You are on page 1of 42

‫محاضرات‬

‫فً مادة‬
‫حقوق األنسان والدٌموقراطٌة‬
‫المرحلة األولى‬
‫جامعة القادسٌة ــــــــــ كلٌة الهندسة‬

‫االستاذ انور رزاق جبار‬

‫‪9191 - 9102‬‬
‫الجزء االول‬
‫الدٌمقراطٌة‬

‫الفصل األول‬
‫مفهوم وتأرٌخ الدٌمقراطٌة‬

‫المبحث األول‪ :‬مفهوم الدٌمقراطٌة‬

‫اوال‪ :‬تعرٌف الدٌمقراطٌة‬

‫هناك مفاهٌم وتعرٌفات كثٌرة ومتعددة لمصطلح الدٌمقراطٌة‪ ،‬وحسب المعنى اللؽوي للمصطلح‬
‫فإنها ترجع الى أصل ٌونانً قدٌم مكونة من كلمتً ‪ demos‬والتً تعنً الشعب‪ ،‬وكلمة‬
‫‪ kratia‬والتً تعنً الحكم او السلطة‪ ،‬وهكذا تعنً الدٌمقراطٌة بحسب هذا اللفظ الٌونانً القدٌم‬
‫)حكم او سلطة الشعب ( والذي ٌعنً اصطالحا )اختٌار الشعب لحكومته وؼلبة السلطة الشعبٌة‬
‫علٌها‪ ،‬او سٌطرة الشعب على الحكومة التً ٌختارها(‪ .‬وعرفتها دابرة المعارؾ البرٌطانٌة بانها‬
‫)شكل من اشكال الحكم ٌمارس فٌه مجموع المواطنٌن حكم األؼلبٌة (‪ ،‬وكذلك تم تعرٌؾ‬
‫الدٌمقراطٌة بأنها )النظام الذي ٌسمح بأوسع مشاركة من جانب المواطنٌن سواء كان بصورة‬
‫مباشرة أو ؼٌر مباشرة فً التأثٌر فً عملٌة صنع القرارات السٌاسٌة واختٌار القادة السٌاسٌٌن‬
‫(‪ ،‬اال ان المعنى المتفق علٌه للدٌمقراطٌة هو حكم الشعب بالشعب وللشعب‪.‬‬

‫والدٌمقراطٌة بهذا المعنى تعد من أفضل أنظمة الحكم لكون الشعب هو صاحب السلطة‪ ،‬ونعنً‬
‫بالشعب هنا جمٌع األشخاص الذٌن ٌتمتعون بالحقوق السٌاسٌة فً إقلٌم معٌن‪ ،‬وان القرارات‬
‫التً تكون نابعة من رؼبات الشعب الحقٌقٌة ومحققة لطموحاته لكونها تكفل حقوقه وتصون‬
‫حرٌاته‪ .‬وفً ضوء ما تقدم فان الدٌمقراطٌة تقوم على مبدأ أساسً هو إن السلطة فً الدولة‬
‫مصدرها الشعب وهذا ٌعنً أن سلطة الحاكم ال تكون شرعٌة أال أذا كانت مستمدة من رضا‬
‫وقبول الشعب‪.‬‬
‫ثانٌا‪ :‬أشكال او صور الدٌمقراطٌة‬

‫‪ -0‬الدٌمقراطٌة المباشرة‪:‬‬

‫الدٌمقراطٌة المباشرة هً أقدم صور الدٌمقراطٌة وكانت متبعة فً المدن الٌونانٌة القدٌمة ولكنها‬
‫اختفت فً العصور الحدٌثة‪ ،‬وهذا ٌعنً ان الشعب ٌتولى بنفسه مباشرة شؤون الحكم دون‬
‫وساطة أحد من النواب او الممثلٌن فتكون كافة الهٌبات التشرٌعٌة والتنفٌذٌة والقضابٌة بٌده‪ ،‬اي‬
‫ان ٌصبح الشعب هو الهٌبة الحاكمة والمحكومة فً الوقت نفسه‪ .‬وقد تعرض هذا النوع من‬
‫الدٌمقراطٌات الذي كان منتشرا فً المدن الٌونانٌة القدٌمة االنتقادات واسعة وذلك الستحالة‬
‫تطبٌقها من الناحٌة العملٌة فً العصر الحدٌث‪:‬‬

‫بسبب االزدٌاد الكبٌر فً عدد المواطنٌن‪ ،‬واستحالة جمعهم فً مكان واحد لؽرض القٌام‬ ‫‪-‬‬
‫بمهام الحكم‪.‬‬

‫نظرا لتعقد الشؤون العامة واستحالة متابعة المشاكل التً بلؽت حدا كبٌرا من التعقٌد‬ ‫‪-‬‬
‫والصعوبة‪.‬‬

‫كما ان مناقشة بعض الشؤون الهامة بطرٌقة سرٌة ال ٌمكن تحقٌقه فً هذا النوع من‬ ‫‪-‬‬
‫الدٌمقراطٌة‪.‬‬

‫‪ - 9‬الدٌمقراطٌة النٌابٌة‪:‬‬

‫وٌقصد به النظام الذي ٌمارس به الشعب السلطة فً كافة مجاالتها بواسطة ممثلٌن او نواب‪ ،‬اي‬
‫ان المواطنون ٌملكون حق االنتخاب وٌقومون بانتخاب ممثلٌن أو نواب عنهم ٌباشرون السلطة‬
‫نٌابة عنهم وباسمهم‪ ،‬ومن مزاٌا هذه النوع من الدٌمقراطٌة‪:‬‬

‫انها سهلة التطبٌق وخاصة فً الدول كثٌرة السكان‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫أن اختٌار النواب ٌكون األصلح وخاصة فً المسابل الفنٌة أو العلمٌة التً تحتاج إلى‬ ‫‪-‬‬
‫مختصٌن أو ذوي خبرة‪.‬‬
‫‪ -3‬الدٌمقراطٌة شبه المباشرة‪:‬‬

‫وهً صورة توفٌقٌة بٌن الدٌمقراطٌة المباشـرة والدٌمقراطٌة النٌابٌة‪ ،‬حٌث توجد هٌبه نٌابٌة‬
‫وفً نفس الوقت ٌحتفظ الشعب لنفسه ببعض السلطات ٌمارسها بؽــــٌر وسٌط ومن خالل عدة‬
‫مظاهر‪ ،‬مثل حق االستفتاء الشعبً او االعتراض الشعبً او االقتراح الشعبً‪ ،‬باإلضافة الى‬
‫ثالثة مظاهر جزبٌة أخرى مثل حق اقالة النابب وحق حل البرلمان وحق عزل ربٌس‬
‫الجمهورٌة باعتماد الٌات ٌتم االتفاق علٌها‪.‬‬

‫ومن اهم عٌوب هذا الشكل من الدٌمقراطٌة‪:‬‬


‫‪ -‬اختالؾ درجة الفهم لدى الناخبٌن تجاه األمور والمسابل المهمة التً تحال لالستفتاء‬
‫الشعبً‪ ،‬مما ٌشكل تأثٌراً على مسار نتابج االستفتاء‪.‬‬
‫‪ -‬ان كثرة حاالت االستفتاء تدخل فً نفوس الناخبٌن الملل‪ ،‬فضالً عن تكلفتها المالٌة‬
‫العالٌة‪.‬‬

‫‪ - 4‬الدٌمقراطٌة اللٌبرالٌة‪:‬‬
‫وهذا الشكل ٌولً اهتماما فابقا ً لمبدأ الحرٌة بمعناها الواسع‪ ،‬أي الحرٌات الفردٌة المدنٌة‬
‫بجانب الحرٌات السٌاسٌة‪ ،‬وٌشٌر هذا المفهوم الى تطبٌق فكرة الدٌمقراطٌة الحقة التً‬
‫تعنً حكم الشعب‪ ،‬وٌقوم على مبدأ التوازن حٌث ٌتم تقٌٌد حكم األؼلبٌة بواسطة‬
‫مجموعه من الضوابط العامة الدستورٌة‪.‬‬

‫‪ -5‬الدٌمقراطٌة التوافقٌة‪:‬‬
‫وهذا الشكل من أشكال الدٌمقراطٌة اللٌبرالٌة‪ ،‬خاص بالدول األوربٌة الصؽٌرة (النمسا‪،‬‬
‫سوٌسرا‪ ،‬هولندا‪ ،‬وبلجٌكا)‪ ،‬وهو ٌشٌر الى تقاسم السلطة فً المجتمعات ذات البنٌان‬
‫المتعدد االثنٌات او الطوابؾ او اللؽات كونها وسٌلة لتحقٌق االستقرار السٌاسً‪ ،‬وٌؤكد‬
‫بعض الباحثٌن ان الدول األكثر انقساما عقابدٌا ً هً دول ؼٌر مستقرة‪ ،‬وتتصاعد نسبة‬
‫االستقرار السٌاسً كلما قل انقسام المجتمعات‪ ،‬وان العامل األٌدٌولوجً هو األساس فً‬
‫االنقسام السٌاسً االجتماعً فً المجتمعات المتعددة‪.‬‬
‫المبحث الثانً‪ :‬الخلفٌة التارٌخٌة لمصطلح الدٌمقراطٌة‪:‬‬
‫تعود جذور النشأة التارٌخٌة للدٌمقراطٌة الى العصر الٌونانً‪ ،‬حٌث دعا بركلٌس الذي‬
‫وضع اسس النظام الدٌمقراطً‪ ،‬بان ٌحكم الشعب نفسه وٌعٌش جمٌع المواطنٌن‬
‫متساوٌن عدا العبٌد‪ ،‬فمنذ اوابل القرن الخامس قبل المٌالد أصبح لكل مواطنً اثٌنا‬
‫الحق فً المشاركة بالمناقشات والتصوٌت على القوانٌن وسٌاسات المجتمع‪ ،‬وامتازت‬
‫ادارة الدولة فً اثٌنا بوجود مؤسستٌن سٌاسٌتٌن مهمتٌن هما‪:‬‬

‫اوال‪ /‬الجمعٌة‪ :‬وتعتبر اعلى هٌبات السلطة فً الدولة وكانت تسمى احٌانا بالمؤتمر العام‪،‬‬
‫وعضوٌة هذه الجمعٌة تقتصر على المواطنٌن االثنٌٌن األحرار ممن بلؽت اعمارهم ‪ 02‬عام‬
‫من الرجال دون النساء‪ ،‬وتمارس هذه الجمعٌة نظام الحكم المباشر وتمنح أعضابها الحرٌة‬
‫الكاملة فً اعطاء الرأي تجاه الموضوعات المطروحة امامها‪.‬‬

‫ثانٌا‪ /‬مجلس الخمسمائة‪ :‬وٌعتبر مجلس الخمسمابة أكثر اهمٌة من الجمعٌة اال انه اقل سلطة‬
‫وٌتكون من خمسمابة عضو ٌختارون بالقرعة حٌث تقوم كل قبٌلة من قبابل اثٌنا العشر باختٌار‬
‫خمسٌن عضو لتمثٌلها فً المجلس ومدة العضوٌة فٌه سنة واحدة وٌعقد جلساته بصورة علنٌة‪،‬‬
‫ومن مهامه اقتراح القوانٌن التً تقدم للجمعٌة ودراسة مشارٌع القوانٌن وتعدٌلها واإلشراؾ على‬
‫مٌزانٌة الدولة والممتلكات العامة وكثٌر من األمور األخرى وكان هذا المجلس ٌجمع بٌن‬
‫السلطتٌن التشرٌعٌة والتنفٌذٌة‪.‬‬

‫وخالل فترة العصور الوسطى التً اتسمت بوجود األنظمة الملكٌة فً اوروبا والتً كانت تحكم‬
‫بمقتضى )الحق اإللهً المقدس ( للملوك باعتبارهم ظل هللا فً األرض ‪ ،‬حٌث كانوا ٌمثلون‬
‫جمٌع السلطات التشرٌعٌة والقضابٌة والتنفٌذٌة وبمعنى اخر هم الدولة ‪ ،‬كما عبر عن ذلك الملك‬
‫لوٌس الرابع عشر بقوله )انا الدولة والدولة انا(‪ ،‬وكان ٌعاون الملوك فً تثبٌت سلطانهم أمراء‬
‫اإلقطاعٌات ‪ ،‬إذ ٌفرض الملك على اإلقطاعً مبالػ مالٌة ثم ٌستخرجها اإلقطاعً من الشعب‬
‫بوسابل متعددة ‪ ،‬اضافة الى دور الكنٌسة السلبً التً اخذت بدورها تفرض سلطاتها الى جانب‬
‫سلطات الملوك ‪ ،‬فإلى جانب االستعباد من قبل الملوك كان الخضوع لرجال الدٌن وكانت‬
‫اإلتاوات والصكوك الؽفرانٌة والتجنٌد فً جٌوش الكنٌسة لمالحقة الخارجٌن عن سلطانها مهما‬
‫كانوا حتى من اهل العلم واألبداع ‪ ،‬فضال عن الحروب الصلٌبٌة وحمالتها الدٌنٌة والثقافٌة ضد‬
‫اإلسالم مما ادى الى خلق اوضاع من الحقد والكراهٌة فً نفوس الناس لهاتٌن السلطتٌن والثورة‬
‫ضدهما ‪.‬‬
‫وفً مطلع القرن الثامن عشر بدأت المؤسسات السٌاسٌة الدٌمقراطٌة فً إنكلترا وظابفها‬
‫الحقٌقٌة بعد ان استطاع البرلمان اإلنكلٌزي ان ٌؤسس سلطة موازٌة لسلطة الملك المقٌدة‪ ،‬هذا‬
‫فً الوقت الذي بقٌت اوروبا محكومة بواسطة الملوك والنبالء واألشراؾ مما ادى الى قٌام‬
‫ثورة ثقافٌة حقٌقٌة فً الؽرب أجل تكوٌن انظمة جدٌدة‪ .‬فقد تضمن اعالن االستقالل األمرٌكً‬
‫عام ‪ 6776‬انتصار لألفكار الدٌمقراطٌة‪ ،‬وفً فرنسا استطاعت ثورة عام ‪ 6771‬القضاء على‬
‫مبدا الحكم المطلق القابم على النظرٌات الدٌنٌة‬

‫لتحل محلها النظرٌات الدٌمقراطٌة المتمثلة بنظرٌة سٌادة األمة التً جعلت من الملوك مجرد‬
‫رؤساء للدول تمارس فً مواجهتهم السلطة البرلمانٌة الممثلة للشعب ‪ ،‬خاصة بعد ( اعالن‬
‫حقوق األنسان والمواطن) على اثر الثورة الفرنسٌة والذي اكد على ان السٌادة كلها مركزة فً‬
‫األمة وعلى اثر ذلك اصبحت الدٌمقراطٌة احدى النظرٌات التً تفسر اصل نشأت الدولة على‬
‫اساس ان هذه النظرٌة تقوم اساسا على الشعب الذي هو مصدر السلطة هذا فضال عما جاءت‬
‫به نظرٌة العقد االجتماعً ومن خالل اراء ومفكري هذه النظرٌة‪.‬‬

‫الفصل الثانً‬
‫سمات النظام الدٌمقراطً ومكوناته‬

‫المبحث األول‪ :‬خصائص النظام الدٌمقراطً‬

‫للدٌمقراطٌة خصابص معٌنة ٌجب ان تتصؾ بها وٌمكن ان نشٌر الى هذه الخصابص على‬
‫النحو اآلتً‪:‬‬

‫‪ -6‬الدستور‪ ،‬الذي ٌضع القواعد األساسٌة لنظام الحكم فً الدولة وكٌفٌة تشكٌل السلطات العامة‬
‫(التشرٌعٌة والتنفٌذٌة والقضابٌة)‪ ،‬والعالقات فٌما بٌنها‪ ،‬والمقومات األساسٌة للمجتمع‪ ،‬وحقوق‬
‫األفراد وضماناتها‪ ،‬وتعد القواعد التً ٌقررها الدستور أسمى القواعد القانونٌة فً المجتمع‪ ،‬وال‬
‫ٌجوز تعدٌلها إال بإجراءات مشددة ؼٌر تلك التً ٌتم بها تعدٌل القوانٌن العادٌة التً تسنها‬
‫السلطة التشرٌعٌة‪.‬‬

‫‪ -0‬سٌادة القانون‪ :‬وٌقصد بالقانون فً هذا المجال القواعد القانونٌة جمٌعها أٌا كان مصدرها‪،‬‬
‫فالقاعدة القانونٌة متى ما وجدت خضع لها الجمٌع‪ ،‬الفرق فً ذلك بٌن حاكم ومحكوم‪ ،‬كبٌر او‬
‫صؽٌر‪ ،‬ؼنً او فقٌر‪ ،‬كما تستوي فً ذلك السلطات الثالث فالمجلس المنتخب ال ٌجوز له أن‬
‫ٌخالؾ الدستور‪ ،‬والسلطة التنفٌذٌة علٌها أن تحترم الدستور وقوانٌن الدولة‪ ،‬وهذا ٌقتضً وضع‬
‫األنظمة التً تسمح بتصحٌح أي مخالفة‪.‬‬

‫‪ -3‬حرٌة التعبٌر وابداء الرأي‪ :‬وتدخل ضمن ذلك حرٌة االجتماعات العامة‪ ،‬وحرٌة إصدار‬
‫الصحؾ وعدم جواز إلؽابها أو وقؾ إصدارها إال بحكم قضابً‪ ،‬وعدم إخضاع الصحؾ أٌة‬
‫رقابة من جهة إدارٌة‪ ،‬وال ٌستثنى من ذلك سوى ما ٌمس المصالح العلٌا للبالد على ان ٌكون‬
‫الحكم فً ذلك هو للقضاء وحده‪.‬‬

‫‪ -4‬حرٌة تكوٌن األحزاب السٌاسٌة‪ :‬الحزب هو تنظٌم رسمً هدفه الظفر بالسلطة‪ ،‬وذلك على‬
‫خالؾ جماعة المصلحة وجماعة الضؽط التً تستهدؾ التأثٌر فً القرار السٌاسً من دون أن‬
‫تستهدؾ الوصول إلى السلطة وتحمل مسؤولٌة مباشرة الحكم‪ ،‬وعلى ذلك فان نظام الحزب‬
‫الواحد ٌتنافى مع الدٌمقراطٌة الحقٌقٌة التً تضمن حرٌة تكوٌن األحزاب السٌاسٌة بشكل عام‪.‬‬

‫‪ -5‬استقالل السلطة القضائٌة‪ :‬وذلك بعدم خضوع رجال القضاء للعزل بقرار إداري‪ ،‬وعدم‬
‫التدخل فً شؤون القضاء‪ ،‬وكفالة تنظٌم األحكام القضابٌة النهابٌة‪ ،‬وعدم حجب القضاء عن‬
‫النظر فً أي منازعة‪ ،‬والسٌما فً تلك المنازعات التً تنشب بٌن الجهات الحكومٌة‬
‫والمواطنٌن‪ ،‬وعدم إرهاق المواطنٌن برسوم قضابٌة عالٌة أو بإجراءات قضابٌة معقدة تجعلهم‬
‫ٌعزفون عن المطالبة بحقوقهم أمام القضاء‪.‬‬

‫المبحث الثانً‪ :‬مزاٌا الدٌمقراطٌة‬

‫تسعى جمٌع الشعوب الى تطبٌق مبادئ الدٌمقراطٌة والعمل على احترامها‪ ،‬وذلك بسبب المزاٌا‬
‫العدٌدة التً تقدمها الدٌمقراطٌة لواقعها ولمستقبلها‪ ،‬ومن اهم مزاٌا الدٌمقراطٌة‪:‬‬

‫‪ -6‬تعمل الدٌمقراطٌة على معاملة جمٌع األفراد فً المجتمع على قدم المساواة‪ :‬ولهذا ٌجب‬
‫على الحكومة ان تراعً مصالح الناس على قدم المساواة‪ ،‬كما ٌجب ان تؤخذ آرابهم فً‬
‫الحسبان‪ ،‬وٌجب أن ٌكون صوت الفقٌر مساوٌا ً لصوت الثري‪.‬‬
‫وقد احتج بعض نقاد الدٌمقراطٌة على هذا بأن البعض من جماهٌر الشعب على مستوى من‬
‫الجهل والتخلؾ وعدم التعلٌم وقصر النظر بما ال ٌؤهلهم بأي شكل من األشكال لتقرٌر السٌاسٌة‬
‫العامة‪ ،‬ولكننا نرى بان جماهٌر الشعب ٌحتاجون إلى المعلومات والثقافة والى الوقت الكافً‬
‫الستٌعاب هذه المعلومات وهذه الثقافة وهنا ٌأتً دور مؤسسات المجتمع المدنً والصحافة‬
‫الحرة ووسابل اإلعالم للعمل على توعٌة وتثقٌؾ هذه الجماهٌر‪.‬‬

‫‪ -0‬تعمل الحكومة الدٌمقراطٌة على اإلٌفاء باحتٌاجات الناس‪ :‬فكلما كان لرأي الشعب وزن‬
‫أكبر فً توجٌه السٌاسة‪ ،‬زادت إمكانٌة أن تعكس هذه السٌاسة تطلعاته وطموحاته‪.‬‬
‫وحتى تكون سٌاسة الحكومة ومن بٌدهم مقالٌد الحكم مالبمة االحتٌاجات الشعب‪ٌ ،‬جب‬
‫أن تكون هناك رقابة شعبٌة وان تتوافر قنوات فعالة للتأثٌر والضؽط على سٌاسة الحكم‬
‫لصالح جمٌع متطلبات الشعب‪.‬‬

‫‪ -3‬تدعو الدٌمقراطٌة إلى الحوار الصرٌح واإلقناع والسعً إلى حلول وسط‪ :‬فالتأكٌد‬
‫الدٌمقراطً على الحوار ال ٌفترض فقط وجود اختالفات فً اآلراء بشأن بعض‬
‫المسابل السٌاسٌة‪ ،‬ولكنه ٌفترض أٌضا ً ان لهذه االختالفات الحق فً أن ٌعبر عنها وان‬
‫ٌستمع إلٌها‪.‬‬

‫فالدٌمقراطٌة تفترض االختالؾ والتعدد داخل المجتمع‪ ،‬وان ٌكون حل الخالفات بأسلوب‬
‫دٌمقراطً ٌعتمد النقاش واإلقناع والوصول إلى حل وسط‪ ،‬ال عن طرٌق التهدٌد أو الكراهٌة‬
‫من قبل السلطة أٌا كان نوعها‪.‬‬

‫‪ -4‬تعمل الدٌمقراطٌة على كفالة وحماٌة الحقوق والحرٌات األساسٌة‪ :‬وتشمل هذه الحقوق‬
‫الحق فً حرٌة الرأي والتعبٌر وفً تكوٌن الجمعٌات وحق التنقل والحماٌة من التعذٌب‬
‫وؼٌرها‪.‬‬
‫‪ -5‬تسمح الدٌمقراطٌة بتجدٌد قوة المجتمع‪ :‬وذلك من خالل استخدامها الوسابل السلمٌة فً‬
‫استبعاد السٌاسٌٌن الذٌن فشلوا أو لم ٌعد لهم نفع‪ ،‬من ؼٌر حدوث أي اضطراب فً‬
‫نظام الحكم‬
‫المبحث الثالث‬
‫المكونات الرئٌسة للدٌمقراطٌة‬

‫إن للدٌمقراطٌة مكونات عدٌدة تولٌهما المدارس االجتماعٌة والسٌاسٌة المختلفة اهتماما ً خاصاً‪،‬‬
‫وهذه المكونات ٌمكن اٌجازها على النحو اآلتً‪:‬‬

‫‪ -6‬انتخابات حرة وعادلة‪ :‬تشكل االنتخابات ركٌزة أساسٌة لضمان المساواة السٌاسٌة بٌن‬
‫المواطنٌن سواء فً الوصول إلى المناصب العامة أو فً قٌمة أصواتهم‪ ،‬وٌستند معٌار‬
‫االنتخابات الحرة والعادلة فً الدرجة األولى على النظام االنتخابً الذي ٌبٌن موعد عقد‬
‫االنتخابات ومن ٌحق له االقتراع‪ ،‬وكٌفٌة تحدٌد الدوابر االنتخابٌة واختٌار الفابزٌن‪ ،‬كما ٌعنً‬
‫العملٌة االنتخابٌة ذاتها‪ ،‬أي كٌفٌة إجراء االنتخابات عملٌا ً بدءاً من تسجٌل للناخبٌن ومروراً‬
‫بالدعاٌة االنتخابٌة وحتى عملٌة فرز األصوات وذلك لضمان تطبٌق القانون على الجمٌع‬
‫بشكل دقٌق وعادل‪.‬‬

‫‪ -0‬حكومة ٌجب مسائلتها‪ :‬ففً نظام الحكم الدٌمقراطً ٌجب أن تكون أعمال الحكم شفافة قدر‬
‫اإلمكان‪ ،‬أي إن المناقشات والقرارات ٌجب ان تكون متاحة للرقابة الشعبٌة‪ ،‬مع مراعاة أنه ال‬
‫ٌجوز أن تكون كل أعمال الحكومة علنٌة‪ ،‬فللمواطنٌن الحق فً معرفة كٌؾ تصرؾ أموال‬
‫الضرابب التً تجبى منهم واموال الموارد والثروات الطبٌعٌة وما إذا كان المسؤولون‬
‫المنتخبون ٌتصرفون بمسؤولٌة اتجاه ذلك‪.‬‬

‫‪ -3‬الحقوق المدنٌة والسٌاسٌة‪ :‬حماٌة حقوق الفرد من تعسؾ السلطة‪ ،‬ومن االعتقال التعسفً‪،‬‬
‫وان ال ٌعاقب الفرد إال بموجب القانون هناك حقوق البد من توافرها أساسا ً لتأمٌن المساواة‬
‫والمشاركة فً الحٌاة العامة منها حرٌة الرأي والتعبٌر واالعتقاد وحق التجمع وحق االقتراع‬
‫وحق الترشٌح‪ ،‬كما ٌجب على نظام الحكم الدٌمقراطً‪.‬‬

‫‪ -4‬مجتمع دٌمقراطً‪ :‬إذ البد من وجود مؤسسات مدنٌة تكون مستقلة عن الدولة‪ ،‬وتشمل هذه‬
‫المؤسسات النقابات والتنظٌمات المهنٌة وؼٌرها‪ ،‬تعمل على ترسٌخ مبادئ الدٌمقراطٌة وتطبٌق‬
‫الٌاتها فً المجتمعات اإلنسانٌة كافة‪.‬‬

‫‪ -5‬توافر قٌادة سلٌمة ونزٌهة‪ :‬وان تكتسب هذه القٌادة رضا الشعب‪ ،‬وفً المقابل ٌنبؽً على‬
‫الشعب أن ٌثق فً هذه القٌادة وٌحترمها وان تعمل من جهتها على تحقٌق رؼباته وتطلعاته‪.‬‬

‫‪ -6‬تعمل الدٌمقراطٌة على تحقٌق المساواة االقتصادٌة وتكافؤ الفرص‪ :‬والتً تشكل اساس‬
‫نجاح الدٌمقراطٌة‪ ،‬لكونها تعمل أي (المساواة االقتصادٌة)على إزالة الفروقات فً الشعب فً‬
‫فباته وشرابحه‪.‬‬
‫‪ -7‬تعمل الدٌمقراطٌة على تحقٌق المساواة االجتماعٌة‪ :‬وذلك من خالل دعوتها إلى محاربة‬
‫التمٌٌز بٌن الطبقات‪ ،‬وتولً المناصب العامة ٌكون على اساس الكفاءة الشخصٌة والقٌام‬
‫بالواجبات المناط له فً إطار المجتمع والدولة‪.‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫الدستور والدٌمقراطٌة‬

‫اوال‪ :‬مفهوم الدستور وانواعه‪:‬‬

‫اختلؾ الفقهاء فً أصل كلمة الدستور ‪ Constitution‬فمنهم من قال ان أصل الكلمة معرب‬
‫من أصل فارسً‪ ،‬وهو مركب من كلمة "دست" ومعناها قاعدة ومن "ور" بمعنى صاحب‬
‫وتكون الكلمة بمعناها العام (صاحب القاعدة) أو القاعدة‪ ،‬ومن قال ان أصلها التٌنً‪ ،‬فقد اراد‬
‫بها معنى التأسٌس‪ ،‬والدستور فً اللؽة تعنً الدفتر الذي ٌكتب فٌه اسماء الجند أو تجمع القواعد‬
‫المأمور باتباعها‪.‬‬

‫وٌعرؾ الدستور فً االصطالح الحدٌث‪( ،‬بأنه مجموعة القواعد والقوانٌن التً تنظم العالقة ما‬
‫بٌن األفراد والسلطة فً المجتمع‪ ،‬وتحدد حقوقهم وحرٌاتهم وممارستهم السٌاسٌة واالجتماعٌة‬
‫واالقتصادٌة‪ ،‬فً ضوء طبٌعة وشكل العالقات ما بٌن السلطات التشرٌعٌة والتنفٌذٌة والقضابٌة‪،‬‬
‫وٌستند فً مضامٌنه على طبٌعة البنٌة االجتماعٌة من العادات واألعراؾ والتقالٌد وٌكون ملزما‬
‫بالنسبة لإلفراد والسلطة على حد سواء)‪.‬‬

‫كما ٌعرفه اخرون بانه (القانون األعلى فً الدولة‪ ،‬اذ انه ٌضم مجموعة القواعد التً تمثل مكان‬
‫الصدارة بٌن سابر القواعد القانونٌة فٌها)‪.‬‬

‫كما ٌعرؾ الدستور بأن ُه مجموعة القواعد (سٌاسٌة وقانونٌة) تصدر عن سلطة تبنً فٌها نظام‬
‫الحكم وسلطاته والعالقة بٌنهما وتعلن فٌه الحقوق والواجبات األساسٌة العامة وتبنً اختصاص‬
‫كل منها وعالقاتها مع بعضها البعض‪.‬‬

‫وٌقس م الدستور على نوعٌن (الدستور الصلب) وهو الدستور الذي ال ٌمكن ان تعدل احكامه اال‬
‫بأشكال واصول خاصة‪( .‬والدستور المرن) وهو الدستور الذي ٌمكن للسلطة تعدٌل احكامه‬
‫وقوانٌنه‪.‬‬

‫كما ٌقسم الدستور من حٌث الزمن الى صنفٌن‪ ،‬فهو اما ان ٌكون دستورا مؤقتا أي ان احكامه‬
‫وقوانٌنه تسري لمدة زمنٌة معٌنة‪ ،‬كما فً الدستور العراقً الثانً لعام ‪ 6157‬أو الدستور‬
‫العراقً الثالث لعام ‪ 6163.‬أو ٌكون دستورا دابما‪ ،‬أي ان احكامه وقوانٌنه تكون دابمة‪ ،‬وقد‬
‫ٌخضع الدستور الدابم إلى التعدٌل أو اإلضافة اذ تجد السلطة المبررات الالزمة لذلك‪.‬‬
‫والدستور فً شكله العام نوعان نوع مدون أو مكتوب ونوع عرفً او ؼٌر مدون والدستور‬
‫المدون هو الذي ٌصدر فً شكل وثٌقة أو عدة وثابق رسمٌة مثل الدستور المصري الذي صدر‬
‫عام ‪6156.‬‬

‫اما الدستور العرفً فهو الذي تترك قواعده للعرؾ ومن أشهر الدساتٌر العرفٌة ؼٌر المدونة‬
‫الدستور اإلنكلٌزي‪ ،‬وهو ٌعد المثل التقلٌدي للدستور ؼٌر المدون ولكنه مع ذلك ٌشمل وثابق‬
‫مكتوبة اٌضا ً مثل العهد األعظم‪.‬‬

‫ثانٌا‪ :‬التطور الدستوري فً العراق‪:‬‬

‫وعلى الرؼم من ان جمٌع السلطات السٌاسٌة التً حكمت العراق‪ ،‬قد وضعت دساتٌر توضح‬
‫فٌها حقوق وواجبات السلطة‪ ،‬وعالقتها مع افراد المجتمع‪ ،‬وطبٌعة ادارة الدولة والمجتمع‪ ،‬اال‬
‫ان الدساتٌر نفسها كانت اداة للسلطة لكً تنحرؾ عن واجباتها من خالل تؽٌٌر بنود الدستور‬
‫واحكامه بما ٌتفق مع اهداؾ السلطة نفسها‪ ،‬ولو القٌنا الضوء على طبٌعة هذه الدساتٌر التً‬
‫اصدرتها السلطات السٌاسٌة المتعاقبة على العراق‪ ،‬لوجدنا ان اؼلب هذه الدساتٌر هً دساتٌر‬
‫مؤقتة باستثناء الدستور األول الذي صدر عام ‪ ،6105‬وانه لم تجر اٌة ممارسة انتخابٌة لتشكٌل‬
‫لجنة وطنٌة تمثل شرابح واطٌاؾ المجتمع العراقً لكتابة هذه الدساتٌر أو اجراء انتخابات عامة‬
‫علٌه باستثناء الدستور الذي صدر عام ‪0225.‬‬

‫كما لم تشكل فً ظل هذه الدساتٌر محكمة دستورٌة لمراقبة مشروعٌة وجود السلطة والقرارات‬
‫التً تقوم بإصدارها فٌما ٌخص تنظٌم أو ادارة شؤون الدولة‪ ،‬كما ٌلحظ ان جمٌع هذه الدساتٌر‬
‫لم تؤدي إلى انبثاق حكومة عراقٌة منتخبة من قبل الشعب العراقً‪ ،‬باستثناء الحكومات التً‬
‫تلت إقرار الدستور الدابم لعام ‪ ،0225‬اذ ان اؼلب السلطات فً العراق كانت تأتً عن طرٌق‬
‫االنقالبات العسكرٌة أو الثورات السٌاسٌة‪ ،‬وسنلقً نظرة سرٌعة على الدساتٌر التً صدرت عن‬
‫السلطات المتعاقبة على العراق‪.‬‬

‫‪ -6‬الدستور العراقً األول عام ‪ ،6105‬اذ صدر هذا الدستور خالل مدة العهد الملكً فً‬
‫العراق فً ‪ 03‬آذار من عام ‪ ،6105‬واستمرار العمل به لؽاٌة ‪ 64‬تموز عام ‪6157‬‬
‫الذي أطلق علٌه القانون األساس‪ ،‬وقد ضم هذا الدستور (‪ )603‬مادة موزعة على‬
‫عشرة ابواب‪ ،‬وهو الدستور الوحٌد الذي استمر العمل به أكثر من ‪ 33‬عاماً‪ ،‬ووضع‬
‫اللبنات األولى للدساتٌر العراقٌة الالحقة‪.‬‬

‫الدستور العراقً الثانً عام ‪" 6157‬المؤقت"‪ ،‬وصدر هذا الدستور خالل مدة العهد‬ ‫‪-0‬‬
‫الجمهوري األول بعد قٌام ثورة الرابع عشر من تموز عام ‪ 6157‬واستمر العمل لؽاٌة‬
‫شباط ‪ 6163‬وصدر هذا الدستور بعد مضً اسبوعٌن على قٌام الثورة‪.‬‬
‫الدستور العراقً الثالث "المؤقت" وصدر هذا الدستور الذي سمً بقانون المجلس‬ ‫‪-3‬‬
‫الوطنً بعد الثامن من شباط ‪ 6163.‬ومما ٌؤخذ على هذا الدستور انه تضمن بنوداً‬
‫تكسب شرعٌة السلطة آنذاك‪ ،‬كما تضمن مواد لٌس لها صلة بتنظٌم العالقة القانونٌة‬
‫والسٌاسٌة بٌن السلطة والشعب‪.‬‬

‫‪ -4‬الدستور العراقً الرابع "المؤقت" وصدر هذا الدستور بعد الثامن عشر من تشرٌن‬
‫الثانً عام ‪ ،6164‬عند سقوط حكومة البعث األولى الذي أعقب تعدٌال لدستور عام‬
‫‪ ،6163‬واحتوى هذا الدستور على ‪ 620‬مادة فصلت جمٌع واجبات السلطات‬
‫التشرٌعٌة والتنفٌذٌة والقضابٌة‪ ،‬وجاء فً دٌباجٌته األولى‪ ،‬ان هذا الدستور ٌسعى إلى‬
‫اٌجاد حالة من االستقرار والطمأنٌنة بٌن صفوؾ الشعب بعدما عانى من مدة الحروب‬
‫الداخلٌة المستمرة‪.‬‬

‫‪ -5‬الدستور العراقً الخامس الذي صدر بعد السابع عشر من تموز من عام ‪ ،6167‬وقد‬
‫تم اسقاط هذا الدستور من قبل السلطة التً اصدرته عام ‪6172.‬‬

‫‪ -6‬الدستور العراقً السادس "المؤقت" اذ صدر فً السادس عشر من تموز عام ‪6172‬‬
‫بعد اتفاقٌة الحادي عشر من آذار‪.‬‬

‫‪ -7‬مشروع دستور جمهورٌة العراق لعام ‪ ،6116‬اذ صدر هذا المشروع بعد عام ‪،6116‬‬
‫اال انه لم ٌتم العمل به‪ ،‬وقد جاء اصدار هذا الدستور نتٌجة التطورات السٌاسٌة بعد‬
‫احداث عام ‪ 6116‬على المستوى الداخلً والخارجً‪.‬‬

‫الدستور العراقً الثامن الذي صدر عام ‪ 0225‬بعد ان عملت السلطة تحت قانون ادارة‬ ‫‪-7‬‬
‫الدولة العراقٌة للمرحلة االنتقالٌة الذي صدر بعد االحتالل األمرٌكً للعراق‪ ،‬وهو اول‬
‫دستور ٌحدد شكل الدولة بأنها دولة فدرالٌة تنتهج النظام الدٌمقراطً التعددي‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬الدستور الدائم لجمهورٌة العراق ‪9115‬‬

‫ٌتكون من(‪ )644‬مادة موزعة على ستة أبواب‪ ،‬وقد تناول دستور عام ‪ 0225‬الحقوق‬
‫والحرٌات فً الباب الثانً منه‪ :‬المواد (‪ ، )46-64‬حٌث تضمن الفصل األول الحقوق‪ :‬المواد‬
‫(‪ ، )36-64‬وتضمن الفصل الثانً الحرٌات‪ ، )46-37( :‬وقد تفرع الفصل األول )الحقوق(‬
‫الى فرعٌن حٌث تناول الفرع األول الحقوق المدنٌة والسٌاسٌة والفرع الثانً الحقوق االقتصادٌة‬
‫واالجتماعٌة والثقافٌة‪.‬‬

‫الفرع األول وٌضم المواد (‪ ،)64-06‬وٌمكن إٌجازها بالمساواة أمام القانون دون تمٌٌز وأن لكل‬
‫فرد الحق فً الحٌاة واألمن والحرٌة وال ٌجوز تقٌٌدها إال بقرار فً القضاء وكذلك تكافؤ‬
‫الفرص وان لكل فرد الحق فً الخصوصٌة الشخصٌة بما ال ٌتنافى مع حقوق اآلخرٌن واآلداب‬
‫العامة‪.‬‬

‫وتضمن أٌضا ً حرمة المساكن‪ ،‬وان القضاء مستقل ال سلطان علٌه وال جرٌمة وال عقوبة إال‬
‫بنص‪ ،‬وان التقاضً حق مصون ومكفول للجمٌع‪ ،‬كما إن حق الدفاع مقدس ومكفول فً جمٌع‬
‫مراحل التحقٌق والمحاكمة وان المتهم برئ حتى تثبت إدانته‪ ،‬وللمواطنٌن رجاال ونسا ًء حق‬
‫المشاركة فً الشؤون العامة والتمتع بالحقوق السٌاسٌة بما فٌها حق التصوٌت واالنتخاب‬
‫والترشٌح‪.‬‬

‫أما الفرع الثانً الذي تضمن الحقوق االقتصادٌة واالجتماعٌة والثقافٌة من الـمواد (‪)00-36‬‬
‫حٌث أعتبر العمل حق لكل العراقٌٌن بما ٌضمن لهم حٌاة كرٌمة‪ ،‬وان الدولة تكفل حق تأسٌس‬
‫النقابات واالتحادات المهنٌة أو االنضمام إلٌها‪ ،‬كما إن الملكٌة الخاصة مصونة وٌحق للمالك‬
‫االنتفاع بها استؽاللها والتصرؾ بها فً حدود القانون وال ٌجوز نزعها إال أؼراض المنفعة‬
‫العامة مقابل تعوٌض عادل‪ ،‬وان للعراقً الحق فً التملك فً أي مكان من العراق‪.‬‬

‫كما أعتبر األسرة أساس المجتمع وتحافظ الدولة على كٌانها وقٌمها الدٌنٌة واألخالقٌة والوطنٌة‪،‬‬
‫كما كفل الدولة للفرد واألسرة وبخاصة الطفل والمرأة الضمان االجتماعً والصحً وفً حالة‬
‫المرض والشٌخوخة أو العجز عن العمل او الٌتٌم أو البطالة‪ ،‬ولكل عراقً الحق فً الرعاٌة‬
‫الصحٌة كما ترعى الدولة المعاقٌن وذوي االحتٌاجات الخاصة وان التعلٌم المجانً حق لكل‬
‫العراقٌٌن فً مختلؾ مراحله‪.‬‬

‫أما الفصل الثانً فأنه تضمن الحرٌات وأعتبر حرٌة اإلنسان وكرامته مصونة وال ٌجوز توقٌؾ‬
‫أحد أو التحقٌق معه إال بموجب قرار قضابً وحرم التعذٌب النفسً والجسدي وتكفل الدولة‬
‫حماٌة الفرد من اإلكراه الفكري والسٌاسً والدٌنً‪ ،‬كما حرمت العمل ألقسري (السخرة)‬
‫والعبودٌة وتجارة الرقٌق واإلتجار بالنساء واألطفال واإلتجار بالجنس‪.‬‬

‫وتكفل الدولة بما ال ٌخل بالنظام العام واآلداب حرٌة التعبٌر عن الرأي وحرٌة‬
‫الصحافة والطباعة والنشر وحرٌة االجتماع و التظاهر السلمً وحرٌة تأسٌس‬
‫الجمعٌات واألحزاب السٌاسٌة وحرٌة االنضمام إلٌها وكذلك كفلت حرٌة االتصاالت‬
‫والمراسالت البرٌدٌة والهاتفٌة واإللكترونٌة وان العراقٌٌن أحرار فً االلتزام‬
‫بأحوالهم الشخصٌة حسب دٌاناتهم ومذاهبهم ومعتقداتهم‪ ،‬ولكل فرد حرٌة الفكر‬
‫والضمٌر والعقٌدة كما تكفل الدولة حرٌة العبادة وحماٌة أماكنها‪ ،‬كما إن للعراقً‬
‫حرٌة التنقل والسفر والسكن داخل العراق وخارجه وال ٌجوز نفً العراقً أو إبعاده‬
‫أو حرمانه من العودة إلى الوطن‪.‬‬

‫ٌتضح من تبٌان الحقوق و الحرٌات التً تضمنتها دستور ‪ 0225‬بأن هذا الدستور قد تضمن‬
‫أهم ما جاء من مبادئ فً اإلعالن العالمً لحقوق اإلنسان واإلعالنات الدولٌة األخرى و إن هذا‬
‫الدستور شكل قفزة نوعٌة كبٌرة فً مٌدان الحقوق والحرٌات و ٌكاد أن ٌنفرد بها بٌن دول‬
‫المنطقة بأسرها ولكن ٌبقى امر مهم ٌتعلق بمدى االلتزام بهذه النصوص الدستورٌة من قبل‬
‫السلطة التنفٌذٌة التً ؼالبا ً ما تمٌل إلى انتهاك هذه الحقوق بحجج الضرورات األمنٌة و ؼٌرها‪،‬‬
‫إال أن التداول السلمً للسلطة ووجود برلمان منتخب و قضاء مستقل و صحافة حرة و رقابة‬
‫الشعب هً الضمان الحقٌقً لصٌانة الحقوق الواردة فً هذا الدستور ‪.‬‬

‫ومن القراءة المتأنٌة لبنود ونصوص الدساتٌر العراقٌة‪ ،‬نستطٌع القول ان هذه الدساتٌر قد‬
‫وضعت أُسس ومبادئ الحقوق العامة أفراد المجتمع‪ ،‬ورسمت شكل عالقة الفرد بالسلطة وطبٌعة‬
‫تشكٌل بنٌة السلطة داخلٌاً‪ ،‬وتحقٌق المساواة بٌن فبات المجتمع كافة فً الحقوق السٌاسٌة‬
‫واالجتماعٌة‪ ،‬وتطبٌق مبادئ الفصل بٌن السلطات وعالجت المشاكل التً ٌمكن ان تورد على‬
‫المجتمع العراقً فً جمٌع المجاالت االقتصادٌة واالجتماعٌة والسٌاسٌة كافة‪ ،‬والتزمت بسٌادة‬
‫القانون وتطبٌق مبادئ التداول السلمً للسلطة‪ ،‬وتحقٌق المشاركة السٌاسٌة واستقاللٌة القضاء‪،‬‬
‫وحرٌة الرأي والتعبٌر‪ ،‬وتشكٌل األحزاب السٌاسٌة‪ ،‬وتأسٌس النقابات والجمعٌات والمنظمات‬
‫المهنٌة‪ ،‬وعدالة توزٌع الثروات ورعاٌة الفرد واآلسرة واكدت فً بنودها على تحرٌر المواطن‬
‫من الجهل والتخلؾ والعمل على وحدة الشعب العراقً‪ ،‬والمحافظة على أمن البالد واالعتراؾ‬
‫بالتعددٌة السٌاسٌة والموازنة فً الحقوق والواجبات لألفراد والجماعات‪ ،‬كما اكدت على‬
‫التعدد ٌة القومٌة والدٌنٌة للمجتمع العراقً‪ ،‬وكفلت حقوق األقلٌات العرقٌة ضمن بودقة الوحدة‬
‫الوطنٌة‪ ،‬كما حددت صالحٌات السلطة والمحافظة على وحدة التراب العراقً ضد الحركات‬
‫االنفصالٌة واألخطار الخارجٌة‪ ،‬وما ٌهدد االمن االجتماعً وهذه جمٌعها مرتكزات اساسٌة‬
‫تعمل على تحقٌق االستقرار االجتماعً والسٌاسً فً المجتمع‪.‬‬
‫الفصل الرابع‬
‫االنتخابات‬

‫اوال‪ :‬لمحة تارٌخٌة‪:‬‬

‫تعد المشاركة فً ادارة الشؤون العامة حقا ً اساسٌا من حقوق األنسان ٌنص علٌه وٌكفله اإلعالن‬
‫العالمً لحقوق األنسان والعهد الدولً الخاص بالحقوق السٌاسٌة والمدنٌة وتعترؾ به معاهدات‬
‫وإعالنات دولٌة واقلٌمٌة اخرى ‪ ،‬وتارٌخٌا فقد بدأت ظاهرة االنتخابات فً الحضارات‬
‫اإلؼرٌقٌة الٌونانٌة القدٌمة فً عام (‪ )0422‬ق‪.‬م‪ ،‬وكانت تتمثل بان ٌجتمع الناس فً مكان عام‬
‫للتداول بأمورهم وطرح افكارهم فٌما ٌخص متطلبات حٌاتهم الٌومٌة وباختالؾ الدول وتعدد‬
‫ا نظمتها سلطة شعبٌة كانت أم حكومٌة أو فردٌة‪ ،‬حاولت معظمها تطبٌق نوع من االنتخابات‬
‫إلرضاء شعوبها أو لتظهر امام الدول األخرى بأنها تطبق وتمارس المفاهٌم الدٌمقراطٌة فً‬
‫السلطة وتعمل على مشاركة الشعب فً عملٌات اتخاذ القرار‪.‬‬

‫وفً ظل النظم الدٌمقراطٌة تنافس األحزاب والفبات والمجموعات والكتل السٌاسٌة فً العملٌة‬
‫االنتخابٌة بطرٌقة حضارٌة بعٌدة عن استعمال العنؾ للوصول إلى ؼاٌاتها سالكة طرٌق التنافس‬
‫لتحقٌق اهدافها فً ظل االنتخابات الدٌمقراطٌة‪ .‬واهم ما ٌخص موضوع االنتخابات فً ظل‬
‫المفاهٌم الدٌمقراطٌة هو ان ٌشعر كل شخص بحرٌته فً تصرفاته العقابدٌة ان كانت دٌنٌة أم‬
‫سٌاسٌة‪ ،‬كذلك ٌبتعد عن اإلٌذاء أو الطعن باألخرٌن واحترام عقابدهم ودٌاناتهم مهما كانت‪.‬‬
‫واالنتخابات بحد ذاتها ال تشكل الدٌمقراطٌة فهً لٌست ؼاٌة بل خطوة هامة واساسٌة على‬
‫الطرٌق المؤدٌة الى اضفاء الطابع الدٌمقراطً على المجتمعات ونٌل الحق فً مشاركة الفرد‬
‫فً حكم بلده‪.‬‬

‫ثانٌا‪ :‬مفهوم االنتخابات‪:‬‬

‫ٌمكن تعرٌؾ االنتخابات بانها تلك العملٌة التً ٌقوم المواطنون بواسطتها وبشكل دوري حسب‬
‫القانون باختٌار ممثلٌهم الستالم مناصب السلطة التشرٌعٌة او التنفٌذٌة او المؤسسات المحلٌة‪،‬‬
‫وذلك من خالل التصوٌت والذي ٌعد وسٌلة هامة واساسٌة ٌمكن لإلفراد من خاللها التأثٌر على‬
‫القرارات التً تخصهم‪.‬‬

‫اما التصوٌت فأنه ٌعنً قٌام الفرد باختٌار أحد المرشحٌن لتمثٌله فً الهٌبات المنتخبة التً تتولى‬
‫اعداد القوانٌن او فً بعض مناصب اتخاذ القرارات‪ ،‬وؼالبا ما ٌجري التصوٌت ضمن عملٌة‬
‫انتخاب تتم على المستوى الوطنً او المحلً‪.‬‬
‫وٌرتبط الحدٌث عن االنتخاب بإثارة عدة نقاط‪:‬‬

‫النقطة األولى‪ :‬تخص هٌبة الناخبٌن والتً تتعلق بمن له الحق فً التصوٌت‪ ،‬حٌث ان كل بالػ‬
‫عاقل ٌتمتع بهذا الحق‪ ،‬مع وجود عدة قٌود تتعلق بالجنسٌة واألصل العرقً واإلقامة والتعلٌم‪،‬‬
‫مع اختالؾ فً حجم هذه القٌود بحسب قانون كل دولة‪.‬‬

‫النقطة الثانٌة‪ :‬تتعلق بالدوابر االنتخابٌة التً ٌتم تقسٌم الدولة لها‪ ،‬إذ عاد ًة ما ٌجرى التقسٌم على‬
‫أسس متنوعة منها الحدود اإلدارٌة‪ ،‬وعدد السكان‪.‬‬

‫النقطة الثالثة‪ :‬وهً األهم والتً ترتبط بنظم االنتخاب‪ ،‬فاالنتخاب قد ٌكون مباشراً على درجة‬
‫واحدة أو ؼٌر مباشر على درجتٌن‪ ،‬وقد ٌكون فردٌا ً أو بالقابمة‪ ،‬وقد ٌتم وفق نظام األؼلبٌة أو‬
‫وفق نظام التمثٌل النسبً‪.‬‬

‫النقطة الرابعة ‪ :‬فإنها الخاصة بإدارة االنتخاب‪ ،‬وتعد اإلدارة الكؾء أو النزٌهة هً التً تسمح‬
‫للناخب باإلدالء بصوته دون مضاٌقات بما ٌقتضً ذلك من حسن اختٌار مقار اللجان وتٌسٌر‬
‫إجراءات التسجٌل وكفالة اإلشراؾ القضابً على مختلؾ مراحل العملٌة االنتخابٌة‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬االستفتاء‪:‬‬

‫االستفتاء ٌعنـى إحالـة القوانٌن التً نوقشت بالبرلمان وكذلك التعدٌالت الدستورٌة التً أقرها‬
‫هذا األخٌر فضال عن القضاٌا العامة ذات األهمٌة إلى المواطنٌن الستطالع رأٌهم فٌها‪.‬‬

‫وعلى الرؼم من أن االستفتاء ٌعد نظرٌا ً الوسٌلة المثلى ألعمال السٌادة الشعبٌة من خالل‬
‫االحتكام المباشر للرأي العام‪ ،‬إال أنه ٌرد علٌه تحفظان أساسٌان‪:‬‬

‫أحدهما خاص بتأثٌره على أضعاؾ وضع البرلمان فً إطار النظام السٌاسً من خالل‬ ‫‪-‬‬
‫رد تشرٌعاته وتعدٌالته للمواطنٌن إلبداء الرأي فٌها‬

‫واآلخر خاص بنقص المعلومات ذات الصلة بالموضوعات محل االستفتاء لدى‬ ‫‪-‬‬
‫المواطنٌن مما ٌشكك فً القدرة على استقصاء مختلؾ جوانبها‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬اهمٌة االنتخابات‪:‬‬

‫تكمن اهمٌة االنتخابات فً انها‪:‬‬

‫‪ -6‬تعطً الشرعٌة‪ :‬اذ انها تعطً االنتخابات للهٌبة المنتخبة الشرعٌة لممارسة السلطة وحق‬
‫اصدار األنظمة والتشرٌعات التً تراها ضرورٌة لتنظٌم حٌاة المجتمع‪.‬‬

‫‪-0‬توفر المشاركة‪ :‬تقدم الفرصة امام أكبر نسبة من المواطنٌن للمشاركة السٌاسٌة من خالل‬
‫حقهم القانونً فً التصوٌت والترشٌح‪.‬‬

‫‪ -3‬حرٌة االختٌار‪ :‬اذ انها تعطً المواطنٌن الفرصة اختٌار الشخص المناسب إلدارة الشؤون‬
‫العامة‪.‬‬

‫‪ -4‬المراقبة والمتابعة‪ :‬إذا تمكن المواطنٌن من مراقبة ومتابعة الهٌبات المنتخبة والتأكد من‬
‫تطبٌقهم لألفكار التً عرضوها امام المواطنٌن الذٌن انتخبوهم‪.‬‬

‫‪ -5‬المساواة بٌن الناخبٌن‪ :‬ان القوانٌن المعمول بها تؤكد على مبدأ المساواة األمر الذي ٌعنً‬
‫عدم وجود اي تمٌٌز بٌنهم سواء على اساس الجنس او العرق‪.‬‬

‫‪ -6‬تكمن اهمٌة االنتخاب فً الحد من ثقافة القوة لتحل محلها قوة الشرعٌة‪.‬‬
‫الفصل الخامس‬
‫مؤسسات المجتمع المدنً والدٌمقراطٌة‬

‫هناك الكثٌر من التعرٌفات لمصطلح "مؤسسات المجتمع المدنً" ولكن التعرٌؾ األقرب الى‬
‫الواقع لهذا المفهوم ٌشٌر الى انها عبارة عن مجموعة من المؤسسات التً تقع خارج سلطة‬
‫الدولة‪ ،‬تتٌح للقوى االجتماعٌة العاملة فً مجاالت االقتصاد والثقافة واالجتماع والسٌاسة ان‬
‫تنظم نفسها بشكل حر‪ ،‬اذ تستطٌع ان تلعب دورها فً التطور االجتماعً والتأثٌر فً السلطة‬
‫السٌاسٌة فً انتاجها للسٌاسة العامة التً تخدم الصالح العام‪.‬‬

‫وتشمل مؤسسات المجتمع المدنً كالً من الجمعٌات والروابط والنقابات واالتحادات واألندٌة‬
‫والتعاونٌات‪ ،‬اما فٌما ٌخص األحزاب السٌاسٌة وهل تعد جزءاً من مؤسسات المجتمع المدنً‪،‬‬
‫فان اراء الباحثٌن اختلفت حول ذلك فمنهم من ٌرى بان الحزب السٌاسً ال ٌعد جزءاً منها‬
‫كونها تسعى للوصول الى السلطة‪ ،‬بٌنما مؤسسات المجتمع المدنً ال تسعى لذلك‪ ،‬اما الرأي‬
‫اآلخر فٌذ هب باتجاه ان الحزب هو جزء فاعل من المجتمع المدنً كون الحزب عندما ٌكون‬
‫خارج اطار السلطة ٌقوم بمهمات وادوار هً نفسها التً تقوم بها مؤسسات المجتمع المدنً مثل‬
‫اشاعة الثقافة الدٌمقراطٌة‪ ،‬والمشاركة فً صنع القرارات‪ ،‬وافراز القٌادات‪.‬‬

‫ان االستخدام المعاصر لمفهوم المجتمع المدنً مر بثالث حقب ربٌسة‪:‬‬

‫األولى‪ :‬هً مرحلة االنفتاح على المجتمع المدنً من قبل األحزاب والقوى السٌاسٌة بهدؾ ضخ‬
‫دماء جدٌدة فً السٌاسة واضفاء طابع شعبً لها‪.‬‬

‫الثانٌة‪ :‬هً التعامل مع المجتمع المدنً بوصفه منظمات مستقلة موازٌة للدولة ومشاركة فً‬
‫تحقٌق الكثٌر من المهام التً تهم هذه األخٌرة‪.‬‬

‫وهذا المفهوم ٌتوافق مع انتشار مفهوم العولمة واالنتقال نحو مجتمع ٌحكم نفسه بنفسه‪ ،‬وٌتحمل‬
‫هو ذاته مسؤولٌة ادارة معظم شؤونه األساسٌة‪.‬‬

‫الثالثة‪ :‬هً طفرة المجتمع المدنً الى قطب قابم بذاته ومركز القٌادة‪ ،‬وسلطة اجتماعٌة على‬
‫مستوى التنظٌم العالمً بشكل خاص‪ ،‬فً مواجهة القطب الذي تمثله الدولة‪ ،‬لتصبح المنظمات‬
‫ؼٌر الحكومٌة المحلٌة والدولٌة فاعال ربٌسا الى جانب الحكومات فً تسٌٌر الشؤون الوطنٌة‪.‬‬
‫فالمجتمع المدنً مجتمع مستقل الى حد كبٌر عن اشراؾ الحكومة المباشر‪ٌ ،‬تصؾ باالستقاللٌة‬
‫والتنظٌم التلقابً‪ ،‬وروح المبادرة والعمل التطوعً‪ ،‬والحماسة لخدمة المصلحة العامة‪ٌ ،‬قوم‬
‫على التضامن عبر شبكة واسعة من المنظمات‪ ،‬ومع انه ال ٌسعى للوصول لسلطة‪ ،‬اال انه ٌقوم‬
‫بدور سٌاسً وفعال وواقعً من خالل تنمٌة ثقافة الحقوق والمشاركة بما ٌدعم قٌم التحول‬
‫الدٌمقراطً‪ ،‬فضال عن قٌم المسؤولٌة والمحاسبة وقٌامها بدور اساس فً تطوٌر قاعدة راسخة‬
‫للثقافة الدٌمقراطٌة‪ ،‬وبناء المواطنة الحٌة المشبعة بالوعً السٌاسً‪.‬‬

‫وٌنطوي مفهوم المجتمع المدنً على سمات اساسٌة هً‪:‬‬

‫‪ -6‬الفعل اإلرادي الحر والطوعٌة‪ ،‬اي تأسٌس منظمات المجتمع المدنً باإلرادة الحرة الطوعٌة‬
‫ؼٌر المكرهة والمجبرة‪ .‬فٌنتظم الناس فً تنظٌمات مدنٌة من اجل تحقٌق مصلحة او الدفاع عن‬
‫مصلحة مادٌة او معنوٌة‪.‬‬

‫‪ -0‬التنظٌم الجماعً والنفع العام وعدم الربحٌة‪ ،‬اذ ان المجتمع المدنً هو مجموعة من‬
‫التنظٌمات‪ ،‬كل تنظٌم فٌه ٌضم افرادا اختاروا العمل والعضوٌة بمحض ارادتهم‪ ،‬وتؤدي طابفة‬
‫من الخدمات والوظابؾ السٌاسٌة وتطلع الحكومة على هموم ومشاؼل المواطنٌن ورصد‬
‫السٌاسات‪ ،‬وتشجٌع المشاركة السٌاسٌة على المستوى المجتمعً‪.‬‬

‫‪ -3‬االستقاللٌة وعدم السعً الى السلطة‪ ،‬وٌقصد بها انها تتمتع باالستقاللٌة وال تسعى للسلطة‬
‫على الرؼم من قٌامها بمهام توصؾ بالسٌاسٌة‪.‬‬

‫‪ -4‬للمجتمع المدنً ركن أخالقً وسلوكً‪ ،‬اي ٌنطوي على قبول االختالؾ والتنوع بٌن الذات‬
‫واآلخرٌن‪ .‬وعلى حق اآلخرٌن فً ان ٌكونوا منظمات مجتمع مدنً تحقق وتحمً وتدافع عن‬
‫مصالحهم المادٌة والمعنوٌة‪.‬‬

‫ثمة صلة بٌن المجتمع المدنً والدٌمقراطٌة وذلك الن الدٌمقراطٌة منهج وقواعد للحكم تنظم حال‬
‫إلشكالٌة السلطة من خالل اإلدارة السلمٌة للصراع او التداول السلمً لها بٌن الجماعات‬
‫المتنافسة او المصالح المتضاربة ‪ ،‬وهو األساس المعٌاري نفسه للمجتمع المدنً ‪ ،‬الن مؤسسات‬
‫المجتمع المدنً هً من اهم قنوات المشاركة الشعبٌة ‪ ،‬والتأثٌر فً القرار السٌاسً ‪ ،‬فهذه‬
‫المؤسسات هً القنوات التً ٌجري عبرها التنافس وٌمر من خاللها ‪ ،‬األمر الذي ٌجعل وجودها‬
‫بمثابة العمود الفقري لعملٌة صنع القرارات السٌاسٌة واتخاذها ‪ ،‬فاذا كانت الدٌمقراطٌة تشكل‬
‫اسهاما كبٌرا فً االعتراؾ والمحافظة وحماٌة حرٌة الرأي والمعتقد واالحتكام الى الشعب‬
‫فضال عن المساواة السٌاسٌة والقانونٌة للمواطنٌن فان المجتمع المدنً ٌحترم حق المواطنٌن فً‬
‫التنظٌم واالجتماع والمعرفة والشفافٌة والتسامح ‪.‬‬

‫ان المجتمع المدنً ٌظهر بصٌؽة التحفٌز على القٌم اإلنسانٌة النبٌلة المتمثلة فً التضامن‬
‫والتعاون والتعددٌة والتسامح واالحترام المتبادل‪ ،‬مثلما هً الدٌمقراطٌة‪ ،‬بما توفرها من الٌة‬
‫سلٌمة إلدارة الخالفات والصراعات بكافة اشكالها‪ ،‬فضال عن انها تمارس دور التنشبة السٌاسٌة‬
‫الدٌمقراطٌة وحاضنة لها‪ ،‬وهٌبات تثقٌفٌة ومخزنا للقٌم الدٌمقراطٌة المؽذٌة للمجتمع‪ ،‬وتوفٌر‬
‫اجٌال من العناصر القٌادٌة لمختلؾ الهٌبات المؤسسٌة فً الساحة السٌاسٌة بما فٌها األحزاب‬
‫والحكومات المحلٌة‪.‬‬

‫وتقوم مؤسسات المجتمع المدنً بأدوار ووظابؾ عدة من أهمها‪:‬‬

‫اوال‪ /‬الوظٌفة السٌاسٌة‪ :‬تقوم بعض مؤسسات المجتمع المدنً بالعمل ضمن هذا اإلطار من‬
‫خالل تنظٌم وتفعٌل مشاركة الناس فً تقرٌر مصابرهم‪ ،‬وتساهم فً تحقٌق الدٌمقراطٌة والعدالة‬
‫االجتماعٌة‪ ،‬وتطوٌر مشاركة المواطنٌن بشكل عام فً الرقابة على شؤون الحكومة‪ ،‬كما ٌمكن‬
‫لهذه المؤسسات بان تكون أداة لفرض الرقابة على سلطة الحكومة وضبط السلوك‪.‬‬

‫ثانٌا‪ /‬الوظٌفة االجتماعٌة‪ :‬حٌث ٌتوزع عمل مؤسسات المجتمع المدنً فً مختلؾ أوجه الحٌاة‬
‫االجتماعٌة‪ ،‬وتسعى الى االرتقاء بالمجاالت التً تعمل فٌها نحو افضل‪ ،‬وهناك عدد كبٌر من‬

‫مؤسسات المجتمع المدنً التً تعمل فً هكذا مٌادٌن‪ ،‬فمنها مؤسسات أنشبت للدفاع عن حقوق‬
‫األنسا ن وأخرى لرعاٌة المسنٌن ورعاٌة الطفولة‪ ..‬الخ‪ ،‬فضال عن مؤسسات ٌنصب عملها فً‬
‫مجاالت اإلؼاثة وحماٌة ضحاٌا النزاعات المسلحة والكوارث الطبٌعٌة‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬الوظٌفة االقتصادٌة‪ :‬كما تسعى بعض مؤسسات المجتمع المدنً الى توفٌر أحسن الظروؾ‬
‫للمجتمعات اإلنسانٌة بؽٌة االستفادة منها‪ ،‬من دون ان تسعى الى تحقٌق الربح المادي‪ ،‬فهً تعمل‬
‫على تنظٌم األنشطة االقتصادٌة المختلفة‪ ،‬السٌما مع الفراغ الذي تركه انسحاب او تقاعس او‬
‫اهمال الدولة لألدوار والوظابؾ التً هً من صمٌم اختصاصاتها وخصوصا ً فً مجاالت‬
‫النشاط االقتصادي كاإلنتاج وتوفٌر الخدمات وؼٌرها‪.‬‬
‫الفصل السادس‬
‫جرائم اإلبادة الجماعٌة‬

‫تعد الجرابم الدولٌة الماسة بالجنس البشري من أشد الجرابم خطورة ضد البشر‪ ،‬إذ أنها تنطوي‬
‫على مساس بحٌاة شخص أو مجموعة من األشخاص أو بحرٌتهم أو حقوقهم أو آدمتهم‪ ،‬وتشكل‬
‫تلك الجرابم فً مجموعها ما ٌطلق علٌه الجرابم اإلنسانٌة‪ ،‬وتعد جرٌمة إبادة الجنس البشري‬
‫إحدى الجرابم الموجهة ضد الجنس البشري‪ ،‬بل ٌمكن وصفها بأنها أشد الجرابم الدولٌة جسامة‬
‫وبأنها جرٌمة الجرابم‪ ،‬وذلك لما تشكله من تهدٌد لإلنسان فً حٌاته وصحته وكرامته‪ ،‬وتظهر‬
‫خطورتها فً كونها تهدد بإبادة جماعة أو جماعات كاملة أسباب دٌنٌة أو عرقٌة أو عنصرٌة أو‬
‫قبلٌة ‪...‬الخ‪،‬‬

‫وتأخذ اإلبادة عدة صور‪:‬‬

‫‪ -‬صورة مادٌة كما فً االعتداء على الحٌاة أو الصحة‪.‬‬

‫‪ -‬صورة بٌولوجٌة كما فً إعاقة النسل وحرمان جماعة من النسل والتكاثر عن طرٌق اإلسقاط‬
‫وؼٌرها‪..‬‬

‫‪-‬او تنصب اإلبادة فً صورة ثقافٌة كما فً حرمان مجتمع ما من لؽته أو ثقافته‪.‬‬

‫اوال‪ :‬مراحل تطور جرٌمة اإلبادة الجماعٌة‪:‬‬

‫تعد جرٌمة اإلبادة الجماعٌة من الجرابم التً تمتد جذورها عبر التارٌخ حٌث كانت تبدو على‬
‫شكل إؼارة القبابل والمجتمعات على بعضها وابادة بعضها البعض تطلعً ا للؽنابم والثروات‬
‫والنفوذ‪ ،‬رؼم ذلك فان الجرابم اإلنسانٌة تعد حدٌثة العهد نسب ًٌا على الصعٌد الدولً‪ ،‬حٌث لم‬
‫تظهر فً شكلها الحالً إال بعد الحرب العالمٌة الثانٌة‪.‬‬

‫أما أول ظهور لمصطلح اإلبادة الجماعٌة فقد استخدمه الفقٌه لٌمكٌن فً دراسة أعدها عام‬
‫‪ 6144‬لتوضٌح خصوصٌة الجرابم المرتكبة من النازٌٌن والفظابع التً مارسوها ضد‬
‫اإلنسانٌة‪ ،‬خاصة تلك األفعال الهادفة لتدمٌر دول أوروبا الواقعة تحت االحتالل النازي‪ ،‬ومن‬
‫صور جرٌمة اإلبادة الجماعٌة أثناء الحرب العالمٌة الثانٌة القنبلة النووٌة التً أُلقٌت على مدٌنتً‬
‫هٌروشٌما وناكازاكً الٌابانٌتٌن فً عام ‪ 6145‬وأدت إلى إبادة سكان هذه المدن إبادة جماعٌة‬
‫بؽض النظر عن انتمابهم إلى أي جماعة ولمجرد أنهم رعاٌا لدولة من الدول األعداء‪.‬‬
‫وعلى أثر ذلك تبنت الجمعٌة العامة لألمم المتحدة عام ‪ 6147‬اتفاقٌة حظر والمعاقبة على‬
‫جرٌمة اإلبادة الجماعٌة‪ ،‬ودخلت حٌز التنفٌذ عام ‪ ،6156‬اعتبرتها جرٌمة ضد اإلنسانٌة‬
‫بمقتضى القانون الدولً سواء ارتكبت فً أوقات الحرب او السالم‪ ،‬وتعرؾ اإلبادة الجماعٌة‬
‫بحسب المادة ‪ 0‬من االتفاقٌة "بانها ارتكاب أي من األفعال التً تهدؾ الى تدمٌر جماعة وطنٌة‬
‫او اثنٌة او عرقٌة او دٌنٌة على نحو كلً او جزبً عبر القتل او األذى الجسدي او العقلً او‬
‫تعمد فرض أوضاع معٌشٌة تؤدي الى التدمٌر الجسدي‪ ،‬او فرض إجراءات لمنع الوالدات‪ ،‬او‬
‫تعمد نقل أطفال الجماعة الى جماعة أخرى قسرا"‪.‬‬

‫وفً الوقت الذي شهد فٌه التارٌخ العدٌد من الحاالت التً ٌستهدؾ فٌها العنؾ الجماعات‬
‫المختلفة وحتى منذ بدء سرٌان االتفاقٌة‪ ،‬تركز التطور الدولً والقانونً للمصطلح حول فترتٌن‬
‫تارٌخٌتٌن بارزتٌن‪ :‬الفترة األولى وهً الفترة التً بدأت منذ صٌاؼة المصطلح وحتى قبوله‬
‫كقانون دولً (‪ )6147 –6144‬والفترة الثانٌة هً فترة تفعٌله فً ظل تأسٌس المحاكم‬
‫العسكرٌة الدولٌة للبت فً جرابم اإلبادة الجماعٌة (‪. )6117-6116‬‬

‫ثانٌا‪ :‬دور المحاكم الدولٌة فً التصدي لجرٌمة اإلبادة‪:‬‬

‫تجري محاكمة مرتكبً جرابم اإلبادة الجماعٌة بموجب المادة ‪ 6‬من االتفاقٌة من قبل محكمة‬
‫جنابٌة مختصة فً الدول الملتزمة باالتفاقٌة والتً ارتكبت فٌها الجرٌمة‪ ،‬او بواسطة محكمة‬
‫جنابٌة دولٌة معترؾ بسلطتها‪ ،‬إضافة الى ذلك هناك إقرار بان جمٌع الدول تمتلك السلطة‬
‫القضابٌة الكافٌة للمالحقة بشأن جرٌمة اإلبادة الجماعٌة‪.‬‬

‫كان للمحاكم الدولٌة دور هام فً التصدي لجرٌمة اإلبادة الجماعٌة وقد ظهر ذلك من خالل‬
‫محكمة جرابم الحرب فً ٌوؼوسالفٌا السابقة ومحكمة جرابم الحرب فً رواندا‪ ،‬وأخٌرا فً‬
‫النظام األساسً للمحكمة الجنابٌة الدولٌة الدابمة بروما‪ ،‬وذلك على النحو التالً‪:‬‬

‫ففً ٌوؼوسالفٌا السابقة أصدر مجلس األمن قراره رقم ‪ 727‬لسنة ‪ ،6113‬وضمن فقرته‬
‫األولى قرار المجلس بإنشاء محكمة دولٌة من أجل مقاضاة األشخاص المسبولٌن عن االنتهاكات‬
‫الجسٌمة للقانون اإلنسانً الدولً التً ارتكبت فً إقلٌم ٌوؼوسالفٌا السابقة منذ عام ‪. 6116‬‬

‫أما فً رواندا فقد أصدر مجلس األمن قراره رقم ‪ 155‬لسنة ‪ ،6114‬بإنشاء محكمة جنابٌة‬
‫دولٌة لرواندا وعلى ذات نهج النظام األساسً للمحكمة الجنابٌة الدولٌة بٌوؼوسالفٌا السابقة‪ ،‬مع‬
‫مراعاة ما ٌتالبم مع ظروؾ رواندا‪.‬‬
‫وقد نص النظام األساسً للمحكمة الجنابٌة الدولٌة برواندا على اختصاص المحكمة بالمحاكمة‬
‫على جرابم اإلبادة الجماعٌة‪ ،‬والتً تضمنت ذات األفعال والصور المكونة للجرٌمة كما هو‬
‫وارد بالمحكمة الجنابٌة الدولٌة بٌوؼوسالفٌا السابقة‪.‬‬

‫وقد نهجت المحكمة الجنابٌة الدولٌة الدابمة بروما عام ‪ 6117‬ذات النهج فً تجرٌم الجرابم‬
‫األشد خطورة على المجتمع الدولً بأسره‪ ،‬ومن بٌنها جرٌمة اإلبادة الجماعٌة‪ ،‬فقد تضمن‬
‫النظام األساسً للمحكمة االختصاص بمحاكمة مرتكبً جرٌمة اإلبادة الجماعٌة‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬جرائم اإلبادة الجماعٌة فً العراق‪:‬‬

‫على الرؼم من ان الشعب العراقً تعرض وال ٌزال الى العدٌد من جرابم اإلبادة الجماعٌة‪،‬‬
‫سواء التً ارتكبت من قبل السلطات الحاكمة ام من قبل الجماعات اإلرهابٌة المتطرفة‪ ،‬اال ان‬
‫مفوضٌة األمم المتحدة لحقوق األنسان حملت فً تقرٌر لها تنظٌم "داعش" اإلرهابً مسؤولٌة‬
‫ارتكاب ثالث جرابم توصؾ بأنها األخطر دولٌا‪ ،‬وأوضحت المفوضٌة فً التقرٌر أن مادته‬
‫ج معها فرٌق تحقٌق تم تكلٌفه من قبل مفوض األمم المتحدة السامً لحقوق اإلنسان أواخر عام‬
‫‪ ،0265‬مستندا الى مقابالت متعمقة وتفصٌلٌة مع أكثر من ‪ 622‬شخص شهدوا أو نجوا من‬
‫الهجمات التً شنت فً العراق فً الفترة بٌن شهري حزٌران ‪ 0264‬وشباط ‪0265.‬‬

‫وٌوثق التقرٌر مجموعة كبٌرة من االنتهاكات التً ارتكبها تنظٌم "داعش" اإلرهابً ضد‬
‫مجموعات عرقٌة ودٌنٌة عدٌدة فً العراق‪ ،‬وبعض هذه االنتهاكات قد ٌبلػ مرتبة جرابم الحرب‬
‫وجرابم ضد اإلنسانٌة واإلبادة الجماعٌة‪ ،‬وخلص التقرٌر إلى أن التجاوزات الواسعة النطاق‬
‫التً ٌرتكبها تنظٌم "داعش" اإلرهابً تتضمن "أعمال القتل والتعذٌب واالؼتصاب واالستعباد‬
‫الجنسً واإلرؼام على التحول من دٌن إلى آخر وتجنٌد األطفال ‪".‬‬

‫واشار التقرٌر "إن كل هذه التجاوزات تبلػ مرتبة انتهاكات القانون الدولً لحقوق اإلنسان‬
‫والقانون الدولً اإلنسانً‪ ،‬وبعض هذه التجاوزات قد تشكل جرابم ضد اإلنسانٌة وقد تبلػ مرتبة‬
‫جرابم الحرب"‪ ،‬ونوه التقرٌر أن النمط الواضح للهجمات ضد االٌزدٌٌن "ٌدل على عزم تنظٌم‬
‫"داعش" على تدمٌر االٌزدٌة كمجموعة"‪ ،‬موضحا أن هذا ٌوحً وبقوة بأن التنظٌم اإلرهابً قد‬
‫ٌكون ارتكب عملٌة إبادة جماعٌة ضد هذه األقلٌة‪ ،‬وٌتناول التقرٌر الذي طلبه مجلس األمم‬
‫المتحدة لحقوق اإلنسان بناء على مبادرة حكومة العراق أعمال القتل الوحشٌة والمحددة الهدؾ‬
‫التً كان ضحٌتها مبات الرجال والفتٌان االٌزدٌٌن فً سهل نٌنوى فً شهر أب من عام‬
‫‪ ،0264‬كما حث التقرٌر الحكومة على أن تصبح طرؾ اً فً نظام روما األساسً للمحكمة‬
‫الجنابٌة الدولٌة وأن تضمن أن تجرم بموجب القانون المحلً الجرابم الدولٌة المحددة فً هذا‬
‫النظام األساسً‪ ،‬ودعا التقرٌر أٌضا مجلس األمم المتحدة لحقوق األنسان إلى حث مجلس األمن‬
‫التابع لألمم المتحدة على أن ٌتناول "بأقوى العبارات المعلومات التً تشٌر إلى اإلبادة الجماعٌة‬
‫والجرابم ضد اإلنسانٌة وجرابم الحرب وأن ٌنظر فً إحالة الوضع فً العراق إلى المحكمة‬
‫الجنابٌة الدولٌة‪.‬‬
‫الجزء الثانً‬
‫حقوق االنسان‬

‫الفصل األول‬
‫المبحث األول‬
‫مفهوم حقوق االنسان‪:‬‬
‫ٌمكن تعرٌؾ حقوق االنسان على انها(( المعاٌٌر األساسٌة التً ال ٌمكن للناس من دونها ان‬
‫ٌعٌشوا بكرامة كبشر)) وحقوق االنسان هً ضمانات عالمٌة تحمً األفراد والجماعات من‬
‫األجراءات الحكومٌة التً تمس الحرٌات االساسٌة والكرامة االنسانٌة‪.‬‬

‫خصائص حقوق االنسان‪:‬‬


‫حقوق األنسان ال ٌمكن التنازل عنها او انتزاعها كونها متساوٌة ومترابطة وعالمٌة‪...‬كما ان‬
‫مصطلح (حقوق االنسان) ٌشٌر الى الحقوق الواجب التمتع بها من قبل كافة البشر لكونهم‬
‫(أدمٌٌن)‪ ،‬اي ان‪:‬‬
‫‪ – 6‬حقوق األنسان ال تشترى وال تكتسب وال تورث‪ ،‬فهً ببساطة ملك لألنسان كونها متأصلة‬
‫فً كل فرد‪.‬‬

‫‪ -0‬حقوق االنسان واحدة لجمٌع البشر بؽض النظر عن (العنصر – الجنس – الدٌانة –‬
‫الرأي السٌاسً ‪ ...‬الخ) اذ ولد الجمٌع أحرار متساوٌن فً الكرامة والحقوق‪.‬‬
‫‪-3‬‬
‫‪ – 3‬حقوق األنسان ثابتة ال ٌمكن انتزاعها فلٌس من حق احد ان ٌحرم اي شخص من حقوقه‬
‫كأنسان‪ ،‬حتى لو لم تعترؾ بها قوانٌن بلده ‪ ،‬او عندما تنتهكها تلك القوانٌن‪.‬‬

‫‪ – 4‬لكً ٌعٌش جمٌع الناس بكرامة فأنه ٌحق لهم ان ٌتمتعوا بالحرٌة واألمن وبمستوٌات‬
‫معٌشٌة البقة‪ ،‬اذ أن حقوق األنسان ؼٌر قابلة للتجزبة‪.‬‬
‫الفصل األول‬
‫المبحث الثانً‬
‫حقوق األنسان فً الحضارات القدٌمة‬

‫اوالً‪ :‬حضارات وادي الرافدٌن‪:‬‬


‫تعد حضارات وادي الرافدٌن من اقدم الحضارات البشرٌة واولها اهتماما ً بحقوق األنسان‪ ،‬اذ‬
‫تعتبر الوثابق السومرٌة من اقدم الوثابق التً اهتمت بحقوق األنسان من خالل اهتمامها بالقانون‬
‫والعدالة والحرٌة والتً كانت من اساسٌات الفكر العراقً القدٌم من بدأ التدوٌن(الكتابة) فً‬
‫األلؾ الثالث ق‪.‬م‪.‬‬
‫وكان العراقٌون فً من مختلؾ عصورهم التأرٌخٌة سومرٌة كانت أم اكدٌة ‪ ،‬بابلٌة أو اشورٌة‬
‫ٌطالبون ملكهم دوما ً بأعتباره نابب عن األلهة بوضع قوانٌن وتطبٌق إجراءات تضمن للجمٌع‬
‫الحرٌة والعدالة األجتماعٌة والمساواة‪.‬‬
‫ان كلمة حرٌة (اّماركً) قد وردت فً نص سومري ألقدم وثٌقة عرفها العالم القدٌم تشٌر‬
‫بصراحة الى أهمٌة حقوق األنسان وتأكٌدها على حرٌته وبرفضها كل ما ٌناقض ذلك‪...‬كما وقد‬
‫عثرت بعثة تنقٌب فرنسٌة كانت تعمل فً اطالل مدٌنة (لكش) فً قضاء الشطرة جنوب العراق‬
‫عام ‪6777‬م على مخطوط طٌنً مدون علٌه بالؽة السومرٌة وبالخط المسماري ٌضم عدداً من‬
‫األصالحات األجتماعٌة التً وضعها العاهل السومري (اورو كاجٌنا) ‪ 0376 – 0377‬ق‪.‬م‪.‬‬
‫حاكم مدٌنة لكش للقضاء على المساوئ التً كان ٌتذمر منها شعب المدٌنة تلك وإزالة بعض‬
‫التجاوزات التً ٌقوم بها رجال المعبد وكذلك إزالة المظالم واألسؽالل الذي كان ٌقع على‬
‫الفقراء من قبل األؼنٌاء ورجال الدٌن‪ .‬وقد ورد فً الوثٌقة نص ٌقول (بٌت الفقٌر بجوار بٌت‬
‫الؽنً) وذلك فٌه داللة على رؼبة حاكم المدٌنة (اورو كاجٌنا)فً تحقٌق المساواة والعدالة‬
‫األجتماعٌة‪ ...‬ونرى ذلك واضحا ً فٌما بعد فً الشرٌعة التً وضعها (أورنمو) مؤسس ساللة‬
‫أور الثالثة السومرٌة عدداً من المواد القانونٌة تعالج حقوق المرأة ؼٌر المتزوجة والمتزوجة‬
‫والمطلقة وشؤونها العابلٌة وكذلك شرٌعة (عشتار) و(اشنونا)‪.‬‬
‫ولعل شرٌعة حمورابً(‪6710‬ــــ‪.) 6752‬ق‪.‬م‪ .‬كانت من اشهر وأهم القوانٌن التً وضعت فً‬
‫تأرٌخ العراق القدٌم اذ تحتوي هذه الشرٌعة على (‪ )32‬مادة قانونٌة (‪607‬ـــ‪ ) 664‬تعالج‬
‫شؤون المرأة واألسرة من‪ ،‬زواج وطالق وأرث وتبنً‪ ،‬وكذلك حقوقها فً التعلٌم وإدارة‬
‫امالكها الخاصة بنفسها ‪ ،‬وتعد شرٌعة حمورابً ‪،‬الملك البابلً‪ ،‬والتً اصدرها فً السنة‬
‫الثالثٌن من حكمه من اشهر القوانٌن التً إهتمت بحقوق االنسان بعد إعادته توحٌد بالد الرافدٌن‬
‫تحت راٌة واحدة ‪ ،‬اذ استند حمورابً فً شرٌعته على ما كان سابداً من اعراؾ وقوانٌن سابقة‬
‫لزمانه‪ .‬سواء كانت سومرٌة أو بابلٌة بعد جمعها واجراء التعدٌالت التً تتالبم ومجتمع الدولة‬
‫الموحدة الجدٌدة الواسعة األرجاء‪ .‬وكان حمورابً قد دون مواد شرٌعته على عدد من المسالت‬
‫الحجرٌة ووزعها على مدن العراق القدٌم ن ّفر ‪ ،‬اور ‪ ،‬الوركاء ‪ ،‬سبارا ‪ ،‬اشور ‪ ،‬باألضافة الى‬
‫عاصمة الدولة بابل‪.‬‬
‫تتألؾ شرٌعة حمورابً من (‪ )070‬مادة قانونٌة مدونة باللؽة البابلٌة والخط المسماري‪ .‬وبذلك‬
‫ٌكون شعب بالد الرافدٌن (العراق) قد سبق ؼٌره من الشعوب المنطقة بحوالً الؾ عام فً‬
‫وضع األصالحات والقوانٌن التً تحفظ للفرد حرٌته وحقوقه وامنه‪.‬‬
‫ثانٌاً‪ :‬حقوق األنسان لدى الحضارات القدٌمة االخرى‪:‬‬
‫الى جانب حضارات وادي الرافدٌن تعتبر الحضارات الشرقٌة القدٌمة الصٌنٌة ‪ ،‬الهندٌة ‪،‬من‬
‫الحضارات التً اهتمت بحقوق األنسان والعالقات االنسانٌة‪ ،‬وربطت بٌن التعالٌم الدٌنٌة‬
‫والنظرة الى األنسان وحقوقه‪ ،‬ارتباطا ً وثٌقاً‪.‬‬
‫‪ – 6‬الحضارة الهندوسٌة‪:‬‬
‫ظهرت فً الفترة بٌن (‪ 6522‬ــــ ‪6322‬ق‪.‬م) وانتشرت من الهند الى المناطق والمجتمعات فً‬
‫جنوب شرق اسٌا‪.‬‬
‫استندت الحضارة الهندوسٌة فً قوانٌنها ‪ ،‬الخاصة بحقوق األنسان‪ ،‬الى بعض النصوص‬
‫المقدسة الخاصة بها وهً النصوص التً نسبت الى (براهما) اآللهة الهندوسٌة والى اعماله‬
‫المرتبطة بالخلق‪.‬‬
‫ومن الهند انطلق بوذا (‪ 562‬ــــ ‪ 472‬ق‪.‬م) الذي لم ٌدعُ الى دٌنا ً وانما الى حلول عملٌة للحٌاة‬
‫‪ ،‬وانتشرت تعالٌمه فً الصٌن والٌابان وفً جنوب شرق اسٌا فقد جاء فً تعالٌمه الكثٌر من‬
‫المبادئ فً المساواة والحرٌة ونشر العدالة‪ ،‬وٌرى بوذا ان ال فرق بٌن جسم األمٌر وجسم الفقٌر‬
‫المتسول وكذلك ال فرق بٌن روحٌهما‪.‬‬
‫‪ – 0‬الحضارة الصٌنٌة‪:‬‬
‫تجلت حكمة (كونفوشٌوس ‪ 552‬ـــ‪ 471‬ق‪.‬م) فً الدعوى الى نشر العدل والدعوى الى األخاء‬
‫العالمً واألمن والسالم بٌن الناس‪ ،‬وشدد على خدمة األنسان لألنسان اٌا ً كان ورأى ان الظلم‬
‫رذٌلة الرذابل‪.‬‬
‫‪ – 3‬الحضارات الٌونانٌة والرومانٌة‪:‬‬
‫اسهم الفكر الٌونانً والفكر الرومانً فً مٌدان حقوق األنسان بما قدمه مفكرو الحضارة‬
‫الٌونانٌة والرومانٌة من اسهامات كبٌرة والسٌما المفكر الٌونانً (سوفو كلٌس)صاحب المقولة‬
‫الخالدة (كثٌر هً المعجزات فً الدنٌا لكن االنسان اعظمها) وٌعد سوفو كلٌس من الرواد الذٌن‬
‫ادركوا حقٌقة كون االنسان مخٌر اكثر من ان ٌكون مُسٌر‪ ،‬هذا األدراك ٌعد دوما ً عنصراً‬
‫جوهرٌا ً فً مضمار حركة التأرٌخ البشري وتطوره‪.‬‬
‫وفً التقالٌد األؼرٌقٌة فأن التأكٌد على العدالة واحترام القانون تعبٌر عن مدى صالحٌة المجتمع‬
‫ومقٌاس لفضابله‬
‫وٌرى (افالطون ‪ 407‬ـــ‪ 347‬ق‪.‬م) ان اول ما تعنى به حكومة الجمهورٌة هو ان تكمل السعادة‬
‫للمحكومٌن وان تهبهم الصحة والرضى‪ .‬كما أعتبر‪ :‬ان لٌس للمجتمع المدنً من قاعدة سوى‬
‫العدل ‪ ،‬وان اٌة دولة ال تقوم علٌه هً دولة فاسدة مهددة باألنهٌار‪.‬‬
‫اما (ارسطو‪ 374‬ـــ‪ 300‬ق‪.‬م) فأنه اكد على المثل العلٌا للدولة وهً سٌادة احكام القانون‬
‫والعدالة والتعلٌم وان الدولة وجدت لصالح االنسان ولم ٌوجد االنسان لصالح الدولة إنما ولد‬
‫األنسان لٌُسعد‪.‬‬
‫‪ – 4‬الحضارة الفرعونٌة‪:‬‬
‫فً مصر التً لدٌها اآللهة (رع) إله الشمس الذي حكم مصر واخضع اهلها لقانون جاءهم به‬
‫ٌقوم على العدل والصدق فسُعد به الشعب وكان ذلك من األسرة األولى الى األسرة السادسة‪.‬‬
‫وفً عهد االسرة الثامنة عشرة انشبت مجالس للبالد تحكم بالعدالة‪ .‬وجاءت فترة (اخناتون)‬
‫الذي دعا الى التسامح والرحمة وتحقٌق العلم للمجتمع دون تمٌٌز‪.‬‬
‫‪ – 5‬حقوق األنسان فً الدٌانة المسٌحٌة‪:‬‬
‫جاءت المسٌحٌة بدعوى دٌنٌة خالصة ‪ ،‬دعت الى حرٌة العقٌدة ‪ ،‬والدعوى الى التسامح‬
‫والمساواة ومحبة األنسان ألخٌه األنسان ‪ ،‬وكانت تهدؾ الى تحقٌق مثل اعلى لألنسانٌة معتمدة‬
‫على اساس لمحبة‪ ،‬كما انها تهدؾ الى محاربة التعصب الدٌنً ‪ .‬وعملت على المحافظة على‬
‫حقوق االنسان وكرامته الشخصٌة وفكرة تحدٌد السلطة رد على ذلك االحترام والتقدٌر وكرامة‬
‫االنسان لقد رأت المسٌحٌة بأن السلطة المطلقة ال ٌمارسها اال هللا وبهذا تكون رسمت حدود‬
‫فاصلة بٌن ما هو دٌنً وما هو دنٌوي من اجل تنظٌم المجتمع االنسانً على اسس واضحة‬
‫بخاصة فٌما ٌتعلق بالروابط بٌن الفرد والسلطة ((اعطوا ما لقٌصر لقٌصر‪ ،‬وما هلل هلل)) لقد‬
‫كانت المبادئ االساسٌة التً رسختها الدٌانة المسٌحٌة ثورة متقدمة فً مجتمع عالقاته مبنٌة‬
‫على اساس القوة والتماٌز الطبقً فالمسٌحٌة كما اسلفنا دعت الى التسامح بأفضل واحسن اشكاله‬
‫األنسانٌة كما انها وقفت ضد عقوبة األعدام وعملت على حماٌة الضعفاء والمحافظة على حقوق‬
‫العمال وبذلك تؤكد المسٌحٌة على مبدأ العدل ‪،‬المساواة‪ ،‬وتفرق بٌن الواجبات الروحٌة‬
‫والواجبات الدنٌوٌة‪.‬‬
‫الفصل الثانً‬
‫المبحث االول‬
‫اوالً‪ :‬حقوق األنسان فً الدٌن االسالمً‪:‬‬
‫لما كان االسالم اخر األدٌان السماوٌة وان الرسول محمد(ص)هو اخر األنبٌاء والمرسلٌن ‪،‬‬
‫لذا فأن االسالم ٌعد دٌن البشرٌة جمعاء وانه ال ٌتحدد بتأرٌخ معٌن او منطقة معٌنة او شعب‬
‫معٌن وان حقوق االنسان التً اقرها االسالم لألنسان هً حقوق لٌست طبٌعٌة بل انها هبة من‬
‫خالق عظٌم من (هللا عز وجل) لذا فأنها حقوق تكسبه ضمانا ً ضد اعتداء السلطة علٌها‪ .‬اذ لم‬
‫ٌترك القرآن الكرٌم امراً ٌتعلق بحقوق األنسان اال تحدث عنه ‪ .‬وأن االسالم نظام متكامل ٌشمل‬
‫كل جوانب الحٌاة وكل حرٌات األنسان ‪ ،‬ذلك النظام الذي نجده فً القرآن الكرٌم والسنة النبوٌة‬
‫الشرٌفة‪.‬‬
‫ان هللا عز وجل خلق األنسان ومنحه العقل لٌتمٌز عن باقً مخلوقاته لذا أعطى هذا األنسان‬
‫حقوق ومٌزات مهمة ‪ ،‬كما أعطى هذه الحقوق قوة األلتزام بتحمل المسؤولٌة فً حماٌتها‪ ،‬اذ‬
‫ٌضع االسالم قواعد اساسٌة تنظم داخلها حقوق االنسان وواجباته واسلوب ممارسته لحرٌاته‬
‫منها‪:‬‬
‫‪ – 6‬كل شًء فً األصل مباح وهً المساحة التً ٌتصرؾ بداخلها الفرد وال ٌقؾ اال عندما‬
‫ٌحرم ذلك التصرؾ او العمل بنص من الكتاب او السنة‪.‬‬
‫‪ – 0‬حدود حرٌة الفرد وحقه تقؾ عند حدود وحق فرد اّخر فال ضرر وال ضرار‪.‬‬
‫‪ – 3‬االلتزام بالمصلحة العامة عند التقاطع بٌن مصلحة الفرد ومصلحة المجتمع‪ ،‬وحٌث تكون‬
‫المصلحة العامة ٌكون شرع هللا‪.‬‬
‫‪ – 4‬االلتزام بأخالقٌات االسالم ومبادبه عند ممارسة الحرٌة والحقوق الفعلٌة ‪ ،‬ان ٌجادل‬
‫بالحسنى ‪ ،‬وٌدعو للحكمة وال ٌجهر بالسوء من القول وال ٌقول ماال ٌفعل‪.‬‬
‫‪ – 5‬ان ٌستخدم االنسان عقله باعتبار ان العقل المرجعٌة األولى فً الحكم‪.‬‬

‫ثانٌاً‪ :‬اهم حقوق االنسان فً الدٌن االسالمً‪:‬‬


‫‪ -0‬حق الحٌاة‪:‬‬
‫وهو من اهم الحقوق التً ٌجب ان ٌتمتع بها االنسان وذلك نجده فً كافة األدٌان واالعراؾ زد‬
‫على ذلك نجده فً الفلسفات الوضعٌة‪ .‬واعتبر االسالم حٌاة االنسان مقدسة الٌجوز ألحد ان‬
‫ٌتعدى علٌها اذ خص هللا تعالى بنً ادم بخصابص تختلؾ عن باقً المخلوقات (( ولقد كرمنا‬
‫بنً ادم وحملناهم فً البر والبحر * ورزقناهم من الطٌبات وفضلناهم على كثٌر ممن خلقنا‬
‫تفضٌال)) وٌتضح حق الحٌاة فً الدٌن االسالمً من خالل االحكام التً وضعها هللا عز وجل‬
‫لتنظٌم تلك الحٌاة من عقاب وثواب ‪،‬اذ نجد ذلك فً تحرٌم قتل النفس اال بالحق (( وال تقتلوا‬
‫النفس التً حرم هللا اال بالحق)) وكذلك االعتداء ((وال تعتدوا ان هللا ال ٌحب المعتدٌن)) وقد‬
‫نظم هللا عز وجل فً ذلك فً كتابه الكرٌم ووضع العقوبات والقصاص لتكون ضوابط ٌلتزم بها‬
‫االنسان فً حٌاته(( ولكم فً القصاص حٌاة ٌا اولوا االلباب)) ومن هنا كان حرص الشرٌعة‬
‫االسالمٌة على حٌاة البشر دون استثناء‪ ،‬وجعل هذه الحٌاة شرط استمرار الجنس البشري وبقابه‬
‫واعتبر االسالم االنسان مكلفا ً بالحفاظ على حٌاته ‪ ،‬اذ حرم وأد البنات الذي كان شابعا ً فً‬
‫الجاهلٌة ‪ ،‬كذلك حرم قتل االسرى وقتل االعزل‪.‬‬
‫‪ – 9‬حق الرأي والتعبٌر‪:‬‬
‫وهو حق مقدس ومنهج واضح دلت علٌه الكثٌر من اآلٌات فً القرآن الكرٌم((ادع الى سبٌل‬
‫ربك بالحكمة والموعظة الحسنة)) كما ان سٌرة الرسول(ص) حافلة بل قابمة على الحوار‬
‫والشورى(( وامرهم شورى بٌنهم)) والتً تقر حق األنسان فً المشاركة فً الحٌاة العامة‪.‬‬

‫‪ – 3‬حرٌة التفكٌر والعقٌدة‪:‬‬


‫فهً من اكثر الحقوق االنسانٌة التً شؽلت المفكرٌن والعقابد والفلسفات وان االسالم قد اقرها‬
‫لبنً البشر‪ ،‬واالنسان حر فً اختٌار عقٌدته ((لكم دٌنكم ولً دٌن)) واالنسان حر فً فطرته ((‬
‫ال أكراه فً الدٌن)) كما ان االسالم ٌقر للناس حرٌة عقابدهم التً اختاروها من خالل تفكٌرهم‬
‫(( ان الذٌن هادوا والنصارى والصاببٌن من اّمن باهلل والٌوم االخر وعمل صالحا ً فلهم اجرهم‬
‫عند ربهم وال خوؾ علٌهم والهم ٌحزنون )) واالسالم كذلك ٌضمن حقوق الؽٌر وحقوق‬
‫االقلٌات على اساس العدل والتسامح واالحترام التام‪ ،‬حٌث ٌضمن االسالم لؽٌر المسلمٌن األمن‬
‫والحفاظ على اموالهم ولهم الحق فً ممارسة طقوسهم الدٌنٌة ومعتقداتهم واعمالهم التً ٌرؼبون‬
‫فٌها‪.‬‬

‫‪ – 4‬حقوق المرأة‪:‬‬
‫ان هللا عز وجل خلق الرجل والمرأة وجعلهم على قدم المساواة ال فضل على ألحد على األخر‬
‫اال بالتقوى واالٌمان باهلل (( ٌا أٌها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا ً وقبابل‬
‫لتعارفوا ان اكرمكم عند هللا اتقاكم)) وحدٌث الرسول (ص) (انما النساء شقابق الرجال) ٌؤكد‬
‫تلك الحقوق التً منحها االسالم للمرأة واالسالم هو اول من اعترؾ للمرأة بالشخصٌة القانونٌة‬
‫المستقلة مثل الرجل وفقا ً لمنفعة المجتمع وتضامن اعضاءه وللمرأة حق المشاركة فً الحٌاة‬
‫العامة ولها ان تدخل التعاقدات والمواثٌق واألتفاقٌات وممارسة االعمال التجارٌة بمفردها‪.‬‬

‫‪ – 5‬الحقوق االقتصادٌة واألجتماعٌة والثقافٌة‪:‬‬


‫وهً من الحقوق االنسانٌة العامة التً ركز علٌها األسالم فالحق فً العلم والتعلم ورد فً‬
‫القرأن الكرٌم((اقرأ باسم ربك الذي خلق ‪ ،‬خلق االنسان من علق ‪ ،‬اقرأ وربك األكرم الذي علم‬
‫بالقلم علم األنسان مالم ٌعلم)) وحدٌث الرسول الكرٌم (ص) (طلب العلم فرٌضة على كل مسلم‬
‫ومسلمة)كما اكد االسالم على العمل وحق التملك ووضع ارقى القوانٌن فً المٌراث‪ .‬وبذلك‬
‫اعطى االسالم مكانة رفٌعة لالنسان بأعتباره أداة للتقدم والحضارة وله حقوقه التً ضمنها له‬
‫الدٌن االسالمً اذ ال ٌمكن تعطٌلها او خرقها او تجاهلها‬
‫الفصل الثانً‬
‫المبحث الثانً‬

‫اوالً‪ :‬حقوق االنسان فً العصور الوسطى‪:‬‬


‫شهدت العصور الوسطى احداث وافكار اسهمت فً دعم مسٌرة حقوق االنسان فً تأرٌخ‬
‫البشرٌة‪ ،‬وٌعد مٌثاق(( العهد األعظم)) والذي صدر عام ‪6065‬م ‪ ،‬من اهم الوثابق التً‬
‫صدرت فً الؽرب عن حقوق االنسان اذ فُرضت هذه الوثٌقة الدستورٌة على ملك انكلترا‬
‫وقٌدت سلطته واجبروه على توقٌعها واحتوت على (‪ )63‬مادة كان موضوعها االساسً هو‬
‫ضمان حقوق االقطاع فً وجه الملك ‪ ،‬وتشٌر الوثٌقة فً عدد من موادها الى‪:‬‬
‫المادة ‪ -6‬ان كنٌسة انجلترا ستكون حرة وتتمتع بكل حقوقها دون أي انتقاص ‪.‬‬
‫المادة ‪ -60‬ال ٌمكن للملك ان ٌجمع األموال دون موافقة المجلس العام‪.‬‬
‫المادة ‪ -31‬ال ٌمكن اٌقاؾ او سجن اي انسان أو انتزاع ملكٌته او اعتباره خارجا ً عن القانون او‬
‫نفٌه دون حكم قضابً وفقا ً لقانون البالد‪.‬‬
‫المادة ‪ – 40‬السماح بحرٌة السفر والتنقل حٌث نصت على ان ٌسمح لكل شخص الخروج من‬
‫البالد والعودة الٌها بحرٌة وامان ماعدا فترات الحرب‪.‬‬

‫لقد عد الباحثون وثٌقة أو مٌثاق {العهد األعظم} بأنه اول اساس للتمثٌل النٌابً ونظام المحلفٌن‪،‬‬
‫وانه اول القوانٌن العامة فً الدستور األنكلٌزي ‪ ،‬وهو اول احتجاج فً تأرٌخ برٌطانٌا ضد‬
‫الحكم الفاسد وانه حجر الزاوٌة فً بناء الحرٌة‪ ،‬وعدت هذه الوثٌقة بأنها رمز للتفوق الدستوري‬
‫على الملك واحدى اهم وثابق حقوق االنسان التً صدرت فً الؽرب فً العصور الوسطى‪.‬‬
‫لقد عرفت القرون الوسطى مفكرٌن فً مجال حقوق األنسان منهم‪:‬‬
‫‪ – 6‬المفكر االنكلٌزي(روجر بٌكو ‪ 6010- 6064‬م) والذي ٌُعد رابد العلم التجرٌبً دافع عن‬
‫التناول الجدٌد المستقل للمعرفة‪ ،‬وندد بتبجٌل السلطة واكد على ان الحصول على المعرفة هدفه‬
‫زٌادة سلطات االنسان على الطبٌعة‪.‬‬
‫‪– 0‬الفٌلسوؾ االٌطالً (توماس األكوٌنً‪) 6074 – 6004‬لدٌه نظرٌة عن الدولة التً حولت‬
‫الفكر السٌاسً االوربً الى منعطؾ جدٌد ‪ ،‬اذ اكد على ان الناس بحاجة الى الدولة ‪ ،‬وان‬
‫الدولة ٌجب ان تكون فً خدمة الناس كما اعتبر القانون الطبٌعً تعبٌر عن االرادة االلهٌة‪.‬‬
‫‪( – 3‬مارتن لوثر ‪ ) 6546- 6473‬وهو زعٌم بارز فً حركة االصالح فً المانٌا ومؤسس‬
‫المذهب البروتستان تً‪ ،‬وانكر لوثر ان تكون الكنٌسة ورجال الدٌن وسطاء بٌن االنسان وربه اذ‬
‫ان خالص االنسان ال ٌتوقؾ على اداء الطقوس واالفعال الخٌرة وانما ٌتوقؾ على االٌمان‬
‫المخلص‪.‬‬
‫‪( – 4‬جان كالفن ‪ ) 6564- 6521‬وهو احد زعماء حركة االصالح الدٌنً ولد فً فرنسا‬
‫واستقر فً جنٌؾ‪ ،‬واكد على ان االنسان ٌستطٌع من خالل حٌاته الشخصٌة ان ٌثبت بأن هللا‬
‫اصطفاه‪.‬‬
‫‪( – 5‬توماس مور ‪6535 – 6477‬م) وهو احد مؤسسً االشتراكٌة الخٌالٌة وٌعد من الفالسفة‬
‫العقالنٌٌن االنسانٌٌن فً عصر النهضة‪.‬‬

‫ثانٌاً‪ :‬حقوق االنسان فً الفكر والثورات والتشرٌعات الحدٌثة‪:‬‬


‫على مستوى األفكار والنظرٌات السٌاسٌة كانت للمفكرٌن والفالسفة دور اساسً فً تنمٌة‬
‫مشاعر الرفض للحكم المطلق الذي كان سابداً فً اوربا وفً تركٌز االهتمام على كرامة‬
‫االنسان وحقوقه‪:‬‬
‫‪( – 6‬توماس هوبز ‪ 6577‬م– ‪6671‬م ) الفٌلسوؾ األنكلٌزي المعروؾ بدفاعه عن القانون‬
‫ونقده للتسلط وٌقول فً كتابه (فً الحكم المدنً) "ٌبدأ الطؽٌان حٌث تنتهً سلطة القانون وكلما‬
‫هتكت حرمة القانون انزل الضرر باألخرٌن"‪ .‬ودافع عن حقوق الشعب فً مقاومة الطؽٌان‬
‫حٌث ٌقول "ان القوة الؽاشمة ؼٌر المشروعة وحدها ٌجوز دفعها بالقوة"‪ .‬وان الشعب الذي‬
‫اضطهد باطالً سوؾ ٌهب لدى اول فرصة تسنح له لطرح العبء الذي ٌثقل كاهلهم"‪ .‬ودافع‬
‫عن الحرٌة والمساواة الطبٌعٌة بٌن البشر‪ ،‬واكد على حق االنسان بالمحافظة على ملكه اي على‬
‫حٌاته وحرٌته وارضه ودفع عدوان االخرٌن واذاهم واكد على حرٌة االنسان وعدم خضوعه‬
‫ألٌة قوة دون رضاه‪.‬‬

‫‪ – 0‬مونسكٌو‪ :‬وهو اول عالم اجتماع فً فرنسا والذي درس الجوانب السٌاسٌة واالقتصادٌة فً‬
‫حٌاة‬
‫عصره ووضعها فً كتاب (روح القوانٌن)انتقد فٌها الحكم المطلق وٌعتبر ان العدالة‬
‫والقانون هما جزء ال ٌمكن فصلهما عن طبٌعة االشٌاء وكان ألفكاره دور فً التمهٌد للثورة‬
‫الفرنسٌة عام ‪ 6771‬م وكذلك تأثٌرها فً دستور فرنسا ‪6716‬م‪.‬‬
‫‪ – 3‬فولتٌر‪ :‬كان له دور فً نشر افكار الحرٌة ومحاربة التعصب وقد كرس حٌاته ألثبات حق‬
‫كل انسان فً الحرٌة الفكرٌة وفً مكافحة الظلم والمتعصبٌن واكد فً كتاباته ان التأرٌخ كله‬
‫ٌهدؾ الى تحرٌر البشر ودعا الى التطهر من عار ظلم االنسان ألخٌه األنسان‪.‬‬
‫‪ – 4‬جان جاك روسو ‪ 6760‬م – ‪ 6777‬م) ٌعد أب الثورة الفرنسٌة فً افكاره عن حقوق‬
‫االنسان وهو الفٌلسوؾ والعالم االجتماعً واحد منظري علم التربٌة فكان اشهر مؤلفاته" العقد‬
‫االجتماعً" ومقال فً اصل عدم المساواة دعا فٌها الى الدٌموقراطٌة والحرٌات المدنٌة‬
‫والمساواة بٌن الناس بؽض النظر عن اصلهم‪.‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫المبحث األول‬

‫اوالً‪ :‬األعتراف الدولً بحقوق األنسان‪:‬‬


‫لم ٌقر المجتمع الدولً حتى الحرب العالمٌة األولى اال عدد محدود من االتفاقٌات التً تمس‬
‫حقوق االنسان مثل تلك المتعلقة بتحرٌم الرق واالتجار به والقرنصة واتفاقٌة (الهاي لعام‬
‫‪ )6711‬واالتفاقٌة الثانٌة عام ‪6127‬م والتً نصت وتضمنت بعض القواعد التً ٌجب‬
‫مراعاتها اثناء الحرب‪.‬‬
‫ان األهوال والفظابع التً شهدتها البشرٌة خالل الحربٌن العالمٌتٌن حٌث انتهكت حقوق االنسان‬
‫بصورة فضٌعة عزز االتجاه الذي ٌرمً الى كفالة الحد األدنى من االعتراؾ والحماٌة لحقوق‬
‫االنسان‪.‬‬
‫وبعد انتهاء الحرب العالمٌة االولى وانشاء عصبة االمم المتحدة لم ٌتضمن مٌثاق العصبة اي‬
‫احكام او بنود تتعلق بحقوق االنسان‪ ،‬اال ان معاهدة الصلح عام ‪6161‬م وألول مرة تضمنت‬
‫نظام دولً لحماٌة االقلٌات وحقوقها كما تضمنت هذه المعاهدة دستور منظمة العمل الدولٌة‬
‫والتً اعتبرت بمثابة االتفاقٌة العامة االولى لحقوق االنسان بشكل عام وحقوق العامل بشكل‬
‫خاص‪.‬‬
‫وعند انتهاء الحرب العالمٌة الثانٌة قامت منظمة االمم المتحدة‪ ،‬وبفضل مٌثاق هذه المنظمة‬
‫دخلت مسألة حقوق االنسان دابرة القانون الدولً الوضعً‪ ،‬اذ تضمن مٌثاق المنظمة عدة‬
‫نصوص بشأن حقوق االنسان‪ .‬وقد استهلت االمم المتحدة مٌثاقها بالعبارات التالٌة‪:‬‬

‫((نحن شعوب االمم المتحدة قد اّلٌنا على انفسنا ان ننقذ األجٌال المقبلة من وٌالت‬
‫الحرب‪....‬التً جلبت على االنسانٌة مرتٌن احزاننا ً ٌعجز عنها الوصؾ وان نؤكد من جدٌد‬
‫اٌماننا بالحقوق االنسانٌة لالنسان ولكرامته وقدرته وكما للرجال والنساء واالمم كبٌرها‬
‫وصؽٌرها من حقوق متساوٌة))‪.‬‬
‫وٌمكن القول ان االعتراؾ الدولً المعاصر بحقوق االنسان مر بمراحل خمس اساسٌة‪:‬‬
‫‪ – 6‬مرحلة التعرٌؾ بالحق‪ :‬بلورة المفهوم وانتقاله وتجدٌده كمبدأ وؼالبا ً ما تم من خالل كتابات‬
‫فقهاء القانون والمفكرٌن والفالسفة‪.‬‬
‫‪ – 0‬مرحلة اإلعالن ‪:‬قرار الحق كمبدأ معترؾ به‪.‬‬
‫‪ – 3‬مرحلة النفاد ‪ :‬تحدٌد عمومٌات الحق فً شكل اتفاقٌات دولٌة‪.‬‬
‫‪ – 4‬مرحلة تشكٌل اّلٌات التنفٌذ ‪ :‬انشاء لجان لمتابعة تنفٌذ اتفاقٌة دولٌة او تكوٌن لجان لتقصً‬
‫الحقابق‪.‬‬
‫‪ – 5‬مرحلة الحماٌة الجنابٌة ‪ :‬وضع حد ومحاسبة الذٌن ٌنتهكون حقوق االنسان المعنٌة‬
‫بالحماٌة فً اطار نص تجرٌمً وفرض عقوبات رادعة لمرتكبً تلك االنتهاكات مثل اتفاقٌة‬
‫مناهضة للتعذٌب ‪ .‬و اخذ االعتراؾ الدولً المعاصر بحقوق االنسان ٌتعزز منذ إقرار الجمعٌة‬
‫العامة لألمم المتحدة لإلعالن العالمً لحقوق االنسان فً ‪/62‬كانون االول‪ 6147 /‬ثم العهدٌن‬
‫الدولٌٌن لحقوق االنسان لعام ‪ 6166‬وال ٌقتصر االعتراؾ الدولً بحقوق االنسان على منظمة‬
‫االمم المتحدة بل ٌشمل ذلك اٌضا ً مفوضٌة االمم المتحدة لشؤون الالجبٌن التً انشأتها الجمعٌة‬
‫العامة لألمم المتحدة عام ‪6156‬م‪.‬‬
‫وٌعترؾ دستور منظمة العمل الدولٌة‪ :‬بأن العمل لٌس سلطة بل ٌؤكد ان من حق جمٌع البشر‬
‫بصرؾ النظر عن العرق او العقٌدة او الجنس السعً الى رفاهٌتهم المادٌة وتطورهم الروحً‬
‫فً ظروؾ الحرٌة والكرامة واالمن االقتصادي وتكافؤ الفرص‪.‬‬

‫كما ان الهدؾ من منظمة الٌونسكو((منظمة االمم المتحدة للتربٌة والعلوم والثقافة))‪ :‬هو‬
‫المساهمة فً صون السلم واألمن والعمل عن طرٌق التربٌة والتعلٌم والثقافة من خالل التعاون‬
‫بٌن االمم وتهدؾ كذلك الى ضمان االحترام الشامل للعدالة والقانون وحقوق االنسان‪.‬‬

‫ومن االهداؾ الربٌسٌة لمنظمة االمم المتحدة لألؼذٌة والزراعة‪ :‬األسهام فً اقتصاد عالمً‬
‫موسع وضمان تحرٌر اإلنسانٌة من الجوع‪.‬‬

‫ان االعتراؾ الدولً بحقوق االنسان حقق مكاسب كبٌرة وخطا خطوات واسعة فً مسابل‬
‫حقوق االنسان ‪ .‬والبد من االشارة الى ان ذلك االعتراؾ ال ٌمكن ان ٌتحقق دون نضال االفراد‬
‫والشعوب واالسهامات الكبرى للشرابع السماوٌة والفلسفات والحركات السٌاسٌة واالجتماعٌة‬
‫والرواد من المفكرٌن الذٌن سبق ذكرهم‪.‬‬

‫ثانٌاً‪ :‬االعالن العالمً لحقوق االنسان‪:‬‬

‫اإلعالن العالمً لحقوق اإلنسان هو وثٌقة حقوق دولٌة تمثل اإلعالن الذي تبنته األمم المتحدة‬
‫‪ 62‬دٌسمبر ‪ 6147‬فً بارٌس‪ .‬اإلعالن ٌتحدث عن رأي األمم المتحدة عن حقوق اإلنسان‬
‫المحمٌة لدى كل الناس ‪ٌ .‬تألؾ من ‪ 32‬مادة بشأن حقوق اإلنسان المكفولة لجمٌع الناس‪.‬‬

‫ٌعتبر اإلعالن العالمً لحقوق اإلنسان سنة ‪ 6147‬من بٌن الوثابق الدولٌة الربٌسٌة لحقوق‬
‫اإلنسان والتً تم تبٌنها من قبل األمم المتحدة‪ ،‬ونالت تلك الوثٌقة موقعا ً هاما ً فً القانون الدولً‪،‬‬
‫وذلك مع وثٌقتً العهد الدولً الخاص بالحقوق المدنٌة والسٌاسٌة من سنة ‪ ،6166‬والعهد‬
‫الدولً الخاص بالحقوق االقتصادٌة واالجتماعٌة والثقافٌة من سنة ‪ .6166‬وتشكل الوثابق‬
‫الثالثة معا ً ما ٌسمى "البحة الحقوق الدولٌة"‪ .‬وفً ‪ ،6176‬بعد أن تم التصدٌق على الوثٌقتٌن‬
‫من قبل عدد كاؾ من األمم‪ ،‬أخذت البحة الحقوق الدولٌة قوة القانون الدولً‪.‬‬

‫اعتمد هذا االعالن ونشر فً ‪/62‬كانون األول‪ . 6147/‬وفٌما ٌأتً ملخص لمواد االعالن‬
‫العالمً لحقوق االنسان‪.‬‬
‫‪ – 6‬كل انسان حر وٌجب ان ٌعامل جمٌعا ً بالطرٌقة نفسها‪.‬‬
‫‪ – 0‬جمٌع الناس متساوون بؽض النظر عن الفوارق فً اللون والجنس والدٌانة او اللؽة‪.‬‬
‫‪ – 3‬لكل شخص الحق فً الحٌاة وفً ان ٌعٌش بحرٌة واّمان‪.‬‬
‫‪ – 4‬ال ٌجوز ألحد اٌذاؤك او تعذٌب‪.‬‬
‫‪ – 5‬ال ٌجوز ألحد ان ٌعاملك كالرقٌق‪ ،‬وال ٌجوز لك ان تسرق أحد‪.‬‬
‫‪ – 6‬لكل شخص الحق فً المعاملة المتساوٌة من قبل القانون‪.‬‬
‫‪ – 7‬القانون واحد للجمٌع وٌنبؽً أن ٌطبق على الجمٌع بالطرٌقة نفسها‪.‬‬
‫‪ – 7‬لكل شخص الحق فً طلب المساعدة القانونٌة عندما تنتهك حقوقه‪.‬‬
‫‪ – 1‬لٌس من حق احد ان ٌقوم بسجنك ظلما ً او طردك من بلدك‪.‬‬
‫‪ – 62‬لكل شخص الحق فً محاكمة علنٌة عادلة‪.‬‬
‫‪ – 66‬كل شخص (متهم) برئ حتى تثبت إدانته‪.‬‬
‫‪ – 60‬كل شخص الحق فً طلب المساعدة اذا حاول احد اٌذاؤه‪ ،‬وال ٌجوز ألحد دخول بٌتك او‬
‫ازعاجك انت وعابلتك من دون سبب وجٌه‪.‬‬
‫‪ – 63‬لكل شخص الحق فً السفر كما ٌشاء‪.‬‬
‫‪ - 64‬لكل شخص الحق فً االنتقال الى بلد اّخر وطلب الحماٌة اذا كان ٌواجه االضطهاد‪.‬‬
‫‪ – 65‬لكل شخص الحق فً االنتماء الى وطن ‪ ،‬ولٌس من حق احد ان ٌمنعك من االنتماء الى‬
‫بلد اخر اذا رؼب فً ذلك‪.‬‬
‫‪ – 66‬لكل شخص الحق فً ان ٌتزوج وٌكون له اسرة‪.‬‬
‫‪ – 67‬لكل شخص الحق فً تملك عقار واقناء الممتلكات‪.‬‬
‫‪ – 67‬لكل شخص الحق فً ممارسة شعابره الدٌنٌة وفً تؽٌٌر دٌنه ان شاء ذلك‪.‬‬
‫‪ – 61‬لكل شخص الحق فً التعبٌر عن افكاره وفً اعطاء المعلومات وتلقٌها‪.‬‬
‫‪ – 02‬لكل شخص الحق فً المشاركة فً ادارة شؤون بالده‪.‬‬
‫‪ – 06‬لكل شخص الحق فً الضمان االجتماعً وان تتوفر له الفرص لتطوٌر مهاراته‪.‬‬
‫‪ – 00‬لكل شخص الحق فً الراحة فً اوقات الفراغ‪.‬‬
‫‪ – 03‬لكل شخص الحق فً مستوى كاؾ للمعٌشة وفً المساعدة الطبٌة اذا مرض‪.‬‬
‫‪ – 04‬لكل شخص الحق فً الذهاب الى المدرسة بمعنى الحق فً التعلٌم‪.‬‬
‫‪ – 05‬لكل شخص الحق فً ان ٌشترك فً الحٌاة الثقافٌة لمجتمعه‪.‬‬
‫‪ – 06‬على شخص احترام النظام االجتماعً الالزم لتوفٌر هذه الحقوق كلها‪.‬‬
‫‪ – 07‬على كل شخص احترام حقوق الجماعة والحفاظ على الممتلكات العامة‪.‬‬
‫‪ – 07‬لٌس من حق أحد إنتزاع أي من الحقوق المنصوص علً علٌها فً هذا اإلعالن‪.‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫المبحث الثانً‬
‫اوالً‪:‬المنظمات غٌر الحكومٌة ودورها فً مٌادٌن حقوق األنسان‪:‬‬
‫ان نشوء المنظمات ؼٌر الحكومٌة ودورها فً مٌادٌن حقوق االنسان‪ ،‬وبالقانون االنسانً‬
‫وحقوق االنس ان ٌعد بذاته جزء من االعتراؾ العالمً واألقلٌمً والوطنً بأهمٌة هذه المنظمات‬
‫ودورها فً مجال االعتراؾ وتعزٌز حقوق االنسان‪ ،‬ونظراً لصعوبة دراسة كافة المنظمات‬
‫ؼٌر الحكومٌة اصبحت الٌوم تعد باألالؾ وفً كل بقاع العالم فأننا سندرس بعض من اهم‬
‫المنظمات ؼٌر الحكومٌة المعنٌة بالقانون الدولً االنسانً وبحقوق االنسان‪.‬‬

‫‪ – 0‬اللجنة الدولٌة للصلٌب األحمر‪:‬‬


‫تنسب المبادرة فً انشابها فً سوٌسرا الى (هنري دونان) الذي تأثر امام االعداد الهابلة من‬
‫الجرحى الذٌن تركوا دون رعاٌة صحٌة فً مٌدان معركة سولفرٌنو بٌن فرنسا والنمسا عام‬
‫‪ 6751‬بعدها قام دونان مع عدد من الشخصٌات السوٌسرٌة بأنشاء اللجنة الدولٌة للصلٌب‬
‫األحمر عام ‪ 6772‬وتأسست تدرٌجٌا ً جمعٌات وطنٌة عدٌدة فً العالم اتخذت شعار الصلٌب‬
‫االحمر نفسه ‪ ،‬وفً الدول العربٌة واالسالمٌة شعار الهالل االحمر ومؤتمرات الصلٌب االحمر‬
‫الدولٌة تعقد كل اربع سنوات ‪.‬ومبادئ الصلٌب االحمر والهالل االحمر هً مبادئ انسانٌة وعدم‬
‫التحٌز والحٌاد واالستقالل والطابع الطوعً والوحدة العالمٌة وٌؽلب علٌها الطابع االجتماعً‬
‫وتحتفظ باستقاللها عن أٌة سلطة حكومٌة وال تسعى الى اي مكسب وال ٌجوز ان ٌكون لها اكثر‬
‫من جمعٌة واحدة فً كل بلد والصلٌب االحمر ال ٌهتم على االطالق بمعرفة اي من االطراؾ‬
‫المتنازعة محقة واٌهما المخطا وال اي منهما المعتدي واٌهما ضحٌة العدوان فهذه مسابل تنظر‬
‫فٌه الجهات المختصة مثل مجلس االمن والجمعٌة العامة لألمم المتحدة وال ٌرى الصلٌب االحمر‬
‫فً اي طرؾ كان سوى االنسان الذي ٌتألم وٌحتاج الى معونة وؼوث‪ .‬وقامت اللجنة الدولٌة‬
‫للصلٌب االحمر بجهود كبٌرة خالل الحربٌٌن العالمٌتٌن واخذت توسع نشاطها لتشمل اوقات‬
‫السلم وهً منظمة ؼٌر سٌاسٌة محاٌدة دون اي تمٌٌز على اساس الجنس العرق الدٌن‪.‬‬

‫‪ – 9‬منظمة العفو الدولٌة‪:‬‬


‫وهً منظمة متخصصة بالدفاع عن حقوق السجناء والسٌاسٌٌن ‪ ،‬تأسست فً برٌطانٌا عام‬
‫‪ 6166‬كحركة طوعٌة عالمٌة تعمل من اجل حقوق االنسان وهً منظمة ؼٌر حكومٌة مستقلة‬
‫من جمٌع الحكومات والمعتقدات السٌاسٌة وهً ال تؤٌد او تعارض اراء الضحاٌا التً تسعى‬
‫لحماٌة حقوقهم وهً لٌست معنٌة اال بحماٌة حقوق االنسان والعمل على ضمان مراعاة احكام‬
‫االعالن العالمً لحقوق االنسان فً جمٌع انحاء العالم ‪ ،‬نظراً الى ان كل شخص رجالً كان ام‬
‫امرأة له مطلق الحرٌة فً التمسك بمعتقداته والتعبٌر عنها وان كل شخص ملزم بأن ٌهٌا‬
‫لؽٌره من االشخاص حرٌة مماثلة وتسعى منظمة العفو الدولٌة الى تحقٌق ما ٌأتً‪:‬‬
‫‪ – 6‬االفراج عن االشخاص الذٌن ٌسجنون او ٌعتقلون او تقٌد حرٌاتهم بشكل او بأخر وذلك‬
‫بسبب معتقداتهم السٌاسٌة والدٌنٌة او بسبب انتمابهم العرقً أو جنسهم او لونهم وتقدٌم العون لهم‬
‫شرط ان ال ٌكونوا قد لجأوا الى العنؾ‪.‬‬
‫‪ – 0‬العمل بكل الوسابل المناسبة على مقاومة احتجاز سجناء الرأي او اي سجناء سٌاسٌٌن دون‬
‫تقدٌمهم الى المحاكمة خالل فترة معقولة‪.‬‬
‫‪– 3‬العمل بكل الوسابل المناسبة على مقاومة فرض وتنفٌذ عقوبة االعدام او التعذٌب او ؼٌرها‬
‫من العقوبات القاسٌة‪.‬‬
‫‪ – 4‬وضع حد لعملٌات القتل او االؼتٌال السٌاسً وحوادث االختفاء‪.‬‬
‫‪ – 5‬التأكد من امتناع الحكومات من القتل ؼٌر القانونً فً النزاعات المسلحة‪.‬‬
‫‪ – 6‬مساعدة طالبً اللجوء الذٌن ٌتهددهم خطر اعادتهم الى بلد ٌصبحون فٌه عرضة النتهاك‬
‫حقوقهم االنسانٌة والسٌاسٌة‪.‬‬
‫‪ – 7‬تنظٌم برامج لتعلٌم حقوق االنسان وتعزٌز الوعً بها‪.‬‬

‫ثانٌاً‪ :‬منظمة مراقبة حقوق االنسان‪:‬‬


‫بدأت المنظمة نشاطها عام ‪ 6177‬وكانت تسمى اّن ذاك (منظمة هلسنكً لمراقبة حقوق‬
‫االنسان) وكانت مهمتها رصد اوضاع حقوق االنسان فً دول الكتلة السوفٌتٌة وفً الثمانٌنات‬
‫من القرن الماضً تم انشاء لجنة مراقبة االمرٌكٌٌن لبٌان انتهاكات حقوق االنسان التً ٌقترفها‬
‫حلفاء الوالٌات المتحدة فً امرٌكا الوسطى وتم توحٌد كل لجان المراقبة فً عام ‪ 6177‬لٌصبح‬
‫اسمها منظمة مراقبة حقوق االنسان‪ٌ .‬قع مقر المنظمة فً نٌوٌورك وتشمل ثالث اقسام تتعلق‬
‫بنقل االسلحة وحقوق الطفل وحقوق المرأة وهً منظمة ؼٌر حكومٌة مستقلة تدعمها مساهمات‬
‫االفراد والمؤسسات الخاصة فً شتى انحاء العالم وال تتقبل المنظمة اٌة اموال من الحكومات‬
‫سواء بشكل مباشر او ؼٌر مباشر‪.‬‬
‫وتسعى المنظمة الى منع انتهاكات حقوق االنسان بما تنشره من معلومات مما جعلها مصدراً‬
‫اساسٌا ً للمعلومات لكافة المعنٌٌن بحقوق االنسان وتقوم بأجراء تحقٌقات لتقصً الحقابق وتدعو‬
‫المنظمة الى سحب الدعم العسكري او االقتصادي من الحكومات التً تنتهك حقوق االنسان‬
‫وتقدم فً اوقات االزمات احدث االحصابٌات والمعلومات عن الصراعات‪ .‬فازت هذه‬
‫المنظمة(منظمة مراقبة حقوق االنسان والمنظمات الشرٌكة لها) بجابزة نوبل للسالم عام ‪6117‬‬
‫لحملتها الكبٌرة لحظر استخدام االلؽام االرضٌة‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬المنظمة العربٌة لحقوق االنسان‪:‬‬


‫منظمة ؼٌر حكومٌة للدفاع عن حقوق االنسان فً الوطن العربً ومقرها الربٌسً فً القاهرة‬
‫وتأسست عام ‪ 6173‬فً اجتماع عقد فً قبرص‪.‬‬
‫اهداؾ المنظمة العمل على احترام وتعزٌز حقوق االنسان والحرٌات االساسٌة فً الوطن‬
‫العربً طبقا ً لما تضمنه االعالن العالمً لحقوق االنسان والمواثٌق الدولٌة األخرى‪.‬‬
‫ال تنحاز المنظمة الى اي نظام عربً او ضده وال تضع نفسها فً موقع المعارضة ألٌة حكومة‬
‫عربٌة وال موقع التحالؾ مع اٌة معارضة عربٌة وهً لٌست ضد الحكومات بقدر ما تمارس‬
‫من انتهاكات لحقوق االنسان ولٌست مع المعارضة اال بقدر ما تنتهك حقوقها‪.‬‬
‫الفصل الرابع‬
‫المبحث األول‬

‫اوالً‪ :‬ضمانات حقوق االنسان وحماٌتها على الصعٌد الوطنً‪:‬‬


‫‪ – 6‬الضمانات الدستورٌة والقضابٌة‪:‬‬
‫أ – الضمانات الدستورٌة‪:‬‬
‫‪ - 6‬وتتمثل هذه الضمانات بالنص على حقوق االنسان قً الدساتٌر وتوفٌر حماٌتها باّلٌات‬
‫مناسبة واهمٌة النص فً الدستور لحقوق االنسان كبٌرة الن الدستور هو القانون االعلى الذي‬
‫ٌبٌن القواعد االساسٌة لشكل الدولة ونظام الحكم فٌها وٌنظم السلطات العامة من حٌث التكوٌن‬
‫واالختصاص والعالقات بٌن هذه السلطات وحدود كل سلطة والواجبات والحقوق االساسٌة‬
‫لألفراد والجماعات وٌضع الضمانات لها تجاه السلطة كما ٌنص الدستور على الضمانات التً‬
‫تكفل الحرٌات والحقوق وتحمٌها وٌعنً ذلك ان هذه الحقوق هً مبادئ دستورٌة وطنٌة ٌجب‬
‫اتباعها واحترامها من قبل السلطة المختصة بالتشرٌع والقضاء والتنفٌذ‪.‬‬
‫‪ – 0‬الى جانب تضمٌن الدساتٌر حقوق االنسان فأن مبدأ سٌادة القانون ٌعتبر احد الضمانات‬
‫االولى والمبدبٌة لحماٌة حقوق االنسان حٌن حٌث تخضع سلطة الحكم فً الدولة للقانون خضوع‬
‫المحكومٌن له‪.‬‬
‫‪ – 3‬ومن ضمانات حقوق االنسان مبدأ الفصل بٌن السلطات وهو ان تتوزع اختصاصات الدولة‬
‫(التشرٌعة – والتنفٌذٌة – والقضابٌة )بٌن هٌبات منفصلة ومستقلة عن بعضها االخرى مع‬
‫تعاون هذه السلطات ورقابة كل منها على االخرى بحٌث ٌتحقق التوازن بٌنها بحٌث ان ال‬
‫تتركز السلطات فً ٌد فرد او هٌبة واحدة حتى تلك المنتجة من قبل الشعب نفسه اي البرلمان‬
‫واال ستكون حقوق الشعب واالنسان فً خطر‪.‬‬

‫ب – الضمانات القضابٌة‪:‬‬
‫وتعنً توفر ووجود رقابة قضابٌة على دستورٌة القوانٌن الصادرة عن السلطة التشرٌعٌة‬
‫للتحقق من مدى مطابقتها وامتثالها للنصوص الدستورٌة وهذه رقابة الحقة على صدور القانون‬
‫والعمل به تمارسها جهات قضابٌة مختصة باحدى طرٌقتٌن‪:‬‬
‫‪ – 6‬طرٌقة الدعوى االصلٌة (طلب الؽاء القانون) حٌث ٌحق لألفراد او لبعض الهٌبات فً‬
‫الدولة الطعن فً دستورٌة قانون معٌن من خالل الطلب من محكمة مختصة الؽاء عن طرٌق‬
‫اقامة دعوى مباشرة فاذا تبٌن للمحكمة عدم دستورٌة هذا القانون حكمت بإلؽابه‪.‬‬
‫‪ – 0‬طرٌقة الدفع بعدم دستورٌة القانون‪ :‬وٌفترض هذا االسلوب الدفع بعدم الدستورٌة لقانون‬
‫ٌراد تطبٌقه لقضٌة منظورة امام محكمة فللفرد المعنً ان ٌحتج بعدم دستورٌة هذا القانون‬
‫مطابقا ً بعدم تطبٌقه لتمنع المحكمة من تطبٌقه اذا رأت ذلك صحٌحا ً‬

‫ج‪:‬الضمانات السٌاسٌة‪:‬‬
‫أثبتت تجارب األمم والشعوب والدول ان توفر الضمانات الدستورٌة والقضابٌة قد ال ٌكفً‬
‫لوحده لحماٌة حقوق االنسان فً بلد معٌن دون وجود ارادة سٌاسٌة ونظام سٌاسً ٌؤمن بحقوق‬
‫االنسان وحراته االساسٌة ان الدٌموقراطٌة هً اإلطار االمثل واألنسب لممارسة حقوق االنسان‬
‫ألن الدٌموقراطٌة هً نظام سٌاسً واجتماعً واقتصادي ٌقوم على اركان ثالثة هً ‪:‬‬
‫الركن األول‪ :‬حقوق االنسان فً الحرٌة والمساواة وما ٌتفرع عنها كالحق فً الحرٌات والحق‬
‫فً الشؽل وتكافؤ الفرص‪.‬‬
‫الركن الثانً‪ :‬دولة المؤسسات وهً الدولة التً ٌقوم كٌانها على مؤسسات سٌاسٌة ومدنٌة تعلو‬
‫على االفراد مهما كانت مراتبهم وانتماءاتهم العرقٌة والدٌنٌة والحزبٌة‪.‬‬
‫الركن الثالث‪ :‬تداول السلطة داخل هذه المؤسسات بٌن السٌاسٌة المتعددة وذلك على اساس حكم‬
‫األؼلبٌة مع حفظ حقوق األقلٌة‪.‬‬

‫ثانٌاً‪ :‬دور المنظمات الوطنٌة غٌر الحكومٌة‪:‬‬


‫ظاهرة المنظمات ؼٌر الحكومٌة او االوربٌة فً األصل ثم انتشرت بعدها الى باقً دول العالم‬
‫وبضمنها دول العالم الثالث وٌتوقؾ دور هذه المنظمات على الصعٌد الوطنً على جملة امور‬
‫ومستلزمات‪.‬‬
‫أ – مدى استقاللٌتها من الناحٌة المالٌة‪ :‬اذ تضمن لها االستقاللٌة المصداقٌة والفعالٌة وعدم‬
‫خضوعها للحكومات او للجهات التً تحاول الضؽط علٌها او توجٌهها اتجاها ً معٌننا ً من خالل‬
‫تموٌلها‪.‬‬
‫ب – ان تكون هذه المنظمات ؼٌر رسمٌة وؼٌر خاضعة للحكومات وان ٌتم تأسٌسها بحرٌة‬
‫ومبادرات ذاتٌة مما ٌضفً علٌها بشكل حقٌقً صفة المنظمات ؼٌر الحكومٌة وٌعزز استقاللها‬
‫فً حركتها ومواقفها ونشاطاتها‪.‬‬
‫ج – الصفة التطوعٌة وؼٌر المدفوعة مادٌا ً للعاملٌن فٌها وذلك بدعم دورها األنسانً والخدمً‬
‫وٌعزز الثقة بالمنظمات نفسها وبالناشطٌن فٌها‪.‬‬
‫د – ان دور المنظمات ؼٌر الحكومٌة على الصعٌد الدولً ٌواجه مشكلة طبٌعة المجتمع الدولً‬
‫ومبدأ السٌادة للدول الذي ٌبقى عابقا ً امام حركتها رؼم التطور الذي شهده مفهوم السٌادة فً‬
‫حٌن ان دورها على الصعٌد الوطنً ٌرتبط بطبٌعة النظام السٌاسً ومدى احترامه لمؤسسات‬
‫المجتمع المدنً عامة والمنظمات المعنٌة بحقوق االنسان خاصة وتستخدم هذه المنظمات وسابل‬
‫عدة لتحقٌق اهدافها وتتمثل بما ٌلً‪:‬‬

‫اوالً‪ :‬المراقبة على سٌاسات الحكومات فً مجال حقوق االنسان ورصد االنتهاكات فً هذا‬
‫المٌدان أصبحت الٌوم مهمة فعالة ومعترؾ بها فً العدٌد من دول العالم‪.‬‬
‫ثانٌا ً‪ :‬حماٌة وتعزٌز حقوق االنسان على المستوى الوطنً واالقلٌمً والدولً‪.‬‬
‫ثالثا ً‪ :‬وتعد واحدة من مرتكزات النظام الدٌموقراطً التعددي والمشاركة هذه ال تقتصر على قٌام‬
‫المواطنٌن باألدالء بأصواتهم النتخاب االحزاب السٌاسٌة من وظابؾ داخل السلطة او فً‬
‫المعارضة ‪ .‬بل هً تشمل اٌضا ً مشاركة المنظمات ؼٌر الحكومٌة كجزء من مؤسسات المجتمع‬
‫المدنً فً العملٌة السٌاسٌة الدٌموقراطٌة‪.‬‬
‫والمنظمات ؼٌر الحكومٌة تمثل مؤسسات وسٌطة بٌن الفرد والدولة اي بٌن المجتمع المدنً‬
‫واالطار المؤسسً الحكومً بهدؾ جعل دولة القانون من حقابق الحٌاة الٌومٌة للمواطنٌن سواء‬
‫كان ذلك فً مجال الحقوق المدنٌة والسٌاسٌة او فً مجال الحقوق االقتصادٌة واالجتماعٌة‬
‫والثقافٌة‪.‬‬

‫الفصل الرابع‬
‫المبحث الثانً‬

‫ضمانات حقوق االنسان وحماٌتها على الصعٌدٌن االقلٌمً والدولً‪:‬‬

‫اوالً‪ :‬دور االمم المتحدة‪:‬‬


‫تعتبر منظمة االمم المتحدة الٌوم بمثابة االطار الدولً االوسع لتعزٌز وحماٌة حقوق االنسان ‪...‬‬
‫حٌث ٌهتم مجلس االمن الدولً بحقوق االنسان وحماٌتها من زاوٌة مدى المساس بهذه الحقوق‬
‫بالسلم واالمن الدولٌٌن وال ٌخضع تقدٌره من ذلك الى معاٌٌر قانونٌة وانما الى تقدٌرات سٌاسٌة‬
‫بحته‪.‬‬

‫ثانٌاً‪ :‬الجمعٌة العامة لألمم المتحدة‪:‬‬


‫وهً الجهاز الربٌسً للمنظمة وذو طابع سٌاسً ٌضم جمٌع اعضاء االمم المتحدة فأن اؼلب‬
‫المواضٌع التً تناقشها والمتعلقة بحقوق االنسان مستمدة من تقارٌر المجلس االقتصادي‬
‫واالجتماعً ومن القرارات السابقة للجمعٌة ومن المقترحات المقدمة لها من اجهزة االمم‬
‫المتحدة االخرى ومن االمٌن العام‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬المجلس االقتصادي واالجتماعً‪:‬‬
‫وهو جهاز اساسً وذو أهمٌة كبرى فً االمم المتحدة تابع للجمعٌة العامة فأنه ٌنشا لجانا ً‬
‫لتعزٌز حقوق االنسان وهذه اللجنة تتكون من ‪ 43‬دولة منتخبة على اساس توزٌع جؽرافً‬
‫وتتكون من ‪ 06‬عضواً‪.‬‬
‫اّلٌة الحماٌة الدولٌة لحقوق االنسان فً لجنة حقوق االنسان بعد ان مرت بخمس مراحل‪:‬‬
‫المرحلة االولى‪ :‬هً مرحلة ورود شكاوى صادرة من افراد ومنظمات ؼٌر حكومٌة فً شأن‬
‫انتهاكات لحقوق االنسان والتً تعد بعشرات االالؾ الى منظمة االمم المتحدة‪.‬‬
‫المرحلة الثانٌة‪ :‬هً مرحلة بدأ دراسة انتهاكات حقوق االنسان بما فٌها سٌاسة التمٌٌز العنصري‬
‫والفصل العنصري فً جمٌع البلدان والسٌما البلدان المستعمرة‪.‬‬
‫المرحلة الثالثة‪ :‬هً دراسة الشكاوى والرسابل من انتهاكات حقوق االنسان‪.‬‬
‫المرحلة الرابعة‪ :‬اجراءات الحماٌة الدولٌة لحقوق االنسان فً البلدان المستقلة‪.‬‬
‫المرحلة الخامسة‪ :‬اتخاذ االجراءات الموضوعٌة لحماٌة حقوق االنسان ثم توسعت لتشمل‬
‫مختلؾ حقوق االنسان بتكلٌؾ فرٌق عمل او مقرر خاص لرصد تطبٌق حق معٌن او اتفاقٌة‬
‫دولٌة معٌنة ولقد تمثلت اّلٌات الحماٌة الدولٌة لحقوق األنسان وتوفٌر الضمانات لها باآللٌات‬
‫التالٌة‪:‬‬
‫‪ – 6‬تقدٌم التقارٌر الدورٌة وابداء المالحظات علٌها‪:‬‬
‫لقد استقر العمل على ان تتضمن االتفاقٌات الدولٌة والمعاهدات الخاصة بحقوق االنسان‬
‫نصوصا ً توجب على الدول واالطراؾ تقدٌم تقارٌر دورٌة عما اتخذته او تنوي اتخاذه من‬
‫التدابٌر ألعمال وكفالة احترام الحقوق المعترؾ بها فً االتفاقٌة او المعاهدة كالعهد الدولً‬
‫الخاص بالحقوق المدنٌة والسٌاسٌة‪.‬‬

‫‪ – 0‬تقدٌم الشكاوى من دولة ضد دولة‪ :‬وٌعنً انه ٌحق لدولة ما ان تبلػ اللجنة المختصة بأن‬
‫دولة اخرى ال تفً بالتزاماتها بموجب العهد الدولً للحقوق المدنٌة والسٌاسٌة بشرط ان تكون‬
‫الدولة المشتكى منها قد أعلنت من قبل فً وقت من االوقات اعترافها باختصاص اللجنة فً‬
‫تلقً ونظر شكاوى بهذا المعنى من احدى الدول االطراؾ‪.‬‬

‫‪ – 3‬تعٌٌن لجنة توفٌق خاصة بموافقة الدولتٌن‪ :‬وٌحظر ان ٌكون اعضاؤها من مواطنٌها‬
‫وتوضع تحت تصرفها كل المعلومات المتوافرة ‪ .‬وهذه اآللٌة ٌتم اللجوء الٌها فً حال تعذر‬
‫اٌجاد حل فً مجال تقدٌم الشكاوى من دولة ضد اخرى بموجب االلٌة الثانٌة‪.‬‬

‫‪ – 4‬تقدٌم الشكاوى من الفرد ضد دولته‪ :‬وقد اجازها البروتوكول االختٌاري الملحق بالعهد‬
‫الدولً للحقوق المدنٌة والسٌاسٌة حٌث ٌحق لألفراد الداخلٌن فً والٌة الدولة المنضمة الى‬
‫البروتوكول تقدٌم شكوى ضد دولته‪.‬‬

‫‪ – 5‬عرض النزاع على محكمة العدل الدولٌة‪:‬‬


‫حٌث تتضمن عدة اتفاقٌات ومعاهدات دولٌة نصا ً ٌقضً بإحالة اي نزاع ٌنشأ بٌن اطرافها‬
‫حول تفسٌر االتفاقٌة او المعاهدة او تنفٌذها الى محكمة العدل الدولٌة اذا تعذرت تسوٌته بطرق‬
‫اخرى او بالتفاوض‪.‬‬

You might also like