You are on page 1of 26

Global Proceedings Repository

American Research Foundation


http://arab.kmshare.net/
ISSN 2476-017X

Available online at http://proceedings.sriweb.org

The 11th International Scientific Conference


Under the Title
“Education, Social, Human and Administrative Sciences an outlook for the Future”
‫املؤمتر العلمي الدويل العاشر‬
"‫حتت عنوان "التعليم والعلوم االجتماعية واالنسانية واالدارية بني احلاضر واملستقبل‬
‫ اسطنبول–تركيا‬- 2019‫ديسمب‬31 - 30
http://kmshare.net/isc2019/

Where Is Sociology Going?


An Analytical View of the Reality of Sociology in the Arab World

Rula O. Alsawalqa a, Missa N. Rawashdeh b


a
The University of Jordan, Amman, Jordan
R.sawalka@ju.edu.Jo
b
The University of Jordan, Amman, Jordan
M_rawashdeh@ju.edu.jo
Abstract: This study is to debate the problems facing sociology in the Arab world after may have voiced
their concerns regarding its lack of importance, the weakness of its methods applied, and skepticism about
the science of sociological discourse which described it as an indicator that displays unnecessary interest.
With its methodological and intellectual mechanism in understanding and debating the Arab reality in light
of the most important thought of others regarding the reality of existing self-esteem. This study further
provides the critical readings for the most prominent challenges facing sociological studies in the Arab
world that sought to reveal the relationship between sociology and its stakes in society and its stages, which
were described by some as a crisis. However, this study analyzes the reality of the sociological field in the
Arab world considering the technical revolution and the emergence of virtual societies as alternative
societies, as well as the revolutions of the Arab Spring. This study is aimed to raise issues that did not gain
much success from the discussion as a diagnosis of science Sociology, ignoring some of its fields and how
to use them in order to reform by not just theorizing, by reviewing production scientific knowledge in the
field of sociology in the Arab world in order to reveal the problems of sociology in the Arab world, and to
understand social practice in the light of the relationship between what is objective and what is subjective.

Keywords: Problematic, Sociology, Method, Arab world.

36
‫‪Global Proceedings Repository‬‬
‫‪American Research Foundation‬‬
‫‪http://arab.kmshare.net/‬‬
‫‪ISSN 2476-017X‬‬

‫‪Available online at http://proceedings.sriweb.org‬‬

‫علم االجتماع إىل أين‪...‬؟‬


‫رؤية حتليلية لواقع علم االجتماع يف الوطن العرب‬

‫د‪ .‬ميساء نصر الرواشدة‬ ‫د‪ .‬روال عوده السوالقة‬


‫استاذ مساعد – قسم علم االجتماع‬ ‫استاذ مشارك‪ -‬قسم علم االجتماع‬
‫اجلامعة األردنية‬ ‫اجلامعة األردنية‬
‫‪M_rawashdeh@ju.edu.jo‬‬ ‫‪R.sawalka@ju.edu.jo‬‬

‫امللخص‬
‫تناقش هذه الدراسة اشكالية علم االجتماع يف الوطن العريب بعدما تعالت األصوات اليت تنادي بعدم أمهيته‪ ،‬وضعف‬
‫منهجه‪ ،‬والتشكيك بعلمية اخلطاب السوسيولوجي‪ ،‬ووصفه علم يقض املضاجع‪ ،‬ورغم تناول الباحثني العرب هذه االشكالية‬
‫بزخم طيلة السنوات السابقة‪ ،‬من انحية أتصيله وتباين االجتاهات النظرية واملنهجية ومدى تطبيقيه آبليته املنهجية والفكرية‬
‫يف فهم الواقع العريب ومناقشته يف ظل أسبقية فكر اآلخر على واقع األان‪ ،‬وتقدمي قراءات نقدية ألبرز التحدايت اليت تواجه‬
‫الدراسات السوسيولوجية يف الوطن العريب اليت سعت للكشف عن معرفة العالقة بني علم االجتماع ورهاانته ابجملتمع‬
‫وتطوراته‪ ،‬واليت وصفت من قبل البعض ابألزمة‪ ،‬إالّ أن هذه الدراسة جاءت لتحلل واقع اجملال السوسيولوجي يف الوطن‬
‫العريب يف ظل الثورة التقنية والتكنولوجية وظهور اجملتمعات االفرتاضية كمجتمعات بديلة‪ ،‬وثورات الربيع العريب‪ ،‬كما هدفت‬
‫هذه الدراسة إىل طرح مسائل مل تنل احلظ الوافر من املناقشة كتشخيص علم االجتماع‪ ،‬وجتاهل بعض جماالته وكيفية توظيفها‬
‫بغية االصالح ال التنظري فقط‪ ،‬من خالل مراجعة االنتاج املعرفة العلمية يف جمال علم االجتماع يف الوطن العريب للكشف‬
‫عن مكامن اشكالية السوسيولوجيا يف الوطن العريب‪ ،‬ولفهم املمارسة االجتماعية يف ضوء العالقة بني ما هو موضوعي‬
‫وذايت‪.‬‬

‫الكلمات املفتاحية‪ :‬اشكالية‪ ،‬علم االجتماع‪ ،‬املنهج‪ ،‬الوطن العريب‪.‬‬

‫مقدمة‬

‫‪37‬‬
‫‪Global Proceedings Repository‬‬
‫‪American Research Foundation‬‬
‫‪http://arab.kmshare.net/‬‬
‫‪ISSN 2476-017X‬‬

‫‪Available online at http://proceedings.sriweb.org‬‬

‫ﻣﻘﺪﻣــــــﺔ‬
‫يعترب علم االجتماع علم مشويل‪ ،‬وتتضمن مشوليته وجهني أساسسني؛ األول يرتبط ابلناحية املعرفية لكونه يسعى إىل‬
‫بناء معرفة علمية ت ساعد يف فهم وتفسري اجملتمع وأجزائه وامكانية التنبؤ مبا ميكن أن تكون عليه‪ .‬أما الوجه الثاين فيمثله‬
‫موضوع العلم والذي يشمل كل ما هو اجتماعي من جمتمع ومجاعات ونظم وتنظيمات وعالقات‪ .‬وتظهر أمهية املسألة‬
‫املنهجية يف علم االجتماع نظراً الرتباط بناء الوجه املعريف يف حتديد حقيقة الواقع االجتماعي‪ ،‬إن املسألة املنهجية واملعرفة‬
‫العلمية والواقع االجتماعي شكلت جوهر أزمة هذا العلم (عثمان‪ .)2007 ،‬حيث تناول الباحثون واملشتغلني يف جمال علم‬
‫االجتماع يف الوطن العريب ما دار حول ضعف منهجه‪ ،‬والتشكيك بعلمية خطابه‪ ،‬وانقشوا التحدايت اليت تواجه الدراسات‬
‫السوسيولوجية يف ظل أزمة أتصيله وتباين االجتاهات النظرية ومدى تطبيقيه آبليته املنهجية والفكرية يف فهم الواقع العريب‪.‬‬
‫والبعض تناول ما انقشه " أالن روسيون" أبن علم االجتماع يف املنطقة العربية كان يف األصل جزءاً من املشروع االستعماري‬
‫(رمعون وآخرون‪.)2015 ،‬‬
‫تطرف يف رأيه حىت بدأ ابملناداة بعدم نفعه وما القيمة اليت‬
‫ورغم تناول أزمة هذا العلم بزوااي عدة إالّ أن منهم من ّ‬
‫تناهلا اجملتمعات يف البحث يف ميادينه‪ ،‬وشن هجوماً قد خال من عقالنية الطرح والوصل االبستمولوجي إما نتيجة جتارهبم‬
‫الفاشلة يف فهم جوهره وبعد أزمته وتقدمي فكر وانتاج ابداعي‪ ،‬أو لعدم اطالعهم النهم اجلاد على جماالته كافة‪ ،‬فشخصوا‬
‫علم االجتماع تبعاً لعللهم‪ ،‬ومنهم من تلعثم يف نقده إزاء ما شهده الواقع العريب من تغيريات طالت جوانبه كافة نتيجة الثورة‬
‫التقنية والتكنولوجية وظهور اجملتمعات االفرتاضية كمجتمعات بديلة‪ ،‬وثورات الربيع العريب‪ ،‬ومتناسني العالقة بني النظرية‬
‫والتطبيق خاصة يف ظل العلوم االنسانية‪ ،‬والدور الملقى على عاتقهم كباحثني ومشتغلني يف علم االجتماع بفحص هذه‬
‫العالقة ابستمولوجياً وفهم الصلة الوثيقة بني النظرية والتطبيق واملنهج‪ ،‬وتقدمي نقد بنّاء للنظرية يف العلوم االجتماعية‬
‫واالنسانية عامة‪ ،‬ويف علم االجتماع خاصة‪ ،‬فميدان علم االجتماع املنبع واملصب مليادين العلوم االجتماعية واالنسانية‪ .‬لذا‬
‫حتاول هذه الورقة الكشف عن مكامن اشكالية السوسيولوجيا يف الوطن العريب‪ ،‬من خالل مناقشة أزمة أتصيله وبعض‬
‫جماالته غري املطروقة وكيفية توظيفها بغية االصالح ال التنظري فقط‪ ،‬والكشف عن حال علم االجتماع يف أكادمييا الوطن‬
‫العريب‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬علم االجتماع بني املرجعية واخلصوصية‬

‫‪38‬‬
‫‪Global Proceedings Repository‬‬
‫‪American Research Foundation‬‬
‫‪http://arab.kmshare.net/‬‬
‫‪ISSN 2476-017X‬‬

‫‪Available online at http://proceedings.sriweb.org‬‬

‫ﺃﻭﻻ‪ :‬ﻋﻠﻢ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻉ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺮﺟﻌﻴﺔ ﻭﺍﻟﺨﺼﻮﺻﻴﺔ‬


‫ليس من اليسري حتديد نقطة بدء لتاريخ علم االجتماع‪ ،‬فمنذ األزمان املبكرة لإلغريق أو الرومان أو حىت العصور‬
‫تفسر سياقاهتا‪ ،‬وال يعين ذلك أهنم يف هذه األزمان مل‬‫الوسطى واصل الناس التفكري يف احلياة االجتماعية وصياغة نظرايت ّ‬
‫تكن هلم أفكار ذات صلة بعلم االجتماع‪ ،‬إالّ أن مسألة انتقاء أفكار منها ذات صلة بعلم االجتماع املعاصر مسألة يف غاية‬
‫الصعوبة والدقة‪ ،‬وال تثمر إالّ عن أفكار حمدودة للغاية‪ ،‬كما أن أايً من املفكرين يف هذه األزمان مل يكن ي عد نفسه عامل‬
‫اجتماع (اجلوهري وآخرون‪.)2011 ،‬‬
‫جتلّت الصورة األوىل لعلم االجتماع يف ظهور علم العمران البشري على يد العالَّمة املسلم ابن خلدون‪ ،‬يف القرن‬
‫الرابع عشر امليالدي‪ ،‬كضرورة منهجية لتدوين التاريخ االسالمي والبحث يف طبائع العمران‪ ،‬ومما ال شك فيه أن اهتمام ابن‬
‫خلدون مبجايل التاريخ واالجتماع االنساين أفرز نظرايت سامهت يف تفسري احلياة االجتماعية‪ ،‬حيث تناول اجملتمع االنساين‬
‫مبفهومه العام وليس من جمتمع بذاته امياانً منه أبن اجملتمعات االنسانية كافة تشملها قوانني عامة (عباسي‪2010 ،‬؛‬
‫عثمان‪ ،)2007 ،‬وكتب ابن خلدون يف مقدمته الشهرية واصفاً احلاجة إىل علم يستدل به لفهم مكوانت النفس البشرية‬
‫وقوانني قيام اجملتمعات االنسانية‪" :‬وأعلم أ ّن الكالم يف هذا الغرض مستحدث الصنعة‪ ،‬غريب النزعة‪ ،‬عزيز الفائدة‪ ،‬أعثر‬
‫عليه البحث‪ ،‬و ّأدى إليه الغوص‪ ،‬وهو ليس بعلم اخلطابة‪ ،‬وإّّنا هو األقوال املقنعة النافعة يف استمالة اجلمهور إىل رأ ٍي أو‬
‫صدهم عنه‪ ،‬وال هو أيضاً من علم السياسة املدنية‪ ،‬وكأنه علم مستنبط النشأة‪ ،‬ولعمري أنين مل أقف على الكالم يف منحاه‬
‫ألحد من اخلليقة‪ ،‬وال أدري هل غفلوا عن ذلك؟ وليس الظن هبم‪ ،‬أو لعلّهم كتبوا يف هذا الغرض واستوفوه ومل يصل إلينا؛‬
‫فالعلوم كثرية‪ ،‬واحلكماء يف أمم النوع اإلنساين متع ّددون‪ ،‬وما مل يصل إلينا من العلوم أكثر مما وصل"‪ .‬وأضاف قائالً‪" :‬وكأن‬
‫هذا علم مستقلٌّ بنفسه‪ ،‬فإنه ذو موضوع‪ ،‬وهو العمران البشري واالجتماع اإلنساين‪ ،‬وذو مسائل؛ وهي بيان ما يلحقه من‬
‫العوارض واألحوال لذاته‪ ،‬واحدة بعد أخرى‪ ،‬وهذا شأن كل علم من العلوم‪ ،‬وضعيًّا كان أو عقليًّا" (ابن خلدون‪.)1982 ،‬‬
‫وهبذه املقوالت استدل عامل االجتماع النمساوي مجبلوفتش على أ ّن نشأة علم االجتماع تنسب البن خلدون‪،‬‬
‫قائالً‪" :‬لقد أردان أن ندلّل على أنه قبل أوجست كونت‪ ،‬بل قبل فيكو الذي أراد اإليطاليون أن جيعلوا منه أول اجتماعي‬
‫تقي‪ ،‬فدرس الظواهر االجتماعية بعقل متَّزٍن‪ ،‬وأتى يف هذا املوضوع آبراء عميقة‪ ،‬وإن ما كتبه هو ما‬ ‫أورويب‪ ،‬جاء مسلم ٌّ‬
‫نسميه اليوم علم االجتماع " (الشكعة‪.)1992 ،‬‬
‫ّ‬

‫بقيت جتربة ابن خلدون فريدة يف نوعها‪ ،‬ومل يبىن عليها يف زمنه أو بعده مباشرة عدا ما قدمه أبو عبدهللا بن زريق يف‬
‫كتابه "بدائع السلك يف طبائع امللك" (عثمان‪ ،)2007 ،‬ووافق ظهور علم العمران احتضار احلضارة االسالمية‪ ،‬وبعد‬
‫مخسة قرون‪ ،‬ويف القرن التاسع عشر ظهر علم االجتماع من جديد مع صعود احلضارة الغربية كعلماً علمياً مستقالً بذاته وله‬

‫‪39‬‬
‫‪Global Proceedings Repository‬‬
‫‪American Research Foundation‬‬
‫‪http://arab.kmshare.net/‬‬
‫‪ISSN 2476-017X‬‬

‫‪Available online at http://proceedings.sriweb.org‬‬

‫مسماه اخلاص ومغايراً ملا جاء به ابن خلدون ّإال أنه يسري بنفس مبدأ الفهم (عباسي‪2010 ،‬؛ عثمان‪ ،)2007 ،‬حيث‬
‫ولد علم االجتماع من رحم الظروف التارخيية للمجتمع الغريب واألورويب‪ ،‬فاحلضارة الغربية تعترب الناظم املعريف املوجه لعلم‬
‫االجتماع‪ ،‬فهذا العلم الذي تبنته الفلسفة الثائرة على الفكر الكنسي يوصف كعلم ل "احلداثة الغربية" اليت انبثقت من الثورة‬
‫الفرنسية والثورة الصناعية واحلضرية والثورة العلمية واملعرفية والثورات الفكرية واآليديولوجية – خاصة قيم الفكر االشرتاكي‪-‬‬
‫واليت غريت من نسق القيم الغربية‪ ،‬وأحدثت تغريات جذرية يف البنية االجتماعية ومفهوم الدولة وشرعية السلطة‪ ،‬ومكانة‬
‫االنسان لتنذر عن والدة جمتمعات حديثة البىن‪ ،‬فارتبطت نشأة علم االجتماع أبزمة اجملتمع الرأمسايل والتحول من النمط‬
‫االقطاعي إىل النمط الرأمسايل احلر‪ ،‬أي منذ حلظة اهنيار اجملتمعات القدمية ابالهنيار وتوغل الفوضى االجتماعية والثقافية يف‬
‫الدول األوروبية نتيجة التحديث والتصنيع‪ ،‬فظهر علم االجتماع يف الغرب كاستجابة علمية ملشاكل اجملتمعات احلديثة‬
‫وفوضاها‪ ،‬وكعلم يبحث يف األزمة االجتماعية‪ ،‬فبدأ علماء االجتماع بتفصيل كيفية تطور اجملتمعات ونشأهتا لفهم وحتليل‬
‫املشكالت االجتماعية بغية االصالح االجتماعي‪ .‬لقد كان املولد الثاين لعلم االجتماع على يد مطلق التسمية عليه هو‬
‫العامل " أوجست كونت" كحل وسط بني فلسفة التنوير الثورية والفكر الرومانسي احملافظ‪ ،‬وهبذه الصورة هيمن الفكر‬
‫الفلسفي على مسالك التفكري االجتماعي‪ ،‬إذ أقام "كونت" فلسفته الوضعية اليت كانت مبثابة األرضية اليت شيدت عليها‬
‫السوسيولوجيا‪ ،‬كما اعتقد أن علم االجتماع بشقيه االستاتيكي والديناميكي هو املظهر املتطور النهائي للمعرفة االنسانية‪.‬‬
‫وأصبح علماء االجتماع ميارسون العلم والنبوة يف سياقات اجتماعية فرضتها طبيعة احلداثة ذاهتا‪ .‬ويف الثلث األخري من حياة‬
‫"كونت" ظهر يف اجنلرتا العامل "هربرت سبنسر" الذي ركز اهتمامه على موضوعات علم االجتماع ودراسة عمليات التغري‬
‫وتطور اجملتمعات مستعيناً ابملماثلة البيولوجية (النظرة العضوية) كما فعل "كونت"‪ .‬ورغم انشطار علم االجتماع منذ أتسيسه‬
‫إىل ّناذج ارشادية ‪( Paradigms‬الكونتية‪ ،‬املاركسية‪ ،‬الفيربية) إالّ أنه صمد وانتشر كممارسة حبثية ومهنية وكمسار‬
‫تعليمي جامعي بفضل العامل الفرنسي " امييل دور كامي" الذي وضع األسس اليت حتدد موضوع علم االجتماع ومناهجه‪،‬‬
‫فانطلق من الوقائع االجتماعية لتحقيق موضوعية علم االجتماع مروراً ابلظواهر االجتماعية وأّناط الروابط االجتماعية‬
‫ومناقشة األشكال األولية للحياة الدينية وانتهاءاً بصك قواعد املنهج يف علم االجتماع‪ ،‬مما جعل من علم االجتماع علماً‬
‫علمياً مستقالً بذاته‪ ،‬له موضوعاته وأهدافه ومنهجيته‪ ،‬متحرراً بذلك من هيمنة الفلسفة (عباسي‪2010 ،‬؛ بوسينو‪،‬‬
‫‪1995‬؛ محزاوي وكواشي‪2017 ،‬؛ عباسي‪2015 ،‬؛ عثمان‪.)2007 ،‬‬
‫أتصل التقاليد‬
‫وسادت املقاربة الدوركاميية يف السوسيولوجيا األمريكية إالّ أهنا مل تدم طويالً كما كانت يف فرنسا نتيجة ّ‬
‫اجلامعية الوطنية وسيطرهتا على جمرايت البحث السوسيولوجي‪ .‬لقد واجهت املدارس الفكرية السوسيولوجية منذ نشأهتا‬

‫‪40‬‬
‫‪Global Proceedings Repository‬‬
‫‪American Research Foundation‬‬
‫‪http://arab.kmshare.net/‬‬
‫‪ISSN 2476-017X‬‬

‫‪Available online at http://proceedings.sriweb.org‬‬

‫عقبات شىت نتيجة احلربني العامليتني وظهور الديكتاتورايت واحلرب الباردة‪ ،‬فاحنصرت املدرستني الفرنسية واألملانية وصعدت‬
‫املدرسة األمريكية اليت سامهت يف انعاش البحث السوسيولوجي داخل اجلامعات وخارجها (عباسي‪.)2015 ،‬‬
‫ومل يكن من السهل حتديد تعريف سهل جامع لعلم االجتماع يشمل موضوعاته أثناء تشكله‪ ،‬حيث أكد "رميون آرون"‬
‫أحد املشتغلني بعلم االجتماع يف فرنسا أن علم االجتماع يتميز أبنه دائم البحث عن نفسه‪ ،‬وأن أكثر النقاط اتفاقاً بني‬
‫املشتغلني به هي صعوبة حتديد علم االجتماع كما أورد برتمي سوروكن يف مؤلفه "النظرايت السوسيولوجية املعاصرة" عام‬
‫‪ 1928‬آراء أكثر من ألف عامل وابحث يف علم االجتماع‪ ،‬األمر الذي جيعل من الصعوبة حتديد من جنح منهم يف تعريف‬
‫علم االجتماع ‪ .‬ومع التسليم بوجود تباينات كثرية ارتبطت بتحديد العلم وموضوعه‪ ،‬فهي تباينات فرضتها طبيعة العلم يف‬
‫نشأته وتطوره حيث أتثر مبجموع األطر اجملتمعية والفكرية اليت أحاطت به مبا يف ذلك الدين والفلسفة والعلوم الطبيعية‪ ،‬كما‬
‫أتثر بطبيعة الت غريات اليت طرأت وال تزال تواصل أتثريها على اجملتمع االنساين ومبجمل الظروف االجتماعية والثقافية اليت‬
‫أحاطت بكل رائد من رواد العلم وجعلته ابتداء يرتبط يف خربته مبجتمع دون غريه‪ .‬كما أن حالة املنهج العلمي يف كل فرتة‬
‫من الفرتات التارخيية اليت مر هبا العلم مل يكن أتثريها وفقاً على علم االجتماع أو على أي عل ٍم آخر دون غريه من العلوم‬
‫اإلنسانية أو حىت الطبيعية (عبد املعطي‪.)14 :1981 ،‬‬
‫اتسعت أفق علم االجتماع األورويب والغريب ليمتد إىل اجملتمعات كافة‪ ،‬مبا يف ذلك العامل العريب خبصوصياته التارخيية‬
‫واجملتمعية املغايرة خل صوصيات اجملتمع الغريب‪ ،‬فقد كان هلذا العلم حضور مؤسسي مبكر بتأسيس قسم متخصص يف علم‬
‫االجتماع يف اجلامعة املصرية (جامعة القاهرة حالياً) عام ‪ ،1925‬علماً أن أوىل احملاضرات يف علم االجتماع يف مصر ألقيت‬
‫يف عام ‪(1908‬محزاوي وكواشي‪ .)92 :2017 ،‬ونتيجة ملأسسة علم االجتماع الغربية ش ّن بعض الباحثني واملشتغلني‬
‫العرب يف علم االجتماع هجوماً على علم االجتماع بني جمود ومهمش ومنتقص‪ ،‬وتناسى الكثر منهم أن علم االجتماع‬
‫كحال ابقي العلوم االجتماعية واالنسانية وعلوم اهلندسية والطبية وعلوم التقنية والتكنولوجية وخاصة عامل االنرتنت ومواقع‬
‫التواصل االجتماعي اليت خلقت اجملتمعات االفرتاضية وأصبحت بديالً اليستهان به يف القرن الواحد والعشرين‪ ،‬فهي ذات‬
‫منشأ وجتويد غريب‪ ،‬كما أن مناهج علم االجتماع من حيث املبدأ والتطبيق ال ختتلف عن ابقي مناهج العلوم األخرى‪.‬‬
‫ف االنسان هو حمور العلوم كافة‪ ،‬ولالنسان عالقة جبميع أنواع املعرفة‪ ،‬فهو صانعها‪ ،‬ومجيع العلوم تشرتك يف أسس منهجية‬
‫وطرق وقواعد منظمة يف بناء املعرفة اليت مهما كانت هلا ارتباط حبياة االنسان‪ ،‬وميكن القول أن هناك امكانية لنوعني من‬
‫ٍ‬
‫وتكامل‬ ‫العالقة بني فروع املعرفة؛ أوهلا عالقة موضوع ومضمون واثنيها عالقة منهج‪ ،‬مما يدفع بنا إىل االفرتاض بوجود تر ٍ‬
‫ابط‬
‫بني فروع املعرفة يف هذين النوعني (عثمان‪ .)2007 ،‬ونتيجة قصر رؤاهم وسطحية قراءهتم وضعف استبصارهم اعتربوه علم‬
‫ش ْعوذة األزمنة احلديثة لكونه غريب النشأة‪ ،‬ابلوقت الذي ينادون بنسبه إىل العالّمة املسلم ابن خلدون‪ ،‬فوقعوا يف دائرة من‬

‫‪41‬‬
‫‪Global Proceedings Repository‬‬
‫‪American Research Foundation‬‬
‫‪http://arab.kmshare.net/‬‬
‫‪ISSN 2476-017X‬‬

‫‪Available online at http://proceedings.sriweb.org‬‬

‫اجلدل العقيم والتناقض الواضح‪ ،‬فتارة يرفضو وجوده ويبيدوه واترة يؤكدوا على وجوده بتأكيد نسبه للعالمة املسلم ابن‬
‫خلدون‪ .‬كما نزعوا عنه الطابع العلمي لوصفهم إايه أبنه جمرد صفوف من الكالم العبثي لصياغة دينيَّة ملعتوهٍ فرنسي‪ ،‬وملحد‬
‫تسلحوا بنقدهم ابلتدليل على أن غاية علماء االجتماع الغرب كانت تصب‬ ‫يهودي‪ ،‬وشرذمة من املاركسيّني والالدينني‪ ،‬و ّ‬
‫على تنصيب أنفسهم أنبياء ورسل هذا الدين اجلديد‪ ،‬وال عجب بوصفهم علم االجتماع هبذا الوصف فنقص اخلربة‬
‫واالطالع والقطيعة االبستمولوجية وجتارهبم األكادميية والعملية والبحثية اليت مل حتقق النجاح أسفرت عن هذا الوصف‪.‬‬
‫لقد تناسو أن علم االجتماع ميدان معريف تراكمي‪ ،‬فاملعلومات واألدلة اليت مجعت وتراكمت اترخيياً قد متت بطرق مقننة‬
‫لتسهم يف االرتقاء بفهمنا وتطوير تفسرياتنا للوقائع والظواهر االجتماعية‪ ،‬وهبذا الشكل تطور علم االجتماع على أساس أن‬
‫نتائجه املبنية بطرق حبث جدية ومنهجية صحيحة تبقى مفتوحه للنقد من العلماء والعامة‪ ،‬والدراسات االجتماعية تقوم على‬
‫املنطق واألدلة واليت متّكن اآلخرين من احلكم عليها وفحصها والتحقق منها‪ .‬إ ّن االنسان هو مادة علم االجتماع‪ ،‬وخاصة مبا‬
‫هو اجتماعي‪ ،‬والتغري صفة مالزمة له وللمجتمع‪ ،‬كما أنه الفاعل املنفعل‪ ،‬املؤثر املتأثر‪ ،‬والقادر على اختيار استجاابته مبا‬
‫ميلكه من وعي وأهداف وحوافز يف ظل ما هو قائم من ظروف وفروق فردية بني البشر‪ ،‬لذا تتباين استجاابت األفراد‪،‬‬
‫فيصبح التوصل اىل نتائج حتمية يف علم االجتماع أمراً صعب املنال‪ ،‬فالنسبية ال االطالق من أسس فهم الواقع االجتماعي‬
‫والظاهرة االجتماعية يف علم االجتماع‪ ،‬وأفضل ما ميكن أن نسعى إليه هبذا العلم هو حتقيق احتمالية على درجة عالية من‬
‫الصحة (عثمان‪.)2007 ،‬‬
‫إن املتتبع للرتاث العلمي لعلم االجتماع سواء ابتدأ من كتاابت ابن خلدون أو منذ مولده الثاين يف فرنسا‪ ،‬سيجد أن‬
‫ابب النقد أو التعديل أو االضافة كان مفتوحاً على مصرعيه نتيجة األخذ بعني االعتبار التغريات اليت طرأت على‬
‫اجملتمعات‪ ،‬وأن لكل مرحلة من مراحل تطور اجملتمعات مسات وخصوصية تتطلب جماراهتا وتفصيلها وفهمها‪ ،‬فمنها ما‬
‫تشاهبت مع ماسبقها ومنها ما غايرها متاماً‪ .‬فكثرياً من التساؤالت طرحت حول عدم اهتمام ابن خلدون بتفسري التاريخ‬
‫حلل أهم املآخذ‬
‫واكتفى ابستعماله كأسلوب لتصحيح األخبار (عباسي‪ ،)2010 ،‬وكثرياً من املفكرين العرب والغرب ّ‬
‫واالنتقادات السلبية واالجيابية اليت وجهت إىل فكر ابن خلدون ومنهجه ومناقشته لنظرية العصبية ونظرية الدولة وتصوره‬
‫للعرب‪ ،‬ومن بينها تعميماته املتسرعة وأتسيسه لتعميمات استقرائية على عدد حمدود من اجملتمعات‪ ،‬وعدم الوفاء بوعوده‬
‫صرح هبا يف كتابه املقدمة‪ ،‬إذ انتق د املفكرين واملؤرخني السابقني له يف املنهج الذي اتبعوه‪ ،‬مث عاد واستخدم‬‫النظرية اليت ّ‬
‫امل نهج نفسه الذي انتقد‪ ،‬ونبعت هذه االنتقادات ‪-‬يف الغالب‪ -‬إىل املنهج املتبع يف العصر الذي عاش فيه يف القرن الرابع‬
‫عشر والذي ال يلتزم به املفكرون بتحديد املصطلحات ومعانيها‪ ،‬وإّنا تفهم كما وردت يف السياق (السعايده‪2014 ،‬؛‬
‫املرزوقي‪.)1983 ،‬‬

‫‪42‬‬
‫‪Global Proceedings Repository‬‬
‫‪American Research Foundation‬‬
‫‪http://arab.kmshare.net/‬‬
‫‪ISSN 2476-017X‬‬

‫‪Available online at http://proceedings.sriweb.org‬‬

‫وق ّدم عميد األدب العريب "طه حسني" حتليل ونقد لفلسفة ابن خلدون االجتماعية‪ ،‬فرغم أنه وصفه أبول مسلم كتب‬
‫اتريخ احلركة األدبية والعقلية لدى املسلمني بطريقة تكاد تكون حديثة‪ ،‬وأرجع له الفضل ملا جاءت به مقدمته من سرد اتريخ‬
‫كامل للعلوم واآلداب عند العرب منذ بدء اإلسالم وحىت القرن ‪ 8‬اهلجري‪ ،‬إالّ أنه رفض وصف املقدمة أبهنا عمل عبقري‬
‫العتباره إايها عمالً امتزج ابلدسائس واملصاعب السياسية‪ ،‬كما رد "حسني" على وصف البعض ألسلوب ابن خلدون أبنه‬
‫" أسلوب ّنوذجي" بقوله‪« :‬ألن اآلداب العربية كانت يف عصره يف منتهى االحنطاط عندما طبع مؤلفه‪ ،‬بدأت املقدمة تفقد‬
‫هيبتها بعد قرون أمام أتثري اآلداب الفرنسية واإلجنليزية يف أدهبا وذوقها وخياهلا املمزوجة ببساطتها"‪ .‬كما انتقد اسهاب ابن‬
‫خلدون يف نصوص مقدمته ذات التفصيالت اململة اليت تفيد املؤرخني أكثر من غريهم‪ ،‬كما أن بعض نصوصه مل ختلو من‬
‫املبالغات الواضحة‪ .‬واعترب " طه حسني" أن لقب عامل اجتماع البن خلدون يعد مبالغة‪ ،‬فرغم أن ما جاء به ابن خلدون‬
‫وخاصة "نظرية الدولة" هو جزء من علم االجتماع إالّ أن موضوعاته أضيق من أن تكون موضوعات اجتماعية‪ ،‬فعلم‬
‫االجتماع واسع النطاق شديد التعقيد‪ ،‬وهو ليس موضوعاً خاصاً أو متخصصاً كما هو االعتقاد (حسني‪.)2006 ،‬‬
‫ولوال جمال النقد اجلاد البنّاء ملا تطورت وتعددت النظرايت االجتماعية‪ ،‬إذ توجه نقد للفلسفة الوضعية ألوجست كونت‬
‫الفتقاره إىل األساس األكادميي الراسخ الذي ميكن أن تبىن عليه نظرية كونتية يف علم االجتماع لعدم فصله بني العلم‬
‫والفلسفة والتاريخ‪ ،‬حيث اعتربوا مراحل تطور اجملتمع عرب تطور الفكر االنساين ‪ -‬واملعروفه بقانون "احلاالت الثالث" – أن‬
‫هذه املراحل بعيد ًة كل البعد عن العلم الوضعي وهو أقرب إىل الفلسفة‪ ،‬كما أن هذه املراحل متداخلة بشكل أبعدها عن‬
‫الدقة‪ ،‬حيث وصف املاركسيون " كونت" ابملبالغة والتضليل‪ ،‬ودحضوا االجتاهات امليتافيزيقية‪ .‬على عكس العامل "جواناثن‬
‫عرب عن ارتياحه للفلسفة الوضعية ووجد أهنا تؤكد على أن العامل االجتماعي قابل لتطوير قوانني جمردة ميكن‬ ‫ترينر" الذي ّ‬
‫اختبارها من خالل مجع البياانت بدقة‪ .‬وإزاء هذا النقد ظهرت وجهات نظر بديلة تنادي ب "الفلسفة ما بعد الوضعية" اليت‬
‫رفضت فكرة العلم العقلي واملوضوعي خاصة يف علم االجتماع‪ ،‬ووصفها كل من شويدر "‪ "Schweder‬و فيسك‬
‫"‪ "Fiske‬بقوهلما‪(( :‬إ ّن مظهر االحنراف يف التفكري املعاصر يتمثل يف إاثرة شكوك خطرية حول ما إذا كانت هناك أية‬
‫معايري أو قواعد أو مناهج مميزة للتفكري العلمي أو العقلي‪ ،‬فاملوضوعية املرتبطة ابلعلم الوضعي تعرضت هلجوم من مواقع‬
‫خمتلفة وألشكال متعددة من الدفاع والتوضيح والتنقيح مث اهلجر يف النهاية (اجلوهري وآخرون‪.)27 :2011 ،‬‬
‫ومن املآخذ على "اميل دور كامي" أنه انتقص من قدرة الفرد وجعله عاجزاً أمام جمتمعه‪ ،‬مسلوب اإلرادة‪ ،‬ميارس عليه‬
‫القهر‪ ،‬فطمس األمهية االجتماعية لإلرادة الفردية‪ ،‬ويقول الناقد السوسيولوجي "نيقوال تيماشيف"‪" :‬إن معاجلة دوركامي‬
‫للظواهر االجتماعية والضمري اجلمعي عملت على خلط كثري من احلقائق السوسيولوجية اهلامة ببعض األفكار املضلّلة‪ ،‬بل‬
‫نفسر الظواهر االجتماعية يف ضوء سلوك األفراد ودوافعهم" (تيماشيف‪،‬‬ ‫واخلاطئة‪ .‬فهو يعتقد أننا خنطئ ابلضرورة حينما ّ‬

‫‪43‬‬
‫‪Global Proceedings Repository‬‬
‫‪American Research Foundation‬‬
‫‪http://arab.kmshare.net/‬‬
‫‪ISSN 2476-017X‬‬

‫‪Available online at http://proceedings.sriweb.org‬‬

‫‪ .)185 :1982‬بينما هامجوا العامل "هربرت سبنسر" ابعتباره مدافعاً عن الرأمسالية ومربراً لوجودها بسبب أتسسيه لنظرية‬
‫التطور انطالقاً من اميانه بقوانني الطبيعة اليت جاءت لتؤكد أن البقاء لألصلح‪ ،‬وأن ترتك األمور للطبيعة وعدم التدخل يف‬
‫مسريهتا مما يعين تقبل الواقع كما هو وتربر وجوده (عثمان‪ .)2007 ،‬أما العامل األملاين "كارل ماركس" فنقد جبرأة اجملتمع‬
‫الربجوازي الذي عاصره‪ ،‬وعاب النظام الرأمسايل ابعتباره نظاماً ظاملاً وسبباً لسيادة الفوضى وأسلوابً لتدمري منابع الثروة‪ ،‬وقدم‬
‫ربطاً فريداً بني العلوم والسياسية‪ ،‬وأسهم يف إضافة مفهوم "الطبقة" والنظرية الصراعية لعلم االجتماع‪ ،‬ابالضافة إىل تقدميه‬
‫أفكاراً متعددة حول جماالت املشاكل االجتماعية واالجتماعية النفسية كظاهرة االغرتاب‪ ،‬كما نقد " ماركس" فلسفة هيجل‬
‫وعارض كونت عندما اعترب أن الوجود املادي يسبق الوعي ويشكلّه‪ ،‬إالّ أنه واجه النقد الحالله امللكية العامة حمل امللكية‬
‫اخلاصة‪ ،‬وملطالبته بعدالة اجتماعية مطلقة وبناء جمتمع بدون طبقات‪ ،‬مما جعل املاركسية واالشرتاكية تفشل أمام الرأساملية‬
‫اليت أثبتت أهنا يف غاية املرونة (مصطفى‪2005 ،‬؛ جليب وآخرون‪1998 ،‬؛ زايد‪ ،2006 ،‬تيماشيف‪.)1982 ،‬‬
‫وتصدى "آرثر دي جوبينو" لكونت وماركس وسبنسر الذين أخذوا على عاتقهم شرح مبدأ التقدم وتفسريه‪ ،‬إذ اعترب‬
‫ذلك نكوصاً وتقهقراً ووضح ذلك يف أربعة جملدات بعنوان "مقال يف عدم تكافؤ األجناس االنسانية" ليؤكد على أمهية‬
‫العامل العنصري يف التطور االجتماعي‪ ،‬إالّ أن نظريته للعنصرية اعتربها النقاد خلطاً سيئاً بني العنصر واجلماعات العرقية‪ ،‬مما‬
‫جعلها تنحى منحاً خاطئاً من الناحية األنثروبولوجية (تيماشيف‪.)1982 ،‬‬
‫ورغم أن النظرية الوظيفية اليت هنض عليها علم االجتماع كانت األكثر رواجاً يف كل من أمريكا وأورواب إالّ أن علماء‬
‫االجتماع املعاصرين تناولوها ابلتعديل أو االضافة أو النقد‪ ،‬إذ ق ّدم عامل االجتماع األمريكي "اتلكوت ابرسونز" للمنظور‬
‫الوظيفي ‪ -‬الذي تضرب جذوره يف فكر اميل دوركامي وسبنسر‪ -‬أربعة متطلبات وظيفية أساسية لكل نسق اجتماعي‪ ،‬ورغم‬
‫ذلك مل يسلم من النقد‪ ،‬فمن املآخذ عليه أنه استخدم مصطلحات علم النفس كالدوافع الشخصية؛ حيث وصفت نظريته‬
‫أبهنا ذات طابع سيكولوجي أكثر من كوهنا ذات طابع سوسيولوجي‪ ،‬كما أنه مل يعرتف بظاهريت التغري االجتماعي والصراع‬
‫وطور جمموعة‬
‫االجتماعي‪ ،‬مما دفع ابلعامل االجتماع األمريكي "روبرت مريتون" بتقدمي تعديالت لصيغ الوظيفية القدمية ّ‬
‫تصورات بدأها ابلتفرقة بني الوظائف الظاهرة والكامنة‪ ،‬ودعمها مبفهوم البدائل الوظيفية‪ ،‬وصك مفهوم "املعوقات الوظيفية"‬
‫كأداة لفهم التغري االجتماعي‪ ،‬كما ّبني أن فروض املنظور الوظيفي التستند إىل معطيات امربيقية بقدر ما هي جمرد أفكار‬
‫وأنساق نظرية حبتة‪ ،‬يف حني أن واجب عامل االجتماع فحص مدى مصداقية كل منها امربيقيا‪ ،‬فالتحليل الوظيفي جيب أن‬
‫يدرس ظواهر حمدودة كاألدوار االجتماعية‪ ،‬العمليات االجتماعية‪ ،‬البنية االجتماعية وأدوات الضبط االجتماعي‪ .‬كما ّفرق‬
‫بني "الدور" الذي يعاجل فكرة الصراعات يف اجملتمع ويزداد تنوعاً وختصصاً يف اجملتمعات املعقدة وبني "الوظيفية" (واالس‬
‫ووولف‪2011 ،‬؛ جليب وآخرون‪ ،1998 ،‬احلوات‪.)1998 ،‬‬

‫‪44‬‬
‫‪Global Proceedings Repository‬‬
‫‪American Research Foundation‬‬
‫‪http://arab.kmshare.net/‬‬
‫‪ISSN 2476-017X‬‬

‫‪Available online at http://proceedings.sriweb.org‬‬

‫كما جاءت نظرية التفاعلية الرمزية كرد انقد على املنظور الوظيفي‪ ،‬حيث استنطق ممثلهيا وهم؛ جورج ميد وهربرت بلومر‬
‫وإرفنج جوفمان‪ ،‬دور ارادة الفرد احلرة يف االختيار‪ ،‬وخلع سرتة اجملانني اليت تكبل ذاته االجيابية كفاعل مؤثر ومتأثر يف‬
‫اجملتمع‪ ،‬مث جتلى اسهام كل من؛ العاملة " أريل رسل هوشيلد" لتوسع آفاق التفاعلية الرمزية حنو علم اجتماع العواطف‪،‬‬
‫والباحث االجتماعي "ديريك اليدر" حول قضااي التنظري يف البحث االجتماعي إىل اخلروج بعلم اجتماع جديد يتجاوز‬
‫الثنائيات (الذات واملوضوع) حنو الربط والتوفيق بينها وهو األمر الذي وصفه عامل االجتماع االجنليزي "أنتوين جيدنز"‬
‫بتحطيم السجون النظرية‪ ،‬وهبذه االسهامات اجلديدة انتقل علم االجتماع من الثنائية إىل االزدواجية‪ ،‬على اعتبار أن ذات‬
‫الفرد الفاعلة يف اجملتمع هي اليت تصنع واقعها االجتماعي (مارشال‪ ،2007 ،‬واالس ووولف ‪.)2011 ،‬‬
‫ومن أبرز علماء علم اجتماع القرن العشرين‪ ،‬عامل االجتماع أملاين "يورغن هابرماس" وهو رائد اخلطاب النقدي الفلسفي‬
‫والسياسي‪ ،‬وأحد ّرواد النظرية النقديّة األوائل‪ ،‬ومن اجليل الثاين ملدرسة فرانكفورت اليت تعترب من أبرز املدارس الفلسفية‬
‫الغربية املعاصرة اليت ش ّكلت منعطفاً مهماً يف مسرية الفكر األورويب املعاصر‪ ،‬حيث كان هلا األثر الكبري والفاعل يف صياغة‬
‫نظرية نقدية تتعامل مع السوسيولوجيا‪ ،‬الفلسفة‪ ،‬السياسة‪ ،‬الثقافة كأبعاد متداخلة ومتشابكة يف عملية تك ُّون ودراسة‬
‫النظرايت االجتماعية واآلفاق املعرفية واحلضارية اليت رافقت التطورات والتحوالت اليت شهدها اجملتمع األورويب يف ميادين‬
‫االقتصاد والسياسة (بوزار‪ .)2017 ،‬حيث وجه "هابرماس" نقداً بنّاء لسد ثغرات النظرية النقدية االجتماعية وحتويلها إىل‬
‫فلسفة واعية وعملية للتحرر والتواصل من خالل أتسيس األخالق التواصلية ومتسكه ابملشروع التنويري واحلداثي‪ ،‬والتعمق يف‬
‫مشكالت نظرية املعرفة وفلسفة اللغة ونظرية األنساق وتكوين الرأي العام واستالبه يف اجملتمع الرأمسايل والليربايل احلديث‪،‬‬
‫وبني‬
‫كما اهتم ابحلركات االجتماعية «اجلذرية» اجلديدة يف أوساط الثوريني واحملتجني على هيمنة العقالنية العلمية والتّقنية‪ّ .‬‬
‫خطأ اجليل األول ملدرسة فرانكفورت عندما مل مييزوا بني عقالنية النظام وعقالنية الفعل انطالقاً من مسألة األخالق‪ ،‬واستند‬
‫يف نظرته إىل عامل احلياة إىل الفكر الدوركاميي والسوسيولوجيا الفنومينولوجية (مكاوي‪ .)2018 ،‬أما الفيلسوف‬
‫الفرنسي "فيليب راينو" ق ّدم نقداً وشرحاً وافياً لسوسيولوجيا "ماكس فيرب"‪ ،‬حيث أشار أن "فيرب" أول من ق ّدم ربطاً بني‬
‫احلداثة والعقالنية‪ ،‬والذي أمثر التقدم التقين والسياسي والبريوقراطي‪ ،‬كما انقش حدود العقالنية االجتماعية واستعرض‬
‫سوسيولوجيا الفهم عند "فيرب" اليت وضح أًصوهلا بقوله‪ (( :‬فلسفياً ال تتضمن سوسيولوجيا فيرب نقل النظرية النقدية للمعرفة‬
‫إىل حقل العلوم االجتماعية فحسب‪ ،‬بل إن فيرب يدافع عن فكرة وجود تباين أساسي بني علوم الذهن والعلوم الطبيعية‬
‫(راينو‪.)2009 ،‬‬
‫يطرح علم االجتماع طائفة متنوعة من اآلراء النظرية‪ ،‬وتبدو اخلالفات بني املواقف النظرية جذرية أحياانً‪ ،‬غري أن تنوع‬
‫اآلراء والتوجهات يعترب دليالً حيوايً ومؤشراً على مواطن القوة ال الضعف يف علم االجتماع (جيدنز‪ ،)2005 ،‬وميثل ماسبق‬

‫‪45‬‬
‫‪Global Proceedings Repository‬‬
‫‪American Research Foundation‬‬
‫‪http://arab.kmshare.net/‬‬
‫‪ISSN 2476-017X‬‬

‫‪Available online at http://proceedings.sriweb.org‬‬

‫بعض األمثلة اليت تثبت حماوالت علماء وابحثني العرب والغرب من نقد واضافة أو تعديل إىل سعيهم احلثيث اجلاد لسد‬
‫الثغرات والتجويد يف آلية التفكري يف القضااي والتنظري االجتماعي‪ ،‬وفهم اجملتمعات اليت عاصروها بطرق تفكري علمية وأدلة‬
‫وبراهني عقلية وامربيقية‪ ،‬مما يدل أن علم االجتماع كسائر العلوم يتسم ابلعلمية واملرونة اليت نزعها عنه بعض الباحثني‬
‫واملشتغلني العرب‪ ،‬فلو أرادوا أن تتناسب أسس علم االجتماع واالستفادة منه كما استفادت الدول األوروبية والغربية‪ ،‬وبناء‬
‫ميدان علمي معريف‪ ،‬فتطوير‬‫نقد ب نّاء يتناسب مع خصوصية اجملتمعات العربية‪ ،‬فليفعلوا ما وجب أن يفعل أبي ٍ‬ ‫نظرية عرب ٍ‬
‫ّ‬
‫التفكري بصورة سوسيولوجية يتطلب اختاذ نظرة واسعة وأكثر مشوالً من خالل شحذ املخيلة‪ ،‬فدراسة علم االجتماع ليست‬
‫جم رد عملية روتينية الكتساب املعرفة بل يفرتض من املشتغل والباحث والعامل يف جمال علم االجتماع أن يكون قادراً على‬
‫التحرر من الظروف الشخصية املباشرة ويضع األمور يف سياق أوسع‪ ،‬كما أن العمل السوسيولوجي يعتمد على إعمال‬
‫املخيلة السوسيولوجية اليت تتطلب أن ننأى أبنفسنا عن اجملرايت الروتينية ليتسىن لنا أن نلقي عليها نظرة جديدة‪ ،‬وإلدراك‬
‫أبعاد املشاكل االجتماعية من خالل فهم العالقة بني الفرد واجملتمع بصورة مغايرة بعيداً عن االنطواء يف زوااي معزولة‬
‫واالنفتاح على املشهد العاملي (جيدنز‪.)2005 ،‬‬
‫لذا وجب على كل مشتغل وابحث وعامل عريب يف جمال علم االجتماع إعمال الفكر االبداعي الناقد الذي يسهم يف‬
‫تفسري الظواهر واألحداث يف ظل خصوصية العامل العريب‪ ،‬وخصوصية القرن الواحد والعشرين وما طاله من تغريات خاصة يف‬
‫زمن العوملة وما بعد احلداثة وظهور الشبكة العنكبوتية واجملتمعات االفرتاضية اليت اجتاحت اجملتمعات كافة العربية واألوروبية‬
‫والغربية‪ ،‬وأسهمت يف اشعال الثورات العربية وغذهتا‪ ،‬فال ضرر وال عيب يف االستناد إىل أسس علم االجتماع ونظرايته‬
‫وتوظيفها ونقدها بشكل يسهم يف االستفاد من وظائفه؛ خاصة وظيفته اجملتمعية اليت تبدأ بفهم الواقع وتفسريه وتناول‬
‫مشكالته والتخطيط لتناوهلا وعالجها‪ ،‬سواء كانت هذه املشكالت فئوية أو قطاعية أو جمتمعية شاملة‪ ،‬فهذه الوظيفة‬
‫فجرت الكثري من القضااي واملواقف‪ ،‬ودعت إىل إعادة النظر يف العامل (عبد املعطي‪ ،)17 :1981 ،‬فاملسار املتميز لعلم‬ ‫ّ‬
‫االجتماع قد كلّفه أتصل الطابع األيديولوجي فيه مما جعل من عملية البحث يف طبيعة املعرفة يف علم االجتماع وعالقتها‬
‫ابلتاريخ ذات فائدة خباصة يف إعادة صياغة مشكلة العوملة ابملقاربة واملفارقة (عباسي‪ .)2010 ،‬وهبذا الصدد يقول عامل‬
‫االجتماع اإلجنليزي املعاصر "أنتوين جيدنز"‪ (( :‬إن علم االجتماع مشروع مذهل وشديد التعقيد ألن موضوعه األساسي هو‬
‫سلوكنا ككائن ات اجتماعية ومن هنا فإن نطاق الدراسة االجتماعية يتسم ابالتساع البالغ‪ ،‬ويرتاوح بني حتليل اللقاءات العابرة‬
‫بني األفراد يف الشارع من جهة‪ ،‬واستقصاء العمليات االجتماعية العاملية من جهة أخرى)) (جيدنز‪ .)47 :2005 ،‬إن‬
‫املهمة األساسية لعلم االجتماع يف الوطن العريب هي القيام بعمل حاسم ضمن مساقني مها؛ األول هو تفكيك املفاهيم اليت‬
‫ظهرت من املعرفة السوسيولوجية وخطاب أولئك الذين حتدثوا نيابة عن املنطقة العربية اليت تتسم يف الغالب ابأليديولوجيا‬

‫‪46‬‬
‫‪Global Proceedings Repository‬‬
‫‪American Research Foundation‬‬
‫‪http://arab.kmshare.net/‬‬
‫‪ISSN 2476-017X‬‬

‫‪Available online at http://proceedings.sriweb.org‬‬

‫املركزية‪-‬اإلثنية‪-‬الغربية‪ .‬أما املساق الثاين فيتمثل يف نقد املعرفة السوسيولوجية واخلطاب حول العربية الذي ينتجه العرب‬
‫أبنفسهم (رمعون وآخرون‪.)2015 ،‬‬
‫وفيما خيص املنهج وطرق البحث يف علم االجتماع‪ ،‬ع ّرب بعض الباحثني واملشتغلني العرب أبن أصل أزمة املنهج يف علم‬
‫االجتماع هو الرغبة امللحة يف استخدام الطرق ومناهج وأساليب العلوم الطبيعية وتطبيقها حبذافريها يف دراسة الظواهر‬
‫االنسانية واالجتماعية‪ ،‬مما ولّد صراعاً معرفياً داخل النسق السوسيولوجي للتوصل إىل ما املنهج املناسب وما أفضل األدوات‬
‫للدراسات السوسيولوجية (محزاوي وكواشي‪ ،)2017 ،‬كما أشاروا إىل أن علم االجتماع الذي دخل الوطن العريب بعد‬
‫احلرب العاملية الثانية قد ركز على املوقف االمبرييقي التجزئي املبسط يف مالحظة الظواهر مبعثرة ومسقطة االطار النظري مما‬
‫ضيّق أفق البحث السوسيولوجي يف الوطن العريب (عبد املعطي‪.)1981 ،‬‬
‫ذكران سابقاً أن علم االجتماع كحال سائر العلوم االنسانية واالجتماعية يف استخدامه وتطبيق املنهج العلمي‪ ،‬لذا فإ ّن‬
‫حتديد األزمة ابلدعوى أبهنا مناهج غربية وتتالءم مع ثقافة اجملتمعات الغربية فقط‪ ،‬يدفعنا إىل النظر إىل سائر املناهج العلمية‬
‫يف الوطن العريب واملستخدمة يف ابقي العلوم الطبيعية واالجتماعية واالنسانية (ريتزر‪ ،)2017 ،‬فهي مناهج عاملية ولكن ال‬
‫بد من الباحث العريب تكييفها ومالئمتها وشحذ خياله مبا يتالءم مع الظاهرة املدروسة واجملتمع اليت ظهرت فيها‪ .‬فأول‬
‫خطوة صحيحة للباحث العلمي لبناء معرفة علمية تبدأ يف حترر االنسان من سلطة الرتاث ورموزه‪ ،‬ومن األحكام واملعتقدات‬
‫املسبقة والذاتية‪ ،‬وطرح الشكوك والتساؤالت لفتح الطريق أمام اكتشاف حقيقة الواقع بطرق ومعايري جديدة‪ ،‬األمر الذي‬
‫يدفعه إىل التجرد واحلياد وضرورة اعتماد الربهان العقلي والربهان األمربيقي‪ ،‬فالعقلي يقوم على افرتاضات وعمليات منطقية‬
‫تفحص وتؤكد الرتابط بني املقوالت من مسلمات ونتائج‪ ،‬أما اإلمربيقي فيقوم على مالحظة الواقع وبيان الشواهد الواقعية‬
‫اليت متثلها املعرفة‪ ،‬وهبذا يصبح الواقع مبكوانته وما بينها من عالقات‪ ،‬الشاهد واحملك خلطأ املعرفة أو صحتها‪ ،‬كما يصبح‬
‫منطلق املعرفة العلمية‪ .‬والعلم يف عمل االجتماع كحال معظم امليادين املعرفية يقوم على املالحظة الدقيقة اليت تتضمن‬
‫مطاب قة املعاين الناجتة للواقع املدروس‪ .‬وال يعين ذلك عدم صعوبة ضبط العالقة بني الواقع االجتماعي وما يرتتب عليه من‬
‫معرفة‪ ،‬فالباحث االجتماعي غري قادر على ضبط مجيع ظروف البحث مما جيعل نتائجه احتمالية (عثمان‪ ،)2007 ،‬لذا‬
‫ميكن القول أن املشكلة أو األزمة ال تكمن يف املنهج بقدر ما تكمن ابلباحثني واملشتغلني يف أي ميدان علمي معريف‪،‬‬
‫فاخلطأ يكمن يف كيفية استخدامها بطريقة مناسبة‪ ،‬فاستخدامها واعداد أدواهتا دون وعي ابلبحث وأهدافه‪ ،‬واسقاط مهارة‬
‫التعديل والتطوير عند استخدام املنهج وأدواته إجراء تعديالت‪ ،‬تؤدي إىل جوانب قصور عديدة يف النتائج واألحكام‪ ،‬كما‬
‫أن إغفال بعض الباحثني لبعض األدوات اليت مل تستغل بعد‪ ،‬وذلك إما لعدم قدرته على فهمها وكيفية استغالهلا‪ ،‬أو لعدم‬

‫‪47‬‬
‫‪Global Proceedings Repository‬‬
‫‪American Research Foundation‬‬
‫‪http://arab.kmshare.net/‬‬
‫‪ISSN 2476-017X‬‬

‫‪Available online at http://proceedings.sriweb.org‬‬

‫معرفته فيها أصالً مما يضعف نتائج حبثه ويثري اجلدل والشك حوهلا‪ ،‬فيصبح البحث ٍ‬
‫خال من القيمة(محزاوي وكواشي‪،‬‬
‫‪2017‬؛ عبد املعطي‪.)1981 ،‬‬
‫إن املعرفة االجتماعية مستمدة من الدراسات اليت تستخدم عدداً من املناهج املختلفة‪ ،‬ويف معظم احلاالت يكون املنهج‬
‫املختار موجهاّ بطبيعة سؤال الدراسة‪ ،‬فقد يكون مالحظة أو مقابلة أو عمل مسح‪ ،‬أو عمل جتربة‪ ،‬وأي كان طرق مجع‬
‫البياانت وحتليلها وصفية أم كمية يبقى مجيعها مفيدة ومهمة لعلماء والباحثني يف علم االجتماع (ريتزر‪.)2017 ،‬‬
‫اثنياً‪ :‬مالمح علم االجتماع يف الوطن العرب‬
‫نتيجة الشكالية علم االجتماع بني املرجعية واخلصوصية‪ ،‬وأترجح الطرح حول أتصيله‪ ،‬وتشظي النظرية‪ ،‬وعدم غور‬
‫بعض الباحثني يف أسبار أهداف علم االجتماع ووظائفه وميداينه كافة‪ ،‬وعدم وجود فكر خالّق مبدع ومتسكهم ابلتبعية‪،‬‬
‫وكانوا يف منأى عن تقدمي نقد بنّاء للنظرية االجتماعية مما يسعف يف حل قضااي واملشكالت االجتماعية يف اجملتمعات‬
‫العربية‪ ،‬ظهرت دعوات من قبل الباحثني واملشتغلني العرب يف علم االجتماع إىل أتسيس علم اجتماع عريب يهدف إىل‬
‫صياغة نظرية اجتماعية عربية عن طريق عملية الوصل املنهجي ابلنصوص الرتاثية إلبراز خصوصية املنهج العريب‪ ،‬ووصل‬
‫موضوع اجملتمع العريب والذات العربية ابلرتاث االجتماعي‪ ،‬ليحظى موضوع البحث يف علم االجتماع العريب ابخلصوصية‬
‫احلضارية‪ ،‬ويرتكز على القواعد األساسية للحياة االجتماعية املعاصرة أبصالتها العربية اليت يتمتع إبرث فكري واجتماعي‬
‫انبض حي‪ ،‬وليهدف إىل مساعدة االنسان واجملتمع العريب على الدخول إىل عامل احلداثة‪ ،‬وحل إشكاليات اجملتمع العريب من‬
‫خالل حتديد عوامل النجاح والعوامل املعيقة لتنميته‪ ،‬وتقدمي الرؤى املستقبلية وبناء مشروع هنضوي العريب (ابقادر وعرايب‪،‬‬
‫‪2006‬؛ مهورابشة‪.)2018 ،‬‬
‫وأشارت الندوة الدولية املعنونة ب "علم االجتماع وسؤال األقلمة" أن خرباء علم االجتماع يف العامل العريب منذ عقود مديدة‬
‫اندوا ألقلمة علم االجتماع من خالل إعادة تشكيل البنية النظرية لعلم االجتماع مبا جيعله مؤهالً لطرح أسئلة الواقع العريب‬
‫واإلجابة عنها‪ ،‬مع ضمان بقاء واستمرار التفاعل واملثاقفة املنهجية بني املنجزات املعرفية للمجتمعات اإلنسانية كلها‪ ،‬كما‬
‫بينت أن غرض "األقلمة" ال يتمثل يف حتيّز أيديولوجي دوغمائي قائم على دعوى االكتفاء الذايت‪ ،‬بل يكمن األخذ‬
‫ابحلسبان اختالف السياقات اجملتمعية والثقافية عند إعادة توظيف املعرفة اإلنسانية يف اجملتمعات العربية واإلسالمية‪ .‬كما أن‬
‫عملية األقلمة حباجة إىل جهود مؤسساتية حترتم املنهجية العلمية يف التعاطي مع اإلنتاج املعريف‪ ،‬لتبدأ جهود التقييم من‬
‫خالل خنب متنوعة االجتاهات واجملاالت ومتسلحة ابملنهجية والصرامة العلمية (مركز ابن خلدون‪.)2019،‬‬
‫إن السعي اجلاد لتحديد هوية لعلم االجتماع يف الوطن العريب قضية حتتاج إىل جهد موصول‪ ،‬فمقومات هذه اهلوية جيب‬
‫أن تنطلق من طريقة التفكري واملصاحل اجملتمعية احلالية واملستقبلية‪ ،‬واخلصوصية التارخيية واملعاصرة للمجتمع العريب‪ ،‬يف‬

‫‪48‬‬
‫‪Global Proceedings Repository‬‬
‫‪American Research Foundation‬‬
‫‪http://arab.kmshare.net/‬‬
‫‪ISSN 2476-017X‬‬

‫‪Available online at http://proceedings.sriweb.org‬‬

‫مسبق جيب‬
‫ف ٌ‬ ‫ختو ٌ‬
‫التخوف من أية قضية معرفية‪ّ ،‬‬
‫عالقاهتا أبّناط تطور جمتمعات أخرى شاركته التاريخ والواقع املعاصر‪ .‬إن ّ‬
‫أن حتسمه البحوث والدراسات‪ .‬إن املطالبني بتغيري مسرية العلم يف مواجهتهم لتحدايت الواقع العريب يصعب عليهم خوض‬
‫املواجهة‪ ،‬وحدهم‪ ،‬متفرقني منعزلني؛ ومن مث عليهم البحث عن صيغ تنظيمية‪ ،‬جتمعهم سوايً؛ ومن أهم متطلبات هذا التنظيم‬
‫وموجهات العمل‪ .‬إن معظم من اهتموا مبواجهة أزمة علم االجتماع‪ ،‬على‬ ‫صوغ ح ّد معقول من رؤية مشرتكة حتدد املهام ّ‬
‫املستويني العاملي والعريب‪ ،‬أكدوا ضرورة وجود جتمعات اجتماعية ينتمي إليها املشتغلون بعلم االجتماع‪ ،‬فهي ضرورية‬
‫للمشاركة يف التخطيط إلجياد الظروف الضرورية للتحرر اإلنساين‪ .‬كما أن التفاعل مع القوى االجتماعية اليت حتمل امكانية‬
‫تغيري اجملتمع العريب‪ ،‬يثري وعي الباحثني بواقعهم‪ ،‬ويساعد يف ترتيب األولوايت واملهام املطروحة على العلم (مركز دراسات‬
‫الوحدة العربية‪.)2010 ،‬‬
‫وجهت انتقادات معرفية ومنهجية عدة لدعاة علم االجتماع العريب‪ ،‬من أبرزها أهنم مل يتجاوزوا مرحلة الدعوة إىل مرحلة‬
‫التأسيس املعريف‪ ،‬وكانت دعواهتم جمرد حرب على ورق‪ ،‬وجملدات على رفوف املكتبات‪ ،‬ودون أن تنفذ إىل عمق‬
‫ابستمولوجي‪ ،‬كما أهنم خلطوا بني النظرية االجتماعية وبني اجملتمع العريب الذي يعد موضوع حبثها‪ ،‬ومل يؤسسوا مشروع أو‬
‫مدخل نظري لعلم االجتماع العريب‪ ،‬إذ مل يطرحوا أي بديل معريف ومنهجي رغم نشره دراسات ال حصر هلا إالّ أهنا مل تقدم‬
‫الدليل الكايف على جدة أحباثها‪ ،‬ومل تؤشر لربوز مدارس فكرية تضم علماء االجتماع يف الدول العربية وفق تعدد مناهجهم‬
‫وختصصاهتم‪(.‬مهورابشة‪ .)2018 ،‬ويقول استاذ علم االجتماع املصري عبد الباسط عبد املعطي (‪(( :)1981‬إذا كان‬
‫السعي حنو إقامة علم اجت م اع ق وم ي ح ل م اً م ش روع اً ف ه ذا يقتضي جهوداً مكثفة وتوجهات وخطى مغايرة ملا درج عليه‬
‫املشتغلون به بتفضيلهم السهل‪ ،‬للنقل عن الرتاث العاملي‪ ،‬طاملا هو انبع من دول متقدمة مع أن العلم وليد نظامه‬
‫االجتماعي‪ ،‬هنا وهناك‪ ،‬متأثر به‪ ،‬بناء‪ ،‬وغاايت‪ .‬ومع أننا لسنا دعاة انغالق فكري‪ ،‬فاملقصود أن أوىل اخلطوات املمهدة‬
‫لتحويل احللم املنشود إىل واقع معاش‪ ،‬تقتضي نس ج خ ي وط ح وار ن ق دي واع مع تراث العلم احلديث واملعاصر لفهمه وحتليله‬
‫ونقده وتنقيته حىت نستخلص دروساً أساسية جتلى لن ا ك ي ف ف ك ر املشتغلون ب ه‪ ،‬وإل ى م اذا سعوا؟ وكيف حققوا أو حىت‬
‫كيف مل ﺤﻳققوا ما كانوا يصبون إليه؟ (عبد املعطي‪.)6 :1981 ،‬‬
‫وبناءاً على هذه االنتقادات ترددت تساؤالت ومناقشات عدة بني أوساط الكتّاب واألكادميني العرب املنتمني جملال‬
‫العلوم االجتماعية‪ ،‬خاصة جمال علم االجتماع‪ ،‬لتأكيد أن علم االجتماع العريب حلم وردي خاصة يف ضل أزمة املفاهيم‬
‫واملنهج يف العامل العريب اليت تنبثق من االعتماد على املفاهيم واملقوالت الغربية للمشاكل والظواهر دون القدرة على تكييفها‬
‫مبا يتواؤم مع البناء االجتماعي والثقايف العريب اليت ولدت من رمحه‪ .‬والطغيان االيديولوجي أثناء االنشغال يف أتسيس علم‬
‫االجتماع العريب والذي أفسد علم االجتماع بصور عجز عن تقدمي حلوالً عملية للقضااي السياسية اليت تفاقمت يف مجيع‬

‫‪49‬‬
‫‪Global Proceedings Repository‬‬
‫‪American Research Foundation‬‬
‫‪http://arab.kmshare.net/‬‬
‫‪ISSN 2476-017X‬‬

‫‪Available online at http://proceedings.sriweb.org‬‬

‫وغريت األنظمة‪ ،‬كما نوه األكادمييون إىل اللغط والفوضى يف كيفية استخدام املفاهيم املنبثقة‬ ‫الدول العربية وفجرت الثورات ّ‬
‫من ميدان علم االجتماع الغريب نتيجة صعوبة ضبطها بعد ترمجتها‪ ،‬واجياد ما يرادفها بدقة يف اللغة العربية‪ ،‬وهبذا الصدد‬
‫أشاروا إىل عمل األستاذ فردريك معتوق املعنون ب ((املوسوعة امليسرة يف العلوم االجتماعية))‪ ،‬والعمل املرتجم الصادر عن‬
‫اجمللس االعلى للثقافة املعنون ب ((موسوعة علم االجتماع)) للمؤلف جوردون مارشال استاذ علم االجتماع جبامعة اكسفورد‬
‫الربيطانية‪ ،‬حيث متت ترمجته جبهود خنبة من املتخصصني يف علم االجتماع؛ حممد حميي الدين وعديل السمري وحممد على‬
‫ابراهيم وامحد زايد وحممود عبد الرشيد وحممد عبد احلميد وهناء اجلوهرى جبانب اشراف الدكتور حممد اجلوهرى ومسامهته يف‬
‫حض على استخدام املصطلحات واملفاهيم بصورة علمية دقيقة وموحدة وتقدميها‬ ‫الرتمجة‪ ،‬وكانت هذه املسامهات حماولة لل ّ‬
‫بشكل يتالءم مع النص العريب لغاايت تطوير الدراسات االجتماعية يف الوطن العريب‪ ،‬وتدعو إىل جتاوز التحليل‬
‫السوسيولوجي السائد والذي ما زال مشدوداً إىل ماضي الرتاث العريب‪ ،‬واالنتقال من اخلاص احمللي إىل العام الكوين‪ ،‬ومن‬
‫األفراد إىل البنية االجتماعية‪ ،‬ومن الثقافات احمللية إىل البنية املعرفية العامة‪ .‬فاالبداع البحثي يف جانبه النظري مطلوب إبحلاح‬
‫من علماء االجتماع العرب‪ .‬وذلك يتطلب التعريف العلمي بعلماء االجتماع العرب كضرورة معرفية‪ ،‬وجتاوز مرحلة استرياد‬
‫تعرب مبصداقية أكرب عن واقع‬‫املفاهيم الغربية فقط دون متحيصها وفهم اطارها التجريدي لكيفية إعادة تشكيلها وصياغتها ّ‬
‫اجملتمعات العربية (ضاهر‪.)2012 ،‬‬
‫كما أثري تساؤالت حول حتديد ماهية اجملتمع العريب خاصة يف ظل القرن الواحد والعشرين‪ ،‬ويف ظل سيادة العوملة والثورة‬
‫التقنية والتكنولوجية ونظام القطب الواحد‪ .‬فاجملتمع العريب كوطن وأمة يعاين من حالة االغرتاب عن ذاته‪ ،‬ويوصف أبنه‬
‫مرحلي انتقايل تراثي تتجاذبه احلداثة والسلفية‪ ،‬فهو موزع بني القدمي واحلديث دون أن يكون أي منهما حقاً‪ ،‬بل يعيش بني‬
‫أتزم دائم ويشهد صراعاً مريراً تتجاذبه قوى متناقضة متعددة؛ قوى الوعي التقليدي وقوى الوعي احلداثي‪ ،‬قوى اليمني‬
‫واحملافظة‪ ،‬قوى النزوع القومي والنزوع الديين؛ قوى الوحدة وقوى التجزئة‪ ،‬قوى التقدمية والرجعية‪ ،‬قوى العلمنة وقوى‬
‫الثيوقراطية الغيبية‪ ،‬قوى الثابت واملتحول‪ ،‬مما مل جيعله مستقر بعد على هوية وعقيدة وقضية ونظام وغاية‪ ،‬وأن مفهوم األصالة‬
‫أفرغ املعاين اليت تؤكد التعدد والتحول واالنفتاح على جتارب الشعوب األخرى‪ ،‬كما يوصف اجملتمع العريب أبنه عفوي تعبريي‬
‫يف توجهه الثقايف وإن تكن له مكبواتته وحمرماته اليت أينف الناس من التحدث عنها علناً خاصة يف جماالت الدين والسياسة‬
‫واجلنس‪ ،‬واذا مت احلديث عنها علناً فتأخذ طريقة االفصاح عنها صفة ثقافة القرن الواحد والعشرين‪ ،‬فيبدأ الشد واجلذب‪ .‬مع‬
‫التحفظ يف مدى التعميم بشأن هذه النزعة التعبريية أكانت سلبية أم اجيابية (بركات‪.)2008 ،‬‬
‫وكثرياً منهم ح ّذر من أن تشكل السمات العامة اليت يتصف هبا اجملتمع العريب مفاهيم كثر تداوهلا يف أدبيات الثقافة‬
‫العربية كمفهوم؛ العقل العريب الذي ترنّح استخدامه بني االستعمال السليب كما استعمله رافايل ابطي يف كتابه "العقل‬

‫‪50‬‬
‫‪Global Proceedings Repository‬‬
‫‪American Research Foundation‬‬
‫‪http://arab.kmshare.net/‬‬
‫‪ISSN 2476-017X‬‬

‫‪Available online at http://proceedings.sriweb.org‬‬

‫العريب"‪ ،‬واالستعمال النقدي االجيايب الذي استعمله حممد اجلابري يف كتبه "تكوين العقل العريب" و"بنية العقل العريب"‬
‫للتغري والتحول وهلا سلبياهتا واجيابياهتا‪ ،‬فاجملتمع العريب متطور متحول‬
‫و"العقل السياسي العريب"‪ ،‬ألن السمات العامة قابلة ّ‬
‫يف هويته وثقافته ومفاهيمه وأنظمته ومؤسساته حسب أوضاعه وظروفه ومواقعه وصراعاته املستجدة‪ ،‬كما أن التضامن الثقايف‬
‫كسمة للمجتمع العريب ال تلغي التعدد والتنوع والتغري‪ ،‬قالثقافة العربية فيها الثقافة الشعبية والعليا‪ ،‬وتتصارع يف اطارها كل‬
‫من؛ الثقافة السائدة‪ ،‬والثقافات الفرعية‪ ،‬والثقافة املضادة التحررية‪ ،‬والتنوع الديين وااليديولوجي‪ ،‬فتصبح املشكلة األساسية‬
‫هي الضياع الثقايف العريب بني هيمنة الواحد بلجوئه إىل وسائل االمتثال القسري وفوضوية التعدد الذي يؤكد التفرد مبعزل عن‬
‫املشروع املشرتك (بركات‪ .)77 ،53 ،46 :2008 ،‬وال بد من مراعاة أن كثرياً من الظواهر االجتماعية واالقتصادية‬
‫والسياسية املستجدة يف الوطن العريب كانت نتيجة التحضر والتحديث وانتقال السمات الثقافية بني بلدان العامل كافة‪،‬‬
‫فشهدت اجملتمعات العربية تغيريات جذرية جعلتها تتشابه يف أسباهبا وطرق عالجها ومواجهتها وفهمها‪ ،‬حيث بدأت دول‬
‫العامل يف ظل القطبية الواحدة والرأمسالية والعوملة ذات مالمح وقضااي يصعب فصلها‪ .‬ويف ظل هذا كله استمرت تساؤالت‬
‫األكادميني والباحثني‪ ،‬هل طالب العلماء والباحثون واألكادمييون يف الدول الغربية واألوروبية بوجود علم اجتماع أمريكي‪ ،‬أو‬
‫فرنسي أو أملاين؟‪ ،‬ملاذا استطاع الغرب اكمال مسريهتم العلمية واملعرفية واحلضارية والعرب توقف ابداعهم ومل يكملوا مسريهتم‬
‫العلمية واملعرفية اليت ش ّكلت كنوزها احلجر األساس للحضارة األوروبية والغربية احلديثة‪ ،‬فنهلوا منها أسس معارفهم‬
‫وعلومهم؟‪.‬‬
‫ومل تكتف جهود الباحثني يف العامل العريب يف السعي ألقلمة علم االجتماع‪ ،‬واملطالبة بعلم اجتماع عريب‪ ،‬بل دعوا إىل‬
‫أسلمة املعرفة‪ ،‬والتوجه إىل التأصيل أو التوجيه االسالمي للعلوم االجتماعية‪ ،‬القامة علوم على أسس اسالمية‪ ،‬وحتديد أبعاد‬
‫التصور االسالمي الشامل لالنسان واجملتمع والوجود استخالصاً من املنابع الرئيسية للمنهج االسالمي املتمثل يف الكتاب‬
‫والسنة الصحيحة ابعتبارمها املصدرين األساسيني للشريعة االسالمية‪ ،‬مع االستفادة من اجتهادات علماء املسلمني من‬
‫السلف املعاصرين‪ ،‬وحصر نتائج البحوث العلمية احملققة يف نطاق العلوم احلديثة ومسح نظريتها وحتليلها واخضاعها‬
‫للتمحيص والنقد يف ضوء مقتضيات التصور االسالمي سواء من حيث املوضوع أو املنهج‪ ،‬وبناء نسق علمي متكامل‪ ،‬ألن‬
‫العلوم االجتماعية انجتة عن احلضارة الغربية فيكون من العبث الرجوع إىل نتائجهم وطرحوا مثال علم االجتماع الذي ال‬
‫ﺤﻳوي علماً انفعاً‪ .‬ويشري املنظور االسالمي لعلم االجتماع إىل متثّل العقيدة اإلسالميّة يف التعامل مع املواضيع االجتماعيّة‪،‬‬
‫القيمي يف أثناء التعامل مع الوقائع والظواهر اجملتمعيّة‪ ،‬وتقدمي احللول الواقعية برؤية‬
‫األخالقي و ّ‬
‫ّ‬ ‫واالحتكام إىل املعيار‬
‫وتصوراته‪ ،‬ورؤيته‪ ،‬ومقاصده‪ ،‬واستحضار العقل اإلسالم ّي‬ ‫إسالميّة‪ ،‬وهذا يعين أسلمة علم االجتماع يف موضوعه‪ ،‬ومنهجه‪ّ ،‬‬
‫األحادي‬
‫ّ‬ ‫يف الوصف والتحليل والتشخيص والرتكيب والتقومي والعالج لتوجيه اجملتمع وتعديله وتصويبه وتغيري‪ ،‬وجتاوز التفسري‬

‫‪51‬‬
‫‪Global Proceedings Repository‬‬
‫‪American Research Foundation‬‬
‫‪http://arab.kmshare.net/‬‬
‫‪ISSN 2476-017X‬‬

‫‪Available online at http://proceedings.sriweb.org‬‬

‫حنو النظرة الشموليّة الكليّة‪ ،‬وفهم اجملتمع العريب وحتليله بعيداً عن النزعات الطائفية وااليديولوجية واإلثنية‪ ،‬وبذلك يكون علم‬
‫االجتماع االسالمي بناء مستقل عن علم االجتماع العام‪ ،‬وليس جزءاً منه (رجب‪1996 ،‬؛ الفاروقي‪1980 ،‬؛ العلواين‪،‬‬
‫‪1996‬؛؛ املبارك‪1977 ،‬؛ املختاري‪1985 ،‬؛ امزاين‪1991 ،‬؛ محداوي‪2015 ،‬؛ المبوس‪2001 ،‬؛ اخلشاب‪،‬‬
‫‪.)1980‬‬
‫إن التأصيل االسالمي للعلوم االجتماعية واملعرفة يدفع إىل جتنب الغلو يف الرجوع إىل الرتاث‪ ،‬وعدم التماثل مع الغرب‬
‫يف كل نظرايته ولفياته األيديولوجية‪ ،‬وبناء أسس منهجية للعلوم االجتماعية وفق الرؤية اإلسالمية العربية‪ ،‬ابإلضافة إىل‬
‫اعتماد الوحي كمصدر معريف يتكامل مع املعرفة العلمية اليت يلخصها اإلنسان‪ ،‬وتفعيل البعد الروحي يف العلوم االجتماعية‬
‫ملا له من أمهية يف حتقيق رسالة اإلنسان‪ ،‬وإعداد مناهج تعليمية وفقا ملبدأ التكامل كإطار عام للتواصل املعريف (بلبشري‪،‬‬
‫‪.)2019‬‬
‫نقد عدة‪ ،‬انطلقت من نفس مبدأ االنتقادات اليت وجهت لعلم االجتماع‬ ‫واجهت الرؤية االسالمية للسوسيولوجيا أوجه ٍ‬
‫العريب‪ ،‬وانطالقاً من أن العلم ال دين له وال هوية‪ ،‬اندى تيار اثلث يف علم االجتماع يف الوطن العريب إىل عدم احلاجة‬
‫إلضافة صفة أو اسم أو داينة للعلم االجتماعي واملعرفة‪ ،‬وال حاجة إىل وصف علم االجتماع أبنه عريب أو مسيحي أو‬
‫اسالمي‪ ،‬كما بيّنوا وجود تناقضات عدة بني االنتصار لعلمية علم االجتماع وضرورته وبني عدم احلاجة إىل علم االجتماع يف‬
‫حني ﺤﻳاولون أتسيس علم اجتماع اسالمي يستند على أسس علم االجتماع الغريب‪ .‬وإذا كان األمر كذلك فلما مل يدعو إىل‬
‫أسلمة السياسة‪ ،‬أسلمة علم التاريخ‪ ،‬أسلمة الطب‪ ...‬أسلمة ابقي العلوم؟ ملا مل يرفضوا ما وصلت إليه العلوم كافة وتركوا‬
‫العمل هبا ألن منبعها غريب؟‪ ،‬ومن قصدوا ابلغريب؟ وإذا كان مصدرهم القران الكرمي والسنة فبأي جمتمع ميكن حتقيق هذا يف‬
‫ظل تنوع الدايانت واآليديولوجيات يف اجملتمعات العربية‪ ،‬ويف ظل عودة الدين إىل اجملال العام بصورة مت تشويه فيه حقيقة‬
‫ٍ‬
‫مذهب ي فسر املصدر‬ ‫الدين االسالمي لتحقيق غاايت سياسية واقتصادية؟ وإذا أرادوا اجملتمعات االسالمية من قلبها فبأي‬
‫أهو الشافعي أم احلنبلي أم املالكي أم احلنفي؟‪ .‬ويقول األستاذ سيد مريي (‪ )2019‬حول أهلنة العلوم االجتماعية‪ (( :‬قد‬
‫يقول البعض أن األهلنة حتيل على إضفاء الطابع احمللي على العلوم االجتماعية على عكس تغريب املعرفة كما لو أن مسعى‬
‫املعرفة حمدود حملّيا‪ ،‬واذا اتفقنا على ما ذكره ابن خلدون من أن هناك مستوايت من املعرفة؛ أي الربهان واجلدل واخلطابة‬
‫والشعر والسفسطة‪ ،‬فإذاً يف أي مستوايت ميكننا احلديث عن شكل "أهلي" من املعرفة أو أشكال "حملية" من االبستيم؟))‪.‬‬
‫إن النقد املوجه لتعريب أو أسلمة علم االجتماع أكد على أن العل وم االجتماعي ة تبن ى عل ى فرضي ة أساس ية وه ي أن‬
‫كاف يسمح للباح ث أن يتح رر‬ ‫عد ٍ‬ ‫الواق ع االجتماع ي قاب ل للفه م العلم ي‪ ،‬ويعن ي الفه م العلم ي النظ ر إىل الظواهر من ب ٍ‬
‫ٌ‬

‫‪52‬‬
‫‪Global Proceedings Repository‬‬
‫‪American Research Foundation‬‬
‫‪http://arab.kmshare.net/‬‬
‫‪ISSN 2476-017X‬‬

‫‪Available online at http://proceedings.sriweb.org‬‬

‫م ن س لطة املس لّمات‪ ،‬وأن ي درس الفرضي ات مبنهجي ة أكث ر موضوعي ةً‪ ،‬وأن ﺤﻳلل الواقع بناء على معطيات قابلة لإلثبات‪،‬‬
‫وأن يتحلى بروح نقدية شاملة (املرصد العريب للعلوم االجتماعية‪.)2015 ،‬‬
‫حنن نعيش يف مطلع القرن احلادي والعشرين يف عامل حافل ابلقلق والتوتر غري أنه ينطوي على وعود خارقة للعادة ابلنسبة‬
‫إىل املستقبل‪ ،‬إنه عامل متسارع التغري تشوبه الصراعات العميقة والتوترات ومظاهر التفكك االجتماعي كما أنه يتعرض هلجمة‬
‫ونسريها حنو األفضل‬‫ونشكل حياتنا ّ‬ ‫شرسة من جانب التقانة احلديثة على البيئة الطبيعية‪ ،‬غري أن بوسعنا أن نتحكم مبصريان ّ‬
‫تصوره يف مجيع األحوال‪ ،‬كل هذا أخذ جمال الصدارة يف اهتمامات علم‬ ‫على حنو مل تكن األجيال السابقة قادرة على ّ‬
‫االجتماع وهو جمال الدراسة اليت تتوىل ابلتايل دوراً حيوايً يف الثقافة الفكرية احلديثة‪ .‬ويظهر علم االجتماع لنا احلاجة إللقاء‬
‫نظرة أوسع على األسباب اليت جعلتنا يف ما حنن عليه اآلن‪ ،‬واألسباب اليت تدعوان إىل الفعل والتصرف هبذه الطريقة أو‬
‫بتلك‪ ،‬إنه يعلمنا أن ما نعتربه طبيعياً وحمتماً أو حسناً وصحيحاً قد ال يكون كذلك يف واقع األمر‪ ،‬بل إن معطيات حياتنا‬
‫تتأثر أتثراً كبرياً بقوى اجتماعية واترخيية‪ .‬ومن هنا فإن فهم الطرق العميقة اخلفية واملركبة اليت يعيش فيها الفرد‪ ،‬إّنا ميثّل‬
‫السياقات اليت تكتنف جتربتنا االجتماعية‪ ،‬وهي اليت تنطلق منها النظرية السوسيولوجية (جيدنز‪2005 ،‬؛ ‪ .)47‬وميكن‬
‫القول أن اغرتاب علم االجتماع يف الوطن العريب هو اغرتاب املشتغلني والباحثني فيه‪ ،‬واشكاليته تكمن يف عدم القدرة على‬
‫التعمق يف رؤيتهم وعلى ضبط مصطلحاهتم االجرائية‪ ،‬وعدم موضوعية توجيه دفة أحباثهم ودراساهتم‪ ،‬وجتاهل اجلدية يف‬
‫علمهم‪ ،‬واخلضوع حلال ما آلت إليهم جمتمعاهتم يف سياساهتا االجتماعية واالقتصادية‪.‬‬
‫اثلثاً‪ :‬واقع علم االجتماع يف املراكز البحثية واجلامعات يف الوطن العرب‬
‫انقشت العديد من الندوات واملؤمترات قضية أزمة العلوم االجتماعية يف الوطن العريب‪ ،‬ومن بينها أزمة علم االجتماع‪،‬‬
‫وعلى سبيل املثال ال احلصر؛ ندوة "أزمة العلوم االجتماعية يف العامل العريب" اليت نظمها مركز ابن خلدون للعلوم اإلنسانية‬
‫واالجتماعية جبامعة قطر عام ‪ ،2019‬مؤمتر العلوم االجتماعية واإلنسانية الذي عقده املركز العريب لألحباث ودراسة‬
‫السياسات يف الدوحة عام ‪2019‬؛ املؤمتر الدويل‪ :‬الدراسات السوسيولوجية يف اجلامعات العربية يف ظل التغري االجتماعي‬
‫يف الوطن العريب عام ‪ 2015‬الذي نظمه خمرب التغري االجتماعي و العالقات العامة يف اجلزائر (كلية العلوم اإلنسانية‬
‫واالجتماعية جامعة حممد خيضر ‪-‬بسكرة – اجلزائر)‪ ،‬املؤمتر العلمي الدويل‪ :‬العلوم اإلنسانية واالجتماعية قضااي‬
‫العريب‪:‬‬
‫اإلقليمي‪ :‬اجملتمع ّ‬
‫ُّ‬ ‫معاصرة الذي نظمه املركز الدميقراطي العريب يف أملانيا – برلني عام ‪ ،2019‬مؤمتر ع ْلم االجتماع‬
‫الراهن وسؤال املستقبل الذي نظمه قسم االجتماع يف اجلامعة األردنية عام ‪ ،2019‬الندوة العلمية "أزمة العلوم‬ ‫أزمة ّ‬
‫االجتماعية يف العامل العريب"اليت نظمها مركز الدراسات االسرتاتيجية يف اجلامعة األردنية عام ‪ ،2017‬مؤمتر "مستقبل العلوم‬
‫االجتماعية يف الوطن العريب" املنظم من طرف مركز األنثروبولوجيا االجتماعية والثقافية‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‬

‫‪53‬‬
‫‪Global Proceedings Repository‬‬
‫‪American Research Foundation‬‬
‫‪http://arab.kmshare.net/‬‬
‫‪ISSN 2476-017X‬‬

‫‪Available online at http://proceedings.sriweb.org‬‬

‫واجلمعية العربية لعلم االجتماع‪ ،‬بوهران عام ‪ .2012‬وخالصة هذه األعمال كانت تدور حول اعتبار أزمة العلوم‬
‫االجتماعية أزمة ال تنفصل عن حالة اجملتمعات العربية واملوسومة ابلتدهور والرتهل والضعف‪ ،‬فالعلوم االجتماعية متثل امتداداً‬
‫للحالة االقتصادية والسياسية واالجتماعية املتدهورة لبلدان الوطن العريب‪ ،‬كما أشاروا إىل وجود فائض يف االنتاج البحثي‬
‫الذي امتاز بعضه ابجلودة إالّ أن املعرفة املنتجة منه غري مستخدمة وليست مرتمجة على أرض الواقع‪ ،‬ابالضافة إىل ازدايد‬
‫أعداد الباحثني واملشتغلني يف العلوم االجتماعية بصورة اعتباطية ودخيلة بعضها بدافع األجر‪.‬‬
‫كما أشارت الندوات واملؤمترات إىل أن حدة أزمة العلوم االجتماعية اشتدت بسبب تدين مستوى بعض اجلامعات‬
‫العربية‪ ،‬وحتوهلا من مؤسسات أكادميية إىل مؤسسات رحبية‪ ،‬وضعف األداء التدريسي هبا‪ ،‬خاصة ضعف األداء التدريسي يف‬
‫العلوم االجتماعية وعلم االجتماع‪ ،‬وعدم كفاءة بعض األكادميني فيها‪ ،‬وتوظيفهم فيها تبعاً للمحسوبية والواسطة‪ ،‬ابالضافة‬
‫إىل استقبال اجلامعات العربية أعداداً هائلة من الطلبة يف ختصصات العلوم االجتماعية بصورة ال تتناسب مع امكانيات‬
‫اجلامعات األكادميية واالستيعابية والتمويلية‪ ،‬وأن نوعية الطلبة مل تكن ابملستوى املطلوب تبعاً للصورة النمطية السائدة يف‬
‫الوطن العريب حول قيمة العلوم االجتماعية‪ ،‬املوسومة ابلتدين واعتبارها امللجأ الوحيد للحاصلني على أدىن املعدالت يف‬
‫الثانوية العامة‪ ،‬وال مكان هلا يف سوق العمل واحتياجات السوق‪ ،‬فاحلاصل على شهادة يف إحدى ختصصات العلوم‬
‫االجتماعية يف الوطن العريب ال أرضا قطع وال ظهرا أبقى‪ ،‬مما مل يكبسها االحرتام والتقدير لدى دارسيها والعاملني فيها‬
‫وصناع القرار‪ .‬فبات اختيار ختصصات العلوم االجتماعية واالنسانية لغالبية الطلبة اختياراً قدرايً من أجل احلصول على‬
‫شهادة جامعية ولينطبق عليهم وصف "متعلم" أو "جامعي"‪.‬‬
‫ويف ضوء ظاهرة "ترييف املدينة" اليت واكبت التحوالت احلضرية وعملية التوسع العمراين والسكاين يف الدول النامية‬
‫وارتفاع معدالت اهلجرة الداخلية من الريف إىل املدينة‪ .‬وتوسع افتتاح اجلامعات احلكومية واخلاصة يف أرجاء املدن لتمتد إىل‬
‫األرايف ليحظى طلبة العلم فرصة ارتياد التعليم العايل دون تكبد املشقة والتكاليف املالية‪ ،‬ظهر ما ميكن أن نطلق عليه‬
‫«تريف اجلامعة»‪ ،‬وابلتبعية «تريف العلوم االجتماعية»‪ .‬أي فرض القيم الريفية احملافظة التقليدية على بنية العلم‪ ،‬واختيار‬
‫املوضوعات اليت تبدو فيها الدعاية األخالقية أكثر من التحليل العلمي املنهجي الرصني‪ .‬فالقيم الريفية ال تساعد على خلق‬
‫حالة التمرد وااللتزام‪ ،‬بقدر ما تساعد على تكريس قيم اخلضوع واخلنوع واالنتهازية‪ ،‬وهذه قيم مضادة لبنية العمل وتطويره‬
‫ٍ‬
‫بشكل أو آبخر‪ .‬إن تريف العلوم االجتماعية يقع يف املسافة املؤيدة لقيم السلطة السياسية يف العامل العريب واحملافظة عليها‪،‬‬
‫فهي قيم ضد التغيري وضد التطور والدميقراطية (عبد العظيم‪ .)2007 ،‬ابالضافة إىل التعدي على خصوصية اجلامعة‬
‫وأنظمتها وتعليماهتا وانتهاكها تبعاً للقبلية أو العشائرية‪ ،‬مما أحدث خلالً يف سري العملية األكادميية واألهداف التعليمية‬

‫‪54‬‬
‫‪Global Proceedings Repository‬‬
‫‪American Research Foundation‬‬
‫‪http://arab.kmshare.net/‬‬
‫‪ISSN 2476-017X‬‬

‫‪Available online at http://proceedings.sriweb.org‬‬

‫والعلمية‪ ،‬وتغليب العالقات األولية وتداخلها ابلعالقات الثانوية‪ .‬وعند احلديث عن إشكالية علم االجتماع يف جامعات‬
‫الوطن العريب ال بد من ت فهم وادراك مسائل مهمة تتمثل ابآليت‪-:‬‬
‫‪ .1‬استناد السواد األعظم من الباحثني العرب يف علم االجتماع على استخدام االستبيان كأدة حبثية دون فهم كيف‬
‫تبىن وتطور ابلطريقة الصحيحة متاما‪ ،‬ودون اكتشاف طريقة جيدة لتوزيع االستبياانت على املشاركني‪.‬‬
‫‪ .2‬االستناد على التحليل الكمي دون حتري األمانة يف األرقام وتفريغ االستبياانت‪.‬‬
‫‪ .3‬رغم توجه بعض الباحثني للتحليل النوعي‪-‬الكيفي إالّ أن بعض أعماهلم أنتجت بصورة مشوهه‪.‬‬
‫‪ .4‬بعض جماالت علم االجتماع مثل "علم االجتماع العواطف" و"علم االجتماع التطبيقي" مل يتم تناوهلا جبدية‬
‫وتوظيفها بشكل واضح وأبثر ملموس على أرض الواقع‪ ،‬ابالضافة إىل ميدان "علم االجتماع االكلينيكي"‬
‫الذي مل يطرق اببه هنائياً يف الوطن العريب إال يف بداية عام ‪ ،2012‬وبعد انقطاع مت توجه هلا يف بداية‬
‫عام‪ 2015‬وعام ‪ 2018‬ولكن بشكل اندر‪ ،‬ورغم تدريسه مؤخراً يف جامعة القاهرة –مصر إال أنه مل ي نل‬
‫احلظ الوافر من البحث والتوظيف‪ ،‬علماً أنه ميدان حيوي يسهم بشكل واضح يف االصالح على املستوى الفرد‬
‫واألسرة وعلى مستوى اجملتمع‪.‬‬
‫‪ .5‬نقص التمويل يف بعض اجلامعات واملراكز البحثية وضعف الدعم املايل الذي أضعف قدرة الباحثني وبدد‬
‫طموحهم‪.‬‬
‫‪ .6‬السواد األعظم من الباحثني واملشتغلني يف العلوم االجتماعية‪ ،‬خاصة يف علم االجتماع هم أعضاء هيئة تدريس‬
‫يف اجلامعات‪ ،‬ويواجهوا حتدايت انعكست على انتاجهم العلمي‪ ،‬حيث يرزخ بعضهم حتت ضغط عامل الوقت‬
‫لتقدمي أحباث من أجل الرتقية يف السلّم الوظيفي‪ ،‬مما ولّد االحساس بعدم األمان الوظيفي واخلوف الدائم من‬
‫فقدان مصدر رزقهم‪ ،‬فلجأ البعض إىل القضااي اليت قتلت حبثاً واالعتماد على "النسخ واللصق"‪ ،‬فطغت الراتبة‬
‫على أعماهلم‪ ،‬وانطفأ نور التفكري االبداعي والنقدي عندهم‪ .‬ابالضافة إىل هيمنة التصنيفات العاملية للمجالت‬
‫العلمية اليت سامهت يف حتويل ميدان البحث العلمي إىل سوق للكسب السريع عرب رسوم النشر ابهضة‬
‫التكاليف‪ ،‬وانتشار مواقع ومراكز تدقق وتكتب األحباث ورسائل املاجستري والدكتوراه ونشرها يف جمالت علمية‬
‫عال مقابل أجر مايل‪.‬‬‫ذات تصنيف معتمد ومعامل أتثري ٍ‬
‫‪ .7‬من اإلنتاج البحثي للباحثني واملشتغلني العرب يف جمال علم االجتماع واملوسوم ابجلودة أو االبتكار نشر بلغة‬
‫أجنبية (االجنليزية‪ ،‬الفرنسية) وليس ابللغة العربية‪ ،‬فاحنصر االطالع عليها واالستفادة منها‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫‪Global Proceedings Repository‬‬
‫‪American Research Foundation‬‬
‫‪http://arab.kmshare.net/‬‬
‫‪ISSN 2476-017X‬‬

‫‪Available online at http://proceedings.sriweb.org‬‬

‫‪ .8‬تدخل الواسطة واحملسوبية‪ ،‬والطائفية والعنصرية والعشائرية يف سري اجملالت العلمية العربية وشروط نشرها‪ ،‬فيحرم‬
‫من يستحق عمله النشر‪ ،‬وينشر من هو دخيل وغري كفء‪.‬‬
‫‪ .9‬تدخل بعض اجلهات السياسية واألمنية يف سري عمل اجلامعات واألكادميني‪ ،‬وسياسة تكميم األفواه‪ ،‬وتوجيه‬
‫بعض نتائج البحث العلمي يف العلوم االجتماعية تبعاً لتوجه احلكومات ومصاحلها‪.‬‬
‫‪.10‬ق ّدم بعض الباحثني انتاجاً يوصف ابجلودة واالبداع واالبتكار إالّ أن أعماهلم مل حتظ ابالهتمام واألخذ بنتائجها‬
‫وتوصياهتا يف املؤسسات السياسية واالجتماعية والسياسات العامة‪ ،‬نتيجة القطيعة بينها وبني املؤسسات‬
‫األكادميية واملراكز البحثية‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫‪Global Proceedings Repository‬‬
‫‪American Research Foundation‬‬
‫‪http://arab.kmshare.net/‬‬
‫‪ISSN 2476-017X‬‬

‫‪Available online at http://proceedings.sriweb.org‬‬

‫خامتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬
‫إن علم االجتماع كسائر العلوم االجتماعية يتسم ابلعلمية واملرونة اليت نزعها عنه بعض الباحثني واملشتغلني العرب‪ ،‬فلو‬
‫أرادوا أن تتناسب أسس علم االجتماع مع واقعهم واالستفادة منه كما استفادت الدول األوروبية والغربية‪ ،‬وبناء نظرية عرب‬
‫ميدان علمي معريف‪ ،‬عرب تطوير التفكري‬‫نقد ب نّاء يتناسب مع خصوصية اجملتمعات العربية‪ ،‬فليفعلوا ما وجب أن يفعل أبي ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ابختاذ نظرة واسعة وأكثر مشوالً من خالل شحذ املخيلة‪ ،‬فدراسة علم االجتماع ليست جمرد عملية روتينية الكتساب املعرفة‬
‫بل يفرتض من املشتغل والباحث والعامل يف جمال علم االجتماع أن يكون قادراً على التحرر من الظروف الشخصية املباشرة‬
‫ويضع األمور يف سياق أوسع‪ ،‬كما أن العمل السوسيولوجي يعتمد على إعمال املخيلة السوسيولوجية اليت تتطلب أن ننأى‬
‫أبنفسنا عن اجملرايت الروتينية ليتسىن لنا أن نلق عليها نظرة جديدة‪ ،‬وإلدراك أبعاد املشاكل االجتماعية من خالل فهم‬
‫العالقة بني الفرد واجملتمع بصورة مغايرة بعيداً عن االنطواء يف زوااي معزولة واالنفتاح على املشهد العاملي‪ .‬لذا ال حاجة إىل‬
‫إضافة صفة أو اسم أو داينة لعلم االجتماع بل تكمن املهمة األساسية لعلم االجتماع يف الوطن العريب بتفكيك املفاهيم اليت‬
‫ظهرت من املعرفة السوسيولوجية وخطاب أولئك الذين حتدثوا نيابة عن املنطقة العربية اليت تتسم يف الغالب ابأليديولوجيا‬
‫املركزية‪-‬اإلثنية‪-‬الغربية‪ .‬ونقد املعرفة السوسيولوجية‪ ،‬مبا يعود ابلنفع يف فهم الظواهر وحل املشكالت اليت تعاين منها‬
‫اجملتمعات العربية‪ ،‬فعلم االجتماع تطور على أساس أن نتائجه املبنية بطرق حبث جدية ومنهجية صحيحة تبقى مفتوحه‬
‫للنقد من العلماء والعامة‪ ،‬والدراسات االجتماعية تقوم على املنطق واألدلة واليت متّكن اآلخرين من احلكم عليها وفحصها‬
‫والتحقق منها‪ ،‬كما أن النسبية ال االطالق من أسس فهم الواقع االجتماعي والظاهرة االجتماعية يف علم االجتماع‪ ،‬وأفضل‬
‫ما ميكن أن نسعى إليه هبذا العلم هو حتقيق احتمالية على درجة عالية من الصحة‪.‬‬
‫وميكن فهم أزمة علم االجتماع يف الوطن العريب من خالل أزمة العلوم االجتماعية ابعتبارها أزمة ال تنفصل عن‬
‫حالة اجملتمعات العربية واملوسومة ابلتدهور والرتهل والضعف‪ ،‬فالعلوم االجتماعية متثل امتداداً للحالة االقتصادية والسياسية‬
‫واالجتماعية املتدهورة لبلدان الوطن العريب‪ ،‬كما تفاقمت أزمة علم االجتماع نتيجة تدين مستوى بعض اجلامعات العربية‬
‫وضعف األداء التدريسي واالنتاج البحثي فيها الذي غلب عليها الكم ال النوع‪ ،‬وانبثق من أهداف رحبية وعملية ال ألهداف‬
‫علمية حبتة‪ ،‬كما غفل السواد األعظم من الباحثني عن تفعيل وتوظيف امليداين األخرى يف علم االجتماع؛ كعلم االجتماع‬
‫االكلينيكي والتطبيقي وعلم اجتماع العواطف هبدف االصالح ال التنظري فقط‪ .‬إن علم االجتماع مل أيخذ حقه وقيمته‬
‫واالهتمام الكايف يف الوطن العريب وهذا حال سائر العلوم االنسانية واالجتماعية األخرى‪ .‬فعلم االجتماع يظهر لنا احلاجة‬
‫إللقاء نظرة أوسع على األسباب اليت جعلتنا يف ما حنن عليه اآلن‪ ،‬واألسباب اليت تدعوان إىل الفعل والتصرف هبذه الطريقة‬
‫أو بتلك‪ ،‬إنه يعلمنا أن ما نعتربه طبيعياً وحمتماً أو حسناً وصحيحاً قد ال يكون كذلك يف واقع األمر‪ ،‬بل إن معطيات‬

‫‪57‬‬
‫‪Global Proceedings Repository‬‬
‫‪American Research Foundation‬‬
‫‪http://arab.kmshare.net/‬‬
‫‪ISSN 2476-017X‬‬

‫‪Available online at http://proceedings.sriweb.org‬‬

‫حياتنا تتأثر أتثراً كبرياً بقوى اجتماعية واترخيية‪ ،‬وسياسية‪ ،‬ومن هنا فإن فهم الطرق العميقة اخلفية واملركبة اليت يعيش فيها‬
‫الفرد‪ ،‬إّنا ميثّل السياقات اليت تكتنف جتربتنا االجتماعية‪ ،‬فاألصل أ ّن نفهم هذه الطرق ونسعى إىل جذب ميدان البحث‬
‫العلمي إىل أرض الواقع نظرايً وعملياً‪ ،‬وأن تطغى اجلدية والشفافية والنزاهة يف مساعينا‪.‬‬

‫املراجع‪References :‬‬
‫ابن خلدون‪ ،‬عبد الرمحن‪ ،)1982( ،‬املقدمة‪ ،‬بريوت‪ :‬دار الكتاب اللبناين‪.‬‬
‫امزاين‪ ،‬حممد‪ .)1991( ،‬منهج البحث االجتماعي بني الوضعية واملعيارية‪( ،‬ط‪ ،)1‬فريجينيا‪ :‬منشورات املعهد العاملي‬
‫للفكر اإلسالمي‪ ،‬الوالايت املتحدة األمريكية‪.‬‬
‫اجلوهري‪ ،‬حممد والسمري‪ ،‬عديل وبدران‪ ،‬حممود وزيدان‪ ،‬أمحد وعبد اجلواد‪ ،‬مصطفى وعلي‪ ،‬فاتن‪ .)2011( ،‬اتريخ‬
‫التفكري االجتماعي‪ :‬الرواد‪( ،‬ط‪ ،)1‬األردن‪ :‬دار املسرية للنشر‪.‬‬
‫احلوات‪ ،‬علي‪ .)1998( ،‬النظرية االجتماعية‪ :‬اجتاهات أساسية‪ ،‬شركة إجلا للطباعة والنشر العلمي احملدودة‪.‬‬
‫اخلشاب‪ ،‬سامية‪ .)1980( ،‬علم االجتماع اإلسالمي‪( ،‬ط‪ ،)2‬القاهرة‪ :‬دار املعارف‪.‬‬
‫السعايدة‪ ،‬جهاد‪ .)2014( ،‬دراسة حتليلية نقدية للمآخذ على فكر ابن خلدون يف نظرته للعرب ونظرييت العصبية‬
‫والدولة واملنهج الذي اتبعه‪ ،‬جملة جامعة دمشق‪.523 -495 :)3،4( 30 ،‬‬
‫الشكعة‪ ،‬مصطفى‪ .)1992( ،‬األسس االسالمية يف فكر ابن خلدون ونظرايته‪ ،‬الدار املصرية اللبنانية للنشر‪.‬‬
‫العلواين‪ ،‬طه جابر‪ .)1996( ،‬إسالمية املعرفة بني األمس واليوم‪ ،‬املعهد العاملي للفكر اإلسالمي‪.‬‬
‫الفاروقي‪ ،‬إمساعيل‪ .)1980( ،‬صياغة العلوم االجتماعية صياغة إسالمية ‪ ،‬املسلم املعاصر‪ ،‬العدد ‪41 -35 :20‬‬
‫املبارك ‪ ،‬حممد‪ .)1977( ،‬حنو صياغة إسالمية لعلم االجتماع‪ ،‬املسلم املعاصر‪ ،‬العدد ‪.44 -15: 12‬‬
‫املرزوقي‪ ،‬أبو يعرب‪ .)1983( ،‬االجتماع النظري اخللدوين والتاريخ العربـي املعاصـر‪ ،‬القاهرة ‪ :‬الدار العربية للكتاب‪.‬‬
‫املختاري‪ ،‬أمحد‪ .)1985( ،‬حنو علم اجتماع اسالمي‪ ،‬املسلم املعاصر ‪ ،‬العدد ‪.54 -39 :43‬‬
‫املرصد العريب للعلوم االجتماعية‪ .)2015( ،‬العلوم االجتماعية يف العامل العرب‪ :‬اشكال احلضور‪ ،‬التقرير األول‪ ،‬اجمللس‬
‫العريب للعلوم االجتماعية‪.‬‬
‫ابقادر‪ ،‬أبو بكر وعرايب‪ ،‬عبدالقادر‪ .)2006( ،‬آفاق علم اجتماع عرب معاصر‪ :‬حوارات لقرن جديد‪( ،‬ط‪ ،)1‬دار‬
‫الفكر للنشر‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫‪Global Proceedings Repository‬‬
‫‪American Research Foundation‬‬
‫‪http://arab.kmshare.net/‬‬
‫‪ISSN 2476-017X‬‬

‫‪Available online at http://proceedings.sriweb.org‬‬

‫بركات‪ ،‬حليم‪ .)2008( ،‬اجملتمع العرب املعاصر‪ :‬حبث يف تغري األحوال والعالقات‪( ،‬ط‪ ،)1‬بريوت‪ :‬مركز دراسات‬
‫الوحدة العربية‪.‬‬
‫بلبشري‪ ،‬حممد‪ .)2019( ،‬مﺸروعية علوم اجتماعية إسالمية عربية‪ :‬األسس املنهﺠية واملتطلبات العلمية‪ ،‬ورقة علمية‬
‫منشورة يف أعمال‪ :‬الندوة الدولية‪ :‬علم االجتماع وسؤال األقلمة‪ ،‬مركز ابن خلدون للعلوم االنسانية واالجتماعية‪.‬‬
‫بوزار‪ ،‬نور الدين‪ ،)2017( ،‬الفلسفة والعلوم االجتماعية عند مدرسة فرانكفورت‪ :‬ماكس هوركهامير وتيودور أدورنو‬
‫منوذجاً‪ :‬دراسة حتليلية نقدية‪ ،‬اطروحة دكتوراه غري منشورة‪ ،‬جامعة وهران ‪.2‬‬
‫بوسينو‪ ،‬جيوفاين‪ .)1995( ،‬نقد املعرفة يف علم االجتماع‪ ،‬ترمجة‪ :‬حممد صاصيال‪ ،‬بريوت‪ :‬املؤسسة اجلامعية للدراسات‬
‫والنشر والتوزيع‪.‬‬
‫تيماشيف‪ ،‬نيقوال‪ .)1982( ،‬نظرية علم االجتماع‪ :‬طبيعتها وتطورها‪ ،‬ترمجة كل من‪ :‬حممد عودة‪ ،‬حممد اجلوهري‪ ،‬حممد‬
‫علي حممد‪ ،‬السيد حممد احلسيين‪( ،‬ط‪ ،)7‬مصر‪ :‬دار املعارف‪.‬‬
‫جليب‪ ،‬علي وآخرون‪ .)1998( ،‬نظرية علم االجتماع واالجتاهات احلديثة واملعاصرة‪ ،‬اإلسكندرية‪ :‬دار املعرفة اجلامعية‪.‬‬
‫جيدنز‪ ،‬أنتوين‪ ،)2005( ،‬علم االجتماع‪ ،‬ترمجة‪ :‬فايز الصباغ‪( ،‬ط‪ ،)4‬عمان‪ :‬مؤسسة ترمجان‪.‬‬
‫حسني‪ ،‬طه‪ .)2006( ،‬فلسفة ابن خلدون االجتماعية‪ :‬حتليل ونقد‪ ،‬ترمجة‪ :‬حممد عنان‪( ،‬ط‪ ،)1‬دار الكتب والواثئق‬
‫القومية‪.‬‬
‫محداوي‪ ،‬مجيل‪ .)2015( ،‬علم االجتماع بني النظرية االسالمية والبُعد الكوين‪ ،‬شبكة األلوكة‪.‬‬
‫محزاوي‪ ،‬سهى وكواشي‪ ،‬سامية‪ .)2017( ،‬اشكاليات علم االجتماع يف الوطن العرب‪ :‬قراءة حتليلية العرتافات بعض‬
‫علماء االجتماع العرب‪ ،‬جملة العلوم االنسانية واالجتماعية‪ ،‬العدد ‪.100-91 :28‬‬
‫راينو‪ ،‬فيليب‪ .)2009( ،‬ماكس فيب ومفارقات العقل احلديث‪ ،‬ترمجة‪ :‬حممد جديدي‪ ،‬منشورات االختالف‪.‬‬
‫رجب‪ ،‬ابراهيم‪ .)1996( ،‬منهج التوجيه االسالمي للخدمة االجتماعية‪ :‬املنهج واجملاالت‪ ،‬املعهد العاملي للفكر‬
‫اإلسالمي‪.‬‬
‫رمعون‪ ،‬نورية وحنفي‪ ،‬ساري وجماهدي‪ ،‬مصطفى‪ .)2015( ،‬مستقبل علم االجتماع واألنثروبولوحيا يف الوطن العرب‪،‬‬
‫يف‪ :‬مسقبل العلوم االجتماعية يف الوطن العرب‪( .‬ط‪ ،)1‬بريوت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪.‬‬
‫ريتزر‪ ،‬جورج‪ .)2017( ،‬مقدمة يف علم االجتماع‪ ،‬ترمجة‪ :‬روال السوالقة‪( ،‬ط‪ ،)1‬عمان‪ :‬دار الفكر للنشر‪.‬‬
‫زايد‪ ،‬أمحد‪ .)2006( ،‬علم االجتماع‪ :‬النظرايت الكالسيكية والنقدية‪( ،‬ط‪ ،)1‬الطبعة األوىل‪ ،‬القاهرة‪ :‬هنضة مصر‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫‪Global Proceedings Repository‬‬
‫‪American Research Foundation‬‬
‫‪http://arab.kmshare.net/‬‬
‫‪ISSN 2476-017X‬‬

‫‪Available online at http://proceedings.sriweb.org‬‬

‫ضاهر‪ ،‬مسعود‪ .)2012( ،‬حنو أتصيل البحوث يف علم االجتماع العرب‪ ،‬جريدة احلياة‪http://www.langue- ،‬‬
‫‪arabe.fr/‬‬
‫عباسي‪ ،‬نعمان‪ .)2015( ،‬هوية علم االجتماع بني‪ :‬الوطن‪ -‬القومي واحلضاري‪ ،‬ورقة علمية منشورة يف‪ :‬مؤمتر العلوم‬
‫االنسانية أكادميياً ومهنياً‪ :‬رؤى استشرافية‪ ،‬كلية اآلداب‪ ،‬جامعة امللك سعود‪.‬‬
‫عباسي‪ ،‬نعمان‪ .)2010( ،‬طبيعة املعرفة يف علم االجتماع‪ :‬من املفارانت التارخيية إىل مفارقة التاريخ‪ ،‬جامعة ‪ 20‬أوت‬
‫‪ ،1995‬سكسيدة‪.‬‬
‫عثمان‪ ،‬ابراهيم‪ ،)2007( ،‬مقدمة يف علم االجتماع‪( .‬ط‪ ،)4‬األردن‪ :‬دار الشروق للنشر‪.‬‬
‫عبد العظيم‪ ،‬صاحل‪ .)2007( ،‬أزمة العلوم االجتماعية يف العامل العرب‪ ،‬البيان ‪https://www.albayan.ae/opinion‬‬
‫عبد املعطي‪ ،‬عبد الباسط‪ .)1981( ،‬اجتاهات نظرية يف علم االجتماع‪ ،‬الكويت‪ :‬سلسلة عامل املعرفة‪.‬‬
‫المبوس‪ ،‬ميشيل‪ .)2001( ،‬اجتاهات جديدة يف علم االجتماع‪ ،‬ترمجة‪ :‬إحسان احلسن‪ ،‬وعبد املنعم احلسين‪ ،‬ومحدي‬
‫يوسف‪ ،‬وإبراهيم عبد الرزاق‪( ،‬ط‪ ،)1‬بغداد‪ :‬بيت احلكمة‪.‬‬
‫مركز ابن خلدون للعلوم االنسانية واالجتماعية‪ ،)2019( ،‬أعمال الندوة الدولية‪ :‬علم االجتماع وسؤال األقلمة‪،‬‬
‫‪.http://www.qu.edu.qa/static_file/qu/research‬‬
‫مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،)2010( ،‬حنو علم اجتماع عرب‪ :‬علم االجتماع واملﺸكالت العربية الراهنة‪( ،‬ط‪،)1‬‬
‫سلسلة كتب املستقبل العريب‪ ،‬بريوت‪.‬‬
‫مصطفى‪ ،‬صالح‪ .)2005( ،‬معامل الفكر السوسيولوجي املعاصر‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار الفكر العريب‪.‬‬
‫مكاوي‪ ،‬عبد الغفار‪ .)2018( ،‬النظرية النقدية ملدرسة فرانكفورت‪ :‬متهيد وتعقيب نقدي‪ ،‬مؤسسة هنداوي سي آي‬
‫سي‪.‬‬
‫مهورابشة‪ ،‬عبد احلليم‪ .)2018( ،‬علم اإلجتماع يف العامل العرب من النقد إىل التأسيس‪ :‬حنو علم العمران اإلسالمي‪،‬‬
‫(ط‪ ،)1‬املعهد العاملي للفكر االسالمي‪ ،‬الوالايت املتحدة األمريكية‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫‪Global Proceedings Repository‬‬
‫‪American Research Foundation‬‬
‫‪http://arab.kmshare.net/‬‬
‫‪ISSN 2476-017X‬‬

‫‪Available online at http://proceedings.sriweb.org‬‬

‫مريي‪ ،‬سيد جاد‪ .)2019( ،‬إعادة النظر يف أهلنة العلوم االجتماعية‪ ،‬ورقة علمية منشورة يف أعمال‪ :‬الندوة الدولية‪ :‬علم‬
‫االجتماع وسؤال األقلمة‪ ،‬مركز ابن خلدون للعلوم االنسانية واالجتماعية‪.‬‬
‫واالس‪ ،‬رث ووولف‪ ،‬إلسون‪ .)2011( ،‬النظرية املعاصرة يف علم االجتماع‪ :‬متدد آفاق النظرية الكالسيكية‪ ،‬ترمجة‪:‬‬
‫حممد احلوراين‪( ،‬ط‪ ،)1‬األردن‪ :‬دار جمدالوي للنشر‪.‬‬

‫‪61‬‬

You might also like