Professional Documents
Culture Documents
الحكامة الحضرية
الحكامة الحضرية
الحكامة الحضرية
تقديم عام
أجمع جميع الفاعلون في ميدان التنمية الجتماعية ،أن نموذج اللتوازن في العلقة
بين النسان والمجال هو نتيجة وترجمة فعلية لمقاربة التدبير الكلسيكي ،التي تقوم
وتتأسس على اعتبار عمليات التنمية مجرد فعل وقرار سياسي يتخذه الفاعلون في
ميدان التدبير للتحكم في حالة الخلل بهدف تحقيق التوازن بين مدخلت التنمية
الجتماعية ،دون مراعاة لخصوصية المستهدف من هذه العلميات والذي يعرب في
قاموسها التدبيري كمفعول به فاقد للهلية ،ل مجال له للمشاركة والتشارك في
السيرورة التنموية .مما أنتج لنا التراكم في الزمات والمصاعب الجتماعية الممثلة
في الفقر بجميع متغيراته التابعة ،التهميش والقصاء والهشاشة...
إن دينامية من هذا القبيل ،كفيلة بأن تهيئ الرضية الملئمة للقيام بمجموعة من
الصلحات السياسية ،من شأنها أن تساهم في تعزيز اللمركزية ،وتوسيع مشاركة
السكان ،من خلل تعزيز مبادئ المشاركة والتشارك والعدالة والشفافية والدماج.
هذه المبادئ العامة للمنهج الحديث في التدبير ،جاءت كعناصر أساسية لموضوعة
الحكامة التي تعتبر كآلية للتدبير الرشيد والحكيم للموارد المكونة للمجال ،بهدف
تحقيق التوازن والستدامة في التهيئة .وتتأسس على مجموعة من المتطلبات ،أهمها
الشراك والمشاركة بين القطاعات المؤثث للمجال ،من خلل مجموعة من القنوات
المؤسساتية والقانونية ،التي تمنح الفاعل والفرد الكفايات المناسبة للتوافق على
أرضية مشتركة لعملية العداد يكون فيها للرأي والرأي الخر حضور فعلي دون
عمليات الحجر على رأي أي جهة.
من أجل التدقيق أكثر في موضوعة الحكامة وإبراز كيف يمكن أن تساهم في إنتاج
وإعداد التراب الحضري من أجل تحقيق التوازن والستدامة نطرح التساؤلين التالين
كمفتتح للقول وتسهيل لعملية الفهم:
ماذا نعني بالحكامة الحضرية وما هي أهم الشروط اللزم توفرها •
لتحقيق أهداف هذه اللية في التدبير؟
ما هي العراقيل التي تحول دون التطبيق الفعلي للية الحكامة في •
العداد والتهيئة؟
الجابة على هذين التساؤلين ستمكن إلى جانب إبراز دور الحكامة الحضرية في
إنجاح عمليات التدبير ،من تحديد أهم الشروط الموضوعية والكفايات القانونية
والمؤسساتية اللزم توفرها للتحقيق أهداف التدبير الرشيد.
1
الحكامة الحضرية
الحكامة في اللغة النجليزية تفيد التدبير الرشيد والحكيم ،وتتأسس على مجموعة
من المبادئ كالمشاركة والشفافية والمحاسبة ،وهي مفهوم استعجالي تبناه المنتظم
الدولي لتجاوز حالة الخلل القائم في نماذج التنمية التي ليجد فيها المجتمع الفرصة
المناسبة للتعبير عن رأيه ومواقفه وحمولته الثقافية في المشاريع التنموية التي تهدف
إلى تحسين مستواه المعيشي.
وهي دعامة ومدخل أساسي للوصول إلى حالة التنمية البشرية المستدامة ،وتتأسس
على إلزامية إزالة الحدود بين القوى المؤثثة للمجال والمسئولة عن واقع حاله ،والتي
تتمثل في:
فالحكامة هي دعوة صريحة إلى تجاوز حالة اللتوازن الناتج عن أحادية صنع
القرار دون مراعاة المنطق العلمي المؤسس على عناصر المشاركة في مختلف
مراحل إعداد المشروع من التشخيص على البرمجة والتنفيذ ثم التقييم والمحاسبة في
إطار سيرورة تمتاز بالشفافية والعقلنية .من هذا نستخلص مفهوم الحكامة الحضرية
التي تعتبر في قاموس التدبير الرشيد ،كآلية تنموية تسهل عملية مشاركة السكان في
تحقيق أهداف التهيئة وفق رؤية إستراتيجية مؤسسة على مقاربات التنمية البشرية
المستدامة ،وهي نتيجة حتمية لعادة ترتيب علقة المواطنين بالفاعلين المحليين
والجهويين في ظل ديمقراطية تشاركية بدل الديمقراطية التمثيلية .
بلوغ مستوى التدبير الرشيد التشاوري والتشاركي ،رهين بتوفر مجموعة من
الشروط المؤسساتية والقانونية التي تمنح الفاعل والمواطن الكفايات الضروري
لتسهيل عملية مشاركته وتعبيره عن أرائه ،وهي ترتكز على تغيير طبيعة العمل
العمومي من خلل:
إعادة النظر في احتكار الحكومة لتدبير الشأن العام ،بمنح القوى •
2
المحلية مجموعة من الصلحيات في إطار تكريس مسلسل اللمركزية،
واللتركز صناعة القرار السياسي.
توفير الكفايات اللزمة القانونية والمؤسساتية التي تسهل عملية •
تواصل المجتمع مع الفاعلين المحليين السياسيين والقتصاديين.
العلم على دعم انفجار قنوات التفاعل الفقي كالمجتمع المدني. •
توفير شروط المحاسبة والمسائلة وفق مؤشرات موضوعية قابلة •
للقياس.
ما سبق هزم لنا عسر فهم المفهوم ،وصار بنا إلى ضرورة تحديد أهم الشروط
الضروري توفرها لبلوغ تنظيم وتهيئة المجال على أساس آلية الحكامة.
وما يزيد من عرقلة آلية الحكامة لداء دورها وتبنيها في منهج إعداد المجال
الحضري ،يمكن تلخيصه في الجانب التقني الممثل في عمليات التقطيع ذات البعد
المني والتي أنتجت بهدف التمكن من المراقبة والتأطير عدد ل يبث للديمقراطية
المحلية بصلة ،الشيء الذي يحول دون تكيف اللتمركز القراري ،إضافة على ما
3
ينتج عنه من تقلص في الموارد المالية للقوى المحلية ،ويصعب عملية التواصل
والتنسيق فيما بينها في إطار إستراتيجية التقائية.
استنتاج
فالعداد والتنمية والتهيئة كلها مفاهيم تقنية تصب في ضرورة التنظيم النسبي للمجال
حسب ما يعرفه من إمكانات ثقافية واجتماعية واقتصادية وايكولوجية ،فهو التوفيق
بين الشكل والمضمون والمحتوى المادي ،يهدف إجرائيا وعمليا إلى إزالة الحدود
بين مستويات المجال الوطني والمحلي وإلى العدالة بينهما في توزيع مدخلت
ومخرجات التنمية المستدامة.
فتكون الحكامة الحضرية من خلل هذا دعوة صريحة وفعلية إلى ضرورة الحجر
على الديمقراطية التمثيلية التي تحتكر سلطة الولية على الشأن العام ،وتدعو إلى
ضرورة تطعيم هذا النهج اللمركزي الفاشل بجرعات وأشكال جديدة من
الديمقراطية التشاركية تمكن من إشراك جميع أطراف معادلة العداد الفعال للمجال
الحضري ،المدافع عن المجموعات الهشة اقتصاديا واجتماعيا والمطالب بضرورة
صيانة الوسط الثقافي واعتباره في عمليات التهيئة.
بناء عليه ،الحكامة الحضرية هي الحد الفاصل بين الديمقراطية في شكليها التمثيلي
والبرلماني الممركز ودعوة صريحة على ديمقراطية تشاركية مؤسسة على
المساهمة والمشاركة والتوافق في صنع وتنفيد وتقييم برامج ومشاريع التنمية على
أرض الواقع ،وهي قناة أساسية تمكن من الستفادة من نواتج ونتائج التنمية
المستدامة.
4