You are on page 1of 10

‫الباب الثاني‬

‫األدلة المختلفة فيها‬

‫العرف‬ ‫أ‪.‬‬

‫أن العرف يف اللغة مبعىن املعرقة‪ ،‬و هو ضد النكرة‪ ،‬و هو كل ما تعرفه النفس‬

‫من اخلري و تطمعن اليه‪ .‬و الع رف يف االص طالح هو ما يتعارف ه أك ثر الن اس‪ ،‬و جيري‬

‫بينهم من وس ائل التعب ري‪ ،‬و أس اليب اخلط اب و الكالم‪ ،‬و م ا يتواض عون علي ه من‬

‫األعم ال‪ ،‬و يعتادون ه من ش عون املع امالت مما مل يوج د يف نفي ه‪ ،‬و ال اثبات ه دلي ل‬
‫‪1‬‬
‫شرعي‪.‬‬

‫فعل أو ٍ‬
‫ترك‪،‬‬ ‫و قال األصوليني أن العرف هو ما اعتاده مجهور الناس من ٍ‬
‫قول أو ٍ‬

‫و تعارفوه و سارو عليه‪ .‬و يسمى العرف عادة‪ ،‬ألنه تعارفه الناس يتكرر حصوله و‬

‫يعيدون فعله مرة بعد أخرى‪ .‬والعرف قد يكون عمليا و قد يكون قوليا‪ ،‬املثال من‬

‫الع رف العملي ك البيع باملعاط اة من غ ري ص يغة لفظي ة‪ ،‬واملث ال من الع رف الق ويل‬

‫كإطالق لفظ الولد على الذكر (اإلبن) دون األنثى (البنت) مع أنه يف اللغة يشمل النب‬
‫‪2‬‬
‫والبنت كما أطلق القران لفظ الولد عليها وكما لفظ اللحم ال يطلق على السمك‪.‬‬

‫حمم د منل ة‪ ،‬املذهب يف علم أص ول الفق ه املق ارن اجملل د الث الث‪،‬‬
‫عب د الك رمي بن علي بن ّ‬
‫‪1‬‬

‫مكتب الرشد‪ ،‬الرياض‪1999 ،‬‬


‫عبد اهلل رافعي‪ ،‬و غري ‪1‬الك‪ ،‬أصول الفقه‪ ،‬طبعة دار السالم‪ ،‬فونوروكو‪2011 ،‬‬ ‫‪2‬‬
‫ينقسم العرف إىل عدة تقسيمات باعتبارات خمتلفة من أمهها ما يلي‪:3‬‬

‫التقسيم األول‪ :‬ينقسم العرف باعتبار من يصدر منه إىل ثالثة أقسام‪:‬‬ ‫‪.1‬‬

‫أ‪ .‬القس م األول‪ :‬الع رف العام‪ ،‬وهو م ا تعارف علي ه أكثر الناس يف‬

‫مجيع البلدان مثل عقد االستصناع يف أخذية وألبسة‪ ،‬ونح ذلك‪.‬‬

‫ب‪ .‬القسم الثاين‪ :‬العرف اخلاص‪ ،‬وهو ما تعارف عليه أكثر الناس يف‬

‫مجيع البلدان مثل إطالق لفظ الدابة على الفرس عند أهل العراق‪،‬‬

‫بينما ذلك خيتلف يف مصر‪.‬‬

‫ت‪ .‬القسم الثالث‪ :‬العرف الشرعي‪ ،‬وهو اللفظ الذي استعمله الشارع‬

‫مري دا من ه مع ىن خاص ا‪ ،‬مث ل "الص الة" فإهنا يف األص ل "ال دعاء"‪،‬‬

‫ولكن الشارع أراد هبا شيئا خمصوصا‪.‬‬

‫التقسيم الثاين‪ :‬ينقسم العرف باعتبار سببه ومتعلقه إىل قسمني‪:‬‬ ‫‪.2‬‬

‫أ‪ .‬القسم األول‪ :‬العرف القويل وهو اللفظي‪ ،‬أن يتعارف أكثر الناس‬

‫على إطالق لف ظ على مع ىن ليس موض وعا ل ه حبيث يتب ادر إىل‬

‫ال ذهن عن د مساعه من غ ري قرين ة‪ ،‬وال عالق ة عقلي ة‪ ،‬مث ل لف ظ‬

‫أمحد احلجي الك ردي‪ ،‬حبوث يف علم أص ول الفق ه مص ادر التش ريع اإلس المي األص لية‬ ‫‪3‬‬

‫والتبعية ومباحث احلكم‪ ،‬جامعة دمشق‪ ،‬كويت‬


‫"الداب ة" فإن ه يف اللغ ة يطلقؤع ل ك ل م ا ي دب على األرض‪ ،‬وق د‬

‫خصصه بعضهم بالفرس‪ ،‬وبعضهم باحلمار‪.‬‬

‫ب‪ .‬القسم الثاين‪ :‬العرف الفعلي‪ ،‬ما كان موضوعه بعض األعمال اليت‬

‫اعتادها الناس يف أفعاهلم العادية أو معامالهتم‪ ،‬املثال يف بيع املعاطاة‬

‫وهو أن يقول "اعطين هبذا الدينار خبزا فيعطيه ما يرضيه‪ ،‬فهذا بيع‬

‫صحيح ثبت عن طريق العرف‪.‬‬

‫و حجية العرف لقد إختلفت على مذهبني ‪:4‬‬

‫املذهب األول؛ أن الع رف حج ة ‪ ,‬ودلي ل ش رعي تثبت عن طريق ه األحك ام‬

‫الشرعية‪.‬‬

‫ذهب إىل ذالك كثري من العلماء ‪.‬‬

‫وهو احلق ‪ ,‬ولكن ليس على إطالقه ‪ ,‬بل هو حجة بشروط هي كما يلي ‪:‬‬

‫‪ :‬أن يكون العرف عاما أو غالبا ‪.‬‬ ‫‪ .1‬الشرط األول‬

‫‪ :‬أن يكون العرف مطردا أو أكثريا ‪.‬‬ ‫‪ .2‬الشرط الثاين‬

‫‪ .3‬الشرط الثالث ‪ :‬أن يكون العرف موجودا عند إنشاء التصرف ‪.‬‬

‫حمم د منل ة‪ ،‬املذهب يف علم أص ول الفق ه املق ارن اجملل د الث الث‪،‬‬
‫عب د الك رمي بن علي بن ّ‬
‫‪4‬‬

‫مكتب الرشد‪ ،‬الرياض‪1999 ،‬‬


‫‪ :‬أن يكون العرف ملزما ‪ ,‬أي ‪ :‬يتحتم العمل مبقتضاه‬ ‫‪ .4‬الشرط الرابع‬

‫يف نظر الناس‪.‬‬

‫‪ .5‬الشرط اخلامس ‪ :‬أن اليعارضه تصريح خبالفه ‪.‬‬

‫‪ .6‬الشرط السادس ‪ :‬أن ال خيالف الرف دليال شرعيا معتمدا ‪.‬‬

‫فإن توفرت هذه الشروط يف العرف كان حجة ‪ ,‬أما إن ختلفت أو ختلف واحدا‬

‫منها فال يكون حجة ‪.‬‬

‫ال دليل اآلول ‪ :‬أن ه بع د االس تقراء والتتب ع لألحك ام اهلل ع ز وج ل وج دنا أن ه‬

‫س بحانه ق د اعت رب الع ادات – ال يت هي وق وع املس ببات عن أس باهبا العادي ة – ورتب‬

‫عليه ا أحكام ا ش رعية ‪ ,‬فش رع القص اص و النك اح والتج ارة ألهنا ألهنا أس باب‬

‫لالنكاف عن القتل ‪ ,‬وبقاء النسل ‪ ,‬ومناء املال عادة و عرفا‪.‬‬

‫االستصحاب‬ ‫ب‪.‬‬

‫االستصحاب لغة استفعال من الصحبة وهي املالزمة وكل شيء الزم شيىأ فقد‬

‫استص حبه ‪ .‬واالستص حاب اصطالحا ‪ :‬عب ارة عن احلكم بثبوت أم ر يف الزمان الثاين‬

‫بناء على ثبوته يف الزمان األول لفقدان ما يصلح للتغيري ‪ .‬أو تقول بعبارة أخرى إنه‬

‫استدامة إثبات ماكان ثابتا أو نفي ما كان منفيا حىت يقوم دليل على تغيري احلالة أي‬

‫بقاء ما كان على نفيا وإثبات حىت يثبت دليل يغري احلالة‪. 5‬‬

‫عبد اهلل رافعي‪ ،‬و غري ‪1‬الك‪ ،‬أصول الفقه‪ ،‬طبعة دار السالم‪ ،‬فونوروكو‪2011 ،‬‬ ‫‪5‬‬
‫حجية االستصحاب ‪:‬‬

‫لقد ثبت بعد االستقراء و التتبع لكالم العلماء يف كتب األصول والفقه أن النوع‬

‫الرابع وهو استصحاب حكم العموم حىت يرد ما خيصصه واستصحاب النص حىت يرد‬

‫ما ينسخه متفق عليه ‪.‬‬

‫أما النوع اخلامس وهو استصحاب حكم اإلمجاع يف حمل النزاع فقد اختلف فيه‬

‫وقد سبق ‪.‬‬

‫أما ما عدا من أنواع االستصحاب فقد اختلف فيه على مداهب ‪:‬‬

‫املذهب األول ‪ :‬أن االستص حاب حج ة يف ثب وت األحك ام وع دمها ‪ .‬وه و‬

‫مذهب اجلمهور وهو احلق لدليلني‪: 6‬‬

‫الدليل األول ‪ :‬أن استصحاب احلال يفيد ظن بقاء احلكم اىل زمن الثاين وكل‬

‫ما أفاد ظن احلكم وجب العمل به ألن العمل بالظن الغالب متعني فاالستصحاب جيب‬

‫العمل به ‪.‬‬

‫ال دليل الث اين ‪ :‬أن اإلمجاع منعق د على أن ه ل و ش ك يف حص ول الزوجي ة ابت داء‬

‫حرم عليه االستمتاع ولو شك يف حصول الطالق مع سبق العقد جاز له االستمتاع‬

‫وليس هن اك من ف رق بينهم ا ‪ ,‬إال أن األول ق د استص حب في ه احلال ة املوج ودة قب ل‬

‫أمحد احلجي الك ردي‪ ،‬حبوث يف علم أص ول الفق ه مص ادر التش ريع اإلس المي األص لية‬
‫‪6‬‬

‫والتبعية ومباحث احلكم‪ ،‬جامعة دمشق‪ ،‬كويت‬


‫الش ك وهي ع دم الزوجي ة وحص ول العق د ‪ .‬أم ا الث اين فق د استص حب غي ه احلال ة‬

‫املوجودة قبل الشك أيضا وهي العقد عليها فلو مل يعترب االستصحاب وكان غري مفيد‬

‫لظن البق اء لل زم اس تواء احلالني‪ :‬التح رمي و اجلواز ول وجب أن يك ون احلكم فيهم ا‬

‫واحدا وهو حرمة الوطء أو إباحته وهو‬

‫باطل باالمجاع ‪.‬‬

‫ج‪ .‬شرع من قبلنا‬

‫املراد بش رع من قبلن ا يع ين م ا نق ل إلين ا من أحك ام تل ك الش رائع ال يت ك انوا‬

‫مكلفني هبا على شرع اهلل تعاىل‪.7‬‬

‫و حجي ة ش رع من قبلن ا ه و م ا أورده اهلل تع اىل يف كتاب ه أو أوراده رس ول اهلل‬

‫صلى اهلل عليه وسلم يف سنته من القصص واألخبار و األحكام الىت وردت يف الشرائع‬

‫السابقة من غري إنكار ومل يدل دليل أهنا مشروعة يف حقنا ومل يدل دليل أهنا منسوخة‬

‫عنا مثل قوله تعاىل ‪ ( :‬وكتبنا عليهم أن النفس بالنفس والعني بالعني واألنف باألنف‬

‫واألذن ب األذن والس ن بالس ن واجلروح قص اص ) ‪ ,‬فه ل ه اذه األحك ام ش رع لن ا‬

‫ملزمون هبا أم ال ؟‪.‬‬

‫عبد اهلل رافعي‪ ،‬و غري ‪1‬الك‪ ،‬أصول الفقه‪ ،‬طبعة دار السالم‪ ،‬فونوروكو‪2011 ،‬‬ ‫‪7‬‬
‫لقد اختلف يف ذالك على مذهبني‪: 8‬‬

‫املذهب األول ‪ :‬أن شرع من قبلنا شرع لنا فيكون حجة ‪ .‬ذهب إىل احلنفية ‪,‬‬

‫املالكية ‪ ,‬وهو رواية عن اإلمام أمحد ‪ ,‬واختاروه أكثر احلنابلة ‪ ,‬وهو احلق ملا يلي من‬

‫األدلة‪.‬‬

‫الدليل األول ‪ :‬قوله تعاىل ‪ ( :‬أولئك الذين هدى اهلل فبهداهم اقتده )‪.‬‬

‫وجه الداللة ‪ :‬أن اهلل تعاىل أم ر النيب صلى اهلل عليه وسلم باتباع مجيع األنبياء‬

‫الس ابقني ‪ ,‬فيك ون ه و مبت دأ بش رع من قبل ه ‪ ,‬فيجب ذل ك يف ك ل م ا ثبت عنهم إال‬

‫قام الدليل على أنه منسوخ ‪.‬‬

‫الدليل الثاين ‪ :‬قوله تعاىل ‪ ( :‬إنا أنزلنا التوراة فيها هدى و نور حيكم هبا النبيون‬

‫الذين أسلموا ) ‪.‬‬

‫وجه الداللة ‪ :‬أنه عرب بلفظ " حيكم هبا النبيون" بصيغة اجلمع فيعم مجيع األنبياء‬

‫عليهم الس الم و حمم د ص لى اهلل علي ه و الس الم من مجل ة األنبي اء ف وجب علي ه احلكم‬

‫بالتوراة فيكون متعبدا بشرع من قبله ‪.‬‬

‫بشرع لنا‪ ،‬و ليس حبجة‬


‫املذهب الثاين ‪ :‬أن شرع من قبلنا ليس ٍ‬

‫حمم د منل ة‪ ،‬املذهب يف علم أص ول الفق ه املق ارن اجملل د الث الث‪،‬‬
‫عب د الك رمي بن علي بن ّ‬
‫‪8‬‬

‫مكتب الرشد‪ ،‬الرياض‪1999 ،‬‬


‫لكل جعلنا منكم شرعة م منهاجا"‬
‫و الدليل عليه "و ّ‬

‫و وج ه الدالل ة ‪ :‬أن مع ىن الش رعة الش ريعة‪ ،‬و املنه اج الطري ق الواض ح‪ ،‬و ه ذة‬

‫خمتص ة بالشريعة الىت جاء‬


‫يقتضي أن يكون كل نيب داعيا إىل شريعة‪ ،‬فتكون كل ّأم ة ّ‬
‫هبا نبيهم‬

‫د ‪.‬قول الصحابي‬

‫قول الصحايب هو ما نقل إلينا عن أحد أصحاب رسول اهلل صلى اهلل عليه و‬

‫س لم من فت وى ‪ ,‬أو قض اء أو رأي أو م ذهب يف حادث ة مل ي رد حكمه ا يف نص ومل‬

‫حيصل عليها إمجاع‪. 9‬‬

‫هن‪:10‬‬
‫حجيته كثري‪ ،‬و ّ‬

‫أوال ‪ :‬إذا ق ال الص حايب رأي ا يف مس الة خمالف ا ل رأي ص حايب آخ ر فليس‬ ‫‪.1‬‬

‫حبجة إمجاعا‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬إذا قال الصحايب قوال مث ثبت أنه رجع عنه فليس حبجة إمجاعا ‪.‬‬ ‫‪.2‬‬

‫ثالثا ‪ :‬إذا قال الصحايب قول مث انتشر بني بقية الصحابة ومل ينكره أحدا‬ ‫‪.3‬‬

‫فهذه حجة ملن قال بأن اإلمجاع السكويت حجة وقد سبق ‪.‬‬
‫عبد اهلل رافعي‪ ،‬و غري ‪1‬الك‪ ،‬أصول الفقه‪ ،‬طبعة دار السالم‪ ،‬فونوروكو‪2011 ،‬‬ ‫‪9‬‬

‫حمم د منلة‪ ،‬روض ة الن اتر يف أص ول الفقهاجملل د األول‪ ،‬دار‬


‫عب د الك رمي بن علي بن ّ‬
‫‪10‬‬

‫العاصمة‪ ،‬الرياض‪1996 ،‬‬


‫رابعا ‪ :‬إذا قال الصحايب قوال يف مسألة اجتهادية ومل يتحقق فيه ما سبق‬ ‫‪.4‬‬

‫فق د اختل ف العلم اع ه ل ه و حج ة أم ال؟ على م ذاهب ‪ :‬من أمهه ا م ا‬

‫يلي‪:‬‬

‫املدهب األول ‪ :‬أن ق ول الص حايب حج ة مطلق ا أي واف ق القي اس أو مل يوافق ه‬

‫وسواء كان الصحايب من اخللفاء الراشدين أو من غريهم ‪.‬وهو مذهب أكثر احلنفية و‬

‫املالكية و احلنابلة و كثري من الشافعية وهو مذهب اإلمام الشافعي يف اجلديد و القدمي‬

‫كما ثبت عنه يف كثري من فروعه ‪.‬‬

‫املذهب الث اين ‪ :‬أن ق ول الص حايب ليس حبج ة مطلق ا‪ .‬و ه و م ذهب كث ري من‬

‫األشاعرة‪ ،‬و بعض احلنافية و غريهم‪.‬‬


‫الباب الثالث‬

‫االختتام‬

‫أ‪ .‬الخالصة‬

‫ب‪.‬‬

You might also like