Professional Documents
Culture Documents
ومن يمل في المسجد الحرام إلى الظلم بإلحاد نذقه من عذاب أليم .
فدل ذلك على :أن الظلم في األزمنة المحرمة أعظم .
..
ولذلك يا إخوة الظلم في رمضان أعظم من الظلم في غيره ،
والظلم في األشهر الحرم أعظم من الظلم في رمضان ،
والظلم في المدينة أعظم من الظلم في غيرها ،
والظلم في مسجد النبي صلى هللا عليه وسلم أعظم من الظلم في بقية حرم
المدينة ،
والظلم في مكة أعظم من الظلم في المدينة ..
هذا الذي دلت عليه األدلة.
..
وقوله صلى هللا عليه وسلم ( :ملحد في الحرم ) يشمل حرم مكة ،ويشمل
حرم المدينة ألنها كلها تسمى حرما شرعا.
ـ فمكة حرمها إبراهيم عليه السالم أي أظهر تحريمها،
ـ والمدينة حرمها محمد صلى هللا عليه وسلم أي أظهر تحريمها فكلها
حرم،
فالصحيح أن قول النبي صلى هللا عليه وسلم ملحد في الحرم :
يشمل الظلم في مكة في حرم مكة ،ويشمل الظلم في حرم المدينة ،إال أن
الظلم في حرم مكة أعظم ،
أن الظلم في حرم مكة أعظم لآلية التي ذكرناها.
....
• قال ( :ومبتغ في اإلسالم سنة الجاهلية ) أي :
وطالب بعد أن أسلم طريقة أهل الجاهلية.
وهذا يا إخوة يعم جميع ما كان عليه أهل الجاهلية سواءا :
ـ كانوا يجعلونه عبادة
ـ أو يجعلونه عادة
فال يجوز للمسلم أن يبتغي طريقة أهل الجاهلية في اإلسالم ،
وأن يتشبه بأهل الجاهلية ،
وسميت الجاهلية جاهلية :ألن محدثها جاهل وفاعلها جاهل .
فهي جاهلية من الجهل ،وسيأتي إن شاء هللا التعليق على كالم شيخ
االسالم ابن تيمية رحمه هللا عز وجل .
...
• قال ( :ومطـلب دم امرئ مسلم بغير حق ليهريق دمه ) :
مطلب بالتشديد أي أنه مبالغ في الطلب ،فليس مجرد طلب بل هو مبالغ
في الطلب ،
باذل جميع األسباب الممكنة ليقتل المسلم ،وهذا من قبائح األمور ،
وتجد هذا في الخوارج ظاهرا قديما وحديثا ،
فإن الخوارج يتطلبون دم أو دماء المسلمين ببذل جميع األسباب ،
ـ فتجدهم يقتِّلون المسلمين في األرض التي يفسدون فيها
ـ ويرسلون جنودهم وأعوانهم إلى تقتيل المسلمين في جميع البالد ،
ـ ويحرصون على هذا ،
ـ ويبذلون األسباب في تحصيل هذا ،
ـ ويتفننون في أقبح ما يكون من الصور من أجل قتل المسلمين الذين
يسمونهم ظلما وعدوانا بالمرتدين
فمن يسعى إلى إراقة دم مسلم معصوم الدم ليهريقه فهو من أبغض الناس ،
من أبغض أصحاب الذنوب من المسلمين إلى هللا سبحانه وتعالى .
..
وطلب دم المسلم بغير حق :
ـ إما أن يكون في األصل
ـ وإما أن يكون في الوسيلة .
إما أن يكون في األصل :يتطلب المسلم أن يقتل أخاه المسلم بغير حق
وبغير ذنب
وإما أن يكون في الوسيلة :بأن يكون المسلم قد فعل ما يستحق به القتل ؛
ـ كأن ارتد بعد اإلسالم
ـ أو زنى بعد اإلحصان
ـ أو قتل مؤمنا عمدا ،
فيأتي من لم يأذن هللا له بقتله فيقتله ،
متطلب دم امرئ مسلم بغير حق ،
ِّ فيدخل في أنه
ألن هللا لم يأذن له ،وإن كان هذا يستحق أن يقتل ،لكن هللا جعل قتله ألناس
معينين ،
فمن لم يكن منهم فطلب قتله دخل في هذه الصفة والعياذ باهلل .
...
يقول شيخ االسالم ابن تيمية رحمه هللا مبينا معنى هذا الحديث أو معلقا عليه
يقول :
( أخبر النبي صلى هللا عليه وسلم :أن أبغض الناس إلى هللا هؤالء الثالثة ،
وذلك ألن الفساد :
• إما في الدين
• وإما في الدنيا ،
ـ الفساد الذي يقع من الناس في حياتنا الدنيا إما في الدين وإما في الدنيا ـ
قال :
فأعظم فساد الدنيا قتل النفوس بغير الحق ...ولهذا كان أكبر الكبائر بعد
أعظم فساد الدين الذي هو الكفر يعني :
يقول شيخ اإلسالم ابن تيمية :
أكبر الكبائر الكفر ثم القتل .
وهذا الذي اختاره جمع من المحققين أن أكبر الكبائر بعد اإلشراك باهلل القتل
بغير حق ...
قال :
وأما فساد الدين فنوعان : ..
ـ نوع يتعلق بالعمل ،
ـ ونوع يتعلق بمحل العمل ،
فأما المتعلق بالعمل :فهو ابتغاء سنة الجاهلية ،
ابتغاء سنة الجاهلية من الفساد في الدين .
..
وأما المتعلق بمحل العمل فهو :اإللحاد في الحرم ؛ ألن أعظم محل للعمل
الحرم ،
وانتهاك حرمة محل المكان أعظم من انتهاك حرمة المحل الزماني .
ثم إن شيخ اإلسالم محمد بن عبد الوهاب رحمه هللا نقل عن شيخ اإلسالم
ابن تيمية رحمه هللا هذه الجملة التي سمعناها وهي أنه قال :
( قوله سنة الجاهلية يندرج فيها كل جاهلية مطلقة أو مقيدة ـ أي في شخص
دون شخص ـ
كتابية أو وثنية أو غيرهما ،من كل مخالفة لما جاء به المرسلون ) .
لفظ شيخ االسالم ابن تيمية يا إخوة هو هكذا .
قال شيخ االسالم :
قوله في هذا الحديث :ومبتغ في اإلسالم سنة الجاهلية يندرج فيه كل
جاهلية مطلقة أو مقيدة .... ،
يهودية أو نصرانية أو مجوسية أو صابئة أو وثنية أو مركبة من ذلك أو
بعضه ،
أو منتزعة من هذه الملل الجاهلية ؛ فإنها جميعها مبتدعها ومنسوخها ؛ ـ
يعني لو كان من بقية ما جاء به الرسل فهو منسوخ أو مبتدع أحدثه الناس ـ
فإنها جميعها مبتدعها أو منسوخها صارت جاهلية بمبعث محمد صلى هللا
عليه وسلم ) .
فالجاهلية يا إخوة قد تكون :
ـ جاهلية مطلقة
ـ وقد تكون جاهلية مقيدة .
..
** فالجاهلية المطلقة هي الجاهلية العامة في كل األقوال واألعمال ،
وهذه ال شك أنها كانت موجودة قبل مبعث النبي صلى هللا عليه وسلم ،
كان الناس في جاهلية مطلقة ؛ في أقوالهم ،في أعمالهم ،في اعتقاداتهم .
❌ أما بعد مبعث النبي صلى هللا عليه وسلم فال توجد الجاهلية المطلقة
في جميع األرض ،
وإنما قد توجد في مكان دون مكان ،أو في فر ٍد دون فرد .
أما أن توجد الجاهلية المطلقة بعد بعثة محمد صلى هللا عليه وسلم في كل
األرض فال ؛
ألنه ستبقى طائفة ،قائمة بالحق منصورة .
لكن قد نجد اليوم الجاهلية المطلقة في أرض ،في بلد ،في مكان ،وقد
تكون في زمان ،
قد تكون في فرد قد يكون في ديار المسلمين ،لكنه في جاهلية مطلقة
والعياذ باهلل .
..
أما أن يكون المسلمون في جاهلية فهذا ال يقوله إال مبتدع ...
أن يوصف الناس فيقال :الناس في زماننا اليوم كلهم في جاهلية ،وال
ينفعهم أذان المؤذنين في المساجد ،
فهذا ما يقوله إال مبتدع ضال ،ما عرف طريق السنة ،وال استنار بنور
السنة .
..
** وأما الجاهلية يعني المقيدة :فهي التي تكون يعني في بعض األعمال ،
وفي بعض األقوال أو بعض االعتقادات ،
فيقال :فالن فيه جاهلية ....
أو أمرك هذا من أمر الجاهلية ،
ولهذا قال النبي صلى هللا عليه وسلم ألبي ذر رضي هللا عنه لما سب رجال
وعيره بأمه قال له ،
قال له النبي صلى هللا عليه وسلم ( :يا أبا ذر عيرته بأمه ،يا أبا ذر عيرته
بأمه ،إنك امرؤ فيك جاهلية ) ،
يعني :
أن التعيير بالباء واألمهات من سنة الجاهلية ،
ومن فعل ذلك ففيه جاهلية ،حتى لو عيرته بشيء كان أبوه يفعله فإن هذا
من سنة الجاهلية ،
ويقال :إنك فيك جاهلية ،تقول له أبوك كذا ،أو يا ابن كذا ،أو أمك كانت
كذا ...
فالنبي صلى هللا عليه وسلم قال :إنك امرؤ فيك جاهلية .
والحديث كما تعلمون في الصحيحين .
..
أيضا النبي صلى هللا عليه وسلم قال ( :أربع في أمتي من أمر الجاهلية) ـ
يعني :أربع ستكون في أمتي من أمر الجاهلية ال يتركونهن) ؛ أي :
أنها ستقع ممن ينتسبون إلى االسالم ما هي ؟
ـ الفخر باألحساب ،
ـ والطعن في األنساب ،
ـ واالستسقاء بالنجوم ،
ـ والنياحة على الميت ) رواه مسلم في الصحيح .
وهذه تراها توجد في بعض المسلمين ،وهي من أمر الجاهلية.
• الفخر باألحساب :
فتجد بعض الناس يفخرون بأنهم من القبيلة الفالنية ،ويوالون ويعادون على
هذا ،
فالذي من قبيلتهم قريب إلى قلوبهم وإن كان فاسقا،
والذي ليس من قبيلتهم بعيد عنهم وإن كان صالحا ،
• والطعن في األنساب ،وسبحان هللا الفخر باألحساب والطعن في
األنساب يكادان أن يتالزما .
ال تكاد تجد شخصا مبتلى بمرض الفخر باألحساب إال وتجده يطعن في
االنساب هذا الغالب ،
الطعن في أنساب الناس ،والتقليل من أنساب الناس ،وهذا موجود في
األمة ،وهو من أمر الجاهلية ،
• واإلستسقاء بالنجوم ،وطلب معرفة المغيبات بالنظر في النجوم ،
وهذا موجود ،و لألسف اليوم مع اإلنفجار اإلعالمي أصبح هذا يزداد بين
المسلمين ،
إذا جاءت السنة الميالدية جاءوا بهؤالء الدجالين الذين يسمونهم علماء الفلك
والعلماء الروحانيين ،
و قال :هذا العام سيحصل فيضان كبير ،
و يحصل كذا ويموت عظيم ،و يموت سلطان و يموت كذا ،
و هذا من اإلستسقاء بالنجوم ،وهو شعبة من الشرك والعياذ باهلل .
و لألسف أن بعض الصالحين الن أصبح يسمع لهذا ،و يقول :أنا فقط
أريد أن أستمع ،
❌ والذي يستمع لهؤالء يا إخوة و لم يصدقهم ال تقبل له صالة أربعين
يوما ،
❌ والذي يصدقهم يكتسب ؛ يقتبس شعبة من الكفر والعياذ باهلل ،
أنزل على محمد .
يكفر بما ِّ
• و النياحة على الميت :التعداد ،ورفع الصوت ،وضرب الوجوه ،و
تقطيع المالبس،
وهذا تجده لألسف في بعض ديار المسلمين إذا مات الميت :
ـ تشق الشاقة ،
ـ و تصيح الصائحة النائحة ،وتقول :
من لي بعدك ؟ ،أنت سندنا ،أنت جبلنا ،
و هو يعذب بما نيح عليه ،و يقال :أنت كذلك أنت كذلك !!
فهنا هذه جاهلية مقيدة .
..
أما الجاهلية العامة فال توجد في األمة إال أن تكون في مكان دون مكان أو
في شخص دون بقية األفراد ،
هذا ما يتعلق باليات و األحاديث .
ثم نتوقف هنا ،ونشرح إن شاء هللا غدا الثار التي ذكرها الشيخ فهي آثار
عظيمة ،
ملئت حكمة ونصحا لألمة ،
فسنقف عندها ونشرحها إن شاء هللا عز وجل ،غدا بحول هللا وقوته.
ــــــــــــــــــــ
انتهى الشريط الرابع والحمد هلل