Professional Documents
Culture Documents
Árabe Documentos Vaticano
Árabe Documentos Vaticano
للذكرى الخالدة
-1مقدمة
إَّن المجمع المقدس ،إذ ُي صغي بورٍع إلى كلمِة اهلل وُي علُنها بثقٍة َ ،ي عمُل بأقواِل القديس يوحنا" :نبِّش ُر كم بالحياِة األبديِة التي
كانت عند األِب فَظ َه َر ت لنا :الذي رأيناه وسمعناه ،به ُن بِّش ُر كم لتكوَن لكم أيضًا شركًة معنا ،وشركُت نا إَّن ما هي مع اآلب ومع ابنه
يسوع المسيح" ( 1يو .)3 -2 ،1وعليه ،فإَّن المجمع المقدس يقتفي آثاَر الَم جمَع ين التريدنتي والفاتيكاني األول ،عاقدًا النية
ليعرض العقيدَة األصيلة عن الوحي اإللهي وعن ُط ُر ِق تسليمه لكي يسمَع العالم بأسره فيؤِم َن وبإيمانه يرجو وبرجائه ُي حُّب
(.)1
الفصل األول
الوحي اإللهي في حد ذاته
-2طبيعة الوحي
لقد َح ُس َن لدى اهلل ،بجودته وحكمته ،أن يكشف عن ذاِتِه وُي عِلَن ِس َّر إرادته (را .أف ،)9 ،1الذي به يتوَّص ُل البشر إلى اآلب
في الروح القدس ،بالمسيِح الكلمِة المتجِّس د ويصيرون شركاَء في الطبيعِة اإللهَّي ة (را .أف 18 ،2؛ 2بط .)4 ،1فإَّن اهلل غير
المنظور( ،را .قول 15 ،1؛ 1تيم )17 ،1بَف يٍض من محبته للبشرُ ،ي كاِل مهم كأحباَء (را .خر 11 ،33؛ يو )15 -14 ،15
ويتحَّد ُث إليهم (را .با )38 ،3ليدعوهم إلى شركته ويقبلهم فيها .وتدبيُر الوحي هذا يقوُم باألعمال واألقوال التي ترتبط
فيما بينها ارتباطا وثيقًا ،بحيُث أَّن األعمال التي حَّق َق ها اهلل في تاريخ الخالص ُت ب ُز العقيدَة والحقائَق التي ُت َع ِّب ُر عنها األقواُل
ِر
وتدعُم ها ،بينما األقواُل تعلُن األعماَل وتوضح السَّر الذي َت حويه .أَّم ا الحقيقة الخالصة التي ُي طلعنا عليها الوحي ،سواَء عن
اهلل أم عن خالِص اإلنسان ،فإَّن ها تسطُع لنا في المسيح الذي هو وسيُط الوحي بكاِم ِل ه وملُؤ ُه في آٍن واحد (.)2
إَّن اهلل الذي َي خُلُق كَّل شيء بالكلمة (را .يو )3 ،1ويحفُظ ُه ُ ،ي عطي البشَر شهادًة دائمًة عن ذاته في الخليقة (را .رو -19 ،1
.)20عالوًة على ذلك فإَّن ه ُم نذ البدء َأ ْظ َه َر ذاَت ه ألبوينا األوَلين ،إذ أراد أن يفتَح لهما طريق الخالِص الُع لوي .فَب عَد أن سقطا
ووعَد هما بالفداء ،أقاَم هما على رجاِء الخالص (را .تك )15 ،3وأحاط الجنَس البشرَّي بعنايٍة مستمَّر ٍة ،لَي َه َب الحياَة األبديَة
لكِّل َم ن بالصبِر على العمل الصالحَ ،ي طُلُب الخالص( .را .رو .)7 -6 ،2وفي حينه ،دعا إبراهيَم ليجعل ِم نه ُأ َّم ًة عظيمًة (را.
تك )2 ،12عَّلَم ها بواسطِة اآلباء ،ومن بعدهم بواسطِة موسى واألنبياِء ،أن تعرَف ُه هو اإللُه الوحيُد الحُّي والحقيقُّي ،اآلُب
الُم دِّب ُر والقاضي العادل ،وأن تنتظَر مجيَء الُم خِّلِص الموعوِد به .وعلى هذا المنوال مَّه َد اُهلل الطريَق لإلنجيِل مدى األجيال.
-4المسيح كمال الوحي
إَّن اهلل ،بعد أن تكَّلم تكرارًا وبطرٍق مختلفة باألنبياء "كَّلَم نا في هذه األيام األخيرة باإلبن" (عب .)2 -1 ،1فلقد أرسل إبنه،
الكلمَة األزلي الذي ُي نيُر كَّل إنسان ليقيَم بين البشِر وُي خبرهم عن خفّي اِت اهلل (را .يو .)18 -1،1ويسوُع المسيُح ،الكلمُة
المتجِّس ُد واإلنساُن الُم رَس ل إلى الناس ( ،)3يتكَّلُم إذًا بكالِم اهلل (يو ،)34 ،3وُي تِّم ُم العمَل الخالصَّي الذي أعطاُه إّي اه اآلب
ليعمله (را .يو 36 ،5؛ .)4 ،17وعليه فهو الذي -إن رآه أحٌد فقد رأى اآلب (را .يو )9 ،14بحضوِرِه الذاتّي الكامل
وبظهوِرِه ،وبأعماِلِه وأقواِلِه ،وبآياِتِه ومعجزاِتِه ،وخاصًة بموِتِه وقيامِت ِه المجيدة من بين األموات ،وأخيرًا بإرساله روَح الحِّق ،
ُي تِّم ُم الوحَي وُي كِّم له ويثّب ته ،إذ َي شَه ُد شهادَة اإللِه أَّن اهلل معنا لينشلنا من ظلمات الخطيئة والموِت وُي قيمنا للحياة األبدية.
إَّن طاعَة اإليمان أمٌر واجٌب هلل الموحي (رو 26 ،16؛ را .رو 5 ،1؛ 2كو ،)6 -5 ،10وبهذه الطاعِة ُي فِّو ُض اإلنسان أمَر ه إلى
تدبيِر اهلل بكاِم ِل حِّر يِت ِه ،فُي خِض ُع لُه تمامًا عقَله وإرادَت ه ،وَي قَب ُل ،عن رضى ،الحقائَق التي َي كشُف ها له ( .)4إَّن ما لكي يؤمَن
هكذا ،فهو بحاجٍة إلى ِن عمِة اهلل السابقِة والُم ساِن دة ،وإلى معرفة الروح القدس الداخلّي ة ،الذي ُي حِّر ُك القلَب ويرُّد ه إلى اهلل،
ويفتُح بصيرَة العقِل وُي عطي الجميَع العذوبَة في قبوِل الحقيقِة واإليمان بها ( .)5وهذا الروُح بالّذ ات ال يفتأ ُي كِّم ُل اإليمان
بمواهِب ِه ،لكي َي َت عَّم َق َتَف ُّه ُم الوحي يومًا بعد يوم.
-6الوحي اإللهي ومعرفة اهلل الطبيعية
لقد أراَد اهلل أن يكشَف عن ذاِتِه بالوحي اإللهي ،وأن ُي َب ِّي َن أحكاَم مشيئِت ِه األزلّي ة في ما َي ُخ ُّص خالَص البشِر "أي فيما يعوُد
إلى إشراكهم في الخيرات اإللهية التي تفوق تمامًا إدراَك العقِل البشري" (.)6
وإَّن المجمَع الُم قَّد َس ُي جاِه ُر بأَّن العقَل البشرَّي يستطيع بنوِرِه الطبيعي أن يعرف اهللَ ،م بدأ كِّل شيٍء وغايَت ه ،معرفًة أكيدًة ،
وذلك عن طريِق المخلوقات (را .رو )20 ،1؛ وُي عِّلُم المجمُع أيضًا أنه من الواجب أْن ُي عَز ى إلى الوحي ما يلي :إَّن ما في
اإللهّي ات من أموٍر ليست بحِّد ذاتها صعبَة المناِل على عقِل اإلنسان ،يستطيُع الجميُع ،حتى في ظروف الجنس البشري
القائمة ،أن يعرفوها بسهولٍة وأن َي َت َي َّق نوا ِم نها تيُّق نًا ثابتا ال يخالطه غلط (.)7
الفصل الثاني
لقد أعَّد اهلل بحلمه الفائِق ما كان قد أوحى به لخالِص جميِع األمِم كي يدوَم بُكِّلَي ِت ِه مدى الَّد هر ،وُي َس َّلَم لألجياِل كلها .ولهذا
فإن السّي َد المسيَح ،الذي فيه يتُّم وحُي اهلل العلي بكامِلِه (را 2 .كو 30 ،1؛ ،)6 ،4 - 16 ،3بعد أن كَّم َل وأعلن بنفِس ِه
البشارَة التي كان األنبياُء قد وعدوا بهاَ ،أ َم َر رسَلُه وأعطاهم المواهَب اإللهَّي ة ليكرزوا بها على الجميِع ُي نبوعًا لكِّل حقيقٍة
خالصّي ٍه ونظاٍم أخالقي .ولقد تحَّق َق ذلك بكِّل أمانٍة إما عن َي د الرسِل الذين لم تكن كرازتهم الشفوية ومثالهم ومؤسساتهم
سوى نتيجًة ألقواِل المسيِح أو لُص حَب ِت ه أو ألعماله أو ِل ما تعَّلموه بوحٍي من الروح القدس الذي به دَّو نوا بشارَة الخالص.
َبيد أَّن الرسَل تركوا خلفاء لهم األساقفة "وسَّلموهم مكانتهم التعليمّي ة" لتظَّل البشارُة دائمًا تاَّم ًة وحَّي ًة في الكنيسة .بناًء
عليِه أصبح التقليُد المقَّد ُس والكتاُب المقدس في عهَد يه بمثابِة ِم رآة تتأمل فيها الكنيسة ،في ُغ ربتها على األرض ،في اهلل
الذي َي منحها كَّل شيء إلى أن َت ِص َل إلى معاينته كما هو وجهًا لوجه (را 1 .يو .)2 ،3
-8التقليد المقدس
وعليه كان من المفروِض أن ُت صاَن الكرازة الرسولَّي ُة المعَّب ُر عنها بصورٍة خاّص ة في الُكُت ِب الُم لهمة ،وذلك بواسطِة َت سلُس ٍل غيِر
منقطٍع حتى انقضاء الدهر .ولذا فالرسل ،وقد سَّلموا ما كانوا قد استلموهُ ،ي نِّب هوَن المؤمنين إلى التمُّس ِك بالتقاليد التي
تعَّلموها سواء بالوعظ أو بالرسائل (را 2 .تيم )15 ،2وإلى الجهاد في سبيل اإليمان (را .يه )3الذي ُن قل إليهم مرًة واحدة.
وما َنَق َلُه الرسل يشمُل كَّل ما ُي ساعد شعَب اهلل على أن يعيَش حياَة قداسٍة ،وعلى أن ينمَو في اإليمان .وهكذا فإن الكنيسة،
بتعليمها وحياتها وطقوسهاُ ،ت َخ ِّلُد وتنقل لألجياِل بأسرها كَّل ما هي عليه وكَّل ما تؤمن به.
هذا التقليُد الذي استلمناه ِم ن الرسل يتقَّد م في الكنيسة بمعونِة الروح القدس .فإدراُك األموِر واألقوال المنقولة َي نمو إَّم ا
بتأُّم ِل المؤمنين الذين ُي رِّد دونها في قلوبهم ودراستهم (را .لو 19 ،2و ،)51وإّم ا بتبُّص ِر ِه م الباطنّي في األمور الروحية التي
يختبرون ،وإما بكرازِة أولئك الذين تسَّلموا ،مع الخالفِة األسقفية ،الموهبَة الثابتَة لتعليِم الحقيقة .أي أَّن الكنيسَة تتوق
باستمراٍر ،على َم ِّر األجيال ،إلى كماِل الحقيقِة اإللهَّي ِة ،إلى أن َت تَّم فيها أقوال اهلل.
تشهد أقواُل اآلباِء القديسين بحضوِر التقليد الُم حيي الذي َي فيض ِم ن ثرواته على أعماِل الكنيسِة وحياتها في إيمانها
وصالتها .فبفضل هذا التقليِد يَّت ِض ُح للكنيسة قانون األسفا المقَّد سة بكامله ،بفضله أيضًا ُت فهم األسفاُر المقدسة نفسها فهمًا
ِر
أعمق ،وتصبح فَّع الًة بإستمرار .وهكذا فإَّن اهلل الذي تكَّلَم قديمًا ،ال يزال ُي كِّلم خطيبة إبنه الحبيب والروح القدس الذي
بفضِلِه ُي دّو ي في الكنيسة وبواسطتها في العالم صوُت اإلنجيل الح ،يقوُد المؤمنين إلى كِّل حٍّق ويجعُل كلمَة المسيح تحُّل
ّي
فيهم بغزارة (را .كول .)16 ،3
-9الصلة المتبادلة بين التقليد والكتاب المقدس
ومن ثم فإن التقليد المقدس والكتاب المقدس يرتبطان ببعضهما ويشتركان فيما بينهما بصورٍة وثيقة .وإذ ينبع كالهما من
المصدِر اإللهي عيِنِه ،فإَّن هما يكونان نوعًا ما وحدة ويقصدان إلى الغاية نفسها .فالكتاُب المقدس هو حقًا كالُم اهلل بحيث أَّن ه
َل ُل ًة
قد ُس ِّط َر كتاب بإلهاِم الروح القدس .أَّم ا التقليد المقدس فإَّن ه ينقل كالم اهلل كامًال -وقد ائُت ِم َن عليه الرس من ُد ِن المسيِح
والروح القدس -إلى خلفائهم لكي يبِّش روا به ،وقد َأ ناَر ُه م روح الحِّق ،ويحفظوه بأمانٍة ويعرضوه وينشروه .فينتج عنذلك أَّن
الكنيسَة ال َت ْنَه ُل اليقين عن محتويات الوحي كّلها من الكتاب المقدس وحده .ولهذا علينا أن نقبل كليهما وُن جَّلهما بعاطفٍة
واحدة من الحِّب واإلحترام.
-10التقليد ،الكتاب المقدس ،شعب اهلل وسلطة التعليم في الكنيسة
إَّن التقليَد المقَّد َس والكتاَب المقَّد َس ُي كِّو ناِن وديعًة واحدًة ُم قَّد سة لكالِم اهلل أوِك َلت إلى الكنيسة .والشعُب المقَّد ُس كُّله ،إذ
يتعَّلُق بهذه الوديعة متحدًا برعاِتِه ،يثُب ُت دون إنقطاٍع على تعليِم الرسل والشركِة األخوَّي ِة ،وعلى كسِر الخبز والصلوات (را.
أع 42 ،2النص اليوناني) بحيُث أَّن ه بحفِظ اإليمان المنقوِل والعمِل والمجاهرِة به ،تتكَّو ُن بين األساقفة والمؤمنين وحدًة
في الرأي فريدة.
أَّم ا مهمُة تفسيِر كالم اهلل ،المكتوِب أو المنقول ،تفسيرًا صحيحًا ،فقد ُأ وِك َلت إلى ُس لَط ِة الكنيسِة التعليمَّي ِة الحَّي ِة وحدها ،تلك
التي ُت ماَر س باسم يسوع المسيح .على أَّن هذه الُس لطة ليست فوق كالم اهلل ولكَّنها تخدمه ،إذ إنها ال ُت عِّلُم إال ما استلمته،
بحيث أَّن ها بتكليٍف من اهلل وبمعونِة الروح القدس ُت صغي إليه بتقوى وتحفظه بقداسٍة وتعرضهبأمانٍة .ومن وديعة اإليمان
الواحدِة هذه تنهُل كل ما تقدُّم ُه من حقائَق يجُب اإليمان بها كموحاٍة من اهلل.
بناًء عليه يَّت ِض ُح أَّن التقليد المقدس والكتاب المقدس وُس لطة الكنيسة التعليمية ،بتدبيٍر إلهٍّي ُكّلَّي الحكمة ،ترتبُط ببعضها
ٍّل ّل
وتشترُك فيما بينها ،إلى حِّد أَّن ال قياَم للواحد منها دون اآلخرين ،وإنها ك ها مجتمعة ،وبحسب طريقِة ك منها وبتأثيِر الروِح
الواحِد ُ ،ت ساهم بصورٍة فّع الٍة في خالِص النفوس.
الفصل الثالث
في إلهام اإللهي للكتاب المقدس وتفسيره
إَّن الحقائق اإللهَّي ة التي تتضّم نها وتعلُنها أسفاُر الكتاب المقدس قد ُس ِّط َر ْت بإلهام الروح القدس .وأّم نا الكنيسة المقدسة
بفضِل اإليمان الذي إستلمته من الرسل تعتبُر كتَب العهِد القديِم والعهِد الجديِد كّلها بجميِع أجزائها مقدسًة وقانونية ،ألن تلك
األسفار التي ُكِت َب ت بإلهاِم الروح القدس( ،يو 31 ،20؛ 2تيم 16 ،3؛ 2بط 21 - 19 ،1؛ ،)16 - 15 ،3هو اهلل أَّلَف ها وُس ِّلَم ت
كما هي عليه إلى الكنيسة نفسها ( .)17إَّن ما إختار اهلل لصياغِة هذه الكتب المقَّد سة أناسًا في كماِل إمكاناتهم وقواهم (،)18
وإستخدمهم كيما ،بدفٍع منه فيهم وبواسطتهم ( ،)19يدّو نوا كمؤِّلفين حقيقيين ،كَّل ما ُي ريده وما ُي ريده فقط (.)20
وحيث يجب أن ُي عَت َب َر ِم َن الروح القدس كُّل ما يقوله ويؤِّكده المؤّلفون الملَه مون أو ُكَّت اُب األسفار المقدسة ،إقتضى إذ ذاك
اإلعتراف بأن الكتَب المقدسَة ُت عِّلُم الحقيقة التي أراد اهلل أن ُت دَرَج في تلك األسفاِر المقدسة ( )21لخالصنا بقوٍة وأمانٍة
وبدون خطأ .وعليه "فإَّن الكتاب كَّله قد أوحى به اهلل وهو مفيٌد للتعليِم وللتفنيِد وللتقويم وللتهذيب بالبِّر لكي يكون رجُل
اهلل كامًال متأهبًا لكِّل عمٍل صالٍح " ( 2تيم 17 -16 ،3النص اليوناني).
ولَّم ا كان اهلل يتكَّلُم في الكتاب المقدس بواسطِة الَب َش ِر ( )22وعلى طريقتهمَ ،و َج َب على شاِرِح هذا الكتاب ،ليتفَّه َم ما أراد
أن يوصله اهلل إلينا ،أن ينتبه في تنقيبه إلى ما كان في نَّي ِة الُكَّت اِب القديسين أن ُي عِّب روا عنه حقًا وإلى ما راق اهلل أْن ُي ظهَر ه
بكالِم ِه م .ولتوضيح نَّي ِة الُكَّت اب القديسين يجُب من بين ما َي جُب إعتباره ،إعتباَر الفنوِن األدبَّي ة أيضًا .فالحقيقُة ُت عَر ُض
وُتَف َّس ُر بصوٍر مختلفٍة ،في نصوٍص تاريخيٍة متنّو عٍة ،أو نصوٍص َن َب وّي ٍة أو شعرّي ٍة أو في غيرها من أنواِع التعبير ( .)23فِم ن
الواجِب إذًا على الشاِرِح أن ُي فّت َش عن المعنى الذي كان في نَّي ِة الكاتب المقَّد س أن ُي عِّبَر عنه وَع َّب َر عنه حقًا في الظروف
المعَّي نِة التي عاش فيها ،وفقًا ألوضاِع عصِر ِه وثقافِت ِه بواسطِة الفنوِن األدبَّي ِة المتداولِة آنذاك .ولكي يتفَّه َم تفُّه مًا صادقًا ما
قد أراَد المؤّلف المقَّد س أن يؤّكَد ه كفايًة ،يجب اإلنتباُه سواء إلى طرائق الشعوِر والقوِل واِإل خبار المعتادة واألصيلة ،أو إلى
تلك التي كانت ُت َّت َب ُع في ذلك الوقِت في معاطاِة البشِر المتباَد لة ( .)24وبما أّن ه َي جُب قراءُة الكتاِب المقدس وتفسيُر ه بذاِت
الروح الذي فيِه ُكِت َب ( ،)25فإَّن ه من الضرورّي ،لتوضيح معنى النصوِص المقَّد سِة توضيحًا صحيحًا أن ُي نظَر باإلهتماِم نفِس ه
إلى مضموِن األسفار الكتابَّي ِة كّلها ووحدتها ،مع مراعاة التقليد الحي للكنيسة جمعاء ومراعاة الُم قايَس ة في اإليمان .وعلى
المفّس رين أن يعملوا طبقًا لهذه القواعد ليفهموا بعمٍق أكبَر معنى الكتاب المقدس ،ويعرضوه لكي يَّت ضَح ُح كُم الكنيسة،
وتكون هذه الدراسة بمثابة تهيئٍة لها .فكُّل هذا الذي يتعَّلُق بشرِح الكتاب َي خضع أخيرًا لُح كِم الكنيسة ،التي ُكِّلَف ْت بمهمِة
حفِظ كلمِة اهلل وشرِح ها بإنتداٍب من اهلل (.)26
-13تنازل اهلل
فَي ظَه ُر إذًا في الكتاِب المقدس تناُز َل الحكمِة األزلَّي ِة العجيب ،وذلك مع المحافظِة على حقيقِة اهلل وقداسِت ِه ،كي تتعَّلَم عطَف
اهلل الذي يفوُق التعبيَر وإلى أِّي مدى استعَم َل كالمًا موزونًا بعنايته ُم الِئ مًا ِل طبيعِت نا ( .)27وإَّن كالَم اهلل الذي ُع ِّبَر عنه بلغِة
البشِر صاَر شبيهًا بالكالِم البشرّي كما فيما مضى من األزمنة صاَر كلمُة اهلل األزلي شبيهًا بالبشِر بعد أن َأ َخ َذ َج َس َد ضعفنا
البشري.
الفصل الرابع
العهد القديم
لقد أراَد اهلل وَأ َع َّد في محبِت ِه الفائقِة وعنايِت ِه السامَي ِة خالَص الجنِس البشرِّي بكامِلِه .فإختاَر لنفِس ِه ،بتصرٍف فريٍد ،شعبًا
ُي وكُل إليِه المواعيَد ،وقطع عهدًا مع إبراهيم (را .تك )18 ،15وبواسطِة موسى مع شعِب إسرائيل (را .خر )8 ،24وَأ ْظ َه َر
ُل ًا ًا ًا ًا َّل
نفَس ُه ،للشعِب الذي خ َص ه ،إله وحيد حقيقي وحي ،وذلك باألقواِل واألعمال ،ليخَت ِب َر إسرائي ما هي ُط ُر ُق اهلل مع البشِر
وليتقَّد َم يومًا بعَد يوٍم في فهِم ها بصورٍة أعمق وأوضح ،وُي علَنها على األمم إطالقًا مستندًا في ذلك على الكالم الذي فاَه به
اهلل باألنبياء (را .مز 29 -28 ،21؛ 3 -1 ،95؛ إش 4 -1 ،2؛ إر .)17 ،3أما تدبيُر الخالِص الذي َس َب َق فأعلَن ُه الُكَّت اُب
القّد يسون وأخبروا بِه وفسَّر وه ،فإننا نجُد ُه في أسفاِر العهِد القديِم ككلمِة اهلل الحقيقية .ولذلك تحتفُظ هذه الكتُب الُم وحى
بها من َلُد ِن اهلل بقيمٍة ثابتٍة " :ألن كَّل ما ُكِت َب من َق بُل إّن ما ُكِت َب لتعليِم نا ليكوَن لنا الرجاُء بالصبِر وبتعزيِة الُكُت ِب " (رو ،15
.)4
-15أهمية العهد القديم للمسيحيين
لقد كاَن تدبيُر العهِد القديِم يهِد ُف بنوٍع خاص إلى تهيئِة مجيء المسيِح مخلِص الكّل وإلى اِإل عداِد للُم لِك المسيحانّي ،وُي علُن
ذلك على لساِن األنبياء (را .لو 44 ،24؛ يو 39 ،5؛ 1بط )10 ،1وُي رَم ُز إليه بصوٍر مختلفٍة (را 1 .كو .)11 ،10أَّم ا أسفاُر
العهِد القديِم فإَّن ها ُت ظِه ُر للجميِع معرفَة اهلل واإلنساِن والُط ُر ِق التي يتبُع ها اهلل ،في عدِلِه ورحمِت ِه ،للتعامِل مع البشِر ،وذلك
حسب أوضاِع الجنس البشري التي َس َب َق ْت األزمنَة التي فيها َأ نَش َأ المسيُح الخالَص .وإَّن هذه األسفاَر ،وِإ ْن إحَت َو ْت أمورًَا غير
كاملًة وزمنَّي ًة ،فإّن ها ُت طلعنا على أسلوٍب تربوٍّي إلهٍّي حقيقي ( .)28ولهذا فَع لى المسيحييَن أْن َي قَب لوها بورع .فإَّن ها ُت عِّب ُر عن
المعنى الح هلل ،وتكُم ُن فيها تعاليُم سامية عن اهلل وحكمة خالصّي ة عن حياة البشر وكنوز رائعة للصلوات .فيها أخيرًا
ّي
يحَت ِج ُب سُّر خالِص نا.
فاهلل إذًا الذي َأ ْلَه َم أسفاَر الَع هدين وأَّلَف ها قد َر َّت َب األموَر بحكمِت ِه ،كي يحَت ِج َب الجديُد في القديِم وَي َّت ِض َح القديُم في الجديِد
( .)29فمع أَّن المسيَح قد أَّس َس في دِم ِه العهَد الجديَد (را .لو 20 ،22؛ 1كو ،)25 ،11غير أَّن أسفاَر العهِد القديِم كّلها،
وقد اَّت خَذ ْت ها البشارُة اإلنجيلّي ُة ،تكَت ِس ُب كماَل معناها وُت ظهره في العهِد الجديِد (( )30را .مت 17 ،5؛ لو 27 ،24؛ رو ،16
26 -25؛ 2كو )16 -14 ،3؛ وبدورها هي ُت نيُر ُه وتشرُح ُه .
الفصل الخامس
العهد الجديد
إَّن كلمَة اهلل التي هي قدرُة اهلل لخالِص كل مؤمن (را .رو )16 ،1نراها معروضًة بنوٍع فائق في أسفار العهد الجديد حيث
تتجّلى قوتها .فعندما بلغ ملء الزمان (را .غال )4 ،4صاَر الكلمُة بشرًا فَس َكَن بينناِ ،م لُؤ ُه النعمة والحق (را .يو .)14 ،1أنشَأ
المسيُح ُم لَك اهلل على األرض ،وباألقوال واألعمال أظَه َر أباُه ونفَس ه ،وأتَّم عمله بموته وقيامته وصعوده المجيد ،وأرَس َل
الروح القدس .ولَّم ا إرتفع من األرِض َج َذ َب إليه الناَس أجمعين (را .يو 32 ،12النص اليوناني) ،هو الذي عنده وحده كالَم
الحياِة األبدية .غيَر أن هذا السّر لم ُي كَش ف لألجياِل اُألخرى ،كما هو واضح اآلن في الروح القدس لرسِل المسيِح القّد يسين
ولألنبياء ،كي َي كرزوا باإلنجيل وُي وقظوا اإليمان بالمسي يسوع الرّب وَي جمعوا الكنيسة .وأسفار العهد الجديد تقوُم شهادًة
ِح
دائمًة وإلهيًة على هذه األمور.
-18األصل الرسولي لإلنجيل
ليس بخفٍّي على أّح د أن األناجيل تحتّل بحٍّق بين كِّل األسفار المقدسة ،حتى كتب العهد الجديد ،مكاَن الصدارة ،إذ إنها
الشهادُة الرئيسّي ُة على حياة الكلمِة المتجّس د فادينا وتعليمه.
إَّن الكنيسَة تمَّس َكْت وتتمَّس ُك دائمًا وفي كل مكان بأن األناجيل األربعة تتأَّص ُل في الرسل .فما بَّش َر به الرسل بأمٍر ِم ن
المسيح َس َّلمونا إياه ،هم وصحبهم ،كتابًة ،وذلك بنفحة الروح القدس .وهذه الكتابات هي أساس اإليمان ،أي اإلنجيل الرباعي
الشكل ،حسب متى ومرقس ولوقا ويوحنا (.)31
-19الطابع التاريخي لألناجيل
إَّن أَّم نا الكنيسة المقدسة تمَّس َكْت وتتمَّس ُك بشكٍل قاطع ُم طلق بأَّن األناجيل األربعة اآلنفة الذكر ،التي تجِز م دون تردد
بتاريخَّي ِت ها ،تحمل إلينا بأمانٍة كَّل ما عمله حقًا يسوع إبن اهلل ،يوم كان يعيش بين البشر لخالِص هم األبدي ،وكَّل ما عمله ،إلى
ذلك اليوم الذي فيه َص ِع َد إلى السماء (را .أع .)2 - 1 ،1فالرسل ،بعد صعود الرب نقلوا إلى مستمعيهم أقواَل المسيح
وأعماَله ،بذلك الفهم الُم تكامل الذي توَّص لوا إليه عن طريِق أحداِث المسيِح المجيدة التي دَّر بتهم ،ونور روح الحق الذي
عَّلمهم ( )32و ( .)33أما المؤِّلفون القِّد يسون فقد كتبوا األناجيل األربعة وإختاروا بعَض ما كان ُي نقل بغزارٍة ،شفويًا أو
كتابًة ،وَأ وجزوا البعض اآلخر أو فَّس روه مع مراعاة ظروف الكنائس ،وإحتفظوا أخيرًا بأسلوِب الكرازة بحيث أَّن هم أعطونا
دوما عن يسوع ما هو حٌّق وصادق ( .)34ولقد كتبوا بتلك النَّي ة ،سواء تدفقت األمور من ذاكرتهم وذكرياتهم الشخصية أو
َص َد َر ت عن شهادة أولئك الذين "عاينوا بأنفسهم منذ البدء وكانوا خدامًا للكلمة ،لنعرف (حقيقة) الكالم الذي تعلمناه" (را .لو
.)4 - 2 /1
-20كتابات العهد الجديد األخرى
القديس بولس وسائر الكتاباِت الرسولّي ة التي إَّن قانوَن العهِد الجديِد يتضَّم ُن أيضًا ،عالوًة على األناجيل األربعة ،رسائَل
كَّل ما يتعلق بالمسيح ،وُت عِّب ُر أكثَر فأكثَر عن تعاليمه
وضعها مؤلفوها بإلهاٍم من الروِح القدس .فإَّن ها بحكمِة اهلل وتدبيره ،تؤِّكُد
األصيلة ،وُت بِّش ر بقَّو ة العمل اإللهي الخالصّي ة الذي تَّم َم ه المسيح ،وُت خبر عن بداياِت الكنيسة وإنتشاِرها العجيب وُت نبىء
بكمالها المجيد .فالمسيح السيد كان حاضرًا مع تالميذه حسبما كان َو َع َد ُه م به ،وأرسل إليهم الروَح المعّز ي ليرشدهم إلى
الحق كّله (را .يو .)13 ،16
الفصل السادس
الكتاب المقدس في حياةالكنيسة
إحتَر َم ت الكنيسة دومًا الكتب اإللهية كما إحترمتَج َس َد الرّب نفسه .فإنها ال تنثني تأخذ خبز الحياة ،خاَّص ة في الليترجيا
المقدسة،سواًء عن مائدة كلمة اهلل أو عن مائدة جسِد المسيِح لتقّد مه للمؤمنين .ولقد إعتبرتالكنيسة دائمًا وال تزال ُت عَت َب ر
هذه الكتب مع التقليد المقدس قاعدًة ُم طلقًة إليمانها :إَّن ها إلهاٌم من لدن اهلل ،ولقد ُس ِّط َر ت كتابًة بصورٍة نهائّي ة ،لتوّز عكلمة
اهلل بالذات دونما تغيير ،وتجعل صوَت الروح القدس ُي دوي في أقوال األنبياءوالرسل .لذلك يجب على كِّل كرازة كنسَّي ة،
وعلى الديانة المسيحية ذاتها أن تتغذى منالكتاب المقدس ،وأن تخضع لتوجيهه .ففي األسفاِر المقدسة يلتقي اآلب السماوي
بأبنائهبمحبٍة ويكالمهم.
ولكالم اهلل من الشَّد ة والفاعلية بحيث أن الكنيسة تجد فيهدعامة وقوة ،وأبناءها يجدون فيه إليمانهم عضدًا ولنفسهم قوتًا،
ولحياتهم الروحيةينبوعًا صافيًا وخالدًا .ولهذا َت صّح في الكتاب المقدس األقوال التالية" :فإن كالماهلل هو حٌّي وفَّع ال" (عب
" ،)12 ،4القادرأن يبنيكم ويؤتيكم الميراث مع جميعالقديسين" (أع 32 ،20؛ را .تسا .)13 ،2
-22ضرورةترجمات صحيحة ومناسبة
يجب أن تتسَع الطريُق أماَم المؤمنين للوصول إلى الكتابالمقدس .لهذا فإن الكنيسة تعَّر َف ت منذ نشأتها إلى ترجمة العهد
القديم اليونانيةالعريقة في القدم والتي تدعى بـ "السبعينية" .ولقد أكبرت أيضًا دائمًا غيرها منالترجمات الشرقيةوالالتينية.
ال سيما تلك التي تسمى بـ "الفولغاتا" ولما كانمن الواجب أن ُت رافَق كلمة اهلل العصور كّلها ،فالكنيسة بعطفها الوالدّي ،تهتُّم ألن
تضع في لغاٍت مختلفٍة ،ترجماًت مالئمًة وصحيحة ،خاصة عن النصوص األولية لالسفارالمقدسة .فإذا ما تَّم ت هذه الترجمات
بالتعاون أيضًا مع األخوة المنفصلين ،حسبماتسمح الظروف بذلك وترضى به السلطة الكنسية ،فإَّن المسيحيين جميعهم
يستطيعونإستعمالها.
إَّن عروَس الكلمة المتجسد ،أعني الكنيسة ،وقد عَّلمها الروح القدس ،تسعى يومًا بعديوم للوصول إلى َتَف ُّه ِم الكتب المقدسة
تفُّه مًا أعمق كي ُت غّذ ي أبناءها بإستمراربالكالم اإللهي .ولذلك فإنها ُت شِّج ع أيضًا بحٍّق دراسة اآلباء القديسين ،الشرقيينمنهم
والغربيين ،ودراسة الطقوس المقدسة .أما مفِّس رو الكتب المقدسة الكاثوليكيونوغيرهم ممن يهتّم ون بدراسة الالهوت
المقدس ،فعليهم أن يتعاونوا بكِّل غيرٍة ،وأنيعملوا تحت إشراِف السلطة التعليمية المقدسة على التنقيب في األسفار
المقدسةبالوسائل المالئمة وعلى عرضها ،بحيث يستطيع أكبُر عدٍد ممكن من خّد ام الكلمةاإللهية ،أن يوفروا بصورٍة مثمرٍة
لشعِب اهلل قوت الكتب المقدسة ،الذي ُي نيُر العقَل وُي قّو ي اإلرادة ويلهب قلوَب البشِر بمحبة اهلل( .)35وإَّن المجمع المقدس
َي ستحُّث أبناء الكنيسة الذينينكّب ون على الشؤون الكتابية على أن يتابعوا ما بدأوا به بنجاٍح وأن يكملوه بتجديٍد قوٍّي متزايٍد
وبإهتماٍم كّلٍّي حسب روح الكنيسة.)36(
-24 الكتب المقدسة وعلمالالهوت
يرتكُز علُم الالهوِت المقَّد س إلى كالِم اهلل المكتوب وإلى التقليد المقدسإرتكازًا ثابتًا ،ويجد فيه قوًة ومتانًة وفتّو ًة دائمة إذ
يتفَّح ُص بنوِر اإليمانكَّل الحقيقة التي يتضمنها سُّر المسيح .فإن الكتَب المقَّد َس َة تحتوي على كلمةاهلل ،بل هي حقًا كلمة اهلل
ألنها ُم لهمة .ولهذا يجب أن يكوَن درُس الكتِب المقَّد َس ِة بمثابة روِح علم الالهوت المقدس(.)37أما خدمة الكلمة ،أعني الكرازة
الراعوية والتعليموكَّل إرشاٍد مسيحي ،فهو ما يجُب أن تحتَّل فيه العظُة الطقسَّي ُة محًال ممتازًا ،فتتغذى هي أيضًا من كلمة
الكتاب المقدس نفسها الغذاء السليم وتتجدد بالقوةالمقدسة.
- 25الدعوة إلى قراءة الكتاب المقدس
لهذا يجب علىاألكليريكيين كلهم ،ال سيما على كهنة المسيح وسائر الذين يقومون شرعًا بخدمة الكلمةكالشمامسة ومعلمي
التعليم المسيحي ،أن يتمَّس كوا بالكتاب المقدس ،وذلك بأن يستمروافي القراءة المقدسة وفي الدرس العميق لئال يصبح
"واعظًا باطًال في الخارج لكلمةاهلل من ال يصغي لها في الداخل"(،)38وقد يفترض فيه أن ُي شرك في ثروة كالم اهلل الوفيرة
وخاصة في الليترجيا المقدسةالمؤمنين الذين ُأ وِك ل إليه أمرهم .وإَّن المجمع المقدس يحث أيضًا بصورة خاصةوبقوة،
المسيحيين جميعهم ال سيما أعضاء الرهبانيات على إستكشاف "معرفة المسيح يسوعالفائقة" (فيل )8 ،3بعودتهم المتواترة
إلى قراءة الكتب المقدسة "ألنه يجهل المسيحمن يجهل هذه الكتب"( .)39فليقبلواإذًا عن رضى على النصوص المقدسة
نفسها سواء عن طريق الليترجيا المقدسة الُم شَب عةبالكالم اإللهي ،أو عن طريق القراءة التقوية ،أو بواسطة مؤَّس سات تتالئم
والمطلوب،أو أخيرًا عن طريق وسائل أخرى تنتشر بصورة حميدة في عصرنا القائم وفي كل المعمور،بقبول رعاة الكنيسة
ورعايتهم .إنما عليهم أن يتذكروا أنه يجب أن ُي صاحب التأملقراءة الكتب المقدسة ،لينشأ الحوار بين اهلل واإلنسان ،ألننا
"نكالمه في صالتناونستمع إليه عندما نطالع أقوال اهلل"( .)40أما األساقفة "المؤَت منون على التعليم الرسولي"()41فإليهم
يعود أمر تدريِب المؤمنينالمكَّلفين بهم ،تدريبًا مالِئ مًا على إستعمال الكتب اإللهية الصحيح وخاصة العهدالجديد ،ال سيما
األناجيل ،بواسطة ترجمات النصوص المقدسة الُم زدانة بالشروحالضرورية والوافية حقًا ،بحيث أَّن أبناَء الكنيسة يتآلفون
الكتب المقدسة بأماٍن وفائدٍة ويتشَّر بون من روحها .عالوة على ذلك ،يجب أن ُت حَّض ر طبعاٍت من الكتابالمقدس إلستعمال غير
المسيحيين أنفسهم تتناسب وأوضاعهم ،وتكون مزَّو دًة بالشروحالمالئمة ،ويجب على الرعاة والمسيحيين قاطبًة أن يسهروا
على نشرها بحكمٍة وبجميعالوسائل.
-26خاتمة
وهكذا "فلُت ْن َش ر كلمة الرب إذًا وُت َم َّج د" ( 2تس )1 ،3بقراءِة الكتِب المقدسة ودرسها ،ولتمأل يومًا بعد يوم كنوَز الوحي
الموكولة إلى الكنيسة قلوب البشر .وكماتنمو حياُة الكنيسِة بممارستها سَّر القربان ممارسًة غير منقطعة ،هكذا يجدر بنا أن
نرجَو زخمًا جديدًا للحياة الروحية ينبُع من احترام متزايد لكلمِة اهلل "التي تدوم إلى األبد" (إش 8 ،30؛ را 1 .بط -23 ،1
.)25
كل ما أعلن في هذا الدستور ،بُج ملته وتفصيله قد نال رضى اآلباء .ونحن بالسلطان الرسولي الذي لنا من المسيح ،وباالتحاد
مع اآلباء األجالء ،نوافق عليه ،ونثّب ته ،ونقّر ه في الروح القدس ،ونأمر بأن ُي نشر لمجد اهلل ما تقَّر ر مجمعيًا.
روما ،قرب القديس بطرس ،في اليوم 18من شهر تشرين الثاني /نوفمبر سنة ،1965أنا بولس أسقف الكنيسة الكاثوليكية.
(تلي توقيعات اآلباء)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع
-1القديس أغسطينوس :في تعليم األميين التعليم المسيحي :8 : 4مجموعة آباء الكنيسة الالتينية.316 :40 .
-2متى 27 /11؛ يو 14 ،1و 17؛ 6 /14؛ 3 - 1 ،17؛ 2كور 16 ،3و 6 ،4؛ أف .14 - 3 ،1
-4م .ف .أ :دستور عقائدي "في اإليمان الكاثوليكي" الفصل " 3في اإليمان" :دنتسنغر .)3008( 1789
-5مجمع أورانج :2القانون :7دنتسنغر - .)377( 180م.ف.أ :المرجع نفسه :دنتسنغر .)3010( 1791
-6م.ف.أ :دستور عقائدي "في اإليمان الكاثوليكي" ،الفصل " 2في الوحي اإللهي" :دنتسنغر .)3005( 1786
-8متى 20 - 19 ،28؛ مر - .15 ،16م .ت ،.الجلسة :4قرار "في الكتب المقدسة القانونية" :دنتسنغر .)1501( 783
-9م.ت :.المرجع نفسه - .م.ف.أ ،.الجلسة " :3دستور عقائدي في اإليمان الكاثوليكي" ،الفصل " :3في الوحي" :دنتسنغر
.)3006( 1787
-12م.ف" :1.دستور عقائدي في اإليمان الكاثوليكي" ،الفصل " :4في اإليمان والعقل" :دنتسنغر .)3020( 1800
-14بيوس الثاني عشر :الدستور الرسولي "اهلل الكّلي الجود" 1 ،تشرين الثاني :1950أ.ك.ر )1950( 42 .ص ،756
بالمقارنة بكالم القديس قبريانوس في الرسالة 8 :66ك.م.ل( .هرتل) 3ب ص " :733الكنيسة شعب مّت حد بالكاهن ،ورعّي ة
متعّلقة براعيها".
-15م.ف.أ :دستور عقائدي في اإليمان الكاثوليكي ،الفصل :3في اإليمان :دنتسنغر .)3011( 1792
-16بيوس الثاني عشر :الرسالة العامة "الجنس البشري" 12 ،آب :1950أ.ك.ر )1950( 42 .ص :569 - 568دنتسنغر
.)3886( 2314
-17م .ف .أ :.دستور عقائدي "في اإليمان الكاثوليكي" ،الفصل الثاني :دنتسنغر - .)3006( 1787لجنة الكتاب المقدس:
قرار في 18حزيران :1915دنتسنغر - .)3620( 2180أنكيريديون الكتاب المقدس - .420مجمع التفتيش المقدس:
رسالة في 22كانون األول :1923أنكيريديون الكتاب المقدس .499
-18الون الثالث عشر :الرسالة العامة "اهلل الكلي العناية" ،في 18تشرين الثاني :1893دنتسنغر )3293( 1952؛
أنكيريديون الكتاب المقدس .125
-19بيوس الثاني عشر :الرسالة العامة" :بوحي من الروح القدس" ،في 30أيلول :1943أعمال الكرسي الرسولي35 .
( )1943ص 314؛ أنكيريديون الكتاب المقدس .556
" -20في" وباإلنسان :عب 1 ،1و 7 ،4؛ 2صم 2 ،23؛ مت 22 ،1؛ المجمع الفاتيكاني األول :مشروع في العقيدة
الكاثوليكية ،التعليق :9مجموعة الك ألعمال المجامع المقدسة وقراراتها .522 :7
-21القديس أغسطينوس" ،في سفر التكوين" :20 ،9 :2مجموعة آباء الكنيسة الالتينية271 - 270 /34 .؛ ك .م .ل،28 .
47 - 46 ،1والرسالة :3 ،82مجموعة آباء الكنيسة الالتينية :277 ،33 .ك .م .ل 2 :34 .ص - .354القديس توما" :في
الحقيقة" ،السؤال ،12المقال 2ج - .المجمع التردنتي ،الجلسة الرابعة :في الكتب المقدسة القانونية :دنتسنغر 783
( - )1501الون الثالث عشر :الرسالة العامة "اهلل الكلي العناية" .أنكيريديون الكتاب المقدس - .127 ،126 ،124 ،121
بيوس الثاني عشر :الرسالة العامة "بوحي الروح القدس" .أنكيريديون الكتاب المقدس .539
-22القديس أغسطينوس" :مدينة اهلل" :2 ،6 :17مجموعة آباء الكنيسة الالتينية537 :41 .؛ مجموعة الكتاب المسيحيين
الالتين .228 :2 :40
-23القديس أغسطينوس" :في العقيدة المسيحية" :26 :18 :18 :3مجموعة آباء الكنيسة الالتينية.76 - 75 :34 .
-24بيوس الثاني عشر :المرجع نفسه :دنتسنغر :)3830 - 3829( 2294أنكيريديون الكتاب المقدس .562 - 557
-25بندكتس الخامس عشر :الرسالة العامة "الروح المعزي" 15 ،أيلول :1920أنكيريديون الكتاب المقدس - .469القديس
هيرونيموس :في الرسالة إلى الغالطيين :21 - 19 :5مجموعة آباء الكنيسة الالتينية 417 :26 .أ.
-26م .ف :2 .دستور عقائدي "في اإليمان الكاثوليكي" ،الفصل " :2في الوحي" :دنتسنغر .)3007( 1788
-27القديس يوحنا الذهبي الفم :في سفر التكوين ( 8 :3العظة :)17مجموعة آباء الكنيسة اليونانية.143 :53 .
-28بيوس الحادي عشر :الرسالة العامة "بقلٍق شديد" 14آذار :1937أعمال الكرسي الرسولي 1937( 29 .ص .)151
-29القديس أغسطينوس" :المسائل في األسفار السبعة" :73 :2مجموعة آباء الكنيسة الالتينية.623 :34 .
-30القديس أيريناوس :ضد الهراطقة :30 ،21 :3مجموعة آباء الكنيسة اليونانية :1 :25 =( 950 :7 .هرفيه 2ص .115
-القديس كيرّلس األورشليمي" :التعليم المسيحي" :35 :4مجموعة آباء الكنيسة اليونانية - .497 ،33 :.تيودرورس
المصيصي "في صفنيا" :6 - 4 :1مجموعة آباء الكنيسة اليونانية 425 :66 .د .453 -
-31القديس أيريناوس :ضد الهراطقة :8 :11 :3مجموعة آباء الكنيسة اليونانية885 :7 .؛ سانيارد ،ص .194
-33يو 22 ،2؛ 16 ،12؛ 26 ،14؛ 13 - 12 ،16؛ .39 ،7
-34اللجنة البابوية لتعزيز الدراسات الكتابية :اإلرشاد "الكنيسة األم المقدسة" :أعمال الكرسي الرسولي ،)1964( 56 .ص
.715
-35بيوس الثاني عشر :الرسالة العامة "بوحي إلهي" :أنكيريديون الكتاب المقدس - .567 ،553 ،551لجنة الكتاب
المقدس البابوية :إرشاد في "التعليم الصحيح للكتاب المقدس في اإلكليريكيات والمعاهد الرهبانية" 13 ،أيار :1950أعمال
الكرسي الرسولي ،)1950( 42 .ص .505 - 495
-37الون الثالث عشر :الرسالة العامة "اهلل الكلي العناية" :أنكيريديون الكتاب المقدس - .114بندكتس الخامس عشر:
الرسالة العامة "الروح المعزي" :أنكيريديون الكتاب المقدس .483
-39القديس هيرونيموس :تفسير إشعيا ،التوطئة :مجموعة آباء الكنيسة الالتينية - .17 :24 .بندكتس الخامس عشر:
الرسالة العامة "الروح المعزي" :أنكيريديون الكتاب المقدس - .480 - 475بيوس الثاني عشر :الرسالة العامة "بوحي
إلهي" :أنكيريديون الكتاب المقدس الكتاب المقدس .544
-40القديس أمبروسيوس" :في واجبات الخدمة" :88 :20 :1مجموعة آباء الكنيسة الالتينية.50 :16 .
-41القديس إيريناوس :ضد الهراطقة :1 :32 :4مجموعة آباء الكنيسة اليونانية 2 ،49 =( 1071 :7 .هرفيه ،ص .)255