You are on page 1of 22

‫‪Dr.

Jeffrey Lang‬‬ ‫جيفري النغ‬


‫‪Professor of Mathematics‬‬
‫‪University of Kansas, USA‬‬ ‫بروفسور في الرياضيات‬
‫جامعة تكساس‬

‫جيفري النغ ‪ :‬من اإللحاد إلى اإلسالم‬

‫إعداد‪ /‬نديم المرشدي‬


‫‪2020 /03 / 01‬‬

‫ُ‬
‫األمريك الدكتور جيفري‬
‫ي‬ ‫ات‬ ‫ضي‬ ‫الريا‬ ‫بروفسور‬ ‫إسالم‬ ‫صة‬‫ق‬ ‫عىل‬ ‫تيب‬ ‫ك‬ ‫يحتوي هذا ال‬
‫ر‬
‫حاضاته يف اليوتيوب‪ ،‬نسأل هللا أن ينفع بها كل‬‫لنغ‪ ،‬والت تتبعتها من خالل كتبه وم ر‬
‫ي‬
‫باحث وطالب معرفة‪.‬‬
‫مقدمة‬
‫ّ‬
‫شء‪ .‬تتجاهل‬ ‫ي‬ ‫كل‬ ‫أجله‬ ‫من‬ ‫وتحارب‬ ‫لدينها‬ ‫دة‬ ‫متشد‬ ‫«كنت قد نشأت ر يف أرسة كاثوليكية‬
‫الت كنت أطرحها من أجل معرفة معالم الكون‬ ‫اإلجابة عن كافة التساؤلت ي‬
‫بي الفينة‬ ‫كثي التساؤل والشك عىل الدوام‪ ،‬وأشاهد ر ر‬ ‫أنت كنت ر‬ ‫ر‬
‫وخصوصياته‪ ،‬خاصة ي‬
‫لوالدت بعد إدمانه الخمر بشكل عنيف‪.‬‬ ‫ي‬ ‫واألخرى رضب والدي‬
‫أم ر يف‬ ‫صغيا آنذاك فقد كنت أعتقد عىل الدوام باستطاعة والدي قتل ي‬ ‫ر‬ ‫أنت كنت‬ ‫ر‬
‫وبما ي‬
‫ر‬
‫أعي‬
‫جعلتت ل ر‬
‫ي‬ ‫الت‬
‫ه ي‬‫أي لحظة يشاء‪ .‬ولعل تلك المعاملة السيئة داخل األرسة ي‬
‫ولوالدت وبت أبحث بشكل جدي عن دين‬ ‫ي‬ ‫كبيا يل‬‫الت رأيت فيها عذابا ر‬ ‫لديانت ي‬
‫ي‬ ‫اهتماما‬
‫أكي تسامحا ومحبة واحياما لآلخر حت شعرت أن ر يت أصبحت ملحدا بشكل‬ ‫آخر ر‬
‫جهوري وأنا لم أتعد حينها السادسة عشة من عمري"‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ َّ‬
‫لك يزي ح هللا والده من‬ ‫يصىل‬
‫ي ي‬ ‫كان‬ ‫عندما‬ ‫ه‪،‬‬‫سن‬ ‫حداثة‬ ‫منذ‬ ‫بدأ‬ ‫هللا‬ ‫بوجود‬ ‫ه‬ ‫شك‬ ‫إن‬
‫موجودا‪ .‬اعيف بإلحاده أمام أستاذ مادة اليبية الدينية فر‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫حياتهم‪ ،‬إَّل أن والده َّ‬
‫ي‬ ‫ظل‬
‫المدرسة‪ ،‬وكان ذلك سببا ر يف رسوبه‪.‬‬

‫ً‬
‫"أصبحت ملحدا ر يف نظر العائلة و األصدقاء و زمالء الصف‪ .‬و الغريب عند هذه‬
‫ر‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ر‬
‫أت قد كفرت‬‫إيمات باهلل‪ ،....‬فلم أضح قط ي‬
‫ي‬ ‫أتخل عن‬ ‫أنت لم‬
‫المرحلة من الزمن هو ً ي‬
‫غي‬ ‫ر‬ ‫الي ر ر‬ ‫ر‬
‫الت قدمت يف درس اليبية الدينية ر‬
‫اهي ي‬ ‫أت وجدت ر‬‫باهلل ولكن ما قلته حقا هو ي‬
‫فإت لم أرفض هذا اللقب الجديد"‪.‬‬ ‫ر‬
‫مالئمة‪ .‬ومهما يكن ي‬

‫األمريك ر يف الرياضيات جيفري لنغ‬


‫ي‬ ‫اليوفسور‬ ‫ر‬
‫ولد ر يف ‪ 30‬يناير ‪ 1954‬بمدينة برديجبورت األمريكية‬
‫الرؤيا‬
‫ر يف فية تصادمه مع أساتذته ر يف المدرسة ووالديه ر يف البيت بسبب إلحاده ر يف سن‬
‫عي عنه بالسطور التالية‪:‬‬‫السادسة عش من عمره رأى حلما غريبا ر‬
‫صغية ليس فيها أثاث ما عدا سجادة نموذجية‪ ،‬ألوانها األساسية‬ ‫ر‬ ‫"لقد كانت غرفة‬
‫شء من الزينة عىل‬ ‫تغط أرض تلك الغرفة‪ ،‬ولم يكن هناك أي ي‬ ‫ي‬ ‫األحمر واألبيض كانت‬
‫صغية مواجهة لنا أشبه بنوافذ القبو‪،‬‬ ‫ر‬ ‫جدرانها الرمادية – البيضاء‪ .‬وكانت هناك نافذة‬
‫ً‬
‫تمأل الغرفة بالنور الساطع‪ .‬كنا جميعا ر يف صفوف‪ ،‬وكنت أنا ر يف الصف الثالث‪ .‬وكنا‬
‫رر‬ ‫رر‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مواجهي للنافذة‪.‬‬ ‫جالسي عىل أقدامنا‬ ‫جميعا رجاال من دون النساء‬
‫ننحت عىل‬ ‫ي‬
‫ر‬ ‫كنت أشعر بالغربة إذ لم أكن أعرف أحد منهم‪ .‬ربما كنت ر يف بلد آخر‪ ،‬وكنا‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫نحو منتظم ووجوهنا تقابل األرض‪ .‬وكان الجو هادئا وساكنا‪ ،‬وكأن األصوات جميعا قد‬
‫توقفت‪ .‬ورسعان ما كنا نعود للجلوس عىل أقدامنا‪ .‬وعندما نظرت إل األمام أدركت أن‬
‫ً‬ ‫عت من جهة الشمال ر‬ ‫ً‬
‫بعيدا ر‬ ‫ً‬
‫شخصا ما َّ‬
‫وف الوسط تحت النافذة تماما‪ .‬كان‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫وكان‬ ‫نا‪،‬‬‫يؤم‬
‫‪.‬‬
‫يقف بمفرده‪ ،‬وكنت ألمح عىل نحو بسيط ظهره وكان يرتدي عباءة بيضاء طويلة‬
‫نوم‪.‬‬ ‫ر‬
‫وف تلك األثناء كنت أستيقظ من ي‬ ‫وعىل رأسه لفحة بيضاء عليها رسم أحمر‪ .‬ي‬
‫ً ر‬
‫وف‬ ‫القصي نفسه عدة مرات خالل األعوام العشة التالية تقريبا‪ .‬ي‬ ‫ر‬ ‫رأيت هذا الحلم‬
‫ولكنت أصبحت أعتقد فيما بعد أن‬ ‫ر‬ ‫شء عىل اإلطالق‪،‬‬ ‫ليعت يل أي‬ ‫البدء لم يكن ذلك ر‬
‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫تي عىل‬ ‫مقربي ل رأوا هذا الحلم مرة أو مر ر ر‬ ‫رر‬ ‫أن‬ ‫لذلك دللة دينية‪ .‬و عىل الرغم من‬
‫ي‬ ‫ً‬
‫عجت‪ ،‬بل ر يف الحقيقة كنت‬ ‫ي‬
‫لي ر‬ ‫كثيا‪ .‬ولم يكن هذا الحلم ر ر‬ ‫األقل‪ ،‬إل أننا لم نكيث به ر‬
‫نوم إثره"‪.‬‬ ‫أشعر بارتياح غريب عندما كنت أصحو من ي‬

‫أسئلة طفولته وشبابه‬


‫كانت أسئلته الدائمة‪ :‬لماذا ل يخلق هللا بشا كالمالئكة؟ لماذا أعطانا حرية الختيار ر يف‬
‫عمل الش؟ لماذا المعاناة؟ لماذا الظلم؟ وبسبب عدم وجود اإلجابة الشافية أنكر‬
‫ر‬
‫الفوض والحرب‪،‬‬ ‫وجود هللا وأصبح ملحدا‪ .‬وزادت شكوكه بسبب سيادة روح‬
‫خصوصا بعد اغتيال شخصيات أمريكية بارزة مثل الرئيس كينيدي‪ ،‬ومارتن لوثر كنغ‪،‬‬
‫والمذابح األمريكية ر يف فيتنام الغريبة‪.‬‬
‫قصة إسالم جيفري النغ‪:‬‬

‫‪ -1‬الطالبة ذات الثوب األسود‬


‫تعي ر يف جامعة بوردو‬
‫بعد حصوله عىل شهادة الدكتوراه رف الرياضيات ‪ 1981‬ر ر‬
‫ي‬
‫مكتت‬
‫ير‬ ‫‪ Purdue University‬ر يف ولية إنديانا‪ ،‬وهنا يقول‪" :‬دخلت طالبة شابة إل‬
‫مغطاة بالثياب السود بشكل كامل‪ ،‬من رأسها إل قدمها‪ ،‬ماعدا وجهها وكفيها ‪ .‬وقالت‪:‬‬
‫الت كنت‬ ‫ال‪ ،‬وافقت عىل مساعدتها‪ ،‬ورسعان ما تحطمت الصورة ي‬ ‫أرشدها ي‬ ‫إن أستاذها‬
‫ر‬ ‫ً‬
‫قد كونتها مسبقا عن النساء العربيات‪ .‬لقد كانت طالبة دراسات عليا يف الرياضيات‪.‬‬
‫صف من سكان انديانا‬ ‫ٍّ‬ ‫وه تقف بتلك المالبس أمام‬ ‫ولكت لم استطع ُّ‬
‫تخيلها‬ ‫ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ر‬
‫جعالت‬
‫ي‬ ‫الصليي‪ ،‬ذوي الصول األلمانية‪ ،‬ولكن ر يف الوقت نفسه كان لها وقار واتزان‬‫رر‬
‫كبي ر يف التعرف عىل‬‫نفس‪ .‬وبعد هذه الحادثة أصبح عندي اهتمام ر‬ ‫ي‬ ‫اشعر بالخجل من‬
‫ديانات أخرى‪ ،‬وبدأت أكون صداقات حميمة مع أناس غرباء من مرص والهند‬
‫رر‬
‫والصي"‪.‬‬ ‫والباكستان واليابان‬

‫‪ -2‬األمير العربي‪:‬‬

‫ر يف عام ‪ 1982‬انتقل إل مدينة سان فرانسيسكو وعمل ر يف جامعتها‪ ،‬وهنا يقول جيفري "كنت عىل‬
‫ً‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫عرت‪.‬‬‫ري‬ ‫أمي‬‫ر‬ ‫وكأنه‬ ‫بدا‬ ‫جدا‬ ‫الخلف للصف شاب وسيم‬ ‫ي‬ ‫بمحاض يت عندما دخل من الباب‬ ‫وشك البدء‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫لقد كان طويال ونحيال‪ ،‬وقد كان يرتدي ثيابا تنم عىل ذوق رفيع جدا‪ .‬لقد لفت انتباه الصف‬
‫جميعه‪ ،‬وربما اعتقدت أنهم سوف يقفون من أجله‪ .‬يبدو أن الجميع كانوا يعرفونه‪ ،‬و ر يف طريقه إل‬
‫مقعده‪ ،‬كان يوم لبعض معارفه بالبتسامة‪ ،‬وللبعض اآلخر بإشارات لطيفة مؤدبة‪ ،‬وكان هؤلء‬
‫الطت‪،‬‬ ‫ر‬ ‫بدورهم يضحكون له لدرجة أن مزاح المجموعة َّ‬
‫تغي‪ ،‬كانت محاض يت تتعلق بالبحث ر ي‬ ‫ر‬
‫وطلبت من الصف‪ ،‬إن كان أحد ما يريد المشاركة بالدرس‪ ،‬وما كان ألحد أن يرفع يده سوى ذاك‬
‫ً‬ ‫أمي عرت‪ .‬لقد قام بإيضاح المسالة ّ‬ ‫ر‬
‫برمتها واثقا‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫الشاب الجالس يف آخر الصف والذي افيضت أنه ر‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ومتحدثا بلغة ر ر‬
‫الييطانية" ‪ .‬إنه‬ ‫إنكليية تامة‪ ،‬ولكنها متأثرة قليال باللهجة ر‬ ‫كبي‪،‬‬
‫من نفسه عىل نحو ر‬
‫محمود قنديل‪.‬‬
‫‪ -3‬جيفري وعائلة قنديل‪:‬‬
‫َّ‬
‫توطدت عالقة الدكتور جيفري بطالبه محمود قنديل الذي عرفه عىل عائلته؛ وما لبث‬
‫أن أصبح صديقا مقربا للعائلة ذات األصول السعودية‪ .‬كانت نقاشات جيفري مع هذه‬
‫العائلة تتطرق ر يف بعض األحيان للدين وكان محمود وشقيقه عمر‪ ،‬وأختهما راقية يردون‬
‫مينا‪ .‬يقول‪:‬‬ ‫عىل تساؤلته‪ ،‬فوجد أن أفكارهم الدينية محددة وتتبع أساسا منطقيا يبدو ر‬
‫ً‬
‫لتساؤلت ر يف معظم‬
‫ي‬ ‫استجابة‬ ‫كان‬ ‫إنما‬ ‫ذلك‬ ‫نفعل‬ ‫كنا‬ ‫وعندما‬ ‫‪،‬‬‫ا‬
‫كثي‬‫"لم نتناقش بالدين ر‬
‫ر‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ً‬
‫ألنت لم أرد أن يؤثر ذلك يف صداقتنا‪.‬‬ ‫أسئلت‪ ،‬ي‬ ‫ي‬ ‫األحيان‪ ...‬لم أحب أن أكون لحوحا يف‬
‫رر‬
‫متمسكي‬ ‫يبادلونت نفس الشعور‪ .‬فقد عرفت حينئذ أنهم كانوا‬ ‫ر‬ ‫وكنت أدرك أنهم كانوا‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ي‬
‫كثيا‪ .‬فقد كان محمود عالما ر يف أفخم‬ ‫بدينهم‪ .‬ولكن طريقة عيشهم لم تكن دينية ر‬
‫ً‬
‫السيارات‪ ،‬وأزه الثياب‪ ،‬وأجمل المجوهرات‪ ،‬وأرف المطاعم‪ ،‬وأشىه الوجبات عالما‬
‫والدبلوماسيي وأصحاب المقامات الرفيعة والصاحبات والشمبانيا‬ ‫رر‬ ‫ر يف اليخوت‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫والديسكو‪ .‬إل أنه من حيث الجوهر‪ ،‬كان شابا بسيطا ومتواضعا وكريما‪ ،‬وكان رس‬
‫جاذبيته يكمن ر يف براءته وإخالصه وصبيانيته‪ ،‬ولم تؤثر مدينة سان فرانسيسكو ر يف‬
‫ً‬
‫صفاته ال قليال‪.‬‬
‫‪ -4‬هدية عائلة قنديل لجيفري‪:‬‬
‫ر‬
‫يأت الطالب‬ ‫مت المفتاح‪ ،‬ي‬
‫مكتت أثناء مغادرته خشية أن يضيع ي‬ ‫يقول ‪ " :‬كنت ل أغلق ر ي‬
‫وف إحدى األيام وجدت نسخة ميجمة للقرآن‬ ‫ر‬
‫إليه ويضعون أعمالهم فيه وينرصفوا‪ ،‬ي‬
‫أصدقات ر يف العائلة السعودية‪ .‬يبدو أنهم شعروا أن‬ ‫ي‬ ‫مكتت‪ ،‬فأدركت أنها من‬
‫عىل ر ي‬
‫لك‬
‫مكتت ي‬
‫ثقافتهم الدينية متواضعة‪ ،‬ففضلوا ترك نسخة ميجمة من القرآن عىل ر ي‬
‫أتعرف عىل اإلسالم"‪.‬‬
‫أخذ الهدية معه ووضعها عىل المنضدة ر يف شقته ‪،‬كان ر يف ذلك الوقت ينتظر وصول‬
‫وف إحدى األيام وهو رف ر ر‬ ‫ر‬
‫ميله أراد أن يشبع وقت‬ ‫ي‬ ‫الت شحنها من ولية إنديانا‪ .‬ي‬ ‫كتبه ي‬
‫الت قد قرأها مسبقا‪ ،‬ثم لحظ النسخة‬ ‫فراغه بالقراءة‪ ،‬فلم يجد سوى بعض المجالت ي‬
‫الميجمة للقرآن عىل منضدته‪ ،‬أخذها وبدأ يقلب الصفحات‪ ،‬ثم قرر أن يبدأ بالقراءة‪.‬‬
‫صفحتي‪ .‬كان ذلك عام ‪ 1982‬وعمره ر يف ذلك الوقت ‪28‬‬ ‫رر‬ ‫وكان توقعه أن يقرأ صفحة أو‬
‫سنة‪.‬‬
‫ْ‬
‫وتفسي ُمل ِحد‬
‫ر‬ ‫‪ -5‬قراءة القرآن ‪-‬‬
‫كان يتوقع أن القرآن عبارة عن قصص قديمة وتاري خ ل عالقة لها بالمنطق‬
‫العقالت‪ .‬ظل يقرأ لفية طويلة وهو ل يعلم أن القرآن كالم هللا المبارس‬ ‫ر‬ ‫والتفكي‬
‫ي‬ ‫ر‬
‫لنبيه‪ ،‬فقد كان يعتقد أنه من تأليف محمد ‪ ،‬حيث كانت تلك النسخة ميجمة‬
‫غي مسلم‪ ،‬كتب ر يف بدايتها "تأليف محمد"‬ ‫بواسطة ميجم ر‬
‫األغات ر يف‬
‫ي‬
‫ر‬ ‫بدأ بالفاتحة‪ ،‬قرأ تمجيد للرب ر يف الجزء األول منها وبدت له مثل‬
‫األخي منها‪" ،‬اهدنا الرصاط المستقيم ‪ ".....‬قال‬ ‫ر‬ ‫اإلنجيل وعندما وصل إل الجزء‬
‫وجعلت المتكلم وأطلب‬ ‫ر‬ ‫تغي أسلوب الكتابة‬ ‫خدعت الكاتب‪ ،‬فقد ر‬ ‫ر‬ ‫ضاحكا " لقد‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ر‬
‫متمي يف الكتابة"‪.‬‬ ‫من هللا الهداية وأنا ملحد!! ل بد أن له أسلوب ر ر‬

‫ي) لحظ أنها‬ ‫ثم بدأ بسورة البقرة‪( .‬الم (‪َ )1‬ذ َٰ ل َك ْالك َتاب ََّل َرْي َ‬
‫ب ۛ فيه ۛ ه ًدى ِل ْلم َّتق رَ‬
‫ر‬
‫إل ويقول يل‬‫بدأت بتعريف للكتاب الذي يقرأه‪ ،‬ثم أطرق سائال‪ " :‬هل الكاتب يتحدث ي‬
‫هذا الكتاب هو دليل الهداية ال يت كنت تبحث عنها طوال السنوات الماضية؟"‪ ،‬عاد‬
‫ر‬
‫المعت "هذا الكتاب‪"...‬‬ ‫مجددا ليتأكد من العبارة فوجدها فعال تحمل نفس‬
‫كيه ر يف كل كلمة يقرأها‪ ،‬وكذلك لحظ أن هللا يتكلم مبارسة معه‪ ،‬فاللغة‬
‫هنا بدأ يزداد تر ر ر‬
‫وح مبارس بعكس اإلنجيل المكتوب بطريق الرواية‪.‬‬ ‫ه لغة ي‬ ‫المكتوبة ي‬
‫قصة بدء الخليقة‪:‬‬
‫وعندما وصل إل قصة بدء الخليقة – اآليات ‪ 38 – 30‬من سورة البقرة وقف عندها‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫طويال مندهشا ومنبهرا بمعانيها‪.‬‬ ‫وقتا‬
‫ْ‬ ‫َ َ ً َ ُ ََ‬ ‫َ ْ َ َ َ ُّ َ ْ َ َ َ رِّ َ ٌ ر ْ َ‬
‫ض خليفة ۖ قالوا أت ْج َعل ف َيها َم ْن يفسد ف َيها َو َي ْسفك‬ ‫ر‬ ‫األ ْ‬ ‫" وإذ قال ربك للمَلئكة إت جاعل ف‬
‫َ َ َّ َ َ َ ْ َ‬ ‫َ ْ ي َ َ َ ِّ ي َ َ َ ِ َ رِّ َ ْ َ َ َ َ ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬
‫األ ْس َماءَ‬ ‫الد َم َاء َون ْحن ن َس ِّبح بحمدك ونقدس لك ۖ قال إ يت أعلم ما َّل تعلمون ﴿‪ ﴾30‬وعلم آدم‬
‫َ َ‬ ‫َ ُ‬
‫ي ﴿‪ ﴾31‬قالوا س ْب َحانك‬ ‫وت ب َأ ْس َماء َه َٰ ؤ ََّلء إ ْن ُك ْنت ْم َصادق رَ‬ ‫ال َأ ْنبئ ر‬ ‫ُك َّل َها ث َّم َع َر َضه ْم َع َىل ْال َم ََلئ َكة َف َق َ‬
‫َ َ َْ َ‬ ‫َ‬ ‫ر‬ ‫ي‬
‫َ َْ ْ‬ ‫ت ْال َعليم ْال َحكيم ﴿‪َ ﴾32‬ق َ‬ ‫َ ْ َ َ َ َّ َ َ َّ ْ َ َ َّ َ َ ْ َ‬
‫ال َيا آدم أنبئه ْم بأ ْس َمائه ْم ۖ فل َّما أن َبأه ْم‬ ‫َّل علم لنا إَّل ما علمتنا ۖ إنك أن‬
‫َ‬ ‫َََْ َ ْ َ َ َ ُْ ْ َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ َ ْ َ َ َ َ ْ َ ْ َ ُ ْ رِّ َ ْ َ َ‬
‫ض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون‬ ‫بأسمائهم قال ألم أقل لكم إ يت أعلم غيب السماوات واألر‬
‫َّ ْ َ َ ِ َ َٰ َ ْ َ ْ َ َ َ َ َ َ ْ َ‬ ‫َ َ‬ ‫﴿‪َ ﴾33‬وإ ْذ ق ْل َنا ل ْل َم ََلئ َكة ْ‬
‫اسجدوا آلد َم ف َس َجدوا إَّل إبليس أ رت واستك ري وكان من الكاف ِرين ﴿‪﴾34‬‬
‫َ‬
‫َ ََ ُ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ً‬ ‫َ ْ َّ َ ُ َ ْ‬ ‫َ ْ َ َ َ ْ ُ َْ َ َ‬
‫اسك ْن أنت َوز ْوجك ال َجنة َوكَل من َها َرغدا َح ْيث شئت َما َوَّل تق َر َبا ه َٰ ذه الش َج َرة فتكونا‬ ‫وقلنا يا آدم‬
‫ْ َْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫ي ﴿‪ ﴾35‬فأزله َما ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الظالم رَ‬ ‫َ َّ‬
‫ض‬ ‫الشي ٌط َان عنها فأخرجه َم َا َ َّمما كانا فيه ۖ وقل َنا اهبط َ َوا بعض َكم لب َّع ٍ‬ ‫ر‬ ‫من‬
‫اب َعل ْيه ۚ إنه هوَ‬ ‫آدم م ْن َرِّبه كل َمات فت َ‬ ‫َٰ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َعدو ۖ ولكم ف األرض مستق ٌّر ومتاع إ َٰل ح ر ر‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ر‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌّ‬
‫ٍ‬ ‫ي ﴿‪ ﴾36‬فتلف‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ي‬
‫اي َف ََل َخ ْو ٌ‬ ‫ْ‬
‫يعا ۖ َفإ َّما َيأت َي َّن ُك ْم م رِّت ه ًدى َف َم ْن َتب َع ه َد َ‬ ‫اهبطوا م ْن َها َجم ً‬ ‫َْ ْ‬ ‫الت َّواب َّ‬ ‫َّ‬
‫ف‬ ‫ي‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫ق‬ ‫﴾‬ ‫‪37‬‬‫﴿‬ ‫يم‬ ‫الرح‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َعل ْيه ْم َوَّل ه ْم َي ْح َزنون ﴿‪" ﴾38‬‬
‫أعاد قراءتها لعدة مرات محاول فك شفراتها ومعانيها‪ .‬واستوقفته النقاط التالية‪:‬‬

‫َ َ‬ ‫َ ْ َ َ َ ُّ َ ْ َ َ َ ِّ َ ٌ ّ ْ َ‬
‫األ ْ‬
‫ض خ ِليفة" يذكر هللا هنا أنه سيجعل‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫* "و ِإذ قال ربك ِللمَل ِئك ِة ِإ ين ج ِاعل ِ يف‬
‫خليفة رف األرض وهذا منصب رسيف ل يستحقه مذنب عىص هللا‪ .‬ر‬
‫ر‬
‫فاليول لألرض هو‬
‫ً‬ ‫ي‬
‫عقاب كما قرأ يف اإلنجيل‪ .‬وبدا غاضبا يسأل نفسه قائال "لعل الكاتب أخطأ" فخليفة‬ ‫ر‬
‫الت‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫الكيى ي‬
‫هللا وممثله يف األرض ل يعمل الش‪ ،‬ثم استمر يف القراءة‪ ،‬ليجد المفاجأة ر‬
‫غيت حياته رأسا عىل عقب‪.‬‬ ‫ر‬

‫الكيى‬
‫المفاجأة ر‬
‫السؤال الذي سأله قبل لحظات وكان يسأله لعدة‬ ‫* لقد وجد المالئكة تسأل نفس‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ََ ْ َ ُ َ َ ُ ْ ُ َ َ َ ْ ُ ِ‬
‫سنوات ولم يجد له جواب " قالوا أتجعل ِفيها من يف ِسد ِفيها ويس ِفك الدماء" فكرر‬
‫الت قادته لأللحاد تتمحور حول‬ ‫سؤال" فقد كانت أسألته ي‬ ‫ي‬ ‫سؤال ‪ ،‬هذا‬
‫ي‬ ‫قائال ‪" :‬هذا‬
‫بشا كالمالئكة ال تقتل وال تظلم؟ لماذا أعطانا‬‫هذه القضية‪ ( :‬لماذا ال يخلق هللا ر‬
‫الش؟ ‪ ،‬لماذا المعاناة؟ لماذا الظلم؟ ) أسئلة بدأت معه منذ‬ ‫حرية االختيار ّف عمل ر‬
‫ً‬ ‫ي‬
‫أن كان طفال يرى وحشية أبيه مع أمه‪ .‬ثم توقف حائرا وقال‪" :‬حت المالئكة تسأل!!"‬
‫وبدأ يشعر بحرارة ر يف جسمه متشوقا لمعرفة جواب هذا السؤال الذي وصفه بأهم‬
‫ُ‬
‫سؤال ر يف تاري خ األديان‪ ،‬فقد لخ َّصت فيه طفولته وحياته‪ .‬لقد ظهر هذا السؤال ر يف‬
‫ً‬
‫الصفحات األول للقرآن متحدثا عن بداية خلق اإلنسان كما قال‪.‬‬

‫َ َ ِّ َ ْ َ ُ َ َ َ ْ َ ُ َ‬
‫*"قال ِإ ين أعلم ما َل تعلمون" كان هذا رد هللا عىل المالئكة‪ ،‬لكن جيفري لم ينسجم‬
‫تلقات دارت ر يف رأسه األسئلة‬
‫ي‬
‫مع اإلجابة فقد كانت تحتاج إل توضيح ر‬
‫أكي‪ .‬وبشكل‬
‫َ َّ‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫الجدلية وشعر كأنه يف جدل مع الرب‪ .‬فوجد جوابا لذلك الجدل يف اآلية التالية " َوعل َم‬
‫ُ ُ‬
‫نت ْم َصادق َّ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫األ ْس َم َاء ُك َّل َها ُث َّم َع َر َض ُه ْم َع ََل ْال َم ََلئ َكة َف َق َ‬
‫ال أنب ُئ ّ‬ ‫َ َ َْ‬
‫ي (‪)31‬‬ ‫ِِر‬ ‫ون ِبأ ْس َم ِاء ه َٰ ؤَل ِء ِإن ك‬
‫ِ ِي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫آدم‬
‫فىه تتحدث عىل أن اإلنسان قد منحه هللا القدرة عىل التعلم وكسب المعرفة وأعطاه‬‫ي‬
‫الت استطاع آدم من خاللها ذكر مسميات كل األشياء بينما عجزت‬ ‫موهبة اللغة ي‬
‫ر‬
‫المالئكة عن فعل ذلك‪ ،‬ومن خاللها يستمر اإلنسان يف كسب العلم والمعرفة‪ .‬فمسألة‬
‫كثيا وأقسم هللا بها ر يف عدة مواضع‪.‬‬
‫القدرات العقلية للنسان تكررت ر‬
‫ومن خالل استمراره ر يف القراءة وجد أن عىل اإلنسان استخدام هذه القدرات بشكل‬
‫الخي‪.‬‬ ‫ر‬
‫صحيح واستغاللها يف عمل ر‬

‫ُ ُ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫ََْ‬ ‫َ َْ‬ ‫ال َأ َل ْم َأ ُقل َّل ُك ْم إ ِّن َأ ْع َل ُم َغ ْي َ‬


‫• " َق َ‬
‫ض َوأعل ُم َما ت ْبدون َو َما كنت ْم‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫األ ْ‬ ‫و‬ ‫ات‬
‫ِ‬
‫الس َم َ‬
‫او‬ ‫ب َّ‬
‫ِ ي‬
‫ر‬ ‫َ ُْ َ‬
‫تكت ُمونَ" اتضح له هنا أن هذا ردا عىل سؤالهم يف خلق آدم‪ ،‬لكنه وقف عند قول‬
‫ُ ُ َ ُْ َ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫َْ‬
‫هللا " َوأعل ُم َما ت ْبدون َو َما كنت ْم تكت ُمون" حاول أن يفهم ما لذي أبدته المالئكة وما‬
‫وتخف بعضه؟!! فعاد للقراءة مرة‬ ‫ر‬ ‫الذي أخفته!! وهل المالئكة تظهر بعض القول‬
‫ي‬
‫أخرى ووجد أن ما أظهرته المالئكة هو بشاعة اإلنسان كونه مفسدا ومسفكا للدماء‪،‬‬
‫الخي ر يف اإلنسان فلم تتحدث عنه‪ .‬وهنا ابتسم جيفري وقال‪:‬‬ ‫وما أخفته هو وجه ر‬
‫ر‬
‫عقىل ل يرى إل الش يف اإلنسان‪،‬‬ ‫"لقد فعلت المالئكة مثلما فعلت أنا‪ ،‬فقد كان‬
‫ي‬
‫الت يمكن أن يتحىل بهما‬ ‫ر‬
‫الخي والرحمة ي‬ ‫وكان أعىم عن الوجه اآلخر المتمثل يف ر‬
‫اإلنسان"‪.‬‬

‫َ َ َ‬ ‫َ َ َ َ َ ُ َّ ْ َ َ َ َٰ َ ْ َ ْ‬ ‫َ ْ َُْ ْ ََ َ ْ ُ ُ‬
‫استك رَ َي َوكان ِمن‬ ‫اسجدوا ِِلدم فسجدوا ِإَل ِإب ِليس أ رن و‬ ‫• ( و ِإذ قلنا ِللمَل ِئك ِة‬
‫َ‬ ‫ْ َ‬
‫الك ِاف ِرين (‪ )34‬ومن فهمه لهذه العبارات يقول أن اإلنسان تتنازعه صفات مالئكية‬
‫للخي وصفات شيطانية تقوده للش‪ .‬وعىل اإلنسان بحكم العلم والمعرفة‬ ‫تقود ر‬
‫الخي والش‪ .‬فاألنسان كائن متعلم وكائن‬ ‫بي ر‬ ‫والعقل الت أعطاها هللا له أن ر ر‬
‫يمي ر ر‬
‫ي‬
‫أخالف ر يف نفس الوقت‪.‬‬ ‫ي‬
‫َ َْ َ َ‬ ‫َ ُ ْ َ َ َ ُ ْ ُ ْ َ َ َ ُ َ ْ َ َّ َ ُ َ ْ َ َ ً َ ُ ْ ُ‬
‫اسكن أنت َوز ْوجك الجنة َوكَل ِمنها َرغدا ح ْيث ِشئت َما َوَل تق َربا ه َٰ ِذ ِه‬ ‫• وقلنا يا آدم‬
‫الش َج َر َة َف َتكونا من الظالم َّ‬
‫ي‪.‬‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ِِر‬ ‫ِ‬

‫والت‬ ‫ر‬
‫رأى جيفري أن قصة الشجرة هنا تختلف عن القصة الموجودة يف اإلنجيل ي‬
‫تقول أن هللا قد وضع حارسا من المالئكة عىل الشجرة ومعه سيف وذلك خوفا‬
‫من أن يقوم آدم باألكل من الشجرة فيصبح إله مثله‪ .‬فقد كان يتوقع أن هللا‬
‫أكي عىل حواء كما جاء ر يف‬
‫سيصب غضيه عىل آدم بسبب مخالفته ‪ ،‬وغضبا ر‬
‫وأكي من ذلك تسلط الرجل‬ ‫اإلنجيل فعوقبت بآلم الولدة والدورة الشهرية ر‬
‫عليها‪ ،‬وهنا يربط قصة طفولته المؤلمة مع أبيه‪.‬‬
‫إل أن القرآن كما يقول جيفري ذكر شجرة عادية فقط ليكتمل المخطط الذي رسمه هللا‬
‫مسبقا‪ ،‬لتكون سببا ر يف إخراج آدم من الجنة‪ ،‬حيث ضح هللا َللمالئكة ر يف بداية األمر وقبل‬
‫‪َ ِ َ َ ْ َ ُّ َ ْ َ .‬‬
‫ال َربك ِلل َمَل ِئك ِة ِإ ّ ين ج ِاع ٌل‬‫يخلق آدم أنه سيخلق إنسان يكون خليفته ر يف األرض "و ِإذ ق‬ ‫ّأن ْ َ‬
‫يفة "‪ .‬ولم يعظم هللا أمر خط أ وعقاب آدم ‪ ،‬حيث قال‪" :‬فأزلهما" والزلل فر‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬
‫ي‬ ‫ض خ ِل‬‫ِ يف األر ِ‬
‫الكيى‬ ‫الغي متعمد‪ ،‬وهو يتساءل هنا "كيف هلل أن يصف الخطيئة ر‬ ‫اللغة الخطأ البسيط أو ر‬
‫ر‬
‫تفسي اإلنجيل عىل اآلية‪ .‬حت أنه ذهب يف اليوم‬ ‫للبشية بأنها زلة" فقد كان يحاول أن يفرض‬
‫ر‬
‫ر‬
‫العرت المسلم وطلب منه أن يقرأ هذه اآلية بالعربية ويفش له معت "فأزلهما"‬ ‫التال لصديقه‬
‫ر‬ ‫ري‬ ‫ي‬
‫‪.‬‬
‫فأخيه بنفس المعت الموجود يف النسخة الميجمة ‪But Satan caused them to slip‬‬ ‫ر‬ ‫ر‬

‫وهذا ما جعله يستنتج أن األمر مخطط له ‪ ،‬فلم تكن معصية آدم جريمة قتل أو اغتصاب‬
‫إنما كانت زلل وقع ر يف غفلة منه ليأكل من بعض ثمار الشجرة ولتكون بمثابة تأهيل آدم ر يف‬
‫قدرته عىل اتخاذ قراراته بنفسه ول يكون مثل المالئكة‪ .‬فكان عقاب آدم ظاهره الخروج من‬
‫الجنة وحقيقته التكريم ليصبح خليفة هللا ر يف األرض بعد الندم الذي أظهره وتوبة هللا عليه‪.‬‬
‫اعتي جيفري هذا ردا‬ ‫يعت فضل آدم عليهم‪ .‬ر‬ ‫ر‬
‫بل وفوق ذلك أمر المالئكة بالسجود آلدم وهذا ي‬
‫عىل أمنيته بأن يكون البش مثل المالئكة‪.‬‬

‫تفسي‬
‫ر‬ ‫استمر جيفري بقراءة القرآن والغوص ر يف معانيه كمحاولة ذاتية لفهمه دون كتب‬
‫أش فكرة فكرة‪،‬‬ ‫ر‬
‫أو مراجع‪ ،‬ويقول "كلما قرأت أكي كلما تساقطت أفكار اإللحاد من ر ي‬
‫ولما أنهيت القرآن أصبحت أكفر باإللحاد وأومن بوجود هللا"‪ "....‬لقد كان هذا القران‬
‫ً‬
‫دوما ر‬ ‫ر‬
‫الت كنت قد بينتها قبل سنوات‪ ،‬وكان‬ ‫ي‬ ‫جز‬‫ا‬‫الحو‬ ‫ويزيل‬ ‫ي‪،‬‬‫تفكي‬
‫ر‬ ‫ف‬‫ي‬ ‫يسبقت‬
‫ي‬
‫تساؤلت‪".‬‬ ‫ر‬
‫يخاطبت‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ً‬
‫ويقول‪ " :‬عندما وصلت لسورة الضىح‪ ،‬أجهشت بالبكاء لمدة ‪ 20‬دقيقة تقريبا‪،‬‬
‫معات الرحمة العظيمة‪ ،‬حيث أن هللا لن يتخىل عنك ر يف أحلك‬ ‫ي‬
‫ر‬ ‫لما فيها من‬
‫ر‬
‫الظروف أو أكيها إرساقا إذا ما توجهت إليه بصدق ‪ ،‬وال أعلم كيف بكيت وأنا ال‬
‫المنطف‬
‫ي‬ ‫أزال ملحدا !!! وأشد ما أدهشه هو األسلوب السحري وطريقه الحوار‬
‫وبي هللا وأنبياءه‪ ،‬ر ر‬
‫وبي األنبياء‬ ‫وبي مالئكته‪ ،‬ر ر‬
‫بي هللا والقارئ‪ ،‬وبينه ر ر‬
‫الذي ظهر ر ر‬
‫اهي والحجج‪.‬يقول لنغ "الرياضيات‬ ‫الي ر ر‬
‫وأقوامهم ‪ ،‬الخ‪ .‬حوار قائم عىل تقديم ر‬
‫منطقية‪ .‬إن األمر يتعلق باستخدام الحقائق واألرقام إليجاد إجابات ملموسة‪.‬‬
‫وه محبطة عندما أتعامل مع أشياء ليس‬ ‫ر‬
‫ذهت ‪ ،‬ي‬ ‫الت يعمل بها ي‬
‫ه الطريقة ي‬ ‫"هذه ي‬
‫لها إجابات محددة‪".‬‬
‫كيف أصبح مسلم؟‬

‫الت قرأ فيها القرآن‬


‫الخية ي‬
‫وبعد النتهاء من القراءة التحليلية للقرآن‪ ،‬ظلت ر‬
‫تشغله لمد أسابيع ‪ ،‬بل ل تجعله ينام أحيانا‪ .‬وخاللها قرأ بعض الكتب عن‬
‫خيته مع‬‫اإلسالم‪ ،‬ثم قرر أن يتخذ خطوة متقدمة وأن يتحدث مع آخرين عن ر‬
‫القرآن وما يشعر به‪ ،‬ولم يشأ أن يذهب ألرسة قنديل حت ل يكون هناك توقع‬
‫كبي‪ .‬فقرر‬ ‫الغي مؤكد‪ ،‬وكذلك لعدم إلمامهم بالدين بشكل ر‬ ‫منهم وفرح بإسالمه ر‬
‫ر‬
‫الت تدور يف رأسه‬ ‫ْ‬
‫الذهاب لمسجد الجامعة ل ليسلم ولكن ليجد حال لألسئلة ي‬
‫أو ربما كما وصف إليجاد دين خاص به أو حت العودة إل النرصانية‪ .‬سأل عن‬
‫فأخيوه أنه ر يف القبو تحت الكنيسة‪،‬‬
‫ر‬ ‫مسجد الجامعة‬
‫ً‬
‫يقول‪" :‬هبطت الدرج ووقفت أمام الباب متهيبا الدخول ‪ ،‬فصعدت وأخذت‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫اليول ر يف‬
‫طويال ‪،‬ثم ذهبت أدور حول الكنيسة لعىل أجد بابا آخر بدل من ر ر‬
‫ي‬ ‫نفسا‬
‫هذا المكان المظلم‪ ،‬لكن دون فائدة‪ ،‬عدت إل نفس المكان وهبطت ثانية لم‬
‫أنت رجل يمارس الرياضة والجري‬ ‫ر‬ ‫رر‬
‫حمىل رغم ي‬
‫ي‬ ‫قادرتي عىل‬ ‫تكن رجالي‬
‫باستمرار ! مددت يدي إل قبضة الباب فبدأت ترتجف‪ ،‬ثم هرعت إل أعىل‬
‫مع نفس الشعور والخوف‬ ‫الدرج ثانية… كررت المحاولة مرة ثالثة وتكرر ي‬
‫مكتت ‪ ..‬مرت عدة‬ ‫والرتجاف‪ ،‬صعدت وشعرت بالهزيمة ‪ ،‬وفكرت بالعودة إل ر ي‬
‫تت أن أنظر خاللها إل السماء ‪ ،‬لقد مرت‬ ‫ر‬
‫ثوان كانت هائلة ومليئة باألرسار اضطر ي‬
‫ٍ‬
‫عىل عش سنوات وأنا أقاوم الدعاء والنظر إل السماء ! أما اآلن فقد انهارت‬ ‫ّ‬
‫ي‬
‫المقاومة وارتفع الدعاء‪:‬‬

‫ّ‬
‫فامنحت القوة"‪ .‬فكنت أنتظر أي‬ ‫"اللهم إن كنت تريد يل دخول المسجد‬
‫ي‬
‫ر‬
‫كتف أو‬ ‫ر‬
‫طي يقف عىل ي‬ ‫تدفعت لدخول المسجد‪ ،‬كظهور ضوء أو ر‬‫ي‬ ‫عالمة من هللا‬
‫حت زلزال‪ ،‬لكن لم يحدث كل هذا‪ ،‬فقررت أن أنزل الدرج ‪،‬‬

‫ر‬
‫وفلسطيت) يتحادثان ‪.‬‬ ‫ي‬ ‫وهذه المرة دفعت الباب ‪ ،‬كان رف الداخل شابان ر ر‬
‫(مالي‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫وسألت أحدهما عما إذا كنت محتاج لمساعدة‪ ،‬ارتبكت وبدأت أذكر‬‫ر‬ ‫ردا التحية ‪،‬‬
‫ي‬
‫رر ر‬
‫كأنت أبحث عنهم (محمود‪ ،‬عمر‪،‬‬
‫مسلمي ي‬ ‫بعض أسماء أصدقاء وطالب‬
‫رساج؟ ) فكان جوابهما ر‬
‫بالنف‪.‬‬
‫ي‬
‫ً‬ ‫رر‬ ‫ر‬
‫الماليي (عبدالحنان)‪ :‬هل تريد أن تعرف شيئا عن‬ ‫سألت الشاب‬
‫ي‬ ‫وهنا‬
‫الت تعذب‬ ‫ر‬ ‫اإلسالم؟ أجبت ‪ :‬نعم ‪ ،‬نعم ‪..‬بدأ عبدالحنان‬
‫يحدثت عن المالئكة ي‬
‫ي‬
‫القي!!!‪ ،‬هنا شعرت بأن كالم الشاب غ ري مرتب‬
‫أرواح الكفار وعن عذاب ر‬
‫وركيك‪ ،‬فاعتذرت وطلبت النرصاف‪.‬‬

‫جيفري وغسان‬

‫هىم بالخروج‪ ،‬فتح الباب وإذ بشاب ذو لحية كثة‪ ،‬يرتدي ثوبا طويال‬
‫"وعند ي‬
‫ر‬
‫وعمامة عىل رأسه‪ ،‬ويحمل عكازا يف يده‪ ،‬ومن خلفه أشعة الشمس ساطعة وكأنه‬
‫النت موش عائدا من جبل الطور‪( .‬اسمه غسان) بدأ بدعاء عند دخوله ثم‬‫ري‬
‫ر‬
‫الفلسطيت بالعربية عن سبب تواجدي كما‬ ‫تقدم وسأل محمد يوسف الطالب‬
‫ي‬
‫تهدئت‬
‫ي‬ ‫كبت محاول‬
‫فهمت‪ ،‬ثم تقدم نحوي وجلس بجواري ووضع يده عىل ر ي‬
‫آت مرتبك‪.‬‬‫ر‬
‫عندما ر ي‬

‫اسىم‪ ،‬فأجبت‪ :‬جبفري‪،‬‬ ‫سألت عن‬ ‫ر‬ ‫ثم‬


‫ي‬ ‫ي‬
‫أنت أعمل ر يف قسم الرياضيات ر يف الجامعة‪ .‬قال يل‪:‬‬
‫ر‬
‫عمىل‪ ،‬أجبت ي‬‫ي‬ ‫سألت عن‬
‫ي‬
‫ر‬ ‫ثم‬
‫ر‬
‫استأذنت لصالة العرص‪ ،‬وكانت‬ ‫بروفسور؟ قلت‪ :‬نعم‪ .‬فأومأ برأسه وهزه‪ .‬ثم‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ر‬
‫وسألت‪:‬‬ ‫حيات أشاهد ناس يصلون‪ .‬وبعد الصالة تقدم‬ ‫ي‬ ‫هذه أول مرة ر يف‬
‫هل تريد أن تعرف شيئا عن اإلسالم؟‬
‫قلت‪ :‬نعم‪.‬‬

‫قال‪ :‬ماذا تريد أن تعرف بالضبط؟‬


‫آت للقرآن‪ ،‬فظهرت عليه عالمات‬
‫رسحت له باختصار عما أعرفه وعن قر ي‬
‫الدهشة‪.‬‬

‫ثم أخذ يذكر يل أسس اإلسالم ونظامه واحدة تلوى األخرى حت شعرت بالملل‬
‫ول أدري ل َم يشح يل كل هذا‪ .‬شكرته واستأذنته بالنرصاف وقلت له يجب أن‬
‫مكتت‪.‬‬
‫أعود إل ر ي‬
‫شء آخر أريد أن أعرفه عن اإلسالم‪ .‬هنا‬ ‫ر‬
‫سألت وكرر سؤاله إن كان هناك أي ي‬
‫ي‬
‫ببال سؤال‪ ،‬فقلت له‪ :‬هل تستطيع إخباري بشعورك كمسلم؟ عالقتك‬ ‫خطر ي‬
‫وخبي بالدعوة‪،‬‬ ‫ر‬
‫روحات‬ ‫باهلل؟ كان سؤال صعبا‪ ،‬نظر يل وبدا يل كأنه شخص‬
‫ر‬ ‫ي‬
‫أطرق رأسه إل األرض وأغمض عينيه وأخذ يفكر ويدعو هللا ‪ ،‬ثم قال‪" :‬هللا –‬
‫ر‬
‫شء إل بإرادة‬ ‫هللا الرحيم‪ ،‬يحبنا أكي مما تحب األم ولدها‪ .‬ول نستطيع فعل ي‬
‫وزفينا بمشيئة هللا‪ ،‬ونرفع‬
‫هللا ‪ ،‬وعندما نتنفس يكون شهيقنا بمشيئة هللا‪ ،‬ر‬
‫وحي تسقط ورقة صغية وتدور فر‬ ‫أقدامنا ونطرحها رف األرض بمشيئة هللا‪ ،‬ر ر‬
‫ي‬ ‫ر‬ ‫ي‬
‫نصىل هلل ونضع جباهنا عىل األرض نشعر بالسالم‬ ‫ي‬ ‫الهواء بمشيئة هللا‪ ،‬وعندما‬
‫والطمأنينة‪ ،‬والراحة ول يمكن وصفها بكلمات‪ ،‬ول يعرفها إل من جرب ها"‪.‬‬

‫وأنا أستمع إليه أردت أن يحدث يل كل هذا الشعور من الطمأنينة والهدوء‪.‬‬


‫سألت‪ :‬هل تريد أن تكون‬‫ر‬ ‫شكرته وطلبت المغادرة وحينما هممت بذلك‬
‫ي‬
‫مسلم؟ أظهرت الضحك‪ ،‬وقلت‪ :‬ل – ل ‪ ،‬اإلسالم ليس يل‪ .‬أنا فقط أسأل‪،‬‬
‫وكنت بالحقيقة مذعورا من الداخل‪ ،‬وأعرق‪ .‬وأتخيل صور األهل واألصدقاء‬
‫بإسالم‪ ،‬وماذا عن‬
‫ي‬ ‫عىل إن علموا‬
‫والزمالء حت من مات منهم وهم يضحكون ي‬
‫عمىل وأنا أعمل ر يف جامعة يسوعية؟‬
‫ي‬

‫إل أن غسان لم يستسلم ثم نظر يل وحدق‪ ،‬وقال يل بلطف ‪ :‬أعتقد أنك تؤمن‬
‫به؟!! لم ال تجرب؟‬

‫بت إن كنت تؤمن‬ ‫ّ‬


‫أم يل" ي‬‫نفس‪ ،‬ثم ّتذكرت قول ي‬ ‫ي‬ ‫هنا بدأت أهدأ‪ ،‬وتسكن‬
‫ينبغ عليك أن تتبعه مهما كانت‬ ‫ّ‬ ‫بشء وتوقن بصحته يقينا جازما يف قلبك‬ ‫ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫البش ضدك" وكانت نصيحتها يل عن الحياة ول‬ ‫العواقب‪ ،‬حت لو كان كل ر‬
‫عالقه لها بالدين‪.‬‬
‫ً‬
‫وحينها قلت لهم نعم سأجرب أن أكون مسلما‪ .‬فتهللت وجوه الطالب وكأنهم‬
‫أول رواد فضاء وصلوا للقمر‪ ،‬يتعانقون ويحضنون بعضهم بعضا‪ .‬كانت ردة فعل‬
‫عجيبة وكأنهم هم من اعتنقوا اإلسالم وليس أنا‪ .‬ثم دخل علينا شخصا آخر‬
‫وأخيوه عن أمري فانطلق‬ ‫"مصطف" وكان يلبس مالبس مشابهة لغسان‪.‬‬ ‫ر‬
‫ُ‬ ‫ر‬
‫عط له‬ ‫أ‬ ‫أضالع‪ ،‬فقد كان ضخم الجثة وقد‬ ‫وضمت ضمة قوية كادت أن تكش‬ ‫ر‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫رر‬
‫للشهادتي‪.‬‬ ‫ر‬
‫تلقيت‬ ‫رسف‬
‫ي‬
‫ر ّ‬
‫بالشهادتي‬ ‫النطق‬

‫قال‪ :‬قل أشهد ‪ ،‬قلت ‪ :‬أشهد ‪ ،‬قال ‪ :‬أن ل إله ‪ ،‬قلت ‪ :‬أن ل إله ‪ -‬لقد كنت أؤمن‬
‫حيات (لوجود إلله) – قال ‪ :‬إل هللا ‪ ،‬رددتها ‪ ،‬قال ‪ :‬وأشهد‬
‫ي‬ ‫بهذه العبارة طوال‬
‫ً‬
‫أن محمدا رسول هللا ‪ ،‬نطقتها خلفه‪ .‬لقد كانت هذه الكلمات كقطرات الماء‬
‫الصاف تنحدر ر يف الحلق المحيق لرجل قارب الموت من الظمأ‪.‬‬‫ي‬
‫ر‬

‫أول صالة‪:‬‬
‫"كان الوقت قد قارب منتصف الليل‪ ،‬لذلك قررت أن أصىل صالة العشاء‪ .‬دخلت الحمام‬
‫الت تشح الوضوء‪ ،‬وتتبعت‬ ‫مفتوحا عىل الصفحة ي‬ ‫ووضعت الكتيب عىل طرف المغسلة‬
‫ر‬
‫طاه يجرب وصفة ألول مرة يف المطبخ‪.‬‬ ‫ٍّ‬
‫ودقة مثل ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫التعليمات الواردة فيه خطوة خطوة بتأن‬
‫اف‪ ،‬إذ‬‫ر‬
‫وعندما انتهيت من الوضوء أغلقت الصنبور وعدت إل الغرفة والماء يقطر من أطر ي‬
‫المتوض نفسه بعد الوضوء‪ .‬ووقفت‬ ‫ر‬ ‫تقول تعليمات الكتيب بأنه من المستحب أل يجفف‬
‫رف منتصف الغرفة متوجها إل ما كنت أحسبه اتجاه القبلة‪ .‬نظرت إل الخلف ألتأكد من أتر‬
‫ً‬ ‫ر‬ ‫ي‬
‫ً‬
‫وقفت‪ ،‬وأخذت نفسا عميقا‪ ،‬ثم‬ ‫شقت‪ ،‬ثم توجهت إل األمام‪ ،‬واعتدلت يف‬ ‫أغلقت باب‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫بإبهام‪ ،‬ثم بعد ذلك قلت بصوت‬ ‫رر‬
‫األذني‬ ‫شحمت‬ ‫ً‬ ‫رر‬
‫مفتوحتي‪ ،‬مالمسا‬ ‫رفعت يدى بر ر ر‬
‫احتي‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫بسء من النفعال‪ ،‬إذ لم‬ ‫ر‬ ‫أكي”‪ .‬كنت آمل أل‬ ‫خافت‪“ :‬هللا ر‬
‫يسمعت أحد‪ ،‬فقد كنت أشعر ي‬ ‫ي‬
‫عىل‪.‬‬‫قلف من كون أحد يتجسس ي‬ ‫أستطع التخلص من ي‬
‫ر‬ ‫وفجأة أدركت رأت تركت الستائر مفتوحة‪،‬‬
‫الجيان؟ تركت ما كنت‬
‫آت أحد ر‬‫وتساءلت‪ :‬ماذا لو ر ي‬
‫فيه‪ ،‬وتوجهت إل النافذة‪ ،‬ثم جلت بنظري ر يف الخارج ألتأكد من عدم وجود أحد‪ .‬وعندما‬
‫رأيت الباحة الخلفية خالية أحسست بالرتياح‪ ،‬فأغلقت الستائر وعدت إل منتصف الغرفة‬

‫وقفت‪ ،‬ورفعت يدى إل أن لمس اإلبهامان‬ ‫ف‬ ‫ومرة أخرى توجهت إل القبلة‪ ،‬واعتدلت ر‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ر‬
‫أكي”‪ .‬وبصوت خافت ل يكاد يسمع قرأت فاتحة الكتاب‬ ‫أذت‪ ،‬ثم همست‪“ :‬هللا ر‬ ‫شحمت ي‬
‫ي‬
‫عرت لم يكن‬
‫ري‬ ‫أي‬ ‫أن‬ ‫أظن‬ ‫كنت‬ ‫وإن‬ ‫العربية‪،‬‬ ‫باللغة‬ ‫ة‬‫قصي‬
‫ر‬ ‫بسورة‬ ‫أتبعتها‬ ‫ثم‬ ‫وتلعثم‪،‬‬ ‫ببطء‬
‫بالتكبي مرة أخرى بصوت‬ ‫ر‬ ‫تالوت تلك الليلة‪ .‬ثم بعد ذلك تلفظت‬ ‫ي‬ ‫ليفهم شيئا لو سمع‬
‫كبت‪ .‬وشعرت‬ ‫ر‬ ‫ً‬
‫حت صار ظهري متعامدا مع ساف واضعا كف رعىل ر ي‬ ‫ر‬
‫خافت‪ ،‬وانحنيت راكعا‬
‫ألنت وحدى يف الغرفة‪ .‬وبينما كنت‬ ‫ر‬
‫ً‬ ‫حيات‪ .‬ولذلك فقد رسرت ي‬ ‫ي‬ ‫باإلحراج‪ ،‬إذ لم أنحن ألحد يف‬
‫رت العظيم” عدة مرات‪ .‬ثم اعتدلت واقفا وأنا أقرأ “سمع‬ ‫ل أزال راكعا كررت عبارة “سبحان ر‬
‫‪”.‬هللا لمن حمده”‪ ،‬ثم “ربنا ولك الحمد‪.‬‬
‫لحظة السجود‬
‫حان وقت‬ ‫فقد‬ ‫ع‪،‬‬‫بخضو‬ ‫أخرى‬ ‫مرة‬ ‫ت‬‫كي‬ ‫أحسست بقلت يخفق بشدة‪ ،‬وتزايد انفعال عندما َّ‬
‫ر‬ ‫ي‬ ‫ري‬
‫َْ‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫أمام حيث كان عىل أن أه ِوي‬‫الت ي‬‫مكات بينما كنت أحدق يف البقعة ي‬ ‫ي‬ ‫السجود‪ .‬وتجمدت يف‬
‫وجىه عىل األرض‪ .‬لم أستطع أن أفعل ذلك‪ .‬لم أستطع أن‬ ‫اف األربعة وأضع‬ ‫إليها عىل أطر ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫أنف عىل األرض‪ ،‬شأن العبد الذي‬ ‫ر‬ ‫بنفس إل األرض‪ .‬لم أستطع أن أذل‬
‫نفس بوضع ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أنزل‬
‫ساف مقيدتان ل تقدران عىل النثناء‪ .‬لقد أحسست ر‬
‫بكثي‬ ‫يتذلل أمام سيده‪ .‬لقد خيل يل أن ي‬
‫ر‬
‫اقبونت وأنا أجعل‬ ‫ر‬
‫ومعارف وقهقهاتهم‪ ،‬وهم ير‬ ‫أصدقات‬ ‫من العار والخزي‪ .‬وتخيلت ضحكات‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ً‬
‫مثيا للشفقة والسخرية بينهم‪ ،‬وكدت أسمعهم‬ ‫نفس مغفال أمامهم‪ ،‬وتخيلت كم سأكون ر‬ ‫ي‬ ‫من‬
‫بمس يف سان فرانسيسكو‪ .‬أليس كذلك؟”‪.‬‬ ‫ر‬ ‫ٍّ‬ ‫أصابه العرب‬ ‫رر‬
‫“مسكي جفري! فقد‬ ‫يقولون‪:‬‬
‫ِّ‬ ‫َ‬
‫نفس عىل‬‫ي‬ ‫وأخذت أدعو‪“ :‬أرجوك‪ ،‬أرجوك‪ ،‬أع رت عىل هذا”‪ .‬أخذت نفسا عميقا‪ ،‬وأرغمت‬
‫رر‬
‫‪.‬اليول‬

‫وجىه عىل السجادة‪.‬‬ ‫ي‬ ‫أربعت‪ ،‬ثم ترددت لحظات قليلة‪ ،‬وبعد ذلك ضغطت‬ ‫ي‬ ‫اآلن ضت عىل‬
‫أكي”‪:‬‬ ‫رت األعىل”‪“ .‬هللا ر‬ ‫أفرغت ر‬
‫“سبحان ر ً ي‬ ‫ً‬
‫ذهت من كل األفكار‪ ،‬وتلفظت ثالث مرات بعبارة‬ ‫ي‬
‫شء أن‬ ‫ألى‬ ‫السماح‬ ‫ا‬ ‫افض‬ ‫ر‬ ‫ا‬ ‫فارغ‬ ‫عقت‪ ،‬وأبقيت ر‬
‫ذهت‬ ‫قلتها ورفعت من السجود جالسا عىل ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫يرصف انتباه‪“ .‬هللا أكي”‪ ،‬ووضعت وجىه عىل األرض مرة أخرى‪ .‬وبينما كان ر‬
‫أنف يالمس‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫ي‬
‫رت األعىل” بصورة آلية‪ ،‬فقد كنت مصمما عىل إنهاء هذا‬ ‫ري‬ ‫“سبحان‬ ‫عبارة‬ ‫أكرر‬ ‫األرض رحت‬
‫لنفس‪ :‬ل تزال هناك ثالث‬ ‫أكي”‪ ،‬وانتصبت واقفا فيما قلت‬ ‫كلفت ذلك‪“ .‬هللا ر‬ ‫األمر مهما ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫يات فيما تبف يل من الصالة‪ .‬لكن األمر صار أهون ر يف‬ ‫ي‬ ‫وكي‬
‫عواطف ر‬ ‫ي‬
‫ر‬ ‫أمام‪ .‬وصارعت‬ ‫جولت ي‬
‫ر‬
‫إنت كنت يف سكينة شبه كاملة يف آخر سجدة‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫‪.‬كل شوط حت ي‬
‫وشمال‪ .‬وبينما بلغ ر يت اإلعياء‬ ‫وأخيا سلمت عن ر‬
‫يميت‬ ‫‪،‬‬ ‫األخي‬ ‫الجلوس‬ ‫ف‬ ‫ثم قرأت التشهد ر‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ي‬
‫الت مررت بها‪ .‬لقد أحسست‬ ‫ي‬ ‫كة‬‫المعر‬ ‫اجع‬‫ر‬ ‫أ‬ ‫وأخذت‬ ‫األرض‪،‬‬ ‫عىل‬ ‫جالسا‬ ‫مبلغه بقيت‬
‫ر‬
‫ألنت عاركت نفس كل ذلك العراك يف سبيل أداء الصالة إل آخرها‪ .‬ودعوت برأس‬ ‫باإلحراج ر‬
‫ً‬ ‫ي‬
‫أمام سبيل‬
‫وغبات‪ ،‬فقد أتيت من مكان بعيد‪ ،‬ول يزال ي‬ ‫ي‬ ‫تكيي‬ ‫منخفض خجال‪“ :‬اغفر يل ر‬
‫طويل ألقطعه‪.‬‬

‫عىل وصفه بالكلمات‪ ،‬فقد‬ ‫بسء لم أجربه من قبل‪ ،‬ولذلك يصعب‬ ‫ر‬
‫وف تلك اللحظة شعرت‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫كاليودة‪ ،‬وبدا يل أنها تشع من نقطة ما ر يف‬
‫اجتاحتت موجة ل أستطيع أن أصفها إل بأنها ر‬ ‫ي‬
‫ر‬
‫غي أنها‬ ‫ر‬
‫إنت أذكر أت كنت أرتعش‪ .‬ر‬ ‫صدري‪ .‬وكانت موجة عارمة فوجئت بها رف البداية حت ر‬
‫ر ي‬ ‫أكي من مجرد شعور جسدي‪ ،‬فقد ي ّأث َر ْت ر‬
‫كانت ر‬
‫عواطف بطريقة غريبة أيضا‪ .‬لقد بدا كأن‬
‫ي‬ ‫ف‬ ‫ي‬
‫تغلفت وتتغلغل ر يف‪ .‬ثم بدأت بالبكاء من‬
‫ي‬
‫ر‬ ‫الرحمة قد تجسدت ر يف صورة محسوسة‪ ،‬وأخذت‬
‫غي أن أعرف السبب‪ ،‬فقد أخذت الدموع تنهمر عىل وجىه‪ ،‬ووجدت نفس أنتحب بشدة‪.‬‬ ‫ر‬
‫ر‬
‫تحتضنت‪ .‬ولم أكن ي‬
‫أبك‬ ‫ي‬ ‫إحساش بأن قوة خارقة من اللطف والرحمة‬
‫ي‬ ‫بكات ازداد‬
‫وكلما ازداد ي‬
‫بدافع من الشعور بالذنب رغم أنه يجدر ر يت ذلك ول بدافع من الخزي أو الشور‪ .‬لقد بدا كأن‬
‫بداخىل‪.‬‬ ‫ْ ً َ‬ ‫ًّ‬
‫ي‬ ‫سدا قد انفتح مطلقا عنان مخزون عظيم من الخوف والغضب‬
‫ر َ َّ‬
‫بي ك رف‪ .‬وعندما‬ ‫أش ر‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫منحنيا إل األرض‪ ،‬منتحبا ور ي‬ ‫كبت‪،‬‬
‫ي‬
‫ً‬
‫جالسا عىل ر‬ ‫ظللت لبعض الوقت‬
‫وغي‬ ‫ر‬
‫أخيا كنت قد بلغت الغاية يف اإلرهاق‪ ،‬فقد كانت تلك التجربة جارفة ر‬ ‫توقفت عن البكاء ر‬
‫تفسيات عقالنية لها‪ .‬وقد رأيت حينها أن‬ ‫ر‬ ‫مألوفة إل حد لم يسمح ل حينئذ أن أبحث عن‬
‫هذه التجربة أغرب من أن ي أستطيع إخبار أحد بها‪ .‬أما أهم ما أدركته رف ذلك الوقت فهو رأت فر‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫حاجة ماسة إل هللا وإل الصالة‪ .‬وقبل أن أقوم من ر‬
‫األخي‪:‬‬
‫ر‬ ‫الدعاء‬ ‫بهذا‬ ‫مكات دعوت‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫خلصت من هذه الحياة‪.‬‬ ‫ّ‬
‫فاقتتلت قبل ذلك‪،‬‬ ‫اللهم‪ ،‬إذا تجرأت عَل الكفر بك مرة أخرى‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫لكنت ال أستطيع أن‬ ‫ّ‬ ‫ومن الصعب جدا أن أحيا بكل ما عندي من النواقص والعيوب‪،‬‬
‫ي‬
‫أعيش يوما واحدا آخر وأنا أنكر وجودك"‪.‬‬

‫أول صالة جمعة‬


‫أبدا اللحظة الت نطقت فيها بالشهادة أول مرة‪ ،‬كانت اللحظة األصعب ر‬ ‫ً‬
‫حيات‪،‬‬
‫ي‬ ‫ف‬‫ي‬ ‫ً ي‬ ‫"لن أنس‬
‫ر‬
‫يومي تعلمت أول صالة جمعة‪ ،‬كنا يف الركعة الثانية‪ ،‬واإلمام‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫ولكنها األكي قوة وتحررا‪ ،‬وبعد ر‬
‫ر‬
‫يتلو القرآن‪ ،‬ونحن خلفه نتحرك وكأننا جسد واحد‪ ،‬كنت يف الصف الثالث‪ ،‬وجباهنا مالمسة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫للسجادة الحمراء‪ ،‬وكان الجو هادئا‪ ،‬والسكون مخيما عىل المكان‪ ،‬والضوء يتسلل من نافذة‪،‬‬
‫نفس‪ :‬إنه الحلم! إنه الحلم ذاته‪ -،‬وقد كنت ناسيه‬ ‫ر‬
‫واإلمام يرتدي عباءة بيضاء‪ ،‬رضخت يف ً ي‬ ‫ً‬
‫تماما‪ -‬تساءلت‪ :‬هل أنا اآلن يف حلم حقا‪ ،‬فاضت عيناي بالدموع‪ ،‬بعد الصالة‪ ،‬رحت أتأمل‬
‫وتملكت الخوف والرهبة عندما شعرت ألول مرة بالحب‪ ،‬الذي ل ينال إل بأن نعود‬ ‫ر‬ ‫الجدران‬
‫ر‬ ‫ي‬
‫ولكنت عندما قرأت القرآن‬‫ر‬ ‫إل هللا‪ .‬قبل اإلسالم‪ ،‬لم أكن أعرف ف حيات ر‬
‫معت للحب‪،‬‬
‫ر‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫قلت‪،‬‬
‫يغمرت‪ ،‬وبدأت أشعر بديمومة الحب يف ر ي‬‫ي‬ ‫شعرت بفيض واسع من الرحمة والعطف‬
‫الت ل تقاوم‪ ،‬اإلسالم هو الخضوع إلرادة هللا‪ ،‬وطريق‬ ‫فالذي ر‬
‫قادت إل اإلسالم هو محبة هللا ي‬ ‫ي‬
‫يقود إل ارتقاء ل حدود له‪ ،‬وإل درجات ل حدود لها من السالم والطمأنينة‪ ،‬إنه المحرك‬
‫للقدرات اإلنسانية جميعها"‪.‬‬
‫مخاطر واجهها بعد إسالمه‬
‫‪ .‬الفخ‬
‫إسالم‪ ،‬فطلب منه أن يتحدث‪ ،‬رفض ر يف‬
‫ي‬
‫بعد شهور قليلة من إسالمه ر‬
‫حرص مؤتمر‬
‫وأخي قصة إسالمه‬ ‫ر‬ ‫البداية ألنه يشعر ببساطة معرفته باإلسالم‪ ،‬إل أنه استجاب لحقا‪،‬‬
‫للحاضين بمحبة وإخالص‪ ،‬وبعد أن انتىه‪ ،‬كانت ردة فعل الحضور مدهشة له‪،‬‬ ‫ر‬
‫كثيا من اإلعجاب قد أحيط‬ ‫الحاضين تسيل عىل خدودهم‪ ،‬عانقوه‪ ،‬رأى ر‬ ‫ر‬ ‫شاهد دموع‬
‫به وكأنه المهدي المنتظر كما وصف‪ ،‬ويقول مازحا " أعط محا رضات كثية لطالت فر‬
‫ري ي‬ ‫ر‬ ‫ي‬
‫الجامعة لم يحدث أبدا معهم هذا الشعور والبكاء"‪ .‬ويقول عن هذه الحادثة بأنها الفخ‬
‫الذي وقع فيه فقد تشب له شعور بأنه شخص مهم وقاده هذه إل إلقاء خطب‬
‫الىح الذي يعيش فيه وأماكن أخرى‪،‬‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫ومحاضات عديدة يف مسجد ي‬
‫اإلسالم الذي كان يعيش فيه تظهر فيه الطوائف اإلسالمية المختلفة مثل‬ ‫ي‬ ‫المجتمع‬
‫غيهم‪ .‬كانت كل جماعة تحاول‬ ‫رر‬
‫المسلمي و ر‬ ‫رر‬
‫والسلفيي وجماعة اإلخوان‬ ‫جماعة التبليغ‬
‫ه الفرقة الناجية‪ ،‬وتسع إل إلغاء‬ ‫أن تجذبه إل صفها‪ ،‬وتحاول أن تقنعه أنها ي‬
‫الديت يتجه نحو التعصب والتطرف محاول أن يثبت‬ ‫ر‬ ‫الطوائف األخرى‪ .‬فبدأ خطابه‬
‫ي‬
‫ر‬
‫وف إحدى‬ ‫وييهن لهم ثباته وقوة إيمانه‪ .‬ي‬
‫اإلسالم الجديد ر‬
‫ي‬ ‫نفسه داخل المجتمع‬
‫الحاضين عىل انفراد أن كالمه عن إحدى الجماعات الدينية فر‬ ‫ر‬ ‫المرات تحدث معه أحد‬
‫ي‬ ‫ً‬
‫خطبته يحتاج للمراجعة‪ ،‬فليس كل ما ذكره كان صحيحا‪ ،‬وكانت نصيحة لها أثرا عليه‪،‬‬
‫التعصت نحو مهاجمة اليهود‬
‫ري‬ ‫بدأ يراجع أفكاره ومواضيع خطبه‪ ،‬لكنه حول خطابه‬
‫والنصارى‪.‬‬
‫ر‬
‫أنت كنت محافظ وحريص عىل الصلوات وفرائص الدين ومتفوق عىل‬ ‫يقول‪ " :‬صحيح ي‬
‫الت حدثت يل يوم‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫أنت فقدت الشعور بتلك الطمأنينة والسعادة ي‬
‫الجميع يف العبادة‪ ،‬إل ي‬
‫الت تلتها قبل أن أبدا بمشوع الخطابة‪ ،‬شعرت بالبعد عن هللا‬ ‫رر‬
‫بالشهادتي واأليام ي‬ ‫نطف‬
‫ي‬
‫كثي من الذنوب‬
‫كثي صالة أو صيام ولزالت لدي ر‬ ‫رغم كل ما أقوم به‪ ،‬ولم أكن حينها ر‬
‫لكنت كنت سعيدا‪.‬‬ ‫ر‬
‫واآلثام‪ .......‬ي‬
‫بالتفكي والتساؤل‬
‫ر‬ ‫نفس وقلت ‪ :‬ماذا أصابك ياجفري؟‪،‬دخلت اإلسالم‬ ‫ي‬ ‫توقفت مع‬
‫ر‬ ‫رر‬
‫المسلمي يف اإلسالم‪ ،‬وها أنت اليوم‬ ‫رر‬
‫المسلمي وغ ري‬ ‫والبحث والمنطق ‪ ،‬وقراءة ما قاله‬
‫ر‬
‫تحكم عىل اآلخرين بما تهواه نفسك وبما يقال لك‪ ،‬لقد وقعت يف فخ الهوى وحب‬
‫ً‬
‫وبدال من أن تكون خادما هلل أصبحت خادما لنفسك"‪.‬‬ ‫النفس‪،‬‬
‫جيفري وجرانت (صالح الدين)‬
‫بعد ثالثة أسابيع من إسالمه‪ ،‬حيفري قابل "جرانت" (صالح الدين ‪-‬اسمه الجديد) هو‬
‫رجل أبيض من أصول أوروبية‪ -‬المسجد وكان ر يف األسبوع األول من إسالمه‪ ،‬تعرف‬
‫رر‬
‫حميمي ل يفيقان‪ ،‬كان متمسكا ب تعاليم الدين ولم‬ ‫رر‬
‫صديقي‬ ‫كثيا وأصبح‬
‫عليه و فرح به ر‬
‫يبدي ليونة وتدرجا منطقيا عند تنفيذها‪ .‬انقطع جيفري عنه بسبب زواجه ولم يراه‬
‫ميله‪ ،‬هناك ضح له جرانت بأنه قد ترك‬ ‫لعدة شهور إل أن دعاه للعشاء بعد مدة رف ر ر‬
‫ي‬
‫اإلسالم واعتنق البوذية‪ ،‬كان جرانت ك رثيا ما يردد " إن اإلسالم أفضل دين لكن فيه‬
‫رر‬
‫معتنقي" ‪ ..‬تألم جيفري من ذلك وبدأ يراجع مواقفه وأعماله ويفكر بما جعله هو‬ ‫أسوأ‬
‫يثبت عىل اإلسالم‪.‬‬

‫صداقت بجرانت رغم تخليه عن اإلسالم‪..... ،‬ولقد أسدى يل‬


‫ي‬ ‫يقول جيفري "استمرت‬
‫حيي‪ ،‬واستغربت لحضوره ‪،‬‬ ‫محاضات لجمهور من المسي ر ر‬
‫ي‬
‫ر‬ ‫ارت ر يف إحدى‬
‫ر‬ ‫معروفا ر ر‬
‫حي ز ي‬
‫وبعد أن أنهيت‪ ،‬طلبت منه رأيه فيما سمعه‪ .‬قال يل مخلصا " لم تبدو منطقيا يا جيف‬
‫رر‬
‫المسلمي ما يحبون‬ ‫غي مسلم‪ .. ،‬ر يف المسجد أنت تسمع‬‫تحاض جمهورا ر‬ ‫ر‬ ‫‪ ،‬أنت اآلن‬
‫هم سماعه ل ما يجب أن تقوله ولهذا ر‬
‫تحط بإعجابهم‪ ،‬أما األمر هنا يختلف‪.....‬‬
‫لقد حزنت عىل جرانت حيث قد تم فصله من عمله وانتىه به المطاف يك يعيش‬
‫مشدا ر يف الشوارع"‪.‬‬

‫كثيا يراجع أقواله وأفعاله‪ ،‬ويفكر ر يف‬


‫عند هذه الكلمات وقف جبفري مع نفسه ر‬
‫السعادة والطمأنينة والشعور الجميل الذي غمره عند بداية إسالمه وأصبح يفتقده‬
‫اآلن‪ .‬لهذا قرر أن يتوقف عن الذهاب إل المسجد عدا يوم الجمعة‪ ،‬وقرر أن يبتعد عن‬
‫الت تحاول أن تجعله ر يف صفها‪ .‬واعتكف يدرس جوانب‬ ‫كل الجماعات اإلسالمية ي‬
‫اإلسالم المختلفة والحديث النبوي من جديد بنفس الطريقة العلمية‪ ،‬التحليلية‪،‬‬
‫بف عىل هذا األمر سبعة أشهر‪ .‬وبعد‬ ‫الت درس فيها القرآن وقادته للسالم‪ ،‬ي‬
‫المنطقية ي‬
‫ر‬
‫أطمي عىل نفسه ووجد غايته‪ ،‬عاود الذهاب إل المسجد‪.‬‬ ‫أن‬
‫جيفري وماثيو (خالد)‬
‫أمريك أبيض‪ ،‬فرح به كما فرح بجرانت سابقا وأصبح‬ ‫ي‬ ‫ر يف إحدى الصلوات قابل مسلم‬
‫غي اسمه‬ ‫كبيا بحكم انتماؤهم لنفس البيئة الثقافية‪ .‬إنه ماثيو الذي ر‬ ‫التقارب بينهما ر‬
‫ً‬
‫كثيا عن أمور‬ ‫لخالد‪ .‬كان أصغر منه بست سنوات ‪ ،‬وجديدا عىل اإلسالم وكان يسأله ر‬
‫الت تحاول استقطاب‬ ‫الدين‪ .‬لكن جيفري فضل ان ل يكون مثل الجماعات اإلسالمية ي‬
‫شخصا جديدا إليها‪ ،‬فقط كان يحذره من الوقوع ر يف الفخ الذي وقع هو فيه ومن‬
‫ر‬
‫الت قد يتعرض لها يف مستقبله‪ .‬إنه خطر التطرف الذي يقع فيه ر‬
‫كثي من‬ ‫المخاطر ي‬
‫حميمي‪ ،‬وقد كان سببا فر‬
‫رر‬ ‫رر‬
‫صديقي‬ ‫رر‬
‫المعتنقي الجدد للسالم‪ ،‬أصبح وماثيو (خالد)‬
‫ي‬
‫دخول زوجة ماثيو وزوجته ر يف اإلسالم‪.‬‬
‫جامعة تكساس وتواصله مع ماثيو‬
‫الصغي ر يف سان‬ ‫ر‬ ‫اإلسالم‬
‫ي‬ ‫لم يستطع دكتور جيفري العيش والتوافق مع ذلك المجتمع‬
‫فرانسيسكو‪ ،‬لهذا قرر أن يبحث عىل وظيفة ر يف مدينة أخرى‪ .‬وتوفق يف الحصول عىل‬
‫ر‬
‫ر‬
‫كثي الزيارة لصديقه ماثيو‪ ،‬فقد شاهد‬ ‫وظيفة يف جامعة تكساس‪ .‬وقبل أن يغادر كان ر‬
‫عليه أثر التشدد‪ ،‬حيث لم يتدرج مع عائلته بالمنطق السليم وييك لهم قناعاتهم ر يف‬
‫تغيي أسماءهم إل أسماء عربية!! وهل هذا من‬ ‫أمورهم الخاصة‪ ،‬فقد فرض عليهم مثال ر‬
‫الفارش‬
‫ي‬ ‫اإلسالم والسنة؟ وهل فعل الرسول صىل هللا عليه وسلم ذلك؟ فاسم سلمان‬
‫غي أسماء مثل عبد‬ ‫الحبس ! إنما ر‬
‫ي‬ ‫قبل اإلسالم هو نفسه بعد اإلسالم وكذلك بالل‬
‫العزى وعبد شمس وحرب وعاصية وحزن لعالقتها بتوحيد هللا أو لقبحها ومعارضتها‬
‫الت نشأوا فيها ول‬ ‫للذوق الجميل‪ .‬فالعرب متمسكون بأسمائهم بحكم الثقافة والبيئة ي‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫يعت هبة هللا‬ ‫بتغيي األسماء‪ .‬رسح جيفري لماثيو أن اسمه جميل وهو ي‬ ‫ر‬ ‫ديت‬
‫يوجد نص ي‬
‫تغيي أسماء أطفاله‪،‬‬ ‫ر‬
‫تغييه‪ ،‬واألمر األشد كان يف ر‬ ‫لتغييه‪ ،‬لكن ماثيو أض عىل ر‬
‫ر‬ ‫فال يحتاج‬
‫َ‬
‫ابنته كانت تتلعثم عندما سئلت عن اسمها‪ ،‬لم ترد مبارسة‪ ،‬فكانت تنظر إل أباها ‪ ،‬وبعد‬
‫وف زيارة أخرى شاهد نفس الطفلة‬ ‫برهة نطقت باسمها العرت الجديد بصعوبة‪ .‬ر‬
‫ي‬ ‫ري‬
‫الت تبلغ ست سنوات من عمرها مرتدية الحجاب طاعة ألمر أبيها وكانت‬ ‫الصغية ي‬
‫ر‬
‫تذهب للمدرسة به‪ ،‬نصحه ان يتمهل وييك األمر يصدر عن قناعة من األطفال‬
‫والزوجة ولكنه لم يمتثل وظل يردد إنها السنة‪.‬‬
‫غادر جيفري سان فرانسيسكو متجها إل تكساس وكان عىل تواصل دائم مع ماثيو‬
‫تعات من اضطراب دخلت‬ ‫ر‬
‫بالتلفون‪ ،‬علم بعد فية أن طفلته أصيبت بمرض ‪ ،‬كانت ي‬
‫كثيا من وزنها‪ .‬و بعدها علم من زوجة ماثيو أنه استقال‬ ‫ر‬
‫عىل إثره المستشف وفقدت ر‬
‫قصية ترك اإلسالم‪ ،‬ثم لحقت به زوجته‪ ،‬فخرجت‬
‫من إمامة المسجد وبعدها بمدة ر‬
‫عائلة ماثيو (خالد) كلها من الدين‪.‬‬
‫الردة‬
‫صديف الحميم ماثيو‪ ،‬كما شعرت‬ ‫ر‬
‫أصابت ألما عميقا وشعرت بجرح غائر عىل‬ ‫" لقد‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫كثي‬
‫بذلك من قبل عىل جرانت‪ ،‬لم يكن هؤلء الوحيدين الذين تركوا اإلسالم فأمثالهم ر‬
‫رر‬
‫بالشهاديتي‬ ‫الت نطق‬‫جدا‪ ..... ،‬عندما دخل جرانت اإلسالم طلبت منه الجماعة ي‬
‫ه القتل‪"،‬‬ ‫ر‬
‫أمامها أن يفكر يف األمر مليا ول يستعجل ألن عاقبة الخروج من اإلسالم ي‬
‫ومن سيقتل جرانت اآلن ويطبق حكم الردة عليه‪ ،‬هل الحكومة األمريكية أم الجالية‬
‫األجنبية المسلمة ر يف أمريكا؟ هل من المنطق أن تصدر حكما ل تستطيع تطبيقه‬
‫ويسبب النفور ر يف نفس الوقت؟‬
‫لقد خالفوا ما جاء ر يف القرآن من آيات عديدة تدعو للحرية ر يف اعتناق الدين وعدم‬
‫اإلكراه فيه‪ ،‬وهذا أحد أسباب نفور الناس من اإلسالم‪ .‬كان رسول هللا يستبش ويش‬
‫بقدوم من يريد الدخول ر يف اإلسالم‪ ،‬ولم يعهد عليه أنه قال "سنقتلك إذا كفرت"‬
‫تركوا ما جاء ر يف عشات اآليات ر يف القرآن الكريم ضيحة وواضحة ول تقبل الشك‬
‫ه أخروية وليست دنيوية ‪،‬‬ ‫والتأويل تدعو إل حرية المعتقد‪ ،‬وتذكر أن عقوبة الردة ي‬
‫معي وحالة خاصة و قابل للتأويل‪،‬‬ ‫اثني قيال رف سياق ر ر‬ ‫واتبعوا حديثا واحدا أو ر ر‬
‫ي‬
‫ومن هذه اآليات ‪:‬‬
‫الر ْشد م َن ْال رَ ِّ‬
‫ي ُّ‬ ‫َ ْ َ َ ر ِّ‬
‫الدين ۖ َقد َّت َب َّ رَ‬
‫ع" البقرة – ‪256‬‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫"َّل إكراه يف‬
‫رَ َ َ َ‬ ‫َ َ َ َ َ ْ َ ْ ْ َّ َ ْ َ ْ َ َّ‬ ‫َ َْ ْ‬ ‫ُ َ‬ ‫ْ‬
‫ي ن ًارا أ َحاط‬‫ر‬ ‫م‬ ‫ال‬‫لظ‬ ‫" َوقل ال َح ُّق من َّرِّبك ْم ۖ ف َمن ش َاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ۚ إنا أعتدنا ل‬
‫رسادق َها" الكهف ‪29 -‬‬ ‫به ْم َ‬
‫َّ َ َ‬
‫"ل ْست َعل ْيهم بم َص ْيط ٍر" الغاشية (‪)22‬‬
‫ٌ‬ ‫َ ََ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ‬
‫"ق ْل َيا أ ُّي َها الكافر َون (‪َّ )1‬ل أ ْعبد َمَا ت ْعبدون (‪َ )2‬وَّل أنت ْم َعابدون َما أ ْعبد (‪َ )3‬وَّل أنا َعابد‬
‫ين (‪ .. ")6‬سورة الكافرون‬ ‫د‬ ‫ل‬‫ون َما أ ْعبد (‪َ )5‬ل ُك ْم دين ُك ْم َو َ‬
‫َ‬
‫د‬‫اب‬ ‫دت ْم (‪َ )4‬و ََّل أنت ْم َ‬
‫ع‬
‫َّ َ َ ُّ‬
‫ما عب‬
‫ِ‬ ‫ي‬
‫َ َ ْ َ َ َ ٌ َ ُ َ َٰ َ َ َ ْ َ ْ َ ُ ْ ر ُّ ْ َ َ ْ‬ ‫َ ْ ُ‬
‫" ُ َو َمن َي ْرت َدد منك ْم َعن دينه فيمت وهو كافر فأول ئك حبطت أعمالهم يف الدنيا واآلخرة ۖ‬
‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ‬
‫َوأول َٰ ئك أ ْص َحاب الن ِار ۖ ه ْم ف َيها خالدون" ‪ ..‬البقرة (‪)217‬‬
‫َ‬ ‫َّ ْ َ‬ ‫ُ ْ َّ ُ‬ ‫َْ‬ ‫َ َ‬ ‫آمنوا ث َّم َك َفروا ث َّم َ‬ ‫"إ َّن َّالذ َ‬
‫آمنوا ث َّم كفروا ث َّم ازدادوا كف ًرا ل ْم َيك ِن اّلل ل َيغف َر له ْم َوَّل‬ ‫ين َ‬
‫ً‬
‫ل َي ْهد َيه ْم َسبيَل" النساء (‪)137‬‬
‫ديت ‪،‬وعقوبته ر يف اآلخرة ل ر يف الدنيا‪ ،‬صدر ر يف بداية أمر‬ ‫ر‬
‫سياش ل حد ي‬ ‫ي‬ ‫فأمر الردة حد‬
‫ر‬
‫اإلسالم حت ل يكون أمر الدين لعبة بأيدي اليهود كما جاء يف سورة آل عمران آية ‪: 72‬‬
‫ْ‬ ‫َ َّ‬
‫آمنوا َو ْجه الن َه ِار َواكفروا‬ ‫ين َ‬ ‫" َو َق َالت َّطائ َف ٌة ِّم ْن َأ ْهل ْالك َتاب آمنوا ب َّالذي ُأنز َل َع َىل َّالذ َ‬
‫ِ‬
‫رض هللا عنه المرتدين ل إلعالن كفرهم ولكن‬ ‫ون" وحارب أبو بكر ر‬ ‫َ‬
‫ع‬ ‫ج‬‫ر‬‫آخ َره َل َع َّله ْم َي ْ‬
‫ي‬
‫المسلمي‪ ،‬ومنعهم الزكاة‪ ،‬وكان هذا يعد تمزيقا للدولة الناشئة‪ ،‬حيث‬ ‫رر‬ ‫للضار بجماعة‬ ‫ر‬
‫وغيهم ممن ادع‬ ‫كانت جماعة المرتدين تتجمع تحت راية مسيلمة الكذاب وسجاح ر‬
‫القواني ر يف العالم‪.‬‬
‫رر‬ ‫الت تجرمها كل‬ ‫النبوة ‪ ،‬فأصبحت الردة كالخيانة العظىم ي‬
‫ً‬
‫وما قيمة أن يكون الشخص مؤمنا بلسانه كافرا بقلبه؟!‪ ،‬فهو يعد منافقا‪ ،‬و ر يف هذه‬
‫أكي من نفعه‪ ،‬وهل خروج شخصا ما ر يف أدغال أفريقيا أو أمريكا سيؤثر عىل‬ ‫الحالة رضره ر‬
‫اإلسالم اليوم؟‬
‫المسلمي ّ يف الغرب" ر يف صفحة ‪ 64‬و ‪:65‬‬ ‫ر ّ‬ ‫ديت – رصخة‬ ‫ّ‬ ‫ر‬
‫يذكر يف كتابه " ضياع ي‬
‫أكي من إحدى وعشين سنة‪ ،‬بدا يل أنه ما من مسلم‬ ‫"عندما اعتنقت اإلسالم منذ ر‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫إل حول خصوصيات ذات حساسية يعدها جزءا ل‬ ‫التقيته إل وكان تواقا ليتحدث ي‬
‫ولكت حينذاك لم أكن‬ ‫ر‬ ‫‪،‬‬‫ل‬ ‫قال‬ ‫ي‬ ‫مما‬ ‫كثي‬ ‫ف‬ ‫يتجزأ من العقيدة والدين‪ .‬كنت أرتاب ر‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫ي‬
‫الت أتأكد بموجبها من صحة ما يقال‪.‬‬ ‫أمتلك الوسيلة ي‬
‫عىل أن أرتدي مالبس رسق أوسطية‪ ،‬وأل أسمع‬ ‫ي‬ ‫قيل يل ر يف مناسبات عديدة‪ :‬إن‬
‫ّ‬
‫موسيقا‪ ،‬وأن أردد الدعاء والبتهالت كلها بالعربية‪ ،‬وأل أصفر‪ ،‬وأن آكل بيدي ول‬
‫ّ‬
‫أستخدم أدوات الطعام‪ ،‬وأال يكون عندي تلفاز‪ ،‬وأل أرتدي ربطة عنق‪ ،‬وأن أعمل عىل‬
‫إسقاط الحكومة األمريكية عندما تتاح الفرصة‪ ،‬وأن المرأة ل تستطيع مغادرة بيتها إل‬
‫ر‬
‫ينبع‬ ‫ّ ر‬
‫بإذن زوجها‪ ،‬ول تصوت يف النتخابات‪ ،‬ول يجوز لها العمل خارج البيت‪ ،‬وأنها ل ي‬
‫اسىم إل اسم‬ ‫تغيي‬
‫عىل ر‬ ‫أن تحصل عىل إجازة قيادة سيارة‪ ،‬وأن الديمقراطية حرام‪ ،‬وأن ّ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ي مسموح به ر يف الجهاد‪ ،‬وأن ارتكاب المرأة للزت هو أسوأ‬
‫ر‬ ‫عرت‪ ،‬وأن استهداف المدني ر ر‬
‫ري‬
‫ر‬
‫اهي واهية‬ ‫وكثي مما يجب أن أفعله وما يجب أل أفعله تدعمه ربي ر‬ ‫من ارتكاب الرجل له‪ .‬ر‬
‫ّ‬
‫تعي‬
‫اعتيت مثل هذه االدعاءات ر‬ ‫ديت عن القرآن‪ ،‬ولو ر‬ ‫غي مقنعة‪ .‬ولو لم أكن أخذت ي‬ ‫ر‬
‫عن اإلسالم حقيقة‪ ،‬لكنت قد تركت الدين بالتأكيد"‪.‬‬
‫ويقول ّف إحدى ندواته " الحمد هلل ّ‬
‫أنت قرأت القرآن قبل أن أسمع التوجيهات‬
‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ديت"‬‫ّ‬ ‫‪...‬‬
‫ثقاف عن ما هو ي‬
‫والخطب والمواعظ" "يجب أن نفصل ما هو ي‬

‫من أهم أعماله ‪:‬‬

‫كيوفسور ر يف الرياضيات‪ ،‬عمل مستشار لهيئة التدريس‬ ‫الجامع ر‬


‫ي‬ ‫بجانب تدريسه‬
‫بي الطالب وجامعاتهم‪.‬‬‫يعتي نفسه الرابط ر ر‬‫ر‬ ‫رر‬
‫المسلمي ‪ ،‬لنغ‬ ‫لجمعية الطالب‬
‫محاضات إسالمية‪ .‬الهدف من كونه‬ ‫ر‬ ‫حصل عىل موافقة من سلطات الجامعة لعقد‬
‫مستشارا ألعضاء هيئة التدريس هو مساعدة الطالب عىل تلبية احتياجاتهم بحيث‬ ‫ً‬
‫الت تقدر فرصة تصحيح‬ ‫يتكيفون مع الثقافة األمريكية وإجراءات الجامعة ي‬
‫َّ‬
‫حاضات‬‫الكثي من الم ر‬
‫ر‬ ‫المفاهيم الخاطئة‪ .‬ألف كتبا عديدة ر يف الرياضيات ‪ ،‬قدم‬
‫َّ‬
‫واللقاءات عن اإلسالم‪ ،‬وكانت له عدة مؤلفات‪ ،‬ساهمت ر يف تكوين حصيلة من‬
‫أكي المواضيع الحساسة‬‫الغرت‪ ،‬وقد ناقش ر‬
‫ّ‬
‫ري‬ ‫المهمة ر يف المجتمع‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫اإلسالمية‬ ‫َّ‬
‫األدبيات‬
‫والت يرى أن فهم بعض‬ ‫رر‬
‫المعتنقي الجدد للسالم‪ ،‬ي‬ ‫المسلمي ر يف الغرب و‬
‫رر‬ ‫الت تواجه‬ ‫ي‬
‫المسلمي يف دول عربية وغربية لها ل يتوافق مع ما جاء به القرآن واألحاديث‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫الصحيحة‪.‬‬

‫من أقواله‪:‬‬
‫ر‬
‫شء‬‫ه إحدى أجمل الشعائر اإلسالمية و أكيها إثارة‪ .‬هناك ي‬ ‫بالنسبة يل ي‬
‫ً‬
‫"صالة الفجر‬
‫خف ر يف النهوض ليال ‪ -‬بينما الجميع نائم ‪ -‬لتسمع موسيف القرآن تمأل سكون الليل‪.‬‬
‫ي‬
‫ر‬
‫تشعر و كأنك تغادر هذا العالم وتسافر مع المالئكة لتمجد هللا بالمديح عند الفجر"‪.‬‬

‫يناح من خالل أعماق روحه‬


‫"فعندما يشعر الشخص العادي بالعزلة فإنه يستطيع أن ر ي‬
‫الواحد األحد الذي يعرفه‪ ،‬ويكون بمقدوره أن يشعر بالستجابة‪ ،‬ولكن الملحد ل‬
‫ِ‬
‫يستطيع أن يسمح لنفسه بتلك النعمة‪ ،‬ألن عليه أن يسحق هذا الدافع‪ ،‬ويذكر نفسه‬
‫ً‬ ‫َّ‬
‫صغي جدا‪ ،‬ألن حدود‬
‫ر‬ ‫بسخفها‪ ،‬ألن الملحد يكون اله عالمه الخاص به‪ ،‬ولكنه عالم‬
‫ً‬
‫هذا العالم قد حددتها إدراكاته‪ ،‬وهذه الحدود تكون دوما ر يف تناقص مستمر"‪.‬‬
‫عائلته‪:‬‬
‫بعد إسالمه‪ ،‬تزوج بفتاة سعودية وله منها ثالث بنات‪ :‬جميلة وسارة وفاتن‪ .‬وقد‬
‫ألف كتاب " الرصاع من أجل اإليمان" عندما سألته إحدى بناته‪:‬‬
‫ً‬
‫أن؟"‬
‫ري‬ ‫يا‬ ‫مسلما‬ ‫" لماذا رصت‬

‫المراجع‪:‬‬

‫‪ -1‬الرصاع من أجل اإليمان – د‪ .‬جيفري لنغ‬


‫‪ -2‬حت المالئكة تسأل – د‪ .‬جيفري لنغ‬
‫المسلمي ر يف الغرب‬
‫رر‬ ‫ديت – ضخة‬‫ر‬
‫‪ -3‬ضياع ي‬
‫‪https://www.youtube.com/watch?v=5i8qSmxEH9M ( -4‬‬
‫‪https://www.youtube.com/watch?v=NyswdGWl4_I ( -5‬‬
‫‪https://www.youtube.com/watch?v=WO5oSKWdL3A ( -6‬‬
‫‪https://www.youtube.com/watch?v=FaOlc7ykli0&t=1052s ( -7‬‬
‫‪https://www.youtube.com/watch?v=vk68Dv-Regk ( -8‬‬

‫مالحظة‪ :‬تستطيع ر ر‬
‫تييل كتبه مجانا من النت‬

You might also like