You are on page 1of 6

‫اذا تعارضت مفسدتان روعي اعضمهما‬

‫ضررا‬

‫طالبة المرحلة الثانية‬


‫المشرف‬
‫دكتور‬ ‫ناز نوزاد حسن‬
‫المقدمة‬
‫أن القواعد الفقهية لها أهمية في االستعماالت القانونية ألنها تساعد على فهم النصوص و‬
‫معرفة معناها الصحيح والغرض الذي وضعت ألجله هذه القوانين‬
‫وفي هذا التقرير سوف ابحث عن القاعدة الفقهية التي تنص علي (إذا تعارضت مفسدتان‬
‫روعي اعضمهما ضررا)‬
‫لكن قبل ذلك يجب علينا تعريف هذه القاعدة‬
‫لغويا ‪ :‬القاعدة هي أساس الشيء‬
‫وإصالحا ‪ :‬هي الحكم الكلي الذي ينطبق على جميع جزيئاتها أو أكثرها لتعرف أحكامها منه‬
‫المبحث األول‬
‫معني القاعدة‬
‫إن األمر إذا دار بين ضررين أحدهما أشد من اآلخر‪ ،‬فيحمل بأيتهما شاء‪ ،‬وإن اختلفا يختار‬
‫أهونهما؛ ألن مباشرة الحرام ال تجوز إال للضرورة‪ F،‬وال ضرورة في حق الزيادة[‪]2‬؛ ألن‬
‫الضرورة تتقدر بقدرها‬
‫و االصل ان الشريعة جاءت لجلب المنافع و درء المفاسد ‪ ،‬فإذا تعارضت مصلحة و مفسدة‬
‫قدم دفع المفسدة غالبا ً ‪ ،‬ألن الشرع حريص بدفع الفساد ‪ ،‬و يعتني بالمنهيات اشد من اعتناءه‬
‫بالمأمورات ‪.‬‬

‫فيجب دفع المفاسد كلها ما أمكن‪ ،‬فإن عرضت المفاسد‪ ،‬وال يمكن دفعها كلها‪ ،‬فيجب اختيار‬
‫المفسدة األخف‪ ،‬وارتكابها‪ ،‬ودفع المفسدة األعظم واألشد‪ ،‬ومراعاة أعظم المفسدتين تكون‬
‫بإزالته‪ ،‬ألن المفاسد تراعى نفياً‪ ،‬والمصالح تراعى إثباتاً‪،‬‬
‫ألن مقصود الشريعة تعطيل المفاسد وتقليلها بحسب اإلمكان‪ ،‬واختيار المفسدة األخف ضرراً‬
‫تساعد على تجنب األشد ضرراً‪،‬‬
‫ألن مباشرة المحظور ال تجوز إال للضرورة‪ ،‬وال ضرورة في حق الزيادة‪.‬‬

‫قال ابن النجار الفتوحي‪:‬‬


‫"فدرء العليا منهما أولى من درء غيرها‪ ،‬وهذا واضح‪ ،‬يقبله كل عاقل‪ ،‬واتفق عليه أولو العلم "‬

‫وهذه القاعدة المذكورة‪ ،‬وكذلك قاعدة‪" :‬إذا اجتمع الضرران أسقط األكبر لألصغر"‪ ،‬و"الضرر‬
‫أهون الشرين" ‪ -‬متحدة‬
‫َ‬ ‫األشد يزال بالضرر األخف"‪ ،‬و"يختار أخفَّ الضررين"‪ F،‬و"يختار‬
‫المعنى‪ ،‬ليس بينها فرق إال في صياغة القاعدة‪.‬‬

‫دليلها‪:‬‬
‫عن أنس‪ ،‬أن أعراب ًّيا بال في المسجد‪ ،‬فوثب إليه بعض القوم‪ ،‬فقال رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪( :‬ال ُت ْز ِرموه‪ ،‬ثم دعا ْ‬
‫بدَل ٍو من ماء‪ ،‬فصُبَّ عليه)[‪.]3‬‬
‫ومستند هذه القاعدة قوله تعالى‪F.:‬‬
‫يل هَّللا ِ َو ُك ْف ٌر ِب ِه َو ْال َمسْ ِج ِد‬ ‫ال فِي ِه قُ ْل قِ َتا ٌل فِي ِه َك ِبي ٌر َو َ‬
‫ص ٌّد َعنْ َس ِب ِ‬ ‫ك َع ِن ال َّشه ِْر ْال َح َر ِام قِ َت ٍ‬ ‫( َيسْ َألُو َن َ‬
‫ْال َح َر ِام َوِإ ْخ َرا ُج َأهْ لِ ِه ِم ْن ُه َأ ْك َب ُر عِ ْندَ هَّللا ِ َو ْالفِ ْت َن ُة َأ ْك َب ُر م َِن ْال َق ْت ِل) ‪.‬‬
‫فبين تعالى أن مفسدة أهل الشرك من الكفر باهلل‪ ،‬وسبيل هداه‪ ،‬والصد عن المسجد الحرام‪،‬‬
‫وإخراج أهله منه‪ ،‬وفتنة المؤمنين بالسعي إلرجاعهم إلى الشرك‪ ،‬أعظم من مفسدة قتال‬
‫المشركين في‬
‫الشهر الحرام‪ ،‬فاحتملت أخف المفسدتين لدفع أعظمهما‪ ،‬كقاعدة "يختار أهون الشرين " (م‪/‬‬
‫‪ ، )29‬فيجوز ارتكاب إحدى المفسدتين لدفع أعالهما‬

‫األمثلة‪:‬‬

‫‪ - 1‬رجل عليه جرح‪ ،‬لو سجد سال عليه الجرح‪ ،‬وإن لم يسجد لم يسِ لْ؛ فإنه يومئ إيماءً‪ ،‬ال‬
‫يسجد؛ ألن الصالة مع الحدث أشد‪ ،‬وألن السجدة تتغير إلى بدل‪ ،‬وال يوجد للطهارة بدل في‬
‫الصالة؛ ألن ترك السجدة جائزة للمريض‪ ،‬أما الطهارة فال يجوز تركها لهذا المريض‪.‬‬

‫‪ - 2‬شيخ ال يقدِر على القراءة قائمًا‪ ،‬ويستطيع القراءة قاع ًدا فيقعد؛ ألن القعود في النفل جائز‪.‬‬

‫ضرره أخف‪.‬‬
‫َ‬ ‫‪ - 3‬لو اضطر المحرم وعنده صيد‪ ،‬وميتة‪ ،‬أكل الصيد دون الميتة؛ ألن‬
‫التطبيقات ‪:‬‬
‫وهي كثيرة‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ - 1‬جواز أخذ األجرة على ما دعت إليه الضرورة‪ F‬من الطاعات كاألذان واإلمامة وتعليم‬
‫القرآن والفقه‬
‫‪ -2‬جواز السكوت على المنكر إذا كان يترتب على إنكاره ضرر أعظم‪.‬‬
‫(الزرقا ‪ ،251‬الدعاس ص ‪. )26‬‬
‫‪ - 3‬جواز طاعة األمير الجائر إذا كان يترتب على الخروج عليه شر أعظم‪.‬‬
‫(الزرقا ص ‪. )201‬‬
‫‪ - 4‬جواز شق بطن المرأة الميتة إلخراج الولد إذا كانت ترجى حياته‪.‬‬
‫(الزرقا ص ‪ ،202‬الدعاس ص ‪ ،26‬الغرياني ص ‪ ،158‬المقري ‪. )457 /2‬‬
‫‪ - 5‬إذا طرأ فسق السلطان فال يخرج عليه؛ ألن في الخروج شراً أعظم‪.‬‬
‫(اللحجي ص ‪. )44‬‬
‫‪ - 6‬إذا َس ّعر اإلمام فإنه ينفذ ويرتكب التسعير‪ ،‬وال يخالف اإلمام‪ ،‬ألن الخالف أعظم ضرراً‪F.‬‬
‫(اللحجي ص ‪. )44‬‬
‫‪ - 7‬يجوز التزوج من األمة مع عدم الطول إذا خاف الزنا ابن عبد الهادي‬
‫ص‪( ،10 .‬ابن رجب ‪. )465 /3‬‬
‫‪ - 8‬يجوز االستمناء باليد إذا عجز عن الزواج‪ ،‬ونكاح األمة‪ ،‬وخاف الزنا‪..‬‬
‫(ابن عبد الهادي ص ‪( ،100‬ابن رجب ‪. )465 /3‬‬
‫‪ - 9‬جواز الوطء للزوجة في صوم رمضان إذا خاف من ال َّش َبق أن يشق أنثييه‪F..‬‬
‫(ابن عبد الهادي ص ‪ )100‬فيباح له الفطر لشبقه‪ ،‬وعدم إمكانه االستمناء‪ ،‬واضطراره‪ F‬إلى‬
‫الجماع في الفرج‪ ،‬فله ذلك‪.‬‬
‫(ابن رجب ‪. )465 /3‬‬
‫‪ - 10‬جواز الخروج للمعتكف إذا خاف من الوقوع في فتنة‪.‬‬
‫(ابن عبد الهادي ص ‪. )1( )100‬‬
‫المحرم صيداً وميتة‪ ،‬فإنه يأكل الميتة‪ ،‬نص عليه أحمد؛ ألن في أكاللصيد ثالث‬ ‫ِ‬ ‫‪ - 11‬إذا وجد‬
‫جنايات‪ :‬صيده‪ ،‬وذبحه‪ ،‬وأكله‪ ،‬وأكل الميتة فيها جناية واحدة‪.‬‬
‫(ابن رجب ص ‪. )464‬‬
‫‪ - 12‬إذا ألقي في السفينة نار‪ ،‬واستوى األمران في الهالك‪ :‬المقام في النار‪ ،‬وإلقاء النفوس في‬
‫الماء‪ ،‬فيجوز له إلقاء النفوس في الماء أو لزوم المقام على روايتين‪ ،‬يصنع كيف شاء‪.‬‬
‫(ابن رجب ‪. )468/3‬‬
‫‪ - 13‬يجوز شق بطن الميت رجاء الولد‪ ،‬أو المال النفيس (المقري ‪. )457 /2‬‬
‫‪ - 14‬يجوز للمضطر‪ F‬أكل ميتة اآلدمي (المقري ‪. )457 /2‬‬
‫‪ - 15‬القطط إذا عميت‪ ،‬وفرغ من منفعتها‪ ،‬وكذلك الحيوانات الصغيرة إذا قل طعام أمهاتها‪،‬‬
‫يجوز ذبحها‪ ،‬وكذلك كل ما أيس من منفعته من الحيوان لكبر أو عيب‪ ،‬أو كان بسبب ضرراً‪،‬‬
‫جاز ذبحه بارتكاب أخف الضررين‪F.‬‬
‫(الغرياني ص ‪. )162‬‬
‫‪ - 16‬إذا كان بالبلد دواب اشتهرت بالعدو في زروع الناس وإفسادها‪ ،‬فإنها تباع على أصحابها‬
‫بموضع ال زرع يخاف عليه منها‪ ،‬لنفي الضرر األكبر بالضرر األصغر‪.‬‬
‫فإن تعذر طلب من أصحابها أن يتولوا حفظها‪ ،‬وإال ضمنوا ما أفسدته‪.‬‬
‫(الغرياني ص ‪. )162‬‬
‫‪ - 17‬ينبغي لإلمام أن يمنع من عرف بإصابة العين من مخالطة الناس‪ ،‬وأن يلزمه بيته‪،‬‬
‫ويكف أذاه عنهم‪ ،‬وإن كان فقيراً أجرى عليه ما يكفيه‪ ،‬ألن ضرره أشد من ضرر آكل الثوم‬
‫الذي منع من المسجد‪ ،‬ومن ضرر الدواب العادية في الزرع التي أمر بتغريبها وبيعها‪.‬‬

‫المصادر‬
‫كتاب القواعد الفقهية و تطبيقاتها في المذاهب االربعة‬
‫كتاب اإلشباعه و النظائر للسيوطي‬

You might also like