You are on page 1of 31

‫‪ISSN: 1112-5357‬‬ ‫مجلة الحضارة اإلسالمية‬

‫‪E-ISSN: 2602-5736‬‬ ‫مايو ‪2019‬‬ ‫العدد‪ :‬األول‬ ‫اجمللد‪20 :‬‬


‫د‪ .‬أمحد حوباد‬ ‫اختالف الطرق عند املالكية‬

‫‪DIFFERENT WAYS AT MAALIKIS‬‬

‫الدكتور‪ :‬أحمد حوباد ‪Dr. Ahemd HOUBAD‬‬

‫جامعة وهران‪University of ORAN1 1‬‬

‫‪houbad.ahmed@gmail.com‬‬

‫‪Accepted:‬‬ ‫‪2018/03/12‬‬ ‫‪ Received:‬قُبل للنشر‪:‬‬ ‫‪2018/02/19‬‬ ‫استلم‪:‬‬

‫ملخص‪:‬‬

‫اختالف الطرق أمر فرضته عدة أسباب‪ ،‬وهذا ما صنع يف زمن متقدم من تاريخ املذهب اختالفا‬
‫بني مدارس املالكية يف طريقة حكاية املذهب‪ ،‬ويف زمن متأخر بني شيوخ دور التطور يف فهم كالم‬
‫متقدمي املذهب‪ ،‬مما دفع علماء املالكية على اختالف أزمانهم وبيئاتهم إىل اعتماد قواعد ترجيحية بني‬
‫األقوال والروايات والطرق حال التعارض‪ ،‬بغية صنع قالب عام للمذهب املالكي يتمكن من خالله‬
‫طالب رأي املذهب يف مسألة من املسائل من معرفتها دون كبري عناء‪.‬‬

‫الكلمات املفتاحية‪ :‬الطرق؛ املالكية؛ اختالف؛ الرتجيح؛ االستقرار؛ متأخري املذهب؛ اللخمي؛‬
‫ابن بشري‬

‫‪Abstract:‬‬
‫‪The different ways that is referred this is imposed by several reasons ,This back to‬‬
‫‪an advanced time of the doctrine history making Differences between the different‬‬
‫‪schools of the Maliki in terms of relating the story of the doctrine , and to a later period‬‬
‫‪May 1st, 2019‬‬ ‫‪corresponding author: houbad.ahmed@gmail.com‬‬

‫‪195‬‬
ISSN: 1112-5357 ‫مجلة الحضارة اإلسالمية‬
E-ISSN: 2602-5736 2019 ‫مايو‬ ‫ األول‬:‫العدد‬ 20 :‫اجمللد‬
‫ أمحد حوباد‬.‫د‬ ‫اختالف الطرق عند املالكية‬

among the elders of the role of evolution in understanding speech that are of more high
denomination, prompting maaliki scholars on varying its times and their
Environmments to adopt rules of weighting between words. novels and methods in
opposition to make a general template for maliki to enable a student see the doctrine in
question of their knowledge without much trouble.

Keywords: Different; roads; the maalikis; weighthing; stability; the lat doctrine;
lakhm;i ibn bachir.

May 1st, 2019 corresponding author: houbad.ahmed@gmail.com

196
‫‪ISSN: 1112-5357‬‬ ‫مجلة الحضارة اإلسالمية‬
‫‪E-ISSN: 2602-5736‬‬ ‫مايو ‪2019‬‬ ‫العدد‪ :‬األول‬ ‫اجمللد‪20 :‬‬
‫د‪ .‬أمحد حوباد‬ ‫اختالف الطرق عند املالكية‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫جيد الناظر يف فروع املذهب املالكي خالل دراسته لبعض مسائل الفقه‪ ،‬تنصيص بعض الفقهاء‬
‫على لفظي «طريقة أو طرق»‪ ،‬فيجد مثال أن هذا القول «مبين على طريقة البغداديني أو على طريقة‬
‫املغاربة أو املدنيني أو املصاروة»‪ ،‬أو قد جيد كذلك أن هذا القول يتخرج على طريقة اللخمي‪ ،‬أو طريقة‬
‫ابن بشري‪ ،‬أو غريهما من أصحاب الوجوه والطرق‪ ،‬فيشكل عليه فهم هذه اجلزئية بالذات‪ ،‬واليدري‬
‫ما مقصود فقهاء املالكية بهذا املصطلح‪ ،‬أي‪ :‬مصطلح «الطرق»‪.‬‬
‫ولإلحاطة بهذه اجلزئية‪ ،‬وفهم مقصود فقهاء املذهب بها‪ ،‬كان هذا البحث‪ ،‬بغية شرح املقصود‬
‫منها‪ ،‬وبيان أسباب اختالف فقهاء املذهب املالكي فيها‪ ،‬أي‪ :‬اختالفهم يف طرق حكاية املذهب‪.‬‬
‫ولدراسة ما سبق‪ ،‬قمت بتقسيم هذا البحث إىل ثالثة مباحث‪ ،‬خصصت األول منها للتعريف‬
‫مبصطلح «اختالف الطرق» لغة واصطالحا‪ ،‬وقسمته إىل مطلبني‪ ،‬األول منهما للتعريف باخلالف» لغة‬
‫واصطالحا‪ ،‬والثاني للتعريف ب»الطرق» لغة واصطالحا‪ ،‬وأما املبحث الثاني فخصصته الختالف‬
‫الطرق بني مدارس املالكية‪ ،‬وقسمته إىل ثالثة مطالب‪ ،‬خصصت األول منها ألسباب اختالف الطرق‬
‫بني مدارس املالكية‪ ،‬والثاني للتمثيل لذلك االختالف‪ ،‬والثالث لقواعد الرتجيح بني طرق املدارس‬
‫املالكية‪.‬‬
‫وأما املبحث الثالث‪ ،‬فخصصته «الختالف الطرق عند متأخري املذهب»‪ ،‬وقسمته إىل ثالثة‬
‫مطالب‪ ،‬خصصت األول منها ألسباب اختالف الطرق عند متأخري املذهب‪ ،‬والثاني للتمثيل‬
‫الختالف الطرق عند متأخري املذهب‪ ،‬وأما الثالث فخصصته للقواعد الرتجيحية الختالف الطرق‬
‫عند متأخري املذهب‪ ،‬وختمت البحث خبامتة خلصت فيها ما توصلت إليه من نتائج‪.‬‬

‫‪May 2019‬‬ ‫‪Volume : 20‬‬ ‫‪Number : 01‬‬ ‫‪Islamic Culture Review‬‬

‫‪197‬‬
‫‪ISSN: 1112-5357‬‬ ‫مجلة الحضارة اإلسالمية‬
‫‪E-ISSN: 2602-5736‬‬ ‫مايو ‪2019‬‬ ‫العدد‪ :‬األول‬ ‫اجمللد‪20 :‬‬
‫د‪ .‬أمحد حوباد‬ ‫اختالف الطرق عند املالكية‬

‫‪-‬املبحث األول‪ :‬تعريف «اختالف الطرق» لغة واصطالحا‬


‫‪-‬املطلب األول‪ :‬اخلالف لغة واصطالحا‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫أ‪-‬تعريف اخلالف لغة‪:‬‬
‫خلف‪ ،‬اخلاء والالم والفاء أصول ثالثة‪:‬‬
‫خللَف‪:‬‬
‫خلَف صدق من أبيه‪ ،‬وا َ‬
‫‪-‬أحدها‪ :‬أن جييء شيء بعد شيء يقوم مقامه‪ ،‬يقولون هو َ‬
‫الولد الصاحل يبقى بعد اإلنسان واخلَلْف واخلالفة‪ :‬الطاحل‪ ،‬قال تعاىل‪﴿ :‬فخلف من بعدهم خلف‬
‫خللْف‪ :‬القرن بعد القرن يقال‪ :‬هؤالء خلْف سَوء لناس الحقني بناس‬
‫أضاعوا الصالة﴾ [مرمي‪ ، ]59 :‬وا َ‬
‫أكثر منهم‪ ،‬قال لبيد‪:‬‬
‫وبقيت يف خلْف كجلد األجرب‪.‬‬ ‫ذهب الذين يعاش يف أكنافهم‬
‫‪-‬الثّاني‪ :‬خالف قدّام‬
‫خللُوفُ فم الصّائم‬
‫خلَفَ فُوه‪ ،‬إذا تغيّر وأخلف‪ ،‬وهو قوله ‪ُ « :‬‬
‫‪-‬الثالث‪ :‬التّغيّر‪ ،‬فقوهلم َ‬
‫(‪)2‬‬
‫وخلف اللّنب واملآء‪ :‬إذا تغيّر طعمه أو رآئحته‪ ،‬ومبعنى التغري قول‬ ‫أطيب عند اهلل من ريح املسك»‬
‫ابن األمحر‪:‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬معجم مقاييس اللغة ‪ ،‬أيب احلسني أمحد بن فارس بن زكريا‪ ،‬تح‪ :‬عبد السالم حممد هارون‪ ،‬ط‪1979 ،2‬م‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بريوت‪،‬‬
‫لبنان‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪ / 210‬الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية‪ ،‬إمساعيل بن محاد اجلوهري‪ ،‬تح‪ :‬أمحد عبد الغفور عطار‪ ،‬ط‪1990 ،4‬م‪،‬‬
‫دار العلم للماليني‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ج‪ ،6-1‬ص‪ / 1353‬لسان العرب‪ ،‬ابن منظور‪ ،‬تح‪ :‬عبد اهلل علي الكبري وحممد أمحد حسب اهلل‬
‫وهاشم حممد الشاذيل‪ ،‬ط‪1119 ،5‬ه‪ ،‬دار املعارف‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ص‪ / 1234‬املصباح املنري‪ ،‬أمحد بن حممد بن علي الفيومي‬
‫املقرئ‪ ،‬تح‪ :‬خضر اجلواد‪ ،‬د‪.‬ط‪1987 ،‬م‪ ،‬مكتبة لبنان‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ص‪ / 69‬تاج العروس من جوهر القاموس‪ ،‬حممد املرتضى‬
‫احلسيين الزبيدي‪ ،‬تح‪ :‬عبد الستار أمحد فراج‪ ،‬د‪.‬ط‪1965 ،‬م‪ ،‬مطبعة حكومة الكويت‪ ،‬الكويت‪ ،‬ج‪ ،23‬ص‪.240‬‬
‫(‪ )2‬متفق عليه‪ ،‬اجلامع املسند الصحيح املختصر من أمور رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وسننه وأيامه‪ ،‬حممد بن إمساعيل البخاري‪ ،‬تح‪:‬‬
‫حممد زهري بن ناصر الناصر‪ ،‬ط‪1422 ،1‬ه ‪ ،‬دار طوق النجاة‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬كتاب‪ :‬الصوم‪ ،‬باب‪ :‬فضل الصوم‪ ،‬رقم‪/ 1894 :‬‬

‫‪May 2019‬‬ ‫‪Volume : 20‬‬ ‫‪Number : 01‬‬ ‫‪Islamic Culture Review‬‬

‫‪198‬‬
‫‪ISSN: 1112-5357‬‬ ‫مجلة الحضارة اإلسالمية‬
‫‪E-ISSN: 2602-5736‬‬ ‫مايو ‪2019‬‬ ‫العدد‪ :‬األول‬ ‫اجمللد‪20 :‬‬
‫د‪ .‬أمحد حوباد‬ ‫اختالف الطرق عند املالكية‬

‫وتنكَّر اإلخوان والدهر‪.‬‬ ‫بان الشّباب وأخلَفَ العُمرُ‬


‫سكَتَ ألفا‪ ،‬ونطق خلفا»‪ ،‬أي سكت عن ألف كلمة‪ ،‬ثمّ‬
‫واخللْف‪ :‬الرّديء من القول‪ ،‬يُقال‪َ « :‬‬
‫تكلَّم خبطأ‪ ،‬والتخَلُّف‪ :‬التأخر‪.‬‬
‫واخلالف‪ :‬املخالفة‪ ،‬وقوله تعاىل‪﴿:‬فرح املخلفون مبقعدهم خالف رسول اهلل﴾ [التوبة‪ ،]81 :‬أي‪:‬‬
‫خمالفة رسول اهلل ‪ ،‬ويقال‪ :‬خلف رسول اهلل ‪ ،‬وختالف القوم واختلفوا‪ :‬إذا ذهب كل واحد إىل‬
‫خالف ما ذهب إليه اآلخر‪ ،‬وهو ضدّ االتفاق واالسم‪ :‬اخلُلف بضم اخلاء‪ ،‬ومنه احلديث‪ »:‬سووو‬
‫صفوفكم‪ ،‬وال ختتلفوا فتختلف قلوبكم»(‪ ،)1‬أي‪ :‬إذا تقدّم بعضهم على بعض يف الصّفوف تأثرت‬
‫قلوبهم‪ ،‬ونشأ بينهم اختالف يف األلفة واملودّة‪.‬‬
‫ومن خالل التعاريف اللغوية يتبني ما يلي‪:‬‬
‫‪-1‬تشرتك مجيع التعاريف يف أنّ معنى اخلالف‪ :‬املخالفة‪ ،‬واملضادة ‪ ،‬وعدم االتفاق‪ ،‬وأن يذهب‬
‫كل واحد على خالف اآلخر‪.‬‬
‫‪-2‬اتفقت التّعاريف السّابقة مجيعها على أنّ اخللف مبعنى التّغيّر‪ ،‬ومبعنى القرن بعد القرن‪ ،‬أو ما‬
‫جآء بعد‪.‬‬
‫وأكثر املعاني اليت ذكرتها التّعاريف اللغوية حيويها املعنى االصطالحي‪ ،‬فاخلالف واملخالفة‬
‫مبعناها الفقهي االصطالحي هي‪ :‬ضد االتفاق‪ ،‬وال ريب أنّ املخالف حياول تغيري رأي صاحب القول‬
‫األوّل‪ ،‬وإن كان رأي املخالف قويا‪ ،‬فإنه خيلفه من بعده وحيل مكانه‪.‬‬

‫املسند الصحيح املختصر من السنن بنقل العدل عن العدل إىل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬مسلم بن احلجاج القشريي‪ ،‬تح‪ :‬حممد‬
‫فؤاد عبد الباقي‪ ،‬ط‪1422 ،1‬ه‪ ،‬دار إحياء الرتاث العريب‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬كتاب‪ :‬الصيام‪ ،‬باب‪ :‬فضل الصيام‪ ،‬رقم‪.1151 :‬‬
‫(‪ )1‬صحيح مسلم‪ ،‬مسلم‪ ،‬كتاب‪ :‬الصالة‪ ،‬باب‪ :‬تسوية الصفوف وإقامتها‪ ،‬رقم‪.432 :‬‬

‫‪May 2019‬‬ ‫‪Volume : 20‬‬ ‫‪Number : 01‬‬ ‫‪Islamic Culture Review‬‬

‫‪199‬‬
‫‪ISSN: 1112-5357‬‬ ‫مجلة الحضارة اإلسالمية‬
‫‪E-ISSN: 2602-5736‬‬ ‫مايو ‪2019‬‬ ‫العدد‪ :‬األول‬ ‫اجمللد‪20 :‬‬
‫د‪ .‬أمحد حوباد‬ ‫اختالف الطرق عند املالكية‬

‫ب‪-‬تعريف اخلالف اصطالحا‪:‬‬


‫يستمد التّعريف االصطالحي حقيقته من تعريفه اللّغوي‪ ،‬فهو مبعنى عدم االتفاق‪ ،‬وأن يذهب‬
‫كل واحد خالف اآلخر يف حاله أو قوله‪ ،‬قال الراغب‪»:‬وملا كان االختالف بني الناس يف القول قد‬
‫يقتضي التّنازع‪ ،‬استعري ذلك للمنازعة واجملادلة»(‪ ،)1‬وقد عرّفه اجلرجاني بأنّه‪ »:‬منازعة بني املتعارضني‪،‬‬
‫لتحقيق حق أو إلبطال باطل»(‪ ،)2‬وتعريف الرّاغب للخالف لغة ال يفرق بينه وبني االختالف‪،‬‬
‫ويعتربهما شيئا واحدا‪ ،‬وهو ما عليه اجلمهور من الفقهآء‪ ،‬كما يدلّ على ذلك واقع أحباثهم يف‬
‫مصنّفاتهم اخلالفية حيث جندهم يف الفقرة الواحدة يعربون عن املعنى الواحد بلفظيت اخلالف‬
‫واالختالف‪.‬‬
‫وذهب بعض أهل العلم إىل أنّ االختالف يستعمل يف قول بين على دليل‪ ،‬واخلــالف فيما ال‬
‫دليل عليه(‪ ، )3‬وهو مردود مبا سبق أي بأنّ املصنّفات اخلالفية يف شتّى الفنون تستعمل لفظ اخلالف‬
‫واالختالف للمعنى الواحد‪ ،‬ومردود كذلك مبصطلح مراعاة‬
‫اخلالف‪ ،‬وهو أصل من أصول املذهب املالكي‪ ،‬فكيف يراعى اخلالف‪ ،‬وهو عندهم ما بين على‬
‫غري دليل؟‬

‫(‪ )1‬املفردات يف غريب القرءان‪ ،‬أيب القاسم احلسني بن حممد(الراغب األصفهاين)‪ ،‬تح‪ :‬حممد سيد كيالين‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬دار املعرفة‪ ،‬بريوت‪،‬‬
‫لبنان‪ ،‬ص‪.156‬‬
‫(‪ )2‬التعريفات‪ ،‬علي بن حممد الشريف اجلرجاين‪ ،‬د‪.‬تح‪ ،‬د‪.‬ط‪1958 ،‬م‪ ،‬مكتبة لبنان‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ص‪.106‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬موسوعة كشاف اصطالحات الفنون والعلوم‪ ،‬حممد علي التهانوي‪ ،‬تح‪ :‬علي دحروج‪ ،‬ط‪1996 ،1‬م‪ ،‬مكتبة لبنان‪ ،‬بريوت‪،‬‬
‫لبنان‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.116‬‬

‫‪May 2019‬‬ ‫‪Volume : 20‬‬ ‫‪Number : 01‬‬ ‫‪Islamic Culture Review‬‬

‫‪200‬‬
‫‪ISSN: 1112-5357‬‬ ‫مجلة الحضارة اإلسالمية‬
‫‪E-ISSN: 2602-5736‬‬ ‫مايو ‪2019‬‬ ‫العدد‪ :‬األول‬ ‫اجمللد‪20 :‬‬
‫د‪ .‬أمحد حوباد‬ ‫اختالف الطرق عند املالكية‬

‫‪-‬املطلب الثاني‪ :‬الطرق لغة واصطالحا‪:‬‬


‫(‪)1‬‬
‫أ‪-‬تعريف الطرق لغة‪:‬‬
‫الطرق‪ :‬مجع‪ ،‬مفرده‪ :‬طريق وطريقة‪.‬‬
‫فالطريق لغة‪ :‬السبيل‪ ،‬يذكر ويونث‪ ،‬فيقال‪ :‬الطريق األعظم‪ ،‬والطريق العظمى‪ ،‬واجلمع‪ :‬أطرقة‬
‫وطرق‪ ،‬ومسي طريقا ألنه‪ :‬يطرق باألرجل‪ ،‬أي‪ :‬يضرب‪ ،‬وعنه استعري‪ :‬كل مسلك يسلكه اإلنسان‬
‫يف فعل حممودا كان أو مذموما‪.‬‬
‫وأما الطريقة‪ ،‬فجآءت مبعان كثرية‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪-‬الطريقة‪ :‬ما يكون بني السكتني من النخل‪ ،‬والطريقة‪ :‬عمود املظلة واخلباء‪ ،‬والطريقة‪ :‬نسيجة‬
‫من الصوف أو الشعر عرض الذراع أو أقل‪ ،‬والطريقة‪ :‬اخلط يف الشيء‪ ،‬والطريقة‪ :‬احلال‪ ،‬يقال‪ :‬فالن‬
‫على طريقة حسنة‪ ،‬وطريقة القوم‪ :‬أماثلهم وخيارهم‪ ،‬وطريقة الرجل‪ :‬مذهبه‪ ،‬يقال‪ :‬ما زال فالن على‬
‫طريقة واحدة‪ ،‬أي‪ :‬حالة واحدة‪.‬‬
‫وال ريب أن هذا األخري‪ ،‬أي‪ :‬الطريقة مبعنى املذهب‪ ،‬هو املقصود‪ ،‬ألنه هو الذي يرتبط‬
‫بالتعريف االصطالحي‪.‬‬
‫ب‪-‬تعريف الطريق اصطالحا‪:‬‬
‫الطريق‪ :‬مصطلح خيتلف باختالف الطائفة اليت تستعمله‪ ،‬وقد استعمله فقهاء املالكية للتعبري عن‬
‫فهم شيخ أو شيوخ املذهب للمذهب على ما نقلوه‪ ،‬هل هو على الوفاق أو اخلالف؟‪ ،‬وارتباطه‬
‫بالتعريف اللغوي‪ ،‬هو من حيث كون الطريقة‪ :‬هي مذهب الشخص‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬معجم مقاييس اللغة‪ ،‬ابن فارس‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪ / 449‬الصحاح‪ ،‬اجلوهري‪ ،‬ج‪ ،6-1‬ص‪ / 1513‬لسان العرب‪ ،‬ابن منظور‪،‬‬
‫ص‪ / 2661‬املصباح املنري‪ ،‬الفيومي‪ ،‬ص‪ / 141‬تاج العروس‪ ،‬الزبيدي‪ ،‬ج‪ ،26‬ص‪ / 72‬املفردات يف غريب القرآن‪ ،‬الراغب‬
‫األصفهاين‪ ،‬ص‪.303‬‬

‫‪May 2019‬‬ ‫‪Volume : 20‬‬ ‫‪Number : 01‬‬ ‫‪Islamic Culture Review‬‬

‫‪201‬‬
‫‪ISSN: 1112-5357‬‬ ‫مجلة الحضارة اإلسالمية‬
‫‪E-ISSN: 2602-5736‬‬ ‫مايو ‪2019‬‬ ‫العدد‪ :‬األول‬ ‫اجمللد‪20 :‬‬
‫د‪ .‬أمحد حوباد‬ ‫اختالف الطرق عند املالكية‬

‫وقد عرفه صاحب التوضيح بقوله‪« :‬الطريق عبارة عن شيخ أو شيوخ يرون املذهب كله على ما‬
‫نقلوه»(‪ ،)1‬فهو عبارة عن اختالف الشيوخ يف كيفية نقل املذهب‪ ،‬هل هو على قول واحد أو قولني أو‬
‫(‪)2‬‬
‫أكثر؟‬
‫وعليه فيكون اختالف الطرق‪« :‬تغاير فهوم شيوخ املذهب يف حكاياتهم للمذهب‪ ،‬من حيث‬
‫يرى كل شيخ أن املذهب على ما حكاه ونقله‪ ،‬ال على ما حكاه ونقله غريه‪.‬‬
‫ويعامل اختالف الطرق مبا يعامل به اختالف الروايات من ناحيتني‪:‬‬
‫‪-‬أوال‪ :‬من حيث كون األوىل اجلمع بني الطرق ما أمكن‪ ،‬والطريق اليت فيها زيادة راجحة على‬
‫غريها‪ ،‬ألنها زيادة ثقات‪ ،‬وأصحاب مالك وتالميذه تفرقوا يف األمصار‪ ،‬فكانت الروايات عن‬
‫طريقهم‪ ،‬وكان لكل بيئة طريقها‪ ،‬فبينما توسعت طريقة كطريقة البغداديني يف استعمال الرأي والقياس‬
‫وامليل إىل املعقول‪ ،‬مالت الطريقة املغربية إىل البحث عن احلديث والرواية واالهتمام باملنقول‪.‬‬
‫‪-‬ثانيا‪ :‬من حيث كون جمتهد الرتجيح هو الذي جيوز له أن يقول يف طريق من الطرق أنها‬
‫مذهب مالك ‪ ،‬فاجملتهد العارف بقواعد املذهب‪ ،‬والعا م مبشهور القول فيه‪ ،‬و املتقن للقياس وللرتجيح‬
‫ورد املطلق إىل املقيد‪ ،‬هو الذي جيوز له أن يدعي يف طريقة من الطرق أنها مذهب مالك‪ ،‬وكل هذا‬
‫بعد بذل وسعه يف النظر يف قواعد املذهب وأقوال اإلمام‪ ،‬وإال منع من ذلك‪ ،‬و م يكن فرضه إال عزو‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬مواهب اجلليل لشرح خمتصر خليل‪ ،‬أيب عبد اهلل حممد بن حممد بن عبد الرمحن املغريب(احلطاب)‪ ،‬ضبط‪ :‬زكريا عمريات‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪1995‬م‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪ / 53‬فتاوى الربزيل جامع مسائل األحكام ملا نزل من القضايا باملفتني واحلكام‪،‬‬
‫أيب القاسم بن أمحد البلوي(الربزيل)‪ ،‬تح‪ :‬حممد احلبيب اهليلة‪ ،‬ط‪2002 ،1‬م‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.107‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬ينظر‪ :‬كشف النقاب احلاجب من مصطلح ابن احلاجب‪ ،‬إبراهيم بن علي بن فرحون‪ ،‬تح‪ :‬محزة أبو فارس وعبد السالم الشريف‪،‬‬
‫ط‪1990 ،1‬م‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ص‪ / 147‬مصطلحات املذاهب الفقهية‪ ،‬مرمي حممد صاحل الظفريي‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪2002‬م‪ ،‬دار ابن حزم‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ص‪ / 187‬الفتح املبني يف حل رموز ومصطلحات الفقهاء واألصوليني‪ ،‬حممد إبراهيم احلفناوي‪،‬‬
‫د‪.‬ط‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬د‪ .‬دار نشر‪ ،‬ص‪ / 83‬التفريع‪ ،‬أيب القاسم عبيد اهلل بن احلسني بن احلسن بن اجلالب البصري‪ ،‬تح‪ :‬حسني بن سامل‬
‫الدمهاين‪ ،‬ط‪1997 ،1‬م‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.96‬‬

‫‪May 2019‬‬ ‫‪Volume : 20‬‬ ‫‪Number : 01‬‬ ‫‪Islamic Culture Review‬‬

‫‪202‬‬
‫‪ISSN: 1112-5357‬‬ ‫مجلة الحضارة اإلسالمية‬
‫‪E-ISSN: 2602-5736‬‬ ‫مايو ‪2019‬‬ ‫العدد‪ :‬األول‬ ‫اجمللد‪20 :‬‬
‫د‪ .‬أمحد حوباد‬ ‫اختالف الطرق عند املالكية‬

‫دعواه إىل جمتهدي الرتجيح من أهل املذهب‪ ،‬وهم أصحاب الوجوه أو أصحاب الطرق‪ ،‬من جمتهدي‬
‫املذهب املتمكنني من ختريج األحكام على نصوص إمامهم‪.‬‬

‫‪-‬املبحث الثاني‪ :‬اختالف الطرق بني مدارس املذهب‬


‫‪-‬املطلب األول‪ :‬أسباب اختالف الطرق بني مدارس املذهب‪:‬‬
‫إن البيئات اليت انتقل إليها فقه اإلمام مالك‪ ،‬واليت مسيت الحقا باملدارس الفقهية املالكية‪،‬‬
‫كانت نتاج انتقال تالميذ مالك‬
‫بروايات وأقوال وفتاوى شيخهم إىل أمصارهم‪ ،‬وامتزاج هذه الروايات واألقوال بالبيئة‬
‫احلاضنة‪ ،‬وفق قدرات وملكات التالميذ‪.‬‬
‫وقد شكّل هذا مبجموعه فهما لبعض مسائل املذهب وأقواله‪ ،‬قد خيالف فهم تالميذ آخرين‬
‫لإلمام مالك انتقلوا إىل بيئات مالكية أخرى‪ ،‬فحكى كل أهل بيئة أقوال املذهب وفق ما ترجح لديهم‬
‫أنه مذهب مالك رمحه اهلل‪.‬‬
‫فقد انتقل فقه مالك رمحه اهلل إىل إفريقية بواسطة علي بن زياد(‪183‬هـ) والبهلول بن‬
‫راشد(‪183‬هـ)‪ ،‬وغريهما من تالميذ مالك املباشرين‪ ،‬وامتزج بالبيئة القريوانية البعيدة عن افرتاض‬
‫اآلراء واملسائل‪.‬‬
‫وانتقل إىل مصر عن طريق تالميذه األوائل كعثمان بن احلكم اجلذامي(‪163‬هـ) وعبد الرحيم‬
‫بن خالد اجلمحي(‪163‬هـ) وطليب بن كامل اللخمي(‪173‬هـ)‪ ،‬وعنهم وعن اإلمام مالك رمحه اهلل‬
‫أخذ املؤسسون احلقيقيون للمدرسة املصرية كابن القاسم(‪191‬هـ) وأشهب(‪203‬هـ) وغريهما‪ ،‬وفهم‬

‫‪May 2019‬‬ ‫‪Volume : 20‬‬ ‫‪Number : 01‬‬ ‫‪Islamic Culture Review‬‬

‫‪203‬‬
‫‪ISSN: 1112-5357‬‬ ‫مجلة الحضارة اإلسالمية‬
‫‪E-ISSN: 2602-5736‬‬ ‫مايو ‪2019‬‬ ‫العدد‪ :‬األول‬ ‫اجمللد‪20 :‬‬
‫د‪ .‬أمحد حوباد‬ ‫اختالف الطرق عند املالكية‬

‫جل تالميذ املدرسة املصرية أن منهج اإلمام مالك رمحه اهلل قائم على العمل بالسنة األثرية‪ ،‬أي‪ :‬العمل‬
‫(‪)1‬‬
‫بالسنة اليت وافقها عمل أهل املدينة‬
‫وحافظ تالميذه املدنيون كعثمان بن كنانة(‪185‬هـ)‪ ،‬وعبد اهلل بن نافع الصائغ(‪186‬هـ)‪،‬‬
‫واملغرية بن عبد الرمحن(‪186‬هـ)‪ ،‬وبعدهم األخوين‪ ،‬عبد امللك بن املاجشون(‪214‬هـ)‪ ،‬ومطرف بن‬
‫عبد اهلل(‪220‬هـ) على املنهج املدني القائم على اعتماد السنة بعد القرآن‪ ،‬دون عرض موافقتها‬
‫للعمل أو خمالفتها له‪ ،‬وهو فهمهم ملا اعتقدوا أنه منهج اإلمام مالك رمحه اهلل من خالل ما حفظوه‬
‫واستقرأوه من مسائل‪ ،‬ومن خالل ما شاهدوا عليه اإلمام مالك رمحه اهلل من كراهته للرأي‪ ،‬فرأوا أن‬
‫(‪)2‬‬
‫عرض السنة بعد ثبوتها على العمل‪ ،‬هو من الرأي الذي كان يكرهه شيخهم‬
‫وأما البيئة العراقية فانتقل إليها فقه مالك رمحه اهلل عن طريق تالميذه املباشرين‪ ،‬كعبد الرمحن‬
‫بن مهدي(‪198‬هـ)‪ ،‬وعبد اهلل بن مسلمة القعنيب(‪220‬هـ)‪ ،‬وامتزج هذا الفقه بالبيئة العراقية اليت كانت‬
‫مسرح الفقه الفرضي‪ ،‬نتاج ما نشر فيها األحناف من جدل‪ ،‬مما حذا بفقهاء املدرسة املالكية العراقية أن‬
‫(‪)3‬‬
‫جيعلوا « يف مصطلحهم املدونة كاألساس‪ ،‬ويبنوا عليها فصول املذهب باألدلة والقياس‬
‫ومن املعلوم يف كل ما سبق أن األقوال والروايات اليت ورثها كل أهل بيئة قد ختالف ما ورثه‬
‫تالميذ بيئة أخرى‪ ،‬بل قد يصل احلد ببعضها إىل التعارض‪ ،‬وهذا نتاج أسباب كثرية‪ ،‬منها شخصية‬
‫اإلمام مالك رمحه اهلل اليت تبتعد عن اجلدال وفرض اآلراء واملسائل‪ ،‬يشهد لذلك موقفه من طلب أسد‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬اصطالح املذهب عند املالكية‪ ،‬حممد إبراهيم علي‪ ،‬ط‪200 ،1‬م‪ ،‬دار البحوث للدراسات اإلسالمية وإحياء الرتاث‪ ،‬اإلمارات‬
‫العربية املتحدة‪ ،‬ديب‪ ،‬ص‪.30‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬املذهب املالكي مدارسه ومؤلفاته خصائصه ومساته‪ ،‬حممد املختار حممد املامي‪ ،‬ط‪2002 ،1‬م‪ ،‬مركز زايد للرتاث والتاريخ‪ ،‬العني‪،‬‬
‫اإلمارات العربية املتحدة‪ ،‬ص‪.57‬‬
‫(‪ )3‬أزهار الرياض يف أخبار عياض‪ ،‬شهاب الدين أمحد بن حممد املقري التلمساين‪ ،‬تح‪ :‬مصطفى السقا وإبراهيم األبياري وعبد احلفيظ‬
‫شليب‪ ،‬د‪.‬ط‪1978 ،‬م‪ ،‬مطبعة فضالة‪ ،‬احملمدية‪ ،‬اململكة املغربية‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪.22‬‬

‫‪May 2019‬‬ ‫‪Volume : 20‬‬ ‫‪Number : 01‬‬ ‫‪Islamic Culture Review‬‬

‫‪204‬‬
‫‪ISSN: 1112-5357‬‬ ‫مجلة الحضارة اإلسالمية‬
‫‪E-ISSN: 2602-5736‬‬ ‫مايو ‪2019‬‬ ‫العدد‪ :‬األول‬ ‫اجمللد‪20 :‬‬
‫د‪ .‬أمحد حوباد‬ ‫اختالف الطرق عند املالكية‬

‫بن الفرات ملا جاءه بأسئلة فرضية‪ ،‬نتيجة تأثره بشيخه علي بن زياد‪ ،‬املتأثر بدوره بفقه الرأي‪ ،‬فكان رد‬
‫(‪)1‬‬
‫اإلمام مالك‪« :‬سلسلة بنت سليسلة‪ ،‬إن أردت هذا فعليك بالعراق»‬
‫وأسهم يف هذا االختالف والتباين أيضا طول عمر اإلمام مالك رمحه اهلل‪ ،‬فمن املعلوم أن اجملتهد‬
‫قد يرجع عن فتواه ألمر استجد عنده‪ ،‬واحلال هذه قد يكون بعض التالميذ قد نقل إىل بيئته الفتوى‬
‫السابقة‪ ،‬وبعضهم نقل الفتوى الالحقة‪ ،‬مع أنه قد يوجد يف البيئات املالكية قول لإلمام مالك يف املسألة‬
‫فيكتفى به‪ ،‬وقد يتخلف يف بيئة أخرى فيلجأ التالميذ إىل استنباط حكم املسألة من أصوله املعتمدة‬
‫لديه‪ ،‬واليت كان يراعيها يف استنباطه‪ ،‬وقد يلجأ تالميذ آخرون يف بيئة أخرى إىل ختريج حكم هذه‬
‫املسألة على حكم آخر ملسألة تشبهها نص عليها إمام املذهب‪ ،‬ويف هذه احلاالت قد ختتلف النتائج اليت‬
‫(‪)2‬‬
‫يتوصل إليها فقهاء مذهبه‬
‫واستقراء مذهب مالك رمحه اهلل من خالل كل ما سبق يف مسألة من املسائل سيكون حمل خالف‬
‫ال حمالة‪ ،‬وهو ما يعرب عنه باختالف الطرق‪.‬‬
‫فاختالف الطرق يف حكاية املذهب كان نتاج مجيع ما سبق‪ ،‬وكان نتاج اختصاص كل بيئة مالكية‬
‫مبا نقله شيوخها دون غريهم‪ ،‬فقد اعتمدت املدرسة العراقية مساعات ابن عبد احلكم‪ ،‬واعتمدت‬
‫املدرسة املصرية واملغربية مساعات ابن القاسم‪ ،‬ويف ذلك يقول ابن ناجي‪ »:‬إن أهل بغداد اعتنوا‬
‫مبختصر ابن عبد احلكم أكثر من غريه‪ ،‬فهم إذا وجدوا يف املسألة قولني ملن ذكر قدّموا قول ابن عبد‬
‫احلكم‪ ،‬ولكثرة اعتناء القرويني بابن القاسم جروا على العكس»(‪ ،)3‬وأما املدرسة املغربية فقد اعتمدت‬

‫(‪ )1‬ترتيب املدارك وتقريب املسالك ملعرفة أعالم مذهب مالك‪ ،‬القاضي عياض بن موسى بن عياض السبيت‪ ،‬تح‪ :‬حممد سامل هاشم‪ ،‬ط‪1‬‬
‫‪1998‬م‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪.292‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬االختالف الفقهي يف املذهب املالكي‪ ،‬عبد العزيز بن صاحل اخلليفي‪ ،‬ط‪1993 ،1‬م‪ ،‬د‪.‬دار احلديث احلسنية‪ ،‬الرباط‪ ،‬اململكة‬
‫املغربية‪ ،‬ص‪ / 4‬حماضرات يف تاريخ املذاهب الفقهية‪ ،‬حممد أبو زهرة‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬مطبعة املدين‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ص‪.202‬‬
‫(‪ )3‬املعيار املعرب واجلام ع املغرب عن فتاوى أهل إفريقية واألندلس واملغرب‪ ،‬أيب العباس أمحد بن حيي الونشريسي‪ ،‬إشراف‪ :‬حممد حجي‪،‬‬
‫د‪.‬ط‪1401 ،‬ه‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.211‬‬

‫‪May 2019‬‬ ‫‪Volume : 20‬‬ ‫‪Number : 01‬‬ ‫‪Islamic Culture Review‬‬

‫‪205‬‬
‫‪ISSN: 1112-5357‬‬ ‫مجلة الحضارة اإلسالمية‬
‫‪E-ISSN: 2602-5736‬‬ ‫مايو ‪2019‬‬ ‫العدد‪ :‬األول‬ ‫اجمللد‪20 :‬‬
‫د‪ .‬أمحد حوباد‬ ‫اختالف الطرق عند املالكية‬

‫املدونة لسحنون بن سعيد(‪240‬هـ)‪ ،‬واعتمدتها املدرسة األندلسية إىل جانب الواضحة البن حبيب‪،‬‬
‫ومن بعدها العتبية لإلمام حممد العتيب‪ ،‬يف فرتة من تارخيها‪.‬‬
‫أدى مجيع ما سبق إىل اختالف ظاهر يف حكاية املذهب نتيجة اختالف امللكات والقدرات من‬
‫تالميذ اإلمام مالك «وصار كل صاحب طريق يدعي أن املذهب املالكي فيما حفظه ورواه واستقرأه‬
‫(‪)1‬‬
‫من نوازل مالك وفتاواه»‬
‫‪-‬املطلب الثاني‪ :‬التمثيل الختالف الطرق بني مدارس املذهب‪:‬‬
‫ميكن التمثيل الختالف الطرق بني املدارس املالكية باملسائل التالية‪ ،‬واليت يظهر من خالهلا‬
‫فهم كل بيئة فقهية مالكية ملذهب مالك رمحه اهلل على ضوء ما وصلها من روايات وأقوال‪ ،‬وبناء على‬
‫مناهجها اليت اعتمدها تالميذها‪ ،‬واختصوا بها دون سواهم‪.‬‬
‫‪-1‬طرق املذهب يف‪ :‬السلس الذي ال ينقض الوضوء‪:‬‬
‫اختلفت طريقة العراقيني واملغاربة يف السلس هل ال ينقض مطلقا أو بقيد املالزمة؟‪ ،‬قال‬
‫احلطاب‪ »:‬طريقة العراقيني من أصحابنا أن ما خرج على وجه السلس ال ينقض الوضوء مطلقا‪ ،‬وإمنا‬
‫(‪)2‬‬
‫يستحب الوضوء منه‪ ،‬واملشهور من املذهب رواية املغاربة أن السلس على أربعة أقسام»‬
‫فطريقة العراقيني عدم النقض بالسلس مطلقا‪ ،‬وهو ما اعتمده صاحب التفريع‪ ،‬بقوله‪ »:‬وال‬
‫جيب الوضوء من سلس بول وال مذي»(‪ ،)3‬وميكن أن نلحظ من خالل هذا النقل أن املدرسة العراقية‬
‫إىل زمن ابن اجلالب (‪378‬هـ) ظلت متمسكة بطرق شيوخها يف فهم املذهب‪ ،‬بينما سارت املدرسة‬
‫املغربية على طريقة شيوخ املذهب يف تقسيم السلس إىل أربعة أقسام‪.‬‬

‫(‪ )1‬فتاوى الربزيل‪ ،‬الربزيل‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.107‬‬


‫(‪ )2‬مواهب اجلليل‪ ،‬احلطاب الرعيين‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.422‬‬
‫(‪ )3‬التفريع‪ ،‬ابن اجلالب‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.195‬‬

‫‪May 2019‬‬ ‫‪Volume : 20‬‬ ‫‪Number : 01‬‬ ‫‪Islamic Culture Review‬‬

‫‪206‬‬
‫‪ISSN: 1112-5357‬‬ ‫مجلة الحضارة اإلسالمية‬
‫‪E-ISSN: 2602-5736‬‬ ‫مايو ‪2019‬‬ ‫العدد‪ :‬األول‬ ‫اجمللد‪20 :‬‬
‫د‪ .‬أمحد حوباد‬ ‫اختالف الطرق عند املالكية‬

‫‪-2‬طرق املذهب يف‪ :‬مس الذكر الذي ينقض الوضوء‪:‬‬


‫اختلفت طريقة العراقيني وطريقة املغاربة يف نقض الوضوء من مس الذكر‪ ،‬فطريقة العراقيني أن‬
‫النقض حبصول اللذة بأي عضو‪ ،‬وهذه قاعدة قياسية‪ ،‬فنقض الوضوء ملس الذكر‪ ،‬لكون املس للذة‬
‫سبب يف خروج املذي‪ ،‬واملذي حدث فوجب أن يكون ما هو سبب للحدث كاحلدث‪ ،‬وأما طريقة‬
‫املغاربة‪ ،‬فمس الذكر ينقض مطلقا‪ ،‬ونقلوا عن ابن القاسم أن مس الذكر بباطن الكف أو باطن‬
‫األصابع يوجب الوضوء مطلقا‪ ،‬حصلت اللذة أم ال بناء على الغالب‪ ،‬ونقض الوضوء من جمرد املس‬
‫(‪)1‬‬
‫حكم غري معلل‬
‫والطريقة العراقية كما نص ابن اجلالب اعتمدت القياس يف ربط نقض الوضوء حبصول‬
‫اللذة‪ ،‬خبالف طريقة املغاربة اليت اعتمدت الرواية عن مالك يف أن مس الذكر ينقض الوضوء‪ ،‬ونصها‬
‫عن مالك‪« :‬ال ينتقض وضوء من مس شرج‪...‬إال من مس الذكر وحده بباطن الكف»(‪ ،)2‬وما سبق‬
‫فهم للمذهب بتأثري البيئة احلاضنة له كما علمت‪.‬‬
‫‪-3‬طرق املذهب يف‪ :‬منع بيع احليوان باللحم‪.‬‬
‫اختلفت طريقة العراقيني واملغاربة يف بيع اللحم باحليوان‪ :‬قال املازري‪ »:‬فإنه على طريقة‬
‫البغداديني املنع من بيع اللحم باحليوان إمنا يتوجه إىل حيوان إمنا يراد للحم‪ ،‬كالشاة املعلوفة اليت تراد‬
‫للذبح‪ ،‬واملدقوقة العنق والشارف‪ ،‬فأمّا إذا كان احلي ال يراد للذبح‪ ،‬فإنه جيوز بيعه باللحم الذي من‬
‫(‪)3‬‬
‫جنسه‪ ،‬ذهب إىل هذا منهم أبو بكر األبهري‪ ،‬وأما املغاربة فعلى املنع»‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬شرح التلقني ‪ ،‬أيب عبد اهلل حممد بن علي بن عمر التميمي املازري‪ ،‬تح‪ :‬حممد املختار السالمي‪ ،‬ط‪2008 ،2‬م‪ ،‬دار الغرب‬
‫اإلسالمي‪ ،‬تونس‪ ،‬ج‪ ،3-1‬ص‪.190‬‬
‫(‪ )2‬املدونة الكربى‪ ،‬مالك بن أنس األصبحي‪ ،‬د‪.‬تح‪ ،‬ط‪1994 ،1‬م‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.118‬‬
‫(‪ )3‬املرجع السابق‪ ،‬املازري‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪.246‬‬

‫‪May 2019‬‬ ‫‪Volume : 20‬‬ ‫‪Number : 01‬‬ ‫‪Islamic Culture Review‬‬

‫‪207‬‬
‫‪ISSN: 1112-5357‬‬ ‫مجلة الحضارة اإلسالمية‬
‫‪E-ISSN: 2602-5736‬‬ ‫مايو ‪2019‬‬ ‫العدد‪ :‬األول‬ ‫اجمللد‪20 :‬‬
‫د‪ .‬أمحد حوباد‬ ‫اختالف الطرق عند املالكية‬

‫فتمسك املغاربة يف املسألة بالرواية عن مالك يف منع بيع احليوان باللحم‪ ،‬وهي نص حديث‬
‫املوطأ‪ ،‬عن زيد بن أسلم عن سعيد بن املسيب «أن النيب عليه السالم نهى عن بيع احليوان باللحم»(‪،)1‬‬
‫ورأى العراقيون أن املنع مذهب مالك إذا بيع اللحم حبي من جنس أصله مرتبط باملزابنة‪ ،‬وهي‪ :‬بيع‬
‫جمهول مبجهول من جنس واحد‪ ،‬فإن م يرد احليوان للحم بعدت التهمة إىل القصد يف املزابنة‪ ،‬ووكل‬
‫الناس إىل أمانتهم فيها(‪ ،)2‬وأنت ترى كيف أن املدرسة العراقية فهمت املذهب يف ضوء مفرداتها املبنية‬
‫على التعليل والقياس‪ ،‬بينما سارت املدرسة القريوانية على التمسك بالنص‪.‬‬
‫‪-4‬طرق املذهب يف‪ :‬التلفيق بني العبادة من مذهبني‪.‬‬
‫اختلفت طريقة املصريني واملغاربة يف التلفيق بني العبادة الواحدة من مذهبني‪« :‬ففي املذهب‬
‫(‪)3‬‬
‫طريقتان املنع‪ ،‬وهي طريقة املصاروة‪ ،‬واجلواز وهي طريقة املغاربة‪ ،‬ورجحت»‬
‫فاملصاروة فهموا أن مذهب مالك رمحه اهلل جواز تتبع رخص املذاهب لرفع مشقة التكليف‬
‫باتباع كل سهل‪ ،‬من غري خمالفة للنص أو القياس‪ ،‬بينما فهم املغاربة أن مذهب مالك رمحه اهلل على‬
‫املنع من ذلك‪.‬‬
‫وأنت ترى من خالل ما مثلت لك به من مسائل‪ ،‬أثر مناهج املدارس يف تكوين الطرق اليت‬
‫سنها وتبناها شيوخ كل مدرسة‪ ،‬وترى أن املرجح دائما فيما سبق هو منهج املغاربة‪ ،‬وهذا نتيجة قواعد‬
‫ترجيحية سنها أرباب املذهب‪ ،‬بغية صنع قالب موحد للمذهب املالكي‪ ،‬وهو ما حبثته يف املطلب‬
‫املوالي‪.‬‬

‫(‪ )1‬موطأ اإلمام مالك‪ ،‬مالك بن أنس بن مالك بن عامر األصبحي‪ ،‬تح‪ :‬حممد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬ط‪1985 ،‬م‪ ،‬دار إحياء الرتاث العريب‪،‬‬
‫بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬كتاب‪ :‬البيوع‪ ،‬باب بيع احليوان‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪ ،183‬رقم‪.1912 :‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬املازري‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪.247‬‬
‫(‪ )3‬حاشية الدسوقي على الشرح الكبري‪ ،‬حممد عرفة الدسوقي‪ ،‬د‪.‬تح‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬دار إحياء الكتب العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.20‬‬

‫‪May 2019‬‬ ‫‪Volume : 20‬‬ ‫‪Number : 01‬‬ ‫‪Islamic Culture Review‬‬

‫‪208‬‬
‫‪ISSN: 1112-5357‬‬ ‫مجلة الحضارة اإلسالمية‬
‫‪E-ISSN: 2602-5736‬‬ ‫مايو ‪2019‬‬ ‫العدد‪ :‬األول‬ ‫اجمللد‪20 :‬‬
‫د‪ .‬أمحد حوباد‬ ‫اختالف الطرق عند املالكية‬

‫‪-‬املطلب الثالث‪ :‬قواعد الرتجيح بني طرق مدارس املذهب‬


‫سارت كل مدرسة من مدارس املالكية على املنهج الذي تبناه شيوخها‪ ،‬ومتسكت كل‬
‫مدرسة بطريقة خاصة يف فهم تلك املسائل‪ ،‬وفهم اخلالف فيها‪ ،‬بل والتخريج عليها‪ ،‬مما نتج عنه‬
‫اختالف بني مدارس املالكية يف عديد املسائل‪.‬‬
‫واختالف األقوال والروايات واملناهج‪ ،‬وكذلك اختالف القدرات وامللكات‪ ،‬صنع يف مدارس‬
‫املالكية تنوعا كبريا‪« ،‬ولئن كان املذهب املالكي واحدا‪ ،‬فقد تعددت املدارس املالكية بأحناء العا م‬
‫اإلسالمي‪ ،‬ومتيزت كل واحدة مبا يالئم الظروف اليت نشأت فيها‪ ،‬والبيئة اليت منت فيها‪ ،‬واجملتمعات‬
‫(‪)1‬‬
‫وخرّج تالميذ كل مدرسة الفروع الفقهية وفق تلك املناهج‪ ،‬مما نتج عنه‬ ‫اليت قامت عليها»‬
‫اختالف يف املسائل املخرجة كما سبق‪.‬‬
‫غري أن كثرة الروايات واألقوال‪ ،‬بل وتعارضها يف بعض األحيان‪ ،‬وتعدد الطرق‪ ،‬كان حيتم‬
‫على شيوخ املذهب وفقهائه أن جيدوا صيغة لصنع قالب عام للفقه املالكي‪ ،‬حبيث يستطيع الناظر فيه‬
‫معرفة ما عليه املذهب‪ ،‬أو بعبارة أخرى‪ :‬قواعد ترجيحية للفصل يف املقدم من الروايات واألقوال و‬
‫الطرق حال التعارض‪.‬‬
‫فكان التواصل والتبادل العلمي الذي كان بني هذه املدارس أحد األسباب اليت ساهمت يف‬
‫تقريب اآلراء‪ ،‬وحماولة تقرير املقدم من األقوال والروايات والطرق حال التعارض‪ ،‬وقد متثل التواصل‬
‫وتبادل اآلراء واألفكار بني العلماء والفقهاء يف الرحالت العلمية‪ ،‬السيما يف القرن الرابع‪ ،‬فقد «كانت‬
‫الرحالت العلمية إىل بغداد والشام ومكة واملدينة من املغرب واألندلس‪ ،‬كما رحل بعض أهل املشرق‬
‫إىل القريوان واألندلس بعدما قرفوا من ضعف اخلالفة العباسية‪ ،‬وتقسيمها إىل دويالت‪ ،‬وكثرة‬
‫(‪)2‬‬
‫االنتفاضات املذهبية»‬

‫(‪ )1‬التفريع‪ ،‬ابن اجلالب‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪ .92‬مقدمة املؤلف‪.‬‬


‫(‪ )2‬نفس املرجع‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪ .99‬مقدمة املؤلف‪.‬‬

‫‪May 2019‬‬ ‫‪Volume : 20‬‬ ‫‪Number : 01‬‬ ‫‪Islamic Culture Review‬‬

‫‪209‬‬
‫‪ISSN: 1112-5357‬‬ ‫مجلة الحضارة اإلسالمية‬
‫‪E-ISSN: 2602-5736‬‬ ‫مايو ‪2019‬‬ ‫العدد‪ :‬األول‬ ‫اجمللد‪20 :‬‬
‫د‪ .‬أمحد حوباد‬ ‫اختالف الطرق عند املالكية‬

‫وكان باإلضافة إىل الرّحلة‪ ،‬التّبادل العلمي واملعريف بني شيوخ املدارس‪ ،‬فرسالة ابن أبي زيد‬
‫القريواني مثال‪ ،‬وجّه منها نسخة إىل أبي بكر األبهري ببغداد‪ ،‬وأخرى إىل أبي بكر بن زرب(ت‬
‫‪381‬هـ) باألندلس‪ ،‬فأفرد األبهري للرّسالة كتابا مساه‪ »:‬مسلك اجلاللة يف مسند الرسالة» تتبّع فيه‬
‫مجيع مسائلها اليت تبلغ أربعة آالف‪ ،‬فرفع لفظها ومعناها إىل رسول اهلل عليه السّالم‪ ،‬أو إىل أصحابه‪،‬‬
‫وتناوهلا كذلك القاضي عبد الوهاب بشرح يف حنو ألف ورقة منصوري‪ ،‬وقد اشتهرت‪ ،‬أي‪ :‬الرّسالة‬
‫يف سائر بالد املسلمني‪ ،‬وبلغت العراق واليمن واحلجاز والشّام ومصر وبالد النّوبة وصقلية ومجيع بالد‬
‫إفريقية واألندلس واملغرب وبالد السّودان وتنافس النّاس يف اقتنائها حتى كتبت بالذّهب‪ ،‬وأول نسخة‬
‫(‪)1‬‬
‫منها بيعت ببغداد يف حلقة أبي بكر األبهري بعشرين دينارا ذهبا»‬
‫فهذه الرحالت العلمية والتواصل العلمي بني املدارس جعلت هذا الزمن من تاريخ املذهب‪،‬‬
‫أي القرن الرابع اهلجري‪ ،‬بداية عودة املدارس مجيعا إىل اعتماد السنة األثرية‪ ،‬أي‪ :‬السنة اليت وافقها‬
‫عمل أهل املدينة‪ ،‬وسرعان ما ارتفع اخلالف الذي كان بني املدارس يف جمال ترتيب املرويات‪ ،‬وذلك‬
‫باعتماد املدوّنة املصدر األوّل يف املذهب‪ ،‬وتقديم روايات ابن القاسم فيها على غريها من روايات‬
‫تالميذ مالك‪ ،‬واحلال أنّ تقديم مدوّنة سحنون وأقوال ابن القاسم فيها كان معتربا يف املغرب ومصر يف‬
‫املدرسة العراقية بهذا التقديم لرواية املدونة يف زمن ابن‬ ‫ثم التحقت‬ ‫زمان مبكّر جدّا‬
‫اجلالب(ت‪378.‬هـ) تدرجييا‪ ،‬فقد أورد التتائي أن مسائل اجلالب تبلغ مثانية عشر ألف مسألة‪ ،‬منها‬
‫اثنا عشر ألف مسألة موافقة ملا يف املدونة‪ ،‬وستة آالف ليست فيها(‪ ،)2‬ويكون التحاق املدرسة العراقية‬
‫ببقيّة املدارس يف تقديم املدوّنة وقول ابن القاسم فيها يف زمن القاضي عبد الوهّاب‪.‬‬

‫(‪ )1‬معامل اإلميان يف معرفة أهل القريوان‪ ،‬عبد الرمحن بن حممد األنصاري الدباغ‪ ،‬تح‪ :‬أبو الفضل بن ناجي التنوخي‪ ،‬إبراهيم شبوح ط‪،2‬‬
‫‪1968‬م‪ ،‬مطبعة السنة احملمدية‪ ،‬مصر‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪.112‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬ترتيب املدارك‪ ،‬القاضي عياض‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪ / 112‬املرجع السابق‪ ،‬ابن اجلالب‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.125‬‬

‫‪May 2019‬‬ ‫‪Volume : 20‬‬ ‫‪Number : 01‬‬ ‫‪Islamic Culture Review‬‬

‫‪210‬‬
‫‪ISSN: 1112-5357‬‬ ‫مجلة الحضارة اإلسالمية‬
‫‪E-ISSN: 2602-5736‬‬ ‫مايو ‪2019‬‬ ‫العدد‪ :‬األول‬ ‫اجمللد‪20 :‬‬
‫د‪ .‬أمحد حوباد‬ ‫اختالف الطرق عند املالكية‬

‫وهذا التّقديم للمدوّنة ال يعين إمكانية االستغناء عن غريها من األمهات‪ ،‬فإن هذه األمهات‬
‫يفسر بعضها بعضا‪ ،‬وهذا التقديم لرواية ولرواية ابن القاسم فيها ال يعين االطّراد الكلّي يف التّقديم‪،‬‬
‫فقد جرى العمل على تأخريها أحيانا‪ ،‬إال أنّه يعين أن املصادر املقدمة حال التعارض قد ضبطت يف‬
‫املذهب يف شكل قواعد معتمدة عند مجيع املدارس‪ ،‬فقاعدة‪« :‬إذا اختلف أصحاب مالك رضي اهلل‬
‫(‪)1‬‬
‫تعاىل عنه‪ ،‬فالقول قول ابن القاسم يف الذي ينقله عن مالك‪ ،‬وفيما جيتهد فيه على أصول املذهب»‬
‫واليت عزاها ابن فرحون يف التبصرة إىل كتاب إقليد التّقليد املؤدي إىل النّظر السديد‪ ،‬البن أبي مجرة (ت‬
‫‪599‬هـ) ‪ ،‬هي قاعدة اعتمدها شيوخ األندلس وإفريقية يف زمان متقدم‪ ،‬وصارت هي املرجّح عندهم‬
‫يف القضاء والفتوى‪ ،‬وعلى معناها تأسست املدرسة املصرية والتحقت بها املدرسة العراقية يف زمن‬
‫(‪)2‬‬
‫القاضي عبد الوهاب كما سبق ذكره‬
‫والريب أن ما سبق من تقديم رواية املدونة على غريها من الدواوين‪ ،‬وتقديم قول ابن‬
‫القاسم فيها على غريه من تالميذ مالك رمحه اهلل ‪ ،‬كما يعترب قاعدة ترجيحية بني ألقوال والروايات‪،‬‬
‫يعترب قاعدة ترجيحية بني طرق‪.‬‬
‫ومن القواعد الرتجيحية أيضا بني املدارس‪ ،‬قاعدة‪« :‬إذا اختلف املصريون واملدنيون‪ ،‬قدم‬
‫املصريون غالبا‪ ،‬واملغاربة والعراقيون قدم املغاربة»‪ ،‬وهذه القاعدة تعزى لسند بن عنان(‪541‬هـ)‪ ،‬قال‬
‫األجهوري‪ :‬تقديم املصريني على من سواهم ظاهر‪ ،‬ألنهم أعالم املذهب‪ ،‬ألن منهم ابن وهب‪ ،‬وقد‬

‫(‪ )1‬تبصرة احلكام يف أصول األقضية ومناهج األحكام‪ ،‬برهان الدين أيب الوفاء إبراهيم بن فرحون اليعمري املالكي‪ ،‬تح‪ :‬مجال مرعشلي‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪1995‬م‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ص‪.55‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬شجرة النور الزكية يف طبقات املالكية‪ ،‬حممد بن حممد خملوف‪ ،‬د‪.‬ط‪1349،‬ه‪ ،‬دار الكتاب العريب‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان ‪ ،‬ص‪/ 162‬‬
‫ترتيب املدارك‪ ،‬القاضي عياض‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪ ،148‬ج‪ ،5‬ص‪ / 222‬فتح العلي املالك يف الفتوى على مذهب مالك‪ ،‬حممد أمحد عليش‪،‬‬
‫د‪.‬تح‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬دار املعرفة‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ج‪،1‬ص‪ / 87‬اإلشراف على نكت مسائل اخلالف‪ ،‬أبو حممد عبد الوهاب البغدادي‬
‫املالكي‪ ،‬د‪.‬تح‪ ،‬ط‪1999 ،1‬م‪ ،‬دار بن حزم‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ص‪.46‬‬

‫‪May 2019‬‬ ‫‪Volume : 20‬‬ ‫‪Number : 01‬‬ ‫‪Islamic Culture Review‬‬

‫‪211‬‬
‫‪ISSN: 1112-5357‬‬ ‫مجلة الحضارة اإلسالمية‬
‫‪E-ISSN: 2602-5736‬‬ ‫مايو ‪2019‬‬ ‫العدد‪ :‬األول‬ ‫اجمللد‪20 :‬‬
‫د‪ .‬أمحد حوباد‬ ‫اختالف الطرق عند املالكية‬

‫علمت جاللته‪ ،‬وابن القاسم وأشهب‪ ،‬وكذا تقديم املدنيني على املغاربة إذ منهم األخوان ويظهر تقديم‬
‫(‪)1‬‬
‫املغاربة على العراقيني إذ منهم الشيخان‬
‫فهذه القواعد شكلت الرتتيب الذي سيستقر عليه املذهب الحقا‪ ،‬فاملدرسة املصرية وال شك‬
‫هي أكثر املدارس اعتمادا على رواية ابن القاسم‪ ،‬ثم املدرسة املغربية‪ ،‬إذ أنها أكثر املدارس اعتمادا‬
‫على املدرسة املصرية‪ ،‬ثم يأتي من بعدهما املدرسة العراقية ثم املدنية‪ ،‬وعلى هذا صيغت القاعدة‬
‫(‪)2‬‬
‫والشمس يف املغرب ليست غاربة‬ ‫وقدموا ماشهّر املغاربة‬ ‫الرتجيحية‪:‬‬
‫فسار متأخروا املذهب على تقديم ماشهّره املغاربة واملصريون على ما شهره العراقيون‪ ،‬ثم‬
‫تقديم ما شهره املصريون على ما شهره املغربيون‪« ،‬وأما املدنيون فلم تذكر تشهرياتهم‪ ،‬ولعل ذلك‬
‫(‪)3‬‬
‫يعود إىل أن املدنيني ليس مذهبهم املقارنة بني روايات املذهب»‬
‫والناظر يف فروع الفقه جيد هذا التقديم لطريقة املصاروة واملغاربة على طريقة العراقيني حال‬
‫الرتجيح‪ ،‬إال أن هذه القاعدة تبقى قاعدة أغلبية‪ ،‬فقد تتخلف يف بعض الصور بناءا على معان ظهرت‬
‫لشيوخ املذهب‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬شرح خمتصر خليل‪ ،‬أيب عبد اهلل اخلرشي‪ ،‬د‪.‬تح‪ ،‬ط‪1317 ،2‬ه‪ ،‬املطبعة الكربى األمريية‪ ،‬بوالق‪ ،‬مصر‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪ / 49‬الفتح‬
‫املبني يف فك رموز ومصطلحات الفقهاء واألصوليني‪ ،‬حممد إبراهيم احلفناوي‪ ،‬ص‪ / 71‬االختالف الفقهي يف املذهب املالكي‪ ،‬اخلليفي‪،‬‬
‫ص‪.257‬‬
‫(‪ )2‬بوطليحية‪ ،‬حممد النابغة بن عمر الغالوي‪ ،‬تح‪ :‬حيي بن الرباء‪ ،‬ط‪2004 ،2‬م‪ ،‬مؤسسة الريان‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ص‪.79‬‬
‫(‪ )3‬املذهب املالكي مدارسه ومؤلفاته خصائصه ومساته‪ ،‬حممد املامي‪ ،‬ص‪.124‬‬

‫‪May 2019‬‬ ‫‪Volume : 20‬‬ ‫‪Number : 01‬‬ ‫‪Islamic Culture Review‬‬

‫‪212‬‬
‫‪ISSN: 1112-5357‬‬ ‫مجلة الحضارة اإلسالمية‬
‫‪E-ISSN: 2602-5736‬‬ ‫مايو ‪2019‬‬ ‫العدد‪ :‬األول‬ ‫اجمللد‪20 :‬‬
‫د‪ .‬أمحد حوباد‬ ‫اختالف الطرق عند املالكية‬

‫‪-‬املبحث الثالث‪ :‬اختالف الطرق عند متأخري املذهب‬


‫‪-‬املطلب األول‪ :‬أسباب اختالف الطرق عند متأخري املذهب‬
‫(‪)1‬‬
‫فيصال بني متقدمي املذهب‬ ‫حدّد أهل املذهب تاريخ وفاة اإلمام ابن أبي زيد القريواني‬
‫ومتأخريه‪ ،‬فهو أول طبقة املتأخرين‪ ،‬وأمّا من قبله فمتقدمون‪ ،‬واعتُ ِمدَ اإلمام أبو حممد بن أبي زيد‬
‫القريواني(ت‪386.‬هـ) فيصال بني جيل متقدّمي ومتأخري‬
‫املذهب‪ ،‬ملا له من مكانة سامية يف املذهب‪.‬‬
‫وربط بعضهم هذا التّقسيم االصطالحي للمتقدّمني واملتأخّرين يف املذهب تعلّقا بقوله ‪ « :‬إن‬
‫خريكم قرني‪ ،‬ثم الذين يلونهم‪ ،‬ثم الذين يلونهم‪ ،‬ثم الذين يلونهم»(‪ ،)2‬وهذا التاريخ وإن كان يف‬
‫أواخر القرن الرّابع(‪386‬هـ)‪ ،‬إال أنّ إلغاء الكسر معلوم يف كثري من موارد الشّريعة املطهرة‪ ،‬وما قارب‬
‫(‪)3‬‬
‫الشيء أعطي حكمه‬
‫ويعترب ابن أبي زيد القريواني حبق نقطة فاصلة‪ ،‬ففي شخصه اجتمعت مدارس املالكية كلها‪،‬‬
‫ساعد على ذلك» خترجه على شيوخ إفريقية‪ ،‬وأخصهم أبو بكر بن اللباد‪ ،‬وشيوخ األندلس‪ ،‬وأخصهم‬
‫األصيلي(‪ ،)4‬وشيوخ فاس وأخصهم درّاس بن امساعيل وشيوخ مصر وأخصهم ابن شعبان صاحب‬

‫(‪ )1‬أبو حممد عبد اهلل بن أيب زيد القريواين النفزي‪ ،‬كان إمام املالكية يف وقته‪ ،‬حىت عرف مبالك الصغري‪ ،‬له كتاب النوادر والزيادات وخمتصر‬
‫املدونة والرسالة وهتذيب العتبية‪( ،‬ت‪386.‬ه)‪ .‬ينظر‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬القاضي عياض‪ ،‬ج‪ ،6‬ص‪.215‬‬
‫(‪ )2‬متفق عليه‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬البخاري‪ ،‬كتاب‪ :‬الشهادات‪ ،‬باب‪ :‬ال يشهد على شهادة جور إذا أشهد‪ ،‬رقم‪ / 6428 :‬صحيح مسلم‪،‬‬
‫مسلم‪ ،‬كتاب‪ :‬فضائل الصحابة رضي اهلل عنهم‪ ،‬باب‪ :‬فضل الصحابة مث الذين يلوهنم مث الذين يلوهنم‪ ،‬رقم‪.2535 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬الفكر السامي يف تاريخ الفقه اإلسالمي‪ ،‬حممد بن احلسن احلجوي الثعاليب‪ ،‬د‪.‬ط‪1345 ،‬هـ‪ ،‬املطبعة البلدية‪ ،‬فاس املغرب‪ ،‬ج‪،3‬‬
‫ص‪ / 120‬حاشية الدسوقي‪ ،‬الدسوقي‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪ / 26‬اصطالح املذهب عند املالكية‪ ،‬حممد إبراهيم علي‪ ،‬ص‪.375‬‬
‫(‪ )4‬أبو حممد األصيلي‪ ،‬عبد اهلل بن إبراهيم األصيلي أحد أئمة املالكية يف احلديث والفقه‪ ،‬له رحلة إىل املشرق‪ ،‬لقي فيها األهبري شيخ‬
‫املالكية وابن أيب زيد‪ ،‬له كتاب الدالئل إىل أمهات املسائل شرح به املوطأ ذنكرا فيه حالف مالك وأيب حنيفة والشافعي‪( ،‬ت‪392 .‬ه)‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬ترتيب املدارك‪ ،‬عياض‪ ،‬ج‪ ،7‬ص‪.135‬‬

‫‪May 2019‬‬ ‫‪Volume : 20‬‬ ‫‪Number : 01‬‬ ‫‪Islamic Culture Review‬‬

‫‪213‬‬
‫‪ISSN: 1112-5357‬‬ ‫مجلة الحضارة اإلسالمية‬
‫‪E-ISSN: 2602-5736‬‬ ‫مايو ‪2019‬‬ ‫العدد‪ :‬األول‬ ‫اجمللد‪20 :‬‬
‫د‪ .‬أمحد حوباد‬ ‫اختالف الطرق عند املالكية‬

‫الزاهي‪ ،‬وشيوخ العراق وأخصهم أبو بكر األبهري والقاضي أمحد بن ابراهيم من آل محاد‪ ،‬فاجتمعت‬
‫لديه نفائس اآلثار‪ ،‬وتالقى يف كنفه متباعد األفكار»(‪ ،)1‬وهو بهذا بداية االمتزاج بني املدارس املالكية‪.‬‬
‫ففي نهايات القرن الرابع اهلجري كان املذهب املالكي قد أخذ شكال وقالبا عاما‪ ،‬اعتمد رواية‬
‫املدونة أساسا يف املذهب مقدمة على غريها حال التعارض‪ ،‬واعتبار قول ابن القاسم فيها مقدما على‬
‫قول غريه من تالميذ مالك رمحه اهلل‪ ،‬وامتزجت مدارس املالكية مجيعها يف املدرسة املغربية‪ ،‬واندثرت‬
‫بقية املدارس‪ ،‬وضبط املقدم من طرق املدارس حال التعارض كما سبق إثباته‪.‬‬
‫إال أنه استجد يف املذهب طرق أخرى يف فهم املذهب‪ ،‬فبعد أن كان فقه املذهب يدور على‬
‫طريقة البغداديني واملغاربة واملصريني واملدنيني وأصحاب مالك‪ ،‬وتالميذهم‪ ،‬زاد الفقه طرقا أخرى‪،‬‬
‫هي طرق مشايخ الدور الثاني‪ ،‬وهو ما يطلق عليه اسم «دور التطور» من أمثال التونسي وأبي حممد‬
‫عبد احلميد واللخمي وابن بشري وابن رشد وابن يونس واملازري‪ ،‬وغريهم‪.‬‬
‫وهذه الطرق يعرب عنها خليل بن إسحاق يف متنه بـ «الرتدد»‪ ،‬ومقصود الرتدد يف مصطلحه‬
‫أمران‪ ،‬نص عليهما يف مقدمته بقوله‪ « :‬وأشري بالرتدد إىل تردد املتأخرين يف النقل‪ ،‬أو لعدم نص‬
‫املتقدمني»(‪ ،)2‬و «تردد املتأخرين يف النقل»‪ ،‬هو املقصود باختالف طرق الشيوخ يف حكاية املذهب‪.‬‬
‫وماقام به أهل هذا الدور من إضافات عظيمة للمذهب‪ ،‬متثلت أساسا يف التهذيب والتنقيح‬
‫والتصحيح للروايات واألقوال السابقة‪ ،‬والرتجيح والتشهري بينها‪ ،‬ال سيما ما كان من صنيع املدرسة‬
‫النقدية اليت كان رائدها بدون منافس اإلمام اللخمي رمحه اهلل‪ ،‬والذي سار على أثره تالميذه املباشرون‬
‫كابن بشري واملازري‪ ،‬أو غري املباشرين كاإلمام ابن رشد رحم اهلل اجلميع‪ ،‬كان سببا رئيسا يف ظهور‬
‫هذه الطرق اجلديدة يف املذهب‪ ،‬ألن فهوم أهل هذا الدور لكالم متقدميهم من علماء املذهب ختتلف‬
‫والشك‪.‬‬

‫(‪ )1‬املرجع السابق‪ ،‬حممد إبراهيم علي‪ ،‬ص‪.196‬‬


‫(‪ )2‬منت خليل‪ ،‬خليل بن إسحاق‪ ،‬تصحيح‪ :‬أمحد نصر‪ ،‬ط‪ :‬األخرية‪1981 ،‬م‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪ ،‬بريوت‪ ،‬ص‪.9‬‬

‫‪May 2019‬‬ ‫‪Volume : 20‬‬ ‫‪Number : 01‬‬ ‫‪Islamic Culture Review‬‬

‫‪214‬‬
‫‪ISSN: 1112-5357‬‬ ‫مجلة الحضارة اإلسالمية‬
‫‪E-ISSN: 2602-5736‬‬ ‫مايو ‪2019‬‬ ‫العدد‪ :‬األول‬ ‫اجمللد‪20 :‬‬
‫د‪ .‬أمحد حوباد‬ ‫اختالف الطرق عند املالكية‬

‫فالطرق اليت أحدثها أهل هذا الدور‪ ،‬هي طبيعة حتمية ملا ورث أهل هذه الفرتة من أقوال‬
‫وروايات برتجيحات وتشهريات خمتلفة‪ ،‬ومسائل جتري على طريقة البغدادايني‪ ،‬و أخرى جتري على‬
‫طريقة املغاربة أو املصريني‪.‬‬
‫أضف إىل ما سبق ما كان من اجتهادات واختيارات لسابقيهم‪ ،‬وتأويالت لنصوص املدونة‬
‫عدّت كلها الحقا أقواال يف املذهب‪ ،‬وقد سئل اإلمام ابن عرفة(‪ )1‬عن « اختيارات املتأخرين من الفقهاء‬
‫كاللخمي وابن بشري وغريهما‪ ،‬هل حتكى أقواال يف املذهب؟‪ ،‬قال‪ :‬نعم‪ ،‬حيكى قول اللخمي وغريه‬
‫قوال يف املذهب كما حيكى قول من تقدم من الفقهاء قوال يف املذهب»(‪ )2‬فجميع ما سبق‪ ،‬واختالف‬
‫امللكات‪ ،‬وقدرات مشايخ املذهب على استيعاب مسائل املذهب‪ ،‬وإحاطتهم مبسائل املذهب‪ ،‬وفهمهم‬
‫حلقيقة اخلالف داخل املذهب‪ ،‬هو الذي صنع تعدد الطرق عند متأخري املذهب‪.‬‬
‫‪-‬املطلب الثاني‪ :‬التمثيل لالختالف بسبب الطرق‪ ،‬عند املتأخرين «الرتدد» ‪:‬‬
‫ميكن التمثيل الختالف الطرق عند املتأخرين يف فهم كالم املتقدمني‪ ،‬أو ما يعرب عنه خليل بـ‬
‫«الرتدد» باملسائل التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬طرق املذهب يف إجبار الزوجة على االغتسال من اجلنابة واحليض‪:‬‬
‫الطريقة األوىل أن يف جربها على الغسل من احليض واجلنابة ثالثة أقوال‪ ،‬يفرق يف الثالث بني‬
‫احليض فتجرب واجلنابة فال جترب‪ ،‬والطريقة الثانية طريقة القاضي عبد الوهاب أنه ال خالف بني‬
‫(‪)3‬‬
‫األصحاب أنه ليس له جربها على الغسل من اجلنابة‬

‫(‪ )1‬حممد بن عرفة الورغمي التونسي‪ ،‬املكىن أبا عبد اهلل‪ ،‬تفقه بابن عبد السالم وغريه من علماء عصره‪ ،‬كان حافظا للمذهب ضابطا‬
‫لقواعده‪ ،‬له تآليف منها خمتصره يف الفقه واحلدود يف الفقه وتفسري للقرآن العظيم‪( ،‬ت‪803 .‬ه)‪ .‬ينظر‪ :‬الديباج املذهب يف معرفة أعيان‬
‫علماء املذهب‪ ،‬إبراهيم بن نور الدين(ابن فرحون)‪ ،‬تح‪ :‬مأمون بن حمي الدين اجلنان‪ ،‬ط‪1996 1‬م‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫ص‪.419‬‬
‫(‪ )2‬اصطالح املذهب عند املالكية‪ ،‬حممد إبراهيم علي‪ ،‬ص‪.24‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬مواهب اجلليل‪ ،‬احلطاب الرعيين‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.373‬‬

‫‪May 2019‬‬ ‫‪Volume : 20‬‬ ‫‪Number : 01‬‬ ‫‪Islamic Culture Review‬‬

‫‪215‬‬
‫‪ISSN: 1112-5357‬‬ ‫مجلة الحضارة اإلسالمية‬
‫‪E-ISSN: 2602-5736‬‬ ‫مايو ‪2019‬‬ ‫العدد‪ :‬األول‬ ‫اجمللد‪20 :‬‬
‫د‪ .‬أمحد حوباد‬ ‫اختالف الطرق عند املالكية‬

‫‪ -2‬طرق املذهب يف ميتة ما ال نفس له سائلة‪:‬‬


‫«يف ميتة ما ال نفس له سائلة طريقتان يف املذهب‪« :‬األوىل أنها طاهرة باتفاق‪ ،‬وهذه طريقة ابن‬
‫بشري ‪،‬قال يف العتبية وأما الربي مما ال نفس له سائلة ال ينجس باملوت بال خالف‪ ،‬والطريقة الثانية أن‬
‫فيها قولني‪ ،‬املشهور أنها طاهرة‪ ،‬قال يف التوضيح‪ »:‬نقل سند عن سحنون أنها جنسة‪ ،‬لكنها ال تنجس‬
‫(‪)1‬‬
‫غريها»‬
‫وأنت ترى من خالل ما نقلت لك يف هذه املسألة أن ابن بشري رمحه اهلل وهو من أصحاب‬
‫الوجوه والطرق رأى أن املذهب على قول واحد يف طهارة ميتة ما ال نفس له سائلة‪ ،‬بينما رأى غريه‬
‫أن املذهب على قولني‪ ،‬املشهور منهما طهارتها‪.‬‬
‫‪-3‬طرق املذهب يف أفضلية زمان ذبح األضحية‪:‬‬
‫اختلف أرباب املذهب يف أفضلية ذبح األضحية يف اليوم الثالث من فجره إىل زواله‪ ،‬على آخر‬
‫الثاني من زواله إىل غروبه أو العكس‪ ،‬أي‪ :‬أفضلية آخر الثاني على أول الثالث‪ ،‬وأشار خليل رمحه‬
‫اهلل للخالف املتقدم بقوله‪« :‬تردد»‬
‫فأشار بالرتدد الختالف القابسي مع اللخمي وابن رشد يف فهم اخلالف‪ ،‬هل هو فيما بني أول‬
‫الثالث وآخر الثاني كما هو بني أول الثاني وآخر األول أم ال؟‪ ،‬فهو من تردد املتأخرين يف فهم كالم‬
‫املتقدمني‪ ،‬فرأي القابسي واللخمي أن هذا اخلالف جار أيضا فيما بني آخر الثاني وأول الثالث‪ ،‬وقال‬
‫(‪)2‬‬
‫ابن رشد‪ :‬ال خيتلف يف رجحان أول اليوم الثالث على آخر الثاني‬
‫‪-4‬طرق املذهب يف كيفية قضاء املسبوق لألقوال واألفعال‪:‬‬

‫(‪ )1‬نفس املرجع‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.87‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬التوضيح يف شرح املختصر الفرعي البن احلاجب‪ ،‬خليل بن إسحاق اجلندي‪ ،‬ضبط‪ :‬أمحد بن عبد الكرمي جنيب‪ ،‬ط‪2008 ،1‬م‪،‬‬
‫مركز جنيبويه للمخطوطات وخدمة الرتاث‪ ،‬اإلمارات العربية املتحدة‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪ / 278‬منح اجلليل‪ ،‬حممد عليش‪ ،‬د‪.‬تح‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬د‪.‬ت‪،‬‬
‫مكتبة النجاح‪ ،‬طرابلس‪ ،‬ليبيا‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.476‬‬

‫‪May 2019‬‬ ‫‪Volume : 20‬‬ ‫‪Number : 01‬‬ ‫‪Islamic Culture Review‬‬

‫‪216‬‬
‫‪ISSN: 1112-5357‬‬ ‫مجلة الحضارة اإلسالمية‬
‫‪E-ISSN: 2602-5736‬‬ ‫مايو ‪2019‬‬ ‫العدد‪ :‬األول‬ ‫اجمللد‪20 :‬‬
‫د‪ .‬أمحد حوباد‬ ‫اختالف الطرق عند املالكية‬

‫اختلف املتأخرون يف مقتضى املذهب على ثالث طرق يف القضاء والبناء للمسبوق يف الصالة‪،‬‬
‫فاألوىل طريقة أبي حممد وجل املتأخرين أن املذهب على قول واحد يف البناء يف األفعال والقضاء يف‬
‫األقوال‪ ،‬والثانية طريقة القرويني أن املذهب على قولني يف القراءة خاصة‪ ،‬وعلى قول واحد يف‬
‫اجللوس‪ ،‬والثالثة طريقة اللخمي أن املذهب على ثالثة أقوال‪ :‬بان يف األفعال واألقوال وقاض فيهما‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫وقاض يف القراءة فقط‬
‫وقد بان لك من خالل هذه املسألة أن اختالف الطرق هو فهم شيوخ املذهب حلقيقة اخلالف‬
‫فيه‪ ،‬ففهم أبي حممد وجل متأخري املذهب أن املذهب على قول واحد‪ ،‬وفهم القرويون أن املذهب‬
‫على قولني يف القراءة ‪ ،‬وعلى قول واحد يف اجللوس وفهم اللخمي رمحه اهلل أن املذهب على ثالثة‬
‫أقوال‪.‬‬
‫‪- 5‬طرق املذهب يف طالق السكران حبرام‪:‬‬
‫املذهب على ثالث طرق يف طالق السكران‪ :‬طريقة ابن رشد أن اخلالف يف لزوم الطالق هو‬
‫يف املختلط الذي معه بقية متييز ‪،‬أما املطبق فال يقع طالقه اتفاقا‪ ،‬وطريقة اللخمي أن اخلالف مطلق‬
‫(‪)2‬‬
‫وال فرق بني متييز وعدمه‪ ،‬وطريقة ابن بشري أن اخلالف يف املغمور ال يف الذي معه بقية متييز‬
‫وما سبق من أقوال أصحاب الوجوه هو نتيجة فهمهم لروايات وأقوال املذهب‪ ،‬فصاغ كل‬
‫واحد من هؤالء فهمه للخالف يف طالق السكران على طريقة بان له أنها هي مذهب مالك رمحه اهلل‬
‫دون سواها‪.‬‬
‫‪-6‬طرق املذهب يف‪ :‬الصيب يتزوج‪ ،‬وتشرتط عليه الشروط قبل البلوغ من غري أن يطلع وليه‪،‬‬
‫ثم يدخل بعد البلوغ‪:‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬الذخرية‪،‬شهاب الدين أمحد بن إدريس القرايف‪ ،‬تح‪ :‬حممد حجي‪ ،‬ط‪1994 ،1‬م‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ج‪،3‬‬
‫ص‪.278‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬شرح اخلرشي على خمتصر خليل‪ ،‬اخلرشي‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪32‬‬

‫‪May 2019‬‬ ‫‪Volume : 20‬‬ ‫‪Number : 01‬‬ ‫‪Islamic Culture Review‬‬

‫‪217‬‬
‫‪ISSN: 1112-5357‬‬ ‫مجلة الحضارة اإلسالمية‬
‫‪E-ISSN: 2602-5736‬‬ ‫مايو ‪2019‬‬ ‫العدد‪ :‬األول‬ ‫اجمللد‪20 :‬‬
‫د‪ .‬أمحد حوباد‬ ‫اختالف الطرق عند املالكية‬

‫قال احلطاب‪ :‬يف ذلك طريقتان‪ :‬األوىل‪ :‬أن الشروط تلزمه‪ ،‬فإذا ادعى عدم العلم بها‪ ،‬ففي ذلك‬
‫قوالن‪ ،‬القول األول البن القاسم أن القول قوله بيمني‪ ،‬والثاني البن العطار أنه ال يقبل قوله‪،‬‬
‫والطريقة الثانية البن بشري أنه إن علم بالشروط ففي اللزوم ونفيه قوالن‪ ،‬وإن م يعلم فثالثة أقوال‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫اللزوم ونفيه والتخيري اآلن»‬
‫وأنت ترى من خالل ما سبق أن فهم متأخري املذهب لكالم املتقدمني كان حمل خالف أيضا يف‬
‫فهم ذلك اخلالف بناءا على استقراءاتهم لروايات وأقوال املذهب‪ ،‬وهو مازاد من كثرة التفريعات يف‬
‫املذهب‪ ،‬حبيث صار للمتأخرين من أمثال اللخمي وابن بشري وابن شاس وابن رشد وغريهم طرق‬
‫أخرى يف فهم كالم املتقدمني‪ ،‬مما زاد من توسيع دائرة اخلالف يف املذهب‪.‬‬
‫هذا األمر الذي زاد من تفريع املذهب‪ ،‬وصار من العسري مبكان رد طالب رأي املذهب يف مسألة‬
‫من املسائل اليت اختلفت الطرق يف حكاية خالفها‪ ،‬وهذا مما حذا مبن جاء بعدهم من علماء املذهب‬
‫وشيوخه إىل تقرير قواعد ترجيحية لضبط املفتى به يف املذهب‪ ،‬وهو ما خصصت لدراسته املطلب‬
‫الالحق‪.‬‬
‫‪-‬املطلب الثالث‪ :‬القواعد الرتجيحية بني الطرق عند متأخري املذهب‪.‬‬
‫بعد دورين مرا باملذهب املالكي‪ ،‬متثل األول منهما وهو دور التأسيس‪ ،‬يف مجع الروايات‬
‫والسّماعات واألقوال عن مالك وخترجيات تالميذه‪ ،‬وكان اختالف الطرق فيه مدرسيا أو بني أصحاب‬
‫مالك‪ ،‬ومتثل الثاني وهو دور التطور يف شروح وتعاليق وحماذاة ملا خلفه أهل الدور األول‪ ،‬السيما‬
‫مدونة سحنون‪ ،‬وتشهري وترجيح الروايات واألقوال املوروثة‪ ،‬وبناء الفقه بناء تقديريا ملا هو راجح يف‬
‫املذهب وملا هو أوىل‪ ،‬مما نتج عنه اختالف الطرق بني شيوخ املذهب بسبب اختالفهم يف فهم كالم‬
‫املتقدمني‪ ،‬جاء دور استقرار املذهب ليعنى أهل هذا الدور بعرض ما خلّفه أسالفهم على القواعد‬
‫الرتجيحية لضبط املشهور والراجح واملعتمد السيما واملقام مقام اختصار للمذهب الذي صار يقصد‬

‫(‪ )1‬مواهب اجلليل‪ ،‬احلطاب الرعيين‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪.455‬‬

‫‪May 2019‬‬ ‫‪Volume : 20‬‬ ‫‪Number : 01‬‬ ‫‪Islamic Culture Review‬‬

‫‪218‬‬
‫‪ISSN: 1112-5357‬‬ ‫مجلة الحضارة اإلسالمية‬
‫‪E-ISSN: 2602-5736‬‬ ‫مايو ‪2019‬‬ ‫العدد‪ :‬األول‬ ‫اجمللد‪20 :‬‬
‫د‪ .‬أمحد حوباد‬ ‫اختالف الطرق عند املالكية‬

‫به‪ :‬ما به الفتوى ال غري‪ ،‬وأما املذهب مبعناه الواسع‪ ،‬فإنه على حاله من اخلالف‪ ،‬ألن األقوال الضعيفة‬
‫والشاذة واملهجورة كلها أقوال مالكية‪ ،‬وإن صارت ال تدوّن يف املؤلفات إال بطريق اإلشارة أو الرمز‪.‬‬
‫ومن القواعد الرتجيحية اليت اعتمدها أهل هذا الدور للرتجيح بني تشهريات الشيوخ أيضا‪»:‬‬
‫أن تشهري ابن رشد يقدم على كل من ابن بزيزة وابن يونس واللّخمي‪ ،‬وأن ابن رشد واملازري وعبد‬
‫(‪)1‬‬
‫الوهاب متساوون يف التشهري‪ ،‬وأنّ ابن يونس مقدّم على اللخمي»‬
‫وترجيح تشهري شيخ من شيوخ املذهب السابقني هو بطبيعة احلال ترجيح لطريقته‪ ،‬أي‪ :‬فهمه‬
‫للخالف داخل املذهب وهو تقديم أغليب كسائر القواعد الرتجيحية يف املذهب‪ ،‬ألنه جيري أحيانا ختلفه‬
‫بناء على معان تأدت ألهل املذهب‪ ،‬حال ضبطهم للفروع‪ ،‬ككون القول جار على أصول املذهب أو‬
‫خمالف هلا‪ ،‬أو كون ماجرت به الفتيا وعمل احلكام على خالفه‪.‬‬
‫ومن خالل الرتتيب السابق فإن ابن رشد األندلسي واملازري التونسي وعبد الوهاب العراقي‬
‫تصدّروا قمة االعتماد يف التشهري لألقوال‪ ،‬وهذا يصور مدى االمتزاج بني املدارس املالكية الذي ابتدأ‬
‫يف القرن الرابع كما سبق اإلشارة إليه‪ ،‬ليبلغ أوجه يف هذا الدور‪.‬‬
‫وهذه القواعد سابقة الذكر‪ ،‬قواعد أغلبية‪ ،‬قد تعمل يف مسائل وتتخلف يف بعض املسائل‪ ،‬بناء‬
‫على اعتبارات عند شيوخ املذهب‪.‬‬
‫وقد متكن علماء املالكية يف هذه املرحلة من تاريخ املذهب املالكي بواسطة هذه القواعد‬
‫الرتجيحية من صنع قالب عام للمذهب املالكي‪ ،‬ضبط واختصر يف «مابه الفتوى» دون غريه من‬
‫ضعيف األقوال أو الروايات أو الطرق‪ ،‬وصار بإمكان الفقيه املالكي ضبط املفتى به يف املذهب من‬
‫راجح ومشهور‪ ،‬و م يعد اختالف الطرق مؤثرا‪ ،‬ألن املذهب اختزل يف «مابه الفتوى» ‪ ،‬وأما اختالف‬
‫األقوال والروايات والطرق‪ ،‬فصار االشتغال بها شأن املتخصصني الذين يشتغلون جبميع ما خلفه‬
‫فقهاء املالكية من ذلك لضبط الفتاوى لنوازهلم‪ ،‬وفق ما خيدم بيئاتهم الفقهية املالكية املختلفة‪.‬‬

‫(‪ )1‬املرجع السابق‪ ،‬احلطاب الرعيين‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.50‬‬

‫‪May 2019‬‬ ‫‪Volume : 20‬‬ ‫‪Number : 01‬‬ ‫‪Islamic Culture Review‬‬

‫‪219‬‬
‫‪ISSN: 1112-5357‬‬ ‫مجلة الحضارة اإلسالمية‬
‫‪E-ISSN: 2602-5736‬‬ ‫مايو ‪2019‬‬ ‫العدد‪ :‬األول‬ ‫اجمللد‪20 :‬‬
‫د‪ .‬أمحد حوباد‬ ‫اختالف الطرق عند املالكية‬

‫‪-‬اخلامتة‪:‬‬
‫ويف ختام هذا البحث تبني للباحث أن مقصود املالكية باختالف الطرق‪ »:‬تغاير فهوم شيوخ‬
‫املذهب يف حكاياتهم للمذهب‪ ،‬من حيث يرى كل شيخ أن املذهب على ما حكاه ونقله‪ ،‬ال على ما‬
‫حكاه ونقله غريه»‬
‫وتبني أيضا أن تعدد الروايات واألقوال والبيئات املالكية كانت سببا يف صنع الطرق داخل‬
‫املذهب املالكي‪ ،‬باإلضافة إىل شخصية مالك رمحه اهلل ‪ ،‬وملكات وقدرات تالميذه رمحه اهلل يف فهم‬
‫املذهب‪.‬‬
‫وتبني للباحث أيضا أن اختالف الطرق عند املتقدمني متثل أساسا يف اختالفها بني املدارس‬
‫عموما‪ ،‬وأن كل مدرسة من مدارس املالكية ظلّت على الطرق اليت سار عليها شيوخها‪ ،‬وأنه بفضل‬
‫الرحالت العلمية والتبادل العلمي استطاع أهل املذهب يف القرن الرابع أن يتفقوا على قواعد ترجيحية‬
‫لتخفيف حدة اخلالف داخل املذهب الواحد‪ ،‬ولتيسري فهم املذهب على الذي يطلب فقه املذهب‪.‬‬
‫وأن الطرق عند املتأخرين من شيوخ املذهب متثلت أساسا يف فهمهم كالم املتقدمني مما زاد من‬
‫هوة اخلالف داخل املذهب‪.‬‬
‫هذا مما حذا مبن جاء بعدهم يف دور استقرار املذهب أن يشتغلوا على إبراز الراجح واملشهور‬
‫واملفتى به‪ ،‬والرتتيب بني الطرق حال التعارض‪ ،‬معتمدين على القواعد الرتجيحية اليت ورثوها عن‬
‫سابقيهم‪ ،‬باالضافة إىل قواعد اتفقوا عليها منها قاعدة‪ »:‬اذا اختلف تشهري شيوخ املذهب‪ ،‬أن تشهري‬
‫ابن رشد يقدم على كل من ابن بزيزة وابن يونس واللّخمي‪ ،‬وأن ابن رشد واملازري وعبد الوهاب‬
‫متساوون يف التشهري وأنّ ابن يونس مقدّم على اللخمي»‬
‫وهو ما يعين أن املالكية استطاعوا عرب تاريخ املذهب من خالل تواصلهم العلمي واملعريف أن‬
‫يصيغوا قواعد ترجيحية للتعامل مع الفهوم املختلفة للمدارس الفقهية املالكية‪ ،‬والفهوم املختلفة‬
‫لشيوخ املذهب‪ ،‬فرتبوا مذهبهم ترتيبا حددوا من خالله الراجح واملفتى به‪ ،‬وهو جهد غري يسري‪ ،‬يشهد‬
‫للمالكية من شيوخ املذهب باختالف مدارسهم وبيئاتهم بالنظر الواسع‪ ،‬كما يشهد هلم بقدرتهم‬

‫‪May 2019‬‬ ‫‪Volume : 20‬‬ ‫‪Number : 01‬‬ ‫‪Islamic Culture Review‬‬

‫‪220‬‬
‫‪ISSN: 1112-5357‬‬ ‫مجلة الحضارة اإلسالمية‬
‫‪E-ISSN: 2602-5736‬‬ ‫مايو ‪2019‬‬ ‫العدد‪ :‬األول‬ ‫اجمللد‪20 :‬‬
‫د‪ .‬أمحد حوباد‬ ‫اختالف الطرق عند املالكية‬

‫العلمية الفائقة على تقليل اخلالف من خالل صنع قالب عام للمذهب اشرتكت فيه مدارس املالكية‬
‫وشيوخها عرب تاريخ املذهب‪.‬‬

‫قائمة المصادر والمراجع‪:‬‬

‫‪ -1‬االختالف الفقهي يف املذهب املالكي‪ ،‬عبد العزيز بن صاحل اخلليفي‪ ،‬ط‪1993 ،1‬م‪ ،‬دار احلديث احلسنية‪،‬‬
‫الرباط‪ ،‬اململكة املغربية‪.‬‬
‫‪ -2‬أزهار الرياض يف أخبار عياض‪ ،‬شهاب الدين أمحد بن حممد املقري التلمساين‪ ،‬تح‪ :‬مصطفى السقا وإبراهيم‬
‫األبياري وعبد احلفيظ شليب‪ ،‬د‪.‬ط‪1978 ،‬م‪ ،‬مطبعة فضالة‪ ،‬احملمدية‪ ،‬اململكة املغربية‪.‬‬
‫‪ -3‬اإلشراف على نكت مسائل اخلالف‪ ،‬أبو حممد عبد الوهاب البغدادي املالكي‪ ،‬د‪.‬تح‪ ،‬ط‪1999 ،1‬م‪،‬‬
‫دار بن حزم‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -4‬اصطالح املذهب عند املالكية‪ ،‬حممد إبراهيم علي‪ ،‬ط‪200 ،1‬م‪ ،‬دار البحوث للدراسات اإلسالمية وإحياء‬
‫الرتاث‪ ،‬اإلمارات العربية املتحدة‪ ،‬ديب‪.‬‬
‫‪ -5‬بوطليحية‪ ،‬حممد النابغة بن عمر الغالوي‪ ،‬تح‪ :‬حيي بن الرباء‪ ،‬ط‪2004 ،2‬م‪ ،‬مؤسسة الريان‪ ،‬بريوت‪،‬‬
‫لبنان‪.‬‬
‫‪ -6‬تاج العروس من جوهر القاموس‪ ،‬حممد املرتضى احلسيين الزبيدي‪ ،‬تح‪ :‬عبد الستار أمحد فراج‪ ،‬د‪.‬ط‪،‬‬
‫‪1965‬م‪ ،‬مطبعة حكومة الكويت‪ ،‬الكويت‪.‬‬
‫‪ -7‬تبصرة احلكام يف أصول األقضية ومناهج األحكام‪ ،‬برهان الدين أيب الوفاء إبراهيم بن فرحون اليعمري املالكي‪،‬‬
‫تح‪ :‬مجال مرعشلي‪ ،‬ط‪1995 ،1‬م‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -8‬ترتيب املدارك وتقريب املسالك ملعرفة أعالم مذهب مالك‪ ،‬القاضي عياض بن موسى بن عياض السبيت‪ ،‬تح‪:‬‬
‫حممد سامل هاشم‪ ،‬ط‪1998 1‬م‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -9‬التعريفات‪ ،‬علي بن حممد الشريف اجلرجاين‪ ،‬د‪.‬تح‪ ،‬د‪.‬ط‪1958 ،‬م‪ ،‬مكتبة لبنان‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -10‬التفريع‪ ،‬أيب القاسم عبيد اهلل بن احلسني بن احلسن بن اجلالب البصري‪ ،‬تح‪ :‬حسني بن سامل الدمهاين‪،‬‬
‫ط‪1997 ،1‬م‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬

‫‪May 2019‬‬ ‫‪Volume : 20‬‬ ‫‪Number : 01‬‬ ‫‪Islamic Culture Review‬‬

‫‪221‬‬
‫‪ISSN: 1112-5357‬‬ ‫مجلة الحضارة اإلسالمية‬
‫‪E-ISSN: 2602-5736‬‬ ‫مايو ‪2019‬‬ ‫العدد‪ :‬األول‬ ‫اجمللد‪20 :‬‬
‫د‪ .‬أمحد حوباد‬ ‫اختالف الطرق عند املالكية‬

‫‪ -11‬التوضيح يف شرح املختصر الفرعي البن احلاجب‪ ،‬خليل بن إسحاق اجلندي‪ ،‬ضبط‪ :‬أمحد بن عبد الكرمي‬
‫جنيب‪ ،‬ط‪2008 ،1‬م‪ ،‬مركز جنيبويه للمخطوطات وخدمة الرتاث‪ ،‬اإلمارات العربية املتحدة‪.‬‬
‫‪ -12‬اجلامع املسند الصحيح املختصر من أمور رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وسننه وأيامه‪ ،‬حممد بن إمساعيل‬
‫البخاري‪ ،‬تح‪ :‬حممد زهري بن ناصر الناصر‪ ،‬ط‪1422 ،1‬ه ‪ ،‬دار طوق النجاة‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -13‬حاشية الدسوقي على الشرح الكبري‪ ،‬حممد عرفة الدسوقي‪ ،‬د‪.‬تح‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬دار إحياء الكتب العربية‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫‪ -14‬الديباج املذهب يف معرفة أعيان علماء املذهب‪ ،‬إبراهيم بن نور الدين(ابن فرحون)‪ ،‬تح‪ :‬مأمون بن حمي‬
‫الدين اجلنان‪ ،‬ط‪1996 1‬م‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -15‬الذخرية‪،‬شهاب الدين أمحد بن إدريس القرايف‪ ،‬تح‪ :‬حممد حجي‪ ،‬ط‪1994 ،1‬م‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪،‬‬
‫بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -16‬شجرة النور الزكية يف طبقات املالكية‪ ،‬حممد بن حممد خملوف‪ ،‬د‪.‬ط‪1349،‬ه‪ ،‬دار الكتاب العريب‪،‬‬
‫بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -17‬شرح التلقني ‪ ،‬أيب عبد اهلل حممد بن علي بن عمر التميمي املازري‪ ،‬تح‪ :‬حممد املختار السالمي‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫‪2008‬م‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬تونس‪.‬‬
‫‪ -18‬شرح خمتصر خليل‪ ،‬أيب عبد اهلل اخلرشي‪ ،‬د‪.‬تح‪ ،‬ط‪1317 ،2‬ه‪ ،‬املطبعة الكربى األمريية‪ ،‬بوالق‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫‪ -19‬الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية‪ ،‬إمساعيل بن محاد اجلوهري‪ ،‬تح‪ :‬أمحد عبد الغفور عطار‪ ،‬ط‪،4‬‬
‫‪1990‬م‪ ،‬دار العلم للماليني‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -20‬فتاوى الربزيل جامع مسائل األحكام ملا نزل من القضايا باملفتني واحلكام‪ ،‬أيب القاسم بن أمحد‬
‫البلوي(الربزيل)‪ ،‬تح‪ :‬حممد احلبيب اهليلة‪ ،‬ط‪2002 ،1‬م‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -21‬فتح العلي املالك يف الفتوى على مذهب مالك‪ ،‬حممد أمحد عليش‪ ،‬د‪.‬تح‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬دار املعرفة‪،‬‬
‫بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -22‬الفتح املبني يف حل رموز ومصطلحات الفقهاء واألصوليني‪ ،‬حممد إبراهيم احلفناوي‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬د‪ .‬دار‬
‫نشر‪.‬‬
‫‪ -23‬الفكر السامي يف تاريخ الفقه اإلسالمي‪ ،‬حممد بن احلسن احلجوي الثعاليب‪ ،‬د‪.‬ط‪1345 ،‬هـ‪ ،‬املطبعة‬
‫البلدية‪ ،‬فاس املغرب‪.‬‬
‫‪May 2019‬‬ ‫‪Volume : 20‬‬ ‫‪Number : 01‬‬ ‫‪Islamic Culture Review‬‬

‫‪222‬‬
‫‪ISSN: 1112-5357‬‬ ‫مجلة الحضارة اإلسالمية‬
‫‪E-ISSN: 2602-5736‬‬ ‫مايو ‪2019‬‬ ‫العدد‪ :‬األول‬ ‫اجمللد‪20 :‬‬
‫د‪ .‬أمحد حوباد‬ ‫اختالف الطرق عند املالكية‬

‫‪ -24‬كشف النقاب احلاجب من مصطلح ابن احلاجب‪ ،‬إبراهيم بن علي بن فرحون‪ ،‬تح‪ :‬محزة أبو فارس وعبد‬
‫السالم الشريف‪ ،‬ط‪1990 ،1‬م‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -25‬لسان العرب‪ ،‬ابن منظور‪ ،‬تح‪ :‬عبد اهلل علي الكبري وحممد أمحد حسب اهلل وهاشم حممد الشاذيل‪ ،‬ط‪،5‬‬
‫‪1119‬ه‪ ،‬دار املعارف‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫‪ -26‬منت خليل‪ ،‬خليل بن إسحاق‪ ،‬تصحيح‪ :‬أمحد نصر‪ ،‬ط‪ :‬األخرية‪1981 ،‬م‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪ ،‬بريوت‪.‬‬
‫‪ -27‬حماضرات يف تاريخ املذاهب الفقهية‪ ،‬حممد أبو زهرة‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬مطبعة املدين‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫‪ -28‬املدونة الكربى‪ ،‬مالك بن أنس األصبحي‪ ،‬د‪.‬تح‪ ،‬ط‪1994 ،1‬م‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -29‬املذهب املالكي مدارسه ومؤلفاته خصائصه ومساته‪ ،‬حممد املختار حممد املامي‪ ،‬ط‪2002 ،1‬م‪ ،‬مركز زايد‬
‫للرتاث والتاريخ‪ ،‬العني‪ ،‬اإلمارات العربية املتحدة‪.‬‬
‫‪ -30‬املسند الصحيح املختصر من السنن بنقل العدل عن العدل إىل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬مسلم بن‬
‫احلجاج القشريي‪ ،‬تح‪ :‬حممد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬ط‪1422 ،1‬ه‪ ،‬دار إحياء الرتاث العريب‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -31‬املصباح املنري‪ ،‬أمحد بن حممد بن علي الفيومي املقرئ‪ ،‬تح‪ :‬خضر اجلواد‪ ،‬د‪.‬ط‪1987 ،‬م‪ ،‬مكتبة لبنان‪،‬‬
‫بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -32‬مصطلحات املذاهب الفقهية‪ ،‬مرمي حممد صاحل الظفريي‪ ،‬ط‪2002 ،1‬م‪ ،‬دار ابن حزم‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -33‬معامل اإلميان يف معرفة أهل القريوان‪ ،‬عبد الرمحن بن حممد األنصاري الدباغ‪ ،‬تح‪ :‬أبو الفضل بن ناجي‬
‫التنوخي‪ ،‬إبراهيم شبوح ط‪1968 ،2‬م‪ ،‬مطبعة السنة احملمدية‪.‬‬
‫‪ -34‬معجم مقاييس اللغة ‪ ،‬أيب احلسني أمحد بن فارس بن زكريا‪ ،‬تح‪ :‬عبد السالم حممد هارون‪ ،‬ط‪1979 ،2‬م‪،‬‬
‫دار الفكر‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‬
‫‪ -35‬املعيار املعرب واجلامع املغرب عن فتاوى أهل إفريقية واألندلس واملغرب‪ ،‬أيب العباس أمحد بن حيي‬
‫الونشريسي‪ ،‬إشراف‪ :‬حممد حجي‪ ،‬د‪.‬ط‪1401 ،‬ه‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -36‬املفردات يف غريب القرءان‪ ،‬أيب القاسم احلسني بن حممد(الراغب األصفهاين)‪ ،‬تح‪ :‬حممد سيد كيالين‪،‬‬
‫د‪.‬ط‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬دار املعرفة‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -37‬منح اجلليل‪ ،‬حممد عليش‪ ،‬د‪.‬تح‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬مكتبة النجاح‪ ،‬طرابلس‪ ،‬ليبيا‪.‬‬
‫‪ -38‬مواهب اجلليل لشرح خمتصر خليل‪ ،‬أيب عبد اهلل حممد بن حممد بن عبد الرمحن املغريب(احلطاب)‪ ،‬ضبط‪:‬‬
‫زكريا عمريات‪ ،‬ط‪1995 ،1‬م‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪May 2019‬‬ ‫‪Volume : 20‬‬ ‫‪Number : 01‬‬ ‫‪Islamic Culture Review‬‬

‫‪223‬‬
‫‪ISSN: 1112-5357‬‬ ‫مجلة الحضارة اإلسالمية‬
‫‪E-ISSN: 2602-5736‬‬ ‫مايو ‪2019‬‬ ‫العدد‪ :‬األول‬ ‫اجمللد‪20 :‬‬
‫د‪ .‬أمحد حوباد‬ ‫اختالف الطرق عند املالكية‬

‫‪ -39‬موسوعة كشاف اصطالحات الفنون والعلوم‪ ،‬حممد علي التهانوي‪ ،‬تح‪ :‬علي دحروج‪ ،‬ط‪1996 ،1‬م‪،‬‬
‫مكتبة لبنان‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -40‬موطأ اإلمام مالك‪ ،‬مالك بن أنس بن مالك بن عامر األصبحي‪ ،‬تح‪ :‬حممد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬ط‪،‬‬
‫‪1985‬م‪ ،‬دار إحياء الرتاث العريب‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬

‫‪‬‬

‫‪May 2019‬‬ ‫‪Volume : 20‬‬ ‫‪Number : 01‬‬ ‫‪Islamic Culture Review‬‬

‫‪224‬‬
May 2019 Volume : 20 Number : 01 Islamic Culture Review

225

You might also like