‫اﻻدارة اﻟﻤﻐﺮﺑﯿﺔ وﻣﺘﻄﻠﺒﺎت اﻟﺘﺤﺪﯾﺚ‬

‫ﻣﻘدﻣﺔ‬

‫ﺗﺟﺳد اﻹدارة ﻣظﮭرا أﺳﺎﺳﯾﺎ ﻟﻧﺷﺎط اﻟدوﻟﺔ اﻟراﻣﻲ إﻟﻰ ﺗﻠﺑﯾﺔ اﻟﺣﺎﺟﯾﺎت اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻟﻸﻓراد ﻓﻲ ﺷﺗﻰ‬
‫اﻟﻣﺟﺎﻻت اﻹدارﯾﺔ واﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ ﻓﻲ إطﺎر ﻣن اﻟﺟودة واﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ‪.‬‬
‫وﻗد زاد ﺣﺟم ﺗدﺧل اﻹدارة ﻓﻲ اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻣﺷﺎرﯾﻊ ‪ ،‬ﻧظرا ﻟﺣﺎﺟﺔ اﻷﻓراد ﻟﻠﺧدﻣﺎت ﻣﻣﺎ ﯾﻔرض‬
‫ﻋﻠﯾﮭﺎ ﺑﺷﻛل ﻣﻠﺢ ﺗطوﯾر آﻟﯾﺎت اﺷﺗﻐﺎﻟﮭﺎ وﺗوﻓﯾر ﻣﻘوﻣﺎت ﻋﻣﻠﮭﺎ ﻣن ﻣوارد ﺑﺷرﯾﺔ وﻣﺎﻟﯾﺔ وﻋﻠﻣﯾﺔ‬
‫وﺗﻛﻧوﻟوﺟﯾﺔ ﺣﺗﻰ ﺗﻛون ﻣواﻛﺑﺔ ﻟﻠﻣﺳﺗﺟدات اﻟدوﻟﯾﺔ‪.‬‬
‫ﺗﺑﻌﺎ ﻟذﻟك ﯾﺷﻛل ﺗطوﯾر اﻹدارة ﻋﻧﺻرا أﺳﺎﺳﯾﺎ ﺿﻣن ﻋﻧﺎﺻر اﻟﺣﻛﺎﻣﺔ اﻹدارﯾﺔ ‪،‬إذ ﺑﺗطور وﺗﻧﺎﻣﻲ‬
‫ﺣﺎﺟﯾﺎت اﻷﻓراد وﺗﻌدد اﻟﺧدﻣﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺗوﻻھﺎ اﻹدارة ‪ ،‬أﺿﺣﻰ ﻣن اﻟﻼزم اﻻرﺗﻘﺎء ﺑﺄداﺋﮭﺎ وﺗطوﯾر‬
‫ﻣﻘوﻣﺎت ﺗﺳﯾﯾرھﺎ ﺣﺗﻰ ﺗﺳﺗﺟﯾب ﺑﻔﻌﺎﻟﯾﺔ ﻟﻣﺧﺗﻠف اﻟﺣﺎﺟﯾﺎت ﻓﻲ ﻣﺧﺗﻠف اﻟﻣﺟﺎﻻت اﻟﺿرورﯾﺔ‪.‬‬
‫ﻓﻘد ﺑﺎﺗت اﻹدارة ﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟﺣﺎﻟﻲ ﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﺎﻻﻧﺻﯾﺎع ﻟﻣﺗطﻠﺑﺎت اﻟﺗﺣدﯾث واﻟﺗﺟدﯾد ‪ ،‬ﻻﺳﯾﻣﺎ ﻓﻲ‬
‫ظل اﻟﺗﺣوﻻت اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ اﻟﻛﺑرى اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ واﻵﺛﺎر اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ اﻟﻧﺎﺗﺟﺔ ﻋن‬
‫اﻟﻌوﻟﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﮭم اﻹﻧﺗﺎﺟﯾﺔ واﻟﺗﻧﺎﻓﺳﯾﺔ ‪ ،‬وﺑروز ﻣﻔﺎھﯾم ﺟدﯾدة ﻛﺣﺳن اﻟﺗدﺑﯾر واﻟﺣﻛﺎﻣﺔ اﻟﺟﯾدة ‪،‬‬
‫ﻣﻣﺎ ﯾﺟﻌل اﻟﻣرﻓق اﻟﻌﻣوﻣﻲ أﻣﺎم ﺗﺣدﯾﺎت ﻛﺑرى‪ ،‬إذ ﺑﺎت ﻣﻔروﺿﺎ ﻋﻠﯾﮭﺎ أن ﺗطور وﺗﺟدد أﺳﺎﻟﯾب‬
‫اﺷﺗﻐﺎﻟﮭﺎ ووﺳﺎﺋل ﻋﻣﻠﮭﺎ ﺣﺗﻰ ﺗﺳﺗﺟﯾب ﻻﻧﺗظﺎرات اﻟﻣواطﻧﯾن وﺗﻛون أداة ﻣﺣورﯾﺔ ﻓﻲ ﺧدﻣﺔ‬
‫اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ‪.‬‬
‫ﻓﺈﻟﻰ أي أﺣد أﺻﺑﺣت اﻟدوﻟﺔ واﻋﯾﺔ ﺑﺄھﻣﯾﺔ إﺻﻼح اﻹدارة ؟ وﻣﺎھﻲ أھم ﻣﻌوﻗﺎت اﻟﺗﺣدﯾث‬
‫اﻹداري ؟ وھل ھﻧﺎك إرادة ﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ﻹﺻﻼح اﻹدارة وﺟﻌﻠﮭﺎ ﻓﻲ ﺧدﻣﺔ اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ ؟‬
‫اﻟﻔرع اﻷول‪ :‬ﻣﺣطﺎت اﻹﺻﻼح اﻹداري ﺑﺑﻼدﻧﺎ‪.‬‬
‫ﺗﻠﻌب اﻹدارة ﻓﻲ اﻷﻧظﻣﺔ اﻟﻣﻌﺎﺻرة اﻟﻣﺗطورة دورا ﻣﺣورﯾﺎ ﻓﻲ ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ ‪ ،‬ﺑﺣﯾث ﯾﻌﺗﺑر أداة‬
‫ﻟﯾس ﻓﻘط ﻹدارة اﻟﺧدﻣﺎت أو ﺗوﻓﯾر وﺛﺎﺋق ﻣﻌﯾﻧﺔ ‪ ،‬ﺑل رﻛﯾزة ﻟﺧﻠق اﻟﺛروة وﺗﺣرﯾك دواﻟﯾب‬
‫اﻻﻗﺗﺻﺎد اﻟوطﻧﻲ واﻹﺳﮭﺎم ﻓﻲ إﻧﻌﺎش اﻻﺳﺗﺛﻣﺎر وﺧﻠق اﻟرأﺳﻣﺎل اﻟﻣﺎدي ﺑﻣﻌﯾﺔ اﻟﻘطﺎع اﻟﺧﺎص‪،‬‬
‫اﻟﻣﺳﺎھﻣﺔ ﻓﻲ ﺣل إﺷﻛﺎﻟﯾﺎت اﻟﺗﺷﻐﯾل‪ ،‬وﺗﻌﻣﯾم اﻟﺧدﻣﺎت اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ )اﻟﺗﻌﻠﯾم ‪ ،‬اﻟﺗطﺑﯾب‪ (..‬واﻟرﻓﻊ‬
‫ﻣن ﻗدرات اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﺑﺷرﯾﺔ وﺗوﻓﯾر ﺷروط ﺣﯾﺎة أﻓﺿل ﻟﻠﻣواطﻧﯾن‪.‬‬
‫أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟواﻗﻊ اﻹدارة اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ ﻓﺎﻟﺑر ﻏم ﻣن ﺗﺟﺎرب اﻹﺻﻼح اﻟﺗﻲ ﻣرت ﻟﻌﻘود ‪ ،‬ﻓﻼ زال‬
‫إﺻﻼح اﻹدارة ﯾﺑدو ﻛﺄﻣر ﺑﻌﯾد اﻟﻣﻧﺎل وﯾدور ﻓﻲ ﺣﻠﻘﺔ ﻣﻔرﻏﺔ‪،‬ﻋﻠﻰ اﻋﺗﺑﺎر أن اﻹدارة اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ‬
‫ﻻزاﻟت ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣن ﻋدة أﻋطﺎب واﺧﺗﻼﻻت ﻣﺗﻧوﻋﺔ )ﻣﺳطرﯾﺔ ‪ ،‬ﻣﺎﻟﯾﺔ‪ ،‬ﺑﺷرﯾﺔ‪ ،‬ﺛﻘﺎﻓﯾﺔ‪،‬‬
‫ﺳﻠوﻛﯾﺔ‪…).‬‬
‫أوﻻ‪ :‬ﺳﯾﺎﻗﺎت اﻹﺻﻼح اﻹداري ﺑﺎﻟﻣﻐرب‬
‫ﺑدأت ﺑوادر إﺻﻼح اﻹدارة اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ ﻣﻊ ﺗﺷﻛﯾل اﻟﻣﻐرب ﺳﻧﺔ ‪ 1981‬ﻟﺟﻧﺔ وطﻧﯾﺔ ﻟﻺﺻﻼح‪ ،‬إذ‬
‫ﻓﺣﺻت اﻟﻣﺷﺎﻛل اﻟﺗﻲ ﺗواﺟﮫ اﻹدارة ‪،‬وأﺻدرت ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺗوﺻﯾﺎت إﻻ أن ﻏﺎﻟﺑﯾﺗﮭﺎ ﺗﻣﺣورت‬
‫ﺣول اﻟﻣﺷﺎﻛل اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻛﻣراﺟﻌﺔ اﻟﻧظﺎم اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻠوظﯾﻔﺔ اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ‪ ،‬وإﺻﻼح اﻟﮭﯾﺎﻛل اﻹدارﯾﺔ‪.‬‬
‫وﻗد ﻛﺎن اﻟﺗﻘرﯾر اﻟذي أﺻدره اﻟﺑﻧك اﻟدوﻟﻲ ﺣول اﻹدارة اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ ﺳﻧﺔ ‪ 1995‬ﻗد رﺻد ﻣﺟﻣوﻋﺔ‬
‫ﻣن اﻻﺧﺗﻼﻻت اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻋرﻓﺗﮭﺎ اﻹدارة أھﻣﮭﺎ )ﻋدم ﻓﻌﺎﻟﯾﺔ اﻟﻣﺳﺎطرواﻹﺟراءات اﻹدارﯾﺔ‪،‬‬
‫اﻟﺗﺳﯾﯾر اﻟروﺗﯾﻧﻲ اﻟﻣﺗﻣﯾز ﺑﺎﻟﺗﺄﺧر ﻓﻲ ﻣﺳﻠﺳل اﺗﺧﺎذ اﻟﻘرارات‪ ،‬ﺗﻣرﻛز اﻟﺧدﻣﺎت وﺳﻠطﺔ اﻟﻘرار‬
‫ﺑﺎﻟﻌﺎﺻﻣﺔ‪ ،‬ﺿﻌف اﻹﻧﺗﺎﺟﯾﺔ‪.‬‬
‫إﺿﺎﻓﺔ ﻋﻠﻰ إﺷﻛﺎﻟﯾﺎت أﺧرى ﻣرﺗﺑطﺔ ﺑﻧظﺎم ﻋدم اﻟﺗﻣرﻛز اﻹداري ‪ ،‬وﺗﺣدﯾث ﻧظﺎم اﻟوظﯾﻔﺔ‬
‫اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ ‪ ،‬وﻋﻘﻠﻧﺔ اﻟﻣوارد اﻟﺑﺷرﯾﺔ‪.‬‬
‫وﺑﻣﺟﻲء ﺣﻛوﻣﺔ اﻟﺗﻧﺎوب اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ‪ ،‬ﻋرف ﻣﺳﺎر اﻹﺻﻼح ﻣﻧﻌطﻔﺎ آﺧر ﺣﯾث ﺟﺎءت ﺗﻠك اﻟﺣﻛوﻣﺔ‬
‫ﺑﻔﻛرة ”ﻣﯾﺛﺎق ﺣﺳن اﻟﺗدﺑﯾر“ وذﻟك ﺧﻼل ﺳﻧﺔ ‪ 1999‬ﺣﯾث ﺗﻣرﻛزت أھم أھداﻓﮫ ﺣول اﻟﻣداﺧل‬
‫اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ ؛‬
‫ﺗﺧﻠﯾق اﻟﻣرﻓق اﻟﻌﻣوﻣﻲ‪ :‬ﻋﺑر إﻧﻌﺎش ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻷﺧﻼق ﺑﺎﻟﻣرﻓق اﻟﻌﻣوﻣﻲ ‪ ،‬ﻣن ﺧﻼل ﻣﻘﺎوﻣﺔ‬ ‫‪o‬‬
‫ﻛل أﺷﻛﺎل اﻻﻧﺣراف اﻟﺗﻲ ﺗﻌرﻓﮭﺎ اﻹدارة اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ واﻟﺷطط واﻟﺗﻌﺳف ﻓﻲ اﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﺳﻠطﺔ‬
‫‪ ،‬واﻟﻧﮭوض ﺑﻣﺑﺎدئ اﻟﺷﻔﺎﻓﯾﺔ وﻋﻘﻠﻧﺔ اﻟﻣﺎل اﻟﻌﺎم‪ ،‬وأﺧﯾرا ﺣﺳن اﻹﻧﺻﺎت ﻟﻠﻣواطﻧﯾن‬
‫واﺳﺗﻘﺑﺎﻟﮭم‪.‬‬
‫ﻋﻘﻠﻧﺔ اﻟﺗدﺑﯾر ‪ :‬ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗﺧﻔﯾف ﻣن ﺣدة اﻟﺑﯾروﻗراطﯾﺔ وإﻋﺎدة ﺗﻧظﯾم ھﯾﺎﻛل اﻹدارة‬ ‫‪o‬‬
‫‪،‬وإﻗرار ﺳﯾﺎﺳﺔ ﻓﻌﻠﯾﺔ ﻟﻠﺗﻣرﻛز إداري وﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ‪ ،‬ﻋﺑر ﻣﻧﺢ اﺧﺗﺻﺎﺻﺎت‬
‫ﻓﻌﻠﯾﺔ اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ وﻣدھﺎ ﺑﺎﻟﻣوارد اﻟﺑﺷرﯾﺔ واﻟﻣﺎﻟﯾﺔ ‪،‬ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎﺑل إﻋطﺎء اﻹدارة‬
‫اﻟﻣرﻛزﯾﺔ ﻣﮭﺎم اﻟﺿﺑط واﻟﺗﺄطﯾر واﻟﺗﺧطﯾط واﻟﺗﺷرﯾﻊ واﻟﺗﻘوﯾم‪.‬‬
‫ﻧﮭﺞ ﺳﯾﺎﺳﺔ ﻓﻌﺎﻟﺔ ﻟﻠﺗواﺻل اﻹداري ﻣﻊ اﻟﻣواطﻧﯾن؛‬ ‫‪o‬‬

‫وﻛﺎﻧت اﻟﻣﻧﺎظرة اﻟوطﻧﯾﺔ اﻷوﻟﻰ ﺣول اﻹﺻﻼح اﻹداري ﺑﺎﻟﻣﻐرب اﻟﺗﻲ اﻧﻌﻘدت ﺳﻧﺔ ‪ 2003‬ﻗد‬
‫رﺻدت ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن ﻣظﺎھر اﻟﻘﺻور ﻓﻲ أداء اﻹدارة اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻧﻘط اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ؛‬
‫–ﻏﯾﺎب رؤﯾﺔ ﺷﻣوﻟﯾﺔ ﻟﻺﺻﻼح‪ ،‬أي اﻧﻌدام إﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ واﺿﺣﺔ اﻟﻣﻌﺎﻟم ؛‬
‫–اﻟﺗﻣرﻛزاﻟﻣﻔرط ﻟﻠﻣﺻﺎﻟﺢ واﻟﺳﻠطﺎت واﻟوﺳﺎﺋل وﺿﻌف اﻹﻣﻛﺎﻧﯾﺎت؛‬
‫ﺗﺿﺧم أﻋداد اﻟﺑﻧﺎﯾﺎت اﻹدارﯾﺔ )ﻗراﺑﺔ ‪ 40‬وزارة ﻓﻲ ﺗﻠك اﻟﻔﺗرة‪).‬‬ ‫‪o‬‬

‫ھزاﻟﺔ اﻟﺧدﻣﺎت اﻹدارﯾﺔ وﺧﺻوﺻﺎ ﺑﺎﻟﻌﺎﻟم اﻟﻘروي؛‬ ‫‪o‬‬

‫ﺗﻔﺷﻲ ﻣظﺎھر اﻟزﺑوﻧﯾﺔ واﻟﻣﺣﺳوﺑﯾﺔ واﻟرﺷوة وإھدار اﻟﻣﺎل اﻟﻌﺎم؛‬ ‫‪o‬‬

‫ﺗﻌﻘد اﻟﻣﺳﺎطر واﻹﺟراءات اﻹدارﯾﺔ وﺗﺷﻌب اﻟﻣﺳﺎﻟك؛‬ ‫‪o‬‬

‫إﺷﻛﺎﻟﯾﺔ ﻣﻧظوﻣﺔ اﻷﺟور؛‬ ‫‪o‬‬

‫ﻏﯾﺎب اﻟﻣﺣﺎﺳﺑﺔ واﻟﻣﺳﺎءﻟﺔ وﺗﻘﯾﯾم اﻷداء اﻹداري وﻗﺻور أداء اﻟﺗﻔﺗﯾش‪.‬‬ ‫‪o‬‬

‫وﺧﻼل ﺳﻧﺔ ‪ 2010‬ظﮭرت ﻣﺣﺎوﻻت أﺧرى ﻹﺻﻼح اﻹدارة ‪ ،‬اﻧطﻼﻗﺎ ﻣن اﻟﻣﺣﺎور اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ‬
‫ﻋﻘﻠﻧﺔ وإﻋﺎدة ﺗﻧظﯾم اﻟﮭﯾﺎﻛل اﻹدارﯾﺔ؛‬ ‫‪o‬‬

‫ﻣواﺟﮭﺔ إﺷﻛﺎﻟﯾﺔ اﻟﺗﻌﻘﯾد واﻟﺑطء اﻹداري؛‬ ‫‪o‬‬

‫ﻣﺣﺎرﺑﺔ ﻛل اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻣﻧﺎﻓﯾﺔ ﻟﻸﺧﻼﻗﯾﺎت واﻟﻌﻣل ﺑﻣﺑﺎدئ اﻟﻧزاھﺔ واﻟﺣﯾﺎد؛‬ ‫‪o‬‬

 ‫إﻗﺎﻣﺔ ﻋﻼﻗﺎت ﺟﯾدة ﺑﯾن اﻹدارة واﻟﻣواطﻧﯾن ﺗرﺗﻛز ﻋﻠﻰ اﻟﺷﻔﺎﻓﯾﺔ وﺗﺣﺳﯾن اﻟﺟودة؛‬ ‫‪o‬‬

‫ﺗﺄھﯾل وﺗﺛﻣﯾن اﻟﻣوارد اﻟﺑﺷرﯾﺔ؛‬ ‫‪o‬‬

‫ﺗرﺷﯾد اﻟﺗدﺑﯾر اﻟﻌﻣوﻣﻲ‬ ‫‪o‬‬

‫وﻗد أﺻﺑﺢ ﺧطﺎب إﺻﻼح اﻹدارة وﺗﺣدﯾﺛﮭﺎ أﻛﺛر ﺟدﯾﺔ ﻣﻣﺎ ﻗﺑل‪ ،‬وﺗم ﺗﻛرﯾس ھذا اﻟﺗوﺟﮫ ﻓﻲ‬
‫دﺳﺗور ‪ ،2011‬اﻟذي ﺣث ﻋﻠﻰ ﺗﻐﯾﯾر أﻧﻣﺎط اﻟﺗدﺑﯾر اﻹداري واﻟﻣﺎﻟﻲ‪ ،‬واﻻﻟﺗﺟﺎء إﻟﻰ اﻟﺗﻘﻧﯾﺎت‬
‫اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﻟﻠﺗﻧظﯾم اﻟﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺣﻛﺎﻣﺔ اﻟﺟﯾدة‪ ،‬واﻻﺳﺗﻐﻧﺎء ﻋن اﻟطرق اﻟﺑﯾروﻗراطﯾﺔ اﻟﻌﺗﯾﻘﺔ‬
‫وﻣﻊ ﻣﺟﻲء اﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻟﺟدﯾدة ﺗم اﻋﺗﻣﺎد ﺑرﻧﺎﻣﺞ ﻋﻣل ﺗﺣدﯾث اﻹدارة ﻟﺳﻧوات )‪(2016-2014‬‬
‫وذﻟك ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗداﺑﯾر واﻟﻣﺣﺎور اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ ؛‬
‫ﺗﺛﻣﯾن اﻟرأﺳﻣﺎل اﻟﺑﺷري ﻣن ﺧﻼل ﺗﻘوﯾﺔ اﻹطﺎر اﻟﻣؤﺳﺳﺎﺗﻲ وﺗطوﯾر ﻣﻧظوﻣﺔ اﻟﻣوارد‬ ‫‪o‬‬
‫اﻟﺑﺷرﯾﺔ… ‪،‬‬
‫ﺗﻌزﯾز ﻋﻼﻗﺔ اﻹدارة ﺑﺎﻟﻣواطن ﻣن ﺧﻼل إﻋﺎدة اﻟﺛﻘﺔ ﺑﯾن اﻹدارة واﻟﻣواطﻧﯾن واﻟرﻓﻊ ﻣن‬ ‫‪o‬‬
‫ﻣﺳﺗوى أداﺋﮭﺎ وﻣردودﯾﺗﮭﺎ ‪ ،‬وﺗﺣﺳﯾن ﺟودة اﻟﺧدﻣﺎت اﻟﻣﻘدﻣﺔ ﻟﻠﻣرﺗﻔﻘﯾن وﺗﺳﮭﯾل اﻟوﻟوج‬
‫إﻟﯾﮭﺎ‪ ،‬ﺗﺣﺳﯾن اﻻﺳﺗﻘﺑﺎل وﺗﺑﺳﯾط اﻟﻣﺳﺎطر اﻹدارﯾﺔ ودﻋم اﻹدارة اﻹﻟﻛﺗروﻧﯾﺔ…؛‬
‫ﺗرﺳﯾﺦ اﻟﺣﻛﺎﻣﺔ ﻣن ﺧﻼل ﺗﺧﻠﯾق اﻟﻣرﻓق اﻟﻌﻣوﻣﻲ ودﻋم اﻟﺷﻔﺎﻓﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗدﺑﯾر اﻟﻌﻣوﻣﻲ‪.‬‬ ‫‪o‬‬

‫إﻋﺎدة ﺗﻧظﯾم ھﯾﺎﻛل اﻹدارة ﻣن ﺧﻼل اﻋﺗﻣﺎد ﺗﺻور اﺳﺗراﺗﯾﺟﻲ ﻹدارة ﻻﻣﻣرﻛزة ﺗواﻛب‬ ‫‪o‬‬
‫اﻟﺟﮭوﯾﺔ اﻟﻣﺗﻘدﻣﺔ وإﻋداد ﻣﯾﺛﺎق ﻟﻠﻣرﻓق اﻟﻌﻣوﻣﻲ‪.‬‬
‫ﻣن ﺧﻼل ﺗﺄﻣل ﻣﺳﺎرات وﺑراﻣﺞ اﻹﺻﻼح اﻹداري ﻋﻠﻰ ﻣدى اﻟﻌﻘود اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﺣﺗﻰ اﻵن ﻧطرح‬
‫ﺗﺳﺎؤﻻت ﻣﻠﺣﺔ ‪ ،‬ھل اﻹدارة اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ ﻋرﻓت اﻧﺗﻘﺎﻻ ﻣن ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻘﻠﯾد واﻟﺟﻣود إﻟﻰ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﺣدﯾث؟‬
‫ھل ﻋرﻓت ﺗﻐﯾﯾرا ﺣﻘﯾﻘﯾﺎ ﻣن إدارة ﺗﺣﻛﻣﯾﺔ ﺑﯾروﻗراطﯾﺔ إﻟﻰ إدارة ﻣواطﻧﺔ وﻓﻌﺎﻟﺔ ﺗﻌﻣل ﻟﺻﺎﻟﺢ‬
‫اﻟﻣر ﺗﻔق؟‪.‬‬
‫ﻻﺷك أن اﻹدارة اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ ﻗد راﻛﻣت ﺑﻌض اﻟﻣﻛﺗﺳﺑﺎت اﻟﮭﺎﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗم ﺗﺣﻘﯾﻘﮭﺎ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﺗﺣدﯾﺛﮭﺎ‬
‫‪ ،‬ﻟﻛن ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن اﻟﻣﺟﮭودات اﻟﺗﻲ ﺗم اﻟﻘﯾﺎم ﺑﮭﺎ ﻓﻲ ھذا اﻟﻣﺟﺎل ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮭﺎ ﻻ ﺗرﻗﻰ إﻟﻰ ﻣﺳﺗوى‬
‫اﻟطﻣوﺣﺎت واﻟﺗطﻠﻌﺎت ‪ ،‬وذﻟك ﺑﺎﻟﻧظرإﻟﻰ ﻛون اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻣﺷﺎرﯾﻊ واﻟﺑراﻣﺞ اﻟﻣﺳطرة ﻓﻲ ﻋﮭد‬
‫اﻟﺣﻛوﻣﺎت اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ واﻟﺗﻲ ﻓﻲ ﻣﻌظﻣﮭﺎ ﺗﺗﺷﺎﺑﮫ ﻣﻊ ﺑﻌﺿﮭﺎ اﻟﺑﻌض ﻟم ﺗﺟد اﻟطرﯾق إﻟﻰ ﺗﻔﻌﯾﻠﮭﺎ‪ ،‬ھذا‬
‫راﺟﻊ ﺑﺎﻷﺳﺎس إﻟﻰ ﻏﯾﺎب اﻻﻟﺗزام ﺑﺎﻹﺻﻼح اﻹداري ‪،‬إذ ﻏﺎﻟﺑﺎ ﻣﺎ ﺗﻧﺷﻐل اﻹدارة ﺑﺈﻛراھﺎت‬
‫اﻟﺗﺳﯾﯾر اﻟﯾوﻣﻲ ‪ ،‬ﻓﻲ ﻏﯾﺎب رؤﯾﺔ أو اﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ واﺿﺣﺔ ﻟﻺﺻﻼح ‪ ،‬ﻣﻊ ﻋدم ﺗﻔﻌﯾل اﻟﺗدﺑﯾر‬
‫اﻟﺗﺷﺎرﻛﻲ‪ ،‬زد ﻋﻠﻰ ذﻟك ھﻧﺎك ﻧﻘص ﻓﻲ وﺟود ﻗﯾﺎدات إدارﯾﺔ ﻛﻔﺋﺔ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ ﺗﻧزﯾل اﻟﺑراﻣﺞ‬
‫واﻟﻣﺧططﺎت اﻟﻛﻔﯾﻠﺔ ﺑﺎﻻرﺗﻘﺎء ﺑﺄداء اﻹدارة‪.‬‬
‫ﻓﺟوھر اﻹﺷﻛﺎﻟﯾﺔ اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌرﻓﮭﺎ اﻹدارة ھﻲ إﺷﻛﺎﻟﯾﺔ ﺣﻛﺎﻣﺔ‪،‬إﺷﻛﺎﻟﯾﺔ أزﻣﺔ ﺗدﺑﯾر إﺷﻛﺎﻟﯾﺔ‬
‫ﺗﺧطﯾط ‪ ،‬إﺷﻛﺎﻟﯾﺔ ﻏﯾﺎب اﻟرؤﯾﺔ‪ ،‬وﻏﯾﺎب ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺗﻘوﯾم واﻟﻣﺣﺎﺳﺑﺔ واﻟﺗدﺑﯾر اﻟﻌﻘﻼﻧﻲ ﻟﻠﺳﯾﺎﺳﺎت‬
‫اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ‪.‬‬
‫اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ ‪ :‬ﻓﻲ أﻓق ﺗﺣدﯾث إداري ﻓﻌﺎل‬

‫إن اﻟﺗﺣدﯾث اﻹداري ﯾﺗطﻠب ﻣن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾن واﻟﻘﺎﺋﻣﯾن ﻋﻠﻰ ﺗدﺑﯾر اﻟﺷﺄن اﻟﻌﺎم اﻟﻧظر ﻓﻲ وﺳﺎﺋل‬
‫وﻋﻣل اﻹدارة أي أن اﻷﻣر ﯾﺗطﻠب اﻟﺗﺟدﯾد واﻟﺗﻐﯾﯾر ﻓﻲ ﺑﻧﯾﺎت اﻹدارة اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ ﻣن ﺧﻼل ﺗطوﯾر‬
‫اﻵﻟﯾﺎت اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ واﻟﻣؤﺳﺳﺎﺗﯾﺔ واﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ‪ ،‬ﺑﻣﺎ ﯾﺣﻘق أﺳﻠوب اﻹدارة اﻟﺣدﯾﺛﺔ اﻟﻌﺻرﯾﺔ أﺳﺎﺳﮫ‬
 ‫ﻋﻣل اﻹدارة ﺑﺎﻷھداف ‪ ،‬واﻟﺗدﺑﯾر ﺑﺎﻟﻧﺗﺎﺋﺞ ‪ ،‬وﺟﻌل اﻟﻣوظف ﻓﻲ ﻗﻠب ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻹﺻﻼح ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره‬
‫ﻓﺎﻋﻼ وﻣؤﺛرا ﻓﻲ إﻧﺟﺎح أي ﻋﻣﻠﯾﺔ ﻟﻺﺻﻼح‪.‬‬
‫ﻷﺟل ﺗﺣﻘﯾق أﺳﻠوب اﻹدارة اﻟﻌﺻرﯾﺔ واﻟﺣدﯾﺛﺔ ﻓﺈن اﻷﻣر ﯾﺗطﻠب ﻧﮭﺞ إﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ ﺷﻣوﻟﯾﺔ‬
‫ﻣﺗﻌددة اﻷﺑﻌﺎد إدارﯾﺎ‪ ،‬ﺗﻧﻣوﯾﺎ‪ ،‬ووظﯾﻔﯾﺎ‪ ،‬وﺗﺄﺧذ ﻓﻲ اﻟﺣﺳﺑﺎن اﻟﺟواﻧب اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ واﻟﺗﻧظﯾﻣﯾﺔ ‪،‬‬
‫وﺟواﻧب اﻟﺣﻛﺎﻣﺔ اﻹدارﯾﺔ واﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ وﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﻘﯾﯾم ورﺑط اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﺣﺎﺳﺑﺔ‪ ،‬وإدارة‬
‫وﺗﺧطﯾط اﻟﻣوارد اﻟﺑﺷرﯾﺔ‪،‬وﺟواﻧب اﻟﺗﻛوﯾن اﻟﻣﺳﺗﻣر‪،‬وﻛذﻟك اﻟﺣواﻓزاﻟﻣﺎﻟﯾﺔ‪ ،‬وظروف وإﻣﻛﺎﻧﯾﺎت‬
‫اﻟﻌﻣل ﻣن آﻟﯾﺎت وﻣﻌدات ‪ ، ..‬وﺟواﻧﺑﺎﺳﺗﻘراراﻟﻣوظف واﻟرﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‪.‬‬
‫ھذه ﺑﻌض اﻟﻣﻘﺗرﺣﺎت اﻟﻛﻔﯾﻠﺔ ﺑﺗﺣدﯾث اﻹدارة؛‬
‫وﺿﻊ ﺳﯾﺎﺳﺔ ﻛﻔﯾﻠﺔ ﺑﺎﻻرﺗﻘﺎء ﺑﺎﻟﻌﻧﺻر اﻟﺑﺷري ‪ ،‬ﺑداﯾﺔ إن اﻟﺣدﯾث ﻋن ﺗﺟدﯾد وﺗﺣدﯾث اﻹدارة اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ‬ ‫‪o‬‬
‫ﯾﺑﻘﻰ دون ﺟدوى إن ﻟم ﯾﺗم إﻋﻣﺎل اﻟﺗداﺑﯾر اﻟﮭﺎدﻓﺔ إﻟﻰ اﻻرﺗﻘﺎء ﺑوﺳﺎﺋل ﺗدﺑﯾرھﺎ ‪ ،‬ﻻﺳﯾﻣﺎ‬
‫ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص اﻟﻌﻧﺻر اﻟﺑﺷري اﻟذي ﯾﺷﻛل اﻟﺣﻠﻘﺔ اﻟﺟوھرﯾﺔ ﻓﻲ أي اﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﮫ ﻟﺗﺣدﯾث ﻋﻣل‬
‫اﻹدارة ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻌﻧﺻر اﻟﺑﺷري ﯾﺷﻛل ﻣﺣور ﻛل إﺻﻼح ﯾﺳﺗﮭدف ﺗﺣﺳﯾن اﻷداء ‪ ،‬ﻣن ھﻧﺎ ﻓﺈن‬
‫ﺑرﻧﺎﻣﺞ وﺧطط اﻟﺗﺣدﯾث ﯾﺗﻌﯾن أن ﺗﮭﺗم ﺑﺗطوﯾر ﻛﻔﺎءة اﻟﻣوارد اﻟﺑﺷرﯾﺔ وﺗﻛوﯾﻧﮭﺎ اﻟﻣﺳﺗﻣر‬
‫وﺗﻧﻣﯾﺔ ﻣﮭﺎراﺗﮭﺎ وﻣﻌﺎرﻓﮭﺎ ‪ ،‬واﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﺗوﺟﯾﮭﮭﺎ إﻟﻰ اﻟﺟواﻧب واﻟﺗﺧﺻﺻﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻔﺗﻘر‬
‫إﻟﯾﮭﺎ اﻹدارات اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬وذﻟك ﻓﻲ إطﺎر واﺿﺢ اﻟﻣﻌﺎﻟم ووﻓق إﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ ﻣﺣﻛﻣﺔ ﻏﺎﯾﺗﮭﺎ‬
‫ﺗﺣدﯾث اﻹدارة وﺟﻌﻠﮭﺎ ﻣﺗطورة ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ ﺗﺣﻘﯾق اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﻣﺳﺗداﻣﺔ‪.‬‬
‫اﻻھﺗﻣﺎم ﺑﺎﻟوﺿﻊ اﻟﻣﺎدي واﻟﻣﻌﻧوي ﻟﻠﻣوظف وﺧﻠق اﻵﻟﯾﺎت اﻟﻛﻔﯾﻠﺔ ﺑﺗﺣﻔﯾزه وإﻧﺟﺎح ظروف‬ ‫‪o‬‬
‫اﺷﺗﻐﺎﻟﮫ‪ ،‬ﻟﺗﻛون ﻟدﯾﮫ اﻟرﻏﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﻣزﯾد ﻣن اﻟﻌطﺎء واﻟﺗﺟدﯾد‪ ،‬واﻋﺗﺑﺎرا ﻟدوره اﻟﻔﻌﺎل ﻓﻲ‬
‫ﺳﯾرورة اﻹﻧﺗﺎج داﺧل اﻟﻣرﻓق اﻟﻌﺎم‪ ،‬ﻟذا ﯾﻧﺑﻐﻲ ﺗﺑﻧﻲ ﻧظﺎم ﺗﺣﻔﯾزي ﻓﻌﺎل ﻋﺑر إﯾﺟﺎد أﺳس‬
‫وﻣﻌﺎﯾﯾر ﻣوﺿوﻋﯾﺔ وﻋﺎدﻟﺔ ﻟﺗﻧﻔﯾذ ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﺣﻔﯾز واﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻻﺳﺗﺣﻘﺎق واﻟﻛﻔﺎءة أي‬
‫رﺑط اﻟﻣﻧﺢ اﻟﺗﺣﻔﯾزﯾﺔ ﺑﺎﻟﺟﮭود اﻟﻣﺑذوﻟﺔ ﻣن ﻗﺑل اﻟﻣوظﻔﯾن؛‬
‫اﻋﺗﺑﺎر ﻟﻛون اﻟﻌﻧﺻر اﻟﺑﺷري ﯾﺑﻘﻰ ھو اﻟﻘﻠب اﻟﻧﺎﺑض واﻟﻣﺣرك اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ﻟﻠﻔﻌل اﻹداري ﻓﻲ‬ ‫‪o‬‬
‫ﻛل ﺟواﻧﺑﮫ ‪ ،‬ﻓﺈن اﻷﻣر ﯾﺗطﻠب ﺑدل ﺟﮭود ﻗﺻوى ﻹﻗرار ﺳﯾﺎدة اﻷﺧﻼق داﺧل اﻹدارة‪.‬‬
‫اﻻھﺗﻣﺎم ﺑﻌﻣﻠﯾﺔ ﺗدﺑﯾر اﻟﻣوارد اﻟﺑﺷرﯾﺔ ﺳﺗﻛون ﻟﮭﺎ اﻧﻌﻛﺎﺳﺎت إﯾﺟﺎﺑﯾﺔ ﻋﻠﻰ أداء اﻹدارة‪،‬‬ ‫‪o‬‬
‫وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﺳﯾﻧﻌﻛس ﻋﻠﻰ ﻋﻼﻗﺎﺗﮭﺎ ﻣﻊ اﻟﻣﺗﻌﺎﻣﻠﯾن ﻣﻌﮭﺎ ‪ ،‬ﻣﻣﺎ ﯾﻘﺗﺿﻲ وﺿﻊ ﺳﯾﺎﺳﺔ ﺟدﯾدة‬
‫ﻣﻔﺎدھﺎ اﺧﺗﯾﺎر أﺻﻠﺢ وأﺣﺳن اﻟﻌﻧﺎﺻر وإﻋطﺎء أھﻣﯾﺔ ﻟﻠﺗدرﯾب واﻟﺗﻌﻠﯾم واﻟﺗﺣﻔﯾز) طﺑﻘﺎ‬
‫ﻟﻠﻣﺑدأ اﻟﻣﻌروف ﻓﻲ ﻧظﺎم اﻹدارة وﺿﻊ اﻟرﺟل اﻟﻣﻧﺎﺳب ﻓﻲ اﻟﻣﻛﺎن اﻟﻣﻧﺎﺳب(‪ .‬ﻟﺗﺣﻘﯾق‬
‫اﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ واﻟرﻓﻊ ﻣن ﻣﺳﺗوى اﻟﻣردودﯾﺔ ‪ ،‬ﻣﻊ ﻧﮭﺞ ﺳﯾﺎﺳﺔ اﺧﺗﯾﺎر ﺗﺗﺳم ﺑﺎﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ‬
‫واﻟﺣﯾﺎد؛‬
‫إﻋﺎدة اﻟﻧظر ﻓﻲ ﻣﻧظوﻣﺔ اﻷﺟورﺑﺷﻛل ﯾﺟﻌﻠﮫ أﻛﺛر اﻧﺳﺟﺎﻣﺎ وﺷﻔﺎﻓﯾﺔ ‪ ،‬وذﻟك ﺑﺎﻟﺣد ﻣن‬ ‫‪o‬‬
‫اﻟﻔوارق اﻟﻛﺑﯾرة ﺑﯾن اﻷﺟور ‪ ،‬وﺟﻌل ھذا اﻟﻧظﺎم ﯾﺳﺎﯾر اﻟﺗﻐﯾﯾرات اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻟﻠﺑﻼد ﻟﻠرﻓﻊ‬
‫ﻣن اﻟﻘدرة اﻟﺷراﺋﯾﺔ ﻟدى اﻟﻣوظف‪ ،‬واﻟﺣد ﻣن اﻷﻧظﻣﺔ اﻟﻔﺋوﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﻣوظﻔﯾن ؛‬
‫ﺗﺣﻘﯾق دﯾﻣﻘراطﯾﺔ إدارﯾﺔ ﻣن ﺧﻼل إﺷراك اﻟﻣوظف ﻓﻲ ﻣﻧﺎﻗﺷﺔ ﻣﺷﺎﻛل اﻟﻌﻣل وطرح‬ ‫‪o‬‬
‫وﺟﮭﺎت ﻧظره ﻓﻲ اﻟﻣﺷﺎرﯾﻊ واﻟﺑراﻣﺞ اﻟﻘطﺎﻋﯾﺔ ؛ أي إﻋطﺎء اﻟﻣوظف دورا ﻓﻲ اﺗﺧﺎذ اﻟﻘرار‬
‫داﺧل اﻟﻣﻧظوﻣﺔ اﻹدارﯾﺔ ‪ ،‬وﺗﺄﺳﯾس ﻣﺑﺎدئ اﻟﺣوار واﻟﺗﺷﺎور ﺑﯾن اﻹدارة واﻟﻣواطﻧﯾن ‪،‬‬
‫وإﺷراك ﻛل اﻟﻔﺎﻋﻠﯾن اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﯾن واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﯾن ﻓﻲ اﻟﻣﺳﻠﺳل اﻟﺗﻘرﯾري ﻛﻣﺎ ھو اﻟﺣﺎل ﻓﻲ‬
‫إﻋداد اﻟﻣﺷﺎرﯾﻊ اﻟوطﻧﯾﺔ ﻟﻠﺗﻧﻣﯾﺔ وﺗﮭﯾﺊ وﺛﺎﺋق اﻟﺗﻌﻣﯾر وإﻋداد اﻟﺗراب اﻟوطﻧﻲ‪..‬؛*‬
 ‫اﻟﺑﺣث ﻋن ظروف اﺳﺗﻣرارﯾﺔ واﺳﺗﻘرار اﻟﻣوظف ﻓﻲ ﻋﻣﻠﮫ ﺑﺷﻛل ﯾﺧﻠﺻﮫ ﻣن ھﺎﺟس‬ ‫‪o‬‬
‫اﻟﺧوف واﻟﻘﻠق ﻷن اﻟﻣوظف ﻏﯾر اﻟﻣطﻣﺋن ﻋﻠﻰ ﻋﻣﻠﮫ ﯾﻛون ﻋﺎﺟزا ﻋن اﻹﺑداع واﻻﺑﺗﻛﺎر؛*‬
‫ﺗﻌزﯾز آﻟﯾﺎت اﻟﺣﻛﺎﻣﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻣن ﺧﻼل ﺗرﺷﯾد اﻟﻧﻔﻘﺎت اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ ‪ ،‬ﻧﮭﺞ ﺗدﺑﯾر أﻣﺛل ﻟﻠﺷﺄن اﻟﻌﺎم‬ ‫‪o‬‬
‫ﻋﺑر إﻗرار ﻣﺑﺎدئ اﻟﺗدﺑﯾر اﻟﻌﻘﻼﻧﻲ وﺗﺑﻧﻲ ﻧﻣوذج اﻟﺗدﺑﯾر اﻟﺗﺷﺎرﻛﻲ ﺑﯾن ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻔﺎﻋﻠﯾن ﻓﻲ‬
‫ﺑﻠورة اﻟﺳﯾﺎﺳﺎت اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ ﻣن ﻗطﺎع ﺧﺎص وﻣﺟﺗﻣﻊ ﻣدﻧﻲ وﺟﻣﺎﻋﺎت ﺗراﺑﯾﺔ ‪ ،‬وﺗﮭﯾﺊ‬
‫اﻹدارة اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ اﻟﻣﻧﺎخ اﻟﻣﻼﺋم ﻻﻧﺧراط ھؤﻻء اﻟﻔﺎﻋﻠﯾن ﻓﻲ ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ؛‬
‫ﺗﺑﺳﯾط اﻹﺟراءات اﻹدارﯾﺔ وﺗﺣﯾﯾن اﻟﻧﺻوص اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ؛‬ ‫‪o‬‬

‫ﺗﺣﺳﯾن ﻣﺑﺎدئ اﻟﺷﻔﺎﻓﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣرﻓق اﻟﻌﺎم ورﺑط اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﺣﺎﺳﺑﺔ ﻛﻣﺎ أﻗرھﺎ اﻟدﺳﺗور‬ ‫‪o‬‬
‫اﻟﺟدﯾد وﺗﻌزﯾز آﻟﯾﺎت ﻣراﻗﺑﺔ ﺻرف اﻟﻣﺎل اﻟﻌﺎم؛‬
‫ﺗﻌزﯾز وﺗﺛﻣﯾن اﻟﻣوراد اﻟﺗﻛﻧوﻟوﺟﯾﺔ اﻟﻌﺻرﯾﺔ‪ ،‬ﻓﻲ ﺳﯾﺎق اﻟﻌوﻟﻣﺔ واﻟﺗﻧﺎﻓﺳﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻹدارة أن ﺗﺗﺣﻛم ﻓﻲ‬ ‫‪o‬‬
‫اﻟﺗﻘﻧﯾﺎت اﻟﺣدﯾﺛﺔ ‪ ،‬ذﻟك أن اﻻﺳﺗﻔﺎدة ﻣن ﺗﻘﻧﯾﺎت اﻟﺗواﺻل واﻟﻣﻌﻠوﻣﯾﺎت ﯾﺳﺎھم ﺑﻼ ﺷك ﻓﻲ‬
‫ﺗﻐﯾﯾر ﻛﺑﯾر ﻟﻣﻧظوﻣﺔ اﻟﻌﻣل اﻹداري ﻣن ﺧﻼل ﺗﻧظﯾم اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ وﻋﻼﻗﺎت اﻟﻌﻣل‪ .‬ﻟﻠﺗذﻛﯾر ھﻧﺎ‬
‫ﻓﺎﻟﻣﺧطط اﻟﺣﺎﻟﻲ ﻟﺗﺣدﯾث اﻹدارة اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ ﯾﺳﻌﻰ إﻟﻰ ﺗﺑﺳﯾط اﻟﻣﺳﺎطر اﻹدارﯾﺔ ودﻋم اﻹدارة‬
‫اﻹﻟﻛﺗروﻧﯾﺔ ﻣن ﺧﻼل ﻣﺷروع ﻣرﺳوم ﻓﻲ ﺷﺄن ﺗﺑﺳﯾط اﻟﻣﺳﺎطر اﻹدارﯾﺔ ﻟﺿﺑط ﺣﻛﺎﻣﺗﮭﺎ‬
‫وﺗﻔﻌﯾل إﻟزاﻣﯾﺔ اﻟﻌﻣل ﺑﮭﺎ‪ ،‬وﺗﺑﺳﯾط ‪ 68‬ﻣﺳطرة ﺗﮭم اﻟﻣواطﻧﯾن‪ ،‬وﺗﺑﺳﯾط ‪ 24‬ﻣﺳطرة ﺗﮭم‬
‫اﻟﻣﻘﺎوﻻت‪ ،‬وﺗطوﯾر ﺑواﺑﺔ اﻟﺧدﻣﺎت اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ ﻣن ﺧﻼل ﺗزوﯾدھﺎ ﺑﻧظﺎم ﻣﻌﻠوﻣﺎﺗﻲ ﻟﺗﺣدﯾد‬
‫اﻟﻣواﻗﻊ اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ ﻟﻠﻣﺻﺎﻟﺢ اﻹدارﯾﺔ‪ ،‬وإﺣداث ﻣرﺻد ﻟﺗﺗﺑﻊ اﺳﺗﻌﻣﺎل ﺗﻛﻧوﻟوﺟﯾﺎ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت‬
‫واﻻﺗﺻﺎل ﻓﻲ اﻟﻘطﺎع اﻟﻌﻣوﻣﻲ‬
‫ﺗﻛرﯾس دوﻟﺔ واﻟﻘﺎﻧون ‪ ،‬ﻣن ﺧﻼل ﺟﻌل اﻹدارة ﻣﺣﺎﯾدة وﻓﻲ ﺧدﻣﺔ اﻟﺟﻣﯾﻊ ‪ ،‬ووﺿﻊ ﺣد‬ ‫‪o‬‬
‫ﻷﺳﺎﻟﯾب اﻟﺷطط واﻟﺗﻌﺳف ﻓﻲ اﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﺳﻠطﺔ‪ ،‬وﻧﮭﺞ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺟدﯾدة ﺗرﺗﻛز ﻋﻠﻰ ﻣﺑﺎدئ‬
‫اﻟﺣق واﻟﻌدل واﻹﻧﺻﺎف وﯾﺳودھﺎ اﻻﺣﺗرام اﻟﻛﺎﻣل ﻟﺣﻘوق اﻟﻣواطﻧﯾن ﻣﻊ ﺗﺣﺳﯾﺳﮭم‬
‫ﺑﺎﻟﺣﻘوق واﻟواﺟﺑﺎت أﺛﻧﺎء ﺗﻌﺎﻣﻠﮭم ﻣﻊ اﻹدارة ‪ ،‬وﺿرورة اﺣﺗرام اﻹدارة ﻟﻣﺑدأ اﻟﺷرﻋﯾﺔ ﻣن‬
‫ﺧﻼل اﻻﻣﺗﺛﺎل ﻟﻠﻘواﻧﯾن وﺗﻧﻔﯾذ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﺻﺎدرة ﺿدھﺎ؛‬
‫ﺧﻼﺻﺔ اﻟﻘول أن ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﺣدﯾث اﻹداري ﺑﺎﻟﻣﻐرب ﯾﻌﺗﺑر ﻣطﻠﺑﺎ أﺳﺎﺳﯾﺎ ﻓﻲ اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟراھﻧﺔ‪،‬‬
‫وذﻟك ﻧظرا ﻟﻠﻣﺳﺗﺟدات واﻟﺗﺣوﻻت اﻟﺗﻲ ﯾﻌرﻓﮭﺎ اﻟﻣﻐرب ﻋﻠﻰ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺗوﯾﺎت اﻷﻣر اﻟذي ﯾﺗطﻠب‬
‫ﻣن اﻟﺳﻠطﺎت اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ أن ﺗﺧطو ﺧطوات ﺟرﯾﺋﺔ إﻟﻰ اﻷﻣﺎم ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﯾﺎدﯾن اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺎﻋد ﻋﻠﻰ‬
‫ﺗﺣدﯾث اﻹدارة وﺗطوﯾرھﺎ ‪ ،‬ﻟﻛن ذﻟك ﯾﻘﺗﺿﻲ وﺟود إرادة ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﺿﺣﺔ ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗﻌﺑﯾر ﻋن‬
‫اﻟرﻏﺑﺔ ﻓﻲ اﻹﺻﻼح ‪ ،‬وإﻋﺎدة اﻟﻧظر ﻓﻲ اﻟطرق اﻟﺗدﺑﯾرﯾﺔ اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ واﻟﺗﻲ أﺻﺑﺣت ﻣﺗﺟﺎوزة‪.‬‬
‫ﻟذا ﻓﺎﻷﻣر ﯾﺗطﻠب وﺿﻊ إﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ وﻣﺗﻛﺎﻣﻠﺔ ‪ ،‬ﺑﺣﯾث ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻣراﺟﻌﺔ وإﻋﺎدة اﻟﻧظر ﻓﻲ ﻛل‬
‫ﻣﺎ ﻣن ﺷﺄﻧﮫ ﻗﯾﺎم ﺳﯾﺎﺳﺔ إدارﯾﺔ ﻓﻌﺎﻟﺔ وﻧﺎﺟﻌﺔ ‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﯾﺟب اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﺗﺟﺎوز ﺟﻣﯾﻊ اﻹﻛراھﺎت‬
‫واﻟﺻﻌوﺑﺎت اﻟﺗﻲ ﺗم اﻟﺣدﯾث ﻋﻧﮭﺎ ﺳﻠﻔﺎ ‪ ،‬ﻻﺳﯾﻣﺎ أن ﻣﻌظﻣﮭﺎ ﺗرﺗﺑط ﺑﺎﻹرادة اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﻟﻌﻧﺻر‬
‫اﻟﺑﺷري‪.‬‬
 ‫إﺻﻼح اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ ﺑﺎﻟﻤﻐﺮب‪ :‬ﻣﻦ اﻟﻤﺒﺎدئ اﻷرﺑﻌﺔ إﻟﻰ اﻟﺘﺪاﺑﯿﺮ ذات اﻷوﻟﻮﻳﺔ‪:‬‬
‫ﻣﺎذا ﺗﺤﻘﻖ؟‬

‫ﺗﻘﻮل ا ﻜﻤﺔ‪" :‬إذا وﺿﻌﻨﺎ ﻣﺸﺎر ﻊ ﺳﻨﻮ ﺔ ﻓﻠ رع اﻟﻘﻤﺢ‪ ،‬و إذا ﺎﻧﺖ ﻣﺸﺎر ﻌﻨﺎ ﻟﻌﻘﺪ ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ‬
‫ﺎر‪ ،‬أﻣﺎ إذا ﺎﻧﺖ ﻣﺸﺎر ﻌﻨﺎ ﻟ ﻴﺎة ﺑ ﺎﻣﻠ ﺎ ﻓﻤﺎ ﻋﻠﻴﻨﺎ إﻻ أن ﻧﺜﻘﻒ و ﻌﻠﻢ ﺴﺎن‪".‬‬ ‫ﻓﻠﻨﻐﺮس‬
‫ﺗﻘﺪﻳﻢ‪:‬‬

‫إن اﳌﺘﺄﻣﻞ ﻤﻴﻊ اﻟﺘﺤﻮﻻت و ﺻﻼﺣﺎت اﻟ ﻋﺮﻓ ﺎ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟ ﺑﻴﺔ و اﻟﺘ ﻮ ﻦ ﺑﻼدﻧﺎ ﻣﻨﺬ‬
‫ﺳﺘﻘﻼل إ ﺣﺪود اﻟﻴﻮم‪ ،‬ﺳﻴﻘﻒ ﻋ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ اﻟ ﺎن و ﺳ اﺗﻴﺠﻴﺎت و ﺑﻨﺎء اﻟﺘﻮاﻓﻘﺎت دون‬
‫ﺗﻔﻌﻴﻞ‪ .‬ﻷن ﺗﺎر ﺦ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺑﺎﳌﻐﺮب ﻮ ﺗﺎر ﺦ إﺻﻼﺣﺎت‪.‬‬
‫ْ ً ُ‬
‫ﻓ ﻞ اﺳﺘﻄﺎع اﳌﻐﺮب أن ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ ﻧﻈﺎم اﻟ ﺑﻴﺔ و اﻟﺘ ﻮ ﻦ ُﺑ ﻴﺎﻧﺎ َ ﺸﺪ ﻌﻀﮫ ﻌﻀﺎ؟ و إذا ﻟﻢ ﺴﺘﻄﻊ‪،‬‬
‫ﺻﻼح‪ ،‬و ﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﻮﻓﺮ اﳌﻘﻮﻣﺎت ا ﻘﻴﻘﻴﺔ و‬ ‫ﻓ ﻞ ﻷن اﻟﻌﻮﳌﺔ ا ﺎرﻓﺔ ﻓﺮﺿﺖ ﻋﻠﻴﮫ أن ﻳﻨﺤﻮ ﻣﻨ‬
‫ً‬
‫اﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ﻟ ﺬا اﻟﻮرش ا ﺎﺳﻢ ؟ أم ﻨﺎك أﺳﺒﺎﺑﺎ أﻋﻤﻖ ﻣﻦ ذﻟﻚ ؟‬

‫اﳌﻨﻄﻠﻘﺎت و اﳌﺮﺟﻌﻴﺎت ‪:‬‬ ‫‪-I‬‬

‫إن ﻗﻀﻴﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ و ﻗﻀﻴﺔ اﻟﻌﺪل ﻗﻀ ﺘﺎن ﻣﻄﺮوﺣﺘﺎن اﳌﻐﺮب‪ ،‬ﻣﻨﺬ ﺛﻼﺛﻴ ﻴﺎت اﻟﻘﺮن اﳌﺎ ‪ ،‬أي‬
‫ﻣﻨﺬ أن ﺟﻌﻠ ﻤﺎ ا ﺮﻛﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ اﳌﻐﺮ ﻴﺔ ﺳﻨﺔ ‪1934‬م ﻋ رأس ﻣﻄﺎﻟ ﺎ ﺻﻼﺣﻴﺔ اﻟ واﺟ ﺖ ﺎ‬
‫ا ﻤﺎﻳﺔ اﻟﻔﺮ ﺴﻴﺔ‪ ،‬ﻗﺒﻞ أن ﺗ ﺘﻘﻞ إ ﻣﻄﻠﺐ ﺳﺘﻘﻼل‪ (1).‬و ﻌﺪ ﻣﺮور أﻛ ﻣﻦ ﺧﻤﺴ ن ﺳﻨﺔ ﻋ‬
‫ﺳﺘﻘﻼل‪ ،‬ﺑﺘﺪاﻓﻌﺎ ﺎ و ارﺗﺠﺎﺟﺎ ﺎ‪ ،‬ﻟﻢ ﻳﺘﻮﻗﻒ اﳌﻐﺮب اﺳﺘ ﺒﺎت ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟ ﺑﻴﺔ و اﻟﺘ ﻮ ﻦ‬
‫ﻣﺘ ﺎﻣﻠﺔ ﺿﻠﻊ‪ ،‬ﻣﺘﻨﺎﺳﻘﺔ اﻟﺴ ورة‪ ،‬ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻓﻠﺴﻔ ﺎ ﻋ ﻣﺮﺟﻌﻴﺔ ﻣﺤﺪدة ﻣﺒ ﻴﺔ ﻋ ﺗﺼﻮر‬
‫و اﻟﺘﻘﻮ ﻢ‪(2).‬‬ ‫وا ‪ ،‬ﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻘﻴﻴﻢ ﺑﺄﻓﻖ ﺻﻼح‬

‫دوات و‬ ‫إن ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺻﻼح اﻟﺘﻌﻠﻴ ﺑﺎﳌﻐﺮب ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ و ﻟ ﺴﺖ ﺗﻘﻨﻴﺔ‪ :‬أي ﻣﺠﺮد إﺻﻼح‬
‫اﻟ اﻣﺞ و آﻟﻴﺎت اﻟﺘﺪﺑ داري؛ إن ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻮ ﺻﻮرة ﻣﻌ ة ﻋﻤﺎ وﺻﻞ إﻟﻴﮫ ﺗﺪﺑ اﻟﺸﺄن اﻟﻌﺎم‬
‫ﺑﺎﳌﻐﺮب‪.‬‬

‫ﻴﺼﮫ ﺑﻨﺎء ﻋ اﺗﺼﺎل ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻣﻊ اﻟﻌﺎﻣﻠ ن‬ ‫أوﻻ ﻓ ﻢ اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺘﻌﻠﻴ و‬ ‫ﻓﺎﻹﺻﻼح ﻳﻘﺘ‬
‫ﻴﺺ ﻣﺸﻜﻼت اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺘﻌﻠﻴ ﻣﺒ ﻴﺎ ﻋ ﻣﺸﺎرﻛﺔ‬ ‫اﳌﻴﺪان‪ ،‬و اﻟﺘﻮاﺻﻞ و ا ﻮار ﻣﻌ ﻢ‪ ،‬ﺑﺤﻴﺚ ﻳ ﻮن‬
‫دﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ اﳌﺪر ‪ ...‬ﻣﻊ ﺗﺒ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ا ﻮ ﺔ‪ ...‬ﻓﺎﻹﺻﻼح ﻟ ﺲ ﻣﺠﺮد ﻌﻠﻴﻤﺎت ﺑ وﻗﺮاﻃﻴﺔ‬
‫و‬ ‫ﻣﻔﺮوﺿﺔ ﻣﻦ ﻋ ‪ ،‬إﻧﻤﺎ ﻮ اﻧﺨﺮاط وا ﻋﻘﻼ ﻲ و وﺟﺪا ﻲ ﻳﺘﻄﻠﺐ إﺷﺮاك اﻟﻨﺎس اﻟﻘﺮارات‬
 ‫ً‬
‫ﺗﻘﺎوم ﻣﻦ أﺟﻞ‬ ‫ﺳ اﺗﻴﺠﻴﺎت و اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺼﺒﺢ ﺻﻼح ُﺟ ْﺰءا ﻣﻦ ﺗﺎر ﺨﻴﺔ اﻟﺬات اﻟ‬
‫إﻧﺠﺎﺣﮫ‪(3) .‬‬
‫إن اﳌﺮاﺟﻌﺔ اﻟﺴﺮ ﻌﺔ ﻟ ﺬا اﳌﺴﺎر ﺻﻼ ﺗﺠﻌﻠﻨﺎ ﻧﻘﻒ ﻋﻨﺪ اﳌﺤﻄﺎت اﻟﺮﺋ ﺴﻴﺔ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ‪:‬‬

‫‪ ‬اﻟ ﻨﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻟﻠﺘﻌﻠﻴﻢ )‪1957‬م(‪ :‬إﺻﻼح اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﳌﻮروث ﻋﻦ ﺳﺘﻌﻤﺎر )اﻟ ﻴﺎ ﻞ‪ ،‬اﻟ اﻣﺞ‪ ،‬ﻃﺮ‪ ،(...‬ﻣﻊ‬
‫اﳌﻨﺎداة ﺑﺎﻋﺘﻤﺎد اﳌﺒﺎدئ ر ﻌﺔ ‪) :‬اﳌﻐﺮ ﺔ‪ ،‬اﻟﺘﻌﺮ ﺐ‪ ،‬اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ‪ ،‬اﻟﺘﻌﻤﻴﻢ( ﻹرﺳﺎء ﻧﻈﺎم ﺗﺮ ﻮي وﻃ ‪.‬‬

‫‪ ‬اﻟ ﻨﺔ اﳌﻠﻜﻴﺔ ﻹﺻﻼح اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ )‪1958‬م( ‪ :‬إﺻﻼح اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺑﺎﻟﺪﻋﻮة إ إﺟﺒﺎر ﺘﮫ و ﻣﺠﺎﻧ ﺘﮫ ﻣﻊ ﺗﻮﺣﻴﺪ‬
‫اﳌﻨﺎ و اﻟ اﻣﺞ‪.‬‬

‫‪ ‬اﳌﺠﻠﺲ ﻋ ﻟﻠﺘﻌﻠﻴﻢ )‪1959‬م( ‪ :‬اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋ ﺿﺮورة ﻣﺠﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ و ﻌﻤﻴﻤﮫ‪.‬‬

‫‪ ‬ﻣﻨﺎﻇﺮة اﳌﻌﻤﻮرة )‪ 14‬أﺑﺮ ﻞ ‪1964‬م( ‪ :‬اﻟﺪﻋﻮة إ ﺗﻄﻮ ﺮ آﻟﻴﺎت ﺛﻮاﺑﺖ ﺻﻼح ‪ :‬اﳌﻐﺮ ﺔ‪ ،‬اﻟﺘﻌﺮ ﺐ‪،‬‬
‫اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ‪ ،‬اﻟﺘﻌﻤﻴﻢ‪.‬‬

‫‪ ‬اﳌﺨﻄﻂ اﻟﺜﻼ ﻲ )‪1965‬م – ‪1967‬م( ‪ :‬إﻟﺰاﻣﻴﺔ اﻟﺘﻌﺮ ﺐ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺑﺘﺪا ﻲ‪.‬‬

‫ﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﺘ ﻮ ﻦ اﳌ ‪.‬‬ ‫و‬ ‫‪ ‬ﻣﻨﺎﻇﺮة إﻓﺮان و )‪1970‬م( ‪ :‬ﺗﻄﻮ ﺮ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﻌﺎ‬

‫‪ ‬ﻣﻨﺎﻇﺮة إﻓﺮان اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ )‪1980‬م( ‪ :‬ﺗﻘﺪم ﻣﺴﻠﺴﻞ اﻟﺘﻌﺮ ﺐ و ﻣﻐﺮ ﺔ ﻃﺮ ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﳌﺸﺎ ﻞ اﳌﺎدﻳﺔ‬
‫اﻟ ﺎن ﻳﺠﺘﺎز ﺎ اﳌﻐﺮب ﺗﻠﻚ اﻟﻔ ة‪ ،‬و اﻟ أﺛﺮت ﻋ اﻟﺒ ﻴﺎت اﻟﺘﺤﺘﻴﺔ ﻟﻠﺘﻌﻠﻴﻢ ﻧ ﻴﺠﺔ اﻋﺘﻤﺎد اﻟﺘﻘﻮ ﻢ‬
‫اﻟ ﻴﻜ "ﺳﻴﺎﺳﺔ اﻟﺘﻘﺸﻒ"‪.‬‬

‫‪ ‬اﻟ ﻨﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﻠﺘﻌﻠﻴﻢ )‪1994‬م( ‪ :‬ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﺗﺠﺎوز آﺛﺎر اﻟﺘﻘﻮ ﻢ اﻟ ﻴﻜ ﻋ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺧﻼل ﺛﻤﺎﻧﻴ ﻴﺎت‬
‫اﻟﻘﺮن اﳌﺎ و ذﻟﻚ ﺑﺎﻟﺮﻓﻊ ﻣﻦ ﺑ ﻴﺎﺗﮫ‪.‬‬
‫‪ ‬اﻟ ﻨﺔ اﳌﻠﻜﻴﺔ ﻟﻠ ﺑﻴﺔ و اﻟﺘﻜﻮ ﻦ )‪1999‬م( ‪ :‬وﺿﻊ أﺳﺲ إﺻﻼح اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ‪ :‬إﻟﺰاﻣﻴﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ‪ ،‬إدﻣﺎج‬
‫اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﳌﺤﻴﻂ ‪...‬‬

‫‪ ‬اﻟ ﻨﺔ ا ﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟ ﺑﻴﺔ و اﻟﺘﻜﻮ ﻦ ‪) :‬اﳌﻴﺜﺎق اﻟﻮﻃ ﻟﻠ ﺑﻴﺔ و اﻟﺘ ﻮ ﻦ( ‪2000) :‬م( ‪ :‬إﺻﻼح اﳌﻨﻈﻮﻣﺔ‬
‫اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﺑﺘﻐﻴ اﻟ اﻣﺞ و اﳌﻨﺎ ‪ :‬ﻌﺪدﻳﺔ اﻟﻜﺘﺐ اﳌﺪرﺳﻴﺔ‪ ،‬ﺘﻤﺎم ﺑﺘﺪر ﺲ اﻟﻠﻐﺔ ﻣﺎز ﻐﻴﺔ‪...‬‬

‫ﻣﺴﻠﺴﻞ إﺻﻼح اﳌﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟ ﺑﻮ ﺔ ‪:‬‬ ‫‪ ‬اﳌﺨﻄﻂ ﺳﺘ ﺎ ‪2012 – 2009) :‬م( ‪ :‬زرع ﻧﻔﺲ ﺟﺪﻳﺪ‬
‫ﻴﻊ ﺟﻤﻌﻴﺎت دﻋﻢ ﻣﺪرﺳﺔ اﻟﻨﺠﺎح‪...‬‬ ‫اﻋﺘﻤﺎد ﺑﻴﺪاﻏﻮﺟﻴﺎ اﻟﻜﻔﺎﻳﺎت و دﻣﺎج‪ ،‬ﻣﺤﺎر ﺔ اﻟ ﺪر اﳌﺪر ‪،‬‬

‫و اﻟﺮؤ ﺔ ﺳ اﺗﻴﺠﻴﺔ‬ ‫و اﻟﺒﺤﺚ اﻟﻌﻠ‬ ‫اﻟﺘﺪاﺑ ذات وﻟﻮ ﺔ ﻟﻮزارة اﻟ ﺑﻴﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ و اﻟﺘ ﻮ ﻦ اﳌ‬ ‫‪‬‬
‫ﻹﺻﻼح اﻟ ﺑﻴﺔ و اﻟﺘ ﻮ ﻦ ﻟﻠﻤﺠﻠﺲ ﻋ ﻟﻠ ﺑﻴﺔ و اﻟﺘ ﻮ ﻦ )‪2015‬م – ‪2030‬م(‬

‫ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟ ﻮض ﺑﻤﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟ ﺑﻴﺔ و اﻟﺘ ﻮ ﻦ رﻓﻌﺖ وزارة اﻟ ﺑﻴﺔ و اﻟﺘ ﻮ ﻦ ﺷﻌﺎر‪" :‬ﻣﺪرﺳﺔ‬
‫ﺟﺪﻳﺪة ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﻮاﻃﻦ اﻟﻐﺪ" و ﻟﻌﻞ ﺬا اﻟﺸﻌﺎر ﻳ ﺟﻢ ﻣﺮاﻣﻲ اﻟﺘﺪاﺑ ذات وﻟﻮ ﺔ اﻟ ﺴ‬
‫اﻟﻮزارة اﻟﻮﺻﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻟ ﺎ اﻟ ﻮض ﺑﺘﻌﻠﻴﻤﻨﺎ أﻓﻖ ‪2030‬م‪ ،‬ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻔﻌﻴﻞ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺪاف‬
‫َﱡ‬
‫اﻟﺘﻌﻠﻤﺎت ﺳﺎس و اﻟﻠﻐﺎت ﺟﻨ ﻴﺔ و دﻣﺞ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﻌﺎم و‬ ‫ﺎﻟﺘﺤﻜﻢ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮ ﻴﺔ و اﻟﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ‬
‫اﻟﺘ ﻮ ﻦ اﳌ و ﺗﺜﻤ ن اﻟﺘ ﻮ ﻦ اﳌ و اﻟﺘﻔﺘﺢ اﻟﺬا ﻲ و ﺗﺤﺴ ن اﻟﻌﺮض اﳌﺪر و اﻟﺘﺄﻃ اﻟ ﺑﻮي و‬
‫ا ﺎﻣﺔ‪ ،‬إﺿﺎﻓﺔ إ ﺗﺨﻠﻴﻖ اﳌﺪرﺳﺔ و ﺗﺜﻤ ن اﻟﺮأﺳﻤﺎل اﻟ ﺸﺮي و ﺧﻠﻖ ﺗﻨﺎﻓﺴﻴﺔ ﻣﺠﺎل اﳌﻘﺎوﻟﺔ‬
‫ﺑﺎﻟﺘ ﻮ ﻦ اﳌ ‪...‬‬

‫و ﻧﻔﺲ اﻟﺴﻴﺎق‪ ،‬أﺻﺪر اﳌﺠﻠﺲ ﻋ ﻟﻠﺘﻌﻠﻴﻢ و اﻟﺘ ﻮ ﻦ اﳌ و اﻟﺒﺤﺚ اﻟﻌﻠ "رؤ ﺔ اﺳ اﺗﻴﺠﻴﺔ‬
‫ََ‬
‫ﺲ ﺟﺪﻳﺪ ﻟﻺﺻﻼح اﻟﺘﻌﻠﻴ و ﻹﻧﻘﺎذ اﳌﺪرﺳﺔ اﳌﻐﺮ ﻴﺔ‬ ‫ﻹﺻﻼح اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ‪2030 – 2015‬م" ﻹﻋﻄﺎء ﻧﻔ ٍ‬
‫ّ‬
‫ﻣﻦ اﳌﺄزق اﻟﺬي ﻌ ﺸﮫ‪ ،‬و ﻟﻮﺿﻊ ﻧﻤﻂ ﻟﻠﺘﺪﺑ ُﻳ َﻤ ِﻜ ُﻦ اﻟﺸﺮ ﺎء و اﻟﻔﺎﻋﻠ ن ﻣﻦ اﳌﺴﺎ ﻤﺔ ﺗﺪﺑ اﻟﺸﺄن‬
‫اﻟ ﺑﻮي وﻓﻖ ا ﺎﻣﺔ اﻟﺮﺷﻴﺪة ﻣﻊ وﺿﻊ ﺗﺤﻔ ات ﻟﻔﺎﺋﺪة ﻃﺮ اﻟ ﺑﻮ ﺔ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎر ﺎ ﻣﻦ أ ﻢ اﻟﻔﺎﻋﻠ ن‬
‫ﺣﻮل اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑ ن ﻗﻄﺎع اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ و‬ ‫ﻟﻀﻤﺎن ﺟﻮدة اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ‪ ،‬ز ﺎدة ﻋ ﺿﺮورة وﺿﻊ ﺗﺼﻮر وا‬
‫ا ﻤﺎﻋﺎت اﻟ اﺑﻴﺔ‪ ،‬دون إﻏﻔﺎل ﺗﻘﻮ ﻢ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﺬﻩ ﺳ اﺗﻴﺠﻴﺔ؛ ﺳﻮاء ﻌﻠﻖ ﻣﺮ ﺑﻤﻌﺎﻳ‬
‫أو ﺑﺎﻻﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎت اﻟﺰﻣﻨﻴﺔ ﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻘﻮ ﻢ و اﻟﺘ ﻴﺢ‪(4)...‬‬ ‫اﻟﺘﻘﻮ ﻢ‬

‫إن اﻟﻘﺎﺳﻢ اﳌﺸ ك ﺑ ن ﺻﻼﺣﺎت و ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﺻﻼح و إﺻﻼح ﺻﻼح و إﻋﺎدة ﺻﻼح‪ ،‬ﻮ ﻏﻴﺎب‬
‫ﻧﻈﺮة اﺳ ﺸﺮاﻓﻴﺔ و ﺗﻮﻗﻌﻴﺔ وا ﺔ اﳌﻌﺎﻟﻢ )‪.(5‬‬
 ‫ً‬
‫ﻓﺒﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻟﺘﺠﺎرب اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ و اﻟﻼﺣﻘﺔ‪ ،‬ﻣﺎزال ﻌﻠﻴﻤﻨﺎ ﻌﻴﺪا ﻋﻤﺎ ﻳﺠﺐ‪ ،‬ﻷن اﻟﺮﺗﺐ اﳌ ﻠﺔ اﻟ‬
‫ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠ ﺎ اﳌﻐﺮب ﺳﻨﻮ ﺎ ﺑﻨﺎء ﻋ ﺗﻘﺎر ﺮ ﻋﺪة ﻣ ﺎ ﺗﻘﺮ ﺮ ﻣﻢ اﳌﺘﺤﺪة ﻟﻠﺘﻨﻤﻴﺔ اﻟ ﺸﺮ ﺔ‪ ،‬ﺗﻀﻊ ﺑﻼدﻧﺎ‬
‫ﻣ ﺎن ﺸﻌﺮ ﻣﻌﮫ اﳌﺮء‪ ،‬إن ﺎﻧﺖ ﻓﻴﮫ ﺑﻘﻴﺔﻣﻦ ﺿﻤ وﻃ و إ ﺴﺎ ﻲ ﺑﺎ ﺰي و اﻟﻌﺎر‪(6).‬‬

‫ﺗﺮﺗ ﺐ اﻟﺪول ﺣﺴﺐ اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ‬ ‫و ﻣﻌﻠﻮم أن اﳌﻌﺎﻳ "اﳌﻘﺎﻳ ﺲ" اﻟ ﻌﺘﻤﺪ ﺎ ﺬﻩ اﳌﺆﺳﺴﺎت اﻟﺪوﻟﻴﺔ‬
‫‪ :‬ﻣﺪى اﻧ ﺸﺎر اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ و ﻌﻤﻴﻤﮫ‪ ،‬و ﻣﺴﺘﻮى اﻟ ﺸﻐﻴﻞ و ﺴﺒﺔ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ‪.‬‬
‫إذن‪ ،‬ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﺴﺘﻮﻋﺐ اﻟﺪروس ﻣﻦ ﺬﻩ اﻟﺘﻘﺎر ﺮ‪ ،‬و ﻌﻴﺪ اﻟﻨﻈﺮ ﺳﻴﺎﺳ ﻨﺎ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﻹﻧﺘﺎج أو‬
‫ﺻﻨﻊ إ ﺴﺎن ﺟﺪﻳﺪ ﻳﻔﻜﺮ‪ ،‬ﻳﺘﻄﻠﻊ و ﻳﺒﺪع ﻋ أﺳﺲ ﻗﻮ ﺔ و را ﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻢ و اﳌﻌﺮﻓﺔ‪ ،‬ﻣﻦ أﺟﻞ إدراك‬
‫أ ﻌﺎد اﳌﺴﺘﻘﺒﻞ و ﻣﺘﻄﻠﺒﺎﺗﮫ و اﻟﺜﻘﺔ ﻗﺪراﺗﮫ اﻟﺬاﺗﻴﺔ اﳌﺒﺪﻋﺔ‪(7) .‬‬

‫اﻟﻮﺿﻌﻴﺔ اﻟﺮا ﻨﺔ ﻟﻠﺘﻌﻠﻴﻢ ﺑﺒﻼدﻧﺎ ‪:‬‬ ‫‪-II‬‬

‫ﻟﻢ ﺴﺘﻘﺮ ﻣﺤﺎوﻻت ﺻﻼح اﳌﺘﻜﺮرة ﻟﻠﻨﻈﺎم اﻟﺘﻌﻠﻴ اﳌﻐﺮ ﻲ ﻋﻦ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﳌﻨﺘﻈﺮة؛ و ﺬا‬
‫اﻟﻮﺿﻊ أﺻﺒﺢ ُﻳﺜ ُ ﻣﺨﺎوف ﻞ اﳌﻌﻨﻴ ن ﺑﻤﻴﺪان اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ‪ ،‬ﻷن ﻣﺸﺎر ﻊ ﺻﻼح ﺴﺘ ف ا ﺪ و اﳌﻮارد‬
‫ُ‬
‫اﳌﺎﻟﻴﺔ دون أن ﻳﺘﺤﻘﻖ اﳌﺮاد‪ ،‬و ﻇﻞ ﺬﻩ ﻧﺘ ﺎﺳﺔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺗﺨﻴﺐ ﻣﺎل ﻳﻮﻣﺎ ﻌﺪ آﺧﺮ ﺑﻨﺎء اﳌﺪرﺳﺔ‬
‫اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ‪ ،‬أﺻﺒﺢ ﻣﻦ اﻟﻼزم اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺣﻠﻮل َﻣ ْﻨ ِﻄﻘﻴﺔ ﻟ ﺬا اﳌﺸ ﻞ ﺟﺘﻤﺎ ‪.‬‬

‫ﻟﻘﺪ دﺧﻠﻨﺎ اﻟﻘﺮن اﻟﻮاﺣﺪ و اﻟﻌﺸﺮ ﻦ‪ ،‬و ﻻزاﻟﺖ ﺳﻔﻴﻨﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺑﺒﻼدﻧﺎ ﺗﺘﻼﻃﻤ ﺎ ﻣﻮاج‪ ،‬أﻣﻮاج ﻣﻴﺔ‬
‫ﻓﻖ ﺳﻮى ا ﻄﺎﺑﺎت ﱠ‬ ‫َ‬
‫اﻟﺮﻧﺎﻧﺔ و ﻛ ة‬ ‫و ا ﻞ و أﻣﻮاج ﻐﻴ اﻟ اﻣﺞ و اﳌﻨﺎ ‪ ،‬و ﻻ ء ﻻ َح‬
‫اﳌﺬﻛﺮات‪ ...‬و ﺳﻔﻴﻨﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻐﻮص ﻧﺤﻮ أﻋﻤﺎق ا ﻞ و ﻣﻴﺔ )‪ (8‬و ذﻟﻚ ﺟﺮاء اﻟﻀﻌﻒ اﻟﺸﺪﻳﺪ‬
‫اﻟﺘﻌﻠﻤﺎت ﺳﺎس و ﺸﺎﺷﺔ اﻟﺒ ﻴﺔ اﻟﺘﺤﺘﻴﺔ ﻟﺒﻌﺾ اﳌﺆﺳﺴﺎت اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ‪ ،‬ز ﺎدة ﻋ ﻣﺸ ﻞ ا ﺼﺎص‬
‫اﳌﻮارد اﻟ ﺸﺮ ﺔ و ﺿﻌﻒ اﻟﺘﻤﺪرس ﺑﺎﻟﺘﻌﻠﻴﻢ و ‪ ،‬دون ﺴﻴﺎن ﺧﺘﻼﻻت اﻟﻌﺪﻳﺪة اﻟ ﺸ ﺪ ﺎ‬
‫أﺳﻼك ﺑﺘﺪا ﻲ و اﻟﺜﺎﻧﻮي ﻋﺪادي و اﻟﺜﺎﻧﻮي اﻟﺘﺄ ﻴ ‪ ،‬و رﻏﻢ ﺗﺒ ﻧﻈﺎم ﺟﺪﻳﺪ ﻌﻠﻴﻤﻨﺎ اﻟﻌﺎ ‪ ،‬ﻓ ﺬا‬
‫ﺧ ﻳﺘﺨﺒﻂ ﺑﺪورﻩ ﻋﺪة ﻣﺸﺎ ﻞ و إﻛﺮا ﺎت‪...‬‬
‫ْ‬
‫ﺴﺘﺨﻠﺺ أن اﳌﺪرﺳﺔ اﳌﻐﺮ ﻴﺔ ﻌ ﺶ أزﻣﺔ ِﺑ ﻴﻮ ﺔ و ﻴ ﻠﻴﺔ ﻣﻤﺎ ﻳﺪﻋﻮ ا ﻤﻴﻊ إ ﻧﺨﺮاط اﻟﻔﻌ‬
‫ﻹﻳﺠﺎد ﺣﻠﻮل ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟ ﺬا اﻟﻘﻄﺎع ا ﻴﻮي اﻟﺬي ﺗﺪ ﻮرت أوﺿﺎﻋﮫ ﺸ ﻞ ﻛﺒ إن ﻋ ﻣﺴﺘﻮى‬
‫اﻟﺘﺠ ات اﻟ ﻌﺎ ﻲ ﻣﻦ اﻟ ﺸﺎﺷﺔ‪ ،‬أو ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﳌﻨﺎ اﻟﺪراﺳﻴﺔ اﻟ ﻻ ﺴﺎﻳﺮ اﻟﺘﺪر ﺲ‬
‫ﺑﺎﻟﺒﻴﺪاﻏﻮﺟﻴﺎت ا ﺪﻳﺜﺔ‪ ،‬ﻧﺎ ﻴﻜﻢ ﻋﻦ ﺿﻌﻒ اﻟﺘ ﻮ ﻦ و ارﺗﻔﺎع ﺴﺐ اﻟ ﺪر اﳌﺪر ‪...‬‬

‫ﻓﺎﻟﺘﻌﻠﻴﻢ إذن وﺟﮫ واﺣﺪ و ﻟ ﺲ اﻟﻮﺣﻴﺪ ﻣﻦ أوﺟﮫ زﻣﺔ اﻟ ﻧﺘﺨﺒﻂ ﻓ ﺎ‪ ،‬و ﻟ ﺲ ﻮ اﳌﺴﺆول ﻋﻦ‬
‫إﻏﻼق اﳌﻌﺎ ﺪ و اﳌﺆﺳﺴﺎت اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ و إﻟﻐﺎء ﺷﻌﺐ ﻣﻌﻴﻨﺔ‪ ،‬و ﻻ ﻋﻦ اﻟﺘﻤﻠﺺ اﻟﻀﺮ و ﻻ ﻋﻦ إﻓﺴﺎد‬
‫ﻧﺘﺨﺎﺑﺎت و ﻻ ﻋﻦ ﻣﻈﺎ ﺮ اﻟﻴﺄس و ﺣﺒﺎط اﻟﺴﺎﺋﺪة‪ ،‬و ﻻ ﻋﻦ ﺗﺪ ﻮر ﻗﻴﻤﺔ اﻟﻌﻠﻢ و أ ﻠﮫ و ﺗﺮاﺟﻊ‬
 ‫اﻟﻄﻠﺐ ﺟﺘﻤﺎ ﻋﻠﻴﮫ‪ ،‬و ﻻ ﻋﻦ ﺴﺮ ﺢ اﻟﻌﻤﺎل‪ ...‬و ﻻ ﻋﻦ ﻏ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﻣﻈﺎ ﺮ و ﻣﻼﻣﺢ اﻟﺘﺨﻠﻒ اﻟ‬
‫ﻏﺮﻗﻨﺎ ﻓ ﺎ‪ ...‬ﻓﺎﳌﺪرﺳﺔ ﻟ ﺴﺖ ﻗﺎدرة ﺑﻮﺣﺪ ﺎ ﻋ إﺻﻼح وﺿﺎع ﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﳌ دﻳﺔ أو رﺗﻘﺎء‬
‫ﺑﺎﳌﺠﺘﻤﻊ‪ (9) .‬ﻓﻜﻤﺎ ﻗﺎل اﳌﻔﻜﺮ اﳌﻐﺮ ﻲ ﻋﺎﺑﺪ ا ﺎﺑﺮي‪ :‬إن ﺷﻌﺎر إدﻣﺎج اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻣﺤﻴﻄﮫ ﻳﻨﻄﻮي ﻋ‬
‫ﻗﺪر ﻛﺒ ﻣﻦ اﻟﺘﻀﻠﻴﻞ‪ ،‬ﻷﻧﮫ ﺴﻜﺖ ﻋﻤﺎ ﻮ أﺳﺎ و ﻮ "اﳌﺤﻴﻂ"‪ ،‬ذاﺗﮫ ‪ :‬ﻞ ﻮ ﻗﺎدر ﻋ أن ﻳﻨﺪﻣﺞ‬
‫اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻓﻴﮫ ﻛﻤﺎ ﻮ ا ﺎل اﻟﺪول اﳌﺘﻘﺪﻣﺔ ﺎﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة ﻣﺮ ﻜﻴﺔ و ﻛﻨﺪا و ﻏ ﻤﺎ ؟ )‪(10‬‬

‫و ﻳﺒﻘﻰ أﺑﺮز ﻣﺸ ﻞ ﻣﻦ ﻣﺸﺎ ﻞ ﻣﻨﻈﻮﻣﺘﻨﺎ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﻮ إ ﻤﺎل اﳌﺪرﺳﺔ اﻟﻌﻤﻮﻣﻴﺔ إ درﺟﺔ أن ﺳﺮ‬
‫اﳌﻐﺮ ﻴﺔ ﻓﻘﺪت ﺛﻘ ﺎ ﻓ ﺎ و أﺻﺒﺤﺖ ﺗﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﺒﺪﻳﻞ ﻣ ﻤﺎ ﻠﻔ ﺎ ﻣﺮ‪ ،‬إ ﻏﻴﺎب ﺧﺮ ﻄﺔ ﻣﺪرﺳﻴﺔ‬
‫ﻣﺪﻗﻘﺔ ﺴ ﺐ إﻧﺠﺎح اﻟﺘﻼﻣﻴﺬ ﺑﻤﻌﺪﻻت ﺰ ﻠﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﻌﺎ ﺔ آﻓﺔ أﺧﺮى ‪" :‬اﻟ ﺪر اﳌﺪر " اﻟ‬
‫ﻗﺴﺎم )ﻇﺎ ﺮة ﻛﺘﻈﺎظ( و إر ﺎق اﳌﺪرﺳ ن‪،‬‬ ‫ﺗﺮﺗ ﺖ ﻋ ﺎ ﻋﻮاﻗﺐ وﺧﻴﻤﺔ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﺗﻜﺪ ﺲ اﻟﺘﻼﻣﻴﺬ‬
‫ﻣﻤﺎ ﻳﺤﻮل دون ﺗﺤﻘﻴﻖ اﳌﺮدودﻳﺔ ‪" /‬ا ﻮدة" اﳌﺘﻮﺧﺎة‪.‬‬

‫اﻟﻮﺿﻌﻴﺔ اﳌﺘﻮﺧﺎة "اﳌﺄﻣﻮﻟﺔ" ﻣﻦ إﺻﻼح ﻧﻈﺎﻣﻨﺎ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ ‪:‬‬ ‫‪-III‬‬

‫ﻼﻟﺔ اﳌﻠﻚ و رادة اﻟﻘﻮ ﺔ ﻟ ﻮﻣﺔ‪ ،‬ﻣﻦ‬ ‫ﺣﻈﻴﺖ ﻗﻀﻴﺔ اﻟ ﺑﻴﺔ و اﻟﺘ ﻮ ﻦ ﺑﺒﻼدﻧﺎ ﺑﺎﻹﺷﺮاف اﻟﻔﻌ‬
‫ﺧﻼل ﺗﻔﻌﻴﻞ ﺑﻨﻮد اﳌﻴﺜﺎق اﻟﻮﻃ ﻟﻠ ﺑﻴﺔ و اﻟﺘ ﻮ ﻦ‪ ،‬و ﺗﻄﺒﻴﻖ دﻋﺎﻣﺎت اﻟ ﻧﺎﻣﺞ ﺳﺘ ﺎ اﻟﺬي ﺟﺎء‬
‫ﻛﺠﻮاب ﻋ اﻟﻮﺿﻌﻴﺔ اﳌﺘﺄزﻣﺔ اﻟ ﻌ ﺸ ﺎ ﻣﻨﻈﻮﻣﺘﻨﺎ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ‪ ،‬و ﻛﺮد ﻋ ﺗﻘﺮ ﺮ اﻟﺒﻨﻚ اﻟﺪو ‪ ،‬و ذﻟﻚ‬
‫ﻴﺼﺎ دﻗﻴﻘﺎ ﳌﻌﺮﻓﺔ ﺟﻮاﻧﺐ اﻟﺪاء ﻟﻠﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﺪواء و ذﻟﻚ ﻋﻦ‬ ‫ﺑ ﻴﺺ أوﺿﺎع ﺬﻩ اﳌﻨﻈﻮﻣﺔ‬
‫ﻃﺮ ﻖ ‪:‬‬

‫‪ ‬ﺗﻔﻌﻴﻞ آﻟﻴﺎت اﻟﺪﻋﻢ ﺟﺘﻤﺎ ‪ :‬ﺗﻮﺳﻴﻊ ﻣﺒﺎدرة اﳌﻠﻴﻮن ﻣﺤﻔﻈﺔ‪ ،‬و ﺗﻮﺳﻴﻊ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ "ﺗ ﺴ " ﻟﻠﺘﺤﻔ ﻋ‬
‫اﻟﺘﻤﺪرس‪ ،‬و ﺗﻔﻌﻴﻞ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ اﻟﻨﻘﻞ اﳌﺪر ‪ ،‬إﺿﺎﻓﺔ إ ﺗﻮﺳﻴﻊ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ اﳌﻄﺎﻋﻢ اﳌﺪرﺳﻴﺔ و اﻟﺮﻓﻊ ﻣﻦ‬
‫ﻗﻴﻤﺔ ﻣﻨﺤﺔ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ‪...‬‬

‫‪ ‬ﺗﺄ ﻴﻞ اﻟﻔﻀﺎءات اﳌﺪرﺳﻴﺔ و ﻣﺮاﻓﻘ ﺎ ﻣﻊ ﻋﻘﺪ ﺷﺮا ﺎت ﻣﻊ ﻣﺆﺳﺴﺎت أﺧﺮى و ﻣﻊ ﻌﺾ ﺟﻤﻌﻴﺎت‬

‫اﳌﺠﺘﻤﻊ اﳌﺪ ﻲ‪.‬‬

‫‪ ‬ﺗﻔﻌﻴﻞ اﳌﻘﺎر ﺔ ﺑﺎﻟﻜﻔﺎﻳﺎت و دﻣﺎج ﻟﻺرﺗﻘﺎء ﺑﺠﻮدة اﻟﺘﻌﻠﻤﺎت ﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟ ﻮ ﺎ ﺟﻮ ﺮ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ‬
‫– اﻟﺘﻌﻠﻤﻴﺔ اﳌﺮاﺣﻞ ﻟﺰاﻣﻴﺔ‪.‬‬
 ‫َ‬
‫ﻣﺴﺘﻮى واﺣﺪ" ﻣﻊ اﻟﺒﻴﺪاﻏﻮﺟﻴﺎت‬ ‫‪ ‬اﻟﺘﻔﻜ ا ﺪي ُﻣﻼءﻣﺔ اﻟﻜﺘﺐ اﳌﺪرﺳﻴﺔ ا ﺎﻟﻴﺔ‪" ،‬رﻏﻢ ﻌﺪدﻳ ﺎ‬
‫ا ﺪﻳﺜﺔ أﻓﻖ ﻐﻴ اﻟ اﻣﺞ و اﳌﻨﺎ ‪.‬‬

‫‪ ‬إ ﺸﺎء اﳌﺪارس اﳌﻨﺪﻣﺠﺔ و ا ﻤﺎﻋﺎﺗﻴﺔ ‪ /‬ا ﻤﺎﻋﻴﺔ ﳌﺤﺎر ﺔ اﻟ ﺪر اﳌﺪر ‪.‬‬

‫‪ ‬ﺗﺄ ﻴﻞ و ﺗﺮﺷﻴﺪ اﳌﻮارد اﻟ ﺸﺮ ﺔ ﻣﻊ ﺗ ﻮ ﺎ و إﻋﺎدة ﺗ ﻮ ﺎ‪ ،‬و ﺳﺮاع ﳌﺮاﺟﻌﺔ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﻣﺸﺎ ﻠ ﺎ و‬

‫ﻣﻠﻔﺎ ﺎ اﻟﻌﺎﻟﻘﺔ‪.‬‬

‫‪ ‬ﺗﺪﺑ ﻳﻘﺎﻋﺎت اﳌﺪرﺳﻴﺔ ﻋﻦ ﻃﺮ ﻖ ﺗﻨﻈﻴﻢ و ﺗﺪﺑ ا ﺼﺺ اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ و ﺳﺒﻮﻋﻴﺔ و اﻟﺸ ﺮ ﺔ و اﻟﺴﻨﻮ ﺔ‬

‫ﻷ ﺸﻄﺔ اﻟﺘﻠﻤﻴﺬ اﻟﻔﻜﺮ ﺔ و اﳌ ﺎر ﺔ و اﻟﻌﻼﺋﻘﻴﺔ‪ ،‬و ذﻟﻚ ﺑﻤﺮاﻋﺎة ﻇﺮوﻓﮫ اﻟ ﻴﺔ و اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ‪.‬‬

‫‪ ‬اﺳﺘﻜﻤﺎل ﻌﻤﻴﻢ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ‪ ،‬و ا ﺪ ﻣﻦ اﺳﺘﻔﺤﺎل اﻟﻔﻮارق اﳌﺠﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ وﻃﻨﻴﺎ و ﺟ ﻮ ﺎ‪.‬‬

‫ﻣﺜﻞ ﻟﻠﺸﺄن اﻟﺘﻌﻠﻴ ‪...‬‬ ‫و اﻟﺘﺪﺑ‬ ‫‪ ‬اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﳌﺤﻜﻢ ﻟﻠﻤﺠﺎل اﳌﺪر‬

‫و ﺮى اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﳌ ﺘﻤ ن ﺑﺄوﺿﺎع اﻟ ﺑﻴﺔ و اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺑﺒﻼدﻧﺎ أن إﺻﻼح ﺬا اﻟﻘﻄﺎع ر ن ﺑﻮﺿﻌﮫ‬

‫ﻃﺎر اﻟﺸﺎﻣﻞ ﻟﻺﺻﻼح اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻲ و ﺑﺈﺷﺮاك اﳌﻮاﻃﻨ ن ﺸ ﻞ ﻣﻨﻈﻢ و دﻳﻤﻘﺮاﻃﻲ ﺣﺮ اﺗﺨﺎذ‬
‫ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻘﺮارات اﻟ ﺗﺆﺛﺮ ﻋ ﻣﺴﺘﻘﺒﻠ ﻢ‪ ،‬ﻣﻊ ﺗﺮﻛ ﺳ ﺜﻤﺎر اﻟﺮأﺳﻤﺎل اﻟ ﺸﺮي )ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺗﻨﻤﻴﺔ‬
‫ﺷﺎﻣﻠﺔ(‪ ،‬و ﻋﺪم ﺗﺤﻤﻴﻞ ﻣﺴﺆوﻟﻴﺔ اﻟﻔﺸﻞ و ﺧﻔﺎق اﻟﺬي ﺷ ﺪﻩ ا ﻘﻞ اﻟﺘﻌﻠﻴ ﻟﺮﺟﺎل و ﺴﺎء‬
‫اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ و ﻛﺄ ﻢ وﺣﺪ ﻢ ﻣﻦ ﺧﻄﻂ و ﻓﻜﺮ و ﺑﺮﻣﺞ و وﺟﮫ و أدار‪ ...‬إ أن وﺻﻞ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ إ ﻣﺎ وﺻﻞ إﻟﻴﮫ‬
‫اﻟﻴﻮم‪(11) .‬‬

‫ﺬﻩ اﻟﺮؤ ﺔ ﺗﺤﺴ ن اﻟﻌﺮض‬ ‫‪ ‬اﻟﺮؤ ﺔ ﺳ اﺗﻴﺠﻴﺔ ﻹﺻﻼح اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺑﺒﻼدﻧﺎ )‪2030 – 2015‬م(‪ :‬ﺗﺘﻮ‬
‫اﳌﺪر ‪ /‬اﳌ ﺎج اﻟﺪرا ﻟﻠﺴﻨﻮات ر ﻊ‪ ،‬و اﻟﺮﻓﻊ اﻟﺘﺪر ﻣﻦ َﻋ َﺘﺒﺎت ﻧﺘﻘﺎل ﻗﺼﺪ اﻟﺮﻓﻊ ﻣﻦ‬
‫اﻟﺘﻌﻠﻤﺎت ﺳﺎس ﻟﺪى اﳌﺘﻌﻠﻢ )ة( و ﺗﺄ ﻴﻞ اﳌﺆﺳﺴﺎت اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ و ﺧﻠﻖ ﻣﺪارس ﺷﺮ ﻜﺔ و ﺘﻤﺎم‬
‫َ‬
‫و اﳌﻮاﻛﺒﺔ اﻟ ﺑﻮ ﺔ‬ ‫ﺑﺎﻟﺘﺄﻃ اﻟ ﺑﻮي‪ ...‬و ﻌﻤﻴﻢ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ و ﺗ ْﺠ ِﻮ ِﺪﻩ ﻣﻦ ﺧﻼل إﻋﻤﺎل آﻟﻴﺎت اﳌﺮاﻗﺒﺔ‬
‫و ﺗﻘﻴﻴﻢ ﻌﻠﻤﺎت اﻟﺘﻼﻣﻴﺬ ﺑﻜﻴﻔﻴﺔ دور ﺔ و إرﺳﺎء دﻋﺎﺋﻢ ا ﺎﻣﺔ اﻟ ﺑﻮ ﺔ‪...‬‬
 ‫‪ VI‬إﻗ اﺣﺎت ‪:‬‬

‫اﳌﺪرﺳﺔ اﳌﻐﺮ ﻴﺔ ﻳﻠﺰﻣ ﺎ إﺻﻼح اﻟﻌﻤﻖ ﺳﻮاء ﻋ ﻣﺴﺘﻮى ا ﺔ أو ﻋ ﻣﺴﺘﻮ ﺎت أﺧﺮى ‪ :‬أﺧﻼﻗﻴﺔ و‬
‫ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ و ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ‪ ...‬ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﺗﺒﻘﻰ ﻣﻠﻔﺎت ﻋﺎﻟﻘﺔ و أﻓﻮاج ﻣ ﻮﻧﺔ و ﻻ ﺗﺮ ‪ ،‬و ﻣﺪرﺳﻮن ﻳﺤﻤﻠﻮن دﺑﻠﻮﻣﺎت‬
‫ﻗﻞ‪ ...‬ﺗﺼﺒﺢ اﳌﺪرﺳﺔ ﺷﻤﻮﻟﻴ ﺎ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﻣﻼ ﻟﺘﺨﺰ ﻦ‬ ‫و ﻻ ﻌﻄﻰ ﻟ ﻢ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﺮﻣﺰ ﺔ ﻋ‬
‫اﻟﺘﻼﻣﻴﺬ إ ﺣ ن ﺗﺼﺪﻳﺮ ﻢ إ اﻟﺸﺎرع أو إ أﻣﺎم اﻟ ﳌﺎن!! )‪(12‬‬

‫إن ﺻﻼح ا ﻘﻴﻘﻲ ﻳﻘﺘ ﻣﺮاﻋﺎة ﺧﺼﻮﺻﻴﺔ اﳌﺪرﺳﺔ اﳌﻐﺮ ﻴﺔ‪ ،‬و ﻣﺮاﻋﺎة ا ﺼﻮﺻﻴﺔ اﳌﺤﻠﻴﺔ‬
‫ﻟ ﻞ ﺟ ﺔ و ﻣﻨﻄﻘﺔ‪ ...‬إﺻﻼح اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻳﺤﺘﺎج إ أﻛ ﻣﻦ اﳌﺬﻛﺮات و اﻟ اﻣﺞ ﺳﺘ ﺎﻟﻴﺔ و ﺑﺮاﻣﺞ اﻟﺪﻋﻢ‪،‬‬
‫إﻧﮫ ﻳﺤﺘﺎج إ إرادة ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻗﻮ ﺔ و ﺟ ﻮد ﻞ ﻣ ﻮﻧﺎت اﳌﺠﺘﻤﻊ‪.‬‬

‫ﻓﻤ ﻤﺎ ﺑﺬﻟﺖ اﻟﺪوﻟﺔ ﻣﻦ ﻣﺠ ﻮدات ﻣﺎدﻳﺔ و ﺗﻨﻈﻴﻤﻴﺔ ﻟﻠﺮ ﺑﻤﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟ ﺑﻴﺔ و اﻟﺘ ﻮ ﻦ‪ ،‬و ﺣﻞ اﳌﺸﺎ ﻞ‬
‫اﻟ ﺑﻮ ﺔ و ﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻠﺘﻼﻣﻴﺬ‪ ،‬ﻓﺈ ﺎ ﻟﻦ ﺗﺤﻘﻖ أ ﺪاﻓ ﺎ و ﻧﺠﺎﻋﺔ ﻣﺨﻄﻄﺎ ﺎ و ﻣﺸﺎر ﻌ ﺎ دون ﺗﺤﺴ ن‬
‫و ﺗﺤﺪﻳﺚ اﻟﻮﺿﻌﻴﺔ اﳌﻌﻨﻮ ﺔ و اﳌ ﻨﻴﺔ و اﳌﺎدﻳﺔ و ﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟ ﺎﻓﺔ رﺟﺎل و ﺴﺎء اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺑﺈﺷﺮاﻛ ﻢ‬
‫ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﻘﺮار اﻟ ﺑﻮي و اﺳ ﺸﺎر ﻢ ﻞ ﺻﻼﺣﺎت و ﺟﺮاءات اﻟ ﺑﻮ ﺔ اﻟ ﻢ اﳌﺪرﺳﺔ اﳌﻐﺮ ﻴﺔ‪،‬‬
‫و ذﻟﻚ ﻞ و ﺗﺒﺪﻳﺪ ﺣﺘﻘﺎن اﻟﻨﻔ ﻟﺪى اﻟﺸﻐﻴﻠﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﻋﻼﻗ ﺎ ﺑﺎﻹدارة و اﻟﺪوﻟﺔ و اﺳ ﺟﺎع‬
‫ﻣﻨﺎخ اﻟﺜﻘﺔ و اﻟﺘﻌﺒﺌﺔ و إﻻ ﺳﻴﻈﻞ أي إﺻﻼح أو إﺟﺮاء ﻌﻠﻴ ﻓﺎﻗﺪا ﻠﻘﺘﮫ ﺳﺎس = اﳌﺪرس)ة(‪(13) .‬‬

‫ﻛﻤﺎ ﻳﺠﺐ أﺛﻨﺎء ﺗﺨﻄﻴﻂ ﺑﺤﻮﺛﻨﺎ اﳌﻴﺪاﻧﻴﺔ ا ﺎﺻﺔ ﺑﺈﺻﻼح اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﺧﺘﻴﺎر اﳌﻨ ﻴﺎت ﻛ ﺗﻼؤﻣﺎ ﻣﻊ‬
‫أوﺿﺎﻋﻨﺎ و أ ﺪاﻓﻨﺎ و ﻗﺪراﺗﻨﺎ‪ ،‬ﻓ ﺬﻩ اﻟﻄﺮ ﻘﺔ اﳌﺜ ﻟ ﺮوج ﺬﻩ اﻟﺒﺤﻮث ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻮى اﳌﻌﺮﻓﺔ إ‬
‫أﺧﺬ اﻟﻘﺮار‪(14) .‬‬ ‫ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺘﻄﺒﻴﻖ و ﺳ ﻨﺎرة‬
‫ُ‬
‫‪ V‬ﻌﺾ اﻟﺘﺠﺎرب اﻟﺪوﻟﻴﺔ اﻟ أﺗﺖ أ ﻠ ﺎ إﺻﻼح ﻌﻠﻴﻤ ﺎ ‪:‬‬

‫ﺣﻘﻘﺖ ﻌﺾ اﻟﺒﻠﺪان ﻃﻔﺮات اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ رﻏﻢ ﺗﻮﻓﺮ ﺎ ﻋ ﻣﻮارد ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﻟ ﻮ ﺎ اﺳ ﺜﻤﺮت ﻣﺎ ﻮ‬

‫أ ﻢ إﻧﮫ ‪ :‬اﻟﻌﻨﺼﺮ اﻟ ﺸﺮي اﻟﺬي ﻳﺨ ن داﺧﻠﮫ ﻃﺎﻗﺔ )ﻣﺘﺠﺪدة( ﺟﺒﺎرة‪ ،‬و اﻟ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ اﺳﺘﻐﻼﻟ ﺎ‬
‫ﺗﺠﺎﻩ ﻳﺠﺎ ﻲ‪ ،‬إﻻ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟ ﺑﻴﺔ و اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ إذ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻓﺼﻞ اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﻋﻦ اﻟ ﺑﻴﺔ‪ ...‬ﻓﺎﳌﺪرﺳﺔ‬
‫اﻟ ﺗﻮﻓﺮ ا ﺪﻣﺎت اﻟ ﺸﺮ ﺔ و ﻃﺮ اﳌﺆ ﻠﺔ ﻟﻘﻴﺎدة اﻟﺒﻼد و إﺣﺪاث اﻟﺘﻐﻴ و اﻟﺮﻓﺎ ﻴﺔ ﺑﻀﻤﺎن "ا ﺮ ﺎت‬
‫اﳌﻮﺿﻮﻋﻴﺔ" ﻟﻠﻔﺮد أو "ا ﺮ ﺎت داﺗﻴﺔ" ﻛﻤﺎ ﺴﻤ ﺎ اﻟﺒﺎﺣﺚ اﻟﺒﻨﻐﺎ ا ﺎﺋﺰ ﻋ ﺟﺎﺋﺰة ﻧﻮ ﻞ‬
‫"أﻣﺎرﺗﻴﺎﺻﻦ" ﻛﺘﺎﺑﮫ‪" ،‬اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺣﺮ ﺔ"‪ ،‬ﺑ ﻨﻤﺎ اﻟﻨﻤﻮ ﻗﺘﺼﺎدي ﻳﻮﻓﺮ ﻣ ﺎﻧﻴﺎت اﳌﺎدﻳﺔ اﻟﻀﺮور ﺔ‬
‫ﻟﺘﻌﻤﻴﻢ ﻌﻠﻴﻢ ﺟﻴﺪ‪(15) .‬‬
‫و اﻟﺘﺠﺮ ﺔ اﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻴﺔ ﻣﺠﺎل اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺧ دﻟﻴﻞ ﻋ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ذﻛﺮﻩ‪ ،‬ﻟ ﻮ ﺎ ﺗﺠﺮ ﺔ راﺋﺪة ﻋ اﳌﺴﺘﻮى‬
‫اﻟﻌﺎﻟ ‪ ،‬إذ ﻌﻮد اﻟﻔﻀﻞ ﺗﻘﺪم اﻟﻴﺎﺑﺎن إ ﻋ ﺪ ﻣ اﻃﻮر "ﻣﻴ ﺴﻮ ﻴﺘﻮ" )ﺳﻨﺔ ‪1868‬م ‪ :‬ﻋ ﺪ ﻣﻴ‬
‫أي اﳌﺘﻨﻮر( ﺣﻴﺚ رﻓﻊ ﺷﻌﺎرا ﻳﻘﻮل ‪) :‬ا ﻘﻮا ﺑﺎﻟﻐﺮب و ﺗﺠﺎوزوﻩ( و ﻓﻌﻼ ﺗﻢ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺬا اﳌﺒﺘ ‪(16) .‬‬

‫أﻣﺎ اﻟﺘﺠﺮ ﺔ اﳌﺎﻟ ﻳﺔ ﻣﻴﺪان إﺻﻼح اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻓﺎرﺗﻜﺰت ﻋ اﺳ اﺗﻴﺠﻴﺔ إﺻﻼﺣﻴﺔ ﺗﻤﺘﺪ ﻋ ﻣﺪى‬
‫ﻋﺸﺮ ﻦ ﻋﺎﻣﺎ‪ ،‬و ﺗ ﺒ ﺑﺎﻷﺳﺎس ﻋ ﺗﺄ ﻴﻞ اﻟﻌﻨﺼﺮ اﻟ ﺸﺮي و ﻴﻊ اﻟﺒﺤﺚ اﻟﻌﻠ ‪...‬‬

‫و ﻮر ﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ﻌﺪ اﳌﻌﻠﻢ ﺑﻄﻞ اﻟﻌﻤﻞ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ارﺗﻔﻌﺖ ﺴﺒﺔ اﻟ ﻮر ن اﻟﺸﻤﺎﻟﻴ ن اﻟﻘﺎدر ﻦ ﻋ‬

‫إ ‪ 90%‬أواﺋﻞ‬ ‫اﻟﻘﺮاءة و اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻣﻦ أﻗﻞ ﻣﻦ ‪ 50%‬ﻣﻨﺘﺼﻒ ر ﻌﻴ ﻴﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﳌﺎ‬
‫اﻟ ﺴﻌﻴ ﻴﺎت ﻣﻨﮫ‪ .‬و ذﻟﻚ ﺑﺘﻄﺒﻴﻖ اﺳ اﺗﻴﺠﻴﺔ ﺗﺤﺴ ن ﻧﻮﻋﻴﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ و ﺗﻘﻮ ﺔ أﺳﺴﮫ اﳌﺎدﻳﺔ و اﻟﻔﻨﻴﺔ‪.‬‬
‫)‪(17‬‬

‫و ﺑﺎﻟ ﺴﺒﺔ ﻟﻔﻨﻠﻨﺪا ﻓﻘﺪ أﺻﺒﺤﺖ ﺑﻠﺪا ذا اﻗﺘﺼﺎد ﻣﻌﺮ ﻣﺘﻘﺪم ﻇﺮف ﺛﻼﺛﺔ ﻋﻘﻮد‪ ،‬ﺑﺤﻴﺚ ﺎن أ ﻢ‬
‫أس ﻣﻦ أﺳﺲ ﻀﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺎ ﻮ أن ﺗﺘﺎح اﻟﻔﺮص ﻟ ﻤﻴﻊ ﻞ ﻣﺴﺘﻮ ﺎت اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ و ﻞ ﻣﻨﺎﻃﻖ‬
‫اﻟﺒﻼد ﻣﻊ رﻓﻊ ﺷﻌﺎر "ﻟﻦ ﻧ ﺲ ﻃﻔﻼ !"‪ ،‬و ﺎﻧﺖ ﻧ ﻴﺠﺔ ذﻟﻚ أن أﻧ ‪ 99%‬ﻣﻦ اﻟﻔﻨﻠﻨﺪﻳ ن اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ و و‬
‫ﻟﺰاﻣﻲ‪ ،‬و أﻧ ‪ 95%‬ﻣ ﻢ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻮي‪ ،‬و أﺻﺒﺢ ‪ 90%‬ﻣ ﻢ ﻳﺘﻮﺟﮫ إ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻣﺎ ﻌﺪ اﻟﺜﺎﻧﻮي‪:‬‬
‫ﺬا‬ ‫)اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ا ﺎﻣ و اﳌﻌﺎ ﺪ اﳌ ﻨﻴﺔ اﳌﺘﺨﺼﺼﺔ(‪ ،‬ﺗﻘﻮل وز ﺮة اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺑﻔﻨﻠﻨﺪا "ﺗﻮﻻ ﺎﺗﺎﻧ ن"‬
‫اﻟﺸﺄن ‪ :‬ﻣﺎ اﻟﺬي ﻣﻜﻦ ﻓﻨﻠﻨﺪا ﻛﺪوﻟﺔ ﺻﻐ ة ﻣﻦ ﺗﺤﻘﻴﻖ أﺟﻮر ﻋﺎﻟﻴﺔ و اﻗﺘﺼﺎد ﻌﺘﻤﺪ ﻋ اﻟﻜﻔﺎءة‬
‫اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ؟ ‪ :‬إﻧﮫ ﺳ ﺜﻤﺎر اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ و اﻟﺘﺪر ﺐ‪(18) ...‬‬
‫َ‬
‫ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ‬ ‫أﻣﺎ اﻟﻨﻤﻮذج اﻟﻔﺮ اﳌﺤﺘﺬى ﺑﮫ ﻋﻨﺪﻧﺎ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮫ ﻳﻮﻓﺮ ﻟﻠﻤﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟ ﺑﻮ ﺔ ﻣﺨﺘﺼ ن‬
‫اﳌﺪر ﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻦ ﻛﻔﺎءا ﻢ دار ﻮن و ﺳﺎﺗﺬة و اﻟﺘﻼﻣﻴﺬ ﻋ ﺣﺪ ﺳﻮاء‪(19) .‬‬

‫ﻴﻊ‬ ‫ﻣﺠﺎل‬ ‫و ﺗﺒﻘﻰ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة ﻣﺮ ﻜﻴﺔ و ﻛﻨﺪا ﻣﻦ أﻛ اﻟﺪول إﻧﻔﺎﻗﺎ ﻋ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺧﺎﺻﺔ‬
‫اﻟﺒﺤﺚ اﻟﻌﻠ و ﻴﻊ ﺮة دﻣﻐﺔ‪.‬‬

‫ﺧﻼﺻﺔ‪:‬‬

‫ﻳﻘﺘ إﺻﻼح اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺑﺒﻼدﻧﺎ إﺻﻼح وﺿﺎع ﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ و ﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﳌﺠﺘﻤﻌﻨﺎ ﻟﻺرﺗﻘﺎء ﺑﮫ ﻋ‬
‫ﺟﻤﻴﻊ ﺻﻌﺪة‪ ،‬ﻷن اﳌﺠﺘﻤﻊ اﳌﻐﺮ ﻲ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻲ ا ﺪا ﻲ اﻟﺬي ﻧ ﺸﺪﻩ ﺟﻤﻴﻌﺎ ﻟﻦ ﻳﺘﺤﻘﻖ إﻻ ﺑﺈرﺳﺎء‬
‫ﻣﻮاﻃﻨﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻣﺒ ﻴﺔ ﻋ اﺣ ام ﺛﻮاﺑﺖ و ﻣﻘﺪﺳﺎت اﻟﺒﻼد‪ ،‬و ﻣﺮﺗﻜﺰة ﻋ ا ﻮ ﺔ اﳌﻮﺳﻌﺔ و ﻣﺆﺳﺴﺔ‬
‫ﻋ ﻗﺎﻋﺪة ﺗﺨﻠﻴﻖ ا ﻴﺎة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻣﻊ ﻋﺪم اﻟﻨﻈﺮ إ ﻗﻄﺎع اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻛﻘﻄﺎع اﺟﺘﻤﺎ ﻏ ﻣﻨﺘﺞ ‪.‬‬
‫ا ﻤﺎس و ﺗﺠﺪﻳﺪ آﻟﻴﺎت اﻟﺘﻔﻜ و‬ ‫و ﺬا ﺻﻼح اﻟﺸﺎﻣﻞ اﳌﺄﻣﻮل ﻟﻦ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﻮ ﺧﺮ إﻻ ﺑ‬
‫ﺑﺎﻹرادة و اﻟﻌﺰ ﻤﺔ اﻟﻘﻮ ﺘ ن اﻟﻠﺘ ن ﺗﻮاز ﺎن ﻋﻈﻤﺔ ﺗﺎر ﺦ وﻃﻨﻨﺎ و ﺷﻤﻮخ رﺟﺎﻟﮫ و ﺴﺎﺋﮫ و ﻏ ﻣ ﻮﻧﺎﺗﮫ‬
‫اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ و ﺛ ﻴﺔ‪.‬‬
 ‫اﻟﻌﻨﻒ اﻟﻤﺪرﺳﻲ‪ ..‬اﻷﺳﺒﺎب واﻟﺤﻠﻮل اﻟﻤﻤﻜﻨﺔ‬
‫ﻻ ﯾﻤﺎري أﺣﺪ ﻓﻲ ﺧﻄﻮرة ھﺬه اﻟﻈﺎھﺮة اﻟﻤﻘﯿﺘﺔ اﻟﺘﻲ ﻣﺎ ﻓﺘﺌﺖ ﺗﺘﻔﺎﻗﻢ ﻓﻲ اﻟﺴﻨﻮات اﻷﺧﯿﺮة‪ ،‬وﺗﺠﺘﺎح ﻣﺆﺳﺴﺎﺗﻨﺎ‬
‫اﻟﺘﻌﻠﯿﻤﯿﺔ‪ ،‬ﺣﺘﻰ أﺻﺒﺤﻨﺎ ﻧﺴﻤﻊ ﺑﯿﻦ اﻟﻔﯿﻨﺔ واﻷﺧﺮى ﻋﻦ ﺣﻮادث اﻟﻌﻨﻒ داﺧﻞ اﻟﺤﺮم اﻟﻤﺪرﺳﻲ ﺳﻮاء اﻟﺘﻲ‬
‫ﺗﺴﺘﮭﺪف رﺟﺎﻻﺗﮫ أو طﻼﺑﮫ‪.‬‬

‫إﻧﮫ ﻟﻤﻦ اﻟﻤﺆﺳﻒ‪ ،‬أن ﺗﻨﺤﺮف اﻟﻤﺪرﺳﺔ ﻋﻦ وظﯿﻔﺘﮭﺎ اﻷﺳﺎﺳﯿﺔ اﻟﻤﺘﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻹﻧﺴﺎن وﺗﮭﺬﯾﺐ ﺳﻠﻮﻛﮫ‪،‬‬
‫وﺗﻠﻘﯿﻨﮫ ﻛﻞ اﻟﻜﻔﺎﯾﺎت واﻟﻤﻌﺎرف اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻌﻠﮫ ﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻌﺎﯾﺶ ﻣﻊ ﺑﻨﻲ ﺟﻨﺴﮫ ﻣﻦ اﻟﺒﺸﺮ ﻓﻲ أﻣﻦ وﺳﻼم‪،‬‬
‫ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرھﺎ ﻣﺸﺘﻞ ﻟﻠﻘﯿﻢ واﻷﺧﻼق‪ .‬ﻟﺘﺼﺒﺢ ﻓﻀﺎء ﯾﻤﺎرس ﻓﯿﮫ اﻟﻌﻨﻒ ﺑﺸﺘﻰ أﻧﻮاﻋﮫ‪.‬‬

‫إن اﻟﻤﺪرﺳﺔ ﻟﯿﺴﺖ ﺟﺰءا ﻣﻨﻔﺼﻼ ﻋﻦ ﻛﯿﺎن اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ‪ ،‬ﺑﻞ ﻋﻨﺼﺮا ﺟﻮھﺮﯾﺎ ﯾﺆﺛﺮ ﻓﯿﮫ وﯾﺘﺄﺛﺮ ﺑﮫ‪ ،‬وﻋﻠﯿﮫ ﻓﺈن رﻗﻲ‬
‫اﻟﻤﺪرﺳﺔ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ رﻗﻲ وﺗﻘﺪم اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ‪ ،‬واﻧﺤﻄﺎط اﻟﻤﺪرﺳﺔ وإﻓﻼﺳﮭﺎ ﯾﻌﻨﻲ ﺑﻜﻞ ﺑﺴﺎطﺔ ﺗﺨﻠﻒ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ‪.‬‬

‫وھﻜﺬا‪ ،‬ﻓﺈن ﻣﺪارﺳﻨﺎ ﺑﻜﻞ أﺻﻨﺎﻓﮭﺎ ودرﺟﺎﺗﮭﺎ وﻣﺎ ﺗﻌﯿﺸﮫ اﻟﯿﻮم ﻣﻦ إﺷﻜﺎﻻت ﻻ ﺣﺼﺮ ﻟﮭﺎ‪ ،‬ﺗﻌﺪ ﻣﺮآة ﻟﻤﺎ ﯾﺘﺨﺒﻂ‬
‫ﻓﯿﮫ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻣﻦ أزﻣﺎت ﻣﺘﻌﺪدة‪.‬‬

‫ﻟﺬا‪ ،‬ﻓﺈن ظﺎھﺮة اﻟﻌﻨﻒ اﻟﻤﺪرﺳﻲ ﻟﯿﺴﺖ ظﺎھﺮة ﻣﻌﺰوﻟﺔ‪ ،‬ﺑﻞ ھﻲ ﻧﺘﺎج واﻣﺘﺪاد ﻟﻤﺎ ﯾﺸﮭﺪه ﻣﺠﺘﻤﻌﻨﺎ ﻣﻦ اﻋﻮﺟﺎج‬
‫ﺷﺘﻰ‪.‬‬ ‫ﻣﯿﺎدﯾﻦ‬ ‫ﻓﻲ‬
‫وﯾﻤﻜﻦ ﺗﻌﺮﯾﻒ اﻟﻌﻨﻒ اﻟﻤﺪرﺳﻲ ﺑﻜﻮﻧﮫ‪ ،‬إظﮭﺎر ﻟﻠﻌﺪاوة واﻟﻨﯿﺔ ﺑﺎﻹﯾﺬاء داﺧﻞ اﻟﻮﺳﻂ اﻟﻤﺪرﺳﻲ أو اﻟﻮﺳﻂ اﻟﻤﺤﯿﻂ‬
‫ﺑﺎﻟﻤﺪرﺳﺔ‪ ،‬وﻣﺎ ﯾﻠﻲ ذﻟﻚ اﻟﻌﺪوان ﻣﻦ ﺳﻠﻮﻛﺎت ﺗﺴﺒﺐ اﻷذى اﻟﻤﺎدي أو اﻟﺠﺴﺪي أو اﻟﻨﻔﺴﻲ ﻟﻸﺷﺨﺎص اﻟﻤﻌﻨﻔﯿﻦ‪،‬‬
‫وﻗﺪ ﯾﻨﺸﺄ اﻟﻌﻨﻒ اﻟﻤﺪرﺳﻲ ﺑﺄﺣﺪ اﻟﻤﺤﻮرﯾﻦ‪ :‬ﻋﻤﻮدي ﯾﺒﺪﯾﮫ اﻟﻤﻌﻠﻢ ﻧﺤﻮ طﻼﺑﮫ أو اﻟﻌﻜﺲ‪ ،‬وأﻓﻘﻲ ﯾﻨﺸﺄ ﺑﯿﻦ اﻟﻄﻼب‬
‫أﻧﻔﺴﮭﻢ‪.‬‬

‫وھﺬا ﯾﺪﻓﻌﻨﺎ إﻟﻰ اﻟﺘﺴﺎؤل ﺣﻮل اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺤﻘﯿﻘﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻐﺪي ظﺎھﺮة اﻟﻌﻨﻒ اﻟﻤﺪرﺳﻲ؟ وﻋﻦ ﻣﺪاﺧﻞ اﺳﺘﺌﺼﺎل‬
‫اﻟﺘﻌﻠﯿﻤﯿﺔ؟‬ ‫ﻓﻀﺎءاﺗﻨﺎ‬ ‫ﻣﻦ‬ ‫اﻟﻌﻨﻒ‬
‫وﺗﺒﻌﺎ ﻟﻤﺎ ﺳﻠﻒ‪ ،‬ﻻ ﯾﻤﻜﻦ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻦ ﻣﺪاﺧﻞ اﺟﺘﺜﺎث ھﺬه اﻟﻈﺎھﺮة )ﺛﺎﻧﯿﺎ(‪ ،‬ﻗﺒﻞ اﻟﺘﻌﺮض ﻟﻠﻌﻮاﻣﻞ اﻟﻤﺘﻌﺪدة‬
‫اﻟﻜﺎﻣﻨﺔ وراء اﻧﺘﺸﺎرھﺎ )أوﻻ‪).‬‬

‫اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﯿﺔ‬ ‫اﻷزﻣﺎت‬ ‫ﻣﻦ‬ ‫ﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ‬ ‫ﻛﻨﺘﺎج‬ ‫اﻟﻤﺪرﺳﻲ‬ ‫اﻟﻌﻨﻒ‬ ‫–‬ ‫أوﻻ‬

‫ھﻨﺎك ﺣﻘﯿﻘﺔ ﯾﺼﻌﺐ إﻏﻔﺎﻟﮭﺎ‪ ،‬ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﻛﻮن اﻟﻤﺪرﺳﺔ ﺗﺸﻜﻞ اﻣﺘﺪاد ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ وﻟﺴﺎن ﺣﺎﻟﮫ‪ ،‬اﻟﺬي ﯾﻌﺒﺮ ﻋﻤﺎ ﯾﻌﺎﻧﯿﮫ‬
‫ﻣﻦ إﺷﻜﺎﻻت وﺧﻠﻞ‪.‬‬

‫وﻟﺬﻟﻚ‪ ،‬ﻓﺈن ظﺎھﺮة اﻟﻌﻨﻒ اﻟﻤﺪرﺳﻲ ﺗﺘﻐﺪى ﻋﻠﻰ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻹﺷﻜﺎﻻت اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﻨﺘﻄﺮق ﻟﮭﺎ إﺗﺒﺎﻋﺎ‪.‬‬
‫أ – اﻧﺪﺛﺎر دور ﻣﺆﺳﺴﺘﻲ اﻷﺳﺮة واﻟﻤﺪرﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺮﺑﯿﺔ‪.‬‬

‫ﻻ ﯾﻤﻜﻦ إﻧﻜﺎر اﻟﺪور اﻟﺠﻮھﺮي اﻟﺬي ﺗﻀﻄﻠﻊ ﺑﮫ اﻷﺳﺮة ﻓﻲ ﺗﺮﺑﯿﺔ وﺗﺄطﯿﺮ وﺗﮭﺬﯾﺐ اﻟﻨﺶء‪ ،‬ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرھﺎ ﻧﻮاة‬
‫اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ‪.‬‬
‫وﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ‪ ،‬ﯾﻌﺮف اﻟﺒﻌﺾ اﻷﺳﺮة ﺑﻜﻮﻧﮭﺎ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻷدوار اﻟﻤﻘﺘﺒﺴﺔ ﻋﻦ طﺮﯾﻖ اﻟﺰواج ‪ ،‬ﻷﻧﮭﺎ ﺗﻀﻄﻠﻊ‬
‫ﺑﺪور أﺳﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﺗﺸﻜﯿﻞ وﺻﻘﻞ ﺳﻠﻮك اﻷﻓﺮاد ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرھﺎ اﻟﻤﺆﺳﺴﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ اﻷوﻟﻰ اﻟﻤﺴﺆوﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻨﺸﺌﺔ‬
‫اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ‪.‬‬
‫ﻟﻜﻦ‪ ،‬اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﻨﻄﻖ ﺑﮭﺎ واﻗﻊ اﻟﯿﻮم ﺗﺆﻛﺪ ﺗﺨﻠﻒ اﻷﺳﺮة ﻋﻦ اﻟﻨﮭﻮض ﺑﻮظﺎﺋﻔﮭﺎ اﻷﺳﺎﺳﯿﺔ ﺑﻔﻌﻞ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ‬
‫اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﻐﻞ دورھﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﺮﺑﯿﺔ واﻟﺘﺄطﯿﺮ‪ ،‬وﺗﺰوﯾﺪ اﻷﺑﻨﺎء ﺑﺎﻟﻜﻔﺎﯾﺎت اﻟﻀﺮورﯾﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﯿﻢ واﻷﺧﻼق اﻟﺘﻲ‬
‫ﺗﺴﺎھﻢ ﻓﻲ ﺑﻨﺎء ﻣﺠﺘﻤﻊ ﺳﻮي وﺧﺎل ﻣﻦ ﻣﻈﺎھﺮ اﻟﻌﻨﻒ واﻻﻧﺤﺮاف‪.‬‬
‫ﻓﻌﻠﻰ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﻤﺜﺎل‪ ،‬ﯾﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ اﻷﺑﺎء ﻟﻸﺑﻨﺎء وﻓﻖ أﺳﺎﻟﯿﺐ ﻣﻔﻌﻤﺔ ﺑﺎﻟﻌﻨﻒ ﺳﻮاء ﺳﻠﻮك ﻣﺎدي أو ﻟﻔﻈﻲ ﻓﻲ‬
‫اﻟﺤﯿﺎة اﻟﯿﻮﻣﯿﺔ‪ ،‬اﻧﻌﻜﺎس ﺳﻠﺒﻲ ﻣﻤﺎ ﯾﺒﺮر ﻋﻼﻗﺔ اﻟﺴﻠﻮك اﻷﺳﺮي وأﺛﺮه اﻟﺒﺎﻟﻎ ﻋﻠﻰ ظﮭﻮر اﻟﺴﻠﻮك اﻟﻌﻨﯿﻒ ﻟﺪى‬
‫اﻟﺘﻠﻤﯿﺬ‪.‬‬

‫إن اﻋﺘﻤﺎد اﻷﺑﺎء ﻋﻠﻰ أﺳﻠﻮب ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﻏﯿﺮ ﺳﻮﯾﺔ اﺗﺠﺎه اﻷﺑﻨﺎء‪ ،‬ﻣﺒﻨﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺒﺬ واﻹھﻤﺎل‪ ،‬واﻟﻘﺴﻮة ﯾﻮﻟﺪ ﻟﺪﯾﮭﻢ‬
‫اﻟﻜﺮاھﯿﺔ ﻟﻤﻔﮭﻮم اﻟﺴﻠﻄﺔ‪ ،‬وﯾﺠﻌﻞ اﻟﻤﺮاھﻖ ﯾﻘﻒ ﻣﻮﻗﻔﺎ ﻋﺪاﺋﯿﺎ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺗﻘﺘﻞ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﮫ اﻟﺜﻘﺔ ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ‪.‬‬

‫وﻣﻦ اﻟﻤﻔﯿﺪ أن ﻧﺬﻛﺮ ﺑﺄن‪ ،‬ﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﺴﻮد اﻟﺤﯿﺎة اﻷﺳﺮﯾﺔ ﻣﻦ ﺗﻮﺗﺮ وﺻﺮاع ﻛﺎﻟﻄﻼق ﻣﺜﻼ ﯾﻘﻠﻞ ﻣﻦ درﺟﺔ اﻟﺘﻤﺎﺳﻚ‬
‫واﻟﺘﺮاﺑﻂ داﺧﻞ اﻷﺳﺮة وﯾﺠﻌﻞ اﻷطﻔﺎل ﯾﻌﺎﻧﻮن ﻣﻦ اﺧﺘﻼﻻت وﺿﻐﻮط ﻧﻔﺴﯿﺔ ﺗﻜﻮن أرﺿﯿﺔ ﺧﺼﺒﺔ ﻟﻨﻤﻮ ﺳﻠﻮك‬
‫ﻣﻄﺒﻮع ﺑﺎﻟﻌﻨﻒ‪.‬‬

‫وﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﻨﺤﻮ‪ ،‬ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﯾﻜﻮن اﻷﺑﺎء ﺣﺎﺿﺮﯾﻦ ﺑﺼﻔﺔ داﺋﻤﺔ وﺗﻜﻮن اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻣﺒﻨﯿﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺲ إﯾﺠﺎﺑﯿﺔ‪ ،‬ﻓﻲ ﺟﻮ‬
‫أﺳﺮي ﺣﻤﯿﻤﻲ ﺗﻜﻮن طﺒﯿﻌﺔ اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﺑﯿﻦ اﻷﺑﺎء واﻷﺑﻨﺎء إﯾﺠﺎﺑﯿﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﯾﺴﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ ﺗﺴﮭﯿﻞ ﻋﻤﻠﯿﺔ اﻟﺘﺮﺑﯿﺔ‬
‫واﻟﺘﮭﺬﯾﺐ‪.‬‬

‫وﯾﺴﺘﻨﺘﺞ ﻣﻤﺎ ﺳﻠﻒ‪ ،‬أن اﻟﻌﻼﻗﺎت واﻟﺘﻔﺎﻋﻼت اﻷﺳﺮﯾﺔ ﺗﻌﺪ أﺳﺎس اﺳﺘﻘﺮار اﻟﺠﻮ اﻷﺳﺮي‪ ،‬ﻓﺎﻟﺠﻮ اﻟﻌﺎم ﻟﻸﺳﺮة‬
‫اﻟﺘﻲ ﯾﺴﻮدھﺎ اﻻﻧﺴﺠﺎم واﻟﺤﺐ واﻟﺘﻔﺎھﻢ ﺗﮭﯿﺊ ﻟﻠﺘﻠﻤﯿﺬ ﻣﻨﺎﺧﺎ ﺻﺤﯿﺎ‪ ،‬ﺑﯿﻨﻤﺎ اﻷﺳﺮة اﻟﻤﺸﺤﻮﻧﺔ ﺑﺎﻟﺼﺮاﻋﺎت‬
‫واﻻﺿﻄﺮاﺑﺎت ﺗﺸﻜﻞ ﺿﻐﻄﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻠﻤﯿﺬ ﻣﻤﺎ ﯾﻮﻟﺪ اﻟﺴﻠﻮك اﻟﻌﻨﯿﻒ‪.‬‬

‫وﺗﺄﺧﺬ اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻟﻤﺮﺗﺒﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ﺑﻌﺪ اﻷﺳﺮة ﻣﻦ ﺣﯿﺚ اﻷھﻤﯿﺔ ﻓﻲ ﺳﻠﻢ اﻟﺘﻨﺸﺌﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﻓﮭﻲ ﻣﺆﺳﺴﺔ اﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ‬
‫أﻧﺸﺄھﺎ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻟﺘﺘﻮﻟﻰ ﺗﻨﺸﺌﺔ اﻷﺟﯿﺎل اﻟﺠﺪﯾﺪة ‪ .‬ﻏﯿﺮ أن ﻣﺎ ﺗﺮزح ﺗﺤﺘﮫ ﻣﺪارﺳﻨﺎ ﻣﻦ أﺳﺎﻟﯿﺐ ﺗﺪرﯾﺲ ﺑﺎﻟﯿﺔ‬
‫وطﺮق ﺗﻌﻠﯿﻢ ﻣﺘﺠﺎوزة ﻻ ﺗﺴﺎﯾﺮ اﻟﺘﻄﻮر اﻟﮭﺎﺋﻞ اﻟﺬي ﯾﺸﮭﺪه اﻟﻌﺼﺮ‪ ،‬ﯾﺠﻌﻠﮭﺎ ﻋﺎﺟﺰة ﻋﻦ ﺗﻘﺪﯾﻢ ﺗﻌﻠﯿﻢ ﻋﺼﺮي‬
‫وذي ﺟﻮدة ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ ﺗﻜﻮﯾﻦ طﻼب أﺳﻮﯾﺎء ﺳﻠﻮﻛﯿﺎ وﻓﻜﺮﯾﺎ وﻟﺪﯾﮭﻢ ﻣﻨﺎﻋﺔ ﺿﺪ اﻟﻌﻨﻒ ﺑﺸﺘﻰ ﺿﺮوﺑﮫ‪.‬‬

‫اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ‬ ‫داﺧﻞ‬ ‫اﻟﻌﻨﻒ‬ ‫ﺛﻘﺎﻓﺔ‬ ‫ﺷﯿﻮع‬ ‫–‬ ‫ب‬

‫إن ﻛﻞ ذي ﻋﯿﻦ ﻓﺎﺣﺼﺔ وﺑﺼﯿﺮة ﻏﯿﺮ ﻧﺎﻗﺼﺔ ﻣﺘﺘﺒﻊ ﻋﻦ ﻛﺜﺐ ﻟﻤﺎ ﯾﺠﺮي وﯾﺪور داﺧﻞ ﻣﺠﺘﻤﻌﻨﺎ ﻟﻦ ﯾﺠﺪ ﻛﺒﯿﺮ‬
‫ﻋﻨﺎء ﻓﻲ اﻟﻮﻗﻮف ﻋﻠﻰ ﺣﻘﯿﻘﺔ ارﺗﻔﺎع ﻧﺴﺒﺔ اﻟﻌﻨﻒ ﺑﺸﺘﻰ ﺿﺮوﺑﮫ وأﻧﻮاﻋﮫ‪ ،‬وﺗﻜﺎﺛﺮ ﻣﻨﺴﻮب اﻟﺠﺮﯾﻤﺔ ﺑﻤﺨﺘﻠﻒ‬
‫أﺻﻨﺎﻓﮭﺎ‪.‬‬

‫وﺣﺮي ﺑﺎﻟﺒﯿﺎن‪ ،‬أن ﺷﯿﻮع ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﻨﻒ داﺧﻞ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﯾﺆﺛﺮ ﺳﻠﺒﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺸﻜﯿﻞ اﻟﻮﻋﻲ اﻟﻔﺮدي ﻟﺪى ﻋﺎﻣﺔ اﻟﻨﺎس‬
‫ﺑﺎﻟﺘﻄﺒﯿﻊ ﻣﻊ ھﺬه اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺴﺎﺋﺪة‪ ،‬وﯾﻨﺠﻢ ﻋﻦ ذﻟﻚ ﺗﺮﺟﯿﺤﮭﻢ ﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﻨﻒ ﻋﻮض ﻟﻐﺔ اﻟﺘﻮاﺻﻞ واﻟﺤﻮار‪.‬‬

‫وﺗﺨﺘﻠﻒ أﻧﻮاع اﻟﻌﻨﻒ ﻣﻦ ﻟﻔﻈﻲ إﻟﻰ ﻧﻔﺴﻲ وآﺧﺮ ﺟﺴﺪي‪ ،‬وﻣﻦ اﻟﻤﺆﺳﻒ أن ﻧﺠﺪ اﻹﻋﻼم ﯾﺴﺎھﻢ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻓﻲ‬
‫ﻧﺸﺮ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﻨﻒ ﺑﯿﻦ ﻣﻜﻮﻧﺎت اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ‪ ،‬وذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺑﺚ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﺮاﻣﺞ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﻮي ﻋﻠﻰ ﺟﺮﻋﺎت‬
‫ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻨﻒ ﺗﺆﺛﺮ ﺑﺸﻜﻞ ﺳﻠﺒﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻤﮭﻮر اﻟﻨﺎﺷﺊ ﻣﻦ أطﻔﺎل وﻣﺮاھﻘﯿﻦ‪.‬‬

‫وھﻜﺬا‪ ،‬ﻋﻮض أن ﯾﻜﻮن اﻹﻋﻼم ﻣﻨﺎرة ﻟﺘﺄطﯿﺮ وﺗﻮﺟﯿﮫ وﺗﺮﺑﯿﺔ اﻟﺠﻤﮭﻮر اﻟﻨﺎﺷﺊ‪ ،‬ﻋﺒﺮ اﻟﺘﻮﻋﯿﺔ وﻧﺸﺮ ﻗﯿﻢ‬
‫اﻟﺘﺴﺎﻣﺢ وﺗﺮﺳﯿﺦ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ اﻷﺧﻼق‪ ،‬ﯾﻘﻮم ﺑﻨﺸﺮ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﻨﻒ واﻟﺘﻄﺒﯿﻊ ﻣﻌﮭﺎ‪.‬‬

‫وﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ ﯾﻘﻮل ”ﺑﯿﯿﺮ ﺑﻮردﯾﻮ“ إن اﻟﺘﻠﻔﺰﯾﻮن ﯾﻤﺎرس ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ ”اﻟﻌﻨﻒ اﻟﺮﻣﺰي“ اﻟﻤﻔﺴﺪ واﻟﻤﺆدي ﺑﺸﻜﻞ‬
‫ﺧﺎص‪ .‬اﻟﻌﻨﻒ اﻟﺮﻣﺰي ھﻮ ﻋﻨﻒ ﯾﻤﺎرس ﺑﺘﻮاطﺆ ﺿﻤﻨﻲ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ھﺆﻻء اﻟﺬﯾﻦ ﯾﺨﻀﻌﻮن ﻟﮫ وأوﻟﺌﻚ اﻟﺬﯾﻦ‬
‫ﯾﻤﺎرﺳﻮﻧﮫ ﺑﺎﻟﻘﺪر اﻟﺬي ﯾﻜﻮن ﻓﯿﮫ أوﻟﺌﻚ ﻛﻤﺎ ھﺆﻻء ﻏﯿﺮ واﻋﯿﻦ ﺑﻤﻤﺎرﺳﺔ ھﺬا اﻟﻌﻨﻒ أو اﻟﺨﻀﻮع ﻟﮫ ‪ .‬وﺿﺮب‬
‫أﻣﺜﻠﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﺑﺎﻷﺣﺪاث اﻟﻤﺘﻔﺮﻗﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻜﻮن داﺋﻤﺎ اﻟﻤﺮﻋﻰ اﻟﻤﻔﻀﻞ ﻟﺼﺤﺎﻓﺔ اﻹﺛﺎرة‪ ،‬ﻛﺎﻟﺪم واﻟﺠﻨﺲ‪ ،‬اﻟﺪراﻣﺎ‬
‫واﻟﺠﺮﯾﻤﺔ‪ ،‬واﻟﺘﻲ ﺗﺆﺛﺮ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﺘﻠﻘﻲ‪.‬‬
‫واﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ھﻨﺎ أن اﻟﺘﻠﻔﺎز ﺑﻮﺻﻔﮫ اﻟﻮﺳﯿﻠﺔ اﻹﻋﻼﻣﯿﺔ اﻷﻛﺜﺮ ﺗﺄﺛﯿﺮا‪ ،‬ﯾﺰاﺣﻢ ﻛﻼ ﻣﻦ اﻟﻤﺆﺳﺴﺔ اﻟﺘﻌﻠﯿﻤﯿﺔ واﻷﺳﺮة‪،‬‬
‫ﻓﻲ اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ اﻟﺘﺮﺑﻮي ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺶء‪ ،‬وإذا ﻛﺎن اﻟﻤﻌﺪل اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻟﻠﻤﺸﺎھﺪة اﻟﯿﻮﻣﯿﺔ ﻟﻠﺘﻠﻔﺎز ﯾﺘﺠﺎوز اﻟﺜﻼﺛﺔ ﺳﺎﻋﺎت‪ ،‬ﻓﺈن‬
‫ھﺬا ﯾﻌﻨﻲ أن ﺣﻮاﻟﻲ ﺛﻠﺜﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﻤﺘﺒﻘﻲ ﻟﻺﻧﺴﺎن ﻣﻦ ﯾﻮﻣﮫ ﺑﻌﺪ اﺳﺘﺒﻌﺎد وﻗﺖ اﻟﻌﻤﻞ أو اﻟﺪراﺳﺔ واﻟﻨﻮم واﻟﻄﻌﺎم‬
‫واﻻﻧﺘﻘﺎل ﯾﻘﻀﯿﮫ ﻣﺘﻘﻮﻗﻌﺎ أﻣﺎم اﻟﺸﺎﺷﺔ‪.‬‬

‫إذا ﻛﺎﻧﺖ ھﺬه ﺑﻌﺾ أﺳﺒﺎب ظﺎھﺮة اﻟﻌﻨﻒ اﻟﻤﺪرﺳﻲ‪ ،‬ﻓﻤﺎھﻲ ﻣﺪاﺧﻞ ﻛﺒﺢ ھﺬه اﻟﻈﺎھﺮة؟ ھﺬا ﻣﺎ ﺳﻨﺤﺎول اﻟﺘﻄﺮق‬
‫ﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﺸﻖ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ ھﺬا اﻟﻤﻮﺿﻮع‪.‬‬

‫اﻟﻤﺪرﺳﻲ‬ ‫اﻟﻌﻨﻒ‬ ‫آﻓﺔ‬ ‫اﺳﺘﺌﺼﺎل‬ ‫ﺳﺒﻞ‬ ‫–‬ ‫ﺛﺎﻧﯿﺎ‬

‫ﻧﺴﺘﻄﯿﻊ اﻟﻘﻮل‪ ،‬ﺑﻌﺪ اﺳﺘﻌﺮاﺿﻨﺎ ﻟﺒﻌﺾ أﺳﺒﺎب ظﺎھﺮة اﻟﻌﻨﻒ اﻟﻤﺪرﺳﻲ أن اﻟﻘﻀﺎء ﻋﻠﻰ ھﺬه اﻵﻓﺔ ﯾﺴﺘﻠﺰم‬
‫ﺗﻀﺎﻓﺮ ﺟﮭﻮد ﻣﻜﻮﻧﺎت اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ‪ ،‬ﻷن اﺣﺘﻮاء ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﻨﻒ ﻻ ﯾﻤﻜﻦ أن ﯾﺘﻢ إﻻ ﺑﻤﻘﺎرﺑﺔ ﺷﻤﻮﻟﯿﺔ وﻟﺬﻟﻚ ﯾﻌﺪ ﺑﺚ‬
‫اﻟﺤﯿﺎة ﻓﻲ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﻘﯿﻢ واﻷﺧﻼق )أ( ﻣﻦ اﻟﻤﺪاﺧﻞ اﻷﺳﺎﺳﯿﺔ ﻟﺘﻄﻮﯾﻖ ظﺎھﺮة اﻟﻌﻨﻒ اﻟﻤﺪرﺳﻲ‪ ،‬ﻛﻤﺎ أن اﻋﺘﻤﺎد‬
‫آﻟﯿﺔ اﻟﺘﻮاﺻﻞ أﺿﺤﻰ ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻠﺰﻣﺎت ﺗﻄﻌﯿﻢ ﺟﮭﻮد ﻣﻜﻮﻧﺎت اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻓﻲ ﻣﺤﺎرﺑﺔ اﻟﻌﻨﻒ ﺑﺎﻟﻔﻌﺎﻟﯿﺔ واﻟﻨﺠﺎﻋﺔ )ب‪).‬‬

‫واﻷﺧﻼق‬ ‫اﻟﻘﯿﻢ‬ ‫ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ‬ ‫ﻓﻲ‬ ‫اﻟﺤﯿﺎة‬ ‫ﺑﺚ‬ ‫–‬ ‫أ‬

‫ﻻ ﻧﻐﺎﻟﻲ إذا ﻗﻠﻨﺎ ﺑﺄن إﺣﯿﺎء ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﻘﯿﻢ واﻷﺧﻼق ﯾﻌﺪ ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻠﺰﻣﺎت ﻛﺒﺢ ﺟﻤﺎح آﻓﺔ اﻟﻌﻨﻒ اﻟﻤﺪرﺳﻲ ﺑﺼﻔﺔ‬
‫ﺧﺎﺻﺔ واﻟﻌﻨﻒ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم‪ ،‬وذﻟﻚ وﻓﻖ ﻣﻘﺎرﺑﺔ وﻗﺎﺋﯿﺔ ﺗﺮوم ﻧﺸﺮ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺘﺴﺎﻣﺢ واﻷﺧﻼق اﻟﺤﻤﯿﺪة وﻧﺒﺬ اﻟﻌﻨﻒ‬
‫أﺷﻜﺎﻟﮫ‪.‬‬ ‫ﺑﺸﺘﻰ‬
‫إن اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﯾﻌﺘﺒﺮ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﻧﻈﺎم ﻣﺘﻜﺎﻣﻞ ﯾﺆﺛﺮ وﯾﺘﺄﺛﺮ ﺑﺄﻧﺴﺎﻗﮫ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻻ ﯾﻤﻜﻦ إﺣﯿﺎء ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﻘﯿﻢ ﺑﺪون‬
‫اﻧﺨﺮاط ﺟﻞ ﻣﻜﻮﻧﺎﺗﮫ اﻟﺘﻲ ﺗﺆﺛﺮ ﻓﻲ ﺳﻠﻮك اﻟﻔﺮد وﺗﻨﺸﺌﺘﮫ ﻣﻦ أﺳﺮة وﻣﺪرﺳﺔ وإﻋﻼم وﻏﯿﺮھﺎ‪ ،‬وھﻨﺎ ﯾﺜﻮر إﺷﻜﺎل‬
‫ﻏﺎﯾﺔ ﻓﻲ اﻷھﻤﯿﺔ وﯾﺘﻌﻠﻖ اﻷﻣﺮ ﺑﻤﺪى إدراك ﻣﻜﻮﻧﺎت اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻤﺬﻛﻮرة ﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺘﮭﺎ ﻓﻲ ﺑﻨﺎء ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻣﺘﺤﻀﺮ‬
‫وأﺻﺎﻟﺘﮫ؟‬ ‫ﺑﻘﯿﻤﮫ‬ ‫وﻣﺘﺸﺒﺚ‬
‫وﻏﯿﺮ ﺧﻔﻲ‪ ،‬أن ﻣﻦ أﺑﮭﻰ ﺣﺎﻻت رﻗﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻷﺧﻼﻗﻲ اﻟﻘﯿﻤﻲ ﻓﺤﯿﺜﻤﺎ ﺗﻌﻠﻮ اﻟﻘﯿﻢ واﻷﺧﻼق ﯾﺼﺒﺢ‬
‫اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻣﮭﯿﺄ ﻷﻗﺼﻰ درﺟﺎت اﻟﺘﺤﻀﺮ واﻻﻧﻄﻼق‪ ،‬ﻣﻤﺎ ﯾﺠﻌﻠﮫ ﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺼﺪي ﻷﺛﺎر ﻣﺰاﺣﻤﺔ ﻗﯿﻢ وأﺧﻼق‬
‫أﺧﺮى ﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت ﻏﯿﺮ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻨﺎ ﻟﻘﯿﻤﻨﺎ وأﺧﻼﻗﻨﺎ‪.‬‬

‫ﻟﺬﻟﻚ‪ ،‬ﻓﻘﺪ آن اﻷوان ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺜﺒﯿﺖ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﻘﯿﻢ واﻷﺧﻼق داﺧﻞ ﻣﺠﺘﻤﻌﻨﺎ ﻟﻤﻮاﺟﮭﺔ ﻣﻮﺟﺔ اﻟﻌﻨﻒ اﻟﺘﻲ أﺧﺪت‬
‫ﺗﺘﺠﺪر ﻓﻲ واﻗﻌﻨﺎ اﻟﻤﻌﯿﺸﻲ اﻟﯿﻮﻣﻲ‪ ،‬وﻣﻦ ھﺬه اﻟﻘﯿﻢ ﻧﺬﻛﺮ اﻟﺘﺴﺎﻣﺢ اﻻﺣﺘﺮام‪ ،‬اﻟﺤﯿﺎء واﻟﺮﺣﻤﺔ واﻟﻌﺪل واﻻﻧﻀﺒﺎط‪،‬‬
‫واﻟﺘﻲ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﮭﺎ اﻟﻌﻮدة ﺑﻤﺠﺘﻤﻌﻨﺎ ﻟﺴﻜﺔ اﻟﺤﻀﺎرة واﻟﺮﻗﻲ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ‪.‬‬

‫وﻋﻠﻰ ﺻﻌﯿﺪ أﺧﺮ‪ ،‬ﺗﺠﺪر اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ أن ﻣﻮاﺟﮭﺔ ﺗﺄﺛﯿﺮ رﯾﺎح اﻟﻌﻮﻟﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﻈﺎﻣﻨﺎ اﻟﻘﯿﻤﻲ ﺗﻘﺘﻀﻲ ﻣﻨﺎ ﺗﻌﺰﯾﺰ‬
‫إدﻣﺎج ﻗﯿﻢ ﺣﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن واﻟـﻤﻮاطﻨﺔ وﺧﺎﺻﺔ ﻣﺎ ﻟﮫ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﺎﻟﺘﺴﺎﻣﺢ واﻟﺤﻮار وﻗﺒﻮل اﻻﺧﺘﻼف ﻓﻲ اﻟﺒﺮاﻣﺞ‬
‫اﻟـﻤﺪرﺳﯿﺔ‪ ،‬وﺗﻨﻘﯿﺘﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﺼﻮر اﻟﺘﻤﯿﯿﺰﯾﺔ اﻟـﻤﻮﻟﺪة ﻟﻠﻌﻨﻒ‪ ،‬وﺗﻌﻠﯿﻢ اﻟﻨﺶء ﻣﺒﺎدئ اﻟﺪﯾﻤﻘﺮاطﯿﺔ واﻟﺤﻮار‪ ،‬وﺗﺮﺑﯿﺘﮫ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻧﺒﺬ اﻟﺼﺮاﻋﺎت واﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ اﻟﺤﻘﻮق ﺑﺄﺳﺎﻟﯿﺐ اﻟﺤﻮار‪.‬‬

‫ﻛﻤﺎ ﻻ ﯾﻔﻮﺗﻨﺎ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺼﺪد‪ ،‬اﻟﺘﺸﺪﯾﺪ ﻋﻠﻰ أن ﺗﻌﻠﯿﻢ اﻟﺘﻼﻣﯿﺬ ﻣﮭﺎرة أﺳﻠﻮب ﺣﻞ اﻟﻤﺸﻜﻼت ﺑﺎﻟﻄﺮق اﻟﺴﻠﻤﯿﺔ‬
‫وﺗﻠﻘﯿﻨﮭﻢ أﺳﺎﻟﯿﺐ ﺿﺒﻂ اﻟﺬات وﺗﻮﺟﯿﮫ اﻟﺬات وﻣﻤﺎرﺳﺔ اﻟﻌﺪﯾﺪ ﻣﻦ اﻷﻧﺸﻄﺔ اﻟﺮﯾﺎﺿﯿﺔ واﻟﮭﻮاﯾﺎت اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﯾﻌﺪ ﺑﻤﺎ‬
‫ﻻ ﯾﺪع ﻣﺠﺎل ﻟﻠﺸﻚ ﻣﻦ اﻟﻤﺪاﺧﻞ اﻷﺳﺎﺳﯿﺔ ﻟﺘﻜﺒﯿﻞ ظﺎھﺮة اﻟﻌﻨﻒ ﻓﻲ ﺷﻘﮭﺎ اﻟﻤﺪرﺳﻲ‪.‬‬

‫وھﻨﺎك أﻣﺮ ﻏﺎﯾﺔ ﻓﻲ اﻷھﻤﯿﺔ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﺬﻛﯿﺮ ﺑﮫ‪ ،‬وھﻮ أن ﻣﺎ ذﻛﺮﻧﺎه ﻻ ﯾﻌﺪ ﻛﺎﻓﯿﺎ ﻟﻤﻮاﺟﮭﺔ ظﺎھﺮة اﻟﻌﻨﻒ‬
‫اﻟﻤﺪرﺳﻲ‪ ،‬إﻻ إذا ﺗﻢ ﺗﻮظﯿﻒ اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﻛﺮاﻓﻌﺔ أﺳﺎﺳﯿﺔ ﻟﺘﻮﺣﯿﺪ اﻟﺠﮭﻮد اﻟﺮاﻣﯿﺔ إﻟﻰ ﻏﻞ ھﺬه اﻟﻈﺎھﺮة؟‬
‫ﻓﻤﺎ ھﻮ ﻣﻔﮭﻮم اﻟﺘﻮاﺻﻞ إذا؟ وﻛﯿﻒ ﯾﻤﻜﻨﻨﺎ اﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻨﮫ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻛﺘﻨﺎ ﺿﺪ ظﺎھﺮة اﻟﻌﻨﻒ اﻟﻤﺪرﺳﻲ؟‬
‫ھﺬا ﻣﺎ ﺳﻨﺤﺎول ﺗﺴﻠﯿﻂ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﻀﻮء ﻋﻠﯿﮫ ﻓﻲ اﻟﻨﻘﻄﺔ اﻟﻤﻮاﻟﯿﺔ ﻣﻦ ھﺎﺗﮫ اﻟﻤﻘﺎﻟﺔ‪.‬‬
‫اﻟﻤﺪرﺳﻲ‬ ‫اﻟﻌﻨﻒ‬ ‫ﺷﻔﺮة‬ ‫ﻟﻔﻚ‬ ‫ﻛﺂﻟﯿﺔ‬ ‫اﻟﺘﻮاﺻﻞ‬ ‫–‬ ‫ب‬
‫ﻻ ﯾﻤﻜﻦ إﻧﻜﺎر اﻷھﻤﯿﺔ اﻟﺒﺎﻟﻐﺔ اﻟﺘﻲ أﺿﺤﻰ ﯾﺤﺘﻠﮭﺎ اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﻛﺂﻟﯿﺔ ﻋﺼﺮﯾﺔ ﺣﺪﯾﺜﺔ ﯾﺘﻢ ﺗﻮظﯿﻔﮭﺎ ﻗﺼﺪ ﺗﺤﻘﯿﻖ‬
‫اﻟﻔﺎﻋﻠﯿﺔ ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻣﻨﺎﺣﻲ اﻟﺤﯿﺎة اﻻﻗﺘﺼﺎدﯾﺔ واﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ‪.‬‬

‫وھﺬا‪ ،‬ﯾﺒﺮر اﻟﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﺗﻮظﯿﻒ ھﺬه اﻵﻟﯿﺔ اﻟﮭﺎﻣﺔ ﻓﻲ أي ﻣﻘﺎرﺑﺔ ﺗﺮﻣﻲ إﻟﻰ ﻛﺒﺢ ظﺎھﺮة اﻟﻌﻨﻒ اﻟﻤﺪرﺳﻲ‪ ،‬وذﻟﻚ‬
‫ﺳﻮاء ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻮظﯿﻒ اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﺑﯿﻦ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﮭﯿﺌﺎت اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﯿﺔ اﻟﻤﻌﻨﯿﺔ ﺑﺂﻓﺔ اﻟﻌﻨﻒ ﻣﻦ أﺳﺮة وﻣﺪرﺳﺔ وإﻋﻼم‬
‫وﻓﻌﺎﻟﯿﺎت اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻤﺪﻧﻲ‪ ،‬أو ﺑﯿﻦ أطﺮاف ھﺬه اﻟﻈﺎھﺮة وﻧﻘﺼﺪ ﺑﺬﻟﻚ اﻟﺘﻼﻣﯿﺬ ورﺟﺎل اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ‪.‬‬

‫وﻓﻲ ھﺬا اﻟﺼﺪد‪ ،‬ﯾﺮى اﻟﺒﻌﺾ ﻓﻲ ﺗﻌﺮﯾﻔﮫ ﻟﻠﺘﻮاﺻﻞ ﺑﺄﻧﮫ‪ :‬ﺿﺪ اﻟﮭﺠﺮان واﻟﺘﺼﺎدم أي اﻟﻔﺮاق أو اﻟﻘﻄﯿﻌﺔ وھﻤﺎ‬
‫ﺣﺎﻟﺘﺎن ﺳﻠﺒﯿﺘﺎن‪ ،‬وﻓﻌﻼن ﻣﺬﻣﻮﻣﺎن‪ ،‬أﻣﺎ اﻟﻮﺻﻞ واﻟﺘﻮاﺻﻞ ﻓﮭﻤﺎ إﯾﺠﺎﺑﯿﺎن وﻣﺤﻤﻮدان‪ ،‬وإذا ﻣﺎ ﺗﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎر ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﻤﺠﺎل اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ‪ ،‬ظﮭﺮ أن اﻟﺘﻮاﺻﻞ ھﻮ اﻟﺴﻮاء‪ ،‬وﻣﺎ ﯾﺨﺎﻟﻔﮫ ھﻮ اﻻﺳﺘﺜﻨﺎء ﻋﻠﻰ اﻋﺘﺒﺎر أن اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﺣﺎﺟﺔ ﻣﻦ‬
‫اﻟﺤﺎﺟﺎت اﻹﻧﺴﺎﻧﯿﺔ ﻟﺒﻨﻲ اﻟﺒﺸﺮ وﻟﻠﻔﺼﺎﺋﻞ اﻟﺤﯿﻮاﻧﯿﺔ اﻟﻤﺘﻄﻮرة‪.‬‬

‫وﯾﮭﺪف اﻋﺘﻤﺎد اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺘﻨﺎ ھﺎﺗﮫ‪ ،‬ﻣﻦ ﺟﮭﺔ أوﻟﻰ إﻟﻰ ﺗﺤﻘﯿﻖ اﻻﻧﺴﺠﺎم واﻹﻟﺘﻘﺎﺋﯿﺔ ﺑﯿﻦ اﻟﺠﮭﻮد اﻟﻤﺒﺬوﻟﺔ ﻣﻦ‬
‫طﺮف ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﮭﯿﺌﺎت ﻓﻲ ﺳﺒﯿﻞ ﻏﻞ ظﺎھﺮة اﻟﻌﻨﻒ اﻟﻤﺪرﺳﻲ‪ ،‬واﻟﺘﺼﺪي ﻟﮭﺎ‪ ،‬وﻣﻦ ﺟﮭﺔ ﺛﺎﻧﯿﺔ ﻣﺪ اﻟﺠﺴﻮر وردم‬
‫اﻟﮭﻮة ﺑﯿﻦ اﻟﺘﻼﻣﯿﺬ واﻟﻄﻼب وﺑﯿﻦ رﺟﺎﻻت اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ‪.‬‬

‫ﻧﺎھﯿﻚ‪ ،‬ﻋﻦ ﻣﻠﺤﺎﺣﯿﺔ اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﺘﺮﺑﻮي ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻨﻤﯿﺔ ﻣﮭﺎرات اﻻﺗﺼﺎل واﻟﺘﻮاﺻﻞ ﻟﺪى اﻟﻤﻌﻠﻤﯿﻦ‬
‫واﻟﻄﻠﺒﺔ‪ ،‬ﻋﺒﺮ ﺗﺪرﯾﺒﮭﻢ ﻋﻠﻰ ﺗﻨﻤﯿﺔ اﻟﻤﮭﺎرات اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ واﺳﺘﺨﺪام ﻣﮭﺎرات اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻟﻔﻌﺎﻟﺔ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺎﻧﺐ‬
‫اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ واﻟﺘﻲ ﻣﻦ أھﻤﮭﺎ ﺣﺴﻦ اﻻﺳﺘﻤﺎع واﻹﺻﻐﺎء وإظﮭﺎر اﻟﺘﻌﺎطﻒ واﻻھﺘﻤﺎم‪.‬‬

‫ھﺬا‪ ،‬وﯾﻤﻜﻦ اﻋﺘﻤﺎد ﻣﻘﺎرﺑﺔ اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﻋﺒﺮ ﺗﻮزﯾﻊ اﻟﻨﺸﺮات واﻟﻤﻠﺼﻘﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺤﻘﻮق اﻟﻄﻔﻞ‪ ،‬وﺗﻮزﯾﻊ‬
‫اﻟﻨﺸﺮات اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻵﺛﺎر اﻟﻤﺘﺮﺗﺒﺔ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻌﻘﺎب واﻟﻌﻨﻒ ﺗﺠﺎه اﻟﺘﻼﻣﯿﺬ‪ ،‬وﻛﺬا اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺒﺪﯾﻠﺔ واﻟﺴﻮﯾﺔ‬
‫ﻟﺘﻌﺎﻣﻞ اﻟﻤﺪرﺳﯿﻦ ﻣﻊ اﻟﺘﻼﻣﯿﺬ‪ ،‬وﻛﺬا ﻟﺘﻌﺎﻣﻞ اﻟﺘﻼﻣﯿﺬ ﻣﻊ ﻣﺪرﺳﯿﮭﻢ‪.‬‬

‫أﺿﻒ ﻟﺬﻟﻚ‪ ،‬ﺿﺮورة ﺗﻨﻈﯿﻢ ﻧﺪوات وﻟﻘﺎءات ﻣﻊ اﻟﻤﻌﻠﻤﯿﻦ واﻹدارات اﻟﻤﺪرﺳﯿﺔ ﺣﻮل اﻟﺨﺼﺎﺋﺺ اﻟﻨﻤﺎﺋﯿﺔ ﻟﻜﻞ‬
‫ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻋﻤﺮﯾﺔ واﻟﻤﺸﻜﻼت اﻟﻨﻔﺴﯿﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ اﻟﻤﺘﺮﺗﺒﺔ ﻋﻠﯿﮭﺎ وﺧﺼﻮﺻﺎ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﻤﺮاھﻘﺔ وﻛﯿﻔﯿﺔ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ‬
‫ھﺬه اﻟﻤﺸﻜﻼت ﻻﺳﯿﻤﺎ ﺳﻠﻮك اﻟﻌﻨﻒ‪.‬‬

‫ﻛﻤﺎ ﺳﯿﻜﻮن ﻣﻦ اﻟﻤﮭﻢ ﺗﻮﻋﯿﺔ أوﻟﯿﺎء أﻣﻮر اﻟﺘﻼﻣﯿﺬ ﺑﺤﻘﻮق اﻟﻄﻔﻞ ﻓﻲ اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻟﺼﺤﯿﺔ واﻟﻨﻔﺴﯿﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ‪،‬‬
‫وﺣﻘﮫ ﻓﻲ اﻟﻠﻌﺐ واﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ واﻟﺘﻌﺒﯿﺮ ﻋﻦ اﻟﺮأي وﺣﻘﮫ ﻓﻲ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻷﻣﻦ اﻟﻨﻔﺴﻲ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ‪ .‬وﻓﻲ ھﺬا اﻟﺼﺪد‬
‫ﯾﻨﺒﻐﻲ ﺗﻨﻈﯿﻢ ورﺷﺎت ﻟﻸﻣﮭﺎت واﻷﺑﺎء ﻟﺒﯿﺎن أﺳﺎﻟﯿﺐ ووﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻨﺸﺌﺔ اﻟﺴﻠﯿﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﻛﺰ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺢ اﻟﻄﻔﻞ ﻣﺴﺎﺣﺔ‬
‫ﻣﻦ ﺣﺮﯾﺔ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ وإﺑﺪاء اﻟﺮأي واﻟﺘﺮﻛﯿﺰ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻮاﻧﺐ اﻹﯾﺠﺎﺑﯿﺔ ﻓﻲ ﺷﺨﺼﯿﺘﮫ‪.‬‬

‫ﺧﺎﺗﻤﺔ‬
‫زﺑﺪة اﻟﻘﻮل‪ ،‬ﺑﻌﺪ ھﺬا اﻟﺘﺤﻠﯿﻞ اﻟﻤﺘﻮاﺿﻊ ﻟﻈﺎھﺮة اﻟﻌﻨﻒ اﻟﻤﺪرﺳﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﻮاﺿﯿﻊ اﻵﻧﯿﺔ‪ ،‬ﻧﺨﻠﺺ إﻟﻰ أﻧﮭﺎ‬
‫ﻟﯿﺴﺖ ﺑﻈﺎھﺮة ﻣﻌﺰوﻟﺔ ﺑﻞ ھﻲ اﻣﺘﺪاد ﻟﻌﺪة اﺧﺘﻼﻻت داﺧﻞ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ وﺑﺬﻟﻚ ﯾﻜﻮن اﻟﻌﻨﻒ اﻟﻤﺪرﺳﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺸﺠﺮة‬
‫اﻟﺘﻲ ﺗﺨﻔﻲ اﻟﻐﺎﺑﺔ‪.‬‬

‫وﻣﻦ ﺛﻤﺔ‪ ،‬ﻻ ﯾﻤﻜﻦ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻦ إﺟﺘﺜﺎت ھﺬه اﻟﻈﺎھﺮة إﻻ ﺑﺎﻋﺘﻤﺎد ﻣﻘﺎرﺑﺔ ﺷﻤﻮﻟﯿﺔ ﺗﺘﺤﻤﻞ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﮭﺎ ﻛﺎﻓﺔ‬
‫ﻣﻜﻮﻧﺎت اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻣﺴﺆوﻟﯿﺘﮭﺎ ﺑﺪءا ﺑﻤﺆﺳﺴﺔ اﻷﺳﺮة ﺛﻢ ﺑﺈﻋﺎدة اﻻﻋﺘﺒﺎر ﻟﻠﻤﺪرﺳﺔ وﺻﻮﻻ إﻟﻰ اﻹﻋﻼم ﻛﻤﺆﺛﺮ‬
‫ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ‪ ،‬ﺛﻢ اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﻮﺳﺎﺋﻄﯿﺔ ﻛﺪور اﻟﺸﺒﺎب واﻟﺠﻤﻌﯿﺎت وﻣﻨﻈﻤﺎت اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻤﺪﻧﻲ‪.‬‬

‫وﻓﻲ اﻧﺘﻈﺎر ﺗﺤﻘﻖ ذﻟﻚ‪ ،‬ﯾﺒﻘﻰ اﻟﺴﺆال ﻣﻄﺮوﺣﺎ ﺣﻮل ﻣﺪى إدراك ھﺬه اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﻤﺬﻛﻮرة ﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺘﮭﺎ ﻓﻲ‬
‫اﻟﻘﻀﺎء ﻋﻠﻰ ھﺬه اﻟﻈﺎھﺮة اﻟﻤﺪروﺳﺔ؟‬
 ‫ﺗﻌوﯾم اﻟدرھم اﯾﺔ اﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ‬

‫أﻋﻠن واﻟﻲ ﺑﻧك اﻟﻣﻐرب ﻋﺑد اﻟﻠطﯾف اﻟﺟواھري‪ ،‬اﻟﺛﻼﺛﺎء‪ ،‬أن اﻟﻣﻐرب ﯾﻌﺗزم اﻻﻧﺗﻘﺎل إﻟﻰ ﻧظﺎم ﺻرف‬
‫ﻣرن‪ ،‬أو ﻣﺎ ﯾﻌرف أﯾﺿﺎ ب "ﺗﻌوﯾم" أو ﺗﺣرﯾر اﻟﻌﻣﻠﺔ‪ .‬وﯾﮭدف اﻟﻘرار إﻟﻰ ﺗﺣﻘﯾق ﻧﺗﺎﺋﺞ ﻋدة‪ ،‬ﻛﺗﻌزﯾز‬
‫ﺗﻧﺎﻓﺳﯾﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎد اﻟوطﻧﻲ واﻟﻣﺿﻲ ﻧﺣو وﻟوج أﺳواق ﺟدﯾدة وﺗﻧوﯾﻊ ﺷرﻛﺎء اﻟﻣﻣﻠﻛﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﯾن ‪.‬‬

‫وأﺑرز اﻟﺟواھري أن ھذه اﻟﻣﺑﺎدرة ﻣن ﺷﺄﻧﮭﺎ ﺗﺟﻧﯾب اﻟﻣﻐرب "اﻟدﺧول ﻓﻲ ﺣرب ﻟﻠﻌﻣﻼت" ﻋﻠﻰ‬
‫ﺿوء ﺳﯾﺎﺳﺎت ﺣﻣﺎﺋﯾﺔ دوﻟﯾﺔ ﻣﺣﺗﻣﻠﺔ وﺗﻘﻠﺑﺎت اﻟﻣﺣﯾط اﻟﻣﺎﻟﻲ ‪.‬‬
‫وﻋﻠﻰ ﻋﻛس دول أﺧرى ﺗﺑﻧت اﻟﻧظﺎم ﻧﺗﯾﺟﺔ إﻣﻼءات ﺧﺎرﺟﯾﺔ‪ ،‬ﻛﺣﺎﻟﺔ ﻣﺻر اﻟﺗﻲ ﻗﺎﻣت ﺑﺗﺣرﯾر ﺳﻌر‬
‫اﻟﺟﻧﯾﮫ اﺳﺗﺟﺎﺑﺔ ﻟﺷروط ﺻﻧدوق اﻟﻧﻘد اﻟدوﻟﻲ ﻣﻘﺎﺑل اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ ﻗرض ﻗﯾﻣﺗﮫ ‪ 12‬ﻣﻠﯾﺎر دوﻻر ﻣن‬
‫أﺟل ﺗﻧﻔﯾذ ﺳﻠﺳﻠﺔ ﻣن اﻹﺻﻼﺣﺎت‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﻣﻐرب اﺧﺗﺎر ﻧظﺎم اﻟﺻرف اﻟﻣرن ﻟﻠدرھم ﺑﺷﻛل إرادي‪،‬‬
‫ﺣﯾث أﺷﺎر اﻟﺟواھري إﻟﻰ أن اﻟﻘرار ﻟﯾس وﻟﯾد اﻟﻠﺣظﺔ ﺑل ﺑدأ اﻟﺣدﯾث ﺣوﻟﮫ ﻣﻧذ ﺳﻧﺔ ‪ 2010‬وأن‬
‫اﻟﺗوﺟﮫ ﻧﺣو ﺗطﺑﯾﻘﮫ ﺑﺷﻛل ﺗدرﯾﺟﻲ ﻓﻲ ھذه اﻟﻣرﺣﻠﺔ راﺟﻊ إﻟﻰ اﻟظرﻓﯾﺔ اﻟﻣﺷﺟﻌﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌرﻓﮭﺎ اﻟﺑﻼد‬
‫ﺣﺎﻟﯾﺎ‪ ،‬وأﯾﺿﺎ ﺑﻌد ﺿﻣﺎن ﻣﺟﻣوع اﻟﻣﺗطﻠﺑﺎت اﻟﻣﺳﺑﻘﺔ اﻟﻼزﻣﺔ ﻻﻋﺗﻣﺎد ھذا اﻟﻧظﺎم ‪.‬‬

‫ﻣﺎھو ﻧظﺎم اﻟﺻرف اﻟﻣرن أو "ﺗﻌوﯾم اﻟﻌﻣﻠﺔ"؟‬

‫وﺗﻌوﯾم اﻟﻌﻣﻠﺔ ﺣﺳب ﻣﺣﻣد اﻟﺷرﻗﻲ‪ ،‬اﻟﺧﺑﯾر اﻻﻗﺗﺻﺎدي‪ ،‬ھو ﺟﻌل ﺳﻌر ﺻرﻓﮭﺎ ﻣرﻧﺎ ﺑﺣﯾث ﻻ ﺗﺗدﺧل‬
‫اﻟﺣﻛوﻣﺔ أو اﻟﺑﻧك اﻟﻣرﻛزي ﻓﻲ ﺗﺣدﯾده ﺑﺷﻛل ﻣﺑﺎﺷر‪ ،‬ﺑل ﺗﺻﺑﺢ اﻟﻌﻣﻠﺔ ﻣﻧﺿﺑطﺔ ﻟﻣﻧطق اﻟﻌرض‬
‫واﻟطﻠب وھﻲ اﻵﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﻣﺢ ﺑﺗﺣدﯾد ﺳﻌرھﺎ ﻣﻘﺎﺑل اﻟﻌﻣﻼت اﻟدوﻟﯾﺔ ﻛﺎﻟدوﻻر أو اﻟﯾورو ‪.‬‬

‫وﯾﺿﯾف اﻟﺷرﻗﻲ ﻓﻲ ﺣدﯾث ﻣﻊ ﻣوﻗﻊ اﻟﻘﻧﺎة اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ أن ﺳﻌر اﻟدرھم ﻓﻲ ظل اﻋﺗﻣﺎد ﻧظﺎم اﻟﺻرف‬
‫اﻟﻣرن ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﮫ أن ﯾﺗﻘﻠب ﺑﺎﺳﺗﻣرار ﻣﻊ ﻛل ﺗﻐﯾر ﯾﺷﮭده اﻟﻌرض واﻟطﻠب ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣﻼت اﻷﺟﻧﺑﯾﺔ‪ ،‬ﺣﺗﻰ‬
‫إﻧﮭﺎ ﯾﻣﻛن أن ﺗﺗﻐﯾر ﻋدة ﻣرات ﻓﻲ اﻟﯾوم اﻟواﺣد ‪.‬‬

‫وأﻛد اﻟﺧﺑﯾر أن ﻗﯾﻣﺔ اﻟدرھم ﺳﺗﻌرف اﻧﺧﻔﺎﺿﺎ ﻓﻲ ظل ھذا اﻟﻧظﺎم‪ ،‬إﻻ أﻧﮫ أﺷﺎر ﺑﺎﻟﻣﻘﺎﺑل إﻟﻰ أن ھذا‬
‫اﻷﻣر ﺳﯾﺳﺎﻋد ﺑﻌض اﻟﻘطﺎﻋﺎت ﻋﻠﻰ اﻻﻧﺗﻌﺎش ﻣن ﺟدﯾد ﻛﺎﻟﻘطﺎع اﻟﺳﯾﺎﺣﻲ‪ ،‬ﺣﯾث ﺳﯾﺻﺑﺢ اﻟﻣﻐرب‬
‫"أرﺧص" ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﺳﯾﺎح‪ .‬وﯾﻘود ﺗﺣرﯾر اﻟﻌﻣﻠﺔ أﯾﺿﺎ ﺣﺳب اﻟﺷرﻗﻲ إﻟﻰ اﻧﺗﻌﺎش ﻗطﺎع اﻟﺗﺻدﯾر‬
‫ﺑﺎﻟﺑﻠد ﻟﻛون اﻟﺳﻠﻊ اﻟﻣﻧﺗﺟﺔ ﻣﺣﻠﯾﺎ ﯾﻛون ﻋﻠﯾﮭﺎ إﻗﺑﺎل ﻓﻲ اﻷﺳواق اﻟدوﻟﯾﺔ ﻻﻧﺧﻔﺎض ﺳﻌرھﺎ ‪.‬‬

‫وﺿرب اﻟﺧﺑﯾر ﻣﺛﺎﻻ ﻋﻠﻰ ذﻟك ﺑﺎﻟﺻﯾن اﻟﺗﻲ ﺗﺧﻔض ﻣن ﺳﻌر ﺳﻠﻌﮭﺎ اﻷﻣر اﻟذي ﯾؤدي إﻟﻰ زﯾﺎدة‬
‫اﻟﺻﺎدرات وﺗدﻓق اﻟﻌﻣﻼت اﻟﺻﻌﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺑﻼد‪ .‬وﻟﺣﺎﻟﺔ ﺑرﯾطﺎﻧﯾﺎ اﻟذي ﻗﺎل إﻧﮭﺎ ﺳﺗﺳﺗﻔﯾد ﻛﺛﯾرا ﻣن‬
‫ﺧروﺟﮭﺎ ﻣن اﻻﺗﺣﺎد اﻷوروﺑﻲ ﺑﻌد اﻧﺧﻔﺎض ﻗﯾﻣﺔ اﻟﺟﻧﯾﮫ اﻻﺳﺗرﻟﯾﻧﻲ ﻣﺎ ﺳﯾﺗﯾﺢ ﻟﮭﺎ أﻋداد ﺳﯾﺎح أﻛﺑر‬
‫وزﯾﺎدة ﻣﻌدل ﺻﺎدراﺗﮭﺎ إﻟﻰ اﻟﺧﺎرج ‪.‬‬

‫وﻟم ﯾﻧﻔﻲ اﻟﺧﺑﯾر أن ﻓﻲ اﻻﻧﺗﻘﺎل ﻣن اﻟﻧظﺎم اﻟﺛﺎﺑت إﻟﻰ اﻟﻣرن ﻣﻐﺎﻣرة ﻗد ﺗﻛون ﺗداﻋﯾﺎﺗﮭﺎ ﺳﻠﺑﯾﺔ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻻﻗﺗﺻﺎد اﻟﻣﺣﻠﻲ‪ ،‬ﺧﺻوﺻﺎ ﻋﻧدﻣﺎ ﻻ ﯾﺗم اﻟﺗﺧطﯾط ﻟﮭذا اﻻﻧﺗﻘﺎل ﺑطرﯾﻘﺔ ﺻﺣﯾﺣﺔ ‪.‬‬

‫وﺣﺳب اﻟﺷرﻗﻲ ﻓﺈن ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣﻐرب ﺗﺑﻘﻰ ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻟﻛوﻧﮫ ﯾﺗﻣﺗﻊ ﺑﺎﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ اﻟﻘرار‪ ،‬ﺣﯾث أن اﺧﺗﯾﺎره‬
‫ﻟﮭذا اﻟﻧظﺎم ﺗم ﺑﺷﻛل إرادي وھو ﻣﺎ ﯾﺗﯾﺢ ﻟﮫ اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ ﺗوﺟﯾﮫ أﺳﻌﺎر اﻟﺻرف ﻓﻲ اﺗﺟﺎھﺎت ﻣﻌﯾﻧﺔ‬
‫ﺑﻣﺎ ﯾﺧدم ﻣﺻﺎﻟﺣﮫ ودون ﺿﻐوط ﺧﺎرﺟﯾﺔ ‪.‬‬
 ‫وأﺑدى اﻟﺷرﻗﻲ ﺗﻔﺎؤﻻ ﺑﺗﻌوﯾم اﻟدرھم أو ﻛﻣﺎ ﯾﻔﺿل أن ﯾطﻠق ﻋﻠﯾﮭﺎ "ﻋوﻟﻣﺔ اﻟدرھم" ﻣﺿﯾﻔﺎ أن‬
‫اﻟﻣﻐرب وﺻل ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﻧﺿﺞ اﻟﻛﺎﻓﯾﺔ ﻟﻠﻣرور ﻟﮭذه اﻟﺧطوة اﻟﺗﻲ ﺗدﺧل ﻓﻲ ﺟﮭود اﻻﻗﺗﺻﺎد اﻟﻣﻐرﺑﻲ‬
‫اﻻﻧﻔﺗﺎح ﻋﻠﻰ أﺳواق ﺟدﯾدة ﻓﻲ ﻋﺎﻟم ﯾﺗﻐﯾر ﺑﺎﺳﺗﻣرار ‪.‬‬

‫ﻣﺎ ﺗﺄﺛﯾره ﻋﻠﻰ اﻟﻣواطن اﻟﻣﻐرﺑﻲ؟‬

‫أوﺿﺢ اﻟﺷرﻗﻲ أن اﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﻛﺑرى ھﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﻛون ﻣﻌﻧﯾﺔ ﺑﺷﻛل ﻛﺑﯾر ﺑﺎﻟﺗﻘﻠﺑﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺷﮭدھﺎ‬
‫اﻟﻌﻣﻠﺔ‪ ،‬إﻻ أن ھذا ﻻ ﯾﻠﻐﻲ أن اﻟﻣواطن ﻣﻌﻧﻲ ﺑدوره ﺑﮭذا اﻻﻧﺗﻘﺎل‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ وأن ارﺗﻔﺎع أﺳﻌﺎر‬
‫اﻟواردات ﺳﺗﻛون ﻣن اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﻣﺑﺎﺷرة ﻟﺗﻌوﯾم اﻟدرھم‪ ،‬وھو اﻷﻣر اﻟذي ﺳﯾﻠﻣس اﻟﻣواطن اﻟﻣﻐرﺑﻲ‬
‫ﺗﺄﺛﯾره ﻋﻠﻰ ﺟﯾﺑﮫ ‪.‬‬

‫ﻓﺄﺳﻌﺎر اﻟﺳﻠﻊ اﻟﻣﺳﺗورة ﺳﺗﺻﺑﺢ ﻣرﺗﻔﻌﺔ ﻧظرا ﻻرﺗﻔﺎع ﻗﯾﻣﺔ اﻟﻌﻣﻠﺔ اﻷﺟﻧﺑﯾﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻣﻊ اﻟدرھم‬
‫اﻟﻣﻧﺧﻔض‪ .‬وﯾرى اﻟﺷرﻗﻲ اﻟﺟﺎﻧب اﻟﻣﺷرق ﻟﮭذا اﻷﻣر‪ ،‬ﻓﺻﻌوﺑﺔ اﻻﺳﺗﯾراد ﯾﻘﺎﺑﻠﮫ ارﺗﻔﺎع ﺗﻧﺎﻓﺳﯾﺔ‬
‫اﻻﻗﺗﺻﺎد اﻟﻣﺣﻠﻲ ﻣﺎ ﯾؤدي ﻟﺧﻔض أﺳﻌﺎر اﻟﻣﻧﺗﺟﺎت اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ اﻟﺻﻧﻊ ﺑﻔﻌل اﻹﻗﺑﺎل اﻟﻣﺗزاﯾد ﻋﻠﯾﮭﺎ ﺑﻌد‬
‫أن ﺗﻘوم ﺑﻣﻸ اﻟﻔراغ اﻟذي ﺳﺗﺗرﻛﮫ اﻟواردات ‪.‬‬

‫وﻋن ﻣوﻋد اﻟﺷروع اﻟﻔﻌﻠﻲ ﻓﻲ اﻋﺗﻣﺎد ﻧظﺎم اﻟﺻرف اﻟﻣرن‪ ،‬ﯾﺗوﻗﻊ اﻟﺷرﻗﻲ ﺑداﯾﺔ ﻋﺎم ‪ 2018‬ﻣﻊ‬
‫ﺗﺑﻧﻲ ﻗﺎﻧون اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ ﻟﺳﻧﺔ ‪ 2018‬وﺑﻣﺑﺎﺷرة اﻟﺣﻛوﻣﺔ واﻟﺑرﻟﻣﺎن ﻟﻣﮭﺎﻣﮭﻣﺎ ﺑﻌد ﻓﺗرة ﻋطﺎﻟﺔ طوﯾﻠﺔ‬
‫ﺳﺑﻘﺗﮭﺎ ﻓﺗرة اﻧﺗﺧﺎﺑﯾﺔ ﻟم ﺗﻛن ﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﻹطﻼق ﻣﺷروع اﻟﺗﻌوﯾم ‪.‬‬

‫وﺗوﻗﻊ أﯾﺿﺎ أن ﯾﺗم اﻟﻌﻣل ﺑﮭذا اﻟﻧظﺎم ﺑﺎﻟﺗزاﻣن ﻣﻊ اﻧطﻼق اﻟﺑﻧوك اﻟﺗﺷﺎرﻛﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺳﺗﺳﺎھم‪ ،‬ﺣﺳب‬
‫اﻟﺧﺑﯾر‪ ،‬ﻓﻲ ﺗوﻓﯾر اﻟﺳﯾوﻟﺔ اﻟﻛﺎﻓﯾﺔ ﻟﺗﺟرﯾب ﻓﻌﺎﻟﯾﺔ اﻟﻧظﺎم اﻟﺟدﯾد اﻟذي ﺳﯾﺑدأ ﺑﺧطوات ﺑﺳﯾطﺔ وﯾﺣﺗﺎج‬
‫‪ 20‬ﺳﻧﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻗل ﻹرﺳﺎء ﻗواﻋده‪.‬‬