You are on page 1of 64

‫هذا بيان للمثقّفين و آألساتذة و آل ُمفكّرييّن و آلفالسفة‬

‫ألبيان الكوني للفالسفة لسنة ‪Cosmic statement of the year 2022‬‬

‫صد ََر ِبتَ ِ‬


‫أريخ ‪2021 / 12 / 21‬م‬ ‫َ‬

‫ع‪ /‬آلفالسفة و آل ُمفكّريّن في آلعالم‬


‫ألعارف الحكيم ‪ :‬عزيز حميد مجيد‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬
: ‫المدخل‬
Cosmic statement of the year 2022 : ‫الكوني لسنة‬
ّ ‫ألبيان‬
Statement of the Philosophers for the year 2022 AD :
As in the past years, we issued on behalf of the philosophers of the world the cosmic manifesto for
the year 2022 AD, which included the main current issues of the world: their roots; its causes; her
future; Its secretions are through the following addresses:

Why does corruption and injustice increase in the countries with the advancement of technology?
Why did China announce the corruption of democracy and its destruction of peoples? The role of
politics that is abstract from values in corruption and distortion of the world?
The meaning of politics and political action in (Cosmic Philosophy)?
And they are the "fake" knowledge that swept the world because of the flags?
What and the concept of a universal philosophy to achieve justice instead of class? Our problem
with the thought and the issues of the curriculum after it has been ideologically introduced to the
rulers? anxious questions and lack of logic; A major crisis that distorted humanity!?
What is beauty in the dear cosmic philosophy?
Why is beauty unknown even to scholars and the educated class?
While revealing beauty is the best way to know the secrets and then love to reach the city of peace?
cosmological philosophy; Do not believe in geography; borders, nor in the limits of thought..
because it wants to achieve happiness after getting rid of abundance towards loneliness?
And in the conclusion, we presented the secret of the concern and the goal of the Final Messenger
(PBUH), the reason for his repeated crying and his doubts about achieving righteousness by
guiding people after it was imposed by God to ensure the future of the nation and its dignity, where
we see today the opposite has happened unfortunately, while (Islam) and as Einstein said; (Islam is
the force that was created to bring peace and security in the world), and so Socrates was crying in
his last moments before his execution for his fear that the trust would remain without bearer and
bearer of guidance for people, so we contemplated in the end with all humility and hope professors
and academics and Intellectuals, writers, thinkers and philosophers study, activate and disseminate
it through classes, lessons, intellectual forums and the media, which have come to represent the
sources of sedition and corruption in the world, contrary to what they claim and spread on the
surface that they want to achieve communication between people in every possible way except for
the highest human values ! Because, in fact, they want to achieve corruption by distorting people's
hearts and directing them towards substance and sex, led by the five major companies:
(Facebook, Twitter, Google, Amazon, and Microsoft).

And to view these major facts with their details, visit the following link:
https://www.noor-book.com/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8-%D8%A8%D9%8A%D8%A7%D9%86-
%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%A7%D8%B3%D9%81%D9%87-%D9%84%D8%B3%D9%86%D9%87-2022%D9%85-pdf#rating
The knowledgeable, the wise; Azez Hamid Majeed

Cosmic statement of the year 2022 : ‫الكوني للفالسفة لسنة‬


ّ ‫ألبيان‬
ّ ‫م و تض ّمنَ قضايا آلعالم أألساسيّة‬2022 ‫سنة‬
‫ جذورها ؛‬: ‫آلراهنة‬ َ ‫سنين الماضيّة أصدرنا بآلنيابة عن فالسفة ألعالم ألبيان ألكون ّي ِل‬
ّ ‫كآل‬
: ‫عِللها ؛ مستقبلها ؛ إفرازاتها عبر العناوين التالية‬
‫لماذا يزداد آلفساد و الظلم في البالد مع تقدّم آلتكنولوجيا؟‬
‫لماذا أعلنت الصين فساد الديمقراطية وتدميرها للشعوب؟‬
‫جردة عن ألقيم في فسـاد و مسخ العَالم؟‬ ّ ‫سياسة أل ُم‬
ّ ‫دور أل‬
‫سياس ّي في (آلفلسفة الكونيّـة)؟‬ ّ ‫سياسة و آلعَمل أل‬ّ ‫معنى آل‬
‫وهم ألمعرفة "المزيفة" التي إكتسحت العالم بسبب األعالم؟‬
‫ماهيّة و مفهوم ألفلسفة الكونيّة لتحقيق العدالة بدل الطبق ّية؟‬
‫مشكلتنا في آلفكر و قضايا آلمنهج بعد ما ت ّم أدلجتها للحاكمين؟‬
‫شوهت األنسانيّة!؟‬ ‫قلق أألسئلة و غياب المنطق؛ أزمة كبرى ّ‬
‫ماهيّة أل ّجمال في الفلسفة الكونيّة ألعزيزيّة؟‬
‫لماذا آلجّمال مجهول حتى لدى آلعلماء و الطبقة ألمثقفة؟‬
‫بينما كشف أل ّجمال أفضل نهج لمعرفة أألسرار ث ّم آلعشـق لوصول مدينة السالم و الخالص من نير األنظمة الظالمة؟‬
‫سعادة بعد آلت ّخلص من آلكثرة بإتجاه الوحدة؟‬ ‫ألفلسفة الكونيّة ؛ ال تؤمن بآلجغرافيا‪ ,‬و ال بحدود ألفكر ‪ ..‬ألنها تبغي تحقيق ال ّ‬
‫ألمتكرر و شكوكه في تحقيق ألستقامة بهداية الناس بعد أن‬ ‫ّ‬ ‫الرسول الخاتم(ص) وسبب بكائه‬ ‫سر ه ّم وغاية ّ‬
‫و في آلخاتمة عرضنا ّ‬
‫اآلسالم هي‬ ‫(إنّ‬ ‫ّ‬
‫فرضه هللا لضمان مستقبل األ ّمة و عزتها‪ ,‬حيث نرى اليوم قد وقع العكس لألسف‪ ,‬بينما (األسالم) و كما قال آينشتاين؛‬
‫آلقوة التي ُخلقت ليحل بها آألمن و السالم في العالم) ‪ ,‬و هكذا كان سقراط يبكي لحظاته األخيرة قبل أعدامه لخوفه على األمانة أن تبقى‬
‫بال حامل و محمل لهداية الناس‪ ,‬لهذا تأ ّملنا في النهاية بك ّل تواضع و رجاء األساتذة و ال ّجامعييين و ال ُمثقفين و ال ُكت ّاب و المفكريين و‬
‫الفالسفة بدراسته و تفعيله و نشره عبر الحصص و الدروس و المنتديات الفكريّة و وسائل األعالم التي باتت ت ُمثّل منابع آلفتنة و الفساد‬
‫في العالم بعكس ما يدّعون ويشيعون في الظاهر أنهم يريدون تحقيق التواصل بين الناس بكل وسيلة ممكنة ّإال القيم النسانية العليا!‬
‫ألنهم في الحقيقة يبغون تحقيق الفساد بمسخ قلوب الناس و توجيههم نحو المادة و الجنس بقيادة آلشركات الخمسة الكبرى ‪:‬‬
‫(الفيس بوك وتويتر وكَوكَل وأمازون ومايكروسافت)‪.‬‬
‫ألعارف ألحكيم عزيز حميد مجيد‬
‫أل ُمقدّمة‬
‫أل ُمقدّمة ‪:‬‬
‫سنة ‪2022‬م‪:‬‬
‫بيان ألفالسفة ل ّ‬
‫ُ‬
‫يبحث هذا البيان آلكون ّي قضايا آلعالم أألساسيّة آلراهنة ‪ ..‬جذورها ؛ عِللها ؛ مستقبلها ؛ عبر العناوين التالية ‪:‬‬
‫آلزمن؟‬‫لماذا يزداد الفساد مع تقدّم ّ‬
‫جردة في فساد العالم!؟‬‫سياسة أل ُم ّ‬‫دور أل ّ‬
‫سياسة و العمل السياس ّي في آلفلسفة الكونيّة؟‬ ‫معنى آل ّ‬
‫وهم ألمعرفة؟‬
‫ماهيّة و مفهوم ألفلسفة الكونيّة؟‬
‫مشكلتنا في الفكر و قضايا آلمنهج؟‬
‫قلق أألسئلة ‪ ..‬و غياب المنطق أزمة كبرى؟‬
‫ماه ّية ألجمال في الفلسفة الكون ّية؟‬
‫لماذا آلجّمال مجهول لدى المثقفين و حتى العلماء؟‬
‫ألجمال أفضل طريق للمعرفة ث ّم آلعشق للوصول إلى مدينة السالم األبدية؟‬
‫ألفلسفة الكونيّة ال تعترف بآلجغرافيا و ال بحدود ألفكر وال بأية هوية محدودة سوى الهوية الكونية!؟‬
‫المتكرر ‪ ..‬مع أملنا في النهاية بكل تواضع و رجاء من‬
‫ّ‬ ‫سر بكائه‬
‫ث ّم آلخاتمة التي عرضنا فيها ه ّم وغاية الرسول الخاتم و ّ‬
‫األساتذة و الجامعييين و المثقفين و الكتاب و المفكريين و الفالسفة بدراسته و نشره عبر الحصص و الدروس و المنتديات‬
‫الفكريّة و وسائل األعالم التي باتت ت ُمثّل منابع الفتنة و الفساد في العالم بقيادة آلشركات الخمسة الكبرى؛ (الفيس بوك و‬
‫تويتر و كَوكَل و أمازون و مايكروسافت)‪.‬‬

‫(ألمدني) في‬
‫ّ‬ ‫(ألحضاري) بآلدّرجة األولى ث ّم‬
‫ّ‬ ‫ألرئيسي للفساد و آل ُّ‬
‫ظلم و آلتّخلف‬ ‫سبب ّ‬ ‫تلك الشركات الخمس العالميّة ‪ ..‬هي أل ّ‬
‫ألفكري و‬
‫ّ‬ ‫آلركود‬‫أُمم آألرض و مجتمعاتها و أحزابها و حتى بعض العوائل والشخصيات فيها ‪ ..‬و بآلتالي أدلجة التوحيد و ّ‬
‫آألبتالء بآألم ّية ألفكر ّية ألسباب داخل ّية و خارج ّية محورها إهمال و إعمال (الفلسفة) التي تؤكد على المنطق و إثارة السؤآل‬
‫و وضع البرامج بحسب األولويات و دراسات الجدوى‪ ,‬و أخطر أسباب تخلّفنا بعد تحريم ألفلسفة؛ هو إغتيال ألعقل ألج ّ‬
‫َمعي‬
‫بمحاصرة وتشريد الفالسفة الذين بفقدهم يفقد ألنّاس أألختيار والتّفكر وآلعدالة لكونهم سيفقدون الوعي فيت ّم تعبيدهم لل ُحكّام‪.‬‬

‫َس آلفيلسوف (إبن سينا) بعطش شديد‪ ,‬إلتفت لتلميذه الذي كان يُرافقهُ‪ ,‬طالبا ً منه جلب الماء من قرية‬ ‫في طريق ِه لِل َح ّج أَح َّ‬
‫مجاورة‪ ,‬لكنهُ تثاقل و إعتذر لبرودة الجّو وعتمة الليل‪ ,‬و رغم إلحاح (إبن سينا) عليه ‪ ..‬لكنهُ ل ْم يفعل‪ ,‬و بينما هُم على هذا‬
‫سماء آلقرية‪ ,‬نهض تلميذه على الفور إستعدادا ً للصالة ‪ ..‬عندها قا َل لهُ إبن سينا؛ مهالً ‪..‬‬‫الحال و إذا بأذان الفجر يدوي في َ‬
‫أآلن حانَ الوقتُ لألجابة على سؤآلك الذي سألتنيه في بداية سفرنا من (همدان)؛ عن؛ (ما هو الفرق بين الفيلسوف والنّب ّي)؟‬

‫مجرد سماعكَ‬
‫ّ‬ ‫ألفرق بينهما‪ ,‬هو هذا الذي شهدّتهُ اآلن‪ ,‬حينَ سألتكَ مراراً لجلب الماء لكنك لم تبرح مكانك و تثاقلت‪ ,‬بينما‬
‫لكلمة (هللا أكبر) لَبّيتَ النداء على الفور رغم وفاة النبي(ص) الذي أمرنا بذلك قبل ‪500‬عام‪ ,‬بينما أنا آلح ٌّي ألعطشان أآلن‬
‫النبي(ص) للصالة!؟‬ ‫ّ‬ ‫بجانبك و ُمعَلّمكَ ‪ ..‬دعوتك مرارا ً لجلب الماء و لم تفع ْل مثلما فعلت لمجرد سماعك لنداء‬

‫و هذا هو الفرق بيننا نحن (الفالسفة) و بين األنبياء الكرام‪ ,‬ألنّنا نتعامل بآلعقل مع النّاس ‪ ,‬بينما األنبياء يتعاملون بآلقلب !‬
‫أن ترتقي لغة العقول الظاهرية لمرتبة و مستوى لغة القلوب الباطنية‪ ,‬و المشكلة تكمن في أبعاد و ماه ّية الفرق‬ ‫وهيهات ْ‬
‫بينهما‪ ,‬ف ُك ّل فالسفة العالم ال يعرفونها بآلضبط بعد إطالعي الدقيق على نظريّاتهم المعرفية‪ ,‬و هو الفرق الكبير نفسهُ بين‬
‫الفقهاء المراجع الذين يحصرون ال ّدِين بأحكام عباديةّ فرديّة و بين آلعرفاء ّ‬
‫ألربانيين ألّذين ينظرون لل ّدِين بكون ِه يُمثّل جميع‬
‫مجاالت الحياة و األسفار‪ ,‬و قد قدّمنا عرضا ً ُمفصالً عن (نظريّة المعرفة الكونيّة) لبيان تلك الحقائق المجهولة للعالم!؟‬
‫لقد أشرنا أله ّميّة الوعي الناتج عن ألخيال و دوره ‪ ..‬حتى إرتقى مكانتها في الفلسفة الكونيّة ‪Imagination theory ..‬‬
‫لجعله نظريّة متكاملة باسم (نظريّة الخيال) ‪ ,‬ألذي عبّر عن أهميته ألريادية ( آلبرت آينشتاين ) بقوله ؛ [ ألخيال أهم من‬
‫المعرفة التي تكون أعلى و أدق من العلم‪ ,‬ألنّ المعرفة تقتصر على ما نعرفه و نفهمه‪ ,‬بينما ألخيال يحتوي العَالم بأسره و ك ّل‬
‫ما سيتم معرفته و فهمه حتى النهاية ]‪ ,‬هنا تأتي أه ّمية (ألكَوانتوم) و دوره لتشكيل هذا البعد الكوني في وجود األنسان‪ ,‬و قد‬
‫سبقه األمام عل ّي(ع) بآلقول‪[ :‬أ َ تحسب أنك جرم صغير و فيك إنطوى العالم األكبر؟]!‬

‫ببالغة أعظم؛ [عالم (الواقع) له ح ّد و حجم ‪ ..‬و عالم (ألخيال) ال ح ّد وال حجم له] و قد سبقني الفيلسوف جان جاك روسو(ت‬
‫‪1778‬م) أيضا ً ببيان نفس ألمضمون أعاله قبل أكثر من قرنين‪ ,‬بعد ما درس فكر و حِ كَم األمام علي ث ّم إهتدى بهديه حتى قال‪:‬‬
‫[عل ّي بن أبي طالب هو الوحيد الذي يستحق كلمة أألستاذية]‪ ,‬و هكذا الفيلسوف جورج جورداق الذي مدح األمام عل ّي بما لم‬
‫[علي صوت العدالة األنسانية]‪ ,‬و الذي‬
‫ّ‬ ‫يستطع قوله حتى علماء الشيعة‪ ,‬عندما سألوه ؛ لماذا لم تكتب بعد كتابتك الموسوم بـ‬
‫ض ّم ‪ 5‬مجلدات؟‬

‫أجاب ‪:‬‬
‫علي‬
‫ّ‬ ‫بشأن‬ ‫الفالسفة‬ ‫أؤلئك‬ ‫عليها‬ ‫ركز‬ ‫التي‬ ‫ة‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫الجوهر‬ ‫النقطة‬ ‫ل‬
‫ّ‬ ‫لع‬ ‫و‬ ‫عنه]‪,‬‬ ‫آلكتابة‬ ‫تستحق‬ ‫ة‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫شخص‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫عل‬ ‫األمام‬ ‫بعد‬ ‫أجد‬ ‫[لم‬
‫أي مواطن رغم إنه كان يدير ‪ 12‬دولة ضمن المبراطورية األسالمية‪ ,‬و في كيفيّة إدارته للحكم‬ ‫كانت في مساواته لنفسه مع ّ‬
‫بآلعدل و القسطاس المستقيم‪ ,‬بحيث أعجب األصدقاء و األعداء من سياسته‪.‬‬

‫لقد خلق هللا األنسان بخيال دافق من العقل ألذي إهتدى من خالله إلى كشف و صناعة الكثير من األمور و القضايا عبر مراحل‬
‫التمدن ألعديدة التي نعيش اليوم آخرها على ما يبدو و هو (عصر ما بعد المعلومات)‪ ,‬حيث ش ّيد منتجات عمارته و عمرانه و‬
‫ألي كائن في اقصى األرض من خالل شاشة‬ ‫تكنولوجيته الرائعة التي وصلت السماء بحيث يمكنك اليوم معرفة أدق التفاصيل ّ‬
‫صغيرة ال تتجاوز مساحة سنتيمتر مربع‪ ,‬رغم إن مظاهر ذلك التقدم في عالمنا العربي – السالمي ألمعاصر يشبه حالة من‬
‫الغياب و الغائمية طالت تأثير َملَكَة الخيال‪ ,‬و المدنية إنّما تحجّمت بسبب تحجيم الخيال و محدوديته و فقدان الفضاآت التي‬
‫يمكن من خاللها تفعيل الخيال و إستثماره لعبور تلك األزمات و الموانع‪.‬‬

‫األداري‬
‫ّ‬ ‫التقليدي و الممارسات األحترافيّة لها بنفس القدر ‪ ..‬إلى جانب النظام‬
‫ّ‬ ‫و علّة العلل تكمن في آلدّين و نمطية التعليم‬
‫الفاشل الذي يفرض وظائف محدودة على الموظف المختص كالمعماري و الطبي و الزراعي و التكنولوجي و غيرهم لأللتزام‬
‫بها‪ ,‬إلى جانب المحددات الحزبية و العشائرية و األئتالفية التي تفرض قيودا ً إضافية بحسب منافع تلك الجهات الحاكمة‬
‫ألسباب داخلية و خارجية أفقدتهم إرادتهم‪.‬‬

‫لذا علينا التفكير في كيفية إيجاد القدرة على إمكانية بعث األفكار و ال َملَكَات و الطاقات المكبوتة و في ُمقدمتها تنشيط َملَكَة‬
‫ألخيال خصوصا ً عند المسؤوليين و المدراء و حتى الموظف و الحارس الحكومي و على كل المستويات سواءاً كان رئيسا ً أو‬
‫وزيرا ً أو مديرا ً أو موظفا ً عاديا ً لتحقيق المجتمع المتآخي و المحب و المتفاني الخالي من االمراض و الطبقات و الفوارق‬
‫الحقوقية‪ ,‬و ذلك بإقامة دورات علميّة في فنّ األدارة و الستثمار و تحسين و توسعة األنتاج‪ ,‬هذا إلى جانب إجراء‬
‫الفحوصات الدورية لمعرفة سالمة المسؤوليين و الرؤوساء من الناحية النفسية‪ ,‬و أول المتطلبات لتحكيم هذا‬
‫وجب توفر (الكفاءة و األمانة) في المسؤول ألنجاز‬ ‫النمط األداري؛ هو إعمال (النظام الداري السالمي) المتطور الذي يُ ِ‬
‫أهدافه‪ ,‬بعد تهيئة األمكانات و المستلزمات المطلوبة‪ ,‬و تحويل الخيال إلى نظريّة و النظريّة إلى واقع‪ ,‬بمعنى يجب البحث عن‬
‫مناهج و آليات كيفيّة تدفق أألفكار ث ّم األستفادة منها‪ ,‬و يجب أألستفادة من النظريات العلميّة التي توصلت لها دول الغرب بهذا‬
‫الشأن‪ ,‬فآلشرع يوافق العقل ‪ ..‬بل و يحث على التفكر و األبداع و األنتاج و يعتبره واجبا ً يت ّم على أساسه تقيم األنسان في‬
‫الدارين‪.‬‬

‫لماذا يزداد ألفساد مع تقدّم ّ‬


‫ألزمن!؟‬
‫منذ بياننا العام الماضي مع بداية السنة الميالدية ‪2021‬م و لآلن ما زال آل َعالم محكوما ً بالفوضى و الحروب و النزاعات‬
‫المختلفة ‪ ..‬بل و إزدادت أخيرا ً و تتعقّد أكثر فأكثر يوما ً بعد آخر‪ ,‬إلى جانب شحة الغذاء و الماء و األمان و الخدمات و الغالء‬
‫المخربة(الفيس بوك و تويتر و كَوكَل و‬
‫ّ‬ ‫و إنتشار األمراض و الفايروسات‪ ,‬و إزدياد فعاليّة الشركات األعالمية العمالقة‬
‫أمازون و مايكروسافت) حتى إست ُحكم وضعها بشكل ال يمكن األستغناء عنها رغم فسادها العلني و بآلعمق في مجال تخريب‬
‫أخالق الناس و آدابهم‪ ,‬بعكس مدّعاها الحفاظ على األداب و القيم المجتمعيّة ‪ ..‬يعني إتّخذت عنوانا ً معاكسا ً للحقيقة تماما ً !‬

‫لذلك نراهم يحظرون كل مخلص ساع لبيان الحقيقة و نشر الفضيلة بعد الشارة إلى منابع الفساد و خطط الهيئات و‬
‫المنظمات األقتصادية‪ ,‬فمثالً يُر ّحبون و يدعمون كل من ينشر الصور الفكهة التافهة و الفاضحة أو أخبار ال َمثليين الجنسيين‬
‫أو أخبار ال ّدعارة و الفساد و ملكات الجمال؛ بينما يحرمون الفيلسوف الساعي لنشر القيم و المبادئ و حفظ الكرامة المهدورة‬
‫بسبب (المنظمة األقتصادية العالمية) التي ترعى مباشرة تلك الشركات األعالمية الفاسدة‪ ,‬إلى جانب إستمرار التجارب التي‬
‫يجرونها على المفاعالت و آلصواريخ و صناعة األسلحة و حفر األرض ألجل المعادن النفيسة و الكتشافات المختلفة بال‬
‫رحمة و التي س ّببت و تس ّبب آلتلوث و نشر األمراض و بكثرة و فقدان النقاوة في الهواء و تغيير الماء و التربة و بآلتالي‬
‫الثمار بحثا عن الذهب و المعادن النادرة نتيجة أجراء التجارب المختلفة‪ ,‬كل هذا آلدّمار و الدمج المبرمج بسبب (الهوية) و‬
‫موهت العدالة و القيم و المساواة و ع ّمقت الطبقيّة التي ولّدت األرهاب والفوضى في‬
‫حب آلتسلط و الشهوات آلتي ّ‬ ‫ّ‬
‫المجتمعات!‬

‫هذا الوضع يُحتّم على الفالسفة كونهم ينوبون عن األنبياء ؛ تدارس أألمور لطرح األسئلة‪ ,‬لكن ّ‬
‫أي سؤآل لعالج ألمشاكل!؟‬

‫ألنقدي وعماده(ثقافة وطبيعة أألسئلة)التي تع ْد أخطر معانيه!؟‬


‫ّ‬ ‫خصوصا ً لو عرفنا بأنّ المفهوم ال ّجوهري للفلسفة هو التفكير‬

‫هناك أمورا ً شاعت‪ ,‬قد تبدو و كأنّها مدنيّة – تقدّميّة كآلتمييع و الخالعة و الدعارة ‪ ..‬أو هكذا بدت و كأنها عاديّة نتيجة تطور‬
‫التكنولوجيا و "ألفكر" و تدخل ضمن الحريات الشخصية؛ بينما الحقيقة هي بؤر تخريبية تنخر أساس المجتمعات والشعوب‪,‬‬
‫كدعم و تنشيط المثل ّية الجنس ّية التي تمنع الزواج بين النساء والرجال لنجاب األطفال لستمرار النوع البشري على األرض!‬

‫كذلك شراء األراضي و العقارات و حتى مدنا ً بل دوالً بأكملها من قبل الطبقة الرأسماليّة ال ُمتمثلة بآلمنظمة األقتصاديّة‬
‫العالميّة‪ ,‬و يتم ذلك عبر خطط خبيثة و خطيرة للغاية كتلك التي فعلوها مع دول أمريكا الجنوبية‪ ,‬من قبل المنظمة التي تترأس‬
‫سياسي‬
‫ّ‬ ‫البنوك و منابع القدرة في بلدان العالم عن طريق ‪ 20‬دولة تتقاسم فيما بينها المهام و األدوار بشكل دقيق و لها نظام‬
‫و إداري حديدي للسيطرة على منابع و قدرات العالم الصناعية و الزراعية و المائية و األرضية إضافة إلى النشاطات‬
‫الفضائية و البرامج المختلفة المتعلقة بآلكواكب األخرى! و لو بقيت أألمور هكذا تتحكّم فيها عقول طاغية ال يهمها سوى‬
‫المادة و السيطرة و العلو و التكبر إلى جانب محو القيم األخالقية و الفكرية ؛ فأنّ مصير األرض هو الفناء ال محال‪ ,‬لهذا‬
‫أن يحكم العالم و بلدانها (فيلسوف عاشق) ‪ ..‬فال العقل وحده الذي يتعامل مع العلم و التجربة؛‬ ‫طالما بيَّنا و أ ّكدنا على وجوب ْ‬
‫و ال العشق الذي يتعامل مع آلروح و االخالق لوحده يمكنها أن تحقق هذا الهدف الكن ّي ‪ ..‬بل ال بد من جميع و وجود األثنان‬
‫أي حاكم حزب ّي أو فئوي أو مذهبي أو قومي‬ ‫في شخصيّة القائد كي ينجح لتحقيق الحق و السعادة ‪ ..‬و عدم فسح المجال أمام ّ‬
‫أو وطني أو عنصري لنيل هذا المقام لكونه ينفّذ بغباء مطلق مخططات المستكبرين مقابل أرباح آنية و سريعة و محدودة‬
‫لمقربيه و مرتزقته على حساب مصالح الشعوب المستضعفة الفقيرة‪ ,‬و هذا ما هو واقع بالدنا اليوم في مائتي دولة‬ ‫ّ‬ ‫لجيبه و‬
‫بإشراف تلك (المنظمة األقتصادية العالميّة) التي تمترست و تسلّطت على الناس بنظام الدّيمقراطية التي باتت بمثابة ذَ ّر‬
‫الرماد في العيون‪ ,‬حيث ال يستطيع أحدا ً األعتراض على أنظمة الحكم التي تجلب الفقر و األمراض و الكوارث و التلوث‪ ,‬ألنّ‬ ‫ّ‬
‫جواب إعتراضاتهم يأتيك سريعا ً بكون الحكومة منتخبة من قبل الشعب و أنت كنت أحدهم في إنتخابها فتكون أنت المدان و‬
‫الحاكم دائن!؟‬

‫إنّ أه ّم خبر يُعينَنا و يُ ْعنينا و نحن على أعتاب ميالد سنة جديدة (‪2022‬م) هو تطبيق (العدالة) في األرض بعد رسمنا لخارطة‬
‫الطريق بإتجاه تحقيق الهدف من آلخلق و وجود األنسان عبر (نظرية المعرفة الكونيّة)‪ ,‬و أبرز المسائل ألفارقة التي‬
‫رصدناها ؛‬

‫مرة نظام ُمد ّمر للشعوب و مفسد ألخالقها‬ ‫هي إنّ (الصين ألعظمى) إعتبرت (ألدّيمقراطيّة) و في خطوة غير مسبوقة و ّ‬
‫ألول ّ‬
‫بخالف حتى إسمها األصلي ؛ (جمهورية الصين الشعبية الديمقراطية) سابقا ً‪ ,‬كما الكثير من ال ّدول"الديمقراطية"‪ ,‬رغم إنّ‬
‫(الدّيمقراطية) ظهرت قبل ‪ 4‬آالف عام في اليونان القديم بإعتبارها (حكم الشعب) و حتى أنذاك إعتبرها الفالسفة ألعظام‬
‫كسقراط و أرسطو و أفالطون بأنها ( ُحكم الجهالء) و ال ّجهل يتبعه الظلم ال محال ‪ ..‬ألنّهما قرينان أينما وجدت أحدهما وجدت‬
‫اآلخر‪ ,‬و الدّولة المثالية العليا (الفاضلة) يجب أن يحكمها الفيلسوف و ليس السياسيون و أحزابهم ‪ ..‬علما ً أننا عرضنا‬
‫تفاصيل و مباحث و سلبيات (ألدّيمقراطيّة) قبل نصف قرن في كتاب ؛ [مستقبلنا بين الدّين و الدّيمقراطية]‪ ,‬و إنّها لمفارقة‬
‫كبرى ‪ ..‬بل من المآسي الفكريّة ألخطيرة أن ت ُعلن حكومة عالمية كآلصّين الحضارية بمفكريها و جامعاتها و تأريخها وشعبها‬
‫الكادح الذي ناهز المليارين ونصف و قدرتها األقتصادية و بعد كل ذلك ّ‬
‫الزمن‪ ,‬يضاف له آالف السنين وما كتبناه عن مظالم‬
‫األنساني؛ ّإال أنّها تو ّ‬
‫صلت توا ً لتلك الحقيقة – فساد الدّيمقارطية – أواسط شهر ديسمبر‬ ‫ّ‬ ‫الدّيمقراطيّة كأمناء و وارثين للفكر‬
‫من عام ‪2021‬م!؟‬

‫لذلك ال تستغرب أخي األكاديمي و الكاتب و المفكر و الفيلسوف من إنتشار آلفساد في األرض على ك ّل صعيد بسبب فقدان‬
‫المادي الصارم للبشرية نحو المادة في الحياة نتيجة لنحطاط‬
‫ّ‬ ‫األحادي‬
‫ّ‬ ‫آلرحمة و جهل الناس بمعناه الحقيقي والتوجه‬‫بو ّ‬ ‫ال ُح ّ‬
‫مستوى الجامعات و الحوزات ال ّدينية و الدّساتير الدّولية و العالم ّية الوضعية لكونها ُمشتقة من العصور الوسطى و القانون‬
‫الفلسفي في‬
‫ّ‬ ‫الروماني القديم بإتجاه تحقيق مصالح الطبقة األقتصاديّة الحاكمة و البرجوازية و الرأسمالية و لم تعتمد المنطق‬ ‫ّ‬
‫تقرير بنودها و موادّها لتضع في نظرها مصلحة الشعوب و العدالة و نبذ الطبقيّة قبل كل شيئ‪ ,‬فأدّى هذا التطرف المجحف‬
‫إلى تن ّمر و تكبّر الحكومات و قادة المال والسالح والشركات والبنوك ألسر آلشعوب وهضم حقوقها و قهر آألمم بعد هيمنتهم‬
‫على مواردهم و إقتصادهم بحيث تسبب في تدمير أخالقهم و سننهم و كرامتهم مستغلين الوضع المتدني من الوعي و الثقافة‬
‫‪ ..‬و إستغالل تطور العلم و التكنولوجيا بإتجاه منافهم ألنّ القضية تتعلق بآلفكر و آلثقافة المرتبطة بوعي الوجدان والقلوب ال‬
‫العلم الفيزيائي الذي هو اآلخر تطرف بإتجاه خدمة العنف و الحرب و الخصام‪ ,‬لتحقيق مرادهم خصوصا ً حين أشاعوا بأن‬
‫القيم واألخالق والنزاهة واألمانة؛ أسلحة آلضعفاء و الفاشلين و العطالين ‪ ..‬بينما الحقيقة هي العكس ‪ ..‬النها تعتبر سالح‬
‫القوي األمين النزيه؛ سالح األنبياء واألولياء؛ سالح الصابرين والعظماء‪ ,‬سالح الفالسفة الذين هم أعقل و أتقى و أرحم‬
‫ساعيّن ألسرهم و‬ ‫الناس‪ .‬بكلمة واحدة؛ أألخالق سالح الذين يُريدون الحريّة و العدالة و ضمان حقوق أألنسان من هيمنة ال ّ‬
‫إذاللهم‪.‬‬

‫مرت علينا قبل إسبوعين؛ هي مناسبة أليوم العالم ّي لحقوق األنسان في العاشر‬ ‫إضافة لذلك‪ ,‬المسألة الخطيرة األخرى التي ّ‬
‫من كانون األول عام ‪1948‬م‪ ،‬و يعتبر بكل المقاييس الحقوقية أه ّم وثيقة من الوثائق الدّولية في مجال حقوق النسان ‪ ..‬و‬
‫الحال أنّ هذا األنسان كما أشرنا‪ ,‬خصوصا ً النزيه األمين منهم بال حقوق و بال قيمة أو إحترام‪ ,‬و بال مستقبل و قد يعاني‬
‫الجوع و الغربة و المرض و التشريد و الهجرة‪ ,‬هذا رغم مرور ‪ 70‬عاما ً على وثيقة أعالن (الجمعية العامة لألمم المتحدة)‬
‫الثاني‬
‫ّ‬ ‫كرمه هللا تعالى و خلق الوجود ألجله‪ ,‬تَبِعَهُ مع بدء األلفية الثالثة إلى جانب ذلك إعالنها‬
‫في مجال حقوق االنسان الذي ّ‬
‫علي ع)‬
‫ّ‬ ‫(األمام‬ ‫سياسية‬ ‫و‬ ‫لنهج‬ ‫العالم‬ ‫حكومات‬ ‫إتباع‬ ‫وجوب‬ ‫‪-‬‬ ‫األمم‬ ‫هيئة‬ ‫أي‬
‫ّ‬ ‫–‬ ‫فيه‬ ‫أوجبت‬ ‫الذي‬ ‫و آأله ّم بموازاة تلك الوثيقة‬
‫في الحكم ‪ ..‬ذلك النهج الكون ّي ألذي ساوى فيه األمام(ع) الحقوق و األمكانات و الفرص بين آلجميع و محى الطبقيّة التي‬
‫كانت منتشرة يومها ‪ ..‬وساوى بين حقوق الرئيس األعلى للدّولة و بين أبسط عامل و حتى أفقر الناس في المجتمع حاالً‪,‬‬
‫بعيدا ً عن الرواتب الطبقية واألمتيازات والنثريات والحقوق والمكاتب والمصفحات والحمايات والواسطات والفساد التي‬
‫يشمئز منها حتى الذي ال ضمير له!‬

‫لقد أصبح األنسان بعد تسلط األحزاب المنفذة لخطط المستكبرين في اليوم العالمي لحقوق األنسان بال حقوق ‪..‬‬

‫و لألسف نقولها بألم و حرقة في القلب؛ أنّ (المنظمة الدوليّة) لم تتمكن و لم تَفعل ما كان مفروضا ً عليها من الواجبات للقيام‬
‫بدورها النساني الستعادة األمن والسلم المجتمع ّي و الحفاظ على حقوق النسان و دعمها وتنميتها؛ بقدر ما احتسب عليها‬
‫من إخفاق وتراجع؛ إن لم نقل بأنّ حقوق النسان في عديد من مناطق العالم تدهورت لدرجة أنّها تركت جروحا ً و مأساة ال‬
‫يمكن للبشرية نسيانها؛ حيث ارت ُكبت العديد من جرائم البادة الجماعية هنا وهناك‪ ..‬في وقت تجاهلت (األمم المتحدة) و‬
‫فشلت في التدخل لنجدة نداءات أؤلئك الفراد والجماعات واألقوام الذين تعرضوا للقتل و أألبادة الجّماعيّة‪ ،‬وقد دفع الكثير من‬
‫تعرضوا النتهاكات ممنهجة و خطيرة لحقوق النسان؛ وعلى كل مستويات الحياة‬ ‫هذه األقليات و الشعوب؛ ثمنا ً باهظا بعد ما ّ‬
‫في التعليم‪ ..‬والصحة‪ ..‬والغذاء‪ ..‬وحرية االعتقاد‪ ..‬والعبادة‪ ..‬والتنقل‪ ،‬بل إننا نجد بان (األمم المتحدة) هي ذاتها تصدر‬
‫قرارات جائرة بفرض عقوبات اقتصادية على بعض من شعوب العالم؛ كما فعلت عام ‪ 1990‬بحق الشعب (العراقي) ليموت‬
‫أي اعتبار عن اآلثار‬
‫أكثر من مليوني طفل بسبب نقص الدواء والغذاء نتيجة التطبيق الصارم لقرارات مجلس األمن دون ّ‬
‫النسانية المروعة التي خلفها هذا القرار‪ ،‬وان (األمم المتحدة) أيضا لم تفعل شيئا تجاه الغزو (األمريكي) و حلفاؤها ضد‬
‫(العراق)؛ و الذي جاء كأكبر انتهاك للقانون الدولي و لميثاق (األمم المتحدة) و التفاقيات (جنيف) و(الهاي)‪.‬‬

‫ق الشعب (الفلسطيني) ليالقوا الذّل و المعاناة و الجوع و المرض و التشرد‬ ‫ومثل هكذا قرارات إتّخذت وتُتّخذ إلى يومنا هذا بح ّ‬
‫أقرتهُ في (إعالن‬
‫و التهجير ألقسري و النزوح في المخيمات دون أن ت ُراعي (األمم المتحدة و الهيئات الدولية و آألنسانية) ما ّ‬
‫حقوق النسان العالمي)‪ ،‬و كذلك فشلت في منع حدوث األزمة النسانية في (سوريا) و(اليمن) و دول عربية أخرى‪ ،‬لنجد‬
‫عبر كل هذه الماسي التي تحدث بشأن حقوق النسان؛ تقف (األمم المتحدة) و آلمنظمات ألحقوقية عاجزة من إنقاذ وفعل‬
‫واجبها النساني في حماية حقوق النسان ناهيك عن غيره من المخلوقات من االضطهاد والتعسف و آألنقراظ في مناطق‬
‫النزاعات الكبرى‪ ،‬لذا فانّ الكثير من النازحين والالجئين والمهجرين في (العراق) و(فلسطين) و(سوريا) و(اليمن) و غيرها؛‬
‫وجدوا أنفسهم بال مأوى؛ بعد إن تركوا ديارهم قسرا وبال جهة تتولى حمايتهم‪ ،‬لنلتمس حجم تراجع الملحوظ والتجاهل في‬
‫حماية ومناصرة حاالت حقوق النسان في العالم؛ ناهيك عن تجاهل األمم المتحدة و منظمات حقوق النسان عن حاالت‬
‫قانوني‪ ,‬والمحاكمات الجائرة التي‬
‫ّ‬ ‫التعذيب و االعتقال التعسفي و االختفاء ألقسري و االستجواب تحت التعذيب بشكل غير‬
‫تحدث في العديد من دول العالم ‪ ..‬و من حقنا هنا نحن الفالسفة و العرفاء كأمناء على الفكر و الكرامة النسانية أن نسأل‪:‬‬

‫أ َ لَيس من واجب (األمم المتحدة) و (منظمات حقوق األنسان) وقف مثل تلك االنتهاكات والجراءات الصارمة بح ّ‬
‫ق األبرياء؟‬

‫وطوال العقود الماضية و تبعا ً لما ورد في الئحة حقوق النسان و بما ت ّم عقد إتفاقيات و معاهدات دولية لتعزيز الحقوق‬
‫الطبيعية ‪ -‬األساسية؛ ّإال أننا إلتمسنا في إنحاء العالم؛ الكثير من الحكومات تتراجع عن هذه الحقوق تحت ذرائع و حجج و‬
‫أول لها و ال أخر‪ ,‬فحين أعترضت كندا عن أساليب التعامل مع حقوق األنسان في السعودية‪ ,‬قطعت األخيرة جميع‬ ‫تبريرات ال ّ‬
‫المساعدات المالية و حتى رواتب الكثير من الطلبة و األساتذة في جامعات شمال أمريكا ر ّداً على ذلك‪ ,‬فأجبرت الجهة‬
‫المعترضة على التراجع و سحب إعتراضها‪ ,‬و هذا هو قمة التعامل في العالم مع حقوق األنسان!‬

‫خالصة القول ‪ :‬ألسبب و العلّة المركزيّة لكل تلك آلمظالم و المآسي في األرض هو؛ طبيعة السياسة و المذهب السياسي الذي‬
‫تتدين بها الحكومات بحسب توجهات أسيادهم سواءا ً ما يتعلق بآلقوانين الحقوقيّة أو ال ّ‬
‫سياسيّة أو األداريّة أو الخارجيّة أو‬
‫سياسة في الفلسفة و دور السياسيين و األحزاب بجميع مس ّمياتها في تدمير البشر ّية!؟‬ ‫الداخل ّية‪ ,‬و سنعرض لكم حقيقة أل ّ‬
‫سياسة في آلفلسفة ‪:‬‬
‫أل ّ‬
‫سياسة في آلفلسفة ‪:‬‬
‫أل ّ‬
‫معنى آلفلسفة ‪:‬‬
‫[ألمفهوم أل ّجوهري للفلسفة ؛ هو آلتفكير ألنّقدي لتحديد مناهج ألعلوم و القيم وعماده (ثقافة األسئلة) ألتي تع ّد أخطر معانيه]‪.‬‬

‫سياسة في آلفلسفة ‪:‬‬


‫أما آل ّ‬
‫[فهي تحديد المناهج و األطروحات المختصة لدارة األقتصاد على ضوء (القواعد الفلسفيّة الكونيّة) لبيان و رسم البرامج‬
‫المفصلة التي تبغي سعادة المجتمع و رفاهيته و تحقيق العدالة فيه من الناحية المعنوية و المادية]‪.‬‬

‫سياسة‪,‬‬
‫من أعظم المحن التي تواجهها البشرية اليوم بسبب السياسيين و األحزاب الحاكمة التي فصلت القيم (الفلسف ّية) عن ال ّ‬
‫و السياسية عن القتصادية وجعلت األوليّة لتحقيق آلمصالح الشخصيّة و الحزبيّة و الفئويّة و المذهبيّة دون حقوق الشعوب‪,‬‬
‫و بآلتالي حددت قوانين الدستور على أساس ذلك في مجال العالقات و الحقوق و القيم و األخالق مع باقي حكومات الشعوب‪.‬‬

‫سياسة)‬‫سياسة و األخالق) منذ آالف السنين في عهد اليونان القديم و كتاب (أل ّ‬ ‫وقد بحث الفالسفة األمر والعالقة بين (ال ّ‬
‫ألرسطو أشهر كتاب في هذا المضمار و كذلك كتاب (جمهورية أفالطون) الذي بين فيها مالمح و أسس و مقومات (الدولة‬
‫الفاضلة) المثالية و بعدها (القرآن آلكريم) الذي أمر بآلعدل‪ ,‬و وثيقة المام عل ّي(ع) لمالك األشتر بشأن السياسة و الحكم و‬
‫سياسة و االخالق ؛ َم ْن يَحك ُم َم ْن]!؟‬‫غيرها ‪ ..‬حتى ختمناها بكتاب ‪[ :‬أل ّ‬

‫سياسة بمفهومها المبدئي لخير و رفاهية المجتمعات‪ ،‬و ذلك بالعمل على إرساء السالم و المساواة و العدالة بين‬ ‫لقد ُوجدت أل ّ‬
‫البشر و ح ّل النزاعات و المشاكل االجتماعيّة بالطرق السلميّة‪ ,‬فالعمل السياسي يتمحور بخاصة حول تطبيق تلك المبادئ‬
‫عمليا ً بغية التوجّه بالبشرية نحو مستقبل أفضل و آمن ينبذ التسلّط الفردي و آلفوارق الطبقيّة واألنانيّة الحزبية الضيّقة‪ ,‬التي‬
‫تؤدي عادة ما لنهب الشعب و سرقة قوته من قبل األحزاب المرتزقة التي ال تطبق الدستور على عالته‪.‬‬

‫و حقا ً ما قيل ‪[ :‬بأن كل َم ْن يستغنى من وراء السياسة فهو فاسد]‪ ,‬ألنّ ال ّ‬


‫سياسة يجب أن يتحكم بها و يطبقها الفالسفة و أهل‬
‫الفكر الجل رفاه و سعادة المجتمع الذي لو وجد فيه شق ّي واحد لبات الشعب كله يشقى بدرجات متفاوتة]‪.‬‬

‫و لو ت ُركت أألمور بأيدي الحكام و الحزبيين و أصحاب الجاه و الثراء؛ فأن مصير العالم ال يمكن أن يكون أفضل مما وصل‬
‫إليه ‪ ..‬بل سيتّجه نحو األسوء ال محال‪.‬‬

‫في الواقع ‪ ..‬المبادئ السياس ّية الكون ّية ال ت ُط ّبق بالطرق القويمة في معظم البلدان عموما ً لهذا تتشكل منظومات الفساد‬
‫الحديدية‪ ،‬إالّ من قبل بعض األفراد و المجموعات التي ال يُعتّد بها بسبب قلّة أعدادها في هذا العصر كما في السابق‪ ،‬ما‬
‫سياسة الحقّة بالممارسة الفعليّة ضمن دستور و ضوابط قانونية واضحة‪ ،‬خصوصا ً لدى المسؤولين في‬ ‫يستوجب إحياء أل ّ‬
‫السلطة و خارجها على ح ّد سواء‪ ،‬لتفادي الطبقيّة و آلحروب و المآسي و المظالم التي يُسبّبها تحكّم القوي بالضعيف‪ ,‬و يجب‬
‫بشري‬
‫ّ‬ ‫سياسي الكون ّي على المنطق و العقالنيّة و العدالة في الحقوق التي تحفظ كرامة النسان كمخلوق‬ ‫أن يتغلّب الطابع أل ّ‬
‫على األقل له حقوق وعليه واجبات‪.‬‬
‫من هذا المنطلق يجب البحث عن ح ّل جذري يساهم بتنقية العمل السياسيّّ من هيمنة القوى العالميّة و األحزاب و كما هو الواقع‬
‫اليوم‪ ,‬و كذلك من غالبيّّ ة عيوبه لدى العاملين في الشؤون العامة داخل السلطة و خارجها و في مختلف البلدان‪ ,‬و يقتضي‬
‫ذلك معالجة ثالثة محاور رئيسية ‪:‬‬

‫أألوّّ ل ‪ :‬تحديد مفاهيم السياسة؛ مناهج العمل السياسي؛ طبيعة السلطة؛ الجّماعات المسلحة؛ الجماعات الضاغطة؛ ألنحراف‬
‫السياسي‪.‬‬

‫ألثّّ انيّّ ‪ :‬معالجة واقع العمل السياسي و مشاكل تطبيق المبادىء السياسيّّ ة التي يجب أن تهدف للعدالة و المساواة بين‬
‫البشر في العالم طبقا للفلسفة الكونية العزيزية‪ ،‬مع ما يعقب ذلك من أخطار ومشاكل تعيق تقدّم البشرية إن لم تتسبّب بانهيارها‪.‬‬

‫سبل المتو ّفرة و بشكل ُمرض و‬ ‫لمعوقات قدر المكان بال ّ‬


‫ألثّّ الث ‪ :‬يجب وضع آلية محدّدة و شروط قابلة للتطبيق لبعاد أ ّ‬
‫المرجوة‪ ,‬و ذلك من خالل تحديد مفاهيم عناصر البحث األساسية و فلسفة األحكام مع مراعاة األولويات‪,‬‬
‫ّ‬ ‫مقبول يعطي ثماره‬
‫المقومات و فلسفتها التي تندرج ضمن نطاق‬‫ّ‬ ‫لكونه ضروري قبل الشروع في معالجة الشكالية المطروحة‪ ,‬لذا ينبغي تعريف‬
‫العمل السياسي و القانوني الذي أشرنا له آنفاً‪.‬‬
‫سياسة أساسا ً ؟‬
‫ما العمل آلسياسي ‪ ..‬ما آل ّ‬
‫سياسة أساسا ً ؟‬
‫ما العمل آلسياسي ‪ ..‬ما آل ّ‬
‫اس القوم أي د ّبر شؤونهم أو اعتنى بهم وبأوضاعهم من‬ ‫س َ‬
‫ق من كلمة ساس و يُقال َ‬‫إنّ المعنى األساسي لكلمة سياسة مشت ّ‬
‫النواحي الجتماعية أو القتصادية وغيرها‪ ،‬مع العمل المتواصل على ح ّل النزاعات بينهم بالطرق السلمية‪ ،‬والتخطيط الدائم‬
‫والتطور الحاصل من النواحي العلمية والفكرية والتقنية وغيرها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫لمستقبل أفضل يأخذ بالعتبار المستجدّات الراهنة‬

‫يعرفها القاموس المحيط هي‪ ،‬کعلم الدولة و لغة القيام بشؤون الرعية‪ ,‬و يعتبر أرسطو مؤسس هذا العلم كما‬ ‫والسياسة كما ّ‬
‫ورد في كتابه [السياسة] ألرسطو الذي بحث فيه نظام المجتمع النساني مبتدئا ً باألسرة‪ ،‬وهي الخلية الجتماعية األولى‪ ،‬ثم‬
‫المدينة‪ ،‬فال ّدولة الفاضلة‪ ،‬من حيث عالقتها باألفراد و بالدول األخرى‪ ،‬و هذا ما يُعرف بالسياسة المدن ّية و السياسة الدّول ّية‪.‬‬

‫حيث ترجمه (جول بارتلمي سانتهيلير) عن الغريقية‪ ،‬ثم ت ُرجم للعربية و يُع ّد الكتاب من أه ّم اآلثار الغريقيّة التي ترجمت و‬
‫سياسة األساسيّة‪ ،‬و أه ّمها؛‬
‫شرحت في لغات عدّة‪ ،‬يجيب (أرسطو) من خالله في سبعة فصول عن أسئلة ال ّ‬

‫وسيلة الحكومة في الوصول إلى الفضيلة و السعادة‪ ،‬و سؤال ‪[ ..‬لمن يجب أن يكون السلطان؟]‪ ,‬إضافة إلى سؤال هام آخر ‪:‬‬
‫سلطة السياسية؟]‪ ,‬مؤكّدا ً على دور الفن و اآلداب والموسيقى و ّ‬
‫الرسم و األيمان بآلغيب في‬ ‫[ما هو الشكل األمثل لتنظيم ال ّ‬
‫ً‬ ‫أنّ‬
‫تقويم حركة المجتمع و سالمته و أمنه‪ ,‬و كذلك فعل أفالطون عندما اعتبر العلم ليس حكرا على اآللهة أو الطبقة التي‬
‫تمتاز بمستوى عال من الفكر أو الجاه يعادلها في األسالم بآلمناسبة (األنبياء وأوصيائهم و أولياء أوصيائهم) ‪ ..‬بل الجميع‬
‫متساوون في الحقوق و المتيازات وال فضل الحد على آخر – لرئيس أو مسؤول على آخر‪.‬‬

‫و كذلك ‪ ..‬الحقائق الفيزيائية من جانبها علم قائم بذاته‪ ,‬و يُمكن القول أنّ أرسطو و أفالطون شهدا على إدخال مفهوم جديد‬
‫سياسة) قوامهُ مقدرة الناس على حكم أنفسهم إذا ما طبّقوا المبادىء العقالنيّة‪ ،‬بظل الفالسفة و إرشاداتهم كشرط‬ ‫في (ال ّ‬
‫سياسة قائما ً على العقالنيّة و العلم إلى جانب األخالق الذي يساعد على تحسين الممارسة السياسيّة‪،‬‬ ‫رئيسي‪ ,‬فأصبح علم ال ّ‬
‫سياسية الكونيّة‪.‬‬
‫مع األخذ بتوجّهات الناس و أولوياتهم بحيث ال تخالف ال ُمثل و القيم العُليا الجتماعيّة و ال ّ‬

‫أ ّما العرب فقد استخدموا لفظة (السياسة) بمعنى الرشاد والهداية‪ ،‬و وضعوا في علم السياسة كتبا ً لع ّل أقدمها رسالة األمام‬
‫عل ّي(ع) لمالك األشتر مع تطبيق نظام الفصل في السلطات الثالثة‪ ,‬و بعدها (كتاب"تهذيب الرياسة و تهذيب السياسة) ألبي‬
‫عبد هللا بن علي القلعي‪.‬‬

‫إنّ دراسة السياسة تشمل بنظرنا نظام الدولة وقانونها األساس ّي ونظام الحكم التنفيذي فيها ونظامها التشريعي ث ّم القضائي و‬
‫الذي يجب أن تتحد قوانينها على القيم العليا و فلسفة األحكام و إتجاهاتها و غاياتها بحيث تحقق في نهاية المطاف العدالة‬
‫سياسيّة في العالم و المبادئ التي إست ّمدت وجودها منها‬
‫بين جميع أبناء المجتمع‪ ،‬كما تتض ّمن السياسة دراسة ألنظم أل ّ‬
‫ليتسنى لنا التعامل مع تلك األنظمة بآألفضل‪ ,‬و قد تأثّرت هذه الدراسات بنظريات الكثيرين من الفالسفة و رجال الفكر‬
‫الذي نادى بنظرية العقد االجتماعي ( ‪ )Rousseau‬و روسو (‪ )Look‬و لوك (‪Hobbs‬والقتصاد و أشهرهم هوبز‬
‫الذي ابتكر نظريّة فصل السلطات‪ ,‬وباتت لفظة السياسة تستخدم بمعنى "فنّ الحكم والقواعد ‪Montesquieu‬ومونتسكيو (‬
‫ظمة للعالقات بين الدول ومع المنظمات الدولية"‪ ،‬م ّما يدخل في نطاق القانون الدولي والديبلوماسي‪ ،‬كما تشمل هذه‬ ‫المن ّ‬
‫الدراسة النظام الداخلي في الدولة‪ ،‬واألساليب التي تستخدمها التنظيمات الداخلية كاألحزاب السياسية في إدارة شؤون البالد‬
‫للوصول إلى مقاعد الحكم‪.‬‬

‫و السياسة من الناحية المبدئيّة هي علم و فن إدارة شؤون الناس لتنظيم حياتهم األقتصادية‪ ,‬بحسب تعريف آخر مفاده‪:‬‬
‫[ألسياسة فنّ إدارة االقتصاد]‪ ،‬و هي بالتالي تشبه ال ِ ّدين في بعض تطلّعاتها‪ ،‬و الجريمة في بعض ممارساتها‪ ،‬و يمكن لها أن‬
‫تظهر األفضل كما تظهر األسوأ عند الشعوب خصوصا ً إذا كانت الطبقة الحاكمة ال تدرك أبعاد الفكر و الفلسفة و القيم ‪..‬‬
‫فتصبح حتى أغنى الدول أفقرها و أسوئها و كما هو الحال في العراق الغني بآلنفط و المعادن و غيرها‪ ,‬نتيجة تالعب القوى‬
‫المستكبرة بمصير هذا الشعب الذي تركه حكامه يتلوى من الجوع و المرض و الفقر و سياسات الماضي و الحاضر و أخطار‬
‫المستقبل بشأن الوضع األقتصادي الذي سوف يتغيير حتما ً‪.‬‬

‫فقد تصبح الحاجة العالمية للنفط (ثلث) ما ينتجه دول األوبك‪ ,‬و في مثل هذه الحالة ستضطر الدولة تخفيض قيمة عملتها‬
‫المحلية الى مستويات ال يمكن التنبؤ بها مع الزيادة المضطردة للسكان و لأليادي العاملة في البالد خالل هذا العقد!؟‬
‫امام هذا الواقع االقتصادي العالم ّي هل هناك إمكانية لتالفي ذلك المستقبل الخطير و المجهول؟‬

‫و هل هناك إمكانية لوضع سياسات جديدة مبنيّة على تخطيط صحيح لنقاذ البلد وتطويره؟‬
‫الجواب ‪ :‬نعم و بكل تأكيد‪ ،‬ولكن ما هي الخطوات المطلوبة؟ و من يقوم ينظمها و ينفذها؟‬

‫و قبل آلشارة لهذا الموضوع؛ يجب التأكيد على حقيقة هامة و هي ان هذا االمر من مسؤوليّة الحكومة و الجهة الوزارية‬
‫المختصة بذلك وال مسؤولية على أي مواطن ال يمتلك سلطة تنفيذية‪ ,‬بل هي من مسؤولية رئيس الوزراء و المجلس النيابي‬
‫و رئاسة الجمهورية و كل المسؤولين من وزراء و نواب و مستشارين سابقين و حاليين؟‬

‫و المؤسف أننا نرى فشل جميع الحكومات التي توالت على العراق بعد ‪2003‬م في هذا المضمار و المنبع الرئيسي ألقتصاد‬
‫العراق و لآلن و بعد ‪18‬سنة و نحن على أعتاب سنة ميالدية جديدة‪ ,‬و ال ندري ماذا فعلوا و ماذا قدّموا؟ و لماذا هدروا أكثر‬
‫من ترليون و نصف ترليون دوالر أمريكي من دون تغيير الحال و الواقع!؟‬

‫العلة في الطبقة السياسية التي تقاسمت حقوق الناس و إنشغلت بأموالها و قصورها و إستثماراتها ناهيك عن تسريبها‬
‫ألموال العراق لدول أخرى بال رحمة و ال ضمير و ال خوف من هللا ‪ ..‬لهذا فإن العراق على شفا حفرة من النار و سينهار البلد‬
‫و سيُعاني ‪ 45‬مليون عراقي من الجوع و المرض و الحرمان و الفساد‪.‬‬

‫و سواء كانت السياسة فنّا ً أم ِدينا ً أم جريمة أم غير ذلك ؛ فمن الواضح أنّها جزء ال يتجّزأ من واقع الحياة ‪ ،‬و أنها من‬
‫بديهيّات األمور في المجتمعات ‪ ..‬سيّئة كانت أم جيّدة أم ال مبالية‪ ,‬و هذا الوضع يحتم على العالم و الشعوب و الدول أن‬
‫تحكمها طبقة الفالسفة و العلماء ال األحزاب و التكتالت و التيارات التي تريد عادة تقاسم السلطة ألجل الغنائم و نهب حقوق‬
‫الشعوب‪.‬‬

‫و ليس هناك من مستقبل للدول من دون حياة سياسية بحسب الفلسفة الكونية‪ ،‬فهي تقدّم آليّة لح ّل النزاعات البشريّة بالطرق‬
‫ق حقّه دون الستعانة بمنطق ّ‬
‫القوة لذا‬ ‫السلمية و بالتفاوض و الحوار‪ ،‬وهي سبيل لإلرتقاء إلى األفضل بإعطاء ك ّل ذي ح ّ‬
‫کالعالقات بين السلطات التي تعمل على ضبط المجتمع و صيانة أل ّدولة بشكل دائم‪Boudan .‬إعتبرها ألمفكّر بودان‬

‫أول حادثة مؤلمة هي قتل‬‫نعم ‪ ..‬إن حالة حقوق النسان كانت و ما زالت في وضع مأساوي منذ هبوط آدم على األرض و ّ‬
‫قابيل لهابيل ألجل المقام و الشهوة و المال‪ ,‬و ما زال العالم خصوصا األقليات و الشعوب المستضعفة في خطر نتيجة تعامل‬
‫الحكومات و هيئة (األمم المتحدة) بازدواجية المعايير في معالجة المشاكل؛ و دوما ً تبحث عن حلول قصيرة المدى؛ و ال تعالج‬
‫جذور المشكلة خاصة مع بلدان العالم الثالث؛ و تتجاهل التعاون مع المنظمات القليمية لحقوق النسان ؛ فهي ال توجه‬
‫جهودها للنهوض بحقوق النسان بقدر ما تستغل هذه المشاكل للتدخل ألسياسي لضمان حقوق القوى الكبرى‪ ،‬ألننا نجد‬
‫الكثير من الدول المتقدمة و خاصة (الرأسماليّة) التي تتحدّث عن ال ِ ّديمقراطية و حقوق النسان وسيادة القانون؛ ولكن نجدها‬
‫في آلوقت ذاته ترتكب أبشع الفظائع وانتهاكات لحقوق النسان وعلى نطاق واسع وعلى مستوى التدخالت العسكرية و‬
‫االحتالل و حتى قتل و تدمير شعوب بأكملها!‬

‫ق و الى غير ذلك من قضايا التمييز‬


‫و محاولة إسقاط أي نظام إنساني بقوة السالح و األعالم و الغزو و بدون وجه ح ّ‬
‫العنصري‪ ,‬و من هذه الحقائق التي نلتمسها على ارض الواقع؛ ال ب ّد إن أرادت (أألمم آلمتحدة) ألنهوض بمهامها الدولية‬
‫للدفاع عن حقوق النسان؛ عليها إن تضع آلية (قوانين تقييم شفافة) لقراراتها و متابعة تنفيذها بفعالة جادّة و بالمساواة مع‬
‫جميع دول و شعوب العالم دون إستثناء لمنع أالنتهاكات و الظلم‪ ,‬و العمل على مكافحة الفالت من العقاب بكل ما أتى لها من‬
‫قوة‪ ،‬بعد إن يت ّم التنسيق و على مستوى عال من المسؤولية لتحسين العمل و التنسيق بين الهيئات و المنظمات الغير‬
‫الحكومية و أجهزة الدول ألداء دورها بشفافية و بروح من التضامن و العمل المشترك لتعزيز حقوق النسان و تحقيق‬
‫العدالة لجميع الضحايا الذين تعرضوا النتهاكات و هدر حقوق و كرامة‪ ،‬ألنّ عالمنا اليوم في ظِ َّل صعود نظم دكتاتورية فردية‬
‫و جماعية و حزبيّة مسيسة و راديكالية إلى سدة الحكم و التي تقمع الحقوق و الحريات و ت ُكمم أفواه الصحافة و العالم الحر‬
‫بدعم من التضامن األعالمي العالمي المكون من المؤسسات الخمسة الحاكمة في عالم اليوم كما أشرنا لها في بداية هذا‬
‫البيان الكوني لفالسفة العالم‪ ،‬و آلتي تمنع عمل منظمات المجتمع المدني و تحارب ك ّل شريف يحاول إيصال صوت الحق‬
‫للعالم لكونها تنادي بحقوق األنسان و المواطنة ‪ ..‬و قيم الحرية والعدالة االجتماعية و الكرامة النسانية!‬

‫فهذه األنظمة الشمولية القمعيّة و الشركات العالميّة؛ و نضرا ً الستشراء الفساد في آليات حكمهم و عملهم في إدارة شؤون‬
‫البلدان التي يديرونها سواء عبر زعماء دكتاتوريين أو بشكل مباشر ‪ ..‬أو عن طريق أحزاب سياسيّة بمس ّميات مختلفة و‬
‫حتى راديكالية ‪ ..‬أو ميلشيات مسلحة ؛ يشكّلون تهديدا ً حقيقيا ً لقدرة المجتمعات لتحقيق العدالة و المساواة لتنميّة األوضاع‬
‫االقتصاد ّية واالجتماع ّية و الخدمية و المدن ّية المستدامة‪.‬‬

‫لنجد بظل تلك البيئة الملغومة تنامي الفوارق الطبقية بشكل طبيعي و بروز الحركات العنصريّة و التطرف السياس ّي و القومي‬
‫و الدّيني والمذهبي و الوطني و التي يطلق عليها صفة (آلرهاب) بما تفرزه من مشاعر الكراهيّة و التعصب و التطرف و‬
‫القتل و الذبح و الفوضى في المجتمعات‪ ,‬و هذا ما أشرنا له بوجوب نفي الهويات ال تكثّرها و تنوعها آلذي يُسبّب تعصب‬
‫أصحابها ‪ ..‬و وجوب إيمانهم بدل ذلك بـ (آلهوية النسانيّة) الموحدة ؛ هذا األمر من جانبه يُفاقم حاالت العنف ض ّد األقليات‬
‫القومية ‪ ..‬و الدّينية ‪ ..‬و العرقيّة ‪ ..‬و المهاجرين و األصليين ‪ ..‬فيما بينهم خصوصا ً إذا لم تكن قد هضمت و أدركت جوهر‬
‫مبادئها و غاياتها في الوجود لكون الدّيانات السماو ّية و حتى األرضية إلى ح ّد بعيد ت ُؤمن بأصل واحد و هو الشراكة في‬
‫الخلق و بالسالم و المحبة و التعاون و العمل المشترك لبناء الحياة الحضاريّة ‪ ..‬و هذا آألمر له مصاديق في العديد من بلدان‬
‫األول أيضاً!‬
‫العالم الثالث و حتى الثاني بل و العالم ّ‬

‫و المالحظ أنّ أنظمة العالم بجميع إتجاهاتها يغيب عنها القانون و الطار التشريعي الذي يضمن المساواة ‪ ..‬و العدالة ‪ ..‬و‬
‫آلحقوق المدنيّة و السياسية و االقتصادية و االجتماعيّة و الثقافية و تكافؤ الفرض في المجتمع؛ ألنّ النظم الحزبيّة القمعيّة‬
‫الدكتاتوريّة ال تؤمن بالتنوع الثقاف ّي ‪ ..‬و الجتماع ّي ‪ ..‬و العرق ّي ‪ ..‬و آلدّيني ضمن معايير الفلسفة الكونيّة العزيزيّة‪ ،‬رغم‬
‫محاوالت تلك النظم لتلميع وجهها القبيح بوسائل ديمقراطيّة و تكنوقراطية زائفة و انتخابات دوريّة تباع تشترى بآلمال‪ ,‬و‬
‫سياسيّة و‬
‫إصدار بعض القوانين و كأنها ورقة إصالحيّة‪ ,‬و بما يناسب سياسة حكامها لبعاد من يريدون إبعاده عن الساحة ال ّ‬
‫تقريب َم ْن يريدون تقريبه ‪ ..‬كأسلوب لخداع المجتمع؛ و كذلك يقومون بمنح و بقدر محدود حريات لوسائل العالم لجس‬
‫نبض مشاعر المجتمع و ما يفكر به لتقويمها ألجل مصالحهم!‬

‫كما أنهم من جانب آخر ؛ يحاولون استخدام االنتخابات كقناع ‪ ..‬لقناع الشعب بأن أنظمتهم ديمقراطية؛ و لكن في الباطن‬
‫يستخدمون كل وسائل التزوير لضمان إبعاد المعارضة لعدم حصول أصوات كافية النتخابهم‪ ,‬وهذه األساليب تستخدمها‬
‫األنظمة الشمولية‪ ..‬والسلطوية‪ ..‬والدكتاتورية‪ ..‬لتحكم بالمنظومة السياسة‪ ..‬واالقتصادية‪ ..‬واالجتماعية في الدولة‪ ،‬ولكن‬
‫لألسف نشاهد في الكثير من البلدان المعاصرة الديمقراطية؛ يتحولون إلى نظم دكتاتورية؛ وخاصة في البلدان التي مازلت‬
‫(األميّة الفكرية) حاضرة في مجتمعاتها و بدرجة كبيرة؛ ويعاني المجتمع من مظاهر متخلفة اجتماعيا ً ‪ ..‬و تربويا ً ‪ ..‬و تعليميا ً‬
‫‪ ..‬و ثقافيا ً ‪ ..‬ال حصر لها؛ و على ك ّل مستويات و مناحي الحياة و طبقات المجتمع؛ و بما يعاني المجتمع من مظاهر الم ّد‬
‫القومي و العرقي و العشائري و بأساليب و سلوكيات و تركيبات ملئها األعراف والتقاليد لدرجة طغيان هذه األساليب على‬
‫النظم االجتماعية والسياسية‪ ،‬ليكون مجتمعاتها مشتتة االنتماءات والوالءات؛ بكونها تعاني معاناة حقيقية في تراجع مستوى‬
‫الوعي‪ ..‬والدراك‪ ..‬والتطور الفكري والثقافي وآلوعي الكوني؛ فيبقوا ضمن تلك األطر المتخلفة بعيدين كل البعد عن المفاهيم‬
‫الفلسفية الكونية‪.‬‬
‫ومع كل ما يحدث داخل أروقة مجلس حقوق النسان من معوقات حقيقية تواجه عملها الرصين وخاصة في الدول الرجعية‬
‫والدكتاتورية وفي بلدان العالم الثالث؛ إال أنها تواصل العمل الجاد للحد من مظاهر الفساد في هذه الدول والعمل على ضمان‬
‫محاسبة المسئولين عن انتهاكات حقوق النسان؛ وضمان عدم إفالتهم من العقاب وخاصة في القضايا الشائكة‪ ،‬الن (العالن‬
‫العالمي لحقوق النسان) الذي جاء عام ‪1948‬م قد ت ّم التأكيد عليه عام ‪ 1993‬في (مؤتمر فيينا العالمي لحقوق النسان) بـ ‪:‬‬
‫[أنه من واجب الدول تعزيز و حماية جميع حقوق النسان والحريات األساسية‪ ،‬بغض النظر عن نظمها السياسية‬
‫واالقتصادية والثقافية]‪.‬‬

‫لذلك فان هذه الحقوق غير قابلة للتصرف وال يمكن سلبها من النسان إال في حالة المخالفات القانونية التي يرتكبها الفرد‬
‫ق الحياة منهم‪.‬‬
‫ق أآلخرين و يسلب ح ّ‬
‫بح ّ‬

‫لذا فانّ سيادة القانون ألعادل أمر في غاية األهميّة لمستقبل شعوب العالم و دولها و واجب الحكومات إخضاع جميع‬
‫المؤسسات والجهات المسؤولة؛ العامة و الخاصة؛ إلى المساءلة وفق قوانين العدالة المبنية على الفلسفة الكونيّة والتي‬
‫تتماشى مع المعايير الدولية لحقوق النسان؛ مع مراقبة الهيئات الوطنية لحقوق النسان التي يجب إن تتواجد في دول العالم‬
‫كإحدى آآلليات لحماية حقوق النسان التي من صميم واجباتها متابعة ومراقبة أداء مؤسسات الحكومية و المظالم التي تقع‬
‫لضمان حماية حقوق النسان‪ ،‬وإضافة هذا الدور؛ عليها أن تقوم بالتوعية ونشر ثقافة حقوق (النسان الطبيعية) بين األفراد‬
‫والمجتمعات ليت ّم تحسين الوعي المجتمع ّي بما يتماشى و يحسن من العادات و التقاليد الموروثة السلبيّة و خاصة بما يتعلق‬
‫بالعادات والتقاليد حول (المرأة) و وظيفتها االجتماعيّة والتي يحصر دورها ضمن إطار ألنجاب‪ ..‬و العمل المنزلي‪ ،‬حيث في‬
‫(الرجل) بما يجعل الحقوق بين الجنسين متفاوتة وغير متساوية!‬ ‫هذه المجتمعات يهيمن َّ‬

‫وهنا في مثل هذه المجتمعات يتطلب وضع رؤى وتصور لتغيير هيمنة (الرجل) على (المرأة)؛ و ذلك بالتثقيف والتوعية‬
‫بآلمساواة و بحقوق النسان والعدالة االجتماعية؛ باعتبار إن الجميع متساوون في الحقوق مهما كانت جنسيته و دون تميز؛‬
‫واالعتراف بالتنوع الثقافي ‪ ..‬واالجتماعي ‪ ..‬والديني ‪ ..‬والعرقي ‪ ..‬والقومي ‪ ..‬و بتعدد الطبقات االجتماعية ‪ ..‬ومستوى‬
‫المعيشة ‪ ..‬باعتبار هذا التنوع جزء من الفسيفساء المجتمعي في كل الدول و المجتمعات و أينما كانوا في عواصم أو مدن ‪..‬‬
‫أو قرى ‪ ..‬أو أرياف ؛ و هذا التنوع هو بمثابة جزء ال يتجزأ من التنوع الثقافي و الحضاري المعروف منذ القدم ؛ و الذي‬
‫يجب على كل المجتمعات المحافظة عليه دون تمييز ‪ ..‬بين جميع من يعيشون على هذا الكوكب‪.‬‬

‫وعلى الحكومات و سلطات الدول دعم وتنفيذ القوانين بالعادلة ضمن إطار حقوق النسان وضمان تطبيقه العادل و المنصف‬
‫و في كل مجاالت الحقوق االجتماعية ‪ ..‬والثقافية ‪ ..‬و السياسية ‪ ..‬واالقتصادية ‪ ..‬و ضمن مبادئ حقوق النسان من‬
‫المساواة ‪ ..‬و العدل ‪ ..‬و الحرية ‪ ..‬و عدم التمييز؛ و يتطلب هذا إعمال الهيئات المسؤولة عن حقوق النسان ليجاد بيئة‬
‫مواتية و تمكينيّة و مالئمة بما تتالئم مع طبيعة بيئة تلك المجتمعات ليت ّم تعزيز حقوق النسان ضمن األطر و المؤسسات‬
‫القانونيّة ليت ّم الوصول إلى (العدالة الحقيقيّة) التي أقرتها المنظمات الدولية و(األمم المتحدة) وتطبيق هذه (العدالة) على‬
‫الجميع وعلى كافة أصعدة الحياة‪.‬‬

‫لعقود ظلت الفلسفة تتربع على هرم المحظورات في الشعوب العربية و السالمية‪ ،‬فلم تكن العقالنيّة أو التساؤالت الوجوديّة‬
‫مفردتين محبّبتين لدى الوجدان العربي و األسالمي‪ ،‬لما تحمالن من رفض ضمني أو اعتراض سلم ّي على البدهيات التي‬
‫روج لها‪ ،‬و رغم ذلك فإنّ بعض األوساط و الجامعات و مدارس المرحلة الثانوية شهدت في بعض الدول ّ‬
‫تمرد طالب و‬ ‫يُ َّ‬
‫تقرر‬
‫أن ّ‬‫طالبات على المنظور االجتماع ّي والدّيني الذي ينبذ (الفلسفة) بصفتها خروجا ً عن المبادئ و القيم ألدّينية‪ ،‬قبل ْ‬
‫وزارة التعليم إدراجها في بعض المراحل ضمن آلمناهج‪ ،‬في إعتراف قطعي بالقيمة الفكريّة التي يحظى بها العقل القارئ‬
‫للفلسفة‪ ,‬و لم يقف الحراك الثقافي داخل المنتديات و الملتقيات الفلسفيّة المتخصصة‪ ،‬و في أسوار الجامعات‪ ،‬و أروقة‬
‫المدارس الثانوية في البالد العربية و األسالمية و منها السعودية عند إطار التلقي الضيق‪ ،‬بل تجاوزه إلى فضاءات النتاج‬
‫المعرفي‪ ،‬إذ قاد شغف المطالعة و اقتناء الكتب و مشاركة العلوم هؤالء القُ ّراء و القارئات إلى تكوين مجموعات صغيرة‬
‫حرة‪ ،‬و تحت وطأة قيود أخف‪ ،‬حتى أنهم صقلوا‬ ‫الفكري في مساحات ّ‬
‫ّ‬ ‫تحتضن همومهم الوجودية الكبرى‪ ،‬و تلبي عطشهم‬
‫تجاربهم في المرحلة الجامعيّة فاتجهوا إلى النشر و التأليف‪ ،‬و حققوا نجاحات مبهرة على المستوى المحلي و العربي‬
‫للتخلص من آلمعتقدات الفاسدة و آلكثير من القوانين الراديكاليّة و آألوهام ألمعرفيّة‪.‬‬
‫َو ِه ُم آلمعرفة ‪:‬‬
‫َو ِه ُم آلمعرفة ‪:‬‬
‫إنّ المفهوم الجوهري للفلسفة كما أشرنا هو (التفكير النقدي) المبرهن منطقيا ً و علميا ً لمعرفة الغايات و المقاصد‪ ،‬وعماده‬
‫ثقافة األسئلة التي تع ّد أخطر معانيه‪.‬‬

‫و لو إدخلنا معادلة (ألكَوانتوم) في المسار العقل ّي و التحقيق الميداني ؛ فأن قوة التفكير النقدي تتضاعف أضعافا ً مضاعفة‪,‬‬
‫المجرد فقط الذي ق ّل ما ينتج‬
‫ّ‬ ‫ألن الكوانتميّة تفرض على السائر في مداره فضاآت أرحب و أوسع ‪ ..‬م ّما لو إعتمدنا على العقل‬
‫أسئلة جيّدة للتعمق في الوجود الفيزيائي و الميتافيزيقي!‬

‫و بهذا النهج الكَوانتومي نتخلص من أوهام المعرفة و غائمية القرارات و الفتاوى و األعالنات التي سبّبت المآسي في أمتنا‬
‫و في العالم كله‪.‬‬

‫و تفعيل السؤآل ‪ ..‬خصوصا األسئلة الهادفة الجيدة؛ نتمكن من درء بل و مواكبة التطور و تحقيق السعادة بأقصر و أقل‬
‫الطرق كلفة‪.‬‬

‫النقدي و معرفة العلل‪ ،‬وتوقعنا بـ (وهم‬


‫ّ‬ ‫و أن إغفال حال السؤال‪ ،‬و التساهل مع األسئلة يصنع عوائق تبعدنا عن التفكير‬
‫المعرفة) فنشرع بالقول الذي سيبدو لنا معرفيّا ً و فكريّا ً و لكنه أقرب للثرثرة‪ ،‬و هذا أمر يشيع كثيرا ً في عموم الممارسة‬
‫سندويجيّة – التي باتتْ ميزة أكثر آلكُـتّاب و المواقع‪ ,‬حيث ال تعطي فرصة للذهن ّ‬
‫كي‬ ‫الكتابيّة‪ ،‬خاصة الكتابة الظرفيّة ‪ -‬أل ّ‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫يتبصّر بمنطلقاته و يتع ّمق بحيثياته و يدقق في فرضياته‪ ،‬و يشير إلى أنه أمر منتشر في الثقافات كلها‪ ،‬و يسبب عيوبا في‬
‫التفكير يتر ّهل معها الذهن‪ ،‬مشبّها ً ذلك بترهل ألجسد مع آلطعام الذي يسمى بـ (الفست فود) أو (الوجبات السريعة) و التي ال‬
‫ت ُعطي ألمانعيّة و الصحة للجسم‪ ،‬و في الثقافة أيضا ً ألتي تكون طعامها المتسرع و الجاهز – و أنت ماشي ‪ -‬كقوالب لتلبية‬
‫الطلب السريع ‪ ..‬هي األخرى ال تعطي العقل و القلب المفاهيم األساسيّة الالزمة لألبداع‪ ,‬أو على األقل لتقوية المناعة في فكر‬
‫األنسان أمام الهجمات الغادرة للشركات ألخمس الكبرى و ذيولها في معظم المواقع اليوم ّية و األسبوعية و الشهرية ألعالمية‪,‬‬
‫صرح إحميدان ؛ إجتمع عالى المقام‪ ,‬و‬ ‫عالن ؛ تسامر فلتان ؛ ّ‬‫لتركيزها على الظواهر و الماديات من قبيل؛ قال فالن ؛ نفى ّ‬
‫النتيجة أصفار متراكمة بعد الفارزة ‪..‬‬

‫كل هذا لعدم إعتدادنا بآلفلسفة الكونيّة ‪ ..‬و نظريّتها المعرفيّة لتنظيم الحياة األجتماعية و السياسية و األقتصادية و التعليمية وغيرها؟‬
‫ما هي آلفلسفة آلكونيّة؟‬
‫ما هي آلفلسفة آلكونيّة؟‬
‫سط) كي يتسنى لنا الدخول في التفاصيل بشكل منهجي ‪:‬‬
‫مقدمة حول تعريف ألفلسفة ألكونيّة (عرض ُمب ّ‬

‫قبل تلك آلمقدمة ال ب ّد من بيانات توضيحية حول النظرة السلبية للفلسفة في بعض األوساط "العلمية" ‪:‬‬

‫رغم شيوع صيت الفلسفة و سعي حتى الدول و الحكومات لعمال مناهجها ‪ ..‬و تخصيص يوم عالمي له ألهميته من قبل‬
‫سنية و الحوزة العلمية قطب العلوم و‬
‫هيئة األمم المتحدة ؛ إال أن بعض األوساط كجامعة االزهر قطب العلوم و المرجعية ال ّ‬
‫المرجعية الشيعية وغيرها ما زالت تعتقد و معهم جمهور من المثقفين ؛‬
‫بكون الفلسفة إنّما هي الكالم في الالهيّات‪ ,‬أو فيما وراء الطبيعة و ليس له أساس فقهي أو عقائدي في السالم كما‬
‫المسيحية واليهودية!‬

‫و هذا بعرض بسيط ألنهم؛ لم يفهموا كنه و غاية الفلسفة و لذلك كان يت ّم تكفير الفالسفه ألذين برزوا بدءا ً بأرسطو و سقراط‬
‫ثم غاليلو ث ّم محمد باقر الصدر‪ ,‬سبقه المال صدرا و إبن سينا و السهروردي و آلمطهري و حسين الطباطبائي و غيرهم‬
‫معتقدة تلك األوساط المنكرة؛ بأنّ كالمهم عن هللا بدون دليل قطع ّي الثبوت ‪ ..‬قطعي الداللة‪ ,‬و ألغراض شخصيّة ‪ ..‬و لتجاوز‬
‫هذه الفكرة و ح ّل المشكلة من قِب َل ُمحبّي الفلسفة و روادها ؛ ت ّم وصف الفالسفة من قبل بعض المخلصين و إظهار نتاجهم‬
‫بتسميات و صفات أخرى من قبلهم لقبول المجتمع لها و لهم و الفكارهم‪ ,‬و يعتقد الفرقاء الخصوم للفلسفة بأنّ فكرة‬
‫(ألكونيّة) التي بإعتقاد – التقليديين – ال بُ ّد و أن يكون ورائها فكرة خبيثه‪ ,‬تتل ّخص بتوحيد الناس على الضالل و آلتّميع تحت‬
‫غطاء االنسانيّة‪ ,‬فالفكرة الكونيّة بحسب تفسيرهم المعارض – طبعا ً أأللحادية – و كما يراها البعض هي باختصار؛ [إنهاء ك ّل‬
‫ما له عالقة بالدّين و بآلقيم السماويّة]!‬

‫كوني‪ ,‬و كالهما يختلف عن اآلخر جملةً و تفصيالً حتى في‬


‫ّ‬ ‫و في الحقيقة أن (ألكونيّة) لها إتجاهان؛ إيماني كوني و إلحادي‬
‫التفاصيل‪.‬‬

‫ألمعارضيين للكونية ‪ ..‬بل لكل الفلسفة الكالسيكية منها و الكونية الحديثة التي إعتبرت (ختام الفلسفة) يتساألون ‪:‬‬
‫لما كان ال ّدِين االسالم ّي هو الذي يُوجّه له ك ّل تلك الضربات في الوقت الحالي و أحيانا ً حتى األديان السماوية األخرى‪ ,‬بعد أن‬
‫ت ّم تفتيت المعسكر الشيوعي السوفيتي!؟‬

‫الرجل األبيض و الجوييم هم قادتهم بال منازع ‪..‬‬ ‫عدو البشريّة‪ ,‬والبشرية هي ّ‬‫و آلواضح من ذلك ؛ هو ابراز االسالم على انه ّ‬
‫ساحه‬ ‫يعني االوروبيون واالمريكان ؛ فالتالعب باللفاظ لحتواء االسالم و تفريغه من مضمونه هو العمل البارز األكبر على ال ّ‬
‫الفكر ّية في يومنا هذا‪ ,‬و المصيبة الكبرى هي األدوات االسالم ّية في اللعبة الدّولية‪ , ,‬النها و ان ظهرت بمظهر السالم ّإال أنّ‬
‫أفكاركم هدامة لالسالم من الجذور‪ ,‬فاالسالم دين و منه ينبثق ألدّولة‪ ,‬لكن دولة إرهابيّة كداعش!‬

‫أقصد بهذا؛ كل ما حاكه أعداء البشرية ضد رساالت هللا ‪ ..‬بدءا ً بحركة عنصرية وتكفيرية و وهابيّة ث ّم وليدهم المشترك‬
‫(داعش) و أخواتها‪.‬‬

‫يقر الدّول الحالية ثم يظهر نفسه انه يعمل لصالح النسانية بغطاء الكونية؛ إنّما هو في الحقيقة خنجر في ظهر‬
‫وكل من ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫السالم ‪ ..‬سواء أدرك ذلك او لم يدركه‪ ,‬يعني سواءا كان عميال فكريا ‪ ..‬أو كان بحسن نيّة فكالهما قاتل لالسالم بنظرنا!‬

‫خالصة الكالم ‪( :‬أصبح يطلق على الفلسفة أسماء أخرى ليهام الناس أنها ليست كفراً)‪ ,‬فالفلسفة في أصلها هي (الكالم في‬
‫مر ألعصور و منذ عهد اليونان‬
‫الالهيات بدون أدلة قطعية الثبوت – قطعية ال ّداللة)‪ ,‬و لذلك كان يت ّم تكفير ألفالسفة على ّ‬
‫القديم ث ّم القرون الوسطى و لآلن ألنّهم يقولون عن هللا ما لم يقله هللا في كتابه بزعم أل ُمخالفين‪ ,‬و قد إشتهرت منهم فرقة‬
‫صوفيّة) التي هي الفرقة الوحيدة من األديان و األسالم بشكل خاصّ ؛ تؤيدها حكومات آلغرب و آلشرق‬ ‫كبيرة باسم (أل ّ‬
‫بآلمناسبة ألنهم بحسب الظاهر يدعون للزهد و ال يميلون للسياسة و الحكم و تبعاتها الماديّة كما هو حال المذاهب التقليديّة‬
‫التي إنزوت و حدّدت مسؤوليتها في إصدار الفتاوى ضمن الحدود الشخصية ‪ -‬العبادية‪ ,‬لهذا فأنّ األنظمة و ال ُح ّكام في مأمن‬
‫آلراحة و الوداعة و‬‫من وجودهم لعدم قدرتهم على إحداث تغيير حقيق ّي إلى جانب ظاهرها الموحي للحقيقة و الهداية و ّ‬
‫رسمي‬
‫ّ‬ ‫أي الحكومات القائمة ‪ -‬بآلمال و األمكانات و األعالم بشكل علني‪ ,‬و ربما بشكل‬
‫األمان و المحبّة ‪ ..‬بل و تدعمها – ّ‬
‫بدعوى أنّها تميل للسالم و المحبة و التواضع و العتدال إلى جانب تأئييد ألفرق التي تميل للداعشيّة لكن بشكل مبطن و خفي‬
‫ألنها – الفرق ‪ -‬تحقق أهدافها في الشرق و بحسب مرام و منهج الغرب لتحقيق مصالحها الكبرى الستراتيجية‪ ,‬و تحثهم‬
‫على نشر و إقامة الصلوات كآلجمعة مقابل حقوق و رواتب معلومة ألهداف محددة‪.‬‬
‫وحتى يت ّم تسويق الفالسفه من جديد لتتعادل مع المعتقدات الدّينيّة؛ ت ّم تصويرهم على انهم ُمف ّكرون بكل ما يتعلق بالكون ‪ ..‬و‬
‫الفكري و بآلضياع و بآلتالي ليفقدوا المنطق العقلي و طرح األسئلة‬
‫ّ‬ ‫هذا ق ّمة التدليس و التلبيس على الناس ليصابوا بآلتخبط‬
‫أل ُمنتجة‪.‬‬

‫الزمن ‪ ..‬و سأختصر على بيان (الشكاليّة) التي أخذها‬ ‫صورة الواقعية التي نعيشها في هذا ّ‬
‫قررناه فيما مضى أل ّ‬
‫كان ما ّ‬
‫ّ‬
‫البعض على الفلسفة السالميّة بكونها مشتقة من اليونان و الغرب عموماً‪ ,‬بينما الحقيقة هي ؛ (أنّ علم الكالم يُمثل الفلسفة‬
‫األسالم ّية بآلعمق و قد تداولها مدارس السالم قبل و بعد االنتقال و في (الظاهر و العرض) من دون (آلباطن و الجوهر)!‬

‫و لذلك أسباب عرضناها تفصيالً و قد تسبّبت في تخلفهم و تبعيتهم‪ ,‬و أختم القول بأنّ المسلمين (العلماء و آلعرفاء) لو كانوا‬
‫يطبقون الفلسفة األسالميّة‪ ,‬لما كان حالهم اآلن كما نرى يتبعون الغرب خصوصا ً في التكنولوجيا و العلوم الفيزيائيّة!؟‬
‫أما بشأن إستغالل الغرب لهذا األمر و ما يتعلق بأهدافهم بإستغالل ال ِ ّدين لتدميره على يد معتنقيه ‪ ..‬لكن ال من الخارج فهذا‬
‫مستحيل‪ ,‬بل من الداخل‪ ,‬و تلك مسألة ال تحتاج إلى برهان فطائراتهم و أساطيلهم و فايروساتهم هي التي ت ُعبّر عن ذلك في‬
‫أرض الواقع قبل السماء‪ ,‬و لسنا بحاجة ألثباتها لوجود آالف القواعد على الكرة األرضية بجانب مدينة (آراب) للبحوث‬
‫المناخية و الطبيعية األرضية و الفضائية و ما حصارهم للمقاومين في األرض و الشعوب األبية إال أكبر دليل على ذلك؟‬
‫ألنهم ال يريدون قوة أو نظاما ً في األرض ال يهيمنوا عليها!؟‬
‫مفهوم الفلسفة و غاياتها‪:‬‬
‫مفهوم الفلسفة و غاياتها‪:‬‬
‫مفهوم الفلسفة ألكالسيكية – بحسب علمي هي؛ (فنّ إضاعة ألحقيقة بآلبحث في (آلعرض) ال ( جوهر) الوجود وغايته!‬
‫إنّهُ يشبه آلباحث عن الشّمس ‪ ..‬بينما هي مشرقة تضيء األفاق! أو كآلعطشان يبحث عن الماء وسط البحر!؟‬
‫ألفيلسوف أألكاديم ّي – ألكالسيكي – هو شخص فشل في فهم علّة الوجود بشكل شامل و كامل و شفاف و كذلك كُنه الحياة و‬
‫أسرار العشق التي ال ت ُعرف إال بعد معرفة أسرار الخلق بحسب إرادة المعشوق‪ ,‬كما فشل الفيلسوف – كل الفالسفة – ْ‬
‫أن‬
‫يُمارسها كما يُمارسها بُلبل فتّان يحضن زهرة رمان يُ ّ‬
‫غرد لها بسـخاء و كأنها عشيقته!‬

‫أليمان ألكون ّي ؛ هبة هللا تعالى الذي ظفر بها البُسطاء و البُلهاء و هذه مفارقة كبيرة يجب التوقف عندها و آلت ّأمل عميقا ً فيها‬
‫‪ ..‬بينما ُح ِرم منها ُمعظم ألنّاس حتى ألفالسفة ألّذين إعتقدوا أنّ الطعام ُوجد كي ال نأكله! و عند آخرين تأكله كهدف و كفى!‬
‫ب كي ال نُمارسهُ أو نُمارسه لقضاء لحظات جنسيّة و كفى!‬ ‫و آلشّراب كذلك كي ال نشربه! أو نشربه لنرتوي و كفى! و آل ُح ُّ‬
‫و تلك في الحقيقة ؛ رأي أكثر الفقهاء و الصوفيين و الفالسفة ألعاديين و حتى المذاهب و الفرق و األديان المختلفة‬
‫كآلمسيح ّية و الصّوف ّية وآلكبال ّيون و األسالميون و المرتاضون و غيرها من المعتقدات التي فيها طقوس ال ت ُطاق و ال ت ُحتمل!‬

‫و تنقسم في النهاية إلى متشدّدين و زاهدين إن ص ّح التعبير ‪ ..‬بعكس (ألفلسفة الكونيّة) التي ترى أنّ ك ّل أمر و ظاهرة و‬
‫حركة ال ب ّد من الوقوف عندها بتحليلها و تحديد مسارها و غايتها آلتي يجب أن تنتهي لصالح آلمخلوق الذي يحقق رضا‬
‫آلمعشوق أألزل ّي‪.‬‬
‫أي من الفريقيين على صواب ال (آل ُمتشدّد) منهم و ال (الزاهد) منهم ‪ ..‬إنما ترى وجوب التع ّمق‬‫و (الفلسفة الكونيّة) ال ترى ّ‬
‫المكون من العناصر األربعة (الماء و الهواء و التراب و النار) و عدم األختصار و‬
‫ّ‬ ‫في جوهر األشياء و ماهيّة الوجود‬
‫الدوران حول عرضها فقط ‪ ..‬و ال ب ّد من ربطها بأصل الوجود ال حواشيها‪ ,‬ليكتمل معنى و مفهوم وجودها و غايتها بإتجاه‬
‫(ألت ّو ّحد بدل آلتكثّر) طبق آلعلل األربعة و هي ؛( ألعلة الفاعلية – ألشكلية – ألمادية – ألغائية)!‬

‫و بآلتالي يكون األنتاج في ذروة كماله و جماله على ك ّل صعيد بإتجاه تحقيق الغاية من الوجود‪ ,‬و هناك أشياء مه ّمة في‬
‫(فلسفتنا الكون ّية) ت ُب ّين ألمعنى الكون ّي للجمال و لفلسفة الوجود وآلخلق و الخلود‪ ،‬و لو قارنت بمعايير الكون ّية كمثال بسيط؛‬
‫تجول على أبواب الدّكاكين لرواء الناس بـشخصيّة كـ (نيتشه) و (ميكافيلّي) ؛ لرجّحت كفة بائع‬ ‫ّاي أل ُم ّ‬
‫شخصيّة بائع الش ّ‬
‫ُ‬
‫ّاي ألبسيط عليهما لكون ِه سعيد و ُمنتج يتحرك ضمن مسار الوجود ليُفيد نفسه و اآلخرين‪ ,‬و قد ال أبالغ بالمقارنة بتفضيل‬ ‫آلش ّ‬
‫أي فيلسوف كالسيكي يعتاش على تعليم الفلسفة!؟‬ ‫(نحلة) تعمل بطاقة قصوى لنتاج ألعسل و بين شخصيّة ّ‬

‫إننا بصراحة ال نحتاج لمعلمي و أساتذة الفلسفة ؛ بل نحتاج لفالسفة منتجين و مبدعين و فاعلين في عملية البناء الحضاري!‬
‫و هذا هو آلفرق و الح ّد ألفاصل بين جوهر (ألفلسفة الكونيّة) و الفلسفات التي ظهرت من عهد األغريق أو قبله زمن‬
‫سوربون) و (هارفارد) و لآلن حتى دخولنا في عصر[إأليرا بوست]‪.‬‬ ‫الفالسفة السبعة القدماء و حتى نشأة جامعة (ال ّ‬

‫مرت بستة مراحل عبر التأريخ ‪ -‬راجع نظرية المعرفة الكونيّة ‪ -‬لمعرفة التفاصيل‪ ,‬ث ّم ختمناها بآلفلسفة‬ ‫الفلسفة الكالسيكية ‪ّ ..‬‬
‫سابعة‪ ,‬و قد بيّناها في الكتاب‬‫الكونيّة ألعزيزية و هي المرحلة األخيرة كختام للفلسفة الكالسيكيّة و إعتبرناها المرحلة ال ّ‬
‫المذكور أعاله‪ ,‬و غيره من المؤلفات على موقعنا في كتاب نور باسم (الفيلسوف الكوني عزيز الخزرجي)‪.‬‬

‫عرضنا قبل عقود بحوثا ً مقتضبة و مفصّلة بيّنا فيها معنى و أبعاد (فلسفة الفلسفة الكونيّة) حتى طبع في كتاب بذلك العنوان‪ ,‬و هنا نشير‬
‫سفة ألكونيّة) هي الوحيدة التي رسمت المنهج المطلوب لخالص العالم من الظلم و لقيت مؤخرا ً إستقباالً‬ ‫سفَةُ آلفل َ‬
‫بإقتضاب إلى أن ( َفل َ‬
‫ُ‬ ‫كبيرا ً حتى من بعض الحكومات و األحزاب و السياسيين‪ ,‬ألنّها ّ‬
‫أي (ألفلسفة آلكونيّة) ت ُعتبر أ ّم ألعلوم و المنهج األ ّم لرسم القوانين ‪..‬‬
‫و ليست (ألفلسفة) ألكالسيكية كما قال (فيثاغورس) خطأً‪ ,‬ألنّها – ّ‬
‫أي ألفلسفة الكونيّة – ت ُفلسف (ألفلسفة) نفسها بك ّل أبعادها‬
‫(أي معرفة ألمعرفة) بشكل أعمق و أرحب و أشمل و شفاف‬ ‫آلوجودية ألغير ألمحدودة للوصول إلى (إيبستيمولوجيا) كون ّية ّ‬
‫بوضوح و بشكل أكثر و أكبر من مدار ألعقل ألظاهر إطمئنانا ً للقلب من أجل آلخلود في آلعالم‪ ,‬مع إحترامنا لك ّل ألنظريات‬
‫ألمعرفيّة للفالسفة‪ ,‬بإعتبار ك ّل فيلسوف لهُ (نظريّة معرفيّة تختص بفلسفته) و مساهمات ت ُحدّد نظرته للوجود‪.‬‬

‫ألفالسفة أألاله ّيون – وهم معدودين ج ّدا ً في آلتأريخ – كما الفالسفة ألوجود ّيون؛ ألّذين لم يُحدّدوا حتى زمن أعالن نظر ّيتنا‬
‫ألكونيّة قبل عقدين؛ أيّة أجوبة لألسئلة ألفلسفية أو تفسير جامع و شامل للوجود في نظرياتهم المعرفيّة‪ ,‬بغض ألنّظر عن‬
‫مكونات ألوجود أل ُمتمث ّلة بـ (ألثالوث المق ّدس)‪ ,‬بل ك ّل ما أتو به مالحظات شخصيّة لتحديد‬
‫سقهمها و صحّتها – ألصل و ّ‬
‫أألتجاهات بإعتمادهم على تقريرات من سبقهم كآلمعلم األول و آلثاني و قبلهما آألنبياء و آلمرسلين ثم العرفاء الحكماء من‬
‫بعدهم‪ ,‬لذلك ما إستطاعوا رغم مرور آالف السنين و بناء األبراج و الطائرات و التكنولوجيا من إحياء األنسان و إسعاده أو‬
‫تخليصه من العبودية و آلظلم‪ ,‬بل العكس كان يزداد بإضطراد و لآلن و كأنه ُمتَ َجذّر في أصل األنسان و الوجود إ ّال ما رحم‬
‫السياسي و‬
‫ّ‬ ‫رب ّي عبر رساالته التي ُح ّرفت هي األخرى ففقدت البشرية األمن و األمان خصوصا ً في الجانب األجتماعي و‬
‫األقتصادي و إنتشرت الطبقية بشكل مقرف‪ ,‬لهذا وبفضل هللا و كدحي آلدّائم و جهادي المرير منذ آلصّغر في طريق المعرفة و‬
‫ق؛ رأيتُ من آلواجب خصوصا ً في هذا العصر‬ ‫ألمحبّة و آلتّسامح و آلعطاء و محاربة الظالمين من أجل العدالة و الح ّ‬
‫المزورون و آل ُمفترين ‪ ..‬و بعد التوكل على هللا ؛ طرحتُ (فلسفتنا‬
‫ّ‬ ‫أل ُمضطرب الذي كثر فيه المنافقون واألنتهازيون و‬
‫أي ألنص و آلعقل ‪ -‬بعد تطهيرها من‬ ‫ّ‬ ‫سماوية و األرضيّة التي ظهرت ‪ّ -‬‬ ‫الكونيّة) ألشّاملة و الخاتمة للفلسفات والنّصوص أل ّ‬
‫آلحشو و آألخطاء و آلخرافات التي سادت فيها!‬

‫سماويّة آلتي ماتت و ليس شكلها و‬ ‫الرساالت ال ّ‬


‫خالصة أألهداف في (فلسفتنا الكونيّة) تتمركز في إحياء األنسان بإحياء روح ّ‬
‫ظاهرها فقط بسبب طغيان التكنولوجيا التي أبعدت الناس عن آلباطن و ت ّم تزوير الكثير من نصوصها و كما شهدنا و نشهده‬
‫مشوها ً و مستهدفا ً ؛ ليس فقط لم يُحقّق هدفه بل تسبّب‬
‫ّ‬ ‫لآلن في المجالس و المنابر وآلحوزات التي ع ََرضَتْ و ت ُعرض إسالما ً‬
‫في تخريب البشريّة و أنحرافها و نفاقها‪ ,‬بعد خلطه (السالم) مع مصالح الرؤوساء و قادة األحزاب وهوى النفس ومطامح‬
‫الناعين على منبر األسالم فإصيبت بنيران آلذّات ألبشريّة أل ُمتجذرة بآلشَّر آل ُم ّر و آلخبث و الظلم ‪ ..‬بآألضافة إلى تأثيرات‬
‫الغربي الذي‬
‫ّ‬ ‫ألتكنولوجيا و األتصاالت الحديثة ألّتي ترافقت لفناء و محو ألمحبة و آلقيم أألخالقية‪ ,‬و كما نشهده في آل ُمجتمع‬
‫يقوده أصحاب الشركات الخمس لدعم (المنظمة األقتصاديّة العالميّة) بحيث بدأت البشرية بآألحتراق لصابتها بالمسخ و‬
‫الفناء وكما تَنَبّأ بذلك ألفيلسوف (ديكارت رينيه) و آخرين حتى خت ّم نصوصه الفلسفيّة ‪ ..‬بآلقول ‪[ :‬خوفي الوحيد هو زوال‬
‫العالقات األجتماعية بسبب آآلالت و أجهزة األتصال]‪.‬‬

‫ث ّم تبعه آلصّدر مؤكّدا ً ‪[ :‬على حتميّة أنهيار ألنظام آلرأسمالي بعد تألّقه كما حدث مع آألشتراكي في كتابه؛ (بحث حول المهدي)]‪,‬‬
‫بحيث وصل الحال بعد عمليات القتل و الجرائم و األغتياالت أل ُمتكررة في أوساط مجتمعهم الرأسمالي حتى بين المعلمين و‬
‫طالب األبتدائية و المتوسطة؛ و أجبرتهم األوضاع ألن يتدارسوا تشريع قانون يُجيز للمعلم و المدير حمل السالح الناري داخل‬
‫سالح من المعلمين‪ ,‬هذا التقهقر و‬‫حرم ألجامعات و المدارس و آلصفوف حتى البتدائية بل و خصّصوا ُمكافأة لكل من يحمل أل ّ‬
‫أي جيل سيتخرج‬ ‫تتصور ّ‬
‫ّ‬ ‫ْ‬
‫العنف يُمثل آلجهل و رجوع أمريكا إلى أصلها عندما كانوا رعاة للبقر في عصر(الكابوي) و لكَ أن‬
‫من هذه المدارس ألمش ّبعة بآلكراهية و أل ُمسلّحة بإسلحة نارية؟ و قد نسى القائمين على النظام التربوي بأنّ األخالق التي‬
‫أي شيئ آخر‪.‬‬ ‫مصدرها ال ّدِين هو األساس الذي يحفظ سالمة الناس لهذا يجب أن يتديّن به الطالب و يتسلح به المعلمون قبل ّ‬
‫مشكلتنا في آلفكر و قضايا آل َمنهج و التقييم‪:‬‬
‫مشكلتنا في آلفكر و قضايا آل َمنهج و التقييم‪:‬‬
‫فمثلما هناك بنوك للمال و مخازن للحبوب؛ هناك بنوك لألفكار بعضها لديه نظام تصويت لتقدير قيمة فكرة ‪ ..‬بل انّ بعض‬
‫االفكار ممكن ان تخضع للعرض و التجربة ‪ ..‬أي للمزاد بين الشركات لشرائها‪ ,‬و باعتبارها بضاعة تجد هناك أفكار ثمينة و‬
‫افكار رخيصة ؛ أفكار ت ُباع عن طريق الوسطاء و افكار ال يمكن الستغناء عنها ؛ وهناك افكار نص عمر ؛ و هناك افكار‬
‫(إشتري واحدة وخذ اخرى مجاناً)‪.‬‬

‫و ت ُعتبر (أليابان) من أولى الدّول التي عرفت قيمة الفكر و المبادئ الفكريّة و الثقافيّة ‪ ..‬و طبقتها عمليا حتى في مصانعها‪,‬‬
‫أول معيار؛ هو تقييم المبدع و أعطاء‬‫حين وضعت نظاما ً حدّدوا فيه بموجبه قيمة و راتب و درجة رقي العمال و الفنيّين و ّ‬
‫درجة معيّنة لك ّل من يُدلي بفكرة جديدة أو نظريّة أو منهج يسبب التقدم‪ ,‬حيث يثبّتون إقتراحه في ملفه الخاص بالشركة التي‬
‫يعمل فيها كـ (تيّوتا) و (لكسس) و (ميتسوبوشي) و غيرها‪ ,‬ريثما يت ّم التأكد من نجاح و فاعلية تلك الفكرة أو المقترح بعد‬
‫تطبيقه أو طرحه أو تبنّيه كنظام رسمي ليتم تكريم صاحبه بمكافأة نقدية و مالية على ذلك!‬

‫أما آخر انباء هذا (المنتج) الذي فاق جميع انواع الطاقة في العالم فهو ما أعلنته شركة (كوكل) األمريكية على شكل مبادرة‬
‫لشراء األفكار المسجلة كبراءات اختراع‪ ،‬و ال يستخدمها أصحابها‪ ،‬لتحميها من المتصيّدين‪ ،‬حسبما ذكرت الشركة عبر‬
‫مدونتها الرسمية‪.‬‬

‫أيّها األدباء و العشاق والمفكرين و الفالسفة الذين تنَكدت حياتهم لألسف رغم ما يقدّمون به من تقديم أفكاراً معقدة في آلفنّ‬
‫و األدب و آلعلوم و نظريّات المعرفة و قضايا األنتاج و األدارة ‪ ..‬أنتم الذين كنتم تسعون فقط و ربما لآلن ألن يقرأ نتاجكم‬
‫االخرون ليتعرفوا على افكاركم – مجانا ً‪ ,‬بينما الفلسفة الكونيّة ت ُدعو لحفظ تلك الحقوق و الحيلولة دون سرقتها من قبل‬
‫الحكام و السياسيين الذين يقتطفون أفكاركم ليعلنوها بأسمائهم من أجل إظهار أنفسهم بأنهم أهل الفكر و المعرفة ‪ ..‬وال أدري‬
‫متى بات هؤالء السياسيون المرتزقة و أحزابهم منابع للخير و الفكر و التمدن !؟‬

‫بل بات الكثير من المفكرين و المثقفين – ناهيك عن الفالسفة؛ ضحايا االفكار عبر التاريخ حتى أصبحوا قصصا ً للناس و‬
‫امثلة لالجيال الالحقة ‪ ،‬كذلك في مجتمعاتنا التي تع ّدت ذلك إلى رمى المقترحات و آألفكار في َمكب النفايات ألنّ األفكار بحاجة‬
‫يحولها من خيال و فكرة الى واقع و من نظريات إلى صناعات ها ّمة ‪ ..‬صناعات‬ ‫الى من يفهم قدرها و مداها كي يستثمرها و ّ‬
‫تبدأ من مساحيق التجميل و تسريحات الشعر و عمليات التجميل (القبيحة) ؛ الى منتوجات و غذاء و رواد الفضاء ‪ ..‬الى سبل‬
‫متطوره للبيع و الصناعات التحويليّة!‬

‫قرروا أن يتحولوا الى اثرياء بسرعة فائقة عبر التكنولوجيا؛ هم‬ ‫و هناك آلبعض القليل من الفقراء أو الطلبة أل ّجادّين الذين ّ‬
‫قرر أن‬
‫قرروا إعتبار جميع أبناء األرض زبائن لهم ‪ ،‬مثل مخترع (الهوت ميل) و إسمه صابر بايتا الذي ّ‬ ‫من أولئك الذين ّ‬
‫ينشيء عنوانا ً دوليا ً لكل بني آدم يفتحه من أي مكان في العالم ليطلع على المتصلين به أو يخدم مشروعه و كان هذا في‬
‫بداية الستينات حين بدأت البحرية األمريكية تبحث عن بديل كهذا لمعرفة أخبار أساطيلها المنتشرة في البحار و المحيطات‪ ،‬و‬
‫هكذا صانعي (الفيس بوك) و (تويتر) وقبلهم (المياكروسوفت) و أخيرا ً (أمازون) الذي غير حياة البشر ّية و سيغيرها الى ما‬
‫ال يعرف عُقباه‪ .‬انها اسواق الفكر وهي لعبة العقل الذي وهبه هللا لعباده ‪ ،‬بعضهم يعتبره زينة وبعضهم جعله زينة وخزينة‪ ,‬و‬
‫بعضهم يستخدمها اليوم لتمرير مخططاته و مناهجه البعيدة المدى للسيطرة على كل منتوج زراعي أو صناعي أو مائي أو‬
‫تصب في خدمة مشروعهم‬ ‫ّ‬ ‫غيرها‪ ,‬حيث حددت جوائز و أرباح سخية لكل من يستطيع إبداع برنامج أو قصة أو فعالية‬
‫قرروا توحيد العالم مادّياً!‬
‫األساسي الغرب ّي ‪ ..‬البعيد ‪ ..‬بعد أن ّ‬

‫إن لم يكن أسوء حاالً و هو كذلك‪ ,‬ليس لبعدهم عن ال ّدِين و العلم‬ ‫في الشرق ال يختلف األمر عما هو عليه في الغرب ‪ ..‬هذا ْ‬
‫شرقي أصيب بآألزدواجية نتيجة‬‫ّ‬ ‫ل‬‫ّ‬ ‫ك‬ ‫أنّ‬ ‫ذلك‬ ‫‪,‬‬‫ً‬ ‫ا‬‫تمام‬ ‫آلعكس‬ ‫بل‬ ‫حاصل؛‬ ‫فقط و ْ‬
‫إن كانت حقائق واقعية و نتيجة طبيع ّية كتحصيل‬
‫ألتّمسك الظاهري بآل ّدِين و آلتّستر بآلدّعوة هلل وإدّعائه بتأريخ و بطوالت و جهاد من أجل إظهار نفسه بين الناس ال إظهار‬
‫ق و تحقيق العدالة‪ ,‬و إنّ المشكلة األساسيّة ألّتي نح ُن بصدد حلّها اليوم من خالل (ألفلسفة آلكونيّة) تكمن في كشف ماهيّة‬ ‫الح ّ‬
‫شوهه التي ليس فقط أبعدت معتنقيها في األمة عن هللا و عن آلمحبة و‬ ‫هذا ال ّدِين الشائع و الغير المعروف و آألحكام ال ُم ّ‬
‫قضايا األسالم المصيرية؛ بل باتت مصدراً للشك و لألرهاب و الظلم و التسلط و الشهوة و النفاق و آألنتهاز ّية‪ ,‬لعدم وضوح‬
‫أهداف و روح آألسالم و فلسفة األحكام ألّتي يتمسك بها أل ُمقلِّد و رؤيته لقضايا العصر و النهوض و التخلص من الفساد‪,‬‬
‫ألركائز واألركان‬
‫ناهيك عن عدم بيان العالقة الثالوثية المقدسة بين آألنسان و الكون و الخالق و التي تعتبر أحد أكبر و أه ّم ّ‬
‫سبعة) على موقع نور للكتاب!؟‬ ‫ألتي تؤ ّهل (ألطالب) للبدء بآألسفار التي عرضناها في كتاب (األسفار الكونيّة أل ّ‬
‫في الشرق أيضا ً و لألسف ؛ ما زال الفهم السائد ‪ ..‬أو هكذا إقتنع علماء ألدّين ألتقليديّون؛ بكون أل ّدِين ال يتدخل في سياسة‬
‫الناس و إقتصادهم و كرامتهم و حقوقهم و بنوكهم و إستقاللهم و نظم حياتهم العائلية التي وحدها تجلب السعادة لألنسان‪,‬‬
‫وإنما األمر متروك للناس و لألحزاب و للحكومات لئن يختاروا ما يصلح شؤونهم!‬

‫و ال أدري؛ كيف و متى فهم الناس ألعوام شؤونهم و حقوقهم التي أغتصبت على طول التأريخ من قبل ال ُحكام أنفسهم و آلذين‬
‫لح ّد هذا اليوم يستخدمون لغة التجهيل لنشر األميّة الفكريّة بعناوين و أساليب شت ّى آخرها و كما شهدناها قريبا ً هو ما إشيع‬
‫بعنوان ‪( :‬ألدّيمقراطيّة) و مشتقّاتها؟‬

‫و ال أدري في الجّهة المقابلة؛ كيف إقتنع آلخطباء و المراجع من جهتهم بكون آل ّدِين ك ّل (ال ّدِين)؛ عبارة عن طقوس و خطبة‬
‫شر‬
‫تقليد ّية إسبوع ّية‪ ,‬أو إصدار فتوى في حال السؤآل منهم عن قضايا عبادية شخص ّية على األكثر؟ و كفى هللا المؤمنين ّ‬
‫القتال !؟‬

‫و هكذا و بسبب عدم وجود (الفلسفة الكونية ) التي قدّمت رؤية واضحة ‪ ..‬و كذلك ألفهم الخاطئ أساسا ً لل ّدِين ألذي نفسه باتَ‬
‫مصيدة لسرقة أموال ألناس من قبل أل ُمدّعين و آألحزاب ‪ ..‬و إنسالخ إنسان ألعصر من آلضّمير و آلوجدان و آلمحبة بآلمقابل؛‬
‫للروح و آألسرار و آلمحبة و‬ ‫لهذا صار آلك ّل يلهث وراء المال و الشّهوة و الشهرة كهدف و كمعيار للتعالى من دون األلتفات ّ‬
‫عوالم الغيب و الكدح هلل تعالى لبلوغ مدينة العشق و آلسالم األبد ّية‪.‬‬

‫لهذا إزداد الفساد و الحروب و قتل األطفال و الشيوخ و حرق منابع الطاقة و الزراعة و الصناعة و حتى األبادة الجماع ّية‬
‫لشعوب بأكملها باتت مسألة عادية‪ ,‬و صار األنسان يُد ّمر و يحرق نفسه بنفسه بعد ما أُهينت كرامته و فقد قيمه و إنتهى‬
‫مجرد آلةً و عبدا َ ذليالً للمسؤوليين و آلحاكمين في آألحزاب و آلحكومات لمأل بطنه و تأمين شهوة‬ ‫ّ‬ ‫الحياء من وجوده وأصبح‬
‫سرت بآلخطأ من ِقبَل ُمدّعيها قادرة على إنقاذ هذا األنسان‬ ‫ُ‬
‫تشوهت و ف ّ‬
‫سماوية كما األرضيّة التي ّ‬ ‫جسده‪ ,‬و لم تعد الفلسفات أل ّ‬
‫في ال ّجهة المقابلة ‪ ..‬بل سبّب آألتجاهان؛ ألمآسي و آلمحن و تكريس الظلم و العبودية لغير هللا للحصول على راتب أو لقمة‬
‫خبز‪ ,‬و العلة تكمن في عدم وجود قيمة للثقافة و الفكر و األيمان‪.‬‬

‫إننا نعتقد بأنّ التسليم بوجود تلك العلة الثقافية في صناعة الخطاب و األبداع في المقاالت سيجعلنا مهيئيّن لتحرير مفاهيمنا‬
‫حول المعنى الفلسف ّي‪ ،‬فالفلسفة كما نرى ليست تحويل نصوص الفالسفة الكبار من بطون الكتب إلى بطون المحفوظات؟‬
‫و ليست بأن نقرأ الفلسفة أو ندرسها‪ ،‬لكي نقول إننا عرفناها ص ّما ً و يقينا ً؟‬

‫لكن الفلسفة بما إنها (آلت ّفكير النقدي) و (ثقافة السؤال) للوصول إلى العالت و بآلتالي وضع العالجات و تقرير القوانيين ؛‬
‫أي أنّها آخر المطاف المعرف ّي و ذروته‪ ،‬و من الواجب أن نقول أيضا إنها‬
‫هي ما كان يقال قديما ً ؛ إنها آخر ساعة من النهار‪ّ ،‬‬
‫أول المطاف ألن السؤال هو البداية‪.‬‬

‫و يقول ‪[ :‬ما كان سقراط ليكون لوال أنه مارس السؤال‪ ،‬و سؤال ألسؤال] !؟‬
‫أي كان أن يسأل كما يتصور الجهالء‬ ‫و السؤآل يحتاج إلى كم هائل من المعرفة و كذلك إلى معرفة أنواعها ‪ ..‬و ليس بإمكان ّ‬
‫كأي رجل حكيم في أثينا بذلك‬
‫ّ‬ ‫و‬ ‫مؤثر‬ ‫أو أنصاف المثقفين‪ ,‬و هذا ما حوله – أي سقراط ‪ -‬من رجل عادي إلى رجل عظيم و‬
‫تحول من الفيلسوف إلى الحكيم حتى نال درجة العارف ‪ -‬و هي آخر تطور للعقل البشري بحسب تقريرات‬ ‫الوقت‪ ،‬و لكنه ّ‬
‫أول َم ْن صنّف تلك الدرجات و المراتب علميّا ً – و لهذا ‪( :‬مارس سقراط السؤال على نفسه وعلى‬
‫فيثاغورس الذي يُعتبر ّ‬
‫تالميذه الذين قبلوا دخول حلبة صراع العقول مع األسئلة)‪ ،‬و لكن المدينة كلها بعلية أهلها و عوامهم؛ ضاقت بأسئلة سقراط‬
‫سم و (إعدامه) لكي تقتل األسئلة في مهدها قبل أن‬
‫يتحرش بأسئلته حتى من عابر سبيل ؛ فقرروا تجريعه ال ّ‬
‫ّ‬ ‫الذي كان أحيانا ً‬
‫ت ُسمم أذهانهم التي تريد ال ّ‬
‫سكون بسالم]‪ ,‬و هذا مصير الفالسفة العرفاء ‪ -‬ال ُحكماء عبر التأريخ‪ ,‬و إلى يومنا هذا‪.‬‬
‫قلق آألسئلة‪:‬‬
‫قلق آألسئلة‪:‬‬
‫األسئلة و التفكير ألنّقدي‪ ,‬حسب رأينا يتطلبان منهجيّة إجرائيّة أوالً‪ ،‬فال معرفة بحثيّة دون منظومة تضبط جريان ألفكر حسب‬
‫نظام ُممنهج يحول دون تسربات الثرثرة اللفظ ّية ث ّم يتبع ذلك ‪ ..‬الممارسة آلح ّية و المباشرة حيث يتحول المعلوم إلى سؤال‬
‫مشاغب و إلى مختبر تجريبي‪ ،‬مستشهدا ً بقول سارتر‪[ :‬أظنني أعرف‪ ،‬فإذا سألت نفسي وجدتني ال أعرف]!؟‬

‫و يشدد على ضرورة تأكيد هذا الدور للسؤال المعرفي‪ ،‬و تطوير األسئلة من سؤال بسيط و ساذج إلى سؤال قلق يُقلق‬
‫صاحبه ويدفعه للكشف واالستكشاف‪ ،‬تماما كما حدث لنيوتن مع سؤال التفاحة الذي تحول من ساذج إلى كشف علمي عظيم‪،‬‬
‫ونقيس عليه كل سؤال يتحول إلى تفكير نقدي و ينتج عنه قلق معرفي قد ينتهي لجواب‪ ،‬وقد يتولد عنه مزيد أسئلة وقد يظل‬
‫تمر دورة حياة كاملة دون الوصول لجواب‪ ،‬ولكن هذا القلق حتما سيكشف عن‬ ‫قلقا يشاغب الذهن و يحرك سكونه‪ ،‬وربما ّ‬
‫أي األسلوب الكتابي‬
‫مخبوءات ذهنيّة ما كان لها أن تتكشف لوال حرقة السؤال‪ ,‬والفالسفة العرب لديهم نوع من آلتشظي ّ‬
‫لديهم حين يطرقون أبواب الفلسفة بسبب التحريم الديني من جانب و السلطة السياسية الحاكمة‪ ,‬لذلك مازالت دوالً عربية و‬
‫إسالمية و حتى غيرها ال تطرق بجد و بشجاعة أبواب الفلسفة لخوفها من العواقب التي تقع نتيجة التعصب الديني السائد و‬
‫كذلك األتجاه النقدي الحكومي في تلك البلدان المانعة‪.‬‬
‫‪:‬‬ ‫غياب ألمنطق ‪ ..‬أزمة كُبرى‬
‫غياب ألمنطق ‪ ..‬أزمة كُبرى ‪:‬‬
‫رقي الشعوب وتمدنها‪ ,‬و لعل لقب‬
‫ألمنطق عماد الفلسفة ‪ ..‬و الفلسفة عماد الحياة الحضاريّة ‪ ..‬و الحضارة معلم لمقياس ّ‬
‫أول من أبدع كتاب (المنطق) لم يكن عبثا ً أو بال داللة كونيّة‪ ,‬فآلمنطق يعني قواعد‬
‫األول الذي أعطي لسقراط لكونه ّ‬
‫المعلم ّ‬
‫الفلسفة ‪..‬‬

‫و قواعد (الفلسفة) هي المكون األساس لضبط طريقة التفكير المثلى و تقويم الخطط و المناهج على الصّعد المختلفة للحياة و‬
‫الوجود‪ ،‬والحكم على ما يتلقاه من معارف‪ ،‬لذا ال بد من المواظبة على قراءة الفلسفة لتقويم المناهج من أجل تحقيق السعادة‪،‬‬
‫ويبيّن حرص أعضاء (ألمنتدى الفكرية) في تلك الفترة على عدم االصطدام مع المجتمع و إثارته؛ إذ كانت األفكار هي اله ّم‬
‫األول‪ ،‬و اآلن حان جني ثمار تلك اللحظة الفارقة‪ ,‬و أن استيعاب (آلمنتدى الفكري) آنذاك لعدد من األسماء التي أصبحت على‬
‫قائمة المثقفين و الفاعلين اآلن في المشهد الثقاف ّي المحل ّي والعرب ّي و حتى العالم ّي؛ جعل الرغبة في طرق أبواب األسئلة‬
‫جماعي‪ ,‬و على الجامعات أن ت ُ َملّك‬
‫ّ‬ ‫مضاعفًا‪ ،‬كما أننا سعينا لمنح الجميع الثقة الكاملة في اختبار معارفهم وصقلها بشكل‬
‫أي جدل هو غياب المنطق تماما ً ‪..‬‬ ‫طالبها أساليب التفكير ألمنطق ّي بالتوازي مع باقي العلوم‪ ،‬فأكبر أزمة نواجهها دائما ً في ّ‬
‫حتى أثناء إجراء الحوارات بين آلمثقفين و آألكاديميين‪ ,‬و بآلتالي تل ُكأ أو موت الفكر و األعمال و النجازات و األبداعات‬
‫المتوقعة و من بينها نتائج الحوارات‪ ,‬و العلة األساسية تكمن في فقدان معايير الجمال و المنطق و الغاية من المفاهيم و‬
‫تحب لغيرك]‪ ,‬لقضينا‬ ‫ّ‬ ‫ب ألخيك ما‬
‫المسائل المطروحة ‪ ..‬بل بإختصار فقدان معرفة الحياة و الخلق الذي لو كان يتعلم فحوى [ ُح ّ‬
‫على أكثر من نصف المشاكل المعترضة و التي تصادفنا على الدّوام سواء بشكل شخصي أو حواري أو لقاآت جماهيرية‪.‬‬
‫ماهيّة أل ّجمال في آلفلسفة الكونيّة ‪:‬‬
‫ماهيّة أل ّجمال في آلفلسفة الكونيّة ‪:‬‬
‫ألجّمال مجهول؛ لغياب صوت هللا؛ المتمثل بآلوجدان؛ و آلضّمير في وجود آألنسان أل ُمعاصر بسبب حالة المسخ التي يعيشها‬
‫عموم الناس نتيجة تظافر سياسات الشركات األعالم ّية الخمسة التي أشرنا لها في مقدمة هذا البيان‪ ,‬و آل ّجمال هو طبيعة‬
‫آلفن و النّظرة الثاقبة لكل موجود و مخلوق منظور له‪ ,‬و هو أحد (األركان الثالثة) آلتي ترتكز عليها الفلسفة الكونيّة‪ ,‬لكنه‬
‫آلروح التي هي مصدر الطاقة في البصيرة أو (العقل الباطن) و‬ ‫بات مجهوالً لألسف‪ ,‬فلم يعد بإمكان آلناس رؤية آلباطن و ّ‬
‫التي بها نرى حقيقة األشياء و كنهها‪.‬‬

‫لماذا آل ّجمال مجهول؟‬

‫أهم مشكلة وقفت عائقا ً أما َم آلبشرية هي معرفة و دور و مكانة أل ُح ّ‬


‫ب و ال ّجمال‪ ,‬و التي تسببت في اللهوث وراء الماديات و‬
‫ترك الماورائ ّيات‪ ,‬لهذا سنُعرض ماه ّية آلجّمال و أثره على كل صعيد كأه ّم أصل في الوجود و الذي جاء ضمن مباحثنا‬
‫الفلسفيّة لـ (ختام الفلسفة) كمرحلة سابعة و أخيرة‪.‬‬

‫حيث برهنّا بعروضنا الكونيّة؛ سوء تعاملنا مع المرأة كنموذج ح ّي للجّمال في مجتمع يراها و يُركّز ن َ‬
‫ظرهُ عليها بعمق لكنّهُ‬
‫في الحقيقة ال يراها ‪ ..‬بل يرى شيئا ً آخر تتعلق بشهوته و غريزته الحيوان ّية آلتي تقتل الجّمال وأسرار ُه‪ ,‬و فنون التصوير و‬
‫الخيال ألفن ّي وألوانهُ!‬

‫أن تظهر حقيقة و ماهيّة جمال آلطبيعة و ألمخلوقات و آلكون و آلمرأة خصوصا ً لتكون أ ّما ً مجاهدة ؛ و‬ ‫لذلك قلنا؛ ال يُمكن ْ‬
‫ُمربّية و مدرسةً على األقل في مجتمع يراها بتلك آلنّظرة ألدّونيّة ألشهوانيّة ألّتي ت ُفسد آلجّمال و آألخالق و قيم آلجّميع‪.‬‬

‫وأشرنا أيضا في (أسفار في أسرار الوجود) إلى أنّ الطريق الوحيد لمعرفة حقيقته الوجود؛ هو معرفة منبع و أصل و ماهيّة‬
‫ألجّمال طبقا ً (للفلسفة الكون ّية العزيز ّية) ألتي ترفض أساليب و نهج ألشرق كما الغرب الالحضار ّية التي قتلت الجّمال والقيم‬
‫وروح األنسان والوجدان لتكالب الجّميع بحسب محفّزات ألنّظام نحو المادّة‪.‬‬

‫فما هو أصل و كُنه الجّمــال؟‬


‫وكيف نعرفهُ ونكشف عنــه؟‬
‫وكيف نستفيد ونتعامل معه لكشف حقيقة الوجود وإسراره؟‬

‫قبل بيان التفاصيل؛ قُلنا في (ختام ألفلسفة الكونية) بـأنّ آلوجود يتشكّل من ثالثة أضالع أسميناه بآل ُمثلّث كون ّي و يتكون من؛‬
‫(ألخالق؛ ألخلق؛ ألكون)‪ ,‬ألقائم باألرتفاع الذي يمثل عمود آلمحبّة بينها ‪ ..‬لبراز ماهيّة جمال (آلحالة أل ُمثلى) بمقدار إرتفاع‬
‫درجة ألمحبّة وقوة البصيرة وآلخيال‪ ,‬وال ينفكّ عن بعض ّإال بفقد (ألمحبّة) التي عليها يستند األنسان في أعماقه لينمو ويثمر‬
‫سالم وآلوصال مع أصل آلجّمال لتنعكس إيجابيّا ً على الفرد وآلعائلة وآلمجتمع‬ ‫وينتج الحضارة والمدنية بعد تحقق األمن وأل ّ‬
‫إيجاب ّيا ً ِلت ُحقّق ِو ْح َده آلوجود والبشر ومحو الكراه ّية وآلنفاق وتوحّد ألقلوب لدرجة ألحالة المثلى‪Status Optim .‬‬
‫معرفة أل ّجمال أفضل طريق للمعرفة ‪:‬‬
‫معرفة أل ّجمال أفضل طريق للمعرفة ‪:‬‬
‫بقوة الخيال‬
‫سفر للمجهول‪ ,‬إلى الماورائيّات الكونيّة ّ‬ ‫يحتاج معرفة كُنه الجّمال ‪ ..‬إستطالع ما وراء آألشياء وآآلفاق بال ّ‬
‫ألروائح؛ أألفالك؛ أشكال المخلوقات؛ القوز و قزح؛‬ ‫والبصيرة ‪ ..‬عن طريق المرئيّيات؛ ألمسموعات؛ أأللحان؛ أألصوات؛ ّ‬
‫سدان في آلشيطان و‬ ‫ّ‬ ‫يتج‬ ‫هما‬ ‫ّ‬ ‫ن‬‫فإ‬ ‫ّر‬
‫ش‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫آلقبح‬ ‫أما‬ ‫آلخير‪,‬‬ ‫ألشروق؛ الغروب‪ ,‬فآهلل و أهل هللا تعالى ال نجدهُم ّإال في الجّمال و‬
‫أهله كعارضان ال يتعلقان بآهلل لتضاربها مع الجّمال‪ ,‬و هللا تعالى نفسه يقول‪[ :‬إبحث عني في الجّمال‪ ,‬ألنك ال تجد ذاتي ّإال في‬
‫آلجمال والمعنى‪ ,‬عبر الموجات المرئيّة ‪,‬بذبذبات خاصّة تصلنا و تناسب عيوننا وعبر المسموعات ألّتي نسمعها أيضا‬
‫بإهتزازات تناسب حجم آذاننا و هكذا بقية المقايس التي أثبتها العلم]‪ ,‬و لكثر حالوة الجّمال و طبعه الذي يُريح النفس و‬
‫الوجدان و الحواس و آلذّات؛ ال نشبع منه و ال نرتوي و ال نحصل على ّ‬
‫الرضا آلتّام أبداً ‪ ..‬إنّهُ عالم وسيع ال متناهي ‪ ..‬لكنه‬
‫يتصل بآألصل الذي سنُبيّه في الختام!‬

‫قوة وقدرة الجّمال على تلطيف األرواح و شفّافيتها تتجلّى من خالل عدم مللنا من‬ ‫سد ّ‬
‫ألعالم المحدود ألذي يناسب وضعنا و يُج ّ‬
‫سماع أغنيّة جميلة بألحان عذبة و كلمات معبّرة راقية‪ ,‬واألغرب أنّ الكثير من الناس ما زالوا يطربون لألغاني القديمة رغم‬
‫مرتين‪ ,‬الفرق في‬ ‫أنهم سمعوها مرارا ً آالف المرات‪ ,‬بينما سرعان ما نم ّل عند قرائتنا لكتاب علم ّي ّ‬
‫مرة واحدة أو مشاهدة فيلم ّ‬
‫الحالتين هو‪ :‬أنّ العلم و التكنولوجيا يتحك ْم بهما العقل بمدى األستيعاب للمعادالت وقوانين ّ‬
‫ألرياضيات وهو مم ّل لعدم مشاركة‬
‫!الحواس لشباعها بآألنتقال للذات سوى العقل هو الوحيد الذي يتعامل معها‬
‫ب؛ فيتحكم بهما (ألقلب) الذي يعشق (الفنّ ) و(آلطبيعة) بشكل فطري ألنّهما ينعشان و يبعثان على الراحة‬
‫أ ّما الجّمال وآل ُح ّ‬
‫والحيوية واألطمئنان و الراحة في القلب‪.‬‬

‫شِعر واألدب الهادف و الموسيقى الذي يعتمد‬ ‫و هكذا المناظر الطبيعية و اللوحات الفنيّة التي نُقشتْ قبل مئات ال ّ‬
‫سنين‪ ,‬و ال ّ‬
‫إلهي‬
‫ّ‬ ‫طبيعي‬
‫ّ‬ ‫المجاز في التعبير و آلتناغم‪ ,‬و الطبيعة نفسها‪ ,‬فكثيرا ً ما تكره غياب الشمس عند الغروب و أنت أمام منظر‬
‫سماء بآألرض و بآلحيوان و النبات و الطيور والفراشات فوق الزهور وأسراب النّمل من تحتها‪ ,‬حيث‬ ‫جميل تلتقي فيه ال ّ‬
‫تشعر و كأنك تريد أن تض ّمه بين يديك ‪ ..‬ولن ترتوي وال تشبع من هذا األحساس الجّمالي‪ ,‬بل ت ُحاول أن ترتمي في أحضان‬
‫هذا العالم لألبد من دون العودة مجدّدا ً لهذه آلحياة المادية التي تضم البالء والذنوب والعذاب وآأللم لجهل الناس بحقيقة و‬
‫ماهية الجّمال و كنهه!‬
‫الكوني دعا البشر من خالل إشارات سماويّة إلى أنّ يُبدعوا بتحويل جمال اللغة إلى أساليب المجاز‪ ,‬ألن المجاز‬
‫ّ‬ ‫بل الجّمال‬
‫اللغوي كآلمجاز الجمالي‪ ,‬الذي تريد أن تجوزه ‪ ..‬لتعبر منه إلى شيئ آخر‪ ,‬و المجاز أبلغ من التصريح (الواقع)‪ ,‬كما أن ذكرى‬
‫الشيئ أجمل من حقيقته‪ ,‬أو سماع صوت الطبول من بعد أجمل من مباشرته!‬

‫و هناك شيئ آخر يختبئ وراء المجاز نريد بيانه و معرفته ‪ ..‬ليطمئن القلب و الروح ‪..‬‬
‫فما هو ذاك الشيئ اآلخر الذي نريد وصوله بآلمجاز الذي هو أبلغ من آلحقيقة ؟؟‬

‫عند التّمتع و لو للحظات بتلك الموجات األيجابيّة المنبعثة التي نتحسسها عن بُعد!‬
‫تقشعر منها و ترتاح بذلك ‪..‬‬‫ّ‬ ‫تلك الموجات التي تجعل أبداننا‬
‫س ْكر و تحليق في الفضاء آلعالي ‪..‬‬ ‫تجعلنا نشعر بخشوع ‪ ..‬و ُ‬
‫هذا ليس بسبب ذاتيّة الموضوع أو الحقائق الواقعة ‪..‬‬
‫إنّما هي الطريقة و آألثر‪ ,‬ألّذي يجعلكَ تخضع لتلك المشاعر الداخليّة التي تتعامل مع وجدانك‪ ,‬لتجعله حيّا نابضا بآلحياة و‬
‫ً‬
‫األنسانية و تحسس الجمال و الفن و النغمات الموســـيقيّة!‬
‫و هكذا هو فعل ال ّجمال الصارخ الذي يشلّنا ويُنعشنا أحيانا ً!‬
‫جردنا عن أنفسنا لنحلق في عالم الخلود ‪..‬‬ ‫يذهلنا ‪ ..‬و يُ ّ‬
‫و يدخلنا في حالة روحيّة و صفاء نفس ّي قلّما نشهده في الحياة ‪..‬‬
‫و تلك أألعمال العارضة الصارخة ‪..‬‬
‫أو صوتا ً جميالً ‪..‬‬
‫أو موسيقا أصيلة ‪..‬‬
‫أو صدى الناي ‪ ..‬و الفايلون‬
‫أو المقامات الفنية العاليّة ‪..‬‬
‫سيل دموعنا و ت ُخصّب أفكارنا و قوة نتاجنا ‪ ..‬بحيث تقشعر أبداننا ‪..‬‬ ‫سحيقة بال إرادة ‪ ..‬بل و ت ُ ّ‬ ‫بقوة لألعماق أل ّ‬ ‫تجرنا ّ‬ ‫كلها ‪ّ ..‬‬
‫تكف عيوننا فجأةً من هول قوتها الغير المرئ ّية و نفوذها ألعماقنا المهيأة ألستقبالها ‪ ..‬و هذا هو النفوذ ال ّجمالي ‪ ..‬ألذي‬ ‫و ّ‬
‫يُشير لما بعده ‪ ..‬و الذي يُميّيز بين األنسان الح ّي صاحب آلضمير الذي يتحسسه جيّدا ً عن األنسان آلميّت الذي فقد إحساسه‬
‫تحرك جسده في الظاهر لكن من دون شعور!‬ ‫بسبب الظلم و لقمة الحرام رغم ّ‬

‫فهناك من ال يملك القدرة على سماع و تحسس و إستيعاب ذلك بسبب الحواجز التي أوجدها أمام تلك النغمات و الشعور و‬
‫القوى األيجابيّة ‪ ..‬ألنّ وجدانهُ مغطى و مدفون في أعماق نفسه الملوثة المحاصرة بآلشهوات الماديّة؛ المقوضة في وحل‬
‫الذنوب و األسى و خبث المادة و آلشهوة التي تح ّل كحاجز بينهُ و بين تلك األشارات الكونيّة العظيمة ‪ ..‬فيُحرم منها لألبد وال‬
‫تواقا ً‬
‫حب الذي يحب ألخيه ما يحب لنفسه ‪ ..‬فهو الوحيد الذي يبقى ّ‬ ‫سسها ‪ّ ..‬إال صاحب القلب ّ‬
‫ألرحيم؛ الط ّيب؛ أل ُم ّ‬ ‫يتح ّ‬
‫ألحتضان الجّمال الطبيع ّي وال يرتوي أبدا ً ‪ ..‬ولذلك يبقى ُمتعطشا ً للوصول لمنبعه ‪ ..‬عن طريق ما فرضهُ الجّمال نفسه من‬
‫قوانين عليه لتطبيقها!‬

‫كونته لكَ أيّها الجّاهل الظالم ‪ ..‬بعد مليارات من السنين وآلتخطيط حتى الخلق ‪ ..‬حتى‬ ‫أهلل تعالى يقول‪ :‬هذا هو سبيل ن ّ‬
‫ظمته و ّ‬
‫أنت الذي خلقتك بيدي‪ ,‬و حين قلت له ك ُْن ‪ ..‬فكان كما أردت حيث إنطوى في قسم من وجودك الصغير هذا العالم األكبر!‬

‫علّ َّي ‪ ..‬للتّقرب من ّي ‪ ..‬لقد آثرتك بآلمجاز لكونه أبلغ من التصريح في آيات عديدة‪ ,‬فكن ُمهيئا ً للتعاطي‬ ‫هذا كلّه ألجل أن ّ‬
‫تتعرف َ‬
‫سفر ‪ ..‬سفر العاشقين نحو مدينة الخلود‪ ,‬لكنه ليس سهالً ‪ ..‬قطع‬ ‫مع المجهول ‪ ..‬واألقتراب منه ‪ ..‬و ما عليك إال البدء بآل ّ‬
‫طلب‪-‬ألعشق‪ -‬المعرفة‪-‬التوحيد‪-‬الحيرة‪-‬أألستغناء‪-‬ألفقر وآلفناء]‪ ,‬و ما تلك الماديّات التي تحيطك و‬ ‫المحطات السبعة و هي [أل ّ‬
‫تمنعك من نيل الخير و الطيران في الفضاء الكوني؛ سوى دمى للصغار ‪ ..‬أ ّما أنت أيّها العاشق فقد كبرت ‪ ..‬و ال ينبغي أن‬
‫تبقى مع الصغار ‪..‬‬

‫عليكَ بآلتوجه إلى الماوراء ‪ ..‬إلى األفاق البعيدة لتسطلع ّ‬


‫بآلروح ‪ ..‬ما ال يُمكن رؤيته بآلحواس و العقل حتى لو تسلحت‬
‫بأقوى المناظير و التلسكوبات ‪..‬‬
‫و بهذا الطريق ستشعر بآلخشوع الذي يصطحبه األحساس بآلفقر و الفناء ‪..‬‬
‫إنّ الذي يقوم بهذه ال ُمه ّمة هو (آلفنّ ) هو (آلجّمال) ‪ ..‬ال (آلعلم)!‬

‫ألنّ (العلم) يتعاطى مع الطبيعة بلغة الرياضيات لكشف ألماد ّيات‪ ,‬رغم إعتراف العلماء كألبرت آينشتاين بوجوب إستخدام‬
‫(الكّوانتوم) مع العلم لمعرفة الحقيقة أكثر‪ ,‬لكن العلم الحديث لم يتوصل بعد لذلك!‬

‫أما (الفـنّ ) فيتعاطى مع الماوراء ‪ ..‬مع ّ‬


‫ألروحيّات و الخيال الخصب‪ ,‬ألتي هي من أمر هللا الذي ال يُشعر به و بعظمته إال‬
‫الخاصّة بعد ما زكّوا أنفسهم!‬

‫و حقّا ما قاله المسرح ّي أأليرلندي الكبير برناندشو‪[ :‬حين تستعمل المرآة ترى وجهكَ ‪ ,‬و حين تستخدم الفن ترى روحك]‪.‬‬
‫و تبقى معرفة الجّمال أه ّم و أسمى و أرفع طريق لكشف و معرفة أسرار الوجود للوصول إلى الحقّ‪.‬‬
‫ألفلسفة آلكونيّة ال تعترف بالجغرافيا و حدود آلفكر و الهوية‪:‬‬
‫ألفلسفة آلكونيّة ال تعترف بالجغرافيا و حدود آلفكر و الهوية‪:‬‬
‫لع ّل دعواتنا المتكررة و لح ّد اليوم لنشر الوعي و (معرفة ال ّجمال و ال ِعلم و عمل آلخير) من خالل المناهج و األطروحات‬
‫سابعة و األخيرة لقصّة الفلسفة و ختامها؛‬ ‫الفلسفيّة و العرفانيّة التي وردت في (الفلسفة الكونية)‪ ,‬بإعتبارها المرحلة ال ّ‬
‫الفكري المحلي التي تطغى عليه الروح اآلدم ّية لتكوين‬
‫ّ‬ ‫هي ليجاد مساحة رحبة لإللتقاء و التواصل و آألنفتاح على المجتمع‬
‫الثلة الكونيّة المؤمنة الداعية للخير و المحبة و الوئام و العلم‪ ،‬و التي بإمكانها حمل راية التغيير في ألعالم و إنقاذه عبر‬
‫مشاريع شتى في مقدّمتها تأسيس المنتديات الفكريّة و ال ُملتقيات الثقافيّة إضافة لض ّم آلجمهور أل ُمهتم بالفلسفة‪ ،‬و مثل هذا‬
‫النشاط المعرف ّي ربما ما زال جديدا ً على المجتمعات المختلفة و منها العربية و األسالمية‪ ,‬لكنها قطعت أشواطا ً ال بأس بها منذ‬
‫آلبدء بتأسيسها قبل عقود‪ ،‬هذا إلى جانب األذى و األجحاف الذي قوبلنا به في البداية مع نوع من الحذر و االستفهام بسبب‬
‫تدني الوعي حتى بين األعالميين و ال ُكتّاب و األكاديميين ناهيك عن عوام الناس!‬

‫لذلك كان القبال المبدئي على النشاط واقعيا ً من قبل المفكريين بالقياس مع انطالقة األنشطة األخرى من قبل اآلخرين في‬
‫الهيئات المختلفة‪ ،‬و أتوقع بأن االستجابة فيما ستفوق التوقعات‪ ,‬و رغم الخطوات الرسمية باالعتراف بالفلسفة في بعض‬
‫الدول السالمية و العربية ؛ إال أنّ مخاوف المهتمين بها تنبع من وجود جملة من علماء الدّين ما زالت تأخذ بتحريمها‪،‬‬
‫فآلتيارات و آألحزاب الدّينية يسيطر عليها الكثير من الجهل و الجهالء و حتى الفاسدين بالذات‪ ،‬فهم يتمسكون برأي من قال‬
‫بتحريمها و بشكل مغرض‪ ،‬و آألهم في نظره أنها تتبع خطوات محسوبة تتفق مع أجندتها و أهدافها‪ ،‬وتعليم الفلسفة ليس من‬
‫مصلحتها ألنها ست ُنمي الوعي لدى الجماهير و بآلتالي سيخسرون منافعهم و مواقعهم ألنهم يحرصون على إحتكار النطق‬
‫بالحقّ‪ ,‬و إنعكس تحريم الفلسفة على الكثير من المجتمعات و منها المجتمعات األسالمية و العربية و بآلذات المجتمع‬
‫السعوي الذي يتأثر بشكل طبيعي بما ينقل من أقوال بعض العلماء في التحذير من أن يتولد عنها االنحراف واللحاد والزندقة‪،‬‬
‫ّ‬
‫وأن في ذلك اتباع لمناهج غربية غير إسالمية‪ ،‬و الحال أن أولى نظريات الفلسفة السالمية و العقلية ظهرت على أرضها منذ‬
‫بداية الدّعوة السالميّة خصوصا في زمن األمام عل ّي(ع) على يد األشاعرة و المعتزلة و غيرهم من الفرق الكالمية المختلفة!‬

‫لذا بناءا ً على هذا التناقض السلبي و التعامل ألمشين و المجحف مع (المعرفة) و (الفلسفة) و (الثقافة) و (آلعلم) ؛‬
‫فأنهُ من الطبيعي أنّ تلك األطروحات المعارضة ستؤثر بشكل سلب ّي كبير في القناعة بها‪ ,‬خصوصا وأن أكثر الناس ليس‬
‫روج لصعوبة تعلم (ألفلسفة) و أنها معقدة ‪ ..‬فينتشر لدى الطالب الخوف منها و‬ ‫لديهم االطالع الكافي لصدها‪ ،‬و هناك من يُ ّ‬
‫ً‬
‫عدم الرغبة في آألقدام و التجربة‪ ,‬و الحال أن الفلسفة الكونية ال تعترف بآلجغرافيا وال بحدود الفكر إطالقا ألن قبول‬
‫آلجغفرافيا الفكرية و الفلسفية شأن األميين فكرياً‪.‬‬

‫في ختام بياننا هذا ؛ نحذّركم أيّها الكونّييون لنقطة جوهريّة تتمركز عليها ّ‬
‫سر الوجود ألذي ال يصلى إال بآلقلب آلطاهر الذي‬
‫يُمثل عمق الوجود الحقيق ّي لألنسان ألداء رسالته التي ُوجد ألجلها في هذا الوجود‪ ,‬و أه ّم متطلبات ذلك ‪:‬‬

‫ق بآلعقل الظاهر الذي يُمثل ألظاهر ألمجازي بل بآلقلب الباطن لبناء (البصيرة) التي بها‬ ‫هي القراءة العميقة الواعية ‪ ..‬ال يتحق ّ‬
‫ق رسالتنا الكونيّة بعد معرفة األسرار و أأللغاز‪ ,‬و في مقدمتها حقيقة الموت و الحياة و البعث‪ ,‬تلك‬ ‫سر آلوجود و نحقّ ّ‬
‫نصل ِ ّ‬
‫سامية‪ ,‬و ليس كما يقرأ النّاس بطرف‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ة‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ن‬ ‫الكو‬ ‫المراتب‬ ‫لنيل‬ ‫المطلوب‬ ‫تحقق‬ ‫التي‬ ‫هي‬ ‫التكرار‬ ‫و‬ ‫الصرار‬ ‫مع‬ ‫العميقة‬ ‫القراءة‬
‫تتكرر كل يوم و لحظة و‬
‫تمر و ّ‬ ‫إن قرؤوا أو نظروا – و معظم القراآت ال تتعدى األخبار و الحوادث التي تقع و ّ‬ ‫عيونهم – هذا ْ‬
‫أعز ساعات و أيام عمرنا بعد أن ال يبقى معنا منها‬ ‫ساعة ث ّم ت ُنسى‪ ,‬لنصرف وقتنا و جهودنا بآلقيل و القال و بآلتالي نخسر ّ‬
‫شيئا ً من آلمعرفة و آلمتاع آلخرتنا كما لدُنيا التي تحكمت فيها أخبار الفاسدين و الحاكمين‪ ,‬من هنا يأتي أهمية الوعي الكوني‬
‫الذي علينا تنميته لنكسب كل شيئ!‬

‫و القراءة الواعية الهادفة ال تنحصر فقط في الكتب و صفحات الكومبيوتر و ال بمكان أو حادث أو زمن معيّن لتنتهي سريعا ً ‪..‬‬
‫الزمكاني حتى آخر المطاف‪ ,‬ألنها ت ُعلّمك آلقواعد الفكر ّية التي تنتج الخيال الخصب ال الحشو و التراكمات كما هو حال‬
‫ّ‬ ‫بل لكل‬
‫معظم الناس بمن فيهم ُكتّابنا و أكاديميينا و هي أساليب غير مجدية أو ُمنتجة للمتحضرين في المجال العلمي و المعرفي‬
‫بسبب تلك المقدمات التي ت ُصيبنا بأألميّة ألفكريّة و التكور على الذّات و آلتّعصب للحزب أو آلعشيرة أو الفئة التي ننتمي لها ‪..‬‬

‫ألقراءة الواقع ّية الواع ّية هي (القراءة الكون ّية) فقط؛ و تشمل قراءة و ربط ك ّل صورة و حدث للطبيعة و آلوجود و المخلوقات‬
‫بسبب وجودها و غاياتها و آألسرار الكامنة من ورائها‪ ,‬و كل منها تحوي على مسائل و قضايا ال تسعها الكتب و آلمقاالت‬
‫ظ عظيم!‬‫وقد تحتاج واحدة منها لك ّل العمر كي تقرأها و تهضمها و تفهمها على حقيقتها‪ ,‬و هذا األمر ال يناله ّإال ذو ح ّ‬

‫ليتشرب أعماق وجودك بفيضها و نورها و بركاتها ‪ ..‬ال بعقلك الظاهر ألمحدود فقط ؛ تحتاج لكشف ماهية‬ ‫ّ‬ ‫و لكي تقرأ بقلبك‬
‫ألعالقة؛ بين (القلب و آلعقل) أو (العقل الظاهر و آلعقل الباطن) أو (ألحواس و آلضمير) أو (آلعرض و الجّوهر) و عالقتها‬
‫بآلمعشوق األصلي الذي إبتعدنا عنه بعد حوادث مؤسفة بتنا ال نتذكر منها الكثير بسبب الكثرة و التيه‪ ,‬لهذا شهدتُ ما شهدتُ‬
‫من آألسرار و آلمعارف حين تعلّمتُ تلك (آلقراءة) التي تعتمد لغة و قوانين ألقلب و آلوجدان ‪ ..‬حتى ّ‬
‫صرحتُ بها من خالل‬
‫(فلسفتي الكونيّة ألعزيزيّة) كختام لقصة الفلسفة في آلوجود بعد عبور (ستّة) مراحل لتكون المرحلة ال ّ‬
‫سابعة‪ ,‬حيث قلت‪:‬‬

‫[ألعقل الظاهر بمساعدة ألحواس الظاهريّة ألخمسة و إن كان يعي أألرقام و آلحسابات المنطقيّة و المحددات الظاهرية ؛ لكنّهُ‬
‫سر الوجود]‪.‬‬
‫محدود ال يصل لوحده ألعماق و ّ‬

‫و ال بُ ّد من عقل كلّ ّي يرتبط بآلقلب ‪ّ -‬‬


‫أي المحتوى الحقيق ّي لوجود األنسان – و يُعبّر عنه بـ (ألبصيرة) كما أشرنا سابقا ً و ال‬
‫ق آألصل الذي إبتعدنا عنه بسبب (الكثرة) من الجّهة األخرى‪,‬‬ ‫ش َ‬ ‫يملكه بشكل كامل ّإال الذي وصل درجة اآلدميّة من جهة و َ‬
‫ع ّ‬
‫سعي لـ (ألوحدة بدل الكثرة)‪ ,‬و هذا األمر ال يمكن بسهولة ما لم نعي بشكل واضح و ُمست َ َد ّل الفرق بين الحالة‬ ‫لذلك ال بُ ّد من آل ّ‬
‫(البشرية) التي يجب عبورها لنصل مرحلة (األنسانيّة) التي يجب عبورها أيضا ً لتتحقق ( اآلدمية) في وجودنا و هي آلمرحلة‬
‫التي بوصلها تتحقق في نفوسنا مؤ ّهالت الخالفة األلهية التي معها يمنّ هللا علينا بوراثته في آألرض‪ ,‬بحسب الوعد الذي‬
‫سماوية (القرآن) آية عظيمة إختصرت مسألة الوجود و إسراره و غايته و هي ‪:‬‬ ‫قطعه على نفسه‪ ,‬حيث قال في خاتم الكتب ال ّ‬

‫أن نمنّ على آلذّين إستضعفوا في آألرض و نجعلهم أئ ّمة و نجعلهم آلوارثين](القصص‪.)5/‬‬
‫[و نُريد ْ‬

‫و لنكون من الوارثين ؛ يحتاج تجسيد آلتوحيد في وجودنا على كل صعيد في تعاملنا مع الحياة و الوجود في حبنا في كرهنا ‪..‬‬
‫ق‬‫ق معنى آلصّبر بآألستقامة و التّحمل في سبيل الوحدة األنسانيّة بآلتواصي في طريق الح ّ‬ ‫و (التوحيد) يحتاج للصّبر و يتحق ّ‬
‫ألرحمن‪ ,‬و‬
‫و آلوئام و آلمحبّة و آلخلود لحفظ كرامة األنسان و وحدة المجتمع و العائلة و التي بحفظها ت ُحفظ ُحرمة عرش ّ‬
‫بتحقّق تلك المرتبة تتحقق فينا معنى األيثار و األنسانيّة التي هي ُمق ّدمة واجبة لنيل مرتبة (أآلدميّة) التي معها و بها نورث‬
‫الخالفة األالهيّة؟‬

‫بل بتحقق (آآلدميّة) نكون قد أصبحنا كأديم األرض متواضعين ؛ ُمحبيين ؛ متلهّفين لمعرفة الجمال و عمل الخير ؛ و طلب‬
‫يفرق شملنا أو يزرع العداوة بيننا‪ ,‬أو ال سامح‬
‫شر أو شيطان ّ‬‫العلم ؛ للوصول إلى مدينة السالم األبدية‪ ,‬و حين ال يبقى أي ّ‬
‫أن يهز عمل – قد ال يُع ّد بنظر الناس كبيراً‬
‫الرحمن تعالى ‪ ..‬و بآلتأكيد تدركون ؛ ما معنى ْ‬
‫هز عرش ّ‬ ‫هللا نكون م ّمن يتسبب في ّ‬
‫‪ -‬ذلك العرش العظيم الذي يحكم الوجود! بل قد يعت ّد أكثر الناس بذلك المسبب الذي قد يكون صغيراً ال تبعات ظاهرية لهُ بينما‬
‫الزنا و هتك الحرمات و آلغيبة و سرقة أموال الناس و الفقراء و نكران‬ ‫الرحمن كآلطالق و ّ‬ ‫بهز عرش ّ‬ ‫يتسبب ذلك آلعمل ّ‬
‫ق المحسن و إتيان آلكبائر من الثم ‪..‬‬‫الجميل و الخيانة بح ّ‬

‫الرحمن) الذي ال ّ‬
‫يهزهُ ك ّل قوى و جيوش و ملوك و رؤوساء العالم و الوجود و قنابلهم ألذرية و‬ ‫و تعرفون ما هو (عرش ّ‬
‫ً‬
‫النيتروجينيّة و ال حتى عقول و نوابغ آلخلق و الوجود و فنونهم لو إجتمعت و صارت بعضها لبعض ظهيرا؛ فال يمكنها أن‬
‫تؤثّر في ذلك‪ ,‬لكن هتك حرمة مؤمن بغيبة أو (الطالق) يُمكنه ذلك!‬

‫المحرمة ال يكون ُجرمهُ بمصاف ذلك‪ ,‬ألنّ الطالق يُد ّمر (ألجّمال) ألّذي يُقترن بـ (آل ُح ّ‬
‫ب) الذي هو أحد األركان‬ ‫ّ‬ ‫حتى قتل النفس‬
‫الثالثة التي بمعرفتها نقف تماما ً على ّ‬
‫سر وجود الخلق و الوجود ‪ ..‬إلى جانب ركنين آخرين أساسيين‪ ,‬هما ‪:‬‬
‫(ألعِلم) و (عمل ألخير) و قد شرحناهما فيما مضى!؟‬

‫ألطالق ‪ -‬تلك آلمسألة ألمؤلمة للغاية لنفس آهلل تعالى ألنّ أثره يمت ّد عبر آآلفاق و الوجود في معادلة ُمعقّدة و متشابكة‪ ,‬تصل‬
‫المقربيين‬
‫ّ‬ ‫جذورها من حريم (أل ُح ّريّة) أو (األختيار) أألنسان ّي الذي وهبهُ صاحب العرش العظيم لبني آدم دون حتى المالئكة‬
‫ق أكبر رئيس و ملك و‬ ‫حقي أنا الحكيم و ال حتى من ح ّ‬
‫ّ‬ ‫لعرشه ‪ ..‬و ليس من حقّك أيّها األنسان ألمتأدّب بأخالق هللا وال من‬
‫ّ‬
‫حتى هللا تعالى نفسه الذي أهداه لخلقه ؛ ال يجوز له أن يتالعب أو يُؤثر أو يُنقص من حجم تلك الكرامة بل خدشها‪ ,‬ألنها‬
‫(آلحر ّية) و (آألختيار) ألذي يُم ّيز و يُصبغ حياة آلمخلوق ‪ ..‬ك ّل مخلوق ‪ ..‬خصوصا ً األنسان ألنّ (األختيار) هو آلمعنى اآلخر‬
‫ق أحد مهما َملَكَ من أساليب‬ ‫كرمنا بني آدم ‪ )...‬و لو فُ ِق َدت ‪ ..‬ألنتهى معنى الوجود الحقيقي لألنسان و ليس من ح ّ‬ ‫للكرامة (و ّ‬
‫س صاحبها بغيبة‬ ‫القوة و التسلط و العنجهية و آلمال ْ‬
‫أن يتكبّر أو يتحكّم بها أو يُحاول إذاللها أو تحجيمها أو محوها أو حتى َم َّ‬ ‫ّ‬
‫ق كون ّي ‪ ..‬وجودي ‪ ..‬طبيعي أكر َم هللاُ تعالى به عباده الذين عبروا مرحلة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أي نوع من آلتعدي و آلمهانة‪ ,‬ألنها ح ّ‬ ‫أو بهتان أو ّ‬
‫البشرية و األنسانية حتى وصلوا المرحلة اآلدميّة ‪ ..‬فميّزهُم عن ك ّل المخلوقات األخرى حتى جعلهم خلفاء له في األرض‪,‬‬
‫لكنكَ مع ك ّل هذا ؛ تجد الناس اليوم ليس فقط يعتبرون زرع الفتنة و الفرقة و الغيبة و النميمة و البهتان و عبادة الدّينار و‬
‫الدّوالر تنفيسا ً عن نفوسهم ‪ ..‬بل و جهادا ً و ثقافة ونهجا ً أو ُمزحة لهم‪ ,‬وال يتوانون حتى في قتله(قتل الشخصية) ومحاصرته‬
‫و تشريده‪ ,‬بل واألتعس من ذلك ترى بعضهم يرمون فلذات أكبادهم في الشوارع و المزابل و البحر ليموتوا غرقا ً بال رحمة و‬
‫سوء‪ ,‬و قد وقعت حوادث عديدة في العالم و في العراق الذي تكاثر فيه الظلم بإسم السالم‬ ‫شفقة إنتصارا ً ألنفسهم األمارة بآل ّ‬
‫تتكرر الجرائم ك ّل يوم بشكل عادّي‪ ,‬و لعل الطبقيّة و الفوارق الحقوقية هي أه ّم سبب في‬ ‫و الدّعوة و الوطن و الناس و ّ‬
‫تعاظمها!‬

‫و لو ترى و تتأمل و تقرأ بعمق القرآن الكريم و حتى سيرة و مسيرة األنبياء و األئمة ‪ :‬فأنّك ال تشهد منهم غيبة أو كذبة ‪..‬‬
‫وال حالة طالق واحدة على أيديهم رغم إنّ بعض نساء األنبياء ُكنّ يأتين بآلكبائر كإمرأة لوط و زوجة األمام الحسن(ع)‪ ,‬و‬
‫آلرحمن‪,‬‬
‫يهزوا عرش ّ‬ ‫غيرهما كثير وتحملوا العناء و صبروا بل و إستشهدوا في سبيل تلك القيم و الكرامة آلنسان ّية و لم ّ‬
‫فحذارا ً أيّها الكون ّي من ذلك ‪ ..‬و ّ‬
‫حري بنا ألحفاظ على تلك األمانة الكبرى التي ترتبط ّ‬
‫بعز و كرامة هللا تعالى مباشرة‪.‬‬

‫قد يصعب على الكثيرين في العراق و العالم درك هذه النقطة ألجوهريّة التي منها تنطلق آلمآسي في حال إذاللها و تحطيمها‬
‫حريتها و‬
‫أي الكرامة‪ ,‬أو العكس ينطلق آلخير و آألبداع و ك ّل السعادة و الرقي و آألبداع منها في حال إكرامها و إطالق ّ‬
‫ّ‬
‫ق عبادات و رياضات و أسفار عظيمة كونيّة ال‬ ‫آلحفاظ عليها ‪ ..‬لذلك فإنّها حقا ً تحتاج لوع ّي كون ّي و عمق و دراسات و تستح ّ‬
‫سعادة و آلخير و آلحضارة و‬
‫أرضيّة محدودة للوصول ألسرارها التي معـها ت ُح ّل كل ألغاز الوجود أمام طالبيها‪ ,‬مع تحقق أل ّ‬
‫المحبّة و آلعشق بدل الكراهيّة و آلعنف و آلحرب و ألتعدّي و آلخصام و آلفساد!‬

‫هذا ما يخصّ اآلثار المد ّمرة لإلختالف و الفرقة و الطالق و آثارها السلبيّة على الفرد و المجتمع‪ ,‬من هنا نرى أن الناس‬
‫ونتيجة األعالم المركز من طرف الشركات التعاونية الخمسة الكبرى (الفيس بوك و تويتر و كَوكَل و أمازون و مايكروسافت)‬
‫إلى جانب السياسات المتبعة على الصعيد األقتصادي و المالي و الجتماعي‪ ,‬سعت و تسعى بكافة الوسائل و األساليب‬
‫الداعمة و من األساس لبعاد الناس عن التآلف و الزواج و تشكيل العائلة ليع ّم آلشقاء بينهم‪ ,‬و ت ُعتبر وجود العائلة بحسب‬
‫األول لتحقيق سعادة األنسان و تطوره بكنفها‪ ,‬هذا إلى جانب األيمان بآهلل بشرطها‬‫معايير الفلسفة الكونيّة ‪ ..‬العامل و المركز ّ‬
‫و شروطها التي أوردناها كمرتكز ثان لتحقيق آلسعادة‪ ,‬و لو فقد األنسان هذين العاملين فال يبقى له أمل للعيش سعيدأ‪ً.‬‬

‫لهذا فإنّ المؤآمرة على البشريّة كبيرة ‪ ..‬و كبيرة ج ّدا ً و هناك إتفاق محكم بين (شياطين األرض) ألذين يملكون المال و‬
‫األقتصاد و التكنولوجيا و األحالف العسكرية لتمريرها من أجل المال و الفساد و السيطرة و التكبر و العلو على الناس في‬
‫األرض!‬

‫ق للوصول إلى مدينة آلسالم و األمان ‪ ..‬مدينة العشق‬ ‫و الفلسفة الكونيّة العزيزيّة هي آلضامنة لرشادكم إلى طريق الح ّ‬
‫الحقيقي دون ك ّل العشوق المجازيّة لتتكامل فيها كرامة األنسان و يت ّم العودة لألصل الذي إنفصلنا عنه بآلجبر أو آألختيار ‪..‬‬
‫ّ‬
‫سر هللا في وجودك ‪..‬‬ ‫فحذارا ً أيّها آلكون ّي ْ‬
‫أن تغفل عن ما نبّهناك عليه في هذا آلبيان ‪ ..‬كي ال تفقد كرامتك التي تمثل ّ‬

‫محبتي لكم أيّها آألعزاء ألكُرماء ‪ ..‬و ال ُملتقى عند المعشوق األزل ّي ألّذي عشقنا و ألقى آلحكمة بقلوبنا ‪ ..‬وال حول وال ّ‬
‫قوة إال‬
‫بآهلل العلي العظيم ‪.‬‬

‫لربه عزيز حميد مجيد‬


‫ألعارف الحكيم ‪ ..‬الفقير ّ‬
‫ألخاتمة‪:‬‬
‫ألخاتمة‪:‬‬
‫أعزائي الكرام ‪ :‬نختم بياننا الكون ّي هذا بسؤآل كون ّي لتكون بداية واسعة لنشاط ُمر ّكز و جديد للعاملين في سبيل الخلق‬
‫سؤآل هو ‪:‬‬‫ق‪ ,‬و آل ّ‬
‫والح ّ‬

‫ألرحيم (ص) ‪( :‬شيّبتني سورة هود و صالح)]‪ ,‬بسبب ورود آية عظيمة ل ّخصت مسار و هدف‬
‫[لماذا قال آلرسول الكريم ّ‬
‫القرآن‪ ,‬و هي‪:‬‬

‫ست َ ِق ْم َك َمآ أُمِ ْرتَ َو َمن ت َ َ‬


‫اب َمعَكَ َو َال ت َ ْطغَ ْواْ ۚ إِنَّ ۥهُ ِب َما ت َ ْع َملُونَ بَ ِصير] (هود‪.112/‬‬ ‫[ َفٱ ْ‬

‫و آلذي طالما كان (ص) يبكي عند تذ ّكره لتلك اآلية (المقصودة لعمل عظيم و هو إستقامة الناس على طريق الحقّ)‪ ,‬حيث لم‬
‫تستطع األرض وال السموات من حملها بل و أشفقن منها ‪ ..‬أي إستسلمن و تعذّرن من حمل تلك المسؤولية‪ ,‬إنما تعبير‬
‫مجازي عظيم عن ثقل المسؤولية و صعوبتها‪ ,‬و التي كان يطرحها أحيانا ً في أوساط ّ‬
‫مقربيه من أهل البيت الذين جعلهم‬
‫الرسول معيارا ً لقبول أو رفض عمل أي إنسان له قلب أو القى السمع و هو شهيد!؟‬

‫كوني و‬
‫ّ‬ ‫النبي(ص) الذي وحده يتح ّمل مسؤولية التغيير عبر نهج‬ ‫ّ‬ ‫و هكذا هو حال ألفيلسوف و ألعارف الحكيم اليوم بعد‬
‫سر آلعشق و‬ ‫ق آلحياة و آألحياء بآلمطالعة و المناقشة ‪ ..‬هذا بعد تركه (ص) لألمانة بأعناقنا ‪ ..‬ألنهُ يعرف ّ‬‫نصوص تستح ّ‬
‫ق المقلوب‬ ‫ق المجهول الذي يدّعونه ‪ -‬بل آلح ّ‬ ‫آلقراء و منسوب ألوعي بين آلناس و ميلهم للح ّ‬ ‫ّ‬
‫آلوجود و مستوى آل ُكتاب و ّ‬
‫قومات ألثالثة (ألجّمال؛ ألعِلم؛ عمل‬ ‫م‬
‫ُ ّ‬ ‫أل‬ ‫تفاصيل‬ ‫مع‬ ‫حدود‬‫ال‬ ‫ألبعد‬ ‫و‬ ‫فقط‬ ‫الحكيم‬ ‫الفيلسوف‬ ‫عندهم ‪ -‬و الذي يعرف أسراره‬
‫ألخير) و شروط نيلها و شرحها و تطبيقها و دعوة الناس إليها‪ ,‬و الفكر ألكون ّي محفوف بآلمفكريّن و آلعشاق التّواقين لنشر‬
‫المعرفة و الحكمة بين الناس‪ ,‬ألنّ السعادة األبديّة ال تتحقّق إال عبر هذا المسير ‪ ..‬الصعب الذي إستشهد ألجله جيشا ً من‬
‫المفكريين و الفالسفة و العرفاء و األئمة و آألنبياء عبر التأريخ‪ ,‬و السالم عليكم و رحمة هللا و بركاته‪.‬‬
‫ع‪ /‬آلفالسفة و آل ُمفكّريّن في آلعالم‬
‫ألعارف الحكيم ‪ :‬عزيز حميد مجيد‬
‫ت َّم آلبيان بعون هللا و تسديده ‪..‬‬
‫و نأمل برجاء و تواضع إلتزام أألساتذة و ألجّامعيين و ألمثقفين و ال ُكتّاب و آل ُمفكّري ّيين و آلفالسفة ألذين هم القدوة و األمل‬
‫الرصينة و آل ُحصص و الدّروس و آلمنتديات ألفكريّة و آلثقافيّة في‬ ‫بدراسة هذا آلنّور لهداية الناس و تطبيقه عبر المناهج ّ‬
‫آلعالم و لك ّل المستويات‪ ,‬و إنّك لتهدي إلى صراط مستقيم ‪ ..‬صراط هللا الذي له ما في السموات و ما في األرض أَ َال إلى هللا‬
‫تصير األمور؟‬
‫و بخالف ذلك ‪ ..‬فليأتوا ببيان مثّله لتطبيقه ْ‬
‫إن كانوا صادقيّن؟‬
‫إن أنا ّإال بشير و نذير لقوم يُؤمنون‪.‬‬
‫ْ‬
‫رب ألعالمين‪.‬‬
‫و آلحمد هلل ّ‬
‫و به نستعين‪.‬‬

‫****************************************************************************‬

You might also like