Professional Documents
Culture Documents
Alial Grini
Alial Grini
'
& !!" #$
%
-. /0
1'
2! 3 / :()
*+
>
A?= 8; &B
$C
إھداء إلى أخي و حبيبي في ﷲ األخ عبد ﷲ صالح الدين أبو مريم
بارك ﷲ فيه و نفع به المسلمين ثم من بعده لجميع المسلمين
الحقيقة !!!!
تخيله مذعوراً ُ
قلبه، ُ محدقة به من بين يديه ،ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله،
ٌ
لھول ما يرى ،فيا 9لذلك الموقف.
ِ رأسه شيبا في الحال
ُ اشتعل
يوم عبوس قنطرير شره…… .وتشيب منه مفارق الولدان
دھور
ُ المصر على الذنوبِ
ُ ذنب يخاف مصيره…… كيف
ُ ھذا بال
الولدان شيبا(
َ يجعل
ُ تتقون إن كفرتم يوماً
َ فكيف
َ ﷲ عز وجل )
قال ُ
عباد ﷲ:
الولدان ،ما النجاة وما المخرج؟
ِ مفارق
ُ تبيض منھا
ُ األھوال التي
ِ خضم ھذه
ِ في
تسعد إال به،
ُ نفس وال
ٌ تستقيم
ُ قلب ،وال
ٌ يصلح
ُ أمر ال غير ،ال
والمخرج في ٍ
َ النجاة
َ إن
وخاتمھم
َ َ األنبياء والمرسلون،
ُ أوصي به
َ خص به المؤمنونُ ،
َ الخلق أجمعين،
ُ خوطب به
َ
أمر ھذا أيھا
سيد ولد أدم أجمعين عليه وعليھم صلوات وسالم رب العالمين .أي ٍ
ُ
المؤمنون؟
إنه وصية ﷲ لألولين واألخرين:
) ولقد وصينا الذين اوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا ﷲ(.
تقوى ِ
ﷲ وكفى ،قال جل وعال :
السواء وال ھم يحزنون(.
ُ يمسھم
ُ ﷲ اللذين اتقوا بمفارتھم ال
)وينجي ُ
ونذر
ُ الذين اتقوا
َ ربك حتماً مقضيا ،ثم ننجي
َ واردھا كان على
َ ويقول ) وإن منكم إال
تقوى ُتنجي بين يدي ﷲ؟
ً أي
الظالمين فيھا جثيا(ُ .
كلمة تنتقى وتدبج في مقال؟
ٌ أھي
رصيد من واقع؟
ٍ يرفع بال
ُ شعار
ٌ أم ھي
قوال:
ُ للقول
ِ منتسب
ٍ كل
كال ما ُ
إبليس
ُ ولو أن أسباب العفاف بال تقى…… …..نفعت لقد نفعت إذا
فھو القائل )إني بريء منك ،إني أخاف ﷲ رب العالمين(.
مضمونھا.
ُ لبھا كنھھا ماھيتھا
حقيقة التقوىُ ،
ٌ األھوال إال
ِ ِ
وﷲ في تلك ال ينجي
حقيقة تلك الكلمة يا عباد ﷲ؟
ُ فما
حياتك أيھا الفرد حتى كأنك تراه ،فإن لم تكن تراه
ِ رقابة ِ
ﷲ على ِ استشعار
ِ ھيمنة
ُ إنھا
فإنه يراك وتلك أعلى مراتب اإليمان وھي مرتبة اإلحسان،
وتلك أعالھا لدى الرحمن
وھي رسوخ القلب في العرفان
حتى يكون الغيب كالعيان
ً
ونظاما، خلقا ً
ومعاملةُ ، ً
عبادة ً
عقيدة وشريعة، الدين على الحياة كلھا
ِ ھيمنة
ُ بل ھي
ً
رابطة وأخوة.
الحياة خاضعة في عقيدة المسلم وتصوره ،9ال يند منھا
َ تجعل
ُ َ ً
ھيمنة كما أرادھا ﷲ
شاردة وال واردة وال شاذة وال فاذة.
ً
محكومة ً
وسلوكا، وأحاسيس
َ ومشاعر
َ أفكار
َ النفس َ
كلھا ،9حتى تكونا َ ھيمنة ُتسلم
ُ
يحركھا
ُ رسوله ،ال
ِ تتبع غير
ُ بوحي ﷲ فال تخضع لغير سلطانه ،وال تحكم بغير قرأنه ،وال
وحال
ُ ً
متعلقة بربھا ً
متجردة من ذاتھا تأتمر بأمر ﷲ وتنتھي عن نھيه،
ُ ين ﷲ،
إال د ُ
صاحبھا:
ِ
عبد الھوى والشھوات
ُ عبد ﷲ ال
ُ نفسي للباري فسدوا الكائنات……… أنا
َ خضعت
رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ،فصاغوه واقعاً حياً نابضا ،انفعلت ِ
به ُ أصحاب
ُ فھم ھذا
ِ
صورة
ِ يدب على األرضِ في
ُ صرت ترى شرع ﷲ
سلوكھمَ ِ ،
ُ نفوسھم فترجموه في واقعِ
ُ
ويمشون في األسواق.
َ أناسٍ يأكلون الطعام
إذا ما دعو للھدى ھرولوا…..…..وإن تدعھم للھوى قرفصوا
روى اإلمام البخاري عن أنس رضي ﷲ عنه أنه قال:
لقائم أسقي فالناً وفالناً
ُ بيت أبي طلحة )يعني الخمر( وإني
ِ كنت ساقي القوم في
ُ )
بلغكم الخبر ،قالوا وما ذاك؟
رجل فقال ھل َ
ُ وفالنا ،إذ جاء
رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم مناديا ينادي آال إن
ُ حرمت الخمر ،وقد أمر
ِ قال لقد ُ
حرمت ،فقالوا أھرق ھذه القالل يا انس.
الخمر قد ُ
َ
خرج خارج حتى اھراقوا
َ داخل وال
ٌ دخل
َ خبر الرجل ،وما
ِ فما سألوا عنھا ،وال راجعوھا بعد
الشراب وكسرتِ القالل ،ثم توضئ بعضھم واغتسل بعضھم ثم أصابوا من طيب أم
سكك المدينة ،فقد
ِ يخوضون في الخمر قد جرت بھا
َ المسجد
ِ سليم ثم خرجوا إلى
تواطئت المدينة كلُھا على تحريمه(
ُ
فلما قرأت عليھم اآلية:
) فھل أنتم منتھون (؟
بعض القوم كانت شربته في يده فلم يرفعھا لفيه بل أراق ما في كأسه وصب ما في
ربنا انتھينا.
باقيته وقال انتھينا ُ
لم يقولوا تعودنا عليه منذ سنين و ورثناھا عن آبائنا كما يفعل بعض مسلمي زماننا.
رقابة
َ ما تكونت عصابات لتھريب المخدرات ألن الدين ھيمن على حياتھم فاستشعروا
يسر إلى تنفيذه امتثاال ً ألمر ﷲ وأمر رسوله صلى ﷲ عليه وسلم.
ٍ ربھم فبادروا في
ِ
أھل المدينة أن ال يكلموا كعباً حين تخلف عن
َ النبي صلى ﷲ عليه وسلم ،يأمر
َ إن
تبوك.
تفتر حتى عن بسمة.
ُ شفة ،وإذا الثغور ال
ٍ تنبس ببنت
ُ ملجمة ال
ٌ فإذا األفواه
ليسلم عليه كعب ما رد عليه
َ وصديقه أبا قتادة ،نعم لما آتاه
َ وحميمه
َ بل إن أبن عمه
كعب رضي ﷲ عنه ورجع كسير البال كاسف الحال.
ٍ السالم ،فاستعبرت عينا
خلة.
رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم عند ھؤالء القوم فوق كل ُ
ُ فأمر
ُ
كعب رضي ﷲ عنه وأرضاه.
ٍ توبة ِ
ﷲ على ھذا الرجل ،على ُ ثم انظر إليھم لما نزلت
بالتھنئة وقد كانت
ِ بكرة أبيھا إلى كعب فإذا األفواه تلھج له
ِ وتنتفض عن
ُ المدينة
ِ تتحرك
ُ
ملجمة ،وإذا الثغور تفتروا عن بسمات مضيئة صادقة وقد كانت عابسة.
دين ﷲ حالھا:
ُ نفوس ال يحركھا إال
تولى
َ وجل……..….فمن تولى سواه يوله ما
َ ما بعت نفسي إال 9عز
إنھم لم يقفوا عند امتثال أمره واجتناب نھيه بل تابعوا أفعال المصطفى صلى ﷲ عليه
وسلم والحظوا تصرفاته بكل دقة وشوق وحرص على اإلقتداء حتى إذا ما فعل شيئا
سارعوا إلى فعله مباشرة ألنھم يعلمون أن سنته سفينة نوح من ركبھا نجى ومن
تخلف عنھا ھلك.
ثبت عند أبي دؤود في سننه عن سعيد الخدري قال:
)بينما رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم يصلي بأصحابه إذ خلع نعليه فألقاھما عن
يساره.
فلما رأى ذلك أصحابه رضوان ﷲ عليھم القوا نعالھم.
فلما قضى صلى ﷲ عليه وسلم صالته قال ما حملكم على إلقاء نعالكم؟
قالوا رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا( .توحيد في اإلتباع:
فمن قلد اآلراء ضل عن الھدى…… ...ومن قلد المعصوم في الدين يھتدي
بل كان الناس إذا نزلوا منزال مع رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم في أسفاره تفرقوا
في الشعاب واألودية فقال لھم صلى ﷲ عليه وسلم إن تفرقكم في ھذه الشعاب
واألودية إنما ذلكم من الشيطان.
فما نزلوا بعد ذلك منزال إال انظم بعضھم إلى بعض حتى لو وضع عليھم بساط لعمھم.
تنفيذ في يسر وطاعة وامتثال ،وكذلك اإليمان إذا خالطت بشاشته القلوب.
ھم ذلك السلف الذين لسانھم……….….تنحط عنه جميع اللسنة الورى
تلك العصابة من يحد عن سبيلھا…….حقا يقال لمثله أطرف كرى
إدراكھم
ُ ظل
ِ أفراد المجتمعِ المسلم في
ِ مظھر
ُ مما سمعتم أيھا المؤمنون يتجلى لنا
يفرضھا ھذا الدين على
ِ فرائض
َ عندھم
َ المسألة
ُ فليست
ِ الصحيح لمفھوم اإلسالم،
ُ
التحكم في العباد.
ِ رغبة
ُ موجب إال
ٍ الناس بال
الطعام
َ يأكل
ُ كائن
ٍ مجرد
َ إنسان حقا ،ال
ٍ يكون
َ رغب أن
َ اإلنسان إذا
ِ وجود
ِ ھي مسألة
َ بل
لإلنسان في
ِ وضع
ُ ھي
َ أيامه على األرضِ كيفما أتفق ،بل
َ الشراب ،ويقضي
َ ويشرب
َ
حقيقة التقوى.
ُ وضعه الصحيح كإنسان يستشعر رقابة المولى وتلك ھي
عباد ﷲ:
رقابة ﷲ؟
َ استشعر
َ ھل
مطعم
ِ يشھد أن ال إله إال ﷲ ،ويصبح دائبا مجداً مجتھداً في
ُ ً
حقيقة من ﷲ
واتقى َ
مال ھذا وسفك
َ وأكل
َ وشتم ھذا
َ ضرب ھذا
َ يصبح وقد
ُ ِ
وغذاء حرام؟ حرام وملبس حرام
ذاك وذا.
َ ووقع في عرضِ
َ دم ھذا
يصغر ذا بأراجيفه… ….ويرجو بذلك أن يكبرا
ّ
ولو عاش في عالم أمثل…… .لكان من الحتم أن يصغرا
رقابة ﷲ؟
َ استشعر
َ ھل
بوابل أو
ٍ بوسائل ال تزال ُتمطره
َ بيته بيده
يخرب َ
َ بيته وأھله ،من ُ َ
ليحرق َ يجلب النار
ُ من
وأفالم ماجنة وقصص سافلة ،وترويض للنفوسِ على الكذبِ والنفاقِ
ِ طل من أغاني
بيته كالدودة التي تخرج من الميت ثم ال تأكل إال ذلك
ِ ھدم
ِ وقلب الحقائق؟ قائماً على
الميت؟
يستشعر أنه لو مات َ على حالته تلك مات غاشاً لرعيته خائنا ألمانته.
َ ألم
الوسائل
ُ بقدر ما أفسدت ھذه
ِ ووزر ما جلبه لبيته على ظھره يوم القيامة
َ حامال ً َ
وزره
في نفوس أبنائه وأھله من غير أن ينقص من أوزارھم شيئا.
تأنيب الضمير أن تقول أنا ضحية ،وما
َ ِ
وﷲ ال يعفيك من حساب ﷲ وال من لوم الناس وال
البديل وما البدل وما المبدل منه؟
تنبت فيه وتترعرع ،وأنت تسأل ماذا
ُ واألقذار
ِ األفكار واالوضار
ِ وبيتك حقل الستقبال
افعل؟
ال يفل الحديد إال الحديد ،والباب الذي يأتيك منه القبيح ال حيلة فيه إال بسده لتستريح.
آال إن الشراب له إناء …….فإن دنسته دنس الشراب
أما في ھذه الدنيا آمور…………….سوى الشھوات تحرزھا الطالب
أما في ھذه الدنيا ُأسود…….كما في ھذه الدنيا كالب؟
رقابة ﷲ؟
َ استشعر
َ ھل
الخير
ِ ازدياد
ُ رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ،وحجته
ِ أمر
بأعمال ليس عليھا ُ
ٍ يتعبد
ُ من
مريد للخير ال يصيبه.
ٍ رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ،وكم من
ِ وحب
ُ
يخص به رسول ﷲ صلى ﷲ عليه
َ بفضل لم
ٍ فتنة أعظم من أن ترى أنك خصصت
ٍ أي
وأصحابه.
ُ وسلم
) فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبھم فتنة أو يصيبھم عذاب أليم (
رقابة ﷲ؟
َ عر
ھل استش َ
بمعصية ؟
ِ ويصبح مجاھراً
ُ سھر على ما حرم ﷲ،
ٌ من ليلُه
اليھود ھو أم من النصارى والمجوس والذين
ِ أجنبية ال يعرف أمن
ٍ بيئة
ٍ من إذا وصل إلى
أشركوا:
كلفظ ما له معنى…… .كتمثال من الجبس
يسير لغير ما ھدف… ..ويصبح غير ما يمسي
……………………………………………………………………
حقيقة الكلمة لجؤ إلى ﷲ:
كان أو ساحراً أو كاھنا أو مقبورا:
َ الشدة والرخاء ال على سواه عرافاً
ِ وتعرف عليه في
ُ
ال قبة ترجى وال وثن وال قبر… ..وال نصب من األنصاب….ﷲ ينفعني ويدفع ما بي.
با 9ثق وله أنب وبه استعن…… ..….فإذا فعلت فأنت خير معان.
تراه إال أواباً منيباً
ُ الشدة والرخاء ،ال
ِ وسالمه عليه في
ُ سيد المتقين صلوات ِ
ﷲ ُ ھو
ھا َ
مخبتاً إلى ربه فبھداه يھتدي المقتدون.
عمير
ٍ بن
وعبيد ُ
ُ دخلت أنا
ُ )ثبت عند ابن حبان في صحيحه عن عطا ٍء رضي ﷲ عنه قال
ﷲ عنھا ،فقال عبيد:
عائشة رضي ُ
َ على
رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ،فبكت وقالت قام
ِ رأيته من
ِ بأعجب شيء
ِ ) حدثينا
أتعبد لربي،
ُ عائشة ذريني
َ ً
ليلة من الليالي فقال يا
وتطھر ثم قام يصلي فلم يزل
َ يسرك ،فقام
ُ وأحب ما
ُ ألحب قربك،
ُ ِ
وﷲ إني فقلت
ُ قالت
حوله.
ِ حجره ،ثم لم يزل يبكي حتى بل األرض من
َ ُ يبكي حتى بل
رسول ﷲ
َ بالل رضي ﷲ عنه يستأذنه لصالة الفجر ،فلما رآه يبكي بكى وقال يا
ُ وجاء
غفر لك!!،
َ بأبي أنت وأمي تبكي وقد
غفر لك!!،
َ رسول ﷲ بأبي أنت وأمي تبكي وقدَ وقال يا
قال يا بالل أفال أكون عبداً شكورا،
ويل لمن قرأھا ثم لم يتفكر
ُ ويل لمن قرأھا ثم لم يتفكر فيھا،
ُ الليلة
َ آياتٍ أنزلت على
فيھا:
الليل والنھار آلياتٍ ألولي األلباب ،الذين
ِ اختالف
ِ )إن في خلق السماواتِ واألرض و
يذكرون ﷲ قياما وقعودا وعلى جنوبھم ويتفكرون في خلق السماوات واألرض ربنا ما
خلقت ھذا باطال سبحانك فقنا عذاب النار(.
ھذا في رخائه صلى ﷲ عليه وسلم
يا نائما مستغرقا في المنام… .……..قم واذكر الحي الذي ال ينام
أم المؤمنين عائشة رضي ﷲ عنه أيضا كما ثبت في البخاري أنھا
تنقل لنا ُ
ُ الشدة
ِ وفي
يوم أحد؟ ،قال
ِ أشد من
َ يوم كان
ُ عليك
َ لرسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم )ھل أتى
ِ قالت
العقبة إذ عرضت نفسي
ِ لقيت منھم يوم
ُ أشد ما
ُ قومك ما لقيت ،وكان
ِ لقيت من
ُ لقد
مھموم على وجھي ،فلم
ٌ فانطلقت وأنا
ُ على ابن عبد كالل فلم يجبني إلى ما أردت،
أستفق إال وأنا بقرن الثعالب(
قضيته بكل أحاسيسه ومشاعره.
َ يعيش
ُ يا 9
السيل
ِ الطائف إلى
ِ يشعر بنفسه من
َ برسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم أن ال
ِ بلغ
ھم َُ
الكبير.
َ
االستغراق الطويل؟ َ
استغرق ھذا بما كان يفكر؟ ترى بما
سنين ولم يستطع نشر اإلسالم
َ عشر
ُ يفكر في أمر دعوته التي مضى عليھا
ُ َ
لعله كان
مكة فھو بين عدوين.
َ سيدخل
ُ يفكر كيف
ُ بالحجم الذي كان يتمنىَ ،
لعله كان ِ
ليوقع به األذى.
ِ ينتظره
َ أمامه
ُ وعدو
ٍ ظھره أساء إليه ولم يقبل دعوته،
ِ خلفه وراء
ّ عدو
ٍ
جبريل عليه
ُ بسحابة قد أظلتني فنظرة فإذا فيھا
ٍ )يقول صلى ﷲ عليه وسلم ،فإذا أنا
يتعرفون عليه في الرخاء( ،فناداني فقال إن ﷲ
َ ورحمة ﷲ في لمن
ُ لطف ﷲ
ُ السالم )
لتأمره بما شاءت،
َ الجبال
ِ ملك
ُ ﷲ إليك
قومك وما ردوا عليك ،وقد بعث ُ
ِ سمع قول
ِ قد
أطبق
َ شاءت أن
َ قال يا محمد ذلك فيما شئت ،إن
َ فسلم علي ثم
َ الجبال
ِ ملك
ُ فناداني
عليھم األخشبين(
ُ
ﷲ ينصر من يقوم بنصره……….وﷲ يخذل ناصر الشيطان
أرسل إال رحمًة للعالمين ،األمل في
َ كان صلى ﷲ عليه وسلم رحيماً بقومه ،فما
أعدائه والتشفي من
ِ االنتقام من
ِ بالرغبة في
ِ الشعور
ُ إحساسه
ِ يفوق في
ُ ھدايتھم
ِ
َ
صنوف األذى. اللذين أوقعوا به
َ قومه
ِ
أصالبھم من
ِ ﷲ من
يخرج ُ
َ لملك الجبال ،كال بل أرجو أن
َ )فقال صلى ﷲ عليه وسلم
َ
وأمله بذرة طيبة في أرض خصبة لم يشرك به شيئا( .وكان ما رجاه
ُ وحده ال
َ ﷲ
يعبد َ
ُ
تلبث أن صارت شجرة مورقة.
يبني الرجال وغيره يبني القرى…..شتان بين قرى وبين رجال
حقيقة تقوى ﷲ.
ٌ وشدة 9وتلك
ٌ رخاء
ُ
البحر:
ِ خشبة في عرضِ
ٍ ظھر
ِ حقيقة الكلمة أن تكون كراكب على
ﷲ أن ينجيك.حالك ومقالك:
ع يا رب يا ربِ لعل َ
األمواج واألثباج وأنت تد ُ
ُ تتقاذفك
ُ
يا مالك الملك جد لي بالرضاء كرما…….فأنت لي محسن في سائر العمر
زدني توفيقا ومعرفة…………...وحسن عاقبة في الورد والصدر
َ يا رب
بكلمة:
ٍ تنطق
َ حقيقة الكلمة أن ال
مسؤول
ٌ له جواباً بين يدي ﷲ فإنك
أعددت ُ
َ تسكن سكوناً إال وقد
َ حركة وال
ٍ وال تتحرك
لسؤال جواباً صوابا.
ِ فأعد
َ
وعندھا يثبت المھيمن … ..بثابت القول الذين أمنوا
ويوقن المرتاب عند ذلك……….بإنما مورده المھالك
غفلة:
ٍ ُ َ
يأخذك ﷲ وأنت على حقيقة الكلمة حذارك أن
العالنية صديقاً له
ِ إلبليس في
َ تكون عدواً
َ حق 9إال وأنت متھيء له ،أن ال
ٌ يحضر
َ أن ال
في السر.
قدرة ﷲ:
َ ِ حقيقة الكلمة استشعار
يعجز
ُ يحسب المرء أنه ُ
ُ لعباد ﷲ ،عامال ً أو خادماً كائناً من كان،
ِ إرادة الظلم
ِ خصوصاً عند
ﷲ فيلھو ويملئ األرض ظلماً.
َ
البدري قال:
َ مسعود
ٍ روى اإلمام مسلم رحمه ﷲ عن أبي
فسمعت صوتاً من خلفي ينادي "اعلم أبا مسعود" فلم
ُ أضرب غالماً لي بالسوط،
ُ كنت
ُ )
أفھم الصوت من الغضب.
ِ
رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم يقول "اعلم أبا مسعود" ،
ُ ھو
فلما دنى مني فإذا َ
"اعلم أبا مسعود".
رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم و إذا به يكرر:
ِ ً
ھيبة من فألقيت السوطَ من يدي
ُ
أقدر عليك منك على ھذا الغالم.ُ اعلم أبا مسعود 9
حر لوجه ﷲ.
ﷲ،ھو ٌ
َ اليوم أبدا يا رسول
ِ أضرب مملوكاً بعد
ُ قال فقلت ال
فقال صلى ﷲ عليه وسلم ،أما أنك لو لم تفعل ذلك للفحتك النار أو لمستك النار(
من سارا في درب الردى غاله الردى…….ومن سار في درب الخالص تخلصا
الرسول صلى ﷲ عليه وسلم قال:
َ ثبت عن عبد ِ
ﷲ ابن اونيسٍ كما في المسند أن
بعد كما
نداء بصوت يسمعه من ُ
ً ﷲ
فيناديھم ُ
ِ ً
عراة ُغرال يوم القيامة
َ الناس
َ يحشر
ُ )
وألحد
ٍ الجنة أن يدخ َ
ل الجنة ِ أھل
ِ ألحد من
ٍ ينبغي
َ قرب أنا الملك أنا الديان ال
يسمعه من ُ
َ
يدخل النار
َ النار أن
ِ أھل
ِ ألحد من
ٍ ينبغي
َ عنده مظلمة حتى اللطمة ،وال
َ النار
ِ أھل
ِ من
مظلمة حتى اللطمة(
ُ عنده
َ الجنة
ِ أھل
ِ وألحد من
ٍ
من يعمل السوء سيجزى مثلھا….….أو يعمل الحسنى يفوز بجنان
وسوء األخالقِ أبوه.
ٌ قلت الدين
ُ الظلم أمه
ُ خلق
َ
محارم ﷲ:
ِ استحالل
ِ حقيقة الكلمة الحذر من
األقوال واألفعال.
ِ ّ ُ
يخلصه من ﷲ ما أظھره مكرا من العبد أنه ال
ُ بالمكر واالحتيال ،وليعلم
ِ
وتشھد فيه الجوارح واألوصال.
ُ الرجال
ُ تكع فيه
ُ فأن 9يوماً
األقوال والحركات.
ِ ظاھر
ِ القصود والنيات ،كما جرت على
ِ حكام ﷲ على
ُ وتجري أ
أصحابھا من الصدق واإلخالصِ للكبير المتعال.
ِ وجوه بما في قلوبِ
ٌ تبيض
ُ يوم
َ
والمكر واالحتيال.
ِ الخديعة
ِ أصحابھا من
ِ قلب
ِ وجوه بما في
ٌ وتسود
ُ
ألنفسھم يخدعون وبھا يمكرون:
َ يعلم المخادعون أنھم
ُ ھناك
)وما يمكرون إال بأنفسھم وما يشعرون ،والدار اآلخرة خير للذين يتقون ،أفال تعقلون(.
الرقابة لمن ؟
حسرات
تسمع
ُ مؤثرة مفيدة ،فصرت
ٍ تربوية
ٍ كركيزة
ٍ الوعظ والتذكير،
ِ بركيزة
ِ والعناية
ُ االھتمام
ُ قل
الجانب.
ِ يركز على ھذا
ُ درس
ُ أو محاضرة،
ٍ أو خطبة
ٍ أو ٍ كتاب أھمية من يقلل
ُ من
ومقال عاطفي وكبرت من كلمة:
ٌ ومحاضرة وعظيه،
ُ كتاب وعظي،
ُ فيقال ھذا
ُ
وأنفع
ُ أرحم للنفوسِ
ُ فالموت
ُ أصبح فضلة……..
َ صح أن الوعظَ
َ إن
البواخر
ُ زورق………وال عبرت بالمبحرينُ الوعظ ما خاض
ِ رياح
ُ فلوال
طاقاتنا اإليمانية،
ُ عندھا ُعطلت
السواقي
َ عنه عطلت ُ ما إذا.…… غرس البستان في يعيش
ُ وكيف
َ
قلوبنا.
ِ الخشية من
ِ شموع
َ المعصية فأطفأت ِ رياح
ُ ھبت
كالحجارة أو
ِ فھي
َ الكتاب أھل
ِ قلوب
ُ قست كما ً
قسوة، القلوب
َ فعلى األمد
ُ علينا وطال
أشد قسوة. ُ
وبالقالب عن
ِ الجوھر، عن بالشكل
ِ فشغلنا
ُ ِ وبقاؤنا تميزنا
ُ َ سر
ُ ھو الذي الدين
ِ فھم أسأنا
نحتفل غالباً مبتدعين غير
ُ ة
ُ تليد وتواريخ
َ مجيدة
ُ بذكريات
ُ المعنى، عن وبالمبنى القلب،
متبعين.
مضمونھا ھازئين.
ِ نتمرد على
ُ ثم مفتخرين، الشرعية
ِ الكتب ِ بطبع نھتم
ُ وأحيانا
يسمع نصحه ،إن ھذا لھو البالء المبين. ُ والده وال
ِ يد
يقبل َ ُ حالُنا كالذي
ﷲ فيھم: زمرة من قال ُ ِ نصبح في َ وإننا نخشى أن
الحياة الدنيا(
ُ وغرتھمُ ولعبا، ً والھ دينھم ) الذين اتخذوا َ
ً
والدين فيھا لھوا ثم
ُ اللھو فيھا دينا، ُ يصبح
َ تمر به أمة أن ُ وأتعس ما
ُ أمة
ُ تمر به
ُ وأسوء ما
ُ
تسمع نصحا: ُ ال
الضمائر تشترى ُ وأصبحت
َ والمسامع تشتكي صمماً……. ُ ُبح المنادي
تظھر
ُ ھي في الشواطئ َ سفائنھا بحرا وال……………… ً ُ تاھت
ظ
النفوس تستيق ُ
َ الحسرة في األخرى لعل ِ مشاھد
ِ بعض
ِ الوقوف
ِ لھذا كله كان البد من
وتذل فتبادر إلى الحسنى ،فما ھناك من أمر ھو أشد دفعا للنفوس إلى فعل ُ وتخشع
ُ
الخير من أمر اآلخرة ،والوقوف بين يدي من له األولى واآلخرة ،فكل ضعف من أسبابه
الغفلة عن اآلخرة ،في ذكر اليوم اآلخر سعادة وطمأنينة وسد منيع دون الھم والحزن
وعدم السكينة ،وعلى ما يحزن طالب اآلخرة؟
على أمر حقير يفنى عما قريب؟
كال ،فاآلخرة خير وأبقى.
المؤمن باليوم اآلخر ال تؤثر فيه المصائب ألنه موقن أن المصائب إن لم تزل عنه زال عنھا
بالموت ال محالة ،فال تذھب نفسه على الدنيا حسرات.
ذكر اليوم اآلخر يطھر القلوب من الحسد والفرقة واالختالف.
ذكره يھدد الظلمة ليرعووا ،ويعزي المظلومين ليسكنوا فكل سيأخذ حقه ال محالة حتى
يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء ،فال ظلم وال ھضم:
والوزن بالقسط فال ظلم وال…….يأخذ عبد بسوى ما عمال
ذكر اليوم اآلخر يمسح على قلوب المستضعفين والمضطھدين والمظلومين مسحة
يقين تسكن معه قلوبھم ،ثم تثبت شماء وھي تتطلع لما أعده ﷲ للصابرين من نعيم
ُينسى معه كل ضر وبالء وسوء وعناء.
وتتطلع لما أعده للظالمين من بؤس ُينسى معه كل ھناء.
فھيا معي يا عباد ﷲ إلى مشاھد من الحسرة أسأل ﷲ أن ال تكونوا من أھل الحسرة.
عل ذلك أن تصلح معه القلوب ،وتتجه إلى عالم الغيوب وتنقاد الجوارح إلى العمل
الصالح.
إنه يوم الحسرة:
به وھدد ،قال ﷲ عز وجل : وتوعد ِ
َ َ
وخوف، انذر به
َ يوم
ٍ يوم الحسرة، ُ ومما أدراك ما
غفلة وھم ال يؤمنون( ٍ األمر وھم في ُ قضي
َ يوم الحسر ِة إذ َ )و أنذرھم
يجمع األولون
ُ يوم األمر، يقضى حين الحسرة
ِ بيوم
ِ وترھيب
ٍ تخويف
ٍ في إخبار إنذار و
ُ
موقف واحد ،يسألون عن أعمالھم. ٍ واألخرون في
سعادة ال يشقى بعدھا أبدا. ً سعد
ِ َ آمن و أتبع َ فمن
وندم
ِ َ وتحسر
َ َ ُ
وأھله نفسه
َ ُ وخسر
َ يسعد بعده أبدا،
ُ شقاء الً تمرد وعصى شقي َ ومن
األفئدة أسفا.
ُ وتتصدع منه
ُ القلوب
ُ تتقطع منھا
ُ ً
ندامة
وجه ال
ٍ سخطه وناره على ِ أعظم من فواتِ رضاء ﷲ وجنته واستحقاقِ ُ حسرة
ٍ وأي
ُ
حاله وال أمل. ِ تغيير
ِ إلى له سبيل
َ وال العمل،
ُ ليستأنف ُ ُ الرجوع معه يمكن
ُ
بقلوبھم
ِ األمر العظيم ،فلم يخطر ِ غفلة عن ھذا ٍ لحال في الدنيا أنھم كانوا في ُ وقد كان ا
ندم وال
ُ ينفع
ُ حيث الُ للندم والحسرة، ِ مصيرھم فيا َ الغفلة حتى واجھوا ِ سبيل
ِ إال على
حسرة.
كبش أملح ُ يجاء بالموت كما في صحيح البخاري كأنه ُ يوم الحسرة ) ،يوم َ وأنذرھم
ُ
الجنة ھل تعرفون ھذا؟ ِ أھل
َ يا :فيقال والنار نة
ِ الج بين فيوقف
ُ
وينظرون ويقولون نعم ھذا الموت. َ فيشرأبون
النار ھل تعرفون ھذا؟ ِ يقال يا أھل ُ ثم
وينظرون ويقولون نعم ھذا الموت. َ فيشرأبون
خلود فال موت(. ُ النار
ِ أھل
َ خلود فال موت ،ويا ُ الجنة
ِ أھل
َ فيذبح ،ثم يقال ياُ فيأمر به ُ قال،
)وأنذرھم يوم الحسرة إذ قضي األمر وھم في غفلة وھم ال يؤمنون(.
عيون صارت كالعيون مما تدمع. ٍ إذ ال ينفع ،ومن آه من تأوه حين ٍ
وتأسفات ورد ذكرھا في غير ما آية من ٌ ندامات
ٌ أنباء مھوالت، ٌ حسرة بل حسرات، ُ إنھا
يوم الحسرة والحسرات. ُ عن والھيات والھين اآليات عن معرضين عن تصدر
ُ اآليات
نذكر بعض منھا في ھذه الخطبة من رسالة )قل ھو نبأ عظيم( بتصرف يسير.
وقبل أن
َ أعمار وأوقات
ٍ مھلة من
ٍ أنفسنا ما دمنا في ِ نحاسب
َ تذكرة وعظات ،علنا أن ٌ إنھا
ندم وال حسرات. ُ ينفع
ُ نندم حيث ال َ
فمن ھذه الحسرات "أجاركم ﷲ من الحسرات":
صالحة:
ٍ أعمال
ٍ الحسر ُة على
ھباء
ً ومنة ،فضاعت وصارت
ٍ وعجب
ٍ األعمال من ريا ٍء ُ
ِ مبطالت
ُ الشوائب وكدرتھا ُ
ُ شابتھا
واحدة:
ٍ حسنة
ٍ يكون إلى
ُ أشد ما
ُ فيه
ِ اإلنسان
ُ وقت
ٍ في منثورا،
ﷲ ما لم يكونوا يحتسبون( )وبدا لھم من ِ
)وبدا لھم سيئات ما كسبوا وحاط بھم ما كانوا به يستھزئون(
ممزقة الرواقِ
َ خيام………إذا كانت ٌ برد
تقيك من ٍَ فكيف
َ
الفضل عند ﷲ ليس بصورة األعمال بل بحقائق اإليمان.
القصد وجه ﷲ باألقوال والطاعات والشكران.
بذاك ينجو العبد من حسراته ،ويصير حقا عابد الرحمن.
طاعة ﷲ:
ِ التفريط في
ِ الحسر ُة على
نسيان
ِ بزيفھا مع
ِ واالغترار
ِ وحرامھا،
ِ حاللھا
ِ اللھث وراء الدنيا
ِ القصير في
ِ عمر
ِ وتصرم ال
ِ
وأھوالھا:
ِ اآلخرة
ِ
) أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب ﷲ وإن كنت لمن الساخرين(
) أو تقول لو أن ﷲ ھداني لكنت من المتقين(
) أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين(
) بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بھا واستكبرت وكنت من الكافرين(
علم من الباقي
ٍ حصلت على
ُ انتفعت به…….وال
ُ العمر ال الماضي
ِ يا ضيعة
قدمته ال قي
ُ لكل الذي
ِ أيقنت وا أسفا……..أنيُ علمت وقدُ بلى
الخسران
ُ يوم القيامة ،آال ذلك ھو
َ أنفسھم وأھليھم
َ ) قل إن الخاسرين الذين خسروا
المبين(.
أعمال صالحة: ٍ الحسر ُة على
حدود ِ
ﷲ َ اليوم العصيب إلى من تعديتِ ﷲ عليھا ،ولكنھا ذھبت في ذلك كان األمل بعد ِ
فكنت مفلساً حقا:
َ عرض، أو دم
ٍ أو مال
ٍ في فظلمتھم
َ فيھم
خاب من حمل ظلما(. َ )وقد
فيطرح عليك من
ُ فيأخذ ھذا من حسناتِك وھذا من حسناتك ،ثم تفنى الحسنات ُ
سخط
ِ تطرح في النار ،أجارك ﷲ من سامعٍ من النار وجنبك
ُ ثم ظلمتھم
َ من ِ سيئات
الواحد القھار.
َ بفعل ما يرضي
ِ الجبار
محدثة:
ٍ أعمال
ٍ الحسر ُة على
ويحسب أھلھا
ُ رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم، ُ يتبع فيھا ُ وعباداتٍ لم يأذن ﷲ بھا ولم
أنھم يحسنون صنعا:
) قل ھل ننبئكم باألخسرين أعماال ،الذين ضل سعيھم في الحياة الدنيا وھم يحسبون
أنھم يحسنون صنعا (.
الحاجة الماسة إليھا فھم األخسرون أعماال وساءوا أعماال، ِ وقت
ِ تضيع فيُ لكنھا
ماء،
الظامئان ً
ُ بقيعة يحسبه
ٍ يوم عاصف أو كسرابٍ ٍ الريح في ُ كرماد اشتدت به ٍ َ
أعمالھم
حسابه. فوفاه عنده ﷲ ووجد حتى إذا جاءه لم يجده شيأً
ُ َ ُ
جاءه لم يجدهُ إذا حتى ماء،
ً الظامئان يحسبه بقيعة
ٍ ٍ كسراب أعمالھم كفروا ) والذين
حسابه (.
ُ ﷲ عنده فوفاه شيئا ووجد َ
يا أيھا الالھي الذي افترش الھوى…..وبكل معنى للضالل تدثرا
إن كنت ذا عقل ففكر برھة………….ما خاب ذو عقل إذا ما فكرا
وحسرة أعظم:
الجنة :
ِ أھل النار أھل
ُ يوم ينادي
َ
ِ
الماء أو مما رزقكم ﷲ( ) أن أفيضوا عينا من
ﷲ حرمھما على الكافرين (. ) قالوا إن َ
وحسرة أجل:
ً
النار مالكا خازن النار:
ِ أھل
ُ حين ينادي
) ليقضي علينا ربك(.
أكثركم للحق كارھون (.
َ ولكن ِ بالحق جئناكم لقد ) قال إنكم ماكثون
ويتحسر
َ يوم يخس ُر المبطلون األشقياء،
َ جعلنا ﷲ وإياكم من الرابحين السعداء،
الضر والبالء.
ِ وكاشف
َ النعماء ولي
ُ المتحسرون التعساء ،إن ربي
والحسرة والخسران.
ِ صور الخزي
ِ الرحمن عن
ِ البيان من كتاب
ِ عباد ﷲ وبعد ھذا
العظيم عدته؟ ِ الموقف
ِ نعد لھذا َ ھل آن لنا أن
المخزية.
ِ المواقف
ِ أھل ھذه ِ ونعمل جاھدين على الخالصِ من صفاتِ َ
ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم. لرسول ِِ المتابعة
ِ ونجرد
َ العبادة 9وحده، َ آن لنا أن ُنخلص
نفس يا
ُ تقول
َ أن قبل والنھار الليل
ِ في يمكر
ُ خائن
ٍ ٍ ملبس ٍ ناعق كل
ِ من نحذر
َ آن لنا أن
حسرتاه وال مناة حين مناص.
لضعفة األتباع أن يتبرءوا من متبوعيھم الظالمين المفسدين فال يكونوا أداة ِ آن األوان
أموال أو أعراض طمعاً في جاه أو حطام. ٍ ُلم في دماء أو ٍ ظ لھم في
يوم
َ والبراءة من الظالمين قبل أن يتبرءوا من تابعيھم بين يدي ﷲ ِ لإلنابة
ِ آن األوان
بعضھم بعضا حيث ال ينفع لعن وال ندم. َ فيلعن عليھم ينقلبون
آن األوان للمرأة المسكينة في زماننا اليوم أن تتنبه لھذه المواقف فتتبرأ في دنياھا
اليوم من كل ناعق لھا بأسم الحرية والتمدن ومتابعة األزياء والموضات.
وحتى ال تحق عليھا الحسرة الكبرى حينما يتبرأ منھا شياطين األنس والجن الذين
أضلوھا ثم ال يغنوا عنا من عذاب ﷲ من شيء إال الخصام والتالعن المذكور في كتاب
ﷲ:
) وقالوا ربنا إننا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيال(
) ربنا آتھم ضعفين من العذاب والعنھم لعنا كبير(.
آن األوان ألتباع الطوائف الضالة المبتدعة أن يفيقوا ويدركوا خطر ھذه المتابعة التي
ستنقلب حسرة كبرى وعداوة ولعنة بينھم وبين متبوعيھم يوم القيامة: ُ
)ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار وما لكم من
ناصرين(.
دعاة
ُ والمفسدين في األرض ،ومن ھم َ ِ
السوء ِ
لجلساء آن األوان لمن أعطوا قيادھم
والصد عن ِ قلوبھم للمكر واألالعيب َ الرذيلة ويفتحون ِ جھنم يسوقونھم إلى َ على أبوابِ
الفضيلة.
مھلة وإمكان، ٍ زمن منٍ وطاعتھم لھم ما داموا في َ صلتھم بھم آن لھم أن ينتھوا ويقطعوا َ َ
عداوة وخصاماً ً وستنقلب
ُ القيامة
ِ يوم
َ منقطعة شك
َ ال فھي
َ وإن لم يقطعوھا في الدنيا،
ً
وحسرة:
) االخالء يوم إذ بعضھم لبعض عدو إال المتقين (.
آن األوان للمجاھرين عموما بالمعاصي.
والمجاھرين خصوصا برفع أطباق القنوات فوق البيوت غير معظمين لشعائر ﷲ
والحرمات.
والعفن والترھات بحجة األخبار والمباريات: ِ واللھو
ِ والمكر
ِ للضالل
ِ بيوتھم َ من اشرعوا
المستقبل
ُ لوع
يستقبل األفكار في علب الھوى…… .والشر فيھا ّ
علب يغلفھا العدو وختمه………….فيھا الصليب ونجمة والمنجل
يوم الحسرات بال مبررات َ عاجلة نصوحاً قبل الممات وقبل ً ً
توبة آن لھم أن يعلونھا
واھيات فالحقائق ساطعات غير مستورات وإن تعامتھا نفوس أھل الشھوات.
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد……وينكر الفم طعم الماء من سقم
وكل أمة محمد صلى ﷲ عليه وسلم كما أخبر معافى إال المجاھرين ،وما من راعي
ﷲ عليه الجنة .وكلُكم يوم يموت وھو غاشٍ لھم إال حرم ُ َ رعية يموت ً يسترعيه ﷲ
راعيٍ ومسؤول .وما كل راع براع.
ما كل ذي لبد بليث كاسر……وإن ارتدى ثوب األسود وزمجرا
يستخدم الشيطان كل وسيلة…..….لكنه يبقى األذل األصغرا
) وﷲ يريد أن يتوب عليكم ،ويريد الذين يتبعون الشھوات أن تميلوا ميال عظيما (
آن األوان لمضيع وقته أمام ما تبثه ھذه القنوات من محرمات أن يتوب ويؤب.
آن األوان لمن عقلُه أصبح في أذنيه ولبه بات في عينيه من أثر البھتان فيه وانطلى
السؤات
ُ فتشھد األعضاء والجوارح وتبدو ُ يقف أمام ﷲ َ يتوب قبل أن َ الزور عليه أن ُ
ويشھد سمعه وبصره وجلده بما كان يكسب ثم ال ُ يده وتتكلم فمه عل فيختم
ُ والفضائح
يكون إال الحسرات ،فما تغني الحسرات؟ ُ
) وما كنتم تستترون أن يشھد عليكم سمعكم وال أبصاركم وال جلودكم ،ولكن ظننتم أن
ﷲ ال يعلم كثيرا مما تعملون ،وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من
الخاسرين ،فإن يصبروا فالنار مثوى لھم ،وإن يستعتبوا فما ھم من المعتبين(.
وثمان كامالت………غرضاً للموتِ مشغوال ً ببث القنوات
ٍ وعشر
ٍ يا ابن سبعين
وكبار مھلكات
ٍ موبقات صغار
ٍ من……… الممات بعد به تلقىُ ما تعلم
ُ ويك ال
َ
أھل الشھوات
ِ بين من خالد
ٍ من ترى ھل …… واألمھات آبائه
ِ من مات قد من ابن يا
بطول الحسرات
ِ محفوف
ُ بالدين خسيسِ الشھوات…… .لغبي الرأيِ ِ يبتاع
ُ إن من
(ka:E
ji
) (h- \ Y h
6=IY+ 6+ ] :> \ \[
Z Y Y 20I Z Y Y+ [=5
Y [ Y Y Y
.3
" > M4 %MA? KD - \
O$ =? " E$B N A
%Mt0 KD q4)
[
jII@6 tII!
ND II
$IIC II /II II@ %O=2II
mII!?n+ /=IIH LD /II /=II;" 3II-
3II"
.2? &C" K M
t!
" % >2
&C" K 4
t!
" % @ &C" K
<" %<=IB N I@ /I I.F> <" %<=I - I@
I; /I B> <" =IC ND ID N #$I
Tn5
/
.<==0 /$;
u> N
<P.
@ M / ................<W0
>v
Tj @ >
<:)
3@ /!P 8
.........o2A
+B #2V UD
<
3@ #2? ?" ........... /w@ xP" #@" >
/ 7V" #6" H2
........./4 y;" #6 z:
/ ? /
/ X
.......... /4C r /BR :P
<>{
t
) / 4>2C............/ 40; / =V #$
m"
<
H N 2> 9
S 3@ ............/ 405 / 4BR" #$
m"
<N$'
O 3@ / 4>2C ............./ =! / 4>W #$
m"
< M @ |:B
..........OH=@ E=0
3 / m6
/8 C8" 3 45 .......... 5@ 3B
/+ / )
/0> 3@ /
Ki ............/>5 7!P
= =
<
=A @
2B u! ........../4!V
=@ /
=i
/FR 3 /:05 3 m............ /!X@ /!>B@ 45 3
/ /
=? #R
=' .............A
7t
2
2@
M+
:O
/ 4
$ C
} !i
A>" / O #" %e2 O #" %B O #"
}9B
=A
O /C"
} 9B
g!B
O /C"
} 4
~*
O /C"
MIB /I4
OI
IAD %@I5{
O2I0B
&Il /I+ OI
IAD %2I I QI
I+ #$
N
II
LD OI
dJI......OI
IB 1I
KI OI .I .4 I+ 2I4 <=I
$IC I@ I.4@
1
.e2 / B %5{
&l m O %00
O
AD
KI =I /I+ I IAl mI I 3I@ %
B
=!
O %=
o2A
K O
\\ [\
\ IZ > =I
3IZ @Y =I [ I] #2AI Y f [ KIYY =I
[) :=I
IB@
8I
I! =I
/I0 = K @ =
(=
)( [Q)>
YY
8I
KI
2IPi
I= @2I %30+I
3 @uI
3I
=Ii
mP @0
=> Q?
LD
.K
! 3@ K 3@ 3!4>
:<H > %<8!> N l /+ A+ 30+
=" .: @ <5
\ f [ \ AI \ \ P\
[=I \ \ 40IZ Y IY-
[I[ RY EI
Y [IY =I Y \ [ Y+ h
=I[
=I
Z [ Y IIZ IY E*I [ Y4Z+Y IZ
[ Q
Y Z \ [ 3IZ @ d!I
Y YY
=I[B?
Z &I Z Y [[ Z )
(a2>2
)(E
$BZ \ \ \ \ [Cl \ \\
[ Y Y
!PY 3@Z [ Y Y [
Y Z ] +
3I
Y Z IY C=I Y Z IY>) :C=II
II! 2IIP <=II @u
<=II > II
$IIC /II+ II-
MII /II+
Z [ [ I[ KBI
\ \ \ \ ZY
[ [ Y ) Z \ Y ZY Y A>2>"
Z [ A>n Z
\
6=.Z Y \Y A+ \ \ \ Y AIZYi
Z A4 \ \ Y
(ac2>2
)(-BZ Y [ Z Y
=C Y [ ML Y 3>2;Y [Y Y \ Z Y 3@
Z # Z ]?Y =I Y Z YZ
(cc:R+) (
=@i
[ Y Z Y Z NY [Qi
\ YZ Y
Y Z Y Z #=4>
0 <{
#$
N ........5 #L
&P #=4> N
-
T /+ At K)@ 3@ ....+8 1 K 3@ #=4> &C
.
2" <=4> N
KI0" " 9IP I <I
3I I! I- I52@ #" 52@ O20B
&l /+ O
%
/+ /4!"
.2A =C
&ItA
<=I
$IC /I+
LI 7!IV" 2!B
$C H
LD %<=
$C /+
6) 7!V" K 2!B
:H*@
/+ =C
/+
<=
.~=*'
~=)'
: 2
KD 4
\ \ \ & \ \ Y Y+ .
(:
) (<2
Y [ A> Z \ [ ZY+Y hV
Y ZY A.I Y Y Y 3@
Z Y Y [.
[ Z [ BI Z Y)
Z Y Y Y Y 3@
IIA>" M48IIB@ %MII 2II!B
IA>" MII4R %A0II; ND IIAB> N IX
II[X
IIX
=II5
1I;
:TP (5
KV)
T=5 <" @ 7V /+ .J
* 3 M 2!B
H
6 I@ I@ 2I
&I? 9IP KI0" KI
=I
I? ID
I;W I " <" = #H! > )
2I
&I? 9IP I+" K
=
? D
;W " <" = #H! > / @ /+ ML
2I
2BIV /I+
=@IP I? ID
I;W I " <" =I #HI! I> /I @ 3I@ MIL y0 @
&I;H"
LD zI'
y0 I> I
ND #2I I@ MIL yI0 I@ 4nI@ <ID &I
mI:n+ /=n+
IS 2I? 3I@
2+
; 2? 3+ C>D +" p A8" " /C D #H!
.(. ND @=> + ML
9P / &P 3 =; .......&0 + @=> C2
=; @
LD
9F> .' @ <" N .............5 &.F>
3! N
:@i
O /+ >
2!
:0 =C
2= <" O20B
&l /+ O
/ 4
%OI;v
2I
I; I &I 3I@ %I@i
I
OI /I+ I>A
I:0 M$
=C 2=4
<"
%)I I@ /I+ IA I N IL" %8I! N I %I0.> N I!P %IC" I 3I@ &" =A+
:=.F@ S !L %HH@ B5 M
hIIZpD\ oIY I Y4IZ+
2I\ I0YYI+ \ I ]\ s)I Y IY> 3IZ IY \ MI
Z \ Z [I> 3IZ I@YY [Q)I Y I\LY <H
Y [ II@Y I[ I.\ ZFIY>Y I\ I\ s)I Z Y I[ I.\ ZFIY> N YI ]
<D
Y Y Z [I> <" ] \)
(:Q
) (h- \Y
f I I Y @ /II I+\ 7>I I I
I\ I I\ #=\ I IAIZ Y "Y I IIZ]:
[II I.[Y:'4I \ ] I I
3II I@\ I] I I; II I]n +
<I Y [ Z [ Z Y Y+ QI
Y Y Y Y Y Y Y \ I I ]\ s)I Z \ Z I [I> 3IZ I I@YY )
(a>v
:
)(15 f \Y
:O2IIt
)(8"f Y I Z Y 3IZ I@\ 3 \ \ I] \
Y - II@YY Y Z I@YY YI ]Z
[ I ]
[
nI
\ Y Y [I ]
I] I 2IZ I0YYI+ \ I ]\ s)I
Y
IZ Y Y Z \ Z [I> 3IZ I@Y [I ]D\ )
(kc>v
.
3@ L=B
BI+ %OI;v
2I
2BI5 %OI;v
2I
7I 2I0+ &?
2= . 3@ &0
/+
\ \ ] I
=II[
8I \ I] <D
\ Y
=II[ @W 3>$
] \) :II &II?
T=II0> %=II! 3II II =II.F@ II!L = )II@
Y Y Y Y
(ab:|A
) (hN= \ \ \ \ Y %NjI \ Z Y Z \
[ ]?Y A
Y AIY Z Y <Y =FI[ !Z IY> N A+
Y 3>2;
Y h [ [ eH.Z Z [ Y m
ZYY
.
L" 2!B
2! ..........3@ j>jB
|
/+ jB
.20
Q*0 <>{
=C
<" O20B
&l /+ O
/ 4
Q
I 4IV" <D %I
I; <I + I Q
5 4V" <D <;
@" <D 3@u
@i !)
.!8 3 > J:;" @ <" %J:' 3 > V" @ <" 2P .(
; < + !V
mIB4?
=I %I
I!4
2P Q/) ND =B. > Q/) =B. > <" K mB4?
= @i
<"
. &? j
!4
2P Q/) ND *> Q/) *> <" K
.B #" B /+ =A+ % m 5 !P <nR
%
;" 2 2B5 %
/+
Y /+
3II 3II@ eIIi T=II0> %II@0
IIV /II+ <=
2II> IIC eII
T=II0> =II> II-B
|IIP=
/II+
:AB? 1t'
.E
=;H
} 4
e
m!5 2P N=@ > > <==0+
.
=;H
34!8@ ?" N /? /j %2
/+ 4!5 2P T=0+
.B
3@ QNuC T @
= x>0
=P = <" |P=
&C" K 4+
:T=0> &? j
<" /520
g>2
/+
78
g>2
/+
ND !II4
IIp 2II
&IIC" 3II@ II; .IIV m*II!P
LD Q
jI ? 3II@ #2II 3@uII
#2II! /II II@)
.(
=I
I &I?
T=I0+ %?4I5
s2I
=IP I &I? I" =IC– TP
L@ T=0+ %B
.(2
m =5
/+ 4
\ Y\ D
Y [ \ Y D \\ \ [ 4Z IV"Y
LD \] \ ] )
(a:O0!
) (<=B?
Z ] \ Y ] D] \
=P
[ Y !8@ Z Y Y Y \ 3>$
Y [ AI Y % 3>\ 8
\ YY)
:Q*0
LD d. 9:+
Q0 2
H
= /+ ......../
pH ~j N
Q5 N 0
" + .......>
4 mj 3@
2I" 2I 2I?= <" &IP <I4? <I I mI
%/I 2IP
I I <C 3" 2>j
@
:/ 2P
=0+ %3 B
M &X@ 8 /+
} <C 3" > <4
< B
mB+ @
.A0
2
=
2 A!4i /D 5i
Q A 9CL T0+
3II@i
3II@ xII+ II n:
3II@ r
&IIl II )II!
KII IIB 2II0
Q*II0 <II>{+
IIP
$@ II@ !8II
%QII
!8II
KII gII &IIB
KII j+II )II
3II@ II>P II
.4!P O$>$
.
/+ &
K ? 3@ K" $"......!V 9S 2> !8> 3@ !V
II+ Q/II MIIV" <D %jIIB N II 3B4II5
MII
IIP II KII" MIIB. > II@ KII nII+
.&B+ Q @
2P &P 3
$
<
$
mB+ /" = &0
/" = N m N |A.........../ @ + @ s2 m
3II@ [Q
jI
%28II [~jII II
%<
2II 3>2I
[ I II
II" O2II0B
&II /II+ OII
/II 4
:&B
d \ ?
\
Y Y M
.(>v
|A
)(h
2" [ Z Y NY )
Y ^Y ->
3t
H =C
@=> /4.
<
2>............D m6 @ @=> sH8
h
2IIV 8I
Y I" ~jII II <D %I[ IYX@ 28
Y I h
I mI
Y I6 <D %
hI ; 28I
Y I h
I ; mI
Y I6 <D
\ 3@6
.$!
\ .4
K m@2
\ /+ z> Y
:2!B
$A 2
$C T=0+
[ %4j@ /+ &B>
[ 2! <
[&? =CC
Y
.
YB:0
$C ~6
.!
T2 h
B B:0
~6
Y <" ND @ <
+ %P h!! 2!B
$C <
%
9CL
Y
.H8 mP < o=45
<" 2B ND &?
ML /n>
:TP <" ND @ <
+ %.h
B m6[ 2P /C
L+ Q+
}
B A46 %
A6
M mP "
.
4 \
Y > <" B)
3@ =? TP
}
4 \
Y [> <" B)
3@ =?4+" 1" > TP
.4Y ?
[ Y
/8B4+" %4 Y [ Y
/8B4+" #25 > TP
.
?= \ KD "
$ C2
r;
m" %
KD m"
KD m! [ T0+ HP
Y Y Y L
.
2" M -> [ N %&B
d ? 3@ Q
j
<
2 3>2
\
h Y Y []IY\Z [YYI+ 3@u@ f Y Y 3@ \ \ & \ )
(k:&
) (h!R
YY O Y [ Y KXIY Z[" "Z Y
L
Z [ =C Z hV
Y Y Y 3@ ZY
:&0
/+
(>v
:y80
)(<=BI Y [ Y Z Y>
=
\ Y ]
=
[ Y @Y ND]\ J
\]
[ \ Y 3>$
Y oj> Y Z [ +Y )
. @ J5 @ p >=R h @6 4@2; K P %4 !
3@ Y 2P E" [ <
&? =CC Y
.Q
Z8
KD ; f Al K >i
%
H \ 3@ => f /+ $;" <" ND @ <
+
Y
} C / @ 2> [
L@ / > \ i Ei
[ TP Q
8
KD &V =>
." 7$>
[ 3
ND D N %ML"
Y <" 2> [ " TP
\
./ > <{
[Q
j?
$ C" T0+
\ 3@ 2 N TP
./ I4@" / 4@n5" 20+ ML
.\O'8
M
Y 2 / L+ / > 2N
Y <
<D TP
} s C ML" " C ML" <" s
Y @ 4" TP
.s C /" mL
[ \
20+ O'8
\ ? 3@ [Q
j
<
<D TP
M 2 / L+ &B
d
.
2" M
Y ->
[ N %<
2 3>2 \ ? 3@ [Q
j
AX@
[
%&B
d [ /Y > M
:K- O=P O20B
<" O20B
& /+ O
/ 4
7*I4> TIX %OIX
MIL KI IX@i
O=I0
$IC mI
#" I" >)I I>H@ O=IP A2B> N
.T0
.O20B
AJ@ E=0 |" /u@ &0 u@ /+ rNW pp CH2 3
~=? /CC
.3>2
$A A0 D O2 N H2B A0 @
3
&tP T=0>
} > /+ q2" |5
2; &+
.r5" B / > /+ q2
%2; M!>
} 3>+
E*> =C 2> /+ m!p #$
@
2; &5
.2> /+ m4!p > .V AD 9>
xIB /nI> =I> O2I
IC AI
=IA+ rNW Ipp KID &0@ |" 4t@ &!0> => D -"
:2' T=0+ H=)
$C o> 3
.3
O- KD
<Ln K8Pi
2B> A4
= + $ N /0! N CH=0> p
} !i
A>" 3>2
UV 2B
L@ p
=I!CL =4I+
HI %3>2
UV H!@ 3 K' 3@ K' => O4. 3>2
UV 2B
H
UIV I> 2I 2IP IC %3>2I
UIV I> 2I 2IP IC
=P A?n =+ 3>2
UV !P KD
:<2) > C .3>2
. |;
@ 2@
} !i
A>" <v
T
+
.
@i 78 < K8Pi
2
<D %H!
i
:.4 s C #> @ <D
.
"......
" .9 E=P N 9 <LW + } 3@ &C %UV 3@ &C
B" >2>n h
2 h
2@..............Pu@ o
$
$
[ /D
? V=80@ :
2 .............2 /+ 5{
KD mA
<"
@ 9B > ................A+8
2> 4+V
@ f <
3 [ ...........2n+ / EF
[ 245
Y
\ ...........3@ d!0 EF
[>- 4Vn+ t \ Q
)@ D
[
=C 2P =
C <
\
[ d@i .......E 3
\ |;
Y &5 \
Y
[B > '8
&B [ 3@ \
Y h 3......C2@ 'V Y &t5 1)@H Y Tj
[+ h
S+ h!:; m@P 3A @............... O2
&
e; \
B@
[ LC
\ @H
[
@ 3B
[ Q:;"
Y .............h@=> AY 5 m!P
[ @ B>[ [
=C @ 4n5 f H H N
[ <D q:> h
'+...............t
" #:> Q@D [ Y
[
n@ =
[ H
m> [ j
.............H
[ = h
o> 3@ >
)'
\ K
j4A>
Y s=@
[ +=; 3@..............hP+ 5
[
B" h
2@ <2)>
Y ...........h
. AX@ 3@ gBn+ / >
IA4@ I
B@ o2ID 3I@
2It <I
I 3@uI
~)I
K4.
L <5" 9P =CC
.d@ : :0
=R
!@D 5 %<5; V KD )? 0!
=II'
IIAJ@ E=II0 ND ~=II
$IIC
=IIB? II@
%&II0@ |II" IIt@ mII5 II@
=P )II? jIIA+
.<=A
|B*
.
ND D N &!5 /+ &0@ |" ) ; B@ <5i !'
Q?
&I0> 2I
=
<" KI B %&I0@ |I" )I I; &0 |" t45 %3)
3
=6
-
.!i
A>" K.
O20B
o=P AD } >2? o=P $C &C %tB"
I
I A" 2IP 7>I? 3I I@ E8I@ 3I @ T40
3@ MA @ ? %)? /+ &?
$C -
.&>=:
" %HII.
IIA+ gIIB> HII KIID &;2II +II
II
$IIC sII4>" )II? /II+ II- 2IIP II +
.|" t45 &0@ |" ) ; %
$A r6>
I@ I; I4; &;2I+ %?
A.P
=@ /+ 6!4 O20B
m?; <>{
jC p P +
:tP A!:;
KD ; 3. p 2? z
3II@
ND IID N KII K*II0> <" K)II;" <D M$II
3II
<D %II:; /II+ =II
II5{
<D
.H=?=
(c>v
3@ :O0!
)(3> Y Y [
Z YY Y P Z Z
3II@ AII+ II@ KII <=II !> %<=II !> <=PII!
/II0 %Q
2AII A!II IIX
IIX
2II ? 3II@ 9IICL
=I 2IP A.
" ; KD <:*@ Ai <= !> A .2 Q
+ #$
N }t S
.
3@ A."
|I0> N O2I0B
/I0 KI4 2IC> /I0 %
X
2
2 %>=R K !+
2t0
@"
I t
=I &I I TI@" W... W :T=I0> <I
=I
I5 I mI =I> %O=IP #" AA? /+
.A
= d." K*0
.
.
K => <"
Q 3 r=
Tl m => <" K 4> <
2 A@ |" o=P" OL 3@ .......... A? E=P /+ O20B
<D
O20B
/+ /@" 3" > rB4+
O2>2
i
/+ 5{
" >
O20 S 3@ Q
O @
O2
V HA?
O2@
!4;
K=R /A+
1p <> /*@" 1:+
/0>2V *
M@ @
LD
.1>:
/+ )@ 2P <+
.
-.
. 3@ <" O20B
&l /+ O
/ 4
.
-.
Y 64
Y 2B \
\ H2 %E 4?N \ C
= %TX4@N
@
"
\ 2 |P
Y 3@
.
-.
Y o= @ 3:!
Y %K @ e"
Y
.
Y 3@
.
-.
Y ? 3 @ + 3 @ . Y 3@
.YO2)
mP\ /+
-. \
Y Y Q;
mP /+ Y
. Y 3@
\ I;Y [I I ]Y+) :II I\=P |BI
I[ I IY "Z Y =IY I IC[ Y hII I-+ \ I I 2II I
II IY-. !II I /II I+
I
Y IIZ Y Y I I. 3II I@
.(|5=>)(3
\\
Y ]
.0.
[~=
2
[ @{
[ L /
6i
@{
[ =CC
Y
hIIp IIA+ &I [ I40+ II>i
3II@ =II> /II+ 1)I
Y I@H /I[ I5!B
I
[ I
II L /II 3II
2I[ I! &II;H 3II
.@ |W
Y 3pp
:T=0> 7!4>
[ p %@"
Y / 2@
Y T='
Y &;2>
[ [ p
}&B+" @ /+ /
[ > 3@
./
6i
@{
[ S h
2" B
[ N
=P
2IY B I@ UI
7
Y I> <" I@D I" I %Q4IN
I" <4@N
" B+
Y %24> 3@ &5+
} &?
$C 3@ <
L+ %U 2B @ E=5 95>
Y <" @D %E=5
3I@ KID I
Ip %2I> /I+ 8I $IY ;" Ip %I .
KI 3I@ Ip d!I 3I. z Y I &I Y 4S
IP
.
> N #$
3
\
Y
%* N /4
OjB
L > :T0+ Q;
mP /+ -.
IIB [
/!II %IIY4.
2II0+ !I
Y I mI
Y I
3II@ /!II mI
Y I" [IIt" 9I
[ IF> N 2I[ I ? jI
[ IA> N 3II@ II>
.&
=
.
ML KD 25i
P:
KB !5 &8
Y 2P 1:
Y > p
.A !C> <" 40> <" 2>> H=
3@ 3R5 |V t
Y 6 |V
Y 2P s
L
.P=" m
@ S =@i
LD %2B@
LD %48@ r=
LD m;2+ TP
:#H > #H
6 3
ND -
M /+ =8 @
m;2+ TP
.B
/+ 1>+
/+ 1>+
. &?
3@ /. mB K4 R m;H @
%E$
ND /@@" 4>" @
=+
} /
6i
m""
Y TP p 9*F
3@ &?
$C 3!?
[ 20Bn+
Y TP
./
6i
/" e
[
T=0>
[ TP
} C .5 /4
Q@2
$C /+ o @ TP
#" 3II dII" 3II H=BII@ 3II
3II eII! 3II" s2I[ I?Y 3II <II+ 3II <II+ 3II <II+ p2II TIIP
:TP (5
KV)
T=5 <" )t 3 O>C
qI
[ I.
II >2 sI \ II d.
[ I4
%d. \ f I@ "I@
H
[ I
%/II
j
9I
[ IX
%IIp 2IIn ND I [ &I
[ I> N )
.(
mI
[ IB+ %/II@H A!8I Y I> Ni AIIp <=IIB+> <jII.4> eII
IIP YII
4I [ I II
4I
Y I+ TIIP
.O!@ /4!P K |
[ 0
[ /4@
\
} $;" /4
T
=@i
!84S
/4
2
$C /+ o @ T=0> LD
<II+ %I\ I:0
I\ I0
I\ I!
F8I
\ I
3II MnI
[ I> IIp MII0Y ; II
hII> [
sHI
[ I> r=I
Y I5 TIIP
.E0B+ h@
m
<D %E+ hN m
\ IF
3II@ oII;" OII@ II[!? 2IY I0Bn+ TIIP
II0 /4@II II+i mIIP AIIp <=IIB+> Q
6=II
IIP 9*I
.O!@ /4!P K |
.;" T=0> p ?
H" (.4 LD TP
.
j ND / /H
6 @
=+ m?'+ TP
.KB !5 -. &?
/0
Y K4 0>: 5 <" ND @ <
@ 9CL
:TP |P /+= <" 2B !P K @
$C Q? p
.!0
$C /+ <=+2
[ \
$C /+='
i
\ K h
2" r;"
? [ m
[
@
.6 25i
Y m>"
[ 4>"
[
LD m \
[
/D
:O2)
/+ [
-.+
Y Q;
/+ Y
.Y 84
Y
\ \ \ ]
(3
Y ] "[ Y Z Y =C
Y [ Y h-+Y I Z ;Y [+Y )
.!i
A>" OX
X@i
.Q4
@ K <=!0@ 3 " 3 Oj @ K <=!0@ 3" #2 @
2I !I5 I -. QI;
/I+ IC
= I@
" H2I
I. ." . <" 9>
.O2)
mP /+
\
(c:=! B
) (<= Z [ Y ]@W
Y [YI4.IZ [> N C Y
==0I Z Y
=
[IY 4Z[I> <"
[ [ Y> <" Z Y e Y Y Y) :Q4N
3@ 2 N
[ ]
9"
:3
/+ O=!
Y
KH
#$
-
[ 7!0
[
[ L /
[ B
H=5i
[ =CC
Y
O2I
7$I \ 5 3I 28I
Y %
&!I Y
[IP+ K hP+ <=
[ %q:
[~:P =8
[ =
Y 4>
[
MI
Y 4C %HIR 3I@ A I@ HI Y R %qI" 3I@ A I@ qI Y " %7IL 3@ 3
3@ 7L %
&!5 /+
f I @ =II " QNuII C 3II @ <II
E$II 3II @ O2II
3II @ E$II %A >2II eII
II + A*II B
I Y I I"
.
=
[ /N='
\ I5 I
|IIP" 3II /II:+ #$II
II
TIIP II=H 3II IIY X> <" TII %<=II+ OI \ I!X
mI
Y I!X+ IIY$
.2
O
$C /*0 D
P m" @ /*Pn+
:A TP A
~=
? <" ND @ <
+
.<4+ ML S\ K <
<D %1
+ 1 K 4
H <
<D
I? zI I>2> zI+
I I /N=I'
I@ /n Q? \ \ @"
Y p %m@n+ - Y p
p ~0@ /+ =B
I" I- 3I@ IAP=+ 3@ :
> <
<==0>
$C <D %C-
9A /+ =.
:T=I0> <I
I &I?
ND
$I>
i
Q
3 =C .A:5 /+ =:
z04+ A!A
.&
=
B
/!
I
[ I
II-4
%II:.4 <" HII
II' <" 3>2II=
E=I[ IP HII
%II
zII5 /II+ z0I Y I
IA /)> <4+ ? %q4 p %Pp Y [
m +
[ 2P @ /n LD hJ)+ hJ =!'
.C2=4>
[ C H2A4> 0+ e
3@ /0 3@ > <" r; S:
&CL %!4>
K
/II+ (II5 II
KIIV)
T=I \ I5 EI
\ IV" KIID %II>=!
II >2
KIID 1:nII+ &II?
$IIC II@"
%&I\ I?
$IIA II
/II I[ I I \
[ I> %3II4B
/8II> 2II
KIID &8I [ I> %II #" II+;
:T=0> D /n> D 1:[ +
.B TP @ =" m""
} A @ [
s$0" \
/+ m+$P #$
m" TP
3I@ (I5 I
KIV) 2If @ I\ @" /I+ /I
" E$I
2I
T=I0> /I !> I0[ 4B+ %B TP
.
C
&B+
Y
&B+
Y
} @ " .
Y 3@
\ I;Y [I ]+Y ) .
IIY-.+ &II? jII
II. %=IIC ND IID N #$II
IID
I[ IY "Z Y =IY IC[ Y hII-+
Y IZ
\\
.(3
Y ]
I.> <"
TnI %Il Q
I- "6I 8I@ mI
6 N 8I@ ON 3I@ /I
<=I=R 3I" =C C
MI /I+ I@ |I" )I Ip &I4P I!i
IA>" I> /
=I
$IC %<I @ &I
/I+ I
=;D 3
II =?
=II@ KII 4 E
)II
IIB:
A I I d!II %&II 40
~
=II" )II" /II C II40 A4IIP %
i
. 4 3@ T4F
.;
[BY@ -
Y <" @5{
O20B
&l /+ O
/ 4
.@0
=>
Y l
[" %2
KD /*.> -
Y <"
.8{
+ y') f C;u> 3 %<=-
&B> &.F> N
<"
=
[ [ [ [
\
:
T=0> TP (5
KV) /!
T=0> /520
g>2
/+
.(
=- + @@ 4B?
[ /. K -
Y m@[ /D
\ #H! > )
.2 A
P 3@ Q
K........*@ 2" K0
#L
=l
:3@j
3@ mP &!P o0
3@ >P &C" C C
<" ND A I@ <II
II+ %E!II5i
II.i &IIt!0
3II II0 mII
/II4
EII
II4 CH2II yII0
dID uI
MIL /I+ C2ItP <I
IA
uI@
20
=B4?+ %CH2
2>j> <" /+
+
. @ L=B % &?
9*S
I4 KI I4;" KI I0> %I@@ KI I0+ I>0
$IC &IC" 3@ 2
&
?> <" K
=0.+
.!4B> 3@ & - O! /C O=A)@ +B@ >0
O=A)@ +B@ pH
%H2B
X
A I@ %I
=IB4?
I@ $I. IC" KID I? 3@ A + A4?
3@
=B? <" ND A @ <
+
KI Ei
I0> <" Il #" I!i
IA>" Il #" .&.
/
&B.> M$ / 3@
.-
-
D } @@ K
0> " %4;" K i
0> " 4 "
.A @ <
L@ 4
m
L@
\ Y Y H=
Y [ ND] M
.(a:p2
)( =C Y [ ?[ BI Y Y ) : H= ? 3@ #2 ? &? j
&5>
[ Y Z Y> @
.
O'8
m /.
<
/+ 245 <
s
L KD 9CL" TP %s C KD ?>
$;
$
$
+ Q
.
$
$
M "
<II
%I @ /II+ ID I QII? jI
MIL '4II5
<I
KII TnI5 .IV KII &I?
9ICL
F> + @" &?
ML
. @ KD Q? =C
$;" & T2!> +
.=> p &$> p &$+ S24+ ." KD j.04+ Al K LD &?
ML 4+ @2
(8 Y Z I\ I I +\ y')I f \ I I I> II I ]D\ <=\ I I I]-
&II I BI> I I \ I I I] ] Y N)
[ Y I I IZi
[ Y Z I IY =IZ I I IY C;uI
Z [[ Y [ Y Y [ [ Y Z Y ] Y h+II IYS Y
3! YY II Z Y
(c:C
)
:d2i
>N \ xB \
[ 24B
Y =CC
Y
%IIt
2" 2I[ I" IIA ojIIS /II4
OII@ II>N
II II 3
[ B4II> %rII4
#=I
[ I0
[~)II
II L
.24B
=? o"
=2@ #6F
ML ?> &?
ML O2 24B
[ [~+
3II@ 8IIP T=II II >2
/II+ IIY =? gI
Y I! =II0> &II
IIl /II+ IIY %2II4B
[IIA@
Y mIIA4
II C
3I@ 4I
........I4
2I IB 4I
:I@ 3I@ IA> %I >2
&I
[ 4> 2 45
Q*@
~H" II
=@" $II ;" 2II
KII II x!I f f
Y I P %II A @ &II [ II . @28II
II
MII L 9II V"
:=" T=0> %L A@ 4>N 3@ ;" p %[ ?6 [ m!5 %3
&I f
[ IB> II@ 3II &II.F> N 3II@ KIID II>2> I[ I+> IIp %d@iII II l =II-@ O=IIH 9!II
$IIC <D
:tP <=-
.3-
3@ 04n+ % @ 3@=- m04
Y A
3I
[ I [~2I> =-
> O4+ @ /+ 24B
&-> %=-
8 [ > 3@ KD O=2
2B8 [
\ /+ 5n
:&
;" [ /
3@ f /+ 3:
[H 4
[
\
%\
5" 3P:> 2P H
=
Y \ h
@ &
Y
\
KD /*.> ;W -+.............
240@ m
2 Y
@
LD 3-
Y N
[
\ 3 M [~2> ................hA!4 @[ =-
M
\
Y [
[ [
.&A5 2? &A5 2A
%9BV 2? Q !
<" O20B
&l /+ O
/ 4
KI !> I@ %I- /I+ I@2C 3I > 2I
=80
o0
<2
3@
=i
J@ /+ K !> +
./ >" @2C 3 > <P /+ &X
0
q;i
3@
} Q !
=0> &C 2
HC At
/ |" s C <
<D !i
A>" >" @
:." HA
2
/!
<
<D >" + %=0> <" 3 > N
.HC |" .; /! | +.............HA
=@=0> N < |" o"
~
=I %2IA ICH
+" xIB /I+ e
2I@ %2IA> H
I+" xB /+ 4@ 2A A!S /+ &t5
:&.> &R!
=B> 1
3 %3@HA
QNuA
=P
LD P O %2A >2" %2A
.=" H=B
&-
04> &A+
>2A <B
m
3@ & 2P.............= " N
8 H=0> K"
.z P" N <" dJ>" N <" O20B
&l /+ O
/ 4
%II ? |II:P" II " II ? mII.:P 9II
$II" <" tII4
&B4II5" N
KIID =IIH" &II" <"
Y ^ ] I I
ND]\ \I I IY I\ I IY \ [ I I0IZ > 3II I@ TI
(<=*I Z Y 3IZ I I@ z Y Y Z Y Y Y I IYP) .<+II I
=II I0
ND II I
U 3II I@ dJII I> II I+
(:
)
%<I{
I %IA
&I IH IR #$I
I
I U=I 8IP 9!
/;" m@n =
! 4II 5
II V" AII p
=)II F45
II A
LW /II + ABII V"
=II B? %
I I+ ND II tH CHjII > II
:&P ND B@ 3@W @ ML @ %@ 3; t@ O2 O=2
%
! 45
.} O)
$A
= <= > <" 2" jB+"
.(3>2
/+ @@{
T 30
!8) !i
A>"
\ |
\ ] I
KIIY\D %mI \ Y Y &I\ I\i
KIIY\DY %mI
Z IBY +
[ Y IZ Y Q
Y IZ \Z KIIY\D <I
Y Z I0Y ;[ |
Y [ I[-Z IY> IIY+Y") :T=II0> II &II?
<D
Z Y \ [ |
(cb:F
) (m:5 \ Z Y Z KD
Y Z Y
i
Z Y \ [ |
Y\ Y %m!8 \ Y \
Y Z Y T!Z
Y [ m"
(ca:F
) (
$@ Y Z Y DY ] \
$+
Z Y Y ) } C2B TP
L@ p
:
KD <=2> 3>$
3@ 2>> &? j
<n
:ML 2B p %3 @u
i
L %T!
!p %Q
=5 %&i
!V
$;n> <"
Y [ m"
(
$@ Y ] \
$+
Y Z Y D Z YY)
.3@u
2 < @ = 0 d %3@u
2 < @ en d
I>" Ipp gI > I!
zI5 /I+ OI>j? KID 7!+ %4 .5 !
9
> &? =CC
:2) > 0+ O
3@ en> %
N @BR q$>
9
3!
0
V............/C" m" E
F
E
LD
3II 0>" dJII > II " MII L KII B@ %E
I IF
9)II > <" 3II > N %3!II
II 0
<=II > <" 3II > N
.=
:T=0> |4A> |A
LD
9>P + t
<= >...............+ m@" #$
E
K
.II
IIAl KII LD II /nII4+ IIA U=II+ II .II LD Q
2II
$IIC II> =IIC II
:
2) @ HH> C2"
@" 40; /+ => &
.............D
/n> + K
B!4> B
<"
K*P.........+ u> =?n+ UN
LD
.9
$" dJ N /;" &n+ %3>> 9F> 3
3B@ ; 3
..........K
|:P N 9
$ MB+
<=@n
R) /A4 45.............2 ? & 1
M+ 45
3 ;
H
K)'.................&A+ C5@ C
@
3 5 * 3
/+ K
2P..............!V /+ O=5" |5=
!
" /!P 30> <+ KFR...........K5i
!
<+ > en> N
n 2t
2)
& /+ D ............./+'@ 3@" <
A @ /+
N <" >2II? M$II+ /II4 =IIC 3II@ KIID #IIH =II@" /II+ II-" <" O2II0B
&IIl /II+ OII
/II 4
./
B #H6"
2I0" I+ %38I I 1I
/IB HIA4?
2IA4?n+ /P=I+ =IC 3I /I;W =I@" /I+ -" <"
.mB:45
@
2" 2" N %mB:45
@ 2" K
:
3" 3 C2" T=0>
:T=0> %@=8; t
2i 3" / B>– X@ /Vi /"
HH)
%It
2" I!
" =I
)I!@ I@=> 4J? %A =2> <
& @=8; 3@ 2" K =2> 4>" @
:TP
II@
=nII+ II" <II @ MII /IID TIIP %C
jIB+ mII
mII KIID 9IICL &IIP= ?4II5
/IIA +
.(MX@ >" @
A <
=-
X
=H
X
+ %4J
<D <{
M@ :....... =A=P 2!B4 e
KD 3"
9*F
B!R 3@ B
T > N ......9
=B 3@ 20
&> N
} <25
H.45
L@ } <2P
H.45
L@
.J
ND
H.45
@ %9B4
ND
H.45
@ 98
ND
H.45
@
.40+ !8 "2 2" @ 2
H %<
#" 2! K
B" B
H> 3
P s!V <+ ......H=
x*@ K !V"
n @ 2 <D............A. &
n
.O
2Y mC 1
r 3@ <" O20B
&l /+ O
/ 4
q2IV 2IB0@ /I+ IA I \
f ? /I+ >2@I5 hI>2" hIB4@ I-4 > Ii IA+;6 OI
4@[ K KB4+
[
.240@ M@ 3
/II+ 2BI \ I KII H
I@ 2II0+
[ I+ II!0 $II> II@ II B $II> II@ &II
KII
H
I@ 2II0>%$t
$
=AI [
.
;" /+ 2B>
[ H
:T=0> &?
<" pi
/+
mI
[ P" ND (I. $It
$ KI
H
[ I@ 2IP #" )
=IC K #
=C f
Y pW Y 2! 3@ @ /?
\ /j )
Q
\ 3II@ II I [ IB? %II\!P 3II@ IY I0.
mI
[ I
%II 3II QII F
mI [ Ij 4BI
Y I II [IIB? %II@Y=C
.(? &
\
I:" &I \ @H %(5
KV)
T=5 \ V \
[ ? I %I0'
I
[ 2"
[ V 2" [ =CC Y
.0'
\ @H " @ %:" @ <>{
\ 3@ [
[ Y
9I
[ S N 8IP Ii YI0'
I [ @H Ii 4*I+ m KD 20
%=!
2" 3@ j4 Y 20
.Q
+
:T=0> V"
Y = )> (5
KV) /!
KD Q+
\
} 3B
=
3@ j>
[&;2> M q2V 3@" 3@ d"
[ Y Y
T=5
Y >
./=?j> N MV"
Y T+
[ TP %K TP
. 4Y
9:> \ T=5
[ A &P <+ m \ KD 9CL
TP
[
:TP + m!
9V '+ A E!
qR %8i
3@ &? f m \ KD 9C$+
[ Y Y
. 4Y
9:> \ T=5
[
[
\ I5 IIF II 3II@ 3II IIB IIB
=IIP
f I #" (II5 II
KIIV)
T=I
." / A!:>
[ Y TP
IIB I 4
9I:>
T=I5 mI0+ M$I IC!;n+ %I?6 )I4 9ICL Ip %<B4I
[
TI0+
.3 B
.5n 5 <. A!:> TP
IIS
T=II5 2II> II" <IIX " II " II =II" <II
II@" mIP HHII <" ND IIA @ <II
II+
.
$C
\ H
I@ 2I0 /I4
O2IC
j
O2IB
[04
m
%MIL I d. I
=AI $It
$ KI
[ !
m
[
:mP AD m?'+
} @
\
} <N=0 @ mP %<. M!:> (5
KV)
T=5
[ <D
=P
\
:
T=P 3@ <!C$ 3>" %(5
KV)
T=5 \
\ @" <
H" mP %o )4
=P
Y
\ \ \ \ Z N 3@uI
Y \ If I IY@u@ \ \ Y I I
Y II I@)
Z \ I I @"Z Y 3IZ I I@ [OIY I I Y'Z
I[ I IA[ Y <=I
C Z Y h
I I @"Z Y [=I
Y I I [ Y> <" Y Y [I I I]
K*I
[ I I5[ Y I IYP
LD [ Y f Z I I[ <I YY
(E
ji
)(
./ B*> N
<+ D /=B+H
. !'
!'>
[ (5
KV) /!
KD &04 > &?
>
[
KIV) I=2 6I.+ O"I
$IA =2I> %IA UI
[ .> (I5 I
KV) A?
[ >[ 5" q!
[
.(5
.=4P 3
)
3@ B!5 &4P 2P 2?
Y %(5
KV) g!>
[ 9CL
Y
3
)I
3I@ B!I5 &I4P TIP A? 3 E
4
7@
Y
L K (5
KV) $;n+
Y
. @ " / @
$C % @ " / @
$C % @ " / @
$C =4P
.
X
h
X
h
X
$;"
Y hP 2P
Y } &?
$C 2P
Y
L@
ND D N
K+=II4> %!II I
/II04
~=I
MIIL %
I II )I
(>)II@ 2I" 2II@
()I
=IIC IC
} 4?6 HN" |
<==0+ %>i
3@ => /+ >H K K X+ !
i
=;"
<= I> IC I@ ) / pD T; A4>" @
%;W Tj @ KD d@i 4?6 m= 20 TP
.
m0" CAl =@ m
%m?; => ND Tj
/+ /B@
I
KIV) /I!
<" B> i 2
m /+ C AB@ d> AD - > AB@ B>
:TP (5
.(=
=
%=
=
)
.
2A /+ O*0 t <= > <" 3 B@? 9:; <= > <" pW 20
I \
[ I4
/2II> %IIA 34I I 3II mII
If I' KII I
f I4> II@ |I
[ I4'> OHI
Y I! =II" II5" /!I
IV =CI Y IC
/II+ [II'
LI+ %<II
3>IIB (I5 II
KIIV) /I[ !
I[ I'+ %II YI'
$IIC <" F8I
Y /+ @>
3@ B 2P T=0>
\ j
&!5 /+ 1Cj @H
.&? \
Y 20> <" ND p K> M$ |4 > ;
2IP I
B
I;W /I+ IA=B I /I+ IA+ T=I5
<=I > I
s)I> %2I" IBP=@ /n
.(5
KV) /@" =C /n 4
A?
3II E
I 4
7I
[ I+ U
2II2
/nII =IIC
LII+ II> %II?
II-
MII /II+ IIV" KII > II
:T=0> A?
f q$
.
/+ U
22
/v <v
&$@ f 3@
%
M>
[
} U
22
=" ;
L@
%6=I.
=IC MIL .
I
i
z0
~4?
/)
D ........ Q
&8>
:3 @u 3-
3" <" O20B
&l /+ O
/ 4
I0 I |8I4> N #$
1'
ML %!5 ML KD mB:45
@ &@
; K A" <"
:<= @u
ND
(:m8+) (-f \ Y Y L[ ND]\ C0I
Y ] Y [> @
\ ] \ ] Y > @)
Y ND] C0I
Y Y
I[ YY!V 3>$
Y [ YY
I
3I@
AI (I5 I
KIV) I ! IA+ I /I4
MI+{
IpH 2IB E=I>" =" =C C
mjI <" 2IB E=I>" =I" /nI> %4I5 2
=P /+ =H V /+ /+ /@ => %Q4N
)IIt <II @ mII
=II mII>"
E=II>" " II> :T=II0> E=II>" " KIID
II5 !II5 q=II+ 3II@ OQ
I !
}A
/ )t m@ @ /B. <" 3 >"
.3B
Q 3@ ; M @ ; )tB
=+ TP %
N mP
} <
=.V /@ @ &B. < 3 >" <
=.V < @ m
= m>"
E=>" " > TP
.M @ ;
<
=.8+ mP %
N TP
/II )IIt <D &II %<=I @u
ND II |8II4> N #$I
1II'
=IIC
$IC 3 @uII 3IIl <ID
IIA=@H %II@H IIA nIIP> N 3@jII
3II@ II4P mII0 #$II
MII+{
g>2II /II+ OIIB
!IIV IIA
%MII+{
g>2II /II+ II IIP 3II@ <II
<II <i <I 9II> II? II %II:.4> IIA!P
:&t0
=C d" %=H T=04+
QP @ 2@
B........../ 2 /" <+
.MA?
=> N 3@ Q
2i
Q
2" <" O20B
&l /+ O
/ 4
II!4> =IIC MII x0 I II" MII y04II> %M8II' y04II> MII40> MII 2IIF> IID
.C r r K =A+ R /.+ ND >Cl Q
2i
o=P" =C %Q
2i
e" =C
$C
4!> !*
<" 3- + ...........O6 !*
E= m>"
LD
:<=0+
q.
D
05i
KD H" mC" ..........<D
4+ +v q.
<D
i
!
/+ A>
........@" /+ @W K m*P
<" KID %=I
KID O=!
2A $ @
@i
2? /+ ' > #$
e=
L <=0+
(b=4
)(<= +uI [ [ Y YPY )
E!II z!IIp %3II
E!II 3II@ IIX
~II <II@6 &II
/II+ 30+II
3II@ OH8II
8II
:
=0
=.8"
=P2V = <=j>
A
<=5 @
5" m.)
<;W
.28
/+ A
AD %28
/+ A @ 45
IB@ &I40> %I0!
/I+ 3+2I
3I@ I > <" TI> >I5 ?I> 3+2I I 9C$>[ =C <X K4
.2B AXX? 3+2 E
A
n4 A K@> <B+
2> <
<
2!
.E @BR
Cj" XX?
=@20> <" KD 30+ =@i
mV |
>
/;" -"
.o8
E
3@ 3 @u
K 2" A
f \ \ Z \ Y ◌Z )
C$+
Z [ Z Y IZ Y 2I Z \ ZY Y V
^ [ BY Z
I[ C[ A Y Z Y &
Y [ Y Z Y O2Y ]@
] [ <=!> Y [ 9);
[ [ AI Z \ Z Y
Z [ ]Yn
Y A=0 Z Y Z Y
==0I
[ [ Y> <D
(:<=0+
) (<= +uI ] AI
Y [ Y Z [> K"]Y [
[ [ Y YPY
:3
T=0> %
ND D N
.P:
/+ /) <" B:45
L" 30+ <
=
>II
K0II5 &II
T=II0 3II %<v
3II T=II0 II+ %II" II
/II 2IIA KII II=P
.K
! 3@ K 3@ 3!4> C2 4
mI
I!P KI /nI> <I
%TIi
TL" 3I@ =C =0> <
& 3@ E ? <" 4@""
$>
}&B
$C m
&P
I" %I!0
KID I?=@ A I@
2I
2I? I+ I!0
&IC" =!P 3@ !P |" m4+ 20
TP
.3+2
/ 3@ " /+ 4+"
I ~HI'> <I
I@ %I> I C A-> <
@ ND ML 3 = #$
@ }!0
3 = #$
+
.s C Al C
.28
/+ @ &8> =!0
/+ @ XB!> => A %t
K! => A
:ML @ T=P"
i
/+ |B*+ @" ............3@ 5{
)B@ >
=A! 4+
?i
/+ =
@= .......9P> <*0> 2P 3
=.F N
5{
K E o=5 m .........
V q.
/VB
E
:? 8 & + %q.
8 T
6 &0 N
2 F K04
&C" <Lu>..........n!5 / 3@ r=" + T
6 @
= 5 A q.
K"........
X
B T=5 3i T
6 @
@" /+ 3
TP
LD E...... > <= + dJ4! N /;" 3
\ [ <=BI
(acb<
TW)(z@ \ ] <D
Y [ Y Z Y>
Y Y
] \ hJ
Z Y C2
Z [ [ Z Y
Z [*>
\ Z\ )
^ [ Y N
=0I[ ]4IYY
!8
[ Z Y <D
Y
<=j> H
=
/+ C N A!C> J N ...........<=
=4> A > K <= @u
K5=@
2P{ <C U8+{ /+ s
i ......e
j4> <=+ K C2
@ =
(<=0+
)(<=BI \\
Y [ Y Z Y> N 30+ ] \ Y Y 3\ \ Z Z \ =5
\ \ \ ] \
\ ]\ ]◌)
Y YZ[
3 Y @u
[ Y [ Y Y [OjBZ Y
IIA :" 3II <D IIA OIIp N O=2II UII N II" O2II0B
&IIl /II+ OII
/II 4
. P" T=*+
II@i
T8II>D /II+ 7II. 3II+ II PR &II
2II II
LD %II 4
I II @BR IIAB@ KII II
LD
.A
.
/4
.(>W = /
=F) :(5
KV) T=0>
.>W = /
=F %T:! N &! 4 N &@' N T= V+ ~2>
%=II II /II II /II II %II5{
II>=A
II5{
II5
%II5 H=II?=
3 II+ N"
: @ 2
=
T < @ % % !*S j
4 5 K /* 5 D.........=H /+
4;
2P
4@L K .
@ .........A!
=*P 3>$
+
3II; IIt@ II O2II IIA
&II dJII> N II4.> N 4BII5 II
KBII> =2II> U=II =IIC IIC
N IB@ 3@uI> I 4BI5 I
I4
I@ %
KID O=2I 'I> I U=I OI 3I@ /0
L@ %@
.&P
!I5 I I5
=> KI4 I IA
&;2I> 3>2I
$IC IC &I> (I5 I
KIV)
T=I5
:=0
(>v
3@ :R+)(
Y Z \ ZY Y M.I
Y Y A Z Y Z Y +Y )
Y [ Z Y 9C$
.II
<=4+IIA4> IIC CjII $II;n> %IIPS <2II>> AII 2II>> %II=@ <2II>> AII 2II>>
.
K
/II+ %3IIB
E mII.P" 2IIP AII 2II AII
<
=II 4IIV KIID 2IIB 3II@ II-" IIp
T=I 3 %3>2
$C @2' A@" %3>2
$A <=B> &
/+ %3>2
$A <=B> -0
:
= T=0> >i
3@ @=> V" > %" @=C N 8' >*P
.
&!5 /+ A0.n+ C
=? m!
$C @ /B@ <= > <" K " C2" T=0+
.
&!5 /+ 0." !CL m!
$C @ /B@ <= > <" K " ;v
T=0>
.
R /+ AB45" N? m!
$C @ /B@ <= > <" K " / T=0+
:3>2
$C C
=
2B0
K)@
LD 78
d ..........C
L @
$ 3B N
} A8; M4!" &C 3
M!B> @ M @ 3 > + ........ Q@" T8; M4!"
LD
M!> 9? A4J?
LD ......@
H=
K d+
}
KD O=2 4P 3@ &B?
. A @ 2
&
Tn
} &? j
3>2 2P
L@
} . 2P
L@
} >2> K o24C
.'@
>{
<D
.
3@ 2 ND H=A? T=*+ o=5 % P" T=*+ o=5 O=2 /:B
2I + O=8I @ 1
K .tR K0!4+ ~5 %
2! 2A4?
2+ tP m
6 N V.
3
:.t:
$C E
/+ <= <" M.
j; <=@HP e" + ..........j; 5" (>4
r <i
V
@ 3-
& o.................n
K4
=2 D
. 26 &:!
%" =C LD
2" 2'> N 1
=V <" O20B
&l /+ O
/ 4
.
P KD 1
5 &R!
2II
2II! ()II
K24II5
%II5{
IIB@ dII: II J? :
I V &II T=II0> <II
B4II5N
HI;D 2I
&I.0 H=I
mI5" ND I +i
$IC s$I@ 3I0 3I 0 <" @D TP
:3@u
!X ()
T0+ %O
=V"
} |
TP 26" KS" !*S )45+ :4 3 MD
.3.4
m e &. /+ m
<D TP
.3B4
m ~4?
/+ m
<D
.3!
m O5 m!
<D
.3>+
m
:P m!
<D
.3=
2" 3
m;H <D
.3
)@ 4!A" /=44P <D
.A >H /+ @
=B4 N <" ; p ; p
;
:3>2
$A ND 0 N
3>2
$A N 0 N
=+
! 4@ N !? =
KD .........CH> 3 @" Q"
LD
&R >H o=5 3>H &
........A >H
L .
1
>H
.
2" O=H jA> N oLi
<" O20B
&l /+ O
/ 4
:
=B+ A@ 3@u@ 9P KD OF:
&8> 3
\
/+\
=[@W 3>$
\
[ Y Z Y Z [=0I[ Y> =I
(a:+S) (HAi
^ OZ
Y ZY>Y IY Z2
YY Y Y ] Y YY5
[ [ 8 \
[ [ Z IYY D] )
HII x+
II
<=RII.
MII@ =II> 2IIB
~=II
2IIC
j
II L %
II II /II
II =II"
jI I B
K24II5
%IIX
II
QII 3II@
=IIL II
&II C"
=II
=8II
=II: 8II@
: T0+
/
"
.A 3R.
m@ B4
m@ A5" O) /B@ <
= mP M" M / F
} |
jB
TP %=P 3 ? " jB
3-+ ...N " TP
.B
/@ B4 <=R.
A>" @ /F! > & " TP
gIX
=I
/I+ I@" Ip %/IX
=
/+ A @" p %Ti
=
/+ * @" 26" KSn+
. '
KID 'I5 /I+ &V + #H=A
1." K4 <W0
"0> =C '> &B+ #H=A Q/+
.2A) K> < + K0 3 BR !P
2I" I =I" |I; &IC %I /I" &40 /" O=H mA4
&A+ %
/+ O
/+ =
}
.CH" A4@$ =0>
&C" %
&C" 3@ /" |" =" |; B
T=B+
TP T=JP ...........25 P K*@ @ 25
LD
KI0! <" &I?" 3I@ 3IC" E$I I
%1
m 1>:
K z05
$ C
1II I.>[ <" &I?" 3I@ IP=0 I? I[ I 3II@ I
%1I
I
mI0 %I 1I
I
:1
m
m0 %
(<=0+
)(<=BI \\
Y [ Y Z Y> N 30+ ] \ Y Y 3\ \ Z Z \ =5
\ \ \ ] \
\ ]\ )
Y YZ[
3 Y @u
[ Y [ Y Y [OjBZ Y
/ > (>4
/+
2" ........... oLi jA
=2
@
3
K /0 = ........./B" 9A" 20
#2> /+
/ 0> H />D 7!
" .........5 # + 8 :4 3
/ B@ /-+ / / ...........#2> /+ /!P /!P /+ = +
2II@" IIA 3II II:' N &II
AII5 <" @II5{
O2II0B
&IIl /II+ OII
/II 4
.Q*0
2@
II@6 IIV
&IIP IIV
&IIP 1>28II
jII
i
MII mPII E=II:'
mIICH
LII+
mII4+" IIX HII0
2IIS II-!>
mII0: IIC" 1II
mII!
IIC" HII.
IIH %IIC" &IIR!
\ \ [ Z [ ^ TP
(b+S)( Z YZ Y /=H
Z [ Y 945" [ Y Y Y Y)
<=)
M + /+ 4 ........84n+ U= QH m!?" 3@ >
/=
M=0 > ..........; T=
T" 3@ >
3:0
O) 45 ......d=> .> =
@" 3@ >
<=
L A
H! n+ ...............
/+ X@ D E >
H=
B
........H=@
H= q" #P U @ ....
=V 2@ /!
K
.3B
E 2
%35
K 5 %<=.8> @ 3 OjB
E M <!5
.2 !5 =C ND D N <" 2A"
الجزء الثاني ھكذا علمتني الحياة
علي عبد الخالق القرني
ونعوذ با 4من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ،من يھده ﷲ فال مضل له ،ومن يضلل فال ھادي له.
أشھد أن ال إله إال ﷲ وحده ال شريك له ،له الملك وله الحمد وھو على كل شيء قدير.
وأشھد أن محمدا عبد ﷲ ورسMوله ،أرسMله ﷲ رحمMة للعMالمين فMشرح بMه الMصدور وأنMار بMه العقMول ،وفMتح بMه
أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا.
اللھم اجزه عنا أفضل ما جزيت نبيا عن أمته وأعلي على جميع الMدرجات درجتMه واحMشرنا تحMت لوائMه وزمرتMه
وأوردنا حوضه في اآلخرة.
اللھMم ال تجعMMل لقلوبنMا اآلن حوضMMا تMرده إال كتابMMك وسMنة نبيMMك )صMلى ﷲ عليMMه وسMلم( أفMMضل صMالة وأتMMم سMMالم
وأكمله وأعاله.
اللھم حبب إلينا اإليمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين.
اللھMم وبغMMض إلMMى قلوبنMا البدعMMة والمبتMMدعين ،وأرنMا الحMMق حقMMا والباطMل بMMاطال ووفقنMMا ألتبMاع الحMMق والعمMMل بMMه
والصبر على األذى فيه ابتغاء وجھك وطلب مرضاتك. َ والدعوة إليه
مMع سMيئاتنا َ َ َ ﱠ َ
وتوفنMا َ َ عنMا َ ﱢ َ ِ َ لنMا ُ ُ َ َ
ذنوبنMا َ َ ﱢ ْ
وكفMر َ ﱠ ربنا َ ْ ِ ْ
فاغفر َ َ بربكم َ َ ﱠ
فآمنا َ ﱠ َ آمنُوا ِ َ ﱢ ُ ْ
أن ِلإليمان َ ْ
ينادي ِ ْ ِ َ ِ
منادياً ُ َ ِ
سمعنا ُ َ ِ
إننا َ ِ ْ َ ربنا ِ ﱠ َ
) َ ﱠَ
تخلف ْ ِ َ َ
الميعاد(. إنك ال ُ ْ ِ ُ يوم ْ ِ َ َ ِ
القيامة ِ ﱠ َ رسلك َوال ُ ْ ِ َ
تخزنا َ ْ َ على ُ ُ ِ َوعدتنا َ َ
وآتنا َما َ َ ْ َ َ
ربنا َ ِ َ ْ َْ َ ِ
األبرار* َ ﱠ َ
يطMع ﱠ
ﷲَ َ َ ُ َ
ورسMولهُ ومن ُ ِ ِ لكم ُ ُ َ ُ ْ
ذنوبكم َ َ ْ ويغفر َ ُ ْ لكم َ ْ َ َ ُ ْ
أعمالكم َ َ ْ ِ ْ يصلح َ ُ ْ
سديداً * ُ ْ ِ ْ
قوالً َ ِ ﷲَ َ ُ ُ
وقولوا َ ْ اتقوا ﱠ
آمنوا ﱠ ُالذين َ ُ ) َيا َ ﱡ َ
أيھا ﱠ ِ َ
عظيما ً(. فاز َ ْ
فوزاً َ ِ فقد َ َ
ََْ
سMMالم علMMيكم ورحمتMMه وبركاتMMه ،وأسMMأل ﷲ العظMMيم رب العMMرش الكMMريم أن يجمعنMMا وإيMMاكم علMMى اإليمMMان والMMذكر
والقرآن ،وأن يجعل آخر كالمنا من الدنيا ال إله إال ﷲ.
ثم يجمعنا أخرى سرمدية أبدية في دار قصورھا ذھب والمسك طينتھا والزعفران حشيش نابت فيھا.
أحبتي في ﷲ:
ھذه بضاعتي وإن كنت قليل البضاعة تعرض عليكم ،وھذه بنات أفكاري تزف إليكم ،فMإن صMادفت قبMوال فإمMساك
بمعروف ،وإن لم يكن فتسريح بإحسان وﷲ المستعان.
ما كان من صواب فمن ﷲ الواحد المنان.
وما كان من خطأ فمني ومن الشيطان وﷲ بريء منه ورسوله وﷲ المستعان.
وأنا العبد الفقير القليل الضعيف المھوان ُنبذ مما سنح لي من المعارف تحت ظل العقيدة.
وأسأله أن يجعلھا من صالحات األعمال وخالصات اآلثار وباقيات الحسنات إلى آخر األعمار .رباه،رباه:
اللھم اجعلني خيرا مما يظنون ،وأغفر لي ما ال يعلمون ،وھكذا علمتني الحياة:
كلمة طيبة:
ٍ أحسن من
َ أجمل وال
َ خير وال أفضل وال
علمتني الحياة في ظل العقيدة إنه ال َ
حين ِ ِ ْ ِ
بMإذن تؤتي ُ ُ َ َ
أكلھا ُ ﱠ
كل ِ ٍ السماء* ُ ْ ِ ثابت َ َ ْ ُ َ
وفرعھا ِفي ﱠ َ ِ طيبة َ ْ ُ َ
أصلھا َ ِ ٌ طيبةً َ َ َ َ ٍ
كشجرة َ ﱢ َ ٍ كلمةً َ ﱢ َ ﷲُ َ َ
مثالً َ ِ َ ضرب ﱠ تر َ ْ َ
كيف َ َ َ )ََْ
ألم َ َ
لعلھم َ َ َ ﱠ ُ َ
يتذكرون(. للناس َ َ ﱠ ُ ْ
األمثال ِ ﱠ ِﷲُ ْ َ ْ َ َويضرب ﱠ
ربھا َ َ ْ ِ ُ
َﱢ َ
َ
ويھزه ويقول: فيمسكه بتالبيبه
أمك.
أبيك وال من ما ِل ِ
مال ﷲِ الذي أعطاك ال من مالي َ
أعطني من ِ
محمMد )صMلى ﷲ
ٍ شMخص
ِ رسMول ﷲ )صMلى ﷲ عليMه وسMلم( يريMدون أن يؤدبMوا مMن يعتMدي علMى
ِ فيقوم صحابةُ
ُ
عليه وسلم( فيقول عليه الصالة والسالم:
رة خيرا.
أھل وعشي ٍ
أحسنت وجزاك ﷲ من ٍ
َ األعرابي إال أن قال:
ُ ما ملك
إنما مثلي ومثلكم و مثل ھذا األعرابي كرجل كانت له دابة ،فنفرت منه فذھب يطاردھا ،فجاء الناس كلھMم وراءه
يطاردون فما ازدادت الدابMة إال نفMارا وشMراد ،فقMال دعMوني ودابتMي أنMا أعلMم بMدابتي ،فأخMذ مMن خMشاش األرض
ولوح به لھذه الدابة فما كانت منھا إال أن انMساقت إليMه وجMاءت إليMه فأمMسك بھMا ،أمMا إنMي لMو تMركتكم علMى ھMذا
فمات فدخل النار.
َ كفره
ِ عندكم على
األعرابي لضربتموه فأوجعتموه فذھب من ِ
إبMراھيم
َ يمMر علMى
كلب ،واليھود لطالما استفزوا المسلمين يريدون أن يوقعMوھم فMي شMركھمُ ،
يھودي معه ُ
ُ ھاھو
َ
فيقول لهُ:
ُ المؤمن
ُ ذلكم - ﷲ حمة عليه – أدھم ابن
لحيتك ؟
ِ أطھر من
ُ الكلب
ِ ذنب
ذنب ھذا الكلب ،أم ُ
أطھر من ِ
ُ ُ
ألحيتك يا إبراھيم
أطھر منھا.
ُ كلبيك
َ لذنب
ُ النار
ِ ذنب كلبك ،وإن كانت في
أطھر من ِ
ُ لھي
الجنة ِ
ِ إن كانت في
أخالق األنبياء.
ُ أشھد أن ال إله إال ﷲ ،وأشھد أن محمدا رسول ﷲ ،وﷲ ما ھذه إال
ومMا ُ َ ﱠ َ
يلقاھMا حميم* َ َ
ولي َ ِ ٌ عداوةٌ َ َ ﱠ
كأنهُ َ ِ ﱞ بينك َ َ ْ َ
وبينهُ َ َ َ فإذا ﱠ ِ
الذي َ ْ َ َ ھي َ ْ َ ُ
أحسن َ ِ َ بالتي ِ َ السيئةُ ْ َ ْ
ادفع ِ ﱠ ِ الحسنةُ َوال ﱠ ﱢ َ تستوي ْ َ َ َ ) َوال َ ْ َ ِ
عظيم(.
ٍ ِ َ ﱟ
حظ َ ذوُ ﱠ
إال ِ َ ﱠ
قاھا َ يل
ُ وما
َ َ صبروا
ُ َ َ ِ ﱠإال ﱠ ِ َ
الذين
أقول ھذا لعموم الناس ،أما نحن الدعاة ونحن طلبة العلم والمفترض في الحاضرين أن يكونMوا طلبMة علMم ،لMيس
ُ
برديء الكالم.
ِ التراشق
ِ لنا أن ننـزل عن مستوى دعوتنا إلى
ليس لنا أن ننزل إلى سفاسف األمور ولو حاول غيرنا جرنا إلى ھذه األمور.
نغMضب
َ يكن تحركنا ذاتيا ،فMال يحركنMا غيرنMا ألن ال نMستجر إلMى معMارك وھميMة خاسMرة وال شMك ،ثMم علينMا أن ال
كل ساقط.
بذيء وعن ِ
ٍ كل
بأنفسنا عن ِ
ِ نسمو
َ ألنفسنا بل علينا أن
ِ
ومن عاتب الجھال أتعب نفسه .......ومن الم من ال يعرف اللوم أفسد
ليس معنى ذلك أن نستسلم فال ندافع ،لكن المدافعة أحيانا يا أيھا األحبة تكون بالسكوت.
والمدافعة أحيانا تكون باالختفاء.
أحد ،يوم أصاب المسلمين مMا أصMابھم ،نMادى أبMو سMفيان ،وال زال مMشركا رضMي
أحد وما أدراكم ما يوم ُ
في يوم ُ
ﷲ عنه وأرضاه ،قال:
فلم يرد عليه )صلى ﷲ عليه وسلم( ولم يأمر أحدا بالرد.
فلم يجبه أحد مع أن الجواب قد كان أغيظ له ،لكن الموقف كان يستلزم السكوت من باب قول القائل:
إصالح
ُ لصون العرض
ِ شرف .......وفيه أيضاً
ُ أحمق
ٍ جاھل أو
ٍ والصمت عن
ُ
نباح
لعمر ﷲِ ُ
ُ والكلب يخزى
ُ األسد تخشى وھي صامتةٌ ........
َ أما ترى
ُ
ويشتمه ويقذعMه فيسبه
ُ اإلمام أحمد عليه رحمةُ ﷲ في مجلسه وبين تالميذه ،ويأتي سفيهُ من السفھاء،
ُ ھو
وھا َ
ُ
طالبه وتالميذه:
ُ فيقول له
ُ بالسب والشتم،
القرآن إذاً:
ُ فأين
يا أبا عبد ﷲ رد على ھذا السفيه ،قال ال وﷲ َ
مساببه
ُ أكون
َ العيب إال أن
ُ تزايدت رفعةً ..........وما
ُ نذل
إذا سبني ٌ
تحاربه
ُ نذل
كـل ٍ ُ
لمكنتھا من ِ علي عزيزةً .......
ولو لم تكن نفسي َ
حMضير بحربتMه
ٍ أبMن
أسMيد ُ
ُ يأتيMه
ِ المدينة النبويMة،
ِ األول إلى
ُ الدعوة
ِ سفير
ُ عمير رضي ﷲُ عنه
ٍ ابن
مصعب ُ
ُ ھاھو
َ
لمصعب :
ُ ً
مشركا ،فيقول يزال
ُ وھو ال
ضعفائنا ؟
َ وتضيع
َ وتشتم َ
آلھتنا ُ َ
أحالمنا جاء بك إلينا تسفهُ
ما الذي َ
نفسك مقتوالَ.
نفسك و إال فاعتبر َ
حاجة إلى ِ
ٍ كنت في
اعتزلنا إن َ
كلمMات ھادئMةٍ:
ٍ بموعود ﷲ وبنصر ﷲ لھذه الدعوة إال أن قال لMه فMي
ِ الواثق
ِ المؤمن
ِ وء
فما كان من مصعب بھد ِ
عنك ما تكره. َ
كرھتهُ كففنا َ قبلته ،وإن
ِ أمرنا
َ رضيت
َ تجلس فتسمع ،فإن
ُ أو
أسMاريره
ُ وجھMه وبرقMت
ُ فتھلMل
َ مMصعب رضMي ﷲ عنMه عMن اإلسMالم وقMرأ عليMه القMرآن
ُ وكان عاقالً لبيبا ،فكلمMه
َ
وجھه واستھل وجھه ثم قال:
الدخول في ھذا الدين ؟
َ تصنعون إذا أردتم
َ كيف
َ
نھل مه مصعب.
ينھل من ما َ
َ يريد أن
ُ َ
ليقتله واآلن جاء
َ
قال اغتسل وتطھر وأشھد أن ال إله إال ﷲ وأن محمداً رسوله )صلى ﷲ عليه وسلم(.
إن ورائي رجال إن اتبعكم لم يتخلف عنه أحد من قومه ھو سعد أبن معاذ.
وذھب إلى ھذا الرجل واستفزه بكلمات معينة فجاء ھذا يركض إلى مصعب ويقول:
قال أو تجلس فتسمع فإن رضيت أمرنا قبلته وإن لم ترضه كففنا عنك ما تكره ،فجلس.
فقام يخبره عن اإلسالم ويبين له ھذا الدين فما كان منه إال أن استھل وجھه وبرقMت أسMارير وجھMه وقMال :كيMف
يفعل من يريد الدخول في ھذا الدين؟
قالوا اغتسل وتطھر وأشھد أن ال إله إال ﷲ وأن محمدا رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم(.
ففعل ،ثم خرج من توه داعية إلى قومه ،فذھب إلى بني عبد األشھل وقال:
كيف تعلمون أمري فيكم ؟ قالوا سيدنا وأفضلنا رأي وخيرنا وأيمننا.
قال فإن كالمكم علي حرام رجالكم والنساء حتى تأمنوا با 4الMذي ال إلMه إال ھMو وتMصدقوا برسMالة محمMدا )صMلى
ﷲ عليه وسلم(.
يقول فلم يبقى رجل وال امرأة في تلك الليلة إال مسلم أو مسلمة.
يحب المحسنين.
ُ اإلحسان اإلحسان وﷲ
َ َ
الطيبة، فال إله إال ﷲ الكلمةَ
Mعف ،فMMإن
Mشتت ضٌ M
Mرق والتَ M علمتنMMي الحيMMاة فMMي ظMMل العقيMMدة أن االجتمMMاع والمحبMMةَ بMMين المMMؤمنين قً M
Mوة ،وأن التفَ ُ M
كثير بإخوانه.
بنفسه ٌ
ِ قليل
ان ٌاإلنس َ
الوالد
ِ مقام
َ يؤلف بيننا . ......ديننا أقمناه
ُ نسب
ٌ إن يختلف
واحد
ِ غمام
ٍ عذب تحدر من
ُ الوصال فماؤنا.......
ِ أو يختلف ماء
تفرقنا عنه ال يحطمكن بخفه ،فقالت حكيمة منھن اجتمعن عليه تقتلنه.
المصلين
َ تھليل
ُ الغرب
ِ سمعت في
َ الصين مإذنةٌ .........
ِ جموع
ِ لو كبرت في
Mوبكم َ َ ْ
فأصْ ُ ْ َ M
Mبحتم Mين ُقلُْ ُ ِ M Mداء فَ َ Mﱠ َ
Mألف بََ ْ M Mتم َ ْ
أعً َ M Mيكم ِ ْإذ ُ ْ
كنْ ُ M Mت ﱠ
ﷲِ َعلَْ ُ ْ M نعمَ M
واذكMُ Mروا ِ ْ َ تفرقُMMوا َ ْ ُ
جميعMMاً َوال َ َ ﱠ
ﷲِ َ ِبحبMِ Mل ﱠ اعتَُ ِ M
Mصموا ِ َ ْ )َو ْ
منھا(.ْ
فأنقذكم ِ َ
ْ ُ َ َ ْ َ َ ﱠ
النار
ِ من
حفرة ِ َ ْ
شفا ُ َ ٍَ َ
وكنتم َعلى َ ْ ُ
إخوانا َ ُ ًْ ْ
بنعمته ِ َ
ِِْ َِ ِ
اليMوم
َ بكر أنMا ،مMن عMاد مMنكم ً
جنازة ،قال أبو ٍ اليوم
َ تبع منكم
بكر أنا ،من َ
اليوم صائما ،قال أبو ٍ
َ أصبح منكم
َ ) من
بكر أنا ،قال )صMلى ﷲ عليMه وسMلم( مMا اجتمعنMا
ٍ أبو قال مسكين، على اليوم
َ تصدق
َ من أنا، بكر
ٍ أبو قال ً
مريضا،
رجل إال ودخل الجنة(.
ٍ في
الجھMد مMا
ِ رمضاء مكMةَ وبMه مMن
ِ يعذب في
ُ بالل رضي ﷲ عنه وھو
األيام على َ
ِ يمر يوماً من
ليس ھذا فحسب بل َُ
أحد أحد فيقول ينجيك الواحد األحد.
ُ يقول وھو به
تجارتMه ويMصفي
ِ ديMنھم فيMصفي
إلنقMاذ ھMؤالء الMضعفاء آلن ال يفتنMوا فMي ِ
ِ تتعMوض
َ ويذھب ويMرى أنھMا فرصMةٌ ال
ويقول:
ُ ابن خلف أمواله ويأتي إلى أميةَ َ
َ
أواقي ذھبا.
ً خمس
َ فيعطيه فيه
ِ خير فيه،
أبيعك إياهُ ال َ ً
بالال؟ قال ُ أتبيعني
ُ
الخمس ويقول:
َ َ
فيأخذ أمية
وﷲِ لو أبيت إال أوقيةً واحدةً لب ُ
عتك بالال.
قال أبو بكر :و وﷲِ لو أبـيت يا أمية إال مائة أوقيةً ألخذته منك.
َ
وقت الشدائد.
ِ رجال أشداء ينفعونك في
ٍ َ
أموالك فأنفقھا على منفق
ُ بد
كنت وال َ
يقول أبوه :إن َ
ُ
أريد ما أريد.
قول أبتاه إنما ُ
في ُ
يرضى(.
ولسوف َ ْ َ ربه ْ َ ْ َ
األعلى * َ َ َ ْ َ وجه َ ﱢ ِ تجزى * ِ ﱠإال ْ ِ َ َ
ابتغاء َ ْ ِ نعمة ُ ْ َ
من ِ ْ َ ٍ
عندهُ ِ ْ وما ِ َ َ ٍ
ألحد ِ ْ َ )َ َ
وھا ھو خيثمة أبMن الحMارث كMان لMه أبMن يMسمى سMعد ،ولمMا أراد المMسلمون النفMور إلMى بMدر ،أرادوا الجھMاد فMي
سبيل ﷲ ،فما كان من ھذا الرجل إال أن قال ألبنه:
يا بني تعلم أنه ليس مع النساء من يحميھن ،وأريد أن تبقى معھن.
وﷲ يا أبتاه ال أجلس مع ھؤالء النساء ،للنساء رب يحمMيھن ،وﷲ مMا فMي الMدنيا شMيء تطمMع بMه نفMسي دونMك،
وﷲ لو كان غير الجنة يا أبتاه آلثرتك به ،ولكنھا الجنة ،ووﷲ ال آثر بھا أحدا.
ثم ذھب الشاب وترك الشيخ الكبير مع ھؤالء النساء ،ذھب يطلب ما عند ﷲ ،فأستMشھد فMي سMبيل ﷲ ،بMأذن ﷲ
نحسبه شھيدا وال نزكي على ﷲ أحدا.
وﷲ لقد كان سعد أعقل مني ،أواهُ أواه لقد فMاز بھMا دونMي ،وﷲ لقMد رأيتMه البارحMة فMي المنMام يMسرح فMي أنھMار
الجنة ،وثمارھا ويقول أبتاه ،الحق بنا فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا.
وھاھو أبو خيثمة يتخلف عن رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسMلم( فMي غMزوة تبMوك ،وكانMت لMه زوجتMان ،جاءھمMا
يوما فوجد كل واحدة منھما قد رشت عريشھا بالماء ،وبردت له الماء ووضعت له الطعام.
فلما رأى ذلك بكى وقMال :أواهُ أواه رسMول ﷲ )صMلى ﷲ عليMه وسMلم( فMي الحMر والMريح ،وأبMو خيثمMة فMي الظMل
والماء البارد ،وﷲ ما ھذا بالنصف.
فھيئ زاده وھيئ راحلته وأنطلق وحيدا في صحاري يبيد فيه البيد ،ويضيع فيھا الذكي والبليد.
ولحق بالنبي )صلى ﷲ عليه وسلم( فأدركه قرب تبوك ،وراءه الناس فقالوا:
فقال )صلى ﷲ عليه وسلم( كن أبا خيثمة ،كن أبا خيثمة ،قال الصحابة ھو أبو خيثمة.
فدعاء له )صلى ﷲ عليه وسلم( ففاز بدعوة النبي )صلى ﷲ عليه وسلم( وياله من فوز.
حديثاً ُ ْ َ َ
يفترى(. األلباب َما َ َ
كان َ ِ عبرةٌ ِ ُ ِ
ألولي ْ َ ْ َ ِ كان ِفي َ َ ِ ِ ْ
قصصھم ِ ْ َ )َ َْ
لقد َ َ
كانوا سباقين إلى فعل الخير ،ال يضيعون فرصة في طاعة ﷲ عز وجل.
والي من الوالة في عھده بنى له بناء في واسMط وزخرفMه وأكثMر فيMه مMن الزخرفMة ثMم دعMا النMاس للفرجMة عليMه
والدعاء له ،فما كMان مMن الحMسن البMصري رحمMه ﷲ يMوم اجتمMع النMاس كلھMم إال أن رآھMا فرصMة ال تعMوض أن
يعض الناس ويذكرھم با 4ويزھدھم في الدنيا ويرغبھم في ما عند ﷲ جل وعال ،فمMا كMان منMه إال أن انطلMق ثMم
وقف بجانبھم ھناك فحمد ﷲ وأثناء عليه فاتجھت إليه القلوب واألبصار ثم قال:
لقد نظرتم إلى ما ابتنى أخبث األخبثين فوجدنا أن فرعون بنى أعال من مMا بنMى وشMيد أعMال ممMا شMيد ،ألMيس ھMو
من َ ْ ِ
تحتي( ،فأجرى ﷲ األنھMار مMن فMوق رأسMه ،ليتMه يعلMم أن وھذه ْ َ ْ َ ُ
األنھار َ ْ ِ
تجري ِ ْ مصر َ َ ِ ِ
ملك ِ ْ َ القائلَ ْ َ َ ) :
أليس ِلي ُ ْ ُ
أھل السماء مقتوه ،وأن أھل األرض قد غروه ،وأندفع يتدفق في موعظته حتMى أشMفق عليMه أحMد الMسامعين مMن
ھذا الوالي فقالوا حسبك يا أبا سعيد حسبك.
قال ال وﷲ ،لقد أخذ ﷲ الميثاق على أھل العلم ليبيننه للناس وال يكتمونه.
ويسمع ذلك الوالي ،ويأتي لجلسائه يتميز من الغيظ ويدخل عليه ويقول:
تبا لكم وسحقا وھالكا وبعدا ،يقوم عبد من عبيد أھل البصرة فيقول فينا ما شاء أن يقول ،ثم ال يجد مMن يMرده أو
ينكر عليه ،وﷲ ألسقينكم من دمه يا معشر الجبناء.
ثم أمر بالسيف والجالد والنطع ،وما كMان منMه إال أن اسMتدعى الحMسن عليMه رحمMة ﷲ ،فتقMدم ودخMل ،فلمMا رأى
السيف والجالد تمتم بكلمات ولم يعرف الحجاب والحراس ماذا يقول.
ويوم دخل وقد خاف ﷲ ،فخوف ﷲ منه كل شيء ،دخل على ھذا الوالي ،فما كان منه إال أن قال:
أھال بك أيھا اإلمام ،وقام يرحب به ويقول ھاھنا يا أبMا سMعيد ،حتMى أجلMسه علMى مجلMسه وعلMى كرسMيه بجانبMه،
ويسأله بعض األسئلة ثم يقول له أنت أعلم العلماء يا أبا سعيد ،انصرف راشدا بعد أن طيب لحيته.
قال دعني ونفسي ،قال أسألك با 4ماذا كنت تقول وأنت داخل؟
قال كنت أقول :يا ولي نعمتي ومالذي عند كربتي أجعل نقمتMه علMي بMردا وسMالما كمMا جعلMت النMار بMردا وسMالما
على إبراھيم.
اتصل با 4عز وجل ولم يضيع ھذه الفرصة ،وعلم ﷲ صدقه فأنجه وأنقذه وحفظه.
وﷲ خير حافظا وھو أرحم الراحمين.
متاع ْ ُ ُ ِ
الغرور(. الد ْ َ
نيا ِ ﱠإال َ َ ُ الحياةُ ﱡ فالحياة أيھا األحبةُ فرص ،من اغتنمھا فاز ومن ضيعھا خسرَ َ ) :
وما ْ َ َ
الشباب
ِ أيام
كنت َ ٌ
شيخ ......كما قد َ تكون وأنت
َ أترج أن
ُ
الثياب
ِ كالجديد من
ِ ثوب ....دريس
ليس ٌ
نفسك َ
لقد خدعتك ُ
ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلھا ........كفى المرء نبال أن تعد معايبه
أبن عبد العزيز عليه رحمة ﷲ ورضوانه يختار جالسه أختيارا ،ويMشترطُ علMيھم شMروطا ،فكMان مMن ھاھو عمر ُ
شروطه أن ال تغتابوا وال تعيبوا أحدا في مجلسي حتى تنصرفوا.
األوعر
َ أھون مسلكا ........فدع الطرق
ُ السھل◌
ُ ً
أشMد
َ َ
ارتكبته فMي الMدنيا ذنب
أحقر ٍ
َ ستجد أن
ُ تقدم على ﷲِ ربه ،وإنك حين ُ ُ صه يا أبن أخي فقد مضى الحجاج إلى ِ
ْ
يغنيه(.
شأن ُ ِ ِ ْ
يومئذ َ ٌ
منھم َ ْ َ ِ ٍ ْ
امرئ ِ ُ ْ
لكل ْ ِ ٍ َ
اقترفه الحجاج و ) ِ ُ ﱢ ذنب
أعظم ٍ
ِ نفسك من
على ِ
المسلمين حفرةٌ من ُ ِ
حفر النار. َ أعراض
ُ اتق ﷲ،
الناس وھو معيب ِ
ِ عائب
َ يا
وخواص المسلمين ھم العلماء والوقيعة فيھم عظيمة جد عظيمة ،لحومھم مسمومة ،وعادة ﷲ فMي ھتMك أسMتار
منتقصھم معلومة ،ومن أطلق لسانه في العلماء بالثلب باله ﷲ قبل موته بموت القلب.
أعور
ُ الناس من ھو
َ يعيب من
ُ فإن عبت قوما بالذي فيك ُ
مثله..........فكيف
أكبر
والناس ُ
ِ فيھم .......فذلك عند ﷲِ
ُ ليس
عبت قوما بالذي َ
َ وإن
عظيم
ُ عين صاحبك القذى .....ويخفى قذى عينيك وھو
فكيف ترى في ِ
أعينھم.
ِ الجذع في
َ يرون
َ غير منصفين ،يرون القذاةَ في أعين غيرھم وال
بعض األخوة ُ
ُ بعض األخوة ظلمة،
كقول القائل:
ُ ُ
فحالھم
صالح دفنوا
ٍ إن يسمعوا ُسبةً طاروا بھا فرحا ......مني وما يسمعوا من
شاغل
ُ الناس
ِ لنفسي عن نفس من
َ لست أبكي لغيرھا.....
ُ لنفسي أبكي
والكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ،والعاجز من أتبع نفسه ھواھا وتمنى على ﷲ األماني.
غائب في الشام وقد ظنMت قMريش أن عقبMةَ قMد أسMلم لمMا يعامMل النبMي )صMلى ﷲ
ٌ كافر
صديق ٌ
ٌ ألبن أبي معيط
كان َِ
عليه وسلم( من معاملة حسنة.
معيط قد أسلم.
ٍ ابن أبي
قدم خليله من الشام قالت قريش ھاھو خليلك َ
فلم ِ َ
فغMMضب خليلMMه وقرينMMه غMMضبا شMMديداً وأبMMى يكلِMَ Mم عقبMMةَ وأبMMى أن يَ M
Mسلم عليMMه حتMMى يMMؤذي النبMMي )صMMلى ﷲ عليMMه
وسلم( ،فاستجاب عقبةَ له ،وأذى النبي )صMلى ﷲ عليMه وسMلم( ،حتMى أنMه خنقMه بتالبMـيبه ذات مMرة ،وحتMى أنMه
حقارة ولؤم على وجه األرض في تلك الساعة. ٍ بكل
فأستأثر ِ
َ بصق في وجھه الشريف مرة أخرى
األجرب.
ُ الصحيح
َ فإياك وصديق السوء فإنه يعدي كما يعدي
يقتدي
ِ بالمقارن
ِ فكل قرين
قرينهُ ......
ِ المرء ال تسأل واسأل عن
ِ عن
علمتني الحياة في ظل العقيدة أن أعمل بما أقول ما استطعت إلى ذلك سبيال:
ومن لم يعمل بما يقول وبما يدعو له فإنما يسخر من نفسه أوال:
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكھا ........إن السفينة ال تجري على اليبس
ركوبك النعش ينسيك الركوب على.....ما كنت تركب من بعل ومن فرس
تقولوا َما ال َ ْ َ ُ َ
تفعلون(. ﷲِ َ ْ
أن َ ُ ُ عند ﱠ
مقتاً ِ ْ َ
كبر َ ْ
فأحرص على ما ينفعك واعمل بما تقول ما استطعتَ ُ َ ) :
نعم إرضاء البشر ليس في اإلمكان أبدا ،ألن علمھم قاصر ،وألن عقMولھم محMدودة ،يعتMورھم الھMوى ويعتMورھم
النقص ،ويتفاوتون في الفھم واإلدراك فال يمكن إرضاءھم ،فمن ترضي إذا ؟
ھاھو رجل يبني له بيتا فيضع بابه جھة الشرق ،فيمر عليه قوم فقالوا:
فيمر آخرون ويقولون ھال وضعت بابه جھة الشمال لكان أجمل.
ويمر آخرون ويقولون لوال وضعته جھة الجنوب لكان أنسب.
ھاھو رجل وأبنه ومعھما حمار ،ركب األب وترك االبن ومشيا ،فمروا على قوم فقالوا:
يا له من أب ليس فيه شفقة وال رحمة يركب ويترك ھذا االبن المسكين يمشي وراءه.
فما كان منه إال أن نزل وأركب ھذا الطفل ،فمروا على قوم آخرين فقالوا:
ياله من ابن عاق يترك أباه يمشي وراء الدابة وھو يركب الدابة.
حمقى مغفلون يسخر ﷲ لھم ھذه الدابة ثم يتركونھا تمشي ويمشون ورائھا.
فيھن َ(.
ومن ِ ِ ﱠ السماوات َ ْ َ ْ ُ
واألرض َ َ ْ لفسدت ﱠ َ َ ُ الحق َ ْ َ َ ُ ْ
أھواءھم َ َ َ َ ِ اتبع ْ َ ﱡ )ََ ِ
ولو ﱠ َ َ
من ترضي أخي في ﷲ ؟ أرضي ﷲ وكفMى .مMن أرضMى ﷲ بMسخط النMاس رضMي ﷲ عنMه وأرضMى عنMه النMاس،
ومن أرضى الناس بسخط ﷲ سخط ﷲ عليه وأسخط عليه الناس.
ال طاعة لمخلوق في معصية الخالق ،أما إرضاء رب الناس فھو الممكن سبحانه وبحمMده ،بMل ھMو الواجMب ،ألن
سبيل ﷲ واحد ،وألن دينه واحد:
سبيله (.
عن َ ِ ِ ِ
بكم َ ْ السبل َ َ َ ﱠ َ
فتفرق ِ ُ ْ تتبعوا ﱡ ُ َ مستقيماً َ ﱠ ِ ُ
فاتبعوهُ َوال َ ﱠ ِ ُ اطي ُ ْ َ ِ
صر ِ
ھذا ِ َ )ََﱠ
وأن َ َ
يذكر الشيخ عمر األشقر في كتابه )مواقف( حدثا يناسب ھذه النقطة.
يذكر أن طفلة صغيرة من بيت محافظ تعود ألمھا من المدرسة ذات يوم وعليھMا سMحابة حMزن وكآبMه وھMم وغMم،
فتسألھا أمھا عن سبب ذلك فتقول:
إن مدرستي ھددتني إن جئت مرة أخرى بمثل ھذه المالبس الطويلة.
قالت األم ،المدرسة ال تريد وﷲ يريد فمن تطيعين إذا؟ الذي خلقك وصورك وأنعم عليك أم مخلوقا ال يملMك ضMرا
وال نفعا.
وفي اليوم الثاني تلبس تلك المالبس وتذھب بھا إلى المدرسة ،فلما رأتھMا المعلمMة انفجMرت غاضMبة ،تؤنMب تلMك
الفتاة التي تتحدى إرادتھا ،وال تستجيب لطلبھا ،وال تخاف من تھديدھا ووعيدھا ،أكثرت عليھا من الكMالم ،ولمMا
زادت المعلمة في التأنيب والتبكيت ثقل األمر على الطفلة البريئة المسكينة فانفجرت في بكاء عظMيم شMديد مريMر
أليم أذھل المعلمة ،ثم كفكفت دموعھا وقالت كلمة حق تخرج من فمھا كالقذيفة ،تقول:
وﷲ ال أدري من أطيع أنتي أم ھو!
قالت ﷲ رب العلمين الذي خلقني وخلقك وصورني وصورك ،أأطيعك فألبس ما تريMدين وأغMضبه ھMو ،أم أطيعMه
وأعصيك أنتي ،ال ،ال سأطيعه وليكن ما يكون.
إذا لم يكن إال األسنة مركبا ........فما حيلة المضطر إال ركوبھا
ذھلت المعلمة وشدھت وسMكنت ،وھMل ھMي تMتكلم مMع طفلMة أم مMع راشMدة ،ووقMت منھMا الكلمMات موقعMا عظيمMا،
وسكتت عنھا المعلمة ،وفي اليوم التالي تستدعي المعلمة أم البنت وتقول:
لقد وعظتني أبنتك أعظم موعظة سMمعتھا فMي حيMاتي ،لقMد تبMت إلMى ﷲ وأبMت إلMى ﷲ ،فقMد جعلMت نفMسي نMدا 4
حتى عرفتني ابنتك من أنا ،فجزاك ﷲ من أم مربية خيرا.
وھنا أقول – أيھا األحبة -إلى أن نرضي ﷲ جل وعال ،وأن نعرف أن الحق إنما يMصل إلMى القلMوب إذا خMرج مMن
القلوب التي تؤمن به ،وتعمل بمقتضاه ،أما الكلمات الباردة فلن تأثر في السامعين أبدا.
فلست بناجي من مقالة طاعن .........ولو كنت في غار على جبل وعر
ومن ذا الذي ينجو من الناس سالما .....ولو غاب عنھم بين خافيتي نسر
سبيل ﱠ
ﷲِ(. عن َ ِ ِ
يضلوك َ ْ من ِفي ْ َ ْ ِ
األرض ُ ِ ﱡ َ تطع َ ْ َ َ
أكثر َ ْ وإن ُ ِ ْ
)َِْ
حرصت ِ ُ ْ ِ ِ َ
بمؤمنين(. الناس َ َ ْ
ولو َ َ ْ َ وما َ ْ َ ُ
أكثر ﱠ ِ )َ َ
والناس أجمعين.
ِ فالن ونفسي ومالي وأھلي ولدي
ٍ أحب من
الحق َ
َ فإذا افترقا كان
ثالثMة أسMلموا،
ٍ ُ
ثالMث فيكMون
َ لMدعوة الھMدى والحMق
ِ يMستجيب
ُ ابن أبي وقاص رضي ﷲ عنه وأرضMاه، ھاھو سعد َ
َ
تجربة من أقسى التجارب أنزل ﷲ في شأنھا قرأنMاً يتلMى،ٍ تعرض الفتى إلى
َ يمر ھيناً سھال ،وإنما
لكن إسالمه لم َ
ُ
ثائرتھا ،يقول: إسالمه ثارت
ِ بخبر
ِ سمعت أمهُ
فلما ِ
وأجMدادك،
ِ آبائMك
ديMن ِ َ
فMصرفك عMن ِ الMدين الMذي اعتنقتMه
ُ وكنت فتى براً محباً لھا ،قال فأقبلت تقول يا سعد ما ھذا
النMدم بفعلتMك التMي
ُ َ
حزن علي ويأكلMك
ٌ قلبك
فيتفطر ُ
ُ أموت
َ الطعام والشراب حتى
ِ المتنعن عن
َ لتتركن ھذا الدين أو
َ
ويعيرك الناس بھا أبد الدھر.
َ فعلت
َ
ويسألھا أن تتبلMغ بقليMل مMن طعMام أو شMراب الطعام والشراب أياما ،كان يأتيھا
ِ نفذت وعيدھا وامتنعت عن لكنھا َ
اليوم إال أن جاءھا وقال:
َ فترفض ذلك ،فما كان منه ذلك
ُ
نفMس
ٍ منك نفMساً بعMد
نفس فخرجت ِ
ٍ آلف
ورسوله ،وﷲِ لو كانت ل ِك ُ
ِ ألشد حباً 4
ُ شديد حبي لكي
ِ يا أماه إني لعلى
ما ارتددت عن ديني فكلي أو دعي.
ْرك جاھMداك ِ ُ
لتMش ِ َ أكلت على ُكMره منھMا فMأنزل ﷲُ فيMه وفيھMاْ ِ َ ) :
وإن َ َ َ َ األمر ما كان منھا إال أن َ َ فلما وضعھا أمام ھذا
كنتم َ ْ َ ُ َ
تعملون. بما ُ ْ ُْ
ْ َِ ُ
فأنبئكم
ُ ﱢ َ ُ َ م ُ
مرجعك
ُ ْ َ
إلي
َ ِ ﱠ َ ِ ْ تطعھما
ُ ْ ِ ُ َ
فال به ِ ْ ٌ
علم ليس َ َ
لك ِ ِ ِبي َما َ ْ َ
وھاھو اإلمام مالك يأتيه رجل يستفتيه وھو في حلقة العلم في مMسجد رسMول ﷲ )صMلى ﷲ عليMه وسMلم( ،يMدخل
ھذا الرجل إليه ويقول:
ففكر اإلمام قليال ثم قال :ليس ھناك أحلى من القمر ،ھذه طلقة وال تعد لذلك.
كان تلميذه الشافعي يجلس إلى سارية من السواري ،ولم يدري ما الذي حMدث بينھمMا ،وكMان حريMصا علMى طلMب
العلم ،فلحق بھذا األعرابي وقال :ما السؤال وما اإلجابة ،يريد أن يستفيد فائدة.
قال :قلت لإلمام كذا وكذا ،فقال القمر أحلى من زوجتك فزوجتك قد طلقت طلقة.
قال أو قد رأيتھا ،وكانوا ذا غيرة ،اغتاظ منه ،قال ال ،ألم تسمع قول ﷲ جل وعال:
فرجعوا إلى اإلمام مالك فأخبروه الخبر فقال ،الحق أحق أن يتبع أخطأ مالك وأصاب الشافعي.
نريد رجاال أشMداء ال ينثنMون للMريح ،يMشقون الطريMق بعMزم وجMد ،ال تلھMيھم كMرة ،وال يMضيعھم تلفMاز وال ھMراء،
وقتھم أعظم وأثمن من أن يضيع في مثل ھذه الترھات.
نريMMد مMMن يأخMMذ الحيMMاة بجMMد ،فالحيMMاة الحقيقيMMة للMMشجعان األقويMMاء العMMاملين ،وال مكMMان فيھMMا للكMMسالى والتنابلMMة
والبطالين والمتخاذلين.
نريد من يMشق طريقMه معتمMدا علMى ﷲ بعيMدا عMن التفكيMر الھامMشي الMسافل ،التفكيMر فMي الMشھوات ،التفكيMر فMي
الملھيات ،والركض ورائھا والتفكير المادي المنحط.
نريد شباب يتربى على معالي األمور ،ويترفع عن سفاسف األمور ليكونوا ممن قيل فيھم:
شباب ذللوا سبل المعالي ........وما عرفوا سوى اإلسالم دين
ال ...إنما نجدھم في حلقات العلم والتعلم ،في بيوت ﷲ ،في األمر والنھي.
فلتأخذ الحياة بجد ،ولتعد األنفس ليوم الشدائد ،فما ندري ما المرحلة القادمة.
إن ھذبتھا وأدبتھا صلحت واستقامت ،وإن أھملتھا وتركتھا خابت وخسرت ،بل ھي كالبعير إن علفتھMا وغMذيتھا
بالمفيد سكنت وثبتت واطمأنت وخدمت ،وإن تركتھا صدت وندت وشردت.
الMنفس بطبيعتھMMا تميMMل إلMMى الMMشھوات والملMMذات والھMMوى ،وتMMأمر بالMMسوء والفحMMشاء ،وإذا لMMم يقيMMدھا وازع ديMMن
عظيم تنقاد إلى السقوط والھالك.
لمع ْ ُ ْ ِ ِ َ
المحسنين(. وإن ﱠ
ﷲَ َ َ َ لنھدينھم ُ ُ َ َ
سبلنا َ ِ ﱠ فينا َ َ ْ ِ َ ﱠ ُ ْ
جاھدوا ِ َ بالمجاھدة َ ) :ﱠ ِ َ
والذين َ َ ُ
وأعظم المجاھMدة مجاھMدة النيMات ،فإنمMا األعمMال بالنيMات وإنمMا لكMل امMرئ مMا نMوى ،فمMن كMان يرجMو لقMاء ربMه
فليعمل عمال صالحا وال يشرك بعبادة ربه أحدا.
يقول أحد السلف ،ما من شيء فعلته صغر أو كبر إال وينشر له ديوانان ،لما وكيف.
لما فعلت ؟ ،ما علت الفعل وما باعث ھذا الفعل؟ ھل ھو لحظ دنيوي ،لجلMب نفMع لMدفع ضMر ،أم لتحقيMق العبوديMة
4وابتغاء الوسيلة إليه سبحانه وبحمده.
وكيف فعلت ھذا الفعل؟ ھل الفعل وفق ما شرعه ﷲ ورسوله ،أم ليس عليه أمر الرسول )صلى ﷲ عليه وسMلم(
القائل) :من عمل عمال ليس عليه أمرنا فھو رد(.
يا نفس أخلصي تتخلصي ،إخالص ساعة نجاة األبد ولكMن اإلخMالص عزيMز ،وطMوبى لمMن صMحة لMه خطMوة يMراد
بھا وجه ﷲ.
ھاھو أبن الجوزي عليه رحمة ﷲ الذي لطالما جاھد نيته ،تحل به سMكرات المMوت فيMشتد بكائMه ونحيبMه ،فيقMول
جالسه :يا إمام أحسن الظن با ،4ألست من فعلت ومن فعلت.
لم يَ ُ ُ
كونوا َ ْ َ ِ ُ َ
يحتسبون(. من ﱠ
ﷲِ َما َ ْ وبدا َ ُ ْ
لھم ِ َ قال وﷲ ما أخشى إال قول ﷲَ َ َ ) :
به َ ْ َ ْ ِ ُ َ
يستھزئون(. بھم َما َ ُ
كانوا ِ ِ وحاق ِ ِ ْ سيئات َما َ َ ُ
كسبوا َ َ َ وبدا َ ُ ْ
لھم َ ﱢ َ ُ )َ ََ
أخشى أن أكون فرطت وخلطت ونافقت فيبدو لي اآلن ما لم أكن أحتسب ،وتبدو لي سيئات ما كسبت.
قد تاب على يدي في مجالس الذكر أكثر من مائتي ألف ،وأسلم على يدي أكثر من مائتي نفس ،وكم سالت عينMي
متجبر بوعظي لMم تكMن تMسيل ،ويحMق لمMن تلمMح ھMذا اإلنعMام أن يرجMو التمMام ،ولكMم اشMتد خMوفي إلMى تقMصيري
وزللي ،لقMد جلMست يومMا واعظMا فنظMرت حMوالي أكثMر مMن عMشرة آالف مMا مMنھم مMن أحMد إال رق قلبMه أو دمعMت
عينه ،قال فقلت في نفسي:
كيف بك يا بن الجوزي إن نجى ھؤالء وھلكت ،كيف بك يا ابن الجوزي إن نجى ھMؤالء وھلكMت ،ثMم صMاح إلھMي
وموالي وسيدي إن عذبتني غدا فال تخبرھم بعذابي ألن ال يقال عذب ﷲ من دعا إليه ،عذب ﷲ من دل عليه.
إلھي وأنت أكرم األكرمين وأرحم الراحمين ال تخيب من علق أمله ورجائه بك ،وخضع لسلطانك ،دعا عبدك إلى
دينك ولم يكن أھال لولوج باب رحمتك ،لكنه طامع في سعة جودك ورحمتك أنت أھل الجود والكرم.
ھاھي صفية بنت عبد المطلب رضMي ﷲ عنھMا ،يتMوفى عنھMا زوجھMا ويتMرك لMه أبنMا ھMو الزبيMر رضMي ﷲ عنMه،
فنشأته نشأة الخشونة وربته على الفروسMية والحMرب ،وجعلMت لعبMه فMي بMري الMسھام وإصMالح القMسي ،ودأبMت
على قذفه في كل مخوفة ،وتقحمه فMي كMل حMط ،فMإذا أحجMم ضMربته ضMربا حتMى أنھMا عوتبMت مMن بعMض أعمامMه
حيث قال لھا إنك تضربينه ضرب مبغضة ال ضرب أم ،قالت مرتجزة:
من قال قد أبغضته فقد كذب ....وإنما أضربه لكي يلب .....ويھزم الجيش ويأتي بالسلب.
آمنMت بMMا 4جMMل وعMال ،وصMMدقت برسMMول ﷲ )صMلى ﷲ عليMMه وسMMلم( ،وھMاجرت مMMع مMMن ھMاجر وھMMي تخطMMو إلMMى
أحد جاھدت مع أبن أخيھا رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم( ،وجاھدت مع أخيھا حمMزة الستين من عمرھا ،وفي ُ
رضي ﷲ عنه ،ومع ابنھا الزبير رضي ﷲ عنه ،ذرية بعضھا من بعض.
فلم انكشف المسلمون في أحد كما تعلمون ھبت ھذه المرأة كاللبؤة وانتزعت رمحا من أحد المنھزمين وانقMضت
تشق الصفوف وتزأر في المسلمين كاألسد وتقول ويحكم أتفرون عن رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم(.
فقال لھا ابنھا إليك يا أماه ،قالت تنحى عني ال أم لك ،أتفر عن رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم(.
وقد كانوا وقافين عند أمر ﷲ وأمر رسوله -قالت األمر أمر ﷲ وأمر رسوله )صلى ﷲ عليه وسلم(.
توقفت وقالت ولما يردني رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم( ،إنه قد بلغني أنMه قMد مثMل بMأخي وذلMك قMي ذات ﷲ،
وذلك في سبيل ﷲ ،والحمد .4
فقال )صلى ﷲ عليه وسلم( ألبنھا خلي سبيلھا ،فخاضت المعركة حتى انتھت.
ولما وضعت الحرب أوزارھا ،وقفMت علMى حمMزة أخيھMا وقفMت العظمMاء ،وقMد بقMر بطنMه وأخرجMت كبMده ،وجMدع
أنفه ،وقطعت أذناه ،وشوه وجھه ،فاستغفرت له وجعلت تقول:
إن ذلك في ذات ﷲ ،إن ذلك لفي ذات ﷲ وقد رضيت بقضاء ﷲ ،دموعھا تذرف وقلبھا يلتھب:
ھذا موقف من مواقف صفية ،وموقف آخر ال يقل عن ھذا الموقف ،في يوم الخندق تركھا النبي )صلى ﷲ عليه
وسلم( مع نساء المسلمين في حصن حسان وھو من أمنع الحMصون ھنMاك ،وجMاء اليھMود فأرسMلوا واحMدا ليMرى
ھل أبقى الرسول )صلى ﷲ عليه وسMلم( حمMاة للنMساء والMذراري فMي ھMذا الحMصن أم لMم يبقMي أحMدا ،فMرأت ذلMك
اليھودي يتسلل إلى الحصن ،فما كان منھا إال أن نزلت عليه بعامود فضربته أولى وثانية وثالثMة حتMى قتلتMه ،ثMم
احتزت رأسه ثم طلعت به إلى أعلى الحصن ثم رمت برأسه فإذا ھو يتدحرج بين أيد اليھود ،فقال قائل اليھود قد
علمنا أن محمدا لم يترك النساء من غير حماة.
فMرحم ﷲ صMMفية رحمMة واسMMعة فقMد كانMMت مMثال فMMذا لMMألم المربيMة المMMسلمة ،ربMت وحيMMدھا وصMبرت علMMى أخيھMMا،
وكانت أول امرأة قتلت مشركا في اإلسالم فرحمھا ﷲ رحمة واسعة ،وأخرج من أصMالب ھMذه األمMة نMساء كتلMك
المرأة ،بل رجاال كصفية.
وھاھي ذات النطاقين أسماء بنت أبي بكر رضي ﷲ عنه وأرضاه ،تلكم المرأة التي حظيت بموقMف لMم تحظMى بMه
امرأة قبلھا وال بعدھا وھي خدمة رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم( في طريق الھجرة في الغار.
ثم أنظر إلى تلك المرأة في أواخر سني عمرھا ،في أحلك المواقMف وقMد بلغMت الMسابعة والتMسعين ،أبنھMا يحاصMر
في الحرم ،ويصبح في موقف حرج ،فيذھب مباشرة إلى أمه يستشيرھا في الموقف وماذا يفعل.
أنت أعلم بنفسك إن كنت تعلم أنك على حق وتدعو إلى الحق فأصبر عليه حتى تموت في سبيله ،وإن كنMت تريMد
الدنيا فلبأس العبد أنت أھلكت نفسك ومن معك.
قال يا أماه وﷲ ما أردت الدنيا ،وما جرت فMي حكMم ومMا ظلمMت ومMا غMدرت وﷲ يعلMم سMريرتي ،ومMا فMي قلبMي،
فقالت الحمد 4وإني ألرجو ﷲ أن يكون عزائي فيك حسنا إن سبقتني إلى ﷲ.
يا بني اقترب حتى أشم رائحتك ،وأضم جسدك ،فقد يكون ھذا آخر العھد بك.٠
فأكب على يديھا ورجليھا ووجھھا يلثمھا ويقبلھMا دمMوع تMشتبك فMي دمMوع ،وھMي تMتلمس أبنھMا وھMي عميMاء ال
ترى ،ثم ترفع يدھا وھي تقول ما ھذا الذي تلبسه؟
قال درعي ،قالت يا بنMي مMا ھMذا لبMاس مMن يريMد الMشھادة فMي سMبيل ﷲ ،انزعMه عنMك فھMو أقMوى لوثبتMك وأخMف
لحركتك ،وألبس بدال منه سراويل مضاعفة حتى إذا صرعت لم تنكشف عورتك.
فنزع درعه وشد سراويله ومضى إلى الحرم لمواصلة القتال وھو يقول ال تفتري عن الدعاء يا أماه.
فرفعت كفھا قائلة اللھم أرحم طول قيامه ،وشدت نحيبه في سواد الليل والناس نيام ،اللھMم أرحMم جوعMه وظمئMه
في ھواجر مكة والمدينة ،اللھم إني قد أسلمته لك ورضيت بما قضيت فيه ،فأثبني فيه ثواب الصابرين.
ويذھب أبنھا وبعد ساعة من الزمن انقضت في قتال مرير غير متكافئ تلقMى أبنھMا عبMد ﷲ ضMربة المMوت ليلقMى
ﷲ عز وجل ،ليس ھذا فحسب بل يصلب جثمانه كالطود الشامخ في الحجون.
وتMسمع األم الMصابرة ذات الMسبع والتMسعين سMMنة العميMاء البMصيرة ،وتMذھب إلMMى ولMدھا المMصلوب تMتلمس حتMMى
تصل ،فتأتي فإذا ھو الطود الشامخ ،تقترب منه وتدعو له ،وإذ بقاتله يأتي إليھا في ھوان وذلة ويقول:
ويتقدم أبن عمر رضي ﷲ عنMه معزيMا لھMا ومواسMيا لھMا ،فيقMول اتقMي ﷲ واصMبري ،فتقMول لMه بلMسان المؤمنMة
الواثقة بموعود ﷲ:
يا ابن عمر ماذا يمنعني أن أصبر وقد أھدي رأس يحي ابن زكريا إلى بغي من بغايا بني إسرائيل.
سالم على ذات النطاقين ،وسالم على ابن الزبير ،وسالم على الزبير ،وسالم على أبي بكر ،وسالم علMى صMحابة
رسول ﷲ ،وسالم على أمھات المؤمنين.
النساء محاضMن الرجMال ،بMصالحھن يMصلح الجيMل ،وبفMسادھن يفMسد الجيMل ،ولMو اسMتطردنا فMي األمثلMة لوجMدنا
أمثلة كثيرة يعجز الرجال أن يقفوا تلك المواقف ناھيك عن النساء.
فاطمة بنت محمد )صلى ﷲ عليه وسلم( تتزوج علي رضMي ﷲ عنMه ،تجMر بMالرحى حتMى تMأثر الرحMى فMي يMدھا،
وتستقي في القربة حتى أثرت في نحرھMا ،وتقMم البيMت ،وتوقMد النMار ،وتربMي أبنائھMا فيكMون مMن أبنائھMا الحMسن
والحسين سيدا شباب أھل الجنة ،ھي بنت من ؟ ھي أم من؟ ھي زوج من؟
آن للنساء أن يقتدين بالطھر والعفة والفضيلة ،بصفية وأسماء وعائشة وفاطمة.
علمتني الحياة في ظل العقيدة أن الدھر دول واأليام قلب ال تدوم على حال:
بين ﱠ ِ
الناس (. نداولھا َ ْ َ وتلك ْ َ ﱠ ُ
األيام ُ َ ِ ُ َ ) َ ِْ َ
الدنياً غرارةُ خداعةُ إذا حلت أوحلت ،وإذا كست أوكست ،وإذا جلت أوجلت ،وكم من ملك رفعت له عالمات فلمMا
عال مات.
ويوم نسر
ُ نساء
ُ ويوم
ُ ويوم لنا .........
ُ فيوم علينا
ُ
دائم وصباح
ليل ٍوكرور ٍ
ُ طبائع.........
ٍ اختالف
ِ البقاء مع
ُ كيف
سفر من األسفار
ُ أعماركم
ُ مئاربكم عجاال إنما..............
فاقضوا َ
وتراكضوا خيل الشباب وبادروا..........أن تسترد فإنھن عوار
الدھر يومان ذا أمن وذا خطر ........والعيش عيشان ذا صفو وذا كدر
وفي السماء نجوما ال عداد لھا .......وليس يكسف إال الشمس والقمر.
علمتني الحياة في ظل العقيدة أن ميت األحياء من ال يأمر بالمعروف وال ينھى عن منكر:
يعتMدون * َ ُ
كMانوا ال عصوا َ َ ُ
وكMانوا َ ْ َ ُ َ بما َ َ ْ مريم َ ِ َ
ذلك ِ َ ابن َ ْ َ َ
وعيسى ْ ِ
داود َ ِ َ
لسان َ ُ َ إسرائيل َ َ
على ِ َ ِ َ بني ِ ْ
من َ ِكفروا ِ ْذين َ َ ُ
لعن الﱠ ِ َ
)ُِ َ
ُ
يفعلون(.
َ َ َْ ُ
كانواَ ما ْس ئ َ
لب ُ
فعلوه َ َ ْ
َََ َْ َ َ ُ ٍ َ ُ ِ َ َ
منكر عن
ْ يتناھون
ويقول )صلى ﷲ عليه وسلم() :لتأمرن بالمعروف ولتنھأن عن المنكر ولتأخMذن علMى يMد الMسفيه وتأطرنMه علMى
الحق أطرا أو ليضربن ﷲ قلوب بعضكم ببعض ثم يلعنكم كما لعنھم(.
)لتأمر بالمعروف ولتنھأن عن المنكر أو ليسلطن ﷲ عليكم شراركم ثم يدعو خياركم فال يستجاب لكم(.
)لتأمرن بالمعروف ولتنھأن عن المنكر أو ليسلطن ﷲ عليكم من ال يرحم صغيركم وال يوقر كبيركم(.
كم من ميت ھو حي بأعماله ،بأمره ونھيه بعلمه وعمله ،وكم حي ميت يرى المنكر فال يھزه:
إذا صاحبتھا يد حانية ولسان ھادئ وقلب رحيم ،العصا أداة نافعة متى ما وجدت مMن يMستخدمھا بحكمMة ولطMف،
متى ما وضعت في موضعا أفادت كالدواء تماما.
إننا نريد العصا حين نستنفذ كل سبيل للعالج وعنده آخر الدواء الكي ،ومن الكير يخرج الذھب.
وھي كذلك أداة لتوكأ والھش على الغMنم وفيھMا مMآرب أخMرى ،وإن للخيMر سMبل ،وكMم مMن مريMد للخيMر ال يدركMه،
وكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.
بينما المولود يولد ويفرح به ويؤذن في أذنه ،إذ به بعد وقت لMيس بالطويMل يحمMل ليMصلى عليMه مMا كأنMه ضMحك
مع من ضحك ،وال كأنه فرح مع من فرح ،وال كأنه استبشر مع من استبشر ،فكMأن حياتMه مMا بMين آذان وصMالة،
وال إله إال ﷲ ما أقصرھا من حياة.
بينما الطبيب يعالج من مرض إ به يصاب بنفس المرض ،فال طبه ينفعه ،وال دواءه يرفعه ،وإذ به يلقMى مMا لقMي
غيره على يديه وحال الناس:
ما أنت وﷲ إال كقطعة ثلج تذوب ثم تذوب حتى تتالشى وكأن لم تكن:
ّ
واطرح سوف وحتى.....فھما داء دخيل
الموت باب وكل الناس سيدخلون من ھذا الباب ،ومن باب إال وبعده دار.
ال دار للمرء بعد الموت يسكنھا .......إال الذي كان قبل الموت يبنيھا
فإن بناھا بخير طاب مسكنه ..........وإن بناھا بشر خاب بانيھا
أين أرباب الحجى أھل التقى .........أين أھل العلم والقوم األول
ھل شاھدت محتضرا في شدة سكراته ونزعاته ؟ ،ھل تأملت صورته بعد مماته ؟ ،ھل تذكرت أنك صMائر إلMى مMا
صار إليه ،وذائق ما ذاقه من آالم الموت وكرباته ؟
ھل تذكرت ذلك فاستعديت لتلك اللحظات العصيبة فزدت في عملك وزدت في اجھاد نفسك واجتھادك.
ھاھو الحسن عليه رحمة ﷲ يدخل على يعوده فيجده في سكرات الموت ،فينظر إلى كربه وإلى شMدة مMا نMزل بMه
فيرجع إلى أھله حزينا كئيبا بغير اللون الذي خرج به من عندھم ،فقالوا له:
يا إمام الطعام يحرمك ﷲ ،قال يا أھاله عليكم بطعامكم وشMرابكم فMو الMذي نفMسي بيMده لقMد لقيMت مMصرعا ال أزال
أعمل له حتى ألقاه.
فمثل لنفسك يا عبد ﷲ وقد حلت بك السكرات ،ونزلت بك الغمرات ،وابنتك تبكيMك األسMيرة وتتMضرع وتقMول مMن
ليتمي بعدك ؟
وابنك ينظر ما يتعجل من اليتم بعدك ويقول من لحاجتي أبتاه ؟ ،وأنت تسمع فال ترد الجواب.
ھل رأيت جنازة محمولة على األكتاف لتوارى في التراب ،ثم تسألت عن حالھا ما حالھا.
)إذا وضعت الجنازة واحتملھMا الرجMال علMى أعناقھMا ،إن كانMت صMالحت قالMت قMدموني قMدموني ،وإن كانMت غيMر
ذلك قالت يا ويلھا أين تذھبون بھا ،يا ويلھا أين تذھبون بھMا ،يMسمع صMوتھا كMل شMيء إال اإلنMسان ،ولMو سMمعه
لصعق(.
تصرخ صرخات تقض المضاجع ،فھل مثلت لنفMسك أنMك المحمMول ،مMا حالنMا لMو احتملنMا جنMازة ثMم صMرخت تلMك
الصرخات ،يا ويلھا أين تذھبون بھا ،وﷲ لصعقنا ولما حملنا جنازة أبدا ،وھذا ما خشيه علينا رسول ﷲ )صMلى
ﷲ عليه وسلم( يوم قال كما في صحيح مسلم:
فخيل لنفسك يا ابن آدم إذا أخذت من فراشك إلى لوح مغتسلك فغسلك الغاسل
وألبMMست األكفMMان وأوحMMش منMMك األھMMل والجيMMران ،وبكMMى عليMMك األصMMحاب واألخMMوان ،فمMMا ينفMMع البكMMاء ومMMا ينفMMع
العويل وما ينفع إال ما قدمت من صالح األعمال.
ھاھو يزيد الرقاشي عليه رحمة ﷲ يحضر عابدا قد حضرته الوفاة وحوله أھلMه يبكMون فقMال لوالMده أيھMا الMشيخ
ما الذي يبكيك ؟
فما كان منه إال أن صرخ وقال كلكم يبكMي لMدنياي ،أمMا فMيكم مMن يبكMي آل ال ةخرتMي ،أمMا فMيكم مMن يبكMي لمالقMاة
التراب وجھي ،أما فيكم من يبكي لMسؤال منكMر ونكيMر إيMاي ،أمMا فMيكم مMن يبكMي لوقMوفي بMين يMدي ﷲ ربMي ،ثMم
صرخ صرخة عظيمة شھد بعدھا أن ال إله إال ﷲ ليلحق با 4عز وجل.
ما تذكر عبد ھذه المنازل إال رق قلبه مMن خMشية ﷲ ،وال وقMف علMى شMفير قبMر فMرآه محفMورا فھيMأ نفMسه أن لMو
كان صاحبه إال رق قلبه ،وال وقف على شفير قبر فرأى صاحبه يدلى فيه فسأل نفسه على ماذا أغلق؟
على نعيم أم على جحيم ،على مطيع أم على عاص إال رق قلبه.
فMال إلMMه إال ﷲ ،ھMMو العMالم بMMأحوالھم ،ھMMو الحكMم العMMدل الMMذي يفMصل بيMMنھم ،أال فتMMذكر ھMادم اللMMذات ،وتMMذكر القبMMر
والعظام النخرات ليھتز قلبك خشية من ﷲ فتنيب إليه إنابة الصادق الخاشع الذليل.
ھاھو أبن عوف رضي ﷲ عنه يقول :خرجت مع عمر رضي ﷲ عنه فلما وقفنا على مقبرة البقيع وكنMت قابMضا
على يده فأختلس يده من يدي ،ثم وضع نفسه على قبر فبكى بكاء طويل.
قال يا ليت أم عمر لم تلد عمر ،يا ليتني كنت شجرة ،أنسيت يا ابن عوف ھذه الحفرة ،قال فأبكاني وﷲ.
فا 4المستعان على تلك اللحود الضيقات ،وﷲ المستعان على تلك اللحظات الحرجات.
ھMMاھو )صMMلى ﷲ عليMMه وسMMلم( كمMMا فMMي المMMسند مMMن حMMديث البMMراء ،أنMMه رأى أناسMMا مجتمعMMين فMMسأل عMMن سMMبب
اجتماعھم ،فقيل على قبر يحفرونه ففزع )صلى ﷲ عليه وسMلم( وذھMب مMسرعا حتMى انتھMى إلMى القبMر ،ثMم جثMا
على ركبته وبكى طويال ثم أقبل على الناس وھو يقول:
يا إخواني لمثل ھذا فأعدوا ،يا إخواني لمثل ھذا فأعدوا.
فھال أعددنا أنفسنا لتلك اللحود الضيقات ،إنه القائل )صلى ﷲ عليه وسلم( كما في حديث أبي ذر:
)إني أرى ما ال ترون ،وأسمع مMا ال تMسمعون ،أطMت الMسماء وحMق لھMا أن تMأط مMا فيھMا موضMع أربMع أصMابع إال
ومالك واضع جبھته ساجد أو راكع ،وﷲ لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قلMيال ولبكيMتم كثيMرا ،ولمMا تلMذذتم بالنMساء
على الفرش ،ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى ﷲ) ،وفي رواية المنذر( ،ولحثوتم على رؤوسكم التراب(.
وﷲ لو علمن حق العلم لقام أحدنا حتى ينكسر صلبه ،ولصاح حتى ينقطع صوته،األمر خطير جد خطير:
يا نفس قد أزف الرحيل وأظلك الخطب الجليل .....فتأھبي يا نفس ال يلعب بك األمل الطويل
فلتنزلن بموضع ينسى الخليل به الخليل ..............وليركبن عليك من الثرى حمل ثقيل
حتى متى ال ترعوي يا صاحبي ........حتى متى وال ترعوي و إلى متى
وأن وضع الندى في موضع السيف في العال ...مضر كوضع السيف في موضع الندى.
سالح عظيم غفل عنه المؤمنون ،لن يھلك معMه أحMد بMأذن ﷲ ،إنMه الMدعاء ،االلتجMاء إلMى رب األرض والMسماء:
لكم (. ادعوني َ ْ َ ِ ْ
أستجب َ ُ ْ )َ َ َ
وقال َ ﱡ ُ ُ
ربكم ْ ُ ِ
كان بقي ابن مخلد أحد الصالحين األخيار عابدا قانتا خاشعا أتته امرأة صالحة فقالت:
يا بقي إن ابني أسره األعداء في أرض األندلس وليس لي من معين بعد ﷲ إال ابنMي ھMذا فMسأل ﷲ أن يMرد علMي
ابني وأن يطلقه من أسره.
فقام وتوضأ ورفع يديه إلى الحيي الكريم الذي يستحي أن يرد يد العبMدين صMفرا خMائبتين سMبحانه وبحمMده ،دعMا
ﷲ عز وجل أن يفك أسر ابنھا ،وأن يجمع شملھا بابنھا ،وأن يفك قيده.
وبعد أيام وإذ بابنھا يأتي من أرض األندلس ،فتسأله أمه ما الذي حدث ؟
قال في يوم كذا في ساعة كMذا ،وھMي سMاعة دعMاء بقMي ،سMقط قيMدي مMن رجلMي فأعMادوه فMسقط ،الحمMوه فMسقط
فذعروا ودھشوا وخافوا وقالوا أطلقوه ،قالت فعلمت أن ذلك بدعاء صالح من عبد صالح.
لسوء(. دعاهُ َ َ ْ ِ ُ
ويكشف ا ﱡ َ المضطر ِ َ
إذا َ َ يجيب ْ ُ ْ َ ﱠ )َ ﱠ ْ
أمن ُ ِ ُ
الدعاء ھو العبادة.
َ الدعاء
ھاھو صلة ابن أشيم كان في غزوة فمات فرسه ،فتلفت يمينا وشماال ثم قال:
فركبه حتى إذا وصل أھله قال لغالمه فك السرج فإن الفرس عارية ،فنزع السرج فھبط الفرس ميتا.
وال عجب فمن توكل على ﷲ ومن التجأ إلى ﷲ أجاب دعائه وحفظه ولو كادته السماوات واألرض لجعMل ﷲ لMه
من ذلك فرجا ومخرجا.
ونطق الرويبضة ،وغدى القرد ليثا وأفلتت الغنم فأرفع يديك إلى من يقول:
اللھم إنا نسألك في ھذه الساعة المبارك باسمك األعظم الMذي إذا سMألت بMه أعطيMت ،وإذا اسMترحمت بMه رحمMت،
وإذا اسMMتفرجت بMMه فرجMMت ،أن تجيرنMMا مMMن النMMار ،وأن ترزقنMMا اللMMسنة ذاكMMرة ،وقلوبMMا خاشMMعة ،وأعينMMا مMMدرارة،
وإيمانا نجد حالوته يوم أن نلقاك.
ربMMاه إن حالنMMا ال يخفMMى عليMMك ،وذلنMMا ظMMاھر بMMين يMMديك ،والمMMسلمون عبيMMدك وبنMMو عبيMMدك وحملMMة كتابMMك وأتبMMاع
رسولك يرجون رحمتك ويخشون عذابك.
اللھم الطف بنا ،اللھم الطف بنا ،اللھم ارحمنا.
يا مغيثا لمن الذ بحماه ،يا قريبا لمن دعاه ،يا معيذا من استعاذ به أجرنا من النار ،ومن دار الخزئ والبوار.
اللھم إن أردت بعبادك فتنة فأقبضنا إليك غير مفرطين وال مفتونين.
نسأل ﷲ العظيم رب العMرش العظMيم أن يتوفنMا مMسلمين وأن يلحقنMا بالMصالحين ،وأن يجعلنMا مMن عبMاده المتقMين
الفائزين.
اللھم وأجعل ما قلناه خالصا لوجھك الكريم بمنك وكرمك يا أكرم األكرمين.
والله َ ْ َ ُ
يعلم شر َ ُ ْ
لكم َ ﱠ ُ شيئاً َ ُ َ
وھو َ ﱞ تحبوا َ ْ وعسى َ ْ
أن ُ ِ ﱡ خير َ ُ ْ
لكم َ َ َ شيئاً َ ُ َ
وھو َ ْ ٌ وعسى َ ْ
أن َ ْ َ ُ
تكرھوا َ ْ ) َ َ َ
ََُْ ْ
وأنتم ال َ ْ َ ُ َ
تعلمون(.
ال تكره المكروه عند حلوله ****** إن العواقب لم تزل متباينة
كم نعمة ال يستھان بشكرھا ***** 9في طي المكاره كامنة
لو استخبر المنصف العقل والنقل ألخبراه أن الدنيا دار مصائب وشرور ،ليس فيھا لذة
على الحقيقة إال وھي مشوبة بكدر ،فما ُيظن في الدنيا أنه شراب فھو سراب ،
وعمارتھا وإن حسنت صورتھا خراب ،والعجب كل العجب في من يده في سلة األفاعي
كيف ينكر اللدغ واللسع ؟!
وأعجب منه من يطلب ممن طُبع على الضر النفع ..
واألكدار
ِ كدر وأنت تريدھا ........صفواً من األقذار
ٍ طُبعت على
إنھا على ذا وضعت ،ال تخلو من بلية ،وال تصفو من محنة ورزية ،ال ينتظر الصحيح فيھا
إال السقم ،والكبير إال الھرم ،والموجود إال العدم ..
وعلى ذا مضى الناس ،اجتماع وفرقة .......وميت ومولود ،وبشر وأحزان
يوسد جسمه في رمسه
والمرء رھن مصائب ما تنقضي ........حتى ُ ّ
ومعجل يلقى الردى في نفسه
ّ فمؤجل يلقى الردى في غيره ..........
نسان على وجه ھذه األرض لم يصب بمصيبة دقت أو
ٍ ھل رأيتم ..بل ھل سمعتم بإ
جلت ؟
الجواب معلوم :ال وألف ال ،ولوال مصائب الدنيا مع االحتساب لوردنا القيامة مفاليس.
كما قال أحد السلف ..
ثمانية ال بد منھا على الفتى ........وال بد أن تجري عليه الثمانية
سرور وھم ،واجتماع وفرقة .........وعسر ويسر ،ثم سقم وعافية
لھذا كله أحببت أن أجمع ھذه الكلماتٍ لطيفة في كشف كرب من أصيب بمصيبة ،
عنونتھا بعنوان كتاب في ھذا الموضوع ھو "كشف الكربة عند فقد األحبة".
راجياً من الملك الديان أن ينفعني بھا وسائر األخوان ،ويجعلھا تذكرة ألولي األلباب ،
وتسلية وعزاء لكل مؤمن محزون مصاب ،تشرح صدره وتجلب صبره ،وتھون خطبه
وتخفف أمره ويلحظ بھا ثوابه على الصبر وأجره ،وﷲ تعالى ھو المسؤول أن يجعل لي
ولھا القبول ال رب غيره وال إله سواه ھو المأمول ،وأحتسب عند ﷲ ثواب من تسلى
بھذه الكلمات وأسأله الدعاء بأن يثبتني ﷲ في ساعة فقري وحاجتي ،وأن ال يحرمني
ثواب ھذه الكلمات ،فالمصاب حقاً من حرم الثواب ،نفع ﷲ بھا وأثاب ،إنه الكريم
الوھاب ،اللھم ال سھل إال ما جعلته سھال ً ،وأنت تجعل الحزن إذا شئت سھال ً .
اللمعِ
ّ صلى ﷲ عليه ﷲ جل جالله .......ما الح نور في البروق
وفي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري وأبو ھريرة رضي ﷲ عنھما عن النبي صلى
ھم وال حزن وال
ٍ ﷲ عليه وسلم أنه قال ) :ما يصيب المؤمن من نصب وال وصب وال
أذى وال غم ،حتى الشوكة يشاكھا إال كفر ﷲ بھا خطاياه (.
ً
وفي صحيح ابن حبان عن سعد بن أبي وقاص رضي ﷲ عنه قال :سئل رسول ﷲ
بالء؟ قال:
ً صلى ﷲ عليه وسلم أي الناس أشد
) األنبياء ثم األمثل فاألمثل ،يبتلى الناس على قدر دينھم ،فمن ثخن دينه اشتد بالؤه
،ومن ضعف دينه ضعف بالؤه ،وإن الرجل ليصيبه البالء حتى يمشي في الناس وما
عليه خطيئة (
وفي سنن الترمذي :
)ما يزال البالء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله ،حتى يلقى ﷲ تعالى وما
عليه خطيئة (
وفي الصحيحين عن أبي ھريرة رضي ﷲ عنه عن النبي صلى ﷲ عليه وسلم قال :
ألحد من المسلمين ثالثة من الولد فتمسه النار إال تحلة القسم ( يشير إلى
ٍ ) ال يموت
قوله تعالى:
ﱠ ِ ِ َ
الظالمين ونذر
اتقوا َ َ َ ُ ننجي ﱠ ِ َ
الذين ﱠ َ ْ مقضياً * ُ ﱠ
ثم ُ َ ّ ِ حتماً َ ْ ِ ّ
ربك َ ْ كان َ َ
على َ ِ ّ َ واردھا َ َ منكم ِ ﱠ
إال َ ِ ُ َ وإن ِ ْ ُ ْ
) َِ ْ
جثياً(.
فيھا ِ ِ ّ
ِ َ
وأخرج مسلم عن أبي ھريرة رضي ﷲ عنه قال :
ادع ﷲ لهُ ) أتت امرأة إلى النبي صلى ﷲ عليه وسلم بصبيٍ لھا فقالت :يا رسول ﷲ
ثالثة قبله ،فقال صلى ﷲ عليه وسلم " :دفنت ثالثة ؟ " مستعظماً أمرھا
ً فلقد دفنت
شديد من النار(.
ٍ بحضار
ٍ ...قالت :نعم ..قال " :لقد احتضرتِ
عظيم من النار فما أعظم األجر وما أكمل الثواب وما أجدر أن
ٍ بحمى
ً احتميت
ِ أي لقد
ُيستعذب العذاب في طلب ھذا الثواب.
وجاء في الحديث الصحيح كما في السلسلة الصحيحة عن رسول ﷲ صلى ﷲ عليه
وسلم أنه قال:
)إذا مات ولد الرجل يقول ﷲ تعالى لمالئكته " :أقبضتم ولد عبدي؟ فيقولون :نعم ..
فيقول وھو أعلم :أقبضتم ثمرة فؤاده ؟ فيقولون :نعم ..فيقول :ماذا قال عبدي ؟
وسموه
ّ فيقولون :حمدك واسترجع،فيقول ﷲ جل وعال :ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة
بيت الحمد(.
يالھا من بشارة بالموت على اإليمان ألن ﷲ إذا أمر ببناء بيت ألحد من عبيده البد لذلك
يوم من األيام ...وروى اإلمام أحمد من حديث معاوية
ٍ العبد من سكنى ھذا البيت في
بن قرة عن أبيه:
) أنه كان رجل يأتي النبي صلى ﷲ عليه وسلم ومعه ابن له ،فقال النبي صلى ﷲ
عليه وسلم " :أتحبه ؟ " فقال :يا رسول ﷲ ،أحبك ﷲ كما أحبه ..فتفقده النبي
صلى ﷲ عليه وسلم فقال " :ما فعل ابن فالن؟ فقالوا :يا رسول ﷲ مات ،فقال
النبي صلى ﷲ عليه وسلم ألبيه " :أما تحب أن تأتي باباً من أبواب الجنة إال وجدته
عليه ينتظرك ؟ " فقال رجل :يا رسول ﷲ ،أله خاصة أم لكلنا ؟ فقال صلى ﷲ عليه
وسلم " :بل لكلكم (.
أيھا األحبة فھم السلف الصالح رضوان ﷲ عليھم ذلك فھماً عميقاً فتمنوا أن يقدموا
أوالدھم وأحبتھم ثم يرضوا بذلك ويحتسبوا لينالوا األجر العظيم من الرب الكريم.
ھاھو أبو مسلم الخوالني عليه رحمة ﷲ يقول :ألن يولد لي مولود يحسن ﷲ نباته ،
إلي قبضه ﷲ تعالى مني ..أحب
ّ حتى إذا استوى على شبابه وكان أعجب ما يكون
إلي من الدنيا وما فيھا.
ّ
الحربي عليه رحمة ﷲ ابن له إحدى عشرة سنة حفظ القرآن
ّ وكان للمحدث إبراھيم
ولقنه من الفقه جانباً كبيراً ،ثم مات الولد ،قال محمد بن خلف :جئت أعزيه فقال :
ّ
الحمد 9وﷲ لقد كنت على حبي له أشتھي موته ..قلت له :يا أبا إسحاق ،أنت
عالم الدنيا تقول ذلك في صبيٍ قد حفظ القرآن ولقنته الحديث والفقه ؟ قال :نعم ،أو
يخفى عليك أجر تقديمه ؟
ثم قال :وفوق ذلك ،فلقد رأيت في منامي وكأن القيامة قامت وكأن صبياناً في أيديھم
قالل فيھا ماء يستقبلون الناس فيسقونھم وكان اليوم حاراً شديد ّ
حره.
قال فقلت ألحدھم :أسقني من ھذا الماء ..قال :فنظر إلي وقال :لست أبي ..قال
قلت :من أنتم ؟ قال :نحن الصبية الذين متنا واحتسبنا آباؤنا ..ننتظرھم لنستقبلھم
فنسقيھم الماء ،قال :فلذلك اشتھيت موته والحمد .. 9وإنا 9وإنا إليه راجعون.
وفي صحيح البخاري عن أبي ھريرة رضي ﷲ عنه أن النبي صلى ﷲ عليه وسلم قال
:
صفيه من أھل الدنيا ثم
ّ ) يقول ﷲ عز وجل :ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت
احتسبه إال الجنة(.
ياله من جزا ٍء فعندك اللھم نحتسب أصفياءنا وأصدقاءنا وأحبابنا وآباءنا وأمھاتنا وأنت
حسبنا ونعم الوكيل وإنا 9وإنا إليه راجعون.
أخي المصاب ،أخي المكروب ..ھذه بعض أحاديث رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم قد
قدمت بين يديك فلعل فيھا لك سلوى ،ولعلھا كشف لكربتك ،وال أظنك إال قد سلوت
وارض بما قسمه ﷲ لك
َ وكشف ما بك فاحمد ﷲ وأحسن نيتك واحتسب مصيبتك
بعمل ..فما يزال ﷲ يبتليك بحكمته بما تكره ويصبرك
ٍ فلعل لك عند ﷲ منزلة ال تبلغھا
على ما يبتليك حتى تبلغ تلك المنزلة التي سبقت من ﷲ ،فاحمد ﷲ ،فحمداً 9
حمداً ،وشكراً 9شكراً ورضاً بقضائه رضاً ،ولھجاً بإنا 9وإنا إليه راجعون ..فھي
الصالة والرحمة والھدى ..
بخير فإن الفارج ﷲ
ٍ يا صاحب الكرب إن الكرب منفرج ...أبشر
اليأس يقطع أحياناً ...بصاحبه.........ال تيأسن فإن الكافي ﷲ
ﷲ يحدث بعد الكرب ميسرة..........ال تجزعن فإن الكاشف ﷲ
وارض به ..........إن الذي يكشف البلوى ھو ﷲ
َ إذا بليت فثق با9
كل لك ﷲ
أحد ...........فحسبك ﷲ ،في ٍ
ٍ وﷲ مالك غير ﷲ من
مختال َ ُ ٍ
فخور(. ُ ْ َ ٍ
شفاء وتبديداً لجميع الكرب واألدواء:
ً إن من تأمل ھذه اآلية وتدبرھا وجد فيھا
عليل قد
ٍ شھيد( .كم من
وھو َ ِ ٌ
السمع َ ُ َ
ﱠ ْ َ أو َ ْ َ
ألقى قلب َ ْ كان َ ُ
له َ ْ ٌ لمن َ َ ذلك َ ِ ْ َ
لذكرى ِ َ ْ إن ِفي َ ِ َ
)ِ ﱠ
تخطاه الردى .......فنجا ومات طبيبه والعوُّد
ما أصاب من مصيبة إال بإذن ﷲ ..ولذلك الذين علموا وتدبروا ھذه اآليات عرفوا كيفية
التعامل مع المصاب ..ھذه إحدى المكروبات المصابات تقول عند مصيبتھا بأحد أبنائھا :
عجل ﷲ ،وال
ّ )الحمد 9على السراء والضراء والعافية والبالء وﷲ ما أحب تأخير ما
أخر ﷲ ،وكل ذلك في كتاب إن ذلك على ﷲ يسير(.
تعجيل ما ّ
يبرم
ِ فما أبرم ﷲ لم ينتقض ......وما نقض ﷲ لم
ابن ألنس رضي ﷲ عنه فقال أنس عند قبره :
ومات ٌ
ِ ِ
وجاف◌ األرض عن )الحمد .. 9اللھم عبدك وابن عبدك وقد ردّ إليك ،فارأف به وارحمه
بدنه ،وافتح أبواب السماء لروحه ،وتقبله بقبول حسن " ثم انصرف ،فأكل وشرب
يسير(.
الله َ ِ ٌ ذلك َ َ
على ﱠ ِ إن َ ِ َ
كتابٍ ِ ﱠ
ذلك ِفي ِ َ
إن َ ِ َ
وادھن وأصاب من أھله( و لسان حاله ِ ) :ﱠ
ّ
وكان أبو ذر رضي ﷲ عنه ال يعيش له ولد ،فقيل له:
امرؤ ال يبقى لك ولد ..فقال :الحمد 9كل ذلك في كتاب الحمد 9الذي
ٌ ) إنك
ويدخرھم في دار البقاء( ..أو كما قال رضي ﷲ عنه وأرضاه ..
ّ يأخذھم في دار الفناء
وتموت ابنة لعبد ﷲ بن عباس رضي ﷲ عنھما وكان راكباً في طريقه لمكة ويأتيه الخبر
فنزل عن دابته وصلى ركعتين ،ثم رفع رأسه للسماء وقال:
)الحمد 9وإنا ، 9عورة سترھا ﷲ ،ومؤونة كفاھا ﷲ ،وأجر ساقه ﷲ( ...ثم ركب
فكل األمور إلى القضاء ..
ومضى في رعاية ﷲ ..وﷲ يفعل ما يشاء ِ ِ ،
ومات لعبدﷲ بن عامر سبعة أبناء في يوم واحد واألمر كما تعلمون مھول ومزعج وفظيع
ّ
مسلم ...
،فكيف استقبله ھذا الرجل ؟ قال :الحمد ، 9إني مسلم ُ
يمضي الصغير إذا انقضت أيامه ........إثر الكبير ،ويولد المولود
وحصيد
ٌ قائم
ٌ والناس في قسم المنية بينھم .............كالزرع منه
وفي سلوة الحزين ُيذكر أن أعرابية فقدت أباھا ثم وقفت بعد دفنه فقالت:
)يا أبتي ،إن في ﷲ عوضاً عن فقدك ،وفي رسوله صلى ﷲ عليه وسلم من مصيبتك
أسوة ..ثم قالت :ربي لك الحمد ،اللھم نزل عبدك مفتقراً من الزاد ،مخشوشن
المھاد ،غنياً عما في أيدي العباد ،فقيراً إلى ما في يدك يا جواد ،وأنت يا ربي خير
من نزل بك المرملون ،واستغنى بفضلك المقلون ،وولج في سعة رحمتك المذنبون ،
اللھم فليكن قرى عبدك منك رحمتك ،ومھاده جنتك(
ثم انصرفت راضية محتسبة مأجورة بإذن ﷲ غير مأزورة ..
أسلم
ُ فإذا ابتليت بمحنة فاصبر لھا .......صبر الكريم فإن ذلك
أسلم
ُ وإذا ابتليت بكربة فالبس لھا ......ثوب السكوت فإن ذلك
يرحم
ُ ال تشكون إلى العباد فإنما .........تشكو الرحيم إلى الذي ال
ويقف محمد بن سليمان على قبر ابنه وفلذة كبده بعدما دفنه فيقول:
)كل ذلك في كتاب ،الحمد 9وإنا 9وإنا إليه راجعون ،اللھم إني أرجوك له وأخافك
عليه ،اللھم فحقق رجائي فيه ،وآمن خوفي عليه( ...وحاله :
دار أبكيه ثم أقول معتذراً له ِّ .........
وفقت حين تركت أألم ِ
جاورت أعدائي وجاور ربه ......شتان بين جواره وجواري
يا كوكباً ما كان أقصر عمره .......وكذاك عمر كواكب األسحار
درت عليك من الغمام مراضع .......وتكنفتك من النجوم جواري
ّ
ّ
فوطن نفسك على أن كل مصيبة فيا أيھا المصاب ،يا أيھا المكروب ،المصيبة واقعة
تأتي فھي بإذن ﷲ عز وجل وقضائه وقدره ،فسلم األمر ، 9فإنه كتب مقادير الخالئق
قبل أن يخلق السموات واألرض بخمسين ألف سنة ،واعلم أن األمة لو اجتمعت على
كتب لك أو
أن ينفعوك بشي ٍء أو يضروك بشيء ،لم ينفعوك ولم يضروك إال بشيء قد ُ ِ
أحد ذھباً ينفقه في سبيل ﷲ ،لم يقبل ﷲ منه حتى
عليك ..ولو كان لرجل مثل ُ ٍ
يؤمن بالقدر خيره وشره ،ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه
..وإن مات على غير ھذا أدخل النار والعياذ با.9
يقدر
ولك األمان من الذي لم ُ ِ
ِ قضي يا نفس فاصطبري له ..... ما قد ُ ِ
عليك صبرتِ أم لم تصبري
ِ المقدر كائن ............حتماً
ّ ثم اعلمي أن
متاع ْ ُ ُ ِ
الغرور( فإنما الدنيا ِ ﱠ
إال َ َ ُ وما ْ َ َ ُ
الحياة ﱡ ْ َ بل حساب وجزاء ودوام يستحق االھتمام ) َ َ
يستمد قوامه من الغرور الخادع يلھي وينسي وينتھي بأھله إلى غرور خادع ،فما
أحوج المؤمن إلى االستعالء على الغرور الخادع ليحقق عقيدته ولو اقتضى أن يضحي
بالحياة الدنيا جميعھا ،فما ھي إال حطام أو كظل وسراب.
روى الترمذي وابن ماجه بإسناد حسن قال :قال صلى ﷲ عليه وسلم:
)مالي وللدنيا ؟ إنما مثلي ومثل الدنيا كراكب قال في ظل شجرة ثم راح وتركھا(.
يخدع
ُ زائل .......إن اللبيب بمثلھا ال ُ
ِ كظل
ٍ أحالم نوم ،أو
يقول بعض أھل العلم) :لنعم ﷲ علينا فيما زوى عنا من الدنيا أفضل من نعمه فيما
يرض ﷲ لنبيه بالدنيا ،فألن أكون فيما رضي ﷲ لنبيه وأحبه له
َ بسط لنا منھا ،ذلك لم
أحب إلي من أكون كما كره له وسخط(.
وأجمل بقول ابن القيم من قول يوم قال يشبه الدنيا يقول) :أشبه األشياء بالدنيا الظل ،
تحسب له حقيقة ثابتة وھو في تقلصٍ وانقباض ،تتبعه لتدركه فال تلحقه ،وأشبه
ماء ﱠ ْ ُ
الظمآن َ ً يحسبه
بقيعة َ ْ َ ُ ُ ُھم َ َ َ
كسرابٍ ِ ِ َ ٍ كفروا َ ْ َ
أعمال ُ ْ والذين َ َ ُ
األشياء بالدنيا السراب( َ ) :ﱠ ِ َ
سريع ْ ِ َ
الحسابِ(. حسابه َ ﱠ ُ
والله َ ِ ُ عنده َ َ ﱠ ُ
فوفاه ِ َ َ ُ ووجد ﱠ َ
الله ِ ْ َ ُ شيئاً َ َ َ َ
يجده َ ْ جاءه َ ْ
لم َ ِ ْ ُ إذا َ َ ُ
حتى ِ َ
َ ﱠ
وأشبه األشياء بالدنيا المنام يرى فيه العبد ما يحب وما يكره ،فإذا استيقظ علم ذلك أن
ال حقيقة له.
بظل غير منتقل ؟
ٍ بدار ال ثبات لھا .........فھل سمعت
ٍ ترجو البقاء
دول
ُ نكد وملكھا
ٌ حياتھا رصد وشربھا كدر ............وعيشھا
من ذا الذي قد نال راحة فكره ؟ .....في عسره من عمره أو يسره ؟
يلقى الغني لحفظه ما قد حوى ........أضعاف ما يلقى الفقير لفقره
قله .............ويظل ھذا ناصباً في كثره
فيظل ھذا ساخطاً في ّ
شمل فرقة ُ ............يرمى بھا في يومه أو شھره
ٍ سن البال ولكل
ُ
وبمره
ّ بحلوه
ّ فيھم ........حكم القضاء
ُ والجن مثل اإلنس يجري
أو ما ترى الرجل العزيز بجنده .......رھن الھموم على جاللة قدره ؟
َ
ھم تضيق به جوانب صدره
ٌ خير وفي أعقابه...............
ٌ فيسره
ّ
ّ
متفكر ..........مما يالقي في خسارة سعره وأخو التجارة الھث
وأبو العيال أبو الھموم وحسرة الر ....جل الوحيد كمينة في صدره
فھام بأمره
َ ولرب طالب راحة في نومه .........جاءته أحالم
والطفل من بطن أمه يخرج إلى .......غصص الفطام تروعه في صغره
ولقد خبرت الطير في أوكارھا .......فوجدت منھا ما ُيصاد بوكره
بره .........والحوت يأتي حتفه في بحره
والوحش يأتيه الردى في ّ
ولربما تأتي السباع لميت .............فاستخرجته من قرارة قبره
تا 9لو عاش الفتى في دھره ...........ألفاً من األعوام مالك أمره
متلذذاً معھم بكل لذيذة .............متنعماً بالعيش مدة عمره
ال يعتريه النقص في أحواله ..........كال وال تجري الھموم بفكره
بمبيت أول ليلة في قبره
ِ ما كان ذلك كله في أن يفي .........
ومره
ّ كيف الفعال أيا أخي في ما ترى ؟ ....صبراً على حلو القضاء
صبراً ! فغمسة في الجنة تنسي كل شقاء وھم وبالء ،وغمسة في النار والعياذ با9
تنسي كل لذة ونعيم.
لكل شيء إذا ما تم نقصان .......فال يغرّ بطيب العيش إنسان
سره زمن ساءته أزمان
ّ ھي األمور كما شاھدتھا دول .....من
كم من مؤمل أدركه الموت قبل تحقيق أمله ،وكم من زرع عاش ،ومات زارعه.
لما حضرت الوفاة سيبويه النحوي رحمه ﷲ وضع رأسه في حجر أخيه ثم أغمي عليه
فقطرت دمعة من دموع أخيه على خده فأفاق من غشيته متمثال ً بقول الشاعر:
يؤمل دنيا لتبقى له ............فمات المؤمل قبل األمل
يروي أصول النخيل .....فعاش النخيل ومات الرجل
وبات ّ
ثم قال ألخيه :
أخيين كنا فرق ﷲ بيننا ......إلى األمد األقصى ومن يأمن الدھر ؟
ّ
ثم لقي ﷲ عز وجل.
ھذه ھي الحياة الدنيا ،واآلخرة ھي الحياة لو كانوا يعلمون.
مستردة
ّ وعوار
ٍ إنما الدنيا ھبات ......
ورخاء بعد شدة
ٌ شدة بعد رخا ٍء ........
الخبر ثم تسقط ميتة وجداً على أبنائھا الثالثة ،وإنا 9وإنا إليه راجعونُ :
صبت عليھا
عدن لياليا
صبت على األيام ُ َ
مصائب لو أنھا ُ .........
أما األب فحمد ﷲ واسترجع ،ثم دخل إلى أضيافه وطلب منھم أن يحفروا قبوراً ،
وأخبرھم الخبر فياله من خبر ويالھا من ضيافة ! حفروا القبور وصلوا على الجميع ودعوا
للميت والحي ،واستعد كل منھم أن يقدم ابنته زوجة لھذا الرجل الصابر فاختار ابنة
أحدھم فتزوجھا ،ويذكر من نقل ھذا أن له ثالثة عشر ولداً من ھذه الزوجة.
حدث عظيم ،وخطب أليم ،فھال نظرت إلى ھذا أيھا المصاب ؟ فما مصابك مع مثل ھذا
المصاب ؟ ستھون عليك مصيبتك بال شك ،واعلم أنه ھناك من ھو أعظم من مصابك ،
ير إال مبتلى بفوات
فإذا علم المصاب علم اليقين أنه لو فتش ھذا العالم كله ،لم َ
محبوب أو بحصول مكروب ،سري عنه ،فسرور الدنيا أحالم إن أضحكت أبكت وإن سرت
ساءت ،وما حصل لشخص يوماً سرور إال أعقبه شرور ،فلكل فرحة ترحة ،وما كان
ضحك قط إال وكان بعده بكاء ،فلتعلم ولتتأمل أحوال المكروبين أيھا المصاب فما مصيبتك
بينھم إال ذرة في فضاء المصائب ،وقطرة في بحار الكروب.
مخلد
ُ ُ
باأللى ..........مضوا ولھم ذكر جميل تأس أطال ﷲ عمرك
ﱠ
محمد
ُ فلو لم يكن في الموت خير لمن مضى ..لما مات خير األنبياء
أين المفر..؟
كل نفسٍ
الذكر واألنثىُ ،
َ والكبير،
َ والصغير
َ والزاھد والعابد،
َ والجاحد،
َ والمقر
َ والوضيع،
ستذوقه شاءت أم أبت.
ُ
حقيقته فالكل يجھله ،إنه الموت. ُ أظن أحداً يجھلُه ،أما ُ لعلكم عرفتموه ،ال َ
النار َ ُ ْ ِ َ
وأدخل عن ﱠ ِزحزح َ ِ القيامة َ َ ْ
فمن ُ ْ ِ َ يوم ْ ِ َ َ ِ توفون ُ ُ َ ُ ْ
أجوركم َ ْ َ وإنما ُ َ ﱠ ْ َ ذائقة ْ َ ْ
الموتِ َ ِ ﱠ َ نفسٍ َ ِ َ ُ
كل َ ْ
) ُ ﱡ
متاع ْ ُ ُ ِ
الغرور(. الدنيا ِ ﱠ
إال َ َ ُ وما ْ َ َ ُ
الحياة ﱡ ْ َ فقد َ َ
فاز َ َ الجنة َ َ ْ
ْ َ ﱠ َ
موت ما الموت ؟
ُ ال
الجنة أو إلى النار.
ِ يخرج بصاحبه إلى
ُ أقام وسار،
َ وكأس يدار ،في من
ُ أمر كبار
ُ
الرغبة
ِ العقول مغيرا ومحيرا ،وألرباب القلوبِ عن
ِ ألھل اللذاتِ مكدرا ،وألصحابِ
ِ زال
ما َ
فيما سوى ِ
ﷲ زاجرا.
فيعدم
ُ األلباب
ُ تدھش فيه
ُ يوم
ٌ بعده
ِ وسؤال وجواب ،ومن
ٌ قبر وحساب،
وورائه ٌ
ُ كيف
َ
الجواب.
السكرات ،ما أدراكم ما السكرات ؟
عانى منھا رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم( ،فكان يقول :ال إله إال ﷲ إن للموت
سكرا ،اللھم ھون علينا سكرات الموت.
سكرات أي سكرات ؟
يقول العلماء كل سكرة منھا أشد من ألف ضربة بالسيف.
ملك الموت ،ما ملك الموت؟
الدنيا بين يديه كالمائدة بين يدي الرجل يمد يده إلى ما شاء منھا بأمر ﷲ فيأخذه.
وإن له ألعوانا ما يعلم عددھم إال ﷲ ،ليس منھم ملك إال لو أذن ﷲ له أن يلتقم
السماوات السبع واألراضين في لقمة واحدة لفعل.
فال إله إال ﷲ من لحظة حاسمة لو لم تعتقل األلسنة ،وتخدر األجسام وقت االحتضار
لما مات أحد إال في شعف الجبال ألما ،ولصاح الميت من شدة ما يعاني حتى تندك
عليه جدران الغرفة التي ھو فيھا ولمستطاع أن يحضر ميتا أحدا أبدا ،فنسأل ﷲ العافية
والسالمة ،وأن يھون علينا السكرات.
روي عن الحسن أنه قال:
رأي أحد الصالحين بعد موته فقيل له كيف وجدت طعم الموت؟
قال أواه أواه وجدته وﷲ شديدا ،والذي ال إله إال ھو لھو أشد من الطبخ في القدور
والنشر بالمناشير ،أقبل ملك الموت نحوي حتى استل الروح من كل عضو مني فلو أني
طُبخت في القدور سبعين مرة لكان أھون علي.
كفى بالموت طامة وما بعد الموت أطم وأعظم.
ويرى آخر بعد موته في المنام فيقال له :كيف وجدت نفسك ساعة االحتضار؟
قال كعصفور في مقالة ال يموت فيستريح وال ينجو فيطير.
فا 9المستعان على تلك اللحظات ،و اللھم ھون علينا السكرات وجعلھا لنا كفرات وآخر
المعاناة ،وھي كذلك بأذن ﷲ للمؤمنين والمؤمنات ،ولغيرھم بداية المعاناة.
الناس إلى قسمين ،إلى فريقين شقي
ُ ينقسم
ُ الحرجة
ُ اللحظات
ُ عباد ﷲ ،وفي تلك
َ
وسعيد:
فريق السعداء حالُھم ما حالُھم: ُ
نحن
توعدون * َ ْ ُ
كنتم ُ َ ُ َ وأبشروا بِ ْ َ ﱠ ِ
الجنة ﱠ ِ
التي ُ ْ ُ ْ َ المالئكة َ ﱠ تتنزل َ َ ْ ِ ُ
عليھم ْ َ ِ َ ُ
تحزنوا َ ْ ِ ُ
تخافوا َوال َ ْ َ ُ
أال َ َ ُ ) َََ ﱠ ُ
فيھا َما
ولكم ِ َ تشتھي َ ْ ُ ُ ُ ْ
أنفسكم َ َ ُ ْ فيھا َما َ ْ َ ِ اآلخرة َ َ ُ ْ
ولكم ِ َ وفي ْ ِ َ ِ الدنيا َ ِ
ْحياة ﱡ ْ َ ََِْ ُ ُ ْ
أولياؤكم ِفي َ َ ِ
رحيم(.
غفور َ ِ ٍ نزال ً ِ ْ
من َ ُ ٍ تدعون * ُ ُ
َ ﱠ ُ َ
ﷲ عنھا تقول كما روي عنھا:
بنت عميسٍ رضي ُ
ُ أسماء
ُ ھي
َ ھا
ملجم عليه من ﷲ ما يستحق.
ضربه ابن ُ ِ
َ ﷲ عنه وأرضاه بعدما إنا لعند علي رضي ُ
ً
ثانية وھو يقول: يفيق
ُ ً
شھقة فيغمى عليه ،ثم يشھق
ُ إذ بعليٍ
أذھب عنا
َ الجنة ،الحمد 9الذي
َ الحمد 9الذي صدقنا وعده وأورثنا
ُ مرحباً مرحبا،
يعمل العاملون ،وليتنافسِ المتنافسون.
ِ لمثل ھذا فل
ِ الحزن،
فيالھا من موعظة ومصير لو وافقت من القلوب حياة .من ظفر بثواب ﷲ فكأنما لم يصب
في دنياه.
كأنك لم توتر من الدھر مرة ........إذا أنت أدركت الذي أنت طالبه
وأسمع معي أخر لسعيد أبن جبير رضي ﷲ عنه يوم يروي لنا قصة صحيحة متواترة كما
قال الذھبي في سيره فيقول:
لما مات أبن عباس رضي ﷲ عنه في الطائف ،جاء طائر لم يرى مثل خلقته فدخل
نعشه ،ثم لم يخرج منه ،فلما دفن فإذا على شفير القبر تال يتلو ال يرىَ ) :يا َ ﱠ ُ َ
أيتھا
وادخلي
عبادي * َ ْ ُ ِ مرضية * َ ْ ُ ِ
فادخلي ِفي ِ َ ِ ربك َ ِ َ ً
راضية َ ْ ِ ﱠ ً ارجعي ِ َ
إلى َ ِّ ِ النفس ْ ُ ْ َ ِ ﱠ ُ
المطمئنة * ْ ِ ِ ﱠ ْ ُ
جنتي( .فيا لھا من خاتمة ،ويا له من مصير .والخير في األمة يستمر ،ولن تعدم األمة
َ ﱠِ
خير ،فأسمع ثالثة إلى ھذا الحدث الذي ذكره صاحب كتاب "يا ليت قومي يعلمون( ،قال
ّ
حدثني أحد الصالحين قائال:
كان ھناك رجل صالح من أھل الطائف ،كان عابدا فاضال ،نزل مع بعض أصحابه إلى مكة
محرما ،ودخلوا الحرم بعد أن انتھت صالة العشاء ،فتقدم ليصلي بھم ،وھو محرم قد
خرج 9عز وجل كما يحسب ،فقرأ سورة الضحى ،فلما بلغ قول ﷲ عز وجل ) َ َ ْ ِ َ ُ
ولآلخرة
ربك َ َ ْ َ
فترضى( ترنح يعطيك َ ﱡ َ
ولسوف ُ ْ ِ َ من ْ ُ َ
األولى( ،شھق وبكى وأبكى ،فلما قرأ ) َ َ َ ْ َ خير َ َ
لك ِ َ َْ ٌ
قليال ثم سقط ميتا .فعليه رحمة ﷲ ،ليبعث يوم القيامة بأذن ﷲ مصليا ،فمن مات
على شيء ُبعث عليه كما ورد عن المصطفى )صلى ﷲ عليه وسلم(.
وآخر يقضي حياته مؤذنا يھتف بالتوحيد كل يوم وليلة خمس مرات ،ويؤذن يوما من األيام
ثم يشرع ليقيم الصالة ،ولما انتصف في إقامة الصالة سقط ميتا فعليه رحمة ﷲ،
فيبعث يوم القيامة من أطول الناس أعناقا مؤذنا،
سنوات يؤذن ثم يجيب داع ﷲ مؤذنا ُ
فرحمة ﷲ عليه.
يخاطب تلك األرواح
ُ ملك الموت،
ُ يتقدمھم
ُ بيض الوجوه
ُ مالئكة
ٌ يا لھا من خواتم طيبة،
الطيبة:
فتخرج
ُ غير غضبان،
ِ راض
ٍ مغفرة من ﷲ ورضوان وربٍ
ٍ الطيبة أخرجي إلى
ُ النفس
ُ أيتھا
الجنازة على
ُ وتحمل
ُ أبواب السماء،
ُ وتفتح لھا
ُ القطرة من فم السقاء،
ُ تسيل
ُ تسيل كما
ويفرش لھا من
ُ وتثبت،
ُ فتجيب
ُ تسأل
ُ قدموني ،قدموني،
َ األكتاف وھي تصيح وتقول
أبدية في
ٍ راحة
ٍ تعب ھذه الدار ،وإلى
ِ باب إلى الجنة ،قد استراحت من
ٌ ويفتح لھا
ُ الجنة،
دار القرار.
وفريق آخر:
ٌ
ولھو ولعب ،وإذا به يعاني أول المعاناة.
ٌ عبث
ٌ حسب أن الحياة
َ في تلك الساعة يشقى،
ملك الموت –نعوذ با 9من ختام السوء
ُ سود الوجوه يتقدموھم
ُ مالئكة
ٌ نزلت عليه
سخط من ﷲ وغضب.
ٍ الخبيثة أخرجي إلى
ُ النفس
ُ وساعة السوء -يقول أيتھا
الجنازة
ُ تحمل
ُ أبوب السماء،
ُ تفتح لھا
ترفع فال ُ ُ
ُ َ
تفرق في الجسد ،ثم فتنتزع نزعاً بعد أن ُ
َ ُ
رش لھا من
تسأل فال تجيب ،ويف ُ
ُ األكتاف وھي تصيح :يا ويلھا أين تذھبون بھا ،ثم
ِ على
وغضب الجبار.
ِ الختام
ِ ِ
سوء باب إلى النار ،فنعوذ با 9من النار ومن
ٌ ويفتح لھا
ُ النار،
ذكر صاحب قصص السعداء واألشقياء أنه وقع حادث في مدينة الرياض على إحدى
الطرق السريعة لثالثة من الشباب ،كانوا يستقلون سيارة واحدة ،توفي اثنان منھما
في الحال ،وبقي الثالث في آخر رمق ،يقول له رجل المرور الذي حضر الحادث قال ال
إله إال ﷲ ،فأخذ يحكي عن نفسه ويقول:
أنا في سقر ،أنا في سقر أنا في سقر حتى مات عل ذلك ،فال إله إال ﷲ.
رجل المرور يسأل ويقول ما ھي سقر ،فوجد الجواب في كتاب ﷲ عز وجل:
وما َ ْ َ َ
أدراك َما سقر * َ َ المصلين(ِ ِ ْ ُ َ ) .
سأصليه َ َ َ من ْ ُ َ ِ ّ َ
نك ِ َ سقر * َقالُوا َ ْ
لم َ ُ ) َما َ َ َ ُ ْ
سلككم ِفي َ َ َ
تذر * َ ﱠ َ ٌ
لواحة ِ ْ َ َ ِ
للبشر(. تبقي َوال َ َ ُ
سقر * ال ُ ْ ِ
َ َ ُ
نسأل ﷲ السالمة والعافية .عباد ﷲ:
فريقان ال ثالث ،شقي وسعيد:
فريق في الجنة وفريق في السعير.
فريق استراح ،وفريق استراح منه العباد والبالد ومضى إلى جھنم وبئس المھاد.
يوم غادياً إلى ﷲ قد قضى نحبه وانقضى
ٍ كل
أال ترون أال تتفكرون أال تنضرون ،تشيعون َ
التراب،
َ وسكن
َ وترك األحباب،
َ خلع األسباب، َ
أجله ،حتى تغيبوه في صدعٍ من األرضِ ُ َ
األھل والمال وبقي
ُ تبعه أھلُه ومالُه وعملُه ،فرجع
الحساب ،انتھى أجلُه وأملُهَ ،
َ وواجه
َ
العمل.
أرتھن
فرح يوما وال ض يوما ماَ ُ ،
كأنه ِ َ
األصحاب والخالن ،ما َ
ُ ھجره
َ األحبة والجيران،
َ فارق
ترك.
َ بعمله فصار فقيراً إلى ما قدم غنياً عن ما
ِ
مساكنھم وما سكنوا
َ جمعوا فما أكلوا الذي جمعوا ......وبنوا
ً
ساعة ضعنوا فكأنھم كانوا بھا ضعنا ...........لم استراحوا بھا
َ
ولذلك كان الرسول )صلى ﷲ عليه وسلم( أرحم الناس باألموات ،يقول عوف ابن مالك:
صلى بنا رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم( على جنازة رجل من األنصار ،يقول
فتخطيت الصفوف حتى اقتربت منه ،فسمعته يبكي ويقول :اللھم أغر له ،اللھم أرحمه
وعافه واعف عنه ،وأكرم نزله ووسع مدخله ،واغسله بالثلج والماء والبرد.
يقول عوف والذي ال إله إال ھو لوددت أني أنا الميت من حسن دعائه )صلى ﷲ عليه
وسلم( له.
ومن رحمته باألموات )صلى ﷲ عليه وسلم( كان يذھب في الليل ليقف علة مقبرة
البقيع فيدعو لعم طويال ويترحم عليھم طوال )صلوات ﷲ وسالمه عليه( ،فما أرسله ﷲ
إال رحمة للعالمين.
يشتھون ( بكى
وبين َما َ ْ َ ُ َ
بينھم َ َ ْ َ
وحيل َ ْ َ ُ ْ
وأصحابه كذلك ،أبن عمر كان إذا قرأ قول ﷲ َ ِ َ ) :
وأبكى ودعا لألموات وقال :اللھم ال تحل بيني وبين ما أشتھي ،قالوا وما تشتھي؟ قال
أن أقول ال إله إال ﷲ.
فال إله إال ﷲ ..ما من ميت إال ويود أن يسجل في صحيفته ال إله إال ﷲ ،ولكن ھيھات
حيل بينھم وبينھا ،وبقي الجزاء والحساب.
فرحم ﷲ امرأ قد من الصالحات لتلك الحفر ،ورحم ﷲ حاسب نفسه قبل ذاك اللحد
الذي ال أنيس فيه وال صاحب إال العمل ،وكفى بالموت واعظا.
رحمه ﷲ يقول لجالسه يوما ما:
َ أبن عبد العزيز
روي أن عمر ُ
طلع الفجر ،قالوا ما أسھرك؟
َ البارحة فلم أنم حتى
َ أرقت
ُ
الميت بعد لياليٍ
َ وتذكرت
ُ القبر،
َ تذكرت
ُ علي لحافي
َ ووضعت
ُ أويت إلى فراشي
ُ قال لما
الدود على
ُ كفنه وسرى ُ َ
وتمزق ريحه
ُ وأحبته وخالنه ،تغير
ُ تمر عليه ،حينما َ
تركه أھلُه ُ
لرأيت أمراً مھوال ،ثم
َ الممزقة ،إذا
َ األكفان
َ المنتنة ،وتلك
َ الرائحة
َ خدوده فليتك ترى تلك
ِ
حاله:
ِ ولسان
ُ ويقول ال إله إال ﷲ
ُ أنفجر يبكي
عقباك دنيانا وما فيھا
َ بفاحشة .........وأنا ُ
ٍ ِ
وﷲ لو قيل لي تأني
كنت أتيھا
ُ بأضعافھا ما
ِ عقوبته ......وال
ََ لقلت ال والذي أخشى
ُ
تجھزي بجھاز تبلغين به .............يا نفس قبل الردى لم تخلقي عبثا
كفى بالموت واعظا لمن كان له قلب أو ألقى السمع.
يمر عمرو ابن العاص رضي ﷲ عنه بالمقبرة فيبكي ثم يرجع فيتوضأ ويصلي ركعتين،
فيقول أصحابه:
لم فعلت ذلك ؟
يشتھون ( وأنا أشتھي الصالة قبل أن يحال
وبين َما َ ْ َ ُ َ
بينھم َ َ ْ َ
وحيل َ ْ َ ُ ْ
قال تذكرت قول ﷲ َ ِ َ ) :
بيني وبينھا.
عمر الذي حضرته الوفاة فبكى ،فقال له ابنه يا أبتاه صف لنا الموت.
قال يا بني الموت أعظم من أن يوصف ،لكأن على كتفي جبل رضوى ،وكأن في جوفي
شوكة عوسج ،وكأن روحي تخرج من ثقب ابرة ،وكأن السماء اطبقت على األرض وأنا
بينھما.
ثم حول وجھه إلى الحائط ليبكي بكاء مرا فيقول ابنه محسنن ظنه:
أنت من أصحاب رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم( ،أما فتحت مصرا ،أما جاھدت في
سبيل ﷲ!
فيقول يا بني لقد عشت مراحل ثالث:
لقد كنت أحرص الناس على قتل رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم( فيا ويلتاه لو مت
في ذلك الوقت.
ثم ھداني ﷲ فكان رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم( أحب الناس إلي ،وﷲ ما كنت
أستطيع أن امأل عيني من وجھه حياء منه ،وﷲ لو سألتموني أن أصفه اآلن ما
استطعت ،وﷲ ما كنت أمأل عيني إجالال له ،فيا ليتني مت في ذلك الوقت ألنال دعاء
النبي )صلى ﷲ عليه وسلم(.
يقول ثم تخلفت بعد رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم( فلعبت بنا الدنيا ظھرا لبطن،
فما أدري أيؤمر بي إلى الجنة أو النار ،لكن عندي كلمة أحاج بھا لنفسي عند ﷲ ھي
ال إله إال ﷲ محمد رسول ﷲ.
وفي
الدنيا َ ِ الثابت ِفي ْ َ َ ِ
الحياة ﱡ ْ َ آمنوا ِ ْ َ ْ ِ
بالقول ﱠ ِ ِ الله ﱠ ِ َ
الذين َ ُ يثبت ﱠ ُ
ثم قبض على ال إله إال ﷲُ ّ ِ َ ُ ):
ويفعل ﱠ ُ
الله َما يَ َ ُ
شاء(. ﱠ ِ ِ َ
الظالمين َ َ ْ َ ُ ويضل ﱠ ُ
الله ْ ِ َ ِ
اآلخرة َ ُ ِ ﱡ
عوف رضي ﷲ عنه:
ٍ يقول أبن
يده من
عمر رضي ﷲ عنه إلى المقبرة ،فلما وقفنا عليھا ،ارتعد وأختلس َ
َ خرجت مع
ُ
بكاء طويال ً.
ً نفسه على األرض وبكى
َ يدي ،ثم وضع
أمير المؤمنين ؟
َ فقلت ما لك يا
قال يا ابن عوف ثكلتك أمك أنسيت ھذه الحفرة.
حاله يقول :لمثل ھذا فأعد.
شد حيازيمك للموت فإن الموت القيك ........ألن ال تجزع للموت إذا حل بواديك.
كفى بالموت واعظا ،وبسير الصالحين عنده عبرا.
تحل السكرات بمحمد ابن أدھم فيقول لخادمه :وقد أصابته رعده ،يصيح ويقول:
ما لي وللناس ،والذي ال إله إال ھو لو استطعت أن أتطوع 9وحدي حيث ال يراني
ملكاي لفعلت خوفا من الرياء ،ولكن ال أستطيع.
كان يدخل بيته ومعه كوز ماء فيغلق بابه ويقرأ القرآن ويبكي وينشج ،فيسمعه ابن له
صغير فيقلده في البكاء ،فإذا خرج من بيته غسل وجھه واكتحل لكي ال يرى أثر البكاء
عليه.
يقول خادمه :دخلت عليه قبل موته بأربعة أيام فقال:
يا أبا عبد ﷲ أبشر فقد نزل بي الموت ،وقد من ﷲ علي أن ليس عندي درھم
يحاسبني ﷲ عليه ،فقد علم ضعفي فإني وﷲ ال أطيق الحساب ،فلم يدع عندي
شيء يحاسبني عليه فله الحمد.
ثم قال لخادمه أغلق علي الباب ،وال تأذن ألحد علي حتى أموت وأعلم أني أخرج من
الدنيا ليس عندي ميراث غير كسائي وإنائي الذي أتوضأ فيه ،فغطوا علي بكسائي
وتصدقوا بإنائي على مسكين يتوضأ فيه.
ثم لفظ روحه في اليوم الرابع ليلقى ﷲ ليس معه من الدنيا شيء ،فرحمه ﷲ رحمة
واسعة.
خذ القناعة من دنياك وأرضى بھا ........لو لم يكن لك فيھا إال راحة البدن
وانظر إلى من حوى الدنيا بأجمعھا .......ھل راح منھا بغير الحنط والكفن
كفى بالموت واعظا.
أھون مما
ُ وھوله
ِ شدته
ِ لكنه مع ً
سھالَ ، األمر سينتھي بالموت لكان ھيناً
ُ وو 9لو كان
الكبير
ِ ف بين يدي ﷲ
قرن بالوقو ِ
ھين إذا ُ َ
ٌ كل ذلك
أھون مما يليهُ ،
ُ ظلمته
ِ والقبر مع
ُ يليه،
المتعال.
المرء يميناً فلم يرى إال ما قدم.
ُ تلفت
وشماال ً فلم يرى إال ما قدم.
ونظر تلقاء وجه فلم يرى إال النار.
َ
حمل
ٍ كل ذاتِ
وتضع ُ
ُ المرضعة عما أرضعت
ُ تذھل
ُ موقف ويا لھا من خطوبٍ
ٍ فيا له من
الناس سكارى وما ھم بسكارى ولكن عذاب ﷲ شديد.
َ حملھا ،وترى
يبلغ العرق أن يلجم الناس إلجاما ،والشمس تدنو منھم قدر ميل ،فيالھا من أحداثٍ
أھل
ٍ لفررت من
َ بھوله .........
ِ القيامة لو علمت
ِ يوم
ُ ويذيب األكباد.
ُ يخلع
ُ تصورھا
ُ مجرد
ُ
أوطان.
ِ ومن
روي عن الحسن رضي ﷲ عنه:
حجر عائشة ،فنعس
ِ رأسه ذات يوم في
ُ أن رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم( كان
رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم( ،فأستيقظَ
َ خد
دموعھا على ِ
ُ فتذكرت اآلخرة فسالت
بدموعھا ورفع رأسه وقال ما يبكيك؟
يوم القيامة؟
َ أھليكم
ُ تذكرون
َ ذكرت اآلخرة ،فھل
ُ قالت يا رسول ﷲ
يذكر إال
ُ مواطن فإن أحداً ال
َ ثالثة
ِ قال )صلى ﷲ عليه وسلم( والذي نفسي بيده في
نفسه:
َ
ميزانه أم يثقل.
ُ أيخف
ُ أدم
َ أبن
ينظر ُ
َ وضعت الموازين حتى
ِ إذا
بشماله.
ِ يأخذ أم
ُ أبيمينه
ِ ينظر
َ وعند الصحف حتى
وجھه في جھنم.
ِ أيمر أم يكردس على
َ ينظر
َ وعند الصراط حتى
واقف بين
ٌ نفسك يا عبد ﷲ وأنت
ِ يوقف بين كفتي الميزان ،فتصور
ُ يؤتي بإبن أدم حتى
العرض على ِ
ﷲ الكبير المتعال. ِ ھلم إلى
َ نودي باسمك،
َ الخالئق إذ
َ
تضطرب رجالك وجميع جوار ،قلبك لدى حنجرتك،
ُ فرائصك،
ُ ترتعد
ُ قمت ولم يقم غيرك
َ
وذل وانھيار أعصاب:
ٌ خوفٌ
أبليته ؟
َ شبابك في ما
َ
أفنيته ؟
َ عمرك فيما
ُ
أنفقته ؟
َ اكتسبته وفيما
َ مالُك من أين
عملت به ؟
َ علمك ماذا
ُ
اإلجابة.
ُ األسئلة فما
ُ ھذه
أثبتھا عليك الملك.
َ نسيتھا قد
َ كبيرة
ٍ كم من
أحدثتھا.
َ بليت
ٍ كم من
أمام عينيك.
َ سريرة كتمتھا ظھرت وبدت
ٍ كم من
وأعظم به من حيا ٍء
ِ خافية،
ٍ سائل ال تخفى عليه
ٍ أعظم به من موقف ،وأعظم به من
ِ
وأسف شديد ،فإما أن يقول ﷲ:
ٍ وحزن
ٍ يداخلُك وغم
لسرورك وھدئت بالك
ِ عليك في الدنيا وأنا أغفرھا لك اليوم .فيا
َ سترتھا
ُ يا عبدي أنا
ً
سعادة ال يشقى بعدھا أبدا. فالن أبن فالن
ُ سعد
َ واطمئنان قلبك والمنادي ينادي:
الجحيم صلوه
َ يقول ﷲ – عافاك وسلمك ﷲ– إما أن يقول :خذوه فغلوه ثم
َ وأما أن
جھنم مسود الوجه ،كتابك في شمالك ومن وراء ظھرك قد غلت
َ فيذھب بك إلى
ُ
فالن أبن فالن
ُ عار على رؤوس الخالئق ينادى :شقي
ٍ ناصيتك إلى قدمك ،أي خزي وأي
يسعد بعده أبدا.
ُ شقاوة ال
عباد ﷲ:
األمر خطير جد خطير ،إبليس قد قطع العھد على نفسه ليغوينكم أجمعين ،فقال:
وعزتك وجاللك يا رب ال أزال اغويھم ما دامت أرواحھم في أجسادھم.
وﷲ برحمته ومنه يقول:
وعزتي وجاللي ال أزال أغفر لھم ما استغفروني.
فالبدار البدار ،والتوبة التوبة ،واالستغفار االستغفار ال يھلك إال ھالك ،وال يشقى إال
شقي.
أكثروا من ذكر ھادم اللذات.
زوروا المقابر فإنھا تذكركم اآلخرة.
احضروا المحتضرين معتبرين.
اصدقوا ﷲ يصدقكم.
احفظوه يحفظكم وعاملوا ﷲ فلن تخيبوا.
يظلَ ُ َ
مون(. وھم ال ُ ْ نفسٍ َما َ َ َ ْ
كسبت َ ُ ْ كل َ ْ ثم ُ َ ﱠ
توفى ُ ﱡ الله ُ ﱠ فيه ِ َ
إلى ﱠ ِ يوماً ُ ْ َ ُ َ
ترجعون ِ ِ واتقوا َ ْ
) َ ﱠُ
نفعني ﷲ وإياكم بالقرآن وبسنة سيد األنام عليه الصالة والسالم ،وآخر دعوانا أن
الحمد 9رب العالمين.
عباد ﷲ:
اعلموا أن اآلمال تطوى ،واألعمار تفنى ،واألبدان تحت التراب تبلى ،والليل والنھار يقربان
كل بعيد ويبليان كل جديد ،وفي ذلك وﷲ ما يلھي عن الشھوات ،ويسلي عن اللذات،
ويرغب في الباقيات الصالحات.
لتفتوا وانظروا وتدبروا وتأملوا بعيون قلوبكم أين من كان حولكم:
أين من كان حولكم ......من ذوي البأس والخطر
سائلوا عنھم الديار .......واستبحثوا الخبر
سبقونا إلى الرحيل .......وإنا على األثر
الملك
ِ عبد
ُ أبن مروان ،فلما مات
ابن معاوية خال لعبد الملك ُ
ابن يزيد ُ
كان عبد الرحمن ُ
الرحمن قائال ً:
ُ عليه عبد
ِ وقف
َ قبره،
الناس عن ِ
ُ ودفن وتفرق
َ
تصبح
ُ فأخافك ،اآلن
ُ وتتوعدني
ُ كنت تعدوني خيراً فأرجوك،
َ عبد الملك ،أنت من
ُ أنت
َ
أذرعٍ
أربعة ُ
ِ ملكك سوى ترابِ
وليس لك من ُ ِ َ
َ ثوبك،
ملكك غير ُ
ِ معك من
َ وليس
َ وتمسي
في ذراعين.
فأجتھد
َ أھله
ِ رجع إال
َ نعيمھا ،ثم
ُ يدوم
ُ أف لدنياً ال
أف ثم ٍ
وضيعٍ ،
ٌ حقير
ٌ ھين
ٌ لملك
ٌ إنه
نفسه في
َ الباقية ،حتى كان كأنه شن بال من كثرة ما أجھد
َ العبادة وعلم أنھا
ِ وجد في
العبادة.
يعاتبه ألنه أضر بنفسه ،فقال لمن عاتبه:
َ فدخل عليه بعض
َ
أسألك عن شيء فھل تصدقني فيھا ،قال نعم.
َ
أنت عليھا أترضاھا حين يأتيك الموت؟
َ حالتك التي
ِ َ نشدتك ﷲ عن
ُ قال
قال اللھم ال.
أعزمت على انتقال منھا إلى غيرھا؟،
َ نشدتك ﷲ
ُ قال
اللھم لم أشاور عقلي بعد.
َ قال
الحالة التي أنت عليھا؟
ِ لك الموتِ على
يأتيك م ُ
َ قال افتأمن أن ال
قال اللھم ال آمن.
الطائر إذا علم أن األنثى
َ قلب ولب ،إن
ٍ عاقل وما يقيم عليھا ذو
ٌ حال ما أقام عليھا
ُ فقال
قد حملت البيض ،أخذ ينقل العيدان لبناء العش قبل الوضع.
ويسد عليك فيه
ُ ستنفرد فيه وح َدك،
ُ القبر الذي
ِ رحيلك إلى
ِ أفتراك ما علمت ُقرب
ُ
فألنفسھم
ِ عملت لك فراشاً من تقوى ﷲ ،فمن عمل صالحاً َ وحدك ،آال
َ بالطين
ِ
يمھدون.
واثق
ُ به أنت
يومك اآلتي ِ
عليك بعائد ........وال ُ َ
َ يومك الماضي
فال ُ
فاستعد وأعد.
يا شابا عكف على القرآن:
مسجده ومصاله ،والمسجد مظھره ومخبره اسأل ﷲ الثبات ،وازدد من الحسنات،
واجعل اآلخرة ھمك يجعل ﷲ غناك في قلبك ويجمع لك شمل ،وتأتيك الدنيا راغمة،
فجد وسارع واغتنم زمن الصبا.
و يا شابا ھجر القرآن:
عليك
َ وليركبن
َ الخليل به الخليل،
ُ لتقفن موقفاً ينسى
َ نفسه ھواھا فدساھا،
َ وأعطى
فالعود أحمد
ُ والصغير والكبير ،فعد
ِ والقطمير
ِ النقير،
ِ ولتسألن عن
َ ثقل ثقيل،
ُ من الثرى
تقول ربي ارجعون فال رجوع:
َ قبل أن
وسھو وسبات.
ٍ لھو
ٍ وقتك في
العمر وفات ،يا أسير الشھوات ،ومضى ُ
ُ ذھب
َ
يا شيخا اقترب من القبر:
عرف أنه منه قاب قوسين أو أدنى ،فأكثر من االستغفار ،وحبل لسانه عن الزور ،ورعى
بشراك بشراك ،ضاعف العمل فإن الخيل إذا
َ رعيته كما ينبغي ،وعرف قدر يومه وليلته
وصلت إلى نھاية السباق قدمت كل ما لديھا من قوة لتفوز بالجائزة.
ويا شيخا نسي ﷲ في شيخوخته بعد شبابه:
فارتكب الجرائم وقارف الكبائر ووقف على عتبة الموت ،أين الھوى والشھوات؟ ذھبت
العود وھيھات.
وبقيت التبعات ،تتمنى بعد يبس العود َ َ
يا من شاب رأسه فما استحي من ﷲ:
يا من شاب رأسه فانتھك حدود ﷲ وأعرض عن منھج ﷲ تب إلى ﷲ قبل أن تكون
ممن ال يكلمھم ﷲ يوم القيامة وال يزكيھم ولھم عذاب أليم.
وأتبع الشھوات.
َ ضيع الصالة
َ إلى من
إلى المنافقين والزناة.
الظلمة والبغاة.
ِ إلى
إلى من طغى وآثر الحياة الدنيا.
والنمامين والحاسدين وأكلة الربا.
َ المغتابين
َ إلى
وتحصيل من في السرائر.
َ بعثرة المقابر
َ التكاثر فنسوا
َ إلى من ألھاھم
واستقبال القاذورات.
ِ بمشاھدة المسلسالت
ِ إلى من أضنى عينيه
أذنه باستماعِ األغنيات.
إلى من طربت ُ
إلى من شغلته أمواله المحرمة والشركات.
عداد األموات.
ِ فكان حياً وھو في
َ بصره وأصم سمعه
َ إلى من أعمى الھوى
السكر والمخدرات.
ِ وأھل
ِ إلى الراشين والمرتشين
إلى المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب.
إلى الكاسيات العاريات.
لعصاة جميعاً.
ِ إلى ا
والقبر والحسابِ أين المفر ،أين المفر؟
ِ من الموتِ
يومئذ ْ ُ ْ َ َ ﱡ
المستقر(. ربك َ ْ َ ِ ٍ وزر * ِ َ
إلى َ ِ ّ َ ) َ ﱠ
كال ال َ َ َ
عنھم َما َ ُ
كانوا يوعدون * َما َ ْ َ
أغنى َ ْ ُ ْ جاءھم َما َ ُ
كانوا ُ َ ُ َ ثم َ َ ُ ْ سنين * ُ ﱠ
متعناھم ِ ِ َ
إن َ ﱠ ْ َ ُ ْ ) َ َ ََْ َ
أفرأيت ِ ْ
ن(.
يمتعو َ
ُ َﱠ ُ
عباد ﷲ :آن األوان أن نعلنھا توبة إلى ﷲ باللسان والجنان.
اللھم صلى على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراھيم وعلى آل إبراھيم إنك
حميد مجيد.
وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراھيم وعلى آل إبراھيم انك حميد
مجيد.
اللھم آتي نفوسنا تقواھا.
اللھم زكھا أنت خير من زكاھا أنت وليھا ومولھا .وأنت أرحم الراحمين.
اللھم أعز اإلسالم والمسلمين وأنصر عبادك الموحدين.
اللھم ارحم من ال راحم له سواك ،وال ناصر له سواك وال مأوى له سواك ،وال مغيث له
سواك.
اللھم ارحم سائلك ومؤملك ال منجى له وال ملجئ إال إليك.
اللھم كن للمستضعفين والمضطھدين والمظلومين.
اللھم فرج ھمھم ونفس كربھم وارفع درجتھم واخلفھم في أھلھم.
اللھم أنزل عليھم من الصبر أضعاف ما نزل بھم من البالء.
يا سميع الدعاء
ﷲ ارحم موتى المسلمين ،اللھم إنھم عبيدك بنوا عبيدك بنو إمائك احتاجوا إلى
رحمتك وأنت غني عن عذابھم ،ﷲ زد في حسناتھم ،وتجاوز عن سيئاتھم أنت أرحم
بھم وأنت أرحم الراحمين.
سبحان ربك رب العزة عن ما يصفون وسالم على المرسلين
والحمد 9رب العالمين.
صفحة صدق
ألرج فيه
ُ حدثتك حديث صدقٍ تجد علي فيه إني
ُ َ
يسخطك علي ،وألن ﷲ أن َ
ليوشكن َ
أيسر مني
َ كنت قط أقوى وال
ُ رسول ﷲ ما كان لي من عذر ،وﷲ ما
َ ِ
وﷲ يا عفو ﷲ،
تخلفت عنك.
ُ حين
يقضي ﷲ فيك.
َ فقال )صلى ﷲ عليه وسلم( أما ھذا فقد صدق ،قم حتى
واآلخرة إنما
ِ نجاته في الدنيا
َ كعب أن
ُ صدقٌ ،وضوح ،صراحة ال التواء وال مراوغة ،علم
ھي في الصدق ،وقد ھدي ووفق للصواب ،والموفق من وفقه ﷲ.
فقمت وثار رجال من بني سلمة فأتبعوني وقالوا لي:
ُ يقول كعب
عتذرت إلى
َ تكون ا
َ كعب قد أذنب ذنبا مثل ھذا ،أو قد عجزت أن ال
ُ ِ
وﷲ ما علمناك يا
رسول ﷲ )صلى ﷲ
ُ استغفار
ُ ذنبك
رسول ﷲ بما اعتذر إليه المخلفون ،قد كان كافيك َ
ِ
عليه وسلم( لك.
فأكذب نفسي.
َ أرجع
َ ِ
فوﷲ ما زالوا يؤنبونني حتى أردت أن يقول
ُ
عباد ﷲ:
ما أشد خطر صديق السوء ،كاد يھلك سعد بسبب بني عمومته الذين يظھرون بمظھر
الناصح المشفق ،وھم يدفعون به إلى واد سحيق من الھالك ھلك به جمع كبير من
المنافقين.
إنھا مقالة ويا لھا من مقالة كثيرا ما تتكرر في مجالسنا ،يتھمون الصادق بأنه طيب
القلب غر ال يحسن المراوغة وال المخارج ،ويصفون الكاذب بالذكي األلمعي العبقري،
وكبرت كلمة تخرج من أفواھھم.
أرأيت لھؤالء عندما وصفوا األمر لكعب بأنھا أول كذبة وال ضير منھا ،وسيعقبھا استغفار
رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم( بعد ذلك ،وكل ذلك وسائل لتزيين الباطل يبھرجھا
قرين السوء من حيث شعر أو لم يشعر فلينتبه.
فمن العداوة ما ينالك نفعه ........ومن الصداقة ما يضر ويألم
وأعلنت المقاطعة لھذا وصحبه ،بل التربية النبوية العميقة.
يقول كعب:
ونھى رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم( المسلمين عن كالمنا من بين كل من تخلف
األرض فما ھي باألرضِ التي
ُ عنه ،قال فاجتنبنا الناس وتغيروا لنا حتى تنكرت لي
أخرج فأشھد
ُ فكنت
ُ َ َ
وأجلدھم وكنت أشد القوم
ُ أعرف ،ولبثنا على ذلك خمسين لي ً
لة،
الصالة مع المسلمين وأطوف األسواق فال يكلمني أحد ،،وآتي رسول ﷲ )صلى ﷲ
فأقول في نفسي ھل حرك
َ فأسلم عليه
َ مجلسه بعد الصالة
ِ عليه وسلم( وھو في
شفتيه برد السالم علي أم ال.
أقبلت على صالتي أقبل إلي ،وإذا التفت إليه
ُ َ
فاسارقه النظر فإذا ثم أصلي قريباً منه
مشيت حتى تسورت جدار
ُ أعرض عني ،حتى إذا طال علي ذلك من جفوة الناس،
رد علي ِ
فوﷲ ما َ الناس إلي ،قال فسلمت عليه،
َ وأحب
ُ أبن عمي
حائط أبي قتادة وھو ُ
السالم.
َ
ورسوله ؟ فسكت. ﷲ
أحب َ
ُ نشدتك ﷲ ھل تعلمني
ُ فقلت له
ُ
ﷲ ورسولُه أعلم ،ففاضت عيناي وتوليت
فأعدت عليه فنشدته فقال ُ
ُ فنشدته فسكت،
ُ
أھيم على وجھي.
ُ حتى تسورت الجدار
وأنظر أخي في ﷲ كيف تكاتف المجتمع المسلم بكاملة ،وامتثل األمر الموجه إليه ،فال
أحد يكلمه ،حتى ولو كان ذلك في غيبة أعين الرقباء ،نعم إن الرقابة ،9حتى ولو كان
ابن عمه ،نعم إن المراقبة .9
إن أضر شيئا على المجتمع أن يجد أھل الفسق والفجور صدورا رحبة تحتضنھم وترضى
عنھم وتبجلھم وتقدرھم ،ولو أن العصاة والمنحرفين وجدوا مقاطعو وازدراء عاما لكان
دافعا إلى أن يرشد الغاوي ويستقيم المعوج ويصلح الطالح.
انظر إلى ذلك األسلوب التربوي العميق المتمثل في تلك المقاطعة النفسية
واالجتماعية التي شملت مختلف مجاالت الحياة االجتماعية ،في األسواق ،في
المساجد ،مع األصدقاء ،بل حتى مع بني العمومة ،بل حتى مع الزوجة ،فلم تترك
منفذا يمكن أن يخل بھذه المقاطعة أو يحول دون تحقيق الغاية التربوية منھا.
وتألف وذلك عين
كان لذلك تأثير عميق على النفوس الخيرة التي تعودت أن تألف ُ
الحكمة من رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم( التي تقضي باللين في مكانه ،والشدة
في مكانھا ،وھذا ما يحتاجه الناس في دعوتھم ،وتعاملھم وتربيتھم لمن تحت أيديھم.
عبد ﷲ:
وھل تخفى أخبار المجتمع اإلسالمي على األعداء ،إن ھناك صفا يعمل داخل الصف
اإلسالمي دائما ،ولذلك يجب أخذ الحيطة والحذر ،وأن ال تكون أسرار وخفايا المجتمع
المسلم معلنة للجميع لتنقل للعدو فينفذ من داخلھا للمسلمين.
الشام يقول :من
ِ أھل
ِ كعب :فبينا أنا أمشي في سوقِ المدينة إذ نبطي من أنباط
ٌ يقول
ُ
يدل على كعب؟
فطفق الناس يشيرون له إلي حتى جاءني فدفع لي كتابا ِمن َمن؟
من ملك غسان ،فإذا فيه أما بعد:
رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم( قد جفاك ،ولم
َ فإنه قد بلغني أن صاحبك ) يعني
ھوان وال مضيعة فألحق بنا نواسك.
ٍ بدار
ِ يجعلُك ﷲ
فلما قرأتھا قلت أيضا ھذا من البالء ،ھذا من االمتحان فيممت بھا التنور وسجرته بھا
)احرقھا(.
عباد ﷲ:
ھذا ھو ديدن أعداء ﷲ ،يتحسسون األنباء ،ويترصدون الفرص واألخطار ،وكم من األقدام
في مثل ھذا زلت وانزلقت ،إن المسلم قد يخطأ ولكنه ال يعالج الخطأ بخطأ آخر ،قد
يخطأ فيتخلف عن الغزو في سبيل ﷲ ،لكنه ال يتبع ھذا بخيانة األمة ومواالة أعداء ﷲ
ومظاھرتھم على المؤمنين.
إن أداة المعصية يوم تكون قريبة فإنھا تذكر بالمعصية ،وتفتح للشيطان باب الوسوسة
والمراودة الكرة بعد الكرة ،أما كعب فقد تخلص من ھذه األداة فأحرقھا حتى يغلق مثل
ھذا الباب رضي ﷲ عنه وأرضاه وھذا ھو الحل.
إن آلة المعصية التي توجد في المنازل ،في المكاتب ،وفي غيرھا ،يوم تترك بعد العلم
بضررھا فإنھا مدعاة ألن يضعف أمامھا يوما ما ،ويعاود القرب منھا والممارسة لھا إال من
عصم ﷲ ،فلينتبه وليتخلص منھا كما فعل كعب بالرسالة ،يمم بھا التنور فسجرھا.
وال يزال البالء والتمحيص بكعب ،حتى أمر باعتزال زوجته فامتثل األمر واعتزلھا وطلب
منھا اللحاق بأھلھا حتى يقضي ﷲ أمرا كان مفعوال.
يقول كعب:
ُ
ظھر بيت من بيوتنا ،فبينما أنا جالس على الحال
ِ ً
ليلة وأنا على وكملت لنا خمسون
األرض بما رحبت،
ُ التي ذكرھا ﷲ في ما بعد قد ضاقت علي نفسي وضاقت علي
صوت صارخٍ أوفى على جبل سلع بأعلى صوته:
َ سمعت
ُ
ولدتك أمك.
َ منذ
ُ عليك
َ يوم مر
ٍ بخير
ِ كعب أبشر
َ يا
وعرفت أن قد جاء الفرج.
ُ فخررت ساجداً شاكرا ً 9عز وجل،
ُ قال
نعم جاء الفرج وانبلج الفجر بعد أن بلغ الليل كماله في السواد.
وأدرك كعب عظم نعمة ﷲ عليه بصدقه ،فقال بعد ذلك :واله ما أنعم ﷲ علي من نعمة
بعد أن ھداني لإلسالم أعظم في نفسي من صدقي لرسول ﷲ )صلى ﷲ عليه
وسلم(.
وتأتي البشرى وأي بشرى بحسن العقبى ،يركض بھا الفارس ،ويھتف بھا الراكب،
وعلى مثلھا تكون التھاني ،لمثلھا تكون البشائر والجوائز.
ثوبي فكسوته إياھما ،وﷲ ما أملك
َ يقول كعب فلما جاءني الذي بشرني ،نزعت له
غيريھما ،واستعرت ثوبين فلبستھما وانطلقت إلى رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم(،
طلحة فرحا
ُ َ
حوله جلوس فقام إلي ودخلت عليه في المسجد ،فإذا ھو جالس والناس
ُ
غيره و و9
َ المھاجرين
َ رجل من
ٍ ِ
و 9ما قام إلي يھرول حتى صافحني وھنأني،
ُ مغتبطا
لطلحة رضي ﷲ عنه.
َ ما أنساھا
يتحدثون معه ،وال
َ لصحابة مع أخيھم ،باألمسِ القريب ال
ِ تعامل
ٍ أعظمه من
َ ﷲ أكبر ما
يصل إليه أوال ً ليبلغه نبأ التوبة.
َ يردون عليه السالم ،واليوم يتنافسون في من
وأوامر الشارع.
َ ألنفسھم ولكن تحت ضوابط الشرع
ِ يحبونه
َ الخير ألخيھم كما
ِ حب
ُ إنه
قال كعب:
وجھه كأنه
ُ رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم( ،فقال وھو يبرق سرورا
ِ فسلمت على
فلقة قمر:
يوم مر عليك منذ ولدتك أمك.
ٍ أبشر يا كعب بخير
عند ﷲ؟
ِ رسول ﷲ أم من
َ فقلت أمن عندك يا
عند ﷲ ،فحمد ﷲ وأثناء عليه.
ِ فقال بل من
وضاقت َ َ ْ ِ ْ
عليھم رحبت َ َ َ ْ
بما َ ُ َ ْ عليھم ْ َ ْ ُ
األرض ِ َ ضاقت َ َ ْ ِ ُ
إذا َ َ ْ حتى ِ َ خلفوا َ ﱠ وعلى ﱠ َ ِ
الثالثة ﱠ ِ َ
الذين ُ ِ ّ ُ ) َ َ َ
التواب
ھو ﱠ ﱠ ُ إن ﱠ َ
الله ُ َ ليتوبوا ِ ﱠ تاب َ َ ْ ِ ْ
عليھم ِ َ ُ ُ ثم َ َ إال ِ َ ْ ِ
إليه ُ ﱠ من ﱠ ِ
الله ِ ﱠ أن ال َم ْ َ َ
لجأ ِ َ وظنوا َ ْ َْ ُ ُ ُ ْ
أنفسھم َ َ ﱡ
القوم
َ وﷲ ال يھدي
ُ عمل الكاذبين
ُ الصادقون بصدقھم ،وحبطَ
َ الرحيم() .التوبة (١١٨:وفاز
ﱠ ِ ُ
النھاية ال بنقصِ البداية.
ِ بكمال
ِ االعتبار
ُ الفاسقين ،وظھر
مدرسة النبوة:
ِ رجال صدقوا ما عاھدوا ﷲ عليه ،تخرجوا من
ٌ رجل الصدق،
ُ ھؤالء ھم
صدق في اإليمان.
ُ
قوة في اليقين.
ُ
صدقٌ في الحديث.
المواقف.
ِ صدقٌ في
صبر عند اللقاء.
ُ
بالخطيئة.
ِ اعترافٌ
ِ ِ
تلفيق◌ اعتذارات. غير تنميقِ عباراتٍ أو ِ والغضب من
ِ كلمة الحق في الرضاء
ُ
إال ِ ْ َ
ذكرى ھو ِ ﱠ
إن ُ َ عليه َ ْ
أجراً ِ ْ أسأَل ُ ْ
ُكم َ َ ْ ِ قل ال َ ْ الله َ ِ ُ َ ُ ُ
فبھداھم ْ َ ِ ْ
اقتده ُ ْ ھدى ﱠ ُ ) ُأو َ ِ َ
لئك ﱠ ِ َ
الذين َ َ
ِْ َ َ ِ َ
للعالمين( )األنعام. (٩٠:
الصادقين( )التوبة (١١٩:عباد ﷲ:
ﱠ ِ ِ َ مع
وكونوا َ َ اتقوا ﱠ َ
الله َ ُ ُ آمنوا ﱠ ُ
الذين َ ُ ) َيا َ ﱡ َ
أيھا ﱠ ِ َ
اتقوا ﷲ وكونوا مع الصادقين ،وعودوا معي والعود أحمد إلى كعب ابن مالك صاحب
القصة رضي ﷲ عنه وأرضاه.
رسول
ِ كعب بين يديُ جلس
َ بشارته بالتوبة وتھنئته بالقبول ،إنما
ِ فإن األمر لم يقف عند
والتمسك بھا ،قائماً مقام الذاكرين
َ التوبة
ِ التأكيد لھذه
ِ ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم( معلناً
رسول ﷲ:
َ الشاكرين التائبين المخبتين ،قائال ً يا
ورسوله.
ِ ً
صدقة إلى 9 أنخلع من مالي
َ إن من توبتي أن
فقال عليه الصالة والسالم ،أمسك عليك بعض مالك فھو خير لك.
يعلن أخرى رضي ﷲ عنه التمسك بالصدق سلوكا ثابتا في مستقبل حياته إذ
ُ ثم
بالصدق نجى فيقول يا رسول ﷲ:
أحدث إال صدقاً ما بقيت.
ّ إن ﷲ إنما أنجاني بالصدق وإن من توبتي أن ال
حاله كحال اآلخر يوم يقول :وﷲ لو نادى مناد من السماء أن الكذب حالل ما كذبت.
ذكرت
ُ علمت أحداً من المسلمين أباله ﷲ في صدقِ الحديث منذ
ُ ِ
فوﷲ ما كعب
ُ يقول
لرسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم( أحسن مما أبالني ﷲ به.
ِ ذلك
يوم ھذا،
ِ لرسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم( إلى
َ ً
كذبة منذ قلت ذلك تعمدت
ُ و 9ما
نعمة قط بعد أن ھداني
ٍ أنعم ﷲ علي
َ وإني ألرجو أن يحفظني ﷲ في ما بقيت ،و 9ما
ول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم( .لما يا كعب
أعظم في نفسي من صدقي لرس ِ
َ لإلسالم
؟
شر ما قال ألحد يوم قال
َ كذبته فأھلك مع اللذين كذبوا ،فإن قال فيھم
ُ أكون
َ قال أن ال
سبحانه:
سرج ٌإنھم ِ ْ
عنھم ِ ﱠ ُ ْ عنھم َ َ ْ ِ ُ
فأعرضوا َ ْ ُ ْ لتعرضوا َ ْ ُ ْ انقلبتم ِ َ ْ ِ ْ
إليھم ِ ُ ْ ِ ُ إذا ْ َ َ ْ ُ ْ بالله َ ُ ْ
لكم ِ َ سيحلفون ِ ﱠ ِ
) َ َ ْ ِ ُ َ
عنھم َ ِ ﱠ
فإن ترضوا َ ْ ُ ْ عنھم َ ِ ْ
فإن َ ْ َ ْ لترضوا َ ْ ُ ْ يحلفون َ ُ ْ
لكم ِ َ ْ َ ْ كانوا َ ْ ِ ُ َ
يكسبون * َ ْ ِ ُ َ بما َ ُجزاء ِ َ
جھنم َ َ ً َ َْ َ ُ ْ
ومأواھم َ َ ﱠ ُ
القوم ْ َ ِ ِ َ
الفاسقين( )التوبة (٩٦-٩٥:عباد ﷲ: عن ْ َ ْ ِ
يرضى َ ِ ﱠ َ
الله ال َ ْ َ
قدوتكم
َ ً
وصفة من صفاتِ المؤمنين ،فعليكم به وليكن ً
فضيلة وطمأنينة َ
الصدق اعلموا أن
وبينھم حاجب.
َ بينك
فليس َ
َ وصحبه ومن اقتدى به،
َ كعباً
إذا أعجبتك خصال امرئ .......فكنه يكن منك ما يعجبك
فليس على الجود والمكرمات ....إذا جئتھا حاجب يحجبك
َ
الھلكة فيه ،فإن النجاة فيه. تحروا الصدق وإن رأيتم
َ
الھلكة وعظيم الفتنة به. وإياكم والكذب وإن رأيتم النجاة فيه فإن
وكم تركت الفتن من قلب مقلب وھوى مغلب ،وكم سار في طريقھا من كادح فكثر
الھاجي وقل المادح.
وقدھا بزمام
الحر ُ
َ فكن
ِ النفس إال حيث يجعلُھا الفتى........
ُ وما
نعشه حمال
ُ يتبعه ..........ما كان يبني إذا ما
ُ المرء
َ حديثك إن
َ وأصدق
ُ
اللھم اجعلنا من الصادقين ،اللھم اجعلنا من الصادقين الصابرين الشاكرين.
اللھم صلي وسلم وبارك على نبينا محمد ،وعلى آله وصحبه والتابعين ،ومن تبعھم
بإحسان إلى يوم الدين.
اللھم آتي نفوسنا تقواھا.
اللھم زكھا أنت خير من زكاھا أنت وليھا ومولھا .وأنت أرحم الراحمين.
اللھم أعز اإلسالم والمسلمين وأنصر عبادك الموحدين.
اللھم ارحم من ال راحم له سواك ،وال ناصر له سواك وال مأوى له سواك ،وال مغيث له
سواك.
اللھم ارحم سائلك ومؤملك ال منجى له وال ملجئ إال إليك.
اللھم كن للمستضعفين والمضطھدين والمظلومين.
اللھم فرج ھمھم ونفس كربھم وارفع درجتھم واخلفھم في أھلھم.
اللھم أنزل عليھم من الصبر أضعاف ما نزل بھم من البالء.
يا سميع الدعاء
ﷲ ارحم موتى المسلمين ،اللھم إنھم عبيدك بنوا عبيدك بنو إمائك احتاجوا إلى
رحمتك وأنت غني عن عذابھم ،ﷲ زد في حسناتھم ،وتجاوز عن سيئاتھم أنت أرحم
بھم وأنت أرحم الراحمين.
سبحان ربك رب العزة عن ما يصفون وسالم على المرسلين ،والحمد 9رب العالمين.
بسم ﷲ الرحمن الرحيم ،إن الحمد 9نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ
با 9من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يھده ﷲ فال مضل له ومن يضلل فال
ھادى له أشھد أن ال إله إال ﷲ وحده ال شريك له ،له الملك وله الحمد وھو على كل
شئ قدير .شھادة عبده وابن عبده وابن أمته ومن ال غنى به طرفة عين عن رحمته
أشھد أن محمد عبد ﷲ ورسوله أرسله ﷲ رحمة للعالمين فشرح به الصدور وأنار به
العقول وفتح به أعينا عميا وأذان صما وقلوب غلفا صلى ﷲ عليه وعلى آله وصحبه
والتابعين لھم بإحسان وسلم تسليما كثيرا )يا أيھا الذين آمنوا اتقوا ﷲ حق تقاته وال
تموتن إال وأنتم مسلمون ( )يا أيھا الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحده
وخلق منھا زوجھا وبث منھما رجاال كثيرا ونساء واتقوا ﷲ الذي تسائلون به واألرحام إن
ﷲ كان عليكم رقيبا ( )يا أيھا الذين آمنوا اتقوا ﷲ وقولوا قوال سديدا يصلح لكم أعمالكم
ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع ﷲ ورسوله فقد فاز فوزا عظيما(.
السالم عليكم ورحمة ﷲ وبركاته .وأسأل ﷲ الذي جمعنا وإياكم في ھذه الروضة أن
تنزل عليه الرحمة ،وتغشاه السكينة ،وتحفﱡه المالئكة ،ويذكره ﷲ -عز
يجعلنا ممن ﱠ
وجل -فيمن عنده .اللھم إنا نسألك أال تصرفنا -رجالنا والنساء -من ھذا المسجد إال وقد
جمعا ْ
التقى فيك ولك .اللھم ال تعذب ً غفرت لنا ما تقدم من ذنوبنا .اللھم ال تعذب
قلوبا
ً أعينا ترجو لذة النظر إلى وجھك .اللھم ال تعذب
ً ألسنة تخبر عنك .اللھم ال تعذب
تشتاق إلى لقاك .ما أجمل أن تلتقي األسر المسلمة على كتاب ﷲ ،وسنة رسوله -
جميعا ليعم النفع للرجل
ً صلى ﷲ عليه وسلم -ما أجمل أن نتذاكر ﷲ -عز وجل-
والمرأة ،والصغير والكبير ،والذكر واألنثى .إنھا َلنعمة عظيمة قد كان -صلى ﷲ عليه
وعذرا لكم -
ً ھديه -صلى ﷲ عليه وسلم-
ُ ھديه وخير الھدي
ِ وسلم -يفعلھا ،وذاك من
أيھا الرجال -سيكون الخطاب ھذه المرة من بين مرات كثيرة وكثيرة لطالما خوطبتم
وعفوا ،وما ُيقال للرجل ُيقال للمرأة ،وما ُيقال للمرأة
ً عذرا
ً أنتم ،سيكون الخطاب للنساء،
خصه به شرعنا المطھر
ﱠ ُيقال للرجل إال فيما اختص به كل جنس عن جنس آخر ،والذي
الذي أنزل على محمد -صلى ﷲ عليه وسلم-
تردن
تردن السكينة؟ ھل ُ ْ
تردن السعادة؟ ھل ُ ْ
أيتھا األخوات أيتھا األمھات ھل ُ ْ
تردنھا في وقت غير
تردن ذلك في الدنيا واآلخرة؟ أم ُ ْ
األمن والطمأنينة؟ ھل ُ ْ
ﱠ
مؤقتة بعمر وقت من ھذه األوقات؟ إني ألقول َ ﱠ
لكن :إن السعادة سعادتان؛ دنيوية
قصير محدود ،من طلبھا مجردة وحدھا فسينسى ذلك في غمسة واحدة ُيغمسھا في
يؤتى َ َ
بأنعم أھل الدنيا من أھل النار فيغمس في النار غمسة ،ثم يقال له :ھل جھنمَ ُ .
مر بك نعيم قط؟ فيقول :ال وﷲ يا رب .فينسى كل نعيم ولذة في
مر بك خير قط؟ ھل ﱠ
ﱠ
الحياة بغمسة واحدة ُيغمسھا في النار .نعوذ با 9من النار .أما السعادة الثانية :فھي
أبدا -وھذه ھي المطلوبة .فلو حصل لإلنسان في
سعادة أخروية دائمة ال انقطاع لھا – ً
أبدا؛ ألن غمسة واحدة في
نادما ً
ً حياته ما حصل من التعاسة والشقاء لم يكن بعد ذلك
وتنسيه ذلك الشقاء وتلك التعاسة.
الجنة ُتنسيه تلك اآلالمُ ،
ويا أيھا األحبة إن سعادة الدنيا مقرونة بسعادة اآلخرة ،وإنما السعادة الكاملة في الدنيا
واآلخرة للمؤمنين والمؤمنات ،للصالحين والصالحات ،للطيبين والطيبات ،للقانتين
والقانتات ،للعابدين والعابدات ،للمتقين والمتقيات؛ اسمع إلي ربك يوم يقول –سبحانه
طيبة َ َ َ ْ ِ َ ﱠ ُ ْ
ولنجزينھم حياة َ ِ ّ َ ً مؤمن َ َ ُ ْ ِ َ ﱠ ُ
فلنحيينه َ َ ً وھو ُ ْ ِ ٌ
أنثى َ ُ َ ذكر َ ْ
أو ُ َ صالحا من َ َ ٍ
عمل َ ِ ً
من َ ِ َ
وبحمدهْ َ ) :-
ُون( فالسعادة كلھا في طاعة ﷲ ،والسعادة كلھا في يعمل َ
كانوا َ ْ َ أجرھم ِ َ ْ َ ِ
بأحسن َما َ ُ َ ْ َ ُ
السير على منھج ﷲ وعلى طريقة محمد بن عبد ﷲ –صلى وسلم عليه ﷲ -يقول
عظيما( والشقاوة كلھا في فاز َ ْ ً
فوزا َ ِ ً فقد َ َ الله َ َ ُ َ ُ
ورسوله َ َ ْ يطع ﱠ َ
ومن ُ ِ ْ
ﷲ –جل وعال –َ َ ) :
معصية ﷲ ،والتعاسة كلھا في منھج غير منھج ﷲ وغير منھج محمد –صلى ﷲ عليه
مبينا ( .فيا أيتھا األخوات المسلمات
ضالال ﱡ ِ ً
ضل َ
فقد َ ﱠ يعص الل ﱠ َه َ َ ُ َ ُ
ورسوله َ َ ْ ومن َ ْ ِ
وسلمَ َ ) -
تردن السعادة؟ إن كنتن كذلك ،وما أظنكن إال كذلك؛ فلتسمعن مني النصيحة
ھل ُ ْ
حسن الثواب ،يخشى على ھذه الوجوه من نصحكن يرجو َ ُ ﱠ
لكن ُ ِ والعتاب من مخلص في
الحميم من العذاب ،أخواتنا ال تغضبن فالحق أولى أن يجاب .أيتھا األخت المسلمة
أدعوك وأدعو الكل ،وأدعو نفسي إلى
ِ بصوت المحب المشفق وكالم الناصح المنذر
تقوى ﷲ -عز وجل -وأن نقدم ألنفسنا أعماال ً صالحة ُتبيض وجوھنا يوم أن نلقى ﷲ،
وجوه
وتسود ُ ُ ٌ
وجوه َ َ ْ َ ﱡ
تبيض ُ ُ ٌ
يوم َ ْ َ ﱡ
يوم ال ينفع مال وال بنون إال من أتى ﷲ بقلب سليمَ ْ َ ) .
تكفرون َ َ ﱠ
وأما كنتم َ ْ ُ ُ َ
بما ُ ْ ُ ْ فذوقوا ْ َ َ َ
العذاب ِ َ إيمانكم َ ُ ُ
بعد ِ َ ِ ُ ْ
وجوھھم أكفر تم َ ْ َ
اسودت ُ ُ ُ ُ ْ
الذين ْ َ ﱠ ْ ََ ﱠ
فأما ﱠ ِ َ
تبيض وجوھنا يوم أن نلقى ﱡ خالدون َ(
فيھا َ ِ ُھم ِ َ رحمة ّ ِ
الله ُ ْ ففي َ ْ َ ِ وجوھھم َ ِ
ابيضت ُ ُ ُ ُ ْ ﱠ ِ َ
الذين ْ َ ﱠ ْ
بينھا لو َ ﱠ
أن َ ْ َ َ تود َ ْ
سو ٍء َ َ ﱡ وما َ ِ َ ْ
عملت ِمن ُ محضرا َ َ
خير ﱡ ْ َ ً
من َ ْ ٍ نفسٍ ﱠما َ ِ َ ْ
عملت ِ ْ كل َ ْ
تجد ُ ﱡ
يوم َ ِ ُ
ﷲَ ْ َ ) .
تردن النجاة؟ إن النجاة لفي تقوى ﷲ –جل وعال -ال غير. بعيدا( أال ھل ُ ْ وبينه َ َ ً
أمدا َ ِ ً َََْ ُ
أدعوك
ِ يحزنون( .ثم إني
ھم َ ْ َ ُ َ
السوء َوال ُ ْ
ﱡ ُ يمسھم
بمفازتھم ال َ َ ﱡ ُ ُ
اتقوا ِ َ َ َ ِ ِ ْ الله ا ﱠ ِ َ
لذين ﱠ َ وينجي ﱠ ُ
) َ ُ َ ِّ
أخرى –يا أخت اإلسالم -إلى أن تحمدي ﷲ –عز وجل -الذي أنعم عليك بنعمة اإليمان
أي رفعة .لم ُ َ
ترفع منزلة المرأة تحت أي مظلة وطھرك ورفع منزلتك ﱠ
ﱠ ِ وكرمك
ﱠ ِ ونعمة القرآن
رفعت تحت مظلة ال إله إال ﷲ محمد رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم -ليس
مثلما ُ َ
ھذا فحسب؛ بل أنزل ﷲ فيك وفي أخواتك سورة كاملة في قرآنه باسم سورة النساء،
وسورة أخرى باسم سورة مريم ،وسورة ثالثة باسم سورة المجادلة .ليس ھذا فحسب
خصك بأحكام عديدة في كتابه الكريم في حين كانت المرأة قبل ھذا الدين سلعة
ﱠ بل
رخيصة سلعة ممتھنه كسبق المتاع ،عار على وليھا وعار على أھلھا ،وعار على
تفضل البھائم عليھا .لم
أحيانا كالحشرة بل ُ ﱠ
ً مجتمعھا الذي تعيش فيه؛ ولذلك تعامل
أمة ﷲ ،فاستمسكي به ،اسمعي إلى قول ﷲ عزك إال في وسط ھذا الدين يا َ َ
تنالي ﱠ
وباطنا
ً وظاھرا
ً وأخرا
ً -عز وجل -يوم يحكى ماضينا البد أن تتذكريه؛ فتحمدي ﷲ أوال ً
من
يتوارى ِ َ وھو َ ِ ٌ
كظيم َ َ َ َ وجھه ُ ْ َ ً ّ
مسودا َ ُ َ باألنثى َ ﱠ
ظل َ ْ ُ ُ بشر َ َ ُ ُ ْ
أحدھم ِ ُ َ وإذا ُ ّ ِ َ
أنت فيهَ ِ َ ) .
ِ على ما
الترابِ ( .ال إله إال ﷲ ،إنه
يدسه ِفي ﱡ َ ھون َ ْ
أم َ ُ ﱡ ُ على ُ ٍ به َ ُ ْ ِ ُ ُ
أيمسكه َ َ بشر ِ ِ
سوء َما ُ ّ ِ َ ْ َ ْ ِ
القوم ِمن ُ ِ
صحابيا اسمه] عبد ﷲ
ً أحيانا ،فاسمعي يا أمة ﷲ؛ ُيذكر أن
ً ليئدھا ويقتلھا ويدفنھا حية
ُ
بن مغفل[ –رضى ﷲ عنه وأرضاه -كان إذا جلس عند رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه
وسلم -ظھر على وجھه حزن وكآبة ،حزن عظيم وكآبة عظيمة ،فسأله النبي –صلى
أبدا ،فقال :يا رسول ﷲ كنت في
ﷲ عليه وسلم -عن سبب حزنه ذلك الذي ال ينقطع ً
أعد إال بعد
الجاھلية ،وخرجت من عند زوجي وھي حامل ،وذھبت في سفر طويل لم ُ ْ
سنوات ،وجئت وإذا بھا قد أنجبت لي طفلة تلعب بين الصبيان كأجمل ما يكون األطفال،
زينيھا ،وھي تعلم أني سأئدھا وأقتلھا ،فقامت أمھا
زينيھا ِ ّ
قال :فأخذتھا ،وقلت ألمھاّ ِ :
تضيع
ِّ تضيع األمانة ،يا رجل ال
ِّ الھم ما بھا .زينتھا وتقول ألبيھا :يا رجل ال
ِّ تزينھا وبھا من
شعب ً
وجماال ،فخرجت بھا إلى ِ ْ األمانة ،قال :ثم أخذتھا كأجمل ما يكون األطفال براءة
من الشعاب ،قال :وبقيت في ذلك الشعب أبحث عن بئر أعرفھا ھناك ،فجئت إلى بئر
قوية دوية ،ليس فيھا قطرة ماء ،قال :فوقفت على شفير البئر ،أنظر إلى تلك الصغيرة،
ﱡ
فيرق قلبي لما بھا من البراءة ،وليس لھا من ذنب ،ثم أتذكر نكاحھا وسفاحھا؛ فيقسو
قلبي عليھا ،بين ھاتين العاطفتين أعيش ،قال :ثم استجمعت قواي ،فأخذتھا ،فنكبتھا
على رأسھا في وسط تلك البئر .قال :وبقيت أنتظر ھل ماتت؟ وإذا بھا تقول :يا أبتاه
ضيعت األمانة ،يا أبتاه ضيعت األمانة .ترددھا وترددھا حتى انقطع صوتھا؛ فوﷲ يا
نسيا
ً رسول ﷲ ما ذكرت تلك الحادثة إال وعالني الحزن والھم ،وتمنيت أن لو كنت
منسيا ،لو كان ذلك في اإلسالم .ثم نظر إلى النبي -صلى ﷲ عليه وسلم -فإذا دموعه
ً
تھراق على لحيته -صلى ﷲ عليه وسلم ،-وإذ به يقول -فيما ُروي "-يا عبد ﷲ وﷲ لو
يجب ما كنت مقيم الحد على رجل َ َ
فعل فعال في الجاھلية ألقمته عليك ،لكن اإلسالم َ ﱡ
قبله "-أو كما قال صلى ﷲ عليه وسلم .-أال فاحمدي ﷲ يا أخت اإلسالم الذي ھداك
ضل
ﱠ قدرك بھذا الدين ،يوم
ِ وأكرمك بھذا الدين ،ورفع
ِ وشرفك بھذا الدين،
ﱠ ِ لھذا الدين،
غيرك من نساء العاملين ،ثم استمسكي بحبل ﷲ -جل وعال ،-واعتصمي بدين ﷲ -عز
ُ
خانتك أركان .ثم أنقذي نفسك من النار ،أنقذي نفسك من النار يا
ِ وجل-؛ فإنه الركن إن
خيرا من فاطمة الزھراء بنت رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم،- ً لست
ِ أمة ﷲ ،وﷲ َ َ
يوما من األيام –كما في صحيح مسلم" :-يا فاطمة بنت محمد أنقذي
وقد قال لھا أبوھا ً
ً
شيئا ،يا فاطمة بنت محمد أنقذي نفسك من عنك من ﷲ
ِ نفسك من النار ،ال ُأغني
لك أمة ﷲ وإنذار منه –صلى ﷲ عليه ً
شيئا" وھذا إخطار ِ عنك من ﷲ
ِ النار ال ُأغني
أنك عرضة لعذاب ﷲ إن
ِ وسلم -يوم ُعرضت عليه النار فرأى أكثرھا النساء .أال فاعلمي
لم تخضعي ألوامر ﷲ ،إن لم تطيعي ﷲ ،إن لم تقفي عند أوامره وحدوده وتجتنبي
رقيبا غير ﷲ –
ً لك
نواھيه ،أال فأنقذي نفسك من النار ،واعملي بطاعة ﷲ وال تجعلي ِ
َ
جل وعال -الذي ما يكون من نجوى ثالثة إال ھو رابعھم ،وال خمسة إال ھو سادسھم،
وال أدني من ذلك وال أكثر إال ھو معھم أينما كانوا ،إنك –وﷲ -ألعجز من أن تطيقي
أنت –أيتھا
ِ حرھا؛ فأين
سيرت في النار لذابت من شدة ِّ
عذاب النار .إن الجبال لو ُ ِ ّ
الشم الراسيات ،متاع قليل ،واآلخرة خير لمن اتقى ،ال مھرب من
ِّ الضعيفة -من الجبال
ﷲ إال إليه ،وال ملجأ منه إال إليه ،الكل راجع إليه ،الكل مسئول بين يديه ،الكل موقوف
لنسألنھم َ ْ َ ِ ْ َ
أجمعين فوربك َ َ ْ َ َ ﱠ ُ ْ
سيسأل عن الصغير والكبير والنقير والقطمير ) َ َ َ ِ ّ َ
ُ بين يديه ،الكل
ُون( فماذا عسى يكون الجواب؟ ماذا عسى يكون الجواب يا أخا اإلسالم
يعمل َ عما َ ُ
كانوا َ ْ َ َ ﱠ
صوابا ،أطيعي ﷲ يا
ً جوابا ،ثم أعدي للجواب
ً وأعد للسؤال
ﱠ ويا أخت اإلسالم؟ أال فأعدي
أمة ﷲ ،وأطيعي رسوله –صلى ﷲ عليه وسلم ،-خذي من أوامر ﷲ ما استطعتي،
نواھيه ،وقفي عند حدوده ،وتمسكي بدين ﷲ ،ثم تمسكي بحيائك –والحياء
َ واجتنبي
وكل
ٌ إما قدوة اليوم ،وإما قدوة الغد،
فإنك ﱠ
ِ استطعت إلى ذلك سبيال؛
ِ من اإليمان -ما
كنت
ِ أمة ﷲ ،-وأنت راعية إن سيسأل؛ فماذا سيكون الجواب؟ أنت راعية في بيتك َ َ ُ
أيا كانت تلك الرعية –يا َ َ
أمة ﷲ -أال فلتكوني معلمة في مدرسة ،ومسؤولة عن رعيتك ً ّ
عمن
سائلك ﱠ
ِ قدوة حسنة في تربية الجيل ،أال ولتقومي بھذه المسؤولية؛ فإن ﷲ
ضيعتي األمانة ليكون لك مثل أجور من ِ فعلت؟ َ ُ
أقمت باألمانة فيھم ،أم ﱠ ِ استرعيت ماذا
إياك أن ال تكوني ،وإياك
ِ وإياك ثم
ِ ينقص من أجورھم شيء؟
اتبعك إن عملتي بالحق ال ُ َ
ثم إياك أن تكوني قدوة السوء لألخرى؛ فتأتين يوم القيامة تحملين أوزارك وأوزار من
أضللت كاملة ،أال ساء ما تزرين .ألم تسمعي لقول النبي –صلى ﷲ عليه وسلم:-
خصك أيتھا المرأة ،فقال" :المرأة راعية في
ﱠ "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" ثم
بيت زوجھا ومسئولة عن رعيتھا"؟ وفي الحديث الصحيح اآلخر" :وما من راعٍ استرعاه
حرم ﷲ عليه رائحة الجنة" .أنت راعية في مدرستك، ًّ
غاشا لھم إال ﱠ ﷲ رعية فبات
عليك مظلمة،
ِ ﷲ ال يأتي يوم القيامة ،ولكل ابن من أبنائك
فاَ 9
َ وأنت راعية في بيتك؛
عليك مظلمة؛ لم تأمريھم ولم تنھيھم ،ولم تربيھم على قال ﷲ،
ِ ولكل بنت من بناتك
إياك أن يأتي يوم القيامة ،ولكل طالبة –إن
ِ وقال رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم.-
ألنك لم تربيھم على قال ﷲ ،وقال رسوله -صلى ﷲ عليه
ِ عليك مظلمة؛
ِ كنت معلمة-
حسناتك ،ثم تحملين من
ِ وسلم ،-عندھا التعامل بالحسنات والسيئات يأخذون
أجارك ﷲ من النار ،ومن غضب الجبار وكل مسلمة
َ ِ تطرحين في النار،
سيئاتھم ،ثم ُ َ
ومسلم .اسمعي يوم يقف الناس في عرصات القيامة ،يوم يقول ﷲ -كما في األثر:-
"وعزتي وجاللي ال تنصرفون اليوم وألحد عند أحد مظلمة ،وعزتي وجاللي ال يجاوز ھذا
بيد َ َ
األمة يوم القيامة -كما يقول ابن مسعود- بيد العبد ويؤخذ ِ ِ
الجسر اليوم ظالم "يؤخذ ِ َ ِ
حقه،
فينادى على رؤوس الخالئق :ھذا فالن أو فالنة من كان عليه حق فليأتِ إلى ِ ّ َ ُ ":
بينھم فتفرح المرأة أن يكون لھا حق على أبيھا أو أخيھا أو زوجھا أو أمھاَ ) ".فال َ َ َ
أنساب َ ْ َ ُ ْ
امرئ وبنيه* ِ ُ ِ ّ
لكل ْ ِ ٍ وأمه َ َ ِ ِ
وأبيه * َ َ ِ َ ِ ِ
وصاحبته َ َ ِ ِ من َ ِ ِ
أخيه * َ ُ ِ ّ ِ يفر ْ َ ْ ُ
المرء ِ ْ ُون( ) َ ْ َ
يوم َ ِ ﱡ يتساءل َ
يومئذ َوال َ َ َ
َْ َ ِ ٍ
يغنيه( يومئذ َ ْ ٌ
شأن ُ ْ ِ ِ منھم َ ْ َ ِ ٍ
ِّ ْ ُ ْ
أجارك ﷲ من الھالك يا َ َ
أمة ِ خصماءك عند ﷲ فتھلكي،
ِ ﷲ ال يكون أبناؤك وبناتك
فاَ 9
َ
ﷲ .يا أيتھا األخت المسلمة ھل تريدين السعادة؟ ھل تريدين السعادة؟ اقتدي
صالحا ثم أخلصي العمل – 9جل
ً بالصالحات تفوزي في الحياة وفي الممات ،واعملي
يدي
ستسألين عنه بين َ
ُ ألنك
ِ بلغيه؛ ً
شيئا ِ ّ كنت تعلمين
ِ وعال -تخلصي ،وبلغي العلم إن
ً
شيئا، ﷲ –عز وجل -ماذا عملتِ في ذلك العلم ،وإن لم تكوني قد ﱠ
تعلمتي من العلم
عليك؛ لتعبدي ﷲ –عز وجل -على بصيرة وعلى ھدى؛ فھذا
ِ فعليك أن تتعلمي ما يجب
ِ
واجب وفرض عين ال يسقط عن أي إنسان –كان من كان.-
طلبت من رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم -أن يخدمھا مملوكة من المماليك ،أن
يخدمھا إياھا؛ فماذا كان منه –صلى ﷲ عليه وسلم -قال" :ال وﷲ ما دام على الصفة
فقير يحتاج إلى لقمة أو إلى كسرة" –أو كما قال –صلى ﷲ عليه وسلم ،-فذھبت إلى
بيتھا وقد تعبت من أعمال البيت ،وجاء النبي –صلى ﷲ عليه وسلم -إليھا ليدخل بيتھا
وھي وزوجھا في فراش واحد ،ثم قال لھما –صلى ﷲ عليه وسلم" :-أوال أدلكما على
خير لكما من خادم" أوال أدلكما على خير لكما من خادم من الذي قال ھذا؟ إنه من ال
ً
ثالثا إن ھو إال وحي يوحي .قال" :إذا أويتم إلى فراشكما َ َ ِ ّ
فسبحا ينطق عن الھوىْ .
أربعا وثالثين؛ فذلكما خير لكما من خادم" .ھل فعلنا
ً وكبرا
ِّ ً
ثالثا وثالثين، وثالثين ،واحمدا
ذلك يا أيھا األحبة؟ بل ھل علمنا نساءنا أن يذكروا ھذا الذكر قبل أن يناموا؟ إنه من
علي :وﷲ ما تركته من بعد ذلك اليوم حتى لقيت ﷲ
ﱞ المعين على خدمة البيت .يقول
صفين قال :وال ليلة صفين في وسط المعركة وفي
ِّ -جل وعال -قالوا :حتى وال ليلة
عليكن
ﱠ لكن أيتھا األخوات:
ﱠ وسط ما حصل ما نسيه -رضي ﷲ عنه وأرضاه .-إني أقول
أمة ﷲ أن في بيوت المسلين اآلن بھذا فذلكن خير لكن من خادم .ھل تعلمين يا َ َ َ
سبعمائة وخمسين ألف خادم في ھذه الجزيرة ما بين مسلمة وما بين بوذية وما بين
نصرانية وما بين مجوسية ﱠ
تولى ھؤالء .ماذا تولوا؟ تولوا تربية فلذات األكباد ،وﷲ إن ھذا
ألعظم ما تغشين به أطفالك ومجتمعك ُ
وأمتك وبالدك - ُ ألعظم الكفر ،وﷲ إن ھذا
ُ
أبدا .يا أيھا األحبة عليكم بھذا الدعاء فذلكما خير
الجزيرة -التي ال يجوز دخول كافر إليھا ً
لكما من خادم .اذكري فاطمة يا أيتھا األخت المؤمنة ،ثم اذكري ما عليه بعض أخواتك
في الرغبة الملحة من النظر إلى الرجال ،والحديث مع الرجال ،واالختالط بھم،
وتشبھھن بالكافرات في لباسھن ومشيتھن،
وھاھو رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم -يرسل رجال لخطبة بنت من بنات األنصار له،
ودميما -فما كان من الرجل
ً فقيرا
ً ويأتي ويقول :رسول ﷲ يطلب ابنتكم لي -وكان رجال ً
إال تردد ،وما كان من األم بعد ذلك إال أن ترددت؛ فما كان منه أو من ھذه المرأة التي
أتردان أمر رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم-؟ تربت على اإليمان إال أن خرجت ،وقالت ُ :ﱠ
أمرا َأن َ ُ َ
يكون ورسول ُُه َ ْ ً
الله َ َ ُ إذا َ َ
قضى ﱠ ُ مؤمنة ِ َ
لمؤمن َوال ُ ْ ِ َ ٍ وما َ َ
كان ِ ُ ْ ِ ٍ أين تذھبان من قول ﷲَ َ ) :
مبينا( ادفعوني إليه فإن
ضالال ﱡ ِ ً
ضل َ
فقد َ ﱠ له َ َ ُ َ ُ
ورسوله َ َ ْ يعصِ ال ﱠ َ
ومن َ ْ من َ ْ ِ ِ ْ
أمرھم َ َ الخيرة ِ ْ َ ُ ُ
لھم ْ ِ َ َ ُ
أمرا ھو أو
ﷲ ال يضيعني .أرأيتم –يا أيتھا األخوات -االستجابة – 9عز وجل -إذا قضى ً
سمية[ تعتنق اإلسالم،
ﱠ رسوله –صلى ﷲ عليه وسلم -فھال كانت ھذه ُأسوة ِ
لك].
وتؤذى ،يريدون أن يرﱡدوھا عن دينھا ،وما نقموا منھا إال أن آمنت با– 9الذي ال
وتضرب ُ َ
ُ َ
فأبت؛ ألنھا علمت أنھا على حق؛ فماذا كان منھا؟ تقدم إليھا الشقي
إله إال ھوْ َ -
لترضى(
ربي ِ َ ْ َ وعجلت ِ َ َ
إليك َ ِ ّ ولسان حالھا يقولُ ْ ِ َ َ ) :
ُ عفتھا،
بحربته ليطعنھا في موطن ﱠ
فكانت أول شھيدة في اإلسالم بإذن ﷲ -سبحانه وبحمده .-ومن قبل ھؤالء امرأة
ْ َ
األعلى( لم يصدھا ربكم فرعون ]آسيا[ التي آمنت في وسط بيت من يقولَ َ ) :
أنا َ ﱡ ُ ُ
جبروته ،ولم يصدھا قوته ،ولم يصدھا طغيانه .لما تبين إسالمھا طلب منھا أن ترجع عن
وأنى لمسلم يعرف ھذا الدين ثم يعود عنه وينكص على أعقابه؛ فماذا كان دينھاْ َ َ ،
فأبت ﱠ
وأوتد يديھا بأربعة أوتاد ،ثم ربطھا وألقاھا في الشمس ،ومنع عنھا
أوتد رجليھاَ ْ ،
منه؟ ْ َ
ﱠ
ووكل من يؤذيھا ،فقالت :ماذا قالت؟ وإلي مبرحا ،وآذاھا
ً ضربا
ً الطعام والشراب وضربھا
ونجني بيتا ِفي ْ َ ﱠ ِ
الجنة َ َ ّ ِ ِ دك َ ْ ً
عن َ َ
ابن ِلي ِ
ربِ ْ ِ
من لجأت؟ لجأت إلى فاطر السماوات واألرض ) َ ّ
ﱠ ِ ِ َ
الظالمين( روي أنھا لما قالت ذلك ُرفعت دونھا من ْ َ ْ ِ
القوم ونجني ِ َ
وعمله َ َ ّ ِ ِ
فرعون َ َ َ ِ ِ
ِمن ِ ْ َ ْ َ
تعذب حتى
مجوفة ،فضحكت وھي ُ ﱠ
الحجب حتى رأت بيتھا في الجنة من ُدرة بيضاء ُ ﱠ
ُ ُ ُ
الضحاك :فأمر فرعون بعد ذلك بحجر يلقى
ﱠ تعذب وتضحك؟! .يقول
قالوا :ھذه مجنونة ُ ،ﱠ
عليھا ،وھي في أوتادھا؛ فما وصل الحجر إليھا حتى أخذ ﷲ روحھا قبل ذلك ،فصارت
مثال ً للذين آمنوا .أرأيتم –يا أيھا األحبة ،ويا أيتھا األخوات -كيف تكون المؤمنة متعلقة
با– 9عز وجل -فيحفظھا سبحانه وبحمده؟ ليس ھذا ،قد تقولون :ھؤالء في عصر
نموذجا من ھذا العصر؛ عجوز جالست النساء ،وھي تخشى ﷲ –
ً مضى ،فسأذكر لكم
كثيرا من الناس في حفرة من حفر النار،
ً عز وجل -وتعلم أن ھذا اللسان لطالما أردى
وأوقعھم في أعراض المسلمين وأعراض المسلمين حفرة من حفر النار ما كان من ھذه
المرأة يوم أن جالستھم؛ فلم تجد فائدة إال أن اعتزلت بيتھا؛ فھي تذكر ﷲ آناء الليل
بار بھا،
وأطراف النھار ،وتقرأ القرآن ،واعتزلت النساء ولم تجلس معھن ،وكان لھا ولد ٌ
وفي ليلة من الليالي ،قد كانت تقوم أكثر ليلھا يوم أصبح قيامنا وقيام أھل بيتنا إال من
رحم ﷲ على التمثيليات والمسلسالت ،ونسأل ﷲ أن يعصم قلوبنا أن نلقى ﷲ على
ليلة من الليالي ،وإذا بھا تنادي ابنھا في ثلث
ٍ ذلك .يا أيھا األحبة كانت تقوم ليلھا ،وفي
الليل اآلخر ،وتقول :يا بني ھا أنا على وضع سجودي ال يتحرك مني عضو واحد؛ فما
بار بھا ،يريد أن تعود إلى
كان منه إال أن أخذھا وذھب بھا إلى المستشفى ،وھو ٌ
وأنى
ونھارا ،وذھب بھا إلى األطباء ،وفعلوا ما فعلوا ،ﱠ
ً صحتھا ،نور في البيت تذكر ﷲ ليال ً
قدر سألته با 9أن يعيدھا إلى بيتھا ،
لحذر أن ينجي من َ
وأنى ِ َ َ ٍ
لبشر أن ينجي من قدر؟ ﱠ
أعدني على وضع السجود كما كنت
ووضأھا ،ثم قالتِ :
ﱠ فأخذھا وذھب بھا إلى البيت،
على سجادتي في آخر الليل ،وإذا بھا بعد فترة ليست بالطويلة تنادي ابنھا وتقول :يا
محمدا رسول ﷲ.
ً بني أستودعك ﷲ الذي ال تضيع ودائعه ،أشھد أن ال إله إال ﷲ وأن
لتلقى ﷲ –عز وجل -وھي ساجدة؛ يغسلونھا وھي ساجدة؛ ويكفنونھا وھي ساجدة؛
ويذھبون ليصلوا عليھا وھي ساجدةُ ،تحمل إلى المقبرة وھي ساجدة ،وتدخل القبر
وھي ساجدة ،ومن مات على شيء ُبعث عليهُ ،تبعث بإذن ﷲ ساجدة .يا أيھا األحبة
رجاال ً ونساء امرأة تقوم من الليل ما تقوم ،وبعضنا ال يقوم من ليله ولو لساعة أو نصف
ساعة أو لدقائق أو لركعتين أو ثالث يرجو بھا رحمة ﷲ ،يرجو بھا نفحة من نفحات ﷲ -
عز وجل .-إني أقول :تشبھوا بھذه العجوز وقد منحكم ﷲ ما لم يمنحھا من الصحة
والقوة .وھاھي ابنة ]سعيد بن المسيب [ -عليه رحمة ﷲ -وھذه مثل لألخوات
المتعلمات؛ لما دخل عليھا زوجھا –وكان من طلبة العلم -أصبح في الصباح فأخذ رداءه
ليثني ركبته في مجلس سعيد بن المسيب أبيھا .فقالت :إلى أين تريد؟
َ يريد أن يذھب ُ
أتعلم العلم ،فقالت :له اجلس أعلمك علم سعيد ،فوجد
ُ أبيك سعيد
ِ قال :إلى مجلس
ما كان يتعلمه من سعيد عند ابنته .ھكذا تكون المرأة المسلمة ،وھكذا تكون المعلمة
نورا َ ِ ﱡ
يشع على زوجھا وعلى بيتھا؛ فال يخرجون من البيت إال طيبين الفاضلة تصبح ً
وصالحين بإذن ﷲ .وإن نسينا فال ننسى عائشة -رضى ﷲ عنھا -تلكم العالمة التي
علما حتى قال فيھا ]الزھري[ :لو
ً ط بعد إلى التاسعة عشر ،ومألت األرض
تخ ُ
ماتت ولم َ ْ
جمع علم عائشة إلى علم جميع النساء لكان علم عائشة أفضل وأكثر وأفيد .طلبت
ُ
العلم ولم تعزف عن الزواج ،كما يفعل بعض أخواتنا في ھذه األيام يطلبون العلم،
فيعزفون عن الزواج .تزوجت -يا أيھا األحبة -وھي في التاسعة أو أقل من ذلك ،ولم
تتعلم إال قال ﷲ وقال الرسول -صلى ﷲ عليه وسلم .-لم تتعلم قصص الغرام ،ولم
تتعلم الحب ،ولم تتعلم األدب اإلنجليزي ،ولم تصرف وقتھا إال فيما ينجيھا؛ كتاب ﷲ
وسنة نبينا محمد –صلى ﷲ عليه وسلم -فرضى ﷲ عنھا وأرضاھا ،ووفق أخواتنا
خطيبا في يوم من
ً لتكون ھي وأمثالھا قدوة لھن .وھاھو] أبو قدامة الشامي[ يقف
يعظ الناس ويذكرھم بفضيلة الجھاد في سبيل ﷲ –جل وعال -ماذا األيام على المنبر َ ِ
كان من ھذا الرجل؟ خرج من المسجد ،وقد ْ َ َ ﱠ ْ
اشرأبت األعناق للذھاب إلى القتال في
سبيل ﷲ ،وخرج يمشي في شارع من شوارع مدينته ،وإذا بھذه المرأة تقول :يا أبا
قدامة السالم عليك ،فلم يرد عليھا السالم؛ ألنه خشي أن تفتنه؛ ألن نبيه –صلى ﷲ
عليه وسلم -يقول" :فاتقوا الدنيا ،واتقوا النساء؛ فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في
النساء ".فلم يرد عليھا األولى ،ولم يرد عليھا الثانية ،وفي الثالثة قالت :السالم عليك
إلي ،وقالت :سمعتك وأنت
ّ يا أبا قدامة ما ھكذا يفعل الصالحون .قال :فتوقفت فتقدمت
تشحذ الھمم للجھاد في سبيل ﷲ ،وفتشت ،فلم أجد -وﷲ -أغلى عندي من
عل ﷲ
ﱠ لفرسك في سبيل ﷲ؛
لجاما َ َ ِ
ً ضفيرتي شعري ،فقصصتھما ،فخذھما ،واجعلھما
َ ْ
لجاما لخيل ﷲ
ً تقص ضفائرھا
ﱡ أن يكتبني من المجاھدات في سبيله .وال إله إال ﷲ
ولجند ﷲ .وأخرى تقص ضفائرھا لتكون أشبه بالبغايا العاھرات .شتان بين مشرق
تشبه بقوم فھو منھم .أرأيتم ھذه
ﱠ ومغرب .شتان بين الفريقين –يا أيھا األحبة -من
المرأة في اليوم الذي بعده؟ يقول أبو قدامة :وقد انطلقنا نريد الجھاد في سبيل ﷲ،
قال وإذا بھذا الطفل يأتي ويلحق بنا ،ويقول :يا أبا قدامة سألتك با 9أن تجيزني في
القتال في سبيل ﷲ .قال :تطؤك الخيل بحوافرھا .قال :سألتك با 9إال أخذتني .قال:
إن ُقتلت تشفع لي عند ﷲ -شرط -؟ قال :نعم ،فأخذه معه على فرسه ،وانطلقوا
حتى قابلوا الروم ،وحينما قابلوھم قال :سألتك با 9ثالثة أسھم .قال :تضيعھا إذاً .قال:
سھما ،وقال :السالم عليك يا أبا قدامة ،بسم
ً سألتك با 9ثالثة أسھم ،فأعطاه ،فأخذ
روميا
ً روميا ،ثم أطلق الثالث فقتل
ً روميا ،ثم أطلق الثاني فقتل
ً ﷲ ،ثم أطلقه ،فقتل
ً
ثالثا ،ثم جاءه سھم ،فضربه في لبته ،فأرداه من فوق الفرس وھو يقول :السالم عليك
تنس الوصية ،ال
َ يا أبا قدامة سالم مودع ،ثم سقط فسقط وراءه أبو قدامة ،وقال :ال
وأعطه أمي .قال :ومن أمك؟
ِ تنس الوصية .فما كان منه بعد ذلك إال أن قال :خذ ھذا
َ
قال :أمي صاحبة الضفيرتين التي أعطتك إياھا باألمس .أرأيتم إلى البيوت المسلمة
تربى على ال إله إال ﷲ محمد رسول ﷲ ،المرأة مربية األجيال
يوم ُ ﱠ
طيب األعراق
شعبا ِ ّ
ً واألم مدرسة إذا أعددتھا *** أعدت
ھاھي ]صفية بنت عبد المطلب[ عمة رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلمُ ْ ِ -
تلكم المرأة
سيفا في سبيل ﷲ .توفي عنھا زوجھا وترك
ً سل
ﱠ ربت لألمة أول فارس
الحازمة التي ﱠ ْ
وربته على الفروسية ،لم
فنشأته على الخشونة والبأس ،ﱠ ْ
ﱠ لھا الزبير -وھو طفل صغير-
ﱡ
الترفه وعلى الميوعة حتى أصبح األطفال والرجال -اآلن- ﱡ
التنعم وعلى تنشئه على
ُ ِّ ْ
بريِ السھام وإصالح القسي ،لم تجعل لعبه في
لعبه في ْ ً
رجاال ،جعلت َ أشباه رجال ال
ً
وشماال ،يتسكعون .كانت تقدمه يمينا
ً لعب الكرة ،وفي مطاردة الدراجات في الشوارع
في كل مخوفة ،وكانت ترميه في كل خطر؛ تريد أن يكون َ ِ َ
لبنة صالحة في ھذا
يوما من األيام قال لھا:
المجتمع؛ فإذا تردد عنھا ضربته وأوجعته حتى إن أحد أعمامه ً
مبغضة ال ضرب أم ،فارتجزت قائلة:
ٍ ضرب
َ إنك تضربينه
ِ
ُب
من قال قد أبغضته فقد كذب *** وإنما أضربه لكي يَل ﱠ
ويخدم الجيش ويأتي بالسلب.
ھاجرت إلى المدينة النبوية ،وھي تقفو إلى الستين من عمرھا ،تركت مدارج الشباب،
فارة إلى ﷲ –جل وعال -في المدينة ،وفي يوم ُأحد
وتركت مكة ،وھاجرت بدينھا ﱠ ً
ولنقف مع نموذج ھنا وھو وقفة عظيمة أخيرة وقفة تأمل وتدبر .البد أن نقفھا مع ھذا
النموذج إنه مع نموذج فريد .مع نموذج درس وحده لنقف مع] أسماء[ –رضى ﷲ عنھا
الصديقة بنت الصديق التي حظيت بموقف لم تحظَ به امرأة
ِّ وأرضاھا -ذات النطاقين
قبلھا وال بعدھا وال حتى الرجال ،أال وھو خدمة رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم-
وأبيھا في الغار ،في طريق الھجرة إلى المدينة النبوية ،حدث لم يتكرر ،وخدمة لن
تتكرر ،تزوجت بالزبير –رضى ﷲ عنه وأرضاه -وھو أحد العشرة المبشرين بالجنة ،رضيت
زوجا؛ ألنه ابن الدعوة الذي شھد فجرھا كما شھدتھا ھي ،وألنه ابن الدعوة الذي
ً به
ذاق حالوة األذى في سبيلھا كما ذاقتھا ھي ،إنھما يشتركان في اإليمان والدعوة
والشجاعة ،انتقلت من بيت أبيھا إلي بيت زوجھا المتواضع ،لم تحمل جواھر ،ولم
ھم مستقبل اإلسالم بين أضالعھا ومصير الدعوة ،تقول
ﱠ تحمل فساتين ،وإنما تحمل
مال ،وماله مملوك غير فرسه ،فكنت أعلف
ٌ ذات يوم :تزوجني الزبير ،وما له في األرض
فرسه ،وكنت أكفيه مئونته ،وكنت أقوم فوق ذلك بأعباء بيته .واسمعوا –يا أيتھا
ً
عبئا على زوجھا الزبير بما لھا من مطالب دنيوية ورغبات ذاتية؛ األخوات -لم تكن أسماء
ألنھا لم تطلب الدنيا للمتعة ،ولم تطلب من زوجھا أن يكون لھا لوحدھا يحقق رغباتھا،
ويسعى لتوفير السعادة لھا؛ بل كانت ھي في خدمة زوجھا تسعده وترضيه وتقف
وراءه ،وتحتسب ذلك .فھو على ثغر في خارج البيت ،وھي على ثغر في داخل البيت،
وھذه ھي القسمة العادلة ،وھكذا تكون األسرة المسلمة .فأين تقف المرأة المسلمة
اليوم مع زوجھا في دعوته؟ ھل تتعھده بالطمأنينة؟ ھل تشحنه بالعزيمة؟ ھل تقف
تعيقه في ًّ
صفا وراءه ،وتتخلى عن بعض رغباتھا في سبيل ﷲ؟ أم أنھا تقف عقبة ُ ُ
طريق دعوته ،وفي طريق رسالته .إني ألدعو األخوات إلى دفع األزواج ،وإلى دفع
األبناء ،وإلى دفع اإلخوان ،وإلى دفع األخوات إلى اإلصالح والدعوة والعلم ولھن في
أسماء قدوة ونعم القدوة .ال زلنا نعيش مع أسماء ويرزقھا ﷲ -جل وعال -بعبد ﷲ،
صباحا
ً تتحف سمعه ﱡ
تتحف سمعه وقلبه بمبادئ ھذا الدين ُ ْ
فتربيه تربية المؤمناتُ ،
تتحف سمعه وقلبه بذكر ﷲ آناء الليل
ومساء بتالوة آيات ﷲ البينات على آذانهِ ْ ُ ،
ً
شب وترعرع ،وأبواه ال يفتران عن تعليمه أمور الدين ،وتربيته على
ﱠ وأطراف النھار حتى
يوما من األيام،
اإلسالم حتى إنه ليقتحم مجلس رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلمً -
صغيرا فيتبسم -صلى ﷲ عليه وسلم -يوم جاء يبايعه ،ويقول ":إنه ابن أبيه،
ً وھو ال زال
إنه ابن أبيه "كما روى عنه -صلى ﷲ عليه وسلم .-فھل تعي األمھات مسؤولية األبناء،
نرجو ذلك .إن المرأة الغارقة في الرفاه والتنعم والترف والتي تستھلكھا الدنيا من طعام
وشراب وزينة وتفاخر ومظاھر براقة ال تربي األطفال ،وال تربي العلماء ،وال تربي األتقياء.
ﱠ
والبطالين والكسالى والخاملين والعالة على المجتمع المتسكعين إنما تربي التنابلة
أشباه الرجال وال رجال .انظرن -يا أيتھا األخوات -ألسماء في ْ َ ِ
أحلك المواقف ،وقد بلغت
السابعة والتسعين من عمرھا ،يوم حوصر ابنھا في الحرم ،فتدخل عليه ،فيدخل ھو
عليھا يستشيرھا في الموقف؛ ماذا يفعل؟ فقالت بثبات المؤمنة المربية :أنت أعلم
بنفسك يا عبد ﷲ ،إن كنت تعلم أنك على حق وتدعو إلى الحق؛ فاصبر عليه حتى
تموت في سبيله ،وإن كنت تريد الدنيا فلبئس العبد أنت ،أھلكت نفسك ومن معك.
ظلمت ،وما غدرت ،وﷲ يعلم
ُ جرت في حكم ،وما
قال :يا أماه –وﷲ -ما أردت الدنيا ،وما ُ ْ ُ
حسنا
ً سريرتي ،وما في قلبي ،فقالت :الحمد ،9وإني ألرجو ﷲ أن يكون عزائي فيك
أشم رائحتك،
ﱠ تعانقا عناق الوداع ،ثم قالت :يا بني اقترب حتى
َ إن سبقتني إلى ﷲ،
فأكب على يديھا ووجھھا يلثمھا ويقبلھا
ﱠ وأضم جسدك ،فقد يكون ھذا آخر العھد بك،
وتشتبك دموعه بدموعھا وھي تتلمسه .عمياء ال ترى ،ثم ترفع يدھا ،وھي تقول :يا
عبد ﷲ ما ھذا الذي تلبسه؟ قال :درعي .قالت يا بني ما ھذا لباس من يريد الشھادة
ﱡ
وأخف لحركتك ،والبس بدال منه سراويل في سبيل ﷲ ،انزعه عنك؛ فھو أقوى لوثبتك،
وشد سراويله ،ومضى إلى
ﱠ صرعت لم تنكشف عورتك .نزع درعه،
مضاعفة حتى إذا ُ
كفھا وقلبھا إلى ﷲ قائلة :اللھم
تفتري عن الدعاء .،فرفعت ﱠ
الحرم ،وھو يقول :يا أماه ال َ ْ ُ
ارحم طول قيامه ،وشدة نحيبه في سواد الليل ،والناس نيام .اللھم ارحم جوعه وظمأه
في ھواجر مكة والمدينة ،وھو صائم .اللھم إني قد أسلمته إليك ،ورضيت بما قضيت
فيه ،فأثبني فيه ثواب الصابرين .ويذھب ويصلي طوال ليلته تلك ،ويصلي بالناس الفجر،
ثم يحمد ﷲ ،ويثني عليه ،ويحرض أصحابه على القتال ،ثم ينھض ليقاتل وتأتيه ضربة
في وجھه ،يرتعش لھا ويسيل الدم على وجھه ،فيقول:
ولسنا على األعقاب تدمي كلومنا *** ولكن على أقدامنا تقطر الدم
ثم سقط فأسرعوا إليه ،فأجھزوا عليه ،فارتجت مكة بالبكاء عليه -عليه رحمة ﷲ -ثم
لم يكتفوا بذلك ،بل صلبوا جسمانه كالطود الشامخ في ريع الجحون.
ُعلواً في الحياة وفي الممات *** بحق أنت إحدى المكرمات
قياما للصالة
ً كأنك واقف فيھم خطيبا *** وھم واقفون
وتسمع األم الصابرة ذات السبع والتسعين سنة العمياء البصيرة ،وتذھب إلى ولدھا
المصلوب كالطود الشامخ ،وتقترب منه ،وھي ال ترى وتدعو له ،وإذ بقاتله يأتي إليھا
خيرا ،فتصيح به :لست لك بأم ،أنا أم
ً بك
أمه إن الخليفة أوصاني ِ
في ھوان ،ويقول :يا ﱠ
مخاطبا عبد ﷲ المصلوب:
ً ھذا المصلوب ،وعند ﷲ تجتمع الخصوم ،ويتقدم ابن عمر
قواما
صواما ﱠ ً
السالم عليك يا أبا خبيب ،السالم عليك يا أبا خبيب ،وﷲ ما علمتك إال ﱠ ً
شرھا ألمة
ﱡ ألمة أنت
ٌ شر ھذه األمة ،أما وﷲ
ﱡ وصوال للرحم ،أما وقد قال الناس :إنك
التفت إلى أصحابه قائال ً :أما آن لھذا الفارس أن يترجل ،ويتقدم ابن عمر
خير كلھا .ثم ْ
مواسيا ،ثم يقول لھا :اتقي ﷲ واصبري ،فقالت –بلسان الصابرة
ً معزيا
ً إلى أسماء
أھدي رأس
المؤمنة الواثقة بموعود ﷲ :-يا ابن عمر ،وماذا يمنعني من الصبر وأقد ِ
أرأيتن ما أعظم األم المربية! وما
ﱠ بغيٍ من بغايا بني إسرائيل؟!.
يحيى بن زكريا إلى َ ِ
سلمت األمر ،9 ﱠ تنح ،وإنما
جيبا ،ولم ُ
ً المربى! لم تلطم ً ّ
خدا ،ولم تشق ﱠ أعظم االبن
مصيبة َقالُوا ِ ﱠ
إنا ِ ّ ِ
لله إذا َ َ َ ْ ُ
أصابتھم ﱡ ِ َ ٌ الصابرين * ﱠ ِ َ
الذين ِ َ ﱠ ِِ َ وبشر
فلله األمر من قبل ومن بعدِ ِ ّ َ َ ) .
راجعون( انظرن –أيتھا األخوات -إلى] أسماء[ يوم يقدم ابنھا المنذر ،يوم يقدم
َ وإنا ِ َ ْ ِ
إليه َ ِ َِﱠ
ابنھا ]المنذر بن الزبير[ ،فأرسل إليھا بكسوة من بالد >مرو< ،كسوة رقاق عتاق ،وھي
فشق ذلك
ﱠ أف ردوا عليه كسوته،
أف ٍ
ال ترى ،فقامت تتلمس ھذه الكسوة ،ثم قالتٍ :
يشف فھو
ّ ﱡ
يشف –يعني ال يشف عما تحته -قالت :إن لم على ابنھا ،وقال :يا أماه إنه ال
ثيابا أخرى ال تشف وأعطاھا ،فقالت :مثل
ً يصف ،فاشترى لھا
يشف فھو َ ِ ُ
ّ يصف ،إن لم َ
َ ِ ُ
ھذا فاكسني يا بني ،مثل ھذا فاكسني يا بني .رحم ﷲ أسماء لو رأت ما يصنع بعض
نساء المسلمين اليوم ،وما يلبسه بعض حفيدات أسماء وخديجة وسمية وصفية ماذا
يكون الجواب؟ إننا لنعجب وﷲ من ُأذن تسمع قول رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم-
"صنفان من أھل النار –وذكر منھم -نساء كاسيات عاريات مائالت مميالت –إلى أن قال-
:ال يدخلن الجنة وال يجدن ريحھا ،وإن ريحھا ليوجد من مسافة كذا وكذا وكذا" .ثم ال
ھداھن ﷲ -من تلبس الضيق ،وتلبس الشفاف ،وتجمع
ﱠ نزال نرى في بعض المسلمات -
الحشف وسوء الكيل؛ فتلبس القصير والضيق والشفاف.
فحينا
ً حينا
ً تقلصا
ً كأن الثوب ظل في صباح *** يزيد
تظنين الرجال بال شعور *** لكأنك ربما ال تشعرين
إنه وعيد شديد ،وزجر أليم ،ماذا بعد الحرمان من الجنة ورائحتھا الزكية التي توجد من
إنك في ھذه الحياة يوم تخالفين أمر
ِ مسيرة ألف عام وأكثر ،إال النار؟! .يا أيتھا المسلمة
ﷲ ،فتقعين في الوعيد الشديد .يوم تجوبين األسواق سافرة ،وتقفين مع باعة األغنيات
قدرك في ھذه الحياة؛ فال عفاف وال حياء،
ِ ِّ
لتحطي من والمجالت والفيديوھات ماجنة
ً
فشيئا حتى تقعي فيما نسأل ﷲ أن يجيرك منه، ً
شيئا والحياء من اإليمان ،ثم تتنازلين
وإذا وقعتي -بالطبع -ال أحد -حتى الفجرة -يريدون رؤيتك بھذا المستوى.
إذا سقط الذباب على طعام *** رفعت يدي ونفسي تشتھيه.
وتجتنب األسود ورود ماء *** إذا كان الكالب ولغن فيه
فيا أيتھا المسلمة المصلية الساجدة ،يا من خضع رأسك للحي القيوم ،وخشع له
آنفا ،وﷲ إنه لعظيم لو
زاجرا حديث رسول ﷲ الذي سمعتيه ً
ً يكفيك
ِ سمعك وبصرك ،أال
صب على الجبال الراسيات ألذابھا .فأي شيء بعد الحرمان من دار النعيم ،وھل ھناك
ُ ﱠ
دار إال الجنة أو النار.
ال دار للمرء بعد الموت يسكنھا *** إال التي كان قبل الموت يبنيھا
فإن بناھا بخير طاب مسكنه *** وإن بناھا بشر خاب بانيھا
فارفعي رأسك -أختي المسلمة -وانظري بعين بصيرتك إلى أمھاتك وأخواتك من
خير سلف األمة ،وسلي ﷲ اللحاق بھن واعملي عملھن ﱠ ِ
علك أن تلحقي بھن؛
عليك
ِ أمة ﷲ راقبي ﷲ ،وقومي بما أوجب ﷲ فتحشري معھن ،والمرء مع من أحب .يا َ َ
َ ُ
دعا
قوال ممن َ َ ومن َ ْ َ ُ
أحسن َ ْ استطعت إلي ذلك سبيال ) َ َ ْ
ِ من تكاليف .وادعي إلى ﷲ ما
كربا بيد سواك ،ال تدرين متي يغشاك، ً صالحا( وإذا قسي قلبك فتذكري وعمل َ ِ ً
الله َ َ ِ َ َِ
إلى ﱠ ِ
القيامة َ َ
فمن يوم ْ ِ َ َ ِ توفون ُ ُ َ ُ ْ
أجوركم َ ْ َ وإنما ُ َ ﱠ ْ َ نفسٍ ذائقة ْ َ ْ
الموتِ َ ِ ﱠ َ كل َ ْ
بد فيه ُ ) .ﱡ
إنه الموت الذي ال ُ ﱠ
متاع ْ ُ ُ ِ
الغرور( يا أمة ﷲ تذكري الدنيا ِإال ﱠ َ َ ُ فاز َوما ْ َ َ ُ
الحياة ﱡ ْ َ فقد َ َ
الجنة َ َ ْ النار َ ُ ْ ِ َ
وأدخل ْ َ ﱠ َ عن ﱠ ِزحزح َ ِ
ُ ْ ِ َ
بك إذا صاح
نبيك؟ كيف ِ
ربك؟ وما دينك؟ ومن ﱡ
فيسأالنك :من ﱡ
ِ يأتيك منكر ونكير،
ِ يوم
وجمعت مع الخالئق حافية عارية ذاھلة ،قد دنت الشمس
إسرافيل ،ونفخ في الصورِ ْ ِ ُ ،
بعث النار من ذريتك ،فيقول :يا رب وما
منك قدر ميل ،ونادى الرب أبانا آدم :يا آدم أخرج َ ْ َ
ألف تسعمائة وتسعة وتسعون .عند ذاك
ٍ بعث النار؟ فيقول ﷲ -عز وجل :-من كل
ْ ُ
يشيب الصغير ،وتذھل المرضعة عما أرضعت ،وتضع كل ذات حمل حملھا ،وترى الناس
رجت األرض،
بك -يا أمة ﷲ -إذا ُ ﱠ
سكارى وما ھم بسكارى ولكن عذاب شديد .كيف ِ
ُ َ
وبثت الجبال ،وشخصت األبصار ،وخشعت األصوات للرحمن؛ فشاب الصغير ،وزفرت النار، ُﱠ ِ
اآلزفة ،وبلغت المفرط :واخيبتاه َ ِ َ ِ
وأزفت َ ِّ وتقطعت األسباب ،وصاح الكبير :واشيبتاه وصاح
ونوديتي باسمك من بين الخالئق
المحن على العبادُ ،
القلوب الحناجر ،وتوالت ِ َ
عدتك أيتھا الغافلة؟ كم في
للحساب ،ما حالك عندھا يا أمة ﷲ؟ ال إله إال ﷲ .أين ُ ُ
كتابك من حسنات؟ كم فيه من سيئات؟ ھل تنفع األزياء والموديالت؟ ھل تنفع األغاني
والمسلسالت والتمثيليات؟ ھل تنفع الفيديوھات والتليفزيونات واإلكسسوارات؟ ھل
تنفع الجواھر والمجوھرات؟
أال فتوبي قبل أال تستطيعي أن تتوبي واستغفري لذنوبك الرحمن غفار الذنوب.
إن المنايا كالرياح عليك دائمة الھبوب
أال فازدادي من الحسنات ،والحسنات يذھبن السيئات؛ فوﷲ ما بعد ھذه الدار من دار
شراك النعل ،والنار كذلك .اتقي ﷲ يا ابنة إال الجنة أو النار ،وﷲ َ ْ ﱠ
للجنة أقرب من ِ
اإلسالم .اتقي ﷲ يا من تخرجين إلى األسواق متبرجة .اتقي ﷲ يا من تلبسين
العباءة للزينة ال للستر .اتقي ﷲ يا من ﱠ ِ
كلفك ﷲ بمھمة عجزت عن حملھا السماوات
واألرض .اتقى ﷲ وصوني نفسك من أن تكوني ألعوبة في يد ضعاف اإليمان .اتقي ﷲ
لك كالسائق وغيره .اتقي
يا من تزاحمين الرجل ،وتخرجين مع الرجل الذي ليس بمحرم ِ
ﷲ يا من تدخلين على الطبيب بدون محرم ودونما ضرورة .اتقي ﷲ يا من تربي أبناءھا
تعظُھم .اتقي ﷲ يا من تتعطر وتخرج حتى إلى
تربية البھائم؛ فال تذكرھم با 9وال َ ِ
تشھد معنا
ْ بخورا؛ فال
ً الصالة .إن رسول ﷲ قد نھى عن ذلك ،يقول" :أيما امرأة أصابت
العشاء اآلخرة " كما رواه مسلم.
اتقي ﷲ وارجعي إلى الھدى قبل يوم تتقلب فيه القلوب واألبصار ،واعلمي أن عذاب
ﷲ شديد ،وأن الدنيا ليست مقر ،وأن الفضيحة أمام األولين واآلخرين عظيمة؛ فاتقي
جميعا –أيتھا األخوات -لما يحب ويرضى،
ً ﷲ ،ثم اتقي ﷲ ،ثم اتقي ﷲ .ﱠ
وفقكن ﷲ
ﱠ
كيد
جميعا لما يحب ويرضى .نسأل ﷲ أن يحفظ فتيات المسلمين من ْ
ً ﱠ
ووفقنا ﷲ
الكائدين ،وتربص المتربصين .اللھم اجعلھن من الصالحات ،وبالصالحات مقتديات ،وعن
الضالل معرضات ،وللكتاب والسنة مقتديات .اللھم اجمعھن -كما جمعتھن في ھذه
ونھر ،في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
الروضة -على اإليمان ،وفي اآلخرة في جنات َ
القوامون على النساء .اللھم استر
ﱠ اللھم ِّ
وفقنا للقيام بمسئولياتنا -أيھا الرجال -فنحن
عوراتنا ،وآمن روعاتنا ،واحفظنا من بين أيدينا ،ومن خلفنا ،وعن إيماننا ،وعن شمائلنا،
ومن فوقنا ،ونعوذ بك –اللھم -أن ُنغتال من تحتنا .سبحان ربك رب العزة عما يصفون
وسالم على المرسلين والحمد 9رب العالمين.
تم الكالم وربنا محمود *** وله المكارم والعال والجود
قمري وأورق عود
وعلي النبي محمد صلواته *** ما ناح ُ َ ٌ
األسئلة
)يا أيھا الذين آمنوا اتقوا ﷲ حق تقاته وال تموتن إال وأنتم مسلمون( )يا أيھا الناس اتقوا
ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منھا زوجھا وبث منھما رجاال كثيرا ونساء
واتقوا ﷲ الذي تساءلون به واألرحام إن ﷲ كان عليكم رقيبا( سالم ﷲ عليكم ورحمته
وبركاته وأسأل ﷲ الذي جمعنا وإياكم في ھذا المسجد أن يجمعنا وإياكم في ھذه
الحياة على اإليمان ثم يجمعنا بكم أخرى سرمدية أبدية في جنات ونھر في مقعد
صدق عند مليك مقتدر أيھا األخوة في ﷲ أوصيكم ونفسي بتقوى ﷲ عز وجل وأن
نقدم ألنفسنا أعماال صالحة تبيض وجوھنا يوم نلقى ﷲ عز وجل )يوم تبيض وجوه
وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوھھم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم
تكفرون وأما الذين ابيضت وجوھھم ففي رحمة ﷲ ھم فيھا خالدون(
في الصحيح عن ]أبي ذر[ قال :قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم "إني أرى ما ال
ترون وأسمع ما ال تسمعون َ ﱠ
أطت السماء وحق لھا أن تئط ما فيھا موضع أربع أصابع إال
وفيه ملك ساجد أو راكع وﷲ لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليال ولبكيتم كثيرا و لما
تلذذتم تط بالنساء على الفرش ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى ﷲ" وفي رواية
]المنذر[" ولحثوتم على رؤوسكم التراب " يوم روي ھذا الحديث ]أبو ذر[ رضي ﷲ عنه
بكى وأبكى وقال وددت وﷲ أني شجرة تعضد .ويقول ]عبد ﷲ بن عمرو بن العاص[
وﷲ لو تعلمون حق العلم ما تلذذتم بلذيذة ولقام أحدكم بين يدي ربه حتى ينكسر
صلبه ولصاح حتى ينقطع صوته فال إله إال ﷲ .
الموت آت والنفوس نفائس *** والمستغر بما لديه األحمق
الموت باب وكل الناس سيدخلون من ھذا الباب وما من باب إال و بعده دار .
ال دار للمرء بعد الموت يسكنھا *** إال التي كان قبل الموت يبنيھا
فإن بناھا بخير طاب مسكنه *** وإن بناھا بشر خاب بانيھا
الموت باب وكل الناس داخله *** يا ليت شعري بعد الموت ما الدار
الدار دار نعيم إن عملت بما *** يرضي اإلله وأن فرطت فالنار
فال إله إال ﷲ كتب الموت على كل شيء واختص نفسه سبحانه بالبقاء كل من عليھا
فان ويبقى وجه ربك ذو الجالل واإلكرام .في صحيح ]البخاري[ من حديث ]أبي سعيد[
رضي ﷲ عنه قال :قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم " إذا وضعت الجنازة واحتملھا
الرجال على أعناقھم فإن كانت صالحة قالت قدموني قدموني قدموني وإن كانت غير
ذلك صاحت بصرخات تقض المضاجع يا ويلھا أين تذھبون بھا لما ترى من العذاب
فيسمع صوتھا كل شيء إال الثقلين اإلنس والجن " وتفزع البھائم فزعاً يالحظه من
يتابع سير البھائم بال سبب فلعل ذلك مما تسمعه وال نسمعه نحن من صرخات
المفرطين التي تقض المضاجع أما وﷲ لو حملنا جنازة من الجنائز ثم سمعنا تلك
الصرخات يا ويلھا أين تذھبون بھا لصعقنا وال ما تدافنا وال ما حملنا جنازة أبداً ولقد
خشي ھذا رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم علينا كما في الصحيح يوم يقول" وﷲ لوال
أال تدافنوا لدعوت ﷲ أن يسمعكم من عذاب القبر ما أسمع " وھاھو صلى ﷲ عليه
وسلم كما في المسند من حديث ]البراء[ يرى أناساً مجتمعين فيسأل عن سبب
اجتماعھم فقيل على قبر يحفرونه على ذاك المصير الذي البد لكل واحد منا أن يسكنه
كبر أم صغر عز أم ذل فذھب رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم فزعاً مسرعاً حتى انتھى
إلى القبر فجثى على ركبتيه ثم بكى طويال ثم رفع رأسه فإذا دموعه تتحجر على
لحيته فقال" أي إخواني لمثل ھذا فأعدوا أي إخواني لمثل ھذا فأعدوا".
أحبتي في ﷲ ..لماذا خلقنا ومن أين وإلى أين ما الھدف؟ ما الغاية؟ ما الحكمة من
ھذا الخلق؟ إن لكل شئ حكمة وضعھا ﷲ عز وجل عرفھا من عرفھا وجھلھا من
جھلھا الشمس من حكمھا أنھا تضئ للبشر والمطر ينبت األرض والحيوانات لتركب
ولتأكل وزينة ويخلق ما ال تعلمون وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إال بشق
األنفس كل شئ في الوجود لحكمة من أصغر ذرة إلى أكبر مجرة فما الحكمة من
خلقك أيھا اإلنسان ما الحكمة من خلقك أيھا اإلنسان ألتذبح الحيوانات لتأكلھا؟ ألتبس
أبھى اللباس ؟ألتسكن أحسن الدور والقصور؟ ألتنكح أجمل الزوجات لتتمتع بھن؟ ألتنام
خلقنا إال
على الوثير ولتتنعم ألتركب أفخم السيارات ؟ال والذي رفع السماء بال عمد ما ُ ِ ْ َ
لعبادة ﷲ الواحد األحد القائل )وما خلقت الجن واإلنس إال ليعبدون ما أريد منھم من
رزق وما أريد أن يطعمون( والقائل سبحانه )أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا ال
ترجعون فتعالى ﷲ الملك الحق ال إله إال ھو رب العرش الكريم ( جعل ﷲ لنا طريقا
مستقيما فقال سبحانه )وأن ھذا صراطي مستقيما فاتبعوه وال تتبعوا السبل فتفرق
بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون ( ليس ھذا فحسب بل أرسل إلينا رسوال
ھو خاتم الرسل صلى ﷲ عليه وسلم صاحب اللواء يوم العرش وأول من تنشق عنه
األرض فجاء صلى ﷲ عليه وسلم بأعظم معجزة بأعظم معجزة عرفتھا األمم أال وھي
القرآن من استنار بنوره قاده إلى الجنة ومن جعله خلف ظھره ساقه إلى النار من
التمس الھداية فيه ھداه ﷲ ومن التمس الھدي في غيره أضله ﷲ وأھانه ﷲ ومن
يھن ﷲ فما له من مكرم فما حالنا مع ھذا القرآن وما حال أبنائنا مع ھذا القرآن مع
كالم ﷲ جل وعال ھل علمناه أبناءنا ھل دفعناھم إلى المساجد ليتعلموا كالم رب العزة
والجالل إن كنا كذلك فأبشروا بالعزة والنصر في الحياة ،والسعادة يوم تلقون ﷲ عز
وجل وإن كنا غير ذلك فإن من جعله خلف ظھره ساقه إلى النار نسأل ﷲ العافية من
النار ومن دار القرار .جاء صلى ﷲ عليه وسلم بالقرآن ليقطع الطريق على كل مبتدع
وكذاب وأفاك ومدع للنبوة .صلى ﷲ عليه وسلم فال نبي بعده فخلد ﷲ دعوته وخلد
ﷲ رسالته وجاء المدعون للنبوة في عھده ومن بعده فما جعل ﷲ لدعوتھم أثر ألنھا
دعوة باطل والباطل ساعة والحق إلى قيام الساعة جاء المدعون للنبوة من بعد
فاندحروا بالقرآن جاء ]مسيلمة[ فبما لقب ،لقب بالكذاب وإلى اليوم وإلى أن يرث ﷲ
األرض ومن عليھا وجاء ]األسود العنسي[ فباد ھؤالء وسادت رسالته صلى ﷲ عليه
وسلم بالحق فما على وجه األرض أحد يقول أشھد أن مسيلمة رسول ﷲ لكن على
وجه األرض ألف مليون مسلم في الجملة كلھم يشھدون أن ال إله إال ﷲ وأن محمدا
رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم بل فوق ذلك أجرى أحد العلماء دراسة على خطوط
الطول والعرض على األرض فأثبت أن ما من دقيقة تمر اآلن إال ومئذنة على وجه األرض
يسمع عليھا أشھد أن ال إله إال ﷲ وأشھد أن سيدنا محمدا رسول ﷲ )فأما الزبد
فيذھب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في األرض( فال إله إال ﷲ أيد ﷲ رسوله
بالقرآن وبما يزيد على مئات المعجزات الظاھرات القاھرات ھا ھو ] اإلمام أحمد[ في
مسنده يروي" أن راعياً خرج بغنمه إلى الفالة في يوم من األيام وجاء ذئب فعدى على
شاة فانقض عليه الراعي فأمسك بالشاة وأخذھا من فم الذئب فما كان من الذئب إال
إلى
ّ أن تأخر وأقعى على ذنبه وتكلم كالم اإلنس وقال أما تتقي ﷲ تأخذ رزقاً ساقه ﷲ
فقال الراعي يا عجبي ذئب يتكلم قال الذئب وأعجب من ذلك محمد بشر يخبرك بأنباء
من سبق فما كان من ھذا الرعي إال أن أخذ غنمه وانطلق بھا إلى مسجد المصطفى
صلى ﷲ عليه وسلم ليدخل إلى المصطفى صلى ﷲ عليه وسلم ويخبره الخبر
فينادي النبي صلى ﷲ عليه وسلم الصالة جامعة الجتماع الناس فيجتمع الناس فيقول
صلى ﷲ عليه وسلم ال تقوم الساعة حتى تكلم السباع اإلنس" ولقد كلمت السباع
اإلنس على عھد محمد صلى ﷲ عليه وسلم ،الذي قال بعثت أنا والساعة كھاتين
وأشار بإصبعيه صلى ﷲ عليه وسلم فماذا يقول من كان بعده بأربعة عشر قرنا نسأل
ﷲ أن يحسن الحال ،ليس ھذا فحسب ،روى ]البخاري[ ]ومسلم[ عن رسول ﷲ
صلى ﷲ عليه وسلم "أن أھل مكة سألوه آية على قدرة ﷲ عز وجل ليؤمنوا كما ادعوا
فسأل ربه آية فانفلق القمر فلقتين فلقة على جبل وفلقة على جبل آخر فقالوا سحر
أعيننا محمد واستكبروا وصدوا وندوا وقال المنصف منھم نذھب إلى أھل البوادي
فنسألھم ھل رأوا ما رأينا فذھبوا إلى البادية وسألوھم قالوا إي وﷲ قد انفلق فلقتين
في تلك الليلة فقالوا مصدين ومعرضين سحر عم البادية والحاضرة" فأنزل ﷲ )اقتربت
الساعة وانشق القمر وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر( وھاھو صلى ﷲ عليه
وسلم كما في صحيح مسلم ال يمر على شجرة قبل أن يبعث إال وقالت السالم عليك
يا رسول ﷲ وال يمر على حجر إلى قال السالم عليك يا رسول ﷲ جماد آمن برسول
ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم وبشر صدوا وندوا عنه صلى ﷲ عليه وسلم ولذا يقول صلى
ﷲ عليه وسلم بعد أن أصبح >بالمدينة<" وﷲ إني ألعرف حجراً >بمكة< كان يسلم
علي قبل أن ُأبعث" ليس ھذا فحسب روى ]مسلم[ عن ]جابر بن عبد ﷲ[ رضى ﷲ
عنه "أن رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم خرج يوما من األيام في فالة ليقضي حاجته
قال فتبعته بما ٍء له قال وإذ به يأتي إلى واد على شاطئيه شجرتان قال فلم يجد ما
يستتر به فذھب إلى إحدى الشجر وأمسك بأغصانھا وقال انقادي بإذن ﷲ قال فوﷲ
لقد انقادت وراءه كما ينقاد البعير المغشوش الذي في أنفه رباط يسحب به ثم ذھب
إلى الثانية ثم وضع يده عليھا وقال انقادي بإذن ﷲ فانقادت معه حتى جاءت وأصبح
علي بإذن ﷲ فالتأما عليه حتى ال يرى صلى ﷲ عليه وسلم وھو
ﱠ بينھا فقال التئما
يقضي حاجته قال ثم ذھبت مولياً لئال يبتعد المصطفى صلى ﷲ عليه وسلم إذا رآني
وإذا به ينتھي من قضاء حاجته ثم يقول للشجرة األولى ارجعي قال فترجع بأمر ﷲ إلى
مكانھا وترجع الثانية إلى مكانھا" آيات ومعجزات ظاھرات بينات لكن يا أيھا األحبة صدق
قوم بذلك وآمنوا فأطاعوا ﷲ ورسوله فكان لھم ما قاله ﷲ جل وعال )ومن يطع ﷲ
والرسول فأولئك مع الذين أنعم ﷲ عليھم من النبيين والصديقين والشھداء والصالحين
وحسن أولئك رفيقاً ذلك الفضل من ﷲ وكفى با 9عليماً(
وصنف آخر كذب وصد واستكبر بعقل جامد وقلب فارغ ساه اله ال يفقه عين ال تبصر أذن
ال تسمع بھيمة في مسالخ بشر عصى ﷲ وتعدى حدوده فكان له ما قال ﷲ جل وعال
)ومن يعص ﷲ ورسوله ويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيھا وله عذاب مھين(
ھا أنت أخي الحبيب رأيت صنفين ال ثالث لھما وسمعت بغاديين ال ثالث لھما غاد
غدى إلعتاق نفسه من النار فھو الفائز أسأل ﷲ أن يجعلنا وإياكم ممن يغدو ويروح في
طاعة ﷲ جل وعال وغاد آخر غدى ليوبق نفسه ويھلكھا بالفسق والفجور فھو الخاسر
فأي الغاديين أنت فكل يغدو فبائع نفسه فمعتقھا أو موبقھا حدد موقعك واعرف مصيرك
فأنت أحد غاديين ال محالة فغاد يغدو من بيته ليھلك نفسه باإلشراك با 9إن تكلم
شركية تفوح من فمه وتغدو وتروح ِ ،من ھذه األلفاظ
فال تسمع منه إال نتن األلفاظ ال ِ ْ ِ ﱠ
استعانته بالجن يقول خذوه وافعلوا به واركبوه مع أنه قد كان قبلھا قليال يردد في صالته
)إياك نعبد وإياك نستعين( فأين العبادة وأين االستعانة با 9عز وجل أن أصيب بمصيبة
ليرفع ﷲ درجته في حبيب له مرض أو في قريب له مرض أو في نفسه ھو لم يذھب
ولم يلجأ إلى ﷲ ويطلب األسباب الشرعية -بل يذھب إلى السحرة ويذھب إلى
الكھنة ويذھب إلى الدجالين أو المشعوذين فيبيع دينه ودنياه ناسياً قول ﷲ جل وعال
)ومن يشرك با 9فقد حرم ﷲ عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار( وينسى
قول المصطفى صلى ﷲ عليه وسلم "من أتى كاھناً أو عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر
بما أنزل على محمد صلى ﷲ عليه وسلم" يغدو فيحلف بكل شئ إال با 9الذي ال إله
إال ھو ،بالطالق يحلف وبالحرام يحلف وبالذمة يحلف وبالحياة يحلف وبالنبي يحلف لكنه
ال يحلف با 9الذي ال إله إال ھو ناسيا قوله صلى ﷲ عليه وسلم "من كان حالفاً
حلف له با9
فليلحف با 9أو ليصمت" "من حلف بغير ﷲ فقد كفر أو أشرك" "ومن ُ ِ َ
فليرض ومن لم يرض فليس من ﷲ" ھو كما في الصحيح رجل من بني إسرائيل احتاج
إلى مائة دينار ،فذھب إلي رجل آخر وقال له أريد أن تقرضني مائة دينار قال ھل لك
ً
شھيدا ،قال ھل لك من من شھيد قال وﷲ ما لي من شھيد إال ﷲ قال فكفى با9
كفيل قال ما لي من كفيل إال ﷲ قال كفى با 9كفيال ً ،أعطاه المائة دينار فرضى با9
كفيال ً وشاھداً وما كان من ھذا الرجل إال أن تواعد ھو وإياه على أن يلتقيا بعد مدة
معلومة أخذ المائة الدينار وانتقل إلى بلده وذھب إلى بلده وعبر البحر إلى بلده وكان
بلده في الشاطئ الثاني وجمع المائة الدينار يريد أن يفي بوعده جزاء لما أقرضه وجاء
إلى البحر ينتظر سفينة لعلھا توصله فلم يجد سفينة من السفن ولم يجد مركباً من
المراكب ويريد أن يوصلھا في وقتھا فماذا فعل أخذ عوداً من الحطب ثم حفره ثم وضع
المائة الدينار ثم أغلقه ثم رفع يديه إلى ﷲ سبحانه وتعالى وقال اللھم يارب إني
استقرضته فأقرضني ورضي بك كفيال ورضي بك شاھداً ولم أجد ما أوصل له ھذه
الدراھم اللھم فبلغه ھذه الدراھم والدنانير ثم رمى بھا في البحر وتأتي رياح ﷲ عز
وجل تسوقھا إلى الشاطئ الثاني ذاك ينتظر آية من مجيء ھذه الدراھم وآية من
مجيء الرجل وظن أنه قد غدر به فكان يقول حسبي ﷲ ونعم الوكيل وإذ بھذه الخشبة
على األمواج تأتي إلى طرف البحر قال إذاً آخذ ھذا العود من خشب لعلي أرجع به
لنحتطبه وألشعل به ناراً خير من أن أرجع بال شيء .أخذه وذھب إلى بيته وجاء ليكسر
العود وإذ بھذه المائة الدينار في وسطه فقال ال إله إال ﷲ من رضي با 9كفاه ﷲ فھل
رضينا با 9جل وعال ،وذاك غاد آخر يغدو إلعتاق نفسه إن تكلم فبذكر ﷲ وإن
استعان استعان با 9وإن سأل فبا 9وإن أصيب بمصيبة لجأ إلى ﷲ ثم طلب األسباب
حلف له با 9رضي فھو غاد في الشرعية ال األسباب الشركية إن َ َ َ
حلف فبا ، 9وإن ُ ِ َ
حفظ ﷲ وعائد في عناية ﷲ فأي الغاديين أنت فكل يغدو فبائع نفسه فمعتقھا أو
موبقھا
وغاد آخر يغدو فيقدم مراد ﷲ عز وجل على شھواته وعاداته ويقدم مراد ﷲ وأوامر ﷲ
على لذاته وعاداته وتقاليده فالحكم حكم ﷲ واألمر أمر ﷲ والنھي نھي ﷲ والسعادة
ال تكون إال من ﷲ ووﷲ لن يسعد إنسان حتى يقدم أوامر ﷲ على كل ھوى في
نفسه وعلى كل حكم وعلى كل أمر وعلى كل نھي عند ذلك يكون له األجر العظيم
والخير العظيم من ﷲ ،في األثر إن ﷲ عز وجل يقول "وعزتي وجاللي ما من عبد آثر
ھواي على ھواه إال أقللت ھمومه وجمعت له ضيعته ونزعت الفقر من قلبه وجعلت
الغنى بين عينه واستجرت له من وراء كل ھذا" وآخر يقدم ويغدو فيقدم شھوات نفسه
ولذائذھا وعاداتھا وتقاليدھا على مراد ﷲ جل وعال فتجده يعبد ھواه ما وافق عادته
وشھوته وھواه فھو الحق في رأيه فيعمل به وما خالفھا فھو الباطل فيعرض عنه حتى
لو كان كتاب ﷲ وسنة رسوله صلى ﷲ عليه وسلم )أفرأيت من اتخذ إلھه ھواه( يريد
الدين موافقا لشھواته يريد الدين موافقاً لرغباته يريد أن يخضع له كل شئ فيقبل أي
حكم ويرفض أي حكم ما دام أنه ال يتفق مع شھوته )ومن لم يحكم بما أنزل ﷲ فأولئك
ھم الكافرون( )فأولئك ھم الفاسقون( )فأولئك ھم الظالمون( في األثر أن ﷲ عز وجل
يقول" :وعزتي وجاللي ما من عبد آثر ھواه على ھواي إال َ ﱠ
كثرت ھمومه وفرقت عليه
ضيعته ونزعت الغنى من قلبه وجعلت الفقر بين عينيه ثم ال أبالي في أي أودية النار
ھلك" فأي الغاديين أنت فكل يغدو فبائع نفسه فمعتقھا أو موبقھا،
وغاد أخر يغدو فيترك الصالة ويتبع الشھوات فيوبق نفسه كأنه لم يسمع قول رب العزة
والجالل )فخلف من بعدھم خلق أضاعوا الصالة واتبعوا الشھوات فسوف يلقون غياً(
كأنه لم يسمع قول ﷲ )فويل للمصلين الذين ھم عن صالتھم ساھون( كأنه لم يسمع
الذين لم يصلوا يوم أصبحوا في النار يوم يقول ﷲ لھم )ما سلككم في صقر قالوا لم نك
من المصلين( الصالة ركن ھام وفرض فرضه ﷲ ألھميته من فوق سبع سماوات أسري
بالنبي صلى ﷲ عليه وسلم إلى بيت المقدس ثم ُعرج به إلى السماوات العال لتفرض
عليه من فوق سبع سماوات أمانة عظيمة ويل لمن ضيعھا من تركھا فقد كفر بنص
حديث رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم يوم يقول "العھد الذي بيننا وبينھم الصالة من
تركھا فقد كفر" ويترتب على ذلك أال يزوج ألنه كافر وإن كان متزوجاً بطل نكاحه ،ال
يغسل إذا مات ،وال يكفن وال يصلى عليه وال يدفن في مقابر المسلمين وال يرث وال
يورث وال يجوز االستغفار له بعد موته ال يجوز أن نقول اللھم ارحمه اللھم اغفر له ألن
ﷲ يقول )ما كان للنبي والذين آمنوا معه أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى
( وأسأل ﷲ أال يكون فينا من يترك الصالة يترك الصلة بينه وبين ربه لكن قد نجد فينا
الكسول الذي ال يصليھا مع المسلمين وإنما يصليھا في بيته نقول لھذا قد َ ﱠ ﱠ
فوت على
نفسك أجراً عظيماً وارتكبت إثماً مبينا إن رب العزة والجالل يقول )واركعوا ما الراكعين (
وھو القائل ) في بيوت أذن ﷲ أن ترفع ويذكر فيھا اسمه يسبح له فيھا بالغدو واآلصال
رجال ال تلھيھم تجارة وال بيع عن ذكر ﷲ وإقام الصالة (.
تقول ]عائشة[ رضى ﷲ عنھا وھى تصف ھيئة النبي صلى ﷲ عليه وسلم في بيته
تقول كان يكون في خدمة أھله يخصف نعله ويعجن العجين أحياناً صلى ﷲ عليه وسلم
فإذا سمع ﷲ أكبر فكأنه ال يعرفنا وال نعرفه سمع نداء ﷲ فلبى نداء ﷲ صلى ﷲ عليه
وسلم ھو القائل صلى ﷲ عليه وسلم في رؤياه ورؤيا األنبياء حق ووحي كما روى
]البخاري[ عن ]سمرة بن جندب[ يقول "أتاني الليلة آتيان فانطلقا بي حتى جئنا على
رجل مضطجع ممدود وآخر قائم عليه بصخرة يسلب رأسه فينشدق رأسه ويتدھده
الحجر قال ثم يصح رأسه فيعود كما كان ثم يفعل به مثل ما فعل في المرة األولى قال
صلى ﷲ عليه وسلم فقلت ما ھذا قالوا ھذا لرجل يقرأ القرآن فيرفضه وينام عن الصالة
وروي كما أخرج ]الحاكم[ عن
المكتوبة" ال إله إال ﷲ أي جسد يطيق مثل ھذا العذاب َ ُ ِ َ
]ابن عباس[ "ثالثة لعنھم ﷲ رجل أم قوما ھم له كارھون وامرأة باتت وزوجھا عليھا
ساخط ورجل سمع حي على الصالة حي على الفالح ثم لم يجبه" يقول ]أبو ھريرة[
رضي ﷲ عنه وأرضاه :لئن تمتلئ أذنا ابن آدم رصاصاً مذاباً خير له من أن يسمع حي
على الصالة حي على الفالح ثم لم يجبه ويقول صلى ﷲ عليه وسلم " أثقل الصالة
على المنافقين صالة العشاء والفجر ولو يعلمون ما فيھما ألتوھما ولو حبوا ولقد ھممت
أن آمر بالصالة فتقام ثم آمر رجال ً فيؤم الناس ثم أنطلق برجال معھم حزم من حطب
ألحرق عليھم بيوتھم بالنار" وفي رواية "ولوال ما فيھا من النساء والذرية لفعلت ذلك" أو
كما قال صلى ﷲ عليه وسلم .
ھذا غاد أما آخر فيغدو إلى المسجد ليصلي مع جماعة المسلمين فيعد ﷲ له في
ورفع الجنة نزال ً كلما غدا أو راح ما خطا خطوة إال ُ ِ َ
كتب له بھا حسنة وال رفع أخرى إال َ ُ ِ َ
عنه سيئة ،ما جلس من مجلس إال وملك موكل به يقول اللھم اغفر له اللھم ارحمه
حتى تقام الصالة فما بالك إذا كان يقرأ القرآن ھا ھو ]ثابت بن عامر بن عبد ﷲ بن
الزبير[ يقول أبناؤه :كان كثيراً ما يقول اللھم إني أسألك الميتة الحسنة قالوا وما الميتة
الحسنة يا أبتاه قال أن يتوفاني ﷲ وأنا ساجد وتحل به سكرات الموت قبل صالة
المغرب ويسمع نداء ﷲ أكبر ﷲ أكبر حي على الصالة حي على الفالح فماذا كان منه
قال أقعدوني واحملوني إلى المسجد قالوا عذرك ﷲ ،مريض في سكرات الموت قال ال
أسمع حي على الصالة حي على الفالح ثم ال أجيب فحملوه على أكتافھم وأوصلوه
إلى المسجد فصلى معھم صالة المغرب حتى الركعة األخير فسجد فكانت السجدة
األخيرة )يثبت ﷲ الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي اآلخرة( وھاھو ]حاتم
األصم[ عليه رحمة ﷲ فاتته صالة العصر يوما من األيام جماعة مع المسلمين فذھب
أھل المسجد يعزونه في جماعة فاتته كانوا يعزي بعضھم بعضا إذا فاتته جماعة دخلوا
عليه في بيته وھم قلة فعزوه فبكى قالوا ما يبكيك قال أبكي ألنھا فاتتني جماعة
فعزاني بعض أھل المدينة ووﷲ لو مات أحد أبنائي لعزاني أھل >المدينة< كلھم ووﷲ
لموت أبنائي جميعاً أھون على من فوات ھذه الجماعة ھكذا كان سلفنا الكرام ]سعيد
بن المسيب[ في سكرات الموت بنياته الصغار حواليه يبكين فيقول لھن َ ْ ِ ﱠ
أحسن الظن
با 9فوﷲ ما فاتتني تكبيرة اإلحرام في المسجد ستين سنة ھكذا كانوا أيھا األحبة
فأي الغاديين أنت وكل يغدو فبائع نفسه فمعتقھا أو موبقھا .
وذاك غاد يغدو إلھالك نفسه فيسلط لسانه ويسلط سنانه ويسلط قلمه في النيل
من المسلمين بالسخرية بھم واالستھزاء بدين ﷲ واالستھزاء بعباد ﷲ واالستھزاء
بشعائر ﷲ ليرتكب أعظم جريمة أال وھي الدعوة إلى الظالم فيكون عليه وزره ووزر من
أضله إلي يوم القيامة وفوق ذلك يبوء بالكفر الذي يقوده إلى النار .في غزوة تبوك يوم
اتجه المسلمون مع قائدھم صلى ﷲ عليه وسلم إلى تبوك من >المدينة< حوالي
ألف كيلو في صحار في وقت حار بلغ بھم الجھد مبلغه حتى أن أحدھم في ليلة من
الليالي قام يبول فسمع صوت جلد تحت بوله فما كان إال أن نفضه من البول ثم أشعل
النار ووضعه فيھا وأكله من شدة ما يالقي من الجوع وتأتي ثلة منھم ليسخروا برسول
ﷲ وبأصحابه فيقلون ما رأينا كقرائنا ھؤالء أرغب بطونا وال أجبن عند اللقاء يعنون رسول
ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم وأصحابه ويأتي الكالم من ﷲ عز وجل إلى رسوله ويسري
الخبر بينھم فيلحقون بالنبي صلى ﷲ عليه وسلم ويقولون )إنما كنا نخوض ونلعب(
فيقول النبي صلى ﷲ عليه وسلم بكالم ﷲ )قل أبا 9وآياته ورسوله كنتم تستھزئون
ال تعتذروا قد كفرتم من بعد إيمانكم( ،يغدو أحدھم فيكتب كالماً يسب فيه اإلله
سبحانه وتعالى يقول
لم يبق من كتب السماء كتاب *** مات اإلله وعاشت األنصاب
جل ﷲ سبحانه تعالى ثم يستھزئ ثم يسخر ويظن أنه لن يقف بين يدي ﷲ جل وعال
لكن
إذا عير الطائي بالبخل ما در *** وعير قسا بالفھاھة باقل
وقال السھا للشمس أنت كثيفة *** وقال الدجى للبدر وجھك حائل
فيا موت زر إن الحياة كئيبة *** ثم يا نفس جدي إن دھرك ھازل
آخر يغدو ليعتق نفسه فيدعو الناس إلى توحيد ﷲ ويدعو الناس إلى ما فيه الخير
بقلمه وبلسانه يأمر بالمعروف وينھى عن المنكر ألنه من أمة األمر والنھي وأنتم يا أھل
ھذه القرية البعيدة عن صخب المدينة وعما يحدث في المدنية من الفساد إنكم
لتغبطون على قريتكم ھذه بين ھذه الجبال وإنكم لتغبطون على مثل ھذا االجتماع
فا 9ﷲ ال تسكتوا على منكر ﷲ ﷲ سلطوا ألسنتكم في األمر بالمعروف كونوا جبھة
ضد كل مفسد فوﷲ ما يمكن أن تسعد ھذه البلدة وال تسعد أي بلدة في بالد الدنيا إال
باألمر بالمعروف والنھي عن المنكر بـ قال ﷲ وقال رسوله صلى ﷲ عليه وسلم فلنأمر
في بيوتنا ولنأمر في شوارعنا ولننھى عن المنكر أياً كان المنكر ألن ﷲ عز وجل رتب
النجاة للذين ينھون عن السوء )وأنجينا الذين ينھون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا
بعذاب بئيس( يوم تأمر بالمعروف ويوم تنھى عن المنكر فيستجيب لك واحد يكون لك
مثل أجره ال ينقص من أجره شئ ثم إن ﷲ يھدي بك الضال فيكون لك من األجور
الشيء الكثير "ألن يھدى ﷲ بك رجال ً واحداً خير لك من حمر النعم" أتريد رحمة ﷲ يا
عبد ﷲ اسمع ماذا قال ﷲ )والمؤمنون والمؤمنات بعضھم أولياء بعض يأمرون بالمعروف
وينھون عن المنكر ويقيمون الصالة ويؤتون الزكاة ويطيعون ﷲ ورسوله أولئك سيرحمھم
ﷲ( أسأل ﷲ أن يرحمنا وإياكم برحمته فأي الغاديين أنت وكل يغدو فبائع نفسه
فمعتقھا أو موبقھا .
وذاك غاد في دنياه ويصاب بمصيبة فيوبق نفسه ويھلكھا فيتسخط من قضاء ﷲ وقدره
ويعترض على قدر ﷲ ما علم أن المصائب ترفع الدرجات لمن احتسبھا عند ﷲ سبحانه
وتعالى وما علم أن ﷲ مع الصابرين يصاب في دنياه فيكسر دينه
وكل كسر لعل ﷲ جابره *** وما لكسر قناة الدين جبران
يقول عند الصدمة األولى يوم يصاب في حبيب أو قريب أو في نفسه لما يا رب يعترض
على قضاء ﷲ ويعترض على قدر ﷲ يشق الجيب ويلطم الخد ويدعو بالويل ويدعو
بالثبور يدعو بعظائم األمور على نفسه والمالئكة في تلك اللحظة تقول آمين آمين
فالمصيبة مصيبتان ال ھو احتسب ھذه وإنما أصبحت مصيبته بفقد حبيبه ومصيبته
األخرى بضياع األجر في تلك اللحظة والمحروم من حرم الثواب وأنا أسأل سؤاال ً يا
أيھا األحبة ھل سيعود ميت إن مات وﷲ ما سمعنا أن ميتا مات فعاد لكنه ذھب ونحن
على األثر إن للموت أخذة تسبق اللمح بالبصر ھاھو أحد السلف شاب من شباب
السلف كانت له زوجة صالحة وكان له أوالد ثم حلت به سكرات الموت التي البد أن
يعاني كل واحد منا ھذه السكرات ونسأل ﷲ أن يھونھا علينا وعلى كل مسلم في
تلك اللحظات التي يذعن فيھا اإلنسان ويخضع ويذل 9عز وجل أياً كان ھذا الرجل مات
فوجدت عليه زوجته وجداً عظيماً ووجد عليه أوالده وحزنوا حزناً عظيماً فأقسمت زوجته
لتبكين عليه عاماً كامال ً وھذا ليس من عمل اإلسالم ھذا جذع وھذا تسخط وھذا
اعتراض على قضاء ﷲ وقدره فأخذت أوالدھا وأخذت خيمة لھا وذھبت ونصبتھا عند
قبره وبقيت عاماً كامال تبكي وأوالده الصغار حول قبره ما خرج إليھم فكلمھم بكلمة ما
خرج إلى زوجته وقال أحسنت أو قال اذھبي ووﷲ لو خرج لقال ال إله إال ﷲ أو الحمد
9أو سبحان ﷲ ألنه ال ينفعه في القبر إال مثل ھذه الكلمات وﷲ لو كلم أبناءه بكلمة
واحدة لسكن الناس كلھم المقابر يكلموا أحبابھم وأخواتھم وأصحابھم وأوالدھم فما منا
واحد إال وله في القبر عزيز أي عزيز لكن قد حيل بينھم وبين ما يشتھون ،بقيت سنة
كاملة وفي آخر السنة طوت خيمتھا وأخذت أوالدھا وجاءت راجعة مع الغروب إلى بيتھا
ال تجد جدوى من جلوسھا سنة كاملة وإذا بھاتف يھتف بھا ويقول ھل وجدوا ما فقدوا
ھل وجدوا ما فقدوا وإذا بھاتف آخر يرد ويقول ما وجدوا ما فقدوا بل يئسوا فانقلبوا ووﷲ
لن يرجع ميت يا أيھا األحبة فما على اإلنسان إال أن يحتسب في تلك اللحظات ،إن
رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم يفقد ابنه ]إبراھيم[ الصغير فلذة كبده فماذا كان منه
صلى ﷲ عليه وسلم دمعت عينه وتأثر قلبه لكنه ما قال إال ما يرضي ربه صلى ﷲ
عليه وسلم وھو األسوة والقدوة قال "العين تدمع والقلب يحزن وال نقول إال ما يرضي
الرب وإنا بفراقك يا إبراھيم لمحزونون" ھا ھي إحدى بناته صلى ﷲ عليه وسلم كانت
في يوم من األيام لھا ولد في النزع األخير في سكرات الموت فأرسلت إلى رسول ﷲ
صلى ﷲ عليه وسلم رجال ً وقالت أخبره أن ابني في النزع ِ َ ْ ُ َ
ليحضره ،فأخبره فقال
"مرھا فلتصبر ولتحستب 9ما أخذ وله ما أبقى وكل شئ عنده بأجل مسمى".
]يعقوب[ عليه السالم يفقد حبيبه وابنه وفلذة كبده ]يوسف[ عليه السالم مدة أربعين
عاماً فيصبر ال يشكو إلى أحد وإنما يشكو إلى ﷲ )وإنما أشكو بثي وحزني إلى ﷲ
وأعلم من ﷲ ما ال تعلمون( أما اآلخر فيغدو ليعتق نفسه يصاب بالمصيبة فيحتسبھا
عند ﷲ كما سمعتم من ھذا الذي ذكرت اآلن فيعوضه ﷲ ويبشره ﷲ )وبشر الصابرين
الذين إذا أصابتھم مصيبة قالوا إنا 9وإن إليه راجعون أولئك عليھم صلوات من ربھم
ورحمة وأولئك ھم المفلحون( في صحيح ]البخاري[ أن رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم
قال يقول ﷲ عز وجل "ما لعبدي المؤمن عندي من جزاء إذا قبضت صفيه وخليله من
أھل الدنيا ثم احتسبه إال الجنة" ويا له من جزاء ما ال عين رأيت وال أذن سمعت وال
خطر على قلب بشر وعند ]الترمذي[ "أن ﷲ عز جل يقول للمالئكة قبضتم ابن عبدي
المؤمن قبضتم روح ابن عبدي المؤمن وھو أعلم سبحانه وتعالى ،قبضتم ثمرة فؤاده
قالوا نعم قال فماذا قال ،قالوا حمدك واسترجع قال الحمد 9إنا 9وإنا إليه راجعون
قال ﷲ ابنوا له بيتاً في الجنة وسموه بيت الحمد ")وبشر الصابرين الذين إذا أصابتھم
مصيبة قالوا إنا 9وإنا إليه راجعون( ذكر ]الذھبي[ ]وابن كثير[ عليھما رحمة ﷲ أن
]عروة بن الزبير[ أحد علماء المدينة والذي كان يقطع يومه صائماً غالباً ويقطع ليله قائماً
ويختم القرآن في كل أربع ليالي مرة أخذ ابنه وسافر في يوم من األيام وأصابته اآلكلة
في رجل قدمه وھو ما يسمى اآلن بالسرطان أصابه في قدمه فجاءوا به إلى األطباء
فقالوا نقطعھا من القدم قال لكني أنتظر واصبر واحتسب فصعدت اآلكلة إلى الساق
فقالوا نقطعھا من الركبة قال لكني انتظر وأصبر وأحتسب فدخلت إلى الفخذ فقالوا
يخشى عليك قال ﷲ المستعان سلمت أمري 9فافعلوا ما شئتم فجاء األطباء
وتجمعوا بمناشيرھم وجاءوا ليس لديھم مخدر كما لدينا اآلن ما عندھم إال كأس الخمر
جاءوا له بكأس خمر قالوا له اشرب ھذا عله أن يذھب عقلك فال تحس بألم القطع
فصاح وقال عقل منحنيه ربي أذھبه بكأس من الخمر ال وﷲ لكن إذا أنا توضأت ووقفت
بين يدي ﷲ وقمت ألصلي وسبحت مع آيات ﷲ البينات فافعلوا برجلي ما شئتم توضأ
ووقف بين يدي ﷲ وجمعوا مناشيرھم وسبح مع آيات ﷲ البينات وقاموا يقطعون في
رجله بالمناشير والدماء تنزف وإذ به يخر مغشياً عليه وفي تلك اللحظة كان ابنه محمد
وراء ناقة من النوق يطاردھا فرفسته فأماتته مصيبتان في آن واحد آفاق من غيبوبته
فقالوا له أحسن ﷲ عزائك في ابنك ]محمد[ وأحسن ﷲ عزائك في رجلك فقال الحمد
9رب العالمين أوال ً وآخر وظاھراً وباطناً إن 9وإنا إليه راجعون اللھم يا رب إن كنت
أخذت فقد أعطيت أعطيتني أربعة من الولد وأخذت واحدا فلك الحمد أوال ً وآخر وظاھراً
وباطناً وأعطيتني أربعة من األطراف فأخذت واحداً فلك الحمد أوال ً وآخر وظاھراً وباطناً
صبر وأي صبر وبشر الصابرين سمع به ]الوليد[ فطلب أن يأتي إليه فذھب إليه في
قصره ودخل على ]الوليد[ وجلس عند ]الوليد[ وبه من الھم ما به لكنه فوض أمره إلى
ﷲ جل وعال ،فجاء طفل صغير من أطفال ]الوليد[ وقال ما أصاب عروة ما أصابه إال بذنب
أصابه فقال ال وﷲ
ما نديت كفي لريبة وال *** حملتني نحو فاحشة رجلي
وال دلني سمعي وال بصري لھا *** وال قادني فكري إليھا وال عقلي
فتى قبلي
ً وأعلم أني لم تصبني مصيبة *** من ﷲ إال قد أصابت
لعله يتسلى به فخرجوا يبحثون فإذا ھم برجل أعمى يتلمس الطريق بجانب قصر
الخليفة فأدخلوه ويوم أدخلوه على الخليفة قال ما خبرك قال أنا رجل من ]بني عبس[
وﷲ ما كان في ]بني عبس[ رجل أغنى مني كانت عندي أموال كثيرة وكان عندي
أوالد كثر كان عندي من اإلبل والبقر والغنم والدراھم والذھب والفضة ما يعلمه ﷲ جال
وعال ثم عزب لي قطيع من اإلبل فخرجت أبحث عن ھذا القطيع أتلمس قال ثم عدت
بعد ثالث أيام وقد رجعت بالقطيع فإذا سيل قد جاء على الوادي بعدي فلم يبق لي ال
ولداً وال أماً وال أختاً وال بنتاً وال ابناً وال ماال ً فإذا الديار خراب بلقع ليس بھا داع وال مجيب
قال فوقفت وإذا أنا بطفل صغير معلق بشجرة طفل صغير من أطفاله لم يبق سواه قال
فتقدمت إليه وأخذته وضممته على صدري وأنتحب قال وإذا بأحد الجمال يند ويھرب قال
قلت ضيعت كل شيء من أجلك ألرجعن بك فترك ابنه الصغير قال وبينما أنا أطارد
الجمل وإذ بصوت الطفل الصغير يصرخ فإذا ديب قد أخذه وإذا به يسحبه من أمامي
مصيبة أي مصيبة قال فبقيت وراء اإلبل لم يبق لي إال اإلبل أريد أن أستعيد ھذا الجمل
قال ووراءه أطارده وإذ به يرفسني فيعمي عيني فإذا أنا في الصحراء ال أھل وال مال وال
صديق وال صاحب وال أنيس إال ﷲ الذي ال إله إال ھو وجئتك ووﷲ ما جئتك يا ]وليد[
شاكيا ولكن جئتك ليعلم الناس أن 9عبادا يرضون ويسلمون بقضاء ﷲ وقدره إذا قدر
)وبشر الصابرين الذين إذا أصابتھم مصيبة قالوا إنا 9وإنا إليه راجعون( ھا ھو ]أبو ذؤيب
الھزلي[ يموت له ثمانية أبناء في يوم واحد بالطاعون فيحمد ﷲ ويقول إنا 9وإنا إليه
راجعون ويصبر ثم يقول بعض أبيات من الشعر ھي عظة وعبرة يقول:
ولقد حرصت بأن أدافع عنھم *** وإذا المنية أقبلت ال ُ ْ َ ُ
تدفع
وإذا المنية أنشبت أظفارھا *** ألفيت كل تميمة ال تنفع
وتجلدي للشامتين أريھم *** أني لغيب الدھر ال أتضعضع
فأي الغاديين أنت فكل يغدو فبائع نفسه فمعتقھا أو موبقھا
وذاك غاد يغدو ليھلك نفسه بظلم عباد ﷲ جل وعال يظلمھم بلسانه ويظلمھم بيده
ويظلمھم بأي نوع من أنواع الظلم ناسيا قول ﷲ عز وجل )وال تحسبن ﷲ غافال عما
يعمل الظالمون إنما يؤخرھم ليوم تشخص فيه األبصار( متناسيا أن دعوة المظلوم ليس
بينھا وبين ﷲ حجاب يرفعھا ﷲ فوق الغمام ويقول سبحانه وعزتي وجاللي ألنصرنك
ولو بعد حين .ھاھو ]سعيد بن زيد[ أحد العشرة المبشرين بالجنة تأتي امرأة فتذھب
إلى أحد خلفاء ]بني أمية[ وتقول إن ]سعيد بن زيد[ غصبني أرضي وأخذھا وما كان
لسعيد أن يأخذھا فيأتي به الخليفة ويقول أغصبتھا أرضھا يا سعيد فتدمع عيناه ويقول
وﷲ ما غصبتھا أرضھا ووﷲ لن أغصبھا أرضھا ألني سمعت رسول ﷲ صلي ﷲ عليه
وسلم يقول "من ظلم قيد شبر من األرض ط ِّ َ ُ
ُوقه يوم القيامة من سبع أراضين" يصبح
طوق له من سبع أراضين يحمله يوم القيامة ثم قال فلتأخذ أرضي إلى أرضھا وبئري
إلى بئرھا ونخلي إلى نخلھا فإن كانت صادقة فذاك وإن كانت كاذبة فأعمى ﷲ بصرھا
وأرداھا في أرضھا وتصعد الدعوة إلى ﷲ جل وعال الذي ينصر المظلوم من الظالم
وتخرج ھذه المرأة وبعد فترة تصاب بالعمى ثم تذھب لتتخبط في أرضھا التي أخذتھا
بالزور والجور ثم تسقط في البئر متردية ميتة نسأل ﷲ أن يحسن لنا ولكم الخاتمة
والختام وھاھم ]البرامكة[ وزراء ]الرشيد[ الذين كان منھم ما كان كانوا في نعمة من
ﷲ لكنھم ما صانوا نعمة ﷲ تكبروا وتجبروا وظلموا عباد ﷲ عز وجل وظنوا أنھم في
بعد عن قبضة ﷲ عز وجل ويسلط ﷲ عليھم الخليفة فيقتل منھم من يقتل ويدخل
السجن منھم من يدخل السجن ويضرب منھم أحدھم منھم ألف سوط ثم يدخله
السجن وھو من كبارھم فيأتي أحد أبناؤه يزوره فيقول أبتاه بعد العز أصبحت في القيد
كانت قصورھم مطلية بالذھب والفضة أين الذھب والفضة يا أبتاه قال أال تدري يا بني؟
قال :ال .قال دعوة مظلوم سرت في جوف الليل نمنا عنھا وليس ﷲ عنھا بنائم )وال
تحسبن ﷲ غافال عما يعمل الظالمون( أال وإن من أعظم الظلم ظلم الحيوانات بعض
الناس جبان شجاعته سلطھا على العجماوات علي الحيوانات على الدواب التي
سخرھا ﷲ عز وجال .له شجاع على القطط وجريء على الكالب ھا ھو رجل أعرفه في
منطقة الجنوب ما كان منه في يوم من األيام إال أن تردد حمار على مزرعة له يدخل كل
يوم ھذه المزرعة فيدخل فيھا ويأكل منھا ما يأكل فطرده في اليوم األول ثم طرده في
اليوم الثاني ثم طرده في اليوم الثالث ولما آذاه كثيرا أخذه في ليلة من الليالي ثم
ربطه في سيارته حيا ثم سحبه على اإلسفلت إلى منطقة بعيدة حتى تمزق قطعة
قطعة ظلم وأي ظلم ويرجع إلى بيته ويأتي وفي البيت بعوض فقام بمبيد حشري عنده
يضرب في الغرفة ضرب الغرفة وضرب حتى امتألت بھذا الغاز ثم جاء ليضيء المصباح
فما كان من المصباح إال أن أصدر شرارة فإذ بالغرفة تصبح عليه نارا فيحترق بالنار ثم
يبقي يوم أو يومين أو ثالثة ليلقى ﷲ نسأل ﷲ أن يحسن لنا وله الختام .البھائم
تشكوا إلى ﷲ عز وجل .بعير يدخل النبي صلى ﷲ عليه وسلم حائط رجل من األنصار
فيجد بعيرا ھناك يجرجر ويأتي إلى النبي صلى ﷲ عليه وسلم ودموعه تذرف يعرف أنه
صلى ﷲ عليه وسلم ما أرسل إال رحمة للعالمين فيقول صلى ﷲ عليه وسلم "أين
صاحب ھذا البعير فيخرج فتى من األنصار ويقول أنا يا رسول ﷲ يقول أنا يا رسول ﷲ
إلي ما تجده
ﱠ فيقول؛ فقال :أما تتقى ﷲ في ھذه البھيمة تجيعھا وتتعبھا إنھا شكت
منك" )وما أرسلناك إال رحمة للعالمين( صلى ﷲ عليه وسلم )وال تحسبن ﷲ غافال
عما يعمل الظالمون( ھاھو رجل كان يكاري على بغل له بين >دمشق< >والزبدان<
كما يروي ]ابن كثير[ وجاء يوم من األيام قاطع طريق فركب معه وذھب في الطريق
وبينما ھو في الطريق قال اسلك ھذه الطريق فھي أيسر وأقرب قال منذ فترة وأنا
أسلك ھذا الطريق وأنا أعرف ھذا الطريق قال ھذا أقرب وأيسر فصدقه وذھب معه فجاء
واد سحيق وإذ بھذا الوادي جثث القتلى كثير وإذا به يأتي بالناس إلى ھناك
إلى ٍ
فيذبحھم ثم يسرق ما بھم ظلم وأي ظلم جاء بھذا الرجل وأراد أن يقتله ھرب الرجل
فلحق به وأمسك به قال يا أخي خذ كل ما أملك خذ بغلتي وخذ ثيابي وخذ دراھمي
وخذ كل ما تريد ودعني أرجع قال البد من قتلك قال إن كان البد فدعني أصلي ركعتين
علي بالحربة يريد أن
ﱠ أودع بھما الدنيا يلجأ إلى ﷲ جل وعال قال فقمت أصلي وھو قائم
يقتلني قال ضيعت القرآن وأنا أرى الحربة فوق رأسي فوﷲ ما استحضرت آية من
القرآن إال إنني تذكرت قول ﷲ ) َ ﱠ
أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء( قال
فكررتھا وإذا بفارس من فم الوادي يخرج على فرس ومعه حربة فينطلق حتى يضربه
بالحربة فيرديه قتيال قال فتعلقت بثيابه وقلت له أسألك با 9من أنت قال أنا من جنود
الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء دعوة المظلوم ليس بينھا وبين ﷲ حجاب
دخل ]طاووس[ عليه رحمة ﷲ على ]ھشام بن عبد الملك[ ينصحه ويعظه ويحذره
الظلم ويقول له اتق ﷲ يا ]ھشام[ وال تنس يوم اآلذان قال وما يوم اآلذان يا ]طاووس[
قال )فأذن مؤذن بينھم أن لعنة ﷲ على الظالمين( فأغمي عليه إن رسول ﷲ صلى
ﷲ عليه وسلم يقول كما الحديث القدسي "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي
وجعلته بينكم محرما فال تظالموا" وآخر يغدو ليعتق نفسه فال يظلم أحدا إن تكلم
فبالعدل وإن حكم فبالعدل وإن خاصم فبالعدل وإن عاھد فبالعدل والمقسطون العادلون
يوم القيامة على منابر من نور على يمين الرحمن وكلتا يديه يمين ال خوف عليھم وال
ھم يحزنون فأي الغاديين أنت فكل يغدوا فبائع نفسه فمعتقھا أو موبقھا .
وذاك يغدوا ليقطع رحمه فيوبق نفسه وتحل به اللعنة يقول ﷲ عز وجل )فھل
عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في األرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنھم ﷲ
فأصمھم وأعمى أبصارھم( إن ﷲ لما خلق الرحم تعلقت بالعرش وقالت يا رب ھذا
مقام العائذ بك من القطيعة قال أال ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك قالت
بلى فمن وصل رحمه وصله ﷲ ومن قطع رحمه قطعه ﷲ يغدو بعض الناس ليعق
والديه الذين ھم السبب في وجوده بعد ﷲ جل وعال وﷲ عز وجل يقول ) وقضى ربك
أال تعبدوا إال إياه وبالوالدين إحسانا( واليوم نسمع يا أيھا األحبة ويا ليت اإلنسان أحيانا
ال يسمع غير اسم األب وأھينت األم في كثير من البيوت يوم ضاعت تقوى ﷲ جل وعال
فما تسمع في بعض البيوت إال تسمية نتنة نتن الجيف يقول ألبيه شيبة النحس ويقول
ألمه عجوز الشؤم أراحنا ﷲ منھما إن ھذه الكلمات لتنطلق من أوالد على والديھم فال
إله إال ﷲ إن رضا ﷲ في رضا الوالدين وإن سخط ﷲ في سخط الوالدين إن رسول ﷲ
صلى ﷲ عليه وسلم قال "أال أنبئكم بأكبر الكبائر قالوا بلى يا رسول ﷲ قال اإلشراك
با 9ثم عقوق الوالدين"من أكبر الكبائر عقوق الوالدين دعوة الوالدين غنيمة من ﷲ عز
وجل دعوة الوالدين مستجابة دعوة الوالدين ال ترد فكم من دعوة والد أوبقت دنيا الولد
وأخراه وكم من دعوة والد أسعدت دنيا الولد وأخراه يقول ]أبان ابن عياش[ خرجت من
عند ]أنس بن مالك[ >بالبصرة< ومررت على السوق فإذا أنا بجنازة يحملھا أربعة نفر
ووراءھم امرأة فقلت ميت يموت من المسلمين ال يتبع جنازته إال أربعة نفر وﷲ
ألشھدن ھذه الجنازة قال فتقدمت قال ثم ذھبت وراءھم وحضرت الجنازة ودفنوا ھذه
الجنازة ثم قلت لھم ما حالتكم مع ھذه الجنازة لم يحضرھا إال أربعة أين المسلمون
قالوا استأجرتنا تلك المرأة لدفن ھذا الرجل فسلھا ما لديھا قال فذھبت وراءھا
وتلمست الطريق وراءھا حتى وصلت لبيتھا ثم تركتھا وعدت لھا بعد فترة ودخلت عليھا
مسمى
بأجل ُ َ ﱠ
ٍ وقلت لھا أحسن ﷲ عزاءك 9 ،ما أخذ وله ما أبقى ،وكل شيء عنده
ما خبرك وما خبر الجنازة التي دفنتموھا في ذلك اليوم قالت إن ھذا ابني كان مسرفا
على نفسه مرتكبا للموبقات والمعاصي والسيئات كثير العقوق لي ويوم حلت به
سكرات الموت قال يا أماه أتريدين لي السعادة قالت أي وﷲ وأالم واألب ينسى كل
ذلة من ولده في تلك اللحظات قالت أي وﷲ قال فإذا أردت ذلك فإذا أصبحت في
السكرات األخيرة فلقنيني شھادة أن ال إله إال ﷲ ثم ضعي قدمك على خدي وقولي
ھذا جزاء من عصى ﷲ ثم ارفعي يديك إلى ﷲ وقولي اللھم إني أمسيت راضية عن
ابني فارض عنه ،وال تخبرين أحدا بموتى فإنھم يعلمون عصياني ولن يشھدوا جنازتي.
قال :ففعلتي؟ قالت أي وﷲ لقد فعلت ما قال ،قال فما الخبر فتبسمت وقالت وﷲ
علي
ﱠ رأيته البارحة في المنام وھو يقول يا أماه قدمت على رب رحيم كريم غير غضبان
وال ساخط بدعوتك .رضا ﷲ في رضا الوالدين وسخط ﷲ في سخط الوالدين ھاھو
منازل[ رمز للعقوق عند العرب ينھمك في المعاصي فيتقدم إليه أبوه
شاب اسمه ] ُ ِ
فينصحه ويقول له اتق ﷲ فيتقدم إلى أبيه فيلطمه كفا ويا 9ابن يضرب أباه فحلف با9
ليحجن إلى البيت الحرام وليدعون عليه وھو متعلق بأستار الكعبة فذھب ووصل إلى
الكعبة وتعلق بأستار الكعبة فكان يقول
يا من إليه أتى الحجاج قد قطعوا *** أرض المھامه من قرب ومن بعد
ھذا منازل ال يرتد عن عققي *** فخذ بحقي يا رحمن من ولدي
وشل منه بحول منك جانبه *** يا من تقدس لم يولد ولم يلد
وتصعد الدعوة إلى ﷲ جل وعال فييبس شق ولده األيمن فيصبح يابس بھذه الدعوة من
ھذا األب .
وھاھو آخر يحكى لي بائع مجوھرات يذكر لي في رمضان في سنة من السنوات يقول
إلي في المحل قال فوقفت األم
ّ إلي رجل وأمه وزوجته وابنه الصغير قال دخلوا
ّ تقدم
متحجبة على استحياء وابن ابنھا معھا تمسك به قال وتقدمت الزوجة وزوجھا فأخذوا
من الذھب بمقدار عشرين ألف ﷼ قال ثم تقدمت األم من ھناك فأخذت خاتم بمائة
﷼ ،جاء يحاسب صاحب المجوھرات ھو يعرف أنه أخذ بعشرين ألف قال كم حسابك
قال عشرين ألف ومائة ﷼ قال وما ھذه المائة قال أمك أخذت خاتماً بمائة فغضب
وأرغى وأزبد وتقدم إليھا وأخذ الخاتم من يدھا وقال العجائز ليس لھن ذھب وليس لھن
زينة فما كان من ھذه األم إال أن ذرفت دموعھا وتغصصت بجرعھا وما كان منھا إال أن
خرجت بابنه تحمله بين يديھا إلى السيارة وركبت السيارة ،بھا من الھم ما ال يعلمه إال
ﷲ ،يقول صاحب المجوھرات وأنا أعرفه وﷲ لقد بكيت أنا مما رأيت من الموقف قال
فقالت زوجته إن أمك ھي التي تمسك بابننا وھى التي تخدمنا فما لك ال تعطيھا ھذا
الخاتم لن تمسك بابني بعد ذلك ولن تخدمني فذھب إليھا بالخاتم وقال لھا خذي يا
أماه قالت وﷲ ما لبست ذھبا ما حييت وﷲ ما عرفت الذھب ما حييت أبدا كنت أريدھا
ألفرح به معكم فرأيت أن األم ال داعي لھا أن تلبس الزينة وﷲ ما لبسته أبدا أرأيتم
عقوقا مثل ھذا العقوق أيھا األحبة إن ھذا في غياب تقوى ﷲ عز وجل وفى غياب
التربية اإلسالمية في البيوت وھاھي قصة أخرى لتعلموا أن دعوة الوالدين مستجابة
فسلطوھا فيما ينفع األبناء في دنياھم وأخراھم ،داعية من الدعاة إلى ﷲ يذكر عن
وجده كان رجال صالحا قال وأنا في سن الشباب
أبيه يقول أبي كان في سن الشباب َ َ ﱡ ُ
فتح القبول في السلك العسكري في المملكة قبل فترة طويلة قال وكان عندي غنم
كنت أرعاھا قال فقلت ألذھبن مع الناس ألسجل في العسكرية فقال ألبيه أريد أن تأذن
لي أن أذھب فماذا كان منه ما كان منه إال أن قال أنا ال أستطيع فيك يا بنى أما أن آذن
لك فوﷲ ال آذن لك أما إن ذھبت فوﷲ الذي ال إله إال ھو فما لي إال سھم أوجھه إلى
ﷲ في منتصف الليل ولعل ﷲ ال يرده ،ذھب الرجل وخاف أن يذھب ويترك والده وبقي
فترة ثم أغرته ذھاب الناس إلى ھناك واستالم الرواتب أغرته الدنيا فترك غنمه مع غنم
جيرانه وذھب وقال ال تخبروه عني إال في الغد فذھب وترك والده ولم يستأذنه ولم
يخف من ذلك السھم الذي قال له وفي اليوم الثاني يخبر أبوه بأنه قد ذھب مع
مجموعة ليسجل في العسكرية >بالطائف< قال وذھبوا في الطريق دعا عليه أبوه
وبينما ھم في منتصف الطريق وإذ بالولد يعمى ال يبصر شيئا فأخذوه وتقدموا به إلى
<الطائف > وجاءوا إلى ھناك قالوا ھذا ال يصلح للعسكرية ھذا أعمى أعيدوه لوالده
فأخذوه وذھبوا به إلى والده ال يدرى والده ماذا حدث له وعندما دخلوا من الباب سمعه
والده وعرف صوته وھو في فناء البيت لم يدخل بعد قال يا بني ھل أصاب السھم أم لم
يصب قال إي وﷲ إني ألدخل عليك أعمى مقاداً فدخلوا به عليه فتأثر األب تأثرا عظيما
وندم أن دعا على ولده بھذه الدعوة وبقى ليلته تلك في حزن ال يعلمه إال ﷲ قام يتوضأ
ويصلي ويدعو ﷲ أن يرد عليه بصره يقول ومن حزنه على ولده يتقدم إلى عين ولده
وھو نائم فيلحسھا بلسانه ثم يرجع فيصلي ويدعو ﷲ ثم يرجع مرة أخرى فيلحس
علي
ّ عينه بلسانه وھكذا يرددھا ،يقول وﷲ ما طلع الفجر إال ورد ﷲ سبحانه وتعالى
بصري ،دعوة الوالدين وأنا ال أدعو الوالدين إلى إن يدعوا على أوالدھم وإنما أدعوھم أن
يدعوا ألوالدھم بالفالح والسعادة فإن فالحھم وسعادتھم قد تدركك ولو بعد موتك أسأل
ولي ذلك والقادر عليه ،
ّ ﷲ أن يوفقنا وإياكم لصلة األرحام وأن يجنبنا وإياكم العقوق ھو
]عبد ﷲ بن عمر[ يرى طائفا يطوف بالكعبة ويحمل أمه على كتفيه ويقول يا ]ابن عمر[
أتراني أوفيت أمي حقھا وﷲ إنھا لعلى ظھري من كذا إلى اآلن قال ال وﷲ ما أوفيتھا
طلقة من طلقات الوالدة ،العقوق دين وبروا تبروا أسأل ﷲ عز وجل أن يوفقنا وإياكم
إلى صلة األرحام وأن يجنبنا العقوق ونواصل إن شاء ﷲ تعالى بعد اآلذان .
وھاھو غاد آخر يغدو ليبر والديه ويصل رحمه فيصله ﷲ عز وجل ويبره ﷲ عز وجل
ويوفقه ويسدده ﷲ عز وجل ويدخله الجنة بإذنه سبحانه ،شعاره
ليس الواصل بالمكابر وإنما *** الواصل من إذا قطعته رحمه وصلھا
ھاھي ]الشيماء بنت الحارث[ أخت رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم من الرضاع
أرضعته وإياھا ]حليمة السعدية[ في بنى سعد وبعد أربعين سنة من الفراق بين األخ
وأخته افترقا وھما صغيران سمعت به أنه انتصر صلى ﷲ عليه وسلم وانتصرت دعوته
وھو >بالمدينة< فانتقلت من بادية بنى سعد في >الطائف< تقطع الفيافي والقفار
والصحاري التي يبيد فيھا البيد ويضيع فيھا الذكي والبليد حتى جاءت إلى المصطفى
صلى ﷲ عليه وسلم ھناك ،وبينا ھي ھناك والنبي صلى ﷲ عليه وسلم في وسط
جيشه يدبر شئون األمة ويصرف الجيوش جاءت إلى أحد الصحابة تستأذنه لتدخل على
رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم فقالت أنا ]الشيماء بنت الحارث[ أرضعتني أنا ورسول
ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ]حليمة السعدية[ فاستأذنوه ألدخل عليه فأخبروا النبي ﷲ
صلى ﷲ عليه وسلم وكان جالسا في شئون األمة يصرفھا قالوا فذرفت عيناه الدموع
صلى ﷲ عليه وسلم تذكر الوشيجة وتذكر العالقة وتذكر رضعات كانت بينه وبينھا قبل
أربعين عاما قالوا وذھب إليھا يستقبلھا ويعانقھا عناق األخ ألخته بعد فراق أربعين عاما
ويسألھا ما حالھا كيف حالك يا ]شيماء[ مرحبا بك يا ]شيماء[ يقولون ويظللھا صلى ﷲ
عليه وسلم من الشمس ويجلسھا في مكانه ليعلم الناس كيف يصلون أرحامھم صلى
ربعھا وعن أھلھا وعن أخواتھا وما كان منه
ﷲ عليه وسلم وجلست معه وسألھا عن َ ْ ِ
صلى ﷲ عليه وسلم بعد ذلك إال أن قال لھا يا ]شيماء[ إن شئت أن تعيشي معي
فأختي الحياة حياتي والموت موتي وإن شئت أن ترجعي ألھلك فذلك لك قالت بل
أرجع ألھلي فقام صلى ﷲ عليه وسلم فجھزھا بقطيع من اإلبل وبأرزاق معھا ِ ُ َ ِ ّ َ
ليعلم
الناس صلة األرحام لتعود إلى بادية بني سعد فأين الذين قطعوا عماتھم وأين الذين
قطعوا خالتھم وأين الذين قطعوا أمھاتھم ما حال ھؤالء يوم يقفون بين يدي ﷲ )فھل
عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في األرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنھم ﷲ
فأصمھم وأعمى أبصارھم( فأي الغاديين أنت وكل يغدو فبائع نفسه فمعتقھا أو موبقھا
وغاد آخر يغدو ليھلك نفسه يشھد شھادة الزور يوم أصبحت شھادة الزور قرضة في
بعض القرى اشھد لي زورا أشھد لك زورا يقترض بعضھم من اآلخر النار وبئس القرار ما
يبرح شاھد الزور مكانه حتى تجب له النار كما قال صلى ﷲ عليه وسلم أما اآلخر
فيغدو فيعتق نفسه فيشھد شھادة الحق فيكون له األجر وياله من أجر الجنة بإذن ربه
فأي الغاديين أنت وكل يغدو فبائع النفس فمعتقھا أو موبقھا .
واآلخر يغدو ليھلك نفسه في البحث عن الرزق الحرام لم يوفق للحالل مطلقا
فمطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام بيعه حرام وشراؤه حرام
وماله حرام في حرام يتغذى بالحرام من أخمص قدميه إلى رأسه إن تصدق لن يقبل
ﷲ منه صدقته وإن خلف ماله وراء ظھره كان زادا له إلى النار يقول النبي صلى ﷲ
عليه وسلم "يأتي على الناس زمان ال يبالي المرء أخذ ماله من حالل أم من حرام"
ويقول ":إن الرجل ليقذف اللقمة الحرام في جوفه ما يتقبل منه أربعين يوما" ومن أعظم
الحرام الربا ،الربا بضع وسبعون شعبة أدناھا مثل أن ينكح الرجل أمه درھم ربا أشد من
ست وثالثين زنية والربا عم ودخل غالب البيوت إال من رحم ﷲ أسأل ﷲ أن يجيرنا
وإياكم من الربا وغير بغير اسمه وتناسى الذين تعاملوا به قول ﷲ )يا أيھا الذين آمنوا
اتقوا ﷲ وزروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين( نسوا قول ﷲ )فأذنوا بحرب من ﷲ
ورسوله( تداوله الذين يريدون إيباق أنفسھم وﷲ لو لم يكن في أكل الحرام إال أنه ال
ترفع لصاحبه دعوة لكفى بذلك زاجرا عنه وآخر يغدو ليعتق نفسه فيبحث عن لقمة
الحالل فوﷲ إن لقمة الحالل نادرة لكنھا ھنيئة مرئية ميسرة فمطعمه حالل ومشربه
حالل ويغذى بالحالل ودعوته أحرى أن تجاب من رب األرض والسماء ھا ھو ]أبو بكر[
رضي ﷲ عنه وأرضاه ما كان ليأكل إال حالال وكان أحيانا يسأل إذا شك في الطعام،
وجاءه غالمه يوما من األيام فقدم له طعاما فأكل منه لقمتين فقال الغالم لم تسألني
اليوم يا ]أبا بكر[ إن ھذا من كھانة كنت قد تكھنتھا في الجاھلية فصادفني صاحبھا
فأعطاني ھذا الطعام فعلم أنه طعام محرم فوضع إصبعيه في فمه يريد أن يخرجه كادت
روحه أن تخرج وما خرج ھذا الطعام قالوا يا ]أبا بكر[ رحمك ﷲ تقتل نفسك للقمتين ال
تعلم أنھا محرمة عفا ﷲ عنك ،إن كنت مريدا إخراجھا فاشرب ماء فشرب ماء ثم أدخل
يده مرة أخرى كادت روحه أن تخرج وخرجت اللقمتين قالوا عفا ﷲ عنك قال وﷲ لو لم
تخرج إال وروحي معھا ألخرجتھا ألني سمعت حبيبي صلى ﷲ عليه وسلم يقول":أيما
لحم نبت من سحت فالنار أولى به"
وھناك غاد آخر يغدو ليھلك نفسه فيسلط لسانه على عباد ﷲ يغتابھم ويتھمھم
ناسيا قول ﷲ عز وجل )وال يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا
فكرھتموه( وقوله صلى ﷲ عليه وسلم "لما عرج بي مررت على أقوام لھم أظفار من
نحاس يخمشون بھا وجوھھم وصدورھم قلت من ھؤالء يا جبريل قال ھؤالء الذين
يقعون في لحوم الناس ويأكلون أعراضھم" المغتابون الذين ھمھم فالن وفالن ونسوا
عيوب أنفسھم ولو اشتغلوا بعيوب أنفسھم لكان أحرى وأولى يھدي حسناته إلى
الناس ] ،الحسن البصري[ عليه رحمة ﷲ سمع أن رجال اغتابه فما كان منه إال أن
فتش في بيته عن ھدية له فما وجد سوى طبق من ُ َ
رطب فأخذه وقال لخادمه اذھب
إليه وقل له سمع الحسن أنك أھديت إليه حسناتك فما وجد لك مكافأة إال طبق التمر
يعصى ﷲ لتمنيت أن ال يبقى أحد في الدنيا إال
ولو عدت لعدنا وﷲ لوال أني أخشى أن ُ ْ َ
إلي حسناته وھو ال يشعر ،كثير من الناس يصلون ويعملون
ّ اغتابني ألنه يھدي
الصالحات وفى جلسة واحدة يمحقون ذاك العمل كله بالوقوع في عرض ھذا والوقوع
في عرض ھذا فإياك واللسان
احفظ لسانك أيھا اإلنسان *** ال يلدغنك إنه ثعبان
احفظ لسانك واحترس من لفظه *** فالمرء يسلم باللسان ويعطب
أما اآلخر فيغدو فيدافع عن أعراض المسلمين ويرد عنھم في المجالس وكالمه ذكر
ﷲ أو كالم مباح فيرد ﷲ عز وجل عن وجھه النار يوم القيامة فأي الغاديين أنت وكل
يغدو فبائع نفسه معتقھا أو موبقھا غاد آخر يغدو ليھلك نفسه باإلفساد بين الناس
بالنميمة والوشاية ناسيا قول النبي صلى ﷲ عليه وسلم "ال يدخل الجنة نمام" أما
اآلخر فيغدو لإلصالح بين الناس فأجره على ﷲ أكرم األكرمين سبحانه وبحمده وذاك
يغدو ليھلك نفسه ويقسي قلبه بسماع الغناء الماجن الذي حرمه ﷲ جل وعال وقال
فيه المصطفى صلى ﷲ عليه وسلم "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير
الخنا والفجور بماله ثم يدخلھا إلى بيته
الغنا ويشتري َ َ
والخمر والمعازف" فيشتري ِ
لينشر الرذيلة فيه ليصبح أھل البيت بآذان ال تسمع وقلوب ال تفقه وأعين ال تبصر بھائم
في مسالخ بشر ما من راع استرعاه ﷲ رعية فبات غاشا لھم إال حرم ﷲ عليه رائحة
الجنة وآخر يغدو لسماع آيات ﷲ تقرع قلبه فيلين قلبه وتدمع عينه ويطيع ربه ويدخر
ﷲ له غناء ليس كھذا الغناء الماجن غناء الحور العين في جنات ونھر في مقعد صدق
عند مليك مقتدر كلمات األغاني ھي اآلتية :نحن الخالدات فال يمتن نحن المقيمات فال
يظعن نحن الراضيات فال يسخطن نحن الناعمات فال يبأسن نحن الحور الحسان أزواج
قوم كرام ،طوبى لمن كان لنا وكنا له ،ثم يرسل ﷲ ريح على زوائد أغصان أشجار
الجنة فتھزھا فتحدث منھا صفير صوت كل طير في الجنة لو قضى ﷲ الموت على أھل
الجنة طربا لماتوا طربا ولكن خلود وال موت قال ]ابن عباس[ ويرسل ربنا ريحا تھز ذوائب
األغصان ريح تلذ لمسمع اإلنسان كالنغمات باألوزان يا خيبة اآلذان ال تتبدلي بلذاذة
األوتار والعيدان خابت أذن استبدلت كالم ﷲ عز وجل بأغنية ،خابت أذن استبدلت ما
أعده ﷲ لھا من الغناء في الجنة بھذا الغناء الماجن فأي الغاديين أنت فكل يغدو فبائع
نفسه فمعتقھا أو موبقھا .
فيا من غدا إلعتاق نفسه جد واجتھد واغتنم زمن الصبا وسل ﷲ الثبات حتى
الممات وأكثر من قولك يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ويا من غدا إلھالك نفسه
وإيباقھا ،وأمھله ﷲ عد إلى ﷲ وتب إلى ﷲ بادر في فكاك رقبتك من النار فأنت في
زمن اإلمكان عد إلى ﷲ تجد ﷲ توابا رحيما إن ﷲ يقول )وتوبوا إلى ﷲ جميعا أيھا
المؤمنون لعلكم تفلحون( وھو القائل سبحانه )والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا
أنفسھم ذكروا ﷲ فاستغفروا لذنوبھم ومن يغفر الذنوب إال ﷲ ولم يصروا على ما فعلوا
وھم يعلمون أولئك جزاؤھم مغفرة من ربھم وجنات تجرى من تحتھا األنھار( وھو القائل
"يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان منك وال أبالى يا ابن أدم لو بلغت
ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك يا ابن آدم لو أتيتني بتراب األرض خطايا
ثم لقيتني ال تشرك بي شيئا ألتيتك بترابھا مغفرة"
سبحان من يعفو ونھفو دائما *** وال يزل مھما ھفا العبد عفا
يعطى الذي يخطئ وال يمنعنه *** جالله عن العطى لذي الخطى
يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النھار ويبسط يده بالنھار ليتوب مسيء الليل حتى
تطلع الشمس من مغربھا" يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنھار وأنا أغفر الذنوب جميعا
فاستغفروني اغفر لكم" اللھم اغفر لنا اللھم ارحمنا اللھم تب علينا اللھم يا من رحمته
وسعت كل شيء ارحمنا برحمتك .ﷲ عز وجل رحيم وﷲ عز وجل كريم وسبقت
رحمته غضبه ھا ھو سبي يأتي إلى الرسول صلى ﷲ عليه وسلم وبين السبي امرأة
ضيعت ولدھا تبحث عنه يمينا وشماال حتى وجدته فضمته إلى صدرھا ضمة األم البنھا
الذي أضاعته والرسول صلى ﷲ عليه وسلم يراقبھا فيقول ألصحابه أترونھا طارحة
ولدھا في النار قالوا ال وﷲ وھى تستطيع أال تطرحه قال ﷲ أرحم بعباده من ھذه
بولدھا فيا من رحمته وسعت كل شيء ارحمنا برحمتك ھاھو رجل من بنى إسرائيل
موحد لم يشرك با 9شيئا ارتكب الموبقات سرق وزنا وغش وارتكب السيئات وحلت به
سكرات الموت ساعة الموت الذي يذعن فيھا الجبارون ويذعن فيھا المتكبرون جمع
أبنائه في ساعة ال ينفع فيھا مال وال ولد وقال لھم أي أب كنت لكم قالوا خير أب قال
فوﷲ ما عملت خيرا غير أني موحد لم أشرك با 9عز وجل فإذا أنا مت فأضرموا النار ثم
ضعوني فيھا حتى أصبح رمادا ثم اسحقوني ثم زروني مع الريح لئن لقيت ﷲ ليعذبني
عذابا ال يعذبه أحدا من العالمين ومات الرجل ونفذوا وصيته حرقوه وسحقوه وزروه مع
الريح فتفرق على الجبال والسھول والوھاد واألشجار واألحجار لكن الذي بدأه أول مرة
أعاده قال ﷲ سبحانه وتعالى له كن فكان كما كان قال يا عبدي ما حملك على ما
صنعت أما تعلم أني أغفر الذنب وأستر العيب قال يا رب خشيتك وخفت ذنوبي قال
فأشھدكم يا مالئكتي أني قد غفرت له وأدخلته الجنة يا من رحمته وسعت كل شيء
ارحمنا برحمتك أخيرا ھذا نموذج لغاد غدا في إيباق نفسه ثم أمھله ﷲ عز وجل فغدا
إلعتاق نفسه وھي قصة لعل فيھا عبرة رجل عمره ما بين الثالثين إلى األربعين عربد
وأفسد وصد وند عن ﷲ عز وجل يقول عن نفسه ما كنت أنام ليلة من الليالي إال على
شربة خمر أو زنا قال ويشھد ﷲ وأتزوج بامرأة فأزداد في عنادي وطغياني ،أترك الحالل
في البيت وأذھب أطلب الحرام في خارج البيت قال وجئت ليلة من الليالي بعد أن
ولدت لي ھذه الزوجة بنتا وأصبح عمرھا خمس سنوات قال جئت في ليلة من الليالي
فتواعدت مع أصحابي على أن نشرب الخمر في مكان معين ويشاء ﷲ عز وجل لي أن
أبتعد عن ھؤالء وأتأخر عن الموعد بدقائق فجئت فإذا ھم قد ذھبوا ذھبت يمينا وذھبت
شماال أبحث عنھم ما تركت مكانا إال وبحثت عنھم فيه ال حبا فيھم ولكن كيف أنام ليلة
بال زنا و ال شرب خمر ال إله إال ﷲ يوم يصد اإلنسان ويند عن ﷲ عز وجل قال ثم ذھبت
إلى صديق سوء آخر عنده من األفالم الخليعة ما يستحي إبليس أن ينظر إليھا قال
فذھبت إليه وأخذت منه فيلما خليعا قال ورجعت إلى بيتي في الساعة الثانية ليال ـ ال
إله إال ﷲ ـ الساعة ھذه الثلث األخير من الليل يتنزل فيھا الرب سبحانه وبحمده نزوال
يليق بجالله يقول ھل من داع فأستجيب له ھل من مستغفر فأغفر له ھل من تائب
فأتوب عليه ثلث األوابين ثلث التوابين ،قال دخلت بيتى والناس على قسمين ما بين
عبد وقف بين يد ﷲ دموعه تھراق على خده من خشية ﷲ وما بين أناس يرضعون
المعاصي في تلك اللحظة وأنا واحد منھم قال فدخلت فنظرت لزوجتي وابنتي فإذا ھما
نائمتان فدخلت في مكان فيه ھذا الجھاز الخبيث الذي لطالما دمر كثيرا من البيوت
جھاز الفيديو وما يستتبع ھذا الجھاز من أفالم تعلمونھا يا أيھا األحبة يذكر أحد المشايخ
في األسبوع الماضي أنه في >مكة< وفي بلد ﷲ الحرام ستة عشر فيلما جنسيا
يستحي إبليس أن ينظر إليه سجلت في وسط >مكة< وتباع في وسط >مكة< أين
تقوى ﷲ في حرم ﷲ يبارز ﷲ وﷲ لنحن عند ﷲ ال نساوي شيئا متى ما تركنا أمره
يدمرنا وال يبالي سبحانه وبحمده قال وأدخلت ھذا الشريط في ھذا الجھاز وأغلقت
الباب وقمت أنظر في مناظر أكرم ﷲ ھذه الوجوه عن تلك المناظر قال وإذ بالباب يفتح
علي
ّ فدھشت وخفت وزعرت وإذا بھا ابنتي الصغيرة التي عمرھا خمس سنوات تدخل
في النظرات وتقول عيب عليك يا والدي اتق ﷲ عيب عليك يا والدي اتق
ّ من الباب تحد
ﷲ قال تجمدت مكاني وبقيت أفكر في ھذه الكلمات من علمھا من أنطقھا إال رب
األرباب سبحانه وبحمده قال بقيت أفتش في نفسي من أين جاءت ھذه الكلمات فقلت
لعل أمھا لقنتھا ھذه الكلمات قال وذھبت فإذا بھا نائمة وإذا بأمھا نائمة قال فخرجت
أھيم على وجھي وأنا أتذكر قولھا عيب عليك يا والدي اتق ﷲ قال و بينما أنا في
حيرتي واضطرابي ودھشتي وإذا بھذا المنادي ينادى ﷲ أكبر ﷲ أكبر نداء صالة الفجر
الذي حرمه كثير من المحرومين الغافلين قال فاتجھت إلى المسجد مباشرة ودخلت
دورات المياه واغتسلت وتوضأت ودخلت مع المسلمين أصلي قال ويوم سجدت مع
اإلمام انفجرت في البكاء ال شعوريا بدأت أبكي تذكرت فضائحي وتذكرت جرائمي
وتذكرت قدومي على ﷲ آلمتني الكبيرة ولسعتني الفاحشة قال وبعد أن انتھت الصالة
وإذا برجل بجانبي يقول ما بك قال سبع سنوات ما سجدت فيھا 9سجدة بأي وجه
أالقي ربي سبع سنوات ما سجدت فيھا 9سجدة بأي وجه أالقي ربى وبقي مكانه
يتذكر ما كان منه من صدود ومن ھرب عن ﷲ عز وجل وأين المھرب منه إال إليه قال
ويحين وقت الدوام قال وأذھب للدوام من المسجد وأدخل إلى دائرتي التي أعمل فيھا
وفيھا رجل صالح لطالما ذكرني با 9وال أسمع له قال ويوم دخلت عليه قال أھال بك
وﷲ إن بوجھك شيء غير الوجه الذي أعرفه منك سابقا فما الذي حصل قال كان من
أمري كذا وكذا وأخبره بقصته في تلك الليلة ثم استأذنه ليذھب وينام فنزل من عنده
وأذن له ونزل إلى المسجد ليصلي في مسجد اإلدارة التي يعمل فيھا قال وجئت لوقت
صالة الظھر زميله الذي يعمل معه قال ودخلت ويوم دخلت المسجد فإذا به أمامي
لم لم تذھب لبيتك لتنام ،قال إن بي
يصلى ولما رآني ذرف الدموع واعتنقني قلت له ِ َ
شوقا عظيما إلى الصالة ،سبع سنوات ما ركعت فيھا 9ركعة بأي وجه أالقي ربى ثم
تواعدا على أن يلتقيا في الليل وذھب إلى بيته وذھب ھذا إلى بيته ويوم دخل على
أھله في البيت وإذ بزوجته تصرخ في وجھه وتقول ابنتك ماتت منذ لحظات فما كان منه
إال أن انھار وبدأ يردد عيب عليك يا والدي اتق ﷲ عيب عليك يا والدي اتق ﷲ يرددھا
ويذكر أنھا ذكرته با 9عز وجل فيأتي زميله بعد أن اتصل به وأخبره الخبر فجاء إليه وقال
احمد ﷲ الذي أرسل إليك ابنتك قبل أن تموت لتذكرك با 9ولم يرسل لك ملك الموت
ليقبض روحك ثم غسلوھا وكفنوھا وصلوا عليھا ثم ذھبوا بھا إلى المقبرة ويوم وصلوا
إلى المقبرة قال زميله خذ ابنتك وضعھا في لحدھا يريد إن يربيه ليعلم أن المصير إلى
ھذا المكان فأخذ ابنته بين يديه دموعه تسيل على كفنھا
وليس الذي يجري من العين ماؤھا *** ولكنھا روح تسيل فتقطر
جاء وأدخلھا في لحدھا وقال كالم أبكى جميع من حضر الدفن قال أنا وﷲ ما أدفن
ابنتي ولكني أدفن النور الذي أراني النور ھذه البنت أرتني نور الھداية بعد طول ضاللة
وغواية فأسأل ﷲ أن يجمعه بھا في جنات ونھر فيا أيھا الحبيب عد إلى ﷲ واعتق
نفسك من النار إذا رأيت صدودا وقسوة في قلبك فتذكر ليلة من الليالي وأنت بين أھلك
سعيدا وتذكر ليلة من الليالي وأنت على فراشك الوثير ثم تذكر األخرى وأنت تفترش
التراب
تا 9لو عاش الفتى في دھره *** ألفا من األعوام مالك أمره
متلذذا فيھا بكل لذيذة *** متنعما فيھا بنعم عصره
ما كان ذلك كله في أن يفي *** مبيت أول ليلة في قبره
أحبتي في ﷲ :ﱠ
إن اإلسالم عقيدة استعالء ،تبعث في روح المسلم إحساس العزة
تواكل ،عقيدة تبعث
الثقة في غير اغترار ،وشعور االطمئنان في غير َ َ
وروح ِّ
كبرُ ،
من غير ِ ْ
فيه روح االستھانة بالمظاھر الجوفاء ،واالھتمام بالحقائق الناصعة البيضاء ،عقيدة تبعث
عقيدة تعلمه
ٌ فيه روح االستھانة بالمظاھر الجوفاء ،واالھتمام بالحقائق الناصعة البيضاء،
كيف يتغلب على شھوات النفس ،ومألوفات الحياة في سبيل ﷲُ ،تعلمه ِنسيان حظوظ
بثغر
ٍ النفس في سبيل إعالء دين ﷲُ ،تعلمه كيف يستقبل الشدائد في سبيل ﷲ
ﱠ
الملقاة على كاھله ،تبعة
بالتبعة ُ
ھانئة مطمئنة ،عقيدة ُتشعر المؤمن َ ِ ِ باسم ،ونفسٍ
ٍ
ﱡ
الظلمات إلى الضاللة إلى الھداية ،وإخراجھا من
ﱠ الضالة ،النتشالھا من
ﱠ الدعوة للبشرية
وتؤمنون ِ ِ
با(9 عن ْ ُ ْ َ ِ
المنكر َ ُ ْ ِ ُ َ وتنھون َ ِ تأمرون ِ ْ َ ْ ُ ِ
بالمعروف َ َ ْ َ ْ َ للناسِ َ ُ ُ َ أمة ُ ْ ِ َ ْ
أخرجت ِ ﱠ خير ُ ﱠ ٍ
كنتم َ ْ َ
النور ) ُ ْ ُ ْ
قدمنا على الناس ،وسقانا من القرآن أروى كاس ،وجعل نبينا أفضل نبي
فسبحان من ﱠ
من تأمل
للناس( َ ْ
ِ أمة ُ ْ ِ َ ْ
أخرجت ِ ﱠ خير ُ ﱠ ٍ
كنتم َ ْ َ
رعى وساس ،وأنعم علينا بعلو الھمة وقال لناُ ْ ُ ) :
خيريه ،كانت فيھا ھادية الناس إلى باريھا،
وتدبر ونظر وجد األمة قد مرت بھا فترات َ ْ ِ
قائدة رائدة.
ھد وال َ َ
فتاھا زينھا َموالھا *** ال َ ْ
كھلھا ُ ﱠ كتيبة ﱠ
ٌ
ً
تابعة تمر باألمة فترة عصيبة كادت تفقد فيھا ھويتھا؛ لتصبح
ﱡ ُ َ
المتأخرة: العصور وفي ُ
ً
خاسئا وھو فيرتد بصره
ﱠ يجيل نظره في ُرقعة العالم الفسيح،
إمعة ،فإذا المسلم ُ ِ
مسخا ﱠ
ً
وتسير،
تسير َ ِ
جموعا تسير في دروب متشابكة متعرجة في ليل بھيمِ َ ،
ً حسير ،يوم يرى
َ ِ
ولما تظن
ﱠ غايات،
ٍ ً
أھدافا ،وتقصد تحدد
ويضنيھا المسير ،ثم ال تصل إلى البحر الذي تريدِّ ُ ،
ُ ْ
ويطمئنك أنه في وسط تلك الدروب
أنھا قاربت أھدافھاُ ،تفاجأ بأن األھداف سراب خادعُ ،
ْ
ترى طريقا واحدا مستقيما ال ينحرف يمينا وال شماال ،تھب عليه َ
األعاصير ،تكاد معالمه
الرمال عنه من جديدُ ،يوضحون معالمه ،ويجددون
تندثر ،فإذا بأقوام يقومون بكشف ِّ
َْ
بمنه
رسومه ،يقلون على ھذا الطريق ويكثرون ،لكنه ال يكاد يخلو من سائر ُيقيضه ﷲ َ ِّ
ويعيد لھا
وكرمه؛ ليرد على األمة في ذاك الطريق إيمانھا بدينھا ،ويصحح مسارھاِ ُ ،
مصلحين َ ِ
وأئمة يتعاقبون فيھا إلى يومنا ھذا؛ ]كابن ثقتھا بطريقھا ،لتفھم رسالتھا .من ُ ْ
ِ َ
يثبتون أن األمة كالمطر ال
عبد الوھاب[ -رحمة ﷲ -وغيره ممن يريدون العزيز الوھابْ ُ ،
صوت حادي المصلحين في ظالم الليل البھيم على ذاك
ُيدرى أوله خير أم أخره ،ولذا َ ﱠ
الطريق .
ليل الحائرين
َ المسلم
ُ أيھا ليل َ ِ
فأنر *** ﱡ ٌ العصر
َ إن ھذا
ﱠ
السفين
ﱠ ِ ربان
غيرك ﱠ
ُ الھوى *** ال ُيرى
ُجِ َ
وسفين الحقِ في ل ّ
َ ِ
وصوب على ذاك
حدب َ
بالصدى األرجاء ،وأقبل الناس على دين ﷲ من كل َ ْ
ﱠ وتجاوبت
الطريق ،والحمد - 9رب األرض والسماء -فما من أرض إال وقد وصلتھا الصحوة المباركة،
أنا ال نريد
السماء ،ﱠ
ﱠ فالھتاف يمأل األنحاء ،ويشق عنان
ُ رغم الكبت والتضليل والحصار،
جاھا
ً ومنھجا ،وھاتف الكل :أن ﷲ غايتنا ،فنحن ال نبتغي
ً ً
وشريعة ً
عقيدة غير اإلسالم
ھتاف يستحث كل
وإحساناُ ،
ً دوما
ً ومنفعة
ٌ خير
ٌ ً
قاطبة للناس
وسلطانا ،وإنما نبتغي ﱠ
ً
جديرا أن
ً ً
بصيرة تجعله ضخمة ،وأنه يملك
ٌ متبلد ُ َ ِّ
يذكره بأن مسئوليته مسلم غيور ،أو ُ َ ٍ
ھتافٌ
والحداء للركب السائر على ذاك الطريقُ .
ُ يكون له نصيب من التوجيه والتربية
ينفر مع بزوغ الفجر
ومن َ ْ
قاعدْ َ ،
ٍ متثاقل أو
ٍ الزمن ُيسرع ،وال انتظار لبطي ٍء أو
يصرخ :ﱠ
فسيسبق من توقظه الشمس؛ ألن الطريق سيزدحم.
نظرا للفتور والتقاعس
ً ثمارھا والحمد – 9رب العالمين -لكنه
وبدأت الصحوة ُتؤتي ِ َ
والتباطؤ في التوجيه والتربية ،والقيام بالمسؤولية وغيرھا من العوامل تجاه ھذه
وضعف ،أو ُغل ٍُو وتنطع على نفس الطريق،
تخاذل َ
ٍ سحاب الجموع ،ظھر في ُ ُ
األفقِ َ َ
وبعبارة أدق:
ٍ
والخضم ،فإذا أنت
ِ َ وھجرت لُجة البحر والعمق
ظھر تعلق باألطراف والشواطئ والقنواتِ ُ ،
فتدق عنقه ،وما ھو أعز من عنقه ،جاوز الحد
ترى من تعلق بطرف أعلى يكاد يسقط ُ
وآخر في الطرف األدنى يحتضر ال يكاد يعرف ھويته ،يحمل اسم اإلسالم
َ ُ ھلك ثم ھلك.
وثقلت به
كنھه ،قد ربط الوھم أقدامه المسرعة ،وطوى أشرعته المبسوطةِ ُ ،
ويجھل ُ ْ
السراب
ﱠ فلما رأى
ﱠ وآخر راكب متجه نحو ھدفه،
َ ُ يندب حظه وكفي.
المرفرفةْ َ ،
أجنحته ُ
ً
شيئا ،ثم ندم حيث لم ينفعه ظنا منه أنه بلغ ھدفه ،فلما جاءه لم يجده
أراق ماءه؛ ً
ُجة البحر .وآخر اكتفى
غايات؛ فبقى في القنوات وھجر ل ﱠ
ٍ اتخذ الوسائل الندمُ َ .
وآخر ﱠ
النافع ،وترك
بالكالم ،وركل العطاء والعمل .وآخر ھجر الكيف واھتم بالكم ،عمل غير ﱠ
لكنھا ال
المھم ،وترك المھم واألھم ،ما حاله إال كمن صنع ساقية ِّ ،
النافع ،عمل غير ُ
الناس من فعله األحمق،
تعجب ﱠ
تسقى الزرع ،بل تأخذ الماء من النھر فترده في النھر َ َ ،ﱠ
السفه؟ تعمل وال نتيجة لعملك ،تأخذ الماء من النھر وتعيده إلى النھر؟!
ﱠ قالوا :ما ھذا
رضي بالزرع ،واتبع أذناب البقر،
َ نعيرھا .يكفيه صوتھا .وآخر
الساقية َ ِ ْ ُ
ﱠ قال :يكفيني من
يجن من الزرع الثمر ،ولم يأخذ من البقر اللبن، ورھقه ﱡ
الذل ،ومع ذلك لم َ ْ ِ وترك الجھادَ َ َ َ ،
وينشد مع ذلك: يتكفف ،ويسألُ ،
ﱠ بقي عالة
َ بل
الورود
سبيل إلى ُ ِ
َ ولكن ال
ْ عطش شديد ***
ٌ ماء وبيَأرى ً
ھم
ٌ وھيأت وسيلته ،وأصابه في وسط الطريق اتضح طريقهُ ،
وحددت غايتهُ ، وآخر ﱠ
لحاد يحدوه إلى
ٍ غبش جاءه في وسط الطريق استولى عليه ،فھو أحوج ما يكون
ٌ دوخه،
ﱠ
لزاما على كل مسلم يملك أدنى صوت للتوجيه أن يرفع األذان
البحر ،لھذا كله كان ِ ً
الرمة
ويحيي ويوقظ ذاك ِّ ليخرق اآلذان ،ﱠ
عله يصل إلى الجنان ،ليرد ذلك المتجاوزُ ،
ليھتم بالنافع األھم،
ويطلق األقدام ،ويبسط األشرعة ،ومعه ُترفرف األجنحة ُ
الغافلُ ،
اقصد
وخل القنوات ُ
ِ اقصد البحر
ويھجر الكم .من ھذا المنطلق كانت ھذه الكلمات بعنوان ُ
وخل القنوات.
ِ البحر
التفلت
ھجر لقنوات ﱠ
ٍ ھي دعوة للعمل بشرع ﷲ وله ،من غير ما زيادة وال نقصان ،مع
ثانيا؛ ﱠ
علھا ُتحرك ً والتجاوز ،بل وسطية اتزان .أوجھھا لنفسي أوال ،وللمسلمين
ﱠ والتميع
ﱠ
القلوب إلى عالم الغيوب ،وتحدو النفوس للعمل لما يرضي الملك القدوس ،ھي مع
صرخة وحدا .صرخة تھتف :أن اغلق باب الدعة والسكون والراحة ،وافتح على
ٌ ذلك
الساحة ،واألھم فاألھم
ﱠ وانزل
وبصيرةِ ْ ،
ٍ المصراعين باب العمل بھمة وطُموح في اتزان
مشروعا مع أولي
ً رقيا
النصب والعملً ،
تكن الراحة .أن اغلق باب الكرى ،وافتح باب ﱠ
النھىِ َ ،
أمط عن رأسك قناع الغافلين ،وال تتجاوز الحد في المشروع تكن مع الھالكين، ﱡ
تغربن عليك الشمس وأنت الزلت في تواكل أو توان.
بخطى ثابتة في الميدان ،وال َ َ ﱠ
سر ُ
ِ
ھزال مترنحة مسترخية ،وال تكاد
الناس وأنا وأنت منھم إال كإبل مائة ُ َ
سدد وقارب ،فما ﱠ
َ ِّ
تجد فيھا راحلة.
جلل
أمر َ
يغنون في ٍ
ثم ال ُ ْ
األرض من كثرتھم *** ﱠ
َ يثقلون
ْ
أيھا األحبة ،غريب
ومختار القليل أقل منه! غريب يا ﱡ
ُ
أتختار الحياض وماؤھا ُغثاء *** وبحر الدين تصفو مناھله؟
ُ
فر في اعتدال إلى ﷲ ،واصبر على الألواء والموعد ﷲ.
ِﱠ
من ُعبابه
الھول ِ ْ
البحر وال أصدافه *** إال وراء َ ْ
ِ ال لؤلؤ
ً
حثيثا ً
تطوافا أطوف فيه
ِّ حداء سريع لجميع األطراف،وھي كذلك؛ أعني ھذه الكلماتُ .
الرمل في طواف القدوم ُ َ
أردد فيھا: كأشواط ّ ْ
عما به من َ َ ِ
كحل المقل *** غافال ﱠ
لكحل ُ َ ِ
ْ أيھا الساعي
ﱡ
وسببا ال ُ ْ ِ َ ْ
تھملن تغفلن *** َ ً
ْ اسمع وعِ ال َ ْ
ْ ْ
تجرين
الدليل َ ْ ِ َ
تنجون *** َمع ﱠاتبع َ ْ ُ
وأخلص ْ َ
ْ ِ ْ
أجبن ميز برفقٍ َ ِ
للثمن *** ِ ّ
ودفعا ﱠ ً ُْ
واثبت
األمر ْ ِ
اقصدن وفاضل َ
َ وحقِ ذي حقٍ َ ْ ِ
أعطين ***
شرين ْ َ َ
ادفعن اتبعن *** َ
وشر َ ﱠ خيرين ﱠ َ
وخير َ ْ
َْ
تعجبن
ْ بكثرة ال َ ْ
واتزن *** ِ ْ ٍ
ذكيا ﱠ ِ
ً وكن
ْ
خلين ً
وقناة َ ِ ِ ْ وبعد ھذا البحر ْ ْ
فاقصد ***
يا طالب العلم ،ويا قاصد بحره :انصب وجھك ،9وامأل قلبك بحب ﷲ وخشية ﷲ،
اجعل ھمك مرضاة ﷲ ،ال مرضاة عباد ﷲ؛ فإنك قد ُتضطر إلى إغضاب عباد ﷲ في
سبيل مرضاة ﷲ ،وال ضير أن تفعل ذلك ،يكفيك ﷲ مؤونة الخلقِ ،زن عملك بميزان
مرضاة ﷲ ،فما رجحت به كفة الميزان ،فاقبله وارتضه ،وما شالت به الكفة فأعرض عنه
واجفه .عندھا تستقيم المقاييس ،ويتضح أمام العين الطريق القصد ،والسبيل القويم
في خوض لجج البحر ،فلن تقع بعدھا بإذن ﷲ في تلك المتناقضات المضحكة
السخيفة ،كأن ُترى تطيع ﷲ في أمر ،وتعصيه في آخر ،إذ أنه ال مجال للتناقضات ،ما
دامت المنطلقات صحيحة ،والمنھج بينا ،والمقاييس ثابتة ،مرضاة ﷲ أوال في اتباع
وآخر.
واحدا ًّ
ھما َ ِ َ الھمين
ﱠ ِ أنت َلھا *** َ َ
فاجعل الدنيا وال ْ َ
لك ﱡ َال َ َ
يا فتى اإلسالم :أما وقد أخذت بالسبب ،وحلقت بجناحي اإلخالص والمتابعة تقصد
بھمة عالية؛ فإن الھمة طريق إلى القمة ،بادر وال تعجل ،أسرع وال
ﱠ ٍ فألحق ذلك
ْ البحر،
تضجر ،أقبل وال إلى الخلف تنظر ،إن الطريق إلى ﷲ واضحة مستقيمة ،ما يتردد وال
يتلكأ فيھا إال الذي ال يعرفھا ،أو يعرفھا ويتقى متاعبھا ،والطرق شتى ،طريق الحق
واحدة ،والسالكون طريق الحق أفذاذ.
بھمة الحازم ،فإنما ھو شبر بذارع ،وذراع بباع ،ومشي بھرولة .كما
ِّ فبادر وسر إلى ﷲ
إلي
ﱠ ذراعا ،وأن تقرب
ً إلي شبرا تقربت إليه
ﱠ في الحديث القدسي الصحيح" وإن تقرب
ھم بالحسنة حسنة ،وھم
ٌ باعا ،وإن أتاني يمشى أتيته ھرولة".
ذراعا تقربت إليه ً
ً
بالسيئة بال عمل لھا حسنة .حسنة بعشر وسيئة بمثلھا وفي الحديث القدسي
إلي بالنوافل حتى أحبه ،فإذا أحببته كنت سمعه الذي
ﱠ الصحيح " :وال يزال عبدي يتقرب
يسمع به ،وبصره الذي يبصر به ،ويده التي يبطش بھا ،ورجله التي يمشي بھا ،ولئن
سألني ألعطينه ،ولئن استعاذ ني ألعيذنه" .ال يھلك إال ھالك ،وال ُيحرم إال محروم.
صانع
ُ القيامة
ِ عاجزا *** فما أنت في يوم
ً الخير
ِ الدنيا عن
كنت في ُ
َ إذا
أين المبادرون؟ أين أصحاب الھمم؟ إنما ھي خمس أو عشر سنين فحسب.
أحالم
ِ أضغاث
مدتھا ْ ُ
أيام *** كأن ﱠ
ِ صبر
ُ يا نفس ما ھو إال
نوما ،ونام ثلث النھار
إن عاش الرجل ستين سنة ،نام الليل فذھب نصفھا ثالثون سنة ً
نوما ،وبقى عشرون سنة ،منھا خمسة عشر
راحة وقيلولة ،فذھب ثلثاھا؛ أربعون سنة ً
سنة قبل البلوغ والتكليف ،فبقى العمر الحقيقي البن الستين ،خمس أو عشر سنوات،
9ما أقلھا! ذاك البن الستين ،فكيف البن الثالثين والعشرين؟!
الخير َفذو َ ْ
العرش َيرى َ الورى *** إن تصنعي
قومي فقد نام َ ِ نفس
ُ يا
القوم السري
ُ يحمد دعي عنك َ
الكرى *** عند الصباح َ ْ عين َ ِ
ُ َ ِ
وأنت يا
عودتھا العمل والجد والسھر سھرت
ﱠ وإن
البطالة اعتادتْ ، النفس .ما َ ْ
النفس؟ إذا عودتھا َ َ ْ
وجدت وعملت.
ﱠ
ﱠ ِ
بالظفر الصبر إال فاز
ﱠ جد في أمر ﱠ
فطلبه *** واستصحب من َ ﱠ
وقل َ ْ
و 9الھمم .ما أعجب شأنھا! ما أعجبه لمتأمل! وما أشد تفاوتھا! ھمة متعلقة بالعرش،
والحش ،وبتفاوت الھمم تتفاوت األعمال والدرجات.
ُ وھمة حائمة حول األمتان
تبھر
ُ المظاھر
كل َيخشى وال ﱡ
سيدا *** ُ ْ
ً العباءة
جر َ َ ِكل من َ
وما ﱡ
َ
أحبتي في ﷲ :ﱠ ْ
النفس خلق عجيب ،آية من آيات ﷲ ،بطبيعتھا تميل إلى األسھل
وإلى األدنى ،كالماء الجاري ،يھبط األودية والشعاب والمنخفضات ،ورفعه يحتاج لھمة
وتسم
ُ َ
لترق وكلفة وصبر وعناء ومشقة ومجاھدة؛ كذلك النفس تحتاج لذلك كله؛
وتحلق ،والبحر تقصد ،يقول ]ابن الجوزي[ -عليه رحمة ﷲ :-لو ُأمر الناس بالصبر على
ِّ
الجوع لصبروا ،ولو ُنھوا عن تفتيت البعر لرغبوا فيه ،يقولون :ما ُمنعنا منه إال لشيء،
وأحب شي ٍء إلى اإلنسان ما ُمنع .لماذا؟ ألن النفس محصورة مسجونة
َ ُ والواقع يشھد،
في البدن ،فال تحب أن تسجن وتحصر أخرى؛ بالتكاليف ،في األوامر والنواھي ،يا نفس
افعلي ،ويا نفس ال تفعلي ،ھذا حرام وھذا حالل ،وھكذا؛ ولذلك لو قعد اإلنسان في
صعب عليه ذلك ،لكن لو قال له أبوه :ال تخرج ھذا اليوم من بيتك،
شھرا باختياره ما َ ُ
ً بيته
وقفل عليه باب غرفته لثقل عليه ذلك اليوم ،وكأنه شھر ،لماذا؟ ألن النفس تحب التحرر
من القيود ،واالنطالق والتفلت ،فتراھا تستلذ الحرام والشھوات ،ھمھا ھواھا ،لكن
صاحب الھمة العاقل الحازم يمنعھا ھواھا ،ويداريھا ،فيأخذھا تارة بالعزائم ،وتارة
بالرخص ،ويستعيذ با 9من شرھا ،ويدعو بتزكيتھا ،لتزكو وتتربى ،وتسمو وتترقى .ھي
يقسم ﷲ في كتابه أحد
من خلق ﷲ –عز وجل -وﷲ أعلم بخلقه –سبحانه وبحمدهْ ُ .-
يقسم بما شاء من مخلوقاته –سبحانه
قسما يتلوه قسم ،وﷲ ُ ْ
ً قسما متتالية،
ً عشر
يقسم على فالح من زكاھا ،وخيبة من دساھا ،فيقول سبحانه َ ) :ﱠ ْ
والشمسِ وبحمدهْ ُ -
بناھا
وما َ َ َ يغشاھا * َ ﱠ َ ِ
والسماء َ َ إذا َ ْ َ َ جالھا * َ ﱠ ْ ِ
والليل ِ َ إذا َ ﱠ َ والنھار ِ َ إذا َ َ َ
تالھا * َ ﱠ َ ِ وضحاھا * َ ْ َ َ ِ
والقمر ِ َ َ ُ َ َ
وتقواھا( .أين جواب القسم؟
فجورھا َ َ ْ َ َ سواھا َ َ ْ َ َ َ
فألھمھا ُ ُ َ َ وما َ ﱠ َ وما َ َ َ
طحاھا * َ َ ْ
ونفسٍ َ َ األرضِ َ َ* َو ْ
دساھا( وتزكيتھا ال تقوم إال بھمة عالية ،يعقبھا خاب َمن َ ﱠ َ زكاھا * َ َ ْ
وقد َ َ أفلح َمن َ ﱠ َ قد َ ْ َ َ
) َ ْ
عمل خالص صالح صواب.
أخي صاحب الھمة وقاصد البحر :ال تنس أن قيام الليل وتالوة القرآن زاد يومي ،ال
غنى للمسلم عنه في مواجھة تكاليف الحياة وأعبائھا ،والدعوة إلى ﷲ خاصة ،وما
أبدا.
ذكرته ما ھو إال أمثلة ،وإال فأبواب الخير ال حصر لھا ً
الغصن الذي ال ُ َ ِ
تطاول ُْه ِ وجاھد َعلى ُ
ِ تستطيعه *** َ تناول ِمن َ َ ِ
األغصان َما َ َ ِ ُ َ َ ْ
فيك :مضى عھد النوم يا مرتاد القمم.
َ ِ
بملء تقول
َ لك أن
آن َ
َ
بادر واغتنم ،فإنما ھي خمس أو عشر سنوات ،انتھز الفرصة في وقتھا ،وخذ الثمرة في
كمال نضجھا ،وال تعجل فتطلب الشيء قبل وقته فال تدركه ،وتقطف الثمرة قبل نضجھا
فال تنتفع بھا ،فمن طلب المعالي استقبل العوالي ،ومن لزم الرقاد فاته المراد ،وإن لم
ُيثمر العود ،فقطع العود أولى به.
القدر
عاتب َ َ َ إذا َ َ َ
أمر َ َ َ
فات ٌ حتى َ
لفرصته *** ﱠ
َِ ِ مضياع ِ
والعاجز الرأيِ ِ َ ٌ
َ ُ
فمن طلب المعالي استقبل العوالي ،ومن لزم الرقاد فاته المراد ،وإن لم ُيثمر العود،
فقطع العود أولى به.
القدر
عاتب َ َ َ إذا َ َ َ
أمر َ َ َ
فات ٌ حتى َ
لفرصته *** ﱠ
َِ ِ مضياع ِ
والعاجز الرأيِ ِ َ ٌ
َ ُ
والراضي بالدون دنيء.
التمام القادرين َ
على ﱠ َ ِ عيبا *** َكنقصِ َ ِ َ ولم َ َ
أر ِفي ُعيوبِ الناسِ َ ً ََ
ليست الھمة في الرجال فحسب ،بل إنھا في النساء ،وفي الصبيان ،في الصغار.
رد مجموعة من
فاسمع :في معركة أحد ،روي أن رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم -ﱠ
سمرة[ ولشوقھما للجھاد في سبيل ﷲ لم
ُ الفتيان لم يبلغوا ،وكان منھم ]رافع[ و]
يستسلما لألمر ،قام كل منھم يستعرض ما لديه من قدرات ،يثبت كفاءته للقتال ،يرفع
نفسه ،يمشى على أطراف أصابعه؛ ليبين أنه بلغ مبلغ الرجال .فقيل لرسول ﷲ –
رافعا[ رام الخامسة عشر .فأجازه –صلى ﷲ عليه وسلم-
صلى ﷲ عليه وسلم :-إن ] ً
سمرة[ :يا رسول ﷲ :أجزت ھذا ورددتني ،ولو صارعته لصرعته .قال –صلى ﷲ
فقال ] ُ
سمرة[ ،فأجازه –صلى ﷲ
عليه وسلم :-دونكه –يعنى صارعه .-فتصارعا ،فصرعه ] ُ
عليه وسلم .-فيا !9شباب امتألت قلوبھم باإليمان ،واختلطت بحيوية الشباب وقوة
مقتد بھم يا
ٍ البدن ،فسخروھا فيما يرضي ﷲ ،فرضي ﷲ عنھم وأرضاھم .فھل من
شباب األمة؟
النزول
يفكر ِفي ﱡ ُ ْ الصعود *** َ َ ْ
كمن ُ َ ِّ ُ ﱡ ُ ِ يفكر ِفي
أو َمن ُ ََُ
بالوصول
يعيا ِ ُ ُ ْ الحقِ َ َ
بغير *** َ ّ يبتغي َ َ ً
ھدفا ِ َ من َ َ ِ
َ ْ
صيرفيا بالكوفة ،فركبه ﱠ ْ
الدين، ًّ وھاھو ]سفيان بن ُعيينة[ -رحمه ﷲ -يقول :كان أبي
صبيا -يقول :وسرنا إلى المسجد
ً فحملنا إلى مكة ،وأنا يومئذ صبي –سفيان ال زال
لصالة الظھر ،ولما كنت على باب المسجد ،إذا شيخ على حمار ،ھيئته ھيئة صاحب
علي ھذا الحمار حتى أدخل المسجد ،فأركع .قلت:
ّ حديث ،فقال لي :يا غالم؛ أمسك
ما أنا بفاعل حتى تحدثني .قال :وما تصنع أنت بالحديث؟ واستصغرني وردني ،فقلت:
حدثني أو ال أمسك لك الحمار .قال :فسرد علي ثمانية أحاديث بأسانيدھا ،فأمسكت
حماره ،وجعلت أكرر ما حدثني به ،فلما خرج من المسجد ،قال :ما نفعك ما حدثتك به
يا غالم؟ قد حبستني عن الصالة ،فقلت :حدثتني بكذا وكذا وكذا .وسردت عليه جميع
غدا إلى مجلسي .فإذا ھو ]عمرو بن دينار[
ما حدثني به ،فقال :بارك ﷲ فيك ،تعال ً
المحدث المعروف .اسمع بعدھا ]لنصر الھاللي[ يوم يقول :كنت في مجلس ]سفيان
بن ُعيينة[ ،إذ دخل علينا صبي صغير ذلك المجلس ،فكأن أھل الحديث تھاونوا به لصغر
فمن ﷲ عليكم .ثم
ﱠ مغضبا من أھل الحديث :كذلك كنتم من قبل،
ً سنه ،فقال سفيان
قال سفيان :يا نصر -ويتكلم اآلن عن نفسه سفيان وھو صغير -يا نصر :لو رأيتني ولي
عشر سنين ،طولي خمسة أشبار ،وجھي كالدينار ،وأنا كشعلة نار ،ثيابي صغار،
أكمامي قصار ،ذيلي بمقدار ،نعلي كأذان الفار ،أختلف إلى علماء األنصار؛ ]كعمرو بن
يا طالب العلم ،ويا داعية اإلسالم :كن على جادتھم وإن أبطأ بك المسير ،فإن قدوة
القوم يرعى القافلة ،أنت ال تملك نفسك ،حتى يسوغ لك أن تمنحھا إجازة .يا من أنت
فليھن ظالم التكليف .إذا
ُ اآلن في إجازة ،إنما أنت َ ْ
وقف ،9فإذا لمع لك فجر األجر،
فشق إلى البحر ألف طريق .إذا أغلق عليك باب دون البحر،
ُ ضاقت عليك قناة أو طريق،
فافتح لك ألف باب ،ولن تعدم وسيلة .اعمل ولو ساعة ،وللحقوق -ومنھا التعلم -بقية
لتشرق
الساعات ،إذا بزغ لك نجم الھمة في ظالم ليل البطالة ،فأردفه بقمر العزيمة؛ ُ
األرض بنور ربھا .إنما أنت ھمة علية ،ونفس تضيء ،وھمة تتوقد .أنت ال تعيش
جد تجد ،ليس كمن سھر كمن رقد،
لنفسك ،ويجب أن تقنع نفسك أنك ال تعيش لھاِ ،
ھذا دبيب الليالي ُيسارقك أنفاسك ،وسلع المعالي غاليات الثمن ،فانظر لنفسك،
واغتنم وقتك ،فالثواء قليل ،والرحيل قريب ،والطريق مخوف ،والخطر عظيم ،والعقبة
ائت الديار البكر ،وارتد كل يوم منزل فضل،
ِ كؤود ،والناقد بصير .يا من قصد البحر بھمة:
الكسالى :لو تفرغت لنا،
وائت بجديد ،فإن قال لك البطالون ُ
ِ وخض ميدان التنافس،
فاقرع أسماعھم بصوت عمر عبد العزيز :وأين الفراغ؟ ذھب الفراغ ،ال فراغ .وﷲ ال
ُمستراح للمؤمن إال تحت شجرة طوبى .أحبتي في ﷲ :إن النفس اإلنسانية البد أن
تتحرك ،فإذا ھي كفت عن الشر ،ولن تتحرك للخير ،بقى فيھا فراغ وخواء ،قد يردھا
إلى الفساد ،فالعبد سائر ال واقف ،فإذا سار؛ فإما إلى فوق ،وإما إلى تحت ،وإما إلى
اإلمام ،وإما إلى الوراء ،ليس ھناك وقوف البتة ،إنما ھي مراحل ُتطوى إلى الجنة،
أو َ َ َ ﱠ َ
يتأخر( يتقدم َ ْ
منكم َأن َ َ َ ﱠ َ
شاء ِ ُ ْ
لمن َ َ
ومتقدم ومتأخرَ ِ ) .
ومبطئ ُ
ُمسرع ُ
بھواھا ُ ِ َ ْ
شغلت ويح َنفسٍ ِ َ َ تلقى ِ َ َ
فعلھا *** َ َ كل َنفسٍ َ َ
سوف َ َ ُ ﱡ
بدءا
وﷲ ال تتم حقيقة اإليمان في القلب حتى يتعرض القلب للمجاھدة في ھذا الدينً ،
من كراھية الباطل ،إلى السعي في اإلصالح ،إلى نقل الناس من الغواية إلى الھدى.
إنھا باختصار الدعوة إلى ﷲ ،التي تغير ماھية الشيء ،فتجعل من الرجل غير الرجل،
طيبا ،وإن
ً ومن القلب غير القلب ،تجعل صاحبھا كالنحلة؛ ال تأكل إال طيبا ،وال ُتخرج إال
وقفت على عود نخر لم تكسره ،بل مثل النخلة؛ ما أخذت منھا من شيء نفعك.
ْ
ونتيقن ونجزم أيھا األحبة ،أن في الزوايا خبايا ،وفي الرجال بقايا ،وال يعرف قدر الرجال
المنوطة بالرجال عظام.
إال الرجال ،والھمم َ ُ
الكرام َ َ ِ ُ
المكارم وتأتي َعلى َ ِ
قدر ِ َ ِ العزائم *** َ َ ِ
تأتي َ َ ِ ُ
العزم َ ِ قدر َ ِ
أھل َ ِ وعلى َ ِ
َ
العظيم َ َ ِ ُ
العظائم عين َ ِ ِ صغارھا *** َ َ ُ ُ
وتصغر ِفي َ ِ الصغير ِ َ ُ َ
ﱠ ِ ِ عين
ُم ِفي َ ِ
وتعظ ُ
ََ
كأني بكم تقولون :ماذا ُيراد منا؟ ونقول :يراد منكم الكثير .نريد من ُ َ
األسر أن تحمل
ً
ومبلغا ثمنا لكتاب قيم ،يھدى لمن ينتفع به،
ً ھم دينھا ،أن تدخر من قوتھا كل شھر
نافعا للدعوة بالقول والعمل؛ ألننا نفترض في األسر أنھا
ً ً
وشريطا لمسلم محتاج،
صلحت ونريدھا مصلحة بناءة ،نريد من طالب المدرسة أن يعمل بما علم ،أن يدخر في
تمعرا من الوجوه النتھاك
ُ ً واحدا ُيسھم به في الدعوة إلى ﷲ ،نريد
ً الشھر ولو رياال ً
ً
مبلغا شھريا يجعله حدود ﷲ ،يعقبه تغيير أو إنكار .نريد من التاجر أن يدعو بماله؛ يقتطع
كربا،
معسرا ،ينفس ً
ً في مصالح المسلمين ،يطبع كتابا ينفع ﷲ به المسلمين ،ينذر
دينا ،يطرد جوعا .نريد من المربين والمربيات ،من المعلمين والمعلمات ،أن
يقضى ً
يقوموا بدورھم في غرس اإليمان في قلوب أبناء األمة ،فو ﷲ إنھم لمسؤولون عن أبناء
أقالما قوية بليغة ،عندھا المقدرة البيانية ،والطالوة األدبية ،وحالوة التعبير
ً األمة ،نريد
عيونا
ً قلوبا تعرف الخشوع ،ونريد
ً الذي تنفذ الدعوة بھا إلى عقول الناس وقلوبھم ،نريد
تعرف الدموع.
تعار؟
للدموعِ ُ َ ُ
عينا ِ ﱡ بھا *** َ َ َ
أرأيت َ ً تبكي ِ َ
عينه َ ِ
يعيرك َ َ ُ
َمن َذا ُ ُ َ
تربي فراخ
نريد تربية كتربية أبي بكر وعمر وصحبھم –رضى ﷲ عنھم ،-ال نريد أن ﱠ
تربي األسد تربية الخراف ،فھذا ميل وظلم.
الصقور تربية ُبغاث الطير ،فھذا جور ،وال أن ﱠ
ضؤل
حريرا ،نريد كل جھد مھما ُ
ً نريد أن تميز بين الصحيح والزائف ،فليس كل لين
وقل عدده ،فعند ﷲ ال يضيع مثقال ذرة .نريد مضاعفة الجھد
ّ حجمه ،وصغرت مساحته،
وتكثيف العطاء ،ونريد ترجمة الكالم إلى عمل ،نريد أن نتحرر من تلك اآلفة التي غدت
ظاھرة عامة بين المسلمين ،تعوق خطانا عن السير؛ أال وھي كثرة النواح وقلة العمل.
والنواح ال يحيي ما مات ،وال يرد ما فات.
آفتنا كثرة الشاكين المتوجعين ،وقلة المداوين ،كثرة من يسبون الظالم ،وقلة من
يوقدون الشموع .نعم يا قاصد البحر كثرت الشكوى من األدواء والمآسي ،ولعلك ترى
شاك ومشكو
ٍ ذلك وتلمسه ،لم يعد ھناك أحد إال ويشكو ،فمن المشكو منه إذا ؟! كلنا
ً
بليغا وعظ الناس يوما ،حتى بكوا ً
واعظا حدثوا :أن
الخلل ما نصه ّ
منه .ذكر صاحب أين َ
سرق،
من تأثير الموعظة ،وكان معه كتاب ،ثم بحث عن كتابه بعد الموعظة ،فوجده قد ُ
نظر إلى الحاضرين ،عله يلمح بينھم وجھا تلوح عليه أثار الجريمة ،لكنه وجه الجميع
ً
فعال ،فمن متأثرين يبكون ،فقال لھم :كلكم يبكي ،فمن سرق الكتاب؟! كلكم يبكي
سرق الكتاب؟! نعم ،كلنا نشكو ،فمن المشكو منه؟! إن علينا أن ننتقل من دائرة
نشك،
ُ الشكوى إلى دائرة العمل المتواصل الدءوب ،العمل للحاضر والمستقبل ،وإن لم
فال نريد أن نكون من المتفرجين ،وممن ينتظر العمل من اآلخرين .بل يعمل الجميع،
وعودا على بدء؛ للرجل دوره ،وللمرأة دورھا ،وللصبي
ً وكل على قدر جھده وطاقته.
ٌ
كل منا نفسه في
والكبير والغني والفقير دوره ،المھم أن يعمل الجميع ،وأن يضع ٌ
فليمطھا ،ومن أمكنه أن يبذر
المكان المالئم ،من استطاع أن ُيميط شوكة عن طريق ُ
حل
ﱠ ھم الدعوة من كل واحد منا ،أينما
حبة في األرض فليبذرھا ،نريد باختصار حمل َ ِ ّ
إن كان نفسا ِإال ﱠ َما َ َ
أتاھا( ْ ﷲ َْ ً كل وفق تخصصه ،وينفق مما لديه )ال َ ُ َ ِ ّ ُ
يكلف ُ وأينما رحل ،ﱞ
مال دعا به ،وال مبرر للقعود أبدا؛ فالمسئولية على الجميع مشتركة
ٌ عنده علم دعا به،
وتتفاوت؛ فمسؤولية العالم أكبر من مسؤولية الجاھل ،ومسؤولية صاحب السلطة أكبر
من مسؤولية من ال سلطة له ،ومسؤولية صاحب المال أكبر من مسؤولية من ال مال
له ،وإن كان الكل مسؤوال .كل مسلم رجل يعمل لدينه ،واألمة كلھا مسؤولة عن
يوما ،بعد
الدعاة ً
فرائض ﷲ ،وأحكام ﷲ ،وشرائع ﷲُ .ذكر أن أحد المستمعين قال ألحد ُ
محاضرة ألقاھا ذاك الداعية :قد مضى لكم ثالثون سنة وأنتم تتكلمون ،فماذا صنعتم؟.
ً
مفاجئا له حين قال :وأنتم مضى لكم ثالثون سنة صامتون وكان جواب الداعية
تستمعون ،فماذا صنعتم؟ .ھذا حق .على المستمع ،كما على المتكلم مسؤولية
تحويل الكالم إلى عمل ،واألفكار إلى وقائع ،وإن اختلفت درجة المسؤولية .المسلم
مطالب بالعمل إلى آخر رمق ،حتى لو قامت الساعة وفي يديه فسيلة فليغرسھا إن
أمكنه.
وإعالنا
ً إخفاء َ
َ ً ﷲ يدعو َ
إلى ِ ته *** َ ُ حسب َ َ
طاق ِ ِ كل َ ٍ
فرد َ ْ َ َِ ْ َ
فلينطلق ُ ﱡ
ميزانا
اليوم ِ َ َ
بعد َ
الفعل َ َ عدتنا *** َ ْ َ َ
ولنجعل ِ َ اللوم ال َ ْ ُ
نجعله ُ ﱠ َ َ َْ ُ
ولنترك ﱠ َ
يدري أوله خير أم آخره؟ كتلة فيھا الكفاية في كل
نريد أن نكون كتلة كالمطر ،ال ُ َ
غنى عنھا ،تمأل كل ثغر،
غنى عن العالم ،وليس العالم في ِ
ناحية ،كتلة ھي في ِ
عوز وعجز .فإنه –وﷲ -ال عمل أبقى وأنفع للمسلم من عمل يقضيه في
وتسد كل ِ َ
وجھادا باليد ،ونفقة من العلم والمال والوقت ،وكل
ً بيانا باللسان،
ً الدعوة إلى ﷲ؛
أيا كان تخصصه ومستواه
مسلم على ثغرة من ثغور اإلسالم ،وعليه أن يسدھاً ،
وموقعه .إن كان في الحراسة ،ففي الحراسة .وإن كان في الساقة ،في الساقة .ھمة
ﷲ أداء الواجب والمشاركة والقيام بالمسؤولية ،وفق ما لديه من استطاعة) .ال َ ُ َ ِ ّ ُ
يكلف ُ
نفسا ِإال ﱠ ُ ْ َ َ
وسعھا( َْ ً
يا قاصد البحر لعلھا لك آفاق وشحنت ھمتك فحدد أھدافك وسر وحلق مع الھمم
العالية وإياك والنظر إلى الخلف لئال تضعف فتأكل فالقلب كالطائر كلما عال بعد عن
اآلفات وكلما ھبط احتوجته اآلفات وما المرء إال حيث يجعل نفسه خذ من األسباب ما
يقوي ھمتك من مجاھدة ودعاء صادق أن يعلي ﷲ ھمتك وقراءة لسير سلفك أھل
الھمم ومصاحبة ألھل الھمم واألھم واألھم فإن العمر يعجز عن تحصيل الكل.
إن لم تكن للحق فمن يكون *** والناس في محراب الدنايا عاكفون
فكن رجل رجله في الثرى *** وھامة ھمته في الثريا
واقصد البحر بإخالص وصواب وھمة وخل القنوات.
فتى اإلسالم يا من قصد البحر بإخالص وصواب وھمة اعلم أن سنة ﷲ التي ال
تتبدل أال ينال ما يرجى ويؤمل إال بثمن ليس ھناك شيء بالمجان وكلما كانت السلعة
نفيسة كان الثمن أنفس وأغلى وھذا ما أدركه القائل يوم قال
فسرت بالراحة الكبرى فلم أرھا *** تنال إال على جسر من التعب
قلما نجد ثمرة إال ومعھا زنبور وال لذة إال وإلى جانبھا شيء محدور ولن يبقى أحد
بمطالبة شفعى مھما كد وسعى بل مرعى بال ماء وماء بال مرعى ونحلة مع الشھد
وشوكة مع الورد وأرض بھا عشب زاك وليس بھا ماء وأخرى بھا ماء بال عشب كيف ينال
الفضل والجسم خامل وادع وكيف يؤتى المجد والوفر وافر أي مضروب فينا من غير
مشقة أي مرغوب لم تبعد على طالبه الشقة المال ال يحصل إال بالتعب والعلم ال يدرك
إال بالنصب واسم الجواد ال يناله بخيل ولقب الشجاع ال يحصل إال طويل
لوال المشقة ساد الناس كلھم *** الجود يفقر واإلقدام قتال
من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل سلعة ﷲ أغلى وأعلى سلعة ﷲ الجنة قد يكون
الثمن جھدا ووقتا وقد يكون ماال وامتحانا وقد يكون دما مراقا وبالء ال ضير مادامت
السلعة تستحق
فإن المر حين يسر حلو *** وإن الحلو حين يضر مر
فكن مر تصادف منه نفعا *** وال تعجل إلى حلو يضر
ادفع الثمن وسابق واقصد البحر وخل القنوات.
فتى اإلسالم يا من قصد البحر بإخالص وصواب وھمة وعلم الثمن اترك الثبات
وسل ﷲ الثبات فإن الثبات عزيز إذا عشقت طريق اليمن فال تتجه إلى الشام وأعني
باليمن اليمين وبالشام الشمال وليكن لسان حالك ومقالك أنا أحب السير مصاعدا وال
البرق إال أن يكون يمانيا الطريق واضح والمبادئ بينة وأحب أنك مستيقن بالحق الذي
عندك ال تشك فيه أبدا تكره أن تعود بالكفر كما تكره أن تلقى في النار ترتضي أن تجود
بالروح وأن تحرق بالنار وتنشر بالمنشار أو تقطع بالسيوف على أن تترك ذاك الطريق
أليس كذلك أحسب أن الجواب بلي لماذا؟ ألني أحسبك مطمئنا لمبدئك اطمئنان يثمر
لالنتفاع بطريق في اليمن بعمل دؤوب متواصل إلى نھاية األجل غير آبه وال منتبه إلى
طريق الشام وأحسب أنه لم تكثر األشياء الكثيرة بنفسك يوم ما ألنھا نفس مطمئنة
في حين تعلم وترى بأم عينك رؤوسا اضطربت بأطماعھا وشھواتھا فباعت بعرض دينھا
ألنھا مبتالة بھموم كثرة خيالية مثلھا في الھمم كطفيل يحزن ألنه ال يأكل في بطنين
أما أنت فأحس أنك ربيت نفسك على أن تعطي في ھذه الدنيا وال تأخذ شيئا قد علقت
نفسك باآلخرة حيث األجر والثواب فكنت 9فلم يكن لك شيء لو كادت السماوات
واألرض والجبال لكفاك ﷲ وجعل لك منھا فرجا ومخرجا ألم يأتك نبأ ]اإلمام أحمد[ رحمه
ﷲ يوم امتحن على القول بخلق القرآن فثبت على الحق ثبوت الجبال حتى أنه كان إذا
أريد على ذلك تدور حماليق عينيه كالمجنون يؤتى بالسياط للمعتصم وبجالدين غالظ
القلوب قساة األفئدة ليأمر كل واحد منھم أن يتقدم ليضرب اإلمام بكل ما لديه من قوة
سوطين وفى والمعتصم يقول للضارب شد قطع ﷲ يدك ثم يقول المعتصم يا أحمد
عالم تقتل نفسك إني وﷲ عليك لشفيق ويقول آخر أتريد أن تغلب ھؤالء كلھم ويقول
بعض بطانته الخبيثة التي ھي أخبث من بطانة فرعون يقول يا أمير المؤمنين اقتله
ودمه في عنقي فيقول المعتصم ويحك يا أحمد ما تقول فيقول أعطوني شيئا من كتاب
ﷲ وسنة رسوله صلى ﷲ عليه وسلم أقل به ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا
فيغضب ثم يقول للجالد تقدم أوجعه قطع ﷲ يدك فيضرب اإلمام والمعتصم يقول أجبني
إلى شيء لك فيه أدنى فرج حتى أطلق عنك بيدي فيقول أعطوني شيئا من كتاب ﷲ
وسنة رسوله صلى ﷲ عليه وسلم أقل به فيأمر الجميع بضربه ويقول شدوا قطع ﷲ
أيديكم حتى ذھب عقل اإلمام وأغمى عليه داسوه باألقدام كفوه على وجھه طرحوه
على ظھره ثم يفيق ودماؤه تسيل خلعت أكتافه وھو ثابت كالطود األشم ھنا ينتقلون
إلى أسلوب المناظرة فيتقدم أحدھم يناظر ويقول أولست تحسن كتاب ﷲ يا أحمد إن
ﷲ يقول )ألم نجعل األرض مھادا( أي خلقناھا مھادا ويقول )إنا جعلناه قرآنا عربيا( أي
خلقناه قرآنا عربيا فقال اإلمام أحمد في ھدوء المؤمن وﷲ تعالى يقول )فجعلھم
كعصف مأكول( أھي بمعنى خلقھم كعصف مأكول فألجم وسكت وتقدم آخر فقال ﷲ
يقول )ﷲ خالق كل شيء( أو ليس القرآن شيئا فقال اإلمام وﷲ يقول )تدمر كل شيء
بأمر ربھا( فھل دمرت كل شيء أم دمرت ما أراد ربھا فبھت وسكت وال غرو من ذا
يساوي بين تغريد البالبل والنعيق.
يقول أحدھم مغضبا وأنت ال تقول إال كتاب سنة كتاب سنة فكان حال اإلمام ينطق
)فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم(
لسنا وإن عزبت أحالمنا وخوت *** منا الرؤوس بقول الزور ننبھر
وثبت اإلمام أحمد عليه رحمة ﷲ ونصر ﷲ به السنة وكان بحق إمام ھذه األمة في
علمه وثباته وتواضعه يقول أحدھم جزاك ﷲ خيرا عن اإلسالم يا إمام فيقول بل جزى
ﷲ اإلسالم عني خيرا من أنا وما أنا رحمه ﷲ من قدوة ماثلة إلى اآلن.
قاد الھوى الفجار فأبقى دونه *** وأبت عليه مقادة األبرار
وبالعھد نفسه يراد] أبو يعقوب البويطي [على القول بخلق القرآن فيمتنع فيحبس في
بغداد حتى مات في الحبس يقول قبل موته والذي ال إله إال ھو ألموتن في حديدي ھذا
حتى يأتي من بعدي قوم يعلمون أنه قد مات في ھذا الشأن قوم في حديدھم
)أحسب الناس أن يتركوا(
ومن الذ با 9في دربه كفاه المھيمن من كل شر
سيد رحمه ﷲ يحكم عليه باإلعدام وتأتي أخته فتقول اعتذر لعله يخفف عنك قال
أأعتذر عن العمل مع ﷲ وﷲ لو كان التعامل مع غير ﷲ العتذرت ولكنه مع ﷲ حاله
إن بقي شيء في األجل فلن يقدم وإن لم يبق شيء فلن يؤخر
إني وزنت الذي يبقى ليعدله ما ليس يبقى فال وﷲ ما أكتب
أخي سالك طريق اليمن رب نفسك ويزمجر بحرك :ﷲ غايتنا وھل من غاية
أسمى وأغلى من رضى الرحمن أعدھا للبيع على ﷲ عز وجل فإنه يوشك من أھمل
نفسه أن ينھزم قلبه وتخونه نفسه عند أول اختبار وبادرة ھزة فيتراءى لك أنه حي
يرزق ولكنه في الحقيقة ميت.
غمد محال بال سيف وجدول غير ثابت
إن طريق العقيدة الصحيحة والدعوة إليھا طريق األنبياء شاب تتقاصر دونه الھمم
الساقطة والعزائم الضعيفة وتجزع دونه األرواح الھزيلة والقلوب الخاوية
طريق الحق محفوف بشوك *** ومحتاج إلى طول المراس
إن العقيدة وﷲ ال تحتاجنا بيد أنا نحتاجھا لنتزوق طعم الحياة بھا فاسلك طريق اإليمان
وتدبر القرآن وتعرف في الرخاء على الرحمن واستيقن أن الرزق مقسوم واألجل محدود
وقف على أخبار من ثبت تطمئن وتسكن فإذا حصل اطمئنانك إلى أن ما تفعله حق وأنه
9واستعنت با 9فليكن حداؤك ودعاؤك يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك ثم
اسلك طريق اليمن قاصدا البحر وال تلتفت لطريق الشام وخل القنوات.
فتى اإلسالم بل يا قاصد البحر التميز التميز إذ ھو في حياتك عمدة وضرورة خاصة
في عصور طغيان الحياة المادية على الحياة تميز في المسلم يتمثل في تمسكه
وقبضه على دينه لقاء عقيدة وعبادة وسلوك بمعنى أن ال يتميع في دينه وينصھر مع
المتفلتين منه تحت وطأة الفساد وضغط الواقع ومسايرة المجتمع كما يقال نعم إنه ال
يعرف بإصراره على دينه والغيرة على محارم ﷲ أن تنتھك وأي دين وأي خير وأي تميز
لمن يرى محارم ﷲ تنتھك وحدوده تضيع ودينه يترك وسنة رسوله يرغب عنھا وھو بارد
القلب ساكت اللسان شيطان أخرس ما بلية الدين إال من ھؤالء الذين إذا سلمت لھم
مآكلھم ومشاربھم فال مباالة بما يجري على الدين لقد بلوا بأعظم بلية أال وھي موت
القلب وھم ال يشعرون عافانا ﷲ وإياكم تميز المسلم بصحة معتقده عند مسائل
االتصال بالتزام السنة عند نشوء البدعة بصدق اإليمان عند نشوب النفاق بعبادته
للناس يلھون بأخالقه إذا أھدرت القيم بالصدق في المعاملة إذا فشى الغش بصمته إذا
كثر الخلط بمحاسبته نفسه إذا أھملھا الغير بدعوته بجھاده إذا أقبلت الدنيا على أھلھا
فغيره غاب في لجتھا باإلنصاف حتى مع الشنآن ال يخجل من انتمائه لدينه ال يخجل من
نھاره لشريعته ال يخجل من أن يتحدث بروايته رواية القرآن وال يخجل من لباسه الذي
يخالف به الكفار التميز ضرورة للسائرين على الدرب ليقدم منھجه للعالمين عمليا قوليا.
يذكر ]أبو الحسن الندوي[ حفظه ﷲ ورحمه أنه وقع نزاع بين الھندوك والمسلمين
على أرض يقول الھندوك أنھا معبد لھم ويقول المسلمون أنھا لھم مسجد وتحاكموا
إلى الحاكم اإلنجليزي في ذلك الوقت سمع حجة الفريقين وتحاجوا ولم يطمئن إلى
نتيجة معينة في محاكمته فسأل الھندوك ھل يوجد في القرية مسلم تثقون في صدقه
وأمانته ألحكم على رأيه قالوا نعم فالن وسموا شيخا من صالح المسلمين وعلمائھم
تميز حتى بين الكافرين فأرسل الحاكم في طلبه إلى المحكمة فقال قال قد حلفت أال
أرى وجه إفرنجي ما حييت فأخبروا الحاكم بمقالة العالم فقال ال بأس يحضر ويدلي برأيه
في القضية وال يلزم أن يراني فحضر الشيخ متميزا قد ولى دبره إلى الحاكم وقال الحق
في ھذه القضية مع الھندوك واألرض أرضھم وال يجرمنكم شنآن قوم أال تعدلوا فقضى
الحاكم بذلك وخسر المسلمون القضية وال ربما غضب بعضھم ولكنھم كسبوا قلوب
أولئك فأسلم منھم جمعا أرأيت كيف يكون التميز إن العلم عارية ووديعة من ﷲ ال تباع
كسلعة في السوق ال يتعاون به على إثم آثم أو عدوان معتد أو ظلم ظالم فيا طالب
العلم ميزوا األنفس عن رفق الھوى وإلى اإلسالم سيروا تبعا ومن كمال التميز يا قاصد
البحر أن تضع في حسابك أمورا وأنت تخالط الناس وتشاھدھم وتأكل وتشرب معھم
وتزول وتزار أن تحرص على أن تظھر بمظھر الدقة والنظام والحفاظ على حقوق اآلخرين
أنت قدوة ينظر إليه أكثر من االغتيال أيام الحر ال تكثر من التمخط بصوت عال ال تظھر
التجشأ كما يفعل البعض ال تأكل ثوما وال تصنع لغيرك طعاما فيه ثوم فإن ذلك من التميز
وال تتكلف كثيرا لضيفك لئال تحرجه وإن كنت ضيفا على أحد فكل أكلك المعتاد ألن
صاحب المائدة الكريم يحب أن يأكل الضيف في الزيارة ال تزر وقت قيلولة أو راحة أو
منتصف ليل واستأذن قبلھا بالھاتف إن أمكن واطرق الباب برفق ثالثا وإال فارجع ھو
أزكى لك وقف إلى جانب الباب ال أمامه إذ ربما تفتح امرأة ثم ال تطل وقت الزيارة
فالوقت أنفاس ال تعد ال تصافح أخاك بيد مرتخية وال بأخرى حديدية وكن وسطا ال تنادي
أخاك بمزمار السيارة كما يفعل الطائشون في الھاتف ال تطل الكالم وال ترفع صوتك
واترك اسمك لمن تكلمه مباشرة إن خدمك خادم أو عمل لك عامل فأجزل له األجرة وال
تماطله في الكالم ال تسابق وأنصت حتى يبرأ مخاطبك في التعزية ال تبادر إلى تعزية
مسافر فلعله ال يعلم ما حدث واحذر ثم احذر مما يوجب الخجل وإياك وما يعتذر منه
ويسلب المروءة فإن ]الشافعي[ قد طبق ھذا المعنى فقال وﷲ لو علمت أن الماء
البارد يسلب مروءتي ما شربته إال حارا تميز عام حتى في اللعب حتى في الرائحة في
كل األمور فإن العرض يعرض والقول يعرف بلحنه والصبح ال يتمارى بإشعاره وال يتسع
إلى دليل على إشراق أنواره وما كل من قال القريض بشاعر وما كل من عاشر الھوى
بمتيم فاقصد البحر وخل القنوات.
يا فتى اإلسالم اقصد البحر معتدال متزنا في حكمك وبغضك ووالئك وعدواتك
واحمل معك ميزان السنة الذي ذكره شيخ اإلسالم ]ابن تيميه[ رحمه ﷲ يوم يقول
في فتاواه إذا اجتمع في الرجل الواحد خير وشر وبر وسفور وطاعة ومعصية وسيئة
وبدعة استحقت من المواالة والثواب بقدر ما فيه من الخير ومن العداوة والعقاب بقدر ما
فيه من الشر فيجتمع في الشخص موجبات اإلكرام واإلھانة ثم اتبع ذلك بقول
]الخطيب البغدادي[ فليس من شريد وال عالم غير األنبياء إال وفيه عيب ولكن من الناس
من ال ينبغي أن تذكر عيوبه فمتى كان فضله أكثر من نقصه وھب نقصه لفضله ولذا نقل
]ابن القيم[ رحمه ﷲ عن شيخ اإلسالم قوله انظر ]لموسى[ صلوات ﷲ وسالمه عليه
رمى األلواح التي فيھا كالم ﷲ فكسرھا وجر بلحية نبي مثله وھو ]ھارون[ عليه
السالم ولطم أعين ملك الموت ففقأھا وربه تعالى يحتمل له كل ذلك ويحبه ويكرمه
ألنه قام 9تعالى تلك المقامات العظيمة في مقابلة أعدي عدو له فرعون وصدع بأمر
ﷲ وعالج أمتي القبط وبني إسرائيل أشد المعالجة وأمتان كھذه األمم معالجتھا
شديدة أليمة يعبدون بقرة ثم يتوقفون في ذبح بقرة ثم يعبرون البحر فيقولون اجعل لنا
إلھا كما لھم آلھة فكانت ھذه األمور كلھا كالشعرات في البحر ال غرو إذا بلغ الماء كل
شيء لم يحمل الخبث ومن قل خطؤه وكثر صوابه فھو على خير والعبرة بكمال النھاية
ال بنقص البداية فيا قاصد البحر ال يكن حبك كلفا وال بغضك تلفا فإن من الناس من إذا
أحب كلف كما يكلف الصبي فال يستغني عن محبوبه طرفة عين وإذا أبغض أحب
لصاحبه التلف إن الذي ال عيب فيه غير األنبياء لم يخلق بعد والكمال لصاحب الكمال
وتعني بالمرء جبنا أن تعد معايبه فاربأ بنفسك وأنا أربأ بك أن تكون ممن تستفذه كلمة
لم سمعھا قاموس التآخري ويجرد أصحابه من كل فضل كأن لم تكن بينه وبينھم مودة
ولقد رأيتم معاشر الجمحة بله تلك الطبيعة نحو كل سياري
تھوى نفوسھم أذى إخوانھم شغال بكل دناءة وصغار
تبعوا الھوى فھوى بھم وكذا الھوى منه الھوان بأھله محذار
صحح األخطاء واعدل وال تمس المشاعر وامدح على قليل الصواب يقطر من الممدوح
الصواب.
عرف نفسك قدرھا وانھج بھا نھج بكر بن عبد ﷲ يوم يقول إن رأيت من ھو أكبر مني
سنا قلت سبقني باإليمان والعمل الصالح فھو خير مني وإن رأيت من ھو أصغر مني
فأقول سبقته إلى الذنوب والمعاصي فھو خير مني وإن أكرمني اخوتي قلت تفضلوا
علي فجزاھم ربي خيرا إن أھانني اخوتي قلت ذاك لذنب أصبته وعھد بيني وبين ﷲ
ضيعته ورحم ﷲ امرئ عرف قدر نفسه فاقصد البحر وخل القنوات.
الحداء .لين القول
يھيجھا على السير ُالم َھارى ِ ّ
بالرقى؛ إن َ
ُ فتى اإلسالم :خذھم
رحمة حسنا ) َ ِ َ
فبما َ ْ َ ٍ أدعى للقبول ،بالتي ھي أحسن ،بالموعظة الحسنة ،وقولوا للناس ُ ً
لنت َ ُ ْ
لھم( "فما كان الرفق في شيء إال زانه ،وما نزع من شيء إال شانه"، من ِ
ﷲ ِ َ ِّ َ
"وإن ﷲ رفيق يحب الرفق في األمر كله" "،ومن ُيحرم الرفق يحرم الخير كله" ،ال
ُمداھنة وال نفاق ،بل نصح في أسلوب دمث مؤثر ،يفتح القلوب ،ويشرح الصدور .في
الحديث الصحيح" أن النبي –صلى ﷲ عليه وسلم لما أراد المسير إلى >حنين< بعث
إلى ]صفوان بن أمية[ –وھو كافر -ليطلب منه أن يعيره مائة درع ،وما ُيصلحھا من عدتھا
أغصبا يا محمد ،فقال –صلى ﷲ عليه وسلم -ال ،بل عارية
ً وعتادھا ،فقال صفوان:
مضمونة حتى نؤديھا إليك ،فأعار النبي –صلى ﷲ عليه وسلم -الدروع ،وأمره النبي –
صلى ﷲ عليه وسلم -أن يحملھا إلى >حنين< فحملھا ،ولما عاد النبي –صلى ﷲ
غانما من حنين ،وقد تلفت بعض الدروع في الحرب ،قال لصفوان :إن
ً عليه وسلم-
شئت غرمتھا لك يا صفوان ،فقال صفوان :ال وجعل ينظر إلى شعب ملئ بنعم وشاة
ورعاء ويديم النظر إلى ذلك النعم ،ورسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم -يرمقه ،ثم قال –
صلى ﷲ عليه وسلم -أبا وھب :أيعجبك ھذا؟ قال :نعم ،قال :فھو لك ،فقال صفوان:
مه ،وﷲ ما طابت نفس أحد بمثل ھذا إال نفس نبي ،أشھد أن ال إله إال ،9وأنك
الحداء.
يھيجھم على السير ُ
رسول ﷲ ،ودخل في دين ﷲ" خذھم بالرفق؛ إن المھارى ِ ّ
تمرا معلوًما من
ً وثبت من مستدرك ]الحاكم[ أن ]زيد بن ُثعنة[؛ أحد أحبار اليھود اشترى
النبي –صلى ﷲ عليه وسلم -إلى أجل معلوم ،وقبل الموعد بأيام جاء إلى النبي –
صلى ﷲ عليه وسلم -وقد فرغ من صالة الجنازة على أحد المسلمين ،ودنا إلى جدار
متعبا –صلى ﷲ عليه وسلم -فيتقدم زيد فيأخذ بمجامع قميصه وردائه ،وينظر
ً ليجلس
إليه بوجه غليظ متجھم ،ويقول :يا محمد أال تقضني حقي؟ وﷲ إنكم لمطل يا بني عبد
المطلب ،عند ذلك نظر إليه عمر وعيناه تدوران في وجھه من الغضب ،ثم قال :يا عدو
ﷲ؛ أتقول لرسول ﷲ ما أسمع ،وتصنع ما أري؟ والذي بعثه بالحق ،لوال ما ُأحاذر من
لومه لضربت بسيفي ھذا رأسك ،فيرتعد ويخاف ويضطرب إذ الكالم من عمر ،وما أدراك
ما عمر؟! وينظر إلى النبي –صلى ﷲ عليه وسلم -فينظر إلى عمر –صلى ﷲ عليه
وسلم -ويبتسم في سكون وتؤده ،ثم يقول :يا عمر؛ أنا وھو كنا أحوج إلى غير ھذا
منك؛ أن تأمرني بحسن األداء ،وتأمره بحسن الطلب ،اذھب يا عمر فأعطه حقه ،وزده
صاعا،
ً صاعا جزاء ما روعته .انطلق عمر وأعطى الرجل حقه ،وزاده عشرين
ً عشرين
فقال زيد :ما ھذه الزيادة يا عمر؟ قال :أمرني رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم -أن
أزيدك جزاء ما روعتك ،فتألأل وجه زيد بالبشر ،قال :أال تعرفني يا عمر ،قال :ال ،قال :أنا
زيد؛ حبر اليھود ،لم يكن من عالمات النبوة شيء إال عرفته في وجه رسول ﷲ إال
حلما ،وقد عرفتھما
ً عالمتين؛ أنه يسبق حلمه جھله ،وال تزيده شدة الجھل عليه إال
محمدا رسول ﷲ ،رضيت با9
ً اآلن ،فأشھدك يا عمر أني أشھد أن ال إله إال ﷲ ،وأن
نبيا ،وأشھدك يا عمر فوق ذلك أن
ربا ،وباإلسالم دينا ،وبمحمد -صلى ﷲ عليه وسلمً -
شطر مالي صدقه على أمة محمد -صلى ﷲ عليه وسلم -با 9شدة وعنف تقابل من
رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم -بحلم عظيم تجعل ذلك ينضم لھذا الدين ،ويبذل له
ھي
بالتي ِ َ السيئة ْ َ ْ
ادفع ِ ﱠ ِ ﱠ ِّ َ ُ تستوي ْ َ َ َ ُ
الحسنة َوال َ نصف ماله في أول لحظات إسالمه! ) َوال َ َ ْ َ ِ
وما
صبروا َ َ
الذين َ َ ُ وما ُ َ ﱠ َ
يلقاھا ِإال ﱠ ﱠ ِ َ حميم * َ َ
ولي َ ِ ٌ عداوة َ َ ﱠ ُ
كأنه َ ِ ﱞ وبينه َ َ َ ٌ
بينك َ َ ْ َ ُ
الذي َ ْ َ َ َ ْ َ ُ
أحسن َ ِ َ
فإذا ﱠ ِ
حظ ّ َ ِ ٍ
عظيم( َُ ﱠ َ
يلقاھآ ِإال ﱠ ُذو َ ٍ
فيا قاصد البحر ويا أيھا الداعي إلى ﷲ :تذكر أن الكلمة القاسية الجافة ،لھا كلمة
إن نقطة العسل تصيد من
طيبة مرادفة تؤدي نفس المعنى بال أذى ،وفي المثل :ﱠ
الذباب ما ال يصيده برميل علقم فبالعوراء ال تنطق ،ولكن بما يرضى اإلله من الكالم .يمر
أحد الصالحين بقرية يدعوھم فيھا إلى الھدى ،فيسبونه ويشتمونه ،فيدعو لھم بالصالح
خيرا! قال في
ً شرا ،وترد عليھم
ً والھداية ،فقال أصحابه :تدعو لھم وھم يريدون بك
كل ينفق مما عنده.
سمو خلق ،ورقة نفس ،وسعة صدرٌ :
ُ ُ
تواضع وانحنى
َ خير
ٍ كالغصن ُكلما *** ازداد من
ِ األصل
َ إن كريم
فخذھم بالرقى؛ إن المھارى يھيجھا على السير الحداء .فاقصد البحر برفق وخل
القنوات.
أخيرا يا من قصد البحر بسبب وصحبة إخالص وصدق وصواب وھمة مقرونة بھا يعقبه
عمل وقد نقد الثمن بثبات وتميز واتزان اعلم أنك مسئول )فو ربك لنسألنھم أجمعين
عما كانوا يعملون( فليتق ﷲ قاصد البحر في كل كلمة يقولھا وكل حركة أو سكون فإن
ﷲ سائله .ذكر عن بعض العلماء رحمھم ﷲ أنه ولي القضاء فحكم على رجل تاجر
سفيه طائش فقال له وﷲ ما أردت بحكمك ھذا وجه ﷲ ولقد ظلمتني فقال العالم أو
تقول ذاك قال نعم وأقسم عليه قال العالم -واسمعوا لما قال -قال والذي ال إله إال ھو ما
تكلمت بكلمة منذ أربعين عاما إال وأعددت لھا جوابا بين يدي ﷲ عز وجل! فيا قاصد
البحر" لن تزول قدم عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما
أباله وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وعن علمه ماذا عمل به" فماذا عسى
يكون الجواب أعد للسؤال جوابا وللجواب صوابا واقصد البحر بإعداد وخل القنوات أخي
قاصد البحر ولعل الكل قاصد بقي أمور البد لي من سردھا نظرا للضيق أعط كل ذي
حق حقه وقدم فاضل األعمال على مفضولھا واعرف خير الخيرين لتتبع وشر الشرين
فادفع وسع الدليل تدور وال تغتر بالكثرة والبر البر تفلح والقصد واعلم أن الكالم في
الموضوع يطول وما قلته سوى وميض حداء على الطريق اكتفيت فيه من القالدة بما
أحاط من عنقي عجزا في يق وقت فما وجدت من صواب وحق فاقبله وال تزد في نقائبه
وما وجدت من خطأ في علم لم آل لترك الصواب ويأبى ﷲ إال أن يتفرد بالكمال والنقص
في أصل الطبيعة كائن وكيف يعصم من الخطأ من خلق ظلوما جھوال
لكن إن تجد عيبا فسد الخلال *** جل من ال عيب فيه وعال
واقصد البحر وخل القنوات
علما وعمال،
ً أسأل ﷲ بأسمائه الحسنى ،وصفاته العال أن ينفعنا بما علمنا ،وأن يزيدنا
ويسر الھدى لنا .اللھم كن
ِّ اللھم كن لنا ،وامكر لنا ،وانصرنا وأعنا ،واھدنا واھد بنا،
وتول أمرھم ،اللھم أزل
ﱠ للمستضعفين والمضطھدين والمظلومين ،اللھم اجبر كسرھم،
عنھم العناء ،واكشف عنھم الضر والبالء ،اللھم أنزل عليھم من الصبر أضعاف ما نزل بھم
من البالء ،يا سميع الدعاء يا حي يا قيوم يا ذا الجالل واإلكرام وآخر دعوانا أن الحمد 9
رب العالمين وكلمة أخيرة رسالة جاءتني من مدير مؤسسة الحرمين يدعوكم فيھا ألن
تتبرعوا إلخوانكم وأنا أشد على يده إخوانكم أحوج ما يكونون إليكم والمؤمنون جسد
واحد إذا اشتكى بعضه تداعى له سائر الجسد بالسھر والحمى وصلى اللھم على
نبينا محمد ومعذرة لإلطالة.
فضيلة الشيخ /علي عبد الخالق القرني
األمر بالمعروف
إن الحمد 9نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ با 9من شرور أنفسنا ومن
سيئات أعمالنا من يھديه ﷲ فال مضل له ومن يضلل فال ھادي له أشھد أال إله إال ﷲ
وحده ال شريك له وأشھد أن محمد عبد ﷲ ورسوله أرسله ﷲ رحمة للعالمين فشرح
به الصدور وأنار به العقول وفتح به أعينا عميا وأذان صما وقلوب غلفا صلى ﷲ عليه
وعلى آله وصحبه والتابعين لھم بإحسان وسلم تسليما كثيرا .
يا أمة الحق واآلالم مقبلة متى تعين ونار الشر تستعر
متى الھواء وقد ضمت مصيبتنا متى الخالص وقد لمت بنا العبر
متى يعود إلى اإلسالم مسجده متى يعود إلى محرابه عمر
أكل يوم يرى للدين نازلة وأمة الحق ال سمع وال بصر
قال أھل العلم :كان في الميثاق الذي أخذ عليھم :أن يأمروا بالمعروف ،وينھوا عن
المنكر ،صح عنه –صلى ﷲ عليه وسلم -أنه قال –في حديث ابن مسعود ،الذي رواه
الترمذي" :-إنما دخل النقض على بني إسرائيل أنه كان إذا لقي أحدھم أخاه ،وھو
على الفاحشة ،قال له :اتق ﷲ ،ثم ال يمنعه ذلك أن يكون أكيله وقعيده وشريبه ،فلما
وعمھم بعقاب وغضب من عنده ،كان -صلى ﷲ عليه وسلم-
ﱠ فعلوا ذلك لعنھم ﷲ،
ولتنھون عن
َ ُ ﱠ لتأمرن بالمعروف،
ﱠ ً
متكئا فتربع ،وجلس ،وقال :كال والذي نفسي بيده،
طرا ،أو ليضربن ﷲ قلوب
المنكر ،ولتأخذن على يد السفيه ،ولتأطرنه على الحق أ ً
بعضكم ببعض ،ثم يلعنكم كما لعنھم ".ال إله إال ﷲ ،نعوذ با 9من لعنة ﷲ ،وغضب ﷲ،
"لتأمرن بالمعروف ،ولتنھون عن المنكر ،أو ليسلطن ﷲ عليكم من ال يرحم صغيركم وال
يوقر كبيركم "لتأمرن بالمعروف ،ولتنھون عن المنكر ،أو ليسلطن ﷲ عليكم شراركم،
فيؤخذ الصالح والطالح ،وأن
فيدعوا خياركم فال يستجاب لھم" ،أترضون أن يعم الشر؛ ُ َ
تنزل لعنة ﷲ ،وإذا تنزلت ال ترفع؟ أترضون أن يمقتنا ﷲ من فوق سماواته؟ ،أين األمر
بالمعروف والنھي عن المنكر؟ أما اتكلنا على غير ﷲ ،أما عمت الشعوذة والخرافة في
بعض القرى والبوادي؟ ،أما انتشر الفحش؟ أما استبدل القرآن في بيوت كثير من الناس
باألغنية؟ أما عھد في متاع القرآن باللھو والمجون؟ أما ضيعت الصلوات -إال في بيوت
وسكت عليه؟ أما قطعت األرحام؟
تھون بالجماعات؟ أما انتشر الربا ُ
من رحم ﷲ-؟ أما ُ ُ ِّ َ
سب محمد -صلى ﷲ عليه وسلم-؟ أما ُقتل أما ُأعلن اإللحاد؟ أما ُ ﱠ
سب اإلله؟ أما ُ ﱠ
المسلمون؟ أما ُأحييت الليالي على الماجنات من المغنين والمغنيات؟ أحييت على -
ھل رأى الحب سكارى مثلنا -ورفع ستار الخجل ،وغيرھا من الترھات والخزعبالت؟ أما
ُأخذ الميراث؟ أما ُ ﱠ
عق الوالدان ،ولم يؤخذ على أيدي ھؤالء ،والدعاة مئات ومئات،
والعلماء كذلك ،والجامعات تخرج ،والمعاھد والمدارس؟
فيا طلبة العلم ،ويا أيھا العلماء ،ويا دعاة اإلسالم :ھذا وقت األمر والنھي ،من
يأمر وينھى إن لم تأمروا وتنھوا؟ إنا ال ندعو لمضاربة الناس ،وال لشتمھم ،وال لجرح
شعورھم ،وال للتشھير بھم ،حاشا وكال لكن ندعو إلى إنقاذ الناس من الضاللة ندعو
إلى إنقاذ الناس من النار ندعو إلى أخذ الناس بمركب النجاه ندعو إلى األخذ بحبل ﷲ؛
بكلمة الحق في أي مكان ،بالنصيحة في الشارع ،بالقدوة الحسنة ،بالزيارات ،يقول
منكرا فليغيره بيده؛ فإن لم يستطع
ً محمد –صلى ﷲ عليه وسلم " :-من رأى منكم
فبلسانه ،فإن لم يستطع فبقلبه ،وذلك أضعف اإليمان ".وفي رواية" ليس بعد ذلك حبة
خردل من إيمان" وعن ]عبادة بن الصامت[ -رضي ﷲ عنه وأرضاه -قال ":بايعنا رسول
ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم -على السمع والطاعة في المنشط والمكره ،والعسر
واليسر ،وأن نقول في ﷲ ال تأخذنا فيه لومة الئم ،ومنا من وفى بذلك؛ فأجره على
من يغضب إذا رضي ﷲ ،ويسخط
ﷲ" ،أال ال تأخذ المسلم في ﷲ لومة الئم ،يغضب َ ْ
من يسخط إذا رضي ﷲ ،من أرضى الناس بسخط ﷲ ،سخط ﷲ عليه ،وأسخط عليه
الناس ،ومن أرضى ﷲ بسخط الناس ،رضي ﷲ عليه ،وأرضى عليه الناس ،وﷲ إذا
علم منك أنك تريد إرضاءه ،أرضى عنك الناس ،وحماك وسددك وكفاك وآواك ،أال فاحفظ
تعرف على ﷲ في الرخاء ،يعرفك في الشدة،
ﷲ يحفظك ،واحفظ ﷲ تجده تجاھك ،ﱠ
صح عنه -صلى ﷲ عليه وسلم -أنه قال ":مثل القائم في حدود ﷲ -أي الذي يأمر
وينھى -والواقع فيھا ،كمثل قوم استھموا في سفينة ،فكان قوم أعالھا ،وقوم أسفلھا،
فكان الذين في أسفلھا إذا استقوا الماء مروا على الذين في أعالھا ،فظنوا أنھم
آذوھم ،فقالوا :لو أنا خرقنا في الجانب السفلي لما آذينا الذين فوقنا" ثم قال -عليه
جميعا ،وإذا أخذوا على أيديھم نجوا
ً الصالة والسالم" :-فإذا تركوھم ھلكوا ،وھلكوا
جميعا".
ً ونجوا
وھذا مثل من يترك المفسدين الفجرة ،الذين يلعبون باألعراض والمبادئ والقيم ،ويقول:
نفسي نفسي ،يصلي ويخرس كالشيطان األخرس ،من بيته إلى المسجد ،ويرى
األمم ،ويرى األجيال ،والشباب تائھين ،ضائعين ،حائرين ،ثم ال يقول ھذا ھو الطريق
مرتاحا ،من كلف األمر بالمعروف والنھي عن المنكر،
ً مطمئنا
ً وديعا ،ھادئ البال،
ً ليبقى
يرى الجرائم وال يتكلم بكلمة ،أما –وﷲ -لو أن أحدنا أمر بأمر بسيط ،أو نھى عن منكر
في اليوم الواحد بالتي ھي أحسن ،لصلح حالنا ،من ننتظر أن يصلح حالنا إذا ما ال
يغيروا َما ِ َ ْ ُ ِ ِ ْ
بأنفسھم ( حتى ُ َ ِ ّ ُ
بقوم َ ﱠ ﷲ ال َ ُ َ ِ ّ ُ
يغير َما ِ َ ْ ٍ إن َ
أصلحنا؟ ) ِ ﱠ
أال يا عباد ﷲ :مروا بالمعروف ،ال تخشوا إال ﷲ ،ال خير فيكم إن لم تقولوا كلمة الحق،
وال خير فيمن لم يسمعھا ،وال تظنوا أن الطريق مفروش بالورود لمن أمر ونھى ،إنه
طريق محمد -صلى ﷲ عليه وسلم -أوذي فيه ،ووضع سال الجذور على ظھره ،ووضع
وشج وجھه ،وكسرت رباعيته؛ فما ضعف وما الشوك في طريقهُ ،
وأدمي عقباه ُ ،ﱠ
استكان ،وما ھان ،وما كان له ذلك ،وللدعاة من بعده ،قدوة فيه –صلى ﷲ عليه
وسلم .-ھاھو] عبد ﷲ بن علي[ -الحاكم العباسي -عم ]أبي جعفر المنصور[ ،يوم
دخل لمصر محتال ،دخلھا في يوم واحد ،فقتل ثمانية وثالثين ألف مسلم في ست
ساعات ،قتل ھؤالء كلھم ،كان من جبابرة الدنيا ،حتى أدخل الخيول في مسجد بني
أمية ،ثم دخل قصره ،وقال :من يعارضني فيما فعلت؟ قالوا :ال يعارضك أحد ،قال :أترون
على ،قالوا :ال يمكن أن ينكر عليك أحد إال – ]األوزاعي[ –
ﱠ أحدا من الناس يمكن أن ينكر
ً
نودي
علي باألوزاعي ،فلما ُ ِ
ﱠ عالم الدنيا في ذلك الوقت ،الزاھد ،المحدث الكبير ،-قال:
رسوبا
ً األوزاعي ،علم أن الموت ينتظره ،وأن ﷲ أراد أن يبتليه؛ إما أن ينجح ،أو يرسب
ما بعده رسوب ،علم أن ﷲ أراد أن يمتحنه ليصبر ،أوال يصبر ،قالوا :لألوزاعى عبد ﷲ
بن علي يدعوك لمقابلته اليوم ،الدماء تجري ال زالت لم تجف على أرض دمشق .فماذا
كان من ھذا العالم الزاھد؟ لبس أكفانه بعدما اغتسل ،ثم لبس ثيابه من على أكفانه،
ثم أخذ عصاه ،وخرج من بيته ،وقال :يا ذا العزة التي ال ُتضام ،والركن الذي ال ُيرام ،يا
تھزم جنوده ،وال ُيغلب أولياؤه ،اللھم أنت حسبي ،ومن كنت حسبه فقد كفيته،
من ال ُ َ
ثم دخل ،وقبل أن يدخل سمع عبد ﷲ بن علي ،فصف وزراءه وأمراءه ميمنة وميسرة،
ليرھب ھذا العالم ،ثم مد سماطين من الجلود ،ثم أمرھم أن يرفعوا السيوف حتى
ُ
التقت رؤوسھا ،ثم قال :أدخلوا األوزاعي ،فدخل من بين السيوف ،فلما دخل ،ووقف
غضبا حتى انعقد جبينه ،قال :أأنت األوزاعي؟
ً عند عبد ﷲ بن علي ،غضب ھذا األمير
أني األوزاعي ،قال :األوزاعي في ھذه اللحظة قال :وﷲ ما رأيته إال
قال :يقول :الناس ِ ّ
بارزا يوم القيامة ،وكأن المنادي ينادي:
ً كأنه ذباب أمامي ،يوم أن تصورت عرش الرحمن
فريق في الجنة وفريق في السعير ،وﷲ ما دخلت قصره إال بعت نفسي من ﷲ -عز
وجل -قال األمير :ما ترى في ھذه الدماء التي سفكنا؟ قال :حدثني فالن بن فالن عن
جدك عبد ﷲ بن عباس ،أن الرسول –صلى ﷲ عليه وسلم -قال ":ال يحل دم
فالن عن ِّ
امرئ مسلم إال بإحدى ثالث؛ الثيب الزاني ،والنفس بالنفس ،والتارك لدينه المفارق
للجماعة" ،فغضب حتى أصبح كالحية يتلظى ،قال :ورأيت الوزراء يرفعون ثيابھم؛ لئال
يصيبھم دمي إذا ُقتلت ،قال :وأخذت أرفع عمامتي ليقع السيف على رقبتي مباشرة،
قال :فرفع رأسه ،فقال :ما ترى في ھذه األموال التي أخذت ،وھذه الدور التي
عريانا كما خلقك؛ فإن
ً اغتصبت؟ قال :قلت :سوف يجردك ﷲ يوم القيامة ،ويحاسبك
حراما فعقاب ،قال :فتلمظ كالحية ،ورأيت الناس
ً كانت حالال فحساب ،وإن كانت
يتحفزون لئال يقع دمي عليھم .قال :وكنت أقول في نفسي :حسبي ﷲ ال إله إال ھو
عليه توكلت ،وھو رب العرش العظيم .قال :فما كان منه إال أن قال :اخرج.قال فخرجت
فما زادني ربي إال عزة وكرامة .لما مات ھذا اإلمام ،أتى عبد ﷲ بن علي ذلك الجبار
إلى قبره ،وقال :وﷲ إني كنت أخافك أخوف أھل األرض ،وﷲ إني كنت إذا رأيتك رأيت
بارزا ،لم خافه؟ ألنه صدق مع ﷲ ،واعتصم بحبل ﷲ ،وخاف ﷲ فخوف ﷲ منه
ً األسد
كل شيء .و ھاھو ]األسود العنسي[ -طاغية اليمن -الكافر ،الساحر ،القبيح الظالم،
يجتمع حوله اللصوص ،وقطاع الطرق؛ ليكونوا فرقة للصد عن سبيل ﷲ ،ليذبحوا الدعاة
إلى ﷲ ،ذبح من المسلمين من ذبح ،وحرق من حرق ،وطرد من طرد ،وفر الناس
بدينھم ،أخذ يھتك األعراض ،ويعذب الدعاة ،ومن بين ھؤالء الدعاة المخلصين ]أبو
مسلم الخوالني[ -عليه رحمة ﷲ ورضوانه -عذبه فثبت كثبات سحرة فرعون ،حاول أن
يثنيه عن دينه ،وعن دعوته ،وأمره ونھيه ،فقال :كال والذي فطرني لن أقف ،فاقض ما
أنت قاض إنما تقضي ھذه الحياة الدنيا ،جمع األسود الناس ،وقال :أتعتقدون في
داعيتكم أنه على حق؟ إن كان على حق ،فسينجيه الحق ،وإن كان على باطل
فسترون ،ثم أمر بالنار فأضرمت نار ھائلة ،تمر الطيور من فوقھا فتسقط ِ َ ِ
لعظم ألسنة
يدي أبي مسلم ورجليه بالقيد ،ووضعوه في مقالع ،ثم نسفوه
ْ لھب ھذه النار ،ثم ربط
بالمقالع ليھوي في خضم لھيب النار ،ولظاھا ،وجمرھا ،وھو يقول :حسبي ﷲ ونعم
الوكيل ،كاد الموحدون أن تنخلع قلوبھم ،وقف الناس ينظرون ،وبدأت النار تخبو وتضعف،
ماشيا على قدميه ،قد فكت النار وثاقه ،عليه
ً وإذ بأبي مسلم يخرج من طرفيھا األخر
ثيابه لم تحترق ،يدوس بقدميه الحافيتين الجمر ،ويتبسم وينظر إلى الناس ،ذھل
الطاغية ،وخاف أن يسلم من لم يسلم ،فھددھم ،وتوعدھم ،ليصدھم عن سبيل ﷲ،
فارا بدينه ،والمؤمنون يتبعونه ،حتى وصل
مشيه ً
َ أما أبو مسلم فخرج من النار ،وواصل
إلى المدينة –في عھد أبي بكر ،رضي ﷲ عنه وأرضاه -دخل المسجد ،وصلى ركعتين،
يجد السير إليه ،فلما رآه قال :أأنت أبو مسلم؟
وسمع به عمر –رضي ﷲ عنه ،-فجاء َ ِ ﱡ
سليما؟ قال :نعم ،فاعتنقه
ً قال :نعم ،قال :أأنت الذي قذفت في النار ،وخرجت منھا
عمر يبكي ،ويقول :الحمد 9الذي جعل في أمة محمد -صلى ﷲ عليه وسلم -مثل
إبراھيم الخليل -عليه السالم -أال فادعوا ﷲ أيھا المسلمون ،ومروا بالمعروف ،وانھوا
عن المنكر ،واعتصموا بحبل ﷲ ،فوﷲ لو كادتكم السماوات واألرض ليجعلن ﷲ لكم
ومخرجا.
ً فرجا
ً منھا
أركان
ُ الركن إن خانتك
ُ معتصما *** فإنه
ً الله
بحبل ِ
ِ يديك
فاشدد ْ
و ھاھو أحد الصالحين ،ذكر أھل السير أنه دخل على ]ابن مقلة[ ،وزير المجرم
العباسي ،سفك الدماء ،ونھب األموال ،فاعترض عليه ھذا الرجل الصالح ،وأمره
بالمعروف ،ونھاه عن المنكر؛ فما كان منه إال أن جلده عشر جلدات ،فقال :أتجلدني يوم
آمرك وأنھاك؟ أسأل ﷲ أن يقطع يدك ولسانك .ويستجيب ﷲ دعاء المخلصين
الصادقين ،ما مر عليه ستة أشھر حتى ُ ِ
أخذت أمواله ،وقطعت يده ،وقطع لسانه ،وأخذ
يبكي ،ويكتب على الحيطان:
فبيني
لذة عيشٍ *** يا حياتي بانت يميني ِ
ُ الحياة
ِ ليس بعد
يبكي ويكتب على الحيطان:
قريب
ُ البعض من بعضٍ
َ ً
بعضا *** فإن فابك
ِ إذا ما مات بعضك
يا عباد ﷲ :األمر والنھي من خصائصنا إن كنا نريد الخيرية واألمان واالطمئنان ،ومتى
تركناه فلننتظر الجوع ،والدمار ،والحرب ،والخوف ،والجفاف ،والغضب ،والمقت ،واللعنة.
ھاھو أبو الدرداء لما فتح المسلمون جزيرة قبرص ،رأى صراخ أھلھا ،وبكاء بعضھم إلى
كثيرا ،قيل له :يا أبا الدرداء :ما يبكيك في يوم أعز ﷲ فيه اإلسالم وأھله؟
ً بعض ،فبكى
قال :ويحكم ،ما أھون الخلق على ﷲ إذا ھم تركوا أمره ،بينما ھم أمة ظاھرة طاھرة
بعيدا بل نقلب النظر إلى من كانوا في
ً تركوا أمر ﷲ ،فصاروا إلى ما ترون .وال نذھب
رغد من العيش ،في ھناء وسعادة ،فطغى أمراؤھم ،وسكت علماؤھمْ ُ ،
وأبلس دعاتھم،
نھي عن منكر ،ولم يؤخذ على يد ظالم ،فأمھلھم ﷲ ،ثم كلم بمعروف ،وما ُ ِ
فما تُ ِ
القرى إن أخذه أليم شديد وما ھي إذا َ َ َ
أخذ ْ ُ َ ربك ِ َ وكذلك َ ْ ُ
أخذ َ ِّ َ أخذھم أخذ عزيز مقتدر ) َ َ َ ِ َ
خيارين ال ثالث لھما :إما أمر بمعروف ،ونھي عن منكر بقوة،
ْ من الظالمين ببعيد( .إليكم
وإبعادا من رحمة ﷲ -جل
ً طردا
ً وأخذ على يد الظالم .وإما ضرب للقلوب ،ثم لعنة توجب
وتحذيرا من أن يقع بنا بأس
ً إعذارا بين يدي ﷲ ،وإقامة للحجة عليكم،
ً وعال -أقول ھذا
ﷲ؛ فإن بأس ﷲ ال ُيرد عن القوم المجرمين ،بينما األمم ھانئة وادعة ،تترك أمر ﷲ،
ناه ،إذ بالجو َ ِ ﱡ
يدلھم ،والدماء تجري ،والخوف والقلق يعم ،ھذه آمر ،وال ٍ
وترتكب نھيه ،وال ِ
سنة ﷲ ،يمھل الظالم حتى إذا أخذه لم يفلته .يا أمة األمر بالمعروف والنھي عن
المنكر ،ھذا يومه ،بل ھذه ساعته ،ھذا وقت البيان ،آن الوقت لئال تأخذ األمة في ﷲ
ونذر ﷲ تأتي في صور لومة الئم ،إن األمر جد خطير ،وإن ﷲ ينذر ،ثم ينذر ،ثم ينذرُ ُ ُ ،
ثم ال
غيركم ُ ﱠ يستبدل َ ْ ً
قوما َ ْ َ ُ ْ وإن َ َ ْ ﱠ ْ
تتولوا َ ْ َ ِ ِ ْ متعددة؛ فإن ارعوى الناس ،وآبوا ،وعادوا ،وإال ) َ ِ ْ
يكونوا َ ْ َ َ ُ ْ
أمثالكم( أسأل ﷲ أن يوفق األمة ووالتھا إلى القيام بمسئولية األمر والنھي َ ُ ُ
على الوجه الذي يرضي ربنا عنا ،اللھم اجعلنا خير أمة أخرجت للناس بأمرنا ونھينا ،كما
كنا إنك على كل شيء قدير .أقول ما تسمعون ،وأستغفر ﷲ فاستغفروه ،إنه ھو الغفور
محمدا عبده ورسوله –
ً الرحيم .أشھد أن ال إله إال ﷲ ،وحده ال شريك له ،وأشھد أن
كثيرا ،أما بعد :قال ﷲ -تعالى- ً تسليما
ً صلى ﷲ عليه وعلى آله وصحبه وسلم
حاضرة ْ َ ْ ِ
البحر كانت َ ِ َ َالتي َ َ ْ عن ْ َ ْ َ ِ
القرية ﱠ ِ محمدا -صلى ﷲ عليه وسلمْ ُ ْ َ ْ َ ) :-
واسألھم َ ِ ً مخاطبا
ً
يسبتون ال َ َ ْ ِ ِ ْ
تأتيھم ويوم ال َ َ ْ ِ ُ َ
شر ًعا َ َ ْ َسبتھم ُ ﱠ
يوم َ ْ ِ ِ ْحيتانھم َ ْ َ إذ َ ْ ِ ِ ْ
تأتيھم ِ َ ُ ُ ْ السبت ِ ْ
ﱠ ْ ِ يعدون ِفي
إذ َ ْ ُ َ
ِْ
مھلكھم َ ْ
أو ﷲ ُ ْ ِ ُ ُ ْ قوما ُُون َ ْ ً
تعظ َ لم َ ِ
منھم ِ َ قالت ُ ﱠ ٌ
أمة ِ ّ ْ ُ ْ وإذا َ َ ْ يفسقون * َ ِ َ
كانوا َ ْ ُ ُ َ بما َ ُ
ُوھم ِ َ
نبل ُ َ َِ َ
كذلك َ ْ
به نسوا َما ُ ِّ ُ
ذكروا ِ ِ يتقون * َ َ ﱠ
فلما َ ُ ربكم َ َ َ ﱠ ُ ْ
ولعلھم َ ﱠ ُ َ إلى َ ِ ّ ُ ْ معذرة ِ َ
شديدا َقالُوا َ ْ ِ َ ً
عذابا َ ِ ً
معذبھم َ َ ً
ُ َ ِّ ُ ُ ْ
يفسقون * بما َ ُ
كانوا َ ْ ُ ُ َ بئيسٍ ِ َ بعذابٍ َ ِ الذين َ َ ُ
ظلموا ِ َ َ السوء َ َ َ ْ َ
وأخذنا ﱠ ِ َ ُ ِ عن
ينھون َ ِ
الذين َ ْ َ ْ َ َ ََْ
أنجينا ﱠ ِ َ
عبرة كان ِفي َ َ ِ ِ ْ
قصصھم ِ ْ َ ٌ خاسئين( ) َ َ
لق ْد َ َ قردة َ ِ ِ َ كونوا ِ َ َ ً قلنا َ ُ ْ
لھم ُ ُ عنه ُ ْ َ
نھوا َ ْ ُ
عتوا َعن ما ُ ُ َ َ ﱠ
فلما َ َ ْ
ُِْ
ألولي ْ َ
األلبابِ(
ھذه قصة قرية ُ ِ
أخذت أخذ عزيز مقتدر ،فضحھا ﷲ ،وجعل أشخاصھا قردة وخنازير ،يوم
تركوا أمره ونھيه ،قرية كانت على الشاطئ مجاورة للبحر ،حرم ﷲ عليھم صيد السمك
ابتالء ،وامتحن صدقھم
ً يوم السبت ،فوقفوا ال يصطادون يوم السبت ،فزاد ﷲ ابتالءھم
وإخالصھم ،فجعل األسماك يوم السبت تأتي سابحة إلى الشاطئ ،وفي بقية األيام ال
تكاد تجد سمكة إال قليال ،فانقسم الناس حيال أمر ﷲ -عز وجل -إلى أقسام-
وھم في كل زمان بھذه األقسام:
وأنھارا إلى داخل الشاطئ،
ً قسم ھم أھل الخبث والخيانة والفجور ،قالوا :نجري جداول
فإذا دخلت األسماك سددنا عليھا يوم السبت وأخذناھا يوم األحدَ َ َ ،
أعلى ﷲ يضحكون؟
أم على ﷲ يمكرون؟ يخادعون ﷲ وھو خادعھم.
وقسم أمر بالمعروف ،ونھى عن المنكر ،وقال :ال تفعلوا ھذا ،بل اتقوا ﷲ ،وخافوا ﷲ،
لم تنھونھم؟ ﷲ
واحفظوا ﷲ ،فلم يسمع لھذا القسم .وقسم آخر :قال اتركوھمَ ِ .
سيعذبھم ،فقال الدعاة إلى الخير :نأمرھم معذرة أمام ﷲ –عز وجل -يوم يجمع األولين
واآلخرين ،علھم أن يھتدوا ،فنحن ال نعلم أن ﷲ قد طبع على قلوبھم ،بدأ أھل الخبث
في تنفيذ خطتھم ،وخداعھم ،ومكرھم ،فقام اآلمرون بالمعروف والناھون عن المنكر-
الذين يثقون بما يعد ﷲ به -قاموا بجعل سور بينھم وبين الفجرة الماكرين؛ حتى ال
يصيبھم من العذاب ما يصيب أھل السوء ،وتركوا في الجدار نوافذ؛ ليتطلعوا أخبارھم من
خاللھا ،ليكون لھم في ذلك عبرة.
أما القسم اآلخر فسكتوا ،ولم يمكروا ،لكنھم ،رضوا بالمنكر ،والراضي كالفاعل ،ويأتي
صباح يوم من أيام ﷲ ،يوم يغضب ﷲ ،ويسخط على أعدائه ،فيمسخ أولئك قردة
وخنازير ،فوجئ الدعاة ،وإذ بالنوافذ ممتلئة خنازير وقردة ،يقولون :من أنت؟ فيقول
الرجل :أنا فالن ،وھو على صورة خنزير ،والمرأة تقول :أنا فالنة ،وھي على صورة خنزير،
وقعوا فيما يغضب ﷲ ،وتركوا األمر والنھي؛ فصاروا قردة وخنازير ،ثم أتى ﷲ بأولئك
وتزمت ،أتى ﷲ
ﱡ الذين سكتوا ،وما تكلموا ،الذين يقولون في كل زمان :إن الدعوة تطرف
بھم فأدخلھم في الحظيرة ،فحولھم قردة وخنازير ،ھم احتالوا على ﷲ ،لكنھم سكتوا
أحدا ،أما أولئك الدعاة اآلمرون والناھون ً على المنكر ،والراضي كالفاعل ،وال يظلم ربك
السوء َ َ َ ْ َ
وأخذنا ُ ِ عن
ينھون َ ِ
الذين َ ْ َ ْ َ فسلموا في الدنيا ،ولھم السالمة في األخرى ) َ َ ْ َ
وأنجينا ﱠ ِ َ
يفسقون( إن من يسكت ،ويقول :نفسي نفسي، انوا َ ْ ُ ُ َ بما َك ُ
بئيسٍ ِ َ
بعذابٍ َ ِ الذين َ َ ُ
ظلموا ِ َ َ ﱠ ِ َ
القرى( .تداعت علينا األمم ،ونحن إذا َ َ َ
أخذ ْ ُ َ ربك ِ َ وكذلك َ ْ ُ
أخذ َ ِ ّ َ سيأخذه ﷲ مع الطالحين ) َ َ َ ِ َ
وننھى فال
كثرة كاثرة ،لكن غثاء كغثاء السيل ،أيقاظ نيام في الغالب ،نؤمر فال نأتمرُ ،
ننتھي -إال من رحم ﷲ -وقليل ما ھم ،والحوادث شاھدة.
ومن َ ْ َ ُ
أظلم كبيرا ) َ َ ْ
ً طغيانا
ً حلت بنا األحداث ،وطوقنا األعداء ،وخوفنا ﷲ ،فما زادنا ذلك إال
أكنة َأن
ُوبھم َ ِ ﱠ ً
على ُقل ِ ِ ْجعلنا َ َ
إنا َ َ ْ َ
يداه ِ ﱠ ونسي َما َ ﱠ َ ْ
قدمت َ َ ُ عنھا َ َ ِ َ ربه َ َ ْ َ َ
فأعرض َ ْ َ بآياتِ َ ِّ ِ ممن ُ ِّ َ
ذكر ِ ِ ِ ﱠ
إذا َ َ ً
أبدا( يھتدوا ِ ً الھدى َ َ ْ
فلن َ ْ َ ُ تدعھم ِ َ
إلى ْ ُ َ وإن َ ْ ُ ُ ْ آذانھم َ ْ ً
وقرا َ ِ وفي َ ِ ِ ْ
يفقھوه َ ِ
َْ َ ُ ُ
أأخي :إن من الرجال بھيمة *** في صورة الرجل السميع المبصر
فطن لكل مصيبة في ماله *** وإذا أصيب لدينه لم يشعر
قلنا :لعل الحوادث توقظ قلوبنا فنعود إلى ﷲ ،نأمر وننھى ،ونتوب ونعود ،ونغير ،ونبدل،
فما حصل شيئ من ذلك -وال حول وال قوة إال با 9العلي العظيم -أسألكم با :9ھل
كان الذين يتخلفون عن الجماعة عادوا لحضور الجماعات أثناء ھذه الحوادث؟ أسألكم:
ھل كان الذين كانت بيوتھم تعج بالمنكرات ،والمغريات ،والملھيات ،ھل خرج منھا شيء
من ھذه المنكرات في أثناء ھذه الحوادث؟ أسألكم عن الذين يصبح أوالدھم على
الرسوم المتحركة ،ويمسون على األغنية والفيلم ،والمسلسل الرخيص ،والتمثيلية
غير واحد من برنامجه أثناء ھذه الحوادث؟ أسألكم عن
التي تدعو إلى الرذيلة ،ھل ﱠ
دينا لھم في كل مناسبة ،ھل تركوا االختالط أثناء
المختلطين ،والذي أصبح االختالط ً
ھذه الحوادث؟ ھل اعتبروا؟ ھل تفكروا؟ أسألكم عن أسواقنا ،وعن المتبرجات،
والمنكرات فيھا ،ھل غير فيھا شيء أثناء ھذه الحوادث؟ ھل نزل اآلمرون بالمعروف
والناھون عن المنكر إلى تلك األسواق؟ أسألكم ھل مسلم ال زال فيه بعض اإلسالم
حركته ھذه الحوادث ،فقفل محال من محالت الفيديو في ھذه البلدة؟ ،أسألكم ھل
رجل صاحب تسجيالت لألغاني في ھذه البلدة أقفلھا؟ أو غيرھا إلى تسجيالت
إسالمية أثناء ھذه الحوادث؟ أال ھل علم ھؤالء أصحاب الفساد ،أال ھل علموا بأنھم
حراما؟ أسألكم ھل اتجه الناس أثناء الحوادث إلى المساجد بدال من اتجاھھم
ً يأكلون
إلى المقاھي والمالعب؟ أم زاد االتجاه إلى المالعب والمقاھي؟
ننتصر
ُ أبالرياضة نبني مجد أمتنا *** أم بالفنون وباألفالم
مسلما أثناء ھذه الحوادث رجع إلى ﷲ ،فأعفى لحيته بعد أن كان
ً أسألكم :ھل رأيتم
مرخيا له؟ أسألكم ھل سمعتم بتاجر قد أخذ أمواله
ً يحلقھا ،ورفع إزاره بعد أن كان
ووضعھا في مصرف ال يتعامل بالربا أثناء ھذه الفتن؟ بل أسألكم عن أھم شيء في
مثل ھذا الوقت :ھل سمعتم بالناس يتحدثون عن الجھاد في سبيل ﷲ أثناء ھذه
الحوادث؟ أسألكم ھل تحرك الناس ،فأمروا بالمعروف ونھوا عن المنكر ،أثناء ھذه
الحوادث؟ يموت الميت في ھذه الحوادث فال نرى مراسم العزاء البدعية أثناء ھذه
الحوادث تنتھي ،أال ھل تغير شئ؟ ال والذي رفع السماء بال عمد ما تغير شيء في
طغيانا ،وتوكال على غير ﷲ ،وكأنھم يقولون :رب عجل لنا
ً الغالب ،بل ازداد الناس
العذاب .المتخلف عن الجماعة ال زال ،والمنكرات والملھيات بدأت تدخل البيوت بحجج
ينھھم ،أمسى على
واھية شيطانية ،الراعي في بيته غش رعيته ،فلم يأمرھم ،ولم َ
األخبار ،والصحف ،واألفالم ،والمجلة ،والمسلسل ،وما رفع يده ،ورعيته إلى ﷲ رب
البرية ،ما كأنه سمع قول محمد -صلى ﷲ عليه وسلم "-ما من راعٍ استرعاه ﷲ رعية
غاشا لھم إال لم يرد رائحة الجنة" االختالط كما ھو ،واألسواق تعج بالمنكرات،
ً فأمسى
يوما بعد يوم ،حلق اللحى
وناھيا ،الفيديو والتسجيالت الغنائية تزيد ً
ً آمرا
وما رأينا ً
يتضاعف ،وإسبال الثياب كالنساء يفشو ،والحديث عن الجھاد يخبو ويضعف ،بل ال يذكر
أبدا ،والسكوت عن المنكرات يزيد ،ال إله إال ﷲ ،ما أحلمك! ،ما أكرمك! ،تمھل الظالم
ً
حتى إذا أخذته لم تفلته! اللھم إن أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك غير مفرطين وال
مفتونين .يا مسلمون ،يا مؤمنون ،يا عقالء :أخاطب فيكم اإلسالم ،واإليمان ،والعقل:
مروا بالمعروف ،وانھوا عن المنكر ،واصدقوا ،وأخلصوا ،9من عنده علم فليخرجه قبل أن
ُيلجم بلجام من نار.
من عنده منكر فليخرجه وليتخلص منه ،قبل أن يندم فال ينفعه ندم .من عنده مال
فليسخره للقضاء على المنكرات ،وليسخره لدعم المسلمين في كل مكان ،يا أيھا
التجار ،يا من يملك ماال يا من ستسأل عن مالك ،من أين اكتسبته؟ وفيما أنفقته؟
الميدان فسيح لك ھذه األيام ،يا أيھا التجار :اشتروا محالت الفيديو ،اشتروا تسجيالت
الغناء ،واقلبوھا إلى تسجيالت إسالمية ،تكونوا بمالكم قد دعوتم إلى ﷲ وأنتم في
متاجركم ،وقضيتم على المنكرات ،يا أيھا الشباب :لتنزلوا إلى األسواق فتأمروا
بالمعروف وتنھوا عن المنكر بالمعروف ،يا من ال يستطيع ھذا وال ذاك :مر بالمعروف في
وانه عن المنكر ،واعلموا يا عباد ﷲ أن دين ﷲ ليس عليه خطر ،وال على رسالة
َ بيتك،
ﷲ خوف .ﷲ تكفل بحفظ دينه من دونكم ،لكننا نحن بدين ﷲ نحفظ أنفسنا وأمتنا،
وجيلنا ،نحن بحاجة إلى ھذا الدين ،فلنراجع أنفسنا ،ال يزال ﷲ يمھلنا ،انھضوا ،وعودوا،
وتوبوا ،ومروا بالمعروف ،وانھوا عن المنكر ،وبادروا إلى الخيرات لعلكم تنجون من عذاب
ُ ِ
السوء( يا أيھا األخيار ،يا أمراء القبائل ،يا مشايخ عن
ينھون َ ِ
الذين َ ْ َ ْ َ ﷲ القائل ) َ َ ْ
أنجي َنا ﱠ ِ َ
نوما،
القبائل :أنتم قدوة لمن أنتم رعاة لھم ،بصالحكم يصلح ﷲ القرى والبوادي ،كفى ً
طغيانا ،اجتمعوا مع الشباب ،وادعوا إلى ﷲ بالحكمة والموعظة الحسنة في
ً وكفى
قراكم ،واقضوا على المنكرات؛ ليصلح ﷲ لكم المجتمع ،وليؤمنكم مما تخافون .إن
قرشيا،
ً حرا
أحدا ،بل تجري على كل من استحقھا ،ولو كان ً
ً السنن اإللھية ال تجامل
ومن ھذه السنن :أنه ما من بلدة أعلنت الحرب على األمر بالمعروف ،إال جاءھا عذاب
ﷲ بكرة أو عشية ،سنة ﷲ ولن تجد لسنة ﷲ تبديال .اللھم أبرم لھذه األمة أمر رشد،
يعز فيه أھل طاعتك ،ويذل فيه أھل معصيتك ،ويؤمر فيه بالمعروف ،وينھى فيه عن
المنكر ،يا سميع الدعاء .اللھم انصر من نصر الدين ،واجعلنا من أنصاره ،واخذل من خذل
الدين ،وال تجعلنا ممن خذله .اللھم انصر المجاھدين الذين يجاھدون لتكون كلمة ﷲ
فرق جمع
وأيدھم ،يا قوي يا عزيز .اللھم ِّ
وثبتھمّ ِ ،
وسددھمّ ِ ،
ِّ ھي العليا .اللھم انصرھم،
أعداء المسلمين ،اللھم رد كيدھم ،وامكر بھم ،واجعلھم عبرة للمعتبرين .اللھم أنزل
عليھم بأسك الذي ال ُيرد عن القوم المجرمين .اللھم من أرادنا وأراد اإلسالم بسوء
ومزقه كل ممزق ،يا قوي يا عزيز .اللھم أحينا
ِّ فاشغله بنفسه ،واجعل تدبيره تدميره،
مسلمين ،وتوفنا مسلمين ،غير خزايا وال مفتونين .اللھم اغفر لجميع موتى المسلمين
الذين شھدوا لك بالوحدانية ،ولنبيك بالرسالة ،وماتوا على ذلك .اللھم اغفر لھم
وارحمھم ،وعافھم واعف عنھم ،وأكرم نزلھم ،ووسع مدخلھم ،واغسلھم بالماء والثلج
ونقھم من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب األبيض من الدنس .اللھم ارحمنا إذا
والبردّ ِ ،
وآمن فزعنا يوم البعث والنشور،
آنس وحشتنا في القبورِ ،
ْ صرنا إلى ما صاروا إليه .اللھم
سبحان ربك رب العزة عما يصفون ،وسالم على المرسلين ،والحمد 9رب العالمين.
اإليمان والحياة
إن الحمد ،9نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ،ونعوذ با 9من شرور
مضل له ،ومن يضلل فال
ﱠ أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ،من يھده ﷲ فال
ھادي له .أشھد أن ال إله إال ﷲ ،وحده ال شريك له ،له الملك ،وله الحمد،
َ
أمته ،ومن ال
وھو على كل شيء قدير ،شھادة عبده ،وابن عبده ،وابن َ ِ
محمدا عبد ﷲ ورسوله ،أرسله
ً غنى به طرفة عين عن رحمته .أشھد أن
عميا،
ً أعينا
ً ﷲ رحمة للعالمين ،فشرح به الصدور ،وأنار به العقول ،وفتح به
أمته، وقلوبا ُ ْ
غلفا .اللھم اجزه عنا أفضل ما جزيت به نبيا عن ﱠ ِ ً ًّ
صما، وآذانا
ً
اللھم َ ْ ِ
وأعل على جميع الدرجات درجته ،واحشرنا تحت لوائه وزمرته .اللھم
أوردنا حوضه ،واجعلنا من أتباع سنته وشرعته ،صلى ﷲ عليه وعلى آله
حبب إلينا
وأصحابه وأتباعه ومن اھتدى بسنته واھتدى بسيرته .اللھم ِ ّ
وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان ،واجعلنا من
ِّ وزينه في قلوبنا،
اإليمانّ ِ ،
الراشدين .اللھم أرنا الحق ً
حقا ،والباطل باطال .اللھم وفقنا التباع الحق،
والعمل به ،والدعوة إليه ،والصبر على األذى في ابتغاء وجھك ،وطلب
ربنا بربكم َ َ ﱠ
فآمنا َ ﱠ َ آمنوا ِ َ ِ ّ ُ ْ
أن ِ ُ لإليمان َ ْ
ينادي ِ ِ َ ِ مناديا ُ َ ِ
سمعنا ُ َ ِ ً
إننا َ ِ ْ َ ربنا ِ ﱠ َ
مرضاتك َ ) .ﱠ َ
اتقوا
آمنوا ﱠ ُ أيھا ﱠ ِ َ
الذين َ ُ األبرار( ) َيا َ ﱡ َ
مع ْ َ ِ سيئاتنا َ َ َ ﱠ َ
وتوفنا َ َ ِّ َ ِ َ عنا ذنوبنا َ َ ِ ّ ْ
وكفر َ ّ لنا ُ ُ َ َ فاغفر َ َ
َ ْ ِ ْ
ﷲ
يطعِ َ
ومن ُ ِ
ذنوبكم َ َ ويغفر َ ُ ْ
لكم ُ ُ َ ُ ْ لكم َ ْ َ َ ُ ْ
أعمالكم َ َ ْ ِ ْ يصلح َ ُ ْ
سديدا * ُ ْ ِ ْ وقولُوا َ ْ ً
قوال َ ِ ً ﷲ َُ
َ
عظيما( فاز َ ْ ً
فوزا َ ِ ً فقد َ َ ََ ُ َ ُ
ورسوله َ َ ْ
آثار اإليمان على الحياة آثار مشرقة تنعكس على تصورات األفراد
وسلوكھم في الحياة حتى إنك لترى القرآن يمشي على األرض
في أشخاص بعض اإلفراد فإليكم أزف بعض ھذه اآلثار مفصلة
فاسمعوا أيھا األحباب وافقھوا وبلغوا فرب مبلغ أوعى من سامع .
من آثار اإليمان الثبات بكل صوره ومعانيه عند الشدائد والمحن
والمصائب ،الثبات يوم تمتحن األمة بأعدائھا ،الثبات للداعي في دعوته،
الثبات للمصاب عند مصيبته ،الثبات للمريض عند مرضه حتى الممات،
الثبات أمام الشھوات ،الثبات أمام الشبھات ،الثبات على الطاعات ،الثبات
العام ،وكفى بالثبات!
ھاھو –صلى ﷲ عليه وسلم -يحمل اإليمان في صف ،والبشرية كلھا في
صاد،
ٌ راد ،وال يصده
ضاد ،فانتصر باإليمان ،صدع بالحق ال يرده عنه ٌ
صف م ٍ
ووقعت قريش منه في أمر عظيم ،فإذا بأحد صناديدھا يقول :يا معشر
غالما َ َ ً
حدثا فيكم، ً قريش؛ لقد وقعتم من محمد في أمر عظيم ،لقد كان
أرضاكم فيكم ،وأصدقكم حديثا ،وأعظمكم أمانة ،حتى إذا رأيتم الشيب في
صدغيه ،قلتم :شاعر ،ما ھو –وﷲ -بشاعر ،قلتم :ساحر ،ما ھو –وﷲ-
بساحر ،قلتم :كاھن ،ما ھو –وﷲ -بكاھن ،يا معشر قريش؛ إنكم قد نزل
وسدنة
أمر عظيم فاجتمعوا له ،فاجتمع كبراؤھا؛ صناديد الشرك َ َ َ
بكم ٌ
بحجز النار ليقذفوه في النار ،اجتمعوا يقود مؤتمرھم
الوثنية ،الممسكون ُ َ
إبليس ،نعوذ با 9منه ،قالوا في اجتماعھم :انظروا رجال منكم ھو أعلمكم
بالسحر والشعر والكھانة فليذھب إلى محمد ،قالوا :ما نرى مثل ]أبي
الوليد عتبة بن ربيعة[ ،فذھب عتبة إلي رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه
فصيحا ،جمع مقاالتھم في مقالة واحدة ،وقال :يا
ً ً
بليغا ،وكان وسلم -وكان
محمد؛ أنت خير أم أبوك؟ فسكت –صلى ﷲ عليه وسلم -قال :أنت خير أم
جدك ]عبد المطلب[؟ فسكت النبي –صلى ﷲ عليه وسلم -فقال :إن
ﱡ
خيرا منھم فقل ،ثم بدأ في
ً خيرا منك فقد عبدوا ما عبدوا ،وإن كنت
ً كانوا
اإلغراءات التي ال يثبت أمامھا إال المؤمنون .يا محمد إن كان بك ُ ْ
الملك
ﱠ ْ
ملكناك ،وإن كان بك المال أعطيناك من أموالنا ما تشاء ،وإن كان بك الباءة
شخصا –قط-
ً زوجناك ما تشاء من بناتنا ،يا محمد؛ ما رأينا
وحب النساء ﱠ
أشأم على قومه منك ،وﷲ ما ننتظر إال مثل صيحة الحبلى ،فيثور بعضنا ْ َ َ
على بعض فنقتتل ،يا محمد أخبرنا ما تريد؟ قال -صلى ﷲ عليه وسلم:-
"أفرغت يا ]أبا الوليد[؟" ويا لألدب منه -صلى ﷲ عليه وسلم !-يا لألدب
يرتل
يوم تركه حتى انتھى من كالمه ،ثم شرع -صلى ﷲ عليه وسلمّ ِ -
آيات ﷲ البينات ،تسقط كالقذائف على دماغ ھذا الرجل ،شرع يقرأ من
آياته كتاب ُ ِ ّ َ ْ
فصلت َ ُ ُ الرحيم * ِ َ ٌ
الرحمن ﱠ ِ ِمن ﱠ ْ َ ِ تنزيل َ حم * َ ِ ٌ فصلتَ ) : أوائل سورة ِ ّ
فھم ال َ َ ْ َ ُ َ
يسمعون * فأعرض َ ْ َ ُ ُ ْ
أكثرھم َ ُ ْ ونذيرا َ َ ْ َ َ
بشيرا َ َ ِ ً لقوم َ ْ َ ُ َ
يعلمون * َ ِ ً قرآنا َ َ ِ ً ّ
عربيا ِ ّ َ ْ ٍ ُ ْ ً
حجاب
وبينك ِ َ ٌ
بيننا َ َ ْ ِ َ
ومن َ ْ ِ َ آذاننا َ ْ ٌ
وقر َ ِ َِ وفي تدعونا إِ َ ْ ِ
ليه َ ِ مما َ ْ ُ َ ُوبنا ِفي َ ِ ﱠ ٍ
أكنة ِ ﱠ وقالُوا ُقل ُ َ َ َ
كالما ما ھو بالسحر ،وال بالشعر ،وال بالكھانة،
ً ُون( سمع
عامل َ
إننا َ ِ َ ْ َ ْ
فاعمل ِ ﱠ َ
بما
مبھورا َ
ً مشدوھا
ً رعدة
ألقى ھذا الكافر يديه خلف ظھره ،وأخذته ِ ْ
فم من أنزل عليه القرآن ،حتى إذا بلغ قول ﷲ - يسمع ،يسمع القرآن من َ ِ
عاد َ َ ُ َ
وثمود( فخاف صاعقة َ ٍ
مثل َ ِ َ ِ
صاعقة ِ ْ َ فقل َ َ ْ ُ ُ ْ
أنذرتكم َ ِ َ ً فإن َ ْ َ ُ
أعرضوا َ ُ ْ جل وعالْ ِ َ ) :-
وارتعد وأخذته الرعشة وأخذ يديه االثنتين وجمعھا ووضعھا على فم
المصطفى -صلى ﷲ عليه وسلم ،-وقال :أنشدك ﷲ والرحم إال صمت،
راجعا إلى قومه بغير الوجه
ً خائفا
ً مذعورا
ً أنشدك ﷲ والرحم إال صمت ،خرج
الذي ذھب به من عندھم ،لما رأوه قالوا :ما وراءك يا أبا الوليد؟ قال :لقد
ً
حديثا ما ھو بالسحر ،وال بالشعر ،وال بالكھانة ،ورب سمعت من محمد
فقل ن َ ْ َ ُ
أعرضوا َ ُ ْ ھذه البنية –يعني الكعبة -ما عقلت من حديثه إال قولهِ َ ) :
فإ ْ
ً
خوفا أن يدي على فمه ﱠ عاد َ َ ُ َ
وثمود( ،فوضعت صاعقة َ ٍ
مثل َ ِ َ ِ
صاعقة ِ ْ َ َ َُْ ُ ْ
أنذرتكم َ ِ َ ً
وجحدوا ً
حديثا لم يكذبُ َ َ َ ) . محمدا إذا حدث
ً ينزل بكم العذاب ،ولقد علمتم أن
وعل ً ُّوا( جحدوا بذلك ،ھل استقاموا لرسول
ُلما َ ُ واستيقنتھا َ ُ ُ ُ ْ
أنفسھم ظ ْ ً بھا َ ْ َ ْ َ َ ْ َ
ِ َ
ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم -ھل انتفعوا باآليات؟ لم ينتفعوا بذلك ،فھل
سلم منھم رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم -بأبي وأمي ھو ،ال –وﷲ-
بل ناصبوه العداء ،كأشد ما يكون ،وأروه األذى كأقذع ما يكون األذى ،وضعوا
معينا بعد
سلى الجذور على ظھره –صلى ﷲ عليه وسلم -ثم لم يجد له ُ ِ ً
ﷲ إال بنيته الصغيرة ]فاطمة[ –رضي ﷲ عنھا وأرضاھا -ثم ليس ھذا
فحسب ،بل أخرجوه من >مكة< ،ودموعه على وجنتيه -صلى ﷲ عليه
وسلم -وھو يقول" :وﷲ إنك ألحب البقاع إلى ﷲ ،ولوال أن قومي
أخرجوني ما خرجت" .ومع ذلك فقد ثبت –صلى ﷲ عليه وسلم -باإليمان
فنصره ﷲ ،ونصر دينه ،وأعلى كلمته ،فما من مئذنة اآلن إال ّ وھي تقول
محمدا رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه
ً في اليوم خمس مرات :أشھد أن
ومن بعدھم ليثبتوا باإليمان
وسلم -ويأتي صحابته –رضوان ﷲ عليھمَ -
الشم الراسية.
ﱡ ثبات الجبال
ھاھو ]خالد بن الوليد أبو سليمان[ -رضوان ﷲ عليه -يقارع الروم في
أرضھم -كما روى ]ابن كثير[ -حتى كانت الدائرة على الروم ،فما كان منھم
فروا وتحصنوا في مدينة >قنسرين<؛ مدينة محصنة من مدنھم
إال ّ أن ﱡ
بالجدران المنيعة واألبواب الثقيلة التي ال يقتحمھا مقتحم ،فماذا كان من
عاما
ً حصارا
ً ]خالد[؟ حاول اقتحامھا فما استطاع ،حاول أن يحاصرھا
واجتماعيا فما أفلح ،استعصت عليه ،فما كان منه إال أن
ً واقتصاديا
ً عسكريا
ً
دون رسالة ،قال في ھذه الرسالة قالھا بثبات المؤمن الذي يثق بنصر ﷲ
ﱠ
جل وعال قال :من خالد بن الوليد أبي سليمان إلي قائد الروم في بلدة
>قنسرين< أما بعد فأين تذھبون منا؟ والذي نفس خالد بيده لو صعدتم
ألصعدنا ﷲ إليكم ،أو ْ َ ُ
ألمطركم علينا كلمات الثقة بنصر ﷲ - ْ َ َ إلي السحب
عز وجل -كلمات الثبات الذي ال يكون إال للمؤمنين ،تخرج كالصواعق على
أعداء ﷲ ،وكالبلسم على أولياء ﷲ .وصلت الرسالة إلى ذلك العلج،
فقرأھا وارتعدت فرائسه ،وسقطت من بين يديه ،وما كان منه إال أن قال:
افتحوا أبواب المدينة ،واخرجوا مستسلمين ،ال طاقة لنا بھؤالء .ما الذي
ثبت خالدا إال اإليمان؟ ما الذي ثبت جند ﷲ إال اإليمان؟ يوم أخذوه ،وأخذوه
ﱠ
بحق وبجدية .ليس ھذا فحسب وليس صحابة رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه
وسلم -فحسب؛ فھا ھو ]ابن تيميه[ -عليه رحمة ﷲ -ذلكم الداعية الذي
قارع الطغيان ودمغ البدعة والمبتدعين ،فكثر األعداء فما وھن ،وما استكان.
لسان حاله :
فكيف تخاف من زيد وعمرو *** وعند ﷲ رزقك والقضاء
ليلقى في السجن فيثبت بإيمانه الراسخ ،يقفل السجان الباب فيقول:
قبله ْ َ َ ُ
العذاب( الرحمة َ َ ِ ُ ُ
وظاھره ِمن ِ َ ِ ِ فيه ﱠ ْ َ ُ
باطنه ِ ِ
باب َ ِ ُ ُ بسور ﱠ ُ
له َ ٌ بينھم ِ ُ ٍ )َ ُ ِ َ
فضرب َ ْ َ ُ
ينظر إلى السجناء ويقول :ما يفعل أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في
أنى رحت فھي معي ال تفارقني ،أنا حبسي خلوة ،وقتلي
صدري ،ﱠ
شھادة ،وإخراجي من بلدي سياحة ،إن في الدنيا جنة من لم يدخلھا لم
يدخل جنة اآلخرة إنھا جنة اإليمان واليقين .يمرض فيثبت ثبات المؤمن في
أوقات الشدائد ،دخلوا عليه وھو مريض وما اشتكى ،فيقولون له :ماذا
تشتكي يا إمام؟ قال:
عوادھا ما بھا
يدر ُ ﱠ
تموت النفوس بأوصابھا *** ولم ِ
وما أنصف مھجة تشتكي *** أذاھا إلي غير أحبابھا
ثم يختم المصحف في السجن بضع وثمانين مرة ،حتى إذا بلغ قول ﷲ -
مليك
عند َ ِ ٍ
صدقٍ ِ َ
مقعد ِ ْ
ونھر * ِفي َ ْ َ ِ
جناتٍ َ َ َ ٍ إن ْ ُ ﱠ ِ َ
المتقين ِفي َ ﱠ جل وعال ِ ) :-ﱠ
مقتدر( .لقي ﷲ فرحمه ﷲ ،وجمعنا به وبالصالحين من أمة محمد بن عبد
ﱡ ْ َ ِ ِ
ﷲ ﱠ
صلى وسلم عليه ﷲ
الثبات للمريض في مرضه .يروي ]ابن حجر[ في اإلصابة أن ]عمران بن
حصين[ -رضى ﷲ عنه -أصابه مرض أقعده ثالثين سنة ،وما اشتكى حتى
إلى أھله ،فكانت المالئكة تصافحه وقت السحر.
] أبي بن كعب[ -رضي ﷲ عنه -سيد القراء يقول للنبي -صلى ﷲ عليه
وسلم :-أإنا لنؤجر في األمراض والحمى والمصائب؟ فيقول –صلى ﷲ عليه
وسلم -كما في الحديث المتفق عليه "والذي نفسي بيده ال يصيب
وصب وال بالء حتى الشوكة يشاكھا إال
نصب وال َ َ
غم وال َ َ
ﱞ ھم وال
ﱞ المؤمن
كفر ﷲ بھا خطاياه" فقال :اللھم إني أسألك حمى ال تبعدني عن صالة وال
ﱠ
حج وال جھاد ،فمكثت به ثالثين سنة حتى ابيض شعر رأسه ولحيته ،وكان
ثابتا باإليمان،
ال يجلس بجانبه أحد من شدة فيح الحمى ،ليلقى ﷲ ً
وھكذا يفعل اإليمان .الثبات للمصاب في مصيبته ال يكون ذلك إال للمؤمنين.
يقول الحافظ ]أبو نعيم[ :لما توفي ]ذر بن عمر الھمداني[ ،جاءه أبوه أو جاء
أبوه ،فوجده قد مات ،فوجد أھل بيته يبكون ،فقال :ما بكم؟ قالوا :مات ذر،
فقال :الحمد ،9وﷲ ما ظلمنا وال قھرنا وال ذھب لنا بحق ،وما أريد غيرنا
وكفنه ،وذھب ليصلي
ﱠ غسله
ﱠ بما حصل لذر ،ومالنا على ﷲ من مأثم ،ثم
مع المصلين ،ثم ذھب به إلي المقبرة ،ولما وضعه في القبر قال :رحمك
راحما ،ومالي إليك من وحشة وال
ً بارا ،وكنت لك
ﷲ يا بني ،قد كنت بي ً
إلى أحد بعد ﷲ فاقة ،وﷲ يا ذر ما ذھبت لنا بعز ،وما أبقيت علينا من ذل،
ولقد شغلني –وﷲ -الحزن لك عن الحزن عليك ،يا ذر –وﷲ -لوال ھول يوم
صرت إلى ما إليه صرت .يا ليت شعري ماذا قيل لك
المحشر لتمنيت أني ِ ْ
باكيا ،اللھم إنك قد وعدتني الثواب إن
ً وبماذا أجبت؟ ثم يرفع يديه أخري
صبرت ،اللھم ما وھبته لي من أجر فاجعله لذر صلة مني ،وتجاوز عنه،
فأنت أرحم به مني ،اللھم إني قد وھبت ]لذر[ إساءته فھب له إساءته
فأنت أجود مني وأكرم ثم انصرف ودموعه تقطر على لحيته
وليس الذي يجري من العين ماؤھا *** ولكنھا روح تسيل فتقطر
انصرف وھو يقول :يا ذر قد انصرفنا وتركناك ،ولو أقمنا ما نفعناك ،وربنا قد
استودعناك ،وﷲ يرحمنا وإياك .ما الذي ثبت ھذا الرجل إال اإليمان؟ .
ھذه آثار اإليمان على حياة الناس تظھر عند الشدائد ،فيثبت لھا الرجال
الشم الراسيات ،علوا في الحياة وفي الممات .ومن آثار
ﱡ ثبات الجبال
اإليمان على حياة الناس :ديمومة اتھام النفس ،والخوف من الرياء والنفاق،
وعدم احتقار الذنب .يقول ]ابن أبي مليكة[ كما في ]البخاري[ :أدركت
ثالثين من صحابة رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم -كلھم يخاف النفاق
على نفسه ،ما منھم أحد يقول :إنه على إيمان جبرائيل وميكائيل .المؤمن
يرى ذنوبه كجبل يقعد تحت أصله ،يخشى أن يسقط عليه ،أما المنافق
فيرى ذنوبه كذباب وقع على أنفه فأطاره بيده ،ما خاف النفاق إال َ مؤمن،
وما َ ِ َ
أمنه إال منافق .يقول ]أنس[ كما في صحيح ]البخاري[ :إنكم لتعملون
أعماال ھي أدق في أعينكم من الشعر ،إن كنا لنعدھا على عھد رسول
ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم -من الموبقات يقول ھذا لخير القرون ،فماذا
يقال فينا؟ نسأل ﷲ أن يرحمنا برحمته.
من آثار اإليمان على الحياة زيادة األمن في البلدان وعلي األموال
واألعراض ،والطمأنينة والھدوء في األنفس والقلوب .يقول المولى سبحانه:
سنة
ﱠ مھتدون(
وھم ﱡ ْ َ ُ َ ن َ ُاألم ُ
ْ لھم ُلم ُ َ ِ َ
أولئك َ ُ ُ إيمانھم بِظ ْ ٍ ولم َ ْ ِ ُ
يلبسوا ِ َ َ ُ ْ آمنوا َ ْ ) ﱠ ِ َ
الذين َ ُ
الناسِ ال َ َ ْ َ ُ َ
يعلمون( ولكن َ ْ َ َ
أكثر ﱠ وعده َ َ ِ ﱠ
ﷲ َ ْ َ ُ ﷲ ال تتخلف ،ووعد ﷲ )ال َ ُ ْ ِ ُ
يخلف ُ
من أثار اإليمان نبذ كل ما يفرق األمة من قوميات وعصبيات وعنصريات
عند ِ
ﷲ مكم َ َ إن َ ْ َ
أكر َ ُ ْ ونعرات جاھلية؛ فالمقياس عند المؤمنين حقا التقوى ) ِ ﱠ َ َ َ
إنما ْ ُ ْ ِ ُ َ
المؤمنون اخوة( ال فضل ألحد على أحد إال بالتقوى ،جسد َْ َ ُ ْ
أتقاكم( ) ِ ﱠ َ
مؤمن واحد ،بنيان واحد ،أمة واحدة ،ال شرق وال غرب.
لو كبرت في جموع الصين مئذنة *** سمعت في المغرب تھليل المصلين.
أبا سليمان قلبي ال يطاوعني *** على تجاھل أحبابي وإخواني
أرقني *** وإن بكى مسلم في الصين
إذا اشتكي مسلم في الھند ﱠ
أبكاني
ومصر ريحانتي والشام نرجسي *** وفي الجزيرة تاريخي وعنواني
خراسان
بخارى بالدي وھي نائية *** وأستريح إلى ذكرى ُ َ
أرى ُ َ َ
بلد *** عددت ذلك الحمى من ُ ْ
صلب أوطاني وأينما ذكر اسم ﷲ في ٍ
وبنت لنا معالم إحسان وإيمان شريعة ﷲ َ ﱠ ْ
لمت شملنا *** َ َ َ ْ
محقق جامع
ُ وحسن
يقول -صلى ﷲ عليه وسلم -كما روى ]أبو داود[ َ ﱠ
أناسا ما ھم بأنبياء وال شھداء ،يغبطھم األنبياء
ً األصول" -إن من عباد ﷲ
قربھم ومكانتھم من ﷲ ،قال صحابة رسول ﷲ :تخبرنا من
والشھداء على ُ ْ
ھم يا رسول ﷲ؟ قال :ھم أناس تحابوا بروح ﷲ على غير أرحام فيما
بينھم ،وال أموال يتعاطونھا فيما بينھم ،فوﷲ إن وجوھھم لنور ،وإنھم لعلى
إن َ ْ ِ َ َ
أولياء ِ
ﷲ نور ،ال يفزعون إذا فزع الناس ،وال يحزنون إذا حزن الناس"َ ) .أال ِ ﱠ
يحزنون(
ھم َ ْ َ ُ َ خوف َعلَ ْ ِ ْ
يھم َوال َ ُ ْ ال َ َ ْ ٌ
يقع يوم من األيام بين ]أبي ذر[ -رضي ﷲ عنه] -وبالل[ -رضي ﷲ عنه-
خصومة ،فيغضب ]أبو ذر[ وتفلت لسانه بكلمة يقول فيھا لبالل :يا ابن
السوداء فيتأثر بالل ،يوم أكرمه ﷲ باإلسالم ،ثم يعير بالعصبيات والعنصريات
واأللوان ،ويذھب إلى النبي -صلى ﷲ عليه وسلم -ويشكو أبا ذر،
ويستدعي النبي -صلى ﷲ عليه وسلم -أبا ذر ،فيقول -كما في الحديث
المتفق علي صحته -يقول النبي صلى ﷲ عليه وسلم " :-أعيرته بأمه؟
ويتحسر ويندم ،ويقول :وددت –وﷲ -لو
ﱠ إنك امرؤ فيك جاھلية" ،فيتأثر أبو ذر
ضرب عنقي بالسيف ،وما سمعت ذلك من رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه
وسلم -ويأخذ بالل –رضي ﷲ عنه -كما روي ويضع خده على التراب
ويقول :يا بالل؛ ضع قدمك على خدي ،ال أرفعه حتى تضعه ،فتذرف عينا
بالل -رضي ﷲ عنه -الدموع ،ويقول :يغفر ﷲ لك يا أبا ذر ،يغفر ﷲ لك يا
أبا ذر ،وﷲ ما كنت ألضع قدمي على جبھة سجدت 9رب العالمين،
ويعتنقان ويبكيان ذھب ما في القلوب ،وانتھى ما في القلوب ،والشاھد:
إنك امرؤ فيك جاھلية.
رضي ﷲ عنه وأرضاه -إلي
َ ويأتي ]سھيل بن عمرو[ ،ويأتي ]أبو سفيان[ -
رضي ﷲ عنه وأرضاه -الذي ال يدخله
َ أين يأتون؟ يأتون إلي مجلس ]عمر[ –
إال المؤمنون ً
حقا ،فيستأذن أبو سفيان –وھو سيد من سادات قريش،
بإشارة تتحرك ألوف ،وبإشارة منه أخرى ترعد ألوف -يأتي إلى ھذا
المجلس فال يؤذن له ،وھو مسلم –رضى ﷲ عنه وأرضاه -بعد إسالمه.
ويأتي سھيل بن عمرو–وھو سيد من سادات قريش -ويستأذن في الدخول
على عمر فال يؤذن له ،ويأتي ]بالل[ الحبشي الذي أكرمه ﷲ باإلسالم
فيؤذن له ،ويأتي ]صھيب[؛ صھيب الرومي فيؤذن له ،ويأتي ]سلمان[
الفارسي فيؤذن له كذلك ،فماذا كانت النتيجة؟ كان من أبي سفيان -رضى
وتنمر ،وقال :وﷲ ما ظننت أن ُ ْ
أحبس على باب ﱠ وتذمر
ﱠ ﷲ عنه -أن تأثر
لبيبا عاقال -قال:
ً عمر ،ويدخل ھؤالء الموالي قبلي ،فقال سھيل -وكان
نحبس
َ وﷲ ما علينا أن نحبس على باب عمر ،ولكن -وﷲ -أخشى أن ُ ْ
على أبواب الجنة ،ويدخل ھؤالء ،لقد دعوا إلي اإلسالم فأسرعوا ،ودعينا
فأبطأنا وتأخرنا ،فما علينا أن نحبس على باب عمر ،إنما علينا أن ال نحبس
ﷲ َْ َ ُ ْ
أتقاكم( عند ِ إن َ ْ َ َ ُ ْ
أكرمكم َ َ على أبواب الجنة ،أو كما قال ِ ) .ﱠ
أنا مسلم وأقولھا ِملء الورى *** وعقيدتي نور الحياة وسؤددي
جنسا على جنس يفوق بمحددي
ً سلمان فيھا مثل عمرو ال ترى ***
وبالل باإليمان يشمخ عزة *** ويدق تيجان العنيد الملحد
بمخمد
وخبيب أخمد في القنا أنفاسه *** لكن صوت الحق ليس ُ ْ ِ
ورمي صھيب بكل مال للعداء *** ولغير ربح عقيدة لم يقصد
إن العقيدة في قلوب رجالھا *** من ذرة أقوى وألف مھند
من آثار اإليمان على حياة الناس :تنقية قلوبھم من الحسد ،وتصفيتھا من
الحقد والغل ،واستالل الضغائن والسخائم منھا؛ لتصبح األمة كما قال رب
بينھم( ھاھو –صلى ﷲ عليه وسلم-
رحماء َ ْ َ ُ ْ
الكفار ُ َ َ ُ العالمين َ ) :ﱠ ُ
أشداء َ َ
على ْ ُ ﱠ ِ
كما في الصحيح من رواية ]أنس[ ،وكما في رواية ]ابن اسحق[ عن ]أبي
سعيد الخدري[ ،عن رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم "-أنه لما قسم
يعط
ِ غنائم حنين أعطى المھاجرين ،وتألف قلوب بعض المشركين ،ولم
ً
شيئا ،فوجدوا في أنفسھم ،فقال قائلھم :وجد رسول ﷲ –صلى األنصار
ﷲ عليه وسلم -قومه فنسينا ،وقال اآلخر :غفر ﷲ لرسول ﷲ ،يعطي
قريشا ويتركنا ،وسيوفنا تقطر من دمائھم ،فيذھب أحدھم ،بل سيد من
ً
ساداتھم؛ ]سعد بن عبادة[ إلى رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم -ويقول
وينقل المقالة إلى رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم -كما روى :ما أنت؟
حدد موقفك ،ھل أنت منھم؟ فيقول :يا رسول ﷲ
يعني أين موقفك أنتِّ ،
ما أنا إال ّ رجل من قومي ،قد أقول ما يقولون -ما يعرفون الخداع ،وما يعرفون
االلتواء ،إنما صرحاء أتقياء أنقياء .-فقال -صلى ﷲ عليه وسلم :-اجمعھم
لي ،فجمعھم ،فحمد ﷲ وأثنى عليه ،ثم قال :يا معشر األنصار؛ ما حديث
ضالال فھداكم ﷲ بي؟ وفقراء فأغناكم ﷲ بي؟
بلغني عنكم ،ألم آتيكم ُ
أمن ،ﷲ ورسوله
ّ وأعداء فألف ﷲ بين قلوبكم بي؟ فيقولون :ﷲ ورسوله
أمن .قال :أال تجيبوني يا معشر األنصار ،وﷲ لو شئتم لقلتم فصدقتم
ّ
وطريدا فآويناك ،وعائال
ً مكذبا فصدقناك ،ومخذوال فنصرناك،
وصدقتم :أتيتنا ُ ﱠ ً
ُ ِّ
فواسيناك ،أوجدتم يا معشر األنصار في أنفسكم على لعاعة من الدنيا
تألفت بھا قلوب أقوام ليسلموا ،ووكلتكم إلى إسالمكم؟ والذي نفسي
شعبا وسلك
بيده ،لوال الھجرة لكنت امرأ من األنصار ،ولو سلك الناس ِ ْ ً
شعبا لسلكت شعب األنصار ،اللھم ارحم األنصار ،وأبناء األنصار،
ً األنصار
وأبناء أبناء األنصار ،أما ترضون أن يعود الناس بالشاة والبعير ،وتعودون أنتم
برسول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم-؟ فو ﷲ لما تنقلبون به خير مما ينقلبون
به ،أال إنكم ستلقون بعدي َ َ َ
أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض فبكى
قسما
ً لحاھم بالدموع وھم يقولون :رضينا برسول ﷲ ﱠ
اخضلت ِ َ ُ القوم حتى
قسما وح ً ّ
ظا ".لسان حالھم ً ًّ
وحظا ،رضينا برسول ﷲ
خذوا الشياة والجمال والبقر *** فقد أخذنا عنكم خير البشر
استل -صلى ﷲ عليه وسلم -ما في
ﱠ صلى ﷲ عليه وسلم ،أرأيت كيف
استل ما في قلوبھم -رضوان ﷲ
ﱠ قلوبھم ،إنه لو لم يكن فيھا إيمان َ َ
لم
جميعا .-وھاھو رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم ،كما في الصحيح-
ً عليھم
بين أصحابه فيقول" :يطلع عليكم اآلن رجل من أھل الجنة ،فطلع رجل
تنفض لحيته من آثار الوضوء ،ثم قالھا في اليوم الثاني ،فطلع نفس الرجل،
ثم قالھا في اليوم الثالث فكان ھو الرجل ،فلحق به بعض صحابة رسول
ير في ھذا الرجل كثير صالة وال صيام ،فقال له
أياما فلم َ
ً ﷲ ،وجلسوا معه
بعد ثالث ليال :لقد سمعت رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم -يقول كذا
أرك تعمل كثير عمل ،قال :وﷲ ھو ما رأيت ،غير أني ال أنام ليلة
وكذا ،ولم َ
غششا ،وال أحسد ًّ من الليالي وأنا أجد في نفسي ألحد من المسلمين
أحدا على خير أعطاه ﷲ إياه ،قال :بذلك بلغت ما بلغت ،وتلك التي ال
ً
ُتطاق -أو كما قال ،-إنه اإليمان] .اإلمام الشافعي[ -عليه رحمة ﷲ -عوتب
سنا،
ً قبل بعض المغرضين على زيارة ]اإلمام أحمد[ ،وھو أكبر منه
من ِ َ
ردا على ھؤالء:
فقال ً
قالوا يزورك أحمد وتزوره *** قلت الفضائل ال تغادر منزله
إن زارني فلفضله أو زرته *** فلفضله فالفضل في الحالين له
كمدا من مات من غيره منھم له كفن إنه
ً رد على المعرضين ،وكأنه يقول :
اإليمان وكفى .ومن آثار اإليمان على حياة الناس أنه عصمة وحجاب عن
المعاصي والشھوات والشبھات .يقول رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم-
كما في الحديث الصحيح ":-ال يزني الزاني حين يزني وھو مؤمن ،وال
يسرق حين يسرق وھو مؤمن ،وال يشرب الخمر حين يشربھا وھو مؤمن"
يقدم مراد ﷲ على شھواته وعلى لذ ائذه ،فييسر
ِّ إن المؤمن يا أيھا األحبة
ﷲ أمره ،ويعصمه سبحانه وبحمده .ففي األثر أن ﷲ -سبحانه عز وجل-
قال" :وعزتي وجاللي ،ما من عبد آثر ھواي على ھواه -أي قدم مراد ﷲ
على شھوات نفسه وھواھا -إال أقللت ھمومه ،وجمعت له ضيعته،
ونزعت الفقر من قلبه ،وجعلت الغنى بين عينيه ،واستجرت له من وراء كل
فاجر" اإليمان عصمة من الوقوع في المعاصي
الحيي العالم ،الذي يبلغ ثالثين سنة؛ إنه ]الربيع بن
ِّ ھاھو الشاب القوي
فساق إلفساده ،فيأتون بغانية جميلة ،ويدفعون لھا
خثيم[ ،يتمالى عليه ُ ﱠ
ُ َْ
ً
مبلغا من المال قدره ألف دينار ،فتقول :عالم؟ قالوا :على قبلة واحدة من
الربيع بن خثيم ،قالت :ولكم فوق ذلك أن يزني؛ ألنه نقص عندھا منسوب
اإليمان ،فما كان منھا إال أن تعرضت له في ساعة خلوة ،وأبرزت مفاتنھا
له ،فما كان منه إال أن تقدم إليھا يركض ويقول :يا َ َ
أمة ﷲ؛ كيف بك لو نزل
ملك الموت فقطع منك حبل الوتين؟ أم كيف بك يوم يسألك منكر ونكير؟ أم
يدي الرب العظيم؟ أم كيف بك إن شقيتي يوم
كيف بك يوم تقفين بين َ ْ
ترمين في الجحيم؟ فصرخت ﱠ
وولت ھاربة تائبة إلى ﷲ ،عابدة زاھدة حتى ُْ َ
الفساق :لقد أفسدھا علينا
بعابدة الكوفة ،وكان يقول ھؤالء ُ ﱠ
ِ َ لقبت بعد ذلك
ِّ
ثبت الربيع أمام ھذه الفتنة؟ ھل قلة شھوة؟ إنھا الشھوة
الربيع .ما الذي ﱠ
العظيمة وفي سن ھو أوج الشھوة وعظمتھا ھو سن الثالثين ،ومع ذلك ما
الذي ثبته ھنا ،وما الذي عصمه بإذن ﷲ؟ إنه اإليمان با– 9الذي ال إله إال
ھو. -
فاإليمان –يا أيھا األحبة -كالجمرة متى ما نفخت بھا أضاءت واشتعلت؛
فأصبحت إضاءتھا عظيمة عظيمة ،وحين ينقص منسوب اإليمان يقع
اإلنسان في الفواحش واآلثام ،يغرق في الشھوات ،ثم يقع بعد ذلك في
الموبقات .ھاھو شاب من شباب ھذه األمة ،كان له صديق سوء ،وجاءه
في ليلة من الليالي في منتصف الليل وھو نائم ليطرق عليه الباب ،طرق
نائما لم يسمعه ،فقامت أمه وفتحت له
ً عليه الباب في تلك الساعة ،وكان
فالنا ،قالت :إنه نائم ال أريد أن أوقظه اآلن ،قال :أريده
ً الباب ،وقال :أريد
حياء منه ،وذھبت وأخرجت ھذا
ً ألح عليھا فاستجابت
لغرض ضروري ،ﱠ
الشاب من فراشه ،فخرج إلى ھذا الرجل ،فقال له قرين السوء :نريد الليلة
أن ننتھك حرمة البيت الفالني نريد أن نصعد لذاك البيت ،ولنا منه الليلة
صيدة –كما يقول ،-فما كان من ھذا –وقد نقص منسوب اإليمان عنده إن
لم يكن قد انعدم -إال ﱠ أن دخل وأخذ المسدس ،وخرج من نصف الليل ،وكان
نائما ،خرج مع قرين السوء يغدوان إلى المعصية ألنھما ما حمال اإليمان كما
ً
ينبغي أن يحمل ،برجليھما يذھبان إلى الفاحشة ،ذھبوا إلي بيت آمن
وفي منتصف الليل ليأتي ھذا الذي جاء وأيقظه ليصعد الجدار ،وينتھك
حارسا بمسدسه
ً حرمة البيت بسقوطه في وسط البيت ،ويبقى ذلك
خارج البيت ،ويسمع صاحب البيت ويقوم ،ويأخذ عصى غليظة ،ويأتي وراء
ھذا الرجل يطارده ،فيھرب منه ويأتي إلى ھذا الحارس؛ صاحب المسدس؛
آلمته ،فما كان منه إال ّ أن
ْ نائما في نومته ،فيضربه بالعصا ضربة
ً والذي كان
أخذ المسدس ،ثم قتل ھذا الرجل ،يا 9ما أعظمھا من جريمة! في وسط
الليل تنتھك حرمة بيت من بيوت المسلمين ،وتقتل ً -
أيضا -صاحب البيت،
ثم بعد ذلك ما النتيجة؟ يأتي رجال األمن ويقبضون على ھذا الرجل،
ويقول :إنني لست المجرم الحقيقي ،إن المجرم الحقيقي ھو فالن،
جاءني واستخرجني من دار أمي ،وھو الذي أغراني بھذا ،فيأخذوه
ويذھبون ليبحثون عن الثاني ،وإذا بالثاني يذھب إلى جماعة نقص
منسوب اإليمان عندھا ،فيأخذھم شھود زور ،يشھدون أنه في تلك الليلة
ما معھم في القرية الفوالنية ،ويبقى ھذا في السجن ،كل ليلة
كان نائ ً
جمعة ينتظر متي ينادي المنادي أن اخرج لتقتل ،وأمه تتجرع الغصص ،كل
ذلك ألنه ما حمل اإليمان كما ينبغي فوقع" .ال يزني الزاني حين يزني وھو
مؤمن ،وال يسرق حين يسرق وھو مؤمن ،وال يشرب الخمر حين يشربھا
وھو مؤمن" ليس ھذا فحسب ،إليكم ھذا الحدث الذي ذكره الشيخ
]سلمان العودة[ في كتابه جلسة على الرصيف وأنصح باقتناء ھذا الكتيب
ليبين لك أثر اإليمان في موت القلوب ،أثر نقص اإليمان في موت القلوب،
عاما جاءت إلى إحدى المستشفيات وھي
ً ذكر أن فتاة تبلغ العشرين
وأتم حال ،لكنھا كانت في قلق
ِّ مولودا في أحسن صحة
ً حامل ،فوضعت
الھم ما بھا،
ِّ دائم شديد ،وارتباك ظاھر ،مسودة الوجه ،كثيرة البكاء ،بھا من
الغم ما بھا ،طلبوا منھا بعد أيام من أيام الوالدة أن تبعث لوليھا
ِّ وبھا من
مستمرا حتى كاد
ً مرا
بكاء ً
ً ليخرجھا من المستشفى ،فارتبكت وبكت
ﱠ
مستقلة وسألوھا عن يغمى عليھا من شدة البكاء ،فانفردوا بھا في غرفة
األمر ،ما األمر؟ وما الخطب؟ وما الحدث؟ وبعد جھد جھيد قالت لھم بصوت
متقطع وبقلب مليء بالحسرات والھموم والغموم قالت :إن والد ھذا الطفل
ھو أبوھا نفسه ،ال إله إال ﷲ ،ال إله إال ﷲ ،ما أفظع األمر! وما أفجعه! وﷲ
لو قيل إن ھذا وقع في األمم السابقة الستفظعناه والستبشعناه ،ولقلنا:
إنا 9وإنا إليه راجعون ،وﷲ لو كان في بالد الكفر والعھر الستعظمناه،
فكيف إذا علمنا أنه في بيتٍ أھله ربما نطقوا بالشھادتين في كل يوم،
ً
معروفا ،ولم وربما سمعوا آيات ﷲ ثم انسلخت قلوبھم منھا ،فلم يعرفوا
منكرا؟! ال تستبعد مثل ھذا أخي المسلم؛ فلربما كانت البداية
ً ينكروا
ھيجت الشھوة في نفسه ،فوقع على ابنته .ولربما كان ذلك
بنظرة خائنة ﱠ
ھيجت الشھوة في نفسه ،فوقع على ابنته .ولربما كان ذلك
بأغنية ماجنة ﱠ
بمشاھدة تمثيلية فاجرة ھيجت الشھوة في نفسه ،فوقع على ابنته.
ولربما كان بشربة خمر أفقدته عقله فوقع على ابنته .وھكذا فالمعاصي
ً
فشيئا ً
شيئا ً
بعضا ،والسقوط يجر بعضھا
ورحلة النيل تبدأ بخطوة واحدة *** ومعظم النار من مستصغر الشرر
واإليمان ھو الزمام والفيصل .ومن آثاره على الحياة سعادة البيوت واألسر،
يخرج إال السعداء بإذن رب األرض
بيت يدخله اإليمان بيت سعيد ال ُ ْ
والسماء؛ استعاض أھله عن الغناء بترتيل القرآن آناء الليل وأطراف النھار،
السنة والكتب
ﱡ واستغنوا عن المجالت الماجنة بتقليب المصحف وكتب
المفيدة ،واستغنوا عن السجائر وما في حكمھا من الخبائث بالسواك
فطھروا أفواھھم وأرضوا ربھم .سعادة وأي سعادة ،نساء ھذا البيت
مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات متحجبات ممتثالت ألمر رب األرض
والسماوات ،يخرج الزوج المؤمن من البيت المؤمن فتقول الزوجة :اتق ﷲ
فينا وال تطعمنا إال حالال؛ فإنا نصبر على الجوع ،وال نصبر على النار .ھذا
بيت ]اإلمام أحمد[ –عليه رحمة ﷲ -يتربى على اإليمان ،فاسمع إليه يوم
يقول بعد أن توفيت زوجته ]أم صالح[ يقول :رافقتني أم صالح – يعني
عاما ،وﷲ ما اختلفت معھا في كلمة واحدة .إنه اإليمان يا
ً زوجته -ثالثين
أيھا األحبة ،البيت المتربي على اإليمان ليس ھذا فحسب ،إن البيت
المتربي على اإليمان يدرك األطفال ھذا اإليمان ،فيدخل إلى قلوبھم
السعادة ولو كانوا لم يحظوا من الدنيا بقليل وال كثير .إن ]اإلمام أحمد[ كان
درھما فيأتي أبناؤه ويقولون :يا أبتاه ال
ً دخله في الشھر سبعة عشر
تكفينا ،قال :أيام دون أيام ،طعام دون طعام ،وشراب دون شراب ،ولباس
دون لباس حتى نلقى ﷲ الواحد األحد .حذاؤه تبقى في رجله ثمانية
عاما –كما ذكر ابنه عبد اله[ -كلما انخزمت خطفھا ،وأعادھا إلى
ً عشر
رجله؛ ألنه ركل زخارف الدنيا وھو يعلم أن مناديل ]سعد بن معاذ[ في
الجنة خير من ھذا.
وھكذا يفعل اإليمان .وإذا نقص منسوب اإليمان وإذا تدني منسوب
اإليمان تدنى معه الشخص ،تدنى إلى مرحلة البھيمية ،فأصبح والء
مھينا .يذكر ]ابن تيميه[ -عليه رحمة ﷲ -أن رجال
ً حقيرا
ً تافھا
ً اإلنسان
ًّ
جما ،فكان يقول يوم نقص منسوب اإليمان حبا
تعلق امرأة سوداء فأحبھا ً
عنده:
وأقرب
َ قربت كان أحب ِ ْ
وسلم ألھلھا *** ومن ﱠ عدو لمن عادت
ليس ھذا فحسب ،بل قال مرة أخرى:
أحب لحبھا السودان حتى *** أحب لحبھا سود الكالب.
صار الحب فيھا ،والبغض فيھا ،والوالء لھا ،والعداء ألعدائھا ،مع أن األصل
من أحب في ﷲ ،وأبغض في ﷲ ،ووالى في ﷲ ،وعادى في ﷲ ،وأعطى
،9ومنع ،9فقد استكمل اإليمان ولن ينال عبد طعم اإليمان وإن ﱠ
صلى
وصام حتى يكون كذلك ومن آثار اإليمان على حياة الناس أنه يكسب العزة
التي تجعل اإلنسان يمشي نحو ھدفه مرفوع القامة والھامة ،ال يحني
رأسه لمخلوق ،وال يطأطأ رقبته لجبروت أو طغيان أو مال أو جاه ،فھو سيد
في الكون ھذا وعبد 9وحده.
أعرابيا مثل ]ربعي بن عامر[ حين باشرت قلبه
ً مؤمنا
ً ال غرو إذا رأينا
بشاشة اإليمان ،وأضاءت فكره آيات القرآن ،يقف أمام ]رستم[ في سلطانه
وإيوانه غير مكترث له وال عابئ به حتى إذا سأله رستم من أنتم وما الذي
جاء بكم؟ حقق في اإليوان وأجاب إجابة في عزة مؤمنة خلدھا التاريخ
فقال :نحن قوم ابتعثنا ﷲ لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب
العباد ومن ضيق الدنيا إلي سعة اآلخرة ،ومن جور األديان إلى عدل
اإلسالم .عزة وأي عزة! إنھا ال توجد إال ّ في ظالل اإليمان
أمة الصحراء يا شعب الخلود *** من سواكم حل أغالل الورى؟
ﱠ
أي داعي قبلكم في ذا الوجود *** صاح ال كسرى ھنا ال قيصر؟
صبحا للرشاد؟
ً من سواكم في قديم أو حديث *** أطلع القرآن
ربا للعباد
ھاتفا في مسمع الكون العظيم *** ليس غير ﷲ ً
ً
للعصر
جماال ُ ُ
فكِّروا في عصركم وانتبھوا *** طالما كنتم َ َ
عزما وابعثوا *** مرة أخري بھا روح عمر
ً وابعثوا الصحراء
ھاھو أخر قد آمن باً 9
حقا ،فأكسبه ذلك اإليمان عزة ،جعل يتكلم في
جافيا ،فأمر ھشام بإحضاره،
ً ً
غليظا كالما
ً ]ھشام بن عبد الملك[ الخليفة
ً
أيضا في فلما وقف بين يديه جعل يتكلم ،فقال ھشام له :وتتكلم
تجادل َعن
نفسٍ ُ َ ِ ُ
كل َ ْ يوم َ ْ ِ
تأتي ُ ﱡ مجلسي؟! فقال :يقول ﷲ –جل وعالَ ْ َ ) :-
نفسھا( أفنجادل ﷲ جداال ،وال نكلمك يا ھشام؟! فما كان من ھشام إال
ﱠْ ِ َ
راشدا بعزة
ً راشدا ،فقال ما شاء وانصرف
ً أن قال :قل ما شئت ،ثم انصرف
المنافقين ال َ َ ْ َ ُ َ
يعلمون( إنھا وللمؤمنين َ َ ِ ﱠ
ولكن ْ ُ َ ِ ِ َ ولرسوله َ ِ ْ ُ ْ ِ ِ َ ولله ْ ِ ﱠ ُ
العزة َ ِ َ ُ ِ ِ المؤمن ) َ ِ ﱠ ِ
أحدا ،ليس ھذا
ً العزة ،أثر إيماني يظھر صاحبه الحق ،ال يخشى دون ﷲ
ّ
فحسب .ھاكم مثال آخر ،ذلكم الشيخ ]سعيد الحلبي[ عالم الشام في
مادا رجله في مسجد من مساجد
ً عصره ،كان في درس من دروسه
الشام ،فدخل ]إبراھيم[ باشا ابن ]محمد على[ باشا والي مصر آنذاك،
ًّ
مادا رجله في حلقته يلقي قال فقام الناس كلھم إال ّ ھذا الشيخ ،بقي
ﷲ ،وقال رسوله -صلى ﷲ عليه وسلم -فتأثر ذلك الطاغية ،ﱠ
وأثر ذلك في
نفسه إذ لم يقم له ھذا الشيخ ،فقال في نفسه ھذا :ألتينه من باب
لطالما أوتي طلبة العلم من ھذا الباب .فذھب وأضمر له ما أضمر ،وأحضر
ألف ليرة ذھبية –في وقت الشيخ قد ال يجد ليرة واحدة ،-وقال ألحد
جنوده :اذھب إلي الشيخ وأعطه ھذه ،فأخذ ھذا الجندي ذلك المبلغ،
ًّ
مادا رجله في حلقته يدرس قال ﷲ ،وقال وذھب به إلى الشيخ وال زال
رسوله –صلى ﷲ عليه وسلم ،-ويكتسب العزة من خالل قال ﷲ وقال
رسوله ،جاء إليه وقال :إن إبراھيم باشا يقول :خذ ھذه األلف الليرة
الذھبية ،فما كان منه إال أن نظر إليه بعزة المؤمن ،وتبسم تبسم المغضب،
وقال :ردھا له ،وقل له :إن الذي يمد رجله ال يمد يده ،إن الذي يمد رجليه
ال يمد يديه ،أنا أقول ربما يكون الشيخ في تلك اللحظة ال يملك ليرة ذھبية
واحدة ،لكن كنز اإليمان أعظم وأغلى من أن يباع بألف ليرة أو بليرة أو بأقل
وللمؤمنين َ َ ِ ﱠ
ولكن ولرسوله َ ِ ْ ُ ْ ِ ِ َ ولله ْ ِ ﱠ ُ
العزة َ ِ َ ُ ِ ِ أو بأكثر ،وھكذا يكون المؤمنون ِ َ ) .ﱠ ِ
سيدا[ -رحمه ﷲ
ً المنافقين ال َ َ ْ َ ُ َ
يعلمون( وإن نسيت أيھا األحبة فال أنسى ] ْ ُ َ ِ ِ َ
اعتز بإيمانه ،فصدع بكلمة الحق بال استحياء وال
ﱠ وتجاوز عني وعنه ،-الذي
استرحاما حتى يخفف عنه
ً خجل ،فحكم عليه بالقتل ،وطلبوا منه أن يقدم
الحكم ،ولكنه أبى -رحمه ﷲ -وقال قولته الشھيرة :إن كنت حوكمت بحق
فأنا أرضى بالحق ،وإن كنت حوكمت بباطل فأنا أكبر من أن أسترحم
الباطل ،إن إصبعي السبابة التي تشھد 9بالوحدانية مرات في اليوم
لترفض أن تكتب كلمة واحدة تقر بھا حكم طاغية .ماذا كان سيفعل سيد
وللمؤمنين َ َ ِ ﱠ
ولكن ولرسوله َ ِ ْ ُ ْ ِ ِ َ ولله ْ ِ ﱠ ُ
العزة َ ِ َ ُ ِ ِ لوال اإليمان؟ يا للعزة! ويا للثبات! ِ َ ) .ﱠ ِ
المنافقين ال َ َ ْ َ ُ َ
يعلمون( ومن آثار اإليمان :سعة الرزق ألھل اإليمان والبركة ْ ُ َ ِ ِ َ
فيه .المؤمن –أيھا األحبة -ال يذھب منه ﷼ في شراء ما يغضب ﷲ –جال
وعال -ال يذھب منه ﷼ في شراء دخان ،وما في حكم الدخان من
الخبائث ،ال يذھب منه ﷼ في شراء فيلم مفسد أو مجلة أو جريدة
مفسدة؛ ألنه يعلم أنه مسؤول أمام ﷲ من أين اكتسبه وفيما أنفقه،
الحيل ،وعن المكر والخداع ،ويجند
فيصون رزقه عن الربا وعن الغش وعن ِ َ
ﷲ ومن َ ﱠ ِ ِ
يتق◌ َ رزقه فيما يرضي ﷲ –جل وعال -فيرزقه ﷲ ويبارك ﷲ لهَ َ ) .
حيث ال َ َ ْ َ ِ ُ
يحتسب ( من َ ْ ُ مخرجا * َ َ ْ ُ ْ ُ
ويرزقه ِ ْ يجعل ﱠ ُ
له َ ْ َ ً َ ْ َ
ومن آثار اإليمان :صدق التوكل على ﷲ ،وتفويض األمور إلى ﷲ -جل
وعال -واالعتماد عليه في السعي في ھذه الحياة ،واستمداد العون منه
في الشدة والرخاء؛ فالمؤمنون يجدون في توكلھم على ﷲ راحة نفسية،
وطمأنينة قلبية ،إن أصابھم خير حمدوا ﷲ –جل وعال -وشكروه ،وإن
أصابتھم شدة صبروا وشكروا ،ولسان حالھم ومقالھمُ ) :قل ﱠلن ﱡ ِ َ َ
يصيبنا ِإال ﱠ َما
على لنا َأال ﱠ َ َ َ ﱠ َ
نتوكل َ َ وما َ َ فليتوكل ْ ُ ْ ِ ُ َ
المؤمنون( ) َ َ ﷲ َََْ َ ﱠ ِ موالنا َ َ َ
وعلى ِ ھو َ ْ َ َ ﷲ ََ
لنا ُ َ كتب ُ ََ َ
ھدانا ُ ُ َ َ
سبلنا( ﷲ َ َ ْ
وقد َ َ َ ِ
يقدم له في يوم من األيام
ھاھو ]خالد بن الوليد[ المؤمن الحق بإذن ﷲ ُ َ ﱠ
قبل طاغية من الطغاة ،ويقول له ھذا الكافر :إن
يقدم له سم من ِ َ
سم َ ُ ،ﱠ
كنتم صادقين في التوكل على ﷲ -جل وعال -واللجوء إليه ،والثقة به،
فاشرب ھذه القارورة من السم ،فما كان من خالد -رضي ﷲ عنه -إال أن
أخذھا وقال :بسم ﷲ ،توكلت على ﷲ ،ثقة با- 9سبحانه وتعالى -ثم
حسبه( نعم أجر ﷲ َ ُ َ
فھو َ ْ ُ ُ يتوكل َ َ
على ِ ومن َ َ َ ﱠ ْ
شربه ،فلم يصبه إال العافيةَ َ ) .
العاملين الذين صبروا وعلى ربھم يتوكلون
ﷲ
شرح ُ
أفمن َ َ َ ومن آثار اإليمان انشراح الصدر ،وطمأنينة القلب ) َ َ َ
ﷲ( من ِ ْ ِ
ذكر ِ ُوبھم ِ ّ فويل ِ ّ ْ َ ِ َ ِ
للقاسية ُقل ُ ُ به َ َ ْ ٌ
نور من ﱠر ِ ّ ِ فھو َ َ
على ُ ٍ لإلسالم َ ُ َ
صدره ِ ِ ْ َ ِ
َ ْ َ ُ
ربا ،وباإلسالم دينا،
المؤمن منشرح الصدر ،مطمئن القلب ،قد آمن با 9ﱠ
وبمحمد -صلى ﷲ عليه وسلم -فذاق حالوة اإليمان ،فانشرح صدره.
ھاھو أحد المؤمنين يقول -وقد انشرح صدره لإليمان فتلذذ بھذه العبادات
التي ھي من اإليمان :-وﷲ لوال قيام الليل ما أحببت البقاء في ھذه الدنيا،
وﷲ إن أھل الليل في ليلھم مع ﷲ ألذ من أھل اللھو في لھوھم ،وﷲ إنه
طربا بذكر ﷲ حتى أقول :إن كان أھل
ً لتمر بالقلب ساعات يرقص فيھا
الجنة في مثل ما أنا فيه إنھم لفي نعيم عظيم .تلذذوا باإليمان ،وذاقوا
حالوة اإليمان فانشرحت صدورھم .واآلخر يقول :وﷲ لو يعلم الملوك وأبناء
الملوك ما نحن فيه من السعادة لجالدونا عليھا بالسيوف .والعكس
يصعد في حرجا كأنما ﱠ
ً ً
ضيقا بالعكس؛ من نقص إيمانه فحياته ضنك ،وصدره
ونحشره معيشة َ ً
ضنكا َ َ ْ ُ ُ ُ له َ ِ َ ًفإن َ ُ
ذكري َ ِ ﱠ
رض َعن ِ ْ ِ ومن َ ْ
أع َ َ السماء ،وصدق ﷲ ) َ َ ْ
القيامة َ ْ َ
أعمى( يوم ْ ِ َ ِ
َْ َ
ومن آثار اإليمان على الحياة بعمومھا :نجاة سفينة األمة ،ووصولھا لبر
األمان نتيجة األمر بالمعروف ،والنھي عن المنكر الذي ھو من اإليمان ،بل
ھو عماد من أعمدة اإليمان .فالحياة كلھا سفينة تنخر عباب البحر ،ال تكاد
تسكن حتى تضطرب ،ولن يكتب ﷲ السالمة لھا فوق الموج المضطرب
حتى يكون كل شخص منھا على حذر مما يفعل ،ويقظة لما يريد .المجتمع
البر والفاجر ،والمتيقظ والغافل ،وطالب العلم
كالسفينة يركب ظھرھا َ ﱡ
والجاھل ،ھذا يصلح ،وذاك يحرف ويفتن ،والمؤمن بإيمانه ھو الصالح
المصلح ،يجاھد بأمره ونھيه وإصالحه ،فإن تحطمت السفينة بعد ذلك
فشتان بين غريق وغريق؛ غريق في جھنم ،وغريق في الجنة شھيد بإذنه
ربه .ومن آثار اإليمان :حفظ الجوارح ،وتذليلھا لطاعة ﷲ ،وانقيادھا ألوامر
ﷲ؛ حفظ القلب من الشھوات والشبھات .وحفظ اللسان من الغيبة
والنميمة والوقوع في أعراض المسلمين واإلفساد .وحفظ السمع إال من
كتاب ﷲ ،وذكر ﷲ ،واألمر بالمعروف ،والنھي عن المنكر ،وما أباحه ﷲ.
حرم ﷲ؛ ليجد بعد ذلك حالوة إيمانه إلى أن
وحفظ البصر من إطالقه فيما ﱠ
يلقى ﷲ .وحفظ البطن فال يدخل له إال ما أحله ﷲ ،وﷲ طيب ال يقبل إال
ً
حافظا وھو أرحم الراحمين. طيبا ،فالمؤمن بإيمانه يحفظ جوارحه ،وﷲ خير
ً
رياضا من
ً ومن آثار اإليمان على الحياة آثاره على المجالس ،حيث يجعلھا
ﱡ
تحف ،ورحمة تتنزل ،وسكينة تغشى ،ورب رحيم كريم رياض الجنة ،مالئكة
مغفورا لكم ،قد بدلت سيئاتكم حسنات ،فيا 9ما أعظمھا
ً يقول :انصرفوا
من مجالس! وما أعظم األخوة! جالسيھا -ومرتاديھا جعلنا ﷲ وإياكم من
أھلھا-
ومن أثاره على الحياة آثاره في تلك اللحظة األخيرة ،في تلك اللحظة
الحاسمة ،في لحظة الموت العصبية المريرة التي ال يثبت فيھا إال
المؤمنون ،يوم يعتقل اللسان ،ولو لم يعتقل لصاح الميت من شدة ما
يالقي من السكرات حتى تندك جدران الغرفة التي ھو فيھا ،يوم يخدر
الجسم ،ولو لم يخدر لما مات أحد على فراشه ،ولما مات إال في شعب
الجبال ورؤوس الجبال؛ من شدة ما يالقي من السكرات .اللحظة التي
صورھا من عناھا بأبي ھو وأمي –صلى ﷲ عليه وسلم -يوم يغمى عليه
ويصحو ،ويقول" :ال إله إال ﷲ ،إن للموت لسكرات" ،لحظة عاناھا ،وعاناھا
صحابة رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم -ووصفھا أحدھم وھو ]عمرو بن
العاص[ –رضي ﷲ عنه وأرضاه -فقال وھو في اللحظات األولى من لحظات
السكرات ،ال زال لسانه لم يعتقل ،وال زال جسمه لم يخدر :وﷲ لكأن
على كتفي جبل رضوى ،وكأن في جوفي شوكة عوسج ،وكأن روحي
تخرج من ثقب إبرة ،وكأن السماء أطبقت على األرض وأنا بينھما .في ھذه
اللحظات المريرة العصيبة يأتي أثر اإليمان واليقين ،فيلھمك ﷲ النطق
بالشھادتين ،ومن" كان آخر كالمه من الدنيا ال إله إال ّ ﷲ دخل الجنة "على
ما كان .في تلك اللحظات يأتي المؤمنون فيسعدون بتلك اللحظات؛ ألنھم
نصب ،وآخر وصب ،ليس ھذا
يعلمون أنھا آخر عناء ،وآخر تعب ،وآخر َ َ
فحسب ،بل تستقبلھم المالئكة ،بل تبشرھم المالئكة ،فال خوف وال حزن
المالئكة َأال ﱠ َ َ ُ
تخافوا َوال َ تتنزل َ َ ْ ِ ُ
عليھم ْ َ َ ِ َ ُ استقاموا َ َ َ ﱠ ُ
ثم ْ َ َ ُ ﷲ ُ ﱠربنا ُ الذين َقالُوا َ ﱡ َ
إن ﱠ ِ َ)ِ ﱠ
الدنيا
الحياة ﱡ ْ َ نحن َ ْ ِ َ ُ ُ ْ
أولياؤكم ِفي ْ َ َ ِ توعدون * َ ْ ُ
كنتم ُ َ ُ َ التي ُ ُ ْ وأبشروا ِ ْ َ ﱠ ِ
بالجنة ﱠ ِ َ
تحزنوا َ ْ ِ ُ
َ ْ َُ
تدعون(
فيھا َما َ ﱠ ُ َ ولكم ِ َ تشتھي َ ُ ُ ُ ْ
أنفسكم َ َ ُ ْ فيھا َما َ ْ َ ِ
ولكم ِ َ وفي َ ِ َ ِ
اآلخرة َ َ ُ ْ َ ِ
ھاھو ]عمر بن عبد العزيز[ -عليه رحمة ﷲ -في سكرات الموت يقول:
مرحبا بالوجوه ليست بوجوه جن وال إنس ،ثم يطلب ممن حوله أن يخرجوا،
ً
يريدون ُعل ً ُّوا ِفي ْ
األرضِ َوال َ نجعل َُھا ِ ﱠ ِ َ
للذين ال َ ُ ِ ُ َ الدار اآل َ ِ َ ُ
خرة َ ْ َ وإذا به يقولَ ْ ِ ) :
تلك ﱠ ُ
للمتقين( ليلقى ﷲ -عز وجل -على ذلك. والعاقبة ِ ْ ُ ﱠ ِ َ
فسادا َ ْ َ ِ َ ُ
َ َ ً
ً
مبلغا فيقولون له :قل :ال إله إال ﷲ ،وھو وأحدھم بلغت به سكرات الموت
بما قومي َ ْ َ ُ َ
يعلمون * ِ َ من الصالحين ،ال يزكى على ﷲ ،فكان يقولَ ) :يا َ ْ َ
ليت َ ْ ِ
ﷲ
يثبت ُ
المكرمين( ليلقى ﷲ على تلك الحال ) ُ َ ِ ّ ُمن ْ ُ ْ َ ِ َ ربي َ َ َ َ ِ
وجعلني ِ َ غفر ِلي َ ِ ّ
َ َ َ
ﱠ ِ ِ َ
الظالمين ﷲ
ويضل ُ وفي َ ِ َ ِ
اآلخرة َ ُ ِ ﱡ الدنيا َ ِ الثابت ِفي ْ َ َ ِ
الحياة ﱡ ْ َ آمنوا ِ ْ َ ْ ِ
بالقول ﱠ ِ ِ ﱠ ِ َ
الذين َ ُ
ﷲ َما يشاء(
ويفعل ُ
ََ ْ َ ُ
مؤذن لطالما رفع اآلذان من على المنابر كل يوم خمس مرات ،يختمھا بال
إله إال ﷲ ،وھو في منطقة الجنوب ،وفي تلك اللحظات األخيرة من حياته
يغمى عليه إغماءة مستمرة ،فما كان يفيق إال في وقت الصالة ،فإذا جاءت
وقت الصالة قام وأذن حتى يقول :ال إله إال ﷲ ،ثم يعود إلى إغمائه،
ويقولھا مرة من المرات ،يفيق من إغمائه ويقول :يا بني ،وابنه معه ،أحان
وقت الصالة؟ قال :نعم ،فقال :ﷲ أكبر ،ﷲ أكبر حتى ختمھا بال إله إال ﷲ،
الثابت ِفي ْ َ َ ِ
الحياة آمنوا ِ ْ َ ْ ِ
بالقول ﱠ ِ ِ ﷲ ﱠ ِ َ
الذين َ ُ يثبت ُ
ليلقى ﷲ على تلك الحال ) ُ َ ِ ّ ُ
اآلخرة( وفي المقابل تجد الذين ال إيمان لھم في تلك اللحظات، وفي َ ِ َ ِ
الدنيا َ ِ
ﱡَْ
وعسر أمورھم ،وأوغر
ﱠ الذين لم تنضبط سلوكھم قد ضيق ﷲ عليھم،
صدورھم ،ثم ال ُ ْ
يلھمون الشھادة ليختموا بھا حياتھم .فيا لھا من سوء
خاتمة .ھاھو شاب في سكرات الموت ،يقولون له :قل :ال إله إال ﷲ –
دخانا ،فيقولون :قل :ال
ً دنس فمه بشرب الدخان -فيقول :أعطوني
ولطالما ﱠ
دخانا ،فيقولون :قل :ال إله إال
ً دخانا ،أعطوني
ً إله إال ﷲ ،فيقول :أعطوني
دخانا ،ليلقى ﷲ
ً عل أن يختم لك بھا ،قال :أنا بريء منھا ،أعطوني
ﱠ ﷲ
على تلك الحال .نسأل ﷲ حسن الخاتمة .وشاب أخر –كما ذكر الشيخ
ﱠ
وحلت به سكرات ًّ
ونادا عن ﷲ –جل وعال- ًّ
صادا ]سلمان[ -يقول :كان
الموت التي البد أن تحل بي وبك ،ال أدري أقريب أم بعيد؟ نسأل ﷲ أن
يحسن لنا ولكم الختام ،جاء جالسه وقالوا :قل :ال إله إال ﷲ ،فيتكلم بكل
مصحفا ،ففرحوا
ً كلمة وال يقول ال إله إال ﷲ ،ثم يقول في األخيرة :أعطوني
واستبشروا وقالوا :لعله يقرأ آية من كتاب ﷲ ،فيختم بھا ،فأخذ المصحف
ورفعه بيده ،وقال :أشھدكم أني قد كفرت برب ھذا المصحف ،ثم يلقى ﷲ
ﱠ ِ ِ َ
الظالمين ﷲ
ويضل ُ
على ذلك .نسأل ﷲ أن يحسن لنا ولكم الختام ) َ ُ ِ ﱡ
يشاء(
ﷲ َما َ َ ُ
ويفعل ُ
ََ ْ َ ُ
فريدا ال
ً وحيدا
ً ومن أثار اإليمان :السكينة والثبات في القبر يوم تطرح
أنيس وال صاحب وال قريب وال حبيب وال خليل ،يوم تكون مع أھلك في ليلة
مرتھنا
ً تفترش الوثير ،وتشرب النمير ،وإذ بك في ليلة أخرى تفترش التراب
محسنا تريد الزيادة ،وتعض أصابع
ً بعملك ،فيا لذلك ويا لحسرتك إن كنت
وأنى لك بالندم ً
مسيئا ندمت على التفريط ،ﱠ الندم على ما فرطت ،وإن كنت
أن ينفعك في تلك اللحظة؟ ،وأنت على ھذه الحال –يا أيھا المؤمن -تأتيك
نعمة اإليمان فيثبتك ﷲ ويلھمك اإلجابة على األسئلة الثالثة؛ من ربك؟
روحھا
وما دينك؟ ومن نبيك؟ ثم بعدھا ُيفتح لك باب إلى الجنة؛ لتنعم من َ ِ
وطيبھا .جعلنا ﷲ وإياكم من سكانھا .أحد الشباب يأتيني في يوم من
إلي ويقول :يا شيخ رأيت أخي الذي مات قبل
ﱠ األيام ،في يوم جمعة ،ويأتي
فترة في المنام ،وأحببت أن أذكِّرك بھذا لتذكِّر الناس بمثل ھذه الرؤيا ،قال:
فقلت ألخي لما رأيته في المنام :ما فعل ﷲ بك؟ قال :غفر لي ورحمني
وباطنا ،قال :فبم توصينا؟ قال :أوصيكم
ً وظاھرا
ً وأخرا،
ً والمنة أوال
ﱠ فله الحمد
بتقوى ﷲ ،وأال تناموا ليلة من الليالي إال وقد تعبت أقدامكم من الوقوف
بكاء من خشية ﷲ؛ فو ﷲ ما نفعنا ھنا بعد
ً واحمرت أعينكم
ﱠ بين يدي ﷲ،
رحمة ﷲ إال تلك األعمال وتأتي آثار اإليمان يوم القيامة ،يوم يبعثر ما في
كل
تجد ُ ﱡ يوم َ ِ ُوتسود وجوه ) َ ْ َ ﱡ ويحصل ما في الصدور ،يوم تبيض وجوه القبور ُ ،ﱠ
وبينه
بينھا َ َ ْ َ ُ
أن َ ْ َ َلو َ ﱠ
تود َ ْ
سوء َ َ ﱡ
عملت ِمن ُ ٍ وما َ ِ َ ْ محضرا َ َ
خير ﱡ ْ َ ً نفسٍ ﱠما َ ِ َ ْ
عملت ِ ْ
من َ ْ ٍ َْ
وبنيه * ِ ُ ِ ّ
لكل وصاحبته َ َ ِ ِ وأمه َ َ ِ ِ
وأبيه * َ َ ِ َ ِ ُ من َ ِ ِ
أخيه * َ ُ ِ ّ ِ يفر ْ َ ْ ُ
المرء ِ ْ بعيدا( ) َ ْ َ
يوم َ ِ ﱡ َ َ ً
أمدا َ ِ ً
يغنيه( يوم يسأل كل إنسان عن عمره فيما أفناه، يومئذ َ ْ ٌ
شأن ُ ْ ِ ِ منھم َ ْ َ ِ ٍ
امرئ ْ ُ ْ
ْ ِ ٍ
وعن شبابه فيما أباله ،وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه ،وعن علمه
علويھم والسفلي ،أولھم
ّ ماذا عمل به .يوم يجمع ﷲ الخالئق وأنت منھم،
واآلخر ،ذكرھم واألنثى حفاة عراة ،قلقين فزعين ،قد دنت الشمس منھم
قدر ميل ،قد بلغ العرق منھم الحناجر ،ثم يقول ﷲ ":يا آدم ،فيقول :لبيك
وسعديك ،فيقول ﷲ :أخرج بعث النار من ذريتك ،قال يا ربي :وما بعث
النار؟ قال :من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون" .يومھا يشيب الصغير
وتذھل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملھا وترى الناس
سكارى وما ھم بسكارى ولكن عذاب ﷲ شديد ،عندھا تجد المؤمنين
تحت ظل الرحمن يوم ال ظل إال ظله آمنين ال خوف عليھم وال ھم يحزنون ،
اللھم اجعلنا منھم يا رب العالمين ثم تظھر آثار اإليمان عند الميزان يوم
سجال ،وصفحة صفحة ،وكلمة كلمة ،ولحظة
تعرض السجالت سجال ِ
يوما ال تغادر صغيرة وال كبيرة .يوم ينادى المؤمن على رؤوس
ويوما ً
ً لحظة،
أبدا ،وتظھر أثار
الخالئق لقد سعد فالن ابن فالن سعادة ال يشقى بعدھا ً
اإليمان يوم يعبر على الصراط والناس يتساقطون في النار تساقط الفراش
أنتم َوأَ ْ َ ُ ُ ْ
زواجكم الجنة َ ُ ْ
ادخلُوا ْ َ ﱠ َ
على الشھاب وتظھر آثار اإليمان يوم يقول ﷲُ ْ ) :
تحبرون( فإلى ما ال عين رأت وال أذن سمعت وال خطر على قلب بشر ) َفال َ
ُ ْ َُ َ
ُون(
يعمل َ بما َ ُ
كانوا َ ْ َ جزاء ِ َ
أعين َ َ ً لھم من ُ ﱠ ِ َ نفس ما ُ ْ ِ َ
أخفي َ ُ َْ َ ُ
قرة ْ ُ ٍ تعلم َ ْ ٌ
فيا بائع ھذا ببخس معجل *** كأنك ال تدري بلي سوف تعلم
فإن كنت ال تدري فتلك مصيبة *** وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم
ھذه بعض آثار اإليمان على الحياة ،ھي غيض من فيض ،وقطر من بحر،
فإن كنت تريد اآلخرة فالطريق اإليمان ،وإن كنت تريد الدنيا فالطريق
معا فالطريق اإليمان .عار
اإليمان ،وإن كنت تريد ﷲ والدار اآلخرة والدنيا ً
عاما أو خمسين أو أقل أو أكثر بال
ً أيما عار -يا عبد ﷲ -أن تعيش عشرين
ادخل ُُوا ْ َ ﱠ َ
الجنة إيمان ،ثم تستقبل اآلخرة بال بطاقة ال إله إال ﷲ ،وال جواز ) ْ
تحبرون( أنتم َ َ ْ َ ُ ُ ْ
وأزواجكم ُ ْ َ ُ َ َُْ ْ
ساھيا في غمرة الجھل والھوى *** صريع األماني عن قليل ستندم
ً فيا
َ ِ ْ
أفق قد دنا الموت الذي ليس بعده *** سوى جنة أو حر نار تضرم
فيه المھيمن يختم
وتشھد أعضاء المسيء بما جنى *** كذاك على ِ ِ
المخيم
ﱠ فحي على جنات عدن فإنھا *** منازلنا األولى وفيھا
ﱠ
وحي على عيش بھا ليس ُ ْ َ
يسأم ﱠ وحي على روضاتھا وخيامھا ***
ﱠ
ٍ
اللھم إنا نسألك بأسمائك الحسنى ،وصفاتك العلى ،وباسمك األعظم
إيمانا نجد
ً سئلت به أعطيت ،أن ترزقنا
الذي إذا ُدعيت به أجبت ،وإذا ُ
وأعينا من خشيتك مدرارة .اللھم
ً وقلوبا خاشعة ،وألسنة ذاكرة،
ً حالوته،
وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان،
ِّ وزينه في قلوبنا،
حبب إلينا اإليمانّ ِ ،
ِّ
واجعلنا من الراشدين .اللھم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين
تھون به علينا
ِّ معاصيك ،ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ،ومن اليقين ما
ويذل
يعز فيه أھل طاعتك ُ ،ﱡ
مصائب الدنيا .اللھم أبرم لھذه األمة أمر رشد َ ُ ،ﱡ
ويؤمر فيه بالمعروف ،وينھى فيه عن المنكر ،يا سميع
فيه أھل معصيتكُ ،
حجة
ﱠ الدعاء .اللھم انفعنا بما قلنا ،اللھم انفعنا بما سمعنا ،اللھم واجعله
لنا ،ﱠ
اللھم احفظنا من بين أيدينا ،ومن خلفنا ،وعن أيماننا ،وعن شمائلنا،
ومن فوقنا ،ونعوذ بك اللھم أن نغتال من تحتنا .اللھم أنت مالذنا ،اللھم أنت
ملجؤنا ،حسبنا فال َ ِ ْ
تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ،أنت حسبنا ونعم الوكيل.
اللھم كما جمعتني بأحبتي في ھذه الروضة في ھذه الليلة على ذكرك،
سرر متقابلين.
إخوانا على ُ ُ ٍ
ً فاجمعني بھم
ھذي محاضرتي عليكم ألقيت *** فلعلھا موقظة الوسنان
محدثٍ *** غير اختيار اللفظ يا إخواني
لم آتِ فيھا من جديد ُ ْ َ
فإذا أسأت فذاك من كسبي *** وإن أحسنت ذا فضل من المنان
أھدي صالتي والسالم جميعه *** ألحب خلق ﷲ باألكوان
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسالم على المرسلين والحمد 9رب
العالمين ،وسبحانك اللھم وبحمدك ،أشھد أن ال إله إال أنت.
وأعتذر كذلك عن اإلجابة على األسئلة ،ولعل في ما ُذِكر خير ،وأسأل ﷲ -
عز وجل -أن ينفعنا وإياكم بالقليل ،وأن يبارك لنا فيه ،وأن يجمعنا بكم مرات
ومرات ومرات ،ثم يجمعنا في دار
قصورھا ذھب والمسلك طينتھا *** والزعفران حشيش نابت فيھا
إن الحمد ،9نحمده ونستعينه ،ونستغفره ونتوب إليه ،ونعوذ با 9من شرور أنفسنا
ومن سيئات أعمالنا ،من يھد ﷲ فال مضل له ،ومن يضلل ﷲ فال ھادي له ،وأشھد أن
ال إله إال ﷲ ،وحده ال شريك له ،له الملك وله الحمد ،وھو على كل قدير .وأشھد أن
محمدا عبد ﷲ ورسوله ،أرسله ﷲ رحمة للعالمين؛ فشرح به الصدور ،وأنار به العقول،
ً
غلفا.
ً وقلوبا
ً صما،
ً وآذانا
ً عميا،
ً أعينا
ً وفتح به
قمرية على الذرى
فصل يا رب على خير الورى *** ما صدحت ُ ْ
ِّ
واآلل واألزواج واألصحاب *** والتابعين من أولي األلباب
مسلمون( أما بعد فيا عباد تموتن ِإال ﱠ َ َ ْ ُ
وأنتم ﱡ ْ ِ ُ َ تقاته َوال َ َ ُ ُ ﱠ
حق ُ َ ِ ِ
ﷲ َ ﱠ
اتقوا َ
آمنوا ﱠ ُ
الذين َ ُ )يا َ ﱡ َ
أيھا ﱠ ِ َ
ﷲ ،لم يزل كثير من الخلق يلھثون ينصبون ،يسعون يكدون ،فمنھم من يسعى لجمع
المال من أي القنوات ،ومنھم من يلھث في بھيمية خلف الشھوات وأودار القنوات،
ومنھم من يھرول وراء الشھرة والجاه والسلطان في سبات التيه قد أمضى رحالت،
ومنھم من يعدو وراء األماني واألحالم ،يسبح في غير ماء ،ويطير من غير جناح.
كمھمه فيه السراب يلمح *** يدأب فيه النوم حتى يطلحوا
ٍ
ثم يظلون كأن لم يبرحوا *** كأنما أمسوا بحيث أصبحوا
جميعا من وراء ذلك
ً ضياع أعمار نفيسة في طلب أغراض خسيسةَ َ ،
أما إنك لو سألتھم
السعي واللھث ما تريدون؟ ألي شيء تھدفون؟ ألجابوك :الحياة الطيبة نريد ،إلى
السعادة نھدف ،نركض نعدو إلى سرور النفس ولذة القلب ،ونعيم الروح وغذائھا ودوائھا
وحياتھا وقرة عينھا نتوق ،أرادوھا فأخطئوا طريقھا ،وتاھوا فعطشوا وجاعوا ،وعلى
الوھم عاشوا؛ فصار حالھم كمن سقي على الظمأ بالسراب واآلل وكانوا كمن تغدى
في المنام ،وفي تيھھم فقدوا حاسة الشم والذوق فلم يفرقوا بين الروائح العطرة من
الكدرة ،وال العذب في الفرات ،فشقوا وتعسوا ويظنون أنھم سيسعدون ،غفلوا في
تيھھم عن داعي الحق على الطريق وھو يندبھم ويقول :مھال مھال .وﷲ ال يسعد
ھمھا وقلقھا ويسد جوعتھا وظمأھا،
ﱠ النفس وال يزكيھا وال يطھرھا وال ُيذھب غمھا
ويعيد لھا شمھا وذوقھا ،إال اإليمان با 9رب العالمين بلسم الحياة ،بلسم الحياة ومفتاح
حياة َ ِ ّ َ ً
طيبة مؤمن َ َ ُ ْ ِ َ ﱠ ُ
فلنحيينه َ َ ً وھو ُ ْ ِ ٌ
أنثى َ ُ َ ذكر َ ْ
أو ُ ْ َ صالحا ِ ّمن َ َ ٍ
عمل َ ِ ً
من َ ِ َ
السعادة ،قال ﷲْ َ ) :
ُون( ھذا خبر من أيھا المؤمنون؟ ينبيك عنه ]ابن يعمل َ أجرھم ِ َ ْ َ ِ
بأحسن َما َ ُ
كانوا َ ْ َ ولنجزينھم َ ْ َ ُ
َََ ْ َِﱠ ُ ْ
القيم[ بما ملخصه –في تصرف -إنه خبر أصدق الصادقين وأحكم الحاكمين ،ﷲ رب
العالمين ،وھو خبر يقين ،وعلم يقين بل عين يقين ،فحوى الخبر ،أنه البد لكل من عمل
ﷲ ﷲ ال َ ُ ْ ِ ُ
يخلف ُ وعد ِ
مؤمنا أنه يحييه ﷲ حياة طيبة ،بحسب إيمانه وعملهَ ْ َ ) ، ً صالحا
ً
يعلمون( الحفاة األغالظ ،ال يعلمون ،غلطوا في مسمى ھذهالناسِ ال َ َ ْ َ ُ َ ولكن َ ْ َ َ
أكثر ﱠ وعده َ َ ِ ﱠ
َ ْ َ ُ
الحياة فظنوھا التنعم في أنواع المآكل والمشارب والمالبس ،والمراكب والمناكف ولذة
والملذات ،حال أحدھم:
ﱠ والتفنن بأنواع الشھوات
ﱡ الرياسة ،والمال وقھر األعداء
إذا تغديت وطابت نفسي *** فليس في الحي غالم مثلي
إال غالم قد تغدى قبلي *** فنصف النھار لترياسه
ونصف لمأكله أجمع
ال ريب أن ھذه لذة مشتركة بين البھائم ،بل قد يكون حظ كثير من البھائم منھا أكثر من
حظ اإلنسان ،فمن لم تكن عنده لذة إال اللذة التي تشاركه فيھا السباع والدواب
ھمة خسيسة دنيئة،
ھمته ِ ﱠ ٌ
واألنعام والبھائم فذلك مسكين ينادى عليه من مكان بعيد ِ ،ﱠ ُ
حش.
ھمة ُ ّ
كل دا ٍء في سقوط الھمم *** يجعل األحياء مثل الرمم
سمت العجز ارتقاء األمم
ﱠ نامت ُ ْ
األسد بسحر الغنم ***
فأين ھذه اللذة من اللذة بأمر إذا خالطت بشاشته القلوب سال صاحبه عن األبناء
والنساء واإلخوان واألموال والمساكن والمراكب والمناكح واألوطان ،ثم رضي بتركھا كلھا
رأسا وھو وادع النفس ،منشرح الصدر ،مطمئن القلب ،يعرض نفسه
ً والخروج منھا
حفت بالمكاره ،يطيب له قتل ابنه وأبيه
ألنواع المكاره والمشاق ،لعلمه أن الجنة ُ ﱠ
وصاحبته وأخيه في سبيل ﷲ .أو قتلھم إن كانوا أعداء ﷲ.
فلم يكن في سبيل ﷲ تأخذه مالمة الناس والرحمن مواله ،فإذا بأحدھم يتلقى سنان
الرمح بصدره ،فيخرج من بين ثدييه ،الدماء تثعب منه ينضح من ھذه الدماء على وجھه
وجسده ويقول وقد ذاق بلسم الحياة :فزت ورب الكعبة ،فزت ورب الكعبة ،حتى قال
قاتله :فقلت في نفسي :ما فاز ،ألست قتلت الرجل! فما زال يسأل حتى ُأخبر أنه فاز
بالشھادة وبما ال عين رأت ،وال أذن سمعت ،وال خطر على قلب بشر ،فقال قاتله :فاز
محمدا رسول ﷲ ،إن بعض النفوس ،تظل في شك
ً لعمر ﷲ .أشھد أن ال إله إال ﷲ وأن
وسرورا
ً بشرا
ً من مصداقية ھذا الدين ،حتى ترى قسمات الفرح بادية على وجوه أفراده
واطمئنانا ،وھم يواجھون الموت في سبيله!.
ً وسكينة
لنقا ٍء ونماء وإليمان وثيق *** قتلھم في ﷲ أشھى من رحيق
فازوا من الدنيا بمجد خالد *** ولھم خلود الفوز يوم الموعد
ويستطيل اآلخر حياته ،فيلقى قوت يومه من تمرات ،يوم سمع رسول ﷲ -صلى ﷲ
عليه وسلم -يقول" :قوموا إلى جنة عرضھا األرض والسماوات" يقول :لئن بقيت إلى أن
مسرورا.
ً فرحا
ً آكل ھذه التمرات ،إنھا لحياة طويلة! ثم يتقدم للموت
سرورا ورضى
ً باسم الثغر
آية المؤمن أن يلقى الردى *** َ ِ
أحدا
ً أبدا *** ليس غير ﷲ يخشى
ليس يدنو الخوف منه ً
ويلبس ]بالل[ -رضي ﷲ عنه -أدرع الحديد ،ويصرف في الشمس يئن تحت وطأة صخرة
عظيمة ،فوق رمضاء قاسية في يوم قائظ في >مكة< ،وأھل >مكة< أدرى بقيظ مكة،
يراود على كلمة الكفر ،وفي الميسور عليه أن يقولھا لو أراد ،وقلبه مطمئن باإليمان،
لكنه ذاق حالوة اإليمان ،فمزجھا بمرارة العذاب والحرمان ،فطغت حالوة اإليمان على
ً
وغيظا؛ ليرغم أنوفھم بھا ً
حنقا مرارة العذاب ،فأطلقھا كلمات تنقطع لھا قلوب معذبيه
وأغيظ لكم منھا لقلتھا.
قائال :أحد أحد ،لو وجدت أحنق منھا ْ َ
ھل أنت إال إصبع دميتي *** وفي سبيل ﷲ ما لقيتي
وثبت فكانت العاقبة ،فإذا به يعلو الكعبة فيصدح باألذان ليرغم به من المشركين القلوب
واآلذان ،حتى إذا ما ﱠ
حلت به السكرات ،قامت زوجه تقول :وابالاله واحزناه ،فيقول وقد
محمدا وحزبه.
ً غدا ألقى األحبة
ذاق بلسم الحياة :بل وافرحاه واطرباه ً
أرسلتھا كلمات منك صادقة *** بيضاء آذانھا األخالد والقلل
المقل
بريقھا وھي تھوي في مسامعھم *** بالغة خشيت ألالءھا ُ َ
المشاھد -رضى ﷲ عنه-
وإذا بسيف ﷲ ]خالد أبي سليمان[ فارس اإلسالم وليث َ َ
إلي فيھا
ﱠ يقول -حين ذاق بلسم الحياة وخالط بشاشة قلبه :-وﷲ ما ليلة تھدى
أبشر فيھا بغالم ،بأحب من ليلة شديدة البرد كثيرة الجليد ،في
ﱠ عروس ،أنا لھا محب،
سرية في المھاجرين أنتظر فيھا الصبح ألغير على أعداء ﷲ .
حرجا
ً كأنما الموت في أفواھھم عسل *** من ريق نحل الشفا حدث وال
حتى إذا ما ﱠ
حلت به السكرات ،قال :لقد طلبت القتل مظانه ،فلم يقدر لي أن أموت إال
ً
شيئا أرجى عندي بعد التوحيد في على فراشي ،وال وﷲ -الذي ال إله إال ھو -ما عملوا
بتھا وأنا متترس ،والسماء تھلني ننتظر الصبح حتى نغير على أعداء ﷲ .لقد
ليلة ﱡ
مشھدا وما في جسدي شبر إال وفيه ضربة سيف أو طعنة رمح ،أو
ً شھدت كذا وكذا
رمية سھم ،وھا أنا ذا أموت على فراشي كما يموت العير ،ال نامت أعين الجبناء ،عدتي
وعتادي في سبيل ﷲ ،ثم لقي ﷲ رضى ﷲ عنه وأرضاه .
عنبرا
ً ً
مسكا وتندى الدم الذاكي جرى في عرقھم *** فاض
عمر
َ عدل
ٍ خالدا *** واسألوا عن كل
ً نصر
ٍ فاسألوا عن كل
وإذا بابن تيميه -رحمه ﷲ -يدخل سجن القلعة ويغلق عليه الباب ،فيبرز بلسم الحياة
الرحمة
فيه ﱠ ْ َ ُ
باطنه ِ ِ
باب َ ِ ُ ُ بسور َ ُ
له َ ٌ بينھم ِ ُ ٍ في تلك اللحظة -أعني اإليمان -فيقولَ ِ ُ َ ) :
فضرب َ ْ َ ُ ْ
أنىالعذاب( ما يصنع أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري ،ﱠ قبله ْ َ َ ُ َ َ ِ ُ ُ
وظاھره ِمن ِ َ ِ ِ
ُرحت فھي معي ال تفارقني ،حبسي خلوة ،وقتلي شھادة ،وإخراجي من بلدي
سياحة .إن في الدنيا جنة من لم يدخلھا لم يدخل جنة اآلخرة ،إنھا جنة اإليمان.
المحبوس من حبس قلبه عن ربه ،والمأسور من أسره ھواه ،وﷲ لو بذلت ملء القلعة
ذھبا ما عدل ذلك عندي شكر نعمة الحبس ،وما جزيتھم على ما تسببوا لي فيه من
ً
أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ،حاله:
الخير ،اللھم ِّ
مؤمنا *** با 9في سري وجھري
ً أنا لست إال
أنا نبضة في صدر ھذا *** الكون فھل يضيق صدري
عيشا منه قط ،مع
ً أحدا أطيب
ً يقول تلميذه ]ابن القيم[ -رحمه ﷲ :-وعلم ﷲ ما رأيت
ما كان فيه من ضيق العيش وخالف الرفاھية والتنعم ،وما كان فيه من الحبس والتھديد
وأسرھم
ﱡ قلبا،
صدرا ،وأقواھم ً
ً عيشا وأشرحھم
ً واإلرھاق ومع ذلك فھو من أطيب الناس
نفسا ،تلوح نظرة النعيم على وجھه ،وكنا إذا اشتد بنا الخوف ،وساءت منا الظنون،
ً
وضاقت بنا األرض أتيناه؛ فما ھو إال أن نراه ونسمع كالمه فيذھب ذلك كله ،وينقلب
انشراحا وقوة وطمأنينة ،فسبحان من أشھد عباده جنته قبل لقائه ،وفتح لھم أبوابھا
ً
في دار العمل ،فآتاھم من روحھا ونسيمھا وطيبھا ما استفرغ قواھم لطلبھا والمسابقة
إليھا.
يدا وشبوا ُ َ
علما س ًھمما *** ونشوا ِ
ً حلما وخفوا
ً رجحوا
علموا من أين ينزاح الشقاء ،فأزاحوه وعاشوا سعداء .إنه بلسم الحياة.
ويعلن عليه ،فما يزيد على أن يفتر عن ابتسامة من ثغره
وإذا بآخر يحكم عليه بالقتل ُ
ويعلن عليه ذلك القتل فيفتر ثغره عن
نابعة من صدر مطمئن ھادئ ،يحكم عليه بالقتل ُ
يحسى ،فيقال له ما
َ ابتسامة نابعة من صدر مطمئن ھادي ،واثق بموعود ﷲ كما ُ
عاما ،وإني
ً تنتظر؟ قال :أنتظر القدوم على ربي ،لقد عملت لھذا المصرع خمسة عشر
ألرجو ﷲ أن تكون شھادة في سبيله،
أمد إليه الخطا.
ﱡ فوﷲ إني أرى مصرعي *** ولكن
شريفا فذا
ً موتا
ً وتاﷲ ھذا ممات الرجال *** فمن رام
وآخر كان يعيش حياة الضياع والحرمان والتعاسة وعدم المباالة ،فيمر على مسجد بعد
صالة المغرب ،وإذا بالمتكلم يتكلم فيه حول قول ﷲ:
بما
خبير ِ َ إن َ
ﷲ َ ِ ٌ ﷲ ِ ﱠ
واتقوا َ
لغد َ ﱠ ُ نفس ﱠما َ ﱠ َ ْ
قدمت ِ َ ٍ ﷲ ََْ
ولتنظ ُْر َ ْ ٌ اتقوا َ
آمنوا ﱠ ُ
الذين َ ُ ) َيا َ ﱡ َ
أيھا ﱠ ِ َ
ُون( فألقى سمعه وقلبه ،وصار في حالة من الذھول ،سمع مصيره ومآله -وال عدة
تعمل َ
َْ َ
يدي ربه ال تخفى على ﷲ منه خافية،
له ،-تذكر أيامه السوداء البائسة ،ووقوفه بين َ ْ
استفاق قلبه ،استيقظ إيمانه ،تغلغلت الموعظة إلى سويداء قلبه ،اندفع يبكي
وينتحب ،ويقول :أتوب إلى ﷲ ،أتوب إلى ﷲ ،غفرانك يا رب ،رحمتك يا أرحم الراحمين،
فقص عليه قصته،
ﱠ ّ
وصلى صالة المغرب ،وذھب إلى ھذا الداعية المتكلم، بادر واغتسل
وأوصاه الداعية بوصايا ،وسأل ﷲ له الثبات ،أقبل على تنفيذ ھذه الوصايا إقبال الظامئ
على الماء البارد في يوم قائظ.
يقول ھذا التائب -وقد ذاق ذلكم البلسم- :-الذي ال إله إال ھو -ما نمت تلك الليلة ،في
فرحي بالھداية واإلقبال على ﷲ ،وتا 9لقد حفظت القرآن في أربعة أشھر عن ظھر
بشوشا
ً المحيا
قلب ،صلح حالي ،وانشرح بالي ،وذھبت غمومي وھمومي تراه طلق ُ ﱠ
يختم القرآن في كل ثالث ،صدق ﷲ -جل وعال -يوم قال:
ُوبھم ِ ّمن ِ ْ ِ
ذكر فويل ِ ّ ْ َ ِ َ ِ
للقاسية ُقل ُ ُ ربه َ َ ْ ٌ
نور ِ ّمن ﱠ ِ ّ ِ فھو َ َ
على ُ ٍ لإلسالم َ ُ َ
صدره ِ ِ ْ َ ِ
ﷲ َ ْ َ ُ
شرح ُ )َ َ َ
أفمن َ َ َ
ِ
ﷲ(
سعادة الدنيا والدنيا مقيدة *** بمنھج ﷲ فھو الشرط والسبب
وإذا باآلخر يقول مع فقره وحاجته :وﷲ لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا
عليه بالسيوف ،وإذا باألعرج يوم أحد كما في المسند بسند حسن " يقول :يا رسول
ﷲ ،أرأيت إن قاتلت في سبيل ﷲ حتى أقتل أأمشي برجلي ھذه صحيحة في الجنة؟
قال رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم :-نعم .تقول زوجته :لكأني انظر إليه وقد أخذ
صحيحا ،وقاتل حتى
ً درقته ،وھو يقول :اللھم ال تردني حتى أطأ بعرجتي ھذه الجنة
قتل ،فمر عليه –صلى ﷲ عليه وسلم -فقال :لكأني أنظر إليك تمشي برجلك ھذه
إيه !!
إيه ٍ
صحيحة في الجنة ٍ
ليرفعھا في حضيض التراب *** إلى األفق األرحب األكرم
مجوسيا ،فيقتل المجوسي ويعينه ﷲ -عز وجل-
ً وإذا باآلخر في >القادسية< ،يبارز
عليه ،لكنه -رحمه ﷲ -يصاب في بطنه ،فتنتثر أمعاؤه ،ويمر به رجل من المسلمين
أعني على بطني ،فأدخل له أمعاءه في بطنه ،ثم أخذ بصفاق بطنه يزحف إلى
ِّ فيقول:
ذراعا من مصرعه ،وھو يقول:
ً أعداء ﷲ على ھذا الحال ،فيدركه الموت على ثالثين
ثوابا *** قد كنت ممن أحسن الضرابا
ً أرجو بھا من ربنا
ثم فاضت نفسه رحمه ﷲ.
قبل
لباتھم ُ َ ُ
يعانقون ضباھا وھي ھاوية *** كأنما الطعن في ﱠ
إنه اإليمان ،بلسم الحياة.
وإذا بالزوج يتوعد زوجته حين غضب عليھا ،فيقول :وﷲ ألشقينك وألتعسنك ،فتقول
حين خالط اإليمان بشاشة قلبھا في ھدوء :وﷲ ال تستطيع أن تشقيني كما أنك ال
تملك أن تسعدني لو كانت السعادة في راتب لقطعته عني ،أو في زينة وحلي
لحرمتنيھا ،لكنھا في شيء ال تملكه أنت وال الناس أجمعون ،قال :وما ھو؟ قالت:
سعادتي في إيماني ،وإيماني في قلبي وعملي ،وقلبي في يدي ربي ال سلطان
ألحد عليه غير ربي.
ٍ
ھات ما عندك ھات معي *** اإليمان يھديني لبحر الظلمات
بلسم اإليمان ينجي *** مركبي والموج عاتي
ھز ُ ً ّ
شما راسيات يوما *** ﱠ
ھل ترى اإلعصار ً
كال ﱠ .وإذا باآلخر يقول :مساكين أھل الدنيا ،خرجوا منھا وما ذاقوا أطيب ما فيھا ،قيل له:
وما أطيب ما فيھا ؟! قال :محبة ﷲ ،معرفته وذكره ،وﷲ -الذي ال إله إال ھو -ألھل الليل
لھوھم .وإنه لتمر بالقلب ساعات يرقص فيھا
ِ في ليلھم مع ﷲ ﱡ
ألذ من أھل اللھو في
طربا حتى أقول :إن كان أھل الجنة في مثل ما أنا فيه إنھم لفي نعيم عظيم ،إنھم
ً
لفي عيش طيب.
ً
شيئا ال أراه في نفسي وال عباد ﷲ ،ھذه أقوال ومواقفْ َ َ ،
أطلت فيھا ألنني أعايش فيھا
طعما لم نتذوقه ،ويولعون بشيء لم نعشقه ،إنه
ً فيمن حولي ،أرى أنھم يتذوقون
اإليمان ،بلسم الحياة
أقف وأتساءل من األعماق ،ھل ھذا اإليمان الذي نعيشه ھو اإليمان الذي عاشوه
وأحبوه ؟! ھل البالء في األشخاص أم في الزمان أم في اإليمان؟ إن اإليمان ھو اإليمان
أيھا المؤمنون ،والزمان ھو الزمان ،واألجساد ھي األجساد لم يتغير شيء ،لكن الذي
اختل فقط ھو العالقة بين الشخص واإليمان ،إنھما لم يلتقيا بعد اللقاء الحقيقي !.
ً
عميقا في تشبث لقاء
ً شعارا،
ً حقيقيا ال
ً لقاء
ً أما وﷲ لو التقى األشخاص مع اإليمان
واعتزاز ،لكان ما كان مما قد سمعتموه ،لذة ال يعدلھا لذة ،وحالوة ال ينعم من لم يذقھا،
كيف؟ إنه اإليمان ،بلسم الحياة ،وأس الفضائل ولجام الرذائل ،وقوام الضمائر ،وسند
العزم في الشداد ،وبلسم العبر عند المصائب ،وعماد الرضا والقناعة بالحظوط ،ونور
األمل في الصدور وسكن النفوس ،وعزاء القلوب إذا أوحشتھا الخطوب ،والعروة الوثقى
عند حلول الموت بسكراته العظمي.
المؤمن في كل أحواله وأعماله الصالحة ،مثل أم موسى -عليه السالم ،-ترضع ولدھا
أجرا ،فكذلك المؤمن يسعد
ً وتطفئ بذلك ظمأ نفسھا وشغف قلبھا ،وتأخذ على ذلك
بإيمانه في الدنيا وبثواب إيمانه في اآلخرة ،وذلك فضل ﷲ علينا وعلى الناس ولكن أكثر
الناس ال يعلمون .
فھل زلزلت أنفس جامدات *** فھبت لتغسل أوحالھا .
الفرد بغير إيمان ،ريشة في مھب الريح ،ال تستقر على حال وال تسكن إلى قرار ،الفرد
بال إيمان ليس له امتداد وال جذور ،ال يعرف حقيقة نفسه وال سر وجوده ،ال يدرى من
ألبسه ثوب الحياة؟ ولماذا ألبسه إياه؟ ولماذا ينتزعه منه بعد حين؟
النفس بال إيمان مضطربة ،حائرة ،متبرمة ،قلقة ،تائھة ،خائفة كسفينة تتقاذفھا الريح
تحد شراھته ،وال ُ ﱠ
تقلم شره فاتك ال ُ ﱡ
في ثبج البحر وأمواجه ،الفرد بال إيمان حيوان َ ِ ٌ
ﱠ
وحطم قيوده ،وأصغر الحشرات وأشرس الضواري - أظفاره ،سئم حديده ،فعجم عوده،
كما يقول صاحب قصة اإليمان.-
ھم الرزق وخوف الفقر وكرب الحاجة وذل
ِّ البھائم تجوع كما نجوع ،لكنھا في سالمة من
السؤال.
البھائم تلد كما نلد ،وتفقد أوالدھا كما نفقد ،لكنھا في راحة من ھلع َ ْ َ
المثكلة وجزع
وھم اليتامى والمستضعفين والمضطھدين والمظلومين .البھائم تتلذذ كما ِّ الميتمة،
ويقرح الجفون ،ويقض المضاجع، وتألم كما ْ َ
نألم ،لكنھا في راحة مما يأكل القلوب ُ ِّ نتلذذَ ْ َ ،
الشمل ،ويخرب البيوت من مھلكات كالحسد والكذب والنميمة
ﱠ ويقطع األرحام ،ويفرق
والفرية والقذف والخيانة والنفاق والعقوق ونكران الجميل.
البھائم ُتعرف بنوع من اإلدراك أعطاھا ﷲ إياه ما يضرھا وما ينفعھا لكنھا في سالمة
وھم السؤال بين يدي
ِّ من أعباء التكاليف ،وثقل األوزار ،ومضض الشك ،وعذاب الضمير،
الحكيم الخبير.
البھائم تمرض كما نمرض ،وتموت كما نموت ،لكنھا في راحة من التفكير في عقبى
حشر
ٍ المرض ،وفراق األحباب بعد الممات ،وسكرات الموت ومصير ما وراء القبور من
ونشور.
يبقى ھذا اإلنسان الضعيف الھلوع الجزوع ،المطماع المختال الفخور المتكبر المترف،
الرتبة ،بائس المصير حين يكون تفكيره
تعيسا ،سيئ الحظ ،عظيم البالء ،منحط ﱡ
ً شقيا
ً
بال إيمان ،وال غرابة
فمن يزرع الريح في أرضه *** فال بد أن يحصد الزوبعة .
ِّ
يسليه، يعزيه،
وال وﷲ -الذي ال إله إال ھو -إنه ال عالج لشقائه إال باإليمان ،يقويهِّ ،
يحييه حياة طيبة على الحقيقة ،يعلو يقينه ،ينفسح صدره ،تعظم
يمنيه ،يرضيهْ ُ ،
ِّ
سعادته ،وحين يفقد ذلك يشقى ،يضيق عليه صدره ،يأسى ،يحزن ،يكتئب؛ فيتداوى
ظنا منه أنه يتخلص من الشقاء ،وإنما ھو في
بالداء ،يلجأ إلى المخدرات واالنتحارً ،
يعف ﷲ عنه إلى شقاء اآلخرة ،ومن عذاب
ُ الحقيقية يتغلب من شقاء الدنيا إن لم
ومن ،نسأل ﷲ العافية.
الدنيا إلى عذاب اآلخرة ،إن لم يتداركه ربه برحمة منه َ َ ٍّ
اسمع معي عبد ﷲ ،لھذا الشاب التائب كما أورد ذلك صاحب طريق السعادة بتصرف،
قال الشاب التائب:
عاما من عمري وأنا في ظالم دامس ،أتخبط خبط عشواء ،ال أحس للدنيا
ً مر عشرون
ﱠ
طعما ،مالي كثير ،أخالئي كثير ،في نفسي جوعة ،في صدري ضيق ،ماذا يشبع تلك
ً
الجوعة؟ ماذا يشرح ذلك الضيق؟ معازف لم تشرح صدري بل معھا الجوعة ازدادت،
كثيرا،
ً كثيرا ،شربت
ً بدلت أفالمي ،سافرت عدت ،سھرت بدلت أخالئيّ ،،والضيق ازداد َ ،ﱠ
ﱠ َ ِ
السماء( يصعد ِفي حرجا َ َ ﱠ َ
كأنما َ ﱠ ﱠ ُ كثيرا ،تعبت ،الجوعة تزداد والضيق كذلك ) َ َ ً
ً لھوت
أحسست كأني مسجون في دنياي ،وأن األرض برحابتھا ال تسعني ،فكرت طويال
سكينا وقلت:
ً وأخيرا ظھر الحل اآلن أشعر بالراحة –كما أزعم حينھا ،-أخذت
ً وطويال،
ھذه سكيني بيدي تلمع باسمة راضية عن ھذا الحل ،الناس ھجوع ،األھل نيام،
السكون عام ،أقول –في نفسي :-لم يبق سوى لحظات وأعيش ساعات الراحة كما
أزعم ،وفي تلك اللحظات سكيني في يدي تقترب من قلبي الميت ،أريد أن أنتحر ،أريد
أن أتخلص من ھذا الشقاء ،وإذا بصوت يشق عنان السماء ،يقطع الصمت ،يدوي في
الكون ،ترتج به المدينة.
ﷲ أكبر ﷲ أكبر ﷲ أكبر ﷲ أكبر ……
ويحھا من قلوبٍ ال تجيبه ما أتعسھا! ما أشقاھا! ،سقطت السكين
نداء صالة الفجرْ ،
من يدي عند سماع الصوت ،وسرى في جسدي ما قد سرى ،تحرك قلبي الميت على
جد ؟ أغريب ھذا الصوت؟
ذلك الصوت ،استيقظت بعد طول سبات ،ويح نفسي ماذا ّ
خريفا تسمعه ،أما أحسست معناه إال اآلن ؟
ً عشرون
أجبت ھذا الصوت ،وجئت بالماء أھريقه على وجھي وجسدي المرھق؛ فيطفئ لظى
متجھا نحو المسجد ألول مرة
ً ً
فشيئا ،خرجت الشقاء ،ويعيد الھدوء إلى نفسي شي ًئا
عاما ،الكون مخيف بھدوئه ،ال صوت يعلو ،ال ضوضاء ،دخلت مع إقامة صالة
ً من عشرين
الفجر ،وقفت في الصف مع الناس ،صنف من الناس لم أعھده في حياتي.
وجوه يشع منھا النور ،نفوس طيبة مرتاحة ،تقدم من بينھم اإلمام ،وأقبل يحث على
تسوية الصفوف ،كبر وزلزل كياني تكبيره ،شرعت أصلي خلفه نفسي ھادئة ،صدري
منشرح ،يقرأ اآليات وأنصت في تلك اللحظات ،بكالم لم أسمعه منذ سنوات وسنوات.
حسابيه * َيا ولم َ ْ ِ
أدر َما ِ َ ِ َ ْ كتابيه * َ َ ْ
أوت ِ َ ِ َ ْلم ُ َ
ليتني َ ْ
فيقول َيا َ ْ َ ِ
بشماله َ َ ُ ُ
كتابه ِ ِ َ ِ ِ من ُ ِ َ
أوتي ِ َ َ ُ ) َ ﱠ
وأما َ ْ
خذوه َ ُ ﱡ ُ
فغلوه * ُ ﱠ
ثم عني ُ ْ َ ِ َ ْ
سلطانيه * ُ ُ ُ ماليه * َ َ َ
ھلك َ ِّ عني َ ِ َ ْ القاضية * َما َ ْ َ
أغنى َ ِّ كانت ْ َ ِ َ ََْ َ
ليتھا َ َ ِ
يؤمن بِ ِ
ا9 إنه َ َ
كان ال َ ُ ْ ِ ُ ُكوه * ِ ﱠ ُ ذراعا َ ْ
فاسل ُ ُ سبعون ِ َ ً
ذرعھا َ ْ ُ َ ثم ِفي ِ ْ ِ َ ٍ
سلسلة َ ْ ُ َ الجحيم َ ﱡ ُ
صلوه * ُ ﱠ ْ َ ِ َ
حميم * َوال َ َ َ ٌ
طعام ِإال ﱠ ھاھنا َ ِ ٌ
اليوم َ ُ َ فليس َ ُ
له ْ َ ْ َ طعام ْ ِ ْ ِ ِ
المسكين * َ ْ َ على َ َ ِ يحض َ َ ْ َ ِ ِ
العظيم * َوال َ َ ُ ﱡ
الخاطئون( غسلين * ال َ َ ْ ُ
يأكل ُُه ِإال ﱠ ْ َ ِ ُ َ من ِ ْ ِ ٍ
ِ ْ
العبرات ،أحسست بملوحتھا في فمي ،شعرت بلسعاتھا ،أجھشت ببكاء
تتسابق مني َ َ َ
غزيرا ،سال على خدي ،سقى
ً أزيزا كأزيز المرجل ،انھال الدمع
ً صادق ،صنع في صدري
أرضا مجدبة في قلب ميت ،فأحيا بكالم ﷲ موت فؤادي وبمعية ذلك الغيث صوت الرعد،
ً
رعد الرحمة ،صوت نحيبي وبكائي من خشية ﷲ رب العالمين ،بعد إعراض دام
عشرين ،فالحمد 9رب العالمين ،فالحمد 9رب العالمين.
يا أيھا الشاب ،ويا ذا الشيبة ،وﷲ إن طريق المسجد طريق السعادة ،وﷲ ما عرفھا
من لم يعرف تلك الطريق ،إن رسول الھدى -صلوات ﷲ وسالمه عليه -حين تضيق عليه
األرض وما تضيق ،وتشتد عليه الخطوب يقول :أرحنا بھا يا بالل ،أرحنا بھا يا بالل ،فاتصل
با .9ما خاب فؤاد الذ با 9وما خاب منيب،
فيا عزيز المرام أين الحضيض؟ في الذرى ،شتان ما بين الثريا والثرى،
عال ،شتان بين
ٍ زاك ومرتقى
ٍ كيف تعيش في مستنقع آسن ودرك ھابط وعندك مرتع
من ذاق برد اليقين ومن ذاق ضنك اإلعراض عن رب العالمين ،ال يستوي الليل والنھار،
وال ظلمة وضياء ،وال األحياء وال األموات ،قال ﷲ:
مثل ُُه ِفي الظ ﱡل َ
ُماتِ الناسِ َ َ
كمن ﱠ َ به ِفي ﱠ
يمشي ِ ِ
نورا َ ْ ِ وجعلنا َ ُ
له ُ ً ميتا َ َ ْ َ ْ َ ُ
فأحييناه َ َ َ ْ َ كان َ ْ ً )َ َ َ
أومن َ َ
منھا( كال وﷲ.
بخارجٍ ْ َ َْ َ
ليس ِ َ ِ
قال شيخ اإلسالم وتلميذه -رحمھما ﷲ :-إن القلب ال يصلح وال يفلح وال ينعم وال ُيسر
وال يطيب وال يسكن وال يطمئن إال بعبادة ربه وحده ،ومحبته واإلنابة إليه ،فلو حصل
على كل ما يتلذذ به المخلوقات لم يطمئن ولم يسكن إذ فيه فقر ذاتي ،واضطرار
يقر إال باإليمان
وحاجة إلى ربه معبوده محبوبه مطلوبه بالفطرة ،ال يسعد وال يطمئن وال َ ِ ﱡ
تقر عينه با 9تقطعت
قرت به كل عين ،ومن لم ِ
قرت عينه با 9ﱠ
با 9رب العالمين ،فمن ﱠ
يصدق ھذا من في قلبه حياة .فوا أسفاه،
ِّ نفسه على الدنيا حسرات ،وإنما
وواحسرتاه ،كيف ينقضي الزمان وينفد العمر ،والقلب محجوب ،ما شم لھذا البلسم
رائحة؟ وخرج من الدنيا كما دخل فيھا وما ذاق أطيب ما فيھا ،بل عاش فيھا عيش
كمدا ،ومعاده حسرة
ً عجزا ،وموته
ً البھائم ،وانتقل منھا انتقال المفاليس ،فكانت حياته
وأسفا ،اللھم فلك الحمد وإليك المشتكي ،وأنت المستعان ،وبك المستغاث ،وعليك
ً
التكالن ،وال حول وال قوة إال بك .
آمنوا ،ويا من أعرضوا أقبلوا تسعدوا. آمنوا ِفيا أيھا الذين َ
ولنجزينھم َ ْ َ ُ
أجرھم طيبة َ َ َ ْ ِ َ ﱠ ُ ْ
حياة َ ِ ّ َ ً مؤمن َ َ ُ ْ ِ َ ﱠ ُ
فلنحيينه َ َ ً وھو ُ ْ ِ ٌ
أنثى َ ُ َ ذكر َ ْ
أو ُ ْ َ صالحا من َ َ ٍعمل َ ِ ًمن َ ِ َ
) َ ْ
ُون(
يعمل َ
كانوا َ ْ َ َِ ْ َ ِ
بأحسن َما َ ُ
وأعينا من خشيتك
ً وقلوبا خاشعة ،وألسنة ذاكرة،
ً إيمانا نجد حالوته،
ً اللھم ارزقنا
مدرارة ،ال إله إال أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين ،وأستغفر ﷲ فاستغفروه إنه ھو
الغفور الرحيم.
محمدا خاتم
ً الحمد 9رب العالمين ،وأشھد أن ال إله إال ﷲ ولي الصالحين ،وأشھد أن
النبيين.
جرت في َ َ ٍ
فلك شمس الضحى الدجى *** وما َ َ ْ
جن ﱡﱠ صلى عليه ﷲ ما
أما بعد ،فيا عباد ﷲ :إن الشواھد في القلوب لتشھد بأن السعادة في الطاعة واإلقبال
ِ َ
والفطر المستقيمة، على ﷲ ،شواھد تشھد بھا النفوس المؤمنة ،والقلوب السليمة
ھذا الباب باب شريف ،وقصر منيف ال يدخله إال النفوس األبية التي ال ترضى بالدون ،وال
تبيع األدنى باألعلى بيع الخاسر المغبون ،فإن كنت أھال لذلك فادخل ،وإال فردّ الباب
وانشراحا في صدرك،
ً وارجع والسالم .عبد ﷲ كم أطعت ﷲ فوجدت حالوة في قلبك،
وفرحا بقربه منك؟ كم ُوفِّقت إلى قيام ليلة ،أو
ً وأنسا
ً وإقباال على ﷲ -عز وجل -ربك،
صيام يوم ،أو إلى إصالح بين الناس ،أو صدقة على مسكين؛ فوجدت أثر ذلك بقلبك
وانشراحا؟ الشك أنك لن تجد من حالوة اإليمان ما وجده صحابي من الصحابة،
ً سعادة
كل بحسبه ،ھذا -وﷲ -شاھد قوي على أن طريق السعادة ھو طريق الطاعة ال
ولكن ٌ
غير.
ً
مغتبطا رضي النفس
أمنا عاش َ ِ ﱠ
من عاش في كنف اإليمان كان له *** ً
وشقاء في قلبك ،ووحشة بينك وبين
ً ً
ضيقا في صدرك، عبد ﷲ كم عصيت ﷲ فوجدت
ﷲ ربك ،ووحشة بينك وبين عباد ﷲ الصالحين؟ كم أطلقت بصرك فيما حرم ﷲ،
وشقاء؟ كيف بمن يقارف
ً ونكدا ،وتعاسة
ً ً
ضيقا غب ذلك
وتكلمت فيما ال يعنيك؛ فوجدت ِ
الكبائر والفواحش ،وينتقل من معصية إلى معصية دون استغفار أو توبة ،ال شك أنه في
وعنت وعناء.
ضيق وشقاء َ َ ٍ
قربه وأدناه؛ فأنس به وسعد
المسألة باختصار -أيھا المؤمنون -أن من أطاع ﷲ ﱠ
واستغنى ،ومن عصي ﷲ طرده وأبعده بقدر ذنبه فاستوحش وشقي وافتقر.
أترجو مواھب نعمائه *** وأنت إلى صف أعدائه
سعدا
ً رحيما ،وتسعد
ً غفورا
ً كال ّ .فال تشتغل بما ضمنه ﷲ لك ،واقبل على ﷲ تجده
عظيما.
ً
للھم بما أمرت
ِّ فرغ خاطرك
قال اإلمام ]ابن القيم[ -رحمه ﷲ -في كالم قيم ما ملخصهِّ :
آتيا ،وإذا سد ﷲ عليك
باقيا كان الرفق ً
ً ضمن لك ،فما دام األجل
به ،وال تشغله بما ُ ِ َ
ً
طريقا أنفع لك منه وأكمل ،فتأمل حال الجنين ً
طريقا من طرقه فتح لك برحمته بحكمته
السرة ،فلما خرج من بطن أمه وانقطعت
ﱡ واحد وھو
ٍ يأتيه غذاؤه؛ وھو الدم من طريق
تلك الطريق ،فتح ﷲ له طريقين اثنين؛ أعني الثديين وأجرى له فيھما ً
رزقا أطيب وألذ
ً
طرقا ً
سائغا ،فإذا تمت مدة الرضاع وانقطع الطريقان بالفطام ،فتح خالصا
ً لبنا
من األول؛ ً
أربعا أكمل منھا ،ھما طعامان وشرابان؛ فالطعامان من حيوان ونبات؛ والشرابان من مياه
ً
وألبان وما يضاف إليھما من المنافع والمالذ ،فإذا مات وانقطعت عنه ھذه الطرق األربع،
ً
طرقا ثمانية؛ ھي أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيھا شاء، سعيدا
ً فتح ﷲ له إن كان
نسأل ﷲ من فضله.
ً
شيئا من الدنيا إال ويؤتيه أفضل منه وأنفع ،وليس ذلك لغير فا 9ال يمنع عبده المؤمن
المؤمن ،إن ﷲ يمنعه الحظ األدنى الخسيس ليعطيه األعلى النفيس ،والعبد لجھله
بمصالح نفسه وكرم ربه ورحمته ال يعرف التفاوت بين ما ُمنع منه وما ادخر له ،بل ھو
العبد
ُ عليا ،ولو أنصف
ً ً
دنيئا وبقلة الرغبة في اآلجل وإن كان مولع بحب العاجل ،وإن كان
وأنى له بذلك ،لعلم أن فضله عليه فيما منعه في الدنيا ولذاتھا أعظم من فضله
ربه ﱠ
عليه فيما آتاه منھا .فما منعه إال ليعطيه ،وما ابتاله إال ليعافيه ،وما امتحنه إال ليصافيه،
وال أماته إال ليحييه ،وال أخرجه إلى ھذه الدار إال ليتأھب للقدوم عليه ،ويسلك الطرق
شكورا( وأبى الظالمون أو َ َ َ
أراد ُ ُ ً يذكر َ ْ
أراد َأن َ ﱠ ﱠ َ
لمن َ َ َ خل َ ً
فة ِ ّ َ ْ والنھار ِ ْ وجعل ﱠ ْ َ
الليل َ ﱠ َ َ الموصلة إليه ) َ َ َ
كفورا وﷲ المستعان.
ً إال
غشيه الصدأ حتى يفسده ،فكذلك القلب ،إذا
أيھا المؤمنون ،إن الحديد إذا لم يستعمل َ ِ
ُ ِّ
عطل عن اإليمان با 9وحبه وذكره واإلقبال عليه بالعمل الصالح غلبه الجھل والھوى
مجخيا .
ً مربادا أسود كالكوز
ً منكرا،
ً ً
معروفا وال ينكر والران حتى يميته ويھلكه؛ فال يعرف
فيا أيھا المؤمنون ،ويا شباب األمة –خاصة -اإليمان بلسم الحياة؛ فسيروا في ركابه
تسعدوا.
ونوارا
ريحانا ﱠ ً
ً ومضمارا *** وفجروا الصخر
ً سيروا فإن لكم خيال
وأبصارا
ً آذانا
ً نرھف
سيروا على بركات ﷲ وانطلقوا *** فنحن ُ ْ ِ
وعمارا
ً وذكرونا بأيام لنا سلفت *** فقد نسينا شرحبيال
ﷲ َ َ َِ َ َ ُ
ومالئكته إن َ
وصلوا وسلموا على نبيكم محمد فقد أمرتم بالصالة والسالم عليه ) ِ ﱠ
تسليما( عليه َ َ ِ ّ ُ
وسلموا َ ْ ِ ً آمنوا َ ﱡ
صلوا َ َ ْ ِ النبي َيا َ ﱡ َ
أيھا ﱠ ِ َ
الذين َ ُ على ﱠ ِ ُ َ ﱡ َ
يصلون َ َ
صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه والتابعين ،ومن تبعھم
ِّ اللھم
أعز اإلسالم والمسلمين ،وأذل الشرك والمشركين،
ﱠ بإحسان إلى يوم الدين ،اللھم
ودمر أعداء الدين ،وانصر عبادك الموحدين.
ِّ
اللھم اغفر للمؤمنين والمؤمنات ،وألف بين قلوبھمْ ِ َ ،
وأصل ذات بينھم ،وانصرھم على
عدوك وعدوھم.
اللھم كن للمستضعفين ،اللھم انصر المسلمين على عدوك وعدوھم ،اللھم كن
ونفس ُكربھم .اللھم كن
ھمھمْ ّ ِ ،
ﱠ فرج
للمستضعفين والمضطھدين والمظلومين ،اللھم ِّ ْ
للمستضعفين والمظلومين والمضطھدين ،اللھم فرج ھمھم ونفس كربھم وارفع
درجاتھم ،واخلفھم في أھلھم،
ﷲ ِإال ﱠ ْ َ ْ ُ
القوم ﷲ َفال َ َ ْ َ ُ
يأمن َ ْ َ
مكر ِ مصرا عليه ،آمنا مكر ﷲ به ،ووعيده لهُ ِ َ َ َ ) .
أفأمنوا َ ْ َ
مكر ِ ًّ
ترياقه
السم ،والتوبة ِ ْ َ ُ
ِّ ْ َ ِ ُ َ
الخاسرون( يقول ]ابن القيم[ -رحمه ﷲ :-الذنب بمنزلة شرب
ﱠ
والطاعة ھي الصحة والعافية ،وصحة وعافية مستمرة خير من صحة يتخللھا ودواؤه،
سم خير من بالء دائم.
ٍّ وشرب
ُ سم ،وصحة يتخللھا مرض
ٍّ مرض وشرب
األحقر
َ نتا *** يتبدل األدنى ويبقى
من حاد حب الكمال تع ﱡ ً
سرار
وضا ٍء ِ َ
غاد روحة ولكل ﱠ
ٍ فاغتنم حياتك عمرك فلكل ***
يا من بدرت منه الخطيئة وكلنا ذاك ،عودة عودة إلى ْ َ
أفياء الطاعة ،الباب مفتوح ،والظل
الدجى ،واصرخ بلسان ﱡ
الذل ،مع سدة الباب ،وقم في ﱡ
والرخاء من وراء الباب فالزم ُ
فالنفس يخرج وال يعود،
ﱠ َ ﱡ ﱡ
الضر .ھيا مسنا وأھلنا
ﱠ الدمع ،يا أيھا العزيز
وجيف القلب ،وواكف ﱠ
يدي العزيز الحميد ،فالبد من ساعة طاھرة،
ْ والعين تطرف وال تطرف األخرى إال بين
ﷲ ِإال ﱠ ْ َ ْ ُ
القوم روحِ ِييأس ِمن ﱠ ْإنه ال َ َ ْ َ ُ
الذنب ) ِ ﱠ ُ
تبادر ،وال تيأس وال تقنط وإن َعظُم ﱠ ْ
بادر قبل أن ُ َ َ
الذين َ ْ َ ُ
أسرفوا َعلَى عبادي ﱠ ِ َقل َيا ِ َ ِ َ
الكافرون( ومن يقنط من رحمة ربه إال الضالون ) ُ ْ ْ َ ُِ َ
الرحيم( في ھو ْ َ ُ ُ
الغفور ﱠ ِ ُ إنه ُ َ
جميعا ِ ﱠ ُ يغفر ﱡ ُ َ
الذنوب َ ِ ً ﷲ َْ ِ ُ رحمة ِ
ﷲ ِإن َ تقنطُوا ِمن ْ َ ِ َ ُ ِ ِ ْ
أنفسھم ال َ َ ْ َ
صحيح ]مسلم[ قال -صلى ﷲ عليه وسلم ":-إن 9مائة رحمة ،أنزل منھا رحمة واحدة
الدابة
والھوام ،فبھا يتعاطفون ،وبھا يتراحمون ،حتى ترفع ﱠ
َ َ بين الجن اإلنس ،والبھائم
حافرھا عن ولدھا خشية أن تصيبه ،فإذا كان يوم القيامة أكملھا ﷲ بھذه الرحمة ،حتى
إن الشيطان ليتطاول ،يظن أن رحمة ﷲ ستسعه في ذلك اليوم"
طيب َ َ
الكرى تشكو ودمع المقلتين قد جرى فيا رب ارأف بعين حرمت ِ
في صحيح مسلم من حديث عمر بن الخطاب أنه قال ":قدم على رسول ﷲ -صلى ﷲ
وليدا لھا ،وتسعى ،حتى إذا وجدت
ً سبي ،فإذا امرأة من السبي تبتغي
عليه وسلمٌ َ -
صبيا أخذته ،ألصقته ببطنھا ،أرضعته ،فقال لنا رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم :-أترون
ً
ھذه طارحة ولدھا في النار؟ قلنا :ال وﷲ ،وھي تقدر على أال ﱠ تطرحه يا رسول ﷲ،
فقال –صلى ﷲ عليه وسلم 9 :-أرحم بعباده من ھذه بولدھا" ال إله إال ھو .ھو الغني
والرحمة أحب إليه
ﱠ جل ثناؤه ،تعالى شأنه ،العفو أحب إليه من االنتقام،
ﱠ بذاته ،سبحانه
من العقوبة ،سبقت رحمته غضبه ،وحلمه عقوبته ،الفضل أحب إليه من العدل ،والعطاء
أحب إليه من المنع ،ال إله إال ھو .يورد ]ابن القيم[ –رحمه ﷲ -عن بعض العارفين أنه
بابا قد فتح وخرج منه صبي يستغيث ويبكي ،وأمه خلفه تطرده،
رأى في بعض السكك ً
ِّ ً
مفكرا، حتى خرج ،فأغلقت الباب في وجھه ودخلت ،فذھب الصبي غير بعيد ،ثم وقف
من يئويه غير والدته ،فرجع مكسور القلب فلم يجد مأوى غير البيت الذي ُ ْ ِ
أخرج منه ،وال َ ْ
خده على عتبة الباب ،ونام ،فخرجت
فتوسده ووضع ﱠ
ﱠ َ مرتجا ُ ْ َ ً
مغلقا، حزينا ،فوجد الباب ُ ْ َ ً
ً
تقبله وتبكي، رمت بنفسھا عليهْ ،
والتزمتهّ ِ ُ ، فلما رأته على تلك الحال لم تملك أن َ َ
ﱠ أمه،
وتقول :يا ولدي؛ أين تذھب عني؟ من يئويك سواي؟ أين تذھب عني؟ من يئويك
جبلت عليه من
سواي؟ ألم أقل لك ال تخالفني؟ وال تحملني بمعصيتك على خالف ما ُ
ضمته إلى صدرھا ،ودخلت به بيتھا،
ﱠْ الرحمة بك ،والشفقة عليك ،وإرادة الخير لك؟ ثم
جبلت عليه من الرحمة بك ،والشفقة
فتأمل قولھا :ال تحملني بمعصيتك على خالف ما ُ ِ ُ
وتأمل قوله -صلى ﷲ عليه وسلم َ " :-ﱠ ُ
لله أرحم بعباده من الوالدة بولدھا " .فأين ْ عليك،
تقع رحمة الوالدة من رحمة ﷲ التي وسعت كل شيء .رحمة ﷲ ھل ُتنال بالتواني
بالجد والعمل؟ لمن كتبھا ﷲ؟ اسمعوا معشر المؤمنين إلى قول ﷲ: ِّ والكسل ،أم
بآياتنا
ھم ِ َ ِ َ
والذين ُ ويؤتون ﱠ َ َ
الزكاة َ ﱠ ِ َ يتقون َ ُ ْ ُ َ
للذين َ ﱠ ُ َ شي ٍء َ َ َ ْ ُ ُ َ
فسأكتبھا ِ ﱠ ِ َ كل َ ْ
وسعت ُ ﱠ
ورحمتي َ ِ َ ْ
)ََ ْ َ ِ
التوراة ع َ ُ ْ
ندھم ِفي ﱠ ْ َ ِ يجدونه َ ْ ُ ً
مكتوبا ِ الذي َ ِ ُ َ ُ النبي ُ ِ ّ ﱠ
األمي ﱠ ِ الرسول ﱠ ِ ﱠ
يتبعون ﱠ ُ َ يؤمنون * ﱠ ِ َ
الذين َ ﱠ ِ ُ َ ُْ ُِ َ
ﱠ
البطالين. واإلنجيل( إنھا للعاملين ،كتبھا ﷲ للعاملين ،ال للخاملين
َ ِ ْ ِ
عقدا وال ِ ْ ً
قرطا ً الصداق لھا *** ولم تقدم لھا
َ َ أتخطب الحور لم تھد
عمل *** وسلعة ﷲ ال ُتشرى بما ُ ِ َ
خلطا ٍ أم تشترى الخلد بالمغشوش من
وبره في ستره وحلمه في إمھالك ،وفضله في
فيا عبد ﷲ؛ اعرف عزة ﷲ في قضائهِّ ،
مغفرته ،فلله عليك أفضال وأفضال؛ أولھا :ستره عليك حال ارتكابك للذنب ،أما -وﷲ -لو
مجمعا إال
مجلسا ،وال حضرت َ ْ َ ً
ً شاء ﷲ لفضحك على رءوس الخالئق ،فما جلست
فضح وسترك ﷲ الذي ال إله إال ھو.
وعيرت بذلك الذنب .فكم من عاصٍ نفس معصيتك ُ ِ َ
ُ ِّ
عجبا ألقوام باتوا يسترھم ﷲ ،فأصبحوا يتحدثون بذنوبھم ،قد ھتكوا ستر ﷲ
ً ويا
عليھم! ،أولئك غير معافين ،إنھم المجاھرون ،وكل أمة محمد -صلى ﷲ عليه وسلم-
أن سترك ،وتب إليه قبل أن يفعل بك ما فعل بغيرك،
معافى إال المجاھرين ،فاشكر ربك ْ
وقل :اللھم استر واجعل تحت الستر ما تحب ،اللھم استر واجعل تحت الستر ما تحب.
ثانيھا :حلم ﷲ عليك ،حلم ﷲ عليك في إمھالك ،ولو شاء ﷲ لعاجلك بالعقوبة ،فما
كنت ممن يسمع اآلن سعة رحمته.
ثالثھا -وھو من أعظمھا :-فرح ﷲ -عز وجل -بتوبته ،فرح إحسان وبرّ ولطف ،ال فرحة
قلة ،ولن يتعزز بك من ﱠ
ذلة ،ولن ينتصر بك من يتكثر بك من ِ ﱠ
محتاج إلى توبة عبده ،فلن َ َ ﱠ
َ ََ
غلبة ،تبارك ﷲ – وجل ﷲ .-قال رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم ،كما ثبت في
وية مھلكة َ ْ
قفر فرحا بتوبة عبده المؤمن من رجل في أرض َد ِّ ﱠ
ً صحيح مسلمُ َ " :-
لله أشد
خالية ،معه راحلة عليھا طعامه وشرابه ،فنام ،ثم استيقظ وقد ذھبت ،فطلبھا حتى
توسد
ﱠ أدركه العطش ،ثم قال :أرجع إلى مكاني الذي كنت فيه فأنام حتى أموت،
ساعده ينتظر موته؛ فإذا براحلته عنده عليھا طعامه وشرابه وزاده ،فأخطأ من شدة
الفرح ،فقال :اللھم أنت عبدي ،وأنا ربك" ال إله إال ﷲ كيف بلغ به الفرح حتى أخطأ
فقال :أنت عبدي وأنا ربك .فرح ال تنقله األلفاظ ،وحب ﷲ للعبد أشد من حب العبد .9
فيفرح بتوبته ،ويجازيه بأن يجعل في قلبه من اللذة والفرح والسعادة والسرور ما ُيرى
باديا على قسمات وجھه إن صدق ونصح وأخلص ،وﷲ ما ھو إال كرجل برز للقتل ،ثم
ً
عفي عنه ،والجزاء من جنس العمل.
آخر َوال َ ﷲ َِ َ
إلھا َ َ مع ِ رابعھا :تبديل السيئات إلى حسنات قال ﷲ َ ) :ﱠ ِ َ
والذين ال َ َ ْ ُ َ
يدعون َ َ
يضاعف َ ُ
له أثاما * ُ َ َ ْ يلق َ َ ً
ذلك َ ْ َ
يفعل َ ِ َ
يزنون َو َمن َ ْ َ ْ ﷲ ِإال ﱠ ِ ْ َ ّ
بالحقِ َوال َ َ ْ ُ َ حرم ُ
التي َ ﱠ َ النفس ِ
ْ َ ُون
يقتل َ
َ ُْ
صالحا( فما النتيجة؟ وعمل َ َ ً
عمال َ ِ ً وآمن َ َ ِ َ مھانا * ِإال ﱠ َمن َ َ
تاب َ َ َ فيه ُ َ ً ويخل ُْد ِ ِ يوم ْ ِ َ ِ
القيامة َ َ ْ ْ َ َ ُ
العذاب َ ْ َ
حيما(
غفورا ﱠر ِ ً
ﷲ َ ُ ً حسناتٍ َ َ َ
وكان ُ سيئاتھم َ َ َ
ﷲ َ َّ ِ ِ ْ
يبدل ُ )َُ َِ َ
فأولئك ُ َ ِّ ُ
ينتحب إبليس لمعصية *** َ ْ ِ َ ْ
فأھلكنه باالستغفار َ ْ َ ِ ِ ُ فإن ھوى بك
مغترب
معترف َ ْ ُ 9
بسجدة لك في األسحار خاشعة *** سجود ُ ْ
روى ]المنذري[ بسند جيد عن ]عبد الرحمن بن جبير[ قال ":أتى النبي -صلى ﷲ عليه
ً
متكئا عم على عصا –أي:
مد ُ
ھرم ،سقط حاجباه على عينيه ،وھو ﱠ
وسلم -شيخ كبير َ ِ
يدي النبي –صلى ﷲ عليه وسلم -فقال :أرأيت رجال عمل
ْ على عصا -حتى قام بين
قسمت خطيئته على أھل األرض
حاجة إال أتاھا ،لو ُ ّ ِ
ﱠ داجة وال
ﱠ الذنوب كلھا ،لم يترك
ألوبقتھم –ألھلكتھم ،-أله من توبة؟ فقال –صلى ﷲ عليه وسلم :-ھل أسلمت؟ قال:
أشھد أن ال إله إال ﷲ ،وأنك رسول ﷲ ،قال :تفعل الخيرات ،وتترك السيئات ،فيجعلھن
ﷲ لك كلھن خيرات ،قال :وغدراتي وفجراتي يا رسول ﷲ؟ قال :نعم ،وغدراتك
ادعم على عصاه ،فلم يزل يردد ﷲ أكبر حتى
وفجراتك ،فقال :ﷲ أكبر ،ﷲ أكبر ،ثم ﱠ
توارى عن األنظار" .فضل ﷲ واسع ،ال تقتحمه العبارة ،وال تجسر إليه اإلشارة ،ال يھلك
إال ھالك ،وال يشقى إال شقي ،فال تيأس من رحمة وال تجترئ على معصية ﷲ ،وتب
كلما أذنبت .قال بعضھم لشيخه :إني أذنب ،قال :تب ،قال :ثم أعود ،قال :تب ،قال:
ود لو ظفر منك باليأس والقنوط .
إلى متى؟ قال :إلى أن تحزن الشيطان ،ﱠ
دعاك رب بالندى يعرف *** يا من على أنفسھم أسرفوا
ال تقنطوا من رحمتي واعرفوا *** إني لغفار الذنوب العظام
ﱠ ُ
يتأثم برحمة كل الورى *** من قد أطاع ومن غدا
ٍ وسعت
ِ ْ َ يا من
المجرم
محسن *** فبمن يلوذ ويستجير ُ ْ ُ
ٌ إن كان ال يرجوك إال
تبادر ،بادر وال تنظر إلى صغر الخطيئة ،ولكن انظر إلى عظمة من عصيت،
بادر قبل أن ُ َ
والمصور ،بارئ البرايا ،منشئ الخالئق ،مبدعھم بال
ِّ إنه ﷲ الجليل األكبر ،الخالق البارئ
مثال سابق ،األول المبدئ بال ابتداءٍ ،واآلخر الباقي بال انتھا ٍء .األحد ،الفرد ،القدير،
ٍ
جل عن األضداد واألعوان،
ﱠ البر ،المھيمن ،العلي علو َ ْ
قھر ،وعلو الشان، ﱡ الصمد،
ﱠ األزلي،
وعظُم
وأجل أمره ونھيهَ ،
َ ﱠ وقدره َ ْ َ
قدره، حرماتهَ َ َ ، ﱠ
عظم ُ ُ من نظر إلى عظمة ﷲ وجالله
صغيرا .لكأنه الجبل ھو في أصله يخشى أن يقع عليه فيھلكه ،فقلبه
ً عليه ذنبه ولو كان
جناحي طائر ،تجده منكسر القلب ،غزير الدمع ،قلق األحشاء ،له في كل
ْ كأنه بين
ﱠ
تذكر ،وإذا لمع عبرة ،إذا ھدل الحمام بكى ،وإذا صاح الطير ناح ،وإذا شدا البلبل
واقعة ْ َ
الذل قد عاله،
ﱡ خوفا ممن يسبح الرعد بحمده ،والمالئكة من خيفته، ً اھتز قلبه
ﱠ البرق
بأواه ،أواه من غفالتي ،ومن عسى
ھاه ،يضم نفسه على ھواه ،ويصدع ﱠ
والحزن قد َو ﱠ
يرج الھدى منك ضل .بادر وإياك
ولعل ،يا من عليه اعتمادي؛ بك اھتديت ،ومن لم َ ْ ُ
ﱠ ْ
تحلل منھم، ورد المظالم إلى أھلھا ،أو
ﱠ طالبا .بادر
ً الذنوب؛ فإن لھا من ﷲ
ومحقرات ّ
ِّ
واطلب المسامحة؛ ال تتم التوبة إال بذلك.
لتؤدن الحقوق إلى أھلھا يوم القيامة،
صح أن رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم -قال ُ " :ﱡ ﱠ
ﱠ
القرناء" .وقال –صلى ﷲ عليه وسلم" -من كانت حتى ُيقاد للشاة َ ْ َ
الجلحاء من الشاة َ ْ َ
درھم وال دينار ،إن كان له عمل
ٌ عنده مظلمة ألخيه فليتحلله منھا اليوم ،قبل أال يكون
مظلمته ،وإن لم تكن له حسنات ُأخذ من سيئات صاحبه ،فطرحت صالح ُأخذ منه بقدر َ ْ َ َ ِ
الديان ال ينبغي
عليه" وفي حديث ]ابن أنيس[ ":يقول ﷲ يوم القيامة :أنا الملك ،أنا ﱠ ﱠ
ثم
ألحد من أھل الجنة أن يدخل الجنة ،وألحد عنده مظلمة حتى اللطمة" قال ﷲ ُ ) :ﱠ
تختصمون( لما حضرت ]عبادة بن الصامت[ -رضي ﷲ عنه-
ربكم َ ْ َ ِ ُ َ
عند َ ِ ّ ُ ْ يوم ْ ِ َ َ ِ
القيامة ِ َ إنكم َ ْ َ
ِﱠ ُ ْ
موالي وخدمي
ﱠ الوفاة قال :أخرجوا فراشي إلى صحن الدار ،فأخرجوه ،قال :اجمعوا لي
علي ،فجمعوھم له ،فقال :إني ألرى يومي ھذا آخر يوم يأتي
ﱠ وجيراني ومن كان يدخل
فرطَ مني إليكم
لعله َ َ
علي من الدنيا ،وليلتي ھذه أول ليلة من اآلخرة ،وإني ال أدري ّ
ﱠ
أحرج على
ِّ شيء بيدي أو بلساني ھو -والذي نفس عبادة بيده -القصاص يوم القيامة،
علي شيء من ذلك إال اقتص مني قبل أن تخرج روحي ،فبكوا
ﱠ أحد منكم في نفسه
مؤدبا ،ولم يكن قال لخادم قط
ً مربيا ،وكنت
ً والدا ،وكنت
ً وضجوا وقالوا :بل كنت
ﱡ جميعا
ً
فضجوا وقالوا :أن نعم،
ﱡ سوءا ،قال :تجودون لي بالدمع ،وما يغني الدمع .أغفرتم لي؟
ً
لقي ﷲ.
َ قال :اللھم اشھد ..اللھم اشھد ..اللھم اشھد ..أشھد أن ال إله إال ﷲ ،ثم
الخلد تدعوه فھل من مجيب *** والحور تھفو للقاء الحبيب
لبى ندا الداعي لدار السالم
وافرحتاه لكل عبد منيب *** ﱠ
بردّ المظالم أو التحلل منھا؛ فلن يجاوز جسر جھنم إلى الجنة ظالم حتى يؤدي
فبادر ِ
مظلمته .خفف عن ظھرك؛ ظھرك ال يطيق كل ما تجني؛ ظلم ھذا ،وأكل مال ھذا،
ونضع
ظلما ،قال ﷲُ َ َ َ ) :
ً خفف ،قد خاب من حمل
والوقوع في عرض ذاك ،وشتم ذاْ ّ ِ ،
خردل َ َ ْ َ
أتينا من َ ْ َ ٍ
حبة ْ
مثقال َ ﱠ ٍ وإن َ َ
كان ِ ْ َ َ نفس َ ْ ً
شيئا َ ِ القيامة َفال َ ُ ْ َ ُ
تظلم َ ْ ٌ القسطَ ِ َ ْ ِ
ليوم ْ ِ َ َ ِ الموازين ْ ِ ْ
ْ َ َ ِ َ
تبادر ،وال تصحب الفاجر؛ فإنه يزين لك فعله ،ويود لو
بادر قبل أن ُ َ
ْ حاسبين(
بنا َ ِ ِ َ بھا َ َ َ
وكفى ِ َ ِ َ
أرضا موبوءة؛ فإن
ً أنك مثله ،وطبعك يسرق منه ،والمرء على دين خليله ،ال تسكن
جرثومة المرض تسري فتفري .اھجر المعصية ومكانھا ،وعليك بقوم يعبدون ﷲ بأي
أرض ،فاحبس نفسك معھم؛ فإن بيئة المعصية بيئة سوء ،وﷲ -الذي ال إله إال ھو -ألن
تنقل الحجارة ،وتأكل الحجارة ،وتنام على الحجارة مع األبرار ،خير لك من أكل الحلوى،
والجلوس على الحرير ،والنوم على الحرير مع الفجار؛ أولئك يدعون إلى الجنة ،وأوالء
يدعون إلى النار.
تجرب
ُ قرب صحيحة *** إليھا ولكن الصحيحة
فما ينفع الجرباء ُ ْ ُ
وجھه َوال َ َ ْ ُ
تعد يريدون َ ْ َ ُ بالغداة َ ْ َ ِ
والعشي ُ ِ ُ َ ربھم ِ ْ َ َ ِيدعون َ ﱠ ُ
الذين َ ْ ُ َمع ِ َ سك َ َ
نف َ َ واصبر َ ْ
قال ﷲْ ِ ْ َ ) :
ھواه َ َ َ
وكان واتبع َ َ ُ قلبه َعن ِ ْ ِ َ
ذكرنا َ ﱠ َ َ من َ ْ َ ْ َ
أغفلنا َ ْ َ ُ الدنيا َوال َ ُ ِ ْ
تطع َ ْ زينة ْ َ َ ِ
الحياة ﱡ ْ َ تريد ِ َ َ
عنھم ُ ِ ُ
عيناك َ ْ ُ ْ
َ َْ َ
تخض مع
السكوت ،وال ُ
ﱡ وأطل الصمتِ ْ َ ،
وأدمن ِ ْ فرطا( اھجر مكان المعصية، َْ ُ ُ
أمره ُ ُ ً
الخائضين ،وقف على أحوال التائبين ،وإذا رأيت العصاة فال تشمخ بأنفك ،واحمد ربك،
فتبينوا( ففي ذلك ﷲ َ َْ ُ ْ
عليكم َ َ َ ﱠ ُ قبل َ َ ﱠ
فمن ُ كنتم ِ ّمن َ ْ ُ ودلھم على ما أنت فيه ،وقلَ ِ َ َ ) :
كذلك ُ ْ ُ ُﱠ
ذكرى للمؤمنين .ھاھو ]أبو لبابة[ -رضي ﷲ عنه وأرضاه -لما أرسله رسول ﷲ -صلى
ﷲ عليه وسلم -إلى بني قريظة ،وقد أجھدھم الحصار ،وقد غدروا برسول ﷲ -صلى
ﱠ
فرق لھم، ﷲ عليه وسلم -ونقضوا العھد ،فقام إليه الرجال والنساء واألطفال يبكون،
فقالوا :أننزل على حكم محمد؟ –صلى ﷲ وسلم على نبينا محمد -قال :نعم ،وأشار
بيده إلى حلقه إنه الذبح ،يقول فوالذي ال إله إال ھو ما زالت قدماي من مكانھا حتى
ﱠ
عظم ﷲ –عز وجل -لم يرجع إلى أسيفا،
ً نادما
ً علمت أني خنت ﷲ ورسوله ،ورجع
رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم ،-وإنما رجع فارتبط بجذع في المسجد ،ال ُيطلق منه
إال ليصلي ،ثم يعود إلى ذلك الجذع ،يتلمس عفو ﷲ ،ولطف ﷲ ،ورحمة ﷲ ،وتوبة ﷲ،
ساجدا
ً خر
تيب عليك .ﱠ
مر عليك يا أبا لبابة؛ لقد ِ َ حتى إذا ما نزلت توبتهْ ِ ْ َ ،
أبشر بخير يوم ﱠ
– 9عز وجل -ثم قام إليه رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم -فأطلقه ،فقال -وھو يرسم
منھج لھجر المعصية ،ومكان المعصية ،وبيئة المعصية -قال :يا رسول ﷲ –والذي ال إله
قدماي أرض بني قريظة ما حييت ،وﷲ ال ُ َ
أرى في بلد خنت ﷲ َ إال ھو -ما وطئت
أبدا.
ورسوله فيه ً
السيئاتِ
ﱠ ِّ َ يذھبن إن ْ َ َ َ
الحسناتِ ُ ْ ِ ْ َ تبادر ،وأتبع السيئة الحسنة تمحھا ،قال ﷲ ِ ) :ﱠ
بادر قبل أن ُ َ
للذاكرين( لما راجع عمر -رضي ﷲ عنه -رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم- ذلك ِ ْ َ
ذكرى ِ ﱠ ِ ِ َ َِ َ
يوم الحديبية ،فقال :ألست نبي ﷲ ً ّ
حقا؟ أو لسنا المؤمنين؟ أو لسنا على الحق وھم
ولما يحكم ﷲ بيننا؟ فقال -صلى ﷲ عليه
ﱠ الدنية في ديننا،
على الباطل؛ فعالم نعطي ﱠ ﱠ
وسلم :-إني رسول ﷲ ،ولست أعصيه ،وھو ناصري .وقال أبو بكر :الزم غرزك يا ابن
الخطاب ،فوالذي نفسي بيده إنه لعلى الحق .يقول عمر :فعملت لذلك أعماال يقول :ما
زلت أتصدق وأصوم وأصلي وأعتق؛ مخافة مراجعتي رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم-
يوم الحديبية .بادر وال تعجز إذا فرطت منك سيئة أن تتبعھا حسنة ،واذكر مسير العمر
ما أسرعه! ،وارقب ھجوم الموت ما أفظعه! .وبادر قبل أن تبادر .دع المحدثات والبدع فإن
رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم -قال" :إن ﷲ حجب التوبة عن كل صاحب بدعة حتى
صححه ]األلباني[ -رحمه ﷲ -في صحيح الترغيب والترھيب .تدري أخي
ﱠ يدع بدعته "
السنة.
ﱡ أين طريق الجنة؟ طريقھا القرآن ،ثم
المحدثات البدائع.
ُ سنة *** وشر األمور
وخير أمور الدين ما كان ُ ﱠ
ِّ
متألمين ،وذكر المتألم تنفع المؤمنين بادر وقف معي على أحوال التائبين؛ فإنھا ذكريات
بإذن رب العالمين ،يقول صاحب رسالة أخي الشاب إلى أين تسير :قال صاحب القصة:
ﱠ
الطيش والعبث ،ال بل أربعة؛ فقد كان الشيطان رابعنا، كنا ثالثة من األصدقاء يجمعنا
ﱠ
نذھب الصطياد أعراض المسلمين بالكالم المعسول ،نستدرجھن إلى االستراحة في
المزارع البعيدة بعد موت قلوبنا وأحاسيسنا ومشاعرنا ،ھكذا كانت حياتنا .يقول :أيامنا
والمخيمات في السيارات على الشواطئ ،إلى أن جاء يوم ،وذاك
ﱠ ليالينا في المزارع
اليوم ال ُينسى ،ذھبت إلى المزرعة مع أصحابي ،كل شيء جاھز ،الشراب جاھز ونعوذ
با ،9الفريسة جاھزة ونعوذ با ،9نسينا الطعام ،ذھب أحدنا لشراء طعام العشاء
تقريبا ،مرت الساعات تلو الساعات دون أن يعود ،وفي
ً بسيارته في حوالي السادسة
العاشرة شعرت بالقلق ،شعرت بالضيق ،انطلقت بسيارتي أبحث عنه ،وفي الطريق
شاھدت ألسنة النيران تندلع على جانبي الطريق ،يا للھول! فوجئت بأنھا سيارة
صديقي ،النار تلتھمھا ،مقلوبة على أحد جانبيھا ،كالمجنون أسرعت أحاول إخراجه من
تفحم ،لم يزل على قيد الحياة ،سحبته إلى األرض،
ﱠ السيارة ،وجدت نصف جسده قد
فتح عينيه وأخذ يھذي ،النار ،النار،النار ،قررت حمله بسيارتي إلى المستشفى ،فقال
باك حزين :ال فائدة ،لن أصل ،ما عسى ُيغني غريق عن غريق ،خنقتني الدموع،
ٍ بصوت
أراه يموت أمامي ،ثم فوجئت به يصرخ بأعلى صوته ،ماذا أقول له؟ ماذا أقول له؟ ماذا
أقول له؟ ُدھشت وقلت له :من ھو؟ قال :ﷲ ،ﷲ ،ماذا أقول له؟ ثم صرخ صرخة
مدوية ،ولفظ آخر أنفاسه ،اجتاح الرعب جسدي ومشاعري ،صورته لم تفارقني ،يصرخ
ِّ
النار ،النار ،والنار تلتھمه ،وھو يقول :ماذا أقول له؟ ماذا أقول له؟ تساءلت ،وقلت :وأنا،
اقشعر جسدي ،وإذا بالمنادي ينادي :ﷲ
ﱠ ماذا أقول له؟ ال إله إال ﷲ .فاضت عيناي،
في كل جارحة ،أحسست ألول مرة أنه نداء خاص
ﱠ أكبر ،ﷲ أكبر ،نداء صالة الفجر ،أحيا
بي ،يھز أعماقي ،يدعوني بإسدال الستار على فترة مظلمة من حياتي ،يدعوني إلى
الھداية ،إلى السعادة .اغتسلت ،تطھرت ،أسقطت عن جسدي وروحي ثقل رذائل
تفتني فريضة ،والحمد 9
أديت صالة الفجر ،ومن يومھا لم َ ُ ْ ِ
غرقت فيھا سنوات وسنوات ،ﱠ
رب العالمين .واأسفاه من حياة على غرور ،وموت على غفلة ،ومنقلب إلى حسرة،
حجة.
ﱠ ووقوف يوم الحساب بال
ازرع لكي تحصد يوم الزحام *** يا ويل من يلھيه عنه الحطام
عجل
ِّ تسوف،
ِّ مثل نفسك -أجارك ﷲ -صاحب الحادث ،ثم ال
يا عبد ﷲ؛ أيھا الشاب؛ ِّ
وقالبا.
ً قلبا
عجل ،ھيا ھيا ،إلى ﷲ ال طاقة لقذارة الوسخ مع بياض الصابون ،كن ً
ِّ
عفاري *** فإني عنك أنأتني الذنوب
أطل ِ َ
ْ أيا ملك الملوك
لھوان نفسي *** ولكن ليس غيرك لي طبيب
ِ وأمرضني الھوى
دبيب
ُ ھموما في الفؤاد لھا
ً فرج ***
أيا ديان يوم الدين ِّ ْ
تغتر بكثير عملك؛ فأعمالك الصالحة من توفيق
ﱠ تبادر ،وال
تبادر .بادر قبل أن ُ َ
وبادر قبل أن ُ َ َ
ثمنا لجزائه وثوابه ،بل غايتھا أنھا بعد النصح
ً ومنه عليك ،ومع ھذا فليست
ﷲ وفضله َ ِّ
عذب ﷲ
نعمه سبحانه وبحمده ،فلذلك لو ﱠ والوقوع على أكمل وجه ُ ْ ٌ
شكر له على بعض ِ َ ِ
خيرا لھم
ً لعذبھم وھو غير ظالم لھم ،ولو رحمھم لكانت رحمته
ﱠ أھل سماواته وأرضه
من أعمالھم .في الحديث المتفق عليه أن النبي –صلى ﷲ عليه وسلم -قال" :لن
ُيدخل أحد منكم الجنة عملُه قالوا :وال أنت يا رسول ﷲ؟ قال :وال أنا إال أن يتغمدني ﷲ
ثمنا
ً برحمة منه وفضل" ،أال إن المنفي ھنا استحقاق الجنة بمجرد العمل ،وكون العمل
ٍ
فبادر وانتبه ،وليكن حالك ومقالك:
ِ وعوضا لھا .فما العمل ولو عظم يساوي نعمة البصر،
ً
أبرار
ِ عتق
َ عتقوھم إن الملوك إذا شابت عبيدھم *** في ِ ِّ
رقھم َ َ ُ ُ
النار كرما *** قد شبت في ِّ ّ
الرقِ فاعتقني من ﱠ ً وأنت يا خالقي أولى بذا
أبي ُمليكة[ ،عن ]ذكوان مولى
أخرج ]اإلمام أحمد[ في مسنده من حديث ]عبد ﷲ بن ِ
عائشة[ -رضي ﷲ عنھا -أنه استأذن ]البن عباس[ -رضي ﷲ عنھما -على عائشة
وھي تموت ،وھي في سكرات الموت ،وعندھا ابن أخيھا ]عبد ﷲ بن عبد الرحمن[،
فقال لھا :ھذا ]ابن عباس[ يستأذن عليك ،وھو من خير بنيك ،فقالت :دعني من ابن
عباس ،ومن تزكيته ،فقال لھا عبد ﷲ :يا أماه؛ إنه قارئ لكتاب ﷲ ،فقيه في دين ﷲ،
وليودعك،
ِ حبيب إلى رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم -فأذني له فليسلم عليك
أم ﱠ
وسلم وجلس ،ثم قال :أبشري يا ﱠ قالتَ ْ َ :
فأذن له إن شئت ،فأذن له ،فدخل
ووصب ،وتلقي األحبة؛
ونصب َ َ َ
عنك كل أذى َ َ
ِ المؤمنين ،وﷲ ما بينك وبين أن يذھب
ً
وأيضا ،فقال: محمدا –صلى ﷲ عليه وسلم -وحزبه ،إال أن تفارق الروح الجسد ،قالت:
ً
طيبا.
ً كنت ألحب أزواج رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم -إليه ،ولم يكن يحب إال
ِ إن
مسجد في األرض
ٌ ً
وأيضا ،قال :وأنزل ﷲ براءتك من فوق سبع سماوات ،فليس قالت:
منكم ال َ َ ْ َ ُ ُ
تحسبوه عصبة ْ ُ ْ جاءوا ِ ِ ْ ِ
باإلفك ُ ْ َ ٌ إن ﱠ ِ َ
الذين َ ُ إال وھو يتلى فيه آناء الليل ،وآناء النھار ) ِ ﱠ
حتبس النبي- وأيضا ،قال :وسقطت قالدتك باألبواءَ ،فا ْ ِ ً خير ﱠ ُ ْ
لكم( قالت: ھو َ ْ ٌ
بل ُ َ
لكم َ ْ َ ًّ
شرا ﱠ ُ ْ
صلى ﷲ عليه وسلم -والناس معه في ابتغائھا وطلبھا ،حتى أصبح القوم على غير
صعيدا َ ِ ّ ً
طيبا( فكانت رخصة عامة للناس بسببك إلى يوم ماء ،فأنزل ﷲ ) َ َ َ ﱠ ُ
فتيمموا َ ِ ً
القيامة .فوالذي ال إله إال ھو إنك لمباركة ،فأجھشت وقالت :دعني ِمن ھذا يا ابن
نسيا
ً منسيا ،لوددت أني كنت
ً نسيا
ً لوددت أني كنت
ُ عباس ،والذي ال إله إال ھو
منسيا ،تناست كل فضائلھا أمام قوة استحضار الحياة اآلخرة في قلبھا ،وخشيتھا 9
تعالى ،وكذلك يكون رسوخ اليقين ،وقوة اإليمان برب العالمين .وھذا ]ابن مسعود[ الذي
ﱠ
المعلم :يقول والذي ال إله إال ھو لوددت الغليم
قال فيه النبي –صلى ﷲ عليه وسلمّ ِ ُ :-
واحدا .فبادر وال تغتر،
ً روثا ،ثم ُأدعى عبد ﷲ روثا ،وأن ﷲ غفر لي ً
ذنبا أني انقلب ً
المرجى،
ﱠ يجمعون( يا رب أنت
مما َ ْ َ ُ َ
خير ﱠ
ورحمة َ ْ ٌ من ِ
ﷲ ََ ْ َ ٌ المنة ) َ َ ْ ِ َ ٌ
لمغفرة َ ﱠ واحمد ﷲ؛ فله
أنت العزيز القدير.
مسنا ما يضير *** فال تكلنا لنفسٍ فيھا تمادى الغرور
ﱠ يا رب أنت المجير قد
تبادر ،واستعن بموالك ُيعنك موالك .قال أحد السلف لتلميذه :ما تصنع
أخيرا قبل أن ُ َ َ
ً بادر
سول لك الخطايا؟ قال :أجاھده ،قال :فإن عاد ،قال :أجاھده ،قال :فإن
ﱠ بالشيطان إن
عاد ،قال :أجاھده ،قال :األمر بك يطول ،أرأيت إن مررت بغنم ،فنبحك كلبھا ،ومنعك
العبور ،ما تصنع؟ قال :أجاھده على العبور ،قال :فإن لم تستطع العبور؟ قال :أجاھده،
يكف
ﱠ قال :فإن لم تستطع؟ قال :أجاھده ،قال األمر بك يطول ،استعن بصاحب الغنم
العليم( .أقسم
السميع َ ِ ٌ
َ ِ ٌ إنه ھو
با ِ 9ﱠ ُ نزغ َ ْ َ ِ ْ
فاستعذ ِ ِ ﱠ ْ َ ِ
الشيطان َ ْ ٌ من
نك ِ َ
ينزغ ﱠ َ
وإما َ َ َ َ
عنك كلبه ِ َ ) .ﱠ
شقيا .يقول أحد السلف :رأيت كل أحد له
ً شقيا أو
ً الشيطان قال :سوف ال أترككم إال
ً
شيئا فليس بعدوي .عدوي َمن إذا عدو ،من اغتابني فليس بعدوي ،ومن أخذ مني
كنت في طاعة ﷲ أمرني بمعصية ﷲ ،حتى إذا ما َ ْ
زللت في معصية ﷲ آيسني من
رحمة ﷲ؛ إنه إبليس وأعوانه من شياطين الجن واإلنس ،قد قطع العھد ) َ ْ ُ َ ﱠ
ألقعدن َ ُ ْ
لھم
وعن وعن َ ْ َ ِ ِ ْ
أيمانھم َ َ ومن َ ْ ِ ِ ْ
خلفھم َ َ ْ بين َ ْ ِ ِ ْ
أيديھم َ ِ ْ ثم َ ِ َ ﱠ ُ
آلتينھم من َ ْ ِ المستقيم * ُ ﱠ ِ َ َ َ
صراطك ْ ُ ْ َ ِ َ
الغمد ،وأخرج
وجرد السيف من ِ ْ
ِّ ألمة الحرب، شاكرين( ْ
فالبس َ َ تجد َ ْ َ َ ُ ْ
أكثرھم َ ِ ِ َ شمائلھم َوال َ َ ِ ُ
َ َ ِِ ِ ْ
موقفا في صف جند الرحمن ،وابدأ المعركة مع إبليس
ً واتخذ
سھامك من كنانتھا ،ﱠ
وأعوانه ،واستعن بموالك يعنك موالك.
وأرجو ربما
ُ ذھب الزمان وأنت تقول عسى
َ َ
الظما الماء عندك قد َ
طما ولم تزل تشكو
تضرع
ﱡ وقف بالباب وأنت الذليل الحقير،و اضرع إلى العلي الكبير
تبادرْ ِ ،
بادر قبل أن ُ َ َ
األسير ،بقلب كسير .وقل :يا إله العالمين ،يا أكرم األكرمين ،عبدك أسير الخطايا،
واقف ببابك ينتظر رحمتك ،الخير دأبك ،والحكم حكمك ،وأنت
ٌ صاحب الھفوات والرزايا،
أرحم الراحمين .ھذه ناصيتي الكاذبة الخاطئة بين يديك ،ال ملجأ وال منجى منك إال
إليك .أسألك مسألة المسكين ،وأبتھل إليك ابتھال الخاضع الذليل ،وأسألك سؤال
الخائف الضرير ،سؤال من خضعت لك رقبته ،ورغم لك أنفه ،وفاضت لك عيناه.
اللھم اغفر لنا قبل أن تشھد األعضاء والجوارح ،اللھم اغفر لنا قبل أن تشھد األعضاء
والجوارح ،وتبدو السوءات والفضائح ،يا رب من للبائس الفقير غير الكريم المالك القدير.
فحسبنا ﷲ ونعم الملتجى *** وحسبنا ﷲ ونعم المرتجى
ثم الصالة ما تغنى الشادي *** على محمد النبي الھادي
القمري بالصباح .
وغرد ُ ْ ِ ُ
ﱠ بالنياح ***
ِّ ما ھتفت َ ْ َ
ورقاء
وسبحانك اللھم وبحمدك ،أشھد أن ال إله إال أنت ،أستغفرك وأتوب إليك.
دعوة للتأمل
وھو ْ َ ِ ُ
الحكيم الحمد ِفي َ ِ َ ِ
اآلخرة َ ُ َ األرضِ َ َ ُ
وله ْ َ ْ ُ وما ِفي ْ
السماواتِ َ َ
ﱠ َ َ 9ال ﱠ ِذي َ ُ
له َما ِفي ) ْ َ ْ ُ
الحمد ِ
وھو
فيھا َ ُ َ
يعرج ِ َ
وما َ ْ ُ ُ ﱠ َ ِ
السماء َ َ من
ينزل ِ َ
وما َ ِ ُمنھا َ َيخرج ِ ْ َ
وما َ ْ ُ ُ
األرضِ َ َ
يلج ِفي ْ الخبير َ ْ َ ُ
يعلم َما َ ْ ُ ْ َ ِ ُ
من معمر َوال َ ُ َ ُ
ينقص ِ ْ يعمر ِمن ﱡ َ ﱠ ٍ
وما ُ َ ﱠ ُ تضع ِإال ﱠ ِ ِ ْ ِ ِ
بعلمه َ َ من ُ ْ َ
أنثى َوال َ َ َ ُ حمل ِ ْ
وما تَ ْ ِ ُ الرحيم ْ َ ُ ُ
الغفور( ) َ َ ﱠ ِ ُ
ذرة ِفي
مثقال َ ﱠ ٍ
عنه ِ ْ َ ُ
يعزب َ ْ ُ عالم ْ َ ْ ِ
الغيب ال َ َ ْ ُ ُ يسير( ) َ ِ ِ
ﷲ َ ِ ٌ على ِ ذلك َ َ
إن َ ِ َ عمره ِإال ﱠ ِفي ِ َ
كتابٍ ِ ﱠ ُ ُ ِ ِ
َ َ
مبين(
كتابٍ ﱡ ِ ٍ ذلك َوال َ ْ َ ُ
أكبر ِإال ﱠ ِفي ِ َ األرضِ َوال َ ْ َ ُ
أصغر ِمن َ ِ َ السماواتِ َوال َ ِفي ْ
ﱠ َ َ
ذم الدنيا إذا
مجدة ومتوانية ،ﱠ
ّ النفوس
عانية ،وحذرته ﱡ
الحمد ،9أصبحت له الوجوه ذليلة َ ِ َ
وخوف صرعى الھوى أن ُيسقوا من عين
ﱠ وشوق لجنة قطوفھا دانية،
ﱠ ھي حقيرة فانية،
وأحصن
ِّ آنية ،أحمده على تقويم شانيه ،وأستعينه وأستعيذه من شر كل شان وشانية،
بالسر والعالنية ،فالسر عنده عالنية.
ِّ بتحقيق التوحيد إيمانيه ،أحمده وھو العليم العالم
علما بالذي *** في الكون من سر ومن إعالن
ً فھو العليم أحاط
وھو العليم بما يوسوس عبده *** في نفسه من غير نطق لسان
بل يستوي في علمه الداني *** مع القاصي وذو اإلصرار واإلعالن
غدا وما *** قد كان والمعلوم في ذا اآلن
فھو العليم بما يكون ً
موجودا لذي األعيان
ً وبكل شي لم يكن لو كان كيف *** يكون
سر ومن إعالن
ٍ فھو السميع يرى ويسمع كل ما *** في الكون من
فلكل صوت منه سمع حاضر *** فالسر واإلعالن مستويان
والداني
ﱠ والسمع منه واسع األصوات ال *** يخفى عليه بعيدھا
الدجى *** ويرى كذاك ﱡ
تقلب األجفان ويري دبيب النمل في غسق ﱡ
والصوان
ﱠ ﱠ الصخر
ﱠ لھو البصير يرى دبيب النملة *** السوداء تحت
نياطَ عروقھا بعيان
ويرى مجاري القوت في أعضائھا *** ويرى ِ َ
وبراني ويرى خيانات العيون ِ َ ْ ِ
بلحظھا *** إي والذي برأ الورى َ َ ِ
مفروضا على األزمان
ً حمد واقع *** أو كان
ٍ فھو الحميد فكل
ھو أھله سبحانه وبحمده *** كل المحامد وصف ذي اإلحسان
فلك المحامد والمدائح كلھا *** بخواطري وجوارحي ولساني
حمدا كما *** يرضيك ال يفنى على األزمان
ً ولك المحامد ربنا
ملء السماوات العال واألرض *** والموجود بعد ومنتھى اإلمكان
حمدا بغير نھاية بزمان
ً مما تشاء وراء ذلك كله ***
وعلى رسولك أفضل الصلوات *** والتسليم منك وأكمل الرضوان
قمري على األغصان
صلى اإلله على النبي محمد *** ما ناح ُ ْ ِ ٌ
الصحب واإلخوان
ﱠ وعلى جميع بناته ونسائه *** وعلى جميع
َُ
واأللى *** تبعوھم من بعد باإلحسان جميعا
ً وعلى صحابته
فتعال معي أخي لجولة أرجو أال يستطيلھا َملُول ،وأال يستكثرھا مشغول ،نرتاد فيھا
َ
واألرضِ
السماواتِ َ ْ
ﱠ َ َ إن فِي َ ْ
خلقِ متدبرين ) ِ ﱠ
ِّ ھذا الكون بسماواته وأرضه وأحيائه ،متأملين،
من
ﷲ ِ َ
أنزل ُ وما َ َ َ
الناس َ َ
ينفع ﱠ َ بما َ َ ُ تجري ِفي ْ َ ْ ِ
البحر ِ َ التي َ ْ ِ والنھار َ ْ ُ ْ ِ
والفلك ﱠ ِ الليل َ ﱠ َ ِواختالف ﱠ ْ ِ
َ ْ ِ َ ِ
الرياحِ دابة َو َ ْ ِ ِ
تصريف ِّ َ كل َ ﱠ ٍفيھا ِمن ُ ِ ّ وبث ِ َ
موتھا َ َ ﱠ
بعد َ ْ ِ َ
األرض َ ْ َ
به ْ َ السماء ِمن ﱠما ٍء َ َ ْ َ
فأحيا ِ ِ ﱠ َ ِ
ُون( فاللھم ال سھل إال ما جعلته
يعقل َ آلياتٍ ِ ّ َ ْ ٍ
لقوم َ ْ ِ واألرضِ َ ﱠ َ ِ
السماء َ ْ بين والسحابِ ْ ُ َ ﱠ ِ
المسخر َ ْ َ َ ﱠ َ
الحزن إذا شئت سھال.
سھال ،وأنت تجعل َ
تأمل في الوجود بعين فكر *** ترى الدنيا الدنيئة كالخيال
جميعا سوف يفنى *** ويبقى وجه ربك ذو الجالل
ً ومن فيھا
معاند *** واركب جواد العزم في الجوالن
ٍ تأمل واطعن برمح الحق كل
ﱠ
وابد في الميدان ً
سابغا *** والشرع سيفك ْ ُ درعا
ً واجعل كتاب ﷲ
زينھا؟ الجبال من نصبھا؟ األرض من
عمد ترونھا من رفعھا؟ بالكواكب من ﱠ
ٍ السماء بغير
مناكبھا( الطبيب من أرداه ،وقد كان يرجى بإذن ربه وذللھا وقالَ) :ف ْ ُ
امشوا ِفي َ َ ِ ِ َ ﱠ سطحھا
يئس منه ،من عافاه؟ الصحيح من بالمنايا رماه؟ البصير في الحفرة
شفاه؟ .المريض وقد ُ ِ
الزحام من يقود ُ َ
خطاه؟ الجنين في ظلماتٍ ثالثٍ من يرعاه؟ من أھواه؟ واألعمى في ِّ
ﱠ
حاله؟ اللبن من بين الشھد من
ﱠ والسم يمأل فاه؟!
ﱡ الوليد من أبكاه؟ الثعبان من أحياه،
النبت في الصحراء من
تحسه األيدي وال تراه من أخفاه؟ ﱠ
ﱡ صفاه؟ الھواء
ﱠ فرث ودم من
فجر
شق نواه؟ الجبل من أرساه؟ الصخر من ﱠ
ﱠ أتمه وأسراه؟ النخل من
أرباه؟ البدر من ﱠ
َْ
الصبح من أسفره
ﱡ دجاه؟
منه المياه؟ النھر من أجراه؟ البحر من أطغاه؟ الليل من حاك ُ َ
وصاغ ضحاه؟ النوم من جعله وفاة؟ واليقظة منه ً
بعثا وحياة؟!! العقل من منحه وأعطاه؟
ونماه؟
ﱠ غذاه
النحل من ھداه؟ الطير في جو السماء من أمسكه ورعاه؟ في أوكاره من ﱠ
ﱠ
المضطر من يجيبه؟ الملھوف من يغيثه؟ الضال الجبار من يقصمه؟ المظلوم من ينصره؟
من يھديه؟ الحيران من يرشده؟ العاري من يكسوه؟ الجائع من يشبعه؟ الكسير من
صورك؟ من شق سمعك وبصرك؟
من خلقك؟ من ﱠ
يجبره؟ الفقير من يغنيه؟ .أنت ،أنت َ ْ
سواك َ َ َ
فعدلك؟ من رزقك؟ من أطعمك؟ من آواك ونصرك؟ من جعل ماليين الكائنات ﱠ من
ترتاد وأنت ال تشعر َ َ
فمك؟ ولو اختفت الختلفت وظائف فمك .من ھداك؟ إنه ﷲ الذي ُ
أحسن كل شيء خلقه .ال إله إال ھو .أنت من آياته ،والكون من آياته ،واآلفاق من آياته،
ً
مخلوقا، عبدا
ً ً
خالقا؟ وكونك موحدا
ً تشھد بوحدانيته .إن تأملت ذلك عرفت ً
حقا كونه
ﷲ ھذا َ ْ ُ
خلق ِ تمجيداَ َ ) :
ً وتوحيدا ،وذراته تھتف
ً تسبيحا
ً الكون كتاب مسطور ينطق
دونه(
الذين ِمن ُ ِ ِ ماذا َ َ َ
خلق ﱠ ِ َ ََُ ِ
فأروني َ َ
ورجاك
يوما من دعا َ َ
الشذى يا مجري األنھار عاذبة الندى ما خاب ً
ﱠ َ يا منبت األزھار عاطرة
يا أيھا اإلنسان مھال ما الذي با 9جل جالله أغراك؟
بينات في األنفس واألرضين
أحبتي في ﷲ ،ﷲ نصب لخلقه دالالت ،وأوضح لھم آيات ِ ّ
آيات
األرضِ َ ٌ
وفي ْبينة( ) َ ِ
حي َعن َ ِ ّ َ ٍ
من َ ﱠ
ويحيى َ ْ
ة ََ ْ َ
بين ٍ من َ َ َ
ھلك َعن َ ِ ّ َ ليھلك َ ْ
والسماوات ) ِ َ ْ ِ َ
أنفسكم َ َ
أفال َ ُ ْ ِ ُ َ
تبصرون( وفي َ ُ ِ ُ ْ ِّ ْ ُ ِ ِ َ
للموقنين * َ ِ
جرم صغير *** وفيك انطوى عالم أكبر
وتحسب أنك ِ ْ
حيا ال
كائنا ً
ً عاما ،لقد كان
ً تأمل –أخي -مدى معرفة الناس بالجنين قبل حوالي ثالثين
ُْ َ
يعلم عنه إال حركاته التي يصدرھا داخل بطن أمه ،ومع تطور وسائل المالحظة
والمشاھدة ،ووصولھا إلى بطن الجسم اإلنساني -وكل ذلك بإذن ﷲ – كالتصوير
تماما،
ً والتسجيل الضوئي والصوتي ،علم أن للجنين نفسية ال ينفصل فيھا عن أمه
فتراه في حاالت انكماش واكتئاب مرة ،وحاالت انشراح وانبساط أخرى ،بل يبدي
عموما.
ً ً
مثال ،عافانا ﷲ وإياكم والمسلمين االنزعاج لبعض مخالفات أمه؛ كالتدخين
يطلب طبيب مجرب من أم حامل في شھرھا السادس كانت تعتاد التدخين أن تمتنع
عنه لمدة أربع وعشرين ساعة ،وھو يتابع الجنين بأجھزة التصوير الضوئي ،فإذا به
ساكن ھادئ ،وبينما ھو كذلك ،إذ قدم لھا الطبيب لفافة؛ لفافة سيجارة –عافانا ﷲ
وتم إشعالھا إال وأشار المقياس إلى اضطراب
ﱠ وإياكم -وما أن وضعتھا بين أصابعھا،
تبعا الضطراب قلب أمه .فسبحان من جعله في وسط ظلمات ثالث ،يتأذى مما
الجنين ً
مضطربا حينما تقع أمه في
ً تبعا ،وإن لم تشعر أمه بذلك .أمكنھم أن يروه
تتأذى منه أمه ً
أزمة انفعال حادة؛ كغضب وخجل ،أو في تأثر جسدي كوقوع على األرض ،أو اصطدام
ً
ھادئا عندما تنصت أمه لسماع ما تبعا لتأثر أمه بذلك .ثم أمكن األطباء أن يروه
بشيء ً
تستريح إليه من قرآن وأناشيد وغيرھا .وحينما تسمع صوت أبيه ،فتنصت له ،رأوه
تبعا ألمه .أما بعد الوالدة ،في أسبوعه األول وجدوه أنه يأنس ويتبسم
كالمنصت له ً
بينة بالغة ،ﱠ
دالة على عظمة لصوت أبيه دون سائر األصوات ،إنھا أمور مذھلة ،بل آيات ِ ّ
ً
أيضا رأوا أنه حين بالتفرد في العبادة ال شريك له.
ﱠ ﱡ أحقيته
ِّ ﱠ ﷲ -سبحانه وتعالى -وعلى
ترغب األم في الحمل ،ثم تحمل ،تجدھا ترسل إليه -بإذن ﷲ -موجاتٍ من العواطف
مبتھجا ،وكأنه يشكرھا
ً المكثفة ،وتغمره بفيض زاخر من الرضا والحنان ،فيبادلھا الشعور
ﱠ
على حسن لقائھا ورعايتھا .ويعبر عن امتنانه لھا بحركات لطيفة ساحرة ،ال حد
لعذوبتھا على قلب أمه ،فسبحان ﷲ ،وتبارك ﷲ أحسن الخالقين! وحين ال ترغب األم
منكمشا،
ً الصلة العاطفية مع الجنين ،فتراه يحيا
ِّ في الحمل ،ثم تحمل مكرھة ،تقطع
قدميه تعبر عن احتجاجه
ْ يتجه نحو المشاكسة ،ويعبر عن ذلك بركالت من
ثم يبدأ ﱠ
واستنكاره ،ولربما يصبح إسقاطا فيما بعد ،وإن لم يسقط فإنه يبدو مھيأ للعناد،
والرفض ،والعدوان بعد والدته ،ويظھر ذلك في أول أيام والدته.
يذكر صاحب سنريھم آياتنا أن امرأة حملت مكرھة ،وحاولت إسقاط الجنين ،ولم
ألحد أن يسقطه؟ .ولدت بعد ذلك،
ٍ فأنى
تستطع؛ إذ قد ثبته ﷲ ،فجعله في قرار مكين؛ ﱠ
أياما على ھذا،
ً وأصرت
ﱠ وكان المولود أنثى ،ولما ُولدت رفضت أن تتناول ثدي أمھا،
ولكنھا مع ذلك قبلت أن ترضع من مرضعة أخرى غير أمھا ،عندھا أغمضت عيناھا،
وأعيدت إلى أمھا معصوبة العينين ،فرفضت ثديھا مرة أخري وھي لم تره ،فأجرى
كره،
حوارا مع أمھا ،تبين أن األم لم تكن راغبة في الحمل ،فحملت على ُ ْ
ً الطبيب
وحاولت االعتداء عليه بإسقاطه ،فانعكس ذلك على الجنين بعد والدته ،فسبحان ﷲ
رب العالمين! إنھا أحاسيس ومشاعر وأفعال أمه ،تنعكس عليه فحسب ،وإال فھو ال
شيئا ُون ُ ﱠ َ ِ ُ ْ
أمھاتكم ال َ َ ْ َ ُ َ
تعلمون َ ْ ً وﷲ َ ْ َ َ ُ
أخرجكم ِ ّمن ُبط ِ شيئا بنص قول ﷲ -جل وعالُ َ ) :- ً يعلم
شيئا مما أخذ عليكم ً تشكرون( ال تعلمون واألفئدة َ َ ﱠ ُ ْ
لعلكم َ ْ ُ ُ َ واألبصار َ ْ ِ َ َ
السمع َ ْ َ َ وجعل َ ُ ُ
لكم ْ ﱠ ْ َ َ َ َ َ
ً
شيئا مما قضى به عليكم من السعادة والشقاوة ،وال تعلمون من الميثاق ،وال تعلمون
مصالحكم ومنافعكم؛ فھم يخرجون من بطون أمھاتھم ال يعلمون ،وبعد خروجھم يرزقھم
السمع؛ فاألصوات يدركون ،ويرزقھم البصر؛ فالمرئيات يعرفون ويحسون ،ويرزقھم
ﱠ ﷲ
زيد في سمعه
تدريجيا ،كلما كبر ِ َ
ً يميزون ،وتحصل ھذه الحواس بأمر ﷲ
ِّ األفئدة؛ فبھا
وبصره حتى يبلغ أشده ليتمكن بھا من عبادة ربه وطاعة مواله –سبحانه وبحمده.-
ومشاعرھن أثناء الحمل
ﱠ أحاسيسھن
ﱠ عما يريح
يبحثن ﱠ
طالعت أمھات ھذه الحقائق فكن َ ُ ْ
لينعكس على أبنائھن ،ينشدن ويسمعن آيات من كتاب ﷲ ،ولذا جاء في نفس الكتاب
الماضي :أن سيدة حاملة في >دمشق< كانت تكثر من قراءة القرآن وسماعه قائمة
ولد الجنين تمكن –بفضل ﷲ -أن يختم القرآن؛
وعاملة ومضطجعة ،والنتيجة أنه عندما ُ ِ
ً
حفظا وتالوة في الخامسة من عمره ،فتبارك ﷲ أحسن الخالقين! موجز القول :أن
المفعمة بالرضا والسكينة،
الجنين الذي يحيا في رباط مع أمه ،سعيد من العواطف ُ ْ َ
سويٍ ونفسية ً
معترفا بإحسان أمه إليه في سلوك َ ّ يستجيب -بإذن ربه -بعد والدته،
اإلحسان ِإال ﱠ ِ ْ َ ُ
اإلحسان( فيا أيھا العبد العاصي ،ألك جزاء ِ ْ َ ِ ھل َ َ ُغالبا ،لسان حالهْ َ ) : ً ھادئة
خصيم
ھو َ ِ ٌ نطفة َ ِ َ
فإذا ُ َ اإلنسان َ ﱠ
أنا َ َ ْ َ ُ
خلقناه ِمن ﱡ ْ َ ٍ ير ِ َ ُ قدر إن فارقت صراط ﷲ ودربه؟ ) َ َ َ ْ
أولم َ َ َ ْ
تحتج على موالك وقد ھداك ،وتحيد عن الطريق َ ﱡ خلقه(ونسي َ ْ َ
مثال َ َ ِ َ وضرب َ َ
لنا َ َ مبين * َ َ َ َ
ﱡِ ٌ
ونسي المبدأ والمنتھى .بئس العبد عبد
َ وقد ﱠ
دلك وأرشدك؟ بئس العبد عبد سھا ولھى
تحصده ،واألرض أن تخسف
وعتا ونسي الجبار األعلى .السماء تستأذن ربھا أن َ ْ َ
طغى َ َ
به ،والبحر أن يغرقه ،من أنت؟ وما تكون األرض وما عليھا؟ ثق أنك سقطت من عين
قدر عند ﷲ لعصمك من المعاصي.
ٌ ﷲ ،ولو كان لك
سواك *** ومن الذي في ظلمة األحشاء قد واالك
ﱠ يا أيھا الماء المھين من الذي
جاك؟
نعمائه *** ومن الكروب جميعھا ن ﱠ
غذاك من َ ْ َ ِ
ومن الذي ﱠ
ﱠ
حالك؟ شق العيون فأبصرت *** ومن الذي بالعقل قد
ﱠ ومن الذي
دائما *** ومن الذي تنسى وال ينساك ً ومن الذي تعصي ويغفر
يوما من األيام؟ أنت
يشركون( النوم ،ما النوم ؟ ھل تأملته ً
عما ُ ْ ِ ُ َ
ﷲ َ ﱠ ﷲ ََ َ
تعالى ُ مع ِ )ََِ ٌ
أإله ﱠ َ
تعرفه وتمارسه كل يوم ،بل إن نصف عمرك أو أقل يذھب فيه ،ضرورة ال غنى عنھا ،بل
إن حياتك مؤلفة من قسمين اثنين ال ثالث لھما ،من يقظة تبتغي فيھا فضل ﷲَ ْ ِ ،
وفق
لباس ،والنھار
شرع ﷲ ،ونوم تبتغي فيه الراحة لتعاود العمل في طاعة ﷲ ،الليل ِ َ
ذلك َ َ
آلياتٍ ِ ّ َ ْ ٍ
لقوم إن ِفي َ ِ َ
مبصرا ِ ﱠ
والنھار ُ ْ ِ ً
فيه َ ﱠ َ َ
تسكنوا ِ ِ
الليل لِ َ ْ ُ ُ جعل َ ُ ُ
لكم ﱠ ْ َ وھو ﱠ ِ
الذي َ َ َ معاش ) ُ َ
َ َ
موتھا
حين ِ ْ ِ َ
األنفس ِ َ
ُ َ ﷲ ََ َ ﱠ
يتوفى يسمعون( النوم آية ،بل إنه وفاة وموت؛ بنص قول ﷲُ ) : َ ْ َ ُ َ
بالنھار( وﷲ -
جرحتم ِ ﱠ َ ِ بالليل َو َ ْ َ ُ
يعلم َما َ َ ْ ُ يتوفاكم ِ ﱠ ْ ِ وھو ﱠ ِ
الذي َ َ َ ﱠ ُ منامھا( ) َ ُ َ
تمت ِفي َ َ ِ َ والتي َ ْ
لم َ ُ ْ َ ﱠِ
جل وعال -ال ينام ،وال ينبغي له أن ينام ،يخفض القسط ويرفعه "،حجابه النور ،لو كشفه
سبحات وجھه ما انتھى إليه بصره من خلقه" كما في صحيح ]مسلم[.
ُ ألحرقت
وجل أن يشبه األنام
ﱠ حي وقيوم فال ينام ***
ال تأخذه سنه وال نوم ،ال إله إال ّ ھو .ھل تأملت ما يجري إلنسان حين ينام وينسلخ من
وعيه فيرفع عنه القلم كيف يتسرب إليه النوم ،ثم يستولي عليه؟ كيف يأتيه ،أو كيف
يأتي ھو إلى النوم؟ إن أدنى درجات النوم -كما تعلمون -نعاس يصحبه تثاؤب ،ثم تزنيق
الوسن؛ وھو أول النوم ،ثم في درجة
وتغفيق ،سمع بال فھم ،ثم في درجة أخرى يأتي َ َ
السبات ،ثم
ﱡ السنة ،ثم السھاد ،ثم الكرى ،ثم
ِّ َ الغرار واإلغفاء ،ثم
ثالثة يأتي التھويم مع ِ َ
النوم .في النوم
والنخير؛ وھو أعلى وأثقل درجات ﱠ
ﱠ ِ بالشخير
ﱠ الرقاد ،ثم الغطيط المتميز
ﱡ
تتعطل وظائف الحس إجماال ،يتوقف البصر –أوال -بإغماض الجفون حتى لو لم تغمض
العينان ،كما ھي عند بعض الناس ،فتبقى الجفون مفتوحة ،لكن الرؤية مفقودة ،كذلك
حدد العلماء
الموت ،والنوم وفاة .الحاسة التي تبقى تعمل خالل النوم ھي السمع ،وقد ﱠ
والباحثون استمرار السمع خالل النوم بمقدار الثلثين على تفاوت بين الناس في
والنھار منامكم ِ ﱠ ْ ِ
بالليل َ ﱠ َ ِ آياته َ َ ُ ُ
ومن َ ِ ِ
السمع .فما أجمل اإلعجاز في كتاب ﷲ يوم يقولْ ِ َ ) :
يسمعون( فجمع بين النوم والسمع في لقوم َ ْ َ ُ َ ذلك َ َ
آلياتٍ ِ ّ َ ْ ٍ إن ِفي َ ِ َ وابتغاؤكم ِ ّمن َ ْ ِ ِ
فضله ِ ﱠ َ ِْ َ ُ ُ
سنين آذانھم ِفي ْ َ ْ ِ
الكھف ِ ِ َ ضربنا َ َ
على َ ِ ِ ْ أيضاَ) :ف َ َ ْ َ
ً سياق واحد ،كما قال في سورة الكھف
ً
وتحقيقا الستقرار النوم وعدم تسعا(
وازدادوا ِ ْ ً
سنين َ ْ َ ُ ثالث ِ َ ٍ
مائة ِ ِ َ كھفھم َ َ عددا( ) َ َ ِ ُ
ولبثوا ِفي َ ْ ِ ِ ْ َ َ ً
رقود( أما
وھم ُ ُ ٌ وتحسبھم َ ْ َ ً
أيقاظا َ ُ ْ السمع عنھمْ ُ ُ َ ْ َ َ ) . ﱠ اضطرابه عندھم أوقف ﷲ -تعالى-
الدماغ أثناء النوم فال ينام بالمعني المفھوم ،لكنه يتغير فبعد أن كان يبث على موجات
ِّ
ترددا ،ولذا رفع القلم عن النائم حتى يستيقظ؛ ألن العقل
ً عالية يصبح على موجات أقل
أن أحدھما ربما متجاورين ،ودار ِ َ َ ِ
بخلدك ﱠ ْ نائمين
ْ مناط التكليف كما ھو معلوم .ھل تأملت
بوده أال يستيقظ الدھر كله مما يجد من لذة ،واآلخر يجاوره في
ينعم بالرؤى الصالحة ِ ّ
ينم ،ثم ساءلت نفسك ،ھل يعلم
بوده لو لم َ َ
يعذب باألحالم الشيطانية المزعجةّ ِ ،
شقاء ُ ﱠ
يدر بخلدك وأنت
ھذا عن مجاوره ،أو ذاك عن ھذا؟ أو أنت تعلم ما يدور بذھنھما .ألم َ ُ
تستعرض ھذا في ذھنك أن تنتقل من ھذه الصورة مباشرة إلى المقابر ،فتتخيل
كان َ ُ
له لمن َ َ ذلك َ ِ ْ َ
لذكرى ِ َ إن ِفي َ ِ َ
يعذب ) ِ ﱠ
ينعم ،وذاك ُ ﱠ ً
صنوفا بجانب بعضھم ،ھذا ُ ﱠ الموتى
السمع(
ﱠ ْ َ أو َ ْ َ
ألقى قلب َ ْ
َْ ٌ
ﱠ َ ِ
والنكد فنجنا من عذاب القبر
ِّ عفو ومغفرة ***
ٍ يا رب إنك ذو
واجعل إلى جنة الفردوس موئلنا *** مع النبيين واألبرار في ُ ْ
الخلد
تأملت قيام النائم من فراشه ،وتجوله في الدار ،ثم عودته إلى الفراش ،وھو ما يزال
ھل ﱠ
نائما ،وخرج من
ً شخصا نھض من فراشه
ً في نومه؟! يذكر صاحب كتاب النوم واألرق :أن
النافذة ،ومشى على كورنيش العمارة من الخارج ،وتجمع الناس في الشارع يحبسون
أنفاسھم خشية وقوعه ،وظل يمشى على الكورنيش مغمض العينين حتى دار حول
العمارة ،ثم عاد إلى النافذة ودخل منھا ليعود إلى سريره ،فيواصل نومه ،ولما استيقظ
ً
شيئا مما حدث له .لقد كان يتحرك وھو نائم بل يمشى على ارتفاعات شاھقة لم يذكر
مغمض العينين لو كان في صحوة ما استطاع ذلك ثم يعود إلى فراشه .من الذي قاد
ُ َ
خطاه؟! إن في ھذا لداللة قاطعة على وحدانية ﷲ الواحد القھار؛ فإنما نفوس العباد
جميعا؛ فال يسوغ لھم
ً بيده في الحياة والموت والنوم واالنتباه ھو اإلله المتصرف فيھم
وفي َ ُ ِ ُ ْ
أنفسكم تذكرون( ) َ ِ ﷲ َِ
قليال ﱠما َ َ ﱠ ُ َ مع ِ أن يتجھوا إلى غيره بأي حال من أحوالھم ) َ ِ َ ٌ
أإله ﱠ َ
عد ،كلھا حق وصدق ،تستحق الذكر والشكر حد لھا وال ّ
تبصرون( آيات باھرات ال ﱠ ََ
أفال َ ُ ْ ِ ُ َ
باللسان والجنان واألركان ،وقليل من العباد الشكور.
لو كنت أعرف فوق الشكر منزلة *** أعلى من الشكر عند ﷲ في الثمن
شكرا على صنع ما أوليت من حسن
ً ً
إذا منحتكھا ربي مھذبة ***
وباطنا .إنھا آيات في األنفس تنطق بحكمة الخالق
ً وظاھرا
ً اللھم لك الحمد أوال وآخر،
وعظمته ،ھل استعظمتم ھذا؟ ھل استكبرتم ھذا؟ إن ھناك َما ھو أعظم وأكبر) َ َ ْ ُ
لخلق
الناسِ ال َ َ ْ َ ُ َ
يعلمون( تأمل السماء ثم ولكن َ ْ َ َ
أكثر ﱠ الناسِ َ َ ِ ﱠ من َ ْ
خلقِ ﱠ أكبر ِ ْ َ
واألرضِ ْ َ ُ
السماوات َ ْ
ﱠ َ َ ِ
ارجع البصر إليھا أخرى ،انظر فيھا وفي كواكبھا ،دورانھا ،وطلوعھا ،وغروبھا ،واختالف
ألوانھا وكثرتھا ،وشمسھا وقمرھا ،باختالف مشارقھا ومغاربھا ،حركتھا من غير فتور وال
مقدر ال يزيد وال ينقص إلى أن
رتبت لھا بحساب ُ ﱠ
تغير في سيرھا ،تجري في منازل قد ِ ّ
يطويھا فاطرھا .تأمل تجد أنه ما من كوكب إال و 9من َ ْ ِ
خلقه ِ ْ َ
حكمة ،في مقداره ،في
وبعده ،في قربه من
شكله ،في لونه ،في موضعه في السماء ،في قربه من وسطھا ُ ْ ِ
عظمھا َ ِ َ
وعظم ما الكواكب التي تليه وبعده ،على صفحة سماوات ترونھا ُ ْ ِ
أمسكت مع ِ َ ِ
ترونھا(
عمد َ َ ْ َ َ
بغير َ َ ٍ
السماواتِ ِ َ ْ ِ
ﱠ َ َ عمد من تحتھاَ َ َ ) .
خلق فيھا ،فثبتت بال عالئق من فوقھا ،وال ُ ُ ٍ
بإذنه( واإلنسان العاقل أمام بديع صنع ﷲ في األرضِ ِإال ﱠ ِ ِ ْ ِ ِ
على ْ السماء َأن َ َ َ
تقع َ َ ﱠ َ َ ويمسك
) َُ ْ ِ ُ
سماواته يتوقف طويال أمام أصغر جسم ،وأعظم جسم ،يرى فيھا فتثبت له أدلة
اإليمان ،بعظمة الخالق في ملكوته ،فما يملك إال أن تخشع جوارحه ،وتخضع ،وتذل،
حق َ ْ ِ
قدره ،وتفرده بالعبادة وحده ال شريك له. ﱠ فتقدر ﷲ
وتستجيبُ ْ َ ،
موحد
ﱠ فرد
ٌ الخلق َ ْ ِ
قدره *** ومن ھو فوق العرش يقدر َ ْ َ
فسبحان ﷲ ال َ ْ ُ
شي ٍء َ ِ ٌ
قدير( نظر أحد علماء الفلك الكفار إلى كل َ ْ وھو َ َ
على ُ ِ ّ بيده ْ ُ ْ ُ
الملك َ ُ َ تبارك ﱠ ِ
الذي ِ َ ِ ِ )ََ َ َ
بناه بنفسه ،فرأى ما أذھله في ھذا الكون ،فقال :إن اإلنسانية
السماء من خالل منظار َ َ
سبر أغوار الكون ،ولن تعرف من الكون إال مقدار ما نعرفه من نقطة ماء
لن تنتھي من َ ْ
من ْ َ َ ِ
الحياة يعلمون َ ِ ً
ظاھرا ِ ّ َ وصدق؟ ال ،وصدق ﷲ ) َ ْ َ ُ َ
ﱠ في محيط عظيم .فھل آمن مع ذلك
أيضا :إن وضع األجرام السماوية ليس مجرد ً ُون( وقال آخر
ھم َغافِل َ عن َ ِ َ ِ
اآلخرة ُ ْ وھم َ ِ
الدنيا َ ُ ْ
ﱡَْ
ﱠ
بدقة وإتقان؛ إذ أن القمر لو اقترب من مصادفة وعشوائية ،بل ھي موضوعة في الفضاء
مد البحر األرض كلھا ،وما عالقة األرض بمقدار ربع المسافة التي تفصلنا عنه ألغرق ّ
وفي َ ُ ِ ِ ْ
أنفسھم آياتنا ِفي َ َ
اآلفاقِ َ ِ سنريھم َ ِ َ
القمر بالبحر؟! ﷲ يعلمھا الذي قال وصدقْ ِ ِ ُ َ ) :
الحق( وال يزال علماء الفلك يكتشفون من خالل تجاربھم لھم َ ﱠ ُ
أنه ْ َ ﱡ يتبين َ ُ ْ
حتى َ َ َ ﱠ َ
َ ﱠ
يشده ويدھش العقول في ھذا الكون الفسيح ،حتى
ومراصدھم ومناظيرھم كل يوم ما ْ َ ُ
معبرا عن اكتشافه وضآلة ما اكتشفه بجانب ذلك الخلق العظيم،
ً قال مكتشف الجاذبية
يقول :لست أدري كيف أبدو في نظر العالم ،ولكني في نظر نفسي ،وأنا أبحث في
غالما يلعب على شاطئ البحر ،ويلھو بين حين وآخر بالعثور
ً ھذا الكون أبدو كما لو كنت
حجر أملس ،أو محارة بالغة الجمال ،في الوقت الذي يمتد فيه محيط الحقيقة على َ َ
العلم ِإال ﱠ َ ِ
قليال( لقد رأى البروج وما ُ ِ ُ
أوتيتم ِ ّمن ْ ِ ْ ِ أمامي دون أن يسبر أحد غوره ،نعم ) َ َ
عرف ،ورأى العمالقة وقد
عرف منھا ما ُ ِ
الصغيرة وھي تتألف من عشرة ماليين نجم قد ُ ِ
وصل عدد نجومھا المعروفة لنا إلى عشرة آالف مليار نجم يرتبط بعضھا ببعض في غاية
دقة وإحكام.
صنعا وأتقن أيما إتقان
ً ﷲ أحكم خلق ذلك كله ***
من علم الطاووس أن يلقي ريشه في الخريف إذا ألقى الشجر ورقه ،فإذا اكتسى
الشجر اكتسى أيضاً ،بإذن من؟ ،بإذن من؟ ،من علم العصفورة إذا سقط فرخھا أن
تستغيث؟ فال يسمعھا عصفور حولھا حتى يجيء فيطير الجميع حول الفرخ ويحركونه
ويحدثون له ھمة وقوة وحركة حتى يطير معھم ،ذاكم ھو ﷲ القائل )وما من دابة في
األرض وال طائر يطير بجناحيه إال أمم أمثالكم( واستطراداً فما أجمل قول ]سفيان بن
عيينة[ رحمه ﷲ حول قول ﷲ )إال أمم أمثالكم( يوم قال :فما في األرض من آدمي إال
وفيه شبه من البھائم فمنھم من **** األسد ،ومنھم من يعدو عدو الذئب ،ومنھم
من ينبح نباح الكلب ،ومنھم من يختال كالطاووس ،ومنھم من يشبه الخنازير التي إذا
ألقي إليھا أطيب الطعام عافته ،فإذا قام الرجل عن غائطه ولغت فيه ،فلذلك تجد من
نعم ،
اآلدميين من لو سمع خمسين حكمة لم يحفظ واحدة منھا ـ رحم ﷲ سفيان ـ َ َ
وإن أخطأ أخوه حفظ ذلك الخطأ وشنع عليه بال ھدى تحت طيش الھوى وحب الغلبة
ورغبة االستعالء ،وإرادة *** الغير ،تحريش غامض ،وتصنيف ساقط بال برھان وال بينة
،كفى أخي ثم كفى ،إذا لم تجد قوال ً سديداً تقوله فطمتك على غير السداد سداد ،
أحبتي في ﷲ إن فيما أودع ﷲ في مخلوقاته ما يستنطق األفواه بالتسبيح ويمأل
القلوب إجالال ً من معرفة حكمته وقدرته وما به يعلم العاقل أنه لم يخلق عبثاً ولم يترك
سدى ،فلله في كل مخلوق حكمة باھرة وآية ظاھرة وبرھان قاطع يدل على أنه
ُ
المنفرد بكل كمال وأنه على كل شيء قدير وبكل شيء عليم ،قد خلق الخلق
ليعبدوه ،وباإلله *** ،ھل تأملت النحل وأحواله وأعماله وما فيھا من العبر واآليات
الباھرات ،ألم ترى أقراص شمعھا السداسية في دقتھا الحسابية وإتقان بنائھا وإحكام
صنعھا ،الذي أدھش وما زال يدھش علماء النحل والحساب ،ماھي آالت الحساب
والمقاييس التي سمحت لھذا المخلوق بالوصول إلى ھذا العمل الھندسي الدقيق ،
ھل ھذا بواسطة قرنين استشعار والفكين الذين يدعي علماء األحياء أن الطبيعة زودتھا
بھما ،سبحان ﷲ ،وتبارك ﷲ ،عجيب وغريب منطق ھؤالء ،يتسترون وراء كلمات
جوفاء كالطبيعة والتطور والصدفة ،كلما وقفوا أمام بديع صنع ﷲ وإعجازه في الخلق
فأنى يؤفكون وجحدوا بھا واستيقنتھا
أفتستر الشمس المضيئة بالسھا *** أم ھل يقاس البحر بالخلجان
سبحان ﷲ 9 ،في كل شي ٍء آية ،وتعمى عنھا عيون أو تتعامى ،
فقل للعيون الرمد إياكي أن تري *** سنا الشمس واستغشي ظالم اللياليا
خفافيش أغشاھا النھار بضو *** ئه والئمھا ِ ْ ٌ
قطع من الليل باديا
فجالت وصالت فيه حتى إذا *** النھار بدا استخفت وأعطت تواريا
وعنين من الورد خاليا
ضرير ِ ِّ
ٍ امرئ
ٍ تھدى *** إلى
فيا محنة الحسناء ُ ْ
النحل مأمور باألكل من كل الثمرات خالفاً لكثير من الحشرات التي تعيش على نوع
معين من الغذاء ،وتعجب أنھا ال تأكل من التبغ فال تأكل إال الطيبات فھل يعتبر بذلك
أھل الغفالت ،زودھا ﷲ بقرنين استشعار وجعل فيھم شعيرات عصبية دقيقة يصل
عددھا إلى ثالثين ألفاً تشكل حاسة الشم والسمع واللمس ،وتعمل كالكشاف في
ظالم الخلية ،فسبحان من وھبھا ذاك وبه زودھا ،للنحلة عيون كثيرة ،في حافتي
الرأس عينان ،وعينان أخريان في أعلى الرأس وتحتھما عين ثالثة ،مما جعل لھا سعة
أفق في النظر ،فالنحلة ترى أقصى اليمين وأقصى الشمال والبعيد والقريب في وقت
واحد ،علماً بأن عيونھا ال تتحرك ،ولذا فالنحل يعيش في أماكن يعيش فيھا السحاب
معظم شھور السنة مع أن رؤية الشمس كما ھو معلوم ضرورية لمعرفة مكان الحقول
التي فيھا غذاء النحل ،وھنا تكمن الحكمة في قوة رؤية النحل ،فبإمكانھا رؤية
الشمس من خالل السحب ،كل ذلك لئال يموت جوعاً في حالة اختفاء الشمس خلف
الغمام ،كما ھو في بعض البلدان ،إنھا لحقيقة مذھلة ،تدل على حكمة ﷲ ،وقدرة
ﷲ ،ووحدانية ﷲ ،وكمال تدبيره فتبارك ﷲ أحسن الخالقين ،أما فم النحلة فمن
أعاجيب خلق ﷲ في خلقه ،إذ ھو مزود بما يمكنه من أداء جميع الوظائف الحيوية فھو
يقضم ويلحس ،ويمضغ ويمتص ،وھو مع ھذا شديد الحساسية لما ھو حلو الطعم
طبيعياً ،وال يتحرج من المواد المرة ،إذ يحولھا إلى حلوة بإذن ربه الذي ألھمه فسبحانه
وبحمده ال شريك له ،أما سمع النحل فدقيق جداً ،يتأثر بأصوات وذبذبات ال تستطيع أن
تنقلھا أذن اإلنسان ،فسبحان من زوده بھا ،وتحمل مع ذلك النحلة ضعفي وزنھا ،
وبسرعة أربعمائة خفقة جناح في الثانية الواحدة ،فسبحان ﷲ ،سبحان من خلق
وسجد له ،ھناك من النحل مرشدات ، ووحد ُ ِ ّ َ
وصلي له ُ ِ َ عبد َ ُ ِّ َ
فسوى وقدر فھدى َ ِ ُ ،
عندما تجد مصدراً للغذاء تفرز عليه مادة ترشد إليه بقية الجانيات للرحيق ،وعندما
ينضب وينتھي الرحيق تفرز عليه المرشدات مواد منفرة منه ،حتى ال يضيع الوقت في
البحث فيه ،ثم تنتقل إلى مصدر آخر ،من علمھا وأرشدھا؟ إنه ﷲ ،ما من دابة إال ھو
آخذ بناصيتھا فال إله إال ھو ،تستطيع العاملة خارج الخلية الرجوع إلى خليتھا والتعرف
عليھا من بين عشرات الخاليا ،بال عناء وال تعب ،ولو ابتعدت عنھا آالف األميال ،ولذا
يقول أحد علماء األحياء الكفار ،وقد رصد النحل بمناظيره فترة طويلة ،يقول :يا عجباً لھا
تنطلق آالف األميال من شجرة إلى ثمرة إلى زھرة ،ثم تعود وال تخطئ طريقھا ،ربما
أن لھا ذبذبات مع الخلية ،أو أنھا تحمل السلكياً يربطھا بالخلية ،ربما ،ربما ،ثم يقف
حائراً بليداً تائھاً ،أما نحن فال ،إنا نوقن أن ﷲ ألھمھا ذلك ،وأوحى إليھا ،وعندنا
سورة في كتاب ﷲ تسمى سورة النحل ) ،وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من
الجبال بيوتاً ومن الشجر ومما يعرشون ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك
ذلال يخرج من بطونھا شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك آلية لقوم
يتفكرون( ،تأمل قدرة ﷲ بخلقه يوم جعل من النحل حراساً للخلية يستطيعون أن
يميزوا كل غريب ودخيل عليھم من النحل ،فيطرحوه خارجاً أو يقتلوه ،علماً أن تعداد
الخلية يصل إلى ثمانين ألف نحلة أو أكثر فسبحان من ألھمه ،سبحان من ألھمه
ملك ،من اھتدى بھدى رب العباد
من َ ِ ٍ
العزّ ِ ْ
معرفة صاحبه من غيره ،سبحان ربك رب ِ ِ
ھدي ،الكل في النحل يعمل في الخلية ألجل الكل ،ال حياة لفرد عند النحل بدون
ُ ِ
جماعة ،ولذلك أذھل ذلك علماء النحل )صنع ﷲ الذي أتقن كل شيء إنه خبير بما
تفعلون( والنحل من ألطف الحيوان وأنقاه وأنظفه ،ولذلك ال تلقي مخلفاتھا في خليتھا ،
بل تطير ثم تلقيھا بعيداً عنھا ،وتأبى النتن والروائح الكريھة ،تأبى القذارة ،ولذلك إذا
رجعت إلى الخلية بالعشية ،وقف على باب الخلية بواب منھا ،ومعه أعوان كثر ،وكل
قذراً
نحلة تريد الدخول يشمھا البواب ويتفقدھا فإن وجد فيھا رائحة منكرة ،أو رأى بھا َ َ
منعھا من الدخول وعزلھا إلى أن يدخل النحل كله ،ثم يرجع إلى الممنوعات المعزوالت
فيتبين ويتثبت ،ويتفقدھا مرة أخرى ،فمن وجدھا وقعت على شيء نجس أو منتن ،
قدھا وقطعھا نصفين ومن كانت جنايتھا خفيفة ،بھا رائحة وليس عليھا َ َ
قذر ،تركھا
خارج الخلية حتى يزول ما بھا ثم يسمح لھا بالدخول ،وھذا دأب وطريقة البواب كل يوم
في كل عشية ،فتبارك الذي ھداھا أن تسلك سبل مراعيھا ،ال تضل عنھا تسيح
سھال ً وجبال ً خماصاً ،فتأكل من على رؤوس األشجار واألزھار ،فتجني أطيب ما فيھا
ثم تعود إلى بيوتھا بطاناً ،فتصب فيھا شراباً مختلفاً ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك
آلية ،أما ملكتھا أو ملكھا فال يكثر الخروج ،بل ال يخرج إال نادراً ،إذا اشتھى التنزه خرج
بحاشيته وخدمه ليطوف المروج والبساتين والرياض ساعة بالنھار ثم يعود إلى خليته ،
ومن عجيب أمره أنه إذا لحقه أذى من صاحب الخلية غضب وغضبه يعرفه أصحاب النحل
،ثم يخرج من الخلية ،فيتبعه جميع النحل حتى تبقى الخلية خالية ،يذھب حتى
يحط رحاله على رؤوس الشجر المرتفع ،ويجتمع عليه النحل كله حتى يصير كالعنقود ،
عندھا يضطر صاحب الخلية إلى االحتيال عليه السترجاعه وطلب مرضاته ،فيأخذ عصاً
طويلة ويضع عليھا حزمة من نبات طيب الرائحة ،ويدنيه من ھذا الكبير لھا ،من ملكھا
على الشجرة فال يزال يحركه ويستجديه ويستعطفه إلى أن يرضى ،فينزل على حزمة
النبات الطيب الرائحة ،فيحمله صاحب الخلية إلى الخلية ،فينزل ويدخلھا مع جنوده ،
ثم يتبعه جميع النحل عائداً إلى الخلية ،تأمل نتاجھا تجد عجبا ،تنطلق إلى البساتين
،فتأخذ تلك األجزاء الصافية من على ورق الزھر والورد ،فتمصه لتكون مادة العسل ،
ثم تكبس األجزاء المنعقدة على وجه الورقة وتعقدھا على رجلھا ثم تذھب لتمأل بھا
المسدسات الفارغة ،ثم يقوم يعثوبھا على بيته فينفخ فيه ،ثم يطوف على تلك
البيوت بيتاً بيتاً وينفخ فيھا كلھا فتدب فيھا الحياة بأمر ﷲ بعد حين فتخرج طيوراً صغاراً ،
نحال ً صغاراً بإذن ﷲ ،وتلك آية قلما يتفطن الخلق لھا كما قال ابن القيم رحمه ﷲ ،كل
ھذا من ثمرة الوحي اإللھي ،تبارك ﷲ وجل ﷲ أعظم ما فاھت به األفواه ،سبحان
يخاف ،جعل ﷲ لكل مخلوق قوة وقدرة
يرجى ومن ُ َ
من ُ ْ َ من ذلت له األشراف ُ َ ْ َ ،
أكرم َ ْ
يدافع بھا عن نفسه ،ومن تلك المخلوقات النحل ،كيف يدافع عن نفسه وعن نتاجه ،
يذكر أن ألد أعداء النحل ھو الفأر ،يھاجم الخلية فيأكل العسل ويلوث أجواء الخلية ،
فماذا تفعل تلك النحلة الصغيرة أمام ھذا الفأر الذي ھو لھا كجبل عظيم ،إنھا تطلق
عليه مجموعة من العامالت فتلدغه حتى يموت ،كيف تخرجه ،إن بقي أفسد العسل
،ولوث أجواء الخلية ،ولو اجتمع نحل الدنيا كله إلخراجه ما استطاع ،فماذا يفعل ،
جعل ﷲ عز وجل له مادة شمعية يفرزھا ويغلف بھا ذلك الفأر فال ينتن وال يتغير ولو
بقي ألف عام ،حتى يأتي صاحب الخلية فيخرجه ،فسبحان من قدر فھدى وخلق
فسوى ،إن في ذلك آلية ،وكم 9من آية مما يبصره العباد وما ال يبصرونه ،وتفنى
األعمار دون اإلحاطة بجميع تفاصيلھا ،ولكن أكثر الناس ال يفقھون ،أإله مع ﷲ قليال ً ما
تشكرون ،ومن عجائب النبات ،ما ذكره صاحب كتاب نوادر الكتب من أن شجرة غريبة
في جنوب الصين ،تكون أوراقھا في األحوال الجوية العادية خضراء كأوراق األشجار ،
وقبل حدوث الفيضانات أو ھطول األمطار تتغير فتصبح حمراء ،فأصبحت عند سكان تلك
المنطقة كمراقبة لألحوال الجوية ،وبال تعليق إنھا بلسان حالھا تقول )ذلكم ﷲ ربكم ال
إله إال ھو خالق كل شيء فاعبدوه وھو على كل شيء وكيل ،عجباً ،عجباً ،عجب ،
ال ينقضي العجب ولو كنا في شھر رجب ،كل الكون بكائناته يوحد ويسلم ويستسلم
وينقاد 9رب العالمين ثم يبقى ھذا اإلنسان في ھذا الكون ،إنه لظلوم مبين ،أفغير
دين ﷲ يبغون ،وله أسلم من في السماوات واألرض طوعاً وكرھاً وإليه يرجعون ،الكون
كله بكائناته يؤمن بنبوة محمد صلى ﷲ عليه وسلم ،وتدھش وتعجب لكثير من اإلنس
والجن يوم تعمى أبصارھم عن الحق فيكذبون بالرسالة والرسول صلوات ﷲ وسالمه
عليه ،في قمة بالھة وبالدة ،فھم نشاز في ھذا الكون ،ثبت في الصحيحة عن جابر
رضي ﷲ عنه قال :أقبلنا مع رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم حتى دفعنا إلى حائط
جمل ال يدخل الحائط أحد إال شد عليه ،فذكروا ذلك للنبي
في بني النجار ،فإذا فيه َ َ
صلى ﷲ عليه وسلم فأتاه النبي صلى ﷲ عليه وسلم فدعاه فجاء واضعاً مشفره
على األرض حتى برك بين يدي النبي صلى ﷲ عليه وسلم فقال ھاتوا خطاماً فخطمه
ودفعه إلى صاحبه ،ثم التفت فقال ،واسمعوا إلى ما قال صلوات ﷲ وسالمه عليه
قال" :إنه ليس شيء بين السماء واألرض إال ويعلم أني رسول ﷲ إال عاصي الجن
واإلنس" ،فسبحان من ھدى ھذه الكائنات لإليمان يوم ضل بعض بني اإلنسان والجان
،ال إله إال ﷲ ،كم من مركوب ھو خير من راكبه ،يا قوم ھذا صراط ﷲ فاتبعوا ال
تسلكوا سبال ً تفضي إلى النار ،الكون بكائناته جميعاً يسبح ﷲ ويثني على ﷲ ،
وثناء ال نفھمه ،ﷲ سبحانه وتعالى يعلمه ،تسبح له السماوات
ً ويمجد ﷲ تسبحاً
السبع واألرض ومن فيھن ،وإن من شي ٍء إال يسبح بحمده ولكن ال تفقھون تسبيحھم
،سبحت الكائنات بحمده فمأل الكون تحميده ،سبحه النبات جمعه وفريده ،والشجر
عتيقه وجديده ،أولم يروا كيف يبدئ ﷲ الخلق ثم يعيده ،سبحته الحيتان في البحار
الزاخرات ،سبحته الوحوش في الفالوات ،تسبحه نغمات الطيور ،يسبحه الظل تحت
النور بين الغصون ،وسحر المساء وضوء
الشجر ،يسبحه النبع بين المروج ،يسبحه َ
القمر ،فسبحان ﷲ وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته ،في
الصحيحة أنه صلى ﷲ عليه وسلم قال :ما تستقل الشمس ،فيبقى شيء من خلق
ﷲ إال سبح ﷲ بحمده ،إال ما كان من الشياطين وأغبياء بني آدم ،وصدق رسول ﷲ
صلى ﷲ عليه وسلم ،غباء وأي غباء أن يسخر ﷲ لك كل ما حولك بمنه وكرمه ،ثم
يسبحه كل مسخر لك وأنت غافل غبي أخرس أحمق
سل الواحة الخضراء والماء جاريا *** وھذه الصحاري والجبال الرواسي
سل الروض مزداناً سل الزھر والندى *** سل الليل واإلصباح والطير شاديا
وسل ھذه األنسام واألرض والسما *** وسل كل شي ٍء تسمع الحمد ساريا
فلو جم ھذا الليل وامتد سرمداً *** فمن غير ربي يرجع الصبح ثانيا
سبحان ﷲ وبحمده ،وسبحان ﷲ العظيم ،ليس شي ٍء إال وھو أضرع 9من بني آدم
نشاز في
ٌ نادة
ٌ صادة
ٌ ،الكون كله بكائناته يسجد 9ويخضع ويذل وتبقى فئة من الناس
سيد[ رحمه ﷲ
ھذا الكون ال تستحق الحياة ،فانظر إلى تلك الحشود كما يقول ] َ ِ ّ ْ
:حشد من الخالئق مما يدرك اإلنسان ومما ال يدرك ،وحشد من األفالك مما يعلم
اإلنسان ومما ال يعلم ،حشد من المالئكة ،حشد من الجبال والشجر والدواب ،حشد
من خلق ﷲ كلھا في موكب خاشع ذليل تسجد 9وتتجه إليه ال إلى سواه في
تناسق ونظام عجيب إال ھذا اإلنسان يتفرق فجزء منه يتنكب الموكب نشاز ال يستحق
الحياة ،ألم ترى أن ﷲ يسجد له من في السماوات ومن في األرض والشمس والقمر
والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس ،وكثير حق عليه العذاب )ومن يھن
ﷲ فما له من مكرم إن ﷲ يفعل ما يشاء( ،فانظر إلى قھره وانظر إلى ذل خلقه ،كل
ما في الكون يأتي خاضعاً ذليال ً ساجداً 9يدين له النجم في أفقه ،يدين له الفلك
الدائر ،يدين له الفرخ في عشه ،ونسر السما الجارح الكاسر ،تدين البحار وحيتانھا
صدقوا ما عاھدوا
الحمد 9رب العالمين ،والعاقبة للمتقين ،وال عدوان إال على الظالمين ،وال إله إال ﷲ،
وقيوم السماوات واألراضين ،ومالك يوم الدين ،الذي ال فوز إال في
ﱡ إله األولين واآلخرين،
عز إال في التذلل لعظمته ،وال غنى إال في االفتقار لرحمته ،ال ھدى إال في
طاعته ،وال ِ ﱠ
قربه ،وال صالح وال فالح إال في
االستھداء بنوره ،ال حياة إال في رضاه ،وال نعيم إال في ُ ْ ِ
دعي أجاب ،وإذا
وغفر ،وإذا ُ ِ
عصي تاب َ َ اإلخالص له وتوحيد حبه ،إذا أطيع َ َ
شكر ،وإذا ُ ِ َ
يؤدي حقالعادون ،وال ِ ّ
ﱡ عمل أثاب ،ال إله إال ھو سبحانه وبحمده ،ال ُيحصي عدد نعمته ُ ِ
قضى َ ْ ً
أمرا إذا َ َ
واألرضِ ِ َ
السماواتِ َ ْ
ﱠ َ َ بديع
شكره الحامدون ،وال َيبلُغ مدى عظمته الواصفون ) َ ِ ُ
كن َ َ ُ ُ
فيكون( اللھم لك الحمد ِملء السماوات واألرض؛ فكل الحمد اللھم يقول َ ُ
له ُ ْ َِﱠ َ
فإنما َ ُ ُ
لك ،لك الشكر على نعم ال نحصيھا؛ فكل الشكر لك ،اللھم لك المتوبة والتذلل والخضوع
شھدت له بالربوبية جميع مخلوقاته ،وأقرت له باأللوھية
فال معبود غيرك .الحمد ِ َ 9
جميع مصنوعاته" ،سبحانه وبحمده عدد خلقه ،ورضا نفسه ،وزنة عرشه ومداد كلماته"
وال إله إال ﷲ وحده ال شريك له في ألوھيته كما أنه ال شريك له في ربوبيته ،وال شبيه
له في ذاته وال أفعاله وال صفاته .سبحانه سبحت له السماوات وأمالكھا ،والنجوم
وأفالكھا ،واألرض وسكانھا ،والبحار وحيتانھا والنجوم والجبال والشجر والدواب واألتان
ومن
واألرض َ َ
السبع َ ْ ُ
ﱠ ْ ُ السماوات
ﱠ َ َ ُ تسبح َ ُ
له والرمال وكل رطب ويابس وكل حي وميت ) ُ َ ِ ّ ُ
فيھن( أشھد أال إله إال ﷲ ،وحده ال شريك له ،كلمة قامت بھا األرض والسماوات،
ِ ِ ﱠ
وخلقت ألجلھا جميع المخلوقات ،وبھا أرسل ﷲ -تعالى -رسله ،وأنزل كتبه ،وشرع
نصبت الموازين ،ووضعت الدواوين ،وقام سوق الجنة والنار ،وانقسم
شرائعه .ألجلھا ُ ِ
وفجار ،عنھا وعن حقوقھا يكون السؤال والجواب،
ﱠ الخالئق إلى مؤمنين وكفار ،وأبرار
أسست الملة ،وألجلھا جردت
القبلة ،وعليھا ّ ِ
وعليھا يقع الثواب والعقاب ،عليھا نصبت ِ ْ
سيوف الجھاد وھي حق ﷲ على جميع العباد .إنھا كلمة اإلسالم ،مفتاح دار السالم،
لن تزول قدم عبد بين يدي ﷲ حتى يسأل ماذا كنتم تعبدون؟ وماذا أجبتم المرسلين؟
فال إله إال ﷲ ،شھادة حق وصدق أتولى بھا ﷲ ورسوله والذين آمنوا ،وأتبرأ بھا من
محمدا عبد ﷲ
ً وزورا من دون ﷲ .وأشھد أن
ً ظلما
ً الطواغيت واألنداد المعبودين
ورسوله ،أمينه على وحيه ،وخيرته من خلقه ،أشرف من وطئ الحصى بنعله ،أرسله
وأدى وحجة على الخالئق أجمعين .ﱠ
بلغ الرسالة ،ﱠ ﱠ وإماما للمتقين،
ً ﷲ رحمة للعالمين،
األمة ،وجاھد في ﷲ حق الجھاد وقمع أھل الزيغ والفساد فتح ﷲ به
ﱠ األمانة ،ونصح
أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا .صلوات ﷲ وسالمه عليه ،وعلى أھل بيته الطيبين،
وأصحابه المنتخبين ،وخلفائه الراشدين ،وأزواجه الطاھرات؛ أمھات المؤمنين ،ومن
تموتن ِإال ﱠ َ َ ْ ُ
وأنتم تقاته َوال َ َ ُ ُ ﱠ
حق ُ َ ِ ِﷲ َ ﱠاتقوا َ
آمنوا ﱠ ُ
الذين َ ُ تبعھم بإحسان إلى يوم الدين )يا َ ﱡ َ
أيھا ﱠ ِ َ
ويغفر لكم َ ْ َ َ ُ ْ
أعمالكم َ َ ْ ِ ْ يصلح َ ُ ْ قوال ً َ ِ ً
سديدا * ُ ْ ِ ْ وقولُوا َ ْ
ﷲ َُ
اتقوا َ آمنوا ﱠ ُ
ين َ ُ
الذ َ مسلمون( )يا َ ﱡ َ
أيھا ﱠ ِ ﱡ ْ ِ ُ َ
عظيما( فاز َ ْ ً
فوزا َ ِ ً فقد َ َ ﷲ ََ ُ َ ُ
ورسوله َ َ ْ يطعِ َ
ومن ُ ِ
ذنوبكم َ َ َ ُ ْ
لكم ُ ُ َ ُ ْ
أحبتي في ﷲ؛ أسعد اللحظات في حياة العبد يوم يطرق مسامعه ذكر ﷲ ،يوم يطمئن
ُوب( إن تطمئن ْ ُ
القل ُ ﷲ َ ْ َ ِ ﱡ قلبه بقول ﷲ ،وقول رسول ﷲ -صلى وسلم عليه ﷲَ ) -أال َ ِ ِ ْ ِ
بذكر ِ
من نعمة ﷲ علينا تھيئة مثل ھذا المخيم لنجتمع فيه على الخير والبر والذكر والتناصح.
يجزي القائمين والمساھمين عليه وفيه
َ فأسأل ﷲ بأسمائه الحسنى ،وصفاته العال أن
أفضل ما يجزي عباده الصالحين ،وأن يرزقنا شكر نعمته ،وقد تأذن لمن شكر بالمزيد،
ً
وھنيئا وجوھا أقبلت على ﷲ فجعلت حياتھا كلھا ،9
ً وحيي ﷲ ھذه الوجوه ،حيي ﷲ
ً
ھنيئا ألسماع امتألت بذكر لھا من قلوب َ َ ِ
تأرز إلى ذكر ﷲ ،فتسكن وتسعد بإذن ﷲ.
تنعمت ً
ھنيئا ألبصار ﱠ َ ﷲ ،فتلذذت بقول ﷲ وقول رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم.-
ً
ھنيئا لكم يوم ً
ھنيئا لھا من أقدام جعلت خطاھا إلى ذكر ﷲ. بمجالسة من يذكر ﷲ.
ً
ھنيئا لكم بدلت سيئاتكم حسنات بإذن ربكم.
مغفورا لكم ،قد ُ ِّ
ً يرجى لكم أن تنصرفوا
ﱡ
تحف ،ورحمة تغشى ،وسكينة تتنزل ،فيا مالئكة
ٌ ُتذكرون في مأل خير من ملئكم،
حسرة وندامة وخزي من لم تنعم عينه وجوارحه بذكر ﷲ.
وتھليل
الحياة بتسبيحٍ َ ْ َِ أمضى
شرف *** ْ َ
من َ َ ٍ العبد َما ِفي ِّ ْ ِ
الذكر ِ ْ لو َ َ ُ
يعلم َ ُ َْ
الدنانير
ِ تجميع ﱠ
عنه َ ْ ِ ُ
يلھھم َ ْ ُ شرف *** َ ْ
لم ُ ْ ِ ِ من َ َ ٍ ﱡ ْ ِ
الشكر ِ ْ الناس َما في
يعلم ﱠ ُ َْ
لو َ ْ ُ
القناطير
ِ آالف
ُ تجمع ذھب *** َ
ولو َ ﱠ ٍ ولم ُيبالُوا بأوراقٍ وال
السماء إذا َ َ َ
ذكرت ﱠ ِ دأبا *** ُ ْ َ َ
لتذكر في ذكره في األرضِ ً ْ ِْ
فأكثر ِ ُ
متىبن ﱠ
ناداه ذو النون ُ
ُ ً
اعترافا *** بما سجدت َ ُ
له ْ َ وناد إذا َ
ِ
سألت
َ السؤال إذا َ
ﱡ وأخلص في
ْ التوفيق فيھا ***
ِ َ من َر ِ ّبك
وسل ْ
َ ْ
َ سيفتح بابه لك إن َ
قرعت ُ ُ عساه ***
ُ قرعا
ً والزم بابه
ذممت
ْ َ من
أجدر ْ
ُ فھي
بعيب ْ َ
ٍ سواھا ***
تذمم ِ
ُ ْ ذم ال
ونفسك ُ ﱠ
َ
قد َ ِ ْ َ
أمنت لك َ ْأقل َ َ لذنبك َ ْ
لم ُ ْ َ ً
خوفا *** فلو بكت الدما عيناك
ائتمرت وال َ َ َ ْ َ
أ◌طعت عبد *** ُ ِ ْ َ
أمرت َ َ
فما ْ ُ ِ ْ َ ٌ وأنت
َ ن ومن َ َ
لك باألما ِ َ َ ْ
وزنت
تخف إذا ُ ِ ْ َ
بجھلك أن َ ِ ﱠ
ِ َ تخشى ***
ولست َ ْ َ
َ من ﱡ
الذنوبِ َُ َ
ثقلت َ
إن َ ِ ْ َ
ضحكت تبكي ْ َ
سوف َ ْ ِ لھوا *** فإنك
ً ِ
السفھاء تضحك مع
ْ فال
قد َد َ ْ َ
فنت صبيٍ َ ْ وفكر َ ْ
كم َ ِ ّ ِّ مجال ***
الصبا فيه َ َ ٌ
ِّ َ تقل
وال َ ُ ِ
نحتا
الساعات َ ْ ً
ُ ﱠ جسمك
َ وتنحت ِ
فتا *** َ ْ ِ ُ
األيام ّ
ُ فؤادك
َ َ ﱡ
تفت
أنت
َ أنت ُ ِ ُ
أريد َ صاحِ
دعاء صدقٍ *** أال يا َ
َ المنون
ُ وتدعوك
َ
لھذا كله كانت ھذه الكلمات التي عنونتھا بھذا العنوان :صدقوا ما عاھدوا؛ لتحكي لكم
حياة جيل ال كاألجيال ،وأبطال ال كاألبطال ،ورجال ال كالرجال.
رجال جاءتھم دعوة الحق فما ترددوا ،وما َ َ
كبوا ،وما تلكئوا ،وآمنوا بھا وصدقتھا قلوبھم،
واستيقنتھا أنفسھم ،فما كان قولھم يوم أن ُدعوا إلى ﷲ ورسوله إال أن قالوا :سمعنا
بربكم َ َ ﱠ
فآمنا( وضعوا آمنوا ِ َ ِ ّ ُ ْ لإليمان َ ْ
أن ِ ُ ينادي ِ ِ َ ِ
مناديا ُ َ ِ
سمعنا ُ َ ِ ً
إننا َ ِ ْ َ
وأطعنا ،قالوا :آمنا )ربنا ِ ﱠ َ
أيديھم في يدي رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم -ھان عليھم بعد ذلك أبناءھم
ونفوسھم وأموالھم وعشيرتھم؛ إذ علموا أن طريق الجنة صعب ،محفوف بالمكاره ،لكن
آخره السعادة الدائمة فسلكوه ،وعلموا أن طريق النار سھل محفوف بالشھوات لكن
بيع َعن ِ ْ ِ
ذكر تجارة َوال َ َ ْ ٌ رجال ال َ ُ ْ ِ ِ ْ
تلھيھم ِ َ َ ٌ آخره الشقاوة الدائمة فاجتنبوه .رجال وأي رجال ) ِ َ ٌ
السلم ھداة
ِّ واألبصار( في
ُوب َ ْ َ ُ فيه ْ ُ
القل ُ يوما َ َ َ ﱠ ُ
تتقلب ِ ِ يخافون َ ْ ً وإيتاء ﱠ َ ِ
الزكاة َ َ ُ َ الصالة َ ِ َ ِ
ﱠ َِ ﷲ ََِ ِ
وإقام ِ
عباد ليل،
مصلحون ،عالمون عاملون ،وفي الحرب مؤمنون محتسبون ،مجاھدون ثابتون ،ﱠ
ُ ْ ِ
وأسد نھار ،حملوا السالح في الميدان ،وعلقوا القلوب وملئوھا بالقرآن ،قاوموا
سيان الشيوخ منھم والشباب والشابات
ﱠ الشھوات ،وقاوموا أھل العداوات،
رغب
ٍ الموتِ ِفي َ
حياض َ ْ
والواردون ِ َ َ
َ رھب *** كتاب ِ
ﷲ ِفي َ ِ ٍ ارئون ِ َ َ
َ الق
منحوا الحياة جماال ،ومعنى ،ومغزى في جميل مبنى
الحياة إذا َ ْ
خلت *** منھم ظواھر أو بطاح ُ كيف
َ
والسماح
ُ ﱠ ذلك
َ َ ِ ﱠ ُ
واألسنة *** عند األعزة
ُ أين
وقفة أقفھا معكم إزاء ھذه الصفوة المختارة ممن صدقوا ما عاھدوا ،ما ھي إال قطوف
قرنا في بساتين
من أشجار ،وقطرات من بحار ،ورحلة في أكثر من أربعة عشر ً
الصادقين اليانعة للوقوف على ثمار مجتناه ،وزھور منتقاه ،وإني ألستغفر ﷲ ،ثم
أستغفر ﷲ ،ثم أستغفر ﷲ من وصف حال أولئك مع ضعف االتصاف مني بصفاتھم ،بل
وﷲ ما شممنا رائحتھم ،ولكنھا محبة القوم تحملنا على التعرف على منزلتھم ،وقراءة
ھمة منا أن تنھض إلى التشبث بسابق القوم ولو من
ﱠ سيرھم ،وإن لم نلحق فعسى
وذكِّ ْر َ ِ ﱠ
فإن ِّ ْ َ
الذكرى يفترى( ) َ َ كان َ ِ ً
حديثا ﱡ ْ َ َ األلبابِ َما َ َ عبرة ُ ْ ِ
ألولي ْ َ كان ِفي َ َ ِ ِ ْ
قصصھم ِ ْ َ ٌ بعيد ) َ َ ْ
لقد َ َ
تنفع ْ ُ ْ ِ ِ َ
المؤمنين( "اللھم ال سھل إال ما جعلته سھال وأنت تجعل الحزن إذا شئت سھال" َ َ ُ
صدقوا ما عاھدوا من خالل تربية المصطفى -صلى ﷲ عليه وسلم -صار كل صحابي
أمة وحده ،فما من صحابي إال وله سمة معينة ،وموقف خاص ،منھم من أشار واقترح،
ﱠ
ومنھم من أوضح وشرح ،ومنھم من أضاف واستدرج ،وكل ذلك فيما يخدم الدعوة إلى
خلفيته الحضارية الفارسية المادية ليخدم ھذا
ﱠ ﷲ -جل وعال-؛ فـ]سلمان[ يستفيد من
تحز◌ب األحزاب على رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم -حفر ّ ﱠ الدين؛ فيقترح يوم
الخندقْ ِ ْ َ ،
وأنعم به من اقتراح .و]الخباب[ يقترح الوقوف في غزوة بدر على الماء ،فيشرب
المسلمون ويحرم المشركون ،ويوم ُيعاد ]أبو جندل[ وھو يستنجد بالمسلمين ويقول :يا
معشر المسلمين؛ أتردوني إلى أھل الشرك فيفتنوني عن ديني ،ورسول ﷲ –صلى
ﷲ عليه وسلم -يسليه ويعزيه ويقول :اصبر واحتسب؛ فإن ﷲ جاعل لك ولمن معك
ومخرجا ،وإذا بعمر –وما عمر!عجزت نساء األرض أن ينجبن
ً فرجا
ً من المستضعفين
مثلك يا عمر -ينفعل مع الموقف ،ويمشي بجنب ]أبي جندل[ ،ويقرب سيفه من أبي
طمعا في أن يستله ليقتل أباه دون مؤاخذة على بنود صلح الحديبية ،لكن أبا
ً جندل؛
جندل لم يفعل .فأعيدوا وانظر إلى الصديق ،وما الصديق! يوم يتولى الخالفة فترتد بعض
قبائل العرب بموت رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم -حتى ما أصبحت تقام الجمعة إال
في بعض األمصار؛ >كمكة< >والمدينة< ،فيقوم 9قومة صادق مخلص؛ ليؤدب
المرتدين ،وينفذ جيش أسامة ،وفي أقل من سنتين إذا بجيوشه ترابط على أبواب
أعظم إمبراطوريتين في ذلك الوقت؛ أال وھي فارس والروم ،شعاره ما شعاره؟! ولو
خالفتني يميني لجاھدتھا بشمالي .شعاره شعار رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم-
يوم يقول" :ألقاتلنكم حتى تنفرد سالفتي"] .وأبو بصير[ ،ما أبو بصير؟! يخطط لحرب
مسلما ً ّ
فارا بدينه من قريش بعد صلح ً عصابات بعيدة عن نقد بنود صلح الحديبية ،إذ جاء
الحديبية ،وبعد توقيع المعاھدة إلى >المدينة< ،فأرسلت قريش في طلبه رجلين،
ﱠ
تمكن أبو وفاء بالعھد إليھم ،وفي الطريق
ً فسلمه رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم-
بصير بشجاعته وحكمته وذكائه من قتل أحد الرجلين ،ويفر الثاني ،ويرجع ھو إلى النبي
–صلى ﷲ عليه وسلم -ويقول :قد وﷲ أوفى ﷲ ذمتك يا رسول ﷲ ،فلقد رددتني
إليھم ،ثم نجاني ﷲ منھم ،فقال النبي –صلى ﷲ عليه وسلم -كما في ]البخاري[:
مسعر حرب لو كان معه رجال" فلما سمع ذلك
ِّ مسعر حرب لو كان معه أحد،
ِّ أمه؛
"ويل ِ ّ
عرف أنه سيرده عليھم ،فخرج حتى أتى سيف البحر ،واستقر به المقام ھناك ،وفھم
المستضعفون من عبارة الرسول –صلى ﷲ عليه وسلم -وكانوا أذكياء فھموا أن أبا بصير
في حاجة إلى الرجال ،فأخذوا يفرون من >مكة< إلى أبي بصير ،وكان على رأسھم أبو
جندل ،جاء الفرج والمخرج كما أخبر بذلك النبي –صلى ﷲ عليه وسلم .-اجتمع منھم
عصابة يتعرضون لقوافل قريش ،فيقتلون حراسھا ،ويأخذون أموالھا ،وتضطر عندھا قريش
مرغمة ذليلة راكعة أن ترسل إلى النبي –صلى ﷲ عليه وسلم -تناشده ﷲ والرحم أن
يرسل إلى أبي بصير ومن معه؛ فمن أتاه فھو آمن .تنازلت عن ھذا الشرط تحت ضغط
العصابة المؤمنة كأبي بصير وأبي جندل ،فأرسل النبي –صلى ﷲ عليه وسلم -إليھم
وأبو بصير في مرض الموت ،فمات وكتاب رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم -بين يديه،
وقدم أصحابه على رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم -آمنين سالمين غانمين قد جعلوا
من أنفسھم أنموذجا ُيقتدى به في الثبات ،واإلخالص ،والعزيمة ،والجھاد ،وتمريغ أنوف
المشركين ،والذكاء ،وبذل الجھد في نصرة ھذا الدين ،حتى قرروا مبدأ من المبادئ؛ أال
وھو قد يسع الفرد ماال يسع الجماعة .كل ذلك في حكمة ،وأي حكمة إذ كان ذلك
بإشارة من النبي –صلى ﷲ عليه وسلم ،-وتشجيع من النبي –صلى ﷲ عليه وسلم-
مسعر حرب لو كان معه رجال ،ثم إن أبو بصير خارج عن
ِّ يوم وصف أبو بصير بأنه
السلطة ،ولو في ظاھر الحال ،فال مؤاخذة على بنود المعاھدة ،ومن يؤت الحكمة فقد
القواد الثالثة
ﱠ كثيرا .وھذا ]خالد بن الوليد[ يستلم الراية يوم مؤتة يوم سقط
ً خيرا
ً أوتي
الفيلة،
بال تأمير فرضي ﷲ عن الجميع ،وفي >القادسية< تنفر خيل المسلمين من ِ َ
فيعمد صحابي ليضع فيال من طين ،ويؤنس ويؤلف فرسه به حتى يألفه ،فلما أصبح لم
ينفر فرسه من الفيلة ،فحمل على الفيل الذي كان يقدم الفيلة فقيل له :إنه قاتلك،
قال :ال ضير أن أقتل ويفتح ﷲ للمسلمين .ما كانوا يعيشون ألنفسھم ،لكن يعيشون
لدينھم ،يعيشون لعقيدتھم .وھذا ]عبد الرحمن بن عوف[ يصفق باألسواق حتى ال
يكون عالة على غيره.
رومھا َ َ
فسلم ُ ُ وصاروا ِبھا َغر ًبا
فرسھا *** َ
فأسلم ُ ُ
َ ً
شرقا الدنا
مضوا في ﱡ َ
َ َ ْ
يدون الحديث] ،وابن عباس[ يخرج إلى األسواق ليسلم
ِّ ]زيد[ يجمع القرآن] ،وابن عمر[
على الناس ،ويذكرھم برب الناس .ويتحاور ويتناقش ]سلمان[ ]وأبو الدرداء[ حول قيام
الليل ،وحقوق العيال .تسابق إلى الخيرات ،عزيمة في األداء ،إيجابية في العمل دون
النظر لما يقوله اآلخرون ،أو حب لشھرة يراھا المسلمون .علموا أن اإليجابية إعزارا إلى
ﷲ من التقصير ،فأدوا واجبھم قدر اإلمكان ،ولم ينتظروا النتائج ،على مبدأ:
معين
ِ خير ُ
ُ وﷲ للساعين
ُ الجنى *** الحب ال َ ْ ُ
قطف َ َ ِّ بذر
ِ ُ
كل وزر ُ ْ َ
أخرى( ) ُ ﱡ وازرة ِ ْ َ فردا ) َوال َ َ ِ ُ
تزر َ ِ َ ٌ ً علموا أن التكليف فردي ،وكل سيحاسب يوم القيامة
نفسك( فكان كل فرد منھم ﷲ ال َ ُ َ ﱠ ُ
تكلف ِإال ﱠ َ ْ َ َ سبيل ِ رھين( ) َ َ ِ ْ
فقاتل ِفي َ ِ ِ بما َ َ َ
كسب َ َ ٌ امرئ ِ َ
ْ ِ ٍ
أمة يوم تربوا على منھج المصطفى -صلى ﷲ عليه وسلم -فصدقوا ما عاھدوا ،صدقوا
ما عاھدوا .وكيف ال يصدقون وقد عاصروا نزول الوحيين ،وتلقوا التربية من القدوة
المطلقة -صلوات ﷲ وسالمه عليه ،ورضي ﷲ عنھم أجمعين -يوم بعثه ﷲ >بمكة<
فأخرج العباد من الظلمات إلى النور بإذن ربه ،يوم أخرجھم من عبادة العباد إلى عبادة
رب العباد ،ومن ضيق الدنيا إلى سعة اآلخرة ،ومن جور األديان إلى عدل اإلسالم .رأوه
فريدا قد اجتمعوا حوله وھو يقول :إني لكم نذير بين
ً وحيدا
ً وھو يقف على >الصفا<
استكبارا ،وقال
ً يدي عذاب شديد ،قولوا :ال إله إال ﷲ تفلحوا ،فأعرضوا وأصروا واستكبروا
عمهّ ً :
تبا لك سائر اليوم ،ألھذا جمعتنا؟ فتبت يداه ،ثم تبت يداه ،لم يتراجع رسول ﷲ –
صلى ﷲ عليه وسلم -ولم ييأس ،وما كان له ذلك؛ ألنه يعلم أنه على الحق ،ويستمر
ومجنه< في المواسم ،يقول:
عشر سنين يتبع الناس في منازلھم ،في >عكاظ< > َ َ ﱠ
من يؤويني ،من ينصرني حتى ﱠ
أبلغ رسالة ربي وله الجنة ،فال يؤويه وال ينصره أحد،
حتى أن الرجل ليخرج من >اليمن< أو من مضر فيأتيه قومه فيحذرونه غالم قريش ال
يفتنھم .حرب إعالمية ضخمة في الصد عن سبيل ﷲ تمارس ضد الدعوة إلى ﷲ في
كل زمان ومكان.
نبا
المضاء وما َ َ والسيف ما َ َ َ
فقد ُ ِ َ ُ مجدد ***
ُ والزمان
ُ والسر باقٍ
ﱡ
كيف ال يصدقون وقد عاصروا رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم -وما معه إال نفر قليل؛
خمسة أعبد وامرأتان فلم يھن ولم يضعف ولم يستكن وما كان له ذلك صلوات ﷲ
وسالمه عليه بل جاھد وجالد حتى كثر أصحابه وأوذي كما أوذوا في سبيل ﷲ فما
فرارا بدينھم ھجرتين إلى >الحبشة<
ً ضعفوا وما وھنوا وما استكانوا بل صابروا وھاجروا
ثم إلى >المدينة< رضوان ﷲ عليھم أجمعين عاصروا وعايشوا رسول ﷲ صلى ﷲ
عليه وسلم فكانوا له األعوان واألنصار آووه وصدقوه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه
عاصروا محنة الھجرة بقسوتھا وشدتھا عليھم كيف وھم يرونھم يفقدون أوطانھم
وأھاليھم مراضع الطفولة وحياتھم كلھا ويرون فوق ذلك قائدھم ورسولھم –صلى ﷲ
عليه وسلم -يقف أمامھم يخاطب >مكة< بالحزورة قائال ":وﷲ إنك لخير أرض ﷲ
األكفان َ ﱠ ُ ُ
حظكم ِ يكون سوى
ُ وھل
ْ حجتكم ***
األكفان ُ ﱠ ُ ُ
ِ سوى
يل لكم ھل ِ َ
و ٌ
إرثكم
اإلرث ُ ُ ُ
ُ ً
بالية *** ثم البسوھا ُ
وقولُوا األجداثِ
ْ اسلبوھا من
ُ ھيا
ﱠ
صدقوا ما عاھدوا فكان القرآن فيصال في المواقف التي يحار فيھا أولو األلباب ،ما كانوا
يرجعون إال إلى كتاب ﷲ؛ ففي يوم موت رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم -أصيب
المسلمون وفجعوا ،وفقد بعض الصحابة الصواب ،حتى قال :وﷲ ما مات ،فإذا بأبي بكر
مات الرسل َ َ ِ
أفإن ﱠ َ قبله ﱡ ُ ُ قد َ َ ْ
خلت ِمن َ ْ ِ ِ رسول َ ْ
محمد ِإال ﱠ َ ُ ٌ
وما ُ َ ﱠ ٌ
تربية القرآن ،إذا به يتلو ويقولَ َ ) :
أعقابكم( فعلموا بذلك أنه مات ،حتى أن بعضھم سقط ما كادت على َ ْ َ ِ ُ ْ
انقلبتم َ َ
قتل ْ َ َ ْ ُ ْ َْ
أو ُ ِ َ
تحمله رجاله ،وحق له ذلك ،ويختلف المسلمون بعد ذلك فيمن يخلف رسول ﷲ –صلى
ﷲ عليه وسلم ،-فقال المھاجرون :نحن أولى بخالفة رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه
منا أمير
وسلم -وقال بعض األنصار :نحن أولى بھا ،وقال بعضھم :بل تكون فينا وفيكم؛ ﱠ
ومنكم أمير ،وكادت تحدث الفتنة ونبي ﷲ ال زال بين ظھرانيھم ولم يدفن بعد ،وإذا
بأھل القرآن بكلماتھم الناصعة التي تئد الفتنة في مھدھا ينطقون ،إذا ]بزيد بن ثابت[ –
رضي ﷲ عنه -تربية القرآن يقول :يا معشر األنصار :إن رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه
أنصارا لرسول ﷲ –صلى ﷲ
ً وسلم -كان من المھاجرين ،فخليفته مھاجر مثله ،وكنا
أنصارا لخليفته ،ثم بسط يده إلى أبي بكر –رضي ﷲ عنه -وقال:
ً عليه وسلم -فنكون
ھذا خليفتكم فبايعوه ،فبايعوه فبايعوه ووئدت الفتنة في مھدھا .ھذا صدقھم مع كتاب
ﷲ ،أصلحوا سرائرھم ففاح عبير فضلھم ،وعبقت القلوب بنشر طيبھم .فا 9ﷲ في
ً
ومحدثا ،قبلناه صوتا
ً وتدبرا وعمال؛ ألننا جعلناه –ومع األسف -للمآتم
ً كتاب ﷲ قراءة
ادعينا حب من ُأنزل عليه القرآن،
وأكثرنا تقبيله ،وما قبلناه ولم يالمس شغاف قلوبنا ،ﱠ
ثم أحدثنا ما أحدثنا ،وكل محدث ضالل ،ومن عمل عمال ليس عليه أمر رسول ﷲ –
صلى ﷲ عليه وسلم -أو أحدث في أمر رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم -ما ليس
رد .فا 9ﷲ في القرآن ،وﷲ ﷲ في السرائر واألعمال وفق شرع الرحمن
منه فھو َ ﱞ
ﱡ
وتنكب األتباع صالح ظاھر وعلى طريقة خير األنام؛ فإنه ال ينفع مع فساد السرائر
ولقومك َ َ ْ َ
وسوف وإنه َ ِ ْ ٌ
لذكر ّ َ
لك َ ِ َ ْ ِ َ مستقيم * َ ِ ﱠ ُ
ْ َ ِ ٍ صراط إنك َ َ
على ِ َ ٍ إليك ِ ﱠ َ بالذي ُ ِ َ
أوحي ِ َ ْ َ )َ ْ َ ْ ِ ْ
فاستمسك ِ ﱠ ِ
ُون( صدقوا ما عاھدوا ،صدقوا في فقھھم لدينھم ،وفي طلبھم العلم ليعملوا به تسأَل َ
ُ ْ
ﱠ
وعلمه" فإذا براعي خيرا يفقھه في الدين" "وخيركم من تعلم القرآن
ً "ومن يرد ﷲ به
الغنم في باديته رأس ماله في الحياة غنيماته يتركھا يوم سمع بوصول رسول ﷲ –
صلى ﷲ عليه وسلم -إلى المدينة ،يتركھا وھي أعز وأنفس ما لديه في تلك الفترة؛
لينطلق إلى النبي –صلى ﷲ عليه وسلم -فيشھد شھادة الحق ،ويبايع المصطفى –
يوما
صلى ﷲ عليه وسلم -ثم يعود إلى غنيماته ،ويسلم معه اثنا عشر راعيا .اجتمعوا ً
من األيام وقالوا :ال خير فينا إن لم نقدم على رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم ليفقھنا
في ديننا ،ويسمعنا ما ينزل عليه من وحي السماء ،ثم اتفقوا على أن يمضي كل يوم
منھم واحد إلى المدينة ،فيتفقه في الدين ،ويسمع ما نزل من القرآن ،وما نزل من
واحدا تلو
ً األحكام ،فيرجع فينقله إليھم .يقول ]عقبة[ وھو أولھم :كنت أقول :اذھبوا
اآلخر وأنا أحفظ لمن ذھب غنمه؛ لشدة إشفاقه على غنمه أن يتركھا ألحد من الناس.
واحدا بعد اآلخر يذھبون ويرجعون فيأخذ عقبة منھم ما سمعوا ،ويتلقى عنھم ما
ً طفقوا
فقھوا .يقول عقبة :ثم ما لبثت بعد ذلك أن رجعت لنفسي ،وقلت :ويحك يا نفس ،من
أجل غنيمات ال تسمن وال تغني من جوع تفوت على نفسك صحبة رسول ﷲ -صلى
ﷲ عليه وسلم -واألخذ عنه مشافھة بال واسطة ،وﷲ ال يكون ذلك ،ثم يتنحى عن
أنفس ما لديه؛ عن غنمه ،لكن إلى الغنيمة فيلزم رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم-
وكثيرا ما أردفه –
ً أنى اتجه،
يمضي معه أينما سار ،يأخذ بزمام بغلته ،يمضي بين يديه ﱠ
صلى ﷲ عليه وسلم -على دابته ،وربما نزل –صلى ﷲ عليه وسلم -عن بغلته ليركب
يعب من مناھل رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم -العذبة حتى غدا مقرئا
عقبة .جعل َ ُ ﱡ
صوتا بالقرآن ،وكان إذا
ً شاعرا ،بل كان من أحسن الناس
ً فصيحا
ً أديبا
ً فرضيا ِّ ً
محدثا فقيھا َ َ ِ ً
ھدأ الليل ،وسكن الكون ،انصرف إلى كتاب ﷲ –عز وجل -ليقرأ ،فتصغي أفئدة الصحابة
لترتيله ،وتخشع قلوبھم ،وتفيض بالدمع أعينھم من خشية ﷲ –جل وعال -حتى كان
ً
شيئا من كتاب ﷲ ،فيجعل يقرأ من علي
ﱠ يدعوه عمر –رضي ﷲ عنه -ويقول :اعرض
آيات ﷲ ما يتيسر وعمر يبكي حتى تبلل الدموع لحيته .قاد الجيوش فكان قدوة قائدة،
مخلفا َ ِ َ
تركة ِّ ً وولي والية فعدل ،ورمى وتعلم الرمي ،وجاھد وجالد حتى لقي ﷲ
قوسا ،أوصى أن تكون في سبيل
ً المجاھدين الصادقين ،ما تركته؟ إنھا بضع وسبعون
ﷲ .فرضي ﷲ عنه وأرضاه ،وعن جميع أھل القرآن .صدقوا حتى قيل ألحدھم وقد
استغرق طلب العلم وكتابته وتبليغه وقته ،قيل له :إلى متى تكتب العلم؟ إلى متى
وأنت تكتب في تلك العلوم؟ فقال :لعل الكلمة التي فيھا نجاتي لم تكتب بعد .ما يدري
كثيرا ،ما يدري المرء متى يقول الكلمة أو
ً ً
خلقا المرء متى يقول الكلمة فيھدي ﷲ بھا
يكتب الكلمة الصادقة فتنجيه بين يدي ﷲ .صدقوا حتى إن أحدھم لتعاتبه زوجته على
كثرة شراء الكتب فيقول ھو ً ّ
رادا عليھا:
مال
ِ يمينك من
ُ الكتب *** ما َ َ ْ
حوت ِ أنفقت في
َ وقائلة
ٌ
آمنا بيميني
كتابي ً
ِ ألخذ
ِ يدلني
كتابا َ ُ
ً لعلي َ َ
أرى فيه *** فقلت دعيني ِ ّ
ُ
عالما من بين أقرانك وأترابك؟ قال :ألني أنفقت في
ً صدقوا حتى قيل ألحدھم :بم كنت
زيت المصباح ألدرس العلم في الكتب مثلما أنفقوا في شرب الخمور ،وفرق بين رھط
قد َ ْ َ َ
أفلح َمن َ ﱠ َ
زكاھا * بالعلم قد زكاھاُ َ ُ ،
وأخر بالمعازف ورنات الكؤوس والغفلة قد دساھا و) َ ْ
بالنفس والنفيس في سبيل ﷲ.
ﱠ دساھا( صدقوا ما عاھدوا ،صدقوا َ ﱡ
فضحوا خاب َمن َ ﱠ َ َ َ ْ
وقد َ َ
فتحملوا الجوع والعطش والبرد واألذى؛ لخدمة ھذا الدين .صبروا على االمتحان
ﱠ صدقوا
وآثروا العقيدة على نعيم الدنيا ،فتركوا أموالھم وعشيرتھم وأوطانھم وھاجروا فارين
ِّ
يخلد ﷲ ذكرھم في كتابه بما وصفھم بدينھم ،فرضي ﷲ عنھم وأرضاھم .استحقوا أن
به من عاطر الثناء ،وحفظ لھم قدرھم في األمة على مدى الزمان ،فإذا بأحدھم؛ وھو
]عبادة[ -رضي ﷲ عنه -يقول للمقوقس :وما منا رجل إال ويدعو ربه صباحا ومساء أن
يرده إلى بلده ،وال إلى أرضه ،وال إلى أھله وولده وماله ،وليس
يرزقه الشھادة ،وأال ﱠ
ھمنا ما
ﱡ م فيما ﱠ
خلفه ،وقد استودع كل واحد منا ربه أھله وولده وماله ،وإنما ھ ﱞ
ألحد منا َ
أمامنا .بذلوا أرواحھم في سبيل ﷲ حتى ال تكون فتنة ،ويكون الدين كله ،9فنحن
جميعا كذلك ،آمين يا رب العالمين .أحبتي في ﷲ؛ لم يكن طريق
ً كذلك؟ اللھم اجعلنا
ً
محفوفا باألخطار، مفروشا بالزھور والورود ،بل كان
ً معبدا،
ﱠ ً الصحابة ومن تبعھم بإحسان
ًّ
شاقا ال يجتازه إال الھمم الشامخة ،والرؤوس العالية التي امتحانا
ً وكان الدخول فيھا
حازت اإليمان واإلخالص والمجاھدة والجھاد.
م َ
واأللَ ِ ﱠ ْ ِ
والرمضاء السالسل
ِ عن
ِ ووالده ***
َ وعمارا
ً سلُوا بالال
َ
مر رجل ]بالمقداد بن األسود[ -رضي ﷲ عنه -فقال له :طوبى لھاتين العينين اللتين
رأتا رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم -وﷲ لوددنا أن رأينا ما رأيت ،وشھدنا ما شھدت،
محضرا غيبه ﷲ عنه ال يدري لو شھده
ً فقال المقداد :ما يحمل أحدكم على أن يتمنى
كبھم ﷲ على
أقوام ﱠ
ٌ رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم-
َ كيف يكون فيه ،وﷲ لقد حضر
مناخرھم في جھنم؛ إذ لم يجيبوه ،ولم يصدقوه ،أو ال تحمدون ﷲ إذ أخرجكم ال تعرفون
إال ربكم ،مصدقين بما جاء به نبيكم وقد كفيتم البالء بغيركم .وﷲ لقد بعث رسول ﷲ –
صلى ﷲ عليه وسلم -على أشد حال بعث عليه نبي من األنبياء في فترة وجاھلية ما
فرق به بين الحق والباطل ،وفرق به بين
دينا أفضل من عبادة األوثان ،فجاء بفرقان ﱠ
يرون ً
كافرا وقد فتح ﷲ قفل قلبه
ً الوالد وولده ،حتى إن الرجل ليرى والده أو ولده أو خاله
لإليمان ليعلم أنه قد ھلك من دخل النار فال تقر عينه وھو يعلم أن حميمه وقريبه في
أعين( لقد كان معظم وذرياتنا ُ ﱠ َ َ من َ ْ َ ِ َ ھب َ َ
قرة ْ ُ ٍ أزواجنا َ ُ ِّ ﱠ ِ َ لنا ِ ْ ربنا َ ْ
النار ،وإنھا للتي قال ﷲ َ ) :ﱠ َ
فقيرا فقد ترك ماله يشري نفسه ابتغاء مرضات ﷲ ،وكانت
ً الصحابة فقراء ومن لم يكن
الدولة الناشئة في المدينة ال تملك األموال ،فال مطمع لمن يدخل في دين ﷲ ،في
نيل المال أو الجاه أو أي عرض من أعراض الدنيا .ومن طريف الروايات التي تصور فقرھم
وحالھم ما أخرج ]البخاري[ في صحيحه عن ]سھل بن سعد[ –رضي ﷲ عنه -قال:
ً
سلقا –نوع من الخضار -فكان إذا جاء يوم منا امرأة تجعل لھا في مزرعة لھا
كانت ﱠ
الجمعة تنزع أصول السلقة ،وتجعله في قدر ،ثم تجعل معه قبضة من شعير تطحنه،
ِّ
فنسلم عليھا ،فتقرب لنا ذلك الطعام، قال سھل :فكنا ننصرف إليھا من صالة الجمعة
وﷲ إنا كنا لنتمنى يوم الجمعة من أجل ذلك الطعام ،ونفرح بيوم الجمعة ألجله مع أنه
ودك ،وما عند ﷲ خير وأبقى .ثم تجيل نظرك فإذا أنت ]بصھيب[
طعام ال شحم فيه وال َ َ
قد أزمع الھجرة للحاق برسول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم -لم يسعه أن يبق بعد رسول
ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم -فجھز له كفار قريش فرقة مراقبة تتابعه؛ لئال يذھب بماله،
وفي ذات ليلة أكثر من خروجه للخالء للتعمية والتغطية عليھم ،فما يلبث أن يعود من
الخالء حتى يخرج مرة أخرى ،وھم يراقبونه حتى قال قائلھم :لقد شغلته الالت والعزى
عينا الليلة ،أسلموا أعينھم َ َ
للكرى مطمئنين ،فتسلل صھيب من بينھم، ً ببطنه ،فقروا
ولم يمضِ إال قليل حتى فطن له أولئك ،فھبوا مذعورين قلقين فزعين خائفين ،وامتطوا
الخيل ،وأطلقوا أعنتھا خلفه حتى أدركوه ،ولما أحس بھم –رضي ﷲ عنه وأرضاه -وقف
جيدا -وبرى قوسه،
ً على مكان عال وأخرج سھامه من كنانته –وھم يعرفون صھيب
إلي حتى أقتل بكل
ﱠ وقال :يا معشر قريش ،تعلمون أني من أرمى الناس ،وﷲ ال تصلون
سھم منكم رجال ،ثم أضربكم بسيفي ما بقي منه بيدي شئ ،فقال قائلھم :وﷲ ال
فقيرا فاغتنيت وبلغت ما بلغت ،ثم تذھب
ً ً
صعلوكا ندعك تفوز بنفسك ومالك؛ لقد أتيتنا
ﱠ
فدلھم على به كال والالت ،قال :أرأيتم إن تركت لكم مالي أتخلون سبيلي ،قالوا :نعم،
مال أنفق زھرة العمر
ٍ فارا بدينه غير آسف على
موضع ماله ،وأطلقوا سراحه ،فانطلق ً
يستفزه ويحدوه الشوق إلى رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم -فلما بلغ
ﱡ في تحصيله.
وبش وقال " :ربح البيع أبا يحيى،
ﱠ فھش له
ﱠ قباء رآه رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم-
ربح البيع أبا يحيى ،ربح البيع أبا يحيى" .ﷲ ،ال الدنيا وشھواتھا وزخارفھا ولذائذھا
ً
وحقا وﷲ ربح البيع ومتعھا ال تساوي ربح البيع أبا يحيى ،علت الفرحة وجه صھيب،
رؤوفٌ ِ ْ ِ َ ِ
بالعباد( ثم انظر أخرى فإذا وﷲ َ ُ مرضاتِ ِ
ﷲ َ ُ نفسه ابتغاء َ ْ َ
يشري َ ْ َ ُ
الناسِ َمن َ ْ ِ
ومن ﱠ
)َ ِ َ
إيمانا يخالط دمه ،ويمازج
ً لبه ،ويؤمن
إسالما يملك عليه ﱠ
ً أنت بآخر ،إنه ]حكيم[ ،يسلم
عھدا أن يكفر عن كل موقف وقفه في الجاھلية ،أو نفقة
ً قلبه ،وھو يقطع على نفسه
بر في
أنفقھا في عداوة رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم -بأضعاف أضعافھا ،وقد َ ﱠ
َ َ ِ
قسمه ،وصدق فيما عاھد ،فإذا بك تتخيل وتنظر فإذا حكيم قد آلت إليه دار الندوة التي
كانت تعقد قريش مؤتمراتھا فيھا في الجاھلية ،ويجتمع ساداتھا وكبراؤھا فيھا ليأتمروا
برسول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم -تخيله وھو يتخلص من تلك الدار مسدال الستار
على ماض بغيض أليم ،ويبيعھا بمائة ألف درھم ،فيقول فتى من قريش :بعت مكرمة
يبق إال التقوى ،أو ما يسرك يا
َ قريش يا حكيم ،فقال :يا بني؛ ذھبت المكارم كلھا ،ولم
دارا في الجنة؟ إني أشھدكم أني جعلت ثمنھا في سبيل ﷲ؛
بني أن أشتري بھا ً
أرجو ذخرھا وبرھا عند ﷲ ،وربح البيع ،ثم أنظر إليه أخرى يوم يحج بعد ذلك ،فيسوق
تقربا إلى ﷲ تعالى ،وال
ً أمامه مائة ناقة مجللة باألثواب الزاھية ،ثم ينحرھا جميعھا؛
تعجب يوم يحج ثانية فيقف في عرفات ومعه مائة من عبيده قد جعل في عنق كل واحد
جميعا على عرفات،
ً ً
طوقا من فضة ،نقش عليه عتقاء - 9عز وجل -ثم يعتقھم منھم
ويسأل ﷲ -عز وجل -أن يعتق رقبته من النار ،ثم يحج ثالثة فيسوق أمامه ألف شاة،
تقربا - 9عز وجل-
ﱡً ثم يريق دماءھا كلھا في منى ،ويطعم بلحومھا فقراء المسلمين؛
فال تنساه البطون الجائعة ،وال األكباد الظامئة ما دام على األرض بطن جائع أو كبد
ظمأى.
النعم
بك ِّ َ ُ
ضاقت َ
التبرع ال َ ْ
ُ بائدة *** أين
ٌ العيشِ واألمو ُ
ال ناعم َ
َ يا
كان المال في أيديھم ال يدور عليه الحول حتى ينفقه في سبيل ﷲ
يستبق
ُ يمر عليھا وھو
ﱡ لكن
سرتھم *** ِ ْ
المضروب ُ ﱠ
ُ الدرھم
ُ يألف
ُ ال
كبر حكيم بعد أن قدم ما قدم ،وذھب بصره باحتسابه ،9ونزل به الموت ،واشتد وجعه،
محمدا رسول ﷲ ويقول :أخشاك ربي وأحبك،
ً وإذ به يشھد أن ال إله إال ﷲ ،وأن
أخشاك ربي وأحبك ليلقى ﷲ .رضي ﷲ عنه وأرضاه ،وجعل أعلى ِ ّ
عليين مثواه ،ورحم
ﷲ أولئك الرجال ،طلبوا الدنيا على قدر مكثھم فيھا ،وطلبوا اآلخرة على قدر حاجتھم
إليھا .لم يضحوا بأموالھم فحسب ،بل ضحوا بدمائھم في سبيل ﷲ؛ رجاء ما عند ﷲ،
عند ِ
ﷲ َباقٍ( وصدقوا فإذا أنت بشاب ناضر وما ِ َ
ينفد َ َ
عندكم َ َ ُ
وما عند ﷲ خير لألبرار ) َما ِ َ ُ ْ
الشباب مؤمن با 9اسمه ]حبيب[ يكلف بمھمة شاقة؛ ليكون رسوال لرسول ﷲ –صلى
وان وال متريث وال متردد،
ﷲ عليه وسلم -إلى ]مسيلمة الكذاب[ ،يأخذ الرسالة غير َ ٍ
النجاد ،وتحطه الوھاد حتى يبلغ أعالي >نجد< ،ويسلم الرسالة إلى مسيلمة،
ترفعه ِّ
خيرا ألسمعه .أمر بحبيب أن
ً فلما قرأھا انتفخت أوداجه ،وبدا شره ،ولو علم ﷲ فيه
يقيد ،وأن يعرض عليه من الغد ،وما ضر حبيب وقد بلغ رسالة الحبيب –صلى ﷲ عليه
وسلم -لما كان الغد أذن للعامة بالدخول عليه ،وأمر بحبيب فجيء به يرسف في قيوده
وسط جموع الشرك الحاقدة ،مشدود القامة ،مرفوع الھامة ،شامخ األنف بإيمانه،
محمدا رسول ﷲ؟ قال :نعم ،أشھد أنه رسول
ً التفت مسيلمة إليه وقال :أتشھد أن
ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم -فتميز من الغيظ وقال :أتشھد أني رسول ﷲ –وخسئ-؟
فقال حبيب في سخرية :إن في أذني صمم عن سماع ما تقول ،فيتغير لون وجھه،
ً
وحنقا ليقول لجالده :اقطع قطعة من جسده ،فبتر الجالد قطعة ً
غيظا وترتجف شفتاه
محمدا رسول
ً من جسده لتتدحرج على األرض ،ثم أعاد مسيلمة السؤال ،أتشھد أن
ﷲ؟ قال :نعم -صلى ﷲ عليه وسلم -قال :أتشھد أني رسول ﷲ؟ قال :إن في أذني
صمم عن سماع ما تقول ،فأمر بقطع قطعة أخرى من جسده لتتدحرج على األرض،
فشخصت الناس بأبصارھا مدھوشة مشدوھة من تصميم ھذا الرجل وثباته؛ إنه الثبات
محمدا رسول ﷲ،
ً من ﷲ ،مضى مسيلمة يسأل والجالد يقطع وحبيب يقول :أشھد أن
قطعا منثورة على األرض ،ثم فاضت روحه وھو يردد محمد رسول ﷲ -صلى
ً حتى صار
ﷲ عليه وسلم ،-محمد رسول ﷲ ،محمد رسول ﷲ.
َ َ ِ
باألجم اعتصام ﱠ ِ
الليث ِ ثل
بالقلب م َ
ِ معتصم ***
ٌ فاإليمان
ُ الجسم
َ عذبوا
إن ﱠ
ثم يأتي الخبر ألمه -ويا لھول الخبر جدير بأمھات المسلمين وبأمھات الشباب والشابات
إربا وھو يقول:
إربا ً
أن يقفن مع ھذه األم لندرس سيرتھا يوم جاءھا خبر ابنھا الذي قطع ً
محمد رسول ﷲ ،اسمع إلى ذلك المحضر الخالد لذلك الرجل -ما زادت –وﷲ -يوم
جاءھا الخبر على أن قالت :من أجل ھذا الموقف أعددته ،وعند ﷲ احتسبته ،لقد بايع
كبيرا ،فحمدت ﷲ -
ً ﱠ
ووفى له اليوم صغيرا،
ً الرسول -صلى ﷲ عليه وسلم -ليلة العقبة
كثيرا
ً سبحانه وتعالى-
رجال
ِ النساء على ال
ُ لفضلت
كمن ذكرنا *** ُ ِ ّ ِ
ْ النساء
ُ كان
َ فلو
للھالل
ِ فخر
ٌ التذكير
ُ عيب *** وال
ٍ السم الشمسِ
ِ التأنيث
ُ وما
ھل وقفت عاجزة تبكي ابنھا وتندب حظھا؟ ال ،بل في يوم اليمامة كانت تشق الصفوف
كاللبؤة الثائرة تنادي :أين عدو ﷲ مسيلمة؟ فوجدته مجندال على األرض ،سيوف
غافال ً َ ﱠ
عما ﷲ َ ِ عينا ) َوال َ َ ْ َ َ ﱠ
تحسبن َ ً قرت
نفسا ،و ﱠ
ً المسلمين قد ارتوت من دمه ،فطابت
األبصار( مضى حبيب ومسيلمة مضى
فيه ْ َ ُ
تشخص ِ ِ
ليوم َ ْ َ ُ
يؤخرھم ِ َ ْ ٍ
إنما ُ َ ِ ّ ُ ُ ْ ﱠ ِ ُ َ
الظالمون ِ ﱠ َ يعمل
َْ َ ُ
وشتان ما بينھما ،فريق في الجنة ،وفريق في السعير.
ﱠ حبيب ومسيلمة إلى ربھما،
رضي ﷲ عنھم؛ ضحوا بكل شئ ،وصدقوا ﷲ فصدقھم ﷲ ،وأقر أعينھم بنصرة دينه
وإعالء كلمته .مواكب تتلوھا مواكب من صحابة رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم.-
عال من األطم
ٍ البحر أو
ِ من
يزعزعھا *** عاتٍ َ
سارت ال ُ َ ْ ِ ُ َ
َ ْ مواكب ﷲ
ُ
العدم الخالئق والدنيا َ
إلى َ َ ِ َ أن
علموا *** ﱠ
ُ فقد
ْ يھتفون لمخلوقٍ
َ ال
فإذا أنت ترى أحدھم وھو ]عقبة بن نافع[ على أطراف غابة >القيروان< ينادي يخاطب
السباع والھوام ويقول :نحن أصحاب رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم -جئنا لننشر دين
ﷲ في األرض فأخلي لنا المكان ،فتخرج السباع والھوام ،تخرج حاملة أوالدھا على
ظھورھا؛ لتخلي المكان لجند ﷲ؛ كرامة من ﷲ ،أطاعوا ﷲ فطوع ﷲ لھم كل شئ؛
ليبني مدينة >القيروان< في تلك الغابة ،ال ليركن إليھا ويجلس فيھا ويتنعم بھا ،بل
فاتحا في األرض حتى يقف بقوائم فرسه في أطراف المحيط األطلسي
ً ينطلق بعد ذلك
ليقول كلمته الخالدة وقوائم فرسه قد ابتلت بمياه المحيط األطلسي يقول :وﷲ لو كنت
وأقواما لخضته في سبيل ﷲ؛ ألنشر دين ﷲ .وإذا ]بقتيبة[
ً أرضا
ً أعلم أن وراء ھذا البحر
في الجانب اآلخر في شرق الكرة األرضية ذاك في غربھا وھذا في شرقھا يفتح المدن
والقلوب ،حتى يقف على أطراف مملكة >الصين< ويقسم با 9ليطأن بأقدام فرسه
تلك المملكة ،ويسمع ملكھا فيھلع ويخاف ويجزع ،ويعلم أن ھؤالء إذا قالوا فعلوا،
ليبر قسم قتيبة ،وتطأ خيل قتيبة
ﱠ فيرسل ِ َ ً
صحافا من ذھب مملوءة بتربة أرض الصين؛
تلك التربة ،وتكون الصحاف مقدمة الجزية ،وأربعة من أبنائه يوضع عليھم وسام
المسلمين فيا !9
أطماره
ِ الضيم في
َ ُ ْ ِ
سيطوي فجرا
ً إن ِ َ ِ
لليلنا *** الضيم ﱠ
َْ ِ حماة
َ مھال
وإذا بكم بعد فترة تتخيلون وتقرؤون ،خليفة المسلمين يخاطب السحابة وھو على
أنى شئت؛ فسوف يأتيني خراجك .صارت الكرة األرضية ما بين
كرسيه ،ويقول :أمطري ﱠ
صاغر.
يد وھو َ ِ ٌ
عن ٍ
الجزية ْ
َ يدفع
ُ مسلم ً
حقا وكافر
خلفاء
َ كانوا ُ
وللمعروف ُ
ِ َ وللعدل ***
ِ للھدى كانوا أذالء
السماء
َ يرمون
َ بطون األرضِ
ِ صارخ النتفضوا *** ِمن
ٌ ولو دعاھم
خالء
فتركناه َ
ُ جئنا
ثم ِ
معمورا لنا *** ُ ﱠ
ً المنزل
َ تركوا
ُ
فخباء
خباء َ
فنقضناھا َ َ ً
َ ً
أخبية *** العز لنا
ضربوا ِ ﱠ
ُ
ومع ھذا
جديد ﱠ
الظالم َ ِ فجر في
ٍ عابثا َ َ َ
فترقبي *** بسمات ً طال ليلُك
َ إن
يا أمتي ْ
نفاره
ِ ِ قبل
َ الرئبال
ھدأة ِّ ِ
ُ ھي
َ وإنما ***
ﱠ الحقِ عنك
ّ جفن
ُ نام
ما َ
لعلھا ھدأة األسد قبل نفاره .صدقوا ما عاھدوا ،صدقوا في التجرد ،9وطلب األجر
أعرابيا قسم
ً العظيم من ﷲ ،وأنعم به من تطلع ال يعدله شئ من تكريم الدنيا" .صح أن
غائبا ،فلما حضر أعطوه
ً له النبي -صلى ﷲ عليه وسلم -في >خيبر< من الغنيمة وكان
قسم له ،فجاء األعرابي للنبي -صلى ﷲ عليه وسلم -وقال :يا رسول ﷲ ،ما على
ما ُ ِ
ھذا اتبعتك ،ولكني اتبعتك على أن أرمى ھاھنا بسھم فأدخل الجنة ،وأشار إلى حلقه،
فقال -صلى ﷲ عليه وسلم -إن تصدق ﷲ يصدقك ،فلبثوا قليال ،ثم نھضوا لقتال العدو،
وكان له ما أراد ،إذ أوتي به يحمل وقد أصابه سھم حيث أشار ،فجعل النبي -صلى ﷲ
عليه وسلم -يقول :أھو ھو؟ قالوا :نعم ،قال :صدق ﷲ فصدقه ﷲ ،ثم كفنه النبي –
صلى ﷲ عليه وسلم -بجبته وصلى عليه ،ودعا له ،ثم قال :اللھم ھذا عبدك ،خرج
شھيدا وأنا عليه شھيد" .أرادوا ﷲ فشمخت نفوسھم إلى
ً مجاھدا في سبيلك ،قتل
ً
رضوان ﷲ ،فترفعوا عن الدنيا حتى قال قائلھم؛ وھو ]جابر بن عبد ﷲ[ :والذي ال إله إال
ھو ،ما اطلعنا على أحد من أھل >القادسية< أنه يريد الدنيا مع اآلخرة .وھاھو ]أبو
ودّ[؛ فارس العرب بال منازع
علي[ –رضي ﷲ عنه -يوم الخندق يرى ]عمرو بن ٍ
ّ الحسن
علي لمبارزته ،فيندب الثانية
ﱞ وھو يجتاز الخندق ،ويندب المسلمين للمبارزة ،فيتقدم
وقد استصغر ]علي[ فيخرج له علي ،فيندب الثالثة للمبارزة فما لھا إال علي ،فيقول
منصورا ،فكان اللقاء وما ھو إال
ً النبي –صلى ﷲ عليه وسلم -فيما روى عنه أخرج إليه
قليل وھما يصطرعان وإذ بعلي يعلوه بالسيف ،ويوم عاله بالسيف بصق عمرو في
عجبا ألمرك ُ ٍّ ْ َ
مكنت مني بشيء لم ً وجھه ،فيتركه علي دون أن يقتله ،فقال له عمرو:
تحلم به العرب ،ثم تتركني فقال علي :كنت أريد قتلك لوجه ﷲ يا عدو ﷲ ،فلما بصقت
في وجھي ثارت نفسي وطالبتني بالثأر ،فخشيت أن يكون قتلك لنفسي ،ووﷲ ما
أريده إال .9ما أبلغه من كالم! ما أعظمه من تفكير! ما أحاله من خلق أصيل! ترفع عن
تربى علي؟ تربى في حجر رسول ﷲ
حظوظ النفس ،وسفاسف األمور ،وال غرابة ،فأين ﱠ
-صلى ﷲ عليه وسلم -فھو ربيب اإلخالص والتجرد والصدق.
ينسب
ُ حتما ُ
ً لألصل
ِ والفرع
ُ يستغرب ***
ُ معدنه ال ُ
ِ ِ واألمر من
ُ
صدقوا ما عاھدوا فاتھموا أنفسھم وھضموھا وروضوھا على مقابلة الجھل بالحلم،
العجب والكبر والغرور فعاشوا سعداء،
والحمق بالعقل ،واإلساءة باإلحسان والعفو .ركلوا ُ ْ
وماتوا شھداء .في حضور يقال ألحدھم :يا مراءٍ ،فيقول :متى عرفت اسمي؟ ويقال
آلخر وقد ازدحم الحجاج ،وبلغت القلوب الحناجر يقول أحد الذين بجواره :وﷲ ما أظنك إال
رجل سوء ،فيقول :ما عرفني إال أنت ،ما عرفني إال أنت .ويؤتى بالثالث يقف يوم عرفة
خاشعا قلوب الخلق وألسنتھم تجأر إلى ﷲ أن يعتق الرقاب
ً خاضعا
ً آخر النھار متذلال
من النار ،فإذا به تصفو نفسه ،ويرق قلبه ،فيتذكر ذنوبه وخطاياه -ويا لھا من ذنوب
صغار ،وخطايا صغار -فيقول :ال إله إال ﷲ ما أشرفه من موقف وما أرجاه! لوال أني فيھم
قلت :قد غفر ﷲ لھم ،اللھم ال تردھم من أجلي ،اللھم ال تردھم من أجلي.
وبقينا ُ َ َ
أسراء ً عقال
من ُ َ ٍ الذي ْ ُ ْ
أطلقھم *** ِ ْ شعري ما ﱠ ِ
ليت ِ ْ ِ
َ
وماء
طينا َ
ً لسنا ُكل َُنا
أو ْ َ
واغتررنا *** َ
عجبنا ْ َ َ ْ َ
نحن َ ِ َ
ُ ما لنا
لو تبعنا الھدى آثارھم *** النطلقنا وسمونا للعالء
صدقوا ما عاھدوا فعفوا وصفحوا .وھبوا النقص للفضل ،واإلساءة لإلحسان ،فصفت
سرائرھم ،ونصعت سيرھم ،وسلمت صدورھم ،ولھجت أنفسھم ال تجعل في قلوبنا
غال للذين آمنوا ،كل ذلك يرجون ما عند ربھم .يقال ألحدھم :إن فالنا من الناس يقع
ضعيفا( ثم يقال
كان َ ِ ً ﱠ ْ َ ِ
الشيطان َ َ إن َ ْ َ
كيد السيئ ِإال ﱠ ِ َ ْ ِ ِ
بأھله( ) ِ ﱠ ﱠ ِّ ُ يحيق ْ َ ْ ُ
المكر فيك فيقولَ ) :وال َ َ ِ ُ
وسب وشتم :أال تدعو على من ظلمك وسبك وشتمك؟
وبھت ُ ﱠ
له أخرى وقد ظُلم ُ ِ
فيقول :من دعا على ظالمه فقد انتصر ،إن رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم -يقول":
يسب أحدھم ويشتم بما ليس فيه فيقول :إن كنت ﱡ اصبروا حتى تلقوني على الحوض"ُ .
فالنا يقع فيك ويقول
ً كاذبا فغفر ﷲ لك .ويقال للثالث :إن
ً ً
صادقا فغفر ﷲ لي ،وإن كنت
فيك كذا وكذا ،ويذكرك بسوء ،فيقول :رجل صالح ابتلي فينا فماذا نعمل؟ من تعدى
حدود ﷲ فينا لم نتعد حدود ﷲ فيه ،العفو أفضل ،ما ينفعك إن يعذب أخوك المسلم
بسببك؟ لكن تعفو وتصفح وتغفر فيغفر ﷲ لك .أيھا األحبة؛ إن مكانة المؤمن أعز من أن
يتساوى في الظاھر مع ظالمه ،بل يرى أن من الدين والمروءة أن يدعى إلى أن يشمخ
على من يبدي اإلسفاف ،ويترفع عن موقف يقوده إلى رفع صوت أو إثارة فضول أو جدل
ً
ھدفا ويجمع الجموع ليرجموه معه ،ترى بعضنا أو لجاج .وبعضنا -ويا لألسف -يتخذ أخاه
يرفع ويخفض ،ويجرح ويعدل ويشي .
وعى
من َ َ ولكن مالمي َ َ
على َ ْ ْ وشى ***
من َ مالمي َ َ
على َ ْ وليس َ ِ
اللوم على من يمنح اآلذان الصاغية للوشاة وألولئك .وا أسفاه يوم يسود عرف التفاضح،
لقبا بتجريح إخوتك ،إنما
ويوم تسترخى بيننا أيدي التصافح ليس المنزلة -وﷲ -بأن تنال ً
حيزا ،أن تنادي مالئكة السماء أھل األرض :أن
المنزلة أن تحتل في قلوب المؤمنين ِ ّ ً
أحبوا فالنا .صدقوا ولم نصدق ،قلوب امتألت بخشية ﷲ ،وقلوب امتألت بمحبة ﷲ،
ترجو ما عند ﷲ ،ال تتسع لحقد أو ضغينة أو حسد لخلق ﷲ ،بل –وﷲ -كانوا مشفقين
على عباد ﷲ؛ يعلمون الجاھل ،وينبھون الغافل مغتنمين كل فرصة ،مستفيدين من كل
مناسبة .يمر ]أبو الدرداء[ بجماعة تجمھروا على رجل يضربونه ويشتمونه ،فقال لھم :ما
الخبر؟ قالوا :وقع في ذنب كبير ،قال :أرأيتم ولو وقع في بئر أفلم تكونوا تستخرجونه
وبصروه ،واحمدوا ﷲ الذي
ِّ عظُوه
منه؟ قالوا :بلى ،قال :فال تسبوه وال تضربوه ،لكن ِ
عافاكم من الوقوع في مثل ذنبه ،قالوا :أفال تبغضه؟ قال :إنما أبغض فعله ،فإذا تركه فھو
أخي ،فأخذ الرجل ينتحب ويعلن توبته وأوبته ،ليكون في ميزان أبي الدرداء -رضي ﷲ
تعفوا ﷲ َ ُ ْ
لكم( ) َ ِ
وإن َ ْ ُ تحبون َأن َ ْ ِ َ
يغفر ُ وليصفحوا َأال َ ُ ِ ﱡ َ
وليعفوا َ ْ َ ْ َ ُ
عنه -يوم يقف بين يدي ﷲ ) َ ْ َ ْ ُ
رحيم( صدقوا في حبھم لرسول ﷲ -صلى ﷲ عليه غفور ﱠ ِ ٌ ﷲ َ ُ ٌ وتغفروا َ ِ ﱠ
فإن َ وتصفحوا َ َ ْ ِ ُ
ََ ْ َ ُ
وسلم -فحرصوا على رؤيته وصحبته ،وقد كان َ ْ
فقد صحبته ورؤيته -صلى ﷲ عليه
وسلم -أشد عليھم من كل شئ ،أحبوه ،بذلوا المال والنفس والنفيس دونه -صلى ﷲ
وذبوا عن شريعته،
عليه وسلم -أحبوه فامتثلوا أمره واجتنبوا نھيه ،أحبوه فنصروا سنته ،ﱡ
وما أحدثوا في حبه ما لم يشرع .فليحذر الذين ادعوا حبه ولم يتبعوه واتبعوا أھواءھم أن
تصيبھم فتنة أو يصيبھم عذاب أليم .لقد سد ﷲ -سبحانه وتعالى -دون جنته الطرق
ﷲ( أحبوه
يحببكم ُ ﷲ َ ﱠِ ُ ِ
فاتبعوني ُ ْ ِ ْ ُ ُ تحبون َ
تم ُ ِ ﱡ َ
قل ِإن ُكن ُ ْ
فلن تفتح الجنة ألحد إال من طريقه ) ُ ْ
حتى جاء أحدھم إليه يفكر فيما بعد موت رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم -ويقول :يا
رسول ﷲ؛ إنك ألحب إلى من نفسي ومن ولدي ،وإني ألكون في البيت فأذكرك فما
أصبر حتى آتي فأنظر إليك ،فإذا ذكرت موتي وموتك عرفت أنك إذا دخلت الجنة رفعت
مع النبيين ،وأنا إن دخلت الجنة خشيت أال أراك ،فلم يجبه -صلى ﷲ عليه وسلم-
من ﷲ َ َْ ِ
عليھم َ الذين َ ْ َ َ
أنعم ُ مع ﱠ ِ َ والرسول َ ُ َ ِ َ
فأولئك َ َ ﷲ َ ﱠ ُ َ يطعِ َ
ومن ُ ِ
ليتنزل الجواب قرآنا يتلى ) َ َ
رفيقا( ويقول –صلى ﷲ عليه وحسن ُ َ ِ َ
أولئك َ ِ ً والصالحين َ َ ُ َ
والصديقين والشھداء َ ﱠ ِ ِ َ
النبيين َ ِ ّ ِّ ِ َ
ﱠ ِ ِّ َ
ً
شيئا يا ربيعة ،قال :أسألك مرافقتك في الجنة ،قال – وسلم] -لربيعة األسلمي[ :سل
صلى ﷲ عليه وسلم :-أو غير ذلك ،قال :ما ھو إال ذاك ،قال :فأعني على نفسك بكثرة
السجود .كان الناس يسألون ما يمأل بطونھم ،ويواري جلودھم مما ھم فيه ،أما المحب
فال يريد إال مرافقة حبيبه في الدنيا واآلخرة .وبعد عام من وفاته –صلى ﷲ عليه وسلم-
بعد عام يقف أبو بكر –رضي ﷲ عنه -على المنبر ويقول :سمعت رسول ﷲ -صلى ﷲ
عليه وسلم -في ھذا الموقف من عامي األول ،ثم استعبر أبو بكر وبكى ،ثم قال أخرى:
سمعت رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم -فلم يملك أن خنقته العبرة فبكى ،ثم قال
ثالثة فخنقته العبرة فبكى ،ثم قال :ال يسمع صوته من نشيجه ،قال :صلى ﷲ عليه
ً
شيئا بعد كلمة اإلخالص مثل العافية ،فسلوا ﷲ العافية .نسأل ﷲ وسلم ،لم تؤتوا
العافية .أما ]سعد بن الربيع[ فھو في آخر رمق يجده ]زيد[ بين القتلى ،وإذا به يقول:
ِّ
بلغ رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم -مني السالم ،وقل له :إني ألجد ريح الجنة ،وقل
لقومي األنصار :ال عذر لكم عند ﷲ أن يخلص إلى رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم-
شْفر يطرف .واآلخر يقول يوم أحد وقد كان يقوم النبي -صلى ﷲ عليه وسلم-
وفيكم ِ
ويجالد فيقول :ال تشرف يصبك سھم ،نحري دون نحرك يا رسول ﷲ .أحبوا فامتثلوا
فمر رجل صلى
ﱠ أوامره .فبينما بعضھم يصلي صالة العصر إذ حولت القبلة إلى الكعبة،
مع النبي -صلى ﷲ عليه وسلم – عليھم ،فقال :أشھد أني صليت مع رسول ﷲ -
صلى ﷲ عليه وسلم -وقد وجه إلى الكعبة ،فانحرفوا وھم ركوع في الصالة ،في صالة
منتھون( فھل َ ْ ُ
أنتم ﱡ َ ُ َ العصر تأسيا برسول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم .-نزل تحريم الخمر ) َ َ ْ
فأريقت الخمر حتى جرت بھا سكك المدينة ولسان حالھم ومقالھم :انتھينا انتھينا .خلع
-صلى ﷲ عليه وسلم -نعليه وھو يصلي فألقوا نعالھم وراءه ،فسألھم لم فعلتم ذلك؟
يوما
قذرا .يقول ً
ً قالوا :رأيناك ألقيت فألقينا ،فأخبرھم أن جبريل أتاه فأخبره أن فيھما
]وابن رواحة[ قادم إلى المسجد يريد الدخول :اجلسوا عباد ﷲ ،أو كما قال –صلى ﷲ
عليه وسلم -فيجلس ابن رواحة خارج المسجد ،ما وسعه إال االستجابة ألمر رسول ﷲ
–صلى ﷲ عليه وسلم .-أبو بكر –رضي ﷲ عنه -بعد وفاة رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه
وأخيرا وبعد ھذه الجولة في رياضھم فإني أدعو الجميع من خالل ما سمعتم إلى أمور
وأسأل ﷲ –عز وجل -أال نكون من الذين إذا نزلوا بقوم ما خرجوا من عندھم حتى
يدعون ﷲ –عز وجل -أن يفرج عنھم .اسمعوا إلى ھذه األمور :ھذه أمور من خالل ما
ذكر أريد أن أنبه إليھا ولعلھا خالصة.
ِّ
تعظمه النية ،ورب فرب صغير
ﱠ كثيرا ،وأحسنوا النية؛
ً أوال :ال تستقلوا قليال ،وال تستكثروا
ً
حديثا ألھل ،أو كالم لطفل، عظيم صغرته النية .والقليل أولى من القعود ،حتى لو كان
نصحا لرفيق في عمل ،أو استماع كلمة أو
ً تبسما لجار ،أو
ً مسحا لرأس يتيم ،أو
ً أو
محاضرة أو قراءة قرآن ،حتى لو كان ذلك في السيارة .وداوم فأحب العمل أدومه وإن قل
يعمل
ومن َ ْ َ ْ
يره * َ َ
خيرا َ َ ُ
ذرة َ ْ ً
مثقال َ ﱠ ٍ وكل ذلك يكسب األجر ويلحق بالركب ) َ َ
فمن َ ْ َ ْ
يعمل ِ ْ َ َ
يره( ذرة َ ً ّ
شرا َ َ ُ مثقال َ ﱠ ٍ
ِْ َ َ
ثانيا :إذا فرغت فانصب ،إذا فرغت من طاعة فانصب في طاعة أخرى ،ألحق العمل
ً
بالنصب ،وال تغتر بالرأي؛ فالحكمة ضالة المؤمن ،وھو أولى بھا .ما ضرك
بالعمل ،والتعب َ َ
كتابا لتقرأه وتلخصه ،أو تستمع
ً أيھا المؤمن؟ بدال من صرف الوقت فيما ال ينفع أن تتناول
لمحاضرة ،أو تطالع في سير الصحابة ،وما أكثر األعمال! ،بل وﷲ أين األوقات .زيارة
ً
تعرفا على تاجر يعين أنشطة نھيا عن منكر،
أمرا بمعروف ،أو ً ً
صديقاً ، تكسب فيھا
درسا للزوجة واألطفال ولو
ً الدعوة اإلسالمية بماله ،بحثا عن شيخ يؤثر في مستمعيه،
وتذكرا لآلخرة ،حضور الجنائز ،كثرة السنن ،قيام
ً ذكرا
ً بالقراءة من كتاب ،زيارة للمقابر،
الليل ،صيام التطوع ،صدقة السر ،كل ذلك يكون في غير توان وال بطالة؛ فإن التواني
والبطالة -وﷲ -ال يولدان إال الخزي والندامة على حد قول القائل:
غالمة
غالما مع ُ َ َ َ َ
فأولدھا ُ ً بالتواني ***
ِ تزوجت البطالة
الندامة
سموھا ﱠ َ َ
البنت ّ ْ َ
ُ بفقر *** وأما
ٍ سموه
فأما االبن َ َ ْ ُ
ﱠ
إن تيار الحياة محدود ،وفرصة العيش بھا قصيرة ،فسددوا وقاربوا وال تجھدوا أنفسكم
فتملوا وتتركوا ،ولكم كما قيل :يمشي الھوينا ويجيء في األول.
ثالثا :ال تستعجلوا؛ فإن االستعجال يقود إلى الفشل فتضطر إلى تكرار العمل ،فلو
جمعت الوقت األول مع وقت اإلعادة لكان أطول من وقت واحد .أقول ھذا لبعض
المتعجلين الذين يتھمون أھل األناة بالتباطؤ؛ ألنھم ھم يستعجلون ،وليتھم يفلحون
لسانا يكفون ،وفي
ً ظھرا يبقون ،وال
ً أرضا يقطعون ،وال
ً ويعملون ،لكن ال حاجة يدركون وال
ذلك يستعجلون
إبطائنا سرع
َِ بطاء وفي
ٌ يحسبنا *** أنا
َُ القوم
ِ وبعض
ُ األناة
ُ منا
ً
فارغا ليس في عمل دنيا وال آخرة، رابعا :إياكم والفراغ؛ فإن من مقت اإلنسان أن يكون
والوقت ھو الحياة ،فال يضيع ،وما ھذا المخيم إال مساھمة في استغالل الوقت
وثوان
ِ دقائق
ٌ الحياة
َ إن
دقات قلب المرء قائلة له *** ﱠ
خامسا :إذا فتح ألحدكم باب خير فليسرع إليه؛ فإنه ال يدري متى يغلق عنه ذلك الباب
ً
إذا ھبت رياحك فاغتنمھا *** فإن لكل خافقة سكون
سادسا :إن حياة بعض األخيار ال تخلو من ذنوب تضخم أحيانا لحاجة في نفس ،ولكني
ً
أخيارا .إن التوبة تعدل ذلك كله وال ضير،
ً أقول لألخيار :ووﷲ ما أظن من حضر إال
فصاحب التوبة بكل حال في خير ،وكل منصف يعلم أن الكثير من أبناء األمة غثاء غفالت
وشھوات شطط وفساد وعدوان وعداوات ،فيھم كل منخنقة وموقودة ومتردية ونطيحة
لوثه الربا ،وأذھله الخمر ،واألخيار -وما أنتم إال جزء من
وما أكل السبع ،فيھم من ﱠ
أحدا؛
ً ِّ
نزكي أحدا ،وال
ً ننزه
األخيار -رغم كل شيء ھم أھل المناقب والصدق والعفة ،وال ِّ
فكلنا ذوو خطأ .من لم يلحظ ھذا فھو عن ميزان العدل ناكب ،يليق بكم –يا أيھا األخيار-
أن تثقوا بأنفسكم أنكم أمثل من على الساحة ،وأنكم أھل لإلصالح ،وأھل لألمر
بالمعروف والنھي عن المنكر ،أھل ألن تأخذوا الزمام ،فال تلتفتوا إلى وسوسة شيطان
مخذل ،ولكن اعملوا ومن أخطأ فليتب .ووﷲ ،ثم وﷲ ،ثم وﷲ
ِّ أو أكاذيب مال ،أو تخذيل
أحجم ،وإذا أعربتم أعجم ،ألحقوا العمل
ال يسعكم القعود ،ابرؤوا ممن إذا أقدمتم ْ َ
بالعمل؛ فالعمل يدفع إلى العمل ،والحسنة تقود إلى الحسنة ،والحركة ِ ّ
تولد الحركة،
والطاعة تجلب الطاعة ،وليكن لسان حال الواحد منا:
َ ِ
العيلم العواصف ِفي تتيه *** ِ َ ْ
بھوجِ َ َ ِ ِ أن َ ِ َأمتي ْعلى ﱠ ِ أغار َ َ
ُ
لغة َ َ ِ
األبكم ُ وتطربھا
ُ صماء َ ْ ُ َ ً
مضرورة *** وتقعد َ ﱠ َ
ْ ُ ُ
األقدم
َ ِ والواجب
ِ الفرضاألمور *** عن َ
ِ سفسفات◌
َ ِ ُ وتشغل َُھا َ ْ
َ ْ َ
وتصبح ِفي َ ْ َ ِ
مأتم وتمسي ُ ْ ِ ُ
ِ ﱡ َ
بالضحى *** ُ وتدفن َ َ َ
آمالھا ْ ِ َ
تفصم والحقِ َ ْ
لم ُ ْ َ ِ َ ّ الدين
من ِّ ِ ً
عروة *** ِ َ أبناءھا
تناشد ْ َ َ َ
ِ ُ ُ
مرھم
من َ ْ َ ِ
الدين ِ ْ
سوى ِّ ِ وليس ِ َ مرھما *** َ َ ْ َ
لعالتھا َ ْ َ ً
وترجو ِ ِ ِ
َْ ُ
المأزم
ومثلك في َ َ ِ
لمثلي ِ ْ ِ َ
فاأللى ُقدوة *** ِ ِ ْ ُِ تلن
أخي ال َ ِ ِْ
ذرا ْ ُ ِ
األنجم وسمعتھم ِفي ُ َ
الرجال *** ُ ْ َ ُ ُ
ِ باعتبار ِّ
ِ لھم قدرھم
تحجم
تتھيب َوال َ ْ َ ِ
الشجاع *** وال َ ﱠ ْ
ﱡ َ ُ فأنت َ ِ ﱡ
األبي تقدم َ ْ َ
َ ﱠ ْ
ومنھاج قرآنك ُ ْ َ ِ
المحكم ُ الرسول َ ِ ِ
الكريم *** بھدي ﱠ ُ ِ َْ َ
عليك ِ َ ْ
المعصم
القيد ِفي ِ ْ ِ ِ
ُ أثر العزيز َ ِ ُ
الكريم *** ولو ﱠ َ تحرك َ َ ْ َ
فأنت َ ِ ُ ﱠ ْ
تتشاءم وال َ ْ َ ِ
تسأم َ ْ تتنازل وال َ ْ َ ِ ْ
تنحرف *** وال فال َ َ َ َ ْ
بالدرھم
ِّ ْ َ ِ السعادة
ﱠ َ َ َ يقيس
ُ تافه *** َ ِ
ٍ معشر
ٍ من
تك ِ ْ
وال ُ
سوى مشرب وسوى مطعم
غاية *** ِ َ
ٌ له
وليس ُ
َ يعيش
ُ
سابعا :ليكن لكل واحد منا خبيئة من عمل ال يعلم بھا إال عالم الغيوب؛ فلعلھا الباقية
ً
النافعة.
أخيرا :عليكم بمدارسة القرآن ،ومدارسة السنة ،ومدارسة السيرة ،واقتدوا بجيل
الصحابة ،واتقوا ﷲ وكونوا مع الصادقين ،ما أقوله للرجال أقوله للنساء ،ما يقال لھم
يقال لھن ،وال أريد أن أزيد على ذلك وقد أطلت.
أسأل ﷲ بأسمائه الحسنى ،وصفاته العال ،أن يجمعنا وإياكم بالنبيين والصديقين
والشھداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا .اللھم يا ذا العزة التي ال ترام ،والملك الذي ال
يضام ،يا من ال يھزم جنده ،وال يغلب أولياؤه ،أنت حسبنا ،ومن كنت حسبه فقد كفيته،
حسبنا ﷲ ونعم الوكيل .حسبنا ﷲ ونعم الوكيل حسبنا ﷲ ونعم الوكيل اللھم كن
للمسلمين وال تكن عليھم ،اللھم كن للمسلمين وال تكن عليھم اللھم كن للمسلمين
وال تكن عليھم وامكر لھم وال تمكر بھم ،وامكر لھم وال تمكر بھم وامكر لھم وال تمكر
بھم وانصرھم على من بغى عليھم ،وانصرھم على من بغى عليھم وانصرھم على من
فك
بغى عليھم وانصرھم على من بغى عليھم وانصرھم على من بغى عليھم اللھم ﱠ
قوّ شوكتھم ،واجعل الدائرة على
فك أسرھم اللھم ِ
فك أسرھم اللھم ﱠ
أسرھم ،اللھم ﱠ
عدوھم .يا حي يا قيوم ،يا ذا الجالل واإلكرام .وآخر دعوانا أن الحمد له رب العالمين.
وسبحانك اللھم وبحمدك ،أشھد أن ال إله إال أنت ،أستغفرك وأتوب إليك.
يقول الحق تبارك وتعالى )إن الذين يؤذون ﷲ ورسوله لعنھم ﷲ في الدنيا واآلخرة وأعد
لھم عذاباً مھيناً والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بھتاناً
وإثماً مبيناً( ھا ھو صلى ﷲ عليه وسلم يقارب األربعين من عمره ذاھب إلى الغار ما
يمر بشجر وال حجر إال سلم عليه صلى ﷲ عليه وسلم ويأتيه جبريل بالوحي فيعود
فزعاً خائفاً إلى زوجه خديجة رضي ﷲ عنھا وأرضاھا يقول زملوني زملوني فزملوه حتى
ذھب عنه الروع وأخبر خديجة باألمر وقال قد خشيت وﷲ على نفسي قالت كال وﷲ
ال يخزيك ﷲ أبداً إني ألرجو أن تكون نبي ھذه األمة ذھبت به إلى ابن عمھا ]ورقة بن
نوفل[ وقد قرأ الكتب السابقة فأخبرته الخبر فقال ھذا ھو الناموس الذي أنزل على
موسى يا ليتني فيھا جزع أكب فيھا وأضع إذ يخرجك قومك قال َ َ ُ ِ ِ ﱠ
أومخرجي ھم قال نعم
ما أتى أحد بمثل ما جئت به إال عودي وأوذي واآلن
أرى خلل الرماد وميض جمر *** وأخشى أن يكون لھا ضرام
أقول ھذا في وقت ال نزال نسمع عن كثير ممن قل حظھم من مراقبة ﷲ وخشيته
والخوف منه ونسوا حظاً مما ذكروا به ال تحلوا لھم مجالسھم وال يقربون في حديثھم
وال ينبسطون في جلساتھم حتى يتناولوا أعراض عباد ﷲ القائمين بأمر ﷲ من علماء
األمة ودعاة الملة ورجال األمر بالمعروف والنھي عن المنكر من الذين جردوا سواعدھم
لرفع راية األمر بالمعروف والنھي عن المنكر والذين بذلوا أوقاتھم وأنفسھم 9عز وجل
في وقت خرست فيه األلسن قالوا وقد سكت الناس ونطقوا وقد خرست األلسن
وجاھدوا في وقت ركن فيه كثير من الناس إلى الدعة والسكون وأخلدوا إلى الحياة
الدنيا وملذاتھا وتسابقوا إلى الوظائف والمناصب ومع ذلك فقد قام ھؤالء المخلصون بأمر
ﷲ ال يبتغون إال رفعة وإعالء كلمة ﷲ ودحر الباطل وأھله من أعداء ﷲ تجد ھؤالء
الفسقة بل كثير منھم يسارع إلى تناول أعراض الدعاة وتتبع عوراتھم والتلذذ بالحديث
عنھم في المجالس يلمز ھذا ويتكلم في عرض ھذا ويردد ما أشيع عن ھذا لم تتورع
ألسنة بعض ھؤالء من اختالق األكاذيب وإلصاق التھم بھم وترديد بعض األباطيل التي
تلصق بھم والتي ھي وﷲ من اختالق أعداء اإلسالم وخصومه الذين تتقطع قلوبھم
غيظاً وھم يرون راية الدعوة إلى ﷲ ترفع في ھذه البالد ألن ھؤالء المحتسبين من
يقضون مضاجعھم ويفسدون عليھم ملذاتھم وسكرھم وعربدتھم الدعاة والعلماء ُ ِ ﱡ
وفجورھم ودعوتھم إلى منكرھم ولھذا فإن كثيراً من ھؤالء يلفق التھم واألكاذيب
ليرميھم بھا فيتلقفھا خفاف األحالم والسذج من الناس ويطيرون بھا فرحاً يبلغون بھا
األفاق
أقلوا عليھم ال أباً ال أبيكم من اللوم *** أو سدوا المكان الذي سدوا
لكن ال ضير وال ريب ھذه ھي سمة الدعوة إلى ﷲ عز وجل أوذي صلى ﷲ عليه
وسلم قيل عنه بأنه ساحر وقيل عنه بأنه كاھن و قيل عنه بأنه مجنون و رمي في
عرضه صلى ﷲ عليه وسلم ورغم ذلك أتم ﷲ النور وأكمل الدين رغم أنف الكفار
والمشركين والمنافقين خرجت ھذه الفئة خرجت فئة المنافقين يوم عز اإلسالم تدعي
اإلسالم وھي منه براء تريد ضرب اإلسالم ودعاته فاتخذت النفاق طريقاً وياله من طريق
موحش مظلم مبتور إنه مرض عضال ومقت ووبال من تلبس به فقد أغضب ﷲ الواحد
القھار واسكن نفسه الدرك األسفل من النار ال إله إال ﷲ ماذا فعل المنافقون
والمغرضون والحاقدون باإلسالم ودعاته في الماضي واآلن ال إله إال ﷲ كم كادوا لرسول
األنام عليه الصالة والسالم ھم في كل عصر يعيشون يعشعشون ويبيضون ويفرخون
ھمھم إطفاء كل نور يدعي له المسلمون تھاونوا بنظر ﷲ تعالى وعملوا من المنكر
أعماال ً في المنكرات والصد عن سبيل ﷲ ينشطون وعن الصالحات والدعوة في سبيل
ﷲ يتباعدون )في قلوبھم مرض فزادھم ﷲ مرضا ولھم عذاب أليم بما كانوا يكذبون
يراءون الناس وال يذكرون ﷲ إال قليالً) يستھزئون بأھل االستقامة والصالح ومن دعوتھم
إلى ﷲ يضحكون وإذا مروا بھم يتغامزون فا 9يستھزئ بھم ويمدھم في طغيانھم
يعمھون ما يريدون أن يتكلم داعية ما يريدون أن يأمر بمعروف وال ينھى بناھية ال يريدون
علماً وال دعوة وال أن تقام ولو محاضرة ال إله إال ﷲ ما أخذت و أندل حالھم إن سألتھم
يدعون
عن آيات ﷲ البيانات ما عرفوا إال المغنين والممثلين والراقصات أحيائھم وأمواتھم ّ
اإليمان وما ھم بمؤمنين ھم في كل عصر ھم في كل عصر يعيشون يرمون بالتھم
يرمون باألكاذيب دعاة اإلسالم رموا نبي ﷲ موسى قبل نبينا عليھم الصالة والسالم
بالزنا فبرأه ﷲ مما قالوا وكان عند ﷲ وجيھاً ورموا رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم في
عرضه وھم أصحاب اإلفك في عھد المصطفى صلى ﷲ عليه وسلم وھم ھم في كل
زمان ومكان بھذا الدور يقومون وإلى أن يرث ﷲ األرض ومن عليھا سيوجدون فقاتلھم
ﷲ أنى يؤفكون لنقف قليال ً مع حديث اإلفك لنأخذ منه الدروس والعبر إن في ذلك
لذكرى لمن له قلب فاسمعوا لعائشة المبرئة من فوق سبع سماوات رضى ﷲ عنھا
وأرضاھا صاحبة المعاناة في حديث اإلفك يوم تقول :رجع رسول ﷲ صلى ﷲ عليه
وسلم من غزوة بني المصطلق ولما دنونا من المدينة نزلنا منزال ً فبتنا فيه بعض الليل
ثم أذن مؤذن رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم بالرحيل قالت فقمت فمشيت حتى
انسل من
َ ﱠ جاوزت الجيش ألقضي حاجتي وفى عنقي عقد لي فلما قضيت شأني
عنقي وال أدري ثم أقبلت إلى رحلي وتلمست صدري فلم أجد العقد وقد أخذ الناس
في الرحيل قالت فرجعت أتلمس عقدي فحبسني طلبه وأقبل الرھط الذين كانوا
يرحلون بي فاحتملوا ھودجي فرحلوه على بعيري الذي كنت أركب عليه و ھم
يحسبون أني فيه وكان النساء إذ ذاك خفافاً فلم يستنكروا خفة الھودج قالت فوجدت
عقدي بعد ما استمر الجيش جئت منازلھم فإذا ھي بلقع ليس بھا داعٍ وال مجيب
جلست في مكاني متلففة بحجابي أسبح ﷲ واستغفر ﷲ قالت فأخذني النوم وإذا
برجل من أھل بدر من الذين اطلع عليھم فقال )اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم( ھو
]صفوان بن المعطل[ رضى ﷲ عنه ھذا المجاھد الذي يقول عن نفسه بعد أن رمي
بالفاحشة والذي نفسي بيدي ما كشفت خمار أنثي ال تحل لي في جاھلية وال إسالم
أتى إلى مكان عائشة فرآھا وعرف أنھا زوج المصطفى صلى ﷲ عليه وسلم ألنه
علي
ّ يعرفھا قبل الحجاب قالت عائشة والذي نفسي بيده ما كلمني كلمة وال سلم
حتى السالم وإنما سمعته يقول إنا 9وإنا إليه راجعون زوج المصطفى صلى ﷲ عليه
وسلم ثم أناخ بعيره فقمت وركبت بعيره فأخذ زمام البعير يمشى به وال يلتفت وال
يتكلم وإنما تقول عائشة كنت أسمعه يسبح ﷲ وأتى بھا في الظھيرة وھي على
بعيره فأما الذين في قلوبھم إيمان فاطمأنوا إلى موعود ﷲ وھم في كل زمان يطمئنون
لذلك وأما الذين في قلوبھم زغل وحقد وغشش على اإلسالم وعلى رسول اإلسالم
وعلى دعاة اإلسالم فأخذوھا فرصة ال تتعوض قام كبيرھم الذي علمھم الخبث ]ابن
أبي[ قام بين المنافقين يقول لھم لماذا تأخرت لماذا أتت مع ھذا األجنبي لما ركبت
على بعيره لما تركھا رسول الھدى صلى ﷲ عليه وسلم ورسول ﷲ صلى ﷲ عليه
وسلم لم يسمع بھذا الكالم ھو واثق من زوجه أنھا أطھر من حمام الحرم وأنقى من
ماء الغمام قريشية من قرشيات
حور حرائر ما ھممن بريبة *** كظباء مكة صيدھن حرام
متحجبات في الخدور أوانس *** ويصدھن عن الخنى اإلسالم
انطلق الجيش إلى المدينة وال زال المنافقون يشھرون ويلصقون ھذه التھمة برسول ﷲ
صلى ﷲ عليه وسلم وبفراشه الطاھر فلما وصل صلى ﷲ عليه وسلم إلى المدينة
سمع الخبر وأتاه النبأ العظيم ضرب في صميم قلبه ضرب في قواعد دعوته ضرب في
صميم رسالته الخالدة أصيب في شرفه وفى بيته ومروءته فلما أتاه الخبر عن طريق
رجل من المسلمين أتاه وقال يا رسول ﷲ إن المنافقين يقولون كذا وكذا فدمعت عيناه
صلى ﷲ عليه وسلم وقال )فصبر جميل وﷲ المستعان على ما تصفون( تحمل صلى
ﷲ عليه وسلم ھذه اللطمة التي لم يصب بمثلھا ذھب إلى بيته وسلم على زوجه
تدر أنھا متھمة وأن المنافقين قد
وھي مريضة في فراشھا بعد السفر أصابتھا حمة ولم ِ
ألصقوا بھا أعظم فرية ھي مريضة على الفراش سلم عليھا صلى ﷲ عليه وسلم
قالت عائشة ولم أرى منه ذاك الحنان و العطف الذي كنت أراه منه كلما مرضت قالت
فاستأذنته ألمرض في بيت أبي في بيت خليفة اإلسالم في بيت المجاھد األول في
بيت الرجل األول بعد رسول الھدي صلى ﷲ عليه وسلم فأذن لھا صلى ﷲ عليه
وسلم قالت فأخذني النساء إلى بيت أبي وإذا بأبيھا اآلخر يعلم بالنبأ وينزل عليه
كالصاعقة ويأتيه الخبر فيصاب ويبكي ويقول )فصبرا جميل وﷲ المستعان على ما
تصفون( ويأتي الخبر أمھا فتصاب في قلبھا وتنتشر الفرية في >المدينة< وتسري
سريان النار في الھشيم ويشارك كثير من الصحابة رسول ﷲ في ھذا المصاب فيحزنوا
لحزنه ويتأثروا لتأثره
ألن أولى الموالى من تواليه *** عند السرور كما والك في الحزن
إن الكرام إذا ما أيسروا ذكروا *** من كان يألفھم في الموطن الخشن
قالت عائشة ولم أعلم الخبر ولم أدر ما السر قالت فلما شفيت من مرضي خرجت مع
نساء في ضاحية من ضواحي المدينة وكان معنا امرأة اسمھا ]أم مسطح[ صالحة من
الصالحات وولدھا صالح من الصالحين من أھل بدر لكنه وقع في ھذه الريبة ونشر الخبر
وساعد في نشر التھمة كما يفعل بعض الناس اآلن فلما أصبحنا في الصحراء عثرت
ھذه المرأة الصالحة فقالت تعس ]مسطح[ والعرب تدعو على عدوھا بالتعاسة إذا
أصيبت قالت عائشة فقلت لھا كيف تدعين على ابنك وھو من الصالحين من أھل بدر
قالت إنك ما علمت ماذا قال وماذا فعل قالت عائشة وماذا قال قالت اتھمك ھو وأمثاله
في عرضك وقالوا إنك ارتكبت الفاحشة مع صفوان ال إله إال ﷲ قالت عائشة فسقطت
علي من البكاء رفعھا النساء إلى فراشھا في بيت أبيھا وأما
ّ على وجھي مغشياً
رسول ﷲ فبقي شھراً كامال ً ال ينزل عليه الوحي يتلمس متى يسمع النداء العلوي
ليشفي غليله في ھذه المشكلة ما عنده دالئل وما عنده براھين ال يعلم الغيب
اضطربت عنده األمور صلى ﷲ عليه وسلم يثق في زوجه لكنه بشر دخل صلى ﷲ
عليه وسلم يستشير بعض أقاربه استشار علي رضي ﷲ عنه قاضى قضاة الدنيا وھو
منه بمنزلة ھارون من موسى فقال علي يا رسول ﷲ لم يضيق ﷲ عليك والنساء
سواھا كثير وسلھا تصدقك فو ﷲ ما عھدناھا كاذبة
قد قيل ما قيل إن صدقاً وإن كذباً *** فما اعتذارك من قول إذا قيل
ذھب صلى ﷲ عليه وسلم بعده إلى ]أسامة[ إلى حبه وإلى ابن حبه إلى المولى
الذي رفعه اإلسالم فيعرض النبي صلى ﷲ عليه وسلم األمر وعمر أسامة أربعة عشر
سنة فيقول أسامة وھو يعرف من ھي عائشة رضي ﷲ عنھا يقول يا رسول ﷲ أھلك
أھلك وﷲ ما نعلم عنھم إال خيراً وﷲ إنھا صوامة قوامة بارة رشيدة فاسأل جاريتھا يا
رسول ﷲ فيذھب صلى ﷲ عليه وسلم إلى الجارية التي معھا في البيت واسمھا
]بريرة[ فتقول وﷲ يا رسول ﷲ ما علمت عن عائشة إال خيراً أحمي سمعي وبصري
إنھا صوامة قوامة والذي بعثك بالحق ما رأيت عليھا أمراً أعيبه أكثر من أنھا جارية حديثة
السن تنام عن عجين أھلھا فتأتي الداجن فتأكله والداجن ھي الشاة التي تربى في
البيت قام صلى ﷲ عليه وسلم على المنبر وشكى إلى الناس ما لقيه من المنافقين
في عرضه ما لقيه من اتھامات جريئة في دعوته شكي من ]عبد ﷲ ابن أبي[ رأس
الضاللة وعمود الجھالة المريد التدمير لھذا الدين فكان مما قاله صلى ﷲ عليه وسلم
"ما بال رجال يؤذونني في أھلي ويقولون عليھم غير الحق وﷲ ما علمت منھم إال خيراً
"فقام األوس والخزرج فكادوا يقتتلون على اختالف بينھم في المسجد دفاعا ً عن
الرسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ھدأ صلى ﷲ عليه وسلم األوضاع وعاد إلى عائشة
في بيت أبيھا ليجلس معھا مجلس التحقيق والمحاكمة إما أن تعترف وتتوب إلى ﷲ
وإما أن تتبرأ من ھذا وإما أن يعلن ﷲ توبتھا من فوق سبع سماوات جلس صلى ﷲ
عليه وسلم قالت عائشة وما جلس بعدھا إال ذاك المجلس وجاء الفرج من مفرج
الكروب ومنفث الھموم قالت ومعي أبي وأمي ونساء يبكين معي يشاركنني مصيبتي
فالبد من شكوى إلى ذي قرابة *** يواسيك أو يسليك أو يتوجعوا
قالت فجلس صلى ﷲ عليه وسلم ثم شھد أن ال إله إال ﷲ ثم حمد ﷲ الذي بنوره
تقوم السماوات واألرض ثم قال يا عائشة إن كنت بريئة فسيبرئك ﷲ وإن كنت ألممتي
بذنب فاستغفري ﷲ وتوبي إليه فإن العبد إذا أعترف ثم تاب تاب ﷲ عليه تلعثمت من
البكاء ال تستطيع الكالم تقول ألبيھا أجب عني رسول ﷲ فيما قال فيبكي أبو بكر ويقول
وﷲ ما أدري ما أقول لرسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم وماذا يقول أبو بكر في اتھام
كھذا ماذا يقول في فرية المغرضين من أعداء اإلسالم قالت فقلت ألمي أجيبي عني
رسول ﷲ فتبكي أمھا وتقول وﷲ ما أدري ما أقول لرسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم
قالت فاستجمعت قواي وجف الدمع من عيني وقلت إني وﷲ قد علمت لقد سمعتم
ھذا الحديث حتى استقر في نفوسكم وصدقتم به فألن قلت لكم إني بريئة ال
تصدقوني وألن اعترفت لكم بأمر لم أعمله لتصدقنني فوﷲ ال أجد لي ولكم مثال ً إال ]أبا
يوسف[ حين قال )فصبر جميل وﷲ المستعان على ما تصفون( قالت فاندفع أبي وأمي
باكيين أما رسول ﷲ فلم يتحرك مھموماً به من الھم ما به قالت فوﷲ ما غادر مكانه
صلى ﷲ عليه وسلم حتى أتاه الوحي وكان إذا أتاه الوحي من السماء ثقل جسمه
فاضطجع على فراشه وأخذ عرقه يتصبب من جبينه الطاھر فعرفنا أنه الوحي قالت
فوﷲ ما فزعت أما أبي فكادت نفسه أن تخرج خوفاً أن يأتي من ﷲ تحقيق ما قال
الناس تحدر العرق بعد ما استفاق صلى ﷲ عليه وسلم كالجمان من على وجه فجعل
يمسح العرق وھو يبتسم ويقول يا عائشة ابشري إن ﷲ قد برأك من فوق سبع
سماوات براءة من ﷲ ولطف من ﷲ ورحمة من ﷲ يوم أن توصد األبواب فال يوجد إال
باب ﷲ يوم أن تسدل الحجب فال يأتي إال عطف ﷲ وحنان ﷲ
فلرب نازلة يضيق بھا الفتي *** ذرعا وعند ﷲ منھا المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتھا *** فرجت وكنت أظنھا ال تفرج
تھلل وجھھا رضى ﷲ عنھا قال لھا أبوھا أبو بكر رضي ﷲ عنه يا عائشة قومي إلى
رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم فسلمي عليه واحمديه قالت ال وﷲ ال أقوم وال أحمده
وال أحمدك وال أحمد أمي وإنما أحمد الذي أنزل براءتي من فوق سبع سماوات لقد
سمعتموه فما أنكرتموه وال غيرتموه يدخل صلى ﷲ عليه وسلم بعدھا المسجد منتصراً
على أعداء الرسالة الذين ألصقوا به التھمة في عرضه وشرفه يجمع الناس ويقف على
المنبر يتلو آيات ﷲ البينات تنزل من على المنبر كأنھا القذائف يسمعھا المؤمن
والمنافق والذكر واألنثى وتقرؤھا األمة إلى قيام الساعة ألن التھمة كانت فيه صلى ﷲ
عليه وسلم وقبله وھي متصلة إلى قيام الساعة والواقع يشھد بذلك اسمعوا إلى
اآليات التي نزلت قال تعالى )إن الذين جاءوا باإلفك عصبة منكم ال تحسبوه شراً لكم بل
ھو خير لكم لكل امرئ منھم ما اكتسب من اإلثم والذي تولى كبره منھم له عذاب
عظيم لوال إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسھم خيراً وقالوا ھذا إفك مبين(
إلى أن قال تعالى )ولوال فضل ﷲ عليكم ورحمته لمسكم فيما أفضتم فيه عذاب أليم إذ
تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواھكم ما ليس لكم به علم(
صلى ﷲ عليه وسلم بل تتجدد يوماً بعد يوم في صور ومخططات رھيبة مفزعة لكن
العاقبة مع ذلك للمتقين واإلسالم منتصر في كل مكان )فأما الزبد فيذھب جفاء وأما ما
ينفع الناس فيمكث في األرض( أال فليخسأ الذين يريدون ھدم ھذا الدين من الذين
يلصقون التھم بدعاته وعلمائه العاملين .وإن نجحوا فالنجاح مؤقت والعاقبة للمتقين
نسأل الذي بيده مقاليد األمور أن يفضح من أراد علماء اإلسالم من اليھود والمنافقين
وأذنابھم على رؤوس األشھاد اللھم افضحھم على رؤوس األشھاد اللھم افضحھم على
رؤوس األشھاد اللھم أرنا فيھم عجائب قدرتك اللھم أرنا فيھم عجائب قدرتك اللھم
عليك بھم فإنھم ال يعجزونك اللھم أرنا فيھم يوماً أسوداً تقر به أعين الموحدين اآلمرين
والناھين اللھم احفظ علماء األمة بحفظك اللھم احفظ علماء األمة بحفظك اللھم احفظ
علماء األمة بحفظك واكألھم برعايتك وسدد رميھم واجعل كلماتھم فوارق على كل من
أراد بھم الخذالن وافضح أعداءھم على رؤوس األشھاد اللھم واھدنا إلى الحق بإذنك
إنك تھدي من تشاء إلى صراط مستقيم أقول ما تسمعون واستغفر ﷲ فاستغفروه إنه
ھو الغفور الرحيم.
الحمد 9رب العالمين والصالة والسالم على رسول ﷲ وعلى آله وصحبه ومن وااله
أما بعد قال ﷲ عز وجل )أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتيكم مثل الذين خلوا من
قبلكم مستھم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر
ﷲ أال إن نصر ﷲ قريب( عباد ﷲ في حادثة اإلفك دروس وعبر أيما عبر ذاك )لمن كان
له قلب أو ألقى السمع وھو شھيد( من ھذه الدروس أن طريق الدعوة والجھاد طريق
محفوف بالمكارة كله عراقيل كله عقبات وقد القي الدعاة في سبيل ﷲ في ھذا
الطريق مكارة عظيمة فما صدتھم وما رضتھم عن دعوتھم ھا ھو صلى ﷲ عليه وسلم
يخرج من >مكة< من بين األھل والجيران واألخوة والخالن حصيرا حزيناً كئيباً طريدا في
تلك الفيافي والقفار ما معه من مظلة إال ال إله إال ﷲ يصعد إلى أھل >الطائف< ألنه ما
وجد ھناك بيئة تتقبل ال إله إال ﷲ فيذھب إليھم فيسخروا به ويستھزئوا به فھذا ھو
طريق الدعوة وھذا ھو المصطفي صلى ﷲ عليه وسلم لقي ما لقي من أذى في
سبيل الدعوة إلى ﷲ فطريق الدعوة ھذا ھو وإلى عھد قريب ليس في ذاك العھد
وإنما إلى عھد قريب نرى ]سليمان بن عبد ﷲ بن محمد بن عبد ﷲ بن عبد الوھاب[
حفيد إمام الدعوة رحمة ﷲ يصدح بدعوة الحق فيجعله أعداء اإلسالم في فوھة المدفع
ثم يطلقون به المدفع لتتطاير أشالءه لتقول لكل الدعاة قدموا أنفسكم في سبيل
الدعوة إلى ﷲ فما نقموا منه إال أن آمن با 9العزيز الحميد طريق الدعوة إلى اإلسالم
طريق تضحيات ومن يفزع من ھذا الطريق فليس بداعية حق الدعوة .إن الحافظ ﷲ إن
الولي ھو ﷲ إن المسدد ھو ﷲ ھا ھو موسى ذلك الغالم الذي رآه فرعون في منامه
ورأى ھالك ملكه على يديه قتل من قتل من أوالد بني إسرائيل ويربى ھذا الطفل في
بيت فرعون ويترعرع أمام عينيه ألن ﷲ عز وجل حفظه ومن حفظه ﷲ فال خوف عليه
وھذا وﷲ درس عظيم للدعاة إلى ﷲ إذ مھما عال الباطل وزمجر وارتفع ھديره فإن ﷲ
سيجعله زبداً ويبقى ما ينفع الناس ال خوف فا 9ناصر دينه شاء من شاء وأبى من أبى
أما كيد البشر فكيد ضعيف مھما عظم ووﷲ ال تستطيع أي قوة في األرض أن تصل إلى
قلب مؤمن صادق في إيمانه ويقينه ما أجمل وأصدق ما قاله أحد الدعاة حين أوذي في
ذات ﷲ
تا 9ما الدعوات تھزم باألذى *** أبداً وفى التاريخ بر يميني
ضع في يدي القيد ألھب اذرعي *** بالسوط ضع عنقي على السكين
لن تستطيع حصار فكري ساعة *** أو رد إيماني وصد يقيني
فالنور في قلبي وقلبي في يد ربي *** وربي حافظي ومعيني
ال حافظ إال ﷲ وال معين إال ﷲ فنسأله أن يحفظ الدعاة إلى ﷲ عز وجل ومن دروس
ھذه الحادثة أن المنتمين لھذا الدين بإخالص وصدق معرضون لالتھام وإلشاعة
الشائعات وإلصاق التھم بھم سمعتم كيف أتھم صلى ﷲ عليه وسلم في عرضه
المفعول لكل من ترسم خطاه ومضى على منھجه صلى ﷲ عليه وسلم تجد كل تھمة
تلصق بأھل ھذا الدين بعلماء ھذا الدين بدعاة ھذا الدين تشاع عنھم الشائعات تلصق
بھم التھم تلصق بعلماء األمة شبابھا الملتزم وبكل صالح في األمة إلى أن يرث ﷲ
األرض ومن عليھا )أتواصوا به بل ھم قوم طاغون( وصف الدعاة بالرجعية والتأخر وصفوا
بعدم مسايرة العصر وصفوا بالسذاجة والبساطة لكن ھذه األلفاظ لن تجدي فبدءوا اآلن
برمي الدعاة بالشذوذ الخلقي لتحطيم وتضليل قدوة األمة في نظر أبنائھا وھذه كلمات
وھذه أفعال وﷲ ما جاءتنا إال من اليھودية الحاقدة صدرتھا لنا إلى بالد اإلسالم فأخذھا
الذين أخذ ﷲ سمعھم وأبصارھم وختم على قلوبھم زادوا عليھا وزعوھا في مجالس
الناس صار الصالحون في أوساط الناس مصدر شبھة وأھل ريبة وبالتالي سيفقد علماء
اإلسالم ثقة الناس فيھم فيضل الناس عند ذاك يعمنا ﷲ بعقاب من عنده وذاك مطلبھم
)قاتلھم ﷲ أنى يؤفكون( يأتي كل من في قلبه زغل ونفاق يتشفى بالصالحين
وبالدعاة المخلصين ويقول :الشاذون ،كانوا يقولون المتشددين واآلن أصبحوا يقولون
الشاذين ونسأل أصحاب ھذه الكلمات ما الشذوذ في نظرھم ھل ھو التمسك بحبل
ﷲ يوم أن انقطعت حبال الذين من دونه ھل الشذوذ ھو الحرص على تطبيق السنة
بالمسلك واآلداب والتعامل يوم ضاعت تعاليم السنة بأشخاص كثير من الناس ھل
الشذوذ في إحياء القلوب بكتاب ﷲ وسنة محمد صلى ﷲ عليه وسلم يوم أن أصبحت
مجالس الناس لنشر الشائعات وللسذاجة واللھو واللعب ھل الشذوذ أن يتروض
الشباب في بساتين آيات ﷲ يوم تروض غيره في مذابل األغاني وفي مذابل البغايا
والعاھرات ھل الشذوذ أن تدرس كتب السلف الصالح يوم شغل الكثير عن المصحف
بالمجلة الخليعة وعن المسجد بالمقھى وعن السواك بالسيجارة وعن زيارة بيت ﷲ
الحرام بزيارة بالد الكفار >كبانكوك< وما أمثالھا ما أدراكم ما تلك البالد ال إله إال ﷲ .
سبحانك ھذا بھتان عظيم الشذوذ واالنحراف في البعد عن منھج ﷲ في االنسالخ عن
القيم واآلداب في االنسالخ عن اإلسالم والقيم واآلداب واألخالق الشذوذ واالنحراف
في البعد عن كتاب ﷲ الذي أنزله ﷲ عز وجل وما خرجت وﷲ مثل ھذه التھم إال يوم
أن ابتعدنا عن اإلسالم يوم أن تركنا األمر والنھي أصبح البعض يمشي خجال ً أنه مطبق
للسنة فتجرأ الرعديد وتجرأ الملحد وتجرأ المنافق ليطلق الشائعات وعن من عن أنصار
الدين وعلمائه عن حاملين راية محمد صلي ﷲ عليه وسلم ولكن نقول
إذا عير الطائي بالبخل مادر *** وعير قسا بالفھامة باقل
وقال السھى للشمس أنت كثيفة *** وقال الدجى للبدر وجھك حائل
فيا موت زر أن الحياة دميمة *** ويا نفس جدي إن دھرك ھازل
ومن ھذه الحادثة نستفيد أن دعاة اإلسالم مستھدفون وعلى رأسھم قائدھم محمد
صلى ﷲ عليه وسلم أشيعت عنه الشائعات وإشاعة الشائعات أمر عظيم ومرض خطير
ومرض خطير أيھا المسلمون لكنھا كثيرة وموجودة كثير من الناس ما يسمع كلمة صدقاً
كانت أو كذباً إال وأخبر بھا فرية كانت أو حقيقة تمس مسلماً تمس أخاً أم غير أخ ما
كأنه سمع قول المصطفى صلى ﷲ عليه وسلم ما كأنه تربى به المصطفي صلى ﷲ
عليه وسلم كفا بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع كفا بالمرء إثماً أن يحدث بكل ما
سمع رب كلمة توجب لصاحبھا النار "إن الرجل ليتكلم بالكلمة ما يتبين ما فيھا يھوي
بھا في النار سبعين خريفاً" )إذ تلقونه بألسنتكم وتقول أفواھكم بما ليس لكم به علم
وتحسبوه ھيناً وھو عند ﷲ عظيم( )يا أيھا الذين أمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن
تصيبوا قوماً بجھالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين( ومن الدروس أيضاً أن قذف
المحصنات المؤمنات الغافالت كبيرة من الكبائر وموبقة من الموبقات استوجب صاحبھا
اللعنة من رب األرض والسماوات وكذلك قذف المؤمنين )إن الذين يرمون المحصنات
الغافالت المؤمنات لعنوا في الدنيا واآلخرة ولھم عذاب عظيم يوم تشھد عليھم
ألسنتھم وأيديھم وأرجلھم بما كانوا يعملون( ومن دروس حادثة اإلفك أال تشاع
الفواحش فال يتحدث بالجرائم التي تحدث في المجتمع في المجالس حتى ولو حدثت
ألن التحدث بھا يقلل من خطرھا في قلوب الناس أوما سمعتم قول ﷲ )إن الذين
يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لھم عذاب أليم في الدنيا واآلخرة وﷲ يعلم
وأنتم ال تعلمون( ومن الدروس أال يقف المسلم في مواقف الريبة وال في مواقف التھمة
حتى ولو كان أطھر من ماء الغمام إن النفوس يشرع إليھا الشك والقلوب تنتابھا األوھام
وھا ھو صلى ﷲ عليه وسلم" يصلى العشاء في مسجده وتأتيه ]صفية[ زوجه تعوده
وھو معتكف فلما قام يودعھا مر به أنصاريان فقال لھما على رسلكما ھذه صفية بنت
حيي" يخبرھم صلى ﷲ عليه وسلم لئال يجري الشيطان في دمائھم فيظنوا به سوءا
،فدع مواطن الشبھة والريبة يا عبد ﷲ فذلك أصلح وأسلم وأتقى وأنقى ومن الدروس
أن المؤمن مبتلى وأشد الناس بالء األنبياء ثم األمثل فاألمثل أوذي صحابة رسول ﷲ
أذى عظيماً فصبروا واحتسبوا وأوذي من قبلھم فصبروا كان يؤتى بالرجل فيوضع
المنشار على مفرق رأسه فيشق نصفين ثم يمشط بأمشاط الحديد بين جلده وعظمه
ما يصرفه ذلك عن دينه )ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا أمنا وھم ال يفتنون ولقد
فتنا الذين من قبلھم فليعلمن ﷲ الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين( عباد ﷲ علماؤنا
زھرة الدنيا ونور الدنيا وھم حاملو ميراث األنبياء والداعون إلى صراط ﷲ العزيز الحميد
عرف أعداء اإلسالم ذلك فألصقوا به التھم ونشروا عنھم الشائعات وبعض السذج
وخفاف األحالم عن قصد وغير قصد يروج لھذه الشائعات ال إله إال ﷲ وﷲ ما يريدون
بتشويه العلماء سوى ضرب ميراث األنبياء يريدون إطفاء نور ﷲ فلتكن على وعي وإدراك
أخي المسلم ،المسلم كيس فطن المسلم ال يغتر المسلم بنور ﷲ يمشي المسلم
ال تنطلي عليه الشائعات المسلم يفرق بين السم والدسم اللھم انصر دينك وكتابك
اللھم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك اللھم انصر علماء أمة محمد صلي ﷲ عليه وسلم
والصالحين من عبادك وأولياءك اللھم انصر علماء أمة محمد اللھم انصر الدين ومن نصر
الدين اللھم انصر من نصر الدين اللھم انصر الدين ومن نصر الدين اللھم أخذل من خذل
الدين اللھم أخذل من خذل الدين اللھم أخذل من خذل الدين اللھم من أرادنا واإلسالم
بسوء فاشغله بنفسه وأجعل تدبيره تدميره وأخذله ومزقه كل ممزق يا أكرم األكرمين
اللھم اكشف أستاره اللھم افضح أسراره اللھم اكشف أستاره اللھم افضح أسراره
اللھم أخرس لسانه اللھم أذھب عقله اللھم دمر جنانه اللھم أرنا فيه عجائب قدرتك يا
أكرم األكرمين اللھم انتقم ألوليائك اللھم انتقم لعلماء المسلمين اللھم انتقم ألحبابك
ودعاتك وصالح عبادك اللھم ثبتنا على الحق اللھم من نصر الدين فمكنه في األرض
واجعله ھادياً مھدياً اللھم من خذل الدين فأرنا فيه يوماً أسوداً كيوم فرعون وھامان
وھارون نسألك يا ربي أن تحفظنا نسألك يا ربى أن تحمينا نسألك يا رب أن تھدينا سواء
السبيل نسألك أن تمنعنا من كل ما يدبر للمسلمين من كيد وسوء اللھم ال تدابير لدينا
إال تدبيرك وال حيل لدينا ولكن حسبنا ﷲ ونعم الوكيل حسبنا ﷲ ونعم الوكيل اللھم
بعلمك الغيب وبقدرتك على الخلق أحينا ما كانت الحياة خيراً لنا وتوفنا إذا كانت الحياة
شرا لنا اللھم نسألك خشيتك في الغيب والشھادة وكلمة الحق في الغضب والرضا
ونسألك لذة النظر إلى وجھك بغير ضراء مضرة وال فتنة مضلة اللھم من أراد بعلمائنا
سوءاً فعليك به .اللھم أھلكھم بدداً أحصھم عدداً وال تغادر منھم أحداً اللھم آمنا في
دورنا وأفرح أمتنا ووالة أمورنا واجعلنا من الذين نخافك ونتبع ھداك وبرحمتك يا أرحم
الراحمين سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسالم على المرسلين والحمد 9رب
العالمين.
الجنة و نعيمھا
السالم عليكم ورحمة ﷲ وبركاته مرة أخرى ،وأنتقل بكم إلى قول الحق تبارك وتعالى :
الحق ال َ ِ َ َ
إله ِإال ﱠ الملك ْ َ ﱡ فتعالَى ُ
ﷲ ْ َ ِ ُ ترجعون * َ َ َ
إلينا ال َ ُ ْ َ ُ َ عبثا َ َ ﱠ ُ ْ
وأنكم ِ َ ْ َ أفحسبتم َ ﱠ َ
أنما َ َ ْ َ ُ ْ
خلقناكم َ َ ً )َ َ َ ِ ْ ُ ْ
عبثا ولم يتركھم سدى؛ بل خلقوا ألمر عظيم وخطب ً ھو( ال إله إال ﷲ ،لم يخلق الناس ُ َ
وأشفقن منه،
ْ َ يحملنه،
َ جسيم؛ عرض على السماوات واألرض والجبال ،فأبين أن
فريقين:
ْ وحمله اإلنسان على ضعفه وعجزه ظلما وجھال فانقسم الحاملون له إلى
ھمه إرضاء نزواته وإشباع غرائزه.
ِّ ﱠ
عطل تفكيره ،وانساق وراء شھواته وملذاته؛ كل فريق
بشر في مسالخ دواب -أجار ﷲ ھذه الوجوه أن تكون من ھذا الصنف -نظرتھم قاصرة ٌ
ﷲ
نسوا َ
ُون( ) َ ُ عن َ ِ َ
اآلخر ِة ُ ْ
ھم َغافِل َ وھم َ ِ
الدنيا َ ُ ْ من ْ َ َ ِ
الحياة ﱡ ْ َ يعلمون َ ِ ً
ظاھرا َ وعلمھم أقصر ) َ ْ َ ُ َ
ھم ْ َ ِ ُ َ
الفاسقون(. أولئك ُ ُ فأنساھم َ ُ َ ُ ْ
أنفسھم ُ َ ِ َ ََ َ ُ ْ
دينا،
ربا ،وباإلسالم ً
أما الفريق اآلخر -وأرجو ﷲ أن أكون وأنتم منھم -فريق آمن باً 9
وبمحمد -صلى ﷲ عليه وسلمّ ً -
نبيا .جعل خوف ﷲ في قلبه ،وجعل خشية ﷲ نصب
ينيه فأتمر بأمر ﷲ وانتھى عن نھيه وراقبه حق المراقبة ،وقال عند سماع أوامره ع ْ
المصير( ومن كمال األلوھية 9سبحانه وتعالى أن ربنا َ ِ َ ْ َ
وإليك ْ َ ِ ُ غفرانك َ ﱠ َ سمعنا َ َ َ ْ َ
وأطعنا ُ ْ َ َ َ ) َ ِ ْ َ
ويوفون ما اكتسبوه بالقسطاس المستقيم، ﱠ يوما آخر إليه فيه يرجعون
جعل للناس ً
ﷲ َِ ْ َ ِ
بأحكم ْ َ ِ ِ َ
الحاكمين( بلى، فيصدرون من أرض المحشر راضين بعدل ﷲ المطلق ) َ َ ْ َ
أليس ُ
خالدون( وآخرون خاسرون يساقون
فيھا َ ِ ُ َ
ھم ِ َ رحمة ِ
ﷲ ُ ْ فائزين ُيزفون إلى الجنة ) َ ِ
ففي َ ْ َ ِ
وجوه
يض ُ ُ ٌ
تب َ ﱡ
يوم َ ْ
إلى النار فھم في العذاب محضرون ،يبين ذلك قول ﷲ جل وعال َ ْ َ ).
كنتم
بما ُ ْ ُ ْ فذوقوا ْ َ َ َ
العذاب ِ َ إيمانكم َ ُ ُ
بعد ِ َ ِ ُ ْ وجوھھم َ ْ َ ْ ُ ْ
أكفرتم َ ْ َ اسودت ُ ُ ُ ُ ْ
الذين ْ َ ﱠ ْ وجوه َ َ ﱠ
فأما ﱠ ِ َ وتسود ُ ُ ٌ
ََ ْ َ ﱡ
خالدون(.
فيھا َ ِ ُ َ
ھم ِ َ رحمة ِ
ﷲ ُ ْ وجوھھم َ ِ
ففي َ ْ َ ِ ابيضت ُ ُ ُ ُ ْ
الذين ْ َ ّ ْ تكفرون * َ َ ﱠ
وأما ﱠ ِ َ َ ْ ُ ُ َ
أيھا األخوة في ﷲ واإليمان بيوم الجزاء وباليوم اآلخر ركن ھام من أركان اإليمان؛ من لم
يؤمن به لم يؤمن با– 9جل وعال ،-ال يتم إيمان عبد حتى يؤمن باليوم اآلخر ،وعرض
الجنة والنار ونعيمھما وجحيمھما أسلوب ناجح إلصالح النفوس ولھدايتھا ولتھذيبھا
ولكسر كبريائھا أحيانا ولجبسھا أحيانا ،فمن الناس من ينفعه الترغيب ،ومن الناس من
معا ،وكل ذلك ورد في كالم ﷲ –جل
ينفعه الترھيب ،ومن الناس من ينتفع باالثنين ً
من َ ْ ِ ِ
خلفه( تقدم إحداھما مرة ،وتأخر يديه َوال َ ِ ْ
بين َ َ ْ ِ
الباطل ِمن َ ْ ِ وعال -الذي )ال َ َ ْ ِ ِ
يأتيه ْ َ ِ ُ
إحداھما مرةَ ْ ،
واقترَنا مرة أخرى ،وكل ذلك في كتاب ﷲ –جل وعال ،-ومن فضل ﷲ –عز
وجل -أن ﱠ
جلى لنا أمر الجنة ،ووصف نعيمھا ،ﱠ
وأكد خلودھا وكمالھا من غير نكد وال
تنغيص وال نقص ،ال حر وال برد ،ال تعب وال صخب وال نصب ،ال عجز وال ھرم .غمسة في
الجنة تنسي كل شقاء في ھذه الحياة ،ثم أظھر –سبحانه -في الجانب اآلخر حقيقة
النار وعذابھا؛ لھيب يتصاعد ،وصراخ مفزع وخوف وحميم وزقوم وتقريع وتوبيخ وأھوال
وشھيق وزفير ،غمسة فيھا تنسى كل نعيم في ھذه الحياة ،نسأل ﷲ أن يجير ھذه
الوجوه ،ذلك كله لماذا يا عباد ﷲ؟ ليسعى المؤمنون إلى الجنة بلھفة وشوق
مشرئبين إلى نعيمھا ورياضھا وقصورھا ،ذلك كله ً -
أيضا -لينأى الخلق عن النار بحذر
ﷲ بينة( كل ذلك ) ِ َ ِ َ
ليميز ُ حي َعن َ ِ ّ َ ٍ
من َ ﱠ
ويحيى َ ْ
بينة َ َ ْ َ من َ َ َ
ھلك َعن َ ِ ّ َ ٍ ليھلك َ ْ
وخوف ،كل ذلك ) ِ َ ْ ِ َ
الطيب( .فيا أيھا األخوة في ﷲ مقدمة ذكرتھا البد منھا . ﱠ ِّ ِ من ْ َ ِ َ
الخبيث ِ َ
أما وقفتنا ھذه الليلة فوقفة -بإذن ربنا -مع الجانب المشرق ومع الجانب المفرح
وحفزا للھمم لتطلب ما عند ﷲ وتدفع الثمن ،ولو
ً ترھيبا،
ً ترغيبا ال
ً المشوق ،مع الجنة
كان الدماء واألوقات واألموال وكل شيء ،فحيا ھال بكم يا عباد ﷲ إلى الجنة ورياضھا
وقصورھا ودورھا وحورھا لنتعرف عليھا ﱠ
علنا أن نكون من أھلھا ،ولنعرف من ھم أھلھا؛
علنا أن نكون متشبھين بھم إن التشبه بالكرام فالح ،ونعرف السبل الموصلة إليھا
فنسلكھا لنكون مع الذين أنعم ﷲ عليھم ،ففي رياضھا نعيش وما را ٍء يا عباد ﷲ كمن
ومنه وكرمه.
ِّ سمع ،وما مخبر كمعاين ،أسكننا ﷲ وإياكم فردوسھا األعلى برحمته
الجنة ..ما الجنة ،والفردوس ما الفردوس ،ال خطر لھا ،ال مثيل لھا ،ورب الكعبة نور
يتألأل ،وريحانة تھتز ،وقصر مشيد ،ونھر مضطرب ،وثمرة نضيجة ،وحلل كثيرة ،وزوجة
حسناء جميلة ،وفاكھة وخضرة ،وحبرة ونعمة ،في محلة عالية بھية ،في جنة عدن عند
مليك مقتدر.
بناھا ﷲ –تعالى -لعباده المتقين أحسن بناء ومألھا من كرامته ورحمته ورضوانه؛
فبناؤھا أحسن بناء وأجمل بناء وأتم بناء وأكمل بناء كيف ال يكون ذلك ،وھي لبنة من
ذھب ولبنة من فضةِ ،مالطھا المسك ،وحصباؤھا اللؤلؤ والياقوت والجوھر ،وترابھا
الزعفران ،وسقفھا عرش الرحمن –ال إله إال ھو ،-غرفھا مبنية ُيرى ظاھرھا من باطنھا،
ويرى باطنھا من ظاھرھا ،من دخلھا ينعم ال يبأس ،ويخلد ال يموت ،ال تبلى ثيابه ،وال
يفنى شبابه .
أما أشجارھا ،فما أشجارھا؟ ما من شجرة إال ولھا ساق من ذھب ،ولھا ساق من
فضة .أما ثمارھا فألين من الزبد ،وأحلى من العسل .وأما ورقھا –فال إله إال ﷲ -أحسن
وأرق من رقائق الحلل .أما تصفيق الرياح لذوائب أغصان أشجار الجنة ،فيستفز من ال
يطرب بالطرب ،ظل الشجرة يسير الراكب فيه مائة عام ال يقطعه؛ فأسأل ﷲ –عز وجل-
أن يجعلنا وإياكم ممن يستظل بظالل أشجارھا ،إنه غفور رحيم ،أما أنھارھا فما
أنھارھا؟ من ماء غير آسن وأنھار من لبن لم يتغير طعمه وأنھار من خمر لذة للشاربين
وطلحھا منضود ،تعلمون -يا عباد ﷲ-
ُ ممدود،
ٌ وأنھار من عسل مصفى ،وفوق ذلك ﱡ
ظلھا
أن الطلح له شوك ،يقول أحد األعراب للنبي -صلى ﷲ عليه وسلم -ذكر في الجنة
شجرة ما نعرف منھا إال األذى ،يقصد شوكھا ،قال :ألم تسمع لقول ﷲ تعالىْ َ َ ) :
وطلحٍ
منضود( نضد ھذا الشوك ،فأنبت مكان كل شوكة ثمرة ْ َ
ألين من الزبد ،وأحلى من َْ ُ ٍ
ومنة .أما ماؤھا -يا عباد ﷲ -فمسكوب ،حدائق وأعناب وكواعب
العسل ،فضال من ﷲ ِ ﱠ
أتراب .أما طعام أھلھا -فال إله إال ﷲ -فاكھة مما يتخيرون ،ولحم طير مما يشتھون،
شرابھم التسنيم والزنجبيل والكافور ،أما آنيتھم فالذھب والفضة في صفاء القوارير،
ﱡ
وتلذ األعين ،وفوق ذلكَ :من دخلھا يخلد َ ْ ِ ْ
وأجمل بتلك اآلنية! فيھا ما تشتھيه األنفس،
قطوفھا تذليال ،يتكئ أھلھا
ُ أبدا ،فيھا روح وريحان ورب راضٍ غير غضبان .قد ُ ِ ّ
ذللت فيھا ً
تأثيما إال قيال
ً لغوا وال
زمھريرا ،وال يسمعون فيھا ً
ً شمسا وال
ً على األرائك ال يرون فيھا
سالما.
ً سالما
ً
فيھا مائة درجة ،والناس في الجنة على درجات؛ منھم من يبلغ أعلى الجنة ،ومنھم
من ھو في وسط الجنة ،ومنھم من ھو في ربض الجنة ،لو أن العالمين اجتمعوا في
عاما ،وليأتين
ً درجة واحدة لوسعتھم؛سعة أبوابھا ما بين المصراعين مسيرة أربعين
عليه يوم وھو كظيظ من الزحام .فأسأل ﷲ أن يجعلنا وإياكم ممن يزاحم على تلك
المصاريع.
مجوفة طولھا في السماء
ﱠ أما ما للمؤمن فيھا؟ فللمؤمن في الجنة خيمة من لؤلؤة
ً
بعضا ،فضال من ﷲ ونعمة. ستون ميال ،له أھلون يطوف على بعضھم فال يرى بعضھم
حرم عليھم الحرير والذھب في ھذه الحياة
تسل عن لباسھم؛ ﱠ
أما لباس أھلھا فال َ َ
وجعل لباسھم ھناك من الحرير والذھب ،وأنعم بذاك اللباس! وأما صورتھم فأھلھا
جميعا على صورة القمر ليلة البدر؛ فال إله إال ﷲ ،أي جمال يكون ذاك الجمال؟ حليھم
ً
وأساورھم من ذھب وفضة ولؤلؤ وزبرجد وياقوت ،من لذة إلى لذة إلى لذة ،ال يجوعون
فيھا َما
لذات ) ِ َ لذات فوق ّ وال يظمئون ،وال ينصبون ،وال يشبعون ،وال يتعبون ،وإنما ﱠ
مخلدون * ِ َ ْ َ
بأكوابٍ ولدان ﱡ َ ﱠ ُ َ ُوف َ َ ْ ِ ْ
عليھم ِ ْ َ ٌ خالدون( )يَط ُ فيھا َ ِ ُ َ األعين َ َ ُ ْ
وأنتم ِ َ ْ ُ ُ األنفس َ َ َ ﱡ
وتلذ تشتھيه ْ ُ ُ
َ ْ َ ِ ِ
نعيما ثم َ َ ْ َ
رأيت َ ِ ً وإذا َ َ ْ َ
رأيت َ ﱠ حسبتھم ل ُْؤل ًُؤا ﱠ ُ ً
منثورا * َ ِ َ إذا َ َ ْ َ ُ ْ
رأيتھم َ ِ ْ َ ُ ْ معين( ) ِ َ
وكأسٍ من ِ ٍ َََ ِ َ
وأباريق َ َ ْ
كبيرا( .أما أسنان أھل الجنة فأبناء ثالث وثالثين في سن الشباب ،وما أجمل ھذا َ ُ ْ ً
وملكا َ ِ ً
دامت
فيھا َما َ َ ِ
خالدين ِ َ
السن يا عباد ﷲ! ،أولياء ﷲ ال خوف عليھم وال ھم يحزنون ) َ ِ ِ َ
واألرض( في سعادة أبدية .
السماوات َ ْ ُ
ﱠ َ َ ُ
أما أدنى أھلھا فيسير في ملكه وقصوره مسيرة ألفي عام؛ فما بالكم بأعلى أھل
الجنة ،إذا كان أدناھم كذلك؟ واسمعوا كما في صحيح ]مسلم[ عن ]المغيرة بن شعبة[
–رضي ﷲ عنه -قال :قال رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم" :-سأل موسى –عليه
السالم -ربه :ما أدنى أھل الجنة منزلة؟ فقال الحكيم سبحانه وتعالى :رجل يأتي بعد
الجنة ،فيخيل إليه أنھا مآلى ،فيقول ﷲ –عز وجل -له ادخل الجنة،
َ الجنة
ِ ما ُأدخل أھل
فيقول :يا رب كيف وقد نزل الناس منازلھم وأخذوا أخذاتھم؟! فيقول ﷲ –عز وجل:-
ادخل الجنة ،قال :كيف وقد أخذوا منازلھم ،وأخذوا أخذاتھم ،وأخذوا نعيمھم –يخيل إليه
أنھا مآلى -فيقول ﷲ –عز وجل -له :أال ترضى أن يكون لك مثل ملك من ملوك الدنيا؟
ملك من ملوك الدنيا؟ قال :بلى يا رب ،وكيف ال أرضى أال ترضى أن يكون لك مثل ُ ْ
ملك َ ِ ٍ
بذلك؟! قال :فإن لك ذلك ومثله ،ومثله ،ومثله ،ومثله حتى بلغ الخامسة ،فقال ھذا
العبد :يا رب رضيت رضيت ،قال فإن لك ذلك ،ولك عشرة أمثاله ،ولك ما اشتھت عينك،
بما
جزاء ِ َ
أعين َ َ ً لھم من ُ ﱠ ِ َ نفس ﱠما ُ ْ ِ َ
أخفي َ ُ ولذت نفسك ،وأنت فيھا خالد " ) َفال َ َ ْ َ ُ
قرة ْ ُ ٍ تعلم َ ْ ٌ ﱠ
ُون( وفي الحديث اآلخر -يا عباد ﷲ -الذي روي في الصحيحين" :أن ﷲ -عز
يعمل َ َ ُ
كانوا َ ْ َ
وجل -بعد أن يقضي بين العباد ،يبقى رجل مقبل بوجھه على النار ،قد نجا منھا ،ولكنه
لم يدخل الجنة ،ولم يقدم إلى باب الجنة ،فيقف ،فيقول :يا رب اصرف وجھي عن النار،
وسمني ،وأحرقني
ﱠ يا رب برحمتك اصرف وجھي عن النار ،فقد خشبني ريحھا آذاني
ذكاؤھا ولھبھا ،فيدعو ما شاء ﷲ -عز وجل -أن يدعو ،فيقول ﷲ عز وجل له ،فيقول :
ھل عسيت إن صرفت وجھك عن النار أال تسألني غير ذلك؟ ýýýýقال :وعزتك وجاللك
ال أسألك غير ذلك ،فاصرف وجھي عن النار ،فيصرف ﷲ الرحيم الحليم الغفور وجھه عن
النار ،فيبقى ما شاء ﷲ أن يبقى ساكتا ثم يسأل ﷲ مرة أخرى ،فيقول :يا رب برحمتك
قدمني إلى باب الجنة ،يا رب برحمتك قدمني إلى باب الجنة ،فيقول ﷲ :ويلك يا ابن
ِّ
تعط العھود والمواثيق أال تسألني غير ذلك؟ ،قال :يا رب
آدم ما أغدرك ،وما أظلمك ،ألم ُ ِ
برحمتك قدمني إلى باب الجنة ،قال :ھل عسيت إن أعطيتك ما سألت أال تسألني غير
ذلك؟ قال :وعزتك وجاللك ال أسألك غير ذلك ،فيقدمه ﷲ –عز وجل -إلى باب الجنة،
فيبقى ھناك ،ويسكت ما شاء ﷲ أن يسكت ،ثم تنفلق له الجنة ،فيرى حورھا ،ويرى
قصورھا ،ويرى رياضھا ،ويرى نعيمھا ،فيقول :يا رب برحمتك أدخلني الجنة ،فيقول ﷲ:
ويلك يا ابن آدم ،ما أغدرك! ما أظلمك! ألم تعط العھود والمواثيق أال تسألني غير ذلك.
قال :يا رب برحمتك أدخلني الجنة برحمتك ،أدخلني الجنة ،قال :ھل عسيت إن
أدخلتك أال تسألني غير ذلك؟ ،قال :وعزتك وجاللك ال أسأل غير ذلك ،قال ﷲ –عز
ومنه -فيدخل الجنة ،فيكفيه ھذا ،فيقول ﷲ –عز
وجل -ادخل الجنة –برحمته وكرمه َ ِّ
تمن يا عبد ،فيتمنى ،ثم يتمنى ،ثم يتمنى ،ويذكره ﷲ –عز
ﱠ تمن يا عبد،
ﱠ وجل له:-
وجل -رحمة منه وفضال باألماني التي يتمناھا حتى تنقطع به األماني ،ثم يقول له-
ً
شيئا يا رب ،قال :فإن لك ما أخذت ،ولك عشرة أمثاله ،ولك ما تمن ،قال :ال أريد
َ ﱠ
قرة
لھم ِ ّمن ُ ﱠ ِ نفس ﱠما ُ ْ ِ َ
أخفي َ ُ تعلَ ُ
م َْ ٌ ولذت عينك ،وأنت فيھا خالد" ) َفال َ َ ْاشتھت نفسك ،ﱠ
ُون( قال في آخرھا :فما أعالھم منزلة؟ يقول موسى -في يعمل َ بما َ ُ
كانوا َ ْ َ جزاء ِ َ
أعين َ َ ً َ
ْ ُ ٍ
الحديث األول :-فما أعالھم منزلة؟ ھذا أدناھم ،قال :أولئك الذين أردت ،غرزت كرامتھم
بيدي ،وختمت عليھا فلم تر عين ،ولم تسمع أذن ،ولم يخطر على قلب بشر" ) َفال َ
ُون( فال إله إال ﷲ ما أرحم
يعمل َ بما َ ُ
كانوا َ ْ َ جزاء ِ َ
أعين َ َ ً لھم ِ ّمن ُ ﱠ ِ َ نفس ﱠما ُ ْ ِ َ
أخفي َ ُ َْ َ ُ
قرة ْ ُ ٍ تعلم َ ْ ٌ
ﷲ! وما ألطف ﷲ! وما أحلم ﷲ! ما أرحم ﷲ! نسأله برحمته التي وسعت كل شيء
أن يرحمنا برحمته ،سبحانه وبحمده.
عفا
يزل مھما ھفا العبد َ َ
دائما *** وال َ
ونھفو َ ِ ً
يعفوُ ْ َ َ ،
من َ ُ
سبحان َ ْ
ُ َ َ
يعطي الذي يخطى وال يمنعه *** جالله عن العطا لذي الخطا
واحدا؛
ً جزءا
ً خلق ﷲ الرحمة يوم خلقھا مائة رحمة ،ثم أنزل إلى األرض رحمة واحدة أو
وجنھم وعجماواتھم ودوابھم وبھائمھم؛ فإذا كان يوم
فبه يتراحم الخلق كلھم ،إنسھم ِ ﱡ
القيامة رفع ﷲ ھذه الرحمة إلى التسع والتسعين عنده جل جالله ،فيتطاول إبليس
ستسعه في ذلك اليوم ،فيا من رحمته
وھو في الموقف بعنقه يظن أن رحمة ﷲ َ َ َ
وسعت كل شيء -ارحمنا برحمتك.-
ييأس من الجنةَ ِ َ ،
ولعمل للجنة ،ووﷲ لو وﷲ لو يعلم الكافر ما عند ﷲ من الرحمة لم ْ ْ
أبدا حتى يضع أول قدم من
يعلم المؤمن ما أعد ﷲ من العذاب للكافرين لم يأمن النار ً
أقدامه في الجنة.
اخوتي في ﷲ؛ ھذا أدنى أھل الجنة وأعالھم ،كأني بكم تقولون :ما أزواجھم؟ وأقول
لكم :ال إله إال ﷲ ،ماذا يصف الواصفون في أزواج أھل الجنة ،إنھن الحور ،والحور ما
الحور يا عباد ﷲ؟ كواعب أتراب ،لھن خدود كالورد والتفاح ،ونھود كالرمان ،وثغور كاللؤلؤ
قد ﱠ
رق خصر الواحدة المنظوم ،فيا له من نعيم ،وأي نعيم لمن فاز بحوريات أھل الجنة!ْ ،
منھن ،وحاجبھا وأنفھا ،وطال قوامھا وعنقھا وشعرھا ،تجري الشمس من محاسن
وجھھا إذا برزت ،ويضيء البرق من بين ثناياھا إذا ابتسمت ،إذا قابلت زوجھا ،فقل ما
تشاء في تقابل الشمس والقمر ،إن حادثت فما ظنك بمحادثة المحبين ،وإن ضمھا فما
خدھا ،ويرى مخ ساقھا من وراء لحمھا
ظنك بتعانق الغصنين ،يرى وجھه في صحن ِّ
وحللھا ،لو طلعت على أھل الدنيا لمألت ما بين السماوات
وعظمھا وجلدھا وعصبھا ُ
وتكبيرا ،لو طلعت لقالوا :ال إله
ً تسبيحا وتھليال
ً ريحا ،والستنطقت أفواه الخالئق
ً واألرض
إال ﷲ ،وسبحان ﷲ والحمد 9وﷲ اكبر ،لو طلعت لتزخرف لھا ما بين السماوات
واألرض ،وألغمضت عن غيرھا كل عين ،ولطمست ضوء الشمس كما تطمس الشمس
ضوء النجوم ،وآلمن َمن على ظھر األرض با 9الحي القيوم ،خمارھا على رأسھا خير
من الدنيا وما فيھا ،نصيفھا على رأسھا خير من الدنيا وما فيھا ،ال تزداد على طول
حسنا وجماال ،مبرأة من الحمل والوالدة والحيض والنفاس ،مطھرة
ً الدھور واألحقاب إال
من المخاط والبصاق والبول والغائط وسائر األدناس ،ال يفنى شبابھا ،وال تبلى ثيابھا ،ال
ُيمل طيب وصالھا ،قد قصرت طرفھا على زوجھا؛ فھن قاصرات الطرف ،ال تطمح ألحد
سرته ،وإن أمرھا أطاعته ،وإن غاب حفظته؛ فھي معه وھو
ﱠ سوى زوجھا ،إن نظر إليھا
سرورا،
ً معھا في غاية األمان ،لم يطمثھا قبله إنس وال جان ،كلما نظرت إليه مألت قلبه
الخيرات
ِّ نورا ،ھن
منظوما ،وإذا برزت مألت القصر والغرفة ً
ً ً
لؤلؤا وكلما حدثته مألت أذنه
ظنكم -يا أيھا األخوة في ﷲ -بامرأة إذا
العرض المتحببات إلى األزواج .ما ﱡ
الحسان ،ھن ُ ُ
ضحكت أضاءت الجنة كلھا من ضحكھا ،إذا حاضرت زوجھا فيا لذة المحاضرة! ويا لذة
خاطرته فيا لذة المخاطرة والمعانقة! ،وإن كلمته فيا لذة األسماع! فحديثھا
ْ الكالم! وإن
السحر الحالل.
وجز
لم تُ ِ ِ المحدث َ ﱠ َ
أنھا َ ْ ود ُ َ ِّ ُ
إن طال لم يملل وإن ھي حدثت *** ﱠ
عدلھا! ،سبحان من أنشأھا! ،سبحان من جعلھا
سبحان من صورھا! ،سبحان من ﱠ
للمؤمنين الصادقين! ،سبحان من جمعني وإياكم في روضة من رياض الجنة ،وأسأل ﷲ
غنت ھذه الحورية فيا لذة
أن يجمعنا وإياكم في روضة من رياض الجنة عنده .إن ﱠ
األسماع ،ليس كغنائنا؛ ُفحش وخنا ومجون وتحلل ،وبعضنا –يوم انتكست بصيرته -يأخذ
ھذا الغناء ليدخله إلى بيته ،ليفسد بيته ،ولينشر الفحش في بيته ،وليخرج مالئكة
الرحمن من بيته ،وليدعو إلى الرذيلة في بيته ،وينسى أن ھناك غناء قد يحرمه إن لم
قبلت فال
غنت الحورية فيا لذة األسماع واألبصار! وإن ﱠ
يتب إلى ﷲ –جل وعال .-إن ﱠ
ُ
شيء أشھى من التقبيل ،وإن آنست فيا لذة ُ
األنس بسماع الغناء والكالم والمحاضرة،
إنشاء.
ً ھؤالء حوريات أھل الجنة الذين أنشأھم ﷲ في الجنة
ﱠ
وصلين ،ووحدن وتصدقن، حورا من نساء أھل الدنيا قمن بالتكاليف؛ صمن،
ً لكن ھناك
يكن في الجنة أفضل من حوريات أھل الجنة ،فضال من ﷲ ونعمة
ﱠ وقمن بالتكاليف كلھا
لنساء أھل الدنيا ،فطوبى المرأة غضت بصرھا عن محارم ﷲ ،وطوبى المرأة اتجھت
إنشاء.
ً إلى ﷲ لتكون أفضل من حوريات أھل الجنة الذين أنشأھم ﷲ في الجنة
وأقف معكم ومع ]ابن الجوزي[ –عليه رحمة ﷲ -في رياضه –رياض السامعين -وھو
مشھدا من مشاھد نعيم أھل الجنة ،حتى إنه ليتخايل ذلك النعيم ،ويقول :وﷲ
ً يصف
الجنة وخلودھم فيھا بال تنكيل وال تعب وال نصب وال
َ الجنة
ِ إني ألتخيل دخول أھل
صخب ،يقول :فأكاد أطيش ويكاد طبعي يضيق عن تصديق ذلك لوال أن ﷲ عز وجل
ضمنه لنا ،انظروا إليه وھو يصف ھذا المشھد ،يقول :يا
ِ ورسوله -صلى ﷲ عليه وسلم-
أيھا األخوة بينما رجل من أھل الجنة يتنعم فيما ال عين رأت ،وال أذن سمعت ،وال خطر
على قلب بشر ،وإذا ببرق يضيء في الجنة ،وھو مع حورية من حوريات أھل الجنة
يتنعم معھا،قال فيرفع رأسه فإذا ھو بحورية أجمل من التي بين يديه وإذا بھا تقول :يا
ولي ﷲ أما لنا فيك جولة؟ أما لنا فيك نصيب؟ ،تعرض خدماتھا عليه تعرض نفسھا
لھم نفس ﱠما ُ ْ ِ َ
أخفي َ ُ عليه ،فيقول با 9من أنت؟ قالت :أنا ممن قال ﷲ فيھن ) َفال َ َ ْ َ ُ
تعلم َ ْ ٌ
ُون( وكل ما في الجنة ُمذلل ألھل الجنة ،فيطير يعمل َ بما َ ُ
كانوا َ ْ َ اء ِ َ
جز ً
أعين َ َ ِ ّمن ُ ﱠ ِ َ
قرة ْ ُ ٍ
تضعف بسبعين ألف جزء من النور عن التي كانت بين
بسريره إليھا ،فيأتي وإذا ھي ْ ُ ُ
يديه ھناك ،فيتعجب ،ويقول :لم؟! قالت :ألنني صليت وصمت وعبدت ﷲ ،أنا من نساء
أھل الدنيا ،لم أتزوج في الدنيا؛ فأنا أعرض نفسي عليك ،قال :أو أنت لي؟! قالت :نعم
عاما ال تمله ،وال يملھا ،تقف
ً جزاء من ﷲ لك ،وجزاء من ﷲ لي ،قال :فيعتنقھا أربعين
رجليھا خالخل من ياقوت ،إذا مشت سمع من خالخلھا صفير صوت كل
ْ يديه ،وفي
بين ْ
طير في الجنة ،فال إله إال ﷲ ،أي نعيم ھذا النعيم؟ وھو يعتنقھا ينظر ليدھا اليمنى
وعده( .يقول :مكتوب بالنور على اليمن الذي َ َ َ َ
صدقنا َ ْ َ ُ 9ﱠ ِ فإذا ھو مكتوب عليھا ) ْ َ ْ ُ
الحمد ِ
عنا ْ َ َ َ
الحزن( أما الذي َ ْ َ َ
أذھب َ ﱠ 9ﱠ ِ وعده( وعلى اليسرى ) ْ َ ْ ُ
الحمد ِ الذي َ َ َ َ
صدقنا َ ْ َ ُ 9ﱠ ِ ) ْ َ ْ ُ
الحمد ِ
كفﱡھا ْ َ
فألين من المخُ ،يشم من رائحة كفھا رائحة كل طيب في الجنة ،وھي تمشي
بين يديه ،ثم يتمنى أن يمشين مشيات ومشيات؛ ألن كل مشية للحورية لھا لذة
ونعيم من نوع خاص ،قال :فيتمنى أن تمشي ،فيقول لھا :اشتقت إلى مشيتك ،فيكون
معھا سبعون ألف وصيفة –كما يقول ابن الجوزي في رياض السامعين -قال :فيمشون
معھا بسبعين ألف مشية فيضع ﷲ لھم روضة من الكافور وروضة أخرى من الزعفران
فيمشين بسبعين ألف مشية في ھذه الروضة ويرجعن بسبعين ألف مشية في الروضة
طربا من مشيتھن لمات ،ولكن خلود في الجنة وال
ً األخرى ،لو قضى ﷲ الموت عليه
موت ،لو َ َ َ ْ
تفلت في بحار الدنيا ألصبحت بحار الدنيا كلھا عذبة من تفال ھذه الحورية.
ثم يشتاق بعد ذلك إلى البخور ،وكل ما في الجنة رائحة طيبة ،قال :فيأتين بمجامر من
در فيھا بخور من غير نار ،قال :فيمشين به تمشي رائحته في الجنة مسيرة مائة عام،
نزه بيته وأھله وأذنه التي أنعم
ثم يشتھي الغناء يا من صان سمعه عن الغناء ،يا من ﱠ
ﷲ به عليه عن الغناء ،يشتھي إلى الغناء فماذا يكون األمر؟ كيف يكون األمر يوم
يشتھي الغناء يا أيھا األخوة ؟ يقول :يجتمعن وينزلن ،فيجتمعن قسمين من النساء
المؤمنات الالئي كن في الدنيا قسم ،وقسم آخر من نساء وحوريات أھل الجنة الالئي
أنشأھن ﷲ -عز وجل -في الجنة إنشاء .فاسمع إلى كلمات ھؤالء واسمع إلى كلمات
ھؤالء ،أما أھل الجنة الالئي ُأنشئن في الجنة فيقلن :
الراضيات َفال يسخطن
نحن ﱠ ِ ُُ الخالدات َفال َ ُ ْ َ
يمتن *** نحن َ ِ ُُ
يبأسن
َ الناعمات فال
ُ نحن ﱠ
ُ يظعن ***
ﱠ المقيمات فال
ُ نحن
كرام ،طوبى لمن كان لنا وكنا له
قوم ِ َ ٍ
ٍ أزواج
ُ الحسان،
الحور ِ َ
ُ نحن
ُ
فيرد نساء أھل الدنيا وحوريات أھل الجنة منھن:
صمتن
وما ُ ْ ُ ﱠ
الصائمات َ َ
ُ ﱠ ِ نحن
ُ المصليات وما ّ ﱠ ْ ُ ﱠ
صليتن *** نحن ُ َ ِ ّ ُ
ُ
وما َ َ ْ ﱡ ﱠ
عبدتن العابدات َ
نحن َ ِ َ ُ
ُ وما َ َ َ ْ ﱠ
تصدقتن *** المتصدقات َ
ُ نحن ُ
ُ
تقول ]عائشة[ -رضي ﷲ عنھا :-فغلبنھن .أما موسيقاھن -يا من سمع ھذه الكلمات-
ال فحش وال خنا ،ال فجور وال تحلل ،وليس كھذا الغناء ،وإنما خلود بال موت إقامة بال
ظعن ،نعيم بال بأس ،صالة وصدقة وصيام ،وكل يفخر بھذا النعيم.
نزه نفسه عن الموسيقى في ھذه الحياة ،فيرسل ﷲ ريحه فتھز
أما موسيقاھن يا من ﱠ
صوتا يشبه صفير كل صوت طير في الجنة؛ فال تسل
ً ذوائب أغصان أشجار الجنة فتحدث
عن ذاك النعيم ،وھن يغنين بأصواتھن الرخيمات اللذيذات ،لو قضى ﷲ الموت على أھل
طربا بھذا الغناء لماتوا ،ولكن خلود بال موت.
ً الجنة
ريحا تلذ لمسمع اإلنسان
ً ريحا تھز ذوائب األغصان،
ً قال ابن عباس :ويرسل ربنا
كالنغمات باآلذان يا خيبة اآلذان ال تتبدلي بلذاذة األوتار والعيدان ،خابت أذن تركت ذاك
خير(
ھو َ ْ ٌ
بالذي ُ َ ھو َ ْ َ
أدنى ِ ﱠ ِ ُون ﱠ ِ
الذي ُ َ وتلذذت باألوتار والعيدان المحرمة ) َ َ ْ َ ْ ِ
أتستبدل َ ﱠ النعيم،
خير( ھذا مشھد من مشاھد أھل الجنة ،جعلنا ھو َ ْ ٌ
بالذي ُ َ ھو َ ْ َ
أدنى ِ ﱠ ِ ُون ﱠ ِ
الذي ُ َ )ََ ْ َ ْ ِ
أتستبدل َ
ﷲ وإياكم من أھل الجنة ،لھذا كله بادر المبادرون ،وتنافس المتنافسون يوم سمعوا بما
سمعوا من ھذا الوصف ،ماذا كان منھم يا عباد ﷲ؟
أحدھم قال :ألشترين حورية من الحور العين بثالثين ختمة للقرآن ال أنام حتى أختم
تسعا وعشرين فيغلبه النوم فينام فيرى حورية من حوريات
ً ھذه الثالثين ختمة ،ويختم
أھل الجنة تأتي فتركله برجلھا ،وتقول:
حرام
عني َ َ
المحبين ِّ
ونوم ُ ِ ّ َ
ُ تنام ***
وعني َ َ ُ
ِّ مثلي
ُب ْ ِ
أتخط ُ
القيام
كثير ِ
ِ الصالة
ِ امرئ *** َ ِ
كثير ٍ لكل
ِّ خلق َنا
ألنا ُ ِ ْ
فقام بعدھا ،وأكمل ذلك واجتھد ،وقال :برحمة ﷲ ألجتھدن إلى أن أنال ھذه؛ إلى أن
أنال ھذه الحورية] ،وأبو سليمان الدارني[ –عليه رحمة ﷲ -ينام ليلة من الليالي ،عابد
عبد ﷲ ،وأخلص ،9وصدق مع ﷲ ،يمني نفسه بما في الجنة من نعيم ،فيقول
زاھد َ
أحيانا تحدث بما ترغب وبما تريد وبما تحب -قال:
ً نائما والنفس
في ليلة من الليالي – ً
فرأيت –فيما يرى النائم -كأن حورية جاءتني ،وقالت :ما ھكذا يفعل الصالحون –يا أبا
سليمان -أتنام وأنا أربى لك في الخدور من خمسمائة عام .ال إله إال ﷲ؛ فما نام بعدھا
إال قليال؛ جد وطلب ليلحق بھا .وأبو سليمان كانت له رحلة الحج المعروفة ،والتي
ذكرھا صاحب حادي األرواح -عليه رحمة ﷲ -يقول :رافقه شاب عراقي في طريقه إلى
مصليا؛ نركب فيتلو القرآن ،ننزل
ً تاليا أو
ً باكيا أو
ً الحج ،قال :فما رأيت ھذا الشاب إال
فنصلي فيصلي ،ويذكر ﷲ ،ال يتكلم بكالم إال بذكر ﷲ أو بالصالة والقيام ،قال :فقلت :ال
أسأله وال أشغله ،وعندما رجعنا من رحلة الحج ،ووصلنا إلى بالد العراق .قال :قلت له:
ھيجك على العبادة ال
ھيجك على العبادة؟ ما الذي ﱠ
أيھا الشاب أسألك با9؛ ما الذي ﱠ
تفتر عنھا؟ قال :يا [أبا سليمان[ أما إن سألتني؛ فإني رأيت -فيما يرى النائم -حورية
في قصر من ذھب ،وقصر من فضة ،له شرفتان من زبرجد وياقوت ،وبينھما ھذه الحورية
جد إلى ﷲ في طلبي؛ فإني
أر جماال كذاك الجمال ،وھي تقول ليّ ِ :
مرخية شعرھا لم َ
أربى لك في الخدور من خمسمائة عام ،فوﷲ برحمة ﷲ ،وأقسم على ﷲ برحمته:
ھيجھم ذكر
ألجتھدن حتى أصلھا أو أھلك دونھا .وﷲ ال أرتاح حتى أبلغ تلك المنزلة ،ﱠ
ﱠ
طيرت الجنة نوم العابدين من جفونھم ،فتركوا الفراش ،واتجھوا إلى
الجنة إلى الجنة ،ﱠ
ربھم َ ْ ً
خوفا يدعون َ ﱠ ُ ْ عن ْ َ َ ِ
المضاجعِ َ ْ ُ َ تتجا َفى ُ ُ ُ ُ ْ
جنوبھم َ ِ ﷲ في أسحارھم وفي لياليھم ) َ َ َ
وقياما يأتي أحدھم ،فيفرش فراشه،
ً سجدا
ً ينفقون( يبيتون لربھم ومما َ َ ْ َ ُ ْ
رزقناھم ُ ِ ُ َ َ َ َ ً
وطمعا َ ِ ﱠ
ثم يضع يده عليه ،ويقول :وﷲ إنك َ َ ِ ّ ٌ
للين ،لكن فراش الجنة ْ َ
ألين ،فيقوم ليله كله ال ينام،
جدوا إلى ﷲ؛ ألنھم علموا ما عند ﷲ ،وكأني بكم تقولون :ھل في
ھكذا –يا عباد ﷲ َ -ﱡ
الجنة سوق؟ وال إله إال ﷲ –أيھا األخوة -كيف حال أسواقنا ھذه األيام؟ أسواقنا أشغلت
المصلين عن صالتھم ،وأشغلتھم عن ذكر ﷲ حتى يوم ُيذكر ﷲ يھربون من المساجد
إلى األسواق ،إلى مجتمع الشياطين ،أسواقنا فيھا ماال يعلمه إال ﷲ ،ونسأل ﷲ أن
ردا جميال؛ فما حالھا سيئ في أسواقھا بل
يعدل حال ھذه األسواق ،وأن يرد األمة إليه ً
ردا جميال
حالھا سيئ في كثير وكثير ،لكن نسأله برحمته أن يردنا إليه ً
أما سوق أھل الجنة فلھم سوق لكن أي سوق يا عباد ﷲ؟ سوقھم يوم الجمعة ،يوم
الجمعة من شرفه إنه سوق – ً
أيضا -ألھل الجنة؛ يأتون كل جمعة ،فيركبون نجائبھم،
ودوابھم من ذھب وفضة ولؤلؤ إلى كثبان المسك ،فيجلسون عليھا ،ثم يأتيھم الريح،
فتأخذ من كثبان المسك ،فترمى في وجوھھم ،وفي نواصي خيلھم ونواصي دوابھم،
حسنا وجماال ،فيقول أھلھم وزوجاتھم من الحوريات:
ً فيرجعون إلى أھلھم ،وقد ازدادوا
حسنا وجماال.
ً حسنا وجماال ،فيقولون :وأنتم -وﷲ -بعدنا لقد ازددتم
ً وﷲ لقد ازددتم
ھذا ھو سوق أھل الجنة سوق أھل الجنة يا من أشغله سوق الدنيا عن طلب سوق
الجنة ،اتق ﷲ ،وتاجر مع ﷲ ،وإياك إياك أن تقصر رجلك عن مثل ھذه المجتمعات،
ومثل ھذه الروضات ،كم من إنسان قصر رجله عن مثل ھذا المسجد ،فقصرت به قدمه
ﱠ
وزلت به من على الصراط إلى كالليب النار .نسأل ﷲ العافية والسالمةُ ،يعد ﷲ -عز
وجل -للذين يأتون إلى المساجد نزال في الجنة كلما غدوا ،وكلما راحوا فضال منه
ونعمة ،نعيم الجنة ال ينفد ،نعيم الجنة ال يبيد ،نعيم الجنة ال يوصف ،وإن من أعظم نعيم
أھل الجنة -يا أيھا األخوة -حلول رضوان ﷲ -جل وعال -على عباده في الجنة ،ھذا من
جل جالله
أعظم النعيم الذي ينالونه ،وأعظم من ذلك التلذذ بالنظر إلى وجه ﷲ الكريم ّ -
وتقدست أسماؤه -ذلك اليوم يسمى يوم المزيد يوم زيارة العزيز الحميد تصور نفسك
وﷲ -عز وجل -يستزيرك ويزورك ،ال إله إال ﷲ .يا أيھا االخوة .
استمع ومثل نفسك في روضات الجنة يوم يأتيك المنادي ينادي أنت وأھل الجنة :يا
أھل الجنة إن ربكم يستجيركم ،فحي على زيارته ،ال إله إال ﷲ ،من السائل جل
سمعا وطاعة وينھضون إلى
ً جالله ،وتقدست أسماؤه ،سبحانه ال إله إال ﷲ ،يقولون:
الزيارة مبادرين ،وإذ بالنجائب أعدت لھم يستوون على ظھورھا ،وينھضون ،فيستوون
موعدا ،ثم يأمر الرب -
ً إلى الوادي األفيح المبارك على كثبان المسك التي جعلت لھم
فينصب ،ثم يأمر بمنابر ألھل الجنة منابر منوعة على قدر
تبارك وتعالى -بكرسيهُ ،
األعمال؛ من ذھب ،من فضة ،من لؤلؤ ،من نور ،من ياقوت من زبرجد ،وأدناھم –وما
فيھم دنيء -على كثبان المسك؛ فال إله إال ﷲ ،ما أعظم نعيم ﷲ في الجنة! حتى إذا
استقروا في مجالسھم ،واطمأنت بھم أماكنھم ،نادى المنادي مرة :يا أھل الجنة إن
موعدا ،فيقولون –وقد رضوا بما
ً موعدا عند ﷲ يريد أن ُينجزكموه ،يريد أن يعطيكم
ً لكم
أتاھم من النعيم :-ألم يثقل موازيننا سبحانه وبحمده؟ ألم يزحزحنا عن النار؟ ألم يدخلنا
الجنة؟ ألم يبيض وجوھنا؟ فبينا ھم كذلك إذ سطع لھم نور أشرقت له الجنة ،ورفعوا
رءوسھم؛ فإذا الجبار–جل جالله وتقدست أسماؤه -قد أشرف عليھم من فوقھم ،وقال:
يا أھل الجنة سالم عليكم ،فيردون بصوت واحد :اللھم أنت السالم ،ومنك السالم،
خيرا من رب
ً نعدم
تباركت يا ذا الجالل واإلكرام ،ثم يضحك ﷲ لھم .يقول أحد األعراب :ال ُ َ
يضحك ،ثم يقول :يا أھل الجنة ،يا من أطاعوني بالغيب ولم يروني ھذا يوم المزيد،
أرض عنكم لم أسكنكم جنتي،
َ فسلوني ،فيقولون :ربنا قد رضينا فارض عنا .قال :لو لم
أبدا ،ھذا يوم المزيد فسلوني ،ال إله إال ﷲ ،ما
أحللت عليكم رضواني ،ال أسخط عليكم ً
أرنا
عرضا ،فيقولونِ :
ً أكرم ﷲ! ال إله إال ﷲ ،ما أرحم ﷲ! يا أيھا األخوة يعرض عليھم
وجھك نتلذذ بالنظر إليه ،فيكشف لھم الرب –جل جالله -الحجب ،ويتجلى لھم،
نور
ﷲ ُ ُ
ويغشاھم من النور،ما لوال أن ﷲ –عز وجل -قضى أال يحترقوا الحترقوا من نوره ) ُ
واألرض( ال يبقى أحد في ذلك المجلس إال حاضر ربه محاضرة ،وكلم ربه
السماواتِ َ ْ ِ
ﱠ َ َ
كفاحا بال ترجمان يقول ﷲ ألم تعمل كذا في يوم كذا ألم تعمل كذا ألم تعمل كذا
فيذكره ببعض غدراته وزالته فيقول يارب ألم تغفر لي قال بمغفرتي بلغت ما بلغت فيا
لذة األسماع بتلك المحاضرة ويا قرة عيون األبرار بالنظر إلى وجه الكريم الغفار ) وجوه
يومئذ ناضرة إلى ربھا ناظرة(.
ٍ
فكيف تعلم فإن كنت ال تدرى فتلك مصيبة وإن كنت تدرى فالمصيبة أعظم ھذه بعض ما
أعده ﷲ عز وجل لنا من النعيم في الجنة يجمع ھذا كله قول المصطفى صلى ﷲ
عليه وسلم كما في الصحيحين قال ﷲ عز وجل أعدت لعبادي الصالحين ماال عين رأت
وال أذن سمعت وال خطر على قلب بشر
ُون( إنھا الجنة وكفى،
يعمل َ بما َ ُ
كانوا َ ْ َ جزاء ِ َ
أعين َ َ ً )فال تعلم نفس ما أخفى لھم من ُ ﱠ ِ َ
قرة ْ ُ ٍ
إنھا الفردوس وكفى ،إنھا طوبى وكفى.
يتنعم
لذاتٍ بھا َ َ َ ﱠ ُ
وأصناف ﱠ
ُ مسرة ***
ٍ حشوھا من َ
ْ ِ َ ﱠ
فلله ما ِفي
يبسم
ِ ُ الروضاتِ
والثغر ِفي ﱠ
ﱠْ ُ وروضاتھا
خيامھا *** َ َ ْ َ َ
بين ِ ِ
العيشِ ْ َ ِ
و 9درب َ
منھم
ُ ُ كنت
َ موعد *** المزيد ِ َ ْ ِ
لوقت الحب لو ٌ ھو واديھا ﱠ ِ
الذي ُ َ َ ِ
و9
موالھم ُ ِ ّ ُ
ويسلم ُ ُ يخاطبھم َ
ِ ُ ُ عندما *** ُ
َ المحبين
ِّ َ وُ َ ْ 9
أفراح
أعظم
ُ الفجر
تبسمت *** أضاء لھا نور من َ ْ ِ
ْ إن
حورية ْ
ٍ كم
وْ 9
ھي ْ َ ْ
أقبلت *** ويا لذة األسماع حين تكلم إن ِ َ
األبصار ْ
ِ لذة
فيا ﱠ َ
َ
المقدم المھر َ ْ َ
فھو ُ ﱠ ُ زمان َ ِ
ُ باغيا *** فھذا
كنت َ ِ ً
إن ْ َ ِ
الحسناء ْ خاطب
ِ َ فيا
يقدم فما َ َ ِ
فاتت ّ ُ
اللذات َمن ليس َ ْ ُ ُ قنع بعيشٍ ُمنغصٍ *** َ َ ْ ِ ْ
فأقدم وال ت ْ
منزل لك ُ ْ َ ُ
يعلم بأسرھا *** َ ْ
ولم يكن فيھا َ ِ ٌ ِ عليك
َ الدنيا
َ ضاقت
ْ وإن
المخيم
ُ فإنھا *** منازل َُنا ُ َ
األولى وفيھا عدن ﱠ
ٍ فحي على جناتِ
ﱠ
يا أيھا األخوة في ﷲ لما علم الصالحون ھذا النعيم ورأوا أن الفرصة قائمة وأن السوق
رائجة وأن الثمن الجنة رفعوا رؤوسھم فنظروا إلى األعالم فإذا ھي أعالم الجنة قد
نصبت فشمروا شمروا إليھا فماذا عملوا قدموا أموالھم وقدموا دمائھم وقدموا أوقاتھم
وقدموا كل ذرة وكل نفس من حياتھم ثمنا للجنة ففازوا وأفلحوا يحدوھم في ذلك؛ ماذا
يحدوھم؟ يحدوھم ترغيب المصطفى صلى ﷲ عليه وسلم إلى الجنة ونعيمھا يوم كان
صلى ﷲ عليه وسلم ال يضع جائزة إال الجنة على أي عمل من األعمال يقول النبي
صلى ﷲ عليه وسلم على سبيل األمثلة في الجوائز من يجھز جيش العسرة وله
الجنة من يشتري بئر رومة وله الجنة من يعمل كذا وله الجنة من أقبل ھذا اليوم ولم
يدبر صادقا محتسبا فله الجنة وتجده يرفعھم إلى الجنة دائما ال يضع شيئا ماديا عندنا
دنيوي وإنما يرفعھم على زخرف الدنيا إلى الجنة ونعيمھا أرأيتم إليه يوم يأتيه ]خالد بن
الوليد[ رضي ﷲ عنه وأرضاه يوم يرسل إليه قميص مخوصا بالذھب والقميص ھذا
]األكيدر[ ملك دومة الجندل يوم ذھب إليه خالد فأخضعه واستأسره وأخذ قميصه الذي
عليه مخوصا بالذھب موشا بالذھب فأرسله للمصطفى صلى ﷲ عليه وسلم يوم كنا
نغزوا وال نغزى يوم كنا نفرض شروطنا وال تفرض علينا الشروط
كم صرفتنا يد كنا نصرفھا *** وبات يملكنا شعب ملكناه
رباه ارفع ما باألمة رباه ارفع ما باألمة فإنھا قد ذلت وأي ذل وال رافع لھذا الذل إال أنت
سبحانك وبحمدك يا أيھا األخوة يوم جاء النبي صلى ﷲ عليه وسلم ھذا القميص نظر
الصحابة وتجمعوا وقالوا قميص من ذھب والواحد منھم ما يجد ما يستر به سوءته
أعجبوا بھذا فقام النبي صلى ﷲ عليه وسلم ليرفعھم عن ھذا الزخرف قال كما في
]البخاري[ أتعجبون من ھذا لمناديل ]سعد بن معاذ[ في الجنة خير من ھذا وﷲ لبعض
ذاك المنديل خير من ھذا عند ﷲ جل وعال فكان يرفعھم فارتفعوا ھا ھو أولھم ھا ھو
خير من دب على الثرى بعد األنبياء والمرسلين أبو بكر رضي ﷲ عنه وأرضاه الذي كان
سند للمصطفى صلى ﷲ عليه وسلم قدم ماله وقدم أھله وقدم كل شيء في سبيل
ﷲ يريد ما عند ﷲ فماذا أرسل ﷲ له فماذا قدم ﷲ له من جائزة اسمعوا إليه يوم
يأتيه محمد صلى ﷲ عليه وسلم يدعوه ويدعوني ويدعوك ويدعو كل إنسان إلى قيام
الساعة فيقول قولوا ال إله إال ﷲ تفلحوا يريد أن ينقذھم من النار لكن بعض الناس
كالفراش ال يزال يرى النور فيتركه ويرمي بنفسه في النار فيقول أبو بكر ماذا قال قال
أنفكر ننظر في ھذا األمر قال ما جربت عليك كذبا أشھد أنك رسول ﷲ وأشھد أن ال إله
إال ﷲ قبل ذلك مد يدك أبايعك فكانت أول يد امتدت إلى المصطفى صلى ﷲ عليه
وسلم ھي يد أبي بكر يد أبي بكر رضي ﷲ عنه الذي ھضم حقه والذي لعنه بعض
الذين أخذ ﷲ سمعھم وأبصارھم فرضي ﷲ عنه وأرضاه ولعن من أبغضه وعاداه يا أيھا
األخوة ھل وقف أبو بكر وقال ال إله إال ﷲ .ال وﷲ بل قام بعد ذلك كلما سمع أمرا
للمصطفى صلى ﷲ عليه وسلم وجاءه الصادون عن سبيل ﷲ يقولون يقول صاحبك
كذا وكذا يقول رسولك كما تزعم كذا وكذا يوم عرج به إلى السماء قالوا نضرب أكباد
اإلبل إلى بيت المقدس شھرا ويقول ذھب في ليلة وعرج به إلى السماوات وعاد إلى
ھنا كانوا يظنون أن أبا بكر سيقول ال أما ھذه فال قال إن كان قال فقد صدق يا ليتھا
عنوان لنا يا ليت ذلك عنوان لنا في كل لحظة من لحظاتنا يوم نسمع أوامر المصطفى
يوم نسمع أحاديث المصطفى نقول إن كان قال فقد صدق سمعنا وأطعنا قال إن كان
قال فقد صدق ھل اكتفى بالتصديق فقط ال خرج من عند المصطفى صلى ﷲ عليه
وسلم وھو لم يحفظ سوى بعض آيات من القرآن لكنه رأى أن المسئولية عظيمة وأن
الخطب جسيم وأن المؤمن له دور في بيته وفى مجتمعه له دور سيسأله ﷲ يوم يقف
بين يديه ماذا قدم لھذا الدين ماذا عمل لھذا الدين فخرج فذھب وعاد وقد أدخل ستة
من العشرة المبشرين بالجنة في دين ﷲ فال إله إال ﷲ يأتي يوم القيامة وقد أدخل
في دين ﷲ ستة من العشرة المبشرين بالجنة يأتي وھم في ميزانه يوم يلقى ﷲ
جل وعال ھل اكتفى بذلك ال بل صفى تجارته وصفى أمواله صفى أربعين ألفا في يوم
واحد ثم أخذھا جميعھا فإلى أين يذھب رأى المستضعفين من المسلمين رأى الموالي
الذين شھدوا أن ال إله إال ﷲ يوم رفض الشرفاء كما يزعمون والكبراء رآھم يستضعفون
رآھم يزلون خشي عليھم أن يفتنوا في دينھم فقال أتاجر مع ﷲ ونعمة التجارة في
شراء ھؤالء وإعتاقھم لوجه ﷲ تعالى يمر على ]بالل[ في بطاح >مكة< يا أھل مكة
وأنتم تعلمون شدة الحر في ھذه البطاح يمر عليه في الرمضاء وھو يضرب ويوضع فيھا و
توضع الحجارة على صدره رضي ﷲ عنه وأرضاه وإذ به يقول أحد أحد يتعلق با 9فيقول
له أحد ينجيك أحد ينجيك يعني ﷲ األحد سينجيك يا بالل ويذھب وھو يحترق لما يرى
ھل جلس في بيته وبقي يتكلم ويقول إنا 9وال حول وال قوة إال با9؟ ال ذھب وأخذ
خمسة أواقي من ذھب من حر ماله وأخذھا في يده وذھب بھا إلى ]أمية بن خلف[
إلى سيد ھذا مع أن بالل سيد له ما كان سيدا الكافر أبدا ذھب إليه وقال ھذه خمس
أواقي من ذھب أتبيعني بالال قال أبيعك ال خير فيه ألنه استعصى عليه ورفض أن
ينساق معه إلى النار فأخذ منه الخمس أواق وقال وﷲ لو أبيت إال أوقية واحدة
ألعطيتك ]بالال[ زھدا فيه قال وﷲ لو أبيت إال مائة أوقية من ذھب ألعطيتك إياھا ألن
ألبي بكر معايير ومقاييس ليست لذاك وألمثاله ذاك من الذين أخذ ﷲ سمعھم
وأبصارھم ھل وقف عند ذلك قام المستھزئون وقام الساخرون يقولون ما أنفق أبو بكر
ھذا المال وأعتق بالل إال ليد كانت لبالل عنده لنعمة لمعروف قدمه بالل يريد أن يكافئه
أبو بكر لكن الرد من من يدافع عن الذين آمنوا الرد من الذي يعصمك من الناس الرد من
ﷲ جل وعال يأتي فورا ينزل به جبريل على المصطفى صلى ﷲ عليه وسلم )وما ألحد
عنده من نعمة تجزى( ما ألحد عند أبى بكر من نعمة تجزى إال ابتغاء وجه ربه األعلى
ما جزاؤك يا أبا بكر )ولسوف يرضى( من الذي وعده بالرضى الذي خلقه والذي أمره
والذي أعد له ما أعد والذي جعل إعتاق األرقاء من أعظم األعمال التي يعملھا ھل
توقف أبو بكر عند ھذا ال وﷲ ما توقف وما كان له أن يتوقف ووﷲ لو استرسلنا في
كالمنا عن أبي بكر لما كفانا ھذا المجلس وال مجالس آخر وال مجالس آخر ولكن
حسبنا منه ھذه المواقف ماذا أعد ﷲ له عز وجل يدعى يوم القيامة من أبواب الجنة
الثمانية كل مع باب أما أبو بكر فمن أبواب الجنة الثمانية يدعى يوم القيامة كما أخبر
بذلك المصطفى صلى ﷲ عليه وسلم ھل أبو بكر فقط ننتقل لغيره لنرى ونعلم أن
ھناك رجاال قد قدموا وأننا إذا مشينا على ما مشوا عليه واقتدينا بما اقتدوا به وصلنا
إليھم بإذن ﷲ جل وعال جاءت المصطفى صلى ﷲ عليه وسلم تحصل خصومة كما قال
]البخاري[ عليه رحمة ﷲ كما روي ]البخاري[ عليه رحمة ﷲ حصلت خصومة بين يتيم
وصحابي على نخلة والناس على الدنيا تجد النزاع بينھم عظيما ولم يخل منه حتى
عھد المصطفى صلى ﷲ عليه وسلم كان ھناك بستان لھذا الصحابي وبستان آخر
لھذا اليتيم وبينھما نخلة وھذا اليتيم ال زال لم يدرك حق اإلدراك فقال ھذا الصحابي
ھذه النخلة لي وقال ھذا اليتيم الصغير ھذه النخلة لي تشاجرا فذھب اليتيم فاشتكي
ھذا الصحابي إلى المصطفى صلى ﷲ عليه وسلم فأحضر ھذا الصحابي وقال ھذا
الطفل أو ھذا اليتيم يشكوك أو كما قال صلى ﷲ عليه وسلم في نخلة أخذتھا له قال
وﷲ ما كان ذلك لي يا رسول ﷲ وما كنت آلخذ نخلته قال النبي صلى ﷲ عليه وسلم
إذا نخرج ونعاين خرج النبي صلى ﷲ عليه وسلم لم يعتمد على كالم ھذا وال ھذا
وإنما خرج ليعاين البستانين ويعاين النخلة تواضع منه صلى ﷲ عليه وسلم وحكم عدل
ألنه يأخذ عن العدل سبحانه وتعالى خرج وذھب وعندما وصل إلى ذاك المكان فإذا
بالنخلة في بستان الصحابي واضحة جلية فھل يعطف على ھذا اليتيم فيحكم بغير
حكم ﷲ ال ما كان ذلك لرسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم فحكم بالنخلة للصحابي
فزرفت دموع اليتيم على خديه فأراد النبي صلى ﷲ عليه وسلم أن يجبر كسر قلب
ھذا اليتيم ألنه لم يدرك الحق فقال لھذا الصحابي أتعطيه ھذه النخلة ولك بھا عزق في
الجنة عزق نخل في الجنة مقابل ھذه النخلة لكن الصحابي كان في وقت غضب إذ
كيف يشكوه والحق له ويشكوه إلى من إلى المصطفى صلى ﷲ عليه وسلم فيذھب
وكان في الجلسة رجل يتمنى مثل ھذه الفرصة اسمه ]أبو الدحداح[ رضي ﷲ عنه
وأرضاه قال يا رسول ﷲ ألن اشتريت ھذه النخلة وأعطيتھا ھذا اليتيم ألي العزق في
الجنة قال لك ذلك فيلحق بھذا الصحابي ويقول أتبيعني ھذه النخلة ببستاني كله خذ
بستاني كله وأعطني ھذه النخلة قال أبيعكھا ال خير في نخلة شكيت فيھا إلى رسول
ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم فباعه النخلة بالبستان كله وذھب إلى أھله ونادى فيھم يا
]أم الدحداح[ ويا أبناء ]أبى الدحداح[ قد بعناھا من ﷲ فاخرجوا منھا خرجوا ومع أطفاله
بعض الرطب فقام يأخذه ويرميه فيھا ويقول قد بعناھا من ﷲ جل وعال ال نخرج منھا
بشيء بعزق في الجنة خرج ھو وأھله وقد باع كل شيء واشترى عزق من نخلة عند
ﷲ جل وعال ھل قال خالص انتھينا لنا نخلة في الجنة يكفي ال نصلي ال نصوم ال نعمل
أي شيء ال الذي بذل ھذه سيبذل أعظم منھا بذل المال وبذل األوالد وبذل كل نعيم
في ھذه الحياة ثم في األخير يقدم نفسه 9جل وعال يخرج في معركة أحد معركة
أحد الصادقة للصادقين والذي ابتلي فيھا المؤمنون ابتالء شديدا وربي فيھا المؤمنون
تربية عظيمة وكسرت فيھا رباعية المصطفى صلى ﷲ عليه وسلم وشج وجھه يوم
انتھت المعركة ذھب يفتش صلى ﷲ عليه وسلم وھو في تلك الحالة عن أصحابه
يتفقدھم ويأتي إلى صاحب العزق إلى ]أبي الدحداح[ وإذ به مدرج بدمائه فيرفعه
ويمسح الدم عن وجھه ويقول رحمك ﷲ أبا الدحداح كم من عزق مدلل اآلن ألبي
الدحداح في الجنة ال إله إال ﷲ ماذا خسر أبي الدحداح خسر تراب خسر شجيرات
خسر نخيالت لكنه فاز بجنة عرضھا كعرض األرض والسماوات فمن أدخل الجنة فقد فاز
فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز ھل ھذا فقط في عھد المصطفى صلى ﷲ
عليه وسلم وﷲ إن األمثلة لكثيرة وإن النماذج لعظيمة ولكني أنتقل بكم إلى نموذج
آخر قصير ]حنظلة[ وما حنظلة يا أيھا األخوة ذلك العبد الذي يؤمن في يوم ويتزوج وفي
ليلته التي يدخل فيھا على زوجته وبعد ما يقضي وتره من زوجته وإذ بمنادي الجھاد
ينادي يا خيل ﷲ اركبي يا خيل ﷲ اركبي أيجلس مع ھذه في كامل زينتھا في أول
ليلة من زواجه خرج وھو جنب ليقدم نفسه إلى ﷲ لتنتھي المعركة ويجدوه مدرجا
بدمائه والمياه ال زالت تقطر من على رأسه و جسده من أين جاءته المياه من أين ال
مطر من أين ال ماء ينظرون فيقول المصطفى صلى ﷲ عليه وسلم لقد رأيته بين
السماء واألرض تغسله المالئكة في صحاف من ذھب وفضة فسلوا زوجه ذھبوا لزوجته
ليسألوھا قالت خرج وھو جنب خرج وھو جنب فغسل في صحاف من ذھب بشرى له
اآلن وله عند ﷲ ما ال عين رأت وال أذن سمعت وال خطر على قلب بشر ذاك غسيل
المالئكة وﷲ لن نبلغ مراتبھم حتى نتبع الطريق الذي اتبعوا نتبع ذلك النور الذي أخذوا
منه والذي اقتبسوا منه وإن لم نقتبس ونأخذ من ذلك النور فوﷲ إن الخيبة والندامة
نسأل ﷲ أال نكون من أھل الخيبة والندامة.
ال نقول ذلك فقط سننتقل بكم إلى نموذج آخر في عصر متأخر ويذكر ھذا ]ابن القيم
الجوزي[ في صفة الصفوة في الجزء الرابع رجل اسمه ]أبو قدامة[ ]أبو قدامة الشامي[
ليس ]ابن قدامة[ يقول ]أبو قدامة الشامي أغارت جيوش النصارى على بلدة من بالد
>الشام< يوم كانوا إذا أغاروا وجدوا الليوث أمامھم يوم كانوا إذا أغاروا نيل منھم ما نيل
ورجعوا ليدفعوا الجزية صاغرين قال أغارت فماذا يعمل ذھب إلى المسجد الذي تعقد
فيه مؤتمرات المسلمين والذي تعقد فيه كل مشاكل المسلمين لحلولھا والذي تطرح
فيه اآلراء والذي منه تنطلق الجيوش والذي منه تنطلق الكتائب والذي ما كان صلى ﷲ
عليه وسلم يعمل عمال إال وانطلق من ھذا المسجد يذھب إلى المسجد ويقف على
منبر المصطفى صلى ﷲ عليه وسلم وينادي في الناس على المنبر في خطبة
الجمعة حضر النساء وحضر الرجال وقام ينادي فيھم نداء عظيما ويقول )ھل أدلكم على
تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون با 9ورسوله وتجاھدون في سبيله( )انفروا خفافا
وثقاال( لم يترك آية من آيات الجھاد ولم يترك حديثا من أحاديث المصطفى صلى ﷲ
عليه وسلم فاشرأبت األعناق إلى الجنة وأرادت ما عند ﷲ منھم من يريد اثنتين
وسبعين حورية من الحور العين ومنھم من يريد ما ھو أعظم من ذلك النظر إلى وجه
ﷲ الكريم ويرتفع األمر ويرتفع ونقف عند خطبة أبو قدامة إلى ما بعد األذان.
خطب أبو قدامة خطبته وصلى الناس وكل في نفسه أن يدخر له عند ﷲ منزلة
بمشاركته في ھذا الجھاد حتى النساء واألطفال وخرج ذاھبا إلى بيته وبينا ھو في
الطريق في أحد األزقة وإذ بامرأة تقول السالم عليك يا أبا قدامة قال فقلت في نفسي
لعلھا تريد أن تفتنني ألنه يعلم أن النساء في الغالب فتنة فاتقوا الدنيا واتقوا النساء قال
فلم أرد عليھا فقالت السالم عليك يا أبا قدامة قال فلم أرد عليھا قالت السالم عليك يا
أبا قدامة ما ھكذا يفعل الصالحون قال فتوقفت قال فجاءت وقالت يا أبا قدامة سمعت
منك ما قلت على المنبر سمعت آيات ﷲ وسمعت حديث المصطفى صلى ﷲ عليه
وسلم ھذا ظرف أقدمه علني أن أكتب عند ﷲ من المجاھدات في سبيله ماذا في
ھذا الظرف قالت فيه ضفيرتان من شعري وﷲ لم أجد ما أقدمه أغلى من ھاتين
عل ﷲ أن يكتبني في عداد
ّ الضفيرتين اجعلھما لجاما لفرسك في سبيل ﷲ
المجاھدات في سبيله فأجھش أبو قدامة بالبكاء وقال وﷲ ھذا ھو أول النصر ھذه
بشارة النصر أن تقدم امرأة شعرھا يوم لم تجد ما تقدمه إال ھذا جادت بما لديھا يوم لم
تجد إال شعرھا و ھو أعز ما لديھا فأخذه وذھب لبيته وبقي يجمع في الصفوف وفي
اليوم الثاني ينطلق بكتائب اإليمان يريد أن يقابل الروم في موقعة من المواقع وإذا بذاك
الطفل يقابله طفل صغير أمثاله ال زالوا عندنا يلعبون في الشوارع ال ھدف لھم ولم
يغرس فيھم أي ھدف يقول يا أبا قدامة أسألك با 9إال جعلتني في عداد المجاھدين
في سبيل ﷲ قال يا بني أخشى عليك صغير تطأك الخيل واإلبل بأخفافھا أخشى
عليك أن توطأ بين ھذه قال أسألك با 9ال تحرمني الشھادة في سبيل ﷲ أطفال يا
أيھا األخوة بھذه الھمم أسأل ﷲ أن يجعل في األمة رجاال كھؤالء األطفال ويتقدم أبو
قدامة مندھشا فيقول أقبلك بشرط واحد إن استشھدت في ھذه المعركة أن أكون من
شفعائك عند ﷲ ألنك ستشفع في سبعين قال قبلت الشرط فركب معه وأبو قدامة
يحار في تلك المرأة ويحار في ھذا الصبي ويقول وﷲ جيش لجام الفرس فيه ضفائر
امرأة وجيش فيه مثل ھذا الطفل يريد أن يموت في سبيل ﷲ جيش ال يھزم بإذن ﷲ
)ولينصرن ﷲ من ينصره( أخذه رديفا له على دابته وبينما ھم مقبلون على الروم قال يا
أبا قدامة ومعه خرج كان يحمل خرجا معه ال يعلمون ماذا فيه فقال يا أبا قدامة أسألك
با 9ثالثة أسھم أرمي بھا في سبيل ﷲ قال يا بني ستضيعھا وال نستفيد منھا دعھا
لمجاھد يوغل بھا في الروم قال أسألك با 9ثالثة أسھم قال ال تنس الشرط قال ال
أنساه قال فأعطاه ثالثة وعندما قابلوا الجيش أخذ األول وقال السالم عليك يا أبا قدامة
وأطلقه فقتل روميا ثم أخذ الثاني وقال السالم عليك يا أبو قدامة فقتل روميا آخر ثم
أخذ الثالث فقال السالم عليك يا أبا قدامة سالم مودع ثم رمى به فقتل روميا وجاءه
سھم طائش فضربه في لبته فسقط من على الفرس يقول أبو قدامة فسقطت وراءه
وأقول له يا بني ال تنس الوصية ال ينسى أن يشفع له عند ﷲ جل وعال قال يا أبا
قدامة خذ ھذا الخرج وأعطه أمي قال ومن أمك فقال أمي صاحبة الضفيرتين ﷲ أكبر يا
أيھا األخوة أسر يخرج منھا مثل ھؤالء ھذه ھي أسر المؤمنين ھذه ھي األسر التي
نرجو من ﷲ أن يكثر من ھذه األسر بأسر المؤمنين يا أيھا األخوة فينتھش مكانه
ويجھش بالبكاء ويجلس ويقول ﷲ أكبر جيش فيه مثل ھؤالء وفيه مثل ھذه األسر ال
يھزم أبدا أبشروا بالنصر أبشروا بالنصر ويأتون ليدفنوه فيفتح له القبر ويضعوه وبينما ھم
يدفنونه إذ لفظته األرض فتعجبوا وخافوا واندھشوا يقول ]ابن الجوزي[ والموقف يستحق
ذلك أن يدھشوا قال فأخذتني سنة من نوم والناس يدوكون ويقولون لعله لم يستأذن
أبويه لعله مراء كذا مع أنه لم يبلغ الحلم لم يكلف بھذا كله قال فجاءتني سنة من النوم
وإذ بمناد يناديني ويقول يا أبا قدامة اترك وليي ﷲ يا أبا قدامة اترك ولي ﷲ ھؤالء ھم
أولياء ﷲ الذين أخذوا طريق ﷲ وأخذوا طريق رسول ﷲ ال أولياء الشر والبدعة ال أولياء
الخرافة إنھم ھؤالء ھم األولياء أولياء ﷲ ال خوف عليھم وال ھم يحزنون الذين يتبعون
الرسول صلى ﷲ عليه وسلم الذي يأخذ عن الوحي والذي ال ينطق عن الھوى إن ھو
إال وحي يوحي قال فتركناه وإذ بطير تنزل من السماء فتنقط لحمه من على عظمه
حتى ال يبقى على عظمه شيء وتأخذه إلى السماء قال فزادت الدھشة قال ثم دفنا
ھيكله العظمي وذھبنا وكان أن نصرنا في ھذه الموقعة ورجعنا بالخرج ھذا لنذھب إلى
صاحبة الضفيرتين أم الولد لنعزيھا في ابنھا قال فجئت إلى البيت وطرقت عليھا الباب
فخرجت أخته وقالت أمھنئ ،أم معز؟ قال بل مھنئ قالت إذا استشھد أخي قال إي
وﷲ لقد استشھد قالت إذا فھنئنا لقد رزئنا بابينا فاحتسبناه عند ﷲ ورزئنا بأخينا األكبر
فاحتسبناه عند ﷲ واآلن رزئنا بأخينا األصغر فنحتسبه عند ﷲ فلنا ما لھم في الجنة
عند ﷲ فتخرج أمه فيقول أحسن ﷲ عزائك في ابنك قالت أمعز إذا ھو ليس بشھيد
أمھنئ قال إي وﷲ قالت وما أدراك قال إنه شھيد قالت لذلك عالمة اذكرھا لي فما كان
منه إال أن قام ليذكر ھذه العالمة وقال يوم أن دفناه لفظته األرض وجاء الطير من
السماء فالتقطت ھذا اللحم فلم يبق إال عظمه قالت إذا فھنأني اآلن إنه شھيد بإذن
ربه تبارك وتعالى قال فما ھذا الخرج أوصاني أن أعطيك إياه قالت أتدري ماذا فيه ثم
أخرجت ما فيه فإذا ھو قيد وإذا ھو لباس من صوف خشن قال ما ھذا يا أمة ﷲ قالت
كان إذا جنه الليل أخذ ھذا القيد فقيد نفسه ثم أخذ ھذا اللباس فلبسه ثم بقي طول
ليله يذكر ﷲ قائما وقاعدا وعلى جنبه يبكي يضرع إلى ﷲ فإذا جاء وقت السحر وقت
نزول الرب تبارك وتعالى ھل من داع فأستجيب له يوم يأتي ذاك الوقت يرفع يديه ويقول
اللھم ال تحشرني إال من حواصل الطير شھيدا في سبيلك اللھم ال تحشرني إال من
حواصل الطير شھيدا في سبيلك رجل أو طفل صدق ﷲ فأعطاه ﷲ ما سأل فله في
الجنة ما ال عين رأت وال أذن سمعت وال خطر على قلب بشر.
والنماذج وﷲ كثيرة ولن نتوقف عند ذلك وإنما نأخذ بعض األعمال التي توصلنا إلى ما
وصلوا إليه يا أيھا األخوة.
يا أيھا األخوة ھذه سلعة ﷲ وھذا بعض نعيمھا وما رائي كمن سمع وما مخبر كمعاين
سلعة ﷲ غالية سلعة ﷲ الجنة خلقھا ﷲ يوم خلقھا وخلق فيھا ما ال عين رأت ثم
قال لجبريل اذھب فانظر إليھا كما في صحيح ]مسلم[ فذھب إليھا ونظر فإذا فيھا ما ال
عين رأت وال أذن سمعت فرجع وقال يا رب وعزتك وجاللك ال يسمع بھا أحد إال ودخلھا
فحفھا ﷲ بالمكاره حفھا ﷲ بالتكاليف حفھا ﷲ بما يجب أن نعمله ثم قال ارجع ثم
انظر إليھا يا جبريل فنظر فإذا ھي حفت بالمكاره فعاد فقال يا رب وعزتك وجاللك قد
خشيت أال يدخلھا أحد يخشى أال يدخلھا أحد لما حفت به من المكاره يا أيھا األخوة
خلقھا ﷲ وجعلھا دار رحمته وكرامته ورضوانه ثم قال لھا تكلمي قالت )قد أفلح
المؤمنون( فمن ھم أھلھا إذن أھلھا المؤمنون الذين ھم في صالتھم خاشعون والذين
ھم عن اللغو معرضون والذين ھم للزكاة فاعلون واقرءوا أول سورة المؤمنون أھلھا من
أطاع ﷲ ورسوله فحققوا التوحيد وأصلحوا العمل واتبعوا المصطفى صلى ﷲ عليه
وسلم )ومن يطع ﷲ ورسوله يدخله جنات تجري من تحتھا األنھار ومن يتول يعذبه
عذابا أليما( وقال صلى ﷲ عليه وسلم مبينا أھلھا "كل أمتي يدخلون الجنة إال من أبﯩ!
قالوا ومن يأبى يا رسول ﷲ؟" ال يتصورون أن ھناك إنسان يأبى ذلك "قالوا ومن يأبى؟
قال من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى" أھلھا من حاربوا البدع وأحيوا
السنن وعلموا أن البدع مردودة ليس لھا قبول قبيحة ليس فيھا حسن ضاللة ليس فيھا
ھدى باطل ليس فيھا حق وزر ليس فيھا أجر ألنھا شرع لم يأذن ﷲ به ولم يكن على
أمر المصطفى صلى ﷲ عليه وسلم وال على أمر أصحابه والنبي صلى ﷲ عليه وسلم
يقول "من عمل عمال ليس عليه أمرنا فھو عليه رد" وھو القائل صلى ﷲ عليه وسلم
"كل بدعة ضاللة" أھلھا من أقام الصالة وآتى الزكاة وصام وحج وصدق مع ﷲ واتبع
سنة المصطفى صلى ﷲ عليه وسلم "من رغب عن سنتي فليس مني" كما أخبر ھو
صلى ﷲ عليه وسلم أھلھا من أھلھا من تركوا المراء "أنا زعيم ببيت في ربض الجنة
لمن ترك المراء وإن كان محقا" من أھلھا أھلھا من ترك الكذب "أنا زعيم ببيت في وسط
الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا" من أھلھا أھلھا من حسنت أخالقھم "أنا زعيم
ببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه" يقول أحد السلف ذھب حسن الخلق بخيري
الدنيا واآلخرة أھلھا أھل قيام الليل من )تتجافى جنوبھم عن المضاجع يدعون ربھم
خوفا وطمعا( أھلھا من )الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن
الناس( أھلھا اآلمرون بالمعروف والناھون عن المنكر أھلھا من بذلوا أنفسھم ليأمروا
بالمعروف وينھوا عن المنكر ولما كان األمر والنھي يجد اإلنسان في طريقه المتاعب
ويجد المشاق جعل ﷲ له في الجنة جزاء عظيما اسمع ]ألبي ھريرة[ رضي ﷲ عنه
يوم يذكرك بھذا الجزاء فيقول إن في الجنة حوراء يقال لھا العيناء إذا مشت مشى
حولھا سبعون ألف وصيف كلھن مثل جمالھا تقول ھذه العيناء أين اآلمرون بالمعروف
والناھون عن المنكر عوضا لھم عما لقوه في الدنيا من أذى عوضا عما القوه من مشقة
عوضا عن ما القوه من استھزاء وسخرية من أھلھا أھلھا من باتوا ال يحملون على أحد
حسدا أھلھا أھل العفو أھلھا من ضمن ما بين لحييه وما بين فخذيه أھلھا من أفشوا
السالم وأطعموا الطعام ووصلوا األرحام وصلوا بالليل والناس نيام أھلھا من راقبوا ﷲ
جل وعال في كل حركة من حركاتھم وسكناتھم وعلموا كما أخبر الصادق المصدوق
صلى ﷲ عليه وسل أن ما بين السماء واألرض مسيرة خمسمائة عام وسمك كل
سماء خمسمائة عام وما بين كل سماء وسماء مسيرة خمسمائة عام ومن فوق ذلك
خمسمائة عام ومن فوق ذلك عرش الرحمن ﷲ مستو عليه عال عليه بائن من خلقه
)ما يكون من نجوى ثالثة إال ھو رابعھم وال خمسة إال ھو سادسھم وال أدنى من ذلك
وال أكثر إال ھو معھم أينما كانوا( يجب أن نستشعر ھذا ﷲ عز وجل معنا بعلمه معنا
بقدرته ال يمكن أن نذھب عن نظر ﷲ طرفة إن بعض الناس يوم يعصي ﷲ يستتر
بالجدران ويستتر بالحيطان ونسي الواحد الديان انظر ال تنظر إلى المعصية ولكن انظر
لعظمة من عصيت إال أن سلعة ﷲ غالية أال إن سلعة ﷲ الجنة ھبت رياح الجنة عباد
ﷲ فاغتنموھا لتفوزوا بنعيمھا فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز أال فالسباق
السباق أال فالبدار البدار جددوا السفن فإن البحر عميق وأكثروا الزاد فإن السفر طويل
وخففوا الحمل فإن العقبة كؤود وسابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضھا كعرض
السماوات واألرض أعدت للذين آمنوا با 9ورسله ذلك فضل ﷲ يؤتيه من يشاء وﷲ ذو
الفضل العظيم وتوبوا إلى ﷲ جميعا أيھا المؤمنون لعلكم تفلحون يا مذنب أذنب وأساء
وكلنا ذاك المذنب يا مخطأ أخطأ وذل وكلنا ذلك المخطأ والذال عودة إلى ﷲ خير
الخطائين التوابون يا ابن آدم يقول الحق تبارك وتعالى "يا ابن آدم إنك ما دعوتني
ورجوتني غفرت لك ما كان منك وال أبالي ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم
استغفرتني غفرت لك يا ابن آدم لو أتيتني بقراب األرض خطايا ثم لقيتني ال تشرك بي
شيئا ألتيتك بقرابھا مغفرة "ما أرحم ﷲ ما ألطف ﷲ ما أحلم ﷲ نسأله برحمته التي
وسعت كل شيء أن يتقبل منا أعمالنا أن يتقبل منا أعمالنا وأن يتوب علينا ،من لنا إال
أنت يا ربنا إن لم تتب علينا يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنھار وأنا أغفر الذنوب جميعا
فاستغفروني أغفر لكم ھل نستغفر ﷲ ولنعد إلى ﷲ وﷲ نحن بحاجة إلى التوبة
ملتزمنا ومنحرفنا وضالنا أحوج من الماء وأحوج من الطعام وأحوج من اللباس لقد كان
المصطفى صلى ﷲ عليه وسلم يستغفر ﷲ ويتوب إليه في اليوم سبعين مرة وقيل
مائة مرة صلى ﷲ عليه وسلم وھو من غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ثم اعلموا أن
المولود إذا ولد ماذا نعمل له نؤذن في أذنه اليمنى فإذا مات ماذا نعمل نصلي عليه
فكأن الحياة ما بين األذان والصالة وال إله إال ﷲ ما أقصرھا من حياة أتقصر بالمعاصي
أتقصر بالشھوات والجري وراء الغرائز والنزوات ما قصرھا بھذا إال شقي ونسأل ﷲ أال
يكون بيننا شقي فإياكم وسوف وإن ما عزم إلى ﷲ وانتبھوا من سوف فإن سوف
جندي من جنود إبليس سوف أعمل سوف أعمل أعماركم تمضي بسوف ربما ال تجنون
سوى عسى ولعل ما ھم المسوف كالتعلق بالسما أعماركم تمضي عجال إنما أنتم
على سفر من األسفار كأنكم بالجنة وقد فتحت أبوابھا وتقسمھا أصحابھا وغنت السن
األماني قريبا من قبابھا بشرھا دليلھا وقال غدا ترين الطلح والجبال
فحي على جنات عدن فإنھا *** منازلنا األولى وفيھا المخيم
وحي على روضاتھا وخيامھا *** وحي على عيش بھا ليس يسأم
أيا ساھيا في غمرة الجھل والھوى *** صريع األماني عما قليل ستندم
أفق قد دنا الوقت الذي ليس *** بعده سوى جنة أو حر نار تبرم
وتشھد أعضاء المسيء بما جنى *** كذاك عال فيه المھيمن يختم
أسأل ﷲ برحمته التي وسعت كل شيء أن يرحمنا اللھم إنا نحن عبادك الفقراء إلى
رحمتك ارحمنا برحمتك التي وسعت كل شيء اللھم جازنا باإلحسان إحسان
وبالسيئات عفوا وغفرانا اللھم اجعل ھذا الجمع جمعا مباركا اللھم اجعلنا منصرفين منه
وقد كتبت لنا أن نسكن رياض جنانك اللھم ال تحرمنا نعيم الجنان اللھم ويسر لنا
الطريق إليك إنك على كل شيء قدير اللھم بيض وجوھنا يوم تبيض وجوه أھل السنة
وتسود وجوه أھل البدعة إنك غفور رحيم وباإلجابة جدير اللھم إنا نسألك من فضلك
الكريم اجعل ھذا الجمع جمعا مغفورا له وإذا انصرف فمنصرف مغفورا له وإذا مشى
كنت معه بسمعك وبصرك وأنت ﷲ ال إله إال أنت سبحان ربك رب العزة عما يصفون
وسالم على المرسلين والحمد 9رب العالمين.
صفحات مطوية
الحمد ، 9الحمد 9قدم من شاء بفضله ،وأخر من شاء بعدله ،ال يعترض عليه ذو
عقل بعقله ،وال يسأله مخلوق عن علة فعله ،ھو الكريم الوھاب ،ھازم األحزاب،
ومنشئ السحاب ،ومنزل الكتاب ،ومسبب األسباب ،وخالق الناس من تراب ،الواحد
األحد ،العزيز الماجد ،المتفرد بالتوحيد والتمجيد ،ليس له مثل وال نديد ،ھو المبدئ
كفوا أحد ،لم يزل
ً المعيد ،الفعال لما يريد ،جل عن اتخاذ الصاحبة والولد ،ولم يكن له
خبيرا ،سبق األشياء علمه ،ونفذت فيھا إرادته ،وال يعزب عنه مثقال
ً عليما
ً قديرا
ً حكيما
ً
ذرة سبحانه وبحمده ،لم يلحقه في خلق شيء مما خلق كالل وال تعب ،وما مسه
لغوب وال نصب ،خلق األشياء بقدرته ،ودبرھا بمشيئته ،وقھرھا بجبروته ،وذللھا بعزته،
فذلت له الرقاب ،وحارت في ملكوته فطن ذوي األلباب ،وقامت بكلمته السماوات السبع
واألرض المھاد ،وثبتت الجبال الرواسي ،وجرت الرياح اللواقح ،وسار في جو السماء
السحاب ،وقامت البحار ،وھو ﷲ الواحد القھار ،مغشي الليل النھار ،خضع لعظمته
طوعا
ً المتعززون المتكبرون ،وخشع له المترفعون ،واستكان لربوبيته المتعظمون ،ودان
حزن األمر وسھله ،ونحمده كما حمد نفسه
وكرھا له الخلق أجمعون ،نحمده على َ َ
ً
فوض أمره إليه ،وأقر أنه
وكما حمده الحامدون من جميع خلقه ،ونستعينه استعانة من ﱠ
مقرّ بذنبه ،معترف بخطيئته ،ونشھد
ٍ ال ملجأ وال منجى منه إال إليه ،نستغفره استغفار
أن ال إله إال ﷲ ،وحده ال شريك له ،له الملك وله الحمد ،وھو على كل شيء قدير.
إقرارا
ً شھادة عبده ،وابن عبده ،وابن َ َ
أمته ،ومن ال غنى به طرفة عين عن رحمته؛
وإخالصا لربوبيته ،فھو العالم بما تبطنه الضمائر ،وما تنطوي عليه السرائر،
َ بوحدانيته،
وما تغيض األرحام وما تزداد ،وكل شئ عنده بمقدار ،ال يوارى عنه كلمة ،وال يغيب عنه
يابسٍ ِإال ﱠ األرضِ َوال َ َ ْ ٍ
رطب َوال َ َ ِ ُماتِ ْ
حبة ِفي ظُل َ ورقة ِإال ﱠ َ ْ َ ُ َ
يعلمھا َوال َ َ ﱠ ٍ تسقطُ ِمن َ َ َ ٍ
وما َ ْ ُ
غائبةَ َ ) .
محمدا عبده ونبيه ورسوله إلى خلقه ،وأمينه على وحيه،
ً مبين( نشھد أن
كتابٍ ﱡ ِ ٍ
ِفي ِ َ
أشرف من وطئ الحصى بنعله ،بلغ عن ﷲ رساالته ،ونصح له في برياته ،وجاھد في
ﷲ حق الجھاد ،وقاتل أھل البغي والزيغ والعناد والفساد؛ حتى تمت كلمة ﷲ ،وقطع
دابر الفساد ،صلوات ﷲ عليه وسالمه -من قائد إلى الھدى -وعلى آل بيته الطاھرين،
وعلى أصحابه المنتخبين ،وعلى أزواجه الطاھرات أمھات المؤمنين ،ومن سار على
نھجھم واقتدى بھديھم من الفقھاء والزھاد والدعاة العاملين المشمرين ومن تبعھم
كثيرا آمين آمين .ال أرضى بواحدة حتى أبلغھا
ً تسليما
ً بإحسان إلى يوم الدين ،وسلم
مليون آمين ،أما بعد..
أحبتي في ﷲ؛ لقاؤنا الليلة معكم يتجدد بعد زمن في ھذه الكلمات القالئل ُ َ ْ َ ِ
المعنون
ً
طرفا من حياة بعض العلماء األفذاذ، لھا كما رأيتم وسمعتم بصفحات مطوية ،أودعتھا
ً
ونبذا من نصح ونادرا من ثبات أكثر أھل الملة،
ً ونتفا من حرص طالب العلم على العلم،
ً
وطيفا من قوة البرھان والحجة مع السير
ً ِ ﱠ
األجلة، وشذرا من زھد العلية
ً األمة لدينھا،
على المحجة ،ھي باقة من مكارم اآلباء تھدى إلى األبناء ،وطاقات علمية نادرة،
وعبقريات فذة مدھشة ،ھي ألھل العلم تذكرة ،وللعامة والخاصة تبصرة ،نرجو أن
وينشر المطوي،
ويوقظ الھاجعُ ،
ويبعث الوسنانُ ،
ينعش بھا العليل ،ويشحذ بھا الكليلُ ،
ويفتح المغلق ،وينھض المقعد ،ويمشي الكسيح .أضعھا بين أيديكم كالمائدة تختلف
ُ
عليھا أصناف األطعمة الختالف شھوات اآلكلين ،وأنا ال أدعي –معاذ ﷲ -أني أتيت فيھا
أحدا منكم
ً بجديد ،وال أدعي أني أتيت بخفي أو دقيق ،فھي أشھر من أن تذكر ،ما أظن
إال وقد سمعھا .جمعتھا من كتب السير والتراجم ،مجتھدا –فقط -باختيار اللفظ
راجيا أن تنبع من بين
ً المناسب للموقف؛ فجاءت مشكلة المباني ،مختلفة المعاني،
الجوانح لتصل إلى الجوانح وتظھر على الجوارح ،فإذا مر بك -يا أخي -ما ال يعجبك فال
لسانك ،وال تجلب بخيلك َ َ ِ َ
ورجلك ،وخذ من تسل َ َ َ
تصعر خدك ،وال تعرض بوجھك ،وال ُ ّ
ِّ
المائدة ما يعجبك واتھم فھمك؛
السقيم
ﱠ ِ ِ الفھم
من َ ْ ِ صحيحا *** َ ُ ُ
وآفته َ قوال َ ِ ً
عائب ْ
ٍ من َ ْ
فكم ِ ْ
وال يصدنك عن الحكمة قائلھا؛ فقد يقول الحكمة غير الحكيم ،وتكون الرمية من غير
ورب حامل فقه إلى من ھو ْ َ ُ
أفقه ﱠ الرامي،
تقصيري
يضررك َ ْ ِ ِ ينفعك َ ْ ِ
قولي وال َ ْ ُ ْ َ عن َ َ َ
ذللي *** َ َ ْ َ ﱠْ َ
الطرف َ ْ وغض
بعلمي ُ ّ ِ
ِ اعمل
ْ َ ْ
لقد خففت وإن كنت أكثرت ،واختصرت وإن كنت أطلت ،وتوقيت ما يتوقاه من رضي من
بدا من الوقوف على ما
الغنيمة فيھا بالسالمة ،ومن بعد الشقة باإلياب ،لكني لم أجد ً
عي كعي َ ِ
الكلم ،فأسأل ﷲ أودعته ھذه الصفحات؛ إذ ال يسع الصمت؛ ففي الصمت ِ ٌ
شرا ،وبجد ھزال ،ثم يعود علينا بفضله،
ً ً
بعضا ،ويغفر بخير بعزته وقدرته أن يمحو ببعض
ويتغمدنا بعفوه ،ويعيذنا بعد طول األمل فيه ،وحسن الظن به من الخيبة والحرمان.
اللھم إنا نعوذ بك من فتنة القول والعمل ،ونعوذ بك من التكلف لما ال نحسن ،ونعوذ بك
العجب لما نحسن ،ونعوذ بك من السالطة والھذر ،ونعوذ بك من العي والحصر
من ُ ْ
معيني
ربي ُ ِ ِ
يكن ِ ّ إذا *** َما َ ْ
لم َ ُ ْ فالقول ُذو َ َ ٍ
خطل َ ُ
وعيٍ *** ومن نفسٍ ُ َ ِ ُ َ
أعالجھا ِ َ ً
عالجا حصر َ ِ ّ
من َ َ ٍربِ ِ ْ
أعذني ّ
اللھم إنا نستعينك ونتوكل عليك ،ونفر من حولنا وقوتنا إلى حولك وقوتك ،ال إله إال أنت،
الحزن إذا شئت سھال.
ال سھل إال ما جعلته سھال ،وأنت تجعل َ َ
فيم يختصمون؟ روى أن] أبا بكر[ –رضي ﷲ عنه وأرضاه -ﱠ
عين الصفحة األولىَ ِ :
قاضيا على >المدينة< ،فمكث ]عمر[ سنة
ً ]عمر بن الخطاب[ –رضي ﷲ عنه وأرضاه-
كاملة لم يختصم إليه اثنان ،لم يعقد جلسة قضاء واحدة ،وعندھا طلب من ]أبي بكر[ –
رضي ﷲ عنه وأرضاه -إعفاءه من القضاء ،فقال أبو بكر :أمن مشقة القضاء تطلب
اإلعفاء يا عمر؟ قال عمر :ال يا خليفة رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم -ولكن ال حاجة
بي عند قوم مؤمنين ،عرف كل منھم ما له من حق ،فلم يطلب أكثر منه ،وما عليه من
واجب فلم يقصر في أدائه ،أحب كل منھم ألخيه ما يحب لنفسه ،إذا غاب أحدھم
تفقدوه ،وإذا مرض عادوه ،وإذا افتقر أعانوه ،وإذا احتاج ساعدوه ،وإذا أصيب عزوه
ففيم يختصمون؟
َ وواسوه ،دينھم النصيحة ،وخلقھم األمر بالمعروف والنھي عن المنكر،
ً
ھنيئا لمن اكتحلت عيناه برؤية ذلك الجمع .اللھم ً
ھنيئا ،ثم ً
ھنيئا ،ثم ففيم يختصمون؟
َ
إخوانا على سرر
ً كما حرمناه في ھذه الحياة فأقر أعيننا برؤيتھم في جنات النعيم،
متقابلين.
معدود
غير َ ْ ُ ٍ سواھم َ َ ْ ٌ
فلغو َ ْ ُ ذكروا *** وما ِ َ ُ
وإن ُ ِ ُ
عدوا ْ
إن ُ ﱡ
الناس ْ
أولئك ﱠ ُ
بھم مجنونة َ َ ِ
الكلف ْ نفسي فنفسي ِ ھجست *** إليھم ُ ﱠ َ
كلما َ َ ِ شوقي
وأحر َ ِ
ﱠ
روضاتھا ُ َ ِ
األنف ذرى َ ْ َ ِ ومل َ ِ
قلبي ُ َ ﱠ وزھرتھا ***
الدنيا َ ْ َ َ َ
ھوى ﱡ ْ َ سئمت َ َ
إني َ ِ ْ ُ
ِّ
الصدف
ﱠ َ ِ من
وحزت آلليھا َ
فتى *** ُ ْ لياليھا َ ُ َ
وأنھرھا َ َ َ بلوت
ُ وقد
لمغترف
نبعا ُ ِ ِ
ينبوعھم ً
ِ ِ وغير
َ ھدى ***
درب ُ َ
َ غير دربِ ِ
ﷲ َ أجد
ْ فلم
الصادي
ﱠ ِ الفؤاد
َ يجلُو
فحديثھم َ ْ
ِ ُ ُ حادي ***
ِ حديثھم َيا
علي ِ َ ُ َ ِّ ْ
كرر َ ﱠ
الصفحة الثانية :شامة في جبين التاريخ ،وغرة في ثبات المؤمنين .روى أھل
السير؛ ]كالذھبي[ ]وابن حجر[ وغيرھم أن ]عمر[ –رضي ﷲ عنه -وجه في السنة
جيشا لحرب الروم ،وفتح بالدھم لإلسالم ،وقد علم قيصر الروم
ً التاسعة عشرة للھجرة
من أخبار جند المسلمين ،وما يتحلون به من صدق اإليمان ،ورسوخ عقيدة ،واسترخاص
للمھج واألرواح في سبيل ﷲ ،ما علم؟ علم ما
للنفوس في سبيل ﷲ ،وصبر وبذل ُ َ
أشدھه ،فأمر رجاالته أن إذا ظفروا بأسير من المسلمين أن يبقوا
َ ُ أذھله وما أدھشه وما
حيا ويأتوه به ،وشاء ﷲ –جل وعال -أن يقع في األسر عدد من المسلمين من
عليه ً
بينھم صحابي جليل قد أدرك معنى العبودية – 9عز وجل -فتخلص من ّ
رقِ المخلوقين،
فال تراه إال وھو يصوم النھار ،ويتلو القرآن ،يقوم في جنح الليل ،ويستغفر باألسحار،
فقليل ما يھجع ،راقبوه ،فرأوا من تقاه وصالحه وصالبته ورجولته وعقله ورزانته ما
وكسبا عظيما ،ذكروه
ً عظيما،
ً نصرا
ً أدھشھم ،ورأوا إن كسبوه لدينھم أنھم حققوا
الخبر ،وجاوزت المعاينة
الخبر أعظم من َ َ
لقيصرھم فقال :ائتوني به ،فجاءوا به فكان ُ ْ
الخبر ،وما را ٍء كمن سمع كما قيل ،نظر إليه قيصرھم فرأى فيه عزة واستعالء المؤمن،
تتنصر ،فإن
أمرا ،قال :ما ھو؟ قال :أن َ َ َ ﱠ
ونجابة األبطال ،فبادره قائال :إني أعرض عليك ً
فعلت ﱠ
خليت سبيلك وأكرمت مثواك ،فقال األسير في أنفة وحزم :ھيھات ھيھات ،إن
إلي ألف مرة مما تدعوني إليه ،ھيھات ،أنى لقلوب خالطتھا بشاشة
ﱠ الموت ألحب
اإليمان أن تعود إلى ظلمات الكفر والضالل مھما كانت اإلغراءات ،أنى لقلوب عرفت النور
بحق أن تتدثر بالظالم مرة أخرى مھما كانت المغريات ،يفشل العرض األول من ھذا
يبق
َ القيصر ويتحطم على صخرة اإليمان؛ ألن ھذا الرجل امتأل قلبه بعبودية ﷲ ،فلم
متسع لغير تلك العبودية ،بدأ باإلغراءات فقال قيصرھم :لو تنصرت شاطرتك
ٌ في قلبه
ملكي ،وقاسمتك سلطاني -يريدون أن يبيع دينه بعرض من الدنيا ،يريدون أن ُيصرف عن
عبودية ﷲ إلى رق المركز الذي طالما سال له لعاب كثير من الناس ،فضيعوا حقوق ﷲ
في سبيل نيله ،وباعوا دينھم بعرض من الدنيا -
والشيطان
ِ ﱠ النفسِ فبلُوا ِ ِ ّ
برقِ ﱠ خلقوا َ ُ
له *** َ ُ الرقِ ﱠ ِ
الذي ُ ِ ُ ّ ھربوا من
فقال -رضي ﷲ عنه -مبتسما في قيده :اخسأ عدو ﷲ ،والذي ال إله إال ھو لو
أعطيتني جميع ما تملك وما تملكه العرب والعجم على أن أرجع عن دين محمد طرفة
الشم في نفس
ﱡ ِّ عين ما رضيت ،ﷲ أكبر ،يتحطم اإلغراء بالمركز على صخور اإليمان
ذلك الصحابي ،لماذا؟ ألنه طالب جنة ،وال يمكن أن يغرى بما ھو دون الجنة ،وليس
بأيديھم ما ھو أعلى من الجنة ليغروه به ،فأنى لھم أن يصلوا إليه ،إنھا سلعة ﷲ،
غالية جد غالية ،مھرھا بذل النفس والنفيس لمالكھا الذي اشتراھا من المؤمنين ،وأيم
ﷲ ،ما ھزلت حتى يجتامھا المفلسون المعرضون الجبناء ،وأيم ﷲ ما كسدت حتى
يبتاعھا نسيئة وتأجيال المعسرون المفلسون ،لقد أقيمت للعرض في السوق لمن يريد،
يرض لھا بثمن دون حبل الوريد ،عندھا قال قيصرھم :ردوه
َ وقيل :ھل من مزيد ،فلم
فورا لتداول الرأي في طريق
األسر ،فردوه ،وطلب من حاشيته وبطانته االجتماع ً
ْ ِ إلى
يكسب به ھذا الفتى ليكون من جند النصارى – ً
وحقا إنه كسب -وبعد المداولة استقر
الرأي على أن الشھوة طريق مجرب ناجح ُ ِ َ
صرف به الكثير عن دينه ومبادئه وثوابته،
فلكم رأوا ولكم رأينا ولكم نر من أناس يعبدون الشھوة ،فينفقون أموالھم في الشھوة
المحرمة؛ لتكون عليھم حسرة وبئس اإلنفاق ،يسافرون وراء الشھوة المحرمة وبئس
ﱠ
السفر والركب ،يبيعون دينھم في سبيل الشھوة المحرمة وخسر البيع ،والنار حفت
عباد شھوة وبئس العبيد .قال قيصرھم:
بالشھوات وھم يتھافتون إليھا وساء التھافت ،ﱠ
ائتوني بأجمل فتاة في بالدي ،فجيء بملكة جمال البالد كما يقولون ،وأغراھا باألموال
العظيمة إن استطاعت أن توقعه في الفاحشة؛ ألن الفاحشة طريق إلى ترك دينه ،ولك
أن تتصور أخي الحبيب ،لك أن تتصور ما حال ھذا الرجل ،شاب في كامل فتوته ورجولته
وشبابه وقوته وفوق ذلك غائب عن أھله منذ شھور ،وھذا عامل يجعلھم يتفاءلون،
أدخلوھا عليه ،فتجردت من مالبسھا بعد تجردھا من الحياء المترتب على التجرد من
اإليمان ،وال ذنب بعد كفر ،قامت تعرض نفسھا أمامه ،ثم ترتمي في أحضانه ،فيھرب
منھا قائال :معاذ ﷲ ،معاذ ﷲ ،فتطارده ويتجنبھا ،ويغمض عينيه؛ خشية أن ُيفتن بھا،
إلي مما تدعوني
ﱠ ويقرأ القرآن ويستعيذ بالرحمن ولسان حاله ومقاله :رب القتل أحب
أصب إليھا وأكن من الجاھلين ،تتابعه من جھة إلى جھة،
إليه ،وإال تصرف عني كيدھا ْ ُ
وھو يستعيذ با 9الذي ما امتأل قلبه إال بعبوديته حتى يئست منهَ َ َ ،
نقلة األخبار على
الباب من شياطين اإلنس ينتظرون خبر فتنة ذلك الصحابي ووقوعه في الفاحشة
لينقلوه إلى اآلفاق شماتة في اإلسالم وأھله ،وإعالنًا النتصارھم في صرفه عن دينه،
إن ْ َ َ ُ
استطاعوا( وإذا بھا تصيح دينكم ِ ْ
عن ِ ِ ُ
يردوكم َ ْ
حتى َ ُ ﱡ ُ ْ
ولعل غيره يتبعه في ذلك ) َ ﱠ
أخرجوني أخرجوني ،فأخرجوھا قد تغير لونھا ،فشلت مھمتھا ،كرتھا خاسرة عاھرة
فاجرة ،سألھا َمن عند الباب من نقلة األخبار:ما الذي حدث؟ ھاتِ البشرى ،يريدون أن
يطيروا بالخبر ،قالت :وﷲ ما يدري أأنثى أنا أم ذكر ،ووﷲ ما أدري أأدخلتموني على
حجر أم على بشر .ﷲ أكبر اإلغراء بالشھوة يخجل أمام عبودية ﷲ التي ما تركت
متسعا لغيرھا في قلبه .كيف يرضى طالب الحور العين بعاھرة فاجرة ،ولذة قد يعقبھا
ً
وعد بمن لو اطلعت إحداھن إلى أھل األرض لمألت ما بين
الھاوية؟ كيف يرضى وقد ُ ِ َ
ريحا وألضاءت ما بينھما؟ كيف ونصيفھا على رأسھا خير من الدنيا وما
ً السماء واألرض
فيھا؟ كيف وقد وعد بمن ينظر إلى وجھه في خدھا أصفى من المرآة؟ كيف وقد وعد
بمن أدنى لؤلؤة عليھا تضئ ما بين المشرق والمغرب؟ كيف وقد وعد بمن يكون عليھا
مخ ساقھا من وراء اللحم والدم والعصب والعظم؟
ثوبا ينفذ البصر حتى يرى ﱠ
سبعون ً
كيف وقد وعد بما ال عين رأت ،وال أذن سمعت ،وال خطر على قلب بشر .خاب من باع
بفان ،خاب من باع الجنة بما فيھا بشھوة ساعة .ھنا يقول قيصرھمً :
إذا أقتلك، ٍ باقيا
ً
تھديدا دون نار
ً انتقل األمر إلى التھديد وأنى لمؤمن امتأل قلبه بعبودية ﷲ أن يخشى
جھنم إنه ھارب من النار وما ھناك تھديد بما ھو أعظم من النار؛ فكل تھديد دونھا وال
شك .قال –رضي ﷲ عنه :-أنت وما تريد ،افعل ما بدا لك ،فأمر بصلبه ،ثم أمر برميه
بالسھام قرب يديه ورجليه وھو يعرض عليه أثناء ذلك أن يرتد عن دينه فيأبى ،فيطلب
منھم قيصرھم أن ينزلوه عن خشبة الصلب لينوع التھديد عليه؛ ّ
عله أن يلين ،فيدعو
بقدر عظيم ويصب فيھا الزيت ،ويوقد تحتھا النار حتى أصبح الزيت يغلي ،ثم يأتي
ِ ْ ٍ
بأسيرين من أسرى المسلمين فيلقيھما في القدر أمام عينيه ،فإذا بلحمھما يتفتت
وعظامھما تبدو عارية ،منظر فظيع بشع وحشي ،ظنوا أنھم به وصلوا إلى قلب ھذا
الصحابي وإلى بغيتھم منه ،التفت القيصر إلى الصحابي وعرض عليه النصرانية فكان
أشد إباء من ذي قبل ،فلما يئس منه أمر به أن يلقى في القدر مع صاحبيه ،فلما ذھب
به دمعت عيناه ،فظنوا أنه قد جزع وسيرتد عن دينه ،فعرضوا عليه النصرانية مرة أخرى
فأبى ،قال :ويحك فما أبكاك؟ قال :أبكاني أن قلت في نفسي إنما ھي نفس تلقى
اآلن في ھذا القدر فتذھب ،وقد كنت أشتھي أن يكون لي بعدد ما في جسدي من
شعر أنفس تلقى كلھا في ھذا القدر في سبيل ﷲ ،ال إله إال ﷲ ،وﷲ أكبر ،ويا لھا
ً
فراغا لوعد أو وعيد دون الجنة من قلوب امتألت بخشية ﷲ وعبودية ﷲ! لم يترك فيھا
خمرا ولحم خنزير ،ومنعوا عنه الطعام
ً أو الجحيم ،عندھا ردوه إلى األسر ووضعوا معه
والشراب ،وبقي ثالثة أيام يراقب ﱠ
عله أن يأكل لحم الخنزير ،أو يشرب من الخمر فلم
يفعل ،وانثنت عنقه -رضي ﷲ عنه وأرضاه -مالت عنقه من شدة الجوع والعطش
وأشرف على الھالك ،فأخرجوه وقالوا له :ما منعك أن تأكل أو تشرب ،فقال :أما إن
الضرورة قد أحلت لي ذلك ،ولكن والذي ال إله إال ھو لقد كرھت أن يشمت أمثالكم
باإلسالم وأھله ،لسان حاله
افھمي
ِ عني
الدھر ِّ استمع *** ويا ُ ُ َ
أذن ﱠ ِ مني ْ َ ِ ْ
الكون ِّ
ُ أيھا ََ
فيا ﱡ
قيم حريص َ َ
على َمبدأ ِ ِ ّ ٌ كما َ ْ َ ِ
تعلمين *** صريح َ َ
ٌ َ ِ ِّ
فإني
أنتمي
وجھة ْ َ ِ
إلى ِ ْ َ ٍ فلست َ
ُ الواجھات *** َ َ
ُ تعددتِ
َ َ ومھما
َ ْ
زمزم
من َ ْ َ ِالحشاشة ِ ْ
ألروى ُ َ َ َ والمقام *** َ ْ ِ
َ ِ المصطَ َفى
سوى ِقبلة ُ ِ َ
المسلم
عزة ُ ْ ِ ِ َ السما
ﱠ َ وتحت
َ الثرى *** َ
فوق َ َ دب
من ﱠ وأشھد َ ْ
ُ ُ
يا لھا من كلمة! كرھت أن يشمت أمثالكم باإلسالم وأھله ،ھذه الكلمة أھديھا إلى
أحبتنا الذين يخجلون من مواجھة الناس بالتزامھم ،تجده يوم تالحقه أعين السفھاء
بالھمز والغمز واللمز يمشي على خجل وعلى استحياء ،يتواري من القوم ليشمت
غيره به ،إن حامل الحق يجبر غيره على أن يخجل منه أو يموت بغيظه فينتبه لذلك
وليكن لسان الحال:
وسؤددي
الحياة َ ُ ْ ُ ِ
َ ِ نور
وعقيدتي ُ
َِ الورى ***
ملء َ َ
مسلم وأقولُھا ِ َ
أنا ُ ْ ٌ
َ
معجبا بثباته ورشده وقوة
ً كرھت أن يشمت أمثالكم باإلسالم وأھله ،فقال له القيصر
ولبه :ھل لك أن تقبل رأسي فأخلي عنك ،وكانوا ال يعيشون ألنفسھم ،قال :وعن
عقله ِ ّ
جميع أسرى المسلمين ،قال :وعن جميعھم ،فقال يسائل نفسه :عدو من أعداء ﷲ
أقبل رأسه ليخلي عن أسرى المسلمين لئال يقتلوا ،ال ضير في ذلك ،فقبله فأطلق له
وصيفا وثالثين وصيفة كما روى ]ابن عائد[ في
ً األسرى وأجازه بثالثين ألف دينار وثالثين
السير ]للذھبي[ ،وقدم على عمر بن الخطاب -رضي ﷲ عنه وأرضاه -بأسرى
لثريا ،وأخبر عمر
ثابتا كالطود الشامخ ،يطأ بأخمصه الثرى ،وھامه توازي ا ﱠ
المسلمين ً
فقبل رأسه وقال :حق على كل مسلم أن يقبل
ﱠ فسر أعظم سرور ،ثم قام
ُ ﱠ الخبر،
أحدا يجھل مثل ھذا الرجل إنه ]عبد ﷲ بن حذافة السھمي [-
ً رأسك ،رأس من ال أظن
رضي ﷲ عنه -وأرضاه ،شامة في جبين التاريخ ،وغرة في جبين الزمن .أحبتي في ﷲ
ال يملك اإلنسان أمام ھذه المواقف التي تقف لھا الھام إال أن يقول :إنھا النفوس
المؤمنة يوم تجاھد في سبيل ﷲ ،ال في سبيل قول ،وال في سبيل نفس ،وال في
سبيل وطن ،بل في سبيل ﷲ؛ لتحقيق منھج ﷲ في أرض ﷲ في سبيل ﷲ؛ لتنفيذ
شرع ﷲ على عباد ﷲ ،ليس لھا لنفسھا حظ ،بل كلھا 9الواحد القھار .ال يخافون
لومة الئم .وفيم الخوف من لوم الناس وقد ضمنوا حب وعبودية رب الناس؟ إن ما
يخشى الناس ولومھم من يستمد حركاته وسكناته ومقاييسه من أھواء الناس ،فھو
دوني ،أما من يعود إلى موازين ﷲ ليجعلھا فوق كل الموازين فما يبالي
ﱞ طيني
ﱞ أرضي
ﱞ
بأھواء البشر وشھواتھم وقيمھم ،ال يبالي بما يقولون ،وال بما يفعلون ،وال بما يتوعدون،
إنھا سمة المؤمنين المحبين 9ورسوله ،االطمئنان إلى ﷲ يمأل قلوبھم فھال أعددت
نفسك لتكون من أمثال ھؤالء؟ فإن الينبوع واحد ،وإن المورد واحد ،وإن النھر واحد ،ما
أخذوا منه أنت تأخذ منه ،ثبات على المبادئ ،وصدق مع الباري ،وإخالص في الظاھر
والخافي ،سماويون ال أرضيون ،ال دونيون ،ال طينيون ،وذلك فضل ﷲ يؤتيه من يشاء،
الھمة ،أين أنت؟ ال تستطل الطريق،
ﱠ وﷲ ذو الفضل العظيم .فيا ضعيف العزم ،ويا دنئ
الطريق طريق تعب فيه آدم ،وناح ألجله نوح ،ورمي في النار الخليل ،وأفجع للذبح
إسماعيل ،وبيع يوسف ،بثمن بخس ،ولبث في السجن بضع سنين ،ونشر بالمنشار
زكريا ،وذبح السيد الحصور يحيى ،وقاسى الضر أيوب ،وزاد بكاء داود وعالج األذى
محمد-صلى ﷲ عليه وسلم -ولكنكم تستعجلون .إنما يقطع الطريق ويصل المسافر
بلزوم الجادة وسير الليل ،فإذا حاد السائر عن الطريق أو استطاله ونام الليل فمتى
يصل إلى المقصود؟ متى!
تنير قلوبكم وتبصر
عظة ُ ِ ُ
ٌ قبلكم
ُ ممن من َ ْ
األسالف *** ِ َ ْ
ِ وخذوا َ
أفيقوا استيقظوا ُ ُ
وحرروا
ﱠُ اء
حملوا الضي َ
لمن َ َ
ْ وغرورھا *** رضخت
جبروتھا ُ ِ َ
ِ رومان في َ
َ ُ
دروسا منھم واستعبروا
ً وشرورھم *** فخذوا
بظلمھم ُ ُ ِ ِ
ِ ِ البغاة
َ ُدحر
الصفحة الثالثة :إنما ھي نفس واحدة روى ]حميد بن ھالل[ كما في السير
]للذھبي[ قال :أتى بعض مخالفي أھل السنة ]مطرف بن عبد ﷲ[ -عليه رحمة ﷲ -
يدعونه إلى رأيھم المخالف ألھل السنة ،فقال -واسمعوا لما قال -قال :يا ھؤالء لو كان
لي نفسان بايعتكم بإحداھما وأمسكت األخرى ،فإن تبين أن الذي تقولونه ھدى أتبعتھا
األخرى ،وإن كان ضاللة ھلكت نفس وبقيت لي نفس ،ولكن إنما ھي نفس واحدة،
أغرر بھا ،وﷲ ال أغرر بھا .إجابة حازمة وجازمة للدعاة على أبواب جھنم من
ِّ وﷲ ال
أجابھم قذفوه فيھا ،إنما ھي نفس ال يغرر بھا .إجابة لمن ال يملك تقوى أھل اإلسالم،
وال عقول أھل الجاھلية ،إنما ھي نفس ال أغرر بھا .إجابة حاسمة جازمة لمن يريد أن
تجعل دينك دونه .إنما ھي نفس واحدة ال أغرر بھا .يا من باع كل شيء بال شيء،
واشترى ال شيء بكل شيء إنما ھي نفس واحدة ،إلى عباد األھواء والشھوات إنما
ھي نفس واحدة ،إلى المتاجرين ببث الشبھات إنما ھي نفس واحدة.
والشعث
َ ﱠ الشين
َ َ يخاف
ُ الغبار
ُ جبھته *** أو
َ ُ الشمس
ُ تصيب
ُ حين
َ كان
َ من
َ ْ
راغما َ َ َ
جدثا ً يوما
كن َ ً
فسوف يس َُ بشاشته ***
تبقى َ َ َ ُ ُ
كي َْ الظل َْ ُ
ويألف ِ ّ َ
الثرى ﱠ
اللبث تحت ﱠ َ
َ يطيل ِفي َ ْ ِ َ
قعرھا ُ موحشة *** ُ
ٍ غبراء
َ مظلمة
ٍ قعر
في ْ ِ
عبثا لم ُ ْ َ ِ
تخلقي َ َ ً الردى َ ْ نفس َ ْ َ
قبل ﱠ َ به *** َيا َ ْ ُ
ُغين ِ ِ
تبل ِ َ
بجھاز َ ْ
ٍ تجھزي
َ َ ِ
إنما ھي نفس يا عبد ﷲ فال تغرر بھا ،اشترھا اليوم فإن السوق قائمة ،والثمن موجود
وخطير ،والبضائع رخيصة وفي ذات الوقت نفيسة ،وسيأتي على السوق والبضائع يوم
يقول َيا
يديه َ ُ ُ الظالم َ َ
على َ َ ْ ِ ﱠ ِ ُ يعض
ويوم َ َ ﱡ
التغابن( ) َ ْ َ
يوم ﱠ َ ُ ِ
ذلك َ ُ
ال تصل فيه إلى قليل وال كثير ) َ ِ َ
سبيال( يوم الحساب
الرسول َ ِ
مع ﱠ ُ ِ
اتخذت َ َ ََْ ِ
ليتني ﱠ َ ْ ُ
نصير َ ﱠ
للظالمين َ ِ ُ ليس فيه
َ عسير ***
يوم َ ِ ٌ
ٌ يوم الحسابِ
َ إن
ﱠ
الصفحة السادسة :ذكر أھل السير أن ]ھشام بن عمار[ -عليه رحمة ﷲ -كان
معاصرا] لإلمام مالك[ -عليه
ً ً
شغوفا بطلب العلم ،بطلب علم النبوة وھو صغير ،وكان
وعھا فلعل لك فيھا
رحمة ﷲ -جاءه في رحلة شاقة طويلة -فاسمع لھا يا طالب العلم ِ َ
عظة وعبرة -عن ]محمد بن الفيض الغساني[ قال :سمعت ]ھشام بن عمار[ يقول:
دينارا وجھزني للحج وطلب العلم ،قال :فتوجھت من >دمشق<
ً باع أبي بيته بعشرين
تاركا أھلي ووطني رغبة في الحج إلى بيت ﷲ ولقاء األئمة أمثال ]مالك[ -رحمه ﷲ-
أعد مسائل
قال :فلما صرت إلى >المدينة< أتيت مجلس اإلمام مالك ومعي مسائل -ﱠ
يريد أن يسائل اإلمام فيھا -قال :وأريد مع ذلك أن يحدثني ،قال :فأتيته وھو جالس في
ھيئة الملوك ،وغلمانه قيام حوله ،والناس يسألونه ويجيبھم ،يتدفق كالبحر ،قال :فلما
انقضى المجلس قمت ألسأله وأطلب أن يحدثني ،فاستصغرني ورآني لست أھال
يبق إال الصبيان ،يا غالم –ألحد غلمانه
َ حصلنا على الصبيان؛ يعني أنه لم
ﱠ للرواية ،فقال:
يحمل الصبي ،وأنا يومئذ غالم مدرك،
الذين حواليه -احمله ،قال :فحملني كما ُ ْ
فأخرجني .يقول ]ابن جزرة[ :ودخل ]ھشام[ ذات يوم على اإلمام ]مالك[ بغير إذن وقال
له :حدثني ،فرفض اإلمام مالك ،يقول ]ھشام[ :فكررت عليه وراودته فقال لغالمه :خذ
ً
سوطا، ً
سوطا ،قال :فأخذه وذھب به وضربه خمسة عشرة ھذا واضربه خمسة عشرة
فوقف يبكي على الباب حتى خرج اإلمام ]مالك[ فإذا به يبكي ،فقال له :ما يبكيك يا
دينارا ،ووجه بي إليك
ً ]ھشام[؟ أو أوجعتك؟ قال ھشام :إن أبي باع منزله بعشرين
ألتشرف بالسماع منك ،فضربتني وظلمتني بغير جرم فعلته سوى أني أطلب حديث
حل ،ألسائلنك بين يدي ﷲ،
ٍّ رسول ﷲ – صلى ﷲ عليه وسلم -وﷲ ال جعلتك في
فتأثر اإلمام مالك ،وعلم أنه طالب حديث وجامع سنة بحق ،فقال :يا بني ما يرضيك؟ ما
ً
حديثا عن رسول ﷲ -صلى كفارة ذلك؟ فقال ھشام :أن تحدثني بكل سوط ضربتنيه
ﷲ عليه وسلم -قال اإلمام :فجلس وقال :حدثنا فالن عن فالن عن فالن ،فسرد له
ً
حديثا ،فقال بعدھا :يا إمام زد في الضرب ،وزد من الحديث ،فضحك خمسة عشرة
اإلمام ]مالك[ وقال :اذھب .فانظر يا طالب العلم ،يا طالب العلم انظر كيف عرفوا العلم
وقدره ،واستعذبوا العذاب في سبيل الحصول عليه ،باعوا بيوتھم ،وقطعوا الفيافي
يعبد ﷲ في األرض على بصيرة.
والقفار حتى وصلوا؛ ألنھم يعرفون أنه بواسطة العلم ُ ْ
ھاھو ]الحافظ ابن عساكر[ -عليه رحمة ﷲ -القى في تحصيل العلم ما القى من
الشدائد مما تنقله كتب السير والتراجم ھاجر من >دمشق< إلى >نيسابور< وكانت
ذات ثلج شديد ،وبرد زمھرير لم يألفه في موطنه دمشق ،وفي ذات ليلة تحت وطأة
الغربة ،وفراق األحبة ،وفراق األبناء ،وشدة برد البلدة في نيسابور قال يصور معاناته،
ويذكر ألھله أنه ال زال على عھده أن يطلب العلم ثم يعود إليھم ،فكان مما قال:
والوطن
ِ األھل واألحبابِ
ِ لفرقة
حرقي *** ُ
القلب من ُ َ
ِ لوال الجحيم الذي في
البد ِ
ن شدته في َ ِ
ظاھر َ َ ﱠِ ِ آثار
ظھرت *** ُ
ْ البرد الذي
شدة َ ِ ِ ﱡ
لمت من ِ ِ
ولم َ ُ ِ
أخن أغدر َ
ِْ العھد لم
ِ أني على
وثقوا *** ّ
الھدى ِ
عھد ُ
ِ قوم ُدوموا على
ِ يا
ثم ذكر ما كان له من أسفار متواصلة ،ورحالت في األرض متباعدة في سبيل طلب
العلم الشرعي ،فقال رحمه ﷲ:
وتنائف
ِ فدافد
ٍ بين
َ سفرين
َْ ِ الھدى ***
طلب ُ
ِ سافرت في
ُ وأنا الذي
ﱠ ِ ِ
الطائف حدود
ِ أصبھان إلى
َ مدينة *** ْ
من ْ ٍ غير
َ طوفت
وأنا الذي ﱠ
المتعارف
ِ وشامنا ُ َ
ِ بعد العراقِ
َ مدنه ***
الشرق قد عاينت أكثر ْ ِ
ومعاكسِ
مخالف ُ َ ِ
ِ ٍ نفيسة *** ولقيت كل
ٍ وجمعت في األسفار كل
من َبعدما *** أنفقت فيھا تالدي مع َ ِ
طارفي سنة أحمد ْ
َ وسمعت
ُ
صلى ﷲ على نبينا محمد 9 ،درھم ،ما أمضى عزائمھم! وما أشد جلدھم وشوقھم
لطلب العلم لوجه ﷲ! وما أقواھم على الدخول فيما يريدون حين يريدون! طافوا الدنيا
زرعا يوم لم يكن قطار وال سيارة وال باخرة وال طيارة،
ً لتحصيل العلم ،زرعوھا باألقدام
طواف للبلدان ،ونصب لألبدان ،وكسب للزمان ،ال راحة وال استرخاء .ال صعوبة تمنعھم
من لقاء العلماء ،أمانيھم في تحصيل العلم ،وخدمة ھذا الدين تحدوھم إلى المزيد،
وتنسيھم ما يلقون من تعب وعناء شديد .لسان حال بعضھم:
ھودجي
الليل مطرح َ ْ ِ
ِ وجنح
كمي *** ُ ُ
ومفرشي ُ ِ ّ
ظعنت َ ْ
إن َ ُ
بعيري ْ ََ ِ
كنفي َ ِ ِ
رميم
ُ والعظام
ُ مسك
ٌ فالنشر
ﱠ ُ شخوصھم ***
وغيب في الترابِ ُ ُ ُ
ماتوا ُ ِ ّ َ
ھل من مقتد بھم يا طلبة العلم في ھذا الزمان؟ إن مرحلة تحصيل العلم شاقة تنقطع
دون بلوغھا حيازيم الصبر ،وتنحسر أمامھا عزمات الرجال ،وال يصبر على اجتيازھا إال
األفذاذ األبطال ،من لم يستسلموا للكسل والتواني .لوال قول أالقي من لم يطع
التواني ،ولم يضيع الحقوق .فيا طلبة العلم؛ اعلموا أن علوم اإلسالم لم تدون في ظالل
دونت باللحم والدم والعصب ،وظمأ الھواجر،
األشجار والثمار ،وعلى ضفاف األنھار ،إنما ِّ
وسھر الليالي ،على السراج الذي ال يكاد يضيء نفسه أحيانا ،في ظل الجوع والعري،
وانقطاع النفقة في بالد الغربة ،والصبر على أھوال األسفار ،ومالقاة الخطوب واألخطار،
والتيه في الفيافي والقفار ،والغرق في البحار ،مع البعد عن األھل والزوجة والدار.
لسان حال الكثير منھم من علماء اإلسالم:
َ ِ بالرقمتين ِ ْ ُ
وبالفسطاط ِ ﱠ ِ
خالني ﱠْ َ ِ وأنا
الھوى *** َ
وبغداد َ َ
ُ أھلي
ِ الشام
ِ في
مفقود
ُ ِ
الباء بسكون
لكنه ِ ُ ُ ِ
كسرت ﱠ ُ
باء له ُ ِ َ
إن ٌيوجد ْ
ُ والصبر ُ
ُ أرادوا
ُ بالصبر َ ُ
بلغوا ما ِ
يبق لك إال أن تطلبه في مظانه بھمة
َ تحملوا ما تحملوا لتدوين العلم ،فلم
ﱠ رحمھم ﷲ،
الرجال التي تتصاغر وتتضاءل أمامھا المشاق والمتاعب واألخطار .ولن يخيب ﷲ
مسعي من سعى ،ولن يتخلف الصادق عن النبوغ؛ فالنبوغ صبر طويل كما قيل.
مطلعھا َ ِ ُ
طويل ُ َ صعداء َ فاعلم *** َ َ
لھا ُ َ َ ُ ْ األقوام
ِ سيادة
َ وإن ِ
ﱠ
للخطُوبِ رجاال
ُ ﷲ وأنت لھا أھل *** َ َ
خلق ُ
لقصعة َ ِ ِ
وثريد ورجاال َ ْ َ ٍ
فكن من رجال الخطوب ال من رجال القصعة والثريد ،فمن ساق األماني ،وصاحب
واستحب النوم ،وشغلته تقلبات الفصول عن التحصيل فما
ﱠ واستلذ المطاعم،
ﱠ التواني،
أبعده عن العلم! وما أبعد العلم عنه! وما أنفره عن العلم! وما أنفر العلم عنه! إذا كان
يؤذيك حر المصيف ،ويبس الخريف ،وبرد الشتاء ،ويلھيك حسن زمان الربيع ،فأخذك
للعلم قل لي متى؟
التصبر َ َ ِ
للعناء وشيمتك ﱠ َ ﱡ ُ
ُ العلياء َ ْ ً
جلدا *** رجال َ َ
على َ ْ ِ فكن َ ُ
ُ ْ
ﱠ ِ
بالظفر الصبر إال َ َ
فاز ﱠْ َ واستصحب
َ ْ ِ يحاول ُُه ***
ِ أمر
جد في ٍ
لمن ﱠ
ْ فقل
ْ
والبكر
ِ الروحاتِ
التردد ِفي ﱠ ْ َ
طول ﱠ َ ُ ِ
ُ قربھا ***
النجم ﱠ
بمكان ﱠ ْ ِ
ِ حاجة ِ
ٍ َ ْ
كم
الصفحة السابعة :تكليف ال تشريف .حدث ]الفضيل بن الربيع[ قال :حج أمير
مسرعا ،أقول له :لو
ً المؤمنين ]ھارون الرشيد[ -عليه رحمة ﷲ -قال :ثم أتاني وخرجت
إلي ألتيتك ،قال :ويحك قد حاك في نفسي شيء فانظر لي رجال أسأله،
ﱠ أرسلت
فقلت له :ھنا ]سفيان بن عيينة[ ،فقال :امض بنا إليه ،قال :فأتينا فقرعنا الباب ،فقال:
إلي أتيتك ،فحادثه ساعة ،ثم قال له:
ﱠ من؟ قلت :أمير المؤمنين ،فخرج وقال :لو أرسلت
ً
شيئا، أعليك دين؟ قال :نعم ،قال :اقض دينه ،فلما خرجنا قال :ما أغنى عني صاحبك
انظر لي رجال آخر أسأله ،قلت :ھاھنا ]عبد الرزاق بن ھمام[ قال :امض بنا إليه،
إلي ألتيتك،
ﱠ فأتيناه ،فقرعنا الباب وخرج إلينا ،فإذا ھو بأمير المؤمنين ،فقال :لو أرسلت
فحادثه ساعة ،ثم قال :أعليك دين؟ قال :نعم ،قال :يا ]أبا عباس[ اقضِ دينه ،قال :فلما
ً
شيئا ،انظر لي رجال أسأله ،قلت :ھاھنا ]الفضيل بن خرجنا قال ما أغنى عنا صاحبك
عياض[ قال :امض بنا إليه ،قال :فأتينا ،فإذا ھو قائم يتلو آية من القرآن يرددھا ،قال:
فقرعت الباب فلم يرد ،فقلت :أجب أمير المؤمنين ،قال :فاستمر في قراءته ،فقلت :أما
عليك طاعة ،قال :بلى ،لكن ليس للمؤمن أن يذل نفسه ،ثم نزل ففتح باب الدار ،ثم
ارتقى إلى غرفة من الغرف ،وأطفأ السراج ،والتجأ إلى زاوية في بيته ،قال :فدخلنا
فجعلنا نجول بأيدينا ﱠ
علنا نجده ،فسبقت كف ھارون إليه ،فقال :يا لھا من كف ما ألينھا
غدا من عذاب ﷲ –عز وجل !-فقلت في نفسي :ليكلمنه الليلة بكالم قوي
إن نجت ً
من قلب تقي ،قال :خذ –رحمك ﷲ -لمجيئنا إليك ،وأعطاه ماال ،فقال :إن ]عمر بن عبد
ولي الخالفة دعا ]سالم بن عبد ﷲ[] ،ومحمد بن كعب[] ،ورجاء بن حيوة[
َ العزيز[ لما
فعد الخالفة بالء ،وعددتھا أنت
ﱠ علي،
ﱠ فقال لھم :إني قد ابتليت بھذا البالء ،فأشيروا
نعمة ،خذ مالك ال أريده ،ثم واصل فقال :قال له سالم :يعني قال سالم لعمر :إن أردت
النجاة من عذاب ﷲ فصم عن الدنيا ،وليكن إفطارك منھا الموت ،وقال له محمد بن
أخا،
أبا ،وأوسطھم ً
كعب :إن أردت النجاة من عذاب ﷲ فليكن كبير المؤمنين لك ً
واحن على ولدك .وقال له رجاء :إن أردت النجاة
ُ ِّ
ووقر أباك ،وأكرم أخاك، ابنا،
وأصغرھم ً
غدا من عذاب ﷲ فأحب للمسلمين ما تحب لنفسك ،واكره لھم ما تكره لنفسك ،ثم
مت إن شئت ،وإني أقول لك يا أمير المؤمنين :إني أخاف عليك أشد الخوف من يوم
بكاء
ً تذل فيه األقدام ،فھل معك -رحمك ﷲ -من يشير عليك بمثل ذلك ،فبكى ھارون
ﱡ
شديدا حتى غشي عليه ،فقلت له :ارفق بأمير المؤمنين ،فقال :يا ابن الربيع؛ تقتله
ً
أنت وأصحابك وأرفق به أنا ،إن النصح رفق ،النصح رفق ،أفاق الرشيد وقال :زدني رحمك
ﷲ ،فقال :يا أمير المؤمنين بلغني أن عامال لعمر بن عبد العزيز شكا إليه ،فكتب عمر
عليه قائال :يا أخي أذكرك طول سھر أھل النار في النار مع خلود األبد ،فلما قرأ الكتاب
طوى البالد حتى قدم على عمر فقال له عمر :ما أقدمك؟ قال :خلعت قلبي بكتابك،
شديدا ،ثم قال:
ً بكاء
ً وﷲ ال أعود إلى والية حتى ألقى ﷲ -عز وجل -فبكى الرشيد
زدني -رحمك ﷲ -فقال :يا حسن الوجه ،أنت الذي سيسألك ﷲ -عز وجل -عن ھذا
تقي ھذا الوجه النار فافعل ،وإياك أن تصبح
َ الخلق يوم القيامة ،فإن استطعت أن
وتمسي وفي قلبك غش ألحد من رعيتك؛ فإن نبينا -صلى ﷲ عليه وسلم -قال" :من
غاشا لم يرد رائحة الجنة "
ً أصبح لھم
شديدا ،ثم أفاق وقال له :أعليك دين؟ قال :نعم ،دين لربي لم
ً بكاء
ً فبكى ھارون
يحاسبني عليه ،فالويل لي إن سألني ،والويل لي إن ناقشني ،والويل لي إن لم ُ ْ َ
ألھم
مضطربا كما يضطرب العصفور المبلل بالماء ،ثم ھدأ فقال له :أما
ً باكيا
ً حجتي ،ثم انفجر
ُ ﱠ
عليك دين لعباد ﷲ نقضيه عنك؟ قال :إن ربي أمرني أن أصدق وعده وأطيع أمره ،فقال:
إن أريد َأن ُ ْ ِ ُ ِ
يطعمون * ِ ﱠ وما ُ ِ ُ
رزقٍ َ َ
منھم من ْ ليعبدون * َما ُ ِ ُ
أريد ِ ْ ُ واإلنس ِإال ﱠ ِ َ ْ ُ ُ ِ
َ الجن َ ِ وما َ َ ْ ُ
خلقت ْ ِ ﱠ )َ َ
القوة ْ َ ِ ُ
المتين( الرزاق ُذو ْ ُ ﱠ ِ
ھو ﱠ ﱠ ُ
ﷲ ُ َ
َ
رازقي
شك َ ِ ِ
ﱠ ﷲ ال
أن َ
وأيقنت ﱠ
ُ توكلت في رزقي على ﷲ خالقي ***
العوامق
البحار َ َ ِ ِ
كان في قاعِ ِ ِ
َ فليس َيفوتني *** َ ْ
ولو َ من رزقٍ
وما يك ْ
تقو بھا على عبادتك ،وأنفقھا على عيالك ،وسد بھا حاجاتھم ،قال:
ﱠ قال :ھذه ألف دينار
سبحان ﷲ! أدلك على طريق النجاة ،وتكافئني بمثل ھذا سلمك ﷲ ،ثم صمت فلم
يتكلم بعدھا ،قال :فخرجنا من عنده ،فلما صرنا إلى الباب قال ھارون لحاجبه ھذا :إذا
سألتك أن تدلني على أحد فدلني على مثل ھذا ،فلما انصرفنا قال :دخلت عليه امرأته
فقالت :يا ھذا قد ترى ما نحن فيه من ضيق الحال ،فلو قبلت المال لتسد به حاجتنا،
كمثل قوم كان لھم بعير يأكلون من كسبه ،فلما كبر نحروه
مثلي ومثلكم َ َ
فقال لھا :إنما َ َ ِ
فأكلوا لحمه ،فلما سمع ھارون كالمه وھو على الباب قال :نرجع إليه فعسى أن يقبل
الدراھم ،فلما علم الفضيل بعودتھم خرج فجلس على سطح الغرفة ،فجاء ھارون
فجلس إلى جنبه ،فجعل يكلمه فال يجيبه ،فبينما ھم كذلك إذ خرجت جارية فقالت :يا
ھذا؛ قد آذيتموه ھذه الليلة ،دعوه مع كتاب ﷲ وانصرفوا رحمكم ﷲ .فانصرفوا رحم ﷲ
الجميع .أحبتي في ﷲ؛ يمكننا أن نأخذ من ھذه الحادثة عبرتين؛ أوال :أن طلب
النصيحة من صاحب المنزلة والسعي للبحث عنھا في مظانھا ،وطرق األبواب لھا،
وتلمس الوسائل للحصول عليھا ،عقل ورشد ،وأي رشد! ألن إتيان النصيحة إلى صاحب
المكانة يجعلھا في مركز الضعف ،والعكس بالعكس؛ إتيانه للنصيحة يجعلھا في مركز
ثانيا :أن المؤمنين إخوة ال تظالم ،وال تخاذل ،وال تحاقر بينھم ،الصغير ابن،
ً القوة.
والوسط أخ ،والكبير أب ،جسد واحد ،وأمة واحدة .قد قالھا عمر بن الخطاب –رضي ﷲ
عنه -ألخوة له خرجوا يريدون نشر دين ﷲ في األرض بأمره خلف السھوب والبحار
والفيافي والقفار ،قال لھم :سيروا على بركة ﷲ ،وأنا أبو العيال حتى تعودوا ،قالھا
حتى ال يترك في قلوبھم شغال بھؤالء الصغار .فھل تستطيع أمة اإلسالم أن تربي مثل
ھذه النماذج؟ نعم وﷲ ،إنھا ألمة خير يتعاقبه جيل بعد جيل ،ولن تعدم األمة وسائل
لتربية مثل ھذا النماذج ،وأعلى وسيلة علم كل فرد وھو على ثغرة من ثغور اإلسالم أن
ً
شيئا وعليه شيء ،فليأخذ ما له من حق وليقم المسئولية تكليف ال تشريف ،وأن له
ً
نطوقا .وﷲ غالب سكوتا
ً بصيرا،
ً سميعا ،أعمى
ً بما عليه من واجب ،وليكن مع ذلك أصم
على أمره ،ولكن أكثر الناس ال يعلمون.
الصفحة الثامنة :حكمھا رحمة ونعمة .كان ]قتيبة بن مسلم الباھلي[ عليه-رحمة
ﷲ -في شرق الكرة األرضية يفتح المدن والقرى ،ينشر دين ﷲ في األرض ،ويفتح ﷲ
على يديه مدينة >سمرقند< ،افتتحھا بدون أن يدعو أھلھا لإلسالم أو الجزية ،ثم
ً
ثالثا؛ كعادة المسلمين ،ثم يبدأ القتال ،فلما علم أھل سمرقند بأن ھذا األمر يمھلھم
في دين اإلسالم كتب كھنتھا رسالة إلى سلطان المسلمين في ذلك الوقت؛ وھو عمر
بن عبد العزيز عليه–رحمة ﷲ -أرسلوا بھذه الرسالة أحد أھل سمرقند ،فاسمع إلى
شھرا حتى وصلت إلى >دمشق< دار
ً ھذا الرسول يقول :أخذت أتنقل من بلد إلى بلد
الخالفة ،فلما وصلت أخذت أتنقل في أحيائھا ،وأحدث نفسي بأن أسأل عن دار
ً
أخذا ،فلما رأيت السلطان ،ثم أخشى على نفسي إن نطقت باسم السلطان أن أخذ
أعظم بناء في المدينة دخلت إليه ،وإذا بالناس يدخلون ويخرجون ويدوكون ،وإذا بحلقات
في ھذا البناء ،وأناس يركعون ويسجدون ،يقول :فقلت ألحدھم :أھذه دار الوالي ،قال:
ال بل ھذا ھو المسجد ،قال :ھل صليت؟ قلت :وما صليت؟ قال :فما دينك؟ قلت :على
دين أھل سمرقند ،فجعل يحدثني عن اإلسالم حتى اعتنقته ،وشھدت أن ال إله إال
محمدا رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم -ثم قلت له :أنا رجل غريب ،أريد
ً ﷲ ،وأن
السلطان ،دلني عليه -يرحمك ﷲ -قال :تعني أمير المؤمنين ،قلت :نعم ،قال :اسلك
ھذا الطريق حتى تصل إلى تلك الدار ،وأشار إلى دار من طين ،فقلت :أتھزأ بي؟ قال:
ال ،ولكن اسلك ھذا الطريق ،فتلك دار أمير المؤمنين إن كنت تريده ،قال :فذھبت
طينا ،ويسد به ثلمة في الدار ،وامرأة تناوله الطين ،قال:
ً واقتربت ،وإذا برجل يأخذ
فرجعت إلى الذي ﱠ
دلني وقلت :أسألك عن دار أمير المؤمنين فتدلني على دار رجل
طيان قال :ھو ذاك أمير المؤمنين ،قال :فطرقت الباب ،وذھبت المرأة ،ونزل الرجل،
ﱠ
ورحب بي ،وغسل يديه وخرج وقال :ما تريد؟ قلت :ھذه رسالة من كھنة سمرقند،
فقرأھا ،ثم قلبھا فكتب على ظھرھا ،من عبد ﷲ عمر بن عبد العزيز إلى عامله
قاضيا ينظر فيما ذكروا ،ثم ختمھا ،وناولني ،وانطلقت يقول :فلوال
ً نصب
بسمرقند :أن ِ ّ
أني خشيت أن يكذبني أھل سمرقند أللقيتھا في الطريق ،ماذا تفعل ھذه الورقة وھذه
دوخ شرق الكرة األرضية
الكلمات في إخراج الجيوش العرمرم الجرارة ،وذلك القائد الذي ﱠ
بلدا صليت
مسلما ،كلما دخلت ً
ً برمتھا؛ يعني قتيبة بن مسلم؟ قال :وعدت بفضل ﷲ
في مسجده واجتمعت باخوتي وآنست بھم ،فأكرموني وأنسوا بي ،فلما وصلت إلى
سمرقند وقرأ الكھنة الرسالة أظلمت عليھم األرض ،وضاقت بما رحبت وقالوا :ما تنفع
ھذه الرسالة وماذا تغني عنا ،ذھبوا بھا إلى عامل عمر على سمرقند ،فنصب لھم
يوما
قاضيا لھم لينظر في شكواھم ،حدد القاضي لھم ً
ً الوالي ]جميع بن حاضر الباجي[
يدعنا
ُ َ اجتمعوا فيه ،ثم قال القاضي :ما دعواك يا سمرقندي؟ قال :اجتاحنا قتيبة ،ولم
إلى اإلسالم ،ويمھلنا لينظر في أمرنا ،فقال القاضي لخليفة قتيبة ،وقد مات قتيبة –
عليه رحمة ﷲ -قال :أنت ما تقول؟ قال :لقد كانت أرضھم خصبة ،وأرضھم واسعة،
وخشي قتيبة إن ھو آذنھم وأمھلھم أن يتحصنوا عليه ،والحرب خدعة ،قال –واسمعوا
وبترا،
ً أشرا
ً إلى ما قال :-لقد خرجنا مجاھدين في سبيل ﷲ ،وما خرجنا فاتحين لألرض
ثم قضى القاضي بإخراج المسلمين على أن ينذرھم قائد الجيش اإلسالمي بعد ذلك
ً
وفقا للمبادئ اإلسالمية .ما ظن أھل سمرقند أن تلك الكلمات ستفعل فعلھا، وينابذھم
ما غربت شمس ذلك اليوم ورجل من الجيش اإلسالمي في أرض سمرقند ،خرج
الجيش كله ،وبدأ لينذرھم ويدعوھم إلى اإلسالم أو الجزية أو القتال ،فلما رأى أھل
سمرقند ما ال مثيل له في تاريخ البشرية؛ من عدالة تنفذھا الدولة على جيشھا
وقائدھا قالوا :ھذه أمة حكمھا رحمة ونعمة ،فدخل أغلبھم في دين ﷲ ،وفرضت الجزية
جيشا يفتح مدينة ويدخلھا ويشتكي أھل المدينة للدولة
ً على الباقين ،فيا !9أرأيتم
قديما
ً المنتصرة ،فيحكم قضاؤھا على الجيش الظافر بالخروج ،بل ھل رأيتم في التاريخ
حربا يتقيد أصحابھا بمبادئ األخالق والحق كما تقيد به الجيش اإلسالمي؟ وﷲ
ً ً
وحديثا
ال نعلم في الدنيا كلھا موقف مثل ھذا ألمة من أمم األرض.
الدين
يوم ِّ ِ
َ والثرى *** وكفى بھم شھداء
ﱠ والكواكب
ُ يشھد
ُ والليل
ُ
الكتب والسير
الحياة *** وھم بعد الممات جمال ُ ْ
ِ كانوا ِفي
جمال ذي األرض ُ
الصفحة التاسعة :لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبر .جاء في إنباء الرواة في
ترجمة ]أبي نصر القرطبي[ قال :كنا نختلف إلى ]أبي علي القالي[ -رحمه ﷲ -وقت
إمالئه النوادر في جامع الزھراء بحي >قرطبة< ونحن في فصل الربيع ،قال :فبينما أنا
ذات يوم في بعض الطريق إذ أخذتني سحابة ،فما وصلت إلى مجلس أبي علي إال وقد
ابتلت ثيابي كلھا ،وحوالي أبي علي أعالم أھل قرطبة ،فلما رآني مبتال بالماء أمرني
بالدنو منه ،وقال لي :مھال يا أبا نصر ال تأسف ،وال تأس ،وال تحزن على ما عرض لك؛
تبدلھا بغير ثيابك ،لكن اسمع –يريد أن يعزيه
فھذا شيء يضمحل عنك بسرعة ،بثياب ِّ
وأن يسليه على ما أصابه -قد عرض لي –يقول أبو علي عن نفسه -ما أبقى في
جسمي ندوبا وجروحا تدخل معي القبر ،لقد كنت أختلف في الطلب؛ يعني في طلب
العلم إلى ]ابن مجاھد[ –رحمة ﷲ عليه -فذھبت إليه آخر الليل قبل طلوع الفجر؛
ألقترب منه ألستفيد ،فلما انتھيت إلى الطريق الذي كنت أخرج منه إلى مجلسه ألفيته
علي فتحه ،فقلت :سبحان ﷲ! ِّ
أبكر ھذا البكور ثم أغلب على القرب ﱠ ً
مغلقا،قال وعسر
منه ،وﷲ ال يكون ذلك ،فنظرت إلى سرب بجانب الدار ضيق فاقتحمته ،فلما توسطته
ضاق بي ذلك السرب وذلك النفق ،فلم أقدر على الخروج منه ،ولم أستطع النھوض،
قال :فاقتحمته بشدة حتى خرجت بعد أن تخرقت ثيابي ،ﱠ
وأثر السرب في لحمي حتى
ومن ﷲ علي بالخروج فوافيت مجلس الشيخ على حالتي ھذه ،فأين
ﱠ انكشف العظم،
أنت مما عرض لي؟ ثم أنشد يقول:
األزر
َ دونه
وألقوا ُ َ ُ
َ النفوسِ قد َ َ ُ
بلغوا *** ُ َ
جھد ﱡ والساعين ْ
َ ﱠ المجد
ِ دببت إلى
ُ
صبر
َ ومن من ْ َ
أوفى َ ْ المجد َ ْ
َ وعانق
َ َ أكثرھم ***
ُ ُ مل
حتى ﱠ
المجد ﱠ
َ وكابدوا
تمرا أنت آكله *** لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبر
ً ال تحسب المجد
قال أبو نصر :فسالني ما حكاه ،وھان عندي ما عرض لي من بلل للثياب بجانب ما
أصابه ،فالزمته حتى مات ،فرحمة ﷲ على الجميع .ھم أسالفنا ،وندعي الصلة بھم،
فھل مجالسنا مجالسھم ،وھممنا ھممھم؟
علمائھا
ِ َ من ُ
عھدت ِ ْ
ن َ ِ ُغير الذي َ
َ أوجھا ***
ُ ً المجالس
ُ لما َ َ ﱠ َ ِ
تبدلت َ ﱠ
صدورھا َ َ ِ
وفنائھا والة ُ ُ ِ َ
كانوا ُ َ بسوى ُ َ
األلى *** َ ُ ً
محفوفة ِ ِ َ ورأيتھا
ُ
مائھا
بجاري ِشرقت َ َِ َ قد
والعين ْ
ُ متقدما ***
ً ثائرا
ً بيتا
أنشدت ً
ُ
نسائھا
غير ِ َ ِ
َ الحيِ
نساء َ ّ
َ كخيامھم *** َ َ
وأرى ِ ِ فإنھا
الخيام ﱠ
ُ أما
المال؟
ِ رأس
ُ ِ ْ ُ
والعلم متجر
ة رابح *** ِفي َ ْ َ ٍ ً
حسرة من لي بصفق ِ يا
للجھال
ُ ﱠ ِ السبقِ
ﱠ ْ كل
والسبق ُ ﱡ
ﱠ ْ ُ تأخروا ***
كيف ﱠ ُ
َ العلم
ِ يا ويح أھل
آمالي
األنام منوطة َ ِ
ِ دون
َ وبفضله ***
ِ ِ إلھي ُ ْ َ َ
المشتكى فإلى َِِ
الصفحة الحادية عشر :من أورق بوعد فليثمر بفعل .يروي أھل السير أن ]عبد
ﷲ بن عمر[ -رضي ﷲ عنه -أعطى رجال من قريش شبه وعد أن يزوجه ابنته ،فلما
فزوجه إياھا ،وقال :كرھت أن ألقى ﷲ -عز وجل -بثلث نفاق.
ﱠ حضرته الوفاة أرسل إليه
نعم
العناء بال أو َ َ ْ
ُ قوله *** ومات تم َ َ
على ِ ِ قال ﱠ
َ إذا
الرجم
تحت ﱠ َ
َ وبالفعل
ِ ْ ِ قريب
ٌ بموعوده ***
ِ الرجال َ
ِ وبعض
ُ
عندكم
بواجده ِ ْ َ ُ
ِ ِ ِ ولست
َ لمعه ***
َ ُ ترى
كجاري السرابِ َ َ
َ ِ
ھذه الصفحة رسالة لي ،وإلخوتي معشر طالب العلم ،وللناس عامة؛ أن
نتقي ﷲ فيما نعد به؛ فكم من أوقات تھدر ومصالح لألمة تتعطل بناء على مواعيد
عرقوب ،يعدك الواحد في السابعة ويأتيك إن أتى في العاشرة ،أو ال يأتيك وال يعتذر إليك
أبدا .إن عرقوب المضروب به المثل أصبح
عن مجيئه .وما ھكذا تكون أخالق المسلم ً
ً
شيئا ،فقال واقع كثيرا ھذه األيام .وما قصة عرقوب؟ يأتيه أخ محتاج سائل فيسأله
بلحا أعطيتك ،فلما صار
ً عرقوب :إذا أطلع النخل أعطيتك ،فلما أطلع أتاه فقال :إذا صار
رطبا،
ً بلحا أتاه ،فقال :إذا أزھى بحمرة وصفرة ،فلما أزھى أتاه ،فقال :إذا أرطب ،إذا صار
ً
تمرا خرج إليه في الليل ،وقطعه في
ً تمرا ،فلما صار
ً فلما صار رطبا أتاه ،فقال :إذا صار
ً
شيئا ،فقال ذلك الرجل: الليل ولم يعط أخاه
رعد
وقد َ َ
ْ يمطر
ْ كالمزن لم
ُ ْ وعدتني ثم لم ُتوف بموعدتي *** فكنت
فيا أيھا المؤمنون عامة؛ ويا طلبة العلم خاصة؛ إن وعد الكريم نقض ،ووعد اللئيم
تسويف ،فإن وعدت بخير فأوف ،وإن وعدت بشر فاعف ،وإياك أن تلقى ﷲ بخصلة
حدث كذب ،وإذا ائتمن خان ،وإذا وعد أخلف، نفاق؛ فإن من آية المنافق أنه إذا ﱠ
أو َ ْ َ ْ َ
أخطأنا(. نسينا َ ْ ربنا ال َ ُ َ ِ ْ َ
تؤاخذنا ِإن ﱠ ِ َ والنسيان جائز ومغفور َ ) .ﱠ َ
الصفحة األخيرة :الحق يدفع الباطل .أورد ]ابن كثير[ في البداية والنھاية أنه في
وكثيرا ما يزورون ويغشون
ً القرن الخامس الھجري زور يھود >خيبر< إحدى الوثائق -
ويكذبون ويفترون ويمكرون ،وتاريخھم ال يخفى على ذي عين -زعموا في وثيقتھم أن
النبي -صلى ﷲ عليه وسلم -أسقط عنھم الجزية ،وأقرھم على خيبر ،يمكثون فيھا ما
ً
عبثا ،فإن النبي شاءوا ،وكما ھو معلوم فقد أخرجھم عمر -رضي ﷲ عنه -وما أخرجھم
-صلى ﷲ عليه وسلم -قال :أخرجوا اليھود والنصارى من جزيرة العرب ،حاولوا بھذه
الوثيقة الرجوع إلى خيبر كما يحاولون في كل زمان وبكل الوسائل المتاحة إلطفاء النور،
ولن يرضوا حتى تتبع ملتھم ،وﷲ متم نوره ولو كرھوا وخططوا ودبروا ،ومكروا وﷲ خير
الماكرين ،والعاقبة للمتقين زوروا الوثيقة وجاءوا بھا إلى الوزير العباسي ]أبي القاسم
بن مسلمة[ ،جاءوا إليه وقالوا :معنا كتاب نبوي بإسقاط الجزية وإقرارنا على خيبر،
ﱠ
وتملى ،ثم لم وقدر وتأمل
ﱠ بكتابة صحابي ،وشھادة الصحابة ،نظر الوزير في الوثيقة فكر
وحسنا فعل-
ً يفصل في المسألة ،بل رد األمر إلى أھله الذين يستنبطونه ،دفع الكتاب -
إلى الحافظ ]الخطيب البغدادي[؛ شيخ علماء بغداد ومؤرخھا ومحدثھا في عصره ،فنظر
فيھا ثم قال :ھذا كذب والذي ال إله إال ھو ،قال الوزير :كيف ذلك؟ ما دليل كذبھا ،أريد
دليال؟ قال :ألنھا بكتابة وشھادة ]معاوية بن أبي سفيان[ -رضي ﷲ عنه -ولم يكن
أسلم إال عام >فتح مكة< ،فكيف يكتب للنبي -صلى ﷲ عليه وسلم -أو يشھد قبل
إسالمه بعام .ھذه واحدة ،أما الثانية فھي بشھادة ]سعد بن معاذ[ -رضي ﷲ عنه-
وسعد بن معاذ قد مات بعد األحزاب وقبل خيبر ،فكيف يشھد بعد وفاته بأكثر من عام؟
فبھت الذين كفروا ،وﷲ ال يھدي القوم الظالمين ،وخابوا وخسروا ،أولئك في األذلين.
بذلك نقضت الوثيقة ،وظھر زيفھا وباطلھا ،ولو جيء بھا إلى غير أھلھا العلماء لوقعت
األمة في شباك أعدائھا ولكنه العلم.
القمر
ُ سواد الظلمة
َ العلم يجلو العمى عن قلب صاحبه *** كما يجلي
وقبل ذلك بعدة قرون يجئ رجل من الخوارج إلى ]أبي حنيفة[ -رحمه ﷲ -فيقول له:
مم؟ قال الخارجي :من قولك بتجويز الحكمين في تب وعد إلى ﷲ ،قال أبو حنيفة ِ :ﱠ
ﷲ بما َ َ َ
أنزل ُ يحكم ِ َ ومن ﱠ ْ
لم َ ْ ُ َ َ ) (9 إن ْ ُ ْ ُ
الحكم ِإال ﱠ ِ الخالف بين ]علي[ ]ومعاوية[ ،وﷲ يقولِ ِ ) :
افرون( فقال أبو حنيفة :أال تقبل أن تناظرني في ھذا الموضوع؟ قال ھم ْ َ
الك ِ ُ َ ََُِْ َ
فأولئك ُ ُ
الخارجي :قد قبلت ،فقال أبو حنيفة :فإن اختلفنا فمن يحكم بيني وبينك؟ قال
الخارجي :من شئت ،قال –وكان مع الخارجي صاحب له آخر -فالتفت أبو حنيفة إلى
صاحبه وقال :اقعد فاحكم بيننا فيما اختلفنا فيه إن اختلفنا ،فسر الخارجي بكون صاحبه
ھو الحكم ،عندھا فاجأه أبو حنيفة قائال :أترضى بھذا حكما بيني وبينك؟ قال :نعم،
جوابا ،وبھت الذين
ً جوزت التحكيم ،فبھت الخارجي ولم يحر فقال أبو حنيفةً :
إذا أنت ﱠ
كفروا ،وﷲ ال يھدي القوم الظالمين .العلم فيه حياة للقلوب؛ كما تحي البالد إذا ما
مسھا المطر .وإن نسيت فال أنس باألمس القريب يوم يزور أحد علماء المسلمين
مدرسة نصرانية ،ويجري حديثا طويال بينه وبين مديرھا ،فكان مما قاله ھذا العالم
لمديرھا :لماذا تحملون على اإلسالم وعلى نبي ﷲ محمد –صلى ﷲ عليه وسلم-
في كتبكم المدرسية ،وفي اجتماعاتكم بما ال يصح أن يقال في عصر تعارفت فيه
الشعوب ،والتقت فيه الثقافات كما تدعون؟ فأجاب قائال :نحن الغربيين ال نستطيع أن
نحترم رجال تزوج من تسع نساء؛ يعني رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم -قال :ومن
تحترمون من أنبياء ﷲ؟ ھل تحترمون نبي ﷲ ]داود[ –عليه صلوات ﷲ وسالمه-؟ قال:
ً
أيضا، نعم إنه من أنبياء التوراة ،قال :ونبي ﷲ ]سليمان[؟ قال :نعم إنه من أنبياء التوراة
فقال العالم المستضيئ بنور العلم الساطع ،بحجة الحق ،إن نبي ﷲ داود كان له تسع
وتسعون زوجة ،وأكملھن مائة من أجمل فتيات زمانھن ،ونبي ﷲ سليمان كما جاء في
التوراة له سبعمائة زوجة وثالثمائة ألف جارية ،وكن من أجمل أھل زمانھن ،فلم
تسعا؛ ثماني
ً يستحق احترامكم من يتزوج ألف امرأة ،وال يستحق احترامكم من يتزوج
ثيبات وأمھات ،والتاسعة ھي الفتاة البكر الوحيدة التي تزوجھا طيلة العمر،
منھن ِ ّ
جوابا .والحق يعلو واألباطل تسفله .أرأيتم إلى
ً يحر
فسكت الرجل ،وألقم الحجر ،ولم َ ِ
العلماء –يا أيھا األحبة -كيف يدفعون الشبه عن األمة ،ويلجمون من يقع في األنبياء؟
يرجع في النوازل
ألنھم ورثة األنبياء ،بل إنھم صمام أمان األمة وال شك ،إليھم ُ ْ
والمدلھمات ،فضلھم عظيم ،خطرھم جزيل ،الحيتان والنمل لھم في البحر والجحور
تستغفر ،والمالئكة بأجنحتھا لھم تخضع ،والعلماء في القيامة تشفع .حياتھم غنيمة،
ِّ
ويعلمون الجاھل ،ال يتوقع منھم بائقة ،وال يخاف منھم ِّ
يذكرون الغافل، وموتھم مصيبة،
غائلة ،بجميل موعظتھم يرجع المقصرون ،الطاعة لھم في غير معصية ﷲ واجبة،
والمعصية لھم محرمة ،من أطاعھم رشد ،ومن عصاھم عند ،ما ورد على إمام
المسلمين من أمر اشتبه عليه فبقول العلماء يعمل ،وعن رأيھم يصدر ،وما ورد على
والة المسلمين من حكم ال علم لھم به فبقولھم يعملون ،وعن رأيھم يصدرون ،وما
أشكل على قضاة المسلمين من حكم ،فبقول العلماء يحكمون وبعلمھم وعلى علمھم
للناسِ لئال ﱠ َ ُ َ
يكون ِ ﱠ يعولون ،حجة ﷲ على العباد ،ولن تخلو األرض من قائم 9بحجة ) ِ َ
حجة( ھم سراج البالد ،ومنار العباد ،وقوام األمة ،وينابيع الحكمة ،ھم غيظ
ﷲ ُ ﱠ ٌ َ َ
على ِ
مثلھم في األرض
الشيطان ،بھم تحي قلوب أھل الحق ،وتموت قلوب أھل الزيفَ َ ،
يھتدى بھا في ظلمات البر والبحر ،إذا طمست النجوم تحيروا ،وإذا
كالنجوم في السماء ُ ْ َ
أسفر الظالم أبصروا
فليس ذو العلم بالفتوى كجاھلھا *** وال البصير كأعمى ما له بصر
لحومھم مسمومة ،وعادة ﷲ في ھتك أستار منتقصھم معلومة
ومن وقع في العلماء بالسلب *** باله ﷲ قبل موته بموت القلب
بأنا نشھد أن ال إله إال أنت ،األحد الصمد ،الذي لم يلد ولم يولد،
اللھم إنا نسألك ﱠ
نسألك بكل اسم ھو لك ،ونسألك باسمك األعظم الذي إذا سئلت به أعطيت ،وإذا
دعيت به أجبت ،يا حي يا قيوم ،يا ذا الجالل واإلكرام أن تعز اإلسالم والمسلمين ،وأن
تدمر أعداء الدين ،وأن تصلح من في صالحه صالح اإلسالم والمسلمين ،وأن تھلك من
ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي
في ھالكه صالح لإلسالم والمسلمين .اللھم ِ ّ
اآلخرة .اللھم احرسنا بعينك التي ال تنام ،واخلفنا بركنك الذي ال يرام ،وال تھلكنا وأنت
بلية ابتليتنا
قل لك عندھا شكرنا ،وكم من ﱠ
رجاؤنا .يا رب كم من نعمة أنعمت بھا علينا ﱠ
بھا قل لھا عندك صبرنا .يا من قل عند نعمته شكرنا فلم يحرمنا ،ويا من قل عند بليته
صبرنا فلم يخذلنا ،يا من رآنا على المعاصي فلم يفضحنا ،يا ذا النعم التي ال تحصى ،يا
وأعنا على ديننا
ﱠ وصبرا جميال،
ً قريبا،
ً فرجا
ً أبدا ،ھب لنا
ذا المعروف الذي ال ينقطع ً
بدنيانا،وعلى آخرتنا بتقوى ،وكن لنا في اآلخرة واألولى ،وامكر لنا وال تمكر بنا ،وكن لنا
وال تكن علينا ،وتول أمرنا ،أنت حسبنا ومن كنت حسبه فقد كفيته ،حسبنا ﷲ ونعم
الوكيل .وآخر دعوانا َ ِ
أن الحمد 9رب العالمين وصل اللھم على سيدنا محمد وسبحانك
اللھم وبحمدك.
إن الحمد ،9نحمده ونستعينه ،ونستغفره ،ونتوب إليه ،ونعوذ با 9من شرور أنفسنا،
ھادي له .أشھد أن ال
َ مضل له ،ومن يضلل فال
ﱠ ومن سيئات أعمالنا .من يھده ﷲ فال
إله إال ﷲ ،وحده ال شريك له ،له الملك وله الحمد ،وھو على كل شيء قدير ،شھادة
محمدا
ً عبده ،وابن عبده ،وابن َ َ ِ
أمته ،ومن ال غنى به طرفة عين عن رحمته .أشھد أن
عبد ﷲ ورسوله ،أرسله ﷲ رحمة للعالمين ،فشرح به الصدور ،وأنار به العقول ،وفتح به
غلفا .صلى ﷲ عليه ،وعلى آله وأصحابه ،والتابعين لھم ً وقلوبا
ً وآذانا ُ ً ّ
صما، ً عميا،
ً أعينا
ً
تقاته َوال َ َ ُ ُ ﱠ
تموتن ِإال ﱠ حق ُ َ ِ ِ
ﷲ َ ﱠ
اتقوا َ
آمنوا ﱠ ُ
الذين َ ُ كثيراَ ) .يا َ ﱡ َ
أيھا ﱠ ِ َ ً تسليما
ً ِّ
وسلم بإحسان،
منھا واحد ٍة َ َ َ َ
وخلق ِ ْ َ نفسٍ َ ِ َ الذي َ َ َ ُ
خلقكم من ْ ربكم ﱠ ِ
اتقوا َ ﱠ ُ ُ
الناس ﱠ ُ
أيھا ﱠ ُ مسلمون( ) َيا َ ﱡ َ
ْ ِ ُ َ ََُْ
وأنتم
ﷲ َ َ
كان إن َواألرحام ِ ﱠ
به َ ْ َ َ ُون ِ ِ
تساءل َ
الذي َ َ َ ﷲ ِ
واتقوا َ
ونساء َ ﱠ ُ رجاال ً َ ِ ً
كثيرا َ ِ َ ً منھما ِ َ
وبث ِ ْ ُ َ
زوجھا َ َ ﱠ
َْ َ َ
ويغفر لكم َ ْ َ َ ُ ْ
أعمالكم َ َ ْ ِ ْ يصلح َ ُ ْ قوال ً َ ِ ً
سديدا * ُ ْ ِ ْ وقولُوا َ ْ
ﷲ َُ
اتقوا َ
آمنوا ﱠ ُ
الذين َ ُ رقيبا( )يا َ ﱡ َ
أيھا ِ َ َ َْ ُ ْ
عليكم َ ِ ً
عظيما( السالم عليكم ورحمة ﷲ فاز َ ْ ً
فوزا َ ِ ً فقد َ َ ﷲ ََ ُ َ ُ
ورسوله َ َ ْ يطعِ َ
ومن ُ ِ
ذنوبكم َ َ َ ُ ْ
لكم ُ ُ َ ُ ْ
وبركاته وأسأل ﷲ أن يجعل ھذا الجمع في ميزان الحسنات في يوم تعز فيه الحسنات
.
أما بعد أحبتي في ﷲ؛ أوصيكم ونفسي بتقوى ﷲ –جل وعال ،-وأن نقدم ألنفسنا
ﷲ ِ َْ ٍ
بقلب من َ َ
أتى َ مال َوال َ َ ُ َ
بنون * ِإال ﱠ َ ْ أعماال ً تبيض وجوھنا يوم نلقى ﷲَ ْ َ ) .
يوم ال َ َ َ ُ
ينفع َ ٌ
محضرا
خير ْ َ ًمن َ ْ ٍ نفسٍ ما َ ِ َ ْ
عملت ِ ْ كل َ ْ
تجد ُ ﱡ
يوم َ ِ ُ
وجوه( ) َ ْ َ
وتسود ُ ُ ٌ
وجوه َ َ ْ َ ﱡ
تبيض ُ ُ ٌ يوم َ ْ َ ﱡ
سليم( ) َ ْ َ
َ ِ ٍ
يوم السماء ِ ْ َ َ ِ
بالغمام( ) َ ْ َ ﱠ َ ُ تشقق
يوم َ َ ﱠ ُ
بعيدا( ) َ ْ َ وبينه َ َ ً
أمدا َ ِ ً بينھا َ َ ْ َ ُ لو َ ﱠ
أن َ ْ َ َ تود َ ْ
سو ٍء َ َ ﱡعملت ِمن ُ وما َ ِ َ ْ
َ َ
حمل
كل َذاتِ َ ْ ٍ
وتضع ُ ﱡ عما َ ْ َ َ ْ
أرضعت َ َ َ ُ مرضعة َ ﱠ
كل ُ ْ ِ َ ٍ
تذھل ُ ﱡ
ترونھا َ ْ َ ُ
يوم َ َ ْ َ َ
يديه( ) َ ْ َ الظالم َ َ
على َ َ ْ ِ ﱠ ِ ُ يعض
َ َ ﱡ
شديد( يوم الحاقة ،يوم ﷲ َ ِ ٌ عذاب ِ بسكارى َ َ ِ ﱠ
ولكن َ َ َ ھم ِ ُ َ َ وما ُ الناس ُ َ َ
سكارى َ َ وترى ﱠ َ َ ْ َ َ
حملھا َ َ َ
وبنيه وأبيه * َ َ ِ َ ِ ُ
وصاحبته َ َ ِ ِ وأمه َ َ ِ ِ من َ ِ ِ
أخيه * َ ُ ِ ّ ِ يفر ْ َ ْ ُ
المرء ِ ْ يوم َ ِ ﱡ
الصاخة ) َ ْ َ
ﱠ الطامة ،يوم القارعة ،يوم
يغنيه( ثم اعلموا أن النفس بطبيعتھا -يا أيھا األحبة- يومئذ َ ْ ٌ
شأن ُ ْ ِ ِ م َْ َ ِ ٍ
منھ ْ
امرئ ْ ُ
لكل ْ ِ ٍ
* ِ ُ ِّ
واللذات ،كسولة عن الطاعات وفعل الخيرات ،لكن في َ ْ ِ
قمعھا عن ﱠ ﱠ طموحة إلى الشھوات
المنى،
لقمعھا نال ُ َ
ْ ِ عزھا ،وفي تمكينھا مما تشتھي ذلھا وھوانھا؛ فمن ُ ِّ
وفق رغبتھا ﱡ
ونفسه ھدم وما
َ سبل الھالك والردى، ونفسه بنى ،ومن أرخى لھا العنان ْ َ ْ
ألقت به إلى ُ ُ َ
أكب على اللذات عض على اليد.
ﱠ بنى؛ فمن ھجر اللذات نال المنى ،ومن
سرمد
ِ ذل
ففي قمع أھواء النفوس اعتزازھا *** وفي نيلھا ما تشتھي ﱡ
بالردي
ﱠ ِ ترض للنفس النفيسة
َ فال تشتغل إال بما يكسب العال *** وال
ًّ
جليا وعلى ھذا فالناس مختلفون في بناء أنفسھم وتأسيسھا وتربيتھا اختالفاً ِ ّ ً
بينا
والنقم،
ِ َ والمنح ،واإلغراء والتحذير ،والنعم
َِ المحن
واضحا ،يظھر ذلك في استقبال ِ َ
ً
أسس بنيانه على تقوى من ﷲ
والترغيب والترھيب ،والفقر والغنى؛ فمنھم من ﱠ
تزعزعه شبھة ،وال تغلبه شھوة ،صامد كالطود الشامخ ،فھم
ورضوان؛ فال تضره فتنة وال ُ َ ْ ُ
وعسرا ،ثم عمل موازنة ،فوجد أن الدھر
ً ويسرا
ً الحياة نعمة ونقمة ،ومحنة ومنحة،
الحالين؛
ْ يومان؛ ذا أمن وذا خطر ،والعيش عيشان؛ ذا صفو وذا كدر ،فضبط نفسه في
خيالء عند غنى ،وال حزن عند افتقار،
آت؛ فال ُ َ
يأس على ما فات ،ولم يفرح بما ھو ٍ
َ فلم
أبدا،
رئس ،يقلق من الدنيا ،وال يقلق على الدنيا ً
رئس ،وال يتكدر إن ُ ِ
ال يبطر إن َ ِ
يستعجل الباقية على الفانية؛ فتجده راضي النفس ،مطمئن الفؤاد ،إن ھذا الصنف من
قيم كريم ،لكنه قليل قليل ،وما ضره أنه قليل وھو عزيز؛ فمثله كالشجرة
الناس صنف ِ ّ
الطيبة ،عميقة الجذور ،ثابتة األصول ،مفيدة الفروع ،ال تزعزعھا األعاصير ،وال تنال منھا
العواصف ،والسر إنه اإليمان ،الذي إذا خالطت بشاشته القلوب ثبت صاحبه ،واطمأن
يكن الخير ويجني الفوائد،
المحن ،وال تؤثر فيه الفتن؛ بل ُ ِ ﱡ
وضرب بجذوره فال تزعزعه ِ َ
شجر بثمر ،لسانه ،حال ھذا الصنف:
طرف
ٍ طرف *** مني وشفرة سيف الھند في
ٍ أنا الحسام بريق الشمس في
محن *** على طريقي ولي عزمي ولي شغفي
فال أبالي بأشواك وال ِ َ
أقف
ِ والدنا صرخت *** بي قف لسرت فلم ُأبطئ ولم
ﱡَ ماض فلو كنت وحدي
وھذه نماذج من ھذا الصنف العزيز الشامخ القليل ،جديرة بالتأمل ،أضعھا بين
أيديكم ،وھي قليل عن كثير.
ھاھو ]مجاھد[ ،جريح من جرحي ُأحد به سبعون ضربة؛ ما بين طعنة برمح ،وضربة
يبق له في ھذه الدنيا وما فيھا من أھل ومال ومتاع إال
َ بسيف ،ورمية بسھم ،لم
فيم كان يفكر ھذا الشخص؟ وما الذي كان يشغل باله؟ .اسمع ما رواه
َ لحظات.
]الحاكم[ عن ]زيد بن ثابت[ –رضي ﷲ عنه – قال" :بعثني رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه
وسلم -يوم ُ ُ
أحد لطلب ]سعد بن الربيع[ –رضي ﷲ عنه وأرضاه -في القتلى ،وقال لي:
ِْ
فأقرئه مني السالم ،وقل له :يقول رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم :-أخبرني إن رأيته
كيف تجده؟ قال زيد :فجعلت أبحث عنه في القتلى ،فأصبته وھو في آخر رمق ،به
سبعون ضربة؛ ما بين طعنة رمح ،وضربة سيف ،ورمية سھم ،فقلت له :يا سعد إن ﷲ
يقرئك السالم ،ويقول :أخبرني كيف تجده؟ قال :وعلى رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه
وسلم -السالم وعليك السالم ،قل له :إني -وﷲ -ألجد رائحة الجنة ليس ھذا موضع
الشاھد ،ولكن اسمع ماذا قال؟ وقل لقومي األنصار :ال عذر لكم عند ﷲ أن ُيخلص إلى
رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم -وفيكم عين تطرف ثم فاضت روحه -رحمه ﷲ."-
يودع الدنيا ،ما أوصى بأھل ،وما أوصى بمال، ﱠ
وعلم غيره دروس الثبات وھو ِ ّ ثبت سعد،
ھمه الرسالة ،والرسول -صلى ﷲ عليه وسلم-؛
ﱡ ھمه أعلى وأغلى وأحلى،
ﱡ كان
فرضي ﷲ عنه وأرضاه ،وجعل الجنة مأوانا ومأواه.
َ ِ َ
بعيدا عن ھذا لوجدت الخير في األمة ال يزال وسيبقى بإذن ﷲ –عز وجل-
ً ولئن انتقلت
.ھاھو ]الزھري[ –عليه رحمة ﷲ -ذلكم المحدث الكبير الذي يدخل على ]ھشام بن
عبد الملك[ ،فيقول :يقول ھشام للعلماء –وكانوا حوله :-من الذي تولى ِكبر اإلفك في
حادثة اإلفك؟ –وكان ھشام يدعي أن الذي تولى كبره ھو علي –رضي ﷲ عنه وأرضاه-
،فقال ھشام ]لسليمان بن يسار[ :من الذي تولي كبره؟ قال] :ابن ُ ّ ٍ
أبي[ ،فقال
ھشام :كذبت ،ھو علي بن أبي طالب ،فقال سليما :األمير أعلم بما يقول ،ثم قال
وكذبه ،ثم وصل الدور إلى اإلمام ،إلى] اإلمام
ﱠ لآلخر :من الذي تولى كبره؟ فأجابه
أسس بنيانه على تقوى من
الزھري[ -عليه رحمة ﷲ -ذلكم الرجل الذي نحسب أنه ﱠ
ﷲ ورضوان ،فقال له ھشام :من تولي كبره؟ قال :ابن ُ ّ
أبيٍ -عليه من ﷲ ما يستحق-
قال :كذبت ،فانتفض اإلمام الزھري ،وقال :أنا أكذب ،ال أب لك ،والذي ال إله إال ھو لو
مناد من السماء :أن الكذب حالل ،ما كذبت ،والذي ال إله إال ﱠ ھو لقد حدثني
ٍ نادى
]سعيد[ ]وعروة[ ]وعبيدة[ و]علقمة[ عن عائشة بأن الذي تولى كبره ھو عبد ﷲ ابن
سامحنا .إنه الثبات! وإنه
ِ ْ سامحنا،
ِ ْ ھيجناك -يا إمام- ُ ٍّ
أبي ،فارتعد ھشام وانتفض ،وقال :ﱠ
بناء النفس الذي ال يضره أي موقف يتعرض إليه من محنة أو منحة!
وقبل ھذا وذاك أنبياء ﷲ -صلوات ﷲ وسالمه عليھم-؛ ھاھو ]يوسف[ –عليه السالم-
في عنفوان شبابه ،وفي قمة نضجه تخرج إليه وتبرز إليه امرأة العزيز الجميلة ،بأبھى
ودعته بصريح العبارة ولم
غلقت األبوابُ ْ َ َ ، حلة ،متعطرة ،متبھرجة ،مبدية لمفاتنھا ،قد ﱠ ُ ﱠ
مثواي( ولم تقتصر الفتنة ربي َ ْ َ َ
أحسن َ ْ َ َ إنه َ ِ ّ اذ ِ
ﷲ ِﱠ ُ مع َ
قال َ َ ھيت َ َ
لك( أقبل ) َ َ تكن ،فقالتَ ْ َ ) :
ُ ِّ
علية القوم؛ حين ُ ِ ْ َ
أعجبن بيوسف -عليه سعيرا حين شملت نساء ِ ْ َ ً عند ذلك؛ بل ازدادت
يردنه أن يعمل بھن الفاحشة ،وتبلغ
يطاردنهْ ُ ،
َْ وفتن برجولته وجماله؛ فأخذن
السالم ِ ُ -ﱠ
آمره َ ُ ْ َ َ ﱠ
ليسجنن يفعل َما ُ ُ ُ
لم َ ْ َ ْ
ولئن ْ األمور ذروتھا يوم تأتي امرأة العزيز تھدده ،وتقولِ َ َ ) :
وإال ﱠ َ ْ ِ ْ
تصرف يدعونني ِ َ ْ ِ
إليه َ ِ مما َ ْ ُ َ ِ
إلي ِ ﱠ السجن َ َ ﱡ
أحب ِ َ ﱠ ِّ ْ ُ ربِ الصاغرين( ماذا رد ) َ َ
قال َ ّ ﱠ ِ ِ َ َََ ُ
وليكونن من
من ْ َ ِ ِ
الجاھلي َ
ن( إنه ثبات أنبياء ﷲ أمام الشھوات وأمام إليھن َ َ ُ
وأكن َ كيدھن َ ْ ُ
أصب ِ َ ْ ِ ﱠ عني َ ْ َ ُ ﱠ
َ ِّ
التھديدات ،عليھم صلوات ﷲ وسالمه ،وھم األسوة والقدوة ،إنه الثبات بكل معانيه،
َ
صدقه من علم والثبات بكل مبانيه أمام الشھوات وأمام الشبھات ،والذي ال ﱠ
يوفق له إال َ ْ
رب األرض والسماوات.
ﱡ
ولقد تعرض البناة ألنفسھم في كل العصور لمواقف فنجحوا فيھا بفضل ﷲ .أحدھم
ألوانا شتى
ً فيشرق بھا المنافقون والظالمون ،ويذيقونه في سبيلھا
ْ َ يصدع بكلمة الحق
من التعذيب في السجن ال تضاھيھا إال ﱠ ألوان التعذيب في محاكم التفتيش في القرون
الوسطى ،كانوا يسلطون عليه الكالب بعد تجويعھا ،فتطارده الساعات ،ثم تنقض على
نھشا إذا توقف عن الجري وھو صابر ثابت ،معتصم با ،9لن يرده ذلك عن
ً لحمة تنھشه
ھدفه ،ولم يصده عن بغيته وغايته ،فأغاظھم ذلك فماذا يفعلون؟ حكموا عليه بالقتل،
استرحم ذلك الظالم ليخفف عنك
ِ ْ وتلك –وﷲ -فتنة أيما فتنة ،ثم جاءه اإلغراء أن
الحكم ،فقال- :في إباء واستعالء :-لئن كنت حوكمت بحقٍ فأنا أرتضي الحق ،وإن كنت
حوكمت في باطل؛ فأنا أعلى من أن أسترحم الباطل ،إن يدي التي تشھد 9
بالوحدانية كل يوم مرات لترفض أن تقر حكم ظالم ً ّ
أيا كان ذلك الظالم ثم يقاد إلى
حتفه ،ولسان حاله:
ِ
ﷲ أسعدني بظل عقيدتي *** أفيستطيع الخلق أن يشقوني
ال تظنوا -يا أيھا األحبة -أن البناء في الرجال –فقط -إنه كذلك في النساء واألطفال؛
ھاھو أحد المحدثين >بخراسان< ،واسمه ]محمد بن عاصم[ –عليه رحمة ﷲ – له
ُبنيات صغار ،ال ولد ذكر يقوم عليھن ،انتقل إلى بغداد يوم سمع محنة ]اإلمام أحمد[
فتحت في ذلك البلد ،ترك بنياته بخراسان ،وسمع في
ليحدث الناس ،ويسد ثغرة قد ُ ِ َ
وعذب وأوذي في ﷲ
سجن ُ ِّ
بغداد بتلك المحنة ،فانطلق إلى اإلمام أحمد ،وقد علم أن ُ
يوما من األيام في حلقته :-أال نقوم فنقول
–عز وجل ،-فقال ألصحابه – وھو يحدث ً
كلمة الحق؟ وقام ليقولھا ،وتذكر بنياته الالتي تركھن في خراسان ،وعلم أن رجال ً يقوم
ليقول كلمة في ذلك المقام ما عاقبته إال الموت ،وھو في ھذا الصراع مع نفسه يأتيه
بنياته يقلن له :يا أبانا إنا قد سمعنا أن الرجل قد دعا الناس إلى القول بخلق
كتاب من ﱠ
أحب إلينا
ﱡ نعيك
القرآن ،وإنا نأمرك بأن ال تجيب؛ فوالذي ال إله إال ھو -يا أبانا -ألن يأتينا ْ ُ
من أن نسمع أنك قلت بخلق القرآن .ﷲ أكبر ،إنه البناء في أوساط النساء ،في أوساط
في َ َ ّ
أمسِ الحاجة إلى بناء أنفسنا لتثبت في الحالين.
خامسا :ألننا نريد أن نبني غيرنا ،ومن عجز عن بناء نفسه فھو أعجز وأقل من أن يبني
ً
غيره ،وفاقد الشيء ال يعطيه -كما قيل-؛ لذلك كله كان البد من الوقوف على بعض
مؤسسا على تقوى من ﷲ ورضوان؛ فھا ھي بين
ﱠ ً بناء
ً العوامل المھمة في بناء النفس
أيديكم -اآلن -بعض العوامل غير مرتبة ،فما كان من صواب فمن ﷲ ،وما كان من خطأ
فمن نفسي ومن الشيطان .اللھم ال سھل إال ما جعلته سھال ً وأنت تجعل الحزن إذا
شئت سھال ً
من عوامل بناء النفس :التقرب إلى ﷲ -عز وجل وعال -بما يحب من األقوال واألعمال
المتقربون إلى ﷲ الفرائض التي فرضھا ﷲ -جل
ِّ الظاھرة والباطنة ،وخير ما تقرب به
وعال ،-وعلى رأس ھذه الفرائض توحيد ﷲ -جال وعال -وإفراده بالعبادة وحده ال شريك
عظيما لمن أراد أن يرتقي إلى مراتب عالية عند
ً واسعا
ً له ،ثم إن في النوافل لمجاال ً
ﷲ -تبارك وتعالى ،-وفضل ﷲ واسع يؤتيه من يشاء .يقول -صلى ﷲ عليه وسلم ،فيما
إلي مما افترضته
ﱠ إلي عبدي بشيء أحب
ﱠ يرويه عن ربه ،كما في البخاري" :-وما تقرب
إلي بالنوافل حتى أحبه؛ فإذا أحببته ،كنت سمعه الذي
ﱠ عليه ،وال يزال عبدي يتقرب
يسمع به ،وبصره الذي يبصر به ،ويده التي يبطش بھا ،ورجله التي يمشي بھا ،ولئن
ﱠ ألعطينه ،ولئن استعاذني ً
ألعيذنه" ومن فضل ﷲ –جل وعال -علينا أن جاء ھذا ﱠ سألني
الدين بعبادات شتى تمأل حياة المسلم في كل الظروف واألحوال؛ بالليل والنھار،
بالقلب والبدن؛ فھناك السنن القولية ،والسنن الفعلية والقلبية التي يعتبر أداؤھا من
أھم عوامل بناء النفس؛ من قيام ليل ،وصيام تطوع ،وصدقة ،وقراءة قرآن ،وذكر 9آناء
ِّ
وتوثق ُعرى تقوي الصلة بين العبد وبين ربه،
ِّ الليل وأطراف النار .الشك أن ھذه العبادات
اإليمان في القلب؛ فتنبني النفس وتزكو بھا ،وتأخذ من كل نوع من العبادات
تكل وال َ ْ َ ُ
تسأم .لكن علينا أن ننتبه في ھذه القضية إلى المتعددة بنصيب؛ فال َ َ ﱡ
أمور:
أوال ً :الحذر من تحول العبادة إلى عادة؛ ألن البعض ْ َ
يألف بعض العبادات حتى يفقد
ولذتھا؛ فلذلك تراه ال يستشعر أجرھا ،فتصبح العبادة حركة آلية ال أثر لھا في
حالوتھا ﱠ
مت أو قول أو عمل أو بناء.
س ْ ٍ
َ
ثانيا :عدم االھتمام بالنوافل على حساب الفرائض؛ ألن البعض ُيخطئ ،فيھتم باألدنى
ً
دني-؛ فيقوم الليل -مثال ً -ثم ينام عن صالة
ﱞ على حساب األعلى –وما في العبادات
الفجر ،فليكن لك من كل عبادة نصيب ،وعلى حسب األھمية؛ كالنحلة تجمع الرحيق
ً
سائغا لآلكلين. شھيا
ً ًّ
مصفى من كل الزھور ،ثم تخرجه عسال ً
مقدم وال شك.
ﱠ ثالثاً :إذا تعارض واجب ومستحب؛ فالواجب
ً
رابعا :التركيز على أعمال القلوب ،وتقديمھا على أعمال الجوارح؛ فالقلوب ھي محل
التدبر ،ومحل العلم ،والقلب مع الجوارح –كما تعلمون -كالملك مع الجنود
ﱡ الفكر ،ومحل
"أال وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ،وإذا فسدت فسد الجسد كله؛
أال وھي القلب" من عوامل بناء النفس المجاھدة ،كل فكرة ال يصحبھا مجاھدة فھي
فينا
جاھدوا ِ َ
والذين َ َ ُ
في طريقھا إلى االضمحالل والذوبان والزوال ،يقول ﷲ -جل وعالَ ِ َ ):-
نھدينھم ُ ُ َ َ
سبلنا( لَ َ ْ ِ َ ﱠ ُ ْ
ينفطم
ِ والنفس كالطفل إن تھمله شب على *** حب الرضاع وإن تفطمه
فاتھم
ِ محضاك النصح
فجاھد النفس والشيطان واعصھما *** وإن ھما ﱠ
إن استشعار المؤمن أن الجنة محفوفة بالمكاره يتطلب منه طاقة عالية متمثلة في
حفت
ھمة عالية تتناسب مع ذلك المطلب العالي؛ للتغلب على تلك المكاره التي ﱠ
ِ ﱠ
بذلك المطلب العالي ،أال وھو الجنة .نسأل ﷲ من فضله .مع تنقية تلك الھمم من كل
بالھمم ال بالصور وﷲ ال
ِ َ شائبة تدفع لوجه غير وجه ﷲ –عز وجل ،-وإنما تفاوت الناس
ينظر إلى صوركم ،ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ھاھو ]ثابت البناني[ –عليه رحمة
ﷲ -يقول :تعذبت بالصالة عشرين سنة ،ثم تنعمت بھا عشرين سنة أخرى ،وﷲ إني
ھم خروجي منھا .ال شك وﷲ أن ھذا نتيجة مجاھدة وصل
ﱠ ألدخل في الصالة فأحمل
بھا إلى الھداية من ﷲ –جل وعال .-ويقال ]لإلمام أحمد[ :يا إمام متى الراحة؟ فيقول –
وھو يدعو إلى المجاھدة :-الراحة عند أول قدم تضعھا في الجنة ِ .إي وﷲ إنھا الراحة
يستعذب كل صعب في سبيل الوصول إليھا .وأعظم المجاھدة –يا أيھا
َ األبدية التي ُ
األحبة -مجاھدة النيات "فإنما األعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى " والعمل بغير نية
من
عملُوا ِ ْ وقدمنا ِ َ
إلى َما َ ِ عناء ،والنية بغير إخالص رياء ،واإلخالص من غير صدق ھباء ) َ َ ِ ْ َ
منثورا( يأتي أناس يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تھامة يجعلھا
ھباء ُ ً عمل َ َ َ ْ َ ُ
فجعلناه َ َ ً َ َ ٍ
منثورا مع أنھم كانوا يصلون مع المصليين ،ويصومون مع الصائمين ،ولھم من
ً ھباء
ً ﷲ
الليل مثل ما للمصليين وما للمخلصين ،لكنھم إذا َ ْ
خلوا بمحارم ﷲ انتھكوھا؛ أمام
فالنية النية.
َ كثيرا مما يعلمون؛
ً نساك ،لكن إذا َ ْ
خلو ظنوا أن ﷲ ال يعلم زھاد ُ ﱠ
عباد ُ ﱠ
الناس ُ ﱠ
ھاھو –صلى ﷲ عليه وسلم -يتجه إلى >تبوك< من >المدينة< بجيش قوامه ثالثون
ألفا في صحاري يبيد فيھا البيد ،ويضيع فيھا الذكي والبليد ،وقت عسرة ووقت شدة،
ً
حر ودنوّ ثمار المدينة ،ومشقة عظيمة في سفرھم بلغت فوق ما يتكلم المتكلمون،
ﱞ
ظننا أن رقابنا
ﱠ حتى إن عمر –رضي ﷲ عنه -ليقول :لقد أصابنا عطش شديد حتى
ستتقطع من شدة العطش ،حتى إن الرجل لينزل عن بعيره ،فينحره فيعتصر فرثه ثم
يشربه الحال ھذا بعضه .وعندما قفلوا راجعين منصورين ،يقول النبي –صلى ﷲ عليه
مسيرا ،وال قطعتم
ً أقواما ما سرتم
ً وسلم -بعد ھذا التعب العظيم قال" :إن بالمدينة
ً
موطئا يغيظ الكفار إال كانوا معكم ،حبسھم العذر قالوا :يا رسول ﷲ – واديا ،وال وطئتم
ً
صلى ﷲ عليه وسلم -وھم بالمدينة؟! قال :نعم ،وھم بالمدينة" إنھم –والشك -أقوام
زاد
نياتھم .جاءوا إلى رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم -يقولون :يا رسول ﷲ ٌ حسنوا ﱠ
ﱠ
تولوا َ َ ْ ُ ُ ُ ْ
وأعينھم وراحلة ،ال نملك ذلك ،فيقول –صلى ﷲ عليه وسلم " :-ال زاد وال راحلة" ) َ َ ﱠ ْ
ينفقون( فبحسن النية بلغوا ما بلغ أولئك الذين حزنا َأال ﱠ َ ِ ُ
يجدوا َما ُ ْ ِ ُ َ الدمعِ َ َ ً
من ﱠ ْ
تفيض ِ َ
َ ِ ُ
انو الخير؛ فإنك ال
موصيا ابنه :يا بني ِ
ً سمعتم ما حصل لھم ،ولذلك يقول اإلمام أحمد
تزال بخير ما نويت الخير فالنية النية ،واإلخالص اإلخالص؛ فھي من أھم عوامل بناء
النفس وتزكيتھا ،وكل ما ال يراد به وجه ﷲ يضمحل.
ثم اعلم -يا أخي الحبيب -أن لإلخالص عالمات .اعرض أعمالك عليھا ،واختبر
نفسك ،وجاھدھا وھي على سبيل المثال ال الحصر،
الھم
ﱠ ذام؛ ألنه جعل
ٍّ أوال ً :استواء المدح والذم؛ فالمخلص ال يتأثر بمدح مادح ،وال ذم
واحدا ،وھو إرضاء ﷲ رب العالمين وكفى ،ولذا ُيمدح أحد األئمة في وجھه،ً ھماًّ
فيغضب ،ويقول :أشھد ﷲ أني أمقتك على ما تقول ،والذي ال إله إال ﱠ ھو لو علمت من
لحثوت على رأسي التراب.
َْ َ نفسي ما أعلم
واحدا؛ ،ھل تقبل ھذا العمل أم لم
ً ھما
ً ثانيا :نسيان العمل بعد عمله ،ويبقى الھم
ً
من ْ ُ ﱠ ِ َ
المتقين( ﷲ ِ َيتقبل ُ
إنما َ َ َ ﱠ ُ
يتقبل؟ و) ِ ﱠ َ
ثالثاً :الحب في ﷲً .
حبا يزيد بالبر لكنه ال ينقص بالجفاء ،وإنھا لكبيرة إال على الذين
ھدى ﷲ.
السمعة والرياء؛ فمن
ﱡ ْ َ ً
خوفا من دواعي ً
رابعا :إخفاء ما يمكن إخفاؤه من الطاعات؛
استطاع منكم أن يكون له خبيئة من عمل صالح فليفعل.
لقد كان الرجل من أسالفنا يجمع القرآن ويحفظه وما يشعر به جاره ،ويفقه الفقه الكثير
وما يشعر به الناس حتى ُيسأل ويصلي الصالة الطويلة والضيف في بيته وال يشعرون؛
بل إن أحدھم ليدخل مع زوجته في فراشھا ثم يخادعھا كما تخادع المرأة صبيھا ،فإذا
ربھم َ ْ ً
خوفا يدعون َ ﱠ ُ ْ عن ْ َ َ ِ
المضاجعِ َ ْ ُ َ جنوبھم َ ِ
تتجافى ُ ُ ُ ُ ْ سل نفسه ،ثم قام ليله كلهَ َ َ َ ) . ﱠ نامت
أعين لھم من ُ ﱠ ِ َ نفس ما ُ ْ ِ َ
أخفي َ ُ ينفقون( ما جزاؤھم؟ ) َفال َ َ ْ َ ُ ومما َ َ ْ َ ُ ْ َ َ َ ً
قرة ْ ُ ٍ تعلم َ ْ ٌ رزقناھم ُ ِ ُ َ وطمعا َ ِ ﱠ
أقواما ما كان على ظھر األرض من
ً ُون( يقول أحد السلف :لقد أدركنا
يعمل َ بما َ ُ
كانوا َ ْ َ جزاء ِ َ
َ َ ً
أبدا ،يجلس الرجل منھم في
عمل يقدرون على أن يعملوه في السر؛ فيكون عالنية ً
العبرة لتخرج فيردھا؛ فإذا خشي
المجلس المعمور بذكر ﷲ ،فتأخذه الخشية ،فتأتيه َ َ
يوما ،ويفطر ً
خوفا من دواعي السمعة والرياء .يصوم أحدھم ً خروجھا خرج من مجلسه
حماال ً -يعمل حماال ً -يحمل غداءه معه في
ﱠ يوما لمدة أربعين سنة ال يعلم أھله به ،كان
ً
الصباح ،فيتصدق به في الطريق على أحد المساكين ،ويرجع في المساء ليتعشى مع
أھله؛ فذاك إفطاره وھو عشاؤھم .بل إن ]ابن المبارك[ -عليه رحمة ﷲ -كان يجاھد
ً
خوفا على نيته أن يشوبھا في سبيل ﷲ ،وكان يضع اللثام على وجھه لئال ُيعرف
يوما من الدھر على وجه األرض .إي وﷲ ..اللھم
شائب من الشوائب .ھل عاش أولئك ً
أنا نحبھم ،اللھم احشرنا وإياھم في زمرة الصالحين .إيمانھم با 9ال
إنا نشھدك ﱠ
يتزعزع ،وضميرھم في ﷲ ال يتزلزل.
مذلل ﱡ
استقلوا فيه كل ُ ِ ّ قد أرخصوا في ﷲ كل عزيزة *** ثم
مجمل
ِّ ِ منمق *** زيف اللسان وال كالم
ليست مبادئھم حديث ُ ِ ّ
متمثل
ِّ صارت مبادئھم وصارت خلفھا *** أفعالھم في موكب
الدبل
حملوا القلوب على السيوف وأمعنوا ***في حملھن على الرماح ﱡ ﱠ
الموت للجبناء منحدر وللھمم الصعود شتان ما بين الثعالب في المعامع واألسود
من عوامل بناء النفس محاسبتھا محاسبة دقيقة؛ فالنفس بطبيعتھا تميل إلى
الشھوات ،إلى اللذات ،إلى الھوى؛ فالبد لھا من محاسبة ،والكل ال يشك أننا إلى ﷲ
راجعون ،محاسبون على الصغير والكبير والنقير والقطمير .األعمال محصاة في سجالت
ﷲ عملُوا َ ْ َ ُ
أحصاه ُ بما َ ِ جميعا َ ُ َ ِ ّ ُ ُ ْ
فينبئھم ِ َ ﷲ َ ِ ً يبعثھم ُ
يوم َ ْ َ ُ ُ ُ
محكمة ال تغادر صغيرة وال كبيرة ) َ ْ َ
حبة
مثقال َ ﱠ ٍ وإن َ َ
كان ِ ْ َ َ نفس َ ْ ً
شيئا َ ِ القيامة َفال َ ُ ْ َ ُ
تظلم َ ْ القسطَ ِ َ ْ ِ
ليوم ْ ِ َ َ ِ الموازين ْ ِ ْ
ونضع ْ َ َ ِ َ
ونسوه( ) َ َ َ ُ
ََ ُ ُ
ُون(
يعمل َ عما َ ُ
كانوا َ ْ َ لنسألنھم َ ْ َ ِ َ
أجمعين * َ ﱠ فوربك َ َ ْ َ َ ﱠ ُ ْ
حاسبين( ) َ َ َ ِ ّ َ
بنا َ ِ ِ َ بھا َ َ َ
وكفى ِ َ خردل َ َ ْ َ
أتينا ِ َ من َ ْ َ ٍ
ْ
ما دمنا نعلم ذلك ،فمن العقل أن نحاسب أنفسنا في الرخاء قبل الشدة؛ ليعود أمرنا
ﱠ
وزالتھا ،ومواطن الضعف فيھا، إلى الرضا والغبطة؛ ألن من حاسب نفسه علم عيوبھا
فبدأ بعالجھا ووصف الدواء لھا ،فينمي ذلك في النفس الشعور بالمسئولية ووزن
األعمال والتصرفات بميزان دقيق ،أال وھو ميزان الشرع .لقد عرف السلف الصالح أھمية
ذلك ،فحققوھا في أنفسھم ،ھاھو أحدھم – كما أورد ]ابن أبي الدنيا[ بسنده -جلس
ﱠ
وقلب وفكر وقدر؛ فإذا عمره ستون محاسبا في آخر عمره ،نظر
ً مع نفسه ذات يوم
عاما ،حسب أيامھا فإذا ھي تربو على واحد وعشرين ألف يوم وخمسمائة ،فصرخ
ً
وقال :يا ويلتاه ،أألقى ﷲ بواحد وعشرين ألف ذنب وخمسمائة ،ھذا إن كان ذنب واحد؛
مغشيا عليه .فالمحاسبة ِّ
تروض النفس ً خر
فكيف وفي كل يوم عشرة آالف ذنب؟ ثم ﱠ
وتلزم خشية ﷲ .فحاسبوا أنفسكم ِّ
وتولد الحياء من ﷲُ ، وتھذبھا ،وتزيد العمل الصالح،
وزنوھا قبل أن توزنوا؛ فإنه أھون في الحساب غداً أن تحاسبوا
تحاسبواِ ،
َ قبل أن ُ
خافية(
منكم َ ِ َ ٌ تعرضون ال َ َ ْ َ
تخفى ِ ُ ْ يومئذ ُ ْ َ ُ َ
وتزينوا للعرض األكبر ) َ ْ َ ِ ٍ
أنفسكم اليوم َ َ ،ﱠ
ومما يعين على معرفة عيوب النفس أمور :مالزمة العلماء الصادقين المخلصين
ويخوفونك حتى
ِّ العاملين الناصحين ،وكذلك مالزمة األخوة الصالحين الذين يذكرونك ﷲ
تغسل
ِّ آمنا .والمؤمن للمؤمن –كما تعلمون -كاليدين؛
تلقى ﷲ –سبحانه وتعالىً -
أحيانا إال ﱠ بنوع من الخشونة .لكن ذلك يوجب من
ً إحداھما األخرى ،وقد ال ُيقلع الوسخ
النظافة والنعومة بعد ذلك ما يحمد به ذلك التخشين؛ فاصبر على مرارة التخشين
بتعريفك بعيوبك من إخوانك ،لتحمد ذلك ولو بعد حين .ومما يعين على معرفة العيوب،
وتجرد عرف عيوبھا ،فإن
ﱡ التأمل في النفس بإنصاف وتجرد؛ فمن تأمل في نفسه بإنصاف
صالحا ولم تتأمل في نفسك بإنصاف ،وإن شاء ﷲ ال
ً قرينا
ً عالما ،وإن عدمت
ً عدمت
يعدم ھؤالء؛ فابحث على عيوبك عند أعدائك ،واستفد منھم؛ فالحكمة ضالتك.
وعين الرضا عن كل عين كليلة *** ولكن عين السخط تبدي المساويا
وتمنى
ﱠ والكيس من دان نفسه ،وعمل لما بعد الموت ،والعاجز من أتبع نفسه ھواھا،
ِّ
على ﷲ األماني
ومن أھم عوامل بناء النفس :طلب العلم المقرب إلى ﷲ -جل وعال -والعمل
اثنين؛ ألن
ْ لسببين
ْ به ،والدعوة إليه ،والصبر على األذى في تبليغه ،أقول ھذا
غالبا،
ً العبادة بال علم توقع في البدع ،وما وقع المبتدعة فيما وقعوا فيه إال عن جھل
وألن العلم مادة الدعوة إلى ﷲ –جل وعال ،-ودعوة إلى ﷲ بال علم قد تضر وال تنفع،
وقد يصاحبھا االنحراف والضالل.
وما الداعية بال علم إال كواقف على شاطئ البحر ينتظر وينظر؛ فإذا األمواج تتقاذف
ويسرة ،تطفو بھا تارة ،وتغوص بھا أخرى ،فيشفق عليھا مما
يمنة َ ْ َ
سمكة من األسماك َ ْ َ
ظنا منه أنه أنقذھا ،وما علم أنه أھلكھا،
ھي فيه ،فيأخذھا ،ثم يرميھا على الشاطئ ً
ً
سبال ،وكم من مريد للخير يجھل العلم ال يدركه ،فيا طالب العلم ،العلم ھام وإن للخير
النقطتين،
ْ لھاتين
ْ
وميزات ﱠ
قلما تجد ألي شخص من األشخاص في ھذه ْ ولك خصال عند ﷲ
حافزا
ً وعھا وقف عندھا ﱠ
علھا تكون لك الحياة ،اسمعھا ِ
ً
طريقا إلى الجنة" فأنت تسلك سھل ﷲ له به
ﱠ علما
ً ً
طريقا يلتمس فيه أوال ً" :من سلك
طريق الجنة وال شك ،قال ذلك الصادق المصدوق صلى ﷲ عليه وسلم .
ثانياً :المالئكة تضع أجنحتھا لطالب العلم ً
رضا بما يصنع.
ثالثاً :أھل السماوات واألرض -حتى الحيتان في جوف البحر -يصلون على معلم الناس
الخير.
ً
رابعا :الخيرية لك "خيركم من تعلم القرآن وعلمه".
خامسا :النضارة والوضاءة في الدنيا واآلخرة ،تجد وجوه طلبة العلم المخلصين ،عليھا
ً
وجوه( يقول النبي -صلى
وتسود ُ ُ ٌ
وجوه َ َ ْ َ ﱡ
تبيض ُ ُ ٌ
يوم َ ْ َ ﱡ
النور وعليھا الوضاءة في الدنيا وتبيض ) َ ْ َ
فرب مبلغ
ﱠ ﷲ عليه وسلم " :-نضر ﷲ امرئ سمع مقالتي فوعاھا ،فأداھا كما سمعھا؛
أوعى من سامع".
سادسا :التعديل والتزكية ال من البشر القاصرين المخطئين ،ولكن من رسول ﷲ -
ً
صلى ﷲ عليه وسلم -يحمل ھذا العلم من كل خلف عدوله ،ينفون عنه تحريف
الغالين ،وانتحال المبطلين ،وتأويل الجاھلين.
العلم أحلى وأغلى ما له استمعت أذن وأعرب عنه ناطق بفم.
العلم أشرف مطلوب وطالبه *** 9أكرم من يمشي على قدم
واآلداب فالتزم
َ فقدس العلم واعرف قدر حرمته *** في القول والفعل
ِّ
يا طالب العلم ال تبغِ به بدال ً *** فقد ظفرت ورب ﱠ
اللوح والقلم
ينم
ِ واجھد بعزم قوي ال انثناء له *** لو يعلم المرء قدر العلم لم
يقم
ِ والنية تجعل لوجه ﷲ خالصة *** إن البناء بدون األصل لم
روى ]الخطيب البغدادي[ في كتاب شرف أصحاب الحديث أن أصحاب الحديث كانوا
يھجمون على ]اإلمام األعمش[ -عليه رحمة ﷲ] -أبي محمد سليمان ابن مھران[؛ ألنه
إمام ثقة ،والرواية عنه شرف ،فكانوا يتھافتون عليه ،فأراد أن يؤدبھم وأن يختبرھم ليرى
ھل ھم صادقون أم ليسوا بصادقين؟ فاشترى كلب صيد ،أول ما يسمع قرع األقدام
اقترب من البيت أطلق عليھم ،فيطردھم حتى يخرجوا خارج الحدود ،ثم يرجع ،وفي
اليوم الثاني ھل يئس أولئك الطالب –طالب العلم-؟ ال؛ بل عاودوا مرة أخرى إلى بيت
ووجل ،ولما قربوا أطلق عليھم الكلب مرة أخرى
حذر ،على خوف َ َ
األعمش ،وھم على َ َ
حتى خرجوا خارج الحدود ،ثم عاد .وفي اليوم الثالث يأتون ،ما يئسوا وما فتروا وما قالوا:
ال خير في ھذا اإلمام ،وإنما علموا قدر ما عند ھذا اإلمام وقدره ،فصبروا على كل شيء
في سبيل أن يحصلوا على حديث واحد من رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم .-وجاءوا
ووجل يتوجسون أن يرسل عليھم الكلب ،ووصلوا
في اليوم الثالث ،وتقدموا على خوف َ َ
ولما دخلوا بكى،
ﱠ إلى البيت فلم يخرج عليھم شيء ،فاستأذنوا على اإلمام ،فأذن لھم،
قالوا :ما يبكيك يا إمام؟ قال :قد مات الذي كان يأمر بالمعروف وينھي عن المنكر –يعني
الكلب.-
وأجرا ال
ً علما
ً فإذا حضرت مجلس علم -يا طالب العلم -فال يكن حضورك إال مستزيدا
مستغن بما عنده ،وال حضور طالب عثرة تشنعھا ،أو غريبة تشيعھا؛ فھده فعال
ٍ حضور
أبدا؛ فإذا حضرت على ھذه النية فقد حصلت
األراذل الذين ال يفلحون في طلب العلم ً
خيرا على كل حال؛ فإن لم تحضر وھذه النية معك فجلوسك في منزلك أروح لبدنك،
ً
وأكرم لخلقك ،وأسلم لدينك؛ فإذا حضرت مجلس العلم فإما أن تسكت سكوت الجھال؛
فتحصل على أجر النية في المشاھدة ،وعلى الثناء عليك بقلة الفضول ،وعلى كرم
المجالسة ومودة من تجالس؛ فإن لم تفعل فاسأل سؤال المتعلم؛ فما صفة ھذا
سخف،
السؤال؟ أن تسأل عما ال تدري ،ال تسأل عما تدري؛ فإن السؤال عما تعلمه ُ
وقلة عقل ،وقطع لزمانك ولزمان غيرك بما ال فائدة فيه ،وربما أدى إلى اكتساب
كنتم ال َ َ ْ َ ُ َ
تعلمون( فإذا سألت وأجابك فاسأَلُوا َ ْ َ
أھل ِّ ْ ِ
الذكر ِإن ُ ْ ُ العداوات ،وھو عين الفضول ) َ ْ
بما فيه كفاية لك ،فاقطع الكالم؛ فإن لم يجبك بما فيه الكفاية فاستزده؛ فإن لم تفھم
فقل :لم أفھم واستزده؛ فإن لم يزدك أو سكت أو عاد عليك الكالم األول بال مزيد
فأمسك عنه ،وإال حصلت على العداوة ،ولم تحصل على ما تريد من الزيادة ،وإياك
علما؛ فإن ذلك دليل على
ً والمكابر الذي يطلب الغلبة ،ويبين أن عنده
ُ ِ العنت
وسؤال َ ِ
سوء الخلق ،وعلى قلة الدين ،وعلى كثرة الفضول ،وضعف العقل والسخف "وإنما أھلك
من كان قبلكم كثرت مسائلتھم واختالفھم على أنبيائھم".
ثم اعلم -أخي طالب العلم -أن الوقوف على بعض أخبار طلبة العلم والعلماء
من خير الوسائل التي تغرس الفضائل في النفوس ،وتدفع النفس الضعيفة إلى
تحمل الشدائد والمكاره في سبيل الغايات النبيلة والمقاصد الجليلة ،وتبعث فيھا روح
ﱡ
التأسي بذوي التضحيات في سبيل العلم لتسمو إلى أعلى الدرجات .في أخبارھم
العلية في
ﱠ جاھدا للوصول إلى المقامات
ً إثارة قوية لمشاعر طالب العلم الذي يسعى
العلوم الشرعية .جاء في ترتيب المدارج :أن ]ابن القاسم[ -عليه رحمة ﷲ -تزوج ابنة
وخيرھا
ﱠ ً
شغوفا بطلب العلم ،فقرر أن يرتحل لطلب العلم، عمه ،وحملت منه ،وقد كان
عند سفره بين البقاء أو الطالق ،فاختارت البقاء معه ،فسافر حتى أتى >المدينة<،
وترك زوجه حامال ً في بالده .فاسمع ما يقول؛ يقول :كنت آتي كل يوم ]اإلمام مالك[ –
مسألتين أو
ْ عليه رحمة ﷲ -في ظلمة الليل ،في آخر الليل ،في غلس ،فأسأله عن
انشراحا للصدر ،فكنت أستغل ذلك
ً ثالث أو أربع ،وكنت أجد منه في ذلك الوقت
يوما ،فتوسدت مرة عتبة بابه ،فغلبتني عيناني،
االنشراح ،فآتيه كل سحر ،قال :فجئت ً
فنمت ،وخرج اإلمام مالك إلى المسجد ،ولم أشعر به .قال :فخرجت جارية سوداء له،
ِ ْ ُ
فركزتني برجلھا ،وقالت :إن اإلمام قد خرج إلى المسجد ،ليس يغفل كما تغفل أنت .إن
تسعا وأربعين سنة ﱠ
قلما صلى الصبح إال بوضوء العتمة ،يصلي الصبح بوضوء ً له اليوم
العشاء لمدة تسع وأربعين سنة! يقول ]ابن القاسم[ :فأنخت بباب مالك سبع عشرة
ً
شيئا ،وإنما أطلب العلم .قال :وبينما سنة أطلب العلم ،وﷲ ما بعت فيھا وال اشتريت
أنا عنده إذ أقبل حجاج >مصر< –بلده -فإذا شاب ملثم دخل علينا ،فسلم على مالك،
إلي ،قال :فأقبل علي يقبل عيني ويدي وجدت منه
ﱠ وقال :أفيكم ابن القاسم؟ فأشير
ريحا طيبة؛ فإذا ھي رائحة الولد ،وإذا ھو ابني الذي ذھبت ،وھو في بطن أمه قد أصبح
ً
فتحا ال
ً وأعطوا العلم كل شيء ،ففتح ﷲ عليھم
ْ يافعا فيا .9تركوا كل شيء،
ً شابا
ً
أقل وﷲ .لكن لنقول:
ﱡ َْ
أعطوا؛ فنحن يخطر بالبال ،وال يدور بالخيال .ال نقول :أعطُوا ما
ً
شيئا ،نسأل ﷲ أن ييسر لنا العلم النافع والعمل لنعط العلم بعض شيء ﱠ
علنا نكون ِ
الصالح ،ھو ولي ذلك والقادر عليه.
حكى ]الخطيب التبريزي[ اللغوي :أن ]أبا حسن الغالي[ األديب كانت له نسخة من
كتاب الجمھرة ]البن دريد[ كانت في غاية الجودة ،فدعته الحاجة ذات يوم لبيعھا ،فكتب
أبياتا في آخرھا يعبر عن معاناته في بيع أعز ما لديه وھو الكتاب ،لكنھا الحاجة -ونسأل
ً
ﷲ أن يغنينا عمن أغناه عنا -عرضھا للبيع فاشتراھا منه ]أبو القاسم[ المذكور قبل
دينارا ،ثم قام بتصفحھا ،فوجد فيھا تلك األبيات بخط بائعھا
ً قليل ،اشتراھا منه بستين
يقول فيھا:
أنست بھا عشرين حوال ً وبعتھا *** لقد طال وجدي بعدھا وحنيني
وما كان ظني أنني سأبيعھا *** ولو خلدتني في السجون ديوني
تستھل شجوني
ﱡ ولكن لضعف وافتقار وصبية *** صغار عليھم
مكويِ الفؤاد حزين
ّ فقلت ولم أملك سوابق عبرتي *** مقالة
ربٍ ِبھن ظنين
وقد تخرج الحاجات يا أم مالك *** كرائم من ّ
فقرأھا وتأثر أبو القاسم ،وفاضت عيناه ،وذھب وأرجع النسخة له ،وترك له الدنانير،
فرحم ﷲ الجميع.
وفي البداية يقول ]ابن كثير[ :لقد كان ]البخاري[ يستيقظ في الليلة الواحدة من نومه،
فيوقد السراج ،ثم يكتب الفائدة تمر بخاطره ،ثم يطفئ السراج لينام ،ثم يقوم أخرى
وأخرى ،كان يتعدد ذلك منه في الليلة الواحدة أكثر من عشرين مرة .بل إن ]اإلمام
الشافعي[ تذكر عنه ابنته تقول :إنه في ليلة واحدة أطفأ وأضاء السراج ستين مرة؛ فما
نامه ھؤالء من ليلھم ،رحمھم ﷲ؟ قد كانت الشدائد في سبيل تحصيل العلم
الذي َ َ ُ
وألذ وأحلى من جنى النحل في الفم؛ ألنھم يعرفون قدر ما يأخذون.
ﱠ عندھم أشھى
يقول ]عمرو بن حفص[ األشقر ،يقول :إنھم فقدوا ]البخاري[ –عليه رحمة ﷲ -صاحب
الصحيح –نسأل ﷲ أن يرحمه وأن يجعله في موازين حسناته يوم يلقى ﷲ -فقدوه
أياما من كتابة الحديث ،وقد كان من أحرص الناس على كتابة الحديث .قال :فطلبناه
ً
نتلمسه ،فوجدناه في بيته وھو عريان ال يملك حتى الثوب الذي يلبسه ،قال :وقد نفد
يبق معه شيء ،ولم يستطع الخروج؛ ألنه عريان .قال :فاجتمعنا،
َ كل ما لديه ،ولم
ثوبا وكسوناه .قال :ثم اندفع معنا في كتابة
وجمعنا له الدراھم حتى اشترينا له ً
الحديث .فماذا يقول من يملك عشرات الثياب؟ ماذا يقول من يملك عشرات األقالم
مكيف
قدميه بل بسيارته في مكان ُ ﱠ
ْ واألوراق ثم ينام عن حلقة علم يذھب لھا ال علي
مھيأ لذلك؟ ال نامت أعين الكسالى .ال نامت أعين البطالين .كلنا نلھج بالعلم ،وال
معد ُ ﱠ
ُ ٍّ
أحد منا يباري العلماء .وھاھو ]أبو يوسف[ تلميذ ]أبي حنيفة[ -عليھما رحمة ﷲ،-
أناسا يدفنونه ،ويذھب لحلقة
ً ِّ
يوكل يموت ابنه ويجھزه ويصلي عليه مع المصلين ،ثم
إمامه ،وھو يقول :ذھب االبن ،وأحتسبه عند ﷲ ،وأخشى أن تفوتني مسألة ال تذھب
حسرتھا من قلبي حتى أموت.
يا خاطب العلياء إن صداقھا *** صعب المنال على قصير الباع
اثنتي عشرة سنة -بيتي فوق بيته -ما قمت
ْ أما ]المنذري[ ،فيقول أحد تالميذه :جاورته
في ساعة من ليل إال وسراجه ُمضاء يكتب أو يصلي.
وھذا خبر أخير من أعجب األخبار وأغربھا ،وقع لعالم أندلسي ممن رحلوا من األندلس
لتلقي إمام من أئمته ليأخذ
ِّ قدميه
ْ إلى المشرق ،رحل ھذا العالم إلى المشرق على
وتحيل حتى
ﱠ ممنوعا من الناس ،فتلطف
ً محبوسا
ً عنه العلم ،ولكنه حين وصل إليه وجده
السير
ِ َ لقيه ،فأخذ العلم عنه بصورة ال تخطر على البال ،وال تدور بالخيال .جاء في
جل بغيته مالقاة اإلمام ]أحمد[ واألخذ بقي بن َ ْ َ
مخلد[ األندلسي كان ُ ﱡ ]للذھبي[ أن ] َ ﱠ
ماشيا .يقول :فلما قربت من >بغداد< اتصلت
ً قدميه
ْ عنه ،فخرج من >األندلس< على
بي خبر المحنة التي دارت على اإلمام أحمد ،وعلمت أنه ممنوع االجتماع إليه
شديدا فلم أعرج على شيء؛ بل أنزلت
ً والسماع عنه .قال :فاغتممت لذلك ً ّ
غما
متاعي في بيت اشتريته ،ثم أتيت الجامع الكبير ،وحضرت بعض ِ َ
الحلق ،قال :ثم خرجت
إلي ،وفتح
ﱠ فدللت عليه ،فقرعت بابه ،فخرج
أستدل على منزل اإلمام أحمد ،قالُ :
الباب ،فنظر إلى نظر رجل لم يعرفه ،فقلت :يا أبا عبد ﷲ رجل غريب الدار ،وھذا أول
دخولي البلد ،وأنا طالب حديث وجامع سنة ،ولم تكن –وﷲ الذي ال إله إال ھو -رحلتي
إال إليك يا إمام .فقال :ادخل الممر ،وال تقع عليك عين ،فدخلت الممر ،وجاء لي ،فقال:
من أين؟ قلت :من المغرب األقصى ،من >األندلس< ،فقال :إن موضعك لبعيد ،وما كان
من شيء أحب إلي من أحسن عون مثلك على مطلبه ،غير أني في حيني ھذا
ممتحن بما لعله قد بلغك .فقلت له :بلى قد بلغني ،وأنا قريب من بلدك بعد أن قطعت
ما قطعت مقبال نحوك .لكن يا أبا عبد ﷲ ھذا أول دخولي البلد ،وأنا مجھول عندكم؛
زيِ سائل ،فأقول ما يقول السائلون المتسولون األجر رحمكم
فإذا أذنت لي أن آتيك في ِ ّ
ﷲ ،فتخرج إلى ھذا الممر؛ فلو لم تحدثني في كل يوم إال بحديث لكان لي فيه خير
عظيم .فقال اإلمام أحمد :نعم على شرط أن ال تظھر في ِ َ
الحلق عند أصحاب الحديث.
كمي ،ثم آتي ودا بيدي وأَل ﱡ
ُف رأسي بخرقة ،وأجعل ورقتي ودواتي في ُ ِ ّ فكنت آخذ ع ً
إلي في الممر ويغلق
ﱠ بابه ،فأصيح :األجر رحمكم ﷲ ،األجر رحمكم ﷲ .قال :فيخرج
باب الدار ،ثم يحدثني بالحديثين والثالثة حتى اجتمع لي نحو ثالثمائة حديث .قال:
ْ
والتزمت تلك الطريقة حتى زالت المحنة عن اإلمام أحمد؛ يوم مات المبتدع ،وتولى من
ُ
كان على السنة .قال :فظھر اإلمام ،وسما ذكره ،وعظم في عيون الناس ،وكانت تضرب
إليه آباط اإلبل ،فكنت أحضر له ،فيعرف لي حق صبري ،ويعرف لي حق تجلدي في
إلي ،وأفسح لي في مجلسه ،وأدناني
ﱠ تعال
َ وبش ،وقال:
ﱠ ھش
ﱠ طلب العلم؛ فإذا رآني
من نفسه ،ثم يقول لطلبة الحديث :ھذا ھو الذي يستحق أن يطلق عليه اسم طالب
يوما من األيام ،قال :فزارني اإلمام أحمد؛
العلم ،ثم يقص عليھم قصتي .قال :ثم مرضت ً
فما بقي أحد بعد ذلك إال زارني َ ،ﱠ
وأجلني الناس لزيارته وخدموني؛ فواحد يأتيني
بفراش ،وآخر يأتيني بلحاف ،وآخر يأتيني بأطايب األغذية ،وكانوا في تمريضي -وﷲ-
أكثر من تمريض أھلي لو كنت بين أظھرھم .فرحم ﷲ الجميع ،وجزاھم ﷲ عن العلم
نصبھم ،في تعبھم،
خيرا .ھذه بعض أخبارھم في رحالتھم في طلب العلم ،في َ َ ِ
ً وأھله
في ھجر النوم ،في الصبر على شغف العيش ،في مرارة الفقر والجوع والعطش ،في
الھواجر األيام والساعات ،في نفاذ أموالھم ونفقاتھم في الغربة ،في فقد كتبھم
ومصابھم في بيعھا؛ ألنھا من أعز ما يملكون.
ھذه األخطار ھال ّ كانت –أيھا األحبة -مجالة للقلوب من الصدأ والكسل،
ومدعاة لتحريك الھمة للجد والعمل ،أنتم كھم ومن يشابه أبه فما ظلم
التشبه بالكرام فالح
ﱡ فتشبھوا إن لم تكونوا مثلھم *** إن
القراع
ﱠ قوموا اقرعوا بالعلم أبواب العال *** ال تقصروا عن ھمة
واستعذبوا شوك المنايا في اجتنا *** ورد األماني رائق اإليناع
وتعلموا فالعلم معراج العال *** ومفاتح اإلخصاب واإلمراع
وإذا علمتم فاعملوا فالعلم *** ال يجدي بال عمل بحسن زمام
ثم إن لكل شيء ثمرة ،وثمرة العلم العمل والتبليغ ،وعلم بال عمل كشجر بال
ثمر
ھتف العلم بالعمل *** إن أجابه وإال ارتحل
علما ألجمه ﷲ بلجام من نار يوم القيامة وما أحوج األمة في حاضرھا إلى
ُ ومن كتم
الدعوة إلى ﷲ -جل وعال .-ما أحوج األمة إلى األمر بالمعروف والنھي عن المنكر على
بصيرة ،على علم مستوعب للشرع والواقع والبيئة وأحوال الناس .إن تبليغ ھذا الدين،
يروض النفوس ويكسبھا الصبر ،ويكسبھا الحلم والطمأنينة والسكينة؛ إذ إنه والبد من
مخالطة المدعوين ،البد من الصبر على أذاھم ،والحنو عليھم النتشالھم مما ھم فيه،
يزحزح بسھولة .إن سفينة األمة
ومن يبني غيره ھو أحق بأن يكون ثابت البناء ،ال ُ َ
ً
خرقا؛ فإن لم تجد من يمنة ويسرة ،ويخرق فيھا المفسدون كل يوم تتقاذفھا األمواج ُ ْ َ
يصلح تلك الخروق ،فلربما تتحطم السفينة ،وتغرق ،والشك وسيغرق من على ظھرھا.
ركابھا بحاجة إلى أن يكونوا على قدر كبير من الوعي والبناء واليقظة لما يراد بھم،
وبإصالح النفوس تصلح السفينة وتسلم –والشك.-
ھاھو رجل من الصالحين في مدينة >الرياض< –كما ذكر من نحسب أنه ثقة -يقول:
كان له عمل مسائي ،وھذا العمل المسائي امتد لمدة شھر .كان له عمل مسائي
أمر على أحد األرصفة فأجد عليھا
يقول :فكنت آتي كل ليلة من الليالي .يقول :فكنت ُ ﱡ
أربعة من شباب ھذه األمة يلبسون من الثياب ما يستحيي إبليس أن يلبسه ،ومعھم
من آالت اللھو ما ينزه المقام عن ذكره .قال :فكنت أتأثر لحالھم ،وأذھب لعملي قال:
ﷲ يعلمھا قال :وأتأثر
جلسة ُ
ٍ وجئت في اليوم الثاني ،وإذ ھم على آالت اللھو ،وفي
لذلك ،وشھر كامل وأنا أمر عليھم على ھذا الرصيف .قال :فجئت في ذلك اليوم ،وقلت:
وﷲ لئن جلسوا إلى الغد ألتين إليھم وألذكرنھم با– 9الذي ال إله إال ھو .-قال :وجئت
في اليوم الثاني وانطلقت لعملي .قال :ومررت فإذا األربعة على ما ھم عليه .قال:
الخطى؛ ﱠ
علھم أن يعدلوا من وئيد ُ
َ بعيدا عنھم .قال :ثم تقدمت إليھم
ً فأوقفت سيارتي
يغيروا من بعض المنكرات التي ھم عليھا .قال :وال بأس بذلك قاموا،
جلستھم ،أو ِ ّ
فأدخلوا العود في السيارة ،وأطفئوا ما معھم من سجائر ،وأطفئوا الموسيقى ،وجلسوا
جلسة معتدلة .قال :فتقدمت إليھم ،وسلمت عليھم واستأذنت ،فأذنوا لي .قال:
لم جئت ،يا أيھا الشباب؛ أنتم أحفاد أبي بكر
فجلست إليھم ،وقلت :أنتم تعلمون ِ َ
وعثمان وعمر وعلي –رضي ﷲ عنھم وأرضاھم -أرأيتم لو انحرفت سيارة من ھذا
ارتطمت بكم وأنتم على ھذا الحال ،أيسركم أن تلقوا ﷲ بذلك؟ ثم ذكرتھم
ْ الشارع ،ثم
يدي ﷲ –عز وجل -وبمصيرھم
ْ بالقبر والمصير الذي ينتظرھم ،ثم ذكرتھم بوقوفھم بين
إما إلي الجنة وإما إلى النار ،قال :وإذا بدموعھم تنزل على خدودھم ،وإذ بأحدھم يقول:
وشھر وأنت تمر علينا ،ال سامحك ﷲ .قال :ولم؟ قال :أرأيت لو أخذنا ﷲ قبل ھذه
ألئمة
ُ يدي ﷲ –جل وعال .-يقول ھذا األخ :فإن األربعة
ْ الليلة وﷲ ال نسامحك بين
مساجد اآلن.
أيسركم أن تلقوا ﷲ بم
ﱡ إن األمة ألحوج ما تكون إلى كلمة اتقوا ﷲ ،عودوا إلى ﷲ،
أنتم عليه من المنكرات؟ كلمات بسيطة ،لكن ﷲ -عز وجل -إذا علم من قائلھا الصدق
نفع ﷲ -عز وجل -بھا
ومن عوامل بناء النفس :المداومة على العمل وإن قل؛ ألن المداومة على
األعمال الصالحة واالستمرار عليھا تثبيت وترويض للنفس البشرية لمواجھة أعباء
لما سئل رسول ﷲ –صلى ﷲ
الطريق وتكاليفه ،وصرفٌ لمكايد الشيطان ونوازعه ،ولذا ﱠ
عليه وسلم :-أي األعمال أحب إلي ﷲ؟ قال" :أدومھا وإن قل " كما روي ]البخاري[،
ويقول صلى ﷲ عليه وسلم " أديموا الحج والعمرة فإنھما ينفيان الفقر والذنوب كما
ينفي الكير خبث الحديد " فإذا عود المرء نفسه على الفضائل انقادت له –والشك ،-وإذا
مداوما على
ً تھاون فأقدم مرة وأحجم مرة كان إلى النكوص أقرب ،والشيطان إذا رآك
مداوما َ ﱠ َ
ملك ورفضك ،وإن رآك مرة ھكذا ومرة ً طاعة – 9عز وجل -فبغاك وبغاك؛ فإن رآك
ھكذا طمع فيك؛ فداوم على الطاعات؛ فإن ﷲ من فضله وكرمه أنه إذا جاء ما يصرفك
عن أداء الطاعات من عجز ومرض وفتنة؛ فإن األجر يجزيه ﷲ -تعالى -لك كما كنت
صحيحا كما أخبر بذلك النبي -صلى ﷲ عليه وسلم -كما في البخاري " إذا مرض العبد
ً
صحيحا " فضال من ﷲ ونعمة فله الحمد
ً مقيما
ً أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل
من عوامل بناء النفس مجالسة من رؤيتھم تذكر با
-عز وجل-؛ فمجالستھم
تريك ما في نفسك من قصور وضعف وعيوب؛ فتصلحھا وتھذبھا؛ فھم زينة الرخاء وعدة
البالء يذكرونك إن نسيت ،ويرشدونك إن جھلت ،يأخذون بيدك إن ضعفت ،مرآة لك
وألعمالك ،إن افتقرت أغنوك ،وإن دعوا ﷲ لن ينسوك "ھم القوم ال يشقى بھم
جليسھم" من جالسھم وأحبھم أذاقه ﷲ حالوة اإليمان التي فقدھا الكثير ،وأحلوا بدال ً
حب المصلحة التي تنتھي بنھاية المصلحة ،إذا رأيت ھؤالء خشع قلبك ،واطمأن
ﱠ منھا
أحيانا -يوم يجد أحدھم حبيبه في ﷲ؛ فيتھلل
ً وسكن ووصل إلى ما يصل إليه سلفنا -
ﱠ
جالسه ،وذلك فضل ﷲ يؤتيه من وفرحا ،ويفيض دمعه حينما يرى أحد
ً بشرا
ً وجھه
يشاء ،فإذا ظفرت -أخي -بمجالسة مثل ھؤالء؛ فأحبھم وأخبرھم أنك تحبھم واطلب
الدعاء منھم في حال الفراق في ظھر الغيب ،وأطلق وجھك عند لقائھم ،وابدأھم
والكني لديھم ،وأفسح لھم في المجلس ،وزرھم بين
َُ بالسالم ،ونادھم بأحب األسماء
آونة وأخري؛ فالثمرة اليانعة لمجالسة من يذكرونك با 9يقصر العبد عن إحصائھا،
ويكفي أنھا تجعلك تذوق حالوة اإليمان ،وتدخلك في السبعة الذين يظلھم ﷲ يوم ال
وجھه َوال َ َ ْ ُ
تعد يريدون َ ْ َ ُ بالغداة َ ْ َ ِ ّ
والعشيِ ُ ِ ُ َ ربھم ِ ْ َ َ ِ
يدعون َ ﱠ ُ مع ﱠ ِ َ
الذين َ ْ ُ َ نفسك َ َ
واصبر َ ْ َ َ
ظل إال ظله ) َ ْ ِ ْ
يقيض ﷲ
الدنيا( ومنھا طلب الوصية من الصالحين يوم ُ ِ ّ زينة ْ َ َ ِ
الحياة ﱡ ْ َ تريد ِ َ َ
عنھم ُ ِ ُ
عيناك َ ْ ُ ْ
َ َْ َ
وتسدد خطاه
ﱠ صالحا يعظه ،يثبته ﷲ وينفعه بتلك الكلمات ،فتنبني نفسهُ ،
ً للمرء رجال
يوم يتعرض لفتنة أو بالء من ربه ليمحصه به.
شديدا قبل
ً وعيدا
ً مقيدا باألغالل ،وقد توعده
ً ھاھو ]اإلمام أحمد[ يساق إلى ]المأمون[
سيفا لم
ً سل
ﱠ علي يا أبا عبد ﷲ أن المأمون قد
ﱠ أن يصل إليه حتى قال خادمه :يعز
يسله قبل ذلك ،وأنه أقسم بقرابته من رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم -لئن لم تجبه
ليقتلنك بذلك السيف ،وھنا يأتي الصالحون ،أھل البصيرة لينتھزوا الفرصة ليلقوا بالوصايا
حمل
التي تثبت في المواقف الحرجة ففي السير :أن ]أبا جعفر األنباري[ قال :لما ُ
اإلمام أحمد إلى المأمون أخبرت ،فعبرت الفرات ،وجئته ،فسلمت عليه ،وقلت :يا إمام
ليجيبن خلق
ﱠ أنت اليوم رأس ،والناس يقتدون بك؛ فوﷲ لئن أجبت إلى خلق القرآن
كثير ،وإن لم تجب ليمتنعن خلق كثير ،ومع ھذا فإن الرجل إن لم يقتلك فإنك تموت،
البد من الموت فاتق ﷲ وال تجبه ،واإلمام أحمد في سياق رحلته إلى ]المأمون[ يقول:
وصلنا إلى رحبة ،ورحلنا منھا في جوف الليل ،قال :فعرض لنا رجل ،فقال :أيكم أحمد
ابن حنبل؟ فقيل :ھذا ،فقال :يا ھذا ما عليك أن تقتل ھاھنا وتدخل الجنة ،ثم قال:
شؤما
ً أستودعك ﷲ ،ومضى .وأعرابي يعترضه ،ويقول :يا ھذا إنك وافد الناس فال تكن
عليھم ،إنك رأس الناس فإياك أن تجيبھم إلى ما يدعونك إليه؛ فيجيبوا فتحمل أوزارھم
يوم القيامة إن كنت تحب ﷲ فاصبر؛ فوﷲ ما بينك وبين الجنة إال ّ أن تقتل ،ويقول اإلمام
أحمد :ما سمعت كلمة مذ وقعت في ھذا األمر أقوى من كلمة أعرابي كلمني بھا في
شھيدا ،وإن عشت عشت حميداً
ً >رحبة طو< ،قال :يا أحمد إن يقتلك الحق مت
فقوى بھا قلبي .فإن أردت بناء نفسك –أخي الكريم -فاحرص على طلب الوصية من
ﱠ
سفر إذا خشيت مما يقع فيه ،اطلبھا أثناء
ٍ تليت عليك ،اطلبھا قبل
الصالحين ،اعقلھا إذا ُ ِ َ
عينت في منصب صغر أو كبر ،أو ورثت
ابتالء ،أو قبل حدوث محنة متوقعة ،اطلبھا إذا ُ ِ ّ
ماال ً وصرت ذا غنى ،اطلبھا في الشدة والرخاء والعسر واليسر لتنبني نفسك ،وينبني
بھا غيرك ،وﷲ ولي المؤمنين.
ومنھا الخلوة للتفرغ للعبادة ،والتفكر في ملكوت ﷲ واالستئناس بمناجاة ﷲ
بيت عدا المكتوبة ،في ذكر
ٍ عن مناجاة الخلق في قيام ليل والناس نيام ،في صالة في
ﷲ ،في خلوة ،عامل مھم في بناء النفس؛ فإن في ذلك صفاء للذھن وسالمة من آفات
غالبا بالمخالطة من
ً الرياء والتصنع للناس والمداھنة وفيه بعد عما يتعرض له اإلنسان
غيبة ونميمة ولھو وضياع وقت ومداھنة ،ولعل المرء في خلوة يذكر ﷲ فتفيض عيناه
من خشية ﷲ؛ فيكون من السبعة الذي يظلھم ﷲ بظله يوم ال ظل إال ظله ،ومع ھذا
فإن مخالطة الناس والصبر على أذاھم خير -كما أخبر النبي صلى ﷲ عليه وسلم-
وكل له وقته.
ٌ اخل وخالط،
ُ ولكن
ومنھا الدعاء فھو أھم عامل في بناء النفس؛ إذ ھو العبادة –كما أخبر النبي صلى
يدي رب األرباب ومسبب األسباب،
ْ ﷲ عليه وسلم -ففيه الذل والخشوع واالنكسار بين
ھو الذي يجعل من الداعي رجال ً يمشي مرفوع الھامة والقامة ،ال يخضع ألحد دون ﷲ
–الذي ال إله إال ھو -وھو من صفات عباد ﷲ المتقين الذين يعلمون أن القلوب بين
إصبعين من أصابع الرحمن ِ ّ
يقلبھا كيف يشاء؛ فكان لسان الحال والمقال" :يا مقلب ْ
ثبت قلبي على دينك" ھال ﱠ تحسسنا وتلمسنا مواطن وأسباب إجابة الدعاء؛
القلوب ِ ّ
لعلنا نحظى بنفحة ربانية تكون بھا سعادة الدنيا واآلخرة ،في ثلث ليل آخر ،والناس
ھاجعون ،والناس نائمون.
فقد روى الثقات عن خير المال *** بأنه عز وجل وعال
فيقبل
في ثلث الليل األخير ينزل *** يقول ھل من تائب ُ ِ
كريما قابال ً للمعذرة
ً ھل من مسيء طالب للمغفرة *** يجد
يمن بالخيرات والفضائل *** ويستر العيب ويعطي السائل.
َ ُ ﱡ
ومن عوامل بناء النفس :تدبر كتاب ﷲ -جل وعال -والوقوف عند أسمائه
أقفال َُھا( ) َ َ
أفال َ َ َ َ ﱠ ُ َ
يتدبرون على ُقلُوبٍ َ ْ َ أم َ َ القرآن َ ْ
يتدبرون ْ ُ ْ َ الحسنى وصفاته العال ) َ َ
أفال َ َ َ َ ﱠ ُ َ
كثيرا( كلنا يقرأ القرآن ،وكثير منا فيه ْ ِ َ ً
اختالفا َ ِ ً ﷲ ََ َ ُ
لوجدوا ِ ِ غير ِ عند َ ْ ِ
من ِ ِ
كان ِ ْ القرآن َ َ ْ
ولو َ َ ْ ُ ْ َ
وعلما
ً وتفسيرا
ً يحفظ القرآن؛ لكن ھل من متدبر ربط حياته بالقرآن؛ أقبل عليه تالوة
وعمال ً وت ً
دبرا ،منه ينطلق ،وإليه يفيء؟ أولئك البانون أنفسھم ،أولئك الثابتون إذا
المسددون المھديون إذا أطلت الفتن برأسھا؛ فأصبح الحليم
ﱠ الخطُوب ،أولئك
ادلھمت ُ
ﱠ
حيرانا ،وإن وقفة واحدة مع أسماء ﷲ الحسنى وصفاته العال الواردة في كتاب ﷲ،
ً
بناء ال يتزلزل وال يحيد ،إنه السميع
ً وسنة رسوله -صلى ﷲ عليه وسلم -لتبني النفس
البصير ليس كمثله شيء ،إنه العليم الخبير ليس كمثله شيء ،لو تفاعل المؤمن مع
فربى نفسه عليھا ،فعلم أن ﷲ يسمعه في أي كلمة
اسم ﷲ السميع العليم ،ﱠ
ينطقھا ،في أي مكان يقولھا وحده ،مثنى ،أمام الناس ،عند من يثق به ،عند من ال
سمعا يليق بجالله؛ بل إنه ليسمع ويرى دبيب النملة السوداء
ً يثق به؛ فا 9يسمعه
على الصفاة السوداء في الليلة الظلماء؛ إذن َ َ
لصلُح الحال.
الصخر
ﱠ صم
ِّ الذر *** في الظلمات فوق
ھو الذي يرى دبيب ﱠ
وسامع للجھر واإلخفات *** بسمعه الواسع لألصوات
علما بالجلي والخفي
ً وعلمه بما بدا وما خفي *** أحاط
فيا طلبة العلم؛ ويا أيھا الدعاة إلى ﷲ :إن ﷲ يسمع ما تقولون ،ويعلم ما تقولون؛
فال تأسوا وال تحزنوا .يا أيھا الدعاة إلى الشر والضاللة :إن ﷲ يسمع ما تقولون ،وما
فا 9اتقوا ،أما وﷲ لو تفاعلت النفوس
َ تدبرون ،وما تخططون؛
تسرون ،وما تعلنون ،وما ِ ّ
مع أسماء ﷲ لتعلقت القلوب با 9فال يقول اإلنسان وال يلفظ إال بميزان ،ھل ھذا الكالم
مما يرضي ﷲ الذي ھو يسمعه وسيحاسب عليه فأقدم وإال فال .في يوم من األيام،
مغضبا ،وكانت
ً وعلى عھد رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم -يدخل رجل على زوجته
علي كظھر أمي بمعني
ﱠ حديثي عھد بجاھلية ،فأغضبته ،فقال لھا :أنت
ْ مغضبة ،وكانا
أنھا حرمت عليه ،نزل الخبر عليھا مھوال ً كالصاعقة .إلى أين تذھب؟ ذھبت إلى من
أرسله ﷲ رحمة للعالمين؛ إلى رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم ،-دخلت عليه في
بيت عائشة .وما ذاكم البيت يا أيھا األحبة؟ ما ذاكم البيت يا أصحاب القصور؟ غرفة
واحدة ،إذا جاء الضيف أو السائل إلى النبي –صلى ﷲ عليه وسلم -وضع ساتر في
وسط الغرفة ،وتجلس عائشة في أقصى الغرفة ،والنبي –صلى ﷲ عليه وسلم -مع
السائل والضيف في أدنى الغرفة ،قالت :يا رسول ﷲ ،ظاھر مني ،فيقول –صلى ﷲ
عليه وسلم :-ما أراك إال قد حرمت عليه ،فتقول :يا رسول ﷲ :أكل مالي ،وأفنى
شبابي .نثرت له بطني ،حتى إذا كبرت سني وانقطع ولدي ظاھر مني ،فيقول –صلى
ﷲ عليه وسلم :-ما أراك إال ّ قد حرمت عليه ،فتقول يا رسول ﷲ :لي منه صبية صغار
إن ضممتھم إليه ضاعوا ،وإن ضممتھم إلي جاعوا .تجادل وتحاور الرسول –صلى ﷲ
عليه وسلم ،-وعائشة في الشق الثاني من الغرفة يخفى عليھا بعض كالمھم .ويأتي
ُك ِفي
تجادل َ
التي ُ َ ِ
قول ِﷲ َْ َ
سمع ُ الحل مع جبريل من عند السميع البصير يقولْ َ ) :
قد َ ِ َ
بصير( وتنزل كفارة الظھار
سميع َ ِ ٌ
ﷲ َ ِ ٌ إن َ تحاوركما ِ ﱠ
يسمع َ َ ُ َ ُ
وﷲ َ ْ َ ُ
ﷲ َ ُ وتشتكي ِ َ
إلى ِ وجھا َ َ ْ َ ِ
َز ْ ِ َ
كما تعلمون ،ولك أن تتخيل يا أيھا األخ ،يا أيھا الحبيب ،تتخيل عائشة بجانبه يخفى
عليھا بعض كالمھم ،وما بين السماء واألرض مسيرة خمسمائة عام ،وما بين كل سماء
وسمك كل سماء خمسمائة عام ،وفوق السماء
وسماء مسيرة خمسمائة عامُ ،
السابعة خمسمائة عام ،ومن فوق ذلك عرش الرحمن ،ومن فوقه الرحمن بائن عن
نجوى َ َ َ ٍ
ثالثة ِإال ﱠ ُ َ
ھو يكون ِمن ْ َ مستو على عرشه يسمعھا ويسمعھم؛ بل ) َما َ ُ ُ ٍ خلقه،
كانوا( معھم َ ْ َ
أين َما َ ُ ھو َ َ ُ ْ ذلك َوال َ َ ْ َ َ
أكثر ِإال ﱠ ُ َ سادسھم َوال َ َ ْ َ
أدنى ِمن َ ِ َ رابعھم َوال َ َ ْ َ ٍ
خمسة ِإال ﱠ ُ َ
ھو َ ِ ُ ُ ْ َ ُِ ُ ْ
إنه الكمال المطلق ال إله إال ھو السميع البصير ،تقول عائشة –رضي ﷲ عنھا بعد ذلك-
":تبارك الذي وسع سمعه السماوات واألرض وكل شيء ،لقد سمعھا من فوق سبع
سماوات ،وما سمعتھا وما بيني وبينھا إال الحجاب" –أو كما قالت.-
إن النفس يوم تتفاعل مع ھذه الصفة تتعلق في كل أمورھا با ،9فتراقبه ،وتنسى رؤية
وظلما ومشقة وسخرية
ً عنتا
ً الخلق مقابل ذلك .فيا أيھا العبد المؤمن إذا لقيت
جعلت األصابع في اآلذان،
واستھزاء فال تحزن يا طالب العلم ،يا أيھا الداعية إذا ُ
ً
واستغشيت الثياب ،وحصل اإلصرار واالستكبار ،فال تحزن؛ إن ﷲ يسمع ما تقول،
ُ
السميع ْ َ ِ ُ
البصير( يا أيھا الشاب الملتزم ﱠ ِ ُ وھو
شيء َ ُ َ
كمثله َ ْ ٌ ويسمع ما يقال لك ) َ ْ َ
ليس َ ِ ْ ِ ِ
تأس ،وال
َ الذي وضع قدمه على أول طريق الھداية ،فسمع زميال ً يسخر منه ،ويھزأ به ال
يدي ﷲ يسمع ما تقول وما يقال لك .وسيجزي
ْ تحزن ،واثبت ،واعلم علم يقين أنك بين
ربك ِمن
َ يعزب َعن
وما َ ْ ُ ُ السميع ْ َ ِ ُ
البصير( ) َ َ ﱠ ِ ُ وھو
شيء َ ُ َ
كمثله َ ْ ٌ فاعال ً ما قد فعلَ ْ َ ) .
ليس َ ِ ْ ِ ِ
أكبر( سمعتم يا أيھا األحبة ذلك َوال َ ْ َ َ األرضِ َوال َ ِفي السماء َوال َ َ ْ َ َ
أصغر ِمن َ ِ َ ذرة ِفي ْ
مثقال َ ﱠ ٍ
ْ َ ِ
ما قد سمعتم إن النفوس يوم تربى على تدبر كتاب ﷲ –جل وعال -والوقوف على
معاني أسماء ﷲ الحسنى وصفاته العال ،والتملي في سيرة المصطفى –صلى ﷲ
عليه وسلم -تتخذه قدوة مطلقة ،وتقتدي بما يقتدي به –صلى ﷲ عليه وسلم .-تبنى
بناء ال يزعزعه أي عارض في أي شبھة أو شھوة أو ترغيب أو ترھيب أو إغراء أو تحذير؛
ً
بل تعلق باللطيف الخبير السميع البصير الذي يعلم خائنة األعين وما تخفي الصدور.
أخيرا :أسئ الظن بنفسك يا عبد ﷲ؛ ألن حسن الظن بالنفس يمنع عن كمال
ً
ً
كماال ،وال يسيء الظن بنفسه إال من اإلصالح ويرى المساوئ محاسن والعيوب
عارضھا ،ومن أحسن ظنه بنفسه ھو في أجھل الناس بنفسه ،وكم من نفس
الجھال عليھا ،مغرورة بقضاء ﷲ حوائجھا
مستدرجة بالنعم ،وھي ال تشعر مفتونة بثناء ُ ﱠ
وستره عليھا.
ِّ
فزكھا أنت خير من فزكھا أنت خير من ﱠ
زكاھا، ِّ ﱠ
اللھم أنت خلقت أنفسنا وأنت تتوفاھا؛
زكاھا ،فزكھا أنت خير من زكاھا ،أنت وليھا وموالھا ،لك مماتھا ومحياھا ،إن أحييتھا
أمتھا فاغفر لھا وارحمھا وأنت خير
فاحفظھا بما تحفظ به أنفس الصالحين ،وإن َ ﱠ
الراحمين ،اللھم أتمم لنا العافية في اآلخرة والدنيا والدين ،اللھم أتمم لنا العافية في
اآلخرة والدنيا والدين ،أنت ولينا ﱠ
توفنا مسلمين وألحقنا بالصالحين ،وآخر دعوانا أن الحمد
9رب العالمين ،وسبحانك اللھم وبحمدك ،أشھد أن ال إله إال أنت ،أستغفرك وأتوب
إليك.
فما عساك فاعل أيھا األب الحنون في امتحان ليس له دور ثان ،وال إعادة ،وال حمل
للمواد ؟ فقط نجاح أو رسوب ،والرسوب معناه اإلقامة في النار أبد اآلبدين ،معناه
أوتي
َ الخسران المبين ،والعذاب المھين ،ماذا تغني عنه شھادته ومركزه وماله إذا ُ
حسابيه * ولم َ ْ ِ
أدر َما ِ َ ِ َ ْ كتابيه * َ َ ْ لم ُ َ
أوت ِ َ ِ َ ْ ليتني َ ْ
كتابه بشماله ،ثم صاح بأعلى صوته ) َيا َ ْ َ ِ
ماليه ( ما أغنى عني مركزي ،ما أغنى عني
عني َ ِ َ ْ القاضية * َما َ ْ َ
أغنى َ ِّ كانت ْ َ ِ َ َ َيا َ ْ َ َ
ليتھا َ َ ِ
ََ
واندثر ،ھلك عني سلطاني ،ما أغنى عني علمي الدنيوي وشھادتي .كل ذلك َ َ
ھلك
الجحيم َ ﱡ ُ
صلوه ( خسارة ورسوب ،وأي خسارة ،وأي ثم ْ َ ِ َ خذوه َ ُ ﱡ ُ
فغلوه * ُ ﱠ سلطاني ) ُ ُ ُ
مدرسا ،أما اآلخرة فمؤمن وكافر ،
رساما أو ُ ِّ
مھندسا أو ﱠ ً
ِ ً طبيبا أو
ً رسوب .تكون في الدنيا
فريقان ؛ فريق في الجنة ،وفريق في السعير .
ال نقول :أھملوا أبناءكم ،وال نقول :دعوھم ،ال وﷲ ،بل نقول :إن اآلخرة ھي أولى
باالھتمام ،وأجدر بالسعي ،وأحق بالعمل .
فماذا كانت النتيجة ؟ النتيجة أن نشأ نشء منا ِ ،من أبنائنا يعرفون بالد الكفر أكثر مما
يعرفون مكة والمدينة النبوية .النتيجة أن اتجه شبابنا إلى المالعب يوم نادى المنادي
حل محل المصحف مجلة ،ومحل
ّ حي على الصالة ،حي على الفالح .النتيجة أن
السواك سيجارة .النتيجة أن نشأ فينا نشء كاألنعام بل ھم أضل ،أولئك ھم الغافلون .
حري بنا أن نربي عقله وقلبه ،ونھتم بحياته بعد موته ،وأول خطوة
جسدا َ ٌ
ً ابنا بنيناه
إن ً
إلى ذلك أن نصلح أنفسنا ؛ ففي صالحنا وبصالحنا تكون استقامتھم ،ورعاية ﷲ لھم ،
ً
وھدفا ،ال صالحا ( وثانيھا :أن نجعل التربية اإلسالمية غاية وكان َ ُ ُ َ
أبوھما َ ِ ً قال تعالىَ َ َ ) :
فيما
وابتغِ ِ َ
تعلم العلوم الدنيوية ،ولكن ليس على حساب االھتمام باآلخرةَ ْ َ ) . مانع من ﱡ
الدنيا (
من ﱡ ْ َ
نصيبك ِ َ
تنس َ ِ َ َ الدار َ ِ َ َ
اآلخرة َوال َ َ َ ﷲ ﱠ َ آتاك ُ
َ َ
أيھا اآلباء وأنتم تعدون أبناءكم لالمتحان اتقوا ﷲ فيھم ،اعلموا وعلموھم أن سلعة ﷲ
بقصر النفس على ما يرضي ﷲ ، أغلى وأعلى ّ ِ .
علموھم أن االمتحان والنجاح َ ْ
علموھم أن السعادة في تقوى ﷲ ،واعلموا أنتم أنه لن ينصرف أحد من الموقف وله
عند أحد َ ْ َ َ
مظلمة .يفرح ابنك أن يجد عندك مظلمة ،تفرح زوجتك أن تجد عندك مظلمة ،
لم ضيعني عن العمل لما يحاجك بين يدي ﷲ قائال :يا رب سل أبي ِ َ
ّ يأتي ابنك يقف
جوابا.
ً سؤال
ِ يرضيك ،ورباني كالبھيمة ،ما يكون جوابك أيھا األب الحنون ؟ َ ِ ﱠ
أعد لل
تيقظ وانتبه *** وأقبل بقلب على موالك تظفر باھتداء
يا أيھا االبن ﱠ
فتحا ***عسى تحظى به صبح امتحان
ً وقف بالباب واطلب منه
القدوم عليك يا أكرم األكرمين .
إنا نسألك أن تجعلنا من الفائزين الناجين يوم ُ ُ
اللھم ﱠ
تبدد
تضيع تعبھم ،وال ِّ
ِّ اللھم إنا نسألك التوفيق ألبنائنا وبناتنا وإخواننا وأخواتنا .اللھم ال
لخيري الدنيا واآلخرة يا ِّ
ووفقھم َ َ ِّ
وعلمھم ما جھلوا ، جھدھم .اللھم ِّ
ذكرھم ما نسوا،
أكرم األكرمين .أقول ما تسمعون ،واستغفر ﷲ فاستغفروه ؛ إنه ھو الغفور الرحيم .
وعندھا يتبين الصادق من غيره .ھل صليت وصمت 9يا عبد ﷲ ؟ ھل أطعت ﷲ
ورسوله ؟ ھل تحب الخير وأھله ؟ ھذه أسئلة ،أسئلة تتردد على مسامعكم ،ھل
تبغض الشر وأھله ؟ ھل تأمر بالمعروف وتنھى عن المنكر ؟ ھل تحب للناس ما تحب
لنفسك ؟ ھل سلمت أعراض المسلمين من لسانك ؟ ھل يطمئن قلبك بذكر ﷲ؟ ھل
نزھت أذنك عن سماع ما يغضب ﷲ ؟ ھل
والرخاء ؟ ھل ّ
ﱠ يتعلق قلبك با 9في الشدة
غضضت عن محارم ﷲ؟ ھل غضبت 9؟ ھل أحببت في ﷲ ؟ ھل أبغضت في ﷲ ؟
ھل أعطيت ، 9ومنعت 9؟ ھل استسلمت ألمر ﷲ ؟ ھل استسلمت ألمره يوم
وبناتك
ألزواجك َ َ َ ِ َ
النبي ُقل ْ َ ِ َ يأمرك بالحجاب فحجبت أھل بيتك امتثاال لقول ﷲ َ ) :يا َ ﱡ َ
أيھا ﱠ ِ ﱡ
جالبيبھن ( األسئلة كثيرة تترد عليك صباح مساء ، يدنين َ َ ْ ِ ﱠ
عليھن ِمن َ َ ِ ِ ِ ﱠ ونساء ْ ُ ْ ِ ِ َ
المؤمنين ُ ْ ِ َ َِ َ ِ
إن كان الجواب بنعم فأنت من الناجحين الفائزين بإذن رب العالمين ،وإن كان الجواب بال
فعد إلى ﷲ ما دمت في زمن اإلمھال ،واندم واقلع وردّ المظالم ألھلھا قبل وضع
ُ ْ
الميزان ،وتطاير الصحف ،وعبور الصراط يوم ينسى الخليل خليله ،والصاحب صاحبه ،
ِّ
سلم . ِّ
سلم وكل يقول :نفسي نفسي ،والرسل تقول :اللھم
ٌ
أال وصلوا وسلموا على نبينا محمد فقد أمرتم بالصالة عليه ) إن ﷲ ومالئكته يصلون
على النبي يا أيھا الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ( اللھم صل وسلم على
عبدك ورسولك محمد وأھله وصحبه والتابعين لھم بإحسان إلى يوم الدين اللھم أعز
اإلسالم والمسلمين اللھم أعز اإلسالم والمسلمين اللھم أعز اإلسالم والمسلمين
اللھم دمر أعداء الدين اللھم انصر عبادك الموحدين اللھم أصلح من في صالحه صالح
لإلسالم والمسلمين وأھلك من في ھالكه صالح لإلسالم والمسلمين اللھم آمنا في
دورنا وأصلح أئمتنا ووالة أمورنا واجعل واليتنا في عھد من خافك واتقاك واتبع رضاك
برحمتك يا أرحم الراحمين ﷲ من أراد اإلسالم والمسلمين بسوء فاشغله بنفسه
واجعل تدبيره تدميره واجعل الدائرة عليه واجعل كيده في نحره وزلزل األرض من تحت
قدميه اللھم ال ترفع له راية واجعله لمن خلفه آية يا كريم يا قوي يا جبار اللھم برحمتك
اغفر لجميع موتى المسلمين الذين شھدوا لك بالوحدانية ولنبيك بالرسالة وماتوا على
ذلك اللھم اغفر لھم وارحمھم وعافھم واعف عنھم وأكرم نزلھم ووسع مدخلھم و
اغسلھم بالثلج والماء والبرد اللھم ارحمنا برحمتك إذا ما صرنا إلى ما صاروا إليه اللھم
آنس وحشتنا في القبور وآمن فزعنا يوم البعث والنشور سبحان ربك رب العزة عما
يصفون وسالم على المرسلين والحمد 9رب العالمين .
كلنا ذو خطأ
التوب ،شديد
الحمد 9الواحد األحد الكريم الوھاب الرحيم التواب ،غافر الذنب ،وقابل ﱠ
العقاب ،ذي الطول ال إله إال ھو ،يحب التوابين ،ويحب المتطھرين ،ويغفر للمخطئين
المستغفرين ،ويقيل عثرات العاثرين ،ويمحو بحلمه إساءة المذنبين ،ويقبل اعتذار
وديان يوم الدين ،وجامع الناس ليوم ال
المعتذرين .ال إله إال ھو ،إله األولين واآلخرين ،ﱠ
ريب فيه ،يوم ال ينفع مال وال بنون .اللھم لك الحمد كله ،ولك الملك كله ،وبيدك الخير
كله ،وإليك ُيرجع األمر كله .أشھد أن ال إله إال ﷲ ،وحده ال شريك له ،ولي الصالحين،
وخالق الخلق أجمعين ورازقھم ،فما من دابة في األرض إال على ﷲ رزقھا ،ويعلم
مستقرھا ومستودعھا كل في كتاب مبين ،يقبل التوبة عن عباده ،ويعفو عن السيئات،
محمدا عبد ﷲ ورسوله ،أرسله ﷲ رحمة للعالمين؛ فشرح
ً ويعلم ما تفعلون .أشھد أن
غلفا ،صلى ﷲ عليه
ً وقلوبا
ً صما،
ً وآذانا
ً عميا،
ً أعينا
ً به الصدور ،وأنار به العقول ،وفتح به
كثيرا.
ً تسليما
ً وعلى آله وصحبه والتابعين لھم بإحسان وسلم
السالم عليكم ورحمة ﷲ وبركاته .وأسأل ﷲ العظيم ،رب العرش العظيم أن يجمعنا
وإياكم في ھذه الحياة على اإليمان والذكر والقرآن ،وأن يجعل آخر كالمنا من الدنيا ال
إله إال ﷲ ،ثم يجمعنا بكم سرمدية أبدية في جنات ونھر تحط بكم فيه .واسأله أن
يظلنا وإياكم تحت ظله يوم ال ظل إال ظله ،اللھم ال تعذب جمعا التقى فيك ولك اللھم ال
أعينا ترجو
ً قلوبا تشتاق إلى لقاك ،اللھم ال تعذب
ً تعذب ألسنة تخبر عنك اللھم ال تعذب
لذة النظر إلى وجھك يا أرحم الراحمين ،ويا أكرم األكرمين ،اللھم كلنا ذوو خطأ ،وما لنا
إال عفوك وحسن الظن بك ،وحب من تحب ،فأقل عثراتنا ،وتجاوز عن خطئنا ،وأنت أكرم
األكرمين ،وأرحم الراحمين ،رباه
خيرا وإني *** لشر الناس إن لم تعف عني
ً يظن الناس بي
ومالي حيلة إال رجائي *** وعفوك إن عفوت وحسن ظني
علي من يلقاني
ﱠ وﷲ لو علموا قبيح سريرتي *** ألبى السالم
ولبئت بعد كرامة بھوان ﱡ
وملوا صحبتي *** َ ُ ْ ُ وألعرضوا عني
لكن سترت معايبي ومثالبي *** وحلمت عن سقطي وعن طغياني
فلك المحامد والمدائح كلھا *** بخواطري وجوانحي ولساني
ﱡ
الظانون ،واغفر لي ماال يعلمون ،وال تؤاخذني بما يقولون ، خيرا مما يظن
ً اللھم اجعلني
اللھم ال سھل إال ما جعلته سھال ،وأنت تجعل الحزن سھال إذا شئت.
أحبتي في ﷲ أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى ﷲ -عز وجل -في السر والعالنية فھي
وإياكم الكتاب ِمن َ ْ ِ ُ ْ
قبلكم َ ِ ﱠ ُ ْ الذين ُ ُ
أوتوا ْ ِ َ َ وصينا ﱠ ِ َ وصية ﷲ -جل وعال -لألولين واآلخرينْ َ َ َ ) .
ولقد َ ﱠ ْ َ
ﷲ(
اتقوا َ َ ِ
أن ﱠ ُ
راقبوا ﷲ جل وعال راقبوا ﷲ جل وعال فما راقبه عبد وذل وأخطأ إال آب وعاد وحاله
رحماك يا رب رحماك *** رب يا رب ويا رب الورى
ما ترى في عبد سوء ما ترى
خلق ﷲ السماوات سبعا وخلق األراضين سبعا وفي مجموع أحاديث النبي صلى ﷲ
عليه وسلم الصحاح أن ما بين األرض وما بين السماء الدنيا مسيرة خمسمائة عام وما
بين كل سماء وسماء مسيرة خمسمائة عام وسمك كل سماء مسيرة خمسمائة عام
ومن فوق السماء السابعة مسيرة خمسمائة عام ومن فوق ذلك عرش الرحمن ومن
فوقه ربنا سبحانه وبحمده بائن عن خلقه مستو على عرشه )ما يكون من نجوى ثالثة
إال ھو رابعھم وال خمسة إال ھو سادسھم وال أدنى من ذلك وال أكثر إال ھو معھم أينما
كانوا( متى علمت ھذا ومتى استشعرت ھذا فأنت من المتقين
إذا ما خلوت الدھر يوما *** فال تقل خلوت ولكن قل علي رقيب
وال تحسبن ﷲ يغفل ساعة *** وال أن ما تخفيه عنه يغيب
ھا ھو ]عمر بن الخطاب[ رضي ﷲ عنه وأرضاه في بستان من بساتين األنصار وأنس
بن مالك رضي ﷲ عنه وأرضاه يراقبه ويرقبه وھو ال يراه وإذا بعمر يقف وقفة محاسبة
ووقفة مراقبة مع نفسه ويقول عمر أمير المؤمنين بخ بخ وﷲ لتتقين ﷲ يا عمر أو
ليعذبنك ﷲ وﷲ لتتقين ﷲ أو ليعذبنك ﷲ عمر الذي يأتيه أعرابي قد قرض الجوع بطنه
وبه من الفقر ما به و يقف على رأسه ويقول
يا عمر الخير جزيت الجنة
اكس بناتي وأمھن
وكن لنا في ذا الزمان جنة
أقسم با 9لتفعلن
قال وإن لم أفعل يكون ماذا قال:
إذا أبا حفص ألمضين
قال وإذا مضيت يكون ماذا قال:
وﷲ عنھن لتسألن
يوم تكون األعطيات منة
وموقف المسئول بينھن
إما إلى نار وإما إلى جنة
فلم يملك عمر رضي ﷲ عنه وأرضاه إال أن زرفت دموعه على لحيته رضي ﷲ عنه
وأرضاه ودخل ولم يجد شيئا في بيته فما كان إال أن خلع ردائه وقال خذ ھذا ليوم تكون
األعطيات منة وموقف المسئول بينھن إما إلى نار وإما جنة ھكذا تكون مراقبة ﷲ – عز
وجل – وھكذا تكون تقوى ﷲ – عز وجل –
وعمر الثاني ]عمر بن عبد العزيز[ وھو يلي أمر أمة محمد صلى ﷲ عليه وسلم في
يوم من األيام ويكسب أو يفيء ﷲ على المسلمين فيئا وھذا الفيء تفاح فأراد أن
يقسمه على الرعية بينما ھو يقسم ھذا التفاح إذ امتدت يد صبي من صبيانه طفل
صغير أخذ تفاحة ووضعھا في فمه فما كان من عمر إال أن أمسك بفيه وأوجع فكيه
واستخرج التفاحة من فمه وردھا بين التفاح والطفل يبكي ابن عمر يبكي ويخرج
ويذھب إلى أمه ويذكر لھا الحادثة فترسل غالم من البيت ليشتري لھم تفاحا ويقسم
الفيء على المسلمين وينسى نفسه فلم يأخذ تفاحة واحدة ويذھب إلى البيت
فيشم رائحة التفاح في بيته فيقول من أين لكم ھذا و وﷲ ما جئتكم بواحدة بتفاحة
واحدة فأخبرته الخبر قالت جاء ابنك يبكي فأرسلت الغالم وجاء له بھذا التفاح قال يا
فاطمة وﷲ لقد انتزعت التفاحة من فمه وكأنما أنتزعھا من قلبي ،لكني وﷲ كرھت أن
فيء المسلمين يأكلھا قبل أن يقسم الفيء ھكذا تكون
ْ أضيع نفسي بتفاحة من
مراقبة ﷲ – جل وعال – ھكذا تكون تقوى ﷲ – جل وعال – وبھا النجاة )وينجي ﷲ
الذين اتقوا بمفازتھم ال يمسھم السوء وال ھم يحزنون( ما راقب عبد ربه إال أفلح وفاز
وما الحياة الدنيا إال متاع ما راقب عبد ربه فذلت به قدمه فأخطأ فارتكب فاحشة إال عاد
نادما حسيرا كسيرا فيتقبله ربه وھو أرحم الراحمين وأكرم األكرمين بمنه وكرمه ﷲ عز
وجل رحيم بل ھو رحمن الدنيا واآلخرة ورحيمھما رحمته وسعت كل شيء وسبقت
غضبه – سبحانه وبحمده – له مائة رحمة أنزل لنا في ھذه الدنيا رحمة واحدة فبھا
يتراحم الخلق كلھم ناطقھم واألعجم صغيرھم والكبير حتى إن الدابة لترفع رجلھا
لوليدھا ليرضع منھا ثم يذھب بھذه الرحمة فإذا كان يوم القيامة لرفع ﷲ ھذه الرحمة
إلى تسع وتسعين رحمة عنده سبحانه وبحمده فيتطاول إبليس ويظن أن رحمة ﷲ
ستسعه في ذلك اليوم.
فيا من رحمته وسعت كل شيء ارحمنا برحمتك اسمع له صلى ﷲ عليه وسلم كما
يروى في ]البخاري[" يوم يأتيه سبي وإذا بامرأة من بين ھذا السبي تبحث عن صبي
لھا فقدته ال تلوي على شيء كلما وجدت طفال قلبته ونظرت فيه فإذا به ليس طفلھا
ثم تجده تجد ابنھا بعد مشقة وعناء فتلصقه ببطنھا وترضعه ورسول ﷲ وصحابته صلى
ﷲ عليه وسلم ورضي ﷲ عنھم يرقبون الموقف وإذا بھا تذرف الدموع على ابنھا وھو
على ثديھا دموع الفرح فيقول صلى ﷲ عليه وسلم أترون ھذه طارحة ولدھا في النار
قال الصحابة ال وﷲ يا رسول ﷲ فقال ﷲ أرحم بعباده من ھذه بولدھا".
يا كثير العفو عن من كثر الذنب لديه جاءك المذنب يرجو الصفح عن جرم لديه
أنا ضيف وجزاء الضيف إحسان إليه )نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي ھو
العذاب األليم( أحبتي في ﷲ كثيرا ما يضل اإلنسان في الطريق وينحرف عن الجادة
بوازع الجھل والھوى أحيانا واستجابة إلغراء عابث أحيانا أو لشھوة جامحة قوية األمر
الذي يھبط بمستواه اإلنسان ويحول بينه وبين الطھر والتسامي فتسقط قيمته وينحط
إلى الدرك األسفل من الرذيلة والعار تتجه قواه كلھا إلى إشباع غرائزه وإتيان لذ ائذه
فيسقط إلى منزلة البھيمة حتى إنك لتجده بأذن ال تسمع وبعين ال تبصر وبقلب ال يفقه
تجده بھيمة في مسالخ بشر واإلنسان قد تمر به ساعة تنام فيھا قواه ويغفو فيھا
ضميره وتستيقظ غرائزه فيسقط صريع الھوى والشھوة والشبھة فيا له من سقوط ويا
لحقارتھا من لذة مؤقتة تورث النار
تفنو اللذاذة ممن نال صفوتھا *** من الحرام ويبقى اإلثم والعار
تبقى عواقب سوء من مغبتھا *** ال خير في لذة من بعدھا النار
وكلنا ذوو خطأ والمعصوم من عصمه ﷲ جل وعال على كل واحد منا أن يذكر فال ينسى
أنه لم يخلق ملكا ولم يخلق بشرا معصوما وإنما ھو إنسان تتنازعه قوى الخير والشر
فتارة يغلب خيره شره فھو خير من المالئكة وتارة يغلب شره خيره فھو شر من البھائم
كما قال ]ابن القيم[ عليه رحمة ﷲ وكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون كلنا ذوو
خطأ في صحيح ]مسلم[ عن ]أبي ھريرة[ رضي ﷲ عنه قال ،قال رسول ﷲ صلى
ﷲ عليه وسلم "والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذھب ﷲ بكم ولجاء بقوم يذنبون
فيستغفرون ﷲ فيغفر لھم" فالبد من الخطأ والبد من التقصير وكلنا ذوو خطأ
من ذا الذي ما ساء قط *** ومن له الحسنى فقط
تريد مبرئا ال عيب فيه *** وھل نار تفوح بال دخان
لكن إياك أن تبقى على الخطأ إياك أن تدوم على المعصية فإن المعصية شؤم وإن
المعصية عذاب وإن المعصية وحشة وإن المعصية غضب من ﷲ الواحد الديان وقد
يحبس عن أمة خير بمعصية من فرد واحد لم يأمروه ولم ينھوه نسأل ﷲ أال يحرمنا خير
ما عنده من شر ما عندنا ھاھم بنو إسرائيل –كما في كتاب التوابين ]البن قدامة[-
يلحق بھم قحط على عھد ]موسى[ –عليه السالم -فاجتمعوا إلى موسى ،وقالوا :يا
ادع لنا ربك أن يسقينا الغيث ،فقام معھم وخرجوا إلى الصحراء ليستسقوا
ُ نبي ﷲ
ألفا أو يزيدون ،فقال موسى :إلھنا اسقنا غيثك ،وانشر علينا رحمتك،
وھم سبعون ً
تقشعا،
ً الرتع ،والشيوخ ﱡ ﱠ
الركع ،فما ازدادت السماء إال الرضع ،والبھائم ُ ﱠ
وارحمنا باألطفال ﱡ ﱠ
ذھب السحاب الذي في السماء ،وما ازدادت الشمس إال حرارة ،فقال :يا رب
عبدا يبارزني بالمعصية منذ أربعين
ً تسقنا ،فقال :يا موسى إن فيكم
ِ استسقيناك فلم
منعتم القطر من السماء ،قال :يا رب
فمره أن يخرج من بين أظھركم؛ فبشؤم ذنبه ُ ِ ْ
عاماُ ْ ُ ،
ً
ألفا أو يزيدون؟ ،فأوحى ﷲ إليه –
عبد ضعيف وصوتي ضعيف ،أين يبلغ وھم سبعون ً
سبحانه وبحمده -منك النداء وعلينا البالغ ،فقام ينادي في سبعين ألف ،قام ينادي
عاما ،اخرج من بين
ً فيھم قائال :يا أيھا العبد العاصي الذي بارز ﷲ بالمعصية أربعين
منعنا القطر من السماء ،فيوحي ﷲ إلي موسى أنه تلفت ھذا
أظھرنا؛ فبشؤم ذنبك ُ ِ ْ َ
يمينا وشماال لعله يخرج غيره ،فعلم أنه المقصود بذلك ،فقال في نفسه :إن
ً العبد
جميعا بالقحط
ً خرجت افتضحت على رؤوس بني إسرائيل ،وإن بقيت ھلكت وھلكوا
والجدب .فماذا كان منه ؟ ما كان منه إال أن ادخل رأسه في ثيابه ،وقال :يا رب عصيتك
نادما ،فاقبلني واسترني بين الخلق
ً تائبا
ً طائعا
ً أربعين وأمھلتني ،واليوم قد أقبلت إليك
علت السماء سحابة بيضاء ،فأمطرت
ْ ھؤالء -يا أكرم األكرمين-؛ فلم يستتم الكالم حتى
القرب ،فقال موسى لربه -سبحانه وتعالي -قال كليم ﷲ لربه :يا رب سقيتنا ولم
كأفواه ِ َ
يخرج من بين أظھرنا أحد ،فقال :يا موسى أسقيتكم بالذي منعتكم به ،بنفس العبد
الذي منعتكم به أسقيتكم به ،قال :يا رب أرني ھذا العبد الطائع التائب النادم ،قال :يا
موسى لم أكن ألفضحه وھو يعصيني أفأفضحه وھو يطيعني؟
يا من ألوذ به فيما أؤمله *** وأستعيذ به مما أحاذره
عظما أنت جابره
ً عظما أنت كاسره *** وال يھيضون
ً ال يجبر الناس
أو َ َ ُ َ
ظلموا فاحشة َ ْ
فعلُوا َ ِ َ ً إذا َ َ ال إله إال ﷲ ،ما أرحم ﷲ ،ما أحكم ﷲ ،ھو القائل َ ) :ﱠ ِ َ
والذين ِ َ
على َما َ َ
فعلُوا يصروا َ َ ﷲ ََ ْ
ولم ُ ِ ﱡ يغفر ﱡ ُ َ
الذنوب ِإال ّ ُ ومن َ ْ ِ ُ
م َ َ
لذنوبھ ْ ﷲ َ ْ َ ْ َ ُ
فاستغفروا ِ ُ ُ ِ ِ ذكروا َ َْ ُ َ ُ ْ
أنفسھم َ َ ُ
تحتھا
تجري ِمن َ ْ ِ َ
وجنات َ ْ ِ
ربھم َ َ ﱠ ٌ
مغفرة من ِ ّ ِ ْ
جزاؤھم ْ ِ َ ٌ يعلمون( ما جزاؤھم ؟ ) ُ ْ َ ِ َ
أولئك َ َ ُ ُ وھم َ ْ َ ُ َ
َ ُ ْ
العاملين( ھو القائل كما أخبر المصطفى –صلى ﷲ عليه أجر ْ َ ِ ِ َ فيھا َ ِ ْ َ َ
ونعم ْ ُ خالدين ِ َ
األنھار َ ِ ِ َ
ْ َ ُ
وسلم -في الحديث القدسي " يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان
منك وال أبالي ،يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ،يا ابن
ً
شيئا ألتيتك بترابھا مغفرة" آدم لو أتيتني بتراب األرض خطايا ثم لقيتني ال تشرك بي
دائما *** وال يزل مھما ھفا العبد عفا
ً سبحان من يعفو ونھفو
يعطي الذي يخطي وال يمنعه *** جالله عن العطا لذي َ َ
الخطا
يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النھار ،ويبسط يده بالنھار ليتوب مسيء الليل حتى
تطلع الشمس من مغربھا ،ھو القائل كما في الحديث القدسي "يا عبادي إنكم
جميعا ،فاستغفروني أغفر لكم" ھو القائل في
ً تخطئون بالليل والنھار ،وأنا أغفر الذنوب
عنكم ربكم َأن ُ َ ِ ّ َ
يكفر َ ُ ْ عسى َ ﱡ ُ ْ
نصوحا َ َ ﷲ ََْ ً
توبة ُ ً توبوا ِ َ
إلى ِ آمنوا ُ ُ
الذين َ ُ كتابه ) :يا َ ﱡ َ
أيھا ﱠ ِ َ
آمنوا النبي َ ﱠ ِ َ
والذين َ ُ ﷲ ﱠِ ﱠ يوم ال َ ُ ْ ِ
يخزى ُ األنھار َ ْ َ
تحتھا ْ َ ُ
تج ِري ِمن َ ْ ِ َ جناتٍ َ ْ سيئاتكم َ ُ ْ ِ َ ُ ْ
ويدخلكم َ ﱠ َ ِّ َ ِ ُ ْ
وبأيمانھم( ما أكرم ﷲ -جل وعال !-ما أكرم ﷲ -سبحانه أيديھم َ ِ َ ْ َ ِ ِ ْ
بين َ ْ ِ ِ ْ
يسعى َ ْ َ
نورھم َ ْ َ
معه ُ ُ ُ َْ َ ُ
وتعالى !-ھو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ،ويعلم ما تفعلون ،ولن
يھلك على ﷲ إال ھالك ،فيا مخطئاً وكلنا ذوو خطأ ،ويا من سقط في المعصية وكلنا
وغسل
ِّ ذاك الرجل ،ويا من ﱠ ْ
زلت قدمه وكلنا ذاك الرجل ،صحح أخطاءك ،وعالج أمراضك،
نفسك مما قد ران عليھا ،واستأنف الحياة في ثوب التوبة النقي النظيف ،واسمع
تفلحون( المؤمنون َ َ ﱠ ُ ْ
لعلكم ُ ْ ِ ُ َ جميعا َ ﱡ َ
أيھا ْ ُ ْ ِ ُ َ وتوبوا ِ َ
إلى ِ
ﷲ َ ِ ً لداعي ﷲ -جل وعال -يوم يقولُ ُ َ ) :
نادما *** به ترأى أبواب الجنان الثماني
ً توضأ بماء التوبة اليوم
كلنا ذوو خطأ ،وﷲ يمھل وال يھمل ،ويحب التوابين والمتطھرين ،ولذلك فتح باب التوبة
أمام المخطئين ليتوبوا ويؤوبوا ويعودوا إلى رشدھم ،فيغفر لھم ما اقترفوه من إثم
وباطنا.
ً وظاھرا
ً وخطيئة وموبقة وصغيرة وكبيرة ؛ فله الحمد أوال وآخر
بغي ،بارعة الجمال ،ال تمكن من نفسھا إال بمائة دينار ،وتمر على عابد ما
ھاھي امرأة َ ِ ّ
عصى ﷲ طرفة عين ،يتعبد 9في صومعة من الصوامع فيفتتن بھا ،وصدق رسول ﷲ
افتتن بھا فراودھا على نفسھا،
–صلى ﷲ عليه وسلم" :-فاتقوا الدنيا واتقوا النساء" ُ
درھما ،فماذا كان منه؟
ً دينارا وال
ً فأبت أن تمكنه إال بمائة دينار ،وھو ال يملك رياال وال
يكد ويتعب ،وجمع المائة الدينار ،ثم ذھب إلى ھذه
ﱡ كان منه أن ترك صومعته وذھب
البغي في بيتھا وفي قصرھا ،طرق عليھا الباب ولما طرق عليھا الباب خرجت ،ويوم
خرجت قال لھا :ھا أنا ذا ،قد جمعت المائة دينار وجئت ،قالت :ادخل ،فدخل إليھا في
قصرھاْ َ َ َ ،
فعلت على سرير من ذھب وتزينت في كامل زينتھا ،ويوم تزينت في كامل
جالسا ،قالت :قد كنت تزعم أنك ستجمع وتأتي ،فلما
ً إلي ،فسقط
ّ ھلم
ﱠ زينتھا قالت:
مكنتك من نفسي تجلس ،قال :ذكرت وقوفي بين يدي ﷲ –عز وجل -فلم تحملني
ً
أيضا إال أن ارتعدت وارتعشت وخافت ووجلت وقالت :ال أعضائي ألقف ،فما كان منھا ھي
تخرج من ھذا البيت حتى تتزوجني ،قال :لكني وﷲ ال أتزوجك ،وإنما خذي ھذه
الدنانير ودعيني أخرج ،قالت :ال تخرج حتى توافق على الزواج مني ،فماذا كان منه ؟
قال :بلدي في المكان الفالني ،وعلك إن جئت تائبة لعلي أن أتزوجك- ،وھو يريد
نادما على
ً نادما على تفكيره في عمل المعصية،
ً الخالص منھا -أما ھو فذھب وخرج
تركه العبادة ليجمع المائة دينار ليزني بھا ،كما يفعل بعض شبابنا اليوم –ھداھم ﷲ-
يوم يجمعون دراھمھم ودنانيرھم ليذھبوا ليعصوا ﷲ في بالد الكفر والعري ،ثم يرجعوا
ً
شيئا ،وكأن ﷲ –عز وجل سبحانه وبحمده وله العزة والجالل -كأنه ال وكأن لم يكن
يراقبھم إال في جزيرة العرب ،أما ھي فأقلقتھا بشاعة الفاحشة وآلمتھا مرارة الكبيرة
ولسعتھا مرارة المعصية وما كان منھا إال أن رجعت إلى ﷲ ،وتابت إلى ﷲ ،وذھبت
سببا في توبتھا إلى ﷲ -جل وعال -ذھبت إليه في قريته ،وسألت
ً تبحث عمن كان
عنه ُ ،ﱠ
فدلت على بيته ،فلما وصلت إلى البيت طرقت الباب فخرج ،فتذكر يوم كادت تزل
قدمه ،فشھق شھقة عظيمة فمات –كما ذكر ذلك ]ابن قدامة[ في كتابه التوابين .-
حبا فيه ،فقالوا :له
قريبا من أقربائه ً
ً ألتزوجن
ﱠ عظيما ،وقالت:
ً حزنا
ً فكان منھا أن حزنت
حبا في أخيه ،فتزوجت ھذا العبد الصالح الفقير التقي أخو
أخ فقير تقي ،قالت :أتزوجه ً
ذلك الصالح التقي ،فجعل ﷲ من نسلھا ومن نسله سبعة من الصالحين العابدين
الزاھدين ،فال إله إال ﷲ! ما أعظم شأن التوبة! وكلنا ذوو خطأ ،فھل من توبة؟ وھل من
يدعي اإلنسان التوبة ثم ال يتوب؟
أوبة؟ ،آن لنا أن نتوب ،آن لنا أن نؤوب أيھا األحبة .قد ﱠ
إن ذلك كقول غاسل الثياب :قد غسلتھا ولم يغسلھا بعد ،فالقول ال ينظف الثياب،
وادعاء التوبة ال ينظف القلوب ،والنفس البشرية كالطفل إن أھملتھا ضاعت وضلت
ِّ
وأدبتھا صلحت واستقامت ،بل ھي كالبعير إن علفته
وخسرت وتاھت ،وإن ھذبتھا ﱠ
وند وھرب ،والنفس بطبيعتھا تميل إلى الشھوات،
صد ﱠﱠ وغذيته سكن وثبت ،وإن تركته
وتميل إلى الملذات ،ووﷲ ال فالح لنفس وال نجاح وال فوز إال بالعودة إلى بارئھا -
دساھا(
خاب َمن َ ﱠ َ زكاھا َ َ ْ
وقد َ َ قد َ ْ َ َ
أفلح َمن َ ﱠ َ سبحانه وبحمده -القائلْ َ ) :
ينفطم
ِ تفطمه
ْ والنفس كالطفل إن تھمله شب على *** حب الرضاع وإن
خالف ھواك إذا دعاك لريبة *** فال خير في مخالفة الھوى
حتى متى ال ترعوي يا صاحبي ***حتى متى وإلى متى وإلى متى
ھاھو أحد صحابة رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم] -أبو محجن الثقفي[ ممن أسلم
مع ثقيف حين أسلمت ورأى رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم -ولكنه تمادى في شرب
الخمر ،تلك الكبيرة من الكبائر ،وما زال ُيجلد بعد عھد رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه
وسلم -فلما أكثر من ذلك سجنوه وأوثقوه ،فلما كان يوم القادسية رأى أن المشركين
مسجونا في
ً قد أصابوا من المسلمين ،فأرسل المرأة ]سعد بن أبي وقاص[ ،وقد كان
بيت سعد ،قائال ً :يا بنت آل حفصة ھل لك إلى خير؟ قالت :وما ذاك ؟ قالّ ِ ُ :
تخلي
علي
ّ عني ،وتعيرنني البلقاء -فرس ]سعد بن أبي وقاص[– فأقاتل مع المسلمين ،و9
ﱠ َ
سلمني ﷲ أن أرجع فأضع رجلي في القيد كما كنت ،قالت :ما أنا وذاك ،فرجع إن
يرسف في قيوده ،نفسه مشتاقة للجھاد في سبيل ﷲ ،ويرى أن المسلمين ُينال
منھم ما ينال ،فيقول:
على وثاقيا
ﱠ مشدودا
ً تردي الخيل بالقنا *** وأترك
َ حزنا أن ُ
ً كفى
تصم المناديا
ﱡ إذا قمت عن نار الحديد ُ ِ ّ
وغلقت *** مصاريع دوني قد
أخ ليا
واحدا ال َ
ً وقد كنت ذا مال كثير وأخوة *** فقد تركوني
فلله عھد ال أقيس بعھده *** ألن فرجت أال أزور الحوانيا
فقالت ]سلمى[ :لقد اخترت ﷲ ورضيت بعھدك ،فأطلقته ،وأعطته فرس ]سعد[ الذي
سالحا ،فخرج كاألسد يركض حتى لحق بالجيش
ً كان في الدار ،وأعطته مع ذلك
مشرك إال دق صلبه وقتله ،حمل على ميسرة
ٍ المسلم ،فجعل ال يزال يحمل على
عظيما ،حتى تعجب
ً قصفا
ً ليلتئذ-
ِ ٍ القوم ،ثم حمل على ميمنة القوم ،كان يقصفھم -
الناس منه وھم ال يعرفونه ،تعجب سعد وھو يرقب المعركة ،ويقول :من ذلك الفارس
لم يظھر إال في آخر النھار؟ تساؤالت ترد على ذھن سعد ولم
ولم ْ
ولم يتلثم؟ ِ َ
الملثم؟ ِ َ
يلبسوا إال قليال حتى ھزم أعداء ﷲ -عز وجل -ورجع أبو محجن ورد السالح ،وجعل
رجليه في القيد ،وعاد سعد ،فقالت امرأته :ھنيًئا لكم النصر ،كيف قتالكم اليوم؟ فجعل
ْ
يخبرھا ،ويقول :لقي جند ﷲ ما لقي ،ولقوا ولقوا ويذكر لھا حتى بعث ﷲ رجال على
فرس أبلق ،فلوال وﷲ أني تركت أبا محجن في القيد لقلت :إنھا بعض شمائل أبي
محجن ،قالت :إنه -وﷲ -ألبي محجن ،وذكرت له ما كان من أمره؛ من أمره كذا وكذا،
فما كان من سعد إال أن ذرف الدموع ،وقال :حلوا قيوده ،وأتوني به ،فأتوا به إليه ،قال:
أبدا ،قال :ال وﷲ ما
يا أبا محجن -وﷲ -إني ألرجو ﷲ أال أجلدك على خمر بعد اليوم ً
أبدا ،قد كنت أشربھا فتطھرني بالحد والجلد ،وأما اليوم فإن شربتھا
أشربھا بعد اليوم ً
أبدا .
فال يطھرني إال النار ،فلم يشربھا بعد ذلك ً
فاتھم
محضاك النصح ﱠ فخالف النفس والشيطان وأعصھما *** وإن ھما ﱠ
منه َ َ ْ
وفضال( فمن تجيب يعدكم ْ ِ َ ً
مغفرة ْ ُ وﷲ َ ِ ُ ُ
بالفحشاء َ ُ الفقر َ َ ْ ُ ُ ُ
ويأمركم ِ ْ َ ْ َ ِ يعدكم ْ َ ْ َ ) ﱠ ْ َ ُ
الشيطان َ ِ ُ ُ ُ
األرضِ تطع َ ْ َ َ
أكثر َمن ِفي ْ وإن ُ ِ ْ
المفسدون :أردنا أن تفسد الربيع فأفسدھا الربيع عليناِ َ ) .
ﷲ( ) َ َ َ ُ ِ ﱡ َ
بمؤمنين( فإياك وداعي الشر ،إياك
حرصت ِ ُ ْ ِ ِ َ
الناسِ ولو َ َ ْ َ وما ْ َ ُ
أكثر ﱠ سبيل ِ
يضلوك َعن َ ِ ِ
ودعاة الشر ،واسمع لرسول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم -وھو يدعوك إلى أن تضبط
نفسك في أي مكان كنت ،أو في أي زمان كنت " ،اتقِ ﷲ حيثما كنت ،واتبع السيئة
إنك َ َ
على إليك ِ ﱠ َ بالذي ُ ِ َ
أوحى ِ َ ْ َ بالحسنة تمحھا ،وخالق الناس بخلق حسن" ) َ ْ َ ْ ِ ْ
فاستمسك ِ ﱠ ِ
تسأَل َ
ُون( وكلنا ذوو خطأ ،لكن الحسنات ولقومك َ َ ْ َ
وسوف ُ ْ لذكر َ َ
لك َ ِ َ ْ ِ َ وإنه َ ِ ْ ٌ
مستقيم َ ِ ﱠ ُ
صراط ُ ْ َ ِ ٍ
ِ َ ٍ
ذنبا ،وال تستصغر معصية ،وال تستصغر كبيرة ،وال تنظر إلى
يذھبن السيئات ،فال تحقر ً
صغر المعصية ،ولكن انظر إلى عظمة من عصيت ،القائل كما في األثر "وعزتي وجاللي
ال يكون عبد من عبيدي على ما أحب فينتقل إلى ما أكره إال انتقلت له مما يحب إلى
ما يكره" يقول ]أنس[ -رضى ﷲ عنه وأرضاه :-إنكم لتعملون أعماال ھي أدق في
أعينكم من الشعر ،إن كنا لنعدھا على عھد رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم -من
الموبقات يقول ھذا لمن؟ لخير جيل عرفته البشرية ،ولخير فرقة عرفتھا البشرية ،ولخير
القرون كما أخبر بذلك النبي –صلى ﷲ عليه وسلم ،-يقول ذلك للصحابة والتابعين .فيا
أيھا الحبيب إنما يعظم الذنب في قلب المؤمن لعلمه بجالل ﷲ –سبحانه وبحمده ،-إن
المؤمن ليرى ذنوبه كأنه قاعد تحت أصل جبل ،يخاف أن يقع ھذا الجبل عليه ،وإن
مر على أنفه فأطاره بيده .فيا أيھا المخطئون إياكم ومحقرات
المنافق ليرى ذنوبه كذباب ﱠ
الذنوب ،فإن لھا من ﷲ طالبا ،وإياكم ومحقرات الذنوب فإنھا تجتمع على الرجل
فتھلكه.
التقى
خل الذنوب صغيرھا *** وكبيرھا ذاك ﱡ َ
ِّ
واصنع كماشٍ فوق أرض *** الشوك يحذر ما يرى
ال تحقرن صغيرة *** إن الجبال من الحصى
يا أيھا المخطئون -وكلنا ذو خطأ -أفيقوا وأقلعوا عن ذنوبكم ،واعزموا على أال تعودوا،
دمعا ،والقلب خشية ،وردوا الحقوق إلى أھلھا قبل أال يكون
ً ندما يورث العين
ً واندموا
يعض الظالم على
ﱡ درھم وال دينار ،وإنما التعامل يكون بالحسنات والسيئات ،وعندھا
يديه حتى يأكلھا وال ينفعه ندم ،وال تنفعه حسرة ،لو كان الندم ھنا لنفعه ،ولو كانت
الحسرة ھنا لنفعه ،لو قال :يا رب في الدنيا لقال ﷲ :لبيك وسعديك يا عبدى،
أشھدكم أني قد غفرت له.
وتذكر يا من أخطأ -وكلنا ذو خطأ -أننا على ﷲ قادمون ،وإليه راجعون ،وبين يديه
فرحا،
ً مسؤولون ،فمنا من يقدم عليه كالرجل المسافر الغريب القادم على أھله ،تراه
مسرورا ،يوم يلقى أحبته وأھله وأبناءه وأصحابه ِ ﱠ
وخالنه ،ومنا من يقدم على ﷲ - ً وتراه
كسيرا
ً خائفا
ً وجال
حسيرا َ ِ
ً عز وجل -قدوم العبد اآلبق الشارد عن سيده ،تجده ذليال
يوم ْ ِ َ َ ِ
القيامة( شتان بين الفريقين، آمنا َ ْ َ خير َأم من َ ْ ِ
يأتي ِ ً النار َ ْ ٌ
يلقى ِفي ﱠ ِ مھانا ) َ َ َ
أفمن ُ ْ َ ً
السعير( .يا من قسا قلبه ،ويا
ﱠ ِ ِ الجنة َ َ ِ ٌ
وفريق ِفي فريق ِفي ْ َ ﱠ ِ
مغرب ) َ ِ ٌ
مشرق و ُ ِّ
ِّ شتان بين ُ
من صدت نفسه فأمرته بالسوء والفحشاء ،ھال زرت المقابر ،ھال ذھبت وأحييت ھذه
السنة التي كادت تموت بيننا ،ھل ذھبت إلى المقابر فزرتھا ودعوت ﷲ -عز وجل -لھم
لترى فيھا اآلباء واألمھات ،لترى فيھا اإلخوان واألخوات ،لترى فيھا األحباب واألصحاب
وارتھنوا باألعمال ،ما كأنھم فرحوا مع من فرح ،وال كأنھم
ُ ِ توسدوا التراب،
والخالن قد ُ ﱠ ُ
حيل بينھم وبين ما يشتھون،
ضحكوا مع من ضحك ،وال كأنھم تمتعوا مع من تمتع ،قد ِ
قريبا -ستكون بينھم ،ووﷲ لن تكون إال في روضة أو حفرة ،القبر روضة
ثم اعلم أنك ً -
خيرا فالذي من بعده أفضل عند ربنا لعبده،
ً يك
من الجنان ،أو حفرة من حفر النيران ،إن ُ
شرا فما بعد أشد ،ويل لعبد عن سبيل ﷲ صد.
ً وإن يك
ً
مسرفا على نفسه ،وكان له أم تعظه فال يتعظ ،فمر في يوم العيار[ ،كان
ﱠ ھاھو ]دينار
من األيام بمقبرة كثيرة العظام قد خرجت العظام من المقبرة ،فتذكر مصيره ،وتذكر
عظما نخراً في يده ففتته ،ثم فكر في نفسه
ْ ً نھايته ،وتذكر أنه على ﷲ قادم ،أخذ
مكبة
ﱠ ترابا ،وما زلت
ً رفاتا ،وجسمك
ً غدا قد صار عظمك
وقال :ويحك يا نفسي ،كأني بك ً
على المعاصي واللذائذ والشھوات ،ثم ندم وعزم على التوبة ،ورفع رأسه للسماء قائال:
إلھي ألقيت إليك مقاليد أمري ،فاقبلني واسترني يا أرحم الراحمين ،ثم مضى إلى أمه
جنه الليل أخذ في القيام والبكاء ،وأخذ في
متغير اللون ،منكسر القلب ،فكان إذا ﱠ
النحيب وھو يقول :يا دينار ألك قوة على النار؟ يا دينار ألك قوة على النار؟ كيف تعرضت
أياما يقوم ليله ،ويناجي ربه ،ويناجي نفسه يؤدبھا
ً لغضب الجبار؟ وظل على ذلك
ويحاسبھا ،فرفقت به أمه يوم رأت جسمه قد ھزل ،ويوم رأت صحته بدأت تتدھور،
فقالت :ارفق بنفسك قليال ،فقال :يا أماه دعيني أتعب قليال لعلي أستريح طويال ،يا
يدي الجليل ،وال أدري إلى ظل ظليل ،أم إلى شر مقيل؟ إني
ْ موقفا بين
ً أماه إن لي
وتوبيخا ال عفو معه ،قالت :بنياه أكثرت من إتعاب نفسك؟،
ً أخاف عناء ال راحة بعده،
حبسا طويال ،وإن له
ً عقيما ،إن البنك في القبر
ً قال :راحتھا أريد ،يا أماه ليتك كنت بي
ليال وھو يقرأ قول ﷲ ،ويقوم ليله، ٍ يدي الرحمن طويال ،وتمر ْ ً
وقوفا بين من بعد ذلك
عما لنسألنھم َ ْ َ ِ َ
أجمعين َ ﱠ فوربك َ َ ْ َ َ ﱠ ُ ْ
ُون( ) َ َ َ ِ ّ َ
يعمل َ عما َ ُ
كانوا َ ْ َ لنسألنھم َ ْ َ ِ َ
أجمعين َ ﱠ فوربك َ َ ْ َ َ ﱠ ُ ْ
بقول ﷲ ) َ َ َ ِ ّ َ
مغشيا عليه ،فيا مخطئ –وكلنا ذوو خطأْ َ َ ) -
ألم ً ُون( فيبكى ويضطرب ،ثم يخر يعمل َ َ ُ
كانوا َ ْ َ
آمنوا َأن
للذين َ ُ
يأن ِ َ الحق( ) َ َ ْ
ألم َ ْ ِ من ْ َ ّ ِ
نزل ِ َ
وما َ َ َﷲ َ َ ُوبھم ِ ِ ْ ِ
لذكر ِ آمنوا َأن َ ْ َ َ
تخشع ُقل ُ ُ ْ للذين َ ُ
يأن ِ َ َْ ِ
من ْ َ ّ
الحقِ( ھا ھو ]مالك بن دينار[ –كما يذكر أھل نزل ِ َ
وما َ َ َ
ﷲ َ َ ُوبھم ِ ِ ْ ِ
لذكر ِ تخشع ُقل ُ ُ ْ
َ ْ َ َ
صادا ً ّ
نادا عن ﷲ ًّ شرط بني العباس ،وكان يشرب الخمر ،وكان شرطيا من ُ
ً السير -كان
ِ َ
عظيما ،لكنه كان ال يترك
ً حبا
–عز وجل -ويشاء ﷲ –عز وجل -أن يتزوج بامرأة أحبھا ً
الخمر ،يشربھا في الصباح والمساء ،ويشاء ﷲ –عز وجل -أن يرزق بمولودة من ھذه
المرأة ،فما كان منه إال أن ملكت عليه لبه ھذه الطفلة ،ملكت عليه لبه ،وملكت عليه
قلبه ،فكان ال ينتھي عن عمله حتى يأتي إليھا ليداعبھا ويمازحھا ،وكان يؤتى بالخمر،
فإذا رأته يشرب الخمر ذھبت وكأنھا تريد أن تعتنقه ،فأسقطت الخمر من يده وكأنھا
أبدا ،ھكذا حالھا معه ،وفي يوم من األيام يأتي
تقول يا أبت اتقِ ﷲ ،ما الخمر لمسلم ً
ويجد
ِ ُ عظيما،
ً حزنا
ً من عمله ويأتي ليداعبھا ويالعبھا ويرميھا فتسقط ميتة ،فيحزن
عظيما ،فما كان منه في تلك الليلة -كما يخبر عن نفسه -إال أن شرب
ً وجدا
عليھا َ ْ ً
الھم ما ال يعلمه
ِّ الخمر ،ثم شرب حتى الثمالة ،قال :ثم نمت في تلك الليلة وبي من
إال ﷲ ،قال :فرأيت -فيما يرى النائم -كأن القيامة قد قامت ،وكأن الناس قد خرجوا من
بھما ،يدوخ الناس في عرصات القيامة ،وإذ بھذا الثعبان العظيم
القبور حفاة عراة غرال ُ ً
إلي يريد أن يبتلعني ،قال:
ﱠ فاغرا فاه ،يقصدني من بين ھؤالء الخلق جميعھم ،ويأتي
ً
وأھرب منه ويطاردني ،وأھرب منه ويطاردني ،كاد قلبي أن يخرج من بين أضالعي ،وإذا
السمت ،الرجل الوقور ،قال :فتقدمت إليه فقلت :با 9عليك
ﱠ ْ أنا بھذا الشيخ الحسن
أنقذني ،قال :ال أستطيع ،ولكن اذھب إلى من ينقذك ،قال :فبقي يطاردني ،فما وقفت
إال على شفير جھنم قال :فبقى من ورائي ،وجھنم من أمامي .قال :فقلت أرمي
بنفسي في جھنم ،وإذا بھاتف يھتف ،ويقول :ارجع ،لست من أھلھا ،قال :فرجعت
ألدوك في عرصات القيامة وھو ورائي يطاردني ،ورجعت إلى ذلك الشيخ الوقور ،فقلت
له :أسألك با 9أن أنقذني أو دلني ،قال :فأما إنقاذك فال ،ولكني ﱡ
أدلك على ذلك القصر،
لعل لك فيه وديعة ،قال :فانطلقت إلى القصر ،وھو ال يزال يطاردني ،قال :وإذا بھذا
بالستر ينادي بفتحھا :افتحوا
ُ ُ القصر من زبرجد وياقوت ،مكلل باللؤلؤ والجوھر ،وإذا
الستر ،قال :ففتحت الستر عن أطفال مثل فلق القمر ،وإذا بكل واحدة وواحد ينظر إلى
ُ ُ
ھذا المنظر المھول ،وإذا بابنتي من بينھن تقول :أبتاه ،ثم ترمي بنفسھا من القصر
بيني وبين الثعبان ،قال ثم تقول للثعبان بيمناھا –ھكذا -فينصرف ،فتضرب على لحيتي،
وما ُوبھم ِ ِ ْ ِ
لذكر ِ
ﷲ َ َ آمنوا َأن َ ْ َ َ
تخشع ُقل ُ ُ ْ ذين َ ُ ثم تضرب على صدري ،و تقول :أبتاه ) َ َ ْ
ألم َ ْ ِ
يأن ِلل ﱠ ِ َ
من ْ َ ّ ِ
الحق( قال بل قلت :بل آن بل آن ثم قلت ما ذاك الثعبان قالت ذلك عملك نزل ِ َ
ََ َ
السيئ كاد يرديك في جھنم .قال وما ذلك الشيخ الوقور قالت ذلك عملك الحسن
ضعفته حتى ما استطاع أن يقاوم عملك السيئ قال ثم تضرب صدري ثانية وتقول أبتاه:
ُوبھم ِ ِ ْ ِ
لذكر ِ
ﷲ( قال :ففزعت من نومي ،قال :ثم آمنوا َأن َ ْ َ َ
تخشع ُقل ُ ُ ْ يأن ِ ﱠ ِ َ
للذين َ ُ )ََ ْ
ألم َ ْ ِ
توضأت ،ثم انطلقت إلى المسجد ،فذھبت ألداء صالة الفجر ،قال :وإذا باإلمام يقرأ
من ْ َ ّ
الحقِ( نزل ِ َ
وما َ َ َ ُوبھم ِ ِ ْ ِ
لذكر ِ
ﷲ َ َ آم ُنوا َأن َ ْ َ َ
تخشع ُقل ُ ُ ْ يأن ِ ﱠ ِ َ
للذين َ الفاتحة ،ثم يبدأ ) َ َ ْ
ألم َ ْ ِ
فقلت :وﷲ ما كأنه يعني إال إياي .فيا أيھا األحبة أعمالكم أعمالكم ،أعماركم أعماركم.
عاما ،ثم
ً كلنا ذوو خطأ ،كلنا ذوو خطأ .ھا ھو عبد من بني إسرائيل أطاع ﷲ أربعين
انقلبت ھذه المضغة وانتكس ورجع على عقبيه ،وارتد على عقبيه ،فعصى ﷲ أربعين
عاما أخرى فقال :وقد رفع يديه إلى ﷲ ،يا رب أطعتك أربعين ،وعصيتك أربعين ،فھل لي
ً
ھاتفا يھتف ويقول :أطعتنا
ً من توبة إن أنا تبت ُ ْ
وأبت وعدت إليك يا رب؟ قال :فسمعت
فقربناك ،وعصيتنا فأمھلناك ،وإن رجعت إلينا قبلناك ،فال إله إال ﷲ ،ما أحلم ﷲ بعباده!
ما أرحم ﷲ بعباده! ما ألطف ﷲ بعباده! أسأله برحمته التي وسعت كل شيء أن
يرحمنا برحمته.
ھاھم سلفنا –أيھا األحبة -قلوبھم بالخوف وجلة ،وأعينھم باكية ،يقول قائلھم :كيف
نفرح والموت وراءنا ،والقبر أمامنا ،والقيامة موعدنا ،وعلى الصراط مرورنا ،والوقوف بين
ھم
وباألسحار ُ ْ
ْ َ ِ يھجعون َ ِ قليال ً من ﱠ ْ ِ
الليل َما َ ْ َ ُ َ كانوا َ ِ
يدي ﷲ مشھدنا ،كيف نفرح ؟! ) َ ُ
يستغفرون( يأتي أحدھم إلى فراشه فيلمسه في الليل ،فإذا ھو ناعم لين ،فيقول
َ ْ َ ْ ِ ُ َ
للين ،ولكن فراش الجنة ْ َ ُ
ألين ،ثم يقوم ليله كله مخاطبا فراشه :يا فراشي –وﷲ -إنك ِ ّ ٌ
ً
يستغفرون( يناجي أحدھم
ھم َ ْ َ ْ ِ ُ َ
وباألسحار ُ ْ
ْ َ ِ يھجعون َ ِ قليال ً ِ ّمن ﱠ ْ ِ
الليل َما َ ْ َ ُ َ كانوا َ ِ
حتى يصبح ) َ ُ
ويقول :يا قوم –وﷲ -ال أسكن وال يھدأ روعي حتى أترك جسر جھنم ورائى ،وﷲ ال
أھدأ وال أسكن حتى أترك جسر جھنم ورائي ،ويجب أن نكون كذلك .كانوا إذا ذكر ﷲ
فأمنھم ؛ ً
خوفا من ﷲ –جل وعال -خافوا ﷲ –جل وعال -ﱠ َ وجلت قلوبھم ،وكادت تنخلع
خوفين ،
ْ فھو القائل كما في الحديث القدسي " وعزتي وجاللي ال أجمع على عبدي
أمنته
خوفته يوم القيامة ،وإن خافني في الدنيا ﱠ
أمنين؛ إن أمنني في الدنيا ﱠ
ْ وال أجمع له
رؤوفٌ ِ ْ ِ َ ِ
بالعباد( كان لسان حال الواحد من سلفنا وﷲ َ ُ
نفسه َ ُ
ﷲ َْ َ ُ
ويحذركم ُ
يوم القيامة" ) َ ُ َ ِّ ُ ُ ُ
وھو يناجي ربه في ثلث الليل اآلخر ،ثلث اآليبين ،ثلث التوابين ،ثلث المستغفرين ،ثلث
المخطئين ،ثلث النادمين الذي ضيعناه ،الذي سھرنا إلى تلك اللحظة ،ثم رمينا أنفسنا
كالجيف ،ونسأل ﷲ أن يعاملنا برحمته ،وإن عاملنا بعدله لعذبنا ،ثم لم يظلمنا سبحانه
ِ
وبحمده .كان لسان حال الواحد منھم:
أجد
ُ لبست ثوب الرجا والناس قد رقدوا *** وقمت أشكو إلى موالي ما
أعتمد
ُ وقلت يا عدتي في كل نائبة *** ويا من عليه كشف الضر
ھذه حال سلفنا ،فما حالنا يا أيھا األحبة؟ ما حالنا في ليلنا؟ وما حالنا في نھارنا؟ أما
ليلنا -إال ما رحم ﷲ -على األغنيات وعلى المسلسالت وعلى التمثيليات وعلى
األفالم ،وعلى قيل وقال إلى الثلث الذي ينزل فيه الرب سبحانه نزوال ً يليق بجالله ،ھل
من داعٍ فأستجيب له؟ ،وھل من مستغفر فأغفر له؟ ،ھل من تائب فأتوب عليه؟ ،وفي
ومنا من ال زال
ﱠ ﱠ
البطال، منا َمن ھو كالجيفة تلك اللحظة نحن على قسمين ً -
أيضا-؛ ﱠ
غية وظلمه ،يدعوه ﷲ إلى التوبة وھو مازال على فسقه وعلى فجوره ،أما مواصال في ِ ّ
إن وھي َ ِ َ ٌ
ظالمة ِ ﱠ القرى َ ِ َ إذا َ َ
أخ َذ ْ ُ َ ربك ِ َ وكذلك َ ْ ُ
أخذ َ ِ ّ َ يخشى أن يأخذه ﷲ أخذ عزيز مقتدرَ ِ َ َ َ ) ،
شديد( أخذه َ ِ ٌ
أليم َ ِ َ ْ َ ُ
أسحارا
ً مسرورا بأوله *** إن الحوادث قد يطرقن
ً يا راقد الليل
كيف كان ليل سلفنا ؟ ھاھو أحدھم؛ وھو ]رياح بن عمر القيسي[ عليه رحمة ﷲ ،أحد
التابعين ،تزوج امرأة صالحة ،وأراد أن يختبرھا ،أراد أن يختبرھا ھل ھي من الالتي تركن
إلى زخارف الدنيا؟ ھل ھي الصائمة القائمة أم ھي المشغولة بقيل وقال وباألزياء
والموديالت وما أشبه ذلك من زخارف الدنيا؟ يوم جاء الصباح ما كان منه إال أن رآھا
تقوم ببيتھا ،فقال :يا ]دؤابة[- ،واسمھا دؤابة -أتريدين
تعجن عجينھا ،وتعمل عمل البيت ُ ُ
عنيدا،
ً جبارا
ً رياحا[ ،وما تزوجت
ً أن أشترى لك َ َ
أمة لتخدمك؟ قالت :يا رياح إني تزوجت ]
ثم جاء الليل ،قام يتناوم ،فقامت ربع الليل األول ،وقالت له :يا رياح قم ،قال :أقوم ،ثم
نام مرة أخرى ،فقامت الربع الثاني ،وقالت :يا رياح قم ،فتناوم – ً
أيضا -مرة أخرى ،ثم
قامت ربع الليل الثالث ،ثم قالت :يا رياح قم ،فقال :أقوم ولم يقم ،فقالت :يا رياح قد فاز
غرني بك؟ ،يا ليت شعري من
المحسنون ،وعسكر المعسكرون ،يا ليت شعري من ﱠ
غرني بك؟ ،تقول اتغريت فيك ووقعت بإنسان ال يقوم الليل -مع أنه يقوم الليل ،ولكنه
عل ﷲ أن يرضى علينا
ّ أراد أن يختبرھا .-فھل جعلنا لثلث الليل اآلخر منا لو ركعتين
بنظرة رحمة ،وبنظرة عطف فيرحمنا في الدنيا واآلخرة ،فنسعد في الدنيا واآلخرة
سعادة األبد .نسأله ﷲ -سبحانه وبحمده -أن يجعلنا من المرحومين المغفور لھم .أما
في النھار فما حالنا ؟ منا -وﷲ أيھا األحبةَ -من يخرج الصباح ِمن بيته فيجمع الحرام،
أيا كان ،فيجمع الحرام ،فمطعمه حرام ،ومشربه حرام ،وملبسه حرام،
يبحث عن الحرام ً
وغذي بالحرام .فما حال سلفك يا عبد ﷲ؟ إن امرأة من السلف يوم يخرج زوجھا في
ُ ِّ َ
ً
حالال ،فإنا نصبر على الجوع ،لكنا ال نصبر على الصباح تقول له :اتقِ ﷲ وال تطعمنا إال
النار ،فھل قال لنا نساؤنا كذلك ونحن نخرج ،يا أيھا األحبة؟ ثم بعد ذلك نرجو النجاح،
بعد ھذه األعمال ،وبعد ھذا الليل المخزي ،وبعد ھذا النھار المخزي ،نرجو النجاة:
اليبَس
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكھا *** إن السفينة ال تجري على َ
ركوبك النعش ينسيك الركوب *** على ما كنت تركب من بعل ومن فرس
العرس
وضمة القبر تنسي ليلة ُ ْ
ﱠ يوم القيامة ال مال وال ولد ***
ھمه في
ﱠ وھيأناھم تھيئة مادية ،فجعل الواحد
ﱠ أبناؤنا كيف نربيھم؟ ربيناھم تربية مادية،
سيارة وفي ثوب وفي زخرف من زخارف الدنيا وفي قصر ،ونسي قصور الجنة ،وأنھار
تسمن
ﱠ سمناه كما ُ
ﱠﱠ الجنة ،ونعيم الجنة ،أشغلناه بھذا عن ذاك ،ربيناه تربية البھائم،
العجول ،ثم ماذا يكون؟ ھل ھذه ھي المسئولية التي وضعھا رسول ﷲ -صلى ﷲ
عليه وسلم -في عنقك " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" " ......ما من راع
ھيأنا لھم كل مادة،
استرعاه ﷲ رعية فبات غاشا لھم إال حرم ﷲ عليه رائحة الجنة" ﱠ
نربي أرواحھم ،ثم نرجو نجاتھم ،فوﷲ ما مثلنا إال كقول القائل:
لكنا لم ُ َ ِ ّ
ً
مكتوفا وقال له *** إياك إياك أن تبتل بالماء ألقاه في الماء
نموذجا ،كيف كانوا يربونھم؟ وكيف كانوا
ً أما أبناء سلفنا فكيف كانوا؟ سأضع لكم
يتعاملون معھم؟ وكيف تربوا فأصبح الطفل منھم كالرجل منا ،بل كالعابد الزاھد منا.
ھاھو ]خيثمة بن الحارث[ -عليه رضوان ﷲ ورحمته -ما كان منه يوم أن دعا رسول ﷲ -
للنفرة إلى غزوة بدر إال أن جاء إلى ابن له اسمه ]سعد[ ،ابن
صلى ﷲ عليه وسلمُ -
صغير ،وكان معه من النساء الكثير ،ومعه من البنات واألخوات يعولھن ھذا الرجل الكبير
]خيثمة بن الحارث[ فقال البنه ]سعد[ :يا بني تعلم نساءنا ،وليس لھن من يحميھن،
وأريد أن تبقى معھن وأذھب ألجاھد في سبيل ﷲ جل وعال ،قال :يا أبتاه للنساء رب
يحميھن ،وﷲ ما تطمع نفسي في ھذه الدنيا بشيء دونك ،لكنھا الجنة يا أبتاه ،وﷲ
لو كان غير الجنة آلثرتك به ،وانطلق يجاھد في سبيل ﷲ ،وجلس األب الكبير مع ھؤالء
شھيدا -بإذن ﷲ -في سبيل ﷲ ھذا الطفل ،يوم جاء الخبر أباه في اليوم
ً وقتل
النساءِ ُ ،
شھيدا عند ﷲ -جل وعال -فما كان منه إال أن قال:
ً الثاني قالوا له :لقد قتل نحتسبه
أواه أواه ،وﷲ لقد فاز بھا دوني ،وﷲ لقد كان أعقل مني ،لقد رأيته البارحة يسرح
ويمرح في أنھار الجنة وثمارھا وأزھارھا ،ويقول :يا أبتاه ْ َ ْ
إلحق بنا ،فإنا قد وجدنا ما
وعدنا ربنا حقا.
ومع ذلك الظالم الذي نراه اآلن فھناك بشائر -و 9الحمد -والباب مفتوح يا أيھا األحبة،
ولن ُيغلق إال عند طلوع الشمس من مغربھا أو غرغرة الروح في الحلقوم ،المبشرات
كما قلت كثيرة وكثيرة و 9الحمد ،والصور المضيئة كثيرة وكثيرة ،والخير في األمة ال زال
ولن يزال بإذن ﷲ إلى قيام الساعة " ال تزال طائفة على الحق منصورة "......ولوال
ھذه المبشرات لضاقت علينا األرض بما رحبت ،ولكن من فضل ﷲ -سبحانه وتعالي-
علينا.
كانت النماذج يا أيھا األحبة -من الماضي ،فإليكم النماذج من الحاضر ،وھي مبشرات
آلمه ما يرى من تدھور حال األمة المسلمة وذھابھا إلى الھاوية ،ھناك
أقولھا لكل من َ
بشائر وسأذكر لكم بعض األمثلة على ذلك ،ھاھي عجوز بلغت الثمانين من عمرھا
في مدينة >الرياض< ھذه العجوز جلست مع النساء فرأت أنھن ال ينتفعن من أوقاتھن،
جلساتھن في قيل وقال ،في غيبة ونميمة ،في فالنة قصيرة وفالنة طويلة وفالنة
كالما -إن لم يبعدھن
ً عندھا كذا ،وفالنة ليس عندھا كذا ،وفالنة طلقت ،وفالنة تزوجت،
عن ﷲ عز وجل -فھو تضييع ألوقاتھن ،فاعتزلت النساء وجلست في بيتھا تذكر ﷲ -عز
وجل -آناء الليل وأطراف النھار ،وكان أن وضعت لھا سجادة في البيت تقوم من الليل
أكثره ،وفي ليلة من الليالي قامت -ولھا ولد بار بھا ،ال تملك غير ھذا الولد من ھذه
الدنيا بعد ﷲ -جل وعال -ما كان منھا إال أن قامت لتصلى في ليلة من الليالي ،وفي
آخر الليل يقول ابنھا :وإذا بھا تنادي ،قال :فتقدمت وذھبت إليھا ،فإذا ھي ساجدة على
ھيئة السجود ،وتقول :يا بني ما يتحرك في اآلن سوى لساني ،قال إذاً أذھب بك إلى
المستشفى ،قالت :ال ،وإنما َ ْ ِ
أقعدني ھنا ،قال :ال ،وﷲ ألذھبن بك إلى المستشفى -
خيرا -فأخذھا وذھب بھا إلى المستشفى ،وتجمع
ً برھا جزاه ﷲ
حريصا على ِّ
ً وقد كان
األطباء وقام كل منھم يدلي بما لديه من األسباب ،لكن ال ينجي حذر من قدر.
نحبٍ قد أتى
بطبه ودوائه *** ال يستطيع دفاع َ ْ
ِّ إن الطبيب
ما للطبيب يموت بالداء الذي *** قد كان ُيبرئ مثله فيما مضى
والمداوى والذي *** جلب الدواء وباعه ومن اشترى
َ المداوي
ِ مات
ﱠ
حللوا وفعلوا وعملوا ،ولكن الشفاء بيد ﷲ -سبحانه وبحمده ،-قالت :أسألك با 9إال
رددتني على سجادتي في بيتي ،فأخذھا وذھب بھا إلى البيت ،ويوم ذھب إلى البيت
وضأھا ثم أعادھا على سجادتھا ،فقامت تصلى .يقول :وقبل الفجر بوقت ليس بالطويل،
ﱠ
وإذ بھا تناديني ،وتقول :يا بني أستودعك ﷲ الذي ال تضيع ودائعه ،أشھد أن ال إله إال
محمدا رسول ﷲ ،لتلفظ نفسھا إلى بارئھا -سبحانه وبحمده -فما كان من
ً ﷲ ،وأن
وكفنھا وھي ساجدة ،وحملوھا إلى الصالة
ﱠ فغسلھا وھي ساجدة،
ﱠ ولدھا إال أن قام
عليھا وھي ساجدة ،وحملوھا بنعشھا إلى المقبرة وھي ساجدة ،وجاءوا بھا إلى القبر
بعث عليه ،تبعث
فزادوا في عرض القبر لتدفن وھي ساجدة ،ومن مات على شيء ُ َ
بإذن ربھا ساجدة.
ﱠ ِ ِ َ
الظالمين ﷲ
ويضل ُ وفي َ ِ َ ِ
اآلخرة َ ُ ِ ﱡ الدنيا َ ِ الثابت ِفي ْ َ َ ِ
الحياة ﱡ ْ َ آمنوا ِ ْ َ ْ ِ
بالقول ﱠ ِ ِ الذين َ ُ
ﷲ ِ َ يثبت ُ
) ُ َ ِّ ُ
يشاء( أيعجز شبابنا ،أيعجز شاباتنا ،أيعجز نساؤنا ،أيعجز رجالنا أن يفعلوا
ﷲ َما َ َ ُ
ويفعل ُ
ََْ َ ُ
كما فعلت ھذه المرأة؛ أن يقوموا من ليلھم ولو بعضه؛ ليقفوا بين يدي ﷲ ،ليلقوه وقد
غفر لھم ما اقترفوا من إثم وخطيئة؟ .أسأل ﷲ –عز وجل -بأسمائه الحسنى ،وصفاته
العليا أن يوفقنا وإياكم لما يحب ويرضى.
جدا كما قلت أيھا األحبة .أورد صاحب كتاب قصص السعداء واألشقياء
المبشرات كثيرة ً
ھذا الحدث وفيه عبرة وعظة لمن كان له قلب أو ألقى السمع .سائق اإلسعاف كان
ً
غليظا ،ال يتذكر إذا ُ ِّ
ذكر ،وال يتعظ إذا ُوعظ ،يباشر الحوادث الشنيعة فيحمل أشالء ً
فظا
يھزه ذلك
ﱡ المصابين ،رأس المصاب في يد ،ورجل المصاب اآلخر في يد أخرى ،فال
مرتكبا للموبقات ،ويشاء ﷲ –عز وجل كما يقول
ً ً
تاركا للصالة، المنظر ،وال يؤثر فيه ،كان
ھو -أن ُ ِ ّ
بلغت ليلة من الليالي عن حادث من الحوادث على مدخل مدينة >الرياض<،
مسرعا نحو الحادث،
ً ً
ليال ،قال :ركبت السيارة ،وانطلقت قال :في الساعة الواحدة
ووصلت إلى موقع الحادث؛ فإذا بي أجد سيارة بيضاء قد ارتطمت بأحد أعمدة اإلنارة –
أحد أعمدة الكھرباء -قال :وأدت إلى انطفاء الكھرباء في تلك المنطقة ،قال :والغريب أني
متوجھا إلى باب السيارة ،وكان في
ً خافتا ينبعث من السيارة ،قال :فانطلقت
ً نورا
أرى ً
يدي سيجارة ،قال :فإذا بي أري رجال ً َ ﱠ
كث اللحية ،مستنير الوجه –وجھه كأن فلقه قمر-
قد مأل نور وجھه السيارة ،وقد ارتطمت أجزاؤه السفلي بمقود السيارة ،قال :فحاولت
أن أعيد المقعد إلى الخلف ألنقذه ،فقال :أتريد أن تنقذني يا بني؟ قلت :نعم ،قال :إذا
سمحت أطفئ سيجارتك ،واتق ﷲ –جل وعال .-قال :فما كان مني إال أن أطفأتھا،
ورجعت أحاول إنقاذه ،قال :وما استطعت أن أخرجه كما ينبغي ،قال أتريد أن تنقذني
ً
معروفا ً
فعال ،قال :نعم ،قال :فإن النبي –صلى ﷲ عليه وسلم -يقول :من صنع إليكم
فكافئوه ،وﷲ يا بني ال أملك لك مكافأة على إنقاذي إال نصيحة أوجھھا إليك ،فھل تقبل
ذلك؟ قال :قلت :تفضل ،قال :عليك بتقوى ﷲ ،عليك بتقوى ﷲ عليك بتقوى ﷲ ،وإياك
محمدا رسول ﷲ ،ثم مات ،قال :فارتجفت
ً ورفقة السوء .أشھد أن ال إله إال ﷲ وأن
مكاني ،وأخذته من ھناك ،وأخذته في السيارة ،وسلمته في قسم الحوادث في
ترن في أذني ،قال :وقمت ً
ليال ،قال :ولم أستطع النوم ،كلماته الزالت َ ِ ﱡ الساعة الثالثة
إلى صالة الفجر ،وتوضأت وصليت ،وأخبرت إمام المسجد الذي بالحي بما حصل ،فقال:
احمد ﷲ الذي أحياك بموت ذلك الرجل ،احمد ﷲ الذي أحياك بموت ذلك الرجل ،وادع
ﷲ له؛ وادع ﷲ عز وجل له فخير ما تكافئه به الدعاء ،ثم يقول ھذا الرجل :فاسأل ﷲ
واحدا خير
ً أن يرحمه ،وأن يغفر له ،وأن يجمعني به في الجنة " ألن يھدي ﷲ بك رجال ً
لك من حمر النعم" .أرأيتم أيھا األحبة ،رجال ً يلفظ أنفاسه األخيرة ،وعلم أنه مسئول
أمام ﷲ أن يأمر وينھي ،فماذا كان منه؟ يقول له :أطفئ سيجارتك ،ويقول له :اتقِ ﷲ،
وبعضنا يرى المنكرات والعظائم أمام عينه فال تھتز فيه شعرة ،ويذھب ويخرس
كالشيطان ال يتكلم بكلمة ،أال فاتقوا ﷲ ،وقولوا كلمة الحق ،ال تخشوا في ﷲ لومة
النعم، الئم؛ فإن ﷲ ينفع بھا ،وألن يھدي ﷲ بك رجال ً واحدا خيراً لك من ُ
حمر ِّ
وھاھو حدث آخر حدث في مدينة <الرياض> ،وقد نقلته قبل ذلك في محاضرة كل يغدو
ولكن أرى أن المقام مناسب له اآلن ،رجل عمره ما بين الثالثين واألربعين ،شاب في
مقتبل شبابه ،ال يرتاح ليلة من الليالي إال على كأس خمر يشربھا ،أو امرأة يزني بھا،
الديان ،تمر به األيام والليالي،
وبعد عن ﷲ الواحد ﱠ
حياته مظلمة ،عربدة وفساد وعناد ُ
ويشاء ﷲ أن يتزوج بزوجة ،وبعد زواجه يزداد طغيانه ،ويزداد عصيانه ،ويرزقه ﷲ عز وجل
بابنة من زوجته لتترعرع وتبلغ الخامسة من عمرھا ،ترعرعت وبلغت الخامسة من
قليال ،يسھر ليله على معصية ﷲ ،ثم يأتي ُ ً
منھكا لينام، ً عمرھا وھي ال ترى أباھا إال
ونادرا ما تراه ابنته ،في الليل نائمة وھو سھران على المعاصي ،وفي النھار في عمله
ً
وھي في البيت ،تمر األيام وتمر الليالي فال يزداد إال سوء ،وفي ليلة يتفق مع بعض
ويقدر الرحمن أن يتأخر عن ھؤالء الرفقة
ِّ قرناء السوء يجتمعون على شرب الخمور،
السيئين ،ثم يقول ھو عن نفسه :ذھبت وفتشت عنھم يمنة ويسرة ،نظرت إليھم ھنا
وھناك –يبحث عنھم -فلم أجدھم ،قال :فما كان مني إال أن ذھبت إلى صديق سوء
جنسيا يستحي إبليس أن ينظر إلى
ً خليعا
ً ماجنا
ً فيلما
ً آخر ،فذھبت إليه وأخذت منه
ذلك ،فكيف بالبشر؟ ،قال :ثم أخذته وعدت به في الساعة الثانية ليال ً ،وال إله إال ﷲ،
ثلث الليل اآلخر يتنزل الرب ،ھل من داعٍ فأستجيب له ،ومنا من تھراق دموعه على
ومنا من يرضع المعاصي في تلك الساعة وخاصة
خده من خشية ﷲ ،فذلك ھو الفائز ِ ،ﱠ
ِّ
ھذه األيام مع قدوم البث المباشر ،في الساعة الثانية ليال ً ﷲ يقول :ھل من داعٍ
فأستجيب له؟ ،والناس ينظرون إلى ما يغضب ﷲ –جل وعال -قال :فدخلت إلى بيتي
ونظرت إلى زوجتي وابنتي فوجدتھم نائمتين ،قال :ودخلت إلى غرفة ذلك الجھاز؛ –
يقصد الفيديو -الذي خرب بيوت كثير من المسلمين ،وأضاع شباب المسلمين ،قال:
فدخلت ووضعت الشريط في ذلك الجھاز ،ثم جلست ،وبينما أنا جالس وإذا بالباب يفتح،
إلى بنظرات حادة ،بنظرات
ّ وإذا بھا ابنتي –عمرھا خمس سنوات -وإذا بھا تدخل وتنظر
قوية وتقول :عيب عليك يا والدي ،اتقِ ﷲ ،عيب عليك يا والدي اتقِ ﷲ ،قال :ذھلت
ودھشت ،وقلت :من ﱠ
علمھا؟ ،من أنطقھا؟ إنه رب األرباب –سبحانه وبحمده -قال:
وأغلقت الجھاز ،وخرجت ونظرت إليھا ،فإذا ھي نائمة ،قال :فخرجت وأنا أتذكر قولتھا:
بمناد ينادي ﷲ
ٍ عيب عليك يا والدي ،اتق ﷲ ،بقيت في الشارع أمشي وآتي ،وإذا
حرمه كثير من المسلمين ،والذي ذكر النبي –
أكبر ،ﷲ أكبر نداء صالة الفجر الذي ُ ِ َ
حبوا
ً صلى ﷲ عليه وسلم -أن من ِ َ
عظم األجر فيه لو لم يكن من اإلنسان إال أن يأتي
حبوا ،قال :فذھبت وتوضأت ودخلت في المسجد ،وما كنت أصلي
ً لتلك الصالة لجاء
أبدا ،قال :وكبرت مع اإلمام ،قال :ويوم سجدت انفجرت من البكاء ،قال وعندما انتھى
ً
اإلمام من صالته ،قال الرجل الذي بجانبه :ما بك يا أخي؟ ،قال :قلت له :سبع سنوات
ما سجدت فيھا 9سجدة ،بأي وجه أالقي ربي ،سبع سنوات ما ركع فيھا 9ركعة،
بأي وجه يالقي ﷲ –جل وعال ،-قال :ثم ذھب الناس ،وبقيت أتذكر جرائمي وفضائحي،
وذنوبي التي عظُمت وعظمت وعظمت ،قال :ونظرت في الساعة ،فإذا وقت الدوام
يحين ،قال :فانطلقت إلى عملي ،وكان لي زميل لطالما ذكرني با– 9جل وعال-
ً
شيئا ولكنني لم أتذكر ،قال :دخلت عليه ونظر إلي وقال :وﷲ إني ألرى بوجھك اليوم
غير الذي أراه منك كل يوم ،قال :لقد كان من أمري البارحة كذا وكذا وكذا وقص عليه
قصته ،فقال :احمد ﷲ الذي أرسل إليك ابنتك لتوقظك وما أرسل إليك ملك الموت
أنم البارحة ،وأريد أن تأذن لي ألذھب ألنام ،فأذن له
ليقبض روحك ،ثم قال :إني لم َ ْ
فخرج من عنده ،وذھب ودخل في مصلى الدائرة التي يعمل فيھا ،ثم قام يصلى من
الساعة العاشرة إلى صالة الظھر ،قال :وجئته وظننت أنه ذھب إلى البيت ،قال:
لم َ ْ
لم تذھب وتسترح؟ ،قال :يا أخي فتقدمت إليه ،ولما رآني انفجر بالبكاء ،فقلت لهَ ِ :
عظيما
ً ً
شوقا سبع سنوات ما ركعت فيھا 9ركعة ،بأي وجه أالقي ربي ،وﷲ إن بي
إلى الصالة .النبي -صلى ﷲ عليه وسلم -يقول" :وجعلت قرة عيني في الصالة "
عمر جديد؛ ليكون عمره تلك الليلة ،وليكون
وتواعد ھو وإياه على ليلة جديدة وعلى ُ ْ
فعمر ال يتشرف به ،وذھب إلى بيته يريد أن يرى
عمره بدايته في ذلك اليوم ،وما مضى ُ ْ
يرھا منذ أن قالت له كلمتھا ،ويدخل البيت ،وإذا بزوجته تصرخ في وجھه
ابنته التي لم َ
أين أنت؟ نتصل عليك فلم نجدك ،لقد ماتت ابنتك منذ لحظات ومنذ ساعات ،فما كان
منه إال أن انھار ،لم يتمالك نفسه إال وھو يردد كلماتھا؛ عيب عليك يا والدي ،عيب
عليك يا والدي ،اتق ﷲ ،ثم ماذا كان؟ كان منه أن اتصل بزميل الصالة زميله وأخبره،
وكفنوھا وصلوا عليھا صالة العصر ،وذھبوا بھا إلى المقبرة ،ويوم وصل إلى المقبرة
ﱠ فجاء
وضعھا في لحدھا ،فأخذھا ودموعه تقطر على كفنھا .
قال :خذ ابنتك -يقول زميلهْ َ -
وليس الذي يجرى من العين ماؤھا *** ولكنھا روح تسيل وتقطر
كالما أبكى جميع من
ً ما كان منه إال أن وضعھا في القبر ،ويوم وضعھا في القبر قال
حضر الدفن ،قال :يا أيھا الناس أنا ال أدفن ابنتي ،ولكني أدفن النور الذي أراني النور،
ھذه البنت أخرجتني من الظلمات إلى النور بإذن ﷲ -سبحانه وبحمده ،-فأسأل ﷲ أن
يجمعني وإياھا في جنات ونھر في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
رحيما.
ً توابا
أرأيتم أيھا األحبة يوم يعود العبد إلى ﷲ فيجد ﷲ -سبحانه وتعالى -ﱠ ً
يا أيھا المذنبون -وكلنا ذوو خطأ -المولود إذا ولد ُ ِ ّ
أذن في أذنه اليمنى ،وإذا مات ُ ِ ّ َ
صلي
عليه ،فكأن الحياة ما بين األذان إلى الصالة ،وال إله إال ﷲ! ما أقصرھا من حياة! إن
للموت َ ْ َ
أخذة تسبق اللمح بالبصر ،إياكم والتسويف ؛ فإن سوف جندي من جنود إبليس.
أعماركم تمضى بسوف وربما *** ال تغنمون سوى عسى ولعلما
سفر من األسفار
فاقضوا مشاربكم عجالى إنما *** أعماركم ِ ْ
عوار
ِ تسترد فإنھن
وتراكضوا خيل الشباب وبادروا *** أن ُ ْ
أحبتي في ﷲ أسعد ساعة في العمر وأصدق لحظة في الحياة تلك الساعة التي يقف
محاسبا ،وقفة العتاب ،وقفة المالمة ،إنھا ساعة المخطئين
ً العبد فيھا مع نفسه
المنيبين إلى رب العالمين ،إنھا ساعة المنكسرين من خشية إله األولين واآلخرين،
وليال
ٍ إنھا ساعة العتاب ،إنھا ساعة الحساب التي يتذكر فيھا العبد ما أصاب ،أيام خلت
مضت قد قصر فيھا في جنب ﷲ ،إذا تذكر السيئات وما أصاب من األوزار رق قلبه،
وحدودا 9جاوزھا ،ومحارم 9
ً ً
حقوقا 9ضيعھا، وانكسر فؤاده من خشية ﷲ ،تذكر
ً
خوفا من ﷲ ،إنھا ساعة الحزن ﱠ
ورق قلبه انتھكھا فانكسر فؤاده من خشية ﷲ،
والندامة واألسى على التفريط في جنب ﷲ ،لكن سرعان ما يزداد األلم والندم إذا تذكر
يدي جبار
ْ أنه إلى ﷲ صائر وراجع ومسؤول ،وأنه مرتحل من ھذه الدنيا ليقف بين
السماء واألرض ،ثم يسأل نفسه ،كيف ألقاه وحقوقه ضيعت؟ كيف ألقاه ومحارمه
بأيِ قدم أقف بين
ّ بأيِ وجه ألقاه
ّ انتھكت؟ كيف ألقاه وحدوده تجاوزت؟ كيف ألقاه ؟
ﱡ
ويرق فؤاده ،وال يجد إال أن يدمع من خشية ﷲ ،ثم ال يملك يديه؟ عندھا ينكسر قلبه
ْ
رباه ذنوبي ،من أرجو لھا
رباه أسرفت ،ﱠ
رباه ظلمت ،ﱠ
رباه أسأت ،ﱠ
يديه ،ﱠ
إال أن يرفع ْ
وتبدل
منعته؟ فيصلح الحال ُ ،ﱠ
َ أغلقته؟ ،من يعطي العطاء إن
َ سواك؟ ،من يفتح الباب إن
السيئات -بإذن الرب -إلى حسنات؛ فالبدار البدار .انتبه عبد ﷲ وتيقظ وادخل باب التوبة
يتبعون ويريد ْ ِ َ
الذين َ ﱠ ِ ُ ُ عليكم َ ُ ِ ُ يريد َأن َ ُ َ
يتوب َ َ ْ ُ ْ وﷲ ُ ِ ُ
منكسرا ) َ ُ
ً مبادرا
ً المفتوح قبل إغالقه
ميال ً َ ِ ً
عظيما( . الشھواتِ َأن َ ِ
تميلُوا َ ْ ﱠ َ َ
أحبتي في ﷲ العيون تذنب ،واآلذان تذنب ،والقلوب تذنب ،واألبصار تذنب ،واألرجل
تذنب ،وكلنا ذوو خطأ وذنب .وﷲ ال يغفر تلك الذنوب إال التوبة النصوحة ،التوبة التوبة
لعلكم تفلحون ،األوبة األوبة ،متى ما أقبلتم على ﷲ فاستغلوا ذلك اإلقبال؛ فإن
أشد
ﱠ الحداد إال إذا كانت ساخنة ،فإذا بردت جمدت وصارت
ﱠ النفس كالحديدة ال تلين بيد
وإدبارا،
ً من الحجارة .أال واستغلوا اندفاع األنفس إلى الخيرات؛ فإن لكل نفس إقباال ً
سكونا
ً ولكل خافق
سكونا
ً إذا ھبت رياحك فاغتمنھا *** فإن لكل خافقة
وال تغفل عن اإلحسان فيھا *** فال تدرى السكون متى يكون
ﱠ
الموكل بالسيئات -ليرفع القلم ست ساعات عن العبد إن صاحب الشمال َ َ -
الملك
المسلم المخطئ ؛ فإن ندم واستغفر ﷲ منھا ألقاھا ،وإال كتبت عليه واحدة فضال ً ِمن
دنوّ األجل ،لنندم
عجل قبل ِ
ومنة ،والتائب من الذنب كمن ال ذنب له ،التوبة على َ َ
ﷲ ِﱠ
إنما
ونقلع ،ونرد المظالم ،ولنخالط الصالحين؛ فبخلطة الصالحين نتذكر رب العالمين ِ ) .ﱠ َ
ثم َيتوبون من قريب فأولئك أتوب عليھم السوء ِ َ َ َ ٍ
بجھالة ُ ﱠ ﱡ َ ُون
يعمل َ ﷲ ِﱠ ِ َ
للذين َ ْ َ التوبة َ َ
على ِ ﱠَْ ُ
وكان ﷲ عليما حكيما(
يا نفس توبي قبل أن ال تستطيعي أن تتوبي
واستغفري لذنوبك الرحمن غفار الذنوب
إن المنايا كالرياح عليك دائمة الھبوب
يا من يرى مد البعوض جناحھا
في ظلمة الليل البھيم األلين
النحل
ويرى نياط عروقھا في مخھا *** والمخ في تلك العظام ُ َ ِ ّ
رب اغفر لجمع تاب من ذالتھا *** ما كان منه في الزمان األول
بعزك ِ ّ
وذلنا إال رحمتنا .نسألك بقوتك نسألك اللھم باسمك األعظم ،نسألك اللھم ِّ
وضعفنا ،بغناك وفقرنا إليك إال غفرت لنا .ھذه نواصينا الخاطئة الكاذبة بين يديك .عبادك
سوانا كثير وال رب لنا سواك .ال ملجأ وال منجى إال إليك ،ال مھرب منك إال إليك .نسألك
مسألة المسكين ،ونبتھل إليك ابتھال الخاضع الذليل ،وندعوك دعاء الخائف الضرير،
وذل لك قلبه إال
ﱠ ونسألك سؤال من خضعت لك رقبته ،ورغم لك أنفه ،وفاضت لك عيناه،
رحمتنا وتقبلتنا .من يغفر الذنوب إال أنت؟ ،من يستر العيوب إال أنت؟ .اللھم آمن روعاتنا،
واستر عوراتنا ،واحفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا وعن أيماننا وعن شمائلنا ومن فوقنا،
نغتال من تحتنا ،اللھم تقبلنا فيمن تقبلت ،اللھم تقبل منا أحسن ما
َ ونعوذ بك اللھم أن ُ
رباه من يفتح الباب إن أغلقته ،من يعطينا العطاء إن
وتجاوز عن سيئ ما عملنا ،ﱠ
ْ عملنا،
منعته .اللھم تقبلنا في التائبين ،واغفر ذنوب المذنبين .اللھم إنا عبيدك ،بنو عبيدك ،بنو
جازنا باإلحسان
ِ إمائك ،في حاجة إلى رحمتك ،وأنت في غنى عن عذابنا ،اللھم
عفوا وغفرانا .اللھم تقبل منا إنك أنت السميع العليم ،وتب علينا إنك
ً إحسانا ،وباإلساءة
ً
أنت التواب الرحيم .سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسالم على المرسلين والحمد
9رب العالمين.
والجود
ُ والعال
ُ تم الكالم وربنا محمود *** وله المكارم
قمري وأورق ُعود
وعلى النبي محمد صلواته *** ما ناح ُ ْ
***********
يقول أحدھم :حبذا لو دعوت الشباب إلى أن يأخذوا في طريقھم قبل أن يأتوا
إلى حضور حلقات الذكر إخوانھم الذين ربما انشغلوا وربما غفلوا.
واحدا خير لك من حمر النعم إن ]أبا
ً يھدي ﷲ بك رجال ً
َ فأقول لھم :يا أيھا األحبة ألن
بكر[ -رضي ﷲ عنه وأرضاه -يدخل على المصطفى -صلى ﷲ عليه وسلم -فيؤمن
برسالته ،ثم يخرج من عنده ويرجع وقد أدخل في دين ﷲ -بإذن ﷲ -ستة من العشرة
المبشرين بالجنة ،يأتي يوم القيامة وھم في ميزان حسناته .فھال ركزت جھدك على
ذقته من حالوة اإليمان .إن من أعظم األخوة علينا أن نشارك
أن تأتي بواحد لتذيقه ما ُ َ
غيرنا فيما نشترك فيه في حلقات الذكر .إن المؤمنين وھم في الجنة على مقاعدھم
سرر متقابلين يتذكرون بعض إخوانھم من أصحاب الكبائر ،يتذكرون بعض
إخوانا على ُ ُ
ً
إخوانھم فيقولون :يا رب كيف ننعم وإخواننا يعذبون؟ كيف ننعم وإخواننا يعذبون؟ فيأذن
ﷲ –عز وجل -بالشفاعة لكل رجل جلس مع آخر ولو لساعة واحدة يذكر فيھا ﷲ –عز
وجل " .-وما اجتمع قوم في بيت من بيوت ﷲ ،يتلون كتاب ﷲ ،ويتذاكرونه ويتدارسونه
فيما بينھم ،إال نزلت عليھم السكينة ،وغشيتھم الرحمة ،وحفتھم المالئكة ،وذكرھم
اتجھنا ،وسبحان ﷲ وبحمده،
أنا ﱠ
ﷲ فيمن عنده" أسأل ﷲ أن يوفقنا وإياكم للخير ﱠ
أشھد أن ال إله إال ھو ،أحمده وأستغفره وأتوب إليه.
الحمد 9حمدا كثيرا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى اللھم لك الحمد ملء السماوات
واألرض فكل الحمد لك اللھم لك الشكر ملء السماوات واألرض فكل الشكر لك نحمدك
على نعمة اإلسالم واإليمان والقرآن ونحمدك على أن ھديتنا لإلسالم وجعلتنا من أمة
خير األنام صلوات ﷲ وسالمه عليه نشھد أن ال إله إال أنت وحدك ال شريك لك وأن
محمدا عبدك ورسولك صلى ﷲ عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لھم بإحسان وسلم
تسليما كثيرا السالم عليكم ورحمة ﷲ وبركاته واسأل ﷲ عز وجل أن يجعل ھذه
الدقائق في ميزان الحسنات في يوم تعز فيه الحسنات في يوم الحسرات وأن يجعل
من تسبب في ذلك بشيء قليل أو كثير يجعل ھذه في ميزانه وأن يجعلھا له من
الباقيات الصالحات ھو ولي ذلك والقادر عليه أيتھا األخوات المؤمنات إدارة ومعلمات
وطالبات ومنسوبات أوصيكن ونفسي بتقوى ﷲ عز وجل وأن نقدم ألنفسنا أعمال
تبيض وجوھنا يوم أن نلقى ﷲ )يوم ال ينفع مال وال بنون إال من أتى ﷲ بقلب سليم(
)يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسھا( )يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا
وما عملت من سوء تود لو أن بينھا وبينه أمدا بعيدا( )يوم يبعثر ما في القبور ويحصل ما
في الصدور( يوم تبلى السرائر وتنكشف الضمائر يوم الحاقة والطامة والقارعة والزلزلة
والصاخة )يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منھم يومئذ شأن
يغنيه(
أيتھا األخوات من أنتن لوال اإلسالم واإليمان والقرآن؟ أنتن باإلسالم وباإليمان والقرآن
أسماعكن قليال ،لتعرفن تلك النعمة التي
ﱠ تعرنني
ولعلكن ُ ِ
ﱠ شيء وبدونھا وﷲ ال شيء،
وأنتن تتبوأن
ﱠ تسمعن لحال المرأة في عصور الجاھلية،
ْ تعشنھا في ھذه األيام ،يوم
أنتن ِ ْ َ
ﱠ
تباع
وتزدرىَ ُ ،
وتشترىُ ،يتشاءم منھا ُ
نعمة الھداية .كيف كانت المرأة؟ كانت سلعة ُتباع ُ
تملك ،للزوج حق والبغاءُ ،تورث وال َترثَ ُ ،
تملك وال َ ْ ِ ِ َ كالبھيمة والمتاعَ ْ ُ ،
تكره على الزواج
أختلف فيھا في بعضالتصرف في مالھا –إن ملكت مالھا -بدون إذنھا ،بل لقد ُ ْ ِ َ
الجاھليات ،ھل ھي إنسان ذو نفس وروح كالرجل أم ال؟ ويقرر أحد المجامع الروسية
الضحك –
ﱠ ِ تمنع من
عقورَ ُ ،
نجس يجب عليه الخدمة فحسب ،فھي ككلب َ ُ
أنھا حيوان َ ِ
أيضا-؛ ألنھا أحبولة شيطان ،وتتعدد الجاھليات ،والنھاية والنتيجة واحدة .جاھلية تبيح
للوالد بيع ابنته ،بل له حق قتلھا ووأدھا في مھدھا ،ثم ال ِقصاص وال َقصاص فيمن
مسودا وھو كظيم ،يتوارى من القوم من سوء ما
ً ظل وجھه
ﱠ بشر بھا
دية ،إن ُ ّ ِ
قتلھا وال ِ َ
يدسه في التراب.
ﱡ ھون ،أم
ٍ بشر بهَ ِ ْ ُ ،
أيمسكه على ُ ِّ
تمسه من طعام أو إنسان
وعند اليھود إذا حاضت تكون نجسة ،تنجس البيت ،وكل ما َ ﱡ
تطھرت عادت لبيتھا ،وكان
ﱠ أو حيوان ،وبعضھم يطردھا من بيته؛ ألنھا نجسة ،فإذا
بعضھم ينصب لھا خيمة عند بابه ،ويضع أمامھا خبزا وماء كالدابة ،ويجعلھا فيھا حتى
تطھر.
عباد البقر يجب على كل زوجة يموت زوجھا أن ُيحرق جسدھا
وعند الھنود الوثنيين ُ ﱠ
حية على جسد زوجھا المحروق.
وعند بعض النصارى أن المرأة ينبوع المعاصي ،وأصل السيئات ،وھي للرجل باب من
أبواب جھنم ،ھذا كله قبل بعثة محمد –صلى ﷲ عليه وسلم.-
اسمعي لقائلھم سمع الكبار يوم يقول وھو أحد الكفار الذي يتربص بك وبأخواتك
وبالمؤمنين الدوائر يقول :ال تستقيم حالة الشرق اإلسالمي لنا حتى ُيرفع الحجاب عن
وخسر. وجه المرأة ُ ،ﱠ
ويغطى به القرآن ،وحتى تؤتى الفواحش والمنكرات .وخاب َ ِ
كذابا -يخاطب بذلك الحجاب.-
ً حارسا
ً مزقيه بال ريث ،فقد كان
مزقيه ِّ
ويقول اآلخرِّ :
ويقول اآلخر :إلى متى تحملين ھذه الخيمة؟.
والكلية .
ﱠ ويقول آخر :ينبغي أن تبحثي عن قائد يقودك إلى المدرسة
ِّ
ونخلصھا من قيود الدين .خاب وخسر. ويقول آخر :البد أن نجعل المرأة رسوال ً لمبادئنا،
ويقول اآلخر :إن الحجاب خاص بزوجات رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم. -
فأين تنطلي مثل ھذه األمور؟ وأين ھذا من القرآن؟ إنه لم يعرف القرآن ،ولو عرف القرآن
ونسآء ْ ُ ْ ِ ِ َ
المؤمنين( وبناتك َ ِ َ ِ
ألزواجك َ َ َ ِ َ
النبي ُقل ْ َ ِ َ لقرأ قول ﷲ في القرآنَ ) :يا َ ﱡ َ
أيھا ﱠ ِ ﱡ
ويقول أحدھم -وھو ]قاسم أمين[ ،من الذين تأثروا بالغرب -يقول :إن الحجاب ضرر على
ِّ
ويحكم عقله ،وينظر إلى المرأة؛ فھو معرقل لحياتھا اليومية يضرب باآليات عرض الحائط،
الغرب الھائم .فعامله ﷲ –عز وجل -بما يستحق.
وآخر يقول :كأس وغانية تفعالن في األمة المحمدية ماال يفعله ألف مدفع؛ فأغرقوھم
والملذات.
ﱠ في الشھوات
كيف جاءت ھذه األمور؟ إنھا لم تأتنا إال من أعداء اإلسالم ،على طريقة من؟! على
ربوا على أفكار أولئك.
طريقة الذين ُ ﱡ
مرتبا له من مصر إلى بريطانيا أيام االحتالل ،ليعود من ھناك
منفيا ُ ً
ً يخرج ]سعد زغلول[
رتب له األمر ،فإذا بسرادق النساء في استقباله،
وھو بطل وزعيم وطني قومي ،وقد ُ ِ ّ
وإذا بزوجته ]صفية زغلول[ –انتسبت إليه ،وال تنسب إلى أبيھا على طريقة الغربيات
ولما وصلت إلى ھناك ،وجاءوا
ﱠ الكابرات -تأتي معه على ظھر الباخرة ،وتصل إلى ھناك،
الستقباله إذا األمر مرتب ،ينزل وينطلق مباشرة إلى سرادق النساء ،إلى سرادق
الحريم المحجبات فتقوم ]ھدى شعراوي[ –عاملھا ﷲ بما يستحق -تقوم إليه محجبة،
مد اليھودي قبل ذلك يده فدفع ثمن ذلك نفسه -يمد يده
فينطلق إليھا ليمد يده –وقد ﱠ
ليعلن
يصفق النساء ِ ُ ْ ِ ﱠ
ِّ ويصفق ،ثم
ِّ وتصفق ،ويضحك
ِّ إلى حجابھا ويرفع ذلك ،وھي تضحك
وليبدأن في تقليد الكافرات ،ھذا ھو عمله ،فماذا فعلت؟ التي
َ الرذيلة من ذلك اليوم،
ﱠ
صفية[ ،انطلقا في مظاھرة ظاھرھا وھدفھا مناوأة
ﱠ قامت بالدور بعد ذلك ]ھدى[ و]
االحتالل اإلنجليزي ،وانطلقا إلى ميدان اإلسماعيلية ،ليقفا في ذلك الميدان محجبات
سود كالغربان ،كما أمر النبي –صلى ﷲ عليه وسلم -ولكن لحاجة في نفسھن ،رمين
ليعلن التمرد على القيم َْ
أحرقنه في تلك الساحات ُ ،ﱠ ودسنه باألقدام ،ثم
الحجاب ُ ْ َ ُ
واألخالق اإلسالمية ،فماذا كان بعد ذلك؟! حصل في >مصر< ما حصل ،حصل فيھا أن
بدأ التغريب ھناك على يد ھؤالء ،وبين أيادي المؤمنات ،وعلى مرأى المسلمين
والمسلمات.
ماذا حصل؟! انطلقوا مباشرة ،فإذا بالرجل ينطلق إلى جنب المرأة مباشرة ،وإذا به
ِّ ً
ومعلما فيما بعد ،وإذا باألمور تنفرط، ً
تلميذا يعمل معھا ،وإذا بھا يخالطھا في المدرسة
ليس ھناك فتدب العدوى إلى بالد عربية ،حتى يكاد ال َ ْ َ
يسلم من ذلك بلد إال من رحم
ﷲ ،وقليل ما ھم .وإذا بنا نئن ونشكو من اختالط ،من رذيلة توأد ،ومن طھر وعفاف
صمت ،واتجھت ِ ّ
تقلد يوأد ،وإذا الفساد ينتشر ،وإذا الداعية يطيح ھنا وھناك ،فإذا اآلذان ُ ﱠ
الغرب حتى في لباسھا ،قامت تقلدھم في الموضة واألزياء .جاءت ھذه الصرعات
فاستنفذت البيوت واستنفذت ميزانيات األسر .حتى إنك لترى التي بلغت الخامسة
عشر ال زال لباسھا من فوق ركبتھا ،وتقول :الزلت صغيرة ،فإنا 9وإنا إليه راجعون.
سواء ]ھدى[ أو ]قاسم[ أو ]زغلول[ أو غيرھم من الدعاة
ً وما –وﷲ -ذكرت من ھؤالء
ھنا وھناك إال نماذج للدعاة على أبواب جھنم الذين ألقوا بحجابھم ،وداسوه باألقدام
يتحدون مشاعر المسلمين ،والذين يكتبون لتحرير المرأة ،والذين وقفوا بذلك
إنما َ َ ﱠ ْ
ﱡ
والطھر والشك، والخلُق
ُ الميدان وسموه ميدان التحرير إنما ھو التحرر من الفضيلة
بھا
يفقھون ِ َ
ُوب ال َ ْ َ ُ َ يبيتون ھم وأذنابھم إلى يوم يبعثونْ ُ َ ) .
لھم ُقل ٌ يكتبون ،وﷲ يكتب ما ُ ِ ّ
أولئك ھم َ َ ُ
أضل ُ َ ِ َ بل ُ ْ أولئك َ َ ْ َ ِ
كاألنعام َ ْ بھا ُ َ ِ َ
يسمعون ِ َ
آذان ال َ ْ َ ُ َ بھا َ َ ُ
ولھم َ ٌ يبصرون ِ َ ولھم َ ْ ُ ٌ
أعين ال ُ ْ ِ ُ َ ََ ُ
الصدور( .أختي
ﱡ ُ ِ التي ِفي
ُوب ِ
القل ُ
تعمى ُ األبصار َ َ ِ
ولكن َ ْ َ تعمى ْ َ ُ ُون( ) َ ِ ﱠ َ
فإنھا ال َ ْ َ الغافِل َ
ھم َُ ُ
يكن
أھل ألن َ ُ ﱠ
ٌ الكتاب والراقصات والعاھرات
المؤمنة؛ ھل لھؤالء ومن على أدرابھم من ُ ﱠ
قدوة للصالحات المؤمنات القانتات الصابرات الخاشعات ؟ نعوذ با 9من االنتكاس ،
السمو ،والطھر ال
ﱡ ُ ﱡ ونسأل ﷲ الثبات حتى الممات .أنت الطھر ،وأنت الفضيلة ،وأنت
بالسفل .
ﱡ ْ بالرّجس والمھين ،والفضيلة ال تقتدي بالرذيلة ،والسمو ال يقتدي
ِ يقتدي
خابوا وخسروا وتعسوا وانتكسوا .
أغيظيھم وقولي بلسان حالك ومقالك:
كمدا *** من مات من غيظه منھم له كفن
ً الحصى
صم َ َ
دعھم يعضوا على ُ ِ ّ
التحديات ،آمالنا في
ِّ ِّ
والمعلمة أن تكون أقوى من ِّ
المتعلمة إن آمالنا في المسلمة
المسلمة في كل مكان وآمالنا في المسلمة في ھذه الجزيرة أن تكون أقوى من
التحديات ،تعتز بدينھا ،تتمسك بعقيدتھا ومبادئھا وأخالقھا ،بل وتدعو إليھا؛ فذلك من
دينھا.
ھاھو رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم -يخبر ليلة اإلسراء أنه كما قال" :فلما كانت
طيبة ،فقلت :ما ھذا الرائحة الطيبة يا جبريل؟
على رائحة ِ ّ
ﱠ الليلة التي ُ ْ ِ َ
أسري بي أتت
قال :ھذه رائحة ماشطة بنت فرعون وأوالدھا" أتدرون ما خبر ھذه المرأة؟ وما خبر ھذه
يثبت المرأة أمام شھواتھا ،وأمام رغباتھا،
اسمعن إليھا؛ فلعل فيھا ما ِ ّ
َ الماشطة؟
عموما .ھذه كانت تمشط بنت فرعون ،ذات يوم من األيام ،وبينما
ً والترغيب والترھيب
بالمدرى يسقط من
ِ ْ َ تمشط بنت فرعون –وھو الذي يقول :أنا ربكم األعلى -وإذا
ِّ ھي
المفرق التي تفرق به الشعر يسقط من يديھا ،-ويوم سقط من يديھا
يديھا- ،المشط أو ِ ْ َ
قالت :باسم ﷲ –وقد كانت تخفي إيمانھا قبل ذلك -فقالت بنت فرعون :أبي؟ قالت:
جميعا ،فقالت :إذاً أخبره بذلك ،قالت:
ً باسم ﷲ ربي ،ورب أبيك ،وربك رب العالمين
ربا
إن لك ً
وتجبره ،ووقف عندھا ،وقال :أو ﱠ
ﱡ تكبره
افعلي ،فذھبت وأخبرت أباھا ،فجاء في ﱡ
ربا غيري؟! قالت :ربي وربك ورب الجميع رب العالمين سبحانه
غيري؟ أو إن لك ً
وبحمده ،فاغتاظ ،وقال :أما أنت بمنتھية؟ قالت :ال ،فقالً :
إذا أعذب أو أقتل ،قالت:
ورجليھا،
ْ يديھا
يعذبھا ،أوتد ْ
ِّ الدنيا( فانطلق ھذه ْ َ َ
الحياة ﱡ ْ َ تقضي َ ِ ِ
إنما َ ْ ِ اقضِ َما َ َ
أنت َقاض ِ ﱠ َ ) ْ
وصنف عليھا أنواع العذاب ،فكانت تمزج حالوة إيمانھا بمرارة العذاب ،فتطفو حالوة
اإليمان على مرارة العذاب ،فتشتاق وتقول :إنما ھي ساعات ،وإلى جنات ونھر ،في
مقعد صدق عند مليك مقتدر .يرسل عليھا العقارب لتلسعھا ﱠ
عله أن يصل إلى قلبھا ،ثم
الحيات
ﱠ يقول :أما أنت بمنتھية؟ فتقول :ربي وربك ﷲ رب العالمين ،فيعود ليرسل عليھا
ينوع عليھا
لتنھشھا ،ثم يقول :أما أنت بمنتھية؟ فتقول :ربي وربك ﷲ رب العالمينِّ ،
العذاب ،ويصنف عليھا ذلك ،وھي راسخة بإيمانھا وعقيدتھا ،قد علمت إنما ھي
بالنار ،قالت:
ﱠ سويعات ،ثم تعود إلى ﷲ –عز وجل -فماذا حصل؟ قال :إذاً أقتلك وأحرقك
قدر
الدنيا( فأمر ببقرة من نحاس ،قيل أنه ِ ھذه ْ َ َ َ
الحياة ﱡ ْ َ تقضي َ ِ ِإنما َ ْ ِ فاقضِ َما َ َ
أنت َقاضٍ ِ ﱠ َ )َ ْ
أذيبت ،ثم جيء بھا وبأوالدھا ليقفوا على طرف ھذه على صورة بقرة ،وقيل :إنھا بقرة ُ ِ
واحدا من أوالدھا ،وقبل أن يأخذه قالت :لي
ً النار ،يقف على طرف ھذه النار ،ثم يأخذ
إليك حاجة ،قال :وما ھي؟ قالت :أن تجمع عظامي مع عظام أوالدي ،ثم تدفننا في
ثوب واحد ،قال :ذلك لك علينا من الحق ،ثم رمى الولد األول فوقفت ،فوقف أخوه
الثاني وقال :اصبري يا أماه ،فإن لك عند ﷲ كذا وكذا إن صبرت ،ثم رمى بالثاني ،فقال
الثالث :اصبري يا أماه؛ فإن لك عند ﷲ كذا وكذا إن صبرت .ويرمي بھم واحدا ً بعد اآلخر،
يبق سوى طفل على ثديھا رضيع لم ينطق
َ وھي تقول :ربي وربك ﷲ رب العالمين .لم
بعد في شھوره األولى ،فما كان منھا إال أن ترددت أن تلقي بنفسھا مع أوالدھا من
أجل ھذا الرضيع ،ويشاء ﷲ ،فيطلق الثدي وينطقه ﷲ الذي تعبده؛ ربھا ورب كل
أھون من عذاب اآلخرة ،فتقتحم مع طفلھا
ُ شيء ،فيقول :يا أماه اقتحمي؛ َ
لعذاب الدنيا
ُ
لتلقى ﷲ -عز وجل ،-راسخة ثابتة بإيمانھا؛ فعليھا رحمة ﷲ ورضوانه .لم يقف األمر
عند ذلك ،بل كانت ]آسيا بنت مزاحم[ زوج فرعون ،والتي ربت ]موسى[ –صلوات ﷲ
نتخذه ينفعنا َ ْ
أو َ ﱠ ِ َ ُ عسى َأن َ ْ َ َ َ
ُوه َ َ
تقتل ُ عين لي َ َ َ
ولك ال َ َ ْ ُ قرت َ ْ ٍ
وسالمه عليه -والتي قالت ُ ) :ﱠ ُ
خوفا من أن يفتنھا عن ً ولدا( كانت تراقب الموقف وھي مؤمنة ،ولم تعلن إيمانھا بعد؛ ََ ً
دينھا ،ولما رأت من الماشطة ما رأت ،فقوي في قلبھا إيمانھا ،وتعلقت بربھا؛ رب
متبجحا وقد علمت ما حصل ،فقال :فعلت بالماشطة كذا
ً العالمين .فجاء إليھا ليخبرھا
وكذا ،فقالت :الويل لك ،ما أجرأك على ﷲ! الويل لك ما أجرأك على ﷲ! الويل لك ،ما
آمنت با 9ربي ورب
أجرأك على ﷲ! قال :لقد اعتراك جنون الماشطة ،قالت :بل َ ْ ُ
الماشطة ،وربك رب العالمين .آمنت با 9رب العالمين ،فذھب إلى والدتھا ،وقال:
ألذيقنھا ما ذاقته الماشطة أو لترجع ،فجاءت أمھا –برحمتھا وشفقتھا عليھا -تعرض
ﱠ
عليھا أن تتنازل عن دينھا –وھي إنما تتنازل عن الجنة التي عرضھا السماوات واألرض-
فماذا كان منھا؟ قالت :يا أماه أما أن أكفر با ،9فوﷲ ال أكفر با ،9عندھا بدأ في
ﱠ َ
ووكل من يعذبھا يصنف عليھا وعرضھا ألشعة الشمس،
ﱠ يديھا ورجليھا،
التعذيب ،أوتد ْ
أنواع العذاب ويقول :أما أنت بمنتھية؟ فتقول :لن أنتھي حتى ألقى ﷲ –أو كما قالت-
يھدد – قالت :ال أرجع عن ذلك
ِّ فيأتي بعد ذلك ،ويقول :ألرمينك بكذا وكذا من الصخور –
أبدا ،فماذا يحصل بعد ذلك؟ كان الذين يعذبونھا في حرارة الشمس ينصرفون عنھا
ً
ﱠ
لتظلھا بأجنحتھا ،ثم يرجع إليھا ويعرض بعيدا عنھا؟ فإذا ذھبوا ،نزلت المالئكة
ً ويذھبون
عليھا مرة أخرى ،فترفض فيرمي بالصخرة عليھا لتلقى ﷲ –عز وجل -ثابتة بإيمانھا.
ھذا خبر من قبلنا من األمم.
فما خبر من بعد البعثة؟ إن الخبر ليستلزم أن نقف عند ]خديجة[ –رضي ﷲ عنھا -تلك
المؤمنة صاحبة الثراء ،وصاحبة الجاه ،وصاحبة المال ،التي تزوجت رسول ﷲ –صلى ﷲ
وثبتته يوم خاف ،ويوم عاصرت
عليه وسلم -وكانت أول مؤمنة به ،وآزرته في محنته ،ﱠ
نزول القرآن من أول لحظاته ،كانت أول مثبت للنبي –صلى ﷲ عليه وسلم ،-وھي
التي جاء النبي –صلى ﷲ عليه وسلم -منھا الولد ،وكان يذكر ذلك لھا بعد موتھا ،رضي
يوما من األيام ،وھي تبكي بعد موت ابنھا
ﷲ عنھا ،وصلى ﷲ عليه وسلم .جاء إليھا ً
بودي لو عاش حتى
ُبينة القاسم ،فكان ِ ّ
درت ل َ َ
]القاسم[ ،فيقول :ما بك؟ قالت َ :ﱠ
مرضعا تستكمل له
ً يستكمل رضاعته ،فقال –صلى ﷲ عليه وسلم :-إن له في الجنة
رضاعته ،فھان عليھا ما كان ،ثم قامت معه حتى أنزل عليه الوحي ،وجاء إليھا يرتعش
مرتعدا؛ لما رأى جبريل وھو يقول له :اقرأ ،وھو يقول لھا :زملوني ّ ِ ،
دثروني، ً خائفا
ً
أبدا؛
فيقول لھا :وﷲ يا خديجة لقد خشيت على نفسي ،قالت :كال وﷲ ال يخزيك ﷲ ً
الضيف ،وتكسب المعدوم ،وتعين على نوائب الحق .وقفت
ﱠ وتقرى
الكلِ ْ ُ ،
ﱠ إنك لتحمل
شدته ومحنته ،وما تراجعت عن ذلك مع أنھا
ﱠ معه –صلى ﷲ عليه وسلم -فقاسمته
وجاھا يوم
ً سؤددا وماال ً
ً صاحبة الجاه ،وصاحبة السؤدد ،وصاحبة المال ،فزادت ذلك
ارتقت ألن أفقد ولدي خير لي من أن أفقد حيائي وديني ،إن ﷲ خاطب رسوله فقال:
جالبيبھن( ووﷲ ما يدنين َ َ ْ ِ ﱠ
عليھن ِمن َ َ ِ ِ ِ ﱠ ونساء ْ ُ ْ ِ ِ َ
المؤمنين ُ ْ ِ َ وبناتك َ ِ َ ِ
ك َََ ِ َ
ألزواج َ
النبي ُقل ْ َ ِ ) َيا َ ﱡ َ
أيھا ﱠ ِ ﱡ
سير ھؤالء األعالم .وادعي
أنا بخير منھن .فتخلقي بأخالق أھل اإلسالم ،وارجعي إلى ِ َ
إلى ﷲ –عز وجل -فإنك مسؤولة عن علمك ،ماذا عملت به أيتھا المؤمنة فما عسى
قبلك.
ﷲ أن تؤتى البيوت من ِ َ ِ
فاَ 9
َ يكون الجواب؟ المرأة المسلمة على ثغرة عظيمة.
ﷲ أن يؤتى أبناء المسلمين من قبلك.
وﷲ َ
َ قبلك.
ﷲ أن يؤتى اإلسالم من ِ َ ِ
وﷲ َ
َ
مثل لك؛ ألن الخير يستمر في األمة إلى قيام الساعة واألمثلة كثيرة في ھذا
ھاھي َ َ
العصر والذي قبله.
ھاھي ]بنان الطنطاوي[؛ ابنة الشيخ الوقور ]على الطنطاوي[ غفر ﷲ لنا وله ،وتجاوز
عنا وعنه؛ زوجة ]عصام العطار[ علمت مسؤولية الزوجة في البيت ،وآمنت بربھا ،ودعت
بما تستطيع ،وھيأت لذلك الداعية أن يدعو إلى ﷲ –عز وجل .-انطلق يرد الناس من
الضاللة إلى الھدى ،ومن الغواية إلى الھدى والھداية ،فأغاظ ذلك المنافقين ،والذين
يشرقون بالنور ،والذين ما يعيشون إال في الظالم ،فما كان منھم إال أن سجنوه في
َ ْ َُ َ
سجن من السجون ،فأرسلت إليه رسالة ،فما فحوى ھذه الرسالة يا أيتھا الداعية ،يا
ِّ
المتعلمة؟ اسمعي إلى ھذه الرسالة ماذا تقول لزوجھا وھو في ِّ
المعلمة ،يا أيتھا أيتھا
في ،وال في أھلك ،وال في مالك ،وال في ولدك،
ﱠ ِّ
تفكر سجنه؟ تقول له :ال تحزن وال
يخصنا ،وإنما
ﱡ ً
شيئا ولكن ِّ
فكر في دينك وواجبك ودعوتك؛ فإننا –وﷲ -ال نطلب منك
يبيض وجھك ،ويرضي ربك الكريم ،يوم تقف
نطلبك في الموقف السليم الكريم الذي ِ ّ
يديه حيثما كنت ،وأينما كنت ،أما نحن فا 9معنا ،ويكتب لنا الخير ،وھو أعلم وأدرى
بين ْ
سبحانه وأحكم.
انظر إلى ھذه الكلمات ،كيف وقفت معه وھو بعيد عنھا ،وقفت معه ألنھا تعلم أنھا على
ليشرد
فسدت تلك الثغرة ،ثم يشاء ﷲ أن يخرج من ذلك السجن ُ ﱠ ﱠ ً
ثغرة ذھبت وأن
ﱠ ثغرة
شرد في ديار الغرب ،وما ُأخرج وما ُ ِ
نقم منه إال أن قال :ربي ﷲ ،واعتز بدينه ومبادئهِّ ُ ،
ً
أيضا ليرفع درجته بإذن ﷲ –عز وجل، - في بالد الغرب ،ويبتليه ﷲ –عز وجل -ھناك
مشردا عن أھله
ً ويوم ابتاله ﷲ –عز وجل -ھناك بكونه يعيش بين الكفار ،وكونه
يشل في ديار الغرب ،ال أھل ،وال صاحب ،وال صديق ،لكن له
ﱡ وغيرھمُ ،يبتلى بالشللُ ،
سجن من أجله ،وله ﷲ الذي دعا من أجله. ﷲ الذي ُ ْ ِ
أخرج من أجله ،وله ﷲ الذي ُ ِ َ
فماذا فعلت ھذه الزوجة؟ بعيدة عنه ،بعيدة بجسمھا لكن قلبھا معه ،وروحھا معه،
ھدفھا وھدفه واحد؛ وھو نشر دين ﷲ ،ولقاء ﷲ ،والتعامل مع ﷲ –عز وجل.-
كتبت إليه رسالة ھناك وقالت :ال تحزن يا ]عصام[ ،وال تأس ،يرفع ﷲ من يبتليه ،إن
عجزت عن السير سرت بأقدامنا ،وإن عجزت عن الكتابة كتبت بأيدينا ،وﷲ معك ،ﷲ
يترك ،ولن يضيع لك ما أنت فيه .ثم تنطلق بعد ذلك لتلحق به في ديار
ﷲ معك ولن َ ِ َ
جنت الدعوة ﱠ
حظھا ،وال لتجلس بجانبه وتقولَ َ : الغرب إلى ھناك ،ال لتجلس بجانبه تندب
عليه ،ال ،وإنما لتجلس بجانبه ھناك ،لتأخذ أفكاره ،وتأخذ علمه ،فيكتب ھو بيدھا،
إسالميا في ديار الكفر ،فال إله إال ﷲ .كم من تائبة تابت
ً مركزا
ً ويسير بقدمھا ،فتنشئ
ً
شيئا إال الحياة البھيمية ردھا ﷲ على كافرة ال تعرف
ٍ على يديھا ھناك ،وكم من ضالة
يد ]بنان الطنطاوي[ ،ھناك مع زوجھا تستشيره ليعطيھا المعلومات ،فتنطلق ويأبى
يشرقون بھذا الدين أن يروا للخير قولة أو جولة ،ويأتي ثالثة رجال يبحثون
أولئك الذين َ ْ َ ُ
عن ذلك المشلول في تلك البالد ،وما وجدوه إال أن ﱡ
دلوا على شقته ،فجاءوا
فاقتحموھا ،وتقدموا على ھذه الداعية المسكينة -امرأة في بيت غربة ،وبعيدة ،لكن
معھا ﷲ الذي قدمت نفسھا له -فإذا بھا ُيطلق عليھا خمس رصاصات؛ في العنق ،وفي
مدرجة بدمائھا .أسأل ﷲ أن يجعلھا من أھل الفردوس
الكتف ،وفي اإلبط ،لتسقط ُ ْ َ
األعلى .أسأل ﷲ أن يكتب لھا ولمن بعدھا من أھلھا النعيم المقيم السرمدي األبدي
الذي ال يزول .وأسأل ﷲ أن يوقظ في بنات المسلمين ومعلمات ومتعلمات المسلمين
نماذج مثل تلك النماذجَ َ ْ َ ،
وأعظم من تلك النماذج.
عھدا ،فقال:
ً أخيرا .توبي إلى ﷲ ،واستغفري ﷲ؛ فإن الشيطان قد قطع علي نفسه
ً
وعزتك وجاللك ألغوينھم ما دامت أرواحھم في أجسادھم ،وﷲ يقطع العھد على
نفسه –ورغمت أنف إبليس -وعزتي وجاللي ال أزال أغفر لھم ما استغفروني.
وأقر أعيننا بصالح
ﱠ مدرارا،
ً غفارا ،أرسل السماء علينا
ً فاللھم إنا نستغفرك ،إنك كنت
المؤمنين والمؤمنات ،والمسلمين والمسلمات .اللھم إنا نسألك بأسمائك الحسنى،
وصفاتك العال أن تجعلنا من الصالحين ،وأولياء ﷲ الذين ال خوف عليھم وال ھم يحزنون،
ھمه ﷲ والدار اآلخرة.
ﱠ وأن تجعلنا ممن باع نفسه ،9فجعل
تقر
أسأل ﷲ أن يرينا من بنات المسلمين ،وأمھات المسلمين ،وأخوات المسلمين ما َ ﱡ
به األعين ،صالحات ،قانتات ،تائبات ،عابدات .أسأل ﷲ بأسمائه الحسنى ،وصفاته
صغرت أو َ ُ َ
كبرت سببا في ھذا االجتماع ،ومن ساھم فيه بأي مساھمة َ ُ َ
ً العال ،من كان
عظيما؛ فأنت أھل التقوى ،وأھل المغفرة.
ً عظيما
ً أن تجعل له ذلك في ميزان الحسنات
أن الحمد 9رب العالمين .
وآخر دعوانا ِ
إن الحمد ، 9نحمده و نستعينه ونستغفره ونتوب إليه ،و نعوذ با 9من شرور أنفسنا ،
ﱠ
مضل له ،و من ُيضلل فال ھادي له ،أشھد أن
يھده ﷲ فال ُ ﱠ
ومن سيئات أعمالنا ،من َ ْ ِ
ال إله إال ﷲ ،وحده ال شريك له ،له الملك و له الحمد ،و ھو على كل شيء قدير ،و
فشرح به الصدور ،وأنار
َ ً
رحمة للعالمين ، محمدا عبد ﷲ ورسوله ،أرسله ﷲ ً أشھد أن
غلفا ،صلى ﷲ عليه وعلى آلهً وقلوبا
ً صما
وآذانا ُ ً
ً عميا به العقول ،وفتح به َ ْ ُ ً
أعينا ُ ْ ً
ﷲ
اتقوا َ
آمنوا ﱠ ُ
الذين َ ُ كثيرا َ ) .يا َ ﱡ َ
أيھا ﱠ ِ َ ً تسليما
ً وأصحابه والتابعين لھم بإحسان و سلم
سديدا وقولُوا َ ْ
قوال َ ِ ً ﷲ َُ
اتقوا َآمنوا ﱠ ُالذين َ ُ مسلمون ( ) َيا َ ﱡ َ
أيھا ﱠ ِ َ تموتن ِإال ﱠ َ َ ْ ُ
وأنتم ﱡ ْ ِ ُ َ تقاته َوال َ َ ُ ُ ﱠ
حق ُ َ ِ ِ
َ ﱠ
عظيما ( أما فاز َ ْ ً
فوزا َ ِ ً فقد َ َ ﷲ ََ ُ َ ُ
ورسوله َ َ ْ يطعِ َ
ومن ُ ِ
نوبكم َ َ ويغفر َ ُ ْ
لكم ُذ ُ َ ُ ْ لكم َ ْ َ َ ُ ْ
أعمالكم َ َ ْ ِ ْ يصلح َ ُ ْ
* ُ ْ ِ ْ
بعـد ،
عباد ﷲ :أوصيكم و نفسي بتقوى ﷲ ،و أن نقدم ألنفسنا أعماال ً ُ َ ِ ّ
تبيض وجوھنا يوم
سليم ( ثم اعلموا علمب َ ِ ٍ ﷲ ِ َْ
بقل ٍ من َ َ
أتى َ مال َو ال َ َ ُ َ
بنون * ِإال ﱠ َ ْ يوم ال َ َ َ ُ
ينفع َ ٌ نلقى ﷲ َ ْ َ ) ،
يقين أن حكمة ﷲ اقتضت أن يكون الحق و الباطل في خالف دائم ،و صراع مستمر ،
بزغ
الطيب ،فمنذ َ َ َ
ِّ إلى أن يرث ﷲ األرض و من عليھا ،كل ذلك ليميز ﷲ الخبيث من
يھود و نصارى و مشركين يحاولون القضاء عليه بكل ما
ٍ نجم ھذا الدين و أعداؤه من
كره ْ َ ِ ُ َ
الكافرون ( حاول نوره َ َ ْ
ولو َ ِ َ متم ُ ِ ِ
وﷲ ُ ِ ﱡ ﷲ َِْ َ ِ ِ ْ
بأفواھھم َ ُ نور ِ يريدون ِ ُ ْ ِ ُ
ليطفئوا ُ َ يستطيعون َ ُ ِ ُ ) ،
أعداء ھذا الدين القضاء عليه في عھد النبي -صلى ﷲ عليه وسلم ـ فما أفلحوا ،
وحاولوا في عھد الخلفاء الراشدين -رضي ﷲ عنھم -فما أفلحوا ،ثم في العصور
المسلح تارة ،و بالمكر ََُ
المتأخرة إلى وقتنا ھذا و ھم يحاولون دائبين ؛ بالعنف و الصراع ُ
والخداع و الخطط و المؤامرات تارة أخرى ،ولسنا مجازفين –وﷲ -عندما نقول ذلك ؛
دينكم ِإن ْ َ َ ُ
استطاعوا ( وﷲ جل وعال وكم َعن ِ ِ ُ ْ
يرد ُ ْ
حتى َ ُ ﱡ
ُونكم َ ﱠ
يقاتِل َ ُ ْ
ُون ُ َ فا 9يقول َ ) :وال َ َ َ
يزال َ
تتبع ِ ﱠ َ ُ ْ
ملتھم ( ھذه شھادة ﷲ على حتى َ ﱠ ِ َ
النصارى َ ﱠ عنك ْ َ ُ ُ
اليھود َوال َ ﱠ َ َ ترضى َ َ يقول ْ َ َ ) :
ولن َ ْ َ
أي شھادة أعظم من شھادة ﷲ و أصدق .والتاريخ في أعدائنا بما يريدونه منا ،و َ ُ
نبينا
وسنة ِ ّ
تمسكنا بكتابنا ُ ﱠ ِ
ﱠ أنى لھم أن يفلحوا ما
ماضيه و حاضره يشھد بذلك ،لكن ﱠ
محمد -صلى ﷲ عليه وسلم. -
ضد ِّ ْ َ ِ
الرفعة والنور ِ ﱠ
ﱡ ِ الھدى
ضد ُ َ جـندوا َ َ ِ ِ
طاقاتھم *** ِ ﱠ العـدا َ ْ
قد َ ﱠ كل ِ َﱡ
ﱡْ َ ِ
الظلمة الدجــى ِفيعبر ﱡ َوسـالحنا *** و منارنا َ ْ َ
درعـنا َ ِ َ ُ َ
ھـو ِ ْ ُ َ
إسالمنا ُ َ
ُ ِ
لوائھـا َيا ُ ﱠ ِ
أمتي بظل ِ َ َ
فامشي ِ ِ ِ ّ رافع َ ْ َ ُ
أعالمه *** َ ْ ِ بالعـقيدة َ ِ ٌ
ھـو ِ َ ِ َُِ
إنه َ َ ﱠ ِ
كالحـية شــرق َ َ ﱡ ِ
التحلل ،ﱠ ُ عزناَ-كالَ -و ال *** َ ْ ُ يقصد ِ ﱠ َالغـرب َ ِ
ال َ ْ ُ
َ
شدة ؟
من ِ ﱠ ِ نقـذ ِ ْ
ربي ُم ْ ِ ٌ ھواننا *** َ َ ْ ُ
أفغـير َ ِ ّ يقـصد ُ ﱠ َ
ذلـنا و َ َ َ َ ُ الكل َ ْ
ُ ﱡ
عباد ﷲ :يوم ُ ِ ّ
يقلب المرء صفحات الماضي المجيد ،ويتدبر القرآن الكريم ،ثم ينظر َ
عظيما ،
ً شاسعا و الفرق
ً البون
يجد َ ْ
لواقعنا ،ويقارنه بماضينا يتحسر ،يتحسر يوم َ ِ
يتحسر يوم يرى تلك األمة و قد كانت قائدة و إذا بھا قد أصبحت تابعة ،ثم يدرك أن
الحالك
ِ عما كان عليه أسالفنا ،ويتساءل المرء متى ينزاح ھذا السواد السبب ھو ُبعدنا ﱠ
تحيا ينبري َ ﱠ
لألمة أمثال خالد و ]صالح[ و ]القعقاع[ ؟ ،متى ُ َ من الذل و المسكنة متى َ ْ َ ِ
يبا (
قر ً عسى َأن َ ُ َ
يكون َ ِ قل َ َ
براءة ؟ ) ُ ْ
األنفال و َ َ
ُ عمران و
في القلوب آل ِ
صانع
ﷲ َ ِ ُ ﱠ ِّ
الظن َما ُ بجميل كأنما *** َ َ
نرى ِ َ ِ ِ حتى ﱠ
ﷲ ﱠ
لنرجو َ
ُ إنا
و ﱠ
لنستلھم منه الدروس والعبر في
ِ سريعا إلى الماضي المجيد
ً عودا
والعود أحمد ً َ ،
َ عودا
َ ً
يؤرخ التاريخ عودا لسيرة من لم ْ ِ
يطرق العالم دعوة كدعوته ،ولم ُ َ ِّ ھذا الحاضر العاثر ً َ ،
مصلح أعظم منه ،ولم تسمع ُأذن عن داعية أكرم منهعن ُ ِ
البشر
من َ َ ِمبعـوثٍ ِ َ
خـير َ ْ ُ
بأنه َ ْ ُشھدت *** ِ َ ﱠ ُ لمن َ ْ ُ ُ
أخالقه َ ِ َ ْ الفداء ِ َ ْ
روحي ِ َ ُ ُ ِ
القمر
الشمسِ َو َ َ ِﱠ البرية ضوء
عم َ ِ ﱠ َ كما *** َ ﱠالبـــالد َ َ
ِ كل ِ عمت َ َ
فضائِل ُُه ُ ﱠ َ ﱠ ْ
ھطلت الغمائم بتھتان المطر ،وما َ َ َ ْ
ھدلت الحمائم على صلوات ﷲ وسالمه عليه ،ما َ َ َ ْ
بشر و
ھداية و نور و حضور و ِ ْ
رغيد سعيد ؛ ِ
عيش َ ِ
العيش في سيرته َ ْ ٌ
أفنان الشجر ْ َ ،
يوما
قرنا ؛ لنعيش ً
العصيبة أن نخترق أربعة عشر ً
سرور ،ما أحرانا و نحن في ھذه األيام َ ِ
العبرة
سويعاته الثمينة ،لنأخذ ِ
من أيام محمد –صلى ﷲ عليه وسلم ، -بل ساعة من ُ َ ْ
و الدروس من تلك الساعة في ھذه الساعة :
الخــبر
يدرون َ َ ْ قوم َ ْ َ
ليس َ ْ ُ َ ضل َ ْ ٌ
العــبر *** َ ﱠ
إذ فيه ِ َ ْ
التاريخ ِ ْ
اقرءوا ﱠ ِ َ
عودا بكم إلى السنة التاسعة للھجرة ،والعود أحمد ؛ لنعيش معكم أحداث غزوة
َ ْ ً
وذل فيھا الكافرون ،ما
العسرة التي تساقط فيھا المنافقون ،وثبت فيھا المؤمنون َ ،ﱠ
السبب وما األحداث ؟ ما آيات النبوة فيھا ؟ ما الدروس المستفادة ؟ إليكموھا ،
بناء
ً وعوھا واعتبروا بما فيھا ،واسألوا التاريخ عنا كيف كنا ؟ نحن أسسنا
فاسمعوھا ُ
أحمديا .
ً
بلغ النبي -صلى ﷲ عليه وسلم -أن الروم تتجمع لحربه ولتھديد الدولة اإلسالمية في
ذلك الوقت ،يريدون مبادرته بالحرب قبل أن يبادرھم ؛ لكونه قد أذاقھم مرارة غزوة
مائتي ألف ،ولم يتمكنوا من إبادة ثالثة آالف مقاتل ؛ بل وال
ْ >مؤتة< التي جلبوا لھا
ھزيمتھم ،فيا لل ﱠه !!
كنا جبـاال في الجبـال و ربمـا *** صـرنا على موج البحـار بحـارا
عند ذلك أعلن النبي -صلى ﷲ عليه وسلم -وألول مرة عن مقصده ،وأعلن التعبئة
العامة فتجھز أقوام و أبطأ آخرون ،تجھز ثالثون ألف مقاتل قد باعوا أنفسھم من ﷲ ،
وأعلنوا نصرة ال إله إال ﷲ .تساقط المنافقون ،ومن يرد ﷲ فتنته فلن تجد له سبيال .
ھاھو أحد المنافقين يقول المصطفى -صلى ﷲ عليه وسلم -له :ھل لك في جالد
بني األصفر يعني الروم فيقول :يا رسول ﷲ ائذن لي وال تفتني ؛ فوﷲ لقد عرف
مني ،وإني أخشى إن رأيت نساء بني
عجبا بالنساء ِّ
ً قومي أنه ما من رجل أشد
حزنا َأال ﱠ َ ِ ُ
يجدوا َما الدمعِ َ َ ً
من ﱠ ْ
تفيض ِ َ راحلة فال يجد ما يحملھم عليه فيرجعوا َ ) .و َ ْ ُ ُ ُ ْ
أعينھم َ ِ ُ
ظل السيف للمسلم مثل ظل حديقة خضراء ،تنبت حولھا األزھار ،وتدنو
ّ ينفقون ( با9
ُْ ِ ُ َ
يتركوا َأن
الناس َأن ُ ْ َ ُ ثمار المدينة ويشتد الحر ،ويبتلي ﷲ من يشاء من عباده ) َ َ ِ َ
أحسب ﱠ ُ
ھم ال َ ُ ْ َ ُ َ
يفتنون ( و يخرج -صلى ﷲ عليه وسلم -و يستخلف على أھل بيته آمنا َو ُ ْ
يقولُوا َ ﱠ
َ ُ
عليا -رضي ﷲ عنه -ويخيم رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم -في >ثنية الوداع< و
ً
ألفا ،و يأتي المنافقون الذين ال يتركون دسائسھم و إرجافھم على مر األيام
معه ثالثون ً
،يالحقون أھل الخير واالستقامة ،يلمزون و يھمزون و يتندرون و يسخرون ،سخر ﷲ
عليٍ -رضي ﷲ عنه -ويقولون :
ّ منھم ،و يستھزئون ،و ﷲ يستھزئ بھم ،يأتون إلى
علي
ﱞ ما خلفك رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم إال استثقاال لك ؟ يريد التخفف منك ،و
وشھر سيفه يريد الجھاد في سبيل ﷲ ،ويلحق برسول بشر ﱠ
تأثر لذلك ،ولبس ِدرعه َ َ َ ، َ َ ٌ
ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم -ويعتنق رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم -ويقول :يا رسول
زعم الناس أنك استثقلتني فخلفتني في النساء والصبيان فتھراق دموعه -صلى
ﷲ َ َ
علي فاخلفني في أھلك وأھلي ،أما ترضى أن
ﱡ ﷲ عليه وسلم -ويقول " :كذبوا يا
تكون مني بمنزلة ھارون من موسى ؟! إال أنه ال نبي بعدي" .فيقول بلسان الحال:
علي -رضي ﷲ عنه.-
ﱡ بلى رضيت ،بلى رضيت ،وعاد
ْ َ َ
األقـدارا . الوجـود َ ﱠ َ
وقـدر الذي *** َ َ َ
خلق ُ ُ َ سوى ِ
إله ِ
جھارا :ال َ
يدعـو َ ً
َ ُ
للصد عن سبيل ﷲ ،
َ ِّ و قبل مسير الحبيب محمد -صلى ﷲ عليه وسلم -تقوم فرقة
تثبط الناس بعد أن اجتمعوا في بيت أحدھا ،تقول -و ھي تزھد في الجھاد : -ال تنفروا
ُ ِّ
الحرّ ،تشكك في الحق وترجف برسول الحق ،ويتولى الحق -سبحانه -الرد ) : في َ ِ
الصد
َ ِّ يفقھون ( ھم في مؤامرة لو َ ُ
كانوا َ ْ َ ُ َ حرا ﱠ ْ جھنم َ َ ﱡ
أشد َ ً ّ نار َ َ ﱠ َ
قل َ ُ تنفروا ِفي ْ َ ِ
الحرّ ُ ْ و ََقالُوا ال َ َ ِ ُ
وينفذ ذلك األمر
عن سبيل ﷲ ،ويأمر -صلى ﷲ عليه وسلم -بإحراق البيت عليھم ُ ّ ِ َ ُ ،
ً
خوفا من نار الدنيا ،فتنكسر ِرجل أحدھم ، ] َْ َ ُ
طلحة[ -رضي ﷲ عنه -فيقتحمون األسوار
ويتوجه -صلى
ﱠ خوان .
جند الحق رغم أنوفھم ،و يخيب كل منافق َ ﱠ
يعز ُ ْ َ
يفر الباقون ،و َ ِ ﱡ
و ِ ﱡ
ﷲ عليه وسلم -و يمر بديار > َ ُ
ثمود< ،و ما أدراكم ما تلك الديار ! ،ديار غضب ﷲ على
ﱠ
مقطعة ،فيدخلھا و قد ﱠ
معطلة ،و أشجارھم أھلھا ،فتلك بيوتھم خاوية ،و آبارھم
ﱠ
غطى وجھه ،و ھو يبكي ،و يقول لجيشه ":ال تدخلوھا إال باكين أو ُمتباكين لئال
يصيبكم ما أصابھم".
ََ َ
الظلمة ،و يؤيد يا !! 9ھذه أرض سكنھا ا َ َ َ
لظلمة ،فقولوا لي -با 9فيمن يجالس
صاحبا : -كيف يكون حاله ؟
ً لسانا و
ً أنيسا و
ً ََ َ
الظلمة ،و يكون لھم يركن إلى ََ َ
الظلمة ،و َ
الذين َ َ ُ
ظلموا تركنوا ِ َ
إلى ﱠ ِ َ أال يخاف أن يغضب ﷲ عليه ؛ فيأخذه أخذ عزيز مقتدر ) َوال َ َ ْ َ ُ
النار ( و يستسقي الناس من بئر في> ديار َ ُ
ثمود< فيقول -صلى ﷲ عليه ََ َ ﱠ ُ ُ
فتمسكم ﱠ ُ
عجنتم من عجين بمائھا
وسلم" : -ال تشربوا من مائھا ،و ال تتوضئوا منه للصالة ،وما َ َ
ً
شيئا " ففعلوا امتثاال ألمر رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه فاعلفوه اإلبل ،و ال تأكلوا منه
ْ ِ
تھب رياح
وسلم – و مع الغروب ُيعلن رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم -أنھا سوف َ ُ ﱡ
مخيمه إال مع صاحب له ،حتى تھدأ الريح ،و خالف أمره
شديدة ،فال يخرج أحد من ُ َ ﱠ ِ
الجن
ِ ﱡ فخنقته
لضعف في إيمانھم ،خرج أحدھم ليقضي حاجته َ َ َ ْ
رجالن من المسلمين َ ،
َ ُ
فاحتملته الريح حتى طرحته في> جبال
ْ َ َ بعير له ،
عند حاجته ،وخرج اآلخر في طلب َ ِ
الجن ِ ُ َ ،
فشفي ، ِ ِّ طيء< ،فدعا رسـول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم -للذي ُأصيب َ ْ
بخنق َ
ُ ِّ
فسلم للنبي -صلى وأما اآلخر ،
نبوته -صلى ﷲ عليه وسلم -ﱠ
فكانت ھذه آية من آيات ﱠ
ﷲ عليه وسلم -عند عودته إلى >المدينة< .
تبوك< ،قد بلغ به الجوع والتعب
الزال -صلى ﷲ عليه وسلم -في طريقه إلى > َ ُ
السحر ينام من التعب -صلى
ﱠ َ ِ عظيما ،لكن في سبيل ﷲ يھون ،و مع
ً ً
مبلغا واإلرھاق
دابته حتى يكاد يسقط -كما في صحيح مسلم -فيقترب منه ]أبو
ﷲ عليه وسلم -على ﱠ ِ
مه بيده حتى يعتدل ،ثم يميل َ ً
ميلة أخرى ،فيدعمه أبو قتادة حتى فيدع َ
قتادة[ َ ْ َ ،
الميلتين ُ َ
األوليين ،حتى كاد يسقط ،فيدعمه بيده ، أشد من َ
يعتدل ،ثم يميل َميلة َ ﱠ
فيرفع رأسه -صلى ﷲ عليه وسلم -و يقول :من ھذا ؟ قال :أنا أبو قتادة َ ِ َ ُ ،
فيكافئه-
فبم كافأه ؟ قال " :حفظك ﷲ بما حفظت نبي ﷲ يا أبا قتادة"
ﱠ صلى ﷲ عليه وسلم ،
ً
محفوظا بحفظ ﷲ في أھله و ذريته ما أصابھم .يقول أھل العلم :فوﷲ مازال أبو قتادة
سوء حتى ماتوا ،وھذا درس عظيم ،فإن من حفظ ﷲ حفظه ﷲ فال خوف عليه ،إن
صنائع المعروف تقي مصارع السوء ،وما جزاء اإلحسان إال اإلحسان ،وينزل –صلى ﷲ
عليه وسلم -و المؤمنون منزال ،يقول عمر :في ذلك المنزل و قد أصابنا عطش عظيم
حتى ظننا أن رقابنا ستنقطع ،حتى إن الرجل لينحر بعيره ،فيعتصر قرته فيشربه ،
وتضل راحلة النبي -صلى ﷲ عليه وسلم -و يخرج أصحابه يبحثون عنھا ،فيقوم أحد
محمدا يزعم أنه نبي ويخبركم بخبر السماء و ھو اآلن ال يدري
ً المنافقين ،فيقول :إن
إن رجال أين ناقته ،و يأتي جبريل رسول ﷲ – ﱠ
صلى ﷲ عليه وسلم -بالخبر ،و يقول :ﱠ
أنه نبي و يخبركم بأمر السماء و ھو ال يدري أين ناقته ،
محمدا يزعم ﱠ
ً إن
منكم يقول :ﱠ
وإني – وﷲ -ما أعلم إال ما علمني ﷲ ،وقد دلني ﷲ عليھا .يقول لھم النبي –
صلى ﷲ عليه وسلم" : -ھي في ھذا الوادي في شعب كذا ،قد حبستھا شجرة
بزمامھا ُ ِ َ ْ ،
فانطلقوا حتى تأتوني بھا" فذھبوا فوجدوھا كما ذكر -صلى ﷲ عليه وسلم-
ُرد عدو ﷲ من جيش محمد -صلى ﷲ عليه
وفضح ھذا المنافق وط ِ َ
وظھرت آية نبوته ُ ِ َ
وسلم -ويمضي -صلى ﷲ عليه وسلم -في مسيره إلى >تبوك< ،ويتخلف عنه بعض
المسلمين ،فيقول الصحابة :فالن تخلف يا رسول ﷲ ،فيقول ":دعوه إن يكن فيه خير
َ ُْ ِ َ
فسيلحقه ﷲ بكم ،وإن يكن غير ذلك فقد أراحكم ﷲ منه" ،ويتأخر ]أبو ذر[ ،بعيره
ھزيل ،أبطأ به بعيره ،فترك بعيره وأخذ متاعه وحمله على ظھره ،وينزل رسول ﷲ-
صلى ﷲ عليه وسلم -في بعض منازله على الطريق ،وينظر ناظر المسلمين ويقول :
رجل يمشي على الطريق وحده ،متاعه على ظھره ،فقال -صلى ﷲ
ٌ يا رسول ﷲ :
ذر يا رسول
عليه وسلم ": -كن أبا ذر كن أبا ذر " فيتأمل الصحابة ،فيقولون ھو وﷲ أبو ٍ
ﷲ ،فقال -صلى ﷲ عليه وسلم ": -رحم ﷲ أبا ذر ،يمشي وحده ،ويموت وحده ،
ذر
نفى أبو ٍ
ويبعث وحده ، ".وتمضي األيام على ھذه المقولة ،وتمضي األعوام ،و ُي ْ َ
إلى >الربدة< ،ويحضره الموت ھناك ،وليس معه إال امرأته وغالمه ،وقبل موته
يغساله ،و يضعاه على الطريق ،و أول ركب يمر بھم يقولوا : أوصاھما :أن ُ َ ِ ّ َ
يكفناه و ُ َ ّ ِ
ھذا أبو ذر صاحب رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم -فأعينونا على دفنه .و يفعالن ذلك
،ويأتي ]عبد ﷲ بن مسعود[ في رھط من أھل العراق ؛ ليعتمروا و ما راعھم إال
الجنازة على قارعة الطريق ،كادت اإلبل أن تطأھا ،عندھا قام غالم أبي ذر و قال :
ھذا أبو ذر صاحب رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم -فأعينونا على دفنه ،فاندفع عبد
باكيا يقول :صدق رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم " -تمشي وحدك
ً ﷲ بن مسعود
تھراق على خدودھم .
وتموت وحدك ، ".ثم نزل ھو وأصحابه فدفنوه ،ودموعھم َ ْ
فتقــط ُُر
روح تسيل َ ْ
ٌ وليس الذي يجري من العين ماؤھا *** ولكنـھا
وينتھي المسير بمحمد -صلى ﷲ عليه وسلم -إلى >تبوك< ،ويقيم بضع عشر ليلة
أنه -صلى ﷲ
حافلة باألحداث المثيرة .روى ]البيھقي[ من حديث ]يزيد بن ھارون[ ﱠ
عليه وسلم -لما نام ليلة في >تبوك< ،أتاه جبريل -عليه السالم -وقال :يا رسول ﷲ
الليثي[ فقد ُ ِ
توفى بالمدينة ،من يا ترى صل صالة الغائب على ] ُمعاوية بن ُمعاوية ﱠ ْ ِ
قم َ ِ ّ
وكأنه -صلى ﷲ عليه وسلم-
ﱠ وقاعدا وعلى جنبه ،
ً قائما
ً ]معاوية[ ؟ عابد صالح يذكر ﷲ
وقاعدا وعلى جنب ،بالليل
ً قائما
ً ﷲ َ َ ٌ
أحد( ھو ُ
قل ُ َ
أنه كان يقرأ ) ُ ْ لم ؟ ُ ْ ِ
فأخبر ﱠ يتساءل ِ َ
توفى >بالمدينة< و ُ ِ ّ َ
صلي عليه ھناك ،وشھد الصالة عليه صفان من والنھار ،وقد ُ ِ
المالئكة ،في كل صف سبعون ألف ملك ،فال إله إال ﷲ ،قام -صلى ﷲ عليه وسلم-
و ﱠ
صلى عليه – و كان قد سافر -صلى ﷲ عليه و سلم -إلى >تبوك< و ھو مريض
ً
فھنيئا له دعاء الرسول -صلى ﷲ عليه وسلم -و صالة المالئكة عليه.
ونمنا
الزالت األحداث المثيرة تتوالى في >تبوك< يقول ]ابن مسعود[ -رضى ﷲ عنهً ْ ِ " :-
تلك الليلة وانتبھت وسط الليل ،فالتفت إلى فراش رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم-
فلم أجده ،إلى فراش أبي بكر فلم أجده ،إلى فراش عمر فلم أجده ،و إذ بنار وسط
الليل تضيء آخر المعسكر ،فذھبت أتبعھا ؛ فإذا برسول –ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم-
قبرا و معه أبو بكر وعمر .و عند رسول -ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم -سراج بيده
قد حفر ً
قد نزل إلى القبر قال :قلت يا رسول ﷲ من الميت ؟ قال ھذا أخوك ]عبد ﷲ ذو
البجادين[" .من ھو ؟ إنه أحد الصحابة حلت به سكرات الموت بالليل ،فقام -صلى ﷲ
عليه وسلم -و شھد موته و ودعه و دعا له و حفر قبره بيده الشريفة و أيقظ أبا بكر و
عمر .يقول ابن مسعود ":فو الذي ال إله إال ھو -ما نسيت قوله – صلى ﷲ عليه وسلم
-و ھو في القبر ،و قد مد ذراعيه لذي البجادين ،و ھو يقول ألبي بكر و عمر ":أدنيا
إلي أخاكما فدلياه في القبر و دموعه –صلى ﷲ عليه وسلم -تتساقط على الكفن .ثم
َ
يديه مستقبال القبلة يقول:
وقف –صلى ﷲ عليه وسلم -لما وضعه في القبر رافعا ْ
راضيا ،فارض عنه.
ً راضيا فارض عنه ،اللھم إني أمسيت عنه
ً اللھم إني أمسيت عنه
يقول ابن مسعود :يا ليتني كنت صاحب الحفرة ،ألنال دعاءه –صلى ﷲ عليه وسلم-
تاجرا ،فأخذ أھله و قومه
ً " .من ھو ]ذو البجادين[ ؟ إنه صحابي جليل ،أسلم و كان
لباسا
ً ماله كله ؛ ألنه آمن وھم يريدون له الكفر ،أخذوا حتى لباسه ،فذھب فما وجد
إزارا و رداء – بجادين ،-و فر بدينه يريد ﷲ و الدار اآلخرة .قدم على
غير شملة قطعھا ً
المصطفى-صلى ﷲ عليه وسلم -ذو البجادينَ ِ ُ ، -
وأخبر صلى ﷲ عليه وسلم بخبره "،
إزارا ورداء في الجنة ،أنت ذو
ببجاديك ً
ْ فقال :تركت مالك 9ورسوله ،أبدلك ﷲ
البجادين" .فل ِ ُّقب من تلك اللحظة بذي البجادين ،و كان مصرعه في >تبوك< ،و مضى
يوم
الركب وخلفوه ھناك ،لكنھم يجتمعون معه في جنة عرضھا السماوات و األرضَ ْ َ ) .
أيديھم َ ِ َ ْ َ ِ ِ ْ
وبأيمانھم ( و يقيم – بين َ ْ ِ ِ ْ
يسعى َ ْ َ
نورھم َ ْ َ
معه ُ ُ ُ ْ
آمنوا َ َ ُ النبي َ ﱠ ِ َ
والذين َ ُ ﷲ ﱠِ ﱠ ال َ ُ ْ ِ
يخزي ُ
صلى ﷲ عليه وسلم -بـ>تبوك< و يدنو من الروم و يفزعھم ،و يكاتب رسلھم ،و
كيدا منھم ،ألن ﷲ قد نصره بالرعب
ً يفرض عليھم الجزية ،و ھم صاغرون ،و لم يلق
فزعا ،وقد كانوا قبل قد عزموا على غزوه
ً ً
خوفا و مسيرة شھر ،فلم يقرب إليه الروم
رويدا ( و الكافرين َ ْ ِ ْ ُ ْ
أمھلھم ُ َ ْ ً ل ْ َ ِِ َ كيدا * َ َ ِّ
فمھ ِ كيدا * َ َ ِ ُ
وأكيد َ ْ ً يكيدون َ ْ ً
إنھم َ ِ ُ َ
في عقر داره ِ ) .ﱠ ُ ْ
خالدا[ على رأس أربعمائة مجاھد في سبيل ﷲ إلى
ً يرسل –صلى ﷲ عليه وسلم] -
خالدا أنه سيلقاه يصيد
ً ]ُ ْ ِ
أكيدر[ ملك >دومة الجندل< ،و يخبر –صلى ﷲ عليه وسلم-
قريبا من حصنه ،وجده قد خرج للصيد ،كما أخبر
ً بقر الوحش ،خرج خالد ،ولما بلغ
النبي –صلى ﷲ عليه وسلم ،-فتلقته خيل ﷲ بقيادة خالد ،فاستأسرته ،واستلب
مخوصا بالذھب ، -و بعث به إلى رسول ﷲ –
ً قميصا
ً مخوصا بالذھب –
ً خالد منه قباء
صلى ﷲ عليه وسلم -قبل قدومه عليه ،فجعل المسلمون يتعجبون من ھذا القباء ،
مزھدا لھم في زخرف الدنيا " :أتعجبون من ھذا ؟
فقال –صلى ﷲ عليه و سلمً ِّ ُ -
َلمناديل ]سعد بن معاذ[ في الجنة خير من ھذا" .قدم خالد بـ]األكيدر[ ،و حقن دمه –
صلى ﷲ عليه وسلم -و ضرب عليه الجزية ،ولكنه مجرم ،ولو علم ﷲ فيه خيرا
ألسمعه ،نقض العھد في عھد أبي بكر ،فقتله خالد–رضي ﷲ عنه وأرضاه . -وھكذا
نصر ﷲ جنده وأولياءه ورسله وعباده في الحياة الدنيا ،وينصرھم يوم يقوم األشھاد.
عباد ﷲ :ويعود –صلى ﷲ عليه وسلم -إلى >المدينة< ،بعد إرھاب أعداء ﷲ من
نصارى و يھود و مشركين ،يعود في يوم بھيج ،لتستقبله >المدينة< ،لتستقبل نور
بصرھا –صلى ﷲ عليه وسلم -يخرج األطفال في فرح ،ليصطفﱡوا إلى مداخل المدينة ،
و على أفواه الطرقات ،ليستقبلوا رسول البرية –صلى ﷲ عليه وسلم -أصواتھم -كما
حقق ]ابن القيم[ عليه رحمة ﷲ: -
اع
ثنيات الود ْ
علينا *** ِمن ﱠ
َ البدر
ُ طلع
َ
داع
علينا *** ما َدعا ْ َ 9
َ وجب الشكر
َ
المطاع
ْ باألمر ُ
ِ جئت
َ فينا ***
المبعوث َ
ُ أيھا
داع
ْ خير
َ مرحبا يا
ً المدينة ***
ْ شرفت
ﱠ جئت
َ
مسيرا ،و ال
ً إن >بالمدينة< رجاال ،ما سرتم
و ھنا قال -صلى ﷲ عليه وسلم " :-ﱠ
ً
موطئا يغيظ الكفار ،إال كانوا معكم ،حبسھم العذر .قالوا :يا واديا ،و ال َ َ ِ ُ
وطئتم ً قطعتم
رسول ﷲ و ھم بالمدينة ؟ قال :نعم ،و ھم بالمدينة" ،و يتبسم –صلى ﷲ عليه
وسلم -و يمسح الرؤوس ،ويقبل ويدعو .وھكذا انتصر المسلمون في >تبوك< على
ﷲ
إن َ
ينصره ِ ﱠ
ﷲ َمن َ ُ ُ ُ
ن ُ شھواتھم وأنفسھم ،وبالتالي انتصروا على أعدائھمَ ُ َ َ َ ) .
ولينصر ﱠ
عزيز ( ھذه غزوة >تبوك< قائدھا محمد –صلى ﷲ عليه وسلم ، -جنودھا َ َ ِ ﱞ
لقوي َ ِ ٌ
صحابته –رضوان ﷲ عليھم ،-عز فيھا المؤمنون ،و سقط المنافقون ،و ذل الكافرون و
ينصر المؤمنون ،و المؤمنون على
انھزموا ،و بالجھاد في سبيل ﷲ ،إلعالء كلمة ﷲ ُ َ
عناية ربھم يتوكلون ،ال خوف ُيرھبھم ،و ال ھم في الحوادث يحزنون.
عزيزا ،و
ً نصرا
ً مبينا ،انصرنا
ً فتحا
ً اللھم أنت الناصر لدينك ،و المعز ألوليائك ؛ افتح لنا
ثبت أقدامنا ،وزلزل أعداءنا ،اللھم أدخل
نصيرا ،اللھم ِ ّ
ً سلطانا
ً اجعل لنا من لدنك
الرعب في قلوبھم ،واستأصل شأفتھم ،و اقطع دابرھم ْ ِ َ ،
وأبد خضراءھم ،و اجعل
ًّ
حفيا .يا وليا ،و بنا
تدبيرھم تدميرھم ،و أورثنا أرضھم ،و ديارھم و أموالھم ،و كن لنا ً
من نصرت بماض ضعف أمتنا على الطواغيت عجل نصرنا الثاني .أقول ما تسمعون ،
وأستغفر ﷲ العظيم فاستغفروه ،إنه ھو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
محمدا
ً الحمد 9رب العالمين ،و أشھد أن ال إله إال ﷲ ،وحده ال شريك له ،واشھد أن
عبده ورسوله -صلى ﷲ عليه ،وعلى آله ،وأصحابه والتابعين لھم بإحسان ،وسلم
كثيرا.-
ً تسليما
ً
أما بعد ،عباد ﷲ :ھا قد عشتم بعد أحداث غزوة تبوك التي انتھت -كما عرفتم -بنصر
المؤمنين ،ولئن انتھت ،فما انتھى نورھا ،و ما انتھت دروسھا وعبرھا ومواعظھا ،
ففي كل حديث منھا قصة ،و في كل قصة عظة وعبرة ،و في كل ذكرى منھا موعظة
لمن كان له قلب أو ألقى السمع ،ھل يكفي سرد أحاديث الماضي ،والتغني بالذكر
الغابر ؟ ھل يجزي ھذا ،و قد تشابكت بأمة اإلسالم –في ھذه األعصار -حلقات من
المحن ،و تقاذفتھا أمواج من الفتن ،وصيح بھم من كل جانب ،و تداعى عليھم األكلة
األلبابِ َما عبرة ألُ ْ ِ
ولي ْ َ كان ِفي َ َ ِ ِ ْ
قصصھم ِ ْ َ ٌ من كل فج .البد أن نستفيد مما مضى ) َ َ ْ
لقد َ َ
يفترى ( كان َ ِ ً
حديثا ﱡ ْ َ َ َ َ
وأول ھذه الدروس :أن ھذه األمة أمة جھاد ،و مجاھدة ،و صبر ،ومصابرة ،و متى
ضربت عليھا الذلة والمسكنة .
ما تركت الجھاد ُ ،
الثـاني
بالفم ﱠ ِ
ِ اخطب
ْ الفم و
أسكت َ َ
ِ القاني *** و
ِ بــالدم
ﱠ ِ ِّ
سطر المـداد و
دعِ ِ
بسـحبان
ِ الفصاحة مـا ُيذري
ِ من
له *** َ
صدر العـداة ُ
ِ َ ُ
فــم المدافعِ في
وثانيھا :أن ﷲ تعالى ،كتب العزة و القوة لھذه األمة ،متى ما صدقت وأخلصت .فھا
ھي دولة اإلسالم الناشئة ،تقف في وجه الكفر كله بقواه المادية فتھزمه ،و تنتصر
ً
والحقا ً
سابقا ينصره ( و من ھذه الدروس :أنه ما تسلل العدو
ﷲ َمن َ ُ ُ ُ عليه ) َو َ َ ُ َ ﱠ
لينصرن ُ
قبل
إال من خالل الصفوف المنافقة ،ولم يكن الضعف والتفرقة في ھذه األمة ،إال من ِ َ
خاللكم خباال ً و ْ َ ُ
ألوضعوا ِ َ َ ُ ْ زادوكم ِإال ﱠ َ َ
فيكم ﱠما َ ُ ُ ْ
خرجوا ِ ُ أصحاب المسالك الملتوية ) َ ْ
لو َ َ ُ
سماعون َ ُ ْ
لھم ( وفيكم َ ﱠ ُ َ يبغونكم ْ ِ ْ َ َ
الفتنة َ ِ ُ ْ َْ ُ َ ُ ُ
يعدوا
ﱡ و منھا :أن مواجھة األعداء ،ال يشترط فيھا تكافؤ القوى .يكفي المؤمنين أن
أنفسھم بما استطاعوا من قوة ،ثم يثقوا با ، 9و يتعلقوا به ويثبتوا ويصبروا ،وعندھا
بعدد ،وال ُعدد ،و ما
ُينصروا .فھا ھو سلفھم ]ابن رواحة[ يقول :وﷲ ما نقاتل الناس َ
نقاتلھم إال بھذا الدين الذي كرمنا ﷲ به .و منھا أن الحق البد له من قوة تحرسه ،ال
يكفي حق بال قوة .
مائل
ِ أخدعي كل
ْ مرھف *** تقيم ظباه
حد ُ َ
الوحي أو ﱡ
ُ فما ھو إال
عاقل
ِ فھذا دواء الداء من كل جاھل *** و ھذا دواء الداء من كل
يجب *** و قـــد الن منه جانب وخطاب
دھرا >بمكة< لم ُ َ
ً دعا المصطفى
فلما دعا و السـيف بالكف مسلط له *** أسـلموا و اسـتسـلموا و أنابـوا
عباد ﷲ :ھذا ھو ديدن أعداء اإلسالم في الغابر و الحاضر في كل زمان و مكان ،
يتحسسون األنباء و يترصدون و يتربصون باإلسالم و أھله ،و كم من أقدام في مثل ھذا
فيممھا التنور و
ﱠ ذل ﱠت! ،وكم من أرجل في مثل ھذه األوحال قد انزلقت ! ،أما كعب
سجرھا ،و كم في األمة من أمثال كعب !.
ﱠ
فدت نفسي و ما ملكت يميني *** فوارس صدقت فيھم ظنوني
أال و إن من أعظم الدروس ،و ليكن األخير من غزوة >تبوك< -و المسلمون يمرون
بأحداثھم المعاصرة و متغيراتھم الحثيثة -إنه الدرس الجامع الذي يكون من محراب
الجھاد و كفى .من محرابه تنطلق قوافل المجاھدين .بالجھاد ترد عاديات الطغيان ؛
فيكون الدين ، 9و ال تكون فتنة .جھاد بالنفس و المال و اللسان و السنان ،و يبقى
مھيمنا .
ً دين محمد –صلى ﷲ عليه وسلم-
وذودوا عن دينكم
فيا أمة اإلسالم في كل زمان ومكان اتقوا ﷲ ،وأجمعوا أمركمُ ،
ومحارمكم ؛ فإن من ال يذود عن دينه و محارمه و ال ينتصر لدينه ذليل حقير غير حقيق
بالعزة ؛ بل ال تحلو له الحياة ،اصبروا ،و صابروا ،و رابطوا ،و بما تمسك به أسالفكم
تمسكوا ،جاھدوا كجھادھم ،و اصبروا كصبرھم ،وتوكلوا على ﷲ ،و ثقوا با9
لعبادنا ْ ُ ْ َ ِ َ
المرسلين * سبقت َ ِ َ ُ َ
كلمتنا ِ ِ َ ِ َ واطمئنوا ،و أبشروا ،و العاقبة للمتقين َ ) .و َ َ ْ
لقد َ َ َ ْ
بون ( خذوا إيمان إبراھيم تنبت لكم في النار
الغالِ ُ َ جندنا َ ُ ُ
لھم ْ َ وإن ُ َ َ
المنصورون * َ ِ ﱠ إنھم َ ُ ُ
لھم ْ َ ُ ُ َ ِﱠ ُ ْ
جنات النعيم .
يا أمة اإلسالم فانتفضي فإن الجرح غائر
مذ فقد العقيدة فھو مضطرب وحائر
والجمع ُ ْ
و جريحنا األقصى ھوى و ديس بالحوافر
عصب الكوافر
فھناك تعبث في جوانب أرضه ُ َ
وخسفا كالبھائم في الحظائر.
ً وتسومھم ذال
يا أمتي فلتنفضي عنك الغبار وتستعدي
ولتنفري نحو الجھاد بكل إقدام وجد
إن الجھاد به نرد َلجاجة الخصم َ ِّ ِ
األلد◌
وبدونه نبقى على ما نحــن من أخذ ورد
يا رب ِ ْ
أيقظ أمتي حتى تعود إلى رحابك
يا رب ِ ْ
أيقظ أمتي حتى تعود إلى رحابك
واھد الوالة لكي يسوسوھا بوحي من جنابك
ِ
وأمدھا بالنصر ليس النصر إال من جنابك
ھذه بعض دروس من ھذه الغزاة العظيمة ،غيض من فيض ،وقطر من بحر ،وكتب
السيرة تفيض بذلك فاتقوا ﷲ ،وعوھا ،وطريق أسالفكم اسلكوھا ،عودوا فالعود
وم َ ِ َ َ ُ
الئكته ﷲ َ َ
إن َ
أحمد ،و صلوا و سلموا على نبيكم محمد فقد أمرتم بالصالة عليه ِ ) :ﱠ
تسليما ( . عليه َ َ ِ ّ ُ
وسلموا َ ْ ِ ً آمنوا َ ﱡ
صلوا َ َ ْ ِ النبيِ َيا َ ﱡ َ
أيھا ﱠ ِ َ
الذين َ ُ على ﱠ ِ ّ ُ َ ﱡ َ
يصلون َ َ
صل على محمد و آل محمد ،كما صليت على إبراھيم و آل إبراھيم ،و بارك
ِّ اللھم
على محمد و على آل محمد ،كما باركت على إبراھيم و آل إبراھيم ،إنك حميد مجيد
.اللھم أعز اإلسالم و المسلمين ،اللھم أعز اإلسالم و المسلمين ،اللھم أعز اإلسالم
و المسلمين .و أذل الشرك و المشركين ،اللھم أصلح من في صالحه صالح لإلسالم
أھلك من في ھالكه صالح لإلسالم و المسلمين ،اللھم أبرم لھذه
ِ ْ و للمسلمين ،و
األمة أمر رشد ُيعز فيه وليك ،
الحمد 9القائل ) إن الذين يتلون كتاب ﷲ وأقاموا الصالة وأنفقوا مما رزقناھم سراً
وعالنية يرجون تجارة لن تبور ليوفيھم أجورھم ويزيدھم من فضله إنه غفور شكور (
أشھد أن ال إله إال ﷲ وحده ال شريك له وأشھد أن محمداً عبده ورسوله القائل "الماھر
بالقرآن مع السفرة الكرام البررة" صلى ﷲ عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً
يا خادم الجسم كم تسعي لخدمته *** أتعبت نفسك فيما فيه خسران
أقبل على الروح واستكمل فضائلھا *** فأنت بالروح ال بالجسم إنسان
عباد ﷲ وأنتم تعيشون شھر القرآن اتقوا ﷲ واعلموا أن لكل رسول من الرسل عليھم
اختص بھذه المعجزة من بين الرسل ليصدقه قومه وليعلن
الصالة والسالم معجزة ِ ُ ﱠ
التوحيد فيھم بالبراھين فكان لموسى عليه السالم معجزة العصا يوم خرج في قوم
بلغوا في السحر ذروته ومنتھاه فأتت عصاه تلقف ما صنعوا فوقع الحق و بطل ما كانوا
يعملون وبلغ قوم عيسي مبلغاً عظيماً في الطب فأتي إليھم عيسي بطب من الواحد
األحد يبرأ األكمة واألبرص ويحيي الموتى بإذن ﷲ فوقع الحق و اندحر الباطل و أما
رسولنا صلى ﷲ عليه وسلم فبعث في أمة فصيحة في لغتھا مجيدة في بيانھا
خطيبھا أخطب الخطباء و شاعرھا أرقى الشعراء فأتي إليھم صلى ﷲ عليه و سلم
بالقرآن سمعوه فدھشوا من بيانه و بھتوا من بالغته و فصاحته فما استطاعوا أن ينكروا
ذلك رغم جحودھم حتى يقول كبيرھم ]الوليد بن المغيرة[ و قد سمع القرآن فدھش
يقول والالت والعزة إن له لحالوة و إن عليه لطالوة و إن أعاله لمثمر و إن أسفله لمغدق
و أنه يعلو و ال يعلى عليه ،ال إله إال ﷲ
الحق يعلو و األباطل تسفل *** والحق عن أحكامه ال ُيسأل
و إذا استحالت حالة و تبدلت *** فا 9عز وجل ال يتبدل .
مازال به قومه بـ]الوليد[ حتى رجع عن مقالته وكذب نفسه فيما قاله عن القرآن فقال
منتكساً إن ھذا إال سحر يؤثر ويتولى ﷲ الرد عليه ويعنفه و يتھدده ) سأصليه سقر وما
ليربي ھذه األمة
أدراك ما سقر ال تبقي وال تذر ( ويأتي الرسول صلى ﷲ عليه وسلم ِ ُ َ ِ ّ
على ھذا الكتاب العظيم الذي ال يأتيه الباطل من بين يديه و ال من خلفه ) تنزيل من
حكيم حميد ( فتربت األمة و تھذبت وأصبح عابد األصنام قزما حماة البيت والركن
اليماني تربت على كتاب ما قرأه قارئ إال آجره ﷲ .
ما تدبره متدبر إال وفقه ﷲ .كتاب َمن حكم به عدل من أستمع إليه استفاد َمن اتعظ
بمواعظه انتفع .كتاب من قرأه علمه ﷲ علم األولين و اآلخرين ،كتاب من استنار بنوره
دخل الجنة و من تقفاه وجعله خلف ظھره قذفه على وجھه في النار كتاب من تدبره
أخرج النفاق و الشك و الريبة من قلبه ھو شفاء لما في الصدور َمن التمس الھداية فيه
ھداه ﷲ و سدده و من التمس الھدى من غيره أضله ﷲ وأھانه ﷲ ) ومن يھن ﷲ
فما له ِمن ُ ْ ِ
مكرم ( يقول شيخ اإلسالم ]ابن تيمية[ رحمه ﷲ من اعتقد أنه سيھتدي
بھدى غير ھدى ﷲ فعليه لعنة ﷲ والمالئكة والناس أجمعين ويقول جل ذكره ) أفال
يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالھا ( والمعني ما بھم ال يتدبرون ما فيه من العظات ما
ران على قلوبھم فأقفلت فال تسمع وأوصدت
بھم ال يعيشون مع اآليات البينات والجواب َ
فال تنتفع ولو أنھا تدبرت لفھمت كالم ربھا فاھتدت بھدى باريھا ويقول تعالى ) أفال
يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير ﷲ لوجدوا فيه اختالفا كثيرا ( واالختالف الكثير
تجده في الكتب غير كتاب ﷲ عز وجل أما كتابه ) فال يأتيه الباطل من بين يديه وال من
خلفه تنزيل من حكيم حميد ( من قرأه بارك ﷲ في عمره و بارك في ولده و بارك في
ماله و من أعرض عنه محق ﷲ عمره و أزال ھيبته و أفنى كابره وصاغره و جعل
معيشته ضنكا و حشر يوم القيامة أعمى ولذلك كان عليه الصالة والسالم ينادي الناس
جميعاً لقراءة القرآن والتلذذ بتالوته و إال يھجروه فيقول صلى ﷲ عليه وسلم "اقرؤوا
القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً ألصحابه" يأتيك القرآن يوم القيامة فيشفع لك عند
من أنزله وعند من تكلم به في يوم ال بيع فيه وال خلة وال شفاعة فيدخلك الجنة بإذن
ﷲ تعالي ويقول صلى ﷲ عليه وسلم "يؤتى بالقرآن وبأھله الذين كانوا يعملون به في
الدنيا تقدمه سورة البقرة وآل عمران تحجان عن صاحبھما يوم القيامة" متفق عليه .
ويقول النبي صلى ﷲ عليه وسلم "اقرؤوا الزھراوين؛ البقرة وآل عمران فأنھما يأتيان
يوم القيامة كأنھما غمامتان أو كأنھما ِفرقان من طير طواف تحاجان عن أصحابھما"
"أقرءوا سورة البقرة فإن أخذھا بركة وتركھا حسرة وال يستطيعھا البطلة" يعني
السحرة رواه ]مسلم[ .إن في سورة البقرة آية الكرسي من قرأھا في ليلة لم يزل
عليه من ﷲ حافظا وال يقربه شيطان حتى يصبح ،يقول ـ صلى ﷲ عليه وسلم ـ وھو
يفاضل بين الناس " :خيركم من تعلم القرآن وعلمه" عالمة الصدق واإليمان كثرة قراءة
القرآن وعالمة القبول تدبر القرآن ولذلك يقول صلى ﷲ عليه وسلم " :إن ﷲ يرفع بھذا
الكتاب أقواماً ويضع به آخرين" قال ]عمر بن الخطاب[ رضي ﷲ عنه ألحد والته على
>مكة< وقد ترك >مكة< ولقيه في الطريق :كيف تركت >مكة< وأتيتني قال :وليت
عليھا فالناً يا أمير المؤمنين قال و من ھو ذا قال مولى لنا وعبد من عبيدنا قال ]عمر[
ثكلتك أمك تولى على >مكة< مولى قال يا أمير المؤمنين إنه حافظ لكتاب ﷲ عالم
بالفرائض فدمعت عينا عمر وقال صدق رسول ﷲ "إن ﷲ ليرفع بھذا الكتاب أقواماً ويضع
به آخرين" يرفع ﷲ به من اتبعوه وتدبروه ويضع من أعرضوا عنه فلم يقرءوه ولم يتدبروه
ولم يعملوا به والعجيب أن تسمع من بعض ھذه األمة من يقول ألخيه وھو يحاوره وﷲ
ما قرأت القرآن ستة أشھر ال إله إال ﷲ أي قلب يعيش وھو لم يمر بكتاب ﷲ ستة
أشھر وھو يمر بالصحف اليومية والمجالت والقيل و القال والخزعبالت وآراء الماجنين
والماجنات ) أال يظن أولئك أنھم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين (
يقول ﷲ عز وجل على لسان رسوله ـ صلى ﷲ عليه وسلم ـ) وقال الرسول يا رب إن
قومي اتخذوا ھذا القرآن مھجورا ( يقول ]ابن عباس[ ـ رضى ﷲ عنه وأرضاه ـ َمن لن
ھجر القرآن على َ ْ ُ ْ
أدرب ِ ،من الناس َمن يھجر يختم القرآن في شھر فقد ھجره ،و َ ْ ِ
العمل به و تلك وﷲ ھي الطامة و منھم من يھجر تالوته فيقدم صحف البشر و مؤلفات
البشر على كالم رب البشر يسھر على المذكرات يعللھا ويلخص فوائدھا وليس بھا
فوائد لكن كتاب ﷲ يشكوه إلى ﷲ كتاب ﷲ يشكونا ،ھجرناه وأھملناه وضيعناه
عمي عن الذكر واآليات تندبنا لو
ٌ وخالفنا أوامره و نواھيه ،قرآننا سار يشكو ما قرأناه ،
كلم الذكر جلمودا ألحياه يقول صلى ﷲ عليه وسلم يستثير الھمم لتطلب األجر
والثواب من عند باريھا يقول صلى ﷲ عليه وسلم " :اتلوا القرآن فإن ﷲ يأجركم على
تالوته كل حرف بحسنة والحسنة بعشر أمثالھا أما إني ال أقول ألف الم ميم حرف ولكن
فعد يا عبد ﷲ واقرأ واحتسب األجر عند ﷲ فإنك تأتي
ألف حرف والم حرف وميم حرف" ُ ﱠ
يوم القيامة وقد نصب لك في الجنة سلما بدرجات يقول ﷲ لك بال ترجمان اقرأ وارتق
ورتل فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤھا فمن كان يقرأ في القرآن كثيرا رقى حتى يصبح
بصير بما
ٌ كالكوكب الدري في سماء الجنة ثم ھم على منازل ھم درجات عند ﷲ وﷲ
يعملون ،عباد ﷲ من حفظ القرآن فقد استدرج النبوة بين جنبيه غير أنه ال يوحي إليه ،
ال حسد في الدنيا وال في مناصبھا وال في أموالھا ال حسد إال في تالوة القرآن آناء
الليل وأطراف النھار ،بيت ال يقرأ فيه القرآن عششت فيه الھموم و الغموم والنفاق بيت
سكنته المعاصي و وﷲ ال يخرجھا إال القرآن وليس كل المؤمنين يجب عليھم قراءة كل
القرآن كامال ً فمنھم من ال يقرأ القرآن وھو تقي عابد بار صالح خير ألنه ال يقرأ أصال ً
فواجب مثل ھؤالء الذين فاتتھم القراءة أن يردد ما تيسر من سور يحفظونھا وأن يسبحوا
ﷲ ويحمدوا ﷲ و يھللوا و يكبروا و يصلوا على رسول ﷲ ويتعلموا القرآن و إن شق
عليھم فإن لھم أجرين عند ﷲ ،كان ـ صلى ﷲ عليه وسلم ـ يعيش مع القرآن بل
كتابه الذي تربي عليه القرآن ،لم يكن عند الصحابة مؤلفات وال صحف وال مجالت ،
معھم القرآن معلق في طرف البيت و السيف معلق في الطرف األخر ھم يمشون على
األرض وكل واحد منھم قرآن ،فتحوا الدنيا بآيات ﷲ البينات وھذه معجزة رسولنا ـ صلى
ﷲ عليه وسلم ـ أن يأتي بكتاب فيتوارث منه العلماء مجلدات ومجلدات تمأل البيوت
والمكتبات في كل الدھور والعصور .
منصرم
بعظيم غير ُ ْ َ ِ ِ
ٍ أتى النبيون باآليات فانصرمت *** وجئتنا
والقدم
ِ َ ِ العتقِ
جالل ِ ْ
ِ يزينھن
جدد *** َ ِ ِ ُ ُ ﱠ
آياته كلما طال المدى ُ ُ ُ
فيا أمة القرآن ويا حفظة كتاب ﷲ من يقرأ القرآن إن لم تقرءوه من يتدبره إن لم تتدبروه
من يعمل به إن لم تعملوا به أما سمعتم أساطين الكفر في كل مكان بدأوا اآلن في
الدخول في دين ﷲ ظرافات ووحدانا بعد أن قال القرآن فيھم ) سنريھم آياتنا في اآلفاق
وفى أنفسھم حتى يتبين لھم أنه الحق ( في وقت يخرج منه أبناء ھذا الدين .الموازين
عطلت وغدا القرد ليثا وأفلتت الغنم .
عباد ﷲ ،ـ صلى ﷲ عليه وسلم ـ قد كان يحب سماع القرآن كيف ال وھو كالم ﷲ عز
على القرآن
ّ وجل ولذلك يقول لـ]ابن مسعود[ كما في الصحيحين " :يا عبد ﷲ اقرأ
فيخجل عبد ﷲ ويستحي من شيخه صلى ﷲ عليه وسلم ويقول كيف أقرأ القرآن
عليك وعليك أنزل ،قال :اقرأ فإني أحب أن أسمعه من غيري قال :فاندفعت أقرأ في
سورة النساء فلما بلغت قول ﷲ ) فكيف إذا جئنا من كل أمة بشھيد وجئنا بك على
ھؤالء شھيدا ( قال حسبك حسبك ،فنظرت فإذا عيناه ـ صلى ﷲ عليه وسلم ـ
تذرفان" تأثر من كالم ﷲ الذي يقود النفوس إلى باريھا وتذكر ذاك اليوم الذي يكون فيه
شھيدا على العالمين و ھا ھو صلى ﷲ عليه وسلم يخرج بعد ما أظلم الليل يمر ببيوت
األنصار يستمع لحالھم في الليل يوم كانت بيوتھم حية بكتاب ﷲ ،يوم ما ماتت
باألغاني والتمثيليات والمسلسالت واألفالم ،يوم كان ليلھم تعبداً ھم فيه سجداً يمر
ببيت ]أبي موسى[ فينصت ألبي موسى وھو يقرأ القرآن فلما جاء اليوم الثاني" قال يا
أبا موسى لو رأيتني البارحة و أنا أستمع لك لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود فيقول
يا رسول ﷲ أإنك كنت تستمع لي البارحة ،قال إي والذي نفسي بيده .وفى بعض
الروايات أنه استمع ـ صلى ﷲ عليه وسلم ـ له من صالة العشاء حتى صالة الفجر
يقول ]أبو موسى[ يا رسول ﷲ والذي نفسي بيدي لو أعلم أنك تستمع لي َ َ ﱠ ْ ُ َ
لحبرته لك
تحبيراً أي جودته وحسنته تحسيناً فانظروا كيف كان صلى ﷲ عليه وسلم يعيش مع
َ ْ ِِ
القرآن وللقرآن ،و كيف كان صحابته رضوان ﷲ عليھم ھا ھو ]عثمان[ ـ رضى ﷲ عنه ـ
كان ينشر المصحف من بعد الفجر إلى صالة الظھر يقرأ ودموعه تنھمر على كتاب ﷲ
فيقول له الناس لو خففت عن نفسك قال أما وﷲ لو طھرت قلوبنا ما شبعنا من القرآن
.
والذي نالحظه يا عباد ﷲ في أنفسنا وإخواننا المسلمين عامة ھو قلة االھتمام بكتاب
ﷲ واإلعراض عن كتاب ﷲ واالستغناء بكتب البشر و الصدود واإلعراض إال ممن رحم
ﷲ و قلة التجويد حتى في بعض أئمة المساجد و قلة الحفظ والتدبر وكثرة المشاغل
حتى بين طلبة العلم ال تجدوا إال القليل النادر ممن يحفظ القرآن أو يحفظ بعضه و إذا
كلف أحدنا بحفظ شيئاً من القرآن استصعب ذلك حتى كأن جبال الدنيا على كاھله و
معنى ذلك ھزيمة اإلسالم و المسلمين وذھاب اإليمان فوﷲ ال نصر و ال تمكين و ال
وفضيحة في الدنيا
ٍ عزة إال بھذا القرآن و ﷲ متى تركناه و نسيناه ابتلينا بكل خزيٍ
واآلخرة .
يقول أحد أعداء اإلسالم من لي بمن يخرج القرآن من صدور أبناء اإلسالم فيرد أحد
األشقياء ويقول نأتي إلى المصحف فنمزقه قال ال ال ينفع نريد أن نمزقه من قلوبھم
وقلوب أبنائھم .
و يقول عدو أخر لإلسالم ثالث ما دامت عند المسلمين فلن تستطيعوا إخراجھم من
دينھم ؛ القرآن في صدورھم والمنبر يوم الجمعة والكعبة التي يرتادھا الماليين من
المسلمين فإذا قضي على ھذه قضي على اإلسالم والمسلمين و لذلك جاء أعداء
يھود وأذنابھم من شيعة و باطنيين ورافضة جاءوا إلى القرآن فھونوا من شأنه ،
ٌ اإلسالم
ادعوا نقصه فعلماؤھم ال يحفظون من كتاب ﷲ إال القليل
و قالوا إنه مختلق ،بل ِ ﱠ ُ
وعالمھم أقصد عالم الرافضة ال يعرف قراءة القرآن ) يريدون ليطفئوا نور ﷲ بأفواھھم
وﷲ متم نوره ولو كره الكافرون ( وأتوا إلى منبر الجمعة فأرادوا تعطيله ليتحول إلى
مناقشة قضايا تافھة ال تمت إلى اإليمان بصلة ) وما كيد الكافرين إال في ضالل (
فيا أيتھا األمة المسلمة يا من أخرجھا ﷲ من الظلمات إلى النور أقبلوا على بيوتكم
وقلوبكم وأبنائكم أقبلوا عليھا بتغذيتھا بكتاب ﷲ ،استرشدوه يرشدكم ،تدبروه يعينكم
بإذن ﷲ ،استھدوه يھدكم من أنزله ،يغفر ﷲ لكم ذنوبكم ما تقدم منھا وما تأخر
يحيي بيوتكم على اإليمان يردكم إليه رداً جميال ً ،ھذا شھر القرآن ھذا شھر التالوة
ھذا شھر مضاعفة األجور إقرأوا فيه القرآن فإن ﷲ يأجركم على تدبره وتالوته والنظر
فيه مأل ﷲ بيوتكم رحمة وبركة وھداية ونورا وقلوبكم ومأل صدوركم إيمانا ويقينا وخيرا
وبرا عاشروا القرآن جالسوا القرآن ليعظم في قلوبكم القرآن اللھم أعنا على تالوة
كتابك آناء الليل وأطراف النھار اللھم اجعلنا ممن يقرأوه فيقودھم إلى جنان النعيم اللھم
و تقبل منا رمضان صيامه وقيامه وتالوته وصدقته وكل عمل صالح فيه إنك على كل
شيء قدير أقول ما تسمعون وأستغفر ﷲ فاستغفروه إنه ھو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية
الحمد 9رب العالمين وأشھد أن ال إلله إال ﷲ وحده ال شريك له وأشھد أن محمداً
عبده ورسوله صلى ﷲ عليه وصحبه والتابعين له بإحسان وسلما تسليماً كبيراً أما بعد
تعرفوا
عباد ﷲ ،شھر رمضان ھو شھر القرآن و أنتم أمة القرآن وحملة القرآن ينبغي أن ُ ْ َ
بليلكم إذ الناس ينامون وبنھاركم إذ الناس يكدون و يلھون و يلعبون وببكائكم إذ الناس
يضحكون وبورعكم إذ الناس يخلطون وبتواضعكم إذ الناس يختالون وبصمتكم إذ الناس
يخوضون وبحزنكم إذ الناس يفرحون لسان حال الواحد منكم يخاطب نفسه ويقول :
نفس َأال َ َ َ ﱠ ِ
تيقظي *** للنفع قبل أن تذل قدمي ويحك يا َ ْ ُ
َْ ُ ِ
ثوان وھوى *** فاستدركي ما قد بقي واغتنمي
ٍ مضى الزمان في
ُ ﱠ
أمة القرآن ،لتالوة القرآن آداب نقف عندھا وقفات قصيرة عل ﷲ أن ينفع بھا و أولھا بل
جماعھا أن من قرأ رياء أو سمعة كبه ﷲ على وجه في النار.
في الصحيح أنه صلي ﷲ عليه وسلم قال "يؤتي بحامل القرآن رياء فيقول ﷲ له ماذا
عملت قال تعلمت فيك القرآن وعلمته قال كذبت وإنما تعلمت ليقال عالم وقرأت ليقال
يأمر به فيسحب على وجھه حتى يلقي في النار" فال إله إال ﷲ الْ
قارئ فقد قيل ثم ُ َ ُ
يقرأ القرآن إال لوجه ﷲ فأخلص النية في قراءته تؤجر وتثاب وتكون مع السفرة الكرام
ُ ْ َ
البررة و يشفع لكم يوم القيامة فيقول للعبد يا رب أي منعته النوم بالليل فشفعني فيه
فيشفع فيه القرآن ومن آداب التالوة أن يقرأ على طھارة ألن ذلك من تعظيم كالم ﷲ
عز وجل فإذا تتطھر العبد فليرتل وليتدبر القرآن وال يقرأه في أماكن مستقذرة أو في
جمع ال ينصت فيه له ألن قراءته في مثل ذلك إھانة له والقرآن منزه عن ذلك ألنه كالم
ﷲ وليستعذ القارئ با 9من الشيطان الرجيم عند القراءة فإذا قرأت القرآن فاستعذ
با 9من الشيطان الرجيم ولتحضر قلبك عند تالوة القرآن ولتعلم أن الذي أنزل القرآن ھو
الذي خلق األنس والجان فامتثل أمره واجتنب نھيه و ال ترفع صوتك إن كان حولك من
يصلي أو يتلو فتشوش عليھم و ھذا ما يقع فيه البعض و ھو من عالمة الجھل و عدم
الفقه في الدين يأتي أحدھم ليقرأ فيرفع صوته ليشوش على المصلي في صالته
وعلى التالي في تالوته وعلى الذاكر في ذكره وكأن ليس في المسجد سواه َ ،أال َ إن
كان بجانبك من يستمع منك فال بأس أن تسمعه وإن كان بجانبك مصلي فإياك أن ترفع
صوتك َ
ألال ﱠ ُ َ ِّ ْ
تشوش عليه واسمع للمصطفى ـ صلى ﷲ عليه وسلم ـ يوم يخرج على
الناس وھم يصلون ويجھرون بالقراءة فيقول "كلكم ينادي ربه فال يجھر بعضكم على
بعض ال يؤذي بعضكم بعضا" أو كما قال ـ صلى ﷲ عليه وسلم ـ و اسمع إلى ]اإلمام
مالك[ ـ عليه رحمة ﷲ ـ يوم يقول أرى في من يرفع صوته ويشوش على المصلين أن
ويخرج من المسجد ومن آداب التالوة أن يكون للعبد المسلم حزب من القرآن
يضر◌ب ُ ْ َ ُ ْ َ ْ
يفتر عنه يومياً لو تغير كل شيء في الكون ما تغير عن حزبه فھو عالمة اإليمان
فأكثر ال َ ْ ُ ْ
أال فليكن لكل واحد منا في كل يوم حزب ال يتركه أبداً لتعظم الصلة بالقرآن و لرب
القرآن و اإلنس و الجان و ِمن آدابه أن ُ َ ﱠ
يعلم الناس ما تعلمناه منه و حظنا من تعليمه
األجر و المثوبة و نبدأ بتعليم أبنائنا وبناتنا و إخواننا و أمھاتنا و آبائنا فھم رعايانا نحن
عنھم مسئولون وأمام ﷲ محاسبون "و ما من راع استرعاه ﷲ رعية فبات غاشاً لھم
الغش أال تعلم من استرعاك ﷲ عليه القرآن
ﱠ إال حرم ﷲ عليه رائحة الجنة" و من أعظم
ويا من حمل القرآن إياك إياك أن تخالف أمره فإن رسول ﷲ ـ صلى ﷲ عليه وسلم ـ
يمثل القرآن يوم القيامة رجال فيؤتى بالرجل قد حمله فخالف أمره ُ َ ﱠ
فيمثل يقول فاسمع " ُ َ ﱠ ُ
يخاصم القرآن فيقول القرآن يا رب َ ﱠ ْ َ
حملته إياي فبئس الحامل تعدى ِ ُ خصما و من ال ُ
له َ ْ
بالحججِ حتى
ُ َ حدودي وضيع فرائضي وركب معصيتي وترك طاعتي فما يزال يخلف عليه
يقال شأنك به فيأخذه بيده فما يرسله حتى يكبه على وجھه في النار" نعوذ با 9من
النار يا أمة القرآن في شھر القرآن قفوا عند أحكام القرآن و اتلوه في كل حين وآن فھو
شافع مشفع َمن جعله أمامه قاده إلى الجنة ومن جعله خلف ظھره ساقه إلى النار و
بئس القرار أال يا أمة القرآن و إن مما دعاكم له القرآن أن تنفقوا في سبيل ﷲ مما
رزقكم و جعلكم مستخلفين فيه و أنتم في شھر اإلنفاق و في شھر الصدقة و قد قال ـ
صلي ﷲ عليه وسلم ـ "أفضل الصدقة صدقة في رمضان" فيا أخي الصائم للصدقة في
رمضان مزية وخصوصية ليست في غيره فبادر إليھا فلعلك ال تدرك رمضاناً آخر .أطعم
الطعام لتكن ممن امتدحھم القرآن ) ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً
( و اسمع إلى المصطفى ـ صلى ﷲ عليه وسلم ـ يوم يقول "أيما عبد مؤمن أطعم
مؤمنا على جوع أطعمه ﷲ من ثمار الجنة ومن سقى مؤمنا على ظمئ سقاه ﷲ من
الرحيق المختوم" فال إله إال ﷲ ما أعظم األجر وما أيسر العمل على من يسره ﷲ
عليه ويقول صلى ﷲ عليه وسلم "ما منكم من أحد إال سيكلمه ربه ليس بينه وبينه
ترجمان فينظر أيمن منه فال يرى إال ما قدم وينظر أشمل منه فال يرى إال ما قدم وينظر
أمامه فال يرى إال النار فاتقوا النار و لو بشق تمرة فاتقوا النار و لو بشق تمرة" ويقول ـ
صلى ﷲ عليه وسلم ـ "من فطر صائماً كان له مثل أجره ال ينقص من أجره شيء و من
سقى صائماً سقاه ﷲ من حوضي شربة ال يظمأ من بعدھا حتى يدخل الجنة" ال إله
إال ﷲ ھبت رياح الجنة في رمضان فاغتنموھا يا عباد ﷲ أال ال يخرج أحد من بيت ﷲ
ھذا إال ﱠ و قد َ ﱠ َ
فطر في أقل القليل عشرة من الصيام أو أقل أو أكثر وكل صائم بعشرة
رياالت والجزاء من أكرم األكرمين توضع ھذه في صناديق موجودة على يمينك و يسارك
وأنت خارج من ھذا المسجد و ستقوم الھيئة بجمعھا وإرسالھا فوراً فبادر أيھا الصائم
إلى الغنيمة الباردة ضيوفك اليوم عشرة صائمين أو أقل أو أكثر و األجر من أكرم
األكرمين لك مثل أجرھم ال ينقص من أجرھم شيئا و كل على قدر استطاعته
ﷲ أعطاك فابذل من عطاياه *** فالمال عارية والعمر رحال
ويا أھل الخير في ھذا المسجد وكلكم أھل خير أطفال أيتام توجد استماراتھم في
مكاتب الھيئة ھنا كفالة الواحد منھم في العام ألف ومائتا ﷼ ينتظرون من يكفلھم
بادروا إلى كفالتھم ولكم الجنة من أكرم األكرمين والضمين رسول ﷲ ـ صلى ﷲ عليه
وسلم ـ القائل "أنا و كافل اليتيم كھاتين في الجنة" أال ال يأتين أحدكم يوم القيامة
عرضت عليھم في يوم كذا في مسجد كذا فتركوني فخذ
وخصمه أحد ھؤالء يقول يا رب ُ ِ
لي بحقي منھم عباد ﷲ أقرءوا القرآن و تصدقوا قبل أال تتصدقوا ،و كل يوم جمعة في
رمضان سيكون لفقراء المسلمين معكم لقاء ،لقاء ضيافة و الجزاء من أكرم األكرمين
فاحتسبوا األجر و الثواب ممن يرزق الطير تغدو خماصا و تعود بطانا أطعمكم ﷲ من ثمار
الجنة وسقاكم من الرحيق المختوم أال وصلوا وسلموا على نبيكم محمد فقد أمرتم
بالصالة عليه ) إن ﷲ ومالئكته يصلون على النبي يا أيھا الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا
تسليماً ( اللھم صل وسلم على عبدك و رسولك محمد و على آله وصحبه و التابعين
لھم بإحسان إلى يوم الدين اللھم اجعلنا من أھل القرآن الذين ھم أھلك و خاصتك
شفع فينا القرآن اللھم ارفعنا بالقرآن اللھم أحينا على اإلسالم و اإليمان و القرآن
اللھم َ ِ ّ
و توفنا على اإلسالم واإليمان و القرآن اللھم اجعلنا ممن يأخذ بيده القرآن إلى رضوانك
والجنة ونعوذ بك أن يكون القرآن خصماً علينا يوم الوقوف بين يديك اللھم اجعلنا ممن
يقيم حدوده ويعمل بأوامره ويتلوه على الوجه الذي يرضيك عنا اللھم اجعلنا لكتابك من
التالين ولك به من العاملين و إلى لذيذ خطابه مستمعين وبما فيه من الحكم معتبرين
اللھم انفعنا بما فرجت به من اآليات وكفر عنا به السيئات وارفع لنا به الدرجات وھون
علينا به السكرات عند الممات اللھم و أوجب لنا به الشرف و المزيد و ألحقنا بكل بر
سعيد و وفقنا جميعاً للعمل الصالح الرشيد اللھم إنا عبيدك بنو عبيدك بنو إمائك نواصينا
بيدك ماضٍ فينا حكمك عدل فينا قضاؤك نسألك اللھم بكل اسم ھو لك سميت به
نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب
عندك أن تجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا و نور صدورنا وجالء أحزاننا و ذھاب غمومنا و
سابقنا ودليلنا إليك و إلى جنانك جنات النعيم اللھم ألبسنا به الحلل و
ِ ََ ھمومنا .و
َ ْ ِﱠ
أسكنا به الظلل و ادفع به عنا المقن و اجعلنا به عند الجزاء من الفائزين و عند النعماء
من الشاكرين وعند البالء من الصابرين و ال تجعلنا ممن استھوته الشياطين فشغلته
بالدنيا عن الدين فأصبح من الخاسرين وفى اآلخرة من النادمين برحمتك يا أرحم
الراحمين اللھم و اجعلنا من المنفقين المبتغين جنة عدن بحورھا العين اللھم تقبل منا
صيامنا و قيامنا و سائر عملنا اللھم ال تصرف ھذا الجمع إال بذنب مغفور و عيب مستور
ترد ھذا الجمع خائبين اللھم تقبل منا إنك أنت
و عمل مقبول و تجارة لن تبور اللھم ال ُ ﱠ
السميع العليم و تب علينا إنك أنت التواب الرحيم اذكروا ﷲ يذكركم و اشكروه على
نعمه يزدكم و لذكر ﷲ أكبر و ﷲ يعلم بما تصنعون .
قيل ألحد الحكماء :مالك تدمن إمSساك العSصا ولSست بكبيSر وال مSريض فقSال:
ألذكر أني مسافر .
لي وال أني تحنيت من كبر
حملت العصا ال الضعف أوجب حملھا.......ع ّ
ولكنني ألزمت نفسي حملھا ................ألعملھا أن المقيم على سفر
الطرق كثيرة متشعبة أمام المSسافر .وفSي وسSطھا طريSق واحSد ھSو الموصSل
للغاية المنشودة ال غيره معلن عليSه :أن المقSيم علSى سSفر فSال يSركن وھSذا ھSو
الطريق الحق فال ُ َ ﱠ ْ
يتنكب.
الحاجة فيه ماسة للزاد والعدة فمن أراد الخروج أعد العدة وحدا حادية عندھا :
أوانا في بيوت البدو رحلي ........وآونة على قتد البعير
.ال تأذن الحكمة على ھذا الطريق بSالقفز وتجSاوز التSدرج بSل جSوھر تخطيطSه
مرحلة .مرحلة.
بطاء وفي إبطائنا ِ َ ُ
سرع ُ منا األناة وبعض القوم يحسبنا..........أنا
)إنه طريق تعبيد النفس والناس 4رب العالمين وإخراجھم من الظلمات إلى
النور(
وال شك انه طريSق شSاق طويSل ولكنSه مSضمون ثابSت مSأمون إن كنSا نريSد أن
نصبح أمة مسافرة على ھذا الطريSق فSي قSوة وعSزة ورسSوخ فSال بSد أن نخلSق
في أنفسنا غاية إرضاء ﷲ في منھج يؤدي إلى ھذه الغاية وھو الكتSاب والSسنة
علSSى فھSSم سSSلف األمSSة مSSع عزيمSSة علSSى مخطSSط طويSSل األمSSد ال ننتظSSر فيSSه
الوصSول إلSSى الھSSدف النھSSائي بمجSSرد بSدء الجھSSد ولكSSن ال نSSزال ماضSSين ومSSن
سار وصل.
وعلى ﷲ قصد السبيل .
*****
مسافرون
يقول ابن القيم رحمه ﷲ ) :لم يزل الناس مذ خلقSوا مSسافرين ،ولSيس لھSم حSط
لرحSSالھم إال فSSي الجنSSة دار النعSSيم أو فSSي النSSار دار الجحSSيم ،والعاقSSل يعلSSم أن
مبني على المشقة واألخطار بل ھو قطعSة مSن العSذاب والSالواء، ٌ السفر بطبعه
ومن المحال أن يطلب في السفر عادة النعيم والراحة واللذة والھناء ،فكل وطأة
قدم أو أنة من أناة المسافر بحساب ،وكل لحظة ووقSت مSن أوقSات الSسفر غيSر
واقفة والمسافر غير واقف .فإذا مSا نSزل المSسافر أو نSام أو اسSتراح فھSو علSى
قSSدم االسSSتعداد للSSسير فSSي قطSSع المفSSاوز والقفSSار .وقSSد انعقSSد المSSضمار وخفSSي
السابق ،والناس في ھذا المضمار بين فارس و بين راجل وبين أصحاب حمSر
معقرة.
سوف ترى إذا انجلى الغبار ..........أفرس تحتك أم حمار
وفاز بالسبق من قد جد وانقشعت....عن أفقه ظلمات الليل والسحب
إن السالح جميع الناس تحمله........وليس كل ذوات المخلب السبع
ھلكى ھذا السفر كثير وكثير ،والنSاجون فيSه قليSل ،النSاجي فيSه واحSد مSن ألSف
وكفى ،ال تعجب لھالك كيف ھلك ولكن أعجب لناج كيف نجSا ،الرواحSل قليلSة
والبعض في ھذا السفر كإبSل سSائبة ال تكSاد تجSد فيھSا راحلSة ،والSبعض اآلخSر
كإبل نجيبة صابرة نادرة وأنعم بھا من راحلة ،النجائب في المقدمSة وحSامالت
الزاد في المؤخرة.
رفعت لنا في السير أعالم...........السعادة والھدى يا ذلة الحيران
فتسابق األبطال وابتدروا لھا.........كتسابق الفرسان يوم رھان
وأخو الھوينى في الديار مخلف......مع شكله يا خيبة الكسالن
إلى كم ذا التخلف والتواني...........وكم ھذا التمادي في التمادي
وشغل النفس عن طلب المعالي.......ببـيع الشعر في سوق الكساد
وال سبيل إلى ركوب ھذا الطريق إال بأمرين:
أحدھما :أال يصبوا في الحق إلى لوم الئم فإن اللSوم يSصيب الفSارس فيSصرعه
عن فرسه.
والثاني:أن تھون عليه نفسه في ﷲ فيقدم حينئذ وال يخاف األھوال فمتى خافت
النفس تأخرت وأحجمت وإلى األرض أخلدت.
ما البد منه:
ال بد من المسافر من رفقة ،ومن عSدة وعتSاد ،ودليSل ومنھSاج واسSتعداد بSزاد،
وھSSدف ووجھSSة ،ومحطSSات اسSSتراحة ،ووسSSائل مثبتSSة ،وإشSSارات مرشSSدة .
ومركب .
فمركبه:
صSSدق اللجSSأ إلSSى ﷲ واالنقطSSاع إليSSه بكليتSSه وتحقيSSق االفتقSSار إليSSه بكSSل وجSSه
والضراعة وصدق التوكل واالستعانة به واالنطراح بين يديه انطراح المكلSوم
ّ
ووليSه أن يجSده ويلSم قيمSه
المكسور الفارغ الذي ال شيء عنSده فھSو يطلSع إلSى ﱢ
شعثه ويمده من فضله ويستره .
فھذا الذي يرجى لSه أن يتSولى ﷲ ھدايتSه ويكSشف لSه مSا خفSي علSى غيSره مSن
الطريق .
دليله ومنھاجه:
أما دليله ومنھاجه فكتSاب ﷲ وسSنة رسSوله صSلى ﷲ عليSه وسSلم القائSل –كمSا
ثبت عنه)) -تركت فيكم شيئين لن تSضلوا بعSدھما :كتSاب ﷲ وسSنتي (( .ومSن
سلك طريقا بغير دليل ضل ،ومن تمسك بغير أصل ذل.
كن في أمورك كلھا متمسكا ً ........بالوحي ال بزخارف الھذيان
فالعلم تحت تدبير القرآن وتدبر القرآن إن رمت الھدى .......
أين النفوس ترامى غير ھائبة ..........أين العزائم تمضي ما بھا خور
العلم بالحق واإليمان يصحبه .........أساس دينك فابن الدين مكتمال
ال تبن إال إذا أسست راسخة .........من القواعد واستكملتھا عمال
ال يرفع السقف ما لم يبين حامله .....وال بناء لمن لم يرس ما حمال
ومن الزاد:
إخالص Zوقصد بالعمل وجه ﷲ ال سواه:
الدين()البينة :من اآلية.(٥ ﷲَ ُ ْ ِ ِ َ
مخلصين َلهُ ﱢ َ ليعبدوا ﱠ
أمروا ِ ﱠإال ِ َ ْ ُ ُوما ُ ِ ُ) َ َ
مخلصا ً َلهُ ﱢ َ
الدين( )الزمر.(٢: فاعبد ﱠ
ﷲَ ُ ْ ِ الكتاب ِ ْ َ ﱢ
بالحق َ ْ ُ ِ إليك ْ ِ َ َ ) ِ ﱠإنا َ ْ َ ْ َ
أنزلنا ِ َ ْ َ
الخالص )( ....الزمر :من اآلية(٣ الدين ْ َ ِ ُ ) َأال ِ ﱠ ِZﱢ ُ
موسى – صSلوات ﷲ وسSالمه عليSه – وھSو الملقSب بSالقوي األمSين فSي كتSاب
ﷲ ،يوم كلفه ﷲ بالرسالة احتاج إلى المعين والوزير فقال – كما أخبر الSه فSي
كتابه: -
أزري * َ َ ْ ِ ْ
وأشSركهُ ِفSي بSه َ ْ ِ أخSي * ْ ُ ْ
اشSدد ِ ِ ھارون َ ِ
أھلي * َ ُ َ من َ ْ ِ وزيراً ِ ْواجعل ِلي َ ِ)َ ْ َ ْ
SSصيراً( SSت ِبنَSSSا بَِ S
كنَ S كثيSSSراً * ِإنﱠَ S
SSك ُ ْ كثيSSSراً * َونََ َ ُ ْ S
SSذكرك َ ِ SSي نُ َ Sﱢ َ َ
SSسبحك َ ِ SSري * َكْ S َْ
أمِ S
)طـه(٣٥ -٢٩:
موسى( )طـه(٣٦: سؤلك َيا ُ َأوتيت ُ ْ َ َقد ِ َُ قال َ ْ ماذا قال ﷲ ؟ قالَ َ ( :
لكمSا ُ ْ َ
سSلطانا ً َفSال ونجعSل َ ُ َ عضدك ِ َ ِ َ
بأخيك َ َ ْ َ ُ سنشد َ ُ َ َ قال َ َ ُ ﱡ
وفي القصص يقول ﷲ َ َ ) :
اتبعكما ْ َ ِ ُ َ
الغالبون(. ومن ﱠ َ َ ُ َ
أنتما َ َ ِ بآياتنا َ ْ ُ َ َ ُِ َ
يصلون ِ َ ْ ُ َ
إليكما ِ ِ َ
فالصاحب ضرورة وال بSد ،لكSن لSه صSفات تحSدده وتميSزه ،لعلنSا نقSف عنSدھا
باختصار ،منھا:
*أن يكون مؤمنا:
)) فال تصاحب إال مؤمنا وال يأكل طعامك إال تقي (( كما ثبSت عنSه صSلى ﷲ
عليه وسلم ،وال يكفي أن يكون مؤمنا ،فال بد:
*أن يكون عاقال:
ألن األحمق قد يثور عليك فيغSضب فيجنSي عليSك وعلSى نفSسه ويقعSد بSك عSن
الھدف المرسوم الذي رسمته لنفسك ،وصدق ونصح من قال:
أحذر األحمق أن تصحبه .........إنما األحمق كالثوب الخلق
كلما رقعته من جانب ............زعزنه الريح يوما فانخرق
أو كصدع في زجاج فاحش .......ھل ترى صدع زجاج يرتتق......كال
وإن لم يكن رفقتك بھذه األوصاف فإني أخشى أن ال تبلغ وجھتSك فSي سSفرك،
لSم َ ﱠ ِ ْ
أتخSذ ليتنSي َ ْ
ويلتSى َ ْ َ ِ
وأن تكون – أجارك ﷲ – ممن يقSول حSين ال نفSع َ ) :يSا َ ْ َ َ
خليالً( )الفرقان.(٢٨: ُفالنا ً َ ِ
قد تفسد المرعى على أخواتھا ........شاة تند عن القطيع وتمرق
*محطات االستراحة:
أما محطات االستراحة :فإن المSسافر بطبعSه يكSل ،وينSصب ،ويتعSب ،ويمSل،
SSمهُ ( SSع َويَُ َ ْ S
SSذكر ِفيھَSSSا ْ
اسُ S ترفََ S ﷲُ َ ْ
أن ُ ْ SSوت َ ِ َ
أذن ﱠ وراحتSSSه وأمنSSSه وسSSSكينته )فِSSSي ُبيٍُ S
)النور(٣٦:
ومن ال يعرفھا فحاله كقول القائل:
إن مات مات بال فقد وال أسف......أو عاش عاش بال خلق وال ُخلق
فSSارفع علSSى الطريSSق ھSSذا الSSشعار ،وأعلSSم) :أن العمSSل ال نھايSSة لSSه ،إطSSاره
األرض -مطلSSق األرض -وميدانSSه اإلنSSسان مSSن غيSSر حSSد للSSون وال لجSSنس وال
لغة( ،إنھا جمع وتأليف على ساحة اإلسالم من غير دخل .وعمل بھSذه الSسعة
يحتاج إلى رسم خطSط دقيقSة ،إلSى دراسSات متأنيSة ،علSى نبSذ للفوضSوية ولSو
بحسن نية ،فاالرتجSال والفوضSى خلSل ووھSن واضSطراب فSي التSصور ،ألن
األمSSة فSSي حاجSSة ماسSSة إلSSى جيSSل مSSصلح منقSSذ يمSSارس خدمSSة اإلسSSالم بSSأرقى
أساليب اإلدارة والتوجيه) ،جيل يتجاوز العSشوائية ،ويكفSر بالغوغائيSة ،يحSتكم
إلى حقائق الكتاب والسنة ال إلى الوھم ،وال ينسى وھSو يتطلSع إلSى الSسماء أنSه
واقف على األرض ،فال يجري وراء الخيال واألحالم واألماني ،وال يسبح في
غير ماء ،وال يطير بغير جناح ،جيل واقعي ال يسبح في البر ،وال يحSرث فSي
البحر ،وال يبذر في الصخر ،ال ينسج خيوطا مSن الخيSال ،وال يبنSي قSصورا
فSSي الرمSSال( ،وال ييSSأس مSSن روح ﷲ ،وال يقSSنط مSSن رحمSSة ﷲ ،لكنSSه يعSSرف
حدود قدراته وإمكاناته ،فيأخذ باألسSباب ،ويSدرس مSشروعية الوسSائل قبSل أن
يقدم على األھداف.
ولسنا بدعا في ذلك يوم ندعو إلى ذلك ؛ فإن رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم-
وھو األسوة والقدوة – لمSا ھSاجر إلSى المدينSة خSرج بطريقSة مدروسSة منظمSة
عجيبة ،اتخذ فيھا كل األسباب متوكال على ربه ويظھر من خالل ما يلي:
أوال :االتصال باألنصار الذي تم من خالله بيعة العقبة األولى .
ثانيا :بعث النبي صلى ﷲ عليه وسلم لمصعب بن عمير إلى األنصار ليقSرئھم
القرآن ،ويعلمھم اإلسالم ،ويفقھھم في دين ﷲ .
ثالثا :بيعة العقبة الثانية التي ھي شد للوثاق والعھSد علSى النSصرة فSي المنSشط
والمكره والعSسر واليSسر ،بعSد ان اسSتوعب النبSي صSلى ﷲ عليSه وسSلم درس
الطائف قبل ذلك.
رابعا :أمر النبي صلى ﷲ عليه وسلم المؤمنين بالھجرة حتSى لSم يبSق بمكSة إال
محبوس أو مفتون .
خامسا :اسSتبقاء علSي رضSي ﷲ عنSه بمكSة لحاجتSه إليSه فSي أداء الودائSع عSن
النبي صلى ﷲ عليه وسلم ،ولمھمة تأتي.
سادسا ً :إتخاذ الصاحب وھو أبو بكر رضي ﷲ عنه وأرضاه.
سابعا :إنتظار اإلذن بالھجرة منه صلوات ﷲ وسالمه عليه .
ثامنا :إعداد الرواحل ،ودفعھا إلى ھSاد خريSت مSن قبSل أبSي بكSر ،ومواعدتSه
الغار بعد ثالثة ليال.
تاسعا :ذھابه صلى ﷲ عليه وسلم إلى بيت أبي بكر في وقت غير معھSود منSه
.وطلبه من أبي بكر إخراج من عنده ليخبره بإذن الخروج ،حتى قال أبو بكSر
رضي ﷲ عنه وأرضاه ) :إنما ھم أھلSك يSا رسSول ﷲ ،فSأخبر صSلى ﷲ عليSه
وسلم بانه قد أذن له في الھجرة(.
عاشرا :تكليف علي رضي ﷲ عنه بالمبيSت فSي سSريره صSلى ﷲ عليSه وسSلم
يوم أحاط به المشركون ليقتلوم ؛ تعمية عليھم.
حMMادي عMMشر :اتجاھSSه إلSSى الجنSSوب المعSSاكس لطريSSق المدينSSة ،وذلSSك لتSSضليل
المشركين ،مع مكوثه في الغار ثالثا.
ثاني عشر :تكليف صاحبه أبي بكر رضي ﷲ عنه أسماء ابنتSه ذات النطSاقين
رضي ﷲ عنھا بنقل الزاد إلى الغار للنبي صلى ﷲ عليه وسلم وألبيھا .
ثالث عشر :تكليSف أخيھSا عبSد ﷲ بنقSل المعلومSات إلSى النبSي صSلى ﷲ عليSه
وسلم في الغار أوال بأول .
رابع عشر :تكليف عSامر بSن فھيSرة مSولى أبSي بكSر رضSي ﷲ عنSه بSالمرور
بغنمSSه مSSساء علSSى الغSSار ليSSسقي النبSSي صSSلى ﷲ عليSSه وسSSلم مSSن لSSبن الغSSنم،
ولSSيطمس أثSSار األقSSدام التSSي تتSSردد إلSSى الغSSار ،حتSSى ال يكتSSشف المSSشركون
بواسطة القافة من يتردد على الغار.
إن الھجSSرة أشSSبه بعمليSSة احتSSشاد ،ومرحلSSة اسSSتنفار ،وقاعSSدة حمايSSة ،أخSSذ فيھSSا
النبي صلى ﷲ عليه وسلم بكل األشباب متوكال على ربه ،قبل أن يعلن النفير،
وتدق ساعة الصفر – كما يقال -وال غرور فھو القائSل )) :إذا خSرج ثالثSة فSي
سفر فليؤمروا أحدھم (( ،كSل ھSذا تعلSيم منSه صSلى ﷲ عليSه وسSلم لإلنSضباط
في جميع شؤون الحياة من سفر وإقامة مع نبذ للفوضSوية واالرتجSال والتخSبط
ﷲِ ُ ْ َ
أسSوةٌ رسول ﱠ كان َ ُ ْ
لكم ِفي َ ُ ِ لقد َ َولو حسنت معھا النية وﷲ عز وجل يقول ْ َ َ ) :
كثيراً( )األحزاب(٢١: ﷲَ َ ِ وذكر ﱠ
اآلخر َ َ َ َ ﷲَ َ ْ َ ْ َ
واليوم ْ ِ َ يرجو ﱠ حسنةٌ ِ َ ْ
لمن َ َ
كان َ ْ ُ َ ََ
بھداه أيھا الداعي اقتده .................وابتغ األخرى وأخلص في العمل
فأحزم الناس من لو مات في ظمأ ......ال يقرب الورد حتى يعرف الصدرا
*****
أنو الخير واعمل بمقتضى ھذه النية األولى ااإلشارة
بالنية يتحدد السفر ،وتتضح الواجھة ،وعلى أساسھا يخطط منھج الرحلة ،فھي
أساس األمر ورأسه وعموده وأصله ،بل ھي روح العمل وقائده وسائقه يSصح
بSSصحتھا ويفSSسد بفSSسادھا ،يSSستجلب التوفيSSق بھSSا ويحSSصل الخSSذالن بعSSدمھا،
وبحسب النية تتفاوت الدرجات في الدنيا واآلخرة ،وكل المناھل غير الSصدق
آسنة ) .وسنة ﷲ أن من نوى الخير وعمل بمقتضى تلك النية أن يوفق ويسدد
ويؤيد ويبلغ من الخير ما يريد (.
مھSاجراً مSن َ ْ ِ ِ
بيتSه ُ َ ِ ومن َ ْ ُ ْ
يخSرج ِ ْ وفوق ما يريد بإذن ربه ،يقول ﷲ جل وعالْ َ َ ) :
ﷲِ ()النSSساء :مSSن علSSى ﱠ أجSSرهُ َ َوقSSع َ ْ ُفقSSد َ َ َ يدركSSهُ ْ َ ْ ُ
المSSوت َ َ ْ ثSSم ُ ْ ِ ْ ورسSSوله ُ ﱠ
ﷲِ َ َ ُ ِ ِ ِ َإلSSى ﱠ
اآلية.(١٠٠
حرثه()الشورى :من اآلية. (٢٠ نزد َلهُ ِفي َ ْ ِ ِ حرث ْ ِ َ ِ
اآلخرة َ ِ ْ يد َ ْ َ ير ُ
كان ُ ِ من َ َ ) َ ْ
مSشكوراً(
سSعيھم َ ْ ُ
كSان َ ْ ُ ُ ْ فأولئك َ َمؤمن َ ُ َ ِ َ وھو ُ ْ ِ ٌ سعيھا َ ُ َلھا َ ْ َ َ وسعى َ َ اآلخرةَ َ َ َ أراد ْ ِ َ ومن َ َ َ )َ َ ْ
)االسراء(١٩:
ومSSن نSSوى الSSشر وعمSSل بمقتSSضى تلSSك النيSSة حSSرم التوفيSSق ،وحالفSSه الخSSذالن
والھوان ،وإن بدا غير ذلك فإنما ھو سراب أو أحالم ال تلبث أن تنقشع فيظھSر
فيھSا َمSا َ َ ُ
نSشاء ﱠلنSا َلSهُ ِ َ العاجلSةَ َعج ْ َ
يريد ْ َ ِ َ كان ُ ِ ُ من َ َ المستور ،يقول ﷲ جل وعالْ َ ) :
مدحوراً( )االسراء.(١٨: مذموما ً َ ْ ُ يصالھا َ ْ ُ
جھنم َ ْ َ جعلنا َلهُ َ َ ﱠ َ ثم َ َ ْ َنريد ُ ﱠلمن ُ ِ َُِ ْ
فيھSا ال فيھا َ ُ ْ
وھم ِ َ إليھم َ ْ َ َ ُ ْ
أعمالھم ِ َ نوف ِ َ ْ ِ ْ
وزينتھا ُ َ ﱢالدنيا َ ِ َ َ َ الحياةَ ﱡ ْ َ يريد ْ َ َ كان ُ ِ ُ من َ َ ويقول ) َ ْ
النار) ( ....ھود.(١٦-١٥: لھم ِفي ْ ِ َ ِ
اآلخرة ِ ﱠإال ﱠ ُ ليس َ ُ ْالذين َ ْ َأولئك ﱠ ِ َ يبخسون * ُ َ ِ َ ُْ َ ُ َ
منھSا َ َ َ ْ ِ
وسSنجزي نؤتSه ِ ْ َ ثواب ْ ِ َ ِ
اآلخSرة ُ ْ ِ ِ يرد َ َ َ ومن ُ ِ ْ منھا َ َ ْ نؤته ِ ْ َ ثواب ﱡ ْ َ
الدنيا ُ ْ ِ ِ يرد َ َ َ ومن ُ ِ ْ) َ َ ْ
الشاكرين()آل عمران :من اآلية ،(١٤٥فانو الخير واعمل بمقتSضى تلSك النيSة ﱠ ِ ِ َ
فإنك ال تزال بخيSر مSا نويSت الخيSر) ،وإنمSا األعمSال بالنيSات ولكSل إمSرئ مSا
نوى( رواه البخاري ومسلم .
القصد وجه ﷲ باألقوال ..........واألعمال والطاعات والشكران
وبذاك ينجو العبد من إشراكه ......ويصير حقا عابد الرحمن
*****
به يعرف السھل من الطريSق الSوعر ،بSه يميSز إشSارات الطريSق وعوائقSه ،بSه
يعرف ﷲ ويعبد ويذكر ويوحد ويحمد ويمجد ،بSه يعSرف الحSالل مSن الحSرام،
به توصل األرحام ،فھو أساس السفر وال بد ،بل ھو أشرف مطلSوب ،وأفSضل
Sون
يعلمَ S Sستوي الﱠَ ِ S
Sذين َ ْ َ ُ Sل يَِ َ ْ S مرغSSوب ،وأنفSSع زاد يقتنSSي لمSSسافر مكSSدود ) ،قُْ S
Sل ھَْ S
َ ﱠِ َ
والذين ال َ ْ َ ُ َ
يعلمون()الزمر :من اآلية.(٩
ال يكون العال مثل الدنا .........ال وال ذو الذكاء مثل الغبي
ومن تدرع بSالعلم حفSظ ومنSع ،وحSاز قSصب الSسبق وارتفSع وبSرع )ولمSا كSان
المجاھد ال ينكأ عدوا إال بسالح وعدة فكذلك المتعلم والمعلم ال يSصنع أمSة وال
لكم ِفيكان َ ُ ْ يكشف غمة وال يزيل ظلمة إال إال بعلم وعمل من أثر أو سنة ) َ َ ْ
لقد َ َ
حسنةٌ ()األحزاب :من اآلية.٢١ ﷲِ ُ ْ َ
أسوةٌ َ َ َ رسول ﱠ
َ ُ ِ
.......لبنا له قدر من ثدي وحيه ومن ال يربيه الرسول ويسقه
فذاك لقيط ما له نسبة الوال ........وال يتعدى طور أبناء جنسه
العلم وسيلة ،والعمل ثمرة ،العلم أساس البناء ،والعمSل ثمSرة الغSرس ،والبنSاء
من غير أس ال يبنى ،والثمر من غير غرس ال يجنى ،فاعلم أخي وال تنس.
فما تنفع الخيل الكرام وال القنا ...........إذا لم يكن فوق الكرام كرام
Sالمون()العنكبSSوت :مSSن اآليSSة، (٤٣ يعقلھَSSا ِ ﱠإال ْ َ
العَ ُ ِ S ومSSا َ ْ ِ ُ
العلSSم أبلSSغ مSSن القSSول ) َ َ
والناس أبناء ما يحسنون ،وفعل رجل في ألف رجSل أبلSغ مSن قSول ألSف رجSل
في رجل) ،ومھما كان العالم وطالب العلم والداعية فصيحا بليغا مSؤثرا بارعSا
فإن كالمه ال يتجاوز اآلذان ما لم يعمل به ،حتى إذا عمل بSه دبSت فيSه الحيSاة؛
دبSSت بكSSل كلمSSة ينطSSق بھSSا ،واتجھSSت كSSل جملSSة كأنھSSا قذيفSSة ترھھSSف آذان
الغSSSافلين ،وتSSSوقظ ضSSSمائر المتغSSSافلين ،وتSSSصبح دروسSSSه وخطبSSSه ومواعظSSSه
برنامجا عمليSا يتقبلSه النSاس راضSين بSه عSاملين مSذعنين( ال يغنSي العلSم شSيئا
لوحده ،ألن العلم ال يعمل وحده ،إنما ھو بمن يحمله ويعلمه.
يقSول الSSسيد قطSSب رحمSSه ﷲ ) :إن الكلمSSة لتنبعSSث ميتSSة ،وتSSصل ھامSSدة ،مھمSSا
تكن طنانة رنانة متحمSسة ،إذا ھSي لSم تنبعSث مSن قلSب يSؤمن بھSا ،ولSن يSؤمن
إنسان بما يقول حقا إال أن يستحيل ھو ترجمة حية لما يقSول ،وتجSسيما واقعيSا
لما ينطق ...عندئذ يؤمن الناس ،ويثق الناس ،ولو لم يكن في تلك الكلمة طنين
وال بريق ..إنھا تستحيل يومئذ دفعة حياة آلنھا منبثقة من حياة(.
وعادة السيف أين يزھي بجوھره .........وليس يعمل إال في يد بطل
والذين يعلمون ثم ال يعملون أو يعملون بخSالف مSا يقولSون ويعلمSون بSئس مSا
يصنعون ،إنما ھي أوعية للعلم يسيرون ثم ال ينفعون بSل قSد يSضرون ،جلSسوا
علSSى بSSاب الجنSSة – كمSSا يقSSول ابSSن القSSيم رحمSSه ﷲ ) :-يSSدعون إليھSSا النSSاس
بأقوالھم ،ويدعون إلى النار بأفعالھم ،كلما قالت أقوالھم :ھلمSوا اسSمعوا ،قالSت
أفعالھم :افرنقعوا ال تسمعوا لو كان حقا ما يSدعون إليSه كSانوا أول المSستجيبين
له ،فھم في الصور ھداة مرشدون أدالء ،لكنھم في الحقيقة قطاع طرق( .أذالء
لSم َ ْ ِ ُ َ
يحملوھSا التSوراةَ ُ ﱠ
ثSم َ ْ حملSوا ﱠ ْ َ مثSل ﱠ ِ َ
الSذين ُ ﱢ ُ وما ھم بأجالء ،بئس مSا يSصنعونُ َ َ ) .
وﷲُ ال َ ْ ِ
يھSدي ﷲِ َ ﱠ بآيSات ﱠ
ِ الذين َ ﱠ ُ
كذبوا ِ مثل ْ َ ْ ِ
القوم ﱠ ِ َ بئس َ َ ُ يحمل َ ْ َ
أسفاراً ِ ْ َ كمثل ا ْ ِ َ ِ
لحمار َ ْ ِ ُ َََِ
الظالمين( )الجمعة .(٥:ما يغني األعمى معه نSور الشمSسي ال يبSصرھا، القوم ﱠ ِ ِ ََْْ َ
وما يغني عن العالم كثSرة العلSم ال يعمSل بSه ،إنمSا ھSو كالSسراج يSضيء البيSت
ويحرق نفسه ،عليه بوره ولغيره نوره ،يحق عليه قول القائل:
فأسعدت الكثير وأنت تشقى .........وأضحكت األنام وأنت تبكي
خير من القول فاعله وخير من الصواب قائله :
ومن العجائب والعجائب جمة .........قرب السبيل وما إليه وصول
كالعيس في البيداء يقتلھا الضمأ ......والماء فوق ظھورھا محمول
به ( ،قول ﷲ في سSورة النSساء ،عملSوا بمقتظSى فعلوا َما ُ َ ُ َ
يوعظون ِ ِ ولو َ ﱠ ُ ْ
أنھم َ َ ُ ) ََْ
عظيمSا ً *أجSراً َ ِ لSدنا َ ْ
مSن َ ُ ﱠ وإذاً َ َ ْ َ ُ ْ
آلتيناھم ِ ْ تثبيتا ً * َ ِ وأشد َ ْ ِلھم َ َ َ ﱠخيراً َ ُ ْلكان َ ْ ما عملوا ) َ َ َ
مستقيما ً( )النساء ، (٦٨ - ٦٦:كم وكم ؟ من قدوات ظSاھرا صراطا ً ُ ْ َ ِ َ َ َََْ ُْ
ولھديناھم ِ َ
لم تعمل بمفتضى ما عملت فSسقطت وتكSشفت علSى الطريSق فيمSا بSين غمSصة
عين وانتباھتھا ،لعل ابن عيينSة رحمSه ﷲ يعنيھSا بخطابSه يSوم يقSول :ال تكSون
كالمنخل يخرج الدقيق الطيب ويمسك النخالSة ،تخرجSون الحكمSة مSن أفSواھكم
ويبقSSى الغSSل فSSي صSSدوركم ،إن مSSن يخSSوض النھSSر ال بSSد أن يSSصيب ثوبSSه وإن
إجتھد أال يصيبه ،فويحكم ثم ويحكم ثم ويحكم.
أيھا العالم أياك الزلل ...........واحذر الھفوة فالخطب جلل
ھفوة العالم مستعظمة ...........إن ھفا أصبح في الناس مثل
إن تكن عندك مستحقرة ........فھي عند ﷲ والناس جبل
انت ملح األرض ما يصلحه ...إن بدا فيه فساد وخلل
أيھSSا المSSسافر علSSى علSSم):ال تSSشغل نفSSسك بSSأدنى العلSSوم دون اعالھSSا وأسSSماھا
وأنت قادر عليه ،فإني ألربأ بك أن تكون كزارع الذرة في األرض التي يجSود
فيھا البر أو كغSارس الSشعراء حيSث يزكSو النخSل والتSين والزيتSون( ،فتSسبدل
الSSذي ھSSو أدنSSى بالSSذي ھSSو خيSSر .ثSSم أصSSغ سSSمعك للSSشوكاني رحمSSه ﷲ وھSSو
يخاطبSSك فيقSSول ) :اسSSتكثر مSSن العلSSم الSSشرعي زادا لSSك مSSا شSSئت ،وتبحSSر فSSي
الدقائق مخلصا ما استطعت ،واجب من عذلك أو خالفك بقول من صدقك.
أتانا أن سھال ذم جھال علوما .........ليس يدركھن سھل
علوما لو دراھا ما قالھا ولكن .......الرضا بالجھل سھل
أما قد علمت وعملSت فSإن مSن مفتSضى العلSم أن تSدعو غيSرك إلSى العلSم الSذي
عرفته بالحجة والبرھSان علSى بSصيرة وھSدفك إخSراج مSن تSدعوه ونفSسك مSن
الظلمات إلى النور من االنحراف إلSى االسSتقامة التSي تنSال رضSى ﷲ بھSا فSي
الدنيا وفي اآلخرة .
ھذا شيخ اإلشالم ابن تيمية رحمه ﷲ يفSسر قولSه تعSالىَ ) :يSا أَي َﱡھSا ْ ُ ﱠ ﱢ ُ
المSدثر * ُ ْ
قSم
Sذر( ،فيقSSول ) :فواجSSب علSSى األمSSة أن يبلغSSوا مSSا أنSSزل إليSSه ،وينSSذروا كمSSا ََْ
فأنْ ِ S
ليتفقھSوا ِفSي ﱢ ِ
الSدين طائفSةٌ ِ َ َ َ ﱠ ُ فرقSة ِ ْ ُ ْ
مSنھم َ ِ َ كSل ِ ْ َ ٍمSن ُ ﱢ نفSر ِ ْ فلSوال َ َ َ أنذر ،قال ﷲ تعSالْ َ َ ) :
Sذرون( )التوبSSة .(١٢٢:والجSSن لمSSا يحَ ُ َ S Sيھم َ َ ﱠ ُ ْ
لعلھSم َ ْ رجعSSوا ِإلَْ ِ ْ S
Sومھم ِ َإذا َ َ ُ َ ُِْ ِ ُ
ولينSذروا قَْ ُ َ ْ S
منذرين()االحقاف.(٢٩ : قومھم ُ ْ ِ ِ َ ولوا ِ َإلى َ ْ ِ ِ ْ سمعوا القرآن ) َ ﱠ ْ
وھذا تلميذه اإلمام المحقق ابن القSيم الجوزيSة رحمSه ﷲ يقSول ) :وتبليSغ سSنته
صلى ﷲ عليه وسلم إلى األمة أفSضل مSن تبليSغ الSسھام إلSى نحSور العSدو ،ألن
تبليSSغ الSSسھام يفعلSSه كثيSSر مSSن النSSاس ،وامSSا تبليSSغ الSSسنن فSSال يقSSوم بSSه إال ورثSSة
األنبياء ،وخلفائھم في أممھم ،جعلنا ﷲ تعالى منھم بمنه وكرمه(.
وليسيت ھذه المنزلة العليا في الدنيا إال منزلة الدعوة إلى ﷲ ،ووراثSة وظSائف
النبوة ،التي ليس أشرف منھا إال منزلة النبوة نفسھا وھذا اإلمام أبSو الفSرج بSن
الجSSوزي رحمSSه ﷲ تعSSالى يناديSSك) :ألSSست تبغSSي القSSرب منSSه؟ فاشSSتغل بداللSSة
عباده عليه ،فھي حاالت األنبياء عليھم الصالة والسالم ،أما علمت أنھSم آثSروا
تعليم الخلق على خلوات التعبد ،لعلمھم أن ذلك آثر عنSد حبيSبھم ( و )ھSل كSان
شغل األنبياء إال معاناة الخلق ،وحثھم على الخير ،ونھيھم عن الشر(.
وھا ھو رحمه ﷲ يقارن بين الSشجعان يخSالطون النSاس لSدعوتھم ،ويSصبرون
على أذيتھم ،وبين المتخاذلين المعتزلين القاعSدين عSن الSدعوة إلSى ﷲ تعSالى ،
فيقول ) :الزاھد في مقام الخفافيش ،قد دفنSوا أنفSسھم بالعزلSة عSن نفSع النSاس ،
وھSSي حالSSة حSSسنة إذا لSSم تمنSSع مSSن خيSSر ،مSSن جماعSSة واتبSSاع جنSSازة وعيSSادة
مريض ،إال أنھا حالSة الجبنSاء .فأمSا الSشجعان فھSم يتعلمSون ويعلمSون .وھSذه
مقامات النبياء عليھم السالم( .
إن الحاجة إلى الدعوة ماسSة ،ألن العقSول ال تSستطيع وحSدھا إدراك مSصالحھا
التي تكفل لھا في الSدنيا اآلخSرة ،ألنھSا ال ُتھSدى وحSدھا إلSى تمييSز الخيSر مSن
الشر ،فكثيرا ما يبدو لھا الشر في لباس الخير فتقع فيSه ،وكثيSر مSا يظھSر لھSا
خيٌ Sر َ ُ ْ
لكSم وھSو َ ْشSيئا ً َ ُ َ أن َ ْ َ ُ
تكرھSوا َ ْ وعSسى َ ْ
الخير في صور الSشر فتعSرض عنSه ) َ َ َ
تعلمSون( )البقSرة(٢١٦: يعلSم َ َ ْ ُ ْ
وأنSتم ال َ ْ َ ُ َ وﷲُ َ ْ َ ُ لكم َ ﱠ شيئا ً َ ُ َ
وھو َشرﱞ َ ُ ْ تحبﱡوا َ ْ وعسى َ ْ
أن ُ ِ َ َ َ
فمھما توسعت أفھام اإلنسان ومداركه ومعارفه فإنه يبقى قاصرا محدودا ومSن
ثم كان ال بد من الدعوة على أيدي الرسل وأتباعھم.
فإذا اتضح الھدف سرت في ھذه الحيSاة علSى ھSدى وعنSدھا بSادر بعمSل دؤوب
خSذ ْ ِ َ َ
الكتSاب يحيSى ُ ِ في طموح وجدية وأخSذ بقSوة تستSشعر قولSه ﷲ تعSالى َ ) :يSا َ ْ َ
بقوة( )البقرة.(٦٣: آتيناكم ِ ُ ﱠ ٍ
خذوا َما َ ْ َ ُ ْ بقوة ً( )مريم ،(١٢:وقولهُ ُ ) : ُِﱠٍ
))خذوا ما أتيناكم بقوة ((.
إذا كان ما تنويه فعال مضارعا ً ..........أال فاجعله ماضيا بالجوازم
تنيSSSا فِSSSي ِ ْ ِ
ذكSSSري( SSاتي َوال َ ِ َSSوك ِبآيِ S وأخَ S أنSSSت َ َ ُ
SSب َ ْ َ
فSSSي ثبSSSات ومSSSسارعة ) ْاذھَْ S
ورھبSا ً َ َ
وكSانُوا رغبSا ً َ َ َ يسارعون ِفي ْ َ ْ َ ِ
الخيرات َ َ ْ ُ َ َ
ويدعوننا َ َ كانوا ُ َ ِ ُ َ )طـه ِ ) ،(٤٢:ﱠ ُ ْ
إنھم َ ُ
فSإذا َ َ ْ َ
فرغSت خاشSعين( )االنبيSاء ،(٩٠:فSي تSدرج وأنSاة واعتSدال ومداومSة ) َ ِ َ َ َلنا َ ِ ِ َ
فارغب( )الشرح ،(٨-٧:في شجاعة وعدم تھيب وتردد. ربك َ ْ َ ْ وإلى َ ﱢ َ َ ْ َ ْ
فانصب * َ ِ َ
ومن يتھيب صعود الجبال ..........يعش أبد الدھر بين الحفر
ﷲِ َعلَSSSى بٍَ َ ِ S
SSصيرة SSبيلي َ ْ ُ
أدعSSSو ِإلَSSSى ﱠ SSذه َسِ ِ S SSل ھَِ ِ SفSSSي بSSSصيرة وفرقSSSان بإتقSSSان )قُْ S
SSر( ،فSSSي عزيمSSSة SSاورھم فِSSSي ْ َ ْ
األمِ S وشْ ُ ْ ِ S ()يوسSSSف ،(١٠٨:فSSSي استSSSشارة حSSSازم ) َ َ
علSى عزمSت َ َ َ ﱠ ْ
فتوكSل َ َ فSإذا َ َ ْ َ وتصميم مع وتوكل دون تسفيه رأي أو إنقاص قدر ) َ ِ َ
ﷲِ()آل عمران(١٥٩: ﱠ
إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة .........فإن فساد الرأي أن تترددا
إذا كنت ذا عزم فأنفذه عاجال ..........فإن فساد العزم أن يتقيدا
إذا ھممت فبادر ،وإذا عزمSت فثSابر ،واعلSم أنSه ال يSدرك المفSاخر مSن رضSي
بالصف اآلخر .مSا كSل مSن طلSب المعSالي نافSذا .........فيھSا وال كSل الرجSال
فحول
وعلى الطريق تضع لك حاديين مرعبين حافزين.
صSالحا ً َ َ َ
وقSال وعمSل َ ِ ﷲِ َ َ ِ َ دعSا ِ َإلSى ﱠ ممSن َ َ قSوالً ِ ﱠ ْ ومSن َ ْ َ ُ
أحSسن َ ْ أحدھما :قول ﷲ ْ َ َ ) :
المسلمين( )فصلت.(٣٣: من ْ ُ ْ ِ ِ َ إنني ِ َِﱠِ
وثانيھما :قول رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم كمSا فSي صSحيح مSسلم حSديث
أبي ھريرة رضي ﷲ عنه )) :من دعى إلى ھدى كان له من األجر مثل أجور
من تبعه ال ينقص ذلك من أجورھم شيئا((.
إن ھدى الرحمن شخصا واحد ........بك خير لك من بحر درر
وھو خير لك عند ﷲ من .............ما بدا للشمس أو نور القمر
))ألن يھدي ﷲ بك رجالً واحداً خير لك من حمر النعم (( متفق عليه.
فإن لم ينفSع الحاديSان ،فعلSى الطريSق وعيSدان محSذران لھSا أن تثيSر فSي نفSسك
الشعور بخطر الفتوروالتھاون والكتمان .
أحدھما :ما اخرجه البخاري ومسلم – رحمھما ﷲ – عSن ابSي ھريSرة رضSي
ﷲ عنه أنه قال)) :إن الناس يقولون أكثر أبو ھريرة ولوال آيتSان فSي كتSاب ﷲ
من َ ْ ِ
بعد البينات َ ْ ُ َ
والھدى ِ ْ من ْ َ ﱢ َ ِ يكتمون َما َ ْ َ ْ َ
أنزلنا ِ َ الذين َ ْ ُ ُ َ إن ﱠ ِ َ ما حدثت حديثا .ثم تال ) ِ ﱠ
الالعنون( ،وتال ) ِ ﱠإال ﱠ ِ َ
الذين ويلعنھم ﱠ ِ ُ َ ﷲُ َ َ ْ َ ُ ُ ُ يلعنھم ﱠ الكتاب ُ َ ِ َ
أولئك َ ْ َ ُ ُ ُ للناس ِفي ْ ِ َ ِ َما بَي ﱠﱠناهُ ِ ﱠ ِ
ﱠحيم( (( )البقSSرة: Sواب الSر ِ ُ وأنَSSا التﱠ Sﱠ ُ Sيھم َ َ
Sوب َعلَْ ِ ْ S Sك َأتُُ S Sلحوا َوبَيﱠنُSSوا َ ُ َ
فأولئَِ S Sابوا َ َ ْ
وأصُ َ S تَُ S
(١٦٠-١٥٩
وثانيھما :ما ثبت عSن النبSي صSلى ﷲ عليSه وسSلم أنSه قSال )) :مSن كSتم علمSا
ينتفع بSه جSاء يSوم القيامSة ملجمSا بلجSام مSن نSار (( .ورواه أبSو داود فSي كتSاب
العلم والترميذي بلفظ )) :من سئل عن علم فكتمه ألجمه ﷲ بلجام مSن نSار يSوم
القيامة(( قال الترميذي حديث حسن صحيح.
فھل يجوز سكوت ........أو يستساغ النمير
الخطب خطب عظيم ......واألمر أمر خطير
فSSإن لSSم يحSSرك فيSSك الوعSSد وال الوعيSSد ،وال الترغيSSب وال الترھيSSب ،إذ تبلSSد
اإلحSSساس فSSال مSSساس ،فقSف علSSى أخبSSار أھSSل األھSSداف ،علSSك أن تSSشتبه بھSSم،
فيثور فيك الحماس على أساس.
) في مؤتة خؤج جيش رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم وعليه زيد وجعفر وابن
رواحSSة رضSSي ﷲ عSSن الجميSSع ،ھSSدفھم ) :إن ھSSي إال إحSSدى الحSSسنيين ،إمSSا
النSSصر أو الSSشھادة فSSي سSSبيل ﷲ ( فلمSSا ودعھSSم المSSسلمون قSSالوا :صSSحبكم ﷲ
بالسالمة ودفع عنكم وردكم إلينا صالحين .فقام عبد ﷲ بن رواحة وقال :
لكنني أسأل الرحمن مغفرة .........وضربة ذات فرع تقذف الزبدا
أو طعنة بيد حران مجھزة .........بحربة تنفذ األحشاء والكبد
حتى يقال إذا مراوا على جدثي .....يا أرشد ﷲ من غاز وقد رشدا
ولمSSا رأى المSSسلمون جمSSوع الSSروم – الجمSSوع الكبيSSرة – نظSSروا فSSي أمSSرھم
وقالوا :نكتب إلى رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم نخبره بعدد عدونا ،فقام إبSن
رواحة فقSال :وﷲ إن التSي تكرھSون للتSي خSرجتم تطلبSون ،ومSا نقاتSل النSاس
بعدد وال عدة إنمSا نقSاتلھم بھSذا الSدين الSذي أكرمنSا ﷲ بSه ،فSانطلقوا فإنمSا ھSي
إحدى الحسنيين إما ظھور وإما الشھادة .
تلذ له المروءة وھي تؤذي ........ومن يعشق يلذ له الغرام
فقاتل القوم وعليھم زيد ،فلم يزل يقاتل حتى شاط في رماح القوم وخر صريعا
رضSي ﷲ عنSSه وأرضSاه .أخSSذ الرايSة جعفSSر فقاتSل بھSSا حتSى إذا أرھقSSه القتSSال
اقتحم عن فرسه فعقرھا لئال ينتفع بھا العدو ،ثم قاتل وھو يقول :
يا حبذا الجنة واقترابھا ........طيبة وبارد شرابھا
والروم روم قد دنا عذابھا .....كافرة بعيدة أنسابھا
علي إذا القيتھا ضرابھاّ
فقطعت يمينة ،فأخذ الراية بيساره ،فقطعت فاحتضن الراية حتى قتل كاألسSد .
رحمة ﷲ على ذاك الجسد .ثم أخذھاإبن رواحSة كالليSث ،ونالتSه الجSراح -وأي
جراح -فحاله:
ھل أنت إال إصبع دميت .........وفي سبيل ﷲ ما لقيت
يا نفس أإال تقتلي تموتي .........ھذا حياض الموت قد صليت
وما تمنيت فقد لقيت ............إن تفعلي فعلھما ھديت
وإن تأخرت فقد شقيت
)ثم قاتل ثابتا رضSي ﷲ عنSه وأرضSاه حتSى قتSل ،فأخSذ الرايSة سSيف ﷲ خالSد
ففتح ﷲ على يديه (.
أخرجSSوا الSSدنيا مSSن قلSSوبھم ،وقطعSSوا أسSSباب التعلSSق بھSSا عSSن أنفSSسھم ،فكSSان
اإلقتحام ،وكانت الشھادة وكان الفوز بالجنة ،وھكذا أمر العاقل اللبيب ،ال يبيع
اليSSاقوت بالحSSصى ،وال يSSرى لنفSSسه ثمنSSا إال الجنSSة ،الطريSSق شSSاق وتكSSاليف
وعوائق ،فمن لSم يجمSع ھمتSه ،ويعلSي إدارتSه ،ويقSوي عزيمتSه ،ويتخفSف مSن
دنياه فلن يستطيع بلوغ أھدافه وغايته .
ومن تكن العلياء ھمة نفسه ............فكل الذي يلقاه فيھا محبب
ولم يتأخر من أراد تقدما ..............ولم يتقدم من أراد تأخرا
ويذكر الذھبي في سيريه ) :أن نور الدين الشھيد لما نSزل دميSاط بقSي عSشرين
يومSSا صSSائما ال يفطSSر إال علSSى المSSاء ،فSSضعف وكSSاد يتلSSف ،ولمSSا التقSSى العSSدو
وخSSاف علSSى اإلسSSالم ،انفSSرد فSSي ناحيSSة مSSن الجSSيش ومSSرغ وجھSSه فSSي التSSراب
وقال يا رب ،من نور الدين؟ الدين دينك والجند جنSدك وافعSل يSا رب مSا يليSق
بكرمك فنصره ﷲ نصرا مؤزورا(.
كان ذا ھمة عالية ،كان ھدفه وھاجسه فتح بيت المقدس وتطھيره من الصليب.
قام فSي حلSب بعمSل منبSر عظSيم لينSصبه فSي بيSت المقSدس حينمSا يفتحSه وكSان
الناس يسخرون منه يوم يمSرون عليSه وھSو يفعSل ذلSك فلSم يلتفSت إلSيھم وحالSه
مSألٌ ِ ْ
مSن وكلمSا َم Sﱠر َ َ ْ ِ
عليSه َ َ ويSصنع ْ ُ ْ َ
الفلSك َ ُ ﱠ َ كحال نبي ﷲ نSوح يSوم يSصنع الفلSك ) َ َ ْ َ ُ
Sخروا )ھSSود ،(٣٨:كSSان يريSSد بSSذلك المنبSSر بSSث الSSروح ،وبعSSث الھمSSم، َْ ِ
قومSِ Sه َسُ ِ S
وتبديد اليأس المخيم على القلوب ،ولقد حقق ﷲ له أمنيته ،وفتح بيSت المقSدس،
ونصب له منبره بعد وفاتSه ،نSصب علSى يSدي تلميSذه صSالح الSدين وكSان بSين
عمل المنبر وحمله ما يزيد على عشرين سنة .والسيف يبلغ ما ال يبلغ الكلم .
ھذي الغرائز ال ما تدعي القضب .........ھذي المكارم ال ما قالت الكتب
وھذه الھمم الالتي متى خطبت ............تعثرت خلفھا األشعار والخطب
والصارم الغضب الذي فتح الورى .......ما زال في يد أھله مسلوال
إن لSSم يحSSرك فيSSك الوقSSوف علSSى سSSير أصSSحاب الھمSSم الSSسامية سSSاكنا ،إذا قSSد
صرت جلمودا ساكنا ،فانظر إلى أھل الدنيا في دنياھم ،وخذ منھم حافزا لذلك،
كيف يكدحون ليلھم ونھارھم في تعSاملھم مSع الSدرھم والSدينار؟ أفSال حيSاء مSن
ﷲ أن يكون ھؤالء أعظSم تجلSدا منSك وانSت تتعامSل مSع ﷲ الكبيSر المتعSال ثSم
تتقاعس .
إذا فقد اإلنسان صدق انتمائه ........وأضحى بال قلب فليس بإنسان
أعمى أصم عن الحقيقة أبكم .........بالنوم في الفرش الوثيرة تغرم
والصمت كھفك والظالم مخيم
تدعى ولكن الذي يدعى سھا .........أمسى على ماء التخاذل يھرم
من أنت يا ھذا أمالك في الورى ......عقل يفكر في األمور فيحسم
إني ألرجوا أن أراك مزمجرا .......انا مؤمن بمبادئي أنا مسلم
قد قمت أرقى في مدارج عزتي ......علمي دليلي والعزيمة سلم
ذھب الرقاد فحدثي يا ھمتي .........إن العقيدة قوة ال تھزم
لغة البطولة من خصائص أمتي .....عنا رواھا اآلخرون وترجموا
من ذلك الوقت الذي انتفضت به .....بطحاء مكة والحطيم وزمزم
منذ التقى جبريل فوق ربوعھا .......بمحمــد يتلو له ويعلـم
فال تستشر غير العزيمة في العال ....فليس سواھا ناصح ومشير
فإن لم يحرك فيك أھل الدنيا وكدحھم في دنياھم شSيء فSانظر إلSى الكفSار ،إلSى
حطب جھنم كيف يلھثون وراء أھدافھم المؤقتة ،ويتفانون لھا مع أنSه ال عقبSى
لھا:،
ھاھو مخترع الكھرباء يترك المدرسSة بعSد أن وصSفه معلمSه بأنSه لSيس مؤھSل
لالسSSتمرار فSSي المدرسSSة ،وتSSذھب أمSSه إلSSى المدرسSSة متألمSSة لمواجھSSة معلمSSه
لتقول له :إنك ال تعرف معنى ما تقول ،وكSل المSشكلة أن إبنSي أذكSى منSك ،ثSم
أخذته وعلمته في بيتھا حتى أعطته من علSوم الSدنيا وعلSوم المSادة مSا يSستطيع
أن يستمر به ،فلم يفل عزمه مع طرده من المدرسة بل تراه يثابر ويكافح ويبدأ
فSSي تجاربSSه ) ليختSSرع المSSصباح الكھربSSائي بعSSد تSSسعة أالف تجربSSة ( ،بعمSSل
يتراوح بين ثمان عشر ساعة وعشرين ساعة في اليوم ،في جلد عجيب ،ثم لم
يتوقSف بعSSدھا بSل أن النجSSاح – كمSا قيSSل -يجSSر إلSى النجSSاح فينطلSق بعSSد عSSشر
سنوات في البحث والجھد في تجارب بلغت خمسين ألف تجربSة ،بتكلفSة ثالثSة
ماليSSين دوالر ليختSSرع بطاريSSة الSSسيارات وأجھSSزة اإلشSSارة فSSي سSSكك الحديSSد
وإضاءة الغواصات ،ويSسأل متSى اإلجSازة يSا أديSسون ؟ قSال :فSي اليSوم ا لSذي
يسبق جنازتي.
ھل استفاد أديسون من إضاءة المصابيح واختراع البطارية؟ ھل استفاد فائSدة؟
نعم! استفاد شھرة واستفاد ماال ،لكنھا مؤقتة تزول وتنتھي ،ال تنفعه عنSد ﷲ،
Sوم ال Sﱢ ِ
Sدين( Sر لِSSي َ ِ َ
خطيئتِSSي يََ ْ S يغفَِ S Sع َ ْ
أن َ ْ ألنSSه لSSم يقSSل يSSوم مSSن األيSSامَ ) :والﱠSِ Sذي َ ْ َ
أطمُ S
منثُSSSوراً(
SSاء َ ْ عمٍ SSSل َ َ َ ْ
فجعلنَSSSاهُ َھبًَ S عملُSSSوا ِمْ S
SSن َ َ SSدمنا ِإلَSSSى َمSSSا َ ِ
)الSSSشعراءَ ) ،(٨٢:وقََ ْ ِ S
)الفرقان ،(٢٣:أفSال حيSاء مSن ﷲ أن يكSون كSافر مثSل ھSذا أشSد تجلSدا ألھدافSه
المؤقتة الوضيعة من مؤمن يؤمن با Zوالدار اآلخرة؟ خيبة وخسارة وخذالن.
أدنى الفوارس من يغير لمغنم ..........فاجعل مغارك لمكارم تكرم
أيھا المؤمنون ال تتوانوا ...............فالتواني وسيلة للتباب
فإذا المصلحون في القوم ناموا ........نھضت بينھم جيوش الخراب
فإن كنت مع ھذا كله لم تتحرك ،إذ أنك ثمل الھمة ،مقعد العزيمة ،بليد الSذھن،
يحق عليSك قSول القائSل :يخبرنSي البSواب أنSك نSائم ........وأنSت إذا اسSتيقظت
أيضا فنائم
لم يحرك فيك ما مضى ساكنا ،فال تبرر قعودك ،وال تبSرر ضSعفك ،وال تبSرر
خورك ،فإن ذلك أقبح من ضعفك وأشSنع مSن خSورك وقعSودك ،ولكSن سSل ﷲ
أن يرفع ما بك فھو خير لك .
يجلSSس بعSSض المتخSSاذلين عSSن تبليSSغ ديSSن ﷲ ونSSشره شSSبعان ريSSان متكئSSا علSSى
أريكته حتى إذا ما طلب منه نصرة دينة ولو بكلمة أو كلف بأبسط مھمة لخدمة
دينه انبرى يتھرب مSن المSسؤولية ويSورد لSك األدلSة الSصحيحة علSى أن واقSع
المسلمين سيكون ضعيفا وسيئا في المستقبل وال بSد مSن العزلSة ،فيوقعھSا علSى
حاله فإذا به ينبري ويقول :إن رسول ﷲ صSلى الSه عليSه وسSلم قSال)) :يوشSك
ان يكون خير مال المرء المسلم غنم يتتبSع بھSا شSعف الجبSال ومواضSع القطSر
يفر بدينة من الفتن(( .ويقول صلى ﷲ عليه وسلم )) :ال يأتي علSيكم زمSان إال
والذي بعده أشر منه حتى تلقوا ربكم((.
وھكذا دواليك .يبرر قعSوده وال يعمSل بمقتSضى الحSديث الSذي ال ينطبSق علSى
زمانSSه حقSSا ،ولSSم يفھمSSه فSSي ضSSوء النSSصوص األخSSرى ،فSSاول مSSا يجنSSى عليSSه
اجتھاده .تعSود نقSض العSزائم فحيSل بيSنھم وبSين الغنSائم ويجلSس اآلخSر شSبعان
ريSSان متكئSSا علSSى أريكتSSه حتSSى إذا مSSا عاتبتSSه فSSي التخSSاذل عSSن تبليSSغ ديSSن ﷲ
واسSSتغراقه فSSي اللھSSو والتSSرف ،انطلSSق فSSي القذيفSSة مSSردداً)) :ياحنظلSSة سSSاعة
وساعة(( وكأنه ال يعرف من كتSاب ﷲ وسSنة نبيSه صSلى ﷲ عليSه وسSلم غيSر
ھذا.
إن لم تقم بالعبء أنت ......فمن يقوم به إذن
إن الذين ال تغلي دمائھم وال تلتھب نفوسھم وال تھتز مشاعرھم لخدمة ھذا
الدين ال يعقد عليھم أمل ،وال يناط بھم رجاء أموات غير احياء والميت ال
يذكر،يحس باألوجاع وما يشعرون أيان يبعثون .إن النائم يوقظ ،والغافل ّ
والذي ال يجدي فيه التذكير وال التنبيه فھو ميت وإنما تنفع الموعظة من أقبل
ينيب( )غافر(١٣: يتذكر ِ ﱠإال َ ْ
من ُ ِ ُ وما َ َ َ ﱠ ُ
عليھا بقلبله ً( َ َ
*****
*****
المؤمنSSون جماعSSة واحSSدة ،ويSSد واحSSدة ،وجSSسم واحSSد ،وبنيSSان واحSSد ،والجميSSع
مسؤولون عن تبليغ دين ﷲ على سبيل التعاون والتآزر والتضامن مSع الSسعي
الجاد إلSى تغييSر واقSع األمSة ونقلھSا مSن مجSرد اإلحSساس إلSى الSوعي بأسSباب
الواقع والطريق إلى إخراجھا من ذلSك الواقSع ،التعSاون مSن اجSل تمكSين مSنھج
ﷲ جل وعال في األرض قاطبة مطلب وضرورة ،تجعل كل فSرد يSضاف إلSى
اآلخر ثم تستثمر كافة العقول والسواعد والدقائق)) ،والمؤمن للمؤمن كالبنيSان
يSSشد بعSSضه بعSSضا ً(( وكSSل يSSستفيد مSSن اآلخSSر ،إذا عSSن بحSSر ال يجSSوز التSSيمم،
والخيط الواھي إذا انضم إليه مثله أصبح حبال متينا يجر األثقال .
ذكر صاحب )مواقف إيمانية( أنه في حج ١٣٩٥ھـ رأى آالف الحجاج منظرا
يثيSر المSSشاعر ويSSستجيش المSSدامع ،شSSاھدوا حSاجين أحSSدھما أعمSSى قSSادر علSSى
المSSشي ،والثSSاني مSSشلول بSSصير العنSSين ،أراد األعمSSى ان يSSستفيد مSSن بSSصر
المشلول ،وأراد المشلول أن يستفيد من حركة األعمى ،فاتفق الحاجان على أن
يحمSSل األعمSSى المSSشلول فالحركSSة مSSن األعمSSى والتوجيSSه مSSن المSSشلول ،وقامSSا
بتأدية المناسك على مشقة وجھد يعلمھا ﷲ فاألمر ليس ھينSا وكلكSم يعلSم؛ عنSد
الطواف زحام ،وعند السعي زحام ،وعند رمي الجمار زحSام ،وفSي كSل مكSان
زحSSام ،لكSSن العزيمSSة الSSصادقة ،والثقSSة بSSا ZعظيمSSة ،ورجSSاء مSSا عنSSده ينSSسى
المتاعب والمكاره والمشقة( ،أدوا فريضتھم ضاربين أروع المثلة في التعSاون
واإلستفادة من الطاقات ،ھذا كله في تعاون اثنين فكيف لو تظافرت جھود امSة
بطاقاتھا ومواھبھا ،وإمكاناتھا في خدمSة دينھSا ،كيSف يكSون األمSر ال شSك انSه
سيكون :كالبحر يقذف للقريب جواھرا .......جوداً ويبعث للبعيد سحائبا
إن التعاون طريق إلى البناء والنجاح ،ونظرة يلقيھا المرء على خلSق ﷲ تؤكSد
ھذا األمر )أمة النحل أمة عجيبة ،طائفة من أمة تبني البيوت ،وطائفة تنظفھا،
وطائفة تحرسھا وتحميھا ،وطائفة تدل على مواضع األزھار ،وطائفSة تمSتص
األرض َوال َ ِ ٍ
طSائر مSن َدابﱠ ٍSة ِفSي ْ َ ْ ِ
ومSا ِ ْ
الرحيق لتأتي به وتخرج العسل اللذيSذ ) ( َ َ
أمثالكم( )األنعام(٣٨: بجناحيه ِ ﱠإال ُ َ ٌ
أمم َ ْ َ ُ ُ ْ يطير ِ َ َ َ ْ ِ
َ ِ ُ
والنمل تبني قراھا من تماسكھا .......والنحل يجني رحيق الزھر أعوانا
إن يدا واحدة ال تSصفق -كماقيSل -حتSى إذا لSم يبSق إال تلSك اليSد أدت مSا عليھSا
غير ملومة وحالھا :
إذا عز في قومي المسعفون ..........فإنك يا خالقي مسعفي
فما أنا بالمستسيغ القعود .............وال أنا بالشارد المسرف
يقول السيد محمد نوح) :رغيف الخبز على صغر حجمه ال يصل إلى اإلنSسان
إال بعSSد عمSSل عSSشرات بSSل مئSSات مSSن البSSشر تعاونSSت علSSى تجھيSSزه وإعSSداده
وتقديمه ،ومن كان في شSك مSن ذلSك فليSسأل نفSسه :مSن حSرث األرض؟ ومSن
بذر الحب؟ ومن سقاه بالماء؟ ومSن نظSف الحSشائش عنSه؟ ومSن حرسSه؟ ومSن
حصده ومSن نقلSه إلSى الجSرن ؟ ومSن داسSه؟ ومSن طحنSه ؟ ومSن خبSزه؟ ومSن
بالنار سواه؟ ومن إلينا حمله؟ ومن قدمه؟ ومن ؟ ومن؟ ومن؟....
ھناك أسئلة كثيرة .ھذا الجھد في رغيSف الخبSز ،فكيSف بSاألمر فSي خدمSة ديSن
ﷲ( والتمكين له ،في بناء النفوس ،في صنع الرجال ،فSي كSشف الظلSم وإنSارة
البصائر ،إنه يحتاج إلى تظافر طاقات وقدرات ،مSع صSبر ومSصابرة وثبSات،
عSن بالمعروف َ َ ْ َ ْ َ
وينھSون َ ِ بعض َ ْ ُ ُ َ
يأمرون ِ ْ َ ْ ُ ِ بعضھم َ ْ ِ َ ُ
أولياء َ ْ ٍ والمؤمنون َ ْ ُ ْ ِ َ ُ
والمؤمنات َ ْ ُ ُ ْ )َ ُْْ ُِ َ
المنكر( )التوبة ،(٧١:فھيا إلى التالحم وھيا إلى التعاون وھيا إلى التآزر . َُْْ ِ
فالنصر لم ينزل على متخاذل .........والرزق لم يبعث إلى متواكل
ولنترك اللوم والتوبيخ ،فاللوم ال يحرك وال يجمع ،والتفتيش عن الثغرات التي
يدخل منھا الداء أولى .وعند كل من الھموم ما يكفيه ،وليس بحاجة إلSى معكSر
إضSSافي ،فليحSSول كSSل منSSا أخSSاه إلSSى داعيSSة معSSه يحمSSل ھSSم الSSدعوة ،ويتبنSSى
أفكارھا ،وحاله يھتف ويقول :
أمتي انتم في كل أرض ..........أنتم خير األمم
فأجمعوا أشتات أنھا .............ركم في غمر يم
تنشروا الخير األعم .............تبلغوا العز األشم
وتكونوا سادة الدنيا ............وفرسان القمم
وما ذلك على ﷲ بعزيز.
*****
بمعنSSى دوام ولSSو علSSى القليSSل ،قليSSل دائSSم خيSSر مSSن كثيSSر منقطSSع ،والديمومSSة
واالستمرار في العطاء تجعSل العمSل وإن كSان ضSئيال أصSيالً مSستطاعا مSذلالً
يقSSام بSSه فSSي عيSSر مSSا عنSSاء ،لSSيس المھSSم قSSدر العمSSل بSSل االسSSتمرار فSSي أدائSSه،
فالقطرة الدائمة تصبح سيالً عظيما ً.
أما ترى الحبل بطول المدى ........على صليب الصخر قد أثر
والشيء بثمرته يقدر ثمنه ،ويعرف ثمنه ،ومن ثمرات المداومة ما يلي:
نيل محبة ﷲ:
أوالً :نيل محبة ﷲ التي ھي غاية منSى المSؤمنين الSذين ھSم أشSد حبSا ،ZومSن
أين أخذت ھذا ؟ من الحديث القدسي الذي رواه البخاري:
إلي بالنوافل حتى أحبه(( ،يستمر ويداوم حتSى يحبSه ))وما يزال عبدي يتقرب ﱠ
ﷲ فإذا حصلت محبة ﷲ فالنتيجSة )) :فSإذا أحببتSه كنSت سSمعه الSذي يSسمع بSه
وبصره الSذي يبSصر بSه ويSده التSي يSبطش بھSا ورجلSه التSي يمSشي بھSا ،ولSئن
سألني ألعطينه ،وإلن استعاذني ألعيذنه((.
وفSSوق ھSSذا مSSارواه الSSشيخان )) :إذا أحSSب ﷲ العبSSد نSSادى جبريSSل إن ﷲ يحSSب
فالنا فأحبه فيحبه جبريل ،ثم ينادي جبريل في أھل الSسماء :إن ﷲ يحSب فالنSا
فأحبوه ،فيحبه أھل السما ،ثم يوضع له القبول في األرض((.
أھيب بقومي إلى المكرمات ........أال ھل ملب أال ھل مجيب
ترويض النفس:
ثانيا :ترويض النفس على مكابد الھوى حتى تعتاد الخير ،فالنفس مSن طبعھSا
حب التفلSت واالنطSالق ،ولكلنھSا إذا روضSت ذلSت ،واسSتجابت إلSى مSا تكSره،
فتمزق حجب البطالة ،وتقفز علSى أسSوار المكSاره ،وتSستمر علSى مSا روضSت
عليه ،وتداوم دون كلل وال ملل حتى وإن استغرقت ھSذه المداومSة العمSر كلSه،
يقSSول أحSSد الSSسلف :عالجSSت لSSساني عSSشرين سSSنة قبSSل أن يSSستقيم لSSي ،ويقSSول
عالجت الصمت عما ال يعنينSي عSشرين سSنة قبSل أن أقSدر منSه علSى مSا أريSد.
وجاء عSن التSابعي الجليSل إبSن المنكSدر رحمSه ﷲ :كابSدت نفSسي أربعSين سSنة
حتى استقامت لي.
وما يردع النفس اللجوج عن الھوى .........من الناس إال حازم الرأي كامله
وما النفس إال حيث يجعلھا الفتى ............فإن أطمعت تاقت وإال تسلت
األمن والحسرة عند المرض:
ثالثا :األمن من الحSسرة عنSد المSرض أو العجSز والفتنSة ،فالمSداوم حSين يحSال
بينه وبين العمل يجري لSه مSا كSان يعملSه ،يستSشعر ھSذا ممSا ثبSت فSي صSحيح
البخاري أن رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم قSال )) :إذا مSرض العبSد أو سSافر
كتب له ما كان يعمله صحيحا مقيما(( فال حسرة وال ندم.
تربية النفس على أخذ أعلى األمور:
رابعا :تربيSة الSنفس علSى أخSذ أعلSى األمSور ،وعSدم الرضSا بالSدون ،ثبSت فSي
صحيح البخاري أن رسول ﷲ صلى اله عليه وسلم قال )) :أحب األعمال إلSى
ﷲ أدومھا وإن قل((.
إمالل الشيطان وإضعافه:
خامسا :إمالل الشيطان وإضعافه وقطع الطريق عليه .يقول الحسن رحمSه ﷲ
-كما في الزھد البن المبارك :-إذا نظر إليك الشيطان فرآك مداوما على طاعة
ﷲ فبغاك وبغاك فرآك مداوما ملك ورفضك ،وإن كنت مرة ھكSذا ومSرة ھكSذا
– تتقدم خطوة وتتأخر خطوتين كما يفعل البعض -طمع فيك.
ھذه بعض ثمرات المداومة على العمل ،ومن عرف الثمSرة قSدرھا ،فبSادر إلSى
الشجرة لقطفھا.
يقال البن المبارك :إلى متى تطلب العلم ؟ قال:
حتى الممات إن شاء ﷲ ،وقال له آخر :إلى متى تكتب العلم؟
قال :لعل الكلمة التي تنفعني لم تكتب بعد .واألعمSش يSروى عنSه وكيSع أنSه لSم
تفته تكبرة اإلحرام مع اإلمام سبعين سنة ،ويقول :اختلفت إليه أكثSر مSن سSتين
سنة فما رأيته يقضي ركعة.
يومSا ،مSع انSه لSهً من منا يلقي ﷲ وقد أدرك التكبيرة األولى مع اإلمSام أربعSين
براءتين :براءة من النفاق وبراءة من النار فإنا Zوإنا إليه راجعون .
وروى الجماعة عن عبد ﷲ بSن عمSر رضSي ﷲ عنSه أن رسSول ﷲ صSلى ﷲ
عليه وسلم قال )) :ما حق إمرئ مسلم له شيء يوصى فيه يبيت ليلة أو ليلتSين
إال ووصSSيته مكتوبSSة عنSSده(( يقSSول ابSSن عمSSر :فSSوﷲ مSSا مSSرت علSSي ليلSSة مSSذ
سمعت رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم يقول ذلك إال ووصيتي عندي.
إذا فعلوا فخير الناس فعالً ..........وإن قالوا فأكرمھم مقاال
ترى جدا ولست ترى عليھم ..........ولوعا ً بالصغائر واشتغاال
ويSSروى أن حمSSدون بSSن حمSSاد بSSن مجاھSSد الكلبSSي رحمSSه ﷲ كSSان يقSSول :كتبSSت
بيدي ھذه ثالثة آالف وخمSسمائة كتSاب ولعSل الكتSاب الSذي أدخSل بSه الجنSة لSم
يكتب بعد ،لعل ھذا مما يعين على المداومة ،كلما عملت عمال قلت لعل ھذا ال
يبلغني الجنة ،فإلى آخر وإلى آخر حتى تلقى ﷲ على ذلك فربSك أغفSر وأرحSم
Sك ْ َ
اليقُِ S
Sين( ك َحتﱠSSى َ ْ ِ
يأتيََ S واعبُSْ Sد َربﱠ َ S
سSSبحانه .فجاھSSد نفSSسك وداوم علSSى العمSSل ) َ ْ
)الحجر(٩٩:
*****
السابعة إنما األخطار أثمان المعاني ااإلشارة
******
الثامنة تمھل ااإلشارة
ال تعجل في دعوة أو حكم يوشك أن تصل) ،إن من سنن ﷲ في الSنفس أنھSا ال
تضحى وال تبذل إال إذا عولجت من داخلھا ،وتجردت من حظوظھا ،وأدركت
فائدة التضحية والبذل( .وذلك ال يتم إال في وقت طويل وجھSد وتكSاليف وكSدح
دائب في اناة ليس يعروھا ملل ،فليعلم.
ومن سنن ﷲ مSع العSصاة والمSذنبين والمجSرمين والكSافرين :اإلمھSال ) َ ُ ْ ِ
وأملSي
لو ُ َ ِ ُ ُ ْ
يؤاخSذھم ﱡك ْ َ ُ ُ
الغفور ُذو الر ْ َ ِ
ﱠحمة َ ْ ورب َ
متين( )ألعرافَ َ ) ،(١٨٣: كيدي َ ِ ٌ إن َ ْ ِ َ ُْ
لھم ِ ﱠ
مSSوئالً( مSSن ُ ِ ِ
دونSSه َ ْ ِ يجSSدوا ِ ْ موعSSد َ ْ
لSSن َ ِ ُ بSSل َ ُ ْ
لھSSم َ ْ ِ ٌ لھSSم ْ َ َ َ
العSSذاب َ ْ ﱠSSل َ ُ ُ
لعج َ كSSسبوا َ َ
بمSSا َ َ ُ
َِ
)الكھف ،(٥٨:إذا أغفل الداعية ھذه السنن تعجل وربما فشل في دعوتSه وكبSا،
إن مSSن يريSSد تغيSSر الواقSSع فSSي أقSSل مSSن طرفSSة عSSين دون النظSSر إلSSى العواقSSب
والSSسنن ،كمSSن يريSSد أن يSSزرع اليSSوم ويحSSصد غSSدا ،بSSل يريSSد ان يغSSرس فSSي
الSSصباح ويجنSSي الثمSSرة فSSي المSSساء وھSSذا محSSال ،ال بSSد مSSن صSSبر وتSSرو علSSى
البذرة حتى تنبت ،وعلى النبتة حتى تورق ،وعلى الورقة حتSى تزھSر ،وعلSى
الزھSSرة حتSSى تثمSSر ،وعلSSى الثمSSرة حتSSى تنSSضج ،ثSSم يبSSادر إلSSى قطفھSSا قبSSل أن
تفSSسد ،ومSSسافة ميSSل تبSSدأ بخطSSوة واحSSدة ،ومSSن سSSار علSSى الطريSSق وصSSل ،إن
شيوع المنكرات ،وإحاطتھا بالمؤمن مSن كSل جانSب،مع العجSز – أحيانSا ً -عSن
تحمل أعباء الطريق ومشاقه ،مع واقع أعداء ﷲ في الSصد عSن سSبيل ﷲ ،مSع
الطاقة الضخمة التي يولدھا اإليمان في النفس ،قد يدفع ھذا كله إلى العجلة إذا
لم تضبط األمور بضابط الشرع.
يرد يدي عن خوفھا بطش ربھا .........ويمنع نفسي أن تخادع ديني
إن رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم وھSو األسSوة قSد بعSث واألصSنام مSن حSول
الكعبة تحيط بھا وتعلوھا ،ثم لم يقبSل علSى إزالتھSا إال يSوم فSتح مكSة فSي الSسنة
الثامنة ،أي بعد بعثته بواحد وعشرين عاما ً ،لتقديره صلى ﷲ عليه وسلم أنSه
لو قام بتحطيمھا فSي أول يSوم قبSل أن تحطSم فSي داخSل النفSوس ،ألقبلSوا علSى
تشيدھا وزخرفتھا بصورة أعظم وأشنع ،وعندھا يتـفاقم األمر ويعظم الضرر،
ولذا تركھا صلى ﷲ عليه وسلم ،وأقبل يعد الرجال ،ويزكSي النفSوس ،ويطھSر
القلوب ،حتى إذا ما تم له ذلك أقبل بتلك القلوب ليفتح بھا مكة ويزيSل األصSنام
زھوقSSا ً( إن ْ َ ِ َ
الباطSSل َ َ
كSSان َ ُ وزھSSق ْ َ ِ ُ
الباطSSل ِ ﱠ جSSاء ْ َ ﱡ
الحSSق َ َ َ َ فكSSان لSSه مSSا أراد ) َ ُ ْ
وقSSل َ َ
)االسراء.(٨١:
لكل شيء في الحياة وقته ...........وغاية المستعجلين فوته
وقد أخبر صلى ﷲ عليه وسلم – فيما ترويه عائشة كما في صحيح البخاري:-
أنSSه لSSوال أن قومھSSا حSSديثوا عھSSد بكفSSر لSSنقض الكعبSSة وأعادھSSا علSSى قواعSSد
إبراھيم ،وھذا ھو الفقه حقا ،أعني رفض المنكر بالقلSب ،ومقاطعتSه خوفSا مSن
أن يؤدي إلى منكر أكبر ،مع البحث عن سبيل التغييSر ،والعSزم علSى أنSه حSين
تتاح الفرصة لتغيره فلن يكون ھناك تباطؤ أو توان.
فكن أسدا في جسمه روح ضغيم ..........وكم ُأسد أرواحھن كالب
يمنع الليث حماه ان يرى .................فيه كلبا عاديا إن زأرا
ليعد الواحد منا نفسه ما دامت الظروف غير مال ئمSة ،والفSرص غيSر مواتيSة،
والعواقSSب غيSSر محمSSودة ،والمقSSدمات قاصSSرة ،حتSSى إذا مSSا الءم الظSSرف كSSان
حاله كحال القائل يوم قال:
أنا أبو طلحة وإسمي زيد .........وكل يوم في سالحي صيد
ثSSم أنظSSر وتأمSSل واعتبSSر) :ھSSا ھSSي شSSجرة الSSصنوبر تثمSSر بعSSد ثالثSSين سSSنة،
وشجرة الدباء )القرع( تثمر في أسبوعين تسخر الSدباء مSن الSصنوبر وتقSول :
إن الطريق التي تقطعينھا في ثالثين سنة أقطعھا في أسبوعين ويقال لي شجرة
ولك شجرة .فتقول شجرة الصنوبر :مھال إلى أن تھب الرياح الخريف .
وعندھا يعرف المضمار ........ويعرف السابق والخوار
وتحلم لتحلم ،وال تعجل فقSد تكفSى بغيSرك ويكتSب لSك بSصدق ّ فتصبر لتصبر،ّ
ريثا ،وقد يكون مع المستعجل الزلل .ليكن ً ورب عجلة أورث نيتك ما لغيركُ ،
حالك أحيانا حال الحنف بن قيس رحمه ﷲ يوم جاءه رجSل فلطSم وجھSه ،فقSال
بسم ﷲ يابن أخي ،ما دعاك إلى ھذا؟ قال :آليت أن ألطم سSيد العSرب مSن بنSي
تميم ،قال فب ﱠر بيمينك فما أنا بسيدھا ،سيدھا حارثة بن قدامة .
ليست األحالم في حال الرضى ..........إنما األحالم في حال الغضب
فSSذھب الرجSSل إلSSى حارثSSة فلطمSSه ،فقSSام عليSSه واختSSرط الSSسيف وقطSSع يمينSSه،
ولسان حاله:
وسيفي كان في الھيجاء طبيبا ً .........يداوي رأس من يشكوا الصداعا
فلما بلغ األحنف ما حصل لھذا األحمق ،قال أنا وﷲ قطعتھا .
ليس الغبي بسيد في قومه ...........لكن سيد قومه المتغابي
نعم ،العاقل ال يفعل أمرا إال إذا نظر فSي عواقبSه ،وتبSصر أبعSاده ومراميSه ،ال
يتعجل الخطا ،وال يستبق األحداث وال يشرع في الحكم على األمور ،بSل يSزن
األشياء بميزان دقيSق ،ويقSدر المواقSف ،بنظSرة ثاقبSة فاحSصة ،وخطSوة متانيSة
تحسب كل حساب .فكن أفضل من أن تخدع ،وأعقل من أن تخدع ،ال خب وال
الخب يخدعك .
ولترق شيئا ً فشيئا ً صاعداً درجا ً ..........من البناء رصينا واحذر العجال
ﱠ
فكم عجول كبا من ضعف رؤيته .........وذي أناة أصاب الرشد واألمال
التاسعة ااإلشارة كن أحزم من ّ
قرلى
القرلى طائر ما ئي ذو حزم ،ال يSرى إال حSذرا ،علSى وجھSه المSاء ،عSين فSي
حSذرا ،ولSذلك تقSول العSرب فSي المثSل ) :كSن ً طمعSا ،وعSين فSي الSسماءً الماء
احزم من قرلى ،إن رأى خيرا تدلى وإن رأى شرا تولى( .ومن الحSزم تعويSد
النفس على الخيSر حتSى تعتSاده وتألفSه ،ومSن الحSزم منSع الSنفس ھواھSا ،وعSدم
الرضا بالدون ،دون عالھا ) فإن في الSنفس كمSا يقSول ابSن القSيم :كبSر إبلSيس،
وحسد قابيل ،وعتSو عSاد ،وطغيSان ثمSود ،وجSرأة نمSرود ،واسSتطالة فرعSون،
وبغي قارون ،وقحة ھامان ،وحيل أصحاب السبت ،وتمرد الوليد ،وجھSل ابSي
جھل.
ومSSن أخSSالق البھSSائم :حSSرص الغSSراب ،وشSSره الكلSSب ،ورعونSSة الطSSاووس،
ودناءة العجل ،وعقSوق الSضب ،وحقSد الجمSل ،وصSولة األسSد ،وفSسق الفSأرة،
وخبث الحية ،وعبث القرد ،وجمع النملة ،ومكر الثعلب ،وخفة الفراش ،ونوم
الضبع ،ووثوب الفھد ،غير أن الحازم بالمجابھSة يSذھب ذلSك كلSه( بSإذن ربSه،
الھوى( )النازعـات، (٤٠:لSيس مSن عن ْ َ َ ونھى ﱠ ْ َ
النفس َ ِ ربه َ َ َ خاف َ َ َ
مقام َ ﱢ ِ من َ َ )ََﱠ
وأما َ ْ
الحزم بيع الوعد بالنقد ،وليس من الحزم جزع من صبر ساعة مع احتمSال ذل
األبد ،إن من يشتري الخسيس بالنفيس ويبيع العظيم بالحقير إنما ھو سSفيه .ال
عين ھوى ،وعين الھوى ٌ
عين عمياء. عينه ُ يعرف الحزم وال الحزم يعرفهُ ،
إذا المرء أعطى نفسه كل ما اشتھت ........ولم ينھھا تاقت إلى كل مطلب
مطعم شھي ،وملبسٌ دفي، ٌ بعضنا أكبر ھمه ومبلغ علمه لقمةٌ ولباسٌ ومركبٌ ،
ومركبٌ مطي ،قد رفع راية:
إنما العيش سماع ومدام وندام .......فإذا فاتك ھذا فعلى الدنيا السالم
ھوان ال يعرف الحزم ،وذلة ال تعرف العز ،عSار ينكSره الحSر واألسSد ،ويألفSه
الحمار والوتد.
إن الھوان حمار البيت يألفه .........والحر ينكره والفيل واألسد
وال يقيم بدار الذل يألفھا .............إال الذليالن عير الحي والوتد
ھذا على الخسف مربوط برمته ......وذا ُيشج فما ياوي له أحد
الحزم بقدر اإلھتمامات والھموم ،والھموم بقدر الھمم ) ،والجلSد والحSزم خيSر
وعز ﱠ
بز. ﱠ من التفلت والتبلد ،والصالة خير من النوم ،والمنية خير من الدنية،
فثب وثبة فيھا المنايا أو المنى ..........فكل محب للحياة ذليل
) ومن أراد المنزلة القصوى من الجنة فعليه أن يكون في المنزلة القصوى في
ھذه الحياة ،واحدة بواحدة ولكل سلعة ثمن( .
كSSان أبSSو مSSسلم الخSSوالني رحمSSه ﷲ حازمSSا مSSع نفSSسه قSSد علSSق سSSوطا فSSي بيتSSه
يخوف به نفسه ،وكSان يقSول لنفSسه :قSومي ،فSوﷲ ألزحفSن بSك زحفSا إلSى ﷲ
حتSSى يكSSون الكلSSل منSSك ال منSSي ،فSSإذا فتSSر وكSSل وتعSSب تنSSاول سSSوطه وضSSرب
رجلSSه ثSSم قSSال :أيSSضن أصSSحاب محمSSد صSSلى ﷲ عليSSه وسSSلم أن يSSستأثروا بSSه
دوننSSا ،كSSال وﷲ لنSSزاحمنھم عليSSه زحامSً Sا ،حتSSى يعلمSSوا انھSSم خلفSSوا وراءھSSم
رجاالً( .
ھم الرجال وعيب أن يقال .........لمن لم يكن في زيھم رجل
حالھم :
عباس عباس إذا احتدم الوغى .........والفضل فضل والربيع ربيع
*****
من الناس من يتحسر على ما مضى من تقصير ،ويسرف في ذلك حتى يضيع
حاضره ،ويقطع عليه مستقبله ،فيأتي عليه زمان يتحسر فيه على الSزمن الSذي
ضيعه في الحزن والتحسر.
إن تعويض ما فSات ال يكSون بالنSدم علSى مSا فSات فحSسب ،وال يكSون بSاجترار
أحزان الماضي ،إنما يكون بالجد والعمل واغتنام كل فرصة قادمة ليتSـقدم بھSا
خطوة وھذا دليل الكيس ،وآية علو الھمة.
ابن عقيل الحنبلي رحمه ﷲ وھو في الثمانين يقول :
ما شاب عزمي وال حزمي وال خلقي .........وال والئي وال ديني وال كرمي
وإنما اعتاض شعري غير صبغته ............والSشيب فSي الSشعر غيSر الSشيب
في الھمم
****
فإن كنت ترجوا معالي األمور .........فأعدد لھا ھمة أكبرا
تلك النفوس الغالبات على العال ........والحق يغلبھا على شھواتھا
أفال فليحمد ﷲ من ضيع وقصر على إمھاله له وليعوض ،فأيSام العافيSة غنيمSة
باردة ،وأوقات اإلھمال فائدة ،فتناول وعوض ما دامت عندك المائSدة ،فليSست
الساعات بعائدة.
فإن تك باألمس اقترفت اساءة ...........فبادر بإحسان وأنت حميد
وال تبقي فعل الصالحات إلى غد .........لعل غدا يأتي وأنت فقيد
غاب أنSس بSن النSضر رضSي ﷲ عنSه وقعSة بSدر فSأحس بSألم غنيمSة ضSيعھا ،
فقال –كماروى البخاري ومسلم :-يارسSول ﷲ غبSت عSن أول قتSال قاتلSت فيSه
المشركين ،ألن أشھدني ﷲ مشھدا ً آخر في قتال المشركين ،ليرين ﷲ مني ما
أصنع ،فلما كان يوم أحد وانكشف المسلمون أقبل أنس يعتذر إلى ﷲ مما صنع
أصحاب رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ويبرأ إلSى ﷲ ممSا صSنع المSشركون،
يتقدم ويكسر غمد سيفه ويستقبله سعد بن معاذ فيقول :الجنة ورب النSضر إنSي
ألجد ريحھا من دون أحد ،يقول سعد فما استطعت يا رسول ﷲ ما صنع ،ولما
انتھت المعركة وجدوه قد قتل ،ومثل به المشركون ،ووجد بSه بعSض وثمSانون
ضربة سيف أو طعنة رمح أو رمية بسھم فما عرفته إال أخته ببنانه.
إما فتى نال المنى فاشتـفى .........أو بطل ذاق الردى فاستراح
إما إلى العز وتقضي بساحته ........ذل الحياة وطعم الموت سيان
من تفكر في تفريطه أن ...ولتعويض ما مضى حن:
عكرمة رضي ﷲ عنه يسلم عام الفتح ،وشعر بما فاتSه مSن سSابقة مSع رسSول
ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ،فكSان يقSول :والSذي نجSاني يSوم بSدر يSا رسSول ﷲ ال
أدع نفقة أنفقتھا فSي الSصد عSن سSبيل ﷲ إال أنفقSت أضSعافھا فSي سSبيل ﷲ وال
قتاال قاتلته في الصد عن سبيل ﷲ إال قاتلت ضعفه في سSبيل ﷲ ،ويبSر بقSسمه
فما خاض المسلمون معركة بعد إسالمه إال خاضھا معھم ،وال خرجوا إال كان
معھم ،وفي يوم اليرموك وما يوم اليرموك ؟! ) أقبل عركمة على القتال إقبSال
الظامئ على الماء البارد في في اليوم القائظ ،اشتد الكرب بالمسلمين نزل عSن
جواده ،وكسر غمد سيفه ،واغل في صفوف الروم ،فبادر خالد بن الوليد قائال:
ال تفعSSل يSSا عكرمSSة ،إن قتلSSك علSSى المSSسلمين سSSيكون شSSديدا ،قSSال :إليSSك عنSSي
ياخالد لقد كان لك مع رسول ﷲ صلى ﷲ عليSه وسSلم سSابقة أمSا أنSا وأبSي أبSو
جھSل فقSSد كنSSا أشSSد النSSاس علSSى رسSSول صSSلى ﷲ عليSSه وسSSلم دعنSSي اكفSSر عمSSا
سلف مني ،أأقاتل رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ثم أفر اليوم مSن الSروم ،وﷲ
ال يكون أبدا.
لو بان عضدي لما تأسف منكبي .........لو مات زندي ما بكته األنامل
ثم نادى :من يبايع على الموت؟ فبايعه أربعمائة من المجاھSدين فSي سSبيل ﷲ،
فقSSSاتلوا حتSSSى نSSSصر ﷲ المSSSسلمين نSSSصرا مSSSؤزرا ،ولقSSSى ﷲ عكرمSSSة مثخنSSSا
رب ِ َ ْ َ
لترضSى( إليك َ ﱢ أثري َ َ ِ ْ ُ
وعجلت ِ َ ْ َ على َ َ ِ ھم ُ ِ
أوالء َ َ بجراحه( ،ولسان حاله ) َ َ
قال ُ ْ
)طـه .(٨٤:فرضى ﷲ عنه وأرضاه.
بذل النفس فداء ورضى .........وقضى العمر وأقصى السفرا
ھمة أخرجت حظ الدنيا من نفوسھم فتاقوا إلى تعويض ما فات من ساعات في
خدمة دينھم فSاقتحموا المكSاره بغيSة المكSارم ،وعقSدوا ZعقSدا مSع أنفSسھم فمSا
نكثوا وما نقضوا .
فبادر أخي قبل العوائق ،واسSتدرك مSا فSات فلعلSك باألخيSار ال حSق ،إن كنSت
على طريقھم فما أسرع اللحاق بھم .
فللحSSSSزم يعSSSSزى ال إلSSSSى إذا استدرك اإلنسان ما فات من عال
الجھل ينسب
متطلب فSي المSاء جSذوة ومكلف األشياء ضد طباعھا
نار
*****
١١ العدل – فبه قامت السموات واألرض ااإلشارة
*****
١٢ ال تكن بيتا بال سقف ااإلشارة
بمعنى ال يزال لسانك رطبا رطبا علSى الطريSق بSذكر رب العSالمين ،فSال تكSن
مSSن الغSSافلين ،إن بيSSت بSSال سSSقف حSSري أن يكSSون مرتعSSا للغبSSار والقSSاذورات
ومأوى للھوام والحشارت ،كذلك أن بيت ال يSذكر ﷲ فيSه ال سSقف لSه ،خSراب
بلقع ال داع به وال مجيب))مثل البيت الذي يذكر فيه ﷲ والبيSت الSذي ال يSذكر
فيه ﷲ مثل الحي والميت(( – كما في صحيح مسلم رحمه ﷲ. -
إن إنسان ال يذكر ﷲ ال سقف له حيبعظم ميت:
.........فذاك العظم حي وھو ميت إذا ما الحي عاش بعظم ميت
)) ومثل الذي يذكر ربه والذي ال يذكره كمثل الحي والميت(( – كما ثبت عند
البخاري رحمه ﷲ . -
والناس صنفان :موتى في حياتھم .....وآخرون ببطن األرض أحياء
فأكثر ذكره في األرض دأبا ..........لتذكر في السماء إذا ذكرتا
فلم أرى غير حكم ﷲ حكما ً ...........ولم أر دون ذكر ﷲ بابا
خذ ما يسرك دع شيئا تضربه .......في طلعة الشمس ما يغنيك عن زحل
إن جمعا ال يذكر ﷲ فيه ال سقف له مضطرب أرق قلق:
كريشة في مھب الريح ساقطة ..........ال تستقر على حال من القلق
))والدنيا ملعونة ملعون ما فيھا إال ذكر ﷲ وما وااله وعالمSا أو متعلمSا(( ،فSي
الزھد إلبن المبارك رحمSه ﷲ .إن أبSا مSسلم الخSوالني رحمSه ﷲ دخSل مSسجدا
رأى فيSه حلقSSة ظSSنھم فSي ذكSSر فجلSSس إلSيھم فSSإذا ھSSم يتحSدثون فSSي الSSدنيا ،فقSSال
سSSبحان ﷲ ھSSل تSSدرون يSSا ھSSؤالء مSSا مثلSSي ومSSثلكم؟ كمثSSل رجSSل أصSSابه مطSSر
غزيSSر فالتفSSت فSSإذا ھSSو بمSSصارعين عظيمSSين فقSSال لSSو دخلSSت ھSSذا البيSSت حتSSى
يذھب عني ھذا المطر فدخل فإذا ھو بيت بSال سSقف ،جلSست إلSيكم وأنSا أرجSو
أن تكونوا على خير وذكر فإذا أنتم أصحاب دنيا.
كم حديث يظنه المرء نافعا ............وبه لو درى يكون البالء
إنه ليس في جالء القلوب واطمئنانھا مSن ذكSر ﷲ ومناجاتSه ،ولSيس ھنSاك مSن
ھو أولى بمالزمة ذكر ﷲ مSن الداعيSة إلSى ﷲ ،وكلنSا ذلSك الرجSل الSذي جعSل
محور حياته خدمة ليدن ﷲ فھو أحرى أن يSذكر ﷲ قائمSا وقاعSدا وعلSى جنSب
فSSي كSSل حSSين وآن ،فSSذكر ﷲ لSSه يرقSSق المSSشاعر ويSSوقظ القلSSوب والSSضمائر
ويرھف اإلحساس ويشرح الصدور ويسمو بالنفوس ويزكيھا ،ويترفع بھا عن
شھواتھا ويملك جماحھا،ويرفع الدرجات ،ويكفر السيئات ومSع ذا خفيSف علSى
اللسان ثقيل في الميزان حبيب إلى الرحمن فمن الخطورة العظيمة أيھا األحبSة
أن نتحSSول علSSى منظSSرين وخططSSين ثSSم ال نكSSون الربSSانيين العابSSدين األوابSSين
المفردين الSذاكرين ﷲ كثيSرا والمخبتSين فنSصبح مSن المحSرومين – نعSوذ بSاZ
رب العSSالمين -المحSSروم مSSن نعمSSة مالزمSSة ذكSSر ﷲ محSSروم مSSن اإلحSSساس
المرھف ،والضمير اليقظ الحي ،حياته جمود وعطالة وبطالSة وانحطSاط ،أنSى
له أن يSصل إلSى وجھتSه؟ إن المSسلم بSصفة عامSة وطالSب العلSم بSصفة خاصSة
جدير بان يذكر الناس با Zحتى إذا مSا رؤي ذكSر ﷲ تعSالى فكيSف بSه إن كSان
غافال؟ أيكون جديرا بالتذكير؟! كال وﷲ ،إن فاقد الشيء ال يعطيه .
ھل يطلب المSاء ممSن يSشتكي عطSشا ...........ھSل يطلSب الثSوب ممSن جSسمه
عار
يا بانيا بالماء حائط بيته ......فوق العباب أرى البناء مھيال
أرأيت قبلك عاريا ............يبغى نزال الدارعين
كال .إن بحر الحياة الدعوية ليست السباحة فيه بالخطب اليسير ،فخير لإلنسان
أن يأوي إلى سفينة مأمونة الغSرق ،أال وھSي سSفينة اإليمSان واالطمئنSان بSذكر
الرحمن ،كثير ممن يحSسنون الSسباحة غرقSوا فSي ھSذا البحSر ومSا رأينSا سSفينة
اإليمان وذكر الرحمن تغSرق فيSه أبSدا ،وعلSى الطريSق ) .سSبق المفSردون( إن
القلSSب بSSذكر الSSرحمن بلSSد عSSامر وحSSصن محكSSم مSSصون ،وروضSSة مباركSSة ال
ربھا َ َ ْ ِ ُ
ويضرب حين ِ ِ ْ ِ
بإذن َ ﱢ َ تؤتي ُ ُ َ َ
أكلھا ُك ﱠل ِ ٍ يكان ينفد نعيمھا وال ينضب معينھاِ ْ ُ ) ،
يتذكرون( )ابراھيم.(٢٥: للناس َ َ ﱠ ُ ْ
لعلھم َ َ َ ﱠ ُ َ ﷲُ ْ َ ْ َ َ
األمثال ِ ﱠ ِ ﱠ
* الذكر مسك والغفلة رماد.
* الذكر جواد والغفلة حمار.
* فليكن لسان الحال على الطريق ما كنت ألتخطى المسك إلى الرماد.
* وال أمتطي الحمار بعد الجواد
* وإنما يتيمم من لم يجد الماء.
* ويرعى الھشيم من عدم الجميم.
* ويركب الصعب من ال ذلول له )قد قاله ابن زيدون(.
أما لسان المقال:
فالعز داري وبحر العزم راحلتي ........والذكر أنسي ومن وااله إخواني
فيا قدمي ال سرت بي لمذلة ............ولم ترتقي إال إلى العز سلما
*****
بمعنSSى ال تSSضع العلSSم عنSSد غيSSر أھلSSه فتجھSSل ،وال تمنSSع العلSSم أھلSSه فتSSأثم ،مSSن
الناس من يطلب العلم لشر كامن ومكر باطن فيستعمله في شبه دينية ،وتلبSيس
دنيء وحيSل فقھيSة فSال يعSان علSى إمSضاء مكSره وإكمSال شSره بSل مھSان غيSر
مكرم ُيحرمه ،ومنھم من ھو بليSد الSذھن ،بعيSد الفطنSة ،فSال يحمSل عليSه بكثيSر
العلم فيظلم ،واليمنع مSن اليSسير فيحSرم ،وإنمSا ينفSع سSمع اآلذان إذا قSوي فھSم
القلوب في األبدان ،وقد صدق القائل ونصح يوم قال:
ال تؤتين العلم إلى إمرءا ...........يعين باللب على درسه
ويمنع من كثيره أيضا السفھاء الذين إن سكت لSم يSسألوك وإن تكلمSت لSم يعSوا
عنك وإن رأوا حسنا دفنوه ،وإن رأوا سيئا أذاعSوه ،وإن يعلمSوا الخيSر أخفSوه،
وإن علموا شSرا أذاعSوا ،وإن لSم يعلمSوا كSذبوا ،وإن حSاورتھم شSتموا ،وعليSك
جھلوا.
كحمار السوء إن أشبعته ...........رمح الناس وإن جاع نھق
فإذا حملت إلى سفيه حكمة .........فلقد حملت بضاعة ال تنفق
ھذا كله يحتاج إلى فراسة وممارسة ومران واختبار يتوسSم مSن خاللSه المSتعلم
حقا من غيره ،كفراسة ابن عباس رضي ﷲ عنه يوم قال :ما سألني سSائل إال
عرفت أفقيSه ھSو أم غيSر فقيSه .أو كفراسSة األعمSش رحمSه ﷲ يSوم رأى شSعبة
رحمه ﷲ يحدث قوما يرى أنھم غير أھل للحديث فقSال :ويحSك يSا شSعبة تعلSق
اللؤلؤ على الخنازير .
فإن عناء أن تفھم جاھال .........فيحسب جھالً أنه منك أفھم
متى يبلغ البنان يوما تمامه ........إذا كنت تبنيه وغيرك يھدم
فSSال تحSSدث بالحكمSSة عنSSد الSSسفھاء فيكSSذبوك ،وال تحSSدث بالباطSSل عنSSد الحكمSSاء
فيمقتوك ،إن وضع العلم عند غير أھله كمقلSد الخنSازير اللؤلSؤ والجSوھر فلكSل
تربة غرس ولكل بناء أس.
فجرد السيف في يوم يفيد به ..........فإن للسيف يوما ثم ينصرم
عرف ذلك العلماء حقا حتى قال قائلھم وھو عكرمة :إن لھذا العلم ثمنا ً فقدروا
له قدره ،قيل وما ثمنه؟ قال :أن تضعه عند من يحفظه وال يSضيعه .ورحSم ﷲ
ابSSن حSSزم فSSي ذلSSك حSSين قSSال) :نSSشر العلSSم عنSSد مSSن لSSيس مSSن أھلSSه مفSSسد لھSSم.
كإطعامك الحلوى من به احتراق وحمى ،أو كتـشميمك المسك والعنبSر مSن بSه
صداع من احتدام الصفرا(.
عي وال خرس قالوا نراك طويل الصمت قلت لھم ....ما طول صمتي من ّ
أأنشر البز فيمن ليس يعرفه ...........أم أنشر الدر بين العمى في الغلس
فمن حوى العلم ثم أودعه ..............بجھله غير أھله ظلمه
وكان كالمبتـني البناء إذا .............تم له ما أراده ھدمه
وقد قالھا الشافعي رحمه ﷲ في مصر مدوية عندما كلمة من ال يرى فقه فقال:
أأنثر در بين راعية الغنم ...........وأنشر منظوما لراعية النعم
ضيعت في شر بلدة ....فلست مضيعا بينھم غرر الكلم لئن كنت قد ُ
فإن فرج ﷲ الكريم بلطفه ..........وأدركت أھال للعلوم وللحكم
بثثت مفيدا واستفدت ودادھم ........وإال فمخزون ّ
لدي ومكتـتم
ومن منح الجھال علما أضاعه .....ومن منع المستوجبـين فقد ظلم
وقد أحسن أيضا وحلق يوم قال:
العلم جھل عند أھل الجھل ........كما الجھل جھل عند أھل العلم
ومنزلة الفقيه من السفيه ..........كمنزلة السفيه من الفقيه
فھذا زاھد في قرب ھذا ..........وھذا فيه أزھد منه فيه
الطريق أخي ضع العلم في أھله علSى تفSاوت فالSذكي يحتSاج إلSى الزيSادة ِ فعلى
والبليSSد يكتفSSي بالقليSSل والSSسفيه يمنSSع ويزجSSر وذو الSSشر يSSذل ويحSSرم وال يعSSان
ويكرم والجميع يذكر ويعظِ) ،كل على الطريق لكل سالك بمعيار عقله وزن له
بميزان فھمه حتى تسلم منه وينتفع بك وإال وقع اإلنكار لتفاوت المعيار( ولكل
ثواب البس ولكل علم قابس.
فال تكون كمن ألقى رحالته ...........على الحمار وخلى صھوة الفرس
وقفة جانبية على الطريق :عرض وال تصرح فالحال ناطقة .
أقول وستر الدجى مسبل ..........كما قال حين شكا الضفدع
كالمي إن قلته ضائع .............وفي الصمت حتفي فما أصنع
*****
١٥ كل البقل وال تسل عن المبقلة ااإلشارة
بمعنى خذھا من أي وعاء خرجت ،الحكمة ضالة المؤمن أني وجدھا فھو أحق
بھا ،فال تحقر على الطريق أحداً أن تأخذ منه الحكمة ،فقSد يوجSد مSن النھSر مSا
ال يوجد في البحر ،والدر در ثمين أينما كانا ،ورسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم
وھو األسوة والقدوة قد أقر أبا ھريرة رضي ﷲ عنه على أن يأخذ ما فيه نفعSه
من أخبث مخلوق وھو إبليس الSذي كSان يSسرق مSن التمSر الموكSل بحفظSه أبSو
ھريSSرة ثSSم افتSSدى نفSSسه مSSن أبSSي ھريSSرة بتعليمSSه آيSSة الكرسSSي كحSSافظ لSSه مSSن
الشيطان حتى يSصبح ،فلمSا أخبSر أبSو ھريSرة رسSول ﷲ صSلى ﷲ عليSه وسSلم
بذلك قال)) :صدقك وھو كذوب((.
فالحكمة قد يتلقاھا الفاجر وھو الينتفع بھا وتؤخذ عنه وينتفع بھSا ،والكSذاب قSد
يصدق فاعلم وحقق.
ال تحقرن الرأي وھو موافق ..........حكم الصواب إذا أتى من ناقص
فالدر وھو أعز شيء يقتـنى ..........ما حط قيمته ھوان الغائص
*****
١٦ إحترام الحقيقة اإلشارة
وتجنSSب االغSSراق فSSي المبالغSSة فھSSي قبيحSSة تSSشوه الحقيق Sة تقSSرب البعيSSد وتبعSSد
القريب وتظھر غبشا في الرؤية علSى الطريSق ،إنھSا سSماجة واسSتخفاف بعقSل
السامع وسخرية مSن وجدانSه )تھويSل وتزييSف للواقSع شSطط وتفخSيم وتSضخيم
ضد الحقيقة بل عجز عن رؤية الواقع كما ھو عليه(.وضعف في مشين .
حتى يرى سيئا ما ليس بالسوأى ........وكي يرى حسنا ً ما ليس بالحسن
اإلغSSراق فSSي المبالغSSة سSSلبية فSSي حيSSاة عامSSة النSSاس وھSSي ظSSاھرة فSSي سSSلوك
المجتمع واألسرة والفرد وقد تعالج بمثلھا ،داء بداء فأين الدواء؟ وھاك المثال:
)جاء طفل مسرع نحو أمه قائالً :لقد وجدت في الحمام فأرا يامSاه مثSل الفيSل،
فردت عليه األم مؤنبة لSه :قلSت لSك مليSون مSرة ال تبSالغ .فقSل لSي بSا ZأيھمSا
أكثر مبالغة ،أليس الطفل معذورا فيما اخبر به عن أمه؟ بلى( وحالة:
محضتني النصح لكن لست تعمله .........فأنت أولى بذا مني على خجل
ھذا على مستوى األسرة والعامة وتلك وﷲ فاقرة وقبيحة وقاصSمة ولكنھSا فSي
حق طالب العلم واألخيار ثغرة كبيرة في جدار بنيانھم التربوي ال تكاد تسد.
فكل كسوف في الدراري شنيعة .........ولكنه في الشمس والبدر أشنع
إنھSSا تظھSSر جليSSة مSSشينة فSSي الحكSSم علSSى اآلخSSرين قSSدحا ومSSدحا فھSSذا يمSSدح
ممدوحSSه حتSSى يوصSSله ذرى الجبSSال فSSال تSSزال تSSسمع مSSا يلSSي :فSSال إبSSن تيميSSة
عصره وابن حجر زمانه وبخاري أوانه ..ليس له مثال ..عالمة فھامSة ..حتSى
إذا مSSا حSSصل أمSSر – أي أمSSر -تغيSSر وتبSSدل وصSSار األنSSف ذنبSSا ً ونSSصبت لSSه
المجانيق وأرسلت الصواعق وسلت السيوف ورفعت المعاول ومن قمم الجبال
إلى حضيض اإلھمال فإذا ھو مارد خرج من قمقمه فإياك وإيSاه ال تتبSع أقوالSه
..إنSSه غSSاو ومSSضل مSSا رق معانSSد خSSائن فاسSSد العقيSSدة أشSSر علSSى اإلسSSالم مSSن
اليھود والنصارى ،حيف وظلم وشطط وجور وعدم اتزان وتدمير جنان .
يا عين سحي يا قلوب تفطري ........يا نفس رقي يا مروءة نادي
إن دام ھذا ولم يحدث له غير .........لم يبك ميت ولم يفرح بمولود
يا معشر القراء يا ملح البد ...........ما يصلح الملح إذا الملح فسد
ورحم ﷲ القائل يوم قال :وﷲ إن األمة لن تأخذ موضعھا بين األمم حتى تضع
الكلمة في موضعھا .
كيف تحيا أمة قد ودعت ........كلمة العدل ولم تدكر
فھيSSا أخSSي ...أقبSSل بقلبSSك وقالبSSك واسSSمع إلSSى صSSاحب )كيSSف تحSSاور( وھSSو
يخاطبك قائال) :لتبتعSد عSن تھSوين مSا ال يعجبSك وتھويSل مSا يعجبSك ،فإنSك إن
اشSتھرت بSذلك فسنSضطر لتSSـفحص عينيSك عنSد سSSماع جديSد األخبSار منSSك ( .
نعم! إن الحقيقSة غاليSة عنSد أصSحاب النفSوس القويمSة والعقSول المSستقيمة ولSو
كانت فSي غيSر صSالحھم فھSي علSى مرارتھSا ثمينSة .أمSا غيSرھم فيخSدع نفSسه
ويخدع غيره.
فال تغل في شيء من األمر واقتصد ...كال طرفي قصد األمور ذميم
بالملح نصلح ما نخشى تغيره ..........فكيف بالملح إن حلت به الغير
صور العمى شتى وأقبحھا إذا ..........نظرت بغير عيونھن الھام
دواؤك منك وال تشعر ..................ودواؤك فيك وال تبصر
*****
من المبادئ المھمة في التعامل على الطريق بين المSسلمين إحSسان الظSن بھSم،
وخلع المنظار األسود عند النظر إلى مواقفھم وأعمالھم فكيف بنياتھم ،والحكSم
على سرائرھم التي علمھا عند من ال تخفى عليه خافية وال يغيب عنه سSر وال
عالنية ،األصل في المسلم الSستر والSصيانة حتSى تظھSر منSه الخيانSة لكSن مSن
الناس من منظاره أسود ،أفھام ا لناس عنده سقيمه ومقاصدھم سيئة ،كلما سمع
من إنسان خيرا كذبه ،وكلما ذكر عنده احد بخير طعن فيه وجرحه .
ھم الشوك والورد أقرانھم ........وليس لدى الشوك غير اإلبر
فكنت كذئب السوء لما رأى دما .......بصاحبه يوما أحال على الدم
يقولون لي أھال وسھال ومرحبا .......ولو ظفروا بي ساعة قتلوني
مبدع؛ لكنه إبداع سلبي ،مبدع في تحطيم مSا بينSه ومSا بSين النSاس مSن جSسور
الثقSSة والSSذي يريSSد ھدايSSة النSSاس يبنSSي جSSسور الثقSSة بينSSه وبSSين النSSاس ليكSSسب
القلوب ليزرع فيھا خوف وحب عالم الغيوب.
ھاھو الشيخ العز بن عبSد الSسالم رحمSه ﷲ لقSي فSي صSنوف األذى علSى يSدي
األشSرف موسSSى مSا لقSSي ثSم رجSSع األشSSرف إلSى الحSSق بعSد مSSا تبSين لSSه وأحSSب
الSشيخ حبSSا ً جمSا ً وقدمSSه علSى غيSSره وعمSل بفتSSاواه ولمSا مSSرض األشSرف قSSال:
ياعز اجعلني في حل وادع لي فقال الشيخ :أمSا محاللتSك فSإني كSل ليلSة أحالSل
الخلق وأبيت وليس عندي ألحد مظلمة وأرى أن يكون أجري على ﷲ ال على
ﷲِ ِإنﱠSSهُ ال ُ ِ
يحSSبﱡ Sلح فَُ ْ َ S
Sأجرهُ َعلَSSى ﱠ فمSْ Sن َعفَSSا َ َ ْ
وأصَ َ S عبSSاد ﷲ عمSSال بقSSول ﷲ َ َ ) :
لمين( )الشورى(٤٠: ﱠ
الظا ِ ِ َ
صفوح عن اإلجرام حتى كأنه .......من العفو لم يعرف من الناس مجرما
وليس يبالي أن يكون به األذى .......إذا ما األذى لم يغشى بالكره مسلما
ثم أوصاه الشيخ بالصلح مع أخيه فتم له ذلك ثم ذكSره بمنSع المنكSرات وإبطSال
ما يمارس العمال مSن الموبقSات مSن إباحSة الفSروج وإدمSان الخمSور وارتكSاب
الفجSSور وقSSال لSSه إن أفSSضل مSSا تلقSSى ﷲ بSSه أن تبطSSل ذلSSك فSSي مملكتSSك فSSأمر
بإبطال ذلك لكه وقال للشيخ :جزاك ﷲ خيرا وجمع بيني وبينك في الجنة بمنSه
وكرمSSه ولقSSي ﷲ فرحمSSه ﷲ .ھكSSذا –أخSSي -يجSSب أن نكSSون مSSن حSSسن الظSSن
بالمسلمين حتى نصل بدعوتنا إلى سويداء قلوب المدعوين .فمن وجد اإلحسان
قيSSدا تقيSSدا ،وعلينSSا أن نطSSرح سSSوء الظSSن واتبSSاع الھSSوى فاتبSSاع الھSSوى يفSSرق
ممSن
أضSلﱡ ِ ﱠ ِومSن َ َ ويشتت ويمزق ألن الحق واحد واألھواء بعدد قلوب الخلSق ) َ َ ْ
الظالمين( )القصص(٥٠: القوم ﱠ ِ ِ َ يھدي ْ َ ْ َ إن ﱠ
ﷲَ ال َ ْ ِ من ﱠ
ﷲِ ِ ﱠ بغير ُ ً
ھدى ِ َ ھواهُ ِ َ ْ ِ ﱠَ َ
اتبع َ َ
كدود القز ينسج دائما ..........ويھلك غما وسط ما ھو ناسج ِ ٌ
كدود
فخير لSك إن أردت النجSاة علSى الطريSق أن تSسيء الظSن بنفSسك ال بالمSسلمين
ألن حسن الظSن بSالنفس يمنSع كمSال التفتSيش عSن عيوبھSا ويلSبس عليSك مثالھSا
فترى المساوئ محاسنا والعيوب كماال.
وعين الرضا عن كل عيب كليلة ...........ولكن عين السخط تبدي المساويا
فال يسيء الظن بنفسه إال من عرفھا ومن أحسن الظن بنفسه فھو أجعل الناس
بنفسه .
ال يبلغ األعداء من جاھل ..........ما يبلغ الجاھل من نفسه
فكن أخي مع الناس كالنحل يقع على أحسن الزھور والريMاحين فيجتنSي منھSا
ما يفيده ويخدم به غيره وال يكن ھمك تتبSع الSسقطات والعثSرات والتغافSل عSن
الحسنات .
صوب نظرك على عنصر الخير فSي النSاس وتعامSل معھSم علSى أساسSه ﱠ َ ْ
تSسعد
ُ
وتسعد.
وال تكن كالذباب يقع على القذر وينشره َتشق ُ
وتشق .
إذا أنت لم تعصي الھوى قادك الھوى .......إلى بعض ما فيه عليك مقال
إذا رأيت الھوى في أمة حكما ً ..............فاحكم ھنالك أن العقل قد ذھبا
*****
ما منا أحد إال وله زلة وخطأ وسSقطة ورأي قSد يكSون فيSه كبSوة ،وزلSة المSسلم
إما أن تعرف وتشاع وتذاع فيستمرؤھا صاحبھا وينSسلخ عنSه الحيSاء فيSصعب
عليه الرجSوع ،وإمSا أن تكSون زلتSه حبيSسة فSي صSدره ال يعلمھSا إال ﷲ وحSده
فھذا رجوعه أسرع بإذن ﷲ وأقرب ،فال يكن أحدنا عونSا للSشيطان علSى أخيSه
وليس الذئب يأكل لحم ذئب ،وال يجوز البSاب إال مSؤمن عاقSل يختSار رضSوان
ﷲ العلSSي القSSدير ،إن العامSSل يتعSSرض لعثSSرات وقSSد يحSSصل منSSه ھفSSوات ثSSم
ينبري له من سلمه حرب وذلوله صعب يشيع ويSذيع ال يقSر لSه قSرار وال يSنعم
لSSه بSSال كأنمSSا يتقلSSب علSSى حSSسك الSSسعدان أو يتلSSوى علSSى جمSSر الغSSضا ينحSSب
وينSSبح ويلھSSث ،ينكSSر جروحSSا ويثيSSر أشSSجانا ً يرفSSع عقيرتSSه ال يعجبSSه أحSSد ،وال
يرتاح لبروز أحد ،إرضاءه ال يدرك ،أطيش من ذباب.
لو وزنت أحالمه الخفافا ........على الميزان ما وزنت ذبابا
جليد بليد:
وما على الكلب أن يعتاده السعر ........ومن العجائب أن مثل لسانه لم يبتر
فمطالب بإعادة ومطالب ..............بزيادة ومھلل ومصفق
كالكلب إن جاع لم يمنعك بصبصة ....وإن ينل شبعا ً ينبحك من أشر
فيا عجبا من زائر وھو ثعلب .........يخال سكوت الليث وھنا فيعتدي
غرورا وينسى بأسه حين يغضب
فالتعامل معه كاآلتي :ال يلتفت إلى ما في كالمSه مSن طعSن ويؤخSذ مSا فيSه مSن
حق إن وجد فإن الحق ھو الحق وللداعية خيره وعلى الطاعن شره.
أن أو بصبص الكلب فما األسد الضرغام يوما ً بعاكس .......صريمته إن ﱠ
يقول شيخ اإلسالم إبن تيمية رحمه ﷲ :بعض الناس ال تSراه إال منتSـقداً ينSسي
حSSسنات الطوائSSف واألجنSSاس ويSSذكر مثSSالبھم فھSSو مثSSل الSSذباب يتSSرك موضSSع
البSSرء والSSسالمة ويقSSع علSSى الجSSرح واألذى وھSSذا مSSن رداءة النفSSوس وفSSساد
المSSزاج ،فاربSSأ بنفSSسك أن تكSSون كSSصغار الكلSSب أو شSSر الطبSSل علSSى حSSد قSSول
القائل:
عواء ........وشر الطبل أكثرھا دويا ً
ً صغار الكلب أكثرھا
وذو اللب الرجيح يراه غيا صغير العقل باألعرض يلھو ......
ومن نظر األمور بعين عقل .......جرى في ھذه الدنيا أبيا
إن الوقيSSع كإسSSمھا شSSر وفSSساد وفرقSSة وتمكSSين للعSSدو وبھتSSان نھايتھSSا خSSصومة
وقطيعSة وقعSود وقSرار لعSSين العSدو وھSالك علSى الطريSSق وھكSذا الSذباب علSSى
الطعام يطير والفراش على الشھاب يساقط.
كالم من كان على ذا ومنظره .........مما يشق على األذان والحدق
فال تعره اھتماما على الطريق وال تنتصر لنفسك .
فإن انتصرت لھا فأنت كمن بغى ........طفي الحريق بموقد النيران
واعجبا ً لمسلم قبل أن يتعلم مسألة من مسائل الدين يتعلم كيف يقع فSي إخوانSه
المسلمين ثم يريد أن ينجح ويفلح ومتى يفلSح؟ متSى يفلSح مSن يطعSن فSي أقSوام
لعلھم قد حطوا رحالھم في الجنة من سSنين ،متSى يفلSح مSن يSشفي صSدور قSوم
كافرين بالوقوع في إخوانه المسلمين.
تغشى عيون في النھار فال ترى ........وترى عيون في الظالم وترقب
ويسير ذو جھل بحكمة غيره ...........ويتيه ذو العقل السديد ويسلب
فيا طالب العلم :إن الوقيعة في الناس بضاعة الجبناء وكف اللسان عن النSاس
سمت العلماء وكل إلى جنسه يحن.
فليكن حنينك إلى العلماء وأخالق العلماء تكن كالعلماء.
وأنظر وقف :الشيخ محمد األمين الشنقيطي رحمه ﷲ كان ممSن ال يغتSاب وال
يسمع في مجلسه بغيبة وكذلك العلماء.
يقول :لقتSل األوالد ونھSب األمSوال أھSون عنSدي مSن أخSذ الحSسنات مSن رجSل
كبير مثلي ،وفي رحلة الحج يسجل ھذا الموقف العظيم فيقول:
ثSم جئنSا آخSر النھSار بعSد الثالثSSة للقريSة المSسماة )آتيSه( ،فالتمSسنا عربيSا نبيSSت
عنده ،فدعانا رجل عربSي – وﷲ مSا سSألت عSن إسSمه وال إسSم أبيSه خوفSا مSن
الغيبة –فانزلنا في مكان يعوي منه الكلب ،وأغلقه علينا من الخارج ،فSذكرتني
تلك الليلة ليلة النابغة التي قال فيھا :
وليل أقاسيه بطيء الكواكب ٍ لھم يا أميمة ناصب .......... كليني ﱢ
وليلة المھلھل التي قال فيھا :
أنقضيت فال تحوري ِ أنت
أليلتنا بذي حسم أنيري ...........إذا ِ
قد وصف طولھا بقوله:
كسير
ِ ُ ً
معطفة◌ على ُربع ُ
عود ......... كواكب الجوزاء
َ كأن
األسير
ِ بمنزلة
ِ أسير أو
ُ كأن الجدي في مثناهُ ُ
ربق .........
مدير
ِ الغبات .........كأن سماءھا ِبيدي زواحف ِ ُُ كواكبھا
ُ
إلى أن قال:
شيء كبير ٍ بياض الصبح منھا .......وقد ُأن ِ ُ
قذت من ُ وأنقذني
وتمثلت قول إمرء القيس:
كأن الثريا علقت في مصامھا .........بأمراس كتان إلى صم جندل
وكان صبح تلك الليلة أحب غائب إلينا
فيا معشر طالب العلم :ھذا ديدن العلماء الربانيين ومن تشبه تشبث.
ﱠجم
كيف الوقوف أمام خالق المال .......والعلم ظن والحديث مر ُ
إن أي إنSSسان يSSستطيع أن يرمSSي غيSSره بSSأي نقيSSصة لكنSSه ال يSSستطيع أن يثبSSت
دعواه إال إذا كان صادقا ً.
وكم على األرض أشجار مورقة ........وليس يرجم إال ما به ثمر
كل◌ يصيد الليث وھو مقيد ..............ويعز صيد الضغيم المفكوك ً ٌ
واختالف الرأي ال يفسد للود لقضية ولو أنه كلما اختلف إثنان تھاجرا وتقاطھا
لمSSا بقSSي بSSين المSSسلمين أخSSوة فليتSSق ﷲ مSSؤمن فSSي إخوانSSه ،وليتSSسع صSSدره
لوجھات نظرھم فSال تSذھب معSه المSروءة والمحبSة والمSؤمن يSستر وينSصح ال
يھتك وال يفضح.
أمنا التقوى وقد أرضعتنا ..........من ھواھا ونحن نأبى الفطاما
فاشرب من الماء القراح منعما ً .....فلكم وردت الماء غير قراح
وھات حديثا كقطر الندى .........يجدد في النفس ما بددا
فيضحي آلمالنا منعشا ...........ويمسي آلالمنا مرقدا
*****
١٩ ما كل عود ناضر بنضار ااإلشارة
حسن منظره حسن مخبره فSال تغلSب المظاھSـر علSى الحقائSـق علSى ما كل من َ ُ
خبي ٌر( )الحجرات(١٣: عليم َ ِ إن ﱠ
ﷲَ َ ِ ٌ ﷲِ َ ْ َ ُ ْ
أتقاكم ِ ﱠ عند ﱠ إن َ ْ َ َ ُ ْ
أكرمكم ِ ْ َ الطريق ) ِ ﱠ
فما الحسن في وجه الفتى شرفا له .........إذا لم يكن في فعله والخالئق
إن من عباد ﷲ على الطريق من تشرئب إليه األعناق ويسترعى االنتباه لكنSه
خائر بائر ال خير فيه وال يغتر به .
أسفع
ُ لھم منظر في العين أبيض ناصع ........ولكنه في القبل أسود
فمردود بھاؤھـم عليھــم .............كما رد النكاح بال ولي
ومن عباد ﷲ على الطريSق مSن ال تSشرئب إليSه األعنSاق وال يSسترعي االنتبSاه
لكن ُيجري ﷲ على يديه الخير الكثير.
متبذل في القوم وھو مبجل ........متواضع في الحي وھو مكرم
)) ثبت انه مSر رجSل علSى رسSول ﷲ صSلى ﷲ عليSه وسSلم فقSال لرجSل عنSده
جالس ما رأيك في ھذا ؟ فقال :رجل مSن أشSراف النSاس حSري وﷲ إن خطSب
أن يSSنكح وإن شSSفع أن يSSشفع فSSسكت رسSSول ﷲ صSSلى ﷲ عليSSه وسSSلم ،ثSSم مSSر
رجل آخر فقال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم للرجل :ما رأيك في ھذا ؟ قال:
يا رسSول ﷲ ھSذا الرجSل مSن فقSراء المSسلمين ،حSري إن خطSب أالّ يSنكح وإن
شفع أالّ يشفع وإن قال أالّ يسمع لقولSه ،فقSال رسSول ﷲ صSلى ﷲ عليSه وسSلم:
ھذا خير من ملء األرض مثل ھذا((.
وبعض الناس ماء رباب مزن ........وبعض الناس من سبخ مالح
والسيف ما لم يلف فيه صيقل ........من طبعه لم ينتـفع بصقال
وليس بضائر إذا صح نصل .........السيف ما لقــي الغمــد
وال ينفع األصل من ھاشم ...........إذا كانت النفس في ھاويـة
)) دخSSل أعرابSSي رث الھيئSSة فSSي عبSSاءة خلقSSة علSSى معاويSSة رضSSي ﷲ عنSSه
وأرضاه فاقتحمتSه عنيSه وغSدى ينظSر علSى عباءتSه الخلقSة فقSال األعرابSي :يSا
أمير المؤمنين إن العباءة ال تكلمك إنما يكلمك من فيھا((.
وما ضر نصل السيف إخالق غمده ........إذا كان غضبا حيث أنفذته برى
فإن تكن األيام أزرت ببزتي ...............فكم من حسام في غالف مكسرا
فقربه وأدناه وعلم أن في العباءة ما فيھا .
عجبت لمن ثوبه المع ........ولكنما القلب كالفحمة
مظاھر براقة تحتھا ..........بحار من الزيف والظلمة
وتكلم آخر محتقر عند عبد الملك بكالم ذھب فيه كل مذھب حتى خلب لب عبد
الملك وأعجب به فقال له :ابن من أنت؟ قSال :أنSا ابSن نفSسي يSا أميSر المSؤمنين
التSSي توصSSلت بھSSا إليSSك وأھلتنSSي ألن أتكلSSم بSSين يSSديك أخلSSب لبSSك ،أبSSى ﷲ أن
أسمو بجد وال أب .
فما أنا إال السيف يأكل جفنه ..........له حلية من نفسه وھو عاطل
وليست رعوتي من فوق مذق ........وال جمري كمين في الرماد
قال :صدقت:
فما الفخر بالعظم الرميم وإنما .......فخار من يبغي الفخار بنفسه
إن مSSن أحSSوال المSSسلم أن يحتفSSي وينتعSSل ويمتSSشط ويSSدع ذلSSك ويلSSبس اللبSSاس
الجميل والحذاء الحسن ،ومع ھذا ال تتحكم ھSذه المظھاريSة فيSه وال يSوزن بھSا
وال تأسSSر شخSSصيته ،فھSSو يحكمھSSا ويأسSSرھا خالفSSا لمSSوازين معكوسSSة جعلSSت
المظھرية ھي الميزان.
قيمة المرء عندھم بين ثوب ..........باھر لونه وبين حذاء
ماذا لو خرج العالم حافيا بين الناس أينقص علمه وقدره؟ ماذا لSو انتعSل الغبSي
الجاھل أحسن النعال أيصبح فقيھا؟ ماذا لو لبس المعتوه أحسن الثياب وأجملھا
أيغدو ذا لب..؟
إذا كان في لبس الفتى شرف له .......فما السيف إال غمده والحمائل
إن اإلكتفSاء فSSي المقSاييس بارتSSداء المالبSس واالمتـSSشاطات الSساحرة والعطSSور
المنعشة مع عدم النظر إلى التقوى والعلم والرأي حيف ونكسة .
رب ذي مظھر جميل توارى .........خلف أثوابه فؤاد خؤون
إن المظھSSر الحSSسن والترجSSل والتطيSSب مSSن األمSSور المSSشروعة وليSSست ھSSي
المقيSSاس فSSي الحكSSم علSSى النSSاس ،إن التSSراب مكمSSن الSSذھب فSSال يغرنSSك حSSسن
المظھر وحسن الھيئة وجمال الھندام والبزة فكم من ارتSداھا وھSو يحمSل بينھSا
نخاعا ً ضامراً بائراً وقلبا ً حSائراً فھSل يقSدم مثSل ھSذا؟ كSال ...وھSل تSروق دفينSا ً
جودة الكفن )) ،رب أشعث أغبSر ذي طمSرين مSدفوع بSاألبواب ال يؤبSه لSه لSو
أقسم على ﷲ ألبره(( كما ثبت في صحيح مسلم رحمه ﷲ .
ال يغرنك البھا والصور ........ستة أعشار من تراھم بقر
ولكن أكثر الناس ال يعقلSون ،فSالعبرة كSل العبSرة بSصالح القلSوب واألعمSال ال
بالSSSصور واألمSSSوال وال بالمظSSSاھر واألشSSSكال ) إنمSSSا تنSSSصر األمSSSة بSSSضعيفھا
بصالته ودعائSه( فSال تغرنSك المظSاھر وابSل الرجSال تحSبھم أو تبغSضھم ومSن
ثمارھم تعرفونھم.
وعلى الفتى لطباعه ...........سمة تلوح على جبينه
لقد عظم البعير بغير لب ......فلم يستغنى بالعظم البعير
يصرفه الصغير بكل وجه ....ويحبسه على الخسف الجرير
وتضربه الوليدة بالھراوي ...فال ِغيَر لديه وال نكير
فإن كنت في شك من السيف فابله ........فإما ﱢ
تنفيه وإما تعده
*****
بمعنى :أحذر العجب والتعالي والغSرور فھSو دليSل الSسفه ونقSص العقSل ودنSو
النفس ال يزال الشيطان باإلنسان إلى أن ينظر إلى نفسه وعملSه نظSرة إعجSاب
وغرور وإكبار فيقول له :أنت فعلت وفعلت حتى يلقي فSي روعSه أنSه ال مثيSل
له وال نظير له فيعجب بنفسه فيغتر فيھلك وھو ال يشعر ،ثم يتوقف عن العمل
فيشقى ،ألن السعادة إنما تدرك بالسعي والطلب والمعجب يرى أنSه وصSل فSال
حاجة للسعي فيقضي العمر كله وھو يراوح مكانه ال يتقدم لمكرمSة وال يرتقSي
لمنزلة .
ولوال السعي لم تكن المساعي
فما خير برق الح في غير وقته ..........وواد غدا مآلن قبل أوانه
عند ذلك يرفض الحق ويحتقر الخلق ويSداوم تزكيSة الSنفس أمSام الخلSق ويفSرح
بعيوب أقرانه من الخلق ثم يستعصي على النصح وال يعترف بجھود اآلخرين
يSSداوم الحSSديث عمSSا ينجSSزه مSSن أعمSSال ويSSرفض الرجSSوع عSSن الخطSSأ ويحSSاول
تبرير الخطأ ويستبد برأيه فرأيه صواب ال خطأ فيه ال يستSشير أھSل التجSارب
العقالء وال يستنير بآراء األكياس الفطناء يھتم بشواذ المسائل وغريبھا ويھمل
العمل بأصول المسائل ثم يرفض الجلوس للتعلم في حلقات العلم .
ألج لجـاجـا ً من الخنفســاء ......وأزھى إذا ما مشى من غراب ّ
ھو الغريق فما يخشى من البلل ......جذ السنام له وجذ الغارب
فحاله ياله من حال :كالSصخرة الSصماء الSضخمة علSى القمSة والSسفح تغادرھSا
خيرات السماء حتى تجتمع في األرض المنخفضة .
* أو كالبرغوث يحيا ما دام جائعا فإذا شبع مات .
* أو كراكب أراق ماءه لرؤية السراب ثم ندم حيث ال ينفع ندم وال حسرة.
* أو كرجل في قمة جبل يرى الناس في السھل كالنمل ويراه النSاس فSي القمSة
كالذر وھو اليشعر .
مثل المعجب في إعجابه .........مثل الواقف في رأس الجبل
يبصر الناس صغار وھوفي .....أعين الناس صغيراً لم يزل
أو ھو ) كالسنبلة الفارغة من الحب بين السنابل المملوءة بالحب تجSدھا رافعSة
رأسھا تتعالى على صديقاتھا وصويحباتھا مع أنھا ال تصلح إال علفا للحيوان(،
والمملوءة حبا مثقلة بالخير قد انحنت برؤوسھا .
إن كريم األصل كالغصن كلما ..........ازداد من خير تواضع وانحنى
العجب بإختصار كلب ينبح في قلب صاحبه والمالئكة ال تدخل بيتا ً فيSه صSور
أو كلب.
فتنة تضحك أرباب النھى ........من مخازيھا وتبكي البشرا
والنتيجة مخزية فنعوذ با ZمSن الخSزي والبSوار يحSرم المعجSب مSن توفيSق ﷲ
Sرون ِفSي آيSاتي ﱠ ِ َ
الSذين َ َ َ
يتكبﱠ ُ َ عSن َ ِ َ فالخذالن موافق له ومصاحب له ُ ِ ْ َ َ ) :
سأصSرف َ ْ
سSبيل الرﱡ ْ ِ
شSد ال يSروا َ ِ َ وإن َ َ ْبھSا َ ِ ْ
يؤمنSوا ِ َ يروا ُك Sﱠل َ ٍ
آيSة ال ُ ْ ِ ُ بغير ْ َ ﱢ
الحق َ ِ ْ
وإن َ َ ْ َْْ ِ
األرض ِ َ ْ ِ
بآياتنا َ َ ُ
وكانوا كذبوا ِ ِ َ ذلك ِ َ ﱠ ُ ْ
بأنھم َ ﱠ ُ سبيالً َ ِ َ
يتخذوهُ َ ِ سبيل ْ َ ﱢ
الغي َ ﱠ ِ ُ يروا َ ِ َ سبيالً َ ِ ْ
وإن َ َ ْ َﱠ ِ ُ
يتخذوهُ َ ِ
غافلين( )ألعراف .(١٤٦:وتبعا لذلك ينال غضب ﷲ ومقته .ثبت عنSه َْ َ
عنھا َ ِ ِ َ
صلى ﷲ عليه وسلم أنه قال )) :ال يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة كبر(( ،
وثبSSت أيSSضا )) :م Sن تعظSSم فSSي نفSSسه واختSSال فSSي مSSشيته لقSSي ﷲ وھSSو عليSSه
غضبان(( ثم ينھار المعجب وقت المحنة والشدة ألنه لSم يحفSظ ﷲ فSي الرخSاء
فجدير بأن يخذل وقت المحنة )) تعرف على ﷲ في الرخSاء يعرفSك فSي الSشدة
(( ،كمSSا ثبSSت عنSSه صSSلى ﷲ عليSSه وسSSلم :ثSSم إن المعجSSب يخلSSق بينSSه وبSSين
مدعويه جفوة وفجوة ال تكاد تردم فالقلوب جبلت على بغض من يتعالى عليھSا
ومن ثم ال تقبل دعوتSه والمعجSب عرضSة إلنتقSام ﷲ العاجSل واآلجSل )) بينمSا
رجل يمشي في حلة تعجبه نفسه مرجل جمتSه يختSال فSي مSشيته إذا خSسف ﷲ
بSSه األرض فھSSو يتجلجSSل فيھSSا إلSSى يSSوم القيامSSة(( كمSSا روي البخSSاري ومSSسلم
رحمھما ﷲ.
ُ
أتت النوى دون الھوى فأتى األسى ......دون األسى بحرارة لم تبرد
خدعتھم األحالم في سنة الكرى .........ما أكذب األحالم والتأويال
له أسباب وبواعث لعل منھا ما يلي - :باختصار-
-١انحراف المربي في ھSذا الجانSب إذ يلمSس منSه حSب المحمSدة ودوام تزكيSة
النفس بالحق أو بالباطل فيتأثر به تحت يده .
-٢ثم المدح في غير ضوابطه الشرعية بأن يكSون بSالحق وغيSر مجSاوز للحSد
ومع من ال تخشى عليه الفتنة .
-٣ثم صحبة المعجبين والمرء على دين خليله والصاحب ساحب – كمSا قيSل-
.
-٤ثم الصدارة قبل النضج والتربية فالتفقه في دين ﷲ ضSرورة قبSل الSصدارة
Sومھم ِ َإذا
Sذروا قَْ ُ َ ْ S Sدين َ ِ ُ ْ
ولينُ ِ S طائفَSSةٌ ِ َ َ َ ﱠ
ليتفقھُSSوا ِفSي ال Sﱢ ِ فرقSة ِمْ ُ ْ S
Sنھم َ ِ Sل ِ ْ َ ٍ Sر ِمSْ Sن ُك Sﱢ ) ََ ْ
فلSوال َنفََ S
يحذرون( )التوبة .(١٢٢:وقد يكSون الSسبب عراقSة األصSل لعلھم َ ْ َ ُ َ إليھم َ َ ﱠ ُ ْ
رجعوا ِ َ ْ ِ َْ َ ُ
والنسب لبعض العاملين فتحمله على استحسان ما يعمله مSع أن النSسب ال يقSدم
فيكSون( )آل عمSران.(٥٩: كن َ َ ُ ُقال َلهُ ُ ْثم َ َ تراب ُ ﱠ
من ُ َ ٍ خلقهُ ِ ْآدم َ َ َ
كمثل َ َ وال يؤخر ) َ َ َ ِ
)) لينتھين أقSوتم يفتخSرون بآبSابئھم الSذين مSاتوا إنمSا ھSم فحSم جھSنم أو ليكSونن
أھون على ﷲ من العجالن (( )أبSو داود( .وبعSد ھSذا كلSه فSإني أعSرض عليSك
نقاطا عدة لعل فيھا العالج لمن أصيب بھذا الداء عافانا ﷲ وإياكم منه.
أوالً :العلم واليقSين بSأن المنSة ZعSز وجSل فيمSا أعطيتSه مSن مواھSب وقSدرات
وإذ تَ َ Sﱠ َ
Sأذن َرب ُﱡكSْ Sم لَْ ِ S
Sئن وﷲ قSSادر أن يSSسلبكھا مSSا بSSين غمSSضة عSSين وانتباھتھSSا ) َ ِ ْ
من ِ ْ َ ٍ
نعمة بكم ِ ْ وما ِ ُ ْ لشديد( )ابراھيمَ َ ).(٧: عذابي َ َ ِ ٌ إن َ َ ِ كفرتم ِ ﱠ شكرتم َ َ ِ َ ﱠ ُ ْ
ألزيدنكم َ َ ِ ْ
ولئن َ َ ْ ُ ْ َ َ ْ ُْ
ﷲِ َ( )النحل.(٥٣: فمن ﱠ َِ َ
ثانيا :دوام حضور مجالس العلم والعلماء تلميذاً فإن في ذلك تطھير للنفس مSن
ذلك الداء وتعريفا لھا بقدرھا وذلك ھو الدواء.
يقول أحمد ابن يوسف الSشيرازي فSي "أربعSين البلSدان" لSه ) :لمSا رحلSت إلSى
شيخنا رحلة الSدنيا ومSسند العSصر أبSي الوقSت ،قSدر ﷲ لSي الوصSول إليSه فSي
آخر بالد كرمان ،فسلمت عليه ،وقبلته ،وجلست بين يديه ،فقال لي :مSا أقSدمك
ھذه البالد؟ قلت :كان قصدي إليك ،ومعولي ،بعد ﷲ عليSك ،قSد كتبSت مSا وقSع
Sى مSSن حSSديثك بقلمSSي ،وسSSعيت إليSSك بقSSدمي ،ألدرك بركSSة علمSSك ،وأحSSضى إل Sﱠ
بعلو إسنادك ،فقال :وفقك ﷲ وإيانا لمرضاته ،وجعل سعينا له ،وقصدنا إليSه،
علي ،وال جلست بين يدي ،ثم بكSى ولو كنت عرفتني حق معرفتي ،لما سلمت ﱠ
بكاء طويال ،وأبكى من حضره ،ثم قال :اللھم استرنا بسترك الجميل ،واجعSل ً
تحت الستر ما ترضى به عنا(.
مجالسة العلماء طيب ،ولو كنت تاجرا ما اخترت غير الطيب ،إن فاتني ربحه
وع:
لم يفتني ريحه ،فاعلم ِ
ثالثا :خدمة من ھم دونك علما ومرتبة وقدرا ومجالستھم ومؤاكلتھم وشعارك:
مسكين بين ظھرانSي مSساكين ،فمSن وضSع نفSسه دون قSدره رفعSه النSاس فSوق
قدره.
رابعا :النظر إلى من ھم فوقك علما ً ومنزلة وعمال ورأيا ً وتفكيرا ) إن أعجبت
بعقلك ففكر في كل فكرة سوء تحل بخاطرك فإنك تعلم نقص عقلك حينئذ ،وإن
أعجبت برأيك فتـفكر فSي سSقطاتك فاحفظھSا ثSم أنظSر إلSى مSن ھSو أعلSى منSك
رأيا ،وإن أعجبت بعلمك فاعلم أنه ھبة من ﷲ وانظر إلSى مSن ھSو أعلSى منSك
علما ً وفوق ذي كل علم عليم.
خامMMسا :تأمSSل عيSSوب نفSSسكم ثSSم جSSد فSSي محاسSSبتھا أوالً بSSأول وأنSSت أعSSرف
بنفسك ) ،كل منا يصف أواني بيته ومحتوياته ورب البيت أدرى بما فيه وأھل
مكة أدرى بشعابھا والصيرفي أعرف بنقSد الSدينار ( ) ،إن خفيSت علSى المSرء
عيوبه حتى ضن أال عيب فيه فليعلم أن مصيبته إلى األبد وأنه أتم الناس نقصا
وأعظمھم عيوبا وأضعفھم تميزا –كما يقول ابن حزم -فالعاقل من ميز عيSوب
نفسه وجاھدھا وسعى في قمعھا واألحمق من جھل عيوب نفسه (.
وأحمق منه من يSرى عيوبSه خSصاالً يعجSب بھSا .مSن أنSت؟ ھSل أنSت إال عبSد
مكلSSف موعSSود بالعSSذاب إن قSSصر مرجSSو بSSالثواب إن ائتمSSر مؤلSSف مSSن أقSSذار
مشحون بأوضار سائر إلى جنة إن أطاع وإال نار – أجارك ﷲ من النار .-
كيف يزھو من رجيعه ..........أبد الدھر ضجيعه
وھو منــه وإليــه ..........وأخوه ورضيعه
وھــو يدعــوه .............إلٮالحش بصغر فيطيعه
لو فكر الناس فيما في بطونھم ........ما استشعر العجب شبان وال شيب
ھل في ابن آدم غير الرأس مكرمة ...وھو ببضع من اآلفات مضروب
انف يسيل وأذن ريحھا سھك ........والعين ممرضة والثغر ملعوب
يابن التراب ومأكول التراب غدا ....أقصر فإنك مأكول ومشروب
وأتم الناس أعرفھم بنفسه كما قيل:
سادسا :اجلس دائما حيث ينتھSي بSك المجلSس فSذلك أدعSى لكSسر نخSوة الSنفس
وعجبھا واتباع للسنة وأنعم بھا خلة.
إذا لم يكن صدر المجالس سيدا ........فال خير فيمن صدرته المجالس
سابعا :إن التعويل على رحمة ﷲ ال على العمSل فحSسب يقSول صSلى ﷲ عليSه
وسلم كما جاء في صحيح البخSاري )) :لSن ينجSى أحSداً مSنكم عملSه،قالوا :وال
أنت يا رسول ﷲ وال أنا إال أن يتغمدني ﷲ برحمته(.
ثامنا :تعويد النفس علٮSالفرار مSن الSشرف حتSى تعتSاده فمSن فSر منSه وھSب لSه
ومن تواضع Zرفعه ومن تكبر وضعه .
يقول المدائني :رأيت رجل من باھلة يطوف بين الصفا والمروة على بغلة فSي
تيSSه وعجSSب ثSSم رأيتSSه فSSي سSSفر يمSSشي راجSSال متعبSSا منھكSSا ً يحمSSل متاعSSه علSSى
ظھره فقلت له :أراجل في ھSذا الموضSع وأنSت مSن يطSوف بالبغلSة بSين الSصفا
والمروة! قال :نعم ركبت حيث يمشي الناس فكان حقا على ﷲ أن أمشي حيث
يركب الناس ومن تواضع Zرفعه.
تاسعا :االستعانة با Zواللجوء إلى ﷲ أن يطھرك من ھSذه اآلفSة ومSن اسSتعان
با Zأعانه ﷲ.
فسل العياذ من التكبر والھوى ........فھما لكل الشر جامعتان
وھما يصدان الفتى عن كل طرق ....الخير إذ في قلبه يلجان
وﷲ لو جردت نفسك منھما ألتت ...إليك كل وفود كل تھاني
ومن استعان با Zأعانه ﷲ.
لمع ْ ُ ْ ِ ِ َ
المحسنين( وإن ﱠ
ﷲَ َ َ َ لنھدينھم ُ ُ َ َ
سبلنا َ ِ ﱠ فينا َ َ ْ ِ َ ﱠ ُ ْ
جاھدوا ِ َ عاشرا :المجاھدة َ ) :ﱠ ِ َ
والذين َ َ ُ
)العنكبوت. (٦٩:
حادي عشر :أحذر أنا ،لي ،عندي.
يقSSول ابSSن القSSيم ) :وليحSSذر كSSل الحSSذر مSSن طغيSSان أنSSا ولSSي وعنSSدي فSSإن ھSSذه
األلفاظ الثالثة ابتلى بھا إبليس ،وفرعون ،وقارون ،فأنا خير منه إلبليس ،ولي
ملك مصر لفرعون ،وإنما أوتيته على علم عندي لقارون ،وأحسن ما وضعت
أنا في قول العبد أنا العبد المذنب المخطئ المستغفر ونحوه ،ولي فSي قولSه لSي
الذنب ولي الجرم ولي المسكنة ولي الفقSر والSذل وعنSدي فSي قولSه :أغفSر لSي
جدي وھزلي وخطأي وعمدي وكل ذلك عندي.
ثاني عشر :إذا أعجبت بمدح إخوانك ففكر في ذم أعدائك إياك ،فإن لم يكن لك
عدو فوﷲ ال خير فيSك فSال منزلSة أسSقط مSن منزلSة مSن ال عSدو لSه فليSست إال
منزلة من ليس Zعنده نعمة يحسد عليھا عافانا ﷲ اياكم – كما يقول ابن حزم
رحمه ﷲ. -
ثالث عشر :التدبر والنظر في سيرة الرسSول صSلى ﷲ عليSه وسSلم والSصحابة
من بعدھم ففيھما لمن تدبر عظة وذكرى ،ثبت عنه صلى ﷲ عليSه وسSلم وھSو
سSSيد ولSSد آدم وخيSSر مSSن دب علSSى الثSSرى وھSSو األسSSوة أنSSه ك Sان يجلSSس علSSى
األرض .ويأكل على األرض .ويعتقل الشاة .ويجيب دعوة المملSوك ويركSب
الحمار .ويقول :إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبSد ،ويقSف بSين يديSه رجSل يرعSد
كما ترعد السعفة فيقول :ھون عليك فإنما انا إبن إمرأة من قريش كانت تأكSل
القديد .يمر بالصبيان ويسلم عليھم.
قسم التواضع في األنام جميعھم ........فذھبت أنت فقدته بزمامه
صلوات ﷲ وسالمه عليه ،يقول أنSس :إن كانSت األمSة مSن إمSاء المدينSة لتأخSذ
بيد النبي صلى ﷲ عليه وسلم فتنطلق به حيث شاءت .كان يكون في مھنة أھله
فإذا حضر وقت الصالة خرج إلى الصالة .كان يخSيط ثوبSه ويخSصف نعلSه .
ويعمل ما يعمSل الرجSال فSي بيSوتھم .وإذا صSافح الرجSل لSم ينSزع يSده مSن يSده
حتى يكون ھSو الSذي ينSزع يSده .ال يSأنف صSلى ﷲ عليSه وسSلم أن يمSشي مSع
األرملSSة والمSSسكين فيقSSضي لSSه الحاجSSة ،وكSSان يSSزور األنSSصار ويSSسلم علSSى
صSSبيانھم ويمSSسح رؤوسSSھم .ويعSSود مرضSSاھم .ويSSشھد جنSSائزھم يدعونSSه إلSSى
خبز الشعير فما يردھم كما ثبت ذلك كله عنه .
فكل فعل كريم كان فاعله ........يحي القلوب ويحي ميت الھمم
صلوات ﷲ وسالمه عليه :
يلين لكل ذي ضعف وعجز .......وكم الن لذي جھل فالنا
رسول يحمل األطفال لطفا ........ويجعل عاتقيه لھم حصانا
صبي والموفق من أالنا ويختصر القراءة حين يبكي ......
يالطف أھله أكرم بزوج .........يعف األھل يغمرھم حنانا
يقاسمھم متاعبھم معينا ...........ويخدمھم فكم وضع الجفانا
*****
فالمSSستقبل لSSدين ﷲ والعSSSزة ألوليSSاء ﷲ .منSSSا مSSن رأى تفSSSشي الSSشر والمنكSSSر
وانتشاره واستفحاله رأى العدو تبجح وتقوى وتحت ظل ھذه الرؤيSة رأى أنSه
مھما عملنا فلن نغير من الواقع شيء ولن نجني سوى التعب والمشقة فليس إذا
في السعي فائدة .فإذا بك تنظر إليه متھجم الوجه عاقد الحاجبين مقطب الجبSين
رافعSSا ً رايSSة :لSSو أسSSلم حمSSار آل الخطSSاب مSSا أسSSلم عمSSر يحSSسب يSSوم الجمعSSة
الخميSSسا مSSردداً حSSين يطلSSب منSSه خدمSSة دينSSه –ولSSو بالكلمSSة : -أنSSت تSSؤذن فSSي
خرابة ال أحد حولك تنفخ في قربة مقطوعة وغيرھا من عبارات :
تصدا بھا األفھام بعد صقالھا ..........وترد ذكران العقول إناثا ً
ھلSك النSSاس ...ھلSSك النSاس فSSي نظSSره وقSد ھلSSك ،وصSSف النبSي صSSلى ﷲ عليSSه
وسلم وصفا دقيقSا كمSا فSي صSحيح مSسلم )) :إن قSال الرجSل ھلSك النSاس فھSو
أھلكھم(( .
معاشر المؤمنين :مما ال شك فيه أن حقائق اليوم ھSي أحSالم األمSس .وأحSالم
اليوم ھي حقائق الغد .والضعيف ال يظSل ضSعيفا أبSد اآلبSدين .والقSوي ال يظSل
استSضعفوا ِفSي ْ َ ْ ِ
األرض َ َ ْ َ َ ُ ْ
ونجعلھSم الSذين ْ ُ ْ ِ ُ على ﱠ ِ َ نمن َ َ أن َ ُ ﱠ ونريد َ ْ
قوي أبد اآلبدينُ ِ ُ َ ) .
Sان
وھامَ S
Sون َ َ َ Sري ِ ْ َ
فرعَ ْ S Sن َلھُSْ Sم فِSSي ْ َ ْ ِ
األرض َونَُ ِ S Sوارثين * َ ُ َ ﱢ
ونمكَ S ونجعلھُSُ Sم ْالَ ِ ِ َ S َِ ﱠ
أئمSSةً َ َ ْ َ َ
يحذرون( )القصص.(٦- ٥: كانوا َ ْ َ ُ َ منھم َما َ ُ وجنودھما ِ ْ ُ ْ
َ ُُ َ َُ
إننا نملك إيمانا بنصر ﷲ لنا وثقة بتأييديه لنا ويقينSا بSسنة ﷲ فSي إحقSاق الحSق
وإبطال الباطل ولو كره المجرمSون واطمئنانSا إلSى وعSده الSذي وعSد بSه عبSاده
وليمكSنن َ ُ ْ
لھSم قSبلھم َ َ ُ َ ﱢ َ ﱠ
مSن َ ْ ِ ِ ْ استخلف ﱠ ِ َ
الSذين ِ ْ كما ْ َ ْ َ َ األرض َ َلفنھم ِفي ْ َ ْ ِ المؤمنين ) َ َ ْ َ ْ
ليستخ ِ َ ﱠ ُ ْ
يعبدونني ال ُ ْ ِ ُ َ
يشركون ِبي أمنا ً َ ْ ُ ُ َ ِ خوفھم َ ْ
بعد َ ْ ِ ِ ْمن َ ْ ِ لھم َ َ ُ َ ﱢ َ ﱠ ُ ْ
وليبدلنھم ِ ْ ارتضى َ ُ ْ الذي ْ َ َ دينھم ﱠ ِ
ِ َ ُُ
شيئا ً( )النور.(٥٥: َْ
إنه وعد يشحذ الھمم ويستثير العزائم ويمأل الSصدور ثقSة واطمئنانSا إن الSدور
المنصورون( )الSصافات .(١٧٢:سSنة ﷲ لھم ْ َ ْ ُ ُ َ إنھم َ ُ ُ لنا ال علينا والتاريخ معنا ) ِ ﱠ ُ ْ
رب العالمين قال صلى ﷲ عليه وسلم )) :ال تSزال طائفSة مSن أمتSي ظSاھرين
حتSSى يSSأتيھم أمSSر ﷲ وھSSم ظSSاھرون(( )) ،وليSSبلغن ھSSذا األمSSر مSSا بلSSغ الليSSل
والنھار وال يترك ﷲ بيتا مSدر وال بSر إال أدخلSه ﷲ ھSذا الSدين بعSز عزيSز أو
بذل ذليل(( كما ثبت عنه صلى ﷲ عليه وسلم .فانت أيھا المؤمن أجير عند ﷲ
كيفمSSا أراد ان تعمSSل عملSSت وقبSSضت األجSSر لكSSن لSSيس لSSك وال عليSSك أن تتجSSه
الدعوة إلى أي مصير ذاك شأن صاحب األمر ال شأن األجير ،وحسبك أن من
األنبياء من ياتي يوم القيامة ومعSه الرجSل ومعSه الSرجالن والثالثSة ويSأتي مSن
SSSSك ِ ﱠإال ْالُ َ S
SSSSبالغ( عليَ S إن َ َ ْ حفيظSSSSSا ً ِ ْ أرسَ َ ْ S
SSSSلناك َعلَْ ِ ْ S
SSSSيھم َ ِ فمSSSSSا َ ْ َلSSSSSيس معSSSSSه أحSSSSSد ) َ َ
)الشورى.(٤٨:
) وآيSSة اآليSSات فSSي ھSSذا الSSدين أنSSه أشSSد مSSا يكSSون ٌقSSوة وأصSSلب مSSا يكSSون عSSودا
وأعظم ما يكون رسوخا ً وشموخا ً حين ننزل بSساحته األزمSات وتوصSد علSيھم
المنافSSذ حينئSSذ يحقSSق اإلسSSالم معجزتSSه ينبعSSث الجثمSSان الھامSSد يتSSدفق الSSدم فSSي
عروق أبنائه ينطلق ينتـفض(.
فيوجع
ُ يقول فيسمع ويمشي فيسرع ...........ويضرب في ذات اإلله
فإذا النSائم يSصحوا وإذا الغافSل يفيSق وإذا الجبSان يتSشجع وإذا الSضعيف يتقSوى
وإذا الشتيت يتجمع وإذا بھذه القطرات المتابعSة المتالحقSة مSن ھنSا وھنSاك مSن
جھود القلة تكون سيالً عارما ً ال يقف دونه حاجز وال سد(.
ال يزخر الوادي بغير شعاب ..........وھل شمس تكون بال شعاع
إن ھذه األمة تمرض لكنھا ال تموت وتغفو لكنھSا ال تنSام وتخبSو لكنھSا ال تطفSأ
أبداً .
حين غزا التتار ديار المسلمين ودخلوھا كالريح العقSيم مSا تSذر مSن شSيء أتSت
عليه إال جعلته كالرميم دمروا المدن وخربوا العمران وأسالوا الدماء وأسقطوا
الخالفSة وعطلSSوا الSصلوات وألقSSوا أسSفار المكتبSSات فSي نھSSر دجلSة حتSSى اسّ S
Sود
ماؤه من كثر ما سال من مداد الكتب حتى أصبحت حضارة اإلسالم والبSشرية
مھددة من ھذا الغزو الوحشي الذي ال يبقي وال يSذر والSذي يSذكر بمSا جSاء فSي
وصف يأجوج ومأجوج حتى أحجم بعض المعاصرين للحدث عSن الكتابSة فيSه
منھم ابن األثيSر رحمSه ﷲ الSذي يقSول ليSت أمSي لSم تلSدني ليتنSي مSت قبSل ھSذا
وكنت نSسيا منSسيا .ممSا رأى .مSن ھSول الفاجعSة التSي حلSت بالمSسلمين .ظSن
اليائسون حينھا أن راية اإلسالم نكست ولن ترتفع بعد ذلك اليSوم أبSداً وأن أمSة
الفتح والنصر قد حقت عليھا الھزيمة فھيھات أن تعود إلSى الميSدان مSن جديSد،
ولSSم يمSSض سSSوى سSSنوات حتSSى تحققSSت معجSSزة اإلسSSالم فSSإذا بھSSؤالء الجبSSابرة
الغSSازين لإلسSSالم يغSSزوھم اإلسSSالم فتSSسقط سSSيوفھم فSSي صSSف المSSؤمنين تحSSت
تأثير العقيدة اإلسالمية فإذا بھم يدخلون بھم في دين المغلوبين علSى خSالف مSا
من َ ْ ُ
قبل ھو معروف أن المغلوب مولع دائما بتقليد الغالب المنصور ) ِ ﱠُ ْ َ ْ ِZ
األمر ِ ْ
النSاس ال َ ْ َ ُ َ
يعلمSون( أكثر ﱠ ِ ولكن َ ْ َ َ يفرح ْ ُ ْ ِ ُ َ
المؤمنون( )الروم ِ َ َ ) .(٤:ﱠ ويومئذ َ ْ َ ُ َ ِ ْ
ومن َ ْ ُ
بعد َ َ ْ َ ِ ٍ
ﱠماوات َوال ِفSي ْ َ ْ ِ
األرض شيء ِفي الSس َ َ ِ ليعجزهُ ِ ْ
من َ ْ ٍ كان ﱠ
ﷲُ ِ ُ ْ ِ َ وما َ َ)الجاثـيةَ َ ) .(٢٦:
قديراً( )فاطر(٤٤: عليما ً َ ِ
كان َ ِِ ﱠإنهُ َ َ
تستردوا عزكم ..........فلرب مغلوب ھوى ثم ارتقى ّ ال تيأسوا إن
وتجشموا للعز كل عظيمة .............إني رأيت العز صعب المرتقى
إن قراءة متأنية لتاريخ الصلبيين وبيت المقدس تعطي األمل بان الواقSع سSوف
يتغير فاسمع إلى ابن كثيSر )فSي البدايSة والنھايSة( وغيSره مSن أھSل الSسير وھSم
يسردون لك ھذا الحدث ) :وفي ضحى يوم الجمعة لسبع بقين من شSعبان سSنة
اثنين وتسعين وأربعمائة للھجرة دخل ألSف ألSف مقاتSل بيSت المقSدس وصSنعوا
فيه ما ال تصنعه وحوش الغاب وارتكبوا ما الترتكب أكثر منه الشياطين لبثSوا
فيSSه أسSSبوعا يقتلSSون المSSسلمين حتSSى بلSSغ عSSدد القتلSSى أكثSSر مSSن سSSتين ألفSSا مSSنھم
األئمة والعلماء والمتعبدون والمجاورون وكانوا يجبرون المسلمين علSى إلقSاء
أنفSSسھم مSSن أعSSالي البيSSوت ألنھSSم يSSشعلون النSSار علSSيھم وھSSم فيھSSا فSSال يجSSدون
مخرجا إال بإلقاء أنفسھم من السطوح جاسوا فيھا خالل الديار وتبروا مSا علSوا
تتبيرا ،وأخذوا أطنان الذھب والفضة والدنانير ثم وضعت الSصلبان علSى بيSت
المقدس وأدخلت فيه الخنازير ونودي من على مSآذن لطالمSا أذن بالتوحيSد مSن
عليھSSا :أن ﷲ ثالSSث ثالثSSة -جSSل الSSه وتبSSارك -فSSذھب النSSاس علSSى وجSSوھھم
مSSستغيثين إلSSى العSSراق وتبSSاكى المSSسلمون فSSي كSSل مكSSان لھSSذا الحSSدث وظSSن
اليائسون أال عودة لبيت المقدس أبداً إلى حظيرة المسلمين .
كم طوى اليأس نفوسا لو رأت ..........منبتا خصبا لكانت جوھرا
ويمضي الزمن ويعد الرجال وفي سنة ثالثSة وثمSانين وخمSسمائة للھجSرة أعSد
صالح الدين جيشا إلسترداد بيت المقدس وتأديب الصلبيين علSى مبSداھم ھSم :
إن القوي بكل أرض يتقي وفي وقSت اإلعSداد تأتيSه رسSالة علSى لSسان المSسجد
األقصى تقول:
يا أيھا الملك اـذي ............لمعالم الصلبان نكس
جاءت إليك ظالمة تسعى ......من البيت المقدس
كل المساجد طھرت وأنا .......على شرفي أنجس
فانتخى وصاح وا إسالماه وامتنع عن الضحك وسارع في اإلعداد ولم يقSارف
بعدھا ما يوجب الغسل .
من ذا يغير على األسود بغبھا ........أو من يعوم بمسبح التمساح
وعندھا علم الصلبيون أن ھذا مSن جنSود محمSد صSلى ﷲ عليSه وسSلم فتSصالح
ملوك النصارى وجاؤا بحدھم وحديدھم وكانوا ثالثة وستين ألف فتقدم صSالح
الدين إلى طبريا ففتحھا بال إله إال ﷲ فصارت البحيرة إلى حوزتSه اسSتدرجھم
إلى الموعد الذي يريده ھو ثم لم يصل إلى الكفار بعSدھا قطSرة مSاء إذ صSارت
البحيرة في حوزته فصاروا في عطش عظيم.
وعندھا تقابل الجيشان وتواجه الفريقان وأسفر وجه اإليمان وأغبر وجه الظلSم
والطغيSان ودارت دائSرة الSسوء علSى عبSدة الSصلبان عSشية الجمعSة واسSتمرت
إلى السبت الذي كان عSسيرا علSى أھSل األحSد إذ طلعSت علSيھم الSشمس واشSتد
الحر وقوي العطش وأضرمت النار من قبSل صSالح الSدين فSي الحSشيش الSذي
كانت تحت سنابك خيل الكفار فاجتمع علSيھم حSر الSشمس وحSر العطSش وحSر
النار وحر السالح وحر رشق النبال وحر مقابلة أھل اإليمان.
وقام الخطباء يستثيرون أھل اإليمان ثم صاح المSسلمون وكبSروا تكبيSرة اھتSز
لھSSا الSSسھل والجبSSل ثSSم ھجمSSوا كالSSسيل الSSدفاع لينھSSزم الكفSSار ويؤسSSر ملSSوكھم
ويقتل منھم ثالثون ألفا ً حتى قيل لم يبق أحد ويؤسر منھم ثالثون ألفا حتى قيSل
لSSم يقتSSل أحSSد ،فلSSم يSSسمع بمثSSل ھSSذا اليSSوم فSSي عSSز اإلسSSالم وأھلSSه إال فSSي عھSSد
الصحابة ،حتSى ذكSر ان بعSض الفالحSين رؤي وھSو يقSود نيفSا وثالثSين أسSيرا
يSSربطھم فSSي طنSSب خيمتSSه ،وبSSاع بعSSضھم أسSSيرا بنعSSل يلبSSسھا ،وبSSاع بعSSضھم
أسيرا بكلب يحرس غنمه.
ثم أمر السلطان صالح الدين جيوشه أن تستريح لتتقدم إلى فSتح بيSت المقSدس،
ففي ھذه اإلستراحة كيف كانت النفوس المؤمنة التSي ال تيSأس ؟ :الSرؤوس لSم
ترفع من سجودھا ،والدموع لم تمسح من خدودھا ،يوم عSادت البيSع مSساجداً ،
والمكان الSذي قSال فيSه :إن ﷲ ثالSث ثالثSة صSار يSشھد فيSه :أن ال إلSه إال ﷲ
وحSSده ال شSSريك لSSه ،ثSSم سSSار نحSSو بيSSت المقSSدس ليفSSتح مSSن الجھSSة الSSشرقية
ويخرجھم منه فكان له ذلك على أن يبذل كل رجل مSنھم –ويخSرج ذلSيال -عSن
نفسه عشرة دنانير وعSن المSرأة خمSسة وعSن الطفSل دينSارين ومSن عجSز كSان
أسيرا للمؤمنين ،فعجز منھم ستة عشر ألفا ً كانوا أسراء للمسلمين.
ودخل المسلمون بيت المقدس ،وطھSروه مSن الSصليب وطھSروه مSن الخنزيSر،
ونSSادى المSSسلمون بSSاآلذان ووحSSدوا الSSSرحمن وجSSاء الحSSق وبطلSSت األباطيSSSل
وكثSSرت الSSسجدات وتنوعSSت العبSSادات وارتفعSSت الSSدعوات وتنزلSSت البركSSات
وتجلSSSت الكربSSSات وأقيمSSSت الSSSصلوات وأذن المؤذنSSSون وخSSSرس القسيSSSسيون
وأحضر منبر نورالدين الشھيد عليه رحمة ﷲ الجليل الذي كان يأمل أن يكون
الفتح على يديه فكان على يدي تلميذه صالح الدين ،ورقى الخطيب المنبSر فSي
أول جمعة بعد تعطل للجمعة والجماعة في المسجد األقصى دام واحد وتسعين
دابSر عاما ،فكان مما بدأ به الخطيSب خطبتSه بعSد أن حمSد ﷲ أن قSالَ ِ ُ َ ) :
فقطSع َ ِ ُ
مSن َ ْ ُ
قبSل العالمين( )األنعام ِ ) ،(٤٥:ﱠُ ْ َ ْ ِZ
األمSر ِ ْ رب ْ َ َ ِ َ ظلموا َ ْ َ ْ ُ
والحمد ِ ﱠ َ ِZﱢ َِْْ
القوم ﱠ ِ
الذي َن َ َ ُ
يفرح ْ ُ ْ ِ ُ َ
المؤمنون( )الروم.(٤: ويومئذ َ ْ َ ُ َ ِ ْ
ومن َ ْ ُ
بعد َ َ ْ َ ِ ٍ
معاشر المسلمين :إن األقصى لSم تعطSل فيSه الجمعSة ولSم تعطSل فيSه الجماعSة
ومع ذا :
يئست أنفس ونامت عيون .......فجراح تغدو وتأتي جراح
فأين النجم من شمس وبدر ......وأين الثعلبان من الھزبـر
المؤمن ال يعر ف اليأس وال يفقد الرجاء إذ ھSو واثSق بربSه ثSم ھSو واثSق بحSق
نفسه ثم ھو واثق بوعد ﷲ ،إن مرت به محنة اعتبرھا دليل حيSاة وحركSة فSإن
الميSSت الھامSSد ال يSSضرب وال يSSؤذى وإنمSSا يSSضرب ويSSؤذى المتحSSرك الحSSي
المقاوم -كما قيل – كالذھب والحديد يدخل النار فيSستفيد إذ يSذھب خبثSه ويبقSى
بھاؤه.
يؤلف إيالم الحوادث بيننا ..........ويجمعنا في ﷲ دين ومذھب
إن علينSSا –معSSشر المSSسلمين -أن نكSSون بحجSSم التحSSديات بSSصبر وثبSSات ولSSسان
حال كل واحد منا :
فيقصر دون باعي كل باع ...........ويحصر دون خطبتي الخطيب
أبي من أبيـين
أبي ّ
أبي ذو مغالبـة ............وابـن ّ أبي◌ ُ إني َ ٌ
إن الوصول إلى القمة ليس األھم لكن األھم البقاء فيھا ،إن اإلنحSدار إلSى القSاع
ليس ھو الكارثة لكن الكارثة ھو االعتقاد أنه ال سبيل إلSى الخSروج مSن القSاع،
ليس وﷲ الدواء في بكاء األطالل وندب الحظوظ إنه في الترفع عن الواقع بال
تجاھل له ،فاالستعالء النفسي عليه في تحرر للفكر من إرھاقه ويأسه وخبالSه،
بإرادة قوية حرة أبية يمكن تحويل عوامل الضعف إلى القSوة بSاذن رب البريSة
) إن الرسول صلى ﷲ عليه وسلم حSين حSصل فSي أحSد مSا حSصل شSج وجھSه
وكسرت رباعيته وانخذل عنه من انخذل وإذا به يزيل اآلثار النفسية من قلوب
المؤمنين بنقلھم إلى مواجھة جديدة في حمراء األسد لمالحقSة المSشركين الSذين
لو كانوا حقا منتصرين لما ولوا األدبار قافلين ولقضوا على البقيSة الباقيSة مSن
المSSSسلمين وھSSSذا يSSSدل علSSSى حكمSSSة الرسSSSول األمSSSين عليSSSه صSSSلوات ﷲ رب
العالمين ،وأبو بكر رضي ﷲ عنه يأتي من بعده وقد تربSى علSى سSنته بعSد أن
كادت نواة اإلسالم تضيع في طوفان الSردة ،فSإذا بSه ينقSل األمSة نقلSة مSن واقSع
إلى واقع بتأب عن اليأس وترفع على الھزيمة وحاله:
فليس يجلي الكرب رأي مسدد ...........إذا ھو لم يؤنس برمح مسدد
إن المSSستقبل لھSSذا الSSدين بSSدون منSSازع ولكنSSه ال يتحقSSق بSSالمعجزات الSSسحرية
ولكنه بالعمل والبذل والدعوة إلSى ﷲ مSن منطلقSات صSحيحة علSى مSنھج أھSل
السنة والجماعSة ) ووعSد ﷲ لSن يتخلSف لكنSه لSن يتحقSق أبSدا علSى يSد أقSوام ال
يستحقونه وال يفھمون سننه وال يضحون من أجله(.
منـى ..........فاركب البرق وال ترضى الغماما ً فإذا حاولت في األفـق
وما السيف إال زبرة لو تركته .........على الخلقة األولى لما كان يقطع
أال أنني ال أركب اليأس مركبا .........وال أكبر البأساء حين تغيــر
نفسي برغم الحادثـات فتيـة ..........عودي على رغم الحوادث مورق
أيھا اليائس مت قبل الممـات ..........فإذا شئت حيــاة فالرجـــا
ال يذيق ذرعك عند األزمات ...........إن ھـي اشتدت فأمــل فرجا
البيض تصدأ في الجفون إذا ثوت ......والماء يأسن إن أقام طويالً
صانع السيف كمـن يشھـره .........في سبيل ﷲ بين الجحفل
حقـق اللــه لنـا آمالنـا ..........وعلى ﷲ بلوغ األمل
٢٢ ااإلشارة إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث
فاعُ ِ S
Sدلوا( )األنعSSام .(١٥٢:مSSا أحوجنSSا إلSSى العSSدل علSSى الطريSSق وإذا ُ ْقلْ ُ S
Sتم َ ْ أو ) َ ِ َ
وحاجتنا أشد له في النقد ومعالجة الخطأ.
ويجدر بنا أن نذكر ھنا المنھج العادل والطريقة المثالية لمعالجة الخطSأ ،وذلSك
حسبما رسمه لنا من أمرنا ﷲ عز وجل بأن تكون لنا أسوة حسنة فيه صلى ﷲ
عليه وسلم ،وما أكثر المواقف العادلة في سيرته صلى ﷲ عليه وسSلم ،بSل أن
سيرته صلى ﷲ عليه وسلم كلھا عدل ،ونكتفي ھنا بمثال واحد أال وھSو موقفSه
صلى ﷲ عليه وسلم من صنيع حاطSب بSن أبSي بلتعSة رضSي ﷲ عنSه فSي فSتح
مكSSة ،ويحSSسن أن نSSذكر القSSصة بتمامھSSا؛ ليتSSضح لنSSا ذلSSك القSSسطاس المSSستـقيم
الSSذي انتھجSSه الرسSSول صSSلى ﷲ عليSSه وسSSلم فSSي معالجSSة ھSSذا الخطSSأ ،رغSSم
شناعته وخطورته .
روي اإلمام البخاري رحمه ﷲ في صحيحه ،عن علي رضي ﷲ عنه ،قSال :
بعثني رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم وأبا مرثSد والزبيSر -وكلنSا فSارس -قSال:
انطرقوا حتى تأتوا روضة خاخ ،فإن بھا إمراة من المشركين معھSا كتSاب مSن
حاطب بن أبي بلتعة إلى المشركين ،فأدركناھا تسير على بعيSر لھSا حيSث قSال
رسSSول ﷲ صSSلى ﷲ عليSSه وسSSلم ،فقلنSSا :الكتSSاب ،فقالSSت مSSا معSSي مSSن كتSSاب
فأنخناھا فالتمسنا فلم نر كتابا ً ،فقلنا :ما كذب رسSول ﷲ صSلى ﷲ عليSه وسSلم
لتخSSرجن الكتSSاب وإال لنجردنSSك ،فلمSSا رأت الجSSد أھSSوت إلSSى حجرتھSSا –وھSSي
محتجزة بكساء – فأخرجته ،فانطلقنا بھا إلى رسول ﷲ صSلى ﷲ عليSه وسSلم،
فقSال عمSSر :يSSا رسSSول ﷲ قSSد خSSان ﷲ ورسSSوله والمSSؤمنين ،فSSدعني فألضSSرب
عنقه .
فقال النبي صلى ﷲ عليه وسلم :ما حملك على ما صنعت ؟ قال حاطب :وﷲ
ما بي أال أكون مؤمنا با Zورسوله صSلى ﷲ عليSه وسSلم ،أردت أن تكSون لSي
عند القوم يد يدفع ﷲ بھا عن أھلي ومالي ،وليس أحد من أصحابك إال وھناك
من عشيرته من يدفع ﷲ به عن أھله وماله ،فقال صلى ﷲ عليه وسلم :صدق
وال تقولوا إال خيرا .فقSال عمSر إنSه قSد خSان ﷲ والمSؤمنين فSدعني فألضSرب
عنقه ،فقال أليس من أھل بدر ؟ لعل ﷲ اطلع على أھل بدر ،فقال اعملSوا مSا
شئتم فقد وجبت لكم الجنة – أو فقSد غفSرت لكSم ، -فSدمعت عينSا عمSر ،وقSال:
ﷲ ورسوله أعلم .
من ھذه الحادثة نستطيع ان نحدد ثالثة مراحل للمعالجة العادلSة للخطSأ ،مھمSا
كانت ضخامته :
المرحلة األولى :مرحلة التثبت من وقوع الخطأ :
في ھذه الحادثة قد تم التثبت عن طريق أوثق المصادر أال وھو الSوحي ،حيSث
أوحى ﷲ عز وجل إلى رسوله صلى ﷲ عليه وسلم بخبر الكتاب الSذي أرسSله
حاطب مع المرأة ،وأين ھي المرأة .
المرحلة الثانية :مرحلة التثبت من األسباب التي دفعت إلى ارتكاب الخطأ :
وھذا األمر متمثل في قوله صSلى ﷲ عليSه وسSلم لحاطSب :مSا حملSك علSى مSا
صنعت ؟ وھذه المرحلة مھمة ؛ ألنه قد يتبين بعد طSرح ھSذا الSسؤال أن ھنSاك
عذرا شرعيا في ارتكاب الخطSأ ،وتنتھSي القSضية عنSد ھSذا الحSد ،فSإذا لSم تنتSه
عند ھذا الحد مثل ما ظھر فSي قSضية حاطSب ،وأن العSذر الSذي أبSداه لرسSول
ﷲ صلى ﷲ عليSه وسSلم لSم يكSن مقنعSا لكنSه طمSأن رسSول ﷲ صSلى ﷲ عليSه
وسلم على صدق حاطب ،وأنه ال زال مسلما ،نقول :إذ لم يكن العذر مقنعا من
الناحية الشرعية ،فإنه يصار إلى:
المرحلة الثالثة :وفيھSا يSتم جمSع الحSسنات واألعمSال الخيSرة لمرتكSب الخطSا
وحشدھا إلى جانب خطأه ،فقد ينغمز ھذا الخطأ أو ھذه السيئة في بحر حسناته
:وھذا ھو الذي سلكه رسول ﷲ صلى ﷲ عليSه وسSلم ،مSع حاطSب رضSي ﷲ
عنSه؛ حيSث قSال صSSلى ﷲ عليSه وسSلم لعمSر عنSSدما اسSتأذن فSي مقتSل حاطSSب:
أليس من أھل بدر؟ فقال :لعل ﷲ اطلع على أھل بدر ،فقال :اعملSوا مSا شSئتم
فقد وجبت لكم الجنة – أو فقد غفرت لكم. -
وقد ذكر اإلمام ابن القيم رحمه ﷲ كالما جيدا حول ھذا الموضوع؛ حيSث قSال
في رده على من قال :إن ﷲ يعافي الجھال ما ال يعافي العلماء:
فالواجSSب :أن ھSSذا الSSذي ذكرتمSSوه حSSق ال ريSSب فيSSه ،ولكSSن مSSن قواعSSد الSSشرع
والحكمة أيضا من كثرة حسناته ،وعظمت وكان له فSي اإلسSالم تSأثير ظSاھر،
فإنه يحتمل له ما ال يحتمل من غيره ،ويعفى منSه مSا ال يعفSى عSن غيSره؛ فSإن
المعصية خبث ،والماء إذا بلغ القلتين لم يحمل الخبث؛ بخالف الماء القليل فإنه
يحمل أدنى الخبث.
ومن ھذا قول النبي صلى ﷲ عليه وسلم لعمر :وما يدريك لعل ﷲ اطلع علSى
أھل بدر ،فقال :أعملوا ما شئتھم فقد غفرت لكم .وقSد ارتكSب مثSل ھSذا الSذنب
العظيم ،فأخبر النبي صلى ﷲ عليه وسلم أنه شھد بدرا ،فدل على أن مقتضى
عقوبته قائم لكن منع من ترتيب أثره عليSه مSا لSه مSن المSشھد العظSيم؛ فقوعSت
تلك السقطة العظيمة مغتفرة في جنب ما له من الحسنات.
ولما حض النبي صلى ﷲ عليه وسلم علSى الSصدقة فSأخرج عثمSان رضSي ﷲ
عنه تلك الصدقة العظيمة ،قال :ما ضر عثمان ما عمل بعSدھا ،وقSال لطلحSة
لما تطأطا للنبي صلى ﷲ عليSه وسSلم حتSى صSعد علSى ظھSره إلSى الSصخرة :
)أوجب طلحة(.
ھذا موسى كليم الرحمن عز وجل ألقى األلواح التي فيھا كالم ﷲ الذي كتبه له
،ألقاھSا علSى األرض حتSى تكSسرت،ولطم عSين ملSك المSوت ففقأھSا ،وعاتSب
ربه ليلة اإلسراء في النبي صلى ﷲ عليه وسلم ،وقال شاب بعSث بعSدي يSدخل
الجنة من أمته أكثر مما يدخلھا من أمتي ،وأخذ بلحية ھارون وجSره إليSه وھSو
نبي ﷲ ،وكل ھذا لم ينقص من قدره شيئا عند ربه ،وربه تعالى يكرمه ويحبه
،فإن األمر الذي قام به موسى ،والعدو الذي بSرز لSه ،والSصبر الSذي صSبره
واألذى الذي أوذي به في ﷲ أمر ال تؤثر فيه أمثال ھذه األمور ،وال تغير في
وجھه وال تخفى منزلته.
وھذا أمر معلوم عند الناس مستقر في فطرھم أنه من لSه ألSوف مSن الحSسنات؛
فإنه يSسامح بالSسيئة والSسيئتين ونحوھمSا،حتى أنSه ليخSتلج داعSي عقوبتSه علSى
إساءته وداعي شSكره علSى إحSسانه؛ فيغلSب داعSي الSشكر داعSي العقوبSة ،كمSا
قيل:
وإذا الحبيب أتى بذنب واحد ............جاءت محاسنه بألف شفيع
وقال آخر :
فإن يكن الفعل الذي ساء واحداً .........فأفعاله الآلئي سررن كثير
وﷲ سبحانه يوازن يوم القيامSة بSين حSسنات العبSد وسSيئاته ،فأيھمSا غلSب كSان
التSSأثير لSSه ،فيفعSSل بأھSSل الحSSسنات – الSSذين آثSSروا محابSSه ومراضSSيه ،وغلبSSتھم
دواعي طبعھم أحيانا ً – من العفو والمسامحة ما ال يفعله مع غيرھم.
*****
إن عنSSد النSSاس مSSن الھمSSوم مSSا يكفSSيھم ،وھSSم بحاجSSة إلSSى مSSن يواسSSيھم ال مSSن
يعSSنفھم ،وعلينSSا أال ننSSسى أن البSSشر مخلوقSSات عاطفيSSة تجSSذبھم الكلمSSة الطيبSSة
وينفرھم التوبيخ والتقريع ،وعند كSل واحSد مSنھم مSن االعتSداد بنفSسه ومواھبSه
وإمكاناتSSه مSSا يجعلSSه يSSرى فSSي الكلمSSة القاسSSية عSSدوانا ً علSSى كرامتSSه ومجالSSه
الخاص .
قال شيخ اإلسالم ابن تيمية في ساق ما يحتاجه اآلمSرون بSالمعروف والنSاھون
عن المنكر :فال بد من ھذه الثالثة :العلSم والرفSق والSصبر ،العلSم قبSل األمSر
والنھي والرفق ومعه الصبر بعده ..وھذا كما جاء في األثر عن بعSض الSسلف
،ورووه مرفوعا ) :ال يأمر بالمعروف وينھي عن المنكSر إال مSن كSان فقيھSا
فيما يأمر به فقيھا فيما ينھي عنه؛ رفيقSا فيمSا يSأمر بSه؛ رفيقSا فيمSا ينھSي عنSه؛
حليما فيما يأمر به ؛ حليما فيما ينھي عنه (.
والداعيSSSة إلSSSى جانSSSب إيثSSSار الكلمSSSة الرقيقSSSة واألسSSSلوب العSSSذب يSSSؤثر أيSSSضا
التSSشبيھات الجميلSSة ،ويبتعSSد عSSن األمثSSال والتSSشبيھات القبيحSSة أو المنفSSرة؛ وقSSد
سمعت آخر يشبه ال قطات )التلفاز( على أسطح المنSازل بالرايSات التSي كانSت
تنصبھا المومسات علSى بيSوتھم فSي الجاھليSة!! -قلSت كيSف لSو رأى األطبSاق
اليوم – وھذا كالم الصمت خير منه بكثير!
إن قولنا :ھذا خالف الواقع يؤدي عSين المعنSى الSذي يؤديSه قولنSا :ھSذا كSذب،
لكنه أرفق وألطف .وإن قولنا :ما رأيكم لو علمنا كذا ألطSف مSن قولنSا اعملSوا
كذا ،وكفوا عن كذا...
إن صيغة األمر والنھSي لSم تعSد مقبولSة فSي كSل موضSوع؛ فالحSضارة الحديثSة
وسعت دائرة الخصوصيات والحرية الشخصية إلى أبعد حSد ممكSن ،وإن مSن
واجبنا أن نشعر المخاطب أننا ال نتعدى على أي منھما .
فالرفق الرفق ))من يحرم الرفق ُيحرم الخير كله(( صحيح مسلم.
حولSك( )آل الن َفSضﱡ وا ِ ْ
مSن َ ْ ِ َ غلSيظَ ْ َ ْ ِ
القلSب َ ْ كنSت َ ّ
فظSا ً َ ِ ولو ُ ْ َ
ويقول ﷲ تعالى ْ َ َ ... ) :
عمران.(١٥٩:
)قال السيد قطب رحمه ﷲ حول ظالل ھذه اآلية (
) فالناس في حاجة إلى كنف رحيم ،وإلى رعايSة فائقSة ،وإلSى بSشاشة سSمحة ،
وإلى ود يسعھم ،وحلم ال يضيق بجھلھم وضعفھم ونقصھم ....فSي حاجSة إلSى
قلب كبير يعطيھم ،وال يحتاج منھم إلSى العطSاء ،ويحمSل ھمSومھم ،وال يعنSيھم
بھمSSSه ،ويجSSSدون عنSSSده دائمSSSا اإلھتمSSSام والرعايSSSة والعطSSSف والSSSسماحة والSSSود
والرضا...
وھكSSذا كSSان قلSSب رسSSول ﷲ صSSلى ﷲ عليSSه وسSSلم ،وھكSSذا كانSSت حياتSSه مSSع
الناس؛ ما غSضب لنفSسه قSط وال ضSاق صSدره بSضعفھم البSشري ،وال احتجSز
لنفسه شيئا ً من أعراض ھذه الحياة ،بل أعطاھم كل مSا ملكSت يSداه فSي سSماحة
ندية ،ووسعھم حلمه وبره وعطفه ووده الكريم ،وما من واحد مSنھم عاشSره أو
رآه إال امتأل قلبه بحبه ،نتيجة لما أفاض عليه صSلى ﷲ عليSه وسSلم مSن نفSسه
الكبيرة الرحيبة.
ھSSذه ھSSي صSSفات نبينSSا محمSSد صSSلى ﷲ عليSSه وسSSلم الSSذي أمرنSSا ﷲ عSSز وجSSل
بالتأسSSي بSSه ،واقـتSSـفاء أثSSر ،وھSSي نمSSوذج لكSSل داعيSSة يريSSد دعSSوة النSSاس إلSSى
الخير ،ويحببھم فيه ،ولكSن مSع ذلSك بعSضنا يفSرط فSي ھSذه الSصفات ،ويSصدر
منSSه مSSن المواقSSف والتSSصرفات مSSا يSSنم عSSن الغلظSSة ،والفظاظSSة ،وعSSدم الحلSSم،
وسSSعة الSSصدر ،متمSSثال فSSي تقطيSSب الوجSSه ،وانقبSSاض الSSنفس ،علSSى األخطSSاء،
وفقدان الرفق واألناة ،ومعلوم ما ينتج عن ذلSك مSن نفSرة النSاس وكSرھھم لمSن
ھذه أخالقه ،فوق ما في ذلك من اإلثم وحرمان األجر.
قال الرسول صSلى ﷲ عليSه وسSلم )) :ال تحقSرن مSن المعSروف شSيئا ولSو أن
تلقى أخاك بوجه طلق((.
وثمة شيء آخر يتعلSق بھSذا الموضSوع أال وھSو مSا درج عليSه بعSض المSربين
والمSSوجھين مSSن الSSدعاة فSSي القSSسوة علSSى مSSن معھSSم ،وتSSربيتھم علSSى التقليSSد
األعمى ،وعSدم الSسماح لھSم بإبSداء آرائھSم ،ومعارضSتھم ،وقفSل بSاب التSشاور
معھم .
وھذه الطريقة الخاطئة من التربيSة ،تفSرز لنSا دعSاة مقلSدين متعSصبين منفSذين
لما يقال لھم بدون بصيرة ،وھذه ھي الحقيقة تربية عبيSد ال تربيSة قSادة ،وھSذا
يخالف قوله تعالى :
وما َ َأنSا وسبحان ﱠ
ﷲِ َ َ بصيرة َ َأنا َ َ ِ
ومن ﱠ َ َ ِ
اتبعني َ ُ ْ َ َ ﷲِ َ َ
على َ ِ َ ٍ سبيلي َ ْ ُ
أدعو ِ َإلى ﱠ ھذه َ ِ ِ ) ُْ
قل َ ِ ِ
المشركين( )يوسف. (١٠٨:من ْ ُ ْ ِ ِ َِ َ
*****
الحول على الطريق فعلى المستوى الجماعي ترى من يقول: بمعنى أحذر َ َ
* أھم شيء أن نعرف واقع المسلمين وواقع أعSدائھم يعنSي أھSم شSيء القSضايا
السياسية ألننا نعيش اآلن زمانا ،ما ھو بزمن الدراويش!
وھكذا تجSد أصSحاب ھSذا التيSار يحفظSون كSل شSيء عSن الSشيوعية والعلمانيSة
والماسونية ،والبھائية ،والقديانية ..ثم تسأل عن اإلسالم ..فال يعرف منھم عن
اإلسالم شيئا ً!!
* وعلى العكس من ذلك فقد تضخم جماعة قضية العبادات فيقولون :أھم شيء
زاھSداً ،
تقيSا، ً صلتك با Zأھم شيء النية الطيبة ،أھSم شSيء الSصالة ،أن تكSون
والخطSSأ ھنSSا لSSيس فSSي اإلھتمSSام بھSSا لكSSن أن ُتلغSSى القSSضايا األخSSرى كلھSSا علSSى
حساب ھذا الجانب فھذا ھو الخطأ.
* وقد يأتي آخرون -وھذا موجود في الساحة اإلسالمية -يقولSون :أھSم شSيء
جميعSSا ً َوال َتفَرﱠقُSSوا( )آل Sل ﱠ
ﷲِ َ ِ بحبِ S وحSSدة الSSصف ،يقSSول تعSSالى ْ َ ) :
واعتَُ ِ S
Sصموا ِ َ ْ
عمSSران .(١٠٣:فيجعلSSون ھSSذه أھSSم قSSضية ولSSو كانSSت علSSى حSSساب العقائSSد!
يتحدون مع اناس تختلف عقائدھم عن عقائدنا ،مدعين أن أھم شيء أن نلتقي،
نحSSن اآلن فSSي زمSSان تكالSSب فيSSه أعSSداؤنا علينSSا ! والSSصحيح ...أن نلتقSSي علSSى
أسس ،نلتقي على دين ،ال أن نلتقي على فوضى وعلى خالف في العقائد.
* فال بد إذا من التوازن في ھذه القضايا وغيرھا .فمدخل الشيطان عموما ً ھو
أن يضخم جانبا على حساب جانب آخر!!
*****
) فرع خاطرك للھم بما أمرت به وال تشغله بما ضمن لك ،فإن الرزق واألجل
قرنينان مضمونان ،فما دام األجل باقيا كان الرزق آتيا .وإذا سد عليك بحكمته
طريقا من طرقه فتح لك برحمته طريقا لك منه.
فتأمل حال الجنين ياتيه غذاؤه ،وھو الدم ،من طريق واحد وھو الSسرة ،فلمSا
خرج من بطن األم انقطعSت تلSك الطريSق وفSتح لSه طSريقين إثنSين وأجSري لSه
سSائغا ،فSإذا تمSت مSدة الرضSاع ً فيھما رزقا أطيSب وألSذ مSن األول لبنSا خالSصا
وانقطعSSSSت الطريقSSSSان بالفطSSSSام فSSSSتح طرقSSSSا ً أربعSSSSة أكمSSSSل منھSSSSا :طعامSSSSان
وشرابان.فالطعامان من الحيوان والنبSات ،والSشرابان مSن الميSاه واأللبSان ومSا
يضاف إليھما من المنافع والمالذ .
فإذا ما انقطعت عنه ھذه الطرق األربعة ،لكنه سبحانه فتح له – إن كان سعيداً
– طرقا ثمانية وھي ابواب الجنة يدخل من أيھا شSاء .فھكSذا الSرب سSبحانه ال
يمنع عبده المؤمن شيئا من الدنيا إال ويؤتيه أفSضل منSه وأنفSع لSه .ولSيس ذلSك
لغير المؤمن .فإن يمنعه الحظ األدنى الخسيس وال يرضى له به ليعطيه الحظ
العلى النفيس ،والعبد لجھله بمصالح نفسه وجھله بكرم ربه وحكمتSه ولطفSه ال
يعرف التفاوت بين ما منع منه وما ذخر له.
بل ھو مولع بحب العاجSل وإن كSان دنيئSا .وبقلSة الرغبSة فSي اآلجSل وإن كSان
عليا ً .ولو أنصف العبد ربه وأنى له بذلك ،لعلSم أن فSضله عليSه فيمSا منعSه مSن
الدنيا ولذاتھا ونعيمھا أعظم من فSضله عليSه فيمSا آتSاه مSن ذلSك ،فمSا منعSه إال
ليعطيه .وال ابتاله إال ليعافيه ،وال امتحنه إال ليSصافيه ،وال أماتSه إال ليحييSه ،
وال أخرجSSSه إلSSSى ھSSSذه الSSSدار إال ليتأھSSSب منھSSSا للقSSSدوم عليSSSه وليSSSسلك الطريSSSق
أو َ َ َ
أراد يSذكر َ ْ أراد َ ْ
أن َ ﱠ ﱠ َ لمن َ َ َ والنھار ِ ْ َ
خلفةً ِ َ ْ جعل اللﱠ ْ َ
يل َ ﱠ َ َ وھو ﱠ ِ
الذي َ َ َ الموصلة إليه فـ ) َ ُ َ
شكوراً( )الفرقان ...(٦٢:وﷲ المستعان. ُُ
*****
) إذا كان ﷲ ورسوله في جانب فأحذر أن تكون فSي الجانSب اآلخSر ،فSإن ذلSك
يقSSضى إلSSى المSSشاقة والمحSSادة ،وھSSذا أصSSلھا ومنSSه اشSSتقاقھا ،فSSإن المSSشاقة أن
يكون في شق ومن يخالفه في شق ،والمحادة أن يكSون فSي حSد وھSو فSي حSد،
وال تستسھل ھذا فإن مبادئه تجر إلى غايته ،وقليله يدعوا إلى كثيره.
وكن في الجانب الذي يكون فيه ﷲ ورسوله وإن كان النSاس كلھSم فSي الجانSب
اآلخر ،فإن لذلك عوقب ھي أحمد العواقب وأفضلھا ،وليس للعبد أنفع من ذلك
في دنياه قبل آخرته ،وأكثر الخلق إنما يكونون في الجانب اآلخر ،وال سيما إذا
قويSSت الرغبSSة والرھبSSة ،فھنSSاك ال تكSSاد تجSSد أحSSد فSSي الجانSSب الSSذي فيSSه ﷲ
ورسوله ،بل يعده الناس ناقص العقل سيء االختيار لنفSسه ،وربمSا نSسبوه إلSى
الجنون ،وذلك من مواريث أعداء الرسل فإنھم نSسبوھم إلSى الجنSون لمSا كSانوا
في شق وجانب والناس في شق وجانب آخر.
ولكن من وطن نفسه على ذلك فإنه يحتاج إلى علم راسخ بما جSاء بSه الرسSول
يكون يقينا له ال ريب عنده فيه ،وإلى صبر تSام علSى معSاداة مSن عSاداه ولومSة
من المه ،وال يتم له ذلك إال برغبSة قويSة فSي ﷲ والSدار اآلخSرة ،بحيSث تكSون
اآلخرة أحب إليه من الدنيا وآثر عنده منھا ،ويكون ﷲ ورسوله أحب إليه مما
سواھما ،وليس شيء أصعب على اإلنسان من ذلك في مبادئ األمر ،فإن نفسه
وھSSواه وطبعSSه وشSSيطانه وإخوانSSه ومعاشSSريه مSSن ذلSSك الجانSSب يدعونSSه إلSSى
العاجSSل ،فSSإذا خSSالفھم تSSصدوا لحربSSه ،فSSإن صSSبر وثبSSت جSSاءه العSSون مSSن ﷲ
وصار ذلك الصعب سھال ،وذلك األلم لذة ،فإن الرب شSكور ،فSال بSد أن يذيقSه
لذة تحيزه إلى ﷲ وإلSى رسSوله ويريSه كرامSة ذلSك فيSشتد بSه سSرورا وغبطSة
ويبتھج ويبقى من كان محارب له – على ذلك -بين ھائب لSه ومSسالم ومSساعد
وتارك ،ويقوى جنده ويضعف جند العدو .
وال تستصعب مخالفة الناس والتحيز إلى ﷲ ورسوله ولو كنت وحSدك فSإن ﷲ
معك وأنت بعينه وكالءته وحفظه لك ،وإنمSا امSتحن يقينSك وصSبرك .وأعظSم
األعSSوان علSSى ھSSذا بعSSد عSSون ﷲ التجSSرد مSSن الطمSSع والفSSزع ،فمتSSى تجSSردت
منھمSSا ھSSان عليSSك التحيSSز ZورسSSوله ،وكنSSت دائمSSا فSSي الجانSSب الSSذي فيSSه ﷲ
ورسوله ،ومتى قام الطمع والفزع فال تطمع في ھذا األمر وال تحث نفسك به،
فإن قلت :فبأي شيء أستعين على التجرد من الطمع والفزع؟
قلت :بالتوحيد والتوكل والثقة با Zوعلمك بأنه ال ياتي بالحSسنات إال ھSو ،وأن
األمر كله Zليس ألحد مع ﷲ شيء .
صSراط ُ ْ َ ِ ٍ
مSستقيم( )ھSود.(٥٦: علSى ِ َ ٍ ربSي َ َ بناصيتھا ِ ﱠ
إن َ ﱢ ھو ِ ٌ
آخذ ِ َ ِ َ ِ َ من َداب ٍﱠة ِ ﱠإال ُ َ
) َما ِ ْ
ما أخطاك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك ،لو اجتمعت األمة على
أن ينفعوك بSشيء لSم ينفعSوك إال بSشيء قSد كتبSه ﷲ لSك وإن اجتمعSوا علSى أن
يضروك بشيء لم يضروك إال بشيء قد كتبه ﷲ عليSك رفعSت األقSالم وجفSت
الصحف.
فليكن حالك على الطريق إلھي :
إليك وإال آل تشد الركائب ..........ومنك وإال فالمؤمل خائب
وفيك وإال فالكالم مضيع ..........وعنك وإال فالمحدث كاذب
أخيرا خذھا من ابن القيم :
إذا استغنى الناس بالدنيا فاستغن انت با ،Zوإذا فرحوا بالدنيا فأفرح انت بSا،Z
وإذا أنSSسوا بأحبSSابھم فاجعSSل أنSSسك بSSا ،Zوإذا تعرفSSوا إلSSى ملSSوكھم وكبSSرائھم
وتقربوا إليھم لينSالوا بھSم العSزة والرفعSة فتعSرف أنSت إلSى ﷲ وتSودد إليSه تنSل
بذلك غاية العز والرفعة ،قال بعض الزھاد ما علمت أحداً سSمع بالجنSة والنSار
تأتي عليه ساعة ال يطيع ﷲ فيھSا بSذكر أو صSالة أو قSراءة أو إحSسان فقSال لSه
رجل إني أكثر البكاء فقال إنك وإن تSضحك وأنSت مقSر بخطيئتSك خيSر مSن أن
تبكي وأنSت مSدل بعملSك وأن المSدل ال يSصعد عملSه فSوق رأسSه فقSال أوصSني
فقال :دع الدنيا ألھلھا كما تركوا ھم اآلخرة ألھلھا ،وكن في الدنيا كالنحلة إن
أكلت أكلت طيبا وإن أطعمت أطعمت طيبا وإن سSقطت علSى شSيء لSم تكSسره
ولم تخدشه .
وخذھا أخرى من ابن القيم رحمه ﷲ يوم يقول:
أنفSSع النSSاس لSSك رجSSل مكنSSك مSSن نفSSسه حتSSى تSSزرع فيSSه خيSSرا أو تSSصنع إليSSه
معروفا فإنه نعم العون لك على منفعتك وكمالك فانتفاعSك بSه فSي الحقيقSة مثSل
انتفاعه بك أو أكثر.
وأضر الناس عليك من مكن نفسه منك حتى تعصي ﷲ فيه فإنه عون لك على
مضرتك ونقصك .
الخاتمة
ھذا مجمل ما أردت قوله وأرجو ﷲ أال أكون ممن تخدعه الشمس بطSول ظلSه
أو تغره النفس بكثره وقله ،إن ھي إال إشارات من إشارات بعضھا متمنى فات
وبعضھا ال يزال في بطون المؤلفSات لSم آت فيھSا علSى آخSر اإلرادة وال أزعSم
أني أوفيت على الغاية في اإلفادة .
قد قلت بمقدار ما اجتھدت وما شSھدت إال بمSا علمSت ومSن جعSل أنفSه فSي قفSاه
فالسوأة ان يفتح فاه.
علٮأنني كنت قد عجSزت ووعSدت بSالكالم أكثSر فيمSا أنجSزت لكSن ال ضSير أن
أصف النجم في سراه وإن لم أستقر في ذراه.
إن ھSSي إال لبنSSة علSSى الطريSSق وأرجSSوا أن تكSSون بقSSدر اليSSاقوت والعقيSSق ومSSا
أراني بعد قد شفيت غلة النفس فإنھا تنظر إلى كثير وكثير .
وأنSSا أشSSد فقSSرا إلSSى عSSون مSSن ﷲ وتثبيSSت وتوفيSSق أسSSأل ﷲ أن يجعSSل ھSSSذه
اإلشارات من الباقيات الصالحات ويصلح السريرة ويحسن الطوية .
ويا أيھا القارئ ) ما وجدت فيه من صواب وحق فاقبله وال تلتفSت إلSى قائلSة ،
بل أنظر إلى ما قال ال إلى من قال ...وما وجدت فيه من خطأ فإن قائله لم يأل
جھد اإلصابة ويأبى ﷲ أال يتفرد بالكمال.
والنقص من أصل الطبيعة كامن
وكيف يعصم من الخطأ من خلق ظلوما جھوال ولكن من عSدت غلطاتSه أقSرب
إلى الصواب ممن عدت إصاباته (
سSSبحان ربSSك رب العSSزة عمSSا يSSصفون وسSSالم علSSى المرسSSلين والحمSSد Zرب
العالمين .
وصلى ﷲ وسلم وبارك على خاتم المرسلين محمد وآله أجمعين .
فرغ منه يوم األحد ١٤٢١/٣/ ٢٣ھـ مكة حرسھا ﷲ .
.....................................
) تم تفريغ الشريط من قبل إحدى األخوات جزاھا ﷲ الفردوس وجعل ذلك في موازين حسناتھا(.
تم بحمد ﷲ وتوفيقه.
أخي الحبيب – رعاك ﷲ
ال نقصد من نشر ھذه المادة القراءة فقط أو حفظھا في جھاز الحاسب ،بل نأمل منك تفاعال أكثر من خالل:
-إبالغنا عن الخطأ اإلمالئي كي يتم التعديل.
-نشر ھذه المادة في مواقع أخرى قدر المستطاع على الشبكة.
-مراجعتھا ومن ثم طباعتھا وتغليفھا بطريقة جذابة كھدية لألحباب واألصحاب.
-االستئذان من الشيخ لتبني طباعتھا ككتيب يكون صدقة جارية لك إلى قيام الساعة.
في اقتراحاتك وتوجيھاتك ألخيك يمكن أن تساھم في ھذا العمل الـجـليل.
اللھم اجعل ھذا العمل خالصا لوجھك الكريم.
أخي الحبيب ال تحرمنا ومن شارك في ھذا الجھد من دعوة صالحة في ظھر الغيب..
للتواصل:
أخوكم البوراق anaheho@maktoob.com /
واحات الھداية http://www.khayma.com/ante99/index.htm /
ھمسات للسراة
اخوكم فى
الحمد امر اال تعبدوا اال اياه ،اليكشف الضر سواه ،وال يدعوا المضطر اال اياه ،نعوذ من سخطه برضاه ،
و وننزل فقرنا بغناه ،ونستغفره ومن يغفر الذنوب اال ،نحمده والحمد من انعامه اذ ذكرنا اياه من الھامه.
واشھد ان ال االه اال وحده الشريك له احاط بكل شىء علما ،ووسع كل سىء رحمة وعلما ،التدركه
االبصار ،وكل شىء عنده بمقدار،جعل النار بردا وسالما على ابراھيم ،وفلق البحر لموسى الكليم ))،وان
يمسسك بضر فال كاشف له اال ھو وان يمسسك بخير فھو على كل شىء قدير .وھو القاھر فوق عباده
وھو الحكيم الخبير))
واشھد ان محمدا عبده ورسوله خيرته من خلقه وامينه على وحيه ،دعا الى سبيل ربه بالحكمة فاحيا به
االمة وكشف به الغمة ,صلوات وسالمه عليه وعلى اله واتباعه باحسان وصحبه.
يارب صلى على النبى المصطفى ماأھتزت االفالت من نفس الصبا
يارب صلى على النبى والــــــــه ماكوكب فى الجو قابل كوكبــــــا
صلوا على المختار فھو شفيعكــــم فى يوم يبعث كل طفل اشيبـــــــا
صلى وسلم ذو الجالل عليـــــــــه ما ازكاه فى الرسل الكرام واطيبا
جعلنا من اھل سنته ،جمعنا معا فى جنته
مرحبا بالوفود اخوة وبنين واخوات غير خزايا وال ندامى ،يوم خفوا واجابوا الداعى سراعا ،ونضر ھذه
الوجوه النيرة ،وما تحتھا من نفوس احسبھا بارة خيرة ،لو كان الخير وراء البحر لغاضت البحور اليه ،ولو
كان فى اعماقه لغاصت فى لججه عليه .وبتحية االسالم احى ھذه الوجوه التى ننتظر منھا ما ينتظره المدرج
فى الظالم من تباشير الصباح التى تكشف المعالم وتطمس االوھام فاذا الحقائق نيران على اعالم .فالسالم
عليكم ورحمة وبركاته فى الحل والترحال تغشاكم ،وفى الغدوات والروحات تلقاكم مادمتم فى سبيل
مراحكم ومغداكم وفى مرضاته قيدكم وسراحكم من اخى مشتاق اليكم معتز با Aثم بكم ،قدمتم خير مقدم ،
وبوتم بحسن االياب والمنقلب ،وعلوتم العليا فكنتم اوال ,وااللون من الرجال قالئل وزھت بجمعكم السراة
وغردت وترنمت نجد وغن الساحل .
حبى لكم يا اخوتى لما يعد سرا وكيف وكل عين تنطـــــــــــق
بمحبة العلى احبكــــــــــــم حبا على جنبات قلبى يشــــــرق
فلكل فرد فى الفؤاد مكـــــانــــه ماضاق عنه القلب وھوالضـيق
ھذا لقاء االخوة باالخوة وما ادراكم ما لقيا االخوة تناجى بالبر والتقوى ،وتطارق للھم والشكوى ،يھش وجه
لوجه ويخفق قلب لقلب ،وتصافح يد يدا ،وتشفع تحية تحية ،وعندھا يقوى ساعد بساعد ،ويشتدعضد بعضد
,ويمتزج ضعف بضعف فينبثق عنه قوة ،فضعيفان يغلبان قويا فخذھا بقوة ،اليرتقى درب المكارم تافه
اويبلغ العلياء يوما خامل.
معشر االخوة:
فى خضم االحداث المتسارعة المفاجئة الجسام ،النازلة بامة االسالم ،فى حاضر اشبه بحاضر الغنم يطرقھا
الذئب فترتاع ويغيب عنھا فترتع.فى خضم ھذا اليفتا المتابع والمتامل يسمع بحدث ويشرع فى البحث عن مو
قف منه حتى يفاجه حدث اخر ينسيه االول ،ومن اخرھا تلكم الھجمة الصليبة الشرسة التى ثارت عاصفتھا
فاقتعلت من اقتعلت وانحت لھا رؤؤس فسلمت او ارجئت وكنا نحن المسلمين ھدفھا افصحت عن ذلك غير
مرة للعالم عبر خطط معلنة وابتدات بالعراق فكان ما كان مما لست اذكره
سائلو دجلة عما راعھا اودعوھا فكفاھا ما دھاھا
وغفلنا عن الذراع فطمعوا فى الكراع حتى قال احد منصريھم )لن تتوقف جھودنا حتى يرتفع الصليب فى
سماء مكة ويقام قداس االحد فى المدنية (خاب ا رامد المغرور امرا دونه منه خضم الغاب او عبر الخضم
ومن قبل قام كبيرھم خطيبا فى العالم يملى عليھم عقيدة الوالء والبراء صلعاء سافرة) من ليس معنا فھو
عدونا بمنطق من اشد منا قوة وما اريكم اال ما ارى ( ويقف المرء مذھوال امام وصفه للمجاھدين الذين
يجاھدون ويذبون ويدافعون عن دينھم وارضھم وعرضھم فى فلسطين وغيرھا من بالد المسلمين ـ بانھم
جماعات من القتلة والمجرمين ـ ومن يحتل ارضھم وينسف منازلھم ويحصد شيبھم وشبابھم ونسائھم
واطفالھم بسالحه ھو ،رجل سالم يستحق التقدير واالحترام ـ ھكذا ظن وھذا ما ادعى ،ھكذا قال وھذا ما
اراد ،كفر الناس بما قال وھل يحصد المرء ورودا من قتاد.
شعاره حماية الحرية العدالةورعاية والسالم فاذا صاح صائح بالويل وصرخ مستغيث من ظلمه بالليل قال
اسكت نحن حماة الحرية فيا ارض ابلعى رفع القرد فاتضع ليس فى القرد مصطنع ،قد حل من لؤم الفعال
مواضعا لم يخلو للثقالن منھا موضعا .يملىء ويستخف ،ويريد من غيره ان ينفذ وال يسال ،ھزلت وكالھا
بدت زمان راينا فيه كل العجائب واصبحت االذناب فوق الذؤاوب.
ومع الحرب الصليبة على العالم االسالمى ,توالت احداث داخلية غير خافية ،ترفض والتقر ،وتضر وال تسر
ويجب اال تستغل لتقبيح حسن او تھميش ثابت ،ففى خضم ھذه او تلك ـ اندفعت اقالم كان االولى بھا ان تكسر
لتكتب عن ھوى وتحط ،والسنة كان االولى قطعھا تحكم وتشطط ،وتطايرت كلمات من افواه كانت ترى اولى
بھا على قلتھا لتعلن حربھا على الثوابت والقيم وما يتصل بھا ـ بدا بالمناھج الشرعية الھئيات والجمعيات
الخيرية والعلماء والدعاة وحلقات التحفيظ وغيرھاـ فكانوا اداة العدو فى اختراق االمة وتسويق مشاريعه
باسم التغيير والتطوير ( يسارعون فيھم يقولون نخشى ان تصبينا دائرة ( وھذا ديدنھم كلما نزلت باالمة
نازلة او المت بھا ملمة ) ولو نشاء الريناكھم فلعرفتھم بسيماھم ولتعرفنھم فى لحن القول) مافجاؤنا ليس
ھناك من حدث اال ويظھرون فى صور واشكال قد تتباين لكن المخازيا واحدة ,السنة التترجم عن حق ،وال
تصدر عن يقين ،مبدؤھا الفرق قراء البقرة وعباد البقرة ,تقيس مع الفارق وتقف على فو يل للمصلين وال
تقربوا الصاله ،تكذب وال يستغرب الكذب ممن راس ماله الكذب.
وما ھم اليوم اال من عرفناھم باالمس حال االمة معھم يقول بقول القائل
اشكوا الى الرحمن من علق يعيش على جراحى من جلدتى لكن اشد على من طعن الرمــــاح
اخذ الديانة عن مسيلمة الكذوب وعن ساجــــحى من كل تيس كلما كبرت بربر للنـــــطــــاح
عميو بصائرھم ،طمس معاشرھم ،كانھم فى مراعى وھمھم غنم ,فالشر منطقھم ،والغدر شيمتھم ،والخبث
ديدنھم ان العدو ھمو ،ھدرت شقاشقھم وقرت ,وظھرت بعض الحقائق واستقرت ،واخرجت الصدور دفائنھا
وافتضحت ،وعن اللبن الصريح الرغوة انجلت .وسكتنا كل ھذه المدة ال سكوت المشدوه عقدت الحيرة
لسانه ،وال سكوت الجنان سكن الھلع جنانه ،وال سكوت الغافل تفاجاه االحداث فيجنو لھا ويطرق ويعيا بيانه
،لكننا سكتنا سكوت المعتد بايمانه ويقينه ،المستبصر فى ماخذ ومدارك شئونه ,الواثق بان ھذ االحداث وان
اعتكلرت ظلماھا ،غمرات ثم ينجلين ،وان ھذه المكائد مردودة فى نحور الكائدين ،واليحيق المكر السيىء اال
بالماكرين ،وان العاقبة للمتقين وال عدوان اال على الظالمين .ثم ھمسنا فكانت ھذه الكلمات بعنوان....
((ھمسات للسراة))
وسراة كل امة من الجن او اال نس ھم خيراھا وكرامھا واشرافھا يقول العربى
اتوا نارى فقلت منون قالوا سراة الجن قل طعموا ضالما
وان الرى الشرف متربعا متمكنا فيكم ،فا Aاجعلھم خيرا مما اظن.
انھا ھمسات فى اذن امة تعانى فى حاضرھا مايعانيه الحر االبى اكره على الضيم ,واريد على ما ال يريد ،
وجرع السم فى الحنظل ،وقطعت اوصاله وھو يشرب ،واستبيحت محارمه وھو يسمع ويبصر ،وفرض
عليه ان يعيش غربته وھو فى ارضه ،وان يتعاون مع عدوه على طمس ھويته ونسيان ماضيه ،وان ينتبذ
مكانا غربيا من اھله.
ھمسات ان اعلنى ايتھا االمة خطة الشرف ،خطة العمل ـ فساعة العمل خير من التوه والكالم ـ فما ضاع حق
لم ينم عنه اھله ،وماناله فى العالمين مقصر.
انھا ھمسات فى اذن شاكى يائس غابط فى الدياجى طال ليله وطال ويله وعويله.
ھمسات فى اذن متاثئب تقول ليس بعد التثاؤب اال التمطى واالنتعاش.
ھمسات توذن باالصالح فى اذن المريض لينتفض انتفاضة تتطاير معھا االسقام وتنفصم االغالل بصوت بالل.
ھمسات تقول حذار حذار الياس ان بطش بالظالمين لشديد ،وان الحرير قد يفل الحديد .
ھمسات الى ارض االمة الجرز لتھتز وتربو وتنھض وتنشط بعد خمود وقعود ووقود ورقود فلقد دنا العھد
الذى قال النبى سيحصد.
ھمسات ھى تباشير الصباح الى السؤؤد اللماح فى كر واللحاح وعزمات صحاح تھتف وتحدوا الى الحياة
الكريمة العزيزة الى تمكين سلطان الدين على الحياه فاليوم يومك للسباق واليوم يومك يا جواد.
ھمسات تدعوا فايد اليوم يا رباه امتنا والطف بھا خضم فى الموت واللجج.
ھمسات للسراة فى االزمات اسال ان يرفع وان ينفع بھا وان يكفينا افراط من ينطق على الھوى ويجھل ان
لكل امرى مانوى ومع ھذا فمن ظن ممن يالقى الحروب بااليصابا فقد ظن عجزا ،على اننى راضى بان احمل
الھوى واخلص منه ال على وال لى فان ضللت بقفر االرض منقطعا فما على اعرج فى ذاك من حرج.
((اللھم السھل اال ماجعلته سھال وانت تجعل الحزن اذا شئت سھال))
فھب لى الھى حوال وقوة فانى ضعيف دون حول وقوة
الھمسة االولى )صدق وكذب المموھون)
((ان يثقفوكم يكونوا لكم اعداء ويبسطوا اليكم ايديھم والسنتھم بالسوء وودوا لو تكفرون (( ان مما لمسه
الموافق والمخالف والمعتدل والمجانف انه ما كان اعداء اظھر عدواة للمسلمين منھم فى ھذه االيام وال
اقبح والاوقح))قد بدت البغضاء من افواھھم وما تخفى صدورھم اكبر (( وو مايريدون من امة االسالم
ماھو دون االنسالخ من دين االسالم ولن يرضيھم اال ان نقول ـ ونعوذ با Aان نقول ـ))ان ثالث ثالثه ،او
عزير ابن ،او المسيح ابن ،او يد مغلولة ،او ان فقير (( اليريدون ماھو دون ھذه الغاية وان
تعددت الوسائل اليھا وتدرجت ،ان تشك فى ذلك
فاقسم بالجباربانك خالط وما يوقظ المخلوط شيئ كصفعتى وما لك فيما تدعى اى حجة وانت اذا عير باذن
طويلة
لما ؟ الن يقول ))ولن ترضى عنك اليھود وال النصارى حتى تتبع ملتھم ((ويقول ))ودوا لو تكفرون كما
كفروا فتكونون سواء (( ويقول ))ما يود الذين كفروا من اھل الكتاب وال المشركين ان ينزل عليكم من خير
من ربكم ((ويقول ))وال يزالون يقاتلوانكم حتى يردواكم عن دينكم ان استطاعوا(( )) ومن اصدق من قيال
ــ ومن اصدق من حديثا (( الجديد وال مفاجاة فيما يحدث ,فالمعركة مستمرة دائمة ما توقفت منذ بعثة
رسول )ص( ولن تتوقف الى قيام الساعة ،ما طلعت شمس وال غربت اال وھم يخططون ،ويمكرون،
ويدبرون ،وعلى القران والنبى )ص(االمة يحسدون ،وعلى كون مد حضارتھم بارض االسالم ينقمون ))قل
موتوا بغيظكم ان عليم بذات الصدور))
فال ينبغى ان نتوقف عند حدث مھما عظم ونترك مابايدينا ونقول ماذا نعمل ؟ نحن على ھذا لن نعمل ابدا ،
ولن نفلح ابدا ،وعلى ھذا فعند كل حدث نقول ،كل قائم على ثغرة فليعلم انه فى عمق المعركة ،فا Aان
يوتى االسالم من ثغرته.
االب فى بيته على ثغرة واالم كذلك
الخطيب واالمام فى مسجده على ثغرة
العالم والمربى فى حلقته ومدرسته وجامعته على ثغرة
التاجر بماله على ثغرة
صاحب الراى برايه على ثغرة
العالم على ثغرة
المرابط على ثغرة
كل مسئول على ثغرة
فلينطلق كل فرد حسب طاقته يسد ثغرته سرا واعالنا ولنترك اللوم النجعله عدتنا ولنجعل الفعل قبل القول
ميزانا
ياعار وھزيمة فرد اتيت االمة من ثغرة يقوم على حراسيتھا ،فابتدر مسعاك واعلم ان من بادرالصيد مع
الفجرقنص
اال ولنتعامل مع الوضع بما يستحقه ،فالمعركة شاملة لكل الميادين ،ليست احتالل ارض كفلسطين او العراق
او غيرھا فقط
بل ھى معركة فى كل ميدان ،ھدفھا طمس ھوية المسلم ،فما زالوا بلؤمھم ومكرھم يمكرون ليصرفوا ھذه
االمة عن قرانھا حتى التاخذ منه اسلحتھا الماضية ،وعدتھا الواقية .وھو امنون من صلفة االمة عن موارد
وينابيع قوتھا الحقيقية .ان خصومنا ال ينقمون منا اال االيمان ,ليست المعركة سياسية ،والاقتصادية ،وال
عنصرية ،ولو كانت كذلك لسھل وقتھا ,لكنھا معركة عقيدة ،اما كفر واما ايمان ،اما جاھلية واما اسالم ،
لقد عرض على رسول )ص( المال والحكم والمتاع فى مقابل ان يدھن ويدع معركة العقيدة ولو اجابھم
)ص(ـ حاشاه )ص( ان يجبيھم ـ الى شىء مما اردوا ما بقيت بينھم وبينه معركة على االطالق ،انھا قضية
عقيدة ومعركة عقيدة ،وھذا ما يجب ان يستقينه المومنون حيت ما وجھوا عدوا لھم ،فانه اليعاديھم وال
ينقم منھم االانھم يومنوا با Aالعزيز الحميد .وو ماصبر المومنون وثبتوا اال وروا بام اعينھم انھيار
تماسك اھل الباطل ،فال يھولن المسلم مايراه من لجلجة اھل الباطل فان قال )) تحسبھم جميعا وقلوبھم
شتى))
قد يحاول االعداء ان يرفعوا للمعركة راية غير راية العقيدة ,كل ذلك ليموھوا على المومنين حقيقة المعركة ،
ويطفوا فى ارواحھم شعلة العقيدة ,فمن واجبنا نحن المسلمين اال نخدع ،وان ندرك ان ھذا التمويه لغرض
مبيت مقيد.
االسالم وعدوه اليندمجان وال يمتزجان ابدا وان تعاونا فى تحيقيق ھدف نبيل.
فى اللغة العربية تركيب يسمى االسنادى ،واال سالم اليرضى ان يسند الى عدوه يشكله.
وفى العربية التركيب االضافى ،واالسالم اليسمح ان يضاف الى عدوه يصرفه.
وفى العربية التركيب المزجى ،واالسالم وعدوه كالزيت والماء اليمتزجان اال فى لحظة تحريك عنيف ،ثم
يعود كال منھما الى سنته من المبانية والمناظرة
والصليبية الصھونية العالمية بقيادة امريكا ھى راس اعداء االسالم فى ماضيه كله وفى حاضره ،لم يكتب
تاريخھا ان جاورته فاحسنت ،او عاملته فصدقت ،او قدرت عليه فعفت او عفت ،او حكمت فعدلت ،بل يدل
الواقع على ان االسالم ما جنى منھا اال الكيد له بعيدا واالضرار به قريبا ،ويجرى علينا حكم المجانين ان
تصورنا ان حاضرھا يخالف من ماضيھا ,او ان اتيھا خير من حاضرھا ،الن مانقوله نحن جعلته ھى ذاتيا
اليتخلف واليرد.
انھا شر والشر الياتى بخير
انھا شوك واليجنى من الشوك العنب
قد قلنا فيھا بما نعرف ،وشھدنا بما نعلم ،فان كان فيھا غير ما عرفناه فسلوا عن العسل من ذاق طعمه اما
نحن فذقنا الحنظل فوصفنا الحنظل .
فالذى يريد ان يغير راية المعركة انما يريد ان يخدعنا عن سالح النصر الحقيقى فى المعركة ،ونحن نشھد
نموذجا من تمويه الراية فى محاولة الصليبة الصھيونية العالمية اليوم ان تخدعنا عن حقيقة المعركة وان
تزعم ان الحرب الصليبة انما ھى لنشر الحرية والسالم فى العالم االسالمى ,واسقاط االنظمة المستبدة .وما
تقوم به اليوم فى العراق شاھد حين تعلن انھا جاءت لتحقيق الحرية ،بينما ھى تقمع الشعب المسلم ،وتحطم
استقالله ،وتمارس اذالله ,وتعمر بالخراب دياره ،فكانت كمسلمية الكذاب تفل فى بئر عذبة فصارت ملحا
اجاجا ،ونضب ماءھا فصارت يبابا ،ومسح راس طفل فصار اصلعا.
فدع عنك اوھام الضالله وانتبه ورابط على منھاج ذكر وسنـــــــة
وحسبك منھم فى جرائم حربھم خروجھمو باسم الحروب الصليبية
وحسبك منھم فى جرائم حكمھم حــرابة دين فى كل دولتـــــــة
وحسبك منھم فى جرائم غزوھم ابادة شيخ بل وانثى وطفلتـــــــة
وحسبك منھم فى زمان معاصـر صناعة االف الدمار المــــــبيدة
فلم يعرف التاريخ جرما كجرمھم والغادرا يسعى بكل اذيــــــــــة
فھذا قليل من كثير لو انـــــــــــى تتبعته الحتجت مليون صــــــفحة
قال ـ واذا قال بطل كل قول وقائل ـ ))ود كثير من اھل لو يردونكم من بعد ايمانكم كفارا حسدا من عند
انفسھم من بعد ماتبين لھم الحق ))
وصدق وكذب المموھون.
الھمسة الثانية )ماقضى كان)
فلو خالئق االله اجتمعت،لضر عبد واحد ما قدرت،او نفعه فافھم ھديت للعمل ،ان لم يكن قد خط قبل فى االزل
.
ماقضى كان ،وما سطر منتظر ،وكل شىء بسبب،ولن يجد عبد طعم االيمان حتى يعلم ان ما اصابه لم يكن
ليخطئه
((ما اصاب من مصيبة فى االرض وال فى انفسكم االفى كتاب من قبل ان نبرأھا ان ذلك على يسير (( فكل
شىء بقضاء وقدر ،والكل فى ام الكتاب مستطر ،و اليضع امرا االفى موضعه ،وال يوقعه فى موقعه انه
حكيم عليم.
ما حدث مؤلم يحل اال بحكمة ،لتتميز الصفوف ،وتتعرى النفوس ،وتظھر الحقائق ،ويتميز الحق من
الباطل ،انه حكيم عليم .يبتلى عباده المومنين ليستخرج عبوديتھم وذلھم وافتقارھم له ،اذ لو كانوا
منصورين دائما لدخل معھم من ليس منھم وبطروا ،ولو كانوا مقھورين مغلوبين دائما ما قامت للدين قائمة
ولم يدخل معھم فيه احد ويئسوا
انه حكيم عليم ،فلتعلم االمة ان ما اصابھا من شدة ولؤاء وھزائم ,انما يتم بعلم وحكمته ،والعاقبة
الولياء ولدين الذى تكفل بحفظه ,ونصرة اھله فال ياس
جنين النصر يصرخ فى سنى العـــجز والياس
دعوا االحزان ياقومــــى على ابـــواب يؤاس
وصوغوا البشر ولتحيوا ليالكم بانــــــــــاس
قريبا تبــــــسل االرض التى خبثت بانجاس
بشـــــــــارات نتيه بھا تحطم صخرة الياس
وعد من ،ولن يخلف وعده)) ولن تجد لسنت تبديال (( لكنھا سنة التحقق اال باسبابھا من عمل بكل
ما فى الوسع والطاقة ،مع ايمان ويقين بان المدافعة مستمرة والعاقبة للحق.
والنصــر اتى يومه والحق اليتبدل
ھذا يقين صادق انى القســــم مقبل
فالعجز وال استسالم وال تواكل ,بل سعى وجد وعمل ،ودفع لقدر بقدر ،وفرار من قدر الى قدر ،مع
ثقة بو عد وجزم بقرب نصر ،فاذا قضى االمر ولم تنفع المدافعة ،وجب التسليم مع رجا ء الخير
العظيم.
((التحسبوه شرا لكم ـــ وعسى ان تكرھوا شيئا وھو خير لكم وعسى ان تحبوا شيئا وھو شر لكم و يعلم
وانتم ال تعلمون (( فيابن االسالم ترويضا ال تھويال ،وطن نفسك على المكروه تھن عليك الشدائد ،فالدنيا
سجن المومن والجنة حفت بالمكاره,
فانشد العلياء وادفع مھرھا طالب الحسناءاليخشى الثمن
اذا المت بك الخطوب وتالمت ،واعتراك الفزع والطمع والباس والكرب والجھد قد بذلت ،فاقطع العالئق
باسباب االرض وفر الى ،فاالمر كله اليه ،الجا اليه وتوكل عليه ،اللجوء يائس ذليل وال محبط كسير ،
لكنه لجوء مؤمن صادق يركن الى حول وقوته ،ويعتقد فى يقين فى ان الطمانينة والسكينة التكون
االبمثله وفى جنبه
العز فى كنف العزيز ومن عبد العبيد اذله
لجوء مؤمن يوقن انه )) ما من دابة اال ھو اخذ بناصيتھا (( فالحياة بيده ،والممات بيده ،والسعادة بيده ،
والشقاء بيده ،والنصر بيده ،وما شىء يطمع فيه اال وخزائنه بيده ،الكل مضطر اليه ،مفتقر اليه
اليه واال التشد الركائب ومنه واال فالمؤمل خائب
ھو موالنا ،ھو ربنا ,وليس لنا من ملجأ دون ربنا ،فال تكلنا الى من ليس يكلنأ ،وكن كفيال فانت
الكافل الكالى.
الھمسة الثالثة ) من كان معه فمما يخاف )
يا امتى ما خاب من بذمام خالقه اعتصــــم
ما كان ربك غافـال وھو الحكيم المنتقـم
لو شاء اھلك من طغم لوشاء دمر من ظلم
فرعون اغرقه ولــم تعجزه عاد او ارم
لما ضاقت قريش بمحمد )ص( وبكلمة الحق التى يدعوا لھا ائتمرت به ،وقررت ان تتخلص منه ،فاطلعه
على ما يمكرون ويتامرون ،واوحى له بالخروج ،فخرج ومعه الصديق ،واسقط فى ايدى المشركين ،
فاعلنوا الجائزة العظمى لمن ياتى برسول الھدى )ص(حيا او ميتا ,واشتد البحث ،وتفرقت العيون فى
الدروب فى الجبال فى الكھوف ،واقتفيت االثار ،حتى احاطوا برسول )ص(وصاحبه فى الغار ،اصبحوا
منھم راى العين وازاغ منھم االبصار ،حزن ابو بكر ـرضى عنه ـ حزنا شديدا على رسول )ص( ال
على نفسه ـ فما كان يعيش لنفسه ـ فقال )يارسول لو ان احدھم نظر الى قدميه لرانا ( فقال وھو فى جوف
الجبل اشد ثباتا من ذلك الجبل ،فى ثقة با Aجل ) يا ابا بكر ماظنك باثنيين ثالثھما ،التحزن ان معنا (
و الذى ال اله اال ھو ،لو صارت مع قريش كل االحياء ،وتشققت القبور فخرج االموات يسحبون اكفانھم
خلف قريش ،يقلبون حجارة االرض ،ويزحزحون جبالھا
ويفتشون فجاجھا ،ما قدروا على اثنيين ثالثھما.
ان من يحرسه بارئــــــــــــــــــه اليبالى بالردى ان خطـــــــــــــرا
معية اغنت عن مضاعفة من الدرورع وعن عالى من االتون
انھا الموزاين الحقيقية للقوى والقيم ،من كانت قوة معه فال خوف عليه ولو اجتمع عليه من باقطارھا ،
ومن كانت له قيمة االيمان فله الخيرات كلھا.
ھا ھو خليل الرحمن ) عليه الصالة والسالم( يتبرا من المشركين )) ان براء منكم وممن تعبدون من دون
(( ويجعل اصنامھم جذاذا اال كبيرا لھم لعلھم اليه يرجعون ،قتنادى المال حرقوه وانصر االھتكم ان كنت
فاعلين ،اجعموا رايھم وشرعوا فى الحطب يجمعون ,تحرص المراة منھم وتنذر اذا عوفيت لتحملن حطبا
لحريق ابراھيم وكذلك يفعلون ،بنوا له بنيانا ملؤه بالحطب ،وتداعوا يضرمون النار ويؤججون ،ويعلو لھا
شرر لم يرى لمثله وھم فرحون ،وضع الخليل فى المنجنيق ،ليرمى من مكان سحيق ،فرفع راسه لوليه
ومواله وقال )) حسبى ونعم الوكيل (( عرض له جبريل فقال ياابراھيم الك حاجة؟ اما اليك فال اما من
فنعم )) حسبى ونعم الوكيل ((حاله تنحى عنى يا جبريل وخلينى وخليلى فعنده الرحمة ،ھل بذلت له اال
لحمة تبلى او شحمة ،وطن نفسه على ان يصير موحدا فى النار ،فحماه الكريم )) قلنا يا نار كونى بردا
وسالما على ابراھيم )) وتستجيب النار لبارئھا فتبرد على اھل المشرق والمغرب ،فلم ينضج بھا كراع يو
مئذ ,وتھرع الدواب لتطفى النار اال الوزر فانه ينفخ النار ،وھيھات ان يبلغ وزرا مراده مادام مع العبد مواله
.لما لم يتعلق الخليل باحد دون لما اضيم ،ولما اتى ربه بقلب سليم ،ولما لم يتزود اال االنقياد والتسليم
))،قلنا يا نار كونى بردا وسالما على ابراھيم (( لما راى ھريقه اليمد الى غيره كفا ،مدحه ويكفى فى مدحه
))وابراھيم الذى وفى((ابتاله بكلمات فاتمھن ،واراه قدرته يوم فصرھن ،وكسر االصنام غيرة Aمنھن،
فوقاه الكريم ،اراد اعداء الخليل ان ينتصروا فخذولوا،وان يرتقوا فاتضوا ,وان يغلبوا فغلبوا))،وارادوا به
كيدا فجعلناھم االخسرين ــ فجعلناھم االسلفين)) تلكم ھى العواقب وما يدركھا اال بصر ثاقب,
انا اقسمت وھذا الكون لى شاھد قوال وفعال واعتـــــــقاد
ان نصر يحدوا دائمـا كل من يدعوا الى درب الرشاد
فيامعشر المسلمين ان االيمان ھو االمان ،و معا للتقوى واالحسان
اھل رسوخ القلب فى العرفان حتى يكون الغيب كالعيان
((وان لمع المحسنين ــ وھو يتولى الصالحين))
ھا ھو الخليل اخرى ،يھاجر من ديار قومه ,ويسال ربه على كبر )) رب ھب لى من الصالحين((فيبشر على
راس ست وثمانين من عمره بغالم حليم ،ولما بلغ معه السعى شب وسعى فى مصالح ابيه ،راى ابراھيم انه
يؤمر فى المنام بذبحه ،فامتثل واستسلم وما تردد فى حب وتعظيم Aرب العالمين ،وعرض ذلك على ولده ))
يابنى انى ارى فى المنام انى اذبحك فانظر ماذا ترى (( فبادر الغالم الحليم بجواب فى غاية السداد ))يا ابتى
افعل ماتؤمر ستجدنى ان شاء من الصابرين ــ فلما اسلما وتله للجبين (( قيل القاه على وجھه ليذبحه من
قفاه لئال يشاھده حال ذبحه ،وقيل اضجعه كما تضجع الذبائح ،فيا Aمن لحظات جديرة باستنزال العبرات
,وتصعيد الظفرات ،وذھاب النفوس حسرات ،سمى ابراھيم وكبر ،وتشھد اسماعيل واستسلم ,ومرت
السكين على العنق فسلبت حدھا ،كما سلبت النار احراقھا )) ،وناديناه اى يا ابراھيم قد صدقت الرؤيا ان
كذلك نجزى المحسنين ((انھا الخلة معشر المؤمنين ،بذل بدنه للنيران ،وابنه للقربان ،وماله للضيفان ))
ان ھذا لھو البالء المبين ـ وفديناه بذبح عظيم (( يقول ابن عباس ـ رضى عنھما ـ ) فدى اسماعيل بكبش
اقرن اعين قد رعى فى الجنة ورتع فيھا اربعين عاما ھبط من ثبير ،له ثغاء فذبحه ابراھيم) سالم على
ابراھيم ،سجل خالد فى التسليم ،وكتاب مرقوم استحق ان يكون الخليل ,ويفدى ابنه بذبح عظيم .
خذوا ايمان ابراھيم تنبت لكم فى النار جنات نعيم
ويبشر ابراھيم بوالدة مولود ذكر من بنى اسرائيل يكون ھالك فرعون وذھاب ملكه على يديه ،ويبلغ الخبر
فرعون فيصدر امره بذبح كل مولود ذكر من بنى اسرائيل )) يذبح ابنائھم ويستحى نسائھم انه كان من
المفسدين (( ولن ينجى حذر من قدر ،ولكل اجل كتاب ,الن قضى )) ونريد ان نمن على الذين استضعفوا
فى االرض ونجعلھم ائمة ونجعلھم الوارثين ـ ونمكن لھم فى االرض ونرى فرعون وھامان وجنودھما منھم
ماكانوا يحذورن )) واليرد مابه قضى ،وكل امر فى الكتاب قد مضى .يريد غير مايريد فرعون ,ويقدر
غير ما يقدر فرعون ،والطغاة تخدعھم قوتھم وسطوتھم فارداة ينسون ,ويحسبون انھم يختارون النفسھم
مايحبون ،ويختارون العدائھم ما يشاءون مما يكرھون،ويظنون انھم على ھذا وذاك قادرون ،النھم
اليعقلون اليفقھون اليبصرون وھم مستكبرون جند المئات من الدايات الالئى يتعرفن على الحوامل ،فان كان
المولود ذكرا يقتل او انثى تستحى ،وكثر القتل فى بنى اسرائيل وجاء القبط فقال يا فرعون الكبار باجلھم
يموتون ،والصغار يذبحون ،يوشك ان يفنى بنى اسرائيل
فامر فرعون بقتل الولدان عاما وتركھم عاما ،وشاء ان تكون والدة ھارون فى عام الترك ووالدة موسى
فى عام القتل ،ومن لطف بام موسى انه لم يظھر عليھا مخايض الحمل ،ولم يفطن لھا الدايات الالئى كن
يدرن على بنى اسرائيل ،لكنھا حافت عليه خوفا عظيما وھو لم يزل حمال حتى وقع فى قلبھا وركبھا من الھم
مادخل عليه وھو فى بطنھا ،وضعته وحبا عظيما احبته ،كيف وھى امه وقد عليه المحبة ،فما راه احد
اال احبه ،ومع حبه ضاقت به ذرعا ،فعدوه متربص به ،والخطب اعظم به,
خطوب ال تشابھھا خطوب وكرب اليماثله كروب
واضالع صرى فيھا اللتياع تكاد لھول رھبته تذوب
ھا ھى ذى حائرة به ،خائفة عليه ،تخشى ان يصل نباه الى الجالدين ،وترجف ان تتناول عنقه السكين ،ھا
ھى ذى بطفلھا .عاجزة عن حمايته ،عاجزة عن اخفائه ،عاجزة عن منع صوته الفطرى ان ينم عليه ،
عاجزة عن تلقينه
حلية او وسيلة ،ھا ھى ذى وحدھا عاجزة ضعيفة مسكينة وجلة قلقة مذعورة ،فيلھمھا ان تلقيه فى اليم
،ونزل ھذا االيحا ء على قلبھا الواجف الرائجف الخائف بردا وسالما )) واوحينا الى ام موسى ان ارضيعه
فاذا خفت عليه فالقيه فى اليم والتخافى والتحزنى انا رادوه اليك وجاعلوه من المرسلين (( ان القاء الطفل فى
اليم ھلكة محققه فى المالوف والعادة ،لكن اراد ـ والراد لما اراده ـ اراد ان يربيه فرعون نفسه ،وان
ينشا فى قصره ،امتثلت امه والقت به فى اليم مجردا من كل قوة وحلية ،عاجزا عن ان يدفع نفسه ،او
يستنجد بغيره ،يا Aما اشرفه من مقام واحاله واعاله واسماه واسناه ،ان االم اذا خافت على ابنھا ضمته الى
صدرھا ,اما ام موسى فتقذف بولدھا فى تيار الماء تتالعب به االمواج ،وتجرى به الى عدوه المتربص به
،يا Aكيف فعلت مالم تفعله ام ،كيف طلبت له السالمة بھذ المخافة ،انه و لكمال الثقة باA
رباه انت المناجى به فى كل نازلة وانت ملجأ من ضاقت به الحيل
لسان حالھا انه وھو فى اليم فى رعاية من ال امن اال فى جواره ،وال خوف على من كان معه ،من جعل النار
بردا وسالما ،وجعل البحر ملجأ ومناما ،ما ال يجرا جبابرة االرض على ان يدنو من حماه ،فمن يكن االه له
حفيظا فحاشا ان يضيعا او يضاما ,ويتھادى التابوت بالرضيع حتى يصل تحت قصر فرعون ،فالتقطه ال
فرعون ،التقطه الجوارى وذھبنا به الى امراة فرعون لتكون المعركة على ارض قصر فرعون
يا فرعون تذبح االف من اجل ذلك الرضيع ،ھا ھو االن فى بيتك يا وضيع.
يافرعون تجند المئات من الديات من اجل ذلك الرضيع ،ھا ھو االم فى قصرك يا وضيع
يافرعون انت تريد و فعال لما يريد ،قضى ان اليربيه اال فى حجرك
كشفت امراة فرعون عنه فاذا ھو غالم من احسن الخلق واجمله ،كيف وھو جمال زكاه )) ولتصنع على
عينى ((فالقى محبته فى قلبھا يوم اراد كرامتھا وشقاء زوجھا ،وراه فرعون وھم بقتله ،فشرعت
تحببه الى زوجھا وتخاصم عنه )) قرت عين لى ولك التقتلوه (( قال اما لك فنعم واما لى فال ،وقد كان قرت
عين لھا فقد ھداھا بسببه فصارت مثال للذين امنوا ،ولم يصيبه فرعون باذى ،فيا ، Aلھوان فرعون
على ،ماحمى موسى بمالئكة تتنزل معه ،بل حماه بستر رقيق من حب حاننى فى قلب امراته سقطت معه
قوة فرعون وغلظته وحرصه وحذره ،ھان فرعون على ان يحمى منه موسى بغيرھا ))،ومن يھن
فما له من مكرم ))
كلما راموا بموسى ضررا صانه وكف الضررا
((وحرمنا عليه المراضع (( عرضوا عليه المراضع فلم يقبل ثدى امراة فى القصر ،فنزلوا به الى السوق ))
واصبح فؤاد ام فارغا ان كادت لتبدى لوال ان ربطنا على قلبھا لتكون من المؤمنين ـ وقالت الخته قصيه ((
اتبعى اثره ،اعرفى خبره ،انطلقت اخته على حذر وخفية ،تتتبع اخباره ،تتحسس اثاره )) فبصرت به عن
جنب وھم ال يشعرون (( فقالت اخته (( ھل ادلكم على اھل بيت يكفلونه لكم وھم له ناصحون ((فاخذوھا
وقالوا ما يدريكى ,مانصحھم له ،اتعرفينه ،قالت ال ولكن نصحھم له رغبتھم ورجائھم فى نفع الملك ،فزال
الشك وقالوا ھيا اليھم ،ذھبوا به معھا الى منزل امه ،فاعتطه الثدى فالتقمه ،وعلى الوجوه البشر ،وانطلقت
البشائر الى القصر ،وتطلب امرته ام موسى ،وتحسن اليھا وھو التعلم انھا امه ،ثم تسالھا ان تقيم عندھا
فى القصر لترضعه ،فابت وقالت ان لى بعال وولدا فان شئتى ارضعته عندى ،فوافقت على رجوعه معھا الى
بيتھا ،فعادت راضبة مطمئنة امنة ،فى عز وجاه ورزق ورغد ،تجرى عليھا الصالت والنفقات ونفائس الھدايا
والعطايا ,تبارك وجل ،ماشاء كان وما لم يشا لم يكن ،بيده االمر جعل المن اتقاه من كل ھم فرجا
ومن كل ضيق مخرجا ،لقد لقد كانت ترضع ولدھا على خوف من فرعون ومالئه ,واالن ترضعه فى امان
واطمئنان وبامر فرعون الجبان ،و ماكان ھذا الم غيرھا ابدا ,انه جزاء الثقة با Aوذاك قول ))،فرددنه
الى امه كى تقر عينھا والتحزن ولتعلم ان وعد حق ولكن اكثرھم اليعلمون ((عاد الرضيع الغائب المه
الملھوفة الوالھة ،معافا فى بدنه ،مرموقا فى مكانته ،يحميه فرعون خصمه ،وترعاه امراته ,تضطرب
المخاوف من حوله وھو قرير العين ،امن مع امه ،حاله
مع الذى مالى سواه وكيف يخاف من معه االه
فيا ايتھا االمة المباركة ،اذا ادلھمت الخطوب ,وتوالت الھزائم والكروب ،وتقطعت عرى النجاه ،وعز
الناصر،وقل المعين ،وزمجر الباطل ولجلج ،فال تاسيى وال تقنطى ،وكتاب تدبرى ،ھذه قصة موسى
وفرعون شاھدة بان االمن اليكون اال فى جانب ،وان المخافة التكون اال فى البعد عن ،كالھما القيا فى
اليم ،فكان اليم لموسى الرضيع ملجأ ومامن ،وكان لفرعون الطاغية وجنده خوفا وھالكا وغرقا ،عاقبة
فرعون ھى عاقبة الظالمين ،وعاقبة موسى ھى عاقبة المتقين ,انھا عقيدة ينبغى ان نثبتھا فى انفسنا ،
ونمكنھا من قلوبنا ،ونرسخھا فى مشاعرنا ,ونستر عنھا فى شدتنا ورخائنا واقوالنا واعمالنا وافكارنا
واحساسينا ومشاعرنا ،ونربى عليھا ناشئتنا ،ونلقى بھا ربنا ،ان الشر حين يتمحض يحمل سبب ھالكه
بذاته ،وان البغى حين يفتضح ويتمرد اليحتاج الى من يدفعه ،بل ان ياخذ بيدى المستضعفين فينقذھم
ويجعلھم ائمة ويجعلھم الوراثين ،ومن كان معه فمما يخاف ،لكن مع من )) ان مع الذين اتقوا
والذين ھم محسنون ))
الھمسة الرابعة) اال ان نصر قريب)
النصر للمؤمنين وعد من ما من شك فى تحققه فى واقع الحياة وان تاخر عن حساب البشر ،مھما فشت
الضالله ،واستحكمت الغواية ،فسينصر دينه ,وستكون خالفة على منھاج النبوه ،وسبيلغ ھذا الدين ما
بلغ الليل والنھار،بصدق العلماء ،وجھود الدعاه ،ودماء الشھداء،بالجد البالھزل ،باالعمال ال باالقوال
والباالمان،بالقلوب الصادقة ال النفوس الخائنه،وعد اليخلف وعده ولكن اكثر الناس اليعلمون ))،ان
لننصر رسلنا والذين امنوا ــ وان جندنا لھم الغالبون ـــ كتب الغلبن انا ورسلى))
كيف تياس امة معھا ھذه النصوص من كتاب ،بل معھا كتاب وسنة رسوله )ص)
كلما اطفا منھا قبس اشرق القران بالفجر الجديد
كيف تياس امة معھا خبر صادق ثابت ال شك فيه ،انھا باقية ظاھرة منصورة الى قيام الساعة,
كيف تياس امة ھى غيث اليدرى خير اوله ام اخره,
كيف تياس امة معھا خبر يقين انھا سوف تھيمن وتحكم الدنيا وتملى االرض عدال بعد ان تملى جورا وظلما,
كيف تياس امة عبوديتھا لرب كريم رحيم ،اليزداد على السوال اال كرما وجودا,
كيف تياس امة تقرا فى قرانھا ))ليظھره على الدين كله ولو كره المشركون ))
كيف تياس امة او تستسلم وھى مدعوة حين تنقطع بھا االسباب ان تتصل بمسبب االسباب وتظل تامل فى
زوال الغمة ،وتحسن االحوال.
فاطرح الياس جانبا واتخذ مئزرا الثقات
ما التفات الى الورى بالذى يوصل السعاد
ما ارتماى على الثرى بالذى ينقل الحفـــــاة
ان تاخر النصر اليعنى عدم تحقق وعد ،لكن ذلك لسبب يبحث عنه بال ياس وال كالل ،ومن سعى باحثا لم
يعدم السببا ،يقول سيد ـ رحمه ـ ما مضمونه
قد يبطىء النصر الن بنية االمة المومنة لم تنضج نضجھا بعد ،فلو نالت النصر حينئذ لفقدته وشيكا ،ولم
تحمه طويال ،فاتئدوا فى امركم ،وائتلفوا وامشوا على الھدى وال تستياسؤا.
قد يبطىء النصر حتى تبذل االمة المؤمنة اخر ما فى طوقھا من قوه ،وما تملكه من رصيد ،فال تبقى عزيزا
وال غاليا اال بذلته ھينا رخصيا فى سبيل ،وحالھا
وھبت نفسى لمولى اليخيب له راجى على الدھر والمولى ھو الواقى
انى مقيم على عھدى وميثاقى وليس لى غير ما يقضيه الخـــــــالق
قد يبطى النصر حتى تجرب االمة كل قواھا ،فتدرك ان ھذه القوى بدون سند من التكفل لھا النصر ،فتكل
االمر بعدھا الى وحالھا
فيارب ادركنا فقد بلغ الذبا من الكرب سيل الفاجعات المفرق
قد يبطى النصر الن البيئة ال تصلح بعد الستقبال الحق ,فيظل الصراع قائما حتى تتھيا النفوس فى تلك البيئة
ال ستقبال الحق واستباقه,
فالنصر يا قوم لن تھنى سحـــائبه اال بجيل عظـــــيم البــــــــذل مغوارى
ھبوا ولبوا فما فى البؤس من رغد فالــــــــجذع من مكة والغصن انصارى
ولم تزل راية التوحيد خــــــــــافقة ومرھب الحــــــــد مسنون على النار
قد يبطىء النصر لتزيد االمة صلتھا با، Aوھى تعانى وتتالم وتتورع ،فاذا ما اذن لھا بالنصر ،لم تطغى
ولم تنحرف عن الحق الذى نصرھا به,
لكنھا كالجبال الشمى قد ثبتت فما يزعزعھا بغى وارجاف
قد يتاخر النصر الن االمة المؤمنة لم تتجرد فى جھادھا ، Aفھى تجاھد لمغنم او حمية او شجاعة ،و
يريد ان يكون الجھاد العالء كلمته ،وفى سبيله بعقيدة
لو ھزت االجبال مـــــــن ذعر لما اھتزت مع االجبال
عقد االله عراھا جل جالله اتــــــرى لعقد من حالل
قد يبطى النصر الن فى الشر الذى تجاھده االمة بقية من خير ،يريد ان يجرد الشر منھا ,ليتمحض
خالصا ،ويذھب وحده ھالكا ،فلو كان ملقا بظھر الطريق،لم يلتقط مثله الالقط.
وقد يبطىء النصر الن الباطل الذى تحاربه االمة لم ينكشف زيفه للناس ،فيشاء ان يبقى الباطل حتى
ينكشف ويذھب غير موسؤف عليه ،ولذ فان علينا تعرية الباطل والكشف عن وجھه القبيح ،وفضح اھله
لتكفر االمة بھم وتتبرى منھم فذلك من اعز مقاصد التشريع ))،ولتستيبن سبيل المجرمين))
اذ كيف يامن وعوان وان جھلوا اذا تردى ثياب الشائس الحانو
ومع ذا فالنصر ات ،لكنه الياتى عفوا ،بل له سنن خلده فى كتابه ليعمل ويتعامل به المؤمنون .ومنھا,
((ان ينصركم فال غالب لكم وان يخذلكم فمن ذا الذى ينصركم من بعده ــ وما النصر اال من عند ((
ونعم الناصر ،كتب بان الحق غالب ،وبان الرسل منصورون باسم مھما ارجف الطاغوت واستعلى
وافنى وتكالب ،ان دين غالب ،ان امر غالب ،ان وعد غالب ,ان حزب غالب ،ومنھا,
ان الينصر اال من ينصره )) ان تنصروا ينصركم ويثبت اقدامكم ــ ولينصرن من ينصره (( ومنھا
ان النصر اليكون اال للمؤمنين وبالمؤمنين )) ھو الذى ايدك بنصره وبالمؤمنين))
قد ينصر بالمالئكة ،وبالريح ،وبالرعب ،وبالجنود االترى ،لكن ھذه كلھا تتوقف على وجود المؤمنين..
فالمالئكة نزلت فى بدر على المؤمنين)) فثبتوا الذين امنوا )) والجنود التى الترى ارسلھا يوم االحزاب
حين ابتلى المؤمنون )) وكان حقا علينا نصر المؤمنين (()) متى نصر اال ان نصر قريب))
التياسؤا ليل الشقاء سينجــــلى والفجر سوف يزف صوت البلبل
وستحمل الدنيا معاشل نصرنا فى كفھا وتــــدك كل مضـــــــــلل
الھمسة الخامسة ) قل ھو من عند انفسكم)
((وما اصابكم من مصيبة فبما كسبن ايديكم ويعفوا عن كثير (( ان سبب الھزيمة واحد الينبغى تجاھلو وال
طمسه بكل االعذار الواھية ،انه سبب داخلى ،فال تلموا احدا ولوموا انفسكم ,ھذا ھو فج الحقيقة الذى يسلكه
ويؤمن به العقالء،فال يضل بھم سبيل ،اذا ما انھزم المسلمون فى نيادين الدعوة والجھاد ،فعليھم ان يتھموا
انفسھم ،ويقوموا مسيرتھم ,ويزنوا اعمالھم بميزان الحق ،فمن من سنن ان اليسلب قوما نعمة اال اذا
غيروا او بدلوا )) ذلك بان لم يك مغيرا نعمة انعمھا على قوم حتى يغيروا ما بانفسھم(( ومن سنن ان
النصر اليكون اال بخالص النية ، Aوحسن التوكل عليه واالخذ بكافة االسباب ،فال يستحق نصر من تنكر
لھذه السنن واعتمد على قوته وحوله وكثرة جنده ،صدق تعالى وحده ،انما النصر ثواب المخلصين ))،
ولن يجعل للكافرين على المومنين سبيال(( وعد قطعى اليختص بعصر دون عصر ،حقيقة اليحفظ التاريخ
االسالمى كله واقعة تخالفھا ،فنقول فى ثقة بوعد ان الھزيمة التلحق بالمومنين من خالل تاريخھم كله اال
من خالل ثغرة ،وبقدر ھذه الثغرة يكون الھزيمة ثم يعود النصر للمومنين ،ففى احد كانت الثغرة فى ترك
طاعة رسول )ص( والطمع فى الغنيمة،وفى حنين كانت الثغرة فى االغترار بالكثرة واالعجاب بھا ،لن
نغلب اليوم من قله ،فمن الخير لالمة ان تدرك ذلك جيدا ،لقد طرقت االمة كل االبواب ،ومدت ايديھا مستخزية
الى كل االمم ،فجاءت بالوشل ،وباءت بالفشل ،كذب الرعد ،واخلف الوعد ,واورد االبل سعد ،وما رجعت
االبالخيبة صفر العيبة مع المھانة والصغار والضعة والخسار ،فان بقيت على حالھا فھى بحاجة الى لطمات
وضربات وصفعات توقظھا حتى تعى ,وستعى اليوم او غد او بعد غد ،فان قالت فى خضم محنتھا انى ھذا ؟
))قل ھم من عند انفسكم))
لو عرفنا ما شطت بنا سبل التضليل لو ذقنا الھوان
.ھذا مافھمه قادة امتنا الذين اعز دينه ،يذكر ابن النحاس ان جند المسلمين حاصروا حصنا للكفار
فاستعصى عليھم فتحه فقال اميرھم انظروا ماذا ارتكبتموه من البدع ،او تركتموه من السنن ،فنظروا فاذا ھم
قد اھملوا السواك ،فبدروا اليه واستعملوه فقذف الرعب فى قلوب عدوھم وفتح عليھم
ان الالئى تيقى وھو غالية وانما تعصف االمواج بالزبد
فلو ذھبنا نتتبع كل مرة تخلف فيھا النصر عن المسلمين فى تاريخھم ,لوجدنا شيئا من ذلك نعرفه او ال نعرفه
،اما وعد فھو حق فى كل حين ،والھزيمة حقا ھى ھزيمة الروح ،اما اذا بعثت الھزيمة الھمة ،وبصرت
بالمزلق،وكشفت الزيف ،فھى مقدمة لنصر اكيد ،ان قاعدة قھر الباطل ھى ايجاد الحق ))،بل نقذف بالحق
على الباطل فيدمغه فاذا ھو زاھق (( فلنراجع انفسنا واال كنا مثل,
الفراشة حين تلقى نفســــــھا فوق السراج بلھفة فتحطم
او كالسعاة الى السراب وكلما زاد اقارب القوم زاد المندم
انى ھذا ؟ ))قل ھو من عند انفسكم ))
الھمسة السادسة( الخيط الواھى مع مثله حبل متين)
جميعا وال تفرقوا ،ان استثمار كافة الطاقات والمواھب واالفكار والعقول والسواعد والدقائق لنصرة دين
والتمكين له ،ضرورة خصوصا فى االزمات ،مع تاجيل الخصومات ،وتجاوز الخالفات ،والتفتيش عن
الثغرات ،وترك اللوم والتوبيخ فان اللوم اليحرك وال يجمع ،وعند كل من الھموم ما يكفيه ،ولسنا بحاجة الى
معكر اضافى ،واالعمال الكبيرة اذا تقاسمتھا االيدى ھان حملھا,
ولربما اعتضد الضعيف بمثله الخير فى يمينى بغير يسار
تفعيل االمة وفق مايرضى ,والعمل بدين واجب الجميع ،النھا ازمة الجميع ،االمة كل االمة ،الصغير
والكبير والذكر واالنثى والغنى والفقير والصحيح والمريض واالعرج والمشلول والبر والفاجر والمخلط ومالم
يخرج من دائرة االسالم ،كل عليه تبعه وكل بحسبه ،فما الكف اال اصبع ثم اصبع ،ومايدرك الحاجات من
حيث تبتغى من الرھط االمن اعد وشمر ،فكونوا يدى وفى نبيكم )ص( اقتدى .فى الھجرة يخرج نبى االمى
وصاحبه ،فاتمونه اسماء الفتاه ,وعائشة الصغيرة ،وعينه على عدوه عبد الشاب ،ويخفى اثره عامر
راعى,
التثبت العين شئيا او تحققه اذا تحير فيھا الدمع والطرب
فى الخندق واالزمة ازمة الرجال يحفرون ،والصخور يحملون ،والثغور يحرسون ،سلمان يخطط للخندق
،وعلى يقصف راس من يعبر الخندق ،وبن رواحه يتحسس اخبار قريظة ،وامراة جابر تصنع طعاما يبارك
فيه فيكفى اھل الخندق ،ابن الزبير ـ وھو الطفل الصعير انئذاك ـ يراقب من على سور الحصن ،ابن ام مكتوم
ـ وھو الرجل الضرير ـ يوليه رسول )ص( ادراة المدنية ,استنھاض للھمم باالية والحديث والخطبة
والشعر بل حتى بالصوت ،فان السيوف قبل ان تقسم الروؤس تقصف الھمم،لصوت ابى طلحة فى الجيش
خير من فئة وھو صوت ،وشعر حسان اسرع فيھم فى نطح النبل وھو شعر ،والنبى )ص( يقول ) جاھدوا
المشركين باموالكم وانفسكم والسنتكم)
فى ازمة الردة ،اول ازمة بعد وفاة رسول )ص( اشتبكت فيھا السياسة الداخلية بالخارجية بمسائل العقيدة
والفقه ،فقال ابو بكر كلمته ،فقطعت قول كل خطيب ،وشرح بھا الصدور )،و لو منعوا عقال نويقة
ادوھا نحو المصطفى لن يسلموا)
ضجر الحديث من الحديث ولم يزل فى نصر دين محمد يضجر
حلف البليد ليظفرن بمثـــــــــــــــله حنثت يا بليد يمنيك فــــــكفر
انتفض ابو بكر فانتفضت االمة كلھا تبعا له ،فھويفتى ويوجه ويعقد االلوية ويقاتل بنفسه على االعداء يقذف
بالكلم كالحمم ،ويحمى بيضة االسالم بالصارم الصمصام ،يقول الردة بعد اليوم ,وال يتم فى اليقظة ما تم فى
النوم,
فاعجب لقوة نفس ليس يصرفھا طعم المنية مرا عن مراميھا
على والزبير وطلحة وسعد يحرسون انقاب المدنية ،وال مقرب فى معركة مع االعراب ،واسامة الى الروم
،وخالد الى البطاح ،وعكرمة الى اليمامة ،وعمرو الى الشمال ،والعالء الى البحرين ،وسيھل يثبت اھل مكه
،واخر يثبت اھل الطائف ،وفى سنتين واذا باالمة تحاصر اعظم الممالك تنشر الخير االعم ،تبذل العز االشم ،
بـــــــــــ
فتية كاسود الغاب ليس لھم االالرماح اذا اخمر الوغى اجل
كالبرق ان عزموا ,والرعد ان صدموا ،والغيث ان وھبوا ،والسيل ان ھجموا .امامھموا دون االنام محمد
,ومن يتباعد عن طريق محمد يجرجره شيطان الطريق البعيدة ،كما صح فى معنى حديث نبينا( ارى الذئب
اكال النعاج القيصة( ،فالخيط الواھى مع مثله حبل متين ،فكيف بجسد واحد ,وبنيان واحد ،روح الى روح
،وعرق الى عرق ،ودم الى دم ،وانما السيل اجتماع نقط.
الھمسة السابعة )الفرع لالصل ينسب)
مااحسن الفرع اذا االصل بھر وھل يفيد الرعد من غير المطر
اصلنا طيب فى مسك ،فايح من غير شك ،وما للمسك فى ان فاح حظ ,ولكن حظنا فى ان يفوحا ،اصلنا سامى
،اتاه القران وھو فى مزلق االراء فاخذ بيده الى صوابھا ،وفى نواجم الفتن فجلى غامھا ،وفى معترك
الشھوات فكسر شريتھا ،وفى مفترق السبل فھدى الاقومھا ،وفى سوق المصالح والمفاسد فميزھا وزيلھا،
وفى مجمع العقائد فميز حقھا من باطلھا ،وفى شعب االحكام فقطع فيھا بفصل الخطاب ،بالنص او بالظاھر
اوباالشارة واالختصار،مع مزيد تعجز عنه العقول مھما ارتقت ،وھو تعقيب كل حكم بحكمته ,وكل امر بما
يثبته ،وكل نھى بما ينفر عنه ،استمسك اصلنا السامى به ،واھتدوا بھديه ,ووقفوا عند حدوده ،وفى انفسھم
وغيرھم حكموه ،فصاروا صالحين مصلحين سادة قادة,
دليلھم فى السرى انتاھا غيرھمو ھدى من السنة الغراء وقران
جمالد االرض كانوا فى الحياة وھم بعد الممات جمال القدم والسير
اخالقھموا نورھم من اى ناحية اقبلت تنظر فى اخالقھم سطعوا
فياايتھا الفروع النامية ،تلكم اصولكم السامية ,اليقطعنكم عنھا خناس من الجنة والناس ،حتى تسلم االنفاس
لرب الجنة والناس ،لقد جربنا فصحت التجربة،وامتحنا فدل االمتحان ،على ان عرق االيمان فى قلوب ھذه
االمة كعرق الذھب فى المنجم ،كالھما اليكاد يبلى وخصائصه التكاد تتغير وان تطاولت القرون ,ذلك العرق
المخبوء فى تلك المضغة يتحرك فياتى بالعجائب ،امر محسوس واليكابر فى المحسوس ممسوس ،فھلم ھلم
ايھا الفرع النامى ،الى االصل السامى ،الى انفع ميراث يرثه خلف عن سلف ،وخير زاد يقدمه سلف لخلف،
لتنطلق الھمم كالسيل المتدافع ،يقذف تيار بتيار ،فى زمن يجھد اعداء ا الفرع واالصل معا ،العادة النائم الى
نومه وھو قريب عھدنا,
فاكشفوا الترب عن الكنز الدفين وارفعوا الستر عن الصبح المبين
ھا ھى ام سليم ـ رضى عنھا وارضاھا ـ لما قدم رسول )ص( المدنية ،ابنھا انس ابن ثمانى او عشر
سنين ،فقطعت خمارھا نصفين فائزرته بنصفه وجعلت النصف االخر له رداء ,ثم انطلقت به الى رسول
)ص( فقالت يارسول ،لم يبقى رجال والامراة من االنصار اال وقد اتحفك بتحفه ،وانى الاقدر على ما اتحفك
به اال بنى ھذا فخذه فليخدمك ما بدا لك وادعو له ،قال انس فما ترك خيرا اخرة وال دنيا اال دعا به ,وكان
مما قال ) اللھم ارزقه ماال وولدا وبارك له فيه(فبتلك الدعوة فان ماله لكثير ,وان له بستانا ليحمل فى السنة
مرتين ،وولد من صلبه مائة وتسعة وعشرون ولدا واكثر ,وكان فى بستانه ريحان يجىء منه رائحة المسك
،فخدمه عشر سنين ما عبث فى وجھه قط ,وما قال له لما فعلت او تركت ،خلق زكاه ) وانك لعلى خلق
عظيم )
ماذا يقول الواصفون وفضله حقا به نطق الكتاب المحكم
صلى عليه وسلم الذى زكاه ما لـــب الحجيج واحرموا
احبه انس حبا ملك قلبه ،وفاق حب نفسه ،وبعد موته صار رؤيا منامه ,يقول انس ) و ماليلة االوانا ارى
فيھا رسول )ص( ثم يبكى )
فا Aقلب قد تلظى فرددا ايا نفس قد ان النزوع الى الكرى
فا ابت لى رؤيا فى المنام وانما لكل امرى من دھره ماتعودا
و Aقلب ضاق مذ غاب بدره و Aطرف دمعه فيه ما ھدى
معشر االخوة واالخوات ،اما و ما قدمت الم البنھا ما قدمته ام سليم النس ,اوردته المنھل العذب الصافى ثم
قالت رد ،فورد وصدر عنه وھو رواه
نال السيادة فى دنيا واخرة والسبق والفضل والتقديم والشرف
نعم ايتھا االمھات ،ان الدرر تبقى فى اصدافھا حتى ياتى من يخرجھا,
ان االم التى التصنع البنھا اسباب الحياة الشريفة يصنع له الموت
ان اال م التى التعمل البنھا مايسعده وينفعه يعمل له مايضره ويشقيه
االم التى تتخذ اللھو مركبا تغرق بنيھا فى اللجه
االم التى التكرم اوالدھا بالعلم والتربية مضيعة لراس مالھا
االم التى التجعل االخالق مالك بيتھا تتعجل ھدمه ودماره وزواله
االم التى تلد فتكل التربية لمن ليس اھال لھا ،امة تلد العبيد التلد االحرار الصناديد ،طفيلية على موائد الخدم
،حقيقة بالقھر والنھر وقسم الظھر ,
ليس يبقى فرع نابتة اصلھا فى الموت مغترس
r=4
r
/0
1'
2! 3 /
.. 2
&CnI 3>2
V
- 2
H2 K8> d h
X
h
2 o2A
KD 0+ 2
2!B> h04@ D N <" 2A" /D
2 2B
f 6
2 Q|
f 3 &? 3@ 28
H.
2
=
{
ND
%Q:B
3@ mF!5" %<!4
3@ mA" %<!
3@ m @ K s2" /D A
.Q:F
3@ m!5"
$A
R
%3
OB@ 3
O %&B
T=0
4+ 3@ M L=B D A
%7@
QD UH
Q
R <44+N
. <" Mn D A
%8
/B
KD
=:'
&0 3@ A
s.F4 %7.
M4C UH0
Q
6D 0 <"
.A!)
KD
=A)
q=5 %J:'
%>
2A 2B5" A
% '
|n h." %o=A
A0 t
j % 2>u> h0:
%@2 @ |0 N pn@ H + %+;j
&t
=S P A
%{
K { 2*"
.B
L > o2A
2B * N %m= 3+ =
A
%3 /+ 4?H m" %3!
m4; M=5 s2! h
2@ <" 2A"
:3B4
!V W K 5 &V
!P " 7Ri
/+ q UN @ K.:8
/!
K &V E >
f
!@ |* f L TP @
K.:8
/!
K &V E >
.3B?" !
4! B.
%3B!4@ >2A B?
A
: 2B @"
p" %U
z; d.
6@ @ >4
r" !3 !
=;i
O=;{
)B@ +
4
M ND A" N =C ND D N #$
N %t*
s )
+ %<>D <
..
; 4@2P %E=
KD < JRN
AB@ g! > %E=0
KD U
AB@ gB! > h
/=;D /$" A
%90
3 u %2
F
pn
4P %20@
/=;D <=
" N A
%F
Y F
[ 3@ %=.
<)S %j
T=P 3@
3>;i 1 + %. ." ~H
%.- .4 3 g!
% #X 4@
hBZ V
[ <=
\ AI]Y" <=!>
Y [ >
Z [ Z [ Y [ Y Z Y C ^ \O
Z [ Y IY Z2
\ B5
YY Z /+ AI
Z [ [ Z Y &
\]
] Y 3>$
Y hN"
.^[ab:|A
]
3B4 M % !" MD
= M %<= > @ M 84B %2*4B E > M
:3B
m"
3 i
; M.>8 /+ / m"
3@
i
; m" / @ " / m"
3B@ > / n+ / @ / K" m"
:F tP ." /+ %OtS 4@" /+ U
<"
.'> N !O=;{
B@
:.
9!:
/B F
?
..U? <H U?
f 3@ 3>2
O P U @
eW f
U?
!!:> eW
Al=- d.
@ HA? . 45
/+ <= <" /F! > A@=> /+ @i
H.
<D
f >jC > %A@=5 A+=6 Q
2i
A5
K =0> OFp 3@ @i
m" H+
!A45
2 =B)
@i
< 2 9?
=
Q
H" d.
HA? /+ 804
<D @"
>
LD t
t*
4
T
=
<i %>? 2B> =
2
=
=0>
L 3+ 2V KD @A5 A? % >2 &B
/+ 8P
L+ %@ .
B@ D :<==0> 3@" }A=P /+ d @ AC
=+n <==0> 3@" }5{
@" Fp K
<
2> %<=
<=B > 3@" }<=tjA4@ 3 D :
=P CH5n
=;
LD K4
<D }dF <=2> %d'
<=!P> &t
=F
@i <2V4> %<=: K
3@ e
MC %
=2
!
%Q
O. qC" %0
KC 20+ ML <
.H== U.> m@
M!> %-
<" j
3+ %045
3@ ;W 3@ T"
$C 8 /+ O=;{
)B@
20
f %< !
AC %TP &P 3@
> + mP=
:0 N p %4
E4S
K Q!
/+ OH>6 %
RD ML <+ % E %3BR @ %E4
.3>2
Q
2" 2>> @ 3 ML %x>
.3B
E 5
=V %3!
; @" / " %@"
\ ] YBZ \
2BI Z \Y
2!B F5 B 3@
+ ^[:C
D] C=8
Y [ Z [ N
Y ^ [ Y <D
f N AD m.4@ S
=P B+ @
=? t*" /+ p %N"
h 4>
2C /+
%B
Ki %B
$C 3@ O2
T
j A+ 2
m = !A
] Y =-
K 4 A @ hJ 20+ = ^[:C
D] .
Y Y Z \Z <D
[Y Y <i
] \ :3!S B@ A"
2
M A+ %A @ 2 A"
:Pi
/+ 3
L @ #!
j>jB
2
#5 Q
3>6
%o N 3B
%
/= A:! M
=? /+ M
B 3@ !
2!
2
%20B > N 90
%z:'> .> N &0B
%1: > N <
% N <Li
:M K=
/> + ND =:' N KB N &?
%U2 N
/ A @ r" /4>S #H" "
6
= LD #8@ / K 2P
q+" p % /)F+ A+ mH
v ? mB:P 3
O T
"
/+ M / #$
@" :2> /+ A!0> =C TP %O=4!
P5 $;" %
2
:" + zP
f KD M m)@ @ /" B D 2?
KD &
4
/+F /t@H Q&@ o+ 2" p 1;
\
rB f :
2
N !? o2
T=R K jj>
A =
++ %AB 4S
=@ 6 m
2P |
2" T
"
MB" / % M )Si @0
=> 80
p
N=
@" :TP p %@=>
h
!
?= O mn+ /!CL
D <=
" @ =" 3X
/ +=> 3@
!A !B> <" .
jB> |P
=@ 3@ +
.78.
<
=C = +
!O=;{
)B@
J!'@ |
%<
<? %<
<!
O
H" hn C:;" %U
=? U
=
% q i
q2 r=
& %28
/+ 4.
F*
~
6 %28
8@ r$0 %@A
~) %P" * % 34+
=X
V =0
.
=A
~j *. <=8
2A % @u@ +S
jA
9
^ f
%0=
!
" s)
3>P s
L
K T0>
AD % t!
OQ
$!
.
r$0
3B:
!F
3B
j
.C@ A" C5 X!; Vn4@ X4@ A
P N
/B+
" > 9!V+ CQ@ > /BPn+ Q5 > mJ <+
r$ %E=0
%H=
3 %)
%t*
04 &0
/+
A
" /u %!R
.
=
i
E
<L 3 &
!}C > e
/+ 3@ K | + C 5 qi
/+ 7
=
3
}<!
@ <!
<D s4+ U5
%- <n
%? :; H=80
=C C2" 3>2 L D
%K-
q> KB+i
2> %4)
~6 &
MC" z!*>
f
A> %28
1* %e=.
2 %oB
8. V
i
:0 r
:" @" ;"
m
%A e
" <
%"
/ /" A" 5
KV
3 @u
" C /C %i
j '
%
2! " :A T0+ % K
ND
q6 3@ CQ? @ hJ M N A
/ m
%
E4
y
mP28
;6 <D !
H>
L 3@ H
A d
A4
<i
2
=.8
>2 K0 !
!C
=@ rVf
A4
H f "
f /+ :&P %4:" - Q: f /+ 4; K h2
2! T0+
$;u> <" /F! > %A <i " )t /4; 3A4 4
:TP A X mP28
.A>2> K
-S = T+ 1P
T=0
+ 2P
" N" $ / }
L TP =C" }#2> K $;u>" :C" A
/ m0+
.h
2" j
3
4j @ /+ 2"
3 > %
2! ; 3 @u
" )t :
3
T=0>
%q=0 ~=
$C @
/+ " %A" 5
KV
T=5 2B C2
<" C2
j? < + %9>F
3@ -B4> N @ 9>0
3@ -B4> y')
f
3 5
KV /!
KA
@
m
3 A.'4 !V 9B
KV /!
C 20+ %X 1*4> N ?6 j
2 2
=
C <D p % s=!
A
/ )t 3 2V @ ML K &> %
hA Q 5
f
."
O?A
3 /A A @ A*B! A
3@ |
3@ X
:V K4 . mP %
i
mP % j
3
K A
TR
E:* e
Ot
H E
2> /+ |5 N e+ n
9 > :> =
4 .5 mC !@
" "
9B4
5 3 .P" P nl" Q
8
M5 " "
N #$ /+ g " N %
2"
h + ." N
:m0+ %3>?A AD .)45+
:T=0> AA> =C Mn + pW
/!@ /+ m!V" 1*
3@ /n
K4
i
/ mP
/!
T
=;" 3@ C % H=5i
3 3
2! @'@ 3 =
C2
f q" m
%5
KV
KV
T=5 3@ A4
0 A Q/
A &> N + ! )t /4; K /4;H"
2 :A T0+ %5
&!Pn+ 2@" KD M$ 3 + %/!L K =0 m
<D %2" KD /4B:P $ <"
:N0+ % )t K Ln45
K4 A4>Hn 34)@ 3
2! =
B :mP %
:
=P %
=;H
: )t mP }&;2"
M
%E
A 4P+ % ;H
LD : N0+ j
3
AB@ <" B N
=
%/ !> C2 > 1.R )t @" 1 4+ %E
A 4P
=;H +
KA 2P !3 @u
" > :A <N=0> % @ m!P 4
@ ND A
2 > 3
2!
%>4
O
$4
3@ A
X
" %A
3@ m 5
KV
4
K4 A > A N
j> %2>2 $
$ :T=0 C
$ m0.R
. m.
EP )B
2! ML 2B AD &5" %404" s=@
2!
n ..& +
F!@ ML &
%!P 3B" m04" K4 14B Tj p %
?= hB? A404n+
:3 %!P 14 A. > <
%A
/ A4@L OQ
/+ A @
9 m
KD TB.
<D AB V E:+ A4 @ mR
3
;
s
L /B
/!R 1>28
>
:C" A
/+ %C; A=@H &! K4 / !4+ %ML C$
$ m
'.
j>{
y; @ Ap" mS 2P <HB
xB
e0 > N 2A)
. T'
/+ 1t'
3
f
!..r=4
r 3@
Ti
K 4!P <
:;
f
r %S [ = r
AD
] 2+i !
Q j@ p ht5 A*B <=
2P
f
KV TP % z'> " K> %+> " Q
#=A> =4 @ " l=.@
<
= 3@ 4 2!B
<D} : 38
/+
m!p + 5
f
=
94 > :>
/+
/+ ?H A
B+> hN A /0> N
A #=A> N
h A /0> N
z'5 3@ 4 2!B
<D 0> <" KD A
.^{ 0> <" KD :'5 A
94 >} :>
/+ ^{ A? /+
] \ ^[a:q] 24
<D \ \ Y Y ND]\ T=I
\ Y 9P f Z YP 3@\ [ \ Z > @ :- ?
6 0PH z
=
Y >2
Z Z .I Y Y
!^[:Q
5{
] hNu@ [ Z Y [Z Y <
Y \Y [ &
Y Y MJ" Y Y [ Z Y 8!
^ [ H
u.
Y Y YZ Y
Y Z]
!r=4
r
3@
-
&
" 3@ 6
4N
.4
<=A> O=;{
)B@ <{
<D
9B8> ML @ %ML S
-
='
E P
=C %OH!B
2Cj
3>2 D )> &?
o4 MD K4 %
3@ .4
EF
q)
3 @ 2B" A Tj> hN A /0> N
z'5 3@
4>
.
0
3
TP
N
=@i
Qi
" /+ #.> -
=.
3 ~=4@
f &? f +
: 2" @ <@@{
@ KD -+ %ML rB <" H" <D %T=0> @ /!>
Tj> + %ML K 45+ %8P" : T0+ 9L K ;" 2? h
2A4@ h? <"}
T0+ }!P / mXB" %/ / ; :TP %ML @ 9*F+ %8P" 8P" >
.S" N" / Kn4> #$
L 3@ :
T0+ %<+ > M
.F> N
:=F
$C
=" T=0> M m:!" .S 2P }
hHP #2> /+ @ K h / <
" %<.
;" H m0" 20 2 /. #$
:
/ O>C
^{
2 /+ 3
@ ~0> V K f 3@ " < +
f 2f /! 9S4
7V /+
2?=+ % 2" => 2A)45
h@S <"} :F 3
:mP p %A? 3 E
4
@" m+ %~=
O2 3@ R=@ O'V : K
4> <
B M>2> @ :5
KV /!
T0+ %
/ > M hJ C
!> ^{ B> N +
e'
B
A @ 3n+ h@=> m 4@
LD hl." xB!
34>
f &>2!
$A %OH>6 " =F f |> <H %H8 =? h &+ !
A>"
..(r=4
r)I A <=I
Y Z YZB
[ r
$C m
O=;{
)B@
f 3@ r=4
r
m 5 <" = <" H 1R f 3@
......
=BP=+ % 3
= C % 3
= %A=0 A m!S 3@ KD
h AA?"
.^{ /V"
=! N} :TP 3 !8
r A <
3@
&C" ; /+
O;W 2 A>HB@ oj;" A!> N 3@ 3
+
0
K <=:4> 3>$
3>==
QNuA hX@ o" N =C ND D N #$
=+
mP r
8N mC + %P ' K m:05 O0 f f
$
ND Q)
/+8
:PB
'
m0+ %M
/+ / 5 '
A4>" :QB45
}/
m" M 2B45i /
] m:05 M B &A+ $
A4>"
E
h@=> m!
LD *> d g
<" "
:Q 2> A 24 <" N Q
=B
Q
*> N
B>)
= Q.RD 3@ >" 9S
f KH" d)
Q= Q.RD
!..r=4
r 3@
2 2> /+ QV W =A+ 2 / " /+i
/+ K n) 3 A5"
%s4+ 4.
> % 3@ ~=R" 2+ Q @ K 2>> %Q)> .
>2>
:
S N s4> 3@ ND 2 N E0
<!BX
B!R m!S hJ /+i
? /+ <
3@
f
!r=4
r 3@
.hB@ ~.
&Vi
~* <Q=!+ %A=V" S K ~.
<= !> 3 H A>2C"
3 @NH /" 0>R K T=V= & %T=V h5 ~.
=B? 3@ KD &
p %28
(!: >? p % h@H; 9R p %2V 9
U4P+ %jt? /+ .'
f
:!? r @ !+ ! H=0 B h
" %
#u h
H
r" Q@ A 5{ /. > A T=0 N :0
f A+
!r=4
r 3@
~j A+ h@=p? &40> %&B @i
#
2> <" 0 2>> 3@ K A
A
@" K B> p %@
h C2>j K
/+ @=B@ E> 9!:
f %p
?
] /4
A5 Q
H R5 %A@
A@ =A+ %A+ A 3 @
5" /+ 8B
=B*> +
=:S A 7V
N 7R
=C
f
!r=4
r 3@
-P=@ %3tF*
p=@ %O25
+i
%@=
Pi
KD A "
.Et$
E=P K <n*
H=? /N %4
Q:0 %34.
CD B
3 h!4@
2
LD <= > @ g!;" 9t$
:TP => C &t0
<n H5W m@ 2P <"
= l h >
=4P
3>$
QHi
H
xF /+ &B
o=2
A2> 4
/+ z0
H
2 MA? m': = A @ m 4
M ~2+
!r=4
r 3@
%h!F Q
h C B>)
= %!B
h h
jC
3>H
$'
3>$
~
MJ" A / " N
!Bi
ND C <D %BD B
/+ A d
m8.
3@ A.+ %mA? m>2C" " <D O!@ QNuC / " m
:Q Q
C =F
A:'+ %<=A.> N <=> N 3@ A @ %QW @ 3 + %:
.5 90
<=04
A! %Q0B
@i
= C h
;W hN" r
$A / B
<D
f K @
2P f &
%/C =C m" \ m" " ..A /+ 2>2
2
%Q*.
f 3>H
%H.
;" 3 2
$C <=V /+ !S
AD / B+H %Q 1; f 3@
K N %
A
+
1
T=P K n) + %H
.B
A:
+ &X4
%2A
N Q !
KD 3A4@ %OH=)
>F
K 3C.4@ %
= Q
$!
%K B@ " h #
LD 4> %!
LD h*B A*B 0> %|
N r8{
KD
%$J
%2
<
=;D d
) %<
K@
2 78
LD " 3
2@
..E
K o
K=45
2! @ -" 3+ %@i
d.
78 @$
Q
D /+ /4!S A / *
f
2P <=P.4+ h@=P A B> -=@ f
3@ &*+" P28 &?
q28 @ %0; 8
.+
.
A+ %A
AB.
@
K :45N
@
2>2
2
A>" C$;
<!
[ <!4
/F4!> 3 A+ f
=:@ f
¥.n >V C$;
f
......!..r=4
r 3@
3>2
0
N 8 H N &j
=@ <D ! !
3 !
=;i
O=;{
)B@
%
=B
!4 %@
K :45N
:
=
$C "=5" :;" 3@ %84'
KV
T=5 24
#$
-B
1j
O:'
+v
& %0
AD
3@W 3@ )B@ >} :TP % m!p + |8
3@ K 5
!4 3@ + %A
=
=B!4 N %CB N %3
Lu N !!P <>{
&;2>
|P=@
D ^
H BP /+ = *+ %=
!4 3@ %=
!4 %;" O=
%
B
V "2!@ 0> %
h$ !C h+=;
d.
> ?
6 2
%5
3@
Z Y :8P U
%<
U
<
U? %&B
d ? 3@ Q
j
<"
.^[ac :Q
] \ j>
Y Z [ h
Q=5[ &BI
Z Y Z Y>
j @ - K T24 {
-B
>S /+ )
=8
= M$
KD A
/ 3
2! - %4@ K :45N
) 3@u
M @ @ -"
3@u !M4@ -" @ !M-" @]] :TP p h@=> !B
:
2!
/+
#L A /+
=> @
AD ^[[
> h@ U> h*B o
@ s
L 0 2P =
}=Pi
B
=C E!
&A+ KH
+ hJ:'@ + <" 9C
}?@ g>2
3l
¦ B
q; @" r=P=
|
KV
T=5 !:; :A
/ O /" g>2 3@ #'!
/+ m!p
f #" }
$C A #" }
$C => #"} :T0+ %
=> 5
: P }
$C 2
}
= d" :TP p %A5
F A5 " l K4 m + %" =5
Q@H <+ :TP !
T=5 > K : P }
O2! m" }
#$ d"
$C
2 /+
$C
A /+
$C @=> @
"
=@"
&
} ^{ 2A+ A
:TP %B :
=P }mF &C N" .. <=0 => KD
.{ @ @H
K
B0 h
5 =?> 3@ E;
f Q
$>{ KB> 3@ E; 20
@
!r=4
r 3@
$C KD 7:> &PB
%
h h
2> @
@5
5 y;" 3@ <D
%
Qi A@
=
Q
2" K A4 " R5
=B? 3@ <= =
AI
Z [ YIZ IY [Q \ ] [ Z K
Y Y [ .
] \ Y :
T=5 EV" |V /+
T=P 300@
Y Y [Q
2"
<=
5 3@
} :5
KV
T=5 T=P ^[c:74.
]
=.
04
8
&C" :
0
3
T=0> ^{ 2> 3@
C2" o + %O;v
/+ . A H=B> + C=0R" %&R!
3 A4 "
2!B
<D %O;v
/+ * <" 3 h*+ %B. @ Bt 9C$ 4>
f
J f @0
=> /n
/n> %A
A@2C 2P 2+ T!
TX@"
. &8
@
L OX
3@ A@2C 2P 2+ T!
TX@"
f ND N .
<+
j
h48+ " '
\ 6+
);
@i &X4@
sA 4
% KD )> %
$C M |
} : LBI 5
KV
T=5 T=0>
4
" :>
/+ !}
/! > 4 <$;
u D : LB@ T0+
/+ e
9 > &C % LB@ > M@" M4 p :T0+ !}
/! > 94 >
}A4 " 2t8 ND C; @ " AC=? K
!5 5 A+ %M " M 94
m
L+ %m 5 @ h5 T
j @ MD ^{
\ <
z! K ++ 28
/+ K4.
9 >
2P
!r=4
r 3@
F = 4!S /+ > %4 95 =* /+ > s;" s
L !
2! >
%?6 " %2 " %@ " %0;[ " %0;Y " %. " %H " % >H " %2 /+
f $C 3@ fO2
=
L %5=! " %4PR " %4
" %=p " %@H; "
" %.
3 > <+ %+ <
<D U2P j
jC f " %j@
" %!S > " %4
f " %OD
f @ %xB q=+ A*B l
:
H2 2B %E$
l
<4A
!F+ mP @ +
Y [ \ ] C
.^[cc:O0!
] <=-
[ [ MJn+
\ ] H2
Y \Y [Y
] Y Y4IY> 3@
Y [ [ 2BI Z YY
<!P 3
<= K4
=p
H2 $+
!r=4
r 3@
E@ % &@B4> 3@ K
3@ E <
$>D :
}
@
!O=;{
)B@
f 3@ 2" CH %E@
<=B!5 < p
} :TP 5
KV
T=5 <" Q
!
g>2 3@ m!p
;"
/+ &?
:45
K" <D %@" &?
<D &X@ CH" %
h
.^{ 1 F
%x0 N %2 N 00 ..S T
3@ d.
K j"
B
<D ! >
&
%
;" 0> <" )
3@ @
9} }.
3>n+ }&0B +"
.^{
K
%
$
p
$+ %C > @ " + d @ 3@u
/+ T0> <" Q
= QBV QB
.h
=;D
H!
==
5" %+ d @ 3@u@ /+ TP 3@} :TP 5
KV
T=5 <" m!p
K@ 3@} : 2" @ >
/+ ^{
&C" O8 /C T!'
SH
f h@
^{ TP @ '> K4 A? ? K
! % 2>> Q/)
<" m!p 2P %
?" !L 20 E$B> " %+ .)> " 8; K> K4 d!>
f @
K ~" &? >" ]] :TP
/ Q
H2
"
A @ Q# =C
@
TP @ L. /n> K4
/+ @0
=> $B> <"
K h0 <
%A )
.^[[
4 {
&5 |P=@
/ s
L
q.
9)> T=A
O2 3@ q6n D 5 E >
!..r=4
r 3@
&8
@ 3>2 >'
:-
2 =C 3C
" 9> @ !O=;{
)B@
&B? %A4 e
s{ A
AB+" O
@ %C" 1; 20 3@
\ ] \Y &P[ 9BIZ Y
='
" Y ]\ :A.5 T=0
=P %d@ >6 " h A@ ML
Z [ Y Y [ [ Y ]
[ D
\ Y Z [.
\ \\ \\
Z [ Y \ 2BI
:=4
] >D Y Z Z Y Y 2P
Z Y
$4BI Y [j\ AIZ Y4
[ YZ Y N * <=t Z Y 4
Z [ Z
[ =5
[ Y Y >W
YY
.^[
4 &?
<D} : 2" 2 @ /+ m!p + 5
KV TP @ AD
N"} :>
/+ ^{ >X
3@ 2B"
/+ A #=A> Q? A M*
K> N A
z'+ %V" A M* 4> &?
K
%M$ 9>L
i
/04'@ %3 *
3 *
3t6A
K+ ^{
;2> K4
:C2" K q28> 3@
qj
3@ h
Q=@ en!
3@ h
.V 9L h
HP +" m6 @
. z;5
f
+ Q& M
! H .. H :A T=P"
!
X
i m
Q
@ m =
!..r=4
r 3@
f
N @ @ rB> % @n> 1>28 Q
K4!> <" ? 9t8
9t8
3@
$ %S " T@ f " <:5
f " ? f f KD /B 2F+ %S +B>
#L 2
%2
3@ B /C D Ojt 6 %>Li
BP=
B4> %&
F 2
. A? /+ AX /C D %A+
s N Q
RD " >H " Q
" BR
&
" 3@} :TP 5
KV
T=5 <" /!i
V H
H =" o
<+ %=p f &?
h @ f &?
f /
[ 3@ % A? /+ AX@ B:>
<+ %
" @ f
f 0@ @
=0>
<+ %Q> B5 f &?
f P 3@ % A? /+ X@ = >
f B5
.^{ @0
=> Q> f 0@
R;" %/ >H A M4C" hOj!;
2B" N" !<=:!
~!D &!5 /+
$C &
!>6 +
A <=
" %/+ A 2C" %/. A 3C" %/.5 A 1" %/;w A?" 3@
:94 <D }/B> 3@ 3>" }&0B> 3@ 3>" %/4@" /'> K
f f 4
/+ h@H m6 +
P+
6n
M @ &B
<n d /4
>F
3
mF <" KD
.l"
A =P K @ / } :TP 5
KV
T=5 <" m!p
QNuC :TP }&>!? > QNuC 3@ :mP %C2V AC=? A <=)'> e 3@
Y \ Q
NY ^[c:n!
] hP+ h jY ?Y ^{ A
" /+ <=B0> e
= <=
n> 3>$
\
.^[:|A
] h
2" Y Y M
Y ^Y ->
[ ZY
} >[ ML 2B 3@
L 3+ . 2! f &B+
$C <
LD
f\ Z 3@\ Y +Y
/!i
V 2" @{
;" ^[a:
] @ [ Z [ Y [ ] 3A> \ \[ 3@
Z YY
KV
T=5 KD /5i
Q?} :TP
/ O>C /" g>2 3@
T=5 > /A:+ h@
O"@
m" :T=0> %
HA " j . K 2A)+ 5
KV
T=5 + %?+ ?> <" 5
KV
T=5 @n+ !
45 #$
$C KD -
:!8 C2" T=0> 8i
3@ 3? 5
%5
KV
T=5 m + %9
? ? K4 . ~2> +
KV T0+ %? mB.+ : (.4
%3t . + %5 5 p
$C .? 3@
:A T0+ !
T=5 >
L 3 :
=P }<+ <+ 3>" :5
:5
KV T0+ !}
$C &
n> 3@ M
.S !
T=5 > :NP !
<v
D 2 /. #$
%.
$C &
" 3@ 2" h.W ;"
3@ 4 @
A+ dF >
A" /.
^{
!!
"
o!
)+ 1>:
UN f 3@ 4. !
"
9>W
%
h MA4 > %@
h Lu> A4@ AX!; @
.? &
W <D !
2!
&
n> 3@ ;
=A+ %@0
=> A Tn5 /4
H!B
q=0 4@L &F)
f /+ %)!
=
: &
\
<4A!
&*4
j B+" 2P @
3@ C+
\
<8; f
! /04> N t
H M@=8; C BP=
&C"
!..r=4
r 3@
N ..N }9BX
}
}25i
}=@ 2B ;" &
n> #$
<
=
@ !
2!
S KD 4
Q{
/+
LD #$
<
=
ML ND AB.> N %A.n & A.n
E$
@ Q/)
! %9
ND AB.> N %9
D E
4
!5 KD & ..O@ N
:D
O@ &
/+ KB M + hO@ s <W0
"0 "
\ \ Y &
n> ^ \ [Y h*BIZ Y *BI
[ [ Z \ Y Y h4@Z Y ;"Y
[=4C + Y Z Y [ ZY <"
Z Y
2"
Z [ [ Y Y 9>" Z [ [ Z Y 94FI
Z YZ Y> NY :
TP
.^[ac:
]
=@i
!P |
AI I+
mp2
LD 5+
!..r=4
r
|
B4> %3>2
&t@ 3@ n@ B4> <" &!P O=;{
)B@ > h!
f /+ 3B:
2>H 3@ 7.> |
!}U.
3>" 3@ %3
=;D /+ 0>
=P"
:3 5 F 7L 2P %3
L !}3 5 $ @
/+ A
=: AB
T=: 4 @ TR" -. T2 h
LW MV
D 3@ 8
F45
K4 . 3 3B> T
6 @
m+" %
4
/+
i
K 9p=4+ %y4
A"H AH" %
"
0
3
T=0>
AV" !R %@i
=P /+ 0X
E*4 4.
<0
3 <{
P
L+ %A #=> + !:
K > %>j ; !R
+
rB" rB" 35
3@ o> M @ > %7P %+ B?
2? %A+ /+ = Q
= h
" h:05 o"
L+ %!5 N %A0 > N %A-.>
=> t
K! => A> > %>
=A
mJ 4
dJ N" %4A
+ AB? 4F
!@0
^ %Q !
*
i
/+ BP=
<D !
@" !
2!
3
3 <
|
AR A-.+
=-. <=
QB
3> ? KD &
%QB
5
<n <=> N %5
9 4
j
jA
3B:
!F
=! 4?
%A4 "
.A+
2 <"
C?" '
e=J <=> N
A@ /+
2
.EB
@ mB5 @
5 3>) h+ m!V :C2" T=0>
:A %!F
<" m $@ h@ m!4S
@
:;W T=0>
>H s
L Tj+ C.
&C" | N Hf @ <+
$;" 3@ <=C" T
9A 2=
&4P o> /:0 )
$A r[ 2P %3B
E Q
=i
9V 3@i
2@ /@B
=CC
K h:
@ h@ <
%e
" /+ ~=P=
3 /+4
O2 =C %j>jB
1'
%@ /> . /+ %@ /+ ;"
| 2i f 7> N %Fp
%*> n> %B+> B. > @ K B+ % L=> 3@ d.
z! K EHu>
:2@ ! K 5
KV 2 o24P
% 2@ D
A!
&X@ <:)
2> /+ 8> 2@ 5 z; 3 r > 3@
\
=)
" 2V
2@ |;
3! N
Cj
f &?
./X@ !
f 3@
$;" 3@ #2 <=C" T
=@i
9A HNi
&40 :T=0>
/n> 4> @ &
<" B> <{
<
LD :T=0> %!F 7> N E4F> N p
9: ND A+ 3n> + %@0
=> 4.V /+
24
3: N 9
=
q=+ CC
=? =5 H;
2t
+
%t >P A
;W J? p :T=0> %-B
|P=
$C &5
]
/+
%9
@ #=B> hNj @ jn+ / &?
2+ %2 m! h h? 4+
F
/
L %AX@
H" N 4!+ %'
3@ E!
1S"
:A+ T=0> /4
f
9
=
Q/: 5P" & 9V @" > A /
9>w =
K> #$
d f d mP K4 T:
x0
:A+ T=0> /4
&AA
\
LD
#= + m*0
m"
!
Q/ 3@ $0" 2P A @ 7!8
/$0"
f 9"
M 7!V < + :T=0>
=C
$C %TP @ KD 5
T=0> % D 9tS
" 5
3 N 5
3 mn5 @ =C ND D N #$
:T=0> 2C)
3R=@
:+ P" <" 3@ h+=;
oX
&V" /+ /C >X
~+ An+ o=
Pn +
] [ &! 3
. "
* h @ /B+)
l K4
/D :T=0>
#'!
2! =" @{
78
9V =CC &!P 3@
@ :T=0>
1PH 3
@{
%
2"
h m!4S
/" / !5> N
K0" <" =?i
:
#2> 3 h
=? H2" ND hB+ mB+ N m
\ A <@j
|P C
$ <@j
@
LD |5
! @ h@
[
@i
<= =
/A+ A[ h5 2
m
!S d /4
3@ B 8> @
T
jBN
" :45N
2P
6D
f d@ /+ e= Q
/ <+ :T=0> <D &t0 !3 !
O=;{
)B@
" 3BR
} 8>
L+ %A /+ @ !S
/()
ML T
0@ %N"
h AtP ?j> %CH> <" <D :T=0
f &0 0 % 1> !
3@
%!
&? Q? 3 % 3@i
2@
=C tR
:Q2C /+ ()
A + %@ /+ 2 E4F> "2!+ %&
JC /+
CV R
=)
74 > 2 9Cn
!
=@" Q2C
3 ( " :()
T0+ %/@
B! /
] :/ B> %m" N 4
" :E4F
T0+
: %' " EHn m <" @D %O0!
O=5 /! ?
/4.>$P 1R" 1
S " <D hB 1 m
h0 " <+
/40>R M /=5" ML /=0@ /
>
$C K /D
q.+ %< N 2 :4 <+ %>N M m
<D 2!+ %?j > <+
\ ] Y Y
LD
3>$
Y m>" Z Y Y \ Y :
TP %AX@ h
LD M+ m0 <D %M ; N %d
ML
M] ] \ Y \S
Y IY\ Z I[> @D f \ /+\
=='>
\ ZY g>2
Y [ [ Y K4
] Y AI Z \ Z YY Y\>W
Z [ Z Y
n+
\Y [ [
Y /+ <=='> Y
\ \ \ Y Z @ o
$
Y ] =0
.^[:Bi
] 3-
Z Y Y Y Z 2BI Y Z Y 2B0I [ Y Z]
Z [ Z Y +Y <:)
@
3@ @ %@0
=>
A? 3
H ;"
3 H 3@ % A? 3@
/+
8 ND %4@ 3@ + MA4 > % 3@ + y04 > =@
f /+ h@ 8 >
KV
T=5 EV"
20
@j4
@
$C ^{ 8 9> 3R=@f
A
=;D 1 /+ 5
t" 3@ H 3@ A d
2@
i
<H A@@D
[
s=! /+ =0
/+ d? =C 5
KV
T=5 <" 38
/+ m!p
:&? T0+ <=B
O
jF
M 3 |' 2P } M@ 3 9B
&B+ @} :TP
T=5 >
%mP @ dJ : LB@ T0+ %.: /+ -
H ! !
T=5 >
h
; ND @
E4F
ML K LB@ { h
0@ 5
KV
T=5 m + ^{
.E$
H X h)@ %;i
9tS =C /H 3@ /;" 3 =C /H 3@ /;" d
f |
2" K2>
D :A @ &? T0+ %n> h+ <D :
=P %d? + %B:
%@
h + m!4S
h@BR 2A 3 / : /+
$C &B+ D %" :T0+ %&0p &?
: >" pp &
n> + ; p
E0B
q=+ /+i
* K0
LD 3@ m /+ D
f &?
$>
jS" :TP %N :TP }s4
jS" :E4F T0+ !V @" Q=
!s=;" M @ > s4
M @ 5 :TP %N :TP }
/5 4
=C /5
3@
¦ 4C" "
1 m"
%&545
P hSV h
LW 2> = <B:
" E4F
<D !O=;{
)B@
3 :
O
@ 6=> N !O=;{
)B@ j
j+ %m0. @ 4* 2
Q
2
=C
L %78@
f f "
"
H f /+ ~=P=
<= > 3 ML -B> %T
:TP 3@ T=0
" @ 3@6 /+ /.'
=
%#2
9t
$
q=+ ELi
m!V" 9tB
&
+ >" <@6
A@ - < QB
" 3 E$
E=?
f 45 M4C 3@
Q=
' 4'> 2P %!L Q= /4
%1 F +
QB
/804 @ 45" M4C /+
OH :
3
TP
%8@ 3
:90
= =@ &!P
4
9X QB
/+ 1R" 3@ %@=B@
\ Y Y AI!8>\ \ !8 \ Z Y @" \
\\ Y 3Y <=.'> \ ] \ Y Z Y+
Y E
$
" Z [ Y [ "Z Y YI4Z + AI
Z [ Y [ <" Z Z Y [ Y [ 3>$
Y $IZY
<B)> %e=.
rB 5
=;i
O=;{
)B@
M ^[:=
]
N %.
/+ eQ
o44 Q)
0
2C KD <=B+ %A." w* ht
H
q28> C2
=+ %3@B
QB
O$A
0B
Q" K ND H=B8
<>
:&t0
T=P
f 5" 3@ E)>
O. Q@ f E K)'> A +
T2 Q@
A4>" = %3@B
QB
/+ 0X
QF{ 7>4
3B:
1)@ <=!8 > p 3@
" /+ :
.'
A+ m
Hi <==> "
<j.0> <=!p
=4>
::
2A = mA
- = /
=0: =
=B5 = V
2P @ hl0>" 9
9 O2 @ 9);
o LD An
Q
en
2>
A A
2> %A + A=RB4> QB
!S <=
24>
%X 4@ ¦&0+ %K):B
K
\ K" h.V A 1"
!B A"
B> h
=@"
=B+
\ > F /n> @ 9 K
h+6@
/0> C2
=+
%@=@ B
&C" = %@ A
" 3@ %
@ A 3@ @=@ QB
=
sA
>5 A>HB> 3@
s" @ $'+ h@=> A4>H <D h= B
&Ci 3 +
f
%&B
d ? 3@ Q
j
%1: &
.3BR /4
3R =@ Q!
f
QB
%Q0! O>2? S A=0 4 N /4
@i
%@i
T=0 QB
%T*
B+ % F A=4.> hNA? h5Q e
$'
ND B
&C" 3@ 5
%&4P @ BP=
3@ %3
: 34.
95 C2 &: %T
T=
B!4>
B@ /0 ND %=.A $;u> /+ ~ @ %&:'
3@ L=B +
%:05 2 3@ &.
%5
Q!i 8B
% HH
@ ¦H
& + %zP
34P Q
LD %&Pi
K Cn:; j> 3@
" %A
=V xB
H" 4
g!'
&>
&+ &
/+ &*.
H04
&X . &*+ 3 <{
! @
&+i
04 y0
2> K4.
+2> <" r8{
3@ d
f
!r=4
r 3@
QB B ') 9:
:P %VF
j? 14 /4
QC2
C
2
%O=;{
)B@ QB )
B )
9:
:
4
R4
Q!
/A+ %S
*
A %P
i
2 %P
o=A
h 4>
2C /+ h!!5 <
3 %H" D 3" % H+" R #$
')
O+
T=0 T=0+ % &> %D D 3@ K*@ @ 2> . /+
T=P q28> %~2!> 7!0> % )> $> p %zP h
; M @ m>" @ :)B
:&t0
. 4P
@ 98 <"
e
3" 3@ % =2 OC5 e
3" 3@ 3 q.
-" @ +
! =2 OC5
E4
E 1F> = E 78 T
6 + &
3@ ;i -@ 2 m
3@} :78
/+
5
KV TP
$;" 7V & f
<
<D % >H " CH <= > N" &!P =
4+ % @ Q/ "
TP ^ &+ %!V J5 3@ $;"[ 3 > <D %4-@ 20
3@\ f ] T0I \ Y Y <D
Z \ Y hJ \ \ Z =I\ \ Y \ Z 3>6\
=
Z * :
Z Y Y Y [ Y YY
+ %9!
3@ 9!5 |4 f & ^[k:Q!i
] 3!5 \ \ \ Y Y AY \ YIZ IYY" TH;
fYZY
Y Y Y K.
Y
N %& 2P f 3@ E:*> %+ &!
s %94> 20
m6 3@ &>
3
9t4
%= 2 + 2
%9B
3 |
%9$
3 P" E4P
2P :T=P"
.OH=B
2 K j
% 9L N
+ E=X
q; <D 3@ 3@u
D
+j h+=; i
804
3
f
m 5 = <" H 1R f
r=4
r 3@ +
:
$C @
f
$@ rB@ f
-4@ f /+ !F
45 f d U20+
@
6D /+ {
9R f
3@ m.4@ f
h0+ A-
......
L
+ %Qi
j4 C2* %
$> Q/) Q/)
!3 !
=;i
O=;{
)B@
.|
' r
<+ %r=4
r
<"
f K TH 3+ } %'
K N2 r
%{ + ?" &X@ + ; :m>2C[ +
5
&? j
KD Ti
9n+ } :@ K
T;HD /+ r
:e
3 UV{
/+ r
^{ P2V !:
} :{ @ K ;2
\ h
?"Y uI \ Y \Y &B.IZ > 3@
N} ^[aa:Q
] h- Y Z \ \ Z[ r=+ \ ] @
Y Z Y Y
\ Y QF4
Z Y Y Y Z ML Z Y Y Z YY
2 =C @ %?2 AB+" C
6" Ti
;} ^{
$ h!R M T
j>
K <4..; <4
} ^{
L
&!5 /+ q.{
q i
E 3@ ;
<!5 %2
<!5 :3
KD <4!! <
j
/+ <40p <
%
E
=" 3@ E %
6=
3@ j
ND O=P N T= N} ^{ -B
.B=@
$C d 5
E!
%^{
e
S 3@ eS
.^{
>2 0
.Rn+ U!8
R 2 |
=
94
$ N
Bt)
2 1
3!
N %
&!5 /+ HA
E 3@ E f o;"
r HA
%| @ '
%L
Bt)
3 4 n
2C+ %T
d.
HA? 3 h
p" &0>
HA? ML + +2 0
=
PH8
+ %Q# @
/+ 3B:>
:!V Q
2
&!5 /+
= + <v
1:+ h@
<
/ >
J
S K> N
!0> d T0@
:3
8!
KB> @ &X@ KB> 90
> @ o> 3@ &
+ M4
h!R; M4J? 20 : TP %D K*+ %M$
. =" 5
3@ 3 4? H N . " > MX@ %M h!@ hC" :T0+ %/V" 2i
=!@ %2
/'5 %K F
r) @=P /+ =5=@
&? : . =" T0+ }9R'
T0+ %
); 3@ Q !
X
%B
/+
&
=0> %
E4 +
%|
&: 20+ 8B
K0" K5=@ Q?
LD
..'
3>=
#L
3 EL
% . /" ? 3
E$+
A!)
2 .
Ep A <
M h!:; #H
/+ mP A+
h
2" &40> <" H
"
LD /" <
:T=0> 1p
=
.'
3 2@ <" : /!C$
/+
f
:T0+ % 1p
=
K &;Hn+ %20@ E=*'@ f
L /+ %*"
() /" =>
MH" @ dJ %3 @u
@" > :T0+ %
M5 N :T0+ %3 @u
@" > M
\ f ] \ Y\ 4
\ ^ Y Y 4 Y \ Y :T=0>
<D %MHu@
Y H[ "Z Y AIY Z @ 3n
^[:Q
] C^ Y Y Z Y
=+ Z [ [
LD
.
: 1p
=
T0+ % 4@ &?
: 4.
Q6 2" H
H /" 3
T0+
?i
!
rB> U:
2
%q='@ : H
H /" 3
TP }<W0
/+ H
H /" 3
> T=0 @ :TP .&5 :T0+
Q.'
=" 5
KV /!
Q/
$C :()
TP
:()
T0+ %=B> Q/ & : H
H /" 3
T0+ }=B> Q/ " %<2
/" 3
&'+ !m" 4 %5
KV /!
B> Q/ !
<!5
& :T0+ }=B> " = %A n
:()
TP %/ P" :TP % H
H
MB5 +" :()
TP %B :TP }D e
=2> = :()
T0+ %=
.AB5 @
.-> @R
f T" m
@ B)> R=0 h
>
9F@ E
4
/R /+ m" " oX
K m"" #H" @
\
=!0I Y \ Y[C
=[!FI
\[ Y+ * <=BI
Y \ SV
aa:r
i
] 3> Y [Y Y Z
Y M Y [ Y Z Y>
=[
Y @Y &: ^ Y Z P=I
Y Y Y Y 1
Y Y Y Y+
<!5 :T=0> =C %Al K K045
@ &;H .'
1p
=
P ^[aa
e5=
m:05 !}AB5 @ MB5 +" %D e
=2> = Q/ !
@" %()
2P + @" % 3@ H
H /" 3
z05 %.'
e" 3@
|)
@ K ()
Epn+ %2B 2"
34@
+
mB+ % >H tBn
S 3@
C> N= s > m*+ @ F ND <{
rB> +
mJ? s
=H K &C N" . 2
2!B
A>" +
KD !" A H=0> ? #L
f 2P
CL0{ !" 2 ? f f j @ #L ~=!4@ f
f
%| @ ' ^ o;"
?" C?" %:
KD 8B
3@ %H!B
E OH! KD H!B
OH! 3@
!
i
z
A
=S ! |V 3@ ?=@ !
"
d>0
Q? &>
q=+ 2"
A > M 8
t? <:5 2 1
%tN @=
/+ r'> N %A!V A ~28> 1 f
f
%| @ ' ^ o;"
<D h
j>j h.4@ h+ B+ %!8
&4
O=P . /+ o" <D y;4> N
25} :5
KV A+ TP 3>$
Q
2A)
H5 3@ <= > B+ %&4P
f @D KD P &? % Oj Q
2A)
-
/=> 3@ K > %KA > @n>
/
H0
2! /@{
=CC
/
0+ % -
Q+=
=" @6 /+ Q*0
/ %tN @=
/+ $;n N
E 2 h
2S M
=? @ %3-
l" 3
K m :N 3 TP
.4P= =
$
/0
Tj K .'
2B+ }3
" 3B
Pi
F /
=P" f
2
TP <D
m@V
~j
C6? N h4! mBR" + AC" E2?"
"
m!8;"
LD
6
&C" ;
$C ..=H :TP p %!V 2> /+ |
%5" =8
d +
.
A 3>6 % +
2 % M4 A
3@ h
Qj? m@" K4 pv
@i
m."
V p %Q.; /+ 4
$Pi
m
%=
A =A+ A" <:)
1>R 3 =!
q" KD m;H K4 ~
A nR
= p %Q45
K 2!
A 20B
p %H!
xB /+ &B> h=P V p %
= 0
!)
!}<=
m 5 <D *. 3+ %?=
h A+ o N AD =2
f u@
KD 2B <" q.
E=p m 2> %/=
K 0 %3>2
t J+
C
& q.
3 m
% =
ND &R!
3@ &:" N }<=
m 5 <D QNuA 3@
Al U.
/ %1R <: &R! 4
<"
%e;" <: 1
f 3@
B] 0>+" /P B" 3
2+=+ % 0>+" /+ =
Ct6 H=5i
en K T2>
5n 3 M! > 1: @
+ M
r &X@
L
/5
3@ 2" 9P
:E 3@ X@i
X
" !O=;{
)B@
<!
;
==
5 CpW K
Hu> <" ! &
AH 3@ OH Q >H
@n 3t0
K <D
h
F " h8 %<F:
H.
)
? /+
=.0+ %A
=-.45
/4
A4@"
f
" %. z4@ f 3@ Q? 2P )
$C Q
=5
h %tN @= <=+'> N
h D "
f
A @ %o=A :4@ C? " %oLi 3:4@
f " " %T z4@ /f S
%Q0 r)
/+ eQ
2P %! &
%Q
=5 <=?'
%
A @ =C
:T
3 + % t@ O)
O 3@ ;
25i
O 3@ -
E
E=p 3>H!
@ m! H h E
m>"
f
M C=> N %:
M 0X> N %t? <:5 2 T0 1
HA
&*+" <D
%<>{
sH
6 % " " S
%@ + mB:45
@ $" M KD mB:45
@ ~j.
:3
s2 5
&
2= H
5" &'
<
&X@ /+ 3 <D
h
X h- EHi HA
.^[:2@] Q
2+Y \ @D
] \ Y 2[ BIZ Y h@Y @+
] \Y :h
5" )
5n
.^{ &!
/@
B+ :T=0> M@ 3 9B
%A@>" A=
$> < %. CB>
3
.-
dS /+ A
3@ 2B
/+ ~5" A
m + %CH2A4> &B.
<
6" :0 =A+ " h-=@ o
L 3 > <D B)
+=
?" p !; p &
@A 3@ *P
.8
" H
C"" 0 3@ /! N 2C
f &
KA4
1
y8
H
9 <" j
3+ Q/
f m!
.hP+ h+=; C5n &t!P 2
f 3@ H +
E
=F
T=A@ h? s0> h
5 s0> !
ND =C +
.hB? A
/+
9*0
>2 A
@ <
ND A E= N 3 ES H=5"
/+ B
i
%Pi
EVi &0 1
<!
3@ O84'@ J*@ O=V $C
%M5
e! &0
d! 3@ %=
E!5" =
& /4
%1
E0" s=B8
K ' %
{
6
Q " 6u %/=
/'
A o
=4> At
3@ =C %&.5" KD 3 @i
+ @i
2 A!8 3@ ..s=
%>
Oj>F
#2C S K +2 ' > p %
1t5 o
=4>
=A+ 2P B!R /+ d @ KD P=> " %0t5
h
Q
<" e
A.> +
=+ %@2+ H H
" + '
LD i %4!P 3 &+S
%4@2' '@
C2
K B' %K :K B =C @ /B
=
/+ +{
P" /+ <
.5{
K
:/ B> %5{
90
%2> K=
/= z!* @ &0 f < %> q2V P t
>
%!B> 1
.2B
H=?=+ $C m
L+
e
/+ 1
=V +4 ND mB+ @ 5{
/+
<D
!r=4+ ND
Q!
2 !X
/+ O:
3>H K Q!
3 !X
/+ |P
=@
r
f o;"
%| @ '
T
24 <n O>2? %A4B)
i
&C" Q !? K m6[ = %
Q
2" ECD
f /+ $;u A @ !B
%e2 X
<" 2>2A4
OnR m HA
E
=i H
> mP
+ =!R m8 %x
[ + =; 3+2 %1@ + !5" &A %q: + &.0
%x!0 + 3
KD .
#H>" 24 %xA + H=5" x %x!
/+
=A
gB %/+
=0
2P @ /+
=
d: %O;v
3@ 2
O K>
> %30: 4+ h4@V >./+
=F
<=B
m@ @ /+
=B
e4. %/+
=0
H
=0
K)' %<2A
& 9F N %<2Cj N h@; > %<2P N hC5 > %<2B0 N h
% 3>H ?" /+
QA?
.> "
/ LB@ =CC.<2'4+ oH
Oj /+ LB@ T0+ %
2S
h T!
KD <.4
=+ MV" KD 9CL
:
=0+
" ;W 3 404 =C ND D N #$
3 %+ T!
KD @" :
H=B
M
. 3 m\YS tP m" T=0f s=: =
+ 2>> " !L %&40
KD H0> 8 /+ 0 ;W 2C@
=CC
OHA)
%
&!5 /+ AB@ OHA)
2>> %QB
/C
<= <" :!
&! /+ 1 %M 3@ M KS"
B> <" 2A) <" O=;{
)B@ h0
&R!
K ;= 3@u
Oj /+ T0+ % &!
:0+ %(@)
H=:
0 )
:
/0 %J>H ! K4 J>H 4C? :C"
}3+ A H$ <D 3@ S 3@ @2 2?
f @"
.>$
O E!5i %>$ H= f /+ H+
f 3@
+
> + 2A? 2P &B> &
34.
+ ~4 h
8 B D ! !
3 !
=;i
O=;{
)B@ h
;"
h*B A*B 1P> &
:0
XB4 N :
F o" C2 < 45
z5=
@i
f
D N" %&P 5
KV 2@ f /" Q.
#2A <24A
%X
+ 9A
~:0N ND %3B
E 5
=V 3@i
2@ o2A ~+2N
4> 3
!
OjB
#$ <>{
78> N %3@
&!5 < @ 9A /" #j; 3
.r=4+ ND %=S: . ND =
.r=4+ ND %9+ 3! N 9
+ Al N <=! 3
4.
/+ 3
%A! +2> hA?=@ &+
/+ 0 %*4@
h
@ /+ &?
.P <D
.Q@2
1>> Q
2i
&+? |80> 4.P=
%B P=> %O=A +>
H
2@ <D %3>2C
r=5 3 Q*@
h &0 N 38'
E4
" P" <D
%3>2C
Q@H 3
<L &0 N 3>2
3 ~+2
/+ A@P"
M+ '+
.r=4+ ND %|
M >H @2'
20 =!A
<= %4* .> <" <:)
OH 3@ %@0
=> l -
3@ @i
&0 /+ 5+ % .
mPS m C <D %5
m m
L+
X
= Q
= m.4 N %04
8
K x@
%s2A? A4 KD A4tXS
QNuC O
@ /+ &PB
A+8> 0PH & + %Pi
!?
=
K hV Q
=B
4! 3@ /+ Q0B
T=0>
L@ %&B
3 BRP B
3@ B:40@ /C 3
.E
T=0B
0 :<==0>
@ @ 5 B ++
.r=4+ ND
=
=A
.VB
9S 3@ A >2
HA?
O
<D
!B 3 o!
2" h T
=Pi
" 3@ <D
.r=4+ ND %sCH 1
/+ s
=P 9B"Y %&R!
9F+
B" 3@ m!4
M40p %(>4
A+ Op !
"
@ -" M>2 !&
A>"
%9>
/+ A /V %t
K A <L" %
A4!4
%2>j " hP )
%8@i
:Pi
A m4+ %T=0
T=0B
A %
K A 9:;
@ ../=
! AD A m @
<L &* 3 %.0
2!
A mB:P
%$?
= A x %O=0 C$'+ %3B
E 3@ ¥=.@
i %3: z4;
.r=4+ ND %~
5{
~
5{
%~
)
f &
. Q+=
/+ 80+ 2 2
%3>2
Q
2n M A
%3
sH! M! 5 M4
M >H 8
A
30+
%CV 3@ o8 M A
%CHC 3@ H=A M A
/+ 3>2C
3>2A:*
3>=5n
3.B*4
=;{ 3
A
%3
? 2" 3!.
=
<))
)
<4F+" 3:+
C8
A@
2P" m!p h
!V A +" A
%3B?" A 3
A
%3B
/+ &!0 A
%C
5" M+ A
%C? |
A
%3>+
=0
K
H B
q.
>j
s)
&C" P
%HA
+
A
%C=@ Q
2A)
.HB
D O;v
2
3@ > %H.
&Cn
3>2
$A &B
/+ B N A
% =P 3 |" % =B 8 A
2
%8
B K=
B N=@ m" %A4;" m B @" m;H
%s2 A
M!5 %3!
; K
O8
% 3B
E
..MD E=" s.F45" %m" ND D N <" 2A"
2 .CpW Q.4P
A0>R s= >
2!
:0 &X> i
5{
T? !;" K r=P=
f
h ..- q @" " Q
B)4> 1>28
/" 8')
8' K r=P=
.Q
2+ * %
h h %o=0
.t*+ %E:'
3 3 O$! C;W /+ %O
$C =4
@
$C
2!
&C" +
KD h
2@ gB4
%2P 4 rV %)!
20 ) #$
2
Pi
H &;2+ %.
3@ O
2 O=!
>
2 /+ 4
%- U" &n+ %-
? K
=8+ % /nI
T? 5{
j" <" KD %445
K4
+
m:C @
=V %pi
K < AB K %F
3@
V"
.)!
25 K h
X
h 5 %)
< +" K t
m2C %:
<X4 tF
] :>
Y
\ \ [ 3@
Z Y Y =L
Z [ Y [ [
\
Z [ Y .FI Z [ Y Y Z Y
Z Z Y>Y " Z [ Y 78>
\ \
Z Z [ * h
2>25Y hN=IZ YP
==P ]
=0I[ ]
=[@W
[ [ Y Y
Y 3>$
Y
\]
.[kakb:E
ji
]h- \ Y h
6=IY+ 6+
Z Y Y 20I Z Y Y+ [=5
Y [ YY
-> <" %
=0 K =P > <" n5" %
2A"
A>" ! K %
=
+ jB => /+ %
|tV /+
$C &B?
A
%l ND &l N => l m
%24 sH=? x+ 3@ %2*4B M A
%N6 3@ <= > @ A
.S
%
3@ A .
%B
6=. V %>
MA?= 8;
$C &B?
A
3@ 1" %
2
K T=J@
" m" %T=@n
&?" '
3@ AB@5 F %T=!0 C0
.4'
3 @ K>
!'
<2> d =P &
] !B
+ LD (>4
QP
>2" Q
h 5" 3
|
(>4
=t5
.
3>$
3>== hH ML <= At*+ 3! KD ?
mH M$
@i
<
=P A }ML A K" 2
=P 3@ 5{
=@2A> /
A4
2
=:05" %C= 8
!!<=A0.> N
&=
P KC" C*> + A C= h@=> O'V 7R
.<=05.
<=-
<=0+
= %<+
= = 4@
<" %.;
3@ O!B
+ 3!4 h
H5 H5 A @ xB!
<D & %O=V &
3@ O!B
3n5 /" h
6 m
.......hA5 mJ
LD <j
&B m" %A5
h 4B? @ ND &A5 N A+ %O=8
T;
5{
/+ 9:; T" 1>28
="
%
T=5 h5n4@
2!
Y YY %j
+ 20
- &? %;i
MJ" 3@ &? O=V K+
.
=> 3@W %e
$; => T=5
8 %
&!5 /+ @ &
1." %
/+ 2C?
=*C %0 =' %3
Q " 3@ X
B+ &A? %e
$
=> P2V %e
f " X@ " F@ 3 rB> ?" xB %2P 20> %4j @
" zP5 " y; +
¥=
Q!:'
C & @B
K4 T=P" N C %B
$C 3 <=+B> @ X
" :P5
!V - mF:+ %
" =C 3@
= >
%-" =C 3@
= - i %E4
.4j @ 2P 4- K 4j @ 2P
<
%zP E$
pu> %zP h &@B4> %zP 8 25 " pu> %zP h
;
3@ D %
N O5 T?
N &? %! 3@ B" %5
KV T=5 hA!
3@
3B %"
/ =" D %3 @u
3@ X@ K N % K.'> N
.
H *F"
KV K.:8
KD 2> 244+ %
T=5 M"
ND D N <" 2An+ :0@ < @"
$C ! /!+ %5
KV K.:8
KD 24 2> T" <= 4+ %B>!4 5
3 mP /+ %O! - 2
$ .P %B
$C O 3@ =V xB @ |0 <"
$C &
%1>28
<j 2B
2P 9F
/+ T
%QNuC 5 KD + <= @ ="
KV
T=5 V 3@ S /" A @ 3 2B 9! + 3 @ <" B
Al &?
$C TX@" o
= => " B %X
3
=.B> >2>" m!
ML &
%5
.*!>
1: %
jPi
T: %H.
9BX
~=? A5 / <" m= =
LD >2?
.......
3>2
&!5 /+ 1>28
OB@ 3@ O=V
T=5 Al %ML K 5
KV 0+
K4 =
AlD K 7> =" Tj>
H 9:; T" < + e
/+ h!:; =" P %2
/
= /+
=P. %<=
%B@ 3
K
p %<=
)
p 5
KV
T=5 KD
KD
p %34+=0@ 3B A? E*> &B+ @ H !4 <D K4 %
2>2
h h "
=*+
."
/ ." 3@ A? rB> @ K4 /" 3: K =X>
% /nI h
np !4 340 @ 3J :
=P %3
)
=?" % /" =P = Q?
o %A
;W ND + = @=P D ? % 4> N KF+ =" @"
@=P !5 %5
T=5
C !}5
KV
T=5 &B+ @ :TP !
.=
p <=
)@ C LD =$
}5
KV
T=5 &B+ @ :T=0> =C hJ B:> <" 7 m@0+ @" @"
E:'
m R+ &? " KD /!CL
:TP %M8 3@ / @ / >
:T=04+
9CL
<" 3!" : &? " mP %2@ 3 Tn> /
<D :m0+ %AD m?; %A+
KD m*+ .B :mP S =C 34+
/C 34. J @i
>5 2>M
KD MB@
<" =?i /D %.
1+ &Ci M @
$C
= h@=P <D
:m0+ %B>
h V 2?=+ /"
.A @ M
04 >
T=5 &B+ @ : =" T=0+ %2>2 3
KD <n>
=
20 A /
A
- /
$C %2B m @W 3 M@" $C : &? " mP }5
KV
/" " m
= K4 %
)@ @" 4 + O=2
>5 K A
/ R+ 3@
}=C 3>":TP %
2 7V 5 D :mP ! R+ > M N :TP "
/
T=5 /W K4 h
N h@BR qL" N" / <+ :TP % Pi
/" 3
H /+ :mP
.5
KV
%<= @u
<= > <" 9>
$ C %2=
&Ci
T
d.
9 q=.> h!
T=5 9"
4;H" K4 %A n 4> &? " @" m?; p %e
3 5 &?
"2C K4
-4
%<=
9
" %!P 5
KV W + %5
KV
T=5 K
/@" m" /n : =" T0+ % @ o> O2>2 P 5
KV
T=5 q
/@" $C !
T=5 > :TP p %
T=5 > /A? 3@ 15.
T @ ND en 3@ / d
T=5 A H C2+ %
3@ C$0 4> <"
KD AH
A
~H+ %s!@ m" C2=
.
ND D N <" 2A)+ %5
KV
%5 1
&!5 /+
T=5 @
$C /" |P=
!
H! > |P=
$A 4>""
" <D :7V H 5 /j
2! 3 T=0> %
2" OH! 3@ &*+"
h>HC K.
<>{
D %!P /+ P Q/) A*+ D %V N OV OX e
&*.>
.B
? KD h>H %E=0
KD hH
N!
7:
3> h
2S NP AH C)
5{
KD O=2
/+ 1>28
H
\
m O=2+ %AD O=2
ND D N *40@ T" 3@ <" ="
Y Y :o;" O=V
.A=@ /+ @i
.l /C & %z0+ 5
KV 2@ .l
:4@
@ " S AV B>[ T
6 @ V;D <8
=? % .5 /nI H0
E=0
H0 4 % >
=
8;" C %
P2V A+
.{ B
3@ M ; h
2
h? M
#2A> <i}I+ %M$ 3>
] Y <"
3
3@ 3.B*4
O8 /+ 1>28
H
)
2>H V .
OFR A 9V 2P 3
3@ 3.B*4 LD %M4C 2P 2>2?
Z Y ND]\ AI
<" \ Y Y @ C=$ %C=): %C==? %C=! %E
$B
Q=5 p=
25
Z [ Z @
=0I
[ YY
\ \
j> \Z >
\ ] \
=[ @uI
Y \ j\ BZY
.[:!
] 2Z [
~ P{
M4> N <@6 & q.
.
&A
T*
<D !
/+ !i
A>" >
<" 2B T* p24 <" =
AD & E=0 K] " 3 :!
O=0
M4> 2P %<C!
%9>$B4
AW %OB
A4" %E
$B
A*@" @u@ h5=. =" o" %=
AD &
.
=
%d)
/+
.R %2>2
~H"
=!
%
= %Q*@
/+
?
T=5 =CC %9:
3@ g!'
j %|P=4 N <=
$C /+
3 5 3@ 5 Q4N
<
%O!@
K.V
=@" ? %o> @ w+
Q4N
3@ l
$C o> ="
N Q
h j? A @ 2>> N
?= A04B> %QPi
#4)> 1:
p % O >P X
" 3@
%
&!5 /+ >H |" 3B"
=@" 3@ 1. + %+
= 4.> <" A >2 > ML &
%
h=
.O2
=
@i
2
=
Q !
2
=
2 =B)
10
. mC 2P 2" 2" :T=0> =C %9>$B4
OnR m 3J> hN o> =" >
- ='V %2" 2" :T=0> =C % @ EB <=+=:>
8+ @=P K <C %
/+
@" T=0> p 2V K = I r" @ &C" @ Q*@ /+ OA-
Q /+
:T=0> mX
=C T T < %2 . " = K4
$C K T
j N :
rF
Q+i
KD /P= hP4@ eH.
? KD =.C"
| d h
@ OF:
3@ AH5 2
K @" 2P
]] : =" T=0+ %+ ; N hN M4B! O2
P" ND m" = ! " > : @" T=0>
.[[ A 4:i h!CL P" t@ ND m" =
* <" ND m" 2P @" !/ > :T=0+ %@=P 3>H K A T
6 @ !
( =C =" /n>
/4" > :T=0+ %2t
2)
mP /+ M=B > M=B. > Q
2? Q
2" T? K 40." A+ M@
C2>> =
!}OA)
2>>" !}Q>
2>>" !}B
2>>" } =" 2>>
L@ %2>" @ 2>" D
9R 3 <4 %O;v
2
? 2>> %A>0 !
r
i
/+ AB=
.O;v
9R 2
AIY Z @\
=:" Z \Y [k:=4
]P28
[ Z [ <+ \
\ Y Y ] /+\ 3\@uZ
Y Z [
3@
\ \ ]
<jI
Y 3=:Z
Y
\
[ Y [ Z Y> 3>$
\]
Y :<=0+
/n>
#" <n 3@
==A <@6 &
/+ <=n> [:=4
] <=:'> Y [ Y Z Y C Y \ AIY Z @\
=:BI
Z [
LD Z Y Z [> Z \ Y
=
Z Y <D [Y
%2 T!I m
2 f hN =" 14" D :<==0+ %<=PH8
<=
=0> &
.2 T!I <
rB:#"
$C %34
3.B
-
.
$C &X@ EV" H 4@ /+ d ="
=C %/!P /+ @ B>
:T=0> < %A H> A
%O5'
OV0
-
.Q
/+ N
i
/+ Q/ /.'> N %K.;"
Z Y Y Y \Z ND]\ * oj
f \
Y Z [ B
YZ
!} KI
Y Z Y> r=
Y Z Y YY
!} KI
Y Z Y> r=
Y Z Y Y Y :#> r;6 #"
!} KI
Y Z Y> r=
Y Z Y YY:# H #"
!} KI
Y Z Y> r=
Y Z Y Y Y :# N C+
$ /C & %A4 >6 C$t
$ A+;6 N A4@ N 2
N
0X
1>284
?H K"
%5
KV K.:8
E$ > %)A
/+
<>5 #> % @ /+ !'
:>
<2>> %20
=jj> <" <2>> /nI <=!C$> p %!'
$A 3
xB E:*>
C2B 5
KV =5 q28> 3 " 0p K C !'
!'+ %>D
jA> <"
}&?
$C |P=@ + . >H 3 25
: /+ <>{
A @ H2 /4
O2'
/+ T=0 (@)
H=:
A@@" |P
%P2Vn+ A " & 3@ 5 /+ Q
3@ !' /n D
%q2V 20+ TP <
<D]]
H %H!
K !X
KD %>
/+ U==
KD
-
%TP
" [[ <v
P2V" +"
. 1>28I 90> <" =" 145
%3>5; 3!t; QNuC
T@ + %=5 3
3 /n> @ @ &@B4
.
=" 20!
/+ !i
A>"
3 3@ ; @
=+ BR" B5 % P2V @W & %T
2? N &0
=!p 2B #"
.1
ND 5
KV
T=5 /4.
OA
/+ 5" 1>28
H
!}.l= !} !}T h+ / !> &C !}98 h+ / !> &C ! >
."
"
LD U +
9!8 h
3B
! ? A
L @
LD
=P" MJ"
E* !
'
/+ >
+ 2 ? ( h
;
oj?
......
F
KD 1>:
/+ ! =V
.
KD O=2
++ % @u
OjB #H" N :T=04+ } /" m > s=" 3>" :T=0+ Q5" KD &A? =" /n>
%ML S !' K-
: AL" 3@ ARP A @ UR : C2; :+ 2>
/4
.:
)t A4;" @ C2 0
3 ML A F> %Q>=Pi
T?
!p m!X
B:
z4 AP: 1) B:
jA Q5" m@P %-
M /+
= 5 <X
!
D V=4 5
KV K.:8
KD 9C$ B:
z %3P:
$ 904+
.s C A" KD
T?
K Q
m*.
L 3
Q
<
=+
h :+ <
%A
/+ >P !;" $;n> < + %E)
L Q5" =;" /" 3
2! @"
/@{
=A+ %" KD 5
KV K.:8
KD AV=> &
/+ %0! h h
L
.
C8 /+ @i
D 04. #$
3@i
qH8
.A
/ /" Tv ND 4
2; ;.@ *
H 5 Q
H2
/" 3 o %C
=0 AP2V C>D Aj" j @ /" Tv /nI <
$
/)" Q
H2
" > :T0+ % /" @" /)> W 5
KV
T=5 <"} :3
3!
2B 2" K mS N d)
mBR @ %O;v
2
/+ M @ ; =C 3@ @"
.{ /" 3@ ; 35
N
=" 2B
HB+ Q ! 3! 3@ <!BV N
M
N %AXp
3 p M l @ :5
KV T=0+ %W @2P m - C2" <"
n:
3@i
3@ /+ 5
KV
T=5 <
20 ^{ B@
<D <j
}
L %O2
.4
ND A T=> N 2 3 . o> =C %
i
/+ ) AD &8>
\ ] ] [ Z Y Y < >
Y \
ZY
I[ Z;Y [
Y [
>
3> [ Y [ [ Z Y Y !}r'> 3+ B@
<
3@ %
8 1p
i
H@ 3 A" B> %@n4> OA
g>2 K4> #$
<D!!i
A>" > .[b:T.i
]
%3 H=? Q
24
%2>2? (> + m
& %N @ 3@ EC " 2 3@ O
. >=!
>2
/C %O=2 @W - O2P
A @ 2
ND & %1
=
EV" ND %OA !8
B 5
KV K> N
4C @" T?
E!)
S84> #$
&A
L %"
/ =" =C
5
KV
T=5 &-@ %H
j
2B@ %&0
nA@ %1>:
e =A+ %-B
.[[
T=5 > M / " 3 / " /. K @
@"]] :T=0> 5
KV
N #$
/*
/
E!)
8 CH <= > <" 2 N &? j
KD O=H >" <D
>
O4.
>" 20 %Q "
=
hN? D h!5 3C=
='
r='
rB>
KD 4
i
/+
3>H @PD =J@ <D %
K <4tN
H
2{
OA
B!
/+
<" :4> N #$
? 3@ %T.Ri
Q
T?
@ T=A
@ E!)
H=A? +*
O " KD
= 5 <X
L )t 3@ %T=A
E /" KD F8 /@>
O=
<n
%5
KV
T=5 3 mL m
: /4
t
2.
6=B
@i
$C 5
/+ 4@" 5 %!
9t8
3
Tj 4 A K'4 3 %M N 5 @" D
.l &B? 2P &? j
%qH8
78
A
K &? j
KD O=2
/C O
%
A @ !4 <=.'4@ 3 %45 K
Q @" 3 %
KD O=2
/C Q!i
\ ]\ m?;"
Y [ [ ZY e
<@n f ][ I;Y 4[ Z
[ :A OH0
2B> K4 <=
pn> %Q
Z Y \ Z [ @" YZ Z
\ ] \ <= \ Z[ \ \
.[aab:<
TW] Y [ @uI Y \ Y Z Z[
3
\ Y <=AI
Y Z Y Z IYY rBZ
[ Z Y
:/
| 4
3@ 3 3>n+ %O=2
/+ |l=@ " %
H " .l m!V" %A@
}[ab:|5=>] /\BIY Y!I]
3@ f \ K
\ Y Y "YY O8 \ \ $C
\ ] \ [ Z Y /!5 \\ [
Y Y Y Y
KDY =H" Y Y &P
Z
!}5
KV 2@ ~!" 3@ m"
j @ <
1>28
KV /!
E2} :TP
/ <" 3 2 #$@4
/+ :o;" O=V
3@ h@=> 40!5 <D " 1!5" =
:m0+ %#2 T@ ML 1+
=+ %=>
L P28 5
A m0" :TP }MCi m0" @ :5
KV T0+ %/@ |8 mJ+ :TP %C2
Q0" Q.V"
=
%Q
=4N
<=+B> N %1
F /C!4
<=+B> N %q2V &C"
=
^{ X@
\ Z [> @ & "
/ =" /n>} A
/ Q0"
%
hX
N hP 1!I
m0+ : T=0+ %=5
A m0" :TP }MCi m0" @ :5
KV T=0+
<" Ki
!
<n 4P
30>"{ h
2" =
2B Q/ /+ M05" N :/. /+
ML 2B + d+ + %M N "
/ /nI h
6=@ 7!V" Ti
j
.j
=" { =
2B &B+ @ <X @} :5
KV T=0> K4 1. > <X %@
.
LW 4 !5 3@ &
7@+ %3
K B q284+ %1. > @ 2> *
/5w@
&!5 /+ /+ O2
O@ @ ) 1." 2P
K0> !i
A>" @ 3@
5 9;V 3
E! %< @ &
/+ 3
? %< @ &
/+ 3
C
= o;" '4 E8 = %A." r.D K A B> 3@ <2> + O=A)
2 =B)
3>n+ %3
K > ? >
K > @ %T
jA
|B* E8
x+ % 2 > 4
T % 2
% 2 > P28 <W0
!}<=
A>" > 2
=
!} /+ O2
O@ @ )B
~
j
o=5 9
28> N
= ?@
= 4
5
5
~:@i
K K@=
A>" > Kj
2P &+
=-0
~?45
A@ /+ 4@H @
H@" 3@ + @
=B?45
~!
8P K T
9BV AP
2V <D QB
9R; >
KV
T=5 2 h? m
} :TP Q
H2
/" 3 #'!
;" :o;" O=V
5
KV W + %4!
3 o2" K4 =p rR h
$;W /" &!P"
LD %5
T=5 K 5 K4 &!Pn+ :; T=C /+ P " :ML K B@ @S 20+ !V @":TP
:#"D m5n+ Q/ 3 / <
<D !
T=5 > :TP p 5
KV
0!
4B!4+ %/ Kn+ %/ .F> <" 4n+ %/ @ <
@ K m@2 /D p n:;"
" > M
.F> :5
KV T=0+ %
T=5 > MD m!P" %/ @
2 6 K4
! " > M
.F> !
%Tn+ /" TjI @ K" K4 g!> '+ % .F> + .F> <" n5 3 2 p
T=5 KD &!Pn+ %5
KV
T=5 2 " B+ %B N :
=0+ } =" p &C
K4 %B4> 5
KV /!
? &B+ % 5 K4 5
KV
T=5 2;" m
} :TP % 2" @ &t*.
/+
7V 2 /5i
B 3
%"
h " K:" %"
h /:" 5
KV
T=5 <D p %5
KV
%/I!8 /+ /C : =" TP %/!8 /+ /C :m0+ %' q$ /+ .4;+ 2
Q?
] ! B > :TP p %A 2 AC
=" T0+ %
/ < +
AX@ / H
T=5 M 3>2B45i " AH4 : =" TP %&. " @ :mP %V8P
h ML <= > K4
%5
KV /!
KD =" 1:+ %&. " @ :m0+ %5
KV
%g>2
p2+ : B T=0> %5
KV
T=5 K" K4 %4B! =" 1:
T=5 > :mP } 1>28 M@ ! B > :TP %5" 5
KV
T=5 ++
K H + &?" :5
KV T0+ %mn+ %y4P" <" / @ 9R AC
TP !
3
TP % " > M
.S :m0+ :TP % " > M
.S :&P 3 % /"
.{ / !> =" K=+ :
80
ND Kn> % /" <
Tjj T=0
+ 3@ m
=@n
=.P !!i
A>"
!}<=).
T=0>
L@ ! + % @
!}<=B
T=0>
L@
!}<=B:
T=0>
L@
!}<=4F
T=0>
L@
!}<=@
T=0>
L@
!}3
" /+ <=F
=
T=0>
L@
C 3
=;
" /+
=F A @ 3
" /+
=F> 3@ T=0>
L@
] Y p %QB
!}3 @u
|5 /" A @ K A" <=2>
$ A 0 N K K hV /2> &
%QB
1 +B@ %QB 3l 3 %Q!i
p= h0+ %!i
A>" t K h
2>
." %XB4
H /+ C= &B)@ 2
OC6 C %QB h
>20 h
P= h@
4
.Q:@ A
i
" %Q
2+ QB
d.i
25 #$
<
25 " =I
3@ i " N A
=P"
......
!>2
7V 3@ eH
:<=
TP C2 %A H h@ 3
)
&!P 3@ Q? <D :)
$C 3@ <
3 T2 ? =" Q? LD M$
C %@
h Q? 3@ 3
)
KD H> |
!
<!5
%A? E s)@ &A5 =" !4 $;" A? =" E*+ %H=P /+ |5> &A5
94 D :5
KV T0+ %H <" MP" 3@ T"
$C!2@ > :TP
.h
2" Q/ K MV" N
=+ :TP %2B E4
T=5 <" !*S OnR m sH" @ %L |P=@ |P=
<" o" %|P=
&4>
B &B> N
<=B> H!B
3 %3!@
3@ 74+ 78
ML <" %D K=> /!
2> K4 . 3 3B> <" ND Kn+ @i
3!4> %H
" @ =@i
! K4 %H!B
.K :TP }0
h
/! m" !
T=5 >} :TP %5
KV
T=5 Kn+
:TP .K :TP }&R!
K C 1
K " :TP .K :TP }3 " :TP
? } >H /+ 2
/:B B+
Y :TP .K :TP }
/+ C4P
/+ 4P d"
TP .#V =C 8" m
T=5 /D :5
KV T0+ }
>
:mP }B
n M" M!;n+".K :TP } r=: + m!
/n " p2 m
m" :
. #'!
?;" { r=:@ W M+ :TP %N
K " }3 " }
T=5 d"]] :T0+ %
/ " K" p
2P %
/ 1>28
=" TP }
/+ C4P
/+ 4P d" }1
6S j
%V =C /8B> d
T=5 D ! > :TP % 1>28
<= > <" 145
%
T=5 " 2A" " : T=0+ %
T=5 " 2A" %1
K D
=+ = K4
K /
4
/@ +'@ 14" =V" /V" q28" m6 @
: T=0>
hN" M$
m 20]] :T=0> #'!
7V /+ [[ 5
KV
T=5
.......h@- V hN" :#" [[
!>2
7V 3@ !
3@ /C & %O=0
3R=@ 3@ /C & %3->
|B 3 78
" 2A :
/+ /4!"
T=;H 3 C= X> <" >P .
T %<=.>
=!V" A@5 <=.4'>
=
3@ %2 2
A
%>=!
4 ." $;" KD <=2@ =
B
!R 3 %
KD O2
3 D
0@
20
$C 3@ E40 K4 ." 2C <" KD <=2@ %=8
@" t
W
%> 3 %78
A E> 3 E :!* @ !V O2P <= %@
p %
KD O=2 &Cu C2 %
z)
B
/+ rB
/+ R
j> j\ Y #=0 ] <D
¦ \ YY Y
] \ [8 ] <8
] Y [ Z IYYY 2>n 8
H==@ 10 %
i
/+ 3 4
[ [ Z IY> 3@
Z Y [
.[b:
]
5
KV K.:8
O+ 2B 1>28
|P
=@
%
n@ eH.
? KD 4" > %H h E?" 4"]] :T=0 m + %A
/ R+ @"
5
KV
T=5 K
=X <" 5=. mR" ! d" > : +H 2B T=0 p
3
mR @ d" T < %9
)
ND C2B @
+ [[ !}E
4
K e
&!Pn+ %d> <" Kn+ ! > d?
]] :T0+ %e
> ; p
<+
2!B> <
3@ %@ 2P h
2@ <+ h
2@ 2!B> <
3@ :2B @" T0+ % /"
\ Z \Y Y &5
\\ \ m; [ Y ND]\ 2@
K
Y Y 4!0I Y [ "Z Y @
Z [Z Y YZ
&4P Y Y <+" [ [ ^ !IZ YP 3@
Z Z Y Y 2P
Z Y T=5 ] Y [ @
Y Y :=> N /
\
Tj"
<"
=B> e
<n
]] : e! 3
T=0>.[[.[a:<
TW] 0" Z [ YZ Y
.[[ C=4> ND h
) 5" + e
@ C04+ % =" C K4 >v
$C
<>{
N=
%AB? 8
|P=@ ML %!! ! @ "
/ /"
KV
T=5 V <$B@ %.0> <" /nI <
@ @i
<> 7? #$
.5
] 1P
3
=C |B*> 3 > B@ %|P=
M$ y4;
LD 1>28
n A+
%<=
Q !
5
KV T=5
>V xB
OH K+ [[ => N /
<+
2!B> <
3@ %@ 2P h
2@ <+ h
2@ 2!B>
K4 3XF4
KD %
|)
A @ <=?> g
i
H
KD %
<H 3@
=@i
:&t0
A!V 3@ >V=
$C A+ { O8
O8
} :5
KV >V 3@
&;H / R" 3@ :TP !}
T=5 > Kn> 3@ :&P %K" 3@ ND
<=;2> /4@" &
}
N #$
|8
@5 5
KV &S)
F <
%{ K" 20+ /8 3@ %
3C C
i
/+
KD O2
2 K0!> <" 2 + %O20B
@ ND > <" 3 >
KV
T=5 C0" O- ;W &B %|8
@5 /4 AB!4> O20B
@5 :34*0
/8> /" Q
h
2
h.V 4@" o> =C %2V mp" 2P + => + /+ 5
.
/ /" Q
4@" O2= 4:!S KD h
)@ %5
KV !4+ %A
/i Ti
E:'
/ R + =5
m8
L+ %=5
mBR" @ /=BR" %Q!
A
- =45H ^[[
AP 1>28
@=8'
2 j S #=P #=0
+
A
A
V' <D 4 2B |B |B*
@
K e
n+ %C2 OX
A! 20. )
/+ O:
F
<=
V
=" 9p=+ % M$ " 3@ ? 3@ %ML &?u> <" % @5" ? gB!> N" 1>28
%
T=5 C20 O20 &" N 2 /. #$
]] :TP %Q{
2" K" %25i
!p
E
<" " % >2
T= 3@ ~!
<" %/ .:' :
<" m l = =C ND D N #$
%
T=5 20 Q
=
h m @ %
T=5 A? h)? HH @ 3 @u
A@" &?n ?
+ !}4@
h 8" h
T=5 Rn+" <[[ $.i #S o0
/+ 1!> =
!~! > j
25i
s
L K
KS=
s
L /+ 20> 25"
%5
O=2
3R= Q
2i
RD S %Q
2i
S ' C@" %
B45
/ @5nI > 3@ !> %5
KV =5 R R '> ML @
3@ <" 3B+ 3ji " 3!
4]] : @5" T=0> %!
@5"
%2 B @ O=0 ND
=" ;" @ :2
/4
EB
&t!P T=0
3@ A?= |P 3@ &
K K*P <" 2B h@=> 3B!5 2B s C 3@ ? % Q0!
KD )
&
%3
! K" i 3 04
2P %
h=8 @ h
.-@ ? %5{
Q
2"
9
Tjn+ %5
KV
T=5 : =" ~R" %~! Op
ML
V >" H
25 % 1>28
-B 2A)>
K Ti
8
< + %
Q
2" E=P /+
.~! Op ML &
%@j .P=@
.3
!C 6j %2
<
" 1>28
m!p |P
=
$C &X
2B0
K)@
LD 78
d
L @
$ 3B N
3>2
3@ 1>28
|P=@
KV
T=5 =
5{
= <"
= l <" 2B %EB
&t!P xB P
2
T=5 @ <D K4 %/A4 > N => N 5{
<" e
" 3 %5
Pi
3@ mP /.+ %EB
&t!P 2
LD 1>28
K @i
&0p %5
KV
5
T! Tj = @ /n Tj]] : )t T=0 % >2
@ /+ ND B
0
"
/ T0+ %3>2
K E
3n+ %[[ A- R AA
@"} :5
KV T=5
TP 2P e
&0 |
%A.n A 1+"]] :h
2A4@
0 ND @H @ / @ 8 AP 3+ %
ND D N <"
2A)> K4 e
&P" <"
!*S
/ =" 9*F+ [[ ! " >
ND D N <" <2A)> AD {
K
%5{
/+
=; C
/+ !?" ! E:'
3I> M@" M4 p]] :OA)
4=P TP %
3 q+ 3@ 3Pi
%/=
:0
%3>2
2P D %MN$' / 4J+ M8 =?
A40 5
KV
T=5 Hu> <
hN0 /=B @ =
%O
j
O8
.[[
%
/ /" 0+ 3@
$C %@
h 2
O
j
@ 1>28
&@ 20 !!i
A>"
2V U)
%&0> <" !V 14> 5{
3@ ; .
5{
t
3@ B> +
s2> %C
" /+ 3>2
1> /
&
L K*+ %|P=
$A <= @u
.ML <
%3>+
A8@
=0> " 5
H=B> K4 A=? &.> A
5{
(> 3@ J*@ .V
5
KV
T=5 @
"
@
" $. /+ jB
j
KD 4>"" :
/+ /4!"
Q
2" K 1
=8
PH8
E=0
3@ ' /4
PH8
AD % 1>28
3@
.
Q" E=P K !
%
> #$
3>2
M$ e
9" #$
%
8 1X> #$
3@u
OjB 2; T0+ .ML
<" F %2
E) =P " S %M$ ?; @ %2 2; d. #$
N]] :TP %!P /+
%TP
" %[[ t@H 3@ E) K4 ? 3 %M$ J+
H 3@ 9R" @ H C
.A h
2;
8 + A=P /+ 9
K0n+
C2t0 5 94 + % >2
$C /8B44+ %
hA" <
2!
3@ O2 V> #$
2;
O2 2tP =C /@
2t0
M$ T=0> %|t
$P 1
=V @
' qHV 9P 3@
% @ <=!C$ 3>n+ :2B @" % 3> P O2 /+
2tP KD 2=
3 2; 3@]] : 3> P
&?
ML 3@ <
+ %[[
:@i " D
2BVi Q
KD 2BV =
PR N >2
E
="
=4+
=?;
:T0+ %!P /+ 9
K0" %~j+ 9 <" ND
.QNuA
/ 2; e+ &? /+ hB <> N /
8 <=@ 3@j
>H
O=0
/+
A @ 1!:4 ND /+ 8 N
%8 5
<" 30> \ \ i }
L %
Y Z
Y Y
78 20 <=
2" > KB !5
o K4 % /+ O!
OFV &
/+
N 2
i
/+ >H=!B
10 =C 2
r2C /+ &X4 /4
3 @u
r
2C" 10
. M>
%
<L Q/ A@@" m!X> N <=
$C /+ #> h
2P
Q"
7!8 |
-
. &?
ND 20> N h- hF!@ !4+ %Q/ &
A
~=:+ <=0: >
\
[ Z Y D] :8 + J @ K4@ O
o2@ &0 >2>"
Y Z YZjI] Y 3
.[:
]
At
2" - /+ 3
84
&@
=
r
=R 2B
A m!X> N 5
KV
T=5 EV" <
$ C!
/+ !i
A>"
Q
2i
K4 3 %N;
h
$C !4B 2P >H
O
zF m 3 %Q0
2 P
.M$
2A 2P
:@jA @
m@2P 2P 2 T=0> X
3
(> /+
:D K =C &PC =C C
4n+ :TP .K :
=P } X@ h
)
=" =0> 3>$
=0
QNuC 3 /!;" ! >
T0+ }<=@jA + :TP %|P=@ &
/+ h+B" A @ X
" 3 & :
=P }C " X
"
<=+=> %A
<=@=8> %&
<=@=0> Ai :TP .B :TP }MP2V"" :At- 3@ (
%'
E) + 3 @" %A + <=.V 4> %
3 <=A > rB <@n> %2AB
%
/> KA %z' @n %- %98F %2AB
x0 %
9 %/j
. PR N @ A @ " 20 / 4P2V 20 : &PC TP %
i
/+ 2.
LD %O2B
N H2B
OX N O20B
O=0 C2 O!B
%5{
@" 3@ Ti
&
<
$ C
.<!
2> /+ U P N
Q
2i
2A @ &*.
o2B
K4 A*. i
2A
:A @ AD
?" 2'
/+ B@H 2
A -
3?
LD & H!
+8
.V 3@ . Q'4+ @B E
/+ / 25"
@ ? 5 1!> " j; <;W e" 1!> "
4) H=A
mS
=R 9 " 2A
3@ /! @ >F+
=0@ HC
E4
<+ Oj mJ <D 5{
@" +
/ 1>28
O+
Y [ Y Z Y5
Y Y :9F
" N H" '
94
@ @
& + T2
Y [ \ Y Z IY>
.[[ [cck:Q
B)
] <=!0I
K.:8
+ TP K4 %2P @ @i
T=5
5 2P <" 2B
/ O
Q?
n+
2P ND 2> 9V 3@ @} :9>S 3 :TP #$@4
o
5
KV
.{ @0
=> A J+ > h
2>
2 <+ " ND %A
=XB+ %/@ 3@ H
6 @
-+ %3
Q/+ 3@ Q/ 2 d %=Al K Ap 3);
%)!
h h
2! |; }>2> m @i
j@ m
3@
+ [[ #2B 3@ .'
KD
Q? + % KD )t A mXB %C
H ; # N OQ! % /0> <
h
B
T=0+ %2B 3@ 9B" 20 "
]] :T=0> =C ) %=@H m5 K4 K
h! 1 h
2@ gB #$
: TP %A =" A+ K CH ! > :8
%
KD H %
$ &? : + m 5n+ %At KD =" U
5"
$ C
@ 2C? 4B+
H : <
2>
45
%
); 3@ 4 A5 : < m*S"
2C
j
2B
2C
2 hX@ . 3@ &B? <" 2B @i
1>28
~H %
T=5
KV /!
@ m!p %
T=5 >" R HA? 1
/+ 2C? %/
=
.'
KV T=5
1 %2C)
? 3 E
ji
2" /+ %|P
=
M" /+ 5
KV
T=5 A @ 3 2> D @i
25 => %Ki
1+ 5
.3
5{
8 %3!
1
j"
}3 3+ H
2?" CC W MJ" !<=
A>"
U+
!)4
<D AX@
== <D
=A!)4+
E:'
3 .'
@ .P
/ =C N" o;" P O 3@ &tP =V @ |0 <" <=
A>" 2>
3@ 38
/" A @ 3 +S h=P P=> <"
&
] 2 - .P %"
.5
KV 2@ @"
.[[ ?;
5D
N en> + %Q)> 3@ =
#2A> %Q)> |
A!0> 3
V" 3@ 3B!VD 3 E=0
%E:'
TW > K4 > N : &P #$
=CA+ %= P N TB45
N /
=
2! N T=0>
T=0> %A@5D <=.'>
=
mP /+ @5D 3B> %
&*. >
B@ 3 &?: &P @5D !; &04 > <" 2>> }g>2 &0" >P #"
^ ]] :3 H 5
@" : &I T0+ %&B.>
L@ - > B!4>
2!
2S Q!"
$C &? <
> P D % &? B?
@
=+ :TP %2@ 3>H /+ m;H m5" 2P /" m
. [[ B!4> h@ ?
:TP %n!V 2P <D N" !>P )B@ > :=V Kn V 2
E K P
LD K4
X+ :TP %
T=5 h
2@ <"
ND D N <" 2A / E$
:.; 3@ T=0+
|B 9B4+ %A5Q K d)
m@P K4 2
/+ =0> A0> U +
|n+ %
2 @
=B+
:d? =C 5" K r=P C 3@u
OjB T=0> =C %1C"
. C
4 " C=4
4 tpp
= <"
3B> %.
o24> =
7!8> C" > K4 > 3 D :+ T0> <
3@ ! +
h
2P \ ] @"Y <
Y Y
[ Z Y YY :
@" D % 4.
r=; A@5D <=.'> e
T
6 N mP /+ @5D
.[:E
ji
] h
20@
[ ZY
.V" &>j 4
@ /+ !8 0;
35n N /;"
5{
2B
<:)
M0 @ 2 /. #$
} : 38
/+
5
KV
T=5 TP
.{ M+ S h+ M5 ND h+ h 5
2>2)
=C %5
KV K.:8
@ 2
2C
=C %
E4
2 rP=
=C
) + /" 2B +'
/ 3@ =C p %
/ /nI )4
=C p %1
/+
q
] Y %TH 2A /+ m>6" %- =4+ >2> K
74+ T2
i
/+
3>H
24@+ %
i
9S 5{
V K4 mP /*> 2 > %ES]Y 2A /+ 5{
n@ =
H" m>j
H = h
o> 3@ >
)'
s=@ +=; 3@ hP+ 5
K o
j4A>
%J*
O=8
$C %/
$C
$ 2B
K =
Q
A> !i
A>" O-
:T=0> <" ND M> +
HS
=P y.P /+ =@ )>
=8P =.8B
@
2 3@ h
2tP
- #$
3@ =
- #$
3>"
.3 l %3t
P= *
%304 !PB
<i <=t.4@ +
$C @
V
@ 3-
& o n
K4
=2 D
@i
n Q
24PN
/5n4
.3B
3>$A O=V
}L
$C &X@ m?; /4
C
/C @ :T=P" /
}A @
=A /4
+0X
/C @
}2
$A <=@=0> AB? #$
?=4
4
/C @
V
@ 3-
& o n
K4
=? D
2P %=A-
H 3@ > %<=.V
=
.8> N %<= -
:' N %<=B
N 3@ > A
%=?=
" MA? %*'+ Q/ &
TL .+ j 3@ > %28
d?
=C %=@i
&!0 9$
.F *
|) :*
9 %:B
-" M4: %
-" MC?
> %O.F
5
> %64
3 > %7!0
45 %&
Al" 3@ > %m" ND D N E=4
3@ > %o= &
+
> %o= &
KA4 @ > %o= &
@5 > %7.8
>
> %3
-
> @i
$C <" Mn %
{
T
L > =P > / > %<=
=4
&
=4
@.K.
.
3>$
B
M4
&B %sQ
2" T$ sQ" A+ jB %
K 2= %M4R K m04
%M4!@ K mB4?
2P E=0
$C <" B MD A
\ C2C
CH H" A
%M4B> O8 K 2CB %M=H
A
%A o2A
> A 2C
.C; A T
<" A
M L=B P=+ 3@ % t 3 >" 3 .; 3@ >2>" 3 3@ -.
A
. 4 3@ T4F
% A N V % F:> N Kh S 9C %MD sH! 0+" %M M0; K S" B?
A
".
ND D N 2
3@ @
;W &B?
% 4 S" 3 A
S
<N$'
O 3@ A o2A> !4B@ 3@ A &A+ A- O=V
/
=;D > .
4;
S 2@ 2>2? 3@ A+ W
<
3@ &*+
L m " <D /!
3@ s
$+ n5"
L+
> <
=
i
<
2!
K # B5 /t
j? &B N E
"<
=
i
/+
1; 9i B?
/V #2C
.......3B
E 2
%35
K 5 %<=.8> OjB
E M <!5
الحمد 9المبدئ المعيد ،الغني الحميد ،ذي العفو الواسع ،والعقاب الشديد ،من ھداه
ﱠ
ووفقه فھو السعيد السديد ،ومن أضله فھو الطريد البعيد ،ومن أرشده إلى سبل النجاة
حسن ،وھو أقرب
ھجن وما َ ُ فھو الرشيد ،يعلم ما ظھر وما بطن ،وما خفي وما َ َ
علن ،وما َ ُ
الخلق قسمين ،وجعل لھم منزلتين ،فريق في الجنة ْ قسم
ﱠ إلى الكل من حبل الوريد.
فعليھا ومن َ َ َ
أساء َ َ َ ْ َ صالحا َ ِ َ ْ ِ ِ
فلنفسه َ َ ْ عمل َ ِ ً
من َ ِ َ
إن ربك فعال لما يريد ) َ ْ
وفريق في السعير .ﱠ
للعبيد( أحمده وھو أھل الحمد والتحميد ،وأشكره والشكر لديه من ربك ِ َ ﱠ ٍ
بظالم ْ َ ِ ِ وما َ ﱡ َ
َ َ
أسباب المزيد ،وأشھد أن ال إله إال ﷲ ،وحده ال شريك له ،ذو العرش المجيد ،والبطش
الشديد ،شھادة ْ ُ
تكفل لي عنده أعلى درجات أھل التوحيد ،في دار القرار والتأييد،
البيد- ، ﱠ
وأقلت ِ ُ السماء،
ﱠ ﱠ
أظلت محمدا عبده ورسوله البشير النذير ،أشرف من
ً وأشھد أن
تسليما كثيًرا ،وعلى آله وأصحابه أولي العون على الطاعة
ً صلى ﷲ عليه وسلم -
ً
دائمة في كل حين تنمو وتزيد ،وال تنفد ما دامت الدنيا واآلخرة وال تبيد. ً
صالة والتأييد،
البشر
ِ بأنه خير مبعوثٍ من
روحي الفداء لمن أخالقه شھدت *** ﱠ
والقمر
ِ عم البرية ضوء الشمس ﱠ عمت فضائله كل البالد كما *** ﱠ
آمنوا
الذين َ ُ
أيھا ِ َمسلمون( )يا َ ﱡ َ
ْ ِ ُ َ تموتن إال َ َ ْ ُ
وأنتم تقاته َوال َ َ ُ ُ ﱠ
حق ُ َ ِ ِﷲ َ ﱠاتقوا َ
آمنوا ﱠ ُ
الذين َ ُ )يا َ ﱡ َ
أيھا ﱠ ِ َ
ﷲ
يطعِ َ
ومن ُ ِ ذنوبكم َ َ ويغفر َ ُ ْ
لكم ُ ُ َ ُ ْ لكم َ ْ َ َ ُ ْ
أعمالكم َ َ ْ ِ ْ يصلح َ ُ ْ قوال ً َ ِ ً
سديدا * ُ ْ ِ ْ وقولُوا َ ْ
ﷲ َُ
اتقوا َ ﱠُ
عظيما( سالم ﷲ عليكم ورحمته وبركاته ،وأسأل ﷲ العظيم رب فاز َ ْ ً
فوزا َ ِ ً فقد َ َ ور ُ َ ُ
سوله َ َ ْ ََ
ذخرا لي ولكم يوم تتقلب فيه القلوب واألبصار،
ً العرش العظيم أن يجعل ھذا االجتماع
وأن يجعله من صالحات األعمال ،وخالصات اآلثار ،وباقيات الحسنات إلى آخر األعمار،
خيرا من
ً ذخرا ،اللھم اجعل سرائرنا
ً ذكرا ،واجعله لنا
ً أجرا ،وارفع به
ً اللھم اكتب لنا به
أنر بصائرنا ،وثبتنا على الحق حتى نلقاك،
خيرا من أقوالنا ،اللھم ِ ْ
ً عالنيتنا ،وأعمالنا
يرتجى منه
واجعل حديثنا حديث قلب لقلوب ،أنت أكرم مسئول على الدوام ،وأحق من ُ ْ َ َ
األلبابِ َما عبرة ُ ْ ِ
ألولي ْ َ كان ِفي َ َ ِ ِ ْ
قصصھم ِ ْ َ ٌ حسن الختام .صور وعبر الحلقة الثانية ) َ َ ْ
لقد َ َ
يفترى( كان َ ِ ً
حديثا ْ َ َ َ َ
أحبتي في ﷲ :إن الصحابة األبرار كما تعلمون ھم حملة اإلسالم وحفظته بعد رسول
ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم ،-اختارھم ﷲ واصطفاھم لصحبة نبيه ،ونشر رسالته من
ﱠ
وزكاھم ،ووصفھم بأوصاف الكمال في غير ما آية من كتابه ،رضي ﷲ عدلھم
بعده ،ﱠ
َ نوع فريد من الرجال،عدول ثقات صالحون ،حازوا َ
قصب السبق في كل ٌ عنھم ورضوا عنه،
نظيرا ،قمة في التقوى والورع ،آية في التجرد واإلخالص،
ً شيء ،لم تعرف البشرية لھم
نبراس في الدعوة إلى ﷲ.
مشعل في العلم والعملَ ْ ِ ،
ِ ْ َ
ألحد مقاال فتحوا القلوب
ٍ عذبا زالال وأيدوا قواعد اإلسالم فلم يدعوا
ً تا 9لقد وردوا الماء
بالقرآن ،وفتحوا القرى والمدائن به وبالسنان ،ھم أنصار الدين في مبتدأ نشأته ،بذلوا
المھج يوم بخل أھل الدراھم بدراھمھم ،رجال المغارم يوم يندس المغمورون في
ُ
ھمھم حشو البطون ،وال
ﱠ ودماء وأمواال ،لم يجعلوا
ً وأبدانا
ً قلوبا
ً ثيابھم ،ھم - 9عز وجل-
لبس الحرير ،وال اإلغراق في النعم ،حفظوا الشرع من أھواء الزائغين ،وحموا الملة من
ﱠ
وصلوا الوح َيين ،وحضروا البيعتين،
ْ زحف المناوئين ،شھدوا التنزيل ،وعرفوا التأويل ،حملوا
ھم ،وھمھم رفعة ال إله ﷲ ،كلھم له قصد،
ﱞ -أو أغلبھم صلى -إلى القبلتين .كلھم له
وقصدھم الجليل في عاله ،خرجوا من أموالھم 9ولرسوله ،فما شفا ذلك لھم غليال،
فأبوا إال أن يقدموا الجماجم ،ويسيلوا الدماء ،ويستعذبوا العذاب في ذات ربھم ،فرضي
ﷲ عنھم وأرضاھم ،وأكرم في جنات الخلد مثواھم.
الممحل
ُ الزمان
ُ بيض الوجوه ترى بطون َ ُ ِ ّ ِ
أكفھم *** تندى إذا اعتذر ُ
ﱡ ً
تكلفا، علما ،وأقلھا
ً قلوبا ،وأعمقھا
ً متأسيا فليتأس بھم؛ فھم أبر ھذه األمة
ً من كان
ھديا ،وأحسنھا حاال.
وأقومھا َ ْ ً
ولدوا
والندى ُ ِ ُ
ﱠ سقف المعالي
ِ نمو *** وتحت
ھم الرجال بأفياء الجھاد َ َ ْ
ُ
ملة أبدع األكوان ما عبدوا
ِ جباھھم ما انحنت إال لخالقھا *** وغير
ُ
الخاطبون من الغايات أكرمھا *** والسابقون وغير ﷲ ما َ َ ُ
قصدوا
ومن ھنا :فإن الكالم عن ھؤالء العظماء ،وكشف الستار عن الصفحات الناصعة التي
سطروھا ،واجب محتم علينا في ھذا العصر في ھذا العصر الذي نعيش فيه معمعة
األفكار ،واضطراب الموازين ،ومواالة الكفار ،والوقوع في الصحابة األبرار .واجب؟ نعم لردع
وسبوا خير جيل
ﱡ أھل الھوى من الزنادقة والمالحدة ،وأھل الكفر واالبتداع الذين انتقصوا
وج َدت على وجه األرض ،ال لشي ٍء إال ألنھم َ َ
حملة اإلسالم ،ورواة األحاديث وطائفة ُ ِ
حاد
َ طويتھم ،قاتلھم ﷲ ،وقاتل كل من
خبث ﱠ
وتبرز ُ ْ
وتظھر ضاللھمْ ُ ،
بدعھمُ ،
التي تھدم ِ َ
ُم ھلم ،وحي ھال بكم – واتبع غير سبيل المؤمنينَ .
فھل ﱠ وسنة مصطفاه ،ﱠ
عن كتاب ﷲ ُ ﱠ
أيھا األحبة -لنعيش الليلة معكم في ظالل محطة صور ،ومائدة عبر من حياة َ َ
علم آخر
في سلسلة أعالم ھذه األمة المباركة .علم يجب على األمة أن تجعله وصحبه حديث
شيوخھا في السمر ،وقصص أطفالھا الذين لطالما أشغلوا بالقصص الھابط ،والرسوم
المتحركة ،وحديث شبابھا في منتدياتھم ونواديھم التي لطالما شغلت بالحديث عن
الالعبين والفنانين والساقطين والساقطات ،إنه من أظھر إسالمه يوم كانوا يخفونه ،إنه
من ﱠ
تقلد سيفه وتنكب قوسه ،وأخرج أسھمه وأتى الكعبة وأشراف قريش في فنائھا،
سبعا رغم أنوفھم ،وصلى ركعتين ،وأتى حلقھم واحدة واحدة يقول :شاھت
ً فطاف
الوجوه ،من أراد أن تثكله أمه ،وييتم ولده ،وترمل زوجته ،فليلقني وراء ھذا الوادي ،فما
فجا
إنه من يسلك الشيطان ً
إنه مرقع القميص ،وبين يديه الغالي والنفيس ،ﱠ
تبعه أحد .ﱠ
والمثل بعينھا،
ُُ القيم
إنه ِ َ ﱠ
الوقاف عند كتاب ﷲ ،المجاھد في سبيل ﷲ ،ﱠ إنه
غير فجه ،ﱠ
إن ذكر العادلون ،ھو من
إنه العادل ْ
وما أروع المثل يوم تكون رجاال فتكون األخالق ِفعاال ،ﱠ
أخا
أبا ،وأوسطھم ً
سھر لينام الناس ،وجاع ليشبع الناس ،ھو من جعل كبير المسلمين ً
إنه من ولدا ،ھو من ال تأخذه في ﷲ لومة الئم ،ھو قائل الحق ولو كان ً ّ
مرا ،ﱠ وأصغرھم ً
اشترى أعراض المسلمين من أحد الشعراء بثالثة آالف درھم ،حتى قال ذلك الشاعر:
ينفع
ُ مديحا
ً شتما يضر وال
تدع *** َ ْ ً
ْ وأخذت أطراف الكالم فلم
يفزع
ُ يخف *** شتمي وأصبح آمنا ال
عرض البخيل فلم َ َ ْ
ومنعتني ِ
ودك قالع األكاسرة والقياصرة ،وخضعت لعدالته الجبابرة
ﱠ زلزل عروش الظالمين،
الخفاقة وفتوحاته المظفرةَ ْ َ َ ،
فأرغم أنوف ﱠ وھوت عناكب الظلم أمام رايات عدله
واألباطرةَ َ ،
الروم ،وحطم كبرياء الفرس ،وأخرج المغضوب عليھم –اليھود -من جزيرة العرب بغدرھم
إنه الزاھد العالم العابد الغيور الخائف من ﷲ، ً
أذلة صاغرين ،ﱠ ونقضھم العھود ،أخرجھم
إنه ]عمر بن الخطاب[ -رضي ﷲ عنه وأرضاه ،-ولعنة ﷲ
وكفى أظنكم قد عرفتموه ،ﱠ
على من أبغضه وعاداه ،نور أضاء سطور التاريخ ،وغرة في جبين الزمان ُ ،ﱠ
أمة في رجل،
السنن .عمر الذي ال يجھله أحد ،وفي نفس اللحظة
ﱡ َ َ إمام ھمام ،مميت الفتن ،ومحيي
ونتفا من نسبه وأعماله ،
ً قل أن يعرفه أحد في ھذا العصر .يعرف بعضھم بعض أخباره،
ﱠ
أما روح تلك األخبار فال يدركھا إال من تأملھا من األخيار ،وإني ألرجو ﷲ أن نكون وإياكم
من أولئك األبرار.
صاعد
ُ مراكب أھل الھوى أتخمت *** نزوال ومركبنا
ُ
الواحد
ُ إذا عدد الناس أربابھم *** فنحن لنا ربنا
العجالة
وعذرا لن نفيه حقه في ھذه ُ
ً إلى صور ذات عبر من حياته،
مغرب
ُ خوافق *** يدين بھا شرقٌ ويخضع
ُ فأعالمه في كل أرض
ُ
لكن حسبنا أن نقف عند بعض صور من حياته؛ وقفة عظة وتدبر واقتداء ،وألھل الھوى
عمرية ،فھل أنتم نازلون؟ وھذه مائدتنا فھل
ردع وزجر ،ھاھي محطتنا الليلة محطة ُ َ ﱠ
أنتم إليھا مائلون؟ أم أنكم ال ترغبون ،معذرة ألصحاب البطون؛ أعني من ألجل رفع
مستواھم المعيشي يكدون ،ويقلقون في الكالم عن المسكن والسيارة واألثاث والراتب
ال يملون ،وعلى ھامش الحياة بال رسالة ،يعيشون بھائم في مسالخ البشر وھم ال
إلى
ﱠ الصحون ،مائدتنا تعتذرھم ثم تعتذرھم وتقول:
ُ ُ وأبدا أين
ً دائما
ً يشعرون ،ھتافھم
الترھات إلي أيھا المتيقظون العاملون المتدبرون ،ومن ِ َ َ
بسلف األمة يقتدون ،ومن عن ُ ﱠ ﱠ
وبرحمته َ ِ َ ِ َ
فبذلك بفضل ِ
ﷲ ََِ ْ َ ِ ِ قل ِ َ ْ ِ
جميعا مدعوون ،وأنتم إن شاء ﷲ رابحونْ ُ ) .
ً ﱠ
يترفعون ،أنتم
يجمعون(
خير مما َ ْ َ ُ َ
ھو َ ْ ٌ ََْْ َ ُ
فليفرحوا ُ َ
وباإلعالن
ِ رب أنت العليم بظاھري وبباطني *** بالسر بل أخفى
يا ُ
أنت السميع لمنطقي وحروفه *** أنت الخبير بموقفي ومكاني
واإلحسان
ِ المن
فمن *** فألنت أھل َ ِّ
إن لم أكن أھال لتوفيقٍ ُ
بتغى *** وأنا الفقير بذلتي وھواني
والم َ َ
ُ المرتجى
رب أنت ُ
يا ُ
الحزن إذا شئت سھال.
اللھم ال سھل إال ما جعلته سھال وأنت تجعل َ َ َ
الصورة األولى :علم عمر -رضي ﷲ عنه -ﱠ
أن الخالفة أمانة ال استعالء ،وتكليف ال
غنم ،فقام يمشي في األسواق بال مواكب وال مراكب ،يطوف الطرقات
وغرم ال ُ ْ
تشريفٌ ْ ُ ،
ُف الغزاة في أھلھم ،يتفقد أحوال رعيته،
يخل ُ
يقضي حاجات الناس ويقضي بينھمْ َ ،
لين ،قوي ،حازم ،رحيم ،راعٍ أمين ،يقول تحت وطأة
ٌ ھمه ،وحزنھم حزنه،
ﱡ ھمھم
ﱡ
جدي بطرف الفرات
المسئولية كما روى ]مجاھد[ عن ]عبد ﷲ بن عمر[ يقول :لو مات َ ْ ٌ
لخشيت أن يحاسب ﷲ به عمر يوم القيامة .وفي رواية :لو عثرت دابة بضفاف دجلة
ُ
الطريق يا عمر؟ يا !9كلمات تدعو
َ تمھد لھا
لم ُ ِّ
لم ْ
لخشيت أن يسألني ﷲ عنھا ِ َ
ُ
والزھد والحرص على
ﱡ للتأمل في شخصية ذلك الرجل الذي ضربت به األمثال في العدل
رعاية األمة بالليل والنھار .فال عبقري يفري فريه في ذلك العھد وفي ذلك الزمن.
وبالمناسبة يذكر المؤرخون أن حمامة باضت في فسطاط ]عمرو بن العاص[ والي مصر
آنذاك ،فلما عزم على الرحيل أمر عماله أن يخلعوا الفسطاط ،فلفت أنظارھم عش
يزعجوا الحمامة ،ولم ينتھكوا حرمة جوارھا ،بل
حمامة فيه بيض لم يفرخ بعد ،فلم ُ ْ ِ ُ
أوقفوا العمل ،وذھبوا إلى عمرو –رضي ﷲ عنه -يعرضون عليه األمر ،ويأخذون رأيه
تفرخ
أجلُوا العمل حتى َ ْ ُ َ
آمنا في رحالناّ ِ ،
وحل ً
ﱠ طائرا نزل بجوارنا،
ً تزعجوا
فيھا ،فقال :ال ُ ْ ِ ُ
وتطير .فيا للعظمة! ويا للرحمة! حتى الطير ينعم في ظل األمن والعدل! مع العدول-
رضوان ﷲ عليھم -أيھا األحبة :إن المسلم وھو يستعرض مثل ھذه المواقف ليأسى
ويحزن يوم يصبح المسلم في عالمنا اإلسالمي يتمنى أن يحظى باالھتمام الذي كان
يحظى به الحيوان والطير ،في زمن عمرو ،وعمر -رضي ﷲ عنھما وأرضاھما -وأعود
وتكرارا :كل ذلك بما كسبت أيدينا ،ويعفو ﷲ عن كثير ،من ھادن
ً مرارا
ً فأقول وأكرر
ً
ھنيئا لمن اكتحلت عيناه برؤية ً
ھنيئا ثم يوما ما ،ثم َ ِّ
أثني فأقول: األفعى تجرع سمھا ً
عم عدله الطير والحيوان ،اللھم وقد حرمنا رؤيتھم في
ﱠ ذلك المجمع وذلك الجيل ،الذي
الدنيا فال تحرمنھا في اآلخرة؛ في جنات ونھر ،في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
قوم َ َ ْ َ ُ
شرفتھم *** في الجوع أو تنجلي عنھم غواشيھا ٌ شدة
ٍ إن جاع في
جوع الخليفة والدنيا بقبضته *** في الزھد منزلة سبحان ُموليھا
الھم بأمر
ِّ ًّ
مسودا من شدة يتغير لونه في عام الرمادة من أبيض حتى يصبح
المسلمين ،يأكل الخبز بالزيت ،ويمسح بطنه ويقول -كما رواه ] اإلمام أحمد[ بإسناد
لتمرنن أيھا البطن على الخبز والزيت مادام السمن يباع باألسواق ،وﷲ
ﱠ صحيح – :وﷲ
ينجبن مثلك يا عمر .يقول أسلم -
ال تشبع حتى يحيى الناس .عجزت نساء األرض أن ُ ْ ِ ْ ﱠ
حل
ﱠ كما في تاريخ عمر ]البن الجوزي[ :-كان يقوم يصلي من الليل ،فيذكر ما
بالمسلمين فال يدري ماذا يصلي ،يقول :إني ألفتتح السورة فما أدري أنا في أولھا أم
في آخرھا ،لما أعلم مما يالقي المسلمون من الشدة .وحدث ]الواقدي[ قال :حدثنا
الرمادة جاءت وفود
]ھشام[ عن ]سعد عن زيد بن أسلم[ عن أبيه قال :لما كان عام َ َ َ
العرب من كل ناحية فقدموا المدينة ،فأمر عمر رجاال يقومون بمصالحھم ،فسمعته يقول
ليلة من الليالي :أحصوا من يتعشى عندنا ،فأحصوھم في القابلة فوجدوھم سبعة
ألفا،
آالف رجل ،أما المرضى والعيال الذين ال يحضرون تلك المائدة فقد بلغوا أربعين ً
فكان يرسل إليھم عشاءھم في بيوتھم .فما برحوا حتى أرسل ﷲ السماء .فوكل عمر
ومتاعا ،وكان قد وقع الموت فيھم
ً وحمالنا،
ً قوتا،
بھم من يخرجھم إلى البادية ويعطيھم ً
فأراه قد مات ثلثاھم ،وقد كانت قدور عمر -رضي ﷲ عنه وأرضاه -يقوم لھا العمال من
وقت السحر ليعملون الطعام ،ونفذ ما في بيت المال ،فلم يبق منه قليل وال كثير .يروي
]ابن كثير[ في تاريخه :أن عمر عس ذات ليلة في ذلك العام ،وقد بلغ بالناس الجھد كل
ير سائال ً
متحدثا في منزله كالعادة ،ولم َ أحدا يضحك ،ولم يسمع
ً مبلغ فلم يسمع
يسأل ،فتعجب وسأل فقيل :يا أمير المؤمنين قد سألوا فلم يجدوا فقطعوا السؤال؛ فھم
ھم وضيق ،ال يتحدثون وال يضحكون ،وال يمزحون ،فيا !9ماذا يفعل عمر؟ قد نفد
ٍّ في
سمينا؛ فكان يبث له في الخل بالزيت حتى
ً كل ما في بيت المال ،فألزم نفسه أال يأكل
اسود لونه ،وتغير جسمه ،وخشي عليه خشية عظيمة – رضي ﷲ عنه وأرضاه – وتبلغ
ﱠ
عالما علم يقين أن رفع البالء بالتوبة
ً مضطرا إلى ﷲ
ً األمور ذروتھا ،وحينھا يلجأ
وجزة السعدي[
واالستغفار ،ال بفصاحة المتشدقين ،وتصدي المتبجحين ،فعن ]أبي ِ ْ
عن أبيه قال :رأيت عمر خرج بنا يوم الرمادة إلى المصلى يستسقي فكان أكثر دعائه
االستغفار حتى قلت :ال يزيد عليه ،ثم دعا ﷲ وأوصى الناس بتقوى ﷲ -عز وجل-
فقال :اتقوا ﷲ في أنفسكم ،وما غاب عن الناس من أمركم ،فقد ابتليت بكم وابتليتم
فھلموا
ﱡ عمتكم وعمتني،
علي دونكم أو عليكم دوني ،أو قد ﱠ
ّ السخطة
ﱠ بي ،فما أدري
رافعا يديه يدعو
ً فرئي يومھا
فلندع ﷲ أن يصلح قلوبنا ،وأن يرحمنا ،وأن يرفع عنا البالءَ ِ ُ ،
ُ
يزل ھذا شأنه حتى جاءت الرحمة
ْ ﷲ ويبكي ،والناس يدعون وراءه ويبكون ،ثم نزل فلم
من ﷲ ،وأذن ﷲ للناس بالغياث والفرج بعد الشدة ،واليسر بعد العسر ،فله الحمد أوال
وباطنا .أيھا األحبة :ھذه مؤھالت الفرج ،وھذه مؤھالت الغوث من رب
ً وظاھرا
ً وآخر،
العالمين؛ الجباه الساجدة ،9والعيون الدامعة من خشية ﷲ ،واأليدي المتوضئة
المرتفعة يا رب يا رب ،ومطعمھا حالل ومشربھا حالل ،وتغذيتھا حالل فأنى يرد من
ھما
ً ھذا حاله؟ يقول ]أسلم[ :فلو لم يرفع ﷲ المحل عام الرمادة؛ لظننا أن عمر يموت
بأمر المسلمين رحم ﷲ عمر ورضي عن ذلك النموذج .قد عرف مسئوليته تجاه رعيته،
عف فعفوا
ﱠ وراقب ﷲ فيمن تحت واليته ،فأحبھم وأحبوه ورضي عنھم ورضوا عنه ،
وصدق فصدقوا ولو رتع لرتعوا
الماحل
ِ ما كان إال الشمس يسطع ضوؤھا *** والخصب في أرض الضالل
الكامل
ِ ً
صفحة *** غراء تنطق بالخلود قف أيھا التاريخ سجل
جنادل
ِ كصم
ُ ِّ حرك بسيرته القلوب وقد قست *** وعدت بقسوتھا
َ ِّ
صورة أخرى :روى ]اإلمام أحمد[ بإسناد حسن في الفضائل ،قال :عن ]زيد بن
أسلم[ عن أبيه قال :خرجنا مع عمر بن الخطاب إلى >حرة واقم< ،حتى إذا كنا بمرتفع
إذ بنار بعيدة فقال عمر :يا أسلم إني ألرى ھناك ْ ً
ركبا حبسھم الليل والبرد فانطلق بنا،
بقدر منصوبة
نھرول حتى دنونا منھم ،فإذا ھي امرأة معھا صبية صغار ،وإذا ِ ِ ْ
قال :فخرجنا ُ َ ْ ِ ُ
على النار ،وصبيانھا يتضاغون ،فقال :السالم عليكم يا أھل الضوء -وقد كره أن يقول :يا
ادن بخير أو دع .فدنا فقال :ما
أھل النار -قالت :وعليكم السالم ،قال عمر :أأدنو؟ قالتُ ْ :
فمال ھؤالء الصبية يتضاغون؟ قالت :الجوع ،قال:
ِ بكم قالت :قصر بنا الليل والبرد ،قال:
أيھا األحبة :إن ھذه الصورة لتذكرنا بصورة أخرى مضيئة في حياة عمر -رضي ﷲ عنه
وأرضاه -يذكر ]األوزاعي[ أن عمر خرج في سواد الليل ،فرآه طلحة فتبعه ،فذھب عمر
بيتا ،ثم خرج منه وطلحة يراقبه ،فلما أصبح طلحة ذھب إلى ذلك البيت فإذا
حتى دخل ً
ھو بعجوز عمياء مقعدة ،فقال لھا :ما بال ھذا الرجل الذي يأتيك؟ قالت :إنه يتعھدني
خيرا .فيقول
ً منذ كذا وكذا يأتيني بما يصلحني ويخرج عني األذى ،فجزاه ﷲ عني
طلحة :ثكلتك أمك يا طلحة ،أعثرات عمر تتتبع؟ يا !9ھل يفعل الواحد منا مع أھله ما
يفعله عمر مع رعيته؟ ال ،إنه اإليمان الذي وقر في القلب وصدقه العمل ،فال وﷲ ال
أيم أو ثكلى أو يتيم ،وال وﷲ ما
ينساه األيامى والثكالى واليتامى مادام في األرض ْ ٌ
تنساه البطون الجائعة واألكباد الظامئة ما دام في األرض بطن جائع أو كبد ظمأى.
وسيرته *** ومن يحاول للفاروقِ تشبيھا
َ حفص
ٍ فمن يباري أبا
يزكيھا
والنار تأخذ منه وھو ُ ْ ِ ْ َ
ُ منبطحا ***
ً ومن رآه أمام القدر
فيھا
فوه ِفي ِ َ
وقد تخلل في أثناء لحيته *** منھا الدخان وغاب ُ ُ
رائيھا
لعمرِ ﷲ ِ ْ َ
حال تروع َ ْ
ٍ رأى ھناك أمير المؤمنين على ***
مآقيھا
ِ خشية سالت
ٍ والعين من
َْ ُ غده ***
النار في َ ِ
ِ النار خوف
َ يستقبل
صورة أخرى :كان -رضي ﷲ عنه -عظيم التواضع للخلق والحق ،وكل الصور تدل على
ذلك .رفعه ﷲ بتواضعه درجات في الجنة .فعن ]الفضل بن عميرة[ أن ]األحنف بن
صائف شديد الحر وھو محتجز بعباءة،ٍ يوم
ٍ قيس[ قدم على عمر في وفد من العراق في
بعيرا من إبل الصدقة ،فقال :يا أحنف ضع ثيابك ،وھلم َ َ ِ ْ
فأعن أمير المؤمنين على ً يھنأ
ھذا البعير؛ فإنه من إبل الصدقة ،فيه حق لليتيم والمسكين واألرملة ،فقال رجل من
عبدا من عبيد الصدقة يكفيك ھذا ،قال
ً القوم :يغفر ﷲ لك يا أمير المؤمنين ،ھال أمرت
عبد ھو أعبد مني ومن األحنف .إنه من ولي أمر المسلمين فھو
ٍ عمر :ثكلتك أمكُ ُ ،
وأي
عبد المسلمين ،يجب عليه ما يجب على العبد لسيده من النصيحة وأداء األمانة ،فيا
مشھدا كھذا خير من الدنيا وما فيھا .يقول ]عبد ﷲ بن عمر بن
ً !9ورب عمر إن
القربة على عنقه ،فيقال له
حفص[ :إن عمر بن الخطاب –رضي ﷲ عنه -كان يحمل ِ ْ َ
فأردت أن أذلھا .بل إنه لربما أخذ بيد الصبي
ُ في ذلك .فيقول :إن نفسي أعجبتني
ادع لي؛ فإنك لم تذنب قط .بل إن ]ابن عباس[ –رضي ﷲ عنه -دخل
يلقاه ،فيقول :له ْ ُ
ُعن فقال :أبشر يا أمير المؤمنين ،أسلمت حين كفر الناس ،وقاتلت مع
عليه يوم ط ِ َ
وتوفي رسول ﷲ – صلى ﷲ عليه وسلم -وھو عنك
َ رسول ﷲ حين خذله الناس،
راض ،ولم يختلف في خالفتك رجالن .فقال عمر :أعد ،أعد .فأعاد .فقال عمر :المغرور
ٍ
وددت
ُ ھول المطلع، الفتديت به من َ ْ ِ
ُ وصفراء
َ بيضاء
َ غر .ولو أن لي ما على ظھرھا من من ُ ﱠ
َ ْ
يريدون ُعل ً ُّوا ِفي
للذين ال َ ُ ِ ُ َ
نجعل َُھا ِ ِ َ الدار َ ِ َ ُ
اآلخرة َ ْ َ تلك ﱠ ُ أني أنجو َ ً
كفافا ال أجر لي وال وزرَ ْ ِ ) .
متواضعا للحق يقبله في السر والعلن ،لقد
ً والعاقبة ِ ْ ُ ﱠ ِ َ
للمتقين( وكان فسادا َ ْ َ ِ َ ُ
األرضِ َوال َ َ َ ً
ْ
كان بينه وبين رجل كالم في شي ٍء – كما أورد ]ابن الجوزي[ في تاريخه – فقال له
الرجل :اتق ﷲ يا أمير المؤمنين .فقال له رجل من القوم :أتقول ألمير المؤمنين اتق
نعم ما قال .ال خير فيكم إذا لم
ﷲ؟! فقال له عمر على الفور :دعه ،فليقلھا ليَ ْ ِ ،
ولجاما يلجم به
ً تقولوھا ،وال خير فينا إن لم نقبلھا منكم .يا ليت ھذه الكلمة تكون عنوانا
كبر ً
إذا لصلح الحال ،وتغيرت الحال، صغر أو َ ُ ً
شيئا َ ُ نفسه كل من ولي من أمر المسلمين
خدرتنا الكبرياء.
نصحنا َ ﱠ ْ َ
أنا إذا ما ُ ِ ْ َ
وكسدت سوق النفاق .ولكن أشد عيوبنا ﱠ
عظيما بل ما قاده وحاده لتلك األعمال ُ ْ ِ َ
المشرقة الخالدة إال خوفه من ً كان خوفه من ﷲ
ﷲ – عز وجل – كان يمر باآلية فيغلبه البكاء وھو يصلي بالناس ،حتى يقول ابنه عبد
وإنه لينشج حتى أقول :اختلفت أضالعه.
ﷲ :إني ألسمع حنينه من وراء ثالثة صفوف ،ﱠ
قائما يصلي،
ً أنه خرج يعس ليلة من الليالي فمر بدار رجل من األنصار ،فوافقه
ذكر ﱠ
بل ُ ِ
يوم كانت دور المسلمين تعمر بالقرآن لھا دوي كدوي النحل ،وقف يستمع لقراءته فقرأ
دافعٍ( فقال عمر: لواقع* َما َ ُ
له ِمن َ ِ ربك َ َ ِ ٌ
عذاب َ ِ ّ َ ُور( حتى بلغ ) ِ ﱠ
إن َ َ َ مسط ٍ
ْ وكتابٍ )َ ﱡ ِ
والطور* َ ِ َ
مليا به ما به ،ثم
ً قسم حق ورب الكعبة ،ثم نزل عن حماره ،واستند إلى حائط فمكث
رجع إلى منزله فعاده الناس ،ال يدرون ما مرضه؟ ھذه حاله مع آية من آيات القرآن .فما
حالنا مع كتاب ﷲ ؟
ألبكاه
ُ الذكر ُ ْ ُ ً
جلمودا كلم ِّ ْ
تندبنا *** لو ﱠ
عمي عن الذكر واآليات َ ْ ُ ُ َ
ُ ْ ٌ
ً
حائطا ،فسمعته يقول كان شديد المحاسبة لنفسه ،يقول أنس :خرجت مع عمر فدخل
وبيني وبينه جدار :عمر أمير المؤمنين بخٍ بخٍ وﷲ لتتقين ﷲ أو ليعذبنك ﷲ ،فھال خال
منا بنفسه يعاتبھا ويحاسبھا ،علھا أن تذكر ﷲ فتسبل دمعة يستحق بھا أن يكون
أحد ﱠ
ٌ
ممن يستظل بظل ﷲ يوم ال ظل إال ظله ،نشكو إلى ﷲ قسوة قلوبنا وغفلتنا ،ونسأله
الزبد .ھو ولي ذلك والقادر عليه.
َ بعزته وقدرته أن يلين قلوبنا فيه حتى تكون ألين من
صورة أخرى أيھا األحبة :إن الزھد في الدنيا ،واإلعراض عن طلب زينتھا ،والعزوف عن
شھواتھا ،من كمال اإليمان ،ورجاحة العقول .إذ الدنيا حقيرة ،وزينتھا خداع وسراب،
شھواتھا آالم تدفع بآالم ،عرف ذلك الفاروق فركلھا وقد أناخت عند قدميه .وذلك –وﷲ-
ھو الزھد بعينه .ذكر ]السيوطي[ في كتابه تاريخ الخلفاء الراشدين أن ]ابن سعد[ أخرج
طيبا كان أقوى
ً طعاما
ً أن ]حفصة[ ]وعبد ﷲ[ ابني عمر كلموا عمر فقالوا له :لو أكلت
لك على الحق .قال :أكلكم على ھذا الرأي؟ قالوا :نعم ،قال :قد علمت نصحكم لي،
ولكني تركته ،لقد تركني صاحباي على جادة؛ يعني رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم
بكر فإن تركت جادتھما لم أدركھما في المنزل.
ٍ -وأبا
ويبحر
ُ سرھا *** لتحقيقھا في األرض يرسو أمنيات َ ﱠ َ
قدس ﷲ ِ ﱠ ٌ له
تعثر
ُ يكل جناح النسر دون بلوغھا *** وفي دربھا الخيل األصيلة
َ ِ ﱡ
ذكر لنا أن عمر-رضي ﷲ عنه-قال :
يذكر ]القرطبي[ في تفسيره عن ]قتادة[ أنه قال َ ِ ُ :
لباسا ولكني أستبقى طيباتي لآلخرة .قال :ولما
ً طعاما وألينكم
ً لكنت أطيبكم
ُ شئت
ُ لو
ير مثله ،قال :ھذا لنا! فما لفقراء المسلمين الذين ماتوا
طعام لم ُ َ
ٌ صنع له
قدم الشام ُ ِ َ
ولم يشبعوا من خبز الشعير؟ فقال ]خالد بن الوليد[ :لھم الجنة ،فاغرورقت عينا عمر
بالدموع ،وقال :إلن كان حظنا من ھذه الدنيا ھذا الحطام ،وذھبوا ھم في حظھم
بعيدا ،ثم أجھش بالبكاء
ً بونا
بالجنة ،لقد باينونا ً
يھفو إليھم لعل العيش يھنأ له *** ما بين صحب وأرحام وإخوان.
دروسا عملية تربوية من سيد الزاھدين محمد – صلى ﷲ عليه وسلم
ً لقد َ ﱠ
تلقى الزھد
– فاسمع يوم يروى ]مسلم[ فيقول :دخل عمر على النبي – صلى ﷲ عليه وسلم –
وھو في مشربة له ،فالتفت في بيت رسول ﷲ – صلى ﷲ عليه – وسلم فلم يجد
جلودا قد سطع ريحھا ،ورسول ﷲ مضطجع قد أثرت حبال السرير
ً البصر إال
َ يرد ً
شيئا َ ُ ﱡ
في جنبه الشريف – صلى ﷲ عليه وسلم – فتدمع عينا عمر-رضي ﷲ عنه –فيقول –
وخيرته من خلقه على
صلى ﷲ عليه وسلم :-ما بك يا ]عمرٍ]؟ فيقول :أنت رسول ﷲ ِ
ھذا] ،وكسرى[ ]وقيصر[ في الديباج والحرير وما تعلم؟! فاستوى – صلى ﷲ عليه
جالسا وقال" :أفي شك أنت يا ابن الخطاب؟! أولئك أقوام ُ ِ َ
عجلت لھم طيباتھم ً وسلم –
في الدنيا .أما ترضى أن تكون لھم الدنيا ولنا األخرى"؟ أو كما قال :صلى ﷲ عليه
ربك ِ ْ ُ ﱠ ِ َ
للمتقين( عند َ ِ ّ َ الدنيا َ َ ِ َ ُ
واآلخرة ِ َ متاع ْ َ َ ِ
الحياة ﱡ ْ َ ذلك َ ﱠ
لما َ َ ُ كل َ ِ َ
وإن ُ ﱡ
وسلم ) َ ِ
الكالب
ُ ولحم الضأن تأكله
ُ جوعا ***
ً األسد في الغاباتتموت ُ ْ
التراب
ُ وعبد قد ينام على حرير *** وذو نسب مفارشه
بمثل ھذا الدرس النبوي الشريف تشبعت روح عمر بمعاني الكمال ،وأصبح في ذلك
نعم المثال .يدخل بيته ذات يوم وقد أصابه الجوع ،فقال :أعندكم شيء؟ فقالت امرأته:
وعاء من تحت السرير فيه تمر فأكل ثم شرب من الماء ثم
ً نعم ما تحت السرير ،فتناول
مسح على بطنه ،وقال :الحمد ،9ويل لمن أدخله بطنه النار! ويل لمن أدخله بطنه
النار! ونھدي ھذه المقالة للذين ال يتورعون ،أأكلوا من حالل أو حرام؟ ويل لمن أدخله
بطنه النار! ھاھو عمر والرھط المؤمنون معه أمام غنائم كسرى من الفرس؛ بساط
حرى
كسرى وسواريه وجواھره وحلله وأمواله ،وبينما ھو كذلك إذ بعينه تذرف الدموع َ ﱠ
يكفكفھا بطرف ثوبه .ويدھش الصحابة ،ويقولون :ما يبكيك في يوم أعز ﷲ فيه اإلسالم
باكيا ،قائال :فدت نفسي رسول ﷲ وھو األحب إلى ﷲ منا ،فدت نفسي
ً وأھله؟ فينھد
يروا من زھرة أبا بكر وھو عند ﷲ خير مناَ ْ َ ،
والھف نفسي! َ َ
مضوا إلى ﷲ وخلفونا ،ولم َ َ
فتح علينا من الدنيا ما ترون ،وأخشى أن تكون طيبات عجلت لنا .فضج ً
شيئا ،ثم ُ ِ َ الدنيا
زاھدا في
ً المسجد بالبكاء فما تسمع إال النشيج والحنين .إيه يا عمر ! قد عشت عمرك
كل ما جمع البشر ،أتعبت من سيجيء بعدك في اإلمارة يا عمر.
صورة أخرى :أورد ]ابن كثير[ في تاريخه عن ]قيس بن الحجاج[ قال :لما ُ ِ َ
فتحت
>مصر< أتى أھلھا إلى ]عمرو بن العاص[ حين دخل بؤونة شھر من أشھر العجم فقالوا
سنة ال يجري إال بھا ،فقال لھم :وما ذاك؟ فقالوا :إذا كانت
له :أيھا األمير؛ إن لنيلنا ھذا ُ ﱠ ٌ
اثنتي عشرة ليلة تخلوا من ھذا الشھر ،عمدنا إلى جارية بكر بين أبويھا فأرضينا أباھا،
وحملنا عليھا من الحلي والثياب أفضل ما يكون ،ثم ألقيناھا في النيل ،فقال لھم عمرو
–رضي ﷲ عنه :-إن ھذا ال يكون في اإلسالم ،وإن اإلسالم يھدم ما كان قبله ،ومنعھم
فأقاموا ثالثة أشھر والنيل ال يجري منه قليل وال كثير فتنة وابتالء من ﷲ حتى ھموا
بالجالء من مصر ،فلما رأى عمرو بن العاص ذلك األمر وما حل بھم ،كتب إلى عمر بن
الخطاب –رضي ﷲ عنه -بذلك فكتب إليه عمر :لقد أصبت بالذي فعلت واإلسالم يھدم
ما قبله ،ثم كتب بطاقة داخل كتابه ،وقال لعمرو :إني قد بعثت إليك ببطاقة في داخل
كتابي فألقھا في النيل إذا أتاك الكتاب ،فلما قدم كتاب عمر أخذ البطاقة فإذا فيھا :من
عبد ﷲ عمر أمير المؤمنين إلى نيل مصر أما بعد ،فإن كنت إنما تجري من قبلك فال
تجري ،وإن كان ﷲ الواحد القھار ھو الذي يجريك فنسأله أن يجريك .فألقى عمرو
البطاقة في النيل ،وقد تھيأ أھل مصر للجالء والخروج منھا؛ ألنھا ال تقوم مصلحتھم فيھا
ذراعا في ليلة واحدة
ً إال بالنيل ،فلما ألقى البطاقة أصبحوا وقد أجراه ﷲ ستة عشر
فقطع ﷲ عادة السوء تلك عن أھل مصر إلى اليوم .ﷲ أكبر من أطاع ﷲ وصدق
طوع ﷲ له كل شي ٍء َ ﱠ
طوع له الجبال واألنھار والقلوب واألرواح وأتته وأخلص مع ﷲ َ ﱠ َ
الدنيا راغمة.
مزيد
ُ زخرا *** وعند ﷲ لألتقى
ً فتقوى ﷲ خير الزاد
أيھا األحبة :إن ھذه الصور المضيئة من تاريخنا لتذكرنا بصفحات أخرى من صفحات
فإليكموھا َ ُ
فعوھا واسمعوھا ،يتناظر ذات يوم ]يونس بن ُ ُ سلفنا الكرام في أدب الخالف
عبد األعلى[ ]والشافعي[ -عليھما رحمة ﷲ -فاختلفا في مسألة ،وانفضت المناظرة،
ولم يتفقا .يقول يونس :فوﷲ -الذي ال إله إال ھو -ما رأيت أعقل من الشافعي ،جاءني
علي ،ثم أمسك بيدي بحنان وتحنان ،وقال :يا ]أبا
ﱠ ﱠ
وسلم في بيتي ،وطرق بابي ودخل
إخوانا
ً إخوانا وإن لم نتفق في مسألة؟ أال يستقيم أن نكون
ً محمد[ أال يستقيم أن نكون
وإن لم نتفق في مسألة؟ ال ريب أن يقول ذلك الشافعي -رحمه ﷲ -وھو القائل :ما
أحدا إال وتمنيت أن يكون الحق بجانبه .ھذا الكالم المضيء نھديه إلى الذين
ً جادلت
تضج بھم الساحة اإلسالمية ھذه األيام ،ممن يخيل ألحدھم أنه أعلم العلماء وأحكم
عالما ،وال ينظر إلى أحد أنه يستحق االحترام
ً يجل
ﱡ توقيرا لكبير ،وال
ً الحكماء ،فال يعرف
ويجرح ھذا.
ويعجل ھذاَ ْ َ ،
عرض ھذاُ ِ ّ َ ُ ،
إال نفسه ،فيقع في ِ ْ
بالرجال
ِ وليس جراحھم في الجسم لكن *** جراح النفس تفتك
أنصباء العلم *** كواو عمرو أو كنون الملحق
زيادة على ْ ِ َ
تجد الواحد منھم يفكر بعقل غيره ،ويسمع بأذن غيره ،ويرى بعين غيره ،ما قاله فالن
ھو الحق وما عداه فھو الباطل.
حمار
ِ خز *** لقال العمى يالك من
لحمار ثياب َ ٍ
ُ فلو لبس ا
قيل َ ُ ُ
لھم وإذا ِ َ
وأنت اإلمام؟ فقال اإلمام مالك :خشيت أن أكون ممن قال ﷲ فيھمَ َ ) :
عون( ﷲ أكبر ،أين نحن -طلبة العلم -من ھذا الفقه ،وأولئك الفقھاء الذين اركعوا ال َ َ ْ َ
يرك ُ َ ْ َ ُ
بطريقتھم تلك استصغروا أنفسھم في الحق فاستعظمھم الناس ،وتحركت بأعمالھم
عوالم بأسرھا وما زالت تتحرك؟ إن من طلبة العلم اليوم من يتسرب إلى نفسه الكمال
الزائف ،فيرى في نفسه العلم كله والحكمة كلھا ،ويحصد فيھا الھداية الكاملة،
ويستفقد كل ذلك في اآلخرين.
أوردھا سعد وسعد مشتمل *** ما ھكذا تورد يا سعد اإلبل
إن دعاة األمة وعلماءھا المخلصين الصادقين ھم الذين يلتزمون منھج القرآن في كل
شيء ،يلتزمونه في الحوار ،وفي الرد ،وال ينساقون وراء حب الظھور واالنتصار للنفس
والتشفي ،وال يفرون من مرارة الصبر على االعتراف بالخطأ الذي يمثل عامال ُ ِ ً ّ
مھما في
بآياتنا صبروا َ َ ُ
وكانوا ِ َ ِ َ لما َ َ ُ يھدون ِ َ ْ ِ َ
بأمرنا َ ﱠ منھم َ ِ ﱠ ً
أئمة َ ْ ُ َ تأھيل أئمة يھدون بأمر ﷲَ ْ َ َ َ ) .
وجعلنا ِ ْ ُ ْ
يوقنون(
ُ ُِ َ
صورة أخرى :أورد ]ابن الجوزي[ في مناقب عمر خطبة عظيمة ،وأوردھا ]ابن سعد[
في طبقاته ،قال فيھا :أيھا الناس؛ أال إنما كنا نعرفكم إذ بين أظھرنا النبي –صلى ﷲ
عليه وسلم -وينزل الوحي وينبئنا ﷲ أخباركم ،أال وإن رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه
خيرا
ً خيرا ظننا به
ً وسلم -قد انطلق وانقطع الوحي ،وإنما نعرفكم بما تقولونَ ،من أظھر
شرا وأبغضناه عليه ،سرائركم بينكم وبين ربكم ،أال
ً شرا ظننا به
ً وأحببناه ،ومن أظھر
خيل
علي حين وإنما أنا أحسب أن َمن قرأ القرآن يريد ﷲ وما عنده ،ثم ُ ِ ّ
ﱠ وإنه قد أتى
إلي بآخرة أن رجاال قد قرؤوه يريدون ما عند الناس ،فأريدوا ﷲ بقراءتكم ،وأريدوه
ﱠ
بأعمالكم ،أال وإني –وﷲ -ما أرسل عمالي إليكم ليضربوا أبشاركم ،وال ليأخذوا أموالكم،
إلي،
ﱠ ِّ
ليعلموكم دينكم وسننكم ،فمن فعل به سوى ذلك فليرفعه ولكني أرسلتھم
ألقصنه؛ أي ألجرين عليه حكم القصاص ،فوثب ]عمرو بن
ﱠ فوالذي نفسي بيده ً
إذا
العاص[ فقال :يا أمير المؤمنين؛ أفرأيت إن كان رجل من المسلمين على رعية ،فأدب
مقصه منه ،قال :إي والذي نفسي بيده ألقصنه ،كيف ال أقصه وقد
ﱠ بعض رعيته ،أكنت
رأيت رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم -يقص من نفسه.
أال ال تضربوا المسلمين فتذلوھم ،وال تمنعوھم حقوقھم فتكفروھم ،وال تنزلوھم
إلي من مائة ألف دينار .يا للكالم!
ﱠ المھالك فتضيعوھم ،فإن رجال من المسلمين أحب
شاربه
ُ المبرد
َ الماء
َ كالم ذوي األلباب أھوى وأشتھي *** كما يشتھي
ﷲ أكبر ،إنه الحق والسكينة ينطقان على لسان عمر -رضي ﷲ عنه وأرضاه .-ھذه
ً
شيئا ولي من أمر المسلمين
َ فمن
وزعة إلى ثالثة أصناف؛ أما األولى َ ْ
رسالة من عمر م ﱠ
تبين أن مھمتھم تعليم الدين والسنن ،ال إذالل المسلمين ،ومنعھم صغر أو َ ُ
كبر ُ َ ِ ّ َ ُ
حقوقھم ،وضربھم ،وإنزالھم المھالك .وھي كذلك رسالة إلى حملة كتاب ﷲ أن يريدوا
ﷲ بقراءته .فليسائل حملة كتاب ﷲ أنفسھم ماذا زرع القرآن في قلوبھم ونفوسھم؟
شرا
ً النيات بالفساد ،فيظن بكلمات المسلمين
ﱠ وھي أول الرسالة إلى من يحكم على
وھو يجد لھا في الخير محمال .
تعمى بصائرھم عن كل منحرف *** ويرصدون ذوي التقوى بمرصاد
والرسالة األخيرة :ھذه تذكر برسالة أخرى ،وبصفحة أخرى مضيئة في تاريخ ھذه
األمة .يوم يدخل ]الربيع بن سليمان[ على ]الشافعي[ وھو مريض يعوده ،فيقول من
قوى ﷲ ضعفك يا إمام ،فقال الشافعي :يا ربيع لو قوى ضعفي
ضمن دعائه له :ﱠ
لقتلني ،قال الربيع على الفور :وﷲ -الذي ال إله إال ھو -ما قصدت ذلك يا إمام ،فقال
صراحا لعلمت وتيقنت أنك لم تقصد
ً الشافعي :يا ربيع؛ والذي ال إله إال ھو لو شتمتني
ذلك .يا ! 9نھدي ھذا الكالم مع التحية لبعض الذين يقفون على عبارة لھا في الخير
ألف محمل وفي الشر محمل ،ثم يحملونھا على الشر .وﷲ إن الحسرة واأللم ليعتريان
الف ْ َ
رقة بين ما ينتسبون لعقيدة واحدة ،ومنھج واحد إلى عقيدة أھل المسلم يوم يرى ُ
تؤز
السنة والجماعة ومنھجھما .ويحزن أخرى يوم يرى الشيطان وحضور النفس ﱡ
أزا للفرقة والتنازع والتباغض ،وعدوھم واحد يحارب اإلسالم وأھله ًّ
أيا كانوا. المسلم ًّ
أھل السنة ال ننكر أنھم ال يختلفوا ،قد يقع بينھم االختالف حول بعض المسائل التي
أبدا .يا طالب العلم
يجوز فيھا االختالف ،لكن ھذا ال يؤدي إلى اختالف القلوب ً
المخلصين ،يا دعاة الحق المبين ،أال من رجعة صادقة إلى ﷲ نرتفع بھا على ذواتنا
وأشخاصنا وأغراضنا الدنيوية ،أال من رجل رشيد يفكر بعمق المأساة وخطرھا على
الصدع ،وبذل الوالء والمحبة لكل مؤمن
ﱠ ْ نسع َ ْ
لرأبِ َ األمة اإلسالمية بأسرھا .وﷲ إن لم
كبيرا سيحل بنا إن لم يتداركنا ﷲ برحمة من عنده ،يجمع ﷲ
ً وفسادا
ً فإن ھناك فتنة
بعضٍ
بعضھم أولياء َ ْ والذين َ َ ُ
كفروا َ ْ ُ ُ ْ بھا شتات القلوب وتتوحد بھا كلمات دعاته المخلصين ) َ ﱠ َ
كبير( فأي خير إن صدر من أخيك ما لم يمكن وفساد َ ِ ٌ
األرضِ َ َ َ ٌ
فتنة ِفي ْ
تكن ِ ْ َ ٌ
ُوه َ ُ ْ ِإال ﱠ َ ْ َ
تفعل ُ
فليتعذر عنه .ولن يعدم قاصد الخير أن يجد إلخوانه ما يبقي صدره
حمله على الخير ُ َ ﱠ
رضيه ،فإن لم يكن ولم تستطع ذلك فما كافأ عبد من عصى ﷲ فيه
سليما ،ونفسه َ ِ ﱠ
ً
بمثل أن يطيع ﷲ فيه.
الذخائر
ُ إخوان الثقات
َ فوﷲ ما مال الفتى بذخيرة *** ولكن
صورة أخرى أورد ]ابن الجوزي[ في مناقبه عن ]سعيد بن أبي بردة[ قال كتب عمر
إلى ]أبي موسى األشعري[ قائال أما بعد فإن أسعد الرعاة من سعدت به رعيته وإن
أشقى الرعاة من شقيت به رعيته إياك أن تزيغ فيزيغ عمالك فيكون مثلك في ذلك مثل
البھيمة نظرت إلى خضرة األرض فرعت فيھا ترجو بذلك السمن وإنما حسبھا في
سمنھا بمعنى أنھا إذا سمنت ذبحت والسالم عليك يا للكالم المزين بالفعال قولوا لمن
تشدق بالعدل أين العدل يا متشدق نصيحة توجه إلى من ولي والية صغيرة أو كبيرة
فھو الناصح رضي ﷲ عنه والمؤمنون من طبعھم النصح والمنافقون من طبعھم الغش
وكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته والمرأة راعية في بيتھا ومسؤولة عن رعيتھا
والخادم مسؤول في مال سيده ومسؤول عن رعيته وكلكم راع وكلكم مسؤول عن
رعيته وما من راع استرعاه ﷲ رعية فبات غاش لھم إال حرم ﷲ عليه رائحة الجنة.
ونحن في ثنايا انتصارات عمر علينا أن ندرس بعض الصور فيھا من داخلھا .ففي
القادسية صور مضيئة جديرة بأن نقف عندھا وقفة تأمل واعتبار واقتداء ،ومنھا :أنھا
ضمت في صفوفھا ما يربو على ثالثمائة صحابي ،منھم تسعون بدري ،فھي تتميز بذلك
ومودعا -
ً موصيا
ً عن غيرھا من المعارك .ثم انظر بعين بصيرتك إلى عمر يوم يقول لسعد
وتأمل الوصية وانظر وتفكر -يقول :يا سعد ]-سعد بن وھيب[ -ال يغرن ﱠك إن قيل :خال
رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم -فإنه ليس بين ﷲ وأحد نسب إال بالتقوى .وتأملوا
الميزان والمعيار التي قد تختلف عليه األشكال ،لكن الحقيقة واحدة ،الحقيقة واحدة
في >اليرموك< ،وفي بدر وأحد ،وفي زمن ]قتيبة[ ،وإلى أن يرث ﷲ األرض ومن عليھا.
النسب واحد؛ ھو التقوى ،والمعيار والميزان ھي التقوى َ ،ﱡ
عضوا عليھا .وإن كان سعد
مبشرا بالجنة ،وإن كان ممن
ً خال رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم -وإن كان سعد
جمع له الرسول –صلى ﷲ عليه وسلم -أبويه ،وإن كان من قيل فيه :ھذا خالي
عمري ،ال تغتر بكالم الناس
ٌ فليرني امرؤ خاله .نعم حذار يا سعد من االغترار ،توجيه
ﷲ َْ َ ُ ْ
أتقاكم( كيف لو أن عمر –يا أيھا عند ِ إن َ ْ َ َ ُ ْ
أكرمكم َ َ المؤھل ) ِ ﱠ
ﱠ والتقوى فالزم فھي
عجبا وھي
ً األحبة -يرى وينظر إلى وسائلنا وسائل األمة المسلمة ھذه األيام لرأى
ويحاسب إلى
َ وتحولھم من بشر يصيب ويخطئ ُ
ِّ تدمر المسئولين في األمة المسلمة،
أناس ال يأتيھم الباطل من بين يديھم وال خلفھم ،بل ال يسألون عما يفعلون.
ويجفى كل ذي عقل رزين
ويرفع شأن مختلس وغاوي *** ُ ْ
ُْ
عجبا وﷲ .أيھا األحبة يوم يدخل المرء داخل معركة القادسية وغيرھا يعرف ماذا
ً لرأى
كان يجري في جيش المسلمين ،وفي جيش الكافرين ،يعرف حينھا عوامل النصر،
ومؤھالت العز ،وعوامل الھزيمة .فادخل معي إلى المعركة ،واسمع .كما تعلمون تبدأ
غالبا بالمبارزة ،وبدأت المبارزة بين الصفين؛ بين صف يقول :ال إله إال ﷲ ،وبين
ً المعارك
صف يعبد النار من دون ﷲ ،فقام َ َ ٌ
علج من الفرس ما عرف ﷲ لحظة من اللحظات، ٍّ
ودخل الساحة ،فخرج إليه رجل من المسلمين ،فتجاوال وتصاوال ،فلم يلبث العلج
الفارسي أن قتل المسلم .والمبارزة كما تعلمون لھا تأثير نفسي غالب على الجيش،
وعلى مستقبل المعركة ،فخرج إليه رجل آخر من المسلمين وبدأت المبارزة مرة أخرى،
عضد المسلمين ،ثم خرج ثالث من
ففت ذلك في َ ُ
ﱠ فلم يلبث العلج أن قتل المسلم،
المسلمين –يتھاوون على الموت ،يريدون ما عند ﷲ -وتجاوال ،فلم يلبث العلج أن قتل
شديدا ،كافر يقتل ثالثة من المسلمين
ً وھنا
ً المسلم ،فوھن ذلك في عزم المسلمين
كبيرا قد بلغ ما يربوا على
ً شيخا
ً في تلك اللحظة الحرجة .كان في جيش المسلمين
واعبد
عاما ،ال يزال يجاھد والمؤمن في جھاد حتى يلقى ﷲ ممتثال قول ﷲ َ ْ ُ ْ ً ثمانين
اليقين( خرج ھذا الشيخ الكبير علىΛتعالى فرسه لسان حاله: حتى َ ْ ِ َ َ
يأتيك ْ َ ِ ُ ربك َ ﱠ
َﱠ َ
المصعد
الدم ُ ْ َ َ
َ ش َباھا
السيوف *** فأورد َ
ُ ظمئت للقتال
ْ أخي
ممات يغيظ العدا
ٌ وإما
تسر الصديق *** ﱠ
ﱡ فإما حياة
ﱠ
ويصاول ھذا العلج الذي انتفخ ريشه وتكبر؛ ألنه قتل ثالثة من المسلمين ،فتطاول معه
زمن طويل ،لكن ھذا الشيخ المسلم ما لبث أن قفز من خيله إلى خيل ذلك الفارسي
فصارا على خيل واحدة ،ثم حمل ھذا الفارس بيده وھو مدجج بالسالح والدروع فرفعه
بيديه ،ثم أنزله على ركبتيه فكسر ظھره نصفين ،ثم رمى به ،وقال :ھذا علج خبيث ،ال
يستحق أن يضرب بالسيف .فكبر المسلمون ودارت المعركة فكان النصر لمن ينصرون
ﷲ.
ھذا ھو اإليمان درب نجاتنا *** فما بالنا عن دربنا نتن ﱠ
كب
تصوب
ما بالنا نرنوا إلى أعدائنا *** وسھامھم نحو الصدور ُ َ ﱠ
ما بالنا نرنوا إلى أعدائنا *** وﷲ لإلنسان منھم أقرب
الدنية أصعب
حقا ولكن ﱠ ﱠ مر َ ْ ُ
طعمه *** ً صعب طريق الموت ﱞ
أين تربى ذلك الشيخ أيھا األحبة الذي عمره فوق ثمانين؟ إنه –وال شك -في رياض
كتاب ﷲ ،وسنة رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم .-ومن تربى عليھما عرف مھمته
في الحياة؛ وھي إعالء كلمة ﷲ ،وابتغاء مرضاة ﷲ .بذل كل شئ في حياته لتحقيق
ھذه المھمة ،وھكذا كان الواحد من سلفنا ،عنده بصيرة يتحرك بھا على األرض ،ويعرف
نصروا.
كيف ينصر دينه ،ويفكر كيف ينصر دينه ،وبالتالي ُ ِ ُ
ينصر
من يتق ﷲ وينصر دينه *** البد في ساح المعارك ُ ْ َ ُ
ھذه صفحة في ثنايا القادسية التي ما ھي وﷲ -الذي ال إله إال ھو -إال جزء من جھاد
في ثنايا جھاد عمر وصحبه -رضوان ﷲ عليھم -الذين أرھبوا أعداء ﷲ ،ومكنوا لدين ﷲ
تدعى الصلة بذلك الجيل وتلك الطائفة؟
في األرض ،فما الحال ،وما الواقع اليوم واألمة ﱠ
إن الواقع مرير ،ويجب أن نعلم مرارته ،لعلنا نرفع ھذه المرارة ،وإن األمة ممزقة ،وإن
التكالب على المسلمين ورميھم عن قوس واحدة حاصل ،وإن الغفلة عظيمة ،وما أشبه
ليلة القدس بأندلس البارحة.
أين اللواء وخيل ﷲ يبعثھا *** عمرو ويصرخ في آثارھا عمر
ً
جھرة *** ولبؤسه تتحدث األخبار يھود
ھذا ھو األقصى ُ َ ﱠ ُ
ندار
ھذا ھو األقصى يھود جھرة *** وجموعنا يا مسلمون ِ َ
أليس لكم قلب يفيء لربه *** أليس لكم عين أليس لكم فم
والقدر محتقر والدم طوفان
َ ْ ُ المال مقتسم والعرض منتھك ***
ال راية لبني اإلسالم ظاھرة *** إذا تداعى خنازير ُ ْ َ
وصلبان
العرضِ بركان
أين الجيوش التي تزھو بقوتھا؟ *** كأنھا في نھار َ ْ
أين الماليين من أموال أمتنا؟ *** فما لھا في مجال الفعل برھان
فنان؟
لعاب و ﱠ ُ
القوم ﱠ ٌ
َ خدر
يعد لكم *** أم ﱠ
ھل عندكم نبأ مما ُ َ ﱡ
ھل عندكم نبأ من أھل أندلس *** فقد سرى بحديث القوم ُ ْ َ
ركبان؟
مر من التنكيل ألوان
ضج وقد ***غشاه ٌ
ﱠ واليوم مسرى نبي ﷲ
ذل وضعف وتمثيل َ ْ َ َ
وملحمة *** ما ذاقھا في مدار الدھر إنسان
والشان
ﱠ صاخبة *** وللرياضة فينا َ ْ ُ
القدر ِ َ تشرب واألوتار
الخمر ُ ْ
قرآن
ُ أما لنا في كتاب ﷲ من عظة *** فقد دعانا لنصر الحق َ َ
والران
ﱠ ُ أمل *** أما تبدد عنا الشك
ٍ َ َ
أما لنا في طلوع الفجر من
وسنان
اليوم َ ْ َ ُ
َ فالمجد ال يمتطيه
ُ يا أمتي مزقي األغالل وانتفضي ***
عنوان
لألوابِ ُ ْ ُ
ﱠ وعزة ﷲ
ﱠ مشرعة ***
عودي إلى ﷲ فاألبواب ُ ْ َ ٌ
عميان
الفجر ُ ْ َ ُ
ِ نور
منتشر *** وإن تجاھل َ
ٌ واستبشري فشعاع الفجر
إبان
النھار فلإلشراق ﱠ ُ
شمس ﱠ
ُ غيم الظلم واحتجبت ***
وإن تراكم َ ْ ُ
أيھا األحبة؛ أال نملك مثل ھذه الطاقات التي كانت في صفوف القادسية من أبناء
ً
بعضا منھا ،والقصور عن إنا لنملك
العشرين إلى الثمانين إلى المائة ؟ بلى وﷲ ،ﱠ
السلف أمر البد منه ،لكننا ال نحسن التعامل معه .تھينھا األمة وتمتھنھا وتقتلھا وال
تنتفع بھا وھي أحوج ما تكون إليھا.
محمول
كالعيس في البيداء يقتلھا الظما *** والماء فوق ظھورھا َ ْ ُ ٌ
ُ ِ
تدمر
ديدن األمة مع طاقاتھا .إنه حين ُ ﱠ
ننصر ما دام ھذا َ ْ َ
وﷲ -الذي ال إله إال ھو -ال ُ ْ
ويھان المخلصون ،ويرفع المجرمون إلى مرتبة األتقياء ،وال ُيسمع الناصحون،
النفوسَ ُ ،
وﷲ ال تنفع عندھا ال دبابات ،وال طائرات ،وال أساطيل ،ألنه أمر ﷲ بالتدمير ،وال عاصم
من أمر ﷲ إال من رحم.
المذنب
وعز ُ ْ
ذل التقي بھا ُ ﱠ
من أين يرعى ﷲ أمتنا التي *** ُ ﱠ
الغاشم المستكلب
ِ خاو وفيھا
ٍ من أين يأتيھا السالم وقلبھا ***
كثيرا ،فال يأس ،وال قنوط ،وال خشية
ً إنا لمتفائلون
ومع ذلك فوﷲ -الذي ال إله إال ھو -ﱠ
من نصارى وال مجوس وال يھود ،العھد من ﷲ –تعالى -لنا بالنصر.
ديننا الحق ،والكفر ذا دينھم *** كل دين سوى ديننا باطل
غد جيش الھدى يزحف
يا قدس مھما باعدوا بيننا *** ففي ٍ
يخلف
الخنا *** عھد من ﷲ ال ُ ْ
البد من يوم يزول َ َ
وعد من ﷲ ال ُ ْ َ
يكذب يوم لنطق الحجر *** ْ ٌ
ٍ البد من
ولو أن كل مسلم بصق بصقة فقذف اليھود بھا لغرقوا ،أو نفخ نفخة مؤمن حق لطاروا.
طريقنا واضح كالشمس تعرفه *** أجيالنا بابه عزم وإيمان
منتجع منھا وبستان
آمالنا لم تزل خضراء يانعة *** في القلب ُ ْ َ َ
اشتد وطغى ساعة ،وللحق وأھله زمان آخر ال ينتھي إلى قيام الساعة
ﱠ وللباطل مھما
شريعة ﷲ رغم الكفر خالدة والزيف يفنى ويفنى من له عبد ولينا ﷲ ولينا ﷲ ال نرضى
به بدال وكيف ييأس من مواله رحمن
صورة أخرى :روى ]ابن سعد[ في طبقاته أن عمر -رضي ﷲ عنه -كان في سفر،
قريبا من الروحاء سمع صوت راعٍ في جبل ،فعدل إليه ونادى عمر :يا راعي
ً فلما كان
الغنم ،فقال له الراعي وقد عرفه :نعم يا راعيھا؛ يعني يا راعي األمة ،قال عمر :لقد
مررت بمكان ھو أخصب من مكانك ،ھذا ھو المكان الفالني ،وإن كل راع مسؤول عن
رعيته ،ثم مضى عمر في طريقه .ﷲ أكبر يوم ترى خليفة المسلمين ينصح راعي غنم،
ﱠ
ويدله على مكان ھو أخصب من المكان الذي ھو فيه ،ويذكِّره بأن كل راع مسؤول عن
رعيته أن يختار لھا ما ھو أنفع ،وأن يؤثر مصالحھا في كل موقف .عمر ينادي الراعي :يا
راعي الغنم ،والراعي يجيبه بقوله :نعم يا راعيھا؛ أي يا راعي األمة ،ال فرق في التزام
ً
صدقا " ،يسعى بذمتھم أدناھم، المسؤولية بين ھذا وذاك .مسلمون ً
حقا ،ومؤمنون
شاھد صدقٍ على أن الوالي
ُ وھم يد على من سواھم" إن سيرة عمر -رضي ﷲ عنه-
المسلم راع مشفق ،وناصح أمين ،ورائد ال يكذب أھله .عمر ھو الذي كان يعالج البعير
األجرب ويقول للبعير :إني لخائف أن أسأل عما بك ،ما أروعھا من كلمات يستضيء بھا
تحتم على كل من
ِّ ً
شيئا من أمر المسلمين صغر األمر أو كبر .فالمسئولية كل من ولي
ائتمنه المسلمون على مصلحة من مصالحھم أن يتقي ﷲ فيھا ،وأن ُيحسن القيام بھا؛
شديدا على نفسه ،لعله
ً ً
مشفقا على الرعية، غدا .ھكذا كان الراعي
لينجو من العقاب ً
الرضي في دار الخلود.
يلقى العيش ﱠ
األبعد
مستجد لم يرث *** إال عن الجد القديم ْ َ ِ
ٍّ من لي بجيل
ِّ
المتوقد خالدا في عزمه
ً أصالة رأيه *** أو
ِ يرث ابن حفص في
أبى *** وإن يطلب إليه البذل لم يتردد سيم الھوان َ َ
جيل إذا ِ َ
ويدعى للفداء فيفتدي
يھوى الحياة عقيدة ،ويعافھا *** فوضى ُ ْ
صورة أخرى :أخرج ]ابن أبي حاتم[ من طرق عن ]ابن عباس[ -رضي ﷲ عنھما -أن
يھوديا ،فدعاه اليھودي إلى النبي -صلى ﷲ
ً رجال من المنافقين يقال له بشر خاصم
عليه وسلم -ليحكم بينھما؛ ألن ھذا اليھودي يعلم أن رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه
وسلم -صادق ،وأن ما جاء به ھو الحق ،ولكنھم قوم يستكبرون ،فقضى النبي –صلى
يرض المنافق وقال :تعال نتحاكم إلى عمر بن الخطاب،
َ ﷲ عليه وسلم -لليھودي ،فلم
فذھبا إليه ،وقال اليھودي لعمر :لقد قضى لنا رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم -فلم
يرض ھذا بقضائه ،وجئنا لتقضي بيننا ،فقال عمر لھذا المنافق :أكذلك؟ قال :نعم ،قال
َ
عمر :مكانكما حتى أخرج إليكما ،فدخل عمر ،واشتمل على سيفه ،ثم خرج إليھما،
يرض بقضاء ﷲ
َ فضرب عنق المنافق بالسيف حتى برز ،ثم قال :ھكذا أقضي لمن لم
العمري ليضرب ضربته
ُ ورسوله –صلى ﷲ عليه وسلم .-ما أحوج األمة إلى ھذا السيف
فيمن يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت ،وقد أمروا أن يكفروا به ،ليضربھا فيمن إذا قيل
لھم :تعالوا إلى ما أنزل ﷲ والرسول رأيتھم يصدون ،ليضربھا فيمن إذا ذكر ﷲ اشمأزت
قلوبھم ،وإذا ذكر الذين من دونه إذا ھم يستبشرون ،ليضربھا في الذين يرفضون
التحاكم إلى شرع ﷲ إذا كان الحق عليھم ،ويرضون بالتحاكم إليه إذا كان الحق لھم،
ثم ال َ َ ِ ُ
يجدوا ِفي بينھم ُ ﱠ
شجر َ ْ َ ُ ْ
فيما َ َ َ حتى ُ َ ِّ ُ َ
يحكموك ِ َ يؤمنون َ ﱠ جميعا ) َفال َ َ َ ِ ّ َ
وربك ال َ ُ ْ ِ ُ َ ً إلى أولئك
تسليما(
ويسلموا َ ْ ِ ً حرجا مما َ َ ْ َ
قضيت َ ُ َ ِ ّ ُ َْ ُ ِ ِ ْ
أنفسھم َ َ ً
ً
فسطاطا ،وإنما الصورة األخيرة :ويحج عمر –رضي ﷲ عنه -فلم يضرب في طريقه
كان يلقي الرداء على شجرة فيستظل بشجرتھا ،أو بظل تلك الشجرة ،وينتھي من
منى رفع يديه قائال :اللھم قد كبرت سني ،وضعفت قوتي ،وانتشرت
حجه ولما نفر من ِ َ
ِّ
مفرط وال مضيع .اللھم ارزقني شھادة في سبيلك ،واجعل
ِّ رعيتي ،فأخذني إليك غير
موتي في بلد رسولك أخرجه ]البخاري[ .ويتقبل ﷲ من المتقين .ويرجع إلى المدينة
النبوية ،ويخطب يوم الجمعة ،ويذكر نبي ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم -وأبا بكر -رضي ﷲ
ً
ديكا نقرني نقرة أو نقرتين ،وإني ال أراه عنه -تعلوه الكآبة والحزن ،ثم يقول :رأيت كأن
قوما يأمرونني أن أستخلف ،وإن ﷲ لم يكن ليضيع دينه ،فإن عجل
ً إال حضور أجلي ،وإن
بي أمر فالخالفة شورى بين الستة الذي توفى رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم -وھو
باكيا وال حزينا من
ً يوما أكثر
عنھم راض .يقول ]ابن مسعود[ -رضي ﷲ عنه :-فلم أر ً
ذلك اليوم ،وفي صباح يوم من أيام ﷲ بعدھا يصلي بالناس صالة الفجر ،ويكبر ويبدأ في
القراءة يبكي ،وبينما ھو كذلك إذ تقدمت إليه يد من أيدي األعداء التي ال تتسلل إال
في الظالم ،يد آثمة ،يد مجوسية ما سجدت 9سجدة ،وال عرفت ﷲ ،لتمزق األديم
صريعا والدماء تثعب منه ،فما راع الناس إال تكبير ]عبد الرحمن بن عوف[
ً الطاھر ،فيھوي
-رضي ﷲ عنه -إذ أخذه عمر -رضي ﷲ عنه -بيده فقدمه ،فصلوا صالة الفجر صالة
وحمل عمر إلى بيته وھو في
خفيفة ،وأما ذلك العلج فما كان منه إال أن قتل نفسهِ ُ ،
دمه ،لم يصل صالة الفجر ،فقيل :يا أمير المؤمنين الصالة الصالة ،قال :ھا ،ال حظ في
دما ،فقال :ھاتوا لي عمامة،
اإلسالم لمن ترك الصالة ،ثم وثب ليقوم ،فانبعث جرحه ً
فعصب بھا جرحه ثم ﱠ
صلى ،لم يمنعه ما ھو فيه من أداء الفريضة -فال نامت أعين من
ﱠ
سلم من صالته قال :أيھا الناس ھل كان ھذا على مأل منكم؛ أي يترك الصالة -ولما
كان طعنه على مأل منكم؟ قال ]علي[ :وﷲ ال أدري من الطاعن من خلق ﷲ ،أنفسنا
تفدي نفسك ،ودماؤنا تفدي دمك ،لوددنا لو أن ﷲ زاد في عمرك من أعمارنا .ثم علم
أن طاعنه عدو ﷲ ]أبو لؤلؤة المجوسي[؛ غالم المغيرة ،فقال عمر :قاتله ﷲ لقد أمرت
ً
معروفا ،الحمد 9الذي لم يجعل قاتلي يحاجني عند ﷲ بسجدة سجدھا قط .كان به
عل ﷲ أن يرحمني ،فلم
ﱠ على فخذ ابنه ]عبد ﷲ[ فقال :يا بني ضع خدي على التراب؛
أم لك يا عبد ﷲ ،يقول عبد ﷲ:
يفعل عبد ﷲ فأعادھا قائال :ضع خدي على التراب ال ﱠ
فوضعت خده إلى األرض حتى نظرت إلى أطراف شعر لحيته خارجة من بين أضغاث
التراب ،وبكى حتى التصق الطين بعينيه ،وأصغيت إليه ألسمع ما يقول ،فإذا به يقول:
ويل عمر إن لم يتجاوز ﷲ عنه ،ويل عمر إن لم يتجاوز ﷲ عنه ،ويدخل الصحابة يعودونه
ً
ھنيئا لك الشھادة؛ لطالما سمعت رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه علي يقول:
ّ ومن بينھم
وسلم -يقول :جئت أنا وأبو بكر وعمر ،وخرجت أنا وأبو بكر وعمر ،وذھبت أنا وأبو بكر
ً
كفافا ال لي وال وعمر ،فأسأل ﷲ أن يحشرك مع صاحبيك ،فبكى وقال :ليتني أنجو
علي من الدين ،قال :فحسبوه فوجدوه ستة
ّ علي ،أو كما قال ،ثم قال البنه :انظر كم
ّ
تف
فأدھا من أموالھم ،وإن لم ِ ألفا ،فقال :يا عبد ﷲ ،إن َ َ
وفى لھا مال آل عمر ِ ّ وثمانين ً
قريشا ،وال تعدھم إلى غيرھم .يا !9
ً تف فاسأل فيھا
فاسأل فيھا بني عدي ،وإن لم ِ
ألفا! إن قدوته
خليفة المسلمين ميزانية األمة تحت يديه ويموت ودينه يربو على ثمانين ً
ذھبا لكان ،مات
ً رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم -من لو أراد أن تجري الجبال له
ودرعه مرھونة عند يھودي في أصوع من شعير ،فال ريب وال غرابة.
تصبب
ﱠ ُ حرى
عبرات الدمع َ ﱠ
أولئك أقوام ما إن ذكرتھم *** جرت َ َ
ھاھو عمر على فراش الموت في حالة ارتحال من دار الفناء إلى دار البقاء وال زال
يعطي الدروس لألمة .يدخل عليه مسبال من الشباب فيعوده ويدعو له ويخرج ،ثم يقول
علي ،فيرجع الشاب فيقول :ارفع إزارك فھو أتقى لربك ،وأتقى وأبقى لثوبك.
ﱠ أعيدوه
رضي ﷲ عن عمر ،لم يشغله ما ھو فيه عن أن يقول ،أو عن أن يأمر بمعروف ،أو ينھى
عن منكر -رضي ﷲ عنه وأرضاه-ويختم حياته بأھم مالديه و ھو أن يدفن بجوار قدوته
الحبيب الكريم رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم -وجوار أخيه أبى بكر -رضي ﷲ عنه
وأرضاه .-يحدث اإلمام ]البخاري[ عن ]عمرو بن ميمون[ أن عمر -رضي ﷲ عنه -قال :يا
عبد ﷲ بن عمر انطلق إلى ]عائشة[ أم المؤمنين -رضي ﷲ عنھا -فقل :يقرأ عليك
أميرا ،وقل :يستأذن
ً عمر السالم ،وال تقل :أمير المؤمنين؛ فإني لست اليوم للمؤمنين
عمر بن الخطاب أن يدفن مع صاحبيه .فسلم عبد ﷲ على عائشة واستأذن ودخل
عليھا ،فوجدھا قاعدة تبكي ،فقال :يقرأ عليك عمر السالم ،ويستأذن أن يدفن مع
وألوثرن به عمر اليوم
ﱠ صاحبيه ،فجھشت بالبكاء ،وقالت :كنت أريد ذلك المكان لنفسي،
على نفسي ،ورجع عبد ﷲ ،فلما أقبل على عمر قيل له :ھذا عبد ﷲ قد جاء ،قال:
اسندوني ،ارفعوني فأسنده رجل إليه فقال لعبد ﷲ :ما لديك؟ قال :الذي تحب يا أمير
المؤمنين ،قد أذنت لك ،وتھلل وجھه ،لسان حاله وافرحا واطربا.
محمدا وحزبه
ً األحبة ***
ﱠ اآلن ألقى
إلي من ذلك المضجع ،ثم قال :يا عبد
ّ أما لسان مقاله فالحمد 9ما كان من شئ أھم
ِّ
سلم على عائشة أخرى وقل :يستأذن عمر ،فإن أذنت ﷲ إذا أنا قضيت فاحملوني ،ثم
لي فأدخلوني ،وإن لم تأذن فردني إلى مقابر المسلمين .وأسلم عمر الروح إلى بارئھا.
وحمل فكأن المسلمين لم تصبھم مصيبة إال يومئذ ،فما أصابھم حزن مثل حزنھم إال
على رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم -وأبي بكر .ودفن حيث أكرمه ﷲ مع النبي -
صلى ﷲ عليه وسلم -وأبو بكر -رضي ﷲ عنه وأرضاه .-تقول عائشة -رضي ﷲ عنھا-
بعد ذلك :كنت أدخل بيتي الذي فيه رسول ﷲ -صلى ﷲ عليه وسلم -وأبي وأضع
ثوبي وأقول :إنما ھو زوجي وأبي ،فلما دفن عمر معھم فوﷲ ما دخلته إال وأنا مشدودة
السافرات ،إلى الكاسيات العاريات نھدي ھذا الكالم.
ﱠ حياء من عمر .فإلى
ً علي ثيابي؛
دفن عمر ولم تدفن سيرته وال أعماله ،وإنما ھي باقية بقاء ھذا الدين لكل مقتد من
المسلمين.
فلقاه ربي في الجنان تحية *** ومن كسوة الفردوس ما لم يمزق
تبنى ما انتھت دول ِْ َ
نلت الشھادة فاھنأ أيھا العمر *** بمثل عدلك ُ ْ َ
يوما إن دنا األجل
يرتجى العمر ً
أمامك الجنة الخضراء فاھنأ بھا*** ال ُ ْ َ َ
فرحا *** ﱠ
إن الخلود جزاء أيھا البطل ً انعم بخلدك في أبھائھا
ْ َ
فاآلن تھنأ يا عمر بجوار من أھدى البشر
منھمر
وابل من ماء غيث ُ ْ َ ِ
فسقى رفاتك َ ِ ٌ
رحم ﷲ عمر ،وجمعنا به في دار كرامته؛ فقد عظم شخصه ،وقوى خطره على أعداء
شديدا في سبيل إعزاز ورفعة العقيدة والدين ،وفي ذات الوقت كان رقيق
ً الدين .كان
نشيج فقير بائس ،أو زفرات
أنات طفل صغير ،أو َ ِ
تشجيه ﱠ
المشاعر ،مرھف الحواسِ ْ ُ ،
ثاويا .
ً رھينا في المقابر
ً بدرا يستضاء بنوره ،فأضحى
مھموم مغموم مكروب ،لقد كان ً
ثاويا
ً رھينا في المقابر
ً بدرا يستضاء بنوره *** فأضحى
لقد كان ً
ھاميا
ً تغمده الرب الكريم بفضله *** وال زال َ ﱠ
ھطاال من العفو
عاليا
ً وبوأه قصر من الخلد
على قبره يھمي عشية وبكرة *** ﱠ
اللھم ألحقنا بھم ،اللھم احشرنا في زمرتھم وإن قصرت آمالنا وأخالقنا عنھم .ربنا اغفر
لنا وإلخواننا الذين سبقونا باإليمان ،وال تجعل في قلوبنا غال للذين آمنوا ،ربنا إنك رؤوف
ويذل فيھا أعداؤك .اللھم
تعز فيھا أولياؤك َ ُ ،ﱡ
رحيم .اللھم ارحم ھذه األمة رحمة عامة ،ﱡ
اجعلنا أغنى خلقك بك ،وأفقر عبادك إليك .اللھم أغننا عمن أغنيته عنا ،اللھم ال تجعل
وظاھرا
ً أحدا سواك .يا ذا الجالل واإلكرام ،لك الحمد أوال وآخر،
ً بيننا وبينك في رزقنا
وباطنا ،لك الحمد حتى ترضى ،ولك الحمد إذا رضيت ،ولك الحمد بعد الرضا .الحمد ،9
ً
ثم الحمد .9
الستر ثم كساني
ِّ ْ على
ﱠ الحمد 9الذي من فضله *** ألقى
الشبان
الشيب و ﱡ ﱠ
ِّ وھدى فؤادي كي يصوغ حديثه *** بصور تفيد
ثقل بھا ميزاني
متكرما ِ ّ ْ
ً يا رب فاجعلھا لوجھك كلھا ***
واغفر لكل المسلمين وآلھم *** يوم النشور ودورة األجفان
والدي برحمة *** َ ِ ْ ُ َ
وأجرھما من حمأة النيران ﱠ واشمل بفضلك
صداح على األفنان
ﱠ ثم الصالة على النبي وآله *** ما صاح
والصحب واألتباع من ساروا *** على سبل الھدى والخير في البلدان
وسبحانك اللھم وبحمدك ،أشھد أن ال إله إال أنت ،وصلى ﷲ وسلم على نبينا محمد.
وربى عليه
عباد ﷲ إن ھذا الدين لما نزل وعلمه النبي صلى ﷲ عليه وسلم للناس َ َ ﱠ
ربى من الناس أخرج لنا أفذاذا ورجاال عرفھم التاريخ وتكلم عنھم الناس مسلمھم
من َ ﱠ
وكافرھم خلف ھذا الدين رجاال حملوا لواءه وحكموه في العالمين وصاروا قدوات ومنارات
يھتدي بھا من بعدھم وإن من الحق ؛من حق ھؤالء علينا أن نعرف سيرھم ونبلو
أخبارھم
أوال :لنعرف عظمة ھذا الدين الذي أخرج لنا ھؤالء الرجال
وثانيا :ألننا نقتدي بسلفنا ونقتدي بأئمتنا وھؤالء األئمة األعالم ھؤالء منارات يھتدي بھا
في دجى الظلمات ونعلم أيضا بأن ھذه النماذج يمكن أن تتكرر بدرجات أقل وال شك إذا
ما وجدت البيئه اإلسالمية والتربية التي تثقل النفوس وتھذبھا فتغرس العقيدة وتثقل
النفوس وتخلقھا بأخالق النبوة وال شك أن شخصية ]عمر بن الخطاب[ رضي ﷲ عنه
شخصية مثالية من الشخصيات العظيمة التي مرت في تاريخنا الغني الذي غفل عنه
الكثيرون وإن استرجاع سير مثل ھذه الشخصية يذكر الغافلين منا الذين خدعھم الغرب
والشرق بسير عظماء عندھم لو نظر الناظر لعرف أن واحدھم ال يخلو من انتھازية أو
فسق و شرب خمر ونساء أو ظلم وبغي وجور ويبقى أعالم اإلسالم ال يوجد لھم مثيل
إن عمر رضي ﷲ عنه كان في الجاھلية يعبد األصنام وكان يئد بنته ويفعل األفاعيل
وظلم الناس وظلم المسلمين حتى قال ]سعيد بن زيد[ لقد رأيتني وإن عمر لموثقي
وأخته على اإلسالم ولكنه أسلم وشاء ﷲ أن ينتقل عمر من ضالل الجاھلية إلى نور
اإلسالم فتغيرت الشخصية وانقلبت تمام االنقالب وكان لذلك بادرة وما سيأتي من
األحاديث الصحيحة والحسنة في سيرة ھذا الرجل تدل على جوانب من عظمته لقد
كان المسلمون يستبعدون إسالم عمر حتى قالت ]أم عبدﷲ بنت أبي حفنة[ وﷲ إنه
علي وھو على شركه قالت وكنا نلقى
ّ لنترحل إلى أرض الحبشة أقبل عمر حتى وقف
منه البالء أذى لنا وشرا علينا فقالت فقال عمر لما رآھم يتأھبون للجالء عن >مكة<
إنه االنطالق يا أم عبد ﷲ قالت قلت نعم وﷲ لنخرجن في أرض ﷲ آذيتمونا وقھرتمونا
حتى يجعل ﷲ لنا مخرجا قالت فقال صحبكم ﷲ ورأيت له رقة لم أكن أراھا ثم انصرف
وقد أحزنه فيما أرى خروجنا قالت فجاء ]عامر[ وھو مسلم من حاجاتنا تلك التي ذھب
بھا فقلت له يا أبا عبد ﷲ لو رأيت عمر آنفا ورقته وحزنه علينا قال أطمعت في إسالمه
قالت قلت نعم قال ال يسلم الذي رأيت حتى يسلم حمار الخطاب ھل يسلم الحمار
قالھا يأسا لما كان يرى من غلظته وقسوته على اإلسالم ولكن ولكن ﷲ أيھا األخوة إذا
أراد أن يھدي ھدى ولو كان الرجل أقسى الناس قلبا وأبعدھم عن ﷲ وھذا درس
للدعاة إلى ﷲ عز وجل أن ال ييأسوا من الناس ولو كان من يرون أمامھم من أغلظ
الناس قلبا لكن ﷲ إذا أراد بعبد خيرا ھيأه له ووفقه له ويسر األسباب إليه وھكذا حقا
فلما أسلم عمر ونطق بالشھادتين كان إسالمه فتحا ولم يكن إسالمه سرا بل إنه قد
جاء في الحديث الحسن أنه لما أسلم قال أي قريش أنقل للحديث قيل له ]جميل بن
معمر الجمحى [ قال فغدى عليه عمر قال ]عبد ﷲ[ وغدوت أتبع أثره أنظر ما يفعل وأنا
غالم أعقل كل ما رأيت حتى جاءه فقال أما علمت يا جميل أني قد أسلمت ودخلت
في دين محمد صلى ﷲ عليه وسلم قال فوﷲ ما راجعه حتى قام يجر رجليه واتبعه
عمر واتبعته أنا حتى إذا قام على باب المسجد -جميل المشرك اإلذاعة-وقف على باب
المسجد صرخ بأعلى صوته يا معشر قريش وھم في أنديتھم حول الكعبة أال إن عمر قد
صبأ قال يقول عمر من خلفه كذبت ولكن قد أسلمت وشھدت أن ال إله إال ﷲ وحده ال
شريك له وأن محمدا عبده ورسوله.
فأعلنھا صراحة أمامھم ھذه العزة التي دخلت قلبه فأورثته ھذه الصراحة وھذه الجرأة
على الكفرة إعالن المبادئ قال وساروا إليه فما برح يقاتلھم ويقاتلونه حتى قامت
الشمس على رؤوسھم قال وقد تعب وأرھق فقعد وقاموا على رأسه وھو يقول افعلوا
ما بدا لكم فأحلف أن لو كنا ثالث مائة رجل لقد تركناھا لكم أو تركتموھا لنا قال فبينما
ھم على ذلك إذ أقبل شيخ من قريش وھو ]العاص بن وائل[ فصرفھم عنه وإال كانوا
قتلوه لما أسلم عمر أعز ﷲ به المسلمين وأذل ﷲ به المشركين وطاف المسلمون
حول الكعبة لما أسلم عمر عالنية جماعة لما أسلم عمر فأعز ﷲ به الدين أراد ﷲ
بعمر خيرا ففقھه في دينه وعلمه وھو العليم سبحانه وتعالى حتى قال النبي صلى
ﷲ عليه وسلم في علم عمر وفقھه وفضله أحاديث جمعھا العلماء فمن ذلك أربعة
ساقھا ]الزھري[ في نسق واحد قد وردت في سياقات صحيحة قال :قال رسول ﷲ
صلى ﷲ عليه وسلم "رأيت لعمر أربعة رؤيا رأيت كأني أوتيت بإناء فيه لبن فشربته
حتى رأيت الري يخرج من أناملي ثم ناولت فضلي ما بقي في اإلناء عمر قالوا يا رسول
ﷲ فما أولتھا قال العلم ورأيت كأن أمتي عليھم القمص إلي الثدي وإلى الركب وإلى
الكعب كل بحسب علمه وإيمانه ومر عمر يسحب قميصا سابغا من طوله قالوا يا رسول
ﷲ ما أولت ذلك قال الدين قال ودخلت الجنة فرأيت فيھا قصرا أو دارا فقلت لمن ھذا
قالوا لرجل من قريش فرجوت أن أكون أنا ھو فقيل لعمر بن الخطاب فأردت أن أدخل
فذكرت غيرتك يا أبا حفص فبكى عمر وقال يا رسول ﷲ أويغار عليك ورأيت كأني وردت
بئرا فورده ]ابن أبي قحافة[ فنزع ذنوبا أو ذنوبين ونزعه فيه ضعف وﷲ يغفر له ثم وردھا
عمر فاستحالت الدلو في يده غربا فاستقى فأروى الظمأة وضرب الناس بعطن فلم أرى
أحدا من الناس أو قال عبقريا يفري فريه" قال العلماء ھذا تأويل خالفة الشيخين فإن
]أبا بكر[ استخلف سنة أو سنتين فكانت خالفته قصيرة وكان منشغال عن الفتوحات
بحروب الردة فلما جاء عمر صارت خالفته أطول ففتح ﷲ في عھده من الفتوحات وأدخل
ﷲ من الناس في عھده في اإلسالم ما ال يحصى من الخلق كثرة فنشر العدل في
تلكم البالد بعد أن أسس ]الصديق[ قاعدتھا فأعاد القاعدة وأبلى بالء حسنا فمھد
الطريق لعمر فجاء عمر فولى الوالة وفتح الفتوحات وأتى للمسلمين بالخير من عند ﷲ
وقال النبي عليه الصالة والسالم إن ﷲ عز وجل جعل الحق على قلب عمر ولسانه
ھذا الھادي المھدي الذي علمه ﷲ وھداه وبالعلم يھتدي اإلنسان للحق والصواب فالبد
من االعتناء بالعلم والبحث عنه يا أيھا المسلمون وإن فى اكتساب العلم ھدى وإن
العلم يھدي صاحبه في الظلمات ويكشف له عندما يحتار ويوقظه من المحرمات ويجنبه
الشبھات ھذا العلم فتعلموا ھذا الدين يھديكم به ﷲ فلما جعل ﷲ الحق على لسان
عمر وقلبه وافق ربه في آيات نزلت من القرآن على ما قال عمر كما قال فيما ثبت في
الصحيحين وافقت ربي في ثالث قلت يا رسول ﷲ لو اتخذنا من مقام إبراھيم مصلى
نصلي وراءه نصلي عنده فنزلت )واتخذوا من مقام إبراھيم مصلى( وقلت يا رسول ﷲ
يدخل على نسائك البر والفاجر فلو أمرتھن أن يحتجبن فنزلت آية الحجاب واجتمع نساء
النبي صلى ﷲ عليه وسلم في الغيرة حصل منھن كالم اشتدت وطأته على النبي
صلى ﷲ عليه وسلم فقلت يقول عمر فقلت وھو يعظ أمھات المؤمنين وينذرھن فقلت
عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن فنزلت كذلك تأملوا يا عباد ﷲ آية تنزل
على كالم عمر يلھم ﷲ عمر أن يقول كالما فتنزل اآلية بألفاظ عمر تنزل اآلية بألفاظ
عمر وتصبح قرأنا يتلى إلى يوم القيامة وافق عمر ربه في أمور أخرى كذلك كما ورد في
أسارى بدر وھكذا كان عمر رضي ﷲ عنه مھيبا ھيبة تفتقدھا كثير من شخصيات
المسلمين اليوم نزع ﷲ منھم الھيبة فال يھابون ونزع ﷲ من قلوبھم خوفه فصاروا
يخافون من الناس كان عمر شخصية رفيعة يھابه الناس فيرتعدون منه ومن ذلك ما
حصل لما استأذن على رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم وعنده جواري قد علت
أصواتھن على صوته فأذن له عليه الصالة والسالم فبادرن الحجاب فبادرن الحجاب ھربن
فذھبن فدخل عمر ورسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم يضحك "فقال أضحك ﷲ سنك يا
كن عندي فلما
لجوار ّ
ٍ رسول ﷲ بأبي أنت وأمي ما الخبر عالم تضحك قال عجبت
سمعن حسك بادرن فذھبن فأقبل عمر عليھن من وراء حجاب فقال أي عدوات
أنفسھن وﷲ لرسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم كنتن أحق أن تھبن منه فقال رسول
ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم دعھن دعھن عنك يا عمر فوﷲ إن لقيك الشيطان في فج قط
إال اخذ فجا غير فجك "ھذا الرجل المھيب ھذا الرجل العظيم الشديد في دين ﷲ كما
قال النبي عليه الصالة والسالم عن أصحابه "أرأف أمتي بأمتي أبو بكر وأشدھم بأمر
ﷲ عمر" ھذا الرجل الشديد المھيب لما تولى الخالفة ظھرت المعاني التي كانت
مخبوءة في نفسه معاني الشفقة والعطف واإلحسان والرحمة في اإلسالم ؛والرحمة
لقد كان رحيما في عھد النبي عليه الصالة والسالم لكن لما ولي الخالفة ظھرت
رحمته أكثر ھذا الرجل الذي جمع في شخصيته بين الھيبة والرحمة بين الشدة في
دين ﷲ والرقة حتى كان يبكي عندما يتلو القرآن ويمرض من قراءة الكتاب العزيز أحيانا
فيعاد من مرضه الذي حصل بسبب تأثره بالقرآن ليست الھيبة يا أيھا الناس أن يكون
اإلنسان صلبا فظا غليظ القلب ليست الھيبة أن يكون متعجرفا قاسيا وإنما الھيبة في
مكانھا محمودة ھذا الرجل الذي شھد التاريخ بفضله ،ورحمته برعيته ھذه ھي القيادة
المثلى التي خلفھا النبي صلى ﷲ عليه وسلم بعده من أصحابه أمثلة عندما يرى
اإلنسان حاله ويرى المسلمون واقعھم يشتاقون لخالفة مثل خالفة عمر ويتوقون لقيادة
مثل قيادة عمر الذي كان يخرج ليتفقد رعيته قال ]أسلم[ خرجت مع عمر بن الخطاب
رضي ﷲ عنه إلى السوق فلحقت عمر امرأة فقالت يا أمير المؤمنين ھلك زوجي وترك
صبية صغار وﷲ ما يمزجون قراعا وال لھم ذرع وضرع وخشيت أن تأكلھم الضبع وأنا بنت
]خفاف ابن إيماء الغفاري[ ھذا الصحابي الجليل وقد شھد أبي الحديبية مع النبي صلى
ﷲ عليه وسلم فوقف معھا عمر ولم يمض ثم قال مرحبا بنسب قريب ثم انصرف إلى
بعير ظھير كان مربوطا في الدار فحمل عليه جرارتين مألھما طعاما وحمل بينھما نفقة
وثيابا ثم ناولھا بخطامه؛ البعير وما عليه ثم قال اقتاديه فلن يفنى حتى يأتيكما ﷲ بخير
فقال رجل يا أمير المؤمنين أكثرت لھا قال عمر ثكلتك أمك وﷲ إني ألرى أبا ھذه وأخاھا
قد حاصرا حصنا زمانا فافتتحاه ثم أصبحنا نستفيء سھمانھما فيه ال ينسى ألصحاب
الفضل فضلھم ھذه امرأة أبوھا وأخوھا من كبار المجاھدين بسبب قتالھم غنم
المسلمون وأكلوا ھذا الرجل ھو الذي كان يخرج في الليل يعس على رعيته قال
]أسلم[ خرجنا مع عمر بن الخطاب إلى >حرة واقم< وھي الحرة الشرقية >للمدينة<
حتى إذا كنا بسرار مرتفع من األرض إذا نار فقال يا أسلم إني ألرى ھا ھنا ركب قصر
بھم الليل والبرد انطلق بنا فخرجنا نھرول حتى دنونا منھم فإذا بامرأة معھا صبيان صغار
وقدر منصوبة علﯩنار وصبيانھا يتضاغون يصيحون ويبكون فقال عمر السالم عليكم يا
أصحاب الضوء وكره أن يقول يا أصحاب النار ھم يوقدون نارا وعمر ينظر إلى القدر قال
السالم عليكم يا أھل الضوء فقالت وعليك السالم فقال أدنو..؟ فقالت أدن بخير أو دع؛
فدنى فقال ماذا بكم قالت قصر بنا الليل والبرد قال فماذا لھؤالء الصبية يتضاغون قالت
الجوع قال فأي شيء في ھذه القدر قالت ماء أسكتھم به حتى يناموا وﷲ بيننا وبين
عمر تقول المرأة وﷲ بيننا وبين عمر فقال أي رحمك ﷲ وما يدري عمر بكم المرأة تقول
ﷲ بيننا وبين عمر نحن في الصحراء وحدنا ال نجد طعاما عمر يقول وھي ال تدري من
ھو يقول لھا أي رحمك ﷲ وما يدري عمر بكم وأنتم في ھذه البقعة النائية قالت يتولى
علي فقال انطلق بنا فخرجنا نھرول حتى أتينا دار
ّ عمر أمرنا ثم يغفل عنا قال فأقبل
الدقيق دار اتخذھا عمر خاصة لتخزين الدقيق فأخرج عدال من دقيق وكبة من شحم
علي فقلت أنا أحمله عنك قال أنت تحمل عني وزري يوم القيامة ال أم لك
ّ فقال احمله
فحملته عليه الخليفة يحمل على ظھره أمام الناس يمشي بين الناس على ظھره من
المدينة إلى الحرة الشرقية إلى المكان النائي الذي فيه المرأة ويھرول من أجل األوالد
فانطلق وانطلقت معه إليھم إليھا نھرول فألقى ذلك عندھا وأخرج من الدقيق شيئا
علي وأنا أحرك لك وجعل ينفخ تحت القدر الخليفة منبطح على
ّ فجعل يقول لھا دري
األرض صدره في التراب ينفخ على الحطب حتى يشتعل ثم أنزلھا فقال أبغينى شيئا
أسكب فيه فأتته بصحفة فأفرغھا فيه ثم جعل يقول لھا أطعميھم وأنا أصفح لھم فلم
يزل حتى شبعوا وترك عندھا فضل ذلك بقية الكيس وقام وقمت معه فجعلت تقول
جزاك ﷲ خيرا كنت أولى بھذا األمر من أمير المؤمنين أنت أولى بالخالفة من أمير
المؤمنين فيقول قولي خيرا إذا جئت أمير المؤمنين وحدثيني ھناك إن شاء ﷲ ثم
تنحى ناحية عنھا فابتعد ثم استقبلھا ينظر إلى مكانھا من بعيد فضرب ضربة فقلنا له
إن لنا شأنا غير ھذا وال يكلمنى يقول البد أن تكون الوقفة لھدف وعمر ال يتكلم حتى
رأى الصبية يصطرعون ثم ناموا وھدئوا فقال يا أسلم إن الجوع أسھرھم وأبكاھم
فأحببت أن ال أنصرف حتى أرى ما أحب ھذا عمر ھذا عمر في الرعية ھذا عمر في
تفقده للمساكين وعقده ھذا عمر ورحمته وإشفاقه بالرغم مما عنده من الشدة في
دين ﷲ والھيبة التي كان يھابه بھا األقرباء والبعداء اللھم ارحم عمر واغفر له وأعلي
شأنه وارفع درجته في المھديين اللھم إنا نسألك أن تجعلنا ممن يحب نبيك محمدا
صلى ﷲ عليه وسلم وأصحابه وممن يقتدي بنبيك صلى ﷲ عليه وسلم وأصحابه
واغفر لنا أجمعين وتب علينا يا أرحم الرحمين أقول قولي ھذا وأستغفر ﷲ لي ولكم
فاستغفروه إنه ھو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد 9الذي ال إله إال ھو وحده ال شريك له لم يتخذ صاحبة وال ولدا لقد كانت وفاة
عمر فاجعة فجع بھا القريب والبعيد كان عمر ھو الباب الذي يدرء عن المسلمين الفتن
فلما كسر الباب باغتيال عمر دخلت الفتن على المسلمين من كل جانب عن ]عود بن
مالك األشجعي[ أنه قال رأيت في المنام كأن الناس قد جمعوا فكأني برجل قد صرعھم
فوقھم بثالثة أذرع أطول من الجميع قال قلت من ھذا قالوا عمر بن الخطاب قال؛ قلت:
لما؟ قال :إنه ال تلومه في ﷲ لومة الئم وإنه خليفة مستخلف وشھيد مستشھد قال
فأتيت أبا بكر فقصصتھا عليه قال فأرسل إلى عمر يبشره فقال لي اقصص رؤياك فلما
بلغت إلى خليفة قال زجرني عمر ونھرني قال تقول ھذا وأبو بكر حي قال فسكت فلما
ولي عمر كان بعد في الشام مررت به وھو على المنبر فدعاني فقال لي اقصص رؤياك
قال فلما بلغت ال يخاف في ﷲ لومة الئم قال إني ألرجو أن يجعلني ﷲ منھم وأما
خليفة مستخلف فقد وﷲ استخلفني فأسأله أن يعينني على ما والني قال فلما بلغت
وأنى الشھادة وأنا في جزيرة العرب وحولي يغزون ويغزون ثم
وشھيد مستشھد قال ّ
أنى شاء يأتي ﷲ بھا أنى شاء ورأى عمر في منامه
قال عمر مستدركا يأتي ﷲ بھا ّ
أن ديكا نقره ثالث نقرات ،وفعال حصل نقاش بين عمر وكان ال يدخل األعاجم إلى جزيرة
العرب والفرس فدخل بعضھم متسترين باإلسالم وكان من سياسة عمر أن ال يدخلھم
دخلوا فأقاموا فكان منھم الحاقد الفارسي المجوسي ]أبو لؤلؤة[ الذي قال لعمر متوعدا
ألصنعن لك رحى يتحدث بھا الناس فقال عمر توعدني العبد وبعد أيام اختبأ له وراء باب
المسجد في الظالم في صالة الفجر فلما سجد عمر قفز عليه فطعنه في كتفه
وخاصرته فقال عمر قتلني الكلب ثم صمت ثم سمع الناس قراءة ]ابن عوف[ وصار العلج
في الناس في صفوف المصلين ينحر يمينا وشماال فقتل فيھا ستة من الصحابة وحمل
عمر مطعونا وجعلوا يشربونه اللبن فيخرج من الجرح فعلموا أن األمر قد انتھى أوصى
عمر ووعظ الناس وذكرھم با 9وانتقل إلى الرفيق األعلى في قصة مشھودة عظيمة
جدا أخرجھا اإلمام البخاري في صحيحه كانت وفاة عمر شديدة الوطأة على القريب
والبعيد قال ]ابن المسيب بن رافع[ سار إلينا ]عبدﷲ بن مسعود[ سبعا من المدينة
سبعة أيام إلينا في مكانه فصعد المنبر فحمد ﷲ وأثنى عليه ثم قال إن غالم المغيرة
]أبا لؤلؤة[ قتل أمير المؤمنين عمر قال فضج الناس وصاحوا واشتد بكاؤھم ھذا الخليفة
الذي كان يرعاھم فيسوسھم بأمر ﷲ قال ثم قال ابن مسعود إنا اجتمعنا أصحاب
محمد صلى ﷲ عليه وسلم أصحاب محمد صلى ﷲ عليه وسلم فأمرنا علينا ]عثمان
بن عفان[ فأخبرھم الخبر والنتيجة .قال عبد ﷲ بن مسعود لقد أحببت عمر حبا حتى
لقد خفت ﷲ من شدة حب عمر خفت ﷲ ولو أني أعلم أن كلبا يحبه عمر ألحببته
ولوددت أني كنت خادما لعمر حتى أموت ولقد وجد فقده كل شيء حتى العضاة -
شجرة الشوك -إن إسالمه كان فتحا وإن ھجرته كانت نصرا وإن سلطانه كان رحمة
ذلكم عمر ومناقبه كثيرة جدا وھذا شيء قليل منھا والمقصود أيھا األخوة أن لھؤالء حق
علينا في معرفة سيرھم وإن ھؤالء من أراد فليقتد بھم وإن في تذكر ھؤالء سبب
لحنين المسلم إلى أيام الخالفة ورغبته في عدل كعدل عمر وقد طبق األرض اليوم
الظلم والجور فنسأل ﷲ سبحانه وتعالى أن يعيد لإلسالم عزه وأن يقيم الخالفة في
أرجاء األرض اللھم ردنا إلى اإلسالم ردا جميال اللھم اجعلنا ممن أقاموا الشريعة وعملوا
بھا اللھم اجعل بلدنا ھذا آمنا مطمئنا وسائر بالد المسلمين في تحكيم شرعك يا رب
العالمين اللھم ارفع الظلم عن المظلومين اللھم انصر من نصر الدين واخذل من خذل
الدين.
عمر بن
رحمه
عبدالعزيز
لفضيلة الشيخ /علي عبد الخالق
القرني
7!@
( ( ( 3 F 4 G
3@ 3_ 3 ; 3 4
3$ 8 a ! K 7 F a2? @ 9H L
: J8@ I?
G 3C2/ 3 $@ 3 @ a2?
G
a2? & a C2
H C? ! F *** L C? K ( ) )C 7
32 L" L"
; ,$C 3C ;$2@ 2 " #
3 ,!@ . 5@ W$ 3$
#$" W 9 )
0
7 :;
3 ,! .L C@
#$ # B "
* ) :[9B
( * ( )
# ]
4!@ ] "8 ] ! :
: [
4C ]
W$ 3$
#$" W 9
] "8 ] 4! T9OMO 4!@ T "8*
!$ C?
! 9$ ! I$
:F " 92 & .T;$!
,@
) ( W E$ 2 W @ C? LB C? W 9OMO C?
G
. 0()
:W#
l$
:;OO . @ O : ;O .
G $ @ 2 E :;
7 @ O@ a?2 2 2 !@ .
G 6
3@M8 aO
3 ,! > H 5! ; H O L2
6
]$F ]$ # :
:3@ ?
G !
G [
]
/ ) O
7B$ #- 2 = ! ;- =@ ;" )"
* ( / )( C @ $!5 7$!)5@
& !
B@ ;$!
8 7?;@
;$ :MIF !
G ; ]B
F $@ .2 K$C) ; @
.2 K$C) & $2
>8Z 3 / ) 6 - 6 ! &$8 9
m G O! GM$F
6 B8
6 & k 6 7= 9$8 >= 3 7!
6
: RH 9 #- ,E & 9@
/ ) K - L2 L K K
? ! . B 3 _
T ] :3 @ L" 4
B-
48 9F
@8 / /0
G 78@ (2 @/ K / 0 * @/ K
' / (@( 9
( ' / (@) :#2
F 7!B : F
Tn & @ – .(( O
L! $
G !B $! *** 7Z !B
(!( / ( ! !( 0 /) !
, B! 6 @ 3
* ) (*
( * ) ( ( *
-
#
[ G ] #.L$ @
7 - G 7
:
3@ ] ,2? ,2?/ @ #H j$") ]
: :@ 9@M8
M! B8@ 7 $=
B- #$ !@
]5@
-
7B 3 g , 2 , !.2
K:F
.$ /0 - 0 $ /0 -0 :@ 3 B #$ :3 @
' ( * ) ' ( * )
/ * / / "
bM"- 2 / .
* ( GH
3@ *** 4' ? K
7 "
b0 –
2– 8) ,$! *** 9 " #?8
( * )
( * )
$ #$
La@
G ! / ( 3 9 ? !
G G
E" C #!@ 3 @ &
3 @ B85@ 9 E" 3 @
32 7 #-
G 3 ? 7$5@ 9 C@ 3 ,B
7"F :7F 9I ?(
) )
- Tb 7 @ :9 C @ > 9
@ ;
:F R L 7@B@
( ( W3 9"F– 9" 3$
F $ a * @ 9 &H
7! ! $F ;
5!
;@ 8 B;! ;? G j !
@ .a) (
- , 0 ( )
. / ( o=( B) 0-/ $
( 0 ( )
/0 0
( 0 ( )
! (= ( ( " ( -/ $
) ( ( B ( ( ).R 48
7@ ]-
B :@ 3; @ 3
2H G
48 ? ! 3 F 4 G
. ; #- 7= ; 4
@
!B ! l$ k
k
48 WM –
F
# $ "2 ! O W3 !– 3?@
F? 2
( * ) 9@M8 7 : O ; 9$8 6 "
F 9$ 7B #
:3 9 C@ 9@M8 # B G
6$ O 2! #$"@ 0 ( F O J 5C
O $ kI 2 p@
(
78 F :F5@ 9;? K;? L8 #$ 3 3 * #$ 3
2H
G
I"
G S"
O S" S"
# ]B! $@ L! ) / ( 7" 3
]
0 (
(
9$$ ] ! O! :
:7$F 3 7@ :3
@ 7= - :MIF W3
*
48 ," F– ;5@ T] B
7!B O W
! E"– 9 LB
7 F @
–
G
; $I
7 $2@ M "F
@ ,E
78@ B
7O
78@ ;@ W$ 3$
#$"
0 * O M
; G @8 ]B 7!B
) $! $F 3
( ( ( ( 3 72 @8
G
W3 3
HW! G
9 C@ 7! ]$O
a 7 !T O !L
T9 C@ B :$IF ;8- ;$ 8 " ? # 3@ 2 3
T a ? #$
3$O #$ )R ( * )
* ( K
;@ T #$ ]
! .]B B
:7F .7! 8 ; 7B8
] * 5@
6$ O j$" ( ) IF
G G9$ 3
) 7! - 3!B G = G9$ 7
/ * / * (
;2! ) ( / * ! / ) * * d
) ) ( ( *NO ( / ( (! ) 0 !
* ( 6 ) ) (
( * () :
F #$ #
#
3
( * (
7= # I m / ( 2@ C O ,O O L" a :b"@ (d / ) (*
! #$ ' * ( : F O L" a : O
O J8
7 35! C O &$C # ]B! $@ NO d! 3@ 6
]$
$@ Y $_ - ]$ 3$ 7!B
@ : .@ B & #
/ ) * * d
( / ( (!
* NO ) 0 !
* ( 6 ) ) (
( * () . :
3 :
55@
.>8Z @ 3 :
5 @
48 (d / * / * (
/ ) ( * ;2! ) ( / * !
) )( (
6$ YB B 3 L
3@8 > 4F LB
R !$! 2 Y
B .8
G
G $2
G G 6$
- ; ?_
G 7 9
L R 3 I !$!
.9 9I 3$
bM@ ! 3? - *** ;$O ! - ;?@
;$ M
G
G ]- 9 2! G 9 LB ,M"
J8
;$
;- 8n ?2 ;@
9 " YB S$"
E
2 F
9g F a ? ! #$ ]- 2
. E 3- LE@
9O 9C8
3 ]$ 3 3 ]? L
- 3-
;?
2 ,
3$
#$" 3 L G
;?
F a ? ! #$
.G O! $
G $ [ ; 2 3" 3n #$ $
#
( *( ( * @. ( ;$ m ) ) 9; 9 ! ,!
. !$@ <
2
( * ( ( * ( !
! E" ! 7 (7 / * )9IB / . * ( ! m ) ) (/!g / / ( ( * B) ] ( j( )3
* ( ( ( 6 ( * ( M *(
/ * 9IB 6 m ) )
!) ( * 0 ()
* ) ( )
@ ( 0 /ٕ ( 7
*( . * ( ! o ) #O
!B
)R ( ( Q-/
( * m )> ( ( * ( @( ( @
* ( ( (9 ( / *
(
0 ( * 8) / 0 / ( b(
/ * ) @ / / *
( ( 9
( ( ( *(
/ )) *
.(E
;5! 6I/ /
( ( &
) I( 8 5!@ <> 9; 8 > ;
) / ) ; < 2
2 ;5! 2 ;5!
9C @ ;
E"
> @ ; ,".(
( ( ,2 ,"
6: ! @ G9E"
( * ( 9 @
BB$ $!
2 5! @ >
. 2 >B @ 8 2 ! @ 9E"
0
( j ) W3$
9 @W; #- b $
]B #$
9 3 O
@ 4 (
Y @ 2H ! 0 $_
0 B- :3@ F !
.
' O @ 0 * ٕ I@
' 0 * [@ ; ?!@
7= O 3! >2
) 7$$ 0 3$_
*( L( 3$8
3! 0 @ 7!@ : [a]
m m
'L ( 3; )
0 .H
G ( 6C! B[@ 3; #-
.L
@B * /
!B k$$ C @
( ( ( C 7H _) ( / 5@ ) b( $
' 7!)
R 9 R0 .
H) 7 ( ( C 7
*
9?8
;
G 3@ # ; B[ ") 2H
( ) /
I8 2?
(
9" 7$ 0 " ; $= M
G ; ;I M@! ; #
G
.;2 2 ; ,$ 7$_)
$
?
* (
*** * ) 2
)
) @
; . a
N_ / / *** GM ]
/ @ #@
* ( ) (
2 /( * ; F@
/( * ]
- T]
. ! q ;
> LB
) F
7 0
]B &C [@ ;$ 0 "
( ) ) ! - ;H2
( !
]$
0
.,( 0 ]
* ( & a) @ ;5@
]2
* ) ] ! ) ( *** s
) ( 3!@ . "8/ ]
B-
* ) / *
] ;I /
( / B- *** 7 ! / ) #$ 6$@
G ) (
/ = 3C8
0 ( " 3"
F / ) 2 L :;$
3 a ? !0 B
0 &@ /
0 " 6 $ 0
j
, 9C2 j
=
]C L =
]
) L !
]; &H8@
;=
7
- 3- , ,B E H
0 4?! CH
0
& /
(
( ( ( ]; S
j ,"
! S"
* 0 j ( =
( ( ! ( 9 C
( >E
(* (
KB
&!5 /+ HA
1>:
=C =
KD T
6 @ %A'> /+ 3 @u
84
&!5 =C
&!5 /+ HA
<D
&
3@ @i
<=.:'4> A?; r=.8
&;
H 3@ =
5{
Q
2" <D %A4@
AjB
.HA O2B
H
2D p %
KD OH=B ND '@ N O
KD &!5 + %9?
ND D N) 4P B <i A @ O2
/+ jC +
B@ 3@ X
" /+ .
T6 2;
$A+
.(
+" 3 &
=A4
:!
:B
4V" %
=A) =P mP 20+ 3 @"
.
&!5 /+ HA
5{
5 OL 3
$
%5{
<
" !
" 5{
xt
+
3 4
8 1>R
&!5 /+ HA
3@ % " J5 3@ ." 3@ L=B %.F4 B4 2 % 2
<D
. #HC + &*> 3@ % &*@ +
2A>
5" %=5
2! h
2@ <" 2A" % M> N 2
ND D N <" 2A"
KV %.S
h [ h=P %V
h [ hLW %
h [ h " 74+ %T=0B
" %28
U)+ %3B
] < A 3B4
!V W K
.h
X
h 5
:2IIB @"
2 .. tP )+ t
2" tS +2 <" H" <D %3
34.
3@6 /+ !
H!
2 N %A=@ /+ @ E:; ^[k:2@]
Z [8 ] Z \ :3B
E B
Z [ Z IY> Y
8
[ [ Z IY <D
%2CB@ /+ .. @D % B %H84P
% 455 /+ .. > p /+
8 <= > <"
8 ..
@
i 45N
8 P
=5" % >24 @ %2?@ % = % B@?
Q
2" HA? %o=A
~6
= 3 d.
HA? .. O2BVi
+
K HA
/
2 45N
/+\ <=0I
Y [\ Y [> Y]Z ] Y\ A
=@" \ \ Z
3@\ oIY4
] <D ] \ :o=A
EV" %
Y
A
[ [ Y <n Z [ Y Y Z Y Y A.I
Z [ Y [ ZY" 3
Y @uZ [ Y Y Z Y
\ ] 3@\ 2AB
\ \ Z \ K+" \ [
& \ Z \Z O
\ =I]4
/+\ h0 \ Y Y h
2 \ ] &!5
\ \Y
Y Y Y Z Y 3@ Z Y \ i
Z Y Y <W0Z Y YZ Y
Z Z Y <=I
Y [ Y40IZ [>Y <=I
Y [ [40IZ YIY+
\ [ Y
=C ML \ \ > #$
\ ] BI \ \ \ Y Y
.[aaa:=4
] -BZ [ Y
6=.Z Z Y [ Y Y Y \ 4BI Z [Z Y Y [ [ Z Y!
)!45+
[ ZZ
M$
&B? 2P %
2 >jA
8
%
2 T$
jB
..
2 +
x.'
}=C + %0>
h R '
&B? %0>R
h 8
&B? .. h0>R
.jB O
'
KD 1>R HA
..
&!5 /+ HA
D
3 @u
d." o4
<" A400 B>!@ JC K K=
=VY ] |
!
ND D N
" 8
/C >A
%HA
=C 1>:
%
=C 3X
%Q/ A @ A 2B> + A
=@"
<" 1 2 N %A2 O
04 N >? 5 %3@u@ &
1 B OH=0B@ B .. HA)45N
Q
2"
i
/+
H@ %<8
[ .[ <" 520 2 N %=B <"
2 N %7+ >
. 2> jF>
[ @ 3@} :3@u@ &
1 B OH=0B@ B HA
%<:) 8" 1
. {q.
3@ !B K @ jF
%HA
3 %T.Ri
%Q
%=)
%E!)
g>2 <= > <" 9> 4.
3@6 /+!/4@"
.H
2B45N
O2B
3
U8
Z q2)4
/2+ HA
9? /4@" >
Z 45
d0 3@ 8 > d d04
/H
U
=
Z
EPi
K Q !
>2> H @
U@
Z 4
ND m:B
F
U8+ f K
2>" f Z [ 3i q=4 D
Z
$
OjB
3 =
@i
P
H @
LD %<=AB>
=A)
&!5 /+ %<2B!@Z [ >F
t
3 e
3@ | 8
MJ"
X
3 K'4> <" %4C+ K <{
T6 4> <" /*40 HA
|P
=@ HA /
2
.^[aa:
] 3!Z \ [ 'Z
[ [
<
Y Z [
=C
Y [ ML Y Y \ Z Y IY Z2
Y \Y O;v
^ ; \ \ \ K
Y Y A?
Z Y Y Y 90I
\
YY
Y Y Y Z
YIZ4+ [4IZ YV"
%B
%>jA
%A
%T$
9!5 =C !3
3 | 8
$C X
" @ !
ND D N
.<
=A
/+ B
x+> .. >
Oj>jB
O ND K> N &P
] j] <D ;W h. V s C 3
]
.@
04
x+> .. H!B45N
&l
}
+ 3@ &!5 /+ ML &
%j>j E=0
K 3
. &?
&!5 /+
2C @
=P2V 3>$
MJ" %U
&> <" &!P %T!
!P /+ <>{
&>
.......h>2!
=2 @ -4 > 3@ A @ ! K*P 3@ A +
N=: |P
=@ ..2=
3 2;
p 2P % 4 4 #2 N %04
2i
:<=
A>"
|5 2C)
g O5 @ .. 5{
e+ O5 @ hP |0 <" ! 3 %
3@6 /+ O2P %H
=
3
/+ h?L= <= %"
/ 2=
3 2;
4P & %3p
2 + 2B> 3@6 /+ %3
Q@H y; 3@6 /+ O=5" %O
L$ z4
/+ !S 4P .. >=R
!@N SR 4P .. P O? " %
O=A
.3>@F
~R" @5{
E=B)
9C$ <" O5n@ %q
/C 3
Q@H l
f
KV 2@ 2t0 o24P
3@ =A+ % 2; O20
B + % 2; O5 KD ? <"
" @
.5
\
5 K %24P+ !8 %en4+
] 2; &X !3@j
$C /+ @i
$C 3@ E)
A>n>
.=
Q.:
O
3@6 -
M
= /+
=
A+ | +
[!" e
/+ A @ C =0
~ /+ 2C6 /+ 8
3
[
?" 2'
/+ B@H 2
A -
3?
LD & H!
]
/> /
3@ m
'> m
3@ /
'>
3 % Vi
3@ V %+
="
.A=@ 2B
i
%Q
2A)
: 2? &
K !R #$
h
2; +
2=
9V 3@
;"
!Q !
3" m@ + %
+ K @
N) 4P B <i %A @ O2
/+ jC + %
B@ t@ 3@ X
" /+ T6 #$
% <5 =" D
.(
ND D
/+ /!C$
ML
L
OP /+ 5
B>[ %
K &
=4
D ..
E D
% @ +
K <=
=4 " <=j <=
A>" 4
<D :/ p s)@ T=0> % 5
5 : 3@ 1p
=
< 2; T0+ %TP
" .. m N 2; >
$C E+
.@
Oj ND ML H
6 @ %+B
ND !8> + %A
O0
E p %
K m
=
} 2; =C 3@
.
&!5 /+ @ H4 H .. /+ Q/ &
d!4
3@ D
.......3B
/+
L
++ %@2P m 2; AB? 2P %C !
" 2
&B? 3@ +
e
O
6 x!Pi 5
KV
T=5 / 5"} :"
/ T=0>
m" %O
j
/ B + e!B
m" %O
j
/ B + % 2; KD mA4
K4 A4*!0+ %AP2V
T=5 > :m0+ 5
KV
T=5 KD 2B+ :TP %O
j
/ B + &? 3
KV !4+ % &? 3
% 2=
3 2; % e!B
M ND A
=
6 A
e
+H
= V &?
<" > #2 N" %34 AX@ /
/A+ e!B
/ @" :TP 5
<=- + 2; @" /" X@ /+ =C
/ i AB+H" n+ %" &X@ :#" !}"
&!5 /+
!4
hN@ /
j> | + ^{
&!5 /+ @ H4 H" d!4
20 % h
2;
!}
!}
&!5 /+ h.P AB? 2P h+=5 h5 hH /
j> |
L
Z [ =C 3@Y T
/
j> |
O
6 N 3B@ <==0>
t5
Z [
14+ A H S .
/+ 3 > =
&?
]
Sn+ h
0+ <
" ND
K 0 > + &? 3
@"} :5
KV T=0> p
. {
% <=
L 2; 3
=4 5 %<=;u
(>4
l #$
=-
ML 2; =C C
%3 @v
=4P %<2
@H 3>$
%>)!
4P %{
Q
2" % 345
% 3 % 4C
.3
T?
T.Ri
Q
Q@H
= .5
.> % +=5 .. 3B
E -> 3 3 0
=*C =l 2; 3
=4 5
f \ Y 90
.[:Q
B)
] 5 f Z Y\ Y
] K"YY 3@
Z Y ND]\ * <= Y .I
Y [ IY NY T@ [ Y Z IY> N =I
Y ZY> :4=X@ ?"
@ 2; C*> % <Hi
" /+ <B@ 3@ h!>P %.
3
3 u@
B@ /n
@
%3
3@ rNW pp
=
%1
ND D N <" <2A)> 3>$
@ ..
H= ?
KV
T=5 H
=P &4P\[ %rNW pp <=0> +
|" 4t@ .. |" /4t@ E0>
<5 =" 3>" :h*B A*B
[ <=
oH + %
3
% .B? % 2>6 pX
5
=
:3 TP %T:i
Tj
B
" /+ Tj % >
$;n+ }>
$;n
3@ E*> $;n+ >? 3
T=0>
Ti
|
= r=
/= #Al
= .. K4
3>2 3B
O.
= /+
Q
2" 2V /+ A
U!V
&4P %
Q
2" E*> =C >2> /+ r5" B
K4 %
%gX
%/X
|
%Q
2i
2V /+ A E*> <
%> .V ND 2> /+ m!p @ %.
3@ h
X
h
H2
H %0 5
KV !045
%3>2=
H!B 8
B
mA4
.=X
?i
Y Y YZ4IY Y+ D] \ :
TP => % @ 5
KV =5 K
74+ => % @ 74+ /n>
M
\ ] Y Y @
Y \ZY 3@ \ \ \
KV &;H [ca:74.
] ;n Y ] YY @
Y Y M!L Z 20I
Y Y [ ] M
Y Y .FI
Y Z Y * h !@[ h4IZ Y+
m:P .. 3
)
s)
*;" 2P %8
3@ &0@ rNW O) B@ 5
=> <=@
!4>
! &C }<! 4
! 4>
! &C }&B+
L@ %>2> 3 Vi
] %3
" <= A4 > %3 @v
<=>
<@w4
A 1.8> %<2C@ A" <=2>
KV mB@H %5" d ] & ! 4> }3 A l" @ 5{
<=2
\ Z > )
B@ <
% 1S" 4 .
2" &;H %A= A;H" K4 A+ .5 &BI [
+ 5
KV
T=5 :/ B> h
2@ &4P" :T=0> %
hA $)> |5
+ h
A $) hJ M K S" @ }M.5 3>" :B "@
mP 2; 3@ +
:h
j@ A TP M K S"
@2 \
Z '
=> 2A \
= MD
FS
Z /+ .; <=
r= =0>
Z KH" = /0:
3>2
T4P /+ 2; N=:
h
2; <" rB+ % 1>28
=" K=4> %5
KV
T=5 = @i
.I Y Z [ p
eQ 3@ <:)
e5
;n+ %2F>[ <" <
@ 3
)
K [
5 ] |5
] @
/+ ; % E
$
@ A"
<" /2> %O=!
/2> [ ] % 2; 2> \ K 3>2
\ \ Y h
2
\
di
[ \ YB? Y \ Y YY :KB TP
.B %D /=> \ " 5"
3Z Y \ Z Z 3R \Y &
Y Y [ Y /! Z Y Y M$
.[aac:Bi
] h
S \ Z Y
r;6 f Z Y KDY\ A*BI \
[ [ T=0Z Y [ Z [ xBI Z [ [ Z Y /=>[
%
ND D N >
$;" %!
K |P @
/+ O=!
KH
@ <" =" 5
Y ] :TP
2=
3 2; <5 /nI 5" 3@ <:)
e5 36i
!}O=!
@ KHW
.
i
3@
H :0 K4 P >
$; 2; > P %
jB O @+ :T=0> A < %.
" )? d! %3. p !30
-" @ !
ND D N
.OHA
Z @ ND
.
AP=+ 2A A@2A + 9CL 3@ Vi
o
>2
j
6 h AS8 3
S <
=
=? h F@ M
=p =? .
" q=+ E >
"
Y Y Y Z
E
Y [ Z Y
Y
=l
[ YY 3>$
Y =0Z Z
8 Z \ :6= /+ 8
<
&P 3@ %B@
<
@ <
3@ <i O=:5i
$C
[ [ ZYI <D
Z [ Y Y Z Y m!XI
.[k:2@] @
2P" Z Y [>Y
Z [8 ]
Z [ Z IY> Y
s=@
=> 2;
/+ |0> % s=@
KD &8> %
B@ KD
B@ 3@ %8 KD 8 3@ 2; %>i
4
X
" @ ! 2; >]] :3
xB TP %."
h 3B" 34t@ <=0> h." 3pp /+ %
H= ?
=.B" 2P A" HH
[ %
8 =0
X > D !
&P" @ & %m 5
: TP !
]
T0>
HP 3@ 2tP '+ %)? |V ; %K"
H==@ :TP %.
" d!
/ P2V
! 2; > : ?? T0+ 2; 0 5+ K ; + %U@
U
??
<" %
ND D N) KD e
=2 ?; :TP }4?;
L %/ $ N =
$C /+
|
:TP % @ &*+" <
@ <
3@ :TP } R" 3+ : ?? TP %(
T=5 h
2@
% P28+ >W
jB@ 5
KV
T=5 >" i :TP !} @ &*+" <= >
T=5 h
2@ <" 2A" %
ND D N <" 2A" /+ :TP %9F 3@u+ %> <v
3@W 3@
&
] % B@ ;
%34B
&V
n= &4S
:TP %A+ j" %4; KD 2; $;n+ %
T0+ %2A)45
K4 &0+ %; 34B
KV &4S
<" 2B n=4+ %OHA)
MP6> <"
\ Y !
M : 2;
.h
X
?" hP m
E) =
J+ %
Q@H C$" Q@2
3" <" B5 %2
E) =P 3:TP
d? %Q
2A)
Q? %8 /A4 %
B
"2 %A=P /+ 9
Pn+ %
Q@H
T=40@ =C =+ % @ 0>2V Q? %T?
r4
" K <=>[ %Q
2A)
&!04> 2;
~=@H %>2; K & =@H .. 2; KD - > =C %O 5 ;W /+ %1@ ;W /+ >2> 3
/
] 2; 78+ %O
3@ 1@ ;W /+ Q
2A)
3@ pX Ku> %>2; K & 2;
2; K:n+ %
B
3@
=A4
2P %|8
O
O2 /+ H Q@ A 20+ [
=) Q
\ Y [\ Z [>Y :!P E)> <" ;" KD " E)> <" x++ % @ BI Q
<
Y Y = Z \ [ ZY" K
Z Y Y A.I Y Y <puI
\
KD &@j
" %@6 KD n+ %Q
@ &@6 2; K:" ^[:)
] V8; Z\
Y Y Y A
2P C
L+ %
+ %gX+ %/X
KD H %@ 2P =C
L+ % @ KD Q
HB+ %@6
3@ A05
!E > ]] :TP %H!
Q hJ@ E= K@ %Q ! 2; A+ %
=@
.[[ M H!
Q
=
A+ M4 ?
< + %
/ 2B +'
K= %
/ =" @ s=@
B@ Q p"
/n> % O2! " /=> 2=
3 2; TjB> <" O2>2
4+; /+ $'
=5@ T"
!;" O2! =" P %
B
mA4
% h
2; !'> N % E4
/.'+
[ % O2! " @i
% BI =
&P" 3 % BI d@i mP \
@
}/!' N
[ Y ]] : 2; T0+ %
2;
h
<i %#2 ? =C TjB> <" 2B &0> %2tP =C &0> ^[[ 3B
E &P" /
B H
" 3@ %OHP N 98 @ A> N %4=X@
+ %
?W
? B H
" 3@
.q; 3@
2 + %2
%:B
4V" ..
=A) =P mP =
" <=B> <5 /" TX@" <5 " m
5 OL 3 %5{
<
" !
" 3 %5{
xt
+
+" 3 &
%=A4
%:!
.. 2
/+ Q>=P" ..
9
%Op=
.
K d %&.
3 %5{
2
$C /+ B
9> + % .tl " /+ Q
L" .. T>
C2 <B
%HA? /+ A : O2 ~=? /+
T=5 V % !?
= 0
@
.
&!5 /+ <2C> %
E4
<=4> %A
<=@=8> &
<=@=0>
Z mP=+
=
=!C 5{
@" >
U:!N
Z ~
j
+ ? .
U
mH
LD C
[ [ 3>" <=@ |" >
.At
2" @ B %A*B K H=5" AD
!1
t @ K 3@ H." > !O=B
5{ " 3@ Q " > !
Q " > ! 2; H." >
#
!
:
=5 } 25
H
2?" S 3@Y }(
ND D N) +
H
2?" S 3@Y
:
H
2?" 3 !
.0
] \ Y Z Q
>2" h 5" 3
|
(>4
=5
.
=.F
=C D .F45+ %
.F45" %<=B @ T=P"
s=@
B@ 2B 2=
3 2;
2! h
2@ <" 2A" % M> N 2
ND D N <" 2A" %3B
E 2
:2IIB @"
2; /n> %O=B
~0V" 9S /+ 045
K4 %
Q{ 2; 2C> :
H!
%O=B
Q" 9S /+ #2 (!
"
) > <" 2B %sB
/A4 <" 2B
/
HA
2B C" KD H=B % )
" /+ y KD /n> %5+
/ $;n>
>W K 2; &!0> %=80
2
+ K t F
K C2B e
&!0> %&>=:
mP E40> K4 "0> >2> 3 ) + h.8@ $;" .
KV
LD <
..
L
.A-
% K 4> <W0
3 HA
/ F :T=0> %/ !> "P
LD <
:B
&C" T=0>
!}HA
ND <W0
3 F @ %
2 l=.@ O AD %m @
=>
2 $4B <W0
3 HA
F &C !}34.
3@6 /+ 3 3 T=0
L+
A
/@i
9R F .. !B %=A % VB@ %
=A 4F & %
N !}@0
!<W0
F N HA
F @ %/Si
K
= 3@
U=. /Si
=V" ND @ %A.84 @ /+ A!
/+![
"]
.=F
2!
#.4 %3
.24 0 ..
K | B <" mP=
$C /+ Ki
..[
"] ..[
"]
.. 0
..
$
.. <W0
!<W0
@" >
3@ 0tPH
=p /+ .> N #$
%=
3@ 94> N #$+ %3R)
=V"
=
+ %2
[ @ ] Y \ Z YY
%- > =C >2> 3 3@
[ 3 AI [ 3!
\
] YY Z [Y
% K M!+ <v
.@ o"
h @ K @0
=> Q/ &
3 3n
] YY Z [
%+2> N / F>
&X %
>v 24+ A @" %Q 0+ @" %<W0 /AZ I[ |0> ! 2; =CC
.......<=+ 4
d+ 4+ X@ /+ %<=@B
&B+
$C
=
@ Q p" 2;
OHA)
K 3@} :
+ K C2? %C2? +
B@ t@ /+ OHA)
2; 9R
Y \ [ !P 3@ hPHV
.^{
+ K @ <D AP6
h Y \ Y M \ \ * []\J:Z
\ KDY\ /B?
* h@ Y Z [ Z ]
AIY [4I]>Y" >Y :
KD x. [[ Q !
3"
Y Z [
d.I
.[bck:.
] /4\]?Y /;H
\ [ Z * #H\ !\ /+\ /;H+
\[ Z Y
Y Y
\
T?
f |"
] [ @
LD \ =0
3@ |"
[=? m!
\ 3@ ; m"
/
=B
2V
Y \[
m04
@
LD I\ I
Z $ Oj>jB
d.
3A@
h.P
&-+ % 2; P rB> #$
=C % >2I "
/ !'
/n>
] %
2B5
m@ h m)
Y 20 % <5 " >
!<=B?
D D D]] :T=0> %2B> B>
/=.;
=*@ %#2 /=.;
=*@ :T=0>
/ / !> p %;
2 @ %
2
h
.[[ #2
M4 p]] :TP % h
2; 32 > %3 !> Q <D !3 @u
@" > :T=0> % KD &? /n>
\
.0P N
V N 3 [[ /
=!
M!4+ <5 /" &X@ K !M@"
\
./
=!
M!4+ <5 /" &X@ K !
#D
/+ [[ /t " K t0
/4
/+ r84
m" MD]] : BI 2; V /n
.3B?" A
.38
Q
2A)
30>28
3!
@
Z Y\ !V 2; &X !
H!
i
q /+ <=
1:
HA
K B /
=
AA.
e.
2tP 45 @" AHP 3@ 2tP |0 %
>
<=B+> %2=4
<) > %AS
1 3@ %
OH! KD H!B
OH! 3@ Q 3@ ' XB4
<D]] :3@u
Oj /+ T=0>
.[[ 5{
T2 KD <>Hi
=? 3@ %A4B5 KD 2
f
&!5 /+ HA
P KD
@
= .. 8
A < + %
i
/+
5 <2
u> %&>=:
A'> /+ <=
/*>
<=> r=+ HA
1>R 3
='
LD @" %A!5 /+ EB8
<=$B4> A20B
.< @ &
/+ e
A.:'4>
i
/+ 3.B*4@
/+ <=?'>
=
.. At
2" K C8 > A@
2P"
m!X> <=?'>
=
3!B
&!5 /+ > f Z \ Y 3@ @ !2 2@ d. #$
} :5
KV 2@
[ Y Z [
f T=P ACL"
2@ d. #$
%M
7> > %H <= = % \
Y
[ => 4JA
@0
=> Q? ND
d. #$
%
2"
h
&!5 /+ jF >5 r; 2BP @ 3
K 1" <" N= !2
.^{ &4Pn+
[ jS" p %&4Pn+
[ jS" p %&4Pn+
[
&!5 /+ jS" <" HH= !2 2@
AjB 1>:
=C =
KD T
6 @ %A'> /+ 3 @u
84
&!5 HA
!
ND D N
&;
H 3@ Q
2" %A?; 3@ Q
2" .. 9? &
3@ Q
2i
A.:'4> =
@i
%A4@
.HA O2B
H
2D p %
KD OH=B ND O
KD &!5 N '@ N %A+=.V
U
Z V X@ T?
V 3@ 2 N
\ 2?@ /+ ND T:i
8> N
U.
U8
Z g>Hi
&l /+ <W0
/+
U>
Z
$ q
O20 F 9B
K
=B45
%2 +
=!S
%
=0p % 4
2 % +=.V
=B?
!;i
A>"
@ >H
=@2;
%>@
<= + K
=2 %=!F N +B BP
=) % B4@
.
S #2>" K " >2>" K >H 8 > r=5 + %4B:45
9
=@ /+
5 %
=" %
8" 3@
==
%9
/+
=;H
V.
= 4S
8
94 > % @
3 L$ % 520@ 3 ~+2 ."
2" \ %
.1+=4
+ @uI
Y Z [> %M48B@ &C" ^ Y [ %M4R &C" + jBI
[ + T$> [ ^ Y [> %2 @" @i
$A " A
.Q2
5 >
3 + KAIY Z [I> %rB
Y Y] /+ " A
A
%M2P 9t 3-
/+ " A
%M2P 9t B> 3@Y
2V /+ " A
A
%3>!4B O! B?
A
%@2P m
i
Tj6 A
%@2P m
i
Tj6
Tj" A
%3 @u
K : N A
%3 @u
K : N A
%240@ j>j $;" $;
B?
%>
+ N A
%>
+ N A
%3@
=0
3 H> N #$
M5n
.>W .; 3 B?
%>
+ N A
%>W .; 3
\ A
\
.=@
%@ A
|
% " 8 4;
% 3 N 3
A
.Q? M+ A
9' N %
!?
% .B
A
.3>+
3>2
3XB!
z N A
\\ \\
Y Z @[ YI]+=IY YY h
!V
.3 Z Y YIZYY +" Y Z [ YI]+=IY YY h
Z!V
Z \ Z Y YI]Y %3@ Z \ Z Y YI]Y
Y YIZYY +"
.......3B
E 2
%35
K 5 %<=.8> OjB
E M <!5
O
Q
<=2B> A+ %
<:5 o=5 <:5 &
3@ C =C (8
) 2>.
&
=5 5 <D
/+ :
ND C2 d %
<
j <=j> %
Q
2" <HB>
<=
=> %
T2B
.)!
P 3 C S" @ r='
%
A."
=j" %A U!V N ?
H /+ <=:!'4>
3@ ND @i
= 24+ @"
.t
3@ @i
j @ @i
3@
j4
%
E4
1!: %/=
! 3@ Q045N
%8
@=0 $;i
3@ 2+
.P!
O;v
&?" 3@ t
j
2 *4
%V.
\ 3i
D M> N 2
ND D N <" 2A"
=5 2! h
2@ <" 2A" %3>;v
3@ K %3>2
Q
= # V" W K @5
=V %3>2C
@D
.3 mP &
/+ 7+ 1+
T$ 2C? 3@ A.;
Y @i
$C |5 3@ AB!
h
;L % " 3" %
" TR" %
"
:3 !
=;i
O=;{
)B@
%C5 /+ <= ] \ %AP <
2 %A? <2* %AV <=BI
[ Z ] @
[ Z [ %
2"
[
.C@ 3@ <=@ %C <=
C
[ ] [
=
Q2C
[ A K
>
e."
~=*
[ ^ [ Y 30
r=" /+ A A. z; M
<n
Q+
.Q.; N <
j@ :O
Q
A
=
] ^ j@ O
%QB
=
B+
j@ Q
:Q O
] 0)
^ A>"
: Q
8
3
T=P 2 K %Q
2!
4
?
=A
=
2P" 2P h-tP O
3: A)?
B@
5" 3 h.)
%Q{
)
/P
@ 3 hX O
Q
2 /+
/B@ h*+
.Q
i
E
<=B %Q =
2@
[ \ 3J> #$
x>
<" ML ..g>2
T=:> 2P " 2
9!:
%g>2 . KD 6n>
K |P" <" /B+ %@Y\◌T"
Y @ oH" x>
%/ .V <+ h <
A@
&B+ %E4
&2 %E!
3 )0
j@" %E
/.V" %E
/0" %E!5i
.E!i
#L %EVi
/!
$D &C" 4i 8P"
<D /0 /+ s
L 1+ m+
Y <+
!
O
3 <4
.......hA5 mJ
LD <j
O5 00
BP
O5 /+ o;" 2B O
] O8!
8! h?D %1 1B h
. <D :O=;{
)B@
@i
= o> LD % =C hJ5; 2> 8!
&B>
1>B
@ Q5 =5 2B
<==4I
Y [ [ Y> N p \ Z Y@
] [ 3I ] Y "Z Y O@
h ] Y [ /+\ <=
f Y &
Y [YI4.IZ [> <=:!'4> A U!V N ?
H /+ =
CHW <H
h@
2P" Q
=
KD
=B? ND 3!0@ \ h@2P @i
KD <=0[ > N ^[ac:=4
] <
$>Y [ ] ] Y C
Z [ NY
K4 " %3CB[ K@4 <" j t
3@ @i
Y Y j @ @i
3@ A."
=j" %3>\2@
/+ > O @2' A. ' %O K O OS OpD /+ AC 8+ %3C [ [
/+ A4.
=+ 2
O
=!45
%A
*
=+ ..T$
A=P /+
=" %O
@PD
2 A5=. 3@ <
=A
Tj %0>\[ + !>S
2 A=P 3@ r)
Tj %.5 r.5D
=
3@ h! C2 3@
&
<=C=4> %A V &
<=!> %> 3B*> +
.A A>
\ ] A @ 3.8
K > P Al K hp=S <" =+
m=
f hl." %E! h
=)P 3>2
$'
\
i <:)
9B 2P \ Vi .
&B
%9F
=6 Ai A!04@ /+
.> %C
=.> + %A." 3
=CL[
%9+ 5
KV
T=5 T" m
@ %
=$
q2V % 9F
.3>;v
3 A6 & %Cp V" =C &
n 5{
O eS @
%2>2)
E
$B
A@+ %2>2
q
=Rn C2 AP=R 2
!
$C @i
mF
3@ A- %QB C>H /+ %QS
=!Vn+ %2!B
O- KD
i
O@6 3@ A?;"
$
E5 C:]S %d'i
Q
j
A+ C
j? %d
i
OHB
OH
OH>
:CQ
=!C$+ %9+ / 04
#H
204
/+ C= l %OjB
1>R
=J:;" Ai
Q
:+ #$
N 2" @n C @
QA4
h
Q2
1I I; ; @n C @
Q
=A
<
> CH8+
=j> <D
Q;{
OH=
<
A40+
=40> <D
Q
2 /+ &*+ en> <" KD .4
/*.>[ <" /)' R
=; @ Q
&545
=
f @ %7>@ C
@ %7>4+ 0
++ 3> " MA+ %O
:7>4 < Y[
=
5" ... @ =5
=5
5" K |0 Ti
<0
Q5 KD
>D /. &0" /+
ML )'
mY\
[ 8+ ...TX
S N L=
=C
$C ..1\ + /P
/C $C :T=0 Q
r4
%(>
=4
<=: 2; %<B
0@ !tS P %3C
!
m@2P %TX@i
i
m0:
YY Y =+ %Q
i
45 %z;
/
A
Y Y %|'
1+
=
[ 5 2
hJ+ 2A) %@i
$C
.@i
$C 3@ Ki
0!:
$C &!P '
K C
=P 2+
2 @"
h
C2A@
] $@
p %30R
? 1: 3@ N2
/+ " A4V <= + %4@V A>Hu
i
OHA $C
.<@j
3@ hP ) B* ! /4
<B
C.>
[ %P
=
[ OHA)
Y $C U)>
[ 3>!'
1: &
@ m@
=V
/C Qi
1: 20+
>)!
(> /+ & 5{
(> /+ h
j@ h
2>+ <0
ML /+ h? O=2
M m?;
Z Y ] 20
%45 &
4;
h? ..= ..t4
..=B ..=8 /+ h
2>+ h? ..B?
1:
%2= K d5n4+ %/ K /=
Q? h? ..5
KV =5 !8
.7V A @ K 5 %O20B
%!8
2 %<>{
8 %HA
B %o=04
H
6 ..K5" >F h@5 h
+ &
.
O8
i
25 2P %<W0
0;
N #$
%
<
=
@ M 4>S %
3>2
<=
&!5 /+ OHA)
4 @"
:&0 /B:0
=4
78
&0
N= =C ND D
T; 3@ |R s
L
T
Q/)
=C &
!T@[ :<==0 2P
T; 3@ E s
L
:T=P" / ..<==0 2P
!..T
=:
!
AD
... T@ N
E4
#2C D
... T@ N
T4
*'
^ Y
4
P KB+
... T@ N
|8
&? AD
... T@ N
T!
H5" 9>
&? D
T!
AD
... T@ N
:T
u
!}6
:
ML &X@ '
@i
2B[ \
Z Y
Y
&X@
] Y <" 2> N (>4
o2@ K 6
:
ML 3@ J+ H
+" 2?=> 2P D @"
T=2@
L
OCl $C %Ti
<0
/+ P
2
< @ /+ '*
H2B
ML
. 25 T=0>
%
KD #24A B A@@" |0 <" 14
!}
=C
$C &A+ %5
KV
T=5
At4>D O=2
$C 0 h4 5
KV
T=5 y' H=? <
= D @"
.3B?"
i
&Ci 5 ;W AB? @ %3B O=H
AB? @ A
p
KV
T=5 2B =0 <" 3 > O=2
$C <" 3
] %
$
. &. 2P
<D
KD 2B 3@ 3>2
$C K0" %
=? KD KB !5
4;+ %Cp /u <" %5
%OC-
M . N 5
KV
T=5 y' !SY <+
$C K <@j
;W
!}o;" O@ h
LD
+
!}!
F &C
!}
= #$
A
F &C
C=? U!> d 3X
=A+ 04 /+ C=? H0 A@
!; =@i
6
9
3@ 2
3@ OH MD C$;
Ti
&
2 /04
28@ 2=
...&{
O
=4
0
>
94
KD
- > & % O>j
&;
H B> A*B
K CH= 045
%2 A5=. m8'+
[ %2
E4
K
84P
D %CS
.2 A @
E
[
+ E4
AA [Q> + {
CH
@
/B: N C
=5 d. > C
=5 o=C &
y
9P +
......
E:'
3 2 /04
28@
/
2! 3 ? 3
A 5 /+ /@
2
2 @ /+ 2" @{
o
' 5
KV
T=5 K" "
/ E:'
3 <"} :A
%5
KV /!
m + %O
=4
3@ ' $C !
T=5 > :T0+ %O
=4
3@
/ =" T0+ %F4> B4> 5
KV
T=5 ? "0> &B+
/+!}5
KV
T=5 ?= @ o N" ! E:'
3 > &
=X
M4 p:"
KV
T=5 ?= @ o N" !M0
(@" :TP 2>6 3
2! <" >
9*S 3@ L=" :TP p %5
KV
T=5 ? KD - + !}5
KV T0+ %!
h 5
KV 2 %h >H 5{ %h %=5 9*S
= !2 /. #$
}0 Q* A \W "
Z Y !} E:'
3 > A+ <=
=AI
Y Y4@"[ :5
<" ND B5 @ h K5=@ <
=
%&!
Q
=5 4* /=4
=4B!4+ K5=@
2
.{ / B!4>
:
=+ %C2B 3@ 8 hF h- h5H <
20
Ti
& 5
KV /!
=:4
&0B
90
y; h? /> <" 2>> 5
KV
T=5 <
20
|
%>
<W0
* #$
/A{
A
S pu@ #" 3@ 3>= 4
y; ..=B)
%
E4
:h
2" #2B
=* 3 3J + m
[ } : @5
=V &t0
=C
.{/4 5
%/+8
!
ML S KD &
m.4
O=;{
)B@ m! %
m:4;
ND B> N %? A52+ C
=
K 0> i
<
=
V % ; z05 z
|
N ND !
M$ A V N Oj@ J+ A-+ %&
u N Ai e
2>[ @ d ? 3@ A"
+0p /+ eFN
%ML 3 .4N ND 3 O N " o J+ %A!0 A5
/+ A
... N 2P S 3@ +
. 4
:4'
EV" AH5
[ KA4
%E!
&8 2B AD m.IY Y4IZ [> D =)0
<" %2
2B => D 9B
<" <> AH5
3 . > @ S /+ 2>2! 6=> N T@ e" mP=
<" %>*
2B /n
<"
\ [4 =A
KD 1>:
84' %
ML d &B. t!
J.
$C
KD %A
=A /IZ
.Q/ @ &0B 3 > <D %3B
=C h0> A <i
!qF
/+ O
<" :/C O2
? /+ ?IZ Y4I[ 3
/+ A>" O8
E=
F
3@ mJ@ 2P #6'
K T=>$
<>
?j@ N %0B
O"
8+ %>H
AH5 O* /+
=@2 > %A4>=C 3@
='
!0:@ N
3@ 3F! 4" + %.V
h
=4t
p
@"
=B?" %O
Q
2 /+ h
2B
[ h
C h05
[ h!4+
]Y
"
Q
3@\ <" B> N =C %
[ d)
K /:F> <" 2>> 3@Y F!> @ ND 1
.B5
=
/04
28@ ..
&
O5
/+8
!
ML S KD @i
/+ 4
?=4
&t5 m4.4
:3 !
O=;{
)B@
M
6{ m@2'45
/4
=)
4+ %
=)
= 0 > 3
8+ %A4>=C m
&P
=)
= 44+ %
=)
KD ../+8
!
ML KD OH=B
KD =2> 3 OH Q!S C! T=0> 3@ 4 MD
%78
B@ /+ jA4> %K=
K <= 4 %/
K <24B %<=; 4" :/=
!!h
$@ dD V K4@ #2 N
AB
/+ M5
3 5
/+ C=I
] Y Y4@[ C
>6
3@
25"
[
=P <D .
| 45N =P
[ EF
g TP = C >
***
@
4
=0[[ N =P 2+ 3@ C2+ 7!0+
[ [ |B*
3@ ?H K h? $C 6+"
:
1' &>2! N %0
|? %25i
0; <=4.
2 1; %9i
2t
2 E
2>2 g [[H
u+ R =.8B
=V
]
LD
..
=:; !4> <:)
3B> ..& 2 d)
~=R ..2
3@
B >H !>
+B
'
C.
OQ0
OH!
ND 2 @
/+ 7t
=
m %eB
Ep /+ =C 3. ?=4
&t5 Q? 20+ !9 N
3@ ? m %T$
B@ &A
0. 4B+ 0.
3@ ? H
" %U.
9
=@
K" HS 2)
: mP p %)> m8P <" 2B 2>2 2P ..<=:
2+ K
!}..
\
=P y.P /+ =@ )>
=8P
!HS ^ =.8B
@
***
3J:@
Z 9P 2B> D O <L" E: D
<n)
ML (>4
/+ < + %2 /+8
!
3@ K045
&
ML :O=;{
)B@
.Q
D ..2>.
@ 9P
= / > &
¦ %O
Q
2 /+ MA+ % 5W :4'@ > 3@ K045
&
$C
.~6
!O
Q
3 @ <4
. =
ND &R!
3@ &:" + %6 E=p A! + %00
/C $C
7>
\ )4 B
"! 2P 7>
\ 84
/+ '+ 3" UV
......
Ti
&
2
E4 &B
f A @
>
<W0
&B? 2P &
L <" :hp
A @ N %1!:4
&B
$. 4 1
.2>.
&
ML m.; /4
T?i
3@ X
T =C
%B4@ 5
H
/
=@ / /+ ª =" <W0
/B@
\
$
/+ >W 3@ /4>S m!45
>
A |.; %&B
A > %F A 74.I
Y Z [4 3 hP+W <W0
3@ A =B)
[
$C 74+
:A+ %78
N
KD A @ T=
] %| 4
Q!i
&0p
#HH <
*;
[ [ KD hP= /n+
e=. >" <
0
oH
.l"
[ S 2> /+ 9*P KS=
g #2>
Y /+ 9'
<D
......
3>2B
2
E4
1!:
KV
T=5 H
" %3
5
KV
T=5 K E
ji
Ej
%Vn h0+ ML &
%
=B?> >2
p gp K 3
)
OHP 78> <" 5
KV
T=5 @ EHi
% 45N
>S /+ N0+ %A
/ 3>2B
Y )45+
> ! @" " } R hB+ &B
3@ 2 N
s@" @"" !
T=5 >} : 5
/i B V" Q/ & :TP } B 8 Q/ " }Q/ &
K 20@ ! + !
T=5
K QNuC
20!
T=5 > : LB@ 3 2B5 T0+ %O2
e=P 3 4@ 2P EB
m>"
5{
@
" 3+" %B
h " oP \
h Y ND >2
p 3@ Op <=B:> @
% s)
Z Y Y Z [ Y 6Y @
Y Y ..{ 3
\ \ 3 R +
25"
$+ h4V
!=B [
1>28
2
E4 &B
KV
T=5 <
hJ h
m]] :T=0> "
/ 1>28
=C C
\ ] \ Y Z Y+ ^[[ >6" <" hJ @" 3@ m
<D K);" /D % m ND &B> 5
3>$
Y $I ZY
\ Y Y AI!8>\ \ !8 \\ Y 3Y <=.'>
\ Z Y @" \
.^[:=
]" Y E
$
Z [ Y [ "Z Y YI4Z + AI
Z [ Y [ <" Z Z Y [ Y[
D
.>D 7?+ %@@D H 5
KV
T=5 %H=!B@
$'
1>28
?
[ <=B
Q?" f &
3@ QB
m.+
Y |
9?
Y [ /+ 1!>
Y =
%5
KV
.$.n+ [[
! 45
K" 3@ hC
[ H0+ ....................
q+ 3@ 3Pi
:TP %
ND D N :<==0> AD]] : &0+ %3>2
K h A " p
5
KV
T=5 Hu>
=
hN0\ " hP Y /=B @ =
%O
j
O8
3
:
3>H
8 + [[ A40
}A.>
[ 3@Y &C :U8+ T?
C m0
Z .n+ ¥F
EB
2
=>
Y Y 3 K.:8
= H" f T0\
=B @ =
] 0>=
S@
[ =C 2
*;" <" KD 4>F =" K*@
I
[ YP 3>H
" &X@
[ [ t /+ 5{
=C
$C
M %N=5
h 5
KV 2 %h >H 5{ %h / 3@Y <>{
BR q
L
.<4@N
104
2 !BV A <
o=2 A5
' Q
|; = %C
=
@
i 45N
H0N
T
:O=;{
)B@
4>
[ N
~ F hB O20B
oB h 4@
\Y $.
=L" <+ 4.tR " ' T=P K @
i
T=P $. |P=> N
%$. >
" ND &!P
$A 0> <" 3@ ; s)
; 9L & 2!B
K0> <i
%A @i
=+
.
0
3
TP
.T
***
t8
[ 3>8! 3 >
LD AC"
Y . 8i
@
\ Z N 3@u
f Y@u@ \ \ Y Y @ :;
H0
45
5" &
ML :O=;{
)B@
[ Y f Z [ <
YY
\ \ \ ] K*P Y\
Z \ Z Y 3@
.^[:E
ji
]C@" Z [OIY Y'Z
A
Z [ Y <= > Z Y h
@"Z Y [=5
Y [ Y <" [ [ Y Y [
Y Y
LD
&B.I
[ Y Z Y>
] Y Tn>
[ Y Z [ N H0N
4
/+ > ML <i B
3 g!
/+ :
.^[c:Q!i
] <=n>
Y [Y Z [ C
Z [Y
20 A4 5 \ \
Y 3J+ %A0>R M5+ %Q
= +(} @"
Y ) N (} @"
Y ) :CB
%
2B
h hN m 20 hN " h > $;" 3J %Q
=
KD h
2B h0!5 m0!5
!Q
O
3 @ <4 %Q
2!
/+ m C
8
Q 2
E4
1!:
@
/D %*+
h >P Q <D } :
H
H ="
+ A
/ )t T=0
Tj %3A @ &>j 4 h>D N %
E4 h0>28 2" N %8i
Q 3@ &*+" m>"
Tj" @ 3A <=4> 3AD 3A? ] \ \ [ [ K
[ 90
[a:=
] 3A=? ] \ \ [ [ \ 3
Y Y 3C' Y Z\ *Z
Z YY :
T=P
] 4+ AR@
Tj" h>D h0>28 A5" m:S Z [ KD m@P ND O"@
3A @ +
.{ E4 3@
\
<
/+ C2 \
^ Y >'+ E
/+ A 3 > 3+
***
\ N j hN? mP+ EH"
EH" A 3>H A KX" E[ >
5
KV T=0+ %2I
3@ 'I
2 q:
/+ Q
T?
z4'I>
Y \ 3 ..<;n45
} : H
H
2 184 O"
m + { 1>:
+ [ /" 3 5 /+ m!p
. AP=8 O2 3@
2 1B4 A=p <D K4
4A" % 8
A mB 8+ %EF
2@ AA 3 o2A @ $C :
=;i
O=;{
)B@
C
> <" K 4> V & %EB)
3 K 3> dP C2 1!> + %
T? 3
t
C2 mA!4
%E! /+ / 7!84 %Ep > A? 2A)> & %E
.EB +
%E
0 E
F
%=08
[ &
.n> z)
+$0> !
2
Y6Y n
-B 45
AD ..B> O20 AD %z0+ E n@ m 5{
O4+ > AD
./= N " /= <" :O2
n@ AD .. 9
C4
K
g>H"
=5 @ 30
!'
=C
3
2
1!:
2>
Z [ Y 3@u> 3@ <D !)4+ 25i
Z [ e <> <D
=B+ A5Q
Y @ %
HH @
=B?
@ %
=++ ~=
C ^[[!B
= ? [ 2P %5
\ \\ \ ] KDY\
=H Y \ 3\ \ Z
T=I
Y [ Z Y =5
[ Y Y
[ [
LD Y @uZ [ Y Z YP <
Y Y Y ] \D :
T=P 1!: > AX@ K %
=X4@
K4
Y [ \ Z [
C
. [a:=
] <=.Z Y \Y Z [ Y YBR"
Z [ MJ" Z \ Y
==0I
Z Y Y Y YB5 Z Y AI
[ [ Y> <" Z [ YIZIY
◌[ & i
[ Z \ #=4> @
&
!" <D !F
+ 34.
E4 0!: R ="
TW] <=! ] \
=0.
Y ^ \ [ @ [ \ Z I[ K4 ] \
=[ YIY 3
] Y !Z Z Y :
T=P Tj " : #'!
7V /+
% Q /D /
=@" 9" <D !
T=5 >} :T0+ %
/ R =" P [c:<
KV T0+ %
T=5 >
s
" g AB*+ %
2 C;L C =?" P2V AD
/+ AB <" o" /D %mP @ mB5 2P !7
T@ s
L ..7
T@ s
L ..(
f (
f :5
: {
T=5 > &B+" :T0+ %3Pi
/!
2"
B
98 /" /@" p Q
2.
/.
.H=B @ @
& %C
H=B4> %sC
H=B
Y \
.
Y\ Y h+.;
hN0p \
[ :
T=P (OQ
) /+ "0> =C %<W0
K | ;
" /+
Z \ \ \ ] &!5
\ \ Y /+\ ."
\ \ \ [\
TP [a:=4
] <=BI
Y [ Y Z Y 4
Z [
[ <D Z [ Y I Z ;Y
Z [ LY
Z [ [ Y Y
=@n
Z [ Y Z Y
2C?
YY
<" ND o" @
!/ #" :TP %
s$ 2P M jF 3 :
=P !/jA?]] :t i
. ^[[/jA+ ..h! h;= . 45
|:;
Z q!
[
LD q!
Y !)> |?
Z 2
[
LD 2
Y !)>
\
28P X K p" h0R h8' C2
$C <
=
***
f
!>D >D
Z Y E
&
=0
B)+ h=A =0
.
[ [ C
=5 @ %5
KV =5 5
E4
=C D
5
<
@ s2>
[ Y [ <
= 3 4.4
/+ B
/ .@ >
3>$
p %5
KV
T=5 + gB #$
<0
ML e
; !O=;{
)B@
.A=>
=P2V
2C @
LD 3>$
C 2P K
Q? 2P T?
C
2" /B+)
2
1!:
: TP %5
KV /!
T=0 4+n+ %n@ 3 &? 8I =C /B+)
@{
Y Tn5
% /B+)
@{
2BI
Y Y Y+ }
$A T=0" :&?
T0+ %
$
5
KV
T=5 TP
%/ 0
" #"
^ !M> !}
3@ m?; / 4>"" !}
h6 /:5 /+ m>"" :TP %= .V
T=P" !B !} &P" hJ 5
KV
T=5 3 m> <D / - Q5 #"
% $;W hX>2 5
KV
T=5 3 m> K4@ %3 B
e"
K
%A0 /+ Q
v
m?! = ..h
h >
: ...9CL 2P /0 <" e
A>"
2An+
m>" S #" KD 5
KV 2@ ~!
3 / 4.4 %A0 T!
/ m @:
.h>2 $'
N %>2
h /
!CL 2P &0B
<" M C + @" /+ o=A
m>"
Y
LD
:/;"
3
2
/+
&! 3 2" @i
$C @D
&C" ( /.4'>
T=" K4 hB=@ / 9R
:>" pp 2B C 3I TP p 1p
=
>" >" pp C
: C 3
TP %M2+"
[ Z Y mB+ <D &B+
:TP %
2! " > M 3@W N : C 3
T0+ %D
KV
T=5 K.4;
20 :TP %@D > O2t.
: mP ; + %B=@
h m!:+
/+ 5
KV
T=5 !4> <" /F! > d %T= p >" pp F
/+ 5
:O2)
/+ s4> Q;
0
Z P 2B
2C
j
B
Z ML 3
+
\
T=5
\
T=0B
e+
/.40
T=0
4Z ? /+ hB@
B?
Y Y 4!@
Z K
2A)
&B
$. 4 /04
D ..MJn 5 #$
A
=C
$C
O;n4
T?i
2 /=
1!:
Q
2 /+ MA
&
$C ; B4
5
2 /=
O;n4
T?i
$;"
:@ /+ O
\
3 @D A+ ? &
@D
***
r"
[ AC
=+" 3@
[ A Qn
=
!
O
3 @ <4
%3
%3 T
%@" 4@" 2B N %E4
4
2B N %/! ! 2B d :&
A>"
@
L ND Q
/+ ? 90> tR @ 5
KV
T=5 @ 20
.
= 0
&;
!
28P+ ^[:=
]
24AI \ Z \ h
[ YZ Y [=B:
[ [ <DY
\ \ A &:
A K"
LD
..&0B@
\ Y [ 3 M F> @ d)
BR /+
&6
***
24
7>8
$.
s2@
2
='
spW <
$45+
3Z .
[ E*A
A <=4 3Z
@ T=Vi
d!4P
\
H
20
\
j
!8 3@ H
2{
#"
/+ /;" 3
!..
O
3 @ <4
Ti
&
2 C" .
@ V.
j4
q2V
\ Z
\ \ =I \ Z > h@=IYP 2
\ Y [@uI \
3@ Y ^ Y [> ;v
Z Y <H
=I Z Y Y ] \ <= [ Z [ Y N: 2 #" ON
= 7 N
>H=! <+
] H
.[cc:H
] Y
] Y
h
Cl Q/ &
/+ h
h
j /C
4
3 A
/ 8
&? j 20
. 25 T=0>
h R
h
2A "2!> %C
/+ @ &
4!4 K '> 5{
/+ &;2> 3 &?
<
20
|P=@ 4C? /+ 2A @ &
3@ |0> %C
3 T8.N
&
h8. @ h
2>2?
\
.9>4
9tA
r='4
$
-
[ 3
9P V=8'@ ? &
/+ h-04@
j ..4>
2C @5D /+ %4>
=S 4C? /+ @ 3 @
>=B j 2P
~'
../@=
O4
/+ AB@ &@B4> =C K4 %4?N
:
V \ /+ >=B
/+ /@5{
4
KD @*
%C20 A
H %A
=8 A+ C
J!
3@
O2t
0
=84
204
OHB
zF 3@
|.' /+ %4B! 4R tN
: %j4
&
ML < + %O2t!
] 3@Y K4.
<D o
= 3@ K4.
d
o28
HIZ[ T$
4> h
j & 3@
......
C" . q.
V.@
Lu oLi
| <" @ = A <"
=B: N
2 @
=B+
]] :TP %=P AP <" 3
/ @5D 3 <
@ !!
"
.1>:
|84 @ /+ Q04N
x+ %C" &R!
@ 5
V.
j4
D
5
KV
T=5 2 .) @=P r
" 3@ <.5 =" Q? #$
q.
D
=C ND D N #$
!} ." "]] :
Q
2" 3@ Q
! T0+ % !>2
20 2 /+
. @ A .)
AB@ B
<
: ^[[ 2C $
ND 2?" =
\
q)
2
3 2> h @
=!
A
A @ @i
/ 2P
/0: @ A0: @ |'> T?
\ + 5
14 [
5 AA /+
o2C 3
n
@ 1
/+ B?
h e
M = ..45 3P=@ ..A 1p
.. >H 3@ O8 K D
.2 955 %2 1 |
%2 1; "
4.> i + M
\
2>2
2 A
:P AB+ T?
>H0@ K
T=5 2@ /+ >5 /+ z[ 5i
/+ P @
&C" 25 @p <"} <')
;"
9S+ % @p
=0R" :TP p %5D 5
KV /!
3n+ %5
KV
A 45
P)@ O=V KD 5{
3 A> <
/4
0
O=8
F %5{
/+
p %3HA)
2A 2
&;H p %&4S+ %2
3@ 9>P &' KD 1:+ %8
MA? 3@ #2 xF" 2 N 3>H N ?
i
? K <
@
!
T=5 > :TP
<D !
T=5 > %/D A
H!
%
3>2
%A
=?=
9" m!V" 20+ %s2 M >H
.{ 4B> <" @" 5
KV
T=5 )!+ }o + OB
2>" " / $;" M;
m
/4
O)F
<
=" m@ %78
ND 78> N ..7>8
3!
3 O=S
m
Oj /+ &V.> j4> %|5 @ pW => 2>2? (> Q2 3n+ %!P K A@
.|"
M @ N=
.. "4?
20]] :
=P %>P $;n+ %K!+ @ 2P " #[
: ! @
3@ n> N
N % m5" / =!V @ :TP !}=!V" %s 40
: .[[ 5
KV
T=5 A+ <Ln> K4
i
j>jB sQN &B?+ h!5[ =P QN 2? 20
3B;
:
K4 :
A @ %2>2A4
$. 4 P %C" X @ N %
t 3 >
2P %
8 @n MD]] :3tP 35=4@ 5
KV
T=5
=!4 > <" KD
KV
T=5 94 + [[ ~= Q " | QW m4P .. @" mB:P
.@" 2P
T=5 |
%&B+ &X4@+ % @ KD :
& A 7> <" 5
2P
[ B
M A 8S K m@ 4 @ 3 ~$? :0 =
N %<
TW O0!
:3>
Cj
B)
3@
/ 2" 20 :T0+ }sB 3@ 2)"]] :@5D
/+ > N %e=@ T= %e=@ j [[ ; =C #$ KH" =C #$
T2!45"
..e=@ ND e=
F4> 3 2A)
BR q
$@
>
2A
<" + 2P
&
2 V.
j4
H!@ K +4
j4
%jB
V.
M 3 &
$C H !O=;{
)B@
KD - =+ %X 4@ &04+ %A
ML 3 2 20 pn = %C
C-@
E=*F
4@ 3 j @ /+ !5
YY %T 9P@ 3@
P &
<2@
S /+ OH
Q
gA ..=
pv
B)
C-
xB /+ ND 3*
A
3 =A /+ O .. F & ..R S /+ A5 ..E4
S 3@ E4
..H84P
/+ " ..
F ;{
/+ .l ..
3>2 &A? /+ + ..
2B QN..
L
3 @".P+ 4 A? .S /+ O ..: /+ H=BP .. /+ &F ..
P)@
.j4
:
o=A =A
1)B A+2A4
2i
/A+
Y[F
9
^ &Ci
Y A*F
[ C25 /+ m+ 2P @"
***
>=.S V = I I
T=R 2B 3@ /4@"
f \ &
mP2V
>=S #=S 3@ ~
2; ]
> S 3@ 9t $
Z ~
2' m 45
C H 3@ 7V
o2 @ o4
>=P En
Y I0+ 9t$
Q? p
C 0 I I
g!' / |
C
/+ A Tf V" 0 o"+
>==.
Q
2 I IZX
[ A@
=P" K@
f 6[ +n
+;6 p2@ r=>
<=> e
Z N 38
/0
L >H;n A /S!
M
*
O)
& Q!F m45+
}!
=8 5 &C *0
U $C
}=8 \
Y
>=0
#2>i
YI IZ
E4
f Q
f QN=
>20 H!@ f
0 /S !
jA =?
+
0
K QB45
%OQ
V.@ j4 ND 5{
P 04 3+ !
$C K
ND C0> @ %<
T #" K AB@ /044
=8 P &>2B 2 %A T
j4
...<8
%
=84
+i
%2t
1:
%|'
4
?= H=8
r=P=
D
\ @ 3C= B)> 2P |P
=
%
j
+
N
..N=@ KD n>
Y \Y :3C=
jA> %&0X Q= > %zF*
?
=> P2V B> 3 h
2 3@u
s4> 3 [
] Y\ ML
<n
\ Y
<" \ ] Y Y
Y K=@ZY ]
/+
=;2> K4 Q
2 Q
q
4+
K AB@ 3 =
$
AtH!@
Q
2" <D
. >H
\
!}E0 f 3@ !R 4 &C
3@ P 4 " !}
%QNL" O
Q
2 /+ 4 %QB
KD 1>:
20. + O2
O=:; = C> 3 D]
&C" %QB
B+
Q?" 1 <= /+8
/=
! K ND /04 N &V. j4 3
.Q =
Q:B
!..
O
3 @ <4
Ti
&
2 O;v
3@ 2
j 78
A
+B@
=
4+ %M$
A"
Y Y 0" FV" 2
O$ %M$
A"
Y Y H" -" O;v
O$ <"
=
&
A=P /+
= ..C" +2 3i
>"
=4
%C" &84 3$
KH"
] ..O;v
2
P 3 ?"
3 A T= !>S 3@ A=P
=8;
:C2" T %
=5 @ <H 2 ='
% H4
"
[ #$
S &A> .
[ U=!> #H
u+ /+
......
5
KV
T=5 2 2
00
3A4@
3A*+ K )!
)@ 3A %)!
3@ 3C 5
KV
T=5 Q
3B?
3 @u
K =5 K
Q+" Q;
B
3>" ..O=!
> 3@ 3AP
<" 2>> <
i @i
$C &!04> + %0.
@" /+ 5
KV
T=5
f
@ N %A" 2 &l &
3@ ht!@ %Q/ f 1+" K <=84> 3@ O &-
5
.8;
i
EL
=? K QB45 3 B
o=
@ h
R Ai
E = V h
2" y>
K0)>
oX
r=? KD
o=C h 5 >X
q=+ K 4
=
%'4
>W
Tj" %3Aj4
3 Q 1R:
=P %5
KV
T=5 94
] [ Z Y [ Y 3 BI
3 5" Y ZY Y Y4IY+ AIY Y4Y>6\Y IY Z2
<+ &0 @
***
B AD /4 > #$
hA O20B
&B> 3@ d
KV
T=5 o2C
E4
3@ 245
%EVi
e=. /+ 1P2
<
j
=C
$C
] [ %A P
/+ = %5
.
H=0>
H=> <" A 1+
f
mY
L
n h@=> C"
S 2 K h@=+
e
q= @ 5
KV
T=5 <"}
/ ? 3 @ 2 7V
}C2
$C <= > <" 9> >" :TP p %L" &Vn 4+ %h4@ M5" h>2? 2?=+ %=
" + h! < h <
=
} 8 @ %Q/) " 9 @ !
T=5 > :
=0+
$C 3@
K <=C" 2
=+ :5
KV T0+ !}m@ =C | + M5"
.{
/+ !S
2
/+ 2Cj
K 5
KV
T=5 C !O=;{
)B@ >
$ C
.@n
h
H.@ > ¦&
%
h ] [ hN!? 2B 3@ A
4+ %o;i
204@
[ 24@ A4@ 9A 2j@
[ @f t
j
25i
HC
+ @ K m" N hBR 3 > @ KD 9t" N
***
/ 3@ E4i 74
N /0; 3@ E
=i
K r=P=
d
2
K O;v
X>D #8i
&0 ="
A
/ #8i
&0 =" /@\[ %T40
"2 %e
|:V
% @
=> <
%&
Z ] KD ?
] [ %>i
0 3C A
;n+
\ Z [ %&40@ S /+ H
u+ ! @ 3 P=+
:78> #2 3 3B@ 5 %? 3@ 3C
=C %
B
T" /+ <=
jA
T40
/
&0 =" xA + :A
/ 3
T=0> %
2 K O
..
..
%8 >]]
3
T0+ % 3
> /5 #H
=] 2P :TP !}T4P M+ @ ..2> @ :m0+ %@=P 2>>
" /5 #H
=] 20 :&0 =" T0+ %K
:/ B> N !8 > :T=0> D :
.[[ ... h
=! = !?i =C ND D N #$
N %8i
3@
\ :
KD A:. =A ? m88P <D =:
<D
<
\ h
r$0 E
h@ r=.8
204>
4
***
\
K =!8> @ 2i D <= > @ E$" Q
<
%
i
K mBP 9
3@
2> mB:P 2P D - + ...]] : 3
T=0>
jC 2P %1@ ;W /+ >V =C %&40@ KD m8; A
h? ) B" U
3@
f
:mP }!PB
3 !M! :4@ < T0+ &0 " :mP % m.P=+
[ %2 ? 8 2
. [[ ...
/0 p %
2> Q
KD B!VD ++ %
2 &4P\[ 2P )"
\
@i
/> m8 =C
Y Y &:> d h4@V
***
\
tA!
/+ OH2B@ A A4A! 25i
04
N=+
***
H=4 <"
[ E m 4C A" N=
Cj <
@
20@ B> <" Kn>
CH=P m0R" + s2P 2P
o4
A 2P hN@ N h. ;2>
! 4!8@
!> => V" @ @
=C Q@ &! > &-
$C 2B!+
A> /+ 9I I:> o;" ?
OH! KD H!B
OH! 3@ e
=?' %
5
=F! O>j
3@
=?; 3>6
=
$A
/B T=P 2 K 5{
T2 KD <>Hi
=? 3@ %A4B5 KD 2
1 3@ %H!B
E
?H $!
/+ mF %A=>L mR %A
= mP >H@
*
=A?
=+
Y
/
.T'
%<=B
H.4 %04> oHj> B> CH |" t@ <H A4P 0: 1:4
LD C2" <
.#2
T=0>
%=0
3@ o
=4>
2
35 /+ C LD
Z %Q/) C2 =C @ %A@
2Pn =
+
$C 8
?
/+ $;n+ %>H
h @ =!+ %P
/+ X@
> hPP h
j!;
" %@
3@
2 -4 >
.Pi
P
3@ ?2
$C /+ <= > j!'
<" <= ->
=
@ %.S" /C
L+ A>2>"
C-
K <=@4> %2
2
>S B> N 2?
LD %2> N @ C2" /A4)> N
.Q
i
E C6
j4
%QC=)
q;i
3 <=B+4> %Q+=
m@8
3 OH! 2 2
O0
Ej 4
A+ m[ O;v
&C" 2
&C" 3 A?
= O=V D :O=;{
)B@
.
A?
=
&!P O;v
&C"
]
5 f & +
[ [ q
& A4> O
P <
=A
&*.>
[ N %Q
=5 2 xi
H=5i
<D %.' N" @" @i
@"] %>" =P KD
<D : OH! T0+ %j> N K4 1+ /+ 4> <" OH! KD n@n+ %
=0 >2 ND h
2" 2"
9C"
Y m Y
A4>" = %/ @ h
H
=5 -+" 2" %/X@ A
&? |" /V" 3@ m.;
[ 3+
= #2 3@ &? t@ EC" @
2ML @ /D /! H" m [ ] 20 %/ @ A
@
%
Q{
&!5 /+ HA
4C 4!S %C C[ /V" %B?
h /=!045
[Q@D 3@
i
3 > xB!
t
T? > |P
=
xB
..- @ m!C
[ 20 !}zP
$C
&X@ 4B5 &C :Vi T0+ %- hBP=@ @
P
.A
i
9F5 ND A @ 3l" @ %- @ 3@ #2 9Ci =P <D
:B
&V.@
[ 3A4 9t
*
&
&V
=+
[ 3C 9*P
[ [ A
=
%M40@ mB5
[ 2P :T=0+ %78
9P /+ EC{
1>R B@ M OH! K &!P" p
H2 K8> N @ 40 ?= 20 %2
9 ND Al 3@ K Al @ D #B
Z YY
&
. + % 8 <" ." 9: 3 %&P 3@ N /0 3@ C2" /!> @
3@
)F> <" &!P
H KD
=!0
C$; %."
h 4.' %t@
@i %3> >H @ &?
. O=P N @
&04
[ N E > &0 N 0+ @
4
:3
=
[ /+ 1'
& + K" 90
h
=" M>
[ 3@
E
[ A z |? KD H0>
[ ~=? 3@ g
d+
QV <
LW K dP=0
T=P P=+ }X
QNuC S 8; KD <=! +" : dP=0
TP
.o;"
i
KD A*.'> O@ Q
KD )> >2> + % OH! 3@
=
TL
=B
2 1*
[ N O AXB!>
@
gB!>
=5 h
p h
C6 1'
#2A 3
@5 h
H <
H h
2P"
LD H &
3J :
=P %>j
3
=B 4@
p %5{
3
=B 4@+ %V" )> "2 3L" C2
=BR" /=!?" : dP=0
T0+ %
$C 3@ ; = %
2!
h A <= <" 2B
[ Y C B+H
A @ -" =C @ KD A]I[!4 3BtR C=! <D %PR 3@ A @
%T=0
A m
! C /+ A=8 2" A <=
4P+ %
=B 4@
=n+ %3C @
Q>!
ND 1!> %3:! h
Al m!P %A4
=
ND
i
/+ Q>!
N" : B@
i
.
#$
@" !}
!;" " :TP %@=P dP=0
+ %
=L
Y %A4
=
%A 8 74.+
K o=0> @ %C=
6i T!
=!045
=0
QNuC <" =+ %
H
" @ KD A !4 |>
YZ [
../=BR" %2" A4P
Y 9:" %M4
H N !3:!
@@ /+ 1
2 +
.y
$
[ 8
ND 8
>[ N V #$ o= )
3
=.
=P >
/+ >=2
>H
*
M Q
6D >=0
Oj4
48') h-.4@ &
ML <
20
%A!
+ %OH
?H
! %AP AtH!@ 3@ hJ
20+ @ %:0
sB
M
OjB A4C" P %0PH 3>6
=@ %1 <> C! Ai A+ A=>L &4! +
%O25.
2t0B
C.
%:A
0
3@ OH0
=j4+ %OH>
=
%OH0
<" ..
5 # <" r=n
%C.
0
3 m
A?
=
<i t4.
&X
\ Z Y /+\ g I
.^[ak:2
]
i
Y ]
.
[ [ Z Y Y+ e ] Y Y Q.?
[ Y Y> @Y @" h Y [ 9C$I
[ Y Z Y Y+ 2[ Yj
] @n+
] YY :7V Q0!
2
4S
..
&
%3:
mB+ 1
A
j 2
<j 0
M S KD @i
m4.4
:O=;{
)B@
CHW <H At " =
L+ %A@=0@ A4>=C !
K /C 20+ %3>2
mB
T=0
f ER %
=0; IZ %2
9R /+
/P!
3 % K 0B C2" 3>H %<@" [
%r=.@ #j' ..rB@ N=@ 3@ ND Q/ &
3@ r=' %r=F)@ /. %r8@
%@ e" 2
!4B> ..=
3@ 2" = =
r=; 3@ %=
..2 9@
|A4@ 3>j =C 2
3@ ; =
Q?
LD K4 5 |" B> = H=> %@W KA4 @
N .8> N +> N +2> N . > N %Q!C QXS ..!04> @ )!4@
%P.> @ K
..)>
2?
Z Y " 3 5{
! mp =@ M D
:C2
8
[ ] \\ tA!
mA)
/
=
2!B
N %EF
q)
<=4.> =
U4.
+ %0PHh hA+ 5{
=A+ &
MJ"
0
%74.I \
Y Z [ E=0
%74.I
Y Z [ <=8
..8@ A /8B4> N %:P[ A /8B4>
.Q
= + %78
] Y [ 3>6
=
%H= 8
.O
= + %y0
9
]
=!V" C2B 3@Y 2 C.
$C m.'
.Q
O
3 @ <4
O2
F
/+ AD !
<i 2
Q
O
<D :T0> <" +'
3@ <D N"
./!; Q
&0 " /!V " /!S ND T=0> N (#5)
:P
9:+
KF 3@ 28@ &
<+ h
2A
3@
T2B <=2B> %
<:5 o=5 <:5 &
3@ C =C &
M$ Q
KD =
5
P ..
Q
2" <HB>
<=
=> ..
=5 N
5
K <=B> %
<
j <=j> %
%A4=0 )!
P 3 C S" @ r='
/+ :
%Ct /+ m
.Ki
=C h0
8+
=C Q
2i
K
24> %Ki
n =B P.> + %>H@ O=P &
3@ H
|P=@ |0>
}*>
L+ ..0
m
A!C
Z Y %Ujj4> N h4p H=:
.
9*S
..Ki
=C
S =B)
P.> + %t8!
K)F %8i
AB@ K)B 2P /4
0 +> &R!
*>
.Ki
i ..*
\[ [ 3@ - + %3:
&=
KD
j @ /*> %
=A /+ 4
qF>
KD /B
0+"
t
H ; K . H
+ %2 H.@ =C %3: 30V
..&=
/+ 3PF
.o=04
<>{
O$ Ki
i..&=
/+ AB@ eFN
%C:
Y Y Y ^[:3..:
] <= *> Y [ Y Z Y . Z Z
=[@W Y 3>$
Y =I YZY
.^[:3..:
] <=B.I
Y [ Y Z Y>
=
[ ] [
E=I
[ Y @Y . Z Y [p &C
Z Y ^[:3..:
] <- Y [[ Y>
?i
O
Q
3 @ <4
Ti
&
Oj
......
r
R" K |0> 2>j>
OH0 "
/ <.5 /" 3 >B@ ? =CC
/+ #'!
7V /+ m!p
=.F@ ?
C
=5" 3@ h!>P : :0
@
Y Y & %"
/ #8i
E=>" =" :A5" K &
ML H
+" xB
\Y
2 / +H
:TP } E=>" " M4? @ ]] : T=0> %H=B 2>j> n+ h
2>2 h@
@
=5" 2 3+2>} :T=0> 5
KV
T=5 mB5 /+ % : :0
=5"
.=C " <=
" <"
=?i /D { 7V &? : :0
@
f
[ r) 2P oH + r 3@ Q
O /+ 3 > <D
2>D H" @
/D %
$C m@
" #$ +
MD]] :Oj Q5 =5 /+ 2>j> T0+
KV
T=5 9V
Y m@
"
[ 3@Y =C ND D N #$
%
LW /@
~H" K4
H
ND h
8 5{
i
/+ m
[ N % &X@ " %!P \
[ ![ " / F 3J % 5
:'> f
\ Y Z [ #$
045
K4 |'@ &
|n :'
&B?
.9? 2P T$
%E?" 2P 1+ !9 N
U
[ 3 = T=S A <!
3 /+ A
?=@
!O
Q
3 @ <4
P
Z [ /V > |!+ E4
#2A =0>
] 3@
4
M@ @" /)
|5=> /" Oj
H2A> /)
|5=> /"
<:
KD eH
<0
;
" /+ 4
M@ 94 >
&R s
" :Q>!
5:S /+ TP + <
%3
H xB @ 9:> %. B>
] 3!
#H" + %o;" ;u h? 20 M.
.M! s2 9>$ 4
" %M Yn:
BP K 94
Pj@ p %26" KS" %A? 2 %9*S %] E4
|5=> =" "P +
\ f \ AI]I\nZ YYYI+ AD
AI Y \ Z [YY AY \ A
Z [ ]?' Z [ Y &!P
Y Y N H=[
[ Z[ Y Z \ Z :='8
1.> =B)
M4.> ..0 @
Z \ ZY\ ?
. @ N o @ E
=
^[k:&
] <SV Y [ \ Y C ]\ \
Z [ Y hL"Y AIY Z @
\
@B
d' ND &5 N 2 +)
ND 94
+
***
!'@
Z " 6 2P S + g
P P
: %OHB
/+ 9S %HA H %e
. 45
C=XB
C=?"
0
2P 0
/ @
=P
***
C
2V" m4+ V @ !P & H
E 3>H 6
jD %3
* 3 E$
%*4
T$! ~=:4@ @ |" t@ ~5
:A @ 2
=
T %3>2=
3@ |" t@ !> #$
KD
=* 3B
\
>
A
n+ 2 &
/
:ND
q)@
[ ] TA
N @
$C %
! :B ..
/ ! 3@ /04> % 3@u> d2i
KD g
K*@
.
! %
q2V %
2 @
|" 3B" 45 t@ 2B
3@
=40+ %
Ej K
8 AB@ Tj /4
m +
\ ] 2\ Z \ 3@\ ND]\ 8]
@ :
m0 %
3@ h
8
5" 3@
5" %&4P
TW]
Z [Z YY
.[ac:<
.80
: /@
A>" +
2B
Z 9> f P &
+; 2
Z B
#L <:5 |'> 3@Y
***
84
[ > 3@Y jAI
Y Z [> | + K@ {
3 m@ +
:.
[
i
H o$
^ B)0 =V
!
"
1!R %/=
! 3@ K045
%8
@=0 $;" i %&
ML
8
Y Y !O=;{
)B@
%&+? [OHP %&+@ 2V
[ %1 Q
= + %&t
j K %&V+ j %$.
<=+$0> %+ 1C
6 &R!
%Cl 1
L+ %&R!
K @ 1
<=+$0>
.=8 @ <>{
%= @ .
L+ At
jB
.: &B)
M % @
/C D m &!
Y Q
KD = @=0
M <D
%@0
=> KD 4R /+ AB4> h5S eF>
T
j> + % @W
<W0
|
/+ /A+
:<= N " 3 + %V" 5
KV
T=5 <
@ &X@ K
=
3@ AD
.i
[ T
T$ 5S Q@ h 2> 3@
***
\
Z \ &
K Q
=
+ /;"
N :P ] Y [ H!+
\
\ 3B
o2C r6
MWP >w
\ N V 2C? {
/= Q5
n h h
=5
<@j
$C &? H
+" KD A?= 7t8
/+ <=
+5" <
@ !4N
-0 ? 2" <@j
$C /+ H.
:&
A>"
/V
=4
B> %&t*.
H= /@5D z5 /+ <=)B> +5" <
20 %
=8B
A.
2
<+ =
@" %Q
@i
r=5 QB
3" 3 o
=4 + &t
L
..1
3 +;j@
h O
h 8!@
Y Z [ h=@ %AA! A
=A %.
9C
$@ ? .
mB? 2P X>2
Q+=
E=0
q" KD &4 14 %
= 0
|8
% !)
L{
1>R
A+ 1B > %94
Q?{
0+ :/ B %9:
0.
#2 B+ !/D
] /D
] :A0 + %=!
:3;V @B
@" /+ <=A+4
*!>
5{
[ 0 > @ B
q;i
[ 4!X @ d q
=i
[ 0: @ 1
\ ]
F8 #B
\ E:'
=R 2P
Z [ 3 F8
\
◌\ T
$i
q.
!8 \
Z [ Ti
X A+
=;
\
Ti
3@
=FV n
/!> N E@
\
TF!
? 3@ "
:3
/+ s=P A A 3@ 5 #6
=> @ ND 2>2 s=P @ AD ..5{ M@
" #$
=+
> #$
3- ..M)
~j> #$
E4 :s=P ..2>2
3@ -" =C
mP=
A- /4
X ..).
)> #$
0 ..>L
) /4
.8 ..30
2'
' ..2
&40 /4
T6A ..='8
gn4 #F /4
8P
..=.
\ B
e
&0 > % .
2.> #$
Q=
\ [ ..3>2
T
&0B
<2!
2A> #$
HB ..O
&0X /4
..&; N &? A!)
KD &? K O=A)
3@
.
O:+ xP /4
<" O2
ND s@W + %AV" #2>" /+ A
5i
$C 9>$ <" &
A>" mJ <+
:
$C 3 =8 p ^[cb:r
i
] /D ] Y\ K=> [ \]Y D
Y [ @Y !" Y ] \ :h hN=P A B
> A4. p %&B>
E4 Q
2
K M xF %A
4
E)
.8! o2A
1
=5
[ rf /+ A + =
[ =0> @ M ~H
|.B4
:=C %2
U A
A45" &P ..A 84 ABRP ..Q=5 =0
<D
%M+ A ? N A"
= @W ..A M ? N"
= 0>"
L+ A
5i
$C 3
{
.A=P rV
C2
rV
=+8
p
\
d@
=
! " d@
=
ND =8'
#= > @ &A> d
\
e=
28@ =8'
3@ 2" K 3B: + @ e=
\
YY5 [ [ YY D] 6? RP P
8
2 <" /+ M M'> N :Q h@5 >
[ [ 8
\ Y \ Y \ \ Y[I4
\ Z Y !5 20 \]
Z [ ]\D * 35Z
AI Y Y Z [
H!B Y Y m0IY Y Z YY Y 05 tP
^[a:+S]
=[ @W Y 3>$
Y Y
A@ 4p 00 $C ^[akaka:+8
] <=!FZ Y [\ Y
A[ Y 2 ] \ Y * <=8
Y Y ?[ <D Y [ [ ZY
A
Z [Y
p %At4 ~= 4 sB@ ND /C <D % +i
E
2>2
o=P 3@ &R!
A 2V
%=
9
=
/*@ @ 5 %3 4
!F
8 |'> N #$
2=
KD /A4
g
..en + % Q)> 3 A00>
>204 =C@ A A
&
9PB
.O+ ..ND M. ?
+ %80 " z>. 3@ B+ %8
|' E!5" 3
.
\ %3>24A 3*
p
: @5 >
g!'
..O!
rB O.
:!
h
.O+ ND %98
<2
%9:
2!@ 7>
|8 %O:P " <j
&:C %
"2+ M4A?
YY Z [ m+
Y 2P : h@5 >
..sN=@ K &
%s!;" )
%s
5" gX+ % @ > 2!@ /=
qHV %.
. ND O=P N T= + %O=P #=0
K T N
%|B |B*
K T N
/B5 3@ B
N
@ 3
V
Z
5 /F
M.8@ 3-.
>W 7
[ A S+ mJC
[ 2P %@ =A+ 1!> + 1!
&t5
nC 3@Y : h@5 >
.O8!@ Mt5 /+ B
>W &B %O
Q
2 /+ eu!
!O
Q
3 @ <4
2B! =C @ .
9P
..M |0> K
K M@@6 ?
%M4
YZ Y [ 5" : h@5 >
N E O2C+ %ML K M. 2C? ../P
&0 /+8
!
3@ 9
] ..M
.&: ND A 78>
&C 3 T
u5 &
E?" 4? #2 A
o= K*4P
3@
$
>2S ../ =A
...0@ o=A
=? ..4B@ &A
& ..)C KA4)
K@
.0 d.
O2C@ ..2S
=>
Z > <" Q 3@ A e=.
=@
#H
=
Tj
..1\ + /P
M mP %14+
M =8> \ M>2 2
X 2P : h@5 >
.#H
2
4 Kh B@ !
s
L /+ 8.@ 3 /=P T?D M F>
!O
Q
3 @ <4
2>2)
d %!8
...!8
!Q2A
...Q2A
% 4
>"
=B?
% +=.V
2
..8
2J
==C
=@"
)"
f &
@
1!> H
.Q
/+ 3@ 5{
@i
.Q
/+ 3@
3>2
.Q
/+ 3@ 5{
\ Y Z
3@ \ ]\ :Q2
3 j 3@ e
j" %Q2
3@
" Q/ d %Q2
...Q2+
Z @i
[Z
\ YP
[ Z Y Z Y 1'Z
.[:r
i
] @i
[ Z Y
[Y N"Y ..[:
]2BI
[ Z Y 3@
Z Y &!I
[Z
/+ pn45
" %M4
/+ 4j" " %M. m5 ..M =C 5
& Mn D A
5{
j" A
%3
5{
jB <" Mn %" 9F> N %2 ? jA> N 3@ >
.3>+
.
TL" %3
5{
j" A
%3
q.
H.
>j
.
&C" P
A
%HA
+
A
..HA
+
A
.H B
.M2P 9t 3>2
Q
2" /+ " %E
ji
6C %E
#@ %E4
Tj @ A
.Q
/+ N
i
/+ Q/ jB> N 3@ > ..j>j > #=P > ..j>j
3 3
A
..3B
/+ 3>=A0
3@=-
3.B*4
3 3
A
.3B
/+ 3@=-
3>=A0
3.B*4
.3B
? % <))
)
<4F+" 3:+ /+ A 3
A
. B
A T6" A
% B
A T6" A
.Q!
*
A |)
A
.Q2
5 > %Q!
3@ A Tj @ rB" !8
3@ A Tj" A
\ Y
K
\ Y
=0Z
Y \ + Z
. ^[cb:O0!
] 3> Z Y Y YZ 8
Y Y Z Y m!I
[ Z Y Y@
2P" Z YpY h
!V Z \ Z Y YI]Y
Z Y YIZYY +"
..&
=
B
! ..&
=
B
! %4.
20+ ! m
3@ ! m" A
.&
=
B
!
.3B
E 2
%35
K 5 %<=.8> OjB
E M <!5
T' 00 @
()
A+ 3 2P %A >2
j4N
/+ 3
P
3 24> &+ .5 O
$C
MB+ ..L;" /H" E=5n M$ B
3 %:'
! @ %|B*
:0 %Q
2
3 @
.3
@" A> 3@ m
<D A4B:
0
>
2A
f )
M A
%M 2
& + %
i
Q&@ 2
M A
%A8 N B
f T=C 3@ 3@i
Mn %sS H=!B@ + %~=*'
&$4
M A
%M )
& +
=>
ND D N <" 2A" %o 5 + e + %=
|>)
%|B*
#=0
+ #=4>
f
hOQ
A "!" %o4
= @W 3>$
=5
A K=" q2V f OHA M> N 2
1
30> 3 OHV
h OHA
h f 2
%Ki
/=
<H 3@
h6 hl H=!B@ f =SR
f &
3@ @
h
f
&B
%A !X
n %K=
C" N A+ s= N 7V H04
f
qHV
8; %3@i
=5 2! h
2@ <" 2A" %3
" =C 30
/n> K4 C*40
.3!
<W0
Tj" %
@
=
*.
98
Tv
5 KV
Ki
F
^ OH
<=B4
Nj
O
2A
Cj
i
f
0X@ 5 f K
6" @ 3>2
=0 2P
OV
-
H=5
@ 2
:2B @"
28
/+ mp : !R
h
h E=0
7.@ >4
!
/+ /=;D +
H=
<>
o$ t0 /+ d. 4 %
!B
4+
p %
/+
T=p
3@ %U
KD U
AXB! 5{
..
+ %! B
M
%|w rB e=.
3 %&>'@ 1t0 %&tNH =@+ %U=? N ..:@N %U0@ 2!
f
?i
%Q+ E=0
%3 *
A4 7>8
78
!4)> N %3@i
9>
K.'> @
.Q.; + ..QNH" 8i
%Q
2A
.......1>:
Q
=5 KD
2C %1+=4
!C
9
/+ | 1 1!:4
3@ 2N
i
<=: /+ >=:@ /C C2A 15 /+ 4@" 3 |8
A>> h0@ <D !
/+ /4!"
%B5
h q.
2>
i
? K =
C /+ E= /4
@i
$C 3 %94
= %5N
9
/+ s
4N
H=? @ OhH=0.@ <= H !)
?" %-
h <=!
=B? %<=i
@P" %<W0
o2C ND =C @
% @ h!>P 2?= 1 9!
4
%A!C
=@ K? %At
P K.V %C
6 %AH" %C %A."
= P;" K %A=P
.A5=. /+ ' 3 @ %C +" E$C %At
j |C" %A @ &0V
&R 3@
i
/+ @ K AP5 p %78
/B A?" +
&B A>2>" j.
<W0
3@ ND <v
@i
$'
%
hB U8 C %
hA: @ CA:+
/+ PS .
L+ %AX@" /+
A m0+ %H2 &A + 0 %
h=A@
@ #2 N 1>:
/4+ K 3@
|:' CN
h 7$
KD q F
A
%A"
O=V
h 3>24A
KD &!P 3@ S /C
{
A5"
/B@ A5> 3 / 3+ %A H
>
f o=H p
=
>=A 3>24A
KD %N;
h h
A-@ O=V
h 3>24A
KD %K B@ 00
h
!<W0
&C" > :>2@ h>
H V
h /B@ A5> 3@ %!
h h! h@= 3
KD %ND d
.T!
TW f K 4
@ %T'
00 @ !<W0
&C" > %<W0
=0 K4 Q/
:/AD .Tw
3
>D
P6 ..T0
T; 3@ A-> xS @ %E
)
E
5 @
/>S s
HD K / B@ 3
&@" 3@ d. @ 10 s=?"
@ h
; / B?
A
%A5
h mJ
LD <j
&B m" %A5
h 4B? @ ND &A5 N A
.<==0> /$;
u N %<=B> N @ / .S
%<= ->
/=+ P
=
OHA) %'
/+ CpW =A- ND 104 N !<=
A>" .8
<D
./=
3 /=
00
K <= %/B5 !0B> %/ !8> <" 2N
%D
2PD AP=> %j AB!4> %j
A!8> <" 2N 00
K >
2A
.@i
KD
2P{
K C2>
:T' 00 @
Q- =
e0> N Q5i Qi
-B N
O2J+i
U0 >
2A
00 /.+ %i
7P
= U>
/+ <
3J %Q
S !
E
<D
.T'
00 @ ..8i
t*
0
>
2A
3 /!0
3@
04
8
KD >
2A
1
9R <D : T=0 =*@ @ 1
X>D /+ /
T=0>
%;i
C 2 =@
%A
B
/+ d)
3@ i
e=.
/+ K" K?"
m %o2A
1
9R /+ A
m K4@ %ARi
&t T
2? @ 98 E!
ND +B> @ &P
© 8i
$C &X@ /+ 1
<+ %2
i
9R 2t
=B
P.@ K A!V
%mFR )4
=A)
%m)+ 2P !)
~2!
.2
&P
© E=:
-
LD %2
..A <=B
AD <=
2
X
<L E=:@ &
3 }O /+ @" 3@ =
1
9R V 2P %=
W = | +
..!4+ %O=!
3@6 /+ E=:
/
%O4.
3@6 /+ !R 1
sH" + %s2@
r=)4
2 %!R 3
{
E
{
@ T > N %>
h h. h
j>j T
6 @ 1
<+
<
= %3+F
Bi
!" ?.> N %3B
3:!
K A> N %!!5 KD q=)4
00 @ ..T: N &+S N &C?
N %T N &:!@
i
? K <
@ M$
.T'
A*+ 0
>
2A
r
=A 3*
1>R 3 /+4
%38
E
/+
%04
8
KD >
2A
<D
Z Y
<" ] & f " =C %Q
> @ KS" d." j"
\ Y :2!B
K
A 34> B
Z [ Z Y Y 3>
^ [Y [
^
3@ <
;H 3@ %38
38 AD ^[ak:
] 3PHV \\ \ \Z \
2C
Z \ <>
Y Y 4 Z [ Z
[ <D Y Z[ YY
>2> 3 KB> = %3V
=
3@
KD <
3@ #$
-B
E!
/C %3 @v
h
=[ [Y YZB?
Y Y Y [YIZIYZn+
YY h4@
Z Y <
Z Y Y Y :
TP %30+
24!
=" mJ.R"
LD >n
Y Y 3@"
.
^[acc:Bi
]AIY Z @\ ' f \ Y \ d \ [^ /+\ [I[ YX@ 3
Y e
Y ZY -
Y
\\ \
Y Z Y \ ]
/+ \ /)>Z Y
>
@ B> N =A+ 8
4C 3 3@
K
Y Y @0Z Z Y Y Z Y A
Y Y Y ZY Z [ [ [ Z Y Y H[ 3@ Z [ Y 2 Z Y Y+ &*>
Z Z [ 3@
Z Y Y [ak:r
i
] <5'Z
\ CH6 \
.^[k :Q
5{
]h
B5 Y Z [ YZ \ m! Y ] [ [ ]A?
Z Y;Y
Z [ Y Z Y hV
Y Y C
n@ [ Y h
Z [ Y h Z\ [[
Z [ AC=?
>
2A
9R &. 3 3 2>6
Q5 o@
3> ^{
2C" /2A45+ %4>2C 3@ ND T
#H! >} :/520
/+
.Q/ A*F> N
< 5 /
i
&C" 4 pW mB5 !5
7V /+
"
/ 3
T=0> %.
&
= 3@ %
2C
2A45
3+
2B5 =" %
/ E:'
3 3
=C &. 3 3 2>6 <D]] : #'!
Tn> )
KD ;
$C h
2>6 <D :T=0>
/ 3>)!
O)B
2" 2>6 3
f 4+ mP /+ >
2A
3 g!> 3>2
3
% O>j
KD &V=
KD )
3@ &5
3@ O
T0+ %/!;n+ % >2 3>H" <" /B :T0+ % >H 3 n+ %H=A
Q 3@ h /0+
!
9*S 3@ M!8 $;n K4 >H K <= N :#H=A
] %h◌Y
2" hJ
9*S 3@ &" N %KB
9*S 3@ ND +"
!}B:45" K" ^ @ : 2>6 TP
}S K / 2 &A+
}|
@ : 2>6 TP %.
h <= > <" ND " @ :TP
.
ND 2!B> N h
8 N h>H=A> 3 > %C
D 3>H :TP
. 3>H" <" /B >H 3 /!;":X@ T0+ %o8
Q 3@ h /0+ % 2>6 '+
.
B 3@ M!8 $;n K4 >H K <= 3 :T0+
© %
2"
&A+ :45" K" h hJ !*S 3@ N
B 3@ &" N %
B 3@ ND +"
^ @ :TP
}S K / 2
}|
@ :TP %.
h <= > <" ND " @ :TP
.
ND 2!B> N h
8 N h>H=A> 3 > %C
D 3>H :TP
/D A
:TP %N= >2> + %6 ; %
C
D /+ A=P 2>6 o" +
.[[C
D 3>H K /" s2A" /D A
%C
D 3>H K /" s2A"
1>
R %!:V
KD 4 B @ Oj>j !R
=5 <H 2
KD 2!B
4> <" !
2!
\ \ [ 3>$
\
Y Y Y ] Y :N=@ 9 KD o=A
~!
3@ 90
y' O2C@ KD 4>
Z [ ]IY>2AIZ YY Y+
2C?
AI
\ \ Z
Y Y
r ABR q
L 3@ ND A+B> N O$ C=4 [:=! B
] 3 Y Z [ Y Y ] <D ] \ Y YYI[!5[
m 4+ %C: M4 @ %0)
M 6
L+ %0) ND Oj> h j K0! A %A
:ND %AC" 3@ m
A> A+
j@6 Q@ 3@ E)
M N .8
N <=
" 3@ m" +
\\ Y \\ !:V
: # + T=0> >
2A
O q
L 2P 2> 6 < + [ :>@] H!BY Z \Y Z Y [2!+
Z [Z Y
" =
:T=0> %
2?5
h '> p %P
h h
2!B 0 h0 M! %P
h h
2!B 0 h0 M!
/ /" m Q5" T=0 %
i
K h
2?5 '>
^ p % M2!B %MD =?=
9"
3>H K @ @
!>P )B@ > :T=0> !B
KD Al h
2 @ htP h
2>6 m>"]] :A
" %A40 N :4
2J> <" H
"
LD &? T=0> %OHQ=
/> <
[[ #S 2"
C
D
: %A4u@ M.
"
&F" f
[
K> #$
F 3
" + Q/) hN=F)@ s" <+
2P %B!4> 3@u ?; d4> <
%4XB s2> %5
KV
T=5 o"
:T=0> +
T=0> <
%ML &!P @ 3@W
N0p h
'V &
i
m5" 3 /A? m5"
N!
A K5" Q
=5
h C2 =45
+ CH
f KD m05 /C
LD
N5 A m!8+ mR" O2
N+ hN r8 7>
m5" 3 /A? m5"
5
5
KV T0+ %" 3 5
KV
T=5
2B5 Tn5
%N=>L
h 9>
/+ 4>" 20 %C
D 3>H K @ 20 %
} :TP TP @ KD
.^{
K 3 / + %2 h@" @0
=> gB!>
f /+ &
Mj n C+
\ ' B
:!S
=?
H %
2A+
o2A45
% 3 2>6 @i
3 & %T?
3 & %&?
3
/
.!5 ?n+
T2
[ s
L xB!
/4!> &*+
[ s
L Q)> #$
#2A>
f &
K*P
@ H> N
K*@ 2P E4
/+ @"
%
q4) 3@ %>
2A
9R /+ '@)
O
%e.
15 %5{
3
<5 m>""
sH"]] :0p ? 2
/ / + TP %X@ 4 >X
2 <>{
<
=
%A-@ /+ >
2A
9R ^[[ m!
&C" @ =C %BP s2> N
%;v
B
Ti
B
%<
=
i
Q
2 /+ >
2A
U> m!C %5
KV =5 98
0+=+
/+ @
&5 K <5 %<@" sA
/+ 9R ="
L+ %7>
"2C %'
f @ S /+
+0 2P 2P 9AV % /+ 4
/+ @=P 20> OF
3 2=
%<@"
!
U28> !B
Al K T %M! A
M! B> )!
" /+ /
% N
f /+ " l > &!P" % <5 @5 20
/+ /*P %<
P=> <
Lv
<
Li
3>H
3@ &R!
&C"
24> TL@ E
=?
$C %20
ND h
=? =" rB> + %"
\ \ Y ]YB?i \ ZY hADY\ $'
s
HD =?> jB
9
%:P @ " 6 3@ . q+ %.
K h!
<" 5
..Q
2B
Q?i
3@ <= %QNLi
r=P QNHi
@2; K . |P %OH
OHB
O8
! O=! K <{
" D
=5 %A4H ~:0 <!C
d"
] + %<
KD ?A> p %EB
n '> D %&* <" $+ %&l" 2P @6 <D :
=P %
.3 3
"
P 9
$C E=P #" f #"
^ P
" H ^
#2>"
=V
>$
)!
20 )!
2P %-4N
5 2 > =C !+
o?
% @" j
<" N= 0> <" U.
H
%' e" /+ <5 %!'
f 3@ /;
[ >2
M 3@ 9C
] 20+ K
K / .P 2
&F
[
H /+ / /+
8
|
:Vi
Ri
5 = 4> $;n+ %*> @ $;n+
2 K TW 3@
LD @ " @
N /;
1+
=+ &Vi
E4 <!C
'
%T=5
K @5
=V T=5
/0 +
m.B %C C
6 => 84+ %C
=C 3@ . %1+ 15 >
2A
K+ %1R
% %T!
TW @ %
8
Q
=5 KD <5 #2C %)
H2 %Si
m.'+ %;i
\ e
/n> => 4
28P
.&R!
1@ 1
%T*
1@ o2C
h %-
(@ =
>2 0
.Rn+ U!8
R
:
3@ !C @ ^[:=
] [Q)>Y Y 3@
Z Y = [ ] #2AI Y
\ \ YP
3@ \ ] m ] \
3@ ^[c:d=>] 04@ f \ KDY\ Q)>
f \ Y Z [
V \
Y 9> Y Y Z Y <D Y [ Y Y 3@
Z Y #2AIZ Y>Y
.^[:r
i
] 3 \ \ Z
Y Z [
/+ T-
9V T=0>
%T #" /+ N < @ #" /+ 9R f K jB
^ N
C
\ \ Y Y h@5 h
HI /=
\ [ Y > YIZ [P :
/+
C
D C2? :r8
Y Y IZD K Y Y ZY [ Y
\ \ ]IYJ!YI4Y D \
C
Z [ Y
$C Z \ Z Y AI
Y Y C@n Z [ [ ZY\ YIZ" Y Z Y Y :9
/+
|5=> C2? ^[:Q!i
]
\ \ \ [ Zt
MZ [ \ Y
TP
Z Z Y Z Y \ /=4I
[8'45" Y Y Y :3
/+ o;" C2? p ^[a:|5=>] <B)> Y [[ Z Y N
\ Y /D\
i
\ \ jY ;Y K Y Y /\B?
\ \ I>2 Y ] \ TP \ Z Y\
. \ Z Y Z 3t
Z Y Z TPY Y * 3@" Y 3 @
Y Y Z Y Y =I Y Z YZ
MD Y ] Y I
Y Y [
] YY+ /.I
\ \ Z \ 98 \ Y g \ \ Z Y Z /+\ |5= Y [ [\ ] @ Y \ Y YY *
] Y M$
\
*
[ [ NY [Q) Y Y 3@
Z Y Y4Y Y [ [ [Q)> Y [ Z Y AIY Z @ ["=I] Y!Y4IY>
i
Y
\ \ Z
?"
&.R =C
/+
K5=@ C2? ^[:|5=>] 3 Y Z [ YZ Y
[ \ Y Y MD
[=? \ ZY\ [H
^ Y D] \ /\jY Z Y NY /+'
\ Y Y N Z \\\
Y Y
/+ 0ZYn+Y :s
&
3@ O=P &
3@ H@
g!> % y4@ 2 \ \
=C <=+ 8P /+ o;" C2? p ^[k:y80
]35Z Y Y Z [
3@ Y
N ZC [ Y h
2 Y \ ]Y "Z Y YB.I
Y Y [$'4I Z Y K
Y Y Z IY> <" Y Y Y /\ 3
Y Y [=I[ [40IZ Y N M f Z Y I [ ] [P $F>
L+ %40
!@
h ] Y Y M [ Z Y Y"Y :!" ND 2"
Y Z Y Y m0Z W + %!
K0" 2P ^[ :y80
] <B)> Y [[ Z Y
ND]\ YDY\ N :oH => -
/+ =
3: /+
d=> C2?^[:R] /@\
/\ Z I[ M$
Y \ Y YY FZ \ \ \ ] 3@\ m \ Y Y Y Z [ m"
Y
3@ Y [YIZ ] Y Y [Y YI!Z 45+
Y Y Z Y * 3-
Y Y [ Z
[ /D M!5 Y ZY
=80
/+ C204+
3 |A
/+ |A
EV" C2? ^[k:Q!i
]3 \ \ Z
Y @uZ [
\ Z Y 3@ \ [ Y AI \\ 3@\ \ Z Y
KDY\
n+
Z [@" Z Z Z Y [>Y 4 Y Z Y Z Z [ ^Y Z [ Y ) Z [ Z IY> |A Z [ Z Y :xB! A*B T0+ %2
=0
%F
/+ !V 5
KV
T=5 C2? ^[a:|A
] h0+@ YZ\
&
C2? ^{ B@
<D <j N :TP AXp
3 p M l @} :pv
<=80> A=!0B4>
h
2VP % /+ f -@ %O=P /+ A!
f &
3 hB:0 @ %
=5 @ &
3@ ht>
KD o" 3@
:2
E
@>" &
=P # /+ #H
u+ m!p
f 7V
o=A
3@ 5 f f /+ ND &> N =
%5 =! =
9P 00
K >
2A
%=
ML 3 E=@
+ %x>
90
@" % #2
T=0>
2
&F
20
&C" %3!; ? 3 2B
LD 9 3@ " =A+ %B
A.
Q
$
>S /+ .
<
=
.M$ " Q
8
00 @ %Tv
Q T2!4@ %T'
? K ~5
f =A+ C " 3@ %> 00 $C
.......T'
o24C
3@
#2A> D
B45
) /+ o=A
^
5n U!8
U
A" O
rV mA4
oLi
T=
A
= 2' A #H
=F
05
A
2 <
=
&C" Q 3 m! %s=@ ~
f H=5" >
2A
= 8" 3
B@ >
$ C
\ ] \ &"
3@ ^ Y Y 3@
Z Y Y :o=A
=B!
^[c:T.i
] AB5i Z [ Y Y Z Y h
;
\ ]
Z \ [
Z Y A+
\ Y :&Cn >
2A
Y Y =
ZY
]
\ ] 3@\ o2C F
\ Y !I
^[:|8
] AI Z [ Y=I[ [P [
Y 6Y Y"
=S
[ 6Y I
] Y Y+:
=S
6 ^[b:y80
]
Y h [ \ ZY [
=C
Y Y Y ]
r
[ =C o2A
Kn> 3@ $ + &C?
[ *
/+ oH @
LD
|5
[
< !
m!X> 3
= @
| > 3" <= ->
r
&-
N U+ f 2B h5u <=05
B
+ h @ eu
......
@ s=5 2 %A
j4
%3>2
| K 0 @045
T'
N 00
K >
2A
.A*P >
f @ &
E
@ 3>2
KD E4N
:/ " %E4N
H m >
2A
00
: xP
H8
C5" AN
h Q? TB+i
m4
LD
[ F
9B
LD $ > o0
=" E
F
&0> 3@
/n K > |0p 3@ h? O@
L /0 ? 3 mp )
h
zn <" .
="
L
9F : h
zn4I 9C =" T0+ %C+ ? 1" =C" h? <
%9C
s C-
KD - }&J @H o"
m" T?
9F |
: mp > T?
!P ' + % h
zn " :&?
K0" 5 T=P" D %/5 A!S" : mp TP 1t0
!}z0+
$A" :/.0X
T0+
.ND d :TP
}M5
/ B! <" M &A+ :TP
}3X
@ 3 ..B :TP
/ /5
M : h
zn TP C2 %&B.+ %&B+" :TP %/4
@ ? $C :TP
:/.0X
?6 h!R'@ T=0> =C h
zn r8
p %>R :"
$;" %M5
f " m 4
h
znA <" Q
K" &C N"
9C
\
!}9:'
-B@ K #!V 3>n+ 5
/5 /5
K !A+
f
!}/!P H+ &
/+ 3>" !}/2 /5n!
en
3>"
f
.T!' !" T; f B> =C
K*@
%K@ <H 5
[Q
H d 1
Q
H [Q. d Q
2
xB
T
jF
>jA
/+ 3 /. m? @ QA
/+
.h0 QB
4); !
A+ %
HD =8 %=B 4C /+
5 P;"
2A)45+ O!
|V KH
3@
T'
3>H 00
3>H 3 3 #2
o 2 @ /+ 2" @{
q5D 3
+ . 3 24> 3 #2 MD
5" h
8 h.> h
Q@
m
:T=0> %
V /+ #'!
@ ;i
:)
Y Z YY
LD
] Y m>"
.[cb:<{
]
%5
h f m0+ :T=0>
h? hN?" /D 3@ / H2
%M E" N :/D / h
<
/ F
$C R 2P 2@ ! K 5
KV2@ mB5
L+ %/ @ h!>P A!4+
f
2@ &; M4)S
LD hBV m
@ ! #2 > :T0+ %O
2S
L /" %&B.+ %/Lw+
%H!
!
T=5 > :m0+ %#"
V" P
h j? O"h @
m
%D m@0+ %>! 5
\
m0+ %mj + %
L @ mB V 20 %$ 3@ / @
=+ %
h; ND /=0 N !;" #" :mP
KV
T=5 :/ B> }&?
$C @" /+ 3> @ :#"
L h@6 hO"@
<
A
T$ 3+ h @ 3 > <D %*+ D 1+ h! 3 > <D %B>
h 5 1 <" o" :mP %5
\
2@ 3@ h@L K+" " f 3@ m +
] CAl q=+ P
. @5
=V
%d?
:TP %. h O=)@
h f H"
2? f 3@ OH5
h T %4 m;H p:TP s=
O
@" @ %M@ m!
$C @
:mP %8!
H> hJ 4 /+ m>" + %>2> 3 m?
^{ 5" % 5" ! #2 > >D :5
KV :/ B> TP p %M@ @n
:
\ S KB
/F!> 3@ 3>H ~H
H \ 3 #2 > 9S+
KD
:mP }5=5
h m" %M @ M >2 " "} :5
KV TP %3>H KB /D :m0+
KV TP %K :mP }~
$;n m" :TP %K :mP }M@=P e" m" :TP %K
A+ /
© 2? %A mB*
<" g!" +:TP %M >H /+ M &> N ML <+ :5
.{ &A> @ B> &5@ /!
:mP %*S
mR 3J
%CH2 P C2 OX
3@ o @ 3>2
$C /+ T=;2
3@ MB > D B
.
ND h
2" r' N !B r=: K4 O
3@ & B*
o <" 3 = %O M
p }q:
~:P 3>" }H!
B5 3>$
/R H^ 3>n+ :/. 3 / + m0+ :TP
M
o M" 3>2
$C /+ T=;2
3@ MB > D B #2 > :5
KV TP
& =8P 3>4 %O M mR <D
>
e+ :/ B> CS /+ <:
. j@C 3 o
:TP !} j@C 3 o
:mP %m4+ 2P o
6=
x!
.{
T=5 M"
ND D N" 2A" :m0+ :TP
; o
h =C &
9
hJ
9 T2B> 3@
3J
>
% j@C 3 o
6=
744+
3+ 3t
2
K S" &;
3@ 2?=> N K4 T
3*. :5
KV
T=5 P @ <4 O
mR
o2A
E@ %E=F@ 1
9F@ %5
KV
T=5 g>2 D [[!0>
@ %T'
00 @ %30> !;
TW 1!
TS 2 % 0@ TC 2
> N %E@
..T!
A-> 3@ <D %9+ QN=
AlD E4N
H m 0
>
2A
!3
B@
#2
<
h0 h@ <= > N *P > @ 9 > %@ " 1!:> N 5 E4N
f
M$ hJ5 h>H V 1
>H K 04@ f S K
S #2 <
%00
3>H
C %
HW @ " xP > A
=5 5{
KD <=!4 > 3@ M$ + %P 4
3 h
. @ %3>2
%5 Q4
=C D %9+ A-@ N %>=C N %p
Q4
d 5{
KD Q4N
<D
2> 2) + %3p j
%O
/ @ &
/+ | %@ " K @045
%
j4
:3 *
E$n ?
m2V @ %<8Si
K #P HS @ ..<4!
/+ Cj
3 > =+
.<i
E
F
/+ M> <" N E
" /+ 3C)
Tj @
/=
KD 4
0
>
2A
Q4N
=B)
%204B
=84
% .
s=
/+ #$? T= 00
K >
2A
#24A
T
=P" %
/= A d.
5D 84; AD %3R!
C-
%@B
e
3@ Q
h j? M$ 2>> N %
?= 4@B@ %*F ! %B @ : %" %0
h
f
2P %A@L 3@ hC N %A=P /+ f j @ O2@ f QF4
N %
h= N
9R N %C2 ?
e
r %
h=) N O
h N h=@ N %B. ]
h N h
<= > N %=!0
&C" j e
2
. /A? m5" :0+ % @ 7V" % y;n+
r %A6 @ Ajn+
*; N=@
&?i S /+ N C
:
&R
[ /t
6 <D & + s
=5 2>
Y " &
&V f & + m8
LD 3C Q/
Q/ f & + m
L+
[
y0
[ > N
rB> 3@
.VB
E=!A K.: d d " O @ " ojB N /
"
@ %T'
00 @
.T!
TW
- !
......
f &5 K |P !
2!
Q 00
K >
2A
SV /+ X
!B
3@ /
A=*@ %
-. 50
CH"
4>
2C 8P
$> 3At4
2" @ A.P %O2>2? SV
h
3>" r" N %KH" " 35=P EP 2B
..<*@ 3@ ;
i
)B
>" /+ :r8 /+ /> @
q
=5i
3 N=? /+ *0 h 4P 3@ !
i
Qj
%.A =.:
1>2V -4" %9CL"
&C :/ n5 %B@ m!
%3
2! Q? %?*
j A
/+ %~
=)
B4
pp /0 :mP %<v
' 9C$ :TP %N : mP }2B
&!P" 20 ..h
2>2? h=p jA?
K4 / > %5 /+ 1:
}2B
1> hR; 2 3>" %2B
K B" " >"
2> : TP %3@6 $ @ +B> =A+ %'
ML K
/n?+ %; @" |P=
n
L !}2B
K /0
: TP %'
M*+ %2>2
d! %2B U. <"
2B /A4 > <" A
%O?i
/+ M 2>j 5:2.
2> jA> =C %3
2! TP }
h !@
.2S 2B B ..2S
.2=
d N %2S 2B :HH> =C 3X
3@ h
Qj? +2>
O@ A+
$ @
m*@ %<=+S <=C5 <=CN 3 .
&!P KD :TP
.A q
$@ N OHB5 %A+ BR N O %20
m
%O2
f /+ "
) @ B
Q/ C / ' <D :*@ <
1P
%
2
S C
90
/+ %E &
A @ 4C %E &
3@ /VB
. * <
%OHB
A-
7*
[ > Q=
K =
/+ @ 7*.
[ .) "
KD .
3@ 24> #$
&>=:
=
P.> %g!B
A
&
B> %.
&!P P4+
An
EF
&!P A+ 045" /4
8
5 %~=); OV %OV V %8B
<
L" 2=@ -4" " %:A
|8
OQ
P %XB
.A
AB:P" ..>"
}x>@ 3
2! <" m @" :T=0> %F4@ =V %QP2Vi
2" |A / pH EF
f
KA" ..x>@ D :TP %+ 8 <
../B@ =C .
KD !
Q@ ..N: mP
.
f
<
L" +> <Lu
LD %.
KD B@ n+ %V S @=B@ o=5 hJ / / B> N @i
@ K / !u5 D:/. /+ mP %!
i
3
2! 10 D % <> |A
LD %Q)B
%+ TjC N 2?
@i
!
ND D N %2B
Ep 2=@ h
2S %
$
q=5 /+ 2=@ &
7=45i 3
2! Tj @ KD EC$
P %d K
%d> E
4
%/5" /+
2
%=>H
m4+ p %4?;" %&4
6A? /+ Tj> Q F
z>
L+ %O
m!
%B?.
^
%/B5 m.C" %/
=? & m8" %<
Lv
N <
9R'> ~>$
3@
@D
L+
f Ti /n
%45" 45" /5 m.P" %m@P @0
m!0
2
<n
%<W0
5" O@
!B
M o2V HH> /!P %@{
=V 3@ ~5" /B@H m
%= 0
Q2 @{
"2
f
.+ |5 @ K |5n f
O /+ hPHV h= A B
! @2
F ~:45
+ U ? N R
" n
f
E
/+
&?" @ %V 0+ f
%!R !8 A"2 O2>2? O %2>2? H@
%/ /+ e
+" C A m: 3@ %/D =
e
9" C A4C
3@ !!38
f . K m
%#2 e
" C A "jA45
3@
f r?
:/
3 %C
h*B @i
/+ #H4
3@ >
M @ o2A
> 3@ m>24C
M
%00
K >
2A
AD
./00 #$? T=
0
f A5 /+ A
\ &!
$C /+ s=0!5 t" f E+
\
8B45
24+ MAD K #24A4 E=0
1F@ 74+
\
!4@ f &
&> >
.@
%@ : mP %3
2! 3 Tn+ %/=p 3 mn5 %'
n?+ 3>A 2B :TP
$;W %/. /+ T=P" "2 %=p /:n+ %@ : mP !}3
2! !
ND D N :TP
!2B0@
= O
/+ #2B0@ !=p
= /=p!}@ h0 &C :/ CL /+ >
$
z>
f 3@ EA> 3@ %+ @ + s245" /B &?" / /0 %K*@
+ !0
ND Q
Q/
m" @ -+ %?
4@ S D 204@ m" % &4@ S -4 > %@@" 2? ND 2"
@ EA>
": %/ 0 ^ %=> 2B h@=> H
Hj> d.
Q2C %3@j
3@ O4+ o=5 /C @ :T=0> %&@
Z Y [
<" \ \ 3+Y :
q2V %P 5 %28
/+ U
)
%/!P K 00
OHB
] H> [ ZY
K T
j> N " / /0 3 %
hX
2 ^[ac :Bi
] 5 \ Z \ \ [2V
Y Z Y U)
\
Z Y Z Y> [>2AI
Y Z Y>
$C s" 3 %N %3
2! K" N %
/
2C 2P
" 3 %N }
" &C %O)S
3>2
%8 / %>=:@ s C %z> s C %E4
s C %
/
2C 2P %i
.8
2P.
<D /0
f o2C m 2B B> 3+
F
KD A /n %o)!
A & A5 KD m5" %=0
3@ O;L
h
2?
LD
!o2A
&@ |B*> &5 4> p %A4+ CjS o4
.F!
)
=> =
o=A
E
N 00
>
2C AD !
- @4C
&?
$C d>0@ m= |
2! m>""
%T'
%4>
2C /+ 4>
=S /+ <{
/@ 3 @
>=B j %#$? T=
f /+ <
3@ & >
.@" 3@ 9> D
}K?2
|)
2P
= d" }K" 3@ 9C$> 3>n+ &!
$C
5 3+ %3
" 3 <H 0 /A4 > N K4 /B
Q5 /+ 1> T
j>
:K?2
TR <D T=V=
=? %T'
N 00
L K h>24A@
\ BR "2!@ &! g
<= > @ Tn+
TA
2!
T=P &
r=? /+ "0> &?
L+ % += I @ ] %25i
s
L K
25" 3 /
\ E=$
\ ] ] \
\ 3@\
=:[ Y0IZ Y N A.I
\ ] \ \ ] \ \ > &P[ :
Y Y [ ^ .FI
hB? [ Z Y> Y
<D YZY Z Z \ [ZY" K [ Y Z Y 3>$
Y Y
=+5" Y #H! Y Y YZ
\ \
/
] 2" :T0+ % @ m 4+ %B
U
j@ h!P m+HV ^[:@j
]
[ ] =.FZ Y [ [D]
[ [ Y
=C
] 1:
%p &S p %&4S+ 4 KD 2 p %Hn+ %2" :TP p %Hn+ %
M
2?
3@ Q !
OX
3@ m) K4 >H=!B
2@ /+ /0> Tj> + %00
? K
E H=5 @P OX
3@ &{
3.X
2> %B!
/4!
4!
V %
);
: %3B
#!
2
=
/AD 3@ /!:@ #
5D #A? /+ &@u
#28P
\
3@ / /=L = 8;
&!5 /+ OHA
\
3@ / /=L = 8;
&!5 /+ OHA
\ <>" /+
=8
ND CA:> N d?
.
/VB
<D
N
&!5 /+ =
%
QD 9:> &? A t.5 /+ A . 4P+
6 > A*> %
6 > A*> T
6 + %O
.
MJ" 9>
=
9> %+
%B?
h f 1
=PS %H qF+ %A n. + %A4 .5 3@ 2
f /+
=@ K4
:O
2C %
&!5 /+ 1>
S %
&!5 3 28
/+ 1>S
%1>S 1>S 3 <4
A
=@"
/+ T$! A
"
/+ 20
A!" H=5i
/+
%%
h A +
=PS <D !
< + %3+ O
h jS !
=!
<=
A>" +5"
A !
< + %A
=A A
Si !
=!
% C
] C2B |' 3@ |'
.3!
e=. F 3 %!
F @ %)B
h
Q
24CN
00 <! Q
B
/+
@
/+ !P T
j> N %A 4C xA %>
2A
E!5n $;n> 00
K 24A> 3@ !
2!
0 E:45
%Bi
@ t5 %&A
@ ~
f %5= @ h5=!@ B!R x*
:OH!
&
jB
+ <45
%:!
#24A
t
& d
\
24 ~
\ 5+
......
#20B
@i
P
%<W0
#2C 3 h
2B Tj> %3 5 $ @ hN; h5
o24C
3@ 3
)B@ + d"
A 2P %&
A 2 %
;" 2+" %H 3 4A" %Ci
E!0
K h.
.!
ND <= > N @ An5 %$
\
E
&>j@
=
9 >6 !0 xB!
34+ 2P
#H>i
T=:
L
=
#HA
!0 xB!
34+
#2A> /4!> 3@
=
#2A
!0 xB!
34+
/!
2" A @
=
/!F
& 2P e2 !0
.. @5
=V
f KD . +2> D %T'
B> D .
}
$C 3@ 00
K h>24A@ <= > &C
N
.T'
00 @ %M N =4
qF
4>A <D %+ !
2>
f &
~H
E
|)
5 $ / E S E
.
}
2 @ U:>
=C 1+
=> @ 3>2
3@ $;n> 3@ 00
K h>24A@ <= > &C
NC 0
C /+ o " &
/+ o <" 2A @
.T' 00 @
\
m
&0 A @ "=!
@F
&l /[>
.T' 00 @
T'
00
3 1'
@ &@B4
3 ?
4> P
=
zF 40@ @
jA
/+ p %@045N
Cl 3@ h0 h>24A@ <= > &C
.B!4
m
A@ h0 8> &R!
N %R
h 90 > N 1
<D @" }@ m
=p
78
&!04> N %@B
/+ Q/> 1'
q=0 &A> 3@ 00
K h>24A@ <= > &C
f /+ -4
" %eH f @ S %4P hB*@ %!*N
2 K=.
B> %@A
ML o>
2i
~5 /+ qF@
%A &F) @
L @ %0 " %+
f & f
f " %O@
. q=.> h-. A-.> N.4N
|t
:
2 ~H=4@ !4 @ 5 %X4
2 !> N @ / !> p %E:> 4> 3
@ 9C$ A*B <D K4 %>v
g>Hi
/ 4 4CN
- %8 + <B4 B B <" <W %4P %Q
H 4
3@ :/=;D h
=.
3 o=
&
n + %> 2
V %#*
/?
s %/
:
|" % !
4C
q=.> h@4C
A- 4A@
=C 3@ *B %&P
o= /+
f
3@"
A
3@" 2P %r=> . / > %9C> N |'> N 9); TX =A+ %>A-
.
28
%
\
f %T=RY T=R f %&*+ T=*+
% 5 35 %A+ Q/ N 2>
%S+ 2>
3@ C
95
3@ y'4> %
&A
@i
/+ H2)4@
%:'
@i
/+ &C4@
/+ .> %2
3 <A4> %A!4)
3 ~=4> N %@
= P =V f
f :;" A" @ %? C T'
>
2C #24A> <" &!P ? %!?
=
C LD Q/
$
ND @ F!> + %@5
h +8 $
A+ %.B 0 e
r"
.
!F
[ !> d)
=
E*'
m 3@ 9B
<n #2 m" E*'
K B@ +
LD K4 %!4)
T
xB K h
8@ Tj> %T2!4 /C /C ..@4C
% +" %
H
s
L U>
L 4)>
=@i
Qi
" /+ #> Tj> %
3 ~= @
.ML T2B>
.V=
3Fn+ .V
#24A
>
2A
00
.dD 1; s
L ..d!4 N >
2A m"
f
U8
K K !> N %s24> N mt+ %m4P OX %m C" f 6 %- N = m"
f T=0+ => /n> 3 %25+ =A+ H.
K / @ &
%7V ND
:d{ 00
K 24A@
. @ L=B & !"
/
9!:
z>. + 3! H+ K
] U
@
LD
0
3
T=0>
1:
2!B
%3B
E 0:@ >H=! T'
N 00
K >
2A
m
= H
@ K %H=P 20 N %=5 N :r8 /+ =*@ P
f /+
g @ %4P /+ @" @ F % @
n@ %nA @ !@ %
=5 /+ .
@ t
H
%H@
%5 /=4> N %2P 2!B4> N %OD N %2? h; KA4
LD 9*S
%
@i 3.'
@ j %A
= K4 B. @ A
%AP z0> N '
%.
f %
@ % =A+ %
@ m A4
@ !4) 2" @ !e
3 S" @
.T'
00 @ %< 4
!<B4
%= 5 4 nR + " -"
K4 %A &F4
AD 5 j @ mB+
%
KD
/+ 00
h #24A
E"H
$C
/+ %AB@
$ 4>" QB
m>" <+ %5 /A4 > K4 "H
$C Tj> %o;" j @ U=
m>" <D %AB@ 4>" 3>2C
m>" <D %AB@ 4>" H!B
m>" <D %A>6 A A45
:AB@ 4>" 34!'
3B'
3.
B
m>" <D %AB@ 4>" 3
3P284
tj
/+ r> d T B.
/+ r> g
.T' 00 @
&>2! %
i
/+ 3>24A r'45
%O
<=J |>8 /+ 3>2 &X 00
>
2C
TP %2
|'> 3 %1
2 %
2 D %+
H 3@ @ P
2 %3@i r='
\ ] Y Y Z Y
Y
i
\
\ ].'4 \ \ ]
= [ \ Y Y \ \ ] ] Y Y :
3>$
Y |'45
Z Y \ Z Y Z /+ AI Z [ Y Z Y Z YY 8
Y Z [ Z @
=[@W
Y 3>$
Y [
2 Y
N /\Y2!BI \ \ \ ]Y2! \ ] AIY>H\ AY 3] Y \ \
Z \ Z Y 2BIZ Y 3@
[ [ Z Y> h @"Z Y A+=; Z AIZ [ Y[Y Y A
Z [ Y K*
Y YZ
#$
[ [ Z [ Y [Y Y A!I Z \ Z YP 3@
Z
3
Z Y Y :
3@ 5 %8 &
/+ >24A
!8B
3@ 2 ^[:=
] hJ Z Y /\ <=
\Z [
Y [)>
\ \ \ 2
\ Y \
.^[c:74.
]h>2!I Z ]
][ Y Y
@ %T'
00 + @
.T!
TW h m!
<= > <" + @C
h gF
3 >
LD
T'
00
3 !4 8P
O
h O.
h
=
2P }5
KV 2@ XB
A @ KD >
2A
&!P EB
<
L@
E KD KB+i
q2 3@ <=!04> %Q
/+ A
L N %
i
/+ A <n N %Q h
%A+4
" ~j 1>R 3 o5i
9>$B4 =0> <
e.
OHP 2" =5 <D K4 %<
=B+i
\ h ] \Y AB \ Z Y Z /+\
=.B*45
[ \ Z [ Z 3>$
\ ] Y Y 3
^[:y80
] 3p Y \
=ZY
AB
[ [ Y Y Z Y Y t" Z [ Y Y Z Y Y
i
Y K ] [ Y <" [ \ [Y
Z Y 2>
\ Y Z Y Z \ # \ Z Y Z /+\ A
^[:y80
] <$>
Y [ Y Z Y
=
[ Y @Y AIZ [ Z @ CH=
Y [ Y [ ?[ Y <@C
Y Y Y Y <=+ Y \ [ Y
i
Y Y[ Y *
Z [ Y 3
f
LD %5
KV 2@
h0 A>24A@ 3@ X f XB! h0 >24A
@i
<n
+
=C T=0+ %T40+ ND %>j+ ND %5{
O;v
2
#' =2> ?Hj> @" <=.0>
@
:E$
=C q2V T=0> %5
KV 2@ XB &!P EB
15 rB>
f
L "=5" N % @ K0" h@=P "
oP &
=
2P % @ h
H2 &P" N %3
+ %0.
~=
=C D <
<D % F> +
H2 X
<+ %A <=@=0 + %/
=*
f 3@ m
" / 5
7> + 7> 3@ m
<D
#2;
9A + 9A
@ sS /
= %/
3@ ND m!045
@ :TP !2!B
A>"
$C &X / !04" :TP
ND d
=B?
%#2 ? N % 440 &40 N &5
<" N= D @" :TP %4!045
.B B45 :
=P % 5H0
qH ; /+ h
2S +2> 45
=+ %O2>2? SV
h 0
>
2A
=FV h@=P o" %!P q" KD 9
&;H 2P
=B?
OS K O
3
K > <" HP 3@ 2tP f 3@ 9R %&!P 3@ A+B> 3>$
EB
<=
? %
+ %o=4
$C K hB? C &C o %3
|B" 5n
} Q? @ : T0+ %C2t0
H %
h5" =.:4;+ A.Bn
=0+ %T40 3+4@
.
H==@ 9: J? :3
|B" T0+ }<=!:
L@
" %
= <" ND
"
>H " :TP }
H==@ @ :TP
:TP %
=
=@"
>H " /0 3 %
&4P 3
H==@ :TP }ML &!P
4P <+
!30> KB D %
"
N % 5"
A % 4B " & %M> :TP !} >2>" 3
B h
LD :TP
Q*P 3 %2P
Q*P E D %d{
E m MD %M= 3@ MF>
.2P
\ Y /t
H <
<D /D
0:@ /
&B? 2P 0;
=?5" %.8
5 mP %H
2B45N
"2 %
&40+ %40 @" %!*S
h )45+
Al K #=4 O2
h Oj.P
h j.0+ %h @ h> h
!; %
h h@ <
2P %5+
h 45I
Q <D :&?
T0+ %AP2 h
2S :3
3 2 TP p %E
d> <" <H H
=?
f
%25i
@ 3 9BX
F D %n)> <D :*F f
5=@ f Q>!
/+ H+ %
40@
.H0
5 <= <" K);" %o
:/ B>
:
. %&>=
CX E
4
m >2@ KD A.- m@P Q=
j B
< +
X % 45 2?=> g KD 5{
? 3@ O2 mV %
B
"2 %A
R
f
&- &-4> %M@ 3@ 32B &@ f
= <
LD %P=+
XB> >5 K
&F
N =C % /4
TC / 3@ 3
3@ &? E4P
%
B
>2> %t
)>
32B
2" P=+ %AB:0+ &F!
Al KD 32B
2) /4
T!
E*+ % 45 H=?= B>
f /+ p" F VD
p % 45 Al 0+ 3@ O0+ h Vn+ %
2?
h h0p <
% 45 Al K
t
mXB!+ %| *+ %T2B
$C #=>
L@ rB> <" 2>> %T2B
TC E
45 @ %= ?= TC + %A
= hC 45 & % 45 " rB+ %M
f
= .; TC EA
/+ &S" %m"
:5. T=0> =C %@2P /+ Vn+ A
%. K@ p %2 K@+ %2 5 3@ |.'4> "2 %
25 hNC <" o" %A
.AP2 h
2F d@i 7!4> <
3@ > MPH" <v
&> qS
+ &
&
m" M>>
L 3@
gF
9? KD A @ B
Q2 ="
i
]
8 Z \
=[ @W \]
Y
[ [ ZYI <D Y AIY ^>Y" >Y :
j
A %!'@ A @ m+" + %O=P mPN
Y 3>$
0i
1> KHi
T2!4> h4 B {
#2C 3 H 3@
<= 00
K
>
2C K @i
$C A+ 5 O@ 3@ @ =C ND D N #$
>
2A
m
LD ^[b:
] [8 ] <8
] Y [ Z IYYY :
2 A 10 ND %
3>2
[ [ Z IY> 3@
Z Y [
9!5
M$
/A+ %!V 5
KV 2@ &? 3 r'45
9!5
A
3+ %!V 5
KV 2@ <
@ K /C /4
.t:
3 r'45
KV
T=5 <D : >H=!B
2@ 9V T=0> %A" 7V" @ ND @i
$C ;W 78>
H." %A E=*F
H=A
+n &Vn4> =C -4
3@u
&
|V 2P 5
KV T0+ %AX!; C @ 3@ H!B
H!
$0 Q!i
4P %>6 '
OH0
#H=A
!4'> K4 %<=
A40+ %H=A
<=
&0> K4
=0 N} :5
TB /.; #H=A>
$C ..
2! > ..@ > :
)
T=0+ %
)
Q
.{ 4P+
!
2! > @ > :M>H" "!
2! > @ > :&
ML #H
)
<D
%tP
2 %r'45N
3 4
M 3 >
A @ P" % >H=!B
10
\ ] 3@\ 2AB
\ \ Z \ K+"
[aaa:=4
]
Y Y Y Z Y 3@
Z Y Y : /+
K+ 3@ %)
0+ 2=
H
" 3@ %rB@
.<=B4
f
Tj #2A
=Al 3>-4 @ H
2D <H K0! <" 3
)B@ > / B> N
$C <D
<" / B> N %A+
R" 3@ A=80 > 3
" /+ <=)B> H=A
%
K
K Ku+ %>H=!B
10 K t0
>{
4
H
2{
3 C=@ <=
&B4>
\ Y
O=I] [P 3@ ^ \ Y Y :& %/B
!> <" &!P &Vn4+ 5{
e
S
Z 4B:45
Z [ Z Y Z @Y A
Z [ Y
2"
.^[ca:|5=>]<=BI \ ]
IY YX
"
Y [ Y Z Y> N e Z Y 3 \\ Y K
] \ Y Y @" \ ] ^[b:T.i
]
Z Y Y 9S
Y [
Y
>)!
A @ 3P;" 3=R -"
h=R %@
h h
H+D :!
Al K
" <" $@ 2A)> 2 > B
<D !&
A>" >
% pv
9V T=0>
%
3
=:
3@ 2A @ OX
K 3@ ND h+? hP;"
H.
%H
2!45N
H!B45N
Op h>+ B
<
=> %5{
&!P C
/+ C
2D
C O:.
%+
' 00
%C= h
2! .
%o=A h
2! &0B
<
=> %H+{
5
KV 3@i
=5 %<W0
4
%5{ A
2
3 %T4;N
T4N
.B
/+ B
3@ 7!> U> 7!V" K4 O4+ o=5 /C + %
f
N &>=: f 3@ 2N
S 3@ 3@ &
<W0
H Q
H
3 > %Q!R"
== %104>
H=? /+ =00 }T N hNW 00 N hN; B@ <=
.Q
H
=P"
!
=C
UN .+
UV M>2
U+ 1
: :B
.T' 00 @
/+ <H)@ 0V
f &
/+ % 3:+
" /+
=;D 00
K #24A
&
A>" :h
;"
}<=@ QN=
O8
3@ 3 &A+ %/+
=B C" %/+
= A
2" %/+.
%
KD P " B> =C % >2 84N
&!5 /+ 4A@ &'!> <" <
@
}H /+ A
LD >H /+ 2
K> <" <
@
%1.8 8
%6 @j+ %B!4@ Q
=Ci
T
=Pi *4
m
6 @ !<W0
&C" >
+ X
" %=
@ mP+ 2P : pv
9V TP
%/:5
$4
%Bt@ *.
3 <D %K-4 h
/
=? /+ <D %ojI 4> h" /! ? 3 <D %H
" >=A
m %O)
A
K" /B@ / CL /+ %75 + 7> <" %7+ #> <" 45 h / +
.m4+'4+ F
A!
/ K %m4+A4+
?" U@
3 m0: A@ / 40:" /@=P <" =+
@
.T'
00 @ %T!
TW
\ \] Y K4
Z [ Y4]@ !4I
AI Y ]Y Y ]
NY H=AI
oY 8 [ [ YZ
M
Y Z Y KI
Y Z Y 3
Z Y Y :#2" #20
~
8
!5{
Q " >
\ \ [ \>H\ 3Y
[HI \ Y [ jI> N^[acb:O0!
]
^[cak:O0!
]
=:45
[ [ Y <D
.^[ab:Q
] <=?I \ ] 3@\
Y [ Z Y> N @Y
Y
<W0
0 K4 Q/ K
=0
A Tn %A4> <" T> 3@ O
A 9: <" B
3@ <D !<=
A>" >
.A A> <" ~= 2A> 3@
.T! TW
H=B %
KD 2 3J <>{
= 3@ hB A+ g %F*@ h E=0
1; #$
=+
8 Z \ Q
j
10> 3
)B@ )
=00 %F ]S 3J %2
8
[ [ ZYI <D
N 00
K <W0
>
2A o24C
3 T P
8 ^[k:2@]
Z [8 ]
Z [ Z IY> Y
\ \]\ \ Y [
$C ] \ :T'
[ Y ZPY" /C
.^[:Q
5{
] =I Y /4 #2AIZ Y> <W0Z
Z Y Y <D
f
O'V f K 4 !<W0
&C" >
K e5i
=B !<W0
&C" > %<W0
=0 K4 Q/
.T'
00 @ %T+ 3 3 + %TB+ 3 > <D !<W0
&C" > %Q !
A
ND
f
1.)
O m .
O #2> < /+ 9*'
f 9*; @
e"
@ %T; H
<= <" /. n" !<W0
E! >
.T'
00 @ %T!
TW
.U!V{
U!8
#=4> N !<W0
&C" >
%3 > p
S /C D %T+ 3 h !<W0
<W0
!<W0
<W0
!<W0
&C" >
.3-
K ND <
2 N %304 !PB
&B.>
[ Q @ 24
$+ > o=
9
U!V{
1+ +
. o2A
> 2C
%<W0
>
2A 2C
%>2p KD &.:
#HC >
E=0
r8@ > %M >H K =P m!p E=0
90@ > % 4>2C LD 2B =P j N
9F> N %2 ? jA> N 3@ > %j>j > #=P > %=P > / > %M4R KD =P rV
8 <" K
Mt5n Mn ..
> N #$
3
%* N /4
OjB
L > %"
A
%3B
H ? /+ % 5=2" <))
)
3:+ /+
=;D
Q!
3@ A Tj @ rB" !8
3@ A Tj" A
%C@" T= %C
!?
%A.B
N %
H2
h A4P
%
H2
h C2 y" A
%C2 K MnR H2
A
%Q2
5 >
! %&
=
B
! %4.
20+ ! m
3@ % ! m" %
2"
h A @ HF
.&
=
B
3@ @i
/+ &B?
A
%At /+ h
; @i
K
= A
%3
QB .S
A
%8
B K=
B N=@ m" %3@
i
" > %3
" > %9CL 3@ |'>
2A" %s2 A
M!5 %3!
; K
O8
%3B
E 2
.MD E=" s.F45" %m" ND D N <"
=0 %A@=P C
H %
=45
=5" + %B
3@ 2S /+
8
<
20
/+ A>D O=0 A=P A5=. m + %
= @W <" ND A @
=0 @ %A4)B@ /+ A
>2
C2
2! %OH
m!S %
i
KD + 2;" 8 /+ 3 + @" %B
>S
!! ? Ti
&
3 <4)+ .. A0
2
=
<H 3@
#;i
B
& .. B
A
H2
Pi
z> N H2 K8> N 2
2
<=B
@
2" .....................
H4@ 3>
2
/+ A
/+ h
2" ht
H h
X
/ h
2
28
2
=
2B Q @ Q&@ AB?" 3i
Q&@
f
2B5 9V @ 2"
T=5 i
; K O8
p
2*
[ C 3>2 Ki
3B4
!RP
h Tv
/!
m &C"
2C D
=2B> <" <H 3@ A 3B4
AB?" &5
2@" N 2 f K
6"
h
2" A <" @ ht
H 4
3@ OV
2 4@
ND / @ h*+ o2C h @ Tn5"
Y [ \ Z [ 4I
.^[abc:<
TW] <=@ Z [ ZY"Y ND]\ 3=
\\ Y [ 1
] [ [ Y NY 0I ]
=0I[ ]
=[ @W
] Y Y
\]
Y AIY ^>Y" >Y
Y 3>$
s2> N B
<" %T=0
& e=
e=
T=0B
2C)
3@ !<= @u
A>"
%qB
&> K4 j!'
T > N %<;2
2?=> =
2?=> g %* q
%B
:q>4
& &B> h"
%qi
98
2A
-B>
A
F> Q
9:'> 3@
%
4
/+ +4 : «
%!
. 6 «
3@ %&
D 2A)
<H
.2
E=p m ND jB
@
<
2i
78 %K
T B
20 %.0
/+ :;i
@
] [ qL 2B q
=i
B
:| ND r)
s2> N %Q
Hi
x
=C K:
g
e.> N
.T?
C
=? rB T
=i
90 2 %T:i
T6 @ T:!
s2> 3
/B
< E &
.+4
3X F
B
9: N
\
98+ h@=> 2
/F! m
<D ELI f o)> N 2
\
T=0
=
%OH5=
j 3@ OH
s2> N % m.
%
T N
O$
.OHA OHB5
&!5 /+
HA
/C O
<D ND O A 3 @u
HA?
T4P
2P{
0.> H=
A
e
H5 0)
N=
\ \
=; \ ] Y n> \ ] Y Y]Z
=;2 \
Y Z Y
AI
[Q5n!Z [ [ Z4@
] Y !I
Z [ Z YP 3@
Z Z Y Y 3>$
9> Y Z ] N"Y
8 [ Y Y [B@
Y Y
=[@W
Y 3>$
Y Y T=5 [ Y [ Y> K4 ] Y
=[j\ Z6[Y [Q
] *
] Y
\ [ \ ] ] \ Y > \
BI
Y Y Z Y>Y
Z [ Z @
2C? Y Y 3>$
Y [
BIZ Y ] Y Y Y ]Z
Y
=;2 Z Y 4!
[ [ Z Y <" Z [ Z Y "Z Y :T=0> [ca:O0!
]
\]
hP h@
/B
$C T=
0
3
H=> [ac:<
TW] 3> Y \ 8
! 3@ T=A
Q
ND ?@ N !
uu @
!" 3@ 9
/0 @ C2 1> QB
1)B> 3@
9B N 3
N % Q0 N 3 B N % !V N 3 O$ N % C N 3 U+ +
OHB ML HP 5 !8
0)@ &
LD %>=R U
45
hP 2!B
9B
LD & %
.5 !V =C D 0
B
&C" + @ &
%2i
%&P"
3@ - %+" <2!
98 9B <
%K" A
%r" e=.
m
. ND O=P N %< 4
!<B4
......
8
O P
/+ 2
B
] /
KV
T=5 O /+ 1!:@ P
$C ..B s2> N B
!3 @u
B@
+ %AP; KD A0>R /+
2? => A!" /+ 2C)@
[ %A
/ V" 5
~=
O2)
$C m.l & %A+
2C" = 3 O2 N en
N @ AP
K pu %)'
$4 .. &84 E=P
C
L+ %AP;" A." 9>$A4 en!
f
L KD 20
y;" 3@
Q.
@" f
<>D f A5=. 4@
%O
>F@ &
A
KV h
2@
=B+ e
q. %!5
h
&!5
$'+ &!
mA) %e"
KB4> P=+ 3@
2 AP" /+ > Q
/
N
=Ci
=!045
4
= 45
A e=.
=
(>4
X? %
e+ @
= !4
+ %3+ Q
8
3@
=?; @ T" 3i
A44P
: CpW K <
K0!>
L >" >
=P
.Si
o5n
=
O2Vi
o5n
=
i
o5n
=
BRi
..
!i
..
]
LD =P
=
=
KS=
2?
+;j@ Q* m + h
= C2V {
@ 20 @
......
B
|- 2
B 3 3 9B8@
+ 2 B
|- !8> OA
&!P
]] :"
/ M@ 3 2B5 T=0>
f /+
=
[[ !8
=0 %A@=P C
H %
=45
=5" + %B
3@ 2S
E24 %CH?" 24B |n + %
= @W <" ND A @
=0 @ %A4)B@ /+ A
>S /+ m
A>D O=0+ A5=. A=P @" %B
2S m." 2P O2)
0.
O K
%Q
/+ 3>
)
%Q
*
/+ 3>8
OH5 A+ %<>{ A4) m:=; g B
<= @u> }) 9P K :; N %mB5 <L" N %" 3 N @ <=?> <=4> C |
..
H5i
<=: /+ H=4 =)@ /B
>
<n
Q!
T
j> @}I+ >:' O.
E4N
!8
@ Q4N
<" &0
= 0>" %O
$A ."
%5
KV K.:8
M$ !;"
^{ J:; @
K0> K4 3@u
:1
= +
. )!
+
=
B
3@ ; %0"
h O- 0>2
=Cj
p m
2P %h ); /!
P
o2
%O20B
=5 /+ 0n4
3 %@>"
h ~=> h@=> &
n> .. P.
B
|- KD
.......hN?D 3B
> hD @ mB?
= 0n4
5
KV /!
K 3 9B8@ 2P
#":T=0 @" D m5n+ %@" "2!> 5
KV
T=5 K &;2+ % @ 2P
}/ "2! N + " h
2 &;2" !
f "2" N m
@:T0+
.<
3@ h t
5
KV
T=5 &!P 2n
f
!! 9B8@ >D
Q
rB A &*.+ Q{
E!)
/+ 2
LD
s2> N B
<" %.
3@
$0" LD 2B >D 3 ?> <" h@=> 9B8@ + @
3@ ;
/+ =
=@ %Q0 O2f f &
/
/+ hS <" %B
eu
h 5
KV
T=5 3@ > =C |
%K0> @ <A+ %A+ @ 2
2!B Q!
U!> @ % >H 2P K K4!> Q
<" %C4
h@=P 9"
LD
<D} :K=>
.{ J:; @
i
K /)>
4> K4
5
KV
T=5 9B8@ 3
/ 9B8@ o" <pn4> 8
<
=V mB@H pn W
LD %A40)@ V" m jB>
^ #$
=C %M$
2? >: 2P %2 hBP@ h
+ ND d!> N &
9V V 2P |
% @5
!8
=P %8 2>" 3@ <!+ %4JC F %10)
/+ 7V
T=0+ %0.
O2)
A K)'> N ML @ 5
KV <
K m:
2
z! <" K);" 3 ! K);" 0.
@
} : 1.4
@5
=V ! > { A4 C"
A4+ %C=+
C=+ 44+ % !P <
3@
3@ ~=
$C <i %r
r4
O @ <= N h!S 3>2
K @045N
<" KD
!..Q;
2 )> 3@ &P
] %Q.? O=P
h E=0
=> O
@i
O #H= /4
Q
Hi
:;" 3@ r4
Q
H }r4
@ s
H" @ %r4
@i
O #H= /4
Q
Hi
:;" 3@ <D !<= @u
A>"
m! > %3C=
6.> %OF
2'> %=:!
K /*0> %O='
&40> %T m0@
%T*
f /+ % . N N &0 B> hB 84@ QXS 6.> %A
|B*> %OQ
1!> gn h
!O=
<= " gn4
Q !8 1 <" ND B@
..QF!!
2>H CHH> Tj> V K q+" @
LD K4 %zF> @ =
/+ zF>..B
Q=
3@ A+ @ C
K E
F
R
=
!gn *; q= 45
E T?
gn 3 m? Q
<" /! @
%eQ =? %U
" U!"
%2F
K > =
$> .. ?'> @ 4P %
n> @ C
.r2C F r4
9!
Q
>2A4 <
=@ )B E O
2F
=
.r4
=
-" 3@ %A8 9A>[ + %
i
/+ <=@
<=.B*4
gF4>
5
KV
T=5 /+ 3B:> %* @
" %64 H2 %MA4
q=0
.r4
E!5i
-" 3@ %
{ 9A> N p %
hX h- >
h88P
..r4
=C /
2
%-
KD 3
>
..r4
=C /
2
% &?
]
E>
..r4
=C /
2
%<=>2 &C
=
&0X
..r4
=C /
2
%3>2 &
u>
.r4
E!5i
e" K ..
2'
T" /+ @i
E! 3@ J+ m:05
.r4
=C /
2
.. 30t
2' =!
4@
\
A+I Y \ Z [ <"
Y Y Z4@[ YZ @"Y Y h>YZ IYP MAI Z Y H" Y \ Y :KB
TP %r4
9!
%t 1
Y Z Y Y
LD %t r
.[a:Q
5{
] h
@2\ Z Y CY@2+ \ [ Y Y+
] Y Y A+
Y Z ] Y Y T=0Z
[ Z Y
AIY Z YY 1+ Y
=0.I
Y
2
$C /+ 9R /" 3 / O
: &? j
/ Q
2A)
25 Oj #AV /;" /!
2@
/@" 3
t
@ :> /*> /> 3@ s
L .B?
o
S A / o
=0
2> U!8
2
......
~)
9
/
%
2>2
h h=? >2I O@
h mB?]] :
2C@ o
/ / T=0>
H
" =A
/ =;D @ <
^[[ >2
/
= /+ &B
9R" m?'+
@ r /+ hN n C" %N
h >" A >2 A @
?C /4
@ /+
=0!> <" 2
B
KV /!
!V /+ OHB
&
OHB
=B? /=
3@ = A %e
r-
KP" KD ML Cn" <D %
&!5 /+ PRf 3@ A>2 @ & *4
%5
.)B
s2> N B
<" 3
2@ .. h.P
=
j> %=A-
m> %&?i
m. %<=:!
m?
.B
%3
#2>" H= @ -4 d> %~)
9 >2 &B / '>
%4P+ 2 e Ajn+ P+ 4V" 3@ %
.B> |.B4> 3@ %3
Q " xB &B.>
\ Z > * ^[c :q:
] h?'@
3@
Z [P6I
[ ZYY Y Z Y [Y &B> Y ] 14I
Z Y Z Y
\ ]Y> 3@
Z Y Y K F
M" Aj" <D
.^[ :q:
] 94>\
[ YZ Y N g[ ZY
h+? h R h
2@ mB? 2P O"@ "
LD >2
/
= /+ " ]] :
/ / T=0>
f &
O?" K AB@ m0.
%A4BR0+ A4n+ %Q 2>
f &
:/ B> O4 E=L
O4 =H
:TP <=B
O=0
|B*> ~=
~=
O2 OB@ K h
=H ) 45 mj + :TP
3
$ C /.
] m0+ %A4" p % @ m!Vn+ Q
mn+ %&B
3@ m@= #2> m@ K4
KV /!
mn+ :TP %O O) m5 / 2B+ :TP O?i
2>> A: :/ B> A>2>
f 9
%Q+ f 3@ + ^[[ 4
ML 3@ /B@ &
n+ %o? !;" %A 5
f
?n .4
2P q)
&B
3@ P @ %~=
O2 3@ @ K =A+ %
$ <
.s
$ ND . 9: %B@ &
n+ 5
KV /!
/0 K4 4
3@
?
=. A! m>" m.B+ mB! o)
25"
LD
B
|- A?
=@ /+ R+ ?6 /
@{
;"
%5
KV
T=5 > A
/ R+ ?6 /CC
0 m045
%C2> /+ p" K4 A ? 20+ %K
p" 3@ K0 @ m A" : #'!
KV /!
/"[ => m 4
%A4JC /+ p" K4 m!
mP %C /+ p" K4
C@i h! %)? N ~j?
f N R
f N C
f %A@2'> 3@ A @ K:B A /! 5
Q
4V" <D % h
; < + Q
5 4V" <D %;
@" <D} !3@u
@i &
!2
m
AD { ND ML d % h
; < + !V
f
C" + R+ 2A@ /+ :@ p 3@ q)> 2
C" '.
/+ /
2>
L 3@ }3@ 6 /C }3@ " /C }3@ m /C
C
2" @ t K
6" + & N 6
/
C
2S |5
t
p j
=
=>
H
A
/ )t !;n+ %2 + %5
KV A" KD A
/ m0:
.. @5
=V %&C" N
:T0+ %=0 !C$+ % B?*@ $;" 2P 5
KV /!
D Q+} : R+ T=0
f K H" N" :TP p %#2V K @2P H 2? K4 2B0+ ! @ K
@ ;
hpp !5 %3pp hB"
! + B*@ $;"
LD :TP !
T=5 > K : P }/4n5
A
/ 2B C
+ { H; 3@ ; =A+ %3pp hpp
2
%3pp
.C"
/@5{
(>4
9V T=0>
J
3@ C2V x.; %
3@ C2V
.! |P
=@
%A@i
25 3@ /C K 3: R+ %
K O"@N . ?u> / ¦ ! >
C @ %&
!8
%4
!8> %>
O5i
$C /+ B
|- D
:<=j> Tj>
940
4B d!F
Et$
A@?W /+ 25i
~= 2P
C:;
9
54> O2P A@ O=5" /C
C >
j
" At
$S &
!8
3@ mB?
C B)
K >2 C2> M #W &> A+
C
=0 3@ A4); T=R 3@ AB@H v AH5 m
f
C
=5 t
/+ A! > < 8S R+
/+
} 9:
K:; m.0 3@ A=5" Q
Cj
m
3@ 3>n+
} 9A =" >HC ;W h@H 2tP
T=5 3@ #=4> &C
!5{
m > %
f
E; + /+ EF4@ &
3@ A N OH 3@ #$4+
E:
3.
5 '
= h$
h> AH
=5"
f
94@
B e4.@ &
3@ /54+ B:
m" Et$
C
f m!4;"
9
=A@ h=:0@ m $? N m!
2
/+ 2C6 5
KV /!
O
&!
% @5
=V /
/!
..O20
O=5i
=C
$C !3 @u
)B@
:5 F /C D %4>S 280@ h@=> 2
3 %4 5
%!5
5=> e
>" <D 3>B
/+ U
LD U>
& %E
] [ H =0 N %E
=i
H 1F N %U
> N <. o2F> <
@
@"
%.; rH> %
9
> %F
d!> ..
i
K @BR => %
i
K d>
..2> 1B>
5
KV /!
=
.
/+ A AC" /C! %B
<=8 >2
A4
S %R!
>S /+ = m
@ 0C h
=8P . / !> <" @5
=V 4:45 <
%E
/+ C;.
A*B .. B " m + %O;v
&B C ? 5
KV %
Q+"
f
.0@ xB q=+ A*B @=@ O f 2>
3@ A*B %2>? 3@ A.05 ..3: 3:@ f ? 3@
..2 A+=05 1C
F
T > %2>
:A
= /+ %A! ? /+ %A+ T!
A+ <> =C ND D N #$
t
@ h
24)@ 2
2 tH h=+@ jB
K
;.@ ND ;.@ N t*+ ND t*+ +
<
=>
/t @ #=!
2
KD A4+{
M 2A M
2! 3 2=
@"
%A K C=
A" HH=
" :
9
3
T=0> %=
ML 3@ h
X
"
KV
T=5 K.4
@ o+ %q+v
3@ H0
20> % >2
&C" n) >
."p 4
CA" 2P ;.4
p 4
/+ e
2Cj> @ ML <= + % /+ 5
@
> %Q !
3 e
&8.> K4 2A + m
A4 >]] :
/ @@" =" T=0>
.[[ !2 2
3t
j; 7.@ %5
KV ! KB
/
@
] } :
A /!i
V H
H /" 2 m!p
/ 3
2! T=0>
:mP }
2! >
$C @ :T0+ %/@" " / h:t 3R" " 5
KV
T=5 /
.{ML 3@ &" ND @i
o" @ " %ML 3@ ~5" @i
:T0+ %V" Q/ !
T=5 >
/X
&>=:
B P <D B
$C e.i
3@ d.IY Y
O8
@BR
4;
& %C4'> CH> + %2
6=
7.@ @5
=V m
^{ h@=> !" h@=> ~=?" &} :>2@ >V AP %A B
O2 K !8
%A @ &04
9C$
@j
K" t ALn+ A m
9
mS+n+ A4= m!V
]
H? T
"
LD
<D !/4;" 3 >]] : OBI mP A
/ )t <" :
V /+ #'!
o
T=5 " /+ 2P" @ %3>A /+ C" pp TA
p TA
p TA
-4
%Q
4
:<
H=5i
:mP } )B> <
+ !@" #" : O TP % 5
KV
<2A>
=
7t @ A <
%8i
3@ <
? 5
KV
T=5 <
2P " ND
.[[ 0+ %5
KV
T=5
!<=B@
A>" .. 5
KV
T=5 m
$C
A
&*.
&Ci @{
=C B> <W0 3:
3@ m
B
$
KD 2B @ B)
j!'
4
@BR
%2" r'> @
/+ m.;"[ 20} :TP 5
KV " 7V Hf 5 #$@4
o
f 3 @ <=pp / m" 20 %2" oLu> @
/+ m>L" 20
f T!I / @ =>
BR
f L
n>
KV /!
; 3 s
L" :
#$@4
T=0> ^{ T zD >
=> Q/ ND 2!
+ " :D m &> @ B:
3@ T @ <
D T B@ @ 3@ hC 5
KV o= * f
f E8@ & O2P
h <= > %4?H + % @5
=V
L
.5
-
#"
>2 3@ m*
A@ A @ S /+ @" #24A 3
] m;H} :mP A
/ )t 3 7V 2f 2" @{
o
3@ O"@
/
/D
] mXB!+ %Aj @ KD mB?+ % X@ OQ!
h 5
KV
T=5
+ "+ %8i
+ :mP }
$C @ :T0+ %5
KV
T=5 /
] &;2+ %r=8
=)
f .
mP %>H :5
KV T0+ %
$A /D
] mXB!+ M
+ "+ / ] m;H >8i
N #$
!>H ..>H :5
KV T0+ %/4 /+ <= > <" / !" H" + : )t
f
^{ =P 2@ TW q6 &B?
A
%*.
9C$
T!? /B@
o?i mJ = =C ND D
pp C"
/! ! @ !2 O>C /" d. #$
]] :"
/ O>C =" T=0>
f j!; 3@ h! >"
.[[ 2
q+ K4 : f
" hBP@ h.S o" 5
KV
T=5 <" " @]] :
/ d" T=0>
5
KV
T=5 ; 20 % 1 K4 zP h>=)@ h:5 O
h N %0P@
.[[ Q) <2> N C" B44
/
m!> B)
j!; 3@ !)>
f d; I
rj'
3@ / .> #$
=
<0B
y; 3@ t
2
hN=' @ h
j!; &
" N %'
h @ o" @ 1 h
2@ gB #$
]] :A
/ )t T=0
!}@" #" B)
<=
n 4
| + :
O T=0> %x!P <" KD &? j
XB $ @
/V0
; C ^[[ /P!
3B 4' 3@ R @ :+ '. :#" %r" :T=0
:mP
: N %/
2
5
KV
T=5 m>" 20} :TP "
/ <" @ 7V /+
.^{ : > @ &P2
3@ 2> @ ~=
O2 3@ o=4> =
&->
'4
3@ K :
2" <D 4F + K0> ~=
m!>
f
." /+ O= 4 2 <D %9 ~V N % ~V 2@ TW 2 K@" @
H
"
LD "M!V /@= %M?
5 /!V" %M@BR /JC" :TP |t: & >
=? = A
L@ %5
KV
T=5 | B:> %
m!
~=> %Q)B
}5
KV
T=5 | A@B:
pW
h
!C 3
/B5 9C$> AC 5
Y
#j5 /B5
f & +
%h J:@ |*
&
" .. <
n> A" |*
M)> N ..hJ T 4> N =C AB+> .8
hBt? 5
KV
T=5 KD m!
9V
2S %d. 2P 7!8
%dB &
3 %4?6 @ =C p
ND B> N
5i
3@ 5
&
8P <" 3l %
h
h
@ %>
L
h
%
M !; 3@ K" @ 5
KV =5 KD K" 2P K.;"
B> #$
.{ [ :)
] <=.Z
KD .4N
3@ B+ <>{
EL
=? <+ %0 h h>D <{
3@u> !3 @u
B@
.=5 T =C
5 F A" !4
K 80 %>S 280@
A" K 2
f /+ <{
7!> +
2t
2)
=; 2B ND jB
3@ OS
!5{
3 >
f e
S <H 4
2>
jC &'
~$ K4 N &'
f S 3@ B
m@
LD
6" h &
+ T$
j; h?!>H s= <D oB45 o=04
M!
LD
f /+
A!R A m =P MJ" } E:'
3 > m"
$C /+ " } E:'
3 > m" M
:TP %
T=5 > K :mP }O;v
2
A <= <" K @" %2
O
/+
.{ 2
:mP % >
2+
/P!
= @ + qI. = N M <=C
/PN @
&
@ /P K4
f 3@ )
T!
H
>" C
n+ . 3 9CL
5
KV
T=5 EV" AA+
B
00
O 3@ 5
KV
T=5 EV" C AA+ 00 ..B s2> N B
......
/ O>C /" 2 B
00
0.4 % : Q&@ K 5
KV
T=5 j> "
/ O>C =" =CC
.{ 3>2
/+ A0.> h
;
H> 3@} : >H /+
=!B 3 o!
+ !B H K0> K0)> <
<D
T=5 EV" 3@ 3B!5 m>" 20]] : #'!
/+
/ O>C =" T=0>
/+ =: 2P %Q
@D
6D @D .. Q
H &? A @ @ .8
&C" 3@ 5
KV
o <" C
2 B+ %3!B
!> @ A @ %3P
|8 !> @ A + %AP "
.[[ T?
C
=
%1t0
m
L+ %=
~
Hi
3@ !A )
j4?
H=5 O4 B:
3+
9:
Tj?
B:> 3
/A4) @ d.
B:> 3@
2! 3 *+ 2 B
00
}AtH!@ 3
=6 &C }AC A 2BP &C :
=n <" !3 @u
)B@ A $C
B> %>
h 4@ B> 2P %. B> #$
<D %A.i <=)B> N AD !
.
-
3@ A?
;D %3B
E e
2!B Q9 & 3@ @" %
h0 => h
0
%7>
~4
%HA
B
%+
2
. @ ..
@ ..= + %=
KD
}OHB
" mB+ %q! nA 2P
f
&
=tjC
9:B
K
=45
A
=2 A>
f
9
LD =8A
g
h 2 2 C2
1 <D
U
3 O2! /" 2 B
00
T=5 XB :TP "
/ ? g>2 3@
A @ #'!
o
/+
A? !P 3@ /
f KD %>0 h
K04 O2! " @"
] 5
KV
f 3@ h
? H6 >
xB
.S 2>
f E
? tpp C >
3>=
.9+
f /+ CH
6 / . An A
= LD %O
HD OHP 3 j
.sA
=B p %&P mP
. 4+ Q
3@ A E) p %/!8
y>
A8 :
=P }O4 <=B 8 |
:&0+
..&
KD @=>
. h@=> O2
O4 Q.4
N
2 KD ~=
K -
!V
D..
D } #" %)
q
" K <=)B>
8+ %4
K4
&
i
20+ p
K4
n + Q ! p %z!'
8B E* + :TP %!> H > N 2>2 3); .. z!'
..!
&5 K 0:
:TP %z!'
> >
m+ % C
=+" mP
KD OH=B
/+
+ &A+ %A=? 24
%CH
6 2. 2P %J
h N .. h
N %
h <2> N
}3 @u
B@ > A4A@ Q
H" &!P >2
} E
? o=5 CHj> LD C2tP K
=:'5
* &C
[ Y @Y 3"
K2
H =C
L+ n+ :TP %'*
9X
JA
A + LD !
&5 K C
%
&!5 /+ %5
KV
T=5 &5 3 & %N }4@ : O2! =" TP %! B
\\ \ \ ] 1; \ YY
\ [ Z Y
$C
Z ] Y :
q6
$C [aa:<0] H[ 3@
3@" Z 3>$
Y Y Y Y
L@ [ ] 1;
Y Y /n+ Y Y !
ND D N
.[ca:M
] [P6Y Z \ M@" Z \ P6I
Y Y Z Y <D \] Y
Z [ [ [ Z Y> #$
$C
Y
KV
T=5
=n+ >2
=@2P p % 2
h
2
1 %1t 3@ Hj:TP
.{
?;" q6
s
L} :5
KV T0+ % ML
$+ %5
9tB /n4+ d.
K 2
=C T=B.@ TQ*4> h>=P <>{
<= > !
2! >
:mB5
&8> B
K8P" C 3 > 3@ I4PR + T$!> 1
pu> 3@
&
K m8B45
|B*
3@ m;
LD e=.
T@W 2B0> Q/ N
\ hN=?
&+ \ IS x
+ M@
$C
] [ >
m>" <D 2J4@
f &
H 74.
<
:T=0> #'!
7V /+ m!p
5 3 =CC
=P
:TP %5
KV
T=5 2 3@ /" 2P + %5{ /@=P /" 2!+ %A@5
%O8
*
L+ %
$
3 /+
$
OV
=V :TP %0 h
T=5 2 3@ 4J?
hWP / @ X
" 2"
3 > + %
- + : T=0> %WP
X
" @u %
2" <Lu+
" %H=
~=
/= <" 2B A>2>" 3 /=@20+ %<!
3@ 0" <W0
K0" m
m
:TP { 3>;W *> h@
=P" E4
$A +
<D} 3 5 !5 " 3 5 m5 3
}
h ) &C
}N@
h '
/+ m0." &C
}
2
@ h
X>D sS K t /0 EA4 M" " }
h @ S &C
f %2C !
3
%B s2> N B
:
:25i
3 25i
&B.>
$
>D
9i
2
!> @ M 5 3@ m*@ !
f mF
=!B> <" M
2 C =@i
? A+ MA+
T? C f f
[ !V 3@
!V + o &?
3>2C
8
2 B
00
%
2
h h
B <=!
> A @ 4
L+ %3>2C@ A &? j
<
= EVi
;
A?" K q'
=B+ %TB N |tV => f /+ C.l" m:05 %A@
2P" m!0 K4
.(~P
L)I O
jF
m+ %'8
A <=04>
N B
LD %C
L" ML /+ <
= %Cn ND Qi
3@ K N ...>)
e=.
AD
.9B4
3@ Q?
+ ..m!B <D d.
%2> 2> 3@ %B s2>
>jB
24+ % F
S F
L+ % F
<2>> D %T40
<2>> N 2 =>
=?;
>jB
L+ { }e
A>" /
]
"} :5
KV K.:8
TP => O=)
2B
T=0 N
%
T=5 >
s
" x@
:T=0> 3>?A
&t0
L+ %A=P /+ A?" /+
m" 9CL
3 %<2P CC D 0+ M m" 9CL
:K5= &t
5D = mP
MB@ 2 HF
s KD 5 = 1 MXB #$
=+ %<=0@ B@ D 0+ M
.F! K4 H 3@
%:
K 0p
=@ H=A ML K s :" %1
=C mJ? @ <" 2A
=@" 3@ $; %mJ 3@ H %mJ 3@ 5 %mJ 3@ T! :P
%mJ 3@ T! &8+
! f 3@ @" @ %m
@ D 9" $;" @ %mJ @ :" %mJ @
@n+ @"
K0 <" @ %2
&? @ |' @ MB@ 3 + %H"
T=5 > x@+ %s@i
+ %M 0 @ @ M>>
&B %Q0
2 q2V
%E
/+ !8
D %
2S
h 2
.
K
<+ %
)"
5 } :T=0> %!C$
&X@ 3 5
KV
T=5 >5" .
.{ =0
~8@ KD -" /n
%34.t:
o2D /2
o;i
2
=Vn+ %H F 3 @u
B@
=?;
=!p
=!p @
LD ~? 25"
f |n ?i
F
O 3@ \ H=5" 3@ =
4
/+ 1
2A m@ !
/+ 5
h
<
=A
5i
O N <
2
/+ KS=
/+ =
:A %
T= A r=:
H@
$C 2B 3@ 7!V" HA
/+ h+ A T"
3@'
) /*" N /P4
/P
4
9"
2!B@
[ /@
2 /+ ICi h T
xB <
LD
/0
d>" 2 B
00
3@ A
]]:TP p %4 /+ @ & q28 K@"
LD <
%
3B4
25 /0
d>"
f %
onl 2!
f <2f &
3@ MD $4" /D A
% /$;
u + h> " hnl " h=? @
f 3@ /4 /+ d D A
%t? 3:
3@ Q/ / d %" m" / : /+ @ o=5 BR f
K F
%P; o=5 Al K @
}Al K
L@. [[ " m" #Al K @ ND 2
.d.
K S
/+ 9
# " = . / F
=C / F
<D
/+
Q/ & + mB P
L+ h+
:!
q=+ @ &
@
3
=FR" }A <
|
%Q;
KD A m= <8
QNuC !<= @u
A>"
}
=B +
=B?
:
! "}
= F45
3.t'
%0
h 3>
)
=
&
:!>
n>
! 4> %=C ND D N #$
N
:A %t
2
/P!
mX
&?" 3@ A
=*+ %A 2
U4.
3@
/+ &*@ =C K0!> @ ~I 2P
@
&0 @
#.F
L /" 2 B
00
f & +
R <@j
TR <D o=:> r=5
O; / 3 M@-
L
O;.
=80
KD 3
N
O;v
B
<D !E > &0+ 2
r;6 m>"
LD
f
n e=.
= 20+
98'
K F
C" MA> E2?
r= 3 3
2! 2 B
00
%tV
h f /" "
/ r= 3 3
2! <" #'!
/+ m!p
<
B:
Hn+ %J
h 2
B 3@ >Y %J
h s4> V" 3@ ! K*@ 3@ '
2+
<D %? 2 5" /:S <D OHf /+ 3.
%/ @ ; =C 9B8@ &4P]] :T0+ %r='
."
/
AP 2P #$
#H
=
$! > AP5 2P AP=)+ A h0+
1>28
m )t 2 B
00
3@ 3 @u
" T !h@@L O2P <= > 3 S" @ !h@
<
LD 9
y;" @ N"
:5
KV
T=5 @ AB@
/5.n <0@
M! ND mS N d
mBR @
f KD m? N
/5?[ 3 /X>2 m" ND Ap2" =P
f 3@ Q
E) mC N
en
/+ M @ hN; m>" ND :
<"
LB45
%
/> + C'+ %
=B);
=B*; %2
A m!P"
.A 4.
V" <
jS 3 !4 2 B
00
.T?
C
=? rB T
=i
90 3
f 5 m
]]:T=0>
/ <
jS 3 !4
%5
KV
T=5 @ B!5
K h
@" 7!V" ND =
2" f 3@ @
@ @ % C
=+" mP K4 %)
q ND BR
f
.^[[ h
FV
2 h- /. /+ <=
" <" L=" /D %8@i
3@ 8@
=4@ 2P +
f &
hB+
H
6
=
f ?
5 /B
=4
<D
= T=; /+ 2P
=B++ <=B)'>
=4
="
/ 2 B
00
TP % )
2P 3 3 @u
@" =C
/ <" :
/!C$
H=>
.Mj @ KD 9CL
:hB? A
/ @i
3@" O2! /"
@i
f A-@
H f > 2V X @" m j> <" )
2P 3
/ r
2C" 3@
8B <" ND 2> <D }#2 8 @]] : O2! =" T0+ %.
2
04
C-@ 3@
3>" :T0+ %8!
H> hJ
@" m /+ >Y + % &;2+ %2 N :TP %M
f KD O2! =" P }BR 3@ s2 " %@i
m" %Q h.V h
2! ND o" N }M4@
%=?
f
A @ $;n+
o" . M4> + % 3 @u
@" KD A@2P > j!;
=" T0+ %1) A?n+ %3)'
B:
L %CH 3@ C n
#$
m!
L
%&0
!> @ . > %3 @u
@" > M 8B <" ND 2> <D M mP 2P : O2!
f 3@ !
= /+ AP %o;" A?n+
[[ O2! " > sS
2
S ..!
&?
:3 ..
} S h0 &C
~.
.'
sn)+ h
2@ =5 hB
= =H
~B)
A @ Q=*
=2> K@[ <" 2B! d)
s
$
2! 3 R 2 B
00
@
LD K4 A4P" %A @ /+ C'5 %A>2>" /+ C=B? 2
A m!P"
.2 / @ : %T!
HC %3B
>P A @ 2
=
A @ /+ C=?;"
&8 %OX
'*44 T
|>8 .
/+ <=00> <=Pn> <=4> 2
&C" !!
"
T
ND d
" @ %@0
=> 95> <" ); 2 T
p 3@
%"
/ %A! N S N N % N O= 3@ =C @
%x
/ )t <" 78
/+
m!p #$
%5
KV 2@ f A
&B+ @ )t >} :+ @ #$
@ /+ 5
KV
T=5 / TP :mP A
mJ+ :mP %A / 4t
:TP %#2 /C :mP z0+ H B!5 AD }9CL #" }9C$
!s=
q2V" @ !O=)
" @ ! .4
-" @ !!
"
HC=
A & <" Kn /
A & d. A
f !
" !5{
m > 8
?j
AD
.'
&B+ K A?j <=
\
L+ %T A>L @ 5=4 <" ?j
T <" r=n
rB
<D
$C 3@ 2?
[
. /+ m-0>" %H
2
H
1+=4
>F+ %'ىD 2 A?6 K ) r=n
C 5 6
Q" q
BI C 2P"
LD
9C$
/
/+ A
" C J jB
B
/+ AA+
/BI gB %8i
3>?A
Q
0+ 3 A0+ %~80
<. H R 7!V"
}98 3@ + @" 2@ " :A
/ =X
" 4?6 m0+ % .
/
CH |n OV /C
L+ %/0 Mn :TP
9C$
q
i
j
3@ d +H o=04
2@
j
3
Q>p" KD .. Q
2
3@i
<=)B> %3
B <=B > 3@ > !3
#5=@ KD !3
Q>p" KD
.<@i
f 2? /+ h
=* h
5=@ >
A' %/ !> (> E
$> &+
/+ A4> .. U
? A
@"
..4> AC? %7>? C5" %3J A4@" %U= >
..o
3@=
) %K X
(>V %K@4
3" 1 3@
" %
Q5 4 |05 %Q*.
j @ %? 2B q. ?
f f 3 3@
%& 2B m4) 5"
..E
:P
f
.> N 3@ 3
> N %
.
#H K 04@ f K5" 3@
%+LP j>6" K t
=
.. g!'
= N %g>
=
P28
H!+ ..gF@ N 2 @ N ..gX
[ \ Z[I K4
=0. ] \
=[ YIY 3
] Y !Z Z Y :<=! 0.
pW %
=?H" t
j
=X %
=6" C
^[c:<
TW] \ \ \ ] <+ f Y 3@\
=0.
] \Y Q/ \ ]\
Y ^ \ [ @
Y Y
Z Z [ Z[I @
Y Y <=!
B@ h4> h@@ 3@ &. N" #X
A>"
h
2 m@2P 4
= M>2> @ m"
!
KP> T=0
> h4p h
2B5 m@2P
o)
25" K &F
&;2> h
2; A @ m-0>"
C=? m h!8; h4! @ m = h5=. eu!
o=R
oX
q!R" m
=4+ !C=@ K 4
K*P
o4
>2
;i 3@ @" K!0 2 D
m@2P @ M@
[ %j
2 Q
9P <+ %Q
/+ sjI
&B?
!5=
A>" !5{
3 >
.m P" m0" m +" m" @ &t
j
%m0." @ /P!
..
!
=' hC" m
LD -4
<2 H H!+
B:> 3@
~8> N > 3@ 9
0B> +
:78
2!B
.B %78
......
2
3 i
8
rj 00
jB+ %
i
EL
=? K
=B45
B s2> N B
<" i
98
sH"
%9
8[ %4>6 U!8@
f &
/+
H @ S = 1n4> <" C2" K @ ..78
%
j
Oj /+ e.
2tP 45 @" e+ @ E4" K <=.0> A
LD %9A)
6?
%
H2
h &P" An 5{
&!P A+B> =C %T40
" >j
" 5{
<=B> %5{
f
% 4 4XF45
H m:P
LD 4
20" : OF S f
|V Q>!
/+ 45 TP
%
4 % @BR 4BR @
LD K4 %
HH B)
4
3@ Q/) @n+
%? + 9 f zt &?
f ND @ !4" V" =H % - 4-45
.2
9Bp @ :zt
9V T0+ %9 B
3@ &
n
$C 3@ &;2+ 9Bp Q+
V
LD K4 %;2@ 3@ m;H mn+ %B? h 9BX
2+ 9BX
'+ %&
n> =H
%&B
o" E$
h*>" X@ D " %B?
h A4P p %
A 25 zt
/+ A
%O
'
9:> &B? %+ z05 D &V + %<CH D / V=> 3@ :T0+
@ &
.
=B?+ %~=
ND ?;" @ " B %C
H B" / 8'> 3@ :T=0>
."
5" N 4P /A4) N D % 1+> 3@ M %@BR
h O=
h
P6
3 % ?;" #$
$C @ =C ND D N #$
N]] :3@u
Oj /+ OF
T0+
!V N :
=P % [ AP
L + % " /+ m! !
h 5
KV ! #2> K
%AH = " AB: =C ND D N #$
J+ %A @ &
n A" =j" %A
f 3 >j
=:B K4
N % ? @j .B" % @ C" <" 2B!+"
4" 2>
: [[
=
Y
=[ " %<SV
\ hJ =
mB:45
LD 84P
R{
M ~H |.
+
&B++
f O
Q@ / 0 N
&-
en
jB / 05+ & $
f /+ h!*S )45+
^[[ B B45]] : OF
TP "
2S 4Pi d)
" :TP %9
f 2B
LD %+
$C 9P /+ 9
E2> " 7V N" :T0+
@ |.'4> T
p %.5 @ 2 /@+ %O;v
B /+
=BR 3>$
5{
2 ? @" U
3@
&;
2P" m K@> p %| 4@C 1.4 A
3@ 9> %A
/+ . /@>
!!
"
.. !
"
:! > !
%A?n 524 3
<55 =
q
L o
>
m:05
!
K
<5 =
j O
j
^ C2 B+ 2
/+ $
=+
<
3@ R
f " d{
3@ f K <!8> N
f >
......
B
s2 |
52
i
nR=@ %H=A
T$ %r=.8
1 %H=B8
Q A!V | 0C@ 0
H'
3 . A :4 +
=@i
5
=
!
%H=A
H0
H=5i
2P"
:H='
A 1. >
LD H
/C «
2P @
.B s2> N B
T=5 5 ! %B s2> N B B
.. B s2> N %B
3>H K !X
<{
.. B o=A
3 d.
7!
.. B *.
.. B 1'
KD 5
KV
QN=
z! .. B /= 95
z! ..B /= U
=
z! .. B 1'
KD
H /+ p
Y 00
K !
M
B
%B s2> N B
%B /= Q
!
.B s2> N B
%B
L /+
ML T$!+ % |" |" %U |" |" %d. |" |" 2i <
=
.h
!
h*+ h- h S < ML 2B 3@ .l 3J %P < j>jB
E=:
/+ h@C => => KD @" 2 => 3@ A? K >
^ h? <" = =C ND D N #$
3@ u>
&*+ ML %t: C
= - h o> => .. @0
=> 0
R
.-B
&*.
L
Q)>
f r;6 2
@
TB+ &
ND 2
s2> N I!: T
=P"
S B
s
HD &B>
[ I
2 KB>
S
&
/4
4 %E! o
=4 N %E 44 N ..>V 8+
h C$; !5{
E! #"
2 + %q;i
OH
{
|B %t
jB
3C /C %Q
K m8B45
%Q!Ri
m"
: /C
{
T=0>
24) o=0 /= t
jB
en
[ %04 78 <W0 q;i
\ C$+
;"
5 S > Q
q=+
/+ %o)
25n
4=V /+ =A+ E
/+ <
<D %0
h h0 h
CR h? s2> !&
A>" >
&-
O
@ %ti &B
O 3 > %K
T
jF
t" K 4
H /+
. T!PD T=0>
%t
2i
.. hA>j h.. ML @ <
%XX
h h
2>2 <
9:
/+ 2? <D %0+ h h0P <
<D
B
/+ =S ..K F
/+
0+ .. 0.
/+ 90
/ S
L @ %? 2V0@ @W
.L q6
/+ o" <D h=? => %]@\ Q
/+
2 <D n-> ..
/+ >
..
T
KD m @ @ m" /*> /n> 2P T
<+
jS H! O;W H &C" 8
&X@ 3 +
f /+ mS
LD d)
hP H!
K)F %BR J*@ T
j N /A+ %o;" /+ mP" A?
.B s2> N B
<" 3P=@
%h S
f xA+
@
L QB m
<D
2Pi
K
2P
:;" B
D C:;"
=4P
B
KD j
=0
B
K> oH+ oH
=
H " jB
O
=4
=0
KD
"2+ %2>2)
H!
/+ /*
KD :*4+ %2>2)
mP /+ x
LD
.B s2> N B
!&
A>"
../AD
9t; &@u+ ND M @ 9t
2) N ND MD
=B
3 q
6i
5P > o=
9
U!V{
1+ +
tA!
1+i
/+ hu@ > C /+ <4
&+
>
tF
:P h
2 .
&@ K8
m!
q
i
/8@ >
-
&0p 3VB
3 |.; =L .S
M 5= MD
V ; > Q
=Ci
>j
3@ =P 8
1
D 9!
t
=@ >:; 4 Q:F
|) > => 3@
]
f
HW O=.V =B!
2@ ! >
!
; K &V
3>2
=
q=0
A0
<P 2P %3>2
=
9?= OX
>W s C %5{
/+ - &*+ A <
2
=
A o2 > %E=0
A K@2 3>2
=
q=0 /+ h88P 2 !:'
$C /+ % &? 0
.3!
@i
/+ q=0B
)4
] K"YY
W K KV %.S
h h=P %V
h h
LW %
h h " 74+ %T=0B
" %28
.h
X
h 5 < A 3B4
!V
:2IIB @"
%
#L 3@ Ki
)B
&t*+ 3 4 <" =
$C /+
.
3@ <
:
H!
9C$> <" &!P <= <" 9> A= %O:; A
@" OX
3
&
)@ 3
.)
M KD
j6 Q
h>
-4+ 8; O) " 5
KV 2@ @" /+ Al
LD
&?
~R"
LD :T8'
$C 3@ % 5 :P - /+ 4 >W h+$P h'@ h.;
&? /n> !8B
$C /+
$C X
" @
ND D N %" 2B" %0>2V KH" %@" 1 %4?6
#$
=C 9C$
t %0:
$C /+ 9CL t 3@ h!CL
4) 2 & @" %4?6
i
|0 %® |" 3>) #> h!CL $;n &?
$C ?6 &;2 %pH
$C #>
P 2>24 3N
=0+ %N>
h 3p #> h; $;n4 204 p 2 & s C ?
%M@" $;" #$
9C$
P :TP }
L :TP %N>
h <=p /0 :t!
T=0+ 4?6 9CL
< t! H" '
i
$;" %9C$ <=?4> N 3
!
:TP h!S .+
\ ] KDY\ /\jZ /XI = "
<n
O
2> 2 & m?; [:|5=>]
Y ] \ :T=0> A
[ Y Y [ Z Y D
4@+ >D C:n+ .'
A:" %
M> 3@ :mP &B.
$C K 4!" 4?6
!&
=
B
/! %
2"
h / /+ h!CL d!" N
:tP / ! .
#2 > 90
/@2> d.
/+ j>
ND D N !3 4)> A@" <= J> QW
ND D N
!T=0
+ Q= CC> A>Lu> !>2
1B> Q i
xB o & => 3!
M
j & M @
":A*B T=0> !A @ |+n4> %A =V +> !CA > CA0>
HH> ! xB =0> <" dD /4> T=P
ND D N %u)
6= > d
! >
N^[:Q
] hD \ \ Z Y \
\ Z Y \ \
=
[) ]
2!
\ Z [ NY Y
Y Z 3>2
=Z Y Y hJ [ [ Z Y :
T=P h5 4@ " h5
......!
ND D
3>2
=
q=0 3 KA > 5{
>H=!B
6
= 3@ &B? %A0 0
<P 2P %O2>2 - qB
=0
&B? 20
\ \ Z Y \
\ \ \ [ [ Z Y ]N"Y M
hD
Y Z 3>2
=Z Y Y [>D] ]ND
2!BI Y ^Y K*P
Y Y Y :KB TP %i
V 3>2
=
i
V 3>2
=
3@ 2 N H! @ =C ND 2!B> N" @" *P ^[c:Q
5{
]
\ Y \ \ <{
] Y\ M>2
= Z [ Z <" \ Z Y Y /+\ [8+
Z Y 3@ [ Y \ Y D p %C /+ * /+
.[a:<0]
/.+ %
&!5 /+ HA
K h@20@ 3>2
=
5
KV K.:8
&B? 20
KV T0+ % 2P" N HA
/A4" / D !
T=5 >} :TP h? <" 2? H 5D g>2
&P :5
KV TP ./@" .B :TP }/ 2" M>2
3@ /0 &C :5
2
/+ O2
pW B> %3>2
=
&*+ B> 3@u@ &PB 2> N :<=
A>" >
q=0 3 KB
/A > =C %B:0
q=0B 0> =0> N
B> p %O;v
"Z Y C2" \ Y Y Z \ 3FI] Y [ !Z IY> @D] \ :KB TP + C 2=
K 1)> T -" /+ 3>2
=
Y [ [ Y Y IY Y! Z
s2
%!V &P %!:@ X
%. mP !
LD <{
<" <=B 4" [c:Q
5{
] C
\
Y[
"Z Y C2" \ \ ] Y [ !I> @D] \ :T=0> + ML @ %2 =C 3@ K h0p V
Y [ [ Y Y IY Y! Z
sY 2Y Z 3FI ZY
\ ^ U ? AY x.;
\ [ A \
3@
Z T$
Y Y Y Y [ Z Z Y * h>\
Y hN=IZ YP A Y [ Y &P
Z [ Y CAI
Y [ Z Y ZYI NY r" Y [ Y &0I
Z [ Y +Y C
Y[
!
3>2
=
= T /+ [cc:Q
5{
] h
FV \ /I \ ]
Y A
\ ]
Y Y Y Y Y [ Z Y Z E ] &P
Z [ Y
YZ
TL" KD V %&0B
/+ h*>" <= > 2P %<2!
/+ A @ 3 2P |B*
<= >
&P" *4> <" 2=
KA > T
$A
T /+ %A @ &
* 9!5 =C #$
B
$C 2B" %B. N h
M. M N m" %U4 9B4 %!)4 ~= %Mn4 n4
$C U
" #" !}q=0B
"45
/4
$C E=P #" %4)
B:0
q=0B
C
j? <= >
!}B:0
m." /4
U
i
CQW
=0 Q "
7
3 K F45
=0
" 4
@
LD K4 4
!S =C #$
2> o= #2> o= hl /0 zF
!3>2
=
q=0 -" @
ND D + {
&!5 /+ HA
:TP }#" p :TP
/+ " :pv
xB /+ %A@i
Qv
K hN m!V" =!
/+ )4
O5n@ q=0B
:n+H"
+6 " C
=? 3@ A / 4) M0X m +
:> H
u.
A @ x*S 3+ 0)@ A #2 = =
/+
/D: T0+
/ Q
H2
" &? K" :TP % /
3
2! /" 3 78
/+
T0+ %APR AP
. / @" AC /@" A!" " %/D
] e
9" /C /
m?j
3@ 4B5 @ s!;" D %A
@ s@W N AP
. s@W N :"
/ Q
H2
="
ML *+ mJ <+
E
=" z5" 2
=
} :T=0> 4B5 20 %5
KV /!
!P=0B
E
=" z5" E 3@
ND D + { M -.+ mJ <D E!
.......<=B?
E :T=P &!P E!
1S &!P H! 2B+ B 3+
.O8!
K e 4N
3@ L=B %;!R " @H; AD :mP %A@" 3 mJ5
LD
E)
=B5
%
/+ @ h
=V 4B5 2P /
/+ D
=B5
%q=0B
KD
=B5
$C B> <
@ h
X
%3>H 9V 2
<
% 1.> N =A
K h! @ <
T6 @ :5
/C @ 0
=:5 <+ %
X = ? E!)
=.C $
!/ > : T=0> %3N
28
2
= hA4!@ =2> 3@ 9'> N 3@ > M4" /D
&
.E=0
OP q=0B
3@ L=B %3>i
2 1 d!> K4 tH 3@ + <" +
2
O
/+ !8 B>
<+ q=0B
ND @0
=> KD A @ Q @
C.F> E=$
.......
&!P
&B
d ? 3@ Q
j
3@ %O'8
M 2 M$> s2 /n5 O
M 24@
<D .AX@ / >
M
.2" M -> N j> h
Q=5 &B>
3t
H =C
h@=> K4.
<
2> D m6 @ h@=> sH8
2
O=H 9! 1+=> E
%3>2
=
3@ )
O=H
>+ %ML F " ' <D %HN 2
=
O=H :
H! >
=+ % +
<L A <= A @ '
O=H 9 /4
E!5i
.A4B:P AP=0B A A>2
O=H ML E!5" 3@ <
A /+
=0+=> 3@ h
X
<D
m+A o" %i F
K> <
%O2B! m >P /+ 2B! d 3@6 /+ E =CC
%AB@ 9C$ 7> <" " 3@ 9:+ %# B
M
/+
'N
.
K E!)
xB !045
%1>:
/+ =C 2=
/B+ % > @ + >> <" &?
] j]
Tn5 =0
/
3@ ?D 5 rH84+
=@" K N ." K N
HN" K
=2 N :Qv
A>" >
.2
. > N 3 <=@2 4+
A
% ;W H >H 78 <" KB
M.V K
Mt5n Mn D A
.
=.F
=C D .F45+
.F45" %<=B @ T=P"
2
@ 3
8P
KV =5 2! h
2@ <" 2A"
ND D N <" 2A" 3B
E 2
:2IIB @"
5
KV /!
!;" %5
KV
T=5 KD h
?A@ 3
3@ &? 2P
M>2
Mn+ ?
} :5
KV T0+ %A P
+ A >2
K " n
.{ A4 "
:TP }M2
/"} :T0+ %HA
/+ Ln4> 5
KV /!
KD ;W Q?
K h@=> n:n+ %@" 2P => &
&!0> &? s C <
^{ A? 2
<+ A@j
:TP.B
<" / F 20+ /@"
2P" m
> /+ " m
:T0+ =n+ %V"
.A@2P m
@2
/ M@ 3 d" 2 3@ m?; :T=0>
3 <D =CC
&? !
<!5 :m0+ %. B" A> O6 ? m>"+ :TP A-
2B O8!
/+ <
%O6
$C <2Ai
%. B" ND 6 ? 2A)> N O8!
q= > => @
$C <n @ n @ :Bi
QNuA mP &?
+H ML 2B p %AB@ m+ :T=0>
A4J+ %A4 mV K4 A4B!4+ :T=0> %&?
$C 3+2 O"
$C ?n45
:
=P }O6
mP %
h;W hN" 2
:mP %K@ &?n 2 Q/ &
K0" @ $;" @ :mP
E=$
E . K h+@ <
#2 =C :mP }=4 +H #$
&?
$C <n @ :A
m@ "
LD !@" > :=
5 /+ =C x>@ =C / TP %/ hP <
%/VB
#2; K M@2P /B*+ OHB
/ H" / m*P A4P
L+ 2=4
/ 0+
N / <!*S S >
E K m@2P !@" > :#H > #Ln 4B5 /D
=+ :mP
.z;5
3 h
-4
Q@ U!V 1>:
P K |0> pX
<
2=
2=
&?
o D
%C2
&?i A@= $>$ :P
2>> APR K HN" %0>R /+ V=> 94@
A
? 3@ 34> jtB
o @ h
X
%
>! A2C)@ $>$ :P
2>>
3CHN" %>j 3AP" 3@ 9>P KD " .)4
KD T=V=
/+ O2@ 3A= 3@
!}^{ q
&;2> N} :3B
E E0 QNuC K)'> @" %A 9CL
:T=0> ¦&
KD ? > <
@ 1" h
2
nA+ E!
KD ? " > >2
= q &? =CC
%<
$C KD ND /" ?" m
@ M! M! :TP E!
KD " ?
LD < + %~)
j
]
2 A O;v
2
/+
$C .M P2V =A+ H
6 @ %s
j?
$C :2 T=0+
.......&?
]
5; 7? :3) O=V
= " :Qv
A>" > %A@i
Qv
3@ 9?"
=@=P
=0
:Q i
A>" N"
h
FV AB AA > C@n> + HN" /+
@
" 3@ <+
K
HN"
3 >" &!P <4@N
H 2P 3 C %P
=
3@ tP 2C
=)
%
h!
4 +
7 e" 95
20 %
&;H"
3 Uj6 3@ 7?
%<4@
/+ ht
H
=" + <== > @ T /+ A+ %Qv
~ 4
m
CQ " Qv
=> %<;W
m /+ / E %3) 3?L= <45 %28 ~6 3@ d B d B
%HNi
KD
. ?
/Si
+ & m /+ / E %
ND D N + &
2 ! &B.>
%AB
.
H! 9CL %&0
/+ ;W E)+ -
O=8
@"
ht
H +> E)
$C <
%>F!
<*" /+ o
@ = 9CL %A4@
QA4
/+
6 @ h
2=@ E H!
M KD &V <" 2B .5 ;W /+ %784 > + 78 >
3@ K &B4)+ q2 .
/+ 1> 9)> ).
AB@ e> =C %s C 0 qH .
2"
.4'
3 A
Mn !
ND D N %+ 3@ ? => +
Qv
xB %H ML /+
Q« %95
;v
7? C2" 3) <=V <C
m KD 2 H @ %>B
<*" /+ Pi
4@" Q*0 7 <D
2B>
/4
%2?
/+ O)4
<W0
. B? /+ 4P TF45 2 @ %
3>$
E!)
A =0> /4
.8
j
T=;2 2 @ %Qv
l
KD = )
.2= h=5 4
m + %mP=
~ %&?
] j]
<=+'> 3>$
3@ A!
3@ @ 7 3@ @ 3>2
=
/+ !4'>
%t
H
h !4;
/+ 3 :<=
A>" >
@ M 2" !95 3@ > %!X
&5 U
/+ 45
!7 3@ + %95
<"
2C 2P ND 2
$C 3@
2" 3?'> N %C A=2 6=.4 M>2
A q284 %A =2+ 3>H=?=@ = > <+ A4> >=" e" &!0 9C$>
.C 3@ M$+ A0>2V &8
Y Y \ Y Y Y
[4 t@ ] <D] \ :KB TP
O8 @" 20+ 2@ ! K
=5
=V N"
\ Y
=5 \ Y Y
=V \ ] AI^>Y" > /!
&V
A
[:E
ji
] h Z [ Y Y
Z ^ Y
=[@W
Y 3>$
Y Y Y \]
K Y ^Y [
Y Y <=8>
.3>2
=> KD < A 3B4
!V W K 2@ M=5 s2! K 5
sH! 8
%3>2
Q
2" @H %3
)
s)
TL" %3
5{
j" A
.S
A
%3 @ 3J
9C %3B?"
$C /+ .S
A
%3>2=
%
> 3@ AB?
h
= C=!P K &B?
A
%3
3@ 34
Q
.=!0
/+ 4) dW A
%=)
gB!
=> @W A
%!
i
~j.
=> @W A
.......3B
E 2
%35
K 5 %<=.8> OjB
E M <!5
E KD 5
X+ %KB !5 H! /C N" ? %! >F 0; KB !5
<D
E &B? % 3@ !C 4 ? /+ !S %04
R
V 3 %P='@ /+ .4
K
}
KD ~=? OH!@ 3@ &A+ %U=4.@ =4
P='@ /+ .4
K g
J5 3@ ." 3@ L=B %D E=4 .F4 B4 2 % 2
<D
N 2
ND D N <" 2A" % #HC + &*> 3@ % &*@ +
2A> 3@ % "
3@ 4@" 3
2! 3
2! OHA %>2P Q/ &
K =C 2
M
% M>
%3B
5" %=5
2! h
2@ <" 2A" %4 3 3 +R Kh S N
KV %.S
h h=P %V
h h
LW %
h h " 74+ %T=0B
" %28
U)+
.h
X
h 5 3B4
!V W K
:2IIB @"
%
&!5 /+
/@ m0." = S D N #$
]] :"
/ H=B@ 3
T=0>
xF" N %:
&C" 9" N m!V" p %@" N &
mP %:+" N A
mV p
.[[ /!> N
/+ /A? K
/ ! > <" m)' 8B
&C"
!}!i
A>" z! #"
.A 0> 3
2 %A+ N %
ND D z! 3
g>2 %t i Ei
g>2 %=;{ i
g>2 =C %!i
A>" D 2" <" 2>" @
.3 @u
. o
$
%o
L =4+ =4B5
:!i
A>" >
#H U
i =
#H #H4
/;
4
L
N"
#H
T=P KD /F8 + mP &
3@ >H
#H
3@ 2" *BN h
H?
=+
#H>H6
KD E=$
3 04
KD e=.
e."
#H8
S
H d+
:
P ~)
@
LD
#H 4
=> KD @5
=*P+ K*P 2P
=P
Y [ \ Z [ 4
TW] <=@ Z [ IZY"Y ND]\ 3=
\\ Y [ 1
] [ [ Y NY 0I ]
=0I[ ]
=[@W
] Y Y
Y 3>$
Y
\ ] AI^>Y" > :KB TP
Y Y
\ Y Y O2
\ f Z Y 3@\ 0;
] Y Y A?6
g Y Y f Y Y d.I
Y Y Z Y AIY Z @ 1;
\ [ ]
=0I[ ]
e]
AI^>Y" > [abc:<
Z Z [ Y Y Y #$
] [ Y [ Y Y
\ \ Y [ Y #$
\ ] Y
\ \ \
h!P
Y Z [ Z Y Y <
Y Y Y]
<D Y Y Z Y Z Y \ <=Q
] \ i
YY
]
=0I[ ]
Y Q Y \ AI
h Y Y h
X
Y hN? Y [ Z@
.[a:Q
]
}34>v
3A &t0
3@ !!i
A>" > T
u5
}34>v
3A 4
3@
\ ] /+\
L@
:T=0> @ 2
& /n
[aba:d=>]
Y Y
-
\ [ :=0 4
3@
YY [[ Z &P
.=C ND D N #$
D
}A!
=
3@ 9
=
}AB+ 3@ Q
}A!8 3@ T!
}A:5 3@ i
\ \ Z
i
\ Z] r4;
\ Y ]
Y &
\ ] 1; \ Z Y /+\ <D ] \ :TP #$
=C ND D N #$
D
AI Y \ Z Y Z Y
YY
Y Y Y h
H=BI[ [PY h@Y\P Y
Y Y Z Y Y @Y YI]Y
i
YY Z \ [?[
\ ]
.[aa:<
TW]
.4
E 3@ %-i
UR E 3@ %ML K 2
n4
E 3@ 3 %X@i
E*
.
i
= @ /+ -
O)
A4
"
L+ %
h '
A4
"
LD P=
$C !i
A>" > =4
P
<= + P='@ pp A
n O2
P !h
> ' j0
OHH A4
"
L+ %p
h m?;"
h
2@ <"
ND D N <" 2A) =4
P <D !!g!; + 9R 3 @ h.4'@
;{
T'
2
2
o + 3B H=?=
/+ &@n
T
L M ? K0!> K .> r=5 hB? A+ 3@
}
H" !: 9!R > 3@ oH
2> 4.:' 9!: &P
}
. 3@ 9:
<= + j @2B /+= x> &P
}
=C" #$
L 3@ A o=A+ O. $> <
8! &P
}
:; H=0> 3@
2:V
j
3 :; Ki
&t5 &
}
> #$
@ K@ ~
hNjB@ B> 3 &P
}
" #$
@ OHN=
o2 ! A?" K 2= &P
}
) =
L 3@ n5+ 5 g. > <!BX
o
LD
}
+ >
$C " B |
<!Bp > n5
}
3@ 2A) &P h
2A R0 |
&
<=: Tn5
}
.V #$
@ + H 3 <
K.8
3!
&t5 &
ND 2
= d h
2 M
$ -B
2
M /
3@ [ Z Y Z Y !
Z Y Y
i
[ Z ]
[ Y Y ] [Y 7!
[ Y [ :&
Q/ &
K =C Q/ &
1;
ND D N
\ \ \ 7!> f Y 3@\ <D
\ ]\\
3@ @ m.
%
KD 5 - 9
=@ ^[:Q
5{
] 2 Z Y [ Y [ ND]\ Q/
Z Z Z Y 3A+
.......KB !5 <L 2B+ K)@ 3@ 9
=
$C E
/+ K)@ %/0)+ %m.
<{
1; 3@
\ \ ][
L[ q
[ 6]
\ \ Z <"
] ] \ * <=B:>
.[c:>
$
] 34Z[ Y
O=0Z ] =CY [ Y
<D [ [ ZY
|P= <" 2N Qn m.
" o25
h m
&C }m0; g!B" }m0; =A" }m0;
L h
LD
ND O!
N OFV HF N 0p @ 5 /+ O2
O2
A Tn
@"
3@
>D B> <"
Tn5" x!@ ? @+ M@@" 5 /+ 4 @ 245 }A48"
Q
H=
=?=
$C &C" 3@ <= + 2" /0)> N"
Tn5" H=@ ? @D | 8
$C
.
/ !> " 3l + %/ !> AD - > &.R s C %<=!B> FV !8 > |
2"
> / "
$A @ :TP }!B M #4" <" 2>" !/ > : T0+ !B A
!B d i
S <=B.> QNuC <i / " :TP }/ ! Y :TP . &?
r FV E ..&0B
&P
N YIZYD\ " \
Z [ ]Y Y hX!
Y Y
Z [ Y0; Y ]Y 4!+"
ZY Y " Z [Z Y Y Y :
&C" h'=@
T=P
=B> " %
=0; @
aa:<= @u
] >\ \ Z \ Z Y
E
Y
BZ ^ Y =C \ \ ^ Y
MZ
Y [ ND] YDY N 1Z [ \ Y
[
] KBI
Y Y Y4IY+ * <=B?I
Y [ Y Z [
/B@ A.+ <W0
K K #$
E)
$C E
=? 3@ CH 2P &?
$C T0+^[aa
$)9 $ MD ../ > : 9" 2P &?
$C TP }TP
L@ %B
h P
h A0!R <W0
:h
2
h4 TP ./ -B+ h
FV m
<D (&0
/P! 2
K / @ / P! 2
+
!!i
A>" - -=@
=@
=BC
=0;
Y i
=
@"
=@C
=5 A=P <= " = =
=0; 20
- T
=C" (= ) p ) p @
=@V 4+'@ 3@
=8+ e" m 2P )
=
¥0>" |A
&Cn
A " @"
LD 3
......
04
8
=B!4I [ \] Y h04@
Z [ Y V
$C Y ] Y Y :
T=0
=B " % &> p &>=+ A.
\ \ \ \ Y
\ \ [ ] L
2
1>R ^[a:Bi
] <=0I Z [ ] Y Y
V
Y [ ]4IY B Z Z [ \ q.I
Z Y Z [ Y !5Y 3 Y ] Y Y4IY+ &!
Y [^
%h P ) B" &!P 5
KV K.:8
AP %d>0@ %.V
=@ =5@
K4 q+ KD KD E
j" KD Ej 0
p %3j KD 3
ML 3@ e
0+
ND
/+ A
P+ 3B!5 p KD q4.45 A" K.:8
!;"
@i
$C mP4+
}?
P.
$C .V
=@ @ %O2
}A>0@ @
}A >6
=@ @
^{ /V" =
" @ &X@ K <
3@} :TP 5
KV K.:8
C
L
<
@ &X@ K <
3@ %5
KV K.:8
<
@ &X@ K <
3@
E)
A>" M. 2 ? &A+ %04
8
K T
6 N #$
=C %
@i
|5
}P.
$C 90 $;n> <" 14> 3@ <= 4 M. 2 ? &C }P.
$C &C" 3@ <= 4
$ A 0 N K K hV /2> &
:T=0 T
u
$C &X@ => M 3 +
#2> /+ :>
E4
/B@ ~H; E
5 >=F> #
E4
>2C D EF " q) #240 " &* 3 hB? T
< 3
.......hB? e
.; <D M4
R K g
%5{
5 <>{
5 M+)> M>H > => % &?
Q
2 => M. !4;
]
=BR" \ \ ] AI^>Y" > :T=0> => D 5
%o;" O@ e
= m M;2>
Y
[ Y
=[@W Y 3>$
Y Y Y
\ ] [ [ Y N * <=B
] \ * <=B>
] Y <D Y [ Y Z Y N C Z \ Y
=[ YP 3>$
Z [ Y YB5 Y Y
== Y Y [ Y Z Y 4I Z ] Y Y NY [=5
Z [ ZY"Y [Z Y
==I Y [ YY
}
Q
2 mB5" ^[cccb:T.i
] <=0BI Y [ \ Z Y> N 3>$
\ ] Z
8
\] \ ]
Y !Z[ [ ^ ^
2Y Z E
2
Y
}"P"
=5
mBR" &C %=5
~R" 3@ MB> <"
Tn5n+ h
X
4B5 h
X
"P 20
}1
\ Y ^ 30>28
\ \ \ \ Y
\ ] @ MJn+
\ \ \ [ 3@
Y Y Y Y 3!
Q
2A)
Y ]
3@ Z Z Y [ ] BI
Y A Y Y ZY" 3>$
Y Y Y Y Y [Y T=5
] :>
Y [ ] Y Y
Z YY
\ MJ"
\ \\
N mB5 <L" N " 3 N @ M o) ^[:Q
] h0+ Y Y Y [ 3
Y [ Y Y 38
Y ] Y
..
H /+ %) 9P K :;
}pi
$C &X@ /+ &? j
TP
L+ %=5 :>
:> K8 #$
;v
@"
N /? /j %2=
3@
! /4 B %m B m!*S
LD %m!*S m8[
LD} :TP
% > @ KD 9> @ m04
ND
" @ KD &04 + 9" @ K #2! 3@ 2! <= >
> @ m04
ND 9" @ KD &04 +
" @ K #2! 3@ 2! <= > N /? /j
j
KD H=B <"
9*F> @ m 3@ > M V+ &? j
3@ 2{ 9> @ KD
:&?
&;H Q
H A+ K4 r=5 UR
&P B+ .F
O2P 3@ !4+
......
@0
=> /+ 1'
T
[? f
Z Y K0IY !Z IY>Y *<+Y AIY ZYY 3@
Z Y &
^ [ :&t
6
; Q/ &
%&R
; Q/ &
<"
p
. y4;
%q='@ &
K Q .
94
^[ckc:3
]
\ Y
i
Z \Z Y TZ
\ Y
L[ M
Y Y
@ =
<D
%h C < = /A4 5 @i
<
=
%2 !5 Q0!
> ML &
%5 @ <=C" 4) 4l @ !0
<D %5 @ <=C" 2 @ 5
@ ND > + h > Q
m. %E=F
#2> 3 r=P= <=P
LD }K4@ 3C !i
A>"
h!*S E
9*S 2P %
ND > + A? @" m. %2P @ ND > + hN m. %2P
f %M+ M @ H=A)
%zP X@ 2B N !P 9*F>
%2A) <
LW %2A) " %2A) 2>"
2P %A=P C
L %CH?" > %A@
2P" +
Q? 2P A @ m" e
% 2A) U
=?
hF!@ A @ qB
!+ %&@ 2P A @ d)
mH 2P %CH!
" m4. 2P %A=P :.
) ^[:B
] f Y5Y |Z \ f > /+\ :@D A*B " K4
\ Y Y =I
Y Y" 3;
Y Z Y [
20@
[ Y Z <
ZY h
.......r
=?i
q4 %E=0
:.4 H!
i
A @ :04 %E
N BR
&C" E
$
3@
gB ;" :T=0+ .M>2B5 M! :T=0+ !HW > :
T=0> p 3>6
=
98 p
2 %<=B B tB |" &
3@ :TP }E > /4>L 3@
gB @ :TP .M4>L
\ Y &
f Z Y
L f \ &
C
Z [ @
Y Y o 5 Y ]
oIY YY A
Y Y [ e Y Y Z Y & ^ [ * Z Y Y Z Y
[ Y Y Y mB" ] Y B@
Y Z [ ^ [ &C$
[ Y Z Y :ML
.[c:
] 2>2 \ Y
\ ] E
$ \ Y o
Y Y Y 3] Y Y Y[
\
^[k:<;2
] [$;
[ [ :
/B5 /+ t
T=0> p %<
j
98 > =>
$
0 /+
i
!
04> <"
<L" = M@ &
%M@ |" <=B!5 24!+
" M> M |
:
=P }/= N" :T=0> A>2>" /+ m4.4+ %&B. O2
\ \ Z[ /4
\ \ Y 4!V
\ \Y \ Y * ;"
\] 48+ \\ \ \ \ \ f \ \ \ Y Y 3@\ #24.I
\ Y Z > =Y Z
* >uI Y Y Y Y Y * Y! $J@=IZY> E
$ Z Y Z [ \ Z [
H=I
^ Y Y> :3
\ Y ] Y * K-
Y Y AIY ]\D
\ \ Z I> p
] Y * \ \ Y Z /+\ 3@
Y ] h
jI
.[aac:B
] o=) [ ] [ hB?Y
i
Z Z YY
f Y Y \ /@I
Z Y
ND E0@ M@ K0!> + B)
KD Q=
F!
0A +
K 1A) [c:5
]
.2>2 AB@0@ %2>2V =P6 A@BR %2B CBP %2>2 C %p?
h 4!
K ;
E
$BZ
[ Y Y
C)FI
[ [ Y Z Y> =I
Y ZY> !A
$ -" @ !A0 2" @ %<=@
A E$ > /4
A? AD
\ \ \ ]
3@\ &l \ \ Y ^[:=! B
] A?" \ \ Y 3@ \ \ \ Y+ 3@\
&l Z \ Z Y 3@
Y[ A4 Z Y Z \ Z Y+ 3@
Y Y[ AP=I Z A
Z[ Z \ [ Z Y m Z Z Y AP=I
Z Z Z
\ \
\ \ Y
/+ * <=!> \ \ \ \
[ Z Y Z LD\ [a:@j
]
<>
Y [ Y Z [ \ ]
/+ p ] [ Z Y [Y Z [ [&5
] Y APZ \ Y"
Z Y /+ TSi
^[Q
] E
$BZ [ [ Y\ CYIY ZYS h
H=?
Y Y Y
=P$ [ [ C ] Y CH=?
Z [ YZ2 Z Y \ Y
Z [ [ [ [ m* Y ] [ [kcka:+S]
f \
=pFI
\ Z Y &AZ
#=)> \ Z [
Y Q [ \ Y Z Y <D
Y [ Y [>
=XF4> Z \ Y :<=XF4>
KD
=J F!@ A E
$B
LD
q4 K4 h- h): A
/0>^[c:|A
] h0.IY YZ @[ Q5 Z Y Y Y E
] dJ
[ Y )
\ [
Y Z Y=?=Z
[
E
)
E > :<==0+ }<2> @ %<=F! @ :T=0> %Q
H=5 5 A
) > p A+
=?"
%A55 KD &55 %AS" KD hNS"
C:+ .E
)
E
)
E > %E
)
.A
C? KD h
h
?
<=u> !!}!i
A>" > E
$B
s
L &4 ?" #" !
ND D + % C2B <=n> p
z0 )> <" &!P ^[ak:C
D] [F> [ \ [ H >
[ Y Y NY [4I
[ ] Y YY> : 3@ 2N )
H >
[ Y Y NY [4I
[ ] Y YY> : 3@ 2N p %2B )> % O2 3@ @2P 2 A? O+
:
T=P M$+ %@2P @ : /+ @ m5 QB@" :P
L+^[ak:C
D] [F> [ \[
f \ =C[ @ < @f \ [
n>
\ \Z ^[a:2@] CQB@"Y :0I \
mY Y Y Y Y Y &
[ 3@
Z =Z
ZY YY Z [ Y Y Z Y ] Y Y+ hY Q@
h Y
=05
[[ Y
1B %V.@ 3@ &8.@ &
m 3@ .l" m 3@ B m 3@ n> ^[ak:C
D]
N > N "2A> N %
K /)> %A @ KD H=B N 7>4+ ' N 2 .
.[k:R] K> \ [
Y Z Y NY A+
Y =>[ Y N :
/+ %
3@
%
3@ @BR %7>4>
Z Y [
]Y |.'> [ Z Y ]A? \ Y \ \ ]
/+\ 3>$
\ ] Y Y : A? j; KD ML 2B <=J> p
Z [ ]Y
=H
Y Y YjY ' Y TP Y
\ YII!Z\ 5 \ [ Y " \ Y Y
3@\
[QHY [ @
Y Y
=H+
[ Z Y
=P
[ Y KIY Y
=P
[ Y Z [ ZY M
Y Z [ [ [ [ n Z Y Y Y
=P
[ Y * E
$BZ Y h@=IZY>
> :<==0+ %M@ KD
<6; KD C2B <=A4> [b:+S] T f Y /+\ ND]\ 3>\ + Z
\
Y Y
.@
+B
Tn
E4B
8
/ @
=B4+ !"
E
=X
3 =?> ! /+ y'@ 3@
E
$B
3@
3@ =?=
o$C K K)'>
B@ B)45
/+ %
z)
/+ %B
/+ &? j
o=04 Vn+ V= 4V" <D
=C !
=B?
%
=C !P
=B?
%
KD
=J
%Q
*
Q
/+ %
B
.&? j
KD ND n4@ N %KB
.=C ND D N #$
D } " +8 K 9P
=C 3@:h
LD
......
U=4.@ =4
E
+ %Q-
/+ %Q8
O'8
K %Q
H=
9H B> %2
<!5
45
%&? j
/A 9 4?
@" &X4@
%s@" g s20.> N %sA g
s
>
"
%M KD 9 M. ?
+ z>. M @ &8 <D p %&? j 20
Z *;
Y [ \ Z [ B \ Z
AI^>Y" hB? \
\
&t0
=C ^[a:=
] <=.I Z [ ] Y Y <=
Y [@uZ
[ Y Y ] KDY\
==
[ [ Y :T=0> !5
%B?
h E=$
.S" " A
& <=J:' D !#H! >} :/520
g>2
/+
<
@ M .S / =? / =H @ MD !HW 3
>} :&t0
=C ^{ .S" /.F45+
!HW 3
> %M .S / .F45
p Q
< M=L mF = !HW 3
> %/" N M @
.^{ O.F@ A
0 M4i hJ / s) N / 40 p >:;
i
E
0 / 4" =
P 3
3 3 |' M" + m6 n:;" <D !9!
A>" > !E)
A>" >
E " + -
<:
<
2 445
LD %9
9P
=C % &?
3@ Q
2
sQ? p M
+ /+ m
LD %ML 3 ?+ 2 !5 Q/ &
E -
h Z Z [ Y Z [ @Y d.I
Z Y BI
[ Y Z Y +Y :M 2" @
T>
$;n => o=04
KD 4 %O8 KD =0 @2 o=04
KD 4^[ak:O2
]
j R /+ ND 1. > N %0. 5 3>" T>
$C $;" 3>" 3@ rB %52
KD 9C$
4!4
3>" 3@ T>
$C 3 Mn+ M0;
h>
@" |045 T>
$C <i &?
}8B@ /+ 40." <D KB !5 M 9 < #n }40." +
<Li
$A M B"
<" + %&? j
9*F> h=V mB5
LD !9!
A>" >
.F+ F <" mB:45
<D %=8
$C ~5 3 AVn+
2C)
<"
%s2= H. => %
#2> 3 M 2A) r=5 U
=? !E)
A>" >
%2A) <L" %2A) 3 %2A) &? 2A) 2> %
#2> 3 |0 => M. 3@ <= 5
\ \ \ Y Y 2A)
.......[c:=
] A?" Z \ Z Y Y AI
Z [ [ [ Z Y Y A>2>" Z [ [Y4 ZY" A
Z Z [ Y Z Y =I
Y ZY> :2A)> Q/ &
K T!P{
/+ @i
|5 3@ L=
%AX@
== <" Oj+ L
$C %L
L" <" 4'
/+ 2>" !!i
A>" >
<=
A+ 3'p" /4
3 BP T" 2 BP=@ /+ :!i
A>" > T=P" F8
/" 3 D }
" &X E 3@ <
L@ }
" &X &.: <
L@ 3
)
@H 20> <" ND h p
> D }- m
<D
20> &C }- m
KV /!
W = i 3
r=.V 3 o
=4> |
$;n+ %&? j
} 3@ <
L+ .?
: BI TP 5
KV K.:8
W+ %H 5
2B5 =;" T=0+ %
h
h
/!8
$C ? mB@H & }s C -4 r=
U+"
/+ OHA)
@ +
&!5 /+ &40 ND ; @
!
T=5 > :- @ 3@ pn <" 2B
2" <= <=
84 + 2 OjS &;2> 5
KV /!
7+ %=
$C
. P /" 3 %
<L At
2A
. t
=" &> @ -" R 3 & &.:
$C <D %
Ri ?X
$C 4:TP }/!8
$C +
L@ %$C 3@ C" U
i
Q
$S E=0
Q/
$A+
$C <=!> 3>$
3@ <
<D %:>
h '+ T>
*+ 2
=
/n+ @5{
2
h h
=
2 2 :H8 T=0 3 %8
B> <{
28> => %&? j
.MA@" <"
$C
/+
/8B <" &> p &>=+ m B
<+ %B
$C F45
<D A+
X@" 3!:
E!)
2" n+ #=> H > N %&? j
3 h
H h
HV <
E)
$C 3@ en>
$C . .F N A
!}
/+
/8B %
1
!/;" > : T=0>
8@ .F> N #$
<"
$ %&? j
K @2P
$ CH t6[ s
L 3 %E)
B
9R K g
U=4.@ =4
E <" 40;
=B p %; B
=!: <" KD
=H" !!i
A>" +
r=5 r=5 r=5 <==0 4" E!
1F> <"
>+
#.5i
3@
.5 4"
!9!
A>" +
H=;
2
/+ d @i
8P
1
=> h
2C N h
2C B> <" %4B5 P
>D B. > <" &? j
Tn5"
.......2@ ! K 5
KV %&? j
K0
J5i
.......
!F
3@ >$4
.8
=?n+ !F
<=
4> N O=;{
xB:T
u
^ \ [ Y h*BIZ Y *BI
9>" Z [ [ Z Y 94FI
Z YZ Y> NY :&? j
T=0> %:; !F
Q
H :!i
A>" >:E
=
\ \
;" &
n> <" 2" 9>" ^[ac:
] [=4C + [ [ Z \ Y Y h4@
Z Y ;"Y Y [ ZY <"
Y Z Y &
n> Z Y
2"
Z [[ Y Y
+ %4@ d h &
n m" : T=0 %&? j
/+ i
$C E4F> #$
<D }4@
f O8 sA ;W /+ /n <"
K)' @" %4@ <
<D M
M @ > p %&? j
L
A>" > M
=;D M @ > N p 3>2
Q
2" ? M @ > %o8
M @ > H=A
!9!
<W0
K d.
}7R " 7V
" &C /. r" |
:T
u
%N
h /0 N <W0
"0 m" M. 2? <D %7V
Q <D mn+ A /A4
f M 3> <"
Tn5+
ھنا انتھت المحاضرة.M 9P N + 90
/1
p" 4;N
%AR4;
KD #Hu> 1>R &
%Ei
i
. K H2 2
" 5{
<D
$C @i
m5 @2 %3A T=;2
" %3A O='
%Q
:'@ 3@ >$ >" $
4;N
A!!5 X!; )+ !P B+ 3 => & + %+ mBP + mBP >$4
.@i
O /+ O='
4;N
p" h !@ %
-. ()
B @
$C .O='
B4
@i
K 4;N
pW
J5 3@ ." 3@ L=B %D E=4 .F4 B4 2 % 2
<D
N 2
ND D N <" 2A" % #HC + &*> 3@ % &*@ +
2A> 3@ % "
" %28
U)+ %3B
5" =5 2! h
2@ <" 2A" % M>
3B4
!V W K
KV %.S
h h=P %V
h h
LW %
h h " 74+ %T=0B
f
.h
X
h 5 < A
:2IIB @"
\ \ Y \ I M?
6i
\ \ Z
Q
32> \
Y Z [ 3Y @uZ [ Y Y M Y Y Y Y \ Y Z Y \ &P Z [ /! ^ \]
AIY ^>Y" >Y :KB s! 1
T=0> :
H!
4\ YZ IY> \ \ ] <
Z Y KH" Y \Y 3A!?
Y Z Y ML ] \ \ \ Y 3@ \ ]\Y
Z Y 3J
Z Y * hY h
=.S
[Y [
Y YY 3>LuIY Z Y Z [> +Y 3+BI
Y Z Y Z [> <" Z 3A ZY
ND]\ A+ \ Y Y \ N p \ Y ]IY>\ ZFI[Y \ Y>2Z
\
/+\ <=.?Z
Y [ \ Z [
Y
@ \ \ \ ] <=0+ \
Y M>[ Y [ ] [ AZ\ M Y Z \ [[P /+ 3>$
Y Y A=I Y Y Y [ YZ[
\ Z Y
=I[ 4I[P
$;" \ [ \[ I>Y" 3=B@
\ \
.[a:E
ji
] h40I Y [ [
=.0p Y Y Z Y [ Z Y * hPY
p2
04
3@6 /+ >!
>:'
/+ BP
\
Q.
]
=L Q8
'
<A+
&C" A$ g
f @ 3 + e
/t e f & <@v
Q
f 3@ + h
2! s=
8+
? 2P
/CN <
5 &+S
$C ?
R
F
$A+
......
Ei
i
. 5{
4C
<D p %A0
2
=
KD 4 /+ Hj4 H
f 6 ;
o=04+ KB
=0
:
H!
f
%Ei
4;
KD 3 @ 1>f R &
Ei
i
. K H2 2
" 5{
<" @u
K 9?" %A?+
=-.> C8" 3@
=*F> <" 3 @u
K 9?n+
Q
4;
<H =
/+ 5{
H2 %3A?+ 3-.> 3C8" 3@ 3**F>
3 %
S 3@ 3A T=;2
" Q O='
3@ >$ >" 5{
$ %T?
KV T0+ %5
KV o2A
T=5 2 &? j
2 =@$@ &B
$C <"
!
T=5 > :
=P %Q
K T=;2
>D %Q
K T=;2
>D} :5
T=;H A 1> 3@ CS %T;f 3
%
f 3
%"
f 3@ %j
9>P <= B> =
m>"+"
=;H <=!> N e
<i =
D B ^{ =
=
:5
KV TP 4
2 N @ 3 @u
/+ 0+ %; !V m!
&;2> <" h5n o> + %s2 3@ ?;
.<=.
@ :.4 %E=0
@ B)0 %!0
4;N
O='
@" /+ e
<A
f T@
.!!:
O"
H=? 2 /+ O"
%
2?=> <+ %:45N
2P
H=? @ %z
=* 3 + N ML <D
.*>
9!:
3 2 /4
O='
/A4 K4 %B
" %Xp O"@
" &? 2?=+
.Q
= K :> <" Q@ Kn 3>H
L 3 > = OQ
9V &?
<D
Q
xB 2 h 4@ h:44@ @i
V %e{
2! d
OX
@
ND D N
.0
@5{
4
34> + 3A 3A ES %3C &P /
3@
9P
= =V .. 4;N
O='
>S 4@ Q
9!: /n Q
xB <" :.)4
xB /+ 3@B
xB
$>
Q?
L+ %> 5
:/A4)> N 3@ 2 O=A)
X> @ d! %> N %T
%/! ?i
&?
m." m2 Ai !!: 9C$ mB? m!*S 9!:
2
f
d.
90
/+
3 B /n N 8+ A>$'+ A : K 4 L$
.=.
.S
Tn
<>D
[ ;D f 3@ 90
E$>
$C &X
90
/+ <
<D 2
%O"@
@ . K 1S" 2P 9!:
o>
LD
HB
o2D &;H " :O=;{
2"
$>
@2 A? <=4> 9!:
o>
LD %2= &;2+ ;n+ %A;" " A?6 @ O"
<" 3-+
A>" O"
M @ &B.> <
L@ %< JRN
KD =2 N p@ /+ =C &;H
!}<=
f
E!5i
m
A@ & N O"@
KD - > <" &? 6=> N %A
=" & @@ O='
<D
.A O='
3 h*+ %/
2
).
E!5" 3@ 2'
<=0t
&@B
" 1t
3@ O='
4 m8 /4
/5w
tP=
3@
ND D N
f /
L
1! f 1t5f 3@
!A ).
&B. A0t5 m?245
O"@
3@
!!A4 " m!
L+ !}).
KD 4!V 24 h? <" 7V <D m!
&? ES V+ &F45
en.
~=P 2B ML
=.)4
T?
3@ X
%A QA4N
ML 2B 9BV O@ A+ :05
.- :; m!
/+ H'
1t
H=?=+ %<==0>
e"
2F
K ND 78
= !4> + o=
B #@" A@"
m0:
:T=0> % mBP @=8' 1t
T2!4> <" H
" T?
!" xB T=0>
T=J@ m" @6
= /*0> @2'> |:
9!
=C 78 /C %O=0 +
24 /4?6
.
\ F
2 /
M> <D
2 /+ 9t$
> N
/+ O"
&;24 p hJ F> " h0t5 T2!4> <" 2>> &? !}T?
/+ "@
&;H @
!! ..+ @ @i
/+ <D % ~+2
<D :xB!
T=0> 2P %
$C &X@ > => 5" e
xB /:F> !
ND D N
0
1t0
A?
=@ 9>
H! > 3 %0> hJ e
K #4.> 9:'
/*.> F8
9$
3 =
%JR; t4 2= JR'
@20
<+ %r
K
.!
KD
)
F84@ 3@
-B@ -
3@ C2!@ H
=
&
}30t
2'
T=;2 7
L }
$
2
&B. Y :T=0> $
xB /n>
* <" 2>" }Mt K h5 * <" 2
3@ 2>" 3 %=J@ 2
K B:T=0
:; <D .@@ K y> % 4 K y>
&?
<D }M4 K P
f < @
N %2B f /+ 3 > %
2! > ~)
H2 /+ 3 + D :
L+ %- 1t
" B@ m" ND 3A '> N %4:'@ " @ Mt 7 N %M4 T=;H 1>
xB <" 90
/@2> #$
|5u
3 %D :
<D
$C %B@ s=;" " gp " %M
O0
H
= 3@ "
= @ !204
O*
6
= 3@ h h 1t
!4B> e
:=C24
C.4
%O2
[ " M4 e+"
!F
[ K
LD o r=5
3 !
3@ d;
2 1t5 5 q=> <{
o D % 4 > o D :
H!
f <=n> %52
KD &0 > <" . A @ 2
=
| > N %A
5 <H=0> A
&?
&0 <=n> %EF4> N 4> N /B!R @" f f 9> f S
+ j
%|4'@ 2 3@ Q? +
!}T? QNuC" %At K 3u> %A
"
-"
[ !8+ #2 m
<D !8@ M4+ #2 N m
<D
*+ %. O"
9V / 4B> @ X
" B) / 4B> 2 A4> &4> E &? f Ku>
f
p=i
/+ T
3F 2P 4+ > %0" O5 %0 /+ !C$
&5
<245 .P
=
=R /+
-
%q
=5i
KD
=!CL+ /@
/+ <= ) 4
<D
.A <= u> 3
Q 3@ O"@
5 /+ &> h52 C h>2 ? s
L %
h+
$C
B4
[ )
3B K4@ !0@ Nv
1
@" >
:'
] 2P '
K4@ 4!8@ m 2P q
=.
K4@
9V O=; -
$C 3@ %
h h h@l 2? -
m!P
LD %- @i
t4
%80
d! @H' 75 Qv
3@ X
%!8@
M @H'
" m!
/C
L+ %@H'
9? =>
4 K )
3@ h 74+ " @ %1C
O='
D %A +R m!
9V xF5
/
==P %m!
!V 3@ h 3" &?"
.M*> @ !
%"
h M*> Q/
MA
H=> <:)
f 3@
%4;N
O='
3@ !
H! >
$
$
V K4 ! ?" O"@ !P 1B &?
N AB@ e=
/+ N AB@ /+
N O$ 2> N %
A" /4
4?6 3 rjB>
@ qH6.
)
T
7!Vn+ %CS O"@ !P 1 2P <:)
<i AX>2 /+
m4+ %O8!
8!
K" &? =C %CF ).
&B 9C$> A
4> <
=> 4?6
A@ & <" OCB
$C 3@ m!:+ %).
3AB@ &B> /
=
Q
o2D KD 4?6
4?6 A" @ 40) $C <" 3-> Ki
Q? %A*. N C4 <" &0@ /+
M!P : mP KA4
@2 ABP
%).
& H=B #$
<
KD 2 $;n+
@ hN M*F" @ :TP %
M!P B :mP }+ m":A T0+ 4?6 A" rB+ !
!!..h@
sn C" s$"
TNj
Q
h
@ 2> x>@ @ +
L M> 3@
?6
h M> &?
<
=+ %+ S> 3!> %
2@ D % @
>+ %<:)
KD
-
<:)
<i ! ?i
Q
@" O2? S C
> + %0;
h h 2
Q &?" 3@
p %<D &
4> @ <
2F
3@ A>2 hN? <" B5 p2[ 20 %3>j> =8>
%?i
X!; %T i
!P %@=@ Q f T>L"
=!0B4 %T
=C =
4>
Kn+
T
=2!45+ A K@" A T=5 <:)
<i ND ML @ %7t
4 @
.A
2
=CA+ %<W &
?*
x0 AB 4;N
H
=+ %
2"h h
; 4;N
3@
<" 2B &?
KD ~=?
=4
9:> % @ 2 @ #> #
%<
2i
@ B)0
%AB@ 24> % 5 &X@ /+ /C ; ?j ='> <
D :T=0> %8B
O
@ 4W
m + %;v
q
+ K C2" 20> N <!! A" <:)
A &'+ %AXp <:)
p %
=.
3@ L=B ).
0 => 2B => %AB@ e= 4245
A?6 ;
LD
3B" 3@ X
" A P
$C &!5 /+ %A?j45 " ; 3@ A0: KB> ML 2B
;
<; & j |4 > !j
? -" @
ND D N % C A
O@
9CL %. &4P H
" ; ?6 xFn+ %4)+
$4+ -=@ 5 %@"
B
=C
!
ND D N %
<!5 !}O"
$C &4P 6=> &C QB
2" /4.4>
&F4
3@ + %o @ 2> % @ 2> 7@4
&C4
X > @2 :/=;D >
:C" 3
\
T
B
2B
s N H" N / / <=V"
> %=P
h e
AR" C ?6 5
KV h
2@ <D :90
AR KH
3@ >
%0
h & 0 @i
/+ m
6 @ %n'4 %At T @i
$C T
KD =2> 3@
[a:Q
5{
] hP=C6 \ ] \ :&R!
1Cj> 1
[Y <
Y Y &R!Z
Y Y
<D
A4@045
K 4@" K -+
=5
" . >H . %
=0
:
H!
" %Al 8P+ h
Q=5 3A H
" 3@ A
%
=;" % % t . K %A4@5
.>2P Q/ &
K MD %>W .; 3 B?
%>
+ N A
%M2P 9t +
.
=.F
=C D %.F45+ /
.F45" <=B @ T=P"
r2A
/C O"
2! h
2@ <" 2A" % M> N 2
ND D N <" 2A" %3B
E 2
.h
X
h 5 !V W K
KV =5
:2IIB @"
\ Y Z ]
=:; \ [ [ !4I\] > 3@ <:)
\ \
\ [ [
=B!4I\] Y N
=[ @W 3>$
] \Y <:)
[+ Y Z Y Z Y Y Y Z ]
=:; Y [ Y Y ] AIY ^>Y" >Y :KB
T=0>
f Y 3@\ [ Z @\ K
Y6Y @ [[4
] \ Y Y h
2"YY 2" \ ] &*+ \ Y Y \ @n>Z
Y ] 3
Y Z Z Y Y Z Y Y Z [ Z Y Y
[ Z Y N= \ Y Z Z[
Y Q).Z
Z Y Y Z [[ Y
.......[ca:=
] [Q)> Z Y /
jIY [>
Y Y 3@
r.B
E
@
9?
=
A=> 0 O *>+ = > = %r.B
E
:
H!
@=
E
=+B> 3>$
+ q
L 8 /+ %Q
P T$!4
8 /+ %OQ
.A= KD mB2+ %APR K A " @" 4+
" %
! 45 f
pH
A4A@" <D OFV &
<>{
O=;D >
[
|8
A4 3@ KD %A A!? /+
KD %
4
O"
K+
4 445
% 25 % m @W /4
O"
KD % Si
:T=P" %
4;N
3@
$ % Q5" 9 >6 R+ )t m >
$ !5{
O4+ >
$
$
o2D ) @ KD /B5
F
O*
|>6 MF> N %# . #2 /B5
%!4
f
m!p O2
5 /+ :mP AB@? 3@ B@? /+ h
:; Q
h 045
) 2P >@i
|8
f /+
A?D
f |" <) %3?j4> Q
3@ 3>@ p 2?=> :> /+
.4;N
p 3@ Op
$C &
%2
: >2
@ 3@ m?; >6 2 E
<D :<==0> q)
EF
3@ =.
OH
\ Y ND]\ <==0 \
Z \ AC
=I \ Z Y
\ Z !
Y
oH" =C
@" @i
<D ^[:|A
] h$
Y [ [ IY> <D Z \ Y Z+Y" 3@
Z '
[ [ h Y Y I
Y[
.&? j H! 78
f /=J!
4+ @ A4 3@ ' %4@ !:4@ O:B4@ O"@W :3PHV 4
<D B
/C" !}@ $C" %
Si
t @ |0 %q
=5i
E= %>! %'
.
3@ A E=*F@
=B@ AD !} @u@
}3>2
3>"
}Q
r.B
3>"
f K E$
z05
LD
A4) /. #2> mB+ BR
f H H=5i
9 4
+ 3F E
3
LD Q@
O"
> OH H
%&B
O"
m;2+ % m0; @ S /+ &? O"
)@ KD <=F
H :
H!
%
:0
%
t:
/+ 8; 8+ %9?i
m:; % 8
m;H
5{
H =4
%At! /+ 5{
E! mBP" %A4p=" mB*+ %.)4
.C20 A!
EF
|? K
*0N
%5{
B s4 4 4;N
3
>H M$
/@5{
>H %7V S /@5{
B
<D
f |" z!*> =!
3@ m
ND D N %D - > <" dD /4> / ? z> f /+ %r2A4@
[
/!
<
<D W !}K" 3>" 3@ !}&V |
%A
n >2@ @2> <n &.
z> &
!
!}4> Q !
<= > |
%."
h HA
h
2
f | + HA
=@=0> N <
HC |" .; <! f |" o"
~*
<=
g! !}+6
h h5 g! A@D &t5 @5{
@i
78 |
N O"@
78 |
!}m@2B
& =!
/+ 4
m.B 2P @i
78 |
%:N
rNW A5" K 9 > p %O@ A /+ * %
rB N %<W0
& }
$C *; /+ @ O"@
<= 45 |
}
Si
}@
h h4 <= 5 |
& }CQ " /45 |
\ i
9R h!B H2" AH2"
LD 52@ i
&t
[ MA? 2! KA
TP .
m" d) K?2
TP
T6C
[ sCH <D #2? d. > @L O
<D 6 =@ +
f
C-@ A %C?
=H %5 /@5{
B
/+
O"
B4
.E
QFD :AC" 3@ %OH2B4@
@
0)
M %A QFD /@5{
B
/+ O"
> KD
2
&t
" 3@
f S 3@ + O"@
T" %14 @
3@ A #
B o2C
T" * " KD @
C.
C.4
A mF %O"
3 E
+ m!R AH= 2B %/t /H f
f u@
$C K !4 /@5{
B
/+ >
B
/C C .A@
2Pn 45
H A m0" <"
3 h
2B ML 3 O*
/@5{
E
QF{ O2C? KB %C
O=2
:>!
E A @
A j
:@" A+ TA
p"
\ ] \ Y 32> \ \ M
\ \ Z
Q Y \ Y Z Y \ &P
] \ \ \ Y 3@
3A!? Z Y Y \ Z [ 3
Z 3A Y @uZ [
\
Y Y Y YIYY M?
6i ^ \]
AIY ^>Y" >Y :KB TP
Z [ /!
.[:E
ji
]
+
@H'
/). 4;N
OCl
0
QFD r2A /@5{
B
/+ 4;N
KD O=2
:4?N
>24
C-@ 3@
f &
/+ O=2
m %H!
2!
$C /0 %5u
B@
e
2
/+ %2
.F & @ &> N"
Tn5" #$
TH xB /+ T
=C
+
@H'
/). OCl :#24
C-@ 3@
f " @ " @H; 3@ Tj
.B4
M /+ @5{
0 2>2A
f @ ).
e 4
z!* &? =C C
C=" K24+
=.
3@ L=B E
M4 :htP Q
KD >2> +> 78> p % KF> !'
!'> %A+ + #$
m
[ Z
[Y
$C
Y Y &!I ^ \ /\Y4ZY >Y :T=0 => >@ T < %/ 0' M4 %/ 0'
Y Z YP m@
.- O! ML /+ [c:>@] h\
Z @Y h
ZY
A>" 5{
KD OH= !} ! HB5 5{
/.+ :<=
A>" 5{
KD OH=B+
. HB5
j 5{
/.+ %<= @u
%)+
h %
h@2@ %JH
h % .@
h <= > <" 3@ <2>>
Q
2" :T=P" @ <
$45
Z \ Y ..[cak:O0!
]
=:45
\ \ [ \>H\ 3Y
[HI \ Y [ jI> N :h).4@
<D [ Y YZ <D Z Z Z ^ [ Y> K4
] Y =0I
Z [ Y [ Y [> <=
YY Y
. !5 3@ 0 !4 + [acb:<
TW] hJ Z Y C2
\
Z [ [ Z Y
Z [*>
^ [ Y N
=0I[ ]4IYY
!8
[ZY
5" 3P:> 2P H
=
<D n h
@ &
2P
>
E=P |
A
%<P <@C <=+ =
h
H=5" h@=> 4;N
=.
OH /+ " A
f 5{
H
" H
" 3@ A
%
@ A=P /+ 3>$
30+
3@ 3
Fn+ )
!=P > / > @2 /+ 2 &B?
%.
%3
5{
j" A
%8
:!
AP6
A
%3
=@" ON 7V" A
%3
5 UV V /+ 3@ 7V" %3>2
Q
2" @H %3
)
s)
TL"
!3
" > M4 3
5 UV
C /+ 3@ MC"
.3B
E 2
%35
K 5 %<=.8> OjB
E M <!5
q28
3@ |P
=@
<= @u
C=4> A48P /> >
<WP Tj C
j? < + 5
KV
T=5 @
3>$
pX
8P
=.;
.
2@ *+ %o4 B %.F45"
TSi
+ %=5 2! h
2@ <" 2A" % M> N 2
ND D N <" 2A"
K s 5
KV %8i
t8!
3 O)F
<L |)
%Vv
.A
&
9PB @ < AB! 3@ 3B4
%;i
3.:8
ZY !V W
:2B @"
\ ] [ @\ 3>2CZ\\
.[a:2@] 3> Y \ 8
Y Z Y Y [
BI Y Y Z Y K4 Z [ ] Y [ !ZYYY [abc:<
TW]
] Y =I
.&; N !S
Y + K0!> N 78 %&;H
Y Y N |>6 B@ d A: AD
¦ Q4N
<D
mp qH8
3@u
%O2)
ML /+ Q;
%-> N <
j@ %:'> N M@
.Q
*
Q
/+
BP
=
mBP %Q!
Tj
L+ C
j
H4
O20
Q!
&!P . /+ <{
3-> 2P
!4B> <" '
3@ %B?
@ y KD ? " Q
sH" %K
! 3@ K 3@ 3! ]
/+\ @Y y \ [2V \ \ \ \]
Z \ [ [ /+ @Y [
/4!
Y Y [ Y
Y YZ Y Y : 0> %O! <= > <" &!P s24> %B4>
\
.[a:<
TW] =I
Z [ [[P
9:
Y [ N %! ND L@ N %
=5
[ /+ 280>
Y [ N %
ND 2t
2)
/+ K?> Y [ +
%D ND @ n@ N % ND O=P N T= N %2 5 ND 2 5 N %D ~j.
Y Z Y 3@ ND t
=
30+
d2 3@ 2? %
h!; 3PH8
q2V
Q4N
3@ A+ 2? 94
7.8] 3@
.h
Y!\
\ \ YZ [
Y /+ 3>=4
!'
<2> d =P & \
] !B
Y + LD (>4
QP
Y 3 g>2
&?" @ :
H!
.hNB+ q;i
%N?
h &X
[[
.O!
Y Y 98
|P
=@ 3@ q2V |P=@ 1tPH B@ |0 + N"
.3>+
3t
|^j4 Q %3Pi
A Q4
A+
.
Q
] ~=@H %
- + %
Y! \
Y !
Y A
8P
TX@ C 3>$
5
KV 2@ 9V /+ !8
q28
|P
=@ / 8P
K !8
/+ O20
%:
/+ ;{
%A
/+ q28
L=" %Q !
/+ 4
.Q
K )
%Q!
mP %m!
i
A mP => % s=! OjS /+
=.; [ [ 3>$
pX
8P AD
E
=4
=C
<D %
==4 A E p %D ND
3@ n@ N <"
= l %A." A
@{
=CC .E=0
A )' %~=@2
A @ r$
2" >W 3@ !
ND D + .
.>v
$C !
<W0
3@ Q/ !> N <
%@i
$C @D %
&C" ( 2"
\ <j@ f
[ \ [ M!@[ Ap
2" C!;" &8. /+ 9B
g>2
.9P <
3 2?=@
38'
%3:!X
3Bt:
Q!" /+ qF45
%N
=R
h >W qF45
E4
/+ A.V
[Z
.3>20
@
2> N" hjY Y A=@H x. <Q !
K=4> %A <Lu [ A+ Q/>
Y <$B
.......<=0. >
f
. 9B
3@ =4
J:'
80 qHV f
|V KD
=B5+ N"
A
<
=
=.; f
[ 3>$
pX
2" 9B
3@ J:'
80 qHV f
|V=
=B5
=C A+ .T-
ER => %X
mR => OjF
M 5
KV
T=5
jS
.B@ <=
jA4>
\ [ /. <" = @
2 m@2
/; mB:0 h
LD / :
5
KV
T=5 ; 2B e
/+ m?;
LD m +} :T=0> 0@ <
3@
$ 3@ h? " %q.
/+ hV=F@ h? ND / O=5" o" N" / W
Y / j"
s=! K4 5
KV
T=5 /
$> %<=0. > @ <2> N 3>$
Q.B*
] [ Q? %5
KV P2V mB?n+ %q28
KV A @ &!0+ %C
$n <=.'
p %9*F
!
^ !4+ 5
KV
T=5 K m5 mJ+} : 9B
T=0>
] @ :/ T0+ %>2> 3 m? K4 /)@" mJ+ .TB:TP
2P 3 " } 9B
> M.;
3@ sS 2 m? = !
!
T=5 > :mP :TP h=
@ m>4
#" }
hAl mB4
2P
/ %N2?
h [ Z [ 20 %$B :'5 3@ ;n5 /" m>" 2
&C"
m:"
<D %/
] M:'>
Y [ <"
3 =
] / K E$
g>2 =
M4p2 3J ] \Y m
] 2\ Y q2V g>2 M4p2
3@ / <
@ !
%&? j
K!0 + =?i /D %+ /
:5
KV T0+ %M m.' 3 / @ >"
Y N o=P" zP m
@ !
%$
.{ M+
/*0> K4 0+ %q2V 20+
$C @"
$ C %5
KV 2@ 9V <
$ C %
V U=
Z \ !
ND D +
q2V
:<= @u
<= > <" 9>
<=J> H
=
/+ C N A!C> r=; N <=
=4> A > K <= @u
.<=.'
$4
$4N
@ <2>> @=P / 3@ T? D Q? C2
[ %?" <" H" K4 / =!u>
=
6 @
=+} : 9B
T=0>
KV
T=5 2 /. E$
n+
/ :m0+ %P2V
Y 3>$
Z % 2 &C" 3@ 38
Z 3?
.{
3 O
@ % /.P
=
TC C O=5" A+
=.; 3>$ 8
BR0@
^
LD %/D
.{ /
" = m.4Z ] &!P" /V K m!P"
[
L+ %-
P5"
[ 5
=" 5
3
280+ %M
mP %Q4N
- %O=.
9B
K mR
m+/D
] e
9" 3@ =C OH4P /" zt
2? =
Z ] } :T=0> % <4 /+ OH4P
}=5
9" / B &C s2)"
[ OH4P " > :mP :TP .
/
H @
=+ %
=5
:T0+ }=5
9" / B &C s2)" O2
+ :TP%m +
m;H K4 /A? K C" mB? %
2
= ] %# m+ C2 ."
[ Z K4 m
.q=
<2V4> Q!i
<=4> %
F
/+
Q
2" <2>H =C
$C :<=
A>" >
.m0j
2P Ti
$C &X@ /+ &?" 3@
%m]6
$C &X@ /+
2P" 3@
%&;
2
.A 2Pn+ %= 4
A I
Y ] Y Y+ 9B
@"
5
KV
T=5 2 3@ T=5 Q? K4
/
Y Q!
T
j> N
."@
T
j4 @n>
[ [ :m0+ } : 9B
T=0>
/0Z
:A m0+ .A0 + Aj4
& .N :TP }&B+"
L@ " A0R"
.{ @i
$C /+
/*0> K4 MCn\Y
=.; 3>$
pX
K =4
Tj
L /4
K d?" " } : 9B
T=0> BR0
A
3@ 3; 2B
%/ >[ 3@ 2?" N K4 m!
Z Y [ Y
i
/
mP %/. /
] mP 2P 4
/+ KB
/
LD % = 3@ m Al K " %.
OV mV 2P %
/ ^ 3@ N &
] H>
! M@ 3 9B
> .)"! M@ 3 9B
> : 5Z \ &!? K =V Kn V =V 5"
.{ + Q? 2P :mP %KB h
h
h
2?5 ;"
] <" ND m @ @
=+ :TP .)"
'
[ Y Z Y A @
2 hL K4.
A 1*> 6 E+
][Y
Y \ [ A0 m 45
+ mP
.[ N A^l" m
m?+
3 o) }
H! > o) #" ^ %o)!
/n %!V
Z K 9B
K =4
Tj 4
KD OH=B o) %K!0B
K %9
A |4A> %e.
A x
> o) %3
|V
.jt
=
5i
<= AX %/A4
<= AX@
%/
)! >D A= +
[ Z Y Y /=p
] Y mj /)!> =V mB5 #$
/Q? + } : 9B
T=0>
KV
T=5 KD m0:
%A4! 3=pZ B45+ %3=X
Z 3>$C Z S M@" @
: 9B
TP .M
= M A4 :<==0> %=4 / =J A> h?=+ h?=+ e
/04> 5
3 R /D
] 0+ %e
= %d? 5
KV
T=5
LD 2
m;2+
] P @ !
%/n]C / +V K4 TA>
2!
@ !
%S 3>?A
3@ &? /D
=C TP 5
KV
T=5 K m5 + :TP .
2! 3 :I C"
M2 $ @ M @
] => ' )" % 9B
> )"
Z :P 0+ n
%
3@ A? q!>
.M@"^
T=P p %&? j
2 3@ & N :TP }
2 3@ " %
T=5 > s2 3@":m0+
[ j\ Y> H
\ 3@\ OBZ
\
5 \ \ \ \ \ Y
/! \ Y Y
E
> Y Y @Y 2BI ZY Y Z [ Y Y /+ [=BI[ Y!I]
3>$
Y 8i
Y Y 3> Y \ ?AZ [ Y ]
K Y Y 20YY :
Y \ K4 \ ] pX
\YY ] K \ \
LD [ [ 3>$
] Y
=.; Y Y Y Y *
rQ [Y A Z \ [D] \ A
Z \ Z Y Y E
Y Y p Z [ Z @ 1>f \ Y+ E=I
] [ AI [ [ [P
\ 3@\ Yn@
\ Y\ ]ND\
\ [ Z A
E
Y Y p ] [ D
Z Y Y Z Y N <"Y
=^YlY A." Z \ Z Y Y mP
Z [ [ [ Y A Z Y Y Y m! Z Y [ Y
Y
i
[ \ Z Y Y mP
ZYY
.{ [aaaak:=4
]
\ ] \
==4 \ \ YY
[ ] E
=I [ ] ]4
=Y C[ Y
<D [ [Y A
Z Z
.305.
=0
#2A> N [
%3L
& z! %AP28 <=PH8
6+
%5
KV 2@ T? %q28
T? C QNuC :5{
@" >
@
=P2V T?
2 !V
%|P
=
/+ q2V %g>2
/+ q2V Z \ %O=!]
52@ 3@
=?;
[ [ %
2C
1. &?" 3@
! 1 S 3@ 9*F
T /+ T=!P %J:' r
4
%Q0
}3PH8
MJ" &X@ 3@ h+NW 8B
$C /+ <2>
Z <" Q
m0 &A+
$4
U+
!)4
<D AX@
== <D
=A!)4+
.<=2B> 1
<==0> 38'@ 3PHV hN? @i
$C EV" 3@ ;" A
ND D N m B
O=0
OjB
A+ A
P6
%< @ &
/+ 5{
H P"\ A
.
T=5 2@
.
=2
9@ 5 MD %sQ" M4
M >H 8
A
.
=.F
=C D .F45+
.F45" <=B @ T=P"
3L
O; V" 9B
7
2A" %.F45" D E=" % " !5 2" %3PH8 !PB
3 2 2
W K
KV %=5 2! h
2@ <" 2A" % M> N 2
ND D N <"
.h
X
h 5 < A 3B4
!V
\\ [ [Y Y
=0I[ ]
=[@W \]
.[aa:=4
]3PH8
Y ] @ Y Y
==
Y AIY ^>Y" >Y :2B @"
Y 3>$
/+ d5i
C" =A+ 0'
&t*.
-" %{
.8
" 3@ q28
<"
=
3@ 8@ &
1B4 %O
<=J 3@ <n &
z!> LD 4
OHB5 @i
Q
KV /!
< + N5 /F!@ \ Z
Y Y Y h0;
[ [ B? %
@" M$ %e
78@
KV 1 K4 n) $ @ &B
T=0
/+ q28 K" hX@ O2P 5
.<=5
Q!i
<
M$
%5
=
H
+" <i ND OHB
045N
3@i
&l /+ Ti
/@5{
4
@
] <4>
V'
A &
/+ & A@B@ A
H! AP /+ q28 <=.84> %1
Z]
.< @ <@6 &
/+ q2V
[ [ M$
<= @u
%@B
B 3@ /
]
B" @
%/0 +
/ -.> <" =?i /D %
$C /@=> KD 5
5
KV
T=5 /P2V 3@ /. /+ -" 5
/
2C LD 2B zP
.{
=$
3>$
MC
MCn+ 4$
<=
" <" K);"
[ \ Z [4\ AD
=
Z Y Z IY4
Z Y [ Z Y * <=! > [ Y
Y Q
Z [ Y Z Y Y d?
h [ Y Y C
n@ Z [ ]\D AI
Z \ AI [ \ Z YY AI
Z [ Z Y
=n+ Z [ Z Y
\ \ \ Y
3 ] \Y AI
.[:=4
] 305.Z Y Y
=0ZZ \ Y KI
Y Z Y> YN Y
<+ Z Y Z Y <+\Y AI
Z [ Z Y
=I Z [ Z Y
\
.A*B 3 A 24P
M!> 9? A4J?
LD @
q28
K d+
f @ oH = !
]] :T=0> => #Cj
EA 3
@{
M2P
E$
<" Q
3@ H Y 3
.[[ m$
@ T
q28
%5 E$
. E$
%" q28+ -
h h
6=+
6=. h
2>25 hN=P
==P
.
P KD
Tn>
[ [ N @ " 3 1
&. &Ri
=B> 1
T2!4>
[ N &? j + m2! m45
LD
\]
K
/! Y Y <=8> Y \ Y Y Y
.3>2
=> KD < A 3B4
!V C" K 2@ M=5
sH! 8
%3>2
Q
2" @H %3
)
s)
TL" %3
5{
j" A
.3>2=
.3
%s2 ? 8 > %s" A+ jB> @ @ 5
KV 2@ @"
A
.-B
M4
M4B> M >H Q
2" s
2" A+ T$>
m!?" mH
LD #$
MD 9i
s!
C:
9:
-i
M5 Mn D A
3.B*4
3>2A:* h? h?+ Mn m m45
LD m:" mJ5
LD
D N M.V m520 s5" m
! %3@
-
OF: h
C %3
3@
.sS
\ Y %A
=@i
/+ 4!P 3" A
.O;v
E
$ 2
#j; 3@ Z ?"
.h0>R h?A @ M >2 h
2tP M! h M 3@W #$
@i
$C E! .
A
.04
MR
V M >H Q
2" 3@ 3>2P
20 3>2t
2
3@ A-.
A
/+ 3>2C
3>8
3PH8
3@ C B?
%M >H A 8
%1
K A4!p A
!3
" > M!5
3@ B?
%Q
2A AH 4@" " Q@
Q
2B5 A " %< @ &
/+ <W0
H P" A
.Q2
5 > U
U.
U8
&C"
A
%C; 3
K T
O.
O.
MC" A
%C; 3
K T A
.38
sH! sQ" <=0> M5 <=$ > M!5 3 <28> 3>$
.3@
=0
3 H> N #$
M5n A Tj" %A@
2P"
.
=!
#j'
H 3@
\ \ [ Z :&t0
m" M+ QH &!P
%Q? 10 A
.^[b:+S] Z YZ Y /=H
Z [ Y 945"
3
m" %< 4
M 2A
$C %?{
M @ Q2
$C A
!
{
T
L > <
.......3B
E 2
%35
K 5 %<=.8> OjB
E M <!5
O20B M4
KD 4?
N %2>2
/+ A@" %0p A:
%O20 @" @i
$C &B? KB !5
<D
ML <
A
Q
2" 9 A@ %
@6i
24
A@ S KD m.4
.&? j A 3>2 A!
9!
2t
2)
/+
K &
=4
C"
f Y &
Q/ [ \ Y =C
Z [ 1;
\ \ Z [ ^Y [
Y [ ND] YDY N
] L \
[ [ Y :3B?" 1'
>8@
i
M> N 2
ND D N <" 2A" [abc:Bi
] &
\Y Q/ f Y &
Z [ KY Y =C
Y [ Y [2!
[ [ +
ZY
8 2>n+ 24
%. + &
= %P=+
K0
=5 2! h
2@ <" 2A"
%A4V M@ C@" 2@ K
=
= 3>$
V" W K 5
KV %
W
.<=.
C MJ" %
2B B O
/+ =B ARn+
@ <=B
H
245
%O
<=J /+ H4N
@i
x>=. <>{
3@ <D !
H!
%
Q:B
2 2 %Q)> TB.
M 2
{
n H04N
%Q;
O2)
/+
%~j.
2 A4!X> 3 @u
H
6
K &
=4
%%=C ND D N ;n4
204
%8
>jA
K &
=4
/+ 2> 1
3@u
%T
u
2 OjB A=P > %
2P{
KD AB+2>
2+ %D P5 #$
2
=C " ; V"
L+ %!P nR .
!8+ %Q4
h h
!4;
A V" #$
=C
<" 30>" O2 4V" <D % h
; < +
\ Z
&
\ ] K \ 3Y &P[ h
; < + ?45
] Y Y @Y ND]\ YIY!8>
<= [ \ ]=IY Y4YIZ Y+
Y [ @uZ Y Y Y N=@
Y Z Y =C
Y [ YY [
94
Y [ Z Z
.[a:=4
]
Z Y &
] &B?
Y Y Y 2P
\\ Y
Z Y @" \
Z [ Y
? -i
AC %30P 3BC 3B+ o + e
7!V" mP /+
$C T=P"
LW K4 =4 Q? :A+?D <
= %JR; L
.?@
LD 3@ !;i
~5 %Q
$F
= %J
h
3@ A / F N >H@ o=0
=0B & M$
= 0>" %$
q2V %
i
.&
Q/ &
K =C =@i
20@ 2 3@
Y 3 @u
QNuC 3@ <= +" %
A . 2t
2)
A Tj
f \\
=!0I \ \ ]
B
Y Z [Y YZ+Y * &
[ =ZY
B
Y Z Y [
YI[Z!Y
=P Y \ CH
Z [ Z Y Z Y
Z Y &*+ Y
=8'
9n4> @2 A=P <
%
Q
2" @ CHA? /+ Q!i
H <
H
j
$C [ak
\ ] K ] Y \ Z YYY YYI[!5[
2C \ ] K ] ]
Y Y Y =4I
Y [ [ Z>LW
Y @Y K
Y Y <!8 Y Y Y 2P
Z Y Y
Y =IY Y4IY N"Y YY @
Y Y &
Y Y Q
2i
9n4
.[ac:C
D] <=
\ ]=IY Y4YIZ Y+
Y [ =IY Y4Z[
&
%e"
~=+@ %d.
j>j
B %S K H4N
3@ H!B
$
!<=@ >
\ ] ] \ H4N
/F! > N '@ 2!
o=5 @ :T=0> 0@ < %A
/
3>$
Y <D
Y \
Z [ [ Y Z Y H!
.[a:r
i
] X@" \ [ 3@\ <=2
\ ] <H
Z Y [ ZY
N %D Q=
q2V H4N
+ 0X
6
j4N
KD >H =2> 34.
*; /+
\] \\ \
K
Y Y Y
I[ YY!V 3>$
Y * 3@BZ [ Z Y B
Y Y
?" Y Z 0p ; & & H4
N &5 N %&
=
Z \ Y
Y [ ]=IY Y4IY> A
.[:=! B
] <=
A m
%
84+ HA
3>H@
=; %
=0B
K
=
= &t
i
<=
@ %Q
$F O2 KD CH @ 5
KV 2@ C2tP C2t
%OH>
OH
f
U>
>$ q O20 F 9B
......
A4P O
/+ O20B
C"
C" .
AA> O20 @" D %C
2" A+; A20B m @ K4@ O20 @" D
2t
2)
2 m4!p A m @ K4@ O20 @" D %O2 H4 3@ C2 <
A@
="
*; /+ %>
2i
*; /+ A20 <+ %O20 @" D P : @" D %3
.C2B 3@ C2 A0P A4;" ND 4+ /n @ /4
34.
E4
KD ~=?
KD 4 @" D :T=0 B@
6
+D 4:" P2
4.
$C AD
3@ X
" A g!
E4
KD ? <" 9> " : 4:" 4.
$C AD %
5 :P 20B
34.
<+ q28 ? <D 4:" AD %Q
=A
E
)
B:
3 X
%Q*!
K
5
KV 2@ %*B
h 2> A*B 34+ %44+
3 4 <D @ + m
} :K.:8
T=P O> > :!' 34.
mP2"
<
-
/+ Q*45
3@ %=
$C
s { /4 5
E4
h
2" #2B
=*
.A @ ' d -
/+ =A+ F 1B ! @ X
%
h=8 @ h>2A@
mP2" %&
=@=0> .
OV K
=!l
= 2
KD
=0:
3>$
C
!}O> > 204> E
=
<"
" %<v
E=:'
Y [ \ Z [ AC"
.[aak:H=C] <=8@ f Z[ \
Y [ Z Y Y -
N %
0 N %@=0 N % &?" 3@ N
Qi O8
!
QN=
:T=0 20
r
n+ M @" %;D 30> q28
ND D N :TP 3@ /
= 3 %O N %!0
1p"} :T=0> 5
KV 2@ %A #H > T
6 N *B @20 A5
H %5{
C0"
%+
<D %+ *F" <D %+ !!" <D ^{
/+ xF!
/+ 9
<>{
o
.+ >H <D
& jJ
2) <
i
<W %g!B
@
j
E:
=A
s4 <
i
<W :T=0 20
.
ND D N + 3 %B N %E
4 N +2
K ML @ %
o=5
i
/+ 2!B> N K4 2=4
>
3 ~+2
=0:
:T=0 20
.j>jB
EF
LD 4 <- > !O20B
&C" K .5"W !/4@" K .5"W :T=0 20
.H2[ N H2B N 3>2
$A 8 A" m @ %EF
=0
=P <0 /4
\
[ [ Z IYY D] :T=0> 3 1B 3 %<+ <+ pH
A>" 1B4 N :T=0 20
8
\
/+\
=[@W 3>$
\
[ Y Z Y Z [=0I[ Y> =I
.[a:+S] HAi
^ OZ
Y ZY>Y IY Z2
YY Y Y ] Y YY5
[[
%QB
ON=
3 O=.
*4 A@=5 g! /4
|?
i
L
=0B4 N :T=0 20
f Y \ h@=IYP
=!8
Y Y Z [ \ [ <"
A Z Y
=[ I]IY!Y4IY+ n!fYY\ 15+
\ Y
Q? Z \
=[ @W
Z [ Y Y <D
\]
Y AIY ^>Y" >Y :T=0> 3
=0B 3
Y 3>$
\\ Z Y+ @ K
.[:
] 3@H
Y Y 4BI [ \ Z [ Y+
Z [ Y Y Y Y
=!84I
!}
ND D >D 3>" %<= + 3
Q/) T=0> 3 R!
<D :T=0 20
\ \
[ab:<
TW] 2BI Z Y Z Z [ [ Y ]
LY 3+ Z Y Y Z
Z [ $'> Z \ Y
[ Z Y <D Z [ Y 9S ] [8
Y Y +Y [
[ Z [ Z IY>
.ML
Tn }M$ 0>" &C }ML A+ &C }ML &C
%A@D /+ %AC @ /+ %A
p /+ %A20 /+ Q/ &
/+ +2A4@ 4@" !
H!
- KD ? =C %A z> @ N 4@" z> @ B> N =!S /+ B> T
6 N X
.......3!
o2 > @ + @ o 4
8!>
o=0 3@
2B 5{
&!P EB
T
O)
z@ K &04 QXS
}
ND D N &!P EB
A>"
|
:/
KD ◌ [4.
l & %@l
h hN
<H 3@ 2!B h V <=45 tpp !B
T= %B!
H=@
%&R!
1C6 %5
KV 2@ #2> K =
1
Q? p %xB q=+ A*B
KV 2@ T=P K*40 8" EV"
&*. T
6 N %B
$C /+ 3>2
)
K4 A.; " A$; 3@ C*> N O=8 @ 1
K /4@" 3@ .tR T
j N} :5
.{ ML K C
@" /n>
3 <=B+
2> P K <v
KD %C2B 3@ 5
KV
T=5 V 1:
%
=P2V MJ" %<v
3 3
30
r4;N } AX
S %A@ m A4
.
C8 + %
=0B %N.R"
h Q
h hN?
O=0
=P
B :#" %@
h ) B" <
2B5 =;" P /" 3 A.R" 3@ &.R =CC
=> /n> %+ O2t+ N @ K05=
F" K 9
/+ =
<=A4> 3>$
HN"
KV /!
@" %>D 20B !
%8P 4+ .; |
t 2
5
KV /!
T0+ % K !+ %HA
K 20> N i H 5
/+ ND Q/ /+ !S >2
3@ ; @ !
T=5 >
: 2B5 TP } !> @} : 2B5 ;i
@24+ !
T=5 > =
$C /+ AP6> B OHA)
@ + %
&!5 /+ OHA)
% .Rn #
{3B?" A
/ 2 Q
2A T" <= + % <Ln> %5
KV
2t0B
q;i
C2 2" %
.
A <" 2B o$4> hX@ =B> <" ? & %N
. +i
-4
/+ 3 =
%@ 2 K H
2 => }ML 3>n+ % >D 20 3@
%~j
z'
AV" 2P 3BC 3j+ O> > e
m.4> E s C m
E
!}@i
2@ =C d" !}M
M@ =C d" %<= + 3
Q/) T=0> E
A 3 > <n
.Q)> 3@ T$> Q)> 3@ jB> % OjB
% 1'
% M
% @i
%
K
#2! T
j> N} :/520
g>2
/+
T=P 5
!
8 1>:
+B@ rB> 3@ >
% 8!> #$
8 % > #$
B5 m
%4!!"
L+ %!" K4 &+
= /D
] E04>
^{ $i /LB45
3J % :i / n5 3J %A /)> /4
? %A :!> /4
2>
!} :!
&C }LB + $B4 %K:B + Tn %C"
h <= ML 00 &A+
] <D
Y Y Y Y
] \ Y B@ |P= %ji %8 %<=
/+ @ &
' :!
=
@"
Y Z [
=A+ %e.
e=. /+ 9
=;H" %A
! %A4 3@ s5i
<> h> n
A
&B> <" <= > 3>" }ML <= > 3>" %D
h h
) N h ? h R <=0 D :3tP
.<= + 3
:Q/) T=0> 3@ B@ 3 %
20 N %
=0 z! N 3 % 20 /+ ND h>
}
|
(>4
=t5
h
!
=@ K V T!
/+ hN!?
......
\ LD
M [ Z \ :8 > Q/ & 2> & % t
2> & %
8 8 45
3@
Y ^Y /=>
\ ] E=I
\ [[P /+\ /0Z\ [n5Y
=[@W \ ] [Y Y+ B@ \ Y \
KDY\
9
Y Z ^
.
[ Y Y 3>$
Y Y 3>
Y $
=4!XI Z [ Y Y /"Y tZY
.^[ac:T.i
]
h.C mB+ HA
/+ m
} :T0+ 5
KV
T=5 KD 8
2" Q?
3@ M@
$C :5
KV T0+ }
T=5 > j @ %j 2P
j 2P
:T=0>
.{ B@ &0 Q? XX
Q
t@
gF44+" %At
2" E=P /+ 9
r$0 %7> C2> % t C2>
3@ CH2@ 4@"
.O
=? p %F 1B4 F
O2 3@ h
z 2P % : 3 C2" |) > %J h
=P$> >" pp <=B>
%5
KV . A+ %2A
3@ A @ 5
KV /!
o> %~=
ND N A
} :T=0> =C <
z 2P %5
KV : 3 |) >
<=B!)
%A=: /+ <=Bt
9> { O;v
ND N A
%O;v
:<==0+ % A>
h
2" 0 @ HA
K h
2@
=B> 3>$
3
!}<v
4B> 20 /+ C.
$C 3@ 3 3>" !
ND D N
<
HA)
& &@" K Q " /
%2 N O;v z <" 2 N <D
.!04@ 3@" :
=P %OHA) E!)
2" 6+
LD %B
0 &!04
%
i
A ? /+ %Ki
eH.
/+ s C h0
@i
&!04@ <D
: ? /+ & %OHA N %.l N %m /+ N
A+ m
)
<
.j
A4 R M
9CL C=8P
f &+
A 3
2"
A6; <
= h
2S
2
<{
TQ4> % 20B 4 :mP >
/+ 84
LD !5{
@" K .5"W
!}~*
E:
=A
/+ <= O20 #" O
2t
2)
mP O20B
6
N 5
KV =CC %!
h hR!
A z! %A2
2t
2)
/+ ' 20
3@
" K4 %
2 @ A@u> 3 %2
KD A=? HA? /+ 4V &@u>
=0B . 2" <H A> 2?i /D !
7>
:AtP TP K4 A4t
= % C
.
C8 +
2 @
*>
C
D =CC !
Q
2" @
B@
=' h
H
2B45
E
)
B:
@? >
} 3@ KD :4?6 T=04+ 9C$> %p N A+ ~6 N 2@
" /+ &5D
4?6
@ . B*> N h
LD :mP %B :TP }
$A s@" W :m0+ %>D H=45" #$
KD :TP
!30
&
=4
-"
8
m => +
$ 3
2! A @ % +5" !X
H! >
=4!p
N"
3@ < p
+ /0" /F> m>j
7!V" K4 m>j
2P mS" %Q{
2" Kn+ %5" =C
H=B45 &C !} : &0+ % @2 (
ND D N) 3 H %=!C
=44.4+ %3
%O2
d. /C
L+ %- ]] :TP !}M !> + :
=P .N :TP !}
8
KD M >H 3
N '
.[[
&!5 /+ 20
$C /+ A
K0 #2? B H2B h5." / <" HH
.{ O=8 @ 1
K /4@" 3@ .tR T
j N } K*40 K0!5 %T
6
:T=0> %>i
$C &X <=B+
2> 3>$
%5{
3>2 3>j4B
<F+i
OHP 2" =CC
%HA
s" / /@"
=04
p %=40+ %m*++ %HA
s" K4 /" <==)
&04
%HA
s" @
N %=40+ %m*++ %HA
si /;"
=04
p %C=40+ %m*++
.!V h
2@ !i
K0n+ %
&!5 /+ H MC" " 8
K4
" 3
> M" @
ND D N %<= + 3
:Q/) T=0 .
o=P <D :A*B T=0
%O20B
.2" H=B+ %
KD OH= :A>H m
6 N %K
QNuC #H 20 !E
%<W0
KD ~=?
% 0X
%
K &
=4
% 1B4
!<=
A>"
KD OH=B
-
O?2
! @ 5 H =C @5D
O=;{ =C
/2 3@ $0
@ / F+"
=C L 280> &
.5{
Q
2" sQ
2" T$' <" %<W0 8 <" %<>{
K 4!X <" Mn..M=P
.>2P Q/ & K MD / <X /nI hN? @ ;" A
.......
=.F
=C D .F45+
.F45" %<=B @ T=P"
M-.>
.
2! h
2@ <" 2A" % M> N 2
ND D N <" 2A" %3B
E 2
.h
X
h 5 !V W K
KV =5
:2B @"
KV 2@ T=P #2C" %>i
$C /B> > @ & A@2P" >2C
H!
/+ M+B> Q;
/+
K rB %M@@" 2
.
%M-.>
.
} :5
<" K
=B4?
= @i
<"
% 3B45+ m B45
LD %
Tn5+ mn5
LD %O2)
g>2
$C 2 :QB
xB T=0> %<W &
/+ %>i
$C /+ g>2
$C 1!:
/.5" % B A.4
A.
P g>2
$A &A
3@ .5"W .R" @ 2
/ )CHn+
.......3:.
+ 2! A+ K
20
Q*0 <>{
C"
H!@ %A20 V %A4B> " 3@ ABP= AA?= /+ 1: @" D !<=@ >
] [ D]\ : &? T=0> % >D <
" 3@ h- h
2P
Q*0 <>{
&X> %A >H
&
2 3@ @ [:E
ji
] h
20@ [ Z Y h
2P \ ] @"Y <
Y Y
f Y Y\ [Y0; f Y
[ Z Y YY :T=0> [:0
] 20 ZY Y Q/
Z
\ f \ \
/+ !8@Y [ 3@ Y Y Y @Y
20 ND
H! /+ N %
" /+ &8 !8@ N %2>
Z EV"
\ \ \ ] K Y \Y <D] \ C"Y YY I!Z IY <" \ Z YP 3@\ f \
/+\ ND]\ .I
\ \ \ ZY Z
Z Y ZY
=5n Z Y * >
Y
Y Y ML Z Y &!I Z E4 Y Z [ [ZY" /+ NY
i
<D [ccc:2>2
] ='+ f Y Z [ &
f [ Y T4'@ ] [ 9> ^ \ [ N [
] Y
W \ [ Z Y N +
Z [ Y
Y
=.IY Y Z [ Y Y @Y K YY
>j >=P O20B
2i
@ 0>R 1) B> %2
9t8@ <=A> M$ 0>
3@u
3@ 5 o=P" N >j K*@" A
>)!
B4
/+ m
%PHV
<n 0> %&? " HH " |P= <H '
3@ j + /*> =A+ % &?
2Pn
<= A4P %A@- %A?" CHB@ C"2!@
C2P 2P
i
/+ OL &
\ [ Z Y N + \
.[c:2>2
]
W
Z [ Y
Y
=.I
Y Y Z [ Y Y @Y K Z Y ZY
Y Y
=5n Z Y + @
78> 2> &B> & %
2P K
4B> + % 94
@ ND n> 3 " B> 1
3@u
%:*@ O20B
2i
$C <=0> 3>$
@" ^{ 3@ ? 3@ 3@u@ 2> N} Q:;i
%H0
#=0
1'
<= > |B*
q='
<2> OA @ >= B@ %@jA @ +"
/VB
<=BP
=> %Q;
O2)
T /+ A <= > %e
E z' e
<284>
3@ =
3
/+ 2?=> %A." 3@ 2B <= > D QNuC %Q
*
Q
T /+
\ ] @
[ Z Y
ND]\
=0Z [ Y ZY +Y }
@ @" &C }O20B
3>" }<>{
3>n+ %<
@i
2 #=4>
Y Z Y 3@n>
Y [ \ Y
.<+
=0
ND
@ 3@n> N %[:r
i
] <5'Z
2B
<= > <" &!P >2>" m!
." &;
H 3@ =C )' #$
/00
2B
<D
] <D] \ * M.I \ f Y 3@\ MV"
Y \ Z Y 3+ \ ] 3+
\ f \ Y Y @ /?'
@Y I[ YFI[> N Y
Z Y J5Y Z Y Y Y Y @
Y Y
Y Y Y
Y Y 3@
Z MV" YY Y
\ \ f Y\
.[aaab:2
] A.I Z \ [ZYn @Y
I[ YFI[> K4
] Y =0
Z
!}00
$C =
<=
/B> &C
N BP=4
LD B@@ m0p" %@ |V 4BR %N=0@ B5 20
9
3! +8 TB+" 2? & %
i
E QN=
t
A+ )
ND O=P N T= N %< 4
%<B4
%MJ" QNuA & #$
A
~j.
!}
3>" !-B
/B
!}
K &
=4
3>"
}/>{
H
2{
ES /+ /t
$F
H
2{
/ F>
L@
=C %>F
=C />{
H
2{
3 % ."
2B N :T=0 N %/t
$F
H
2{ en N
\ Y \
=0IY ]
3>$
\ ] ] / YI> :
2> #$
&!
Z \ 6Y .
.[a:@j
] A Y Z Y [
[Y
@i 45 /4
&
H
2B45N
r4
=A
9B
O K= <" 9> %2 H
2B45N
9:4 @i
A /4
&
<D
&
=4
30
HA
9>24
)
2
O=0
<>{
A@ &> %B? S KD
&8 @ <n <>{
%3B
E 45N
%2P
Q*0 <>{
%:
=4
#$
<>{ d.i
2B + %H
D 2P
B =C D %
=
H
= 3@ &8>
Q2
&V
= %O2)
KD n %
K
= :&0 %2t
2)
A?
=@ :4
O2
VV 1: 3 " 0>" ML 00 = %>H0
# |:> <" ~*
.j>jB
#=0
=C
]8 B4?
&! 84+ %
<L ND
&
H! OH=B %O2 E!
74. %4
H
2{ %
~ 4 ND 8
&8> 3
.+ %A
-
$C @
H! 3 %5{
(> /+ ML <
A
<5+
%C
2" A z5 = K4 8 ; @" @
2 @i
$C %-
*; /+ '>
¥. %2?
%
Q" At n !}Q " #" 3 %At n OH=0B@ T@v
t)!
<+
H! %38'
3PH8
KD O2
%
&!5 /+ =
O
=C %'
/!@ %E4
.QNuC /+
2B &@i
T
6 N %A
H=5" %&
/+
@} :pi
/+
&t0
=A+ %D ~*4 %
K rB4 %
. % 84B +
+ { h?'@ h?+ A @ mB? ND
i
H + %/ #H! 3@ 2! 84
3@ Q
2i
K 2"
KD + &
r=? /+ 8'@ 2 %
KD &
r=? /+ >2>"
j> j\ Y #=0 ] <D
¦ \ YY Y
] \ [8 ] <8
] Y [ Z IYYY @
6F
@=p
>$
& 0
[ [ Z IY> 3@
Z Y [
.[b:
]
!3@
i
" > C" m" @ %C" 3 @B
C
$ /4
8
:!
AP6
A
%s /+ A &B?
A
%s
2A A0+ A
!3@
i
" > 1
K A B %s=
LD
\ Y
3@\ 3= \ Y <D
Y \ 5'Z
.3> Y ] Y [ YY YI
Z Y Z YY YY .FI Z Z \ Y Y.I
Z Z Y Y [ZY" Yl
Z YY YI]Y
Q).
3 KA O8
<D O8
P" %
Hj> B K
%
$>
L
.<=B 8 @ B>
%!
"
$ %
.tH! QB45
3>2
$A 6
j4
@ 3 ML <= > <" %B
9R
&B
B
9R C"
:2B @"
3@ 3 %3=F)@
<D 1tPH B
!R @ B <" 2B> > !
/+ !i
A>"
:&t0
T=P E
*!
/+ Q
=5
h
= /VB
3@
"
f K A @ 2
@ -0> f &
<= > K4 CAl K C 3 @
94 > 3 % KD
f
.2>> @ $ &B.>
#$
%25.
78
%V BtR %?+ %
4
A!
> mP
.
9P> #$
% .
Al K h
H
+" H:> #$
% .
/+ 78> #$
.
/+ q'>
.h
5 s> N
f #" :9!
A>n> M T=Pn+
} .
Al K &B.
L@ } .
$C K m" H+
<D %
MC m C <D Ai .
L0D T> 3@ <= <" 2 N :9!
A>n>
.
z05 m:05
#$
%A =0> O2 3@ 2 N .
/+ 78> <" 2>> #$
<D :!i
A>" > T=Pn+
f /+ 3B@ q; UVD 2>>
2> %!5 @ B:P 3@ 2 N % B@ u@ 3@ 2 N %3B@
2?
.A
Qi
$C 3@ 2 N % B@ R; 3@ 2 N %q'
$C A
f
/+ 2>j+ $C q'
3@ q; UVD T5 B
>2 3 > @ @ <D &
%
%UV{
/+ 2C <" %
h >D <= <" 2 N %UV{
2>> g 3@ 2.> i
!9!
A>" M mP
B
M5 3@ 3
:
/
+ T=0>
\
0
U=
E .l 20+ hN2
N B
9R >
.
qF45 %J
h m @ / % .
$C /+ q'
$C 7V" <n #2 "
:hJ &B =0 <" 2 N h
LD %<
A@
3p=
H! &!P 3@ E$B@ 3B> B
f /+ .
L0D T>
#8!
3
.{ 3@
" h 4
3@} :=4 > N
f ? K+ 2C? 2P 1>S
. - > /0 ;W 1>S %KB !5
<L h
2A A
.
0
dJ A? KD
$A+ .
q
SD /+ C5 " m C K4
f ? /+ ND |0 N
.......240@ M@ 2 q2V 2B0@ /+ A
B
9R >
j@
:>
j@ n M8;
<"
: &B B
$C $;n m" M T=P"
.{ <W0
B 3@
;} :>'
:Ki
.e
; <= > <" 2>> @ 2
&
.>'
$A j. <W0
B
.O;v
2
/+ OQ=
O*
/A+ :X
@"
E+ AB5
C
Hn+ %C=+ /40@ 5 h"@
*} :5
KV /!
T=0>
.{ @5 3@ K" !@
f
T=5 =C M2B> #$
%N2B@
h <= M" /C %Ki
3 &0 N /A+ :O;i
!
@"
f &
3@ B
$C &>} :T=0> 5
KV
T=5 <+ %5
KV
|;
.{ 3C
&>n 3:!
T4
3F
|> <=. > %2
B
9R /+ |
T
44+ %<
LW A <= > <" /t*" H=4+ %5" @ 5i /D :TP }B
+:
=P O2t.
$C KD 4 3L" <" K 4> =* &
<" #" /L" mB45
M!R + :
=P @ K &'!
@ K ~=
~=
:TP } MV
/A+ A @ ~ 2
ND AB@ @ O"@
S 2
A d C2= *
O"
9R :TP }
:ML 2B T=0> p O=P 3@ m" @ & < @ &
/+ !:
f
/
= N m N |A / @ + @ s2 m
: #=F
e+ 2" T=0>
4)
H |>'
d!> |8
M>Lu> <
LD
h
Qj? M4P 3@ 2 %mP &
/+ $;n <D B
$;n K4@ !}B
9: h
LD |
!}B h-
.~2!
/+ <{
P= O=2
<D
O2
A>" Ti
U
%
KD
=H A42 /+
=BP @2 24!
<D
@@" O2P KD -
LD <{
<i %*>"
h ML K X@"
$; M$ %B
9R =C
.A8; !B i C20> <" T> 2P h*>" 4@ O2P "
mP O2
E)> %=
/+ O2
" ND &
n> <
@ :
#=
@{
y8
d'
e2> =C 3@ @ %5H
h ) 2" 2
=
=
/+ /0> p %94
/+
!}2
=
=
/+ h5H ) 2n M + %?*
x0 C
>
/+ mP @
% 5 ) /4 p
? :$@ 2" T=0> :
#$
@{
.B
94
90> =C ?
5 Q/*@ =C ND ;W /+ " &
T" /+ /
3@
.
=4" @
=4n+ %B
$A
=B+ %B
=A4
%B
/+ A=A
/+ .
/Vn+ %.
OV &!P / -P= m
:@" 3 T=0> :
2" @{
O) 5H
mF <" 2B p %<W0
. 2P
= 5 ) /B@ 9C$ %2
" O5 <=+B> A4 > % 2" " 3@ X@ 3B> A@i
m > %i
KD
-
#$
MH=45" %-. hJ ~H=45
LD
<D :mP 9C$> <" H
" @2 %B
9R
2B <v
=C % 2" @{
H=B QB V KD >2
KD @ KD 9C$> %Bt
H * N
2" @{
2 ND !4
3@ !4 @ &;2 @ %B >2>" 3 /
A
3
$C
M@@"
f Z E
!84
@
2P" K m@Y ] [ @ !0
S
[ [ /
Y E
] [ >
......
B
E: >V
......
B
9: 2t
=.
? C"
9R
!9!
A>" :M T=P" / %J
h 20> n o> QNuC 3 4> => <{
<D
O2t+
h h
2S O2t+
h =
O2t+
h <D %X
&0
KD &0
<+ 2t
=.
3@ O2t+ <0 N %B
z04 /4
B
9' 3@ X@ h
2S Q/ =
z0
~4?
&
D h A Q
&8>
! ? 3 3@ *5 D %! ? 3 K0!> N F!> N ! ? 3 K0!> Q/ &
.n5 :T=0>
.Ti
@i
=C
$C %3 > n
o;" W 3
.A@ /+ T
j> +
<{
<D %@"
h h@" m" C04 / &? j
<D :9!
A>n> M T=P" p
.p"
L@ e
/+ mBP |
B> N h"
/@
f /+ :T=0> % 80
&C" 3@ e
2
3@ 52@ /+ h05 /t@6 2" T=0>
Pi
3@ mP
/+ ;
i
)B
/ /+ mJ? % @ KD hA4@
= 5 ) /
= &!P 80
3@ m!CL
LD %AP
n %CH=B C
LD % o2A
&!? z5 /+ @ E! 3@ =
LD %<*@
/ %!?
=
3@ 9?
= QNuC KD Tj
<D
:mP m.P=4+ :TP %C=A AX!B C
$'> <:)
%J
h /
=B.> " /Lu> " /=*+ AD Tjn+ %o 5
== > <" K);"
2P :T=0> 2 |0+
3@ h
@ > <" 2>> 3 <{
KD /n> <:)
%z0+
.'
s4> K4 %Q/ /+ 0 2P !4
%
$A 344.
p %s
L
$C 3 m0!+ %?n+ %+=;
h B %#? / +
i
KD Tj":T=0>
e
!
=0
!
=0
!E!)
A>n> :A mP AD x
" mJ+ %o;" O@
h m0:
!
=0
}<
$C /+
=8B4
3@ <=?' 4" %
KD < @ &
3@ <=n>
%m*@ /5 m!
:TP %Qi
3@ hJ /B@ &B.> C2" =0> <" h+=; mC p :TP
%4 1R" 2P '
5 &?
LD
m;H %2B #$
<*@ /+ mJ? p
/+ /
B
@ &C :TP }M @ :mP m.P=+ :TP %!h h@n /+ &@n4>
LD
:TP #$
m" h
LD :TP %B :mP }/.
<
/+ &!
K <*@ 3@ ;
i
)B
/B@
M /+ (
=0
)
p 3@ Op " :/ T0+ %B :mP }EC p
=0
.O=;{
3@ <
=;"
f 3@ m?; %&? j
<L PHV A r=; K |B K
%qHV 9P
. @ m 4+ h; h!P m+H8+
N <
T?
3@ &? :T=0> % Q0i
Q
2B
y8P 9V C
$> o;" pH
L"
$;n> ND B )
H
=
3@ H KD /n> N %rB5D 1t5 &B> %
2"
h B4> N
$4>
f :P &> n
%o;i
2
/+
3@ hB:P $;n> %2> /+
n
A? %?=
4@ %
g
h? 2?=+ %&?
$C KD m@20 %/5 mB
f P
M@ =C % : &.5" K 2P <=
2
O
H=0@ H=0
LD %Q* dR
/+
LD :TP %mB:45
@ ?;" <" T" o;" O@ mB? O
n.Rn+:T=0>
.{ =J+ + h+B@ D V 3@} :T=0> 5
KV T=5 <D :T=0> =
5
1
!
1
:TP %&*. :mP }A!0 &A+ %8
ND -
$C /+ / > M M@" N
K o=:
%
/0 p %
T=5 h
2@ <"
ND D N <" 2A" !Q=
0+ s>D !
.O
H=0@
s
L /+ d %N
h j6 / jj An
/L" /+ <
%ML 2B #? / ":T=0>
4B O
2B0@
O=0 $;" <" ND / @ <
+ :TP &?
$C " ND <
45 p !
1
!
1
:/ CL /+ q: P:
m
6 @ %1>:
/+ /)@" O
/+
m4S
%/C" KD m!CL /4 KD mB? %
h XX
/+ H
=
P KD
KD m!CL %mV 2
KD m0:+ :TP %.
O8 #H > #H
LD %n=
ML = s" #$
2
:TP
$
$
$
2 :mP %!;" @{
. &?
KD O=2
/+ !?
Y [ \ ] K+=I
<8
Y ] \ :KB TP 20+ !!8 !!8 !!i
A>" : T=P" p
] Y [> D
f \ F \ [ ZY
Y \ ZY C?"
.[ab:@j
] E Z Y
:3>2
/+ @@{
T 30
!8
j
&L ND &? j
3>H D &!5 /+ O
$C /+ 2? & <D !V @
] \Y AI \ Z M$ 2A)> P
=
%rB@ 2C)@
$C %9BV &
&?
Z Y\ <2AI
Y\ @n Y [ Z Y> ht" Z [ Z @ YB?
YY Y
.[c:O2
]<= \ Y\>w\
=
Y [ P=> [ YY
I[ YY!V
]Y
[
Q/)
=C !8+ %A o240> t" AB? &? j
A + %
>w
= 0>"
!V
.!i
A>" /X
3>2
$A 6
j4N
=C 3 3>2
$C &> 3@ @ <i %3>2
$A 5Q + <" :!i
A>" > gX
@i
%Q
/+
T:> =A+ 3@ 3>2
$C <i %
2"
h
. > N
$C %e"
Rn:@
@A
~=+@ m" F! <" M 9> %Q/ =B> N &? j
3>H %
3>H i
OH! 3@ H!B
' J?]] :U28> =C o
<
=>D /+ @ 3 /B &X@ 3 4 %@0
T2 KD <>Hi
=? 3@ %O;v
B5 KD 2
1 3@ %H!B
E OH! KD H!B
.[[ 5{
.95
mP=
/+ 3 /BI
<= <" /F! >
@H @
. > 3
=+ ND %jB 3>2
$C & <" !i
A>" mP
/F! >
. 5Q Rn: Q K Q
$'45
K
C sB@ KD
N
3@ $
.M N O5; C sB@ KD 4 N" /F! > ML 2B :!i
A>" T=P" p
:
mP=
$C /+ hNX@ E"
.Q" 3@ + 94 m@P @ %|5i
@ @
@ /+ TX
&!5 K O2
O2>?
A
=A
o> @ K K5n> <j <{
<D K4 h@= E!)
!
<!5
.C$;n> 2" N A
&
0B@ C
m
/4
O25
O2>
$C
4)
:AD - N QNuC %ML q=+ = <" % .i 9*F <" /F! > N !O=;{
A>"
f &
=
\ >2 hN0X@ '8
7!Vi h
40" o= 9
s #$
3 %
L
h
<= > & %S
> <" /F! > N %S 3@ 4 <" /F! > N
s C <" K T2> X@i
3@ &X@
$C %s4 95 @ mP=
<" >" K4@ % J K4@ ."
.!i
A>" &;
#H >
/ <.5 =" %V" @ 5
KV /!
EV" 2P 2" BP /+
@ %H C@n> + } +" } =" +" }2@ +" :T=0> h@ <= > <" &!P
:&t0
T=P E 3@ 3 %mP=
ML /+ S" <= > 2P E
=
<"
UVD
[
B
<=8 h*>" + r f " &C?
1" f 3 m8
U!
[
B oj'> 9
4@V /C K)'[ 25i
o @"
=
=>
[ h
2
4; <D m?+ 4
<+
/5=
K 24)> @ X
" /VB
3@ 8B@ <=! > 3>$
=;D K 24)> *B
.!i
A>n> &;
$C %/
8
#H=A
/*+
/B)
f /+ >
CH" 3 C
D <D
#H=A
T=0+ %9
B@ #H=A> K >i
3@ =>
%
P KD @i <= A4> <=tjA4> <'> <=
j> N C jA4> '> =C
@
%
T=5 h
2@ <"
ND D N <" 2A" :#H=A
$C T0+ %AR" M!
9$+
.Q!i
q;" ND $C
Y \ Z Y 3@
TW] M= \ ^ YZNY 90Z
Z
=*.I Y \Y h-+
\ Z Y
S Y m
Y Z
[ =
Z Y Y :KB TP %
p"
$C
.[a:<
f
<= 5 0+; & <+ A 4S+ M> m!C
LD
O
<+ T!P{
$C &F45
%;n4 + &? j
KD O=2
K T!P{
2?
LD
T!P{
sQ?
L+ %2
V" A xB 2P %
=B4 N 20+ V+ mB @ K4@ %+
$A+ %Hj+ 2>j <" mB:45
<+ %h B@ h
2 M. *+ %M. 3@ T!P{
2?
!i
A>" d B
Q?
LD 3 %>i
3@ => /+ V.
$C 2 N 2P Mi %V+
f /+ " O=H /+ <
Q
=5
LD TX
&!5 K % Tj N h B@ h
2 M &B?+ %;W @"
O4.
/+ M KHi
2
3 + 5 " hX@ O=2 2
=
=
/+ y8' m
.m.:' = K4 h
2" A Tj N <4
$C %X@
h 345
%mB:45
@ P :T=P" &
P /+ !S < /n> h" %&
P :TX
&!5 K
f 2B h
2S =
~:45
@ =0> e
xB 3
2B 0
s4+ /n> p %Q
#$
2S
.{ &P <D @H"
KD &B
9"} :ML
N $C %~==
KA4
=
@ 34B
%
/+ 34B
3 %KH" h
2 M &B?
:T=Pn+
<" <{
KB+ %>A N @ KD @i
.4+ AP=+ @ @" %.:'
h m.:' = A Tj
@ &
&F4> T!P{
mP /+ %2
$C K |0> O4.
mP /.+ %h B@ h
2 . &B>
: TP %$'+ dD Q? 2= TjB
LD
2
%38
0+ M p %=P 3@ >2
1 3@ <D %1 M M. %M 1" <+ h
2S %M 1" MC" =
%=
$C ~H
f &
/n => % &? j
C@" @ ! <" M d.
TH %A. 3 TH d.
}A
9?" C 0
LD
h" %
=; X
. &P Q
<+ %M
=; ~4?N M %38
0+ MB+
&. %>j :B+ %
=;D 2" KD /n> %o> @ - &@" !; <{
/n>
.. &P
=; X
mP
Q
<+ %M
=; MB+ %2>2
QB
=) @ 3@
/+ %o
L C5 /+ %O! A /.+ %&> <" /F! > N &> N QB
3 g>2
%i
QNuC 3@ M L=B D A
% N O=H 3@ %@2 N 3 3@ %)'> N 9P
Q/ &
K m" %CN=@ A m" %C
6 3@ ; m" A
6 %C
=0 5=. W A
.>2P
QB
!;" 3@ >V 7 @ !;" T=
$C /+ ==@ <D !
/+ O=;{
A>"
\ Y CpW QB
<+ %C" ~==
$A %CpW A@
A@ \ Y A
[ [
O8
T=5
<+ %A @ <=A > /4
O=!
O )@ 3@ B A
=P" C>V
{ +
$;" $;" 3+ %B
=p D %
h >H N hCH
=p=> Q!i
<D} :TP
mF!:V" M$ %&? j
T
=P" A
=P" A
=p=+ { Q!i
p QB
<D} :TP
E4
=C N" @
=
pn4
2" Opn4@ C>V m
A4)B@ A
=P" A
.5
KV =5 5
\ Y Y\
<=BI
Y [ Y [ 4 \
Y Y E4 Z Z [ Z
[
Y :KB !5
TP 3>$
3
QB
$C /@ y;"
hO=H %
h %
h2 %A+
h %-.
h
E4
<=B> 3>$
[k:<
TW] <=52 Y [ [ Z Y 4
Z [ Z
[
=
$
1
K 5
KV
T=5 5 <=B> 3>$
%+ oLi
K h
!V
<+ %
ML &!5 /+ oLi
K h
!V O=H h %
h h
2 %A
h + %-.
h
E4
/+
\ ] [uI
E4 Z
Y Y
[
Y Z [> <" f Y Y\ <
\ Z Y )! Y Y @Y :&? j
T0+ %M$
<= <n @" &? j
\ \ ]
==
\ \ \ \ \ \
==
\ ]\ T=0I
Y [ Y [ 4
<=BI Z [ Z
[
Y 3
Y Y [ [ 3 Z Y Y ]
<H[ 3@
Z / h
H!
Y [ [ e Y [ Y> p Y ] [!^
Y Z
] [ O=I Y Z [
Y
.[k:<
TW] <=52 Y [ [ Z Y 4 \ Y Y\
Z [ Z
[
Y Y E4 Z
m" @} :"
/ 9R /" 3 / 3 #'!
o 20+ %A=0 A
2
=!R;} :78
/+ h*>" &0{ 4+ A*B! <
ND A=0 F! N hX>2 h@=P 2
.{ =5
E$ > <" <2>" %<=+B> e
KV
T=5 5 B /+ %
E4
B /+ C"
= +" 3>$
<=
QB
QNuA+
\ Y h
2?5
\ & \ Y =C
$>
[ Y Z Y htP
Y Y \ Z]
QW
Y Y mP Z ] Y :&? j
TP
1
=
%5
Y [ 3@"
.[:@j
] <=BI \ ] Y Y > 3>$
Y [ Y Z Y> N 3>$
\ ] \ Y &C &P[ \ \
Y Y <=BI [ Z Y Y #=4> Z Y Z Y Z Y Y Y Z Y =?I
[ Z Y>Y YO;v
Y Z
<=BI \ ] #=4>
Y [ Y Z Y> 3>$
\ Y Z Y &C
Y Z Y &P
Z [ :=0 &? " :
H
6 /+ #6=
3
@{
TP
Y Y \ Z $>
O;v
\ Y h
2?5
[ Y Z Y htPY
\ &
Y \ Z] QW \ Y =C
Y Y mP Z ] Y :=P 2B %[:@j
] <=BI
Y [ 3@"
\]
Y [ Y Z Y> N 3>$
Y Y
$A
=.8
3>$
C h0 <=B> 3>$
<" KD
$A " ^[:@j
] \Y Y Y Z Y =?I
[ Z Y>Y
.[:@j
] \Y
Y Y Z Y =?I Y Y \ Z $>
[ Z Y>Y O;v
\ Y h
2?5
[ Y Z Y htP
Y
\ &
Y \ Z] QW \ Y :.8
Y Y mP
e
LD <W0
&@ rB>]] :TP " "
/ H=B@ 3
3 &0
/ TP
" [[ <= *> e
LD t ! %<:.> e
LD A %<2P
......."
QB
5 C"
5
KV
T=5 5 /+ %
E4
/+ C"
= +" 3>$
=0
QNuC !;n+
C!;" &P 4 %C
$4 C24 d
20B <n 00
h
!V O=H
h h
2 h h
:&P h>2P %
=F @ h
> h
Qj? = ! + %A
+ $)> <" &? j
&
]
U+
!)4
<D AX@
== <D
=A!)4+
<i ND s
L @"0.
3@ X
3@ /D
] 9" T?
5" :
/ . /" 3 &0
B4+ 9:
AD 4> A
$) 3
QB
3@ =0
!;" %T?
5
MJn h5n hQ
24P
*4
T$ HA4?N
K B %B
9R /+ 0>R V
=@ K
.C!;" <=P 4> <24> <Q0> 3>$
30
<"
" : @i
s=
(> /+ -4
E4
/+
#6=
3
@{
TP
!0 %=@i
9t K M$ :> <" AC" 3@ %OX
2t
=+ (>4
L /+
3 =" TP %!;i
~ h
2 d. + %!;i
~5 %20
|>8 %3@j
: &P U
E)
&
n
O$ @ m!CL !
2P &t
3 3@ &? &P : QB
T?
!;" 45" :TP }2
O$ 3@ M /0 + : &P %N :TP }= <" 9"
"9tB
45"
>=0 %A
Q
LD %9C
=
U2P %p=
U
OpD %t
jB
TB{ 5 '+:h
LD
%A+.5 3 +4
%=@i
/B@ KD /@4
%/A @" <H Q2C m8 q;i
QB
xB! 5 OQ
P =C
ML KD &!5 ; r5i
Q?i
Q
$4N
%3
38
9P @ Q4?
3@ /4
%Q-B
T?
!;" K r=P=
%Q8
.3>2
3@B
QA!
QB
3@ E
4PN
B
&C" 2 &>2B4
U
/+ z
=
? - O2P $C .*. 80 9C 80 3@ X " *+ < 3@ :T=0> %
%&0
y0
F> X
&*.
<i 80 y0 3@ + @ 9! @ $> %
.{ g!'
&> 34P Q
LD} :g>2 324@ &P h>2P
3
LD ~?{ =C : /52
@H 3 OH40I 4? /+
/!C$
TP
+ %
$C @+B
=.B
Tn 20
o> <
&P M$ rB@ d2@ + ~
> %
=V X
LD B
t" 3@ !
<D p :h54@
/!C$
TP
* N %N6 .F !
V r %
L Al %
%1
.ML 3@ =4
=? %J:; 42 /+ #240 N % 5@ K %+:8
:TP &>2B4
U
/+ z h*>"
$C s!
3
2! 3 <X 3 <
2! o
35
3
m!S
LD %
$ t@ K &?
35@ m!S
LD]]
35
=" X
" <
<+ %X
" 9Sn O!B+.[[ 35
$
5" % A)> %J5 3 /=F %3 @ 78
O=2
'
%U8
9? <+ %
T{
H.
T*
9S <
<D %D h
5D A
] [ %9F>
. @ $> ]
9:
/+ B
&C" !;" 3@
......
r'
/+ /B+)
@{
q;" 3@
H=B@ 3
K H> 3@ |P=@
.s
6D ++ H=B@
.
6D T
jD /+ $ 3!+ [[e
" " = /P <D:T0+
: TP % H=B@ 3
2! K H &?
ML <" "
/ ML !+
H=B@ 3
K H
$ C" : T=0> %&?
E*> &B+ }s
6D +
L m"]]
.[[ ! H=B@ 3
K H
$ C" !
<>{
B
&C" @ AH" 04> / X@" &?
$A h!>Hn ND 3@ s
L @
.&*.
e! 3
2 9:
EH"
% mp 3 2>6 KD P A
/ e! 3
<"]] : 5 /" 3 3 2@ 3
$ C D: e! 3
T0+ 5
KV
T=5 3 > 7 :T0+ %
$;n+
B
ML &8 M$ %"
/ H" 3@
$C [[ t
!
tB &B.
.{ &>n4
%3>2
/+ A0+ A
} :5
KV
T=5 Q2 45
/+ B
9R /+ !B4 N
80 N :#" B
9R /+ N / > :T0+ %@0+ %@=P
.2!B
$C #2> 3 L K" N
Q? @5{
2
&
& %@6 /+ e
M@ #$
e
.; 3 @u
@" <":/ B>
N Q: %B
3 n> D d+ %14" p %O"@N K=@ <
U /" 3 Q: 2
%" Q: 3
/ .P 3@ 9>P C A4J5" K A!> !0
h!04@ D m.4>
L K" N /+ %B
9R /+ N : ! TP %5H
h
$C 3@ $;" <5 <" H=80+
.<
@ !4 2!B
5 %2!B
$C #2> 3
d!40 =B
= 3@ d:+" =" &"
.
% /:)
!B 3 gB" p2 % 3
2! 3 50
p2 :TP % s2
3 3
% s!
3
2! |; e
&.+ P
2
<C :/ B> 2
2P :TP
3
2!BI+ %3 @u
@" + 2P #$
mP=
d. /+ 2P s!
3
2! <" rHV
mP /+ P
@20+ %@6 /+ 3 @u
@" 2
<C %g>2 3 @u
@" s!
mB.
%j
3@ TB
mB:0 % s!
3
2! |; e
&.+ :TP %2
}
$C @ :m0+ %80
3@ 3 @u
@i 2 " m+n+ %O!F
N M
$C
:mP %2P s!
3
2! T0> % <5
; &C" 3@
$C:
=0+
.<
=" ) ND e
> N #$
2
<C M@
9:
K g
/+ #2A@ 3N 8
%4 S => =A+ %B
/+ P=+ &?
&?
/0
LD :T0> <
: #2A@ 3 3
2! TP
.B
B@ e
2 :#" %5
H %B
/+ X@ =C 3@ /0
LD
" %C=4-.
== <D >=
3Bi
" %
= " %g>2
/+ i
O2
OV 2B /@=> H <= >
$ C %=4-. 2P
== <D Q/ &
&!P hN"
E4
+ ;v
A*B !'> %*B
h *B . > %*B
h *B B> M
P" 2" m" .
: #2A@ 3
T=0>
=B!4> |
<
- E
$C <+ %QB
3@ B5 %B
3@
h@@D <= > N %
= H =C 3@ /0
LD % @ B 5
H %X@ =C 3@ /0
LD
2> 3@ N %2" &
3 2 3@ h@@D <= > N %5 @ & 2 3@ B
/+
.L)
%
Pn+ %ML K A.P=+ &! 3 2" K =*.> =.
2>
=
3>$
3@ h@=P
%O2>2 =0 C
D A!PB+ %B :
=P } &! 3 2" K /=*. &C An5 :/ B>
Pn+ %
=" 3@ T /+ 1" %A!" &? K / *.4 /=4l :T0+
q=+ =j" =@2P A" 9!
% @=> 2B /=n + %
2"
h B
3@ hJ B5" N
.
- 9 4j @
<
:TP %
>? 3
L @ A
/ A
|
!;" 3@
%2
/+ > B
3 :0 @ =C :#" %h 5 3>) U /" 3 Q:
+ 2
&
/B4
%0.
2
+
#Cj
EA 3 2@
$ : 2B5 3 g
TP
=C @ ML T
6 + %=4@ d? =C hX>2 Q)B
2B
6
$> @ /+ =C %g>2
$4> &B? : <
@ TP %7!8
R K4 g>2
/+ g!>
M$
=C .
R K4 Q==
K =C Q)B
OV 2B B
94
/+ g!> g>2
.
/:0 )
3@i
2@ ()
O20
2C
j
2B
@{
()
3 &0 80
$C 3@ h!>P
. 3 &0 g OA ac I /+= #$
<!
Q
=" 9V
Tn+ %AA.> + %0.
/+ n@ m '>)@ 3 B
9:> H /+ <
"
m!CL %/' 2 3@ K*
/+ m+8
+ :TP %>D AA.> <" :4> + %A '
n
$C U 3 g" %A+ "P" A)4+" $;n+ %N=:
)
94
KD
%&
l" EF
V + :TP %Q)B
EF
8B
A-
OV / 4
H" K4
K "P" m+ :TPQ
8
/+ m
A Q/*45i
/ 2P=> <" /@H; @"
p %d)
mBR K4 "P" m? p %.
m8+ m0+ %.
R K4
Q=
.A4 ! A40 A4A+ %U==
&
#2 n
m
K4 d)
mBR @ / D
.
Q)B
EF
8B
OV 4
H" 8B
OV &!P g! "2
=A+
% T
=R 2P> %
B: " %O8 ND A @ =0> N O2
? /+ =C
.A
A." A > K4 B
AF)> |
<
$ C
9:
/+ @i
! C
KV
T=5 x!P ]] : e! 3
TP :TP %"
/ @ 3
KV
T=5 EV" Tn + C :8i
3@ /B@ ;W E) mP E " 5
e
<" o"! e! 3
> M h! > :T0+ %X
=
A+ %A @ B4 %5
<" :/ B> ^[[ A+ 3@ 5
KV
T=5 EV" 3@ e
/+ MD <=?4>
e
<" e! 3
> 3-" %X
5
KV
T=5 V %<H=?=@ QB
B
!R xB 2 + %=
B
!R 3@ AB @ h
X
%z!X A+
00
/+ $C
o"
L+ %z!X4
C <= > & %
2A4@
h 3B> N %2A4> h
2" s4> N %9:
/+ 2A4> N
+ 4.> 2 %B
U20
+ T B !R /+ 2A4?
2
25 3 9R
&8
] #$ =C + %B
&8 3 +8> K4 %B
0 3 +8> K4 9F
/+
%'
/+ =C 2A4> 3@ 3
| >
$C %S g #$
=C N .
%S g> . B
9:> <" %
/04> <"
K 9?
=
%T8'
3@ $C
z!X> N % 3@ e
| > <" 3@ &P" + j <+ %B
9:> <" 3@ &P" + j <+
.&!
M5 2
25 3 )@ 9R
\ > " e! 3
8P /+ O!B
9R K >=0
4>j 3 ?
4> %&4. > %3X
%2BP
: T=0> %ML 3 +8> <" H
" #$
#8i
E)
$C
KD 8> %B
%MD e
4> 3 %X
QB
% / <X H=?=@ =" X
QB+
.B
9R 2
25 3 e! 3
& %@ >
Tn> &!P" :/ B> n
K " m!P" B
s :/ B> s
L s4+]] : e! 3
T=0>
> 8
Q 3@ CS / <X /" 3@ 8
3@ QB
/+ &?
/v m
<+ :TP 5
KV
T=5 g>H" A #> A @
.[[ 5
KV
T=5 3@ B5 " / F!> 2
=
g>2
7V M> @ 2
=
24+ %<v
=C
h
@ B
3 > A
/ A@>" /+
A
%g>2
94
3@ CS % @ 7V %g>2 rNW ; + 2> #'!
KV
T=5 g>H" 3@ r=i
) 4> FV < @ /+ %q /+ >2>" 3 OH=?=@
94 %94
C2 3 + 8
@" %=A5 & <{
AD &8> 5
A @ 2
=
< + %z0+ >
<W0
94
#$
D %5
KV
T=5 g>H"
$;n> <" &?" 3@ h>=R h
.5 D ++ %g>2 2 8
3@ <+ 3 <+ <" >
T=5 3@ B5 " / F!> g>2 /+ &?
/v m
<+]] : e! 3
T=0> %g>2
$C
25=n+ A
|84 @ /+ =0
mP ht:/ B> htP 2?n+ %5
KV
:A+ &? j
TP /4
=B
P" 3@ mP /+ q:> + K /t
H
f Y p \ Y \
\OV 2BI
\ \ \ \ ] 3@\ p \ Y Y Y 3 \ \ Y
OV \ &!I \
Z [ Y
Y=
Z [ Y Q)BZ Y Z Y 3@
Z Y OA-
Y Y Z [ Y Y <=B*[ Y Y .Z Z Y \ Z YP 3@
Z
/ F!> g>2 /+ &?
/v m
<+ :TP [:=
]3C2BI ] [ Y Z Y U Z \ Z Y Y NY
Y?[ A Z [ Z Y Y d
Y ZY
/. K /t
H 25=n+ :TP 2P 2?n+ %5
KV
T=5 3@ B5 "
%5
KV
T=5 3
=C %"
/ [[E
4
/A? K 7>
j+ E!
q:> N" &?" 3@ 8
Q 3@ m K Q
H 25=4> >
-4 > =C E
4
/.4+ 7>
/n4+ %Q
H 25=4> 2 -4 > & %@= 3@ -P=>
."
/ 2
g>2 3 n> K4 4 3@ &?
'> <"
%3>2
/+ A0+ A
} :5
KV
T=5 TP
e! 3
<
M$
0.
/+ QB
" 3@ =C & %A
/ 8
Q 3@ h? h <
{ &>n4
\ \ \ ] \H!B
\ \ \ Z Y /4
\ ] YY>6\
\]
^ OZ
IY Z2
YY Y Y ] /C Y Z Z 3@ Y !:
Y Y Y ;" YY Y ] Y 3@
Z Y &PZ[
\ \
=I> h8;
.
E4 A+n+ [c:r
i
] @0Z \
Y Y Y ZY Y Y
\ ]\ ND]\ Z
%T?
/ [k :Bi
] \\
[ Z [
<D :
=P
n@ /+ Cl D p
} =P 3 <=B?4+" %
E4
3@ Q/) 4" = : e! 3
A T0+
3 % #Bi
K5=@ " :/ B> %T?
h <n <=4>
='
<i
\ ]\ \ Z
<D
\ \ :T=0> &? j
<" @ % B
=C [ Z [ Z
[Y N"Y :T=0>^[k:Bi
] ND] Z
Y [ Y [ [
\\
] / 2 + ^[c:Bi
] 3!5Z
.<==0>
=
$ C T?
YZ Y
Y Y
[~5"
:&? j
T=P A
$+ %B :
=P }<=B?4+" %
E4
3@ Q/) 4" = 4>"":T0+
\\ Z Y 3@\ h
C" Y Y
=XBI
[ Y Z+Y :KB TP [:O2t
]!B Z \ Z [ Z @\ T2
\ Y
f Z Y
LY \ \ >
Z Y Z Y Y h>2C Y Z Y [[ ZY
\ \ h
&t@ /+ 1'
3@ h@ 98 &? j
<"
" :TP [:Q
] AC" Y Z Y 3@
Z YYY
.K :
=P % &40> R /+
ML e! 3
#2> K &? j
C
2C rNW B" A @ ? K4 Cl ":2C)+
%3>2
/+ h@@D <
K4 8 &!5 /+ 5
=
2A? T$ %B
9R #$
/
B
5
KV T=5
<i %
<L C?" > %O!
@i
$C >2> K
o2C
C=?" 3@ ML y0 > N %@0
=> KD & 3@ ?" &X@ <
o2C K TH 3@ :T=0>
3J} :T=0> ^{ B
3@ M ;
h
2
h? M
#2A> 3J} :T=0> ^{ hJ
7>
m + ]] : e! 3
T=0> ^{ A+ @ 2
3@ ;
h
2
h? M
#2A>
5
KV
T=5 3 > :TP %;
L+ %'> K4 /A? K E
4
/.
" MW K4 /D
] m5" = : e! 3I T=0> /8
Mw+ /D
] m5" C }M Q? @
%N : e! 3
T=0+ MA? K E
4
7>
/. Mt
H 25=4 /4 KD /n <" T2
m!!n+ %5
KV
T=5 3 p2 M" M g>2 / F %MW <" 1" "
.[[ M @ B5" <"
: e! 3
T=0> %A
/ e! 3
3@
@ O2 m8 H2B BP
=
$C
T" /+ B
9R /+ 2A4> <" U4P
#$
#8i
E)
:/ B> &?
< +]]
QB
:/ B> 5
KV
T=5 EV" 9CL 2P /
> ML 2B A! >"
&0" <
K4.
$C :T=0+ %B
3 / =n> /= e
4?
8
3@ !
%x++ 8
3@ B
> <" e! 3
K U4P
#$
E)
/8
:#" [[/ @
2P W 3
3@ ML 3@ X
" " 3pp " 3>) 3@ X
" >=R 3 5 2B e! 3
o"
ML W+ %B
3 =n> = e
|4
% e! 3
/0 !
8
Q @
./ @ &0" K4.
$C <
:T=0+ %
h <
#$
E)
.2
P= g>2
9R /+ &V" g>2
$C :!'
$C 90
TP
T=5 @ 2? ]] :TP e! 3
3 2 #8i
2! 3 2@ TP
mP /*P" :&P"C2" E! &Pi m
<D %8i
3@ /
$C 2 5
KV
[ / <Lu> <" mJ = t0
/
=Li %E!
mPR = /" " " :/ B> %/ <Li
/
] &!0> K4 %/ @ @$4> N K4 %6" N K4 ML &B+" m
@ / %E!
=4+
+ %C" B A
/ e! 3
P= 3@
$C [[ <nR
U
2P ) @ d.
KV
T=5 3 g>Hi
A.
2 3@ %B
2 3@ 6{ KB> 3 >
% ' E!
qR = " @ .:
h |:4> <
& %?6{ KB> 3 > %5
[ % / <Lu> <" mJ = :T=0>
<" 2>> N :/ B> %. 9R M$ /F4" / %/ <Li
.2 4@ 9B4@ =C
j
Q/5 =C p2> ?
j@ B>
D QB
A2V
D Q?i
QB
3@ |
3 %A
/ 8
3 &0 @
j
TP % ~28> <" B+ %B
:" <D &
<i %B
!> =C
$C <i %1
\ \ \ ] N5
\ \ <=FI \ ] :&?
h!Y ] \ K.
] ND]\ h
2"
Y YY Y
Y Y <=)'>
Y Z Y Z Y NY [=)'>
Y Z Y Z Y Y
Y Y [ Y![I> 3>$
Y
$!
[ [ YYIY+ [=4
Y [ [ Z Y NY e\ ]\ []I[ IIY![4Y E4 Z
\ [ [ 3>$
\ ] Y Y \ [
] $;" Z \ Y :TP [:E
ji
]
Y Y Y LD
Y Y
=" Y qX@
\ \ Y \ \
I \
.[ak:<
TW] <I Y [ Y4)>
Z Y @Y dJ!+
Y Z Y hPY h p
Y Z Y Y4
Z \ [ [ Q
Z Y C=Al Y YY
m@8
3 OH! <
:TP % OH! 3 |
2"
L @ |
3 ML /+ &0 +
U2> Q!:'
3@ 9:;
0+ %@=>
h <Ln+ %B?
h A
/ <.5 /" 3 >B@ @
m@8
3 OH! 0+ %3
.; =C mP=
ML /+ >B@ <
% / X> >B@
/ >B@ 9*F+ %9:'
+ /+ X+ %2> /+ E
4 "
/
."
=X+ %3
2
4>"
LD} :5
KV
T=5 TP 2P %tN @=
/+ r'
.[[m!*S <D 5
KV
T=5 R ML &B+" n+ { E
4
AC
=+" /+
.8
K 2
B> #B
3
2! /! ?
LD %qP6 /+ @ /+ m
:TP % <5 3 2B5 3
L @ ML 3@
@"
L =C ! 3
2! " > :<D T0+ % 2
<C 2P % #B
j>jB
2!
h
@" / 4.
h
; /
s
j? N :&? #B
T0+ %KB
/;" 2P %KB> 3 @u
2>> O
3@ 2
<C &!P" %4B!4+ :TP %P B@ B $;" :/ B> B 1B p
. <C D - + % <C > :
#B
+ U8+ % .8
:/ B>!B
KD M+:
: #B
TP %P + % 2
<C /P+ % .8
q
:TP
!B
KD -
}!B
T= <=+=:> 3>$
:/ B> }C
:TP %mB+ 2P:TP
}CS AX@ e
3@ +:TP
.
ND A8> N 1;:TP
3>$
3
QB
3@ hB? B> <" >
B
E -B
Tn5" 4'
/+
<=52
Y [ [ Z Y 4 \ Y Y\
<=BI
Y [ Y [ 4 \
Z [ Z
[
Y Y E4 Z Z [ Z
[ Y : &?
TP
<=52> E4 <=B>
\ ] \ K.
] ND]\ h
2" \ ] N5
\ \ <=FI \ ] %[k:<
TW]
Y YY Y
Y Y <=)'>
Y Z Y Z Y NY [=)'>
Y Z Y Z Y Y
Y Y [ Y![I> 3>$
Y
P
A
%
h
L h %B; h h!P %B+h h Mn D A
.[:E
ji
] h! \
Y
<=A @ 30
3@ %M4 ? F! @ M4R 3@ %M48B@ 3 T= @ M4); 3@
%
h H6 %
h
L h YB; h!P hB+ h Mn D A
%2
9t8@
KV %K F
r.B
K04
o2A
Mn D A
%o2C H6 %
hP H6 %
h H6
.3B?" !V W K 2@ ! =5 2! K s 5
3
|' E!5" 3@
.9
@ "! 2P & %9
;W /+ !V" 9
OHP
20+
. @ +> <"
K T= &B %E!5i
9 44+
=
3
T
=" K
J5 3@ ." 3@ L=B %D E=4 .F4 B4 2 % 2
<D
N 2
ND D N <" 2A" % #HC + &*> 3@ % &*@ +
2A> 3@ % "
] K"YY 3@
Y
Z Y ND]\ * <= Y .I
Y [ IY NY T@ [ Y Z IY> N =IY ZY> 8
=> KD / C;H" hOHA % M>
%3B h
5" %=5
2! h
2@ <" 2A" %[:Q
B)
] 5 f \ Y 90
f Z Y\
KV %.S h h=P %Vh h
LW % h h " 74+ %T=0B
" %28
U)+
f
.h
X
h 5 < A 3B4
!V W K
:2B @"
% / {
Tn5" %
=!4
!V+ &:@ /"
=
%&? j
=0
:
H!
:
=t5
=n5
>2" Q
h 5" 3 I
|
(>4
=t5
:=
!8
@ ()
s
L T hA@ hNL Q
2i
@5
0)
<F> < 3 =
&X
<= >"
98
3>=
L q.
1>28
4"
>2B+
=5 3@ @" 2=4
+
;" <D /=;D
2B5 5
<
<D
K U
5{
? M %2>2? 3@ + H #$
U
n [> 2>2? => &
3!V
=0I
[ Y Y @
Y Y C" 5{
<=> %C" .
4> %O=B
~0V" &
/+ E
\ Z > <"
\ ] \
=[ @uI \
.[:!
] [ Z Y ND]\ AI
Z [ Z@
<=
A 1+ /4
B
A ) > C2>u> CV > 3@
=
2 => 4
%< @ <@6 &
/+ A
? A5w@ < @ &
/+ At
2A /+ A>jB> 3@ <2> N
%At@2 =
ND B0 1! %Ai
H2
C@H q
A h@=> <==> J
&Pi
K &C }
2+ 2" A? K x!P &C }2" A Tn5 &C :T=0 4
ND Q/) N < @ &
/+ h8; t
2A Q@H <= => 4 }A &> @ &?i %A?i
%
<!5 A + %
ND D N A R % R N @=P EV" N 3 .
= Ai
.!
"
C S
3:+ E
K H?i
~=P= o2Vh N h" <=B> N @ @ 2P> => 4
%
A;=
A.R" 2" > %Pj
CQ" 2" > % <4F+"
.3
" A> 3 %3APw@ ~=@2
mP+ @ /t
CN p 2" >
<>D
[ 5D f 3@ 90
E$>
$C &X
90
/+ <
<D 2
@i <@i
<= > K4@ }3=)
o8
H=A
>H=! 3@ 3
+ % ~0B0
&P
Z [ h. 3>+
30+
| (<
TW) (OQ
) (T.i
) O=5 =P /+ / K4@
=> }AV"
L@ .. @i
$C KCH
L@ !
ND D N^[a:Q
5{
] h!>\ YP <= > Z Y K
Y [ Y <" YY
" :T=0> <" ND <{
M> N %O
K5i
i
8B> A@
$4 ABP
= -
.h" L ND
$ @ / OH=B 4 O 4@ @6" !
" #2 =
"
B" >2>n h
2 h
2@ IPu@ o
$
$ /D
@ 9B
> A+8
2>
4+V
=C 2P =
C
=
d@i E 3@
|; &5
B > '8
&B 3 C2@ 'V &t5 1)@H &5
f
&
e; B@ #$C
+ h
S+ h!:; m@P 3A @ O2I
@ 3B
@H n:;" h@=> A5 m!P @ B>
@
}:N
;n4
|'4
3@ D V @ KD V
}K*@ + 9
OHP
2P %9
@ "! 2P & %9
;W /+ <v
3
......!<B4
%Q
2
2 Q
2
y') <" E!5i
3 g! +
3
|' E!5"
......
2
3 3>2
&8+
8 N 5
N 1
@" > 6 3>2 o => &
:#" %2
3 3>2
&8. <H > 3>2
$A 34
3@ h
X
=> i
H
Hj>
Q5 2" =CC %AnR m <= J> A." C
&C" <" @ C :#" % B
%3>2 2
OH=B <
i
<W :T=0> %&{
+> 5t
'4
/+ F
T2
@ % @ :<==0> ?
$5 >' <=
!
$C T=0> r
@ &? !
ND D N
N 3
3@ X
!
ND D N % @i
% M
% &
:T=0 %80 80
A!S /+ <=+ ML @ %tP
%C
H :;
%@i
$C O=:; <=
2> N <=B>
F4 N T2!4 N /4
5 .
<=B*'> N %EF
q)
3
=0 <= >[ <v
f #" /+ /!> N p %
K'
3 K' 3@ <"
!}<=F!>
3>H F+" %MC H
f \ Z
.
>jA
@ Q
2
$C <i % R:
.'4 9!5
2 @" 4>jC %.
4>jC =C ;W 9!5
~)
ML
/ / &J5[ %=0
T
j
Q .
KD AP5 ND @" f K z
%E=0
A ' O!
h ! M" 2 s2 K mC
LD !3 @u
@" > :
20
0X
3@ #2 %4Pn5 /n 3P=@
" #2 K 2P" /i ML &B+" /D]] :TP }+
}84 > | + % . " <=
n+ %4Pn5 /n 0p >2 =C %40 1p" / B> @ /. p
[[
Q
2i
&;H @ %A m!V" 2P
@i
%@i
K <R
3@ 2" .
>jA
@
2" f o2 7!V" %.
>jA !V" => ND
h
2" jA>[ 3 " P 3
3@ X
KV 2@ A! M$ !;"
A O@ 9 8 [ @" 3@ |5 > "
.5
KV 2@ #2A m
Z Y
LD }9 8 [ K4@ 3 %5
T$
e=J ~ 3@ =
4@n & OX
E!5" n) 2
9!5 .' 9!5
OX
&@
= 4 &@ %<
=A
. 3@ &C
!> @ &C? 3@ Q
2i
!> @
4!> xB!
A-> !> hD %8
O20
!4
%EF D : .' E!5" 3@
@" CH KD EC$
7!V" <" EF E{
&V K4 %.'> ;v
xB!
&" TP
LD y0
= " <
=A
&V .
EF
" H 3@ OHA &
LD 5" +> %/@5D
jA@ C2B @ jA AD
%K .> N h
j
C!4N (.) 2i /
8 9N ~!
14> Q P . .$ N /0! N =0B
/A+ %M$ <D O5n@ C2B @ O5n@
R=:'@ 3@ &?" P=4
$C <!4B> %+
/
f #"
=0
H+ 3 &-@ +
@i
=Pi
$C A m:!C !; #"
8
AR &> 3 > I2@ V
/4@"
F
2 /
M> <D
2 /+ 9t$
> N
3
xB H+D
2 =:4
UV{
/+ xB!
3@ H+{
:
=C ;n R:
.' E!5" 3@
C
[ [ AI Y [ \ Z [ 3
Z [ ]\D N"Y * <=8@ Y ]\
=P
[ Z Y D \ Z Y Z /+\
2.I
[ Y
i
[ \ Z [ N A Z [ Y &P
\ Y \ A>2>" K $;i
Y
LD Y
\ Y :T=0> => <=+ A2P ^[acaa:O0!
] <B)> \ Y [ \ Z
K5=@
Y [ &4IZ [ ZPY" /L
[ Y [ [ Z Y N 3
Z Y Y <2.Z [
ND D N ^[c:+S] H.Z \ Z Y Z /+\ A->
Y Y Y
i
Y \ Z [ <"
Z Y "Z Y \ Y > <"
Z [ Y>H T2!I [ Y Y /D\ []Y [~2Z
Y[ Z Y r;" Z YY
B@? m =:4
5 !@5{
@i
5u@ yt8; C" mj4
[ UV{
5
@
n E*> =:4
5 !
@ MA4 =:4
5 !/@5{
B
B@? q" 3@
Y [ \ ] &BI
.^[c:C
D] <=-
[ Y Z Y>
\ Y Y
] Y h+S ] 3!
] Y Y Z Y NY !zt
K4
] Y AI \ [ !
Z [ [=I[[PY hB?Y AI
Z [ Y Z Y :
T=P s
L %AB!: <=44)4@ <=P.4@ Q
2i
:
H!
@ K %5{
E K hB? <=0.4> <=B4> AP. @ A ^[a:)
]
%s
$ n>
$C %
8 3@ ND A QN=
/+ ND Q/ &
/+ |4' 3 % $> A>
] \ e \]
=B?
[ Y Y 2P Y ]
<D
Z Y e [ ]
A
[ [ Y TP
Y Y 3>$
[ Z \ [[P /+ Q
A @
Y Y A=I
.^[ab:O0!
]
3
xB ; O20
|B
3@ X
2B> %OH0
QB
B
!R o2 O20
|B :3
|' E!5" 3@
.T$
<
=A
@i
=
] %3+ e
o24P
M$ %A Q
24P hC" QNuC
2+ 7
LD 7
78>[ 3@ 2!
7@ > Q
0
)B@ >
%EF
q) Q
=!V" %A4@" A >2 3
xB ; : .' E!5" 3@
.=C ND D N #$
A!+ %A@" T=5
='+
? E
j" KD 3
q.
Q=) :|'4
;n4
KD H" /4
E!5i
$C -" 3@ & %E!5i
$C ~?
.P{
% R=
@=0
!8B
mB4?
&A+ %AB+ 5{
Q? K4 P.@ 44)@ @" EB
<" O=;{
A>" <=B
N A2
] A4B? D .N }j'
" ei
Q
= m mB4?
&C .N }>P Q
= m
\ \
i
V f sH
[ A?" 3@ :+" A?" 3@ @ &
K A@2P
:;v
TP
/. 2'
/+ D / 46 2' mF = / R
\ " d0
f
'4+
LD
=5 / E" N 5{
/"
\ S
2
f 3@ 2
] E$
I+ TV=
Q@ |4'> <D
2
=
0@ P" 3>H |u> 9 q4.> "
@ 9B
> A+8
2>
4+V
3
|' pW
......
.
/+ r
}|'4
;n4
$C 3 m4 /4
pv
+ %;n4
|'4
E!5" +
/+ &X4> % .
/+ r
ML 3 4 %|S =P 3 !pv
-" @
ND D N
H!
/+ C
xB H+ 2B! @ <=p
2
@ @
2A
9C
$
)4
H{
&; %@5{
O"
.4?N
&
)
3@ E=0
/@2> @ 2?= &+
" 4?N
4
j
5{
%B)
h hNF45
2" AF45
%&X
0
K Q*0 h
4+ h5 m@2'45
)" C=F45
%A
A
=A? %OS N % N %3>H N 8 /+ %A@
" AV
=;H > @ %o> @
$C %O"@
A @ O2
&
rS K @ 345 3@ X
" TF45
p
@ O"
O=V m@2'45
p
K K4 >2 O"
m@2'45
%X
X
r2A
d h
LD .N }O=P O"
/+ &C .N }T? p
/+ &C !Y
<!5 + >2
= %A
S" A::'@ 104 2
5 O" )
TF45
%O=P
h N hN?
.ML /+
f r
&0
/+
en
K AP"
=*0 .
AB
H! <=!C$> => E!)
3@ X
. R:
.' pW 3@ p"
D !}CH
L@ %S <*" /+ A*B => %S
5"
+ @ %/@5{
H84PN
- &B> 3@ B
$C /+
H! > &P
/+ X4 AD }
H! >
@i
T
=@" X4 3>" % .' =C2 2B ND =)
.o8
H
O2V" m!5 = %At
2" 2 A2V" <D %S " P
A =0 )@ <D
u) @ ML %@i
T
=@n <=F4)> Ai %5 2B AN >@" " 3@ 3
.
=J N ;n4
|'4
!
i
<
/ ! O=8 @ A>D K .tR &-45
.@ 2t
2)
T=C 3@ S Tj> MA? 5{
@" >
< @ &
/+ 3
L
2] YYI4[I> %A@
h hL 7!V" %>
h
h
j>j hA@ <
%<
7!8>
<" : .' pW 3@
@ d &B.> & %&B.> N T=0> %>jA
|B*
>'
j@ 7!V" & % @ '> Y Z [
.T=0>
!
T=0 @ M4)+ h P
<X> =P
}
A>"
KD OH= OH=B+ %CS 20 3
|' pW E!5" xB $C :
H!
S %
2i
&
S f
f D 3@ 2C)
@ 1: @
$C @
<D !<=
h ] @ O=V
%- h %
KD h" h= OH=B+
h %
KD
4? S %@i Q!
RD
.
8 h
8 %C2 hN:D hN:D %@i
Q
2i h*+ h*+
\
4@ Ot
H /+ m!V" /4@" >
f 3 @
40
R" HD
f gB
-
=Al / > l f 3
4!
.) /2' N /4@" >
5 + V;D qHV
30>
ND
.04
O=0
#L 3@ 8
+ 9:
f
2" A
%<
=C |B f Q
3@ A @ +
A
%;n =; f 3@ 3 @ +
A
3
|' )@ T=
2! h
2@ <" 2A" % M> N 2
ND D N <" 2A" %3B
E 2
.h
X
h 5 3B4
!V W K
KV %=5
:2B @"
:+ #$
%1P2
98B
3@j
$C /+
p"
[ N ?
N <=XF4
IA > E
/+ 38
H
-4
[ m8
E
$ /+ A= mI!5 2P Q C2P /+ e20
f #2>n
=L[
4@" Q " 3@ 3>
&5
)[ 3t;
B4
[ 2B
[ C
p /+ @H m @ <F+i
3@ h
H
=5
!'
[ CQ? 1
&+? mB+ @ s+i
&
&t5
f q
B
/+ &C " 3>2
jA? &C
I[ [[F
&? 2 [
*
[ f
A oH" &C }e
m@P &C }A8 #2A@ <=@ P &C
5i
[ Qi
&t!0
&
h.
= /+ m)A?" &C
F
[ H
2B45
/+ 9 2P I04B> 3>2
UV 3@ @W
!:8
[ mp
>D 4 @ S D 1
@" >
.3@i
T? 3@ O-4
|P
=
/C @ O-4
|P
=
%- 2
<D
5{
KD PH8
OH=B
f
=+ %
~) f
%5{
KD PHV f /+ &X4> 3
3 .'4 B
<D
OH=
3 ' @ K4@ %
" /+
~
KD OH=B ND '+ N %j N %O N
Z [ Y Y Z Y
== >
.^[:2@] X@" [ [ Y N p Z \ ZY Z Y
==I
Z [Y IZYS h@=IZ YP T2!4>
] [
Z ] Y Y4IY <D
Z \ Y :
K' ML
>HA
4
3>n+ %8B
=
RD
=R" %C )
%=?
K E!)
= %
KD
H= %
KD
.+ }
H! > .
3>" }EA
H
2B45
K QNuC &C %d)
N %Q
=A
B &4> N t t@
A!S /+ !
%O
!@ O2C) .4@ |" 3pp 3@ X
" 4> 9
3@ 9B@ /+ }C2
=A?
=
C
H 3>$
QNuC 3@ 1: 5
!HA
K / :HA
#H @ oH =
TQ4>
ND
=@= + %p
/A+ %<v
A4 95" K ! /0 3J
.=?n+ dD #H @
.[[
L" F OjB
F4
A@ %5{
j" =P 3]] : ."
3 /A
rB @i 4
>P
%&t5=
C
784
Y Z [ %B
!R QB
T= E!)
|4 %3
44
94 + %6A? " %.V /+ h
@ o" 3@ : !R" %
ND K)' N @n 78
> M!P 3@ 5{
Ku> <"
+ %OFp K @ & + %3 N 3 4 N %3=J
KD
45
~
f 3@ @} .. ^ 4 3 T=J@
~
f +} :O5i 4A p !
2!
&
%T=J@ Ei
%T=J@ 2t0
^{
t
ND A hS !+ %
&!5 /+ /* PHV h@" 2> %>i
$C -B -B A4=J@ i
%=J@ i
%T=J@
~
=)
KD A ;
f f 3@ A @ C
2" 2>> @ &!5 /+ N %Q/ & A >H
%At>6" /+ jS
.2'
30t
@ A ! *
f %O+5
\ i
9R h!B H2" AH2"
LD 52@ i
q
\ i
9R h!B 2+" A2+"
LD 52@ i
q
H! > t
=A!4
%3C O20
B % 9 >6 >2; 8. )t A2P h@" 2>
.#2> N @ xB!
%Q
2
3AV" !
-"
[ !8+ #2 m
<D !8@ M4+ #2 N m
<+
}B)
[ d @" %E=0
3>" }
>2 @" }T=0B
3>"
5{
K r' N
:
$C T=0 3 %Q
A @ 5{
5{ <=B 04> %|'
3@
" % =P Tjj44+ D en
&8> >D ~jj4> <" <=
A>" +=; 20
2B
5
< %E=V &
3@ 4> <N$'
< i % t
j 3C=
98>
E'+ %
3>H K Q*0
2>> E
ji
=>
.
<"
=
3 %1>28
;
\
E=0Z \ Y Y 8i
\ Y 6Y LDZ \ Y \ Y Y 3@ \ [ \ Y+ 3@\
[Q? LD
?
Y YZ Y [ [ [
mFI Y Y [ Y ZY Z mS
Z [ Z @ &.5"
Y Z Z Y P=I Z Z Z Z [ Y Z \ ;
\ Y hN
jZ6\
=[j\ Z6[ <= \ Z
/4I\ Y \ YC * = \ ] \ <=
@ ^[aaab:E
ji
] h
2>2 Y Y Y [ @uZ [ Y [Z
M [ Y [^-
Y ^[-YY
\ Z
o"
$C
Y Y
=P
[ Y }
=P
L@ ^[cc:E
ji
] E
Z Y Z <=
Y jY i
Y [ @uZ
[ Y ] Y Y h
; ND <= @u
3l
.[cc:E
ji
] h \ Y h>D\ ND]\ CH
] q2V ] 2
Z Y Y Z [ Y 6Y @Y Y [=5
[ [ Y Y [
Y Y Y Y [=5
[ [ Y Y [
Y Y Y Y @Y
] K.
\ \ Y Y 3>$
\ ] ] ] }A E
ji
=> A4!P m
[
Y YY h
;
Z Y
=[ YIY> Z \ ZY
.
Z Y A-F [ Y [
H YY
3@\ \ ] Y ZY" }A+ &
L@ CCl 3>$
^[c:E
ji
] T40Z Y Y \
3\ \ Z
Z CCl
Z [ [ Y Y 3>$
Y TjI Y Y Y @uZ [
\ \ \ \ \ \
\ Y
&C"
p Z Y Y * h0>\ Y+ <5n
Z [ YY" Y [ ZY Y <=I \ Y 9
5
/+ @ y %
2V /+ @ /4! %9:
3@ g!'
j ML &
3 %<=-
\
hB? \ ]\ OjBZ
Y ] \
<+
] \Y :OjB
9
T A@ &L . + %3>+
1> % =P
Y
.^[a:Q
]
K =
j 3 %304 !PB
<" B
+ %J
h
$C T=0 N
3
20 3 4.S K j .304
.V & N %
>
& hC" 3 <" ."
h@=P
T2!4> <" 4); j %A5
= N A " N < @ &
/+ O=;D f 3
<2> <=::'>
2" %|'
^ <=.
=A
K " j % X@"
== > N p S
.3>
;
%< >
2 3@ <=
" #$ mP" "
f E=p
84
o2A 3@ &
Oj
f
0
3@ = T*
3@2@ K@
B
KD
:'
[ B P <D
e20
3@ @ 8'
:'+
2
. > N
2 > C2
3@ A & @ +
A
%
@i & @ +
A
%
@i & @ +
A
%30+
3@
OF:
MC" A
%3
5{
j" A
%<
=C TL :
.3
" > M4 s !
s0
N % @ QA.
&B+ $;
u N %3: @ @ Al @ 34.
3@ M L=B D A
/4
M4
% @ QA.
&B+ $;
u N % @ QA.
&B+ $;
u
f &
mB5
.3
" > Q/
.<=B 8 @ B>
!
"
$ %
Hj> B K
%
$>
L
.V
H 2P .) 9P K :; N %mB5 <L" N %" 3 N @ A+ %F
B5
< C .ACi
2" @
.V
L 5
KV =5 5
E4
/+
.
&C" 3@ <= & 2
25 3 3 y8P
L @ M$
<{
1; 3@ >F
%h R h
Cl h
;W hN" 2
M+ NjI[ [ 3 @u
sH!B eH.
mB?
> M 2
%F
h C
=5
KD <=
$'4> + 8
Ti
> ] % C>
] #$
2
[
$C <
Y 2PZ
\ &
)C \
^ <4!
\ YY6 2@ ] Y Y
Z [ /+ *
] ;
^ m &R" ]
.h
X
h 5 %3B4
!V W K
KV
:2B @"
\
$ \ [ Z Y YN /\
\ Z \ \ YN"Y ..[ac:O0!
] <.
.[c:2
] E=0Z
[ [ [
3J: [ Y [ [ Z Y
Z [Z Y
Z [
L"
] \Y
L
.[:>
$
] 3
Y @uZ [ [ Y Z <+ Z Y Y
\
YZ \
L[
LD Q
/+
$4 \ \ \
Y Y Z [ h"H
i
/+ [
L
Y X
n+
Z Z YY
K4@
] 3 \ \ \ ] Y
LD \Y
[ <=
L[ [
HY
Y h+
4
[Y 25 Y H
h4
Z Y
Y Y \ m
] M? [ Y ZYI h4+ [>i
sH
u+
Y m.^ \
[ \ " m"
4" 2> Y Z UV f QH <=
\ Y >Y N" q2V Y [
s=2
Y [Z
4YZ IY+HY 2P /!V
Z T@
Z Y + Y Y + !8
Y &0 +
\
4 Z \[
Y Z Y @ M4
Y p] M4+
Y Y hJ B
[ s2.> Z Y @Y
LD
4A+
Z Y @ M4
Y Y p
] M4+
Y f Y Y /+ MA+
F@ Y [ s0"
Y Y <D
Z
\
Z [Z Y Y Y : KB s! 1
T=P KD &04" %o;" O@
4!+"
=C \ \
Y [ ]ND YDY YN 1Z [ \ Y
[
KBI
^ Y
MZ Y [ Y Z [ YN YIZYD\ "
Y Y Y4IY+ * <=B?I Z [ ]Y Y hX!
Y Y
Z [ Y0; Y ]Y
ZY Y "
.[aaaa:<= @u
]
KV 2 %h >H 5{ %h 3@W A @ 4" <=
" <"
=?" ;v
1>.
@"
@n n+ %Z 98
); &B? %!P /+
r=; &B? %! h 5
Y ZY\ Y Y]IY M
MD Y Y Y .S
Z[ YBR" Z \ Y :@
" ~5 2 TP %!P
1 !P
A 3 KA4
Z Y Y Y YB5
\
.[c:O0!
] 8Z
[ Y
[
d"
Y [ \ Y A+
TW] <2; \
Y C \ \ Z /.+
Z [
\ \\
Y Y Y :
KD <=+j>[ 3>jt+ .K[:34
] 3
Z \ Y Z Y\
Y Y
n
.[abk:<
=I
Y ZY> : &?
T=P ML 3!> %<*@ E
$B
/+ A+
KD <=P> <5; <;W
\ Y Y Y
=P$+ \ Y Z [.
" \ ] ] YY =? H=
Y E
$BZ Z [ Y \ 2BI
[ [ Y >D Y Z Z Y Z Y AC=? Z ] Y Z 3>$
Z [ [ [ [ H=5
Y @n+ [ [ ^ Y Z Y Y =?
[ [ xI
^ Y Z!IY
ab:<
TW] <2; Y [ \ Y A+
\
Y C \ \ Z /.+
Z [
\
Y Y Y AC=?Z [ [ [ [ m*I
\ ] ] Y * <.
Z Y Z
3>$
Y @" Y Y [ [ Z Y 4Z [ Z
[
.[abk
3@u> 3@ <>{
<
" 3@ C 3
;v
= Q
j
= <>{
:
/+ O=;{
A>"
. &? 3@u>
.;v
= 3@u> K4 2! <>D 4> N
A!>$A4 A4>
2A e=.
UV{ 7? E=5" A?
AB
%9C4
B. > 3@ e
3@ %9S4
B. > 3@ e
3+ %"
h A! %"
h At>!
3@ &R!
n> N #$
&?
/+ H ML &
%B@h 3 pN .4 > 3@ e
3@
/+ ML &
%o;" O@ YY 4P
Z %O@ C2" ;n %O@ C2" 20 %.; 3@ N >2> 3
. &?
E4
] <" &? j
&*+ 3@
] %AB |V %
@" K?
S 3@ A
CH=; 2
"
C N j N %98 N 9'V N 9B N %H N N %y0 N yF N 2
00 ;v
9
/+ !5 Al" p %O
$C /+ Q0 &
/
/+ S
%T
=C" (= >0 %=P6 r=; %~j.@
V %284> 9A A
$
.=?=
$C > <"
Tn %O
$C /+ B &
/ A+ S +6 1A
}
H! >
L
ML
/+ 9S4
@ %q=)
U.
9
@ q)
9
@ <L .P=+
$C 4.P @"
Pi
Q@2
<
= 3X
+2 %
2 @ 9:4 A h
j. %!C
h N h!S
}
@
!}
@ ..
!}eH.
@ eH.
3" C !+
= 4 4@
3@ C@ %Q 3" 304
H!B KB
C
AR %*+ 3@ ! 9CL 3@ ! /C ML <= > N |
%Q &
" " &?"
ND D N 3
A.05 %<
.j
A
%C=
=P
uu
C!8 %M
.&B
3@ K" %2j
3@ 3n+ Cp @"
.&
1tP 3@ q" 3" !
ND D + AP @"
3@ A" %3) O$ ; 3@ A" %BR F4> 3! 3@ A" %35W S Q@ 3@ A"
.K.8@ &
f [ Z @ 7R
m!n+ %s=)
$C 2* {[c:BP
=
] H=* Y f Z Y Y :KB
T=0 " :TP A
=
\
3@ *+ %&B
3@ K" %2j
3@ 3Z" Op
= &
< @
.]@ Y
.E
" 9
=
E " 1t
2 %E= +
H! > C@ @"
4
A
%<=A4)> @ R %<'4> @ A
+ !
ND D + AC" BR @"
.=+
&!j
\
Z Z Y %>
=0
Q.V /+ *.
9C$+ A4W @"
!v
M4 &?"
^ %d.i
A4) @ A+
.h
2" A+ 2'> A;H 3@Y :ML q=+ %3i
$
<=B> N %
h>A@6 N h A+ <> N Mt
i
K AC" 4> %$
h A+=:P [ 2P
[ mL
.h@5 h@5 hP ND hpn N h
=F A+
/+ =C 3@ A @ %
K" !> 3@ A @ ?H K
/+ e
%?H t@ A+
.A4B5= O2
?H /+
=B4?
3B
<" = %
x /+ =C 3@ A @ %
z5
.j
3@ -
=C => 3n %@
h 3B" O@ 3
8
3 @ :A
=" B5
.>8
M K
j> 3@
>D B> <"
Tn5n+
%@
h <=45 Q
/+ A=R +=@
] Ouu 3@ ;
/+ 3@u+ :A+ 3@u @ @"
.B
3@ h*+ %*B
h A*B o> + A*B K r=:> <=C"
s
L <= > T? #" %
ND D + 2!
0
O=V K hB? ACn+ A=V @"
N %O$ KD O$ KD O$ 3@ %=P> 2?6 uu *+ 9CL 3@ C5" A !!!T
Y 4"
Z Y [ [ Z $I [
\ \YZ Y
^ Y YY d.I[ Zi
A4)
Y \ Y * h
=X[ @] h
uu
Y Z YY
LD \ f \ 3@ en
Y \.[aak:BP
=
] 3B@ f Z YY 1> Y \ " f Y Z Y\
m>" [ Z [ AI
Z [ Y4! Z [ Y4IZ>Y"Y
LD
Z Y AI YY Y E
=
n
.[cba:<{
] h
!
\ Y h @Z [ Y hB\Y m>"
Y Z YY p
]Y
!
H! > 3
$C &?" @ %E!)
35 /+ 3pp p Q n+ :
&C" < 5" @"
i
\ \ \ Y :<=j> C N A r=; N
Q"
\ Y @ A+
[ Z Y
[ Y Y ] m@
H
Y Y Y 3>2;
Y
.>2" OHB5 /+ [ab:H=C]
&*+" 9:
&*+" =C %O=i+
] C@@ @" %M+ A @" %9C$+ AR)@" @"
.H=B
!
H! > 3B
=
@ .P %3B
=+ A?
6" @"
C" j @
&C" KH"
<
LD %
&C" Kn + /." O@ =8P @ /+ + AC" KH" @"
T=5 TP :TP
/ !B 3 OF
3 @ 7V /+
=B5
}M$
CH"
T0+ }j @
&C" KH" @ :
K5=@ Tn5 } :5
KV
j
T=0+ %o@ A" D &'+ %Y
\
&C" &;H"[ @ 2B /n> &? :KB !5
T=0+ !}A
$;"
$;" A6 @ e
Tj 2P |
!E > :T=0+ .
&;H
: &?
AB
$;" %A
$;"
$;" %A6 @
$;" 2P |
:T=0+ .
&;H
:&? j
f \ M@
s=@ 3@ M@Y Z [ &X@ M <= > <" K N" : &? j
T=0+ o@ A" D &'>
%X@ %X@ %X@ %X@ ML M <+ :TP !}M$ K" N |
%E > K :TP }2
%H!B
3 /*0> <" 2B &? j
<" } : 38
/+ # #$
;v
g>2
/+
%
E KD 20> %
&;2> %A @ 2P %
K A?= &!0@ &? K0!>
%/ 5
] /
LW %A> / !)P 20+ %
3 /A? rV
M4 !E > :T=0+ %|0+
&C : &? j
T=0+ %=2> <" &? j
Q @ =2+ %A!A C
L / P"
S Mn5" N !M? Mj :TP }ML S / n N"
3 MA? m+V <D m
.
3 A? =.F
r8+ .
3 /A? rV+ %ML
. \ Y =.AI
Y Y 2!B
.C A@ Tj>Y N ht
H [ Z YY =.B>
[ Y 3@
Z Y <!5
Y Y [
:'
#$ :B
3 ? B > N K:'> #$
/:B>
!+
$C 3@ h
2
h
Qj? "
i
KD Tj" p % t@ A0; =>
1;
\ AD %A
1'
4>
+ @0
=> <
L+ AtA A
H A
A^?
0 B |P=
/+ =C dD T:4+ %? &? 2 3B4
4
KD
$C
.M4
Q/ &
mB5 4 3@ + %=
ML /+ B45
Y Y Y
<" 3->
\
. &B
Y Y %
3@ dJ>
Z Z
3@
2 @ +
B> = !
.C"
&C" KH"
$C :
/+ /=;D
&C"
6"
}A?
6" @ :<==0 /n
> =
@ %=
3AD %
&C"
6" /+ <=.V
=
|8>
L@ !
ND D N : T=P"
}
H!
3@ + %=-
uu
=Fp %<@
H=A %U.4
H=
H2; 3A %E
" 9
=
%A." A!? %3A @ O2
=
8; q ] 2PZ !
&C" >= 6+ 3 B #" %B
3 3@ q!
Q/*> %6
LD AA? 35@ 3@ d)
# %CB A0 A@
=P TR
+ mpH <D !0
d)
&0 /+ Q) @ &0+ %A?6 mP
LD %m4
LD C> p
!3 8F
1B4 M l + A <D !3!
pH M l
!!
"
2
<!5 !
ND D N :
=0 mBR =
E0i
=C2
T=R K H
Hj N %A+ @ 2
3@ ; A5" K C; :#" A.8
q8!
'
3@ OA:@ %e.
x
OHN=
&
3@ O"!@ %N?h h ND
8P 2P %AV 9R &>[ N %Ap K! N %A! K .> N %eHi
t5 ztF
T=!
<D %5
] AD - <D %A?6 o=5 2i 7: N %r:
VP 3A+ A?6 K A+R
N dD !P AX:> %<@i
>S /+ AB@ =C B@ /A+ 4-. ES <D %4R" C@"
.<?
@ 6
LD %@=-
h @ h
uu L" @ 4p2
%
h5 !P @ D -
.h
= +F
80
.
6i
KD !!4
EB
[ [ 3C %<
'
3C
LD %A 3@ A
Q" m
LD O"@
/+ O=;{
A>" > ^l @
<D !0B
OR'
O$ + ZR; <D !
O$ > !O
O$ + A?6
.T
AX>2+ !~5i
O$ + 4
\ \ [
j?= Z Y AIY ]Y" 2
[ Y [ H
] mp2 /C <D &> TR <D
3 @u AB? 3@ <!5 !Cn)" 3@ <!5 !A2 3@ <!5 !C=V 3@ <!5
>D B> <"
Tn5" %
> 3@ /+
>D / B? 3@ <!5 !3PH8
.......2
> 3@ /+
Q S
.Q)D
h
] %3V 2
&C" Q 3@ h
= s C 3
A
| 4 3P %3P28 <2 %3V
K=:+ %2
&C" Q B
3@ h*+ %
&C" >= 3@ &*+"
/+ 3 >
]
&C" >= 3@ &*+" <= 4
KD mA
O"@N K=R %
@ 3 C8 m*S O"@N
.Q)D
/+
Cn)" 3>$
3@ h
2A)@ |8> =C 3B@
> /+
#6=
3
@ B@ |P"
\
&C" T=;H &'i /D
:T=0> %B
ML &>'4 D K4 %
&C" B 2C)@
/B!R H > R" H
n+ : T=0> %9'V N 98 N 9B N 2 A+ CH=; Y
\ 5
KV =5 &? j
<" N= ML 1>28 3 1*>
.
N + B 4>
&C" 3@ &? !O=;{
A>" > :T=0> %2A)
$C |8> =C D
-
>= @ =C %
/+ Q/*> q!
LD %) 9P K :; N %mB5 <L" N %" 3
%>2> 3 /4
3@ &?" >= =C
L+ 5" ++ :TP %AB@ B 4>
&C" >= 3@
}98 M+ @" }H M+ @" !
/ > :T=0 A
LD
n+ 2
/+ j" %2
&C" Q 3@ " %
2! mV mV / i :mP
.M /.
"
./
3@ Q
j? %M
3@ Q
j? .B :mP
!}B
$C B #" !
ND D +
[2
Y Z Y YIYP2V \]
Y Y #$
\ 2Z
[ Z Y
:A E=4 @ =C
L+ K
C2 - > A0 4B> =C
K [k:@j
] [2Y Z Y YIYP2V \]
Y Y #$
\ 2Z
[ Z Y
K
K = E=4 @ :T=0> .[k:@j
]
^ @" [:R+] <jZY Y Y
]Y 9CL" \ ] \ [
:o
t
3@ )>[ %(
3@ 3ZYn+ A.
Y Y Z Y #$
2Z
ZY
)@ )@ 3)> <" K 4> p %>2> 3 /) /C %
/+ 9R &
t
A.
m04
:A T=0+ %/) <" K 4+ :TP %; ~= 3@ B O$ A >= )@ &
<i
3B@
> /+ #6=
3
T=0>
.V |" <=B!5 AB@ <= + %M4)@ KD
3@ o;" =+
3@ A
*+ )@ |" 3B! AB@ <=)+ :TP
/+ )@ |" 3B! 3B?>
$C /+ )@ |" 3B! 3)+ %<
.j
= %=@ N
/+ H=; 3 % 3A4)@ 3@ hR =
K*P = %o;i
.>=
$C T. 3@ $ A
2
m!Vi 2
/+ m.I
Z Y Y Y
/+ 3J)"[ /t
&C" @" %QNuC
KD 5
QNuC
KD 5+
:30+
[ \ ] 3
3:'> +Y
[ 34> [ \ Y 3
Y Z [Y +Y
2'
[
35n!>
Y +
[ ]
3
[ 3B->
] + 0
[ 3
f
6" %<
[ 3
[
:3A @
&C" >= 2
&C" Q H+
34V
] [ Z [ @ [ \ ] 3
Y Y t8
] [ Z] @ 8
[ 34V [ Y [ 3
[
] ^ Z YY @
32! [ Y \ Y 3
Y
2B
[ 34P28
] Z Y Y Y @
Y P284
[ [ 3
[
.3A !F+ :A
/ )t T=0
H=; D %Q F
$A
d %& N =+ N % ; N + N !
$C 5 3@ >
.B
$A '.> &
%V P2V OV %en B %3Bl @PD %=@
<8S" 9t
L jA4+ >
&5> !O
$C /+ K05=
3 . j] 3@ > 3C05=@ @"
3C %B
s
L 3 & +
/+ R =V &
.V !)> h=V 24+
"
Q F
$A hR
&C" K =
K*P = %
$>$
;
3A
=Vn 3 F>
.=@ H=; 3 %
=
<8Si
9t
L jA h> &5> e! 3
TP
<
6i F
<{
$ h
=V" X4+
<
2B
i
OL
$ /=B4 N ~5i
O$ >
YZ Y =C
KH" \ ] Y [ \ YY :@
<
2B
i L$
] %B
s
L m
<L" m;
Y [ #$
<=2!4"
ZY Z
.
&C" 3@
>D
B? %
&C" 2C)@ 3@ 2A)@
$C[a:O0!
] I Z;Y =C \] \
Y [ #$
==
ى+ T?
<
L@ %|V=
$C 3@
=B5
=B5 => <=+ 4
d+ %<H!
H
$A
}
H! > A @
3pX
$C 4;" K4 " N <W0 4; 3pX 3B
=
3@ >= 3>4i :TP C2"
4+ /n
&C" >= 3@ >= o+ + %=
!F+ 3>) hB 4'> %4;
:T=0 %A?
Y Y / 3!
\Z 9:'"
Y [ =
[
[ YIY / /X@ [[
\ X
0
\
\ O8
f &
\ Y @
X
Z \ [ i
Y0;
.>=
$C T" <" KD <2A4?i
:TP %2A4?
ML &
" %C2B 0+
y;" %
2!
Y 2C
6 2 =C %/
3@ >
/
2
<5 ="
d.
ht /
3@ /+ T=0+ %B 3@
/+ . / > %
@ q2V %
>= <n
t
o> + m>"+ :TP 9 2> 9S 2 h"
3@ 2'
/+ M K" " " !} <5 " > <=8
&B.>
$ C @ :mP %/ Q?
!} t;
U
i
#H 9V C
L /4
%+B
m
<5 ="
h " h
ND E)
$C m>" +:TP %
KD 0>R /+ /P
E 0+
:T=0>
"
$ ND 4> N %
$> %/8+ /8 + Tj %<W0
=4+ 9
8@
h "
H KD V %
3@ B? @2 %F" N n5" N:m0+ :TP %0
O8
}A 4. N OH!B
K MC
] #$
@ Mn5" E)
A>" : mP :TP . q
B
KD
=A
%
.
=
4+ %A=.? 3@ 3>2B
=
R ] %
KD
L AC ]
] \ Y hBR
@ Y Y Y h+=;
Z Y AI
Z [ ]Y <=2> \ \ Y Y
3
Y [ Z Y ?*Z \ Y AI
Z [ [=[?[ K+4I
Y Y Y Y :A /+ C5" /+
.h@P h
25 A <=4!> ^[a:O2
] <=0. Y [ \ [> C
Z [ YIZP6
YY
%3ZY"
+ 3 %3
YY MD!
:T=0> % 2> *> p %
+ .+ %C2" /n>
. > N
=0+
^ Y
H! >
$ C
.
2 @
= Ai
KD
2?
&C" q=5
}q=5
/+ &C :<==0 /n
}>i
$C P
=5" T |
O=;{
A>"
ND D N
3@ <=A>
$>[ => K4
L 3 A4F" %AV 3 38
mF" P
=5"
<"
Tn %
ND B> N @ A+ P
=5" %3R)
4@ KD %q
=5i
KD 2?
/+ Q/5 A & AP
=5" /+ A + ?
h h
H D @i
H> <" %q
=5i
$C T T2B>
.h? h
H D H> <" 4 n 3 %X
X
}
H! > q=5 #" 3 q=5 A
&C"
%B? &
<=n+
&Ci h*>" q=5 " + 3@ B
=+ %B
=> AP=5
An> p %A <=+ %M
<!X
KD uu *+ 9CL 3@ A
H %A!t <=!
+
%A
H /V
= A; /V
= /+ %AC=? /+ /@4+ %M
<!X
3@ $;n4+ %7>
20
:>=
3@ A?6 AC" T=0+ %N?
h h
H
H6
2P %AC" KD <=B?+
.hN? h HH6
20 2B
4" :<==0+ %N?
h h HH6
1
!
q=5 9R 3 2
q=5 F" 3@ >
&C" q=5 %
&C" q=5 =C
$C
%
$C &X@ %B4
$C &X@ 3 M? 80 <" s>D s>D %
@ ? %
KD
8
K 3@ m]6 @2P 80+ %2
$C &X@ 3 ? 8P <D 3@
.@
+B
Tn .
9
@ h*+
=
2S
/+ hNj 2?
KD <=n> 3>$ &? j
2B>[
.B
>
&C" B -" 3@ <D %|V=> N
B %2!> N
B %2. > N
B
#$
B
-" 3@
$C %
/+ H! K &?
<
= T= O=;{
A>"
.5" m520 ? &?
>
? KD - L$4
ML 3@ -" %= >
] Y 45
!
&C" > :
&C" m" #H > #H
Mn> =>
/+ M. &X@
.>6 K /+ %
>j4> <D
!
/+
B -" @ !
ND D + M
<!X
K Q/H
<D !
&C" > :O@ #H
oH %A
@" A mnR
%A@ /+
045
LD K4
&0X> " :B
3@ C"
= 2P <==0+ %=
j [> <" 2>>
2 h
2=@
C !+ } C=? x!> " }
;2> " }
3 jj> " }2 !5 >6
=@
m520 ? &?!
L+ A5Q
=B++ %
mP" = A :5 LD M$
:2
=8 <H+ % 5 !
&C" > :TP %AP=+ 3@ A r" 2P 5"
T=0> A
M*> p .
{
T
L > m
! %
M @ %
m" A
!
" @
ND D N
" @
ND D N
E
A |) + %D - L$4 MA? \ " :<==0+ %
h A
B> :O=;{
A>" >
ND d
ML /+ 2" K0!> N [:=
]
i
YY [ [
.<? h.
%O@
N6
2S xB!
$+
$
&B "
$
&B "
$
=> /+
$
&B " :
T=0>
.mF @ mF /.F :TP %/ .F " E> :T=0+
}B | +
KV K.:8
T=P
$C > %
/+ B
3@ &? j
2" @ xB
$C
%" 3 N@ 38
#H!B H2":&? j
TP } : 38
/+
5
\ Y /.;"
\
3@ Z [ Y Z [ @Y d.I
Z A Z Y BI
[ Y Z Y +Y :
QP+ 4J <D ) 9P K :; N %mB5 <L" N
\ jY ?Y 3" \
AD %K.
eH.
AD %K.
AD {[ak:O2
] <=BI
Y [ Y Z Y>
=
[ Y h f [ Z Y OI] [P
Y Q
.K. K=R
f ] f \ ]
BI Y \ Z /+ @ +
[ ] YYI4IY> A
$ r V" O@Y 3@ C=)
\ ] /+\ FI \ \ B
\
!>
[
[ Z ]X
A Y Z \ Y H
Y Y Z Y Y A@; 3
A \] \
[[ @m
Y
= 9
2+= 2>j
2=@ =C
Y [ #$
A>H
Y
> \
[ [ CN=@
[ [ Y AI[ [!R'>[ @2
Y 3!
Y U
[ Y IZ+"
3 ~5i
O$ > m!I \ Z 8i
Z Y ZP" /C \ Y ] +Y
Y <D O$
[ ] [ =AI
20
\ Y <@6
Y Z Y+ A
\ m
[
$A+ hS Z Q\
9R;
Y Y Z
<D Y
\ +
20I f @[ B \
f Z 0 N 2Pn+
[ [ Z Y> d 3@Y
$
[ 6+ +
Y Y yF Z Z
Y mPZ <D
'
Y [ Y[6 @ A+
A+ Ki
f
] <2 \ ? K /+
] 6
[
= T?
%t
q=
<" %tP V.
<"
" %B
$C <=8
:
/+ O=;{
A>" >
)+ %m!8 2P
" /C
L+ i
KD
- + A5Q
=B+
3X
<"
}
=
L+ %AD
C2> %
=+"
6.+ h p A 3@ d. OL &
AP" CQ@H A
=@"
=@2P
5
KV <
=> %AB
KD 5
KV K.:8
9S ML /+
.Ti
3@ & #" K
ND Ojt? *> N
OB
? jA> 3@} :jt
=
/+ X@i
&!5 K 5
KV /!
T=0>
=
$C &!P" 3@ }
$
&B> 3@ {
@ J #4)> 3@ } ..{
y0
%9C$ hV='@ h8P D "
/ 2=
3 2; &5> => D 4>""
#$
8P $;" 5n45
B*;n+ 2; D 9CL => % T2
@H M@ 2
$C
=> %5
KV K.:8 5n+9C$ K=@ 9C$ hV='@ <
:)
. N R
.
=> %ojF N jF
m" ND T$
$A +
N !TL #" mL 2P A+ @i @ +
! .@i @ +
!
!s2 M!5
:
=P
=B 8
- y0
$C 5
KV /!
Q? => :O=;{
A>" >
KV /!
0+ %
$A
=!n+ %Q=5 4> @ 2> @ A @ 2
=
%9CL 3@ yP
&>H !
$C 3@ <=!B"} : #'!
/+
T0+ r;j
$C 3 AB+ 5
< + % &?
2
$C 3@ ; &>2
s
L xB! !
{ @ ;
/+ LB@ 3 2B5
.......
=B.+ AB+>
&C" 3@ ="
/ =" 35
Q!i
2B oX
K EH 3@ ; =C A" =CC
&!5 /+ Q/ &
C" @ 2P 5
KV K.:8 h
2 5 <
#$
"
}Ojt? 3@
2P
L+ %
2 @ 2>>
KD <D &
=2> s=2> /=2> =2> 5
KV 2@ n> => D
=B5
.{
=.
ND D N
==P} :T=0+
P
/+ . /@>
4+ =
o> T
j> N
.
e
xB 3 %
3@ C$0 > <" 2>>
.
M" 2A" %$
h M m? @:@i
$C /+ - " ." }TP
L@ =" T=0+
] [ ML &!P %
ND D N <" 2A"
T=5
.MB>" s2> 2@
#$
/ /" 2> /C 5
KV K.:8
KD 24@
2> T" m +
*F" 3@ 3B "
/+ %C8" AB5
$;" 3>$
xB B 0 *C
.
H
}
ND D N TP <" 2B =" |P &C :O=;{
A>" >
<H8
Q? %F 5
KV K.:8 h
@" 5
ML 2B P & !
N
3 % /+ H 9CL " j
M=5 T=0> /! #5"[ =>
&!5 3
:TP %+ $C @" :T=05 " <" <= ->
=
%
hA e20
m KD &{
H!
" E*
.q2V 20+ TP <
<D
L@ }3>2
$A 2P
L@ :>2> 3 |0> =>
n5 H %B4@ /+ 4 /+ H
.
3>H /+ 3>)!
O)B
3@ 45 &;H" 2P H }3>2
$A &
/n> . 3>)!
O)B
3@ 45
3>H /+ &;H" 2P @0
=> /n> !
ND D +
}M$ K.4
&C % &?
K0> =>
j@ /+ C
] Y & .N
3@ 3.B*4
o" }9C$> 3>" K+ %C$;" p h." 3B"
=@" K.V
<=j>
Q+)
x+ =>
ND D N <"
2A 3>$
/
=
o" 3
.
@ ?" :T0+ %A >H /+
= 4.> <" A /); %<=$> <=.B*4> CW %Q
!
.KB
?= AP4D QNuC Q
/+ O4
mB
s
$ m d>0@ >B@ /nI <i C>D M4:i 9CL 3@ P" t@ ND m" = !
.C8" AB5
$;" 3>$
3@ s
L TX@i
Z Y Y Y \Z
QPi
q4D &B? #$
%2" @ 2" #$
@" #$
0; #$
} 2 #$
3@
.Ti
-" 3@
}
$C 2 =" |P= &A+
$C .
/" 3 @
/+ 545
= !
.|P=4> <" <
@ |P= @ !
N
.|P
=
$C @ ! 3 ;" d@ N d
} &? j
2"
L@
K.:8
M$ !;"
%E 3@ &
%X
E
=" 3@ @0
=> =" @" K2>
.5
KV
>24P
=)@ @ K )@
LD "
=@2P 2P hN? s C <" B o F &04
. &?
<L AD V
24P
/+ ' #4)> U
22
="
4> 3
#'!
o
@=8; 5
KV K.:8
Q?
2A K4 @ &'> %-
h A ~
j
2 2
K e
%' K /V
4
$A ;W <4 9 /8
$A <4 s C <
%5
KV K.:8
./ '
$C :/8
$C T0+ %s
H{
1 s2> T
6 N 4
$C %' A
KD /8
$C / 4+ 4
9C$+
?) ./ '
$C :F8
4
$C TP
TP
" s= )> 4
$C :TP /8
$C *n+ %5
KV K.:8
m
@ !
T=5 > / ML <
@
:TP . A$;" ' /+ 5
KV
.3>B ' h
LD :5
KV /!
TP %4' $;v
34!
3>B ; D
$C N
$C
K 24B> 5
KV /!
;
!5 T2B
3 $;n> i T2B h 5
KV @ hB
= %'
3>B>
.KB
. &?
L
<D OX X@i
<D!
}5
KV K.:8
2A /+ z0+
$C &C
.8P ;W L= KD &04" / %-B
t
F -
!}O=;{
A>" > - @ -
R /*0> @ 2B 4?6 K A+ &;2> /4
4 /+ j4> => /+ 3@u> #$
2!B
ML
$C @ d>" ./!
!
&; > ./!
!
&; > :#H > HA
#H LD %4?6 3@
B
/A4 4
KD . 20 9 ? =C ; %?
6 3@ T" /+ A4 >6 &@
/+
N
Q? 3>" 3@ %2? 5" K 3@ :0 m
6 N
%t@2 h?*@ 2>
}:@
rV /+ t
F
i
Q
3 4>" 20 :5
KV K.:8
T=0+
.9 ? =C ; :mP C=n 4?j
=!CL .?6
=+ *+ 9CL 3@
N %" 3 N @
2 <v
o) %9CL 3@ rV /+ &F+ 9 ? =C ;
!4 K4 A!
@ ! 3!
t
&S s
L ) 9P K :; N %mB5 <L"
$;n d!40 <D % @
=!4P
#$
% @
$;" #$
=
ML !4 %
=B!
#$
1>:
.@
2
!'
&C" 3@ <= N"
Tn .@
2
!'
AD !
=+ =
ML 3@
.;n4@ 8 /+ ;W L= KD &04 5 & %z0+ ML T=0 N
/@)
@
2P =" A>> &.R 8P
=C /@)
@
2P =" 5
&? %
Qj
/+ O=.8
.V /+ #6=
3
$C
$>
. )
H 3@ O2 K o8
=? S" : /@)
@
2P =" T=0> @
2P 3
S
=B+2
=B? & @ A @ &
S"
LD
=
=> %A@@" =
2?
S"
LD
=
=>
}&B>
L+ %3>SV >j
3
&
)@ &
+ 20B #$
%3
u@ + 20B #$
2
KD 9CL
KV <
@ #$
%9t4
=
1: @ Q
v
+ U: #$
%A=
! @ K |0> %2
KD @
2P =" 9C$> 2
$C 3@ 1:
ND h &B> 5
Q
* B
!:; /+ !
K e
/+ #H > 5
KV K.:8
Y\ Y h+.; \
[ Z ..[aaab:|8
]
&!5 Y
\\
Y [ \ Y [ Y =5
\ ] \ \ /+\ <2C
[ YY
q i
m"+ 5
KV K.:8
g>H" 3@ hX>2 N %HA
>W 3@ >W
3@ A @ %3B
=
3@ >= 3B!5 34 p
2>> 3@ A @ %
2 @ H
"
KD
.>
? KD -
ML 3@ -" =C @ 2>>
=> A>2 H? %
$C ND @20 @ 2 => CB O"@
20 <" 8
O) $C
.r=.8
/+ > /0 4! 9CL $;n+ %A>2 @ j" =C CB ND 2
s
$ LD %P
=
3@ BP=@ /+
&0> <" 2>> <>{
9t4 1: > /X
=
/+
A+ eF> A r2C N ~
=)
/+ <=!B>
=
6 N 2 X@" FV &.R %0> &.:
.r2C #"
.
&!5 /+ 3>2C
H
2 /+ / 4B? ND Mn5" ! @
2P " > T=0>
A+.;n &{
&'
sn: <" M K);" !/ > :TP
.
&!5 /+ OHA)
/ @ N Mn5" :TP
.T.Ri
QNuA
hN? @i
/+ &B>
Tn5" A
$A O=;{
A>" > T.R"
[ <D :2
) M!P" :T=0+ h)C2 @ @
2P =" 204>
> @
2P =" %B@ 9
+ .)
m!P:TP .3B!5 /+ .)45 Mi
2 MtB. 3@
&X@ + O"@
t. + e.
? !
:T=0> ./!8
$C /+ > O"
M /+
[8 ] <8
] Y [ Z IYYY :
<L jA> N ?
&!5 /+ => <" 2>> &.:
$C
[ [ Z IY> 3@
Z Y [
<
! @
2P " > :TP %
K <=!0@ C %4
H K h.>H $;".[b:
]
/+ A /@" A5" pp Mn5" ! @
2P " > :T0+ + @ <=B> N h?; B@ &>
Mn5" :TP .
/+ A &S=> 2C AH A @ 2.4 N AB*45 !/ > :TP .
&!5
=P @2 .pp :n+ :TP." N :TP .)
d N :TP .A5" pp
:TP /X
$;" p %@
h &40+ 0R" !@
2P " > M
:TP Ti
$;"
5 ! @
2P " > M
:T0+ gX
$;" p %;W h@ &40+ ! @
2P " > M
.e.
K 3@ z0+ 4![ /+ *+ tR A5 Q? h@ &40+ K@ p ~H=@
.3 @u
5" /+ 5i
$C 3@ X >
=+;
=!B4+
i
4-. LD = +2> C =B*> !0
=4.+ = +2
=n>
.
=)C2
e
= 3@ 5 / $;n+:TP
=)C2> <" ML 14> |P=
: #6=
3
T=0>
| > %
!> " @ ..
$
B %Q
@ B %>=" <Ln4> B :<==0> <=
2>
.
/ s
! @
2P " > .
/ s
! @
2P " >:T=0> / >H > H LD
$A
2!
)
Q" N
T=5 1>R
$;"
1>R
$;" 3>$
Q" C QNuC
.Qi
C QNuC <D %+
'
$;n> #$
5
KV T=5
<=B!4> 3>$
%<=j> C N A r=; N
Q"
./=> / ND =C <D o=A
3 1: > N #$
/=
3
$;n %Q/ - K K0!> N K4 - K 3@ z04+ Q
3@ Tj : LD
.Q
KD
B? %BP=
$C /+ 8 <" <
% !CL @- +H p :TP .)C2
H
j+ :TP
.A
/+ A>jB 2=
" 3.*
!V KD 9C$
$C '
.@B
$C
$ P <" ND @ <
+
+ @ m?;" p }+
L@ #2":mP }>D M:" <" /V" #$
'
$C + :TP
.3); r=V 3@ e! =C
LD 2P =C
L+
}
@" >
$C @ :TP
:
&V
= 3@ ND /) N A
%M!5 /+ h
2A :
&V
= 3@ ND /) N
.M!5 /+ h
2A
K :; N %mB5 <L" N " %3 N @
/+ + Tn5 @
:n+
q2V &.R
.) 9P
&C" .V
A.+ %A;H ND 2" A > N M? Mj !E > :TP ?+ mB5 <L"
- + .&>!? > AD -
p ?
:TP p B <" 9> | 4
A.
K)'> .2" A;2> N" m); 2P M? Mj !E > :T0+ HB+ m. /C
L+
.
3@ m. 2" A;2> N"
2P
Z Y :mP ./ .A TP p
= 4@
4
H AB?
A0; :O=;{
A>" >
.[a:<= @u
] <= \ Z
7IY Z+Y"
Y [ @uZ
[ Y
}
LD
h AC" C 3+
O
j C 3>$
%<=B@ =F
3 C 3>$
%<=B; AV /+ C 3>$
<= @u
AC"
.<= @u
O=5 T"
QP
%<=+
KV K.:8
=B!
%&B
=V" %2=4
=00+ =5
~R" 3@ AC"
h"\Y h
$ \ \ Y Z \ Z [ [=5 \ \ [ 3@
Y Y [$BI ] Y4IY> 3@
Z Y[> T=I Y \ Z Y 3@
[ Y ZYi
Z A4
Y Z Y Y AI Z f ]?Y [;2>
Z # ] :>
Y [ Y Y Y
Z Y Y :5
:
=P !K" 3@ ND
<=;2> /4@" &
} :AC" h !@ 5
KV TP [ak:74.
]
3@ :TP }Kn> 3@
=P} :ML Kn> <D s C <" <=84> N { }
T=5 > Kn> 3@
.{ K" 20+ /8 3@
&;H / R"
A+ d !P %T=!P A d OHH@ ~2!
<"
= 3
=" ~2!
= 3@ AC"
<Ln> ~ Ai ?" A+ d 6 %1 A+ d &R %o2C A+ d %3
KV /!
%V" @" K N 5
KV K.:8
@" K 3 %
:5
KV &t0
=C { H =A+ @" d h & 3@} :T=0> 5
.{ 2 &
}
KV K.:8
5 !
@ q2V V O
j
KW O8
P" 3@ AC"
.5
KV !;"
{ / @ d+ /4 5 3 9S 3@} :5
.{ h6@ <
<D E$
s 3
z5 /+ m! 6 "} :E$
s 3@ AC"
}AC" 3@
.[a:O2
] hBR
Y Y Y h+=;
Z Y AI
Z [ ]Y <=2> \ \ Y Y
3
Y [ Z Y ?*Z \ Y AI
Z [ [=[?[ K+4I
Y Y Y Y :&
P &C" AC"
\ ]
3
TW] e \
\ Y 3+BZ \\ \ ] \ ] /+\ <=0.
Y [ \ Z [I> 3>$
\ ] AC"
Y Y
Y FZ
Y ZY
3l Z
Y Y
Y Q
] *
Y Q
]
Y
.[a:<
<{
2> /A
@i
<
%
3
=A > rB
@n A."
=$ 3@ AC"
/ O>C /nI 5
%-
h Q
j?
/+
&B? %q)
2> 94
0>R /+
K)@ m)@
LD %Q B
A T0> Q
=
/+ <D ]] :T=0+ %Q
j
$A s
$> =>
<=C
rB <@v
3>" :Q B
$C T=0 %A? &X@ 3A
%|V |" <=B!5 A=
Q
jA45
%0)@ 3@ =PN h= %oL" 3@ 2
/+ =0 A h= [[ }
3
.>'5
}AC" 3@
@ 3 @ 3 3@ AC" .=.B
&C" AC" .h
2 2" K <=> N
= 3@ AC"
.>$'+ 3
. e
&
=V %i
=V %B:
=BR" %
=)+" 3@ AC"
qH8
!;"
= A 5 A
3@
&
/+ &?
=!P
3@ AC"
&
M5 % t; O@
i
Q
3 @ <" } :5
KV q28
t; ML q=+ 3@ % t; O@ Q5 Q5 &
3 @ % t; Q5
o= \ [ [ @ :0; 3@ 3t T =4@
{ 3
ML q=+ 3@
Y Z Y 3@
Z <= > Y Y
\ Z Y NY ML \ YZ Y N A5H5
Y \Y 3@ \ \ f Z Y NY AB
fY Y
\ [ ND]\ pp
Y Z Y AB@
@Y 3>" Y [ ND] IY YX
"
Z [ Y Y =C Z KH" Y Z [ [ Y =CY [ ND] ;
Y Z [ [ Y =C
Y
.
$C B)4 <" 9> [k:H
]
=
[Y
.+R
- 3 9C$ <" 3 > N %20 B@ %B B@ &? j
.<>2
2
=
/ <: 44> <
2 44>
/8B> => e
xB <D
3+
Z Y Y :AB
6=.4 C= 4S+
U> m!C !
B5 <D N" !S
B5 <" N"
Z Y Y+ Y]Z \ \ ]
3 \ Y Uj6
2!+ N" !q!
q!+ N" [a:<
TW] 6+ Y Y 20I Y Z [ Y
Y
&;H" Y \Z[
!0B
<+ &
=..; %&>=R .
<+ H
j
X
" %1 !
<+ 3.
H2?!
2!
\ \ Z ] \ [
i
\ ] \
=[ @W 3>$ \ ]
B
f \ f \ Z KDY\
=05
[\ Y :H=J
Y Y ] 2" \ Z Y Z Y Q
Y \ Z Y Y A
Y [ Z Y ]?
Y Y Z [ Y 3@
Z O.F@ Y Y
\ ] KDY\
==
[ [ Y .[ca:2>2
] -BZ \ \ Y
&*.Z ] Y Q)>
\ Z Y
L[ [
[ Y Y 3@
\ \ \ ] &*+
Z Y uIZ [>
Y \Y 5
[ Z Y ML
\\
[ [Y
Y [ \ Z [ B \ Z
AI^>Y" hB?
\
.[a:=
] <=.I Z [ ] Y Y <=
Y [@uZ[ Y Y
OH= T
j
n:'
ML
T6 n:;" hn:'@ > %9$
s
L
Q5" 9L" !h!$@ >
/ =H @ MD !HW 3 >} :KB s! 1
T=0> { <=
=4
3t:'
;} :
KD
p Q
< M=L mF = !HW 3 > %/" N M @ <
@ M .S / =?
J
h / s) N / 40 p >:;
i
E
0 / 4" = !HW 3 > %M .S / .F45
3 @ O
<n + % /8 @
L+ %K
L" /+ <Lu 2
LD H==
<" :
=
p
=A) 80" !}/VB 80" !O 3@ C8P" @ !
ND D N .O8
<
Li
.5i
3@ .5 K 4" D K /*
"
.A!P 3@ h!>P /@i
3" m S %AV" A0 %A
=" m4+ 2P n
N!
7:
3> h
2S TP AH C)
'
A+ Ki
6 @ A+ <2 ? K /+
2 45 &P /@i
>V o=A
&A
OS /+ hC5 >"
4'> 3A
+\\ s
$
K ? Q/
Q*" 2A)
. > <" Q/ &
mB5 /4
4
Tn5"
.h
.S h
=. J hD <{ 6? A
.M ?
.>2? ?{
m
K)@
LD % h
=.F@ hB?
$C &B?
A
%>
M*+ 3@ Mn D A
.m" ND D N
m" s8 MB B@
.......3B
E 2
%35
K 5 %<=.8> OjB
E M <!5
2F> &
..
.s
;" sH /+ 2B O
&!5 !
%m" 3>HF
#" >
0
A>" -+
5
KV /!
jB@ xB
J5 3@ ." 3@ L=B %D E=4 .F4 B4 2 % 2
<D
N 2
ND D N <" 2A" . #HC + &*> 3@ % &*@ +
2A> 3@ % "
3@ %4@" 3
2! 3
2! OHA %>2P Q/ &
K =C 2
M
% M>
%3B
5" %=5
2! h
2@ <" 2A" .4 3 3 +R K S N
KV.h.S h=P %V
h h
LW %
h h " 74+ %T=0B
" %28
U)+
.h
X
h 5 %< A 3B4
!V W K
:2B @"
f Y \ d.I \ [ Y Y Y #$
\ ]
1;
Y Y Y Y O2
Y f Z Y 3@Z 0;
Z [ [ ]Y
=0I[ ]
e
[ ]
AY ^I>Y" >Y :KB s! K=
T=0>
\ Y [ Y #$
\ ] Y
\ \ \ ] A?6 AIZ @\
<
] <D
Y Y Y
Y Y Z Y Z Y \ <=Q
] \ i
YY
]
=0I[ ]
Y Q
h Y Y h
X
Y hN? Y \ AI
Y [ Z @ g
Y Y Y Y ZY Y
\
.[a:Q
] h!PY Z [ ZY Y
Y [ \ Z [ 4I
TW]<=@ Z [ ZY"Y ND]\ 3=
\\ Y [ 1
] [ [ Y NY 0I ] Y Y
]
=0I[ ]
=[ @WY 3>$
Y
\ ] AI^>Y" > :KB s! T=0>
Y Y
\ \ Y ] YYjZ6Y <D
Y=IZY> * -
Y Q/Z Y
Y ] \ Z [ ]Y
=0I[ ]
e
[ ]
AIY ^>Y" >Y :KB s! T=0> .[abc:<
\ Y &
f Z Y
L f \ &
C
Z [ @Y Y o 5
Y Y [ e Y ]
oIY YY A
Y Y Z Y & ^ [ *
[ Y Y Y mB" Z Y Y Z Y
] Y B@
Y Z [ ^ [ &C$
[ Y Z Y AIY YI
Z Y Y
.[ca:
]2>2 \ Y
\ ] E
$ ] \ Y Y o
Y Y Y 3 Y Y[
\
\
H
3@ 2" -BN h
H?
=+
\
T=P
#H f &
[
>H
\ KD /F8 @ mP
[ Y
\
H>H6
KD E=$
f
3 04
\
e.
KD e=.
Y [ "
\
H8
S
H d+
.V
P [~j
@
LD
\ \ Y Mn
[ o2!I] Y 2P 9)
#H > A>H @[ o;i
\ ] \
m0;
di
\
Y Z Z Y 3Z [ ZY Y @ Y Y :&t0
&?
OH!B ND 0;[ @ 2 Q
+ #$
N
\ \ ][
L[ q
6
] ] \ * <\=B:> \ Z Y 2> [ \ [" @ f Z \ 3@\ AI[ Z @\ 2> \ [ Z \ ND]\
34Z
[ Y
O=0Z [ ] ] =C Y [ Y
<D [ Z [ <" Y Y q6 Z Z [ \ [" @Y * <2!BI [Y
Y [ Y Z [ N YIZYD\ " \
<=B?I Z [ ]Y Y hX!
YY
Z [ Y0; Y ]Y 4!+"
ZY Y " Z [ Z Y Y Y :KB s! &t0
%[k:>
$
]
.[aaaa:<= @u
] >\ \ Z \ Z Y Z
E
Y
B ^ Y =C \ \ ^ Y
MZ
Y [ ND] YDY N 1Z [ \ Y
[
] KBI
Y Y Y4IY+ *
=@
=BC \ \
[ Y Y
=0;[ i
[ Y Y =
@"
-
[ T
=C" (=
)
[ p )
p @
=@V 4+'@ 3@
=8+ e" \ \
m 2P )
=
\ |A
[ ¥0>" \ \ A\[ " @"\[
LD 3
&Cn
\ Y /R
\ \ Y <"
\ Y ] Y Y4IY+ &!
.......+
>
<W0
5
KV T=5 OjB@ -"
C #$
% >2>" 3 #$
<W0
$C 5
KV K.:8
A Q? OjB@ T"
r
&] 2B4
Y [ 04 o;i
>v
B@ Q? %
0
dJ
KD
.1>:
KV K.:8
2A K F ; h
" <" : 2 @ /+
2" @{
o
+ 3@ O)
$;n+ 204+ %O K 2B> 9t$ LD S @ =C % F
K 5
14 @" :d{
4> T=0> %
2B
h /B0>\ <" 9t$
$C 3@ <= + %9t$
$C
[
.d{
4> 9tL !/! > :T0+ ./D
]
P5 P6h $;n !}
.B@? O8
:e
/+ oH <" ND 5
KV @ <
+ %!'
!'>
%9t$
@ 48P
$+ 0+ %mB5 @ %m>" @ A &P :/
T0+ %A
e
4?+
> K4
=0 N !2 /. #$
q2V} :5
KV K.:8
T0+
.5
KV K.:8
2A K
$C &8 20 { d{
~!
0
q0)
pH
3@ 9:+ %
= @u >W A>> <" 5
KV /!
=n5 @ &C" <" : @ o
|8 y!P /" &!? K |8 %3.8 @ /+ 0
1.+ %>W A>> <" &?
<" ND A @ <
@ }
2
= @W
=P2V &C }A @ <
L+ % &0
&!
K
%>H!
&C" KD 9C$ :A @ |8
TP .2@ " 5 %5
$C :
=P %
=!
%C=n5 >H!
&C" KD
=!C$+ }3!
K 340+ 1.
2P
M /+ " &C o
%4@ 5 :
=0+ %
M /+ 3!
K 340+ 1.
2P " 2P An C!;n+
!>H!
O
[ Y Y
1)
Y ] m YY
.>H!
O
] 5 [ca:0
]
5
KV T=5 )
!R'@
M
:T=0+ )
K > <
" :gB!> <" &!P 5
KV
jB@ 3@
<" : V /+ @ o !
T=5 > M
:T=0+
K > !
T=5 >
" { gB" <" &!P I / <
h
i /D!
} :TP 5
KV /!
] >
.5
KV TP
5
KV T=5
KD !-
o=
KV /!
:T=0> % O=!
&tNH /+ B =" C
L O;" >w /.4
" %OX
>v
!l :.
$A H2)@ ; :. LD % >2
; =>
L '> 5
AD 204+ %~=@2
A= m+L 5
KV K.:8
" A LD
jS
3>2 3>FV 3.); / <D !
T=5 > :m0+5
KV K.:8
.5
KV
T=5
h @
rB N %' Y [ 6=
% 3@u N 1
&!0 N %+S CN C5 S+ E=P %O2@?
.h
@ N %+B@
h
KD C@ /+ e
T
="
$0"!9:
2! / > %
3@ ."
$0" !r @ 2! / > %
3@ ."
$0"
M. #$0" !2@ m R+ > %
3@ ."
$0" !C / > %
3@ ."
=0
$C 2B xB!
2F+ .{ 2" 3 2" / F> N %J
h
3@ / S" N %
3@
1= ;v
xB!
2S %jt.
=A+
3@ . q4{ A @ xB!
2S %3P KD
.5'
=A+ %. MA> %.
.O
<
= =C
$C %A0=@ " A04B+ %. t!+ %2F> &
2=4
@ e
T
="
[ [ Z Y s>D
'4+ %2
/+ A=0" &?
K A8P /4
B45N
3>" [:.
] 3B4 \
[ YZ Y
$C /+
2! >
1
}M. MA M. 1=4+ %
$C |'4+ 2
3@
\ Y Y [
\ ] \ s)>
[ ]
[
n@
Y Z Y Y Y]Z Z ]
Y
Y ] Y 20I
Z YY+ Z Y [D] \ :s A+ C <" s>D %¥.i
Z \ Z [ 3@
I[ Z]:
[.:'4I \ ] 3@\ ; \ ] \ s)>
Z \ Z [ 3@ \ \ \ ] \ @
f Y Z Y 3@
[Y Z Y Y+ Q
Y Y ] Y n + Y ]Y Y Y Z Y Y .. [kc:O2t
] 8" Z 3-
Y YY
m6 <+ %
$C 3@ M 8+ [a:
] 15 f \ Y < @
f Y /+\ 7>
Y
\ \ \ Z Y "Y
[ #=AI Z
.
ND D N :C2B &P %
KD 2B+ M @ mBP
&? j
KD 2B> %t " /+ " %4 &C" " %. /+
%!8 C2" 9V" <D
% A
%O
KD 9C$> D %Q.)
2 3@ KD 2B> %/.)> 3@ KD 2B>
h+
] " C
K" 3@} :5
KV /!
T=P 5
h %H >H !+ %3>L=B)
.{ 5
KV 2@ K Tj" .
20+ T=0> P28+
+ .
-4 > =C s C
$C A0> %/X
R)
KD !)'
$;n %7>
&5>
N =C %H=B
$C $;n+ %Q/ H=" <" 3@ ; /Ci h!: H=B
$A H=" :TP %2>
/+ >H t LD H=B
Q? %!:
h B> <" 2>> C" KD 9CL %;
2 @ B>
&A+ .
.
K &
= 3@ %
.
/ 3@ %
ND D N :T0+ %:5
!}
9
[ N
=" #$
&5 ?
h HW
Y /] Y[I 3n
] N
9*F>
[ Tn>
[ Z [ 3 HW
Y /Y[I
u5
Y m
<D 9*F>
!> #$
KD n %!8 ..
@i
3@
.. =@i
3@ @n 9V" <D
Y \ [ <D %!+ | <D %
)
E!5i
N %)
E!5i
9R p %38
|
.A0=@ " A04B+ . t!+ %2F> &
%
> /+ 2t %
. /+ HS =A+ %/
O8
@ e
T
="
|'+
Y Y Y Y : T=P > n
%. 1=+ %
=A)
!4> %
=8
s4 2F> ;W HS
\ ]
=BI!I]
O8
\\ \
>v
/+ TP [:>@] hS Y <=0I
Y Z Y Z Y> r=+
Y Z Y Y
=A)
YY [ Y Y Y ]
=" [ Y Y |;
Z Y C2BI
Z Z Y 3@
Z
\ \] \ Y+ :o;i
.4 %KB
KD B> %e20
m KD 5
KV /! o>[
hN" 2
+ %B
3@ *+ %3; ?n d; KD |.' p %OV 3;
.h R h
Cl %
h;W
:5
KV ! T=P s
L..
20+ A
3@ <D N" %A
4+ #HF
2F> ML @
.{ .
20+ A
3@ %O8
A #$
2AB
}
+I
Y Y Z [ <" Y \ Y =I
] <L"
Z Y [
f /+\ :*>"
[[ h T=0> [:O0!
] 3B
\\
Y ] @ Y Y
=B
[ Y
Z Y :T=0> &?
\ ]
L
\ Z \ 3 \ \ \ Z [ N T? \ Y v
Y \ * TV \
[ [ \ A+ \ YZ
Z Y I
Z Y NY O
Y Y AAI
Z Z Y 2FZ Y [Y 7!>
[ Y [ [5
[ Z A+
Y
$>
Y [Y
\ \ ] Y Y4IY h@=I> <=+'> \ \ O8
\ ] Q4>D \ \ Y \Y
T=0 .[k:=
] 8i
[ Y Z Y Z Y E=0Z
[ [ [
+ 90I
[ ZY Y [ Y Y O
Yj
Y Y ] PD
C" A@ /+ 5
KV /!
<= >} :78
/+
A
/ )t
%^{ +B N +B> N n + %!
"
5
L+ % 3B> %=p P> %B |8'>
KV
T=5 =C %2
KD 9CL Q/ &
s4+ &?
#H @
H
.5
5
KV /!
> /+ E2 ? 3 O5 o #'!
/+
&t0
=C
:*@ &? K " K4 / 0:+ <W
/" } :T=0> / 1 Q!i
>
%5" 2)> %
2C24+ %O'8 5" X> =C
L+ %O'8 tP ;W H2@
%Ki
O
/+ &B+ X@ &B.> o;" O@
$;n> p %<
H=B> 5" 78>
^ p
O8
3 > %*++ <W0
"0> &?
$C :TP }
$C @ !
<!5 :mP :TP
.{=4
O8
3 %N"
h <W0
x+ 2P O8
s4> #$
3
@ /8> N #$
<D @"
:9P <
<D g>2
$C &X@ h
2>2A .
%g>2
$C &X@ h0 .
%p
h =4
h "] Y &? :
A B pp}
5 &? %z;5 A A?6 m O"@
%<=C
C @=P
.{ 9> p U.
K / O8
K /
<" 3@ ; %
$@
h hVV HW 3
L" 4 <i]] :"
/ O>C =" T=0>
.[[9> N p U.
K / O8
K / >
K.:8
T=0> M$ %
="
;n O8
K /
=B5
LD A" :30+
@ m
A+ @ <=B> = %.
Q)B
OV 30+
K O8
&0p"} :5
KV
T? 1:" p %e
u+ h? @W p %04+ O8 @W <" mC 20 %
=!
h = C=i
3@ A+ @ N=} :o;" >
/+ .{ A= A qn+ 9: 3@ j AB@ /B@
.5
KV TP
" { ML mB. >$
Q
ND
/+ 3 > = !
!}
s4+ #HF
2F+" !}O8
s4+ #HF
2F+"
% O=:'
$A M <
ND 2
KD C=:' O=:; 3@ + %M4 3@ ' <" =>
%:>
h . X
"
=5 =A+ ?i
$C /+ + 3@
%?H A M mB+ %J5 M /@ \
[
O=;{
A>" > h
=A5 .S X
"
=5 =C
.m
.
4
Mn5" /D A
:T=0> @
X
h <
j
3
2! 3 @ 3 mp =CC
.2?5 "
/+=4> <" :TP }
4
+ %O=2
$C 3@ X !4" : " T=0+
!
"
:#H > #H
5 2Pt i T=0+ %EF
OV &!P =
5 &
%x>@ m" %
5 !5 q=+ 3@
s$ 2P :
=P %2
KD /=
:!
"
KD /=
%9?" N p U.
K / O8
K / 5" N :TP %$B@ m"
/+ =;Hn+ %=
5 /+ =C |8 =@P" =B K4 A $;n+ %2
] m!XI
[
[ Y [> :2?5 =C &? j
K0 O;i
O2
m
25 @2 K8+ %|8
] &B.I \ \ ] [
\ \ Z /+
^ \ [ Y O;v
] &*> \ IZ2
\
/+\ m
\ \ X
\ Z Y \
=[ @W \]
[Q)>
Y Y @Y [
[ Y Z Y>Y 3-
Y
n+ %
3 O2
O@ |'4>
Vi
=CC }[ck:C
D]
3 A.' /+ h*B A*B #jB> <
3 .' /+ jB> V" xB
:
=P
K !+ %P
=
%M4+ 2P ? /+ sQ
j
3" :
=P
/
jB /t " 2" @ = % >2
$C &C" xB ND / n> + ? / 4+ :TP }M !> @
<" B> i
$C
=+ 3@ / ] <=C" B? /t "
=.
%A
>2
&C"
.A0=@ " A04B+ . t!+ 2F> &
}B. > N " B. > &C %" + 2=
@" %B. $C
KD O=2
@ e
T
="
}e=
K" 5 z> % z> %P z+ %. sC{ 2F> ;W HS
> %3
=;D K A:> D A
QNuC K d }o8
K" }H=A
K"
9
>w jA4> %
3>2 jA4> %3 '> %. 1" HS 3@
%S B!4> 2P %T KD O=H /C 3 !C2= /. A4 > %>? -" /C >?
!T*
=H X
" @ %@0
=> KD A & 3@ 6 %6=
$C <= +
B
T? 0D <=> %mP=
$C /+
3>2 <'> 3>$
X
" @ O=;{
A>" >
T=0 3 !QNuC X
" @ %e
&*+ %e
2 A4C"
20. %e
- /+ o=04
.3.
A @ -F @ 3@ %.
Q=! :A
<" ND q.
K" %' <" ND m" /4
=
3@ 4!B? /+ @ ' 2F> C2" B:>
;v
'> %<=B @ 4B5 @ 94 C2" '> %BP
=
3 < LD BP
/0>
:T=0
E8i
m {
@ E4
\ ] 94
\ 3@ 1!>
[ [ Q
&?
KD
H= %
KD <H=B45 " <=B 4
<D &?
=0
:QNuA T=0
:&t0
TP @ O=;{
A>" > T=0 3 %CS 3@ <
$C m >
\
<
2
[ \[ /" =
2! = 4u; /A m
/4
3
-+
=B 3 K0" @ / <A
^ TP
..
#" .
>w Q
jA45N
<D
M /+ =
<
L@ }A+ +
m
L@ }ABP=@ <
L@ % s=! BP <=B
A+ *> %2!
A+ 2!> #V /+ 6.@ /+ %
O2 /+ >2
3@ <=?'> }BP=
%<=+B /4
E
2
ND AB@ @ %d)
O
m .0
/+.
<=B:0> %2!
/
$
\\ \\ "
\ \
Y [j\ AIZ Y4
* <=t Z Y 4
Z [ Z
[ =5 Y Y ] \Y &P
[ Y Y >W Z [ 9BI
[ Y Z YY
=' Y ] \ 3=0I
[ [ Y ]
[ D ] [ [ YY AI
Z [ Y4ZYn5Y 3J
Z Y Y :
5
\ Y Z [.
\
.A0=@ " A04B+ . t!+ 2F> &
[:=4
] >D Z [ Y \ 2BI Y Z Z Y Y 2P Z Y
$4BI
[ Y Z Y N
Y ] <=0> \ Y <=AI
Y Z Y Z IY>Y rBZ [ f Z Y [Q"
[ Z Y <@n> Y Z Y A*BI
Z [ [ Z Y
.A." 14 /+
2S %A."
=04" [ka:=4
] [
] AI Y \Y [ [=5
[ [ [ Y Z Y5Y MJ"
]
Y [ Y Y Y
20
@ e
T
="
4B> %
Q*P 3@ z'4> %A A> %. 1=+ !8 E8> %H /+ ;W HS s
L
@ 3@u
K0 %?2
mB+ m!4
@ K4@ 9t8
<" @ %
2P K
/+ V{
&B+ %H /+ ML E8> %3>8
@
<" @ %>:'
3@ J:;
. >H
\ Y
&B
<
Z!?[ 3>2
O P @ ? f &
^
B5 @ } D H p 3+H[ m 4B5 &C }9CL <D m@ H=B5 &C :O=;{
A>" >
.<=A4)> @ 3 A & 2P %=!0
/+ <= A@ %H=B> N 9CL #$
%M$
#$
=
/*0> %?
h h! ! ?6 m
%|
E! 3@ E =CC
% mj+ %A 3@
i
> <" KD O
$C /+ d. &
K K*0> <" 2N
/+ 5{
3@ d
$C %@
h h@ 3 !4 mP" %pn %m D %!8
&?
KD =@i
?IZ[> %!8
2 <{
m!X> <n @n> %!8 @n> 5{+ %Q/
.
&@
B
$C ! %@
h h@ 2 d %!P 2 ; 3B*4 mP" }A @ <
@
:A T=0> >i
3@ => /+ AD ; + %/ ! h@
h@ m? HNn m!CL %
%2; 3 C2" B@H 7 %>i
3@ h@=> HN" KD '> %8P @ " %m "
" %B
/+ V.
4S
D %AD - N %A!P @ AD ; =
%AD '>
.A A & AD ? C /4
ND D N T=P " %! " %O25
3@u
A>" > M + %H=B> N O=;{
A>" > 9C$> #$
%A= KD
=B?+
=J>
.!8
ND E8
}5
KV @ <
L@ % @@D !! 2P =5" 5
KV
T=5
D %E
/> @ ND T=0 N %/ ! 3B
%<j> 90
} :T=0> }T=0>
L+ %&.:
t
<D K4 h@ 3B" 20.> !! |5=> 2!
O$+
20.>
E=0B>
\ ] \ \ /XI = "
[ Y Z Y Y
KDY /jZ
" Y ] \ TP
[ Y Y [ Z Y D Y Y }= ) N" :T=0 % @2'
B D Q?
.
KD =@i
H@ [:|5=>] <=BI \ ] 3@\
Y [ Y Z Y N @Y
Y
Z \ Z Y Y MJ"
A Z ] \ Y ] D] \
=P
[ Y !8@ Z Y Y Y \ 3>$
LD #2 Q
j? 3@ 3@u
#2!B @ :&? j
T=0>} :TP 5
KV
T=5
%
ND Q
j? 3@ @ ^{
ND !4
p 2
&C" 3@ ; " .V m*!P
.O=;{
A>" >
Q
j
B
:TP .B :
=P M$ "
}#2! 3
4*!P : t T=0>
<"} : #$@4
2
s2 :
=P KB s! " =C }TP
L+ :TP .B :
=P }2!
O$+ 4*!P"
m =5 %
/+ h4
=
:TP <=B?
D D D % 2
:TP ?45
.3>8
Q
j? =C
$C {
Q5 /+ 1+i
/+ F
#2
9
=
=A+ 2
:A + %
=!4
%
=4+ 9t8
=!V" <" A @ <
h5" :(>4
L 20
=B Q!Ri
Q? %<B4
:TP %
2? KD #45 A" o" H
6 @2
; 3@ h5n
T :
=P 2'@ s C <
@ C
Q? %? :P <2>>
en !CL" / @ &0 !" ; 3@ en
:TP %:0
" 2 + %M0 9C$> <"
% !
>W @ m!5 %/V /+ m;H %n=
LD 3 !
N }; 3@
.<Q) @ /?
=B++
<" <=B> % <=B)'+ <=8>
=
=> !P 1B %
#2> 3 |P K4 =
/+ % h)F@ z0> %Q@2
rj %?
=B:0+ % <=n+ AC=? &!PY\
%9C$>
%9C$ ? %2
<W /+ <4!8@ %=+ 2@
H d+ -
$C
M
/+ sQ
j
3" %M? /+ sQ
j
3" :V" T=0+ %4)S 3@ 1.>
m
<D %m:" 20+ $;" m
<D E %h R h
Cl %
h;W hN" 2
:TP % 2@
%
h;W hN" 2
M+ %
2
h $;" r
Ri
3@ B" / 4:" %m+ 20+ m4
\ ] )
Y \ 8
3> \ YY :h R h
Cl %
h;W hN" 2
M+ %
2
h $;" HNi
3@ B" / 4:"
\ Y A Y \Y [ * <=B?
\ Y\ D
Y [ \ Y D \\ \ [ 4Z IV"Y
LD \]
Y Z Z \ Y 3@
Y Y A Y Y Z \ Z Y Y MJ"
Z
=V Z ] \ Y ] D]\
=P
[ Y !8@ Z Y Y Y \ 3>$
Y [ AI Y *
.[aka:O0!
] <24AZ Y [ YZ [
C Y \Y [ Y
[ [ MJ"
@ :TP %.'
K =;H" $;n+ % 2=
8P Q
K" h>2! h?
2?=+
=?'+
}s!; @ M4!8@
/ EjB+ >i
3@ @=>
h mJ? %/ @ h
2 hN@ X
" K S" &? 2! / /+ <
@ !
:TP
m0 %#H
=
$C /+ #2%/@ %/C" m
%" Q
m!C$+ %&{
3@ :P
AB)4P+ &5 Q? %9@ N ~
H A d 0 E
; >2
L+ %:0 2 %34
%2A@ /+ T
6 N %O /+ 1B@ FV &.R ND 1!> %M> @ &
% S %0 A
] p :TP %<=B?
D D D :mP %#2V KD 4 D m!C$+ :TP
3@ B 2
- + %78> &.:
=8 LD Ej #$
:0
$C ND 1!> m0+ %OBi
Y * 3>Y \ 8
\ YY : h
@"
K*P
LD <=> %
Q*0 <=> h5"
H! 3@ <"
\ Y\ D
Y [ \ Y D \\ \ [ 4Z IV"Y
LD
.[aa:O0!
] <=B?
Z ] \ Y ] D]\
=P
[ Y !8@ Z Y Y Y\
Y [ AI
+2
[ Z [ N m!P" [
LD A +
H"
Y <n mV
[ 20
. f
[ N &
m." C.l" m!)"
LD
!2F> &
H!B
l @ e
T
="
3!
] Y Y Z Y NY :
T=P h5 %
H! - } #n . MA> %. MA ;W HS s
L
f \ C;uI
\ \ Y Z Y =I
[ Y ZY Z + y')
<" h5 4@ [c:C
D]8i
[ Z Y Z [ [ Y [> D Y [ \ ] &BI
Y ] \ <=-
[ Y Z Y>
\ Y Y
] Y h+S ]
%F
q=+ =-
O=H +>
<" h5 4@ %E
3 A d =-
O=H
3i
> => %
3@ 2A
3@ :P.{ 3 2B = M8i !/? /j} :T=0>
2 2i =
<=+8 N !/? /j }<! 4
3>" }<!
3>"} :T=0> %3>;v
=C 2" A? ? 6> 3 { l =
$C 6> N !/? /j %-@ 2"
K <
= K4 -
Kn> KB !5 T2B
=C @ KB s!
y40> K4 %l
A" A!8S n
/ >B@ KD = )4+ O"@
n 2>6 3 2B5 =CC .+
@24+ %A" m!84S
Mn M mH
20 :T=0+ A" A!8F> <" 2B5 &X <
@
:T=0> 5
KV
T=5 mB5 20+ %ML &B+i m
@ !
:T=0> %=
/" *4+ %TP
" .{ 3
" !5 3@ @0
=> P=R
i
3@ ! 2P l 3@}
Kn+ L
m
<D %s
$+ PHV m
<+ %A' KD /' %CJ KD #J %A" KD
%o N
i
$C /+ 9C$ %C8 /B>
Q)> .A" /+ C
H" %C8
.&
r=? /+ 5 /4
=-
O=2 >H4@ J!
/+ z04+
%
=l %
! %
=FR <" ND A @ <
@ }A @ <
L@ 2
<C 2A /+ @
!
3@=- y40> <" &? j
Q)> => %*.
9C$ C=8P
=R AD K4 %
!
&40>
= + %.'
A
z+ %O
$C /+ 3@=- 04 > %O
$C /+
jB
2B !4" :T=0> 2 => /+ t " 2" &;2> %C!
3> %&40> 3@ A @
=-@ O=H !/ > :TP .N :TP }#2 N" :TP %E
4
K 3
/+ m!V" K F
.t A
d A %&
r=? /+ 5
8i
<: 3@ :t
h &;H 5
KV /!
<"} : @ 7V /+ :
=
/!
3@ E40+ B!
~=@H = 3@ =@H r$ ?> /n> B! LD <4
/ :8i
3@ K4+ TP }B!
$C 3 :5
KV /!
T=0+ 5
KV
/D 20 %A!B4 AB !}
A @ /4
2
$C /+
14 @" :TP %
T=5 > "
.{ M @ /P> @
K Q+ >i
3@ h@=> Q? &?
$C %E=
oP 3@ >P /+ +" ;W &?
9C$> => &
%/4
=
/+ Q+ %H:+ % @ &
n+ 5!
$C K 20 % 5
] => /
3@ /+ $;n+ %5!
$C 3@ &
n <4!
$C KD H=B>
!P
@ mP
H => %B:P
h B:P K4 m.5i
K K)@ %/ =C : !P /+ &? j
> %+F
$C /+ > P p %#)
2!
$;n+ %
=B! Q/@ 4
L+ %4 &;2
%O
s C m2P U!8
OQD @ %U!8
Q/*> <" H
" p %2!
$A 4@
K4
. &?
K0> >" pp 2B %4Pn+ +F
mB4+
.4'
3 4'> <" %4
>D @B> <"
Tn
@
#$
<{
-> 3 +!O=;{
A>" > !
l
=
l :O=;{
A>" >
}&? j
t!
E4
/+ /!C$
L % ! @ 3 9C ML
L 8P <
SR :OX
X@i
g! >i
3@ h@=> m?; %80
|; h;=
m !+ &? j
ND A d 6= Q?
ND @ <
+ %80
- @ =)> =
$A LD %8P /+ .4> &?
$C Tj + %AP6 3
=> Q+ %=@2A+ %=@2C
:TP %
$C ND M N 6=B:
=P }=
$C 3 :TP <"
%
KD A>2> mB++ .S:
$C :
=P }/;=
2C 3@ :mP %2A@ =C
L+ Q?
N !/? /j } :+ 3@ K 80
90+ }m" 3>n+ !tS " m
<D !E > :mP
.{ l =
$C 6>
+ @@
h 4B? %/. K -
m@ /D !#H! >} :ML <=B> -
m >
.{
=-
2>> %
3 A > %rB @n> %Q
6=
3@ h
>6 78 >
KD O2
3@ &? /n>
ND / V N D A
:T=0> %>2> ++ %2; K : :+ %=@ 2>> s
L %
$;u %2> :0 %8P 3@ $;u> >" 2B %#2; :
2> :0 <" E > Mn5" %m"
:<:
K 94 > 0+ %
2>
h + h
2 h
2>R 3
/+ => %
=@"
/\!+ \
Z \ / > m / > >
f [O$ O
2B d
9>P
[ xBf 3@ xB!
f \ C;uI
.[c:C
D]8i
\ \ Y Z Y =I
[ Y Z Y Z + y')
[ Z Y Z [ [ Y [> D Y [ \ ] &BI
Y ]\ <=-
[ Y Z Y>
\ Y Y
] Y h+S ] 3!
] Y Y Z Y NY
&AI
Z Y Y+ : B
&4 2F> %. 1= 2F> % :0 2F> }2F> 3>" K+ :2F> s
L
\ ] Y \Y [ * @"
] AI[ YBY Y 3>$
\ Z Y Z /+\
2.I
[ \ Z [ <" ] Z \ 4
AVn+
Z [ ] Y YY [
[ Y MJ" [ Y [Y
i
Z [ Y Y Z Y
=B:0I Z Y 4=I
Z [ Z Y Y <D Z [Z Y Y
:mP B m0B m!p
1; } ..[ccc:2@] C8" Z [ Y Y Z Y K"
Y Z YY
3@ :P" <" %MV 3@ &V" <" 3 N" :&? j
TP %B:0
3@ M $tB
0@
$C
.{ m K :mP }MB:P
<
$
2
>2
1B :2F> A*B %
B:P AB:P 3@ %
V
&V 3+
<{
Q
j? /n> p %K <>B> %o <w-> %!) <=> >i
3@ => /+
\ Z Y \ Y
3>2
=Z \ [>D]\ ND]\
2!BI
Y [ [ Z Y N"]Y M
Y ^Y K*P
Y Y Y :T=0>
M>2
1B" % h
=> %8 B5
&> => % &?
OH! @ AP !}[c:Q
5{
]hD \
YZ
i
m C" \ [ %e
xB 2 Ei
5
S [ %o> N > N 4 > %o> >
$C &>
Q2
%u)
6= %d
! ND + %5{
E! 3@ X
= /+
. &?
2B H=? /+ h!!5
=> %A @
KV K.:8
T=0> .3>2
=
z'5 /+ &? j
z'5 %3>2
=
/+
<D
q=0 % s
{
:TP %
T=5 > K:
=P }t!
!
n J!" N"} :5
.{ 3>2
=
!
@" > :A mP %m?'+ E!
A mPR %A4 m;H K4 O"
Q
m!C$+ :TP
9
%
K8 %. K +@
h <
%/
D :mP }=
=4 +H #$
&?
$C @
LD :TP %B :mP }OHB
/ 3>2>" !@" :TP %=
5 m => %0=
M>2> /B+
p %=@" <" 2B #2; K M@2P /B p %2=4
/ 0+ O+=
/ *
N :TP p %<
@ @ <
:mP %
+ %
m@" /D A
:/=P %
KD
L+ :TP %B.
mB.+ %/6 ?
2A)> 3+ %/8 <=B> A+ %/= h
2" #!'
=V mB5 %4 +H <" 2B
:mP }M *> @ :mP :TP %m *+ :TP }2
.z;5 N /
] <!*S S % E K m@2P M=2 !@" >:T=0> |4A>
= %Q/ &
ML /+ $ = A! <" KD 4 3>2
=
O=H %4@ 3>2
=
O=H
.ML <A O=2
$C &!5 /+ &
$ = %?j
$ = %Q i
$
:T=0> %!B
45n 1B4> %m!
KD > % =2>
\ 3@ EP
2B \
f 3@ @A
[ Y Y
"
Y
=B:P 2P
.3>i
!? &)+
K0" <" 3@ / ; % rV" %|l=" 9CL" <" 2>" !4" > :TP " KD 9CL
:45" N
:TP .9CL" h
LD TP .M <LW N :TP %C> 3 g
% F
$C Q
r; 9C$+ :TP &?
KD &
z5 /+ A?" A5 ND M / @ 3 %MB @
.# B
M
/+ T=;2 <2+
=4> e
LD h@>" /0 %9C$> <" :4>
%E!)
3@ =@ @ m!CL %/
? 2" F
m:n+ >i
3@ => /+ mJ? :TP
++ :TP %m!CL 2P / " /X
=
/+ ND /"
!'> m!C$+ %O
$C /+ Ln45"
%A =C KB> LD %2B |t:
KD
=8> 1>:
/+ C &?
KD >2>
=;H $;n+ %C" KD 2" K"
$C %&> N
$C :
=0+ % |t:
KD
=!C$+
LD 5
L" <" 2>" N +B> B> n LD %m!
Q + /+ &;H => %2
K
.K" M m;H
#D :TP }98> " / > A
EV"":T=0>
i
$C T=0>
P %O=2
$C ~2> " H %2 %pn4+ =;Hn+
/n> %2 EV" pn OX
3@ / !>:TP %2 8 H> <"
KD ~*> %/ !> =C
2P ND .
R @ :T=0> .&? j
=2> %/8> H=B> p % d+ D
N %rB@
H 2? %rB@
H 2
%rB@
H &? =C .<
h
8 H
.5
L 2>"
1>:
4 t
H
h >2>" /+ AB <" 9> %A! <" 9> 3>2
=
O=H <" A
O=V %P
=
3@ *>"
h =V /C %X
" X
" J
=8
3 %
KD
<L
:h*>" E=
0: @ /+ mp2 :
3
%@" %4?6 &? %<*@ ;W /+ =@ / Q? :T=0> / / >
C=@ t
$C 3
AB@ %Q45
Q K i
m
:TP %/
=;H
Q+ :TP %&?
$C
%4?6 Q? %9
/+ m.P $;n+ 3N
i
2 3N
3
%C2 3
&?
9CL 3@ h
2
h; $;" i
m@20 :TP %."
h 3>) #> @ 9C$
3@ $;"
.® t@ # 4P
:&
9V TP h." 3>)B
+H => %."
h 3>)B
+H E
+2 Q? @2 :TP
:TP 6=B
$;" M@" $;" #$
'
$A :TP }Q/ #i :TP %® t@ /0
.:
K @ C2> 3@ $;" %9CL 3A d jtB
!}O=;{
A>" >
%
2"
h m @ !CL m! N
:mP %AD 9CL %'
$;" 4?6 4!" @2 :TP
.
M@+ %/. /+ .
$C m40+ %e
@ 2B
=> U+" <" o=5 2>" m
@
!}O=;{
A>" > QNuC 9C$> 3>" KD
/+ &; %4
/+ &; s C <" K T2>
$C %r" @ Qj?
$C %P
=
3@ =V $C
&A5 ND 2!
~R" @
%
=:@
h 3N
7!8> %&'
$C UVD 3@ 2+ %=!
.]@
3@ h*+ %KB L 4@2; K =0> =2> hV h
2
> %@" Al K %
>" /+ 3.t:
2" r=:> :O=;{
A>" > - 3>2
=
1
/C }A0 A4+" /
" !
2! > :
2!BI T=0+ A
/ 3
2!
@ %OHN=
0R 3@ O2
0R .A0 A4+" @ %OHN=
0R 3@ 0R N :TP %/@"
.A0 A4+"
Q
j
&?
<L h
2? h
=
m:" @ K4@ P !
%3>H !
%
!
.h
2" M -> N %&B
d ? 3@
LD %@i
@" 2> %=
> >2
; 5
KV /!
LD mV =>
}m" 3@ :TP 5
KV
T=5 K T=;2 / <$t
:T=04+ A /04> BI
/ 4B" %
3@ 5
KV
T=5 m;"
m Q)
" :mP
. >2B
>D
\
} &?
<=0>
Y }A
=B:P %AN;
=B:P %AA@"
=B:P 3>$
3>n+
$
@ e
T
="
%
Tj 4 % t
. %
$> %
$
0 KD HS <>HS <? e
ND
$C &X@ + &? j
L 3
B@ ;W %2 3+
$> %
)F
3>$
\ \ \ Z \ <=
\ ] \ [
LD \ Z > N 3>$
\
[ Y ] E=I Z ]Y Y Z [2 ]
L\ Y \ :&? j
TP
Y
L Y Y Y O;v
Y Y [@uI [ [[P 6n
Y Z Y [
Y [
LD Y
Y [ \ ZY Z Y C
.[:@j
] <)!4> \\ [ 3@\
Y \ H
Z [
LD Z
OHA)
@ e
T
="
e
AH!4> P j
OHA m!V" => j
OHA 2A)+ %. MA 2F> HS
KV /!
<"
= @ %e
9S <
= $C %
h6 M 2A" h
6 / 2A
.{
9 K4 @ 3@ j
2C =0> N} :TP 5
q6
@ e
T
="
#$S %
)@ %
B:+ %
q6
3 g!
/+ . MA :2F> ;W
] <D % @ &!0> T
$C 3@ q28 <D %
@ %
B %
Al Q
.;
@ { h@=> 3B" @ &!04> @ +=? /+
0
r$0 &?
<D} :
KD h
H
6 <
*
} :<"
= @ %5
F =5 =45
%
/+ %e
3@ xB!
ML
5
KV K.:8
M$ !;"
{ @" &?
7 > <" &X@ CH":!B <=B!5
3 T2 %5
F /5 %R ] ]
{ 6 3pp m5 3@ 2" CH <"} :!;"
Z \
\ \ @
L ] \] ] @ %e
<D 3@ Y Y Y [ Y Y Y
=0I[ ]
=[@W
Y /0 Y
AIY ^>Y" >Y :&? j
T=P B5 n
Y 3>$
\\ \ ] 3@\ E \ [ Y Z Y
=B.I Z \Y * 3\ \ Z 4[ Z
[
E>
L 3@ [ckck:O0!
]=5 [ Y Y
Y f Z Y
=Ln+ [ Y Z Y
Z Y <+ Y @u@ [Z
2!B
$A + N " ND &@B4
/+ 3 > = %A."
=0" 3@
2 !}=5
.h
?
6 M$ K. O=H
3
" @ e
T
="
A? 3
H+ 3
" 3 H %3
" 3 +
2 2F> ;v
.@0
=>
KV K.:8
T=P h5 %>=
% e
3 H+{ . MA 2F> s
L
.{
&;2> N} :5
Q F
@ e
T
="
\
3@
Y Y : &?
@ #$
%3?
Q F
~ !P /0> %. MA 2F> s
L
Y \Y [ h
jC \ f Z \ F \ ] &!5
\ ZY \
\ \ Y 3 ] \ [\ g>2Z
\ \
=AZ Y #4)>
E
$
Y Y A
Z [ Y MJ" [ [ C$'4I
Y Y ]Y>Y Z Y &* Y Y \ Y Z Y 3@ \ ]
Z Y e
=P" /4@" 3@ 3= } :5
KV K.:8
T=P > n
[:<0] 3A@ \[
ML @ %A
=n =A
NW ? r6B
.{ r6B
'
>
<=4>
B*
=@n %5i
&44 %5i
(.44 = KD ;2 %
=@" C
2 '
#4)
A %A <8!> N 3" A %A <=A0.> N E=P A %00 A @ Q i
'+ % = /+
.Bi
MJ" %A <=B> N <
LW
% @2 %!P 3+ %!P ~0> &? j
%
>W 2F> ;v
M@ 2 %<2 ? /+ 3B
=
Q S %Q F
$A
d Q S
;2> % :>
.240@
&5 %3@n N % 4S
%2A4?
2?\!. q4{
2S 3@ + .O!B
$C /+ T=:>
.M >H K /!P m!p !8i
E=0
90@ > :T=P 3@ X
" %
K4 !X
A@" 3@ &
KD O=H %M O=H &? j
A@" !AP!>D . sC{
2S 3@ >
2
KD 2 %< @{
3@6 /+
3@ M4!P M. s + /+ H %
KD 2 :&? j
Y [ \ Z [ B \ Z
AI^>Y" hB? \
\
=C [a:=
] <=.I Z [ ] Y Y <=
Y [@uZ [ Y Y ] KY\D
== [ [ Y :&t0
=C %h h
=
\ \ Y Z Y45+
Z \ [ [
.FI
A=$ ]
[ Z Y Y
L Z [ Y [ ZY"
=l
[ Y Y A.I Y \ Y
=BI
[ YY "Z Y h)+ Y \ 3>$
[ Y Y+
LD \]
Y Y :KB s! &t0
\ \ Z C
[ j? MJ"\ ^ \ [ ] ND]\ E=$
\
Z \ Y 3@
A Y Y Z [ Y Y Y Y [ * <=BI
Z O.F@ Y [ Y Z Y> C
Z [ Y
=BI
[ Y Y+ @Y K
Y Y
8> Z Y Y [
Y [ ^ .FI
[ Z Y> 3@
Z YY
\ \ \ \ \
\ Y 3>2;Y AIY ZYi
Z A4 \
B [aa:<
TW] 3@BZ Y Y
?" [ Z Y B
Y Z Y A+ Y [ Y \ Z Y 3@ \ Z Y
Z # ]?YY
N M @ <
@ M .S / =? / =H @ MD :HW 3 >} :&t0
=C %C
j? Q
j
.M4
:Q/ &
mB5 4
.CL0{
2S 3@ . q!>{
2S 3+ %<HF
2S 2P O=;{
A>" h
;"
.A
>D / B. > <"
Tn5" %O
$C A 4;" O=V $C
Ap
2" m
-. &>=:
2" ()
pH
$C
2"
L E!)
3@ E
E!)
$C % &? j
B 2P r @ %3Bi
3pX
3 E
>
>2@ /+
%
<= %j4> <" &? j
Q)> %6 K " %; en
K ND > @
/.4 5 &? j
KD ?5 &? j
KD H=B5 " j => "
= l
N :T=0> %
3 g!> 9C$> 4?6 s4> <
%
3 >2> 3 #$
T
Q? <" 2B V" @ 2
= <" <
%; en
K " %6 K ND /
3@ "
/+ A
/+ %Q=
QP @ & %
2"
h
N /C m %
2"
h
m
+ %.R
.h
H ND C" rB N C 3@ @'
mF %P
h ND
H + %
5{
E!
2+" 3>$
Q=
QP @ 2
= <" ND /
3@ /+ @ <
@
H
" => %A |'4> <" &? j
Q)> %'
E K
=B4> <" K
2
=
%A2? + O> > A g" m!C$+:TP A |'4+ %. 14B> <" &? j
] }; en
E" N /
3@ " |
:T=P" / %A+ h! ML <
@
$;" 9CL %B'
+i
/C ;W ~= 3@ * >2 %;W Q=5 3>P KD 9CL C2>
X
/+ /4 KD mB? :TP %.
$C > 3@ dD /4> :T=0> %B;
[ [+
~=@H ^{ } .Sn+ .F4@ 3@ &C} :T=0+ KB s! E
A+ Tj 4> 5 /+ h
%
M /+
); 3@ AC=? K q
A A." q4D <2>> 3>$
3Bt:
.
M /+ /VB
<=B> A.i <=0=
<=VB
6A
$C A+ +S m;2+ :TP %<4t C
L+ /4
/4?j - m!
m;H :TP
=P=@ ! P B
=@n >4) ML @ %3
= 2+" : #$
=>2.
6A?
LD :TP %o" 45i K0" %6A
/+ B" &;H":TP . K4@ "
% = /+
.rB /4
K m"
h- hP= / <D !/;" > :TP }U4 9C$ " }M @ :TP %/8> @@" LD %A-
9C$> %Q)B
OV 2B g>2
r
R" L4> <" K @6 @ 2
=4> %4 KD 9C$>
%m@ M4
:T=0 / ! 8 4?j LD m!
KD &;H %
2"
h 4
o" + %m!
KD
\ #2
> M 9 :A40@ HH> A > HH4> %Q !
3@ . +
%@j &84> p !
1
V @2 :TP 8B
OV A
=V <" 2B %O!0
KD A <=!C$> %A=F> /n>
%2
$C *>"
h s2=@ : T=0> n
%C2 /+ AB M4
$; :@6 TP O!0
KD
:4 ? K :0 =@H 2
/+ AB* &;H p %>2> 3 4
$;n+
:04+
[ &
[ U A C@ 3B
3@ #> #$
d
& @%/4
3+H" N
" :3+2
* 3@ ? K " 3>j =8 TP %B@H 3
.=
/
" #$
=
3+H" /
.>
=F
*
/+ <
<" 2B >
2A
= " % <L &?
KD H m !
$C
14B +
KD 2B :r
ML
%:'
ML
!r5" 3@ > !n:;" 3@ +
". .
. >2A <" % #2A <" % o2A
<" Mn D A
إياك والتلون
فإن دين
واحد
وواضعه ،من ِ الحمد ./الحمد /معز الحق ورافعه ،ومذل الباطل
حمدا لمن أسماؤُ ه يھدي
فال مضل له ،ومن يضلل فال ھادي لهً ،
ُكملة
،ال إله إال ھو له. م َ َّ
اآلالء
ِ البقاء....م ً
ُكافئا ترادف ِ ً
حمدا دائما كثير
قدرا ثم الصالة والسالم تترا.....على أجل العالمين ً
السلفْ الشرف....وصحبه والتابع ِ ْ
نعم ْ أفنان دوحة
ِ وآله
قمرية على الذرى وھتفت ُ ْ
ْ ما لمع البرق على أم القرى....
}ياأيھا الذين آمنوا اتقوا
حق تقاته وال تموتن إال وأنتم مسلمون{.
أما بعد:
األنوف ،وشامة الصفوف. ْ فيامن أحسبھم ُ َّ
شم
أجمعُون ثم ج َُمع جمعا ُء ْ ياقانتون ساجدون ر ُّك ُعْ َ ....
ويامنيبون ّأواھون ومن.....بكم ُ ْألحق واألھلون
مني سالم ناطق عن بعض ما.....في القلب من فرط الھوى إن
وُ صِّفا
بانفتاق
ِ كالصبا مرت بروض......تالقتھا الكمائم َّ سالم
ترنم حادي اإلبل بكلماته. فالسالم عليكم ورحمة
وبركاته ،ما َّ
الغير ،وجعل فيما يرضيه حماكم من ِ َ حياكم
وأحياكم ،وحمى ِ
والفكر ،ومنحكم ما ال عين رأت وال أذن سمعت وال خطر آمالكم ِ َ ْ
سنن على قلب بشر ،وأرشدكم لما يُرضيه عنكم وثبتكم على َ َ
الرشاد. ِ
عبد
:
ذكر اإلله به تحيا القلوب كما....تحيا البالد إذا جاءھا المط ُر
حيث يُذكر
ذاك موطنك ،انصب خيمتك ،واضرب األوتاد،
واعقد األطناب ،وارتع في الرياض ،واكرع من الحياض ،وكن
ذاك الذي يصدق فيه:
فصيحا إذا ما كان في ذكر ربه....وفيما سواه في الورى كان
أعجما
جعلني
وإياكم من الذاكرين
كثيرا ،من أعد
لھم مغفرة
وأجرا عظيما.
عط ُرفائح َ ِ أكرم بقوم إله العرش يذكرھم....عطر َّ
الثناء عليھم ٌ
معشر اإلخوة:
لقاؤنا الليلة ،في ظالل وصية ،عنوانھا المدون ،إياك والتلون.
إنھا وصية نفيسة ما أحوجنا إليھا في عصر من سماته إثارة
الشبھات ،وتھييج الشھوات ،ولبس الحق بالباطل مع كثرة فتن
وانحرافات ،إغارة على أحكام استقرت في نفوس الناس من سنين
َ
إيمانھم ذئبان جائعان فغدَ ْو في وأعوام ،من بني َ ْبلعام ،من نھش
ِعداد األنعام.مناداة بإسقاط الواجبات َكـالَ تجب في المساجد
الصالة ،واستھانة بالمحرماتَ ،كـالَ بأس باختالط الشباب بالفتيات،
وسماع األغنيات.
تھوين للطاعات ،وتزھيد في القربات ،وإغراء في المحرمات،
حور بعد َكور ،وضالل بعد ھدى. تلون وتقلب وتذبذبٌ ْ َ ،
ما كان معروفا باألمس صار عند بعضنا منكرا ،وما كان منكرا
ً
معروفا. صار
تسفيه للعلماء ،وتقديم للسفھاء ،توثب من ال علم له على الفتيا ،في
وخبث سريرة ،ومالك القنوات والصحف ينفخون في سوء سيرةُ ،
روعه ويلمعونه ويقدمونه على أنه ْ
حبر األمة ،وعالم الھداية،
فتجرأ الرويبضة بالطامة ،وتكلم التافه في أمر العامة.
الميس....وھبت العنز لقرع ْ ِ
التيس وطاول البق ُل فروع َ ْ ِ
وصار من ال يساوي نصف خردلة مفتـ....ـينا ما ربحوا دنيا وال
دينا
حادوا عن الحق واتبعوا الھوى ،ومن أطاع الھوى ھوى.
أعماھم الھوى عن رأية الحق وإن كان أبلجا ،وأصمھم عن سماع
صوته وإن كان عاليا ،وأخرصھم عن التكلم به وإن كان مبينا،
وكذا الھوى يُعمي ويُصم.
الھوى ما الھوى:
أساس كل فتنة ،وسبب كل بلية ،إنه ثالثة أرباع الھوان ،بل ھو
الھوانُ لكن سُرقت نونه}.ومن أضل ممن اتبع ھواه بغير ھدى من
{} .أرأيت من اتخذ إلھه ھواه{.
أبدا على المدى. والھوى والھدى ال يجتمعان في قلب عبد ً
كان أحدھم يطوف بالبيت وأطلق نظره في امرأة ،وأتبع النظرة
النظرة ،ثم مال لھا يريد الجمع بين الھدى والھوى قائال:
واللذات ُتعجبني....فكيف لي بھوى اللذات والدين ُ أھواھا ِّ ِ
والدين
فأجابته إجابة جازمة حازمة قاطعة قائلة :دع أحدھما تنل اآلخر.
دع الھوى تنل الھدى والعكس بالعكس ال يجتمعان في قلب عبد
أبدا ،حتى يجتمع الظب والحوت ،والماء والنارّ ُّ ،
والثريا ً
وسُھيل...كيف يلتقيان.
ھي شامية إذا ما استقلت.....وسھيل إذا ما استقل يماني
صاحب الھوى ال يثبت على حال أبدا.
كشاة عائرة بين غنمين إلى ھذه مرة ،وإلى تلك أخرى .بل كريشة
ظھرا لبطن ،تراه في أقصى اليمين ً في أصل شجرة تقلبھا الريح
متھورا ،وينقلب فجأة فتراه في أقصى الشمال خانعا ً طائشا متعجال
ذليال جبانا ِ ْ
رعديدا متلونا.
كريشة في مھب الريح ساقطة....ال تستقر عل حال من القلق
له ألف وجه بعدما ضاع وجھه....فلم تدري فيھا أي وجه ُ َ ِّ ُ
تصدق
شرا ولذا يقول المقداد رضي
عنه} :ال أقول في رجل ً
خيرا وال ّ
حتى أنظر ما يُختم له به ،بعد شيئ سمعته من رسول
صلى
عليه وسلم .قيل :ما سمعت؟ قال :سمعته يقول} :لقلب ابن آدم أشد
غليا{.القْدر إذا اجتمعت َ ً
انقالبا من ِ
لنسيه....وال القلب إال أنه يتقلب
وما سمي اإلنسان إال ِ ِ
إياك والتلون.
ھذا أبو مسعود األنصاري يدخل على حذيفة ابن اليمان رضي
عنه قائال} :أوصنا يأبا عبد
{ .يطلب الوصية ممن ھو لھا أھل.
فحذيفة صاحب سر رسول
الذي ال يعلمه غيره ،أسر إليه النبي
ُعطى السر إال لثقة .ولھذاصلى
عليه وسلم أسماء المنافقين وال ي ْ َ
يوما} :ناشدتك
، المحدث الملھم عمر رضي
عنه ً َّ قال له
أعدني رسول
في المنافقين .قال :ال وال أزكي أحدا بعدك{ .كان
الناس يسألون عن الخير ويسأل حذيفة عن الشر مخافة أن يدركه.
ھو أعلم بكل فتنة كائنة بينه وبين الساعة ،حفظ ذالك من رسول
صلى
عليه وسلم وأدركه ووعاه.
قال أبو مسعود} :أوصنا ياأبا عبد
.قال :أما جاءك اليقين .قال:
بلى وربي{ ،ونقول :بلى وربنا ،جاءنا كتاب
وسنة رسوله صلى
عليه وسلم ،ما تمسك بھما متمسك فضل أبدا.
حق الضاللة أن تعرف قال حذيفة رضي
عنه} :فإن الضاللة َ َّ
اليوم ما كنت تنكر قبل اليوم ،وأن تنكر اليوم ما كنت تعرف قبل
اليوم ،إياك والتلون فإن دين
واحد{ إياك والتلون فإن دين
واحد.
نعم!المسلم الصادق متمسك بدين
مھما كانت الضروف
واألحوال ،مصدر تلقيه السنة والكتاب ،منھج واحد ،ودعوة واحدة،
الحالل حالل ،والحرام حرام ،المعروف معروف ،والمنكر منكر.
لو جاء من جاء والشمس عن يمينه والقمر عن يساره يشھدان له أن
الحرام حالل وأن المنكر معروف ،قال بفيك الحجر ،إني على بينة
من ربي.
الز◌عازع واألھوال والباس....لو مادت األرض يبقى الشامخعلى َّ ً َ ِ ِ
الراسي
معشر اإلخوة:
ونحن نعيش ھذا الزمن الذي تعاظمت فيه الفتن ،ما أحوجنا إلى
تذكير أنفسنا وإخواننا ببعض وسائل الثبات على اإليمان ،حتى نلقى
في أمان واطمئنان.
ْ
ولتجأرن بالقلب واللسان خذھا أخي في غير ما توانيْ ....
يارب ثبتنا على اإليمان......ونجنا من سبل الشيطان.
أوال ،الوصية:
أخا صالحا واعيا مدركا يعظه، من قيض
له في زمن الفتنة ً
يذكره يبين له ،يثبته ثبت بإذن
رب العالمين.
فو
ما ما ُل الفتى بذخيرة.....ولكن إخوان الثقات الذخائ ُر
ھذا دَ ْيدَ نُ أصحاب رسول
صلى
عليه وسلم ،يأتي الرجل
ولعل عليه مخايل الغضب ،يارسول
أوصني .قال} :ال
تغضب{ .فكرر مرارا .قال} :ال تغضب{ .قال الرجل :ففكرت حين
قال النبي ما قال ،فإذا الغضب يجمع الشر كله .انتفع بالوصية
وحال:
ياقلب إن ملت إلى غيرھا....ما أنت إال في ضالل مبين
ووعظ رسول
صلى
عليه وسلم يوما موعظة وجلت منھا
القلوب ،وذرفت منھا العيون ،فقال} :يارسول كأنھا موعظة مودع
فأوصنا .قال :أوصيكم بتقوى
والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم
كثيرا ،فعليكم بسنتي وسنةً ً
اختالفا عبد ،فإنه من يعش منكم فسيرى
الخلفاء الراشدين المھديين من بعدي ،تمسكوا بھا وعضوا عليھا
بالنواجذ ،وإياكم ومحدثات األمور فإن كل بدعة ضاللة{.
ھذا السبيل إلى الثبات.....وذا الدليل على الھدى
وذا شيخ أھل السنة ،اإلمام أحمد رحمه
:
إشراقة الحق في عينيه ساطعة....وفي مُحياه نور الحق وضا ُء
ثبت
به الدن يوم المحنة ،فنصر السنة ،وقمع البدعة ،وبواصيا
من يعرف ومن ال يعرف ثبته
كما أخبر رحمه
للجناح
ِ ً
جناحا فكان ثباته للقلب ً
قلبا.....وھيبته
وأنزلنا خارج يقول :لما أ ُخرجت إلى الخليفة وصرنا إلى الرحبةُ ،
البيوت مما يلي البرِّ َّية ،فعامة من كانوا معي ناموا ،وبينا أنا أفكر
ماذا أقول إذ مددت بصري فإذا شيئ لم أستبنه ،فلم يزل يدنوا حتى
استبان فإذا ھو رجل عليه ثياب األعراب ،جعل يتخطى المحامل
ً
تعجبا .قال :أنت ُّ
فسكت حتى صار إلي وسلم ثم قال :أنت أحمد؟.
أحمد بن حنبل؟ فبرك على ركبتيه وقال :أنت أبو عبد
أحمد بن
حنبل؟ قلت :نعم .قال :تحب
؟ قلت :نعم .قال :إن أحببت
أحببت لقاءه .وأشار إلى عنقه قائال :أبشر واصبر إنما ھي ضربة
ھاھنا وتدخل الجنة.
ُعرب
ِ باقل....وإذا وعاھا ْ ٌ
يعرب لم ي قس لديھا في الفصاحة ِ ُ ٌّ
ثم مضى حتى غاب فلم أره.
ضربت بالسياط جعلت أذكر كال األعرابي يقول اإلمام أحمد :فلما ُ
وأنا ُأضرب.
َ
العبق فالطيب إن غاب.....أبقى بعده
ويعبر آخر الفرات حتى يأتي اإلمام ويقول :ياھذا إنك اليوم رأس،
والناس يقتدون بك ،و
لئن أجبت إلى خلق القرآن ليجيبن خلق
كثير ،البد من الموت ،فاتقي
وال تجب.
شھيدا وإن عشت ً ويأتي الثالث قائال :ياأحمد إن يقتلك الحق مت
ً
حميدا. عشت
فكانت تلك الوصايا تقوية لقلبه كما أخبر رحمه
.
ُمرعا ً
روضا للھدى م ْ ِ ُش النسر أو أمنعا....وصاروكان ع َّ
قائال :ياأحمد! إن أعين الناس ممدودة إليك، ويأتيه الربيع بن نافع ً
فإن كنت تعلم أنك تقوم المقام الذي تستنقذ فيه نفسك والخلق فيما
بينك وبين
وإال فاجعل القيد الذي في رجلك في رجلي فقم
فاخرج .قال :ياھذا! أتظن نفسك أعز علي من نفسي؟! .ال أوثرك
بھذا المقام أبدا.
الطود وانھدم انھداما رضوىُ ....لدك َّ ْ
بعزم لو رمى جنبات َ ْ
أعين إلى آدم بن إياس .فيقول آدم :إنا /وإنا إليه راجعون! ويأتي َ
حبسوا أحمد! وقالوا القرآن مخلوق ،أعداء اإلسالم .إذا لقيت أحمد
فأقرئه السالم ،وقل له :اتقي
،وتقرب إلى
فيما أنت فيه ،وال
يستفزنك أحد فإنك مشرف على الجنة إن شاء
،وقل له عني،
حدثني الليث عن ابن عجالن عن الزناد عن األعرج عن أبي
ھريرة رضي
عنه أن رسول
صلى
عليه وسلم قال} :من
أرادكم على معصية
فال تطيعوه{ .قال األعين :فأتيت أحمد في
السجن فأخبرته بما قال آدم .فقال :رحم
آدم حيا وميتا ،لقد نصح
وأحسن النصيحة.
مماوإذا النصح سار في أمة....أيقظ الغافي وأحيا الرِّ َ
وسمت أرواحھا فانطلقت......ھمما تغزوا السما واألنجما
وھذا عاصم بن علي ،كان في مجلس فيه جماعة من المحدثين
وأحمد أنذاك يُضرب ويمتحن ،فجعل عاصم يقول :أال رجل يقوم
معي لنأتي ھذا الرجل فنكلمه .فما يجيبه أحد .ثم كرر أخرى فقال
إبراھيم بن أبي الليث:أنا أقوم معك .فصاح عاصم ُ َّ َّ
خفي ياغالم فقال
إبراھيم :أبلغ بناتي ألوصيھن وأعھد إليھن .فظنوا أنه ذھب يتحنط
ويتكفن .فلما عاد قال :إني ذھبت إلى بناتي فبكين ،ونكص على
العقبين.
فوقف عاصم ال يجيبه أحد ،وبينا ھو كذالك ،أتاه كتاب من بنياته
بواسط :ياأبانا بلغنا أنم ھذا الرجل أخذ أحمد وضربه بالسوط ليقول
بخلق القرآن فأبى ،فاتقي
ياأبانا وال تجب ،فو
ألن يأتينا نعيك
أحب إلينا من أن يأتينا أنك قلت بخلق القرآن.
ھذ الورىوقسمت أسماء ِ فلو جاز حكمي في العالمينَّ ....
لسميت بعض النساء الرجال....وسميت بعض الرجال النسا
يقول عبد
بن اإلمام أحمد :كنت كثيرا ما أسمع والدي يقول:
رحم
أبا الھيثم .غفر
ألبي الھيثم ،عفى
عن أبي الھيثم.
فقلت ياأبتي ،من أبو الھيثم؟ قال :يابني .في اليوم الذي أخرجت فيه
للسياط ،وعندما مُدت يداي لل ُعقابين إذا أنا بإنسان يجذب ثوبي من
العيار،
ورائي ،ويقول لي :تعرفني؟ قلت :ال .قال ،أنا أبو الھيثمَّ ،
ضربت الطَّرار ،مكتوب في ديوان أمير المؤمنين أني ُ اللصَّ ،
ثمانية عشر ألف سوط بالتفاريق ،وصبرت على ذالك في طاعة
الشيطان ألجل الدنيا ،فاصبر أنت في طاعة الرحمن ألجل الدين.
كلمات ُتكتب على الحناجر ولو بالخناجر ،فيھا بدائع ما درى أھل
البالغة ما اسمھن.
الوصية ما الوصية:
ملئى بعطر وشذى.....نخلة باسقة في الشجر وردة َ ْ َ
مثبِّتة ،والنصيحة نصيحة ،و }الدين النصيحة{. الوصية َ
غششة{} .المؤمن ضعيف نصحة ،والمنافقون َ َ َ
و}المؤمنون َ َ َ
متضعضع بنفسه ،قوي ثابت بإخوانه{.
وما المرء إال بإخوانه....كما تقبض الكف بالمعصم
ً
مقطوعة....وال خير في الساعد األجذم وال خير في الكف
الوصية الوصية:
أھال ،واطلبھا من أھلھا مثنى مثنى ،وإياك ً إبذلھا إن كنت لھا
والتلون فإن دين
واحد.
يارب ثبيتنا على اإليمان ،ونجينا من سبُل الشيطان.
ثانيا ً:
نھدينھم المجاھدة على مخالفة الھوى} ،والذين جاھدوا فينا ل َ
سبلنا{،الھوى داء ،ومخالفته دواء ،وأفضل الجھاد جھاد الھوى.
عقل ُ ُه فقد نجى وآفة العقل الھوى فمن........على على ھواه َ ْ
ُنت ليل والھدى فلق بلونا الھدى بعد الھوى فإذا الھوىُ ....دج َّ ٌ
الصبح. ْ
يقول ابن القيم رحمه
:إذا تأملت السبعة الذين يظلھم
في ظله
يوم ال ظل إال ظله ،وجدتھم إنما نالوا ذالك بمخالفة الھوى ،فاإلمام
المؤثر لعبادة
على ال يتمكن من العدل إال بمخالفة ھواه ،والشاب ْ ِ
دواعي شبابه لم يتمكن إال بمخالفة ھواه ،والرجل الذي قلبه معلق
بالمسجد حامله على ذالك مخالفة ھواه ،والمتصدق الم ُْخفي صدقته
لم يقدر على ذالك إال بمخالفة ھواه ،والذي دعته ذات منصب
وجمال إنما ثبت بمخالفة ھواه وخوف مواله ،والذي ذكر
خاليا
لحرِّ الموقف ففاضت عيناه إنما أوصله لذالك مخالفة ھواه ،فلم يكن َ
جميعا جميع يوم القيامة} .وأما من خاف ً وعرقه وشدته سبيل عليھم
مقام ربه ونھى النفس عن الھوى فإن الجنة ھي المأوى{ .وال يؤمن
تبعا لما جاء به المصطفى. أحد حتى يكون ھواه ً
الشرق شراب الھوى حلو....ولكنه يورث َّ َ
إذا أنت لم تعصي الھوى قادك الھوى......إلى كل ما فيه عليك
مقا ُل
فانظر بعين الحق ال عين الھوى.....فالحق للعين الجلية عاري
األبرار
ِ قاد الھوى الفجار فانقادوا له....وأبت عليه مقادةُ
خالف الھوى تثبت على الھدى ،وإياك والتلون فإن دين
واحد.
يارب ثبتنا على اإليمان......ونجنا من سبل الشيطان
ً
ثالثا:
المعاملة الخالصة الصادقة مع
رب العالمين مثبتة على الدين،
يقم
فالنية اجعل لوجه
خالصة....إن البناء بدون األصل لم ِ َ
من كان فيما بينه وبين
في داخل نيته التي ال يطلع عليھا إال
صادقا في معاملته مع
ثبته وأسعده في الدنيا واآلخرة} .من عمل
صالحا من ذكر أو أنثى وھو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينھم ً
أجرھم بأحسن ما كانوا يعملون{.
بصدق مريدا لآلخرة شكر
له سعيه وثبته، ٍ من تعامل مع
}ومن أراد اآلخرة وسعى لھا سعيھا وھو مؤمن فأولئك كان سعيھم
مشكورا{ .من تعامل مع
بصدق وحاله} :إن صالتي ونسكي
وحياي ومماتي /رب العالمين{ ثبته
وما خذله ،من كان يرجو
لقاء
وعمل الصالحات ولم يشرك با /ثبته
،المعاملة الصادقة
مع
رابحة مضمونة م َُثب َِّتة مأمونة ،في الحديث القدسي} :أنا عند
ظن عبدي بي ،وأنا معه ما ذكرني ،فإن ذكرني في نفسه ذكرته
في نفسي ،وإن ذكرني في مإل ذكرته في مإل خير منھم ،وإن
شبرا تقربت إليه ذراعا ،وإن تقرب إلي ذراعا تقربت تقرب إلي ً
إليه باعا ،وإن أتاني يمشي أتيته ھرولة{} ،وما يلقاھا إال الذين
صبروا وما يلقاھا إال ذو حظ عظيم{.
في السنن ما معناه :أن أعرابيا كان في إبله ،وھي ْ َ
أنفسُ ماله ،أتاه
عامل رسول
صلى
عليه وسلم على الصدقة الواجبة ،نظر
في اإلبل ثم أخبر األعرابي أنه يجب عليه فيھا بنت مخـاض- ،
أتمت سنة ومخضت في األخرى ،-فاستقلھا األعرابي المتعامل مع
واستصغرھا قائال :ال و
ال أقدمھا ،/ال ظھر فيُركب ،وال
ضرع فيُحلب ،ھذه ناقة َك ْوما ُء سمينة ،أقدمھا /رب العالمين.
بسمات للوصل بعد التجني.....النحل ترشف منھا رحيقھا ٌ كأنھا
ُ ِّ
وتغني
فقال عامل رسول
صلى
عليه وسلم :ال آخذ إال ما وجب
عليك بذا ُأمرت .فتالح األعرابي والعامل .فقال العامل :إن رسول
صلى اللبه عليه وسلم منك لقريب .فأخذ األعرابي ناقته ومضى
مع العامل إلى رسول
صلى
عليه وسلم .وأخبر العامل نبي
بما جرى بينھما ،فقال صلى
عليه وسلم لألعرابي" :ذاك
الذي عليك ،فإن تطوعت بخير من ذالك آجرك
وقبلناه منك.
أطيبة بھا نفسك؟" قال :إي و
يارسول
! فقال رسول
صلى ٌ
عليه وسلم للعامل" :خذھا" .ثم التفت إلى األعرابي فقال له:
"بارك
لك في مالك".
ميدان
ِ تھتز ِ ً
بشرا وتھفو رقة وشذا....تضُوع أنفاسھا في كل
فعاش األعرابي إلى زمن معاوية ،وكان يزكي بعدھا بالعشرات من
اإلبل.
عاج ُل بُشرى ،وما عند
خير وأبقى.
تجارة الدنيا ھي الخاسرة......طوبى لمن يعمل لآلخرة
أشعب بن جبير المدني يقول :خرجت يوما في أحد أزقة المدينة وذا ْ
وإذا مناد :ياأشعب!قلت لبيك! قال :كم عدد عيالك؟ فأخبرته .قال:
أمرت أن أجري عليك وعلى عيالك في كل شھر كذا وكذا ما إني ُ ِ ْ
دمت حيا.
ُأمرت! مبني للمجھول .قال أشعب :فمن أمرك؟ قال :ال أخبرك.
قال :ھذا معروف ُيشكر" .من أسدى إليكم معروفا فكافئوه" .فقال
الرجل :إن الذي أسداه إليك ال يريد شكرك.
قال :فكان يأتيني في كل شھر ما وعدني به .فلما مات خالد بن عبد
شيعه
بن عمر بن عثمان َ
حفل الناس في تشييعه ،فكنت فيمن َّ
ضمن جمع كبير ،ولعله ممن أحبه
،فوُ ضع له القبول في
األرض" .سيجعل لھم الرحمن وُ دا".
فإن ذھب الورد الذكي فإنه....يزول ويبقى نشره المُتضوِّ ُع
وإن الفتى ماض وماض طبيبه....وعائده من بعده والمش ِّي ُع
ُرجى وھو حي فما.....من حقه إن مات أن يُفقدا من ال ي َ ّ
قال :وبينا أنا في الجموع ،وإذا بصاحبي الذي يأتيني بما وعدني
يقول :ياأشعب؟ قلت لبيك .قال :أتريد أن تعرف صاحبك الذي كان
يُجري عليك ما آتيك به؟ قلت :إي و
! قال :ھو صاحب ھذه
الجنازة.
فاعل الخير من وراء حجاب ،خالد بن عبد
.فلسان حال أشعب:
اللھم إنه قد كفانا مؤونة الدنيا ،فاكفه مؤونة اآلخرة.
يال
معشر اإلخوة:
ما أثبت ونعم النفوس التي تسعى للبذل ،/وتتوارى من المال،
وحالھا" :إنما نطعمكم لوجه
ال نريد منكم جزاء وال شكورا"،
"ومن يفعل ذالك ابتغاء مرضات
فسوف نؤتيه أجرا عظيما".
ومثله ما ذكر الشيخ محمد الحمد :من أن له جارا زاد عمره على
التسعين ،ذا صالح وتأله وتعلق بالمسجد ،يمكث فيه من بعد صالة
العصر إلى المغرب أو العشاء ،وخير الدنيا واآلخرة مرتبط
بالمسجد.
بالروح والرحمة والجواز علىتكفل
لمن كان المسجد بيته َّ ْ
الصراط ،إلى رضوان
والجنة.
عاش ھذا الرجل فترة من عمر في طلب الرزق في الكويت ،يعمل
في البحر مع أصحاب له ،ثم عاد لمسقط رأسه ُّ ُ
الز◌لفي .يقول
الشيخ :حدثني ذالك الرجل عام عشرة وأربعمائة وألف للھجرة
بحادثة حصلت له ومضمونھا :في يوم من األيام وقبل ما يزيد على
أربعين سنة أدخلت الكھرباء إلى الزلفي ،قال فذھبت لشركة
الكھرباء أريد إيصال التيار لبيتي ،فقالوا :إن رسم إدخالھا مائتا
.nقال فرجعت لمنزلي وأخذت المبلغ وكان الوقت وقت ظھر،
فقلت أصلي ثم أذھب إلى الشركة لدفع الرسم ،فلما فرغت من
الصالة وإذا بجواري رجل كبير فقير أعرفه وأعرفه فقره ومسكنته
وعياله .يقول لي :ياأبا سعود! .و
إن األوالد جياع وال يجدون في
البيت ما يسد جوعتھم .فأشفقت عليه وقلت في نفسي أعطيه مائة،
وأعطي الشركة مائة وأعدھم باألخرى .فأعطيته وفرح ودعى لي.
جيبي فلم أجد فيه شيئا ،فأدركت ثم خرجت من المسجد وتحسست َ ْ
أني أعطيت الرجل المائتين على سبيل الخطأ ،فصرت في حيرة
من أمري .أأرجع أليه وأقول إنه لم يكن في نيتي إال مائة فرد علي
مائة؟ مروئتي تأبى! أم أنصرف إلى بيتي وأدع التقديم على الشركة
حتى تتيسر أموري؟ ثم عزمت على ما ھو خير ،وقررت الرجوع
إلى المنزل وإيثاره بما أعطيته .رزق ساقه
إليه .يُخلف
وھو
خير الرازقين .قال :ولما رجعت لمنزلي وجدت رجال في انتظاري
عند باب المنزل ،أحاول التعرف عليه من بعد فلم أعرفه ،فلما
اقتربت منه سمعت صوته فإذا ھو صاحب لي كنت أعمل معه في
البحر بالكويت من تجار القصيم لم أره منذ خمس وعشرين سنة،
فعانقته في حرارة وشوق وفرحت به أيما فرح ،وألححت عليه
بالدخول لتناول الغداء ،فقل :أنا على عجلة من أمري! مررت
فخطرت ببالي ،فدلوني على بيتك فجئتك ألسلم عليك َ بالزلفي
وأجدد العھد بك وقد حصل.
حاولت معه فلم أفلح إال بموافقته على تناول القھوة فحسب،
وتجاذبنا الحديث .ولما ھم باالنصراف أعطاني ظرفا ھدية ،لم
أنظر فيه منشغال بوداعه ،ثم لما غادر عدت ففتحت الظرف
فوجدت فيه مبلغا قدره ألفان .ففرحت بذالك أيما فرح ،وسددت
دھرا ،إذ كان يعدل الشيئ رسم الكھرباء ،وتمتعت بباقي المبلغ ً
الكثير أنذاك ،والحال :وازددت يقينا بأن المعاملة الصادقة مع
تجارة رابحة وغير كاسدة.
ألم كساد كل بضاعة.....فھي البضاعة ربحھا مضمونُ فإذا َّ
المعاملة الصادقة مع
مثبتتة باقية ال تضمحل
النض ُر....والزيف يفنى ويفنى من له عبدوا ما كان /فھو الخالد َّ ِ
المعاملة الصادقة المثبتة تقتضى أن توقن أن
ينظر إلى ما يقوم
بقلبك" ،إن ال ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى
يرين
في قلبك إال ما
قلوبكم وأعمالكم" .إن أردت أن تثبت فال َ َ َ َّ
يحب.
فقد يعبد المرء أھواءه....فتسطو به في تعال وھيت
المعاملة الصادقة المثبتة على دين
تقتضي أن توقن أن الخلق
من لدن آدم إلى يومك ھذا إلى قيام الساعة لو وقفوا ورائك ليقدموك
إلى الجنة َخطوة أو يأخروك عن النار خطوة لعجزوا ،وإلن
أرضيتھم اليوم غضبوا عليك غدا ،فرضى الخلق غير مقدور عليه
أبدا.
ضحكت فقالوا :أال تحتشم؟ بكيت فقالوا :أال تبتسم؟ بسمت فقالوا:
يرائي بھا! عبست فقالوا :بدا ما كتم! صَمت فقالوا :كليل
حلمت فقالوا :صنيع الجبان ،ولو الكلم! ُ ُ
اللسان!نطقت فقالوا :كثير َ ِ
قلت :ال! وإمعة حين وافقتھم! شذ إذا ُالنتقم! يقولون َ
ْ ً
مقتدرا كان
أني مھما أ ُرد....رضى الناس البد من أن ُأذم فأيقنت َ
والمختصر الموصل" :ومن أرضى
بسخط الناس رضي
عنه وكفاه مؤونة الناس" وليكن حالك ومقالك :يارب!
أال ليت الذي بيني وبينك عامر....وبيني وبين العاملين خرابُ
وليتك ترضى واألنام غضابُ
إذا صح منك الوُ د فالكل ھين.....وكل الذي فوق التراب ترابُ
المعاملة الصادقة مع
وسيلة ناجحة في الشدة والضراء إلى
،
وعظم الخطب، ُ إذا اختلطت عليك األمور ،والتبس الحق بالباطل،
واشتد الكرب .فما بينك وبين
إال أن تقول كما قال أصحاب
الغار :اللھم إني فعلت كذا يوم كذا ،اللھم إن كنت فعلته ابتغاء
مرضاتك فافرج عني ما أنا فيه .تجد أثر تلك الوسيلة َبيِّنا.
من تصدر معشر اإلخوة للفتوى واإلرشاد والوعظ والتربية
واإلصالح بدون ھذه المعاملة ،كان أحير وأبله وأضل من ضب.
الضب يخرج من جحره كليل البصر ،فيجلوه بالتحديق في الشمس
خبل فال يكاد ساعة ،فإذا أبصر مضى حتى إذا بعد عن جحره َ ِ َ
يھتدي إليه ،ولذا ال يحفر جحره إال عند صخرة أو أكمة من أجل
لعظم حيرته. أن يعرفه ِ َ
ُتحي ُر الخرِّ ُ
يت والم َ ّ قطا.....وما يستوي ِوما ينبغي للضب أن يُرشد َ َ
ال يُجتنى من ثمار الحنظل العنبُ ....والبيت يسقط إن لم تثبت
ُ
الطنبُ
فياعبد
األبي :أخلص القصد طالبا رحمة الواحد العلي ،وإياك
والتلون ،فإن دين
واحد.
يارب ثبتنا على اإليمان ،ونجنا من سبل الشيطان.
رابعا:
مجالسة الصالحين ومجانبة أھل األھواء والضالين ،مثبت على
الدين.
"ياأيھا الذين آمنوا اتقوا
وكونوا مع الصادقين" .ال تجالس إال
المؤمنين ،وال يأكل طعامك غير المتقين" .األخالء يومئذ بعضھم
لبعض عدو إال المتقين" .المعاشرة والمجالسة باب إلى المجانسة،
من جالس الثابتين ثبت وما تلون ،ومن جالس المتلونين تلون ،من
عاشر األخيار اكتسب الخير ،ومن عاشر األشرار اكتسب الشر،
فيخمد ،الرياح إن مرت على الطيب ُ والجمر يوضع في الرماد
نقلت لنا الطيب ،وإن مرت على النتن -أجلكم
-نقلت النتن .مياه
األنھار عذبة ،فإذا دخلت إلى مياه البحار صارت ملحا أجاجا،
"والمرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل"
بأقوام
ِ يشقى رجال ويشقى آخرون بھم ......ويسعد
أقواما
حسن السيرة ،كثير الحياء ،عظيم ھذا الرواندي ،كان أول أمره َ َ
الذكاء ،ثم بدأ يالزم الرافضة والمالحدة وأھل األھواء ،فإذا المه
أحد أو عاتبه قال :دعني وشأني وعد عن نصحك السمج! إنما أريد
أن أعرف أقوالھم .وفي النھاية صار واحدا منھم ،بل صار أجرأ
على حرمات
منھم.
ألف كتابا اسمه "الدامغ" ليدمغ به القرآن فدمغه
،وبقي كتاب
ينطق بمصير أمثاله" .ويوم يعض الظالم على يديه يقول ياليتني
اتخذت مع الرسول سبيال ياويلتا ليتني لم أتخذ فالنا خليال لقد
أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني".
وللخير أھل يعرفون بھديھم.....إذا اجتمعت عند الخطوب المجام ُع
وللشر أھل يعرفون بشكلھم....تشير إليھم بالفجور األصاب ُع
والناس أشكال كأجناس الطير ،الحمام مع الحمام ،والغراب مع
الغراب.
وكل يحن إلى شكله.....وإن كان من غير جنسه
ملك الطير مع غراب رأى رجل صقرا وغرابا يطيران معا ،فقال َ ِ
الجيف ،البد أن بينھما تشابھا .فأتبعھما نظره حتى إذا ما ھبطا على
األرض ومشيا فإذا كالھما أعرج.
للعقرب
ِ فكل يحن إلى شكله......كميل الخنافس
البيئة مؤثرة يامعاشر اإلخوة ،والشعائر الظاھرة آسرة.
ھذا موظف مرموق في شركة أمريكية كبرى بالرياض ،حصل
على أعلى الشھادات واألوسمة من كبار المسؤولين من شركته
ببلده لنجاحه في عمله .يقول عن نفسه :يأسرني سماع األذان وتدفق
الناس على المساجد وكأنھم يتسابقون إلى مكان يُدفع لھم فيه نقود
وھدايا ثمينة ،ثم يخرجون وھم فرحون مستبشرون يصافح بعضھم
بعضا بصورة مؤثرة ،فأقول في نفسي :ياله من نظام رائع.
ويتكرر عليه المشھد مرة بعد مرة ليدخل بعدھا في اإلسالم ويعلن
الشھادة ،ويتعلم أحكام اإلسالم في شھرين ،ثم يذھب في ركب مع
إخوانه للعمرة ،ولما اعتمر ذھب يزاحم على الصف األول في
الحرم أمام الكعبة ،ويدعو ويتضرع ويبكي ثم يقول لمرافقيه :كم
في ھذ العالم من المحرومين من ھذا الجو اإليماني الروحاني
العظيم .وبينا ھو كذالك يدعو ويبكي في الصف األول وفي بيت
وبين يديه ،إذ سقط ليلقى
" .وإنما األعمال بالخواتيم" كما أخبر
رسول
.
نسألك اللھم حسن الخاتمة....فھي وربي لحظات حاسمة.
العشرة مؤثرة:
ھذه فتاة نصرانية أسلمت حين عاشرت في مدرستھا فتيات مسلمات
كن صورة حية متحركة ألخالق اإلسالم ،وال عجب! فسلوك
المسلم رسالة ناطقة ودعوة صامتة.
القراءة والبحث مؤثرة معشرة اإلخوة:
ھذا شاب في قرى كنائس إفريقيا ،كان مسؤوال عن أنشطة الشباب،
وثق به القساوسة فطلبوا منه البحث في القرآن عن متناقضات ولو
على سبيل اللغط والحيلة ،فالزم كتاب
سنة كاملة ،ثم اجتمع بمن
وثقوا به ليأتيھم بمتناقضات الكتاب لتكون المفاجئة ،إذ أعلن في
اجتماعھم أنه أمضى مع القرآن سنة ما وجد فيه متناقضة ،وأنه
الكتاب الحق الذي ال يأتيه الباطل من بين يديه وال من خلفه ،ثم
أعلن دخوله في اإلسالم بعد ذالك.
جبل الجليد تالش حينما.....رنت الشمس بعينيھا وذاب
وفي مقابل ھذا فإن الدخول إلى مواقع ُّ َ
الشبه ولو كان بدعوى الرد
على الفرق والمذاھب واالطالع والنظر لمن لم يكن مؤھال فتنة
تخرج منه .ولذا
َ عظمى .فالقلب يتشرب الشبھة شيئا فشيئا حتى ال
يقول حذيفة رضي
عنه" إياكم والفتن! ال يشخص لھا أحد ،و
ما شخص لھا أحد إال نسفته كما ينسف السيل ِّ
الدَمْن ،والسالمة منه
أن ال تمر بواديھا.
سلوك المسلم الحق آسر مؤثر:
ھذا ثري غربي يقول عن نفسه :لم أشعر بالسعادة يوما ما! وعندي
موظف مسلم من الھند يعمل بشركتي براتب زھيد ،ما دخلت عليه
إال ورأيته مبتسما .قال :فجئته يوما وطلبت الجلوس معه وسألته
عن سبب ابتسامته التي ال تفارقه .فقال :ألنني مسلم أشھد أن ال إله
إال
وأن محمدا رسول
.قلت :وھل يعني أن المسلم سعيد
طوال حياته .قال :نعم! قلت :كيف ذالك؟ قال :ألن نبينا صلى
عليه وسلم يقول" :عجبا ألمر المؤمن إن أمره كله خير! إن أصابته
سراء شكر فكان خيرا له .وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له،
وليس ذالك ألحد إال للمؤمن" .وأمورنا كلھا بين السراء والضراء،
فإما شاكرون وإما صابرون.
حينھا اشتاق إلى الدخول في اإلسالم ،فلما ُلقن الشھادتين انفجر
باكيا! فتركوه حتى ھدأ وسألوه عن سبب بكائه فقال :لما نطقت
سني الطويلة.
الشھادتين دخل صدري فرح وسعادة لم أشعر بھا من ِ َّ
"أفمن شرح
صدره لإلسالم فھو على نور من ربه فويل للقاسية
قلوبھم من ذكر
" ومن ذاق عرف ،ومن ح ُِرم انحرف .وعاش
الضياء ومات َ َ
الحلك.
يأكد ھذه المعاني رسول
صلى
عليه وسلم بقوله" :السكينة
َ
والغلظ والجفاء في الفدادين أھل الوبر" والوقار في أھل الغنم،
عاشر أولئك الغنم فاكتسبوا منھا خلقا ،وعاشر أولئك اإلبل فاكتسبوا
منا خلقا ،فكيف بمن يعاشر اإلنسان.
زعموا فيما يُستطرف ُقدم سائقا للحُوار ،ففاجأھم الحُوار وقد
استبدل الرغاء بالنھيق .فحاد حاديه:
علمه الشھيق والنھيقإذا الح َُوا ُر بالحمار ِسيقَّ ....
و
يقول" :ومن أصدق من
قيال" ":واصبر نفسك مع الذين
يدعون ربھم بالغداة والعشي يريدون وجھه وال تعد عيناك عنھم"
جالس الصالحين ،وجانب الضالين وأھل الھوى والمنحرفين ،واحد
مع الصالخين.
الرخم
ِ فال مجالسة األوباش َ ْ
تج ُم ُل بي.....كذالك الباز ال يأوي مع
وإياك والتلون ،فإن دين
واحد.
يارب ثبتنا على اإليمان.....ونجنا من سبل الشيطاِن
خامسا:
الحذر من فتنة الدنيا مثبت على الھدى ،لقد حذر النبي صلى
عليه وسلم منھا أيما تحذير" :فاتقوا الدنيا" وبين ھوانھا على
بأذن جدي أسك ميت ،وقال" :للدنيا أھون على
من ھذا حين أخذ ٌ ْ
على أھله" ولھوانھا على
ھانت عليه ،فأعرض عنھا مستھينا
مسخ ،فكان له من قلبھا الحُب اجتذاب وال ْ ُ
ٌ بقدرھا ،ولم َيثنه منھا
َّ ُّ
والطخ. والھوى ،وكان لھا من كفه َّ ْ
الطر ُح
أتى عليه ثالثون من بين يوم وليلة ،ماله طعام يأكله ذو كبد سوى
ما يواريه إبط بالل .وربط الحجر على بطنه من شدة الجوع .ولم
يشبع وأھله من خبز الشعير حتى لقي
.ولما عُرضت عليه
مفاتيح الخزائن أباھا ،ورضي لنفسه وألھله ِعيشة الكفاف.
ھش الذباب يھشھا ّ أتته المغريات فمال عنھا......وراح ُّ
شعاره" :مالي وللدنيا"" ،ال عيش إال عيش اآلخرة" ،فلما َعرض
المشركون عليه دنياھم ليتنازل عن دعوته أفلسوا.
نملكك فال نقطع دونك أمرا ،ونعطيك حتى تكون أكثرنا ماال، ُ َ ِّ
ونزوجك من أجمل النساء عشرا.
نزل
عليه "حم تنزيل من فما التفت إلى ھذا كله واندفع يتلو ما َّ
كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون بشيرا الرحمن الرحيم َ
تشب على مطامعھم سعيرا، ونذيرا" فكان اآلي صاعقة عليھم ُ ُّ
وربى أصحابه على ذالك .فذا أحدھم رضي
عنه وقع في أسر
القيصر فعرض عليه أن يشاطره ملكه لقاء أن يتنازل عن دينه،
فتعجب من تلك العقلية الدنوية الدنية وقال بعقيدة.
ذعر......لما اھتزت مع األجبال لو ھ َُّزت الجبال من ُ ٍ
و
لو أعطيتني ما ملكت وملكت العرب والعجم على أن أرتد عن
ديني طرفة عين ما ارتضيت!
حاله:
إنه نفسي وروحي والجوا....ليت شعري دونه ماذا أكون
ماذا يساوي مُلك القيصر الحقير أمام ملك قال فيه العلي الكبير إنه
كبير" ،وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا"
ُعجل....كأنك ال تدر بلى سوف تعلم فيابائعا ھذا ببخس م َّ ِ
فإن كنت تدري فتلك مصيبة.....وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم
ُعلم ٌ
منزل لك ي ُ وإن ضاقت الدنيا عليك بأسرھا.....ولم يك فيھا
المخيم
ُ فحي على جنات عدن فإنھا.....منازلنا األولى وفيھا
وذا إقبال! مقيم دولة الباكستان بالكلم والبيان ،تعرض عليه الحكومة
البريطانية وضيفة نائب الملك في إفريقيا الجنوبية ،ومن تقاليد
وتستقبل األجانب
َ الوظيفة أن تحظر زوجه الحفالت الرسمية
وتصافحھم ،فغضب واشتد وقال ما مضمونه :ال أقبل إھانة لديني
وال مساومة على ِعرضي ولو ُأعطيت ما أعطيت.
البھائم
ِ أال إنني ال أقبل الذل إنني....رأيت احتمال الذل شأن
ما ھانت الدنيا في قلب امرئ إال ثبت بإذن المولى ،وما عظمت
الدنيا في قلب عبد فثبت أبدا ،بل يدور معھا حيث دارت سكران
ثمالً.
يمينا إذا كانت يمينا وإن تكن.....يسارا سعى يعدو إليھا من الي ُْسرى
البرق شرقيا فحن إلى الشرق....ولو الح غربيا لحن إلى َ رأى
الغرب
ھذا النعمان بن محمد فقيه مالكي ،نبيل مغربي ،كان ذا صحة
فدخلته حروف العلة .لما كانت الدولة للعبيديين في مصر والشام،
وفعلوا بالمسلمين األفاعيل -عليھم من
ما يستحقون -نافقھم! ولما
ولوه القضاء وافقھم.
فياليته لم يكن قاضيا.....وياليتھا كانت القاضية
ثم ألف في زندقتھم وانحاللھم ،ورد على األئمة كمالك والشافعي
وأبي حنيفة رحمة
عليھم.
الشواھين
ِ ً
شاھينا يصيد به....وليس يُفلح أصحاب صير الدين
قد َ َّ َ
جاءه رجل من قومه من المغرب فقال له :ياسيدي! إني أريد
الدخول في مذھب العبيدية الباطنية .قال :مايحملك على ذالك؟ قال:
َ
أدخلنا في ھواھم حلواھم! فأنت لماذا الذي حمل سيدي! فقال له:
تفعل؟.
وصدق صلى
عليه وسلم" :يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا،
ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا".
يقول الحسن في عھده :ولقد رأيناھم صورا وال عقوال ،أجسادا وال
وذَّبان طمع يغدون بدرھمين ويروحون فراش نار ُ
َ أحالما،
بدرھمين ،يبيع أحدھم دينه بثمن العنز .ولوال الشعير ،ما نھقت
الحمير.
المناصب
ِ وال يستوي من ھمه
وحده.....ومن ھمه األعلى لنيل
عجبت لمبتاع الضاللة بالھدى.....وال المشتري دنياه بالدين أعجبُ
أخيبُ وأعجب من ھذين من باع دينه....بدنيا سواه فھو من ْ
ذين َ
قصدا يبقين دين لمن....أضحى له الدينار َ ْ
ْ ال
أو كان غاية ھمه.....وصل ُللبنى أو لسُعدى
ومع ذا معشر اإلخوةِ" :نْعم المال الصالح للعبد الصالح"
ما نال عثمان مرتبة" :ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم" إال بالمال
الصالح.
ْ
فاحقرنھا فاجعلھا وسيلة لرضى المولى ،وال تكن لھا عبدا ،بل
تصبحن سيدا ،وملكا فيھا وفي اآلخرة .وإياك والتلون ،فإن دين
واحد.
يارب ثبتنا على اإليمان....ونجنا من سبل الشيطان
سادسا:
الحذر من فتنة النساء.
فقد حذرنا منھا رسول
صلى
عليه وسلم يوم قال" :فاتقوا
الدنيا واتقوا النساء"" ،ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من
النساء".
يصرعن ذا اللب.....حتى ال حراك به
ومما يُستطرف ويُستظرف ويستشھد به :أن ملكا من ملوك اليمن
كان مغرما بالقيان والجواري ،وله وزير ينھاه عن ذالك ويرى أنه
ال يقوم الملك بمثل ذالك ،فتغير الملك عليھن .فقالت جارية لھا عنده
حظوة :ياموالي! ماھذا الصدود غير المعھود؟ قال :إن وزيري
فالنا نھاني عنكن! .فقالت :ھبني له أيھا الملك وسترى ما أصنع به!
فدعى وزيره وقال له :وھبتك فالنة ملك يمين .فقامت تطمعه في
نفسھا حتى تمكن حبھا من قلبه ،فخال بھا فتمنعت وقالت :ال تقربُني
حتى أركبك كما ُتركب الدواب وتمشي بي خطوات .وتحت وطأة
السرج ،وجعلت في رأسه الشھوة أجابھا .فوضعت على ظھره َّ ْ
اللجام ،وركبته كمال تركب الدواب .الرسن بيدھا! ومضى على
أربع يمشي بھا "يخلق
ما يشاء" ،وأوعزت إلحدى الجواري أن
تدعو الملك ليرى وزيره الناصح له ،فھجم الملك عليه وھو على
مه! ما ھذا أيھا الوزير؟ ألم تنھني عن ذالك؟ وھذا تلك الحال :م ٍه َ ْ
حالك؟ فأجاب إجابة استحسنھا الملك .من ھذا كنت أخشى عليك
أيھا الملك!.
ُھند بالفتى....بأشد من ما تفعل الحسناء ما يفعل السيف الم َ َّ ُ
معشر اإلخوة:
يُفتن المرء عن دينه ويتذبذب ويحور من أجل امرأة ،والتاريخ
يشھد .ال تقرب َعرف جمر اللھب.
حطان ،كان من أھل السنة والجماعة ،يروي ھذا عمران بن ِ
الحديث عن عائشة وأبي موسى وابن عباس رضي
عنھم
أجمعين ،وكان رجال ذميما وكل خلق
حسن ،وله ابنة عم
جميلة ،لكنھا َحرورية على مذھب الخوارج ،فقال :أتزوجھا
صرفھا عن مذھبھا الباطل. َ أل
سيفا من به ُذبح ب عسال فيه منيته....وكم تقلد ً كم شار ٍ
حصل خالف ما أراد ،إذ فتنته وصرفته عن الحق الذي كان عليه
إلى باطلھا ،فصارا لسانا للخوارج وشاعرا من شعرائھم ،ومن
مجد قاتل علي رضي
عن علي قائال: خذالنه أن َ َّ
ياضربة من تقي ما أراد بھا....إال ليبلغ من ذي العرش رضوانا
فأحسبُه......أوفى البرية عند
ميزانا!
َ إني ألذكره حينا
ًّتبا له وتعسا.
فرد عليه الفقيه الطبري:
ياضربة من شقي ما أراد بھا....إال ليھدم من ذا الدين بنيان
إني ألذكره حينا فألعنه......وألعن الكلب عمران ابن ِ َّ َ
حطان
عليك ثم عليه الدھر متصال....لعائن
إسرارا وإعالنا
فأنتم من كالب النار جاء بھا.....نص الشريعة برھانا وتبيانا ُ
"فاتقوا النساء".
وفتن واشتد َ َ ُ
كلفه يذكر شيخ اإلسالم :أن رجال عشق جارية سوداء ُ
بھا ،فلما حضرته الوفاة ،قيل له :قل ال إله إال
.فما زال يردد:
الكالب
ِ أحب لحبھا السودان حتى.....أحب لحبھا سُود
حتى مات على ذالك.
لحظات حاسمة ٌ نسألك اللھم حسن الخاتمة....فھي وربي
يقول ابن القيم رحمة
عليه :كان النصارى إذا أرادوا أن
ينصروا أسيرا مسلما عرضوا له امرأة جميلة وأمروھا أن تطمعه
في نفسھا ،حتى إذا تمكن حبھا من قلبه ،بذلت له نفسھا بشرط أن
يدخل في دينھا ،فھناك" :يثبت
الذين آمنوا بالقول الثابت".
وقد فتن بعض المسلمين الذين يعيشون في بالد الغرب اليوم
بالزواج من الكافرات ،طمعا في الحصول على جنسيات بالدھم ،ثم
انزلقوا إلى حضيض الكفر والعياذ با ./تشترط إحداھن العقد في
الكنيسة ،على ِشرعة الكنيسة ،وبمباركة رجال الكنيسة ،ثم تتردد
بعدھا بأوالدھا على الكنيسة لتفسد ِ َ َ
فطرھم" ،فأبواه يھودانه أو
ينصرانه أو يمجسانه".
وينشأ ناشئ الفتيان فينا.....على ما كان عوده أبوه
وما دعاة تمكين النساء من اختالطھن بالرجال الذي ھو أصل كل
بلية وشر ،والذين ينبحون اليوم من كل قناة ويقيئون سمومھم في
كل صفحة ،إال دعاة فتنة تتغذى وتعوي من وراء الجدر ،فعلى كل
غيور وذي والية أن يسعى بإحباط ذالك المد التغريبي الفوضوي
حسب وسعه.
فإن خنعت حمات الوكر أضحت.....نساء الحي تحلف بالطالق
وليعلم أن معول الباطل معول ضعيف .فقد قضى
" :إن كيد
وزخرف أقوالھم خداع ساحر" ،وال يفلح الشيطان كان ضعيفا" ُ
الساحر" ،ومفسدون" ،و
ال يصلح عمل المفسدين" ،ولكن
ابتالء بأيدي المؤمنين" ،ذالك ولو يشاء
النتصر منھمً جعل ذالك
ولكن ليبلو بعضكم ببعض".
فلوال رجال مؤمنون لھ ُِّدمت......منائر دين
من كل جانب
"فاتقوا الدنيا واتقوا النساء ،فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في
النساء"
ً
ُرضة.....فذو العجز من َتثنيه عن دينه فال تك ليلى دون دينك ع
ليلى
واحد صباحا ومسا:اعصي الھوى ،واتق النساءُ ْ ،
َ
بريق الحور يكون
َ ال كنت إن لم أصم عن كل فاتنة......حتى
إفطاري
وإياك والتلون ،فإن دين
واحد.
يارب ثبتنا على اإليمان....ونجنا من سبل الشيطان
سابعا:
العمل باألوامر والنواھي في استسالم وحب وانقياد /رب العالمين
مثبت على الدين ،لعموم قول
" :ولو أنھم فعلوا ما يوعظون به
لكان خيرا لھم وأشد تثبيتا وإذا آلتينھم من لدنا أجرا عظيما
ولھديناھم صراطا مستقيما".
ُحدث الملھم العبقري ،كان شديد ھذا عمر رضي
عنه ،الم َ َّ
غيرة أعني رسول
صلى
غيرته أعظم الناس ْ الغيرة ،ذكر َ ْ
عليه وسلم حين قال كما في الصحيح" :دخلت الجنة البارحة،
درة بيضاء بفنائه جارية ،فقلت لجبريل :لمن فرأيت فيھا قصرا من ّ
ھذا القصر؟ قال :لعمر بن الخطاب ،قال :فھممت أن أدخله ثم
ذكرت غيرتك ياعمر فوليت مدبرا" فبكى عمر وقال" :أفديك بأبي
وأمي يارسول
! أعليك أغار؟!" .ومع ذالك كانت زوجه عاتكة
كثيرة االختالف إلى مسجد رسول
صلى
عليه وسلم للصالة
فيه .تستأذنه فيسكت" ،ألخرجن إال أن تمنعني" .فيسكت! ُ
وتكثر
الترداد على المسجد لتشھد الصبح والعشاء .فقيل لھا :أتخرجين وقد
تعلمين أنه يغار ويكره ما تفعلين؟ قالت :فما يمنعه أن يمنعني أو
ينھاني؟ قالوا :يمنعه قول رسول
:ال تمنعوا إماء
مساجد
".
إنه عمر رضي
عنه ،جبل ال تحركه العواصف وال تھزه
القواصف ،مع شدة غيرته مستسلم منقاد لما نھى عنه رسول
وإن خالف ھواه .حاله:
نفسي فدى رسول
.
مت سمعا وطاعة......وقلت لداع الموت أھال فلو قال لي مت ُّ
ومرحبا
وو
لن تثبت قدم على اإلسالم إال على قاعدة التسليم ألحكام
اإلسالم وإن خالفت ھوى النفس واألنام" ،إنما كان قول المؤمنين
إذا دعوا إلى
ورسوله ليحكم بينھم أن يقولوا سمعنا وأطعنا" ،فال
نتبع القول امتثاال" .استجيبوا /وللرسول و
ال يرجى ثبات إذا لم ُ ْ ِ
إذا دعاكم لما يحييكم" .وإياكم والتلون ،فإن دين
واحد.
يارب ثبتنا على اإليمان.....ونجنا من سبل الشيطان
ثامنا:
تدبر قصص األنبياء والصالحين من الوحي وتاريخ المسلمين مثبت
على الدين.
قال
" :وكال نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك
وجاءك في ھذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين" ،ھذا رسول
صلى
عليه وسلم يقول للمشركين مشيرا إلى الشمس" :و
ما
أنا بأقدر على أن أدع ما ُبعثت به من أن تستشعلوا منھا شعلة نار"
زعزع
َ لو مادت األجبال من تحته.....أو خرت األفالك ما ُ
بالتوحيد....وال يخاف سطوت العبيدِ فلم يزل يجھر
حتى تركنا على البيضاء ،ليلھا كنھارھا.
فأصبحت سبل الدين الحنيف به......عوامرا بعد أن كانت أماريتا
وكان قول إبراھيم عليه السالم حين ألقي في النار" :حسبي
ونعم الوكيل" ولما قال أصحاب موسى" :إنا لمدركون قال كال إن
معي ربي سيھدين" وقال ھود لقومه في ثبات دونه الشوامخ" :إني
أشھد
واشھدوا أني بريئ مما تشركون من دونه فكيدوني جميعا
ثم ال تنظرون إني توكلت على
ربي وربكم" ،ولما تبين الحق
لسحرة فرعون "قالوا آمنا برب ھارون وموسى" ،ولما ھددھم
"فألقطعن أيديكم وأرجلكم من خالف وألصلبنكم في جذوع النخل
ولتعلمن أينا أشد عذابا وأبقى" ،قالوا في ثبات الرواسي" :لن
نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض
إنما تقضي ھذه الحياة الدنيا" ،فأصبحوا سحرة ،وأمسوا شھداء
بررة" ،وذالك فضل
يؤتيه من يشاء و
ذو الفضل العظيم".
وذالكم شيخ أھل السنة وإمام ھذه األمة في المحنة ،أحمد رحمه
.
القسورة الرِّ ْئبا ُل ھصمصم َ
تحذره األبطا ُل.....كأنه ْ َ َْ َ ٌ
تداوله ثالثة خلفاء يسلطون عليه من شرق األرض وغربھا ،ومعھم
من العلماء والقضاة والمتكلمين والوزراء واألمراء ماال يحصى،
ُجبھم إلى كلمة ،وما رجع عن ما جاء به فما كتم وما ترخص ولم ي ِ
الكتاب والسنة ،يناظرونه ثالثة أيام متصلة وھو ثابت على قوله ما
الجنان مستضيئ بالقرآن ،قوي باإليمان. لحن في كلمة .ألن َ
الجنان....لتلعثم اللسان وتالش البيان ولو اضطرب اإليمان في َ
وھل يضيق فسيح األرض عن رجل.....وقلبه بكتاب
متص ُل
يجادلونه بالباطل ،وما ضل قوم بعد ھُدى إال أوتوا الجدل ،وم ُِنعوا
العمل ،يقولون
" :خالق كل شيئ" والقرآن شيئ فھو مخلوق!
قال :إن
يقول" :تدمر كل شيئ بأمر ربھا" فھل دمرت غير ما
أراد ربھا من عاد ،ما دمرت مساكنھم .فأفحمھم.
قالوا" :إنا جعلناه قرآنا عربيا" يعني خلقناه قرآنا عربيا! .قال:
"فجعلھم كعصف مأكول" أمعناھا فخلقھم كعصف مأكول ،فأغصھم
بريقھم.
ويقف الخليفة على رأسه :يا أحمد؟ إني شفيق عليك كشفقتي على
ابني! قل لي أدنى كلمة لك فيھا فرج ،ألفك قيدك بيديَ ِّ َ ُ ،
وأكثر
وأنوِّ ه باسمك .والمثبطون يقولون :إمامك على رأسك قائم أتباعك ُ َ
أجبه!؟ .قال :إيتوني بشيئ من كتاب
وسنة رسوله صلى
عليه وسلم .فقال الخليفة :لعنك
! .وأمر الجالدين بضربه فكان
الواحد يضرب بقوته والخليفة يقول :أوجع ،قطع
يدك! حتى
ُأغمي على اإلمام ،ثم َرموا عليه حصيرا وكبوه على وجھه
وداسوه ،فلما أفاق قام يصلي وجراحه تسيل بالدم .فقالوا :تصلي
والدم يسيل من بدنك.
حسبوا انتقاد الليث أمر ھينا.....ومن العويص تقنص اآلساد
قال :لقد صلى من ھو خير مني ومنكم عمر وجرحه يثعب دما .فما
أثبت منه قلبا. كان أحد ْ َ َ
المناقب
ِ ً
صليبة.....وما كدروا من صفو تلك وما َ َّلينوا منه قناة
جاءه بعض أصحابه يسھلون عليه الترخص :ياإمام" .إال من أكره
وقلبه مطمئن باإليمان" .قال :كيف تصنعوان بحديث خباب" :لقد
كان فيمن قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في األرض ويوضع المنشار
على رأسه فيجعل نصفين ،ويمشط بأمشاط الحديد ما يصده ذالك
عن دينه" فيئسوا منه.
المروذي :ياأستاذ .يقول
"وال تقتلوا أنفسكم" .قال :اخرج يقول ُّ
فانظر أي شيئ ترى .فخرج إلى رحبة دار الخالفة فإذا خلق ال
يحصيھم إال
،الصحف في أيديھم واألقالم والمحابر في
أذرعتھم ،فقال :أي شيئ تعملون؟قالوا :ننظر ما يقول أبو عبد
فنكتبه! .فقال :مكانكم اثبتوا .فدخل إليه فأخبره ،فقال اإلمام :أ ُضل
ھاؤالء؟ أ ُقتل وال أضل ھاؤالء! .إذا أجاب العالم تقية ،والجاھل
يجھل فمتى يتبين الحق؟.
فلو كان الحديد للينوه....ولكن كان أشد من الحديد
ُويطي من أصحاب الشافعي ،قدوة في العلم والعمل. صنونه الب َ ْ
وذا ِ
حسن السيرةأرسل ابن أبي ذؤاد إلى والي مصر أن يمتحنه .وكان َ َ
عند والي مصر .فجاءه الوالي وقال :ما تقول في القرآن؟ قال :كالم
منزل غير مخلوق .قال الوالي :قل فيما بيني وبينك .قال :إنه
يقتدي بي مائة ألف ال يدرون ما الخبر ،و
ال يكون .قال الربيع:
والغل في عنقه ،والقيد في رجليه ،وبينھما سلسلة فو
لقد رأيته ُ ُّ
فيھا لبنة تزن أربعين رطال ،يزمجر كاألسد ويقول :إن
خلق
الخلق بكن .فإذا كانت مخلوقة فكأن مخلوقا ُخلِق بمخلوق ،كالم
منزل غير مخلوق ،و
إلن أدخلتموني عليه ألصدقنه- ،يعني
الواثق -وو
ألموتن في حديدي ھذا حتى يأتي قوم من بعدي
يعلمون أنه قد مات في ھذا الشأن قوم في حديدھم.
النصدع
َ ثھالنشم الشماريخ من َ ْ
بھدتھاَّ ُ .......
لو أن عزمته رامت َ َّ ِ
ال مساومة.
تمت الصفقة ،وتحقق البيع ،و
اشترى ،والنفس ال تباع مرتين.
بقي في سجنه حتى لقي
بحديده.
كذاك نفوس ھذا الصِّنف تأبى.....لغير إلھھا ذل السجود
فعندھم.....عز الحياة وعز الموت سيان ُ عافوا التلون في الدنيا
وذا عبيد
الرافضي الملحد الزنديق ،يھدد أربعة آالف عالم
وعابد بالقتل ليردھم عن الترضي عن أصحاب رسول
صلى
عليه وسلم فاختاروا الموت جميعا.
الجان
ِ ال يصبرون على ضيم يحاوله.....باغ من اإلنس أو طاغ من
قبورھم.....ذرى الشوامخ أو أجوافُ حيتان ُ وال يبالون إن كانت
وذا الشھيد أبو بكر النابلسي ،عليه رحمة العلي ،لما قال له جوھر
قائد العبيديين :بلغنا أنك قلت إذا كان مع الرجل عشرة أسھم وجب
أن يرمي في الروم سھما وفينا تسعة .قال :ما قلت ھذا! بل قلت إن
كان معه عشرة وجب أن يرميكم بتسعة ويرمي العاشر فيكم! ألنكم
غيرتم الملة ،وقتلتم الصالحين ،وادعيتم األلوھية .فضربه وصلبه
وأمر يھوديا أن يسلخه حيا ،فبدأ يسلخه من رأسه وھو يذكر
،
حتى إذا بلغ قلبه أشفق اليھودي عليه فوضع السكين في قلبه ليلقى
.فرحمة
عليه وعلى الظالمين لعنة
.
رآه ابن السعساع المصري في ليلته تلك في المنام في أحسن
صورة وھيأة ،فقال :ما فعل
بك أبا بكر؟ قال :حباني خالقي
بدوام عز ،وقربني وأدناني إليه وقال انعم بعيش في جواري.
وفي التاريخ الحديث صور لثابتين صابرين ما غيروا وما بدلوا.
ھذا المطيعي مفتي الديار المصرية في القرن الماضي ،يصدر
فتوى في مقاطعة المحتل كانت لطمة قاسية بددت كثيرا من
وتعرض عليه ثروة مُغرية ليتراجع عن فتوى أخرى ،فقال أحالمهُ ،
في ثبات واستعالء .كلمة تقطر عزا وكرامة وإباء :العلم في
اإلسالم ال يباع.
وتزري بالعقود ُّ ُ ّ
اللؤلئية حالوتھا تخالط كل قلبْ ُ .....
نعم معشر اإلخوة. ََ
إذا قام سوق بيع الذمم فإن ذمم المؤمنين الصادقين ال يملك ثمنھا إال
رب العالمين" .إن
اشترى من المؤمنين" ،ومن قبل بنى
السلطان العثماني بايزيد –الملقب بالصاعقة -مسجدا كبيرا جميال،
ذا قباب كثيرة ،تتوسطھا قبة زجاجية تلتقي تحتھا أشعة الشمس مع
خيوط الماء من نافورة في منظر ساحر خالب ،ولما أتم بناءه ذھب
ومعه الشيخ الصالح أمير بخارى ،ودخل المسجد وطاف في
أرجائه مُعجبا بفخامته ،فرحا بتشييده ،وكان ينتظر كلمة ثناء من
الشيخ الصالح ،ولكن الشيخ مشغول بما استفاض من أن السلطان
يشرب الخمر ،فقال بايزيد :كيف ترى ياشيخ .فكان حاله:
أرجِّ ي ال قول غير.....الحق لي ٌ
قول وھذا النھج ال ال أخاف وال ُ َ
نھجي
وفجرھا قائال :مسجد فخم جميل ،تنقصه حانة خمر في إحدى
زواياه يغشاھا السلطان الحين والحين .وال أدري ماذا جال بخاطر
السلطان ،وأحسب أن جالل الحق وھيبة العالم الصادق أخذته من
كل جانب ،فسكت صاغرا.
كل قريب وبعيد من يخف سلطان ذي العرش المجيد....خافه ُّ
عطفا على العلماء الربانيين فھم ركن ركين مثبت على الدين،
العلماء األبرار حُمات األوكار،
نقضت تنافح عن.......أوكارھا لم تھب جندا وال َّ إن الصقور إذا
ثكنا
العلماء تاج األمة ومنارتھا ،ھم روحھا وماء حياتھا ،وحين تعصف
األھواء ،وتكثر معاطن البالء ،فھم مُالَّحُھا،
وإن غاب مالح السفينة وراتمت.....بھا الريح يوما دبرتھا الضفادع
تدبرا لقصص األنبياء والعلماء والصالحين .وإياك والتلون فإن دين
واحد.
يارب ثبتنا على اإليمان........ونجنا من سبل الشيطان
تاسعا:
الثقة بأنك على الحق وأن المستقبل لدين
،مع تعميق التأمل فيما
أعده
للثابتين مثبت على الدين .ھذا الرسول
يثبت
المستضعفين حينما أوذا من المشركين بأن المستقبل لھذا الدين
قائال" :وليتمن
ھذا األمر حتى يسيرا راكب من صنعاء إلى
حضرموت ،ال يخشى إلى
والذئب على غنمه ،ولكنكم
تستعجيلون" وحين مرا بآل ياسر وھم يُعذبون ،ثبتھم بموعود
للصابرين الثابتين" :صبرا آل ياسر ،فإن موعدكم الجنة" .وقال
لألنصار" :أما إنكم ستلقون بعدي أثرة ،فاصبرا حتى تلقوني على
الحوض".
الثقة با /والتشرف بدينه مثبت بإذنه.
ھذه طالبة مسلمة جامعية أمريكية ،دكاترتھا متعصبون لباطلھم،
يكرھون اإلسالم وما يرمز له من عف ٍة وحياء كحجاب ونقاب،
منعوھا من حقوقھا العلمية ،وھي متمسكة بدينھا مدافعة عنه
متشرفة به ،إجتمعوا بھا لينقضوا دعائم اإلسالم في قلبھا ،فكانت
شبھھم وأباطيلھم أياما حتى أسكتتھم جميعا ،وأرغمتھم على تدفع ُ
فأعجبوا بثباتھا وإسرارھا على االعتراف بجھلھم وھشاشة باطلھمُ ،
التمسك بدينھا وحجابھا ،وتقديم ذالك على كل شيئ في حياتھا مما
أدى إلى إسالم سبعة من من كانوا يناقشونھا ليشككوھا في دينھا.
راموا مغالبة الھدى ِ ِ ْ َ
ب◌الغيِّ .....لكن الھدى َّ
غالبُ
ثقة بنصر
،وبأنك على حق ياعبد
،وعودة لكتاب
"لنثبت
به فؤادك" ذا قول
،وذكرا " ،/فاثبتوا واذكروا
" وال يھولنكم
الغبار المُثار ،فمثيروه سيختنقون به ،وتبقى الجبال ھي الجبال.
الزمة قرارھا....وغبار األرض يرتف ُع ً أما ترون جبال األرض
"فأما الزبد فيذھب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في األرض".
إن شمس النھار تغرب بالليل......وشمس اإلسالم ليست تغيب
ُف بدينك! وأبشر! وإياك والتلون ،فإن دين
ِْ
ثق! واثبت! واشر ْ
واحد.
يارب ثبتنا على اإليمان....ونجنا من سبل الشيطان
عاشرا
المبادرة باألعمال الصالحة مثبتة على الدين.
"بادروا باألعمال فتنا كقطع الليل المظلم ،يصبح الرجل مؤمنا
ويمسي كافرا" .بادروا "ھل تنتظروان إال فقرا منسيا ،أو غنى
مُطغيا ،أو مرضا مفسدا ،أو ھرما مفندا ،أو موتا مجھزا ،أو الدجال
فشر غائب ينتظر ،أو الساعة والساعة أدھى وأمر" .من ال يدري
متى يفجأه الموت ينبغي أن يكون مستعدا .ال يغترر شاب بشبابه
فأكثر من يموت الشباب" .عش ما شئت فإنك ميت ،وأحبب من
شئت فإنك مفارقه ،واعمل ما شئت فإنك َ ْ ِ ّ
مجزي به".
غدا تجتني الغرس....الذي أنت غارسُ
اغتنموا فرص الحياة واھتبلوھا ،قبل أن تقول نفس" :ياحسرتا على
ما فرطت في حنب
" .وتصيح أخرى" :فھل إلى مرد من سبيل".
وتتمنى ثالثة" :ياليتنا نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل" .وتجأر
رابعة" :رب ارجعون" .فال تسمع إال" :كال".
"سابقوا"" ،وسارعوا" ،و"استبقوا" .واستحضروا خاتمة الثابتين
لتثبتوا.
لما حضرت بالالً الوفاة قال :وافرحاه! واطرباه! غدا نلقى األحبة،
محمدا وحزبه.
وطعن حرام رضي
عنه فقال
:أكبر .فزت ورب الكعبة!. ُ
وجعل أنس يقول :لقنوني ال إله إال
! فلم يزل يقولھا حتى قبضه
.
وفتح ابن المبارك عينه عند وفاته ثم ضحك وقال :لمثل ھذا فليعمل
العاملون.
الشبيلي حين اصطدمت طائرته بالطائر ولقد سمعنا الطيار ُّ
الكازاخستانية ،وواجه الموت في شريط مسجل في برج المراقبة
في مطار دلھي يردد في ثبات :أستغفر
.أشھد أن ال إله إال
.
بذا لقي
،فعليه رحمة
.
"يثبت
الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي اآلخرة".
"إن الذين قالوا ربنا
ثم استقاموا تتنزل عليھم المالئكة أال تخافوا
وال تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في
الحياة الدنيا وفي اآلخرة".
واه
بادر إذا ما لمحت الخير في عمل....وخل سوف لعزم خامل ِ
وإياك والتلون ،فإن دين
واحد
يارب ثبتنا على اإليمان....ونجنا من سبل الشيطان
حادي عشر:
الحذر من التعالم والقول على
بال علم مع التواضع في قبول
الحق واألوبة له مثبة على الدين.
بطر الحق ضالل وكبر وتيه ،ورائده إبليس يوم قال" :أنا خير
منه" .وقد قضى
" :سأصرف عن أياتي الذين يتكبرون في
األرض بغير الحق وإن يروا كل آية ال يؤمنوا بھا" .الرجوع إلى
الحق خير من التماد في الباطل ،وحال الثابت العاقل :أرجع إلى
الحق وأنا صاغر ،ألن أكون ذنبا في الحق خير من أن أكون رأسا
في الباطل.
إذا أبديت في العلم رأيا ثم ُبيِّن لك بالدليل القاطع أو الراجح في أن
ھيابالحق في غير ما أبديت فاصدع بما استبان لك من الحق غير َّ
تثبت .حالك :أخطأت! "وفوق كل ذي علم عليم".
ال تخض فيما ال تعلمه" ،وال َتْقفُ ما ليس لك به علم" .ذاك خلق
ورثة األنبياء -أعني العلماء ،-يُسأل أحدھم عن ما ال يعلم فال يجد
في صدره حرج أن يقول :ال أعلم.
ھذا مالك رحمه
" .ليضربن الناس أكباد اإلبل في طلب العلم فال
يجدون عالما أعلم من عالم المدينة" .ومع ذا سأله سائل عن مسألة
استودعه إياھا أھل المغرب ،فقال :ما أدري! فقال السائل :ياأبا عبد
،تركت خلفي من يقول ليس على وجه األرض أعلم منك .فقال
غير مستوحش :إذا رجعت فأخبرھم أني ال أحسن!.
وسئل الشعبي عن مسألة فقال :ال أدري .فقال السائل :فبأي شيئ
تأخذ رزق السلطان .قال :ألقول فيما ال أدري ال أدري.
ما كان لبشر أن يبرئ نفسه من الخطأ ويدعي أنه لم يقل في حياته
إال صوابا.
فليكن شعارك فيما ال تعلم :ال أعلم ،وعد إلى الحق واقبله من من
جاء به تثبت وتسلم .وإياك والتلون ،فإن دين
واحد.
يارب ثبتنا على اإليمان.....ونجنا من سبل الشيطان
أخيرا معشر اإلخوة:
واللجأ ُ لمن قلوب العباد بين أصبعين من
َ الدعاء شدة ورخاء،
أصابعه ِّ
يقلبھا كيف يشاء ،ما شيئ يُطمع فيه إال وبيده خزائنه ،وما
مطلب تطلبه بدون عونه. تعسر مطلب تطلبه مستعينا به ،وما تيسر َ َ
إذا لم يكن عون من
للفتى.....فأول ما يجني عليه اجتھاده
في كل ركعة من ركعات صالتنا نطلبه تعالى مستعينين به أن
يھدينا صراطه المستقيم ،ويجنبنا طريق المغضوب عليھم
والضالين ،مقدمين لذالك المطلوب العظيم بحمد
والثناء عليه
وتمجيده وتوحيده واالستعانة به .فلنطلب ذالك بصد وإخبات لنثبت
على صراط
،فموعود
" :ولعبدي ما سأل" بذا أخبر رسول
.
ھذا الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن
إسحاق بن إبراھيم عليھم صلوات وسالم رب العالمين ،تتبرج له
الفتنة في أعلى حللھا ،ومن شامخ ُ َ ِ
قللھا.
فھو شاب عزب غريب ،خادم في بيت العزيز ،المرأة العزيز عليه
األمر والنھي ،وھي ذات منصب وجمال ،وزوجھا بعيد عنھا ،وھو
الغيرة ،ومع ذا "غلقت األبواب وقالت ھيت لك" مع ذا قليل َ ْ
فما ضره أن غلقت أبواب األرض لما فتح
له أبواب السماء،
"قال معاذ
" فعصمه
.
ومن الذ با /في دربه.....كفاه المھيمن من كل شر
ھذا سيلي من جنوب إفريقيا .يقول :كنت قسيسا نشطا للغاية ،ولذا
اختارني الفاتكان ألكون من كبار المنصرين في جنوب إفريقيا،
ودعمني باألموال ،وكنت أستخدم كل الوسائل للوصول لھدفي،
أدفع من تلك األموال مساعدات وھبات وھدايا ً والكنيسة تغدق علي،
وفي يوم ما ذھبت لمركز تجاري ألشتري بعض الھدايا التي أخدع
بھا السذج من الناس ،وكانت المفاجئة ،بائع الھدايا رجل يلبس
القلنسوة ،تفاوضت معه وعرفت أنه مسلم ،وعرف أني قسيس
فمالبس ذات اللياقة البيضاء دالة علي ،وبعد أن اشتريت ما أريد،
سألني الشاب المسلم :أأنت قسيس؟ قلت :نعم .قال :من إلھك؟ قلت
المسيح .قال الشاب المسلم :إنني أتحداك أن تأتيني بآية واحدة من
اإلنجيل تقول على لسان المسيح شخصيا أنه قال :أنا
أو ابن
فاعبدوني! .قال :وقعت كلماته على رأسي كالصاعقة ،ولم أستطع
أن أجيب .حاولت أن أعود بذاكرتي إلى كتب األناجيل ألجد جوابا
وأحرجت ،وركبني الھم والغم، شافيا فلم أجدُ .أسقط في يديُ .
وتركته وھمت على وجھي وبحثت عن إجابة في كتب النصرانية
فعجزت وھُزمت ،ذھبت إلى المجلس الكنسي وطلبت اإلجتماع
لھذه القضية ،وأخبرتھم بما سمعت .فھاجموني! خدعك الھندي!
أضلك الھندي! .ويعنون بالھندي المسلم .فقلت :أجيبوني؟ فلم يجب
أحد! وفي يوم األحد الذي ألقي فيه درسي في الكنيسة ،وقفت أمام
الناس ألتحدث فلم أستطع ،فاسحبت إلى داخل الكنيسة وطلبت من
صديق لي أن ينوب عني في الموعظة ،ألنني منھك منھار محطم
نفسيا.
ذھبت لمنزلي في حلة ذھول وضيق ،وفي زاوية من زواياه
الصغيرة .جلست أنتحب! ثم رفعت بصري إلى السماء وأخذت
أدعو .ثم قلت :أدعو من؟ ثم توجھت إلى من ھو اإلله الحق وقلت
في دعائي :رب خالقي لقد ُأقفت األبواب في وجھي سوى بابك ،فال
ُكني في حيرتي تحرمني من معرفت الحق .يارب يارب! ال تتر َ ِّ
ألھمني الصواب ودلني على الحقيقة ،يارب ،يارب .فھداه من قلبه
بيده إلى دين اإلسالم ،فأعلن الدخول في دين
بعد ذالك ،وتسمى
بإبراھيم ،وصار من الدعات إلى اإلسالم بفضل المولى.
والليل ولى والظالم تبددا.
وفي الحديث القدسي كما أخبر المصطفى" :ياعبادي كلكم ضال إال
من ھديته فاستھدوني أھدكم" فاللھم اھدنا.
يابن اإلسالم :خذ بأسباب الھداية واطلبھا بصدق من من يقول:
"إني قريب أجيب" ،من قصد باب الكريم ال يخيب.اقصده واضرع
إليه.
يامقلب القلوب ثبت قلبي على دينك .يامصرف القلوب صرف قلبي
على طاعتك .اھدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك ،إنك تھدي من
تشاء إلى صراط مستقيم.
العوالم
ِ أيافالق اإلصباح والحب والنوى.....وياقسم األرزاق بين
البھائم
ِ وياكافل الحيتان في لج بحرھا.....ويامؤنسا في البر وحش
عدا وقطرويامحصي األوراق والنبت والحصى....ورمل الفال ًّ
الغمائم
ِ
عاصم ِ الزيغ....واألھواء ياخيرإليك توسلنا بك اعصم قلوبنا من َّ ْ
الدعاء الدعاء" .أعجز الناس من عجز عن الدعاء"
ادع بالثبات ،وإياك والتلون ،فإن دين
واحد.
يارب ثبتنا على اإليمان....ونجنا من سبل الشيطان
مختصر القول معشر اإلخوة قول من لنا فيه أسوة" :تركت فيكم ما
إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا .كتاب
وسنتي".
عد إلى الروضة إن الغيث يھمي.....في روابيھا ويكسوھا جالال
"إن الضاللة حق الضاللة أن تنكر اليوم ما كنت تعرف قبل اليوم،
وأن تعرف اليوم ما كنت تنكر قبل اليوم .إياك والتلون فإن دين
واحد".
اللھم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه ،والباطل باطال وارزقنا
اجتنابه .نعوذ بك اللھم من الحور بعد الكور ،والضالل بعد الھدى،
ربنا ال تزغ قلوبنا بعد إن ھديتنا وھب لنا من لدنك رحمة إنك أنت
الوھاب.
م َُّن علينا رب بالتثبيت......عند السؤال ليلة المبيت
يارب ثبتنا على اإليمان.....ونجنا من سبل الشيطان
نسألك اللھم حسن الخاتمة....فھي وربي لحظات حاسمة
ونسأل المولى لنا السعادة.....والفوز عند الموت بالشھادة
الشاد....على محمد النبي الھادي
ِ ثم الصالة ما تغنى
الصباح
ِ بالنياح.....وغرد القمري في
ِ ما ھتفت ورقاء
والسالم عليك ورحمة
وبركاته.