Professional Documents
Culture Documents
من الإلحاد إلى الإسلام - إعداد نديم المرشدي
من الإلحاد إلى الإسلام - إعداد نديم المرشدي
ُ
األمريك الدكتور جيفري
ي ات ضي الريا بروفسور إسالم صةق عىل تيب ك يحتوي هذا ال
ر
حاضاته يف اليوتيوب ،نسأل هللا أن ينفع بها كللنغ ،والت تتبعتها من خالل كتبه وم ر
ي
باحث وطالب معرفة.
مقدمة
ّ
شء .تتجاهل ي كل أجله من وتحارب لدينها دة متشد «كنت قد نشأت ر يف أرسة كاثوليكية
الت كنت أطرحها من أجل معرفة معالم الكون اإلجابة عن كافة التساؤلت ي
بي الفينة كثي التساؤل والشك عىل الدوام ،وأشاهد ر ر أنت كنت ر ر
وخصوصياته ،خاصة ي
لوالدت بعد إدمانه الخمر بشكل عنيف. ي واألخرى رضب والدي
أم ر يف صغيا آنذاك فقد كنت أعتقد عىل الدوام باستطاعة والدي قتل ي ر أنت كنت ر
وبما ي
ر
أعي
جعلتت ل ر
ي الت
ه يأي لحظة يشاء .ولعل تلك المعاملة السيئة داخل األرسة ي
ولوالدت وبت أبحث بشكل جدي عن دين ي كبيا يلالت رأيت فيها عذابا ر لديانت ي
ي اهتماما
أكي تسامحا ومحبة واحياما لآلخر حت شعرت أن ر يت أصبحت ملحدا بشكل آخر ر
جهوري وأنا لم أتعد حينها السادسة عشة من عمري".
ِ ِّ َّ َّ
لك يزي ح هللا والده من يصىل
ي ي كان عندما ه،سن حداثة منذ بدأ هللا بوجود ه شك إن
موجودا .اعيف بإلحاده أمام أستاذ مادة اليبية الدينية فر ً َّ َّ
حياتهم ،إَّل أن والده َّ
ي ظل
المدرسة ،وكان ذلك سببا ر يف رسوبه.
ً
"أصبحت ملحدا ر يف نظر العائلة و األصدقاء و زمالء الصف .و الغريب عند هذه
ر ر ّ ر
أت قد كفرتإيمات باهلل ،....فلم أضح قط ي
ي أتخل عن أنت لم
المرحلة من الزمن هو ً ي
غي ر الي ر ر ر
الت قدمت يف درس اليبية الدينية ر
اهي ي أت وجدت رباهلل ولكن ما قلته حقا هو ي
فإت لم أرفض هذا اللقب الجديد". ر
مالئمة .ومهما يكن ي
-2األمير العربي:
ر يف عام 1982انتقل إل مدينة سان فرانسيسكو وعمل ر يف جامعتها ،وهنا يقول جيفري "كنت عىل
ً ر ر
عرت.ري أمير وكأنه بدا جدا الخلف للصف شاب وسيم ي بمحاض يت عندما دخل من الباب وشك البدء
ً ً ً ً
لقد كان طويال ونحيال ،وقد كان يرتدي ثيابا تنم عىل ذوق رفيع جدا .لقد لفت انتباه الصف
جميعه ،وربما اعتقدت أنهم سوف يقفون من أجله .يبدو أن الجميع كانوا يعرفونه ،و ر يف طريقه إل
مقعده ،كان يوم لبعض معارفه بالبتسامة ،وللبعض اآلخر بإشارات لطيفة مؤدبة ،وكان هؤلء
الطت، ر بدورهم يضحكون له لدرجة أن مزاح المجموعة َّ
تغي ،كانت محاض يت تتعلق بالبحث ر ي ر
وطلبت من الصف ،إن كان أحد ما يريد المشاركة بالدرس ،وما كان ألحد أن يرفع يده سوى ذاك
ً أمي عرت .لقد قام بإيضاح المسالة ّ ر
برمتها واثقا ي ر الشاب الجالس يف آخر الصف والذي افيضت أنه ر
ً ً
ومتحدثا بلغة ر ر
الييطانية" .إنه إنكليية تامة ،ولكنها متأثرة قليال باللهجة ر كبي،
من نفسه عىل نحو ر
محمود قنديل.
-3جيفري وعائلة قنديل:
َّ
توطدت عالقة الدكتور جيفري بطالبه محمود قنديل الذي عرفه عىل عائلته؛ وما لبث
أن أصبح صديقا مقربا للعائلة ذات األصول السعودية .كانت نقاشات جيفري مع هذه
العائلة تتطرق ر يف بعض األحيان للدين وكان محمود وشقيقه عمر ،وأختهما راقية يردون
مينا .يقول: عىل تساؤلته ،فوجد أن أفكارهم الدينية محددة وتتبع أساسا منطقيا يبدو ر
ً
لتساؤلت ر يف معظم
ي استجابة كان إنما ذلك نفعل كنا وعندما ،ا
كثي"لم نتناقش بالدين ر
ر ر ر ً
ألنت لم أرد أن يؤثر ذلك يف صداقتنا. أسئلت ،ي ي األحيان ...لم أحب أن أكون لحوحا يف
رر
متمسكي يبادلونت نفس الشعور .فقد عرفت حينئذ أنهم كانوا ر وكنت أدرك أنهم كانوا
ً ً ي
كثيا .فقد كان محمود عالما ر يف أفخم بدينهم .ولكن طريقة عيشهم لم تكن دينية ر
ً
السيارات ،وأزه الثياب ،وأجمل المجوهرات ،وأرف المطاعم ،وأشىه الوجبات عالما
والدبلوماسيي وأصحاب المقامات الرفيعة والصاحبات والشمبانيا رر ر يف اليخوت،
ً ً ً ً
والديسكو .إل أنه من حيث الجوهر ،كان شابا بسيطا ومتواضعا وكريما ،وكان رس
جاذبيته يكمن ر يف براءته وإخالصه وصبيانيته ،ولم تؤثر مدينة سان فرانسيسكو ر يف
ً
صفاته ال قليال.
-4هدية عائلة قنديل لجيفري:
ر
يأت الطالب مت المفتاح ،ي
مكتت أثناء مغادرته خشية أن يضيع ي يقول " :كنت ل أغلق ر ي
وف إحدى األيام وجدت نسخة ميجمة للقرآن ر
إليه ويضعون أعمالهم فيه وينرصفوا ،ي
أصدقات ر يف العائلة السعودية .يبدو أنهم شعروا أن ي مكتت ،فأدركت أنها من
عىل ر ي
لك
مكتت ي
ثقافتهم الدينية متواضعة ،ففضلوا ترك نسخة ميجمة من القرآن عىل ر ي
أتعرف عىل اإلسالم".
أخذ الهدية معه ووضعها عىل المنضدة ر يف شقته ،كان ر يف ذلك الوقت ينتظر وصول
وف إحدى األيام وهو رف ر ر ر
ميله أراد أن يشبع وقت ي الت شحنها من ولية إنديانا .ي كتبه ي
الت قد قرأها مسبقا ،ثم لحظ النسخة فراغه بالقراءة ،فلم يجد سوى بعض المجالت ي
الميجمة للقرآن عىل منضدته ،أخذها وبدأ يقلب الصفحات ،ثم قرر أن يبدأ بالقراءة.
صفحتي .كان ذلك عام 1982وعمره ر يف ذلك الوقت 28 رر وكان توقعه أن يقرأ صفحة أو
سنة.
ْ
وتفسي ُمل ِحد
ر -5قراءة القرآن -
كان يتوقع أن القرآن عبارة عن قصص قديمة وتاري خ ل عالقة لها بالمنطق
العقالت .ظل يقرأ لفية طويلة وهو ل يعلم أن القرآن كالم هللا المبارس ر والتفكي
ي ر
لنبيه ،فقد كان يعتقد أنه من تأليف محمد ،حيث كانت تلك النسخة ميجمة
غي مسلم ،كتب ر يف بدايتها "تأليف محمد" بواسطة ميجم ر
األغات ر يف
ي
ر بدأ بالفاتحة ،قرأ تمجيد للرب ر يف الجزء األول منها وبدت له مثل
األخي منها" ،اهدنا الرصاط المستقيم ".....قال ر اإلنجيل وعندما وصل إل الجزء
وجعلت المتكلم وأطلب ر تغي أسلوب الكتابة خدعت الكاتب ،فقد ر ر ضاحكا " لقد
ي ي
ر
متمي يف الكتابة". من هللا الهداية وأنا ملحد!! ل بد أن له أسلوب ر ر
ي) لحظ أنها ثم بدأ بسورة البقرة( .الم (َ )1ذ َٰ ل َك ْالك َتاب ََّل َرْي َ
ب ۛ فيه ۛ ه ًدى ِل ْلم َّتق رَ
ر
إل ويقول يلبدأت بتعريف للكتاب الذي يقرأه ،ثم أطرق سائال " :هل الكاتب يتحدث ي
هذا الكتاب هو دليل الهداية ال يت كنت تبحث عنها طوال السنوات الماضية؟" ،عاد
ر
المعت "هذا الكتاب"... مجددا ليتأكد من العبارة فوجدها فعال تحمل نفس
كيه ر يف كل كلمة يقرأها ،وكذلك لحظ أن هللا يتكلم مبارسة معه ،فاللغة
هنا بدأ يزداد تر ر ر
وح مبارس بعكس اإلنجيل المكتوب بطريق الرواية. ه لغة ي المكتوبة ي
قصة بدء الخليقة:
وعندما وصل إل قصة بدء الخليقة – اآليات 38 – 30من سورة البقرة وقف عندها
ً ً
طويال مندهشا ومنبهرا بمعانيها. وقتا
ْ َ َ ً َ ُ ََ َ ْ َ َ َ ُّ َ ْ َ َ َ رِّ َ ٌ ر ْ َ
ض خليفة ۖ قالوا أت ْج َعل ف َيها َم ْن يفسد ف َيها َو َي ْسفك ر األ ْ " وإذ قال ربك للمَلئكة إت جاعل ف
َ َ َّ َ َ َ ْ َ َ ْ ي َ َ َ ِّ ي َ َ َ ِ َ رِّ َ ْ َ َ َ َ ْ َ َ َ ِّ
األ ْس َماءَ الد َم َاء َون ْحن ن َس ِّبح بحمدك ونقدس لك ۖ قال إ يت أعلم ما َّل تعلمون ﴿ ﴾30وعلم آدم
َ َ َ ُ
ي ﴿ ﴾31قالوا س ْب َحانك وت ب َأ ْس َماء َه َٰ ؤ ََّلء إ ْن ُك ْنت ْم َصادق رَ ال َأ ْنبئ ر ُك َّل َها ث َّم َع َر َضه ْم َع َىل ْال َم ََلئ َكة َف َق َ
َ َ َْ َ َ ر ي
َ َْ ْ ت ْال َعليم ْال َحكيم ﴿َ ﴾32ق َ َ ْ َ َ َ َّ َ َ َّ ْ َ َ َّ َ َ ْ َ
ال َيا آدم أنبئه ْم بأ ْس َمائه ْم ۖ فل َّما أن َبأه ْم َّل علم لنا إَّل ما علمتنا ۖ إنك أن
َ َََْ َ ْ َ َ َ ُْ ْ َ ْ ْ َ َْ َ َ َّ َ ْ َ ْ َ ْ َ َ َ َ ْ َ ْ َ ُ ْ رِّ َ ْ َ َ
ض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون بأسمائهم قال ألم أقل لكم إ يت أعلم غيب السماوات واألر
َّ ْ َ َ ِ َ َٰ َ ْ َ ْ َ َ َ َ َ َ ْ َ َ َ ﴿َ ﴾33وإ ْذ ق ْل َنا ل ْل َم ََلئ َكة ْ
اسجدوا آلد َم ف َس َجدوا إَّل إبليس أ رت واستك ري وكان من الكاف ِرين ﴿﴾34
َ
َ ََ ُ َ َّ َ َ َْ ْ َ ً َ ْ َّ َ ُ َ ْ َ ْ َ َ َ ْ ُ َْ َ َ
اسك ْن أنت َوز ْوجك ال َجنة َوكَل من َها َرغدا َح ْيث شئت َما َوَّل تق َر َبا ه َٰ ذه الش َج َرة فتكونا وقلنا يا آدم
ْ َْ ُ ْ َ ْ َ ْ َ َ َ َ َ َّ َ ْ َ َ َ ْ َ َ َّ
ي ﴿ ﴾35فأزله َما ْ َّ َ َ َ الظالم رَ َ َّ
ض الشي ٌط َان عنها فأخرجه َم َا َ َّمما كانا فيه ۖ وقل َنا اهبط َ َوا بعض َكم لب َّع ٍ ر من
اب َعل ْيه ۚ إنه هوَ آدم م ْن َرِّبه كل َمات فت َ َٰ َ َ َ َ
َعدو ۖ ولكم ف األرض مستق ٌّر ومتاع إ َٰل ح ر ر
َ َ ْ ْ َ ْ ر ْ ُ َ َ ٌّ
ٍ ي ﴿ ﴾36فتلف ٍ ِ ي
اي َف ََل َخ ْو ٌ ْ
يعا ۖ َفإ َّما َيأت َي َّن ُك ْم م رِّت ه ًدى َف َم ْن َتب َع ه َد َ اهبطوا م ْن َها َجم ً َْ ْ الت َّواب َّ َّ
ف ي ا ن ل ق ﴾ 37﴿ يم الرح
َ َ َ
َعل ْيه ْم َوَّل ه ْم َي ْح َزنون ﴿" ﴾38
أعاد قراءتها لعدة مرات محاول فك شفراتها ومعانيها .واستوقفته النقاط التالية:
َ َ َ ْ َ َ َ ُّ َ ْ َ َ َ ِّ َ ٌ ّ ْ َ
األ ْ
ض خ ِليفة" يذكر هللا هنا أنه سيجعل ِ ر * "و ِإذ قال ربك ِللمَل ِئك ِة ِإ ين ج ِاعل ِ يف
خليفة رف األرض وهذا منصب رسيف ل يستحقه مذنب عىص هللا .ر
ر
فاليول لألرض هو
ً ي
عقاب كما قرأ يف اإلنجيل .وبدا غاضبا يسأل نفسه قائال "لعل الكاتب أخطأ" فخليفة ر
الت ر ر
الكيى ي
هللا وممثله يف األرض ل يعمل الش ،ثم استمر يف القراءة ،ليجد المفاجأة ر
غيت حياته رأسا عىل عقب. ر
الكيى
المفاجأة ر
السؤال الذي سأله قبل لحظات وكان يسأله لعدة * لقد وجد المالئكة تسأل نفس
َ َ َ ُ ََ ْ َ ُ َ َ ُ ْ ُ َ َ َ ْ ُ ِ
سنوات ولم يجد له جواب " قالوا أتجعل ِفيها من يف ِسد ِفيها ويس ِفك الدماء" فكرر
الت قادته لأللحاد تتمحور حول سؤال" فقد كانت أسألته ي ي سؤال ،هذا
ي قائال " :هذا
بشا كالمالئكة ال تقتل وال تظلم؟ لماذا أعطاناهذه القضية ( :لماذا ال يخلق هللا ر
الش؟ ،لماذا المعاناة؟ لماذا الظلم؟ ) أسئلة بدأت معه منذ حرية االختيار ّف عمل ر
ً ي
أن كان طفال يرى وحشية أبيه مع أمه .ثم توقف حائرا وقال" :حت المالئكة تسأل!!"
وبدأ يشعر بحرارة ر يف جسمه متشوقا لمعرفة جواب هذا السؤال الذي وصفه بأهم
ُ
سؤال ر يف تاري خ األديان ،فقد لخ َّصت فيه طفولته وحياته .لقد ظهر هذا السؤال ر يف
ً
الصفحات األول للقرآن متحدثا عن بداية خلق اإلنسان كما قال.
َ َ ِّ َ ْ َ ُ َ َ َ ْ َ ُ َ
*"قال ِإ ين أعلم ما َل تعلمون" كان هذا رد هللا عىل المالئكة ،لكن جيفري لم ينسجم
تلقات دارت ر يف رأسه األسئلة
ي
مع اإلجابة فقد كانت تحتاج إل توضيح ر
أكي .وبشكل
َ َّ ر ر
الجدلية وشعر كأنه يف جدل مع الرب .فوجد جوابا لذلك الجدل يف اآلية التالية " َوعل َم
ُ ُ
نت ْم َصادق َّ َ َُ َ َ األ ْس َم َاء ُك َّل َها ُث َّم َع َر َض ُه ْم َع ََل ْال َم ََلئ َكة َف َق َ
ال أنب ُئ ّ َ َ َْ
ي ()31 ِِر ون ِبأ ْس َم ِاء ه َٰ ؤَل ِء ِإن ك
ِ ِي ِ ِ آدم
فىه تتحدث عىل أن اإلنسان قد منحه هللا القدرة عىل التعلم وكسب المعرفة وأعطاهي
الت استطاع آدم من خاللها ذكر مسميات كل األشياء بينما عجزت موهبة اللغة ي
ر
المالئكة عن فعل ذلك ،ومن خاللها يستمر اإلنسان يف كسب العلم والمعرفة .فمسألة
كثيا وأقسم هللا بها ر يف عدة مواضع.
القدرات العقلية للنسان تكررت ر
ومن خالل استمراره ر يف القراءة وجد أن عىل اإلنسان استخدام هذه القدرات بشكل
الخي. ر
صحيح واستغاللها يف عمل ر
َ َ َ َ َ َ َ َ ُ َّ ْ َ َ َ َٰ َ ْ َ ْ َ ْ َُْ ْ ََ َ ْ ُ ُ
استك رَ َي َوكان ِمن اسجدوا ِِلدم فسجدوا ِإَل ِإب ِليس أ رن و • ( و ِإذ قلنا ِللمَل ِئك ِة
َ ْ َ
الك ِاف ِرين ( )34ومن فهمه لهذه العبارات يقول أن اإلنسان تتنازعه صفات مالئكية
للخي وصفات شيطانية تقوده للش .وعىل اإلنسان بحكم العلم والمعرفة تقود ر
الخي والش .فاألنسان كائن متعلم وكائن بي ر والعقل الت أعطاها هللا له أن ر ر
يمي ر ر
ي
أخالف ر يف نفس الوقت. ي
َ َْ َ َ َ ُ ْ َ َ َ ُ ْ ُ ْ َ َ َ ُ َ ْ َ َّ َ ُ َ ْ َ َ ً َ ُ ْ ُ
اسكن أنت َوز ْوجك الجنة َوكَل ِمنها َرغدا ح ْيث ِشئت َما َوَل تق َربا ه َٰ ِذ ِه • وقلنا يا آدم
الش َج َر َة َف َتكونا من الظالم َّ
ي.
َّ َ َ ُ َّ
ِِر ِ
والت ر
رأى جيفري أن قصة الشجرة هنا تختلف عن القصة الموجودة يف اإلنجيل ي
تقول أن هللا قد وضع حارسا من المالئكة عىل الشجرة ومعه سيف وذلك خوفا
من أن يقوم آدم باألكل من الشجرة فيصبح إله مثله .فقد كان يتوقع أن هللا
أكي عىل حواء كما جاء ر يف
سيصب غضيه عىل آدم بسبب مخالفته ،وغضبا ر
وأكي من ذلك تسلط الرجل اإلنجيل فعوقبت بآلم الولدة والدورة الشهرية ر
عليها ،وهنا يربط قصة طفولته المؤلمة مع أبيه.
إل أن القرآن كما يقول جيفري ذكر شجرة عادية فقط ليكتمل المخطط الذي رسمه هللا
مسبقا ،لتكون سببا ر يف إخراج آدم من الجنة ،حيث ضح هللا َللمالئكة ر يف بداية األمر وقبل
َ ِ َ َ ْ َ ُّ َ ْ َ .
ال َربك ِلل َمَل ِئك ِة ِإ ّ ين ج ِاع ٌليخلق آدم أنه سيخلق إنسان يكون خليفته ر يف األرض "و ِإذ ق ّأن ْ َ
يفة " .ولم يعظم هللا أمر خط أ وعقاب آدم ،حيث قال" :فأزلهما" والزلل فر َ َ ْ
ي ض خ ِلِ يف األر ِ
الكيى الغي متعمد ،وهو يتساءل هنا "كيف هلل أن يصف الخطيئة ر اللغة الخطأ البسيط أو ر
ر
تفسي اإلنجيل عىل اآلية .حت أنه ذهب يف اليوم للبشية بأنها زلة" فقد كان يحاول أن يفرض
ر
ر
العرت المسلم وطلب منه أن يقرأ هذه اآلية بالعربية ويفش له معت "فأزلهما" التال لصديقه
ر ري ي
.
فأخيه بنفس المعت الموجود يف النسخة الميجمة But Satan caused them to slip ر ر
وهذا ما جعله يستنتج أن األمر مخطط له ،فلم تكن معصية آدم جريمة قتل أو اغتصاب
إنما كانت زلل وقع ر يف غفلة منه ليأكل من بعض ثمار الشجرة ولتكون بمثابة تأهيل آدم ر يف
قدرته عىل اتخاذ قراراته بنفسه ول يكون مثل المالئكة .فكان عقاب آدم ظاهره الخروج من
الجنة وحقيقته التكريم ليصبح خليفة هللا ر يف األرض بعد الندم الذي أظهره وتوبة هللا عليه.
اعتي جيفري هذا ردا يعت فضل آدم عليهم .ر ر
بل وفوق ذلك أمر المالئكة بالسجود آلدم وهذا ي
عىل أمنيته بأن يكون البش مثل المالئكة.
تفسي
ر استمر جيفري بقراءة القرآن والغوص ر يف معانيه كمحاولة ذاتية لفهمه دون كتب
أش فكرة فكرة، ر
أو مراجع ،ويقول "كلما قرأت أكي كلما تساقطت أفكار اإللحاد من ر ي
ولما أنهيت القرآن أصبحت أكفر باإللحاد وأومن بوجود هللا" "....لقد كان هذا القران
ً
دوما ر ر
الت كنت قد بينتها قبل سنوات ،وكان ي جزاالحو ويزيل ي،تفكي
ر في يسبقت
ي
تساؤلت". ر
يخاطبت
ي ي
ً
ويقول " :عندما وصلت لسورة الضىح ،أجهشت بالبكاء لمدة 20دقيقة تقريبا،
معات الرحمة العظيمة ،حيث أن هللا لن يتخىل عنك ر يف أحلك ي
ر لما فيها من
ر
الظروف أو أكيها إرساقا إذا ما توجهت إليه بصدق ،وال أعلم كيف بكيت وأنا ال
المنطف
ي أزال ملحدا !!! وأشد ما أدهشه هو األسلوب السحري وطريقه الحوار
وبي هللا وأنبياءه ،ر ر
وبي األنبياء وبي مالئكته ،ر ر
بي هللا والقارئ ،وبينه ر ر
الذي ظهر ر ر
اهي والحجج.يقول لنغ "الرياضيات الي ر ر
وأقوامهم ،الخ .حوار قائم عىل تقديم ر
منطقية .إن األمر يتعلق باستخدام الحقائق واألرقام إليجاد إجابات ملموسة.
وه محبطة عندما أتعامل مع أشياء ليس ر
ذهت ،ي الت يعمل بها ي
ه الطريقة ي "هذه ي
لها إجابات محددة".
كيف أصبح مسلم؟
ّ
فامنحت القوة" .فكنت أنتظر أي "اللهم إن كنت تريد يل دخول المسجد
ي
ر
كتف أو ر
طي يقف عىل ي تدفعت لدخول المسجد ،كظهور ضوء أو ري عالمة من هللا
حت زلزال ،لكن لم يحدث كل هذا ،فقررت أن أنزل الدرج ،
ر
وفلسطيت) يتحادثان . ي وهذه المرة دفعت الباب ،كان رف الداخل شابان ر ر
(مالي
ي ي
وسألت أحدهما عما إذا كنت محتاج لمساعدة ،ارتبكت وبدأت أذكرر ردا التحية ،
ي
رر ر
كأنت أبحث عنهم (محمود ،عمر،
مسلمي ي بعض أسماء أصدقاء وطالب
رساج؟ ) فكان جوابهما ر
بالنف.
ي
ً رر ر
الماليي (عبدالحنان) :هل تريد أن تعرف شيئا عن سألت الشاب
ي وهنا
الت تعذب ر اإلسالم؟ أجبت :نعم ،نعم ..بدأ عبدالحنان
يحدثت عن المالئكة ي
ي
القي!!! ،هنا شعرت بأن كالم الشاب غ ري مرتب
أرواح الكفار وعن عذاب ر
وركيك ،فاعتذرت وطلبت النرصاف.
جيفري وغسان
هىم بالخروج ،فتح الباب وإذ بشاب ذو لحية كثة ،يرتدي ثوبا طويال
"وعند ي
ر
وعمامة عىل رأسه ،ويحمل عكازا يف يده ،ومن خلفه أشعة الشمس ساطعة وكأنه
النت موش عائدا من جبل الطور( .اسمه غسان) بدأ بدعاء عند دخوله ثمري
ر
الفلسطيت بالعربية عن سبب تواجدي كما تقدم وسأل محمد يوسف الطالب
ي
تهدئت
ي كبت محاول
فهمت ،ثم تقدم نحوي وجلس بجواري ووضع يده عىل ر ي
آت مرتبك.ر
عندما ر ي
ثم أخذ يذكر يل أسس اإلسالم ونظامه واحدة تلوى األخرى حت شعرت بالملل
ول أدري ل َم يشح يل كل هذا .شكرته واستأذنته بالنرصاف وقلت له يجب أن
مكتت.
أعود إل ر ي
شء آخر أريد أن أعرفه عن اإلسالم .هنا ر
سألت وكرر سؤاله إن كان هناك أي ي
ي
ببال سؤال ،فقلت له :هل تستطيع إخباري بشعورك كمسلم؟ عالقتك خطر ي
وخبي بالدعوة، ر
روحات باهلل؟ كان سؤال صعبا ،نظر يل وبدا يل كأنه شخص
ر ي
أطرق رأسه إل األرض وأغمض عينيه وأخذ يفكر ويدعو هللا ،ثم قال" :هللا –
ر
شء إل بإرادة هللا الرحيم ،يحبنا أكي مما تحب األم ولدها .ول نستطيع فعل ي
وزفينا بمشيئة هللا ،ونرفع
هللا ،وعندما نتنفس يكون شهيقنا بمشيئة هللا ،ر
وحي تسقط ورقة صغية وتدور فر أقدامنا ونطرحها رف األرض بمشيئة هللا ،ر ر
ي ر ي
نصىل هلل ونضع جباهنا عىل األرض نشعر بالسالم ي الهواء بمشيئة هللا ،وعندما
والطمأنينة ،والراحة ول يمكن وصفها بكلمات ،ول يعرفها إل من جرب ها".
إل أن غسان لم يستسلم ثم نظر يل وحدق ،وقال يل بلطف :أعتقد أنك تؤمن
به؟!! لم ال تجرب؟
قال :قل أشهد ،قلت :أشهد ،قال :أن ل إله ،قلت :أن ل إله -لقد كنت أؤمن
حيات (لوجود إلله) – قال :إل هللا ،رددتها ،قال :وأشهد
ي بهذه العبارة طوال
ً
أن محمدا رسول هللا ،نطقتها خلفه .لقد كانت هذه الكلمات كقطرات الماء
الصاف تنحدر ر يف الحلق المحيق لرجل قارب الموت من الظمأ.ي
ر
أول صالة:
"كان الوقت قد قارب منتصف الليل ،لذلك قررت أن أصىل صالة العشاء .دخلت الحمام
الت تشح الوضوء ،وتتبعت مفتوحا عىل الصفحة ي ووضعت الكتيب عىل طرف المغسلة
ر
طاه يجرب وصفة ألول مرة يف المطبخ. ٍّ
ودقة مثل ٍ ٍ التعليمات الواردة فيه خطوة خطوة بتأن
اف ،إذر
وعندما انتهيت من الوضوء أغلقت الصنبور وعدت إل الغرفة والماء يقطر من أطر ي
المتوض نفسه بعد الوضوء .ووقفت ر تقول تعليمات الكتيب بأنه من المستحب أل يجفف
رف منتصف الغرفة متوجها إل ما كنت أحسبه اتجاه القبلة .نظرت إل الخلف ألتأكد من أتر
ً ر ي
ً
وقفت ،وأخذت نفسا عميقا ،ثم شقت ،ثم توجهت إل األمام ،واعتدلت يف أغلقت باب
ي ي
بإبهام ،ثم بعد ذلك قلت بصوت رر
األذني شحمت ً رر
مفتوحتي ،مالمسا رفعت يدى بر ر ر
احتي
ي ي
بسء من النفعال ،إذ لم ر أكي” .كنت آمل أل خافت“ :هللا ر
يسمعت أحد ،فقد كنت أشعر ي ي
عىل.قلف من كون أحد يتجسس ي أستطع التخلص من ي
ر وفجأة أدركت رأت تركت الستائر مفتوحة،
الجيان؟ تركت ما كنت
آت أحد روتساءلت :ماذا لو ر ي
فيه ،وتوجهت إل النافذة ،ثم جلت بنظري ر يف الخارج ألتأكد من عدم وجود أحد .وعندما
رأيت الباحة الخلفية خالية أحسست بالرتياح ،فأغلقت الستائر وعدت إل منتصف الغرفة
وقفت ،ورفعت يدى إل أن لمس اإلبهامان ف ومرة أخرى توجهت إل القبلة ،واعتدلت ر
ي ي ر
أكي” .وبصوت خافت ل يكاد يسمع قرأت فاتحة الكتاب أذت ،ثم همست“ :هللا ر شحمت ي
ي
عرت لم يكن
ري أي أن أظن كنت وإن العربية، باللغة ةقصي
ر بسورة أتبعتها ثم وتلعثم، ببطء
بالتكبي مرة أخرى بصوت ر تالوت تلك الليلة .ثم بعد ذلك تلفظت ي ليفهم شيئا لو سمع
كبت .وشعرت ر ً
حت صار ظهري متعامدا مع ساف واضعا كف رعىل ر ي ر
خافت ،وانحنيت راكعا
ألنت وحدى يف الغرفة .وبينما كنت ر
ً حيات .ولذلك فقد رسرت ي ي باإلحراج ،إذ لم أنحن ألحد يف
رت العظيم” عدة مرات .ثم اعتدلت واقفا وأنا أقرأ “سمع ل أزال راكعا كررت عبارة “سبحان ر
”.هللا لمن حمده” ،ثم “ربنا ولك الحمد.
لحظة السجود
حان وقت فقد ع،بخضو أخرى مرة تكي أحسست بقلت يخفق بشدة ،وتزايد انفعال عندما َّ
ر ي ري
َْ ر ر ر
أمام حيث كان عىل أن أه ِويالت يمكات بينما كنت أحدق يف البقعة ي ي السجود .وتجمدت يف
وجىه عىل األرض .لم أستطع أن أفعل ذلك .لم أستطع أن اف األربعة وأضع إليها عىل أطر ر
ي ي
أنف عىل األرض ،شأن العبد الذي ر بنفس إل األرض .لم أستطع أن أذل
نفس بوضع ي ي ي أنزل
ساف مقيدتان ل تقدران عىل النثناء .لقد أحسست ر
بكثي يتذلل أمام سيده .لقد خيل يل أن ي
ر
اقبونت وأنا أجعل ر
ومعارف وقهقهاتهم ،وهم ير أصدقات من العار والخزي .وتخيلت ضحكات
ي ي ي ً
مثيا للشفقة والسخرية بينهم ،وكدت أسمعهم نفس مغفال أمامهم ،وتخيلت كم سأكون ر ي من
بمس يف سان فرانسيسكو .أليس كذلك؟”. ر ٍّ أصابه العرب رر
“مسكي جفري! فقد يقولون:
ِّ َ
نفس عىلي وأخذت أدعو“ :أرجوك ،أرجوك ،أع رت عىل هذا” .أخذت نفسا عميقا ،وأرغمت
رر
.اليول
وجىه عىل السجادة. ي أربعت ،ثم ترددت لحظات قليلة ،وبعد ذلك ضغطت ي اآلن ضت عىل
أكي”: رت األعىل”“ .هللا ر أفرغت ر
“سبحان ر ً ي ً
ذهت من كل األفكار ،وتلفظت ثالث مرات بعبارة ي
شء أن ألى السماح ا افض ر ا فارغ عقت ،وأبقيت ر
ذهت قلتها ورفعت من السجود جالسا عىل ر
ي ي
يرصف انتباه“ .هللا أكي” ،ووضعت وجىه عىل األرض مرة أخرى .وبينما كان ر
أنف يالمس ي ر ي
رت األعىل” بصورة آلية ،فقد كنت مصمما عىل إنهاء هذا ري “سبحان عبارة أكرر األرض رحت
لنفس :ل تزال هناك ثالث أكي” ،وانتصبت واقفا فيما قلت كلفت ذلك“ .هللا ر األمر مهما ر
ي ي
يات فيما تبف يل من الصالة .لكن األمر صار أهون ر يف ي وكي
عواطف ر ي
ر أمام .وصارعت جولت ي
ر
إنت كنت يف سكينة شبه كاملة يف آخر سجدة ر ر
.كل شوط حت ي
وشمال .وبينما بلغ ر يت اإلعياء وأخيا سلمت عن ر
يميت ، األخي الجلوس ف ثم قرأت التشهد ر
ي ي ر ر ي
الت مررت بها .لقد أحسست ي كةالمعر اجعر أ وأخذت األرض، عىل جالسا مبلغه بقيت
ر
ألنت عاركت نفس كل ذلك العراك يف سبيل أداء الصالة إل آخرها .ودعوت برأس باإلحراج ر
ً ي
أمام سبيل
وغبات ،فقد أتيت من مكان بعيد ،ول يزال ي ي تكيي منخفض خجال“ :اغفر يل ر
طويل ألقطعه.
عىل وصفه بالكلمات ،فقد بسء لم أجربه من قبل ،ولذلك يصعب ر
وف تلك اللحظة شعرت
ي ي
كاليودة ،وبدا يل أنها تشع من نقطة ما ر يف
اجتاحتت موجة ل أستطيع أن أصفها إل بأنها ر ي
ر
غي أنها ر
إنت أذكر أت كنت أرتعش .ر صدري .وكانت موجة عارمة فوجئت بها رف البداية حت ر
ر ي أكي من مجرد شعور جسدي ،فقد ي ّأث َر ْت ر
كانت ر
عواطف بطريقة غريبة أيضا .لقد بدا كأن
ي ف ي
تغلفت وتتغلغل ر يف .ثم بدأت بالبكاء من
ي
ر الرحمة قد تجسدت ر يف صورة محسوسة ،وأخذت
غي أن أعرف السبب ،فقد أخذت الدموع تنهمر عىل وجىه ،ووجدت نفس أنتحب بشدة. ر
ر
تحتضنت .ولم أكن ي
أبك ي إحساش بأن قوة خارقة من اللطف والرحمة
ي بكات ازداد
وكلما ازداد ي
بدافع من الشعور بالذنب رغم أنه يجدر ر يت ذلك ول بدافع من الخزي أو الشور .لقد بدا كأن
بداخىل. ْ ً َ ًّ
ي سدا قد انفتح مطلقا عنان مخزون عظيم من الخوف والغضب
ر َ َّ
بي ك رف .وعندما أش ر ً ً
منحنيا إل األرض ،منتحبا ور ي كبت،
ي
ً
جالسا عىل ر ظللت لبعض الوقت
وغي ر
أخيا كنت قد بلغت الغاية يف اإلرهاق ،فقد كانت تلك التجربة جارفة ر توقفت عن البكاء ر
تفسيات عقالنية لها .وقد رأيت حينها أن ر مألوفة إل حد لم يسمح ل حينئذ أن أبحث عن
هذه التجربة أغرب من أن ي أستطيع إخبار أحد بها .أما أهم ما أدركته رف ذلك الوقت فهو رأت فر
ي ي حاجة ماسة إل هللا وإل الصالة .وقبل أن أقوم من ر
األخي:
ر الدعاء بهذا مكات دعوت
ي
ّ
خلصت من هذه الحياة. ّ
فاقتتلت قبل ذلك، اللهم ،إذا تجرأت عَل الكفر بك مرة أخرى
ي ي
لكنت ال أستطيع أن ّ ومن الصعب جدا أن أحيا بكل ما عندي من النواقص والعيوب،
ي
أعيش يوما واحدا آخر وأنا أنكر وجودك".
من أقواله:
ر
شءه إحدى أجمل الشعائر اإلسالمية و أكيها إثارة .هناك ي بالنسبة يل ي
ً
"صالة الفجر
خف ر يف النهوض ليال -بينما الجميع نائم -لتسمع موسيف القرآن تمأل سكون الليل.
ي
ر
تشعر و كأنك تغادر هذا العالم وتسافر مع المالئكة لتمجد هللا بالمديح عند الفجر".
المراجع:
مالحظة :تستطيع ر ر
تييل كتبه مجانا من النت