You are on page 1of 1

‫العدد ‪64‬‬ ‫رعيتي‬ ‫األحد ‪ ٧١‬تشرين الثاني ‪٣١٧٢‬‬

‫صوم امليالد‬

‫تبنى الكرس ي األنطاكي صوم امليالد الذي بدأناه منذ يومين في ‪ ٧١‬تشرين الثاني‪.‬‬ ‫منذ ثمانية قرون ّ‬
‫وروحه كروح الصوم األربعينين‪ ،‬أعني رياضة النفس وتجميلها الستقبال املسيح‪ ،‬فمن أساسات الصيام أن‬
‫ّ‬
‫نوفر ثمن طعام ونعطيه للمساكين‪.‬‬
‫ُ‬
‫كل صوم هو مشاركة‪ .‬يصوم االنسان من أجل اآلخرين‪ .‬فمن قسا قلبه يبطل صيامه‪ .‬ومن أبغض أخاه‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ممدودا الى اآلخرين يجيء‬ ‫يبطل صيامه‪ .‬كل ش يء قلب وتليين قلب‪ .‬اإلمساك وسيلة إن نحن أعطينا‪ .‬فإن كنت‬
‫هللا اليك بالرحمة‪ .‬من أمسك عن طعام يعرف انه ممسك في سبيل هللا فيساعده ذلك على ان يكون مع‬
‫اآلخرين كما أمره هللا ان يكون‪.‬‬
‫ّ‬
‫في حديث واحد‪ ،‬في العظة على الجبل (اإلصحاح السادس من متى) يتكلم السيد عن الصدقة‬
‫شت ّم من هذا التتابع أن هذه أشياء‬ ‫كنوزا على األ ض”‪ .‬أال ُي َ‬
‫والصوم‪ُ ،‬وينهي كالمه بقوله‪“ :‬ال تكنزوا لكم ً‬
‫ر‬
‫نفك نحن ما جمعه الرب في فكره؟‬ ‫مترابطة‪ ،‬فكيف ّ‬
‫ّّ‬ ‫ً‬
‫وإن أردنا ان نزداد تعمقـا فال ننسين أن االنسـان غارق في جسده عن طريق اللذات وأن الصوم طـريـق‬
‫ّ‬
‫نح ّد من التمتـع؟‬
‫ـواس الطـاغيـة؟ أليسـت إحـدى الطـرق أن ُ‬ ‫ليتـحـرر مـن َأسـر الل ّـذة‪ .‬كيـف نهـرب من سجـن الح ّ‬
‫فإذا كثـر التـمتـع على كـل صعيـد‪ ،‬يصبح لنا ساحـرا ومف ّـرقـا‪ ،‬فال فكر لنا اال فيه وال شـوق لنا اال اليه‪ .‬وماذا‬
‫تولد الخيبة‪ ،‬والخيبة تدفعك الى ّلذة اخرى فتبقى هكذا في ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الدوامة‪.‬‬ ‫البهيمية‪ ،‬اذا انقضت‪،‬‬ ‫بعد؟ اللذة‬
‫ثم انت تهـرب من األلـم باللذة‪ .‬تهـرب من األلم ألنه ُيشعرك بش يء من املوت وانت تخش ى املوت‪.‬‬
‫ّ‬
‫والخـائـف املـوت خاضع للعبوديـة (عبرانيين ‪ ،)٧١ :٣‬لعبـودية اللذة التي يدفع بها عنه املوت وعبـوديـة ذاتـه‪.‬‬
‫املـال واملجد والجنس (او الجسد على العمـوم)‪ ،‬هذه هي التي نريد اقتنـاءها ّ‬
‫لظننـا أننـا بهـا نغـلب املـوت‪ .‬هـذه‬
‫ُ‬
‫تعطينـا ق ّـوة فـنشعـر مـؤقتـا ‪-‬ما دمنـا تحـت سيطرتها‪ -‬أننا أحياء بها ألننا لـم نـدرك بعـد أن الحيـاة الحقيقية هي‬
‫املسيـح نفسـه حسـب قـولـه املبـارك‪“ :‬أنـا القيـامـة والحيـاة” (يوحنا ‪.)٣١ :٧٧‬‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫بالص َدقة َيجعلنـا أق ّـل تعبـ ًدا للمال‪ ،‬وبالخلـوة التي لنا مع يسوع الحبيب أكثر‬ ‫فمـن بـركـات الصيـام انـه َ‬
‫ّ‬ ‫تبعيـة للشهوة‪ ،‬رياضة من رياضات ّ‬ ‫بعدا عن املجـد‪ ،‬وباإلمساك أقل ّ‬
‫التقرب‪ ،‬طريق الى االتكال عليه‪.‬‬
‫عشية العيد في‬‫فلندخل في األيام التي تفصلنا عن العيد في هذا اللون من ألوان التقشف عس ى أال نقع ّ‬
‫التخمة‪.‬‬
‫بالتعفف وحدهم يستقبلون السيد مولودا من أجل خالص العالم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الصاحون روحيا‪ ،‬املتهيئون‬
‫جاورجيوس‬
‫مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)‬

You might also like