Professional Documents
Culture Documents
Nouveau Document Microsoft Word
Nouveau Document Microsoft Word
العنوان:
السنة الجامعية2022/2021 :
المــــــــقدمــــــــــة
تمثل دراسة الحرف التقليدية أحد أبرز المواضيع التي لقيت اهتماما عميقا وعريقا في حقل التراث الشعبي،
السوسيولوجيا 8وكذا االنثروبولوجيا 8،باعتبارها من المواضيع 8ذات األبعاد الثقافية واالجتماعية والحضارية والتاريخية
واالقتصادية ،التي شكلت وال زالت تشكل قاعدة أساسية للبحث داخل مختلف الحقول المعرفية التي تهتم بدراسة الحرف
التقليدية كتنظيم اجتماعي وثقافي ،يعبر عن عادات ،تقاليد ،معتقدات ،أعراف ،وباقي المظاهر السوسيو-ثقافية و
كفضاء لإلنتاج والعمل ،إلبراز 8الهوية ،إلنتاج القيم والمعايير 8الحرفية ،وتجدر اإلشارة إلى أن مصطلح الصناعة
التقليدية هو بديل لمصطلح الحرف التقليدية ،على اعتبار أن مفهوم الحرف والحرفة هو الذي كان سائدا في أسلوب
اإلنتاج ما قبل الكولونيالي( 8االستعماري)حيث 8كانت الحرف المنتشرة داخل المجتمع الجزائري تغطي مجموعة من
االحتياجات الضرورية للمجتمع ،كما ساهمت في "تحقيق نوع من التوازن االقتصادي واالجتماعي 8داخل هذا
المجتمع" .أما في المرحلة الكولونيالية فقد أصبح مفهوم الحرف التقليدية يطلق عليه اسم الصناعة التقليدية (
)Artisanatولعل تسمية الحرف التقليدية بـ ( )Artisanatالمشتقة من( )Artفن ،فيه كثير من التجني على منتوجاتها8
بحيث لم تعد كما هي في سالف عصرها ،تستعمل لالستخدام اليومي ،بل لقد مورس عليها ما عمل األجانب على
اعتباره من قبيل التحف المنزلية أو آثار األمم" ،وأضحى 8استعمالها بالنظر إلى معظم هذه الصناعات اليدوية على أنها
من قبيل التراث وال نعتبرها مجاال حيا ينتج لنا ما نستخدمه في حياتنا اليومية
اإلشكالية
"يفنى مال الجدين و تبقى حرفة اليدين "
منهج الدراسة
لإلجابة عن إشكالية البحث تم اعتماد منهج وصفي تحليلي في ما يخص الجانب النظري ألنه مالئم لتقرير الحقائق ،ألن
الموضوع فعال يحتاج إلى تحليل الرموز 8و قراءة دالالت األشكال ،وفك رسائل مشفرة.
ان المجتمع الجزائري مجتمع عريق يعيش داخل فسيفساء من التعدد الثقافي ،ألنه يجمع بين الشاوية و القبائلية و الميزابية
والترقية،و هذا ان دل على شيء فإنما يدل على غنى اإلرث الثقافي لهذه المناطق ،و العادات و التقاليد هي وليدة هذا
التراكم الثقافي عبر األجيال و األزمنة من خالل تعاقب الحضارات على المنطقة الواحدة .و هذا ما تبنيه الرموز 8و
التصاميم 8فهي تعكس
وللوصول إلى المعاني التي جعلها أسالفنا لهذه األشكال نعمل على وضعها في سياقها 8الذي ظهرت فيه ،فميدان الدالالت
يرتكز 8على مدونة معينة يسمح باالتصال داخل مجال اجتماعي معين ولهذا ال يمكن لمثل هذه األشكال أن تكون لها داللة
عالمية بحكم اختالف السياق والظروف 8الثقافية التي ظهرت فيها .ولقد جاء تصنيف هذه األشكال على النحو المذكور
استنادا على عامل أساسي في تاريخ البشرية و المتمثل في ظهور الزراعة ،إذ يعتبرها األنثربولوجيون 8كأعمق تغيير
عرفه تاريخ الجنس البشري فبعدما كان اإلنسان يلتقط غذاءه ويجمعه ويقضي معظم وقته في اصطياد الحيوانات ،انتصر
على الطبيعة وأخضعها 8لسيطرته و أصبح ينتج غذاءه بنفسه عن طريق الزراعة والرعي ،ليدفع باآللهة النباتية دفعا
تدريجيا 8ونسبيا 8وتأخذ مكان اآللهة الحيوانية التي كان يقدسها .وظهور الزراعة لم ينعكس فقط في االنتقال من تقديس
الحيوانات إلى تقديس النباتات "األرض" وإنما انعكس كذلك على الفن ،إذ لم يعد فن الفالح والراعي فنا مطابقا للواقع كما
كان الحال في فترة الصياد ،إذ اختفى ذلك التطابق والتجانس بين الصورة والواقع 8ليظهر األسلوب الذي تميزه األشكال
الهندسية الرمزية الذي أصبح مستقال بذاته
الخصوصية الحضارية المستوعبة من طرف 8المجتمع الذي ينتمي إليه الحرفي ،ألن االشكال الرمزية المختلفة المسجلة
على الزرابي الجزائرية هي بصمات ترسم و تؤشر اثنوغرافية مجتمع محلي في أشكال و نصوص و معاني مشفرة.
وتعود 8أهمية دراسة مدلوالت الرمز إلى معرفة طريقة تفكير شعب معين في حقبة معينة ألن " السلوك الرمزي 8هو سلوك
انساني و أبسط تعريف له هو" :أنه صلب الحياة االجتماعية باعتباره لغة اتصال و حوار 8بين أفراد المجتمع الواحد حيث
يتمثل في دالالت معينة من خالل الرسوم 8و األشكال و غيرها من أدوات التعبير ،و قد استمر و تطور الرمز حتى العصر
اإلسالمي أين تم تصنيفه إلى ثالثة أنواع
رئيسية :و هي " إما رموز 8دينية ،رموز سياسية أو اجتماعية " لنجد الرموز 8اليوم تطغى على الحياة االجتماعية بشكل
كبير،فهو ينعكس على الكثير من مظاهر الحياة ألهميته.
الصعوبات :من أكثر الصعوبات التي واجهتني في هذا البحث ،قلة المراجع ،وتداعيات أزمة كورونا على الكثير من الجوانب
سنتطرق في هذا الفصل إلى تعريف الصناعات التقليدية والتعرف 8على أهميتها وخصائصها8
تعريف الحرف التقليدية والصناعة التقليدية
تعريف الحرف التقليدية :وهي حرف تستخدم أساليب تقليدية وتكون منتجاتها مصنوعة يدويا باستعمال مواد أولية تقليدية
وتكنولوجية.
الصناعة التقليدية :وهي تلك األعمال التي يزاولها الصناع ،مستخدمين في ذلك مهاراتهم اليدوي&&ة ،دون االعتم&&اد على
1
اآلالت حيث يتولى& الصانع العمل اليدوي& بنفسه أو بمعاونة أفراد عائلته ،أو عدد محدود& من المساعدين.
تعريف الصناعة التقليدية والحرف المعتمد في الجزائر:
تم تعريف 8الصناعة التقليدية في الجزائر بمقتضى األمر ( )01-96الصادر 8في 10/ 01/ 1996المحدد للقواعد التي
تحكم الصناعة التقليدية والنصوص التطبيقية لها،
لم يكن هناك تعريف 8واضح وصريح لهذا القطاع من النشاط ،وبصدوره نصت المادة 05من هذا األمر على ان
الصناعة التقليدية هي كل نشاط إنتاج أو إبداع أو تحويل أو ترميم 8أو صيانة أو تصليح أو أداء خدمة تطغى 8عليها العمل
اليدوي 8وتمارس بصفة رئيسية ودائمة وفي شكل مستقر أو متنقل أو معرضي ،وبكيفية فردية أو ضمن تعاونية للصناعة
2
التقليدية والحرف أو مقاولة للصناعة التقليدية والحرف.
الصناعة التقليدية والصناعة التقليدية الفنية :هما كل صنع يغلب عليه العمل اليدوي ويستعين فيه الحرفي 8أحيانا باألالت
لصنع أشياء نفعية أو تزيينيه ذات طابع تقليدي ،وتكتسي 8طابعا فنيا يسمح بنقل مهارة عريقة تتميز باألصالة واإلبداع8
والطابع 8االنفرادي
الصناعة التقليدية الحرفية إلنتاج المواد أو الصناعة التقليدية الحرفية النفعية الحديثة :هي كل صنع لمواد استهالكية
عادية ،ال تكتسي طابعا فنيا خاصا ،وتوجه للعائالت وللصناعة والفالحة.
الصناعة التقليدية الحرفية للخدمات :هي مجمل األنشطة التي يمارسها 8الحرفي 8والتي تقدم خدمة خاصة بالصيانة أو
التصليح أو الترميم الفني
1شارلوت سيمور &-سميث &،موسوعة علم اإلنسان :المفاهيم والمصطلحات األنثروبولوجية ،ت :مجموعة من األساتذة في علم االجتماع ،إشراف:
محمد جوهري ،المجلس األعلى للثقافة، 1998 ،ص.688 :
2األمانة العامة للحكومة ،األمر رقم 96-01المؤرخ في 10جانفي ، 1996الجريدة الرسمية ،الجزائر ،الصادرة في ، 14/01/1996ص.4:
إن الصناعات التقليدية قطاع 8هام ذو أبعاد ثقافية واقتصادية و سياحية حيث يمثل رافدا اقتصاديا 8وعنصرا حيا من الثقافة
والحضارة فهو بمثابة دالئل وثائقية للمقومات الحضارية والتاريخية ،واحد مقومات الشخصية الوطنية إذ يساهم في
التواصل بين الماضي والحاضر لترسيخ الهوية وتثبيت روح األصالة واالنتماء و ابراز التراث.
تعتبر الصناعات والحرف التقليدية لدى كل شعوب العالم أحد مقومات الشخصية الوطنية األساسية ،ألنها تميز
خصوصية المجتمع وهويته وأصالته ،فالقطاع يحتل مكانة كبيرة في االقتصاد 8نظرا لدوره الفعال في مختلف األصعدة
والتي تتمثل في:
على الصعيد الثقافي والحضاري للبعد الثقافي أهمية خاصة بالنسبة للحرف والصناعات التقليدية ،حيث يعتبر محددا )1
أساسيا لقرار الشراء بالنسبة للمستهلك الوطني واألجنبي 8،عموما يمكن أن نلخص هذه األهمية الثقافية في فكرتين
أساسيتين هما
-يعتبر المنتج التقليدي وسيلة لالتصال والتواصل بين إفراد المجتمع من خالل اإلشارات والخطوط 8المرسومة عليه
-يعتبر المنتج التقليدي بنك معلومات لمختلف الحضارات و المجتمعات التي مرت بالبلد .
على الصعيد االجتماعي تتمثل األهمية االجتماعية لقطاع الصناعات التقليدية في استيعابه لطاقات عاملة هامة ،ومساهمته )2
في تقليص النزوح الريفي إلى المدن.
على الصعيد االقتصادي 8بإمكان مؤسسات الصناعات والحرف التقليدية أن تلعب دورا كبيرا في اإلنتاج المحلي والدخل )3
بفضل انتشارها 8الكبير وحاجة المواطن لها سواء فنية او تقليدية او إنتاج مواد ،خدمات ،باإلضافة إلى امتصاص البطالة
تعكس الصناعة التقليدية الموروث الثقافي والتاريخي للبلد وتعد وليد البيئة التي تنشا بها ويعتبر انعكاسا للواقع.
يتضمن مختلف أنماط اإلبداع التلقائي للشعوب والجماعات سواء كانت بدائية أو متحضرة ،فهو يشمل على كل ما
تم أو يتم انجازه في األوساط االجتماعية بما تحويه من معتقدات وعادات وتقاليد التي تبرر سلوكا اجتماعيا معين
الصناعات التقليدية عنصر منافس للقطاعات األخرى حيث تعتمد على الحرفي الماهر والفنان ذو الذوق العالمي
والحس الجمالي المستوعب ألذواق 8المستهلك واحتياجات السوق
النحاس:
ترجع صناعة النحاس الجزائرية إلى العصر 8الوسيط وتستوحي جانب واسع من األتراك واحياء مخصصة لها في مدينة
الجزائر ،تلمسان ،قسنطينة ،وبدرجة اقل في غرداية و وهي ممركزة حول القصبة تندوف ،وتظهر ثراء كبير في فن
الزخرفة ،حيث تظهر 8الزهريات واألواني 8بجمال ال نظير له ويصنع ويزخرف حرفيو النحاس الذين يستعملون أساسا
صحيفة النحاس منتجات فنية بحتة ،وفي سياق ذلك تضاءل عدد الحرفيين في مدينة الجزائر التي اخفت منها ما يسمى
زنقة النحاسين وهي تعتبر إرثا عثمانيا من أهم اختصاصاته :المجلس ،البراد ،إبريق الشاي ،تبسي لعشاوات أنية كسكس
ذات غطاء مخروطي( البريك ،الطاسة ،المرجان ،المهراز و السنيوة أما األطباق فهي من اختصاص قسنطيني يدمج بين
الرموز 8الزخرفية الشرقية بشكل اكبر ،ومن بين منتوجاتها 8المحلية :المجلس ،المرش و القطار
الفخار:
لقد عرف اإلنسان مادة الطين منذ القديم حيث استطاع 8عن طريق 8العجن والخرط والقولبة أن يصنع لنفسه العديد من
األواني والنماذج الفخارية في أشكال وأحجام 8متنوعة وبألوان و زخارف 8مختلفة من منطقة أخرى كالصحون واألكواب
والجرار 8والمزهريات والمصابيح )المصابيح الزيتية لمنطقة األوراس والقبائل(.ومما الشك فيه أن توفر 8المادة الطينية في
كثير من المدن الجزائرية هو السبب الرئيسي في وجود 8عدد كبير من المراكز اإلنتاجية التي تهتم بالصناعة الفخارية،
حيث نجدها تتركز في الميزاب ،جرجرة األوراس ،والهضاب العليا وتلمسان
األشكال الزخرفية ودالالتها الرمزية:
"تشير ُ األشكال التي ترسم بغرض زخرفة األواني 8والنسوجات َ واالثاث وغيره من أعمال فنية لدى اإلنسان األمازيغي8
إلى قدرته على تكييف كل ما يوجد حوله من ظواهر ،سواء كانت تتعلق بالمناظر الطبيعية والبيئة المادية المحيطة أو ما
يتعلق بالحكايات واألساطير 8واألخيلة ،بل حتى ما يتعلق بالتاريخ وخصوصا ً اإلحتكاك والتأثر بالحضارات 8األخرى،
وفيما 8يلي نعرض الدالالت الرمزية لسبع أشكال كالتالي
الشكل المثلث:
في أول قراءة للرموز 8المثلثة نالحظ أنها في تركيباتها 8تتطابق مع التراث الهندسي 8الفرعوني ،ونجد ً الشكل الثالثي غالبا
ً مبنيا من مركبات متماثلة وفي 8بعض األحيان متقابلة أو ما يشبه هرمين مقلوبين ويشير الى أمور متعلقة باآللهة ً ،وتمثل
تعبيرا عن شكل من أشكال سحر الخصوبة الكونية.
الشكل المربع للمربع دالالت سيميولوجية عميقة ،فهو سر للنظام ودليل على األرض ،ويشمل أيضا الطبيعة بأسرها. 8
الشكل الدائري:
تشير الدائرة إلى االكتمال والتكامل في نفس الوقت ،وهو استحضار 8مجازي للجسد األنثوي ،وتعبر 8عن تبادل مفعم
بالحيوية وعنف ورغبة ومتعة محظورة .كانت الدائرة ترتبط في رمزية الشرق القديم بمفهوم الخلود ،و نجد في هذا الصدد تلك العالمة
الهيروغليفية الحاملة لمعنى األبدية والخلود والممثلة بحلق&ة ش&بيهة بالحب&ل ذو الع&روة المنتهيت&ان بعق&دة ،كم&ا أنه&ا ك&انت ترم&ز إلى الوقاي&ة عن طري&ق
حدودها التي ال نهاية لها ،مما جعل المحاربون األولون يصنعون أعداد كبيرة من األساور لحمايتهم و هي ترمز كذلك إلى المص&&اهرة .أم&&ا عن تواج&&د
هذا الشكل في بالد األمازيغ فهو يرمز إلى كوكبي الشمس و القمر اللذان عرفت عبادتهما لدى الشعوب القديمة ،عكس شكل المربع الذي يرمز لألرض
بحكم أضالعه الموحدة للعالم األرضي المادي ،وأحيانا تتفرع من الدائرة بعض الخطوط المشعة لتمثل بذلك شكل قرص الشمس
السالل:
تعتبر حرفة السالل أو الساللة من الحرف التي عرفها اإلنسان منذ القديم وخاصة في المناطق 8الصحراوية وهذا نظرا
لوفرة النخيل ،كانت النخلة وال تزال مصدر فخر واعتزاز الشعب الجزائر حيث اشتهرت الصحراء منذ القديم بنخلها،
فإنتاجها 8يدخل في جميع األدوات التقليدية ،فجميع البيوت الصحراوية القديمة دخل جدع النخلة وسعفها وجريدها 8في
بنائها ،فمن خالل وبواسطة سعف النخيل تفنن الحرفيون في صناعة العديد من المنتجات ،فمنها 8يتم صناعة الحصير الذي
يفرش به أرضية المنازل ،وكذلك نصنع به القفف والمظالت والسالل ،أما األلوان التي يتم مزجها 8في صناعة السعف
وتزيينها تتمثل هذه األلوان التي تعكس جمال الصحراء.
الجلود:
من أقدم الصناعات التي عرفها اإلنسان بحكم توفر المواد الخام التي وهبه اهلل إياها ،فمع احتياجه للملبس استفاد من
جلود الحيوانات التي كان يتعدى على لحومها أو الحيوانات الميتة األخرى في صنع أحدية تحميه من قسوة الطبيعة وأيضا
استخدم 8الجلود بعد ذلك استخدام الجلود في صناعة المالبس قبل أن يكتشف 8القطن والنسيج ،ولم يستغني 8اإلنسان عن
الجلود بعد ذلك استخدامها في الكتابة وفي عصرها الحديث لم يستغني اإلنسان عن صناعة الجلود بل توسع فيها ،فصنع
منها األحذية األنيقة والحقائب واألحزمة والكثير 8من األشياء التي تدل على األناقة والتي تتمتع بالمتانة في نفس الوقت
الحلي
بدا االهتمام بالزينة عند االنسان منذ العصر الحجري القديم المتأخر وبالضبط 8في الحضارة القبطية 6900ق م وذلك
باستخدام 8قشور بيض النعام و تشكيلها 8و الرسم عليها ثم ربطها بخيط لتأخذ شكل العقد
و في العصر الحجري الحديث ( فإن اإلنسان الساحلي المتوسطي المغاربي قد صنع وصاغ حليات جديدة مثل الحلي
المصنوعة من قوقعة السلحفاة باإلضافة إلى الحجارة الملونة وبعض األصداف البحرية وكان ذلك خاصة في المناطق
عُين قطارة وحاسي المويلح ومواضع 8منطقة ورقلة وكانت األصداف تنحت وتشكل على صورة خرز وأساور وغَير
ذلك وقد 8وجدت بكثرة عظيمة في المقابر وقد استخدم اإلنسان عظم الحيوانات منذ العصور 8النيوليتية فكانت تصنع من
أشياء صغَيرة شتى ال سيما التمائم والخرز 8واألساور 8واألمشاط 8والخواتم ،وكان يصنع من فقار األسماك في بعض
األحيان خرز .وفي هذا العصر استخدـم اإلنسان ناب الفيل العاج لصناعة الحلي والذي كان "منتشرا 8في مصر القديمة
وبابل وقد وصل إلى الجزيرة العربية من الهند عرب عدن ،وكان العاج يعتبر أهم مادة تصدر من بالد الساحل الشرقي
إلفريقيا، 8
وإن صياغة اإلنسان األولى لحلي من الذهب راجع لالعتقاد الذي ساد قديما 8أن للذهب قوة سحرية شافية لكثَير من
األمراض أما في العصر اإلسالمي فقد عرفت صناعة الحلي تطورا 8كبيرا ولكن ما وصلنا من الحلي اإلسالمي نادرا جدا
وفي 8خضم هذه النشأة والتطور للحلي كانت الحلي الجزائرية مزدهرة قبل االحتالل رغم أن بعض النقاد الفرنسيُين قد
الحظوا 8بداية تدورها في القرن ، 18وكانت أنواع الحلي تتمثل في الخواتم و األساور واألقراط ،والعقود 8الذهبية
والخالخل و خيط الروح ،ويصاغ الذهب والفضة لهذه الحلي أو من الجواهر ومعظم الحلي كان للنساء ،أما الرجال
فيستعملون منه بعض الخواتم واألوسمة لتزيُن السالح وبعض االستعماالت األخرى ، 8وقد كانت الحلي غالبا من صنع
جزائري ، 8واشتهر بنو يٍنو يني الزاورة بصنع الحلي وكذلك صاغة العاصمة و تلمسان و قسنطينة ،وكانت الحلي
لجزائرية عليها رسومات تشمل الذوق المحلي والديني ،ولكن بهجرة اليهود من األندلس ثم نزوح بعضهم من ليفونيا إلى
الجزائر جعلهم يسيطرون على صناعة الحلي وكان اليهود محل ثقة الباشوات في اختيار العملة الرسمية وأصالة
الجواهر والمذهبات التي ترد إلى الدولة في الهدايا والغنائم ، 8وهذا االمتياز أعطى لليهود أيضا اليد العليا في صناعة
الحلي وقد 8سهلت عليهم مهمتهم في السيطرة على سوق 8العملة والذهب والفضة وهي أساس صناعة الحلي
.إن ما توفره الصياغة من أرباح وفوائد مادية شجع اليهود على مزاولة هذه الحرفة حيت احتكروها 8وخاصة أن
المسلمين قد ابتعدوا عن هذه الحرفة ولعل السبب في ذلك هو ورود 8بعض األحاديث النبوية الشريفة التي تنهي الرجال عن
لبس الذهب فتجنبوا 8االشتغال بكل ماله عالقة بذلك .
ولكن صناعة الحلي مع ذلك لم تنقرض فقد تطور مع الزمن وأخذت أشكاال جديدة تنافس بها الذوق األوروبي 8والسيما 8في
المدن ،أما في أرياف الجزائر فقد استمرت صناعة الحلي رغم تأثَير اليهود وظل االستعمار على ما كان عليه تقريبا في
الحياة اليومية وفي المناسبات االجتماعية .
ولم تشهد تقنيات صهر الفضة وقولبتها 8المنتشرة في كافة انحاء شمال إفريقيا 8والتي تعود الى العصور القديمة تطورات8
هامة حيث ال تزال صناعة الفضة تقليدية و تنجز بواسطة سندان صغير 8بينما تعتمد تقنية الطالء بالمينا على تحديد دقيق
لألجزاء الواجب طالءها وتلحيم خيوط من الفضة .
وتتطلب حلي الفضة المصنوعة من ثالثة مواد هي الفضة و المرجان والمينا الكثير من الدقة والمهارة من صائغ الفضة
وهي معايير أساسية حتى يصنع بأنامله جواهر دقيقة التصميم 8بخطوط 8فضة متشابكة مزينة بأحجار المرجان الجميلة
اآلتية من أعماق البحر األبيض المتوسط بينما تستخرج 8الفضة في الجزائر وتتم معالجتها في فرنسا 8قبل ان يعاد استيرادها8
وتستورد 8المينا من مدينة ليموج الفرنسية
/https://akhbarelyoum.dz
وفي 8هذا السياق نحاول قبل مرحلة تفكيك شفرات الرسائل االتصالية التي تبثها المرأة عن طريق حليها التقليدية في منطقة
جعافرة ،تناول مختلف األشكال و األلوان التي تحملها حلي هذه المناطق 8والتي يمكننا أن نصنفها كالتالي:
األشكال الحيوانية :عادة ما تحمل الحلي التقليدية في منطقة جعافرة هذه األشكال التي لطالما تناولتها كذلك الرسوم8
الصخرية في الجزائر ،حيث تظهرها إما في شكل عبادتها مثل الثور و الكبش ،أو في شكل أقنعة تنكرية يرتديها أشخاص
بقصد إيهامها و التقرب منها الصطيادها ،أو طرد األرواح الشريرة التي كانوا يعتقدون بأنها تطاردهم ،وهنا نشير إلى
مفهوم الطوطمية الذي نجده مجسدا لدى األمازيغ من خالل احترام وتقديس بعض الحيوانات التي ينظر إليها أنها تحتوي8
على آلهة ،كحال السلحفاة التي يعتبرونها مسكنا لجنية تنفع من عين السوء ،أو الضفدعة التي يعتقد أن بها جنية تنفع في
نزول الغيث ...الخ .ومن األشكال الحيوانية التي يحملها الحلي نجد:
الثعبان :لقد عرف شكل الثعبان منذ األزمنة الغابرة وعبر مناطق مختلفة ،وإن كان يثير الخوف في بعضها فإنه عكس
ذلك في التفكير األمازيغي ،إذ يرمز للحياة في شكلها البدائي بحكم جسمه المنساب و عدم امتالك القوائم "و ينشط العالم
ويخصبه ،كما يعتبر جن يحمي األماكن ويحافظ على صحة الرجال وإخصاب النساء ،ولكي نقترب أكثر من تواجد هذا
الشكل في الحلي اعتمدنا على أسطورة الثعبان الخاصة بمنطقة القبائل ،فاألولى 8تروي قصة امرأة كانت تعاني من العقم
مما دفعها 8في أحد األيام للذهاب إلى نبع الماء أين تمنت أن تنجب أي نوع من الكائنات حتى وإن كان ثعبانا ،وحسب هذه
األسطورة تحققت أمنية المرأة وصار 8لديها ابن ،لكنه كان يتحول داخل بيته إلى ثعبان مما جعله أضحوكة في كل
قريته ،وعندما أصبح رجال بدأ والديه في البحث عن فتاة يتزوجها بعيدا عن قريته لكي ال يتعرف أحد على حقيقة
وضعه ،ولما حدثت خطبته بأحد الفتيات سمعت هذه األخيرة صوتا في نبعا لماء يخبرها بجملة سحرية تجعل من خطيبها
شابا آدميا ،وهذا ما قامت به بعد زواجهما إذ ألقت عليه تلك الجملة السحرية التي حولته إلى شاب عادي إلى األبد فهذه
األسطورة التي نقلت إلينا حقيقة الثعبان في منطقة القبائل نجد آثاره اعلى الحلي بمنطقة القبائل ،إذ تتجسد من خالل
مجموعة من األنواط 8المتدلية منها ،و التي تحمل تسمية أقروي بزرام أي رأس الثعبان تبركا بكل قوى هذا الحيوان.
الحرباء :لهذا النوع من الحيوان رمزية قوية تكمن في قدرته على رد األذى وإزالة السحر ،فحسب ما ترويه األسطورة
أنه في زمن ما كان هناك رجل وزوجته يعيشان في خير وسالم ،إال أن دخلت عليهما امرأة أخرى سحرت الزوج ودفعته
للزواج بها ،وهكذا جعلته يتناسى واجباته اتجاه أوالده و زوجته األولى ،إلى أن زال مفعول السحر في أحد األيام بفعل
حرباء كانت تحويها حزمة الحطب التي وضعتها زوجته األولى على النار ،ففي تلك اللحظة انكسر خلخال الزوجة الثانية
الذي كان دائما في رجلها إلى ثالثة أجزاء واستفاق 8الزوج مما كان فيه إذ تساءل عن سبب تواجدها في بيته جاهال أنها
كانت زوجته ،ولما عرف بالحقيقة كاملة قام بطردها من البيت ،وأقسمت الزوجة األولى على حمل الحرباء معها أينما
ذهبت لما لها ،ومن خالل هذه األسطورة المقدسة للحرباء نجد على حلي منطقة القبائل نوعا 1من قوة في إزالة السحر
من األشكال المصورة لهذا الحيوان ،والتي تدعى بثيط نتاتا أي عين الحرباء التي نجدها على بعض أساور المنطقة ،حلية
تمشرفت 8وبعض أنواع المشابك.
الطير :هذا الشكل قليل االستعمال عند حلي القبائل بالمقارنة مع الشكلين السابقين ،وهو رمز الحب والصفاء كما يرمز
للخصوبة والثروة ،فالحجل يحتل مكانة خاصة في هذه المنطقة إذ وجدت مجموعة منها في حقل محمي بتوريرثميمون،
كما أنها تشبه في كل صفاتها بالفتاة الجميلة و الرشيقة
العقرب :عادة ما نجد شكل العقرب في بعض الحلي وهذا لكونه يمثل دفاعا سحريا ضد العين اللئيمة فهويرمز إلى 2
الشجاعة ،الصبر والصالبة.
األشكال النباتية :إن انتقال اإلنسان من مقدس للحيوانات إلى مبجل لألرض و كل ما تنتجه من نباتات قد تركت بصماتها8
على الحلي التقليدية القبائلية ،وذلك من خالل احتوائها على بعض األشكال النباتية منها:
الزهرة :يمكننا أن نجدها في شكل عدة براعم ،و هي ترمز إلى الصفاء ،البراءة و العذرية ،كما تعتبر مصدرا 8للخصوبة
وترمز 8كذلك بجمالها إلى جمال المرأة ،أما الوردة فهي ترمز إلى السمعة الجيدة للمتزوجة وإذا ما دققنا جيدا في شكل
الزهرة فهي تشبه في أطرافها 8شكل النجمة و لهذا يقال أنها كذلك رمز للشمس ،و 1هذه بعض األشكال التي تتخذها
األزهار على الحلي ا التقليدية
األشكال الهندسة:
تظه&&ر على الحلي التقليدي&&ة ع&&دة أش&&كال هندس&&ية ،و هي تتم&&يز ع&&ادة في حمله&&ا لتس&&ميات تخص أن&&واع الحيوان&&ات ،الحش&&رات ،أعض&&اء الجس&&م
اإلنساني...وهذا ما جعل الباحثين يعتبرونها دليال على طبيعته&&ا التمثيلي&ة ال&تي تم&&يزت به&ا في ب&دايتها لتنتق&ل فيم&ا بع&د بفع&ل ظه&ور الزراع&&ة من ه&ذا
التصوير المطابق للواقع إلى استعمال األسلوب الهندسي .ومن بين األشكال الهندسية التي تعرف بها حلي كلتا المنطقتين نجد ما يلي:
الخطوط المنكسرة :توجد هذه الخطوط المنكسرة بأشكال و تسميات عديدة و هي تحمل معنى اإلخصاب &،و ذل&&ك من خالل التش&&ابه ال&&ذي تتم&&يز ب&&ه م&&ع
العالمة الهيروغليفية التي ترمز للماء 1و لشكلها المتكون من المثلثات المركبة الواحدة تلوى األخ&&رى ،ه&&ذه الخط&&وط المنكس&&رة نج&&دها بش&&كل واض&&ح
على الحواف العليا والسفلى ألساور المنطقة.
الجبة القبائلية:
أو كما تسمى باللهجة القبائلية "ثاقندورث 8نلقبايل" هي الزي الرسمي للقبائل لم يتأثر بأي عهد أو طراز ترتديه النسوة
والفتيات وما زالت النساء تعتبره رمزا من رموز الهوية األمازيغية ،فتراها في األعراس ،واالحتفاالت بأيام يناير،
والوزيعة ،ووالئم الختان بل وحتى في المظاهرات الشعبية .يتكون من أربع قطع هي الجبة تكون عادة بقماش أبيض في
القرن العشرين أصبحت تزين بالزخارف والحاشية الملونة باأللوان التي تعبر عن الطبيعة مثل األصفر البرتقالي األزرق8
األصفر واألخضر بأشكال هندسية من خيوط الزقزاق 8والفوطة )مأرز( تكون ملونة بشرائط 8حسب لون الجبة والمحرمة
السوداء توضع على الرأس كدليل على "السترة" وغالبا ما ترتديها النساء الكبيرات في السن ،ومع ذلك تبقى قطعة لها
أهمية في الزي القبائلي .والحزام 8أقواس يختلف في طريقة ربطه عند المرأة المتزوجة يكون الحزام في الوسط أما
بالنسبة للبنت يكون على الجانب .
الزربية
يقصد بكلمة" زربية " هي ما يداس باألرجل ،سواء كان ذو وبر قصير أو ذو عقد و أصل الكلمة فارسي و هو "Zirppa
"ذكر مصطلح الزربية في القرآن الكريم 8في سورة الغاشية "و نمارق 8مصفوفة و زرابي مبثوثة" .والزربية الجزائرية
مثال عروس الصناعات التقليدية وهي بساط أو فراش يصنع من الصوف 8يبسط على األرض في قاعة الضيوف
وتستعمل 8الزربية أيضا في غرف النوم وباقي البيوت ،كانت تعلق على الجدران كلوحات فنية تزين البيت وأشتهر 8سكان
البادية والرحالة ،بصنع الزرابي ألنها سالحهم الوحيد في ليالي الشتاء البارد ،وتستعمل كغطاء جماعي طويل يحتمي
تحته كل أفراد العائلة في فصل الشتاء ،هذا قبل ظهور 8األغطية الصناعية حاليا في األسواق . 8من بين أهم المناطق التي
اشتهرت بصناعة الزرابي في الجزائر نجد :آفلو ،تيزي وزو ،سطيف ،خنشلة ،البيض و غرداية ،و ما يميز صناعة
الزرابي 8في هذه المناطق 8هو االختالف في انتقاء األلوان و األشكال و استخدام الذوق المحلي لكل منطقة باإلضافة إلى
االبداع الفردي.
يخبرنا Devoulxفي كتابه التشريفات أن داي الجزائر كان يبعث سنويا 8هدايا لسلطان القسطنطينية من بينها :اثنى و
ثالثين زربية من الجنوب خمسة عشرون حايكا ورقليا أحمر ،ثالثون حايكا ورقليا 8أبيض ،أربعة وأربعون حايكا من
تلمسان سنة . 1551أما في سنة 1571تم ارسال أربع وثالثين زربية من الجنوب ويشير 8إلينا ابن خلدون في مقدمته أنه
تم التوقيع 8في عام 188على اتفاق بين الخليفة هارون الرشيد 8و ابراهيم ابن األغلب ،و كانت االتفاقية عبارة عن جزية
سنوية قيمتها ثالثة عشر مليون درهم ومائة و عشرون زربية و هكذا تم نقل زرابي من المغرب العربي إلى بغداد لفترة
تفوق القرن.
الرمز كمعطى تاريخي ،له خلفياته الثقافية و الزمنية المتعددة إال أن ارتباطه مباشرة بالزربية أضفى عليها نوعا من
المسح األنثروبولوجي إذ أنه يحاكي الواقع الذي عاشته األسرة الجزائرية عبر أجيال ،هذا عدا أنه تجسد في كل ما يلمس
الحياة اليومية للجزائري 8قبل و إبان االستعمار 8الفرنسي .حتى أن هناك من يعتبره رسالة لألجيال عبر الزمن .و قد ارتبط أيضا
بالوشم 8على الجسد و على األواني الفخارية حتى على اللوحات الفنية و الجدارية ،إال أن عالقته بالزربية كان له لمسة
خاصة ،فالنسيج كان من خصوصيات المرأة التي تحظى بامتياز 8خاصة في تمازج األلوان و األشكال ،هذا و أن هناك
زرابي 8خاصة دون غيرها لمناسبات األسرة الجزائرية ،ذاك أن العروس كان يتم تجهيزها بكل ما هو صنع يدوي لذا
كانت تحرص على كل تفاصيل الجهاز بيدها ألن الفراش يعتبر من أهم طقوس الزواج التي تحظى 8المرأة على اقتناءه
بعناية ،و كل هذا أدى بطبيعة الحال إلى اكتشاف رموز 8جديدة خاصة بعد المصاهرات األسرية التي كانت تتم بين كبرى
القبائل الجزائرية ليصب في قمة التنوع الثقافي عبر عقود.
اللغة الرمزية من خالل الصناعة التقليدية زربية متليلي الشعانبة أنموذجا بوبكر حميدة جامعة& وهران 2محمد بن احمد
الرمز األمازيغي وأثره على الفن التشكيلي غادة مجدي محمد شافعى بحوث في التربية الفنية والفن&&ون ،المجل&&د ((، 21الع&&دد 2كلي&&ة الفن&&ون الجميل&&ة،
جامعة& حلوان 1افريل 2021ص 162 161
داللة األلوان واألعداد :إن اللغة كما سبق و أن ذكرنا ال تشمل جانبها اللفظي فقط ،وإنما تضم كذلك الجانب غير اللفظي
الذي أشرنا إليه في النقطة السابقة ،حيث تبين أن مختلف األشكال الحيوانية النباتيةوكذا الهندسية التي تحملها الحلي عبارة
عن لغة استعملها 8أسالفنا 8لالتصال فيما بينهم وترجمة مختلف أفكارهم 8مقدساتهم 8ومخاوفهم 8،و عليه سنحاول 8إبراز شكل
آخر من األشكال التي ابتكرتها عبقرية اإلنسان بهدف التواصل والمتمثلة في دالالتاأللوان واألعداد المكونة لحلي بمنطقة
جعافرة بوالية برج بوعريريج .األلوان :للون قوة كبيرة في بث المعلومات ،لكن دالالته تختلف من شعب إلى آخر
ومن حضارة إلى أخرى بحكم عدةعوامل منها - :قوة اللون أوعالمته في عصر ما قبل التاريخ والحضاراتالقديمة- .
دوراللون 8ورمزيته في العاداتوالتقاليد - .رمزية اللون في العقيدة أوالدين ولقد بدأ اللون يأخذ ألول مرة صفة الرمز في
عصر البابليين ،بحيث أنهم أعطوا في تقاليدهم وعباداتهم لونا لكل نجممن نجوم الفلك . 1وعن حلي المنطقة نسجل
استعمالها 8لألوان التالية :األحمر ،األخضر ،األزرق األصفرواألبيض - .األحمر :كان هذا اللون يرمز للدم الذي يعني
الحياة بالنسبة لإلنسان والحيوان ،إذ كان الفراعنة يطلون به األشجار والحيوانات وأشياء أخرى من ممتلكاتهم ،بغرض
حمايتها من المصائب وطرح البركة فيها ،كما كان سكان واد النيل يدهنون أجسامهمبه أثناء االحتفاالت ويرتدون الحلي
المصنوعة من العقيق األحمر .فعادة استعمال هذا اللون وجدت كذلك لدى األمازيغالقدامى 8الذين كانوا يعتبرونه مقويا
سحريا ،يرمز ،فكانوا 8يستعملون آنذاك 2إلى الحياة والدم و يمنح الحيوية والقوة كما يبعد األرواح الشريرة عن األموات
سائال يدعى باألحمر الجنائزي 8لطالء القبور واألثاث الجنائزي 8و رش عظام األموات السيما الرأس منها كما وجدتفي
بعض القبورأواني 8فخارية تحتوي على هذه الصباغة اعتقادا من األمازيغ في إمكانية تلوين 3الميت لنفسه ،كقبر تينهينان
الذي عثر فيهعلى 8وعاءمملوء بالمغرة الحمراءعلى كتفها األيسر .فاألهمية الرمزية و الوقائية التي كان يمتاز بها اللون
األحمر لدى األمازيغ القدامى نجدها اليوم مجسدة في المرجان األحمر ،الذي يمثل أفضلية لديهم والذي تتميز بت حلي
المنطقة.
األخضر :هو لون عرف منذ القدم و من طرف شعوب كثيرة ،إذ يرمز في الكنيسة الكاثوليكية الحالية إلى المختارين من
عندالربوالروح المقدس ،بينما يرمز إلى األرض في الكنسية الشرقية أما داللته في اإلسالم 1فهورمزالجنة .أما استعمال
هذا اللون لدى األمازيغ فيرجعه البعض إلى فتراتسبقت دخول اإلسالم ،إذينسبوا 8إليهرمزية األرض الخضراء التي تحمل
معاني الخصوبة،وهنا 8نعود إلى مفهوم اإلخصابالذي 8عرفه األمازيغ وعبرواعنه بمختلف األشكال الحيوانية النباتية و
الهندسية ،وكذا المدونات اللونية التي نجدمن بينها اللون 2األخضر ،فاالستعماالتالرمزيةلهذا اللون تمتد كذلكإلى الحلي
الفضية التقليدية - .األزرق :كان هذا اللون يعرف في القديم بقدرته على الحماية من الشر ومن النظرة الحاسدة ،و هو
بارز بشكل كبير على الحلي التقليدية لمنطقة جعافرةكبروزاللونيناألخضرو األصفر،إذيعرفبتسميةأزقزاو 8لكنه فيما
بعدوبينما كنا نبحث عن داللةهذا اللون لدى األمازيغ القدامى فوجئنا بتسميته القديمة التي كان يدعى النيلي حيث قمنا
بالربط 8مباشرة بينهذه التسميةووادالنيل الشهير الذي يرمزلدى الفراعنة بلونه األزرق 8إلى الخلود و األبدية ،ومن خالل
هذه الداللة يتجسدلنا 8مرة أخرى شكل من أشكال تأثر 3األمازيغ بالحضارة المصرية القديمة.
األصفر :يحمل هذا اللون عدةدالالتإذ 8كان يرمزقديما لدىالصينيينإلىلون العظمةو األرض ،كما كان يرمز عند الفراعنة
إلى جسد اآللهة 1 ،و بحكم لونه فهو يرمز كذلك إلى لون الشمس و النور الذي يبعد األرواح والجن .فاللون
األصفرواسعاالستعمال لدى األمازيغ إذ نجده بارزاعلى الحلي التقليدية لمنطقة جعافرةمثال حيث يشبهه الحرفيون بلون
الشمس ،و هو في الحقيقة يحمل معنا أبعد من ذلك فهو ال يرمز للشمس ككوكبوإنما 8كإله كان األمازيغ األولون يقدسونه
كسائر 8الشعوباألخرى - .األبيض :يعتبر هذا اللون مقدسا في كثير من الثقافات ،وهو بارزعلى الحلي التقليدية القبائلية،
من خالل لون معدن الفضة الذي ليزال يستعمل في المناطق الريفية للداللةعلى تلك الرمزية القوية التي نسبها له كل من
األمازيغ والعربمنذالقديم ،إذ أنه يرمزإلى كوكب القمر كما أنه بفضل تلكالقوى التي كان يمتاز 8بها القمر لدىاألولين،فإن
معدن الفضة يعكسبنصاعته كذلككل األضرارواألرواح 8الشريرة.
األعداد :لكل ثقافة رصيدها الخاص الذي تولي من خالله رمزيةودالالت معينه لكل عدد من األعداد ،وتتميز 8الثقافة
القبائليةكغيرهامن الثقافاتببروزواضح ألعدادمعينة متمثلةفيما يلي - :العدد ثالثة :عادة ما تركز ثقافتنا 8على مجموعة من
الطقوس والممارسات التي يظهر فيها جليا هذا العدد ،فهو يمثل الثالثية الرمزية التي تضمن التطورمن المادي إلى
الروحي 8ثم إلى اإللهي كما يرمز كذلك إلى كل من الرجل ،وهذا العدد في الحقيقة يحمل تلكالمعاني 8التي خص بها المثلث.
1المرأةوالطفل -العدد خمسة :يرتبط هذا العددعادة باألصابعالخمسة لليد ،إذ يرمز في اإلسالم إلى الصلوات الخمس
وكذا القواعد األساسية للدين اإلسالمي ،لكن شكل اليدالمصورللعدد خمسة قدوجدقبل ظهوراإلسالموعبر 8فترات تاريخية
بعيدة ،إذعثرعليها فوق تماثيل قرطاجية كما وجدت بالجنب من تمثال تانيت 2ليدل ذلك على تقديسهذا العددواليدالمجسدة
له لدىشعوبكثيرة ،والتي كانت ولتزال تحمل معاني الوقايةوإبعاد 8القوىالشريرة .ويتجلى العدد خمسة في الثقافة القبائلية من
خالل بعض الممارسات الطقوسية ،وكذا الحلي التي تحمل أشكال مصورة لليد ذات األصابع المتفرعة ،كما تتدلى في
أغلب األحيان كأنواط 8من عقود مختلفة األشكال ،أو تأخذ شكل خمسة معنيات في حلي الطوارق ∗بالجنوب الجزائري،
ويعرف 8شكل اليد في 3األوراسبشكلصفيحةصغيرة بقاعدة بها أسنانصغيرة تدعى بالمشطوهي ترمزإلى الخصوبة .
العدد سبعة :يرمزهذا العدد في اإلسالمإلى السماواتالسبع ،األراضي 8السبع،األبوابالسبع واآلياتالسبعمن سورة الفاتحة ،كما
أن لهذا العددقيمة سحرية تظهر بشكل بارز في العديدمن الطقوسوالممارسات ،ففي المغرب مثال تقوم النساء اللواتي ال
ينجبن بلف حزامهن سبع مرات حول جذع شجرة معينة لتثبته بأحد ،كما يظهر 8في عدداألنواط التي تتدلى من الحلي
وعدداألساورالتي 8تحملها النساء 1 .الحبال السبعالثانية
الخاتمة
وبعد استقرائنا وتتبعنا لتاريخ وكيف نشأت كل هذه المنتوجات وما تسمى اليوم و توصف بالتقليدية اليدوية
استنتجنا أن غريزة البقاء والتمسك بالحياة والطموح إلى العيش األفضل ،استطاع االنسان وبالرغم من كل هذه
الصعاب أن يسخر هذه البيئة القاسية ليصنع منها وسائل يستعملها في حياته اليومية و كانت من بين الدوافع
األساسية التي دفعت الحرفيين إلى صنع أدوات ومنتوجات جلدية و معدنية وأخرى حجرية وخشبية ،ليتوالى بعد
ذلك اإلبداع واالبتكار في الصناعة التقليدية إلى أن وصلت الصيغة التي عليها اليوم ،فتوارثها األبناء عن األباء،
كل هذه الحرف اليدوية خلفت تراثا ثقافيا هائال ،يتجلى في األدوات التي مازال بعضها مستعمال إلى اآلن ،وقد
استطاع إبراز الهوية الثقافية الجزائرية من خالل مهارته اإلبداعية في الحرف التقليدية.