You are on page 1of 48

‫الشريط الرابع من شرح فضل اإلسالم‬

‫للشيخ سليمان الرحيلي‬

‫السالم عليكم ورحمة هللا وبركاته ‪.‬‬


‫الحمد هلل رب العالمين ‪ ..‬الرحمن الرحيم ‪ ..‬مالك يوم الدين ‪.‬‬
‫نحمده ونشكره ‪ ،‬وهو يزيد الشاكرين ‪ ،‬ونستغفره ونتوب إليه ‪.‬‬
‫وهو سبحانه يحب التوابين ويحب المتطهرين ‪.‬‬
‫وأشهد أن ال إله ال هللا وحده ال شريك له ‪ ،‬إله األولين والخرين ‪،‬‬
‫وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ‪ ،‬المبعوث رحمة للعالمين ‪،‬‬
‫قائد الغر المحجلين صلى هللا عليه وسلم تسليما كثيرا دائما إلى يوم الدين ‪،‬‬
‫ورضي هللا عن آله األطهار الطيبين ‪ ،‬وصحابته األخيار األكرمين ‪.‬‬
‫‪...‬‬
‫أما بعد ‪....‬‬
‫فيا معاشر المؤمنين إن المعلوم أن الدنيا مزرعة لآلخرة ‪،‬‬
‫وأن العبد في الدنيا ال يخلو من ثالثة أحوال ‪:‬‬
‫ـ إما أن يكون منشغال بعمل صالح ‪،‬‬
‫ـ وإما أن يكون منشغال بعمل محرم ‪،‬‬
‫ـ وإما أن يكون مشتغال بمباح ‪ ،‬وال يخرج عن هذه األمور الثالثة ‪.‬‬
‫‪...‬‬
‫• والمشتغل الصالح هو الفائز الرابح عند لقاء هللا سبحانه وتعالى ‪.‬‬
‫• والمشتغل بالسيئات مغضب هلل عز وجل ‪ ،‬وظالم لنفسه ‪ ،‬و يعرض‬
‫نفسه للعقاب األليم يوم القيامة ‪.‬‬
‫• والمشتغل بالمباحات إن اشتغل بها بنية إجمام النفس وتقويتها‬
‫وتنشيطها للعمل الصالح كان ذلك خيرا له ‪ ،‬وكان ذلك من القربات ‪،‬‬
‫أما إذا اشتغل بالمباح مطلقا من غير هذه النية الصالحة فإنه يكون مغبونا‬
‫في دنياه ‪،‬‬
‫وإذا لقي هللا عز وجل فإنه يندم ندما شديدا على الساعات التي قضاها في‬
‫عمل المباحات مطلقا ؛‬
‫ألنه إن كان مسيئا ورأى سيئاته ندم أنه لم يفعل في ذلك الوقت من الحسنات‬
‫ما يجعل كفة حسناته راجحة على كفة سيئاته ‪،‬‬
‫وأنه لم يعمل من الحسنات‪ ،‬ما يغفر له بسببه ‪،‬‬
‫وإذا كان محسنا ورأى إكرام هللا للمحسنين فإنه يندم أنه لم يعمل من‬
‫الحسنات ما يزداد به إكراما من هللا عز ودرجات في الجنة ‪،‬‬
‫ولذلك قال النبي صلى هللا عليه وسلم ‪:‬‬
‫( ما قام قوم من مجلس ال يذكرون هللا فيه إال قاموا كمن يقوم عن جيفة‬
‫حمار وكان لهم حسرة ) يعني ‪:‬‬
‫أنه ما جلس قوم مجلسا ثم قاموا منه ولم يذكروا هللا عز وجل فيه ‪،‬‬
‫ولم يصلوا على النبي صلى هللا عليه وسلم فيه ‪،‬‬
‫إال كان حالهم في ذلك المجلس كمن كان جالسا على جيفة حمار ‪،‬‬
‫ألنه مجلس لهو ال تحضره المالئكة ‪ ،‬وإنما تحضره الشياطين ‪،‬‬
‫وكان لهم حسرة عند لقاء هللا سبحانه وتعالى ‪.‬‬
‫وقال النبي صلى هللا عليه وسلم ‪ ( :‬ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا هللا فيه‬
‫إال كان عليهم ترة ‪،‬‬
‫وما مشى أحد ممشى لم يذكر هللا فيه إال كان عليه ترة ‪،‬‬
‫وما أوى أحد إلى فراشه ولم يذكر هللا فيه إال كان عليه ترة ) أي ‪:‬‬
‫أنه ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا هللا فيه وإنما كانوا في لهو مباح‬
‫إال كان عليهم حسرة وندامة يوم القيامة لما قدمناه ‪،‬‬
‫وما مشى أحد ممشى ولم يذكر هللا فيه إال كان عليه حسرة وندامة يوم‬
‫القيامة ‪،‬‬
‫وما أوى أحد إلى فراشه ولم يذكر هللا فيه إال كان عليه حسرة وندامة يوم‬
‫القيامة ‪، ...‬‬
‫‪...‬‬
‫ولذلك فإن المؤمن ال َك ِّيس الفَ ِّطن يحرص على أن يتقرب إلى هللا عز وجل‬
‫بقدر اإلستطاعة ‪،‬‬
‫و إذا فعل المباحات فإنه ينوي بها نية حسنة حتى تصبح قُربة ‪ ،‬و يُثاب‬
‫عليها ‪،‬‬
‫و إن من األمور العظيمة و الفضائل الكريمة التي أصبحنا نغفل عنها و ال‬
‫نحرص عليها ‪،‬‬
‫فضال عظيما بينه النبي صلى هللا عليه وسلم فيما صح عنه صلى هللا عليه‬
‫وسلم أنه قال ‪:‬‬
‫« إذا تطهر الرجل ثم مر إلى المسجد يرعى الصالة َكتب له كاتباه بكل‬
‫خطوة عشر حسنات ‪،‬‬
‫و القاعد يرعى الصالة كالقانت و يُكتب من المصلين من حين يخرج من‬
‫بيته إلى حتى يرجع إليه » ‪.‬‬
‫هذا األمر العظيم و الفضل الكريم أصبح كثير من المسلمين ـ و نحن منهم‬
‫فرطون فيه ‪،‬‬
‫نسأل هللا أن يهدينا وإياهم ـ يُ ِّ‬
‫فالمسلم أيها اإلخوة إذا تطهر في بيته ثم مر إلى المسجد ـ و لو كان ذلك قبل‬
‫الصالة بساعة أو كان قبل الصالة بساعتين ـ‬
‫يتطهر في بيته ‪ ،‬ثم خرج من بيته إلى المسجد ‪ ،‬يرعى الصالة ؛ يريد‬
‫الصالة ‪ ،‬وينتظر الصالة ‪ ،‬ما فضله ؟‬
‫عشر‬
‫َ‬ ‫• أوال أن كاتبيه يكتبان له بكل خطوة يخطوها إلى المسجد‬
‫حسنات ‪،‬‬
‫كل خطوة ‪ ،‬الخطوة اليمنى بعشر حسنات ‪ ،‬و اليسرى بعشر حسنات ‪ ،‬حتى‬
‫يصل إلى المسجد ‪،‬‬
‫• فإذا دخل المسجد وقعد في المسجد يرعى الصالة ‪ ،‬ينتظر الصالة فإنه‬
‫من المصلين ‪،‬‬
‫كالقانت ‪ ،‬كالمصلي يكتب هللا عز وجل له أجر الصالة و هو جالس في‬
‫المسجد ‪،‬‬
‫يكتب هللا له أجر الصالة ‪ ،‬حتى إذا صلى مع المسلمين وفرغ من صالته ‪،‬‬
‫و قعد بمسجد ُكتب أيضا من المصلين ‪ ،‬و ُكتب له أجر الصالة ‪،‬‬
‫فإذا اِّنتظر صالة أخرى فإنه يُكتب له أجر الصالة حتى يشرع في الصالة‬
‫عليين ‪،‬‬
‫األخرى ‪ ،‬ويكون له كتاب في ِّ‬
‫ألنه ثبت في الحديث قول النبي صلى هللا عليه وسلم ‪:‬‬
‫( صالة في إثر صالة ال لغو بينهما كتاب في عليِّين )‬
‫ثم إذا فرغ من الصالة الثانية وخرج من المسجد وذهب إلى بيته فإنه يُكتب‬
‫من المصلين إلى أن يرجع إلى البيت ‪،‬‬
‫‪...‬‬
‫و أجر الصالة عظيم ‪ ،‬وهذا األمر أيها اإلخوة أصبحنا نُ ِّ‬
‫فرط فيه حتى مع‬
‫فراغنا ؛‬
‫تجد أن الواحد منا يجلس في البيت ال شغل عنده إلى أن يؤذن ‪،‬‬
‫ثم ينتظر إلى قُبيل اإلقامة ‪ ،‬ثم يتوضأ ويذهب ويصلي مع المسلمين ‪،‬‬
‫ويخرج من المسجد مباشرة ‪،‬‬
‫فعل خيرا ‪ ،‬لكنه حرم نفسه من الخير ‪،‬‬ ‫هذا ما فعل حراما‬

‫أنا و أنت يا أخي لو مثال كان عندنا فراغ من الوقت ‪،‬‬


‫فقبل األذان بنصف ساعة أو نحوه توضأنا ‪ ،‬وتوجهنا إلى المسجد ‪،‬‬
‫و أخذنا ننتظر الصالة ‪ ،‬وصلينا مع الناس ‪،‬‬
‫ثم جلسنا قليال ‪ ،‬ثم عدنا إلى البيت ‪ ،‬كل هذا فضل عظيم ‪ ،‬ونُكتب فيه من‬
‫المصلين ‪.‬‬
‫‪...‬‬
‫فوصيتي لنفسي و إخواني ‪:‬‬
‫ـ أن ننتبه لهذه الفضيلة ‪،‬‬
‫ـ و أن نحرص عليها ‪،‬‬
‫ـ و أن نُ ِّ‬
‫علمها ألبنائنا ‪،‬‬
‫ـ و أن ال نحرم أنفسنا منها فإن الفضل عظيم ‪.‬‬
‫‪..‬‬
‫و إن الصالة أعظم ما يتقرب به العبد إلى هللا بعد التوحيد ‪،‬‬
‫فأعظم أعمالنا وأهمها الصالة ‪،‬‬
‫ثم أن درسنا أيها األحبة هو في شرح رسالة عظيمة يحتاجها كل مسلم و‬
‫مسلمة كما تقدم معنا‬
‫أال و هي رسالة فضل اإلسالم ‪،‬‬
‫و قد شرعنا في شرحها واِّنتهينا من شرح الباب األول ‪.‬‬
‫ونشرع اليوم إن شاء هللا في شرح الباب الثاني من أبواب هذه الرسالة‬
‫العظيمة الشريفة النافعة‬
‫فيتفضل الشيخ ياسين وفقه هللا عز وجل يقرأ لنا ‪.‬‬
‫‪...‬‬
‫• القارئ ‪ :‬الشيخ ياسين‬
‫‪...‬‬
‫الحمد هلل والصالة والسالم األتمان األكمالن على خير خلق هللا ‪ ،‬وعلى آله‬
‫وصحبه ومن وااله أما بعد‪:‬‬
‫يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمة هللا عليه ‪ :‬باب وجوب الدخول في‬
‫اإلسالم‬
‫‪..‬‬
‫• الشرح ‪:‬‬
‫‪..‬‬
‫نعم ‪..‬‬
‫لما قدم الشيخ رحمه هللا عز وجل رحمة واسعة وأعلى درجته في الجنة‬
‫الكالم عن فضل اإلسالم وعن الخصائص الكبرى التي يختص بها دين‬
‫اإلسالم عن غيره ‪،‬‬
‫وبين فضائل المسلمين التي يختص بها المسلمون عن غيرهم من األمم ؛‬
‫ذكر هذا الباب ألنه ‪:‬‬
‫وجوب الدخول في اإلسالم ‪،‬‬ ‫ـ يترتب على معرفة الفضل‬
‫ـ وأنه يجب على المسلم إذا دخل في اإلسالم وكان من المسلمين أن يلزم‬
‫شعائر اإلسالم ‪،‬‬
‫وأن ال يطلب الهدى من غير طريق محمد صلى هللا عليه وسلم ‪،‬‬
‫فهذا الباب ‪ :‬باب وجوب الدخول في اإلسالم يتحدث فيه شيخ اإلسالم عن‬
‫أمرين ‪:‬‬
‫• األمر األول ‪ :‬أنه يجب على الناس كافة أن يدخلوا في دين اإلسالم‪،‬‬
‫• واألمر الثاني ‪ :‬أنه يجب على من كان مسلما أن ال يطلب الحق من‬
‫طريق غير طريق محمد صلى هللا عليه وسلم‪،‬‬
‫فال يلتمس الحق إال من طريق محمد صلى هللا عليه وسلم؛ كما سيأتي بيانه‬
‫في األدلة‪.‬‬
‫‪....‬‬
‫قال رحمه هللا ‪ :‬باب وجوب الدخول في اإلسالم ‪:‬‬
‫واإلسالم أيها األحبة أخص من الدين ؛‬
‫ـ فالدين عام‬
‫ـ واإلسالم خاص‬
‫‪..‬‬
‫• فالدين كل ما يتقرب به العبد إلى معبود ‪ ،‬سواء ‪:‬‬
‫ـ جاء به نبي من األنبياء من عند هللا عز وجل‬
‫ـ أو اخترعه الناس ظلما وعدوانا ‪،‬‬
‫‪..‬‬
‫** فما جاء به موسى عليه السالم دين ‪،‬‬
‫** وما جاء به عيسى عليه السالم دين ‪،‬‬
‫** وما جاء به محمد صلى هللا عليه وسلم دين ‪،‬‬
‫❌ والبوذية دين‬

‫❌ وعبادة األصنام دين ‪،‬‬


‫ون ‪ََ O‬ل أَ ْعبُ ُد َما تَ ْعبُد َ‬
‫ُون )‬ ‫كما قال هللا عز وجل ‪ ( :‬قُ ْل يَا أَيُّ َها ا ْلكَافِ ُر َ‬
‫ِين ) ‪،‬‬
‫يد ِ‬‫وقال في آخر السورة ‪( :‬لَ ُك ْم دِينُ ُك ْم َو ِل َ‬
‫فبين أن الدين متعلق بالعبادة ‪ ،‬وأن هذا يسمى دينا ‪ ،‬وهذا يسمى دينا ‪،‬‬
‫‪..‬‬
‫• أما اإلسالم فهو ما جاء به األنبياء عليهم السالم ‪ ،‬من عند هللا سبحانه‬
‫وتعالى‬
‫وهو‪:‬‬
‫ـ اإلستسالم هلل بالتوحيد‬
‫ـ واالنقياد له بالطاعة‬
‫ـ والخلوص من الشرك ‪ ،‬هذا معنى اإلسالم في أصله‪.‬‬
‫وهذا قد اتفق عليه األنبياء جميعا من لدن آدم عليه السالم إلى نبينا وحبيبنا‬
‫محمد صلى هللا عليه وسلم ‪،‬‬
‫فكل األنبياء دينهم اإلسالم بهذا المعنى الذي ذكرناه ‪.‬‬
‫‪..‬‬
‫ـ اإلستسالم هلل بالتوحيد ‪ ،‬فما من نبي بُعث إال وهو يأمر قومه بأن‬
‫يستسلموا هلل عز وجل بالتوحيد ‪.‬‬
‫ـ واإلنقياد له بالطاعة وأن ال يعبدوا إال هللا ‪ ،‬وأن يطيعوا هللا عز وجل ‪،‬‬
‫فهذا األصل الكلي يتفق عليه األنبياء ‪.‬‬
‫ـ والخلوص من الشرك ‪ ،‬فالبراءة من الشرك وأهله اتفق عليها األنبياء‬
‫عليهم السالم ‪.‬‬
‫س ا‬
‫وَل‬ ‫و هذا الدين واحد ولذلك يقول هللا عز وجل ‪َ ( :‬ولَقَ ْد بَعَثْنَا فِي ك ُِل أ ُ َّم ٍة َّر ُ‬
‫غوتَ ) ‪،‬‬‫طا ُ‬ ‫أَ ِن ا ْعبُدُوا َّ َ‬
‫َّللا َواجْ تَنِبُوا ال َّ‬
‫‪...‬‬
‫يقال ‪ :‬إن دين األنبياء واحد ‪،‬‬ ‫ولهذا يا إخوة ‪ ،‬لهذا المعنى‬
‫كما قال النبي صلى هللا عليه وسلم عن األنبياء ‪ .. ( :‬ودينهم واحد ) وهذا‬
‫الحديث في صحيح البخاري‪،‬‬
‫« ودينهم واحد» أي ‪ :‬أن دينهم هو اإلسالم بهذا المعنى الذي ذكرناه ‪،‬‬
‫‪..‬‬
‫ويصح أن يقال عن أديان األنبياء ‪ :‬أنها أديان ؛ بمعنى اإلضافة إلى كل‬
‫نبي ‪،‬‬
‫• فدين محمد صلى هللا عليه وسلم ‪،‬‬
‫• ودين موسى عليه السالم ‪،‬‬
‫• ودين عيسى عليه السالم ‪،‬‬
‫فهي ‪:‬‬
‫ـ باعتبار اإلضافة يصح جمعها ‪،‬‬
‫ـ وكذلك يصح جمعها باعتبار أن الدين يطلق على كل ما جاء به النبي ؛ من‬
‫عقيدة وشريعة ‪،‬‬
‫وال شك أن األنبياء يختلفون في كثير من الشرائع ‪،‬‬
‫ـ فهم يتفقون على العقيدة والتوحيد‬
‫ـ ويتفقون على بعض الشرائع‬
‫ـ ويختلفون في كثير من الشرائع ‪ ،‬وهللا عليم حكيم سبحانه وتعالى ‪.‬‬
‫‪..‬‬
‫ثم بعد بعثة محمد صلى هللا عليه وسلم أصبح اإلسالم إذا أطلق يراد به‬
‫‪:‬‬
‫ما جاء به محمد صلى هللا عليه وسلم ‪،‬‬
‫فأصبح خاصا بعد بعثة محمد صلى هللا عليه وسلم بما جاء به محمد صلى‬
‫هللا عليه وسلم‬
‫وأتباع محمد صلى هللا عليه وسلم أصبحوا ّْ‬
‫يسمون المسلمين ؛ فالمسلمون‬
‫هم أتباع محمد صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬
‫قال هللا عز وجل مخاطبا النبي صلى هللا عليه وسلم وأصحابه ‪ ﴿ :‬ا ْليَ ْو َم‬
‫س َال َم دِيناا ﴾ ‪،‬‬
‫اإل ْ‬ ‫أَ ْك َم ْلتُ لَ ُك ْم دِينَ ُك ْم َوأَتْ َم ْمتُ َ‬
‫علَ ْي ُك ْم نِ ْع َمتِي َو َر ِضيتُ لَ ُك ُم ْ ِ‬
‫اإلسالم ‪،‬‬ ‫فسمى هللا عز وجل ما جاء به محمد صلى هللا عليه وسلم‬
‫وبين أنه هو الذي رضيه سبحانه وتعالى ‪،‬‬
‫فبعد بعثة محمد صلى هللا عليه وسلم ال يرضى هللا بدين إال ما جاء به محمد‬
‫صلى هللا عليه وسلم ‪،‬‬
‫ين ِمن قَ ْب ُل َوفِي َٰ َهذَا ﴾‬ ‫س َّما ُك ُم ا ْل ُم ْ‬
‫س ِل ِم َ‬ ‫وقال هللا سبحانه وتعالى ‪ُ ﴿:‬ه َو َ‬
‫• " هو " ‪ :‬هذا الضمير اختلف العلماء فيه ‪ ،‬فقال جمع من المفسرين‪:‬‬
‫ـ أنه يعود الى هللا عز وجل أي ‪ :‬أن هللا هو الذي سماكم يا أتباع محمد‬
‫صلى هللا عليه وسلم ؛‬
‫سماكم المسلمين من قبل في الكتب السابقة ‪،‬‬
‫وفي هذا أي ‪ :‬في القرآن ‪،‬‬
‫• وقال بعض المفسرين هو أي ‪:‬‬
‫إبراهيم عليه السالم هو الذي سماكم المسلمين من قبل ‪،‬‬
‫فثبت تسمية أو ثبتت تسمية إبراهيم لكم بالمسلمين في الكتب السابقة ‪،‬‬
‫وكذلك أخبركم هللا في القرآن أن إبراهيم عليه السالم هو الذي سماكم‬
‫المسلمين ‪،‬‬
‫إذن بعد بعثة محمد صلى هللا عليه وسلم‬
‫❌ ال يسمى اليهودي مسلما‬

‫❌ وال النصراني مسلما ‪،‬‬


‫✔ وإنما الذين يسم ّْون بالمسلمين هم أتباع محمد صلى هللا عليه وسلم ‪،‬‬
‫فأصبح جميع الناس مخاطبين بالدخول في دين محمد صلى هللا عليه ‪،‬‬
‫فواجب على الناس كافة أن يدخلوا في االسالم الذي جاء به محمد صلى هللا‬
‫عليه وسلم ‪،‬‬
‫ومن آمن بمحمد صلى هللا عليه وسلم وجب عليه ‪:‬‬
‫ـ أن يعتقد أن طريق الحق واحد هو ‪:‬‬
‫من طريق محمد صلى هللا عليه وسلم ‪،‬‬
‫ـ وأن يجرد اإلتباع لرسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪،‬‬
‫فكل من الناس يؤخذ من قوله ويرد مهما عال مقامه وعظم شرفه إال النبي‬
‫صلى هللا وسلم ‪.‬‬
‫فكل الناس ترد أقوالهم بقول رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪،‬‬
‫وال يرد قول رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بقول أحد من الناس مهما عظم‬
‫علمه وعال شرفه ‪،‬‬
‫ـ فإن النبي هللا عليه وسلم أعلم ‪،‬‬
‫ـ ومقام النبي صلى هللا عليه وسلم أكرم ‪.‬‬
‫وهذا يدل أيها االخوة على أن المسلم يجب عليه أن يلزم سنة النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم‬
‫كما تدل عليه األدلة التي ذكرها الشيخ رحمه هللا عز وجل وبين بها يعني‬
‫هذا الحكم العام‬
‫نعم ‪.‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫• قراءة الشيخ ياسين‬
‫‪..‬‬
‫قال رحمه هللا تعالى ‪:‬‬
‫س َال ِم دِيناا فَلَن يُ ْقبَ َل ِم ْنهُ َو ُه َو فِي‬ ‫وقول هللا تعالى ‪َ ﴿ :‬و َمن يَ ْبتَ ِغ َ‬
‫غ ْي َر ْ ِ‬
‫اإل ْ‬
‫ْاْل ِخ َر ِة ِم َن ا ْل َخا ِ‬
‫س ِر َ‬
‫ين ﴾‬
‫‪..‬‬
‫• الشرح ‪:‬‬
‫‪..‬‬
‫هذه الية العظيمة ‪ ..‬تدل على أن هللا عز وجل ال يقبل من األديان إال‬
‫اإلسالم ‪،‬‬
‫و اإلسالم هنا بمعناه الخاص وهو‪ :‬ما جاء به محمد صلى هللا عليه وسلم ‪.‬‬
‫فمعنى هذه الية‬
‫أن من يطلب دينا غير دين االسالم ليدين به ويتعبد به ‪ ،‬ويلزم ما فيه عقيدة‬
‫وعبادة ؛‬
‫❌فلن يقبل هللا عمله‬

‫❌ بل عمله مردود عليه وباطل وضالل‬

‫❌ ال يقبله هللا عز وجل وال يرضاه ‪،‬‬

‫❌ وال يرضى عن أصحابه‬

‫❌ وهو خاسر في الخرة مع الخاسرين ‪ ،‬الذين يخسرون أنفسهم وأهليهم‬


‫يوم القيامة ‪،‬‬
‫وال شك أيها اإلخوة أن ذلك هو الخسران المبين ‪.‬‬
‫‪..‬‬
‫فدلت هذه الية العظيمة على أن هللا عز وجل ال يقبل إال اإلسالم ‪،‬‬
‫وما عداه فإنه ال يقبله هللا عز وجل ‪.‬‬
‫فكل إنسان بعد بعثة محمد صلى هللا عليه وسلم يطلب دينا غير الذي بعث به‬
‫محمد صلى هللا عليه وسلم ؛‬
‫فلن يقبل منه ‪ ،‬بل يكون في ضالل مبين والعياذ باهلل ‪ ،‬وهو في الخرة من‬
‫الخاسرين ‪.‬‬
‫ألن النبي صلى هللا عليه وسلم بعث إلى الناس كافة ( قُ ْل يَا أَيُّ َها النَّ ُ‬
‫اس ِإنِي‬
‫َّللا إِلَ ْي ُك ْم َج ِميعاا ) ؛‬
‫سو ُل َّ ِ‬
‫َر ُ‬
‫️ ( قل ) ‪ :‬هللا عز وجل يأمر نبيه صلى هللا عليه وسلم أن يخاطب‬
‫الناس‬
‫️ ( قل يا أيها الناس ) وهذا يدخل فيه كل إنسان‬

‫️ ( إني رسول هللا إليكم جميعا ) وهذا للتأكيد ‪،‬‬


‫فالنبي صلى هللا عليه وسلم رسول لجميع الناس ‪.‬‬
‫‪..‬‬
‫س ْلنَاكَ إِ ََّل كَافَّةا ِللنَّ ِ‬
‫اس ) فالنبي صلى هللا عليه‬ ‫وقال هللا عز وجل ‪َ ( :‬و َما أَ ْر َ‬
‫وسلم مرسل إلى الناس كافة ‪.‬‬
‫وقال النبي صلى هللا عليه وسلم ‪ ( :‬وكان النبي يبعث لقومه خاصة وبعثت‬
‫إلى الناس كافة ) رواه البخاري بهذا اللفظ ‪.‬‬
‫وعند مسلم قال النبي صلى هللا عليه وسلم ‪:‬‬
‫( كان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى كل أحمر وأسود ) أو (‬
‫بعثت إلى الناس كافة ) ‪،‬‬
‫فالنبي صلى هللا عليه وسلم بعث إلى الناس كافة ‪،‬‬
‫ولذلك ال يسمع إنسان بالنبي صلى هللا عليه وسلم إال ولزمه أن يؤمن به ‪.‬‬
‫‪...‬‬
‫يقول النبي صلى هللا عليه وسلم ‪:‬‬
‫(والذي نفس محمد بيده ال يسمع بي أحد من هذه األمة ) ـ أي ‪ :‬أمة الدعوة ـ‬
‫‪،‬‬
‫ألن النبي صلى هللا عليه وسلم له أمتان ‪:‬‬
‫ـ أمة الدعوة‬
‫ـ وأمة اإلجابة ‪،‬‬
‫‪..‬‬
‫• فأمة الدعوة ‪ :‬الناس كافة ‪ ،‬كل الناس من أمة محمد صلى هللا عليه‬
‫وسلم ‪ ،‬أي ‪ :‬أمة الدعوة‪،‬‬
‫• وأمة اإلجابة هي األمة التي أجابت النبي صلى هللا عليه وسلم والذين‬
‫حرم هللا عز وجل عليهم الخلود في النار ‪،‬‬
‫فالنبي صلى هللا عليه وسلم يقول ‪:‬‬
‫(والذي نفس محمد بيده ال يسمع بي أحد من هذه األمة )‬
‫أي ‪ :‬أمة الدعوة ‪،‬‬
‫أي ‪ :‬الناس أجمعين ‪ ،‬يهودي وال نصراني ‪،‬‬
‫يعني حتى لو كان يزعم أنه على دين جاء به نبي ‪ ،‬فيزعم أنه على اليهودية‬
‫‪،‬‬
‫والمعلوم أن اليهود حرفوا ما جاء به موسى عليه السالم ‪،‬‬
‫أو يزعم أنه على النصرانية ‪ ،‬والمعلوم أن النصارى قد حرفوا ما جاء به‬
‫عيسى عليه السالم ‪.‬‬
‫لكن المقصود أنه حتى لو كان يزعم أنه على دين نبي من األنبياء ( ثم‬
‫يموت ولم يؤمن بي أو لم يؤمن بالذي أرسلت به إال كان من أصحاب النار‬
‫)‬
‫أي ‪ :‬أنه ال يكون من أصحاب الجنة ‪ .‬رواه مسلم في الصحيح ‪.‬‬
‫‪..‬‬
‫إذن ‪:‬‬
‫يجب على الناس كافة أن يدخلوا في دين اإلسالم ‪،‬‬
‫وال يجوز لمسلم أن يعتقد أن الناس أحرار في دينهم ‪،‬‬
‫وأنه يسع أحد من الناس أن يعبد هللا بغير دين اإلسالم وأنه بذلك يكون من‬
‫الموحدين ‪،‬‬
‫ويكون من أهل الجنة ‪.‬‬
‫‪..‬‬
‫بل نقل شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه هللا عز وجل ‪ :‬اإلجماع على من اعتقد‬
‫أنه يسوغ ألحد من الناس‬
‫بعثة محمد صلى هللا عليه وسلم أن يعبد هللا بغير ما جاء به محمد صلى هللا‬
‫أنه كافر بذلك كفرا أكبر يخرجه من ملة اإلسالم ‪.‬‬ ‫عليه وسلم‬
‫ـ فالدين عند هللا واحد ‪ ،‬الذي رضيه وقبله وهو ‪:‬‬
‫ما جاء به محمد صلى هللا عليه وسلم ‪.‬‬
‫ـ وكل ما سواه بعد بعثة النبي صلى هللا عليه وسلم فهو باطل‬
‫ال يقبله هللا عز وجل ‪.‬‬
‫‪...‬‬
‫وإن من قبائح األمور ما يسعى إليه بعض من ال نور عنده وال هدى من‬
‫إنشاء دين واحد يجمع اليهودية والنصرانية واإلسالم‬
‫بزعم وحدة األديان ‪ ،‬وأنه يؤخذ من كل دين شيء ‪ ،‬ويلفق من ذلك دين ‪،‬‬
‫ويبنى لهم بناء يجتمعون فيه ‪ ،‬فإن هذا من الضالل العظيم ‪.‬‬
‫‪...‬‬
‫نقول ‪:‬‬
‫ـ أن الدين واحد ‪،‬‬
‫ـ ال وحدة األديان ‪،‬‬
‫ـ فالواجب على جميع الناس أن يدينوا بما جاء به صلى هللا عليه وسلم‬
‫ـ وال يقبل هللا إال ما جاء به محمد صلى هللا عليه وسلم بعد بعثته ‪.‬‬
‫‪...‬‬
‫بطالن البدع ‪،‬‬ ‫والعلماء رحمهم هللا يستدلون بهذه الية أيضا على‬
‫ألنهم يقولون أن من التمس الخير والهدى من غير طريق محمد صلى هللا‬
‫عليه وسلم فقد ابتغى غير اإلسالم في هذا الذي تغياه ‪.‬‬
‫فلن يقبل منه بل هو مردود عليه وهو في الخرة من الخاسرين ‪.‬‬
‫وهذه ليست كخسارة المشركين ‪ ،‬وإنما هي خسارة دون خسارة المشركين‬
‫إذا لم تكن البدعة مكفرة له ‪.‬‬
‫‪..‬‬
‫فهذه الية كما يقول العلماء ‪:‬‬
‫ـ لها منطوق‬
‫ـ ولها مفهوم ؛‬
‫• أما منطوقها ‪ :‬أن من ابتغى دينا غير اإلسالم فلن يقبل منه ‪،‬‬
‫• وأما مفهومها فهو ‪ :‬أن من ابتغى دين االسالم جنسا أو نوعا فإن هللا‬
‫يقبل منه وهو في الخرة من الفائزين ‪،‬‬
‫فهذه الية تدل دَللةا أولية على وجوب الدخول في اإلسالم‬
‫وتدل كذلك بالتضمن على أنه يجب على المسلم في اإلسالم أن يلزم طريق‬
‫محمد صلى هللا عليه وسلم ‪.‬‬
‫‪...‬‬
‫وهذه اْلية دلت على وجوب دخول اإلسالم ولزوم شرائع اإلسالم التي جاء‬
‫بها محمد صلى هللا عليه وسلم من وجهين ‪:‬‬
‫الوجه األول ‪ :‬أن هللا عز وجل بيـن أنه ال يقبل ممن ابتغى دينا غير دين‬
‫اإلسالم ‪.‬‬
‫والوجه الثاني ‪ :‬أن هللا ذكر أن من ابتغى دينا غير دين االسالم أنه في‬
‫الخرة من الخاسرين ‪.‬‬
‫فدل هذا داللة واضحة بينة على ما ذكرنا‪.‬‬
‫ـــــــــــــــ‬
‫• قراءة الشيخ ياسين‬
‫‪....‬‬
‫سال ُم )‬
‫اإل ْ‬ ‫ِين ِع ْن َد َّ ِ‬
‫َّللا ِ‬ ‫قال رحمه هللا ‪ :‬وقوله تعالى ‪ِ ( :‬إ َّن الد َ‬
‫‪..‬‬
‫• الشرح ‪:‬‬
‫‪...‬‬
‫هللا أكبر‪ ،‬هذا األمر العظيم شهد به‪:‬‬
‫ـ هللا عز وجل‬
‫ـ وتشهد به المالئكة‬
‫ـ ويشهد به أولو العلم ؛‬
‫س ِط ۚ ََل إِ َٰلَهَ إِ ََّل‬
‫َّللاُ أَنَّهُ ََل إِ َٰلَهَ إِ ََّل ُه َو َوا ْل َم َالئِكَةُ َوأُولُو ا ْل ِع ْل ِم قَائِ اما بِا ْل ِق ْ‬
‫( ش َِه َد َّ‬
‫سال ُم )‬ ‫اإل ْ‬ ‫ِين ِع ْن َد َّ ِ‬
‫َّللا ِ‬ ‫يز ا ْل َح ِكي ُم (‪ِ )18‬إ َّن الد َ‬ ‫ُه َو ا ْل َع ِز ُ‬
‫‪..‬‬
‫( إن الدين عند هللا اإلسالم ) ‪ ،‬فهذا من تمام الشهادة ‪،‬‬
‫ـ شهد هللا عز وجل أنه ال إله إال هو ‪،‬‬
‫ـ و أن الدين عنده اإلسالم ‪،‬‬
‫ـ و شهدت المالئكة أنه ال إله إال هللا ‪ ،‬و أن الدين ال َم ّْرضي المقبول عند هللا‬
‫هو اإلسالم ‪،‬‬
‫ـ وشهد أولو العلم من جميع الملل أن الدين المرضي عند هللا المقبول هو‬
‫اإلسالم ‪،‬‬
‫‪..‬‬
‫فالدين المقبول عند هللا الذي ال يقبل دينا سواه هو دين التوحيد ‪،‬‬
‫هو دين التوحيد الذي هو ‪:‬‬
‫ـ اإلستسالم هلل بالتوحيد‬
‫ـ و اإلنقياد له بالطاعة‬
‫ـ والخلوص من الشرك ‪،‬‬
‫وهذا الذي جاءت به األنبياء جميعا ‪،‬‬
‫ثم ُختِّم ذلك بما جاء به محمد صلى هللا عليه وسلم ‪،‬‬
‫فهو الدين المقبول عند هللا عز وجل ‪،‬‬
‫فال يقبل هللا عز وجل من أحد أن يعبده إال بما جاء به محمد صلى هللا عليه‬
‫وسلم ‪،‬‬
‫و أعني بذلك ‪ :‬بعد بعثة محمد صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬نعم ‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــ‬
‫• قراءة الشيخ ياسين‬
‫‪.....‬‬
‫ستَ ِقي اما فَات َّ ِبعُوهُ ۖ َو ََل‬ ‫قال رحمه هللا ‪ :‬و قوله تعالى ‪َ ( :‬وأَ َّن َٰ َهذَا ِص َر ِ‬
‫اطي ُم ْ‬
‫سبُ َل فَتَفَ َّر َ‬
‫ق ِب ُك ْم عَن َ‬
‫س ِبي ِل ِه ۚ) ‪.‬‬ ‫تَت َّ ِبعُوا ال ُّ‬
‫‪.....‬‬
‫الشرح ‪:‬‬
‫‪..‬‬
‫نعم ‪..‬‬
‫أي ‪ :‬أن هذا الموجود في زمن النبي صلى هللا عليه وسلم الذي بُعث به‬
‫محمد صلى هللا عليه وسلم ‪،‬‬
‫فيه التوحيد وعدم الشرك ‪،‬‬
‫وفيه اإلحسان إلى الوالدين وعصمة األنفس ‪،‬‬
‫وفيه تحريم الفواحش ‪ ،‬و فيه حفظ األموال ‪،‬‬
‫و فيه العدل التام ‪ ،‬و فيه الوفاء بالعهود ‪ ،‬وفيه كل خير ‪،‬‬
‫هو صراط هللا المستقيم ‪،‬‬
‫ألن هللا عز وجل قال ‪ { :‬و أن هذا } وهذا إسم إشارة ‪،‬‬
‫إنما يكون إلى الموجود ‪ ،‬فهذا الموجود في زمن النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫هو صراط هللا المستقيم ‪،‬‬
‫الذي يجب على الناس جميعا أن يسلكوه ‪،‬‬
‫و أن كل ما يخالفه إنما هو من السبل التي تبعد عن صراط هللا المستقيم ‪،‬‬
‫وتؤدي إلى التفرق ‪ ،‬و تؤدي باإلنسان إلى النار و العياذ باهلل ‪،‬‬
‫فاهلل في هذه الية فرض وحذر ‪ ،‬هللا في هذه الية فرض وحذر ‪،‬‬
‫ـ فرض على الناس أن يتبعوا صراطه المستقيم الذي جاء به محمد صلى‬
‫هللا عليه وسلم ‪،‬‬
‫ـ وحذرهم من اِّتباع السبل التي تدعو إليها الشياطين ‪ ،‬و تزعم أنها طريق‬
‫الحق ‪،‬‬
‫ألن إبليس جعل له سبال على صراط هللا المستقيم يدعو إليها ليحرف الناس‬
‫عن صراط هللا المستقيم ‪،‬‬
‫فهو كما أخبر عن نفسه عند ربه ‪ :‬يأتي الناس من بين أيديهم و من خلفهم و‬
‫عن أيمانهم و عن شمائلهم ‪،‬‬
‫و لذلك يا إخوة إبليس له سبل ‪ ،‬و له طرق متعددة يُغوي بها الناس عن‬
‫صراط هللا المستقيم ‪،‬‬
‫و لكن هذه السبل تعود إلى ثالثة أمور ‪ ،‬و ال تخرج عنها ‪:‬‬
‫• األمر األول ‪ :‬اإلنحراف عن الصراط المستقيم أصال ‪،‬‬
‫بأن يحرص إبليس على أن يصرف اإلنسان عن دين هللا عز وجل باإللحاد‬
‫‪،‬‬
‫أو أن يكون يهوديا ‪ ،‬أو أن يكون نصرانيا ‪ ،‬أو أن يكون بوذيا ‪ ،‬المهم أن‬
‫يصرفه عن صراط هللا المستقيم ‪،‬‬
‫• و أما األمر الثاني ‪ :‬الغلو في صراط هللا عز وجل حتى يخرج‬
‫اإلنسان بهذا الغلو عن صراط هللا المستقيم فيما غال فيه ‪،‬‬
‫و هذا األمر الثاني يأتي للناس بالغلو بالبدع واألهواء حتى يخرجوا عن‬
‫صراط هللا المستقيم فيما غلوا فيه ‪،‬‬
‫• و أما األمر الثالث ‪ :‬فهو التساهل والتقصير في سلوك هذا الصراط‬
‫المستقيم بالشهوات المحرمة ‪،‬‬
‫بترك الواجبات وفعل المحرمات ‪.‬‬
‫فكل سبل إبليس تدور على هذه األمور الثالثة ‪،‬‬
‫و هي كلها طرق مخالفة للحق الذي جاء به محمد صلى هللا عليه وسلم ‪،‬‬
‫و لذلك نجد أن السلف فسروا السبل في الية بمعان ‪:‬‬
‫ـ ففسرها بعض السلف باألديان األخرى ‪ ،‬أي اِّتبعوا اإلسالم وال تتبعوا‬
‫تفرق بكم عن سبيله ‪،‬‬ ‫األديان األخرى‬
‫ـ و فسرها بعض السلف بالبدع كما ثبت ذلك عن مجاهد و كما يذكره الشيخ‬
‫عنه ‪،‬‬
‫و هذا من باب إختالف التنوع ‪ ،‬فإنها كلها داخلة في السبل ‪ ،‬ال تتبعوا‬
‫األديان األخرى ‪ ،‬و ال تتبعوا البدع و األهواء ‪،‬‬
‫و ال تتبعوا الشهوات المحرمة ‪ ،‬فإنها كلها من السبل التي تبعد اإلنسان عن‬
‫صراط هللا المستقيم ‪،‬‬
‫هذه السبل المبعدة عن صراط هللا المستقيم ‪:‬‬
‫ـ إما أن تبعده عن الصراط بالكلية ‪ ،‬وذلك إذا انحرف إلى دين آخر أو إلى‬
‫الالدِّينية ‪.‬‬
‫ـ و إما أن تبعده عن الصراط ‪ ،‬ويكون البعد بحسب ما يقع فيه اإلنسان ‪.‬‬
‫‪..‬‬
‫ابن القيم رحمه هللا علق على هذه الية بكالم نفيس ‪ ،‬فقال رحمه هللا عز‬
‫وجل ‪:‬‬
‫" و هذا الصراط الذي وصانا هللا باِّتباعه هو ‪:‬‬
‫الصراط الذي كان عليه الرسول صلى هللا عليه وسلم و أصحابه ‪ ،‬و هو‬
‫قصد السبيل هو الوسطية ‪،‬‬
‫وما خرج عنها فهو من السبل الجائرة ‪ ،‬و إن قاله من قاله ‪،‬‬
‫قاله شريف ‪،‬‬
‫أو قاله وضيع ‪،‬‬
‫فما دام أنه خرج عما كان عليه النبي صلى هللا عليه وسلم ‪،‬‬
‫و عما لزمه السلف الذين فهموا كتاب هللا ‪،‬‬
‫و فهموا سنة رسول هللا صلى هللا عليه وسلم الفهم الصحيح فإنه خروج عن‬
‫هذا الصراط ‪.‬‬
‫يقول ابن القيم رحمه هللا ‪:‬‬
‫" و ما خرج عنها فهو من السبل الجائرة ‪ ،‬و إن قاله من قاله ‪،‬‬
‫وقد يكون الجور أي البعد ‪ ،‬و الميل عن الصراط عظيما عن الصراط ‪،‬‬
‫و قد يكون يسيرا ‪،‬‬
‫و بين ذلك مراتب ال يحصيها إال هللا ‪،‬‬
‫قد يكون الميل عن الصراط عظيما ‪ ،‬بحيث تغلب البدعة و الهوى على‬
‫اإلنسان ‪ ،‬فال يكاد يتقرب إلى هللا إال ببدعة ‪،‬‬
‫و قد يكون الجور و الميل يسيرا ‪ ،‬و بين اليسير والعظيم مراتب ‪،‬‬
‫بحسب البعد عن سنة النبي صلى هللا عليه وسلم ) ‪.‬‬
‫‪...‬‬
‫فهذه الية أيها اإلخوة ‪:‬‬
‫ـ دلت على وجوب الدخول في اإلسالم ‪،‬‬
‫ـ و على وجوب تجريد اإلتباع لرسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪،‬‬
‫ألن هللا أمرنا باإلتباع فقال ‪ :‬فاتبعوه ‪،‬‬
‫ـ و نهانا عن اتباع السبل المخالفة لصراطه المستقيم ‪،‬‬
‫فاهلل أمرنا باِّتباع سبيله ‪،‬‬
‫و حرم علينا السبل التي تخالف صراط هللا المستقيم ‪.‬‬
‫فهذا أيها اإلخوة أمر واضح ‪،‬‬
‫ثم إن النبي صلى هللا عليه وسلم قرب لنا المعنى بالرسم ‪،‬‬
‫وهذا يدل على أن العالم يقرب للناس المعاني البعيدة باألمثلة القريبة و ما‬
‫يفهمونه ‪،‬‬
‫ثبت عن النبي صلى هللا عليه وسلم من حديث ابن مسعود رضي هللا عنه ‪:‬‬
‫( أنه صلى هللا عليه وسلم خط لهم خطا فقال ‪ :‬هذا سبيل هللا ‪،‬‬
‫ثم خط خطوطا عن يمينه و عن شماله ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬هذه سبل و على كل سبيل‬
‫شيطان يدعو إليه ‪ ،‬ثم تال هذه الية )‬
‫و الحديث رواه احمد وابن حبان بهذا اللفظ ‪ ،‬وصححه االلباني ‪ ،‬ورواه ابن‬
‫ماجة بقريب منه ‪ ،‬و صححه االلباني كذلك ‪.‬‬
‫‪...‬‬
‫فالنبي صلى هللا عليه وسلم خط خطا واحدا‪ ،‬وقال ‪ :‬هذا سبيل هللا ‪ ،‬هذا‬
‫صراط هللا ‪،‬‬
‫فصراط هللا واحد‪ ،‬يجتمع عليه المؤمنون‪ ،‬ويجتمع به المؤمنون‪،‬‬
‫وهذا يدل يا إخوة على أن أمة محمد صلى هللا عليه وسلم ال يمكن أن تجتمع‬
‫إال على ما جاء به محمد صلى هللا عليه وسلم ‪،‬‬
‫ال يمكن أن يكونوا في طريق واحد ‪ ،‬وعلى قلب واحد إال بلزوم سنة النبي‬
‫صلى هللا عليه وسلم ‪،‬‬
‫أما الجماعات الحزبية التي تتلون وتضع لها أصوال فهذه ال تجمع األمة ‪،‬‬
‫بل هي تفرقها ‪ ،‬وهي من السبل التي تفرق عن سبيل هللا عز وجل ‪،‬‬
‫❌ ولذلك ال يجوز لنا أيها اإلخوة أن ننشئ حزبية ننضم إليها ونجعل لها‬
‫أصوال ونوالي ونعادي عليها‪،‬‬
‫وإنما هو صراط واحد ‪ ،‬صراط هللا المستقيم ‪ ،‬وجماعة واحدة ‪ ،‬هي جماعة‬
‫المسلمين ‪،‬‬
‫يحب بعضهم بعضا ‪ ،‬ويوالي بعضهم بعضا ‪ ،‬وينصح بعضهم بعضا ‪،‬‬
‫• فسبيل هللا الخط الواحد هو الذي يجب علينا أن نجتهد جميعا في أن‬
‫نلزمه ‪،‬‬
‫وأن ندعو إليه ‪ ،‬وأن نجمع الناس عليه ‪،‬‬
‫نحـذر أيما حذر من أن ننشئ ما يفرق الناس ‪ ،‬و يشتت جماعة‬
‫وأن ّْ‬
‫المسلمين‪،‬‬
‫نعم ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــ‬
‫• قراءة الشيخ ياسين‬
‫‪...‬‬
‫قال رحمه هللا ‪ :‬قال مجاهد ‪ :‬السبل‪ :‬البدع والشبهات ‪.‬‬
‫نعم ‪..‬‬
‫وعن عائشة رضي هللا عنها ‪:‬‬
‫أن رسول هللا صلى هللا عليه وعلى آله وسلم قال ‪ ( :‬من أحدث في أمرنا‬
‫هذا ما ليس منه فهو رد) أخرجاه ‪،‬‬
‫وفي لفظ ‪( :‬من عمل عمال ليس عليه أمرنا فهو رد) ‪.‬‬
‫‪...‬‬
‫• الشرح ‪:‬‬
‫‪..‬‬
‫لما ذكر الشيخ رحمه هللا بعض اليات التي تدل على وجوب الدخول في‬
‫اإلسالم ‪،‬‬
‫وعلى أن المسلم يجب عليه أن يتغيا الحق من طريق محمد صلى هللا عليه‬
‫وسلم ؛‬
‫شرع في ذكر بعض االحاديث التي تدل على ذلك فبدأ بالحديث األول وهو‬
‫‪:‬‬
‫حديث أمنا الطاهرة المطهرة عائشة رضي هللا عنها وعن أبيها قالت ‪:‬‬
‫إن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال ‪( :‬من أحدث في أمرنا هذا ما ليس‬
‫منه فهو رد ) ‪،‬‬
‫والحديث بهذا اللفظ في الصحيحين‪،‬‬
‫• ( من أحدث ) أي ‪ :‬اخترع وأنشأ شيئا جديدا‪،‬‬
‫• ( في أمرنا ) أي ‪ :‬في االسالم هذا ‪ ،‬أي ‪ :‬ما كان موجودا في زمن‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم‪،‬‬
‫فكل عمل يتقرب به إلى هللا عز وجل‪ ،‬لم يكن في زمن النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم فهو محدث‪،‬‬
‫ـ مهما كانت النية‬
‫ـ ومهما كان المتكلم ‪،‬‬
‫سواء كان مفتي البالد أو أكبر العلماء أو شيخا كبيرا‪،‬‬
‫من أحدث عمال يتقرب به الى هللا عز وجل ‪ ،‬ولم يكن في زمن النبي صلى‬
‫هللا عليه وسلم فهو محدث ‪،‬‬
‫ألن النبي صلى هللا عليه وسلم قال ‪ ( :‬من أحدث في أمرنا هذا ) أي ‪:‬‬
‫الموجود ‪،‬‬
‫كما قلنا اسم االشارة إنما يطلق على الموجود‪،‬‬
‫• ( ما ليس منه ) ‪ :‬كل أمر محدث لم يكن في زمن النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم ‪،‬‬
‫ويتقرب به إلى هللا عز وجل فهو ليس مما كان في زمن النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم فهو محدث ‪،‬‬
‫ـ وكل محدثة بدعة ‪،‬‬
‫ـ وكل بدعة ضاللة‬
‫ـ وكل ضاللة ال تقود إلى الجنة‬
‫ـ وإنما تقود إلى النار ‪.‬‬
‫‪..‬‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم يقول ‪ ( :‬من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه‬
‫فهو رد ) أي ‪:‬‬
‫أنه مردود على صاحبه غير مقبول ‪ ،‬وإذا كان هذا في حق المسلم ؛‬
‫أن المسلم إذا أحدث في اإلسالم ما ليس منه فهو مردود عليه ال يقبله هللا‬
‫عز وجل ؛‬
‫فمن باب أولى في حق غيره ‪ ،‬من يأتي بدين غير دين اإلسالم فإنه رد ال‬
‫يقبله هللا عز وجل ‪.‬‬
‫‪...‬‬
‫قال ‪ :‬وفي لفظ أي ‪ ( :‬عند مسلم في الصحيح )‬
‫أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال ‪ ( :‬من عمل عمال ليس عليه أمرنا فهو‬
‫رد ) ‪،‬‬
‫وهذا اللفظ أيها اإلخوة فيه زيادة فائدة على اللفظ األول ‪،‬‬
‫وذلك أنه قد يأتينا شخص ممن يفعلون البدع اليوم فيقول ‪ :‬أنا لم أحدث‬
‫هذا‪،‬‬
‫هذا وجدته هكذا وأنا أعمل به ‪ ،‬والنبي صلى هللا عليه وسلم قال ‪( :‬من‬
‫أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) ‪،‬‬
‫وأنا غير محدث وإنما أنا عامل!‬
‫وأما الذي أحدثه فهو المتقدمون فأنا ال أدخل في الحديث ‪،‬‬
‫يأتي هذا اللفظ ليرد عليه ‪ ( :‬من عمل ) فنقول له ‪ :‬أنت تعمل عمال وإن لم‬
‫تكن الذي أحدثته ابتداء ‪،‬‬
‫( من عمل عمال ليس عليه أمرنا فهو رد ) ‪،‬‬
‫فكل من عمل عمال ‪:‬‬
‫ـ يتقرب به إلى هللا عز وجل‬
‫ـ ليس عليه أمر النبي صلى هللا عليه وسلم ‪،‬‬
‫ـ ولم يتقرب به النبي صلى هللا عليه وسلم إلى ربه‬
‫ـ أو لم يرشد إليه النبي صلى هللا عليه وسلم فهو رد أي ‪ :‬أنه مردود على‬
‫صاحبه ‪.‬‬
‫فدل هذا الحديث أيها اإلخوة ‪:‬‬
‫‪1‬ـ على أنه ال يجوز لإلنسان أن يطلب دينا غير دين االسالم فإنه يكون‬
‫مردودا عليه‪.‬‬
‫‪2‬ـ وال يجوز للمسلم أن ينشأ عبادة لم يأت بها محمد صلى هللا عليه وسلم‬
‫فإنها مردودة عليه‪.‬‬
‫‪3‬ـ فدل هذا الحديث على أنه يجب على المسلم أن يلزم السنن‬
‫‪4‬ـ وأن يجرد اإلتباع لرسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪.‬‬
‫نعم ‪...‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫• قراءة الشيخ ياسين‬
‫‪...‬‬
‫قال رحمه هللا ‪ :‬وللبخاري عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال ‪:‬‬
‫قال رسول هللا صلى هللا عليه وعلى آله وسلم ‪:‬‬
‫(كل أمتي يدخلون الجنة إال من أبى ‪،‬‬
‫قالوا ‪ :‬يا رسول هللا ومن يأبى ؟‬
‫قال ‪ :‬من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى )‬
‫‪.....‬‬
‫• الشرح ‪:‬‬
‫‪...‬‬
‫هذا الحديث العظيم في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال‬
‫‪:‬‬
‫قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪:‬‬
‫( كل أمتي ) وأمتي هنا ‪ :‬تحتمل أمة الدعوة ‪ ،‬وتحتمل أمة اإلجابة‬
‫• فقول ‪ ( :‬كل أمتي ) إذا كان بمعنى أمة الدعوة يعني ‪ :‬كل أمة الدعوة‬
‫يدخلون الجنة إال من أبى منهم ‪...‬‬
‫فإنه ال يدخل الجنة ‪.‬‬
‫قالوا ‪ :‬ومن يأبى؟ من الذي يأبى أن يدخل الجنة يا رسول هللا ؟!!‬
‫فقال صلى هللا عليه وسلم ‪ ( :‬من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى‬
‫)‬
‫يكون معنى من أطاعني هنا أي ‪ :‬من آمن بي ‪،‬‬
‫أي ‪ :‬من آمن بي دخل الجنة ‪،‬‬
‫ومن عصاني ولم يؤمن بي فقد أبى ‪.‬‬
‫‪..‬‬
‫• ويحتمل أن يكون المراد باألمة هنا ‪ :‬أمة اإلجابة ‪،‬‬
‫أي ‪ :‬كل أمتي الذين آمنوا بي يدخلون الجنة إال من أبى ‪،‬‬
‫قالوا ‪ :‬ومن يأبى يا رسول هللا ؟ هل هناك مؤمن علم الجنة وما فيها يأبى أن‬
‫يدخل الجنة !!‬
‫قال صلى هللا عليه وسلم ‪ :‬من أطاعني دخل الجنة ‪ ،‬ومن عصاني فقد أبى ‪.‬‬
‫فدل ذلك على أن لزوم سنة النبي صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬وطاعة النبي صلى‬
‫هللا عليه وسلم سبب لدخول الجنة ‪،‬‬
‫وأن المعصية سبب لدخول النار ‪،‬‬
‫وأن العاصي سواء عصى هللا ببدعة أو عصى هللا بعمل من األعمال‬
‫والذنوب ؛‬
‫فإنه متوعد بدخول النار والعياذ باهلل بسبب هذه المعصية ‪.‬‬
‫‪...‬‬
‫فدل هذا الحديث ‪:‬‬
‫‪1‬ـ على أنه يجب على الناس كافة أن يدخلوا دين االسالم ‪،‬‬
‫‪2‬ـ وأن من لم يدخل دين االسالم بعد بعثة محمد صلى هللا عليه وسلم ـ‬
‫ونعني باإلسالم هنا ما جاء به محمد صلى هللا عليه وسلم ـ‬
‫فلن يدخل الجنة بل هو من أهل النار ‪.‬‬
‫‪3‬ـ ودل الحديث أيضا على أنه يجب على المسلم أن يطيع رسول هللا صلى‬
‫هللا عليه وسلم ‪،‬‬
‫‪4‬ـ وأن يجتنب معصية رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪.‬‬
‫نعم ‪.‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫• قراءة الشيخ ياسين‬
‫‪...‬‬
‫قال رحمة هللا عليه ‪:‬‬
‫وفي الصحيح عن ابن عباس رضي هللا عنهما أن النبي صلى هللا عليه‬
‫وعلى آله وسلم قال ‪:‬‬
‫( أبغض الناس إلى هللا ثالثة ‪:‬‬
‫ـ ملحد في الحرم‬
‫ـ ومبتغ في اإلسالم سنة الجاهلية‬
‫ـ ومطـلب دم امرئ مسلم بغير حق ليهريق دمه ) ‪ .‬رواه البخاري‬
‫‪...‬‬
‫• الشرح ‪:‬‬
‫‪..‬‬
‫نعم ‪.‬‬
‫قدمت لكم أن الشيخ إذا قال ‪ ( :‬في الصحيح ) ‪ ،‬فإنه يعني ‪ :‬البخاري ؛ في‬
‫صحيح البخاري ‪،‬‬
‫فهذا الحديث عن ابن عباس أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال ‪:‬‬
‫• ( أبغض الناس إلى هللا ثالثة ) أي ‪:‬‬
‫أن أبغض أهل الذنوب من المسلمين إلى هللا ثالثة ‪،‬‬
‫ال أنهم أبغض الناس مطلقا ‪ ،‬فإن الكفار أبغض إلى هللا منهم ‪.‬‬
‫وإنما المقصود بالناس هنا ‪ :‬أهل الذنوب من المسلمين ‪،‬‬
‫أبغض أهل الذنوب من المسلمين إلى هللا هؤالء الثالثة ‪،‬‬
‫• قال ‪ :‬ملحد في الحرم ‪:‬‬
‫وملحد في الحرم يعني أنه ظالم في الحرم بأي نوع من أنواع الظلم ‪......‬‬
‫والظلم حرام على المؤمنين في كل زمان وفي كل مكان ‪،‬‬
‫في أي أرض كنت يا عبد هللا يحرم عليك الظلم بأنواعه ‪،‬‬
‫وفي أي زمان كنت يا عبد هللا يحرم عليك الظلم بجميع أنواعه ‪،‬‬
‫لكنه في األماكن المحرمة في األماكن ال ُحـرم ‪ ،‬وفي األشهر ال ُحـ رم أعظم‬
‫جرما وأعظم إثما ‪.‬‬
‫يه َّن أَنفُ َ‬
‫س ُك ْم ۚ) مع أن‬ ‫هللا عز وجل قال في األشهر الحرم ‪ ( :‬فَ َال تَ ْظ ِل ُموا فِ ِ‬
‫الظلم حرام في كل األشهر ‪،‬‬
‫لكنه يعظم في األشهر الحرم ‪.‬‬
‫ب أَ ِل ٍيم( ؛‬ ‫ظ ْل ٍم نُّذ ِْقهُ ِم ْن َ‬
‫عذَا ٍ‬ ‫وقال في المسجد الحرام ( و َمن يُ ِر ْد فِي ِه بِ ِإ ْل َحا ٍد بِ ُ‬

‫ومن يمل في المسجد الحرام إلى الظلم بإلحاد نذقه من عذاب أليم ‪.‬‬
‫فدل ذلك على ‪ :‬أن الظلم في األزمنة المحرمة أعظم ‪.‬‬
‫‪..‬‬
‫ولذلك يا إخوة الظلم في رمضان أعظم من الظلم في غيره ‪،‬‬
‫والظلم في األشهر الحرم أعظم من الظلم في رمضان ‪،‬‬
‫والظلم في المدينة أعظم من الظلم في غيرها ‪،‬‬
‫والظلم في مسجد النبي صلى هللا عليه وسلم أعظم من الظلم في بقية حرم‬
‫المدينة ‪،‬‬
‫والظلم في مكة أعظم من الظلم في المدينة ‪..‬‬
‫هذا الذي دلت عليه األدلة‪.‬‬
‫‪..‬‬
‫وقوله صلى هللا عليه وسلم ‪ ( :‬ملحد في الحرم ) يشمل حرم مكة ‪ ،‬ويشمل‬
‫حرم المدينة ألنها كلها تسمى حرما شرعا‪.‬‬
‫ـ فمكة حرمها إبراهيم عليه السالم أي أظهر تحريمها‪،‬‬
‫ـ والمدينة حرمها محمد صلى هللا عليه وسلم أي أظهر تحريمها فكلها‬
‫حرم‪،‬‬
‫فالصحيح أن قول النبي صلى هللا عليه وسلم ملحد في الحرم ‪:‬‬
‫يشمل الظلم في مكة في حرم مكة ‪ ،‬ويشمل الظلم في حرم المدينة ‪ ،‬إال أن‬
‫الظلم في حرم مكة أعظم ‪،‬‬
‫أن الظلم في حرم مكة أعظم لآلية التي ذكرناها‪.‬‬
‫‪....‬‬
‫• قال ‪ ( :‬ومبتغ في اإلسالم سنة الجاهلية ) أي ‪:‬‬
‫وطالب بعد أن أسلم طريقة أهل الجاهلية‪.‬‬
‫وهذا يا إخوة يعم جميع ما كان عليه أهل الجاهلية سواءا ‪:‬‬
‫ـ كانوا يجعلونه عبادة‬
‫ـ أو يجعلونه عادة‬
‫فال يجوز للمسلم أن يبتغي طريقة أهل الجاهلية في اإلسالم ‪،‬‬
‫وأن يتشبه بأهل الجاهلية ‪،‬‬
‫وسميت الجاهلية جاهلية ‪ :‬ألن محدثها جاهل وفاعلها جاهل ‪.‬‬
‫فهي جاهلية من الجهل ‪ ،‬وسيأتي إن شاء هللا التعليق على كالم شيخ‬
‫االسالم ابن تيمية رحمه هللا عز وجل ‪.‬‬
‫‪...‬‬
‫• قال ‪ ( :‬ومطـلب دم امرئ مسلم بغير حق ليهريق دمه ) ‪:‬‬
‫مطلب بالتشديد أي أنه مبالغ في الطلب ‪ ،‬فليس مجرد طلب بل هو مبالغ‬
‫في الطلب ‪،‬‬
‫باذل جميع األسباب الممكنة ليقتل المسلم ‪ ،‬وهذا من قبائح األمور ‪،‬‬
‫وتجد هذا في الخوارج ظاهرا قديما وحديثا ‪،‬‬
‫فإن الخوارج يتطلبون دم أو دماء المسلمين ببذل جميع األسباب ‪،‬‬
‫ـ فتجدهم يقتِّلون المسلمين في األرض التي يفسدون فيها‬
‫ـ ويرسلون جنودهم وأعوانهم إلى تقتيل المسلمين في جميع البالد ‪،‬‬
‫ـ ويحرصون على هذا ‪،‬‬
‫ـ ويبذلون األسباب في تحصيل هذا ‪،‬‬
‫ـ ويتفننون في أقبح ما يكون من الصور من أجل قتل المسلمين الذين‬
‫يسمونهم ظلما وعدوانا بالمرتدين‬
‫فمن يسعى إلى إراقة دم مسلم معصوم الدم ليهريقه فهو من أبغض الناس ‪،‬‬
‫من أبغض أصحاب الذنوب من المسلمين إلى هللا سبحانه وتعالى ‪.‬‬
‫‪..‬‬
‫وطلب دم المسلم بغير حق ‪:‬‬
‫ـ إما أن يكون في األصل‬
‫ـ وإما أن يكون في الوسيلة ‪.‬‬
‫إما أن يكون في األصل ‪ :‬يتطلب المسلم أن يقتل أخاه المسلم بغير حق‬
‫وبغير ذنب‬
‫وإما أن يكون في الوسيلة ‪ :‬بأن يكون المسلم قد فعل ما يستحق به القتل ؛‬
‫ـ كأن ارتد بعد اإلسالم‬
‫ـ أو زنى بعد اإلحصان‬
‫ـ أو قتل مؤمنا عمدا ‪،‬‬
‫فيأتي من لم يأذن هللا له بقتله فيقتله ‪،‬‬
‫متطلب دم امرئ مسلم بغير حق ‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫فيدخل في أنه‬
‫ألن هللا لم يأذن له ‪ ،‬وإن كان هذا يستحق أن يقتل ‪ ،‬لكن هللا جعل قتله ألناس‬
‫معينين ‪،‬‬
‫فمن لم يكن منهم فطلب قتله دخل في هذه الصفة والعياذ باهلل ‪.‬‬
‫‪...‬‬
‫يقول شيخ االسالم ابن تيمية رحمه هللا مبينا معنى هذا الحديث أو معلقا عليه‬
‫يقول ‪:‬‬
‫( أخبر النبي صلى هللا عليه وسلم ‪ :‬أن أبغض الناس إلى هللا هؤالء الثالثة ‪،‬‬
‫وذلك ألن الفساد ‪:‬‬
‫• إما في الدين‬
‫• وإما في الدنيا ‪،‬‬
‫ـ الفساد الذي يقع من الناس في حياتنا الدنيا إما في الدين وإما في الدنيا ـ‬
‫قال ‪:‬‬
‫فأعظم فساد الدنيا قتل النفوس بغير الحق ‪ ...‬ولهذا كان أكبر الكبائر بعد‬
‫أعظم فساد الدين الذي هو الكفر يعني ‪:‬‬
‫يقول شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪:‬‬
‫أكبر الكبائر الكفر ثم القتل ‪.‬‬
‫وهذا الذي اختاره جمع من المحققين أن أكبر الكبائر بعد اإلشراك باهلل القتل‬
‫بغير حق ‪...‬‬
‫قال ‪:‬‬
‫وأما فساد الدين فنوعان ‪: ..‬‬
‫ـ نوع يتعلق بالعمل ‪،‬‬
‫ـ ونوع يتعلق بمحل العمل ‪،‬‬
‫فأما المتعلق بالعمل ‪ :‬فهو ابتغاء سنة الجاهلية ‪،‬‬
‫ابتغاء سنة الجاهلية من الفساد في الدين ‪.‬‬
‫‪..‬‬
‫وأما المتعلق بمحل العمل فهو ‪ :‬اإللحاد في الحرم ؛ ألن أعظم محل للعمل‬
‫الحرم ‪،‬‬
‫وانتهاك حرمة محل المكان أعظم من انتهاك حرمة المحل الزماني ‪.‬‬
‫ثم إن شيخ اإلسالم محمد بن عبد الوهاب رحمه هللا نقل عن شيخ اإلسالم‬
‫ابن تيمية رحمه هللا هذه الجملة التي سمعناها وهي أنه قال ‪:‬‬
‫( قوله سنة الجاهلية يندرج فيها كل جاهلية مطلقة أو مقيدة ـ أي في شخص‬
‫دون شخص ـ‬
‫كتابية أو وثنية أو غيرهما ‪ ،‬من كل مخالفة لما جاء به المرسلون ) ‪.‬‬
‫لفظ شيخ االسالم ابن تيمية يا إخوة هو هكذا ‪.‬‬
‫قال شيخ االسالم ‪:‬‬
‫قوله في هذا الحديث ‪ :‬ومبتغ في اإلسالم سنة الجاهلية يندرج فيه كل‬
‫جاهلية مطلقة أو مقيدة ‪.... ،‬‬
‫يهودية أو نصرانية أو مجوسية أو صابئة أو وثنية أو مركبة من ذلك أو‬
‫بعضه ‪،‬‬
‫أو منتزعة من هذه الملل الجاهلية ؛ فإنها جميعها مبتدعها ومنسوخها ؛ ـ‬
‫يعني لو كان من بقية ما جاء به الرسل فهو منسوخ أو مبتدع أحدثه الناس ـ‬
‫فإنها جميعها مبتدعها أو منسوخها صارت جاهلية بمبعث محمد صلى هللا‬
‫عليه وسلم ) ‪.‬‬
‫فالجاهلية يا إخوة قد تكون ‪:‬‬
‫ـ جاهلية مطلقة‬
‫ـ وقد تكون جاهلية مقيدة ‪.‬‬
‫‪..‬‬
‫** فالجاهلية المطلقة هي الجاهلية العامة في كل األقوال واألعمال ‪،‬‬
‫وهذه ال شك أنها كانت موجودة قبل مبعث النبي صلى هللا عليه وسلم ‪،‬‬
‫كان الناس في جاهلية مطلقة ؛ في أقوالهم ‪ ،‬في أعمالهم ‪ ،‬في اعتقاداتهم ‪.‬‬
‫❌ أما بعد مبعث النبي صلى هللا عليه وسلم فال توجد الجاهلية المطلقة‬
‫في جميع األرض ‪،‬‬
‫وإنما قد توجد في مكان دون مكان ‪ ،‬أو في فر ٍد دون فرد ‪.‬‬
‫أما أن توجد الجاهلية المطلقة بعد بعثة محمد صلى هللا عليه وسلم في كل‬
‫األرض فال ؛‬
‫ألنه ستبقى طائفة ‪ ،‬قائمة بالحق منصورة ‪.‬‬
‫لكن قد نجد اليوم الجاهلية المطلقة في أرض ‪ ،‬في بلد ‪ ،‬في مكان ‪ ،‬وقد‬
‫تكون في زمان ‪،‬‬
‫قد تكون في فرد قد يكون في ديار المسلمين ‪ ،‬لكنه في جاهلية مطلقة‬
‫والعياذ باهلل ‪.‬‬
‫‪..‬‬
‫أما أن يكون المسلمون في جاهلية فهذا ال يقوله إال مبتدع ‪...‬‬
‫أن يوصف الناس فيقال ‪ :‬الناس في زماننا اليوم كلهم في جاهلية ‪ ،‬وال‬
‫ينفعهم أذان المؤذنين في المساجد ‪،‬‬
‫فهذا ما يقوله إال مبتدع ضال ‪ ،‬ما عرف طريق السنة ‪ ،‬وال استنار بنور‬
‫السنة ‪.‬‬
‫‪..‬‬
‫** وأما الجاهلية يعني المقيدة ‪ :‬فهي التي تكون يعني في بعض األعمال ‪،‬‬
‫وفي بعض األقوال أو بعض االعتقادات ‪،‬‬
‫فيقال ‪ :‬فالن فيه جاهلية ‪....‬‬
‫أو أمرك هذا من أمر الجاهلية ‪،‬‬
‫ولهذا قال النبي صلى هللا عليه وسلم ألبي ذر رضي هللا عنه لما سب رجال‬
‫وعيره بأمه قال له ‪،‬‬
‫قال له النبي صلى هللا عليه وسلم‪ ( :‬يا أبا ذر عيرته بأمه ‪ ،‬يا أبا ذر عيرته‬
‫بأمه ‪ ،‬إنك امرؤ فيك جاهلية ) ‪،‬‬
‫يعني ‪:‬‬
‫أن التعيير بالباء واألمهات من سنة الجاهلية ‪،‬‬
‫ومن فعل ذلك ففيه جاهلية ‪ ،‬حتى لو عيرته بشيء كان أبوه يفعله فإن هذا‬
‫من سنة الجاهلية ‪،‬‬
‫ويقال ‪ :‬إنك فيك جاهلية ‪ ،‬تقول له أبوك كذا ‪ ،‬أو يا ابن كذا ‪ ،‬أو أمك كانت‬
‫كذا ‪...‬‬
‫فالنبي صلى هللا عليه وسلم قال ‪ :‬إنك امرؤ فيك جاهلية ‪.‬‬
‫والحديث كما تعلمون في الصحيحين ‪.‬‬
‫‪..‬‬
‫أيضا النبي صلى هللا عليه وسلم قال‪ ( :‬أربع في أمتي من أمر الجاهلية) ـ‬
‫يعني ‪ :‬أربع ستكون في أمتي من أمر الجاهلية ال يتركونهن) ؛ أي ‪:‬‬
‫أنها ستقع ممن ينتسبون إلى االسالم ما هي ؟‬
‫ـ الفخر باألحساب ‪،‬‬
‫ـ والطعن في األنساب ‪،‬‬
‫ـ واالستسقاء بالنجوم ‪،‬‬
‫ـ والنياحة على الميت ) رواه مسلم في الصحيح ‪.‬‬
‫وهذه تراها توجد في بعض المسلمين ‪ ،‬وهي من أمر الجاهلية‪.‬‬
‫• الفخر باألحساب ‪:‬‬
‫فتجد بعض الناس يفخرون بأنهم من القبيلة الفالنية ‪ ،‬ويوالون ويعادون على‬
‫هذا ‪،‬‬
‫فالذي من قبيلتهم قريب إلى قلوبهم وإن كان فاسقا‪،‬‬
‫والذي ليس من قبيلتهم بعيد عنهم وإن كان صالحا ‪،‬‬
‫• والطعن في األنساب ‪ ،‬وسبحان هللا الفخر باألحساب والطعن في‬
‫األنساب يكادان أن يتالزما ‪.‬‬
‫ال تكاد تجد شخصا مبتلى بمرض الفخر باألحساب إال وتجده يطعن في‬
‫االنساب هذا الغالب ‪،‬‬
‫الطعن في أنساب الناس ‪ ،‬والتقليل من أنساب الناس ‪ ،‬وهذا موجود في‬
‫األمة ‪ ،‬وهو من أمر الجاهلية ‪،‬‬
‫• واإلستسقاء بالنجوم ‪ ،‬وطلب معرفة المغيبات بالنظر في النجوم ‪،‬‬
‫وهذا موجود ‪ ،‬و لألسف اليوم مع اإلنفجار اإلعالمي أصبح هذا يزداد بين‬
‫المسلمين ‪،‬‬
‫إذا جاءت السنة الميالدية جاءوا بهؤالء الدجالين الذين يسمونهم علماء الفلك‬
‫والعلماء الروحانيين ‪،‬‬
‫و قال ‪ :‬هذا العام سيحصل فيضان كبير ‪،‬‬
‫و يحصل كذا ويموت عظيم ‪ ،‬و يموت سلطان و يموت كذا ‪،‬‬
‫و هذا من اإلستسقاء بالنجوم ‪ ،‬وهو شعبة من الشرك والعياذ باهلل ‪.‬‬
‫و لألسف أن بعض الصالحين الن أصبح يسمع لهذا ‪ ،‬و يقول ‪ :‬أنا فقط‬
‫أريد أن أستمع ‪،‬‬
‫❌ والذي يستمع لهؤالء يا إخوة و لم يصدقهم ال تقبل له صالة أربعين‬
‫يوما ‪،‬‬
‫❌ والذي يصدقهم يكتسب ؛ يقتبس شعبة من الكفر والعياذ باهلل ‪،‬‬
‫أنزل على محمد ‪.‬‬
‫يكفر بما ِّ‬
‫• و النياحة على الميت ‪ :‬التعداد ‪ ،‬ورفع الصوت ‪ ،‬وضرب الوجوه ‪ ،‬و‬
‫تقطيع المالبس‪،‬‬
‫وهذا تجده لألسف في بعض ديار المسلمين إذا مات الميت ‪:‬‬
‫ـ تشق الشاقة ‪،‬‬
‫ـ و تصيح الصائحة النائحة ‪ ،‬وتقول ‪:‬‬
‫من لي بعدك ؟ ‪ ،‬أنت سندنا ‪ ،‬أنت جبلنا ‪،‬‬
‫و هو يعذب بما نيح عليه ‪ ،‬و يقال ‪ :‬أنت كذلك أنت كذلك !!‬
‫فهنا هذه جاهلية مقيدة ‪.‬‬
‫‪..‬‬
‫أما الجاهلية العامة فال توجد في األمة إال أن تكون في مكان دون مكان أو‬
‫في شخص دون بقية األفراد ‪،‬‬
‫هذا ما يتعلق باليات و األحاديث ‪.‬‬
‫ثم نتوقف هنا ‪ ،‬ونشرح إن شاء هللا غدا الثار التي ذكرها الشيخ فهي آثار‬
‫عظيمة ‪،‬‬
‫ملئت حكمة ونصحا لألمة ‪،‬‬
‫فسنقف عندها ونشرحها إن شاء هللا عز وجل ‪ ،‬غدا بحول هللا وقوته‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫انتهى الشريط الرابع والحمد هلل‬

You might also like