You are on page 1of 8

‫ما هو علم االجتماع‬

‫مقدمة‬
‫علم‪ ‬االجتماع‪  ‬هو الدراسة المنتظمة للمجتمعات اإلنسانية بتركيز خاص على األنساق الصناعية الحديثة‪ .‬مجال علم‪ ‬االجتماع‪ ‬واسع‬
‫جداً ويدرس علماء‪ ‬االجتماع‪  ‬كل العالقات اإلنسانية‪ ،‬الجماعات‪ ،‬المؤسسات والمجتمعات‪ ،‬عالقات الزواج‪ ،‬الصحة و المرض‪،‬‬
‫‪. ‬الجريمة والعقوبة‪ .‬كل هذا يقع ضمن مجال علم االجتماع‬
‫في هذا الفصل سنتعرف تدريجيا ً علي كيفية اكتساب الخيال السوسيولوجي (االجتماعي) إضافة إلى ذلك سنتعرف على نشأة‬
‫علم‪ ‬االجتماع‪  ‬كمجال معرفي‪ ،‬أطره النظرية األساسية وأساسه العلمي‪ .‬في الختام نناقش كيف يمكن لعلم‪ ‬االجتماع‪ ‬أن يساعدنا في‬
‫‪. ‬حياتنا العامة‬
‫‪ ‬تطور المنظور االجتماعي ‪1/1‬‬
‫أوضح عالم‪ ‬االجتماع‪  ‬األمريكى سى رايتز ملز أن الخيال االجتماعي هو مقدرتنا على اإلفالت من ظروفنا الفردية والنظر إلى‬
‫عالمنا االجتماعي في ضوء جديد‪ .‬ولد علم‪ ‬االجتماع‪ ‬أثناء محاولة شرح التغيرات االجتماعية الناتجة من الثورة الصناعية‬
‫‪. ‬وسيساعدنا المنظور االجتماعي على فهم هذا العالم والمستقبل الذي يخبئه لنا‬
‫تطور المنظور العالمي والشامل يدل على األهمية العظمى لعلم‪ ‬االجتماع‪ ‬ألنه يفتح أعيننا على حقيقة أن اعتمادنا المتبادل مع‬
‫‪. ‬المجتمعات األخرى يعنى أن أفعالنا لها نتائج على اآلخرين وأن مشاكل العالم تؤثر علينا‬
‫‪ ‬تطور التفكير االجتماعي ‪1/2‬‬
‫يشتمل علم‪ ‬االجتماع‪  ‬على مداخل نظرية متنوعة‪ .‬فالمجادالت النظرية يصعب حلها حتى في العلوم الطبيعية‪ ،‬ونواجه في‬
‫علم‪ ‬االجتماع‪ ‬صعوبات إضافية بسبب المشاكل المعقدة‪ i‬المتعلقة بوضع سلوكنا موضع الدراسة‪ .‬ويمكننا تعريف النظرية بأنها بناء‬
‫‪. ‬لتفسيرات مجردة يمكن استخدامها لشرح مواقف إمبريقية متعددة ومتنوعة‬
‫‪: ‬أسهم في تطور التفكير االجتماعي على مر القرون القليلة الماضية عدد من العلماء والمنظرين االجتماعيين أهمهم‬
‫‪ ‬أوغست كونت(‪1798‬ـ‪*)1857‬‬
‫فرنسي الجنسية‪ ،‬أوجد مصطلح (سوسيولوجي)‪ ،‬وكان يعتقد أن علم‪ ‬االجتماع‪ ‬يمكن أن يوفر معرفة بالمجتمع قائمة على الدليل‬
‫العلمي‪ .‬نظر كونت إلى علم‪ ‬االجتماع‪ ‬كموفر لوسائل التنبؤ بالسلوك اإلنساني والسيطرة عليه‪ ،‬وهذا بدوره كما يرى كونت سيسهم‬
‫‪. ‬في رفاهية اإلنسان‬
‫‪ ‬إميل دوركايم(‪1857‬ـ‪*)1917‬‬
‫فرنسي الجنسية‪ ،‬يرى أن التغير االجتماعي يقوم على تطور تقسيم العمل‪ .‬شدد دوركايم على أن على علم‪ ‬االجتماع‪ ‬دراسة‬
‫‪. ‬الحقائق االجتماعية‪ ،‬تلك الجوانب من الحياة االجتماعية التي تشكل أفعالنا كأفراد‬
‫وليتمكن المجتمع من الوجود المتواصل عبر الزمن‪ ،‬على مؤسساته المتخصصة العمل في تناغم مع بعضها البعض كما عليها أن‬
‫‪. ‬تؤدى وظيفتها ككل متكامل ومندمج‬
‫‪ ‬كارل ماركس(‪1818‬ـ‪)1883‬‬
‫ألماني الجنسية‪ ،‬يرى أن التغير االجتماعي يتأتى من التأثير االقتصادي‪ .‬يرى ماركس أن نموء الرأسمالية هو القوى الدافعة لكل‬
‫‪. ‬التطورات الحديثة‪ .‬كما أن الرأسمالية عملت على انقسام المجتمع في طبقات متصارعة‬
‫‪ ‬ماكس فيبر(‪1864‬ـ‪)1920‬‬
‫ألماني تتعلق معظم كتاباته بالثقافة الحديثة والرأسمالية‪ .‬يعطى مدخله النظري أهمية خاصة إلى تركيز دوركايم على أهمية القيم‬
‫واألفكار في المجتمع‪ .‬على الرغم من أن فيبر لم ينكر أهمية التأثيرات االقتصادية فقد حاول توضيح كيف أن القيم واألفكار مثل‬
‫الدين والعلم يمكن أن تشكل المجتمع‪ .‬ويرى فيبر أن القوى الدافعة األساسية للتطورات الحديثة هي العقالنية في الحياة االجتماعية‬
‫واالقتصادية‪ .‬تعنى العقالنية تنظيم الحياة االجتماعية واالقتصادية والثقافية على ضوء مبادئ الفعالية وعلى أسس المعارف‬
‫ت مهمةً في علم اجتماع األديان‬
‫‪. ‬التقنية‪ .‬قدم فيبر مساهما ٍ‬
‫‪ ‬بعض المبادىء المهمة ‪1/3‬‬
‫يقدم علماء‪ ‬االجتماع‪  ‬تفسيرات متباينة وأحيانا متناقضة لما يجري في العالم االجتماعي‪ .‬وأسباب هذا االختالف تكمن في اختالف‬
‫‪: ‬المنظورات والمداخل والمناهج والنظريات التي يستخدمها أولئك العلماء‪ ،‬والتي نتناولها فيما يلي بشيء من التفصيل‬
‫المنظورات‪ :‬وهي الطرق المختلفة التي يفهم بها علماء‪ ‬االجتماع‪ ‬العالم االجتماعي‪ .‬والتصنيف العام للمنظورات يشتمل علي *‬
‫‪: ‬عدد من األنواع هي‬
‫‪ ‬أ‪ /‬منظور الفعل‬
‫ويري هذا المنظور أن بناء العالم االجتماعي نتاج لعملية ينسب فيها األفراد المعني للسلوك والمواقف‪ .‬لذلك فإن األفراد هم الذين‬
‫يصنعون المجتمع‪ .‬والنظريات االجتماعية التي تتبع هذا المنظور هي نظريات الفعل االجتماعي‪ ،‬التفاعلية الرمزية ونظرية‬
‫‪. ‬األثنوميثودولوجي‬
‫‪ ‬ب‪ /‬المنظور البنيوى‬
‫ويري هذا المنظور أن العالم االجتماعي له وجوده المستقل عن األفراد الذين نجد أن سلوكهم مقيد بواسطة القوي االجتماعية‬
‫‪: ‬الخارجية‪ .‬يري هذا المنظور أن المجتمع هو الذي يصنع الفرد‪ .‬وينقسم المنظور البنيوي إلي نوعين‬
‫منظور الوفاق‪ ،‬ويري أن المجتمع متوافق ومنسجم‪ i‬مع النظام المبني علي القيم المشتركة‪ .‬والنظرية السائدة ضمن منظور الوفاق‬
‫‪. ‬هي النظرية البنائية الوظيفية‪i‬‬
‫منظور الصراع‪ ،‬ويري أن الصراع أمر طبيعي‪ ،‬وأن النظام يفرض بواسطة األقوى علي األضعف‪ .‬والنظريات األساسية ضمن هذا‬
‫‪. ‬المنظور هي النظريات الماركسية‪ ،‬النظريات الفيبرية (نسبة إلي ماكس فيبر) والنظريات النسوية‬
‫‪ ‬ج‪ /‬منظور ما بعد الحداثة‬
‫‪. ‬يقوم هذا المنظور علي رفضه لوجود تفسير واحد حاسم وكلي‬
‫المداخل أو المقاربات‪ :‬وهي طرق مختلفة يختارها علماء‪ ‬االجتماع‪ ‬لتعريف المشاكل السوسولوجية وتحديدها‪ ،‬ولتحديد ما*‬
‫‪: ‬يدرسونه وكيف يدرسونه‪ .‬والتمييز األساسي بين المدخل الوضعي والمدخل التفسيري كما يلي‬
‫‪ ‬أ‪ /‬المدخل الوضعي‬
‫‪. ‬يشتمل المدخل الوضعي علي البحث عن قوانين السبب والنتيجة‪ ،‬ويستخدم مناهج شبيهة بتلك التي تستخدم في العلوم الطبيعية‬
‫‪ ‬ب‪ /‬المدخل التفسيري‬
‫يشتمل هذا المدخل علي البحث عن المعني الذاتي الذي يمنحه الناس للسلوك‪ .‬وهو يعرف أحيانا ً بالمدخل الظاهراتي أو‬
‫‪. ‬الفينومينولوجي‬
‫‪. ‬المناهج‪ :‬وهي طرق متباينة لجمع البيانات والمعلومات وتفسيرها*‬
‫‪. ‬النظريات‪ :‬وهي التفسيرات مثل لماذا نجد أن نمط سلوك معين هو السائد*‬
‫‪ ‬النماذج النظرية الحديثة ‪1/4‬‬
‫‪ ‬أ‪ /‬التفاعلية الرمزية‬
‫نظرية اجتماعية تركز على تبادل الرموز بين األفراد في التفاعل االجتماعي‪ ،‬وتهتم النظرية بتفاعل األفراد في المستوى الصغير‬
‫‪. ‬وليس المجتمع ككل‬
‫‪ ‬ب‪ /‬نظريات ما بعد الحداثة‬
‫مجموعة من المداخل النظرية تعتقد أن المجتمع لم يعد محكوما ً بالتاريخ أو التقدم‪ ،‬وترى أن مجتمع مابعد الحداثة مجتمع بالغ‬
‫‪. ‬التعدد والتنوع وال تحكمه أية مبادئ كبرى‬
‫‪ ‬ج‪ /‬نظرية االختيار العقالني‬
‫‪. ‬نظرية اجتماعية ترى أن سلوك الفرد يمكن تفسيره على أفضل وجه بواسطة مصالحه الذاتية‬
‫‪ ‬د‪ /‬النظريات النسوية‬
‫‪. ‬نظريات تربط مابين النظرية االجتماعية واإلصالح السياسي وترى أن حياة المرأة وتجربتها أساسيتان في دراسة المجتمع‬
‫‪ ‬علم االجتماع‪ ،‬هل هو علم؟ ‪1/5‬‬
‫يمكننا تعريف العلم بأنه االستخدام‪ i‬المنتظم لوسائل البحث اإلمبريقى‪ ،‬تحليل البيانات والتقييم المنطقي للحجج لتطوير نصوص‬
‫‪. ‬معرفية حول موضوع معين‬
‫بهذا التعريف للعلم يمكن اعتبار علم‪ ‬االجتماع‪ ‬علما ً لكن ال يمكن نمذجته مباشرة على العلوم الطبيعية ألن دراسة السلوك اإلنساني‬
‫‪. ‬تختلف جوهريا ً عن دراسة العالم الطبيعي‬
‫‪: ‬يعمل علم‪ ‬االجتماع‪ ‬على مستويين من التحليل‬
‫‪. ‬ـ علم اجتماع المنظور الصغير‪ :‬يدرس السلوك اليومي في مواقف التفاعل وجها ً لوجه‬
‫‪. ‬ـ علم اجتماع المنظور الكبير‪ :‬يعمل على تحليل األنساق االجتماعية الكبرى‬
‫‪. ‬هناك عالقة وثيقة بين مستويي التحليل‬
‫‪ ‬كيف يمكن لعلم‪ ‬االجتماع‪ ‬أن يساعدنا في حياتنا؟ ‪1/6‬‬
‫‪: ‬اإلجابة عن السؤال أعاله تتمثل في‬
‫‪. ‬أ‪ /‬الفهم المتطور لحزمة من الظروف االجتماعية يعطينا عادة فرصا ً أفضل في السيطرة عليها‬
‫‪. ‬ب‪ /‬يوفر علم‪ ‬االجتماع‪ ‬الوسائل التي تساعدنا على زيادة حساسيتنا الثقافية‬
‫‪. ‬ج‪ /‬يمكننا دراسة تبعات اتباع برامج سياسة اجتماعية معينة‬
‫‪. ‬د‪ /‬يساعد علم‪ ‬االجتماع‪ ‬في التنوير الذاتي كما يمنح الجماعات واألفراد فرصا ً متزايدة لتغيير ظروف حياتهم‬

‫‪ : ‬نشأة علم االجتماع‬


‫على الرغم من أن التفكير االجتماعي قديم قدم اإلنسان نفسه‪ ،‬فإن‪ ‬االجتماع‪ ‬اإلنساني لم يصبح موضوعا ً ٍ‬
‫لعلم إال في فترة الحقة‪.‬‬
‫وكان أول من نبه إلى وجود هذا العلم‪ ،‬واستقالل موضوعه عن غيره‪ ،‬هو ابن خلدون ‪ .‬فقد صرح في عبارات واضحة أنه اكتشف‬
‫علما ً مستقالً ‪ ،‬لم يتكلم فيه السابقون ‪ ،‬إذ يقول‪" :‬وكأن هذا علم مستقل بنفسه‪ ،‬فإنه ذو موضوع‪ ،‬وهو العمران البشري‪،‬‬
‫واالجتماع اإلنساني‪ ،‬وذو مسائل‪ ،‬وهي بيان ما يلحقه من العوارض واألحوال‪ i‬لذاته‪ ،‬واحدة بعد أخرى‪ ،‬وهذا شأن كل علم من‬
‫العلوم‪ ،‬وضعيا ً كان أو عقليا ً " (‪ . .)2‬ويقول أيضا ً‪" :‬واعلم أن الكالم في هذا الغرض مستحدث الصنعة‪ ،‬غريب النزعة‪ ،‬أعثر‬
‫عليه البحث‪ ،‬وأدى إليه الغوص‪ . . . .‬ولعمري لم أقف على الكالم في منحاه ألحد من الخليقة‪ ،‬ما أدري‪ :‬ألغفلتهم‪ i‬عن ذلك‪ ،‬وليس‬
‫يكتف بذلك‪ ،‬بل دعا القادرين إلى‬
‫ِ‬ ‫الظن بهم؟ أو لعلمهم كتبوا في هذا الغرض‪ ،‬واستوفوه‪ ،‬ولم يصل إلينا؟ " (‪ ..)3‬كما أنه لم‬
‫استكمال ما نقص منه‪" :‬ولعل من يأتي بعدنا ممن يؤيده هللا بفكر صحيح‪ ،‬وعلم مبين‪ ،‬يغوص من مسائله على أكثر مما‬
‫كتبنا‪ . " ‬وإضافة إلى ذلك فإن مقدمته شملت على أقل تقدير سبعة من فروع علم‪ ‬االجتماع‪ ‬المعاصر‪ ،‬ناقشها ابن خلدون في‬
‫‪ . ‬وضوح تام‬
‫ولكن على الرغم من ذلك‪ ،‬وعلى الرغم من قول عالم‪ ‬االجتماع‪ ‬الشهير جمبلوفتش‪ : ‬لقد أردنا أن ندلل على أنه قبل أوجست‬
‫كونت‪ ،‬بل قبل فيكو الذي أراد اإليطاليون أن يجعلوا منه أول اجتماعي أوروبي‪ ،‬جاء مسلم تقي‪ ،‬فدرس الظواهر االجتماعية بعقل‬
‫متزن‪ ،‬وأتى في هذا الموضوع بآراء عميقة‪ ،‬وإن ما كتبه هو ما نسميه اليوم علم‪ ‬االجتماع‪ ، ‬على الرغم من ذلك كله‪ ،‬فإن التأريخ‬
‫لعلم‪ ‬االجتماع‪ ‬يقف عند كونت ‪ .‬الفرنسي باعتباره المنشئ األول لهذا العلم‪ .‬ويتجاهل بذلك المؤسس الحقيقي لهذا العلم الذي نبه‬
‫عن وعي وفي وضوح إلى اكتشافه لهذا العلم‪ ..‬ومهما كانت ظروف النشأة الجديدة فإن من النكران للجميل‪ ،‬والظلم أيضا ً عدم‬
‫‪.‬االعتراف البن خلدون بفضله في هذا المجال‬
‫وعلى كل حال‪ ،‬فإن ابن خلدون لم يخلفه خلف يتمم ما بدأ‪ ،‬ويبني على ما أسس‪ .‬لقد نشأ علم‪ ‬االجتماع‪ ‬المعاصر نشأة مستقلة‪ ،‬في‬
‫بيئة أخرى غير بيئة ابن خلدون‪ .‬لقد نشأ العلم الحديث في أوروبا على يد أوجست كونت‪ ،‬حيث نحت له هذا االسم‪:‬‬
‫"علم‪ ‬االجتماع‪ ،"  ‬وقد كانت هذه النشأة الغربية مرتبطة أشد االرتباط بظروف التحول االقتصادي واالجتماعي والسياسي‬
‫والفكري‪ ،‬التي كان يمر بها المجتمع األوربي في ذلك الوقت‪ ،‬بحيث نستطيع أن نقول‪ :‬إن علم‪ ‬االجتماع‪ ‬الغربي بكافة اتجاهاته‬
‫‪ .‬وفروعه النظرية‪ ،‬قد تطور استجابة للتطورات والمشكالت االجتماعية في مرحلة االنتقال من النظام القديم إلى النظام الجديد‬

‫وعلم‪ ‬االجتماع‪ ‬الغربي هذا "هو الذي كتب له االتصال واالستمرار والسيطرة‪ ،‬كنظام فكري وعلمي‪ ،‬بحكم‪ i‬ارتباطه بالحضارة‬
‫‪.‬المسيطرة " ‪ ،‬ولهذا فقد أصبح عالمياً‪ ،‬وفرض نفسه على اآلخرين‪ ،‬كالحضارة الغربية تماما ً‬
‫ويذكر بعض المؤرخين لعلم االجتماع‪ ،‬أن له أربعة أصول فكرية‪ ،‬تتمثل في‪" : ‬الفلسفة السياسية‪ .‬وفلسفة التاريخ‪ .‬والنظريات‬
‫البيولوجية في التطور‪  .‬والحركات التي قامت تنادي باإلصالح االجتماعي والسياسي‪ ،‬ووجدت أنه من الضروري أن تجري لهذا‬
‫الغرض دراسات مسحية للظروف االجتماعية " ‪ ،‬وكان التأثير األكبر واألهم‪ ،‬من قبل فلسفة التاريخ التي قدمت‬
‫‪.‬لعلم‪ ‬االجتماع‪ ‬أفكار النمو والتقدم‪ ،‬ومفاهيم المراحل التاريخية‪ ،‬واألنماط االجتماعية‬
‫ومن قبل المسح االجتماعي أيضاً‪ ،‬الذي قدم لعلم‪ ‬االجتماع‪ ‬إمكانية دراسة الشؤون اإلنسانية بمناهج العلوم الطبيعية ‪ -‬فالظواهر‬
‫اإلنسانية أيضا ً يمكن تصنيفها وقياسها ‪ -‬وإمكانية إصالح المجتمع‪ ،‬حيث اهتمت المسوح االجتماعية بمشكلة الفقر‪ ،‬انطالقا ً من‬
‫‪.‬أنها مشكلة نتجت عن الجهل اإلنساني أو االستغالل‬
‫‪ .‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬فال يزال المسح االجتماعي من أهم طرق البحث في علم االجتماع‬
‫ما أن الحديث عن نشأة علم االجتماع‪ ،‬ال بد أن يتطرق إلى فلسفة التنوير العقالنية النقدية‪ ،‬التي أثارت كثيراً من مسائل علم‬
‫االجتماع‪ ،‬ثم بعد ذلك ‪ ،‬الموقف منها‪ ،‬هل هو‪ :‬موقف المتقبل‪ ،‬كما هو الحال في علم‪ ‬االجتماع‪ ‬الماركسي‪ .‬أو موقف الرافض‪ ،‬كما‬
‫هو الحال في علم‪ ‬االجتماع‪ ‬المحافظ؟ أو موقف الموفق بينها وبين غيرها من األفكار المعارضة؟‬
‫كما أن آثار الثورة الصناعية‪ ،‬والثورة الفرنسية‪ ،‬مهدت الطريق بشكل مباشر لتطور علم االجتماع‪ ،‬حيث أفرزتا الكثير من لمشاكل‬
‫‪.‬التي تبحث عن حل‬
‫وعلى كل حال‪ ،‬فإن كونت إضافة إلى وضعه السم علم االجتماع‪ ،‬فقد دعا إلى الدراسة الوضعية للظواهر االجتماعية‪ ،‬ووضع‬
‫الفيزياء االجتماعية على رأس العلوم قاطبة‪ ،‬وقد عني بعلم‪ ‬االجتماع‪ ‬والفيزياء االجتماعية "ذلك العلم الذي يتخذ من الظواهر‬
‫االجتماعية موضوعا ً لدراسته‪ ،‬باعتبار هذه الظواهر من روح الظواهر الفلكية‪ ،‬والطبيعية‪ ،‬والكيماوية والفسيولوجية نفسها‪ ،‬من‬
‫‪ " .‬حيث كونها موضوعا ً للقوانين الطبيعية الثابتة‬
‫ويعد هربرت سبنسر اإلنجليزي‪ ،‬أحد رواد علم‪ ‬االجتماع‪ ‬المعاصرين لكونت‪ .‬وقد أدرك إمكانية تأسيس علم االجتماع‪ ،‬وأخرج‬
‫مؤلفات متعددة في هذا العلم‪" ‬كاالستاتيكا االجتماعية‪ ،‬و "دراسة علم االجتماع" و "مبادئ علم االجتماع"‪ .‬وقد سيطرت عليه‬
‫فكرة التطور االجتماعي المستمر عبر الزمان‪ ،‬وهو من رواد الفكر التطوري " ‪ .‬كما أن ماركس ‪ .‬الذي يعد القائد األول للحركة‬
‫العمالية الثورية‪ ،‬قدم وجهات نظر وآراء تعد داخلة في علم االجتماع‪ ،‬بالمعنى الحديث‪ ،‬وقد أصبح أبا ً فيما بعد‬
‫‪..‬لعلم‪ ‬االجتماع‪ ‬الماركسي‪ ،‬الذي تعد المادية التاريخية أساسا ً له‬

‫أسس عـلـم االجتمـاع‬

‫‪:‬ستناول في هذه النقطة ثالثة أمور تك ّون البنية األساس لعلم االجتماع‪ ،‬وهي‬

‫‪:‬موضوع علم االجتماع‪1 - ‬‬

‫‪.‬النظرية في علم االجتماع‪2 - ‬‬

‫‪.‬منهج البحث في علم االجتماع‪3 - ‬‬

‫‪.‬موضوع علم االجتماع‪4- ‬‬

‫يعرف معجم مصطلحات العلوم االجتماعية‪ ،‬علم‪ ‬االجتماع‪ ‬بأنه‪" :‬دراسة وصفية تفسيرية مقارنة للمجتمعات اإلنسانية‪ ،‬كما تبدو‬
‫في الزمان والمكان‪ ،‬للتوصل إلى قوانين التطور‪ ،‬التي تخضع لها هذه المجتمعات اإلنسانية في تقدمها وتغيرها "‪ .‬ويحدد‬
‫علماء‪ ‬االجتماع‪ ‬موضوع علمهم‪ ،‬بالظواهر االجتماعية‪ ،‬التي تظهر نتيجة لتجمع الناس معاً‪ ،‬وتفاعلهم مع بعضهم بعضاً‪،‬‬
‫ودخولهم في عالقات متبادلة‪ ،‬وتكوين ما يطلق عليه الثقافة المشتركة‪ .‬حيث يتفق الناس على أساليب معينة في التعبير عن‬
‫‪.‬أفكارهم‪ .‬كما أنهم يتفقون على قيم محددة‪ ،‬وأساليب معينة‪ ،‬في االقتصاد‪ ،‬والحكم‪ ،‬والخالق‪ ،‬وغيرها‬

‫وتبدأ الظواهر االجتماعية بالتفاعل بين شخصين أو أكثر‪ ،‬والدخول في عالقات اجتماعية‪ .‬وحينما تدوم هذه العالقات وتستمر‪،‬‬
‫‪.‬تشكل جماعات اجتماعية‪ .‬وتعد الجماعات االجتماعية من المواضيع األساسية التي يدرسها علم االجتماع‬
‫وهناك موضوع آخر يدرسه علم االجتماع‪ ،‬يتمثل في العمليات االجتماعية‪ ،‬كالصراع‪ ،‬والتعاون‪ ،‬والتنافس‪ ،‬والتوافق‪ ،‬والترتيب‬
‫الطبقي‪ ،‬والحراك االجتماعين وهناك أيضا ً الثقافة التي تعرف بأنها‪" :‬الكل الذي يتألف من قوالب التفكير‪ ،‬والعمل في مجتمع معين‬
‫"‪ .‬كما أن التغير في الثقافة وفي البناء االجتماعي‪ ،‬أحد ميادين الدراسة في علم االجتماع‪ .‬كما أن هناك النظم االجتماعية‪ ،‬وهي‬
‫‪.‬األساليب المقننة والمقررة للسلوك االجتماعي‬
‫وكذلك الشخصية‪ ،‬وهي العامل الذي يشكل الثقافة‪ ،‬ويتشكل من خاللها‪ .‬وتدل المؤلفات التي تؤلف في مادة علم االجتماع‪ ،‬وأيضا ً‬
‫‪:‬اهتمامات علماء‪ ‬االجتماع‪ ‬البارزين‪ ،‬على أن الموضوعات األساسية هي باختصار كما يلي‬

‫‪.‬الثقافة والمجتمع ‪ -‬ومناهج البحث في العلوم االجتماعية‪2 - ‬‬

‫‪:‬الوحدات األولية للحياة االجتماعية‪ ،‬وتشمل‪2- ‬‬

‫‪.‬أ ) األفعال االجتماعية والعالقات االجتماعية)‬

‫شخصية الفرد (جـ) الجماعات (د) المجتمعات المحلية "الحضرية والريفية " (هـ) الروابط والتنظيمات (و) السكان (ز) ) ب(‬
‫‪.‬المجتمع‬

‫‪:‬المؤسسات االجتماعية األساسية‪ ،‬وتشمل‪3- ‬‬

‫‪.‬األسرة‪ ،‬االقتصاد‪ ،‬السياسة‪ ،‬القانون‪ ،‬الدين‪ ،‬التعليم‪ ،‬الرعاية االجتماعية‪ ،‬المؤسسات التعبيرية والجمالية‬

‫‪:‬العمليات االجتماعية األساسية‪ ،‬وتشمل‪4- ‬‬

‫التمايز والطبقات‪ ،‬التعاون والتالؤم والتماثل‪ ،‬االتصال‪ ،‬الصراع االجتماعي‪ ،‬الضبط االجتماعي‪ ،‬االنحراف "الجريمة واالنتحار‪...‬‬
‫‪ ،".‬التكامل االجتماعي‪ ،‬التغير االجتماعي‪ .‬هذا باختصار تعريف عام بالمواضيع التي يدرسها علم االجتماع‬

‫النظريات في علم االجتماع‬

‫يذكر علماء‪ ‬االجتماع‪  ‬أن التيارات الفكرية التي صاحبت ظهور هذا العلم ونشأته‪ ،‬ال تزال تؤثر في توجهه النظري حتى اآلن‪.‬‬
‫والحقيقة أن مختلف النظريات في هذا العلم تصب في اتجاهين أساسيين‪ ،‬يتميز كل منهما برؤية خاصة للواقع االجتماعي‪ :‬اتجاه‬
‫محافظ‪ ،‬واتجاه رافض وثوري‪ .‬والنظريات عبارة عن طرق مختلفة إلدراك الحقائق االجتماعية وتفسيرها‪ .‬وتعرف النظرية بأنها‪:‬‬
‫"مجموعة مبادئ وتعريفات مترابطة‪ ،‬تفيد في تنظيم جوانب مختارة من العالم األمبيريقي على نحو منسق ومنتظم " ‪ ،‬فهي‬
‫تتكون من قضايا مترابطة منطقيا ًن وقابلة للتحقق الواقعي‪ ،‬وتنطوي على دعاوى وبدهيات أساسية‪ .‬وتعد النظرية مسألة أساسية‬
‫في العلم‪ .‬ويرى المطلعون في ميدان النظرية‪ ،‬أن البحث دون سند من نظرية‪ ،‬أو دون اتجاه نظري‪ ،‬ليس إال نوع من العبث‪ ،‬وذلك‬
‫ألن النظرية في علم‪ ‬االجتماع‪ ‬مستمدة أصالً من نتائج دراسة عملية‪ ،‬أجريت فعالً في الواقع االجتماعي‪ ،‬وليست مستمدة من لنظر‬
‫‪:‬العقلي المجرد (‪ .. )21‬وتؤدي نظرية علم‪ ‬االجتماع‪ ‬الوظائف التالية‬

‫‪.‬تصنيف األحداث الواقعية وتنظيمها‪1- ‬‬

‫‪.‬تفسير أسباب األحداث التي تقع‪ ،‬والتنبؤ بما يمكن أن يحدث في المستقبل‪ ،‬في إطار شروط معينة‪2- ‬‬
‫تقديم فهم علمي شامل بالقوانين التي تحكم حركة األحداث في الواقع االجتماعي ‪ .‬وسوف نشير فيما يلي إشارة سريعة‪3- ‬‬
‫‪:‬ومقتضبة إلى أبرز المواقف النظرية في علم االجتماع‬

‫‪:‬النظرية البنائية الوظيفية‪1- i‬‬

‫‪: ‬يلخص أحد علماء‪ ‬االجتماع‪ ‬األفكار الرئيسة التي تعتمد عليها هذه النظرية في ‪ 6‬نقاط هي‬

‫يمكن النظر إلى أي شيء‪ ،‬سواء كان كائنا ً حياً‪ ،‬أو اجتماعياً‪ ،‬أو سواء كان فرداً‪ ،‬أو مجموعة صغيرة‪ ،‬أو تنظيما ً رسمياً‪ ،‬أو ) أ(‬
‫مجتمعا ً‪ ،‬أو حتى العالم بأسره‪ ،‬على أنه نسق أو نظام‪ ،‬وهذا النسق يتألف من عدد من األجزاء المترابطة‪ ،‬فجسم اإلنسان نسق‪،‬‬
‫‪.‬يتكون من مختلف األعضاء واألجهزة‪ ،‬وكذلك شخصية الفرد‪ ،‬والمجتمع‪ ،‬والعالم‬

‫لكل نسق احتياجات أساسية ال بد من الوفاء بها‪ ،‬وإال فإن النسق سوف يفني‪ ،‬أو يتغير تغيراً جوهرياً‪ ،‬فكل مجتمع مثالً ) ب(‬
‫‪.‬يحتاج أساليب لتنظيم السلوك "القانوني"‪ ،‬ومجموعة لرعاية األطفال "األسرة"‪ ،‬وهكذا‬

‫ال بد أن يكون النسق دائما ً في حالة توازن‪ ،‬ولكي يبقى كذلك فال بد أن تلبي أجزاؤه المختلفة احتياجاته‪ ،‬فإذا اختلت وظيفة ) ت(‬
‫‪.‬أحد األجزاء فإن الكل يصبح في حالة عدم اتزان‬

‫كل جزء من أجزاء النسق قد يكون وظيفياً‪ ،‬أي يسهم في توازن النسق‪ ،‬وقد يكون ضاراً وظيفياً‪ ،‬أي يقلل من توازن النسق‪ ) ،‬ث(‬
‫‪.‬وقد يكون غير وطيفي‪ ،‬أي عديم القيمة بالنسبة للنسق‬

‫يمكن تحقيق كل حاجة من حاجات النسق بواسطة عدة متغيرات أو بدائل‪ ،‬فحاجة المجتمع لرعاية األطفال مثالً يمكن أن تقوم ) ج(‬
‫بها األسرة‪ ،‬أو دار الحضانة‪ ،‬وحاجة المجتمع إلى التماسك‪ ،‬قد تتحقق عن طريق التمسك بالتقاليد‪ ،‬أو عن طريق الشعور بالتهديد‬
‫‪.‬من عدو خارجي‬

‫وحدة التحليل يجب أن تكون األنشطة أو النماذج المتكررة‪ .‬فالتحليل االجتماعي الوظيفي‪ ،‬ال يحاول أن يشرح كيف ترعى ) ح(‬
‫أسرة معينة أطفالها‪ ،‬ولكنه يهتم بكيفية تحقيق األسرة كنظام لهذا الهدف‪ .‬وهدف التفسير الوظيفي‪ ،‬هو الكشف عن كيفية إسهام‬
‫أجزاء النسق في تحقيق النسق ككل‪ ،‬الستمراريته‪ ،‬أو في اإلضرار بهذه االستمرارية‪ .‬وقد سميت هذه النظرية بالبنائية الوظيفية‬
‫‪ .‬ألنها تحاول فهم المجتمع في ضوء البنيات التي يتكون منها‪ ،‬والوظائف التي تؤديها هذه البنيات‬

‫‪:‬النظرية الماركسية‪2- ‬‬

‫‪:‬تقوم الماركسية ‪ -‬بوصفها نظرية في علم‪ ‬االجتماع‪ - ‬على مسلمتين أساسيتين هما‬

‫أن العامل االقتصادي هو المحدود األساسي لبناء المجتمع وتطوره‪ ،‬فعالقات اإلنتاج في مجتمع ما‪ ،‬هي التي تحكم وتحدد كافة ) أ(‬
‫‪.‬مظاهر الحياة في هذا المجتمع‪ ،‬أي البناء الفوقي من سياسة‪ ،‬وقانون‪ ،‬ودين‪ ،‬وفلسفة‪ ،‬وأدب‪ ،‬وعلم‪ ،‬وأخالق‬

‫النظر إلى العالم بما فيه المجتمع‪ ،‬من خالل اإلطار الجدلي‪ :‬الموضوع ونقيض الموضوع‪ ،‬والمركب منها‪ ،‬وهو إطار مستمر )ب(‬
‫ال يتوقف‪ ،‬ويقول تيماشيف‪" :‬إذا ر ّكبنا المسلمتين األساسيتين لماركس معاً‪ ،‬خرجنا ببعض النتائج‪ ،‬فكل نسق من اإلنتاج يبدأ‬
‫بحالة إثبات‪ ،‬حيث يكون أكثر النظم الممكنة كفاءة في ذلك الوقت‪ ،‬لكنه متى عزز اجتماعيا ً يصبح عقبة أمام تطبيق االختراعات‬
‫التكنولوجية‪ ،‬واإلفادة من األسواق الحديثة‪ ،‬والمواد الخام‪ ،‬وال يمكن للتطور التاريخي أن يقف عند هذه المرحلة‪ ،‬فالنظام المعزز‬
‫‪ ".‬اجتماعيا ً ينبغي القضاء عليه بواسطة ثورة اجتماعية‪ ،‬تخلق نظاما ً جديدا إلنتاج‪ ،‬مركب من القديم والجديد‬

‫فيما سبق عرضنا ألهم نظريتين في علم االجتماع‪ ،‬ومع ذلك فإنهما ال يمثالن إال جزءاً بسيطا ً من النظريات في هذا العلم‪ ،‬ويكفي‬
‫‪.‬أن نطالع كتاب تيماشيف‪" ‬نظرية علم االجتماع" مثالً‪ ،‬لنعرف مدى سعة وكثرة النظريات وتعددها في هذا العلم‬

‫مناهج البحث في علم االجتماع‬

‫هناك مناهج للبحث يستخدمها علماء االجتماع‪ ،‬ويتوقف استخدامها‪ i‬على الباحث‪ ،‬وطبيعة البحث‪ ،‬واإلمكانات المتوفرة‪ ،‬ودرجة‬
‫الدقة المطلوبة‪ ،‬وأغراض البحث‪ ،‬ولعل من أكثر الطرق المنهجية شيوعا ً في الدراسات االجتماعية‪ ،‬المنهج التاريخي المقارن‪،‬‬
‫والتجريبي‪ ،‬والمنهج الوصفي وغيرها‪ ،‬مما قد تقتصر فيه النتائج على الوصف‪ ،‬أو تتعدى ذلك إلى التحليل والتفسير وقد ال يكتفي‬
‫‪:‬الباحث بأحد هذه المناهج‪ ،‬بل يتعدى إلى المزج بينها‪ .‬وسنعطي فيما يلي نبذة عن هذه المناهج‬

‫المنهج التاريخي‪ :‬يستخدم علماء‪ ‬االجتماع‪  ‬المنهج التاريخي‪ ،‬عند دراستهم للتغير الذي يطرأ على شبكة العالقات االجتماعية‪1- ،‬‬
‫وتطور النظم االجتماعية‪ ،‬والتحول في المفاهيم والقيم االجتماعية‪ .‬وعند دراستهم ألصول الثقافات‪ ،‬وتطورها‪،‬وانتشارها‪ .‬وعند‬
‫عقد المقارنات المختلفة بين الثقافات والنظم‪ ،‬بل إن معرفة تاريخ المجتمع ضرورية لفهم واقعه‪ .‬وقد صاحب المنهج التاريخي‬
‫نشأة علم االجتماع‪ ،‬وقد كان في البداية تطورياً‪ ،‬يميل إلى وضع المراحل التطورية المختلفة للمجتمعات اإلنسانية‪ ،‬كما هو عند‬
‫كونت وسبنسر‪ .‬ولكن النزعة التطورية بدأت تتالشى‪ ،‬نظراً لعدم موضوعيتها‪ .‬وتعد الوثائق سوا ًء أكانت وثائق شخصية‪ ،‬أم‬
‫رسمية‪ ،‬أم عامة‪ ،‬من أهم مصادر المعرفة االجتماعية‪ ،‬كالتاريخ االقتصادي‪ ،‬والسياسي‪ ،‬والديني‪ ،‬والتربوي‪ ،‬والسكاني وغيرها‪،‬‬
‫ومثل ذلك الدراسات الوصفية المتكاملة لمجتمع ما في فترة تاريخية معينة‪ ،‬حيث تحتوي هذه الدراسات عادة على معلومات قيمة‬
‫تفيد عند التحليل‪ .‬يمكن أن نمثل لهذا النوع من الدراسات‪ ،‬بالدراسة الضخمة‪ ،‬التي أعدتها مجموعة علماء الحملة الفرنسية على‬
‫مصر بعنوان‪ :‬وصف مصر‪ ،‬حيث تعد دراسة مسحية شاملة للبناء االجتماعي لمصر في فترة تاريخية معينة‬

‫المنهج الوصفي‪" :‬يعد المنهج الوصف من أكثر مناهج البحث االجتماعي مالءمة للواقع االجتماعي وخصائصه‪ .‬وهو الخطوة‪2- ‬‬
‫األولى نحو تحقيق الفهم الصحيح لهذا الواقع‪ .‬إذ من خالله نتمكن من اإلحاطة بكل أبعاد هذا الواقع‪ ،‬محددة على خريطة‪ ،‬تصف‬
‫وتصور بكل دقة كافة ظواهره وسماته "‪ .‬وقد واكب المنهج الوصفي نشأة علم االجتماع‪ ،‬وقد ارتبطت نشأته بحركة المسح‬
‫‪.‬االجتماعي في إنجلترا‪ ،‬أو منهج لوبالي في دراسة الحالة‪ ،‬ونشأة الدراسات األنثروبولوجية‬

‫‪:‬المنهج التجريبي‪3- ‬‬

‫التجريب جزء من المنهج العلمي‪ .‬فالعلم يسعى إلى صياغة النظريات التي تختبر الفروض التي تتألف منها‪ ،‬وتتحقق من مدى"‬
‫صحتها‪ ..‬والتجربة ببساطة‪ :‬هي الطريقة التي تختبر بها صحة الفرض العلمي‪" .‬فالتجريب هو القدرة على توفير كافة الظروف‪،‬‬
‫التي من شأنها أن تجعل ظاهرة معينة ممكنة الحدوث في اإلطار الذي رسمه الباحث وحده بنفسه‪ .‬والتجريب يبدأ بتساؤل يوجهه‬
‫الباحث مثل‪ :‬هل يرتبط ارتفاع المستوى االقتصادي للفرد بإقباله على التعليم؟ أو هل هناك عالقة بين الدين والسلوك االقتصادي؟‪.‬‬
‫أو بين التنشئة االجتماعية وانحراف األحداث؟ ومن الواضح أن اإلجابة على هذه التساؤالت‪ ،‬تقتضي اتباع أسلوب منظم لجمع‬
‫البراهين واألدلة‪ .‬والتحكم في مختلف العوامل التي يمكن أن تؤثر في الظاهرة موضوع البحث‪ ،‬والوصول إلى إدراك للعالقات بين‬
‫األسباب والنتائج‪. "  ‬ويعتمد تصميم البحث التجريبي على عدة خطوات‪ ،‬هي تحديد المشكلة‪ ،‬وصياغة الفروض التي تمس‬
‫المشكلة‪ ،‬ثم تحديد المتغير المستقل‪ ،‬والمتغير التابع‪ ،‬ثم كيفية قياس المتغير التابع‪ ،‬وتحديد الشروط الضرورية للضبط والتحكم‪،‬‬
‫والوسائل المتبعة في إجراء التجربة‪ .‬ومع صعوبة تطبيق هذا المهج في العلوم االجتماعية‪ ،‬إال أنه طبق فيها‪ ،‬واستطاع أن يغزو‬
‫‪.‬علم‪ ‬االجتماع‪ ‬والعلوم االجتماعية‪ ،‬تحت تأثير النجاح الذي حققه في العلوم الطبيعية‬
‫‪:‬المنهج المقارن‪4- ‬‬

‫يمكن القول بأن المنهج المقارن‪ ،‬يطبق في علم‪ ‬االجتماع‪ ‬بكافة فروعه ومجاالت دراسته‪ ،‬ذلك أن أي بحث في علم‪ ‬االجتماع‪ ‬ال‬
‫يخلو من الحاجة إلى عقد مقارنة ما‪ .‬وقد استعان به أغلب علماء‪ ‬االجتماع‪ ‬قديما ً وحديثاً‪ ،‬ويمكن ذكر المجاالت الرئيسة في علم‬
‫‪:‬االجتماع‪ ،‬التي يمكن أن تخضع للبحث المقارن فيما يلي‬

‫‪.‬دراسة أوجه الشبه واالختالف‪ ،‬بين األنماط الرئيسة للسلوك االجتماعي ) أ(‬

‫دراسة نمو وتطور أنماط الشخصية‪ ،‬واالتجاهات النفسية واالجتماعية في مجتمعات‪ ،‬وثقافات متعددة‪ ،‬مثل بحوث الثقافة‪ ) ،‬ب(‬
‫‪.‬والشخصية‪ ،‬ودراسات الطابع القومي‬

‫‪. ‬دراسة النماذج المختلفة من التنظيمات‪ ،‬كالتنظيمات السياسية والصناعية ) ج(‬

‫دراسة النظم االجتماعية في مجتمعات مختلفة‪ ،‬كدراسة معايير الزواج واألسرة والقرابة‪ ،‬أو دراسة المعتقدات الدينية‪ ) ،‬د‪( ‬‬
‫‪ .‬وكذلك دراسة العمليات والتطورات التي تطرأ على النظم االجتماعية مثل التحضر‬

‫‪ .‬تحليل مجتمعات كلية‪ .‬وعادة ما تتم المقارنة بين المجتمعات وفقا ً للنمط الرئيس السائد للنظم )هـ(‬
‫لكل من لديه إضافة او اي معلومات ان يرسلها‬ ‫‪.‬‬
‫‪Read more: http://guemardz.com/vb/showthread.php?p=5126#ixzz2AEREyBGc‬‬

You might also like