You are on page 1of 4

‫القصة في القرآن حقيقة ال خيال‬

‫واملسلم احلق هو الذي يؤمن بأن القرآن كالم اهلل‪ ,‬وأنه منزه عن ذلك التصوير الفين الذى‬
‫يعتمد على التصور‪ ,‬وأنه كلما ارتقى خياهلا ونأى عن الواقع كثر الشوق إليها‪ ,‬ورغبت النفس فيها‪,‬‬
‫واستمتعت‪ F‬بقرائتها‪ ,‬مث قاس القصص القرآىن على القصة‪ F‬األدبية‪.‬‬
‫وليس القرآن كذلك‪ ,‬فإنه تنزيل من علم حكيم‪ ,‬وال يرد يف أخباره إال مايكون‪ F‬موافقا‬
‫للواقع‪ ,‬وإذا كان الفضالء‪ F‬من الناس يتورعون‪ F‬من أن يقولوا‪ F‬زورا ويعدونه من أقبح الرذائل املزرية‬
‫‪1‬‬
‫باإلنسانية‪.‬‬
‫متثل قصص القرآن الكرمي واحدا من أبرز وسائل " العرض الفين " يف القرآن الكرمي‪ .‬ولعل‬
‫احلديث عن هذه القصص من هذه الوجهة الفنية‪ F‬اخلالصة أن يكون لونا من ألوان الدراسة األدبية‬
‫احلديثة أو املعاصرة‪.‬‬
‫ومن اجلدير بالذكر أن أحد الطالب اجلامعني ىف مصر قدم رسالة لنيل درجة " الدكتوراه "‬
‫كان موضوعها " الفن القصصى يف القرآن "‪ ,‬وكتب عنها أحد أعضاء اللجنة الذين اشرتكوا يف‬
‫مناقشة الرسالة‪ ,‬وهو األستاذ أمحد أمني‪ ,‬ونشر يف جملة " الرسالة " وقد تضمن التقرير نقدا الدغا ملا‬
‫كتبه الطالب اجلامعي‪ ,‬وان كان أستاذه املشرف قد دافع عنه‪ ,‬وصدر األستاذ " أمحد أمني" تقريره‬
‫بالعبارة اآلتية‪:‬‬
‫" وقد وجدهتا رسالة ليست عادية‪ ,‬بل هي رسالة خطرية‪ ,‬أساسها أن القصص‪ F‬يف القرآن‬
‫عمل يف خاضع ملا خيضع له الفن من خلق وابتكار من غري التزام لصدق التاريخ‪ .‬والواقع أن حممد‬
‫فنان هبذا املعىن " مث قال ‪ " :‬وعلى هذا األساس كتب كل الرسالة من أوهلا إىل آخرها‪ ,‬وأين أرى من‬

‫‪ 1‬مناع القطان‪ ,‬مباحث في علوم القرآن (سورابيا ‪ :‬مكتبة ومطبعة اهلداية‪ ) 1973 ,‬ص‪309-308 .‬‬
‫الواجب أن أسوق بعض أمثلة ‪ ,‬توضح مرامي كاتب هذه الرسالة وكيفية بنائها " مث أورد األستاذ "‬
‫‪2‬‬
‫أمحد أمني " أمثلة متنزعة من الرسالة تشهد مبا وصفها به من هذه العبارة اجململة‪.‬‬
‫وهو أن القرآن الكرمي هو املقياس‪ F‬على صحة األدب‪ ,‬كما هو املقياس‪ F‬على صحة اللغة‪ .‬ومن‬
‫وجه آخر‪ :‬هو املقياس‪ F‬على مدى استحقاق هذا األدب للحياة واخللود أو مدى " إنسانيته‪ " F‬وخروجه‬
‫من الطابع اإلقليمي أو الطارئي أو املوقوت‪ ,‬وبغض النظر يف هذه املرة عن فنون القول وأشكال‬
‫‪3‬‬
‫التعبري‪.‬‬
‫واهلل تعاىل هو احلق ‪:‬‬
‫( ذلك بأن اهلل هو احلق وأن مايدعون من دونه هو الباطل ‪ -62‬احلج )‬
‫وأرسل رسوله باحلق‬
‫( إنا أرسلناك باحلق بشريا ونذيرا ‪ -24‬فاطر )‬
‫( وأنزلنا إليك الكتاب باحلق ‪ -48‬املائدة‪) F‬‬
‫وما قصه اهلل تعاىل يف القرآن هو احلق ‪:‬‬
‫( حنن نقص عليك نبأهم باحلق ‪ -13‬الكهف )‬
‫( نتلوا عليك من نبإ موسى وفرعون باحلق ‪ -3‬القصص‪) F‬‬

‫أثر القصص القرآن‬

‫‪ 2‬انظر نقد كتاب " الفن القصصى في القرآن " ‪ -‬لألستاذ حممد احلضر حسني – بالغة القرآن صفحة ‪94‬‬
‫‪ 3‬عدنان حممد زرزور‪ ,‬علوم القرآن وإعجازه وتاريخ توثيقه‪ ,‬الطبعة األوىل ( عمان ‪ :‬دار األعالم‪ ) 2005 ,‬ص‪633 .‬‬
‫ضجة واسعة مبالغة فيها حىت خيّلوا إىل الناس أن فنون األدب كلها عالة‬
‫أثريت حوهلا ّ‬
‫قصة‪ .‬كما يقول األستاذ املفكر الناقد عباس حممود العاقد ( على إثر‬
‫عليعا‪،‬وأنه ى كتابة ملن ليست لة ّ‬
‫ضحة أخرى هي ضجة الكالم الكثري ىف الدراسات النفسية‪ F‬و " السيكولوجية" بأنواعها‪ ،‬فبدا‬
‫القصة هى املعرض الوحيد لتطبيق هذه الدراسات ىف كتابةاألدبية‪ ،‬وأهنا هي الواسلة‬
‫لبهضهم أن ّ‬
‫القريبة لفهم العالقات بني النفوس‪ F‬البشرية‪ ،‬وتفسري املوافق واملشكالت‪ F‬الىت تنجم عن غرائب‪ F‬الطباع‪.‬‬
‫‪.4‬ومل ختال ضجة القصة من أسباب قوية غري " السيكولوحية‪ :‬و كثرة الكالم‪ F‬فيها‬

‫ال‪FF‬دروس التلقيني‪F‬ة‪ F‬واإلليقائي‪FF‬ة ت‪FF‬ورث املل‪ ،‬و ال تس‪FF‬تطيع الناش‪FF‬ئة أن تتابعه‪FF‬ا وتس‪FF‬توعب‪ F‬عناص‪FF‬رها‬
‫إال بصعوبة‪ F‬وشدة‪ .‬وإىل أمد قصري‪.‬‬

‫املعهود – حىت ىف حياة الطفولة ‪ :‬أن ميي‪FF‬ل الطف‪F‬ل إىل مساع احلكاي‪F‬ة‪ ،‬ويص‪FF‬غى إىل رواي‪F‬ة القص‪F‬ة‪،‬‬
‫وتعى ذاكرته ما يروى له‪ ،‬فيحاكية ويقصه‪.‬‬

‫ه‪FF F F‬ذه الظ‪FF F F‬اهرة الفطري‪FF F F‬ة النفس‪FF F F‬ية ينبغى للم‪FF F F‬ربني أن يفي‪FF F F‬دوا منه‪FF F F‬ا ىف جماالت التعليم‪ ،‬الس‪FF F‬يما‬
‫التهذيب الديين‪ ،‬الذي هو لب التعليم‪ ،‬وقوام التوجيه فيه‪.‬‬

‫وىف القص‪F‬ص‪ F‬الق‪FF‬رآن ترب‪FF‬ة خض‪FF‬بة تس‪FF‬اعد املربني على النج‪FF‬اح ىف مهمتهم‪ ،‬وهتدهم ب‪FF‬زاد هبذيىب‪،‬‬
‫من سرية النبيني‪ F،‬وأخري املاضية وسنة اهلل ىف حياة اجملتمعات‪ ،‬وأحوال األمم وال تقول فة ذلك إال حق‪FF‬ا‬
‫وصدقا‪.‬‬

‫‪44‬عدنان حممد زرزور‪ ,‬علوم القرآن وإعجازه وتاريخ توثيقه‪ ,‬الطبعة األوىل ( عمان ‪ :‬دار األعالم‪ ) 2005 ,‬ص‬
‫ويس‪F‬تطيع املرىب أن يص‪FF‬وغ القص‪F‬ة القرآني‪FF‬ة باألس‪F‬لوب ال‪F‬ذى يالئم املس‪F‬توى الفك‪FF‬رى للمتعلمني‪،‬‬
‫ىف ك ‪FF‬ل مرحل ‪FF‬ة من مراح ‪FF‬ل التعليم‪ .‬وق ‪FF‬د جنحت جمموع ‪FF‬ة القص ‪F‬ص‪ F‬ال ‪FF‬ديين لألس ‪FF‬تاذين " س ‪FF‬يد قطب‪ ،‬و‬
‫السحار " ىف تقدمي زاد مفيدنافع لص‪FF‬غارنا جناح‪F‬ا مع‪FF‬دوم النظري‪FF‬ة‪ ،‬كم‪FF‬ا ق‪FF‬دم " اجلارم " القص‪F‬ص‪ F‬الق‪F‬رآين‬
‫ىف أس‪FF‬لوب أديب بلي‪FF‬غ أعلى مس‪FF‬توي‪ ،‬وأك‪FF‬ثر حتليال وعمق‪FF‬ا‪ .‬وحب‪FF‬ذا ل‪FF‬و هنج آخ‪FF‬رين ه‪FF‬ذا النهج ال‪FF‬رتبوي‬
‫‪5‬‬
‫السديد‪.‬‬

‫اإلختتام‬

‫أن قصص القرآن هو إخبار عن أحوال األمم املاضية‪،‬‬

‫‪5‬‬
‫مناع القطان‪ ,‬مباحث في علوم القرآن (سورابيا ‪ :‬مكتبة ومطبعة اهلداية‪ ) 1973 ,‬ص‪311ٍ-310‬‬

You might also like