You are on page 1of 2

‫بر موضوع الشخصية من أهم المواضيع التي استرعت اهتمام الفالسفة والعلوم االنسانية منذ القدم‪ ،‬فبدأ الخوض

فيها وفي مكوناتها باعتبارها بنية دينامية‬


‫تخضع لعدة تأثيرات سيكلوجية واجتماعية‬

‫والنص الذي بين أيدينا يندرج ضمن موضوع الشخصية وبالخصوص ضمن الشخصية بين الحتمية والحرية‪ .‬ويطرح هذا الموضوع إشكاال هاما يمكن‬
‫”صياغته كالتالي‪ :‬هل اإلنسان كائن فاعل أم عنصر منفعل؟‬

‫ويجيب عليه صاحب النص باألطروحة التالية ‪”:‬رغم أن اإلنسان يخضع لعدة إكراهات نفسية واجتماعية‪ ،‬فإنه وباعتباره كائنا حرا ذا إرادة‪ ،‬يستطيع أن‬
‫”يتخلص من هذه اإلكراهات‬
‫إن اشكالية “اإلنسان بين الحرية والحتمية” أفرزت العديد من التساؤالت التي يمكن صياغتها كالتالي‪ ” :‬هل لإلنسان دور في بناء شخصيته؟ أم أنه يخضع‬
‫لعدة حتميات سيكلوجية وسوسيو ثقافية اليمكنه التخلص منها؟ وإلى أي حد يمكن اإلتفاق مع هذين الموقفين؟‬

‫من أجل تحليل هذا النص سيكون من المنهجي‪ ،‬تفكيكه اوال إلى وحداته األساسية‪ ،‬ويمكن االكتفاء فقط بوحدتين أساسيتين حيث ان الوحدة األولى يبرز فيها‬
‫صاحب النص بأن اإلنسان يعيش تحت ضغط إكراهات سيكلوجية واجتماعية‪ ،‬والوحدة الثانية‪ ،‬يتم نقد الموقف الذي تم عرضه في الوحدة األولى مع إبراز‬
‫مدى حدوديته (؟)ء وعدم صالحيته في بعض الحاالت‬

‫يبدأ صاحب النص بتقديم تعريف لمفهوم الشخصية حيث يعتبرهاتنظيما‪ h‬مركبا‪ h‬وبنية دينامية يتدخل في تكوينها مجموعة من العوامل السوسيو ثقافية‬
‫والسيكلوجية‪ .‬فالنظام النفسي واالجتماعي يؤثران بشكل كبير على شخصية اإلنسان‪ ،‬فاالنسان في مرحلة طفولته يمر عبر مراحل تلعب دورا كبيرا في‬
‫تكوين شخصيته‪ ،‬كما أن اإلنسان وباعتباره كائنا اجتماعيا بالطبع‪ ،‬يعيش وسط هذا المجتمع ويكتسب ثقافة هذا المجتمع ولهذا فمن الطبيعي أن يؤثر كل ذلك‬
‫‪.‬في بناء شخصيته‪h‬‬

‫ولكن صاحب النص ورغم تقديمه لهذا التعريف إال انه يبرز‪ h‬بعد ذلك حدوديته (؟)ء حيث ان هذا التعريف الينطبق إال على جانب من األنا الذي يتميز‪ h‬بعض‬
‫وجوهه بالوحدة واالستقرار‪ .‬ومن هنا يبدأ صاحب النص بانتقاد الموقف الذي يقر على أن اإلنسان يخع لعدة حتميات وإكراهات سوسيوثقافية وسيكلوجية‪،‬‬
‫وان اإلنسان ال دخل له في تكوين شخصيته‪ ،‬فيؤكد صاحب النص ان هذا التعريف جد محدود‪ h،‬والتعريف الذي بدأ به صاحب النص غير صالح عندما يتم‬
‫تجاوز الحاضر‪ .‬فنحن نعلم ان اإلنسان كائن ذات (؟) إرادة وحرية وأنه قادر على أن يغير حاضره ومستقبله إذا أراد ذلك فاإلنسان يحيا وكله طموح وأمل‬
‫‪.‬في أن يغير شخصيته ويحسن منها‪ .‬وعند هذا الحد يفقد مفهوم الحتمية قيمته ويصبح غير صالح آلي شيء‬

‫ولقد اتبع صاحب النص مسارا منطقيا ‪ ،‬مترابطا حيث انطلق من منطلق نقدي‪ ،‬فقام في البداية بابراز الموقف الذي يؤكد أن اإلنسان كائن منفعل الدخل له في‬
‫تكوين شخصيته فقام بعد ذلك صاحب النص بدحض هذا الموقف من خالل إبراز حدوديته (؟) وعدم صالحيته‪ ،‬ألن اإلنسان كائن ذات إرادة وحرية تصبو‬
‫‪.‬دائما نحو التغيير‬

‫ولقد استند صاحب النص على مجموعة من البراهين والحجج حيث قام بتقديم مثال أبرز من خالله عدم صالحية موقف الحتمية‪ ،‬فاعتبر أن الطالب يمتلك‬
‫شخصية حالية أي الشخصية التي كونتها تلك الضغوطات النفسية واالجتماعية‪ ،‬ولكن هذا الطالب وباعتباره كائنا بشريا يمتلك العقل‪ ،‬فإنه سيشعر دائما بقوة‬
‫تدفعه للتغيير واالوصول إلى الشخصية التي يرمي إليها باعتبار أن امكانيات الطالب كثيرة ومتعددة‪ h،‬كما أن تلك الشخصية التي سيصبح عليها غير قارة‪ ،‬فقد‬
‫يتم تغيرها أو التحسين منها هي األخرى‪ ،‬ألن امكانيات الطالب جزئية |أي انها التعطى دفعة واحدة‪ ،‬بل تعطى شئا فشيئا‪ ،‬كما أن من الجائز أن تفشل‬
‫إمكانيات الطالب فال يصل إلى مايصبو إليه‬

‫إذن يتبين لنا من خالل هذا المثال أننا النتكلم عن شخصية واحدة قارة وثابتة‪ ،‬بل إننا نتحدث عن عدة شخصيات يلحقها التغيير‪ h‬بفضل اإلمكانيات الهائلة التي‬
‫يتوفر‪ h‬عليها اإلنسان‬
‫وهكذا توصل صاحب النص إلى أن الشخصية رغم انها تتعرض لعدة ضغوطات‪ ،‬فإنه من الجائز ان يلحقها التغيير‪ h‬بفضل إمكانيات اإلنسان غير المحدودة‬
‫باعتبار هذا األخير ذاتا واعية ومفكرة تأمل في التغيير‪ h‬وتصبو إلى النجاح‬
‫إذن انطالقا من تحليل هذا النص يتضح لنا أن اإلنسان كائن فاعل يلعب دورا كبيرا في بناء شخصيته وتغييرها‬

‫ولمناقشة هذا النص يجب علينا اوال أن نبين قيمته وبعد ذلك‪ ،‬نبيتن المواقف المؤيدة والمواقف المعارضة له‪ .‬إن النص الذي بين أيدينا حاول اقناعنا بالموقف‬
‫الذي يعرضه من خالل مجموغة من الحجج‪ .‬لقد قدم لنا تصورا واضحا عن دور اإلنسان في بناء شخصيته وذلك بدون نسيان الضغوطات التي يتعرض‪ h‬لها‬
‫اإلنسان فيحاول صاحب النص إقناعنا بأن هذه الضغوطات تقد قيمتها بمجرد شعور‪ h‬اإلنسان بالرغبة في التغيير نحو األفضل والتخلص من جميع تلك القيود‬

‫لقد تعزز موقف صاحب النص بموقف سارتر الذي اعتبر أن ” الوجود سابق على الماهية” فاإلنسان يولد أوال ثم بعد ذلك تتحدد ماهيته يؤكد هنا سارتر أن‬
‫وجود اإلنسان يعني حريته وتحمل مسؤولية اختياراته‪ ،‬فهو يتحدد من خالل ماسيصنعه في المستقبل أي من خالل إنجازاته المستقبلية‬

‫الفيلسوف سارتر يحمل نفس الفكرة التي يريد صاحب النص أن يبلغها أي أن اإلنسان سيظل كائنا فاعال في تكوين شخصيته ألنه بكل بساطة كائن حر ذات‬
‫إرادة ورغبة في التغيير‪h‬‬

‫لكن من جهة أخرى تظهر‪ h‬مواقف العلوم اإلنسانية التي أبدت اهتماما كبيرا في طرحها‪ h‬لمسالة الشخصية‪ ،‬فهي تؤكد ان اإلنسان يعيش عدة ضغوطات نفسية‬
‫وسوسيوثقافية‬
‫أما النفسية‪ ،‬فيمثلها فرويد‪ h‬الذي يؤكد ان منطقة الشعور هي أهم منطقة سكلوجية توجد عند اإلنسان ولقد شبه الشخصية كجبل جليد أي ان الجزء الخفي‬
‫والمغمور في الماء أضخم بكثير مما هو مكشوف ويظهرفوق الماء‪ .‬ولقد اعتبر ان مرحلة الطفولة مرحلة حاسمة في تكوين شخصية اإلنسان‪ ،‬ابتداءا من‬
‫المرحلة الفمية‪ ،‬ثم الشرجية فالقضيبية كما ان النظام النفسي يتكون من عدة مكونات وهي ثالثة‪ :‬الهو‪ -‬األنا‪ -‬األنا األعلى‬
‫أما الهو فهو الفطري في اإلنسان‪ ،‬يتحكم‪ h‬فيه مبدأ اللذة أو ما اصطلح فرويد على تسميته‪ :‬مبدأ الليبيدو‪ ،‬هائج وال يعرف معنى األخالق‬
‫األنا‪ :‬هو جزء من الهو الذي تم تعديله‪ ،‬وهو الذي يتحكم في تكزين الشخصية سواء كانت سوية او شاذة‬
‫األنا األعلى أي الضمير واألخالق‬
‫فاإلنسان إذن يتعرض لهذه الضغوطات النفسية‪ ،‬إذا نجح األنا في التوفيق بين متطلبات الهو والواقع‪ ،‬والواقع واألنا األعلى كانت الشخصية سوية أما إذا لم‬
‫ينجح في ذلك كانت الشخصية شاذة‬

‫كما أن اإلنسان وباعتباره كائن اجتماعي يتأثر بمجتمعه وثقافته من خالل التنشئة االجتماعية أي من خالل المؤسسات اإلجتماعية التي يمر بها ابتداءا من‬
‫األسرة فالشلرع والمدرسة وغير ذلك‬
‫وانطالقا من مناقشة النص يظهر لنا أنه اليكمن إخفاء تلك الضغوطات والحتميات التي يتعرض‪ h‬لها اإلنسان أي أنه كائن منفعل‬
‫وانطالقا من تحليل ومناقشة النص يتبين لنا أن الصراع ال زال قائما في إشكالية الشخصية بين الحتمية والحرية‪ ،‬فهناك موقفان أساسيان موقف يؤكد أن‬
‫اإلنسان حر وفاعل في تكوين الشخصية وموقف يؤكد على أن اإلنسان يتعرض لضغوطات وحتميات تجعله إنسان منفعل‬

‫وكإبداء لرأي شخصي يظهر‪ h‬لي أن اإلنسان ورغم أنه يتعرض لتلك الحتميات فإنه كائن ذات إرادة وحرية‪ ،‬يستطيع ان يغير شخصيته تغييرا كامال‪ ،‬والواقع‬
‫هو الدليل القاطع على ذلك فكم هم األشخاص الذين ينشئون في بيئة تتميز بصفات معينة ويحاول‪  ‬التخلص من تلك الضغوطات ليكتسيوا شخصية مختلفة‬
‫تماما عن الشخصية الحالية‪ .‬إذن فأنا أتفق مع صاحب النص وأؤيد رأيه تماما‬

You might also like