You are on page 1of 168

@shabander_khan

‫عصا اجلنون‬

1
‫الكتاب‪ :‬عصا اجلنون‬
‫املؤلف‪ :‬أمحد خلف‬

‫الطبعة األولى‬
‫‪2112‬م‬

‫عدد النسخ‪1111 :‬‬


‫عدد الصفحات‪ / 161 :‬القياس‪2142 × 1.42 :‬‬

‫‪‬‬
‫الناشر‬
‫دار ميزوبوتاميا‬
‫للطباعة والنشر والتوزيع‬
‫بغداد – شارع املتنيب‬
‫موبايل‪149121599.1 :‬‬
‫‪mazin2.@ymail.com‬‬
‫اإلشراف العام‪ :‬مازن لطيف‬
‫‪hamawendi@yahoo.com‬‬

‫‪2‬‬
‫‪@shabander_khan‬‬

‫عصا اجلنون‬

‫أمحد خلف‬

‫‪5‬‬
@shabander_khan

.
‫امرأة ذات شأن‪7 ...........................................................‬‬
‫اقـتـفاء األثر‪61 ............................................................‬‬
‫اجتياز العتبه‪42 ...........................................................‬‬
‫رنني ‪24 ....................................................................‬‬
‫بـريـق‪26 ...................................................................‬‬
‫مشسٌ ساطعة كالفضة ‪27 ................................................‬‬
‫احلكاية الناقصة‪32 .......................................................‬‬
‫الرتجيعه‪37 ................................................................‬‬
‫خــارج الطـوق ‪12 ..........................................................‬‬
‫الطريق إىل أين ؟‪76 .......................................................‬‬
‫عصا اجلنون‪08 ...........................................................‬‬
‫الكابــوس‪00 ...............................................................‬‬
‫الطاووس‪61 ...............................................................‬‬
‫كامت صوت ‪686 ...........................................................‬‬
‫الربابرة قادمون ‪662 ....................................................!.‬‬
‫العجوز والغابة ‪666 .......................................................‬‬
‫اللصوص‪647 .............................................................‬‬
‫ابواب وممرات ‪623 .......................................................‬‬

‫‪2‬‬
‫الوليمه ‪626 ...............................................................‬‬
‫الفنانه‪621 ................................................................‬‬
‫هو وحدهُ ‪636 .............................................................‬‬
‫رجل القارب‪633 ..........................................................‬‬
‫(‪ )7‬قصص قصريه جدا ‪616 .............................................‬‬

‫‪6‬‬
‫التصـــق ي ـــد اللـ ـدن (كمـــا أ ـــاه ص حلبـــة صـــاخبة) بـــدت‬
‫ـ ااهنيــار قبــل مــرور العاصــفة‪ ،‬لـ ا تــدو ص‬ ‫إحاطتــه بــد كجــدار‬
‫الفضاء صـرخة تاهةـة‪ ،‬كـان ت ـبثه يدفعـه لانـالاق الرحـب بـني ذراعـدّ‪،‬‬
‫كأنـه يطلـب مـن ان ادثـره قبـل أن ليـل بنـا سـفينة موتنـا‪ ،‬أعـن سـريرنا‬
‫امل ــرت ‪ ،‬ميانــاي جعلــهُ خــارج مــدار ال ــفينة الضــيق‪ ،‬واحــدس ســاقيه‬
‫تنحــرحن ــو اارض‪ ،‬كــان الوجــه شــديد العبــوس مــن اســتحالة تنفي ـ ه‬
‫للمــرا ‪ ،‬وبــني يديــه تنــةال تــال الرمــال ال ــاخنة‪ ،‬مــاذا ع ــاه أن يفعــل‬
‫هباتني اليدين الراع تني؟ يد ماح شـققتةما حبـال سـفينة عاصـية ص‬
‫رمـــال ال ـــاطئ‪ ،‬ج ـــده ذا القـــو كـــاملرتاس‪ ،‬يـ ـ وب وحكمـــه حلبـــة‬
‫املواجةة الفريدة‪ ،‬بدا أمـامد وحيـداي معـالواي‪ ،‬ملي ـاي بالضـع ‪ .‬يالرتاجعـه‬
‫املريع ال جعلن أنبـر اليـه وا أراهـن بـل اكـاد أنكـره ص حلبـة الـتجن‬
‫ه هِ‪ ،‬هل حقاي أنه هو بدمه وحلمه وذاكرته امللي ـة بـالثقوب كج ـد مالّقـه‬
‫رصاص طاهش لقناص متةور؟ حمال أن يكون هو ذاته‪ ،‬بعنفوانـه املتـوار‬
‫وضـــحكته اللجلـــة الــ حــرّض اآلخـــرين علــ ااغـــرتاحن مـــن فـــي‬
‫م ــرته ب ــحاء حــالد‪ ،‬ي ـ كرند بأول ــا الرجــال ال ـ ين يةبــون أنف ــة‬
‫مب ولــة باصــرار يطفــري باألثرييــة والرضــا‪ ،‬كيـ تــداع ص حلبــة طفـ‬
‫خــارج الــالمن؟ زمنــه هــو‪ ،‬زمــن أيامــه ا ــوايل الـ اعت ـربت عنوان ـاي ملثالــه‬
‫النادر ص أن يكـون شـبية يا (يـدارة) بأول ـا الرجـال الـ ين حلـ هبـ كـل‬
‫فتاة يافعة‪ ،‬أعن زمن أمه وأبيه وقد علماه كيـ يكـون مثـااي حلـب امـرأة‬
‫ذات شــأن‪ ،‬أهـ ا هــو حقـاي؟ يةـ بــني يــد وهــرش وجةــه وشــفتيه بلحـ‬

‫‪4‬‬
‫ذراعدّ العاريتني‪ ،‬يتوسل ول انه يتعثر بالكلمـات‪ ،‬الـ بـدت كاهنـا تـأتين‬
‫مــن مكــان ا أراه‪ ،‬كــان الــثمن باهب ـاي والطريــق اليــا جعلــن أســري حــاص‬
‫القدمني وقد قطع ل اعات وأيا دروباي واماكن خمتلفة‪ ،‬مـا عـدتُ أذكـر‬
‫منـــةا الرمـــال وامليـــاه املوحلـــة‪ ،‬ارض بـــور شاســـعة كأننـــا ن ـــري ص أرض‬
‫تلقفتــــةا أيــــد الصــــنا لتجعــــل منــــةا متــــاريس ضــــدنا‪ ،‬أرض ملي ــــة‬
‫باملنحدرات ا تفضد اىل شدء‪ ،‬آه من وح ة الطريـق وقلـة الـالاد‪ ،‬ورمـال‬
‫الصحراء كان متنف نا الوحيد‪ ،‬نتنف ه ص النةار القاه ‪ ،‬مل أكن اعلـ‬
‫ص حينه‪ ،‬أن للم ل ات التجاريـة‪ ،‬الـ شـاهدناها ايـا صـفاهنا وراحـة‬
‫بالنــا‪ ،‬قــوة الت ـأثري املــالدوج (كالطعنــة ا فيــة) ص النفــوس الرقيقــة‪ ،‬كــان‬
‫هنا من يتحـد عـن بطلـة خاهنـة واخـرس خملصـة وقـد اغراهـا البطـل‬
‫باحلب اللجين املضاء بقوة القبات‪ ،‬ومثـل بعضـة ليلـ نف ـد بطـا‬
‫دون مناز ‪ ،‬أصول واجول ص امليادين وال احات‪ ،‬اكر وا أفـر‪ ،‬كـان هبـاهد‬
‫احللــو ي ــع مــن حــويل‪ ،‬لكــن‪ ،‬فج ـأة وعل ـ حــني مل يكــن متوقع ـاي‪ ،‬انك ــر‬
‫عمود النور وتاش ص اآلماد الناهية‪ ،‬ألجد نف د وحيداي ومعالواي خـايل‬
‫الوفـاض‪ ،‬ويـدا جمردتـان مـن كـل شـدء‪ ،‬يالليـدين ا ـاهبتني ويـا لل ـان‬
‫ضعي احلجة‪ ،‬ا شا أن العـرا الصـام مـع نف ـه قـد هـدّه واضـناه‪،‬‬
‫يــده الراع ــة تنــتف والفـ الناشـ عطبــه دخــان ال ــجاهر الرخيصــة‪،‬‬
‫لقد ضا عليه املعن ومن أيـن لـه بـاملعن املـراد منـه؟ أدر ان ا جـدوس‬
‫من العرا الصام ‪ ،‬سوس األنني والطنني‪ ،‬رأي ب راي عميقة وقـد تعثـرت‬
‫فيةا‪ ،‬فجأة‪ ،‬رأي ُ نف د وسط ظا حالا هـو للبلـ والضـغينة أقـرب‪،‬‬
‫يا للب ر اللعينـة املعتمـة اجلوانـب تغـص بـالطني وطـنني ااصـوات املوحيـة‬
‫واملياه املوحلة‪ ،‬يدا حفران ص احلافة عـن موضـع والطـني يكبـل قـدمدّ‬
‫ويثقل عليةما‪ .‬من يأتد اىل الطـني وأنـا علـ فراشـد اتقلـب بـأرادتد؟ يـا‬
‫لــارادة املوحلــة‪ ،‬كــان حــويل عـــدد كــبري مــن األصــحاب حــني اختلطــ‬

‫‪1‬‬
‫األشياء علدّ وما عـادت سـيمااها تتضـري ص رأسـد‪ ،‬أهـ هِ ال ـمس كانـ‬
‫معد ص األسابيع املنصـرمة‪ ،‬أ تراهـا صـادفتن قبـل أعـوا ؟ كـان الضـوء‬
‫الباهر شعلة تتاأل بنورهـا وحبـات الرمـال املتنـاثرة أحجـار كرهـة تلتمـع‬
‫وحجـب الرايـة الصـحيحة عـن العـني‪ ،‬وااشـكال غـدت مثـل شـال نقــد‬
‫املياه‪ ،‬األشياء واألشكال انصةرت ص بوتقة حامية‪ ،‬وال ال ين ـاح علـ‬
‫ارض الرمــال البكــر‪ ،‬هنــر يتــوهش واشــجار صــغرية مالدانــة بــالثمر الطــر ‪،‬‬
‫جنة عرضةا ال ماوات واارض‪ ،‬وقال أحد األصحاب‪" :‬ماذا نريـد وجنـة‬
‫عدن بني أيدينا ؟" وضحكنا كلنا ضـحكاي متواصـا‪ ،‬ضـحكنا حتـ دمعـ‬
‫عيوننا كأننا بكينا مـن فـرح‪ ،‬وكـان األمـاق بعيـدا عـن خواطرنـا‪ ،‬آه آ ‪..‬ه‪،‬‬
‫يا للحواطر املنك رة‪ ،‬إنـن أتـ كر املـدن والقصـبات الـ مررنـا هبـا (قبـل‬
‫انك ــار ا ــاطر) كــأنن أت ـ كر أ ــاء ربانيــة وهبــةا ا ــالق بعض ـاي مــن‬
‫كرمه‪ ،‬وحـني دلـ الليـل تغـري احلـال‪ ،‬تغـري كـل شـدء ومـا عـاد األصـحاب‬
‫يـ كرون تلــا ال ــمس الداف ــة املتوهجــة كينبــو مــن ذهــب‪ ،‬تفرقــوا كلــة‬
‫ومــا عــاد أحــد يت ـ كر شــي اي البتــة‪ ،‬اا أنــا أقــول ‪ ":‬آ‪..‬ه‪ ،‬يــا لــه مــن موق ـ‬
‫صـــعب وع ـــري علـ ـدّ فةمـــه" ان ـــدل ال رشـ ـ األزرق النـــاع ‪ ،‬حاولـ ـ‬
‫سحبه بأصابع قدمد و ال رير‪ ،‬كان تنف ه بطي ـاي وعينـاه مغمضـتان‪،‬‬
‫رأسـه ي ــرتيري يــانا وذراعـه مــا تــالال ل ــا بـد‪ ،‬وال ــماء تغيّـر لوهنــا‬
‫وال مس تصرّ عل جر خيوطةـا مـن ب ـاا اارض‪ ،‬امل ـاء الثقيـل علـ‬
‫الــروح‪ ،‬بــدأت آمــايل ـ ‪ ،‬حمــال أن تتفــتري وردة ص حديقــة الــدار‪ ،‬ال ـ‬
‫سقاها بدمه ودموعه‪ ،‬أردتُ ان تتفـتري وردة واحـدة يفـوح عطرهـا ال ـ‬
‫وها الدنيا كلةا‪ ،‬ماذا ع ا أفعل لكـد أعينـه علـدّ وقـد قلـب املالهريـة‬
‫الالجاجيــة ص طريقــه اىل ال ــرير‪ ،‬هت ـ الالجــاج وتنــاثرت قطع ـة ص كــل‬
‫بقعة من أرض احلجرة يا هلا من جمازفة أن هتبط قـدما احلافيتـان اىل‬
‫أرض ملي ة بالالجـاج املك ـور‪ ،‬لكـد أزيـري سـتار النافـ ة‪ ،‬ع ـ أن ـرتق‬

‫‪9‬‬
‫النور ظلمة امل اء (انقطع التيار من ساعة من اآلن) حني اتلمـس ج ـده‬
‫نص العار ‪ ،‬استطيع التيقن من وجوده احلد يتنفس معد‪.‬‬
‫ــ هل ترينن؟‬
‫ــ تكل فقط أو انطق أ كلمة‪.‬‬
‫عد‪ ،‬آ‪..‬ه‪.‬‬ ‫ــ ح ناي‪ .‬ا‬
‫ــ نع ‪ ،‬لقد مض أعوا عدة وأن تصرخ آ ‪..‬ه ‪.‬‬
‫أذن‪ ،‬يا حبيب ‪.‬‬ ‫ــ أنا مري‬
‫صــدر صــوت مكتــو مــن جةــة مــا‪ ،‬كصــرخة خامــدة أجةض ـ ص‬
‫التــو‪ ،‬ح ــبتةا مــن خــارج املكــان‪ ،‬أو صــيحة ناهيــة انــداح ص الفضــاء‬
‫الصــام املةجــور‪ ،‬انقلــب عل ـ جنبــه "هــل مــا زل ـ هنــا؟ أه ـ ا طيفــا‬
‫حياذين اآلن أ ذكـرس عـابرة؟ " أم ـا بيـد وشـدد مـن قبضـته عليةـا‪،‬‬
‫كاد الرسغ يناللق وينفل من يده‪ ،‬مد ذراعـه وم ـري هالـة شـعر ‪ .‬ابت ـ‬
‫ص رقدتــه وعــادت يــده تامــس كتفــد برفــق تلم ـ (مــن خــال حركــة‬
‫أصابع اليد) حنواي رقيقـاي‪ ،‬أنفـاس شـفافة‪ ،‬مـدد سـاقيه بارتيـاح فام ـ‬
‫احداهن حافة ال رش ال ر ‪ ،‬طواها ح ال اق حبركـة غـري واعيـة‬
‫كأنه يدفن سـراي ص أرض جمةولـة‪ ،‬عتـه ثانيـة وسـط البـا ينـاجين‪،‬‬
‫بــل لعلــه اطــب شحصـاي آخــر‪ ،‬شحصـاي ا أعرفــه‪ ،‬أتــراه شحصـاي و يـاي‬
‫التقاه ص حل أو كابوس أو رايا أمل بهِ أ شحصاي أفرتضه ورمبا أخرتعـه‬
‫حلاجته‪" :‬اآلن اكاد أم ا بتفاحة آد ‪ ،‬أطبق عليةا بيـد والنـةر الصـغري‬
‫ينحــدر ــو ضــفة شاســعة ملي ــة بــاألرض ا ضــراء‪ ،‬حــ باطرافةــا‬
‫أزهار البنف ش وال نديان وأشجار الكمثر والرمان احللـو بلونـه اا ـر‬
‫الغــامق وال ــمس مل تغــب بعــد‪ ،‬ولكنــةا بــدأت تن ــحب ص عجالــة لــترت‬

‫‪11‬‬
‫مكاهنا لقمر يضدء اآلحن األشجار ومايني النحيـل‪ ،‬قمـ النحـل‪ ،‬خنيلـا‬
‫الوارحن‪ ،‬كادت يد تقط الثمـرة اررمـة مـن بـني يـديا لكـن تراجعـ ُ‬
‫و البل‪ ،‬عادت خاهبة‪ ،‬يا لليد املندحرة" ‪.‬‬
‫حمــال أن يكــون هــ ا اللمعــان ص أســفل اجلفــون آثــار دمــو ‪ .‬كــان‬
‫الوجه احلالين يلـت بـني يـد كورقـة ذابلـة‪ ،‬كاملت ـول يبحـو وسـط قبيلـة‬
‫مــن ال ــحاذين‪ ،‬ص أ األمــاكن ت ــتقر أقــدا املت ــولني وص أ اجلحــور‬
‫ترلـد أج ــاده ال اويـة؟ أكــاد أقـول تك ــرت ص حلبـة مــا عـدت فيةــا‬
‫قادرة عل الصراخ لكد أحر أنتباها لل جر معه‪ .‬كـان عـاجالا عـن‬
‫األتيــان بــأ فعــل غــري األنــني املتقطــع‪ ،‬كالصــا احلــرون‪ ،‬ومــع هـ ا كن ـ‬
‫أرا تبةــرين كةالــة نــور وتغيــبني ك ــمس لتفــد وراء األشــجار‪ ،‬الــدهر‬
‫ي ـ وب وينصــةر كلمــا أراد تغــيري ‪ ،‬هــو ال ـ يــتغري ولــيس أن ـ بقامتــا‬
‫الرشـيقة الفارعـة لطفـني م ــرعة كـالومي أو كـالوه ‪ ،‬قادمـة ــو‬
‫حثني ا ط لكن ما أن تقرتبني من‪ ،‬يا ح ـرتد كيـ ا أرا ِ تتـوارين‪،‬‬
‫كيـ ؟ اىل أيـن هضـد بـا الالمـان واىل أيـن ي ـ ّير املكـان؟ هـل تبحـثني‬
‫عــن ع ــبة ضــاهعة؟ عــن جــ ر ل ــجرة أو مــ اق ع ــلد لثمــرة‪ ،‬رأيتــا‬
‫هتــبطني مــن ســفري مغط ـ باجلليــد وقــدما م ــرعتان ــو فردوســا‬
‫خفيفــة كن ــمة أو كطــري ‪ ..‬يــا هــوا ‪ ،‬يــا هــوا ‪ ،‬ايــا ‪ ،‬ايــا وال ـ كريات‬
‫ارطمة‪ ،‬ايا والن يان املتعمد‪ ،‬هـل تصـدقني؟ كـل احلقـل مـاذا كافيـاي‬
‫لرتضية ا اطر‪ ،‬أكاد أ ع خطا أو حفيـ الثـوب‪ ،‬خطـا اهلادهـة ص‬
‫م ــيتا علــ اســتحياء‪ ،‬تضــعني يــد النحيلــة بــني يــد وتنبــرين ص‬
‫عينّ‪ ،‬أكاد أغـرق ص حبـر شـديد الالرقـة‪ ،‬معـت ص حوافـه وغـنّ بالضـوء‬
‫وبالرضــا‪ ،‬وا طــوات ص عــد تطــرق فــوت‪ ،‬وحفي ـ الثــوب واليــد‬
‫الناعمة املطم نة‪ ،‬تنا بني يد ا نتني‪ ،‬والعينان يصـعب علـد معرفـة‬
‫لونيةمـــا بالدقـــة املطلوبـــة‪ ،‬اهنمـــا تأخـ ـ ان مـــن امل ـــاء البـــةد لونيةمـــا‬

‫‪11‬‬
‫وشـكليةما ونبرتيةمــا العميقــتني‪ ،‬حــني تتفجــر ضــحكتا‪ ،‬تنت ــر امل ــرة‬
‫من حويل وا يغيب صداها‪ ،‬تعدّلني حقيبة اليد الصغرية‪ ،‬وتلتـ أطـراحن‬
‫ثوبا حول ساقيا‪ ،‬تتحركني وبقايا ضحكتا تعالفةا‪ ،‬أوتارفنـان نع ـان‪.‬‬
‫اِ‪ :‬ــ مـاذا تريـد أيضـاي؟ يـا هلـا مـن دعـوة صـرحية للكـ عـن‬ ‫يأتين‬
‫اللعب ب اعة املعص ‪ .‬اا دينةا م حونة باحلب وحدها؟ ‪ " ..‬أطاحـ‬
‫به أن وطة الصم مما جر معه‪ ،‬وبـ راعني متماسـكتني أسـندته لكـد‬
‫أقلبه عل جنبيه لي رتيري‪ ،‬هل أقتلـع شـجرة مـن منبتـةا؟ مـا الـ أفعلـه‬
‫يدار يتةد أما عين وا أستطيع معونته‪.‬‬
‫ــ حطم ُ وما عادت بد فاهدة ل دء‪.‬‬
‫ث ملا اطبق شفتيه برهة‪ ،‬عاد وفتحةما من جديد‪:‬‬
‫ــ أ شدء ‪ .‬أ شدء ‪.‬‬
‫تلــا هــد الصــيحة الــ أحاط ـ باملكــان‪ ،‬اهنيــال تــل مــن الرمــال‬
‫احلارقة أو ميـاه كاويـة تفـي مـن جـدول ا ينضـب وامليـاه تن ـاح داف ـة‬
‫دون مدس‪ ،‬في مـن ميـاه هتـبط مـن علـو اىل عمـق سـحيق تيقنـ ُ أنـه ـــ‬
‫اآلن ــــ ص ســاعة اختلطـ فيةــا األشــياء واألشــكال واأل ــاء والرمــوز ص‬
‫أتون حا ‪ ،‬ص بوتقة تنصةر فيةا ال ـاعات‪ ،‬ص زمـن هتالكـ فيـه األقـوا‬
‫وان ــحق بريقةــا بــني الركــا ‪ ،‬مــا عــادت األ ــاء حمــل م ــمياهتا‪ ،‬وا‬
‫األشكال تعرحن دااهتا‪ ،‬ورقة ص مةب الريري أو بردية ص الطني‪ ،‬هل تـراه‬
‫عجل حبدو األشـياء؟ امـا عـادت تـوحد لـه باملقارعـة امل ـتدهة‪ ،‬ص أن‬
‫يكـون‪ ،‬يـا للفــال مـن مــوت يطـرق األبـواب علـ عجالـة مــن أمـره‪ .‬حركـ‬
‫رأسد و الناف ة فتعطل النـور ص الطريـق اىل ال ـرير وغـص الكـون ص‬
‫عتمة كادت تطبق عل حواشيه ‪..‬‬

‫‪12‬‬
‫ــ لقد جلب الطني بقدميا امللوثتني؟‬
‫ــ أتبكني علدّ أ ت حرين من؟‬
‫أم ــك بــه‪ ،‬توســل اليــه اا يعيــد القــول عــن ا جــدواه‪ ،‬حمــال ان‬
‫يكـون قـد عـن‪ ،‬أخـ ت أحـدس يديـه ا ـنتني (كـان يقـول عنـةما يــدا‬
‫فــاح متمــرس) وقبلتــةا حبــرارة مــن عــان طــويا‪ ،‬أراح ج ــده كلــه‪ ،‬وملــا‬
‫تلم يده ال قبلتةا شفتا عرف ك هد باردة‪ ،‬دفعتـةا هبـدوء حـ‬
‫أبطــد لكــد تتــدفأ مــن حــرارة ج ــد ‪ ،‬كانــ أســاريره قــد أست ــلم‬
‫للنعاس‪ ،‬جاءند صوته واط اي‪:‬‬
‫ــ أن تعطفني علد‪.‬‬
‫ــ أبداي‪ ،‬أرجو ‪.‬‬
‫ثانيــة صــدر الصــوت بــا رنــني‪ ،‬حركــة عاجلــة ص الب ـل العــري‬
‫جلدار احلجرة الكبرية‪ ،‬ارتطا سريع ص البل كما البـا أ ـع أصـوات‬
‫ج ــدها البــل الكثي ـ ‪ ،‬أصــوات لبــةا أصــوات أخــرس‪ ،‬قــد تولــد مــن‬
‫ال كون تلا األصـوات ال ـرية تنادينـا مـن خلـ األحجـار أو اجلـدران أو‬
‫القضـــبان أو نوافـ ـ البيـــوت القصـــية‪ ،‬رمبـــا أصـــوات املـــوت أو الع ـ ـاق‬
‫املغمــورين ا أحــد عــرحن كنــه األصــوات تلــا‪ ،‬كــالطرق علــ األبــواب أو‬
‫القر علـ طبـول احلـرب‪ ،‬لامـاي‪ ،‬اهلمـس النـون أو الضـحكة ا اهفـة‪،‬‬
‫لعلةا كا ان أو اليأس مـن حكـ سـكني املـوت بالرقبـة ‪ ..‬جـر ذلـا‬
‫كلــه ص البــل‪ ،‬ن ــمعه متقطع ـاي‪ ،‬منــدفعاي كالتيــار‪ .‬لعــل الصــوت يغيّ ـر مــن‬
‫طبيعتــه بــني حــني وآخــر‪ ،‬لكــد يو نــا حبقيقتــه‪ ،‬ص تلــا اللحبــة‪ ،‬رافــق‬
‫الصــوت املكتــو حركــة رشــيقة ص البــل اجلــانا لل ــرير ح ــبته بــاد ء‬
‫األمــر‪ ،‬ظــل الـ كريات ال ـ ا لــوت‪ ،‬ذكريــات مــوت اليــد والل ــان‪ ،‬كي ـ‬

‫‪15‬‬
‫لل كرس أن تعـيش ص الـالمن؟ ذكريـات املاضـد؟ تلفـ ص كـل اجلةـات‪ ،‬مل‬
‫أفلـري ص رايـة شـدء غـري الالجـاج املة ـ علـ ارض احلجـرة (كالـ كريات‬
‫ارطمـــة) غـــدا أرضـــا للمرايـــا الصـــغرية تعكـــس البـــال الراقصـــة ص‬
‫البلمــة‪ ،‬غالــة أو ســحابة دخــان علــ ارض املرايــا ! اا هكــن للمرايـــا‬
‫املتنـــاثرة أن مـــع صـــورة ج ـــد عـــار‪ ،‬الي ـ ـ هـــد املـــوت أو ال ـــكينة‬
‫املغتصـــبة؟ قلـ ـ أرض املرايـــا‪ ،‬ومل اقـــل أرض الن ـــيان ازد ـ ـ الـــراس‬
‫وتكدس ـ ص ارض املنحــدرات‪ ،‬أذ مــرق الصــوت املتملمــل ثانيــة وخط ـ‬
‫م ــرعاي ص ناحيــة مــن احلجــرة‪ ،‬ا منــاص مــن رايتــه والتحــديق حبركتــه‬
‫ـو األسـفل‪ ،‬ا‬ ‫امل رعة‪ ،‬و األعل أو األسفل‪ ،‬داهماي النبـر مـن أعلـ‬
‫شــا أهنــا لــب الضــرر أو حــن الرقبــة‪ ،‬لعــل هــ ا يعــود اىل ترجيعــة‬
‫الصوت قد ا أراه اآلن بالتحديد ولكن ا حمال سألتقط حركته‪ ،‬ابـد لـه‬
‫ص حلبة واحدة أن يتعثر ص طريقه‪ ،‬كان املتابعـة للصـوت تأفـل قـدرهتا‬
‫علــ التواصــل‪ ،‬لكــن كيــ الوصــول اىل حيازتــهِ دون جةــد يبــ ل؟ مــرة‬
‫أخــرس‪ ،‬شــاهدته ط ـ منطلقـاي ــو النافـ ة وحيــاول جةــده ص الفــرار‬
‫ــو ا ــارج‪ ،‬فقــد أصــبري ص الــال الوحيــد رايتــه بوضــوح‪ ،‬كــان طــاهراي‬
‫صــغرياي أو تــه فتحــة البــاب ــو الضــوء ال ــاحب‪ ،‬هــا هــو يــرس حليقــه‬
‫ا اهــب ص ال ــبايا العاك ــة لبلــه‪ ،‬تــرس هــل تصــور نف ــه س ـربا مــن‬
‫الطيــور ارلقــة ص فضــاء مفتــوح علــ املــدس‪ ،‬أرتطــ باجلــدار املواجــه‬
‫للناف ـ ة وســقط أرض ـاي‪ ،‬هن ـ مــن جديــد ليعيــد اراولــة‪ ،‬ت ــاغل عــن‬
‫الطاهر الصغري أن أزح خصات متدلية عل جبين‪ ،‬وم ـح قطـرات‬
‫عرق رشح عل رقب وعنقد وكتفد‪ ،‬هو اآلخر كـان يغطـس ص فـي‬
‫مــن رشــري‪ ،‬مل أكــن أســتطيع رايتــه بوضــوح‪ ،‬لكــن عتــه بعيــد اهلمــس‬
‫بصــوت واطــئ والــرأس هيــل نــاحي ‪" :‬رمبــا أخطــأت الطريــق اليــا أو‬
‫اخطــأند الطريــق‪ ،‬ففــد الــدروب كلــةا حبثــ عنــا‪ ،‬أريــد الوصــول اىل‬

‫‪1.‬‬
‫مرابعــا‪ ،‬ك ـ مــن األعــوا مض ـ ومــا هــدأت ســورة ال ــوق اليــا‪ ،‬مجــرة‬
‫احلــنني‪ ،‬أكتــب ا ــا فتكــرب احلــروحن أمــامد وتتــوهش الكلمــات‪ ،‬مــن أ‬
‫العناصر تن ني حروفا؟ أ ا سر من أسرار وكل حرحن منـه حيمـل‬
‫لوناي ل جرة أو ظا لنحلة سامقة‪ ،‬اسـ ا يعرفـه أحـد غرينـا ‪ ..‬أنـا وأنـ‬
‫فقط"‬
‫ــ ألتصق بد‪.‬‬
‫التصق ي د أكثر‪ ،‬أنه يغوص ص كتلة م ت لمة لكماشة يديـه‪،‬‬
‫ص حلبــة خاطفــة اختلط ـ الــراس‪ ،‬مل أميــاله كــأند أتأمــل وجة ـاي غريب ـاي‬
‫عن‪ ،‬الطفل الاه بأمه‪ ،‬مل أحب الصورة ه هِ‪ ،‬إذ ارتعدت فراهصـد وأنـا‬
‫أر ةــا ص ذهــن‪ ،‬صــورة الطفــل املعلــق برقبــة امــه‪ ،‬أردت ازاحتــه عــن‬
‫برفق‪ ،‬برفق شديد‪ ،‬لكنه أراد أن يدخلن اىل كةفه الروحد أتـراه ظـن أنـد‬
‫أســري معــه ‪ ..‬ع ـ أنفاســه تنــتب ‪ .‬أنــه ي ــتكني‪ ،‬ا شــا انــه النعــاس‪،‬‬
‫واصل الرب ا في عل كتفه‪ ،‬لكن أخرياي من أزاحـة ذراعـه العـار‬
‫عن وأن لل خـارج الغرفـة خل ـة‪ ،‬وأوصـدت باهبـا بإحكـا وراهـد‪ ،‬لـ ا‬
‫يفيق ثانية ويلتصق بد من جديد‪.‬‬
‫ن رت ص صحيفة ااحاد العراقية‬

‫العدد ‪ 686/‬بتاريخ ‪4882/64/60‬‬

‫‪@shabander_khan‬‬

‫‪12‬‬
‫تلقفته ايـدينا بعـد هتالكـه امـا اعيننـا‪ ،‬انده ـنا‪ ،‬مـأخوذين للـ‬
‫حصــل معــه‪ ،‬هــد ال ــكون باندفاعتــه وأبطــل وتــرية الصــحب ص املقة ـ‬
‫بتلا اانعطافة ال ـرمدية‪ ،‬كا نـاءة الغصـن الـ ابل‪ ،‬ملتويـاي كـ را عـار‪،‬‬
‫ووجةــه الطفــويل الصــاص املامــري يغــرق ص فــي مــن عــرق الوجــه وقــد‬
‫التصق علـ جبينـه خصـلتان او ثـا مـن شـعر رأسـه‪ ،‬ج ـده النحيـل‬
‫بــدا مةــدماي من ـ قــرون ســحيقة وقــد عبث ـ بــه اقــدار فــوق طاقتــه عل ـ‬
‫التحمــل‪ ،‬قــرون الضــي والفاقــة او مواجةــة الكــرس ص ســاحات الــوغ ‪،‬‬
‫وحده يصار طواحني اهلواء‪ ،‬الفارس با رمري او سـاح يقيـه الضـرر مـن‬
‫ريــري صرصــر عاتيــه‪ .‬اســجيناه علـ طاولــة املقةـ مضــطرين‪ ،‬لــنرت لــه‬
‫فرصة ان يريري ج ده لبع الوق ‪.‬‬
‫وقال احدنا بلةجة من خرب حاات مماثلة‪:‬‬
‫ـ دعوه يأخ نف اي كافياي ل ا ي ك اىل اابد ‪.‬‬
‫ا ن الراوس علـ رقدتـه فـوق سـطري الطاولـة‪ ،‬اج ـادنا شـكل‬
‫خيمة او غطاء يكاي‪ ،‬ا ينفـ عـربه اهلـواء‪ ،‬لكـد يتـنفس امل ـج بعضـاي‬
‫مــن راحتــه املةــدورة وســط ركــا مــن تعاســة ارت ــم عل ـ حميــاه‪ .‬فــتري‬
‫عينيه ببطءٍ شديد ث اغلقةما ص احلـال‪ ،‬ل ـ ُ ادر كيـ هُيـئ يل أنـد‬
‫رأي ص تلا اللحبـة ا اطفـة للعيـنني الـدامعتني كـل شـدء حمتمـل‪ ،‬كـل‬
‫شدء يلوح يل ص أفق بعيد‪ ،‬ص تلا اللحبة ملا تكةربـ ااج ـاد مـأخوذة‬
‫بطغيان األذس‪ ،‬لكنه حني ام ـا‪ ،‬حافـة املنضـدة امل ـتطيلة‪ ،‬امللي ـة ببقـع‬

‫‪16‬‬
‫ال ا وما خلفه اعبو الدومينو او النرد من آثـار ا لحـ علـ ال ـطري‬
‫ا ا‪ ،‬انقلب فجأة‪ ،‬و ع صوتاي يلومنا ص نربته ومنحاه‪:‬‬
‫ـ أليس له اهل يعتنون به؟ خ وه اىل بيته‪.‬‬
‫صاح احد اعا الدومينو‪ :‬يا‪ ،‬شيش ‪.‬‬
‫عنــدها‪ ،‬غرقنــا ص موجــة ســرية مــن الصــم والتأســد‪ ،‬ا نعــرحن‬
‫مـا ذا علينـا ان نفعـل ‪ ..‬تبادلنـا نبـرات حـريس لكـا التعنيـ الـ القــد‬
‫عل عواهنه‪ ،‬كأننـا غـدونا متـةمني يريـرة امل ـجّ وهـو ا يأخـ شـي اي‬
‫وا يعطــد شــي اي‪ ،‬كــان بعــ الــرواد قــد غــادروا املقةــ عل ـ عجــل ملــا‬
‫شـــاهدوا ثيابـــه الكاحلـــة الصـــفراء ملطحـــة بالـــد والطـــني وقـــد علقـ ـ‬
‫بأطرافةــا ح ــاهش الصــحراء واارض البــور‪ ،‬فكــه ااســفل ا ــر عــن‬
‫ارلـاء‪ ،‬مـا ثلتـه الـ راعان العاجالتـان عـن القيـا بالواجـب املفـرتض‪ ،‬وملــا‬
‫لكنا من اسناده عل اذرعنا لنعينه عل بلواه‪ ،‬ادركنا انه مل يكن ي ن مـن‬
‫اآلا ‪ ،‬الـ كـان ج ـده النحيـل يـرزح حـ وطأهتـا‪ ،‬بـل كـان يـتكل كأنــه‬
‫يرشقنا ب يل من ال تاه او ذرات رمل يلقيةا ص عيوننا‪ ،‬من يصـدّق انـه‬
‫ية بكا ا طاهـل وراءه‪ ،‬فوضـ مـن كلمـات اجتاحـ خـاطره‪ .‬قلبنـاه‬
‫عل جنبه فوق منضدة املقة لـبع الوقـ ‪ ،‬رأيـ ال ـفتني امل ـققتني‪،‬‬
‫هتمةمــان ح ـ وطــأةٍ مــن رمــال‪ ،‬تــاح املكــان مــن حولنــا‪ ،‬غبــار لــيس‬
‫باســـتطاعة احـــد ان يوقـ ـ تيـــاره‪ ،‬جنـــون ال ـــاعة اذ تـــدهل اللحبـــات‬
‫الطــوال‪ ،‬كــان جالعــد ي ــتد كلمــا غرق ـ املدينــة مبوجــة مــن غبــار ت ــد‬
‫مناف الراية علينا‪ ،‬حيـو الصـحرا (أمُّنـا) لـن بـالريري العاصـ ‪ ،‬وتـدفع‬
‫بالرمــال الصــفراء واحلمــراء‪ ،‬ص الليــل احلالــا او ح ـ وابــل مــن اشــعة‬
‫مشس كاوية‪.‬‬
‫كي ال بيل اىل اسعافه؟‬

‫‪14‬‬
‫كنــا جررنــاه برفــق وتــلدة ــو الالاويــة القريبــة كمــا لــو جررنــا زق ـاي‬
‫رخواي‪ ،‬ل بعضنا ج ـده مـن ااسـفل‪ ،‬لـ ا لـط قـدماه هلـا آثـاراي علـ‬
‫ارض املقة ـ ورفــع بعضــنا ااخــر ذراعيــه‪ ،‬كن ـ ُ بينــة اضــع الــرأس بــني‬
‫يــد ‪ ،‬كــأند اصــنع مــن الكفــني انــاء حلمــل الــرأس مفصــو يا عــن ج ــد‬
‫املعمدان‪ .‬واهلواء العليل تراجـع خطـوات وامتـار يا عـن زاويتنـا‪ :‬افرنقعـوا يـا‬
‫أبنـاء ال هبـة ‪ ،‬احلمــل الوديـع ســادر ص غيّـه يةــي ص الـربار ال اســعة ‪..‬‬
‫أكــان ه ـ ا صــوته ال ـ او ؟ حمــال أن يكــون هــو‪ ،‬انــه خــاطر أجتــاح صــربنا‬
‫وجعله أشاء متناثرة ص فضاء مةجور‪.‬‬
‫صاح احدنا بصوتٍ اربكه الربد‪ :‬خ وا احلـ ر مـن ناللـةٍ صـدرية قـد‬
‫حل بهِ ‪.‬‬
‫ـ ملاذا ا ن عل له موقد نار؟‬
‫ـ سيقتله الربد ال ديد‪ ،‬ملاذا ا ندفئ عبامه؟‬
‫ورغ ما قيـل‪ ،‬عـ قةقةـة تعالـ داخـل املكـان‪ ،‬ومل جـب احـد‬
‫علـ الصــيحة ال ـ ت ــري علينــا بصــنع املوقــد لنبعــو الــدحنء ص عبامــه‬
‫ا اويــة‪ ،‬كــان مكانــه اهق ـاي عل ـ الكنبــة ا ــبية ذات احلصــري اجلــاحن‬
‫وا ــن‪ ،‬املصــنو مــن ســع النحيــل وقــد ت كلـ اطــراحن احلصــري‪ ،‬ان‬
‫ع ــرات اايــد امتــدت اىل احلواشــد تقتطــع منــةا اعــواداي‪ ،‬ترم ـ ح ـ‬
‫ااقـدا عبثـاي او اسـتعماهلا أعــوادا لنـبش مــا بـني ااســنان مـن فراغــات‪.‬‬
‫عاد ثانية وفتري عينيه ونبر اىل وجوهنـا متـأما ايانـا‪ ،‬مـتمةا ص تأملـه‬
‫لنا لكد حيتوينا كلنا بنبرة واحدة‪ ،‬كأنه ينو لالين الوجـوه ص الـ اكرة‪،‬‬
‫ولكن أ الوجـوه سـيحتار لتحالينـه وخالينتـه الـ سيصـنع منـةا متـاريس‬
‫ذاكرتـه الناشـفة؟ كـان هكــن ملـن يـراه ص رقدتــه او سـجدته ان حيكـ بــا‬
‫تــردد (حدســاي او لمينــاي) انــه صــاهر اىل املــوت ا حمــال ومــن الصــعب‬

‫‪11‬‬
‫التفكري ص طبيعة ذلا املوت او جن ـه او نوعـه‪ ،‬لعلـه يكـون قـتا أو رميـاي‬
‫او ظمأ ص حرب م تعرة‪ ،‬وخاطبنا احد الغرباء من رواد املقة ‪:‬‬
‫ـ ملاذا اختار ه ا املكان؟‬
‫ـ ألننا كلنا هنا !‬
‫ـ انت اخوته ا أصدقااه؟‬
‫قل ساخراي‪ :‬سيان فاألمر واحد ‪.‬‬
‫خيل ايلَّ لو لناه خارج املكان لتة بـني ايـدينا‪ ،‬ولـيس بعيـداي ان‬
‫تتك ـــر آهاتـــه احلـــرس ص درب خاصـــه‪ ،‬مل يكـــن أ منـــا ليجـــرا علـ ـ‬
‫الــتفكري ص ذلــا قــط‪ ،‬لكــن اللغــو داخــل املقة ـ كــان يعمــد البصــرية فيةــا‬
‫وندت مـن الراقـد علـ الكنبـة آهـة تاشـ ص طريقةـا الينـا ا ……ه‪ ،‬وملـا‬
‫كررهــا ثالثــة ورابعــة‪ ،‬ســقيناه مــاء ورفعنــا الــرأس أواي ثــ قربنــا القــدح‬
‫الالجاجد امللطخ باثار اصابعنا وبصماهتا من فمه وجعلنـا شـفتيه تبـتان‬
‫باملاء قليا‪ ،‬قليا‪ ،‬حت اذا استطاب له املـ اق الراهـق للمـاء‪ ،‬فـتري شـفتيه‬
‫الناشـفتني وأخـ جرعـة صــغرية‪ ،‬ثـ جـرعتني اثنــتني‪ ،‬وبعـدها رفـع رأســه‬
‫ليقربــه ــو القـــدح ويعــبُ منـــه قــدراي أكـــرب ممــا توقعنـــاه لــيما معدتـــه‬
‫ا اويــة‪ ،‬ح ــب انــه ســينة حــد النص ـ اذا مــا ســقيناه القــدح ااول‬
‫كله‪ ،‬لكن ظن خاب ملا تقيأ املاء ينـدلق مـن الفـ العـري املـوحد بـرباءة‬
‫طيــور مةـــاجرة مـــن ارض ناهيـــه اىل ارض اكثـــر نأيــــاي ‪ .‬كـــان بـــوذا يــ و‬
‫وي وب بني ايـدينا لي ـتحيل اىل غمامـة او سـحابة بيضـاء‪ ،‬بثيابـه الرثـة‪،‬‬
‫زفر زفرتني متتاليتني وفـتري جفـنني ثقـيلني ـو سـق املقةـ ‪ .‬حـ ّدق ص‬
‫املصابيري الصغرية املنت رة ص ال ق لعله حيّـر اذ وجـدها مطفـأة وقـد‬
‫تدىل عل وجةه مصباح يضدء املكـان بنـور اصـفر شـحيري‪ ،‬يتـةالا علـ‬

‫‪19‬‬
‫صــفحة الوجــه فيبقعــه‪ ،‬كــان الوجــه ي ــتحيل اىل كتلــة صــماء‪ ،‬شــكل ا‬
‫هكــن اخرتاقــه‪ ،‬الوجــه النــاهد عنــا‪ ،‬الوجــه املكةــرب فينــا‪ ،‬وجــه امل ــج‬
‫أمامنا‪ ،‬الوجه احلالين‪ ،‬وجه من غادرنا فجأة وعلـ غـري موعـد او اتفـاق‪.‬‬
‫كان الرباءة ال ح بناها ذات يو لن لتفد‪ ،‬هـد ذ ترتاجـع ويتـداع‬
‫منةا الصفاء النقد بلمعته البلوريـة‪ ،‬بـدا أنفـه امل ـتقي ‪ ،‬كـأن القدي ـني‬
‫بــارزاي‪ ،‬مــثرياي لعجبنــا كلطحــة فرشــاة غــري مدربــه عل ـ مــران الفــن‪ ،‬وقــد‬
‫امض جل حياته حيلـ بل اهـ صـغرية‪ ،‬ل اهـ حباجـة لاسـتالادة واهلـواء‬
‫العليــل ااكثــر ع وبــة بن ــيمات رقيقــة وصــوت كمــان يصــدح ص ااعــايل‬
‫القصــية‪ ،‬ا بــد ان ــة فتــاة ص ريعــان الصــبا‪ ،‬لطـ مــن هنــا ‪ ،‬كتلــا‬
‫ال حدثنا عنةا ذات م اء‪ ،‬لرق الفتاة او تتوارس فجأة مـن داخـل سـيل‬
‫ااحا ‪ ،‬ال بدأت تتنـاقص‪ ،‬ان الفتـاة مل تـأت بعـد‪ ،‬لقـد سـار ص ارض‬
‫وعرة خال ايا العيد املنصر ‪ ،‬ا بد ان ه ا الـور البـاهر ص القـدمني‪،‬‬
‫كــان مــن ســريه احلثيــو ص اارض الــوعره‪ ،‬والل اه ـ ال ـ امض ـ ســنوات‬
‫حياول اقتناصةا تبحرت مـن بـني يديـه اصـبح الفوضـ مقـاس حياتـه‬
‫املتداعيــة‪ ،‬جــدار يتةــد وينــةار حــ ضــغط ااعصــار‪ ،‬اشــا ان هــ ا‬
‫حيــد انعــدا التــوازن ((ســتكون حرب ـاي طاحنــة قــد تبــدو غــري متكاف ــة‬
‫لكنــةا حــرب ا مــد أوارهــا )) غــرق لتــوه بــالعرق الراشــري مــن ا ــاء‬
‫ج ــده‪ ،‬واقــراص الــدومينو تضــرب بــالقرب منــا‪ ،‬علــ ســطري املنضــدة‬
‫ا ــبية بعن ـ وضــجة‪ ،‬كضــربات متــوترة لبيــانو ذهــب ضــحية العبــو‬
‫والفوض ‪ ،‬كان القصد واضـح يا ان نأخـ ه ونغـادر‪ .‬لكـن عنادنـا بـدأ يكـرب‬
‫ويت ــع اكثــر مــن أ احتمــال ملــا جــر وي ـود‪ ،‬دور جةــار‪ .‬أربــط أربــط‬
‫ازنيــ ‪ ،‬لعــل الضــربات الرنانــة املت ــارعة ألقــراص الــدومينو اســتفالت‬
‫ا اطر العليل حني فتري عينيه كحيوان ي تغيو‪ ،‬با جدوس‪ ،‬والعنـاد بـدا‬
‫علينــا واضــحاي‪ .‬كنــا نتلم ــه باصــابعنا هبــدوء ورق ـة ل ـ ا حــرح خــاطره‪،‬‬

‫‪21‬‬
‫نضع راوسنا واذاننا عل نبضات القلـب لنتـيقن مـن وجـوده احلـد بيننـا‪،‬‬
‫كان ص رقدته م جّ عل اللوح امل ـطور‪ ،‬يبتعـد عنـا ويغيـب مثـل نقطـة‬
‫ص افـــق قصـــد‪ ،‬وفجـــأة عنـــاه يتمـــت يـــال ‪ (( :‬ســـرنا حفـــاة ااقـــدا‬
‫وعــدتنا عل ـ اكتافنــا‪ ،‬القيناهــا ص الطريــق‪ ،‬أكــان حتم ـاي علينــا ال ــري ص‬
‫طريق اجللجلة‪ ،‬من أولدنا وسط البا الـدامس؟ وتركنـا هنبـاي للضـوار‬
‫والكواســر ترتــع ب ــقط املتــا الــ خلفنــاه وراءنــا‪ ،‬كأننــا تبضــعنا مــن‬
‫اف ـــدتنا واكبادنـــا‪ ،‬ماضـــينا‪ ،‬ماضـــينا‪ ،‬كـــان ركامـ ـاي احجـــار فتتـــةا ريـــري‬
‫صرصــر عاتيــة‪ .‬آه … آه … آه … داهمـاي كنــا ن ــمع مــن يتنــدر علينــا‪ ،‬وكن ـ ُ‬
‫اصرخ باملتندرين‪ :‬ايةا املاكرون ايةا املـاكرون اتعرفـون معنـ خطيـه؟ ومـا‬
‫كن اتلق جواباي عل صيح ‪ ،‬امنا الريري تالجمر بني اقـدامنا وسـيقاننا‪،‬‬
‫ولالق ص طريقةا ثيابنا‪ ،‬ال بات مةلةلـة واانـني حادينـا‪ ،‬ألننـا مـا كنـا‬
‫ــاي او بااشـــارة او النبــرة احلانيـــة وااقــدا حــ‬ ‫نكلــ بعضـــنا اا‬
‫ا ط ـ وا لطــو اا بضــع أشــبار مــن املكــان‪ ،‬ومــا عــادت لنــا اطــراحن‬
‫ت ــعفنا او حتوينــا‪ ،‬اصــبحنا كلنــا ص مةــب الــريري‪(( ،‬ش ـ ر م ـ ر )) وملــا‬
‫صــم الراقــد فــوق الكنبــه‪ ،‬كــدتُ انفجــر بضــحكة جملجلــة مــن عبارتــه‬
‫ااخرية ( ش ر م ر ) كي جاءت وحط علـ سـطري الـ اكرة‪ ،‬عنـد ذا‬
‫ادركــ ان ا ذاكــرة لديــه اان‪ ،‬امنــا ل ــان يةــ ويقــول مــا ا يــتقن او‬
‫حي ــن قولــه‪ ،‬وان مــا يتـ كره لــيس اا شــكا هاميـاي مــن صــور املاضــد‪،‬‬
‫انه ملا قـال‪ :‬شـ ر مـ ر‪ .‬انقلـب علـ ظةـره وفـتري عينيـه ونبـر الينـا مـن‬
‫اســـفل اىل علـــو‪ ،‬كأنـــه أســـقط ص قـــا ســـحيق يأمـــل مغادرتـــه بـــالنبرة‬
‫القاسية او اهلم ة املتجاسرة‪ ،‬ص أن يبـوح مبكنـون ع ابـه او رااه ‪ ..‬ابـد‬
‫انه اان يـرس رايـا تطوقـه مـن كـل جانـب‪ .‬وال ـفتان هتمةمـان وتتحركـان‬
‫ببطء شـديد‪ (( :‬آ …ه‪ ،‬ص تلـا اايـا ‪ ،‬ايـا شـبابنا الفـاند‪ ،‬ا احـد ين ـ‬
‫فرتات اهلناءة‪ ،‬ملا كنا نقفال عل اسـطري املنـازل معتمـدين علـ قـدراتنا ص‬

‫‪21‬‬
‫لطــد اجلــدران امل ــرتكة مــع جرياننــا‪ ،‬كنــا منــد ايــدينا اىل ثيــاب البنــات‬
‫وهن يصرخن بوجوهنا‪:‬‬
‫ـ اا ت تحوا حني ل كوننا من هنا؟ ‪ ..‬وما كنا ن تحد ألننـا كنـا‬
‫ص فـــورة صـــبانا‪ ،‬واآلبـــاء يرموننـــا ب ـــيل مـــن شـــتاه مق عـــةوالفتيات‬
‫يقـ فننا بوابــل مــن حص ـ وحجــارة‪ ،‬كان ـ العابنــا دليــل براءتنــا ومــا كنــا‬
‫نعرحن الغي من احد )) ‪.‬‬
‫فجأة انقطع النور عرب باب املقة وساد املكان عتمة‪ ،‬تلفتنا حولنـا‪،‬‬
‫ة امرأة فارعة بعباءة سـوداء حجبـ الضـوء كلـه‪ ،‬ت ـبث باملكـان‬ ‫كان‬
‫وظل ـ تتفــرس ص وجوهنــا‪ ،‬وكأهنــا عل ـ درايــة مبــا ي ــود ص املقة ـ او‬
‫أنب بال حصل ‪.‬‬
‫صــاح صــاحب املقة ـ ‪ :‬هــ ه امــرأة جــاءت تبحــو عــن صــاحبك ‪.‬‬
‫اظنةا تعرفه ‪.‬‬
‫تصورتُ أنـد اعـرحن املـرأة منـ زمـن‪ ،‬منـ سـنوات بعيـدة حمـال ان‬
‫يكون وجةةا غريبـا علـ امثـايل‪ ،‬انـا الـ مل اركـن اىل زاويـة واحـدة ومل‬
‫اســتقر ص مكـــان معـــني زمنــا طـــويا‪ ،‬جــوّاب افـــاق ا الـــو علــ شـــدء‬
‫وديــدند مجــع احلكايــات والقصــص وااخبــار أرويةــا او احــتف هبــا ص‬
‫سجل كـبري‪ ،‬حتـ قـال يل احـد ااصـدقاء ذات يـو ‪ :‬ارا تكفلـ بأخبـار‬
‫املدينة كلةا؟ وملا ضحك من كامه‪:‬‬
‫‪ -‬ايا َ واملبالغة ص التصور ‪.‬‬
‫تقـدم املــرأة خطـوة ج ــورة ونـا‪ ،‬ادارت رأســةا ص املكـان كأهنــا‬
‫ت ت كره او تعيد ص خميلتةا صورة مـن صـور التـ كر املن ـلحة ص مـاض‬
‫تدر نكةته وش اه وقد صنع من عباءهتا ال وداء طوقاي يلـ ج ـدها‬

‫‪22‬‬
‫‪ ..‬مل تكــن رأت الراقــد عل ـ الكنبــه بعــد‪ ،‬بــل احب ـ حوطنــا و معنــا‬
‫حوله فقط‪ ،‬عادت وتفرس ص الوجوه لعلةا تلتقط وجةاي تعرفه‪ ،‬مع اهنـا‬
‫تــأملتن اكثــر مــن ســوا ‪ ،‬وحاملــا وقعــ نبرهتــا امل ــتفالة علــ ج ــد‬
‫الراقد‪ ،‬امل جّ ‪ ،‬حت اندفع ينون و صاحبنا وهد تصرخ‪:‬‬
‫ـ ماذا فعلت به؟ اا يكفد ما جرس له؟‬
‫لكنــةا هــدأت بعــ ال ــدء حــني رأتــه حيــر احــدس ذراعيــه ص‬
‫الفـــراش‪ ،‬كـــان لراهحتـــةا عبـــق اازهـــار ص اول تفتحةـــا ولقامتـــةا ذلـــا‬
‫احلضور‪ ،‬ال يتمنـاه املـرء ص ان يكـون نصـيب مـن حيـب ‪ ..‬مـع عـدد‬
‫آخــر مــن اعــا النــرد والــدومينو‪ ،‬اســندته اىل صــدرها كمــا لــو لــ‬
‫طفلـــةا بـــني ذراعيةـــا‪ ،‬ادارت عينيةـــا مـــرة اخـــرس‪ ،‬نبرهتـــا اجلانبيـــة يل‬
‫رتن ص املكان‪ ،‬بل رتنا حيو مل ل حلبات حت توارت به مـن‬
‫امامنا‪ ،‬مل نفق اا بعد مضد هنيةة عل ما فعلته املـرأة‪ ،‬انتبـةنا اىل خلـو‬
‫الكنبــة مــن صــاحبةا‪ ،‬تبادلنــا النبــرات فيمــا بيننــا‪ ،‬دون ان ينــبس احــدنا‬
‫بكلمة ألن ما جرس فوق احتمال التصـور ‪ ..‬تراجعنـا ـو اجلـدار‪ ،‬وذهـب‬
‫بعضــنا لي ــار مجاعــة مــن اعــا الــدومينو لعبتــة ‪ ،‬مل يبــق غــري ص‬
‫الالاوية الرطبة‪(( :‬يا‪ ،‬جةار‪ ،‬انالل))‪ .‬كان ااصـرار ص داخلـد يتعـاظ ص‬
‫معرفة ما سيجر احقاي‪ ،‬قل ‪ :‬أن امرأة هلا ج ارة اللبوة ص الـدفا عـن‬
‫صــغارها‪ ،‬ابــد هلــا ان تفعــل لصــاحبنا شــي اي‪ ،‬أ شــيئ ‪((:‬ســد‪ ،‬بيــاض‪،‬‬
‫أغلق اللعبة)) كان علدّ مغادرة املكان ص اللحبـة والتـو‪ ،‬لكـد اقتفـد اثـر‬
‫املرأة ل ا يضيع من اىل األبد ‪.‬‬
‫بغداد ‪4886‬‬

‫‪@shabander_khan‬‬
‫‪25‬‬
‫بــدت العيــادة امل ــاهية متنحيـة عــن جــادة املــارة‪ ،‬مل تكــن ص شــار‬
‫خلفد بل عند واجةـة حمـات مرتاصـفة‪ ،‬وقـد فتحـ ابواهبـا قبـل سـاعة‬
‫من اآلن‪ ،‬والغريب مل نكن نعرحن اين تقع عيـادة كةـ ه لـوا انتباهـة عـابرة‬
‫من احدنا بعد اطراقـة قصـرية اشـار بيـده علـ طريـق يفضـد اىل سـاحة‬
‫مع ـ فيةــا ع ــرات ال ــيارات الصــغرية واعم ـدة اهلــات منت ــرة ص‬
‫اركــان ال ــار ‪ ،‬مل تكــن املصــابيري قــد انــريت اآلن لكننــا بكرنــا بــالدء‬
‫عاقدين العال عل نقلـه اىل عيـادة ال ـفاء‪ ،‬بعـد ان درنـا علـ عـدد اخـر‬
‫من العيادات ال زرع اليأس ص نفوسنا‪ ،‬كنا اربعـة رجـال‪ ،‬وكـان اكربنـا‬
‫اكثرنا صربا واقلنا ثرثرة حـول املـري ومـا يعانيـه مـن اآل وويـات وهـو‬
‫يصـــغد اىل عباراتنـــا املتقطعـــة ‪ ،‬املتنـــاثرة نقوهلـــا جالافـــا‪ ،‬او لمينـــا او‬
‫ترضــية رخيصــة واطرنــا املنك ــرة بعــد ان هــدّنا تعــب طويــل‪ ،‬كأننــا‬
‫صمّمنا عل اجلر ال ـريع املتواصـل بـا تـوان او تقـاعس علـ اسـرتداد‬
‫اامـــل املضـــا ص الطرقـــات الكـــثرية‪ ،‬ملـــا درنـ ـا بـــه‪ ،‬وقـــد رفعتـــه اايـــد‬
‫واســندته ااكتــاحن ‪ .‬اكربنــا ا هلــا اا التحــديق امل ــتمر بوجــه املــري‬
‫الــ استعصــ علتــه علــ مــن تقــد للك ــ عليــه مــن اطبــاء مةــرة‬
‫جراحني او م حصد علل ايرقـ ال ـا اىل علمةـ ومعرفتـة ‪ ..‬اكربنـا‬
‫ي به اصغرنا وجاريه ص النبرة امل ـتكينه اىل العليـل كلمـا ارتفـع األنـني‬
‫من بني شفتيه الناشفتني‪ ،‬كأنه وطن النفس علـ اهلـ و بكلمـات غامضـه‬
‫يعوزهـا الوضـوح وبلـوش املعنـ ‪ :‬ــــــ حمـال حمـال اا تفعلـوا يل شـي ا يقــين‬
‫البليــه؟ تلفتنــا بيننــا وفيمــا حولنــا‪ ،‬كــان الصــم راســحا يضــش باألس ـ‬

‫‪2.‬‬
‫وا راب كأنـه يقطـره علينـا مـن قـوارير او لطـره ـاء مربـده‪ ،‬انتبـةنا‬
‫كلنا للصوت‪ ،‬كان النربة املتحاذله بل الياه ه تأتينـا مـن قـرار بعيـد وكـل‬
‫منــا التفـ اىل صــاحبه دومنــا حــرحن او كلمــة تقــال‪ ،‬بــل الصــم حادينــا‬
‫لل ـ هول ال ـ طوقنــا كاألســاور ‪ .‬مــرة اخــرس عصــف الــريري ص اازقــة‬
‫ودا نــا الغبــار مــن كــل ركــن وزاويــة قريبــة منــا ولفتنــا عجاجــة صــفراء‬
‫قطع سبل الرجاء فينا‪ ،‬اين ينبغد لنا الوقوحن ل ا نضيع وسـط متاهـة‬
‫او خطوة ا حمد عقباها‪ ،‬أكان ذلا صوته؟ ( صوت العليل ) ا ليلنـاه‬
‫صــادرا مــن فمــه ال ـ اجلمــه املــرض من ـ عــا ‪ ،‬وبعضــنا يصــر عل ـ ان‬
‫مريضــنا ســقط ص علتــه من ـ بضــع ســنني ورمبــا كــان القــدر قــد جافــاه‬
‫عمدا‪ ،‬لكننا ا لناه كأننا ا نعرفـه وا نريـد معرفـة مـا جـر معـه وهـو‬
‫اخونا وخام ـنا وا جـوز لنـا التفـريط بأخوّتـه البتـه‪ ،‬وقـد تركنـاه ردحـا‬
‫من الالمن منفيا ص حمنته وع ابه امل تدي ‪ ،‬كنـا حـد لديـه الطيـب واملـن‬
‫وال لوس وما كان يبحل علينا وق الضيق‪ ،‬او حني يل بنا ااعصار‪ ،‬كـان‬
‫نادرا ص سحاهه بيننا كواحد منا غري‪ ،‬انه عادة وص كل مـرة نتكلكـل عليـه‬
‫بأرواحنا احلاهره وثيابنا الرثه‪ ،‬ال مالقتـةا ريـري صرصـر عاتيـة‪ ،‬يفـرت‬
‫القلــب لنــا قبــل اارض لكــد يلمل ـ اطــراحن الع ـ اب وي ــقينا مــن رحيــق‬
‫سـعادته مـا يكفينـا‪ ،‬واحلـق مل يكـن هـو اكربنـا امنـا اكربنـا ي ـبه اصــغرنا‪،‬‬
‫ويكاد بعضنا يغدو ن حة مكررة لل قيل حبقنا من اننـا عصـبة ت لفـ‬
‫فيمــا بينــةا علــ ال ــراء والضــراء‪ ،‬اذن حمــال ان نرتكــه هنبــا للضــوار‬
‫واحليوانــات الكاســرة واجلارحــه‪ ،‬بــل ضــمدناه بعــد ان حلقنــا لــه ورتبنــا‬
‫هندامــه واعتنينــا هبندامــه وعطرنــاه وعلــ اذرعنــا لنــاه مــن طبيــب‬
‫متمـرس اىل اخـر اكثـر لرسـا‪ ،‬ومـا كـان بيننـا مـن كـان جـرا علـ ابـداء‬
‫الـرأ ب ـأنه‪ ،‬ذا امـر تركنـاه لكلمـة الفصـل الـ سن ـمعةا مـن طبيبــه‬
‫ال ـ انتبرنــاه ه ـ ه ال ــاعة ص عيــادة ال ــفاء‪ ،‬لعلــه يــأتد اان او بعــد‬

‫‪22‬‬
‫حني‪ ،‬كان اول من تلقفـه منـا رجـل ربعـة وذراعـاه م ـمرتان حـد ال ـاعد‬
‫والعضل املفتول‪ ،‬جعل صاحبنا اشبه بقصبة ناشفة بني يد الرجل قـو‬
‫العضات‪ ،‬اخ ه منا دون التفرس به‪ ،‬اجل ه دكة ا نتيه وجعله يتـنفس‬
‫الصــعداء عل ـ مةــل‪ ،‬مل نكــن نعــرحن مــا اذا كــان حلقنــا حولــه يغيضــه ا‬
‫يفرحـه‪ ،‬رفـع الينـا جفـنني ثقـيلني وعـاد ليطبقةمـا نصـ اطباقـة واطلـق‬
‫ح ــرة وآه‪ ،‬كأنــه يطــرد ال ـ باب مــن حولــه ‪ ..‬جــاءت ممرضــة شــابة ص‬
‫الع رين من عمرها‪ ،‬ام ـك يـد املـري وتاملـ وجةـه ال ـاحب الـ‬
‫اكلته العلة كأنه اصيب بالريقان من سنني خل ‪ ،‬ثـ مـا لبثـ ان ضـغط‬
‫عل احد جفنيه وتأملته جمددا‪ ،‬عناهـا تتمـت مـع نف ـةا‪ :‬لقـد عـان‬
‫من اهله وذويه اكثر مما تلقاه مـن خصـومه ‪ ..‬اسـتمرت املمرضـة ال ـابة‬
‫حدّق بالوجه األسيان‪ ،‬وضع يدها البيضاء علـ احـد كتفيـه‪ ،‬وذراعةـا‬
‫نص ـ العــار اجلميــل كــان ناصــعا ص ا نــاءة ســاحرة جعل ـ مريضــنا‬
‫يتنفس الصعداء ‪ .‬عادت ثانيـة اىل القـول‪ :‬ــــــ كيـ احلـل اذن معـه او مـع‬
‫من ه عل شاكلته؟‬
‫ـــــ هل هنا من ه يعانون ايضا؟‬
‫ــــــ نع كثريون قد يتجاوزون امل ات بل اآلٍاحن يا سيد !‬
‫ـــــ وهـل هلـ ه العيـادة ان تكفـية ؟ اا تـراه كيـ بـدأوا يتقـاطرون‬
‫علينا؟‬
‫ـــــ وماذا سنفعل مع اخينا؟‬
‫ـــــ سيأتد الطبيب وينبر ص حالته ‪..‬‬
‫كان ـ عيــادة ال ــفاء تفــتري ابواهبــا م ــرعة امــا الــريري لت ــتقبل‬
‫مرضاها علـ اسـتحياء غالبـا‪ ،‬وتبـيّن لنـا اهنـ وزعـوا عـددا مـن املقاعـد‬

‫‪26‬‬
‫ا بيه وتركوها عنـد منعطفـات الالوايـا وااركـان وهـد كـثرية ومنت ـرة‬
‫عند ابواب الغرحن ونواف ها ك لا‪ ،‬وص احلال توصد ابواب الغـرحن حاملـا‬
‫يــدخل مــري او عليــل او حلبــة يغــادر الغرفــة‪ ،‬ولكــن ا احــد يــدر اىل‬
‫اين هضون به !!‬
‫تلــا ااثنــاء اشــرت عل ـ اخــوتد ان ا لــوا مريضــنا ــو الــرواق‬
‫الطويل حيو غرفة الطبيب‪ ،‬لعله حني يراه ملق او متـةالكا علـ مقعـده‬
‫سيدخله غرفة الك ‪ ،‬أجل ـناه اول اامـر علـ كنبـة خ ـبية واسـندناه‬
‫اىل اجلــدار لايــل قلــيا والوجــه غــدا بلــون الــرتاب او الرمــال ال ــاخنه‪،‬‬
‫ناللـ قطــرات عــرق علـ ســالفيه وخديــه ورأينــاه يلعقةــا بطــارحن ل ــانه‬
‫وي ــت وقةا علــ مةــل‪ ،‬عــدنا ثانيــة واســندناه لنعيــد لــه رباطــة جاشــه‬
‫وقدرتـه النـادرة علـ التحمـل ايـا كــان فيةـا عونـا لنــا او مرتاسـا العابنــا‬
‫وفوضانا ‪ ..‬اامةات عرب فتحات اابواب وشقوقةا ي ـتجمعن شـجاعتةن‬
‫للصــراخ بنــا او لنــةرنا مــن مغبــة التمــاد ص افعالنــا غــري الربي ــة‪ ،‬اكربنــا‬
‫اكثرنـا حرصـا علـ مل مشـل وحـدتنا‪ ،‬وهـو ص تفانيـه ي ـبه اصـغرنا‪ ،‬مـا‬
‫كنـ كــبريه وا صــغريه لكــن كنـ بينـة موضــع ال ــبابة بــني اصــابع‬
‫وطيس طي نا ا عه يصرخ بأعل صـوته‪ :‬ـــــ يـا‬ ‫اليد الواحدة واذا‬
‫خيل اهلل اركا وحالمد وض الوغ ‪...‬‬
‫بعضنا ينفجر بضحكة جملجلة حاملا ي مع املوت ينداح ص الفضاء‬
‫املرتامــد‪ ،‬يــا خيــل اهلل اركــا‪ ،‬حقــا كنــا نركــب خيولنــا احلديديــة وننــدفع‬
‫كال ــةب ص معركــة ضــارية ا نلــو فيةــا علــ شــدء‪ ،‬ومثوانــا‪ ،‬مثوانــا‬
‫يرتصــدنا ويغــدو حفــرة بانتبــار ان ي ــقط احــدنا متعثــرا ص خطــاه‪ ،‬او‬
‫متةالكا حبج احلمية املتصاعدة‪ ،‬اذ يتجل لنا كـل شـدء وينجلـد احلـال‬
‫عن وجود فتاة ص البل ترقب افعالنا املاكرة‪ :‬بضفريتني اثنـتني وفـ بلـون‬

‫‪24‬‬
‫ال فق‪ ،‬وعينني ساحرتني تتلصصان عل افعالنـا‪ ،‬اعـن اج ـادنا الفتيـه‬
‫املاهرة ص خوض غمار العبو‪ ،‬والعناد‪ ،‬وكنا وسط تعايل الصراخ والعويـل‬
‫ن مع اصطكا ااج اد ك نابا ا يل‪ ،‬اعن اج ـادنا بعضـةا بـبع‬
‫كأهنا عربات قطار تفرقـ حلبـة ثـ اسـتجمع قواهـا ص نقطـة واحـدة‬
‫ترد فيةا ذلـا النـأ امللعـون عـن وجودنـا الراسـخ القـو ‪ ،‬كيـ احتملنـا‬
‫ه ـ ا كلــه؟ وص غمــار اانــدفا األهــوج ــوض الــوغ حيــد ان يتــوارس‬
‫احدنا اه ا بـالفرار مـن سـحونة املعركـة‪ ،‬او يطلـق سـاقيه للـريري متحفيـا‬
‫وراء جدار او شـجرة‪ ،‬او ص حفـرة مل نتوقعةـا ‪ .‬يكـون مجعنـا قـد تنـاقص‬
‫واهلدير العاتد يأخ نا باحرافـة ا تـرت لنـا مةلـة الـرتو او البحـو عـن‬
‫اآلخر‪ ،‬وفجأة يعو احدنا من ها لل يراه‪:‬‬
‫ـــــ لقد خ رنا كل شدء كل شدء ‪..‬‬
‫وارس ذرا اكربنا لتد ص الفراش الداهر من حولنا ت ـري علـ اآلخـر‬
‫املتــواند اواملتــوار او ذا صــاحب ااعــان عــن خ ــارة كــل شــدء‪ :‬هيــا‬
‫انـدفعوا مل يبــق اا القليـل‪ ،‬عــا العـون بلمــري البصـر؟ غــري انـد اســأل‬
‫نف ــد صــارخا ص العجاجــة اهلــادرة والغبــار يطـوّح بااشــياء‪ ،‬حتــا نبــل‬
‫نرقـب هنــارا جديـدا؟ حتــا ؟ فـا ا ــع لصـوتد ترجيعــة او صـدس وســط‬
‫جرينيكا املوت تلا‪ ،‬وما ي ري علينا ال را الطويل القاسـد ملوحـا لنـا ص‬
‫اهلــواء‪ ،‬ان واصــلوا كفــاحك ‪ ،‬دون عثــرات‪ ،‬هنـبّ منــدفعني ينــون ا مثيــل‬
‫لــه‪ ،‬وعليلنــا ســاعتةا ي ــابق الــريري‪ ،‬يتقــدمنا حبميــة ا تقةــر و ــن نــراه‬
‫كــالنيال ‪ ،‬ا يلــو عل ـ شــدء ‪ .‬كــان القــدر قــد خصــه بــالفوز ارقــق ص‬
‫لعبة ا نرس هلا من هناية تلـوح ص افـق قريـب‪ ،‬اشـا كـان قـراره ال ـر ‪،‬‬
‫هـو‪ ،‬الفــوز بالكـأس املعلـ ‪ ،‬لكنـه اآلن ذاهــل ووجةـه الـ ابل ي ـد باألسـ‬
‫والقنوا وقد خ ر اشواطه كلةا ‪ ،‬ومل يعد لديـه مـن ميـدان هـارس فيـه‬
‫العابه املاكرة ‪..‬‬

‫‪21‬‬
‫ع من يقول‪ :‬ـــــ وصل الطبيب اان ‪.‬‬
‫حركنا كلنا مـأخوذين برغبـة التعـرحن علـ شـحص الطبيـب الـ‬
‫سيبوح لنا بال ر وقد ظل غامضا وع ريا علينا ردحا طويا من الالمن‪:‬‬
‫عل حالته غري ؟كان يـد الطبيـب قـد قلبتـه وجـس‬ ‫ــــ هل ك‬
‫النب عرب اليد املتوانيه‪ ،‬الرتيبه املتدليه و اارض رفعةـا ـو ااعلـ‬
‫وظـل حمتفبـا يـال صـمته ووقــاره وعينـاه تبحثـان ص الوجـوه امل ــمرة‬
‫علـ حركــة اليــد ‪ ،‬كأنــه قبطــان يــدير ســفينة تاهةــة وســط املــوج والــريري‪،‬‬
‫لوح يد الطبيب لنا كلنـا دون النبـر ألحـدنا حديـدا وتقـدمنا اثـر ذلـا‬
‫خطوتني او ثاثا مطبقني اافواه خمافـة ان يتةـد شـدء ا نريـد التعـرحن‬
‫عليه اآلن‪ ،‬رغ ان ة خيبة طغ عل وجه الطبيب جعلته يعاود النبـر‬
‫اىل وجه مريضنا وبيده اشار عل املمرضـة ال ـابة اجلميلـة‪ :‬خ يـه ـو‬
‫عن علته ‪.‬‬ ‫الغرفة ااخرس للك‬
‫علـ وجةةــا ابت ــامة شــاحبة‪ :‬ــــــ ارس انـه ا ي ــتطيع ال ــري عل ـ‬
‫قدميه‪ ،‬أرا ا متورمتني ‪.‬‬
‫وكــان لصــوهتا الرقيــق ال ـ خاطــب الطبيــب وقــع النــدس وال ـ س‬
‫عل ا اعنا ‪ ،‬انبـةرنا لنـربة الصـوت الـ ظـل حـاهرا بـني هلجـة الـيقني‬
‫وبــني صــيغة ال ــلال عــن حقيقــة العلــة ‪ .‬تقــد رجــان مــن العــاملني ص‬
‫عيادة ال فاء و اه علـ اذرعةمـا واختفيـا بـه‪ ،‬كنـا نـدور حـول بعضـنا‬
‫والطبيــب مل يــرت لنــا فرصــة ال ــلال عــن جــدوس انتبارنــا ص الــرواق‬
‫الطويــل ‪ .‬اختف ـ الطبيــب كمــا اختف ـ املمرضــه مم ــوقة القــوا أســيلة‬
‫ا دين مجيلة القد غرّاء فرعاء مصـقول عوارضـةا‪ ،‬اختفـ بـني الغـرحن‬
‫العديــدة وضــا منــا ااثــر ‪ ،‬درنــا ص متاهــة ااروق ـة واابــواب املوصــدة‪،‬‬
‫ورواهري اادويه واا رة واألرديه البيضاء تبعنا كبرينـا ص سـريه وخطواتـه‬

‫‪29‬‬
‫البطي ـــة املتوانيـــة حمـــاذاة اجلـــدار‪ ،‬بعضـــنا اســـرتق ال ـــمع اىل اابـــواب‬
‫القريبــة‪ ،‬ومنــا مــن تلصــص عــرب شــقوق النوافــ وفتحــات التةويـــه دون‬
‫جدوس‪ ،‬كان ااج ـاد تـ ن ص تلـا الغـرحن ا مـن امل بـل مـن طـول رقـاد‬
‫عل اسرّة بيضاء ت مّرنا لبع الوق امـا الكـوة الالجاجيـه ‪ ،‬ننبـر ص‬
‫الوجوه الراقدة عل ااسرة والضوء يغمر فضـاء الغـرحن ‪ ،‬والعيـون ترسـل‬
‫نبــرات حــاهرة ونــا ــرأ احــدنا وفــتري بــاب احــدس الغــرحن‪ ،‬فوج نــا‬
‫بـالوجوه الراقـدة وقــد مشلـةا طيـ واحـد مـن الــراس واحلـنني اىل خــارج‬
‫املكان وقد اشار علينا احده ان ناولوند سجارة‪ ،‬اوزناه ث عـدنا اليـه‬
‫منده ــني كأننــا نــرس اخانــا راقــدا وطي ـ ابت ــامة ج ـ ىل تعلــو حميــاه‪،‬‬
‫وقال احدنا بنربة عجب‪ :‬يا عباد اهلل انبروا جيدا !‬
‫ن نرس ما تراه ‪.‬‬ ‫ــــ‬
‫من هلا تف ريا هل ا كله اا ترون ؟‬
‫وصاح اخر ب حرية صرحية‪:‬‬
‫اجلميع ي بةون الواحد‬
‫وكأن الواحد منا ي به اجلميع ‪.‬‬
‫ا ي به حت نف ه ‪.‬‬ ‫ع صوتا آخر يقول‪ :‬ياللجميع ال‬ ‫و‬
‫انتبــة اىل يــد املمرضــة اجلميلــة حــط عل ـ كت ـ اكربنــا و ــره‬
‫خارج الغرفة ‪ ،‬وصوهتا حلو النربات يةمس لنا ‪:‬‬
‫ــــ هيا اتبعوند ‪..‬‬
‫وملا تبعناها الواحد اثر ااخر كـان الطبيـب ص انتبارنـا‪ :‬ــــ ان امـرا‬
‫كة ا ا هكن الب به ‪..‬‬

‫‪51‬‬
‫ــــ ما املطلوب منا سيد ؟‬
‫بدا خاهبا ومرتددا‬ ‫كان ذلا صوتد ال‬
‫ن اعرحن بعاجه !!‬ ‫‪ :‬اتركوه لنا‬
‫ـو النـور خـارج العيـادة وعيوننـا‬ ‫ترددنا ص سرينا متعثر ا ط‬
‫احلاهرة ا ندر اين سرتسو ‪.‬‬
‫كان اكربنا يصرّ عل اجتيازنا العتبة لنغدو مجيعا دون اخينا خـارج‬
‫املكان ‪.‬‬

‫‪@shabander_khan‬‬

‫‪51‬‬
‫كــان ايقــا اصــواتنا يلــتح دون انقطــا بعضــه مــع بعــ ‪ ،‬والفــ‬
‫كـة‪ ،‬بـا أسـنان تطـوّق اللثـة‪ ،‬وعـرب عيـنني نصـ‬ ‫الناش املفتوح كف‬
‫مفتوحتني‪ ،‬كـان أخونـا يصـغد الينـا ‪ ..‬مـن الي ـري ادرا تلـا احلميـة ص‬
‫احتضــان ةماتــه واهنيــاره بــني ايــدينا‪ ،‬بأشــارات مرتبكــة تبــدو ع ــرية‬
‫علينـــا‪ ،‬احلاجبـــان ينتفضـــان بتـــلدة‪ ،‬حلقنـــا لـــه ذقنـــه الناشـ ـ النحيـــل‬
‫باست ــا ‪ ،‬روّعتنــا رخاوتــه كق ــرة مــوز ذابلــة‪ ،‬كــان فكــه األســفل يتــدىل‬
‫وحركــة ج ــده بطي ــة‪ ،‬تنــتف وتتمــرد وتعلــن بأصــرار اا تنــالل شــفرة‬
‫املــــوس علــ ـ الرقبــــة او الــ ـ قن املــــدهون برغــــوة كثيفــــة‪ ...‬العينــــان ص‬
‫حمجريةما قلقتان‪ ،‬توشكان عل اانتفاضة ال ريعة‪ ،‬هبطـ ال ـفرة ص‬
‫احلفر وا طوا املروعة ص صـفحة الوجـه‪ ،‬حمـ است ـا لنـا‪ ،‬جـدء‬
‫بعطــر رخــيص ذ راهحــة‪ ،‬نفــاذة‪ ،‬ألقيــ قطــرات متنــاثرة علــ الوجــه‬
‫لت تفال شحوبه‪ ،‬وتوق ص طريقةا حركة الد شـبه املتجمـده ص العـروق‬
‫النافرة ص اجلبةة والرقبة‪.‬‬
‫عناه يةمة ‪ :‬ــ تكلموا‪ ،‬تكلموا يا اخوتد‪.‬‬
‫وملا مل نفة القصد بالدقة املطلوبة‪ ،‬تعطل فاعلية اجل د وثبتـ‬
‫نبرة م تغيثة ثاقبة عل جباهنا‪ ،‬حبرية وريبة جعلتـه فري ـة يأسـه مـن‬
‫جدوانا‪ ،‬رأيناه يرفس حافة الغطاء من هنايته ليوق انتباهتنا املنتبرة‪:‬‬
‫ــ تكلموا‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫انطبقـ ـ ال ـــفتان الواحـــدة تامـــس ااخـــرس بصـــعوبة ألن الفـــا‬
‫األسفل عاد اىل هتدلـه‪ ،‬واآلن يطبـق بـبطء ع ـري زينـه شـحوب الـوجنتني‬
‫وبياضةما‪ ،‬كنا يطه بأذرعنا وأفواهنا وصـدورنا‪ ،‬لكنـه ظـل بعيـداي عـن‬
‫اصــابع اليــد لام ــا بــه او مل ــه‪ ،‬كان ـ ال ــفرة تنــةد عملــةا بصــعوبة‬
‫بالغة‪ ،‬ترت الفرصـة سـا ة أليقـا اهلمـس او الصـوت القلـق‪ ..‬أيـة مـودة‬
‫ضافية وحنو نتنف ه ص حضرة العليل امل ّج عل فرا قدي مةـرت ‪،‬‬
‫ي د بتقاد األيا ا وايل‪ ،‬أيـا امـه وابيـه‪ ،‬واألب احلـاند مـرتاس العنـاد‬
‫ال ــرس وفــي الكربيــاء‪ ،‬باســتدارة ا نجــر واســتقامة (املكــوار) والفالــة‬
‫أح ــن مــن الطــوب‪ ،‬الــ كــان مــدفعاي انكلياليــاي يــد البيــوت ا ربــة‪،‬‬
‫ا اويـــة امل ـ ـيّدة مـــن الطـــني املتحمـــر أليـــا ‪ ،‬أيـــا امـــه ســـليلة الن ـــاء‬
‫املكابرات ص صرب يتع ّقن فيه زهرة التفاند‪ ،‬تلا وسادته وذا فراشه‪.‬‬
‫رأيــ عـــني املـــرأة بعباءهتـــا الــ طوقــ اجل ـــد وســوّرته‪ ،‬لـــالر‬
‫باستنكار حنو قاماتنا عليه‪ :‬تكلموا‪ ،‬تكلموا يا اخوتد‪.‬‬
‫أصغينا بكل جوارحنا اليه‪:‬‬
‫ـــ سيةرب‪ ،‬سيةرب ما املوت ان تكلمت ‪.‬‬
‫مل ن أ األذعان له‪ ،‬ألنـه حتمـا ا يعـد مـا يقـول وسـبابته تـربز مـن‬
‫ح حافة الغطاء‪ ،‬دارت سـحب الـدخان وسـط ايقـا الصـوت اجلمـاعد‬
‫ألفواهنــا‪ ،‬أشــار ب ــبابته الناشــفة‪ ،‬ليلتــه يةمــس عمــداي‪ ،‬حني ـ الــرأس‬
‫عليه وأسلم ال مع له‪ ،‬كانـ الكلمـات خاليـة مـن املعنـ ‪(( :‬ا أدر ‪ ،‬يـا‬
‫اخوتد لو عرفت ‪ ،‬هنا امل رية الطويلة)) ‪.‬‬
‫ماذا يقول اخونا؟‬
‫ــ إهنا م رية األل ميل‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫ــ نع ‪ .‬نع ‪ .‬نفة ما يعنيه‪.‬‬
‫هـــدأت اســـاريره وا لـ ـ مفاصـــله‪ ،‬طفحـ ـ ص عينيـــه التماعـــة‬
‫عرفان بالفضل لنا مجيعاي‪ ،‬ص أننـا ادركنـا مقصـده‪ ،‬والفـ منطبـق يرسـ‬
‫خطا بيانيا عل صـفحة الوجـه‪ ،‬الغرفـة مبـا احتوتـه مـن رسـو وزخـارحن‬
‫ووســاهد متنــاثرة‪ ،‬موشــاة يــوا ل ـ حياكتــةا مبعرفــة ودرايــة جعل ـ‬
‫كم ــاند لــاذر ‪ ،‬والوســاهد مصــنوعة مــن الصــوحن ا ــالص وااصــباش‬
‫بألواهنا الريفية البداهية تـوحد لنـا بـ وق متمـرس ص التصـبيغ املنجـال ص‬
‫ارات األكثر رداءة‪ ،‬حت الصورة املعلقة فـوق الـرأس بإطارهـا ا ـا‬
‫املت كل‪ ،‬توحد بأن الفارس بإطالتـه البةيـة‪ ،‬يوشـا علـ القفـال مـن وراء‬
‫الالجــاج‪ ،‬وقــد لوثتــه فضــات احل ــرات‪ ،‬قــد يقفــال الفــارس اىل داخــل‬
‫الغرفة‪ ،‬بال ـي األبـي الفضـد امللتمـع حـ وهـش مشـس اهثـة‪ ..‬ابـو‬
‫الفوارس يعتمر ا وذة وال ي ويلوّح ملن يتمـتعن بـه‪ ،‬إن ضـربة مـن تلـا‬
‫ال فرة احلادة‪ ،‬القاطعة‪ ،‬ابد هلا ان ترت آثاراي ا شفاء منةا بعد اآلن‪:‬‬
‫ــــ مثله كن يا اخوتد‪ .‬مثله‪.‬‬
‫اهتــالت الــراوس با نــاة الذعــان لنــربة الصــوت املنحفضــة‪ ،‬كــأن‬
‫حـــدة الكــــا فاجــــأت اجلميــــع‪ ،‬بإشـــارة التحــــد وا ــــوض ص غمــــار‬
‫الـــ كريات ارطمــــة واألمنيــــات ص تاشــــيةا ال ــــريع‪ ،‬املتعجــــل لفتــــوة‬
‫أصــبح قــب الــريري‪ ،‬لكــن انتبــة اىل عينيــه ت ــتديران حبركــة نــادرة‬
‫ــو املــرأة بعبــاءة البي ـ والصــوت ا فــي ‪ ،‬الــواهن والعليــل‪ ،‬يعلــن عــن‬
‫ال به بينه وبني الفارس املتقلد سيفه البتار‪ ،‬وقد طوّح بع ـرات الـراوس‬
‫املت اقطة من حوله دومنا ر ة‪ ،‬أبو الفوارس حني تل به سـورة الغضـب‬
‫امل تعر‪ ،‬ا يبقد من راوس األعداء البغاة واجلناة والطغاة من أحـد‪ ،‬وهـا‬
‫هد قامته املديدة تق منتصبه فوق الراوس بعناد‪.‬‬

‫‪5.‬‬
‫ا و ةمة مندحرة‪.‬‬ ‫ع‬ ‫ـــ‬
‫ـــ إهنـا أفعـال املاضـد‪ .‬املاضـد القريـب يـا اخـوتد‪ ،‬واألقـدا حافيـة‬
‫والثياب رثة مةلةلة‪ ،‬من يصدق تلا امل رية الطويلة ص ارض قاحلة جرداء‬
‫ا حد هلا وا تتضري معاملةا‪ ،‬ما كنا ندر يا اخوتد ايـن كنـا ن ـري‪ ،‬ص أ‬
‫واد واىل أ املدن كان خطواتنا ت وقنا‪ ،‬كان اقدامنا ا اوية‪ ،‬احلافية‪،‬‬
‫ت ــري وت ــري بتــلدة او عامــة العجــال عــن األتيــان مبعجــالة تقينــا الضــرر‪،‬‬
‫تصاعدت أنفاسه اهثة‪ ،‬التف بعضنا اىل بعـ ‪ ،‬ع ـاه يصـم ولـو اىل‬
‫حني لن رتد رباطة جأشنا فقد طوّح بنا احلماسة وأخ تنا احلمية اثر‬
‫ت اقط الكلمات‪ ،‬كان ــ بكامه ــ يطرد ما املوت من الغرفة‪ ،‬أشـار اىل‬
‫الناف ة الوحيدة‪ ،‬عاجلنا مصـراعةا الصـد ولكنّـا مـن فتحـه بعـد أل ‪،‬‬
‫فاجأتنا املرأة بعينيةا الواسعتني ونبرهتا القوية ال كيمة‪:‬‬
‫ـــ ا تدعوه يتكل كثرياي‪.‬‬
‫وتكلــ ثانيـــة‪ :‬ـــــ كنـــا بـــا دليـــل ي ـــوقنا ـــو اخضـــرار األمـــل ص‬
‫الوصول اىل أهالينا سـاملني‪ ،‬واأللـ ميـل قطعناهـا اهـثني مـتقني اجلـور‬
‫وحرارة الصي املقيتـة‪ ،‬سـلمتنا األلـ األوىل اىل األلـ الثانيـة‪ ،‬واارض‬
‫تاللــالل ح ـ اقــدامنا‪ .‬عــوس بعضــنا م ــتغيثا‪ ،‬مــن إمــاق وخــوحن وهلــع‪،‬‬
‫ورك ـ بعضــنا با ــاه ال ــراب‪ ،‬ظنــاي منــه انــه سيقضــد علــ العطــش‬
‫امل تفحل ص الراوس والقلوب‪ .‬نريد أن ننا لكن الليل كان بعيدا عنا‪.‬‬
‫صـــاح املـــرأة مـــن داخـــل البيــ ‪ :‬ـــــ اذا تكلــ كـــثريا ســـيموت مـــن‬
‫األجةاد‪ .‬وحبركـة مفاج ـة دخلـ متعجلـة‪ ،‬جعلـ مـن عباءهتـا سـارية او‬
‫غطــاء و ي ـاي هلــا‪ ،‬ومــن جلــة بلــواه صــاح بنــا‪ :‬ــــ ابعـدوها عــن ابنــة الــــ‪..‬‬
‫صم عنوة‪ ،‬ت بث العينان ص ال ق الواطئ لغرفة الضـيوحن الوحيـدة‬
‫ص الدار‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫رأي بعضنا وقد هتالا ص الصحراء املرتامية‪ ،‬كـالطيور امل ـمومة‪،‬‬
‫ا أدر ان كنا ع رة أنفار أ م ة‪ ،‬قل ‪ :‬ــ أموت عند أهلد أح ن‪.‬‬
‫رأي الرقاب والراوس تنحن عل اجل د الضامر احلـالين املمـدد‬
‫علـ فــرا صـنع مــن القطـن ا ــالص وقـد التصــق ص األرض‪ ،‬والغطــاء‬
‫الصوص ا في كـان من ـداي يغطـد األطـراحن بتـلدة واسـرتخاء‪ ،‬والبـاب‬
‫بطاهه ااخضر الغامق ما زال نص مفتوح‪ ،‬استندت اليه املـرأه وحـدها‬
‫تنبــر بعيــنني قلقــتني اىل اجل ــد امل ـجّ ‪ ،‬جــاء صــا ص العاشــرة مــن‬
‫عمــره وتكل ـ معةــا بتوســل‪ ،‬مــا لبــو ان أم ــا بالعبــاءة بغضــب صــبياند‬
‫وجرهـــا ـــو اارض بقـــوة‪ ،‬وملـــا ســـقط العبـــاءة منـــةا للكةـــا الـ ـ عر‬
‫لاما‪ ...‬فتري العليل فما ناشفا كف وطواا حيتضر‪:‬‬
‫ــ زينب دعد الصا وشأنه‪ ،‬أما انـا فقـد أغضـبتا ملـا شـتمتا‪ .‬ثـ‬
‫بعد نفس عميق أخ ه عل مةل‪ :‬ــ زينب ساحمين ‪.‬‬
‫صـاح بــاملرأة‪ :‬ـــ اللعنــة علـ هـ ه الــدنيا‪ ،‬مــن يطلـب منــا الثرثــرة؟‬
‫دعين أفرش د‪ ،‬إهن اخوتد‪ ،‬يا آهلد‪ ،‬لو رأيتة أيـة صـحراء لعينـة وأيـة‬
‫حـرارة صـي قـاه ا يـرح كانـ ت ـو اج ـادنا رأيـ بعضـنا هـوت‬
‫عل حافة الدرب ث يودعنا ـــ صـامتا ‪ -‬بنبـرة ا نـدر معناهـا اا بعـد‬
‫حني‪ ،‬لو رأيت يا اخوتد كي هـوت الب ـر‪ ،‬لـيس بيـنك مـن يعـرحن كيـ‬
‫يكــون شــكل املــوت ســاعة يــأتد علــ عجــل‪ ،‬هلــو أحــدنا مصــابا بـــداء‬
‫العطش‪ ،‬رك ص كل اجلةات بـا صـوت ول ـانه يتـدىل مـن فمـه‪ ،‬والفـ‬
‫الناش مفغور اىل أقصاه وذراعاه ص اهلـواء ت ـبحان وتلوحـان ك ـعفتني‬
‫حت ـ هتالــا جثــة هامــدة علــ الطريــق‪ ،‬الغريــب ان احــداي منــا مل يعــره‬
‫اهتمام ـاي أو انتباه ـاي‪ ،‬بــل تركنــاه وحيــداي بعــد أن رفــس رف ــتني اثنــتني ث ـ‬
‫ودعنــا‪ .‬كنــا نصــغد بكــل جوارحنــا وأفكارنــا الغاهمــة ا صــحو لــدينا بــل‬

‫‪56‬‬
‫أسراب من غيو ‪ ،‬واملرأة اختف ص احلال ا نـدر اىل أيـن تراجعـ بعـد‬
‫عن مفاتن ج دها ال أثار اندهاشـنا‬ ‫أن اسقط الصا عباءهتا وك‬
‫وعجبنا‪ ،‬إهنا لفد الكنال الثمني ح العباءة ال ـوداء‪ ،‬كنـا مجيعـاي ننبـر‬
‫خل ة اىل قدومةا وان تعاود اطالتةا علينا‪.‬‬
‫ـــ تلا افعال املاضد القريب يا اخوتد‪.‬‬
‫وفيما كان اامتعاض بادياي للعيان‪ ،‬ك رت األسـنان املتبقيـة املت كلـة‬
‫واللثة النحرة‪ ،‬عن جال واضري كأن عبارته‪:‬‬
‫ــ املاضد القريب‪ ،‬اطاح بالبقية مـن آمالـه الضـاهعة وسـط زحـا‬
‫ال كريات ارطمة بفعل الاللالال‪ ،‬ولكـن ا زلـالال ودخـان ال ـجاهر يلتـ‬
‫ص فضــاء الغرفــة وا جــد لــه منف ـ اي غــري فتحــة الناف ـ ة الوحيــدة فيةــا‪،‬‬
‫قطع من ال حب ترتاجع ولتفد وسط الثرثـرة ‪ ..‬تعـدينا منتصـ الليـل‬
‫حت اعتاب الفجر‪ ،‬نا بعضنا عل شحري أيق بع النيـا ‪ ،‬لكـن أخانـا‬
‫امل ـجّ علـ فــرا مت كــل‪ ،‬مل يغمـ عينيــه قــط‪ ،‬عـ خطــوات ص‬
‫الالقاق الضيّق الصغري خارج الدار‪ ،‬ةمة ت د بأقـدا مت ـارعة تـاز‬
‫جل ــتنا ص الغرفــة‪ ،‬برهــة مض ـ عل ـ اختفــاء ا طــوات املتاحقــة‪ ،‬ملــا‬
‫دوت اطاقتان متاحقتان اعاد ا الصـدس املتـداعد الينـا‪ ،‬جـاءت املـرأة‬
‫ال ا اها زينب‪ ،‬وسألتن‪ :‬ــ نا اجلميع وأن اا تنا ؟‬
‫ـــ حني تأتد ساعة النو ‪.‬‬
‫مل أتبني ثوهبا‪ ،‬أتراها كان تضـع العبـاءة ال ـوداء علـ كتفيةـا‪ ،‬أ‬
‫ذلا؟‬ ‫أند تو‬
‫ـو مصـدره ويـردد اسـ النـاه‬ ‫كان العليل ي ـمع ال ـحري ويلتفـ‬
‫بنـربة خفيضــة ا للــو مـن عتــاب‪(( :‬مل يكــن لنـا دليــل يأخـ بأيــدينا اىل‬

‫‪54‬‬
‫أرض اامان كنـا حيـارس هـ ا الالمـان‪ ،‬وكلمـا اسـتول احلـرية علـ قلوبنـا‬
‫وأ اعنا‪ ،‬امتات بالطنني والـرنني الـ للفـه وح ـة الطريـق والليـل‪،‬‬
‫ليل الصحراء‪ ،‬اارض القاحلة ا الية من الالر واملـاء‪ ،‬وقـد أحالنـا الليـل‬
‫اىل أشــباح وأطيــاحن ت ــري دون غايــة او مــرا ‪ ،‬كنــا نــرك علــ جــانا‬
‫الطريق ح رين من الدواب والوحو واحليوانـات اجلارحـة والكاسـرة ص‬
‫الليل البةي ‪ ،‬والصحراء وحدها كان ساحة ملعبنا‪ ،‬وقد أ اها أحـدنا‪:‬‬
‫ـــ ارض اجلحي ‪ ،‬عند ذلا هبّ أن ـا بـاردة ص الليـل الصـحراو ‪ ،‬هـواء‬
‫خفي عبّأَنا ضد أنف نا واىل مـا آلـ اليـه اامـور‪ ،‬لعـل بعضـنا اسـتطا‬
‫أن ي تعيد أنفاسه ويدر ا اهات الطريق‪ ،‬وماذا ع ـاه يفعـل لـو ضـا‬
‫وضيّعنا معه؟ قل ساعتةا‪ :‬ـــ حمال ‪ ..‬حمال أن نصل ‪ ..‬وقـال قاهـل منـا‬
‫س ـيمنعنا البمــأ مــن ل ـ ة التمتــع هبــواء مــنعش‪ ،‬مــا دمنــا ســنبل نقض ـ‬
‫اصابعنا بصم ‪ ،‬قال آخر‪ :‬انك مل تـدعوا أحـدك يأخـ بالمـا األمـور ‪..‬‬
‫واحلق ما كنا نعل أين يكمن ه ا الالما ‪ .‬لعلـةا الـ اكرة الـ أنقـ تن مـن‬
‫فــي هتــالكد عل ـ اارض أنــوح‪ ،‬بــدت تلــا األرض مرتاميــة ا حــد هلــا‪،‬‬
‫لكنةا أوح لنا ص تلا األثناء‪ ،‬أرضا با عامة ترشدنا‪.‬‬
‫صاح أحدنا‪ :‬ــ ه ه ب ر ماس باملاء‪.‬‬
‫حــدقنا كلنــا عــرب فتحــة الب ــر‪ ،‬كان ـ امليــاه شــحيحة فيةــا‪ ،‬لكنــةا‬
‫أغرقتنــا بــاهلبوا اىل العمــق‪ ،‬وقــد أوحــ لنــا ال ــاعة اا مندوحــة مــن‬
‫ا ــوض ص غمــار التجربــة مةمــا بــدت ع ــرية علينــا ‪ ..‬كانـ املــرأة الـ‬
‫ا ةا زينب قد اختف من امامنا‪ ،‬كما تاش ااصوات مـن حولنـا ومـا‬
‫عــدنا ن ــمع غــري األنفــاس املتصــاعدة وشــحري النيــا ‪ ،‬ملــا افــرد يل مكان ـاي‬
‫د ان اجلــس لكــد ي ــمع صــوتد‪،‬‬ ‫يانبــه عل ـ حافــة فراشــه وأشــار عل ـ َّ‬
‫واهلمس املرتدد بيننا‪ ،‬مل يكن الفجر قد حل لكن الليل راح يتقـد ‪ ،‬اذ سـاد‬

‫‪51‬‬
‫الالقاق بل املدينة كلةا صم ثقيل بعد ااطاقتني‪ ،‬إثرهـا انـدفع أقـدا‬
‫ي ثانية‪ .‬ا حركـة هنـا غـري‬ ‫ر م رعة و تازنا‪ ،‬ليعود الصم‬
‫األنفاس املتاحقة‪ ،‬وكان يـد قـد جـاءت علـ عبـ احلـوض وضـربته‬
‫برفــق‪ ،‬صــاح العليــل‪ :‬آه‪ ،‬آملــتن ! عــدل مــن انطــراح يانبــه‪ ،‬مل يكــن‬
‫يريد من أن انا ‪ ،‬ألن صوته الواهن ا في عاد يقول‪:‬‬
‫ـــ ص تلا ال اعة من الليل اغربت الـدنيا خـال سـاعة مـن الوقـ ‪،‬‬
‫وما عدنا نرس القمر‪ ،‬امنا صاح أحدنا‪ :‬ــ أنـا أريـد النـالول اىل الب ـر حتـ‬
‫لو م هنا ‪.‬‬
‫وناح آخر‪ :‬ــ ليفكر أحدك وينق نا من ه ا التيه اللعني‪.‬‬
‫صح انا ايضاي‪ :‬ــ ا أريد املوت ص الصحراء‪ ،‬املوت ص البي أهون‪.‬‬
‫كــان العطــش قــد جف ـ عــروق أج ــادنا ال اويــة‪ ،‬تــدىل ص الب ــر‬
‫نصـ الرجــل‪ ،‬وكنــا من ــا بــه‪ ،‬كانـ ذراعــاه هتبطــان ــو عمــق الب ــر‪،‬‬
‫ويــداه تلوحــان للمــاء الراكــد وقــد ت ــبثنا بقدميــه‪ ،‬وبفعــل تصــميمنا كــان‬
‫يةبط حب ر و املاء‪ ،‬عنا صراخه املدو كااسـتغاثة‪ ،‬ومل نفةـ مـاذا‬
‫يقول‪ ،‬تدلينا معه حت كدنا ن قط كلنا معه خـاهبني‪ ،‬والغريـب انـه رفـس‬
‫بقدميه‪ ،‬رفس ثانية وثالثة لكد تنةار قوتنا‪ ،‬وملا أفل من قبضتنا‪ ،‬رأينـاه‬
‫يةبط مكوراي ج ده كأنه جنني يلت داخـل الب ـر‪ ،‬رأيتـه يعـب املـاء ص فمـه‬
‫ويصيري فرحاي‪ :‬ــ ما أطيبه‪ ،‬لكنه مل يكـن قـادراي علـ اسـعافنا‪ ،‬القينـا اليـه‬
‫بقمصاننا ليبللةا باملاء‪ ،‬كد نرطب هبا افواهنا واج ادنا‪ ،‬فعل ذلـا ونقـع‬
‫الثيـاب‪ ،‬واعادهـا الينـا‪ ،‬بعـدها ارتــدينا ثيابنـا املبللـة منتع ـني برطوبتــةا‪،‬‬
‫انفجر احدنا ساخراي‪ :‬ــ كي سيغادر ابن البلةاء قرب املاء؟‬
‫ـــ سنصنع له من ثيابنا حبا‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫ـــ ه ه آخر الطراه ‪.‬‬
‫ـــ أ طريفة ص ه ا اجلحي ؟‬
‫كانـ القطـرات تتفصـد علـ جبينـه‪ ،‬وهـو ينبـر بعيـنني ســاهيتني‬
‫وف جف ص شفتيه احلياة‪ ،‬أطلق آهة عميقـة جعلـةا تنتـال مـن ح ـاياه‬
‫آخر اآلمه أو أحامه‪ :‬ـــ آه‪ ،‬يا رب الكون العجيب‪ .‬واحلق مل أفةـ عبارتـه‬
‫ال هدرت دون غاية بيّنة‪ ،‬ابد انه ت كر شي اي ع به ص يـو مـا‪ ،‬وحانـ‬
‫مــن التفاتــة اىل ابــد الفــوارس يرفــع بيــده اليمن ـ ســيفه الاهــو وباليــد‬
‫األخرس حيمـل رأس احـد البغـاة يتـدىل عـرب جـالة ال ـعر الكثيـ ‪ ،‬كـ روّ‬
‫القلوب وهالها وما جوا ةا بالرعب مـن سـطوة ال ـي البتـار ‪ ..‬واآلن‬
‫ص صــمته املطبــق بــدا بعيــداي عنــا‪ ،‬كأنــه يبحــر وحــده ص ســفينة ت ــلمةا‬
‫التيار يبحر ويغيب ليبالش ثانية مـن جلـة الفضـاء ال اسـع‪ ،‬واحلـالن يغـرق‬
‫قلبه والصـم يطـوّق خـاطره‪ ،‬ويـده النحيلـة تلـوّح ص اهلـواء البـارد‪ ،‬لـيس‬
‫ألحــد معــني هنــا‪ ،‬امنــا للجميــع‪ ،‬كأنــه يــودّ شــةوده النــاهمني‪ ،‬ألن الــالمن‬
‫قوّض ااماند بضربة وأطاح بالالهور والتويش واملي ‪ ،‬ضـربة سـي بتـار‬
‫يقطـــع الـــراوس بـــا ر ـــة‪ ،‬أردت ااصـــغاء اىل تـــردد األنفـــاس‪ ،‬دليلـــد‬
‫الوحيد عل وجـوده اهلـش بيننـا‪ ،‬وجـدت صـعوبة بالغـة ص الوصـول اليـه‪،‬‬
‫وه قليا حت كـدت اصـبري لصـق‬ ‫حيّرت ب أن موته او حياته‪ ،‬زحف‬
‫عبامه النات ة وعنقه النحيل‪ ،‬يلتو عل نف ه‪ ،‬لكن مل أ ع ما يعـالحن‬
‫الــيقني ص قلــا‪ .‬كــان البــا ص الغرفــة يغطــد املوجــودات بــرغ ت ــرب‬
‫خيط ض يل من الضوء هاليل وشحيري ‪ ..‬كـان ا مفـر مـن إغفـاءة قصـرية‬
‫يانب املي احلد‪ ،‬ولو اىل حني‪.‬‬

‫‪.1‬‬
‫ــــ انبر أ سحر هلكه ال هب؟‬
‫دارت دورة كاملة ص الربيق املتوهش‪ ،‬وقد خل ص طريقه اليةـا هلبـا‬
‫م ــعا هتــالج ص انعكــاس الضــوء وتك ــره عــرب املرايــا واطارهــا املــالجش‬
‫بــاأللوان‪ :‬اا ــر الاهــب واازرق ال ــ ر واابــي الناصــع‪ ،‬كــأحا‬
‫مدوخـــة او أعـــراس يقيمةـــا الربيـــق‪ ،‬كرنفـــاات أن ـ ـ بتصـــمي قـ ـاهر‬
‫للج د ال است ل حلضور ال هب ص املرايا وأما العني ‪.‬‬
‫كـان ينقـاد إليةــا دون وعـد كــاحنٍ بـني ارــات واازقـة والــدرابني‪،‬‬
‫ـ أن يفقــد أمــه ص حلب ـةٍ مــن جنــون‬ ‫يــرك اهثــا وراءهــا كصــا‬
‫ال ــاعة‪ ،‬حــني يل ـ باجل ــد املــدوّخ املقةــور ص ليــل ارنــة‪ ،‬مــع ان النــةار‬
‫سطا بإصرار عل ازاحة البلمة عرب الدروب القريبة من اليد‪:‬‬
‫(( تأمل أرجـو ‪ ،‬إن هـ ا الربيـق ملـ هل‪ ،‬ألـيس كـ لا؟ مـاذا هكـن‬
‫ان ن ميه وعـودا منـدثرة‪ ،‬ا اطيافـا متواريـة خلـ الغيـاب؟ يـا إهلـد‪ ،‬يـا‬
‫إهلـد مـا الـ اتفـوه بــه مـن هـ يان ا معنـ لــه ‪ ...‬سـيطرت عليةــا راس‬
‫م وشة وأحاطـ هبـا الفوضـ وقـد طواهـا ( معـه ) غبـار خفيـ ‪ ،‬خُيّـل‬
‫اليه ( خاله ) أنـه يـرس كـل شـدء يضـيع وسـط ضـجة عارمـة‪ ،‬سيت ـبو‬
‫بأوىل ال واهد‪ ،‬ال تقيه الضرر من احتمال حدو ما ا حمد عقباه!‬
‫ـ ك تعطين من العمر؟ هاه‪ ..‬قل يل بربا؟‬
‫كي ـ هكنــه معانقتــةا وســط ه ـ ه البةرجــة ال اســعة مــن الربيــق‬
‫الفاه عن املقدرة عل احتواهه واانغمار فيه؟ انغمـر الـ هب ص ال ـعر‬

‫‪.1‬‬
‫الكثي ال بط املن دل عل الكتفني‪ ،‬وا صات بلون الربتقـال الناضـش‬
‫حلـق ص اهلــواء وتتطــاير حوهلــا‪ ،‬تضــرب الوجــه برفــق او تامــس جبةتــه‬
‫حـــني يغـــدو لصـــقةا ص اجلـــر ارمـــو ‪ ،‬منبـــةرا‪ ،‬كـــان يـــرك خلفةـــا‬
‫ويانبةا‪ ،‬ويرس ا صات متناثرة حـول العنـق املنتصـب كـالطود‪ ،‬أهيـ‬
‫رشــيقا وناعمــا‪ ،‬لــه ملمــس املحمــل او نعومــة النــدس‪ ،‬العنــق اانثــو ‪ ،‬لــه‬
‫التفاتـــة البـــا او الغـــالال الرشـــيق‪ ،‬النـــافر‪ ،‬جـــد ا طـــوات‪ ،‬واجليـــد‬
‫حبــيس طــوق مــن ذهــب اصــفر‪ ،‬يــتاأل حـ اشــعة مشــس صــي اهــب‬
‫كاألتون؟ (( بيديا ضع القادة ه ه حول رقب ‪ ،‬بـود لـو رأيـ نبرتـا‬
‫ال ــاهية ال ـ ت ــورند ص ذهول ـا مــن ااشــياء الغريبــة والغامضــة مــن‬
‫حولا‪ ،‬وأن ا حول لا وا قوة‪ ،‬تعال اىل هنـا‪ ،‬اقـرتب مـن‪ ،‬كـ حرينـد‬
‫بنبرتا حني ترسلةا عن عمد كد تراند عن كثب ‪.‬‬
‫كان يرسل اليةا نبرات حـريس‪ ،‬يريـد ان ي ـتند اىل شـدء لـ ا يقـع‬
‫مغ يا عليه من شدة اللةب اريط به من كل جانب‪ ،‬عةا‪:‬‬
‫ـ يقال انن ل ناضجة حت اان ‪ .‬عبو‪ ،‬اا تـراه يكـ بون؟ أنـا‬
‫اعرحن‪ ،‬الغرية ستأكل قلوهب ‪ ،‬سيموتون حتما ‪ .‬ماذا ترس؟‬
‫وم ت ‪ :‬من الغرية؟‬ ‫قال بصوت خفي‬
‫ـ كا ‪ ..‬بل سيموتون وكف ‪.‬‬
‫اراد أن يقول هلا املوت‪ ،‬آه‪ ،‬فعل غري متحقق مـامل حيـد لنـا ‪ .‬ا‬
‫ية ‪ ،‬سك ‪ ،‬ألن انعكاس ااشعة القو ص عينيه جعله يغ الطـرحن عـن‬
‫تأماتـــه حبضـــورها القـــو وج ـــدها املـــاكر‪ ،‬وهـــد بقميصـــةا الـــورد‬
‫اجلميــل‪ ،‬وحقيبتــةا ال ــوداء‪ ،‬وفتحــة الصــدر تك ـ عــن خالفيــة املرمــر‬
‫الصلب‪ ،‬برقته املعةودة لـه ص رجرجتـه‪ ،‬ص تطاولـه‪ ،‬او ص نقصـان رغبتـه‬

‫‪.2‬‬
‫املفاجئ‪ ،‬ومخول اعضاء ج ـده ازاء ج ـدها البـاذخ املـراوش‪ ،‬يتـ كر‪ ،‬اهنـا‬
‫قالــ ‪ (( :‬عبـــو )) هـــل قالتـــةا يديـــة قاطعـــة أل احتمـــال؟ او تقةقـــر‬
‫مباغـ ‪ ،‬رمبـا حــنني زاحـ بــبطء شـديد‪ ،‬سـيجعله خاويــا كجـدار يتةــد‬
‫بفعـل ميــاه مندفعــة ــوه كال ــيل‪ ،‬كيـ سيح ــن التصــرحن معةــا‪ ،‬وقــد‬
‫حوصــر بــرنني املعــدن الــثمني‪ ،‬املعــدن وااحجــار الكرهــة بلمعاهنــا اريّـر‬
‫وســط حبــرية صــاخبة مــن الربيــق الــ ها‪ ،‬واليــد لتــد كمــا ص احللــ ‪،‬‬
‫مرليـــة‪ ،‬ه ـــة او مـــرتددة ‪ . ..‬قطعـ ـ شـــوطا طـــويا مـــن ال ـــري علـ ـ‬
‫الرصي احلجر ( وهو جـر معةـا اهثـا ) حتـ اذا هـدأت قلـيا‪ ،‬مل‬
‫يعد امامةا غري ااست ا مرغمة اىل وهـش الربيـق‪ ،‬وقـد طوقةـا واحـاا‬
‫هبـا مـن كــل جانـب‪ ،‬وملـا فاجــأه اللمعـان املـدهش ( وقــال لنف ـه‪ :‬اللمعــان‬
‫املحي ـ ‪ ،‬ألنــه يرلــد ص العــني بقــوة‪ ،‬ذرات رمــل أو غبــار‪ ،‬حجــر خفي ـ‬
‫يتطاير ويُلق ص حبرية راكدة ) أم ا هبا بكلتا يديـه‪ ،‬التـوت بـني ذراعيـه‬
‫( اراد احتواءهـــا دفعـــة واحـــدة ) م ـــه خـــيط مـــن حـــنني‪ ،‬مـــن جنـــون‪،‬‬
‫اضـطرب خطـوات اجلمـل ص ال ــري احلثيـو علـ ارض صـحرية‪ ،‬حفــر‪،‬‬
‫ونتــــوءات ( اخاديــــد ورواب ص ملمــــس الــ ـ راعني اللــــدنتني واللةفــــة اىل‬
‫التطويـــق اركـ ـ ‪ ،‬لي ـ ـ عاجـــا كافيـــا للـــتحلص مـــن اضـــطرابه غـــري‬
‫الصحيري‪ ،‬ا حمال‪ ،‬لعله اذا هدأ قلـيا‪ ،‬وقلـيا جـدا‪ ،‬سـريس بوضـوح تـا ‪،‬‬
‫تلا البلرة الض يلة من ا راب املطوق له كاان وطة‪ ،‬وهد ت ـبري وسـط‬
‫وهش الربيق وانعكاسه‪ ،‬وامتالاجه مع سيل عـار لضـوء ذهـا امـع ‪ ..‬اراد‬
‫ان يــرس مــا يلم ــه فــة ويتــداع حـ ضــغط هلفتــةا املتعاظمــة‪ ،‬جــد‬
‫عند ذا ‪ ،‬كي تضـيع الرايـة ولـتلط ااشـياء عليـه‪ ،‬ي ـمعةا تقـول لـه‪:‬‬
‫(( احـ ر‪ ،‬اليـو جـاءت سـاعة العقــاب‪ ،‬تصـفية ح ـاب قـدي مـع الــالمن‪،‬‬
‫سيموتون من هلفتة ‪ ،‬من خ ارهت يل‪ ،‬وعنـدما تـرس شـعر َ اابـي ص‬
‫املرآة ا تبت س‪ ،‬انه مجال مضاحن اىل رجولتا ال احبةا لاما)‪.‬‬

‫‪.5‬‬
‫اوقفةا امامه وجةا لوجه‪:‬‬
‫ـ ان تعطفني علـدّ وانـا ا احـب هـ ه العاطفـة‪ ،‬اهنـا مبت لـة‪ ،‬ـع‬
‫ــع‪ ،‬ت ــاقط قطـع احلجــر مــن مرتفــع ــو اارض‪.‬‬ ‫صـوته ‪ .‬هــو الـ‬
‫اراد القــول هلــا‪ :‬إن رجــا ص عمــرهِ مل يعــد حباجــة اىل ترمجــة ااشــياء‬
‫كيفما اتفق‪ ،‬اهنا ا ربة تتحك ‪ ،‬كال ور املتني ال شـيده اللـةب ااصـفر‬
‫حول جيدها واصابع يديةا‪ ،‬هبرجة اللمعـان امل ـع وسـط املرايـا‪ ،‬ع ـرات‬
‫املرايــا ص ضــوء ال ــمس الاهبــة‪ ،‬وعينــاه خاهبتــان مــن رايــة أ شــدء‬
‫بوضوح ليحك بنف ه وسط الربيق امل هل‪ ،‬فاجأها‪:‬‬
‫ـ سأكون اكثر حكمة ص املرة القادمة ‪.‬‬
‫ـ ا أحبو عن احلكمة وحدها‪ ،‬اا تعرحن؟‬
‫لعله يعرحن انعكـاس املرايـا ثـراء للصـور الـ حـيط بـه وحاصـره‬
‫ص اامكنة الضـيقة‪ ،‬وال ـمس بلـةب اشـعتةا ال هبيـة الصـفراء مصـدات‬
‫وأســوار حــول دون اقتحــا اجل ـــد الــب وانثناءاتــه اللدنــة‪ ،‬الرقيقـــة‪،‬‬
‫حيس ع وبته ص البلعو تتم ـ ص القفـص الصـدر ‪ ،‬ص املفاصـل حـني‬
‫ترلد أو توشا عل ااهنيار ال ريع‪ ،‬حلبة املام ة املربكة‪:‬‬
‫ـ عينا يلذيةما الربيق‪،‬‬
‫ـ أ بريق تعن؟ بريق اجل د ا بريق ال هب؟‬
‫يرس كي تـداع اىل الـوراء ضـاحكة ضـحكتةا املتفجـرة املكتنـالة‪،‬‬
‫ضـــحكتةا الريانـــة ذات الـــرنني املعـــاف والنـــربة املرتفـــة ‪ ،‬حـــني تصـــم‬
‫الضــحكة احللــوة تنفجــر ثانيــة وثالثــة لكنــةا تكتمةــا باليــد ذات العــروق‬
‫النات ــة الالرقــاء‪ ،‬اليــد النحيلــة طويلــة ااصــابع وال ــاميات ص حركتــةا‬
‫ال ريعة الوامضة كااطيـاحن‪ ،‬اشـارات للنـداء ا فـد أن تعـال يـا حبـيا‬

‫‪..‬‬
‫خ ـ ند اليــا واحتــوين ود نبراتــا احلانيــة تــأوين مــن لصــوص الــدار‬
‫ومــن ذهــاب الغابــة‪ ،‬اا تــراه يرتبصــون بنــا؟ النــداء ال ـ حف ـ صــورته‬
‫وادر كنةه متعلا بصربه الطويل عل تفجر ضـحكتةا احللـوة‪ ،‬واجل ـد‬
‫ينطو ويتلوس با ناءة تغـص بـالغنش والـدال‪ ،‬ليـدر أهنـا سـليلة الثـراء‬
‫املتعـــر باجلـــاه واارحييـــة وحكمـــة املـــال والغنـ ـ ‪ .‬هـــال رأســـه هـــالات‬
‫متقطعـــة‪ ،‬اذعانـــا لـ ـ لا الت ـــامد امل ـــر واملبـــةش‪ ،‬ألن الوجـــه الصـــاص‬
‫بتعابريه وق ماته ال محة كان ميدانا لل لوس وحف الدال وحده‪:‬‬
‫ـ أمد تقول‪ :‬أمثايل ا حيتملن نالوات الرجل ‪.‬‬
‫ـ آه‪ ،‬إذن أما من يقول ذلا ‪.‬‬
‫لا نالوات؟‬ ‫ـ وأن ألي‬
‫ثانيــة تغــص بضــحكتةا املدغدغــة‪ ،‬املغــردة‪ ،‬بصــفاء النــربة وليونــة‬
‫اللةجة وانعكاس ذلا عل روحه الاهبة‪ ،‬كارتعا املرايا وضوهةا البـاهر‬
‫ص عينيــه‪ ،‬وهــو اذ يــنغمس ثانيــة وثالثــة ص كرنفــال البةرجــة وااطيــاحن‬
‫الراقصــة مــن حولــه‪ .‬كبــال رقيقــة او قطعــة مــن ــاء زرقــاء بلوهنــا‬
‫ال ر ‪ ،‬يدوخ و تضطرب لديه الرايـة لتحديـد املـدس او امل ـار‪ ،‬وهـد ا‬
‫تــرت شــاردة او واردة فيمــا تت ـ كره عل ـ مةــل‪ ،‬ولنّ ـع ملمــوس اىل حــني‪:‬‬
‫((معللــ بالوصــل واملــوت دونــه)) لعلـــةا ملــا اســتبدل البلــوزة القطنيـــة‬
‫البيضـاء بقمــيص ورد شــفاحن‪ ،‬رقيـق كالعــاج وبلــون املـاس‪ ،‬رغــا اجلمــل‬
‫بني احلباهر وداخ من شـدة األمل املوجـع‪ ،‬املام ـة العـابرة وحـدها تنـالل‬
‫عل روحه كحد ال ي الباشط‪ ،‬اذ يقطـع ااوصـال وينفـد اا ـاء مـن‬
‫وجود كثي ‪ .‬يعلل نف ه بالصرب اململ واألمل ال ا يرح ‪ ،‬صرخ فجـأة؟‬
‫افرنقعوا اواد الكلبة ‪ .‬لن يصدق كي حلقوا حوله ك ـرب مـن جـراد او‬
‫سـيل مــن حصـ واحجــار تنــةال عليــه وحــده و حــيط بــه‪ ،‬زحـ ال ــيل‬

‫‪.2‬‬
‫العــار يةــدر‪ ،‬ليجتــاح كــل شــدء مــن حولــه‪ ،‬وهــد تصــيري بــه وتصــرخ‪ :‬ا‬
‫جدوس أيةـا اابلـه امل ـكني‪ ،‬امل اقـل لـا خـ ند اليـا‪ ،‬تعـال وضـمن بـني‬
‫ذراعيا ايةا ال ـاهد‪ ،‬الامبـايل الغاهـب‪ ،‬احلاضـر‪ ،‬ا جـدوس يـا حبـيا‪،‬‬
‫ا جدوس ابدا ‪ .‬الت حوهلا سرب اجلراد واحـاا هبـا ص دوامـة صـاخبة‪،‬‬
‫كحلـ ثقيــل او كــابوس‪ ،‬رأس زوبعتــة تتحــر بعنــاد وق ــوة نــادرتني وقــد‬
‫دفعته غمامة سـوداء‪ ،‬اتراهـا اشـارة للمـوت ا للـتجن؟ الـ هب ‪ .‬الـ هب‪،‬‬
‫انصـةر الـ هب أو ذاب ص ااتــون وتباعــد عنـه ملعانــه املتالـئ وغــاص ص‬
‫الةول الغام الع ري عل الراية والفة ‪ ،‬ب ل جةدا مضـنيا للحـاص‬
‫مــن إحاطــة ااذر وال ــواعد الصــلبة وت ــابكةا‪ ،‬ي ــمع هلاثةــا املتاحــق‪،‬‬
‫صــدس يتصــاعد‪ ،‬والصــدر املرمــر بــات كــا الحن او قطعــة جليــد تنــةار‬
‫اما مرأس العـني‪ ،‬هـل يصـيري م ـتغيثا او م ـتنجدا‪ ،‬ولكـن مـن ذا سـيلا‬
‫النداء او يغيو امل ـتجري؟ كـان يناللـق مـا بـني اايـد وااصـابع املفرتسـة‪،‬‬
‫ارغموه عل الصم بالقةر‪ ،‬ارغموه ان يراها تصـرخ بـه‪ ،‬وهـو دون حـول‬
‫وا قـوة شــاهدها تغيــب ولتفــد‪ ،‬رفـس اارض رف ــات متتاليــة‪ ،‬جالعــة‬
‫وخاهبــة‪ ،‬مل يعــد جديــه شــدء البتــة‪ :‬اغرورق ـ عينــاه بالــدمع وغطتــةما‬
‫غالة من بريق خاف ٍ ضعي ‪ ،‬بـا ملعـان او تـوهش امنـا جمـرد خـيط مـن‬
‫ضوء يرتاجع ويبتعد‪ ،‬رمبا سيحتفد الربيق ويتاش اىل اابد ‪.‬‬

‫‪@shabander_khan‬‬

‫‪.6‬‬
‫كانـ مشـس امل ــاء ت ـقط آخـر أشــعتةا ال هبيـة بل ـان ملتــةب‪،‬‬
‫أشعة ملي ة باأل ر القاند‪ ،‬كان علـ أن أحـدد مـا أذا حـل الليـل ص ذلـا‬
‫املكان‪ ،‬والصوت اخ يتج د ص ال مع علـ هي ـة مجةـرة مـن األصـداء‪،‬‬
‫لــتلط فيةــا زجمــرة الــريري ‪ ..‬ريــري خفيفــة‪ ،‬ناعمــة‪ ،‬تكــاد تــأتد الينــا بــا‬
‫صوت أو صدس‪ ،‬لكنةا ريري واشيه حمـل بـني طياهتـا نـداء غريبـاي‪ ،‬الـتقط‬
‫عد (ما يثري الرهبة ص النفس) صـوتٌ واحـد مـن هنـا ‪ ،‬قبـل أن أدفـع‬
‫باب املنالل وأختفد وسط الغرفة املطلة علـ حديقـة الـدار‪ ،‬تلـا اللحبـة‬
‫جاءت راهحة حمايـدة ومـات أنفـد وج ـد ‪ ،‬والغريـب أن الصـوت اآلتـد‬
‫مــن بعيــد اخــتلط بتلــا الراهحــة وقــد بــدل مــن نكةتــةا‪ ،‬واحلــق مل تكــن‬
‫طيّبــة‪ ،‬مــا تن ــمته كان ـ راهحــة حيــوان متف ــخ‪ ،‬ازدادت اندفاعــة الــريري‬
‫الواشـــيه ص األزقـــة والطرقـــات حـــو ا طــ وبـــات هلـــا صـــفريٌ غريـــب‬
‫وغــام ٌ‪ ،‬كانــ ص حقيقتــةا ريــري مباغتــه طيّــرت ع ــرات الــرواهري ص‬
‫عـل منـةا‪،‬‬ ‫طريقةا الينا‪ ،‬كما أهنا تفتقد اىل تلا احلالـة أو ال ـمة الـ‬
‫رحياي طيّعة‪ ،‬م كرة‪ ،‬نفاذه أو ج لـة‪ ،‬يت ـرب هبـا اجل ـد كأنـه يتعمّـد ان‬
‫ينـــا مبكـــراي ‪ ..‬اختفـ ـ الصـــوت املـــدو مـــن املعمـــورة ‪ ..‬ن ـــيته ‪ ..‬مـــن‬
‫الواضري انن ت اغل أو ان غل لـبع الوقـ عنـه‪ ،‬سـةوت فعـا وأملـ‬
‫ب الغفلة من ترقبه‪ ،‬فانقطع صل به‪ ،‬مل يكن صوتاي بري ـاي أو حمايـداي‪،‬‬
‫بــل مــنحن فرصــة الــتفكري اجلــاد بنوعــه‪ ،‬تــرس أهــو أحــد األصــوات ال ـ‬
‫أفرزهتــا احلــرب‪ ،‬لتك ـ عــن بع ـ ســوءاهتا عمــداي؟ ومــا عنــاه مــن‬
‫أصـوات (أخـتلط حابلـةا بنابلــةا) ا هكـن البـوح بـهِ‪ ،‬أصـوات أشـبه بنبــاح‬

‫‪.4‬‬
‫كــاب م ــعورة‪ ،‬امتلكتــةا شــةوة اجلمــا امــا أنبــار األشــةاد ‪ ..‬ص تلــا‬
‫اللحبة الدامية‪ ،‬صرخ ـــ أمنا ـــ بصوهتا املتةدج‪ ،‬العليل‪:‬‬
‫ع صوت جمنالرات ودرو أجنبية تعبو باملكان ‪.‬‬ ‫ـــ اند أ‬
‫ضحكنا ص عبنا مـن حـ يراهتا املتكـررة‪ .‬كـان أبونـا يت ـلق سـامل‬
‫البي ـ ليصــبري فــوق ال ــطري‪ ،‬يتوســد ذراعــه الطويــل وينــا ‪ ،‬كان ـ الــريري‬
‫هنا ترت وراءها دوياي حرينا مجيعاي حت اننا نبرنا اىل بعضـنا الـبع‬
‫وسـط توسـات ـ امنـا ـ ص ان نـرت تقاع ـنا جانبـ يا ونعمـل هبمـة واحـدة‬
‫لـ ا يفلـ منــا زمــا اامــور ‪ ..‬وملــا القيـ ب ـ خر قطعــة مــن ثيــابد‪ ،‬عــاد‬
‫الصوت من جديد كأنـه نـاقوس يـرن ص بيـداء أو كضـربات طبـل اشـتدت‬
‫قبــل ااوان‪ ،‬انبعــو األنــني املرتبــا مــن احــد اخــوتد داخــل الــدار‪ :‬ـــــ يــا‬
‫مجاعة ه ا صوت ذهاب ورمبا كاب تلـوا ص اجلـوار ‪ .‬أدركنـا أنـه حيلـ‬
‫او يفكــر مـ عوراي ‪ ..‬ال ـ تُ مكــاند بينــة صــامتاي أق ـ بثيــابد الداخليــة‬
‫حني صرخ ب شقيق ‪ :‬هيا ارتد ثيابا أن أكربنا هنا!‬
‫بداية اامر مل أفة ما املقصود بأكربنا هنا ‪.‬‬
‫ـــ ماذا تريدين منه؟ كان ه ا صوت أمنا مت اها‬
‫ـــ ليأخ ح ره ‪ .‬اا ي مع أصواتاي مريبة خارج الدار؟‬
‫ـــ آه‪ ،‬تريدين التضحية بهِ أذن !‬
‫اصــحنا ال ـــمع اىل ذلــا اهلـــدير الالاحــ الينــا‪ ،‬لطــ احلـــدود‬
‫واحلواجال والبيوت وجاء حيـط ص احلديقـة األماميـة للـدار‪ .‬بـدا حضـوره‬
‫قوياي دون ادعـاء باهليمنـة‪ ،‬فقـد فـرض علينـا سـطوته اجلبـارة‪ ،‬اغلبنـا اذ‬
‫باحلكمــة القدهــة ـــــ ال ــكوت مــن ذهــب ـــــ ومــن عصــف بـهِ الــريري فقــد‬
‫تكأكــأ عليــه القــدر بــاملوت الــالاا ‪ .‬كنــ ُ أعــرحن هــ ا وأدركــه دون بقيــة‬

‫‪.1‬‬
‫أخوتد داهماي‪ ،‬ا أحد هنا ‪ ،‬واذ يتقد الليل املدهل سريعاي تغدو كل نأمـة‬
‫حر فينا جي ـاي مـن النوايـا‪ ،‬ومل تكـن نوايـا طيبـة فقـد امتلكتنـا الريبـة‬
‫واجتاحنا البن مما جر خارج البيوت‪ .‬سادت وشوشـة وحركـة سـيقان‬
‫خفيفه وأقدا ر م رعة‪ ،‬غري أن العيون اردقة بااسـيجة كـان هلـا‬
‫فعل ااهنيار‪ .‬كل شدء كان جـر سـراعاي ـو عمـق املدينـة هـا انـد أرس‬
‫من جال ومل اكن اعل ان للحوحن راهحة هلا طع احلنبـل‬ ‫املدينة تر‬
‫او الــرتاب الرطــب وقــد بللــه القط ـرُ‪ ،‬قل ـ ُ‪ :‬احمــال ســيبدأون بــاألطراحن‬
‫يقبموهنــا ( البيــوت املتنحيــة جانب ـاي ســيت ااســتفراد هبــا عل ـ مةــل ) ‪.‬‬
‫ل ُ ادر إن كان مناللنا ص وسط املدينـة أ تـراه يقـع علـ حافـة املـوت‬
‫امللكد ‪ ..‬اىل اين امل ري يا نور عـين؟ و عـ احـده مـن خـارج ال ـياج‬
‫يصيري‪ :‬ا ترتكن وحيداي بينـة !‪ .‬ا شـا ان الكـاب اسـتكمل انت ـارها‬
‫ت انـد أح ـن اغـاق‬ ‫ص اارجاء كلةا‪ ،‬انتـابن شـعور باارتيـاح ملـا تـ كر ُ‬
‫باب الدار وأند وضع ُ القضـيب احلديـد ص الرتـاج لاسـتحكا جيـداي‪،‬‬
‫لكــن ااصــوات بــدأت تتح ـ صــورة مغــايرة للبدايــة‪ ،‬اان أصــبري الصــراخ‬
‫والعويل مجاعياي‪ ،‬ضجة من األصوات والـريري اضـاف علـ اآلهـات زيـادة‬
‫ص الرتكيال علـ ااسـ ‪ ،‬و عـ ُ سـقوا شـدء تـواي علـ األرض الصـلبة‪،‬‬
‫وصـــاح صـــوت وســـط البـــا ‪ :‬مـــاذا حيـــد هنـــا يـــا عبـــاد اهلل؟ ‪...‬‬
‫انتفض ص مكاند ‪ .‬صرخ ‪ :‬أبونا انتبةوا اىل العجوز ص األعل ‪.‬‬
‫مل جــبن أحــد ‪ .‬وملــا امتــدت حبــال الصــم بيننــا‪ ،‬تلعــث صــوت‬
‫البن ثانية‪ ،‬كأهنا تن ر اجلميع من التمـاد ص ال ـكوت‪ :‬إنـد أراهـ عـرب‬
‫الالجاج ‪ ..‬تقدم ُ حـاص القـدمني ‪ .‬سـرت ص ج ـد ق ـعريرة ملـا رأيـ‬
‫العيــون ح ـدق ص واجةــات املنــازل القليلــة املنعاللــة كان ـ الراهحــة تــاح‬
‫املكــان‪ ،‬انــدفع ج ــدان مــن اخــوتد والقيــا بثقليةمــا عل ـ بــاب احلجــرة‬
‫تعاليـالاي للحيطــة واحلـ ر‪ ،‬وبــدون اتفــاق معلـن بيننــا اتفقنــا علـ األصــغاء‬

‫‪.9‬‬
‫للحركة ص ا ارج‪ ،‬وأق م العجوز اهنـا ت ـمع صـوت جمنـالرات ودرو ‪،‬‬
‫كان صوهتا يأتين أشبه بالصرخة املكتومة أو الرتجيعة الـ ا تكـ عـن‬
‫النـ ير‪ ،‬ضـا شـ س الليـل وسـط ةمـة أو ح ـرجة لـتلط كلـةا بلـةا‬
‫يتصاعد حت أعل املنازل‪ ،‬وحاول معرفة كنه تلـا الراهحـة الـ ت ـبه‬
‫راهحــة ال ــما املي ـ ‪ ،‬ولكنــه لــيس ميت ـاي امنــا راهحــة حل ـ حيــرتق بــبطء‬
‫شــديد والراهحــة امللذيــة تلت ـ وت ــتدير ص اا ــاء كلــةا‪ ،‬ومــا مــن احــد‬
‫ي ــتطيع اهلــرب مــن ذلــا ااتــون العــامر بــالرواهري الالخنــة او املدوخــة او‬
‫املثرية للتقالز وامش ـالاز النفـوس املرهفـة ‪ .‬وملـا حـدّق ُ مليـ يا مـن النافـ ة‪،‬‬
‫أصــابن ذهــول شــديد‪ ،‬رأي ـ الكــاب ــر عــرب اازقــة‪ .‬بعضــةا توق ـ‬
‫عنـد عتبـات املنـازل اهلاجعـة بينمــا اسـتمر الـبع اآلخـر جـر خفافـاي‪،‬‬
‫عنده ـ ‪ ،‬تنــاغ صــوت النــداء الوح ــد مــع بعضــه‪ ،‬صــوت يــثري الرهبــة‬
‫واجلال ص القلـوب‪ ،‬تعالـ النـربة ارتدمـة‪ ،‬كـان انـ اراي أخـرس األصـوات‬
‫األخرس‪ ،‬طرقات خفيفة عل صفحة الالجاج والندس الليلـد يغطـد زجـاج‬
‫الناف ـ ة‪ .‬هــيمن العــواء عل ـ اازقــة وســاد فحــيري متقطــع‪ ،‬تلــا اللحبــة‬
‫ارتفـع نعيــق غــراب تاهــه ص ســواد الليـل‪ ،‬ا شــا ســتكون معركــة داميــة ا‬
‫حمال‪ ،‬ارتق البن سامل البي باندفاعة مضـطربة‪ ،‬تبعةـا الولـد يقفـال‬
‫ال ــامل ثاث ـاي ثاث ـاي ليصــبري عنــد ال ــطري‪ ،‬ومــن هنــا صــاح بــد‪ :‬تعــال‬
‫انبر ما جر ص الالقاق ‪ .‬وكن اعرحن داهماي ما يأتد بـهِ الينـا بااخبـار‬
‫املباغتة ال ت تفال هدوءنا‪ ،‬ما كن ارغب ص ا صوته ألنـه يـ كرند‬
‫باصـوات ااسـتغاثة بعـد منتصـ الليـل حـني حيـرتق املوضـع ص احلــروب‬
‫ال مرت بنا فيما مض من ايا ‪.‬‬
‫ساد رعب م تتب‪ ،‬ترس من أيـن يـأتد ا ـوحن ويعصـ بنـا وكيـ‬
‫يغدو ج راي للبنون؟ انتبة اىل أننـا تركنـا ــــ أمنـا ــــ ص قـا الـدار بينمـا‬
‫ت لق أبونا ال امل و ااعل ‪ .‬خيـل اىلّ‪ :‬أن ا نـاج مـن هـ هِ العاصـفة‬

‫‪21‬‬
‫اهلوجاء ‪ ...‬الكاب ترك ُ هاهجة ص الـدروب وهـد تتلفـ هنـة وي ـره‪،‬‬
‫هــل أوكــل اليةــا حراســة اابــواب املوصــدة أو البيــوت املةجــورة‪ ،‬رأيـ عــرب‬
‫سياج ال طري ع رات العيـون حـدق مبـةورة أو غاضـبة ‪ ..‬غـدت املعركـة‬
‫شرسة بني فريقني م تميتني مـن اجـل فوزهـا بالكـأس املعلـ ‪ ،‬وازمـتن‬
‫حالة القنـوا ملـا ادركـ ُ أن اجلميـع يـدورون ص فلـا واحـد مـن الرغبـات‬
‫احلمقــاء‪ ،‬ا أحــد يلتف ـ اىل أحــد‪ ،‬هيةــات أن تنتــةد ليلــة العــواء هــ ه‪،‬‬
‫والغريب أن العواء كـان يتعـاظ ويرتفـع كأنـه يضـع حلنـ يا أو ن ـيد يا داميـ يا‪،‬‬
‫كل نربة أو نأمـة فيـه حيلنـا اىل حبـر مـن الةـول‪ .‬أ حبـر سن ـتقل ص‬
‫سرينا احلثيو و مرمانا وغايتنـا ‪ .‬وملـا القيـ نبـرة عـابرة علـ وجـوه‬
‫العاهلــة‪ ،‬كــان مــن الع ــري عل ـ حديــد ماهيــة انقــاذه ‪ ،‬أ قــارب ســوحن‬
‫يرتق ـون ليعــربوا اىل هنــا ؟ ‪ ...‬اســتوىل عــدد مــن ال ـ هاب (ورمبــا كــانوا‬
‫كاباي إذ من الصعب علـ العـني الـردة لييـال تلـا ااندفاعـة ص اازقـة‬
‫واحلارات) عل شوار املدينة‪ ،‬ع من يصيري‪:‬‬
‫ـــ انق ونا ‪..‬‬
‫خيـل اىلّ أن ال ــمع بـدأ وننــا واننـا نغــوص ص عمـق مأســاتنا وا‬
‫احــد يفكــر ص انقاذنــا او يفــتري ناف ـ ة علــ حصــارنا داخــل الــدار‪ ،‬الــ‬
‫حولـ اىل ســجن مليـئ بالرعــب والتـوجس امل ــتمر‪ ،‬وكـان اغلبنــا يتوقــع‬
‫هجوم ـاي ‪ ..‬املــرة الثالثــة‪ ،‬تتقــد الصــرخة التاهةــه‪ :‬تلــا مصــفحة أجنبيــة‬
‫تكت ري األزقة ‪.‬‬
‫ال ــار الضــيق غــدا مرتعــ يا للقطــط اهلاربــة والكــاب امل ــعورة‪،‬‬
‫وصــوت يــأتد مــلء ال ــمع‪ :‬نكــاد منــوت ‪ ..‬ضــاع عبارتــه وســط الــريري‪،‬‬
‫الريري تعو وا من راد هلا‪ ،‬ينحن ال جر متعثراي ص خطـاه يـنحن باكيـاي‬
‫ممـا ي ـةده صـامتاي ويـراه‪ ،‬وكانـ ـ امنـا ـ تـ رحن الـدمو ص عمـق الـدار‬

‫‪21‬‬
‫والن يش ا يك ّ عن الصعود الينا حت ااعايل‪ ،‬حت ال رفات ‪ .‬انقطـع‬
‫صــوت ابينــا واذ أغلبنـــا بالصـــم والتــوجس غـــري ان اانـــني مل ينقطـــع‬
‫حلبـة واحـدة‪ ،‬كــان يـأتد مــن زاويـة ناهيـة و ــبه قادمـاي الينــا مـن تلــا‬
‫الغــرحن املغلقــة ص الــدار ‪ ،.‬كــان ذلــا صــوتاي ناهي ـاي يــأتين وأكــاد أعرفــه‪،‬‬
‫والضجة ص ا ـارج بـدأت لفـ شـي يا ف ـي يا ‪ ..‬أنـا الوحيـد مـن واصـل‬
‫التحــديق عــرب ســياج البي ـ ‪ ،‬كنــا قــد أحكمنــا ارتــاج اابــواب‪ ،‬و ــن نعل ـ‬
‫لام ـاي‪ ،‬اهنــ ينت ــرون مــن حولنــا لــيا‪ ،‬وســوحن يرتاجعــون حاملــا ينــبلش‬
‫الصباح عن مشس ساطعة كالفضة ‪.‬‬
‫ت رين الثاند‪4887 /‬‬

‫‪@shabander_khan‬‬

‫‪22‬‬
‫ص زمن طفولتنا الغضة‪ ،‬كان ااحرتاب ضـد اجلـور واأل ـال علـ‬
‫اشده‪ ،‬وقد شكلنا حلقة مرتاصة مـن التـ اكر حـول صـبانااملرت باألسـ ‪..‬‬
‫كان آباانا متمرسني ضد الفقر مبعرفة ما جر ص عمق هنـر العـ اب أو‬
‫ص جلـــة ظـــا العـــامل‪ .‬وكانـ ـ احلكايـــات ســـلواه وبل ـــمة ‪ ،‬طبابتـــة‬
‫ال حصـــية ضـــد أمراضـــنا املالمنـــة‪ ،‬نعـ ـ ‪ ،‬كـــانوا يبـــددون وح ـــة ليلـــة‬
‫باحلكايات والقصص وا رافات الـ يـتحط علـ صـحرهتا كـل صـعب‬
‫وم ــتحيل‪ ،‬وكــان راوية ـ هــو راوين ـا ايض ـاي ال ـ ن ــتمع اليــه منده ــني‬
‫سـعداء‪ ،‬نعـ كنـا ص اقصـ ســعادتنا و ـن نتحلــق حولــه وهـو يــدير دفــة‬
‫احلكاية‪ ،‬بالتماعاته ال كية‪ ،‬وانتباهاته وفطنته‪.‬‬
‫كـــان حاكينـــا ا يقـــل مةـــارة عـــن أ رواهـــد او قـــاص بـــار جيـــد‬
‫استغال حلبات الصم ال تقطع احلكاية مـن منتصـفةا‪ ،‬بعضـنا كـان‬
‫يعلق عل الفاصلة تلا‪ :‬ك ر عمودها الفقر ‪ .‬ويقصد احلكاية‪ ،‬وتتمثـل‬
‫تعاستنا حني يل بنا طار هنعنا مـن القـدو اىل جملـس الكـا اجلميـل‬
‫ص الليلة املقبلة لكد ن تمتع بالنةايات ال عيدة حلكايـات راوينـا الـ ا‬
‫هل من ابتدا امل ـاهد ااكثـر اثـارة‪ ،‬كـان "كـاظ جـوير" وهـ ا هـو ا ـه‬
‫كان بارعا ومُجيداي ص إدارة ال ـرد والتحـا احلـوار ص سـرده‪ ،‬امـا الوجـه‪،‬‬
‫اعن وجه كاظ جـوير فيبـل يتواصـل مـع التعـبري املناسـب للحكايـة الـ‬
‫هـو بصـدد األملـا هبـا وتقـدهةا الينـا ك ـريط سـينمد حيـرص ان جعــل‬
‫مــن العبــارة مرهيــة والكــا ملموس ـاي ص الليــل املــدهل املبــدد عل ـ ضــوء‬
‫فانوس او موقد نـار او مشعـة‪ ،‬ن ـمع حـوافر ا يـل تطـرق ارض الوديـان‬
‫ليعربهــا البطــل املقــدا ‪ ،‬عازم ـاي عل ـ الوصــول اىل القلعــة الناهيــة‪ ،‬ألنقــاذ‬

‫‪25‬‬
‫احلبيبة من غاصبيةا‪ ،‬تنتف اج امنا الغضة قبل البطـل و ـن ن ـمع‬
‫مــن بعيــد صــرخة الفتــاة اجلميلــة ذات اجلــداهل ال ــود ص قلعــة ناهيــة‪.‬‬
‫ن ــمع قــر ال ــيوحن وهــدير البحــار وتاط ـ املــوج‪ ،‬تلــا خاصــية حك ـاء‬
‫طفولتنا الغضة ص سرده املتأند لرس الصورة‪ ،‬وإذ يتوقـ ص ليلتـه تلـا‬
‫عند منتص احلكاية او يلجـل جالأهـا ااخـري اىل ليلـة قادمـة‪ ،‬يرتكنـا ص‬
‫أس وحالن‪ ،‬ويل بنا غي شرس‪ ،‬ا نعرحن كي التحلص مـن اسـره لنـا‪،‬‬
‫وحـني يعيــد علينــا القـول بنــربة الصــوت اهلادهـة علـ طريقــة احلكمــاء ص‬
‫تـــدفق الصـــوت احلنـــون‪( :‬اعـــرحن حكايـــة مجيلـــة واحـــدة تتبعةـــا اخـــرس‬
‫ســأرويةا لكـ وهــد مــثرية للحــالن‪ ،‬تــابعوا معــد كيـ طــارد بطلنــا اهلمــا‬
‫تنني الغابة حتـ بلـغ القلعـة وحـد عـرا شـديد بينـةما‪ ،‬وكيـ اضـطر‬
‫اىل عبور اجلبـال والوديـان والبحـار الـ حيرسـةا اكـرب تـنني‪ ،‬عربهـا كلـةا‬
‫ليصل اىل مبتغاه ومـا يريـده ص قـرارة نف ـه‪ ،‬مـا هـو اا ا لـود او الفـوز‬
‫ص البقاء عل قيـد احليـاة الفانيـه متبعـا سـرية ملـا مـن ملـو اجلـان او‬
‫اازمان ال حيقه ال مض عليةا دهر طو من ال نني ا وايل )‪.‬‬
‫كنــ ارقبـــه عـــرب الكلمـــات املنـــةمرة مـــن بـــني شـــفتيه‪ ،‬وســـيلته ص‬
‫اصـــطياد امل ـــاهد واجلةـــد املبـ ـ ول احتواهةـــا وتقـــدهةا لنـــا ص غايـــة‬
‫الوضـــوح واملعنـ ـ ‪ ،‬وحـــني يضـــطرللمرور بامل ـــاهد األكثـــر حنقـ ـاي واثـــارة‬
‫للع ـ اب والقلــق‪ ،‬ف ـان صــوته يرتاجــع خطــوة اىل ا ل ـ ‪ ،‬ويصــبري جمــرد‬
‫ــس نكــاد ا ن ــمع منــه اانثــار الكــا ‪ ،‬ل ـ ا يف ــد ص أثارتــه مجاليــة‬
‫الكا ‪ ،‬واحلق كنا نت ل بل نتغن حبكاياتـه امل ـبّعة بالصـور‪ ،‬لكننـا كنـا‬
‫خنـــاحن بعضـــةا حـــني تصـــبري قاســـية او يضـــطر فيةـــا ابطـــال احلكايـــة‬
‫ال ريرون اىل سلو ا بـو واملكيـدة ‪ ...‬ـن لـ عـادة ان نـ هب اىل‬
‫النــو دومنــا احــا خميفــة‪ ،‬تلــا ال ـ يطلقــون عليةــا الكــوابيس‪ ،‬بع ـ‬
‫احلكايــات عــل فراهصــنا ترتعــد‪( :‬كــان هنــا ســلطان حيك ـ بلــداي مــن‬
‫البلــدان البعيــدة‪ ،‬ســول هلـ ا ال ــلطان نف ــه ان يرســل كــل شــباب البلــد‬

‫‪2.‬‬
‫اىل احلرب وا يرت شاباي واحداي يعيش ص املدينـة بـل يـ هب اجلميـع اىل‬
‫القتــال بــأمر ال ــلطان اجلبــار)‪ .‬ص الليــل ذا و ــن نصــغد اىل حكايــة‬
‫ال ــلطان اجلبــار‪ ،‬لــت اج ــادنا هلعــاي‪ ،‬ألننــا ا نريــد ان نــ هب اىل‬
‫احلرب بأمر ال لطان‪ ،‬وعنـد هـ ا احلـد مـن احلكايـة ـرأ أحـدنا وقـال‬
‫بإصرار‪ ...( :‬إ ن ه ه ت به حكايـة أخـرس روهتـا جـدتد علـ مجـرات نـار‬
‫هادهــة واللــةب تــرتعش ال ــنته امــا اعينن ـا ويبقــع اجلــدران مــن حولنــا‪،‬‬
‫وجدتد ترو حكاياهتا أفضل من ال كاظ جوير‪ ،‬وهد تب ـمل بقناعـة‬
‫وا تقطــع احلكايــات أو تلجلــةا حتــ لــو فاجأهــا النعــاس ص منتصــ‬
‫احلكايــة‪ ،‬هــل تريـــدون مــن روايـــة تلــا احلكايــة الــ اصــغي ُ اىل كـــل‬
‫تفاصــيلةا مــن ج ـدتد؟ وباملناســبة لي ـ كــل التفاصــيل مملــة‪ ،‬ان ه ـ ا‬
‫اعتقــاد خــاطئ اعتــاد عليــه بع ـ الــرواة الفاشــلني ألهن ـ ا ي ــتطيعون‬
‫روايــة حكايــة ممتعــة كاملــة‪ ،‬فيقولــون لنــا بكــل بــرود وعجرفــة‪ :‬ــــ آه يــا‬
‫عنــا‪ ،‬لنعــرب اىل حكايــة اخــرس‪ .‬وهك ـ ا يــبرتون‬ ‫للتفاصــيل الثقيلــة عل ـ‬
‫احلكايات وجعلوهنا ناقصة‪ .‬يا اهلل ما أحل ما ترويه جدتد من قصـص‬
‫وحكايات‪ ،‬لو رأيت جدتد ألخ ك العجب من طلعتةا الوقورة) جـرس هـ ا‬
‫كلــه ص زمــن طفولتنــا املتداعيــة ول ـ ادر ملــاذا ات ـ كره اآلن واذا اردمت‬
‫بقيـة احلكايــة‪ ،‬أيــة حكايــة فمـا علــيك اا ان تتوجةــوا اىل راو طفــولتك‬
‫ليتمةــا لك ـ ‪ ،‬ومــن جــانا ب ـ ل جةــداي كافي ـاي للبحــو عــن راو طفــولتك‬
‫ليتمةــا لك ـ ‪ ،‬ومــن جــانا ب ـ ل جةــداي كافي ـاي للبحــو عــن روا طفــول‬
‫كــاظ جــوير فل ـ اوفــق ص العثــور عليــه ‪ ..‬أيصــري وتك ـون احلكايــات ال ـ‬
‫تعلمناها منةا كي ننتصر من خاهلا علـ شـقاهنا املـالمن‪ ،‬كلـةا ناقصـة‬
‫أو مبتورة وا تصل اىل هناياهتا اابنوسية املرتجاة؟ اذا كـان احلكـاء األول‪،‬‬
‫هو ال بب ص احدا تلا الرع ة النبيلـة ـاه احلكايـة (حتـ ولـو أتـ‬
‫ناقصــة) فــأنن أدعــوك للبحــو عنــه بــني ااحجــار الكرهــة والفصــوص‬
‫الثمينــة‪ ،‬عــن راويك ـ الــ تعــرفت بواســطته عل ـ طفــولتك ال ــعيدة‪،‬‬

‫‪22‬‬
‫ويصنع مبةارته لك ذاكرة للمكان وااحدا ‪ ،‬ومن ا راو له ص طفولتـه ا‬
‫ذاكرة له‪ ،‬لعل الن يان سيغدو نصيبه ‪ .‬انن سـعيد إذ أعيـد صـورته اآلن‪،‬‬
‫وأقــد عنــه لوحــة او صــورة‪ ،‬فةــو ااكثــر من ـا حرص ـاي ص احلفــاى علــ‬
‫ذاكرتــه مــن خــال احلكايــات ال ـ حيفبةــا ع ـن ظةــر قلــب للوصــول اىل‬
‫اسرارها ص قمق الـنا سـليمان (قـال لنـا ذات م ـاء ان سـيدنا سـليمان‬
‫جــاءه ص املنــا ودعــاه اىل وليمــة تقــا عل ـ جــنري طــاهر) وتوال ـ أس ـ لتنا‬
‫الطفولية عليه‪ :‬ماذا قد لا من طعا ؟‬
‫ــ ما ل وطاب ‪.‬‬
‫ــ كل طعا هو طيب ول ي ‪.‬‬
‫ها اند احتف له بصورة واضحة‪ .‬لصوته ونربتـه وحضـوره الكامـل‬
‫وسطنا‪ ،‬اب ل جةد ص استعادته للحفاى علـ ذاكرتـد الـ شـكلةا عـرب‬
‫الصور وامل اهد املالدانـه بـأحل احلكايـات‪ ،‬رغـ أن اغلبـةا ناقصـة اآلن‪،‬‬
‫وانا اخط ال طور واكتـب العبـارات‪ ،‬دا ـتن فكـرة ا سـبيل مـن قبوهلـا‪،‬‬
‫اا جوز ان يكون قد روس لنا حكاياته الناقصة‪ ،‬لكد نتمةا ونكملـةا ـن‬
‫ص زماننـــا وظروفنـــا احلاليـــة؟ اذ كـــان راو طفولتنـــا قـــد تقصـــد بـــرت‬
‫احلكايات وتركةا ناقصـة لكـد نتمةـا ـن بطريقتنـا ا اصـة‪ ،‬يكـون قـد‬
‫اصاب كبد احلقيقة كما يقال‪ ،‬ويصبري من الضرور وضع هناية مناسـبة‬
‫لكل حكاية ناقصة مرت بنا‪ ،‬وانا عل يقني اننا سـنحتار النةايـة األفضـل‬
‫واألصلري ‪ ..‬لنحاول ‪ ..‬ع انا ان ن تطيع اىل ذلا سبيا‪.‬‬
‫ن رت ص صحيفة (بغداد) العراقية‬
‫العدد‪ 124 /‬ال نة الثانية ع رة‬
‫األحد ‪ 64‬ت رين األول ‪4882‬‬

‫‪26‬‬
‫ت معه سيد ؟‬ ‫ـــــ ما ال‬
‫ـــــ اصوات هلا ترجيعة ليفن ‪!!.‬‬
‫غالبا ما أراه ص بكرة الصباح متفردا مالهـوا ص وحدتـه ال ـدهيه‬
‫يقطـع الطريــق جي ـة وذهابــا ‪ .‬طـاهر ص علياهــه املت ـاميه‪ ،‬يبت ـ للــةواء‬
‫النــد والن ـــي العليـــل‪ ،‬حــني يرانـــد ي ـــتقبلن حبفــاوة بالغـــة‪ ،‬بقامتـــه‬
‫املديــدة وشــاربيه املن ــدلني‪ ،‬يلوحــان يل مــع ذراعيــه العــاريني ص الفضــاء‬
‫ال اسع‪ (( :‬أبن قصورا واشـيّد قاعـا مـن حـويل لـ ا تـدا ن الغـيان‬
‫يا صاحا‪ ،‬الغرباء واملرده )) اضـحا ص سـر وهـو يرانـد مـاثا امامـه‪،‬‬
‫ا آخـ شــي ا وا اعطيــه شــي ا‪ ،‬لكنــه يواصــل بصــوته اجلةــور ‪ (( :‬أســري‬
‫وحد كما تراند ص حداهق غناء من صنع يد أقي ‪ ،‬افراحـد واعراسـد‬
‫م رورا هبا‪ ،‬واملوسيق تصدح بالقرب من‪ ،‬ما امجل ما افعله وحـد ص‬
‫مملك ـ ال ـ لــن يتعــداها احــد غــري )) يبــدو ســعيدا ومرحــا ص ســريه‪،‬‬
‫يبت ـ للــةواء اذ هــر بــه‪ ،‬وهــو ص جل ــته الصــباحيه‪ ،‬متلم ــا طراوهتــا‬
‫وتراخيةــا ومــا هنحــه الصــباح البــاكر مــن متعــة ســريه‪ ،‬ا يعــرحن احــد‬
‫ــدء تلــا املتــع الصــغريه‬ ‫منبعةــا عل ـ وجــه الدقــه‪ ،‬وايــن تكمــن وكي ـ‬
‫بل اه ـ ها حــيط بــه كالعصــافري امللونــه او الطيــور ص هجرهتــا املو يــه‪،‬‬
‫حي ةا خال توحده األزيل وتفرده املتعايل ‪.‬‬
‫كانــ عينــاه ترنـــوان اىل تــا القـــا الــ شــيّدها ص غفلــة مـــن‬
‫الالمن‪ ،‬باصراره املعةود علـ مغـادرة الفـرا مبكـرا‪ ،‬واملوسـيق تصـدح‪،‬‬
‫ترن بايقا رخي يلري عل خاطره ‪:‬‬

‫‪24‬‬
‫ــــ انن اخلد نف د ص ه ه القا واشـيّد قصـورا ‪ ..‬لكـن مـن ايـن‬
‫يأتد الصوت الغريب ه ا؟ وكي له من اخـرتاق اجلـدار وااسـوار؟ ‪ .‬كـان‬
‫الصوت يأتيه عل هي ة دفعات قصرية ضربات ترن فوت ونـربة واط ـه‬
‫واذ ينتبــه اىل الضــربات البعيــده تباغتــه ص الفــرا ‪ ،‬حيــاول تك ـ يب مــا‬
‫عـــه مـــن نغمـــات ورنـــات سـ ـريعه نصـ ـ حاملـــه اشـــبه بعـــني يـــدا ةا‬
‫النعــاس‪ ،‬يةــدأ وهــنري نف ــه فرصــة لانتبــار لي ــمع هــدير املوســيق‬
‫تصــدح ص اجلــوار ‪ ..‬مــن ايــن يــاتد الينــا ه ـ ا التعلــق الغريــب هبــا؟ حــني‬
‫ي ت ل اىل ايقـا الصـوت املتواصـل‪ ،‬ي ـمع سـنابا خيـول مندفعـه ـو‬
‫الفا ت ابق الريري وكلما ازداد الوقع املتنامد ص ا اطر‪ ،‬يـدر مفاصـله‬
‫واطـراحن ج ــده ثقــل مفـاجئ ‪ ،‬كأنــه غــاص ص ارض مـن الطــني او رمــال‬
‫متحركه‪ ،‬وحده يرس كي يغوص ص جلش مـن الطـني‪ ،‬اهنـا املوسـق تـأتد‬
‫مع الفجرمصحوبة مبوجة من قـر خفيـ لطبـول بعيـده‪ ، ،‬تتلقـ اذنـاه‬
‫نغماهتــا وشــدوها املــالدح بــاحلنني وهــو ا يعل ـ عل ـ وجــه الدقــة‪ :‬ملــن‬
‫سيكون حنينه ؟‬
‫هــدأت اصــوات املوســيق لــبع الوق ـ وع ـ ال ــكون‪ ،‬اهنــا داهمــا‬
‫هتدأ ويكـ عازفوهـا عـن الضـرب علـ آاهتـ ‪ ،‬وكلمـا حـاول القـاء نبـرة‬
‫عابرة علية تتبدد صورهت ولتفد املامري الصرحيه هلـ ‪ ،‬ا شـا اهنـ‬
‫تب ــون خلـ هـ ا اجلــدار الـ يــراه عاليــا ‪ ،‬ورمبــا وراء تلــا ال ــجرة‬
‫الوارفــة البــال‪ ،‬ارخــ ذراعيــه علــ ج ــد ذابــل‪ ،‬والعينــان ســا تان‬
‫من ـ هلتان تتفحصــان او ترتكــان الفرصــة لل ــمع ان حيــدد مــن ايــن يــأتد‬
‫هدير املوسيق ‪ ،‬تعالحن عل اوتار من حديد وقصدير و اس‪ ،‬طبـول لـن‬
‫تتوق ـ عــن القــر امل ــتمر‪ ،‬ا جــد فيةــا ســوس حلبــات مــن التحــد‬
‫ال افر له‪ ،‬ولكن ااخرين ه ايضـا ي ـمعون موسـيقاه ا اصـة‪ ،‬لـيس‬
‫هــو وحــده مــن يصــغد ويتلق ـ اهلــدير‪ ،‬غالبــا مــا يــل لــه أن مــا ي ــن‬

‫‪21‬‬
‫عــه لــيس املوســيق الــ اعتربهــا خاصــه بــه‪ ،‬بــل هكــن القــول اهنــا‬
‫ضــجيش عجــات لــن ينتــةد‪ ،‬فوض ـ املكــان او ضــجة الطريــق تأتيــه عــرب‬
‫الناف ة نص املفتوحه ص غرفته املغلقة عليه من الداخل بإحكا ‪.‬‬
‫فتري احدس عينيه قبل أن ياليري عنه الغطـاء‪ ،‬رأس مـا ي ـبه املفاجـأة‬
‫حني طن بالقرب منه ذبابة سوداء كبريه تنحدر بأسـفاحن ـو جةـة مـا‪،‬‬
‫ما تلبو ان تعـود حلـق برعونـه ومـن الع ـري القـب عليةـا‪ ،‬وص حركتـةا‬
‫اللولبيــه امل ــتمرة‪ ،‬اذهلتــه ال ــرعة بــالرواح والــدء فيمــا حولــه واذهلــه‬
‫ااصرار عل الدوران ايضا‪ ،‬طنينةا يرت صدس كالرنني‬
‫عه‪ ،‬راقبةا عن كثب ملا فتري عينيه عل سعتةما ‪.‬‬ ‫ص‬
‫ـــــ اىل اين ست هبني؟‬
‫دارت دورة كاملة ص الفضاء‪ ،‬ابتعـدت ثـ عـادت مـن جديـد‪ ،‬طـاهرة‬
‫ضــا منــةا امل ــار‪ ،‬ملــن وملــاذا الصــحب ه ـ ا؟ وحبركــة بارعــة مــن ذراعــه‬
‫امل بل يانبـه لطمةـا بكـ يـده بضـربة غـري متوقعـه‪ ،‬ارتطمـ باجلـدار‬
‫املواجه له وهتالك دفعة واحدة ‪ ..‬دفع الغطاء عن ج ده حبركـة سـريعة‬
‫كان يركال انتباهه عل املوجودات من حوله ‪ ،‬جعلـه الصـباح النـد يبتـةش‬
‫مبودة للنةار القاد ونغمات خفيفه ترد اليـه بكـل وضـوح‪ ،‬ولكـن ي ـتطيع‬
‫اجلال أن ـة مـن حيـاول ت ـتي صـفاهه ونـداوة النـةار اجلديـد‪ ،‬اصـابع‬
‫اســيه تضــرب بأصــرار علـ آلــة وتدفعــه اىل اجلنــون ‪..‬حلبــات وبــات‬
‫الصدس قوياي يرن ويغـدو اايقـا قويـاي وجارحـاي‪ ،‬ينـة مـن مكانـه يبحـو‬
‫عن علبة سجاهره‪ ،‬اجلميـع نيـا ‪ ،‬هـو وحـده يصـغد م ت ـلما اىل صـوت‬
‫املوسيق ‪ ،‬مل تعد الرتجيعة جمرد صدس ألوتار يعبو هبا شحص متطفـل‪،‬‬
‫بـــل يكـــاد يـــرس اجلوقـــة كاملـــة من ـــغلة ص دوزنـــة اآلات والرتكيـــال علـ ـ‬
‫الصوت اهلجني ‪ ،‬ياللصوت النحس‪ ،‬يرافقه حيثما حل او رحل ‪..‬‬

‫‪29‬‬
‫وحده ص ال ار الطويل‪ ،‬انـه ا يتعـدس ص م ـواره سـوس خطـوات‪،‬‬
‫توق ـ برهــة وادار عينيــه ص املكــان‪ ،‬مل يكــن ســوس كلــب ســاهب ياحــق‬
‫طاهرا فق يناحيه ويضرب اارض حبركة جالعـه‪ ،‬توقـ الكلـب عنـد‬
‫الرصـــي ورفـــع رأســـه ـــو ااعلـ ـ هـــو اآلخـــر توقفـ ـ خطواتـــه عنـــد‬
‫الناصــية هنــا ‪ ،‬الغريــب ان احليــوان مل يعــرتض عل ـ وجــود الرجــل بــل‬
‫اخفــ ذيلــه وطأطــأ رأســه واذ ص اول منعطــ قريــب منــه ‪ ..‬تــنفس‬
‫الصعداء ولكن اين الطاهر الك ري اين مض ؟ يـا اهلـد‪ ،‬لنـ مـن اعماقـه‬
‫بةا او نصادفةا‪ ،‬وحـني تـيقن مـن‬ ‫ان يعرحن اىل اين تنتةد ااشياء ال‬
‫اختفـــاء الكلـــب‪ ،‬ابت ـ ـ ‪ ،‬ابت ــ لنف ـــه وقـــد احـــس بـــاهلواء يعـــب ثيابـــه‬
‫وهللها دغدغة ع به ‪ .‬أهكن هل ا ان يصري؟ كلما شيدت قصراَ وقاعـاَ‬
‫احتمد هبا‪ ،‬ينةد جدارا او تفتري كوة كبرية لتمرق منةا الكاب والغـيان‬
‫او املردة وااشباح؟ أتراها جمـرد احـا وامـان ا جـدوس منـةا؟ حمـال ان‬
‫يكــون ذلــا ك ـ لا !! ص ذلــا اهلــواء العليــل ترفــرحن اطــراحن ثيابــه وهــو‬
‫هضد سادرا ص سريه ال ريع كأنه اجلر املتواصل لن يتوق ابدا‪،‬‬
‫أيصري ه ا يا عباد اهلل؟‬
‫يــده املل ــاء خاليــة مــن ا شــدء‪ ،‬هــوذا يــدور وتــدور معــه اافــا‬
‫دورة واحــــدة‪ ،‬تصــــرعه وا اصــــحاب لــــه وا احبــــاب ‪ .‬خفيفــــا كعصــــا‬
‫ا يالران‪ ،‬يغلق عه بيديه ل ا ي مع دو ااصوات املتاطمـه بـالقرب‬
‫منه رغ انـه مل يرمبعثةـا‪ ،‬وكـ حـدق ص الفضـاء املرتامـد لكـن عينيـه مل‬
‫تريــا احــدا ‪ ..‬ظــل ي ــري وحيــدا‪ ،‬فــاقع اللــون أعــالل مــن أ شــدء يقيــه‬
‫الضرر ص ه ا الصباح البـاكر ون ـمات هـواء عليـل حـدو بـه وتلتـ مـن‬
‫حوله وتطـيري الن ـيمات بااشـياء القويـة الصـلبه‪ ،‬مل حيـدد الوجةـة الـ‬
‫قرر ال هاب اليةا‪ ،‬اذ تلا عادتـه اا يعـيّن ـة نقطـة ملشـرة أبـدا‪ ،‬ي ـري‬

‫‪61‬‬
‫وي ري كل صباح من كـل يـو حتـ يعيـه ال ـري وا ين ـغل بأحـد أ احـد‬
‫كأن الطريق وما ي غله او يتواجد فيه ا يعنيه من قريـب او بعيـد‪ ،‬ورمبـا‬
‫يعل ان الصباح الند يأخ ه ص م ارحمفوحن بال رّية والغمـوض‪ ،‬تلفـ‬
‫هينــا ومشــاا ليتــيقن مــن خلــو الطريــق مــن جوقــة املةــرجني العنيــدين‬
‫واملوسيقيني الانني‪ ،‬لكـن ااصـوات ظلـ ترسـل اليـه اشـارات مقتضـبه‬
‫ضربات خاطفه قد ا ت غله طويا ولكنةا موجودة وي ـتطيع ان ي ـتدل‬
‫عل وجودها املحي ‪ ،‬ان يصغد فقط وسوحن لن يكلـ نف ـه كـثري عنـاء‬
‫ص ااســتدال عليةــا‪ ،‬تــيقن اآلن انــه مــا عــاد باســتطاعته العــودة اىل مــن‬
‫حيـو جـاء‪ ،‬هـو سـوالدرب الطويــل وحيـدين‪ ،‬اىل ايـن امل ـري يـانور عــين؟‬
‫اســتدار اىل ا ل ـ حبــالن شــديد مل جــد مــا ي ــجعه او يكــون ســببا ص‬
‫العودة اىل هنـا ‪ ،‬هـو داهمـا يقـ وسـط الطريـق وحيـدا وا مـن هـد يـد‬
‫العون له‪ ،‬ت كر اول مرة ادركته العالله وقوّضه ا وحن منـةا‪ ،‬كـان ذلـا ص‬
‫زمــن بعي ـد بعيــد جــدا‪ ،‬حــني كــان طالبــا ص املرحلــة ااعداديــه وكــانوا ص‬
‫سـفرة مــن تلــا ال ــفرات الـ تعتــرب ن ــاطا مفروغــا مــن تأديتــه ســنويا‪،‬‬
‫حــني انت ــرت اعــداد الطلبــه ص املــالار والكــرو ‪ ،‬م ــاحات واســعه مــن‬
‫ا ضرة املمتده مع صفوحن من اشجار وخنيل باسق‪ ،‬وحده جلـأ اىل ظـل‬
‫شجرة قصـيّه‪ ،‬جلـس ور اح يتأمـل اعـداد الطلبـة مـن حولـه وبعيـدا عنـة ‪،‬‬
‫مضـ ـ اكثـــر مـــن ســـاعتني وهـــو ســـاهِ عمـــا يـــدور مـــن حولـــه ‪ .‬املالرعـــة‬
‫وااشجار والطريق الطويل ‪ ..‬كان موقـع ال ـفرة ص حـدود مدينتـة تلـا‬
‫اايــا ‪ ،‬ا شــا اخ تــه غفــوة ســريعه مل يــدر مــاذا جــرس خاهلــا لــه‪ ،‬عــاد‬
‫وحيــدا‪ ،‬والغريــب اهن ـ عــادوا اليــه بعـد ان افتقــدوه باملصــادفه‪ ،‬مــن ذلــا‬
‫اليـو ومــن سـاعتةا ادر ‪ ،‬انــه هكـن ان يبــل وحيـدا واىل اابــد ‪ ..‬هكـ ا‬
‫كــان وهك ـ ا اصــبري ‪ ..‬كان ـ ريــري الصــباح تــالأر ص األطــراحن ويرجــع هلــا‬
‫صدس خفي كاهلمس امل عور‪ ،‬تلا هـد املوسـيق الـ يفرضـوهنا عليـه‬

‫‪61‬‬
‫او يريدون له ان يعتاد عليةا‪ ،‬وقال لنف ه‪ :‬ا أحد يفرض علـدّ مـا يريـد‪،‬‬
‫انا ا احتمل الصوت اجلةـور ‪ ،‬ملـاذا كلمـا كلمتـة يالعقـون بـوجةد؟ ذات‬
‫يــو كنــ اســري فيــه مــع صــديق حيــب ال ــري مل ــافات طويلــه حاولــ‬
‫جماراتـــه‪ ،‬كنـــا ص شـــار الرشـــيد عنـــدما صـــعقن صـــوت الطـــرق علـ ـ‬
‫النحاس ص سوق الصفافري اهنارت قوا يومةا واطلق ساقدّ للـريري كمـا‬
‫يقـال وتركـ صـاحا ص حــرية مـن امـره ‪ ..‬تـرس ملــاذا يطرقـون كـل شــدء‬
‫ودون لييال لل حيصل يل حني ا ع ااصوات القويه وهد حـيط بـد‬
‫كاهلواء ؟؟‬
‫ومــن بعيــد تــواردت اليــه ترجيعــة تنمــو وتتصــاعد واتضــح هلــا‬
‫معــامل كانــ غاهبــة عنــه ص اافــق النــاهد ‪ .‬حركــ قــدماه‪ ،‬وانــدفع‬
‫طــوات اســـر ممـــا كانـ ـ عليـــه مـــن قبـــل‪ ،‬وااصـــوات تضـــش وتـــالداد‬
‫ضجتةا‪ ،‬مل يعد ي ـمع غـري وشوشـة الـريري وااصـوات املبةمـة‪ ،‬اسـر بـل‬
‫زاد مــن ســرعته قلــيا خفت ـ ااصــوات ص رأســه بع ـ ال ــدء‪ ،‬وادر ‪،‬‬
‫كلمــا زاد مــن ســرعته هــدأ الضــجيش مــن حولــه ممــا شــجعه علـ اجلــر‬
‫ال ريع املتواصل و فة ‪ .‬ساقاه ت ابقان الريري ص عدو فريد مـن نوعـه‪،‬‬
‫وال مس بدأت ترسـل اشـعتةا لـتحط علـ كتفيـه وضـجة متناميـه تتبعـه‬
‫ص خفة اجلر املت ـار ‪ ،‬اهنـا الـريري املحادعـه الواشـيه هـد مـن ينقـل لـه‬
‫اصوات املوسيق الضاجة وااصوات ااخرس‪ ،‬ووجد متعة ص جريـه هـ ا‬
‫حتـ تــيقن انـه بــدأ لتـوه يرتفــع قلـيا جــداي عـن اارض‪ ،‬يرتفــع ص الفــراش‬
‫وصدس ضحكة مدويه ترافق خطواته املتاحقه ‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫ا أعــرحن كيــ ســـتكون عليـــه هنايـــة هــ هِ القصـــة‪ ،‬الــ ظةـــرت‬
‫فكرهتا امامد ك بري يتطاول ويتباه بفرادته‪ ،‬وقد اخـ ند العجـب منـةا‬
‫وراح حي ـ بــد كالبــل او ال ــور اركــ ( كــل فكــرة تتبــارس مــع ح ــد‬
‫اافكـــار ااخـــرس تغـــالو عقولنـــا وا منلـــا حـــواي ازاءهـــا اا ااذعـــان ص‬
‫روايتـــةا ) حـــد ذلـــا وأنـــا اتنـــاول وجبـــة اافطـــار ص املطعـ ـ الصـــغري‬
‫والنبيــ الــ اعتـــدت ارتيـــاده منـ ـ ايـــا مضـ ـ ‪ ،‬ع ـــرات ال ـــيدات‬
‫والفتيــات اجلمــيات هــررن مــن هنــا اســوة باملــارة ااخــرين ‪ ..‬النبــر‬
‫الـــيةن وتأمُـ ـل حركـــة اج ـــادهن او اســـتدارة تلـــا ااعطـــاحن واانتبـــاه‬
‫واان ــداد اىل تــدفق الضــحكات الرقيقــة‪ ،‬مندفعــة مــن حنــاجر صــافية‪،‬‬
‫تلا عادتد امل تدهة‪ ،‬إنن كاهن قد ابـدو غريبـاي بعـ ال ـدء ومن ـغا‬
‫بأمور قد ا تعن غري كثرياي ‪ ..‬اجلمال وحـده هلـا سـطوة خاصـة علـ‬
‫نف ــد‪ ،‬كــل شــدء يفصــري يل عــن تــرحن ونعــي ي ــتوقفن ويأســرند دون‬
‫ــة نغمــة رشــيقة‬ ‫تــردد‪ ،‬او خ ــية مــن مصــاهب وعواقــب وخيمــة‪ ،‬كان ـ‬
‫ت تقر هنا ص العا ومل تنقطع عن الرتدد ص اهلـواء املـرح‪ ( .. ،‬احلـرب‬
‫قام وانتة كل شدء قد ي ـد حبـرب جديـدة ) املطعـ الصـغري يقـع ص‬
‫مواجةـــة ال ـــمس علـ ـ رصـــي شـــار خلفـــد ص مواجةـــة احـــد اازقـــة‬
‫املنت رة‪ ،‬واجللوس ص داخله جعلـه مكمنـاي لرايـة مدرّعـة اجنبيـة جا ـة‬
‫عنــد هنايــة الالقــاق الطويــل ذا ‪ ،‬كانـ الــريري ا فيفــة تلــون ااصــداء ص‬
‫مواجةــة النغمــات الــ ترســلةا ال ــماء‪ ،‬كاانــ ار أو ااســتةجان ورمبــا‬
‫القدر‪ ،‬ا احد هكنه اجلال ب أن ذلا ‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫كان يروق يل حقيق نالوتد ص تناول افطار عل قارعـة الطريـق‬
‫مبحاذاة زجاج املطع ‪ ،‬كن ُ الالاهر الوحيد الـ ظـل ي ـغل املاهـدة امللقـاة‬
‫علــ الرصــي ‪ .‬كــل يــو اضــطر فيــه للــ هاب اىل عملــد ص جريــدة (‬
‫الــباد ال ــعيدة ) تأخ ـ ند قــدما اىل ذلــا املطع ـ األنيــق وتلــا املاهــدة‬
‫املنعاللة عن املواهـد ااخـرس‪ .‬وباملناسـبة‪ ،‬أنـا ل ـ حمـرراي ادبيـاي فح ـب‪،‬‬
‫بل مللـ قصـص وروايـات وأميـل كـثري يا اىل تـدبيش مـا طـر ص خمـيل‬
‫من حكايات وم اهد قد يراها الـبع ا صـلة هلـا بـالواقع‪ ،‬لكـنن كـثرياي‬
‫ما أستل قصصد مـن واقـع هـو اقـرب اىل ا يـال منـ ُه اىل احلقيقـة ‪ .‬ص‬
‫ذلــا الصــباح بال ـ ات‪ ،‬كــان العقــل م ــرحاي للفــراش وســط صــياح الباعــة‬
‫اجلوالني وما حدثه عجات ال يارات املارقة مـن غبـار وتـراب متطـاير‪،‬‬
‫كـ لا‪ ،‬نـداءات صــا املطعـ املعجـب بصــوته اجلةـور والرنـان‪ ،‬ص ذلــا‬
‫الصــباح‪ ،‬كالعــادة‪ ،‬اســتقبل عينــا طلعــة ال ــيدات اانيقــات الــثا ‪،‬‬
‫عيــوهنن امل ــتديرة تلتمــع بفعــل مشــس الصــباح النــد ( ا مةــرب مــن‬
‫وص ٍ جليل يليق بال يدات اللواتد اسرنن من اليو ااول لـراي هلـن)‬
‫وحبركـة اج ــادهن وع وبــة نبــراهتن واالتفاتـة املرنــة واايــد الرقيقــة‬
‫ااصابع حمل احلقاهب الصغرية‪ ،‬امتع عينّ برايتةن ال احرة ص سـاعة‬
‫معينـة مـن الصــباح واج ـادهن تتـةادس بأرحييـة تعصــر ا ـاطر وحيلــه‬
‫اىل خراب ونالحن م تمر بتلا االتفاتات الناعمـة‪ ،‬والـرواهري العطـرة الـ‬
‫تفوح من اج ادهن كلما اقرتب ُ منةن ص سـريهن احلثيـو‪ ،‬رواهـري امل ـا‬
‫والطيب والقرنفل واجلـور راهحـة ورد ا الامـ راهحـة ال ـمس وراهحـة‬
‫الليــل‪ .‬كنـ ُ اترقــب طلعتــةن وا ادر مــا اذا كــن يعــرفن ذلــا أ اامــر ا‬
‫يعدو ان يكون جمرد مصادفة‪ .‬وبالن ـبة يل‪ ،‬ا يقلقـن ان كـنّ من ـغات‬
‫بامور لصةن بعيداي عن ا عارفات بصباب وشـوقد للقـاهةن‪ ،‬واحلـق‪،‬‬
‫كان ـ أصــغرهن قــد شــكل عامــة مضــي ة ص رأســد بالتفاتتــةا وحركــة‬

‫‪6.‬‬
‫ال ال اازرق ال ر املناللق و صدرها العـامر بااكتنـاز املثـايل‪ ،‬كنـ ُ‬
‫يوم ـاي بعــد يــو ازداد تعلق ـاي بتلــا النبــرة ال ــريعة الدقيقــة ص انتفاضــة‬
‫اشبه بالرع ة العابرة حني تضعن نصب عينيةا وطيـ ابت ـامة مارقـة‬
‫يعرب و ج د الرقيق لية اركانه‪ ،‬اهنـا تبت ـ بـرباءة وحـ ق وعنايـة‬
‫ص ان تكون ابت ـامتةا عفويـة قـدر امل ـتطا ‪ .‬تيقنـ اكثـر مـن مـرة أهنـا‬
‫حني تود رفيقتيةا او تودعاهنا لتنحـدرا صـوب ال ـار العـا ‪ ،‬امنـا تفعـل‬
‫ذلــا ألجلــد‪ ،‬بغيــة تــوفري الفرصــة املناســبة للحــديو معةــا‪ ،‬اهنــا تنتبــر‬
‫مبادرتد ص مغازلتةا عل اقل تقدير‪ ،‬لكن اتردد بعـ ال ـدء‪ ،‬بـل افكـر‬
‫ملياي فيما اذا كانـ تتـةيأ لنصـب مصـيدة او كمـني يل‪ ،‬فالكمـاهن ص هـ ا‬
‫الالمن ا تعـد وا حصـ كمـا يقـال‪ ،‬وانـا أخ ـ الوقـو ص احـدها‪ ،‬واذا‬
‫ما تي ر ألحده ( او احداهن ايضاي ) التحطيط لايقا بد ( م ـاريعد‬
‫كـثرية ومتعـددة بفضــل لعبـة الصــحافة احلـرة هـ هِ اايــا ) فـإنن اتوقـ‬
‫عن ال ري بصورة تلقاهية كما كن ُ قد نوي من قبل وأبدأ بالتح ب لكـل‬
‫خطوة من خطواتد القادمة‪ .‬أنا ا أستةني با صـ وا انبـر اليـه بتعـال‬
‫او احتقــار‪ ،‬بــل اترصــد خطواتــه حت ـ لــو كــان امــرأة‪ ،‬فــاامر ص النةايــة‬
‫يصبري واحداي‪ ،‬اعن نتيجة الصرا او ا صومة املفرتضـة‪ ،‬ورمبـا حيصـل‬
‫العكس‪ ،‬ان تكون ال يدة ال اترصدها بغيـة النيـل منـةا او جمـرد التعلـق‬
‫هبا ورمبا اقد هلـا نف ـد علـ طبـق مـن فضـة‪ ،‬م ـرو زواجـد املالعـو‬
‫منةا‪ ،‬اذ ماذا هلا صحفد وملل قصـص عـا اكثـر مـن ثاثـني عامـاي‬
‫مفل ـاي ومل يعـرحن أ شــكل او هويـة ملعنـ عبــارة‪ ( :‬عـا ص حببوحــة )‬
‫‪ ...‬حـني تقابلـ نبراتنــا معـاي‪ ،‬فكــرت جــاداي ص ان املـرأة الـ انبــر اليةــا‬
‫اان بإمعــان وترصــد‪ ،‬اهنــا تنت ــب يــدارة اىل صــن الن ــاء اجلمــيات‬
‫وا عجــب ان ترافــق ســيدتني ا تقــان عنــةا مجــااي ورقــة وع وبــة ابــداي‪،‬‬
‫اتراهن ثا شقيقات اعتدن ال ري معاي؟ ولكن ما ال يعنين من ذلا؟‬

‫‪62‬‬
‫وملاذا أشغل نف د بأمرهن وازيد من ت ـاااتد حـوهلن‪ ،‬ادركـ ُ ان‬
‫مــا صــن هــد الفتــاة وحــدها‪ ،‬ال ـ هلــا هي ــة امــرأة اســتوت ونضــج‬
‫انوثتــةا ( ان أ كــا زاهــد عــن احلاجــة هــو ا ــراحن مقصــود عــن ســري‬
‫القصة املالمع روايتةا ‪ .‬اعن الفكرة البكر ص ااسـطر ااوىل ) واصـبح‬
‫مةيأة للقطاحن‪ .‬قل مـع نف ـد هنـا ثـا سـيدات ومدرّعـة ص هنايـة‬
‫الالقــاق الطويــل ومطع ـ يرتــاده صــحفد وملل ـ قصــص‪ ،‬اا يكفــد ه ـ ا‬
‫لكتابة قصة قصـرية؟ اهنـا ثاثـة عناصـر متقابلـة هكنـةا ان تن ـئ روايـة‬
‫حالينة او طريفة عن عاشق حي ر من مع وقته وا ين غل باملدرّعة الـ‬
‫تق ـ لــه باملرصــاد‪ ،‬وملَ ا ربنــا الــراو مــن أيــن جــاءت ه ـ هِ الن ـالرة‬
‫اجلا ة عل صدر الالقاق؟‬
‫أشياء كثرية قد حصل معد‪ ،‬وغالباي ما حيد حوار سـاخن يصـل‬
‫حد ا صا مع زماء العمل او ااصدقاء اآلخـرين‪ ،‬حـول الـالواج ومعنـ‬
‫العالوبيــة او احليــاة العاهليــة اهلان ــة وبعضــة يتطــرق ( بقصــد طبعــ يا )‬
‫للحيــاة واملــوت ومــن ثــ ااحــتال‪ ،‬وكنــا نــدر ذلــا ونعــرحن أنــه يريــد‬
‫ممارسة هوايته ص شت اجلميع دومنا استثناء ‪ .‬وكن ُ أصـر علـ قـرار‬
‫بعد الالواج ما دام البروحن غري مواتيه‪ ،‬واحلـق‪ ،‬كـان الكـثري ممـا هنـع‬
‫امكــاني ص الــاذ القــرار القــاطع والصــار واحلاســ ص تكــوين عاهلــة‬
‫صغرية شأن ااخرين من زماء العمل سواء ص جريدة الـباد ال ـعيدة ا‬
‫ص ال ــنوات ال ــابقة‪ ،‬اعــن ااعــوا الــ مــرت وهــد ملي ــة بــاحلروب‬
‫واملحاصمات ال كن ُ اجد فيةا عاهقاي فعلياي عل تأجيل م رو زواجـد‬
‫من أ فتاة اراها مناسبة يل بعد كل ه هِ ال نني العجاحن ال مـرت بـد‪،‬‬
‫وا ادر كي مرت وانا صاغر وصابر وصام ‪ ،‬أما اان فأقول هل ‪ ،‬هـا‬
‫ن ما زلنا ص قلب احلـد ومل نغـادر مـواطن ا طـر وا يصـري الـتفكري‬
‫ص امــور لــص املــرء كــالالواج او ال ــفر مــثا‪ ،‬وهــو حمــاا بكــل مــايثري‬

‫‪66‬‬
‫خماوفه ومكامن الريبة لديه‪ .‬وغالباي ما ينـرب احـده فينـوب عـن بنـربة‬
‫حــادة وقاطعــة‪ :‬آه‪ ،‬انــه عل ـ حــق‪ ،‬أنــه يقصــد اننــا مــا زلنــا ح ـ وطــأة‬
‫ااحتال وا يصري أن يتالوج املرء ويلسس أسرة ص ظـرحن عصـيب كةـ ا‪.‬‬
‫وبالطبع ا أجيبه ب دء ألنن اجيد الكـا عـن نف ـد افضـل مـن غـري‬
‫لو طلب من ذلا ‪ .‬واستمرت فكرة تأجيل م رو زواجـد مـن أيـة سـيدة‬
‫او امرأة ورمبا زميلـة مـن زمـيات العمـل‪ ،‬فـرتة لي ـ بالقصـرية‪ ،‬وخـال‬
‫ذلا‪ ،‬كن ُ احبو واتقص ااخبار عن فتاة ترتضد الالواج مـن مقابـل ان‬
‫أهبةا قلا خمبأي ومرتعاي وملكاي بني يديةا‪ ،‬عل اند واصل ال ـري ح ـب‬
‫عادتد ص متابعة الفتيـات اجلمـيات وكنـ ُ ان ـغل حـا يا بـ لا احلضـور‬
‫الرهي ‪ ،‬بالضحكة الندية وضوء ال مس يـنعكس علـ الوجـوه او العيـون‬
‫الصبوحة او تلا القةقـه الغـردة املنطلقـة مـن حنجـرة صـافية‪ .. ،‬حيـد‬
‫ان ي ألن احد الالماء دون سابق ان ار‪:‬‬
‫ـــ مت ستدخل القفص ال ها؟‬
‫ـــ عندما يصبري ال هب برخص الرتاب ‪.‬‬
‫ـــ اىل ه ا احلد ان مفلس ؟‬
‫أضـــحا وا أجيـــب‪ ،‬وحـــني ت ـــتمع اىل حوارنـــا املقتضـــب احـــدس‬
‫الـــالميات‪ ،‬تعلـــق عليـــه ســـاخرة‪ :‬امثالـــه ا يصـــلحون للـــالواج مـــن امـــرأة‬
‫واحدة‪ ،‬بل من ع ر ن اء ص يو واحد ‪.‬‬
‫انبــر اليةــا متــأما صــفحة الوجــه والعيــنني وتلــا االتفاتــه ال ـ‬
‫ليال املرأة عن الرجل او املرأة ال تتحول ماحمةا اىل رجل وحـني أطيـل‬
‫النبــر اليةــا بعيــنني فاحصــتني‪ ،‬تــدر الالميلــة‪ ،‬انــد ادخلتــةا ص انبوبــة‬
‫ااختبار وابدأ بتعريتةا من ثياهبا‪ ،‬قد تتلعـث او ترتبـا‪ ،‬وحمـرّ وجنتاهـا‬

‫‪64‬‬
‫وهتقــع لــون ب ــرهتا وألنــد ل ـ مولع ـاي بتعـ يب الن ــاء‪ ،‬ل ـ ا‪ ،‬أكـ عــن‬
‫النبر اليةا‪ ،‬بل انفجر بضحكة تعيـدها اىل حالتـةا ال ـابقة‪ ،‬وكانـ هـد‬
‫تعل وكما يعل بقية الـالماء‪ ،‬انـد اهـت حقيقـة هبـ ا اانتبـار وهـو لـيس‬
‫انتباراي جمانيـاي بـدون معنـ ‪ ،‬بـل كانـ حصـيل فيـه‪ ،‬انـد تعلقـ مبـرأس‬
‫الفتيات الثا وطلعتةن الصـباحية البةيـة‪ ،‬الراهقـة وان كانـ اصـغرهن‬
‫اقــرب اىل نف ــد وبرايتــةا ي ــتعل قلــا حب ـاي ووجــداي‪ ،‬وكــان ه ـ ا وحــده‬
‫درساي هكن استثماره لكد يتيقن املـرء ان اانتبـار‪ ،‬اعـن انتبـار اللحبـة‬
‫احلا ـة الـ ي ـدل فيةــا ال ــتار علـ حيــاة العالوبيــة انـه كــان انتبــاراي‬
‫مثمر يا ‪ .‬كانـ الافتـه مكتـوب عليةـا ـط واضـري وحـروحن كـبرية معلقـة‬
‫عل ملخرة النالرة تقول‪ :‬ــ ا تقرتب من ا طر حفاظاي عل حياتا‪..‬‬
‫كان بود لو اندفع لتنبيه الفتاتني وهن يتوغلن ص عمـق الالقـاق‬
‫با اه ال ـار العـا ‪ .‬كانـ اللحبـة املطلوبـة قـد ضـاع مـن وتاشـ‬
‫ومل يكـــن مـــن املعقـــول منـــاداهتن‪ ،‬لـ ـ ا يف ـــر صـــوتد علـ ـ انـــه ـــاوز‬
‫للمــألوحن ( اجلميــع يعل ـ ان احلــرب قام ـ وانتــة وبــدأت حيــاة جديــدة‬
‫غــري حيــاة مــا قبــل احلــرب ولكــن اكثــر منــةا خطــورة ومغــامرة ومــع ه ـ ا‬
‫ندر ان احلرب حني جاءت جلب معةا احلياة ال ت بةةا لاماي ) كـان‬
‫ذلا كله من باب احلرص عليةن‪ ،‬وليس من الصحيري ان أظل عند حـدود‬
‫عنــاي بالفتــاة الــ اخــ ت تنحــرا عــن صــاحبتيةا لــترت يل فرصــة‬
‫اانفراد هبا عل حده‪ ،‬لكنةا ملا اسـتدارت نـاحي ذلـا الصـباح‪ ،‬بـادرتن‬
‫مت اهله‬
‫ــــ ماذا تريد من حبق ال ماء؟‬
‫ارتبك ُ‪ :‬ــ ا شدء ابداي ‪ .‬ا اقصد ما ي دء الياِ ‪.‬‬
‫ابت م ‪ :‬ــ أن تاحقن كبلد ‪ .‬قل ماذا تريد من؟‬

‫‪61‬‬
‫ت ـــمرت عينـــا عليةـــا لامـــاي‪ ،‬علـــ صـــفحة الوجـــه‪ ،‬والعيـــنني‬
‫الضاحكتني والف اجلميل والقامة املم وقة‪ ،‬وذلـا العنـق ااهيـ ‪ ،‬ونـربة‬
‫الصــوت الرخيــه‪ ،‬ص تلــا ااثنــاء‪ ،‬وص حلبــة انبــةار هبــا‪ ،‬دوس انفجــار‬
‫هاهل‪ ،‬انفجـار قريـب‪ ،‬انفجـار جعـل اارض هتتـال حـ اقـدامنا بعـد ذلـا‬
‫هــبط ال ــكون علينــا كغيم ـةٍ ســوداء كان ـ النغمــة الغريبــة الغامضــة ال ـ‬
‫ا عةـا بــني حــني واخـر قــد عــاودت الـرتدد ص اا ــاء كالقــدر او العــد ‪،‬‬
‫اشارات غامضة من الع ري العثور عل جواب حاز هلا ‪.‬‬
‫ت اءل مـ عورة‪ :‬ـــ اا تعتقـد ـة شـدء قـد حصـل اان؟ آه‪ ،‬لقـد‬
‫حد شدء‪ ،‬يا اهلد ‪.‬‬
‫كان الصوت قد اجلمن ووجةةا يلت وي تحيل اىل لـون الـرتاب‪ ،‬ا‬
‫مفــر مــن اعانتــةا لكــد تتماســا بعـ ال ــدء‪ ،‬لـ ا تتــةالا ــو اارض‬
‫منةارة اما املارة ‪.‬‬
‫***‬
‫ص صــباح اليــو التــايل وكعــادتد ص الــ هاب اىل املطعــ الصــغري‪،‬‬
‫وجدت نف ـد امضـد مبكـر يا وقبـل الوقـ املعتـاد ب ـاعة الـ ت مكـاند‬
‫كما ص صباح كل يو ‪ .‬لكنه ليس مثل‬
‫صـــباح يـــو اامـــس ابـــداي‪ ،‬لفـ ـ املكـــان ســـحابة مـــن غبـــار كثيـ ـ‬
‫وانت رت ص اازقـة القريبـة مـن املطعـ ‪ ،‬كانـ النـالرة قـد حركـ مـن‬
‫موضــعةا‪ ،‬مل لتـ بــل ترك ـ مكاهنــا اىل اخــرس غريهــا‪ ،‬وملــا جــاء صــا‬
‫املطع ليقد يل اافطار‪ ،‬اشرت اليه بيد ليس اآلن‪ ،‬كن ُ شـارد الـ هن‬
‫والـرأس ملــدء بفــراش ا ت ــعفه حكايــات العــامل كلــةا‪ ،‬فقــد بــدت ااشــياء‬
‫امــامد م ــطحة‪ ،‬وخاليــة مــن أ معنــ ‪ ،‬وكان ـ راهحــة الــرتاب الرطــب‬

‫‪69‬‬
‫والغبــار العــالق عل ـ اغصــان ااشــجار وحافــات احليطــان وعل ـ اكتــاحن‬
‫املارة‪ ،‬راهحة بـارود وخ ـب قـدي ‪ ،‬راهحـة اكفـان ود متيـبس كلـةا لتـالج‬
‫براهحة الصباح الباكر والندس يغل املوجودات‪ ،‬كـل شـدء مـن حـويل لـالج‬
‫ومعطــل بــل وتــال ‪ ،‬اردت ا ــاص مــن حــال ‪ ،‬ان اكــون خــارج اســارها‬
‫ودماهةا ان افا قيود كما يقال عادة‪ ،‬فوج بالصا يعود اىل ماهـدتد‬
‫ثانية‪ ،‬ويةالند من ذراعد قاها‪:‬‬
‫ـــ اا تتناول افطار اليو يا استاذ؟‬
‫ـــ بعد ساعة من اآلن ‪.‬‬
‫ـــ أليس ه ا خاحن عادتا؟‬
‫له‪:‬‬ ‫حاول ان ابت‬
‫ـــ ا ية ‪ ،‬انن انتبر احده ‪.‬‬
‫لوّح ذراعه ص اهلواء‪ :‬ـــ لـن يـأتد أحـد بعـد اليـو ‪ .‬لـن يـأتد ابـد يا ‪.‬‬
‫انتفضـ مــن مكــاند‪ ،‬حاول ـ اللحــاق ب ـهِ لكنــه زاش داخــل املطعـ وتــركن‬
‫وحيداي وقد ف ل يد باام ا بـهِ ملعرفـة مـا يقصـده بكامـه الغريـب‬
‫ذا ؟ كأنـه وضــعن امـا حقيقــة دامغـة‪ ،‬جعلــن ص مواجةـة صــامتة‪ ،‬مــن‬
‫العبو‪ ،‬بل من الصعب ااعرتاحن هبا‪ ،‬حقيقة أننـا نتلقـ الطعنـة صـامتني‪،‬‬
‫ا نأخ ـ شــي اي بعــدها وا نعطــد شــي اي‪ ،‬وص دواخلنــا البعيــدة‪ ،‬ص اعمــاق‬
‫وجودنــا القــو ‪ ،‬ســوحن نعــرتحن اا منــاص مــن ال ــكوت املطبــق عل ـ كــل‬
‫شدء هر ص خاطرنا كعامـة ا تـدح قـط‪ ،‬اننـا ف ـلنا ص ايـة مـن‬
‫ب ومن نع ق ‪ .‬ومـع هـ ا كلـه‪ ،‬مل اسـتطع اافصـاح عـن شـدء حمـدد‪،‬‬
‫كنـ ُ بانتبــار ان يــأتد صــا املطع ـ ويبــوح يل مبــا يعرفــه لـ ا حيطمــن‬
‫الصم ويقتلن اانتبار ‪..‬‬

‫‪41‬‬
‫بدا الطريق الصاعد و قلب املدينـة طـويا ومغـربا لامـا‪ ،‬مغـربا‬
‫ومةما‪ ،‬ومن الصعب ت لق حواشيه او اركانه املالد ـة باملـارة املـتعجلني‬
‫ص سـريه ‪ ،‬وجــوه ا تقـ عنــد كــل شـدء معــني‪ ،‬ا تتأمـل او تبت ـ ‪ ،‬قــد‬
‫تند من بع اافواه صيحة او صـرخة تفتقـد اىل املعنـ ‪ ،‬كنـ بطبـيع‬
‫حــ را مـــن ااخـــرين الـ ـ ين ا اعـــرفة مـــن قبـــل‪ ،‬حــ را ومرتابـــا بتلـــا‬
‫ال مات الغامضة للب ر‪.‬‬
‫اقــول لنف ــد عــادة هــ ا يتطلــب مت ــعا مــن الوقــ للــتفكري ص‬
‫حقيقة ما جر ‪ ،‬بـدا هـ ا الطريـق مرهقـا‪ ،‬ومـن الع ـري علـدّ استن ـاق‬
‫حص من اهلواء الصاحل للتنفس الطبيعد‪ ،‬حل ثقيـل او كـابوس مفـاجئ‬
‫‪ .‬كان ز ـة ال ـيارات املرتاصـة واصـوات منبـةاهتا وضـجيجةا ص حبـر‬
‫مـن املـوج املـتاط تقلـق البـال ولنـع الرايـة‪ ،‬الرايـة والبصـرية الـ تكـاد‬
‫تنعد اذا ما تأمل املرء انفراجا مباغتـا ص سـريه ـو ااعلـ حيـو يبـدو‬
‫كل شدء هادها ومرحيا‪.‬‬
‫مل أكـــن ياه ـــا لكـــنن ااعـــرحن مـــاذا افعـــل وســـط هـ ـ ه الفوضـ ـ‬
‫العارمــة‪ ،‬وملــا وقف ـ برهــة ألرس مــا ال ـ جــر ص اجلــوار‪ ،‬انتبــة اىل‬
‫وجـــود امـــرأة تقـ ـ اىل جـــانا وبـــالقرب منـــةا ت ـــمرت اقـــدا فتـ ـ ص‬
‫ال ابعة ع رة من عمره وقـد علـق علـ كتفـه كـامريا حديثـة الصـنع ذات‬
‫ذرا جانا حلملةا بي ر مريري وسيطرة تامـة‪ ،‬لتصـوير مـا يـراه ضـروريا‬
‫حبركــة واحــدة حاملــا يرفــع الكــامريا اىل م ــتوس النبــر‪ ،‬مــن الواضــري ان‬

‫‪41‬‬
‫الولد مصور اكثـر ممـا هـو خمـرج او شـحص هتلـا م ـروعا حمـددا بـل‬
‫جمــرد هــاو ولــيس حمرتفــا م ــتمتعا ب اهقــة شحصــية ولــيس فــاعا ص‬
‫كيان ار او فن‪.‬‬
‫رويدا‪ ،‬رويدا اصبح املرأة مبحـاذاتد‪ ،‬نقلـ ُ كـتا مـن اليـد ااوىل‬
‫اىل اليــد األخــرس‪ ،‬ابت ــم ُ هلــا‪ ،‬تأملــ ســحنة املــرأة واســتدارة وجةةــا‬
‫وعينيةــا اجلميلــتني‪ ،‬كن ـ انبــر اليةــا بإمعــان‪ ،‬ومل ـا بــادلتن نبــرات ذات‬
‫مغالس انتفض روحد فرحا وداخلن ذهول ل ي وانا ارس الوجه الصـبوح‬
‫والغمــازتني تضــفيان علــ اانوثــة الرحبــة م ــحة مــن تلقاهيــة ‪ .‬كاليــد‬
‫احلانيــة‪ ،‬والكــتفني الغضــني‪ ،‬مــع القامــة املثل ـ ص طوهلــا املناســب‪ ،‬ونــربة‬
‫الصوت الـ ت ـري بوضـوح اىل نـو مـن الرجـاء او ال ـمو ‪ .‬كلـةا معـ‬
‫ص انعطافـــة ليّنــــة للـــ راعني اللــــدنني والعيــــنني العميقــــتني بنبرتيةمــــا‬
‫احلانيتني‪ ،‬اللتني ت يان بـالكثري مـن الوعـود والعةـود سـالفة الـالمن‪ .‬قلـ‬
‫هلا‪ :‬اها‪ .‬اها وسةا‪.‬‬
‫قال بنربة رضا واهتما واضحني‪:‬‬
‫ــ اها با‪ ،‬اها با يا عاليال ‪.‬‬
‫يب بعفوية مرحة جعل الد يغلد ص عروقد‪:‬‬ ‫عتةا‬
‫ــ أا يبدو اهلواء هنا ملي ا بالغبار ؟‬
‫ــ يا للغبار ويا للال ة ا انقة ‪!..‬‬
‫من هنا ؟‬ ‫سألتةا‪ :‬واضري انا ل‬
‫ــ اشكر جدا‪ ،‬لقد عدت من خارج الوطن توا‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫فجأة تعالـ اصـوات مـن افـواه عـدة وازدادت الضـجة مـن حولنـا دوت‬
‫رشـــقة رصـــاص هوجـــاء ص الفضـــاء املرتامـــد‪ ،‬تـــداعي اثرهـــا اىل ا لـ ـ‬
‫وحبـــدة‪ ،‬ارتطمـ ـ ي ـــد املـــرأة‪ ،‬وكـــان اول مـــا تلقيتـــه ص تلـــا اللحبـــة‪،‬‬
‫بصدرها املكتنال وب راعيةا ام ك بد وطوقتن بإحكا جعلـتن اهـدأ قلـيا‬
‫واسرتد انفاسد وهد تفصري عن طي ابت امة عابرة‪:‬‬
‫ان يعود معد‪ ،‬قال انه تعوّد عل الغربة؟‬ ‫ــ رف‬
‫ــ سنصعد معا ت بثد بد جيدا‪.‬‬
‫ــ انا قل ايضا ابد من ذلا‪.‬‬
‫حانـ مــن التفاتــة ــو الفتـ وجدتــه الرنــد باســتياء وتفحــص‬
‫كان‪ ،‬مـن الواضـري ان امل ـةد كلـه مل يـت اسـتيعابه بالكامـل‪ ،‬كـأن الكـامريا‬
‫رصدت مبعالل عـن الصـا جانبـا مـن امل ـةد‪ ،‬حركـ الكـامريا التقـاا‬
‫عــدد مــن الصــور ال ــريعة لوجــوه تلق ـ املاليــد مــن الغبــار رغ ـ اشــتداد‬
‫الال ة‪ ،‬الولد ظل مبةورا ممـا يـرس ابـد لـه مـن عقـد املقارنـة‪ ،‬حمـال اا‬
‫ين دء املاليد من املقارنـات ص ذهنـه‪ ،‬مل يعـد ذهنـا صـافيا او بري ـا فقـد‬
‫كبّلــه امل ــةد الغريــب وقــد ازد ـ الصــور ص رأســه‪ ،‬ا مفــر مــن تــالاح‬
‫النقاه ص خميلة الولـد وهـو يواصـل التقـاا الصـور لعقـد املقارنـة‪ ،‬وا‬
‫مفر ايضا من البن بان املرأة حباجة ماسة لرجل ي كل هلا اية تامة‪:‬‬
‫ــ من ا البلدان اتي ؟‬
‫ــ آه يا اهلد اكلنا الربد طيلة ال نني ال امضيناها مرغمني هنا ‪.‬‬
‫سألتةا عن الولد‪ :‬ملاذا ا يتكل ؟ اا جيد العربية؟‬
‫خال ذلا طوّح اهلواء ورمبا الريري ب يل من فضـات متنـاثرة مـن‬
‫مالابل متفرقة‪ ،‬كان ص امـاكن مةجـورة ومن ـية منـ زمـن سـحيق‪ ،‬لعلـه‬

‫‪45‬‬
‫الالمن ال ت خ فيه القط والفـار وابـو احلصـني ونـاموا هـان ني سـعداء‬
‫ص قفة واحدة او ص قارب واحد‪.‬‬
‫طمأنتةا‪ :‬اعتقد ان ه ا لن ي تمر طويا‪.‬‬
‫ــ آمل ان يتحقق ما تقوله اآلن‬
‫ــ هل الربد شديد هنا ؟‬
‫ــ ضحك املرأة ولوح الفت ذراعه ص اهلواء‪:‬‬
‫ــ ابد انا لن تغادر البلد من زمن طويل ؟‬
‫يكـــاد الغبـــار حيجـــب عنـــا الرايـــة حلبـــة هبـــوب العاصـــفة الـ ـ‬
‫اكت ـــح البنايـــات ومراصـــد اانـــواء اجلويـــة وحمطـــات التلفـــالة ودور‬
‫ال ــينما‪ ،‬حيــو فـــر مــن صـــااهتا ع ــرات امل ـــاهدين تــاركني وراءهــ‬
‫مقاعد فارغة وافاما تدور ص ظا شاحب‪.‬‬
‫اغلق املطارات حاملـا اشـتدت العاصـفة الرعنـاء حتـ دور العبـادة‬
‫تلق سيا من التةديد والوعيد بـل املاليـد مـن الـدو املحيـ ممـا جعـل‬
‫عددا كبريا من امللمنني يلوذون بالفرار وا يعاودون الكـرة ثانيـة ص دخـول‬
‫تلا البنايات ال امقة‪ :‬اية ريري لعينة تالك اانوحن؟‬
‫ــ راهحة القتل واملوت والغبار‪.‬‬
‫عنده انفجرت بضـحكة قويـة وهـد ل ـا بـ را الفتـ الـ مل‬
‫يك عن التقاا املاليد من الصور‪ ،‬وحاول التم ا بـه وال ـيطرة عليـه‬
‫قدر امل تطا وبقايا ضحكة ترن ص عد‪:‬‬
‫ــ من بامله اىل باد ال كو ماكو‪.‬‬

‫‪4.‬‬
‫ــ لن يدو ه ا طويا‪.‬‬
‫ــ واضري جدا يا عاليال ‪.‬‬
‫حــني اقرتبنــا درجــة اكثــر ممــا مضــ ‪ ،‬رأيتــةا تبت ــ عــرب عيــنني‬
‫ضـــاحكتني وقـــد اخـ ـ تن اســـتغراقة عميقـــة مـــن الـــتفكري‪ :‬امـــرأة ورجـــل‬
‫(ملل قصص) وفت كـثري احلركـة حيمـل كـامريا اوتوماتيكيـة سـريعة ص‬
‫التقاا الصور احتواء امل ةد برمته‪ ،‬عل هـلاء ان جتـازوا دربـا واحـدا‬
‫لغــرض الوصــول اىل غايتــة ‪ ،‬الثاثــة ســعداء كمــا يبــدو مــع بعضــة رغ ـ‬
‫الال ـة والغبــار والطريـق الطويــل‪ ،‬الـ يفــرض علـية الصــعود حثيثــا ‪.‬‬
‫الولد ي جل عـرب عدسـة مفتوحـة ماليـدا مـن اللقطـات املتوسـطة احلجـ‬
‫وال تعتمد عل توفر الضوء الباهر ليحرتق العدسـة ويكـدس ص طريقـه‬
‫لقطات غري متوقعة عن باد ال كو ماكو كما لقيـ املـرأة طريـق العصـود‬
‫اىل اين‪ ،‬وقد انبةر الفت مب ةد عـدد مـن البنايـات املةدمـة او املتداعيـة‬
‫بفعل قنابل وصواريخ سددت اليةا من م افات وارتفا قريبني فاحـدث‬
‫الصواريخ والق اه املتاحقـة فجـوات ت ـع لـدخول قطـار سـريع ـرتق‬
‫املناف الواسعة و قيعان وحميطات وارض بـور وفيـاحنِ وبيـداء شاسـعة‬
‫ا هكـــن ال ـــيطرة عليةـــا‪ ،‬فـــالبا ي ـــود اغلـــب اراضـــيةا‪ ،‬اهنـــا ارض‬
‫ااموات كما اها ملل القصص ص حلبة تندر‪.‬‬
‫ـد انبــةار الفتـ ص املاليـد مــن اللقطــات املتاحقـة عــرب كــامريا‬
‫من الواضري انه استحضرها معه خصيصا هل ا الغرض‪.‬‬
‫حني اصبري الثاثة ص مواجةة احدس البنايات املتطاولـة الـ تلقـ‬
‫سل لة من الضربات اركمة الت ديد اسفل ا اصـرة كمـا اعتـاد بعـ‬
‫الع كريني ت مية الضربات املوجعة‪ ،‬لكن امتيازها بدقة الضربة املـاهرة‬
‫عندما تأتد اىل املنـاطق او ااجـالاء ال ـفل والرخـوة مـن ااهـداحن‪ ،‬تلـا‬

‫‪42‬‬
‫الضــربات الــ ســجلتةا عدســة الفتــ هــد الــ تــلرخ اىل ليــال فنــون‬
‫احلـــرب ص القـــرن احلـــاد والع ـــرين‪ ،‬ضـــربات حـــددت علـ ـ اثرهـــا‬
‫انعطافــات تار يــة عــل مــن العل ـ الع ــكر يتمتــع صــاهص نــادرة‬
‫لفه وراءه‪.‬‬ ‫لنحه احرتا ااخرين رغ الدمار وا راب ال‬
‫مـرة اخـرس ف ـل املـرأة ص اختطــاحن الكـامريا مـن يـد الفتـ الـ‬
‫اصر عل تصوير البناية حيو ظل شاخصة تقـ م ـتندة علـ اعمـدة‬
‫احلديــد‪ ،‬بعــد ان هت ــم اجلــدران اريطــة ومل يبــق منــةا غــري ااعمــدة‬
‫املنغــرزة ص اارض عميقــا وقــد مال ـ قلــيا ــو اجلةــة املقابلــة لوقــوحن‬
‫املرأة والفت ملل القصص‪ ،‬ال بدا بينـةما م ـتغرقا ص تفكـري عميـق‬
‫عنــدما خطــرت ص رأســه الفكــرة واضــحة‪ ،‬صــوص م ــتلالمات العمــل‬
‫لكتابة قصة جديدة عن ال جرس وكان‪.‬‬
‫ب ل الولـد جةـدا ملموسـا ص تصـوير البنايـة الـ بـدت للعيـان كمـا لـو‬
‫اهنــا تق ـ عل ـ م ــاحتةا ارــددة حلــق ص الفضــاء‪ ..‬عمل ـ الكــامريا عل ـ‬
‫تصــوير املبن ـ ال ـ تنــاثرت اجــالاء مــن واجةتــه وبع ـ اركانــه العليــا قطــع‬
‫الالجــاج الكــبرية احلجــ وكتــل ااملنيــو الــ تكدســ وتنــاثرت ص ال ـــار‬
‫اامــامد وا لفــد‪ ،‬وك ـ لا تطــاير ااثــا ومفــردات الــديكور ال ـ هت ــم‬
‫معبمةا‪ ،‬سجله الفت ص سل لةمن اللقطات ال كية املـاهرة جعلـةا تبـدأ مـن‬
‫ااسفل‪ ،‬حيو اضطر اىل اخ اللقطـات م ـتلقيا علـ ارض ال ـار املواجـه‬
‫للمبن ‪ ،‬ركالت احـدس اللقطـات علـ القاعـدة العريضـة للمبنـ حيـو اعمـدة‬
‫احلديد الصلب ال ظل حيمل املبنـ هبيكلـه ال ـمق‪ ،‬غـري ان املصـور تفـوق‬
‫عل نف ه عندما سجل عدسته لقطة بـاهرة مـن داخـل املبنـ ليـربز بعـ‬
‫مفـاتن البنايـة رغـ تـراك الغبـار واا ـال والن ـيان‪ ،‬اا ان البنايـة مـا زالـ‬
‫حــتف يماهلــا الغــاطس ص الــدمار املقصــود‪ ،‬ولكــد يــربر ان ــغاله وجديتــه‬

‫‪46‬‬
‫ص التصوير‪ ،‬فانه اعـاد بعـ اللقطـات الصـعبة والنـادرة ممـا جعـل الصـم‬
‫يطبق عل ل ان املرأة وامللل ص الوق نف ه‪:‬‬
‫ــ احل ر من حدو اية كارثة قد حصل لنا ص الطريق‪.‬‬
‫ــــ يــا اهلــد انـ لــيفن‪ ..‬ومــع هـ ا ارس احلـ ر مطلوبــا ص حــاات‬
‫كة ه‪.‬‬
‫اختف املصور لبع الوق داخل املبن وبالكاد هكـن رايتـه وهـو‬
‫يغــادر املكــان مــن احــد جوانبــه اراذيــة لناحيــة الفضــاء املفتــوح ب ــبب‬
‫اانفجار املرو ال احد تلا الفجوة املك وفة اما العراء املطلق‪.‬‬
‫بــدأ الغضــب يتصــاعد لــدس املــرأة وهــد تــرس الولــد وقــد لــادس ص‬
‫اخ اللقطات الفوتوغرافية لتصوير امل اهد الدامية‪ ،‬او ااركـان والالوايـا‬
‫ال ـ اصــبح جمــرد خراهــب ا ي ــكنةا احــد‪ ،‬وقــد فــر اهلــةا ومل يعــد‬
‫لوجودها من معن ‪.‬‬
‫واحلق كان علـد البحـو عـن موقـع قـد وسـط هـ ه الفوضـ الـ‬
‫ســـببتةا ز ـــة النـــاس وال ـــيارات وعربـــات النقـــل والعديـــد مـــن املـــارة‪،‬‬
‫وكـــ لا رتـــل مـــن جمنـــالرات يعتلـــد صـــةوهتا جنـــود مـــن ذو الب ـــرة‬
‫القرمالية‪ ،‬كان هلاء اجلنود الغرباء يثريون العجـب العجـاب لوجـوده ص‬
‫ال ـار وبــني النـاس ‪ .‬فجــأة دوس انفجــار جديـد روّ املــارة وجعــل اارض‬
‫هتتال ح ااقدا ‪ ،‬وراح احلجـارة تت ـاقط هنـا وهنـا حولنـا‪ ،‬وحـول‬
‫النــاس ااخــرين ال ـ ين اذوا بالبنايــات القريبــة‪ ،‬عنده ـ تعال ـ صــيحات‬
‫ااســتغاثة ونــداءات اخــرس بــدأت تصــل اىل ا اعنــا وراح عــدد كــبري مــن‬
‫الناس يصرخون من هول ما شـاهدوا وعـانوا ص تلـا اللحبـة احلا ـة‪،‬‬
‫قال املرأة كأهنا حد نف ةا‪:‬‬

‫‪44‬‬
‫ك كان ماكرا‪ ،‬لقد اخربند اند ساكون قريبة من ا طر‪.‬‬
‫ــ ابدا اهنا جمرد زوبعة طارهة ستتاش ‪.‬‬
‫ــ آمل ذلا يا عاليال ‪.‬‬
‫فجــأة ت ــبث يــد قويــة بكتفــد مــن ا ل ـ وج ـ بتن اىل الــوراء قلــيا‬
‫لكن من ال يطرة عل توازند لكن صرخة مدوية تكاد تنبجس ص املكان‪.‬‬
‫ــ ساعدوند اند فاقد الراية‪.‬‬
‫ــنة القويــة املت ــبثة بكتفــد التف ـ‬ ‫اردت معرفــة صــاحب اليــد ا‬
‫عاود الصوت صراخه‪:‬‬
‫ــ اا ترس اند ضرير يا اخد؟‬
‫رغـ الضـجة والغبـار اا انـد وجـدت ف ـحة مناسـبة للتحـديق بـه‪،‬‬
‫انه اعم فعا‪ ،‬انفجـرت بضـحكة عاليـة‪ ..‬ضـحا ا هكـن يل ال ـيطرة‬
‫عليه‪ ،‬كان القةقةة تغادر ااعماق بإحياء من قـوس خفيـة كـأن مل يعوزنـا‬
‫ص رحلتنا ه ه اا رجل ضرير تقدمنا كلنا حبركة واحدة با اه منتصـ‬
‫الطريـق‪ ،‬حيـو تنتصـب هنـا شـجرة كثيفـة ااغصـان وان حلقةـا بعـ‬
‫ااذس لكننــا وجـــدنا فيةــا فرصـــة اســـرتداد اانفــاس ص هــ ا ااعصـــار‬
‫الدامد لكن الضرير عاود الصراخ معرتضا‪:‬‬
‫ــ ما ه ا ال ري البطدء مت سنصل اذن؟‬
‫وملــا مل يفة ـ عليــه احــد اكتف ـ اجلميــع بالصــم وه ـ يتقــدمون‬
‫حركنا‪ ،‬حرك ُ وتبتعتن املرأة والتحق هبا الولد‪ ،‬كن اظـن انـه سـيلتقط‬
‫املاليد من الصور ا اصة للضرير‪ ،‬لكنه اكتف بـأربع لقطـات سـريعة اىل‬
‫الوجه من اما ومن اجلانبني‪ ،‬ث تبعةا برابعة لقامة ااعم وهـو حيـاول‬

‫‪41‬‬
‫ان يبتعد عن سرينا معتمدا وشوشة الريري ص ركضـته املنفـردة كأنـه يتـةيأ‬
‫لانطاق متعجا ليصل اىل ااعايل وملا غدا عل م افة منا كأنه يصر‬
‫عل قيادتنا مرغمني تركناه يفعل ما حيلو له‪ .‬مل يتدخل الفتـ ص ال ـري‬
‫احلثيو وك لا املـرأة‪ ،‬ومـن جـانا اسـتطع احلفـاى علـ تـوازند ودون‬
‫التورا ص ا مناللق او حفرة مفاج ة‪ ،‬قال املرأة‪:‬‬
‫ــ كلما تقدمنا ص سرينا تكون البنايات اقل ضررا من سابقاهتا‪.‬‬
‫خال ذلا رأينا الضـرير وقـد تعثـر حبفـرة اسـقطته جانبـا‪ ،‬حـاول‬
‫النةوض عل عجل لي تقي بقامته لكنه ارتط بعن شديد برجـل يقـود‬
‫دراجــة هواهيــة طــوح براكــب الدراجــة م ــافة عــن نقطــة وصــوله ص ه ـ ا‬
‫املارثون العجيب‪.‬‬
‫تلا ااثناء جاء ح ـد مـن رجـال يتـبعة سـرب مـن ن ـاء واطفـال‬
‫يركضون مةرولني من م افات‪ ،‬متفرقة تاركني وراءه البنايـات املةدمـة‬
‫وال وار وااشجار املحربة‪ ،‬ركضوا كلة وأيدية تلوح ص اهلواء ‪.‬‬
‫ـ أن اتقوا الضرر ‪..‬‬
‫كانـ ـ ثـــا جمنـــالرات تـــاز الطريـــق حـــني تعـــاىل هـــديرها ص‬
‫الفضاء وهد تتقد با اه احل ود الراكضة‪ ،‬ص تلا اللحبـة رفـع الفتـ‬
‫كامريته و ااعل وتوجه بالعدسة املفتوحة التقاا اندفاعـة العجـات‬
‫الكبرية وقد اختلط هديرها مـع لعلعـة الرصـاص املنت ـرة ص كـل ا ـاه‪..‬‬
‫ص تلــا اللحبــة رأي ـ الفت ـ يغــوص (منطلق ـاي بكامريتــه) داخــل احل ــود‬
‫ويضيع هنا ‪.‬‬
‫جريدة األحاد العراقية‬
‫العدد ‪4631 /‬‬
‫التاريخ‪4886/1/43 /‬‬

‫‪@shabander_khan‬‬
‫‪49‬‬
‫عرب ال احة وسط ضجة العربـات وصـريرها‪ ،‬تـدافع املـارة وجـرس‬
‫بعضــة وراء الــبع ااخــر‪ ،‬كــانوا يصــدرون مــن حولــه ( وهــو يعــرب ــو‬
‫الضفة ااخرس ) اصواتاي وحركات غريبة‪ ،‬كأهن يقلدون اطفاا يتـدافعون‬
‫ص ساقية ضيقة ‪ .‬حركـات كاألهـاءة او ااشـارة‪ ،‬والغبـار يتصـاعد زوابـع‬
‫صـغرية تت ــع وتكــرب وســط فوضـ الطريــق‪ ،‬رأيـ رجــاا ون ــاء يلوحــون‬
‫بأيـــدية واذرعةـ ـ كـــأهن حيـــاولون او حيلمـــون بالرحيـــل املفـــاجئ ـــو‬
‫الةــول ‪ ...‬رأيتــه يقفــال بينــة معتــداي بنف ــه‪ ،‬متعــال ومت ــا بأندفاع ـةٍ‬
‫مباغتــه‪ ،‬اهتــالاز الــ راعني جعانــه يــنط بقدميــه وســط ال ــار ‪ ،‬كأنــه‬
‫يت ـلق اهلــواء الكثيـ بأرحييــة او بعنـاد مــن عركتــه التجربــة الصــعبة ‪...‬‬
‫اان‪ ،‬اصـبري ص اجلانـب ااخـر مـن الطريــق والعصـا القويـة بيـده‪ ،‬ه ــا‬
‫بأحــد طرفيةــا ويــد الطــرحن ااخــر ســاهبا يصــفع اهلــواء بأصــرار‪ ،‬كأنــه‬
‫يدفع بالقطيع كلـه ـو الفـا او اىل اهلاويـة‪ ،‬كانـ العصـا دليلـه الـ ا‬
‫مفر من اعتماده حينا من الدهر‪ ،‬ص تلا اللحبـة اوشـك ُ علـ مناداتـه‪:‬‬
‫ـــ ماذا تفعل بالعصا يا صاح؟‬
‫ترددتُ ص جماراته او مناداته ألند فكرت جاداي رمبـا سـأدفعه اىل‬
‫تقليد صيحة موس ص توراته‪ :‬ــ هـد عصـا أهـشُ هبـا علـ غنمـد ويل‬
‫فيةــا مــ رب اخــرس ‪ .‬كانــ خ ــي مــن اعانــه امــا املــا عــن م ربــه‬
‫ااخرس‪ ،‬وهـ ا ايصـري‪ ،‬ألن اف ـاء ال ـر جنايـة ا تغتفـر‪ ،‬تلـا هـد فتنـة‬
‫الصم وال كوت عل ااسرار الدفينة والولـع برتاكـ املحفـد مـن اامـور‬
‫وامل تور وامل كوت عنه‪ ،‬تلـا عـادة م ـتدهة عـرحن هبـا رهـط مـن عبـاد‬

‫‪11‬‬
‫اهلل الصاحلني‪ ،‬ليس غريبـ يا ان اكـون واحـد يا منـة او انـد تعلمـ ذلـا ص‬
‫اايا ااخرية من اشتداد اا زمة ‪ .‬وملا سألن احـد معـارص‪ :‬ـــ أيعـن هـ ا‬
‫اننا سنعود نغلق افواهنا كما كنا فيما مض من سنني؟‬
‫ـــ يعود ه ا اىل تقدير ا اص للحالة كلةا !‬
‫ـــ يارجل‪ ،‬يا رجل حرا عليا ان تبو الرعب ص قلا ‪.‬‬
‫ـــ ا رعب وا ه حيالنون ‪.‬‬
‫هالّ رأسه خم وا من الكـا ‪ ،‬واسـتدار راجعـا مـن حيـو جـاء قبـل‬
‫ان نلتقــد مصــادفة‪ ،‬كان ـ خ ــي مــن انت ــار ال ــر ص أيــة حالــة جــرس‬
‫عليةا اتفاق م ـبق ‪ ..‬هـا هـو صـاحب العصـا القويـة يعـرب ال ـاحة ومعـه‬
‫عــربتُ وانــا اتلف ـ ُ هنــة وي ــره ل ـ ا ارتط ـ بانــدفاع يــدار او اتعثــر‬
‫ت وعرب معـد سـرب مـن رجـال ون ـاء بـل واطفـال‬ ‫حبفرة ص الطريق‪ ،‬عرب ُ‬
‫صــغار حفــاة ااقــدا يركضــون مــ عورين ي ــابقون الــريري ويعولــون مــع‬
‫عويلــةا‪ ،‬هنــا اســتقبلة مجــع مــن ســيارات مندفعــة تالفــر دخاهنــا ص‬
‫اا اء‪ ،‬كان تبغد التوار ص البعيـد‪ ،‬وبعـد حلبـات اذ النـاس بـالفرار‬
‫ملا تقدم مصفحة اجنبيـة تـبني اهنـا تنـو عبـور الطريـق مـن منتصـفة‪،‬‬
‫رك احل د الغفري‬
‫ملا ارتفع ص اء املدينة ق اه طاه ة سـقط هنـا وهنـا ص‬
‫الالوايــا وااركــان‪ .‬ـــــ يــا للمدينــة امل ــتباحة املنتةكــة ــــ واشــار اجلنــد‬
‫الراب فوق املصفحة بيده عل املارة‪:‬‬
‫ــــــ افرنقعـــوا يـــا اواد اهلرمـــة ‪ .‬تراجـــع النـــاس وتـــدافع ااكتـــاحن‬
‫وتفرقــوا وتــواروا ص كــل فــش عميــق ح ــباي ممــا ا حمــد عقبــاه ـــــ ص‬
‫احلقيقــة مل يصــرخ اجلنــد باحل ــود افرنقعــوا يــا اواد اهلرمــة ‪ .‬امنــا‬
‫كان يرطن بلغة اشبه بالعويل‪ ،‬او انثيال الرمل عل الرأس ‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫ارت ا وحن عل الوجوه املرتبكة‪ ،‬وال ين مل يتـواروا تكدسـوا ص‬
‫املقة القريب واندفعوا و العمـق منـه‪ ،‬راحـوا يتـدافعون دون النبـر اىل‬
‫بعضة ‪ ،‬حيد ان تأتد نبـرات احـده بعـين جـاره فيبت ـ ااول علـ‬
‫اســتحياء وقــد ي ــاطره اجلــار ابت ــامة حالينــة‪ ،‬ص ان اجلنــد حي ـ فة‬
‫وجــرفة ــو املقة ـ او اازقــة‪ ،‬كمــا لــو كــانوا اغنــا الــرب الضــاهعة ص‬
‫الفياص والقيعان الناهية ‪ .‬تناولوا اقداح ال ـا صـامتني‪ ،‬ومـن كـان يتفـوه‬
‫بعبارات او كلمـات مل يكـن ـة احـد لي ـمعةا‪ ،‬ولـيس شـرطاي ان يفةمةـا‪،‬‬
‫احت ــوا ال ــا وســـط عاصــفة الغبــار‪ ،‬واللغـــط غطــ املكــان بالـــدناءة‬
‫املتوقعـة‪ ،‬وحـني يلتــة احـده قطعــة مـن طعـا جمفـ وحيت ـد بعــدها‬
‫رشفة من ال ـا ‪ ،‬يرنـو اليـه احلضـور‪ ،‬كمـا لـو فـاز بالكـأس املعلـ ‪ ،‬لكـن‬
‫من زاوي حاشي مواجةة اجلمـو الغفـرية الـ ركضـ دون هـد مـن‬
‫غاية معلنة او هدحن واضري‪ ،‬والغريـب انـد شـاهدت مـن بـني النـاس‪ ،‬أمـد‬
‫وابـد وشـقيق ‪ ،‬ورأيـ زوجـ تـرك ايضـاي‪ ،‬توزعـوا باندفاعـةٍ صـاخبةٍ‬
‫وحادية عويل ال اعة‪ ،‬ساعة الفوض العارمـة الـ أملـس اطرافةـا كلمـا‬
‫بـرزت ص الطرقـات مدرعــة او دبابـة او رهـط مــن جنـود يرتاطنـون باللغــة‬
‫ااخرس‪ ،‬اقول لنف د خماطبا اياه ‪:‬‬
‫ـــــ تــرس هــل مــا زالــوا جمعــون الــريري ص شــباكة ‪ ،‬واحــة ايـــامة‬
‫الضاهعة؟‬
‫ا اصدقاء هل ‪ ،‬ا رفـاق يعينـوهن او يـلازروهن او أحبـة بفتقـدوهن‬
‫اتراه ه انف ـة سـجناء التونـا؟ ا املـردة والـانني الـ ين صـنعوا مـن‬
‫فوضــاه رحيــق ايــامة ا ــوايل‪ ،‬يــا للطرفــة ال ــمجة‪ .‬وملــا ناديـ عل ـ‬
‫ىل وهـد حـو ا طـ م ـرعة وقـد ارتفـع صـوهتا يصـرخ‬ ‫امد‪ ،‬التفتـ ا ّ‬
‫بـــد‪ ،‬تـــدعوند للتـــوار عـــن الوجـــوه الـ ـ تناصـــبن العـــداء‪ ،‬ذلـــا ألنـــد‬

‫‪12‬‬
‫شاهدتُ وجةاي‪ ،‬رمبا التقيته ذات يـو ص مكـان علـ شـاطدء النـةر وكـان‬
‫ا جيــد ص كامــه معــد غــري كراهيــة ااخــرين‪ ،‬مــع انــه أمضـ اكثــر مــن‬
‫ع رين عاماي ص عاصمة باد الغال وكان يتفاخر امامد وهو يلقد نبـرة‬
‫متعالية‪ ،‬و النةر‪ ،‬انه شت اجلميع حـني كـان هنـا ‪ ،‬وملـا مل جبـه أحـد‬
‫عل شتاهمه‪ ،‬قرر ان يلقد بنف ه اىل النةر‪ ،‬وا أحد يعرحن فيمـا اذا كـان‬
‫جيد ال باحة ا تراه اصبري طعاماي مي وراي لا ا اجلاهعة ‪.‬‬
‫مرة اخـرس رأيـ ُ صـاحب العصـا يرفـع عصـاه القويـة ويلـوّح هبـا ص‬
‫كل اا اهات‪ ،‬كأنه ه ط املكان ‪ .‬ما ال سيفعله بعصا اجلنون وهـد‬
‫تبدو كجالء منه او قطعـة احلقـ بـه‪ ،‬تـرس أ نيّـة وضـعةا نصـب عينيـه‪،‬‬
‫لعله ي ري هبا اىل الن وة احلافيات وهن ي لمن للريري سـيقاهنن‪ ،‬والثيـاب‬
‫ترفـــرحن مـــن حـــوهلن‪ ،‬وللمـــرة الثانيـــة التقـ ـ نبرتـــد املتأملـــة بنبرتـــه‬
‫امل ـــرتيبة‪ ،‬اســـتدار ـــو اجلةـــة ااخـــرس ليتحاشـ ـ النبـــر املتعمـــد اىل‬
‫شحص مثلد‪ ،‬حد ه ا عندما شاهدند أق ص مواجةتـه لامـاي‪ ،‬كـأند‬
‫أتأمل اطالته الغامضة ‪.‬‬
‫ع صيحة ت أل‪ :‬ـــ حت ان يا سيان؟‬
‫ناديته بالنربة نف ةا‪:‬‬
‫تضمره سيان لنا؟‬ ‫ـــ ما ال‬
‫ـــ سيان وسومطرة ومدغ قر واملايو وحكومة مايل‪ ،‬غري راضـني‬
‫عنا اان ‪.‬‬
‫كان عليه ان جيـد قواعـد اللعبـة‪ ،‬ا ان هـنري عصـاه الثقـة كاملـة‪،‬‬
‫وجعــل منــةا دليلــه الوحيــد ص الليــايل املقفــرة‪ ،‬كنـ افكــر بــه مــع انــد ا‬
‫ا ــل عنــه صــورة واضــحة‪ ،‬جل ــته ص تلــا املقةــ وحــدها زادت مــن‬

‫‪15‬‬
‫طبيعة التفكري بـهِ‪ ،‬لكـن مل احـد معـه ا قبـل ااحـتال وا بعـده ــــ ملـا‬
‫انتــة احلـــرب جــاء بعـــدها ااحــتال‪ ،‬جـــاء ينتعــل حــ اهني مــن فــواذ‬
‫ــاي‪ :‬يــا للقــدمني‬ ‫وقصــدير و ــط بقدميــه اديــ اارض‪ ،‬كنــا نقــول‬
‫املعبأتني بالبارود ـــ لكـن اان‪ ،‬اسـتطيع القـول عنـه انـه رجـل مل يتجـاوز‬
‫ال ــن القـــانوند للمـــوظفني التقليـــديني ‪ .‬اســـتمر يرفـــع ذراعـــه ص اهلـــواء‬
‫ويلوح بعصاه‪ ،‬كلما شـاهد جمنـالرة او مدرعـة اجنبيـة‪ ،‬يرفعةـا وي ـري هبـا‬
‫اىل اجلنــد الــراب عنــد بــرج القيــادة ‪ .‬كنــا نضــحا حــني يلـوّح بعصــاه‬
‫ويركــال أحــد طرفيةــا ص وســطه‪ ،‬ث ـ مــا يلبــو ان يطلــق صــيحته املعتــادة‬
‫با اه اجلند ال يلـوّح لـه بيـده هـو ااخـر‪ .. ،‬كـان احـد احلضـور قـد‬
‫توجه اىلّ بالكا حني شاهد النالرة تعرب ال ار من منتصـ الطريـق‪،‬‬
‫كأهنــا توشــا عل ـ دخــول املقة ـ عنــوة‪ :‬ــــ الي ـ هـ هِ حــرب ســي ة‪ ،‬بــل‬
‫حرب ق رة؟‬
‫وملــا مل أجــب علــ كلماتــه‪ ،‬تلفــ فيمــا حولــه دون جــدوس‪ ،‬عــاد‬
‫ب لاله اطبن‪ :‬ـــ مل ن مع صوت ااستاذ ملل القصص؟‬
‫انتفض ص مكاند حاملا عته اطبن بصف مللـ قصـص‪،‬‬
‫حيـــد ان ينـــادين احـــده باملصـــادفة‪ ،‬مللــ القصـــص ‪ .‬التفــ ُ اليـــه‬
‫وعينا حدقان به‪.‬‬
‫احلرب سي ة وابنة كلب؟‬ ‫قال ثانية‪ :‬ألي‬
‫تةا العرب بالكريةة ‪.‬‬ ‫ـــ آه‪ ،‬صحيري لقد ا‬
‫ضحا ساخرا‪:‬‬
‫ـــ من تقصد؟ العرب العاربة ا امل تعربة؟‬

‫‪1.‬‬
‫اصــبري اان ضــروريا عــد ا ــال صــاحب العصــا‪ ،‬اذ أ ا ــراحن‬
‫عــن ســري وحــدة املوضــو ‪ ،‬ســوحن يطــيري بعــر الربهــان وتفقــد الفرضــية‬
‫تلا ا يتةا املتوقعة‪ ،‬كن ُ ادر توز ااهتما بينةما‪ ،‬غـري ان الرجـل مل‬
‫يقل العرب العاربـة سـحرية‪ ،‬بـل صـاش سـلاله بنـربة أسـ وحـالن‪ ،‬وقـال‪ :‬ـــ‬
‫ترس ما ال قدمه العرب لنا ص حمنتنا؟‬
‫عنده مل ينتبـر جوابـا علـ سـلاله‪ ،‬بـل غـادر املكـان تاركـا الـال‬
‫لصــاحب العصــا ان حيتــل موقعــا ص مواجةــة املدرعــة‪ ،‬وهــو يــردد حلن ـاي‬
‫قدهاي من بني شفتيه‪ ،‬تلا ااثناء هدرت املدرعة مـن جديـد مـثرية زوبعـة‬
‫مــن غبــار كثي ـ جعل ـ مــن الصــعب ااســتمرار ص اجللــوس ص املقة ـ ‪،‬‬
‫هرب عـدد مـن احلضـور‪ ،‬بينمـا واصـل صـاحب العصـا املكـو ص مكانـه‬
‫املــربز عنــد واجةــة املقةـ ‪ ،‬ابت ــم ُ لــه‪ ،‬لكنــه اشــاح بوجةــه عــن‪ ،‬بعــدها‬
‫صاح بأعل صوته‪:‬‬
‫ـــ يا اهلد‪ ،‬ما أكثر اجلواسيس ص البلد ه هِ اايا ؟‬
‫صرخ ُ به‪ :‬ـــ اللعنة عل اجداد يا جمنون ‪.‬‬
‫انـــدفع با اهـــه صـــارخاي وصـــاخباي ص املكـــان‪ ،‬الـــ ا تعـــوزه‬
‫ناقـــه‪ ،‬كـــان قـــد تنبـــه اىل اصـــرار علـ ـ‬ ‫احلماقـــات‪ ،‬اردت اام ـــا‬
‫عراكه‪ ،‬دفعن بقوة وهو يالأر ‪:‬‬
‫ـــ ثاثة أيا مض وان تاحقن ‪.‬‬
‫ماند صياحه باحلرية‪ ،‬ترس هل يعرفن من قبل‪ ،‬ايصري ويكون قد‬
‫ن ــيته وســط فوض ـ الوجــوه الكــثرية ال ـ مــرت ص حيــاتد؟ ‪ ...‬وفجــأة‪،‬‬
‫قفالت ع رات الوجوه ص شريط حمكـ الدقـة‪ ،‬تنثـال منـه الصـور لوجـوه‬
‫حالينـة واخـرس بري ــة وبعضـةا ظــل ينبـر ـو بباهــة او ضـيق‪ ،‬وجــوه‬

‫‪12‬‬
‫اصدقاء او خصو ‪ ،‬ا فرق بينةما ما دامـ تنت ـب اىل املاضـد الـ مل‬
‫اعد املـا ال ـيطرة عليـه‪ ،‬انـه املاضـد حيـو فضـل ااسـتقرار ص الـالمن‬
‫ال حيق‪ ،‬انه يبتعد كلما اقرتب ُ منه او استدعيته للمثـول ص احلاضـر‪ ،‬ا‬
‫يبعـو يل سـوس بـالوجوه الـ ابتعـدت وتوغلـ اكثــر فـأكثر ومل يبـق منــةا‬
‫سوس شبري ض يل احلج ‪ ،‬يكاد يتاشـ ‪ ،‬كلمـا مـرت اايـا وال ـنني‪ ،‬وملـا‬
‫تراجع ُ بعد اسـتنكاره‪ ،‬لـوح يل بعصـاه واعـاد الكـرة ثانيـة وضـربن علـ‬
‫لتــةا اليــد باندفاعتــةا‪ ،‬اعــاد التلــويري‬ ‫يــد ‪ ،‬ألنــه ادر اجل ــارة ال ـ‬
‫بالعصــا مــن جديــد وهــو يبت ـ شــامتا بــد‪ ،‬كأنــه يعبّــر يل عــن ســعادته‬
‫ت اليةــا‬
‫بوجــود العصــا بــني يديــه بينمــا ابــدو امامــه اعــالا لامــا‪ .‬نبــر ُ‬
‫طــويا‪ ،‬اتراهــا عصــا املعل ـ ال ـ ظــل يةــال طرفةــا ال ــاهب امــا طلبتــه‬
‫احلمقـ أوالك ــاىل؟ ان تكــن هــد تلــا العصــا‪ ،‬فمــا احلكمــة ال ـ دفعتــه‬
‫لاحتفــاى هبــا طيلــة الــالمن املنصــر ؟ لعلــه كــان احــد معلمــد الصــفوحن‬
‫املتقدمة‪ ،‬اول ا ال ين يعرفون كل شدء يدور من حوهل وا يبوحـون بـأ‬
‫ســر مــن اســراره الدفينــة ل ـ ا يــدفعون الــثمن غالي ـاي !! وأ ــن كــانوا‬
‫ســيدفعونه؟ ا أحــد ي ــتطيع الــتكةن مبــا ســتلول اليــه اامــور ص هناي ـة‬
‫املطـاحن‪ ،‬وانـا نف ــد عجـالت‪ ،‬بــل اعـرتحن أنـه حــني يفعـل ذلــا امنـا يعيــد‬
‫للعصا جمدها التليد ص مقدرهتا عل ااشارة او فرضـةا لاهـاءة‪ ،‬لعلـةا‬
‫العصــا ال ـ اقتطعةــا مــن اشــجار الغابــة ا تــراه اشــرتاها مــن احــد باعــة‬
‫ا ردة‪ ،‬اول ا ال ين يفرتشون اارض ص مواجةة ال مس داهماي؟‬
‫تفعله الكاب ال اهبة ص ه ه الربو ؟‬ ‫ـــ ما ال‬
‫ا أحد ي تطيع اجلال ص انه توجه بالكا النابد ل حص حمـدد‪،‬‬
‫امنــا اراه يةـــدد ويتوعــد وقـــد الــ مكانـــه املفضــل ص مواجةـــة الضـــوء‬
‫البـــاهر للصـــباح‪ ،‬متلـ ـ ذا بـــرنني العبـــارات‪ ،‬وفمـــه يضـــغط علـ ـ هنايـــة‬

‫‪16‬‬
‫احلروحن‪ ،‬كأنه يبص ب ـفتيه ا بيـده علـ يومـه كلـه‪ ،‬و ـن ننبـر اليـه‪،‬‬
‫خـاهفني مــن تورطــه او انـالاق ل ــانه ص اهلاويــة‪ ،‬كـان بعضــنا ي ــري عليــه‬
‫خفية‪ ،‬مبا يوحد بإ لقاء ا طوة التاليـة‪ ،‬لكنـه‪ ،‬ص هنايـة املطـاحن سـيكون‬
‫هو ااول وااخريبيننا ‪.‬‬
‫تلــا اللحبـــة اهتـــالت اارض بـــدو هاهــل فيمـــا حولنـــا‪ ،‬اهتـــالت‬
‫وماج وحرك كأن زلالاا اجتاحةـا‪ ،‬وعرفنـا اننـا صـاهرون اىل حتوفنـا‬
‫وســـوحن نضـــيع ص ليـــل طويـــل مـــا مل نلـــوذ بـــالفرار مـــن ارض اجلحـــي ‪،‬‬
‫انــدفع خــارج املقة ـ وتــدافع معــد ح ــد كــبري مــن النــاس ــو اازقــة‬
‫القريبــة‪ ،‬ركض ـ جالعــا وخاهفــا لفي ـ بــني ااشــجار واجلــدران حــني‬
‫انت ر رصاص هدر كاملطر ص كـل اجلةـات‪ ،‬تعثـرت وسـط مالابـل الالقـاق‬
‫والفضــات‪ ،‬وملــا ركض ـ وســط الفوض ـ ‪ ،‬وجــدت نف ــد وحيــدا وســط‬
‫املالابـل واهلـوا واحل ــرات غطـ املكــان‪ ،‬ركضـ هربـا مــن الـ باب وهــو‬
‫يطري من حويل‪ ،‬واجةتن ال احة من جديـد وقـد تغـريت بعـ ماحمةـا‬
‫وقد غطاها الدخان والغبـار ‪ .‬كانـ خاليـة مـن املـارة‪ ،‬بـل وجـدتُ نف ـد‬
‫ص مواجةــة الفــراش‪ ،‬مل تكــن املدرعــة موجــودة‪ ،‬اظنــةا ان ــحب اىل مكــان‬
‫اخر‪ .‬كان العصا القوية وحدها مرمية عند الرصي ‪.‬‬
‫بغداد ‪4881 /‬‬

‫‪@shabander_khan‬‬

‫‪14‬‬
‫ص بــاد اامــر‪ ،‬روعــن امل ــةد مبــا احتــواه مــن غرابــة وانــا ادفــع‬
‫البــاب بعن ـ ‪ ،‬فاجــأتن البنـ الكــربس ص غرفتــةا‪ ،‬شــبه عاري ـة‪ ،‬صــرخ‬
‫بــوجةد وانــا اق ـ حــاهر يا امامةــا قبــل فــتري البــاب بــالقوة الــ عةــدهتا‬
‫بنف ــد‪ ،‬دفع ـ ُ البــاب وتعــرت الصــورة كمــا تتعــرس الــروح مــن ســتاهرها‪،‬‬
‫والف مفغور اىل مداه‪ ،‬ضا منه الصوت واختف نـربة ااحتجـاج العليلـة‪،‬‬
‫العينان جاحبتـان‪ ،‬ثابتتـا النبـرة علـ امل ـةد الفجـاهد‪ ،‬صـح ُ بصـوت‬
‫تاش منه قوته وتوارت اشارات التةديد‬
‫اصبري جمرد صوت خاهب‪:‬‬
‫ـ ماذا ارس؟ يا اهلد‪ ،‬تكلمد ‪.‬‬
‫مل اتلق جواباي‪ ،‬امنا نبرة م ـرتيبة تكفـد لـتلق امثـايل مـن الرجـال‬
‫حجراي‪ ،‬اول ا الرجال الـ ين ضـيعوا مـن اعمـاره اكثـر مـن ثاثـني عامـ يا‬
‫ص تلقد ااوامر الصارمة ص جيش عرمر ‪.‬‬
‫عل اكرة الباب ندت من صيحة مفالعة‪:‬‬ ‫يد ا تالال تقب‬
‫ا فراشا طاووس؟‬ ‫ـ طاووس‪ ،‬أيقا‬
‫ـد فيـه‬ ‫مل‬ ‫هالت البن رأسةا عامة املوافقة علـ ال ـلال الـ‬
‫معن ؟ ومل تكن موافقتةا اجتناب الفضيحة‪:‬‬
‫ـ أا يبدو رشيقاي ومجيا‪ ،‬يا أبد؟‬

‫‪11‬‬
‫القيـ ـ عليةـــا بقيـــة قطـــع الثيـــاب لرتتـــديةا علـ ـ عجـــل‪ ،‬بينمـــا اذ‬
‫الطـاووس بـني اافرشـة والوسـاهد والثيـاب املتنـاثرة‪ ،‬بفوضـ وعـد اهتمـا ‪،‬‬
‫رفـع يل رأسـه مــن بينـةا‪ ،‬لينــدس ثانيـة بــني احلاجيـات القريبــة مـن ذراعيةــا‬
‫العاريتني وانثناءة فح يةا عند الـركبتني‪ ،‬وحـني ك ـفه الضـوء ال ـاطع الـ‬
‫كــان املصــباح الصــغري يرســله ليعــرّ املوجــودات ص الغرفــة‪ ،‬ارســل الطــاهر‬
‫نبرة ارتياب و ‪ ،‬وجناحاه مضمومان حب ر شديد اىل جنبيه‪:‬‬
‫ـ لقد افالعته يا أبد‪ ،‬ارجو ‪..‬‬
‫ـ كي دخل وماذا يفعل هنا؟‬
‫ـ لن تلذيه ‪ ..‬لن تفعل ذلا ابداي ‪.‬‬
‫ص تلا ااثناء‪ ،‬ارل البن برفق عل طاهرها وأخفتـه ي ـدها‬
‫من ااعل ‪ ،‬بـات مـن الع ـري رايتـه ‪ .‬ل ـ ادر ملـاذا خيـل ايلَّ‪ ،‬انـه هـد‬
‫ل ــانه يل مــن حـ ج ــد البنـ املتةالكــة عليــه‪ ،‬ســاخراي مــن حمــاواتد‬
‫املتكــررة‪ ،‬ص مطاردتــه بينمــا يــنف ري ــه الالاهــد حــدياي ألمثــايل مــن‬
‫الرجــال ال ـ ين امضــوا ردح ـاي كافي ـاي مــن الــالمن‪ ،‬وه ـ ص شــغل عــن بقيــة‬
‫حيــاهت ‪ ،‬لــيس امــامة ســوس تنفيـ الوصــايا وااوامــر الصــارمة ‪ .‬اشــا‬
‫ادرك البن عجال ص التحك مبصري الطاهر ‪ .‬كان حيتـل احلجـرة كلـةا‬
‫ص حضــوره او ظةــوره امــامد حت ـ ص تواريــه بعيــداي عــن‪ ،‬اح ــه يكــت‬
‫انفاسد بوجوده مع البن ‪ ،‬كان يصر عل ان يرين عـن كثـب ريـش الوانـه‬
‫الالاهية‪ ،‬ا دّاعة ص بريقةا ‪.‬‬
‫الربيــق‪ ،‬كنــ ص مــا مضــ اميــل كــثري يا ــو ااشــياء الــ ترفــل‬
‫بربيقةا ا اص‪ ،‬بريق ال هب او خيوا ال ـفق‪ ،‬التماعـة الق يفـة ص ليـل‬
‫العراء املتناهد‪ ،‬بريـق اشـعة منعك ـة علـ سـطري امليـاه حـني ت ت ـل ص‬

‫‪19‬‬
‫صـفاء اىل الوجـود امل ـع‪ ،‬ولــيس الـريش الـرخيص املتاشـد‪ ،‬املتطــاير ص‬
‫العــراء ‪ .‬لنيــ لــو اســتطع احلــديو معــه‪ ،‬ان اعنفــه واطــرده‪ ،‬اوقــ ُ‬
‫غليان طي ه وتواجده الطـار داخـل الـدار‪ ،‬لكـن ضـاع حمـاواتد كلـةا‬
‫سدس‪:‬‬
‫و ا ارج ‪.‬‬ ‫ـ لن يأتد النةار اا ويكون قد غادرنا‬
‫اهتــالت خصــات شــعرها دون موافقــة اكيــدة‪ ،‬اعــادت الطــاهر اىل‬
‫وضـــعه علـ ـ فـــرا ســـريرها ومنحـ ـ نف ـــةا اســـرتخاء باذخـ ـاي‪ ،‬كـــان‬
‫الطاووس ادر معن الكا ‪ ،‬وراح ي اركةا ب خ ال اعة تلا ‪.‬‬
‫ـ ا اريد رايته يعيش معنا ‪.‬‬
‫ربت ـ يــد قويــة عل ـ كتفــد‪ ،‬التف ـ وجــدت وجــه الالوجــة مكفةــراي‬
‫والنعاس غل ب رهتا بنو من الوجو ‪:‬‬
‫ـ عد اىل فراشا يا عاليال ‪.‬‬
‫ـ انبر ماذا جلب ابنتا من باء لنا؟‬
‫ـ ارجو دعنا من النصاهري يا رجل ‪.‬‬
‫قوضــ نـــربة صــوهتا فكـــرة ااســـتمرار ص الكــا ‪ ،‬التفــ البنــ‬
‫بغطاء فراشةا حمتضنة الطاهر بني ذراعيةـا‪ ،‬هيـئ لـه ان ي ـيعن بنبـرة‬
‫اســتحفاحن هازهــة‪ ،‬هــا هــو ي ــاركنا م ــاحة الــدار‪ ،‬وينــا ص غرفــة مــا‬
‫ليلتـةا تغـدو ميــداناي ألفعالـه ومــاذاي لنوايـاه‪ ،‬كيـ هكــن يل دفـع البنـ‬
‫للتحلــد عــن اقتــةا معــه؟ هــل تراهــا تطامنــ اليــه وعاشــرته أليــا‬
‫مض ؟ ك من الوق سيبق معنا ص الدار؟ ترس هـل البنـ وحـدها مـن‬
‫ارتض بوجوده معنا؟ الي الالوجة من جانبةا تواطأت مـع بقيـة افـراد‬
‫العاهلة‪ ،‬ترس اين البن ااخرس واين الولـد؟ كـان النعـاس ال ـديد يغـالبن‬
‫وقد استوىل علدَّ حقاي وا مفر من الركون اىل النو ا حمال ‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫ص الليـــل حلمـ ـ بالطـــاووس خـــال نـــومد املتقطـــع‪ ،‬اضـــطرتن‬
‫الالوجة اىل ااستيقاى لكد اللص من الكابوس ال امل بد ‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪ .‬اهن‬ ‫وقال يل‪ :‬كن تصرخ ص نوما وتتقلب ص الفرا‬
‫مل اجبةا ب دء ‪.‬‬
‫فكرت جاداي ص ا ال الرد عليةا‪ ،‬رأي نف د اسرياي وسـط طريـق‬
‫مي مد طويل حمفوحن باحلفر وااخاديد بني خطني طويلني مـن املقـابر‪،‬‬
‫مقابر وكثبان وحفر متناثرة عل امتداد الطريق‪ ،‬والغبار يغطد املوجودات‬
‫من حويل رأي ( كما يـرس النـاه ) رجـا يبكـد وامـرأة تنـوح‪ ،‬وملـا رأيـاند‬
‫اتقد وسط مقابر أكلةا الالمن واخـرس شـيدت مـن اآلجـر والطـابوق وقـد‬
‫طلي بالقري‪ ،‬فال الرجل واطلق املرأة ساقيةا للريري وهـد تعـول‪ ،‬وكـدت‬
‫ام ا باملرأة لوا صراخةا ال افال املـوت ص رقـاده ‪ ،‬شـتمن الرجـل‬
‫وسدد ايلَّ سيا من احلجارة ال مل يصلن منةا شدء‪ ،‬بل تناثر معبمةا‬
‫ص اهلواء‪ ،‬وملا سقط ُ عل وجةد وانا اجر م رعاي لام ـا بالرجـل‪،‬‬
‫ادرك ُ أند ارك ملـةوفاي ـو نف ـد‪ ،‬اذ تـبني ص احلقيقـة ان الرجـل مل‬
‫يكـن ص املقــربة‪ ،‬اا انــا‪ ،‬امــا املــرأة فلـ أعــد اعرفةــا مــن ايــن اتـ واىل أ‬
‫اجلةات ذهب ‪ ،‬رغ اهنا تركـ وراءهـا آثـاراي ا لحـ وا ياليلـةا الـالمن‪،‬‬
‫وعاهدت نف د اذا ما رأي املرأة ص مرة قادمة‪ ،‬لن ادعةا هترب او تفل‬
‫من يد ‪ ،‬وقل ابد من معرفة كل شدء يدور مـن حولنـا‪ ،‬امـرأة او رجـل‪،‬‬
‫طاهر او حيوان يدب عل اربع‪ ،‬ا جمال للتةاون بعد اآلن‪ ،‬رغ ان احلنني‬
‫اىل البي ظل يازمـن طيلـة الوقـ املنصـر ‪ ،‬وخـال ذلـا كلـه‪ ،‬عـ‬
‫د الـ هاب اىل دورة‬ ‫الالوجة تنصـحن بتنـاول قـدح مـن املـاء البـارد ثـ علـ ّ‬
‫املياه ألزيل عن نف د ه ه الغمامة ‪.‬‬
‫ـ لن تالول ه ه الغمامة ما مل اللص من ضيفنا غري املرغوب فيه‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫رأي ذراعةا العار يلوح ص فضاء احلجرة‪:‬‬
‫ـ لن تنفعا كل الوساهل يا عاليال ‪.‬‬
‫كان احد معارص يـردد علـ م ـامعنا‪ ،‬ص وقـ قريـب‪ :‬ا خـاص‬
‫لنــا مــن طواوي ــنا‪ ،‬وا قبولنــا هبــا بــاامر اهلــني‪ ،‬فكي ـ احلــل اذن؟ ومل‬
‫يعطنا حا بل جلأ اىل الصـم ليرتكنـا ص حـرية مـن امرنـا ‪ .‬وأليـا عـدة‬
‫خيّل ايلّ فيةا ان من قال تلـا العبـارة‪ ،‬هـو طـاووس بيتنـا ولـيس شحصـاي‬
‫آخــر ‪ ..‬اراه كــل صــباح يتــبحرت ويتــةادس ص املمــرات وبــني الغــرحن‪ ،‬كأنــه‬
‫صــاحب الــدار او مالكــه‪ ،‬ومل هنعــه احليــاء ال ــحرية املعلنــة مــن بع ـ‬
‫عاداتنــا او تصــرفاتنا‪ ،‬رغ ـ انــه مل يتحــد معنــا وجةـاي لوجــه‪ ،‬بــل يرســل‬
‫طلباتـه علـ هي ـة شـفرات يعوزهـا الوضـوح‪ ،‬وبالن ـبة يل مل ات ـل منــه‬
‫ا عامــة او اشــارة ص مغــادرة البيـ ‪ ،‬فكــرت ص حمادثتــه واقناعــه لكنــه‬
‫ظل يالوش ويراوش ص كل مرة يصادفن فيةا وجةاي لوجه ‪ .‬يـا اهلل كـ يبـدو‬
‫شاذاي وغريباي ص كل ما يصدر منه‪ ،‬حت صمته بدا ثقيا ويكـت األنفـاس‬
‫يل ان وجــوده يرتســخ او يكــاد يصــبري ازليــا مــا دا هنــا مـــن‬ ‫خيّــل ا ّ‬
‫‪.‬و ُ‬
‫حيميــه ويرعــاه‪ ،‬اذ لي ـ البن ـ الكــربس وحــدها ترغــب ص وجــوده‪ ،‬بــل‬
‫البن ـ الصــغرس ايض ـاي‪ ،‬وكــثرياي مــا وجــدهتا ل ــري برفــق عل ـ جناحيــه‪،‬‬
‫تداعبه‪ ،‬وتامس بأطراحن اصابعةا الرقيقة الوان ري ه الناع ‪:‬‬
‫ـ يا اهلد ما احاه ومااهباه بيننا‪.‬‬
‫تلا عبارهتا ارببة اىل نف ـةا‪ ،‬عبارهتـا الـ تـدفع برمـال هاهلـة‬
‫ص ا دارها الفجاهد تنةال عل ج د ‪ ،‬رماد وغبـار يلـ الكـون حـويل‬
‫كلمــا شــاهدهتا حتضــن الطــاووس وتبــد مــا ص وســعةا مــن عنايــة بــه‪،‬‬
‫جةــد ينصـبّ ص أا يطــأ غــرف ا اصــة‪ ،‬او حيتــل أ جــالء منــةا ولــو‬
‫ب ــعة اصــابع اليــد جمتمعــة‪ ،‬واحلــق‪ ،‬كان ـ الالوجــة تــدفعن اىل التحلــد‬

‫‪92‬‬
‫بالصرب وطول البال‪ ،‬وانه جمـرد طـاهر ا جلـب لنـا سـوءاي‪ ،‬اا تـراه سـلوس‬
‫البنتني ومبعو سرور ا ‪ .‬قل هلا‪ :‬ابد مـن ان حـل ال ـاعة وهـد آتيـة‬
‫ا ريب فيةا ‪.‬‬
‫حـــد هـ ـ ا ص اايـــا ااوىل لدخولـــه الـــدار‪ ،‬غـــري انـــه بـــداي مـــن‬
‫طريقتــه مــع افــراد ااســرة‪ ،‬ادر رعايــة البن ـ الكــربس لــه‪ ،‬وقــد تلمــس‬
‫اذعاند لطلبةا ص بقاهه ومل تبحل البن الصغرس عليه بالعط واملـلازرة‬
‫وان كانـ لتفـد ص غرفتــةا وتغلـق عليةــا البـاب ل ــاعات طويلـة ورمبــا‬
‫أليا وا تد احـدا يطـأ ارضـةا‪ ،‬حتـ وان كـان يقـ امـا باهبـا‪ ،‬فةـد ا‬
‫تفتري ابداي‪ ،‬امنا ندر كلنا‪ ،‬ان ا جمال لدخولنا عليةا مـا دامـ ا ت ـدء‬
‫ألحد وا تطلب منا شي اي‪ ،‬كان تكتفد بعاللتةا ص بعـ ااحيـان‪ ،‬و ـن‬
‫نعرحن لاماي‪ ،‬اهتمامةا وعنايتةا بأشياهةا ا اصة مةمـا بـدت ضـ يلة او‬
‫لي ذات بال‪ ،‬لكن ا احد رتق ه ه العاللة ويبدد حرمتةا‪ ،‬رمبـا يعلـ‬
‫ص قرارة نف ه انه طـاهر مجيـل ويبـدو ص بعـ ااوقـات مةـ باي ورقيقـاي‪،‬‬
‫لكنه ا يك عن طلباته ص ان يكون حاضـراي بيننـا‪ ،‬وقـد يضـطر للتـدخل‬
‫ص شــلوننا‪ ،‬ومــن الطري ـ انــه راح جــاهر بأفعالــه بــا مواربــة حت ـ انــه‬
‫ال له مكاناي عل ماهـدة الطعـا ‪ ،‬ص املقعـد املواجـه ملقعـد لامـاي‪ ،‬ظـل‬
‫يـالوش ببصـره بعيـداي عــن نبراتـد املتابعـة حلركتــه‪ ،‬تلـا النبـرات ال ــالرة‬
‫امللي ة بالتأنيب وااساءة غري املباشرة لـه ‪ .‬هـو يعـرحن جيـداي انـن ا اميـل‬
‫اليه‪ ،‬بل الن رحيله اآلن قبل أ وقـ آخـر ‪ .‬كنـ اعجـب اشـد العجـب‬
‫من قدرة افراد ااسرة عل التفاه معه‪ ،‬مـا هـد وسـاهلة وكيـ هلـ ان‬
‫يف ــروا نوايــاه وافكــاره وألكثــر مــن م ـرة ب ـ ل جةــد ص حمــل بع ـ‬
‫تصرفاته مع البنتني‪ ،‬الصغرس خصوصاي‪ ،‬كان يعجب هبـدوهةا واسـتكانتةا‬
‫وتلطفةا املفاجئ له ‪ .‬رأيته ذات يو يتفرس بوجةةا بعدها القـ ي ـده‬
‫كله ص حضنةا‪ ،‬صرخ هبا‪ :‬حت ان يا بن ؟‬

‫‪95‬‬
‫ـ آه‪ ،‬ارجو يا ابد انبر اليه ك يبدو م املا وديعا ‪.‬‬
‫ـ يا لراهحته ! اا دينةا تالك األنـوحن؟ مـرة اخـرس تعللـ ُ بالصـرب‬
‫وجلأتُ اىل قدرتد عل التحمل‪ ،‬فوج بصوت البن ‪ .‬ي ألن‪:‬‬
‫ـ ان تغار منه يا ابد ؟!‬
‫الغرية وحدها ‪.‬‬ ‫ـ كا لي‬
‫كان ذلا صوت اا يرد عل البن ‪ .‬قاطعتةا حبال ‪:‬‬
‫ـ كف هتريفاي ‪.‬‬
‫وللمرة ااوىل حط عينـا علـ سـكينة املطـبخ‪ ،‬قلـ ا مفـر مـن‬
‫ت ديد طعنة قاتلـة لـه ‪ .‬وسـيتداع امـامد جثـة هامـدة‪ ،‬آه‪ ..‬كـ سـتاليري‬
‫عن كاهلد ثقل ال نني لو فعلتةا ‪ .‬كن عل أهبـة ااسـتعداد لكـد اجعلـه‬
‫يتـداع وينـةار‪ ،‬وسـتكون صــيحة فـال هتـد قــواه‪ ،‬عندهـ سـيتةالا جبــل‬
‫اامــاند وتنــةار ال ــاعة بك بتــةا كلــةا ‪ .‬يــد هتتــال وتكــاد تنفصــل عــن‬
‫ج ـد التقـاا سـكني املطـبخ‪ ،‬غـري ان املـرأة انتبـة اىل سـورة الغضــب‬
‫ـو الطـاهر وازاحتـه برفـق عـن ماهـدة‬ ‫تعتمر ص داخلد‪ ،‬عنده ‪ ،‬اندفع‬
‫الطعا لترتكه يلوذ بإحدس الغرحن ‪.‬‬
‫ـــو الطعـــا ‪ ،‬هنضـ ـ‬ ‫تلبـــد جـــو املاهـــدة بـــالغيو ‪ ،‬مل لتـــد يـــد‬
‫وحبث عنه‪ ،‬اذا ما صادفته ينا ص سرير احدس البنتني‪ ،‬سأقضـد عليـه‬
‫دون تـردد ‪ .‬مل اعثــر عليـه ص أ الغــرفتني‪ ،‬احـ مــن نبـرة عاجلــة اىل‬
‫الالوجة شاهدهتا توز نبراهتا عل افراد العاهلة‪:‬‬
‫ـ انا ا افة تصرفاتا ه ه اايا ماذا حيد لا يا رجل؟‬
‫صن وحد ‪.‬‬ ‫ـ مل حيد شدء‬

‫‪9.‬‬
‫عــ بن كــثرياي ( مجــع كلمتــة علــ قبولــه والت ــامري مــع وجــوده‬
‫الطــار الثقيــل ) امــا اآلن فــا خــاص يل بينــة اا التعلــل بالصــرب عل ـ‬
‫العقبات‪ ،‬ال راح ترتس علـدّ‪ ،‬امل حـدثة انف ـة مبـا اعانيـه منفـرداي‬
‫ووحيداي؟ اا جدون صم اشارة لرفضـد امل ـتدي ؟ ملـاذا ي ـكتون علـ‬
‫فوض وجوده بيننا؟‬
‫كي يت هل ال ـكوت عـن تلـا الراهحـة اللعينـة؟ كـان مـن الع ـري‬
‫علـ ـدّ احتمـــال راهحتـــه او حـــني ا ـــع وقـــع خطواتـــه تـــدوس ص املكـــان‪،‬‬
‫للحبــات مض ـ وانــا اب ـ ل جةــد ص تــدار ســورة الغضــب امل ــتطري‪،‬‬
‫حـني فوج ـ بــه وقــد القـ ي ـده علـ فــرا ســرير ‪ ،‬مل الكــن مــن‬
‫انـــدفاع اجلنونيـــة ـــوه‪ ،‬القيـ ـ ج ــد بكـــل ثقلـــد عليـــه‪ ،‬ام ـــك‬
‫بالوسادة من وسطةا وجعلته يغـوص حتـةا ومـن جانبـه مل يـدخر طاقتـه‬
‫ص التحلص من‪ ،‬ولكن ذهبـ كـل حماواتـه ادراج الريـاح‪ ،‬أفلـ جناحيـه‬
‫مــن قبض ـ ث ـ القــدمني وراح ي ــدد يل ضــربات موجعــة مــن جناحيــه‬
‫واطرافةا ال ـاهبة‪ ،‬لطمـن علـ وجةـد اول اامـر‪ ،‬وكـرر الضـربات‪ ،‬تلـا‬
‫كان ـ تاليــدند اصــراراي عل ـ احكــا الطــوق حولــه‪ ،‬اشــتد الصــرا بيننــا‪،‬‬
‫تيقن ان ما جر بيننا قد هتد ويطول‪ ،‬قبل ان يـدا ن افـراد العاهلـة‬
‫لتحليصه من يد ‪.‬‬

‫‪@shabander_khan‬‬

‫‪92‬‬
‫ع صـوت البـاب يغلـق علـ مةـل‪ ،‬اسـتطيع القـول انـد كنـ ص‬
‫اغفاءة مرحية توشا ان تغـدو نومـا هادهـا (بـل كنـ ص طريقـد‪ ،‬للحبـة‬
‫التــــأرجري الل يـــ بــــني حباهــــل النــــو وشــــراكه دون الوقــــو ص الفــــخ او‬
‫الكابوس) بل انـا مـن ـع الصـوت ا افـ الرتيـب‪ ،‬كـان اشـبه بصـرير‬
‫باب حركته الريري وباب بيتنا مل يكن عتيقا جدا‪ ،‬بل يطم ن املرء لـه حـني‬
‫يصبري ص الداخل ‪.‬‬
‫لي املرة ااوىل ال يرد ايلّ فيةا الصوت‪ ،‬كـان لـيا هبيميـا‪ ،‬مل‬
‫ي تيق احد من افراد اسرتد ( ترسيخ قناعة معاك ـة لقنـاع )‪ ،‬كـانوا‬
‫يتةام ــون فيمــا بينــة ص اللحبــات الــ يأخ ـ ند فيةــا تفكــري منعــالل‬
‫عنة ‪ ،‬مل حيدثوند ب أن الصوت الغريب‪ ،‬ال يتـوارد ايلّ ومل يتجـرأ ا‬
‫واحد منة عل توجيه ال لال املتوقع ‪:‬‬
‫ع الصوت ا انا تو ته؟‬ ‫ـــــ حقا‬
‫كن مضطرا للصراخ بوجه البن الكربس‪،‬‬
‫وس ارض البي ‪.‬‬ ‫ع خطوات‬ ‫ــــ نع‬
‫ع ـ صــم مريــع ملــا اعلن ـ بوضــوح‪ ،‬أن احــده يــدخل الــدار دون‬
‫عل من‪ ،‬ومل ينتبه احد اىل وجوده معنا غري أن اللحبة احلا ـة‪ ،‬كانـ‬
‫حـني صـدر صــراخد بوجـه البنـ كــان اشـبه بعـواء او انــني بعيـد حليــوان‬
‫جريري‪:‬‬

‫‪96‬‬
‫ـــــ مازال الغريب ص داخل الدارحت اآلن ‪.‬‬
‫عنده تقدم املرأة زوج لتعلن بنربة ا شاهب او خوحن فيةا ‪:‬‬
‫ــــ اند امرّ ه ه اايا ص وق عصيب‪ ،‬وابـد مـن م ـاحم مةمـا‬
‫كان الثمن باهبا ‪.‬‬
‫و الباب وكنـ حـاص القـدمني‪ :‬ا شـا انـد مـري وان‬ ‫اندفع‬
‫الكــثري مــن ااوهــا تصــيب الرجــال مــن امثــايل ه ـ ه اايــا ال ـ وصــفةا‬
‫الــبع بالع ــرية‪ ،‬كــان شــعر رأســد اشــعثا كمــا ص املــرة ال ــابقة‪ ،‬ويــدا‬
‫اصابتةما رع ة مفاج ه ‪.‬‬
‫قل ‪ :‬اوها ‪.‬‬
‫وحبـــالن عميـــق اردحن ل ـــاند ا شـــا انـــد مـــري وان الكـــثريمن‬
‫حــال هــ ه تصــيب الرجـــال مــن امثـــايل هــ ه اايـــا ‪ ،‬إن ثاثــني عامـــا‬
‫امضيتةا ص خدمة العل تكفـد ليفقـد املـرء صـوابه‪ ،‬بـل يتحلـ فيةـا عـن‬
‫عقله‪ ،‬اا تكبلن ال نوات املنصرمه بع رات القـوانني الرادعـه واملحيبـه؟‬
‫عل ا حال اهنا جمـرد اعـوا مضـ وا اح ـب انـد حباجـه اىل العـودة‬
‫اليةــا مةمـــا طــاحن بـــد حـــنني اليةــا‪ ،‬فقـــد كانــ ايامــا مرتعـــه بال ـــراء‬
‫والضراء ها اند استمتع بوق الكاص واستأنس بأيـامد الـ حرصـ اا‬
‫ابــددها ص ااوهــا ‪ ،‬غــري انــد اصـرّ عل ـ انــد عـ صــوت البــاب يفــتري‬
‫ويعــاد اغاقــه حبـ ر شــديد ولــن ي ــتطيع احــد ان يقــنعن مةمــا كــان ـــــــ‬
‫امرأة ا رجل خاحن مـا عتـه قبـل حلبـات وقـد عجـالت عـن اقنـاعة‬
‫مــن دخــول احــد مــا ص البي ـ وانــد متأكــد مــن وجــوده خمتب ــا ص زاويــة‬
‫مةملــة او ركــن من ــد‪ ،‬ورمبــا ســنعثر عليــه ص غرفــة امللونــه‪ ،‬كن ـ اق ـ‬
‫وحيدا وسط الصالة الكبريه‪ ،‬ملا التقط عد حركة غامضه‪ ،‬أتـ مـن ا‬

‫‪94‬‬
‫مكــان حمــدد رمبــا مــن احــدس غــرحن النــو ااربــع ( واملضــحا ان تــأتد‬
‫احلركه امللتبس مصـدرها ) مـن حديقـة البيـ ‪ ،‬وقـد داخلـن يقـني قـاطع‬
‫من وجوده ص داخل املنـالل‪ ،‬هتالكـ علـ اول مقعـد قريـب ‪ ،‬حـني صـرّت‬
‫قـــواه الكرســـد صـــريرا مكتومـــا اشـــبه بـــاانني او احلـــنني اىل انطاقـــه‬
‫مي ورة ل اقني مكبلني باامل أل لقاء القب عل اجلاند مةمـا كلفةمـا‬
‫احلـــ املاليــــد مــــن اجلــــر وراءه ‪ ..‬الــــريري ا فيفــــه حركـــ ال ــــتارة‬
‫باهتالازات هـد اشـبه باندفاعـة ألشـباح يتكدسـون امـا العـني بوقاحـه ‪..‬‬
‫جــاء البــا وبــدد ضــوء ا ــارج ومل يعــد ذلــا القمــر اهلاليــل ي ــع عل ـ‬
‫سطري البي ‪ ،‬اذن ا هكن القول ان ة شدء حيد بالوضوح نف ه ‪..‬‬
‫ســـاهن واعيـــد اراولـــة ثانيـــة ‪ ..‬ولكـــن ا حماولـــة هـ ـ ه الـ ـ‬
‫سأعمل عل تنفي ها وسط الفوض العارمه ال احدثةا‬
‫ضجيش مفتعل لصيحة اخرس جاءت ص اللحبة والتو‪ ،‬كنـ وحـد‬
‫وادرك عمق انفعايل ملا صـرخ ص احلـال‪ :‬ياخيـل اهلل اركـا ‪ .‬لكـن مل‬
‫أملــس ا شـــدء بعــد‪ ،‬بـــل انتبـــة اىل انــد اقــ مكتــوحن اليـــدين وســـط‬
‫د الوطيس اذن‪ ،‬وحل ن احل او ل وهه ( مـا‬ ‫العاصفة اهلوجاء‪ ،‬قل‬
‫عدت اعرحن ايةما الصواب؟ ) انـد مل اتـورا ص البـوح احـد مـن معـارص‬
‫عن ذلا الغريب ال راح ي ـاركن ص ال ـر او العلـن‪ ،‬ال ـكن ص بـي (‬
‫واهكــن توضــيري االتبــاس ه ـ ا أل احــد مةمــا كــان قريبــا مــن ) ولــو‬
‫اخــربت احــده عــن حقيقـــه امــر مــا ادرانـــد ان جــاء ذلــا بـــا ري ا‬
‫بال ــوءورمبا سأصــبري نكتــة ســاهغة ص افــواهة ومــاذا لــو قلــ هلــ ان‬
‫زوج وابـن الكـربس ت ـتمتعان بتـأنيا كلمـا صـرخ بـ لا اهلـ الـ‬
‫اطلقتــا عليــه‪ :‬الــوه ‪ ..‬ا انــد اصــنع اوهــامد مبعــالل عنــةما‪ ،‬واحلــق مل‬
‫يكــن جمــرد لعــب باأللفــاى او تطــابق بــاحلروحن بــني اهل ـ او الــوه ‪ ،‬ابــدا‬

‫‪91‬‬
‫لــيس اامــر هب ـ ه الب ــاطه ارتملــه‪ ،‬امنــا ســأدعوه كلــة اىل التبصــر‬
‫والنبر يديه كافيه اىل املوضو برمته‪ ،‬ولعـل هـ ا سـر خرابـد واشـتداد‬
‫تعاس وازدياد د معةما ورمبا سيصبري مع اجلميع ايضا ‪..‬‬
‫تلا ااثنـاء رـ ظـا مارقـا هلي ـة غريبـه اختفـ البـل املتـوار‬
‫مــن امــا نــاظر ‪ ،‬ياللــةول كــان متجةــا ــو احــدس الغــرحن ليحتمــد وراء‬
‫ــو اامــا اصــطدم‬ ‫احــد اابــواب كمــا اوحــد ايل اول وهلــة‪ ،‬انــدفع‬
‫ببلد مكدس بني قدمد وشبري سريع خط من امامد كالربق كانه طـاهر‬
‫غريــب ال ــكل واهلي ــة ‪ .‬اىل ايــن يــاترس هضــد و تبــئ ص زاويــة قصــية‬
‫لعلد تصورته يطأ غرفة احدس البنتني‪ ،‬وليس غرفة الولـد ‪ ..‬أتـراه طـاهر‬
‫الرخ اناخ ص زاوية من زوايا املكـان؟ كـأن جناحيـه اهلـاهلني ارتطمـا حبافـة‬
‫اجلــدار مــن ااعل ـ ( انــا اللــد عــافوند هلــد ) كــا ابــدا لــن ارضــ ان‬
‫حيصل ه ا معد‪ ،‬اصغي عند احـد اابـواب لعـل عـد يلـتقط نأمـة او‬
‫ــا حـ را متعثــر الكلمـات ‪ ،‬خلـ بــاب غرفــة البنـ‬ ‫حركـة ســريعه او‬
‫الكربس‪ ،‬اتراها لدعن اذ تق امامد شبه عاريـة كاهنـا تتحـداند بوقفـة‬
‫م ينه عن قصد ؟‬
‫ت كرت اا جدار ي ور البي وحيمينا من هجمة مباغتـه يقـو هبـا‬
‫نــاس غربــاء‪ ،‬لعــل الرجــل وجــد الطريــق س ـالكة ورمبــا لوح ـ لــه احــدس‬
‫البنتني‪ ،‬او تلق ّ اشـارة القبـول ص الـدخول‪ ،‬انتبـة اىل انـد اضـغط علـ‬
‫شف ال فل بق وة ا ترح ولكن دون شعور باامل ‪:‬‬
‫ـــــ ارجو عد اىل سرير يا ابد ‪.‬‬
‫ـــــ امل ت معد صوتا غريبا ص البي ؟‬
‫ــــ اغريب لدينا‪ ،‬اذهب اىل سرير وارتاح ياأبد ‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫ـــ هل ترينن وا ا كما تقول اما يابني ؟‬
‫ـــــ نع يا ابد داهما تتحيل اشياء وتتوه هبا ‪..‬‬
‫تلــا صــفعه غــري متوقعــه‪ ،‬وألعــرتحن اهنــا املــرة ااوىل ال ـ يضــطر‬
‫فيةا رجل مثلد لل كوت عن كا ا يليق ينابه وقد علمته التجـارب ان‬
‫ال كوت من الرضا وه ا خاحن منطق الرجل ولكن فيما مض مـن ايـا‬
‫اكثر صربا وهدوءا مما قبـل‪ ،‬صـحيري انـد مل اسـك عـن ا تعنيـ حلـق‬
‫بــد مــن ااخــرين ‪ ..‬مــرة اخــرس تــوارد اىل عــد ــس مرتبــا وحركــة‬
‫مضــطربه‪ ،‬ارتطــا باه ـ جل ــد هــش‪ ،‬وملــاذا ايكــون التحــا ج ــدين‬
‫متلــةفني وعنيــدين ايضــا‪ ،‬لــن اتــوان عــن اانقضــاض عل ـ الفري ــه ص‬
‫اللحبة والتو ( هلد يااهل ارمص والبصـيل ) كانـ قـدما احلافيتـان‬
‫تتلقيــان رطوبــة اارض‪ ،‬الصــوت قريــب مــن يــد ّ ‪ ،‬اكــاد اقــب عليــه وا‬
‫لف مضايقته يل ص كل مرة ا ع فيةا وقـع ا طـوات او تبـديل ايقـا‬
‫صداه ‪ ،‬ك كنـ حالينـا وخميبـا حـني فكـرت بعـالل ‪ ،‬بـل وجـدت نف ـد‬
‫ه ا وسريع العطب خايل الوفاض من ساح حيمين مـن ا ضـرر قـاد‬
‫وها هد البنون حيط بد من كل صوب‪ ،‬مل انتبه لصراخد ‪:‬‬
‫ــــ ان من هنا ‪ ،‬ماذا تفعل ص اروق واركان بي ؟‬
‫ـــــ عد اىل فراشا يارجل واح ر العبو معنا ‪..‬‬
‫مل استطع الرد عل نربة التح ير ال مجّدت اطراص اا انـد كنـ‬
‫اشعر كي ج د راح يةتال هلول املفاجـأة لكـنن تقـدم خطـوات داخـل‬
‫الغرفـة‪ ،‬اعـن داخــل الصـم الـ فاجـأند ص الطريــق اكت ـاحن اللعبــة‬
‫ا طـــرة‪ ،‬تنف ــ بعمـــق مل تصـــدر مـــن ا حركـــة‪ ،‬اضـــطررت ألســـناد‬
‫بربودة اجلدار ت ـر ايلّ‪ ،‬كنـ‬ ‫ج د اىل اجلدار اراذ يل‪ ،‬اح‬

‫‪111‬‬
‫اخ ـ أن تعـاود صــراخةا علـد مــن جديـد وزعيقةــا ااول مـا زال صــداه‬
‫يرن ص اذند ( ياللصوت ال ليط اهلادر ) كان الالوجه وكـان الولـد ايضـا‬
‫يضــايقن ‪ .‬الولــد مبعــو حريتــد اكثــر مــن ســواه ‪ ،‬مل يكــن لي ــاركن او‬
‫ي اطرند الرأ ب ـأن الغريـب الـ اسـتوىل علـ غـرحن البيـ الواحـدة‬
‫اثـر ااخــرس‪ ،‬غــري انــد كنـ اراه مةمومــا ومن ــغا بنف ــه ورمبــا باشــياء‬
‫اخــرس بعيــدة عــن خــاطر ‪ ،‬يبــل صــامتا وا يريــد اانتقــال مــن حالــة‬
‫ال كون اىل تأدية ا عمل وجب القيـا بـه؟ الالوجـة هـد مـن يفكـر نيابـة‬
‫عنــا‪ ،‬ت ــرحن عل ـ ادارة املنــالل بكــل طواعيــة واصــرار‪ ،‬كن ـ بينــة ‪ ،‬بــني‬
‫افراد اسرتد اتعلل بالصرب اجلميل‪ ،‬وأرس هيبة املرأة تالداد كـل يـو درجـة‬
‫مــن القــوة وال ــيطرة حبجــة ادارة البيــ وانقــاذه مــن ااهنيــار ومل اعــد‬
‫اعرحن ما ال تعنيه بااهنيار املفاجدء‪ ،‬بينما يتناقص حضور كـل يـو‬
‫بينة ‪..‬‬
‫كان النقرات ا فيفة من سباب عل صـفحة البـاب قـد افالعـ‬
‫اجلميـع‪ ،‬تلــا اللحبـة بالـ ات تعـاىل هــدير صـوهتا وســط الـدار‪ :‬ــــــ مــاذا‬
‫تريد من البن يارجل؟ نقرة اخرس وصاح البن بد ايضا مقلدة امةا‪:‬‬
‫ــــ عد اىل سرير يا ابد ارجو !!‬
‫لو تفتحني الباب قليا‪ ،‬اا يوجد معا احد ص الداخل ؟‬
‫ـــــــ صــدقن ا يوجــد احــد يــا ابــد واعل ـ انــد ا ارتــد شــي ا مــن‬
‫ثيابد ‪.‬‬
‫كف البن عن الكا وسـاد صـم حـ ر بيننـا‪ ،‬غـري أنـد اصـغي‬
‫اىل الداخل‪ ،‬ا ع انفاسا غريبة غري انفاسةا اهلادهه الـ اعرفةـا‪ ،‬اجـال‬
‫د تف ـريها ابـدا‪ ،‬مل‬
‫اآلن اند اتلق صدس حركـة غامضـة مـن الع ـري علـ ّ‬

‫‪111‬‬
‫يعـــد اهتـــا ا احـــد يل انـــد ارتكـــب اقـــة باقتحـــا الغرفـــة‪ ،‬مـــا اريـــد‬
‫الوصول اليه هو القب عل الغريـب اجلـاند‪ ،‬ولكـن الويـل يل اذا مل يكـن‬
‫ة احد هنا ص غرفتةا؟ ترددت ص دفع باب الغرفة مـع ان يـد ظلـ‬
‫تقــب عل ـ اكرهتــا‪ ،‬اهنــا اللحبــة املناســبة وا مفــر مــن اســتغاهلا اآلن‪،‬‬
‫ومةما كان الثمن ! امتا عد حبركة عجولة من الداخل‪ ،‬كانـ اصـابع‬
‫يد تلت حول مقب الباب باصرار لكد افتحه وأرس كل شدء ‪.‬‬
‫ص بــاد ء اامــر روّعــن امل ــةد مبــا احتــواه مــن غرابــة وانــا ادفــع‬
‫الباب بعنـ ‪ ،‬فاجـأتن البنـ تقـ وسـط غرفتـةا شـبه عاريـه‪ ،‬صـرخ‬
‫بوجةد وانا اق م هوا اما ما راي ‪..‬‬
‫فتح ـ البــاب وتعــرت الصــورة ‪.‬كمــا تتعــرس الــروح مــن ســتاهرها ‪.‬‬
‫فمد مفغور اىل اقصاه والصوت ضا من ونربة ااحتجـاج تاشـ لامـا‬
‫‪ .‬عينــا اجلاحبتــان ثابتتــا النبــرة عل ـ امل ــةد املفــاجدء كلــه‪ ،‬صــح‬
‫بصــوت تاش ـ منــه قوتــه ‪ ،‬وتــوارت منــه اشــارات التةديــد وغــدا جمــرد‬
‫صوت اجوحن‪:‬‬
‫ـــــ ماذا ارس يا ابن ؟ تكلمد‪ ،‬يااهلد‪ ،‬انطقد ‪.‬‬
‫مل اتلــق ردا بــل نبرةم ــرتيبة تكفــد لــتلق امثــايل حجــرا‪ ،‬اول ــا‬
‫الرجال ال ين امضوا اكثر من ثاثني عاما من عمـره ص جـيش عرمـر‬
‫مةالو ‪:‬‬
‫ا غرفتا طاووس ؟‬ ‫ـــــ ماذا؟ طاووس؟ ايقا‬
‫هالت البن رأسةا موافقة عل ال لال‪:‬‬
‫ــــ اا يبدو مجيا ورشيقا يا ابد ؟‬

‫‪112‬‬
‫القيـ عليةــا ثياهبــا علـ عجــل لرتتــديةا‪ ،‬بينمــا اختفـ الطــاووس‬
‫داخــل احــدس الالوايــا‪ ،‬رأيتــه حيتمــد بالوســاهد واافرشــه وهــد يل رأســه‪،‬‬
‫وحني ك فه الضوء ال اطع ال كـان املصـباح الصـغري يعـر املوجـودات‬
‫ص الغرفــة‪ ،‬ارســل الطــاهر امللــدء بــاالوان الناصــعه‪ ،‬نبــرة مرتابــة اخــرس‬
‫احاطن هبا بكل حقد وضغينه‪:‬‬
‫ـــــ لقد افالعته يا ابد !‬
‫ــــ كي دخل وماذا يفعل هنا؟‬
‫ـــــ ارجو اا تلذيه او تلمله ارجو يا ابد؟‬
‫مل لةلن حلبة اخرس للتأمـل بـل ارلـ علـ طاهرهـا ص احلـال‬
‫وحاولــ اخفـــاءه بـــني طيـــات ثياهبـــا لكنـــه ظـــل يرســـل يل تلـــا النبـــرة‬
‫ال امته‪ ،‬وال اخرة من حماواتد الياه ة املتكررة‪ ،‬ص ماحقـة خطواتـه‪،‬‬
‫نافضــا ري ــه الالاهــد امــامد حــديا لرجــل مثلــد امض ـ معب ـ حياتــه‬
‫مةما هلا منغم ـا ص واجباتـه ص جـيش عرمـر مةـالو ‪ .‬ادركـ البنـ‬
‫عجـــال ص الـــتحك مبصـــري طاهرهـــا‪ ،‬كيـ ـ يل أن ادفعةـــا للتحلـــد عـــن‬
‫اقتةا معه ؟ك من الوق سيمضيه معنا ؟‬
‫كان النعاس ال ديد يغالبن وقد اسـتوىل علـدّ لامـا وا مفـر مـن‬
‫اللجوء اىل النو ‪ ،‬ا حمال ‪..‬‬
‫ص الليـــل حلمـ ـ بالطـــاووس خـــال نـــومد املتقطـــع‪ ،‬اضـــطرتن‬
‫الالوجه اىل ااستيقاى لتحليصد من الكابوس ال امل بد ‪:‬‬
‫فقـــد كنـ ـ تصـــرخ ص نومـــا وتتقلـــب ص‬ ‫ـــــــ وقالـ ـ يل‪ :‬اهنـ ـ‬
‫الفرا ‪..‬‬

‫‪115‬‬
‫مل اجبــةا ‪ .‬وجــدت نف ــد ت ــري ص طريــق مي ــمد طويــل ملــدء‬
‫باحلفر وااخاديد منت رة بني املقـابر‪ ،‬مقـابر وكثبـان وحفرمتنـاثرة علـ‬
‫امتــداد الطريــق‪ ،‬والغبــار يغطــد املوجــودات مــن حــويل رأي ـ ــــ كمــا يــرس‬
‫النــاه ــــ امــرأة تنــوح ورجــا يبكــد ‪ ،‬وملــا رأيــاند اتقــد وســط قبــور أكــل‬
‫آثارهــا الــالمن واخــرس طلي ـ بــالقري رغ ـ اهنــا بني ـ بــاآلجر والطــابوق‪،‬‬
‫فالعـ املــرأة واطلــق الرجــل ســاقيه للــريري جــر علـ غــري هــدس‪ ،‬كــدت‬
‫ام ا بـاملرأة لـوا حـدة صـراخةا الـ افـال املـوت ص رقـاده ‪ ،‬شـتمن‬
‫الرجل وهو يق بعيدا عن‪ ،‬دفع ب يل من احلص واحلجـارة مل يصـلن‬
‫ـوه لام ـا بـه‬ ‫منةا شدء‪ ،‬بـل تنـاثر معبمةـا ص اهلـواء وملـا انـدفع‬
‫تعثرت قدما واهنارت قوا وسـقط ُ علـ وجةـد ‪ ..‬ادركـ وانـا انـدفع‬
‫ـو شـحص ي ـبةن‪ ،‬وتـبني ان املـرأة املفالوعـه كانـ‬ ‫جريـا كنـ اركـ‬
‫امرأة غريبة مل اتعـرحن عليةـا ( مـن هـد‪ ،‬ومـن تكـون؟ ) وعاهـدت نف ـد‬
‫اذا رأيتةا ص املرة القادمه لن ادعةا هترب او تفل من يد ‪ ،‬وقل معاتبـا‬
‫نف د‪ :‬ينبغد معرفة كل شدء جر مـن حـويل‪ ،‬امـرأة او رجـل‪ ،‬طـاهر او‬
‫حيــوان يــدب علــ اربــع‪ ،‬ا جمــال للتــةاون معــه بعــد اان ‪ .‬خــال ذلــا‬
‫ع ُ الالوجه تنصحن بتناول قدح من املاء البـارد ثـ الـ هاب اىل دورة‬
‫املياه لكد ازيل الغ اوة عن عين ‪..‬‬
‫ــــ لن تالول الغمامه عن مامل اللص من ضيفنا غرياملرغوب به‪..‬‬
‫ــــ لن تنفعا كل الوساهل يا عاليال ‪.‬‬
‫كان احد معارص يردد امامد‪:‬‬
‫ن نرض باامر الواقع‪ ،‬كيـ‬ ‫ــــ ا خاص لنا من طواوي نا وا‬
‫سيكون احلل اذن؟‬

‫‪11.‬‬
‫وأليا خل ما عدت اعرحن قاهل تلا العبارة‪ ،‬حت خيل يل ان مـن‬
‫اطلقةا هو طاووسنا‪ ،‬رمبا قاهلا تنـدرا بنـا ومـن حمـاوات خاصـنا منـه‪،‬‬
‫وصــباح كــل يــو أراه خل ــة يتــبحرت ويرفــع رأســه الصــغري ــو ااعل ـ ‪،‬‬
‫يتـبحرت ويتــةادس بـني الغــرحن واملمـرات ‪ ،‬كأنــه صـاحب الــدار ومالكــه‪ ،‬ومل‬
‫هنعه احلياء من سحريته مـن بعـ عاداتنـا وتصـرفاتنا اليوميـه مـع انـه‬
‫مل يكلمنا عن ه ا كله مباشرة‪ ،‬ومن الواضـري انـه ظـل يلجـأ اىل اسـتحدا‬
‫ااشارات مكتفيا بالاذ احلركـات الغامضـه الـ يـدر معناهـا بعضـنا‪،‬‬
‫لكن بالن بة يل ظل ص ظن جمرد حركات ا معن هلا ابـدا‪ ،‬يـااهلد كـ‬
‫يبـدو غريبـا وشـاذا بـل وعنيـدا ص كــل مـا يريـد تنفيـ ه ( كـان خـوص منــه‬
‫عل مصري البنتني حقيقيا‪ ،‬ذلا أند اكت ف ما لديه من مغريـات هكـن‬
‫له ان جعل اقوس الن اء تنةار اما نالواته ) ودون شا ادركـ ان وجـوده‬
‫معنـــا راح يرتســـخ يومـــا اثـــر يـــو ‪ ،‬لي ـ ـ البنـ ـ الكـــربس وحـــدها تريـــد‬
‫ت الصـغرس يـد الـدفا عنـه وتـرف حمـاواتد‬ ‫ااحتفاى به بـل وجـد ُ‬
‫لطرده‪ ،‬وكان ص احيان كثرية تقول ساخرة‪ :‬ا غريـب بيننـا اا ال ـيطان‬
‫وهو ليس شيطانا بل انبروا اليه يا عباد اهلل ما احاه وما اهباه؟‬
‫بعــد اهنــاء عبارهتــا تلــا امتــدت يــدها اليــه تامــس ري ــه النــاع‬
‫وتداعب جناحيه الطويلني امللـونني‪ ، ،‬غبـار ورمـال كثيفـة تلـ الكـون مـن‬
‫حـويل كلمــا وجــدهتا حتضــن طاووســةا زاهــد االــوان ويــداها الرقيقتــان‬
‫تعتنيــان بــه غايــة العنايــة الصــرحية ‪ ..‬كن ـ اب ـ ل جةــد ص اا يــدخل‬
‫غرف ا اصة وي اركن فراشد عنـوة ‪ ،‬وكانـ الالوجـة تـدفعن للصـرب‬
‫وطول البال وانه جمرد طاهر ا جلب لنـا ضـررا ‪ ،‬اا تـراه سـلوس البنـتني‬
‫مبعو هبجتةما؟‬

‫‪112‬‬
‫حد ه ا ص اايا ااوىل لدخوله الدار غـري انـه بـدّل مـن طريقتـه‬
‫مـع افــراد ااسـرة‪ ،‬ادر رعايــة البنـ الكــربس لـه‪ ،‬وتلمــس اذعـاند هلــا ص‬
‫الت ــاهل مــع وجــوده معنــا ومل تبحــل عليــه الصــغرس بــامللازرة وارابــاة‪،‬‬
‫رغ اهنا وص ايا عديده تكتفد بعاللتةا وا تفـتري البـاب ألحـد مةمـا كـان‬
‫قريبــا منــةا‪ ،‬وهــو بــدوره يرتكةــا وشــأهنا امــا ــن فنعــرحن مــدس عنايتــةا‬
‫باشياهةا الصغرية داخل غرفتةا‪ ،‬رمبا كان يعل ص قرارة نف ه‪ ،‬انه طـاهر‬
‫مجيل بل يبدو ص احيـان كـثرية رقيقـا ومةـ با‪ ،‬لكنـه ا يكـ ص ان يكـون‬
‫حاضرا واا نن اه ص خضـ ان ـغااتنا اليوميـه الطاحنـه ‪ .‬وقـد يضـطر‬
‫للتــدخل ص شــلوننا ا اصــة‪ ،‬ومــن الطري ـ انــه راح جــاهر بافعالــه بــا‬
‫مواربــة‪ ،‬حت ـ انــه ال ـ لــه مكانــا عل ـ املاهــدة معنــا وعل ـ املقعــد ال ـ‬
‫يواجةن وجةا لوجه‪ ،‬امل يكن هـ ا حـديا صـلفا يل؟ كـان مـا يضـايقه ص‬
‫تلا اجلل ات‪ ،‬نبرتد القاسيه ال الره ال ارشقه هبا بكل ضـيق ومعنـ‬
‫صريري ص اند ا اريد له وجودا بيننا‪ ،‬كن اعجب من افـراد ااسـرة علـ‬
‫التفاه معه‪ ،‬ما هـد وسـاهلة وكيـ هلـ تف ـري نوايـاه؟ وألكثـر مـن مـرة‬
‫حمل ـ بعــ تصــرفاته امل ــينه مــع البنــتني‪ ،‬خصوصــا الصــغرس كــان‬
‫معجــب هبــدوهةا وتلــةفةا املفــاجئ لــه‪ ،‬ورأيتــه ذات يــو يتفــرس بوجةةــا‬
‫ويتأمل نبراهتـا لاشـياء ص البيـ ‪ ،‬مـا لبـو ان ارلـ ص حضـنةا برفـق‬
‫ك أنــه يلــوذ هبــا مــن نبرتــد القاســيه ال ـ اصــفعه ب ــررها وهــو يــدر‬
‫حـدهتا‪ ،‬مل احتمـل امل ـةد كلـه‪ ،‬صـرخ بـه وأردت تعنيفـه‪ ،‬وملـا شــاهدت‬
‫البن اهنيار قوا وهو ي تقربني ذراعيةا ‪:‬‬
‫ــــ انبر اليه ياابد ك يبدو م املا ووديعا؟‬
‫دينةا تالك اانوحن؟‬ ‫ــــ ياللراهحة الكريةة اا‬
‫ــــ ان تغار منه يا ابد الطيب !!‬

‫‪116‬‬
‫وللمرة ااوىل حط عينـا علـ سـكينة املطـبخ‪ ،‬قلـ ا مفـر مـن‬
‫توجيه طعنة له‪ ،‬طعنـة قاتلـه وينـةار امـامد كتلـة هامـدة‪ ،‬كـ سـتاليري عـن‬
‫كاهلد ثقل ال ـنني لـو فعلتـةا معـه‪ ،‬كنـ م ـتعدا لاجةـاز عليـه‪ ،‬وجعلـه‬
‫ينــةار ويتــداع وســتكون صــيحة فــال هتــد قــواه‪ ،‬عنده ـ ســينةدّ جبــل‬
‫اامــاند وتنــةار ال ــاعة بك بتــةا وش ـ وذها‪ ،‬وهــد هتتــال وتنــتف وتكــاد‬
‫تنفصل عن ج د ‪ ،‬أللـتقط سـكينة املطـبخ‪ ،‬غـري ان الالوجـة انتبـة اىل‬
‫ـو الطـاهر وأزاحتـه برفـق مـن‬ ‫سورة الغضب تعتمـر ص داخلـد‪ ،‬انـدفع‬
‫ــو‬ ‫امـامد ليحتفـد ص احـدس الالوايـا‪ ،‬تلبــد اجلـو بـالغيو مل لتـد يـد‬
‫الطعا هنض احبو عنه ص غرحن البي ‪..‬‬
‫ــــــ اذا وجدتــه ينــا ص ســرير احــدس البنــتني‪ ،‬ساقضــد عليــه دون‬
‫تــردد ‪ .‬مل اعثــر عليــه ص ا مــن غــرحن البيــ ‪ ،‬اح ـ مــن التفاتــة اىل‬
‫الالوجة‪ ،‬كان توز نبراهتا عل افراد العاهلة‪:‬‬
‫ــــ انا ا افة تصرفاتا يارجل ه ه اايا ؟‬
‫ع بن كثريا مجع كلمتة عل قبوله وت ـاحمة مـع وجـوده الثقيـل‬
‫‪ ،‬اما اآلن فا خاص يل بينة اا التعلـل بالصـرب‪ ،‬املنغصـات الـ راحـ‬
‫تتواىل علدّ امل حـدثة نفوسـة مبـا اعانيـه منفـردا؟ اا جـدون صـم‬
‫اشارة لرفضد القاطع له؟ ملاذا ي كتون عن فوض وجوده معنا ؟‬
‫كي ـ ي ــكتون عــن تلــا الراهحــة اللعينــه؟ كــان مــن الع ــري علــدّ‬
‫احتمال راهحته او ا خطواته الوهيدة‪ ،‬تدوس املكـان‪ ،‬للحبـات مضـ‬
‫وانــا اب ـ ل جةــد ص تــدار ســورة الغضــب امل ــتطري‪ ،‬حــني فوج ـ بــه‬
‫يلقــد ج ــده عل ـ ســرير مل اســيطر عل ـ انــدفاع اجلنونيــه ــوه‪،‬‬
‫القيـ ي ــد بكــل ثقلــه عليــه‪ ،‬ام ـك بالوســادة مــن وســطةا وجعلتــه‬
‫يغوص بني تافيفةـا وطياهتـا‪ ،‬مل يـدخر طاقتـه ص الـتحلص مـن قبضـ‬

‫‪114‬‬
‫عليه‪ ،‬بالتأكيـد كـان وضـعا شـاذا وغريبـا بالن ـبة لنـا مجيعـا‪ ،‬ذهبـ كـل‬
‫حماواتــه ااوىل ســدس‪ ،‬صــفعن يناحيــه بقــوة منــةارة وســدد يل مــرة‬
‫اخـرس مـن قواهمـه ضـربات عاجلــة سـريعة جعلـتن انتبـه لقوتـه واحتمــال‬
‫تغلبه علدّ اما افراد اسرتد‪ ،‬استمر ي ـدد ضـرباته ولكـن مـن للـيص‬
‫اطرافه مـن ولكـن ادر ص سـره ان اجـدوس مـن حماواتـه‪ ،‬حقيقـة كـان‬
‫م ـتميتا ص ضــرباته يل‪ ،‬لطمـن علـ وجةــد اول اامـر وكــرر الضــربات‬
‫مرة واخرس‪ ،‬الغريب انـه ادر كـ أبـدو عنيـدا اكثـر منـه وان مقاومتـه يل‬
‫تاليدند اصرارا عل احكا الطوق حول عنقه‪ ،‬اشتد الصـرا اىل اقصـاه‪،‬‬
‫تيقن ان ما جر بيننا قد هتد ويطـول قبـل ان يـدا ن افـراد العاهلـة‬
‫لتحليصه من بني اصابعد املطبقة عليه ‪.‬‬

‫‪@shabander_khan‬‬

‫‪111‬‬
‫بدأ اامر معه اشبه باملالحة ال رواها صديق لـه ذات يـو ‪ ،‬ولـيس‬
‫جمرد حل مر به‪ ،‬قال الصديق‪ :‬ان تعلـ قلـيا مـا احلـ ص النـو ‪ ،‬لكـن‬
‫ليلـة البارحـة حلمـ حلمـا غريبـا‪ ،‬تصـور‪ ،‬رأيـ ص طريـق املالرعـه رجــا‬
‫يتبعـا‪ ، ،‬لكنـه اختفـ ومل يـد يل فرصــة معرفتـه بـل عرفتـا انـ ‪ ،‬ولــو‬
‫ش ان تقلب احلل ياأستاذ فمـا عليـا اا ان تتبـع الرجـل حاملـا تـراه ص‬
‫طريقـا‪ ،‬اعـن ان تفاج ـه ص املتابعـه بـاألحرس ان تطـارده بـدل مطاردتــه‬
‫لا‪ ،‬هـل عرفـ كيـ سـيكون اامـر؟ يقـال ص تف ـري ااحـا عـن عمـل‬
‫كة ا استبدال املةمه‪ ،‬ا ان تتحول ان اىل هـو‪ ،‬لـيس ان تكـون انـ ذلـا‬
‫الرجل‪ ،‬إمنا نو من قلـب جمـرس اامـور‪ ،‬عنـد ذا سـتعرحن غايـة الرجـل‬
‫ومرماه ‪ ..‬مل ينكر ااستاذ ك راق له الفكرة وأشاع ص اعطافه رغبـة‬
‫قويــه ص حقيقةــا‪ ،‬وتصــور ك ـ يبــدو ذلــا طريفــا ومغريــا القيــا مبةمــة‬
‫تفوق ااحتمال‪ ،‬ومل يتحيل ااستاذ كـ سـيكون اامـر ص غايـة املحـاطرة‪،‬‬
‫ان يقو هو باملطاردة والـ مل جرّهبـا مـن قبـل‪ ،‬ان يكـون هـو مـن يطـارد‬
‫يالــه رس ـ‬ ‫اآلخــر ويتبعــه ‪ ...‬ضــحا حت ـ دمع ـ عينــاه‪ ،‬وهــو يــرت‬
‫صــورة فــوق توقعــه وااســتاذ حــر طليــق‪ ،‬يعلــن حربــا ا رجعــه فيةــا عل ـ‬
‫شبري راب ص عتمة من مكان ما‪ ،‬يرتصـده وحيصـد عليـه اانفـاس قبـل‬
‫ا طوات ‪...‬‬
‫آه ه ه املرة ااوىل ال سيكون فيةـا مضـطرا اسـتبدال املوقـع مـع‬
‫ال ــبري مبــا ا يتحيلــه مــن قبــل ‪ ..‬ا فكــرة جنونيــة وضــعه فيةــا هــ ا‬

‫‪119‬‬
‫الصــديق ذو املحيلــه اجلاحمــة؟ وقــرر مــع نف ــه قاطعــا بتنفيـ الفكــرة ا‬
‫حمال‪ ،‬شرا حقيق خطـوات احللـ كلـةا ‪ ،‬وأسـ ااسـتاذ انـه مل ي ـأل‬
‫الصديق عـن هي ـة الرجـل او شـكله وطبيعتـه؟ قـال‪ :‬ا يةـ ‪ ،‬ا يةمـن ا‬
‫رجــل ســيكون‪ ،‬انــه رجــل احلل ـ اعــن وكمــا ســيتبدس يل ســاعة املطــاردة‬
‫والرصد ومن اان‪ ،‬الرجل اصبري مرصودا بالفكرة ومطـاردا بالفعـل الـ‬
‫جعله متةما امامد مبا يـثري الـ عر ص ثنايـا روحـه وقلبـه آن لـه ان يكـون‬
‫ّـدت‬ ‫سجني تصوراتد وافعايل بعد ان كان سـجّاند ومطـارد ‪ ..‬وملـا‬
‫الفكــرة امامــه واصــبح واضــحة وجليــة‪ ،‬لــدد ال ــرور ص ثنايــا ج ــده‬
‫وروحه ‪ ..‬وقال لنف ه‪ :‬إن رجا يتبع رجا اخر ابـد لـه مـن غايـه معلنـة‬
‫او معروفــة للمرصــود‪ ،‬وطمــأن ااســتاذ نف ــه ايضــا واابت ــامة مــاتالال‬
‫مرت ــمة عل ـ حميــاه‪ ،‬غالبــا مــا ل ـ احامــا شــت ‪ ،‬لكنــةا لتفــد مــع‬
‫وضــري النــةار‪ ،‬اذا صــري وكل ـ رجــل مبتــابع ســأكون شــديد احلــ ر ص‬
‫حركــــد وتصــــرص‪ ،‬مــــع ان ا خصــــو علنــــيني يل‪ ،‬لكــــن أقــــر بوجــــود‬
‫خصــومات ســرية مــع اشــحاص ا اعــرحن حقيقــة م ــاعره وافكــاره‬
‫اهد ‪ ..‬ووعد ااستاذ نف ه‪ ،‬باا يةمل امورا لص حياته وعلـ هـ ه‬
‫الدرجه مـن القـرب منـه‪ ،‬وهبـ ه ا طـورة الـ بـدأ يتلم ـةا ‪ ،‬وي ـعر هبـا‬
‫رغ اهنا تغيب عنه ص بع ااحيان‪ ،‬ا مفر من تنفيـ مـا اقرتحـه عليـه‬
‫الصــديق ص اســتبدال املةمـــه وقلــب الوقـــاهع اىل مــا لفةـــا مــن وقـــاهع‬
‫وحــاات اخــرس قــد تبــدو لنــا ص ظــروحن مغــايرة اهنــا ص اعل ـ درجــات‬
‫ا طــورة واملغــامرة بــل‪ ،‬يــرس فيةــا الــبع اهنــا جمــرد حلبــة ع ــواء ا‬
‫تنطق اا باجلنون والعته‪ ،‬ما معن استبدال وظيفة املرء او قلب احلقـاهق‬
‫اىل الضد منـةا؟ وانفجـرت ضـحكة مفاج ـه مـن قلـب ااسـتاذ حـني فكـر‬
‫جــادا‪ :‬مــاذا لــو وجــد ال ــحص اآلخــر حيمــل ســاحا‪ ،‬فيــه بــني طيــات‬
‫ثيابــه كمــا حيصــل ه ـ ه اايــا ‪ ..‬حــني يرتقــد باصــا او يتنــاله ص حديقــة‬

‫‪111‬‬
‫واسعة او متناله عمومد‪ ،‬ص ال احات او الطرقـات وااسـواق‪ ،‬داهمـا يـرس‬
‫العديد من ااشحاص‪ ،‬ال ـباب خصوصـا حيملـون اسـلحة‪ ،‬م دسـات او‬
‫آات جارحة‪ ،‬واغلب ااحيان يفاجأ بكامت صوت يتدىل من حالا احـده‬
‫‪ ..‬ومل ينكر ااستاذ الرع ة املباغتة ال املـ بـه‪ ،‬حـني تلفـ مـع نف ـه‬
‫عبـارة كـامت صـوت‪ ،‬وخيـل اليـه للحبـة ماارّقـه‪ ،‬انـه سـيتةالا اىل اارض‬
‫حاملــا ي ــدد لــه الرجــل طلقــة مــن م دســه كــامت الصــوت‪ ،‬لــن ي ــمع لــه‬
‫صرخة او نأمه وسيكون كل شدء قد انتـة ‪ ،‬ولـن تعـود ـة مطـاردة بـني‬
‫اثـنني‪ ،‬بــدا هـ ا كلــه غــري منطقــد‪ ،‬ولكـن مــا معنـ ان يتبعــه رجــل غريــب‬
‫وحيصد عليه خطواته ويتبعه اينما ذهب او حطـ قـدماه‪ ،‬اتـراه مطلوبـا‬
‫للعدالة مثا؟ هل اخطأ حبق احد ما ذات يـو ومل ينتبـه اىل فعلتـه تلـا؟‬
‫وت كر انه مل ي ار ص ا عمل مجاعد يثري احلكومـة او ي ـتفال غضـب‬
‫ال ــاده امل ــلولني‪ ،‬مــع انــه يعل ـ ا افعــال يرتكبــةا ال ــادة امل ــللون ص‬
‫حيــاهت العمليــه ‪ ..‬كمــا ان ا اعــداء سياســيني لــه ابــدا ‪ .‬اذاي مل ـاذا يأخ ـ ه‬
‫الرتدد وتأخ ه احلرية كلما فكر بالرجل الـ يرتصـده؟ اقـرّ مـع نف ـه اا‬
‫مفر من ارتكاب اقات او افعال خرقاء قد ا يقصـدها ص حركتـه تلـا‬
‫او ينو ااساءة منةا احد مـا او مجاعـة مـا ‪ ..‬وقـال ان افكـارا مـن هـ ا‬
‫النـو وحـدها كافيـة ألن تكـون مـدعاة ملتابعـة اآلخـر لـه‪ ،‬اذا هـو متبـو ا‬
‫حمال حت لو اخ اامر شكل مالحة او حل انه يتـ كر ص هـ ه اللحبـة‬
‫وخــال رحلتــه الصــباحية مــن املنــالل اىل مكــان عملــه‪ ،‬قاطعــا الطريــق‬
‫الرتابد امللتو ليدخل بعده ص طريق املالرعه شأنه ص ذلا الصـباح شـأن‬
‫كل يو وهو ينف ي ده عرب اشجار صـغريه ونباتـات وح ـاهش طفيليـة‬
‫كثرية‪ ،‬تنت رحول الطريـق وعلـ حافـات ال ـواقد ‪ ..‬تـ كر جيـدا ان ـة‬
‫من ناداه بأ ه ‪ ..‬كان مضـطرا كعادتـه للجـوء اىل طريـق مي ـمد ضـيّق‬
‫ك ــريط‪ ،‬كــان ذلــا حيــد كــل يــو ‪ ،‬العبــور مــن خــال املالرعــه با ــاه‬

‫‪111‬‬
‫موق ـ البــاص‪ ،‬وفكــر ااســتاذ ان افكــاره ه ـ ه ســوحن تقــوده اىل لعبــة ا‬
‫طاهل من وراهةا‪ ،‬وليس بعيدا ان جد اللعبة وقـد راقـ لـه ‪ ،‬ولكـن ألـيس‬
‫من املمكن ان يصبري طريق املالرعـه ـــــ هـو ــــــ طريـق التةلكـه؟ ص املالرعـه‬
‫وجــد الكــثري مــن ااشــجار ترتفــع فــوق قامتــه‪ ،‬وص ه ـ ا الفصــل بال ـ ات‬
‫يعــرحن كي ـ تنمــو ااشــجار وتتطــاول وتت ــامق بعضــةا بقامــات وج ـ و‬
‫عاليه وت تدىل اغصاهنا ص كـل جانـب ‪ ..‬كـان يفكـر بتبـديل الطريـق ولكـن‬
‫ا طريــق يقصــد؟‪ ،‬داهمــا هنــا طــرق تتبــدل وتــتغري دون اانتبــاه هلــا او‬
‫معرفة ذلا من قبل‪ ،‬اذاي اافضـل البحـو عـن طريـق آخـر جديـد‪ ،‬عندهـ‬
‫من املمكن اللجوء اىل الطرق املنعاللة‪ ،‬تلا ال ا ي ري فيةا احـد سـواه‪..‬‬
‫فجأة توق عن ال ري حني توارد اليه صوت يناديه ‪:‬‬
‫ــــــ اىل اين امل ري يا أستاذ؟‬
‫تلف ص اجلةات كلةا مل يكن ة احد ص اجلوار او علـ بعـد يـرس‬
‫هنايته ‪ ..‬واصل ال ري ص الطريـق ذاتـه‪ ،‬وانتبـه اىل ان قدميـه تعثرتـا اكثـر‬
‫مـــن مـــرة وملـــا اراد ان يعيـــد حــ يره لنف ـــه‪ ،‬ص ان اســـتمراره ص اللعبـــه‬
‫ســوحن يدفعــه اىل وه ـ املطــاردة ال ـ ا معن ـ هلــا‪ ،‬لكــن الصــوت تعــاىل‬
‫مرتفعا ه ه املرة ‪:‬‬
‫ــــــ اىل اين امل ري يا أستاذ ؟‬
‫توق برهة ليقرر البدء باسـتبدال املةمـه‪ ،‬ان ي ـتدير ويقتفـد اثـر‬
‫الصــوت او ترجيعتــه‪ ،‬ا ان يدعــه يواصــل النــداء ثـ تفــد ص ااحــرا‬
‫وبني ااشجار ‪ ..‬سوحن اندفع اليه باقصـ مـا لـد ّ مـن طاقـة وقـوة علـ‬
‫ــوه بــل ســأباغته بــالوقوحن امامــه ‪ ..‬مــاذا ع ــاه ان يفعــل لــو‬ ‫اجلــر‬
‫فاجأته بصفعة قوية عل وجةه او عل قفاه؟ أتراه ي ةر م دسـا كالـا‬
‫للصوت ويطلق النار علدّ؟ واذا حد والتقينا وجةا لوجه‪ ،‬ما أدرانـد مـن‬

‫‪112‬‬
‫يكون‪ ،‬وما حقيقـة مةمتـه معـد؟ انتبـه ااسـتاذ اىل أن املالرعـه خاليـه مـن‬
‫العصــافري او بقيــة الطيــور ااخــرس الصــغرية ال ـ تتواجــد كــثريا ص ه ـ ا‬
‫املوسـ ‪..‬كانـ ال ـمس قـد تألقـ بـدحنء مـنعش ول يـ ‪ ،‬ولكـن ا وجــود‬
‫للطيور هنا ابداي‪ ،‬ع اصوات سيارات وحركة شـاحنات هتـدر مـن بعيـد‪،‬‬
‫عــاودت اقدامــه ال ــري ص طريقــه املعتــاد‪ ،‬وبعــد خطــوات امــتات اذنــاه‬
‫بالصوت‪ ،‬يعاود ال لال ثانيـة‪ :‬اىل ايـن يـا أسـتاذ؟ وقبـل ان ينطلـق ناحيـة‬
‫الصوت‪ ،‬توارد اليه ضحا يتفجر من كـل مكـان مـن حولـه‪ ،‬كـان يلـةو ص‬
‫جريه ال ريع للوصول اىل مصدر الصوت‪ ،‬مةما يكن لن ادعه يفلـ مـن‬
‫ابداي ‪ ..‬رك ‪ ،‬زاد من سرعة ركضه وبقوة وشـكيمة ا تقةـر‪ ،‬كـان اجلـر‬
‫ال ريع ص املالرعه ياليد من انفاسه املتاحقـه وبـدأت قـواه تضـع شـي ا‬
‫ف ـــــي ا وســـــط ااشـــــجار ال ـــــامقه واملتعاليـــــة ااغصـــــان وااشـــــجار‬
‫واحل اهش الطفيلية وهد حيط بـه بكثافـة‪ ،‬ا صـوت يأتيـه سـوس هلاثـه‬
‫يــرتدد ص عــه ‪ ..‬وبتصــمي عنيــد اســتمر منطلقــا ـاه الصــوت وبــا‬
‫تردد‪ ،‬مندفعا كال ة املارق تأخ ه ترجيعة اشبه بالصدس ‪..‬‬
‫اذار‪4868 /‬‬

‫‪@shabander_khan‬‬

‫‪115‬‬
‫ـــــــ لكثـــرة الربابــرة ص زماننـــا هــ ا‪ ،‬اضـــطررت اىل ااســتفادة مـــن‬
‫عنوان قصيدة‪ :‬كفاص ‪ /‬ص انتبار الربابرة ‪ /‬مـع حريـ طفيـ وواضـري‬
‫القصد ــــ‪..‬‬
‫اســـتوقفن عنـــد الناصـــية م ـــاء‪ ،‬وقـــال يل وعينـــاه جاحبتـــان‬
‫والده ة تعلوحمياه ‪:‬‬
‫ـــــ اىل اين لضد ص ه ا الليل البةي ؟‬
‫كدت انفجر بضحك املعروفة لديه لكلمة الليل البةي ‪:‬‬
‫ــــــ اىل البي ‪ ،‬لقد اهني حراس وغادرت ارطة !!‬
‫ضحا وعيناه ما تالاان تنبـران ايلّ نبـرة عجـب واستف ـار عـن‬
‫ال جر من حوله وهو ا يعرحن ملاذا يصـر شـحص مثلـد علـ العنـاد‬
‫واملطاولة مع حفنة من قطـا الطـرق واللصـوص واشـباح الليـل‪ ،‬وقـال يل‬
‫ـــــ‪ :‬اا تـدر مـا الـ يـدور مـن حولنـا؟ هـل صـحيري اننـا نغـ الطـرحن‬
‫عما يفعله اجلنـاة بأهلنـا صـاغرين علـ امـل ان نقـتص منـة يومـا؟ هـل‬
‫ه ا صحيري باهلل عليا؟ اين ذهب املـال وايـن اختفـ احلـال؟ مـا عـدت‬
‫أطيق لامر صربا ا ورب الكعبه‪ ،‬امل يكن مـن بيننـا ابـو ذر واملقـداد وابـن‬
‫ااشــرت؟ ‪ ..‬تركتــه يفــرش مــا ص جعبتــه مــن كــا واخبــار بعضــه حي ـ بــه‬
‫الصدق كله وبعضه اآلخر ا ادر كي هكنن الوثوق من حقيقته‪ ،‬لكـن‬
‫اتبع ما يتبعه احلكماء من القـو ‪ ،‬ص اهنـ ا ي ـغلون انف ـة حبواشـد‬

‫‪11.‬‬
‫الكــا امنــا ي ــتمعون اىل وجيــب قلــوهب ‪ ،‬اردت أن اقــول لــه ملــاذا انــ‬
‫خـــاه علـ ـدّ؟ هـــل تعـــرحن مـــا يـــدور ص اجلـــوار وا تريـــد البـــوح بـــه ايلّ‬
‫بالصراحة املفرتضة بصديق ان يصارح هبا صاحبه ؟‬
‫ــل مــن نــربة التــوجس واحلـ ر مــن القــاد مــن‬ ‫قـال يل بصــوت مل‬
‫اايا ‪:‬‬
‫ـــــ اا تعل أن الربابرة قادمون ؟‬
‫ــــــ ه ا شأهن أليس الربابرة جالءا من احلل ؟‬
‫لوّح ذراعه ص الفضاء وتدفق قرحيته بالقول‪:‬‬
‫ـــــ اقول لا الربابرة عل اابواب‪ ،‬حدثن عن احلل ! كيـ يكونـون‬
‫حا لنا ؟‬
‫ــــــ الرجل الضرير قال ه ا ‪..‬‬
‫ــــــ ا هكن العودة اىل البي ياصاحا ‪.‬‬
‫الغرباء ص كل حني ‪..‬‬ ‫ــــــ تلا شيمتا ل‬
‫ــــــ اهن يرتبصون باملارة من الناس !!‬
‫كن اقطع الطريق اىل البي وحد تلا ال اعة ال انقطع فيةـا‬
‫تيــار النــور واصــبري مــن الصــعب عل ـدّ رايــة املوجــودات مــن حــويل‪ ،‬كان ـ‬
‫الصعوبة البالغة بالن بة يل ليس ص كثرة العثرات ص الدرب إمنـا بازديـاد‬
‫عدد ااشباح من حويل مما جعلن أشـا ص أن خطـواتد مـا عـادت حمـل‬
‫ثقة ص تنقاتد‪ ،‬واذا مل ي تطع املرء ااعتماد عل وجيب قلبه كي يثـق‬
‫بأقدامــه ال ـ قــد ت ــوقه اىل ارنــة او التةلكــه كمــا يــردد صــاحا‪ ،‬وانــا‬
‫من تغويه املصاهب وا طوب ابدا‪ ،‬إمنا أميل اىل أن اكون علـ علـ‬ ‫ل‬

‫‪112‬‬
‫مبـــا حيـــيط بنـــا‪ ،‬وكنـ ـ اعـــرحن أن الفقـــراء مـــن اهالينـــا يـــالدادون فقـــرا‬
‫وااغنيــاء يغط ــون بالدم ــق وبــاحلرير وا أحــد ينقــ نا مــن م ــتنقع‬
‫الرذيلة ه ا ابدا ؟‬
‫توقفـ ُ هنــا ص مـدخل احلــد وعلـ م ــافة بيّنـةي مــن بيتنـا‪ ،‬كـ‬
‫ينبغــد عل ـدّ ال ــري حت ـ اصــل؟ هــل انــا ص العــراء ؟هــل اتــأبط ذراعــد‬
‫واغفــو ســاعة مــن الوق ـ ؟ وكي ـ ا ــد نف ــد مــن اللصــوص املــردة و‬
‫ش اذ اآلفاق‪ ،‬اول ا ال ين مل يبقـوا لنـا مـن شـدء‪ ،‬كـان ابـد املقعـد بعـد‬
‫تقاعـده الحـ ص ال ــنوات املاضــيه‪ ،‬حيـ رند مــن الغفلــة او التقــاعس‬
‫عن مرما مةمـا كـان بعيـدا عـن متنـاول يـد ‪ ،‬صـحيري مل يكـن أبـد قـد‬
‫تعل ـ القــراءة والكتابــة ص مــدارس احلكومــه لكنــه خــت كــل آيــات ال ـ كر‬
‫احلكي عن ظةر غيب ومنةا تعل املاليد من احلكمه والعربة واخـ دروس‬
‫الصرب وال ـلوان علـ مـا يصـادفنا ص حياتنـا اليوميـه‪ ،‬مل اكـن اخالفـه او‬
‫ارف له أ طلب ‪ .‬كـان يعجـب مـن سـكوتد إزاء هـ ه الفوضـ الـ تلـ‬
‫بــد وحبيــاتد كلمــا تــأخرت ص القــدو اىل املنــالل بعــد انقضــاء ســاعات‬
‫عمل ص حمطة القطار ‪ .‬كنـ أنـا الـ يلـوّح باملصـباح الضـوهد للقطـار‬
‫القاد وعل ضـوء ذلـا الفـانوس كـان القطـار يالحـ بثقـة ـو حمطتـه‬
‫مطم نا وعل امت وجه واذ ارحب به اعن بالالاهر اجلديد يكـون الراكبـون‬
‫قد هبطوا م تب رين بوصوهل اىل اهالية ومنازهل واصدقاهة اذا مـا‬
‫عرفوا بوصول القطاراىل ارطة ااخرية‪ ،‬كـان هـ ا ديـدند بـل قـل عملـد‬
‫ال اتقاض عنه مرتا وا فضل يل عل احد وا من لـه سـابقة علـدّ‪،‬‬
‫اجلميــع هنــا ص حمطــة القطــار يعــرحن مــاذا ينبغــد عليــه أن يفعــل‪ ،‬وكــان‬
‫ح د مـن النـاس ينـادونن يـا مرشـد القطـار واخـرون ينـادونن بصـاحب‬
‫الفــانوس وأنــا عــارحن ان لكــل منــا ت ــمياته ا اصــة ال ـ جبل ـ عليةــا‬
‫نف ه وا جد من غضاضة ص تركةا او التحلد عنةا‪ ،‬وكـان مـن الصـعب‬

‫‪116‬‬
‫علدّ التحلد عن عاداتد الـ اخـ ت عليةـا منـ كنـ صـبيا غـرا او فتـ‬
‫يافعــا‪ ،‬وكنـ احــب ال ــري ص الليــل وحيــدا حتـ لــو كــان البــا الكثي ـ‬
‫يغطد الكون كله ذلا ا يعن عند ا شـدء وا ي ـكل ا خطـورة علـ‬
‫ســامة تفكــري ومــا تنتــابن مــن خــواطر ملتةبــه ‪ .. ،‬ذلــا احلــد وتلــا‬
‫ال وار والطرقـات والـدرابني كلـةا اعرفةـا معـرف ليـد هـ ه‪ ،‬ا شـدء‬
‫حيــول بــين وبينــةا لــيا ا هنــارا‪ ،‬وكــان ابــد يقــول يل‪ :‬الصــمود بوجــه‬
‫ــن اقتناصــةا ص اقــل مــن‬ ‫العواص ـ يتطلــب حلبــة واحــدة جــب ان‬
‫هنيةـــة بـــل قـــل ص شـــاردة عـــابرة مـــن الـــالمن ا هكـــن لنـــا أن نام ـــةا‬
‫مام ة اليد وراية العني تلا هد ضربة احلـ يـا ولـد ‪ ،‬وكنـ اعجـب‬
‫لكامــه وانبــةر لتناســـق افكــاره وانتبامةــا ص خيالـــه حبيــو ا يـــد يل‬
‫فرصة تأمل كلماته بل اغرق ص فيضـةا وتناسـقةا واسـأل نف ـد‪ :‬ــــ ايـن‬
‫تعل ه ا كله وهو الرجل الـ مل يصـغ اىل صـوت معلـ ص مدرسـة امنـا‬
‫تعل احلكمة من عمله اليومد؟‬
‫مل يعد امامد من حيص بيص للـةرب فقـد أحـاا بـد ح ـد كـبري‬
‫من ااشباح ص ظا الليل املقفر‪ ،‬والغريب حد ما كنـ اتوقعـه ص ليـل‬
‫الوح ة ذا ‪ ،‬توقف قـدما عـن ال ـري ص الـدروب الـ اعرفةـا لامـا‪،‬‬
‫وتلف ُ هنةي وي رة كانوا يتدفقون من كل زاوية ومنعط ‪ ،‬جاءوا حيملـون‬
‫اهلراوات والعصـدّ والبلطـات‪ ،‬كـانوا علـ م ـافة مـن‪ ،‬ادركـ أنـد سـاهر‬
‫اىل حتفــد ا منــاص‪ ،‬هــل اقاتلــة ؟ ولكــن كي ـ ومــا هــد الوســيله الــ‬
‫سأواجةة هبا؟‬
‫كــان صــوت واحــد قــد ارتفــع ص اا ــاء ‪ ..‬كلــب واحــد عــوس بعــده‬
‫جــاء عــدد مــن الكــاب يرتاكضــون وقــد ت ــمموا الراهحــة‪ ،‬راهحــة الغنيمــة‬
‫وهــا‪ ،‬كــان عــدد‬ ‫راهحــة ا هكــن ملــن لــا انفــه الراهحــة اا ويتحــر‬

‫‪114‬‬
‫الكــاب يــالداد كلمــا تراجــع عــدد ااشــباح مــن الرجــال بعص ـيّة واســلحتة‬
‫اليدويه اجلارحـة والراضـة‪ ،‬مـع حـويل عـدد مـن الكـاب يت ـممون ثيـابد‬
‫وبعضة يرنو ايلّ‪ ،‬مل احر ومل اطلق ل اقدّ العنان بـل ت ـمرت ص مكـاند‬
‫حلني تأذن يل الكاب بال ري و املنالل‪ ،‬كن قد تبينـ بعـ الوجـوه الـ‬
‫سبق يل أن شاهدهتا ص النـةار عنـد مـدخل ال ـوق وص احـد املقـاهد‪ ،‬ولكـن‬
‫مل اســتطع التــيقن بصــورة قاطعــه مــن حقيقتــة ‪ ،‬ومــن اشحاصــة مــع انــد‬
‫كدت اجال اهن ه انف ـة ‪ .‬قـد فكـرت هبـ وانـا اتـابع تـراجعة املـ عور ملـا‬
‫شاهدوا عن بعد كي اصطف الكاب اىل جانا كأهنا تنتبـر مـن ااشـارة‬
‫باهلجو عل ااشباح‪ ،‬صح بصوت قو ال كيمة ملا رأيـ الكـاب حـيط‬
‫بد لتحرسن من لفي القتلة‪:‬ـــــ من هنا ؟‬
‫جاءند الصوت قويا وساخرا‪:‬‬
‫ـــــ ن الربابرة قادمون ‪ ،‬اا تعرفنا؟ ا انا تتغاضـ عـن وجودنـا‪،‬‬
‫من اين لا هب ه احل ود من الكاب ‪..‬‬
‫حتما ستكون لنا معا جولة قادمه ‪.‬‬
‫كان الكاب قد نبح مرة اخرس‪ ،‬وبعضـةا زجمـر بصـوت خميـ‬
‫فعا ‪.‬‬
‫ت اءل ‪ :‬ــــ اا ترس انا اخطأت اهلدحن؟‬
‫ــــ قل يل ياه ا‪ ،‬اىل مت ستبل حتمد بكاب احلراسة ؟‬
‫خطـــوتُ ـــو البيـ ـ خطـــوات وهيـــدة خ ـــية أن تبـــن بـــد كـــاب‬
‫احلراسة اند انو القيا هبجو ضدها‪ ،‬مل اتبني خطواتد انا وقـد تركـ‬
‫امــر ال ـــري البطــدء اىل قـــدمدّ ت ــوقانن علــ مةــل وقـــد ادركــ أنـــد‬
‫سأصل البي ا حمال مادا حرّاسد ا ينامون الليل ابدا ‪..‬‬

‫‪111‬‬
‫ة رجل عجوز يصرّ بعناد صريري انه ليس عجـوزا‪ ،‬لكـن خطواتـه‬
‫ال يدفعةا ص الطريق ت ـد حبقيقـة مـا يعانيـه‪ ،‬وهويتجـه ـو غابـة ا‬
‫أحــد يعلــ اىل ايــن تنتــةد فيةــا هــ ه الــدروب املت ــابكه‪ ،‬مــن ااشــجار‬
‫وااغصـــان وبعـ ـ الثمارالقليلـــة الناشـــفة املتدليـــة مـــن ااشـــجارالكثرية‬
‫والكثيفة والرت وال واقد الصغريه املنت رة ص غابة يعـرحن اجلميـع كيـ‬
‫ت كل ومن وات ع مداها حبيو غدت غابة ا ي ق هلـا غبـار او طريـق‬
‫وا حتــ درب مي ــمد كمــا اعتــاد الع ــكريون ان يطلقــوا علــ الطــرق‬
‫الضــيقه والـ ا ت ــع اا ل ــري شــحص واحــد‪ ،‬الع ــكريون ا يــروق هل ـ‬
‫التحـد اا بلغـة احلــرب‪ ،‬لـ ا مل يكــن الرجـل ص حياتــه الفانيـة ع ــكريا‬
‫وا يفقه من لغة اجليو ا شدء وهو ابعد ما يكون عنة ‪ ،‬صـحيري كـان‬
‫لديـه بعـ ااصــدقاء منــة ‪ ،‬اا انــه ا ي ــمري هلـ بالتحــد عــن احليــاة‬
‫الع كرية حلبة وجوده بينة اا بع ااحيان ألهنا ترتبط لديـه بـاملوت‬
‫ولقد مات له كثريون من معارفه ومن ذويه وك لا اصدقاء بعيدون مـاتوا‬
‫ص احلروب الـ اجتاحـ الـباد بـا ر ـة او عطـ مـن احـد‪ ،‬ا احـد‬
‫هكنه ان يوق ذلا الولع باملوت ال استوىل‪ ---‬ص ذلـا الوقـ الـ‬
‫مل يكــن بعيــدا مــن اآلن ‪ ---‬عل ـ امل ــلولني وداهمــا يبــن ان معب ـ مــن‬
‫عرفة من الع كريني كان مغضوب علية ومن جةات عـدة‪ ،‬واحلـق كـان‬
‫الرجــل العجــوز ص خــاحن مــع العديــد مــن معارفــه ســواء كــانوا ص ســلا‬
‫الع كريه ا من دعاة احلياة املدنيه وهـو يـدر عـن يقـني ان خافـه مـع‬
‫اآلخرين ا جدوس منه غري اهن ا يرتكوه ص حـال سـبيله وكـ لنـ ذلـا‬
‫ولكن يبدو له األمر م تحيا معة ‪..‬‬

‫‪119‬‬
‫كــان العجــوز يــرس هب ـ ه الغابــة جمــرد حديقــة عامــه مةملــه ب ــبب‬
‫الفوضـــ الــ ـ خلفتــــةا احلــــروب‪ ،‬وا احــــد يعلــ ـ مــــن ايــــن لــــه هبــ ـ ه‬
‫األفكار؟يتكل الرجل مع نف ه كثريا حتـ وهـو ي ـري ولـو للحبـة واحـده‪،‬‬
‫كان ا طوا امل تقيمه ترضيه ويعجبـه احلـديو عـن كـل شـدء واضـري‬
‫وم ــتقي ص ســريه او نتاهجــه وص صــباه وفتوتــه املتداعيــه‪ ،‬يــردد علــ‬
‫م امع اآلخرين من زماهه الطلبه او غريه ‪ :‬ا ط امل ـتقي هـو اقصـر‬
‫الطرق للوصول اىل ما نريد !!‬
‫العديد من معارفه يقول له مت اها‪ -- :‬اىل اين تريد الوصول ؟‬
‫وجيب العجوزعندما كان شـابا يافعـا ولـيس كمـا اآلن جمـرد رجـل‬
‫عجوز منةا القـوس او ا يـدر ان كانـ خطواتـه ت ـري ص حديقـة عامـه‬
‫أ ص غابة؟ كثيفة األغصان وكثرية األشجار‪ ،‬كان يقول هل ‪:‬‬
‫‪ --‬ما اريد الوصول اليه هو احلقيقة !!‬
‫اغلبـة يأخـ ه الضـحا بـل الــبع منـة ينفجـر ص قةقـة طويلــة‬
‫حني ي مع اجلواب الغام والغريب من ف الرجل‪ ،‬يقول احده ‪:‬‬
‫‪ ---‬انه ألمر ملس ان ن مع كاما ا معن له يتفوه به الرجل!!‬
‫كان هنا من يليد ذلا بقوله مت اها ‪:‬‬
‫‪ --‬ترس احلقيقة وماذا يعنون هبا ؟‬
‫وكــثريا مــا تأخ ـ ه احلــرية مــن حالتــه ال ـ اعتربوهــا ص يــو مــا‬
‫ميلوس منةا‪ ،‬لكـن الرجـل العجـوز ( وقبـل ان يصـبري عجـوزا ) هـو اآلخـر‬
‫كان ص كثري من األحيان يضحا من افعاهل وافكاره ص عبـةكما يقـال‪،‬‬
‫وكان ه ا العب يتحمل املاليـد مـن األسـرار واألحجيـة والطاسـ ارـرية‪،‬‬

‫‪121‬‬
‫ومل يرتدد ان يعرتحن ص سره بغموض توصاته ال تبدو هلـ شـاذه بعـ‬
‫ال دء‪ ،‬غري انه غالبا ما جد من يناصره وان كان ذلـا بعـد تـردد وحـرية‬
‫صرحيني ومل يكن يبحو عـن مناصـرين فيمـا يعتقـده صـحيحا‪ ،‬بـل يـرس‬
‫بع معارفـه انـه يتمتـع باملاليـد مـن الثقـة بـالنفس وا ي ـتطع ـة احـد‬
‫من جماراته ص األمور ال يطرحةا للنقا او احلوار مـع اجلماعـة وكـان‬
‫يقول هل ‪ --:‬ان األن ان باستطاعته ان حيدس انـه سـيأتد يـو ويت ـلق‬
‫الفضاء ويصل اىل املـريخ وان امـورا كـثرية سـوحن حصـل مـا دا األن ـان‬
‫يصم عل بلوش غايتـه‪ ،‬امـا اليـو فقـد اختلفـ املعتقـدات واألفكـار الـ‬
‫تبــدو حمــرية ص حقيقتــةا ‪ ..‬وبــالطبع كــان النــاس ينق ــمون اىل ق ــمني‬
‫حاملـا ي ــتمعون اىل تلــا األفكــار‪ ،‬غــري انــه يقــول هلـ ايضــا ‪ --:‬اعــن ص‬
‫زمــن غاغــارين اول رجــل فضــاء روســد صــعد اىل القمــر انــا اقصــد قبــل‬
‫ذلا الوق كان الناس حيدسون القاد هل مع األيا وما حيملـه الةـول‬
‫من مفاج ت ‪..‬‬
‫وداهما يوجد من يأخ ه العجـب مـن افكـار تبـدو خاليـة مـن املعنـ ‪،‬‬
‫علـ ان الرجــل كــان يص ـرّ بــل يواصــل الــدفا عــن افكــاره ومــا يعتقــد بــه‬
‫صوابا‪ ،‬وحني يةال رأسه ذات اليمني وذات ال مال‪ ،‬يتمت بصـوت خفـي‬
‫لكنه م مو ورمبا يتقصد ان هنري نربة صوته نغمة م ـموعه‪ -- :‬ل ـت‬
‫عل صواب‪ ،‬انت عل خطأ‪ ..‬ويعاود حركته التقليديـة‪ ،‬املازمـه لـه حـني‬
‫ي ـرت ص حــديو مـع ااخــرين‪ ،‬ان رأسـه يةتــال مـرة اىل امــا وأخــرس اىل‬
‫ا ل وهب ا يدر حمدثوه انه ما عاد يصغد هل امنا اىل نف ـه فقـط‪..‬‬
‫وكـان يقـول باطم نـان‪ ،‬مـا اقصـده بالبحـو عـن احلقيقـة هـو الرضـا عـن‬
‫النفس‪ ،‬باألمس مل نكن هنت برضانا اما اليو فال ـعادة هلـا طـرق كـثرية‪،‬‬
‫ألي ـ ه ـ ه حقيقــة وهــد ســعادة قــد احتمــل‪ ،‬ألننــا منيــال فيةــا بــني‬

‫‪121‬‬
‫ال عادة واحلقيقـة‪ ،‬وبـني الرضـا عـن الـنفس وبـني احلقيقـة‪ ،‬ومـا يعنـين‬
‫باستمرار‪ ---- :‬هواحلقيقة ايةا ال ادة‪.‬‬
‫وقال احد احلبور ساخرا مما ي مع‪ -- :‬أمـا انـا فال ـعادة غـاي‬
‫ومبتغا !!‬
‫‪ ---‬ا توجد سعادة بدون حقيقة يا أخد !!‬
‫كــان معب ـ مــن يصــغد لــه يتعجــب مــن كامــه وهنــا مــن يقــول‬
‫ب حريه‪ --- :‬خ احلكمـة مـن افـواه الـانني ‪ ..‬وبعـ مـن يصـغد اىل‬
‫الرجــل وهــو ي ــمع القــول األخــري عــن افــواه الــانني‪ ،‬تأخ ـ ه نوبــة مــن‬
‫الضحا بل الده ه مما ي مع من كا وقد يطلـق عليـه باهلـ و‪ ،‬وسـبق‬
‫للعديـــد مـــن النـــاس ان وصـــفوا كامـــه الـ ـ كـــان يتحـــد بـــه وصـــفوه‬
‫بالنون عندما كان ص عال فتوته وشباهبايضـا‪ ،‬مـع انـه مل يكـن ليتحـد‬
‫هبـ ه الطريقــة الغريبـه والعجيبــه‪ ،‬بــني النـاس ص ال ــار فقـط بــل وســط‬
‫العاهله ك لا وه ي صـغون لكامـه منبـةرين وا هلـا ان يـرد عليـه احـد‬
‫منة خ ية ان يغضب من اعرتاضة عل ما يقول او يقاطعة اىل األبـد‬
‫بل واهلرب من البي اذا ما تورا احد افـراد العاهلـة بـااعرتاض علـ مـا‬
‫يقولـه هلـ ‪ ،‬ا احـد ص البيـ يصـدق مـا ي ـمعه مــن الرجـل الـ اصــبري‬
‫بعــد حفنــة اعــوا رجــا عج ـوزا ا يصــدق انــه بــات ايقــوس عل ـ ااتيــان‬
‫بفعل ملمـوس‪ ،‬ا احـد ص البيـ يصـدقه اا الفتـ ا ـد يةـال رأسـه كمـا‬
‫يفعل الرجل من حركات ملموسة ومعلومه‪ ،‬اطبة ا د ‪:‬‬
‫عليك ‪.‬‬ ‫‪ --‬أنا اعرحن ما يقصده من كا غام‬
‫وبنربة ال حرية يرد عليه أقرب ااشحاص اليه‪:‬‬
‫‪ --‬اخربنا ما دم تفة املقصود؟‬

‫‪122‬‬
‫والرجل ينبر اىل افراد عاهلته كما لو كانوا خصـوما فعلـيني جـب‬
‫اه مةما بدا األمر هيّنا او ب ـيطا وحتـ‬ ‫ان حي رمنة بل عليه ان‬
‫لــو قــالوا لــه انــه امــر ص غايــة الب ــاطة وانــه ا حيــتف بــا معنـ ‪ ،‬ان ـ‬
‫تقول كاما ا كا و ن ن تطيع ان نقول مثلـه ايضـا بـل لـدينا افضـل‬
‫منه لكنا قد اتصدق مـا نقـول‪ ،‬تلـا األثنـاء يبت ـ الرجـل الـ سـوحن‬
‫يصــبري عجــوزا ص مــا بعــد‪ ،‬يبت ـ وا يتفــوه ببن ـ شــفة قــط‪ ،‬غــري اهن ـ‬
‫يعرفون ك تأخ ه احلـرية ممـا ي ـمع ويصـرعه األمل ممـا يقولـون‪ ،‬يـدر‬
‫انه بات غريبا عنة لاما وأن من ال ح تصديق كل ما ي ـمعه منـة ‪،‬‬
‫ومض وقـ طويـل وهـو ا يتحـد مـع احـد مـن افـراد األسـرة اا الولـد‬
‫ا د الـ داهمـا جلـب لـه وجبـة الطعـا بعـد عـودة الرجـل مـن جولتـه‪،‬‬
‫وغالبا ما ي أل الرجل الفت ال ينبر اليه مبودة‪:‬‬
‫‪ --‬ماذا تريد من يا أ د؟‬
‫‪ --‬ا شدء ابدا انا اعرحن ملاذا ا يصدق با احد ‪.‬‬
‫‪--‬لكنا تتبعن كبلد وه متعب يل كثريا ‪..‬‬
‫‪ --‬البقاء معا هو ما اريده فقط ‪.‬‬
‫حــر رأســه ذات الــيمني وذات ال ــمال وبرفــق دفــع الولــد ا ــد‬
‫بعيدا عنـه‪ ،‬طالبـا منـه برجـاء صـريري ان يكـ عـن متابعتـه او اللحـاق بـه‬
‫ومــاذا لــو أن فت ـ اخــر قــد يلجــأ اىل تقليــد ا ــد ص ســريه وراء الرجــل‬
‫ويتبعةما ا ان سـيكون م ـةدا ا هكـن ال ـيطرة عليـه فكيـ اذا تبعةمـا‬
‫ثاثة فتيـان او سـبعة؟‪ ،‬واحلـق شـعر الفتـ بعدهـ ا الكـا انـه ي ـتوعب‬
‫الطلب بصورة ا غبـار عليةـا ولكنـه اراد ان يعيـد ال ـلال بأنـه مل يقصـد‬
‫ان يدعو األواد لريافقوه‪ ،‬بل هو ا د وحده يريد ال هاب معه اىل حيـو‬
‫ي هب ‪..‬‬

‫‪125‬‬
‫قال ا د عل مض ‪ -- :‬ح نا‪ ،‬اذهب رافقتـا ال ـامه واعلـ‬
‫اند سأظل انتبر مةما طال الغياب ‪..‬‬
‫‪ ---‬حني اذهب لن اعود يابن ابدا‬
‫‪ ---‬بل ستعود حتما ص يو ما ا حمال وسـنلتقد وسـتجدند وقـد‬
‫كربت واصبري عند مليدون وأنصاروسينبرون اليا باحرتا كبريوسـوحن‬
‫ن كل حلفا أنا وأن ضد الك ابني واللصوص ‪..‬‬
‫ابت ـ العجــوز ابت ــامه فــاترة ونبــر اىل ا ــد نبــرة ا للــو مــن‬
‫تفكري عميق ث تصافحا معا واستدار الرجل العجوز عل نف ـه بصـرامة‬
‫جعل ا د يك عن متابعتـه بـل ا ـه هـو اآلخـر ـو بيتـة ليتحـ لـه‬
‫زاويــة مناســبة‪ ،‬يتأمــل منــةا ســري الرجــل وهــو ينــدفع ص توجةــه وتنفي ـ‬
‫قراره ‪..‬‬
‫‪ ----‬أنا سعيد ألن األمل يعمر ص قلبا الصغري‬
‫‪ ----‬قد ابدو صغريا لكن افة جيدا كل شدء ‪..‬‬
‫‪ ---‬ماذا تفة من ه ه الدنيا؟ اهنا اوسع ما تكون‬
‫ع ص حياتد ‪..‬‬ ‫وأعقد ما رأي و‬
‫وحني افرتقا قال العجوز مع نف ه اطـب الفتـ الـ ت ـمر ص‬
‫مكانه‪ (( :‬ا هكنا ذلا يا عاليال ‪ ،‬اانتبار يقتل الرغبة ص اللقاء‪.))..‬‬
‫تلــا األثنــاء كان ـ اقــدا العجــوز تواجــه كثافــة الغابــة ال ـ يريــد‬
‫اخرتاقةا‪ ،‬ويصر عل ان قدميه تط ن حديقة كـبرية سـادها ص مـا مضـ‬
‫من أيا فوض احلروب ال خاضتةا الـباد مضـطرة ومقةـورة وا ارادة‬
‫هلا بكل ما جـرس ص األيـا ا ـوايل‪ ،‬ومـا حصـل مـن خطـوب يعرفةـا عـن‬

‫‪12.‬‬
‫كثب ويعل ان الناس هنا ا ارادة هلـ هكـن ان يتـ كروها ص ايـا احلـرب‬
‫وحــني اف ـ ه ـ ا الــرأ آلخــرين مــن اصــدقاء قــدام يةمة ـ التحــد‬
‫بال ياسة وشـلون اآلخـرين‪ ،‬انـربس لـه اكثـر مـن صـوت يعـرتض علـ هـ ا‬
‫الكا وقال لنف ه‪ :‬ياهلل ك يبدوهلاء الناس حريصني عل مصـاحلة‬
‫وا هتمة مصاحل غريه وقال ايضا‪ ،‬ينبغـد اا اعجـب مـن شـأهن هـ ا‪،‬‬
‫بل ينبغد ان اتوقع الكثري منة ‪ ،‬وت كر الفت اليـافع وحـاول معرفـة ا ـه‬
‫او يتـ ـ كره علـ ـ األقـــل وأعطـــاه عـــدد مـــن األ ـــاء املتقاربـــة احلـــروحن‬
‫واأللفــاى‪ ،‬حممــد‪ ،‬ا ــد‪ ،‬حممــود‪ ،‬ح ــنا م ـا ــن مــن األسـ لــيكن مــا‬
‫يكون‪ ،‬مايعنين من امره هو اتراه مثل اآلخرين يبغـد مـا يريـد مـن منـافع‬
‫جــاهالة؟ مل يكــن يفكــركثريا بــالفت ا ــد فقــد كــان شــديد ااهتمــا مبــا‬
‫يعانيه هو وحده حت افراد اسـرته كفـوا عـن احلـديو اجلـاد معـه وغالبـا‬
‫ما يتجاوزونه اىل موضوعات اخرس غري ال حيدثة هبا ‪..‬‬
‫اآلن يواجه عاملا من األشجار ال تالداد ت ابكا كلمـا تقـد خطـوة‬
‫واحــدة‪ ،‬تضــرب قــدماه ص األرض غــري امل ــتوية‪ ،‬ارض ا ــار هلــا ولكــن‬
‫ت ـابكةا كـان يـالداد وعـورة وقلبـه فــق هبـدوء تـارة واخـرس يصـم ‪ ،‬مــا‬
‫كـان خاهفــا لكنــه اسـتمر يتعثــر ص خطواتــه‪ ،‬يتوقـ حلبــة وأخــرس ي ــري‬
‫اهلوينا وهو ص حرية من امـره هـل تـراه يتجـه اىل حيـو تقـوده قـدماه دون‬
‫تركيــال او وعــد منــه؟ م ــتحيل ان يكــون قــد دفــع نف ــه اىل الورطــة غــري‬
‫ار ــوبة النتــاهش‪ ،‬إن امثالــه حريصــون عل ـ تثبي ـ خطــواهت ص املوقــع‬
‫املناســب‪ ،‬هــل تــراه فقــد تلــا ا اصــية ال ـ كــان يتمتــع هبــا مــن قبــل‪،‬‬
‫احلدس او معرفة ال دء قبل حدوثه او عل األقل توقع حدو شـدء مـا‬
‫قبل اوانه‪ ،‬ترس كي دفع خطواته اىل حيـو ايـدر اىل ايـن تتجـه وسـط‬
‫غابــة؟ ( تصــورها حديقــة كــثرية األشجارت ــودها فوض ـ احلــروب ال ـ‬
‫مرت عل الباد وجعلتةا خراهب ) مل تطأها قدماه من قبل‪ ،‬ظـل يلتفـ‬

‫‪122‬‬
‫اىل الوراء باستمرار حت تعب عيناه من النبـر اىل ا لـ ‪ ،‬وص اعماقـه‬
‫ال ــحيقة بــدأ ي ــا ص العديــد مــن معتقداتــه‪ ،‬ويت ــاءل‪ :‬ان كان ـ ه ـ ه‬
‫حديقــة كــبرية ا غابــة ا هكــن ألحــد ان ي ــق طريقــه ص دروهبــا ال ـ ا‬
‫يراها املرء بي ر كما نعتقد؟ استمر يتوغل ص طريقه داخل الغابـة‪ ،‬وكـان‬
‫ــة فتــ يقــ ص اجلانــب اآلخــر مــن املدينــه يراقــب ويــرس كيــ راح‬
‫العجـوز يبتعــد داخـل الغابــة وحيـداو تفد خطــوة اثـر خطــوة حتـ غــاب‬
‫عن األنبار اىل األبد ‪..‬‬

‫‪@shabander_khan‬‬

‫‪126‬‬
‫تعلــ ال ـــيد عبــد اهلل مةنـــة بيـــع الــورق واألحبـــار والقرطاســـية‬
‫العامه ص حانوت صغري يقـع علـ شـار عـا ص احـدس ضـواحد بغـداد ‪،‬‬
‫حانوت هربه الناس مجاعات ووحـدانا‪ ،‬وص هـ ا املكـان يلتقـد عـدد مـن‬
‫اصدقاهه‪ ،‬أو من يقـ مـن املـارة امـا احلـانوت الـ مل يكـن بـالكبري وا‬
‫هــو بالصــغري‪ ،‬امنــا لــه م ــاحه تاهمــه و علــه قــادرا ص ال ــيطرة عل ـ‬
‫عمله ال حيبه من الطفولة‪ ،‬ه ه املةنة ال اكت ـب حرفيتـةا ومعرفـة‬
‫اسرارها وما هكن هلا ان تعطيه له وما حجبه عنه من خفاياهـا الكـثرية‬
‫كمــا يعتقــد داهمــا‪ ،‬عرفةــا وادر كــل شــدء عنــةا مــن أبيــه عــن جــده‪ ،‬ا‬
‫مأخ ـ لــه عليةــا‪ ،‬وتعتــرب ص ميــالان تصــني املةــن مةنــة انيقــة ومرحيــة‬
‫وكـ لا منتجــة وهكـن ان ت ــنده ص ال ـداهد واأليــا الصـعبة الـ يــردد‬
‫ال يد عبداهلل ب أهنا ‪:‬‬
‫‪ --‬ما اكثر ايامنا الصعبة يا صاحا؟‬
‫وملا سألته بنربة واضحه ‪:‬‬
‫‪ --‬هـل تتحــد مــع نف ـا عــادة ياعبــداهلل ا حيـد ُ معــا كلمــا‬
‫ضاق با سبل احلياة ؟‬
‫قال دون النبر أيلّ‪:‬‬
‫‪ ---‬ا يتحد املرء مع نف ـه اا اذا اصـبري جمنونـا او علـ وشـا‬
‫ان يكون ك لا !!‬

‫‪124‬‬
‫كن اعجبُ من طاقته عل سرد احلكايات اواحدا لصه وحـده‬
‫وســط ه ـ ه الفوض ـ العارمــة ال ـ حــيط بنــا مــن كــل صــوب وحــدب‪،‬‬
‫وعندما حدثته عن شدة ت مره من احلياة ولكثـرة مـا ي ـرده مـن احـدا‬
‫وجمريــات‪ ،‬ســيكون مــن الصــعب عل ـ م ــتمعيه ان يفرقــوا بــني حكايــة‬
‫واخرس‪ ،‬والغريب انه حني امعن النبر مبا قلته له ابت ـ ونـدّت منـه آهـة‬
‫قصرية‪ ،‬لكنةا من العمق حبيـو بـدت مـثرية بنربهتـا‪ ،‬عندهـ ادركـ ‪ :‬ابـد‬
‫وانه ص يو مض قد عا حمنة لصـه وحـده دون علمـد بالـ جـرس‬
‫وصار له ص ايامه ال مل اكن فيةا قريبا منـه‪ ،‬وفكـرت مليـا التوجـه اليـه‬
‫ب لال عن ال عاشه من حمن ما زال يعاند منـةا حتـ اآلن وقـد علـ‬
‫وجةه سحابة من عد ارتياح كن غالبا ما اراها واضحة علـ حميـاه ص‬
‫اايــا ااخــرية الــ اكثــرت فيةــا زيــارتد رــل عملــه ‪ ..‬حــني وردت ص‬
‫رأسد فكرة التوجه اليه بال لال عن ماضد حياته‪ ،‬وجـدت ان سـلاا مـن‬
‫ه ـ ا النــو ســريغمه ( رمبــا ) عل ـ تلفيــق مــا ا حيتمــل تصــديقه‪ ،‬لكــن‬
‫فكـرت ايضـا‪ :‬ان ال ـلال منـه افضـل بكـثري مـن عـد سـلاله اواللجـوء اىل‬
‫ااخــرين مـــن معارفنـــا وانـــا ادر عـــد ميلـــه ملعارفـــه وقـــد مـــاوا قلبـــه‬
‫الرهيـ ـ بالريبـــة منـــة ‪ ،‬وذات يـــو وجدتـــه يرعـــد ويالبـــد دون معـــرف‬
‫اسباب غضبه اول اامر حت دخلـ عليـه ووجدتـه مـنفعا‪ ،‬مل يـرت يل‬
‫جماا ل لاله‪ ،‬بل بادرند القول وهو منفعل لاما ‪:‬‬
‫‪ --‬ال فةاء عندما وضع ثروتد ومايل بني ايدية ‪ ،‬تصـور مبـاذا‬
‫كان جالاهد؟‬
‫‪ ---‬اذكـر انـا حــدثتن عـن عمليــة اخـتاس او ســرقة حـ جــنري‬
‫البا !!‬
‫ضحا ضحكته املقةقه واللجله‪ :‬كي ص البا يا رجـل‪ ،‬بـل ص‬
‫عال البةرية ودون تردد او وجل من احد ؟!‬

‫‪121‬‬
‫‪ ---‬كي جرا املرء عل سرقة مال غريه ؟‬
‫‪ ---‬عمليــة لصوصـــية نفــ ها اقـــرب النـــاس ايلّ‪ ،‬انـــه احـــد ابنـــاء‬
‫عموم ‪ ،‬لقد هتا ملكي با ر ة حت اوشك عل اافاس ‪..‬‬
‫‪ ---‬اذكــر انــا حــدثتن طــويا عــن احــد ابنــاء عمومتــا‪ ،‬اظــن ان‬
‫ا ــه عــدنان او جــواد ورمبــا نــور ؟ ضــحا وعامــةتعجب بان ـ عل ـ‬
‫حمياه ‪:‬‬
‫ه حامد النجار من اهايل الرصافة ‪..‬‬ ‫‪ ---‬كا ا‬
‫‪ ---‬هل قل انه من ذويا ؟‬
‫‪ ---‬ت ـــتطيع ان تقـــول‪ :‬انـــه مـــن ابنـــاء عمـــوم البعيـــدين لكـــن‬
‫اصراره عل ااذس عجيب وجد متعه حني يعاقـب احـدا او يتكامـل لديـه‬
‫فعل ااساءة فانه يغدو ص غاية ال عاده وه ا ما فعله معد !! ‪..‬‬
‫مل تكــن معــرف بــه قدهــة العةــد امنــا بــدأت تباشــريها قبــل ال ـ‬
‫جرس وحصل ص الرابع من ني ان بأيـا قاهـل ا قبـل دخـول اامريكـان‬
‫ارض ال ـواد‪ ،‬التقيتــه عنـد احــد باعــة الكتـب النــادره وكـان يتحــد بثقــة‬
‫كافيـــه اقنـــا م ـــتمعيه‪ ،‬قـــال اطـــب صـــاحب الكتـــب القدهـــه ‪--:‬‬
‫سيدخل اامريكان الباد وي قطوا النبا ا حمال ‪..‬‬
‫من تلا ال اعة اصبحنا اصدقاء وقد حدثته عن نف ـد وحيـاتد‬
‫بكل صدق وارحيية وهو اآلخر حدثن عن نف ـه واهلـه وحياتـه ومعارفـه‬
‫بكل صدق و ارحييه ‪..‬‬
‫وكــان ابــوه قــد علمــه من ـ الصــغر مبــاد ء اامانــة واحلــرص عل ـ‬
‫النالاهــة وكــان مــن الصــعب عليـــه غفــران اعمــال اللصوصــية وال ـــرقة‬

‫‪129‬‬
‫وال طو عل ملكيـة الغـري‪ ،‬تلـا افعـال يـرس فيةـا اعمـاا شـيطانيه رغـ انـد‬
‫ارس فيه شحصا غريبا عن ال ين حييطون به‪ ،‬وكان اجلميـع يتم ـدق امامـه‬
‫باصول الدين واحاديو األخاق واملباد ء العامة‪ ،‬واحاديو اخـرس عـن ا ـري‬
‫وال ر يق هلـا العقـل حـاهرا‪ ،‬غـري انـه ايصـدق منـةا ا فقـرة او حكايـة وا‬
‫حت ـ جمــرد خــرب عــابر‪ ،‬كــان حريصــا عل ـ مةنتــه‪ ،‬مةنــة اآلبــاء وااجــداد (‬
‫الكرا ) كما كان يطلق عل نف ه وعل اآلخرين من زماهه الـوراقني وباعـة‬
‫ااحبار والكتب الثمينه‪ ،‬او اانتيكه حني يروق له الكا عن بقيـة الباعـة مـن‬
‫امثاله‪ ،‬وهومن ج مع مةنته كثريا وحي ن الدفا عنةا ‪..‬‬
‫كــان املحــالن الكــبري ال ـ ك ـدّس فيــه ع ــرات ااطنــان مــن الــورق‬
‫امل تورد عن طريق احـدس الـدول الـاورة‪ ،‬هـو مر ـاه ص اازمـات الـ‬
‫ي ـــتد فيةـــا الطلـــب علـ ـ الـــورق ص املطـــابع ودور الن ـــر احلكوميـــه او‬
‫األهليـه‪ ،‬هـ ا املحــالن امللــدء بااحبارالثمينــة والنــادرة النــو لـ ســرقته‬
‫ح ـ عبــاءة الليــل ( كمــا يقــال عــادة ) وبــالطبع ه ـ ا اامراصــبري كافيــا‬
‫ليصـــرعه ص احلـــال ‪ ،‬واحلـــق تعرضـ ـ صـــحته اىل سل ـــلة مـــن العلـــل‬
‫واامراض واانتكاسات غـري املتوقعـه ومـا كنـ ادر اسـباب سـوء حالتـه‬
‫الصحيه تلا اايـا ‪ ،‬وبعـد هـ ه العمليـة املحاليـه ( هنـب ملكيتـه الـ كـان‬
‫يصــبواليةا ويأمــل منــةا كــل خــري ) كن ـ ارس بصــورة جليــه كي ـ راح ـ‬
‫عالهته ترتاجع وتطلعاته وآمالـه ليـب وكيـ تتحـول اىل نقطـة الصـفر‪،‬‬
‫وه ا ما جعلـن اشـعر بـالقلق ال ـديد عليـه‪ ،‬فقـد كنـ علـ معرفـة مبـا‬
‫عانــاه ص حياتــه وعــرب مراحلــةا‪ ،‬ومل يكــن يغفــر لــه خصــومه حاحــه ص‬
‫ال نوات ااخرية وقد تلم بعضا مـن تلـا ا صـومات والفواجـع الـ‬
‫شغلته عن ترتيب م ار حياته او اعادت الثقة بنف ه وعملـه‪ ،‬اا انـه ظـل‬
‫بعيدا عـن اقـات احلكومـة ص كـل زمـان وص ا حقبـة مـرت‪ ،‬كانـ لـه‬

‫‪151‬‬
‫طريقته ا اصة ص التحلص مـن املـأزق حـني يلـ بـه ومل ي ـا احـد مـن‬
‫القريبني او البعيدين عنه‪ ،‬بفطنته وذكاهه بل وتفانيه ص العمل ‪..‬‬
‫كان قد اهداند حالمة مجيلة من الورق املصـنو ص أفضـل املناشـئ‬
‫العامليــه ذات ال ــمعة الطيبــه‪ ،‬وحــني تأملــ الــورق بــني يــد اصــابتن‬
‫الده ه من جودة ال لعة ال حيرص عل الفوز هبا وجنيةا‪ ،‬قل له ‪:‬‬
‫‪ --‬كي تريده اا ي رقو وان للا‬
‫ه ه الثروة الثمينه؟‬
‫قال وصدره ينفو املاليد من احل رات ‪:‬‬
‫‪ ---‬يــاهل مــن لصــوص عتــاة ا ير ــون قريب ـاي او بعيــداي‪ ،‬بــل مل‬
‫يصــدقوا ان مفــاتيري خمــالن الــورق وقــع بــني ايــدية حت ـ اســتولوا عل ـ‬
‫املحالون كله‪ ،‬ومل يرتكـوا ألحـد غريهـ مـن بقيـة ‪ .‬لعلـا ا تعـرفة مثلمـا‬
‫اعـرفة فقــد عملـ معةـ ردحــا كافيــا مــن الـالمن‪ ،‬وكــانوا مــن الب ــاطة‬
‫وال اســه واارحييــه ص ايــا كان ـ لنــا فيةــا صــوات وجــوات حبيــو‬
‫حرص عل التفاه معة علـ اصـعب اامـور وسـوحن ـده مـ عنني‬
‫لطلبا‪ ،‬كان ذلا ص اايا ا وايل الـ مل يكـن هلـا املـرء فيةـا شـروس‬
‫نقري‪ ،‬اما اآلن فقد اختل كل شدء وارجو اا ت ألن ما الـ تغـري؟ لقـد‬
‫تبـدل الكــثري مــن اامــور واحلــاات واامالجــه والتحلــد عــن وعــود اامــس‬
‫ارتنـــا ا تـــربري مـــايكفد ولكنـــةا نافـ ـ ة رغـ ـ وجـــود الع ـــس‬ ‫وكانـ ـ‬
‫وع رات العيون املبثوثة ص كل مكان نطري اليه‪ ،‬او اافضل نلجـأ لـه لكـد‬
‫نلسـس امــا جديـدا مةمــا بــدا ضـ يا ص نبــر ااخـرين‪ ،‬غــري ان العديــد‬
‫منـا اسـتمر علـ اصـراره ص ان ضـوء ال ـمس سـوحن يبـدد العتمـه‪ ،‬وكــان‬
‫ابد حي رند من مغبة التماد واانغماس ص املاليد من ااحا وصـناعة‬
‫ااوها ‪..‬‬

‫‪151‬‬
‫‪ ---‬اين كن معة وماذا كنت تعملون ياعبد اهلل؟‬
‫ضحا ضحكة مبت ره ‪:‬‬
‫‪ ---‬كان ذلا فيما مض مـن ايـا ‪ ،‬امـا اان فةـ ايعرفـون احـدا‬
‫قط ‪..‬‬
‫‪ ---‬اذن‪ ،‬ماذا تريد منـة ؟ ملـاذا تاحقةـ اينمـا توجةـوا او سـاروا‪،‬‬
‫لعل ذلا سيدفعة ـو اهلاويـه اكثـر ثـ انـا لتلـا مةنـة طيبـه وهكـن‬
‫هلا ان تدر لا ما تصبواليه ص القريب العاجل ‪..‬‬
‫‪ ---‬ا اريد منة ا شدء اا ان ي لموند حقد املضا ‪..‬‬
‫‪ ---‬واذا مل يصغوا اىل طلبا ماذا ستعمل؟‬
‫كان قد أزاح بيده علبة كبرية من الورق املقوس ليف ري الال ليـد‬
‫كــد تضــع حالمــة الــورق ال ـ مــنحن اياهــا هديــة منــه تاكيــدا منــه عل ـ‬
‫صداقتنا العتيدة‪:‬‬
‫‪ ---‬ســوحن اشــكوه عنــد كــل مــن لــه ســلطة علــية حت ـ ي ـ عنوا‬
‫حلقد املةدور‪..‬‬
‫‪ ---‬سوحن يتعبو ‪ ،‬لن يفرطوا بالغنيمة ال اصبح بني ايدية‬
‫وقد اعتربوها هدية هل من ال ماء !!‬
‫‪ ---‬امور كثريه اخفيتةا عنا ‪..........‬‬
‫‪ ---‬واضري انا عرف الكثري مما يلس له معة ؟‬
‫بــدا وجةــه حممــرا ويكــاد ان يغــدو قانيــا وهــو عامــه علــ غضـــبه‬
‫ال ديد وما كان يكبمه داخل نف ـه‪ ،‬وألنـد اعرفـه جيـدا كمـا اعـرحن الكـثري‬

‫‪152‬‬
‫من نواياه وم اريعه بل العديـد مـن قراراتـه احلا ـه الـ دوخـ خصـومه‪،‬‬
‫مل يكن خوّافا او مرتددا ص القيا بواجبه اه ما يلالمه من خطوات‪:‬‬
‫‪ ---‬هل يل معرفة ماذا جرس لا معة ؟‬
‫دعــا جبةتــه بيــده وبقــوة كأنــه كــان يبحــو عــن لقيــا خل ـ عب ـ‬
‫اجلمجمـه ‪ ،‬وقبـل ان جيـبن علـ سـلايل الـ بـدا سـلاا حـاهرا‪ ،‬عـ‬
‫عل شفته ال ـفل وحـر رأسـه ذات الـيمني وذات ال ـمال كأنـه يتوعـد‬
‫شحصا و يا كان معـه علـ موعـد مـن قبـل‪ ،‬او ان قـرارا صـارما سـوحن‬
‫يتح ـ ه عبــد اهلل عــن قريــب‪ ،‬وعــن قريــب ايضــا ســوحن يــدخل معركــة او‬
‫صولة حا ة ‪:‬‬
‫‪ ---‬اهانونن ب حص امد وابد وكن ُ حاضرا تلا ال اعه ‪..‬‬
‫تكرهه ‪..‬‬ ‫ريري املاضد قبل احلاضر ال‬ ‫‪ ---‬ان تبالغ ص‬
‫‪ ---‬خ ـ جمموعــة ااوراق ه ـ ه واكتــب فيةــا كــل مــا عرفتــه عــن‬
‫وعنة وا ل ِ أ شدء صوص ما قاموا ب لبه وهنبـه‪ ،‬سـواء مـن او‬
‫من ااخرين‪ ،‬فقد تطاول ايدية عل حقـوق الغـري ومل يـردعة ا راد‬
‫او واعال من ضـمري‪ ،‬اكتـب كـل مـا يعـن علـ خـاطر فانـا اعةـد باألمانـة‬
‫ه ه اليا !!‬
‫‪ ---‬ان تريدند ان اسجل ادانتة ‪..‬‬
‫‪ ---‬لي وا حباجه اىل ادانة صرحية فقد هنبوا كل شدء صار‬
‫ص متناول ايدية ‪ ،‬مل يبقوا ص الدار من ملونة تنفع ‪..‬‬
‫كان قد اعتدل ص جل ـته بعـد ان كـان منحنيـا علـ جمموعـه مـن‬
‫الكتــب االثمينــه‪ ،‬نبــرايلّ كأنــه يعــاتبن ل ــبب اجةلــه‪ ،‬عــاد ثانيــة وحــر‬

‫‪155‬‬
‫رأسه حركة ت د بالكثري من امور اجةـل بعضـةا‪ ،‬امـا الـبع ااخـر فأنـا‬
‫كفيــل بــه ألننــا كنــا قــد حــدثنا عنــه مــرات كــثرية‪ ،‬لعــل عــد مقدرتــه ص‬
‫اسرتداد حقوقه املضاعة احد األمـور الـ ظلـ ت ـغله ردحـا مـن الـالمن‪،‬‬
‫ضيا حقوقه وفقدانـه ال ـبل للوصـول اىل غايتـه‪ ،‬خيبـة جديـدة يضـاحن‬
‫اىل سل ـــلة ا يبـــات الـــ يعـــاند منـــةا ‪ ..‬بعـــدها اردحن يـــتم كامـــا‬
‫غريمفةو وقد عل صفحة وجةه امارات الغضب‪ ،‬بل اامش الاز مـن كـل‬
‫ما فرضوه عليه وعل اآلخرين بالقوة‪ ،‬او تفننوا ص ترسـيخ الفوضـ بـني‬
‫معارفة واريطني هب ‪:‬‬
‫‪ ---‬اللعنة عل ساعة اتفقوا فيةا عل ال لب والنةب ‪.‬‬
‫قل مليدا كامه ‪:‬‬
‫‪ ---‬آمني ‪..‬‬
‫‪4862‬‬

‫‪@shabander_khan‬‬

‫‪15.‬‬
‫انعك اشعة ال مس القويه عل العينني احلاهرتد النبـرة وبـ ل‬
‫قصارس جةده ص راية ااشياء بوضوح كاحنٍ‪ ،‬ايريـد ان يصـدق مـا جـرس‬
‫ومــا حصــل ‪ ،‬هــل ينبغــد لــه تصــديق مأســاة مــن نــو آخــر؟ حكايــات مل‬
‫لطــر علـ البــال تتحقــق وتصــريواقعا ا حيتمــل ‪ ..‬كــان امل ــةد الــدامد‬
‫خمتلط ااجالاء ببعضه ومل حن حلبة اانفـراج بعـد‪ ،‬الكـثري مـن عربـات‬
‫النقــل غيّــرت ا اهةاوحايل ـ عل ـ الركــاب باختصــار الطريــق ‪ ،‬تراجــع‬
‫خطوات واسعة و ا ل ‪ ،‬شـاهد كيـ تنـاثرت اشـاء وضـحايا‪ ،‬عجـال‬
‫عـــن القـــاء نبـــرة شـــامله عليةـــا‪ ،‬كانــ ال ـــماء مغطـــاة بق ـــرة ـــراء‬
‫وصفراء ومن الع ري عليه ان حيـدد اا ـاه او واجةـة ال ـفر او الـ هاب‬
‫اىل هنا وكما يريد اوكما تفرضـه احلالـة وأراد القـول مـع نف ـه احلالـة‬
‫العامـــه‪ ،‬لكنـــه تـــردد وهـــو يـــرس كيــ تقطعـ ـ اوصـــال واهنـــارت ابـــواب‪،‬‬
‫وممرات كثرية قد اغلقـ بفعـل تـراك ااشـاء واهنيـار البنايـات املرتاصـه‬
‫وااخــرس املتباعــدة‪ ،‬واملاليــد مــن النثــار الــ غطــ املكــان وماليــد مــن‬
‫اجلــدران ال ـ نالل ـ اىل اارض بفعــل اانفجــار امل ـدوّ الـ سُــمع عل ـ‬
‫بعد ع ـرات الفراسـخ‪ ،‬اغلقـ الـدكاكني ابواهبـا ص احلـال واملنافـ ايضـا‬
‫سُــدت فوهاهتــا‪ ،‬قطــع واجــالاء مــن احلطــا العجيــب الـ غطـ ال ــار‬
‫بصــورة فاجعــه‪ ،‬جعلتــه ص حــرية تامــه مــن امــره فقــد اذهلــه مــا رأس ه ـ ه‬
‫اللحبة دون انتباهة ااخرين للرأس امللق علـ قارعـة الطريـق بإ ـال‪،‬‬
‫مل يكن ـة احـد مل هتلـئ راسـه بالعويـل والصـراخ الـ حـول اىل انـني‬
‫تغص به البيوت اراذيـه للمكـان وارـات التجاريـه املغلقـة ابواهبـا اان‪،‬‬

‫‪152‬‬
‫اكثر مـن حفـرة واحـدة اسـتقرت عنـد اقـدا املـارة والصـم الـ اعقـب‬
‫العاصفه بدا ثقيا وا ي تطيع مـن يلتقيـه او حيـس بـه اا أن يقـول عنـه‬
‫بصوت م مو ‪:‬‬
‫ـــــ رأس من ذا امللق هنا يا عباد اهلل؟ ‪..‬‬
‫شــلته احلركــة املفاج ــه ص ال ـــوار واازقــة القريبــه‪ ،‬املاليــد مـــن‬
‫الرجـــال والفتيـــان يةرولـــون ـــو مكـــان مـــا‪ ،‬ا يـــدر اىل ايـــن تـــرك‬
‫ااج ــاد املنــةارة املـ عورة والداهحــة مبصــريها الغــام ‪ ،‬اىل ايــن ــر‬
‫هـ ه النفــوس الاهبـه كأهنــا الوعـول املتداعيــه ص ارض شاسـعة لتــد مــع‬
‫البصر‪ ،‬ياله من بصر خيبته اانفجـارات وهـد ا تكـ عـن ااعـان عـن‬
‫ذاهتا كأنه ص موس لعرض العاب القوس ‪..‬‬
‫كــان منده ــا ممــا ي ــاهده مــن حطــا زجــاج املبــاند احلكوميــه‬
‫وااخرس ال تت ـابه معةـا ص هندسـة معمارهـا‪ ،‬كـان عليـه الوصـول اىل‬
‫املــرآب الكــبري قبــل ان حيــط الليــل فجــأة ويدا ــه البــا ص الطرقــات‪،‬‬
‫ت كر اان الصورة ال عاش معه سنني طويله‪ :‬ـــــ أنا ل وانـ جمنـون‬
‫فمن ذا يوصـلنا اىل البيـ ؟ مـن هـو القـادر لوقـ هـ ا التـداعد احلـر اذا‬
‫ّـد العويـل والصـراخ‬ ‫ما اندفع ونا ينون غري متوقـع؟ شـاهد كيـ‬
‫امامه‪ ،‬كل شدء برز امامـه بوضـوح سـاطع وكـ لا انفرشـ ارض ال ـوق‬
‫وتبدت احلاجيات واع ا الطيور وكـ لا املابـس القدهـه وامل ـتعمله‬
‫ــع احــده‬ ‫وااح يــه املنتالعــه بقــوة العص ـ الــدمو العص ـ ال ـ‬
‫يقول عنه‪ :‬كان عصفا جبارا‪ ،‬ومع نف ه قال‪ :‬ح نا ليكن ك لا ‪ ..‬ولكن‬
‫مــن حيف ـ للنــاس مــاء وجةةــا بعــد ه ـ ا ااهنيــار املــروّ ‪ ،‬كان ـ اشــاء‬
‫الطيــور بــانوا خمتلفــة مرميــة امــا ناظريــه ومل تعــد حباجــه اىل دليــل‬
‫قطعد عل اهنيار نبا ااشياء مـن حولـه‪ ،‬قطـع اخ ـاب جـدران منـةارة‬

‫‪156‬‬
‫ومرميـة علـ اارض ال ــبحه واارصــفة اجلــرداء وقطــع حديــد انالرعـ‬
‫ص ااسفل وضحايا ا تتمكن من التعبري عن مصاهبا‪ ،‬شـاهد الكـثري مـن‬
‫اح يــه متنـــاثرة علــ الطرقـــات‪ ،‬تراجــع مــ عورا ملــا ملـــري رأســا مة ـــما‬
‫وم ــتقرا عنــد حافــة الرصــي املقابــل بــا مامــري بــارزه لكنــةا لي ـ‬
‫غريبة عليه قـط وا احـد جـرا علـ مام ـة الـرأس املقطـو او يقـرتب‬
‫منه‪ ،‬العديد من قواه كراسد املقاهد متناثره‪ ،‬بل الكراسد مت حطيمةـا‬
‫اىل اابــد (( رأس مــن ه ـ ا املرم ـ عنــد حافــة الرصــي املقابــل ؟))‪ ،‬بــل‬
‫شاهد عددا مـن الفتيـان ااشـداء يركضـون مبحاذاتـه ومل يعـره ا واحـد‬
‫منة انتباها‪ ،‬العينان تنبران و الفراش الكبري ال ا حيده حد بل قـل‬
‫األمكنه ال تنةار بفعل اانفجار املتعمد كلـةا تعـاند فقـدانا ق ـريا علـ‬
‫الضيا والتوهان امللمل ال يتربأ منه املـرء ص سـاعة هلـا طعـ الرمـاد او‬
‫الرمل الناش (( رأس من ه ا ال أراه وا اسـتطيع تنبيـه ااخـرين اىل‬
‫وجــوده ا فــد عنــد الناصــية املةملــه؟ تــرس أهــو رأســد‪ ،‬اا ي ــبةن مــن‬
‫حي ـو ا ذنــب لــه اا ان يكــون رأس شــحص مــن ذري ـ او احــد معــارص؟‬
‫ياأهلد اعنّد عل ه ه البلوس )) ابتعد خطوات كاد يوشا علـ التقيـل ص‬
‫ال ار اما املارة وهو يرس كل مـاهكن لـه ان يـدفع بااشـياء اىل الـتحك‬
‫مبجرياهتا مت حطيمه بصـورة مدروسـه وا هكـن ألحـد ان تنطلـد عليـه‬
‫تلا ا ملغامرات الرعنـاء الـ تـدفعنا اىل اجلـال مـن كـل شـدء ينت ـب اىل‬
‫ارواحنــا ال ـ ا احــد يتكفــل بانقاذهــا مــن ورطتــةا‪ ،‬هــل القتــل هوايــة ا‬
‫املوت غدا عامة؟ من ينبغد له ان هوت ومن له احلق كلـه علـ ان يفـتري‬
‫سجل املوت ليدخل فيه من ي اء ومن ا أجل له؟‬
‫جــاءت احلكومــه تلــا ال ــاعه وجــاءت ســيارات ااســعاحن وك ـ لا‬
‫عربــات بيــع ا ضــراوات وعربــات احجــار البنــاء وح ــد كــبري مــن ن ــاء‬
‫ورجال يبحثون قبل حلول البا اللعـني عـن ذويةـ وملـا احـاطوا بالرجـل‬

‫‪154‬‬
‫صاحب النياشني‪ ،‬صاح الرجل هب غاضبا‪ :‬ـــــ ل م لوا عما حيـد‬
‫هنا او هنا هيا افرنقعـوا يـااواد الالانيـه تتـةمون احلكومـة بكـل صـغرية‬
‫وكل كبرية با حياء او خوحن من احد ‪..‬‬
‫عـ شــابا قريبـا مــن يصـرخ‪ :‬ـــــــ آه ياخـد ال ــيطان األكــرب اىل‬
‫اين ت هبون من ع اب اهلل غدا؟ ‪..‬‬
‫صــح مــن مكمــن ذا ‪ :‬ــــــ رأس مــن هــ ا امللقــ عنــد ناصــية‬
‫الطريق؟ اليس هو رأس ابد ا رأس امد ياللةول اين سأمضد الليـل وقـد‬
‫فاتن الباص الكبري؟ غـري انـد فوج ـ كمـا غـري بقـر الطبـول واملـالامري‬
‫واجــراس احلــرب وااعــان عــن رأس مفقــود وان حربــا طاحنــة ســوحن‬
‫تـاح املدينـه ا حمـال‪ ،‬قلـ هـو رأس ابـد قبـل ان يـود الـدنيا ويغادرنـا‬
‫اىل اابد‪ ،‬قال رجل رصني املبةر وهو حيدق باملارة من الناس ‪:‬‬
‫ــــ اخربوا احلكومه ان عليةا ان تكنس ال وار من الغرباء ‪..‬‬
‫ــــ تقصد املالابل واكوا القمامه ال لا الطرقات ! ؟‬
‫ث عا صوته وهو حيـدق بـوجةد مبـةورا‪ :‬نبفـوا كـل شـدء‪ ،‬لكنـه‬
‫مل حيد بنبره عن‪ ،‬تقد من خطوات حت بات مبحاذاتد‪:‬‬
‫ــــــ اليس ه ا الرأس رأسا بابن ؟؟‬
‫ـــــ مل تعد يل به حاجة ياسيد !!‬
‫غــري انــد اهل ـ الصــوت املنبعــو مــن وراهــد‪ ،‬وداهمــا ا اهــل تلــا‬
‫ااصوات ولن اعري هلا انتباها ‪ ..‬كان من الواضري ا ـايل لـه لـ ا يـدخلن ص‬
‫ورطة الراوس املقطوعه بفعـل العبـوات الناسـفه وال ـيارات املفححـه الـ ا‬
‫احد ي تطيع معرفة مت سـتنتةد هـ ه امل ـرحيه ال ـوداء وهـد تعـيش بـني‬
‫ظةرانينا معالزة بكل ما تريده منا ‪ ،‬ن اصحاب الراوس املقطوعه ‪..‬‬
‫‪4862‬‬

‫‪151‬‬
‫كــان وجــه رهي ــد ص العمــل يــوحد يل ب ــاربيه الل ـ ين ي ــبةان‬
‫جنــاحد طــاهر حيلــق عل ـ اخنفــاض‪ ،‬وبعينيــه الصــارم النبــرة ‪ .‬ه ـ ا‬
‫الوجه يوحد عادة انه امض ليلة سي ة وانه عان الكثري مـن اهلمـو الـ‬
‫مبعثةـا اافكــار الثقيلــه املوحيـه بعــد خاصــه منـةا‪ ،‬وكعادتــه كــل صــباح‬
‫ي ألن‪:‬‬
‫ـــ هل من ليلـة أمـس مثلمـا حـد يل‪ ،‬أعـن دزينـه مـن الكـوابيس‬
‫وااحا ال قض مضجعد كما يقال عادة ؟‬
‫كــان صــوته وهــو ــاطبن يديــة وتركيــال عل ـ خمــارج احلــروحن‬
‫والكلمــات‪ ،‬يــدفعن حقيقــة اىل ااصــغاء التــا وكــ لا ااجابــه املوحيــه‬
‫باملاليـد مــن ااحــرتا لــرهيس عملــد‪ :‬ـــــ نعـ ياســيد حــد معــد ال ــدء‬
‫نف ه ولكن بدرجة أقل مما حصل معا ‪..‬‬
‫ص ذلـــا اليـــو الـــ هبّـــ فيـــه عواصـــ ترابيـــة وطبقـــة مـــن‬
‫غبارخفي جعـل حالـة الربـو التح ـد تتصـاعد وتريهتـا لـد ّ ووجـدت‬
‫صعوبة ص التنفس واضـحة‪ ،‬ص ذلـا النـةار القـاه أوحـ يل رهي ـد ص‬
‫العمل اننا مدعوان لدس الرجل الكبري ال ا كـبري بعـده اا اهلل‪ ،‬وتيقنـ‬
‫عل انه كان يتكل بإحياء من موق سابق مع ااخـرين اصـحاب الوليمـة‬
‫القادمـــه‪ ،‬كـــان رهي ـــد ص العمـــل ذا صـــات متعـــددة الوجـــوه وامل ـــارب‬
‫وك لا ااشحاص‪ ،‬وكما هو معروحن لنا وبيننا ن العـاملني معـه نعـرحن‬
‫مقدرتــه ص الوصــول اىل ابــرز ااشــحاص واا ــاء بــل لديــه توصــات‬

‫‪159‬‬
‫اخرس مع ن ـاء ذوات حبـوة ومكانـة اجتماعيـة بـارزة‪ ،‬عاقاتـه ا تـوحد‬
‫ب اهنه او مثلبه مع تلا الن اء املقتـدرات بتـأثريهن ص حيـاة التمـع بـل‬
‫هد صات توحد بالكثري من العمـل واحـاز متطلبـات م ـرتكه فيمـا بـني‬
‫رهي د وبينةن‪ ،‬كل ه ا اعرفه عنه‪ ،‬واعرحن الكثري املوحد بنالاهة تفكـريه‬
‫‪ ،‬ا بل وأعماله ونواياه‪ ،‬ا أقول ه ا تاللفـا او دفعـا لكـ لكـد تنقلـوه عـن‬
‫لــه وهــو يعل ـ أنــد ل ـ حباجــة للتالل ـ فيمــا بيننــا‪ ،‬وهــو الرجــل ال ـ‬
‫أمضــ ص العمـــل ردحـــا طـــويا مـــن الـــالمن معنـــا‪ ،‬ومل يعـــد حباجـــة اىل‬
‫املتاللفني‪ ،‬وهو املت مر الكبري مـن ذلـا ا ـراب وتلـا الفوضـ الـ املـ‬
‫بالديار وااصحاب كما يردد هو عل م امعنا بني حني وآخر ‪:‬‬
‫ــــ لقد تغري كل شدء يا صاحا‪ ،‬اشياء كثرية ما عادت كما هد أبدا ‪.‬‬
‫ـــــ آه‪ ،‬ما تقوله صحيري ياسيد ‪.‬‬
‫وطلب مـن ان تبـل دعـوة الوليمـة املنتبـرة سـرية فيمـا بيننـا واا‬
‫ن مري لآلخرين التقول صوصةا‪ ،‬وأيّـدتُ كامـه الـ ات ـ بالتةـ يب‬
‫وااحرتا الكبريين‪ ،‬اذ دام عاق به قرابـة ربـع قـرن مـن احليـاة‪ ،‬الـ‬
‫لكنّــا مــن صــياغتةا علــ افضــل مــا تــوحد بــه العاقــة بــني مــراوس‬
‫ورهيس‪ ،‬ورمبا يعود الفضـل او جانـب منـه اىل مقـدرتد علـ الصـرب علـ‬
‫كــل اقــات الراوســاء ال ـ ين ه ـ عل ـ شــاكلته‪ ،‬قــد يــوحد باملاليــد مــن‬
‫الت ر والعنجةيه ص احيان كثرية لكن وبتأثري ربته الطويله والعريضـة‬
‫أيضــا كــان يبــدو يل انــه يكب ـ الكــثري مــن اافكــار والعديــد مــن حــاات‬
‫الغضــب واامش ــالاز ممــا جــر مــن حولنــا‪ ،‬وعــادة مــا ينطلــق ل ــانه‬
‫ب ل له من اانتقادات للحكومه ال ا تعل مـاذا ينبغـد عليةـا ان تفعـل‪،‬‬
‫وكن ابق صامتا وهو يكـرر بعـ عبـارات مبةمـه ا أدر مـن ايـن أتـ‬
‫هبا ل انه ‪..‬‬

‫‪1.1‬‬
‫يو ال هاب اىل الوليمه ‪ ،‬تبادلنا النبرات احلريس ‪:‬‬
‫ـــــ ماذا علينا ان نفعل لو وجدنا اامر خاحن طبيعتنا؟‬
‫ـــــ لنا كل احلق ص مغادرة املكان‪ ،‬أليس ك لا ؟‬
‫لوّح ذراعه ص اهلواء وحدّق بوجةد موضحا كامه ‪:‬‬
‫ـــــ ا اظن اامـر هبـ ه الب ـاطه‪ ،‬ابـد مـن وجـود شـروا يلتـال هبـا‬
‫املدعو للحفل‪ ،‬أو الوليمه كما يطلق عليةا اان‪ ،‬وسوحن تفرض علينا تلـا‬
‫ال ــروا مثلمــا يلتــال هبــا غرينــا‪ ،‬واعل ـ ان جــوهر اامــر ا يتمثــل بنــو‬
‫الطعـــا الــ ســـيقد لنـــا فح ـــب بـــل بالقناعـــه الــ تفرضـــةا علينـــا‬
‫املناسبه !!‬
‫ـــــــ تــرس هــل يصــري لنــا معرفــة املناســبة قبــل الــدخول عل ـ حفــل‬
‫الوليمه؟‬
‫ربونـد مـا املناسـبة لــدعوتنا‬ ‫ــــــ انـا شحصـيا ا اعـرحن‪ ،‬ألهنـ مل‬
‫حلضور وليمه كة ه ‪..‬‬
‫كان غـروب ال ـمس يضـفد علـ صـاحا وهـو ص بدلتـه الرماديـة‬
‫اللون حديثة الصنع وربطة العنق الالاهية االوان املمتالجـة بـاللون اا ـر‬
‫الطــاغد عل ـ طلعتــه البةيــه‪ ،‬يضــفد رونقــا خاصــا بــه وقــد تــبني يل انــه‬
‫ح ب لكل شدء ح ـابه‪ ،‬واهنـ سـوحن ي ـتقبلونه بالتمـا والكمـال وكمـا‬
‫هو مفرتض برجل مثل رهي د ص العمـل‪ ،‬لـه شـأن بـني الراسـاء اآلخـرين‬
‫الــ ين حيــ رون التصـــاد بـــه أل غـــرض او مصـــلحة هتمةــ او تعنـــية‬
‫وجدونه يق هل باملرصاد يربا خططة ويعطل نوايـاه مـن التنفيـ ‪،‬‬
‫وهــو بــامتاء ج ــده امــتاءا يــوحد أن ص ـاحبه رياضــد اكتف ـ مــن دنيــا‬
‫الرياضــة مبــا آل ـ اليــه قناعتــه ال حصــية الصــارمة‪ ،‬كان ـ ربطــة العنــق‬

‫‪1.1‬‬
‫ممالوجـــة األلـــوان لفيـــة ـــراء والبدلـــه الرماديـــه والنبـــرة املتأملـــه‬
‫لاشــياء‪ ،‬ا مفــر ســوحن حــب تلــا النبــرة املوحيــه بــالكثري مــن املعــاند‬
‫الباهرة وا فية ال ا حتاج اىل كثري عناء ‪..‬‬
‫واضــري اننــا ج نــا اىل احلفــل مبكــرين وقــد ســبقنا عــدد قليــل مــن‬
‫الوجــوه الــ نعــرحن بعضــةا وا نعــرحن الــبع اآلخــر‪ ،‬شــاهدت حركــة‬
‫وانـــدفا العـــاملني علـــ اقامـــة الوليمـــة وترتيـــب م ـــتلالمات إحياهةـــا‬
‫بالصـــورة الاهقـــة بأنـــاس معنـــيني باقامـــة احلفـــات واعـــداد الــــواه‬
‫التار يــه كمــا أطلــق عليةــا رهي ــد و ــن نتجــه ألخ ـ مكاننــا املناســب‬
‫وسط مجةرة املدعوين ال ين بدأوا بالتقاطر كلما تقدم ال ـاعة بضـعة‬
‫دقــاهق‪ ،‬حــد غرينــا وقــد احتــل املكــان الــ صــم علــ احتالــه ولـــو‬
‫بالتــدافع امللمــوس للجميــع‪ ،‬تلــا اللحبــة راحــ عربــات نقــل ااطعمــة‬
‫واملـــأكوات واملقـ ـبّات وامل ـــةيّات تتقـــد امل ـــةد قبـــل األتيـــان بطعـــا‬
‫الوليمة‪ ،‬ما يقد اان هو عبـارة عـن مغريـات ت ـبق البـدء بـاهلجو علـ‬
‫ج د الوليمه‪ ،‬اقداح وكلوس كرستالية خالصة النو ‪ ،‬وزجاجات كحوليـة‬
‫افرحيــة التصــدير واملن ــأ‪ ،‬لكــن القــاهمون عل ـ احلفــل مــن اســتريادها‬
‫مبكــرا او خصيصــا هل ـ ه املناســبة ال ـ ينبــر العــامل اليةــا بعــني احل ــد‬
‫واألمــل ص احلصــول عل ـ لقمــة مناســبة مــن تلــا الوليمــه الـ تقــاطرت‬
‫عليةا الوجوه واألل ن واألفواه من كل فش عميق حتـ التـوس فـ صـاحا‬
‫جالعا مما ينبر وي اهد كي هتالا األشـحاص الغربـاء الـ ين مل نـره‬
‫من قبل وااخرون ال ين صدعوا راوسنا باملاليد من اافكار املضحكة ‪..‬‬
‫فكـرت جـادا التوجــه اليـه بال ـلال عــن الـ اغضـبه اآلن؟ لكــنن‬
‫خ ـي مــن العواقــب الـ قــد تدفعـه لانفجــار بــني حلبــة واخــرس امــا‬
‫هــ ا الــالخ القــو والعنيـــد مــن الب ــر وهــ يرطنــون بلغــات وهلجـــات‬

‫‪1.2‬‬
‫خمتلفه‪ ،‬قال يل وصوته يتةدج بالكلمات وهـد تتعثـر علـ ل ـانه‪ :‬ـــــ هـل‬
‫ت مع؟ ث بعد برهة اردحن ي أل ‪:‬‬
‫ـــــ ا لغة ه ه ال يرطنون هبا؟‬
‫ـــــ ا علـ يل هبـا ياسـيد !! اا تراهـا مـن اللغـات ال ـرقيه ورمبـا‬
‫من اللغات الغربيه؟‬
‫ــــ ابدا‪ ،‬ا ه ه وا تلا اهنا لغتة وحده يعرفوهنا !!‬
‫انتبــة اىل أن املاهــدة امتــدت وجــدء بطعــا الوليمــه حممــوا عل ـ‬
‫األكتاحن‪ ،‬كان ج دا ضحما حليوان مت طبحه عل نار هادهه حبيو فقـد‬
‫الكثري من ماحمه البارزه مما جعله اشبه بالفيـل او جمـرد حيـوان عبـي‬
‫اهلي ة ممددا عل ماهدة م تطيله ا هكـن ال ـيطرة عليةـا‪ ،‬وملـا اقرتبنـا‬
‫مـــن املاهـــدة صـــعقتنا النبـــرة ال ـــاكيه والباكيـــه للج ـــد املنـــبطري علـ ـ‬
‫املنض ـدة الضــحمة وراهحــة ال ــواء تتصــاعد مــن كــل جوانبــه واطرافــه‪،‬‬
‫والغريب ان ا تفارقنا نبرته املتوسـله تـدعونا للعمـل علـ خاصـهِ‪ ،‬دون‬
‫ان يعل اننا ج نا للحصـول علـ حصـتنا مـن الغنيمـه الـ بـدت واضـحة‬
‫امــا أعيننــا وجليــة لاخــرين ال ـ ين بــدت اســاريره من ــرحة بالتمــا ‪،‬‬
‫اســتدرت صـــوب الناحيـــة ااخـــرس حبيــو يصـــعب عليـــه توجيـــه نبرتـــه‬
‫امللتاعــه املتأملــه وال ــكاكني تقتطــع مــن ج ــده وتأخ ـ كميــات كــبرية مــن‬
‫حلمــه الطــازج‪ ،‬احلــق كان ـ نبرتــه يل دون ااخــرين مبعــو حــالن عميــق‬
‫وجـدت مـن الصـعوبة الـتحلص مـن هيمنتـةا علـ روحـد اون ـياهنا أبـدا‪،‬‬
‫ج ته من ااعل وتوجة ناحية الكتفني لكد اقتطـع يل جـالءا مـن حلمـه‬
‫الــ ناشـــته نـــار ال ــواء‪ ،‬وانـــا أرس احل ـــود تلتــة ااكتـــاحن واألضـــا‬
‫واألطــراحن معــا‪ ،‬تلقي ـ دفعــة قويــة مــن احــده افقــدتن ال ــيطرة عل ـ‬
‫نف د برهة مـن الـالمن بعـدها أفقـ علـ وقفـ احلـاهرة امامـه والعـني‬

‫‪1.5‬‬
‫الثابتــة النبــرة امل ــم الة ممــا حيــد معــه مــن انتــةا أ ــاه صــاحا‬
‫باانتةا غري األخاقد لافواه املفغورة ال دقني ومعبمةـا تغـص بلحـ‬
‫الغنيمــه ‪ ..‬التق ـ نبرتــد ال ــاخطه بنبــرة الضــحية اجلالعــة‪ ،‬حاول ـ‬
‫اهلـرب منـةا خ ـية اهنيـار املفـاجئ‪ ،‬ومـع نف ـد لتمـ ‪ :‬لـيس ص اليــد‬
‫حيلة يا صاحا !! كان الاميع من الغرباء وحت ال ين نعرحن بعضـة‬
‫تتدافع حبمية نـادرة ـو املاهـدة للفـوز حبصـة ااسـد‪ ،‬منعـ نف ـد مـن‬
‫متابعة ااخرين ل ا ابدو متطفا عل احلضور لكن صـاحا ام ـا بـد‬
‫من ذراعد وهو يتمت بصوت م مو ‪:‬‬
‫ــــ لقد اجةالوا عل الغنيمة ولن يبقوا منةا شي ا ‪..‬‬
‫انتبه لصوته احد اهلامجني عل الوليمة قاها ‪:‬‬
‫ـــــ أبدا سوحن يبل اجلميع ي تلمون حصصة حت زمن قاد !‬
‫سـألن صــاحا متجــاها كــا الرجـل الغريــب‪ ،‬معــربا عــن غضــبه‬
‫من تدخله وتعقيبه غري املربر باعتماده نربة غاضبه ‪:‬‬
‫ـــ ملاذا ا تتناول حصتا حت اان؟‬
‫ـــــ ا استطيع‪ ،‬إنّ له نبرة آسرة ا هكن التحلص من ع اهبا ‪..‬‬
‫قال يل مليـدا كامـد عـن نبـرة الضـحية‪ ،‬بـأن تلـا النبـرة ملي ـة‬
‫بالعتاب‪:‬‬
‫ــــ انا ايضا جندلن بنبرة عميقة املغالس‪ ،‬مل استطع اهلرب منةا!!‬
‫ــــ لن ت تطيع ما دم حيا !‬
‫كان صاحا قد اصدر حكمه النـةاهد ب ـأند ألنـه يعلـ جيـدا انـه‬
‫مل تعــد لــد رغبــة ص العــودة اىل حلبــة الصــرا مــع ااخــرين‪ ،‬أمل يكــن‬

‫‪1..‬‬
‫صـراعا قاســيا؟ ومـن الطريـ انـد ا اجيــد فنـون الصــرا الـدامد الـ‬
‫شــةدته امــا عــينّ وانــا ا اعــرحن مــا ال ـ جــب عملــه ص حالــة كة ـ ه‪،‬‬
‫الصــم لــيس جمــديا وا املــوت ك ـ لا‪ ،‬مل تعــد بــد حاجــة ماســة لرفقــة‬
‫رهي ــد بالعمــل بعــد اآلن‪ ،‬ينبغــد يل أن اغــادر املكــان دون طلــب اس ـت ان‬
‫مــن احــد مةمــا كان ـ وظيفتــه‪ ،‬ولكــن قبــل ه ـ ا ينبغــد يل ان ألقــد نبــرة‬
‫اخرية عل ج د الوليمـه‪ ،‬خطـوت ـوه خطـوتني اثنـتني‪ ،‬امتـدت اصـابع‬
‫يد تامس ب ـرته املنةكـه‪ ،‬مل اسـتطع اىل ذلـا سـبيا‪ ،‬ألنـه اعـاد علـدّ‬
‫نبرتــه ااوىل والـ ا للــو مــن عتــاب قــاس وامش ــالاز عميــق ــاه كــل‬
‫شدء جر من حوله رغ ارادته امل تلبه وايامه الضاهعه ‪..‬‬
‫مايس ‪4862‬‬

‫‪@shabander_khan‬‬

‫‪1.2‬‬
‫كان ظلةا منت راي حويل كـاهلواء حيـيط بـد مـن كـل اجلةـات‪ ،‬أراهـا‬
‫تـدور‪ ،‬ماثلـة أمـامد‪ ،‬حـدق ص الفــراش‪ ،‬كـان الفـراش املحاتـل حيتوينـا معـاي‪،‬‬
‫كالوســادة أو ال ــرير‪ ،‬وكــان هــ ا يغريةــا بــالتعر أمــا املحلوقــات مـــن‬
‫ع اقةا‪ ،‬اظنةا تعلـ أنـد عرفـ عنـةا كـل شـدء‪ ،‬حتـ خططةـا ال ـرية‬
‫قبــل القيــا بتنفي ـ ها ‪ ..‬أصــدقاء كــثريون نصــحوند باســتحدا الطريقــة‬
‫العراقية املعةودة واملقصودة ص حاات من ه ا النو ‪:‬‬
‫ـــ األ ال والتغاضد عن ال رور والتـوار عـن ا طـر ‪ ..‬ضـحك ُ‬
‫مــلء فمــد حــني وصــفوا يل مــا أ ــوه بالطريقــة العراقيــة ص معاجلــة‬
‫ال رور‪ ،‬ترس هل حقاي جاءند منةا شر أو خطر‪ ،‬قطعاي ــ هد ــ ا تريـد أن‬
‫تعــرتحن أهنــا ســبب يل الكــثري مــن البنــون واآلا ‪ ..‬كانـ تــدوّر ص فمةــا‬
‫قطعة اللبان وتضحا ضحكتةا اللجلة املعروفة لنـا‪ ،‬حـني نكـون معـاي أو‬
‫جمعنا مكـان أو جملـس ولـو مبحـ املصـادفة‪ ،‬كـان ال ـعور لـديةا‪ :‬أهنـا‬
‫ضــحية مةــاترات لي ـ هــد امل ــلولة عنــةا ‪ ..‬بينمــا كن ـ ُ أدر لام ـاي‬
‫خطورة افعاهلا ال رية‪ ،‬ال غالباي ما اتلقاها بصم وا احد يعـرحن أنـد‬
‫أصـبح احــدس ضــحاياها‪ ،‬ا األحبــاب وا األصـحاب يعرفــون مــا جــرس‬
‫وما حصل‪ ،‬وا مفر من روايتـه اآلن‪ ،‬فقـد أصـبري مـن الع ـري علـدّ إخفـاء‬
‫اجلر امل ةود‪ ،‬ال ا تك تعبـو بـه أو لارسـه‪ :‬ـــ كـان الصـي يةبـةا‬
‫حـرارة مضـاعفه مـن رواهـري خانقـة‪ ،‬وكنـ ُ اجلـس عنـد عتبـة النــةر أو ص‬
‫مدخل ال ـوق‪ ،‬ا ارس أحـداي سـواها‪ ،‬تـأتد هـد وصـوحيباهتا ـر اهلوينـا‬
‫كمــا يقــال وت ــري متجــاوزة وجــود الـ تــراه س ـرّيا‪ ،‬حضــور غــري معلــن‬

‫‪1.6‬‬
‫أبدا‪ ،‬وكان ه ا يغيضةا وجعلةا ص حالـة هيـاج وعـد ارتيـاح وتنبـر اىلّ‬
‫من علو لكنن ا أشـغل بـايل بنبراهتـا املتعاليـة‪ ،‬لـيس لـد ّ وقـ للـتفكري‬
‫ص نبرهتـا أو طلعتــةا‪ ،‬امنـا كــان ي ــغلن اختفااهـا املفــاجئ أو ســيطرهتا‬
‫عل الوق والتحك باملكان‪ ،‬وهد تضحا مـن كـل حمـاواتد الياه ـه ص‬
‫ادانتةا أو فا طا ةا أو سريهتا الغامضة‪ ،‬حاول معرفة كنـه عاقتـةا‬
‫بأمةا وأبيةا وكان ه ا أحد أسباب غضا منةا وحنقد عليةا وهد تعمل‬
‫امل ـتحيل لكــد تبعـد عنــا شـبري معرفــة مقـدرهتا أوطاقتــةا ا ارقـة علـ‬
‫اوز معرفة الناس حلياهت ال ا تك ت حر منةا‪ ،‬حت حيـاتد الـ‬
‫بدت هلا‪ ،‬ا تقل سحرية وجمانية‪ ،‬وكان تقـول وابت ـامة الت ـفد عالقـة‬
‫عل حمياها‪ :‬ــ ومـاذا تعـن حيـاة حيـيط هبـا امل ـرح؟ انـا ا أحـب النـاس‬
‫امل رحيني‪.‬‬
‫ـــ ه ا صحيري جدا ‪.‬‬
‫ـــ اا تراه يف رون كل شدء عل هواه ؟‬
‫ــ واضري جدا ‪.‬‬
‫غــري أنــد شــاهدهتا ذات يــو تغــادر صــالة امل ــرح برفقــة احــدس‬
‫املمــثات ال ــةريات وال ـ تــدع ال ــيدة ت ــواهن‪ ،‬كان ـ تبــدو ص غايــة‬
‫اناقتــةا‪ ،‬ومل تضــع عل ـ صــفحة الوجــه الوقــور اا القليــل مــن امل ــاحيق‪،‬‬
‫كانتا ت ريان معاي‪ ،‬وبدت ر للحاق بال يدة ت واهن كتابعـة أو خادمـة‬
‫واللــةا يتصــاعد مــن فمةــا‪ ،‬وقــد أزاح ـ قطــرات العــرق مــن جبةتــةا و‬
‫طبقة األصباش ال مـات هبـا وجةةـا‪ ،‬ـر وت ـيل األصـباش‪ ،‬البيضـاء‬
‫واحلمراء وال وداء‪ .. ،‬أفكـار كـثرية خطـرت ص خمـيل حوهلـا‪ . ،‬أمل يكـن‬
‫من املمكن التوجه بال لال اليةا‪ .‬أعن املمثلة التابعة لل يده ت واهن‪:‬‬

‫‪1.4‬‬
‫ـــ ملاذا تك بني علدَّ؟‬
‫وتقول البن التابعة‪ :‬ــ أنا ا أك ب أبدا‪.‬‬
‫ـــ أمل تكوند كارهة للم رحيني؟‬
‫ـــ آه‪ ،‬املمثلون امل رحيون وليس امل رح !‬
‫كنـ ُ من ـ البدايــة اعــرحن جواهبــا‪ ،‬تلــا مقــدرهتا ص الــرد عل ـ أ‬
‫سلال‪ ،‬تتلقاه من أ واحد من الناس امـا بالن ـبة يل فقـد وضـعتن قـاب‬
‫قوسني أو أدن من احلرمـان مـن فاكةتـةا‪ ،‬الـ غالبـاي مـا توزعةـا ب ـرية‬
‫تامة عل اول ا املقتدرين عل افرتاعةا بالقوة أو بالرضا‪ ،‬كانـ ت ـتمتع‬
‫بأيـة مغازلــة عــابرة مــن رجــل كةــل أو فت ـ يــافع‪ ..‬مل تكــن شــجرة التفــاح‬
‫عالية أو بعيدة املنال ولكن رايتةا كل يو هد ال تعطـل لـد ّ الرغبـة ص‬
‫زيــارة امل ــرح ‪ ..‬مضــ أيــا طويلــة مل اغــادر البي ـ ‪ ،‬كنــ ُ تواق ـاي للقــاء‬
‫أصــــحابد‪ ،‬الـــ ين نصــــحوند ص اتبــــا الطريقــــة العراقيــــة ص األ ــــال‬
‫والتغاضد املقصود لتجاوز ارنة بصم ‪ ،‬ومل تكن ه ه قنـاع ‪ ،‬وخـال‬
‫راي أدرك ُ أهنا تعد يل كميناي أو تنو تفجري لغ بيننا‪ ،‬والغريب مل اعـر‬
‫ذلا ا هتمامـا فقـد مـات ص الطريـق اىل اجللجلـة أصـدقاء وأحبـة كـثريون‬
‫باأللغـا املالروعـة علـ قارعـة الطريـق‪ ،‬ص األرصـفة أو عـن طريـق القتــل‬
‫العمد‪ ،‬وحت طريقة ااغتيال ال ياسد‪ ،‬ال عاني ُ منه كـثريا‪ ،‬مـع انـد‬
‫ل سياسيا باملرة‪ ،‬ولكنةا هد ال تقوّل عن ص مناسبات عـده وعـن‬
‫ولعـــد ص تصـــفية خصـــومد ال ياســـيني ممـــن ا تن ـــج أفكـــاره مـــع‬
‫أفكار ا اصة‪ ،‬امللي ة بالرف القاطع لكـل اررمـات والـدونيات‪ ،‬الـ‬
‫يـد العبـو باملقـدرات‬ ‫يدها أكثر من سواها من ن اء املعمورة‪ ،‬كانـ‬
‫تلــا املمثلــة الفاشــلة ومل ت ــتطع أخفــاء تراجــع شــعبيتةا بــني األوســاا‬
‫كافة‪ ،‬حت خيّـل ايلّ أهنـا ا ح ـن أ دور باسـتثناء دورهـا ألهنـا خُلقـ‬

‫‪1.1‬‬
‫ــر خلــ ســـيدهتا‬ ‫لــه‪ ،‬دور واحــد يــده هــ ِه املمثلــة التابعــة الــ‬
‫ت واهن (صانعة اادوار الرتاجيديـة الراسـحة ص وجـداننا و ـن يّيةـا‬
‫كلما التقيناها مصادفة أو بتحطيط مقصود) واألصـباش لـتلط ببعضـةا‬
‫ولتالج األلوان عل وجه التابعه حت تغدو صفحة الوجـه كرنفـاا غريبـا‬
‫عل من يراها‪ ،‬كان الرضـوخ وااذعـان لآلخـرين ديـدهنا‪ ،‬وكانـ حـرّض‬
‫أول ـا الغلمــان علـ التمــاد معةــا ص حبــة هلــا‪ ،‬وشــراهتةا ص اقتنــاص‬
‫فتوهت اليافعة‪ ،‬كان اهليا وحده من جعلةا تلعب خـارج م ـرحةا‪ ،‬تلعـب‬
‫بعناد نادر واصرار م بق عل هتدي اجلدار بيننا‪ ،‬هد ال اطلقـ علـ‬
‫لعبتةا بـــ‪ :‬هتـدي اجلـدار‪ ،‬ومـن الع ـري علـ احـد معرفـة مـا الـ تعنيـه‬
‫عبارهتـا ال ـقيمة الغامضـة تلـا‪ ،‬هتـدي اجلـدار ومـا تقصـده هـد‪ ،‬يبقـ‬
‫صــةا وحــدها‪ ،‬مل أب ـ ل جةــدا ص معرفــة كنةــه او مغــالاه‬ ‫جمــرد معن ـ‬
‫فقد س م ُ لعبة فا االغـاز والرمـوز والطاسـ ‪ ،‬مل تعـد بـد طاقـة علـ‬
‫التحمل‪ ،‬الغاز ورموز‪ ،‬اا تبدو ــ هد ــ ص بع ااحيان لغـالا عصـيا علـ‬
‫ااســتيعاب أو غايـــة هلــا مغـــالس صــعب التف ـــري‪ ،‬اذن‪ ،‬مــا الــ دعـــاند‬
‫للحديو عنةا لـوا وجودهـا اليـومد وحضـورها العجيـب كلمـا حركـ ُ أو‬
‫أردت القيا بعمل ما‪ ،‬سوحن أح ب هلا ح ـابا خاصـا لـ ا أهـدر الوقـ‬
‫والراحة سدس‪ ،‬كان ضحكتةا املدوية بع األحيان‪ ،‬هـد الـ تعلـن عـن‬
‫حضورها بيننا أو أماكن تبدو خالية من اآلخرين ال ين حيلمـون لتمضـية‬
‫ســاعة مــن األنــس والفح ــاء أو التأمــل طــويا بتلــا التفاصــيل الدقيقــة‬
‫للممثلة الفاشلة ال أول اجل ـد (ج ـدها املـثري) أهتمامـا غريبـا جعـل‬
‫منا (كلنا) جمرد أشحاص بلةاء ا معن لوجودنا بعد تلـا العواصـ مـن‬
‫الغبار الـ اجتـاح أيامنـا واملدينـة أيضـا‪ ،‬كـان حضـورها ا فـد يتج ـد‬
‫غالبا حبركة اليـدين أو العيـنني الواسـعتني وكـ لا غابـة ال ـعر ال ـوداء‪،‬‬
‫ا غابــة كان ـ حملــةا وهــد ت ــري اهلوينــا؟ ‪ ..‬ص ايــامد األخــرية معةــا‪،‬‬

‫‪1.9‬‬
‫كــدتُ أعــرتحن أهنــا مل تعــد جمــرد ممثلــة فاشــلة أو حمــدودة الطاقــة عل ـ‬
‫التعــبري عــن مكنـــون روحةــا الاهبـــة‪ ،‬امنــا امــرأة ا تتـــوان مــن ارتكـــاب‬
‫عـل منـةا سـعيدة ص حياهتـا‪ ،‬وكـان هـ ا مثـار ســحطد‬ ‫احلماقـات الـ‬
‫ألنـــد مل أعـــد قـــادرا علـ ـ الـــدخول معةـــا ص صـــرا آمـــل منـــه حطـــي‬
‫م ــاريعةا ال ــيطانية ــاهد‪ ،‬كــان قطارانــا يتحركــان بان ــيابية كافيــة‬
‫علـ األفـرتاق‪ ،‬وانـا أعـرحن لامـا رضـاها وقناعتـةا لـيس مبقـدرهتا علـ‬
‫التحلص من‪ ،‬بل ص أن عل من قطارينا ي ـريان ص طـريقني لـن يلتقيـا‬
‫أبــدا ‪ ..‬كــان اافــرتاق غــاي ‪ ،‬بينمــا كان ـ وســيلتةا حاشــد الصــدا بــني‬
‫قطارين عنيدين‪ ،‬و ا ص حركتيةما يبتعدان عـن بعضـيةما ويعلنـان عـن‬
‫زوال تلا امل حة اجلميلة ال ت كل ص أول الطريق‪ ،‬ليس علـ خ ـبة‬
‫امل رح‪ ،‬امنا عل أرض الواقع ايضا‪.‬‬

‫‪@shabander_khan‬‬

‫‪121‬‬
‫تكررت الطرقات ا فيفـة املت ـارعة علـ بـاب البيـ كمـا حيـد‬
‫م اء كل يو او عند حلول الليل ومرات ص منتصفه‪ ،‬وبدرجة شبه متفـق‬
‫عليةا بين وبني امـد الضـريرة ص تعاملنـا معةـا مـن اا ـال والامبـااة‬
‫حبيو كنا نن اها ألننـا كنـا من ـغلني مبـا آلـ اليـه اامـورمن حولنـا مـن‬
‫خراب وتعاسات وهو مل يكن حباجة لنا بل كنا ن كلنا حباجة له‪ ،‬وظل‬
‫اعتقاد امـد الضـريرة بـه قويـا ا يتالعـال ابـدا‪ ،‬ص سـاعات كـثرية وطويلـة‬
‫كان ـ تناجيــه بصــرب ا مثيــل لــه‪ ،‬وغالبــا مــا كان ـ ت ــتيق مــن نومتــةا‬
‫القصــرية عل ـ صــوت الطرقــات املت ــارعه‪ ،‬ا فيفــة كــاهلمس املطمــ ن‬
‫حلالتــه ص ارســال الطرقــات كربقيــات مل ترســل الينــا ــن الفقــراء من ـ‬
‫زمن بعيد‪ ،‬وكان من الصعب علـد ان اقنعةـا بـان ا جـدوس مـن انتبارهـا‬
‫املضن لكنةا كان تصر عل ان تفكري قد اصاب العطـب جوانـب كـثرية‬
‫منــه ومل انتبـــه اىل مــا حـــل بعقلـــد ‪ .‬كنــ اضـــحا بقــوة ومـــن اعمـــاقد‬
‫ال حيقة عل فكرهتا القاسيه عنه وعن‪ ،‬كانـ الضـحكة ت ـجعةا علـ‬
‫املضـد ص تعنيفـد وح ريـا مكـامن مـودتد هلـا وهـد تعلـ لامـا انـد لـن‬
‫الل عنةا مةما كان حك الالمن‪ ،‬فةد امد الـ ينبغـد يل رعايتـةا بعـد‬
‫ذلا التعب امل ةود هلا برعاي ص اايا ا وايل قبل ان تفقـد النـور مـن‬
‫عينيةــا شــي ا ف ــي ا وعلـ مــر اايــا املرهقــة الـ مــرت علينــا كلنــا ‪...‬‬
‫غـــاي ان ارضـــيةا واجلـــب ال ـــعادة اىل قلبـــةا الضـــعي املعطـــوب كمـــا‬
‫ت ميه هد حني تريد ااعتماد عليه ص امللمات وال داهد‪ ،‬لن اتـوان عـن‬
‫اســعافةا حاملــا تنــادين او تنتبرالعــون مـــن‪ ،‬فةــد امــد الضــريرة الــ‬
‫فقــدت نبرهــا بالتــدريش حتــ وقفــ ذات يــو ص ســاحة الــدار معلنــة‬
‫بصــوت ملتــا عــن عماهــا املطبــق وهــد تصــرخ بنــا‪ -- :‬اان انتــة لعبــة‬

‫‪121‬‬
‫احل معد يا اواد‪ ،‬انا امك ا ارس ما موجـود امـامد وا مـا هـو خلفـد‪،‬‬
‫وكل ما يتحر حويل اصبري بعيدا عن لقـد اصـبح عدهـة النفـع ألنـد‬
‫ما عدت ارس شي ا ابدا ‪.‬‬
‫هنض ُ متجةا و الباب ص تلـا ال ـاعة املتـأخرة مـن الليـل‪ ،‬لكـد‬
‫افتحةا‪ ،‬ص بداية اامر مدت يدها اىل يـد وضـغط علـ الرسـغ بقـوة‪،‬‬
‫هالت رأسةا واشارت علدّ اا اذهب اىل الباب ألفتحةا ألند كنـ غاضـبا‬
‫جدا من تلا الطرقات ‪ ..‬ص البدء حـ رتن اا اتـورا معـه فةـو كـثريا مـا‬
‫يبــدو مةمومــا ا يك ـنّ لاخــرين ا اهتمــا او مراعــاة حلقــوقة املغــدورة‬
‫وهو يعل هبا عل اليقني وحت لو وجـده يـدفعون الـثمن باهبـا مراعـاة‬
‫منـة احقيتـه بــااحرتا والتقـديس ‪ .‬فالتبجيـل واجــب ص حضـرته وهــو‬
‫مقدس عنـد ااخـرين حتـ اول ـا الـ ين ا نعـرفة معرفـة تليـق بـه كمـا‬
‫تليق هب وعد اهتمامه بنا نابع مـن معرفتـه اىل ايـن سـتنتةد اامـور بنـا‬
‫مجيعـــا ‪ ..‬أصـ ـرّت امـــد الضـــريرة علـ ـ ماقاتـــه بكـــل ال ـــبل وكـ ـ لا‬
‫ااســتعداد لاســتما اىل مــا ي ــري بــه عليةــا‪ ،‬حت ـ لــو مل نأخ ـ بكامــه‬
‫مأخ ـ ا يــواز مأســاتنا ال ـ يعرفةــا معرفتــه لنــا‪ ،‬كــان مــا يلملةــا هــو ان‬
‫الفقــراء مــن امثالنــا يــالدادون فقــراي وتعاس ـةي بينماااغنيــاء يــالدادون ثــراءا‬
‫وهــو ينبــر ويبت ـ وا يعقــب عل ـ فح ــاهة ب ــدء‪ ،‬ا ا طــط كــان‬
‫ينــو ان يةي ةــا لانقضــاض عل ـ الفح ــاء امل ت ــرية ص ه ـ ه اا ــاء‬
‫الداهرة من حولنـا؟ ‪ ..‬انـا ا اعرفـه معرفـة اكيـدة فقـد مـات امـد راسـد‬
‫بــالكثري مــن احلكايــات عنــه دون راي ـ لــه ومل حيصــل ان حــدث اليــه‬
‫مباشرة بل هنا من معارص من أكـد اعجابـه بـد علـ اسـاس اننـا نعمـل‬
‫ص حقل متجانس عما ماديـا ملموسـا ا ت ـوبه ا شـاهبة او نكـران مـن‬
‫ااخرين املتطفلني او املتبطرين‪ ،‬قالوا انه غالبا مـا حـد عـن بأسـةاب‬
‫حبيو ي تويل امللل عل سامعيه من كثرة ااطراء والتبجيل ‪ ،‬ورمبـا هـ ا‬
‫ال يقوله البع عن وعنه مثار غريهت من وح ده يل لتقربـد مـن‬

‫‪122‬‬
‫عطاياه ال رية الـ حـدثتن امـد عنـةا حـني كنـ صـغريا غـ ااهـاب‬
‫كما يقال عادة عن اول ا الفتيان ااشداء ال ين ايتوانون عن بـ ل املاليـد‬
‫مــن التفــاند والتضــحية مــن اجــل رعايــة اا الضــريرة وااب الــ راح‬
‫ضـحية احــد الـتفجريات ال ــريرة‪ ،‬مــات ابـد ص تلــا اايـا الع ــرية علـ‬
‫اهلض وااسـتيعاب‪ ،‬وبقيـ امـد الضـريرة تتوعـد اايـا اآلتيـة باانتقـا‬
‫املفاجئ من كل ما لته لنا من ضي وحمن ‪ ..‬مل يكن ه ا ال ا عـه‬
‫من ااخرين ليغـرين او يكـون سـببا بانتفـاخ اوداجـد‪ ،‬بـل قـل العكـس مـن‬
‫ذلا كله اند كن امتع من ا اله لنا عمـدا و بتحطـيط م ـبق‪ ،‬اعـن‬
‫اطراءه يل ال يكلفه م قة الكا ب أن مكان املفرتضـه‪ ،‬وهـد مكانـة‬
‫ا غبار عل ا يتةا لديه وليس ه ا وحده مـا اثـار انتبـاهد او اهتمـامد‬
‫ـرأت علـ نفيـه مـن الوجـود كليـة وا انكـر ان هـ ا‬ ‫ب أن ااقاويل ال‬
‫اثار خفيب وسحط ال يدة الضريرة حني رأ احـده وبثةـا نتفـا مـن‬
‫معتقــدات اكــل الــدهر عليةــا وشــرب‪ ،‬ومــع ه ـ ا كن ـ اكثــر هــدوءاي ممــا‬
‫توقع ـ ‪ ،‬حــني ارادت امــد الضــريرة النــةوض علــ قــدميةا للــ هاب اىل‬
‫الباب لكد تفتحه هد لطارقه ص ه ه ال اعه املتأخرة من الليـل معتمـدة‬
‫عل عصاها‪ ،‬غري اند منعتةا مـن مغـادرة مكاهنـا الـدافئ ص زاويتـةا الـ‬
‫خصصتةا لنف ةا بقناعه مطلقـة وراحـ منـ ذلـا اليـو الـ اعتـربت‬
‫تلــا الالاويــة او الــركن مــن البيــ حصــتةا وا جــوز ألحــد ا احــد ان‬
‫ي ــتويل عليةــا‪ ،‬ارادت النــةوض بعــد تاشــد الطرقــات ال ــريعة املرتبكــه‬
‫بع ال دء‪ ،‬منعتةا بيد وبرفق ‪:‬‬
‫‪ --‬انا ساذهب يا أمد ألفتري الباب ‪..‬‬
‫رأيتـةا تقعـد ص الـركن ذا ومل تبـد مقاومـة ملموسـه ‪ ،‬للـ هاب‬
‫اىل البـــاب لكـــد تفتحـــه لتعـــرحن مـــن الطـــارق‪ ،‬اردت ان اذكرهـــا اهنـــا ا‬
‫ت ــتطيع ان لتــالل اامــور حبركــة واحــدة وحتمــا ســتعرحن معن ـ ذلــا‬
‫املرم ال اقصده وتلا الغاية ال اهدحن اليةا مـن اشـارتد صـوص‬

‫‪125‬‬
‫عد لكنةا من اختالال املعن ومعرفة الطـارق‪ ،‬بال ـةوله الـ تفرتضـةا‬
‫امد الضريرة‪ ،‬ويبدو كامد ااخري معةا اثنـ رغبتـةا ص اعتمادهـا علـ‬
‫عصــاها وااتكــاء عليةــا لل ـ هاب اىل البــاب لتفتحــه للطــارق‪ ،‬جل ـ ص‬
‫ركنــةا الصــغري ومل تتالحــالح منــه اول اامــر ومل تبةــر رغبــة ص فعــل ا‬
‫شدء هكنـةا القيـا بـه امـرأه عجـوز وضـريرة‪ ،‬ولكـن مـا اثـار عجـا اهنـا‬
‫استندت ثانية عل عصاها حاملا ادركـ اصـرار علـ فـتري البـاب مةمـا‬
‫كلفـن اامــر مـن م ــقة‪ ،‬وجــدهتا تتـبعن ص حــرك ‪ ،‬وملـا اعرتضـ علـ‬
‫تـةا ص ت ـلق خطواهتـا املتعبـة‪ ،‬قالـ ص احلـال‪ :‬اخـاحن عليـا مــن ا‬
‫طار يا ولد كي ا ري لنف د ان ادعا تتجه ـو الةـول؟ اا تـرس‬
‫الليل كي تالأر الريري ص اعطافه وثناياه؟ والبا تالداد حلكته ؟‬
‫قل هلا‪ --- :‬لقد اخفتن ياأمد الطيبة بكاما‬
‫عن الليل والبا ؟‬
‫‪ --‬كا انا ااخيفا بل ان خاه مما جر من حولنا ‪..‬‬
‫رغ ذلـا هنضـ ُ متجةـاي ـو البـاب منتبـراي عـودة الطـرق عليـه مـرة‬
‫اخــرس لكــد افتحــه‪ ،‬وحاملــا توجة ـ ُ اىل هنــا هنض ـ امــد الضــريرة معــد‬
‫حاا‪ ،‬قال اهنا لـن ترتكـن اذهـب وحـد بـل سـتكون معـد ص الليـل والنـةار‪،‬‬
‫تلا اللحبة عنا معا صوتا خافتا يـرتدد بطرقـات مت ـارعة‪ ،‬ا ةنـا ـو‬
‫البــاب لنفتحــه‪ ،‬خط ـ أمــد امــامد اول اامــر خطــوتني اثنــتني‪ ،‬مالبثــ ُ ان‬
‫تقدمتـةا ــو ا ــارج ‪ ،‬طـوات ثــا ‪ ،‬ام ــك ُ بـأكرة البــاب وادرهتــا بقــوة‬
‫لكد اسحبةا‪ ،‬حاا فتحته علـ مصـراعيه‪ ،‬اصـغ امـد بكـل جوارحةـا لكـد‬
‫ت مع ا شدء وقد شاركتةا ااصغاء والرتقب أل حركـة تـأتد مـن ا ـارج‪،‬‬
‫مل يكن ة احد هنا غريالليل والريري تعول ص الطرقات ‪..‬‬
‫ن رت ص جريدة املدس ‪4862/4/2/‬‬

‫‪12.‬‬
‫هـــ ه حكايـــه رواهـــا يل خوزيــــه ســـاراماغو ص تـــونس ص مطلــــع‬
‫ت عينيات القرن الع ـرين واعتقـدت ان الـالمن قـد طواهـا بـني صـفحاته‬
‫الطوال ولكن ا‪ .‬مل يكن الـالمن هـ ه املـرة بقـادر علـ حـد الـ اكرة‪ ،‬ملـا‬
‫تعارفنــا تلــا اللحبــه‪ ،‬قــال يل خوزيــه ســاراماغو‪ :‬إنــه اعتــاد الــدء اىل‬
‫تـــونس وقضـــاء بعـ ـ الوقـ ـ فيةـــا‪ ،‬اا تتفـــق معـــد أن بلـــدان اابـــي‬
‫املتوسط لتاز عن غريها باملناخ الصحد النقد؟ ث بعـد برهـة‪ :‬تـرس هـل‬
‫هــ ا جــالء مــن مــلامرة دوليــه علــ البلــدان الفقــرية‪ ،‬مــثا؟ أعــن اهنــ‬
‫ي غلوننا بأمور لص املناخ والطبيعـه‪ ،‬ويتناسـون النـاس ص البلـدان الـ‬
‫تعاند من اآلفات واألمراض وحاات الفقرواألمية ؟‬
‫قل له‪ :‬خوزيه هل تلمن مبا تقول؟ اية ملامرة تعن؟‬
‫قال‪ :‬ا تنادند خوزيه امنا نـادند بـأ د اآلخـر سـاراماغو‪ ،‬هنـا‬
‫اكثـــرمن مليـــون ونصـ ـ مليـــون برتغـــايل واســـباند باسـ ـ خوزيـــه‪ ،‬ـــن‬
‫مولعـــون باأل ـــاء الـ ـ هلـــا وقـــع خـــاص ص نفوســـنا لـ ـ ا ترانـــا نع ـــق‬
‫املوســيق والــرقص والغنــاء‪ ،‬اا تعل ـ ان التوبــادور خرجــوا مــن معطفنــا‬
‫وذهبوا جولون ص ا اء امريكا الاتينية ‪..‬‬
‫كن ـ اصــغد اليــه جيــدا وقــد علــق ص عنقــه قطعــة معدنيــه هــد‬
‫صــورة رجــل حمــارب مــن الــالمن ال ــتين‪ ،‬وفكــرت فيمــا اذا كان ـ ه ـ ه‬
‫صورة بوليفار أ اهنا ل حص آخر حيبه‪ ،‬وحـني وضـع سـلاله ص رأسـد‬
‫ن ــي ذلــا ح ـ تــأثري كامــه املتــدفق ورمبــا مل ارغــب مبقاطعتــه‪ ،‬كــان‬

‫‪122‬‬
‫ساراماغو يتحد عن ذلا الالمن باستمرار لكنه تأملن ونبـر اىل ثيـابد‬
‫متمعنا هبندامد‪ ،‬هال رأسه ‪:‬‬
‫تون يا ‪ .‬أليس ك لا ؟‬ ‫من هنا‪ ،‬اعن ل‬ ‫ـــ ان ل‬
‫قل له ص احلال‪:‬‬
‫ــــ كا سارماغو انا من بلد آخر !‬
‫ن غريبان عن هنا؟‬ ‫ــــ اذن‬
‫الوق ‪:‬‬ ‫ث تأملن لبع‬
‫ــــــ ملــاذا تنبــر اىل الصــورة املعلقــة ص ال ل ــلة ال هبيــة ص عنقــد‬
‫اتعرحن ملن ه ه الصورة ؟‬
‫اقرتب ـ منــه اكثــر حبيــو رأي ـ مجــال الوجــه لامــا انــه رجــل ص‬
‫الثاثني من عمره ‪..‬‬
‫قل له‪ :‬ـــــ ا اعرحن صاحب ه ه الصورة ساراماغو‪..‬‬
‫قتلـه الثــور ص حلبـة املصـارعه وهــو‬ ‫ـــــ أنـه اغنـاثيو ميحــانس الـ‬
‫الـ رثــاه لوركــا ســنة ‪6623‬أنــا احــب املصــار اجلميــل ‪ /‬القتيــل ‪ /‬كمــا‬
‫احب قصيدة لوركا املده ه ‪..‬‬
‫كن انا ال دعوته اىل ماهدتد وقـد عرفـ بعـ ماحمـه‪ ،‬كـان‬
‫املقة ـ مــالدح بــالرواد‪ ،‬ووجدتــه يــدير رأســه ويفــتش ص اركــان املقةــ‬
‫وزوايــاه يبحــو عــن مقعــد ليتح ـ جل ــته هنــا ‪ ،‬اشــرت عليــه ان يــأتد‬
‫وي ــاركن منضــدة جلوســد‪ ،‬الغريــب انــه وافــق حــاا‪ ،‬رمبــا ألنــه مل يعثــر‬
‫عل مكان شاغر ممـا اضـطره لقبـول دعـوتد بـا مقـدمات‪ ،‬ومثلمـا قبـل‬
‫الدعوة باجللوس عل ماهدتد مت تعارفنا معا اسر مما توقع ‪..‬‬

‫‪126‬‬
‫ماحمــه القاســية واحلــادة بعــ ال ــدء تــوحد ملــن يــراه للمــرة‬
‫ااوىل انه رجل ا لو من الالدة او لديـه طاقـة علـ حمـل املفاجـ ت‬
‫او الصدمات ال تأتد عل حني غرة ‪..‬‬
‫كان يتناول كوب ال ا املحلوا بال كر واحلليـب علـ مةـل رغـ‬
‫اند انتبة اىل ان داد اصابعه اىل عروة الكـوب‪ ،‬ومثلـه فعلـ ان تناولـ‬
‫قدحد بنـو مـن ااهتمـا والعنايـه‪ ،‬ورحـ احت ـد ال ـا بـبطء شـديد‬
‫لكد استمتع بوق مـع خوزيـه سـارماغو‪ ،‬كـان متـوترا بعـ ال ـدء لكنـه‬
‫كـان يبـ ل جةــده ص اا يبةـر غضــبه مـن احلمقـ والــانني الـ ين كــان‬
‫يقول عنة (( هلاء ه من يتحكمون مبصاهرنا ))ظل يةال رأسه متـأما‬
‫حركة املارة بالقرب منه ‪..‬‬
‫قل له‪ :‬عاليال ساراماغو يبدو انا ن ي احلكاية‬
‫ال اردت ان حدثن عنةا ؟‬
‫ـــــ ابدا مل انس يا عاليال ولكن فن القص‬
‫حيتاج اىل ماليد من الصربوالتأمل ‪..‬‬
‫ث ملا نبرت اليـه بـادلن حركـة العـني والوجـه‪ ،‬كـان كـثري التـدخني‪،‬‬
‫وقد جاء عل قدح ال ا كله لي عل بعـده سـجارة جديـدة‪ ،‬فكـرت ص ان‬
‫اسأله ملاذا يكثر من التدخني؟ غري اند وجدت ذلا صعبا علد ‪..‬‬
‫قــال يل‪ :‬ــــــ (( مثلمــا ا تصـــنع العــادة كاهنــا‪ ،‬فــإن الصـــوجلان ا‬
‫يصنع امللا ‪ .‬ه ه حقيقة جب اا نن اها ))‬
‫ــــ أتعن حكاية رجل القارب؟ ما ادراند ا حكايـة سـتقص علـد يـا‬
‫عاليال ساراماغو‪ ،‬ان تعل ان احلكايات كثرية ا حص ‪.‬‬

‫‪124‬‬
‫من هنا؟‬ ‫ـــــ هل قل يل انا ل‬
‫من ه ه الباد ‪.‬‬ ‫ـــــ نع ل‬
‫من هنا؟‬ ‫ـــــ اذن ان من هنا ول‬
‫ث صم برهة واردحن يقول ‪:‬‬
‫ـــــ وستحدثن عنا وعن اارض ال كن تعيش فيةـا هنـا وعـن‬
‫اهلةا وحياهت ‪ .‬هالزت رأسد عامة املوافقة عل طلبه ‪..‬‬
‫ـــــــ هــل تعــرحن مــا القــارب اذا حــدثتا عــن القــارب وصــانعه؟ هــل‬
‫لديا فكرة من ماذا يكون القارب وكي يصنع؟‬
‫ضحك من قلا عل ااس لة الغريبة ال القاهـا علـدّ سـارماغو‬
‫وقد راح عينـاه احلادتـا النبـرة حـدقان باملـارة عـن عمـد ‪ ..‬وقـال يل‪:‬‬
‫يبدو أن امثالا ا ي بعون من رواية القصص وسرد احلكايات ‪ ..‬ترس هل‬
‫ليل يا سيد اىل القصص الواقعية ك وا من الكتاب اآلخرين؟ ح نا‬
‫اطلب يل فنجان قةوة عل ح ابا ال حصـد وسـوحن احكـد لـا حكايـة‬
‫رجل القارب بالتما ‪ ..‬وا ادر ملاذا خيل ايلّ أنه ن د اصـل احلكايـة ص‬
‫خضـ انفعااتـه وحديثـه عـن الــانني املعتـوهني مـن الرأ ـاليني الـ ين‬
‫حيكموننــا بكــل غبــاء وا عقانيــه ‪ ..‬عقانيــه تتطلبــةا حالــة النــاس ص‬
‫البلدان ال تعاند من ازمات اجلو واامـراض الفتاكـه ب ـبب الفاسـدين‬
‫وانت ار الف اد املايل واستفحال اللصوصية بني احلكا ‪..‬‬
‫تلا كان اشارات تفوّه هبا ل ـان سـارماغو ول ـ انـا مـن يقوهلـا‬
‫اآلن بــل حــت عل ـدّ البــوح هبــا ملعرفــة إن كــان صــاحا قــد ن ــد حكايــة‬
‫القارب أ أنه مازال حياول أن يقـدمةا بطريقـة مناسـبة جلل ـتنا هـ ه ‪..‬‬
‫عاد ودعا ارنبة انفه بقوة ه ه املرة وحدق باملارة لبع الوق ‪:‬‬

‫‪121‬‬
‫ــــ ايةا العربد هل تعرحن لو بورخس ؟‬
‫ـــــــ آه اعرفـــه بـــالطبع ‪ .‬قـــرأت لـــه تقريـــر بـــرودوا وكتـــاب الرمـــل‬
‫وقصته ال ةرية مكتبة بابل‪ ،‬هد اول ما تعرف عليه من خاهلا ‪..‬‬
‫ــــ اذن ان تعرحن الرجل الضرير جيدا ‪..‬‬
‫ــــ انه رجل مدهش يا سارماغو ‪..‬‬
‫يل ابت امة عريضة ووضع يده عل ذراعد قاها‪:‬‬ ‫ابت‬
‫ــــــ حكايــة القــارب احــدس حكاياتــه ال ـ تقــول ان رجــا مــن عامــة‬
‫الناس جاء اىل قصر امللا وطلب منه ان هنحـه قاربـا مـن قواربـه‪ ،‬سـأله‬
‫امللا وملاذا تريد منا قاربا يارجل ؟‬
‫اجلاليرة الةولـة الـ مل يصـلةا احـد‬ ‫قال الرجل‪ :‬اريد ان اكت‬
‫من البحـارة ص كـل مكـان وزمـان مضـ ‪ ،‬حتـ ال ـندباد البحـر مل تطـأ‬
‫قدماه ارض تلا اجلاليرة ‪!!.‬‬
‫انفجــر امللــا بضــحكة مدويــه وصــاح بالرجــل‪ :‬يــاجمنون ا توجــد‬
‫جاليـــرة جمةولـــة ص كـــل ا ـــاء املعمـــورة‪ ،‬لقـــد مت م ـــري كـــل ااراضـــد‬
‫وا لجان والبحار بأمر منا ‪ ..‬هل تفة يارجل ؟‬
‫لـــوح الرجـــل ذراعـــه ص الفضـــاء وحـــر رأســـه ذات الـــيمني وذات‬
‫ال مال وز شـفتيه‪ :‬ــــــ يـا مـوا انـ قاعـد ص قصـر املنيـ وتصـدر‬
‫احكامـــا القطعيـــة ص شـــلون الرعيـــة وا تـــدر ـــة جـــالر ظةـــرت اىل‬
‫الوجود من جديد وان املكت فني من امثـايل يبحثـون عـن فرصـة مناسـبة‬
‫للوصول اليةا ملعرفة كل شدء عنةا ‪..‬‬

‫‪129‬‬
‫صــاح بــه امللــا‪ :‬ســنعطيا قاربــا مــن قواربنــا مــا دم ـ تصــر عل ـ‬
‫ااحبار وخ معا من تريـد مـن الرجـال ‪ .‬هيـا زودوه بقـارب مـن قواربنـا‬
‫ح نة الصنع هيا ‪..‬‬
‫ـــــ ا تعود ه ه احلكاية اىل بورخس كما قل يل ‪..‬‬
‫ـــــ اذن هد من حكايات صاحا العاليال كارلوس فوينتس؟‬
‫ـــــ ابدا لي من تداعيات صـاحب ارتيمـو كـروز والغريكـو العجـوز‬
‫ا اظنه قد تداع افكاره حبكاية من ه ا النو ‪..‬‬
‫ـــــ عليا ان تعرحن قبل ان اكمل احلكاية كلةا ‪..‬‬
‫ـــــ اهنا بالتاكيد من حكايات خوزيه سارماغو‪.‬‬
‫نع ياسيد خوزيه ‪..‬‬
‫التف ُ اليه كان قد غط ص اغفاهة عميقة وجدتُ من الصـعب علـدّ‬
‫ايقاظه اآلن من سباته ال بدأ يغـرق فيـه سـريعا وانـا بانتبـار ان يكمـل‬
‫احلكاية كلةا ‪..‬‬
‫ت رين ‪4862 /‬‬

‫‪@shabander_khan‬‬

‫‪161‬‬
‫‪7‬‬
‫(كتب ه ه القصص القصريه جدا بني اعوا ــــ ‪6606‬ــــ ‪)4886‬‬

‫‪6‬ــــ الكرة‬

‫قــال لنــا‪ :‬ي ــتطيع املــرء أن يكــون وحــده كــل شــدء‪ ،‬كــان هبي تــه‬
‫الرصينه يوحد لنا كلنا ان ما يقوله عـدا وكنـا مجيعـا ص غرفـة موحّـده‪،‬‬
‫وان ـ ترانــد ا أفعــل شــي ا ابــدا‪ ،‬بع ـ الــدم عافتــةا شــقيق ص بي ـ‬
‫مةجــور لتتــالوج أخــريا‪ ،‬كن ـ افكــر‪ :‬لعــل امللــو قــادرون ان يعــودوا ثانيــة‬
‫ويتحـ وا كعةــده القــدي جل ــة ال ــحاذين ص املقــاهد املنعاللــه؟ هنــا‬
‫عنــد الطــرحن ااخــر مــن املدينــه كان ـ بيــد كمثــرة ناضــجه‪ ،‬انضــجةا‬
‫صي جنوبد أخ مش ـه مـن دمـد‪ ،‬غـري ان الصـديق الوحيـد يل هـاجر‬
‫صباحا وتر يل كتابا يعن باحلب وال فر ‪ ..‬هل ادرك طفول مبكـرا‬
‫ألتعل ـ حــروحن اهلجــاء‪ ،‬فال ـ ين قطعــوا الطريــق عل ـ ابــد لكــد ا يــتعل‬
‫اايديـــة اعلنـــوا نـــدمة اخـــريا‪ ،‬غـــري ان مـــا ك ـــبناه ص طفولتنـــا هـــو‬
‫الفقروالتعل ال حيري‪ ،‬مقاعدنا مـن الطـني ومناضـدنا مـن سـع النحيـل‬
‫كان لنا خنلة ص باحة الدار وصنبور ماء وكرة كبرية من قمـيص شـقيقد‬
‫وعباءة امد ودشداشة ابد ‪ ..‬دهرا مـن ال ـنوات امضـيته ص البحـو عـن‬
‫تلا الكرة ومازل احبو عنةا دون جدوس ‪..‬‬

‫‪161‬‬
‫‪4‬ـــــ فتوه‬

‫للن يان وقع ملثر ص ثنايـا اجل ـد‪ ،‬ا يلفـه ولكـن حييلـه اىل كتلـة‬
‫صــماء‪ ،‬كــالربد لامــا‪ ،‬عطرتــه برحيــق ذكرياهتــا وامــا املــرآة امضـ جــل‬
‫وقتةا‪ ،‬تعرحن ان له التفاتة العاشق ص توسله اا ي ـيخ اجل ـد املوغـل ص‬
‫الرض ‪ ..‬قال ‪ :‬منـ ايـا بلغـ احلاديـه والع ـرين مـن عمـر ‪ ،‬إن هـ ا‬
‫ال ــال وذا الــرداء وتلــا الت ــرحية حي ـ رونن داهمــا‪ :‬ينبغــد اا يةــر‬
‫اجل ـد حـ وابـل مــن الن ـيان‪ ،‬وهــد تلحـ م ــيتةا بـني صــوحيباهتا‪،‬‬
‫حس به ول ريه وراءها وقع خاص ص نف ةا ‪..‬‬
‫قال هلا‪ :‬كلما رأيتا ص حمطة الباص تأخ ند رع ة طارهه ‪!.‬‬
‫قال له وعيناها تنبران اليه خل ة ‪:‬‬
‫ــــ ك لا حيد ال دء نف ه معد كأن ج د ينفن حاملا أرا ‪.‬‬
‫كان يتأملةا عن كثب ومشس امل اء تتكـئ علـ حافـة املغيـب‪ ،‬كانـا‬
‫يقطعان الطريق معا و حمطة الباص ااخرية ‪.‬‬

‫‪162‬‬
‫‪2‬ـــــ القلعه‬

‫ا هكن الكا عن القلعه مامل نتمكن من دخوهلا والبوابـة الكـبرية‬


‫موصـــدة‪ ،‬البوابـــة املطلـــة علــ طريـــق ا طـــر‪ ،‬الطريـــق ااكثـــر مراوغـــة‬
‫وثعلبيــة كمــا يقــال عــادة‪ ،‬لكنــةا افضــل اابــواب للــدخول اىل القلعــه واا‬
‫سيضطر املـرء اىل ت ـلق جـدارها العـايل‪ ،‬وبـ لا لـن يعتـرب نف ـه ضـيفا‬
‫مناسبا فالوليمه مالدانـه بـالعطور الالكيـه والولـدان يرتـدون افضـل مـا ص‬
‫خالانــة الثيــاب‪ ،‬وســيجد الــداخل امامــه تلــا مــن الصــداقات يتــةالا بــني‬
‫يديه‪ ،‬ذلا هو املناخ ال بني عل اساسه القلعه‪ ،‬وقـد يت ـاءل احـدك‬
‫كيـ لــا احلــديو عنــةا مــامل تدخلـةا‪ ،‬وهـ ا صــحيري جــدا‪ ،‬انــن اتلمــس‬
‫جدراهنا وابواهبا ا بيه ‪ ،‬ونواف ها املطلة عل اجلةات ااربع ‪..‬‬
‫حني ترك املكـان أعـن القلعـة‪ ،‬لليـ عـن ا ـن مـا لـد ص تلـا‬
‫الديار‪ ،‬حفنة من ذكريات وبعـ مـن شـبابد‪ ،‬لكـن اعـرحن لامـا مل يعـد‬
‫مــن املمكــن العــودة اىل هنــا ثانيــة ومــا دمـ قــد تركـ املكــان عنــوة لــن‬
‫أعود اليه كما فعل ص املرة ااوىل ‪..‬‬

‫‪165‬‬
‫‪2‬ــــبورتريت عبد الرمحن الربيعي‬

‫يغالل تاريخ احلروب القدهه‪ ،‬وي تل بأصابعه املتعبه سـيفه األزيل‬


‫لقــد خيبــه الع ــاق ص ان يقيمــوا مدينتــة الفاضــله علــ حافــة تــاريخ‬
‫املعار ال انتصر فيةا ‪ .‬ص املرة ااخرية كان الليل شديد احللكـة والـربد‬
‫ا ر ــة فيــه‪ ،‬ت ـ كر وســط فوض ـ الــروح فتوتــه الضــاهعه‪ ،‬ومبعولــه راح‬
‫ين ئ سورا حول نف ه‪ :‬فكر جادا ‪:‬‬
‫ـــــ ينبغد ترمي ه ا الالمن القاسد مبايـني الكلمـات‪ ،‬كانـ فوهـة‬
‫الربكـــان تلقـــد باملاليـــد مـــن كلمـــات ت ـــندها تـــال مـــن كلمـــات‪ ،‬وص اوج‬
‫مأســاته يتفجــر صــوت ضــحكاته ا افتــه ‪ .‬يــداه تعاجلــان الضــوء لكــد‬
‫يت رب اىل ا ارج ‪..‬‬
‫ـــ هل احلب لديه عامة؟‬
‫ـــ هل الرحيل ص ناموسه عامة ؟‬
‫ذخريته زجاجة عطـر ورسـاهل حـب وكتـاب‪ ،‬تلـا حقيبتـه ص مطـار‬
‫الروح لا الرواق الطويل بالنـداء‪ ،‬وقـد تـر وراءه كـل ع ـيقاته واكتفـ‬
‫بواحـــدة يقا ةـــا احلـــنني واألنـــني ‪ ..‬اتراهـــا تصـــيخ ال ـــمع طوتـــه‬
‫القادمه؟ أ سترتكه ينا وحيدا كما ص طفولته املفقوده ؟‬
‫مل يُق حت اآلن كرنفاله األخري ‪..‬‬

‫‪16.‬‬
‫‪3‬ــــ طفوله‬

‫كــل م ــاء يغمــره احلــنني اىل نف ــه ويعرتيــه فــي ال ـ كريات‪ ،‬هــل‬
‫تـــراه ي ـــتطيع مام ـــة اطرافةـــا؟ بعـ ـ امل ـــاهد والصـــور مـــن تلـــا‬
‫الـــ كريات ارطمــــة ‪ .‬ا تــــراه ينبــــر بعـــني ك ــــرية اىل ماضــــد اايــــا‬
‫امل تداعيه ‪ ..‬كـل شـدء قـب الـريري ومـا عـادت سـفن ااحبـاب حممّلـة اا‬
‫بالصدس والتمن‪ ،‬من تراه يناديه ص آخر املمر الطويل‪:‬‬
‫ــــ كي احلال ياعبد اهلل؟‬
‫اتراه يعنيه وحده ا يناد عبد اهلل آخر؟ حـني وصـل البيـ وجـده‬
‫خاليا من احد‪ ،‬عاد الصوت ثانية للنداء ‪:‬‬
‫ــــــ تعــال ياعبــد اهلل نصــطحب بعضــنا ونرتــد ســراويل املدرســه‬
‫ومنااألزقــة بالغنــاء ‪ ..‬الصــم ثقيــل والبي ـ ك يــب وروحــد ت ــأل مــن‬
‫اخرت الغناء؟ وان تثري ص قلـا ولـع اىل البـل الـوافر والعاللـة امل ـتحبه‪،‬‬
‫ياعبــداهلل ــن توأمــان هجرنــا طفولتنــا وصــحبتنا املبكــرة‪ ،‬مــاذا ع ــا‬
‫صــانع ص حياتــا مــاذا ترانــد فاعــل ص حيــاتد‪ ،‬هبدهــدات امــد بصــم‬
‫ابــد؟ بتلــا الــ كريات البعيــدة؟ تعــال نصــطحب ظــا و ــاد انف ــنا‬
‫ساعة كما كنا قبل ه ا الالمن ‪..‬‬

‫‪162‬‬
‫‪ 1‬ــــ املائدة‬

‫كــانوا يتحلقــون حــول املاهــدة ص احلديقــة الواســعة ح ـ ال ــجرة‬


‫الوحيــــدة العماقــــة‪ .‬جــــ عةا املنحــــور بــــادِ للعيــــان امامــــه‪ ،‬والوجــــوه‬
‫املتجمعـــــــــة حـــول املاهـــدة واحـــدة ا تكــ عـــن الثرثـــرة املتواصـــلة‪ .‬ـــة‬
‫مقعـــــــد خـال وبيـده تلمـس خ ـونة جـ ال ـجرة تأكـد لـه اهنـا منحـورة‬
‫من الداخـــــــــل لاما قال لنف ه‪ :‬عندما ت قط فاهنا لن تكـون اا جمـرد‬
‫اثر‪ ،‬سيقطعةا فاح احلديقــــــة ليالر بدا منةا شجرة اخرس مل يكـن ا‬
‫واحــد منــة قــد انتبــــــــه اىل املقعــد الفــارش‪ ،‬رفــــــــــع كتابــا ووضــعه فــوق‬
‫املقعد‪.‬‬
‫قال احده ‪ :‬اا يبـدو هـ ا العـــــــرق مغ وشـا؟ لـــــــــ جبـه أحـد‪،‬‬
‫كـــانوا قـــد لـــوا لامـــا اا هـــو‪ ،‬فقـــد كــــــــــان بالـــه م ـــدودا اىل جـ ـ‬
‫ال ـــــــــجرة كــ لا املقعـــد مل ي ـــغله ســـوس كتـــاب قـــدي ‪ ،‬اخـــــــــ رشـــفة‬
‫صغرية من قدحه واصـغ اىل حـديثة كـــــــــان حـديثا متقطعـا مضـطربا‬
‫وكان الريري تقلب صفحات الكتاب وهو يصغد لصوهتـــــا‪.‬‬
‫بدا مةموما بعـ ال ـدء قـال لنف ـه‪ :‬عنـدما تــقطع ال ـجرة مـن‬
‫مكاهنـــا فـــان جـ ـ عةا ســـيرت أثـــرا ص اارض اشـــبه مبقعـــد غـــري قابـــل‬
‫لاســـــــــتحدا ‪ ...‬حــني هنـــــــــــ ااول منــة تبعـــــه اآلخــرون‪ ،‬مل يفعــل‬
‫شي ا‪ ،‬واصل جل ته وحيدا وهو يراه يغادرون املكان اىل ا ـارج‪ ،‬كانـ‬
‫املاهدة خالية اآلن‪ ،‬كأهنا مةجورة من زمن قدي ‪ ..‬قدي ‪.‬‬

‫‪166‬‬
‫‪ 7‬ـ لقطه جانبيه‬

‫صـــباحا‪ ،‬بـــني ال ـــاعة ال ادســـة وال ـــابعة‪ ،‬غالبـــا مـــا ي ـــتيق‬


‫ــاوز العاشــرة صــباحا‪ ،‬يفــر‬ ‫مرتبكــا عل ـ حل ـ ‪ ،‬يــرس فيــه ان الوق ـ‬
‫عينيه وينبر اىل عقربد ال اعة‪ .‬يعلـل نف ـه ص انـه لـو عـاد اىل فراشـه‬
‫فمـن اجلـاهال ان تأخـ ه غفـوة طويلـة‪ ،‬يتمــت مـع نف ـه‪ :‬لـيس هـ ا عــدا‪،‬‬
‫وبــدون وعــد منــه‪ ،‬ي ـ هب اىل حنفيــة املــاء‪ ،‬يفتحةــا وي ــكب املــاء عل ـ‬
‫رأسه‪ ..‬اللعنة عل ه ا العرق الـرخيص‪ ..‬راهحـة خمـدرة تفـوح ص املكـان‪.‬‬
‫بعــد ســاعتني مــن اآلن عليــه اللحــاق بالبــاص او انتبــار صــديق هــر بــه‬
‫مصــادفة ينتبـــه اىل انـــه مـــا زال حـــاص القـــدمني منــ ان غـــادر الفـــرا‬
‫وصوت ابريق ال ا يغلد‪ .‬هل ف ـد ال ـا ؟ كـ اصـبح ال ـاعة اان؟‬
‫ال ــابعة والنص ـ يكــون قــد ارتــدس ثيابــه كاملــة‪ .‬يــتلمس ذقنــه ال ـ مل‬
‫حيلقةا من يومني وي تمر ص حضري فطوره‪ .‬تأتد خطوات الالوجـة مـن‬
‫الغرفة ااخرس ي ـري عليةـا ان تقـد لـه قـدحا مـن ال ـا تضـحا وهـد‬
‫تدير ص القدح ماء سـاخنا‪ .‬انـ مل تضـع ال ـا ص اابريـق لقـد ن ـي ‪،‬‬
‫ينــة عل ـ عجــل ويغــادر البيــ ‪ .‬هــواء ســاخن ص الطريــق اىل حمطــة‬
‫البـــاص‪ .‬الثامنـــة والنصـ ـ مالـ ـ ســـيفعله اان؟ كـ ـ بقـــد مـــن الوقـ ـ‬
‫امل ــموح لــه ص التــأخري؟ نصــ ســاعة هــل تكفــد؟ ب ــرا ان هــر بــه‬
‫صديق يقله معه ب ـيارته‪ ،‬غـري ان سـورة مـن الـرتاب حجـب الرايـا عنـه‪،‬‬
‫يــل اليــه ان ثاثــة مــن اصــدقاهه م ـرّوا ب ــياراهت ‪ ،‬يلقــد ســجارته ص‬
‫الطريق‪ ،‬ال اعة التاسعة لر به الباصـات مثقلـة بالب ـر‪ ،‬القلـق امل ـعور‬
‫ينمو بداخله‪ ،‬عني عل ال اعة واخـرس علـ الطريـق‪ ،‬العاشـرة مل يـتمكن‬
‫ــو‬ ‫حتـ اآلن مــن الوصــول اىل حــل‪ ،‬ي ــعل ســجارة اخــرس ويفكــر عل ـ‬
‫جاد ص العودة اىل البي ‪....‬‬

‫‪164‬‬
@shabander_khan

161

You might also like