تحقيق النمو الشامل والمتكامل لخبرات ولشخصية المتعلمين.
ويعتبر التذوق الفني Art Appreciation من األمور التي يمكن أن تحقق بعض أهداف التربية
الفنية .فقد أصبح للنقد الفني في التربية الفنية مكانة خاصة فبعد أن كانت التربية الفنية تصب اهتمامها
على مهارات الرسم واألشغال اليدوية ،أصبحت من خالل النظريات المعاصرة في تدريس هذه المادة،
تركز على التنمية الشاملة لنمو خبرات وثقافة ومهارات المتعلمين ،وأهم هذه النظريات هي نظرية
التربية الفنية المنظمة على أساس معرفي Discipline Based Art Educationوتختصر
باألحرف الالتينية DBAEويمثل النقد الفني Art Criticism أحد عناصرها الرئيسيــة ،باإلضـافة
إلى اإلنتـاج الفــني ،وعلـم الجمـال ،وتاريخ الفن( .محمد عبد المجيد فضل)1996 ،
وتعتبر العالقة متبادلة بين هذه العناصر األربعة في التربية الفنية ضمن نظرية التربية الفنية المنظمة
على أساس معرفي( :)DBAE
فتاريـخ الفـن له ارتباط وثيق بالنقد الفني فهو يمثل وجهة النظر التاريخية للفن ،كما وأنه (أي تاريخ
الفن) يقوم بتوضيح مضامين بعض األعمال الفنية المرتبطة بأحداث تاريخية وصور شعبية تراثية،
وقضايا متعلقة باتجاهات فنية سادت في فترات سابقة.
ويعتبر علم الجمال دراسة فلسفية في التجربة الجمالية تثير أسئلة عن طبيعة الفن ،تساعد في
دراسة وفهم معنى العمل الفني من خالل النقد الفني وتحسب لرد فعل المشاهد في تقبله واستجابته
لجمالية العمل الفني.
33
ويرتبط النقد الفني باإلنتاج الفني بالضرورة حيث أنه يتحدث عن أساسيات العمل الفني ،كالعالقات
الشكلية واللونية وتصورات الفراغ والكتلة والمنظور ،وأن فهم هذه األساسيات في العمل الفني يؤدي
إلى تقـدير الفـن ،وفهم كيفية تفكـير الفنانين في تعـاملهم مـع المصـاعب المتعلقة باإلنتاج الفني.
(مجموعة من الباحثين .)1993،
والنقد الفني في التربية الفنية هو تمكين المتعلمين ،من معرفة الطرق السليمة للحديث عن األعمال
الفنية ،من خالل مجموعة المناقشات والحوارات التي تدور بين المعلم والطالب في حجرة الدرس ،ويتم
خاللها استخدام المفاهيم والمصطلحات الفنية ،التي تصف وتفسر وتحلل األعمال الفنية والتي توفر
للطالب ثقافة فنية كافية لفهم جمالية العمل الفني ،من خالل "إتاحة الفرصة للطالب بالحديث عن
عمله الفني أو أعمال زمالئه اآلخرين بأسلوب موضوعي موجه من قبل المعلم ،للوصول إلى
مرحلة متقدمة في معرفة وقراءة العمل الفني للرقي بمستوى التعبير الفني".
وتتعدى أهمية النقد الفني في التربية الفنية كل التوقعات فيما يخص نمو الثقافة الفنية .فعندما يتحدث
الطالب عن عمله الفني ويعبر عن ميوله ،ويناقش مع مدرس المادة العمل الفني ،واألسلوب ،والمعالجة
التقنية ،والصعوبات التي مر بها ،وكيف فكر بالحلول المناسبة لها ،كل هذا وغيره من الخبرات األخرى
سوف يكسب الطالب قدرات فنية ونفسية ولغوية وعلمية واجتماعية تسهم في نمو شخصيته( .أحمد
محمد الغامدي)1999 ،
يوضح فيلدمان Feldmanبأننا في حاجة إلى تنمية القدرة على قراءة البيئة البصرية من خالل اللغة
المنطوقة والمكتوبة ،وذلك ألن هذه المقدرة تك ِّون في المتعلم أحد جوانب الشخصية المثقفة .والتي تعني
الشخص الذي يستطيع التعايش مع الصفات الرائعة المتعددة للبيئة ،وخصوصا ً البيئة المرئية ،وكذلك
اإللكترونية ،والبيئة الفراغية المنظمة ،وبيئة وسائل االتصال( ".مجموعة من الباحثين )1993،
النقد في التربية الفنية سوف يساعد الطالب في المدارس على توصيل أفكارهم بشكل مؤثر ،وأنه
سوف يكون للنقد الفني دور في تعزيز المعرفة الفنية من خالل مناقشة ،ودراسة ،وتفسير ،وإعطاء
األحكام ،على األعمال الفنية( .مجموعة من الباحثين )1993،
وتذكر هامبلين ( )Hamplen 1986بعض الفوائد االجتماعية من دراسة النقد الفني ضمن
التربية الفنية أبرزها:
تكوين الجمهور المتفتح جماليا ً في ظل التطور المعرفي
والتثقيف الجمالي من خالل الحديث عن الفن
اإلدراك األكبر للمضامين االجتماعية والتاريخية التي تنقلها لنا األعمال الفنية
تنمية الحس الوجداني للشعور
34
تنمية القدرات البصرية لالختيار المناسب لما يحتاجه اإلنسان في مجاالت اإلنتاج الصناعي
والمعماري واللباس واألثاث(مجموعة من الباحثين )1993،
ومن هنا فال شك ان أهمية تدريس النقد الفني تبرز في المدارس من خالل الحاجة الملحة لتثقيف الأبناء
فنيا ً .ويتم ذلك من خالل إعطائهم كمية مناسبة من المعلومات والمفاهيم الفنية المرتبطة ببعض
المصطلحات الصعبة والمفاهيم المرتبطة بالفن المعاصر ومستجداته محليا ً وعالمياً.
وذلك لما للنقد أهمية كبيرة في المجال التربوي تتضح فيما يلي:
زيادة القدرة البصرية للمتعلم من خالل مشاهدته لألعمال الفنية.
اكتساب معلومات في تاريخ الفن مثل ( فن إسالمي ،شعبي ،قديم ،حديث ،معاصر) لدى المتعلم.
تنمية ثقة المتعلم في نفسه.
يساعد المتعلم على إبداء رأيه بصراحه.
يرتقي بالذوق العام للمتعلم وتقبل الجميل ورفض القبيح.
يزيد قدرة المتعلم على تحليل األشياء وإيجاد حلول للمشاكل التي تصادفه مستقبالً.
يساعد المتعلم على تنظيم أفكاره للوصول إلى قرارات مقبولة ومنطقة.
يساعد المتعلم على اكتساب خبرات جديدة من خالل تبادل اآلراء النقدية مع زمالئه ومعلميه.
يساعد المتعلم على فهم وتقبل التطورات العصرية السريعة المختلفة.
وظائف النقد الفني:
يتخذ النقد الفني مقوماته ومحتواه للقيام بوظيفته ضمن مجموعة من األشكال النقدية التي حددها
فيلدمان ( )1987في األشكال النقدية التالية :النقد األكاديمي والنقد التعليمي ،والنقد الصحفي ،والنقد
الشعبي(مجموعة من الباحثين :)1993،
النقد األكاديمي :ويأتي من خالل دراسة طويلة متخصصة ،وحساسية نقدية مدربة .ووظيفته
هي توفير التحليل ،أو التأويل ،والتقويم ،الذي يجعل التجرد العلمي أو عدم التحيز ممكناً ".ويحتاج هذا
النوع من النقد إلى فترة طويلة لتحقيقه q.األمر الذي يمكن النقاد األكاديميين من أن يصدروا أحكاما ً على
الفن الجاد ،ألنهم تزودوا بحماية الخبرة العلمية (األكاديمية) والبحث الموضوعي عن الحقيقة المجردة
النزيهة .ويهتم النقد الفني األكاديمي بدراسة األعمال الفنية من منطلقات علمية تحدد لها أهداف
وتوضع الفروض ل لتقييم األعمال الفنية وفق معايير وقواعد محددة .ويتم نشر المقال النقدي األكاديمي
في أبحاث علمية أو ضمن دوريات متخصصة صادرة عن هيئات معترف بها أكاديمياً .كما
يهتم النقد األكاديمي كذلك بدراسة القيم الفنية واألساليب التي ارتبطت بفترات زمنية سابقة تميزت
برؤية فنية لم تلقي حظها من الدراسة والتحليل في عصرها .
35
النقد التعليمي :وهو متضمن في التربية الفنية ويهدف إلى "تطوير النضج والإدراك الجماالي
للطالب ، ويعمل على تمكينهم من المقدرة على إعطاء األحكام qالنقدية بأنفسهم ،إضافة إلى مقدرتهم
على الحكم على أعمالهم ".ويقوم معلم متخصص بتعليم النقد للطالب ،يكون لديه معرفة باألساليب
التربوية في تعليم الفن للصغار والموهوبين والشباب ،ويكون عارفا ً بالفن الراقي وغيره ،والفن المبدع
وغير المبدع ،وفن الرواد ،والمجددين والمقلدين .فتعليم النقد الفني يحتاج إلى معرفة متنوعة بشكل
كبير في الفنون .ثم يكون دوره متمثالً في تحليل وتفسير عمل الطالب حتى يتعلم كيف يحلل ويفسر
عمله ،ويدرك االتجاه الذي اتخذه في العمل.
النقد الصحفي :وهو "نوع من األخبار يقصد منه إعالم القراء عن أحداث عالم الفن ،وطبعا ً تتصف
كتابة المقال بأسلوب يحاول إيجاد أوصاف لألعمال الموجودة في المعرض ".ويتخذ هذا النوع من
الكتابة الفنية شكل التقرير الذي يصف ما بداخل المعرض من أعمال فنية ،وتكون في الغالب بقلم محرر
صحفي مما يعرض هذا النوع من النقد إلى مخاطر عدم الدقة والقرارات المتسرعة في الحكم على
األعمال الفنية ،واستبدال qالتحليل بالرأي الذاتي ،ومحاولة الكاتب الصحفي الظهور على حساب عمل
الفنان.
النقد الشعبي العام :وهو الذي يقوم على خلفية حكم qالجمهور سواء أكانوا مؤهلين أو غير مؤهلين
فنياً ،ويعتبر رأي الجمهور في الفن وفي األعمال الفنية ,مؤثراً بدرجة واضحة ،ويجب أن يعطى االهتمام
الكافي .حيث يري البعض أن الجمهور هو الناقد الوحيد الذي يستحق رأيه شيء من االخذ في
االعتبار ".واالهتمام بنقد النخبة من المفكرين والنقاد ال يلغي االهتمام بنقد العامة فهو يمثل رأي
شريحة من المجتمع لهم عالقة بالفن ويتأثرون به ويؤثرون فيه.
الخالصة
ان النقد فعل ابداعى يحمل رسالة غاية فى الخطورة والتعقيد و يحتم على الناقد ان يتزود باسلحة من
علم النفس وفلسفة الجمال وعلم االجتماع والتاريخ ،،وقبل كل شئ وبعد كل شئ أن يكون ذو ذوق
سليم وصيرة نافذة ،فالناقد كالفنان يولد وال يصنع ......فالناقد النه يدرس االعمال االدبية
واالعمال الفنية ويقوم بتفسيرها وتحليلها وموازنتها بغيرها المشابهة لها والكشف عما فيها من
جوانب القوة والضعف او الجمال و القبح ثم الحكم qعليها ببيان قيمتها ودرجتها وهذا يعطى التقدير
الصحيح الي اثر فني(اليسع حسن احمد .)2005 ،
36
والخالصة ...أن وجود النقد مهم جداً فى حياتنا االبداعية ،الن الحركة الفنية تتجدد عبر الزمن والبد
ان تصاحبها حركة نقديه موضوعية أو انطباعية أو تخصصية حتى تكتمل عجلة التطور وذلك ألن
الناقد فى أى مجال يقوم بدور المرآة العاكسة مابين المتلقى و المبدع ويتناول وجهات نظر اليراها او
يتخيلها االنسان العادى ،ويقوم qبتلخيصها باسلوب سلس وبسيط حتى تكون سهلة الفهم qلدى كافة
القراء حسب مستوياتهم ،،فاإلنسان ال يرى أخطاء نفسه ،فمثالً عندما يريد اإلنسان أن يرتدي لباسه
فهو ال يرى نفسه بل يحضر له مرآة لتبرز له إذا كان هناك خلل وخطأ فيرتاح من دور هذه المرآة.
ولو جاء إنسان ونظر إلى وجهه ورأى فيه شيئا ال يحبه فهو يتضايق منها فيأخذها ويكسرها مع أن
المفروض أن يرتاح ألنها كشفت له وجود شيء يجب إزالته.
37
38
الفصل الخامس
الجمال واالستجابة الجمالية
علم الجمال له دور كبير في تنمية اإلحساس بالجمال وتذوقه في حياة االفراد وتربية التذوق الفني
للجمال في الطبيعة والحياة االجتماعية والفن ،مما يسهل عملية التواصل باللغة الفنية في مجتمع أفراده
يتمتعون بالحس والجمال.
والقصد من تدريس علم الجمال هو تدريب الطالب على وصف األعمال الفنية ،وتحليلها ومقارنتها
على المستوى الفردي أو الجماعي ،والوصول للموضوعية في الحكم على جمال العمل إذا توفرت فيه
جميع العناصر المذكورة ألي عمل فني وذلك بهدف البحث عن النوعية في العمل الفني ،وتنمية المجال
البصري لدى الدارسين لكي نثري ونرفع من تذوقهم وتعاملهم مع الفن.
ومن أهداف علم الجمال والتي توضح دوره في تفعيل لغة الفن في المجتمع:
تزويد المتعلم بمجموعة من االستفسارات المنطقية حول طبيعة العمل الفني.
تعريف المتعلم باألسباب التي تجعل الشكل مدركا ً جماليا ً يتطلب االستجابة من قلبنا.
يفهم المتعلم الفن ويقيمه.
يستفسر المتعلم عن األسباب التي جعلت الشكل كيانا ً فنياً.
يتذوق المتعلم الجمال في األعمال الفنية والبيئة المحيطة به.
وقد شكل االهتمام بفلسفة الجمال والدراسات الجمالية محوراً رئيسيا ً من محاور التفكير اإلنساني ،على
اعتبار أن اإلبداع الفني ظاهرة اجتماعية للحضارة ومؤشراً عاما ً على رقيها ،فهو ال يقل في أهميته عن
العلم ،ألن العلم يسعى إلى الكشف عن البيئة الخارجية ،بينما اإلبداع الفني يكشف لنا البيئة الداخلية،
ومن خالل تكيفهما معا ً تنمو الحضارات وتتقدم وتزدهر.
فاإلنسان لن تظهر عظمته حين يكسب شيئا ً ويخسر ذاته ،فالفكر وحده ال يصنع إنسانا ً عظيماً،
والعاطفة وحدها ال تصنعه أيضاً ،واإلنسان الحق فعالً هو من يحقق التوازن الجميل بين القول والفعل،
بين الفكر والوجدان ،بين القلب والعقل ،فيجعل من األفكار ألوانا ً من الفنون ،ويشيع نبض الحياة في
التأمالت ،فيجعل من التأمالت حياة.
هذه الصلة بين اإلنسان والجمال دفعت الكثير من الفالسفة إلى االهتمام بالجمال ،فقد ركز أفالطون
جهوده على التصدي النحالل أخالق بني وطنه ،واشتغل< بالمسائل « األخالقية ،فجعل الخير شرطا ً من
شروط الجمال ،وجعل الفن جزءاً من علم األخالق،وأكد في جمهوريته أن مهمة الفن مهمة تربوية،
وذلك من خالل استخدام الموسيقى لترقية أحاسيس الشباب بعد استبعاد بعض أنواعها التي تتسم بطابع
الشكوى والكآبة واللذة ) راوية عباس.) 1987،
39
ماهيّة الجمال :
تعددّت تعريفات الجمال عند الفالسفة حتى ضاع معها معني الجمال ،فال يزداد القارئ إمعانا ً فيها إالّ
ازداد بالجمال جهالً؛ ألن الجمال يستعص على الحصر والتحديد فهو إحساس داخلي ينبثق من داخل
النفس اإلنسانية ،أكثر من كونه هيئة محسوسة.
متلق إلى آخر باختالف الثقافة والخبرة ،ولهذا ال
ٍ فقد يكون للجمال مواصفات شكليّة ،لكنَّها تختلف من
يكاد يجمع الناس على مفهوم محدّد للجمال ،ألن األذواق مختلفة .
إنّ " الجدول المترقرق ،والحقل المهتز ،والنسمة الطليقة ،والجبل القائم ،والكوكب المتألّق ،والبدر
المشرق ،والليل الساجي " مظاهر جمالية لكن جمالها ليس في ذاتها ،وإنّما فيما تولّده النفوس من
معاني لتلك المظاهر .ولذلك فان النفس العقيمة التي ال تنجب معاني جمالية ،ال تدرك الجمال ،وال
تعرف كنهه ،إما لعجز في حسها الجمالي ،وإما لما تقيمه اإللفة بينها وبين األشياء من حجب كالذي
نجده عند الفالح الذي ألف مظاهر الطبيعة من حوله ،فيفقد القدرة على توليد معاني الجمال .
ان النفوس الدائبة دائما في البحث عن الجديد ،ال تقف في إدراكها الجمالي عند حد ،وال ترضى بقيم
جمالية ثابتة ،فهي متجددّة التأمل ،كتجدد الحياة التي ال تتوقف ،من هنا تفقد األشياء الجميلة قيمتها
عند هذه النفوس حين تكتشف أسرارها الخفيّة ،فإدمان النظرة إلى صورة جميلة ،يفقدها شيئا ً من
تأثيرها القوي كل ّما تجدّد إليها النظر بشغف ،وارتوى منها الحس المفهوم ،حتى تفقد مقدرتها على
التأثير واألداء (.صالح سعيد الزهراني .)2002 ،
ومن هنا فإن الجمال جما ٌل بما يتولّد في النفوس من معاني ،وما يمكن يبعث من تخيّل من دالئله
وإشاراته ،هو جمال بما يثير في النفوس من بهجة (.إبراهيم البليــهي .)1995 ،
فالجمال ليس في " صور األشياء " وإن ّما في "الشعور بصور األشياء " ولهذا يختلف " الموقف
الجمالي " لدى المتأملين باختالف شعورهم ،وتل ّون أحاسيسهم (. qإحسان عباس .)1984،
وإنك لتعجب بالمنظر يفتنك ،ويلقاك بألف معنى ،أول ما تلقاه فما تزال نفسك دائـبة في تحليل معانيه
وإذابتها ،حتى تنتهي بـها إلى التصفية واإلفالس (غاستون باشيالر . )1987 ،
*****************
تعريف علم الجمال:
علم الجمال فرع من فروع الفلسفة يبحث في طبيعة الفن والخبرة الجمالية سواء أتعلقت بالفنون أم
بالموضوعات الجميلة في الطبيعة .وقد ظهر هذا المبحث فرعا فلسفيا مستقال في أثناء القرن الثامن
عشر في إنجلترا وغرب أوروبا متزامنا مع تطور نظريات الفن المختلفة التي عرفت آنذاك بالفنون
الجميلة .و علم الجمال يأخذ على عاتقة القيام باختبار نقدي عن مفاهيمنا المتعلقة بأمور مثل:
ماهية الفن.
طبيعة الفن.
الفن الجميل.
40
ما الذي يميز الفنان المبدع عن الفنان العادي.
أي نوع من التجربة يعد تذوق فني.
لماذا كانت هذه التجربة قيمة.
هل يمكن ان نفصل الخالف حول الفن.
ماهى وظيفة الناقد.
و"يسمى علم الجمال في اللغات األوروبية استيتك ( ) estheticو هي مشتقة من كلمة ) )asthesis
اليونانية و تعني الشعور أو الحس .من هنا فإن قاموس (اكسفورد) يعرف الجماليات بأنها " :المعرفة
المستمدة من الحواس" .و هو تعريف ال يحدد خواص معينة لهذه المعرفة.
و يعتبر تعريف الفيلسوف األلماني (كانت) قريبا ً من هذا التعريف فقد قال عن علم الجمال " انه العلم
المتعلق بالشروط الخاصة باإلدراك الحسي".
كذلك عرف القاموس اإلنجليزي الجديد ،هذا الفرع ،على أنه " فلسفة أو نظرية التذوق أو إدراك
الجميل في الطبيعة و الفن" (.شاكر عبد الحميد.) 2001 ،
وال يمكن ان نهمل هنا تعريف قاموس "ويبستر" qلعلم الجمال وهو أكثر دقة وبساطة من بعض التعاريف
األخرى ،والذي يري ان علم الجمال هو " المجال الذي يتعامل مع وصف الظواهر الفنية والخبرة الجماليةq
وتفسيرها".
و يتفق الباحثون بشكل عام ،على أن علم الجمال ،نشأ في البداية باعتباره فرعا ً من الفلسفة ،و يتعلق
بدراسة اإلدراك للجمال و القبح ,و يهتم أيضا ً بمحاولة استكشاف ما إذا كانت الخصائص الجمالية ،
موجودة موضــوعـيا ً في األشيـاء التي ندركـها أم هي موجـودة ذاتـيا ً ،في عقــل الشخـص القـائم
باإلدراك .
و تضفي الجمالية عادة قيمة عالية على الشكل في الفن ،إذ تكون قيمة العمل الفني معتمدة على الشكل
دون الموضوع (.جونسون. )1986 ،
وهذا ما عبر عنه (أفالطون) سابقا ً عند تفضيله للشكل على المضمون في العمل الفني ,و أبرز
الفالسفة القدامى ،كانوا يميلون إلى هذا االتجاه .
و يعتبر علم الجمال ،من أقدم العلوم التي طرقها الفالسفة ،فنجد في الفلسفتين الصينية و الهندية
تأمالت جمالية ،و كان فالسفة اإلغريق يعتبرون الجمال مادة الفــن و أن القبح ال يصلح له ،و لهذا
غلب الجمال على فنون اإلغريق .و قام هؤالء الفالسفة أمثال (هرقليط) و (ديمقريط) و كذلك
(أفالطون) بتطوير الرؤية الجمالية (.عدنان رشيد )1985 ،
41
معنى الفلسفة:
( الفلسفة مجال نقدي يفحص شيئا لكي يحدد نقاط ضعفه وقوته وبذلك تكون الفلسفة دراسة نقدية
متعلقة بمزايا الموضوع الذي تدرسه وليس عيوبه ،والفلسفة ترفض قبول أي فكرة ال يثبت صحتها
بأدلة واستدالالت وقرائن ، و الفلسفة تأخذ على عاتقها مهمة البحث الفاحص في األشياء ,وتكرس
نفسها للبحث الدءوب الصريح لكي تتأكد ان كانت هذه النتائج لها مبرر من وجودها في داخل الحياة أم
ال ، باالضافة الي ان الفلسفة تعصمنا من االنحدار إلى مستوى االنحدار العقلي والقطع الذهني في الحكم
على العمل الفني) .
ويعود الفضل في إطالق مصطلح علم الجمال على هذا الفرع المستقل من الدراسات الفلسفية إلى
الفيلسوف األلماني ألكسندر بومجارتن في كتابه" تأمالت في الشعر"(.)1735
42
الجمال عند أرسطو يعني التناسب والتماثل والترتيب العضوي لألجزاء في كل ما هو مترابط من
األشكال ،وهذا ما عبر عنه في الفصل السابع من كتابه (الشعر) حيث يقول " الكائن أو الشيء
المكون من أجزاء متباينة ال يتم جماله ما لم تترتب أجزاؤه في نظام ،وتتخذ أبعاداً ليست تعسفية ،ذلك
ألن الجمال ما هو إ ال التنسيق والعظمة (".عبد الفتاح الديدي. ( 1985،
فلسفة الجمال عند افلوطين :
أما أفلوطين رائد الوحدانية ،ومنهل الفالسفة العرب ،فقد رأى أن الجمال ال يكون في تناسق أجزاء
األشياء بل في الفكرة التي يعبر عنها ،أي بإيحائه الباطن غير الظاهر في الحس ،والذي ندعوه لدى
اإلنسان نفساً ،هكذا يكون الوجه جميالً عندما يبرز منه جمال النفس ،وتوحي هذه النفس بالجمال على
قدر بروز صورة الخير اإللهي فيها ،ومع أن األفالطونية الجديدة كانت امتداداً ألفالطون ،غير أنها قد
خلطت الجمال بالالهوت ،بحيث لم يعد المجال يسمح للبحث في العبقرية المبدعة المستقلة ،ألنها
ارتبطت عند أفلوطين بالمبدأ األوحد الذي هو الخير ،والذي تصدر عنه الصور المشعة ،وبعبارة
أخرى ،فإن هللا هو مصدر الصور الفنية ومبدعها ،كما أنه هو الذي يفيض بها على من ارتقت روحه
من الفنانين( غسان خالد. ( 1983 ،
من ناحية أخرى فقد تركت األفالطونية بصماتها واضحة على فلسفة العصر الوسيط ،وقد عبر
أوغسطين عن الجمال ممثالً في الوحدة أي هللا ،وأن قوانين الجمال والفن كالتساوي والتشابه
واالنسجام ما هي إ ّ ال انعكاسات للحقيقة أو الكلمة أو هللا ،كما ظهر سانت بازيل الذي مزج بين الفن
والالهوت ،وتبنى األفالطونية المحدثة ،ودافع عنها في كتابات ظهرت تحت اسم مستعار هو ديو
نيسيوس الذي كان له أثر ال يستهان به في استطيقا العصور الوسطى ( يوسف كرم .)1979،
43
وجد عند الفيلسوف الكندي ( 187هـ – 259هـ ) في مؤلفه عن الموسيقى ،محاولة وضع تعريفً
عن التذوق الجمالي لأللحان واأللوان والروائح .فاأللوان المختلفة برأيه مثل األلحان تستطيع أن تعبر
عن هذا الشعور أو ذا ك وتثيره ،كما يوجد بين أنواع معينة من األلوان واأللحان من حيث تأثيرها
النفسي تشابه معين .وكذلك الحال بالنسبة للروائح التي يعتبرها موسيقى صامته ،ومرجع اإلحساس
بالجمال عند " الكندي" هو التأثر النفسي بالشيء الجميل ،سواء كان لو ًنا أو رائحة أو لح ًنا ،فهناك
قاسم مشترك بين اللون واللحن ،أما الرائحة فهي الموسيقى الصامتة) .عصام البغدادي )2005 ،
فلسفة الجمال عند الفارابي :
يعد (أبو نصر محمد الفارابي 339- 260هـ) أحد المتأثرين باآلراء الفلسفية المثالية الباحثة في
الجمال األخالقي ،إذ أنه من خالل التزام (الفارابي) بمحاولة التوفيق بين الدين والفلسفة فقد كان
الجمال بالنسبة له تحقيق القيم الخيرة في األشياء الجميلة من خالل بنائها وترتيبها" ( .نجم عبد حيدر
) 2001،
لذا وجد الفارابي في الفلسفة المدنية صنفين :
أحدهما :يحصل به علم األفعال الجميلة،واألخالق التي تصدر عنها األفعال الجميلة ،والقدرة على
أسبابها ،وبه تصير األشياء الجميلة فنية لنا ،وهذه تسمى الصناعة الخلقية.
والثاني :يشتمل على معرفة األمور التي بها تحصل األشياء الجميلة ألهل المدن ،والقدرة على
تحصيلها لهم وحفظها عليهم ،وهذه تسمى الفلسفة السياسية " ( .مصطفي عبد الرازق .)2005،
و يقر الفارابي بأن إدراك اإلنسان للجمال نسبي إذا ما قورن بإدراك الخالق للجمال ألن الخالق يمثل
الجمال ذاته ،لذا فإن إدراك الجمال غير متيسر تماما ً لإلنسان وال يدرك الجمال إال من قبل أصحاب
العقول وينال قبولهم ،فالجمال وفق رأي (الفارابي) يمثل "الشيء الذي يستحسنه العقالء"( .جعفر آل
ياسين.)1985،
فلسفة الجمال عند الصوفية :
عند الصوفيـة( :جمال العالم ما هو إال انعكاسات للجمال اإللهي ،الذي يجعل الصوفي يؤثر التقشف
والنسك والعبادة وتنقية الروح على الشهوات الدنيوية).
إن الشيء في رأي (الصوفية) ال تتكشف ذاتيته إال بنقيضه وهذه العالقة تمثل (تآلف النقيضين)أو
(وحدة النقيضين) التي تؤكد التفاعل بين الحسيات المتناقضة ضمن اإلطار الموضوعي ،والتفاعل
ضمن اإلطار الذاتي المتناقض بين الحسي وغير الحسي يكشف عن جمالية الحسي المحدودة ،بينما
جمالية غير الحسي غير محدودة ،ووسائل التعبير عن الحسي محدودة ومنطقية تعد األشياء
وتمثلها ،بينما وسائل التعبير عن غير الحسي غير محدودة انفعالية مبهمة تأويلية،تثري الموجودات
وتحفز إمكانياتها ،مما جعل فعالية الكشف عموما ً تفترض وسائل للتعبير تتجاوز المنطق أحيانا مثل
إظهار قابليات جسدية تخرق أشكال التعبير المألوفة ) .ماجد محمد حسن . ) 2004 ،
44
فلسفة الجمال عند التوحيدي :
وفي سياق الحديث عن التفسير الصوفي للجمال ،ال ينبغي أن نغفل المساهمات الفريدة ألبي حيان
التوحيدي ( هـ414-320هـ) فالتوحيدي يرى أن جمال الموجودات التي كانت في علم هللا قبل أن
تكون ،موجود في مصدرها .وال يمكن إلنسان معرفة كنه هذه الموجودات وجمالها إال بمعرفة الخالق
وصفاته عبر استعمال العقل< على حساب الحواس .ويصف التوحيدي صفات هللا تعالى الجميلة وأفعاله
الحسنة بأنها "من الحسن في غاية ال يجوز أن يكون فيها وفي درجتها شيء من المستحسنات ،ألنها
هي سبب ُحسن كل َح سن ،وهي التي تفيض الحسن على غيرها ،إذ كانت معدنه ومبدأه ،وإنما نالت
األشياء كلها الحسن والجمال والبهاء منها وبها" .من ناحية أخرى ،يربط التوحيدي مفهوم< الجمال
المادي بمفهوم الغاية التي ال بد أن تكون إيجابية وخيرة لبني البشر .مثالً ،إذا قدم المرء شيئا ً ما خيراً
لإلنسانُ ،عد نافعا ً وجميالً ،وإذا ما أدى الشيء المقدم وظيفة شريرة صار غير نافع وصار قبيحاً.
( إلهام سته )2013 ،
فلسفة الجمال عند الجاحظ :
255-163هـ) أن المعايير األساسية التي يتميز بها النتاج الفني الجمالي وجد (أبو عثمان الجاحظ
هي قدرته في التحفيز التخيلي وما يتطلبه من وجود انسجام لعالقات مفرداته الشكلية والموضوعية
ضمن وحدة عضوية تجمعهما ،ففي " … كتابات (الجاحظ) أفكارا كثيرة حول " الوحدة العضوية "
وحول " اللفظ والمعنى " وحول " فكرة التأثير " أو " الخيال " وغيرها من األفكار التي تعتبر من
مباحث علم الجمال "( .عبد العزيز الدسوقي )1979 ،
طرح (الجاحظ) معايير جمالية أخرى تكون سبيالً لكشف المضمون،إذ وجد أن وضوح اإلشارة
وصوابها وحسن اختصارها ودقة البدء في إرسالها يكون أبين لظهور المعنى،فكلما كانت اإلشارة
أوضح كانت أقرب للظهور و قد نال التوازن والتناسب أهمية في معطيات (الجاحظ) الجمالية عبر
يستثن البعد األخالقي
ِ إيجاد الموازنة الجمالية بين الشكل ومضمونه وصوالً لتكامل الصورة الفنية ،ولم
،إذ نصح بمحاسبة اإلنسان لنفسه كي تخرج أفعاله مقسومة وألفاظه موزونة معتد له ومعانيها مصفاة
مهذبة ،وأكد على فكرة مطابقة الكالم لمقتضى الحال ،بحيث يكون مستوى األلفاظ متناسبا ً مع معانيها
دون زيادة أو نقصان بما يحقق الموازنة بينهما في األقدار( .أبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ )1985 ،
وإلبانة الدور الجمالي للّ ون ،فان(الجاحظ) وجد أن المرأة الجميلة من اتسمت بلون يضرب إلى
الصفرة في العشي ،ويضرب إلى البياض بالغداة ،وأشار إلى لون السمرة التي يتسم بها سكان بابل ،
بوصفه أعدل األلوان ،والذي تحصلوا عليهم بسبب البيئة التي يسكنوها،فخرجت عقولهم معتدلة مثل
اعتدال ألوانهم< وشمائلهم الظاهرة ( .أبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ )1982 ،
أبو حامـد الغزالي( :الجمال نوعان :الجمال الظاهر وهو من شأن الحواس ،والجمال الباطن وهو من
شأن البصيرة التي من حرمها فقد حرم التلذذ بالجمال الحقيقي) (أبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ )1985 ،
45
فلسفة الجمال عند الغزالي :
ميز (الغزالي 505-450هـ) بين الجمال المدرك بعين الرأس الذي يعكس جماله وهو مدرك لذاته وبين
الجمال المدرك بعين القلب وهو مدرك آخر وأيضا ً لذاته مقسما ً الجمال إلى جمال ظاهر وجمال باطن ،
إال إنه ال يستبعد تمازج جمال الظاهر والباطن عندما يؤكد دور الحواس في إدراك الجمال الظاهر والتي
بقبولها لما تدركه واستحسانها له تمهد الطريق للبصائر الباطنية إلدراك الجمال الباطني للتشكيل
الحسي الخارجي ،فالجميل " ..في األصل وضع للصورة الظاهرة المدركة بالبصر ،مهما كانت
بحيث(تالءم)البصر وتوافقه ،ثم نقل إلى الصورة(الباطنية)التي تدرك بالبصائر" (.أبو أحمد الغزالي ،
د.ت)
من ذلك يتحدد اإلدراك الجمالي وفق قدرة توفير متعة الشعور بالرضا لدى مدرك الجمال عبر المالئمة
والتوافق بين الموضوع والحاسة المدركة له ،بما يحقق شعوراً بنوع من اللذة وفقا لنوع الحاسة،
بحيث تكون لذة العين في إبصار الصور الجميلة بينما تكون لذة أعضاء اللمس الجسدية في اللين
والنعومة ،ويتعزز اإلحساس الجمالي بما هو جديد بينما يقل اإلحساس بما هو معهود.
وبذلك يجد ( الغزالي ) عالقة فاعلة بين (أجزاء الحواس والموضوع المحسوس) في تحديد التأثير
الجمالي ،كما يشير إلى أهمية (التنويع) عبر التمييز بين الجديد والمعهود في اإلدراك الحسي
ومتطلبات التأثير فيه وفق محفزات اإلدراك الجمالي.
كما يؤكد ( الغزالي ) على الممازجة بين (األخالق والجمال) وعدم افتراقهما ،ذلك أن الجمال ال يقتصر
مثالً على الشكل الظاهري بل ويشمل السلوك األخالقي له،وأي قصور في تكشف احدهما ينتقص من
مستوى التكشف الجمالي الكلي ،وهو بذلك ال يقف ضد الجمال بل يقرن الجمال الشكلي بالجمال
الموضوعي ويؤكد الميل نحو ما هو جميل ،فهو يرى مثالً أن ،حسن الوجه "… به يحصل التحصن ،
والطبع ال يكتفي بالدميمة غالبا ً ؛ كيف والغالب أن حسن الخلق وال ُخلق ال يفترقان"(.أبو أحمد
الغزالي ،د.ت).
46
فلسفة الجمال عند شوبنهور :
في العصر الحديث ظهرت عند شوبنهور نغمة جديدة ،فالجمال صفة للشيء الذي يبعث اللذة في
أنفسنا بصرف النظر عن منفعته أو فائدته ،وهو الذي يحرك فينا فعال غير إرادي من التأمل ،ويشيع
لونا ً من السعادة الخالصة ،حيث يكمن سر الجمال – كما يقول شوبنهور -في هذا اإلحساس
الموضوعي البريء من الهوى ،وفيه تكمن أيضا ً العبقرية الفنية ،ويتحرر العقل بعض الوقت من
الرغبة فيحقق تلك الصورة الخالدة أو المثل األفالطونية التي ُتكون المظاهر الخارجية لإلرادة الكلية،
وعليه فإن الجمال عند شوبنهور هو الشكل الدال أو المثال المعطى إلى اإلدراك الحسي في حدود
الواقع ،وبالتالي فإن العمل الفني هو تعبير الفنان عن مدى فهمه وإدراكه للمثال( .فؤاد كامل ،
.)1991
فلسفة الجمال عند ايمانويل كانت :
أما ايمانويل كانت فقد ربط موضوع الجمال بموضوع األخالق ،وأكد أن اإلنسان الذي يهتم بالجمال
الطبيعي ،البد من أن يكون قد اعتاد من قبل حياة التأمل ،ومن ثم فإن الخير األخالقي البد من أن يكون
قد أصبح متأصالً في نفسه ،ومعنى هذا أن االهتمام المباشر بجمال الطبيعة هو مظهر من مظاهر
النزوع نحو الخير األخالقي ،أو على األصح أثر من آثار التربية األخالقية ،وإذا كانت هناك قرابة بين
األحكام الجمالية والشعور الخلقي ،فذلك ألن الطبيعة تخاطبنا بلغة رمزية عن طريق ما فيها من أشكال
جميلة ،وحينما يهتدي المرء إلى فك رموز هذه اللغة ،فعندها سوف يعجب بمقاصد الطبيعة ،ويفطن
إلى ما في قوانينها من نظام ،ويدرك أنها تنطوي على غائية خاصة هي في صميمها مرتبطة بغاية
وجودنا وبمصيرنا األخالقي( .زكريا إبراهيم.)1972،
فلسفة الجمال عند هيجل :
إن جوهر فكرة الجمال عند "هيجل" يجب أن يكون موضوعا ً حسياً ،أي شيئا ً موجوداً بالفعل أمام
الحواس ،كالتمثال أو المعمار أو األصوات الموسيقية الجميلة ،أو يكون تصويراً ذهنيا ً لموضوع حسي
كما هو الحال في الشعر ،والبد أن يكون فرداً عينياً ،إذ ال يمكن أن يكون تجريداً ،فالموضوع الجميل
يتجه إذاً إلى الحواس لكنه يتجه أيضا ً إلى العقل أو الروح ،ألن الوجود الحسي المجرد ليس جميالً،
لكنه يصبح جميالً حين يدرك العقل تألق الفكرة من خالله ،ومادامت الفكرة هي الحقيقة< المطلقة ،فإنه
ينتج من ذلك اتحاد الحق والجمال ،ألن كالً منهما هو الفكرة ،لكنهما متمايزان أيضاً ،فالجمال – فيما
يرى هيجل – هو الفكرة حين تدرك في إطار حسي وحين تدرك بالحواس سواء أكان في الفن أم في
الطبيعة ،أما الحقيقة فهي الفكرة حين تدرك في ذاتها أي بوصفها فكرة خالصة ،وهي التدرك بما هي
كذلك عن طريق الحواس بل عن طريق الفكر الخالص أي عن طريق الفلسفة( .ﺴﺘﻴﺱ ،ﻭﻟﺘﺭ )1982،
فلسفة الجمال عند شيلنج :
47
يشير " شيلنج " إلى أن اإلبداع الفني ينشأ من التناقض الالنهائي ،ولهذا كانت الفنون هي المعيار
الذي توزن به جماليات المشاهد والمناظر الطبيعية ،حيث يقوم اإلبداع الفني على التقابل بين العوامل
المتناقضة الفعالة وعلى التناقض الباطني ،أي على شعور داخلي بالتناقض يصعب اجتيازه وتجاوزه إ
ال بتحقيق العمل نفسه ،ومهما تكن العوامل< المتناقضة التي ينبع منها العمل الفني ،فإنه ينتهي بالنجاح
في تحقيق الرضا والراحة والسرور ،ويعقب إنتاج العمل الفني انفعال واضح لتحرره من التمزق الذي
عاناه بسبب ( التناقضات(( .عبد الفتاح الديدي( 1985،
فلسفة الجمال عند شيلر :
يؤكد " شيلر " أن اإلحساس بالجمال ليس موضوعا ً ذاتيا ً فقط ،وإنما يعتمد على قوانين الخبرة
الجمالية وأبعادها التربوية في فلسفة جون ديوي جمالية موضوعية ،ويمكن في رأيه تقدير الجمال
وفقا ً لمقاييس موضوعية ،ويرى أن الشيء ال يبدو جميالً إال إذا استقل وتحرر من األسباب والعوامل
الطبيعية ،كذلك يصبح العمل الفني جميالً عندما تختفي منه آثار العوامل< التي أدت إلى وجوده ،ولكنه
يخالف بعد ذلك فيرى أن الطبيعة هي صورة الكمال الذي ينبغي أن يتحقق بالحرية( .ﺸﻴﻠﺭ ،ﻓﺭﻴﺩﺭﻴﺵ ،
)1991
بعد هذا العرض التاريخي لمعنى الجمال عند فالسفة اليونان وفالسفة العصر الحديث ،وبيان أهمية هذا
الميدان في الفكر الفلسفي عامة ،يتجه الباحث إلى مناقشة مفهوم< الخبرة الجمالية وأبعادها التربوية
في فلسفة جون ديوي وذلك وفق الخطوات التالية.
مفهوم الخبرة الجمالية ومعاييرها:
يحاط مفهوم< الخبرة بكثير من الغموض في أذهان الكثيرين على الرغم من شيوع من أكثر الفالسفة
« جون ديوي » استخدامه< وتأثيره في العمل التربوي ،ولعل المعاصرين استخداما ً لهذا المفهوم ،فهو
يجعل من الخبرة أساسا ً للتربية ومعياراً للحرية ،وأن الخبرة ال تكتسب وال تنتقل من مكان إلى مكان،
وهي ليست مرادفة للمعرفة أو المهارات ،وإنما الخبرة تعني موقفا ً من المواقف يعيشه الفرد مع
آخرين ،فيتأثر به ويؤثر فيه ،وهو يتعلم نتائج هذا الموقف ،حيث تصبح هذه النتائج جزءاً من (.
سلوكه سواء أكانت معلومات أو مهارات أو اتجاهات ( (.ﻤﺤﻤﺩ ﺍﻟﻬﺎﺩﻱ عفيفي )1970،
الفرق بين النقد وعلم الجمال:
النقد يقوم بتحليل العمل الفني فيحكم على مواطن الجمال أو النقص فيه ،أما المبادئ العامة التي
يفترضها الناقد فإنما ترجع إلى علم الجمال
أو بتعريف آخر :إذا كان النقد تفسيرا للعمل الفني بهدف تحسين العالقة الجمالية بين العمل الفني
وجمهور المتذوقين ،فان علم الجمال هو تفسير لهذا التفسير ، أو بقول آخر إذا كان النقد فى حد ذاته
48
فرع من فروع الفلسفة فان علم الجمال نقد للنقد .فالجمال لفظ يشير إلى قيمة األشياء التي أنتجها
أولئك المبدعون.
49
– 2النظرة الذاتية :نشأ هذا المذهب كرد فعل على التطرف الشديد في تصوير الجمال وتقويمه ،
فقد رأي أصحاب هذا المذهب معنى الجمال في انه ليس صفة في الشيء الجميل تقوم بمعزل عن ادراك
المتلقي ،لكنهم اعتبروا الجمال ظاهرة نفسية وخبرة ذاتية ،فالجمال يوجد في ذات المتلقي وبه .و أن
إرضاء لمخيلته ،والجمال في نظره من ناحية التمتع ،لعبة خيال لها دوافع ال
ً المتلقي يستمتع بالجمال
شعورية هي نفسها دوافع أحالم اليقظة ،وان ارضاء هذه الدوافع هو نفسه ارضاء دوافع احالم
اليقظة( .أبو طالب محمد سعيد .)1990 ،
-3النظرة الثنائية :تجمع هذه النظرة بين الموضوعية والذاتية:
فالجمال حقيقة< موضوعية متناسقة توجد في الطبيعة وتوجد في بيئة معينة وتدرك في ظروف نفسية
خاصة تثير الشعور بالرضا واالرتياح ،وان الجمال هو العالقة بين الموضوع الخارجي المتناسق
والبيئة المحيطة والنفس المدركة (ذات المتلقي).
ويرى( ستولينتز) أن الجمال هو إدراك موضوع ما إدراكا ً منزها ً عن الغرض و ان التجربة الجمالية
تعزل المتلقي والموضوع معا ً ،فإعجاب المتلقي بذات الموضوع ينفصل عن عالقاته المتبادلة باألشياء
االخرى ويجعله يشعر كأن الحياة قد توقفت فجأة ،ويتوحد مع الموضوع الجمالي دون ان يتطلع
لغرض اخر ،او يهتم باألمور الماضية او المستقبلية فهو يخوض التجربة الجمالية مركزاً انتباهه على
الموضوع الجمالي فقط عن طريق االندماج بالموضوع واعطائه مزيداً من الحيوية والداللة (.منى
خضر عباس . ،كاظم ذرب.)2012،
50
والقصد من تدريس علم الجمال هو تدريب الطالب على وصف األعمال الفنية ،وتحليلها ومقارنتها
على المستوى الفردي أو الجماعي ،والوصول للموضوعية في الحكم على جمال العمل إذا توفرت فيه
جميع العناصر المذكورة ألي عمل فني وذلك بهدف البحث عن النوعية في العمل الفني ،وتنمية المجال
البصري لدى التالميذ لكي نثري ونرفع من تذوقهم وتعاملهم مع الفن.
ومن أهداف علم الجمال كما ورد في تقرير جيتي والتي توضع دوره في تفعيل لغة الفن في المجتمع:
.1تزويد المتعلم بمجموعة من االستفسارات المنطقية حول طبيعة العمل الفني.
.2تعريف المتعلم باألسباب التي تجعل الشكل مدركا ً جماليا ً يتطلب االستجابة من قلبنا.
.3يفهم المتعلم الفن ويقيمه.
.4يستفسر المتعلم عن األسباب التي جعلت الشكل كيانا ً فنياً.
.5يتذوق المتعلم الجمال في األعمال الفنية والبيئة المحيطة به.
51
وعرفها ستولينتز بانها :تجربة نقبل فيها موضوعاً ونستمتع به لذاته فحسب فال نستخدمه
اداةألغراض علمية وال نسعى الستخالص معرفة منه وال نهتم بنتائجه من حيث الخير والشر.
(ستولينتز)1981،
ويعرفها شاكر عبد الحميد بانها :عملية مركبة تشتمل على مقارنات ،وتمييزات ،واختيارات بين
البدائل الجمالية المتاحة ،ويتم التعبير عنها من خالل تعبيرات لفظية أو اختيارات سلوكية
معينة (.شاكر عبد الحميد )2001 ،
وتري غادة احمد بانها :القدرة على تنظيم ادراك المتلقي للجمال داخل اطر استيطيقية
يحملهالمتلقي في مجاله النفسي وان االستجابة للجمال في الفن كامنة في كل شخص وقابلة
للنمو( .غادة احمد)2008،
ونالحظ مما تقدم ومن خالل تفاوت التعاريف واختالفها شكليا ،وجود اتفاق في المعنى فيما
يخص شمول االستجابة الجمالية على المفاضلة بين الموضوعات الجمالية المعروضة على المتلقي ،
رغم ان بعضها يركز على الجانب االيجابي من موقف المتلقي الذي يتسم بالقبول واالستمتاع دون
االشارة الى احتمال الرفض او النفور من الموضوع الجمالي .
و منذ ظهور علم النفس التجريبي اهتم علماء النفس في تفسير عمليات التذوق واالستجابة
الجمالية ،وقد ت وجه علماء النفس الى االهتمام بدراسة العالقة بين المنبه (الموضوع الجمالي)
والمتلقي الذي يستجيب لهذا المنبه ،وتختلف استجابات المتلقين ،فقد تكون فسيولوجية (كتسارع
ضربات القلب ) أو استجابة عقلية ،أو استجابة عصبية كأحاسيس التوتر التي تنشأ مصاحبة
لالنفعال الذي تولده االستجابة الجمالية و قد تكون االستجابة لفظية او حركية (أبو طالب محمد سعيد
.)1990 ،
ولمعرفة كيف تتم عملية االستجابة الجمالية ينبغي دراسة تأثير المنبه الجمالي والعمليات التي
يتضمنها التنبيه وهي:
أوال :االحساس :
يعبر االحساس عن االثر النفسي الذي ينشأ مباشرة من تنبيه عضو حاس وتأثر مراكز الحس
في الدماغ ،بعد توفر مثيرات مناسبة للحاسة المعنية وشدة كافية ( .احمد عزت راجح)1973،
و يعرف اإلحساس ،في ضوء النظرية البنائية بأنه وحدة أو عنصر حسي غير قابل
للتحليل أو التفسير ،ولكنه قابل لإلدراك والوعي به .
كما يعرف اإلحساس في ضوء النظرية الوظيفية بأنه العملية أو النشاط الحسي المتغير
الذي يمكن من خالله الوعي بالمنبهات أو المحسوسات الخارجية أو الداخلية أي أن مفهوم اإلحساس
يشير إلى " ما يحدث حينما يستقبل أي عضو من أعضاء الحس كالعين أو األذن أو األنف أو اللسان
سواء داخلية أو خارجية.
ً أو الجلد "...منبها معينا ،أو تنبيها محدداً من البيئة،
52
وتتم عمليات اإلحساسمن خالل التنبيه والمنبه في مجال سيكولوجية اإلحساس إما
خارجي أو داخلي ،وكالهما يمثل نوعا خاصا من الطاقة التي تؤثر في الخاليا الحسية المستقبلية ،
كالموجات الكهرومغناطيسية ( ضوء وحرارة ) أو الميكانيكية ( أصوات – تنبيه – لمس ) أو
الكيميائية ( كالشم والذوق ) أو الحرارية ( كالحرارة والبرودة ) أو عضلية حركية ( حمل الثقل
والتوتر أو المقاومة العضلية له ،وعندما يؤثر المنبه في الخاليا المستقبلة ،وهي خاليا حسية
متخصصة الستقبال تنبيهات حسية معينه تدفعها إلى النشاط ،تنطلق منها نبضات عصبية تختلف من
حاسة إلى أخرى
ومن خصائص اإلحساس :
أنه يعتبر مرحلة سابقة على االنتباه واإلدراك ()1
نشاط قابل ألنه يدرس من جوانب ثالثة :فيزيائية و فسيولوجية وسيكولوجية . ()2
يحدث وفقاً ألقدار معينة من الطاقة التنبيهية أطلق عليها الباحثون اسم العتبات الحسية ()3
وهي نوعان :العتية المطلقة والعتبة الفارقة
ومن خصائص اإلحساس أن العتبة الفارقة تميل بوجه عام إلى أن تكون مقدارا ثابتا، ()4
وهي تقدر عادة بنسبة ثابتة من شدة التنبيه
ثانيا :االنتباه:
و يعرف االنتباه بانه تهيئة الحواس الستقبال المثيرات .ويعرف االنتباه ايضا (تهيئة
وتوجيه الحواس نحو استقبال مثيرات المحيط الخارجية وتعرف قابلية االنتباه المحدودة Limited
Attention Capacityبانها " :قدرة االنسان على التركيز على كمية محدودة جدا من المعلومات
في الوقت الواحد"
ويري "ويتينج" ان االنتباه هو تركيز الشعور في شيء ،وتهيئة وتوجيه الحواس نحو
استقبال مثيرات المحيط الخارجية (.ويتينج)1983،
انواع االنتباه:
يقسم االنتباه من ناحية مثيراته الى ثالث اقسام:
( )1االنتباه القسري :فيها يتجه االنتباه الى المثير رغم ارادة الفرد كاالنتباه الى طلقة مسدس
اوضوء خاطف او الم وخز مفاجيء فبعض اجزاء الجسم هنا يفرض المثير نفسه فرضا فيرغمنا
اختياره دون غيره من المثيرات.
( )2االنتباه االرادي :هو االنتباه الذي يقتضي من المنتبه بذل جهد قد يكون كبيرا كانتباهه الى
محاضرة او الى حديث جاف او محل او يدعو الى الضجر .في هذه الحال يشعر الفرد بما يبذله
من جهد في حمل نفسه على االنتباه .وهو جهد ينجم عن محاولة الفرد التغلب على ما يعتريه
من سام او شرود ذهن اذ البد له ان ينتبه بحكم الحاجة او الضرورة او التادب.
53
( )3االنتباه التلقائي :هو انتباه الفرد الى شىء يهتم به ويميل اليه .وهو انتباه ال يبذل الفرد في
سبيله جهدا .بل يمضي سهال طيعا.
العوامل الموثرة على االنتباه:
-1عوامل االنتباه الخارجية:
اجريت بحوث تجريبة كثيرة في هذا الميدان كانت لها قيمة كبيرة في االعالن عن السلع التجارية.
فمن اهم عوامل االنتباه الخارجية.
( )1شدة المنبه :فاالضواء الزاهية واالصوات العالية والروائح النفاذة اجذب لالنتباه من
االضواء الخافتة واالصوات الضعيفة والروائح المعتدلة.
( )2تكرار المنبه :فلو صاح احد (النجدة) مرة واحدة فقد ال يجذب صياحه انتباه اآلخرين ،اما ان
كرر هذه االستغاثة عدة مرات كان ذلك ادعى ل جذب االنتباه .على ان التكرار ان استمر
رتيبا وعلى وتيرة واحدة فقد قدرته على استدعاء االنتباه فلذلك يجب ان ينوع بإلقاءه.
()3تغيير المنبه :عامل قوي في جذب االنتباه فنحن ال نشعر بدقات الساعة في الحجرة لكنها ان
توقفت عن الدق فجأة اتجه انتباهنا إليها.
()4التباين :كل شيء يختلف اختالفا كبيرا عما يوجد في محيطه فمثال ظهور نقطة حمراء في
وسط قلة نقاط سوداء او وجود امرآة وسط محيط كله من رجال.
( )5حركة المنبه :الحركة نوع من التغير ،فمن المعروف ان الالعالنات الكهربائية المتحركة
اجذب لالنتباه من االعالنات الثابتة.
()6موضع المنبه :وجد ان القارئ يميل الى قراءة الجزء االعلى من الصحيفة اكثر من النصف
االسفل.
-2عوامل االنتباه الداخلية :هنالك عوامل داخلية مؤقتة ودائمة.
العوامل المؤقته:
( )1الحاجات العضوية :بالجائع ام كان سائرا في طريق استرعت انتباهه االطعمة وروائحها بوجه
خاص.
( )2الوجهة الذهنية ::نرى مشاهد الفيلم تكون وجهته الذهنية نحو احداث الفيلم وتصرفات
ابطاله ،والطبيب لجرس التلفون ليال.
العوامل الدائمة:
( )1الدوافع الهامة :لدى االنسان وجهة ذهنية موصلة االنتباه الى المواقف التي تنذر بالخطر او
االلم كما ان دافع االستطالع يجعله في حالة تأهب مستمر لالنتباه الى االشياء الجديدة او غير
المألوفة.
54
( )2الميول المكتسبة :يبدو اثرها في اختالف النواحي التي ينتبه إليها عدد من الناس حيال موقف
واحد .فمثال عند ذهاب رسام ونحات الي معرض فني فاننا نرى اختالف انتباههما عند الدخول
الى المعروضات فنرى االول بنتبه ما يخص اللوحات الفنية والثاني ينتبه الى ما يخص التماثيل
واعمال النحت.
ثالثا :الشعور:
كثيرا ما تستعمل كلمة الشعور مرادفة لإلحساس كأن يقال شعرت بالجوع أو أحسست بالجوع ،كما
تستعمل للتعبير عن الحاالت النفسية الباطنية كالشعور بالفرح.
يعترض علماء النفس على المساواة بين الشعور و اإلحساس ذلك أن اإلحساس عملية بيولوجية
يشترك فيها اإلنسان و الحيوان بينما الشعور عملية نفسية قوامها الوعي و اإلدراك و المعرفة و من
ثمة فهو خاص باإلنسان وحده.
والشعور هو احد وظائف المخ ،وهومرتبط هنا بطرفين هما المتلقي والموضوع الجمالي وله ثالث
جوانب متداخلة هي:
( )1الجانب االدراكي (المعرفي)
( )2الجانب الوجداني (االنفعاالت والعواطف)
( )3الجانب النزوعي (العمل التنفيذي)
رابعا :االدراك:
يرى "راجح" ان االدراك هو العملية التي يفسر المتلقي عن طريقها المثيرات الحسية ،
فاإلحساس يسجل المثيرات البيئية ويفسرها االدراك ويصوغها في صور يمكن ان يفهمها المتلقي.
(احمد عزت راجح. )1973،
واالدراك عملية نفسية عقلية قوامها وعي األشياء الخارجية وصفاتها وعالقتها بما له صلة
مباشرة بالعمليات الحسية (.فاخر عاقل.)1979،
ويعرف البعض االدراك بأنuه العمليuة المعرفيuة االساسuية الخاصuة بتنظيم المعلومuات الuuتي تuرد إلى
العقل من البيئة الخارجية في وقت معين.
ويري أحمد صقر عاشور( :يقصد باالدراك الطريقة التي يرى بها الفرد العالم المحيط به ،ويتم
ذلك عن طريق استقبال المعلومات وتنظيمها وتفسيرها ،وتكوين مفاهيم ومعاني خاصة) (أحمد صقر
عاشور )1989،
ويقول أحمد سيد مصطفى ( :اإلدراك هو عملية إستقبال وإ نتقاء وتفسير لمثير أو أكثر في بيئتنا
المحيطة ،فنحن نرى من نخالطهم أقاربنا وزمالءنا وأصدقائنا ورؤسائنا ،ونستمع لما يقولون ونتلقي
معلومات ومثيرات من مصادر شتى محيطة بنا فنستقبلها وفقًا لقدرات حواسنا ،ثم نفسرها وفقًا
55
لدرجة وضوح وإ كتمال وجاذبية هذه المعلومات أو المثيرات ،وكذا وفقًا لحاجاتنا ودوافعنا وتوقعاتنا
وخبراتنا السابقة( .أحمد سيد مصطفى)2005،
أما راوية حسن فتشير الي أن اإلدراك ( :هو العملية التي يقوم من خاللها الفرد بتنظيم وتفسير
إنطباعته الحسية لكي يضيف معني للبيئة التي يوجد فيها ،فاألفراد المختلفين قد ينظرون إلى نفس
الشئ ،وبالرغم من هذا يدركونه بطريقة مختلفة ،والحقيقة ال يوجد أحد منا يرى الواقع كما هو،
ولكن ما نفعله هو تفسير لما نراه والذي نطلق عليه الواقع)( .راوية حسن)1999،
ومن هنا ف ان اإلدراك هو نوع من االستجابة لألشكال واالشياء الخارجية ،وتهدف االستجابة
الى القيام بنوع معين من السلوك ويتوقف ذلك على طبيعة المنبه الخارجي والحالة الشعورية
ط
والوجدانية للمتلقي واتجاهه الفكري وخبراته السابقة أزاء مثيرات سابقة .و يعد اإلدراك نشا ً
عقلي ) فهو يعتمد على فاعلية النظام الحسي ومدخالته ،إذ أن عملية اإلدراك تبدأ ( نفسي ،حسي،
ً
عادة بوجود منبهات أو مثيرات من حولنا يستقبلها المتلقي عبر الحواس لتُنقل بعد ذلك إلى المخ
مناسب ،مع ربطها بالخبرات السابقة للمتلقي .
ً معنى الذي يقوم بدوره بتنظيمها واعطائها
ً
ويتأثر االدراك بمجموعتين من المؤثرات هي:
المؤثرات الخارجية :التي تتعلق بخصائص الموضوع المدرك. 1
المؤثرات الداخلية :التي تتعلق بذات المتلقي. 2
ذلك فان هذه المؤثرات تؤدي الي سلوك يختلف من موقف جمالي ألخر ومن متل ٍ
ق آلخر.
وهي ناتج اتصالي يقوم على جوانب الشعورالثالثة(االدراك،الوجدان،النزوع) فالمتلقي يدرك اوالً
الموضوع الجمالي ادراكاً قد يكون (ادراكاً حسيا ،او عقلياً) ،ثم تثار لديه حالة وجدانية (انفعال
أوعاطفة) ثم يتخذ موقفاً تجاه هذا العمل ،فهي سلوك يتم بااللية االتية :
مثير جمالي
استمتاع قبول
احساس
استجابة
شعور
إدراك
و يرى معظم المفكرين ان االستجابة الجمالية تتوقف على جانبين اساسين :
56
الجانب االول :هو العمل الفني وقدرته على اثارة االنفعال والمشاعر الداخلية لدى المتلقي،
فالفن أداة تواصل بين االجيال وبين الحضارات وكذلك بين المجتمعات ،فمنذ نشأته االولى يعد لغة
التخاطب االجتماعية الخاصة التي نشأت للتفاهم وتبادل الخبرات وتلقي المعلومات.
والجانب الثاني :هو الحالة الداخلية للمتلقي – سواء الفسيولوجية او السيكولوجية، - u
ومعنى ذلك ان استجابة المتذوقين للعمل الجمالي تتأثر باالطار االجتماعي الذي يحكم قيمهم
ومعاييرهم الجمالية ( .غادة مصطفى احمد)2008،
وعالقة االستجابة الجمالية بسمة االجتماعية هي عملية جدلية تفسر العالقة السببية من زاوية
نظر علم االجتماع وعلم النفس فكل شيء يعتمد على التبادل بحيث اننا ال نستطيع ان نصل الى
الطرف االخر بسبب تأثيره بل بسبب حاجتنا اليه وحاجته الينا ،فال يوجد تأثير جانب ،بل تأثير
الجانبين على بعض ،ومن هذه الزاوية تكون العالقة بين الفن والمجتمع ممثلة سلسلة تأثيرات
مترابطة ال يمكن كسرها او فصلها ،فالمجتمع يتبدل بسبب الفن الذي هو نتاجه ،والفن يتفاعل مع
المجتمع لكي يستطيع تحقيق االنسجام معه ..............و ان التفاعل االجتماعي بين المتلقي
والفن يمثل ركيزة تأخذ شكل التبادل النفسي _ االجتماعي ( .منى خضر عباس الطائي ،كاظم مرشد
ذرب) 2011 ، ،
والنسق الفني ال يتبلور وينمو اال من خالل حاجة االفراد وشعورهم بضرورة وجوده في حياتهم
االجتماعية لكي يحفظ وجودهم االجتماعي كجماعة او كمجتمع يساهم في استمرار حياتهم الجمعية ،
لذا فأن للنسق الفني جذور تبدأ منذ حياة االفراد على شكل تجمعات اولية ،ثم تنمو بواسطة خبرات
االفراد عبر الزمن .
ويرى اصحاب (النظرية االجتماعية) في تفسير االبداع الفني وتلقيه ان غاية ذات المتلقي هي تحقيق
ذاتها وذلك ال يتم االعن طريق الجماعة ،ومعنى ذلك ان تحقيق الشخصية ال يتم اال في عالم
مشترك ،يشعر به المتلقي بوجود (النحن) التي هي أسبق من كل تمييز بين (االنا) و(االنت)
فالجماعة اسبق من الفرد ،او (النحن) اسبق من االنا ،فـ (أنا) االنسان هي هبة يمنحها االخرون له
(علي عبد المعطي )1985 ،
وبما ان الفن ظاهرة اجتماعية على حد قول العديد من منظري الفن واالجتماع ،فالفن اجتماعي
ويقدره ( .منى خضر عباس الطائي ،كاظم مرشد ذرب، ،من ناحية ألنه يتطلب جمهوراً يعجب به ّ
) 2011
اما من الناحية النفسية فيرى ( يونك ) في نظريه (اإلسقاط ) ،ان االنسان يرث من االسالف
الالشعور الجمعي الذي يشترك به مع بقية البشر اآلخرين ،فحينما يقوم الفنان بإخراج كوامن هذا
الالشعور إلى حيز الوجود على هيأة رموز عن طريق عملية اإلسقاط .يقوم المتلقي باالستجابة
للجمال فيه عن طريق الالشعور الجمعي للمتلقي مستخرجاً بذلك معنى ،اي بمعنى ان تحقيق
شخصية الفنان والمتلقي يتم في عالم مشترك يشعران فيه بوجود النحن ،فالجماعة أسبق من الفرد
57
او النحن أسبق من االنا ،وتلك الأطروحات تفسر عالقة سمة االجتماعية باالستجابة الجمالية .
(منى خضر عباس الطائي ،كاظم مرشد ذرب) 2011 ، ،
58
59
الفصل السادس
الفن
ماهية الفن:
ان الفن يعد دون ادنى شك احد مكونات الحضارة البشرية االساسية وتطور نموها ووعيها،
والذي يعين االنسان على فهم المحيط الذي يكون فيه وباستجالء مفرداته ليصبها صورة ناطقة
للعصر الذي عاش فيه ،وكلغة تواصلية انطالقا من اعتبار" ...الفن يمثل في اساسه عملية اتصال او
تخاطب تتم بين الفرد والجماعة" .))Combrich, E.H, 1972
فالفنون باختالف انواعها وبما تعطيه من قيمة معرفية وكحاجة ظهرت مع وعي االنسان ،انما
جاءت انعكاسا لثقافات الشعوب من خالل ما تفرزه خالل نتاجاتها الشاخصة ،كما ان من شان دراسة
التربية الفنية ان تكشف لنا عن االصول االولى لتراث البشرية بفعل ما اضفته من روح التجديد
والوعي على المنجز الفني.
و ال شك ان مصطلح "الفن " يبدو غامضا بعض الشيء حيث انه أنه يطلق على التقنية ( الصنعة
أو الحرفية ) ويطلق أيضا على الفنون الجميلة واإلبداعات الفنية على الرغم من االختالف الكبير بين
عمل الصانع أو الحرفي الذي يهدف إلي تحقيق أهداف نفعية أداتية وعمل الفنان الذي يؤديه من
تلقاء نفسه والذي يهدف إلى قيمة نوعية متعلقة بالجمال أساسا .لذلك يشير الفن في معناه العام
إلى اإلنتاج اإلنساني الذي يجمع بين الحرية والعقل واإلبداع.
و على هذا النحو يشير "لاالند " في معجمه إلى أن:
" الفن أو الفنون تعني كل إنتاج للجميل بواسطة اآلثار التي يبدعها كائن واع ".وبالتالي يتميز
الفن عن الطبيعة تميز الفعل عن الحركة والحرية عن الضرورة والواجب ،ويري "فرنسيس
بيكون" أن الفن هو "الشيء الذي يضيفه اإلنسان إلى الطبيعة" (.زهير الخويلدي . )2010،
كما أن الفن لغة معبرة عن مظهر كل عصر وما يرافقه من تبدل في األعراف والذائقة
والتكوينات الفنية المختلفة منذ بدأ اإلنسان بالتفكير في نتاجات حملت أفكاره وغدت سجل لها .
والفن حسب تولستوي " ضرب من النشاط البشري الذي يتمثل في قيام اإلنسان بتوصيل عواطفه
إلى اآلخرين وبطريقة شعورية إرادية "(.زكريا إبراهيم . ) 1976،
والفن طريقة للتعبير تواصل إليها اإلنسان محوالً قول شيء ما يدور حول إضافة إلى انه طريقة
للمعرفة( .ريد ،هربرت ،ب ت ).
كما ان الفن هو إبداع أشكال قابلة لإلدراك الحسي تكون معبرة عن الوجدان البشري( .راضي
الحكيم )1986،
60
وهذه األشكال في معظم النتاجات واألعمال تعكس طبيعة المجتمع والتفكير السائد في وقته ،وهي كبنى
رمزية عوضت عن األشكال الواقعية فهي تميل إلى التجديد واالختزال وذات دالالت رمزية متعددة ،
فالخوض فيها والبحث عن األفكار التي تقف خلفها ضمن زمكانيتها المختلفة يجعل ممارسة الـويل
ممكنة .
وببساطة شديدة فان الفن هو نشاط إنساني تم االستدالل علية منذ عصور ما قبل التاريخ ،هذا
النشاط ينتجه مجموعة من البشر الذين يمتلكون موهبة إبداعية وابتكاريه ويكون لديهم القدرة على
التعبير عن طريق الوسائط الفنية عن أفكار وموضوعات تؤثر فى اآلخرين.
وهناك تعريفات متعددة لكلمة فن منها:
الفن هو إنتاج uعناصر مبتكرة بطريقة إبداعية يكون لها اثر جمالي على المتذوقين.
وتشير كلمة فن فى معظم األحيان uإلى الفنون البصرية uكالرسم – التصوير – uالنحت – الحفر وقد تم تعريف
الفن أيضا uعلى أنة وسيلة للتعبير عن األفكار وهو وسيلة لالتصال الثقافي.
ويري البعض في تعريف كلمة الفن للداللة uعلى المهارات uالمستخدمة إلنتاج uأشياء تحمل قيمة جمالية
ومن ضمن التعريفات uأن الفن مهارة – حرفة – خبرة – إبداع – حدس – محاكاة.
ويمكن تعريف الفن أيضا على أنه دراسة المهارات uاإلبداعية.
عملية استخدام المهارة إلنتاج uعمل إبداعي.
هو منتج إبداعي يعتمد على مهارة.
الفن هو منتج إبداعي يقوم على تحفيز أفكار المشاهد لما نطلق عليه االستجابة الجمالية.u
الفن هو التعبير عن فكرة فردية -أو فكر الجماعة uبطريقة إبداعية.
الفن هو تحويل الفكرة المتصورة إلى مجموعة من الرموز ذات الداللة.
ولقد تم تعريف كلمة فن تاريخيا uعلى أنها ( المهارات) uلإلشارة إلى أي مهارة أو إتقان uولقد تغير هذا المفهوم
منذ ظهور االتجاه الرومانسي فى تاريخ الفن ،حيث تم تصنيف مجال الفنون تبعا للعلوم اإلنسانيةu
واختلف الفالسفة فى تعريف معنى الفن أو ماهية الفن .....هذا uالتفسير الذي نطلق علية اليوم فلسفة الفن ومن
التعريفات الهامة لمعنى الفن أو ماهيتهu:
الفن محاكاة (أفالطون – أرسطو)
الفن تعبير ( بندتو كروتشة )
الفن ظاهرة اجتماعية ( uإميل دوركايم)
الرمز( سوزان النجر)
الفن حدس ( هنري برجسون) (رواق الفلسفة )2009،
وهناك عالقة جدلية رابطة بين الفن والوعي اإلنساني فهي تعكس عالقة بالعالم المحيط ويعبر واقعة
االجتماعي والمبني والثقافي ،وكشف صراعه في خضم هذا العالم وغدا الفخار – كسطح تصويري
– في الفن العراقي القديم خير وسيلة عبر بها اإلنسان عن أفكاره ،فجاءت محملة بأشكال ذات
دالالت ومعاني بانت سجل لتلك األفكار.
61
ثانياً :الفن وماهيته االجتماعية :
الفن شيء إبداعي يعبر فيه الفنان عن األحاسيس والقيم uاإلنسانية الخالدة ،كما يعبر عنها المجتمع
فى الظروف التاريخية واالجتماعية والثقافية واالقتصادية والسياسية التى يعيشها ،والعمل اإلبداعي
يتميز بأنه تجسيد ألحاسيس إنسانية ولكن ضمن قواعد عامة تضمن للعمل اإلبداعي تحقيقه على
المستوى التقني غايته إضافة إلى إبداعه وتجديده وعمقه فى تجسيد المعاني اإلنسانية العميقة ( uأبو
بكر أحمد باقادر. )1984 ،
ويرى هربرت ريد أن الفن " عمل اجتماعي " ،فإذا نظرنا على الفن من وجهة نظر عالم االجتماع ،
فإننا لن نستطيع أن ننكر أن وجود الفن هو واقعة إيجابية لها أهميتها في صميم الحياة االجتماعية ،
والمجتمع نفسه فى كل زمان ومكان اعتبر الفن وظيفة اجتماعية ،فكان يعد الفنانين بمثابة صناع
مهرة يحترفون مهنة لها أصولها وقواعدها ،فلو رجعنا الى العصور الوسطى – مثالً -لوجدنا أن
الفن قد كان آنذاك حرفة جدية يحرص عليها المجتمع ،فكانت هناك مراسم فنية ينفق عليها الملوك
واألمراء .......وللفن وظيفة جوهرية هامة فى صميم الحياة االجتماعية ،وهى وظيفة التوفير أو
االدخار ،ومعنى هذا أن الكائن االجتماعي ال يستهلك العمل الفني كما يستهلك غيره من الطاقات ،
بل هو يحتفظ به على شكل آثار تظل مسجلة فى المادة (ريد ،هربرت ،ب ت ).
وال يمكن تصور فن من الفنون بدون متذوقين له ،بمعنى أن العمل الفني اإلبداعي الذي ال يظهر
للجمهور ال يدخل فى دائرة ما نقصد من فنون وذلك ألن عملية التذوق للفن تعتبر من أهم العمليات
االجتماعي المتعلقة بنشر الفنون ونمائها ( أبو بكر أحمد باقادر. )1984 ،
ثالثاً :الفن كلغة اتصال بين الفنان ومجتمعه: u
يمثل الفن وسيلة تخاطب واتصال بين الفنان والمجتمع ،فاإلبداع هو القدرة على الرؤية واإلدراك
ومن ثم اإلستجابة والتفاعل .
ولكل فن من الفنون لغة خاصة ال ينطق إال بها ،ويستحيل غالباً ترجمتها إلى أى لغة أخرى من
غير جنسها ،لذلك إن لم نعرف هذه اللغة معرفة دقيقة ونقف على دقائقها وأسرارها ،استعصى
علينا أن ندرك معانيها ،مهما بلغ من علمنا بلغات اآلداب أو الفنون األخرى ( .رمسيس يونان،
. د.ت)
وهذه اللغة هى أداة الفنان للتواصل مع غيره والتفاعل معهم ، uواللغة بهذا الشكل تعد وسيلة
اتصال ،وهى الوحدات التى تحمل رموزاً وترجم ًة النفعاالت الفنان الناجمة عن الوجدان والخبرة ،
والثقافة والتفكير ،والذوق واالتجاهات ،مما يكون له األثر فى نقل الخبرات على المتلقي بطريقة
صحيحة .
62
فالفن كلغة اتصال اجتماعي له أدوار كثيرة فهو مرآة للحضارات على مر العصور ،وهو يلعب
دوراً فى رؤية المتلقي لبيئته وإ دراك جمالها ،كما أنه عملية توافق بين عالم الجمال وعالم الوجدان
وعالم العقل ،بين الفردي والجماعي ،بين الذاتي والموضوعي ،بين الروح اإلنسانية والطبيعةu
نفسها .
وينعكس على قارئ لغة الفن عوائد ثقافية كثيرة كاالستمتاع البصري والنفسي ،واكتساب لغة
جديدة ،واستيعابه للرموز والوحدات واألشكال وإ ثراء خبرته الجمالية ،وغيرها من الفوائد الثقافية
التي تفيد المتلقي ( .نجالء رشيد محمد الرشيد)2013 ،
فاألديب قد يحدثنا عن األشكال واأللوان واألضواء والظالل فى منظر يشاهده ،أو قد يصف لنا
وقع هذه األشياء فى نفسه ،وما تثيره فى ذهنه من خواطر أو فى قلبه من عواطف ،ولكن الفنان ال
يصف األشكال واأللوان والظالل واألضواء ،وإ نما يتخذها أداة للتعبير عن وجدانه ......والعامل
الجوهرى المشترك بين شتى طرز الفن والذي يتأثر بالظروف الفردية واالجتماعية والحضارية ،
فالوجدان هنا ليس مجرد العواطف uواالنفعاالت uالجماعية أو الفردية الطارئة ،وإ نما هو خالصة ما
ترسب ويترسب فى أعماق نفس اإلنسان من صور ومعان نتيجة إدراكه – أوالً – أنه مخلوق يعيش
وسط قوى كونية هائلة ،تتفاعل معها ،ثم نتيجة لممارساته لشتى الثقافات والحضارات التى أنشأها
منذ ظهوره على سطح األرض ،وعندما ننظر على " لغة الفن " نجد أن الوجدان ليس فى اصله أو
أنغاماً موسيقية ،وإ نما هو فى حقيقته uنوع من الذبذبات األثيرية التى ال ترى وال تسمع ويستحيل
. وصفها باأللفاظ أو بأى لغة أخرى محدودة المعاني (رمسيس يونان ،د.ت)
من هنا يتضح أن التعبير عن الوجدان بتلك الوسائل أو الصور المادية الحسية لم يكن ممكن تحقيقهu
لو سحر " لغة الفن " التى تحيل المادة إلى طاقة أو شفافية ،دون أن تفقد هذه المادة كثافتها
الظاهرية .
كما يتميز الفن عن العلم تميز المعرفة النظرية عن المعرفة العملية إذ ال يعرف اإلنسان بالضرورة
كل ما يقدر على فعله وال يصنع بالضرورة ما يقدر على معرفته ،وقد برهن كانت عن ذلك بقوله:
"الفن هو العمل الوحيد الذي ال نملك مهارة صنعه حتى وان كنا نعرفه على الوجه األكمل ".زد على
ذلك أن الفن ي تميز عن المهنة ألن الفنان هو الصانع الذي يمتلك فكرة عما سيبدعه ولكنه يتحرر من
كل غرض مادي.
الفرق بين الفن والطبيعة
الطبيعــة الفــن
عمل يتأسس على الضرورة عمل يتأسس على الوعي والتفكير
مثال :بناء أقراص الشمع مثال :قطعة خشب منحوتة
من طرف النحلة uليس عمل قنيا ،بل هو برمجة عمل فني ألن انجازها uقام على الوعي
63
غريزية فطرية. والتفكير والحرية وتحديد الغاية. u
الفرق بين الفن والعلم
العلـــم الفــــن
نشاط لإلنسان. نشاط لإلنسان.
إنتاج للمعرفة و للحقيقة. إنتاج للجمال .
يعتمد علي منهج بحثي وتقنيات وأدوات. له تقنيات وقواعد .
ال يمكن لإلنسان أن ينتج عمال فنيا
الحرفـــة الفـــن
نشاط ارتزاقي (يطلب منه الرزق والربح) نشاط حر .
مشقة ،تعب . متعة ،لعب.
إلزام ،إكراه. غياب القواعد.
و يشير جوليان هكسلي ( )J. Huxlyإلى أن كال من العلم والفن يعتبرا أداتان ووسيلتان لفهم العالم
وتوصيل هذا الفهم لآلخرين ،فاإلنسان ينزع على نقل تجربته االجتماعية من خالل وسيلته فى ذلك "
العمل الفني ) على اآلخرين ،فمنبع الفن واساسه هو تمثيل تجربة الفنان الحياتية واستنباط
مفهومها وداللتها القيمية ،وتثبيت هذا اإلستنباط وتوصيله لآلخرين عن طريق استعادة حركية " فى
مجال اإلبداعي الدرامي " " ،أو خيالية " فى مجال اإلبداع األدبي " " ،أو تشكيلية " كما يحدث فى
فنون التصوير والتشكيل المجسم " ،فالفن ليس مجرد إبداع صور وأشكال إنما هو نشاط يتولد عنه
منتجات تصلح ألن تكون بمثابة منبهات أو مثيرات تثير لدى الغير بعض االستجابات المريحة (عبد
الرحمن يحيي المغربي . )2001 ،
فالعمل الفني هو منبه أو مؤثر حسي يولد المتلقي مجموعة من التأثيرات الجسمية والنفسية ،
ويستثير انتباهه ومالحظته ،وينتج عن ذلك ما يعرف باالستجابة باإليجاب أو السلب أو التعديل
لرؤية هذا العمل ،والعالقة بين المنبه ( الرسالة ) واإلستجابة ( رد الفعل أو السلوك ) هى العالقة
التى تعتبر من اسس العملية االتصالية فى نماذج االتصال ،ونظريات التعلم هى التى تقدم تفسيراً
64
للسلوك ،والفنان فى هذه التفسيرات هو المصدر أو المرسل ،والرسالة فى هذه الحالة هى ما أعاد
الفنان صياغته فى عمل فني ،والمتلقي هو الفرد أو الجماعة التى يهدف الفنان توصيل العمل
إليها ،والتفاعل الذي يتم بين مرسل ومستقبل باستخدام رسالة معينة ،يراد لها أن تحدث أثراً ما ،
واالتصال فى هذه الحالة يشمل تلك العملية التفاعلية بكل مكوناتها ،والتى تحدد بين إرسال الرسالة
وحدوث األثر المطلوب ،وحدوث األثر إنما يرتبط به مقدار التفاعل الذي يحدث بين الرسالة
ومحتوياتها ،وبين المستقبل ومدى تعايشه ومشاركته وتقبله أو رفضه للرسالة (عبد الرحمن يحيي
المغربي . )2001 ،
وهناك عدة معوقات ثقافية قد تحول بين المتلقي وتذوقه وفهمه وتاثره بالعمل الفني منها :
اختالف وتضارب المفاهيم حول الفن والجمال .
عدم التخطيط الجيد إلثراء وتنمية التذوق .
انتشار المعتقدات الخرافية والتعاليم التى ال تستند إلى حقائق علمية .
العزلة الثقافية عن المجتمعات األخرى .
سيطرة الثقافات والمفاهيم الغازية عن طريق الوسائط المختلفة .
نمطية األفكار والمفاهيم واألشكال فى المجتمع .
عدم الرغبة فى التجديد واإلبتكار .
عدم إدراك الفوارق الفردية بين أفراد المجتمع الواحد .
دكتاتورية كبار المفكرين والنقاد .
عدم إدراك طبيعة الشعوب النفسية .
كما كان هناك عوامل ومؤثرات تحكم قارئ العمل الفني منها .
الحالة النفسية والمزاجية له .
التربية والتكوين فى األسرة والبيئة والمجتمع .
الزمان والمكان ( .نجالء رشيد محمد الرشيد)2013 ،
65
حية من األحداث والمشاعر وكلما كان أثره الفني الذي أبدعه أصيال اقترب من قيمة الحقيقة وعبر
بجالء عن مطلب المعنى." .
إن التذوق الجمالي ليس مجرد متعة حسية وإ نما غبطة روحية تدعو إلى النظر بانتباه واللعب مع
الوجود وممارسة التفكير بحيث يشعر المرء أنه أدرك الديمومة وشارف على االكتمال ويكاد يتحد
بالمطلق
إن ماهية الفن هي الحرية وان حرية الفنان هي أساس إبداعه وإ لهامه وان ضريبة الحرية هي
المغامرة في المجهول والمخاطرة بالحياة من أجل التضحية في معبد الجمال الفتان .وكما قال
كانط":البد من ذوق حتى نحكم في شأن شيء جميل لكن البد من عبقرية إلبداع شيء جميل"(زهير
الخويلدي . )2010،
والنسق الفني ال يتبلور وينمو اال من خالل حاجة االفراد وشعورهم بضرورة وجوده في
حياتهم االجتماعية لكي يحفظ وجودهم االجتماعي كجماعة او كمجتمع يساهم في استمرار حياتهم
الجمعية ،لذا فأن للنسق الفني جذور تبدأ منذ حياة االفراد على شكل تجمعات اولية ،ثم تنمو
بواسطة خبرات االفراد عبر الزمن .
66
67
الفصل السابع
المدارس الفنية
مقدمة:
تعددت المذاهب الفنية في اروربا بعد انقضاء فترة الفن المسيحي الذي انتشر في القرون
الوسطى فظهر فن النهضة العظيم في أوائل القرن الخامس عشر وصاحب ذلك اعتزاز الفنان
بفرديته بدال من إن يكون ذائبا في مجتمع كبير .وتوالت الحركات الفنية في الغرب منذ مطلع القرن
التاسع عشر فظهرت الرومانسية والطبيعية والواقعية ..وألول مرة في تاريخ الفنون نجد إن
الهجوم التشكيلي للفن يخضع لتأثير العلم واالكتشافات الحديثة حيث بدأ العلماء يبحثون في عالقة
الضوء باأللوان كما اخترعت آلة التصوير الشمسي وساهمت هذه األحداث في ازدهار المذهب
التأثيري ..وما إن نصل إلى القرن العشرين حتى نقابل مذاهب جديدة من أهمها التكعيبيةu
والوحشية والمستقبلية ..واختتمت هذه الحركات المتعددة بحركتي السريالية والتجريدية
وتهدف األولى إلى الغوص في أعمال الالشعور على حين تسعى الثانية إلى البحث في جمال األشكال
الالموضوعية والهندسية .
أوال :المدرسة الكالسيكية:u
يطلق لفظ كالسيكي على الشئ التقليدي أو القديم ،أو الشخص الذي يتمسك بالنظم السابقة دون
تغيير أو إضافة .و لفظ كالسيكية يوناني يعني ( الطراز األول ) أو الممتاز أو النموذجي ،فقد
أعتمد اليونان في فنهم األصول الجمالية المثالية ،فنرى في منحوتاتهم أشكاال بالكمال الجسماني
للرجال والجمال المثالي للنساء فينحتون أو يرسمون األنسان في وضع مثالي ونسب مثالية ،الرجل
وكانه بطل كمال جسماني ،و النساء وكأنهن ملكات جمال ،فالمفهوم uالكالسيكي عندهم هو
األفضل ،بل المثال والجودة ......ومن أشهر فناني هذه المدرسة الفنان المعروف (ليوناردو
دافنشي) في فن التصوير والرسم و(مايكل أنجلوا) في فن النحت والعمارة وغيرهم ،ومن أشهر
أعمال الفنان ليوناردو دافنشي لوحة ( الجيوكندا) أو ما تسمى بالموناليزا ،أما أشهر اعمال مايكل
أنجلوا فهو تمثال موسى .
68
الجيوكندا ( الموناليزا) ..ليونارد دافنشي
69
الرعاه العاشقون ( جاريكو) النساء الجزائريات(الكرواه)
70
من لوحـــــــــات الفنان " كوربيه"
رابعا :المدرسة التأثيرية أو االنطباعية :
يحاول رسامو االنطباعية تقليد الضوء عندما ينعكس على أسطح األشياء ،ويحققون ذلك باستخدام
األلوان الزيتية في بقع منفصلة صغيرة ذات شكل واضح ،بدالً من خلطه على لوحة األلوان ،وفضَّل
االنطباعيون العمل في الخالء لتصوير الطبيعة مباشرة.
واهتمت االنطباعية بتسجيل الشكل العام ،فالتفاصيل الدقيقة ليست من أهدافها بل يسجلون
االنطباع الكلي عن األشياء ،بطريقة توحي للمشاهد انه يرى األجزاء رغم أنها غير مرسومه ،مما
يزيدها سحرا وجماال وجاذبية من قبل المشاهد .ومن مميزات االنطباعية أيضا عدم االهتمام بالناحية
الموضوعية للوحة ،إذ تمتزج األشكال في اللوحة فتصبح كال ،ومما هو جدير بالذكر ان االنطباعية
قد انبثقت من الواقعية ،لكن ضمن إطار علمي مختلف ،فهي تصور الواقع لكن بألوان تعتمد على
التحليل العلمي .ومن أشهر رسامي االنطباعية "أوجست رينوار" و"بول سيزان" الفرنسيان .
بورتريه " أب" الفنان ....بول سيزان لوحة فينسيا ....أوجست رينوار
خامسا :المدرسة الوحشية:
المدرسة الوحشية اتجاه فني قام على التقاليد التي سبقته ،وأهتم الوحشيون بالضوء المتجانس
والبناء المسطح فكانت سطوح ألوانهم uتتألف دون استخدام الظل والنور ،أي دون استخدام uالقيم
اللونية ،فقد اعتمدوا على الشدة اللونية بطبقة واحدة من اللون ،ثم اعتمدت هذه المدرسة أسلوب
71
التبسيط في اإلشكال ،فكانت أشبه بالرسم البدائي إلى حد ما ،فقد اعتبرت المدرسة الوحشية إن ما
يزيد من تفاصيل عند رسم األشكال إنما هو ضار للعمل الفني ،فقد صورت في أعمالهم صور
الطبيعة إلى أشكال بسيطة ،فكانت لصورهم صلة وثيقة من حيث التجريد أو التبسيط بالفن اإلسالمي
،خاصة أن رائد هذه المدرسة الفنان "هنري ماتيس" الذي استخدم عناصر زخرفية إسالمية في
لوحاته مثل األرابيسك أي الزخرفة النباتية اإلسالمية .
72
ملهي الكاحونة الحمراء "لوتريك" الصرخة " مونخ " زهرة الخشخاش " فان جوخ"
سابعا :المدرسة التكعيبية :
المدرسة التكعيبية هي إتجاه ف ني أتخذ من األشكال الهندسية أساسا لبناء العمل الفني إذا قامت هذه
المدرسة على الإ عتقاد بنظرية التبلور التعدينية التي تعتبر الهندسة أصوال لألجسام .إعتمدت
التكعيبية الخط الهندسي أساسا لكل شكل ،فاستخدم فنانوها الخط المستقيم و الخط المنحني ،فكانت
األشكال فيها اما أسطوانيه أو كرويه ،وكذلك ظهر المربع واألشكال الهندسية المسطحة في
المساحات التي تحيط بالموضوع ،وتنوعت المساحات الهندسية في األشكال تبعا لتنوع الخطوط
واألشكال واتجاهاتها المختلفة ،ويعد بابلو بيكاسو أشهر فناني هذه المدرسة ،وكذلك الفنان (براك )
و(ليجرد)وغيرهم وقد صور بيكاسو العديد من اللوحات ،وكان أبرز الفنانين التكعيبين إنتاجا ،ومن
أشهر أعماله ( الجورنيكا ) وهي تمثل المأساة األسبانية في الحرب العالمية األولى .
73
دالئل بصرية مباشرة ،وإ ن كانت تحمل في طياتها شيئاً من خالصة التجربة التشكيلية التي مر بها
الفنان.
وعموماً فإن المذهب التجريدي في الرسم ،يسعى إلى البحث عن جوهر األشياء والتعبير عنها في
أشكال موجزة تحمل في داخلها الخبرات الفنية ،التي أثارت وجدان الفنان التجريدي .وكلمة "تجريد"
تعني التخلص من كل آثار الواقع واالرتباط به ،فالجسم الكروي تجريد لعدد كبير من األشكال التي
تحمل هذا الطابع :كالتفاحة والشمس وكرة اللعب وما إلى ذلك ،فالشكل الواحد قد يوحي بمعان
متعددة ،فيبدو للمشاهد أكثر ثراء ،وقد نجح الفنان " كاندسكي " أحد فناني التجريدية العالميين في
بث الروح في مربعاته ومستطيالته ودوائره وخطوطه المستقيمة أو المنحنية ،بإعطائها لوناً معيناً
وترتيبها وفق نظام معين .ويبدو هذا واضحاً في لوحته "تكوين".
74
العضلية وخواطره المتتابعة دون عائق ،وفي هذه الحالة تكون اللوحة أكثر صدقاً ،ومن أهم رواد
هذه المدرسة " سلفادور دالي "
75
76
الفصل الثامن
بعض المجاالت الفنيــة
77
أوال :الرسم والتصوير:
الرسم هو التعبير عن األشياء بالخط ،وقد يكون الرسم اعداد لعمل أخر ،أو قد يكون غاية
في حد ذاته ويمكن الحصول على الرسم بأي أداة خطية ،أما التصوير ( ) PAINTINGفيعتبر من
ناحية األداء فن توزيع األلوان واألصباغ على أسطح مستوية متنوعة من أجل أيجاد اإلحساس
بالمسافة وبالحركة والملمس والشكل إلى جانب جمال اإلحساس بالقيم الناتجة عن تكوينات العناصر
المختلفة .
كما إن فن الرسم والتصوير هو ترجمة اإلحساس واإلدراك البصري بالخط واللون ،أو التعبير عن
موضوع ،أو فكرة ،بواسطة وسائل التنفيذ اللونية بأنواعها وتركيباتها المختلفة على مسطحات
الرسم المتنوعة والمناسبة لهذا احد أعمال االبتداع التي توقظ العاطفة وترتقي باإلحساس وتنمي
التذوق الجمالي .
عناصر العمل الفني :
تناول المتخصصون في مجال الفن تلك العناصر في دراساتهم وأبحاثهم ،ويجدر بنا أن نذكر أهـم تلك
العـناصر وهي :الموسيقي ،الخط ،الظل ،اللون ،المساحة ،الكتلة ،الفراغ ،السطح .
تنوع العمل الفني :
.1عمل فني في مجال البعدين مثل ( التصوير – الزخرفة – الحفر ) .
.2عمل فني في مجال األبعاد الثالثة مثل ( النحت – العمارة ) .
الموسيقي :وهي العالقة بين األشياء بالنسبة لبعضها البعض في تضادها -1
وانسجامها والنغم في اللون هو العالقة بين الغامق والفاتح أو بين تفاوت الدرجات اللونية ،والبد
للنغم من أن يكون متوازنا
الخط :تعد الخطوط من العناصر األساسية التي تدخل في بناء األعمال الفنية، -2
فالخط هو أساس كل األعمال الفنية ،وهو الذي يبرز التكوين الفني للموضوعات ،ويحدد أشكال تلك
الموضوعات إلى جانب تحديد كل جزئيات العمل الفني من مساحة ولون وكتله ،والخطوط لها دور
فاعل في العمل الفني فهي األساس في الرسم ،وأساس تكوين الصورة ،وهي التي تعطي العمق
للرسومات ،وتقود عين المشاهد إلى مركز االنتباه في الصورة( ،الحيلة محمد محمود )1998،
و تعتمد شخصية الخط وقوته على األداء التي ينفذ بها سواء كانت فرشاة أو طباشير والخط ربما
كون رفيعا او غليظا ،حادا أو لينا ،رصينا او مسترخيا متوترا او متموجا والخطوط أنواعا مختلفة
،لها تأثيرها النفسي على المشاهد ،فالخط الراسي يعطينا اإلحساس بالقوة والشموخ ،أما الخطوط
األفقية فتعطي أحساسا بالسكون والراحة والنوم أو الموت ،وهناك أيضا خطوط حلزونية ولولبية
ومنكسرة ومتعرجة ،كل هذا يعطينا نغما وتنوعا خطيا رائعا .
الظل والنور ( مصادر الضوء) : -3
78
تعريف الظل :اذا وقع أي جسم في مسار أشعة ضوئية نشأ ما نسميه بالظل .
تعريف الضوء :هو المؤثر الخارجي الذي يحدث اإلحساس الضوئي .
و للظل والنور دور مهم في تحديد وإ ظهار حجم األشكال والنماذج المرسومة ,فإذا أردنا أن
نرسم كرة مثال فإننا ال نعرف أن لها حجما إال إذا أخضعناها لقانون الظل والنور ,وإ ال بقيت خطا
منحنيا مقفال وهكذا أيضا رأس اإلنسان وجسمه ,وعناصر الطبيعة الحقلية ,والصامتة ,وهذه العناصر
المجسمة والمحببة بظواهر دائرية وهندسية مستطيلة ومربعة ,تخضع دائما لقانون الظل والنور من
أجل إظهار ثقلها وحجمها ووجودها ,إذ أننا ال نستطيع أن نضع نورا على رسم .دون أن يكون له
ظل ,فإذا أردنا أن تبدو لوحتنا واضحة وصحيحة ,علينا أن نحدد من أين يأتينا النور بحيث نستطيع
أن نضع الظالل في مكانها المناسب .
الظل إذا هو الجهة الغامقة من لون الحجم تضاء بيضاء تدريجيا وباتجاه معاكس حتى يصبح لونا
غامقا في الجهة المعاكسة للضوء ,هذا الظل والنور وهذا الضوء يخلق إيقاعا مهما وانعكاسات
جميلة بين عناصر الموضوع الواحد .
وللضوء مصدرين اساسيين:
( )1مصادر طبيعية مثل (الشمس – القمر – النجوم)
( )2صادر صناعية مثل (المصابيح-الشموع)
عندما نضع الكرة غير شفافة أمام شمعة فأننا نشاهد الجانب الذي يسقط عليه النور يضيء ويسمى
(الضوء الساطع) أما الجانب اآلخر المظلم الذي لم يصله النور فيدعى (الظل الحقيقي) ويظهر خيال
الكرة على السطح الموضوعة عليه ,ويسمى هذا الخيال (الظل الساقط) وهذا الظل يطول ويقصر
حسب قوانين ونظريات خاصة في علم الفيزياء .
ويمكن تصنيف uاألجسام الموجودة في الطبيعة إلى ثالث أقسام :
( )1أجسام معتمة :مثل الخشب -المعادن -الورق,حيث تمتص معظم النور الذي يقع عليها وتعكس
جزءا يسيرا منه.
( )2أجسام نصف شفافة :كالزجاج غير المصقول ,والورق المدهون بالزيت ,فهي تنفذ قليال من
النور الذي يقع عليها وتعكس كمية كبيرة منه وتمتص الباقي .
( )3أجسام شفافة :كالماء الصافي والزجاج العادي ,تمتص جزءا من النور الذي يقع عليها ,وتعكس
جزءا ضئيال منه ,ولكنها تدع معظمه ينفذ من خالله :
المساحة والكتلة: -4
الكتلة :يقصد بها ناحية الحجم التي يدرك فيها البعد الثالث ,والتي ()1
يمكن أن يلمسها اإلنسان كجسم يمكن إدراكه من زوايا مختلفة ,والكتلة في النحت ترتبط بالصفات
المعمارية وتتصف بالصالبة والثقل ,يحس فيها اإلنسان أنها ممتلئة ,والكتلة تظهر أيضا في التصوير
79
رغم اختالف الخامة ,فالكتلة في التصوير تظهر وفيها العمق وتتميز بالبعد الثالث واالستدارة
ويتحسسها الرائي كما يتحسس النحت في الفراغ .
المساحة :فهي ذات بعدين ويغلب عليها األشكال الهندسية كالمربع ()2
والدائرة والمثلث وهي تختلف في المكعبات والمنشور واألسطوانة ألنها كتل لها حجم ذو أبعاد ثالثية
.
اللون: -5
تختلف حساسية الناس لأللوان اختالفا كبيرا ,فهي تؤثر مباشرة على الذات والنفس البشرية ,فهي
تحدث في أعماق اإلنسان إحساسا مختلفا بين االرتياح والطمأنينة ,والحزن واالضطراب .
ومن األمور التي تفيد الفنان في دراسته ألوان الطيف ,فقد أجرى العالم ( نيوتن ) تجربة في القرن
السابع عشر ,وضع فيها منشورا زجاجيا شفافا في غرفة مظلمة يخترقها ضوء الشمس ليمر هذا
الضوء من أحد جوانب المنشور ,وفي الجانب المقابل وضع لوحة بيضاء ,فوجد أن الضوء األبيض
قد اخترق المنشور وخرج من الجانب اآلخر على اللوحة البيضاء بألوان متجاورة متدرجة ( أحمر
،برتقالي ،أصفر ،أخضر ،أزرق ،نيلي ،بنفسجي ) وهي ألوان الطيف السبعة .
أما كيف ندرك ألوان األجسام ,فذلك إن كل جسم له لون معين يعكس لونه,ويمتص باقي األشعة
الطيفية ,فمثال جسم أحمر يعكس فقط األشعة الحمراء ويمتص باقي األشعة ,أما األبيض فيظهر كذلك
ألنه يعكس جميع األشعة الضوئية الساقطة عليه ,واألسود يمتصها كلها فيظهر أسودا .
خصائص األلوان :لكل لون ثالثة خصائص :
مدلول اللون :هو الصفة التي تميز اللون عن غيره ,كأن نقول أن اللون أحمر أو أزرق .أي ()1
مسميات األلوان كما يعني مدلولها أن اللون ...الخ .
درجة اللون :كأن نقول أن اللون فاتح أو غامق ,أي مقدار قربه من األبيض .فيصبح فاتحا, ()2
أو قربه من األسود فيصبح غامقا ,فاللون نفسه في كامل قوته يطلق عليه لونا نقيا أو طبيعيا,
ويصبح فاتحا بإضافة األبيض وغامقا بإضافة األسود .
وضوح اللون :وهي الصفة التي تبين شدة نقائه ,فاأللوان بعضها نقي واضح ،وبعضها ()3
ضعيف ممزوج بمركبات أخرى .
(أ) األلوان األساسية :وهي ألوان رئيسية أساسية تسمى بهذا االسم ألنه ال يدخل في تركيبها أي
لون آخر ومنها تتركب جميع األلوان ( .األحمر ،األزرق ،األصفر ) .
(ب) األلوان الثانوية:uوهي ألوان ثانوية أو ثنائية أو مركبة تتركب من مزج لونين أساسيين من
مثل :
البنفسجي( :األحمر +األزرق) .
األخضر( :األزرق +األصفر).
80
البرتقالي ( :األحمر +األصفر).
(ج) األلوان الثالثية :و هده األلوان تتركب من مزج لونين ثانويين فينتج عنهما لون آخر من مثل
:
الليموني ( :البرتقالي + األخضر )
الزيتوني( : البنفسجي +األخضر)
البنـــــــي ( :البنفسجي + البرتقالي)
تكامل األلوان :كل لون يكمل األخر عندها تكون أشعة اللونين مع اللون األبيض ،تقوم ()4
بالنظر لمدة نصف دقيقة في قطعة قماش حمراء بدون أن تحرك العين ثم نحولها فجأة إلى سطح
أبيض فأننا سوف نبصر لونا ازرق مخضرا وهو لون المتمم او المكمل ،وهذا سببه أن مجموعة
أعصاب العين التي تستقبل اللون األحمر بقيت وبقيت المجموعتان اآلخريات قويتين هكذا نجد أن
اللون األحمر متمم للون األخضر الذي يتركب الذي يتركب منه فهو مكمل له .
أنواع التصوير:
-1التصوير الزيتي
-2التصوير المائي
-3الباستيل
-4األقالم
-1األلوان الزيتية :من مميزاتها أنها تجف ببطء ،وهكذا يسمح للفنان باستعمال أسلوب الفرشاة
الذي يسترح اليه أكثر من غيره ،ويمكنه التدرج تدريجا مناسبا من الغامق إلى الفاتح ،ويمكن
أن تستخدم هذه األلوان خفيفة أو سميكة ،للحصول على السطح أو الملمس المطلوبين .
-2األلوان المائية :هي مجموعات األلوان التي تستخدم بوسيط مائي لإلذابة وهي متنوعة منها :
األلوان الشفافية
ألوان الجواش
و األلوان المائية تصلح للتعبير الذاتي والتلقائي السريع ،ومميزاتها الجفاف بسرعة ،أما ألوان
الجواش فهي نوع من األلوان ا لمائية غير الشفافة ،وهي تصلح لعمل التفاصيل الدقيقة
والمنمنمات ،كما في الزخارف اإلسالمية والفارسية .
-3ألوان الباستيل :وهي على شكل أصابع كالطباشير ،وبدرجات لونية متعددة ،والباستل يعطي
في التصوير درجات فنية من الظالل ،وخطوطا جميلة ،وهو في حاجة لمثبت ألنه يتطاير
كالطباشير ,ويستخدم عادة على ورق ملون وطريقة العمل شبيهة باأللوان الزيتية .
كما يمكن إعطاء ظالل ودرجات مختلفة من األلوان واألضواء بواسطة تغطية طبقة من األلوان فوق
طبقة أخرى .
81
ثانيا :التصميم الزخرفي:
التصميم هو ترتيب الفنان لدوافعه في شكل من األشكال وتنظيم لعناصر الخط والشكل واللون
والملمس والفراغ والكتلة بحيث نحصل على الوحدة واالنسجام والتوازن ألي عمل فني ويستطيع
الفنان أن يتحكم في التصميم بطريقه واعية إذا عرف طبيعة الخامة المستعملة في التصميم وأسسه
والتصميم الزخرفي هو ترجمة لموضوع معين بفكرة هادفة لها عالقة بوسيلة التنفيذ وتحمل في
جوانبها قيما فنيه ويتوقف نجاح التصميم على األمور التالية :
-1توزيع الخطوط الرئيسة .
-2توزيع الوحدات والعناصر الزخرفة المتنوعة المكونة للشكل العام وتنسيقها واتزانها .
-3ترابط وتنسيق هذه العناصر يبعضها البعض في وحدة متكاملة تحقق الغرض المطلوب .
-4حسن إختيار األلوان وتنسيقها وانسجامها .
ثالثا :تشكيل المعادن:
فن تشكيل المعادن هو فن تطويع الخامات المعدنية في تشكيالت تجمع بين الجانبين الجمالي
والوظيفي ،ومنذ أن توصل اإلنسان إلى اكتشاف المعادن ،وهو يحاول استغاللها في استخدامات
متنوعة في حياته اليومية ،وقد تطورت هذه االستخدامات مع نطور اإلنسان حتى أصبحت عنصرا
أساسيا يلبي العديد من احتياجاته .
إن صناعة الحديد وفنون المعادن المختلفة من أهم فنون الحضارة ،فاإلنسان قديما كانت له خبرات
وتقاليد فنية .وفي سعينا للمعرفة من خالل دراستنا للحضارات القديمة نجد في حضارة مصر
وأثارها مايدلنا الفنان أو الصنانع المصري في كل العصور قد استعمل uالخامات المعدنية الموجودة
بكثرة هائلة في صحاري مصر وجبالها ،وذلك في تشكيل رائع وصياغة بديعة .
رابعا :تشكيل الخشب:
إن فن تشكيل الخشب يعد من احد الفروع الفنية ينمو المتعلم من خاللها ،وهو مرحلة متطورة من
مراحل العمل يتميز بأسلوب خاص ،وحس متميز ،وصناعة تناسب العمل التنفيذي بعيدا عن روح
التقليد .
ويعتمد في المقام األول على صفاء الفنان الذهني وقدرته على األساس بالخامة والتعامل معها
لتوضيفها وتطويعها ليصل التنفيذ إلى مادة تشكيلية متزنة ومركزة تثير في الرائي عنصرا جديدا من
االهتمام الذي يرقي بذوقه وبإحساسه الجمالي وبعاداته واتجاهاته ،فينجذب نحو أنماط تلك الصناعة
الراقية وأساليبها ويندفع شعوره نحو تذوق مافيها من قيم جمالية رائعة ،ونحو العمل الفني المبتكر
الذي هو سبيل النمو واالرتقاء بتذوق الجمال في تلك الصناعة .
خامسا :تشكيل الخزف:
82
أن تخلق من شيء جامد منتوجاً ناطقاً بالحيوية نابضاً بالحياة فذاك هو اإلبداع والفن ،وأن تحول
طيناً أو صلصاالً ميتاً ال حراك فيه إلى قطع فنية تشع بالجمالية الفريدة في الصياغة والتشكيل فذلك
هو فن صناعة الفخار والخزف.
و الخزف والفخار" هو منتجات المواد الطينية بعد تشكيلها وتسويتها" و الخزف يطلق على الجرار
وما شابهها.أما الفخار فيطلق أصالً على كل خفيف وقد استعمل للداللة على المشغوالت الطينية من
المواد ضعيفة البيئة.
ومجال ( تشكيل الخزف ) يرت بط بخامات متعددة وتركيبات وتجارب كيميائية مختلفة وتطبيقات
وإ بداعات تشكيلية ،وتعامل مع درجات حرارة مختلفة في أفران خاصة – فضال عما في هذه
الخبرات الخزفية من اثارات تعليمية ونمو تربوي وبحث وتجارب متنوعة ومتعددة ،مع االهتمام
بالتراث الخزفي في العصور المتعددة القديمة والحديثة منها واالطالع على ما في هذا التراث من
كنوز فنية تعد مدرسة كاملة لالستفادة منها والسير على هداها .
سادسا :الصباغة و الطباعة:
إن صناعة المنسوجات فن جميل وصناعة قديمة ،و انتشارها واسع في كثير من بلدان العالم .
وقد تطورت هذه الصناعة تبعا للتقدم العلمي والصناعي وتزايد االهتمام بها مع النمو الحضاري
وعلى الرغم من اكتشاف صباغة المنسوجات منذ زمن بعيد إال أن التقدم في هذا الميدان يرجع إلى
المائة عام األخيرة فقط ولقد تعلم اإلنسان في األزمنة القديمة أن يستخلص الصبغات من المصادر
الطبيعية ،وقد أعطت هذه الصبغات نتائج مدهشة ظلت كما هي سنوات ليست بالقليلة دون أن يطرأ
عليها أي تغيير :
-1الصباغة :
تعتبر الصبغة هي المادة الملونة التي يمكنها أن تضفي لونها على مادة أخرى على أن تتوافر
فيها عدة شروط هي أن تكون لها قابلية معينة للجسم الذي يجري صباغته ،وأن تكون ذات لون
كثيف ،وأن تكون ذات صفات ثابتة ضد تأثير العوامل الكيمائية والطبيعية مثل الثبات للضوء
والغسيل وتستخدم األصباغ في وجوه متعددة منها صباغة المنسوجات والجلود والفرو والشعر
واألغذية والمشروبات واألخشاب واللدائن (البالستيك ) والزيوت ومواد الطالء وفي الطباعة
والتصوير الضوئي المواد المستخدمة في صباغة المنسوجات :
األصباغ الطبيعية :و تعتبر األصباغ الطبيعية أول ما استعمل uاإلنسان من صبغات وكانت مصادرها
النباتية جذور النباتات أو بذورها .كما استعملت بعض الحشرات كمصادر حيوانية :
أما المصادر المعدنية فكانت مياه اآلبار الطبيعية ولكن هذه الصبغات األخيرة كانت تسبب ضعفا
لأللياف .
-2الطباعة :
83
تعتبر الطباعة نوع من أنواع الصباغة ولكن تختلف عنها في أن المنسوجات التتخذ لونا واحدا بل
تتخذ عدة ألوان أما بنقل العجائن على سطح القماش في مواضع مختلفة أو بوضع الشمع على
أجزاء معينة من القماش وغمره في محلول الصبغة ويمكننا الحصول على نماذج ورسومات وأشكال
زخرفية عديدة من فن الطباعة .ويمكن تعريف الطباعة بأنها الطريقة التي يمكن بها الحصول على
نماذج أو رسومات ملونة بطرق مختلفة على شتى أنواع النسيج المعروفة من قطن ،صوف ،حرير
طبيعي ،كتان ،أو مخاليط من هذه األلياف .
طرق الطباعة اليدوي :
الطباعة بالقوالب الخشبية :وهي من أقدم الطباعة اليدوية ،وليست لهذه الطريقة أهمية تجارية
كبيرة وذلك ألنها عملية بطيئة نوعا ما،وعليه فإن المنتج منها يكون غالبا مرتفع السعر .وتستعمل
هذه الطريقة عادة في البالد التي فيها تكاليف العمالة منخفضة .واالستمرار في استعمالها إنما يتجه
لبعض المميزات وهي رغبة المستهلكين في اقتناء أعمال فنية أصلية بعيدة الشعور عن اآللية .
كذلك فإن هذه الطريقة واسعة اإلمكانيات فيمكن استعمال عدد كبير من القوالب في التصميم الواحد
عالوة على أنه ال يحدث أي اختالط بين األلوان مما يسمح بالحصول على ألوان نظيفة .
ولعمل هذا النوع من الطباعة يجب أوال حفر الشكل المطلوب على القوالب الخشبية أو المعدنية ،ثم
تنقل عجينة الطباعة على هذا الرسم الموجود على القالب وذلك بغمس القالب في معجون الصبغة ،
وعند الطبع يثبت القالب في المكان المخصص له على القماش ويستعان بالضغط عليه بآالت خاصة
ليتم نقل اللون من القالب للقماش ويرفع القالب في كل مرة ويغمس في معجون اللون ،وهكذا حتى
تتم طباعة القالب المخصص ألول األلوان .وللحصول على ألوان عديدة بالتكرار الواحد يجب عمل
عدة قوالب بنفس عدد األلوان المختارة ،وكلما زاد عدد األلوان الموجودة بالتصميم كانت القطعة
المطبوعة قيمة وغالية .
الطباعة بالباتيك :وتنقسم هذه الطريقة إلى قسمين هما :
أ -الباتيك بالشمع .
ب -الباتيك بالربط ..
والطريقتان هما طباعة بالمناعة أي عزل جزء من النسيج عن امتصاص الصبغات إما بالشمع أو
بربط جزء من القماش بالخيط .
أ -الطباعة بباتيك الشمع :يوجد تشابه بين طريقة الطباعة اليدوية (الباتيك) والطباعة اآللية
المعروفة بطريقة الطباعة بالمناعة .ويجب أوال عمل تصميم على القماش وتحديد أماكن توزيع
األلوان ثم يعمل خليط من شمع العسل والبرافين وتمأل به أجزاء التصميم واألرضية التي لن تتعرض
للطباعة ثم يترك القماش ليجف .كما يجب أن تكون الصبغات المستعملة باردة حتى ال تؤثر على
الشمع ،ويشترط أن يكون القماش خاليا من مواد البوش .
84
يغمر القماش في حمام الطباعة ،ويالحظ أن الشمع يقاوم تأثير اختراق الصبغة ،بعد جفاف القماش
يزال الشمع وذلك بتعريضه للتسخين أو البنزين ،ويمكن تكرار هذه العملية إذا كان المطلوب أكثر من
لون واحد .وفي بعض األحيان قد يتعرض الشمع في الخطوات األخيرة للتشقق مما يسمح الختراق
جزئي للصبغة على األجزاء المصبوغة معطيا بذلك تصميما متعدد األلوان معطيا الشكل المميز
للطباعة بالباتيك ..
ب -الباتيك بالربط :تشبه نتائج الطباعة بهذه الطريقة اليدوية إلى حد ما طريقة الطباعة بباتيك
الشمع ،إالأن التصميم يكون على شكل دوائر فقط ،حيث إن الصبغة يمكن عزلها عن التأثير على
القماش في مناطق محدودة ،وذلك بلف خيوط رفيعة مشمعة حولها قبل غمرها في حوض
الصباغة ،وبذلك تتعرض األجزاء الخارجية من العقد الملفوفة اللون للصبغة ،بينما يبقى الجزء
الداخلي خاليا من اللون إال ما قد يتسرب من خالل الخيوط إذا كانت غير محكمة معطيا نماذج
جذابة .
يمكن تكرار العملية بعمل عقد أخرى وغمر المنسوج في أحواض الصباغة
ولطباعة القماش بطريقة الباتيك بالربط البد أن يكون القماش خاليا من المواد النشوية بنقعه
وغسله في الماء والصابون ،ثم الطباعة عليه وهو مندى غير مجفف تماما .
بعد إتمام عملية الطباعة يترك القماش ليجف ثم تحل األربطة فتظهر تأثيرات جميلة لم تكن في
الحسبان ،إذ تظهر أماكن مختلفة التعاريج بيضاء تحدد أماكن األحزمة واألربطة ،كما تظهر ألوان
مشتقة جميلة نشأت من تسرب ألوان الصبغات المتزاجها مع بعضها البعض .
الطباعة باالستنسل :وتتلخص في تفريغ الزخارف على ورق مقوى ال ينفذ منه اللون وال يتشرب
به حيث يستعمل هذا الورق لعزل الصبغة عن القماش ولهذا تغطى األماكن التي ال يراد تلوينها ،أما
األماكن المفرغة فهي التصميمات التي تطبع باأللوان المختلفة .وقد يجوز عمل الزخارف على
الخشب أو المعدن ،وقد تتخذ الطباعة شكال دقيقا أو قد تظهر مسافات كبيرة تتطلب كمية كبيرة من
األلوان .والتصميمات التي تستعمل في الطباعة باالستنسل محددة باستعمال لون واحد فقط كما أنها
تستعمل في األقمشة ذات العرض الضيق .وقد أدى البحث في تعديل طريقة الطباعة باالستنسل
وإ صالح إمكانياتها إلى ابتكار طريقة الطباعة بالشبلونات التي أصبح لها شأن عظيم في الطباعة على
القماش
طباعة الشبلونات :تعد هذه الطريقة من طرق الطباعة اليدوية واآللية في نفس الوقت ،وتعتبر هذه
الطريقة تطورا لطريقة الطباعة باالستنسل .وتعتبر الطرق اآللية للطباعة تطورا حتميا في عصر
العلم ،ومن أهم هذه الطرق :
ماكينة البيروتين:وتعمل بالحفر علي االسطوانات الخشبية.
85
ماكينة الطباعة ذات األسطوانات :في هذه الماكينات تم حفر الرسومات على أسطوانات نحاسية
بدال من االسطوانات الخشبية ،وهذه الطريقة هي خالصة االبتكارات المتعددة حيث إنها تضمنت
فكرة الطباعة اليدوية بالقوالب وطباعة االستنسل والطباعة بالبيروتين وغيرها
ماكينات الطباعة المزدوجة :هي عبارة عن ماكينات للطباعة باألسطوانات في صورة
مزدوجة ،ويتم العمل بين هاتين المجموعتين في توافق تام حتى أن المنسوجات المطبوعة بهذه
الطريقة اليمكن تفرقتها عن األنسجة الملونة .ويمر القماش المراد طباعته بهذه الطريقة على
ماكينات الطباعة باألسطوانات على مرحلتين المرحلة األولى لطباعة وجه واحد والمرحلة الثانية
لطباعة الوجه اآلخر .أما في حالة الماكينات المزدوجة فيمر القماش في مرحلة واحدة ،حيث
تخصص آلة لطباعة وجه القماش واألخرى لطباعة الوجه األخر في نفس األماكن بإحكام تام ودقة
فائقة .ولقد وصلت الطباعة بهذه الطريقة إلى اإلتقان الذي يمكن عنده عدم القدرة على تفرقة
القماش الملون بالطباعة والمنسوج وللتأكد من هذا يمكن تنسيل قطعة صغيرة والتعرف عليها .
86
الفهــرس
رقم
الموضــــــــــوع م
الصفحة
7 مقدمة 1
11 الفصل األول: 2
29 الفصل الثاني: 3
47 الفصل الثالث: 4
69 الفصل الرابع: 5
99 الفصل الخامس: 6
121 الفصل السادس: 7
145 الفصل السابع: 8
169 الفصل الثامن: 9
181 المراجع 14
87