Professional Documents
Culture Documents
مفهوم التحوط في المالية الإسلامية
مفهوم التحوط في المالية الإسلامية
1
المحتويات:
5 .1تقديم:
. 2اإلطار النظري والعملي للتحوط في الفكر االقتصادي
8 التقليدي:
8 .1.2في المعنى العام للخطر
11 .2.2الخطر في الفكر االقتصادي:
12 .3.2نظرية الخطر:
14 .3الخطر :أقسامه وتداخالته
14 .1.3تقسيمات الخطر:
14 .1.1.3أخطار المال وأخطار األعمال
15 .2.1.3األخطار العامة واألخطار الخاصة
15 .3.1.3األخطار الساكنة واألخطار الديناميكية:
16 .4.1.3األخطار البحتة واألخطار المضاربية:
.5.1.3تقسيم األخطار بحسب طرق التعامل معها 18
19 .6.1.3الخطر الموضوعي والخطر العشوائي:
20 .7.1.3تقسيم األخطار حسب مصدرها
22 .2.3التداخل بين األخطار:
24 .3.3الفصل بين الخطر واألصول الخطرة:
26 .4إدارة الخطر:
27 .1.4تجنب الخطر:
28 .2.4مراقبة الخسائر:
28 .3.4االحتفاظ بالخطر:
29 .4.4تحويل (نقل) األخطار:
34 .5التحوط:
34 .1.5عنصر التحوط وأداة التحوط
35 .2.5مراجعة لتعريف التحوط:
35 .1.2.5تاريخ التحوط:
2
3
4
م .1
يرتبط الخطر بكل األنشطة البشرية ،وهو في النشا ات المالية
أجلى وأوضح .وقد تناولت مجموعة من العلو موضوع الخطر
وعلم االقتصاد والمالية وعلم منها علم االجتماع وعلم النف
الت مين و يرها ،لذا كان موضوع الخطر من أ ر
الموضوعات على الم تويين العلمي والتطبيقي العملي .ومع
،بشكل كل هذا التنوع والثراء ،ما يزال موضوعا ملي ا بالغمو
فيما يتعل بطر التفكير واتخاذ القرار في ل وجود خا
سبر أ وار الخطر ،يدل على ذلك كثر النظريات التي ت تهد
موضوعات الخطر من يث هذا الموضوع .وإذا أردنا ترتي
أهميتها ،فلن يكون موضوع أكثر أهمية من موضوع التعامل مع
الخطر ،بل وربما أقدمها ،ذلك أن الخطر موجود منذ وجد
،وال شك أن من أوا ل ما مارسه االن ان على هر األر
اإلن ان هو التعامل مع األخطار التي تواجهه مثال أخطار
أو المجاعة أو ال يول أو الحيوانات المفترسة أو المر
يرها( .ومع التطور الذي عرفته المجتمعات ،و هور
ارت إدار الخطر علما قا ما وفنا الم س ات بشكلها المعا ر
وممارسة إدارية م س ية ال تخلو منها م س ة أهلية كانت أو
كومية .كما هر مصطلح خر قري من معنى إدار الخطر
(Hedgingوالذي يهتم بنوع لكنه متميز عنه وهو التحو
معين من الخطر وله تطبيقات سنتناولها في دراستنا هذه.
5
6
7
8
9
10
11
بعض الباحثين يميز بين ثالث حاالت :حالة التأكد ،وفيها يمكن
معرفة ما سيحدث في المستقبل وتتوفر معلومات دقيقة موثوق
بها وقابلة للقياس ،وحالة الخطر حيث يمكن معرفة (أو تقدير)
احتمال كل ناتج ممكن ،وحالة عدم التأكد التي ال يمكن فيها تقدير
احتماالت معينة للنواتج الممكنة (( )Hoskin:1973فهمي:
.(1985
.3.2نظرية الخطر:
من وجهة نظر القانون فإن نظرية الخطر هي النظرية التي تحدد
أي من طرفي العقد الملزم (عقد معاوضة) يتحمل اآلثار المترتبة
عن عدم تنفيذ التزامات العقد لسبب طارئ أو قوة قاهرة .إن
األسباب الطارئة والقوة القاهرة التي تؤدي لعدم قدرة أحد طرفي
العقد للوفاء بما عليه ،ال تعني أنه غير ملزم بإنهاء العقد ،بمعنى
آخر فإن نظرية الخطر تحدد من يتحمل أخطار العقد.
(.(Baudouin, Obligations, n° 433, p. 276
وفي علم االجتماع تهتم نظرية الخطر بفهم وتفسير ظاهرة
المخاطرة بأسبابها ونتائجها في السياق التاريخي والمجتمعي
ككل ،تفسيرا سوسيولوجيا ،كما أنها معنية تحديدا بدراسة
األخطار التي يعرفها العالم وأثرها على المجتمع اإلنساني.
وفي المجال االقتصادي ،يجب أن تأخذ هذه النظرية بعين
االعتبار آلية اتخاذ القرار تجاه الخطر وهي في ذاتها آلية طويلة
12
13
14
.2.1.3اْلخطار ال ا ة واْلخطار ال ا ة
ترتب األخطار العامة والتي تسمى أيضا باألخطار المنتظمة
بأحوال السوق أو االقتصاد عامة بينما تتصل األخطار الخاصة
بمنشأة بعينها أو بنو معين من األصول .وبينما يمكن التحكم في
ار األخطار الخاصة بأصل (استثمار) محدد من خالل التنويع،
ال يمكن لك اإلجرا بالنسبة ل خطار العامة .ير أن بعضا من
مكونات هذه األخطار العامة في حكم المقدور عليه لتخفيف
1
ارها واستخدام أساليب لتحويلها.
.3.1.3اْلخطار الساكنة واْلخطار ال نا ي ية:
تنشأ اْلخطار ال نا ي ية عن حدوث تغيرات في االقتصاد ،وكما
يدل اسمها ووصفها فهي في طبيعتها حركية لذا تعتبر أقل قابلية
للتنبؤ ألنها ال تحدث بشكل منتظم ،ومع لك فهي في الغالب
2
مفيدة للمجتمعات على المديين المتوس والطويل.
مصر ،2003،ص.25
15
1وألنها قابلة للتنبؤ ،فهي تصلح أكثر للمعالجة بواسطة التأمين من المخاطر
الديناميكية.
طارق عبد العال حماد" ،إدارة المخاطر" ،ص .26 2
16
17
18
19
1
Erik Banks and Richard Dunn, “Practical risk
management: an executive guide to avoiding surprises
and losses”, John Wiley & Sons Ltd, England, 2003, p15.
20
أي أنها خطر وي دي الفشل في إدارة خطر السيولة إلى ا فال
1
قاتل.
وتعني أخطار العمليات (التش يل) الخسارة النات ة عن الفشل في
الداخلي وإجراءات الرقابة ،وتشمل األخطار العملية النشا
المتولدة عن العمليات اليومية للم سسة ،و تتضمن عادة فرصة
للرب ،فالم سسة إما أن تحق خسارة وإما أ تحققها ،كما تشمل
العمالت ،السرقة تيال المالي (ا ختال ) ،التزوير ،تزيي ا
2
والسطو ،ال را ا لكترونية...
.200 ار عبد العال م اد ،إدارة المخ ا ر ،مرجع ساب ، 1
21
المصدر :المؤلف
22
23
24
25
.4إدارة الخطر:
إدارة األخطار عبارة عن "منهج أو مدخل علمي للتعامل مع
األخطار عن طريق توقّع الخسائر العارضة المحتملة وتصميم
وتنفيذ إجراءات من شأنها أن تقلّل إمكانية حدوث الخسارة أو
األثر المالي للخسائر التي تقع إلى الحد األدنى" )حماد،(2003 ،
ونبعا لذلك يجب أن تنطوي على "تنظيم الحياة مع توقع أحداث
مستقبلية تؤدي إلى تأثيرات غير مالئمة" ( & Flanagan
.(Norman, 1993هناك شبه إجماع بين الباحثين في مجاالت
التأمين وإدارة الخطر على أن تقنيات إدارة الخطر تشمل أربع
تقنيات يوضحها الشكل (:(4
26
الخطر: .1.4
تجنب الخطر ) (Risk Avoidanceهو قرار واع هدفه عدم
التعرض إلى الخطر الم دي لخسارة ما ،وهو أبسط تقنية وي دي
إلى تخفيض فرصة الخسارة إلى حد العدم ،ومن أم لته عدم
الطائرة خشية سقوطها وما قد ي ديه ذلك إلى الموت ركو
غالبا ،أو تجنب مهنة جراحة الطب خشية الوقوع في مواجهة
أخطار تحمل المس ولية المدنية .وتجنب الخطر سلوك له صلة
بمجموعة من األفراد يكرهون الخطر ويتحا ونه بقوة ،ورغ
فائدة التجنب -نظريا-إال أنه يعتبر غالبا بدي غير مرغو فيه
،فالطبيب الجراح قد يستفيد من عدم ياع الفر ألنه يعني
تحمل المس ولية في حالة انسحابه من حالة مواجهة الخطر،
ولكن يفقد الك ير فيما يتعلق بالدخل الذي سيحصل عليه في حالة
إيجابا على حياته المهنية ،كذلك نجاحه في عمله وبما ينعك
النات عن تقليب السلع (نقلها وبيعها ف ن تجنب خطر التجارة م
على الفرد و رائها وإقرا ها واقترا ها )...سيكون له أثر لي
الواحد فقط ،بل على المجتمع واالقتصاد ككل ،وفي كل الحاالت
ف نه مما ال ك فيه أنه ال يوجد نشاط إنساني يخلو تماما من
الخطر.
27
.2.4مراقبة الخسائر:
عندما يستحيل تجنب الخطر أو حتى نقله ،من الممكن اتخاذ
التدابير التي تخفض من الخسارة المرتبطة به وهذا ما يطلق عليه
بالرقابة على الخسارة ) ،(Loss Controlوهي تختلف عن حالة
تجنب الخطر ألن الخطر في حالة الرقابة يعني أن الفرد أو
المنشأة تقدم على القيام بالعمليات المتضمنة لهذا النوع من
الخطر .في الحقيقة أن هذا ما نقوم به عندما نضع نظام إطفاء
الحرائق بالبيت ،فنحن مهما اتخذنا من احتياطات وإجراءات
ندرك أن خطر الحرائق يبقى قائما أي أنه يستحيل القضاء عليه،
لكن من الممكن العمل على تخفيف آثاره في حالة حدوثه.
.3.4االحتفاظ بالخطر:
االحتفاظ بالخطر ) (Risk Retentionويطلق عليه أيضا
افتراض الخطر ( )Risk Assumptionويعني استعداد المنشأة
أو الفرد لتحمل الخسارة الناتجة عن تحقق الخطر في وقت
حدوثه (وقت الحادث) في إطار ما هو متاح من أموال ،ويمكن
أن يكون ذلك بشكل مخطط (في حالة إدراك الخطر) أو بشكل
غير مخطط (بسبب الجهل بالخطر أو عدم وجود بدائل أو
تهاونا) ،كما يمكن أن يكون االحتفاظ مموال (االحتفاظ بأموال
وأرصدة لمواجهة الخسارة في حال تحقق الخطر) أو غير ممول.
ومن محددات االحتفاظ بالخطر نجد توفر الموارد المالية
28
29
نقصد بمقابل ضمني أنه يتحدد بطريقة غير مستقلة بل فقط من إدراك 1
طرفي العقد ،ففي عقود اإليجار –مثال-فإن إدراك المؤجر لطبيعة األخطار
30
التي حولها إليه المستأجر ت عله يحاول تغطيتها من خالل رفع تكلفة
االست ار (األجر).
31
32
دة الخسارة
.73تصر ر والت دا ة ال ال ص :أ و ر
33
.5التحوط:
التحوط من المفاهيم الحديثة التي دخلت عالم المالية،
ُّ يعتبر مفهوم
حتى أنه يصعب إيجاد توافق أو إجماع حول تعريفه ،وسنتناول
فيما هو آت أهم المصطلحات ذات العالقة بموضوع التحوط مع
محاولة إعطاء تعريف واضح للتحوط متميز عن المعنى العام:
إدارة الخطر.
34
35
ما أدى إلى انخفاض كبير لألسعار .بعد بيع المنتجات ،كانت
الكمية المتبقية كبيرة جدا .كان المزارعون في كثير من الحاالت
يقومون باستخدامها طعاما للحيوانات أو بالتخلص منها إما ألنها
غير قابلة للتخزين أو ألن تكلفة تخزينها عالية .أجبرت هذه
الدورة العديد من المزارعين على االستدانة من البنوك ،وقع
الكثير منهم في ضائقة مالية ،وأفلس بعضهم واستحوذت البنوك
على مزارعهم ،وهو وضع مؤثر ليس فقط على المزارعين ،بل
حتى على البنوك والتجار.
إن إنتاج المنتجات الزراعية مقد ًما ،دون أي تأكيدات بشأن
السعر الذي يمكن أن تباع به ،لم يوفر أي مستوى من اليقين
للمزارعين .لم يكن باستطاعة المزارعين التخطيط لمقدار
اإلنتاج ،أو مقدار هامش الربح الذي يمكنهم توقعه أو حتى كيفية
توفير موارد لمزارعهم.
أواسط القرن العشرين وبالضبط عام 1848م ،اهتدى
المزارعون والتجار إلى فكرة أفضل .سيسأل المزارعون
المتعاملين التجار عما إذا كانوا على استعداد لاللتزام بشراء
المنتجات الزراعية بسعر محدد متفق عليه اليوم ليتم دفعه في
المستقبل عندما يتم تسليم المنتج )غالبًا في العام المقبل) .إذا
وصل الطرفان -المزارع والتاجر -إلى اتفاق (حيال الكميات
والسعر وميعاد التسليم) ،يتعهدان من خالل الكتابة على سبورة
بأن يتحمل كل طرف التزامه :يتعهد المزارع بتسليم المنتجات
36
37
38
39
40
التحوط: 3.5
إلى حدو تظهر التعريفات السابقة للتحوط تنوعا قد ي د
بعض ا ربا في فهم ماهيت ،غير أنها في الحقيقة تشتر في
نقاط عدة ،فهي بالمجمل ال تخر عن كون التحوط يشمل اتخاذ
إلى تعويض الخسائر المحتملة التي قد مركز استثمار يهد
تتكبدها استثمارات مصاحبة .يمكن إنشاء التحوط من العديد من
أنواع األدوات المالية ،بما في ذلك األسهم ،والصنادي المتداولة
في البورصة ،والتأمين ،والعقود ا جلة ،والمقايضات،
والخيارات ،والمقامرة ،وأنواع كثيرة من المنتجات التي تتم في
األسواق غير الرسمية الموا ية ،والعقود ا جلة.
تتضمن عملية التحوط نقل األخطار المضاربية والتي ال يمكن
الث من إلى طر التأمين ضدها من خالل التأمين التقليد
خالل إبرام صفقة تجارية تتميز –عادة-بدرجة عالية من التقلب
الثالث هو المضار نفس أو طرفا السعر ،وقد يكون الطر
التحوط خر خار إطار المتعاملين في إبرام الصفقة .ويهد
لحماية االستثمار من التقلبات المعاكسة ألسعار موجودات أو
مطلوبات مالية أخر ،وتقليل التقلبات في القيمة العادلة أو في
التدفقات النقدية في بنود الميزانية ،بحيث تتعادل ا ار الناتجة
عن األداة المستخدمة للتحوط مع األداة المتعلقة باألداة األصلية.
وكمثال عن التحوط ما تقوم ب شركات الطيران والشحن الجو ،
إذ هي تواج أخطارا عالية نتيجة تقلبات أسعار وقود الطائرات،
41
.4.5القابلية للتحوط:
ليست كل األدوات والمعامالت المالية قابلة للتحوط ،حتى وهي
عرضة لألخطار المضاربية .قد يكون المانع طبيعة المنتج التي
ال تسمح باتخاذ مراكز تحوطية لحمايتها من الخسائر المحتملة،
فنجد على سبيل المثال أن الكثير من المنتجات الزراعية ال يتم
تداولها في العقود المستقبلية وهو ما يعني عدم إمكانية استخدام
هذا النوع من المشتقات في التحوط ضد تقلبات أخطار أسعار
هذه المنتجات.
وقد يكون السبب أن األدوات التحوطية ممنوعة أو غير قابلة
لالستخدام لوجود قيود قانونية إذ تحظر بعض الدول استخدام
المشتقات المالية أو بعضا منها أو لقيود شرعية ومثال ذلك أن
معظم األدوات المشتقة واألدوات التحوطية إن لم يكن كلها غير
جائزة شرعا النطوائها على الغرر أو الربا المحرم .كذلك قد
يكون سبب عدم القابلية للتحوط فنيا ويرجع للعنصر المتحوط
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
ولإلشارة فقط ،فإن هذه العقود هي التي أدت إلى إفالس المجموعة 1
52
ما (:(7
مثال (:(1
اشترت الشركة (أ) سندات من الشركة ( ) وأرادت الشركة (أ)
أن تحمي هذه السندات من أخطار التداعي في القيمة نتيجة
أ مات ائتمان قد تتعرض لها الشركة ( ) ،فتلجأ الشركة (أ) ل
الشركة ( ) لشرا حماية ضد تداعي قيمة السندات ،و موج
هذه الحماية ،تدفع الشركة (أ) أقساطا منت مة للشركة ( ) ،وفي
حالة وقو الشركة ( ) في أي انت اسات أو عجزت عن سداد
ما عليها من التزامات ائتمانية ،فإن الشركة ( ) ستعوض
الشركة (أ) عن أي خسار محتملة .ولهذا فإن المشتقات االئتمانية
هي عبار عن أدا تحوط ضد الخسائر االئتمانية.
53
مثال (:(2
نفترض وجود حامل لسند أصدره أحد البنوك المركزية ،وأن
هذا المشتري متخوف من تداعي قيمة السند في المستقبل ،في
هذه الحالة فإن المشتري يلجأ إلحدى المؤسسات المتخصصة في
المشتقات االئتمانية (مؤسسة مالية أو شركة تأمين) ويوقع عقدا
للتحوط ضد أخطار انهيار قيمة السند.
ُّ معها
54
55
56
ا جلة وعقود المستقبليات ،إ تقل فيه أخطار النكول بشكل كبير
ألن الثمن يتم تقديمه كامال لحظة التعاقد.
57
فيه حيلة وال يتظلم هذا من البائع وأمثاله)) .ابن القيم :زاد المعاد،
.(265 /4
.4.7مشروعية التحوط
تتضمن المسؤولية على المال في اإلسالم أربعة جوانب:
مسؤولية كسبه ،ومسؤولية تنميته (استثماره) ،ومسؤولية حفظه،
ومسؤولية إنفاقه .ومسؤولية حفظ المال في اإلسالم مقصد من
مقاصد الشريعة اإلسالمية ،ولهذا السبب كان المال أحد الكليات
الخمس ،وتصل أهميته إلى أهمية النفس والدين .والمال في
االصطالح الشرعي أقرب ما يكون إلى مفهوم رأس المال في
الفكر التقليدي غير أنه يستثني األموال غير المشروعة مما ال
يصح االنتفاع به (المال غير المتقوم) .واهتمام اإلسالم بالمال
يتجلى ابتداء من القرآن الكريم والسنة النبوية ومرورا بالقواعد
الفقهية التي وضعها الفقهاء ،ففي القرآن الكريم نجد أنه قد دعا
إلى اختبار اليتامى على قدرتهم على حفظ المال قبل دفع المال
لهم ،قال تعالى ( :وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح ،فإن
آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم( ]النساء ،]6 :وابتلوا
هنا بمعنى اختبروا ،أي اختبروا اليتامى .قال سعيد بن جبير
58
1
منه ر د . وغير :ال يدفع إليه ماله وإن كان يخا حتى يؤن
وعلى ذلك ،فإن التحوط ال يتنافى مع مقاصد التشريع اإلسالمي
التي اعتبرت حفظ المال من الضروريات .فالتحوط من حي
المبدأ ال غبار عليه ،إنما اإل كال في الوسيلة المستخدمة لتحقيق
ه ا الهدف ،هل هي مشروعة وهل تؤدي لتحقيق هدف حفظ
المال أم أنها تؤدي إلى نقيض ذلك.
1تفسير ابن كثير ،إسماعيل بن عمر بن كثير القر ي الدمشقي ،دار طيبة،
2002م ،2 ،ص .216راجع ك لك :تفسير البغوي ،الحسين 1422ه
بن مسعود البغوي ،دار طيبة( ،د.ت) ،2 ،ص .165
59
60
.2.8العربون:
يعتبر البيع مع العربون أو بيع العربون من التقنيات الممكنة
للتحوط ضد أخطار األسعار من وجهة ن ر المشتري ،وضد
أخطار االئتمان (النكول) من وجهة ن ر البائع .فالبيع مع
العربون ،ال يخلو عن كونه خيارا للمشتري يعطيه حق الفس ،
عن ولكنه يخسر المبل المع ل (غالبا) باسم العربون للتعوي
البائع الذي حبس سلعته من السعي لبيعها خرين غير المشتري
مع حق العربون .ومن شرط العربون تحديد المدة واحتفاظ
61
البائع بمحل العقد الذي فيه عربون فليس له التصرف فيه ،كما
أن حق العربون ليس قابال للتداول )أبو غدة ،)2009 :ومن
المالحظ أن عقود الخيارات المالية كأحد أنواع المشتقات المالية
تقوم تقريبا على نفس مبدأ العربون ،وأوجه االختالف تتمثل في
أن عقد العربون ال يمكن تداوله ،كما أن قيمة العالوة في عقد
الخيار مستقلة عن ثمن األصل (في حالة ما إذا تمت التسوية
الفعلية وليس النقدية للعقد).1
العربون كما سبق وصفه هو من التقنيات التحوطية الرائعة
للتعامل مع أخطار األسعار ،وهو أشبه ما يكون بعقود خيارات
الشراء التي تستخدم على نطاق واسع في أسواق المال للتحوط
ضد أخطار تقلبات األسعار على اختالف أنواعها (أخطار
الصرف ،أخطار أسعار الفائدة ،أخطار أسعار األسهم ،أخطار
أسعار السلع) ،فهل من الممكن استخدام عقد العربون ألداء
وظيفة خيارات الشراء .يحتاج استخدام عقد العربون كأداة
تحوطية حل اإلشكالين التاليين:
-هل يمكن تمديد مدة العربون إلى فترات طويلة نسبيا
(مثال 3أشهر)؟
1ومن شرط العربون تحديد المدة ،واحتفاظ البائع بمحل العقد الذي فيه
عربون ،فليس له التصرف فيه ،كما أن حق العربون ليس قابال للتداول.
62
63
64
65
66
رط في الس لم ،بينما الثمن الثمن وتس ليمه لحظة التعاقد
م جل في العقد اآلجل.
واق ير المنظمة أ ال توجد • كال العقدين يتمان في األ
عن ل ك أن وق منظم ة لت داول ه ذه العقود ،ويترت
االتف اق يكون بين الطرفين (الب ائع والمش تر ) وف
ر باتهما ،وال يوجد و ي ضامن لعدم وجود جهة حكومية
منظمة.
• كال العقدين يص ع تس ييلهما ،أ أن أخطار الس يولة فيهما
عالية.
• كال العقدين فيهما درجة أخطار ائتمانية عالية ،لعدم وجود
ض امن ،ولعل الض مان الوحيد هو جدية ومالءة طر
الطرفين الم الي ة ،ير أن خطر االئتم ان في العقود اآلجل ة
أعلى ما يكون ألن العقد تم دون أن يس لم أو يس تلم الطرفان
ي ا ،ما يعني أن احتمالية نكول أحدهما عالية جدا ،بينما
احتمالية النكول في عقود الس لم هي فق من جهة المس لم
إليه.
67
وال تسلم ثمن لحظة التعاقد ،فقد آل التفكير إلى إيجاد طرق أفضل
لتقليل تلك األخطار ،وكان الحل هو في دفع جزء من قيمة
الصفقة لحظة التعاقد .في الحقيقة هذه الفكرة التي تقوم عليها
العقود المستقبلية والتي يتم فيها دفع هامش أولي وهامش صيانة.
يقلل هامش الوقاية من أخطار النكول لكنه ال يقضي عليها كلية،
وكلما زاد مقدار الهامش قلت احتمالية النكول .ويوضح الجدول
) )2والشكل ( )9العالقة العكسية بين الثمن المدفوع من الصفقة
(الهامش) وخطر االئتمان وموقع كل من عقود السلم والعقود
اآلجلة والمستقبليات ضمن تركيبة (هامش/خطر ائتمان) ،يتضح
كيف يتفوق عقد السلم من حيث انطوائه على تحوط كامل ضد
أخطار النكول:
68
69
.2.9الخيارات الشرعية:
إن الناظر للخيارات الشرعية من منظور اقتصادي يرى فيها
بكل تأكيد أدوات تحوطية قل نظيرها ،تساعد على تقليل أخطار
عدم تناظر المعلومات إلى أقل قدر ممكن إلدراك الطرف األقوى
أن أمام الطرف اآلخر إمكانية التراجع عن الصفقة بعد أن يتوفر
له كم إضافي من المعلومات حول الصفقة .والخيار هو أن يكون
للمتعاقدين أو أحدهما الخيار بين إمضاء العقد أو عدمه وذلك
بفسخه عند تحقق شروطه ،والخيارات (بحسب مجلة األحكام
العدلية) سبعة ،هي :خيار المجلس ،1خيار الشرط ،2خيار
المراد بالمجلس أي مكان التبايع أو التعاقد ،فما دام المكان الذي يضم كال 1
العاقدين واحدا فلهما الخيار في إمضاء العقد أو فسخه إلى أن يتفرقا .ودليله:
عن حكيم بن حزام رضي هللا عنه أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال":
البيعان بالخيار ما لم يتفرقا ،فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كذبا
وكتما محقت بركة بيعهما [أخرجه البخاري في كتاب البيوع ،باب إذا بين
البيعان ولم يكتما ونصحا برقم ( ،)2079ومسلم في البيوع ،باب الصدق
في البيع برقم (].)1532
2وهو أن يشترط العاقدان أو أحدهما أن له الخيار في فسخ البيع أو إمضائه
مدة معلومة ،مثل أن يقول المشتري :ابتعت هذه السلعة على أن يكون لي
الخيار مدة أسبوع ،فيكون له الخيار خالل هذه المدة في إمضاء البيع أو
فسخه ولو لم يظهر في السلعة عيب .وللمشتري خالل هذه المدة أن ينتفع
بالسلعة؛ ألن ضمانها عليه ،فلو حصل فيها نقص عند إعادتها للبائع فيضمن
70
لى هللا عليه و لم قال: النقص .دليله :عن عمرو بن عوف أن النبي
المسلمون على شروطهم إال شرطا ً حرم حالالً أو أحل حراما ً" ]أخرجه
لى هللا عليه و لم الترمذي في كتا ا حكام با ما ذكر عن ر ول هللا
حي . ،634/3برقم ( ، 1352وقال :حدي حسن في الصل بين النا
1المراد بالعيب :ما ينقص قيمة المبيع عادة ،مثل :تصد جدار المنزل،
وع ل في محر السيارة ونحو ذلك.
2لتفصيل أكثر حول دور الخيارات الشرطية في التحوط ،أن ر :مسلم
،اْلساليب الوقائية والعالجية للغبن في الفقه اإلسالمي ، اليو
http://www.saaid.net/doat/moslem
71
بذلك فيفقد حقه في إعادة البيت إلى بائعه ،وإن لم يرغب اآلمر
في شرائها تم ّكن المأمور من ردها بشرط الخيار ،فيدفع عنه
1
الضرر بذلك" (الشيباني :الحيل(79 ،
كما ذكر ابن القيم (رحمه هللا( من أمثلة الحيل" :المثال الحادي
بعد المائة :رجل قال لغيره :اشتر هذه الدار أو هذه السلعة من
فالن بكذا وكذا وأنا أربحك فيها كذا وكذا ،فخاف إن اشتراها أن
يبدو لآلمر فال يريدها وال يتمكن من الرد ،فالحيلة :أن يشتريها
على أنه بالخيار ثالثة أيام أو أكثر ،ث ّم يقول لآلمر :قد اشتريتها
بما ذكرت ،فإن أخذها منه وإالّ تم ّكن من ردها على البائع
بالخيار ،فإن لم يشترها اآلمر إالّ بالخيار فالحيلة أن يشترط له
خيارا أنقص من مدة الخيار التي اشترطها هو على البائع ،ليتسع
ً
له زمن الرد إن ردت عليه" (ابن القيم :إعالم الموقعين(29/4 ،
وهذا النقل يفيد بأنه –رحمه هللا-ال يرى إلزام اآلمر بالشراء بوعده لكونه 1
جعل للمأمور حيلة شرعية متمثلة في شراء السلعة بالخيار ليتسنى له
إرجاعها متى ما بدا لآلمر عدم اقتنائها.
72
.10خالصة وتوصيات:
يواجه التمويل اإلسالمي تحديا كبيرا يتم ل في توجه األموال إلى
أوجه االست مار قليلة الخطر ،وم ال ل أن معظم تمويالت
البنو اإلسالمية تتوجه نحو التور والتأجير المنتهي بالتملي ،
وتت نب أنواع الم اركات والمضاربة و يرها من عقود قائمة
على الم اركة في الربح ،وهو ما ي علها تقتر ك يرا من آليات
التمويل التقليدية ،وي ثر على مصداقية الصناعة وي علها على
المح ،ولعل من الطر المناسبة لتحويل توجه التمويل نحو
االست مارات المخاطرة هو البحث عن السبل واألساليب
التحوطية الكفيلة بحماية المال وتوجيهه نحو هذا النوع من
االست مارات .وفي بح نا هذا حاولنا وضع اإلطار النظري
للتحوط وتميي عن طر إدارة الخطر األخرى ،وب كل خا
أهم األدبيات المتعلقة بمعاني تميي عن التأمين .وبعد استعرا
الخطر وعدم التيقن والتأمين والتحوط في كل من الفكر
االقتصادي التقليدي والفكر االقتصادي اإلسالمي ،فقد تو لنا
إلى النتائج التالية
.1للخطر في الفكر االقتصادي التقليدي معان عديدة تدور كلها
حول معنى واحد هو انحراف النتائج الفعلية عن النتائج
المتوقعة وما ينتج عن ل من خوف قبل تحقق االنحراف
ومن خسائر أو تكاليف بعد تحقق االنحراف.
73
74
75
76
.11قائمة المصادر:
.1إبرا يم الكراسنة )" ،(2006أطر أساسية ومعاصرة في
الرقابة عل البنو وإدارة المخاطر" ،صندوق النقد العربي،
معهد السياسات االقتصادية ،أبو بي.
.2أسعد العلي )" ،(2005استراتيجيات االستثمار في الخيارات
المالية" ،مرك ي يد ،األردن.
،محمد بن إسماعيل .صحي البخاري، .3البخاري ،أبو عبد
بي األفكار الدولية ،الرياض. 1998 ،
.4حسين الفيفي (" ،)2013التحوط ضد مخاطر االستثمار في
المصارف اإلسالمية" ،ط ،1دار ابن األ ير ،الرياض ،المملكة
العربية السعودية.
عبد الرحمن )" ،(2005نظرية الغرر في .5رم ان حاف
البيو " ،الطبعة األول ،دار السال ،مصر.
الحسيني" ،تاج العروس من جوا ر .6ال بيدي محمد مرت
القاموس" ،تحقي :إبرا يم الترزي ،راجعه :عبد الستار فراج،
مطبعة حكومة الكوي ،الكوي ،الطبعة األول - 1392 ،
. 1972
.7سامي إبرا يم السويلم )" ،(2007التحوط في التمويل
اإلسالمي" ،ورقة مناسبات ( ،)10المعهد اإلسالمي للبحو
والتدريب ،البنك اإلسالمي للتنمية.
.8طارق عبد العال حماد (" ،)2001المشتقات المالية" ،الدار
الجامعية ،اإلسكندرية ،مصر.
77
78
80 من79 الصفحة
79
ص.ب2818 .
81