Professional Documents
Culture Documents
1
2
نسخة إلكرتونية
.................................
للتواصل مع املؤلف
proftaha11@gmail.com
املقاصد الكربى للقرآن الكريم
3
4
E
املقاصد الكربى للقرآن الكريم
الحمد هلل الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا ،ق ّي ًما،
قويما ،وألسقامهم شفاء
ً نورا مبينًا ،وللناس هدى
جعله اهلل تعالى للحياة ً
وذكرا خالدً ا إلى ً عظيما ،وجعله تبيانًا لكل شيء ،ورحمة وبشرى للمؤمنين، ً
يوم الدين ،فهو« :ا ْل ِع ْص َم ُة ا ْل َواقِ َيةَُ ،والنِّ ْع َم ُة ا ْل َباقِ َيةَ ،وا ْل ُح َّج ُة ا ْل َبال ِ َغةَُ ،والدَّ َل َل ُة
ورَ ،وا ْل َح َك ُم ا ْل َعدْ ُل ِعنْدَ مشتبهات األمور ،وهو الصدُ ِ ِ ِ
الدَّ ام َغةَُ ،و ُه َو ش َفا ُء ُّ
ِ اج َل َي ْخ ُبو ِض َي ُ ِ
اب اؤ ُهَ ،وش َه ٌ باله ْزل ،س َر ٌ الج ْزل ،وال َف ْصل الذي ليس َ الكالم َ
ولَ ،و َظ َه َر ْت وثناؤهَ ،و َب ْح ٌر َل ُيدْ َر ُك َغ ْو ُر ُهَ ،ب َه َر ْت َب َل َغ ُت ُه ا ْل ُع ُق َ
ُ َل َي ْخ َمدُ ُ
نوره
يط بِ َو ْص ِف ِه ح ُ ...ل يس َت ْق ِصي معانِيه َفهم ا ْل َخ ْل ِق ،و َل ي ِ
َ ُ ََ َُ ْ ُ
ٍ
اح ُت ُه َع َلى ك ُِّل َم ُقول َ َ ْ َف َص َ
ف فِ ْك َر ُهف ِه َّم َت ُه إِ َل ْي ِهَ ،و َو َق َ الس ِعيدُ َم ْن َص َر َ ِ ِ ِ
َع َلى ْال ْط َلق ُذو ال ِّل َسان ال َّط ْل ِقَ ،ف َّ
اص َط َفا ُه لِلت َّْذكِ ِير بِ ِه َو َت َذك ُِّر ِهَ ،ف ُه َو و َع ْزمه َع َلي ِه ،وا ْلمو َّف ُق من و َّف َقه ِ ِ
اهَّلل لتَدَ ُّب ِرهَ ،و ْ
َ َُ ْ َ َُ َ ْ َ ُ ُ
اضَ ،و َي ْك َر ُع مِنْ ُه فِي ِح َي ٍ
اض» (.)1 َي ْر َت ُع مِنْ ُه فِي ِر َي ٍ
وقد جعل اهلل تعالى ورثة كتابه هم األصفياء من عباده ،قال تعالى:
﴿ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ﴾ [فاطر ،]32 ،31 :وجعل حملته
ﳂﳃﳄﳅﳆﳇﳈﳉﳊﳋﳌﳍ﴾
�
[طه ،]124 -123 :وال يصلح آخر هذه األمة إال بنور الوحي الذي صلح
به أولها ،فال عجب أن يجعله أولو النهى من عباده رياض عقولهم ،وعافية
أرواحهم ،وبصيرة حياهتم.
ﱼﱽﱾﱿﲀﲁﲂﲃﲄﲅﲆﲇ
بمن يظفر بغاية كالم خالق البشر الذي هو النعمة المسداة والرحمة المهداة؟!
فالبحث فيه من أشرف األعمال التي ُتبذل له الجهود والطاقات ،و ُتفنى فيه
األعمار ،يوصلك إلى خالصة مضمون الرسالة ،وله أثر بعد ذلك يف مزيد فهم
املقاصد الكربى للقرآن الكريم
للقرآن الكريم ،واستنباط بعض معانيه ،وكما له أثره عند تنزيل القرآن على
الواقع؛ من خالل التوازن بين فهم النصوص ومقاصدها.
ً
أول :أهمية املوضوع:
األول :إبراز غاياته الكل ّية ،وموضوعاته األساسية التي تمثل مضمون
خطابه العام ،وهذا ال يختلف يف وجوب تع ّلمه على كل مسلم؛ ألهنا تمثل
أساسيات يقوم عليه تد ّين الفرد وفهمه الكلي لدينه فيسير على بصيرة من أمره،
فليس يجب على الخلق جمي ًعا حفظ وفهم جميع القرآن الكريم ،فهذا مما
يصعب عليهم؛ وإنما يجب عليهم من ذلك ما تقوم به أصول وأركان دينهم
التي يف مقدمتها مقاصده الكربى.
8
والثاين :معرفة الغايات التي يرمي إليها الشارع من خالل خطابهِ ،
والح َكم
واألسرار المكتنزة من وراء تشريعاته ،ودورها يف حفظ حياة الفرد ،وتحقيق
أمن المجتمعات ،وبناء حضارة اإلنسان وفق عقيدة متوافقة مع الفطرة السليمة،
-2تحقيق التدبر الذي أمرنا اهلل تعالى به :فاهلل تعالى أمرنا بالتدبر؛
والنظر؛ والتفكر؛ والتعقل؛ والتف ّقه يف دالالت آياته ،والسعي الستنباط حكمه
وأسراره ،بما يوصل لعمق المعاين ومراميها البعيدة ،ويحقق تالوته حق
التالوة ،كما قال تعالى﴿ :ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ
ﱫﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﴾ [البقرة ،]121 :قيل يف معناه« :هم الذين
تد ّبروه حق تد ّبره ،وتفكروا يف معانيه وحقائقه وأسراره»(.)1
فسر
الم ِّ
فسر من التفسير :من أعظم أغراض ُ
الم ِّ
-3تحقيق غرض ُ
الم ِّفسر بيان
الوصول للمقاصد وبياهنا للناس ،قال ابن عاشور« :Vغرض ُ
بأتم بيان يحتمله المعنى
ما يصل إليه أو ما يقصده من مراد اهلل تعالى يف كتابهّ ،
يوضح المراد من مقاصد القرآن ،أو ما يتوقف عليه
وال يأباه اللفظ؛ من كل ما ّ
فهمه أكمل فهم ،أو يخدم المقصد تفصيال وتفريعا»(.)3
-4زيادة وعي األمة بكتابها المجيد :من خالل تيسير فهمه إليهم،
ويعمق
ّ وتعميق نظرهم يف قضاياه العليا ،ومقاصد تشريعه ،بما يظهر عظمته،
إيماهنم وتع ُّلقهم به ،ويزيد من مح َّبتهم وإقبالهم عليه ،لتع ُّلم أحكامه وهداه.
2- 2حاجة هذا العلم إلبراز فوائده التي تظهر أهميته ومنزلته ،وتلفت
للعناية به تأصيال وتطبي ًقا ،بحيث يتجاوز البحث فيه هذه المراحل األولية يف
التأصيل؛ لينتقل إلى آفاق دقيقة يف التطبيق تحتاج إليها المكتبة القرآنية.
3- 3حاجة األمة اليوم لفهم واستيعاب مقاصد القرآن الكريم الكربى،
عدوا مشرتكًا يريد
واالجتماع حولها أكثر من كل فرتة سابقة ،وهم يواجهون ً
11
اقتالع اإلسالم من جذوره بشتى الوسائل والسبل ،مما يتطلب إبراز هذه
األساسيات والكل َّيات ،واالجتماع حولها.
املقاصد الكربى للقرآن الكريم
4- 4كثرة التشكيك يف التشريعات اإلسالمية من قبل أعداء الم ّلة ،يتط ّلب
إبراز مقاصده الكل ّية ،واالنطالق منها يف الحوار مع أهل األديان وغيرهم ،كما
قال تعالى﴿ :ﭐﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ
ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲﱳ ﱴ ﱵ
5- 5حاجة طالّب العلم للوقوف على هذا المسلك العلمي المهم يف
التفسير؛ من خالل هذه المحاوالت الجادة للوصول إلى مزيد من التبصرة من
أنوار هذا الكتاب الزاهية ،حتى يستكملوا ما بناه علماؤهم.
1- 1تحرير مفهوم مقاصد القرآن الكربى اصطالحا ،وبيان الفرق بينها وبين
مقاصد الشريعة ،ومقاصد السور ،والتفسير المقاصدي ،والهدايات القرآنية.
2- 2إبراز أهمية علم مقاصد القرآن الكريم بما يظهر مكانته العلمية بين
الدراسات القرآنية ،وفوائده المرتتبة عليه ،وجعله يف الصدارة التي تليق به علم ًيا.
12
محررة.
3- 3تحديد أقسام مقاصد القرآن الكريم وأنواعها؛ بصورة دقيقة ّ
هذه المادة المهمة ،من خالل هذا الجهد الذي ال ندّ عي فيه ً
كمال ،وإنما نسأل
اهلل توفي ًقا وعونًا وسدا ًدا.
املقاصد الكربى للقرآن الكريم
والدراسات السابقة التي وقفت عليها كثيرة ،أكتفي هنا بذكر أكثرها
ارتبا ًطا وتع ّل ًقا ببحثنا ،ولها قدْ ر كبير من الجدية والموضوعية ،وقد جاءت
على النحو اآليت:
كل مرحلة؛ ولكن مما يالحظ عليها النقص الكبير يف التتبع التاريخي ألقوال
العلماء حيث اختصر على بعضها ،وركّز على المعاصرين منهم ،مما جعل
بعض ما ّقرره من نتائج ضعيفة ال يس َّلم له فيه ،والملحوظة الثانية على دراسته،
كبيرة على المتأخرين ،خال ًفا لدراستي التي تتبعت فيها أقوال المتقدمين بدقة،
مع تحليالت عميقة ألقوالهم ،أنتجت عشر نتائج لم تسبق يف دراسة كاشفة
للمقاصد حسب علمي وتت ّبعي ،وقد أوصى صاحب الدراسة بالحاجة القائمة
املقاصد الكربى للقرآن الكريم
الكتاب العزيز من حيث المفهوم والوسائل والمنهج ،وتوصل إلى أهمية ربط
التدبر بمقاصد القرآن الكريم ،فالدراسة بعيدة عن موضوعنا وهدفنا.
القرآن ال يس ّلم له يف غالبها ،حيث انتهى إلى تصنيف أمهات مقاصد القرآن يف
تسعة مقاصد ،ر ّتبها حسب األهمية إلى المقصد األقصى (إخالص العبودية
هلل) ،والمقاصد األساسية (العلم الحق ،اإليمان الصحيح ،العمل الصالح)،
والمقاصد الخادمة (الوازع ،التذكير ،الوعظ ،الصرب ،اإلحسان)( ،)1كما أن
منهجنا يف تحرير المقاصد اختلف عما تبعه الباحث.
-13مقاصد القرآن يف فكر الن َّْو َرسي :دراسة تحليلية :لألستاذ الدكتور
زياد خليل الدغامين ،تكونت الدراسة من مبحثين ،تعرض فيهما آلراء العلماء
يف مقاصد القرآن الكريم ،وتحدّ ث عن مقاصد القرآن يف فكر الن َّْو َرسي بين
مقاصد القرآن الكل ّية ،ومقاصد السور القرآنية ،ومقاصد اآليات القرآنية ،وهو
خالف ما نحن بصدده من حيث الهدف والموضوع.
هذه أبرز الدراسات السابقة التي ا ّطلعت عليها بصورة دقيقة ،وهنالك
بحوث ورسائل أخرى وقفت عليها لم أثبتها لبعدها عن موضوع بحثنا وهدفه،
مسمى بـ :فتح البيان يف مقاصد
ّ وهنالك تفسير للشيخ صديق حسن خان،
القرآن ،وليس له تع ّلق يف محتواه بموضوع المقاصد.
الكبرى
* الخاتمة.
يقوم هذا البحث على المنهج االستقرائي بتتبع ما قاله العلماء عن
المقاصد الكربى يف كتب التفسير ،والدراسات القرآنية ،عرب مسيرة التفسير
الممتدة ،ثم العمل على تحليلها للخروج بنتائج يف مفهوم المقاصد
وموضوعها ،ثم التأصيل للقول الراجح بما يربهن عن صحة ما توصلنا إليه،
فقد جمعت فيه بين المنهج االستقرائي والتحليلي والتأصيلي لتحقيق أهداف
هذه الدراسة.
22
ويف ختام هذه المقدمة أسأل اهلل تعالى اإلخالص والتوفيق ،وأقول َّ
بأن
هذا الموضوع من الموضوعات العلمية التي تحتاج أن تبحث بصورة دقيقة
يف جوانب متعددة ،ال يكفي بحثنا هذا يف استيعاهبا ،وإين مهما بذلت يف هذا
قائما ،والعوج ب ّينًا ،وأبى اهلل
العمل من جهد وتحرير ،يظل ملحظ النقص ً
بعضا،
يكمل بعضها ً
تعالى الكمال إال لكتابه ،ولكن جهود العلماء الباحثين ّ
املقاصد الكربى للقرآن الكريم
وهو نوع من التعاون العظيم على الرب والتقوى ،فهذا جهد عبد فقير يضعه بين
عقولكم الفذة ليكون لكم غنمه ،ولكاتبه غرمه ،فمن وجد فيه ً
خلل فليسدّ ده،
ومن استفاد منه فليدع لنا ،وحسبي أين بذلت طاقة يف تحبيره ،وقصدت رضى
ربي من خالل تحريره ،وما توفيق إال باهلل عليه توكلت وإليه أنيب.
قال اإلمام الشاطبيَ « :Vفح ٌّق َع َلى النَّاظِ ِر ا ْلمت ََأملِ ،إِ َذا وجدَ فِ ِ
يه َ َ ُ ِّ َ
ِ َن ْق ًصا َأ ْن ُي ْك ِم َلَ ،و ْل ُي ْح ِس ِن ال َّظ َّن بِ َم ْن َحا َل َ
ب ف ال َّل َيال َي َو ْالَ َّيا َمَ ،و ْ
اس َت ْبدَ َل ال َّت َع َ
يم َة َد ْه ِر ِه؛ ِ
ب َل ُه َيت َيج َة ُعمرهَ ،و َو َه َ
ِ ِ
الس َه َر بِا ْل َمنَا ِم؛ َحتَّى َأ ْهدَ ى إِ َل ْيه نَت َ
احة َو َّ
بِالر ِ
َّ َ
َف َقدْ َأ ْل َقى إِ َل ْي ِه َم َقالِيدَ َما َلدَ ْي ِهَ ،و َط َّو َق ُه َط ْو َق ْالَ َمان َِة ا َّلتِي فِي َيدَ ْي ِهَ ،و َخ َر َج َع ْن
ِ ِ ِ
يما وجب عليه»(.)1 ُع ْهدَ ة ا ْل َب َيان ف َ
وقد ح َّبرت هذا البحث يف غرة شعبان من عام1441( :هـ) ببلد اهلل الحرام
مكة حفظها اهلل ،وحفظ أهلها وديار المسلمين من كل سوء ،ح َّبرته واألمة تمر
بظروف صعبة بعد أن ع ِّطلت الجمع والجمعات ،والعمرة والطواف ،وحبس
عم العالم وع َّطله ،وش َّله
الناس يف البيوت بمكة وغيرها ،بسبب البالء الذي َّ
سمي بـ «كورونا» ،وقد أصاب
وجوا ،وقد ّ
وبحرا ً
ً وأوقف حركة تواصله ًبرا
الناس حزنًا طويال لذلك -سائلين اهلل أن يكشف السوء ويصلح أمر البالد
والعباد -ولكن المنح قد تأيت يف أثواب المحن ،وكان واحدً ا من نعم اهلل تعالى
علي يف هذا الظرف الحرج إخراج هذا البحث ،لما وجدته من خلوة ،وصفاء،
املبحث الأول:
املطلب األول:
املقاصد الكربى للقرآن الكريم
ً
أول :املقاصد يف اللغة:
المأتِ ّي إليه
المر ِضي بِ ُح ْك ِمه ْ ْ َ ِ
قال ابن َب ِّري « :Vمعناه على ال َحكم ْ ّ
ليح ُكم َأن ال يجور فِي ُح ْكمه بل َي ْق ِصدُ َأيَ :ي ْع ِد ُل»(.)3
ْ
فال َق ْصد يف المعيشة :أن ال يسرف وال يقرت ،و َق َصد يف األمر :لم يتجاوز
املقاصد الكربى للقرآن الكريم
فيه الحد ،ورضي بالتوسط ،يف الحديثَ « :ع َلي ُكم َهدْ يا َق ِ
اصدً ا»( )1أي :طريقا ْ ْ ً
معتدال(.)2
قصدْ ُته،
والتوجه والنهود والنهوض نحوه بالجسد أو الرأيَ : ،
ُّ واالعتزام
وقصدْ ُت َل ُه ،وقصدْ ُت إِليه بِ َم ْعنًى ،و َق َصدْ ُت َق ْصدَ ه :ن ََح ْو ُت ن َْح َو ُه( ،)3يقال:
ِ
َق َصدَ ه َي ْقصدُ ه َق ْصدً ا و َق َصدَ َل ُه و َأ ْق َصدَ ين إِليه األَ ُ
مرَ ،و ُه َو َق ْصدُ َك و َق ْصدَ َك َأي:
اس ًما َأكثر فِي ك ََلمِ ِه ْم( ،)4كما يف قوله تعالى﴿ :ﲢ ﲣ ﲤ ُت َ
جاهكَ ،وك َْو ُن ُه ْ
ﲥ﴾ [المائدة ]2:أي :قاصدين البيت الحرام.
((( أخرجه أحمد يف المسند برقم ،)19786( :والبيهقي يف السنن الكربى برقم،)4742( :
وابن خزيمة يف صحيحه برقم ،)1179( :والحاكم يف المستدرك برقم ،)1176( :وقال:
صحيح اإلسناد ولم يخرجاه ،ووافقه الذهبي ،وصححه األلباين يف صحيح الجامع الصغير
(.)4084( )753/2
(( ( تاج العروس ( ،)36 /9ولسان العرب (.)353 /3
(( ( لسان العرب (.)353 /3
((( المصدر السابق (.)353 /3
30
(( ( العين ( ،)377 /1وانظر :المحكم والمحيط األعظم ( ،)490 /2ولسان العرب (/3
.)354 ،353
(( ( لسان العرب (.)354 /3
((( التعريفات (ص.)161 :
31
المقصودة»( ،)1والتوجه نحو الشيء و َق ْصده و َأ ِّمه دون غيره ،فهذه المعاين هي
التي ترتبط ببحثنا هذا بصورة كبيرة من التوجه نحو غايات الكالم وحكمه،
املقاصد الكربى للقرآن الكريم
معان من ِ
الح َكم ليست ملحوظة يف سائر أنواع األحكام ،ولكنها ٍ أيضا
يف هذا ً
ٍ
كثيرة منها»(.)1 ملحوظة يف أنوا ٍع
التي وضعت الشريعة ألجل تحقيقها لمصلحة العباد»( ،)3ومن خالل استقراء
ما كتبه علماء الشريعة حول مصطلح المقاصد ،نجده قد َّ
تلخص يف معنيين
جاءت على النحو اآليت:
ْ َ
ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷﱸ ﱹ
ﱺ ﱻ ﴾ [النحل.)1(»]90 :
المقاصد العامة :وهي مراعاة يف كل أحكام الشريعة ،أو الغالب األعم من
أحكامها ،مثل حفظ الضروريات الخمس :الدين ،والنفس ،والنسل ،والعقل،
والمال ،ومثل التيسير ورفع الحرج وغيرها« ،فال تتوقف على جزء معين من
األوامر والنواهي ،أو قضية اصطالحية بعينها ،بل هي غايات تستكشف من
أغلب نصوص الشرع أو جملتها»(.)2
فاهلل تعالى ما أمر بأمر إال وفيه مصلحة للعباد عاجلة أو آجلة ،وما هنى
عن شيء إال وفيه مفسدة عاجلة أو آجلة ،فإظهار هذه الجوانب مما يزيد يقين
«و َم ْن َت َت َّب َع
المؤمن نحو التشريع الرباين ،يقول العز بن عبد السالم َ :V
اس ِدَ ،ح َص َل َل ُه مِ ْن َم ْج ُمو ِع َذل ِ َك ب ا ْلمصالِحِ ودر ِء ا ْلم َف ِ ِ م َق ِ
َ َْ َ الش ْر ِع في َج ْل ِ َ َ اصدَ َّ َ
إه َما ُل َهاَ ،و َأ َّن َه ِذ ِه ا ْل َم ْف َسدَ َة َل
وز ْان بِ َأ َّن َه ِذ ِه ا ْل َم ْص َل َح َة َل َي ُج ُ
ا ْعتِ َقا ٌد َأ ْو ِع ْر َف ٌ
وز ُق ْر َبان َُها»(.)2
َي ُج ُ
وهذه ع ّبر عنها العلماء بألفاظ متنوعة منها« :غرض الشارع» ،و«مقصود
«حكم التشريع»« ،علة التشريع» ،و«أسرار التشريع» ،و«الغاية الشارع»ِ ،
فمصطلح المقاصد عند علماء الشريعة إذا أطلق اتجه نحو :الغايات
العامة والخاصة للتشريع ،أو ِ
الحكم واألسرار من وراء التشريع.
املقاصد الكربى للقرآن الكريم
ويمكن تعريف مقاصد القرآن الكربى بـ( :الغايات الكل ّية التي عليها
مدار التنزيل).
فقولنا( :الغايات) ألهنا قضايا عامة تنتهي إليها جميع موضوعات القرآن
ٍ
معان ومسائل جزئية ،فالموضوعات قد تفرع عنهما منالرئيسة ،وسوره وما ّ
تكون أساسية ،لكنها ال تكون غائية ،ومن هنا كان التعبير بالغايات أدق باعتبار
ما تنتهي إليها جميع الموضوعات.
((( (جهود العلماء يف استنباط مقاصد القرآن) ،بحث مقدّ م للمؤتمر العالمي األول للباحثين
يف القرآن وعلومه؛ الذي كان بعنوان« :جهود األمة يف خدمة القرآن وعلومه»( ،فاس –
المغرب)( ،ص.)956 :
37
وقولنا( :الكل ّية) لنخرج الغايات الجزئية أو الخاصة التي تحدَّ ث عنها
العلماء عند مقاصد السور ،أو بعض األحكام والموضوعات واآليات.
املقاصد الكربى للقرآن الكريم
وقولنا( :عليها مدار التنزيل) ألن جميع معاين آيات وموضوعات وسور
القرآن تدور حولها وترجع إليها ،فهي كاألم بالنسبة لها.
ولم نق ِّيد ذلك بمصالح العباد؛ ألن كل ما يف الكتاب جاء ليحقق مصالح
العباد؛ فال داعي لهذا القيد والتخصيص.
38
املطلب الثاني:
بعد أن عرفنا مقاصد القرآن ومقاصد الشريعة ،نب ِّين هنا الفرق بينهما
بصورة واضحة ،والذي يظهر يف عدة نقاط من أهمها:
ً
أول :من حيث العموم واخلصوص:
ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ﴾ [الجاثية،]18 :
فهذا يف المعنى العام ،ويف المعنى الخاص قال تعالى ﴿ :ﲊ ﲋ ﲌ
إال َّ
أن «الشريعة» يف مصطلح الفقهاء يراد هبا المعنى الخاص وهو:
املقاصد الكربى للقرآن الكريم
«األحكام التكليفية العملية»( ،)2ومن هنا صار الفرق بينهما من حيث عموم
مقاصد القرآن أنه يشمل مسائل العقيدة والشريعة ،والمقاصد الكل ّية والجزئية،
بينما تنحصر مقاصد الشريعة يف مصطلح علماء األصول والفقه يف الجوانب
التشريعية العملية ،فمقاصد الشريعة هي جزء من مقاصد القرآن يف كلياهتا
الثالثة التي تمثلها الضرور َّيات والحاج َّيات والتحسينات ،قال الشاطبي
الش ِري َع ِة إِ َلى ُك ِّل َّياتِ َها ا ْل َم ْعن َِو َّي ِةَ ،و َجدْ ن َ
َاها َقدْ َ « :Vفإِ َذا َن َظ ْرنَا إِ َلى ُر ُجو ِع َّ
آن َع َلى الكمال ،وهي :الضروريات ،والحاجيات ،والتحسينات، َت َض َّمن ََها ا ْل ُق ْر ُ
اح ٍد مِن َْها»(.)3وم َكم ُل ك ُِّل و ِ
َ َ ُ ِّ
فالعلماء الذين كتبوا يف مقاصد التشريع وعلى رأسهم اإلمام الشاطبي يف
كتابه« :الموافقات» ،والعالمة الطاهر بن عاشور يف كتابه« :مقاصد الشريعة»،
حاولوا جمع ما تناثر من مسائل الفقه يف األحكام العملية وما يتعلق به يف
كل َّيات ومقاصد؛ تضمها وتجمع جزئياهتا أصول كل ّية للتفقه ،قال ابن عاشور
فغرض العلماء الذين كتبوا عن مقاصد القرآن الكريم؛ كان هو جمع ما
ورد يف آيات القرآن وموضوعاته وسوره يف غايات كربى محددة ،يجمع جميع
ٍ
معان متنوعة. ما جاء من
املقاصد الكربى للقرآن الكريم
املطلب الثالث:
املقاصد الكربى للقرآن الكريم
عندما يطلق مصطلح مقاصد القرآن الكريم يراد به :المقاصد الكربى
والصغرى ،أو العامة والخاصة ،أو الكل ّية والجزئية؛ وذلك ألن العلماء
قسموا مقاصد القرآن إلى مقاصد كربى ،وهي التي سبق تعريفها ،وإلى
َّ
مقاصد صغرى ،أو خاصة ،أو جزئية ،وهي التي تتعلق باآليات والسور.
ً
أول :من حيث العموم واخلصوص:
فمقاصد القرآن الكربى لها أولوية عالية ،وهي مرتئسة لسائر موضوعات
املطلب الرابع:
الفرق بني مقاصد القرآن
(( ( التفسير المقاصدي تأصيل وتطبيق ،مجلة الدراسة اإلسالمية بالرياض( ،المجلد/28 :
العدد1437 /1:هـ).
47
وقيل يف تعريفه هو( :نوع من أنواع التفسير يهتم ببيان المقاصد التي
تضمنها القرآنُ ،
وشرعت من أجلها أحكامه ،ويكشف عن معاين األلفاظ، َّ
التوسع يف دالالهتا ،مراع ًيا يف ذلك قواعد التفسير بالمأثور ،والسياق،
ّ مع
والمناسبات)(.)1
وغيرها من تعريفات متنوعة ،كلها تتفق على أنه تفسير يعتني بإبراز
مقاصد القرآن والشريعة بإبراز غايتهما ،واالستفادة من ذلك يف إظهار محاسن
الشريعة.
ومن خالل االستقراء نجد أبرز الفروق بينه وبين مقاصد القرآن العامة
تتلخص يف اآليت:
ً
أول :اختالف املوضوع:
لكل منهما:
راب ًعا :البعد التارخيي ٍّ
فالحديث عن مقاصد القرآن قديم عند العلماء ،وكالمهم فيه واضح من
املقاصد الكربى للقرآن الكريم
املطلب اخلامس:
الفرق بني مقاصد القرآن
االهتمام بما يرشد إليه المعنى من فوائد وهدايات عملية؛ اتجاه له
ٍ
ومكثر فيه؛ ولكن برز يف الفرتة األخيرة المفسرين ،بين ٍّ
مقل ّ حضوره عند
العناية به والتأكيد عليه من خالل «مدرسة المنار» التي كان يقودها الشيخ
محمد عبده ،وتلميذه محمد رشيد رضا بصورة واضحة من خالل دعواهتما
اإلصالحية؛ ولكن ّ
ظل كالمهما من باب إبراز أهميته والتأكيد عليه دون
تأصيل واضح له ،ثم قامت «جامعة أم القرى» ممثلة يف «كرسي الهدايات
القرآنية» بالتأصيل له( ،)1ونشر األبحاث العلمية حوله ،وعقدت له الملتقيات
والمؤتمرات العلمية المحلية والعالمية ،وأنشأت موسوعة علمية عالمية له،
سمتها« :الموسوعة العالمية يف الهدايات القرآنية» من خالل ستين رسالة
دكتوراه ،شارك يف إعدادها طالّب ومشرفون من أكثر من ثالثين جامعة من كل
أنحاء العالم ،يف تجربة عالمية لم يسبق لها مثيل يف االجتهاد الجماعي العالمي،
وفق خطة ومنهجية موحدة يف البحث والكتابة ،حرصوا من خاللها على جمع
((( انظر :الهدايات القرآنية دراسة تأصيلية ،لألستاذ الدكتور :طه عابدين طه وآخرون ،وغيرها
من إصدارات الكرسي المتنوعة يف خدمة هذا المجال.
51
وقواعد وضوابط ،مع محاولة جادة لربط هدايات القرآن بالواقع بما يسهم
يف حل مشكالته ،فجاء هذا المشروع بما يؤسس لهذا االتجاه بصورة كبيرة
تحول كثير من كتابات
يف مسيرة التفسير يف الفرتة القادمة بإذن اهلل ،خاصة مع ّ
المختصين نحو اتجاه التدبر والعمل بالقرآن الكريم ،والسعي الستحضار
هداياته يف ِّ
حل مشكالت الواقع المعاصر ،ومن هنا كان من األهمية بمكان
التفريق بينه وبين االتجاه المقاصدي يف التفسير:
ً
أول :المقاصد يبحث فيه عن الموضوعات األساسية والقضايا الكل ّية
والكربى التي تنتهي عندها معاين القرآن أو السورة ،أو ما وراء المعاين من
عما تدل عليه اآلية من فوائد ِ
غايات وحكم وأسرار ،والهدايات يبحث فيها َّ
من خالل ألفاظها وجملها وأوجه قراءاهتا ،وأسلوهبا وما يتعلق هبا من قرائن،
أو من خالل مجموعة آيات يف معنى يضمها.
ثان ًيا :مقاصد القرآن يالحظ فيه التئام موضوعات القرآن أو السورة
كاملة حوله ،والهدايات الجزئية هي أوزاع من المعاين المتفرقة يف أبواب شتى
من العلوم الشرعية ،والهدايات الكل ّية يالحظ فيها التئام المعنى الذي يربط
بين أجزاء الموضوع فقط.
52
ثال ًثا :مقاصد القرآن يهتم فيها بالكل ّيات واألساسيات الجامعة للمعاين،
بينما الهدايات يهتم فيها بالجوانب التفصيلية العملية التطبيقية؛ ألن الهداية
راب ًعا :طرق الوصول لمقاصد القرآن الكريم طرق محددة يعتمد غال ًبا
فيها على استقراء آيات وسور القرآن بسورة كاملة ،بينما الهدايات تقوم على
طرق كثيرة مختلفة تما ًما عن طرق الوصول للمقاصد ،أوصلها بعض الباحثين
إلى سبع عشرة طريقة(.)1
((( انظر :طرق العلماء يف استخراج الهدايات القرآنية وصياغتها ،لألستاذ الدكتور :طه عابدين
طه ،دراسة تأصيلية تطبيقية.
53
املقاصد الكربى للقرآن الكريم
املبحث الثاين:
مقا�صد القر�آن:
فوائدها و�أق�سامها و�أنواعها
54
املطلب األول:
املقاصد الكربى للقرآن الكريم
موضوع مقاصد القرآن الكربى ليس موضو ًعا ثانو ًيا يف الدراسات
القرآنية؛ بل هو موضوع له أهميته الخاصة ،وقيمته العلمية العالية؛ وذلك لما
يرتتب على معرفته من فوائد كثيرة ،إليك بعض هذه الفوائد:
تفرق َّ
وتوزع من معان وهدايات قرآنية يف أولً :مجع خالصة ما َّ
كل ّيات جامعة:
يف كذب وجهل يف الجزئيات ،وجهل مظلم يف الكل ّيات فيتو ّلد فساد عظيم»(،)1
وقال العالمة السعدي « :Vومعلوم أن األصول والقواعد للعلوم ،بمنزلة
األساس للبنيان ،واألصول لألشجار ،ال ثبات لها إال هبا ،واألصول ُتبنى
ميس ًرا فقال « :Hإِ َّن اهَّللَ َل ْم َي ْب َع ْثنِي ُم َعنِّتًا َوالَ ُم َت َعنِّتًا َو َلكِ ْن َب َع َثنِي
ّ
ُم َع ِّل ًما ُم َي ِّس ًرا»( ،)1وقد كان هذا هو هدي النبي Hالعملي ،كذلك يف
املقاصد الكربى للقرآن الكريم
وغيرها ،وقلده بعض المعاصرين بإيراد مثل ذلك من علوم هذا العصر وفنونه
الكثيرة الواسعة ،فهو يذكر فيما يسميه تفسير اآلية؛ فصوال طويلة بمناسبة كلمة
مفردة ،كالسماء واألرض من علوم الفلك والنبات والحيوان ،تصد قارئها عما
ونتيجة لما سبق ذكره نحن يف حاجة ماسة لمعرفة مقاصد القرآن الكربى،
وتيسير وتسهيل فهم القرآن للناس من خاللها حتى يسهل فهم أصول وقضايا
الدين الكربى ،وموضوعاته األساسية التي ينتهي إليها الخطاب القرآين من
تصور أركانه وفرائضه
وحسن ّ
وراء موضوعاته ،وينبني عليها فهم اإلسالم ُ
ميسرة ،ويجعل كل متدبر لكالم اهلل تعالى يأيت إليه من بابه
وواجباته بصورة ّ
ومدخله؛ الذي ييسر عليه التوغل يف معانيه وهداياته بكل ُي ْسر.
كما أن إبراز المقاصد الكربى للمسلمين جمي ًعا ،يسهم بصورة كبيرة
ً
وعمل؛ ألن الكل ّيات هي التي عليها يف ترسيخ اإلسالم يف العقول اعتقا ًدا
وحسن تصور بناء اإلسالم ،وإليها ينتهي مقاصد
مدار الصالح واإلصالحُ ،
الطالبين ،والموضوعات التفصيلية والجزئية هي تابعة لها ومتفرعة عنها.
ٍ
معان يف الجملة واآلية ،وجمع ذلك :البحث عن المعاين الجامعة لما تعدَّ د من
آياته نحو موضوعاهتا يف الموضع الواحد من السورة فيما يضمها ويناسق
بينها ،ثم جمع الموضوعات المتنوعة يف السورة نحو غاية واحدة ،ثم تجمع
موضوعاته وسوره يف مقاصد كبيرة تجتمع فيها جميع معاين القرآن الكريم،
فالقرآن وإن تنوع يف جمله وآياته وموضوعاته وسوره ،فهو كالم واحد يجتمع
يف مقاصد محددة ،ففهم القرآن بطريقة صحيحة يتطلب فهمه يف ضوء مقاصده
المتنوعة التي تلتقي يف النهاية عند مقاصده الكربى ،قال اإلمام الشاطبي :V
آخ ِر ِه،
ون َع َلى بال من المستمع والمتفهم االلتفات إِ َلى َأو ِل ا ْل َك َل ِم و ِ
َ َّ ِّ « َفا َّل ِذي َي ُك ُ
آخ ِر َهاَ ،و َل فِي ون ِ ب ا ْل َق ِض َّي ِة َو َما ا ْقت ََضا ُه ا ْل َح ُال فِ َيهاَ ،ل َينْ ُظ ُر فِي َأ َّول ِ َها ُد َ
بِ َح َس ِ
ض ون َأ َّول ِ َهاَ ،فإِ َّن ا ْل َق ِض َّي َة َوإِ ِن ْاشت ََم َل ْت َع َلى ُج َملٍ؛ َف َب ْع ُض َها ُم َت َع ِّل ٌق بِا ْل َب ْع ِ ِ
آخ ِر َها ُد َ
اح ٍدَ ،ف َل م ِحيص ل ِ ْلم َت َفه ِم َعن رد ِ
آخ ِر ا ْل َك َل ِم َاز َل ٌة فِي َشي ٍء و ِ ِلَنَّها َق ِضي ٌة و ِ
احدَ ٌة ن ِ
ْ َ ِّ َ َ ُ ِّ ْ َ َّ َ َ
ف، ار ِع فِي َفه ِم ا ْلم َك َّل ِ الش ِ اك َي ْح ُص ُل َم ْق ُصو ُد َّآخ ِر ِهَ ،وإِ ْذ َذ َ َع َلى َأول ِ ِه ،و َأول ِ ِه َع َلى ِ
ْ ُ َّ َ َّ
اد ِهَ ،ف َل َي ِص ُّح ِال ْقتِ َص ُار فِي النَّ َظ ِر َفإِ ْن َفر َق النَّ َظر فِي َأج َزائِ ِه؛ َف َل يتَوص ُل بِ ِه إِ َلى مر ِ
َُ َ َ َّ ْ َ َّ
اح ٍدَ ،و ُه َو النَّ َظ ُر فِي َف ْه ِمض ،إِ َّل فِي موطِ ٍن و ِ
َ َْ ون َب ْع ٍ ض َأ ْج َز ِاء ا ْل َك َل ِم ُد َ َع َلى َب ْع ِ
ب م ْقص ِ ِ ِ ِ ال َّظ ِ
اه ِر بِ َح َس ِ
ود ا ْل ُم َت َك ِّل ِم»(.)1 ب ال ِّل َسان ا ْل َع َربِ ِّي َو َما َي ْقتَضيهَ ،ل بِ َح َس ِ َ ُ
واألمة يف حاجة كبيرة لعقول تجتهد يف فهم كتاب رهبا ،وتستنبط من
هداياته ما يلبي حاجاهتم المتجددة ،ويسهم يف حل مشكالهتم المتنوعة ،حتى
يبقى خالدً ا متدف ًقا بعطائه الممتد يف تلبية حاجة البشرية ،فرعاية ذلك يف بناء
علماء المستقبل من األهمية بمكان« ،حتى تكون طبقات علماء األمة صالحة
-يف كل زمان -لفهم تشريع الشارع ومقصده من التشريع ،فيكونوا قادرين
على استنباط األحكام التشريعية»( )4وغيرها ،ولهم القدرة على عطاء متجدد
ول َت ْفنَى «ل َي ْش َب ُع مِنْ ُه ا ْل ُع َل َما ُءَ ، ألمتهم من نور هذا الكتاب المبين ،الذي َ
ت ف ِد َل َل ُتهُ ،ك َّلما ْازداد ِ َع َجائِ ُب ُهَ ،و َل ُت ْقلِ ُع َس َحائِ ُب ُهَ ،و َل َتنْ َق ِضي آ َيا ُت ُهَ ،و َل َت ْختَلِ ُ
ُ َ َ َ
يه َت َأ ُّم ًل َو َت ْفكِ ًيرا َزا َد َها ِهدَ ا َي ًة َو َت ْب ِص ًيراَ ،و ُك َّل َما َب َج َس ْت َم ِعينُ ُه َف َّج َر َل َها
ا ْلبصائِر فِ ِ
املقاصد الكربى للقرآن الكريم
َ َ ُ
ور مِ ْن َأ ْد َوائِ َها الصدُ ِ ِ
اهاَ ،وش َفا ُء ُّ ُور ا ْل َب َصائِ ِر مِ ْن َع َم َ َينَابِ َ ِ ِ ِ
يع ا ْلح ْك َمة َت ْفج ًيراَ ،ف ُه َو ن ُ
ادي ْالَ ْر َواحِ وب ،وح ِ وسَ ،و ِر َي ُ
اض ا ْل ُق ُل ِ َ َ وبَ ،و َل َّذ ُة النُّ ُف ِ َو َج َو َاهاَ ،و َح َيا ُة ا ْل ُق ُل ِ
يهَ ،و َي َّطلِ ُعإِ َلى بِ َل ِد ْالَ ْفراحِ »( ،)1وقال الزركشي « :Vوإِنَّما ي ْفهم بع َض معانِ ِ
ََ َ َ َ َ ُ َْ َ
يهَ ،م ْن َق ِو َي َن َظ ُر ُهَ ،وا َّت َس َع مجاله يف الفكر وتد َّبره ،وامتدّ باعه َع َلى َأسر ِار ِه ومبانِ ِ
ْ َ َ ََ
ب»(.)2 وو َّقت طباعه ،وامتد يف فنون األدب ،وأحتط بِ ُل َغ ِة ا ْل َع َر ِ
(( ( مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين (.)27 /1
(( ( الربهان يف علوم القرآن (.)6 /1
62
اس ب َوا ْب ِن َع َّب ٍ يم َم َع َعلِي ْب ِن َأبِي َطال ِ ٍ َو َم ْن َت َأ َّم َل ك ََل َم ُه ْم فِي َم ْس َأ َل ِة الت َّْحكِ ِ
ِّ
ِ ِ
ابَ ،و َهدْ ُم ُه ْم وج ُه ْم َع ِن ا ْل َق ْصدَ ،وعُدُ و ُل ُه ْم َع ِن َّ
الص َو ِ َوفي َغ ْي ِر َهاَ ،ظ َه َر َل ُه ُخ ُر ُ
ان وجه ِ ِ ِ ِ ِ ِِ ِ
ان ل ْل َق َواعدَ ،وك ََذل َك ُمنَا َظ َر ُت ُه ْم ُع َم َر ْب َن َع ْبد ا ْل َع ِز ِيزَ ،و َأ ْش َبا ُه َذل َكَ ،ف َه َذ َ ْ َ
الش ِريع ِة ا ْل ُك ِّلي ِة ا ِّتبا ًعا ل ِ ْلمت ََشابِه ِ ِ ِ ِِ ِ ِ ِ ِ ِ
ات»(.)1 َ ُ َّ َ ُذك َرا في ا ْل َحديث م ْن ُم َخا َل َفت ِه ْم ل َق َواعد َّ َ
تع ّلم وتعليم الدين من خالل االهتمام بالكل ّيات التي اهتم هبا القرآن،
املقاصد الكربى للقرآن الكريم
وبنى عليها تفريعات مسائله وعلومه ،يبني خارطة أولويات مهمة للفرد
والجماعة؛ ألنه من خالل دراسة المقاصد تظهر أولويات األمور ،وحجم
وقدْ ر كل موضوع بما ُيمكن من االبتداء باألهم ،وعدم إضاعة الوقت يف
الفرعيات والجزئيات التي غال ًبا ما تكون على حساب الكل ّيات واألصول،
فمثال قضية إفراد اهلل تعالى بالعبادة ،ومحاربة الشرك وبيان عواقبه ،قضية أنزل
من أجلها كتبه ،وأرسل رسله ،وقام عليها سوق الجنة والنار ،وم ّيز اهلل تعالى
هبا بين أهل السعادة والشقاء ،فالمقاصد تربز لك أهميتها ووجوب العناية هبا،
والعمل على تحقيقها ،وقد رأينا من ضاعت عنهم األولويات كيف تخبطوا يف
مسيرهتم التعبدية واإلصالحية ،ومن هذا الباب كان رد شيخ اإلسالم V
ف على الرافضة يف جعل اإلمامة من أصول الدين فقالَ « :ف ِم َن ا ْل َم ْع ُلو ِم َأ َّن َأ ْش َر َ
َاب ون ِذك ُْر َها فِي كِت ِ ين َينْ َب ِغي َأ ْن َي ُك َ
ب فِي الدِّ ِ َم َسائِ ِل ا ْل ُم ْسلِ ِمي َنَ ،و َأ َه َّم ا ْل ُم َطال ِ ِ
آن َم ْم ُلو ٌءان َغ ْي ِر َهاَ ،وا ْل ُق ْر ُ ول َلها َأو َلى مِن بي ِ
ْ ََ الر ُس ِ َ ْ ان َّ اهَّللِ َأ ْع َظ َم مِ ْن َغ ْي ِر َهاَ ،و َب َي ُ
يد اهَّللَِ ،و ِذك ِْر َأ ْس َمائِ ِه َو ِص َفاتِ ِهَ ،وآ َياتِ ِهَ ،و َم َلئِ َكتِ ِهَ ،و ُك ُتبِ ِهَ ،و ُر ُسلِ ِه، بِ ِذك ِْر َتو ِح ِ
ْ
خ َل ِ
ض بِ ِ ودَ ،وا ْل َف َرائِ ِ ص ،و ْالَم ِر ،والنَّه ِي ،وا ْلحدُ ِ ِ
ف َ ُ َوا ْل َي ْو ِم ْالخ ِرَ ،وا ْل َق َص ِ َ ْ َ ْ
آن مم ُلوء بِ َغي ِر ْالَ َهم ْالَ ْشر ِ ال َما َم ِةَ ،ف َك ْي َ
ِْ
ف»(.)1 َ ِّ ون ا ْل ُق ْر ُ َ ْ ً ْ
ف َي ُك ُ
ﱜ ﱝ ﱞ ﱟﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ
�
مثال ذلك نجد خالفا طويال بين العلماء يف المراد بالطائفة من قوله
تعالى ﴿ :ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﴾ [النور ،]2 :فبعد أن يذكر اإلمام
يرجح وفق الفهم المقاصدي فيقول« :واألولى أن
الجصاص األقوال نجده ّ
ّ
تكون الطائفة جماعة يستفيض الخرب هبا ،ويشيع فيرتد على الناس عن مثله؛
ألن الحدود موضوعة للزجر والردع ،وباهلل التوفيق»(.)1
الناس وإصالح حالهم هبديه ،وهم من يهتمون بقضاياه األساسية الكل ّية ،قال
تعالى﴿ :ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ
(( ( مقاصد الشريعة اإلسالمية ( ،)272 /2وينظر :االجتهاد المقاصدي ضوابطه ومجاالته
(ص.)35 :
69
دراسة قيمة التفاسير تحتاج إلى وضع معايير واضحة ،يحكم من خاللها
املقاصد الكربى للقرآن الكريم
على انضباطها المنهجي وقيمتها العلمية ،فمن تلك المعايير المهمة النظر يف
مهتما بإبراز
ً فسر أثناء تفسيره
الم ّ
فسر بال ُبعد المقاصدي ،فإذا كان ُ
الم ّ
عناية ُ
مقاصد القرآن ،وجعل معانيه متفقة مع مقاصده العامة والخاصة َّ
دل ذلك على
للمفسر ،يضبط
ّ الموجه
ِّ منزلته ومكانته؛ ألن المقاصد ينبغي أن تكون الم ْعلم
من خاللها معاين األقوال ،والرتجيحات واالختيارات بين األقوال ،ودقائق
االستنباطات وغيرها ،ألن األمور بمقاصدها واللفظ إنما يراد للمعنى ،فكم
ً
أقوال موفقة مسددة يف التفسير. رأينا عند العلماء الذين راعوا هذا الجانب
املطلب الثاني:
من األمور التي ال ينبغي أن يختلف فيها أن لنزول القرآن مقاصد وغايات
«إن َأئِ َّم َة ا ْل ِف ْق ِه ُم ْج ِم َع ٌة َع َلى
وحكم ،وهذا موضع إجماع ،قال اآلمدي َّ :V ِ
وأن المقاصد يف الجملة ود»(ّ ،)1 َأ َّن َأح َكام اهَّللِ َتعا َلى َل َت ْخ ُلو َعن ِح ْكم ٍة وم ْقص ٍ
َ َ َ ُ ْ َ ْ َ
تنقسم إلى قسمين:
بكل مقاصد السور والموضوعات واآليات ،مما تعجز عنه فهوم الخ ْلق من
بعد نبيها Hمهما عال شأهنم يف علوم القرآن؛ ولكن العلماء ظ ّلوا
يفعلون من ذلك ما يف وسعهم من تدبر القرآن ،ومحاولة استخراجها والتدليل
املقاصد الكربى للقرآن الكريم
ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝﱞ ﱟ ﱠ ﱡ
�
ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ
ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ﴾ [األعراف،]157 :
�
ﱸﱹﱺﱻﱼﱽﱾﱿﲀﲁ
ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ﴾ [الزمر،]23 :
قال تعالى ﴿ :ﭐﲭ ﲮ ﲯ ﲰﲱ ﲲ ﲳ ﲴﲵ ﲶ ﲷ ﲸ
ﲹﲺﲻﲼﲽﲾﲿﳀﳁﳂﳃﳄﳅﳆﳇ
ﱺﱻﱼﱽﱾﱿﲀﲁﲂﲃﲄﲅﲆ
ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ﴾ [اإلسراء.]82 :
((( أخرجه مسلم يف صحيحه ،كتاب الفضائل ،باب من فضائل علي بن أبي طالب ،I
حديث رقم.)36( :
((( إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان (.)44 /1
74
وأنزله ليكون آية كربى على صدق الرسالة ،وحجة قائمة على الخلق،
قال تعالى ﴿ :ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ
ﳋ ﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐﳑ ﳒ ﳓ﴾ [البقرة،23 :
،]24وقال تعالى ﴿ :ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ
ﲐ ﲑ ﲒ﴾ [البقرة.]185 :
قال الزرقاين Vعن مقاصد القرآن الكريم« :يف إنزال كتابه العزيز ثالثة
مقاصد رئيسة :أن يكون هداية للثقلين ،وأن يقوم آية لتأييد النبي ،H
وأن يتعبد اهلل خلقه بتالوة هذا الطراز األعلى من كالمه المقدّ س»(.)1
باالستقراء ،وتوصلوا إليها من خالل نتائج مطالعات واسعة ،وتد ُّبرات عميقة يف
محتوى اآليات والسورة ،وموضوعات وقضايا القرآن الكريم ،وهي مختلف يف
مراتبها ومستوياهتا بين الظهور والخفاء ،منها ما جعل توافر األدلة عليها موضع
اتفاق بين العلماء ،كقضية تحقيق التوحيد ،واإليمان بالبعث ،واتباع القرآن
ً
موصل إلى اهلل تعالى ورضوانه ،ومنها ما يكتنفها الغموض ويشوهبا والسنة طري ًقا
النزاع ،كمقاصد بعض السور والموضوعات ،فهي مثل :مقاصد التشريع التي
هي متنوعة من حيث الظهور ،بين ما هو قطعي وهو ما تواردت حولها األدلة،
وبين ما هو ظني وهي التي تقع دون مرتبة القطع واليقين ،كما هي متباينة من
حيث الحاجة إليها بين المقاصد الضرورية :وهي التي البد منها يف قيام مصالح
الدارين ،وهي الكل َّيات الخمس :حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال،
والمقاصد الحاجية :وهي التي يحتاج إليها للتوسعة ورفع الضيق والحرج
والمشقة ،والمقاصد التحسينية :وهي التي تليق بمحاسن العادات ،ومكارم
األخالق ،والتي ال يؤدي تركها غالبا إلى الضيق والمشقة ،كما هي متنوعة
باعتبار تعلقها بعموم األمة وخصوص بعض أفرادها ،فالمقاصد العامة يالحظ
فيها جميع أو أغلب أبواب الشريعة ومجاالهتا ،فيدخل يف هذا أوصاف الشريعة
وغاياهتا الكربى ،وبين المقاصد الجزئية التي يالحظ فيها علل األحكام ِ
وحكمها
وأسرارها ،وهي مع تنوعها ليست بمرتبة واحدة من األهمية(.)1
(( ( انظر :أمهات المقاصد (ص ،)86 :واالجتهاد المقاصدي ضوابطه ومجاالته (ص.)36 :
76
املطلب الثالث:
إذا أطلقت مقاصد القرآن الكريم ،ولم تحدد بوصف خاص ،يقصد هبا
عند العلماء واحد من هذه األنواع الثالثة:
يرجعون يف معرفة مقصود اآلية إلى سياقها ،وأسباب نزولها ،وما ذكر فيها من
تعليالت ِ
وحكم.
املقاصد الكربى للقرآن الكريم
فاآلية أح ّيانًا تنص على المقصود من وراء التشريع ومآالته ،كما يف
قوله تعالى ﴿ :ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ﴾ [البقرة:
،]179فب ّينت ما يرتتب على ذلك من حفظ األنفس وصيانة الدماء ،وتارة
تنص على العلة والسبب والغاية ،وهذا كثير جدً ا.
تارة يذكر َأ َداة َل َع َّل المتضمنة تارة يذكر ا ْل َفاء َو َأنَ ،و َ
تارة يذكر َأ َداة كيَ ،و َ َو َ
ِ
الر َجاء ا ْل ُم َضاف إِ َلى ا ْل َم ْخ ُلوقَ ،و َ
تارة ُينَبه على لل َّت ْعليل ا ْل ُم َج َّر َدة َعن معنى َّ
تارة يذكر ْالَ ْو َصاف المشتقة ا ْل ُمنَاس َبة لتِ ْلك ْالَ ْح َكام الس َبب يذكر ُه َص ِر ً
يحاَ ،و َ
األمثلة التطبيقية:
المثال األول :عند ابن جرير الطربي Vيف قوله تعالى﴿ :ﭐ ﲑ
ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ
ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠﲡ ﲢ ﲣ ﲤﲥ ﲦ ﲧ
((( مفتاح دار السعادة ومنشور والية العلم واإلرادة (.)22 /2
79
Hمن أعطى من المؤ ّلفة قلوهبم ،بعد أن فتح اهلل عليه الفتوح ،وفشا
لمحتج بأن يقول« :ال يتألف اليوم على اإلسالم
ّ وعز أهله ،فال حجة
اإلسالم ّ
املقاصد الكربى للقرآن الكريم
أحد ،المتناع أهله بكثرة العدد ممن أرادهم» ،وقد أعطى النبي H
ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﴾[ األعراف،]17:
قال« :مقصد اآلية أن إبليس َأ ْخ َب َر عن نفسه أنه يأيت إِ ْضالَ َل بني آدم من ك ُِّل
اظ تقتضي ِ
اإل َحا َط َة هبم»(.)2 جهة ،فعرب عن ذلك َبأ ْل َف ٍ
ﳏ ﳐ ﳑ ﳒ ﳓﳔ ﳕ ﳖ ﳗ ﳘ ﳙ ﳚ﴾ [اإلسراء:]17 :
«إن مقصد اآلية يف هذا الموضع اإلعالم بعادة اهلل مع األمم يف الدنيا ،وهبذا
يقرب الوعيد من كفار مكة ،ويؤيد هذا ما يجيء بعد من وصفه ما يكون عند
إرادته إهالك قرية ،ومن إعالمه بكثرة ما أهلك من القرون»( ،)3وقال يف قوله
تعالى ﴿ :ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ
ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠﲡ ﲢ
وذكر هوله ،بأنه يوم تندم فيه ال َظ َلمة ،وتتمنى أن لو لم تطع يف دنياها خالهنا
الذين أمروهم بالظلم»(.)1
ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ
ﱾ ﱿ ﲀ ﲁﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇﲈ ﲉ ﲊ ﲋ
ك َ
خ ُّل بِ َها»(.)1 َق ِرين ٍَة حالِي ٍةَ ،أو َعاد ٍة َله م َّط ِرد ٍة َل ي ِ
َ َّ ْ َ ُ ُ َ ُ
ثم جاء العالمة برهان الدين البِقاعي ( Vت885 :هـ) فألف كتابه:
فأصل لهذا العلم وب َّين أهميته،
«مصاعد النظر لإلشراف على مقاصد السور»َّ ،
وأن كل سورة لها مقصد يدور عليها أولها وآخرها ،وب ّين طرق الوصول إليه،
وتحدّ ث عن مقصود كل سورة منه ،واجتهد يف الربهنة عليه يف كتابه« :نظم
الدرر يف تناسب اآليات والسور».
وقال الشيخ محمد عبد العظيم دراز « :Vإنك لتقرأ السورة الطويلة
حشوا ،وأوزا ًعا من
ً المنجمة يحسبها الجاهل أضغا ًثا من المعاين حشيت
بين حجرات وأفنية يف بنيان واحد ،قد وضع رسمه مرة واحدة ،ال تحس بشيء
من تناكر األوضاع يف التقسيم والتنسيق ،وال بشيء من االنفصال يف الخروج
من طريق إلى طريق ،بل ترى بين األجناس المختلفة تمام األلفة ،كما ترى بين
آحاد الجنس الواحد هناية التضا ِّم وااللتحاق ،كل ذلك بغير تكلفة وال استعانة
بأمر من خارج المعاين أنفسها ،وإنما هو ُحسن السياقة ولطف التمهيد يف مطلع
متصل ،والمختلف مؤتل ًفا»(.)1
ً كل غرض ،ومقطعه ،وأثنائه ،يريك المنفصل
األمثلة التطبيقية:
المثال الثاين :قال شيخ اإلسالم ابن تيمية Vعن سورة الكافرون:
«معلوم أن المقصود منها أن تكون براءة من كل شرك اعتقادي وعملي»(،)2
وقال ابن الق ِّيم « :Vإن مقصود السورة براءته من دينهم ومعبودهم ،هذا
مكمال
هو لبها ومغزاها ،وجاء ذكر براءهتم من دينه ومعبوده بالقصد الثاينّ ،
لرباءته ومحققا لها»(.)3
المثال الثالث :قال أبو ح ّيان Vوهو يتحدث عن مقصد سورة يس:
« ولما كان يف سورة يس المقصد إظهار اآليات العظيمة الدالة على البعث ،جاء
املقاصد الكربى للقرآن الكريم
هذا النوع األخير هو الذي يتحدث عنه العلماء عند ما يتكلمون عن
املبحث الثالث:
درا�سة تقوميية لأقوال العلماء
عن مقا�صد القر�آن الكربى
88
املطلب األول:
املقاصد الكربى للقرآن الكريم
كثير من علوم القرآن الكريم نشأت فكرهتا بصورة مبسطة صغيرة ،ثم
ً
متكامل ،كعلم المناسبات ،وإعجاز علما
تنامت عرب التاريخ حتى صارت ً
القرآن ،واالنتصار للقرآن وغيرها ،وهذا أمر طبعي يف نشأة العلوم وتطورها،
ودائما تبدأ دراسة العلوم وتطورها من خالل معرفة أو بذر فكرته ،ثم أول من
ً
أفردها بالكتابة ،ثم ما تلتها من كتابات وما سجلته تلك الكتابات من إضافات
معرفية على مسيرة العلم عرب التاريخ.
((( هو :أبو العباس أحمد بن عمر بن سريج ،الفقيه الشافعي؛ قال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي:
(كان من عظماء الشافعيين ،وأئمة المسلمين ،وكان يقال له :الباز األشهب ،ولي القضاء
بشيراز ،وكان يفضل على جميع أصحاب اإلمام الشافعي ،حتى على المزين ،وإن فهرست
كتبه كانت تشتمل على أربعمائة مصنف ،وكان يعترب مجدد اإلسالم يف عصره) .انظر:
وفيات األعيان ( ،)66 /1وسير أعالم النبالء ( ،)123 /11وطبقات الشافعية الكربى
للسبكي (.)21 /3
((( األسماء والصفات ( ،)110/1وانظر :مجموع الفتاوى ( ،)130/17ومحاسن التأويل
(.)571 /9
91
ثان ًيا :محمد بن جرير الطبري (ت 310 :هـ) :يعترب الطربي Vمن
المفسرين الذين يعدون يف ذكر مقاصد القرآن الكلية باعتبار موضوعاته،
ّ أوائل
املقاصد الكربى للقرآن الكريم
حيث ذكر عنه الزركشي يف «الربهان» ( )1قوله« :قال محمد بن جرير الطربي:
ِ
ثالثة أشيا َء :التوحيد ،واألخبار ،والدِّ يانات( ،)3ولهذا قال يشتمل(َ )2ع َلى
ُ
ُ
تشمل ﴿« :Hﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ﴾ تعدل ثلث القرآن» ،وهذه السور ُة
التوحيدَ ُك َّله»(.)4
ثال ًثا :اإلمام الغزالي (ت 505 :هـ) :يعترب هو أول من تكلم عن مقاصد
القرآن بصورة واضحة ،حيث خصص له الفصل الثاين من كتابه« :جواهر
القرآن» ،وعنون له بـ «حصر مقاصده ونفائسه» ،ثم قالِ :
«س ُّر القرآن ،و ُل َبا ُبه
ِ
اآلخرة رب
الج َّبار األعلىِّ ،
دعو ُة العباد إلى َ
األصفى ،ومقصدُ ُه األقصىَ ،
السفلى ،وما بينهما وما تحت
واألرضين ُ
َ واألولى ،خالق السماوات ال ُع َلى،
ال َّث َرى ،فلذلك انحصرت ُس َو ُر القرآن وآيا ُته يف ستة أنواع:
الم ِه ِّمة.
-ثالثة منها :هي السوابق واألصول ُ
ٍ
مكان لم قاصرا ،فلعله ذكره يف ((( ولم أقف على قول الطربي /يف تفسيره ،وقد يكون بحثي
ً
أتنبه له ،واهلل أعلم.
(( ( أي :القرآن الكريم.
((( يقصد بذلك الشرائع أو األحكام.
((( الربهان يف علوم القرآن ( ،)18/1ونسبه كذلك إليه السيوطي يف «اإلتقان» ،انظر :اإلتقان يف
علوم القرآن (.)37 /4
92
إليه ،وهو شرح معرفة اهلل تعالى ،وذلك هو الكربيت األحمر ،وتشتمل هذه
المعرفة على:
املقاصد الكربى للقرآن الكريم
)٢ومعرفة الصفات.
)٣ومعرفة األفعال.
راب ًعا :اإلمام محمود بن حمزة الكِ ْرماين (ت 505 :هـ) :وهو يعترب من
المتقدمين الذين ذكروا مقاصد القرآن دون أن ينص عليه بالمقاصد حيث
قال« :إن القرآن كله يشتمل على ثالثة أشياء ،األول :توحيد اهلل وذكر صفاته،
َو َأ ْن َق َذ بِ ِه مِ َن ا ْل َج َها َل ِةَ ،و َح َك َم بِا ْل َف َلحِ ل ِ َم ْن َتبِ َع ُهَ ،وبِا ْل َخ َس َار ِة ل ِ َم ْن أعرض عنه
ور ٍة مِ ْن مِ ْثلِ ِه فِي ِ ِ ِِ ِ
بعد ما َسم َع ُهَ ،أ ْع َج َز ا ْل َخلي َق َة َع ْن ُم َع َار َضتهَ ،و َع ِن ْال ْت َيان بِ ُس َ
ِ
از ِه تِ َل َو َت ُهَ ،و َي َّس َر َع َلى ْالَ ْل ُس ِن قِ َرا َء َت ُهَ ،أ َم َر
ُم َقا َب َلتِ ِهَ ،و َس َّه َل َع َلى ا ْل َخ ْل ِق َم َع إِ ْع َج ِ
ال ا ْلم ِ ص َع ْن َأ ْح َو ِ ِ ِ ِ ِ
اضي َن َ فيه َو َز َج َرَ ،و َب َّش َر َو َأن َْذ َرَ ،و َذك ََر ا ْل َم َواع َظ ل ُيت ََذك ََّرَ ،و َق َّ
يد ل ِ ُي َت َف َّك َرَ ،و َل
ات التَّو ِح ِ
ْ
يه ْالَم َث َال لِيتَدَ بر ،ود َّل َع َلى آي ِ
َ ُ َّ َ َ َ ْ
لِيع َتبر ،و َضرب فِ ِ
ُ ْ ََ َ َ َ
ساب ًعا :اإلمام ابن العربي المالكي (ت 543 :هـ) :وتحدَّ ث عن مقاصد
وإنما ع َّبر عنها بعلومه األساسية التي
القرآن؛ ولكن ليس بمسمى المقاصدَّ ،
ترجع إليها جميع موضوعات القرآن ،حيث قال يف كتابه «قانون التأويل»« :إن
علومه على ثالثة أقسام :توحيد ،وتذكير ،وأحكام»(.)4
ثامنًا :اإلمام الرازي (ت 606 :هـ) :تكلم عن مقاصد القرآن الكريم يف
سبب تسمية الفاتحة بأم القرآن« :والسبب فيه وجوه ،األول :أن أ ّم الشيء أصله،
والمقصود من كل القرآن تقرير أمور أربعة :اإللهيات ،والمعاد ،والنبوات،
وأكد عليها يف مقدمة سورة األنعام فقال« :اعلم أنه تعالى جعل مدار
هذا الكتاب الشريف على تقرير التوحيد ،والنبوة ،والمعاد ،وإثبات القضاء
والقدر ،وأنه تعالى بالغ يف تقرير هذه األصول»( ،)3ويف مقدمة تفسير سورة
وسماها :بالمقصد األقصى ،فقال« :اعلم أنَّا قد ذكرنا أن المقصد
َّ الصافات،
األقصى من هذا الكتاب الكريم إثبات األصول األربعة وهي :اإللهيات،
والمعاد ،والنبوة ،وإثبات القضاء والقدر»( ،)1ويف مقدمة سورة اإلخالص ع َّبر
عنها بالمقصود األشرف ،وحصرها يف ثالثة مقاصد فقالَّ :
«إن المقصود من
كل القرآن تقرير التوحيد والنبوة والمعاد ،وأما القصص فالمراد من ذكرها ما
املقاصد الكربى للقرآن الكريم
يجري مجرى ضرب األمثال يف تقرير هذه األصول»( ،)2فهو ذكر أربعة؛ لكن
الظاهر أنه استقر على ثالثة يف آخر تفسيره.
تاس ًعا :الع ّز بن عبد السالم (ت 660:هـ) :هو من أوائل من تحدَّ ثوا عن
اص ِد
مقاصد القرآن ولكن بمفهوم علماء الشريعة ،حيث قال« :ومع َظم م َق ِ
َ ُْ ُ َ
اس ِد
اب ا ْلم َف ِ ِ اب ا ْل َم َصالِحِ َو َأ ْس َبابِ َهاَ ،و َّ
الز ْج ُر َع ْن اكْت َس ِ َ آن ْالَ ْم ُر بِاكْتِ َس ِ
ا ْل ُقر ِ
ْ
السن َِّةَ ،ول ِ ِع ْل ِمنَا َأ َّن َاب َو ُّ اصدَ َما فِي ا ْلكِت ِ و َأسبابِها»( ،)3وقال« :و َلو َت َتبعنَا م َق ِ
ْ َّ ْ َ َ ْ َ َ
اهَّلل َأ َم َر بِ ُك ِّل َخ ْي ٍر َد َّق ُه َو َج َّل ُهَ ،و َز َج َر َع ْن ك ُِّل َش ٍّر َد َّق ُه َو َج َّل ُهَ ،فإِ َّن ا ْل َخ ْي َر ُي َع َّب ُر بِ ِه
َ
اس ِد َو َد ْر ِء ب ا ْلم َف ِ ِ
الش َّر ُي َع َّب ُر بِه َع ْن َج ْل ِ َ اس ِدَ ،و َّ ب ا ْلمصالِحِ ودر ِء ا ْلم َف ِ
َ َْ َ َع ْن َج ْل ِ َ َ
ا ْل َم َصالِحِ »(.)4
عاشرا :اإلمام البيضاوي (ت 685 :هـ) :حصر مقاصده يف ثالثة مقاصد،
ً
فقال« :فإن مقاصده محصورة يف بيان العقائد واألحكام والقصص»(.)5
الحادي عشر :أبو البركات الن ََّسفي (ت 710 :هـ) :تحدّ ث عن مقاصد
القرآن وهو يتحدّ ث عن سورة اإلخالص فقال« :يف الحديث «من قرأ سورة
اإلخالص فقد قرأ ثلث القرآن»؛ ألن القرآن يشتمل على توحيد اهلل وذكر
الثاين عشر :شيخ اإلسالم ابن تيمية (ت 728 :هـ) :نجده تحدّ ث عن
مقاصد القرآن يف تفسير سورة اإلخالص وأهنا تعدل ثلث القرآن ،وع ّبر عنها
آن َث َل َث ُة َأن َْواعٍَ :ت ْو ِحيدٌ ،
وه َأ َّن معانِي ا ْل ُقر ِ
ََ َ ْ
«إن َأحسن ا ْلوج ِ
بمعاين القرآن فقالُ ُ َ َ ْ َّ :
الر ْح َم ِن فِ َيها الت َّْو ِحيدُ َو ْحدَ ُه َو َذل ِ َك ِلَ َّن ِ
ور ُة ص َف ُة َّ
ِ ِ
صَ ،و َأ ْح َكا ٌمَ ،و َهذه ُّ
الس َ َو َق َص ٌ
إخ َبارَ ،و ْ ِ ِ ِ
ال ْخ َب ُار إ َّما َخ َب ٌر َع ْن آن ك ََل ُم اهَّللَ ،وا ْل َك َل ُم ن َْو َعان :إ َّما إن َْشا ٌء َوإِ َّما ْ ٌ
ا ْل ُق ْر َ
َالَ ْم ِر َوالن َّْه ِيَ ،وا ْل َخ َب ُر
الن َْشا ُء ُه َو ْالَ ْح َكا ُم ك ْ وقَ ،ف ْ ِ ا ْل َخال ِ ِقَ ،وإِما َخ َبر َع ْن ا ْلم ْخ ُل ِ
َ َّ ٌ
صَ ،وا ْل َخ َب ُر َع ْن ا ْل َخال ِ ِق ُه َو ِذك ُْر َأ ْس َمائِ ِه َو ِص َفاتِ ِهَ ،و َل ْي َس َع ْن ا ْلم ْخ ُل ِ
وق ُه َو ا ْل َق َص ُ َ
ِ ِ ور ٌة ِه َي َو ْص ُ ِ ِ
ورةَ»(.)2 الر ْح َم ِن َم ْح ًضا َّإل َهذه ُّ
الس َ ف َّ في ا ْل ُق ْرآن ُس َ
وقد أدرج شيخ اإلسالم الوعد والوعيد يف القصص حيث ارتضى قول
اإلمام أبي العباس ابن ُس َريج يف أن سورة اإلخالص تعدل ثلث القرآن فقال:
يد ا ْل ُق َر ِش ِّي َأ َّن ُه
اس اب ِن سريجٍ َفعن َأبِي ا ْلول ِ ِ
َ ول َع ْن ْ ِ
ال َما ِم َأبِي ا ْل َع َّب ِ ْ ُ َ ْ َ ْ اب ا ْل َمنْ ُق ُ
«ا ْل َج َو ُ
اس ْب َن ُس َر ْيجٍ َع ْن َم ْعنَى َق ْو ِل النَّبِ ِّي ﴿« : Hﱁ ﱂ ﱃ ﱄ﴾ َس َأ َل َأ َبا ا ْل َع َّب ِ
السادس عشر :أبو ح ّيان األندلسي (ت 745 :هـ) :قال« :Vمدار
القرآن على تقرير المسائل األربع :التوحيد ،والقدرة ،والمعاد ،والنبوة»(.)3
السابع عشر :اإلمام ابن الق ِّيم (ت 751 :هـ) :وهو يتحدث عن سورة
الفاتحة ،قال« :اعلم أن هذه السورة اشتملت على أمهات المطالب العالية
أتم اشتمال ،وتضمنتها أكمل تضمن ،فاشتملت على التعريف بالمعبود تبارك
وتعالى بثالثة أسماء ،مرجع األسماء الحسنى والصفات العليا إليها ومدارها
عليها ،وهي :اهلل والرب الرحمن ..وتضمنت إثبات المعاد ،وجزاء العباد
بأعمالهم حسنها وس ّيئها ،..وتضمنت إثبات النبوات»(.)4
الثامن عشر :الحافظ ابن كثير (ت 774 :هـ) :نجده يتحدث عن مقاصد
ول اهَّللِ
«إن َر ُس َ
القرآن ويسميها :بالمقاصد العظيمة للقرآن الكريم ،فيقولَّ :
والف ْطرَ ،وك َ ت السا َعةُ ،فِي ْالَ ْضحى ِ اف ،وا ْقتَرب ِ َان ي ْقر ُأ بِ َق ٍ
َان َ َّ َ ََ Hك َ َ َ
ارِ ،ل ْشتِمال ِ ِهما َع َلى ِذك ِْر ا ْلو ْع ِد وا ْلو ِع ِ
يد َو َبدْ ِء ا ْل َخ ْل ِق َي ْق َر ُأ بِ ِه َما فِي ا ْل َم َحافِ ِل ا ْلكِ َب ِ
َ َ َ َ َ
يم ِة»(.)1ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِِ
َوإِ َعا َدتهَ ،والت َّْوحيد َوإِ ْث َبات النُّ ُب َّواتَ ،و َغ ْي ِر َذل َك م َن ا ْل َم َقاصد ا ْل َعظ َ
املقاصد الكربى للقرآن الكريم
التاسع عشر :ابن عادل الحنبلي (ت 775 :هـ) :نجده ّقرر يف قوله
تعالى ﴿ :ﱌ ﱍ ﱎ ﱏﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ
ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ
�
ﱩ ﱪﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ﴾ [األعراف:
أن مدار القرآن على َت ْق ِرير هذه ]53أن مقاصد القرآن أربعة ،فقال« :تقدّ م َّ
والقدر»( ،)2ثم ّقرر المسائل األربع وهي :الت ِ
َّوحيدُ ،والنبوةُ ،والمعا ُد ،والقضا ُء
ُ
يف آخر تفسيره أن أصول القرآن تنحصر يف ثالثة مقاصد :التوحيد ،والنبوات،
والبعث ،فقال يف قوله تعالى ﴿ :ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ
ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ﴾ [األحقاف:
« :]33اعلم أنه تعالى قرر من أول سورة إلى ههنا أمر التوحيد والنبوة ،ثم ذكر
ههنا تقرير القادر ،من تأمل يف ذلك علم أن المقصود من القرآن كله تقرير هذه
األصول الثالثة ،واعلم أن المقصود من هذه اآلية الداللة على كونه تعالى
قادرا على البعث ،ألنه تعالى أقام الدليل على خلق السموات واألرض،
ً
وخلقهما أعظم من إعادة هذا ّ
الشخص ح ًّيا بعد أن كان م ِّيتًا ،والقادر على
نرجح َّ
أن قادرا على ما دونه»(َّ ،)1
ولعل هذا يجعلنا ِّ األكمل ال بدّ وأن يكون ً
مقاصد القرآن عنده ثالثة ،واهلل أعلم.
ون ل ِ َم ِن ا ْل َت َف َت إِ َلى
ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ﴾ [محمدَ « :]24:فالتَّدَ ُّب ُر إِن ََّما َي ُك ُ
آن؛ َف َل ْم َي ْح ُص ْل مِن ُْه ْم
اص ِد ا ْل ُقر ِ
ْ
اهر فِي َأنَّهم َأ ْعر ُضوا َعن م َق ِ
ْ َ ُ ْ َ
ِ ِ ِ ِ
ا ْل َم َقاصدَ ،و َذل َك َظ ٌ
َتدَ ُّب ٌر»(.)2
ُ َ ْ
وري َة وما ي َكم ُلها ويحسنُها ،ور ْف ِع ا ْلحرجِ بِالت ْ ِ ِ
ص، الر َخ ِ َّخفي َفات َو ُّ ََ الض ُر ِ َّ َ َ ُ ِّ َ َ ُ َ ِّ َ َ َ ور َّْالُ ُم َ
ول ا ْل ُك ِّل َّي ِة»(.)1 َو َما َأ ْش َب َه َذل ِ َكَ ،وإِن ََّما َذل ِ َك ُك ُّل ُه َت ْك ِم ٌيل ل ِ ْ ُ
ل ُص ِ
اح ِد ا ْل َح ِّقَ ،غ ْي َر َأ َّن ُه يأيت على وجوه؛ كنفي َأحدُ َهاَ :ت ْق ِرير ا ْلوحدَ انِي ِة ل ِ َّل ِه ا ْلو ِ
َ ُ َ ْ َّ َ
يك بِإِ ْط َل ٍقَ ،أ ْو َن ْفيِ ِه بِ َق ْي ِد َما ا َّد َعا ُه ا ْل ُك َّف ُار فِي َو َقائِ َع ُم ْختَلِ َف ٍة ،مِ ْن ك َْونِ ِه ُم َق َّر ًباالش ِر ِ
َّ
إِ َلى اهَّللِ ُز ْل َفىَ ،أو كَونِ ِه و َلدً ا َأو َغير َذل ِ َك مِن َأنْوا ِع الدَّ َعاوى ا ْل َف ِ
اسدَ ِة. َ ْ َ ْ َْ ْ ْ َ
ول اهَّللِ إِ َلي ِهم ج ِميعا ،ص ِ
اد ٌق َوال َّثانِيةَ :ت ْق ِر ُير النُّ ُب َّو ِة لِلنَّبِي ُم َح َّم ٍدَ ،و َأ َّن ُه َر ُس ُ
ْ ْ َ ً َ ِّ
وليما َجا َء بِ ِه مِ ْن ِعن ِْد اهَّللِ؛ إِ َّل َأ َّن ُه َو ِار ٌد َع َلى ُو ُجوه َأ ْي ًضا؛ كَإِ ْث َبات ك َْونه َر ُس ً
ِ ِ ِ ٍ ِ
ف َ
ُونَ ،أ ْو ُي َع ِّل ُم ُه َب َش ٌر، َاذبَ ،أو س ِ
اح ٌرَ ،أ ْو َم ْجن ٌ ِ ِ ِ
َح ًّقاَ ،و َن ْف ِي َما ا َّد َع ْو ُه َع َل ْيه م ْن َأ َّن ُه ك ٌ ْ َ
َأو ما َأ ْشبه َذل ِ َك مِن ُك ْف ِر ِهم و ِعن ِ
َاد ِه ْم. ْ َ ْ ْ َ ََ
اهَّلل بِ ِه َو َي ْر ُج َو ُه.
اف َ آل ا ْل َع ْب ِد ل ِ َي َخ َ
َوال َّثال ِ ُث :م ْع ِر َف ُة م ِ
َ َ
الحادي والعشرون :بدر الز َّْركَشي (ت 794 :هـ) :تحدّ ث عن مقاصد
يف َش َرائِ ِع
يم ا ْل َح َل ِل َوا ْل َح َرا ِمَ ،و َت ْع ِر ُ ِ ِ ِ ِ
القرآن فقال« :ا ْل َق ْصدَ م ْن إِن َْزال ا ْل ُق ْرآن َت ْعل ُ
اح ِةَ ،وإِن ََّما َجا َء ْت
يم ُط ُر ِق ا ْل َف َص َ ِ ِ ال ِ
يمانَ ،و َل ْم ُي ْق َصدْ منْ ُه َت ْعل ُ
ِِ ِ ِ
ْال ْس َل ِم َو َق َواعد ْ َ
ون م ْع ِ ِ
ج َزةً»(.)2 ل َت ُك َ ُ
آن َث َل َث ُة َأ ْق َسا ٍمَ :ت ْو ِحيدٌ َ ،و َت ْذكِ ٌيرَ ،و َأ ْح َكا ٌم، وقال« :و ُأم ُع ُلو ِم ا ْل ُقر ِ
ْ َ ُّ
اتَ ،و َم ْع ِر َف ُة ا ْل َخال ِ ِق بِ َأ ْس َمائِ ِه َو ِص َفاتِ ِه يه مع ِر َف ُة ا ْلم ْخ ُلو َق ِ
َ
ِ ِ ِ
َفالت َّْوحيدُ َتدْ ُخ ُل ف َ ْ
اه ِرو َأ ْفعال ِ ِه ،والت َّْذكِير ومِنْه :ا ْلوعْدُ وا ْلو ِعيدُ ،وا ْلجنَّ ُة والنَّار ،و َتص ِفي ُة ال َّظ ِ
الثاين والعشرون :نظام الدين النيسابوري (ت 850 :هـ) :نجده يتحدث
ويقرر نفس ما قاله الرازي Vيف تفسيره ،فقال« :إنه
عن مقاصد القرآن ّ
سبحانه جعل مدار هذا الكتاب الكريم على تقرير التوحيد ،والنبوة ،والمعاد،
وإثبات القضاء والقدَ ر»(.)2
الثالث والعشرون :الشيخ برهان الدين البِقاعي (ت 885 :هـ)ّ :
يقرر
مقاصد القرآن فقال « :Vولما ب ّين التوحيد والنبوة والقضاء والقدر ،أتبعه
المعاد لتكمل المطالب األربعة التي هي أمهات مطالب القرآن»(.)3
((( غاية األماين يف تفسير الكالم الرباين :من أول سورة النجم إلى آخر سورة الناس ،دراسة
وتحقيق :محمد مصطفي كوكصو ،رسالة دكتوراه( ،تركيا :جامعة صاقريا ،كلية العلوم
االجتماعية2007 ،م)( ،ص.)459 :
(( ( أسرار ترتيب القرآن (ص.)49 :
108
ِ ِ ِ اب َّ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
الش ْرع َّية َوالنْق َياد ل َر ِّب ا ْل َب ِر َّية َوإِ َل ْيه ْال َش َ
ار ُة بـ ﴿ ﱔ ﱕ ْال َد ِ
ص َو ُه َو ِال ِّط َل ُع َع َلى َأ ْخ َب ِ
ار ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﴾ِ ،ع ْل ُم ا ْل َق َص ِ
ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
السال َفة َوا ْل ُق ُرون ا ْل َماض َية؛ ل َي ْع َل َم ا ْل ُم َّطلِ ُع َع َلى َذل َك َس َعا َد َة َم ْن َأ َط َ
السادس والعشرون :الشيخ ولي اهلل الدَّ هلوي (ت 1176 :هـ) :ذكر
خمسة علوم أساسية يشتمل عليها القرآن ،وهو يقصد هبا المقاصد العامة
للقرآن ،فقال« :ليعلم أن المعاين التي يشتمل عليها القرآن ال تخرج عن خمسة
علوم:
)٣علم التذكير بآالء اهلل :كبيان خلق السموات واألرض ،وإلهام العباد
ما يحتاجون إليه ،وبيان الصفات اإللهية.
املقاصد الكربى للقرآن الكريم
)٤علم التذكير بأيام اهلل :وهو بيان تلك الوقائع والحوادث التي أحدثها
اهلل -تعالى -إنعا ًما على المطيعين ونكاال للمجرمين :كقصص األنبياء -عليهم
الصلوات التسليمات -ومواقف شعوهبم وأقوامهم معهم.
وقال Vعن سورة العصر« :وهذه السورة تشتمل على سدس من
مقاصد القرآن فإهنا على ما ذكره الغزالي ستة مقاصد ،ثالثة مهمة وهي :تعريف
المدعو إليه ،وتعريف الصراط المستقيم ،وتعريف الحال عند الرجوع إليه
الثامن والعشرون :األستاذ محمد رشيد رضا (ت 1354 :هـ) :نجد
الحركة اإلصالحية التي قادها محمد عبده ،وتلميذه محمد رشيد رضا ،اهتمت
بصورة كبيرة بموضوع المقاصد ،وشنَّت هجو ًما على التفاسير التي ال تخدم
بيان المقاصد التي من أجلها أنزل القرآن ،فيقولَّ :
«أن أكثر ما روي يف التفسير
المأثور أو كثيره؛ حجاب على القرآن ،وشاغل لتاليه عن مقاصده العالية
المنورة للعقول ،فالمفضلون للتفسير المأثور لهم شاغل
ّ المزكية لألنفس،
عن مقاصد القرآن بكثرة الروايات ،التي ال قيمة لها سندا وال موضوعا»(،)2
ثم يذكر مقاصد عامة متأثرا فيها بنظرته اإلصالحية االجتماعية ،معنونًا لذلك
بقوله« :مقاصد القرآن يف ترقية نوع اإلنسان وما فيه من التكرار» ،ثم قال:
«إن مقاصد القرآن من إصالح أفراد البشر وجماعاهتم وأقوامهم ،وإدخالهم
أخوهتم اإلنسانية ووحدهتم ،وترقية عقولهم وتزكية
يف طور الرشد ،وتحقيق َّ
أنفسهم ،منها ما يكفي بيانه لهم يف الكتاب مرة أو مرتين أو مرارا قليلة ،ومنها
ما ال تحصل الغاية إال بتكرار كثير؛ ألجل أن يجتث من أعماق األنفس كل
ما كان فيها من آثار الوراثة ،والتقاليد والعادات القبيحة الضارة ،ويغرس يف
مكاهنا أضدادها ،ويتعاهد هذا الغرس بما ينميه حتى يؤيت أكله ويينع ثمره،
املقاصد الكربى للقرآن الكريم
ومنها ما يجب أن يبدأ هبا كاملة ،ومنها ما ال يمكن كماله إال بالتدريج ،ومنها
ما ال يمكن وجوده إال يف المستقبل ،فيوضع له بعض القواعد العامة ،ومنها ما
يكفي فيه الفحوى والكناية»(.)1
والتاريخية ،وحاول أن يجعلها من صلب مقاصد القرآن ،وأضاف إليها أبعا ًدا
ملحة يف عصره ،حتى بدت مقاصد القرآن أقرب إلى
سياسية وفقهية كانت ّ
عما إذا كان
مقاصد اإلسالم ومقاصد الشريعة العامة ،مما يسمح بالتساؤل َّ
املقاصد الكربى للقرآن الكريم
قائما على استقراء وحصر ،أم فقط على مجرد جمع لما
ذكره لهذه المقاصد ً
يتصل بتصوره عن اإلصالح اإلسالمي ،وقد أخذ عليه عدم تمييزه بين مقاصد
القرآن ومقاصد الشريعة ،وبعض ما أورده أقرب إلى مزايا اإلسالم وخصائص
الشريعة ،وذكره مقاصد فرعية ثانوية ،تنطوي ضمن مقاصد أعم بحيث يمكن
اختصارها(.)1
الثالثون :سعيد الن َّْو َرسي (ت 1379 :هـ ) :ذكر أربعة مقاصد فقال:
َّ
«إن المقاصد األساسية من القرآن وعناصره األصلية أربعة :التوحيد ،والنبوة،
((( انظر :جهود العلماء يف استنباط مقاصد القرآن الكريم ،للدكتور مسعود بودوخة ،بحث
مشارك يف أعمال (المؤتمر العلمي األول للباحثين يف القرآن الكريم :جهود األمة يف خدمة
القرآن الكريم وعلومه) ،تنظيم مركز الدراسات القرآنية بالرابطة المحمدية للعلماء بالتعاون
مع مراكز أخرى( ،فاس 16 -أبريل 2011م).
(( ( تفسير المراغي (.)23 /1
114
والحشر ،والعدالة»(.)1
ويرى أن هذه المقاصد األربعة يف عامة سوره فيقول« :فكما ترتاءى هذه
الحادي والثالثون :محمود َش ْلتوت (ت 1383 :هـ 1963 -م) :قال
« :Vإن مقاصد القرآن تدور حول نواح ثالث :ناحية العقيدة ،وناحية
األخالق ،وناحية األحكام»(.)3
الثاين والثالثون :الشيخ عبد القادر ُمالّ حويش آل غازي (ت 1978 :م):
قال Vوهو يتحدث عن مقاصده« :اعلم ّ
أن مقاصد القرآن ثالثة ،األول:
ما يتعلق باإليمان بال ّله ومالئكته وكتبه ورسله واليوم اآلخر ،وهو مباحث علم
الكالم وأصول الدين.
ّ ّ
ﱲﱳﱴﱵﱶﱷﱸﱹﱺﱻ
وأما الصالح العمراين فهو أوسع من ذلك؛ إ ًذا هو حفظ نظام العالم
اإلسالمي ،وضبط تصرف الجماعات واألقاليم بعضهم مع بعض على وجه
يحفظ مصالح الجميع ،ورعي المصالح الكل ّية اإلسالمية ،وحفظ المصلحة
ثم ذكر ثمانية مقاصد ،فقال« :أليس قد وجب على اآلخذ يف هذا الفن
أن يعلم المقاصد األصلية التي جاء القرآن لتبياهنا؛ فلنلم هبا اآلن بحسب
ما بلغ إليه استقراؤنا ،وهي ثمانية أمور ،األول :إصالح االعتقاد وتعليم
العقيدة الصحيحة ،وهذا أعظم سبب إلصالح الخ ْلق ،ألنه يزيل عن النفس
ويطهر القلب من األوهام الناشئة عن
ّ عادة اإلذعان لغير ما قام عليه الدليل،
اإلشراك والدهرية وما بينهما..
الرابع :سياسة األمة وهو باب عظيم يف القرآن ،القصد منه صالح األمة
وحفظ نظامها ..
السادس :التعليم بما يناسب حالة عصر المخا َطبين ،وما يؤهلهم إلى
تلقي الشريعة ونشرها ،وذلك علم الشرائع ،وعلم األخبار..
املقاصد الكربى للقرآن الكريم
الثامن :اإلعجاز بالقرآن ليكون آية دالة على صدق الرسول؛ إذ التصديق
يتوقف على داللة المعجزة بعد التحدي ..هذا ما بلغ إليه استقرائي ،وللغزالي
بعض من ذلك»(.)1
يف «إحياء علوم الدين» ٌ
والنواهي على معرفة اآلمر وأنه اهلل الواجب وجوده خالق الخلق ،لزم تحقيق
معنى الصفات ،ولما توقف تمام االمتثال على الرجاء يف الثواب والخوف من
العقاب ،لزم تحقق الوعد والوعيد ،والفاتحة مشتملة على هذه األنواع فإن
الرابع والثالثون :وهبة الز َُّحيلي (ت 1436 :هـ) :وقال « :Vأن
مدار القرآن الكريم على إثبات أصول الدين وهي :التوحيد ،والنبوة ،والبعث
(المعاد) ،والقضاء والقدَ ر»(.)2
طه جابر العلواين وغيرهم؛ ألن األواخر غالبهم بنى كالمه على من سبقه،
وكذلك من خالل استقراء أقوال المعاصرين ،لم أجدهم استندوا على قواعد
بحثية واضحة ،تقبل التقويم والمراجعة فيما ذكروه من نتائج تتميز عن العلماء
املقاصد الكربى للقرآن الكريم
السابقين.
120
املطلب الثاني:
دراسة حتليلية ألقوال العلماء
علم الجدل علم التذكير األحكام التذكير بآالء الدَّ هلوي 24
بالموت وما اهلل
( ذكر خمسة
بعد الموت +
مقاصد) علم التذكير
بأيام اهلل
123
عقيدة البعث (ذكر عشر العمل محمد رشيد اإليمان باهلل 26
مقاصد) والجزاء الصالح رضا
من خالل نظرة تحليلية دقيقة لما سبق ذكره من أقوال العلماء حول
مضمون مقاصد القرآن الكريم ،نصل إلى النتائج اآلتية:
منزله اهلل ّ
جل وعال العليم العزيز الحكيم ،ولذا ربط كما هو عيب ينزه عنه ّ
اهلل تعالى بين نزول كتابه ،ووصفه ّ
جل وعال بالعزيز الحكيم يف أربعة مواضع
يف كتابه ،قال تعالى ﴿ :ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ﴾ [الزمر،]1 :
ثال ًثا :قلة عدد المقاصد العامة التي تحدّ ث عنها العلماء:
لقد تباينت أقوال العلماء يف تحديد عدد مقاصد القرآن ،ويف ترتيبها،
وهذا هو قول جمهور العلماء منهم :ابن ُس َريج ،وابن َجرير ،والغزالي،
والمازري ،وابن العربي ،والبيضاوي ،والرازي ،والن ََّسفي ،وشيخ َ والكِ ْرماين،
ِ
والخازن ،وال ِّطيبي ،وابن اإلسالم ابن تيمية ،وتلميذه ابن الق ِّيم ،وابن ُج َزي،
والز ْركَشي ،والكوراين ،واألَلوسي،
كثير ،وابن عادل الحنبلي ،والشاطبيَّ ،
المراغي ،والن َّْو َرسي ،ومحمود َش ْلتوت ،والشيخ عبد القادر
وأحمد مصطفى َ
ُمالّ حويش ،وابن عاشور.
نجد ولي اهلل الدَّ هلوي فقط هو الذي ذكر خمسة مقاصد ،وابن عاشور
املقاصد الكربى للقرآن الكريم
مع أنه ذكر يف مقدمة كتابه ثمانية مقاصد؛ لكن رجع واختصرها على ثالثة
مقاصد يف تفسيره لسورة الفاتحة ،فقال« :إهنا تشتمل محتوياهتا على أنواع
مقاصد القرآن وهي ثالثة أنواع.)1(»..
فقط نجد محمد رشيد رضا هو الذي تحدَّ ث عن عشرة مقاصد لم
يرتضها العلماء؛ بل ب َّينوا تأثره بفكره اإلصالحي ،ومحاولة حمل مقاصد
القرآن عليها ،وهي يف غالبها قضايا فرعية راجعة ألصول كل ّية ،وكل ما ذكره
بعد النوع األول من مقاصد اإلصالح الديني ألركان الدين الثالثة لخصها يف:
اإليمان باهلل ،وعقيدة البعث والجزاء ،والعمل الصالح.
ومن هنا نخلص أن مقاصد القرآن الكربى التي قصدها العلماء محددة
جدً ا ،وأي تفريعات لموضوعات تابعة للقضايا الكربى ليست من هنج العلماء
يف تحرير مقاصد القرآن الكريم ،والذي أشار لتقسيم المقاصد إلى أساسية
وثانوية ،أو ما سماه« :مقاصد مهمة» وأخرى «متممة» هو اإلمام الغزالي،
وتع ّقبه شيخ اإلسالم ابن تيمية يف ذلك مع أنه جعل المقاصد العامة مقاصد
مستقلة يصعب جعلها تابعة لغيرها.
مصطلح مقاصد القرآن تباينت فيه تعبيرات العلماء ،فع َّبروا عنه بألفاظ
كما عند ابن العربي ،والدَّ هلوي ،أو بـ «علوم القرآن» فقط كما عند ابن
ِ ِ ِ ِ
«س ِّم َي ْت بِ َذل َك لت ََض ُّمن َها َجم َ
يع ُع ُلو ِم ُج َزي ،وال ُقرطبي ،حيث قال عن الفاتحةُ :
اف ك ََمال ِ ِه َو َج َلل ِ ِه، َاء َع َلى اهَّللِ َع َّز وج َّل بِ َأوص ِ آن ،و َذل ِ َك َأنَّها َت ْشت َِم ُل َع َلى ال َّثن ِ ِ
ْ َ َ َ َ ا ْل ُق ْر َ
اف بِا ْل َع ْج ِز َع ِن ا ْل ِق َيا ِم بِ َش ْي ٍءص فِيها ،و ِال ْعتِر ِ ات َو ْ ِو َع َلى ْالَم ِر بِا ْل ِعباد ِ
َ ال ْخ َل ِ َ َ َ َ ْ َ
اط ا ْل ُم ْست َِق ِ ال إِ َلي ِه فِي ا ْل ِهدَ اي ِة إِ َلى الصر ِ ِ ِ ِِ ِ
يم، من َْها إِ َّل بِإِ َعانَته َت َعا َلىَ ،و َع َلى ال ْبت َه ِ ْ
املقاصد الكربى للقرآن الكريم
ِّ َ َ
ِ ِ ِِ ِ ِِ َوكِ َفا َي ِة َأ ْح َو ِ
ن»( ،)1ونجد الثعالبي V ال النَّاكثي َنَ ،و َع َلى َب َيانه َعاق َب َة ا ْل َجاحدي َ
وهو ينقل عن ابن العربي مقاصد القرآن يع ّبر عنها كذلك بـ «علوم القرآن» فقال:
رآن ثالث ُة أ ْق َسا ٍمَ :ت ْو ِحيدٌ ،و َت ْذكِ ٌير،
أن علوم ال ُق ِ
َ «قال اب ُن العربي يف رحلته :اعلم َّ
ِّ
مشتمل ع َلى الو ْعد والو ِعيدِ، ٌ ِ
التذكير هو معظم ال ُقرآن ،فإنه و َأ ْح َكا ٌم ،وع ْلم
َ َ
ون عنها ،وذلك ب وما يرتبط هبا ،ويدْ عو إليها وي ُك ُ والخ ْوف والرجاء ،وال ُق َر ِ َ
الز ْركَشي وقد سبق كالمه(.)3 معنًى َتت َِّس ُع أبوابه ،وتمتدُّ أطنابه»( ،)2ومنهم َّ
كما عند ابن عادل الحنبلي ،وابن عاشور ،حيث قال« :وهذه السورة
تنزل منها منزل ديباجة الخطبة أو الكتاب ،مع ما
وضعت يف أول السور ألهنا ّ
مهمات القرآن:
(هـ) ّ
كما عند ابن الق ِّيم ،و«أ ّمهات مطالب القرآن» كما عند البِقاعي.
ومما يالحظ أن أوفر هذه المصطلحات وأكثرها استخدا ًما وشيوعا عند
العلماء ،مصطلح مقاصد القرآن ،وهو أوضحها من حيث الداللة من مدار
ً
استقالل من حيث المصطلح ،فلم يستخدم القرآن ،وأصول القرآن ،وأكثرها
إال يف مصطلح مقاصد الشريعة الذي ب َّينا سابقا الفرق بينه وبين مقاصد القرآن،
خال ًفا لمصطلح علوم القرآن ،الذي صار َع َل ًما للعلوم الخادمة للقرآن،
ومطالب القرآن التي تمثل جزئية من موضوعاته ،وأقسام القرآن الذي يشمل
أقسام القرآن من حيث اإلحكام والتشابه ،أو أقسام القرآن السبعة وهي:
«األمر ،والنهي ،والتبشير ،واإلنذار ،وضرب األمثال ،وتعريف النعم ،وأنباء
َّ
أدق من كلمة« :األساسية» و«العظيمة» وغيرها ،فكل بقية المقاصد بالنسبة إليه
مقاصد دنيا ،أو خاصة ،ومن العلماء من سماها بـ «أ ّمهات مقاصد القرآن» وهو
كذلك إطالق دقيق؛ ألن األ ّمهات تعني :أصل الشيء ومرجعه ،قال ابن جرير
«وإِن ََّما قِ َيل َل َها ل ِ َك ْونِ َها ك ََذل ِ َك ُأ ُّمالطربي Vيف تسمية الفاتحة بأم القرآنَ :
ب ك َُّل َجامِ ٍع َأ ْم ًرا َأ ْو ُم َقدَّ ًما ِلَ ْم ٍر ،إِ َذا كَان َْت َل ُه َت َوابِ ُع َت ْت َب ُع ُه،
آن لِت َْس ِم َي ِة ا ْل َع َر ِ
ا ْل ُقر ِ
ْ
سَ ،و ُت َس ِّمي ل ِ َوا َء الر ْأ ِ ُهو َلها إِمام جامِع ُأماِ ِ ِ ِ َ ،
ف ل ْلج ْلدَ ة ا َّلتي َت ْج َم ُع الدِّ َما َغ ُأ َّم َّ َ َ َ ٌ َ ٌ ًّ
ش ُأ ًّماَ ..و َقدْ قِ َيل :إِ َّن َم َّك َة ُس ِّم َي ْت ون َت ْحت ََها ل ِ ْل َج ْي ِ
ش َو َرا َيت َُه ُم ا َّلتِي َي ْجت َِم ُع َ ا ْل َج ْي ِ
يع َهاَ ،و َج ْم ِع َها َما ِس َو َاهاَ ،وقِ َيل :إِن ََّما ُس ِّم َي ْت بِ َذل ِ َك ُأم ا ْل ُقرى؛ ل ِ َت َقدُّ مِها َأمام ج ِم ِ
َ َ َ َ َّ َ
يع َها ُأ ًّما»(.)3ِلَ َّن ْالَر َض د ِحي ْت مِنْهاَ ،فصار ْت لِج ِم ِ
َ َ َ َ ُ َ ْ
واإلخالص والكافرون ،كما فعل الكِ ْرماين ،والرازي ،والن ََّسفي ،وابن تيمية،
وابن الق ِّيم وغيرهم ،وهؤالء نظروا لمقاصد القرآن من خالل النظر لمقاصد
توصل لذلك من خالل المصاحبة والمعايشة الكبيرة للقرآن
السورة ،ومنهم من ّ
يحرر
نجد من خالل االستقراء والتتبع أن مصطلح المقاصد مع أنه لم ّ
املقاصد الكربى للقرآن الكريم
بصورة واضحة عند العلماء؛ لكن كان هنالك شبه اتفاق يف مفهومه؛ الذي
دار بينهم جميعا حول الغايات الكربى ،والموضوعات األساسية ،والقضايا
الكل ّية التي دار حولها القرآن ،وتنتهي إليها جميع المعاين والموضوعات
األخرى ،فليس هنالك اختالف يف المفهوم والتطبيق.
تاس ًعا :فهم المقاصد االجتهادية يتع ّلق بفهم المقاصد النص َّية:
((( مقاصد القرآن دراسة تاريخية ،لعبد اهلل حللي( ،ص ،)229 :مجلة التجديد :بحوث
ودراسات ،الجامعة اإلسالمية العالمية بماليزيا( ،المجلد ،20 :العدد1438 ،39 :هـ).
135
قسم هذه المقاصد إلى ثالثة( :تعريف المدعو إليه ،وهو توحيده ،وتعريف
ّ
الصراط المستقيم الذي تجب مالزمته يف السلوك إليه ،وهو التشريع ،وتعريف
الحال عند الوصول إليه ،وهي العواقب) ،فهذه األمور الثالثة اتفق عليها عامة
املقاصد الكربى للقرآن الكريم
العلماء ،وع ّبروا عنها بألفاظ متنوعة ترجع لمعاين متوافقة ،يظهر هذا التقارب
يف المبحث القادم.
136
املطلب الثالث:
نظرة تأصيلية عن املقاصد
ً
أول :ضوابط القول يف املقاصد ،وعددها ،واالسم املناسب هلا:
األول :أن تكون ظاهرة واضحة وقد تضافرت األدلة الكثيرة عليها
يف القرآن الكريم ،فمادام اهلل تعالى وصف كتابه بأنه مبين كما قال تعالى:
﴿ﭐﲒﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﴾[ يوسف ،]1:وقال تعالى﴿ :ﭐ ﱁ ﱂ
ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﴾ [ الزخرف،]3-1 :
فالبد أن تكون مقاصده الكربى ب ّينة ،معقولة ،معلومة ،بخالف مقاصد اآليات
والسور فهي تحتاج إلى نوع استنباط.
أول :ألنه هو قول جمهور العلماء كما سبق بيان ذلك يف المبحث
ً
السابق ،واألقوال األخرى غير متفق عليها ،وهي ال تخلو من تعقبات واضحة
سوف نب ِّينها.
ثان ًيا :هو القول الذي يتفق مع ما جاء عن النبي Hيف تقسيم
القرآن إلى ثالثة أقسام ،وهي لمن يتدبرها يجد أهنا غايات؛ ال يختلف بأن
معاين جميع اآليات والسور تنتهي إليها ،قال شيخ اإلسالم ابن تيمية:V
ِ
ب َفإِ َّن النَّبِ َّي َ Hأ ْخ َب َر بِ َأ َّن َ
اهَّلل َج َّز َأ اب بِ َل َر ْي ٍ « َذل َك ا ْل َق ْو َل ُه َو َّ
الص َو ُ
آنَ ،و َه َذا آن َث َل َث َة َأج َز ٍاءَ ،فجع َل ﴿ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ﴾ ج ْزءا مِن َأج َز ِاء ا ْل ُقر ِ ا ْل ُق ْر َ
ْ ُ ً ْ ْ َ َ ْ
ولَ ،و َث َل َث ُة ُف ُروعٍ. آن َث َل َث ُة َأ ْج َز ٍاء َل ْي َس ُه َو ِس َّتةٌَ :ث َل َث ُة ُأ ُص ٍ
ي ْقت َِضي َأ َّن مجموع ا ْل ُقر ِ
َ ْ ُ َ ْ َ
آنَ ،ل ْم َي ُق ْلُ :ث ُل َث وك ََذل ِ َك َأ ْخبر َأ َّن ﴿ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ﴾ َتع ِد ُل ُث ُل َث ا ْل ُقر ِ
ْ ْ ََ
ِ ِ
آن ُك ُّل ُه َث َل َث َة
ون ا ْل ُق ْر ُ ب َأ ْن َي ُك َ ا ْل ُم ِه ِّم منْ ُهَ ،و َل ُث ُل َث َأ ْك َث ِرهَ ،و َل ُأ ُصو َل ُهَ ،ف َو َج َ
ِ ٍِ ٍ
ور ُةالس َ َأ ْصنَافَ ،و َع َلى َما َذك ََر ُه َأ ُبو َحامد ُه َو س َّتةٌَ :ث َل َث ٌة ُم ِه َّمةٌَ ،و َث َل َث ٌة َت َوابِ ُعَ ،و ُّ
يث ،و َأي ًضا َفإِ َّن َت ْق ِسيم ا ْل ُقر ِ ف ا ْلح ِد ِ ِ ِ ِ
آن إ َلى َ ْ َ ْ َأ َحدُ ال َّث َل َثة ا ْل ُم ِه َّمةَ ،و َه َذا خ َل ُ َ
إخ َب ٌارَ ،وإِ َّما إن َْشا ٌء، يم بِالدَّ لِيلَِ ،فإِ َّن ا ْل ُق ْر َ
آن ك ََل ٌمَ ،وا ْل َك َل ُم إ َّماْ : ِ ِ
َث َل َثة َأ ْق َسا ٍم َت ْقس ُ
138
ثال ًثا :هذا القول يتفق على ما احتوت عليه أعظم اآليات التي َّ
بشر النبي
فاشتمال الفاتحة على مقاصد القرآن يكاد يكون موضع إجماع عند
العلماء ،وخواتيم سورة البقرة مشتملة على هذه المقاصد الثالثة ،قال تعالى:
﴿ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ
ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛﲜ ﲝ ﲞ ﲟﲠ ﲡ ﲢ
ﲣ ﲤ ﴾ [البقرة.]285 :
فقوله ﴿ :ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎﲏ ﲐ ﲑ ﲒ
ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ﴾ يف بيان المقصد
األول ،وقوله﴿ :ﭐ ﲝ ﲞ ﲟ ﴾ يف بيان المقصد الثاين المتمثل يف
ومعصيته.
راب ًعا :هذا القول تكثر األدلة والرباهين عليه بكل سهولة ،وبتدبر بسيط
تجد أن جميع معاين القرآن الكريم ومقاصده الخاصة تنتهي إليه ،فهي أصول
ثالثة بارزت وتضافرت عليها مئات األدلة يف الكتاب والسنة ،قال شيخ اإلسالم
اد ِه فِي َت ْع ِر ِيف ِه ْم َما
ابن تيميةَ « :فإِ َّن اهَّلل سبحا َنه جع َل الرس َل وسائِ َط بينَه وبين ِعب ِ
َْ ُ َ َْ َ َ َ ُ ْ َ ُ َ َ ُّ ُ َ َ
اد ِه ْمَ ،و ُب ِع ُثوا َج ِمي ًعا
اش ِهم ومع ِ ِ ِ ِ
َينْ َف ُع ُه ْم َو َما َي ُض ُّر ُه ْمَ ،و َت ْكم ُيل َما ُي ْصلِ ُح ُه ْم في َم َع ْ َ َ َ
ول إ َل ْي ِه.
ان َحال ِ ِهم َب ْعدَ ا ْل ُو ُص ِ
وص ِل إ َلي ِه ،وبي ِ بِالدَّ ْعو ِة إ َلى اهَّللِ ،و َتع ِر ِ
يف ال َّط ِر ِيق ا ْلم ِ
ْ ْ َ ََ ُ َ ْ َ
ابَّارَ ،وال َّث َو ِان بِا ْل َي ْو ِم ْال ِخ ِرَ ،وا ْل َجن َِّة َوالن ِ
يم َ ِ ِ
َو ْالَ ْص ُل ال َّثال ُثَ :يت ََض َّم ُن ْال َ
ِ ِ ِ ِ َوا ْل ِع َق ِ
ابَ ،و َع َلى َهذه ْالُ ُصول ال َّث َل َثة َمدَ ُار ا ْل َخ ْل ِقَ ،و ْالَ ْم ُر َو َّ
الس َعا َد ُة َوا ْل َف َل ُح
الر ُسلِ؛ َفإِ َّن ا ْل َع ْق َل َل َي ْهت َِدي ِ ِ ِ ِ
َم ْو ُقو َف ٌة َع َل ْي َهاَ ،و َل َسبِ َيل إ َلى َم ْع ِر َفت َها َّإل م ْن ج َهة ُّ
ور ِة إ َل ْي َها مِ ْن َان َقدْ ُيدْ ِر ُك َو ْج َه َّ
الض ُر َ اصيلِ َها َو َم ْع ِر َف ِة َح َقائِ ِق َهاَ ،وإِ ْن ك َ
إ َلى َت َف ِ
140
ب َو َم ْن ُيدَ ِ يض ا َّل ِذي يدْ ِر ُك وجه ا ْلح ِ َح ْي ُث ا ْل ُج ْم َلةُ ،كَا ْل َم ِر ِ
اويه، اجة إ َلى ال ِّط ِّ
َ ْ َ َ َ ُ
ض َو َتن ِْزي ِل الدَّ َو ِاء َع َل ْي ِه»(.)1 و َل يهت َِدي إ َلى َت َف ِ
اصي ِل ا ْل َم َر ِ َ َْ
ويقرر اهلل المعاد بذكر كمال قدرته ،وخلقه للسموات واألرض ،اللتين
هما أكرب من خ ْلق الناس ،وبأن الذي بدأ الخ ْلق قادر على إعادته من باب
أولى ،وبأن الذي أحيا األرض بعد موهتا قادر على إحياء الموتى ،ويذكر أيضا
الم ُثالت التي شاهدها الناس يف الدنيا ،وأهنا نموذج من
أيامه يف األمم ،ووقوع َ
جزاء اآلخرة»(.)2
نجد بينهما تباين كبير ،من أبرز تلك المسميات التي وردت« :أقسام القرآن»،
«علوم القرآن األساسية»« ،مدار القرآن»« ،المقصد األقصى»« ،أمهات المطالب
العالية»« ،المقاصد العظيمة للقرآن»« ،كل ّيات القرآن»« ،أصول القرآن»،
«المقاصد األساسية للقرآن» ،و«مقاصد القرآن» ،و«مقاصد القرآن العامة»
وغيرها ،فالباحث وقف طويال بين ثالثة مسميات لبحثه« :مقاصد القرآن الكريم»،
وتركه ألنه يشمل جميع أنواع المقاصد ،أو أمهات مقاصد القرآن الكريم ،مع أن
األم منشأ الشيء وأصله ،وتركه ألنه ال يشير بصورة واضحة لألنواع األخرى،
أو المقاصد الكربى للقرآن ،واستقر على هذا المسمى األخير ،ألن الكربى تن ّبه
على أن هنالك مقاصد صغرى ،وهي التي تتعلق باآليات والسور ،وهو وصف
يشير ألهميتها ومكانتها ،وهي األنسب من اإلطالقات األخرى :كالعليا،
والعامة ،والعظيمة ،واألصلية ،والكل ّية ،وغيرها التي استخدمها بعض العلماء.
إليك الحديث عن المقاصد الثالثة للقرآن الكريم؛ التي يرى الباحث من
خالل هذه الدراسة والتتبع الدقيق والطويل؛ لكل ما ذكر عن مقاصد القرآن
حرره
بمسمياته المتنوعة ،أهنا تمثل مقاصد القرآن الكربى بالمصطلح الذي ّ
يف البحث.
142
ّ
-جل وعال يف يكون ذلك من خالل معرفة اهلل تعالى المعبود الحق
ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ
ﱷ ﱸﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﴾
[ النحل ،]36:وقال تعالى ﴿ :ﭐﲄﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ
ً
مجال للشك فقد جاءت أدلة كثيرة قاطعة يف القرآن والسنة تبين بما ال يدع
ﲤﲥﲦ ﲧﲨﲩﲪﲫﲬﲭﲮ
ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ
ﲇ ﲈ﴾ [النساء ،]116 :وقال تعالى﴿ :ﭐ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ
ﱱ ﱲ ﱳ ﱴﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﴾[ التوبة.]72:
ابَ ،و ِه َي ا ْل َح ُّق ا َّل ِذي ُخلِ َق ْت َل ُه ا ْل َخلِي َقةَُ ،و َعن َْها َو َع ْن ُح ُقوقِ َها اب َوا ْل ِع َق ِ َوال َّث َو ِ
ت ا ْل ِق ْب َلةَُ ،و َع َل ْي َها
الس َؤ ُال وا ْل ِحساب ،و َع َليها ي َقع ال َّثواب وا ْل ِع َقاب ،و َع َليها ن ُِصب ِ
َ ُ َ َْ َ َ ُ َ َْ َ ُ َ ُ َ ُّ
اد ،و ِهي ح ُّق اهَّللِ َع َلى ج ِمي ِع ا ْل ِعب ِ ِ
وف ا ْل ِج َه َ َ َ ت ا ْل ِم َّلةَُ ،و ِلَ ْجلِ َها ُج ِّر َد ْت ُس ُي ُ ُأسس ِ
املقاصد الكربى للقرآن الكريم
راب ًعا :اتفاق العلماء على أنه المقصد األول من مقاصد القرآن:
نصوا على
فالعلماء لم يتفقوا فقط على أنه مقصد من مقاصد القرآن؛ بل َّ
أنَّه هو المقصد األسنى واألسمى من نزول القرآن وجميع األديان ،كما قال
تعالى﴿ :ﱢﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ
كل سورة وآية يف القرآن دالة عليه ،قال ابن الق ِّيم « :Vإِ َّن بل ب َّينوا أن َّ
اع َي ٌة إِ َل ْي ِهَ ،فإِ َّن ا ْل ُق ْر َ
آن :إِ َّما اهدَ ٌة بِ ِه ،د ِ
َ
يدَ ،ش ِ آن َف ِهي مت ََضمنَ ٌة لِلتَّو ِح ِ
ْ َ ُ ِّ
ك َُّل آي ٍة فِي ا ْل ُقر ِ
ْ َ
َخ َب ٌر َع ِن اهَّللَِ ،و َأ ْس َمائِ ِه َو ِص َفاتِ ِه َو َأ ْف َعال ِ ِهَ ،ف ُه َو الت َّْو ِحيدُ ا ْل ِع ْل ِم ُّي ا ْل َخ َب ِر ُّيَ ،وإِ َّما
(( ( مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين (.)418 - 417 /3
((( قانون التأويل (ص.)378 :
147
ب َع َلى ا ْل ُم َك َّل ِفي َن َأ ْن َي ْع َل ُموا َأ َّن ُه َل إِ َل َه إِ َّل وقال ابن كثير َ « :Vأ َّو ُل َو ِ
اج ٍ
يك َل ُه»( ،)1وقال ابن الق ِّيم َ « :Vفالت َّْو ِحيدُ َ :أ َّو ُل َما َيدْ ُخ ُل اهَّللَ ،و ْحدَ ُه َل َش ِر َ
ُ
آخ ُر َما َي ْخ ُر ُج بِ ِه مِ َن الدُّ ْن َيا ،ك ََما َق َال النَّبِ ُّي َ « :Hم ْن الس َل ِم ،و ِ ِ ِ ِ
بِه في ْ ْ
املقاصد الكربى للقرآن الكريم
َ
ب، اج ٍ آخر َو ِ ِ اج ٍ آخر ك ََلمِ ِهَ :ل إِ َل َه إِ َّل اهَّلل؛ َد َخ َل ا ْل َجنَّةَ»َ ،ف ُه َو َأ َّو ُل َو ِك َ ِ
بَ ،و ُ ُ َان ُ
آخ ُر ُه»( ،)2فصالح العبادات واألخالق والمعامالت َفالتَّو ِحيدُ َ :أو ُل ْالَم ِر و ِ
ْ َ َّ ْ
مرهون بصالح المعتقد ،بل صالح األرض كلها قائم على تحقيق التوحيد،
قال ابن عاشور Vعن أهميته« :وهذا أعظم سبب إلصالح الخلق؛ ألنه
ويطهر القلب من
ّ يزيل عن النفس عادة اإلذعان لغير ما قام عليه الدليل،
األوهام الناشئة عن اإلشراك والدهرية وما بينهما»(.)3
ِ
الموصل إلى النجاة والفوز والرضا بعد تحقيق المقصد األول ،قال تعالى:
﴿ﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ
قال ابن كثير َ « :Vأ ْيَ :و َل َأ ْع ُبدُ ِع َبا َد َت ُك ْمَ ،أ ْيَ :ل َأ ْس ُل ُك َها َو َل
ح ُّب ُه َو َي ْر َضا ُه؛ َول ِ َه َذا َق َال﴿ :ﭐ ﱖ َأ ْقت َِدي بِها ،وإِنَّما َأ ْعبدُ اهَّلل َع َلى ا ْلوج ِه ا َّل ِذي ي ِ
ُ َ ْ َ َ َ ُ َ
ون بِ َأ َوامِ َر اهَّللِ َو َش ْر ِع ِه فِي ِع َبا َدتِ ِهَ ،ب ْل َق ِدﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﴾َ ،أ ْيَ :ل َت ْقتَدُ َ
ن تِ ْل َقاء َأ ْن ُف ِس ُك ْم ،ك ََما َق َال﴿ :ﭐ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ
ِ ِ ْ
اخت ََر ْعت ُْم َش ْي ًئا م ْ
ﳃﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﴾ [الن َّْج ِمَ ،]23 :ف َت َب َّر َأ مِن ُْه ْم فِي َج ِمي ِع َما ُه ْم
ِ ٍ ِ ِ ِ
ول َو َأ ْت َبا ُع ُه فيهَ ،فإِ َّن ا ْل َعابِدَ َل ُبدَّ َل ُه م ْن َم ْع ُبود َي ْع ُبدُ ُه ،وعبادة ْس ُل ُك َها إِ َل ْيهَ ،ف َّ
الر ُس ُ
َان كَلِم ُة ْ ِ ِ
ول اهَّلل ُم َح َّمدٌ َر ُس ُ«ل إِ َل َه إِ َّل ُ ال ْس َل ِم َ اهَّلل بِ َما َش َر َع ُه؛ َول َه َذا ك َ َ ون َ َي ْع ُبدُ َ
ِ ِ ِ
ول ،H اهَّللَ ،و َل َط ِر َيق إِ َل ْيه إِ َّل بِ َما َجا َء بِه َّ
الر ُس ُ اهَّلل» َأ ْيَ :ل َم ْع ُبو َد إِ َّل ُ
149
هذا األصل يشمل جميع شرائع الدين من عبادات على رأسها الصالة،
والزكاة ،والصوم ،والحج وغيرها ،ومعامالت من نكاح ،وطالق ،وبيوع،
وأوامر ،ونواهي ،وأخالق وغيرها؛ فذلك كله هو الصراط المستقيم ،قال ابن
ِ ِ
يم ُمت ََض ِّم ٌن َم ْع ِر َف َة ا ْل َح ِّقَ ،وإِي َث َار ُهَ ،و َت ْقد َ
يم ُه اط ا ْل ُم ْستَق َ
الص َر َ «إن ِّ الق ِّيم َّ :V
الم َك ِ َع َلى َغ ْي ِر ِهَ ،وم َح َّب َت ُه َو ِالن ِْق َيا َد َل ُهَ ،والدَّ ْع َو َة إِ َل ْي ِهَ ،و ِج َها َد َأعْدَ ائِ ِه بِ َحس ِ ِ
ان، ب ْ ْ َ َ
ول اهَّللِ َ Hو َأ ْص َحا ُب ُهَ ،و َما َجا َء بِ ِه ِع ْل ًما َان َع َل ْي ِه َر ُس ُ
َوا ْل َح ُّقُ :ه َو َما ك َ
يد ِهَ ،و َأ ْم ِر ِه َون َْهيِ ِه،
ات الرب سبحا َنه ،و َأسمائِ ِه و َتو ِح ِ
َ ْ َّ ِّ ُ ْ َ ُ َ ْ َ
اب ِص َف ِ َو َع َم ًل فِي َب ِ
السائِ ِري َن إِ َلى اهَّللِ َت َعا َلى،َاز ُل َّ ان ،ا َّلتِي ِهي َمن ِ
َ
اليم ِ
َ
يد ِهَ ،وفِي َح َقائِ ِق ْ ِ وو ْع ِد ِه وو ِع ِ
َ َ َ َ
ال و َأو َض ِ ول اهَّللِ ،Hد َ ِ َوك ُُّل َذل ِ َك مس َّلم إِ َلى رس ِ
اع ِه ْم الر َج ِ َ ْ ون َآراء ِّ ُ َ ُ ُ َ ٌ
ال َأ ْو َم َقا ٍم َخ َر َج اصطِ َل َحاتِ ِهمَ ،ف ُك ُّل ِع ْل ٍم َأ ْو َعم ٍل َأ ْو َح ِقي َق ٍةَ ،أ ْو َح ٍ اره ْم َو ْ
و َأ ْف َك ِ ِ
َ
َ ْ
ب ا ْل َم ِدين َِة،
ون مِ ْن َض ْر ِ
الس َّك ُة ا ْل ُم َح َّم ِد َّيةُ ،بِ َح ْي ُث َي ُك ُ ِ ِ ِِ ِ ِ
م ْن م ْش َكاة ُن ُب َّوتهَ ،و َع َل ْيه ِّ
يم ،وما َلم ي ُكن ك ََذل ِ َك َفهو مِن ِصر ِ
اط َأ ْه ِل ا ْل َغ َض ِ ِ ِ ِ
ب َُ ْ َ الص َراط ا ْل ُم ْستَق ِ َ َ ْ َ ْ َف ُه َو م َن ِّ
ول H ثَ :ط ِر ِيق الرس ِ الض َل ِلَ ،فما َثم ُخروج َعن َه ِذ ِه ال ُّطر ِق ال َّث َل ِ َو َّ
َّ ُ ُ َ َّ ُ ٌ ْ
ف ا ْل َح َّق َو َعانَدَ ُهَ ،و َط ِر ِيقبَ ،و ِه َي َط ِر ُيق َم ْن َع َر َ َو َما َجا َء بِ ِهَ ،و َط ِر ِيق َأ ْه ِل ا ْل َغ َض ِ
َأ ْه ِل َّ ِ ِ
الض َلل َوه َي َط ِر ُيق َم ْن َأ َض َّل ُه ُ
اهَّلل َعنْ ُه»(.)1
ات مِ َن يف بِ َأنْوا ِع ال َّتعبدَ ِ وقال الشاطبي « :Vي ْشت َِم ُل َع َلى ال َّتع ِر ِ
الدين يقوم على أصلين ،األول :يف تجريد الوحدانية ،والثاين :يف تجريد
االتباع لما أنزل اهلل تعالى من كتاب وسنة ،كما قال تعالى﴿ :ﭐ ﱑ ﱒ ﱓ
ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﴾ [األعراف،]3 :
والذي أنزله اهلل تعالى هو الكتاب والسنة ،قال تعالى ﴿ :ﭐﳂ ﳃ ﳄ
ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐ
ﳑ﴾ [النساء ،]11 :وبذلك يكون استقامة عند العبد مصدري التلقي
لطريق عبوديته وحياته ،فيدور مع توجيههما له حيث دارا ،قال شيخ اإلسالم
ِ
اهَّللَ ،و َل َن ْع ُبدَ ُه َّإل بِ َما «و ِج َم ُ
اع الدِّ ِ
ين َأ ْص َلنَ :أ َّل َن ْع ُبدَ َّإل َ ابن تيمية َ :V
َش َر َعَ ،ل َن ْع ُبدُ ُه بِا ْلبِدَ ِع ك ََما َق َال َت َعا َلى﴿ :ﭐﳓ ﳔ ﳕ ﳖ ﳗ ﳘ ﳙ ﳚ ﳛ
ﳜ ﳝﳞ ﳟ ﳠ ﳡ ﳢ ﳣ ﳤ ﳥ ﳦ ﳧ ﳨ ﳩ ﳪ ﳫ ﴾
هذا المقصد اتفق عليه جميع العلماء الذين تكلموا عن مقاصد القرآن
الكربى؛ ولكنهم ع ّبروا عنه بتعبيرات متنوعة من ذلك:
وع ّبر محمد رشيد رضا بالعمل الصالح ،ولعله يقصد به (ما كان مواف ًقا
للكتاب والسنة) كما يف قوله تعالى ﴿ :ﳟ ﳠ ﳡ ﳢ ﳣ ﳤ ﳥ
ً
مستقل؛ بل هي القرآن :تحرير الرقبة»( ،)1فهذه ال يمكن أن تكون مقصدً ا
مندرجة ضمن مقصد التشريع ،وتفصيل يف بعض أحكام الكتاب والسنة.
املقاصد الكربى للقرآن الكريم
ً
مجال فقد جاءت أدلة كثيرة قاطعة يف القرآن والسنة تب ّين بما ال يدع
للشك فيه ،أن هذا هو المقصد الثاين من مقاصد القرآن الكربى ،وأنه ليس
لحسن عبوديته غيره ،قال تعالى ﴿ :ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ
هنالك طريق يوصل ُ
ﲳﲴﲵﲶﲷﲸﲹﲺﲻﲼﲽﲾﲿ
ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﴾ [النساء:
،]175 ،174وقال تعالى ﴿ :ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ
ﱳﱴﱵﱶﱷﱸﱹﱺﱻﱼﱽ
ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ﴾
�
ﱧ ﱨ ﱩ ﴾ [األنعام.]126 :
ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗﱘ
فالعلماء ع ّبروا عن هذا المقصد بتعبيرات متنوعة كم سبق بيان ذلك ،من
مسمى األوامر والنواهي ،أو األحكام ،أو النبوة وغيرها ،فكلها يف النهاية تلتقي
يف معنى الصراط المستقيم الذي يهدى إليه القرآن ،وأمرنا باتباعه ،وال يحيد
عنه إال منحرف عن الهدى ،قال ابن الق ِّيم Vيف تنوع عبارات العلماء يف
التعبير عن معنى الصراط المستقيم ،وأنه متضمن لكل ما ذكر« :فإن الناس
قد تنوعت عباراهتم فيه وترجمتهم عنه ،بحسب صفاته ومتعلقاته ،وحقيقته
شيء واحد ،وهو طريق اهلل الذي نصه لعباده على ألسن رسله ،وجعله ِ
موصال
لعباده إليه ،وال طريق لهم إليه سواه؛ بل الطرق كلها مسدودة إال هذا ،وهو
إفراده بالعبودية ،وإفراد رسوله بالطاعة ،فال يشرك به أحدا يف عبوديته ،وال
ويجرد متابعة الرسول ،وهذا
ّ فيجرد التوحيد،
ّ يشرك برسوله أحدا يف طاعته،
معنى قول بعض العارفين« :إن السعادة والفالح كله مجموع يف شيئين :صدق
محبته ،وحسن معاملته» ،وهذا كله مضمون شهادة :أن ال إله إال اهلل ،وأن
فسر به الصراط فهو داخل يف هذين األصلين،
محمدا رسول اهلل ،فأي شيء ّ
ونكتة ذلك وعقده؛ أن تحبه بقلبك كله ،وترضيه بجهدك كله ،فال يكون يف
قلبك موضع إال معمور بحبه ،وال تكون لك إرادة إال متعلقة بمرضاته ،األول:
155
يحصل بالتحقيق بشهادة أن ال إله إال اهلل ،والثاين :يحصل بالتحقيق بشهادة أن
محمدا رسول اهلل ،وهذا هو الهادي ودين الحق ،وهو معرفة الحق والعمل له،
وهو معرفة ما بعث اهلل به رسله والقيام به ،فقل ما شئت من العبارات التي هذا
املقاصد الكربى للقرآن الكريم
النفوس العاملة تتطلع دائما للنتائج والمآالت لما وراء عملها ،ويتمثل
ذلك يف الثواب والجزاء على األعمال الحسنة والسيئة يف الدنيا واآلخرة،
ً
طويل واس ًعا فيما يتعلق بمآالت األعمال ،ترغي ًبا وقد تحدّ ث القرآن حدي ًثا
وتذكيرا وموعظةً ،شملت جوانب متعددة ،تدور يف ثالثة محاور:
ً وترهي ًبا،
المحور األول :اإليمان باليوم اآلخر :وهو يشمل ما يتعلق بذلك من
فتنة القرب ،وما فيه من سؤال ونعيم وعذاب أليم ،والساعة وعالمتها وأهوالها،
ودنو
ّ وكيفية البعث والحشر ،وما فيه من طول الوقوف ،ونصب الصراط،
والعرق ،ووضع الموازين ،وتطاير الكتب باليمين أو الشمال، َ الشمس،
وتفرده بالحكم ،وسرعة ودقة حسابه للخ ْلق ،والجنة وما فيها من نعيم عظيم
المحور الثاين :بيان حقيقة الدنيا :وما جاء يف القرآن من التزهيد فيها،
والتحذير من خطورة الركون إليها ،ونسيان اآلخرة ،وأهنا ليست دار قرار.
تضمنه من مواعظ بليغة ،وتذكير ،وقد سمى بعض العلماء هذه األمور بـ:
ّ
(ال َقصص) ،وهم يريدون هذا الجانب ،منهم :البيضاوي ،وابن تيمية ،وابن
والسيوطي ،وبعضهم أشار إلى ما جاء يف هذه
ُج َزي ،والطيبي ،والكوراينُّ ،
ال َقصص بسورة خاصة من تذكرة ،ووعد ووعيد ،منهم :ابن العربي ،وابن
والمراغي ،وابن عاشور.
تيمية ،وابن كثير والزركشيَ ،
وقد جمع هذه المحاور الثالثة اإلمام الشاطبي Vيف شرحه لهذا
ت وما يلِ ِِ ِ ِ ِ ِ ِ ِِ
يهَ ،و َي ْو ِم المقصد فقالَ « :يدْ ُخ ُل في ض ْمنه النَّ َظ ُر في َث َل َثة َم َواط َن :ا ْل َم ْو َ َ َ
ِ يهَ ،وم َكم ُل َه َذا ا ْل ِيه ،وا ْلمن ِْز ِل ا َّل ِذي يست َِقر فِ ِِ ِ ِ
يب ْس الت َّْرغ ُ جن ِ ُ ِّ َ ْ ُّ ا ْلق َيا َمة َو َما َي ْح ِو َ َ
َّاجي َن َوا ْل َهالِكِي َن َو َأ ْح َوال ِ ِه ْمَ ،و َما أداهم إليه
ال ْخ َبار َع ِن الن ِ
ُ
يبَ ،ومِنْ ُه ْ ِ ِ
َوالت َّْره ُ
حاصل أعمالهم»(. )1
وقد تم اختيار هذا المقصد والعنونة له هبذا العنوان ،لعدة أسباب منها:
مما يدل على أن هذا المقصد أحد مقاصد القرآن الكربى الذي اتفق
جميع العلماء عليه؛ ولكنهم ع ّبروا عنه بتعبيرات متنوعة ،فمنهم من ع ّبر
بأعظم ما يكون فيه من العقاب والثواب ،وهو يوم المعاد ،ومنهم من ع ّبر عنه
بجزء المعنى ،كمن ع ّبر بالوعد والوعيد ،أو التذكير ،أو القصص؛ ولكن يف
نصت سورة الفاتحة على أمهات مقاصد القرآن الثالثة التي تحدّ ث
فقد ّ
فسرين عن مقاصد القرآن ،وقد جاء ذلك يف قوله تعالى:
الم ّ
من خاللها عامة ُ
﴿ ﱎ ﱏ ﱐ﴾ ،وهذه يف اإليمان يف اآلخرة ،وقوله تعالى ﴿ :ﱛ
إلى هذه األقسام الثالثة :ألن العبد إما أن يكون عالما بالحق أو جاهال به،
والعالم بالحق إما أن يكون عامال بموجبه أو مخالفا له ،فهذه أقسام المكلفين
المن َعم عليه ،وهو الذي
ال يخرجون عنها ألبتة ،فالعالم بالحق العامل به هو ُ
المفلح قد أفلح من زكّاها،
زكّى نفسه بالعلم النافع والعمل الصالح ،وهو ُ
املقاصد الكربى للقرآن الكريم
ّ
الضال، والعالم به المت ّبع هواه ،هو المغضوب عليه ،والجاهل بالحق ،هو
ّ
والضال مغضوب عليه لضالله عن والمغضوب عليه ضال عن هداية العمل،
فكل منهما ٌّ
ضال مغضوب عليه؛ ولكن تارك العمل العلم الموجب للعملٌّ ،
وأحق به»(.)1
ّ بالحق بعد معرفته به أولى بوصف الغضب،
ﱪ ﱫ ﱬﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ
ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ
ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﴾
[ البقرة ،]232:وقال تعالى﴿ :ﭐﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋ
ﳌ ﳍﳎ ﳏ ﳐ ﳑ ﳒ ﳓ ﳔ ﳕ ﳖ ﳗ ﳘ ﳙ ﳚ ﳛ ﳜﳝ
ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃﲄ ﲅ ﲆ ﲇ
ومن تأ ّمل قدْ ر هذا الموضوع يف القرآن يجده يم ّثل ثلثه تقري ًبا ،فصار
القرآن ثلثه يف االعتقاد ،وثلثه يف التشريع ،وثلثه يف عاقبة من عبده ومن عصاه يف
الدنيا واآلخرة ،وال تخرج آية واحدة من هذه المقاصد الكل ّية التي هي أمهات
مقاصد القرآن ،واهلل أعلم.
املقاصد الكربى للقرآن الكريم
E
املقاصد الكربى للقرآن الكريم
ً
أول :أبرز النتائج:
2.2هنالك ِشبه اتفاق عند جميع العلماء على مفهوم مقاصد القرآن؛
الذي تلخص حول الغايات الكربى ،والموضوعات األساسية ،والقضايا الكل ّية
التي دار حولها القرآن ،وتنتهي إليها جميع المعاين والموضوعات األخرى.
عرف الباحث مقاصد القرآن الكربى بـ( :الغايات العليا التي عليها
َّ 3.3
مدار القرآن الكريم).
164
وتوزع
تفرق ّ
7.7مقاصد القرآن لها فوائد عديدة منها :جمع خالصة ما ّ
من معاين القرآن ،واتباع منهج أقوم يف فهم خطاب القرآن ،وبناء َم َلكة مهمة يف
التدبر واالستنباط ،وتيسير وتسهيل فهم القرآن للناس ،وبناء خارطة أولويات
واضحة ،وإضافة ُبعد تدبري مهم ،وتضييق دائرة االختالف يف التفسير،
وغيرها من فوائد.
1212ما ذكره العلماء عن مقاصد القرآن الكربى غالبه مقبول متفق عليه،
واختلفت عباراهتم يف التعبير عنها ،والذي يختلف حوله مما ذكروه قليل.
الحق ّ
جل جالله. -معرفة المعبود ّ
ِ
الموصل إلى عبوديته. -معرفة الصراط المستقيم
-معرفة عاقبة من عبده ومن عصاه يف الدارين.
166
السيوطي،
1 .1اإلتقان يف علوم القرآن ،جالل الدين عبد الرحمن بن أبي بكر ُّ
تحقيق مركز البحوث والدراسات بمكتبة نزار مصطفى الباز ،ط :مكتبة
نزار مصطفى الباز ،مكة المكرمة ،ط1417 /1 :هـ 1996 -م.
3 .أحكام القرآن ،أحمد بن علي أبو بكر الرازي الجصاص الحنفي ،ت:
عبد السالم محمد علي شاهين.
4 .اإلحكام يف أصول األحكام ،علي بن محمد اآلمدي أبو الحسن ،ت :د.
سيد الجميلي ،الناشر :دار الكتاب العربي ،بيروت ،ط1404 /1 :هـ.
السيوطي أبو
5 .أسرار ترتيب القرآن ،عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد ُّ
الفضل ،ت :عبد القادر أحمد عطا ،الناشر :دار االعتصام ،القاهرة.
6 .إشارات اإلعجاز يف مظان اإليجاز ،بديع الزمان سعيد الن َّْو َرسي ،ت:
إحسان قاسم الصالحي.
168
7 .األشباه والنظائر يف قواعد الفقه ،سراج الدين أبو حفص عمر بن علي
األنصاري المعروف بابن المل ّقن ،تحقيق ودراسة :مصطفى محمود
األزهري ،الناشر :دار ابن الق ِّيم للنشر والتوزيع ،الرياض ،دار ابن عفان
1010إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان ،محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو
عبد اهلل المعروف بابن ق ّيم الجوزية ،تحقيق :خالد عبد اللطيف ط :دار
الكتاب العربي ،بيروت ،ط1425 /1هـ 2004 -م.
1111إلى القرآن الكريم ،محمود شلتوت ،ط :دار الشروق -القاهرة ،ط/1
1983م 1404 -هـ.
1212أمهات مقاصد القرآن طرق معرفتها ومقاصدها ،د .عز الدين بن
سعيد كشنيط الجزائري ،إشراف :د .عبد الستار حامد الدباغ ،ط :دار
عمان ،ط2012 /1م.
مجدالوي للنشر والتوزيعّ ،
169
1313أنوار التنزيل وأسرار التأويل ،المعروف بتفسير البيضاوي ،عبد اهلل بن عمر
بن محمد الشيرازي البيضاوي ،ط :دار صادر ،بيروت ،ط2001 /1م.
املقاصد الكربى للقرآن الكريم
1515بدائع الفوائد ،محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد اهلل المعروف
ابن ق ِّيم الجوزية ،الناشر :مكتبة نزار مصطفى الباز -مكة المكرمة،
ط1416 /1هـ – 1996م.
الرزاق
محمد بن عبد ّ
ّ محمد بن
ّ 1818تاج العروس من جواهر القاموس،
الحسيني ،أبو الفيض ،المل ّقب بمرتضى َّ
الزبيدي ،تحقيق :الرتزي،
وحجازي ،والطحاوي ،والعزباوي ،ط :مطبعة حكومة الكويت ،عام:
1395هـ.
3333الجواهر الحسان يف تفسير القرآن ،أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن
مخلوف الثعالبي ،تحقيق :الشيخ محمد علي معوض ،والشيخ عادل
172
أحمد عبد الموجود ،الناشر :دار إحياء الرتاث العربي ،بيروت ،ط/1 :
1418هـ.
3535الدر المصون يف علوم الكتاب المكنون ،أبو العباس شهاب الدين أحمد
بن يوسف بن عبد الدائم ،المعروف بالسمين الحلبي ،تحقيق :أحمد
محمد الخراط ،الناشر :دار القلم ،دمشق.
3737روح المعاين يف تفسير القرآن العظيم والسبع المثاين ،أبو الفضل شهاب
الدين السيد محمود األَلوسي ،ضبطه وصححه :علي عبد الباري عط َّية،
ط :المكتبة العلمية ،بيروت ،ط1422 /1 :هـ 2001 -م.
3838زاد المعاد يف هدي خير العباد ،محمد بن أبي بكر أيوب بن سعد شمس
الدين المعروف بابن ق ِّيم الجوزية ،الناشر :مؤسسة الرسالة ،بيروت،
مكتبة المنار اإلسالمية ،الكويت ،ط1415 /27 :هـ 1994 -م.
4141غاية األماين يف تفسير الكالم الرباين (من أول سورة النجم إلى آخر سورة
الناس) ،دراسة وتحقيق :محمد مصطفي كوكصو (رسالة دكتوراه)،
برتكيا ،جامعة صاقريا كلية العلوم االجتماعية2007 ،م.
4848قواعد األحكام يف مصالح األنام ،أبو محمد عز الدين عبد العزيز بن عبد
السالم بن أبي القاسم بن الحسن السلمي الدمشقي ،الملقب بسلطان
العلماء ،راجعه وع ّلق عليه :طه عبد الرؤوف سعد ،الناشر :مكتبة الكل ّيات
األزهرية ،القاهرة ،طبعة :جديدة مضبوطة منقحة1414 ،هـ 1991 -م.
5151اللباب يف علوم الكتاب ،أبو حفص سراج الدين عمر بن علي بن عادل
الحنبلي ،تحقيق :الشيخ عادل أحمد عبد الموجود والشيخ علي محمد
معوض ،الناشر :دار الكتب العلمية ،بيروت – لبنان ،ط1419 /1 :هـ
1998 -م.
175
5454مقاصد القرآن :دراسة تاريخية ،عبد اهلل حللي ،مجلة التجديد :بحوث
ودراسات ،الجامعة اإلسالمية العالمية بماليزيا ،المجلد ،)20( :العدد:
(1438 ،)39هـ.
5555مجموع فتاوى شيخ اإلسالم أحمد بن تيم ّية ألحمد بن عبد الحليم بن
عبد السالم ابن تيم ّية ،جمع وترتيب :عبد الرحمن بن محمد بن قاسم،
ط :مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف ،المدينة المنورة،
ط1416 /هـ 1995 -م.
5757المحرر الوجيز يف تفسير الكتاب العزيز ،أبو محمد عبد الحق بن غالب
بن عطية األندلسي ،تحقيق :عبد السالم عبد الشايف محمد ،ط :دار
الكتب العلمية ،بيروت ،ط1413 /1 :هـ 1993 -م.
176
6060مدارك التنزيل وحقائق التأويل ،أبو الربكات عبد اهلل بن أحمد بن محمود
وخرج أحاديثه :يوسف علي بديوي ،راجعه
حافظ الدين الن ََّسفي ،حققه ّ
وقدّ م له :محيي الدين ديب مستو ،الناشر :دار الكلم الطيب ،بيروت،
ط1419 /1:هـ 1998 -م.
6464مفاتيح الغيب «التفسير الكبير» ،أبو عبد اهلل محمد بن عمر بن الحسن بن
الحسين التيمي الرازي الشافعي ،الملقب بفخر الدين الرازي ،خطيب
الري ،ط :دار الكتب العلمية ،بيروت ،ط1421 :1هـ 2000 -م.
املقاصد الكربى للقرآن الكريم
6565مفاتيح الغيب «التفسير الكبير» ،أبو عبد اهلل محمد بن عمر بن الحسن بن
الحسين التيمي الرازي الشافعي ،الملقب بفخر الدين الرازي ،خطيب
الري ،الناشر :دار إحياء الرتاث العربي – بيروت ،ط1420 /3 :هـ.
6666مفتاح دار السعادة ومنشور والية أهل العلم واإلرادة ،محمد بن أبي
بكر بن أيوب الزرعي المعروف بابن ق ّيم الجوزية ،ط :دار ابن حزم،
بيروت ،ط1424 /1هـ 2003 -م.
69.المقاصد العامة للشريعة اإلسالمية ،د .يوسف حامد العالم ،ط :الدار
العالمية للكتاب اإلسالمي -الرياض ،ط1994 /1م.
7070مقاصد القرآن من تشريع األحكام ،د .عبد الكريم حامدي ،ط :دار ابن
حزم للطباعة والنشر والتوزيع ،ط1429 /1هـ2008-م.
178
7171مقاصد القرآن نظرة تقويمية ،محمد المنتار ،بحث منشور ضمن بحوث
المؤتمر العالمي األول للباحثين يف القرآن وعلومه يف موضوع جهود
األمة يف خدمة القرآن وعلومه ،المنعقد يف مدينة فاس بالمغرب ،بتاريخ:
7272المقاصد عند اإلمام الشاطبي دراسة أصولية فقهية ،محمود عبد الهادي
فاعور ،ط :بسيوين للطباعة ،صيدا ،لبنان ،ط1427 /1هـ – 2006م.
خرج آياته
7373مناهل العرفان يف علوم القرآن ،محمد عبد العظيم الزرقاينّ ،
وأحاديثه ووضع حواشيه :أحمد شمس الدين ،ط :دار الكتب العلمية،
بيروت ،ط1409 /1هـ 1988 -م.
7474منهاج السنة النبوية يف نقض كالم الشيعة والقدرية ،أحمد بن عبد الحليم
بن تيمية الحراين أبو العباس ،تحقق :د .محمد رشاد سالم ،ط :مؤسسة
قرطبة ،ط1406 /1هـ.
7878نبذ من مقاصد الكتاب العزيز ،أبو محمد عز الدين عبد العزيز بن عبد
الشوا ،ط:
السالم بن أبي القاسم السلمي ،تحقيق :أيمن عبد الرزاق ّ
مطبعة الشام ،سورية ،ط1416 /1هـ 1995 -م.
7979نظرية المقاصد عند اإلمام الشاطبي ،للشيخ أحمد الريسوين ،ط :الدار
العالمية للكتاب اإلسالمي ،ط 1412 /2هـ 1992 -م.
فهرس املوضوعات
املقاصد الكربى للقرآن الكريم
مقدمة ٥....................................................................
المطلب الثاين :الفرق بين مقاصد القرآن ومقاصد الشريعة 38. .............
المطلب الرابع :الفرق بين مقاصد القرآن والتفسير المقاصدي 46. .........
المطلب الخامس :الفرق بين مقاصد القرآن والهدايات القرآنية 50. ........
املبحث الثالث :دراسة تقوميية ألقوال العلماء عن مقاصد القرآن الكربى 87. ..
فهرس الموضوعات181...................................................
املقاصد الكربى للقرآن الكريم
183