You are on page 1of 2

‫النية‬

‫إن الحمد هلل نحمده ونستعينه و نستغفره ونتوب إليه ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا من يهده هللا فال مضل له ومن‬
‫يضلله فال هادي له‪ .‬أشهد أن ال اله إال هللا و أشهد أن محمدا عبده ورسوله ال نبي وال رسول بعده‪ .‬أما بعد‬

‫إخوان المسلمين أعزني هللا و إياكم‬

‫خلق هللا اإلنسان من العدم لغاية عالية و هي عبادة هللا وحده ال شريك له حيث قال هللا تعالى في التنزيل العزيز ‪{ :‬وما خلقت الجن‬
‫واإلنس إال ليعبدون} و أمرهللا اإلنسان بإخالص في كل عبادته قال تعالى ‪{ :‬وما أمروا إال ليعبد‪ L‬هللا مخلصين له الدين} فاإلخالص‬
‫هو أحد شرط من شروط قبول العبادة‪ ,‬وال اخالص إال بعد حضور النية‪ .‬قال اإلمام البيضاوي عنها ‪" :‬هي عبارة عن انبعاث القلب‬
‫نحو ما يراه موافقا لغرض من جلب نفع و دفع ضر"‪.‬اها قال رسول هللا صل هللا عليه وسلم من طريقة أمير المؤمنين عمر ابن‬
‫الخطاب رضي هللا عنه‪ ,‬سمعت رسول هللا صلى هللا عليه و سلم يقول ‪ (( :‬إنما األعمال بالنيات وإنما لكل امرء ما نوى فمن كانت‬
‫هجرته إلى هللا و رسوله فهجرته إلى هللا ورسوله و من كانت هجرته إلى الدنيا يصيبها أو امرءة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر‬
‫‪.‬إليه)) رواه شيخان‬

‫فهذا حديث عظيم وقاعدة جليلة من قواعد اإلسالم‪ .‬هي القياس الصحيح لوزن األعمال من حيث قبول و رد ومن حيث كثرة الثواب‬
‫و قلته‪ .‬فإن نبينا صلى هللا عليه و سلم قد أخبرنا بأن مدار األعمال على النيات‪ ,‬فإن كانت صالحة و العمل خالصا ابتغاء وجه هللا‬
‫فالعمل مقبول وإن كانت دون ذلك فالعمل مردود‪ .‬لقد ضرب صلى هللا عليه وسلم في هذا الحديث بالهجرة‪ .‬من هاجر من بالد‬
‫الشرك ويقصد بالد اإلسالم ابتغاء وجه هللا وتسهيال لطلب العلم وتقرب إليه فهجرته في سبيل هللا و يثاب على فعله ومن هاجر‬
‫‪.‬قصدا ألمر من أمور الدنيا فال يثاب ألجلها و من كانت على معصية فعليه العقاب‬

‫إخوان المسلمين أعزني هللا و إياكم‬

‫إن النية تميز العبادة عن العادة ومثاله الغسل‪ .‬إن كانت بقصد الجنابة فيكون العبادة وإن كانت بقصد التبرد فيكون العادة‪ .‬فهذه الثقافة‬
‫ال يفهمها إال قليل‪ .‬ومثال اآلخر في الوضوء‪ ,‬من توضأ قصدا لتنظيف الوجه و اليدين فيكون وضوئه عادة ومن قصد ه ألجل صحة‬
‫الصالة فيكون العباة‪ .‬وإن النية هي مدار األعمال إما أن يكون العمل صحة أو فسادا و إما أن يكون كماال أو نقصا و إما أن يكون‬
‫طاعة أو معصية‪ .‬مثاله في قراءة القرآن‪ ,‬فمن قصد بالسمعة أثم ومن قصد لحفظه و لتدبره يثاب عليه ومثال اآلخر في الجهاد إن‬
‫‪.‬كانت يقصد اعالء كلمة هللا فقط كمل ثوابه وإن كانت يقصده و الغنيمة نقص ثوابه وإن كانت يقصد الغنيمة وحدها ال يثاب عليه‬

‫فاعلموا أيها المسلمون العمل قد يكون طاعة و قد يكون معصية كما ذكر اإلمام ابن رجب بأن األعمال لغير هللا أقسام ‪":‬فتارة يكون‬
‫الرياء محضا ال يقصد به سوى امراءاة المخلوقين لتحصيل غرض الدنيوي وهذا اليكاد يصدر عن المؤمن والشك في أنه يحبط‬
‫العمل وأن صاحبه يستحق المقت من هللا و العقوبة‪ ,‬وتارة يكون العمل هلل ويشاركه الرياء فإن شاركه من أصله فإن النصوص‬
‫الصحيحة تدل على بطالنه وإن كان أصل العمل هلل ثم طرأ عليه نية الرياء ودفعه صاحبه فإن ذلك ال يضره بغير خالف"‪.‬اها‪...‬‬
‫‪.‬بتصرف‬
‫فعباد هللا‬

‫أصلحوا نياتكم في كل عمل تريد قصده‪ .‬ألنها من عمل ال يراه الناس‪ ,‬وال يعرفها من دونك إال هللا‪ .‬عسى هللا أن يقبل عبادتنا أقول‬
‫‪.‬قولي هذا وأستغفر هللا لي و لكم و لسائر المسلمين من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم‬

‫______‬

‫‪:‬مؤلف‬

‫ريحان رمضانى‬

‫‪Asatidz Pengabdian - Bandung‬‬

You might also like