You are on page 1of 975

   


  
    
‬

‫'
&‪   !!" #$
%‬‬

‫‪
-. /0
1 '
2! 3 / :()
*+‬‬

‫‪<= > <"  /+ &? 


3@ ?
 6 
78+ 9:; /+ 6 4
45‬‬

‫‪> 
A?= 8 ; &B

$C‬‬

‫إھداء إلى أخي و حبيبي في ﷲ األخ عبد ﷲ صالح الدين أبو مريم‬
‫بارك ﷲ فيه و نفع به المسلمين ثم من بعده لجميع المسلمين‬

‫محبكم أحمد بن علي مرتضى غفر ﷲ له ولوالديه و للمسلمين‬

‫بسم ﷲ الرحمن الرحيم‬

‫الحقيقة !!!!‬

‫إن الحمد ‪ 9‬نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه‬


‫ونعوذ با‪ 9‬من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا‪ ،‬من يھده ﷲ فال مضل له‪ ،‬ومن يضلل فال‬
‫ھادي له‪.‬‬
‫أشھد أن ال إله إال ﷲ وحده ال شريك له‪ ،‬له الملك وله الحمد وھو على كل شئ قدير‪.‬‬
‫وأشھد أن محمدا عبد ﷲ ورسوله صلوات ﷲ وسالمه عليه وعلى آله وصحبه والتابعين‬
‫لھم بإحسان‪.‬‬
‫)يا أيھا الذين أمنوا اتقوا ﷲ حق تقاته‪ ،‬وال تموتنا إال وأنتم مسلمون(‪.‬‬
‫أما بعد‪ :‬عبد ﷲ‪،‬‬
‫عقلك‪ ،‬وسمعك وقلبك‪ ،‬أعرنيھما وأرعنيھما لحظات قد تطول راجيا أن يتسع‬
‫َ‬ ‫عقلك‬
‫واقع‪ ،‬ومتصورا ما ھو‬
‫ُ‬ ‫بخيالك متخيال ما ھو‬
‫َ‬ ‫صدرك احتسابا لما أقول‪ ،‬ثم حلق معي‬
‫الحقيقة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫حقيقة على‬
‫ٌ‬
‫يوم‬
‫ُ‬ ‫ديان‬
‫ُ‬ ‫فقبضه‬
‫َ ُ‬ ‫الشھر‬
‫َ‬ ‫يعيش سوى ھذا‬
‫َ‬ ‫ﷲ أن ال‬
‫شھر واحد‪ ،‬قضى ُ‬
‫ٌ‬ ‫عمره‬
‫ُ‬ ‫تخيل وليداً‬
‫قبورھم‪:‬‬
‫ِ‬ ‫وقبر مع المقبورين‪ ،‬وبينما ھم في‬
‫َ‬ ‫الدين‪،‬‬
‫الصبي ذو‬
‫ُ‬ ‫خرج ذلكم‬
‫َ‬ ‫وبعثرتِ القبور‪ ،‬وخرج المقبور‪ ،‬وكان في من‬
‫نفخ في الصور‪َ ُ ،‬‬ ‫َ‬ ‫إذ‬

‫عراة رجاال ً والنساء كالفراشِ‬


‫ٌ‬ ‫حفاة‬
‫ٌ‬ ‫الناس‬
‫ُ‬ ‫أبھم‪ ،‬نظر فإذا‬
‫َ‬ ‫الشھر الواحد‪ ،‬حافياً عاريا‬
‫ِ‬
‫المبثوث‪.‬‬
‫السماء انفطرت ومارت وانشقت وفتحت وكشطت وطويت‪.‬‬
‫ُ‬ ‫كالعھن المنفوش‪،‬‬
‫ِ‬ ‫الجبال‬
‫ُ‬
‫واألرض زلزلة ومدت وألقت ما فيھا وتخلت‪.‬‬
‫ُ‬ ‫والجبال سيرت ونسفت ودكت‪،‬‬
‫ُ‬
‫البحار فجرت وسجرت‪.‬‬
‫ُ‬ ‫الوحوش حشرت‪،‬‬
‫ُ‬ ‫العشار عطلت‪،‬‬
‫النجوم انكدرت‪.‬‬
‫ُ‬ ‫الكواكب انتثرت‪،‬‬
‫ُ‬ ‫الركب جثت وإلى كتابھا ُدعيت‪،‬‬
‫األمم على ُ ِ‬
‫الشمس كورت ومن رؤوسِ الخالئقِ أدنيت‪.‬‬
‫ُ‬
‫األعناق من العطشِ وحر‬
‫ُ‬ ‫األجواف احترقت‪،‬‬
‫ُ‬ ‫األقدام اختلفت‪،‬‬
‫ُ‬ ‫األمم ازدحمت وتدافعت‪،‬‬
‫ُ‬
‫الشمسِ ووھجِ أنفاسِ الخالئقِ انقطعت‪ ،‬فاض العرق فبلغ الحقوين والكعبين وشحمة‬
‫األذنين‪.‬‬
‫ومصھور في حر الشمسِ‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫بظل العرش‪،‬‬
‫ِ‬ ‫مستظل‬
‫ِ‬ ‫والناس بين‬
‫ُ‬
‫مخبرة بعمله‪ ،‬ال‬
‫ٌ‬ ‫كل في يده ُ‬
‫صحيفة ٍ‬
‫ُ‬ ‫والكتب تطايرت‪،‬‬
‫ُ‬ ‫والموازين نصبت‪،‬‬
‫ُ‬ ‫الصحف نشرت‪،‬‬
‫ُ‬
‫ً‬
‫بلية كتمھا‪ ،‬وال مخبأة أسرھا‪.‬‬ ‫تغادر‬
‫ُ‬
‫الفرائص‬
‫ُ‬ ‫األلوان تغيرت لما رأت‪،‬‬
‫ُ‬ ‫الجوارح اضطربت‪،‬‬
‫ُ‬ ‫حسير كسير‪،‬‬
‫ُ‬ ‫والقلب‬
‫ُ‬ ‫كليل‬
‫ُ‬ ‫اللسان‬
‫والجنة أزلفت‪.‬‬
‫ُ‬ ‫والجحيم سعرت‪،‬‬
‫ُ‬ ‫والموءودة سألت‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫بالنداء ُقرعت‪،‬‬ ‫القلوب‬
‫ُ‬ ‫ارتعدت‪،‬‬
‫حمل حملھا أوقعت‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫وكل ذاتِ‬
‫ُ‬ ‫والمرضعة عما أرضعت ُذھلت‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وأشتد الھول‪،‬‬
‫َ‬ ‫عظم األمر‪،‬‬
‫َ‬
‫األنساب‪.‬‬
‫ِ‬ ‫عالئق‬
‫ُ‬ ‫الحناجر بلغت‪ ،‬وانقطعت‬
‫َ‬ ‫والقلوب‬
‫ُ‬ ‫األبصار وشخصت‪،‬‬
‫ُ‬ ‫زاغت‬
‫ِ‬
‫الوجوه للقيوم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وعنت‬
‫ِ‬ ‫بالمقال‬
‫ِ‬ ‫البليغ‬
‫ُ‬ ‫األھوال‪ ،‬وأنعجم‬
‫ِ‬ ‫سحائب‬
‫ُ‬ ‫وتراكمت‬
‫واألشھاد‪.‬‬
‫ِ‬ ‫الكتاب‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫لألجناد‪ُ ،‬‬
‫وأحضر‬ ‫ِ‬ ‫الملوك‬
‫ُ‬ ‫وساوت‬
‫َ‬ ‫للمظلوم‬
‫ِ‬ ‫الظلم‬
‫ِ‬ ‫واقتص من ذي‬
‫ُ َ‬
‫وانكشف‬
‫َ‬ ‫السرائر‪،‬‬
‫ُ‬ ‫السوءات والفضائح‪ ،‬وابتليت ھنالك‬
‫ُ‬ ‫األعضاء والجوارح‪ ،‬وبدت‬
‫ُ‬ ‫وشھد‬
‫َ‬
‫المخفي في الضمائر‪.‬‬
‫ُ‬
‫واألھوال‬
‫ُ‬ ‫جرما‬
‫ارتكب ُ‬
‫َ‬ ‫اقترف ذنباً وما‬
‫َ‬ ‫الشھر الواحد‪ ،‬ما‬
‫ِ‬ ‫صاحب‬
‫َ‬ ‫الوليد‬
‫ُ‬ ‫ھنا‪ ،‬تخيل ذلك‬

‫تخيله مذعوراً ُ‬
‫قلبه‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫محدقة به من بين يديه‪ ،‬ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله‪،‬‬
‫ٌ‬
‫لھول ما يرى‪ ،‬فيا ‪ 9‬لذلك الموقف‪.‬‬
‫ِ‬ ‫رأسه شيبا في الحال‬
‫ُ‬ ‫اشتعل‬
‫يوم عبوس قنطرير شره……‪ .‬وتشيب منه مفارق الولدان‬
‫دھور‬
‫ُ‬ ‫المصر على الذنوبِ‬
‫ُ‬ ‫ذنب يخاف مصيره…… كيف‬
‫ُ‬ ‫ھذا بال‬

‫الولدان شيبا(‬
‫َ‬ ‫يجعل‬
‫ُ‬ ‫تتقون إن كفرتم يوماً‬
‫َ‬ ‫فكيف‬
‫َ‬ ‫ﷲ عز وجل )‬
‫قال ُ‬
‫عباد ﷲ‪:‬‬
‫الولدان‪ ،‬ما النجاة وما المخرج؟‬
‫ِ‬ ‫مفارق‬
‫ُ‬ ‫تبيض منھا‬
‫ُ‬ ‫األھوال التي‬
‫ِ‬ ‫خضم ھذه‬
‫ِ‬ ‫في‬
‫تسعد إال به‪،‬‬
‫ُ‬ ‫نفس وال‬
‫ٌ‬ ‫تستقيم‬
‫ُ‬ ‫قلب‪ ،‬وال‬
‫ٌ‬ ‫يصلح‬
‫ُ‬ ‫أمر ال غير‪ ،‬ال‬
‫والمخرج في ٍ‬
‫َ‬ ‫النجاة‬
‫َ‬ ‫إن‬
‫وخاتمھم‬
‫َ َ‬ ‫األنبياء والمرسلون‪،‬‬
‫ُ‬ ‫أوصي به‬
‫َ‬ ‫خص به المؤمنون‪ُ ،‬‬
‫َ‬ ‫الخلق أجمعين‪،‬‬
‫ُ‬ ‫خوطب به‬
‫َ‬
‫أمر ھذا أيھا‬
‫سيد ولد أدم أجمعين عليه وعليھم صلوات وسالم رب العالمين‪ .‬أي ٍ‬
‫ُ‬
‫المؤمنون؟‬
‫إنه وصية ﷲ لألولين واألخرين‪:‬‬
‫) ولقد وصينا الذين اوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا ﷲ(‪.‬‬
‫تقوى ِ‬
‫ﷲ وكفى‪ ،‬قال جل وعال ‪:‬‬
‫السواء وال ھم يحزنون(‪.‬‬
‫ُ‬ ‫يمسھم‬
‫ُ‬ ‫ﷲ اللذين اتقوا بمفارتھم ال‬
‫)وينجي ُ‬
‫ونذر‬
‫ُ‬ ‫الذين اتقوا‬
‫َ‬ ‫ربك حتماً مقضيا‪ ،‬ثم ننجي‬
‫َ‬ ‫واردھا كان على‬
‫َ‬ ‫ويقول ) وإن منكم إال‬
‫تقوى ُتنجي بين يدي ﷲ؟‬
‫ً‬ ‫أي‬
‫الظالمين فيھا جثيا(‪ُ .‬‬
‫كلمة تنتقى وتدبج في مقال؟‬
‫ٌ‬ ‫أھي‬
‫رصيد من واقع؟‬
‫ٍ‬ ‫يرفع بال‬
‫ُ‬ ‫شعار‬
‫ٌ‬ ‫أم ھي‬
‫قوال‪:‬‬
‫ُ‬ ‫للقول‬
‫ِ‬ ‫منتسب‬
‫ٍ‬ ‫كل‬
‫كال ما ُ‬
‫إبليس‬
‫ُ‬ ‫ولو أن أسباب العفاف بال تقى……‪ …..‬نفعت لقد نفعت إذا‬
‫فھو القائل )إني بريء منك‪ ،‬إني أخاف ﷲ رب العالمين(‪.‬‬

‫مضمونھا‪.‬‬
‫ُ‬ ‫لبھا كنھھا ماھيتھا‬
‫حقيقة التقوى‪ُ ،‬‬
‫ٌ‬ ‫األھوال إال‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وﷲ في تلك‬ ‫ال ينجي‬
‫حقيقة تلك الكلمة يا عباد ﷲ؟‬
‫ُ‬ ‫فما‬
‫حياتك أيھا الفرد حتى كأنك تراه‪ ،‬فإن لم تكن تراه‬
‫ِ‬ ‫رقابة ِ‬
‫ﷲ على‬ ‫ِ‬ ‫استشعار‬
‫ِ‬ ‫ھيمنة‬
‫ُ‬ ‫إنھا‬
‫فإنه يراك وتلك أعلى مراتب اإليمان وھي مرتبة اإلحسان‪،‬‬
‫وتلك أعالھا لدى الرحمن‬
‫وھي رسوخ القلب في العرفان‬
‫حتى يكون الغيب كالعيان‬
‫ً‬
‫ونظاما‪،‬‬ ‫خلقا‬ ‫ً‬
‫ومعاملة‪ُ ،‬‬ ‫ً‬
‫عبادة‬ ‫ً‬
‫عقيدة وشريعة‪،‬‬ ‫الدين على الحياة كلھا‬
‫ِ‬ ‫ھيمنة‬
‫ُ‬ ‫بل ھي‬
‫ً‬
‫رابطة وأخوة‪.‬‬
‫الحياة خاضعة في عقيدة المسلم وتصوره ‪ ،9‬ال يند منھا‬
‫َ‬ ‫تجعل‬
‫ُ‬ ‫َ ً‬
‫ھيمنة كما أرادھا ﷲ‬
‫شاردة وال واردة وال شاذة وال فاذة‪.‬‬
‫ً‬
‫محكومة‬ ‫ً‬
‫وسلوكا‪،‬‬ ‫وأحاسيس‬
‫َ‬ ‫ومشاعر‬
‫َ‬ ‫أفكار‬
‫َ‬ ‫النفس َ‬
‫كلھا ‪ ،9‬حتى تكونا‬ ‫َ‬ ‫ھيمنة ُتسلم‬
‫ُ‬
‫يحركھا‬
‫ُ‬ ‫رسوله‪ ،‬ال‬
‫ِ‬ ‫تتبع غير‬
‫ُ‬ ‫بوحي ﷲ فال تخضع لغير سلطانه‪ ،‬وال تحكم بغير قرأنه‪ ،‬وال‬
‫وحال‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫متعلقة بربھا‬ ‫ً‬
‫متجردة من ذاتھا‬ ‫تأتمر بأمر ﷲ وتنتھي عن نھيه‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ين ﷲ‪،‬‬
‫إال د ُ‬
‫صاحبھا‪:‬‬
‫ِ‬
‫عبد الھوى والشھوات‬
‫ُ‬ ‫عبد ﷲ ال‬
‫ُ‬ ‫نفسي للباري فسدوا الكائنات……… أنا‬
‫َ‬ ‫خضعت‬
‫رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ‪ ،‬فصاغوه واقعاً حياً نابضا‪ ،‬انفعلت ِ‬
‫به‬ ‫ُ‬ ‫أصحاب‬
‫ُ‬ ‫فھم ھذا‬
‫ِ‬
‫صورة‬
‫ِ‬ ‫يدب على األرضِ في‬
‫ُ‬ ‫صرت ترى شرع ﷲ‬
‫سلوكھم‪َ ِ ،‬‬
‫ُ‬ ‫نفوسھم فترجموه في واقعِ‬
‫ُ‬
‫ويمشون في األسواق‪.‬‬
‫َ‬ ‫أناسٍ يأكلون الطعام‬
‫إذا ما دعو للھدى ھرولوا…‪..…..‬وإن تدعھم للھوى قرفصوا‬
‫روى اإلمام البخاري عن أنس رضي ﷲ عنه أنه قال‪:‬‬
‫لقائم أسقي فالناً وفالناً‬
‫ُ‬ ‫بيت أبي طلحة )يعني الخمر( وإني‬
‫ِ‬ ‫كنت ساقي القوم في‬
‫ُ‬ ‫)‬
‫بلغكم الخبر‪ ،‬قالوا وما ذاك؟‬
‫رجل فقال ھل َ‬
‫ُ‬ ‫وفالنا‪ ،‬إذ جاء‬
‫رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم مناديا ينادي آال إن‬
‫ُ‬ ‫حرمت الخمر‪ ،‬وقد أمر‬
‫ِ‬ ‫قال لقد ُ‬
‫حرمت‪ ،‬فقالوا أھرق ھذه القالل يا انس‪.‬‬
‫الخمر قد ُ‬
‫َ‬
‫خرج خارج حتى اھراقوا‬
‫َ‬ ‫داخل وال‬
‫ٌ‬ ‫دخل‬
‫َ‬ ‫خبر الرجل‪ ،‬وما‬
‫ِ‬ ‫فما سألوا عنھا‪ ،‬وال راجعوھا بعد‬
‫الشراب وكسرتِ القالل‪ ،‬ثم توضئ بعضھم واغتسل بعضھم ثم أصابوا من طيب أم‬
‫سكك المدينة‪ ،‬فقد‬
‫ِ‬ ‫يخوضون في الخمر قد جرت بھا‬
‫َ‬ ‫المسجد‬
‫ِ‬ ‫سليم ثم خرجوا إلى‬
‫تواطئت المدينة كلُھا على تحريمه(‬
‫ُ‬
‫فلما قرأت عليھم اآلية‪:‬‬
‫) فھل أنتم منتھون (؟‬
‫بعض القوم كانت شربته في يده فلم يرفعھا لفيه بل أراق ما في كأسه وصب ما في‬
‫ربنا انتھينا‪.‬‬
‫باقيته وقال انتھينا ُ‬
‫لم يقولوا تعودنا عليه منذ سنين و ورثناھا عن آبائنا كما يفعل بعض مسلمي زماننا‪.‬‬
‫رقابة‬
‫َ‬ ‫ما تكونت عصابات لتھريب المخدرات ألن الدين ھيمن على حياتھم فاستشعروا‬
‫يسر إلى تنفيذه امتثاال ً ألمر ﷲ وأمر رسوله صلى ﷲ عليه وسلم‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ربھم فبادروا في‬
‫ِ‬
‫أھل المدينة أن ال يكلموا كعباً حين تخلف عن‬
‫َ‬ ‫النبي صلى ﷲ عليه وسلم‪ ،‬يأمر‬
‫َ‬ ‫إن‬
‫تبوك‪.‬‬
‫تفتر حتى عن بسمة‪.‬‬
‫ُ‬ ‫شفة‪ ،‬وإذا الثغور ال‬
‫ٍ‬ ‫تنبس ببنت‬
‫ُ‬ ‫ملجمة ال‬
‫ٌ‬ ‫فإذا األفواه‬
‫ليسلم عليه كعب ما رد عليه‬
‫َ‬ ‫وصديقه أبا قتادة‪ ،‬نعم لما آتاه‬
‫َ‬ ‫وحميمه‬
‫َ‬ ‫بل إن أبن عمه‬
‫كعب رضي ﷲ عنه ورجع كسير البال كاسف الحال‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫السالم‪ ،‬فاستعبرت عينا‬
‫خلة‪.‬‬
‫رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم عند ھؤالء القوم فوق كل ُ‬
‫ُ‬ ‫فأمر‬
‫ُ‬
‫كعب رضي ﷲ عنه وأرضاه‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫توبة ِ‬
‫ﷲ على ھذا الرجل‪ ،‬على‬ ‫ُ‬ ‫ثم انظر إليھم لما نزلت‬
‫بالتھنئة وقد كانت‬
‫ِ‬ ‫بكرة أبيھا إلى كعب فإذا األفواه تلھج له‬
‫ِ‬ ‫وتنتفض عن‬
‫ُ‬ ‫المدينة‬
‫ِ‬ ‫تتحرك‬
‫ُ‬
‫ملجمة‪ ،‬وإذا الثغور تفتروا عن بسمات مضيئة صادقة وقد كانت عابسة‪.‬‬
‫دين ﷲ حالھا‪:‬‬
‫ُ‬ ‫نفوس ال يحركھا إال‬
‫تولى‬
‫َ‬ ‫وجل……‪..….‬فمن تولى سواه يوله ما‬
‫َ‬ ‫ما بعت نفسي إال ‪ 9‬عز‬
‫إنھم لم يقفوا عند امتثال أمره واجتناب نھيه بل تابعوا أفعال المصطفى صلى ﷲ عليه‬
‫وسلم والحظوا تصرفاته بكل دقة وشوق وحرص على اإلقتداء حتى إذا ما فعل شيئا‬
‫سارعوا إلى فعله مباشرة ألنھم يعلمون أن سنته سفينة نوح من ركبھا نجى ومن‬
‫تخلف عنھا ھلك‪.‬‬
‫ثبت عند أبي دؤود في سننه عن سعيد الخدري قال‪:‬‬
‫)بينما رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم يصلي بأصحابه إذ خلع نعليه فألقاھما عن‬
‫يساره‪.‬‬
‫فلما رأى ذلك أصحابه رضوان ﷲ عليھم القوا نعالھم‪.‬‬
‫فلما قضى صلى ﷲ عليه وسلم صالته قال ما حملكم على إلقاء نعالكم؟‬
‫قالوا رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا(‪ .‬توحيد في اإلتباع‪:‬‬
‫فمن قلد اآلراء ضل عن الھدى……‪ ...‬ومن قلد المعصوم في الدين يھتدي‬
‫بل كان الناس إذا نزلوا منزال مع رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم في أسفاره تفرقوا‬
‫في الشعاب واألودية فقال لھم صلى ﷲ عليه وسلم إن تفرقكم في ھذه الشعاب‬
‫واألودية إنما ذلكم من الشيطان‪.‬‬
‫فما نزلوا بعد ذلك منزال إال انظم بعضھم إلى بعض حتى لو وضع عليھم بساط لعمھم‪.‬‬
‫تنفيذ في يسر وطاعة وامتثال‪ ،‬وكذلك اإليمان إذا خالطت بشاشته القلوب‪.‬‬
‫ھم ذلك السلف الذين لسانھم………‪.….‬تنحط عنه جميع اللسنة الورى‬
‫تلك العصابة من يحد عن سبيلھا……‪.‬حقا يقال لمثله أطرف كرى‬
‫إدراكھم‬
‫ُ‬ ‫ظل‬
‫ِ‬ ‫أفراد المجتمعِ المسلم في‬
‫ِ‬ ‫مظھر‬
‫ُ‬ ‫مما سمعتم أيھا المؤمنون يتجلى لنا‬
‫يفرضھا ھذا الدين على‬
‫ِ‬ ‫فرائض‬
‫َ‬ ‫عندھم‬
‫َ‬ ‫المسألة‬
‫ُ‬ ‫فليست‬
‫ِ‬ ‫الصحيح لمفھوم اإلسالم‪،‬‬
‫ُ‬
‫التحكم في العباد‪.‬‬
‫ِ‬ ‫رغبة‬
‫ُ‬ ‫موجب إال‬
‫ٍ‬ ‫الناس بال‬
‫الطعام‬
‫َ‬ ‫يأكل‬
‫ُ‬ ‫كائن‬
‫ٍ‬ ‫مجرد‬
‫َ‬ ‫إنسان حقا‪ ،‬ال‬
‫ٍ‬ ‫يكون‬
‫َ‬ ‫رغب أن‬
‫َ‬ ‫اإلنسان إذا‬
‫ِ‬ ‫وجود‬
‫ِ‬ ‫ھي مسألة‬
‫َ‬ ‫بل‬
‫لإلنسان في‬
‫ِ‬ ‫وضع‬
‫ُ‬ ‫ھي‬
‫َ‬ ‫أيامه على األرضِ كيفما أتفق‪ ،‬بل‬
‫َ‬ ‫الشراب‪ ،‬ويقضي‬
‫َ‬ ‫ويشرب‬
‫َ‬
‫حقيقة التقوى‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وضعه الصحيح كإنسان يستشعر رقابة المولى وتلك ھي‬
‫عباد ﷲ‪:‬‬
‫رقابة ﷲ؟‬
‫َ‬ ‫استشعر‬
‫َ‬ ‫ھل‬
‫مطعم‬
‫ِ‬ ‫يشھد أن ال إله إال ﷲ‪ ،‬ويصبح دائبا مجداً مجتھداً في‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫حقيقة من‬ ‫ﷲ‬
‫واتقى َ‬
‫مال ھذا وسفك‬
‫َ‬ ‫وأكل‬
‫َ‬ ‫وشتم ھذا‬
‫َ‬ ‫ضرب ھذا‬
‫َ‬ ‫يصبح وقد‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫وغذاء حرام؟‬ ‫حرام وملبس حرام‬
‫ذاك وذا‪.‬‬
‫َ‬ ‫ووقع في عرضِ‬
‫َ‬ ‫دم ھذا‬
‫يصغر ذا بأراجيفه…‪ ….‬ويرجو بذلك أن يكبرا‬
‫ّ‬
‫ولو عاش في عالم أمثل……‪ .‬لكان من الحتم أن يصغرا‬
‫رقابة ﷲ؟‬
‫َ‬ ‫استشعر‬
‫َ‬ ‫ھل‬
‫بوابل أو‬
‫ٍ‬ ‫بوسائل ال تزال ُتمطره‬
‫َ‬ ‫بيته بيده‬
‫يخرب َ‬
‫َ‬ ‫بيته وأھله‪ ،‬من ُ‬ ‫َ‬
‫ليحرق َ‬ ‫يجلب النار‬
‫ُ‬ ‫من‬
‫وأفالم ماجنة وقصص سافلة‪ ،‬وترويض للنفوسِ على الكذبِ والنفاقِ‬
‫ِ‬ ‫طل من أغاني‬
‫بيته كالدودة التي تخرج من الميت ثم ال تأكل إال ذلك‬
‫ِ‬ ‫ھدم‬
‫ِ‬ ‫وقلب الحقائق؟ قائماً على‬
‫الميت؟‬
‫يستشعر أنه لو مات َ على حالته تلك مات غاشاً لرعيته خائنا ألمانته‪.‬‬
‫َ‬ ‫ألم‬
‫الوسائل‬
‫ُ‬ ‫بقدر ما أفسدت ھذه‬
‫ِ‬ ‫ووزر ما جلبه لبيته على ظھره يوم القيامة‬
‫َ‬ ‫حامال ً َ‬
‫وزره‬
‫في نفوس أبنائه وأھله من غير أن ينقص من أوزارھم شيئا‪.‬‬
‫تأنيب الضمير أن تقول أنا ضحية‪ ،‬وما‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫وﷲ ال يعفيك من حساب ﷲ وال من لوم الناس وال‬
‫البديل وما البدل وما المبدل منه؟‬
‫تنبت فيه وتترعرع‪ ،‬وأنت تسأل ماذا‬
‫ُ‬ ‫واألقذار‬
‫ِ‬ ‫األفكار واالوضار‬
‫ِ‬ ‫وبيتك حقل الستقبال‬
‫افعل؟‬
‫ال يفل الحديد إال الحديد‪ ،‬والباب الذي يأتيك منه القبيح ال حيلة فيه إال بسده لتستريح‪.‬‬
‫آال إن الشراب له إناء ……‪.‬فإن دنسته دنس الشراب‬
‫أما في ھذه الدنيا آمور…………‪….‬سوى الشھوات تحرزھا الطالب‬
‫أما في ھذه الدنيا ُأسود……‪.‬كما في ھذه الدنيا كالب؟‬

‫رقابة ﷲ؟‬
‫َ‬ ‫استشعر‬
‫َ‬ ‫ھل‬
‫الخير‬
‫ِ‬ ‫ازدياد‬
‫ُ‬ ‫رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪ ،‬وحجته‬
‫ِ‬ ‫أمر‬
‫بأعمال ليس عليھا ُ‬
‫ٍ‬ ‫يتعبد‬
‫ُ‬ ‫من‬
‫مريد للخير ال يصيبه‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪ ،‬وكم من‬
‫ِ‬ ‫وحب‬
‫ُ‬
‫يخص به رسول ﷲ صلى ﷲ عليه‬
‫َ‬ ‫بفضل لم‬
‫ٍ‬ ‫فتنة أعظم من أن ترى أنك خصصت‬
‫ٍ‬ ‫أي‬
‫وأصحابه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وسلم‬
‫) فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبھم فتنة أو يصيبھم عذاب أليم (‬

‫رقابة ﷲ؟‬
‫َ‬ ‫عر‬
‫ھل استش َ‬
‫بمعصية ؟‬
‫ِ‬ ‫ويصبح مجاھراً‬
‫ُ‬ ‫سھر على ما حرم ﷲ‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫من ليلُه‬
‫اليھود ھو أم من النصارى والمجوس والذين‬
‫ِ‬ ‫أجنبية ال يعرف أمن‬
‫ٍ‬ ‫بيئة‬
‫ٍ‬ ‫من إذا وصل إلى‬
‫أشركوا‪:‬‬
‫كلفظ ما له معنى……‪ .‬كتمثال من الجبس‬
‫يسير لغير ما ھدف…‪ ..‬ويصبح غير ما يمسي‬
‫……………………………………………………………………‬
‫حقيقة الكلمة لجؤ إلى ﷲ‪:‬‬
‫كان أو ساحراً أو كاھنا أو مقبورا‪:‬‬
‫َ‬ ‫الشدة والرخاء ال على سواه عرافاً‬
‫ِ‬ ‫وتعرف عليه في‬
‫ُ‬
‫ال قبة ترجى وال وثن وال قبر…‪ ..‬وال نصب من األنصاب…‪.‬ﷲ ينفعني ويدفع ما بي‪.‬‬
‫با‪ 9‬ثق وله أنب وبه استعن……‪ ..….‬فإذا فعلت فأنت خير معان‪.‬‬
‫تراه إال أواباً منيباً‬
‫ُ‬ ‫الشدة والرخاء‪ ،‬ال‬
‫ِ‬ ‫وسالمه عليه في‬
‫ُ‬ ‫سيد المتقين صلوات ِ‬
‫ﷲ‬ ‫ُ‬ ‫ھو‬
‫ھا َ‬
‫مخبتاً إلى ربه فبھداه يھتدي المقتدون‪.‬‬
‫عمير‬
‫ٍ‬ ‫بن‬
‫وعبيد ُ‬
‫ُ‬ ‫دخلت أنا‬
‫ُ‬ ‫)ثبت عند ابن حبان في صحيحه عن عطا ٍء رضي ﷲ عنه قال‬
‫ﷲ عنھا‪ ،‬فقال عبيد‪:‬‬
‫عائشة رضي ُ‬
‫َ‬ ‫على‬
‫رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪ ،‬فبكت وقالت قام‬
‫ِ‬ ‫رأيته من‬
‫ِ‬ ‫بأعجب شيء‬
‫ِ‬ ‫) حدثينا‬
‫أتعبد لربي‪،‬‬
‫ُ‬ ‫عائشة ذريني‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫ليلة من الليالي فقال يا‬
‫وتطھر ثم قام يصلي فلم يزل‬
‫َ‬ ‫يسرك‪ ،‬فقام‬
‫ُ‬ ‫وأحب ما‬
‫ُ‬ ‫ألحب قربك‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫وﷲ إني‬ ‫فقلت‬
‫ُ‬ ‫قالت‬
‫حوله‪.‬‬
‫ِ‬ ‫حجره‪ ،‬ثم لم يزل يبكي حتى بل األرض من‬
‫َ ُ‬ ‫يبكي حتى بل‬
‫رسول ﷲ‬
‫َ‬ ‫بالل رضي ﷲ عنه يستأذنه لصالة الفجر‪ ،‬فلما رآه يبكي بكى وقال يا‬
‫ُ‬ ‫وجاء‬
‫غفر لك‪!!،‬‬
‫َ‬ ‫بأبي أنت وأمي تبكي وقد‬
‫غفر لك‪!!،‬‬
‫َ‬ ‫رسول ﷲ بأبي أنت وأمي تبكي وقد‬‫َ‬ ‫وقال يا‬
‫قال يا بالل أفال أكون عبداً شكورا‪،‬‬
‫ويل لمن قرأھا ثم لم يتفكر‬
‫ُ‬ ‫ويل لمن قرأھا ثم لم يتفكر فيھا‪،‬‬
‫ُ‬ ‫الليلة‬
‫َ‬ ‫آياتٍ أنزلت على‬
‫فيھا‪:‬‬
‫الليل والنھار آلياتٍ ألولي األلباب‪ ،‬الذين‬
‫ِ‬ ‫اختالف‬
‫ِ‬ ‫)إن في خلق السماواتِ واألرض و‬
‫يذكرون ﷲ قياما وقعودا وعلى جنوبھم ويتفكرون في خلق السماوات واألرض ربنا ما‬
‫خلقت ھذا باطال سبحانك فقنا عذاب النار(‪.‬‬
‫ھذا في رخائه صلى ﷲ عليه وسلم‬
‫يا نائما مستغرقا في المنام…‪ .……..‬قم واذكر الحي الذي ال ينام‬
‫أم المؤمنين عائشة رضي ﷲ عنه أيضا كما ثبت في البخاري أنھا‬
‫تنقل لنا ُ‬
‫ُ‬ ‫الشدة‬
‫ِ‬ ‫وفي‬
‫يوم أحد؟‪ ،‬قال‬
‫ِ‬ ‫أشد من‬
‫َ‬ ‫يوم كان‬
‫ُ‬ ‫عليك‬
‫َ‬ ‫لرسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم )ھل أتى‬
‫ِ‬ ‫قالت‬
‫العقبة إذ عرضت نفسي‬
‫ِ‬ ‫لقيت منھم يوم‬
‫ُ‬ ‫أشد ما‬
‫ُ‬ ‫قومك ما لقيت‪ ،‬وكان‬
‫ِ‬ ‫لقيت من‬
‫ُ‬ ‫لقد‬
‫مھموم على وجھي‪ ،‬فلم‬
‫ٌ‬ ‫فانطلقت وأنا‬
‫ُ‬ ‫على ابن عبد كالل فلم يجبني إلى ما أردت‪،‬‬
‫أستفق إال وأنا بقرن الثعالب(‬
‫قضيته بكل أحاسيسه ومشاعره‪.‬‬
‫َ‬ ‫يعيش‬
‫ُ‬ ‫يا ‪9‬‬
‫السيل‬
‫ِ‬ ‫الطائف إلى‬
‫ِ‬ ‫يشعر بنفسه من‬
‫َ‬ ‫برسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم أن ال‬
‫ِ‬ ‫بلغ‬
‫ھم َ‬‫ُ‬
‫الكبير‪.‬‬
‫َ‬
‫االستغراق الطويل؟‬ ‫َ‬
‫استغرق ھذا‬ ‫بما كان يفكر؟ ترى بما‬
‫سنين ولم يستطع نشر اإلسالم‬
‫َ‬ ‫عشر‬
‫ُ‬ ‫يفكر في أمر دعوته التي مضى عليھا‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫لعله كان‬
‫مكة فھو بين عدوين‪.‬‬
‫َ‬ ‫سيدخل‬
‫ُ‬ ‫يفكر كيف‬
‫ُ‬ ‫بالحجم الذي كان يتمنى‪َ ،‬‬
‫لعله كان‬ ‫ِ‬
‫ليوقع به األذى‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ينتظره‬
‫َ‬ ‫أمامه‬
‫ُ‬ ‫وعدو‬
‫ٍ‬ ‫ظھره أساء إليه ولم يقبل دعوته‪،‬‬
‫ِ‬ ‫خلفه وراء‬
‫ّ‬ ‫عدو‬
‫ٍ‬
‫جبريل عليه‬
‫ُ‬ ‫بسحابة قد أظلتني فنظرة فإذا فيھا‬
‫ٍ‬ ‫)يقول صلى ﷲ عليه وسلم‪ ،‬فإذا أنا‬
‫يتعرفون عليه في الرخاء(‪ ،‬فناداني فقال إن ﷲ‬
‫َ‬ ‫ورحمة ﷲ في لمن‬
‫ُ‬ ‫لطف ﷲ‬
‫ُ‬ ‫السالم )‬
‫لتأمره بما شاءت‪،‬‬
‫َ‬ ‫الجبال‬
‫ِ‬ ‫ملك‬
‫ُ‬ ‫ﷲ إليك‬
‫قومك وما ردوا عليك‪ ،‬وقد بعث ُ‬
‫ِ‬ ‫سمع قول‬
‫ِ‬ ‫قد‬
‫أطبق‬
‫َ‬ ‫شاءت أن‬
‫َ‬ ‫قال يا محمد ذلك فيما شئت‪ ،‬إن‬
‫َ‬ ‫فسلم علي ثم‬
‫َ‬ ‫الجبال‬
‫ِ‬ ‫ملك‬
‫ُ‬ ‫فناداني‬
‫عليھم األخشبين(‬
‫ُ‬
‫ﷲ ينصر من يقوم بنصره……‪….‬وﷲ يخذل ناصر الشيطان‬
‫أرسل إال رحمًة للعالمين‪ ،‬األمل في‬
‫َ‬ ‫كان صلى ﷲ عليه وسلم رحيماً بقومه‪ ،‬فما‬
‫أعدائه والتشفي من‬
‫ِ‬ ‫االنتقام من‬
‫ِ‬ ‫بالرغبة في‬
‫ِ‬ ‫الشعور‬
‫ُ‬ ‫إحساسه‬
‫ِ‬ ‫يفوق في‬
‫ُ‬ ‫ھدايتھم‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫صنوف األذى‪.‬‬ ‫اللذين أوقعوا به‬
‫َ‬ ‫قومه‬
‫ِ‬
‫أصالبھم من‬
‫ِ‬ ‫ﷲ من‬
‫يخرج ُ‬
‫َ‬ ‫لملك الجبال ‪ ،‬كال بل أرجو أن‬
‫َ‬ ‫)فقال صلى ﷲ عليه وسلم‬
‫َ‬
‫وأمله بذرة طيبة في أرض خصبة لم‬ ‫يشرك به شيئا(‪ .‬وكان ما رجاه‬
‫ُ‬ ‫وحده ال‬
‫َ‬ ‫ﷲ‬
‫يعبد َ‬
‫ُ‬
‫تلبث أن صارت شجرة مورقة‪.‬‬
‫يبني الرجال وغيره يبني القرى…‪..‬شتان بين قرى وبين رجال‬
‫حقيقة تقوى ﷲ‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫وشدة ‪ 9‬وتلك‬
‫ٌ‬ ‫رخاء‬
‫ُ‬

‫البحر‪:‬‬
‫ِ‬ ‫خشبة في عرضِ‬
‫ٍ‬ ‫ظھر‬
‫ِ‬ ‫حقيقة الكلمة أن تكون كراكب على‬
‫ﷲ أن ينجيك‪.‬حالك ومقالك‪:‬‬
‫ع يا رب يا ربِ لعل َ‬
‫األمواج واألثباج وأنت تد ُ‬
‫ُ‬ ‫تتقاذفك‬
‫ُ‬
‫يا مالك الملك جد لي بالرضاء كرما……‪.‬فأنت لي محسن في سائر العمر‬
‫زدني توفيقا ومعرفة…………‪...‬وحسن عاقبة في الورد والصدر‬
‫َ‬ ‫يا رب‬

‫بكلمة‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫تنطق‬
‫َ‬ ‫حقيقة الكلمة أن ال‬
‫مسؤول‬
‫ٌ‬ ‫له جواباً بين يدي ﷲ فإنك‬
‫أعددت ُ‬
‫َ‬ ‫تسكن سكوناً إال وقد‬
‫َ‬ ‫حركة وال‬
‫ٍ‬ ‫وال تتحرك‬
‫لسؤال جواباً صوابا‪.‬‬
‫ِ‬ ‫فأعد‬
‫َ‬
‫وعندھا يثبت المھيمن …‪ ..‬بثابت القول الذين أمنوا‬
‫ويوقن المرتاب عند ذلك………‪.‬بإنما مورده المھالك‬

‫غفلة‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫ُ َ‬
‫يأخذك ﷲ وأنت على‬ ‫حقيقة الكلمة حذارك أن‬
‫العالنية صديقاً له‬
‫ِ‬ ‫إلبليس في‬
‫َ‬ ‫تكون عدواً‬
‫َ‬ ‫حق ‪ 9‬إال وأنت متھيء له‪ ،‬أن ال‬
‫ٌ‬ ‫يحضر‬
‫َ‬ ‫أن ال‬
‫في السر‪.‬‬

‫قدرة ﷲ‪:‬‬
‫َ ِ‬ ‫حقيقة الكلمة استشعار‬
‫يعجز‬
‫ُ‬ ‫يحسب المرء أنه ُ‬
‫ُ‬ ‫لعباد ﷲ‪ ،‬عامال ً أو خادماً كائناً من كان‪،‬‬
‫ِ‬ ‫إرادة الظلم‬
‫ِ‬ ‫خصوصاً عند‬
‫ﷲ فيلھو ويملئ األرض ظلماً‪.‬‬
‫َ‬
‫البدري قال‪:‬‬
‫َ‬ ‫مسعود‬
‫ٍ‬ ‫روى اإلمام مسلم رحمه ﷲ عن أبي‬
‫فسمعت صوتاً من خلفي ينادي "اعلم أبا مسعود" فلم‬
‫ُ‬ ‫أضرب غالماً لي بالسوط‪،‬‬
‫ُ‬ ‫كنت‬
‫ُ‬ ‫)‬
‫أفھم الصوت من الغضب‪.‬‬
‫ِ‬
‫رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم يقول "اعلم أبا مسعود" ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ھو‬
‫فلما دنى مني فإذا َ‬
‫"اعلم أبا مسعود"‪.‬‬
‫رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم و إذا به يكرر‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ً‬
‫ھيبة من‬ ‫فألقيت السوطَ من يدي‬
‫ُ‬
‫أقدر عليك منك على ھذا الغالم‪.‬‬‫ُ‬ ‫اعلم أبا مسعود ‪9‬‬
‫حر لوجه ﷲ‪.‬‬
‫ﷲ‪،‬ھو ٌ‬
‫َ‬ ‫اليوم أبدا يا رسول‬
‫ِ‬ ‫أضرب مملوكاً بعد‬
‫ُ‬ ‫قال فقلت ال‬
‫فقال صلى ﷲ عليه وسلم ‪ ،‬أما أنك لو لم تفعل ذلك للفحتك النار أو لمستك النار(‬
‫من سارا في درب الردى غاله الردى……‪.‬ومن سار في درب الخالص تخلصا‬
‫الرسول صلى ﷲ عليه وسلم قال‪:‬‬
‫َ‬ ‫ثبت عن عبد ِ‬
‫ﷲ ابن اونيسٍ كما في المسند أن‬
‫بعد كما‬
‫نداء بصوت يسمعه من ُ‬
‫ً‬ ‫ﷲ‬
‫فيناديھم ُ‬
‫ِ‬ ‫ً‬
‫عراة ُغرال‬ ‫يوم القيامة‬
‫َ‬ ‫الناس‬
‫َ‬ ‫يحشر‬
‫ُ‬ ‫)‬
‫وألحد‬
‫ٍ‬ ‫الجنة أن يدخ َ‬
‫ل الجنة‬ ‫ِ‬ ‫أھل‬
‫ِ‬ ‫ألحد من‬
‫ٍ‬ ‫ينبغي‬
‫َ‬ ‫قرب أنا الملك أنا الديان ال‬
‫يسمعه من ُ‬
‫َ‬
‫يدخل النار‬
‫َ‬ ‫النار أن‬
‫ِ‬ ‫أھل‬
‫ِ‬ ‫ألحد من‬
‫ٍ‬ ‫ينبغي‬
‫َ‬ ‫عنده مظلمة حتى اللطمة‪ ،‬وال‬
‫َ‬ ‫النار‬
‫ِ‬ ‫أھل‬
‫ِ‬ ‫من‬
‫مظلمة حتى اللطمة(‬
‫ُ‬ ‫عنده‬
‫َ‬ ‫الجنة‬
‫ِ‬ ‫أھل‬
‫ِ‬ ‫وألحد من‬
‫ٍ‬
‫من يعمل السوء سيجزى مثلھا…‪.….‬أو يعمل الحسنى يفوز بجنان‬
‫وسوء األخالقِ أبوه‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫قلت الدين‬
‫ُ‬ ‫الظلم أمه‬
‫ُ‬ ‫خلق‬
‫َ‬

‫حقيقة الكلمة نصرة ونجدة المظلومين‪:‬‬


‫وإنصافھم عند القدرة من الظالمين‪ ،‬ومن نصر أخاه بظھر الغيب نصره ﷲ في اآلخرة‪،‬‬
‫وليس من شأن المسلم المتقي ﷲ حقا أن يدع أخاه فريسة في يد من يظلمه أو يذله‬
‫وھو قادر على أن ينصره‪.‬‬
‫)من أذل عنده مؤمن فلم ينصره وھو قادر على أن ينصره أذله ﷲ على رؤوس الخالئق‬
‫يوم القيامة(‬
‫ثبت عند ابن ماجة في سننه عن جابر قال‪:‬‬
‫) لما رجعت مھاجرة البحر )مھاجر الحبشة( إلى رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم قال‪:‬‬
‫آال تحدثوني بأعاجيب ما رأيتم بأرض الحبشة؟‬
‫قال فتية منھم بلى يا رسول ﷲ‪ ،‬بينما نحن جلوس مرت بنا عجوز من عجائز رھابينھم‬
‫تحمل على رأسھا قلة من ماء‪ ،‬فمرت بفتى منھم فجعل إحدى يديه بين كتفيھا ثم‬
‫دفعھا فخرت على ركبتيھا فانكسرت قلتھا فلما قامت التفتت إليه وقالت " سوف تعلم‬
‫يا غدر إذا وضع ﷲ الكرسي وجمع ﷲ األولين واآلخرين وتكلمت األيدي واألرجل بما‬
‫كانوا يكسبون كيف يكون أمري وأمرك عنده غدا"‪.‬‬
‫فقال صلى ﷲ عليه وسلم صدقت‪ ،‬صدقت كيف يقدس ﷲ أمة ال يأخذ لضعيفھم من‬
‫شديدھم‪.‬‬
‫أبغوني الضعفاء فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم(‪ .‬بدعوتھم وصالتھم وإخالصھم‪.‬‬
‫إن من الضعفاء من لو أقسم على ﷲ ألبره‪ ،‬فإذا استنصروكم فعليكم النصر‪.‬‬
‫كم يستغيثون‪ ،‬كم ھم يئنون‪.‬‬
‫كم يستغيث بنا المستضعفون وھم قتلى وأسرى فما يھتز إنسان‪.‬‬
‫والعالم اليوم شاھد بھذا‪ ،‬فالمستذل الحر‪ ،‬والمزدرى عالي الذرى واالوضع االشرف‪.‬‬
‫كم في المسلمين من ذوي حاجة‪ ،‬وأصحاب ھموم وصرعى مظالم وفقراء وجرحى‬
‫أنا اتجھت‪:‬‬
‫قلوب في فلسطين وغيرھا من بالد المسلمين ّ‬
‫كبلوھم قتلوھم مثلوا ……………‪..‬بذوات الخدر عاثوا باليتامى‬
‫ذبحوا األشياخ والمرضى ولم ……يرحموا طفال ولم يبقوا غالما‬
‫ھدموا الدور استحلوا كل ما ………‪.‬حرم ﷲ ولم يرعوا ذماما‬
‫أين من أضالعنا أفئدة …………تنصر المظلوم تأبى أن يضاما‬
‫نسأل ﷲ الذي يكألنا………‪ ..‬نصرة المظلوم شيخا أو أياما‬
‫ال تكن العصافير أحسن مرؤة منا‪ ،‬إذا أوذي أحد العصافير صاح فاجتمعت لنصرته ونجدته‬
‫كلھا‪ ،‬بل إذا وقع فرخ لطائر منه طرنا جميعا حوله يعلمنه الطيران فأين المسلم‬
‫اإلنسان؟‬
‫إذا أخصبت أرض وأجدب أھلھا……فال أطلعت نبتا وال جادھا السماء‬
‫انصر الحق والمظلوم حيث كان وال تطمع بوسام التقوى حقيقة إال أن كنت فاعال‬
‫متفاعال نصيرا بكلمة بشفاعة بإعانة بإشارة خير بدعاء بعزم ومضاء‪:‬‬
‫عبئ له العزم واھتف ملئ مسمعه…‪.‬ال بد لليل مھما طال من فلق‬
‫ھذا عرينك لكن أين ھيبته……‪.‬والليث ليث فتي كان أو ھرما‬
‫على الليالي على األيام في ثقة……ّنقل خطاك وإال فابتر القدما‬
‫كالسيل منطلقا‪ ،‬كالليل مھتدما…‪ ..‬حتى ترى حائط الطغيان منھدما‬

‫حقيقة الكلمة إيثار رضاء ﷲ‪:‬‬


‫على رضاء أي أحد وإن عظمت المحن وثقلت المؤن وضعف الطول والبدن‪.‬‬
‫تقديم حب ﷲ على حب كل أحد إن كان أبا أو أخا أو زوجا أو ابنا‪ ،‬أو غيره ماال سكنا‪.‬‬
‫نعم‪:‬‬
‫) قل إن كان آبائكم و أبنائكم و إخوانكم و أزواجكم وعشيرتكم وأمواال اقترفتموھا وتجارة‬
‫تخشون كسادھا ومساكن ترضونھا أحب إليكم من ﷲ ورسوله وجھادا في سبيله‬
‫فتربصوا حتى يأتي ﷲ بأمره(‪.‬‬
‫لما بلغت الدعوة في مكة نھايتھا واستنفذت مقاصدھا‪ ،‬أذن ﷲ تعالى لرسوله بالھجرة‬
‫إلى المدينة وللمسلمين معه فما تلكئوا وال ترددوا بل خرجوا يبتغون فضال من ﷲ‬
‫ورضوان‪.‬‬
‫تركوا األھل والوطن تركوا المال والولد ولم يبقى منھم إال مفتون أو محبوس أو مريض أو‬
‫ضعيف‪.‬‬
‫وقد كانت الھجرة عظيمة شاقة صعبة على المسلمين الذين ولدوا في مكة ونشئوا‬
‫بھا‪.‬‬
‫ومع ھذا ھاجروا منھا استجابة ألمر ﷲ تعالى وألمر رسوله صلى ﷲ عليه وسلم‬
‫ولسان حالھم‪:‬‬
‫مرحبا بالخطب يبلوني إذا……‪ .‬كانت العلياء فيه السبب‪.‬‬
‫ثم مرضوا في المدينة‪ ،‬أصابتھم الحمى فأباحوا بأشعار وأقوال خالل المرض تدل على‬
‫صعوبة ما القوه وعانوه على نفوسھم‪.‬‬
‫فھا ھي عائشة تأتي إلى أبيھا رضي ﷲ عنھما وقد أصيب بالحمى يرعد كما ترعد‬
‫السعفة في مھب الريح‪ ،‬فتقول له كيف تجدك يا أبي؟‬
‫فيقول ‪:‬كل امرؤ مصبح في أھله…‪.….‬والموت أدنى من شراك نعله‪.‬‬
‫فتقول عائشة وﷲ ما يدري أبي ما يقول‪.‬‬
‫وبالل رضي ﷲ عنه محموم فيسائل نفسه‪ ،‬ھل سيرى سوق مجنة ومجاز وجبال مكة‬
‫كشامة وطفيل ونباتھا كا اإلذخر والجليل ثم يرفع عقيرته فيقول‪:‬‬
‫آال ليت شعري ھل أبيتنا ليلة……‪…..‬بواد وحول إذخر وجليل‬
‫وھل أردن يوما مياه مجنة………‪ ...‬وھل يبدوا لي شامة وطفيل‬
‫ولما رءا رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ما بأصحابه أمضه ذلك وآلمه إذ كان يعز عليه‬
‫معاناتھم فدعا ربه )اللھم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد وبارك لنا في مدھا‬
‫وصاعھا وأنقل حماھا إلى مھيعة أو إلى الجحفة(‪ .‬فكانت بعدھا من أحب البلدان إلى‬
‫أصحابه حالھم‪:‬‬
‫اختر لنفسك منزال تعلو به……‪..…..‬أو مت كريما تحت ظل القسطل‬
‫وإذا نبا بك منزل فتحول‪.‬‬
‫أخيرا ھذه مشاعر مسلم حول الھجرة ھو أبو أحمد ابن جحش رضي ﷲ عنه وأرضاه‬
‫يصورھا مع زوجته في أسلوب عظيم يبين فيه أنه يطلب ويرغب ما عند ﷲ في ھجرته‬
‫ولو كان ذلك في شدة مشقة وتعب ونصب وكد‪ ،‬راجيا أن ال يخيبه ﷲ كما يروى فيقول‪:‬‬
‫ولما رأتني أم أحمد غاديا…………‪….‬بذمة من أخشى بغيب وأرھب‬
‫تقول فإما كنت ال بد فاعل………‪..‬فيمم بنا البلدان ولُتنأ يثرب‬
‫فقلت بل يثرب اليوم وجھنا…………‪..‬وما يشأ الرحمن فالعبد يركب‬
‫إلى ﷲ وجھي يا عذولي ومن يقم…‪..‬إلى ﷲ يوما وجھه ال يخيب‬
‫فكم قد تركنا من حميم وناصح……ونائحة تبكي بدمع وتندب‬
‫ترى أن موتا نأينا عن بالدنا…………ونحن نرى أن الرغائب نطلب‬
‫في ھذا ما يصور قساوة الخروج من أرضھم لكنه خروج في سبيل ربھم فماذا يضرھم‬
‫وﷲ موالھم‪.‬‬
‫حنوا إلى أوطانھم واشتاقوا إلى خيام اللؤلؤ في جنة موالھم فغلبوا األعلى على‬
‫األدنى واألنفس على األرخص واألسمى على األخس‪:‬‬
‫شتان بين امرأ في نفسه حرم قدس……… وبين امرأ في قلبه صنم‬
‫خذني إلى بيتي‪ ،‬أرح خدي على…… عتباته ّ‬
‫وأقبل مقبض بابه‬
‫خذني إلى وطن أموت مشردا……… إن لم اكحل ناضري بترابه‬
‫إنه الجنة والذي نفسي بيده لو كنت أقطع اليدين والرجلين مذ خلق ﷲ الخلق تسحب‬
‫على وجھك إلى يوم القيامة‪ ،‬ثم كان مأواك الجنة ما رأيت بؤسا قط‪.‬‬
‫فأسمع وعي‪ ،‬ال تأثر األدنى على األعلى فتحرم ذا وذا‪ ،‬يا ذلة الحرمان‪.‬‬
‫رب مبيض ثيابه اليوم مدنس لدينه‪،‬‬
‫آال ّ‬
‫رب مكرم لنفسه اليوم مھين له غدا‪،‬‬
‫آال ّ‬
‫أدفع سيئات األمس بحسنات اليوم‪:‬‬
‫ُ‬
‫) إن الحسنات يذھبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين(‪.‬‬

‫ومن حقيقة ھذه الكلمة أن ال تنظر إلى صغر الخطيئة‪:‬‬


‫بل تنظر إلى عظم من عصيت إنه ﷲ الجليل األكبر الخالق البارئ والمصور‪،‬‬
‫كم من ذنب حقير استھان به العبد فكان ھالك له‪:‬‬
‫)وتحسبونه ھينا وھو عند ﷲ عظيم(‪.‬‬
‫ثبت عند أنس ابن مالك رضي ﷲ عنه أنه قال)كانت العرب تخدم بعضھا بعضا في‬
‫األسفار‪.‬‬
‫وكان مع أبي بكر وعمر رضي ﷲ عنھما رجل يخدمھما‪.‬‬
‫فناما واستيقظا وھو نائم لم يھيأ لھما طعاما‪.‬‬
‫أحدھما لصاحبه إن ھذا لنؤم )يعني كثير النوم(‪.‬‬
‫ُ‬ ‫فقال‬
‫َ‬
‫سول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم فقل له‪:‬‬
‫َ‬ ‫ثم أيقظاه فقاال إئتي‬
‫يقرئانك السالم وھما يستأدمانك )أي يطلبان منك االيدام(‪.‬‬
‫َ‬ ‫وعمر‬
‫َ‬ ‫بكر‬
‫ٍ‬ ‫إن أبا‬
‫فذھب إلى النبي صلى ﷲ عليه وسلم فأخبره‪.‬‬
‫فقال أقرئھما السالم وأخبرھما أنكما قد إئتدما‪.‬‬
‫يقول إنكما قد ائتدمتما‪.‬‬
‫ُ‬ ‫الرسول صلى ﷲ عليه وسلم‬
‫َ‬ ‫فرجع وأخبرھما أن‬
‫رسول ﷲ بعثنا إليك نستأدمك‪،‬‬
‫َ‬ ‫ففزعا فجاءا إلى النبي صلى ﷲ عليه وسلم‪ ،‬فقال يا‬
‫فقلت قد أئتدمنا‪.‬‬
‫فبأي شيء أئتدمنا؟ قال بلحم أخيكما‪.‬‬
‫والذي نفسي بيده إني ألراء لحمه بين أنيابكما‪.‬‬
‫رسول ﷲ‪.‬‬
‫َ‬ ‫قاال فأستغفر لنا يا‬
‫يستغفر لكما(‬
‫َ‬ ‫ھو أن‬
‫قال عليه الصالة والسالم بل أمروه َ‬
‫نقول أكبر منھا مئات‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫كلمة قد‬ ‫وعمر ما نظرا إلى ما قاال‪ ،‬فقد كانت‬
‫َ‬ ‫بكر‬
‫ٍ‬ ‫عباد ﷲ إن أبا‬
‫المرات‪.‬‬
‫وتلك حقيقة تقوى ﷲ‪ ،‬فإياكم ومحقراتِ‬
‫َ‬ ‫عظمة من عصوا إنه ﷲ‪،‬‬
‫ِ‬ ‫لكنھما نظرا إلى‬
‫الذنوب فأنھن يجتمعن على الرجل حتى يھلكنه‪ ،‬وإن لھا من ِ‬
‫ﷲ طالبا‪.‬‬
‫تحقرن صغي ً‬
‫رة إن الجبال من الحصى‬ ‫َ‬ ‫ال‬
‫الخالجان‪.‬‬
‫ِ‬ ‫والقطر منه تدفقِ‬
‫ُ‬

‫محارم ﷲ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫استحالل‬
‫ِ‬ ‫حقيقة الكلمة الحذر من‬
‫األقوال واألفعال‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ّ ُ‬
‫يخلصه من ﷲ ما أظھره مكرا من‬ ‫العبد أنه ال‬
‫ُ‬ ‫بالمكر واالحتيال‪ ،‬وليعلم‬
‫ِ‬
‫وتشھد فيه الجوارح واألوصال‪.‬‬
‫ُ‬ ‫الرجال‬
‫ُ‬ ‫تكع فيه‬
‫ُ‬ ‫فأن ‪ 9‬يوماً‬
‫األقوال والحركات‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ظاھر‬
‫ِ‬ ‫القصود والنيات‪ ،‬كما جرت على‬
‫ِ‬ ‫حكام ﷲ على‬
‫ُ‬ ‫وتجري أ‬
‫أصحابھا من الصدق واإلخالصِ للكبير المتعال‪.‬‬
‫ِ‬ ‫وجوه بما في قلوبِ‬
‫ٌ‬ ‫تبيض‬
‫ُ‬ ‫يوم‬
‫َ‬
‫والمكر واالحتيال‪.‬‬
‫ِ‬ ‫الخديعة‬
‫ِ‬ ‫أصحابھا من‬
‫ِ‬ ‫قلب‬
‫ِ‬ ‫وجوه بما في‬
‫ٌ‬ ‫وتسود‬
‫ُ‬
‫ألنفسھم يخدعون وبھا يمكرون‪:‬‬
‫َ‬ ‫يعلم المخادعون أنھم‬
‫ُ‬ ‫ھناك‬
‫)وما يمكرون إال بأنفسھم وما يشعرون‪ ،‬والدار اآلخرة خير للذين يتقون‪ ،‬أفال تعقلون(‪.‬‬

‫ھذه بعض حقائق الكلمة‪.‬‬


‫اللھم صلى على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراھيم وعلى آل إبراھيم إنك‬
‫حميد مجيد‪.‬‬
‫وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراھيم وعلى آل إبراھيم انك حميد‬
‫مجيد‪.‬‬
‫اللھم آتي نفوسنا تقواھا‪.‬‬
‫اللھم زكھا أنت خير من زكاھا أنت وليھا ومولھا‪ .‬وأنت أرحم الراحمين‪.‬‬
‫اللھم أعز اإلسالم والمسلمين وأنصر عبادك الموحدين‪.‬‬
‫اللھم ارحم من ال راحم له سواك‪ ،‬وال ناصر له سواك وال مأوى له سواك‪ ،‬وال مغيث له‬
‫سواك‪.‬‬
‫اللھم ارحم سائلك ومؤملك ال منجأ له وال ملجئ إال إليك‪.‬‬
‫اللھم كن للمستضعفين والمضطھدين والمظلومين‪.‬‬
‫اللھم فرج ھمھم ونفس كربھم وارفع درجتھم واخلفھم في أھلھم‪.‬‬
‫اللھم أنزل عليھم من الصبر أضعاف ما نزل بھم من البالء‪.‬‬
‫يا سميع الدعاء‬
‫ﷲ ارحم موتى المسلمين‪ ،‬اللھم إنھم عبيدك بنوا عبيدك بنو إمائك احتاجوا إلى‬
‫رحمتك وأنت غني عن عذابھم‪ ،‬ﷲ زد في حسناتھم‪ ،‬وتجاوز عن سيئاتھم أنت أرحم‬
‫بھم وأنت أرحم الراحمين‪.‬‬
‫سبحان ربك رب العزة عن ما يصفون وسالم على المرسلين‬
‫والحمد ‪ 9‬رب العالمين‪.‬‬

‫فضيلة الشيخ ‪ /‬علي عبد الخالق القرني‬

‫الرقابة لمن ؟‬

‫إن الحمد ‪ 9‬نحنده ونستعينه ونستغفيره وتوب إليه‪.‬‬


‫ونعوذ با‪ 9‬من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا‪.‬‬
‫من يھده ﷲ فال مضل له ومن يضلل فال ھادي له‪.‬‬
‫أشھد أن ال إله إال ﷲ وحده ال شريك له‪ ،‬له الملك وله الحمد وھو على كل شيء‬
‫قدير‪.‬‬
‫شھادة عبده وابن عبده وابن أمته‪ ،‬ومن ال غنى به طرفة عين عن رحمته‪.‬‬
‫أشھد أن محمدا عبد ﷲ ورسوله‪ ،‬أرسله ﷲ رحمة للعالمين فشرح به الصدور وأنار به‬
‫العقول‪ ،‬وفتح به أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا صلى ﷲ عليه وعلى آله وأصحابه‬
‫والتابعين لھم بإحسان وسلم تسليما كثيرا‪.‬‬
‫)يا أيھا الذين آمنوا اتقوا ﷲ حق تقاته وال تموتن إال وأنتم مسلمون(‬
‫)يا أيھا الذين آمنوا اتقوا ﷲ وقولوا قوال سديدا‪ ،‬يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم‬
‫ومن يطع ﷲ ورسوله فقد فاز فوزا عظيما(‬
‫أما بعد عباد ﷲ‪:‬‬
‫وجوھنا يوم نلقى‬
‫َ‬ ‫تبيض‬
‫ُ‬ ‫ألنفسنا أعماال ً‬
‫ِ‬ ‫نقدم‬
‫َ‬ ‫أوصيكم ونفسي بتقوى ِ‬
‫ﷲ جل وعال‪ ،‬وأن‬
‫ﷲ‬
‫َ‬
‫بقلب سليم(‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ﷲ‬
‫بنون إال من أتى َ‬
‫َ‬ ‫مال وال‬
‫ُ‬ ‫ينفع‬
‫ُ‬ ‫يوم ال‬
‫) َ‬
‫)يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينھا وبينه‬
‫أمدا بعيدا(‪.‬‬
‫)يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسھا وتوفى كل نفس ما عملت وھم ال يظلمون(‬
‫)يوم ترونھا تذھل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملھا وترى الناس‬
‫سكارى وما ھم بسكارى ولكن عذاب ﷲ شديد(‬
‫يوم يبعثر ما في القبور‪ ،‬ويحصل ما في الصدور‪،‬‬
‫)يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بھم األرض وال يكتمون ﷲ حديثا(‪.‬‬
‫)ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيال(‬
‫يوم الحاقة يوم الطامة يوم القارعة يوم الزلزلة يوم الصاخة‬
‫)يوم يفر المرء من أخية‪ ،‬وأمه وأبيه‪ ،‬لكل امريء منھم يومئذ شأن يغنيه(‬
‫رقابة المخلوقاتِ على‬
‫َ‬ ‫البشر قاصرة‪ ،‬وأن‬
‫ِ‬ ‫رقابة البش ِر على‬
‫َ‬ ‫ثم أعلموا يا عباد ِ‬
‫ﷲ أن‬
‫بعضھا قاصرة‪.‬‬
‫والبشر يسھو‪ ،‬ينام‪ ،‬يمرض‪ ،‬يسافر‪ ،‬يموت‬
‫ُ‬ ‫البشر يغفل‪،‬‬
‫ُ‬
‫الرقابة الكاملة‪،‬‬
‫ُ‬ ‫جميعھا‪ ،‬وتبقى‬
‫َ‬ ‫رقابة المخلوقين ولتسقط رقابة الكائنات‬
‫َ‬ ‫ط‬
‫إذا فلتسق ُ‬
‫الرقابة المطلقة‬
‫ُ‬
‫رقابة ِ‬
‫ﷲ جل وعال‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫آال وھي‬
‫باري البراي منشى الخالئق…‪..‬مبدعھم بال مثال سابق‬
‫حي وقيوم فال ينام…………‪...‬وجل أن يشبه األنام‬
‫فإنه العلي في دنوه…………‪...‬وإنه القريب جل في ّ‬
‫علوه‪..‬‬
‫ال إله إال ھو‪.‬‬
‫علم قاصر‪ ،‬ضعيف قليل‬
‫ُ‬ ‫علمھم‪،‬‬
‫ُ‬ ‫البشر ما‬
‫ِ‬ ‫علم‬
‫ُ‬
‫أنفسنا التي بين جنبينا‪.‬‬
‫َ‬ ‫نعلم‬
‫ُ‬ ‫الكثير ال نعلمه‪ ،‬بل ال‬
‫ُ‬ ‫نجھل منه‬
‫ُ‬ ‫وراء ھذه الجدران‬
‫َ‬ ‫ما‬
‫لكن ﷲ يعلم ذلك ويعلم ما ھو أعلى من ذلك‪.‬‬
‫)وما تسقط من ورقة إال يعلمھا وال حبة في ظلمات األرض وال رطب وال يابس إال في‬
‫كتاب مبين(‬
‫)إن ﷲ ال يخفى عليه شيء في األرض وال في السماء(‬
‫يعلم ما تسره اآلن في سريرتك ومن بجوارك ال يعلم ذلك‪.‬‬
‫يعلم ما ينطوي عليه قلبك بعد مأئة عام‪ ،‬وأنت ال تعلم ما ينطوي عليه قلبك بعد دقائق‬
‫أو ساعات‪.‬‬
‫إنه العلم الكامل‪ ،‬إنه العلم الكامل المطلق‪ ،‬علم ﷲ السميع العليم‪ ،‬العليم الخبير‪.‬‬
‫)يعلم ما تسرون وما تعلنون(‬
‫)يعلم خائنة األعين وما تخفي الصدور(‬
‫يعلم ويسمع ويرى دبيب النملة السوداء على الصفاة السوداء في الليلة الظلماء‪.‬‬
‫ھو الذي يرى دبيب الذر…‪ .‬في الظلمات فوق صم الصخر‬
‫وسامع للجھر واألخفات…‪...‬بسمعه الواسع لألصوات‬
‫وعلمه بما بدا وما خفي…‪...‬أحاط علما بالجلي والخفي‬
‫)ما يكون من نجوى ثالثة إال ھو رابعھم وال خمسة إال ھو سادسھم وال أدنى من ذلك‬
‫وال أكثر إال ھو معھم أين ما كانوا ثم ينبئھم بما عملوا يوم القيامة إن ﷲ بكل شيء‬
‫عليم(‬
‫رجالن من قريش‪:‬‬
‫جدار الكعبة‪ ،‬قد ھدأت الجفون ونامت العيون‪ ،‬أرخى‬
‫ِ‬ ‫يجلسان في جوف الليل‪ ،‬تحت‬
‫سكونه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫نجومه‪ ،‬وشاع‬
‫ُ‬ ‫ظالمه‪ ،‬وغارت‬
‫ُ‬ ‫الليل سدوله‪ ،‬واختلط‬
‫ُ‬
‫يعلم كثيرا مما يعملون‪.‬‬
‫ُ‬ ‫قاما يتذاكران‪ ،‬ويخططان ويدبران وظنا أن الحي القيوم ال‬
‫يبيتون مما ال يرضى من القول‪.‬‬
‫َ‬ ‫استخفوا من الناس ولم يستخفوا من ﷲ الذي يعلم ما‬
‫أحدھم‪:‬‬
‫ُ‬ ‫تذاكرا مصابھم في بدر فقال صفوان وھو‬
‫وﷲ ما في العيش بعد قتلى بدر خير‪.‬‬
‫فقال عمير‪:‬‬
‫لركبت إلى‬
‫ُ‬ ‫وعيال أخشى عليھم الضيعة‬
‫ُ‬ ‫دين علي ليس له قضاء‪،‬‬
‫ُ‬ ‫صدقت وﷲ لوال‬
‫محمد حتى أقتله‪.‬‬
‫)صلى ﷲ على نبينا محمد(‬
‫اغتنم صفوان ذلك اإلنفعال‪ ،‬وذلك التأثر وقال‪:‬‬
‫ويعجز عنھم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫شيء‬
‫ُ‬ ‫يسعني‬
‫ُ‬ ‫دينك‪ ،‬وعيالُك عيالي ال‬
‫علي ُ‬
‫صفوان أفعل‪.‬‬
‫ُ‬ ‫قال عمير‪ :‬فأكتم شأني وشأنك ال يعلم بذلك أحد‪ .‬قال‬
‫يغض السير به إلى المدينة‪.‬‬
‫ُ‬ ‫انطلق به‬
‫َ‬ ‫وسمه‪ ،‬ثم‬
‫َ‬ ‫سيفه‪،‬‬
‫َ‬ ‫فقام عمير وشحذ‬
‫نفر من المسلمين‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫أبن الخطاب في‬
‫وعمر رضي ﷲ عنه‪ ،‬أعني َ‬
‫ُ‬ ‫وصل إلى ھناك‬
‫عمير على بابِ مسجد رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم متوشحا سيفه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫أناخ‬
‫َ‬
‫فقال عمر‪:‬‬
‫عدو ﷲ‪ ،‬وﷲ ما جاء إال لشر‪.‬‬
‫رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم وأخبره بخبره‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ودخل عمر على‬
‫فقال النبي صلى ﷲ عليه وسلم أدخلُه علي‪.‬‬
‫سيف ُعمير وجعلھا له كالقالدة ثم دخل به على النبي صلى ﷲ‬
‫ِ‬ ‫عمر بحمائل‬
‫ُ‬ ‫فأخذ‬
‫عليه وسلم‪ ،‬فلما رأه صلى ﷲ عليه وسلم قال لعمر أرسله يا عمر‪.‬‬
‫ثم قال ما جاء بك يا عمير‪.‬‬
‫رسول صلى ﷲ عليه وسلم‬
‫ِ‬ ‫أبن أسير عند‬
‫وكان له ُ‬
‫قال جأت لھذا األسير‪ ،‬فأحسنوا به‪.‬‬
‫السيف في عنقك ؟‬
‫ِ‬ ‫بال‬
‫قال صلى ﷲ عليه وسلم فما ُ‬
‫ﷲ من سيوف وھل أغنت عنا شيء ‪.‬‬
‫قال قبحھا ُ‬
‫يضمره عمير‪ ،‬اصدقني يا عمير ما الذي‬
‫ُ‬ ‫الوحي بما‬
‫ُ‬ ‫فقال صلى ﷲ عليه وسلم وقد جاءه‬
‫جاء بك؟‬
‫قال ما جأت إال لذاك‪.‬‬
‫فقال صلى ﷲ عليه وسلم بل قعدت مع صفوان في الحجر في ليلة كذا‪ ،‬وقلت له كذا‪،‬‬
‫حائل بين وبينك‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وﷲ‬
‫ُ‬ ‫وقال لك كذا وتعھد لك بدينك وعيالك‬
‫قال عمير أشھد أن ال إله إال ﷲ وأشھد أنك رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪.‬‬
‫ِ‬
‫و‪ 9‬إني ألعلم أنه ما أتاك به اآلن إال ﷲ‪ ،‬فالحمد ‪9‬‬ ‫يحضره إال أنا وصفوان‪،‬‬
‫ُ‬ ‫أمر لم‬
‫ھذا ُ‬
‫الذي ساقني ھذا المساق والحمد ‪ 9‬الذي ھداني لإلسالم‪.‬‬
‫أقتبسه من صاحب النور صلى ﷲ‬
‫َ‬ ‫شعلة نور‬
‫ُ‬ ‫فرجع وھو‬
‫َ‬ ‫ليقتل النور ويطفىء النور‪،‬‬
‫َ‬ ‫جاء‬
‫عليه وسلم‪.‬‬
‫يعلم بھا أحد‬
‫ُ‬ ‫عباد ﷲ سمعتم المؤامرة تحاك تحت جدار الكعبة‪ ،‬في ظلمة الليل ال‬
‫المؤامرة سرا‪.‬‬
‫ُ‬ ‫حبكت‬
‫رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ألنه ال يعلم الغيب‪ُ .‬‬
‫ِ‬ ‫حتى‬
‫من الذي أعلنھا ؟ من الذي سمعھما ؟ وھما يخططان‪ ،‬ويدبران ويمكران عند باب‬
‫الكعبة‪.‬‬
‫شيء في األرض وال في السماء‪.‬‬
‫ُ‬ ‫إنه الذي ال يخفى عليه‬
‫كم تأمر المتأمرون في ظالم الليل‪ ،‬كم من عدو إلسالم جلس يخطط لضرب اإلسالم‬
‫يتصرف كما يشاء‪ ،‬متناسيا أن الذي ال يخفى عليه‬
‫ُ‬ ‫وحده أو مع غيره سرا‪ ،‬ويظن أنه‬
‫َ‬
‫كيدھم فيصبحوا على ما أسروا في أنفسھم نادمين‪.‬‬
‫َ‬ ‫شيء يسمع ما يقولون ويبطل‬
‫ُ‬
‫العبد المؤمن‪:‬‬
‫ُ‬ ‫يا أيھا‬
‫إذا لقيت عنتا ومشقة وسخرية واستھزاء فال تحزن وال تأسى إن ﷲ يعلم ما يقال لك‬
‫يقال لك وإليه يرد كل شيء ال إله إال ھو‪.‬‬
‫ُ‬ ‫قبل أن‬
‫جعلت األصابع في اآلذان‪:‬‬
‫يا أيه المؤمن إذا ُ‬
‫واستغشيت الثياب‪ ،‬وزاد األصرار واإلستكبار‪ ،‬وكثر الطعن وضاقت نفسك فال تأسى وال‬
‫تحزن‪ ،‬إن ﷲ يعلم ويسمع ما تقول وما يقال لك‪.‬‬
‫)ليس كمثله شيء وھو السميع البصير(‬
‫)يعلم خائنة األعين وما تخفي الصدور(‬
‫قدمه على أو طريق الھداية‪:‬‬
‫َ‬ ‫يا أيھا الشاب الذي وضع‬
‫فسمع رجال يسخر منه‪ ،‬وآخر يھزء به‪ ،‬وثالثا يقاطعه‪ ،‬أثبت وال تأسى وأعلم علم يقين‬
‫أنك بين يدي ﷲ يسمع ما تقول ويسمع ما يقال لك‪ ،‬وسيجزي كل أمرء بما فعل‬
‫)ال يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات وال في األرض وال أصغر من ذلك وال أكبر إال في‬
‫كتاب مبين(‬
‫أعين الخلق أين ﷲ ؟‬
‫َ‬ ‫مرتكب المعاصي مختفياً عن‬
‫َ‬ ‫يا‬
‫أحد رجلين‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫وﷲ إال‬ ‫أين ﷲ ما أنت‬
‫ﷲ ال يراك فقد كفرت‪.‬‬
‫ظننت أن َ‬
‫َ‬ ‫كنت‬
‫َ‬ ‫إن‬
‫الناظرين إليك ؟‬
‫َ‬ ‫أھون‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وتجعله‬ ‫تجتري عليه‪،‬‬
‫َ‬ ‫فلم‬
‫َ‬ ‫تعلم أنه يراك‬
‫ُ‬ ‫وإن كنت‬
‫)يستخفون من الناس وال يستخفون من ﷲ وھو معھم إذ يبيتون ما ال يرضى من القول‬
‫وكان ﷲ بما يعملون محيطا(‬
‫الشمس معھا‪ ،‬ثم يقول‪:‬‬
‫َ‬ ‫تكاد ترى‬
‫ُ‬ ‫أشجارھا‪ ،‬ال‬
‫ُ‬ ‫ملتفة‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫غابة‬ ‫بعض الناسِ‬
‫ُ‬ ‫يدخل‬
‫ُ‬
‫اآلن من كان يراني ؟‬
‫َ‬ ‫المعصية‬
‫ُ‬ ‫عملت‬
‫ُ‬ ‫لو‬
‫فيسمع ھاتفاً بصوت يملىء الغابة ويقول‪:‬‬
‫ُ‬
‫اللطيف الخبير(‪ .‬بال وﷲ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫خلق وھو‬
‫َ‬ ‫يعلم من‬
‫ُ‬ ‫)آال‬
‫فيا منتھكاً حرماتِ ﷲ في الظلمات‪ ،‬في الخلوات‪ ،‬في الفلوات بعيداً عن أعين‬
‫المخلوقات أين ﷲ ؟‬
‫نفسك ھذا السؤال‪.‬‬
‫َ‬ ‫ھل سألت‬
‫قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ‪:‬‬
‫َ‬ ‫في الصحيح من حديث ثوبان رضي ﷲ عنه قال‬
‫ﷲ‬ ‫ً‬
‫بيضا‪ ،‬يجعلُھا ُ‬ ‫كأمثال الجبال‬
‫ِ‬ ‫القيامة يأتون بحسناتٍ‬
‫ِ‬ ‫يوم‬
‫َ‬ ‫ألعلمن أقواماً من أمتي‬
‫َ‬ ‫)‬
‫ھباء منثورا(‪.‬‬
‫ً‬
‫قال ثوبان صفھم لنا ّ‬
‫جلھم لنا أن ال نكون منھم يا رسول ﷲ قال‪:‬‬
‫بمحارم‬
‫ِ‬ ‫الليل كما تأخذون‪ ،‬لكنھم إذا خلوا‬
‫ِ‬ ‫جلدتكم ويأخذون من‬
‫ِ‬ ‫إخوانكم ومن‬
‫ُ‬ ‫)أما إنھم‬
‫ِ‬
‫ﷲ انتھكوھا(‪.‬‬
‫وقته حتى في ُثلث اليل اآلخر‪ ،‬يملىء ذلك‬
‫ويضيع َ‬
‫ُ‬ ‫عينه وأذنه‬
‫َ‬ ‫إلى من يملىء ليله‬
‫بمعاصي ﷲ‪ ،‬أين ﷲ ؟‬
‫خير المالء …‪.‬بأنه عز وجل وعال‬
‫ِ‬ ‫االثقاة عن‬
‫ُ‬ ‫فقد روى‬
‫فيقبل‬
‫ُ‬ ‫تائب‬
‫ٍ‬ ‫ينزل……… يقول ھل من‬
‫ُ‬ ‫األخير‬
‫ِ‬ ‫ثلث الليل‬
‫ِ‬ ‫في‬
‫طالب للمغفرة……‪..‬يجد كريما قابال للمعذرة‬
‫ٍ‬ ‫ھل من مسيء‬
‫ويستر العيب ويعطي السائل‪.‬‬
‫ُ‬ ‫يمن بالخيراتِ والفضائل………‪.‬‬
‫فنسأله من فضله‪.‬‬
‫اتقيته يا عبد ﷲ‪.‬‬
‫َ‬ ‫ﷲ ال يخفى عليه شيء فھال‬
‫إن َ‬
‫فاتكاء‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫ليلة من الليالي ويتتبع أحوال األمة‪ ،‬وتعب‬ ‫يعس‬
‫ُ‬ ‫ﷲ عنه‪،‬‬
‫عمر أبن الخطاب رضي ُ‬
‫ُ‬
‫ليكثر عند البيع‪.‬‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫بالماء‬ ‫اللبن‬
‫َ‬ ‫تقول ألبنتھا‪ :‬أمذقي‬
‫ُ‬ ‫بمرأة‬
‫ٍ‬ ‫جدار ليستريح‪ ،‬فإذا‬
‫ٍ‬ ‫على‬
‫اللبن بالماء‪.‬‬
‫َ‬ ‫يشاب‬
‫ُ‬ ‫أمر مناديه أن ينادي أن ال‬
‫عمر َ‬
‫َ‬ ‫فقالت البنتُ‪ :‬إن‬
‫عمر وال مناديه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫يراك فيه‬
‫ِ‬ ‫فقالت األمُ‪ :‬يا ابنتي قومي فانكي بموضعٍ ال‬
‫ِ‬
‫ألطيعه في المال‪،‬‬
‫َ‬ ‫كنت‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫و‪ 9‬ما‬ ‫لرقابة ﷲ‪ :‬أي أماه فأين ﷲ ؟‬
‫َ‬ ‫المستشعرة‬
‫ُ‬ ‫بنت‬
‫فقالت ال ُ‬
‫ِ‬
‫واعصيه في الخالء‪.‬‬
‫تغيب عنھا زوجھا منذ شھور في الجھاد في سبيل ﷲ عز‬
‫َ‬ ‫عمر أخرى بأمرة أخرى‬
‫ُ‬ ‫ويمر‬
‫ُ‬
‫الغربة والبعد عن زوجھا‪ ،‬وفي ظلمة‬
‫ِ‬ ‫وجل‪ ،‬قد تغيبت في ظلمات ثالث‪ ،‬في ظلمة‬
‫الليل‪ ،‬وفي ظلمة قعر بيتھا‪ ،‬وإذا بھا تنشد وتقول وتحكي مأساتھا‪:‬‬
‫حبيب إالعبه‬
‫ُ‬ ‫تطاول ھذا الليل وازور جانبه…‪.‬وأرقني أن ال‬
‫فوﷲ لوال ﷲ ال رب غيره……‪.‬لحرك من ھذا السريري جوانبه‬
‫ما الذي راقبته في ظالم الليل وفي بعد عن زوجھا‪ ،‬وفي ھدأت العيون ؟‬
‫وﷲ ما راقبت إال الذي ال يخفى عليه شيء في األرض وال في السماء‪.‬‬
‫أنعم بھا من مراقبة وأنعم بھا من امرأة‪.‬‬
‫وأعرابية أخرى يراودھا رجل على نفسھا كما أورد أبن رجب‪ ،‬ثم قال لھا‪:‬‬
‫ما يرانا أحد إال الكواكب‪.‬‬
‫فقالت‪ :‬وأين مكوكبھا يا رجل ؟ حالُھا أين ﷲ يا رجل ؟‬
‫أتستخفي من الناس وال تستخفي من ﷲ وھو معك إذ تبيت ما ال يرضى من القول‪.‬‬
‫أخيرا أسمع لھذا الحدث ولم يقع في ھذا الزمن وإنما وقع في زمن مضى لتعلم ثمرة‬
‫مراقبة ﷲ عز وجل‪ ،‬واستشعار ذلك األمر‪.‬‬
‫رجل أسمه نوح أبن مريم كان ذي نعمة ومال وثراء وجاه‪ ،‬وفوق ذلك صاحب دين وخلق‪،‬‬
‫وكان له أبنة غاية في الجمال‪ ،‬ذات منصب وجمال‪ .‬وفوق ذلك صاحبة دين وخلق‪.‬‬
‫وكان معه عبد أسمه مبارك‪ ،‬ال يملك من الدنياء قليال وال كثيرا ولكنه يملك الدين‬
‫والخلق‪ ،‬ومن ملكھما فقد ملك كل شيء‪.‬‬
‫َ‬
‫أرسله سيده إلى بساتين له‪ ،‬وقال له أذھب إلى تلك البساتين وأحفظ ثمرھا وكن‬
‫على خدمتھا إلى أن آتيك‪.‬‬
‫مضى الرجل وبقي في البساتين لمدة شھرين‪.‬‬
‫وجاءه سيده‪ ،‬جاء ليستجم في بساتينه‪ ،‬ليستريح في تلك البساتين‪.‬‬
‫جلس تحت شجرة وقال يا مبارك‪ ،‬أتني بقطف من عنب‪.‬‬
‫جاءه بقطف فإذا ھو حامض‪.‬‬
‫فقال أتني بقطف آخر إن ھذا حامض‪.‬‬
‫فأتاه بآخر فإذا ھو حامض‪.‬‬
‫قال أتني بآخر‪ ،‬فجأءه بالثالث فإذا ھو حامض‪.‬‬
‫كاد أن يستولي عليه الغضب‪ ،‬وقال يا مبارك أطلب منك قطف عنب قد نضج‪ ،‬وتأتني‬
‫بقطف لم ينضج‪.‬‬
‫أال تعرف حلوه من حامضه ؟‬
‫قال وﷲ ما أرسلتني ألكله وإنما أرسلتني ألحفظه وأقوم على خدمته‪.‬‬
‫والذي ال إله إال ھو ما ذقت منه عنبة واحدة‪.‬‬
‫والذي ال إله إال ھو ما رقبتك ‪ ،‬وال رقبت أحدا من الكائنات‪ ،‬ولكني راقبت الذي ال يخفى‬
‫عليه شيء في األرض وال في السماء‪.‬‬
‫أعجب به‪ ،‬وأعجب بورعه وقال اآلن أستشيرك‪ ،‬والمؤمنون نصحة‪ ،‬والمنافقون غششه‪،‬‬
‫والمستشار مؤتمن‪.‬‬
‫وقد تقدم ألبنتي فالن وفالن من أصحاب الثراء والمال والجاه‪ ،‬فمن ترى أن أزوج ھذه‬
‫البنت ؟‬
‫فقال مبارك‪:‬‬
‫لقد كان أھل الجاھلية يزوجون لألصل والحسب والنسب‪.‬‬
‫واليھود يزوجون للمال‪.‬‬
‫والنصارى للجمال‪.‬‬
‫وعلى عھد رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪ ،‬يزوجون للدين والخلق‪.‬‬
‫وعلى عھدنا ھذا للمال والجاه‪.‬‬
‫والمرء مع من أحب‪ ،‬ومن تشبه بقوم فھو منھم‪.‬‬
‫أي نصيحة وأي مشورة ؟‬
‫نظر وقدر وفكر وتملى فما وجد خيرا من مبارك‪ ،‬قال أنت حر لوجه ﷲ )أعتقه أوال(‪.‬‬
‫ثم قال لقد قلبت النظر فرأيت أنك خير من يتزوج بھذه البنت‪.‬‬
‫قال أعرض عليھا‪.‬‬
‫فذھب وعرض على البنت وقال لھا‪:‬‬
‫إني قلبت ونظرت وحصل كذا وكذا‪ ،‬ورأيت أن تتزوجي بمبارك‪.‬‬
‫قالت أترضاه لي ؟‬
‫قال نعم‪.‬‬
‫قالت فإني أرضاه مراقبة للذي ال يخفى عليه شيء في األرض وال في السماء‪.‬‬
‫فكان الزواج المبارك من مبارك‪.‬‬
‫فما الثمرة وما النتيجة ؟‬
‫حملت ھذه المرأة وولدت طفال أسمياه عبد ﷲ‪ ،‬لعل الكل يعرف ھذا الرجل‪.‬‬
‫إنه عبد ﷲ أبن المبارك المحدث الزاھد العابد الذي ما من إنسان قلب صفحة من كتب‬
‫التاريخ إال ووجده حيا بسيرته وذكره الطيب‪.‬‬
‫إن ذلك ثمرة مراقبة ﷲ غز وجل في كل شي‪.‬‬
‫أما وﷲ لو راقبنا ﷲ حق المراقبة لصلحة الحال‪ ،‬واستقامة األمور‪.‬‬
‫م‬
‫تالحقك أين ما ذھبت‪ ،‬وفي أي مكان حللت‪ ،‬في ظال ِ‬
‫ُ‬ ‫عين ِ‬
‫ﷲ‬ ‫َ‬ ‫فيا أيھا المؤمن‪ ،‬إن‬
‫صخور‬
‫ٍ‬ ‫داخل‬
‫ِ‬ ‫كنت في‬
‫َ‬ ‫الليل‪ ،‬وراء الجدران‪ ،‬وراء الحيطان‪ ،‬في الخلوات في الفلوات‪ ،‬ولو‬
‫خير من‬
‫ُ‬ ‫باطنك‬
‫ُ‬ ‫فكان‬
‫َ‬ ‫ﷲ ظاھراً وباطنا‪،‬‬
‫فاتقيت َ‬
‫َ‬ ‫واستشعرت ذلك‬
‫َ‬ ‫علمت ذلك‪،‬‬
‫َ‬ ‫صم‪ ،‬ھل‬
‫ظاھرك‪.‬‬
‫ِ‬
‫رقيب‬
‫ُ‬ ‫خلوت ولكن قل علي‬
‫ُ‬ ‫الدھر يوما فال تقل……‬
‫َ‬ ‫إذا ما خلوت‬
‫يغيب‬
‫ُ‬ ‫يغفل س ً‬
‫اعة………‪..‬وال أن ما تخفيه عنه‬ ‫ُ‬ ‫ﷲ‬
‫تحسبن َ‬
‫َ‬ ‫وال‬
‫ﷲ في ما تقولون‪ ،‬واتقوا ﷲ في ما تفعلون وتذرون‬
‫عباد ﷲ‪ ،‬اتقوا َ‬
‫اجوافكم إال حالال ً‬
‫َ‬ ‫ومشربكم‪ ،‬فال تدخلوا‬
‫ِ‬ ‫مطعمكم‬
‫ِ‬ ‫ﷲ في‬
‫جوارحكم‪ ،‬اتقوا َ‬
‫ُ‬ ‫اتقوا ﷲ في‬
‫تصبر على النار‪.‬‬
‫ُ‬ ‫تصبر على الجوعِ لكنھا ال‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫أجوافكم‬ ‫فإن‬
‫أبنائكم في خدمكم‪ ،‬في أنفسكم‪.‬‬
‫ِ‬ ‫بيوتكم‪ ،‬في‬
‫ِ‬ ‫ﷲ في‬
‫ألسنتكم‪ ،‬اتقوا َ‬
‫ِ‬ ‫ﷲ في‬
‫اتقوا َ‬
‫ﷲ حيثما كنتم‪.‬‬
‫ونھاركم‪ ،‬اتقوا َ‬
‫ِ‬ ‫ليلكم‬
‫ﷲ في ِ‬ ‫اتقوا َ‬
‫كل نفسٍ ما كسبت وھم ال يظلمون(‪.‬‬
‫ترجعون فيه إلى ﷲ ثم توفى ُ‬
‫َ‬ ‫) واتقوا يوماً‬
‫واستغفر ﷲ فأستغفروه إنه ھو الغفور الرحيم‪.‬‬
‫أقول ما تسمعون ٍ‬
‫الحمد ‪ 9‬رب العالمين‬
‫وأشھد أن ال إله إال ﷲ وحده ال شريك له‪.‬‬
‫وأشھد أن محمدا عبده ورسول صلى ﷲ عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لھم‬
‫بإحسان وسلم تسليما كثيرا‪.‬‬
‫أما بعد عباد ﷲ‪:‬‬
‫ﷲ ھو الرقيب‪ ،‬وأن ﷲ ھو الحسيب‪ ،‬وأنه ال ملجىء منه إال إليه‪،‬‬
‫يقين أن َ‬
‫ٍ‬ ‫أعلموا علم‬
‫وال مھرب منه إال إليه‪.‬‬
‫حكمته سبحانه وبحمده أن جعل علينا شھوداً‬
‫ِ‬ ‫الشھيد وكفى به شھيدا‪ ،‬ومن‬
‫ُ‬ ‫ھو‬
‫ِ‬
‫با‪9‬‬ ‫الشھود علينا وكفى‬
‫ُ‬ ‫الحجة حتى ال يكون للناس حجة‪ ،‬وتعدد‬
‫ُ ِ‬ ‫إلقامة‬
‫ِ‬ ‫آخرين‬
‫الشھود‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ھؤالء‬ ‫شھيدا‪ ،‬من‬
‫ﷲ عز وجل‪:‬‬
‫حيث يقول ُ‬
‫ُ‬ ‫رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪،‬‬
‫ُ‬
‫)وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شھداء على الناس ويكون الرسول عليكم شھيدا(‪.‬‬
‫)فكيف إذا جئنا من كل أمة بشھيد وجئنا بك على ھؤالء شھيدا‪ ،‬يومئذ يود الذين كفروا‬
‫وعصوا الرسول لو تسوى بھم األرض وال يكتمون ﷲ حديثا(‪.‬‬
‫األمم وعلى ھذه األمة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫سيشھد على‬
‫ُ‬ ‫فرسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‬
‫ُ‬
‫ﷲ عز وجل‪:‬‬ ‫ِ‬
‫با‪ 9‬شھيدا‪ ،‬قال ُ‬ ‫والمالئكة أيضاً يشھدون وكفى‬
‫ُ‬
‫لحافظين‪ ،‬كراما كاتبين‪ ،‬يعلمون ما تفعلون(‪.‬‬
‫َ‬ ‫)وإن عليكم‬
‫ويقول جل وعال ‪:‬‬
‫)إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد‪ ،‬ما يلفظ من قول إال لديه رقيب‬
‫عتيد(‪.‬‬
‫فالمالئكة أيضا ستشھد‪.‬‬
‫والكتاب سيشھد‪:‬‬
‫ُ‬
‫صفحة‬
‫ِ‬ ‫تنظر في‬
‫ُ‬ ‫والقطمير‪،‬‬
‫َ‬ ‫والنقير‬
‫َ‬ ‫والكبير‬
‫َ‬ ‫الصغير‬
‫َ‬ ‫والسجالت ستفتح بين يدي ﷲ فترى‬
‫ً‬
‫صغيرة وال كبيرة‪:،‬‬ ‫تغادر‬
‫ُ‬ ‫الثامن من ھذا الشھر فإذا ھي ال‬
‫ُ‬ ‫اليوم‬
‫ِ‬
‫)ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا ما لھذا الكتاب ال‬
‫يغادر صغيرة وال كبيرة إال أحصاھا ووجدوا ما عملوا حاضرا وال يظلم ربك أحدا(‪.‬‬
‫)وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا‪ ،‬اقرأ‬
‫ستشھد‬
‫ُ‬ ‫واألرض التي ذللھا ﷲ عز وجل لنا‬
‫ُ‬ ‫كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا (‪.‬‬
‫خير أو شر‪:‬‬
‫ِ‬ ‫بما عمل على ظھرھا من‬
‫األرض زلزالھا‪ ،‬وأخرجت األرض أثقالھا‪ ،‬وقال اإلنسان مالھا‪ ،‬يوم إذا تحدث‬
‫ُ‬ ‫)إذا زلزلت‬
‫أخبارھا‪ ،‬بأن ربك أوحى لھا(‪.‬‬
‫ستحدث بما عمل على ظھرھا من خير أو شر‪ ،‬بل إن ھذه األرض تحمل عاطفة‪ ،‬إذا‬
‫مات المؤمن بكاه موضع سجوده‪ ،‬وبكاه ممشاه إلى الصالة‪ ،‬وبكاه مصعد عمله إلى‬
‫السماء‪.‬‬
‫وأما الذين أجرموا وكفروا ونافقوا‪:‬‬
‫)فما بكت عليھم السماء واألرض وما كانوا منظرين(‪.‬‬
‫ِ‬
‫با‪ 9‬شھيدا‪:‬‬ ‫والخلق أيضا سيشھدون وكفى‬
‫ُ‬
‫ﷲ‬
‫ستره ُ‬
‫َ‬ ‫بذكر ما‬
‫ِ‬ ‫المسلمين‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫ھؤالء الخلقِ بالوقوعِ في أعراضِ‬ ‫اإلنسان بين‬
‫ُ‬ ‫تفكه‬
‫ُ‬ ‫لطالما‬
‫عليه‪.‬‬
‫ون‪.‬‬
‫وما علم أن الخلق سيشھد َ‬
‫في الصحيح أن جنازة مرت على الرسول صلى ﷲ عليه وسلم وھو في نفر من‬
‫أصحابه فيثني عليھا الناس خيرا فيقول صلى ﷲ عليه وسلم وجبت‪.‬‬
‫وتمر أخرى فيثني عليھا الناس سوء فيقول صلى ﷲ عليه وسلم وجبت‪.‬‬
‫فيتسأل الصحابة ؟‬
‫فيقول صلى ﷲ عليه وسلم أثنيتم على األولى بخير فوجبت لھا الجنة‪ ،‬وعلى الثانية‬
‫بسوء فوجبت لھا النار‪ ،‬أنتم شھداء ﷲ في أرضه‪ ،‬أنتم شھداء ﷲ في أرضه‪.‬‬
‫أقرب من ھذا‪:‬‬
‫ُ‬ ‫وسيشھد ما ھو‬
‫ُ‬
‫وألسن تشھد‪ ،‬وجوارح تشھد‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫وأرجل تشھد‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫أيد تشھد‪،‬‬
‫الجوارح فـ ٍ‬
‫ُ‬ ‫ستشھد‬
‫ُ‬
‫وتشھد أرجلُھم بما كانوا يكسبون(‪.‬‬
‫ُ‬ ‫أيديھم‪،‬‬
‫ِ‬ ‫وتكلمنا‬
‫ُ‬ ‫نختم على أفواھھم‪،‬‬
‫ُ‬ ‫اليوم‬
‫َ‬ ‫)‬
‫)ويوم يحشر أعداء ﷲ إلى النار فھم يوزعون‪ ،‬حتى إذا ما جاءوھا شھد عليھم سمعھم‬
‫وأبصارھم وجلودھم بما كانوا يعملون(‬
‫)وقالوا لجلودھم لم شھدتم علينا قالوا أنطقنا ﷲ الذي أنطق كل شيء وھو خلقكم‬
‫أول مرة وإليه ترجعون(‬
‫)وما كنتم تستترون أن يشھد عليكم سمعكم وال أبصاركم وال جلودكم ولكن ظننتم أن‬
‫ﷲ ال يعلم كثيرا مما تعملون‪ ،‬فإن يصبروا فالنار مثوى لھم وإن يستعتبوا فما ھم من‬
‫المعتبين(‬
‫الشھود جميعھم لكم ال عليكم‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ھؤالء‬ ‫فاتقوا ﷲ يا باد واجعلوا‬
‫ِ‬
‫وبقاء الحسراتِ‪.‬‬ ‫اآلجال‬
‫ِ‬ ‫حلول‬
‫ِ‬ ‫الصالحة قبل‬
‫ِ‬ ‫باألعمال‬
‫ِ‬ ‫وأعماركم‬
‫َ‬ ‫أنفسكم‬
‫َ‬ ‫وبادروا‬
‫الخطاء الجم‪.‬‬
‫َ‬ ‫الذنب بالذنب‪ ،‬وتخطي‬
‫َ‬ ‫أخ الوھم‪ ،‬تعبي‬
‫يدعي الفھم‪ ،‬إلى كم يا َ‬
‫ّ‬ ‫أيا من‬
‫تنع فقد صم‪.‬‬
‫أما بان لك العيب‪ ،‬أما أنذرك الشيب‪ ،‬وما في نصحه ريب‪ ،‬وال ُ‬
‫أما نادى بك الموت‪ ،‬أما أسمعك الصوت‪ ،‬أما تخشى من الفوت‪ ،‬فتحتاطَ وتھتم‪.‬‬
‫الموت ما عم‪.‬‬
‫َ‬ ‫وتنصب إلى اللھو‪ ،‬كأن‬
‫ُ‬ ‫وتختال من الزھو‪،‬‬
‫ُ‬ ‫تسكر في السھو‪،‬‬
‫ُ‬ ‫فكم‬
‫عيوب شملُھا أنظم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫طباع جمعت فيك‪،‬‬
‫ُ‬ ‫وإبطاءك الفيك‪،‬‬
‫ُ‬ ‫وحتى متى جافيك‪،‬‬
‫تذكر ما تم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ظلمة الرمس‪ ،‬وال‬
‫َ‬ ‫وتختال على األنس‪ ،‬وتنسى‬
‫ُ‬ ‫أتسعى في ھوى النفس‪،‬‬
‫خال وال عم‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫عرصت الجمع‪ ،‬وال‬
‫ِ‬ ‫عاينت ال دمع‪ ،‬يقي في‬
‫َ‬ ‫الدم ال الدمع‪ ،‬إذا‬
‫َ‬ ‫ستذري‬
‫اللحد وتنغط‪ ،‬وقد أسلمك الرھط‪ ،‬إلى أضيق منسم‪.‬‬
‫ِ‬ ‫كأني بك تنحط‪ ،‬إلى‬
‫العظم قد رم‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ليستأكله الدود‪ ،‬إلى أن ينخر العود‪ ،‬ويمسي‬ ‫الجسم ممدود‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ھناك‬
‫يحل به المر‪ ،‬فقد كاد ينتھي العمر‪ ،‬وما أقلعت عن ذم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫فبادر أيھا الغمر‪ ،‬لما‬
‫ِ‬
‫يعقب الضير‪ ،‬وھيء مركب السير‪ ،‬وخفف لجة اليم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫نفسك الخير‪ ،‬ودع ما‬
‫َ‬ ‫وزود‬
‫الھم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراھيم وعلى آل إبراھيم إنك‬
‫حميد مجيد‬
‫تخالطه الظنون‪ ،‬يا من دبر الدھور‪ ،‬وقدر األمور‪ ،‬وعلم‬
‫ُ‬ ‫اللھم يا من ال تراه العيون‪ ،‬وال‬
‫بحلمك‬
‫ِ‬ ‫وجد‬
‫الزلة‪ُ ،‬‬
‫َ‬ ‫وأغفر‬
‫ِ‬ ‫العثرة‪،‬‬
‫َ‬ ‫أقل‬
‫ِ‬ ‫ھواجس الصدور‪ ،‬يا من عليه يتوكل المتوكلون‪،‬‬
‫َ‬
‫قصد سواك‪ ،‬اللھم ھب لنا فرجاً قريبا‪ ،‬وصبراً جميال‪ ،‬وكن لنا‬
‫َ‬ ‫غيرك وال‬
‫َ‬ ‫يرج‬
‫ُ‬ ‫على من ال‬
‫حسبنا‪.‬‬
‫ُ‬ ‫أنت‬
‫َ‬ ‫وال تكن علينا‪ ،‬وأمكر لنا وال تمكر بنا‪ ،‬وتولى أمرنا ال إله إال أنت‬
‫وأفقر‬
‫َ‬ ‫خلقك بك‪،‬‬
‫ِ َ‬ ‫وبينك في رزقنا أحداً سواك‪ ،‬اللھم اجعلنا أغنى‬ ‫َ‬ ‫بيننا‬
‫اللھم ال تجعل َ‬
‫وصحة ال تلھينا‪ ،‬وأغنناً اللھم عن من أغنيته عنا‪.‬‬
‫ً‬ ‫عبادك إليك‪ ،‬وھب لنا غناً ال يطغينا‪،‬‬
‫ِ َ‬
‫اللھم أصلح من في صالحه صالح لإلسالم والمسلمين‪ ،‬وأھلك من في ھالكه صالح‬
‫لإلسالم والمسلمين‪.‬‬
‫اللھم من أراد اإلسالم والمسلمين بسوء فأشغله بنفسه‪ ،‬وأجعل تدبيره تدميره يا حي‬
‫يا قيوم يا عزيز‪.‬‬
‫أنت وليھا وموالھا لك‬
‫َ‬ ‫خير من زكاھا‪،‬‬
‫ُ‬ ‫فزكھا أنت‬
‫ِ‬ ‫أنفسنا‪ ،‬وأنت تتوفاھا‪،‬‬
‫َ‬ ‫خلقت‬
‫َ‬ ‫اللھم أنت‬
‫مماتھا ومحياھا‪.‬‬
‫َ‬
‫غني عن عذابنا‪،‬‬
‫ُ‬ ‫رحمتك وأنت‬
‫ِ‬ ‫حاجة إلى‬
‫ٍ‬ ‫عبيدك بنو إيمائك‪ ،‬في‬
‫ِ‬ ‫عبيدك بنو‬
‫ُ‬ ‫اللھم إنا‬
‫وباإلساءة عفوا وغفرانا‪.‬‬
‫ِ‬ ‫باإلحسان إحسانا‬
‫ِ‬ ‫فجازنا‬
‫ِ‬ ‫اللھم‬
‫البعث والنشور‪ ،‬وأغفر لنا ولجميعِ موتى‬
‫ِ‬ ‫اللھم آنس وحشتنا في القبور‪ ،‬وآمن فزعنا يوم‬
‫المسلمين يا أرحم الراحمين‪ .‬الھم صلي على محمد‬
‫سبحان ربك رب العزة عن ما يصفون‪.‬‬
‫وسالم على المرسلين والحمد ‪ 9‬رب العالمين‪.‬‬

‫فضيلة الشيخ ‪ /‬علي عبد الخالق القرني‬

‫حسرات‬

‫إن الحمد ‪ 9‬نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه‬


‫ونعوذ با‪ 9‬من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا‪ ،‬من يھده ﷲ فال مضل له‪ ،‬ومن يضلل‬
‫فال ھادي له‪.‬‬
‫أشھد أن ال إله إال ﷲ وحده ال شريك له‪ ،‬له الملك وله الحمد وھو على كل شئ قدير‪.‬‬
‫وأشھد أن محمدا عبد ﷲ ورسوله أرسله ﷲ رحمة للعالمين فشرح به الصدور وأنار به‬
‫العقول‪.‬‬
‫وفتح به أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا‪.‬‬
‫صلى ﷲ عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لھم بإحسان‪.‬‬
‫وسلم تسليما كثيرا‪.‬‬
‫)يا أيھا الذين أمنوا اتقوا ﷲ حق تقاته‪ ،‬وال تموتن إال وأنتم مسلمون(‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫نحن المسلمين اليوم‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫لحالنا‬
‫ِ‬ ‫المتأمل‬
‫َ‬ ‫عباد ﷲ‪ ،‬فأعلموا أن‬
‫كبير على الدنيا‬‫ٍ‬ ‫والفتن‪ ،‬وما حصل فيه من انفتاحٍ‬ ‫ِ‬ ‫وحال زماننا وما ظھر فيه اآلفاتِ‬ ‫ِ‬
‫وزخرفھا حتى ظن أھلھا أنھم قادرون عليھا‪ ،‬أو مخلدون فيھا‪.‬‬ ‫ُ ُ‬
‫وعواقب ھذه‬
‫ِ‬ ‫مظاھر‬
‫ِ‬ ‫من‬ ‫الشديد‬
‫ِ‬ ‫والخوف‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واإلشفاق‬ ‫بالرھبة‬
‫ِ‬ ‫ليشعر‬
‫ُ‬ ‫لذلك‬ ‫المتأمل‬
‫َ‬ ‫إن‬
‫الحال‪.‬‬
‫عالم الغيوب‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وھجر كتابِ‬ ‫إذ قد قست منا القلوب‪ ،‬وتحجرت العيون‪َ ُ ،‬‬
‫سابحة‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫وأوديتھا‬
‫ُ‬ ‫ساھية في لُججِ الدنيا‬ ‫ٌ‬ ‫الھية‬
‫ٌ‬ ‫والقلوب‬
‫ُ‬ ‫بل ُقرأ‬
‫حياتنا بالعمل بالقرآن‪.‬‬ ‫َ‬ ‫جدران بيوتنا بآياتِ القرآن‪ ،‬ثم لم نزين‬ ‫َ‬ ‫كيف ال وقد زينا غير متبعين‬
‫مقتدين على األموات‪ ،‬ثم ال يحكمونه في األحياء‪.‬‬ ‫َ‬ ‫البعض غير‬ ‫ُ‬ ‫يقرأه‬
‫حمله وتالوته‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫مجرد‬
‫ِ‬ ‫البركة في‬ ‫ُ‬ ‫جعلت‬ ‫بل ُ‬
‫لقول ﷲ تعالى‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫الحقيقية المتمثلة في إتباعه وتحكيمه امتثاال‬ ‫ُ‬ ‫بركته‬ ‫ُ‬ ‫وتركت‬ ‫ُ‬
‫كتاب أنزلناه مباركاً فأتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون(‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وھذا‬ ‫)‬
‫وأمر فينا‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ﷲ أدھى‬ ‫لعمر ِ‬ ‫ُ‬ ‫غفلنا ولم نشعر أننا غفلنا وھذه‬
‫وصاحب ذلك األرق‪.‬‬ ‫َ‬ ‫الھم والحزن‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وغلب‬
‫َ‬ ‫كثر القلق‬ ‫ُ‬
‫وتصد عن‬
‫ُ‬ ‫الفاحشة‬ ‫تزين‬
‫ُ‬ ‫رة‬
‫ٌ‬ ‫ماك‬ ‫خبيثة‬ ‫ووسائل‬
‫َ‬ ‫بأساليب‬
‫َ‬ ‫والنھار‬ ‫بالليل‬
‫ِ‬ ‫ً‬ ‫شديدا‬ ‫ً‬ ‫مكرا‬ ‫مكر‬
‫َ‬
‫اآلخرة‪.‬‬
‫ِ‬
‫وأكلت األموال‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ونيل من األعراض‪ُ ،‬‬ ‫َ‬ ‫الفواحش والمظالم‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫فشت‬
‫الفضل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫خبراء‬ ‫والفرقة والخالف‪ ،‬حتى بين‬ ‫ِ‬ ‫صارخة من الحسد والبغضاء‬ ‫ِ‬ ‫صور‬
‫ُ‬ ‫وظھرت‬
‫وتبجح وتسلط الملحدون والمجرمون‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أستضعف المسلمون‪،‬‬ ‫ُ ِ َ‬ ‫واإلحسان‪ .‬وعندھا‬
‫ونفعل‬
‫ُ‬ ‫نقول‬
‫ُ‬ ‫أحبتنا‬ ‫وعلى‬ ‫‪.‬‬‫……‬ ‫عدونا‬ ‫قلنا ولم نفعل أمام‬

‫تسمع‬
‫ُ‬ ‫مؤثرة مفيدة‪ ،‬فصرت‬
‫ٍ‬ ‫تربوية‬
‫ٍ‬ ‫كركيزة‬
‫ٍ‬ ‫الوعظ والتذكير‪،‬‬
‫ِ‬ ‫بركيزة‬
‫ِ‬ ‫والعناية‬
‫ُ‬ ‫االھتمام‬
‫ُ‬ ‫قل‬
‫الجانب‪.‬‬
‫ِ‬ ‫يركز على ھذا‬
‫ُ‬ ‫درس‬
‫ُ‬ ‫أو‬ ‫محاضرة‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫أو‬ ‫خطبة‬
‫ٍ‬ ‫أو‬ ‫ٍ‬ ‫كتاب‬ ‫أھمية‬ ‫من‬ ‫يقلل‬
‫ُ‬ ‫من‬
‫ومقال عاطفي وكبرت من كلمة‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫ومحاضرة وعظيه‪،‬‬
‫ُ‬ ‫كتاب وعظي‪،‬‬
‫ُ‬ ‫فيقال ھذا‬
‫ُ‬
‫وأنفع‬
‫ُ‬ ‫أرحم للنفوسِ‬
‫ُ‬ ‫فالموت‬
‫ُ‬ ‫أصبح فضلة……‪..‬‬
‫َ‬ ‫صح أن الوعظَ‬
‫َ‬ ‫إن‬
‫البواخر‬
‫ُ‬ ‫زورق………وال عبرت بالمبحرين‬‫ُ‬ ‫الوعظ ما خاض‬
‫ِ‬ ‫رياح‬
‫ُ‬ ‫فلوال‬
‫طاقاتنا اإليمانية‪،‬‬
‫ُ‬ ‫عندھا ُعطلت‬
‫السواقي‬
‫َ‬ ‫عنه‬ ‫عطلت‬ ‫ُ‬ ‫ما‬ ‫إذا‬‫‪.‬‬‫……‬ ‫غرس‬ ‫البستان‬ ‫في‬ ‫يعيش‬
‫ُ‬ ‫وكيف‬
‫َ‬

‫قلوبنا‪.‬‬
‫ِ‬ ‫الخشية من‬
‫ِ‬ ‫شموع‬
‫َ‬ ‫المعصية فأطفأت‬ ‫ِ‬ ‫رياح‬
‫ُ‬ ‫ھبت‬
‫كالحجارة أو‬
‫ِ‬ ‫فھي‬
‫َ‬ ‫الكتاب‬ ‫أھل‬
‫ِ‬ ‫قلوب‬
‫ُ‬ ‫قست‬ ‫كما‬ ‫ً‬
‫قسوة‪،‬‬ ‫القلوب‬
‫َ‬ ‫فعلى‬ ‫األمد‬
‫ُ‬ ‫علينا‬ ‫وطال‬
‫أشد قسوة‪.‬‬ ‫ُ‬
‫وبالقالب عن‬
‫ِ‬ ‫الجوھر‪،‬‬ ‫عن‬ ‫بالشكل‬
‫ِ‬ ‫فشغلنا‬
‫ُ ِ‬ ‫وبقاؤنا‬ ‫تميزنا‬
‫ُ َ‬ ‫سر‬
‫ُ‬ ‫ھو‬ ‫الذي‬ ‫الدين‬
‫ِ‬ ‫فھم‬ ‫أسأنا‬
‫نحتفل غالباً مبتدعين غير‬
‫ُ‬ ‫ة‬
‫ُ‬ ‫تليد‬ ‫وتواريخ‬
‫َ‬ ‫مجيدة‬
‫ُ‬ ‫بذكريات‬
‫ُ‬ ‫المعنى‪،‬‬ ‫عن‬ ‫وبالمبنى‬ ‫القلب‪،‬‬
‫متبعين‪.‬‬
‫مضمونھا ھازئين‪.‬‬
‫ِ‬ ‫نتمرد على‬
‫ُ‬ ‫ثم‬ ‫مفتخرين‪،‬‬ ‫الشرعية‬
‫ِ‬ ‫الكتب‬ ‫ِ‬ ‫بطبع‬ ‫نھتم‬
‫ُ‬ ‫وأحيانا‬
‫يسمع نصحه‪ ،‬إن ھذا لھو البالء المبين‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫والده وال‬
‫ِ‬ ‫يد‬
‫يقبل َ‬ ‫ُ‬ ‫حالُنا كالذي‬
‫ﷲ فيھم‪:‬‬ ‫زمرة من قال ُ‬ ‫ِ‬ ‫نصبح في‬ ‫َ‬ ‫وإننا نخشى أن‬
‫الحياة الدنيا(‬
‫ُ‬ ‫وغرتھم‬‫ُ‬ ‫ولعبا‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وا‬‫لھ‬ ‫دينھم‬ ‫) الذين اتخذوا َ‬
‫ً‬
‫والدين فيھا لھوا ثم‬
‫ُ‬ ‫اللھو فيھا دينا‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫يصبح‬
‫َ‬ ‫تمر به أمة أن‬ ‫ُ‬ ‫وأتعس ما‬
‫ُ‬ ‫أمة‬
‫ُ‬ ‫تمر به‬
‫ُ‬ ‫وأسوء ما‬
‫ُ‬
‫تسمع نصحا‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ال‬
‫الضمائر تشترى‬ ‫ُ‬ ‫وأصبحت‬
‫َ‬ ‫والمسامع تشتكي صمماً……‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُبح المنادي‬
‫تظھر‬
‫ُ‬ ‫ھي في الشواطئ‬ ‫َ‬ ‫سفائنھا بحرا وال………………‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫تاھت‬

‫ظ‬
‫النفوس تستيق ُ‬
‫َ‬ ‫الحسرة في األخرى لعل‬ ‫ِ‬ ‫مشاھد‬
‫ِ‬ ‫بعض‬
‫ِ‬ ‫الوقوف‬
‫ِ‬ ‫لھذا كله كان البد من‬
‫وتذل فتبادر إلى الحسنى‪ ،‬فما ھناك من أمر ھو أشد دفعا للنفوس إلى فعل‬ ‫ُ‬ ‫وتخشع‬
‫ُ‬
‫الخير من أمر اآلخرة‪ ،‬والوقوف بين يدي من له األولى واآلخرة‪ ،‬فكل ضعف من أسبابه‬
‫الغفلة عن اآلخرة‪ ،‬في ذكر اليوم اآلخر سعادة وطمأنينة وسد منيع دون الھم والحزن‬
‫وعدم السكينة‪ ،‬وعلى ما يحزن طالب اآلخرة؟‬
‫على أمر حقير يفنى عما قريب؟‬
‫كال‪ ،‬فاآلخرة خير وأبقى‪.‬‬
‫المؤمن باليوم اآلخر ال تؤثر فيه المصائب ألنه موقن أن المصائب إن لم تزل عنه زال عنھا‬
‫بالموت ال محالة‪ ،‬فال تذھب نفسه على الدنيا حسرات‪.‬‬
‫ذكر اليوم اآلخر يطھر القلوب من الحسد والفرقة واالختالف‪.‬‬
‫ذكره يھدد الظلمة ليرعووا‪ ،‬ويعزي المظلومين ليسكنوا فكل سيأخذ حقه ال محالة حتى‬
‫يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء‪ ،‬فال ظلم وال ھضم‪:‬‬
‫والوزن بالقسط فال ظلم وال……‪.‬يأخذ عبد بسوى ما عمال‬
‫ذكر اليوم اآلخر يمسح على قلوب المستضعفين والمضطھدين والمظلومين مسحة‬
‫يقين تسكن معه قلوبھم‪ ،‬ثم تثبت شماء وھي تتطلع لما أعده ﷲ للصابرين من نعيم‬
‫ُينسى معه كل ضر وبالء وسوء وعناء‪.‬‬
‫وتتطلع لما أعده للظالمين من بؤس ُينسى معه كل ھناء‪.‬‬
‫فھيا معي يا عباد ﷲ إلى مشاھد من الحسرة أسأل ﷲ أن ال تكونوا من أھل الحسرة‪.‬‬
‫عل ذلك أن تصلح معه القلوب‪ ،‬وتتجه إلى عالم الغيوب وتنقاد الجوارح إلى العمل‬
‫الصالح‪.‬‬
‫إنه يوم الحسرة‪:‬‬
‫به وھدد‪ ،‬قال ﷲ عز وجل ‪:‬‬ ‫وتوعد ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وخوف‪،‬‬ ‫انذر به‬
‫َ‬ ‫يوم‬
‫ٍ‬ ‫يوم الحسرة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ومما أدراك ما‬
‫غفلة وھم ال يؤمنون(‬ ‫ٍ‬ ‫األمر وھم في‬ ‫ُ‬ ‫قضي‬
‫َ‬ ‫يوم الحسر ِة إذ‬ ‫َ‬ ‫)و أنذرھم‬
‫يجمع األولون‬
‫ُ‬ ‫يوم‬ ‫األمر‪،‬‬ ‫يقضى‬ ‫حين‬ ‫الحسرة‬
‫ِ‬ ‫بيوم‬
‫ِ‬ ‫وترھيب‬
‫ٍ‬ ‫تخويف‬
‫ٍ‬ ‫في‬ ‫إخبار‬ ‫إنذار و‬
‫ُ‬
‫موقف واحد‪ ،‬يسألون عن أعمالھم‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫واألخرون في‬
‫سعادة ال يشقى بعدھا أبدا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫سعد‬
‫ِ َ‬ ‫آمن و أتبع‬ ‫َ‬ ‫فمن‬
‫وندم‬
‫ِ َ‬ ‫وتحسر‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫وأھله‬ ‫نفسه‬
‫َ ُ‬ ‫وخسر‬
‫َ‬ ‫يسعد بعده أبدا‪،‬‬
‫ُ‬ ‫شقاء ال‬‫ً‬ ‫تمرد وعصى شقي‬ ‫َ‬ ‫ومن‬
‫األفئدة أسفا‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وتتصدع منه‬
‫ُ‬ ‫القلوب‬
‫ُ‬ ‫تتقطع منھا‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫ندامة‬
‫وجه ال‬
‫ٍ‬ ‫سخطه وناره على‬ ‫ِ‬ ‫أعظم من فواتِ رضاء ﷲ وجنته واستحقاقِ‬ ‫ُ‬ ‫حسرة‬
‫ٍ‬ ‫وأي‬
‫ُ‬
‫حاله وال أمل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫تغيير‬
‫ِ‬ ‫إلى‬ ‫له‬ ‫سبيل‬
‫َ‬ ‫وال‬ ‫العمل‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ليستأنف‬ ‫ُ ُ‬ ‫الرجوع‬ ‫معه‬ ‫يمكن‬
‫ُ‬
‫بقلوبھم‬
‫ِ‬ ‫األمر العظيم‪ ،‬فلم يخطر‬ ‫ِ‬ ‫غفلة عن ھذا‬ ‫ٍ‬ ‫لحال في الدنيا أنھم كانوا في‬ ‫ُ‬ ‫وقد كان ا‬
‫ندم وال‬
‫ُ‬ ‫ينفع‬
‫ُ‬ ‫حيث ال‬‫ُ‬ ‫للندم والحسرة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫مصيرھم فيا‬ ‫َ‬ ‫الغفلة حتى واجھوا‬ ‫ِ‬ ‫سبيل‬
‫ِ‬ ‫إال على‬
‫حسرة‪.‬‬
‫كبش أملح‬ ‫ُ‬ ‫يجاء بالموت كما في صحيح البخاري كأنه‬ ‫ُ‬ ‫يوم الحسرة‪ ) ،‬يوم‬ ‫َ‬ ‫وأنذرھم‬
‫ُ‬
‫الجنة ھل تعرفون ھذا؟‬ ‫ِ‬ ‫أھل‬
‫َ‬ ‫يا‬ ‫‪:‬‬‫فيقال‬ ‫والنار‬ ‫نة‬
‫ِ‬ ‫الج‬ ‫بين‬ ‫فيوقف‬
‫ُ‬
‫وينظرون ويقولون نعم ھذا الموت‪.‬‬ ‫َ‬ ‫فيشرأبون‬
‫النار ھل تعرفون ھذا؟‬ ‫ِ‬ ‫يقال يا أھل‬ ‫ُ‬ ‫ثم‬
‫وينظرون ويقولون نعم ھذا الموت‪.‬‬ ‫َ‬ ‫فيشرأبون‬
‫خلود فال موت(‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫النار‬
‫ِ‬ ‫أھل‬
‫َ‬ ‫خلود فال موت‪ ،‬ويا‬ ‫ُ‬ ‫الجنة‬
‫ِ‬ ‫أھل‬
‫َ‬ ‫فيذبح‪ ،‬ثم يقال يا‬‫ُ‬ ‫فيأمر به‬ ‫ُ‬ ‫قال‪،‬‬
‫)وأنذرھم يوم الحسرة إذ قضي األمر وھم في غفلة وھم ال يؤمنون(‪.‬‬
‫عيون صارت كالعيون مما تدمع‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫إذ ال ينفع‪ ،‬ومن‬ ‫آه من تأوه حين ٍ‬
‫وتأسفات ورد ذكرھا في غير ما آية من‬ ‫ٌ‬ ‫ندامات‬
‫ٌ‬ ‫أنباء مھوالت‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫حسرة بل حسرات‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫إنھا‬
‫يوم الحسرة والحسرات‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫عن‬ ‫والھيات‬ ‫والھين‬ ‫اآليات‬ ‫عن‬ ‫معرضين‬ ‫عن‬ ‫تصدر‬
‫ُ‬ ‫اآليات‬
‫نذكر بعض منھا في ھذه الخطبة من رسالة )قل ھو نبأ عظيم( بتصرف يسير‪.‬‬
‫وقبل أن‬
‫َ‬ ‫أعمار وأوقات‬
‫ٍ‬ ‫مھلة من‬
‫ٍ‬ ‫أنفسنا ما دمنا في‬ ‫ِ‬ ‫نحاسب‬
‫َ‬ ‫تذكرة وعظات‪ ،‬علنا أن‬ ‫ٌ‬ ‫إنھا‬
‫ندم وال حسرات‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ينفع‬
‫ُ‬ ‫نندم حيث ال‬ ‫َ‬
‫فمن ھذه الحسرات "أجاركم ﷲ من الحسرات"‪:‬‬

‫صالحة‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫أعمال‬
‫ٍ‬ ‫الحسر ُة على‬
‫ھباء‬
‫ً‬ ‫ومنة‪ ،‬فضاعت وصارت‬
‫ٍ‬ ‫وعجب‬
‫ٍ‬ ‫األعمال من ريا ٍء ُ‬
‫ِ‬ ‫مبطالت‬
‫ُ‬ ‫الشوائب وكدرتھا ُ‬
‫ُ‬ ‫شابتھا‬
‫واحدة‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫حسنة‬
‫ٍ‬ ‫يكون إلى‬
‫ُ‬ ‫أشد ما‬
‫ُ‬ ‫فيه‬
‫ِ‬ ‫اإلنسان‬
‫ُ‬ ‫وقت‬
‫ٍ‬ ‫في‬ ‫منثورا‪،‬‬
‫ﷲ ما لم يكونوا يحتسبون(‬ ‫)وبدا لھم من ِ‬
‫)وبدا لھم سيئات ما كسبوا وحاط بھم ما كانوا به يستھزئون(‬
‫ممزقة الرواقِ‬
‫َ‬ ‫خيام………إذا كانت‬ ‫ٌ‬ ‫برد‬
‫تقيك من ٍ‬‫َ‬ ‫فكيف‬
‫َ‬
‫الفضل عند ﷲ ليس بصورة األعمال بل بحقائق اإليمان‪.‬‬
‫القصد وجه ﷲ باألقوال والطاعات والشكران‪.‬‬
‫بذاك ينجو العبد من حسراته ‪،‬ويصير حقا عابد الرحمن‪.‬‬

‫طاعة ﷲ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫التفريط في‬
‫ِ‬ ‫الحسر ُة على‬
‫نسيان‬
‫ِ‬ ‫بزيفھا مع‬
‫ِ‬ ‫واالغترار‬
‫ِ‬ ‫وحرامھا‪،‬‬
‫ِ‬ ‫حاللھا‬
‫ِ‬ ‫اللھث وراء الدنيا‬
‫ِ‬ ‫القصير في‬
‫ِ‬ ‫عمر‬
‫ِ‬ ‫وتصرم ال‬
‫ِ‬
‫وأھوالھا‪:‬‬
‫ِ‬ ‫اآلخرة‬
‫ِ‬
‫) أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب ﷲ وإن كنت لمن الساخرين(‬
‫) أو تقول لو أن ﷲ ھداني لكنت من المتقين(‬
‫) أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين(‬
‫) بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بھا واستكبرت وكنت من الكافرين(‬
‫علم من الباقي‬
‫ٍ‬ ‫حصلت على‬
‫ُ‬ ‫انتفعت به……‪.‬وال‬
‫ُ‬ ‫العمر ال الماضي‬
‫ِ‬ ‫يا ضيعة‬
‫قدمته ال قي‬
‫ُ‬ ‫لكل الذي‬
‫ِ‬ ‫أيقنت وا أسفا……‪..‬أني‬‫ُ‬ ‫علمت وقد‬‫ُ‬ ‫بلى‬

‫التفريط في النفسِ واألھل‪:‬‬


‫ِ‬ ‫الحسر ُة على‬
‫فتنت بھم‪ ،‬ذلك‬
‫َ‬ ‫نفسك بعد ما‬
‫ُ‬ ‫وتخسرھم مع‬
‫َ‬ ‫تفقدھم‬
‫َ‬ ‫تقيھم من عذاب جھنم‪ ،‬يوم‬
‫أن َ‬
‫والحسرة والنار‪ ،‬حالك‪:‬‬
‫ُ‬ ‫الخزي والخسار‬
‫ُ‬ ‫ھو‬
‫يرسل‬
‫ُ‬ ‫صدري‬ ‫نحو‬ ‫مني‬ ‫والسھم‬ ‫‪..‬‬ ‫……‬ ‫سيفه‬ ‫يجرد‬
‫ّ ُ‬ ‫بعضي‬ ‫على‬ ‫بعضي‬
‫أشعل‬
‫ُ‬ ‫النار توقد في خيام عشيرتي…………وأنا الذي يا للمصيبة ُ‬ ‫ُ‬

‫الخسران‬
‫ُ‬ ‫يوم القيامة‪ ،‬آال ذلك ھو‬
‫َ‬ ‫أنفسھم وأھليھم‬
‫َ‬ ‫) قل إن الخاسرين الذين خسروا‬
‫المبين(‪.‬‬
‫أعمال صالحة‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫الحسر ُة على‬
‫حدود ِ‬
‫ﷲ‬ ‫َ‬ ‫اليوم العصيب إلى من تعديت‬‫ِ‬ ‫ﷲ عليھا‪ ،‬ولكنھا ذھبت في ذلك‬ ‫كان األمل بعد ِ‬
‫فكنت مفلساً حقا‪:‬‬
‫َ‬ ‫عرض‪،‬‬ ‫أو‬ ‫دم‬
‫ٍ‬ ‫أو‬ ‫مال‬
‫ٍ‬ ‫في‬ ‫فظلمتھم‬
‫َ‬ ‫فيھم‬
‫خاب من حمل ظلما(‪.‬‬ ‫َ‬ ‫)وقد‬
‫فيطرح عليك من‬
‫ُ‬ ‫فيأخذ ھذا من حسناتِك وھذا من حسناتك‪ ،‬ثم تفنى الحسنات‬ ‫ُ‬
‫سخط‬
‫ِ‬ ‫تطرح في النار‪ ،‬أجارك ﷲ من سامعٍ من النار وجنبك‬
‫ُ‬ ‫ثم‬ ‫ظلمتھم‬
‫َ‬ ‫من‬ ‫ِ‬ ‫سيئات‬
‫الواحد القھار‪.‬‬
‫َ‬ ‫بفعل ما يرضي‬
‫ِ‬ ‫الجبار‬

‫أھل السوء‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫جلساء‬


‫ِ‬ ‫حسر ُة ُ‬
‫عظيمة‬
‫ٌ‬ ‫لحسرة‬
‫ُ‬ ‫الفضيلة‪ ،‬إنھا‬
‫ِ‬ ‫ويصدونھم عن‬
‫َ‬ ‫الرذيلة‪،‬‬
‫ِ‬ ‫يقودونھم إلى‬
‫َ‬ ‫يوم انساقوا معھم‬ ‫َ‬
‫عض األيدي كما قال ربي‪:‬‬‫ُ‬ ‫ينفع‬
‫ُ‬ ‫ال‬ ‫يوم‬
‫َ‬ ‫األيدي‬ ‫ِ‬ ‫بعض‬ ‫عنھا‬ ‫يعبرون‬ ‫الحسرة‬ ‫يوم‬
‫ِ‬ ‫في‬
‫الرسول سبيال(‬
‫ِ‬ ‫اتخذت مع‬
‫ُ‬ ‫يقول يا ليتني‬
‫ُ‬ ‫يديه‬ ‫على‬ ‫الظالم‬ ‫يعض‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ويوم‬
‫َ‬ ‫)‬
‫ً‬
‫) ياويلتى ليتني لم أتخذ فالنا خليال(‬
‫نسان خذوال(‪.‬‬
‫ِ‬ ‫الشيطان لإل‬
‫ُ‬ ‫الذكر بعد إذ جاءني وكان‬ ‫ِ‬ ‫) لقد أضلني عن‬

‫لكل ناعق‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫األتباع المقلدين‬


‫ُ‬ ‫حسر ُة‬
‫يوم يتبرأ منھم من تبعوه بالباطل فال ينفعھم ندم وال حسرة‪:‬‬
‫)ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة ‪ 9‬جميعا‪ ،‬وأن ﷲ شديد العذاب(‬
‫أتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بھم األسباب(‬ ‫أتبعوا من الذين َ‬‫) إذا تبرأ الذين ُ‬
‫أتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منھم كما تبرءوا منا(‬
‫) وقال الذين َ‬
‫) كذلك يرويھم ﷲ أعمالھم حسرات عليھم وما ھم بخارجين من النار(‪.‬‬

‫حسرة الظالمين المفسدين في األرض‪:‬‬


‫أوزارھم وأوزار الذين يضلونھم‬
‫َ‬ ‫يحملون‬ ‫حين‬ ‫سبيل ﷲ ويبغونھا عوجا‪،‬‬‫ِ‬ ‫الذين يصدون عن‬
‫َ‬
‫بغير علم‪ ،‬وحين يسمعون عندھا قول ﷲ ‪:‬‬ ‫ِ‬
‫سبيل ﷲ ويبغونھا‬
‫ِ‬ ‫لعنت ﷲ على الظالمين‪ ،‬الذين يصدون عن‬ ‫ُ‬ ‫مؤذن بينھم أن‬
‫ٌ‬ ‫) فأذن‬
‫كافرون (‪.‬‬
‫ِ‬ ‫باآلخرة‬
‫ِ‬ ‫عوجا وھم‬
‫ومن أعظم المشاھد حسرة في يوم القيامة يوم يكفر الظالمون بعضھم ببعض ويلعن‬
‫بعضھم بعضا محتدين ومتبرئين فذلك قول ﷲ‪:‬‬
‫) قال ادخلوا في أمم قد خلت من قبلكم من الجن واإلنس في النار‪ ،‬كلما دخلت أمة‬
‫لعنت أختھا(‬
‫) حتى إذا إداركوا فيھا جميعا قالت أخراھم األوالھم ربنا ھؤالء أضلونا فآتھم عذابا ضعفا‬
‫من النار(‬
‫لكل ضعف ولكن ال تعلمون(‬ ‫ٍ‬ ‫) قال‬
‫) وقالت أوالھم ألخراھم فما كان لكم علينا من فضل فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون(‪.‬‬
‫فيا حسرة الظلمة وأعوانھم حين يعلمون فداحة جريمتھم في تنفيذ رغبات الظالمين‪،‬‬
‫لكن حيث ال ينفعھم علم العالمين‪ ،‬وعندھا لسادتھم يقولون‪:‬‬
‫لكن حيث ال ينفعھم علم العالمين‪ ،‬وعندھا لسادتھم يقولون‪:‬‬
‫) إنا كنا لكم تبعا فھل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار( ؟‬
‫فإذا بالسادة أذلة قد عنت وجوھھم للحي القيوم ال يملكون النفسھم شيئا وال‬
‫يستطيعون يقولون‪:‬‬
‫) إنا كل فيھا‪ ،‬إنا ﷲ قد حكم بين العباد(‪.‬‬
‫إن ‪ 9‬غضبة لو وعاھا من………‪ .‬بغى ما عدا يمط اللسان‬
‫كم من ظالم يردد‪:‬‬
‫)وقال الذين كفروا للذين أمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم‪ ،‬وما ھم بحاملين من‬
‫خطاياھم من شيء إنھم لكاذبون‪ ،‬وليحملن أثقالھم وأثقاال مع أثقالھم‪ ،‬وليسألن يوم‬
‫القيامة عما كانوا يفترون(‪.‬‬
‫فالعقالء بمقولتھم ال يغترون‪ ،‬وإن فعلوا فأنھم يوم إذ في العذاب والحسرة مشتركون‪.‬‬
‫تصور معي أخي ذلك الجو من الحسرة والخزي والندامة المخيمة على المستضعفين‬
‫والمستكبرين‪.‬‬
‫أتباع ضعفاء يتھمون زعمائھم بالحيلولة بينھم وبين اإليمان‪.‬‬
‫ومستكبرون يقولون إلتباعھم أنتم المجرمون دعوناكم فكنتم مجيبين‪.‬‬
‫لو رأيتھم إذ وقفوا عند ربھم من غير إرادة وال اختيار مذنبون ترھقھم ذلة في انتظار‬
‫الجزاء لرأيت أمرا مھوال‪ ،‬يتراجعون‪ ،‬يرجع بعضھم إلى بعض القول‪.‬‬
‫يلوم بعضھم بعضا‪.‬‬
‫ويؤنب بعضھم بعضا‪.‬‬
‫ويلقي بعضھم تبعة ما ھم فيه على بعض‪.‬‬
‫يقول أتباع الظالل الذين اُستضعفوا لقادة الضالل الذين استكبروا‪:‬‬
‫) لوال أنتم لكنا مؤمنين (‪.‬‬
‫يقولونھا جاھرين بھا صادعين في وقت لم يكونوا في الدنيا بقادرين على ھذه‬
‫المواجھة‪ ،‬كان يمنعھم الذل والضعف واالستسالم‪ ،‬وبيع الحرية التي وھبھا ﷲ لھم‬
‫والكرامة التي منحھم ﷲ إياھا‪.‬‬
‫أما اليوم يوم الحسرة فقد سقطت القيم الزائفة وواجھوا العذاب فھم يقولونھا غير‬
‫خائفين‪:‬‬
‫) لوال أنتم لكنا مؤمنين (‪.‬‬
‫حلتم بيننا وبين اإليمان‪ ،‬زينتم لنا الكفران فتبعنكم فأنتم المجرمون وبالعذاب أنتم‬
‫جديرون وله مستحقون‪.‬‬
‫ويضيق الذين استكبروا بھم ذرعا إذ ھم في البالء سواء ويريد ھؤالء الضعفاء أن‬
‫يحملوھم تبعة اإلغواء الذي صار بھم إلى ھذا البالء‪ ،‬عند إذ يردون عليھم ويجيبونھم‬
‫في ذلة مصحوبة بفظاظة وفحشاء‪:‬‬
‫) أنحن صددناكم عن الھدى؟(‬
‫ﷲ أكبر كانوا في الدنيا ال يقيمون لھم وزنا‪ ،‬وال يأخذون منھم رأي‪ ،‬وال يعتبرون لھم‬
‫وجودا‪ ،‬وال يقبلون منھم مخالفة‪ ،‬بل حتى مناقشة‪.‬‬
‫أما اليوم‪ ،‬يوم الحسرة فھم يسألونھم في استنكار األذالء‪:‬‬
‫) أنحن صددناكم عن الھدى بعد إذ جاءكم ؟ بل كنتم مجرمين(‪.‬‬
‫زينا لكم اإلجرام؟ نعم‪ ،‬لكنا لم نكرھكم عليه‪ ،‬فما لكم علينا من سلطان‪.‬‬
‫آما أنه لو كان األمر في الدنيا لقبع المستضعفون ال ينبسون ببنت شفه‪.‬‬
‫لكنھم في اآلخرة حيث سقطت الھاالت الكاذبة‪ ،‬والقيم الزائفة‪ ،‬وتفتحت العيون‬
‫المغلقة‪ ،‬وظھرت الحقائق المستورة فلم يسكت المستضعفون وال ھم يخنعون‪ ،‬بل‬
‫يجابھون من كانوا لھم يذلون ويقولون‪:‬‬
‫) بل مكر الليل والنھار إذ تأمروننا أن نكفر با‪ 9‬ونجعل له أندادا(‪.‬‬
‫مكركم لم يفتر ليال وال نھارا للصد عن الھدى‪.‬‬
‫تزينون لنا الضالل وتدعوننا إلى الفساد‪ ،‬وتقولون إنه الحق‪.‬‬
‫ثم تقدحون في الحق وتزعمون أنه باطل‪ ،‬فما زال مكركم بنا حتى أغويتمونا وفتنتمونا‪.‬‬

‫يا عباد ﷲ‪:‬‬


‫إن صور المكر تتنوع وتختلف من عصر آلخر‪.‬‬
‫ففي وقت نزول القرآن كانت تتخذ أشكاال من األشعار في منتديات الجاھلية توجه فيھا‬
‫التھم الباطلة لرسول ﷲ صلى ﷲ عبيه وسلم ومن معه‪.‬‬
‫أو بصد الراغبين عن سماع الحق وتفويته عليھم‪.‬‬
‫أو بإثارة نعرة األباء واألجداد والتھويل من خطر تركھا‪.‬‬
‫ھذا جل ما عند الجاھلية األولى من مكر الليل والنھار‪ ،‬و وﷲ إنه لعظيم‪.‬‬
‫لكن ماذا يساوي ذلك المكر األول عند مكر الليل والنھار في زماننا الحاضر في أكثر ديار‬
‫المسلمين‪ ،‬والذي ينطبق تماما بلفظه ومعناه على المكر الموجود اآلن الذي يعمل‬
‫على مدى األربع والعشرين ساعة‪:‬‬
‫فما يكاد المذياع يفتر من مكره حتى يأتي دور التلفاز‪.‬‬
‫وما يكاد التلفاز يفتر من مكره حتى يأتي دور الفيديو‪.‬‬
‫ثم يأتي دور البث المباشر‪.‬‬
‫دواليك مكر بالليل والنھار‪.‬‬
‫َ‬ ‫دواليك‬ ‫وھكذا‬ ‫الخليعة‪،‬‬ ‫فالقصة‬ ‫ثم المجلة الھابطة‪،‬‬
‫ھل يعذر المسلم في فتح فكره وبيته لمكر الليل والنھار؟؟؟‬
‫كال وﷲ ال يعذر‪ ،‬ألن المفسدين المتسلطين لن يعذروه بين يدي ﷲ يوم القيامة‬
‫بقولھم‪:‬‬
‫) أنحن صددناكم عن الھدى بعد إذ جاءكم ؟ بل كنتم مجرمين(‪.‬‬
‫ويرد ھؤالء المستضعفون‪:‬‬
‫) بل مكر الليل والنھار(‪.‬‬
‫ثم يدرك الجميع أن ھذا الحوار البائس ال ينفع ھؤالء وال ھؤالء إال براءة بعضھم من بعض‪.‬‬
‫علم كل منھم نه ظالم لنفسه‪ ،‬مستحق للعذاب فندم حين ال ينفع الندم‪.‬‬
‫ويتمنى سرا أن لو كان على الحق واإليمان‪:‬‬
‫وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وجعلنا األغالل في أعناق الذين كفروا‪ ،‬ھل يجزون إال ما‬ ‫) ّ‬
‫كانوا يعملون(‬
‫الجناح‬
‫ُ‬ ‫شرك فباتت……تجاذبه وقد علق‬ ‫َ‬ ‫غرھا‬
‫قطاة ّ‬
‫براح‬
‫ُ‬ ‫لھا‬ ‫كان‬ ‫الصبح‬ ‫في‬ ‫وال‬ ‫‪.‬‬‫……‬ ‫تمنت‬ ‫ما‬ ‫نالت‬ ‫الليل‬ ‫فال في‬
‫قضي األمر وانتھى الجدل وسكت الحوار‪.‬‬
‫وھنا يأتي حادي الغواة‪ ،‬وھاتف الغواية يخطب خطبته الشيطانية القاصمة يصبھا على‬
‫أوليائه‪:‬‬
‫) وقال الشيطان لما قضي األمر‪ ،‬إن ﷲ وعدكم وعد الحق‪ ،‬ووعدتكم فأخلفتكم (‪.‬‬
‫طعنة أليمة نافذة ال يملكون أن يردوھا عليه‪ ،‬وقد قضي األمر وفات األوان‪:‬‬
‫) وما كان لي عليكم من سلطان إال أن دعوتكم فاستجبتم لي (‪.‬‬
‫ثم يأنبھم على أن أطاعوه‪:‬‬
‫) فال تلوموني ولوموا أنفسكم‪ ،‬ما أنا بمصرخكم‪ ،‬وما أنتم بمصرخي (‪.‬‬
‫ومناھم ووسوس لھم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫نفض يده منھم وھو الذي وعدھم‬
‫وأما الساعة فلن يلبيھم إن صرخوا‪ ،‬ولن ينجدوه إن صرخ )إن الظالمين لھم عذاب أليم‬
‫(‪.‬‬
‫فيا للحسرة والندم‪.‬‬

‫محدثة‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫أعمال‬
‫ٍ‬ ‫الحسر ُة على‬
‫ويحسب أھلھا‬
‫ُ‬ ‫رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫يتبع فيھا‬ ‫ُ‬ ‫وعباداتٍ لم يأذن ﷲ بھا ولم‬
‫أنھم يحسنون صنعا‪:‬‬
‫) قل ھل ننبئكم باألخسرين أعماال‪ ،‬الذين ضل سعيھم في الحياة الدنيا وھم يحسبون‬
‫أنھم يحسنون صنعا (‪.‬‬
‫الحاجة الماسة إليھا فھم األخسرون أعماال وساءوا أعماال‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫وقت‬
‫ِ‬ ‫تضيع في‬‫ُ‬ ‫لكنھا‬
‫ماء‪،‬‬
‫الظامئان ً‬
‫ُ‬ ‫بقيعة يحسبه‬
‫ٍ‬ ‫يوم عاصف أو كسرابٍ‬ ‫ٍ‬ ‫الريح في‬ ‫ُ‬ ‫كرماد اشتدت به‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬
‫أعمالھم‬
‫حسابه‪.‬‬ ‫فوفاه‬ ‫عنده‬ ‫ﷲ‬ ‫ووجد‬ ‫حتى إذا جاءه لم يجده شيأً‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫جاءه لم يجده‬‫ُ‬ ‫إذا‬ ‫حتى‬ ‫ماء‪،‬‬
‫ً‬ ‫الظامئان‬ ‫يحسبه‬ ‫بقيعة‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫كسراب‬ ‫أعمالھم‬ ‫كفروا‬ ‫) والذين‬
‫حسابه (‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ﷲ عنده فوفاه‬ ‫شيئا ووجد َ‬
‫يا أيھا الالھي الذي افترش الھوى…‪..‬وبكل معنى للضالل تدثرا‬
‫إن كنت ذا عقل ففكر برھة…………‪.‬ما خاب ذو عقل إذا ما فكرا‬

‫أموال جمعت من وجوه الحرام‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫الحسر ُة على‬


‫وغيرھا‪.‬‬
‫ِ‬ ‫واحتيال‬
‫ٍ‬ ‫وسرقة‬
‫ٍ‬ ‫ورشوة وغشٍ غصب‬ ‫ِ ٍ‬ ‫رباً‬
‫َ‬
‫فيرثه‬ ‫بمعصية ﷲ‪،‬‬
‫ِ‬ ‫فيعمل فيه‬
‫ُ‬ ‫ﷲ ماال ً في الدنيا‪،‬‬
‫تيه ُ‬‫امرؤ يؤ َ‬
‫ٍ‬ ‫حسرة أكبر على‬
‫ٍ‬ ‫فيا ‪ 9‬أي‬
‫وأجره لغيره‪.‬‬
‫ُ‬ ‫فيكون وزره عليه‬
‫ُ‬ ‫بطاعة ﷲ‪،‬‬
‫ِ‬ ‫فيعمل فيه‬
‫ُ‬ ‫غيره‬
‫َ‬
‫ملكه إياه في الدنيا يرى في نفسه أنه‬‫أي حسرة أكبر على امرؤ أن يرى عبدا كان ﷲ ّ‬
‫خبر من ھذا العبد‪ ،‬فإذا ھذا العبد عند ﷲ أفضل منه يوم القيامة‪.‬‬
‫أي حسرة أكبر على امرؤ أن يرى عبدا مكفوف البصر في الدنيا قد فتح ﷲ له عن بصره‬
‫عمي ھو‪ ،‬إن تلك الحسرة لعظيمة عظيمة‪.‬‬‫َ‬ ‫يوم القيامة وقد‬
‫فشقي به‪ ،‬وعمل به من‬
‫َ‬ ‫به‬ ‫يعمل‬ ‫ولم‬ ‫ضيعه‬ ‫ثم‬ ‫علما‬ ‫علم‬ ‫امرؤ‬ ‫على‬ ‫أي حسرة أكبر‬
‫تعلمه منه فنجى به‪.‬‬
‫أي حسرة أعظم من حسرات المنافقين الذين يقولون بأفواھھم ما ليس في قلوبھم‪.‬‬
‫يوم تبلى السرائر وينكشف المخفي في الضمائر ويعرضون ال يخفى منھم على ﷲ‬
‫خافية‪ ،‬ثم يكون المأوى الدرك األسفل من النار ثم ال يجدون لھم نصيرا‪.‬‬

‫أما الحسر ُة الكبرى فھي‪:‬‬


‫رضوان ﷲ والنعيم المقيم وھم يقولون‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الجنة وقد فازوا ب‬
‫ِ‬ ‫أھل‬
‫َ‬ ‫أھل النار‬
‫َ‬ ‫عندما يرى‬
‫) أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا‪ ،‬فھل وجدتم ما وعد ربكم حقا( ؟‬
‫) قالوا نعم فأذن مؤذن بينھم أن لعنة ﷲ على الظالمين (‪.‬‬

‫وحسرة أعظم‪:‬‬
‫الجنة ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫أھل النار أھل‬
‫ُ‬ ‫يوم ينادي‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫الماء أو مما رزقكم ﷲ(‬ ‫) أن أفيضوا عينا من‬
‫ﷲ حرمھما على الكافرين (‪.‬‬ ‫) قالوا إن َ‬

‫وحسرة أجل‪:‬‬
‫ً‬
‫النار مالكا خازن النار‪:‬‬
‫ِ‬ ‫أھل‬
‫ُ‬ ‫حين ينادي‬
‫) ليقضي علينا ربك(‪.‬‬
‫أكثركم للحق كارھون (‪.‬‬
‫َ‬ ‫ولكن‬ ‫ِ‬ ‫بالحق‬ ‫جئناكم‬ ‫لقد‬ ‫) قال إنكم ماكثون‬

‫ومنتھى الحسرة ِوقصاراھا‪:‬‬


‫ربھم عز وجل وتبارك وتقدس‪:‬‬ ‫حين ينادون َ‬
‫) ربنا أخرجنا منھا فإن عدنا فأنا ظالمون (‪.‬‬
‫فيجبھم بعد مـدة‪:‬‬ ‫ُ َ‬
‫) اخسئوا فيھا وال تكلمون (‪.‬‬
‫فال تسأل‪ ،‬ال ينبسون ببنت شفة وإنما ھو الشھيق والزفير‪.‬‬
‫جزع‬
‫ُ‬ ‫ھيھات ال رقة تغني وال‬ ‫َ‬ ‫تضرعھم‬
‫ُ‬ ‫الزفير فلم ُيرحم‬ ‫ُ‬ ‫طال‬
‫فيا حسرة المقصرين‪.‬‬
‫ويا خجلة العاصين‪.‬‬
‫وتبعات تبقى‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫تمر‬
‫ٌ‬ ‫لذات‬
‫اآلخرة على الدرجات‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫والحصول في‬
‫َ‬ ‫تريدون نيل الشھواتِ‬
‫ممكن يا تراب‪.‬‬‫ٌ‬ ‫األضداد غير‬
‫ِ‬ ‫جمع‬
‫يلتام‬
‫ُ‬ ‫الشام………وذا وذاَ يا خي ال‬ ‫ُ‬ ‫ھواك نجد وھواه‬
‫واغتنم شبابك قبل‬
‫ِ‬ ‫ندمك‬ ‫حلول‬ ‫وخف‬ ‫قدمك‪،‬‬‫ِ‬ ‫زلل‬ ‫وأحذر‬ ‫باقي‬ ‫ھو‬ ‫لما‬ ‫دع الذي يفنى‬
‫ينفع ندمك‪.‬‬
‫ُ‬ ‫تتحسر حين ال‬
‫ُ‬ ‫ھرمك‪ ،‬واقبل نصحي وال تخاطر بدمك‪ ،‬ثم‬ ‫ِ‬
‫وانته‬
‫ِ‬ ‫ناصح عن الفاحشاتِ إنزجر‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫إذا ما نھاك امرأ‬
‫ِ‬ ‫النائح‬ ‫وصوت‬
‫ُ‬ ‫القبر‬
‫ِ‬ ‫ظلمة‬
‫ُ‬ ‫بعدھا‬ ‫من‬ ‫إن دنياً يا أخي‬
‫ريشة من جانحِ‬ ‫ً‬ ‫خردل أو تساوي‬ ‫ٍ‬ ‫حبة من‬ ‫ً‬ ‫ال تساوي‬
‫أساليب الفريق الرابحِ‬‫َ‬ ‫قيمة الربح…‪ ..‬وسل عن‬ ‫َ‬ ‫ال تسل عن‬

‫ويتحسر‬
‫َ‬ ‫يوم يخس ُر المبطلون األشقياء‪،‬‬
‫َ‬ ‫جعلنا ﷲ وإياكم من الرابحين السعداء‪،‬‬
‫الضر والبالء‪.‬‬
‫ِ‬ ‫وكاشف‬
‫َ‬ ‫النعماء‬ ‫ولي‬
‫ُ‬ ‫المتحسرون التعساء‪ ،‬إن ربي‬

‫والحسرة والخسران‪.‬‬
‫ِ‬ ‫صور الخزي‬
‫ِ‬ ‫الرحمن عن‬
‫ِ‬ ‫البيان من كتاب‬
‫ِ‬ ‫عباد ﷲ وبعد ھذا‬
‫العظيم عدته؟‬ ‫ِ‬ ‫الموقف‬
‫ِ‬ ‫نعد لھذا‬ ‫َ‬ ‫ھل آن لنا أن‬
‫المخزية‪.‬‬
‫ِ‬ ‫المواقف‬
‫ِ‬ ‫أھل ھذه‬ ‫ِ‬ ‫ونعمل جاھدين على الخالصِ من صفاتِ‬ ‫َ‬
‫ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪.‬‬ ‫لرسول ِ‬‫ِ‬ ‫المتابعة‬
‫ِ‬ ‫ونجرد‬
‫َ‬ ‫العبادة ‪ 9‬وحده‪،‬‬ ‫َ‬ ‫آن لنا أن ُنخلص‬
‫نفس يا‬
‫ُ‬ ‫تقول‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫قبل‬ ‫والنھار‬ ‫الليل‬
‫ِ‬ ‫في‬ ‫يمكر‬
‫ُ‬ ‫خائن‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ملبس‬ ‫ٍ‬ ‫ناعق‬ ‫كل‬
‫ِ‬ ‫من‬ ‫نحذر‬
‫َ‬ ‫آن لنا أن‬
‫حسرتاه وال مناة حين مناص‪.‬‬
‫لضعفة األتباع أن يتبرءوا من متبوعيھم الظالمين المفسدين فال يكونوا أداة‬ ‫ِ‬ ‫آن األوان‬
‫أموال أو أعراض طمعاً في جاه أو حطام‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ُلم في دماء أو‬ ‫ٍ‬ ‫ظ‬ ‫لھم في‬
‫يوم‬
‫َ‬ ‫والبراءة من الظالمين قبل أن يتبرءوا من تابعيھم بين يدي ﷲ‬ ‫ِ‬ ‫لإلنابة‬
‫ِ‬ ‫آن األوان‬
‫بعضھم بعضا حيث ال ينفع لعن وال ندم‪.‬‬ ‫َ‬ ‫فيلعن‬ ‫عليھم‬ ‫ينقلبون‬
‫آن األوان للمرأة المسكينة في زماننا اليوم أن تتنبه لھذه المواقف فتتبرأ في دنياھا‬
‫اليوم من كل ناعق لھا بأسم الحرية والتمدن ومتابعة األزياء والموضات‪.‬‬
‫وحتى ال تحق عليھا الحسرة الكبرى حينما يتبرأ منھا شياطين األنس والجن الذين‬
‫أضلوھا ثم ال يغنوا عنا من عذاب ﷲ من شيء إال الخصام والتالعن المذكور في كتاب‬
‫ﷲ‪:‬‬
‫) وقالوا ربنا إننا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيال(‬
‫) ربنا آتھم ضعفين من العذاب والعنھم لعنا كبير(‪.‬‬
‫آن األوان ألتباع الطوائف الضالة المبتدعة أن يفيقوا ويدركوا خطر ھذه المتابعة التي‬
‫ستنقلب حسرة كبرى وعداوة ولعنة بينھم وبين متبوعيھم يوم القيامة‪:‬‬ ‫ُ‬
‫)ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار وما لكم من‬
‫ناصرين(‪.‬‬
‫دعاة‬
‫ُ‬ ‫والمفسدين في األرض‪ ،‬ومن ھم‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫السوء‬ ‫ِ‬
‫لجلساء‬ ‫آن األوان لمن أعطوا قيادھم‬
‫والصد عن‬ ‫ِ‬ ‫قلوبھم للمكر واألالعيب‬ ‫َ‬ ‫الرذيلة ويفتحون‬ ‫ِ‬ ‫جھنم يسوقونھم إلى‬ ‫َ‬ ‫على أبوابِ‬
‫الفضيلة‪.‬‬
‫مھلة وإمكان‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫زمن من‬‫ٍ‬ ‫وطاعتھم لھم ما داموا في‬ ‫َ‬ ‫صلتھم بھم‬ ‫آن لھم أن ينتھوا ويقطعوا َ َ‬
‫عداوة وخصاماً‬ ‫ً‬ ‫وستنقلب‬
‫ُ‬ ‫القيامة‬
‫ِ‬ ‫يوم‬
‫َ‬ ‫منقطعة‬ ‫شك‬
‫َ‬ ‫ال‬ ‫فھي‬
‫َ‬ ‫وإن لم يقطعوھا في الدنيا‪،‬‬
‫ً‬
‫وحسرة‪:‬‬
‫) االخالء يوم إذ بعضھم لبعض عدو إال المتقين (‪.‬‬
‫آن األوان للمجاھرين عموما بالمعاصي‪.‬‬
‫والمجاھرين خصوصا برفع أطباق القنوات فوق البيوت غير معظمين لشعائر ﷲ‬
‫والحرمات‪.‬‬
‫والعفن والترھات بحجة األخبار والمباريات‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫واللھو‬
‫ِ‬ ‫والمكر‬
‫ِ‬ ‫للضالل‬
‫ِ‬ ‫بيوتھم‬ ‫َ‬ ‫من اشرعوا‬
‫المستقبل‬
‫ُ‬ ‫لوع‬
‫يستقبل األفكار في علب الھوى……‪ .‬والشر فيھا ّ‬
‫علب يغلفھا العدو وختمه………‪….‬فيھا الصليب ونجمة والمنجل‬
‫يوم الحسرات بال مبررات‬ ‫َ‬ ‫عاجلة نصوحاً قبل الممات وقبل‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫توبة‬ ‫آن لھم أن يعلونھا‬
‫واھيات فالحقائق ساطعات غير مستورات وإن تعامتھا نفوس أھل الشھوات‪.‬‬
‫قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد……وينكر الفم طعم الماء من سقم‬
‫وكل أمة محمد صلى ﷲ عليه وسلم كما أخبر معافى إال المجاھرين‪ ،‬وما من راعي‬
‫ﷲ عليه الجنة‪ .‬وكلُكم‬ ‫يوم يموت وھو غاشٍ لھم إال حرم ُ‬ ‫َ‬ ‫رعية يموت‬ ‫ً‬ ‫يسترعيه ﷲ‬
‫راعيٍ ومسؤول‪ .‬وما كل راع براع‪.‬‬
‫ما كل ذي لبد بليث كاسر……وإن ارتدى ثوب األسود وزمجرا‬
‫يستخدم الشيطان كل وسيلة…‪..….‬لكنه يبقى األذل األصغرا‬
‫) وﷲ يريد أن يتوب عليكم‪ ،‬ويريد الذين يتبعون الشھوات أن تميلوا ميال عظيما (‬
‫آن األوان لمضيع وقته أمام ما تبثه ھذه القنوات من محرمات أن يتوب ويؤب‪.‬‬
‫آن األوان لمن عقلُه أصبح في أذنيه ولبه بات في عينيه من أثر البھتان فيه وانطلى‬
‫السؤات‬
‫ُ‬ ‫فتشھد األعضاء والجوارح وتبدو‬ ‫ُ‬ ‫يقف أمام ﷲ‬ ‫َ‬ ‫يتوب قبل أن‬ ‫َ‬ ‫الزور عليه أن‬ ‫ُ‬
‫ويشھد سمعه وبصره وجلده بما كان يكسب ثم ال‬ ‫ُ‬ ‫يده‬ ‫وتتكلم‬ ‫فمه‬ ‫عل‬ ‫فيختم‬
‫ُ‬ ‫والفضائح‬
‫يكون إال الحسرات‪ ،‬فما تغني الحسرات؟‬ ‫ُ‬
‫) وما كنتم تستترون أن يشھد عليكم سمعكم وال أبصاركم وال جلودكم‪ ،‬ولكن ظننتم أن‬
‫ﷲ ال يعلم كثيرا مما تعملون‪ ،‬وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من‬
‫الخاسرين‪ ،‬فإن يصبروا فالنار مثوى لھم‪ ،‬وإن يستعتبوا فما ھم من المعتبين(‪.‬‬
‫وثمان كامالت………غرضاً للموتِ مشغوال ً ببث القنوات‬
‫ٍ‬ ‫وعشر‬
‫ٍ‬ ‫يا ابن سبعين‬
‫وكبار مھلكات‬
‫ٍ‬ ‫موبقات‬ ‫صغار‬
‫ٍ‬ ‫من‬‫………‬ ‫الممات‬ ‫بعد‬ ‫به‬ ‫تلقى‬‫ُ‬ ‫ما‬ ‫تعلم‬
‫ُ‬ ‫ويك ال‬
‫َ‬
‫أھل الشھوات‬
‫ِ‬ ‫بين‬ ‫من‬ ‫خالد‬
‫ٍ‬ ‫من‬ ‫ترى‬ ‫ھل‬ ‫……‬ ‫واألمھات‬ ‫آبائه‬
‫ِ‬ ‫من‬ ‫مات‬ ‫قد‬ ‫من‬ ‫ابن‬ ‫يا‬
‫بطول الحسرات‬
‫ِ‬ ‫محفوف‬
‫ُ‬ ‫بالدين خسيسِ الشھوات……‪ .‬لغبي الرأيِ‬ ‫ِ‬ ‫يبتاع‬
‫ُ‬ ‫إن من‬

‫كل إنسان عن أي وسيلة مھما كانت ضعيفة واھية‬ ‫يبحث ِ‬


‫ُ‬ ‫يوم القيامة‬
‫ِ‬ ‫عباد ﷲ في‬
‫غضب ﷲ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫من‬ ‫لنجاته‬ ‫ُح‬ ‫َ‬
‫لعلھا تصل ُ‬
‫المناقشات والمحاورات بين األباء واألبناء‪.‬‬
‫ُ‬ ‫تكثر‬
‫ولذلك ُ‬
‫واألزواج والزوجات‪.‬‬
‫والكبار المتسلطين والصغار التابعين‪.‬‬
‫بين األغنياء الجبارين والفقراء المنافقين‪.‬‬
‫كل يحاول إلقاء التبعة على غيره‪ ،‬لكن حيث ال تنفع المحاورات وال الخصومات وال التنصل‬
‫من التبعات‪ ،‬ثم ال يكون إال الحسرات‪:‬‬
‫صابر‬
‫ُ‬ ‫إلى ﷲ يا قومي فما خاب راجع……‪.‬إلى ربه يوم وما خاب‬
‫اللھم آنس وحشتنا في القبور‪ ،‬وآمن فزعنا يوم البعث والنشور‪.‬‬
‫اللھم اغفر لجميع موتى المسلمين‪.‬‬
‫اللھم إنا نعوذ بك من علم ال ينفع‪ ،‬ومن قلب ال يخشع‪ ،‬ومن نفس ال تشبع‪ ،‬ومن دعاء‬
‫ال يسمع‪.‬‬
‫اللھم أصلح لنا ديننا الذي ھو عصمة أمرنا‪ ،‬ودنيانا التي فيھا معاشنا‪ ،‬وأخرتنا التي إليھا‬
‫معادنا‪ ،‬وأجعل الحياة زيادة لنا في كل خير‪ ،‬والموت راحة لنا من كل شر‪.‬‬
‫اللھم أعز اإلسالم والمسلمين وأذل الشرك والمشركين وأنصر عبادك الموحدين‪.‬‬
‫اللھم كن للمستضعفين والمظلومين والمضطھدين‪.‬‬
‫اللھم فرج ھمھم ونفس كربھم وارفع درجتھم واخلفھم في أھلھم‪.‬‬
‫اللھم أزل عنھم العناء وأكشف عنھم الضر والبالء‪.‬‬
‫اللھم أنزل عليھم من الصبر أضعاف ما نزل بھم من البالء‪ .‬يا سميع الدعاء‪.‬‬
‫اللھم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراھيم‪.‬‬
‫وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراھيم إنك حميد مجيد‪.‬‬
‫سبحان ربك رب العزة عما يصفون‪ ،‬وسالم على المرسلين‪ ،‬والحمد ‪ 9‬رب العالمين‪.‬‬

‫فضيلة الشيخ ‪ /‬علي عبد الخالق القرني‬

‫ھكذا علمتني الحياة الجزء األول‬


‫فضيلة الشيخ ‪ :‬علي بن عبد الخالق القرني‬
‫

‪
3‬‬
‫‪. D E=4 .F4 B4 2  2
<D‬‬
‫‪#H IC I+ &*I> 3I@ %  &*@ + 
2A> 3@ %  "  J5 3@ ."  K @   L=B‬‬
‫ ‪.‬‬
‫"‪OH AI %>2IP Q/I &I KI =C 2
 M
 %  M> N 2 
ND D N <" 2A‬‬
‫!‪. 4 3 3 +R  K S N 3@ 4@" 3" 2! 3" 2‬‬
%T=II0B
II  II" 28II
II U)II+ %3 IIB II 
II5" =II5 
2II!
2II@ <" 2AII"
IIA 3B II4
 !IIV IIW KII II 
KIIV % II.S II=P IIV II
LW II II " II 74II.+
.
X  5 <  
(abc<
 TW) (<=@ Y [ \ Z [ 4I Z [ ZY"Y ND]\ 3=
] [ [ Y NY  0I \\ Y [ 1
] Y Y 
]
=0I[ ]

=[ @W \]
Y AIY ^>Y" >Y )
Y 3>$

hN II?Y \ IIY AI[ Z @\ gI


] IYY IIAY ?6 \ Y fO2IY I\
 d.I
Y Z Y IIAY IZ @ 1IY IY;Y
\ Y Y Y #$

Y f I Z Y 3IZ I@ IZ I [ 0;


\ I] II [ ]
=II0[ I]
e I]
IIAI^>Y" II>)
[ Y [ Y Y
\   \ Y [ Y #$
\ ] Y 
\ \
(aQ  
) (h !P Y Z [ ZY Y < Y Y Y 
] <D Y Y Z Y Z Y \ <=Q 
] \  i
 YY
]
=0I[ ]
Y Q 
h Y Y h
X Y
\ \ h \ 5 hN=IIYP
=I[=P I]
=0I[ ]

=[ @W \]
3IZ @YY  =I
Z [ Y [[L IZ [ Y IZ .ZFIY>Y  
Z [ Y IY "Z Y IZ [ Y 78I
Z Z [> %
2>2I Y Z [ Y Y 
Y AIY ^>Y" >Y )
Y 3>$

(ka:E
ji
) (h - \ Y h
6=IY+ 6 + ] :> \ \[
Z Y Y 20I Z Y Y+ [ =5
Y [ Y Y Y 

ID N &Il mI O I


$IC /I+  I>D I B> <" 
TnI5" % I  
I   

IA O I ? /I+ I>2" >2@I5 oI;" I B> Ip %


ND ID N IA+ I @ ;W &B> <" %
ND
.240@ M@ 2  q2V 2B0@ /+
/II+ II@ 3II II!B> II?= + MIIL <=II- II B % II+  !II KII =IIC ND IID N #$II

2AII"
:d. 

A>H " 3@ " Aj 3@ < <D ......... Ap2@ /  /+ rB d. 



A>H" mI @ CN= Q " .........K M @ /  4H 2P s 
I=P E$IB N IA
%MI  I!'  I
E$IB N IA
%MI MI+ K04
B? E$B N A

.3

" > M4 %MA? KD - \ 
O$ =? " E$B N A
%Mt 0 KD q 4)
[
jII@6 t II! ND II
$IIC   II / II II@ %O=2II
mII!?n+ /=IIH LD /II /=II;" 3II-
3II"
.2? &C" K M
t ! " % >2
&C" K 4
t ! " % @ &C" K
<" %<=IB N I@ /I I.F> <" %<=I - I@
I; /I B> <" =IC ND ID N #$I

Tn5
/ 
.<==0  /$;
u> N
< P.
@ M  /  ................<W0
  >v
Tj @ >
< :)
3@ /!P  8
 .........o2A
+B #2V  UD
<
 
3@ #2?  ?" ........... /w@ xP" #@"  >
/  7V" #6"  H2
........./4 y;" #6  z:

/ ? /
 /  X .......... /4C r /BR  :P

< >{
t
) / 4>2C............/ 40; / =V #$
m"
< H N 2> 9 S 3@ ............/ 405 / 4BR" #$
m"
<N$'
O 3@ / 4>2C ............./ =! / 4>W #$
m"
<   M @ |:B
 ..........OH=@ E=0
3 / m6
/ 8 C 8" 3 45 .......... 5 @ 3 B
/+ / )
/ 0> 3@ / 
Ki ............/>5 7!P
= = 

<
=A @
 2B u! ........../4!V
=@ / 
=i
/ FR 3 /:05 3 m............ /! X@ /!> B@ 45 3 
/  /
=? #R
=' ............. A 7t
2
 2@ 
M+
:O 
/ 4
$ C
} !i
A>" / O  #" %e2 O  #" %B O  #"
}9B
 =A
O  /C"
} 9B
 g!B
O  /C"
} 4
 ~ *
O  /C"
MIB /I4
O I
IAD %@I5{
O2I0B
&Il /I+ O I
IAD %2I I Q I
I+ #$
 N
II
LD O I
dJI......O I
IB 1I
KI O I .I .4 I+ 2I4 <=I 

$IC I@  I.4@
1
.e2 / B %5{
&l m O  %00
O 
AD
KI =I /I+  I IAl mI  I 3I@ %
 B 
 =!
O  %= 
 o2A
K O 
\\ [\ 
\ IZ > =I
3IZ @Y =I [ I] #2AI Y f [ KIYY =I
 [) :=I 
IB@ €
8I
I! =I  
/I0 = K  @ =
(‚ƒ= 
)( [Q )>
YY
€
8I
KI 
2IPi
I= @2I  %30+ I 
 3 @uI
3I 
=Ii
mP @ 0
=> Q ?
LD
.K ! 3@ K  3@ 3!4>
:<H > %<8!> N  l /+ A+ 30+ 

=" „.:  @ < 5
\ f [ \ AI \ \ P\  [=I \ \ 40IZ Y IY-

[ I[ R Y E I
 Y [ IY =I Y \ [ Y+ h
=I[
=I
Z [ Y IIZ IY E*I [ Y4Z +Y IZ [ Q
Y Z \ [ 3IZ @ d!I
Y YY
=I[B?
Z &I Z Y [[ Z )
(a‚2>2
)(E
$BZ \ \ \ \ [C l \ \\
[ Y Y 
!PY 3@Z [ Y Y [
Y Z ] +
3I
Y Z IY C=I Y Z IY>) :C=II 
II! 2IIP <=II @u
<=II >   II
$IIC /II+  II-
MII /II+
Z [ [ I[ KBI
\ \ \ \ ZY


[ [ Y ) Z \ Y ZY Y A>2>"
Z [ A >n Z
\ 
6=.Z Y \Y A+ \ \ \ Y  AIZYi
Z A4 \ \ Y 
(ac2>2
)(-BZ Y [ Z Y 
=C Y [ ML Y 3>2 ;Y [Y Y \ Z Y 3@
Z # Z  ]?Y =I Y Z YZ

.304 2" …i


 
 
A  ? /+ 3

= ND <= @u
K> +
f \ 'Y \ dI \ ^ \ \ I]
/I+\ I\ \ /)>
\ h
=I[ [ IY IYB?
† I Y Z Y  IY [-
/I+ [ I[IYX@Y 3IZ Y Y e IZ Y Z Y Y Y [ IYIZ IYn+
Z YY h 4@Z Y < Z Y Y Y)
Y Y 3@"
(acc Bi
)( AIY Z @\
^ I‡ NY %= ^ NY %8I \ Z Y Z #=4I\ Y Z Y> I@YY ) . |" 
I@YY %I
[ [ Y Z
NY &-
[ I^
NY  I [ Y [-
[ Y!Z
Y KIY i

(cc:R +) (
=@i
[ Y Z Y Z NY [Q i
\ YZ Y
Y Z Y Z #=4>
0  < {
 #$
 N ....... .5 #L  &P  #=4> N
-
T  /+ At  K)@ 3@ .... +8 1 K 3@ #=4> &C
.
2" <=4> N
KI0" " 9IP I < I 3I I!  I- I52@ #" 52@ O20B
&l /+ O 
%
/+ /4!"
.2A =C 

3I@ < I y'I &I IB /IC %&I-


MIL mI O I
IA 4 5H r6" 
$C  n+
.2A =C 
K0" " %9P  < <D @i
$C
II-B
 %O$II+ 
O8II!
 9IIP X
II- 
 7 8II
&IIB
 + II 
IIB
s II>D II P6> <" 
T II5"
mII" %AII5 II4B? II@ ND &AII5 N IIA
. IIl ND &IIl N =II> IIl mII II -> <" % II!4N

.mJ
LD A5 <j
&B
:> 
N 5
=@ =C 
2= <" @5{
O20B
&l /+ O 
/ 4
OL &I 2!B4I+ % I  =I@ I &IB> @2  A- < {
0+ %0
< {
O  =@
.3 B
E  .  5 3@  5 &  %   3@   &  %2? 
L 3@
: B % =@ %   %  % 8+
\ \ ]\ / @
\ # @ \ [ /V
\ <D
(aˆc: Bi
) (3 BZ
Y Y Y 
E
‡ Y  Y Y Y Y Y Z Y Y / 
[ Y Y ] \ &P
Z [)
‰IB> #$I
<=I 

$IC @ < {
A? 1.4 %< {

$C A? @ <= 
A? 1.4 M$
. +
HI
L‹I+ %
2I 7!I@ %
< :I I ; I &?  :@  Š !i
A>" Š <= 

&It A
<=I 

$IC /I+
L I 7!IV" 2!B

$C H
LD %<= 

$C /+
6 ) 7!V"  K 2!B

:H *@  
/+ =C  
/+  <= 
.~=*'
 ~=)'
  :  2 
KD 4

\ \ \ & \ \ Y Y+ .
(:
) (<2
Y [ A> Z \ [ ZYŒ+Y h  V
Y ZY A.I Y Y Y 3@
Z Y Y [.
[ Z [ BI Z Y)
Z Y Y Y Y 3@
IIA>" M48IIB@ %MII 2II!B
IA>" MII4 R %A0 II; ND IIAB> N IX  II[X  IIX 
=II5 
1I;
:T P (5  
KV) 
T=5 <" @ 7V /+ . J 
* 3 M 2!B

H
6 I@  I@ 2I
 &I? 9IP KI0" KI
= I  I?  ID  I;W I " <" = #H ! > )
2I
 &I? 9IP I+" K
=  ?  D  ;W  " <" = #H ! > / @ /+ ML
2I
 2BIV /I+
=@ IP  I?  ID  I;W I " <" =I #H I! I> /I @ 3I@ MIL y0 @
&I;H"
LD zI'
y0 I> I ND #2I  I@ MIL yI0 I@ 4nI@ < ID &I mI:n+ /=n+
IS 2I? 3I@ 
2+
; 2? 3+ C >D  +" p   A8"   " /C D #H !
.( . ND @=> + ML
9P / &P 3  =; .......&0 + @=> C2
=; @
LD
9F>  .' @ <" N ............. 5 &.F> 
3! N
:@i
 
O  /+ >
2!
:0 =C 
2= <" O20B
&l /+ O 
/ 4
%OI;v
 2I
I; I  &I 3I@ %I@i
 I
O I /I+ I> A 
I:0 M$ =C 2=4
<"
%)I ŽI@ /I+ IA I N IL" %8I! N I  % I0.> N I!P % IC"  I 3I@ &" =A+
:=.F@ S !L %HH@ B5 M   
h IIZpD\ oIY I Y4IZ+
2I\ I0YYI+ \ I ] \ s)I Y IY> 3IZ IY \ MI
Z \ Z [I> 3IZ I@YY [Q )I Y I\LY <H
Y [ II@Y I[ I.\ ZFIY>Y I\ I\ s)I Z Y I[ I.\ ZFIY> N Y I ]
<D
Y Y Z [I> <" ] \)
(:Q  
) (h - \Y
f I I Y @ /II I+\ 7>I‡ I I
I\ I I\ #=\ I IAIZ Y "Y  I IIZ]:
[ II I.[Y:'4I \ ] I I
3II I@\ I] I I; II I]n +
< I Y [ Z [ Z Y Y+ Q I
Y Y Y Y Y Y Y \ I I ] \ s)I Z \ Z I [I> 3IZ I I@YY )
(‚a>v
:
)(15 f \Y
:O2IIt 
)( 8"f Y I Z Y 3IZ I@\ 3 \ \ I] \
Y - II@YY  Y Z I@YY YI ]Z
[ I ]
[
nI
\ Y Y [ I ]
I] I 2IZ I0YYI+ \ I ] \ s)I
Y 

IZ Y Y Z \ Z [I> 3IZ I@Y [ I ]D\ )
(kc>v

. 
3@   L=B
BI+ %OI;v
 2I
2BI5 %OI;v
 2I
7I 2I0+  &? 
2= . 3@ & 0
/+
\ \ ] I

=II[
  8I \ I] <D
\ Y
=II[ @W 3>$
] \) :II &II? 
T=II0> %=II! 3II II  =II.F@ II!L = )II@
Y Y Y Y
(ab:|A 
) (hN= \ \ \ \ Y %NjI \ Z Y Z \ 

[ ]?Y A
Y AIY Z Y <Y =FI[ !Z IY> N A+
Y 3>2 ;
Y h [ [ eH.Z Z [ Y m
ZYY
.
L" 2!B
2! ..........3@ j>jB
| /+ jB

.20
 Q *0  < >{
=C  

 <" O20B
&l /+ O 
/ 4
Q
I 4 IV" <D % I
I; < I +  I Q
5 4 V" <D <;   @" <D 3@u
@i !)
. !8 3 >  J:;" @ <"  % J:' 3 >   V" @ <"  2P .( 
; < + !V
mIB4?
=I % I 
I!4 2P Q/) ND =B. >  Q/) =B. > <" K mB4?
= @i
<" 
.  &? j 
!4 2P Q/) ND *>  Q/) *> <" K
.B #" B /+ =A+ %  m 5 !P <nR
 %
;"  2 2B5 %  
/+
Y /+
3II 3II@ e IIi T=II0> %II@ 0
 IIV /II+ <= 2II> IIC e II  
T=II0> =II> II-B
|IIP=
/II+
:AB? 1t'

.E    

=;H

} 4  e 
m!5  2P N=@ >  > <==0+
. 

=;H
34!8@   ?" N /? /j % 2
/+  4!5  2P T=0+
.B 
3@ QNuC T  @
=  x> 0 
=P = <" |P=
&C" K 4+
:T=0> &? j 
<" /520
g>2
/+  78
g>2
/+
ND !II4
IIp 2II
&IIC" 3II@ II; .IIV m*II!P
LD Q
jI ? 3II@ #2II  3@uII
#2II! /II II@)
.( 

.) 9P K :; N B5 <L" N " 3 N @ %Q


j? 3@  >
: 4 t T=0> &? j 
<" /520
g>2
/+  78
g>2
/+
II t
T=II04+ Š2II  !II5 II" =IIC– H
uII+ OIIp 4*II!P %3@uII
#2II! 3II" 4*II!P )

=I 
I &I? 
T=I0+ %?4I5
 s2I
= IP ŠI &I? I" =IC– T P
L @ T=0+ %B
.(2
m =5  
/+ 4 
\ Y\ D
Y [ \ Y D \\ \ [ 4Z I V"Y
LD \] \ ] )
(aƒˆ:O0!
) (<=B?
Z ] \ Y ] D] \
= P
[ Y !8@ Z Y Y Y \ 3>$

Y [ AI Y % 3>\  8
\ ‡ YY)
:Q *0
 
LD d. 9:+
Q 0 2
’H
= / + ......../ 
pH  ~j N
Q 5 N 0 …" + ....... > 
4  mj 3@
2I" 2I  2I?= <" &IP < I4? < I  I mI  %/I 2IP 
I I < C 3" 2>j
@
:/ 2P 
= 0+ %3 B
M &X@ 8 /+
} < C 3" > < 4
< B
mB+ @
. A0
2
=
2  A!4i /D  5i
Q  A 9CL T 0+
3II@i
3II@ xII+ II n:
3II@ r
 &IIl II )II!
KII IIB 2II0
 Q *II0  < II>{ +
IIP
$@ II@ !8II
 %Q II
 !8II
KII gII  &IIB
KII j+ II )II
3II@ II> P   II

. 4!P  O$>$
.
/+ & 
K ? 3@ K" $"......!V 9S 2> !8> 3@ !V
II+ Q/II M IIV" <D %jIIB N  II 3B4II5
 MII 
IIP II KII" MIIB. > II@ KII “nII+
.&B+ Q  @ 
2P &P 3 
$ < 
$ mB+ /" = &0
/" = N m N |A.........../ @  + @ s2 m
3II@ [Q
jI
 %28II [~jII II  %<
2II 3>2I
[ I II II" O2II0B
&II /II+ O II
/II 4
:&B
d \ ?
\
Y Y M
.(”>v
|A 
)(h
2" [ Z Y NY )
Y ^Y ->
3t
H =C  @=> /4.
<
2>............ D m6 @ @=> sH 8
h
2IIV  8I
Y I" ~jII II <D % I[ IYX@ 28
Y I  h
I  mI
Y I6 <D %
hI ; 28I
Y I h
I ; mI
Y I6 <D
\ 3@6
.$!
\ .4
K m@2
\ /+ z> Y
:2!B

$A 2

$C T=0+
[ % 4j@ /+ &B>
[ 2!  < [&? =C C
Y
.
 YB:0
$C ~6

.!
T2 h
B B:0
~6
Y <" ND @ < + %P  h !! 2!B

$C <  %  9CL
Y
.H 8 mP <  o=45
<" 2B ND &?
ML /n> 
:T P <" ND @ < + %.h
B m6[ 2P /C
L‹+ Q +
}
B A46  %
 A6
M mP "
.
 4 \
Y > <" B)
3@ =? T P
}
 4 \
Y [> <" B)
3@ =?4+" 1" > T P
. 4Y ? †
[ Y
/8B4+" % 4 Y † [ Y
/8B4+" #25 > T P
.
?=  \ KD "  $ ‰C2
 r ;
 m" %
KD m" 
KD m! [ T 0+ H P 
Y Y Y L
.
2" M -> [ N %&B
d ? 3@ Q
j
 <
2 3>2 
\
h Y Y [ ]IY\Z [YYI+ 3@u@ f Y Y 3@ \ \ & \ )
(”k:& 
) (h!R
Y‡Y O  Y [ Y KXIY Z[" "Z Y  L
 Z [ =C Z h  V
Y Y Y 3@ ZY
:& 0
/+
(>v
:y80
)(<=BI Y [ Y Z Y>
= \ Y‡ ]
=
[ Y @Y ND]\  J
\]
[ \ Y 3>$

Y oj> Y Z [ +Y )
. @ J5 @ p >=R h @6 4@2; K  P % 4 ! 
3@ • Y 2P E" [  < &? =C C Y
.Q
Z8
KD  †; f Al K  >i

%
H \ 3@ => f /+ $;" <" ND @ < +
Y
} C / @ 2> [ 
L @ /  > \ i Ei
[ T P Q
8
KD &V =>
. " 7$>
[ 3
 
ND D N %ML"
Y <" 2> [ " T P
\
./  > < {
[Q
j?
$ C" T 0+
\ 3@ 2 N T P
./ I4@" / 4@n5" 20+ ML
.\O'8
M
Y 2  / L + /  > 2N
Y < <D T P
} s C ML" " C ML" <" s
Y @  4" T P
.s C /" mL
[ \
20+ O'8
\ ? 3@ [Q
j
< <D T P
M 2  / L + &B
d
.
2" M
Y  ->
[ N %<
2 3>2 \ ? 3@ [Q
j
 AX@
[   %&B
d [ /Y  > M
:K- O=P O20B
<" O20B
& /+ O 
/ 4
7*I4> T IX  %OIX MIL KI IX@i
 O=I0
$IC mI #" I" >)I I>H @ O=IP A2B> N
.T 0

.O20B
AJ@ E=0 |" /u@ & 0 u@ /+ rNW pp CH2 3
~=? /C C
.3>2

$A A 0 D O2 N H2B A 0 @ 
 3
&t P T=0>
} > /+ q2" |5 
2 ; &+
.r 5" B / > /+ q2
%2 ; M!>
} 3>+ 
E*> =C 2> /+ m!p #$
@
2 ; &5
.2> /+ m4!p  > .V AD 9>
xIB /nI> =I> O2I
 IC AI
=IA+ rNW Ipp KID & 0@ |" 4t @ &!0> => D -"
:2 ' T=0+ H=)
$C o> 3

. ?" K5 KD %„


3>" KD 2 ; >
.n4

KD 3  % ?" KD N K5 KD N T=0> /'4 > ~=@2
  r$4+
.2  !5 D n4
#$

8 +
}2=
3" 2 ; /+ >2? O=P $C &C M
.K.  O20B
AD %2  Q 
+ #$
 N
2 A@ |" o=P" OL 3@............. A ? E=P /+ O20B
<D
In %
I I /=I>i
3>2I
UIV %8B
ML S ;W 8 /+ 3>2
UV =C C
: 5
T=0 .s
L => 3!8
2> /+
5" <  K8Pi
2
<  K  5
d  < !8
 B .............#$
M
A>" >
e20
m!
3@ KB ............@l MD Q ?
.d" /+ K "........... AR 2? 
&
/I+ U
jI
I + MIL &I!P IA
$)I> $I N /I0! N I CH=0> %3>2
UV /'4 +
2II> /II+ II5" =IIC #$II
K8IIPi
2II
H
H4II5N II@i
nIIA> )II? /II+ M*II
II > )II?
.s
L => 3!8

.3
O- KD 
<Ln K8Pi
2B> A4 =  + $ N /0! N  CH=0> p
} !i
A>" 3>2
UV 2B
L @ p

=I!CL =4 I+
H I %3>2
UV –H !@ 3 K' 3@ K' => O4. 3>2
UV 2B
H 
UIV I> 2I 2IP IC %3>2I
UIV I> 2I 2IP IC
= P A?n =+ 3>2
UV !P KD
:<2) > C .3>2

.  |;
—  @ 2@
} !i
A>" <v
T 
+
.
@i  78   <  K8Pi
2
<D %H ! i
 :.4 s C #> @ <D
.
"...... 
" .9 E=P N 9 <LW + }  3@ &C %UV 3@ &C
 B" >2>n h
2 h
2@..............Pu@ o $
  $
[ /D
  ? V=80@ : 2 .............2 /+ 5{
KD mA
<"
 @ 9B >  ................ A+8 2> 4+V 
  … @ f  < 3 [ ...........2n+ /   EF
[ 245

Y
\ ...........3@ d!0 EF

[ > - 4 Vn+ t  \ Q
 )@ D
[

=C  2P =
 C < \
[ d@i  .......E 3 
 \ |;
Y &5   \
Y
[ B > '8
&B [  3@ \
Y h 3...... C2@ 'V Y &t 5 1)@H Y Tj

[ + h
S + h !:; m@ P 3A @............... O2
 & e; \
  B@
[ L C
\ @H
[
@ 3B
[ Q :;"
Y .............h @=> AY 5 m!P
[ @ B>[ [

=C @ 4n5 f H H N
[ <D q:> h
'+............... t
" #:> Q@D [ Y
[
n@ Ž= 

[  H

 m> [ j
............. H
[ =  h
 o> 3@ >
 )' 
\ K
 j4A>
Y s=@
[ +=; 3@..............h P+ 5 [
 B" h
2@  <2)>
Y ...........h
. AX@ 3@  gBn+ / >
IA4@ I  B@ o2ID 3I@
2It  < I  I 3@uI
~ )I

K4.
 L <5" 9P =C C
.d @  : :0
=R
!@D  5 %< 5; V  KD )? 0!
=II'
IIAJ@ E=II0 ND ~=II
$IIC
=IIB? II@ 
 %&II 0@ |II" IIt @ mII5 II@
=P )II? jIIA+
.<=A
 |B*

.
ND D N &!5 /+ & 0@ |" ) ; B@ <5i !'
Q ?
&I 0> 2I
=
<" KI B %&I 0@ |I" )I I; & 0 |" t 45 %3)
3
=6

-

.!i
A>" K.  O20B
o=P AD } >2? o=P $C &C %t B"
I
I A" 2IP 7>I? 3I I@ E 8I@ 3I @ T 40
3@ MA @ ‰? % )? /+ &?

$C -
.&>=:

" %H II.
IIA+ gIIB> HII KIID &;2II + II 
‰II

$IIC sII4>" )II? /II+ II- 2IIP II +
.|" t 45 & 0@ |" ) ; %‰

$A r6 >
I@ I; I4; &;2I+ %?
A.P
=@ /+ 6!4 O20B
m?; < >{
jC p P  +
:t P A!:; ‰
KD †; 3.  p 2? z 
3II@ 
ND IID N KII K*II0> <" K)II;" <D M$II 3II
<D %II:; /II+ =II
II5{
<D
.H=?=

mII! II d!II+ II 


H
" 3II+ mII .  mII:  2IIP
L II" IIC % @II5D % @I
Y I5D U IIV IIp
.
ND D N + " MA K4 
ND D N <H & 0 
&t @ & /2;
 !l 0............|C@ 2 " /=
ND =C +
&C ? & 3@ Q
2
Q
H
$C ..........&P  & 3@ Q
2
Q
H
$A+
#2II II 
U II> 9IIA €=II 
IIt
 U=II. %/@II5{
‰II
3. 4II>  II5 ND /IIC II+
.
ND D N %/! 

&; > /4!p

&; > %! 
 8 
 

} 3. @ ‰ 4B5 &C


}  B
&;2> <" &!P ) E p d! ‰ 4B5 &C
} 2
 <W /+ @ |" ) ; €=  t
 4 &C
(. I> =I> IXB <=I > AI" KI 3I@ I" 1IX> 3I-> I B@ KID I> &@ ‰? =V 4' &C
} =8
/+
9II N  II II.  IIJ+ %
Q II0 KIID q 4)II  II 3@uII IIJ+ %< II4J.
2:IIV
 < IIB
KII04

.K4 / MD m   <  3@u@ & +2


 %! " 
 V H %
Q 0

)II!@ #H II > #H II   LD II B


*II; /II+ %Q II@H m II5 %? II? m:0II5 %e˜ > II:
.2 ? 8 2 q2V 
ND D N %! " 
.d @ C2t P 5" < @
jA"
\ ] @ \ ] <L‹
] Y 
h Y \ Y hJ+Y\ m!S
\ Z \\ OX f Y\ 3@\  Y )
f Y \Y J+
Y \  8

(c”>v
3@ :O0!
)(3> Y Y [ 
 Z YY Y P Z Z
3II@ A II+ II@ KII <=II !> %<=II !> <=P II!
/II0 %Q
2AII A!II IIX  IIX 
2II ? 3II@ 9IICL

= I 2IP A . " ; KD <:*@ Ai <= !> A  .2  Q 
+ #$
 N }t S
.
3@ A."
|I0> N O2I0B 
/I0 KI4 2IC > /I0 %
X
2 
2 %>=R K !+ 
2t 0
@"
I t
=I &I  I T I@" W... W :T=I0> < I =I

 I5 I mI =I> %O=IP #" AA? /+
. A
 = d." K*0
.
.
K => <"  
Q  3  r=
Tl m => <" K 4> <
2 A@ |" o=P" OL 3@ .......... A ? E=P /+ O20B
<D
O20B
/+ /@" 3" > rB4+
O2>2
…i
/+ 5{
Ž" >
O20 S 3@ Q
O  @
O2   
V H A?
O2@ 
 !4;
 K=R /A+
1p < >‹ /*@" 1: +
/0>2V *
M@ @
LD
.1>:
/+ )@ 2P <Œ+
.
-. 
™. 3@ <" O20B
&l /+ O 
/ 4
.
-.
Y 6 4

Y 2B \
\ H2 %E 4?N  \ C
= %T X4@N  
@
"
\ 2  |P
Y 3@
.
-.
Y o= @ 3:!

Y %K @ e"
Y 
™.
Y 3@
.
-.
Y ? 3 @  + 3 @ ™. Y 3@
.YO2)
mP\ /+ 
-. \
Y Y Q ;
mP /+ Y
™. Y 3@
\  I;Y [ I I ] Y+) : II I\=P |BI
I[ I IY "Z Y =IY I IC[ Y h II I-+  \ I I 2II I  
II IY-.  !II I /II I+ 
™I
Y  IIZ Y Y I I. 3II I@
.(ˆ|5=>)(3

\\
Y ]
. 0.
[~=
’2

[  @{

[  L /
6i
 @{
[ =C C
Y
hII p IIA+ &I [ I40+  II>i
3II@ =II> /II+ 1)I
Y I@H /I[ I5 !B
 I
[ I
II L /II 3II

2I[ I! &II;H 3II
.@ |W
Y 3pp
:T=0> 7!4>
[ p %@"
Y /  2@
Y T='

Y &;2>
[ [ p
}&B+" @ /+ / 
[ > 3@
./
6i
 @{

[ S h
2" B
[ N
= P
2IY B I@ U I
  7
Y I> <" I@D I" I %Q4IN
I"  < 4@N
" B+
Y % 24> 3@ &5+
} &?

$C 3@ <
L + %U  2B @ E=5 95>
Y <" @D %E=5
3I@ KID I
Ip %2I> /I+  8I $IY ;" Ip % I . KI 3I@ I p d!I 3I.  z Y I &I Y 4S
  IP
.
> N #$
3 \
Y 
 % * N /4
OjB

L > :T 0+ Q ;
mP /+ -.
IIB [
/!II % IIY4. 2II0+ !I
Y I mI
Y I 3II@ /!II mI
Y I" [ IIt " 9I
[ IF> N 2I[ I ? jI
[ IA> N 3II@ II>
.& =

. 
ML KD 25i
P:
K B  !5   &8

Y 2P 1:
Y > p
. A !C> <" 40> <" 2>> H=
3@ 3R 5 |V t
Y 6 |V
Y 2P s
L
.P=" m @ S =@i

LD %2B@ € 
LD % 48@ r=
LD m;2+ T P
:#H > #H 

6  3
 ND -
M /+ =8 @ 
 m;2+ T P
.B
/+ 1>+  
/+ 1>+
. &? 
3@ /. mB K4 R m;H @ 
 %E $ ND /@ @" 4>" @ 
=+
} /
6i
m""
Y  T P p 9*F
3@ &?

$C 3!?
[ 20Bn+
Y T P
./
6i
/" e
[ 
T=0>
[ T P
} C .5 /4
Q @2
$C /+ o @ T P
#" 3II dII" 3II H=BII@ 3II
3II e II! 3II" s2I[ I?Y 3II <II+ 3II <II+ 3II <II+ p2II T IIP
:T P (5  
KV) 
T=5 <" )t  3 O>C
q I
[ I.
II >2 s I \  II d.
[ I4
 %d. \ f I@ "I@
H
[ I
 %/II
j
9I
[ IX
%’IIp 2IIn ND I [ &I
[ I> N )
.( 
mI
[ IB+ %/II@H A!8I Y I> Ni A IIp <=IIB+> <jII.4> e II 
 IIP YII
™4I [ I II ™4I
Y I+ T IIP
.O !@ /4!P K |
[ 0
[ /4@ 
\
} $;" /4
T
=@i
 !84S
/4
2
$C /+ o @ T=0>  LD
<‹II+ %I\ I:0
 I\ I0 
 I\ I! 
 F8I
\ I
3II MnI
[ I> IIp MII0Y ; II h II > [
sHI
[ I> r=I
Y I5 T IIP
.E 0B+ h @
 m <D %E + hN m
\ IF
3II@ oII;" OII@ II[!? 2IY I0Bn+ T IIP
II0 /4@ II II+i mIIP A IIp <=IIB+> Q
6=II
 IIP 9*I
.O !@ /4!P K |

.†;" T=0> p ?
H" (.4   LD T P
.
j ND / /H
6 @ 
=+ m?'+ T P
.K B  !5 -.  &? 
/0
Y K4 0>:  5 <" ND @ < @ 9CL
:T P  |P /+= <" 2B !P K @  

$C Q ? p
.!0

$C /+ <=+2

[ \

$C /+=' …i
\ K h
2" r ;"
? [ m
[ @ 

.6  25i

Y m>"
[  4>"
[ 
LD m \
[ /D 

:O2)
/+ [
-.+
Y Q ;
/+ Y
™.Y   84
Y
\ \ \ ]
(3


Y ] "[ Y Z Y =C
Y [ Y h -+ Y I Z ;Y [  +Y )
.!i
A>" OX X@i

.Q4
@ K <=!0@ 3 " 3  Oj @ K <=!0@ 3" #2 @
2I  !I5 I -. Q I;
/I+ IC
= I@
" H2I 
™I. ." ™. <" 9>
.O2)
mP /+
\
(c:=! B
) (<= Z [ Y ]@W
Y [YI4.IZ [> N C Y
==0I Z Y
= [IY 4Z[I> <"
[ [ Y> <" Z Y e Y Y Y) :Q4N
3@ 2 N
[ ]
9"
:3
/+ O=!
Y 
KH
#$
 -

[ 7!0

[  

[  L /
[ B
H=5i

[ =C C
Y
O 2I
7$I \ 5 3I 28I
Y  %
&!I Y 
[IP+ K hP+ <= 
[ %q:
[~ :P “=8

[ =
Y 4>
[
MI
Y 4C %HIR 3I@ A I@ HI Y R %qI" 3I@ A I@ qI Y " %7IL 3@ 3
3@ 7L %
&!5 /+
f I @ =II " QNuII C 3II @ < II  E$II  3II @ O 2II 
3II @ E$II  %A >2II  e II 
II + A*II B …

I Y I I"
. 
= 
[  /N='

\ I5  I
|IIP" 3II /II:+ #$II
 II T IIP II=H 3II IIY X> <" T II %<=II+ OI \ I!X mI
Y I!X+ IIY$
. 2
O 
$C /*0 D … P m" @ /*Pn+
:A T P A ~=
? <" ND @ < +
.<4+ ML S\ K < <D %1
 + 1 K  4
H < <D
I? zI I>2> zI+ 
I I /N=I'
I@ /n Q ? \ \  @"
Y p %m@n+ -  Y p
p ~0@ /+ =B
 I" I- 3I@ IAP=+ 3@ :
> < <==0>   
$C <D % C -  
9A /+ =.
:T=I0> < I  I &I? 
ND  $I>  …i
 Q 
3 =C . A:5 /+ =:
z04+ A!A
.& =
B 
/!
 I
[ I 

II-4
 %II:.4 <" H II  II'  <" 3>2II=
E=I[ IP H II  % II 
zII5 /II+ z0I Y I
IA /)> < 4+  ? %q4   p % P p Y  [ 
m +
[ 2P @ /n LD h J)+ h J =!'
.C2=4>
[ C H2A4>  0+ e 
3@ /0 3@ > <" r ; S :
&CL %!4> 
K
/II+ (II5 II 
KIIV) 
T=I \ I5 E I
\ IV" KIID %II>=! 
II >2
KIID 1:nII+ &II?

$IIC II@"
%&I\ I?

$IIA II  
/II I[ I I \
[ I> %3II4B  /8II> 2II
KIID &8I [ I> %II  #" II+;
:T=0> D /n> D 1:[ +
.B T P @ =" m""
} A @ [
s$0"   \ 
/+ m+$P #$
m" T P
3I@ (I5 I 
KIV) 2If @ I\ @" /I+ /I
" E$I
 2I
T=I0> /I !> I0[ 4B+ %B T P
.
 C
‹ &B+
Y   &B+
Y
} @ " ™.
Y 3@
\  I;Y [ I ] +Y ) .
IIY-.+ &II? jII 
™II. %=IIC ND IID N #$II

IID
I[ IY "Z Y =IY IC[ Y h II-+ 
Y  IZ
\\
.(3


Y ]
†I.> <" 
TnI % Il Q
  I- "6I 8I@ mI
6 N 8I@ ON 3I@ /I
 <=I=R 3I" =C C
MI /I+ I@ |I" )I I p &I4P Š I!i
IA>" I> Š /
=I

$IC %< I @ &I /I+ I 
=;D 3
II =?
= II@ KII 4 E
)II
  IIB:
A I I d!II %&II 40
~
=II" )II" /II C II40 A4IIP %…i

N Ip <=$IB> I=;n I> <" B*I@ xPn+ %


  2C
j
3
=" + % ):
:T=0> =C (5  
KV) 
T=5 ML &!P 5 2P %9C$>
.(t ? < :5 2  T 0 1  H A
&*+")
.  +=; 3
Q @H /+ 
1"  T P D 9CL
. >" pp O2 ~=> <" 25n @" 35 /+ 3> <n @" 26" KSn+
. >" pp ~=
25i
ML 1R" %&?

$A Q ? AB? e 
+ Q ? p
|IP= Ip I @ EIP KI4 1:nI+ 2I5i
I@" %=IC ND D N #$
  84@ /8> &?

$C  P
. A+ @ U

3@ A+ >2> K E B
&> ))> D - >  P
I? <" ND 2I5i
3I@ < I I@ %&ICL <" ND IS :
3I@ < I I@
=CL <" ND e 
3@ < +
. >" pp t ? =C
.Q ;
mP /+ -.> 3@ ™.> #$

ND -. #$
3@
:
= P ML 2B A@ @D A')
=B4?
<" ND e 
3@ < @
} 25i
M 2P =>  . m @ /+ 3
" >
/I. /I+ T=IP" mI /I  %<=+ I' I @ I@ mI.; N %<I . I+ @ /P  + @ 
 T P
.=C ND D N #$
  &84@ " /t= x0 > N <i C R " d 25i
E B"
h II?+ IIA @ II 
&IIB? ND …i
 [Q II
II[H +  II 2I[ I! 8I
Y I4
II@ %
IIAY-.+ Y

=II-.
. ?'@
<" 
MII L=IIB II P=+ 3I @ t II 3II II  >" 3II II .; 3II@ >2II>" 3II 3II@ II -.
IIA

. 4 3@ T 4F
.;
 [ BY@ -

Y <" @5{
O20B
&l /+ O 
/ 4
.@ 0
=>
Y  l
 [ " %2 
KD /*.> -

Y <"
. 8{
+ y') f C;u> 3  %<= -
&B>  &.F> N 
<"
=
[ [ [ [
\
: 
T=0> T P (5  
KV) /! 
T=0> /520
g>2
/+
.(
= - + @@   4B?
[ /. K -

Y m@[ /D
\ #H ! > )
.2 A
 
P 3@ Q
K........ *@ 2" K0
#L
=l
:3@j
3@ mP &!P o0
3@ >P &C" C C
<" ND A I@ < II II+ %E !II5i
II.i &IIt !0
3II  II0 mII /II4
EII
II4 CH2II yII0
dID uI
MIL /I+ C2It P < I  IA
uI@
20
=B4? + %CH2
2>j> <" /+
 +
. @   L=B % &? 
9*S 
I4  KI I4;" KI I0> % I@ @ KI I0+ I>0
$IC &IC" 3@ 2
 & ?> <" K
=0. +
.!4B> 3@ &  - O! /C O=A)@ +B@ >0
 O=A)@ +B@ pH 
 %H2B
X 
A I@ % I
=IB4?
I@ $I. IC" KID I? 3@ A + A 4?
3@
=B? <" ND A @ < +
KI Ei
I0> <"  Il #" I!i
IA>" Il #" .& . /

 &B.>  M$ / 3@
. -
 -

 D } @ @ K 
0> " % 4;" K Ži
0> " 4 "
.A @ <
L @ 4 
m
L @
\ Y ‡Y H=
Y [ ND] M
.(‚a:p2
)( =C Y [ ?[ BI Y Y ) : H= ? 3@ #2 ? &? j 
&5>
[ Y Z Y> @

$II C %=II> IIp &$II> IIp &$II> IIp &$II+ A I@ 2II


=
š2II4+ II 
=II0 %&II AII †II'>
.;i
Q

2

I@ *I.
 9C$I
3@ ? q5 @ A
=@" 3@ q+ m.> <" H
" <" ND C2" 3@ < +
9ICL O'8I
$IA I 
'8I
3I@ O'IV mI  . 3B@ Q  /+ $;" p %?
. @ KD  C
.Q  
ND >0
M /+ K0!> 
.ML 3@ X " "  5 <) " &P %3@j
3@ H  @ /+ &?
ML /0
II@ %II @ &IIC" 3II@ 2II
 &II5" <" ND &8II #$II
MIIL  $II 2IIP  I5 3>)II 2IIB II @ < II I+
<" .  =C ~ :45

.
O'8
m /.
< 
/+ 245 < 
s
L KD 9CL" T P %s C KD ?>
$;
$ 
$ + Q 
.
$ 
$ M  "
< II  %I @ /II+ ID I Q II? jI 
MIL †'4II5
 < I 
KII TnI5 .IV KII &I?
9ICL
F> + @" &?
ML
. @ KD  Q ? =C  $;" & T2!>  +
.=> p &$> p &$+ S24+ ." KD j.04+ Al K   LD &?
ML 4+ @2 
( 8 Y Z I\ I I +\ y')I f \ ‡ I I I> II I ]D\ <= \ I I I]-
&II I BI> I I  \ I I I] ] Y N)
[ Y I I IZi
[ Y Z I IY =IZ I I IY C;uI
Z [[ Y [ Y Y [ [ Y Z Y ] Y h+ II IYS Y 
3! YY II Z Y
(c:C

)
:d2i
>N \ xB \  
[ 24B

Y =C C
Y
% IIt
2" 2I[ I" IIA ojIIS /II4
O II@ II>N  II II 3
[ B4II> %rII4
#=I
[ I0
[~ )II
II L
.24B
=? o" 
=2@ #6 F
ML ?> &?
ML O2  24B

[ [~+
3II@ 8IIP T=II II >2
/II+ IIY =? gI
Y I! =II0> &II
IIl /II+ IIY  %2II4B
[IIA@
Y mIIA4
II C
3I@ 4I ........ I4 2I  IB 4I
 :I@ 3I@ IA > %I >2
&I
[ 4>  2 45

   Q *@

~H" II 
=@" $II ;" 2II 
 KII  II  x!I f f
Y I P % II A @ &II [ II .  @28II   II 
MII L 9II V"
:=" T=0> %L  A@ 4>N 3@ †;" p %  [   ?6 [ m!5 %3
&I f
[ IB> II@ 3II &II.F> N 3II@ KIID II>2> I[ I+> IIp %d@i II  II l =II-@ O=IIH 9!II
$IIC <D 

:t P <= -

.3 -
3@  04n+ % @ 3@=- m04

Y  A

3I
[  I [~2I> =-
  > O4+ @ /+ 24B
&-> %=-
8 [ > 3@ KD O=2
2B8 [
\ /+ 5n
:&
;" [ / 
3@ f  /+ 3:

[H  4
[
\
%\   


 5" 3P:> 2P ’H
=

Y \ h
@ &

<D ........... n \ 2P


Y  >
Y
I /Iv
 I
[ +4
I[  7!I
Y V" %
hI
I
I5" EIF
HI /+  S" /+   Y /*0>
I@ 3C2IY  I@ %r=8I
Y 
e I  3Y jIF> 
f I 3!IV" %  3) M \ E
4
3A z'>
[
Y
:
  <  2) > / !> n4+ % j> 3
\ /+ 2B
=> 3C " 3n> %3AQ=5  <4>

=5n@  S" /+ 2B
[ sQ +
Y \
............
@ H i  m
[ K*@ @ /+

:P 3 
Y > @ e \  3 \
Y jF> .................Bt ?  Ri
/+ M \  o

5 @ 
f  3C 8" ...................hB ; 4 s= Y <6
Y
[

=+  h @ QK:  An ...................+  
2Pi
 3: \ <n:>
Y
\

F@ i    ‹+................  > f
[ M@ /+ s2B   Y 3@
.2" M[ -> f f \
[ N M
e 5" T2B
 %S R Al m8P =-@ O=H 3@ 

<=XF4I> IC A$IB> =IC 3 @uI T=I0> < I % I-
IS :
 !
/=!
Oj =C C
Y
: !4@ MA T=0> % 
= @" <" ND C=$ @ % &?
.Š 2  !5 s ! 
&? – 2>2
/+  B@ Bi <=XF4 #$
 AD 3>"
&;2II f  )II :I > II LD %II &II? 
*II!P 3II 2IIB II" 3IIl Y II5 9I Y I > †I
Y I'>
. B:P B:P ND @ =?'>Y + 2? /+ 2>2
[
\  $;"
.( 4.> Y
LD K4  - / Y
<D )
\ Y Z Y <D
 \ Y " \ \ o0Z[ 
$;"
] \  l Y \ M Y \ Y YY )
(abc:H=C) (2>2  Y [$;" Y Y Y Y Y Y
LD
Y Y /C [ Z Y M$
Y ‡Y $;"
\ [II II 2II"  II@{
3IIC" II
=II-
8II > 3II@ KIID II>2> II+ %H
˜H /II" 3II" &II!P 3II@ 
[ Y
:T P
\ ? /+ [ !" A
%m" ND V 
.( $ f 3@ / @ / l D A
)
./ ? |8 /0 ? |8 m!+  .
 V" K4
$C  @
Y +
:T=0> =X
='>  ='>
[ =C 
=;H
E I \ \ \ \ [O=H / 4 V"
[ L IY P =I 
 T=0> p .2"  @› / @ %2"  @› / @ %2"  @{

I@ x> I0  …I


Y P =I+ I;v
|8I 
I@" % I mBI 2I
T I!? <nI \  KI
Y  /I? |8I
.  m"
[
.;=
2>2 H !B
-+ %mB:45
@ -
 s >‹+
:T=0> &? j 
<" pi
/+
I \ f f \
Y I

$IIC  I
Y I> N TII? /IIj %I I-@ 2II" 2IY I  2IIi =II
<=+8II  N TII? /IIj)
.( l =

Y
\ 
KD /*.> ;W - +.............
240@ m
2 Y @
LD 3-
Y N
[
\ 3 M [~2> ................h A!4 @[ =-
 M
\   
Y [  
[ [ 
.&A5 2? &A5 2A
 %9BV 2? Q !
<" O20B
&l /+ O 
/ 4
KI !> I@ % I- /I+ I@2C 3I > 2I
 =80
 o0
 <2
3@ 
=i
 J@ /+ K !> +
./   >" @2C 3 > <P /+ &X
 0
 q;i
3@
} Q !
=0> &C 2
 H C At
 /  |" s C < <D !i
A>"  >" @
: ." H A

2
 / !
< <D  >" + %=0> <" 3 > N 
.H C |" .; / ! | +.............H A
=@=0> N <  |" o"
~
=I %2IA ICH
+" xIB /I+ e
2I@ %2IA> H
I+" xB /+ 4@ 2A A! S /+ &t 5
:&.> &R !
 =B> 1
3  %3@H A
QNuA
=P
LD P O  %2A >2" %2A
.†=" H=B
 &-
04> &A+
>2A < B
m 3@ & 2P.............=  " N
8 H=0> K"
.z P" N <" dJ>" N <" O20B
&l /+ O 
/ 4
% II ? |II:P" II " II ? mII.:P 9II
$II" <" t II4 
&B4II5" N 
KIID =IIH" &II" <"
Y ^ ] I I
ND]\ \I I I‡Y I\ I IY  \ [ I I0IZ > 3II I@ T I
(<= *I Z Y 3IZ I I@ z Y Y Z Y Y Y I IYP) .<+ II I 
=II I0
ND II I
U 3II I@ dJII I> II I+
(ƒˆ:
)
%<I{
 I  % IA 
 &I  IH I R #$I
I
I U=I 8IP 9!
/;" m@n =

! 4II 5

II V" A II p
=)II F45
 II A
LW /II + AB II V"
=II B? %

I I+ ND II t H CHjII > II 
:&P ND B@ 3@W @ ML @ % @  3; t @  O2 O=2
%
 ! 45

/I+ " 2I


 3@uI>  I5 3 Ip dI; &I /I+ I" KI B <= p A" &P @ > S ) p
&P
.dJ> <"  < @  @5 

=V dJ>  %2
 3@u>  5 O) /4 p
&
:78
/+  (5  
KV) T=0>
dII /I! 
/nI> %zCI
IB@ /I! 
/nI> %<?II
IB@ /I! 
/nI> %&I?
IB@ /I! 
/nI>)
.(2" B@
.3B?" A @5 

=V
=J> 
&II5 IX p %=$II + gI X I6jB+ C=$II + 3=I5 IIA 
&I5> I :D II>P E IV" C IC
<" ND A I@ < I I+ %=IC ND ID N #$II
 I 3I@W 2IP A I 3I@ II
H =I0> Ip O2I
 I>P KID
:4 
+ %=4P
\ YP m \
(cˆ:dI—>) (<=BI
Y [ Y Z Y> /@=I Y Y Y]Z
Z Y ZY >Y T P Y 
&;H
Y )
\ [ Z &P
%Q 4)II
/II+ II n4 |8II
/II+ 9II
II &IIB OF8II
O)II
II  II 
:II!i
IIA>"
H=BIV T I %oI;" OI@ 2IB Ip %d)I B4 A6 '@ C=? 3@ ?'4+ :
Tj >
.
2
2B8 K4 B" pp 3@ T  p %z04+ o;" T  p %z04+ O@ 
2

.} O)
$A = <= > <" 2" jB+"
.(3>2
/+ @ @{
T  30
 !8 ) !i
A>"
\ | \ ] I
KIIY\D %mI \ Y Y &I\ I\i

KIIY\DY %mI
Z IBY +
[ Y IZ Y Q 
Y IZ \Z KIIY\D <I
Y Z I0Y ;[ | Y [ I[-Z IY> IIY+Y") :T=II0> II &II? 
<D
Z Y \ [ |
(cb: F
) (m:5 \ Z Y Z KD
Y Z Y …i
Z Y \ [ |
Y\ Y %m!8 \ Y \ 

Y Z Y T !Z
 ‡ Y [ m"
(ca: F
) ( $@ Y Z Y DY ] \  $+
Z ‡ Y Y ) } C2B T P
L @ p
:
KD <=2> 3>$
3@ 2>> &? j 
<n 
:ML 2B p %3 @u …i
L %T !
 !p %Q 
=5 %&i
!V
$;n> <"
 ‡ Y [ m"
( $@ Y ] \  $+
Y Z Y D Z ‡YY)
.3@u
2  < @ €= 0 d %3@u
2  < @ en d
 I>" Ipp gI > I!
zI5 /I+ OI>j? KID 7!+ % 4 .5    !
9 > &? =C C
:2) >  0+ O 
3@ en> % 
 N @ BR q$> 
9
3!  0
 V............/C" m" E
F
E 
LD
3II 0>" dJII > II " MII L KII B@ %E
I IF
9)II > <" 3II > N %3! II  II 0
<=II > <" 3II > N
.= 
:T=0> |4A> | A
LD
9>P †+ t
 <= >............... + m@" #$
E 
K
 .II
IIAl KII LD II /nII4+ IIA U=II+ II  .II LD Q
2II 

$IIC II> =IIC II 
:
2) @ HH> C2"
@" 40; /+ => & ............. D 
 /n> †+ K

B!4> B
<" 
K*P......... ‹+ u> =?n+  UN
LD
.9
$" dJ N /;" &n+ %3>>  9F> 3
3B@ ; 3  
..........K 
|:P N 9
$ MB+
<=@n
„R ) /A4 45.............2 ? & 1
M+ 45
3 ; 
 H
K)'.................&A+ C 5@ C
@  
3 5 * 3
/+ K
2P..............!V /+ O=5" |5= 
! " /!P 30> <‹+ KFR...........K5i
! <‹+ > en> N
n 2t
2)
& /+ D ............./+ '@ 3@" < 
A @ /+
N <" >2II? M$II+ /II4 =IIC 3II@ KIID # IIH =II@" /II+ II-" <" O2II0B
&IIl /II+ O II
/II 4
./ 
B #H6"
2I0" I+ %3 8I  I 1I
/IB H IA4?
2IA4?n+ /P=I+ =IC 3I /I;W =I@" /I+ -" <"
.mB:45
@
2" 2" N %mB:45
@ 2" K
:
   3" 3 C2" T=0>
:T=0> % @=8; t
2i Š 3" / B>– X@ / Vi /" 
 HH)
% It
2" I! " =I
)I!@ I@=> 4J? %A =2> < & @=8; 3@ 2" K =2> 4>" @ 

:T P
II@
=nII+  II" < II @ MII /IID T IIP %C
jIB+ mII
mII KIID 9IICL &IIP= ?4II5
 /IIA +
.(MX@ >" @ 
 A  <   
=-
X 
=H
X 
+ %4J
< D < {
M@  :....... =A=P 2!B4 e 
KD 3"
9*F
B!R 3@ B
T > N ......9

=B 3@ 20
&> N
} <25 
H .45

L @ } <2P 
H .45

L @
. J
ND
H .45
@ %9B4
ND
H .45
@ 98 
ND
H .45
@
. 40+ ! 8 "2 2" @ 2
H  %< #" 2! K 
B" B
H> 3 

 P s!V <‹+ ......H=
x*@ K !V"
 n @ 2  <D............ A. & n  
.O 
2Y  m C 1
r 3@ <" O20B
&l /+ O 
/ 4
q2IV 2IB0@ /I+ IA  I \
f ? /I+ >2@I5 hI>2" hIB4@ I-4 > Ii IA+ ;6 O I
4@[ K K B4+
[
.240@ M@ 3
/II+ 2BI \ I KII H
I@ 2II0+
[ I+ II!0 $II> II@ II B $II> II@ &II KII 
H
I@ 2II0>%$t
$ 
=AI [
.
;" /+ 2B>
[  H
:T=0>  &? 
<" pi
/+
mI
[ P" ND ( I. $It
$ KI 
H
[ I@ 2IP #" ) 
=IC K #
=C f
Y pW Y 2! 3@ @ /?
\ /j )
Q
\  3II@ II I [ IB? % II\!P 3II@ IY I0.
mI
[ I
 % II  3II Q II F
mI [ Ij 4BI
Y I II [IIB? % II@Y=C
.(?  & \
 I:" &I \ @H %(5  
KV) 
T=5 \  V \
[ ? I  %I0'
I
[ 2"
[  V 2" [ =C C Y
.0'
\ @H "  @ % :" @ < >{
\ 3@ [

[ Y
9I
[ S N 8IP Ii YI0'
I [ @H Ii 4*I+ m  KD 20   %=!
2" 3@ †j4 Y 20
.Q  
+
:T=0>  V"
Y = )> (5  
KV) /! 
KD Q +
\
} 3B
=
3@ †j>  
[&;2> M q2V   3@" 3@ d"
[ Y Y 
T=5
Y >
./=?j> N M V"
Y T +
[ T P %K T P
. 4Y 
9:> \ T=5

[ A &P <+ m \ KD 9CL
T P
[
:T P  + m!
9 V †'+ A E !
qR % 8i
3@ &? f m \ KD 9C$+
[ Y Y
. 4Y 
9:> \ T=5

[
[
\ I5 IIF II  3II@ 3II IIB IIB
= IIP
f I #" (II5 II 
KIIV) 
T=I

$IIC IY IS 2IY I> 9I


.9 

. " / A!:>
[ Y  T P
IIB I 4 
9I:> 
T=I5 mI 0+ M$I IC!;n+ % I?6 )I4 9ICL Ip %< B4I
[
T I0+
.3 B
. 5n  5 <. A!:>  T P
IIS 
T=II5 2II> II" < IIX " II " II  =II" < II II@" mI P HHII <" ND IIA @ < II II+
.
$C
\ H
I@ 2I0 /I4
O2IC
j
O2I B
[04
m
%MIL I d. I

=AI $It
$ KI 
[ !
m 
[
:m P AD m?'+
}  @
\
} <N=0 @ m P %<. M!:> (5  
KV) 
T=5
[ <D
= P
\
:
T=P 3@ < !C$ 3>" %(5  
KV) 
T=5 \
\ @" <
H" m P %o )4
= P
Y
\ \ \ \ Z N 3@uI
Y \ If I IY@u@ \ \ Y I I Y II I@)
Z \ I I @"Z Y 3IZ I I@ [OIY I I Y'Z
I[ I IA[ Y <=I
C Z Y h
 I I @"Z Y [ =I
Y I I [ Y> <" Y Y [ I I I]
K*I
[ I I5[  Y I IYP
LD [ Y f Z I I[  < I YY
(‚ˆE
ji
)(
./ B*> N 
<‹+ D /=B+H

. !'
!'>
[ (5  
KV) /! 
KD &04 > &?
>
[
KIV) I=2 6 I.+ O"I
$IA =2I> % IA UI
[ .> (I5 I 
KV) A?
[ >[  5" q!
[
.(5  

. An> 3>" 3@ B


[ N An> < T 
<" &P
\ r +j

./! " 
&; > <" #H > H A
#H  LD T=;2
 \ /+
. &? 
/
H 9> " % A4\ >6 &@
\ /+  T" \
\ /+ 4?6 K &;2>" |P=@ |0> C
Y [
. B
mA4
 %3B
=
9:>
[ 1:"
Y m !
$C s
Y <" ND @ < +
}2" 3@ <20. &C T=0+ %  V" 2[0.4> (5  
KV) /! 
 P
./0 /.; &?

$C
20+ @ + h + h + 20.
[
= P
.20+ @ h + h + 20.
[
= 0+ %} 2" 3@ <20. &C T P
/II+ II!:  /IIB@
=I@=P %9II!? /II;" 2I[ I0+" /I  T IIP <" ND (II5 II 
KIV) II @ < II I+
.K40

.=4P 3 )
3@ B!5 &4P 2P 2?
Y %(5  
KV)  g!>
[ 9CL
Y
3 )I
3I@ B!I5 &I4P T IP A? 3 E
4
7@
Y 
L K (5  
KV) $;n+
Y
. @ " / @
$C % @ " / @
$C % @ " / @
$C =4P
.
X  h
X  h
X $;"
Y hP 2P
Y } &?

$C 2P
Y
L @ 
ND D N
K+=II4> % !II I /II04
~=I
MIIL %
I II  )I
(> )II@ 2I" 2II@ 
()I
=IIC IC
} 4?6 HN" |  <==0+ % >i
3@ => /+ >H  K K X+ ! i
=;"
<= I> IC I@  ) / pD T; A4>" @ 
 %;W Tj @ KD d@i  4?6 m= 20 T P
.
 m0"  CAl =@ m  %m?; => ND Tj 
/+ /B@
I 
KIV) /I! 
<" B> i 2
 m /+ C AB@ d>  AD - >  AB@ ‰B>
:T P (5
.(=
=
%=
=
)
.
 2A /+ O *0 t <= > <" 3 B@ ? 9:; <= > <" pW 20
I \
[ I4
/2II> % IIA 3 4I I 3II mII If I' KII I
f I4> II@ |I
[ I4'> OH I
Y I! =II" II5" /! I
 IV =C I Y IC
/II+ [II' 

L‹I+ %< II 
3> IIB (I5 II 
KIIV) /I[ ! 
†I[ I'+ % II YI' 
$IIC <" F8I

KIV) T=I [ 5


< @ %4
~=@H r$4+ [ / 8

$A A  + OH = /" / 8
< 4 \
[
f I@ 3II 3II" IIY  %1I[ I
 T2IIB
IIi
2II" II  IIF> <" (II5 II 

OH II! /IIi T IIP 0 I Y Y Y


}  
/+ q$
 A M Y' 
:B"
=IC 
I I †
2I2
=I" dI [ 
/I+ < I % I 1I[ 
 = )I> |I LD h !*IF@ < 
II4' m> [ IB
/II" 
T=II5 II> :T II0+ II @i
$IIC &I\ IX@ 3II gI
[ 4II
<D II 
/II+ q$I [ I!> &II?
} 4

$C A4:"
[ /40>2
/I [B!" I T IP I  
/I OH I
Y ! /nI 1IY  <" ND U
2I2
E" 3I@ < I I+ %q$IB
M T P
}  [ / 4! A /40>2 Y' 

. C >D  !+ %(5  


KV) 
T=5 \ A+ m 
[ f /+ ; N C >D M4B T P
' Y
2II0+
=II?;" <" U
2II2
/II" HN" H
2II2
/II" " KII oH II &II;H U
2II2
=II" 9C$I Y I+
$IY I;n> < II + 9IR
xIIB [ A>2I>" /II+ I\ I .R" xIB <" &IIP KI4 %II 
/II+ q$I
f B 
3II@ IC B
.< 4!

Y /+ @> 
3@  B 2P T=0>
\ j 
&!5 /+ 1Cj @H
.&? \
Y 20> <" ND   p K>  M$ |4 >  †;
2IP I B
I;W /I+ IA=B I  /I+ IA+ T=I5
<=I > ‰I
s )I> %2I" IBP=@ /n
.(5  
KV) /@" =C /n 4    A? 
3II E
I 4
7I
[ I+ U
2II2
/nII =IIC
L‹II+ II> %II?
II-
MII /II+  IIV" KII > II
:T=0> A?
f q$
. 
/+ U
22
/v <v
&$@ f 3@  %
M>
[
} U
22
=" ;
L @
%6=I.
=IC MIL .
 I
 …i

[ AI If  6 I+ I  %I' 


I %E
I ;
. *4
2  m C 1
r 3@
:&P A@ Q/ 0" N <" O20B
&l /+ O 
/ 4
%&IP <D I@H

KD &B
9" %!5 ML KD mB:45
@ 
H" E"H" &" B" &
IB
9I0 3I@ ....... IX@
2IS Q/I =I
:z0 I
~ I4?
&I
D X &0
KD &0

z04 /4

z0 
~ 4?
/)
D ........   Q
&8>
:3 @u  3-
3" <" O20B
&l /+ O 
/ 4
I0 I |8I4> N #$
1'
ML %!5 ML KD mB:45
@ &@ 
; K A" <"
:<= @u
ND
(‚ƒ:m8+) (-f \ Y ™ œ Y L[ ND]\ C 0I
Y ] Y [> @
\ ] \ ] Y > @)
Y ND] C 0I
Y Y
I[ YY!V 3>$
Y [ YY
I 
3I@
AI (I5 I 
KIV) I ! IA+  I /I4
MI+{
IpH  2IB E=I>" =" =C C
mjI  <" 2IB E=I>" =I" /nI> % 4 I5 2
=P /+ =H V /+  /+ /@ => %Q4N

)IIt  < II @ mII =II mII>"
E=II>" " II> :T=II0> E=II>" " KIID 
 II5 !II5 q=II+ 3II@ OQ
I !

} A  
/ )t   m@ @ /B. <" 3 >"
.3 B
Q  3@ ; M @ ; )t B 
=+ T P %
 N m P
} <
=.V  /@ @ &B. < 3 >" <
=.V < @ m = m>"
E=>" " > T P
.M @ ; 
 <
=.8+ m P %
 N T P

/II )IIt  <D &II %<=I @u
ND II |8II4> N #$I
1II'
=IIC
$IC 3 @u II 3IIl < ID
IIA=@H %II@H IIA nIIP> N 3@jII
3II@ II4P mII0 #$II
 MII+{
g>2II /II+ O II B
! IIV IIA 
%MII+{
g>2II /II+ II  IIP 3II@ < II < II <i < I  9II> II? II %II:.4> IIA!P
:&t 0
=C d" %=H T=04+
Q P  @ 2@ …B........../ 2 /" <‹+
.MA?
=> N 3@ Q
2i
Q
2" <" O20B
&l /+ O 
/ 4
II!4> =IIC MII x0 I  II " MII y04II> %M8II' y04II> MII40> MII 2IIF> IID
. C r r K =A+ R  /.+ ND >C l Q
2i
o=P" =C %Q
2i
e" =C
$C
4!> !*
<" 3- + ...........O6  !*
E= m>"
LD
:<=0+ 
 q . 
D
 05i
KD H" mC" ..........<D  4+ +v q . 
<D
i !
/+ A >
 ........@" /+  @W K m*P
<" KID %=I
KID O=! 
2A $ @ 
@i
2? /+ ' > #$
e=
 L <=0+ 

KIA > <" N rIB @uI> <" <2I>> I@ %I


H  4I> <" <2>> @ % A 3@ …i

’>
.O+ 
/+ C
H" 
A!0+ ) + 3
.<)!4> C
LD <H 3@ 3>$
 L
LD A=P 6n

 L
LD
q28 ? #" A+ #2 + ..........AA? ~  @ 2B ? |" A
.
8 A 2 3 % 
3@ &.5i
s2
/+ A+
=.0p  >" 3=B@
2II" /II+ 3 @uII

=$II; %t
2II
3 @u II <=8II4> II=. II>4  II p
I? 30+ II 
<D
:A  <  % A 3@ …i

’> <" KD =
KD A=$'>
=
6 N %s=!
@ .
…i
/+ K0!>  ...........
LD ND =P 7>4 3
3I" g!'
A #$
C- @ C!  C2t P <2!> @ S <> %<A-> @ S <2>>
II  %I@ I" KI r=.8I
/I+ e2I"  I" I  
/I < IX 2IA /I+ IAl #$I
n!I5
:@ " K r=.8
/+ e2 @ 3@
g p / p A5  .......... 4.N
2
 A5 < =
>2@ >2 >2@ |"........8P o |" C  >2>
}C 3@ <==0
.(‚b2@)( T=0Z \ Z Y /+\ AI
\ Z Y 
3 \ Z Y4YY ) :T=0
Z [ ]IY+BI
<=II  3>2II.
 qII:
~ II:P II <
2II!
E=II>  IIP < IIX 2IIA /II+ &II?

$IIC IIAl
KIID 7II 2IIP % II  
/II < IIX KII AII5=. 2II. 3II.F
xIIB 30+ II 
3II@  8II
•>2II 
II  E II  3II @ U II    4II  II D O II ; =II C .mII Pu@ II t
H A II  % II @ 2II 
. 
/I+  I" I  
/I < IX
IV  AB+2I 4 8I I@  I>i
3I@ =I> /I+ /n " K4
. 4
I  
/I I @ "I0> =IC I? |8I
E*I p % B@ O2>2 /0+ F
* 
H. 
. Q @2  9*'4> %< X #2> 3 o;" O@ 04> |8
>24
I04+ I : /I+ BI 2I>> .5 /+ C2" /n> % "  
/ ? >  K)F>
.
H 
:P C2> :0+ C2 e 
o2D
II < IIX 2IIV KII II;W /0II 9IIp LD M$II =IIC II  %< IIX 2IIV KII |II  nII 4> IIp
#2IV /I+ < Q/)+ m5 @" + A @ ’p @" :t P  BR  B:+  
/ 1@
. 
.
ND D + % " 3@ B  +  ;W 9X> p
I  3>2I

$IC e" I:P <2I>> < @6 & /+ < @ & /+ <=J!
C2> >=@H Oj@ AD
.28
/+  A @ 45 :
= 0
=P2V = % A" !
 % 0 4B@ ~"
] AI
Y [ Y Z [> K"]Y [ 

(‚b=4
)(<= +uI [ [ Y Y PY )
E !II z!IIp %3II
E !II 3II@ IIX ~ II < II@6 &II /II+ 30+ II 
3II@ OH 8II
 8II
:
= 0
=.8"
=P2V = <=j>   A  <=5 Œ@ 
5" m.)  <;W
.28
/+  A AD  %28
/+  A @ 45
IB@ &I40> %I0!
/I+ 3+2I
3I@ I > <" T I> >I5 ?I> 3+2I I 9C$>[ =C < X K4
.2B AXX? 3+2  E 
A n4 A K@>  < B+
2> < <
2!
.E  @ BR 
Cj" XX?
=@20> <" KD 30+   =@i
mV | > 
/;" -"
.o 8 
 E 
3@ 3 @u
K 2" A
f \ \ Z \ Y ◌Z )
C$ +
Z [ Z Y IZ Y 2I Z \ ZY Y V
^ [ BY Z
I[ C[ A Y Z Y & Y [ Y Z Y O2Y ]@
] [ <=!> Y [ 9);
 [ [ AI Z \ Z Y 
Z [ ]Yn Y A=0 Z Y Z Y
==0I
[ [ Y> <D
(:<=0+ 
) (<= +uI ] AI
Y [ Y Z [> K"]Y [ 
[ [ Y Y PY
:3
T=0> %
ND D N
. P:
/+ /) <" B:45
  L" 30+  < =
>II 
K0II5 &II T=II0 3II  %<v
3II T=II0 II+ % II" II  
/II 2IIA KII II=P
.K ! 3@ K  3@ 3!4> C2  4
mI
I!P KI /nI> < I %T Ii
TL" 3I@ =C  =0> < & 3@ E  ? <" 4@""  $>

$IC sI p >=R O4. 4  $C % B! 9C$> 3. 


q> !0
74.+   3@  " /+
:Tn+ &B

}&B

$C m    &P
I" %I!0
KID I?=@ A I@
2I
 2I? I+ I!0
&IC" =!P 3@ !P |" m4+ 20 
 T P
.3+2
/  3@  " /+ 4+"
I ~H I'> < I I@ %I> I C A-> < @ ND ML 3 = #$
@ }!0
3 = #$
+
.s C Al C
.28
/+ @ &8> =!0
/+ @ XB!> => A   %t

K! => A  
:ML @ T=P"
i
/+ |B* +  @" ............3@ 5{
)B@ >
=A! 4+
 ?i
/+ ‰=  @= .......9P> < *0> 2P  3
=.F N
5{
K E o=5 m .........
V q . 
 /V B
E
:  ? 8 & + %q . 
8 T
6 &0 N

2 F K04
&C" <Lu>..........n!5 /  3@ r=" + T
6 @

=  5 A q . 
K"........
X B T=5 3i T
6 @
 @" /+ 3 T P
LD E...... > <=  + dJ4! N /;" 3 
 \ [ <=BI
(acb<
 TW)(z@ \ ] <D
Y [ Y Z Y> 
Y Y 
] \ h J
Z Y C2
Z [ [ Z Y 
Z [*>
\ Z\ )
^ [ Y N
=0I[ ]4IYY
!8
[ Z Y <D
Y
<=j> ’H
=
/+ C N A!C> J N ...........<= =4> A >  K <= @u

K5=@ 
2P{  < C U 8+{ /+ s
i ......e˜
j4> <=+ K C2
 @ =
(<=0+ 
)(<=BI \\
Y [ Y Z Y> N 30+ ] \ Y Y 3\ \ Z Z \ =5
\ \ \ ] \ 

\ ]\ ]◌)
Y YZ[ 
3  Y @u
[ Y [ Y Y [OjBZ Y
IIA :" 3II <D IIA OIIp N O=2II U II N II" O2II0B
&IIl /II+ O II
/II 4
.  P" T=*+
II @i
T 8II>D /II+ 7II. 3II+ II  P R &II 2II  II
LD % II 4
 
I II @ BR IIAB@ KII  II
LD
. A 
. /4

.(>W = / 
=F) :(5  
KV) T=0>
.>W = / 
=F %T :! N &! 4 N &@ ' N T=  V+ ~2> 
%=II II /II II /II II %II5{
II>=A
 II5{
 II5
 %II5› H=II?=
3 II+ N"
: @ 2
=
T  <    @ %   %    !*S  j
4 5 K /* 5 D......... =H /+ 
 4;
2P
4@L K ™.
@ .........A!
=*P 3>$
+
3II; IIt @ II O2II  IIA 
 &II  dJII> N II4.> N 4BII5 II KBII> =2II> U=II =IIC IIC
N IB@ 3@uI> I 4BI5 I I4 
I@ %
KID O=2I 'I> I U=I O I 3I@ /0
L @ % @ 
.&P
 !I5 I I5
=> KI4 I IA
&;2I> 3>2I

$IC IC &I> (I5 I 
KIV) 
T=I5
: =0
(>v
3@ :R +)(
Y  Z \ ZY Y M.I
Y Y A Z Y Z Y +Y )
Y [ Z Y 9C$

. II <=4+ IIA4> IIC CjII $II;n> % IIPS <2II>> A II 2II>> % II=@ <2II>> A II 2II>>
. 
K
/II+ %3 IIB
E  mII.P" 2IIP A II 2II AII 
<
=II 4 IIV KIID 2IIB 3II@ II-" IIp
T=I 3   %3>2

$C @2' A @" %3>2

$A <=B> &
/+ %3>2

$A <=B> -0

:
=  T=0>  >i
3@ @=>  V"  > %" @=C N 8' > *P
.
&!5 /+ A0.n+ C
=? m!
$C „@ /B@ <= > <" K " C2" T=0+
.
&!5 /+ 0." !CL m!

$C „@ /B@ <= > <" K " ;v
T=0>
.
 R /+ AB45" N ? m!

$C „@ /B@ <= > <" K " /   T=0+
:3>2

$C C
=
2B0 K)@
LD 78
d ..........C L @  $ 3B N
} A 8; M4!" &C 3 
M!B> @ M @ 3 > + ........ Q@" T 8; M4!"
LD
M!> 9?  A4J?
LD ...... @ 
 H=
K d+
} 
KD O=2 4P 3@ &B?  . A @ 2
 & Tn
} &? j 
3>2 2P
L @
} .  2P
L @
} >2> K o24C

.'@ 
   >{
<D
.
 3@ 2  ND H=A? T=*+ o=5 %  P" T=*+ o=5 O=2 /:B 
2I + O=8I @ 1
K .t R K0!4+ ~ 5 %
2! 2A4?
 2+ t P m
6 N V.
3 
:.t :
$C E  /+ <=  <" M.
†j; <=@H P e" + ..........†j; 5" (> 4
r <i
 V 
@ 3-
& o................. n K4 
=2  D
. 26 &:!
 %" =C LD
2" 2'> N 1
=V <" O20B
&l /+ O 
/ 4
. 
 P KD 1
  5 &R !

Tn>[ N @ " 3 1


 ..........&. &R v
 =B> 1

T2!4> N &? j  + ..........m2!   m 45

LD
2II IIA >)II!
 II=H II>
2 /II+
2II
 .IIV |II0> (II5 II 
KIIV) 
T=II5 =IIC IIC
<" ND 
KnI> %TIl /I+ ND 3>+ I 
2I I@
I; MIL I@ I Q I? #$I
= 
Q .RD 2>
.<=05 .
 = %<=0+ 
 = %<+ 
 = = 4>
%IItN II@= 
/II+ <=)II'> N 1 II <=28II+ (II5 II 
KIIV) 2IIB 3II@ 4 IIV /nII>
2IP I- ; A+ .t R s C T
j N A 3@ …i

’> <" KD =
KD C2B 3@
.(5  
KV) /! 
A !;"
:pH 
$A /n z 0 N <i dJ N <i
 I>" /I.
E2I 
<" H It
j
(> I /I+ H I 
I #t
j
2
2! ()

2II
2II! ()II
K24II5
 %II5{
 IIB@ dII: II J? :
I V &II  T=II0> < II  B4II5N

H I;D 2I
&I.0 H=I 
mI5" ND  I +i
$IC s$I@ 3I0 3I 0 <" @D  T P
:3@u
 !X ()
T 0+ %O 
 
=V"
} | T P 26" KS" !*S € )45 + :4 3 MD
.3.4
m e &. /+ m <D T P
.3B4
m ~ 4?
/+ m <D
.3!

m O 5 m!  <D
.3>+ 
m
 :P m!  <D
.3=
2" 3
m;H <D
.3
 )@ 4!A" /=44P <D
. A >H /+ @Œ
=B4 N <"   ; p   ; p  ;
:3>2

$A ND   0 N 
 3>2

$A N   0 N 
=+
! 4@ N  !? =
KD ......... CH> 3 @" Q " 

LD
&R  >H o=5 3>H & ........A >H
L . 
 1
>H
.
2" O=H jA> N oLi
<" O20B
&l /+ O 
/ 4
:
=B+ A@ 3@u@ 9P KD O F:
&8> 3
\ 
/+\
=[@W 3>$

\
[ Y Z Y Z [=0I[ Y> =I
(ƒa:+ S) (H Ai
^ O Z
Y ZY>Y IY Z2
YY Y Y ] Y YY5
[ [ 8 \
[ [ Z IYY D] )
HII x+
II
<=R II.
MII@ =II> 2II B
~=II
2IIC
j
II L %
II II /II 
II  =II"
jI I B
K24II5
 %IIX 
 II
Q II  3II@
=IIL  II
&II C"
= II 
=8II

=II: 8II@
:  T 0+ 
  / 
  "  

.A 3R .
m@ B4 
m@ A5" O) /B@ < = mP M" M  / F
} | jB
T P % =P 3 ? " jB
3-+ ...N   " T P
. B  
/@ B4 <=R .
A>"  @ /F! > &   " T P
gI X
=I
/I+ I@" Ip %/ IX
=
/+  A‹ @" p %Ti
=
/+ * @" 26" KSn+
.  '
KID 'I5 /I+ &V + #H=A
 1." K4 <W0
"0> =C '> &B+ #H=A Q/+
.2A)  K> < +  K0 3   BR !P

2I" I  =I" |I; &IC %I  /I" &40   /" O=H mA4
&A+ % 
/+ O 
/+ =
}
.C H" A4@$ =0>  
&C" % 
&C" 3@   /" |"   =" |; B
T=B+ 
 
T P  T=JP ...........25  P K*@ @ 25
LD
KI0! <" &I?" 3I@ 3IC" E$I  I   %1
 m  1>:
K z05   
$ C
1II ™I.>[ <" &I?" 3I@ IP=0 I? I[  I 3II@ I  %1I
I mI0 %I  1I
I
:1
m m0 %

(<=0+ 
)(<=BI \\
Y [ Y Z Y> N 30+ ] \ Y Y 3\ \ Z Z \ =5
\ \ \ ] \ 

\ ]\ )
Y YZ[ 
3  Y @u
[ Y [ Y Y [OjBZ Y
/ >  (> 4
/+
2" ........... oLi  jA 
=2
@  
3 
K /0   €=  ........./B" 9A" 20
#2> /+ 
/ 0> H / >D 7! " ......... 5 # +  8 :4 3
/ B@ /-+  / / ...........#2> /+ /!P /!P /+ =  +
2II@" IIA 3II  „II:' N &II
 AII5 <" @II5{
O2II0B
&IIl /II+ O II
/II 4
.Q *0
2@Œ
II@6 IIV 
&IIP IIV 
&IIP 1>28II
jII …i
MII mP II E=II:'
mIICH

L‹II+
mII4+" IIX HII0

2IIS II-!>
mII0: IIC" 1II
mII!  IIC" H II.
IIH % IIC" &IIR !

:T=0> 3@ KD M>2> +n+ % F

\ \ [ Z  [ ^ T P
(ˆb+ S)(   Z YZ Y /=H

Z [ Y 945" [ Y Y Y Y)
<=)
M + /+ 4 ........84n+ U= Q H m!?" 3@ >
/= M=0  >  .......... ; T=  
T " 3@ >
3:0
O) 45 ......d=> ™.> =
@" 3@ >
<= 
L A
H ! n+ ............... /+ X@ D E >
H=
 B
  
........H=@   

H= q" #P U  @ .... 
=V 2@ /! 
K
.3 B
E  2
 %35
K 5 %<=.8> @ 3 OjB
E M < !5
.2  !5 =C ND D N <" 2A"
‫الجزء الثاني‬ ‫ھكذا علمتني الحياة‬
‫علي عبد الخالق القرني‬

‫بسم ﷲ الرحمن الرحيم‬

‫الحمد ‪ 4‬الواحد األحد‪ ،‬تعالى عن الشريك والصاحبة والولد‪.‬‬

‫نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه‪.‬‬

‫ونعوذ با‪ 4‬من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا‪ ،‬من يھده ﷲ فال مضل له‪ ،‬ومن يضلل فال ھادي له‪.‬‬

‫أشھد أن ال إله إال ﷲ وحده ال شريك له‪ ،‬له الملك وله الحمد وھو على كل شيء قدير‪.‬‬

‫وأشھد أن محمدا عبد ﷲ ورس‪M‬وله‪ ،‬أرس‪M‬له ﷲ رحم‪M‬ة للع‪M‬المين ف‪M‬شرح ب‪M‬ه ال‪M‬صدور وأن‪M‬ار ب‪M‬ه العق‪M‬ول‪ ،‬وف‪M‬تح ب‪M‬ه‬
‫أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا‪.‬‬

‫اللھم اجزه عنا أفضل ما جزيت نبيا عن أمته وأعلي على جميع ال‪M‬درجات درجت‪M‬ه واح‪M‬شرنا تح‪M‬ت لوائ‪M‬ه وزمرت‪M‬ه‬
‫وأوردنا حوضه في اآلخرة‪.‬‬

‫اللھ‪M‬م ال تجع‪MM‬ل لقلوبن‪M‬ا اآلن حوض‪MM‬ا ت‪M‬رده إال كتاب‪MM‬ك وس‪M‬نة نبي‪MM‬ك )ص‪M‬لى ﷲ علي‪MM‬ه وس‪M‬لم( أف‪MM‬ضل ص‪M‬الة وأت‪MM‬م س‪MM‬الم‬
‫وأكمله وأعاله‪.‬‬

‫اللھم حبب إلينا اإليمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين‪.‬‬

‫اللھ‪M‬م وبغ‪MM‬ض إل‪MM‬ى قلوبن‪M‬ا البدع‪MM‬ة والمبت‪MM‬دعين‪ ،‬وأرن‪M‬ا الح‪MM‬ق حق‪MM‬ا والباط‪M‬ل ب‪MM‬اطال ووفقن‪MM‬ا ألتب‪M‬اع الح‪MM‬ق والعم‪MM‬ل ب‪MM‬ه‬
‫والصبر على األذى فيه ابتغاء وجھك وطلب مرضاتك‪.‬‬ ‫َ‬ ‫والدعوة إليه‬

‫م‪M‬ع‬ ‫س‪M‬يئاتنا َ َ َ ﱠ َ‬
‫وتوفن‪M‬ا َ َ‬ ‫عن‪M‬ا َ ﱢ َ ِ َ‬ ‫لن‪M‬ا ُ ُ َ َ‬
‫ذنوبن‪M‬ا َ َ ﱢ ْ‬
‫وكف‪M‬ر َ ﱠ‬ ‫ربنا َ ْ ِ ْ‬
‫فاغفر َ َ‬ ‫بربكم َ َ ﱠ‬
‫فآمنا َ ﱠ َ‬ ‫آمنُوا ِ َ ﱢ ُ ْ‬
‫أن ِ‬‫لإليمان َ ْ‬
‫ينادي ِ ْ ِ َ ِ‬
‫منادياً ُ َ ِ‬
‫سمعنا ُ َ ِ‬
‫إننا َ ِ ْ َ‬ ‫ربنا ِ ﱠ َ‬
‫) َ ﱠَ‬
‫تخلف ْ ِ َ َ‬
‫الميعاد(‪.‬‬ ‫إنك ال ُ ْ ِ ُ‬ ‫يوم ْ ِ َ َ ِ‬
‫القيامة ِ ﱠ َ‬ ‫رسلك َوال ُ ْ ِ َ‬
‫تخزنا َ ْ َ‬ ‫على ُ ُ ِ َ‬‫وعدتنا َ َ‬
‫وآتنا َما َ َ ْ َ َ‬
‫ربنا َ ِ َ‬ ‫ْ َْ َ ِ‬
‫األبرار* َ ﱠ َ‬

‫يط‪M‬ع ﱠ‬
‫ﷲَ َ َ ُ َ‬
‫ورس‪M‬ولهُ‬ ‫ومن ُ ِ ِ‬ ‫لكم ُ ُ َ ُ ْ‬
‫ذنوبكم َ َ ْ‬ ‫ويغفر َ ُ ْ‬ ‫لكم َ ْ َ َ ُ ْ‬
‫أعمالكم َ َ ْ ِ ْ‬ ‫يصلح َ ُ ْ‬
‫سديداً * ُ ْ ِ ْ‬
‫قوالً َ ِ‬ ‫ﷲَ َ ُ ُ‬
‫وقولوا َ ْ‬ ‫اتقوا ﱠ‬
‫آمنوا ﱠ ُ‬‫الذين َ ُ‬ ‫) َيا َ ﱡ َ‬
‫أيھا ﱠ ِ َ‬
‫عظيما ً(‪.‬‬ ‫فاز َ ْ‬
‫فوزاً َ ِ‬ ‫فقد َ َ‬
‫ََْ‬

‫س‪MM‬الم عل‪MM‬يكم ورحمت‪MM‬ه وبركات‪MM‬ه‪ ،‬وأس‪MM‬أل ﷲ العظ‪MM‬يم رب الع‪MM‬رش الك‪MM‬ريم أن يجمعن‪MM‬ا وإي‪MM‬اكم عل‪MM‬ى اإليم‪MM‬ان وال‪MM‬ذكر‬
‫والقرآن‪ ،‬وأن يجعل آخر كالمنا من الدنيا ال إله إال ﷲ‪.‬‬

‫ثم يجمعنا أخرى سرمدية أبدية في دار قصورھا ذھب والمسك طينتھا والزعفران حشيش نابت فيھا‪.‬‬

‫أحبتي في ﷲ‪:‬‬

‫لقائنا الليلة يتجدد مع الجزء الثاني من محاضرة ھكذا علمتني الحياة‪.‬‬


‫لكم غنم ھذه المحاضرة وعلي غرمھا‪ ،‬لكم صفوھا وعلي كدرھا‪.‬‬

‫ھذه بضاعتي وإن كنت قليل البضاعة تعرض عليكم‪ ،‬وھذه بنات أفكاري تزف إليكم‪ ،‬ف‪M‬إن ص‪M‬ادفت قب‪M‬وال فإم‪M‬ساك‬
‫بمعروف‪ ،‬وإن لم يكن فتسريح بإحسان وﷲ المستعان‪.‬‬
‫ما كان من صواب فمن ﷲ الواحد المنان‪.‬‬

‫وما كان من خطأ فمني ومن الشيطان وﷲ بريء منه ورسوله وﷲ المستعان‪.‬‬

‫وأنا العبد الفقير القليل الضعيف المھوان ُنبذ مما سنح لي من المعارف تحت ظل العقيدة‪.‬‬

‫أسأل ﷲ أن يجعلھا لي ولكم ذخرا ليوم تتقلب فيه القلوب واألبصار‪.‬‬

‫وأسأله أن يجعلھا من صالحات األعمال وخالصات اآلثار وباقيات الحسنات إلى آخر األعمار‪ .‬رباه‪،‬رباه‪:‬‬

‫يظن الناس بي خيرا وإني‪ .......‬لشر الناس إن لم تعفو عني‬

‫وما لي حيلة إال رجائي ‪........‬وعفوك إن عفوت وحسن ظني‬

‫اللھم اجعلني خيرا مما يظنون‪ ،‬وأغفر لي ما ال يعلمون‪ ،‬وھكذا علمتني الحياة‪:‬‬

‫كلمة طيبة‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫أحسن من‬
‫َ‬ ‫أجمل وال‬
‫َ‬ ‫خير وال أفضل وال‬
‫علمتني الحياة في ظل العقيدة إنه ال َ‬

‫حين ِ ِ ْ ِ‬
‫ب‪M‬إذن‬ ‫تؤتي ُ ُ َ َ‬
‫أكلھا ُ ﱠ‬
‫كل ِ ٍ‬ ‫السماء* ُ ْ ِ‬ ‫ثابت َ َ ْ ُ َ‬
‫وفرعھا ِفي ﱠ َ ِ‬ ‫طيبة َ ْ ُ َ‬
‫أصلھا َ ِ ٌ‬ ‫طيبةً َ َ َ َ ٍ‬
‫كشجرة َ ﱢ َ ٍ‬ ‫كلمةً َ ﱢ َ‬ ‫ﷲُ َ َ‬
‫مثالً َ ِ َ‬ ‫ضرب ﱠ‬ ‫تر َ ْ َ‬
‫كيف َ َ َ‬ ‫)ََْ‬
‫ألم َ َ‬
‫لعلھم َ َ َ ﱠ ُ َ‬
‫يتذكرون(‪.‬‬ ‫للناس َ َ ﱠ ُ ْ‬
‫األمثال ِ ﱠ ِ‬‫ﷲُ ْ َ ْ َ َ‬‫ويضرب ﱠ‬
‫ربھا َ َ ْ ِ ُ‬
‫َﱢ َ‬

‫أخي‪ :‬إن البر شيء ھين‪..........‬وجه طليق وكالم لين‬

‫رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم( وھو بين أصحابه‪:‬‬


‫ِ‬ ‫ھاھو أعرابي كما يروى يدخل على‬

‫َ‬
‫ويھزه ويقول‪:‬‬ ‫فيمسكه بتالبيبه‬

‫أمك‪.‬‬
‫أبيك وال من ما ِل ِ‬
‫مال ﷲِ الذي أعطاك ال من مالي َ‬
‫أعطني من ِ‬

‫محم‪M‬د )ص‪M‬لى ﷲ‬
‫ٍ‬ ‫ش‪M‬خص‬
‫ِ‬ ‫رس‪M‬ول ﷲ )ص‪M‬لى ﷲ علي‪M‬ه وس‪M‬لم( يري‪M‬دون أن يؤدب‪M‬وا م‪M‬ن يعت‪M‬دي عل‪M‬ى‬
‫ِ‬ ‫فيقوم صحابةُ‬
‫ُ‬
‫عليه وسلم( فيقول عليه الصالة والسالم‪:‬‬

‫مال ﷲ‪ ،‬أو كما قال )صلى ﷲ عليه وسلم(‪.‬‬


‫المال ُ‬
‫ُ‬ ‫رسلكم‬
‫ِ‬ ‫على‬

‫بيته )صلى ﷲ عليه وسلم( فيقول‪:‬‬


‫ويذھب به إلى ِ‬
‫ُ‬ ‫ِ ُ‬
‫ويالطفه‪،‬‬ ‫يداعبه‬
‫ُ‬ ‫األعرابي‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يأخذ ھذا‬ ‫ثم‬

‫خذ ما شئت ودع ما شئت‪.‬‬

‫محمد )صلى ﷲ عليه وسلم( ؟‬


‫ٍ‬ ‫بيت‬
‫لكن ماذا يأخذ من ِ‬

‫خب‪M‬ز ال‪M‬شعير‪ ،‬ول‪M‬م ي‪M‬شبع م‪M‬ن دق‪M‬ل التم‪M‬ر‬


‫ِ‬ ‫ي‪M‬شبع ُ‬
‫أھل‪M‬ه م‪M‬ن‬ ‫َ‬ ‫شھرين وال ثالثةَ أش‪M‬ھر‪ٌ ،‬‬
‫بي‪M‬ت ل‪M‬م‬ ‫ِ‬ ‫النار‬
‫ِ‬ ‫توقد فيه‬
‫ُ‬ ‫بيت ال‬
‫ٌ‬
‫السائل يسأل فال يوجد يوم من األيام في بيته إال عنبة‪ ،‬وفي يوم من األي‪M‬ام ال يوج‪M‬د ف‪M‬ي‬
‫ُ‬ ‫بيت يأتي‬
‫التمر‪ُ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ورديء‬
‫ص‪M‬احب ذاك‬
‫ُ‬ ‫األرض ب‪M‬أبي وأم‪M‬ي‬
‫ِ‬ ‫ظھ‪M‬ر‬
‫ِ‬ ‫عل‪M‬ى‬ ‫وج‪M‬د‬
‫َ‬ ‫بي‪M‬ت‬
‫ٍ‬ ‫خي‪M‬ر‬
‫ُ‬ ‫لكنه‬ ‫واحدة‪،‬‬ ‫تمرة‬ ‫سوى‬ ‫(‬‫وسلم‬ ‫عليه‬ ‫ﷲ‬ ‫صلى‬ ‫بيته )‬
‫البيت )صلى ﷲ عليه وسلم(‪.‬‬

‫رة خيرا‪.‬‬
‫أھل وعشي ٍ‬
‫أحسنت وجزاك ﷲ من ٍ‬
‫َ‬ ‫األعرابي إال أن قال‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ما ملك‬

‫قال عليه الصالة والسالم‪:‬‬


‫فخ‪M‬رج‬
‫َ‬ ‫قل‪M‬ت ل‪M‬ي اآلن‪،‬‬
‫إن أصحابي قد وجدوا عليك أو كما قال )صلى ﷲ عليه وسلم(‪ ،‬فأخرج إل‪M‬يھم وق‪M‬ل لھ‪M‬م م‪M‬ا َ‬
‫وعشيرة خي‪M‬را‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫أھل‬
‫إليك يا أعرابي؟ قال نعم وجزاك ﷲ من ٍ‬‫أحسنت َ‬
‫ُ‬ ‫وجاء إليھم فقال )صلى ﷲ عليه وسلم( ھل‬
‫رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم(‪.‬‬
‫ُ‬ ‫أشھد أن ال إله إال ﷲ وأشھد أنك‬
‫ُ‬

‫فقال )صلى ﷲ عليه وسلم(‪:‬‬

‫إنما مثلي ومثلكم و مثل ھذا األعرابي كرجل كانت له دابة‪ ،‬فنفرت منه فذھب يطاردھا‪ ،‬فجاء الناس كلھ‪M‬م وراءه‬
‫يطاردون فما ازدادت الداب‪M‬ة إال نف‪M‬ارا وش‪M‬راد‪ ،‬فق‪M‬ال دع‪M‬وني ودابت‪M‬ي أن‪M‬ا أعل‪M‬م ب‪M‬دابتي‪ ،‬فأخ‪M‬ذ م‪M‬ن خ‪M‬شاش األرض‬
‫ولوح به لھذه الدابة فما كانت منھا إال أن ان‪M‬ساقت إلي‪M‬ه وج‪M‬اءت إلي‪M‬ه فأم‪M‬سك بھ‪M‬ا‪ ،‬أم‪M‬ا إن‪M‬ي ل‪M‬و ت‪M‬ركتكم عل‪M‬ى ھ‪M‬ذا‬
‫فمات فدخل النار‪.‬‬
‫َ‬ ‫كفره‬
‫ِ‬ ‫عندكم على‬
‫األعرابي لضربتموه فأوجعتموه فذھب من ِ‬

‫ال‪M‬سيئة بالح‪M‬سنة‪ ،‬إنھ‪M‬ا آس‪M‬رةُ القل‪ِ M‬‬


‫‪M‬وب‬ ‫ِ‬ ‫‪M‬ع‬
‫ف‪M‬ضل م‪M‬ن دف‪ِ M‬‬
‫َ‬ ‫الكلم‪M‬ة الطيب‪M‬ةُ ي‪M‬ا أيھ‪MM‬ا األحب‪M‬ة‪ ،‬ف‪M‬ال إل‪M‬ه إال ﷲ ال أ‬
‫ِ‬ ‫أري‪M‬تم إل‪M‬ى‬
‫األضغان واألحقاد والسخائم من القلوب‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫واألرواح‪ ،‬إنھا مستلة‬

‫عظيم(‪.‬‬ ‫يلقاھا ِ ﱠإال ُذو َ ﱟ‬


‫حظ َ ِ ٍ‬ ‫وما ُ َ ﱠ َ‬
‫صبروا َ َ‬ ‫يلقاھا ِ ﱠإال ﱠ ِ َ‬
‫الذين َ َ ُ‬ ‫وما ُ َ ﱠ َ‬
‫)َ َ‬

‫بالحجارة أسقطت ثمراً طيبا‪.‬‬


‫ِ‬ ‫رجمت‬
‫المثمرة كلما ُ ِ‬
‫ِ‬ ‫كالشجرة‬
‫ِ‬ ‫المؤمن الحق يا أيھا األحبة‬
‫ُ‬

‫فيا له من قمة ويا لھا من ُمثل‪.‬‬

‫إب‪M‬راھيم‬
‫َ‬ ‫يم‪M‬ر عل‪M‬ى‬
‫كلب‪ ،‬واليھود لطالما استفزوا المسلمين يريدون أن يوقع‪M‬وھم ف‪M‬ي ش‪M‬ركھم‪ُ ،‬‬
‫يھودي معه ُ‬
‫ُ‬ ‫ھاھو‬
‫َ‬
‫فيقول لهُ‪:‬‬
‫ُ‬ ‫المؤمن‬
‫ُ‬ ‫ذلكم‬ ‫‪-‬‬ ‫ﷲ‬ ‫حمة‬ ‫عليه‬ ‫–‬ ‫أدھم‬ ‫ابن‬

‫لحيتك ؟‬
‫ِ‬ ‫أطھر من‬
‫ُ‬ ‫الكلب‬
‫ِ‬ ‫ذنب‬
‫ذنب ھذا الكلب‪ ،‬أم ُ‬
‫أطھر من ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ألحيتك يا إبراھيم‬

‫الواثق بموعود ﷲ عز وجل‪:‬‬


‫ِ‬ ‫المؤمن‬
‫ِ‬ ‫بھدوء‬
‫ِ‬ ‫فما كان منه إال أن قال‬

‫أطھر منھا‪.‬‬
‫ُ‬ ‫كلبيك‬
‫َ‬ ‫لذنب‬
‫ُ‬ ‫النار‬
‫ِ‬ ‫ذنب كلبك‪ ،‬وإن كانت في‬
‫أطھر من ِ‬
‫ُ‬ ‫لھي‬
‫الجنة ِ‬
‫ِ‬ ‫إن كانت في‬

‫اليھودي إال أن قال‪:‬‬


‫ُ‬ ‫فما ملك ھذا‬

‫أخالق األنبياء‪.‬‬
‫ُ‬ ‫أشھد أن ال إله إال ﷲ‪ ،‬وأشھد أن محمدا رسول ﷲ‪ ،‬وﷲ ما ھذه إال‬

‫وم‪M‬ا ُ َ ﱠ َ‬
‫يلقاھ‪M‬ا‬ ‫حميم* َ َ‬
‫ولي َ ِ ٌ‬ ‫عداوةٌ َ َ ﱠ‬
‫كأنهُ َ ِ ﱞ‬ ‫بينك َ َ ْ َ‬
‫وبينهُ َ َ َ‬ ‫فإذا ﱠ ِ‬
‫الذي َ ْ َ َ‬ ‫ھي َ ْ َ ُ‬
‫أحسن َ ِ َ‬ ‫بالتي ِ َ‬ ‫السيئةُ ْ َ ْ‬
‫ادفع ِ ﱠ ِ‬ ‫الحسنةُ َوال ﱠ ﱢ َ‬ ‫تستوي ْ َ َ َ‬ ‫) َوال َ ْ َ ِ‬
‫عظيم(‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ﱟ‬
‫حظ‬ ‫َ‬ ‫ذو‬‫ُ‬ ‫ﱠ‬
‫إال‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬
‫قاھا‬ ‫َ‬ ‫يل‬
‫ُ‬ ‫وما‬
‫َ َ‬ ‫صبروا‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ ﱠإال ﱠ ِ َ‬
‫الذين‬

‫أقول ھذا لعموم الناس‪ ،‬أما نحن الدعاة ونحن طلبة العلم والمفترض في الحاضرين أن يكون‪M‬وا طلب‪M‬ة عل‪M‬م‪ ،‬ل‪M‬يس‬
‫ُ‬
‫برديء الكالم‪.‬‬
‫ِ‬ ‫التراشق‬
‫ِ‬ ‫لنا أن ننـزل عن مستوى دعوتنا إلى‬

‫ليس لنا أن ننزل إلى سفاسف األمور ولو حاول غيرنا جرنا إلى ھذه األمور‪.‬‬

‫نغ‪M‬ضب‬
‫َ‬ ‫يكن تحركنا ذاتيا‪ ،‬ف‪M‬ال يحركن‪M‬ا غيرن‪M‬ا ألن ال ن‪M‬ستجر إل‪M‬ى مع‪M‬ارك وھمي‪M‬ة خاس‪M‬رة وال ش‪M‬ك‪ ،‬ث‪M‬م علين‪M‬ا أن ال‬
‫كل ساقط‪.‬‬
‫بذيء وعن ِ‬
‫ٍ‬ ‫كل‬
‫بأنفسنا عن ِ‬
‫ِ‬ ‫نسمو‬
‫َ‬ ‫ألنفسنا بل علينا أن‬
‫ِ‬

‫لو كل كلب عوى ألقمته حجرا‪.......‬ألصبح الصخر مثقاال بدينار‬

‫ومن عاتب الجھال أتعب نفسه‪ .......‬ومن الم من ال يعرف اللوم أفسد‬

‫ليس معنى ذلك أن نستسلم فال ندافع‪ ،‬لكن المدافعة أحيانا يا أيھا األحبة تكون بالسكوت‪.‬‬
‫والمدافعة أحيانا تكون باالختفاء‪.‬‬

‫والمدافعة أحيانا تكون باإلعراض عن الجاھلين‪.‬‬

‫أحد‪ ،‬يوم أصاب المسلمين م‪M‬ا أص‪M‬ابھم‪ ،‬ن‪M‬ادى أب‪M‬و س‪M‬فيان‪ ،‬وال زال م‪M‬شركا رض‪M‬ي‬
‫أحد وما أدراكم ما يوم ُ‬
‫في يوم ُ‬
‫ﷲ عنه وأرضاه‪ ،‬قال‪:‬‬

‫ھل فيكم محمد ؟‬

‫فلم يرد عليه )صلى ﷲ عليه وسلم( ولم يأمر أحدا بالرد‪.‬‬

‫ھل فيكم أبو بكر‪ ،‬ھل فيكم عمر؟‬

‫فلم يجبه أحد مع أن الجواب قد كان أغيظ له‪ ،‬لكن الموقف كان يستلزم السكوت من باب قول القائل‪:‬‬

‫إذا نطق السفيه فال تجبه‪ ........‬فخير من إجابته السكوت‬

‫فإن كلمته فرجت عنه‪ .........‬وإن خليته كمدا يموت‬

‫ومن باب قول اآلخر‪:‬‬

‫إصالح‬
‫ُ‬ ‫لصون العرض‬
‫ِ‬ ‫شرف‪ .......‬وفيه أيضاً‬
‫ُ‬ ‫أحمق‬
‫ٍ‬ ‫جاھل أو‬
‫ٍ‬ ‫والصمت عن‬
‫ُ‬

‫نباح‬
‫لعمر ﷲِ ُ‬
‫ُ‬ ‫والكلب يخزى‬
‫ُ‬ ‫األسد تخشى وھي صامتةٌ ‪........‬‬
‫َ‬ ‫أما ترى‬

‫ُ‬
‫ويشتمه ويقذع‪M‬ه‬ ‫فيسبه‬
‫ُ‬ ‫اإلمام أحمد عليه رحمةُ ﷲ في مجلسه وبين تالميذه‪ ،‬ويأتي سفيهُ من السفھاء‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ھو‬
‫وھا َ‬
‫ُ‬
‫طالبه وتالميذه‪:‬‬
‫ُ‬ ‫فيقول له‬
‫ُ‬ ‫بالسب والشتم‪،‬‬

‫القرآن إذاً‪:‬‬
‫ُ‬ ‫فأين‬
‫يا أبا عبد ﷲ رد على ھذا السفيه‪ ،‬قال ال وﷲ َ‬

‫سالما ً(‪.‬‬ ‫الجاھلون َ ُ‬


‫قالوا َ‬ ‫خاطبھم ْ َ ِ ُ َ‬ ‫ھوناً َ ِ َ‬
‫وإذا َ َ َ ُ ُ‬ ‫يمشون َع َلى ْ َ ْ ِ‬
‫األرض َ ْ‬ ‫الرحمن ﱠ ِ َ‬
‫الذين َ ْ ُ َ‬ ‫وعباد ﱠ ْ َ ِ‬
‫)َ َِ ُ‬

‫مساببه‬
‫ُ‬ ‫أكون‬
‫َ‬ ‫العيب إال أن‬
‫ُ‬ ‫تزايدت رفعةً ‪ ..........‬وما‬
‫ُ‬ ‫نذل‬
‫إذا سبني ٌ‬

‫تحاربه‬
‫ُ‬ ‫نذل‬
‫كـل ٍ‬ ‫ُ‬
‫لمكنتھا من ِ‬ ‫علي عزيزةً ‪.......‬‬
‫ولو لم تكن نفسي َ‬

‫ح‪M‬ضير بحربت‪M‬ه‬
‫ٍ‬ ‫أب‪M‬ن‬
‫أس‪M‬يد ُ‬
‫ُ‬ ‫يأتي‪M‬ه‬
‫ِ‬ ‫المدينة النبوي‪M‬ة‪،‬‬
‫ِ‬ ‫األول إلى‬
‫ُ‬ ‫الدعوة‬
‫ِ‬ ‫سفير‬
‫ُ‬ ‫عمير رضي ﷲُ عنه‬
‫ٍ‬ ‫ابن‬
‫مصعب ُ‬
‫ُ‬ ‫ھاھو‬
‫َ‬
‫لمصعب ‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫مشركا‪ ،‬فيقول‬ ‫يزال‬
‫ُ‬ ‫وھو ال‬

‫ضعفائنا ؟‬
‫َ‬ ‫وتضيع‬
‫َ‬ ‫وتشتم َ‬
‫آلھتنا‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫أحالمنا‬ ‫جاء بك إلينا تسفهُ‬
‫ما الذي َ‬

‫نفسك مقتوالَ‪.‬‬
‫نفسك و إال فاعتبر َ‬
‫حاجة إلى ِ‬
‫ٍ‬ ‫كنت في‬
‫اعتزلنا إن َ‬

‫كلم‪M‬ات ھادئ‪M‬ةٍ‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫بموعود ﷲ وبنصر ﷲ لھذه الدعوة إال أن قال ل‪M‬ه ف‪M‬ي‬
‫ِ‬ ‫الواثق‬
‫ِ‬ ‫المؤمن‬
‫ِ‬ ‫وء‬
‫فما كان من مصعب بھد ِ‬
‫عنك ما تكره‪.‬‬ ‫َ‬
‫كرھتهُ كففنا َ‬ ‫قبلته‪ ،‬وإن‬
‫ِ‬ ‫أمرنا‬
‫َ‬ ‫رضيت‬
‫َ‬ ‫تجلس فتسمع‪ ،‬فإن‬
‫ُ‬ ‫أو‬

‫قال‪ :‬لقد أنصفت‪.‬‬

‫أس‪M‬اريره‬
‫ُ‬ ‫وجھ‪M‬ه وبرق‪M‬ت‬
‫ُ‬ ‫فتھل‪M‬ل‬
‫َ‬ ‫م‪M‬صعب رض‪M‬ي ﷲ عن‪M‬ه ع‪M‬ن اإلس‪M‬الم وق‪M‬رأ علي‪M‬ه الق‪M‬رآن‬
‫ُ‬ ‫وكان عاقالً لبيبا‪ ،‬فكلم‪M‬ه‬
‫َ‬
‫وجھه واستھل وجھه ثم قال‪:‬‬
‫الدخول في ھذا الدين ؟‬
‫َ‬ ‫تصنعون إذا أردتم‬
‫َ‬ ‫كيف‬
‫َ‬

‫نھل مه مصعب‪.‬‬
‫ينھل من ما َ‬
‫َ‬ ‫يريد أن‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ليقتله واآلن‬ ‫جاء‬
‫َ‬

‫قال اغتسل وتطھر وأشھد أن ال إله إال ﷲ وأن محمداً رسوله )صلى ﷲ عليه وسلم(‪.‬‬

‫أسلم الرجل وفي نفس الوقت أصبح داعية‪ ،‬قول‪:‬‬

‫إن ورائي رجال إن اتبعكم لم يتخلف عنه أحد من قومه ھو سعد أبن معاذ‪.‬‬

‫وذھب إلى ھذا الرجل واستفزه بكلمات معينة فجاء ھذا يركض إلى مصعب ويقول‪:‬‬

‫إما أن تكف عنا وإما أن نقتلك‪.‬‬

‫قال أو تجلس فتسمع فإن رضيت أمرنا قبلته وإن لم ترضه كففنا عنك ما تكره‪ ،‬فجلس‪.‬‬

‫فقام يخبره عن اإلسالم ويبين له ھذا الدين فما كان منه إال أن استھل وجھه وبرق‪M‬ت أس‪M‬ارير وجھ‪M‬ه وق‪M‬ال‪ :‬كي‪M‬ف‬
‫يفعل من يريد الدخول في ھذا الدين؟‬

‫قالوا اغتسل وتطھر وأشھد أن ال إله إال ﷲ وأن محمدا رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم(‪.‬‬

‫ففعل‪ ،‬ثم خرج من توه داعية إلى قومه‪ ،‬فذھب إلى بني عبد األشھل وقال‪:‬‬

‫كيف تعلمون أمري فيكم ؟ قالوا سيدنا وأفضلنا رأي وخيرنا وأيمننا‪.‬‬

‫قال فإن كالمكم علي حرام رجالكم والنساء حتى تأمنوا با‪ 4‬ال‪M‬ذي ال إل‪M‬ه إال ھ‪M‬و وت‪M‬صدقوا برس‪M‬الة محم‪M‬دا )ص‪M‬لى‬
‫ﷲ عليه وسلم(‪.‬‬

‫يقول فلم يبقى رجل وال امرأة في تلك الليلة إال مسلم أو مسلمة‪.‬‬

‫يحب المحسنين‪.‬‬
‫ُ‬ ‫اإلحسان اإلحسان وﷲ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الطيبة‪،‬‬ ‫فال إله إال ﷲ الكلمةَ‬

‫أحسن إلى الناس تستعبد قلوبھم ‪ ........‬لطالما ما ملك اإلنسان إحسان‬

‫‪M‬عف‪ ،‬ف‪MM‬إن‬
‫‪M‬شتت ض‪ٌ M‬‬
‫‪M‬رق والت‪َ M‬‬ ‫علمتن‪MM‬ي الحي‪MM‬اة ف‪MM‬ي ظ‪MM‬ل العقي‪MM‬دة أن االجتم‪MM‬اع والمحب‪MM‬ةَ ب‪MM‬ين الم‪MM‬ؤمنين ق‪ً M‬‬
‫‪M‬وة‪ ،‬وأن التف‪َ ُ M‬‬
‫كثير بإخوانه‪.‬‬
‫بنفسه ٌ‬
‫ِ‬ ‫قليل‬
‫ان ٌ‬‫اإلنس َ‬

‫وما المرء إال بإخوانه‪ .............‬كما تقبض الكف بالمعصم‬

‫وال خير في الكف مقطوعة‪ ......‬وال خير في الساعد األجذم‬

‫عمر رضي ﷲُ عنه وأرضاه‪:‬‬


‫ُ‬ ‫يقول‬
‫ُ‬

‫أحدكم من أخيه وداً فليتمسك به‪.‬‬


‫يذكره با‪ ،4‬فإذا رأى ُ‬
‫ُ‬ ‫صالح‬
‫ٍ‬ ‫أخ‬
‫خير من ٍ‬
‫اإلسالم ٌ‬
‫ِ‬ ‫عبد بعد‬
‫أعطي ُ‬
‫َ‬ ‫ما‬

‫تمسك به مسك البخيل بماله‪ .......‬وعض عليه بالنواجذ تغنم‬

‫الحسن عليه رحمةُ ﷲ‪:‬‬


‫ُ‬ ‫ويقول‬
‫ُ‬
‫يذكرننا باآلخرة‪ ،‬ويعنوننا على ال‪M‬شدائد‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وإخواننا‬ ‫أوالدنا‪ ،‬آلن ُ‬
‫أھلنا يذكروننا بالدنيا‬ ‫ِ‬ ‫أھلنا و‬
‫أحب إلينا من ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫إخواننا‬
‫في العاجلة‪.‬‬

‫الوالد‬
‫ِ‬ ‫مقام‬
‫َ‬ ‫يؤلف بيننا ‪. ......‬ديننا أقمناه‬
‫ُ‬ ‫نسب‬
‫ٌ‬ ‫إن يختلف‬

‫واحد‬
‫ِ‬ ‫غمام‬
‫ٍ‬ ‫عذب تحدر من‬
‫ُ‬ ‫الوصال فماؤنا‪.......‬‬
‫ِ‬ ‫أو يختلف ماء‬

‫عمر رضي ﷲ عنه‪:‬‬


‫ُ‬ ‫يقول‬
‫ُ‬

‫ألحببت أن ألحق با‪ 4‬اآلن‪.‬‬


‫ُ‬ ‫أطايب الثمر‬
‫ُ‬ ‫أطايب القول كما يلتقط‬
‫َ‬ ‫ينتقون‬
‫َ‬ ‫وﷲِ لو ال أن أجالس اخوةً لي‬

‫وھا ھي جماعة من النمل تصادف بعيرا فيقول بعضھا‪:‬‬

‫تفرقنا عنه ال يحطمكن بخفه‪ ،‬فقالت حكيمة منھن اجتمعن عليه تقتلنه‪.‬‬

‫تأبى الرماح إذا اجتمعنا تكسرا‪ ......‬وإذا انفردنا تكسرت أحاد‬

‫جسد واحد‪ ،‬أمةٌ واحدة‪.‬‬


‫ُ‬ ‫بنيان واحد‪،‬‬
‫ُ‬

‫المصلين‬
‫َ‬ ‫تھليل‬
‫ُ‬ ‫الغرب‬
‫ِ‬ ‫سمعت في‬
‫َ‬ ‫الصين مإذنةٌ ‪.........‬‬
‫ِ‬ ‫جموع‬
‫ِ‬ ‫لو كبرت في‬

‫‪M‬وبكم َ َ ْ‬
‫فأص‪ْ ُ ْ َ M‬‬
‫‪M‬بحتم‬ ‫‪M‬ين ُقلُ‪ْ ُ ِ M‬‬ ‫‪M‬داء فَ‪ َ M‬ﱠ َ‬
‫‪M‬ألف بَ‪َ ْ M‬‬ ‫‪M‬تم َ ْ‬
‫أع‪ً َ M‬‬ ‫‪M‬يكم ِ ْإذ ُ ْ‬
‫كن‪ْ ُ M‬‬ ‫‪M‬ت ﱠ‬
‫ﷲِ َعلَ‪ْ ُ ْ M‬‬ ‫نعم‪َ M‬‬
‫واذك‪Mُ M‬روا ِ ْ َ‬ ‫تفرقُ‪MM‬وا َ ْ ُ‬
‫جميع‪MM‬اً َوال َ َ ﱠ‬
‫ﷲِ َ ِ‬‫بحب‪Mِ M‬ل ﱠ‬ ‫اعتَ‪ُ ِ M‬‬
‫‪M‬صموا ِ َ ْ‬ ‫)َو ْ‬
‫منھا(‪.‬‬‫ْ‬
‫فأنقذكم ِ َ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬
‫النار‬
‫ِ‬ ‫من‬
‫حفرة ِ َ‬ ‫ْ‬
‫شفا ُ َ ٍ‬‫َ‬ ‫َ‬
‫وكنتم َعلى َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫إخوانا َ ُ ْ‬‫ً‬ ‫ْ‬
‫بنعمته ِ َ‬
‫ِِْ َِ ِ‬

‫تضيع فرصةً في طاعة‪:‬‬


‫َ‬ ‫علمتني الحياة في ظل العقيدة أن ال‬

‫بك‪M‬ر رض‪M‬ي ﷲ عن‪M‬ه وأرض‪M‬اه ي‪M‬وم يق‪M‬ول )ص‪M‬لى ﷲ علي‪M‬ه‬


‫إقبال أدبار‪ ،‬ورحم ﷲُ أبا ٍ‬
‫ٍ‬ ‫ولكل‬
‫ِ‬ ‫سكون‪،‬‬
‫َ‬ ‫متحرك‬
‫ٍ‬ ‫فإن لكل‬
‫وسلم( كما في صحيح مسلم‪:‬‬

‫الي‪M‬وم‬
‫َ‬ ‫بكر أن‪M‬ا‪ ،‬م‪M‬ن ع‪M‬اد م‪M‬نكم‬ ‫ً‬
‫جنازة‪ ،‬قال أبو ٍ‬ ‫اليوم‬
‫َ‬ ‫تبع منكم‬
‫بكر أنا‪ ،‬من َ‬
‫اليوم صائما‪ ،‬قال أبو ٍ‬
‫َ‬ ‫أصبح منكم‬
‫َ‬ ‫) من‬
‫بكر أنا‪ ،‬قال )ص‪M‬لى ﷲ علي‪M‬ه وس‪M‬لم( م‪M‬ا اجتمعن‪M‬ا‬
‫ٍ‬ ‫أبو‬ ‫قال‬ ‫مسكين‪،‬‬ ‫على‬ ‫اليوم‬
‫َ‬ ‫تصدق‬
‫َ‬ ‫من‬ ‫أنا‪،‬‬ ‫بكر‬
‫ٍ‬ ‫أبو‬ ‫قال‬ ‫ً‬
‫مريضا‪،‬‬
‫رجل إال ودخل الجنة(‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫في‬

‫من لي بمثل مشيك المعتدل‪....‬تمشي الھوين وتجي في األول‬

‫أيام‪ ،‬وع‪M‬اد وھ‪M‬و يق‪M‬ود‬


‫اإلسالم بضعة ٍ‬
‫ِ‬ ‫عمره في‬‫ُ‬ ‫رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم( ولم يكن‬ ‫ِ‬ ‫عند‬
‫بكر من ِ‬
‫خرج أبو ٍ‬ ‫َ‬
‫ي‪M‬وم‬
‫َ‬ ‫ي‪M‬أتي‬ ‫بالجن‪M‬ة‬ ‫المب‪M‬شرين‬ ‫الع‪M‬شرة‬
‫ِ‬ ‫م‪M‬ن‬ ‫ً‬ ‫س‪M‬تة‬ ‫اإلس‪M‬الم‬ ‫ف‪M‬ي‬ ‫أدخ‪M‬ل‬ ‫وق‪M‬د‬ ‫ع‪M‬اد‬ ‫األم‪M‬ة‪،‬‬ ‫ھ‪M‬ذه‬ ‫كتائ‪M‬ب‬
‫ِ‬ ‫من‬ ‫األولى‬ ‫َ‬ ‫الكتيبة‬
‫يعيش عشرين عاما وثالثين عاما وستين عاما ومائة عاما وم‪M‬ا ھ‪M‬دى‬ ‫ُ‬ ‫وبعضنا‬
‫ُ‬ ‫صحيفة حسناته‪،‬‬
‫ِ‬ ‫القيامة وھم في‬
‫ِ‬
‫وتقصيرنا‪.‬‬
‫َ‬ ‫ﷲ على يديه رجالً واحد‪ ،‬إلى ﷲِ نشكو ضعفنا‬

‫الجھ‪M‬د م‪M‬ا‬
‫ِ‬ ‫رمضاء مك‪M‬ةَ وب‪M‬ه م‪M‬ن‬
‫ِ‬ ‫يعذب في‬
‫ُ‬ ‫بالل رضي ﷲ عنه وھو‬
‫األيام على َ‬
‫ِ‬ ‫يمر يوماً من‬
‫ليس ھذا فحسب بل ُ‬‫َ‬
‫أحد أحد فيقول ينجيك الواحد األحد‪.‬‬
‫ُ‬ ‫يقول‬ ‫وھو‬ ‫به‬

‫تجارت‪M‬ه وي‪M‬صفي‬
‫ِ‬ ‫دي‪M‬نھم في‪M‬صفي‬
‫إلنق‪M‬اذ ھ‪M‬ؤالء ال‪M‬ضعفاء آلن ال يفتن‪M‬وا ف‪M‬ي ِ‬
‫ِ‬ ‫تتع‪M‬وض‬
‫َ‬ ‫ويذھب وي‪M‬رى أنھ‪M‬ا فرص‪M‬ةٌ ال‬
‫ويقول‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ابن خلف‬ ‫أمواله ويأتي إلى أميةَ َ‬
‫َ‬

‫أواقي ذھبا‪.‬‬
‫ً‬ ‫خمس‬
‫َ‬ ‫فيعطيه فيه‬
‫ِ‬ ‫خير فيه‪،‬‬
‫أبيعك إياهُ ال َ‬ ‫ً‬
‫بالال؟ قال ُ‬ ‫أتبيعني‬
‫ُ‬

‫الخمس ويقول‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫فيأخذ أمية‬
‫وﷲِ لو أبيت إال أوقيةً واحدةً لب ُ‬
‫عتك بالال‪.‬‬

‫قال أبو بكر‪ :‬و وﷲِ لو أبـيت يا أمية إال مائة أوقيةً ألخذته منك‪.‬‬
‫َ‬

‫ومقاييس ليست لھذا وال لغيره من البشر فرضي ﷲُ عنه وأرضاه‪.‬‬


‫َ‬ ‫موازين‬
‫َ‬ ‫بكر‬
‫ألن ألبي ٍ‬

‫وقت الشدائد‪.‬‬
‫ِ‬ ‫رجال أشداء ينفعونك في‬
‫ٍ‬ ‫َ‬
‫أموالك فأنفقھا على‬ ‫منفق‬
‫ُ‬ ‫بد‬
‫كنت وال َ‬
‫يقول أبوه‪ :‬إن َ‬
‫ُ‬

‫أريد ما أريد‪.‬‬
‫قول أبتاه إنما ُ‬
‫في ُ‬

‫بكر رضي ﷲ عنه وأرضاه؟‬


‫يريد أبو ٍ‬
‫ُ‬ ‫ماذا‬

‫ويريد وجه ﷲ والدار اآلخرة‪.٠‬‬


‫ُ‬ ‫عند ﷲ‬
‫يريد ما َ‬
‫ُ‬ ‫إنه‬

‫يكافئه بذلك‪ ،‬فيتولى‬


‫َ‬ ‫لمعروف أسداه بالل إليه فأراد أن‬
‫ٍ‬ ‫أعتق بالالً إال ٍ‬
‫ليد كانت له عند بالل‪ ،‬يعني‬ ‫َ‬ ‫الناس ما‬
‫َ‬ ‫يقول‬
‫ُ‬
‫سبع سماوات‪:‬‬
‫ِ‬ ‫فوق‬
‫ِ‬ ‫من‬ ‫الرد‬
‫َ‬ ‫تعالى‬ ‫و‬ ‫سبحانه‬ ‫ﷲُ‬

‫يرضى(‪.‬‬
‫ولسوف َ ْ َ‬ ‫ربه ْ َ ْ َ‬
‫األعلى * َ َ َ ْ َ‬ ‫وجه َ ﱢ ِ‬ ‫تجزى * ِ ﱠإال ْ ِ َ َ‬
‫ابتغاء َ ْ ِ‬ ‫نعمة ُ ْ َ‬
‫من ِ ْ َ ٍ‬
‫عندهُ ِ ْ‬ ‫وما ِ َ َ ٍ‬
‫ألحد ِ ْ َ‬ ‫)َ َ‬

‫رضي ﷲُ عنه وأرضاه قد كان سباقاً إلى كل فرصة يغتنمھا‪.‬‬

‫وھا ھو خيثمة أب‪M‬ن الح‪M‬ارث ك‪M‬ان ل‪M‬ه أب‪M‬ن ي‪M‬سمى س‪M‬عد‪ ،‬ولم‪M‬ا أراد الم‪M‬سلمون النف‪M‬ور إل‪M‬ى ب‪M‬در‪ ،‬أرادوا الجھ‪M‬اد ف‪M‬ي‬
‫سبيل ﷲ‪ ،‬فما كان من ھذا الرجل إال أن قال ألبنه‪:‬‬

‫يا بني تعلم أنه ليس مع النساء من يحميھن‪ ،‬وأريد أن تبقى معھن‪.‬‬

‫وراء ھذا الشاب أن ھذه فرصة ال تتعوض‪ ،‬جھاد في سبيل ﷲ‪ ،‬قال‪:‬‬

‫وﷲ يا أبتاه ال أجلس مع ھؤالء النساء‪ ،‬للنساء رب يحم‪M‬يھن‪ ،‬وﷲ م‪M‬ا ف‪M‬ي ال‪M‬دنيا ش‪M‬يء تطم‪M‬ع ب‪M‬ه نف‪M‬سي دون‪M‬ك‪،‬‬
‫وﷲ لو كان غير الجنة يا أبتاه آلثرتك به‪ ،‬ولكنھا الجنة‪ ،‬ووﷲ ال آثر بھا أحدا‪.‬‬

‫ثم ذھب الشاب وترك الشيخ الكبير مع ھؤالء النساء‪ ،‬ذھب يطلب ما عند ﷲ‪ ،‬فأست‪M‬شھد ف‪M‬ي س‪M‬بيل ﷲ‪ ،‬ب‪M‬أذن ﷲ‬
‫نحسبه شھيدا وال نزكي على ﷲ أحدا‪.‬‬

‫يقول أبوه بعد ذلك‪:‬‬

‫وﷲ لقد كان سعد أعقل مني‪ ،‬أواهُ أواه لقد ف‪M‬از بھ‪M‬ا دون‪M‬ي‪ ،‬وﷲ لق‪M‬د رأيت‪M‬ه البارح‪M‬ة ف‪M‬ي المن‪M‬ام ي‪M‬سرح ف‪M‬ي أنھ‪M‬ار‬
‫الجنة‪ ،‬وثمارھا ويقول أبتاه‪ ،‬الحق بنا فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا‪.‬‬

‫وھاھو أبو خيثمة يتخلف عن رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وس‪M‬لم( ف‪M‬ي غ‪M‬زوة تب‪M‬وك‪ ،‬وكان‪M‬ت ل‪M‬ه زوجت‪M‬ان‪ ،‬جاءھم‪M‬ا‬
‫يوما فوجد كل واحدة منھما قد رشت عريشھا بالماء‪ ،‬وبردت له الماء ووضعت له الطعام‪.‬‬

‫فلما رأى ذلك بكى وق‪M‬ال‪ :‬أواهُ أواه رس‪M‬ول ﷲ )ص‪M‬لى ﷲ علي‪M‬ه وس‪M‬لم( ف‪M‬ي الح‪M‬ر وال‪M‬ريح‪ ،‬وأب‪M‬و خيثم‪M‬ة ف‪M‬ي الظ‪M‬ل‬
‫والماء البارد‪ ،‬وﷲ ما ھذا بالنصف‪.‬‬

‫ورأى أنھا فرصة لو فاتته لعد من المنافقين‪ ،‬قال‪:‬‬

‫وﷲ ال أذوق شيئا حتى ألحق برسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم(‪.‬‬

‫فھيئ زاده وھيئ راحلته وأنطلق وحيدا في صحاري يبيد فيه البيد‪ ،‬ويضيع فيھا الذكي والبليد‪.‬‬
‫ولحق بالنبي )صلى ﷲ عليه وسلم( فأدركه قرب تبوك‪ ،‬وراءه الناس فقالوا‪:‬‬

‫ركب مقبل يا رسول ﷲ‪.‬‬

‫فقال )صلى ﷲ عليه وسلم( كن أبا خيثمة‪ ،‬كن أبا خيثمة‪ ،‬قال الصحابة ھو أبو خيثمة‪.‬‬

‫فدعاء له )صلى ﷲ عليه وسلم( ففاز بدعوة النبي )صلى ﷲ عليه وسلم( وياله من فوز‪.‬‬

‫حديثاً ُ ْ َ َ‬
‫يفترى(‪.‬‬ ‫األلباب َما َ َ‬
‫كان َ ِ‬ ‫عبرةٌ ِ ُ ِ‬
‫ألولي ْ َ ْ َ ِ‬ ‫كان ِفي َ َ ِ ِ ْ‬
‫قصصھم ِ ْ َ‬ ‫)َ َْ‬
‫لقد َ َ‬

‫كانوا سباقين إلى فعل الخير‪ ،‬ال يضيعون فرصة في طاعة ﷲ عز وجل‪.‬‬

‫والي من الوالة في عھده بنى له بناء في واس‪M‬ط وزخرف‪M‬ه وأكث‪M‬ر في‪M‬ه م‪M‬ن الزخرف‪M‬ة ث‪M‬م دع‪M‬ا الن‪M‬اس للفرج‪M‬ة علي‪M‬ه‬
‫والدعاء له‪ ،‬فما ك‪M‬ان م‪M‬ن الح‪M‬سن الب‪M‬صري رحم‪M‬ه ﷲ ي‪M‬وم اجتم‪M‬ع الن‪M‬اس كلھ‪M‬م إال أن رآھ‪M‬ا فرص‪M‬ة ال تع‪M‬وض أن‬
‫يعض الناس ويذكرھم با‪ 4‬ويزھدھم في الدنيا ويرغبھم في ما عند ﷲ جل وعال‪ ،‬فم‪M‬ا ك‪M‬ان من‪M‬ه إال أن انطل‪M‬ق ث‪M‬م‬
‫وقف بجانبھم ھناك فحمد ﷲ وأثناء عليه فاتجھت إليه القلوب واألبصار ثم قال‪:‬‬

‫لقد نظرتم إلى ما ابتنى أخبث األخبثين فوجدنا أن فرعون بنى أعال من م‪M‬ا بن‪M‬ى وش‪M‬يد أع‪M‬ال مم‪M‬ا ش‪M‬يد‪ ،‬أل‪M‬يس ھ‪M‬و‬
‫من َ ْ ِ‬
‫تحتي(‪ ،‬فأجرى ﷲ األنھ‪M‬ار م‪M‬ن ف‪M‬وق رأس‪M‬ه‪ ،‬ليت‪M‬ه يعل‪M‬م أن‬ ‫وھذه ْ َ ْ َ ُ‬
‫األنھار َ ْ ِ‬
‫تجري ِ ْ‬ ‫مصر َ َ ِ ِ‬
‫ملك ِ ْ َ‬ ‫القائل‪َ ْ َ َ ) :‬‬
‫أليس ِلي ُ ْ ُ‬
‫أھل السماء مقتوه‪ ،‬وأن أھل األرض قد غروه‪ ،‬وأندفع يتدفق في موعظته حت‪M‬ى أش‪M‬فق علي‪M‬ه أح‪M‬د ال‪M‬سامعين م‪M‬ن‬
‫ھذا الوالي فقالوا حسبك يا أبا سعيد حسبك‪.‬‬

‫قال ال وﷲ‪ ،‬لقد أخذ ﷲ الميثاق على أھل العلم ليبيننه للناس وال يكتمونه‪.‬‬

‫من كتم علما ألجمه ﷲ بلجام من نار‪.‬‬

‫ويسمع ذلك الوالي‪ ،‬ويأتي لجلسائه يتميز من الغيظ ويدخل عليه ويقول‪:‬‬

‫تبا لكم وسحقا وھالكا وبعدا‪ ،‬يقوم عبد من عبيد أھل البصرة فيقول فينا ما شاء أن يقول‪ ،‬ثم ال يجد م‪M‬ن ي‪M‬رده أو‬
‫ينكر عليه‪ ،‬وﷲ ألسقينكم من دمه يا معشر الجبناء‪.‬‬

‫ثم أمر بالسيف والجالد والنطع‪ ،‬وما ك‪M‬ان من‪M‬ه إال أن اس‪M‬تدعى الح‪M‬سن علي‪M‬ه رحم‪M‬ة ﷲ‪ ،‬فتق‪M‬دم ودخ‪M‬ل‪ ،‬فلم‪M‬ا رأى‬
‫السيف والجالد تمتم بكلمات ولم يعرف الحجاب والحراس ماذا يقول‪.‬‬

‫ويوم دخل وقد خاف ﷲ‪ ،‬فخوف ﷲ منه كل شيء‪ ،‬دخل على ھذا الوالي‪ ،‬فما كان منه إال أن قال‪:‬‬

‫أھال بك أيھا اإلمام‪ ،‬وقام يرحب به ويقول ھاھنا يا أب‪M‬ا س‪M‬عيد‪ ،‬حت‪M‬ى أجل‪M‬سه عل‪M‬ى مجل‪M‬سه وعل‪M‬ى كرس‪M‬يه بجانب‪M‬ه‪،‬‬
‫ويسأله بعض األسئلة ثم يقول له أنت أعلم العلماء يا أبا سعيد‪ ،‬انصرف راشدا بعد أن طيب لحيته‪.‬‬

‫فخرج من عنده فلحق به أحد الحجاب وقال‪:‬‬

‫وﷲ لقد دعاك لغير ما فعل بك‪ ،‬فماذا كنت تقول ؟‬

‫قال دعني ونفسي‪ ،‬قال أسألك با‪ 4‬ماذا كنت تقول وأنت داخل؟‬

‫قال كنت أقول‪ :‬يا ولي نعمتي ومالذي عند كربتي أجعل نقمت‪M‬ه عل‪M‬ي ب‪M‬ردا وس‪M‬الما كم‪M‬ا جعل‪M‬ت الن‪M‬ار ب‪M‬ردا وس‪M‬الما‬
‫على إبراھيم‪.‬‬

‫اتصل با‪ 4‬عز وجل ولم يضيع ھذه الفرصة‪ ،‬وعلم ﷲ صدقه فأنجه وأنقذه وحفظه‪.‬‬
‫وﷲ خير حافظا وھو أرحم الراحمين‪.‬‬

‫متاع ْ ُ ُ ِ‬
‫الغرور(‪.‬‬ ‫الد ْ َ‬
‫نيا ِ ﱠإال َ َ ُ‬ ‫الحياةُ ﱡ‬ ‫فالحياة أيھا األحبةُ فرص‪ ،‬من اغتنمھا فاز ومن ضيعھا خسر‪َ َ ) :‬‬
‫وما ْ َ َ‬

‫إذا ھبت رياحك فاغتنمھا‪ ........‬فإن لكل خافقة سكون‬

‫وال تغفل عن اإلحسان فيھا‪ .......‬فال تدري السكون متى يكون‬

‫وإن درت نياقك فاحتلبھا‪..........‬فال تدري الفصيل لم يكون‬

‫الشباب‬
‫ِ‬ ‫أيام‬
‫كنت َ‬ ‫ٌ‬
‫شيخ ‪......‬كما قد َ‬ ‫تكون وأنت‬
‫َ‬ ‫أترج أن‬
‫ُ‬

‫الثياب‬
‫ِ‬ ‫كالجديد من‬
‫ِ‬ ‫ثوب‪ ....‬دريس‬
‫ليس ٌ‬
‫نفسك َ‬
‫لقد خدعتك ُ‬

‫أعيب أحداً ما استطاعت إلى ذلك سبيال‪.‬‬


‫َ‬ ‫علمتني الحياة في ظل العقيدة أن ال‬

‫يعيب الناس وھو معيب‪.‬‬


‫َ‬ ‫بإصالح عيوبي‪ ،‬وإنھا لكبيرة جد كبيرة‪ ،‬آما يستحي من‬
‫ِ‬ ‫أشتغل‬
‫َ‬ ‫وأن‬

‫ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلھا‪ ........‬كفى المرء نبال أن تعد معايبه‬

‫من ذا الذي ما ساء قط‪ .......‬ومن له الحسنى فقط‪.‬‬

‫تريد مبرأ ال عيب فيه‪ .........‬وھل نار تفوح بال دخان‪.‬‬

‫أبن عبد العزيز عليه رحمة ﷲ ورضوانه يختار جالسه أختيارا‪ ،‬وي‪M‬شترطُ عل‪M‬يھم ش‪M‬روطا‪ ،‬فك‪M‬ان م‪M‬ن‬ ‫ھاھو عمر ُ‬
‫شروطه أن ال تغتابوا وال تعيبوا أحدا في مجلسي حتى تنصرفوا‪.‬‬

‫األوعر‬
‫َ‬ ‫أھون مسلكا‪ ........‬فدع الطرق‬
‫ُ‬ ‫السھل◌‬
‫ُ ً‬

‫واحفظ لسانك تسترح‪......‬فلقد كفى ما قد جرى‬

‫يعل‪M‬م م‪M‬ن أم‪M‬ره‪،‬‬


‫ُ‬ ‫بأح‪M‬سن م‪M‬ا‬
‫ِ‬ ‫ف‪M‬ذكره‬
‫َ‬ ‫ب‪M‬سيئة ب‪M‬ادر‬
‫ٍ‬ ‫ابن سيرين عليه رحم‪M‬ةُ ﷲ ك‪M‬ان إذا ُ َ‬
‫ذك‪M‬ر ف‪M‬ي مجل‪M‬سه رج‪M‬ل‬ ‫ھاھو ُ‬
‫َ‬
‫فيذب ﷲُ عن عرضه‪.‬‬‫ُ‬ ‫عرضه‬ ‫عن‬ ‫فيذب‬
‫ُ‬

‫الحجاج بعد وفاته‪ ،‬فأقبل مغضباً وقال‪:‬‬


‫َ‬ ‫يسب‬
‫ُ‬ ‫سمع يوما أحد جالسه‬

‫أش‪M‬د‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ارتكبته ف‪M‬ي ال‪M‬دنيا‬ ‫ذنب‬
‫أحقر ٍ‬
‫َ‬ ‫ستجد أن‬
‫ُ‬ ‫تقدم على ﷲِ‬ ‫ربه‪ ،‬وإنك حين ُ ُ‬ ‫صه يا أبن أخي فقد مضى الحجاج إلى ِ‬
‫ْ‬
‫يغنيه(‪.‬‬
‫شأن ُ ِ ِ‬ ‫ْ‬
‫يومئذ َ ٌ‬
‫منھم َ ْ َ ِ ٍ‬ ‫ْ‬
‫امرئ ِ ُ ْ‬
‫لكل ْ ِ ٍ‬ ‫َ‬
‫اقترفه الحجاج و ) ِ ُ ﱢ‬ ‫ذنب‬
‫أعظم ٍ‬
‫ِ‬ ‫نفسك من‬
‫على ِ‬

‫للحجاج ممن ظلم‪M‬وه‪ ،‬ف‪M‬ال‬


‫ِ‬ ‫سيقتص‬
‫ُ‬ ‫ظلمھم‪ ،‬كما‬
‫الحجاج لمن َ‬
‫ِ‬ ‫يقتص من‬
‫ُ‬ ‫واعلم يا أبن أخي أن ﷲَ عز وجل سوف‬
‫عثرات أحد‪.‬‬
‫ِ‬ ‫تتبع‬
‫بعيب أحد وال َ‬
‫ِ‬ ‫اليوم‬
‫ِ‬ ‫تشغلنا نفسك بعد‬

‫ومن يتتبع جاھدا كل عثرة يجدھا‪..........‬وال يسلم له الدھر صاحب‬

‫المسلمين حفرةٌ من ُ ِ‬
‫حفر النار‪.‬‬ ‫َ‬ ‫أعراض‬
‫ُ‬ ‫اتق ﷲ‪،‬‬
‫الناس وھو معيب ِ‬
‫ِ‬ ‫عائب‬
‫َ‬ ‫يا‬

‫وخواص المسلمين ھم العلماء والوقيعة فيھم عظيمة جد عظيمة‪ ،‬لحومھم مسمومة‪ ،‬وعادة ﷲ ف‪M‬ي ھت‪M‬ك أس‪M‬تار‬
‫منتقصھم معلومة‪ ،‬ومن أطلق لسانه في العلماء بالثلب باله ﷲ قبل موته بموت القلب‪.‬‬

‫وكم من عائب قوال صحيحا‪..........‬وآفته من الفھم السقيم‬


‫ومن يكو ذا فم مر مريض‪ .............‬يجد مرا به الماء الزالل‬

‫أعور‬
‫ُ‬ ‫الناس من ھو‬
‫َ‬ ‫يعيب من‬
‫ُ‬ ‫فإن عبت قوما بالذي فيك ُ‬
‫مثله‪..........‬فكيف‬

‫أكبر‬
‫والناس ُ‬
‫ِ‬ ‫فيھم‪ .......‬فذلك عند ﷲِ‬
‫ُ‬ ‫ليس‬
‫عبت قوما بالذي َ‬
‫َ‬ ‫وإن‬

‫عيب صار بال أخ‪ ،‬أال فانظر إلخوانك بعين الرضى‪:‬‬


‫ٍ‬ ‫طلب أخا بال‬
‫من َ‬

‫السخط تبدي المساوي‪.‬‬


‫ِ‬ ‫عيب كليلةُ‪.........‬ولكن عين‬
‫ٍ‬ ‫فعين الرضى عن كل‬
‫ُ‬

‫عظيم‬
‫ُ‬ ‫عين صاحبك القذى‪ .....‬ويخفى قذى عينيك وھو‬
‫فكيف ترى في ِ‬

‫أعينھم‪.‬‬
‫ِ‬ ‫الجذع في‬
‫َ‬ ‫يرون‬
‫َ‬ ‫غير منصفين‪ ،‬يرون القذاةَ في أعين غيرھم وال‬
‫بعض األخوة ُ‬
‫ُ‬ ‫بعض األخوة ظلمة‪،‬‬

‫كقول القائل‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫فحالھم‬

‫صالح دفنوا‬
‫ٍ‬ ‫إن يسمعوا ُسبةً طاروا بھا فرحا‪ ......‬مني وما يسمعوا من‬

‫بسوء عندھم أذنوا‬


‫ٍ‬ ‫ذكرت‬
‫ُ‬ ‫صم إذا سمعوا خيرا ذكرت به‪ ........‬وإن‬
‫ُ‬

‫الخير أخفوه‪......‬وإن علموا شرا أذاعوا‪ ...‬وإن لم يعلموا كذبوا‪.‬‬


‫َ‬ ‫إن يعلموا‬

‫عيوب غيره‪ .‬وكان حاُله‪:‬‬


‫ِ‬ ‫عيوبه عن‬
‫ُ‬ ‫طوبى لمن شغلته‬

‫شاغل‬
‫ُ‬ ‫الناس‬
‫ِ‬ ‫لنفسي عن نفس من‬
‫َ‬ ‫لست أبكي لغيرھا‪.....‬‬
‫ُ‬ ‫لنفسي أبكي‬

‫والكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت‪ ،‬والعاجز من أتبع نفسه ھواھا وتمنى على ﷲ األماني‪.‬‬

‫القرين بالقرين يقتدي‪:‬‬


‫َ‬ ‫الصاحب ساحب وأن‬
‫َ‬ ‫علمتني الحياة في ظل العقيدة أن‬

‫وال‪M‬دجاج م‪M‬ع ال‪M‬دجاج‪ ،‬والن‪M‬سور م‪M‬ع‬


‫ُ‬ ‫الحم‪M‬ام م‪M‬ع الحم‪M‬ام‪ ،‬والغ‪M‬راب م‪M‬ع الغ‪M‬راب‬ ‫ُ‬ ‫كأشكال الطير‪،‬‬
‫ُ‬ ‫أشكال‬
‫ٌ‬ ‫الناس‬
‫َ‬ ‫وأن‬
‫فف‪M‬ر م‪M‬ن‬
‫دي‪M‬ن خليل‪M‬ه‪َ ،‬‬
‫والخلي‪M‬ل عل‪M‬ى ِ‬
‫ُ‬ ‫تق‪M‬ع‪،‬‬
‫والطيور عل‪M‬ى أش‪M‬كالھا ُ‬ ‫ُ‬ ‫والصقور مع الصقور‪ ،‬وكالً مع ِ‬
‫شكله‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫النسور‬
‫جھ‪M‬نم إن أجبت‪M‬هُ َ‬
‫ق‪M‬ذفك فيھ‪M‬ا وس‪M‬يكون ل‪M‬ك ع‪M‬دواً ب‪M‬ين‬ ‫َ‬ ‫يق‪M‬ودك إل‪M‬ى‬ ‫ُ‬ ‫مع‪M‬د‪،‬‬
‫أجرب ٍ‬ ‫ُ‬ ‫خليل السوء ِفرارك من األسد‪ ،‬فھو‬ ‫ِ‬
‫ْ‬
‫عدو ِ ﱠإال ُ ﱠ ِ َ‬
‫المتقين(‪.‬‬ ‫لبعض َ ُ ﱞ‬
‫بعضھم ِ َ ْ ٍ‬
‫يومئذ َ ْ ُ ُ ْ‬ ‫يدي ﷲ الواحد األحد‪ ِ َ ْ ) :‬ﱠ ُ‬
‫األخالء َ ْ َ ِ ٍ‬

‫وك‪M‬ان ك‪M‬افرا‪ ،‬وق‪M‬د ك‪M‬ان‬


‫َ‬ ‫النبي )ص‪M‬لى ﷲ علي‪M‬ه وس‪M‬لم( بمك‪M‬ة وال يؤذي‪M‬ه‪،‬‬
‫ِ‬ ‫يجلس مع‬
‫ُ‬ ‫ھاھو عقبةُ ابن أبي ُمعيط كان‬
‫َ‬
‫َ‬
‫يؤذونه‪.‬‬ ‫قريش إذا جلسواُ معه )صلى ﷲ عليه وسلم(‬
‫ُ‬ ‫بقيةُ‬

‫غائب في الشام وقد ظن‪M‬ت ق‪M‬ريش أن عقب‪M‬ةَ ق‪M‬د أس‪M‬لم لم‪M‬ا يعام‪M‬ل النب‪M‬ي )ص‪M‬لى ﷲ‬
‫ٌ‬ ‫كافر‬
‫صديق ٌ‬
‫ٌ‬ ‫ألبن أبي معيط‬
‫كان ِ‬‫َ‬
‫عليه وسلم( من معاملة حسنة‪.‬‬

‫معيط قد أسلم‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ابن أبي‬
‫قدم خليله من الشام قالت قريش ھاھو خليلك َ‬
‫فلم ِ َ‬

‫فغ‪MM‬ضب خليل‪MM‬ه وقرين‪MM‬ه غ‪MM‬ضبا ش‪MM‬ديداً وأب‪MM‬ى يكلِ‪Mَ M‬م عقب‪MM‬ةَ وأب‪MM‬ى أن ي‪َ M‬‬
‫‪M‬سلم علي‪MM‬ه حت‪MM‬ى ي‪MM‬ؤذي النب‪MM‬ي )ص‪MM‬لى ﷲ علي‪MM‬ه‬
‫وسلم(‪ ،‬فاستجاب عقبةَ له‪ ،‬وأذى النبي )ص‪M‬لى ﷲ علي‪M‬ه وس‪M‬لم(‪ ،‬حت‪M‬ى أن‪M‬ه خنق‪M‬ه بتالب‪M‬ـيبه ذات م‪M‬رة‪ ،‬وحت‪M‬ى أن‪M‬ه‬
‫حقارة ولؤم على وجه األرض في تلك الساعة‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫بكل‬
‫فأستأثر ِ‬
‫َ‬ ‫بصق في وجھه الشريف مرة أخرى‬

‫بدر كافرا‪ ،‬فأنزل ال فيه وفي أمثاله قرأناً يتلى إلى ِ‬


‫يوم القيامة‪:‬‬ ‫يوم ٍ‬
‫وكان عاقبته أن مات َ‬
‫خليالً * َ َ ْ‬
‫لق‪M‬د‬ ‫لم َ ﱠ ِ ْ‬
‫أتخذ ُفالناً َ ِ‬ ‫ليتني َ ْ‬
‫ويلتى َ ْ َ ِ‬
‫سبيالً * َيا َ ْ َ َ‬
‫الرسول َ ِ‬
‫مع ﱠ ُ ِ‬ ‫ليتني ﱠ َ ْ ُ‬
‫اتخذت َ َ‬ ‫يقول َيا َ ْ َ ِ‬
‫يديه َ ُ ُ‬ ‫يعض ﱠ ِ ُ‬
‫الظالم َ َ‬
‫على َ َ ْ ِ‬ ‫ويوم َ َ ﱡ‬
‫)ََْ َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫لإلنسان خذوالً(‪.‬‬ ‫ْ‬
‫الشيطان ِ ِ َ ِ‬ ‫َ‬
‫وكان ﱠ ْ ُ‬ ‫جاءني َ َ َ‬ ‫ْ‬
‫بعد ِإذ َ َ ِ‬ ‫ْ‬
‫الذكر َ ْ َ‬
‫ِ‬ ‫ﱢ‬ ‫عن‬ ‫َ َ ﱠِ‬
‫أضلني َ ِ‬

‫األجرب‪.‬‬
‫ُ‬ ‫الصحيح‬
‫َ‬ ‫فإياك وصديق السوء فإنه يعدي كما يعدي‬

‫تصحب ألردى فتردى مع الرديء‬


‫ِ‬ ‫خيارھم‪......‬وال‬
‫َ‬ ‫قوم فصاحب‬
‫كنت في ٍ‬
‫إذا َ‬

‫يقتدي‬
‫ِ‬ ‫بالمقارن‬
‫ِ‬ ‫فكل قرين‬
‫قرينه‪ُ ......‬‬
‫ِ‬ ‫المرء ال تسأل واسأل عن‬
‫ِ‬ ‫عن‬

‫من جالس الجرب يوما في أماكنھا‪......‬لو كان ذا صحة ال يأمن الجرب‬

‫أنت في الناس تقاس‪ .......‬بالذي اخترت خليال‬

‫فأصحب األخيار تعلو‪ ....‬وتنل ذكرا جميال‬

‫علمتني الحياة في ظل العقيدة أن أعمل بما أقول ما استطعت إلى ذلك سبيال‪:‬‬

‫ومن لم يعمل بما يقول وبما يدعو له فإنما يسخر من نفسه أوال‪:‬‬

‫كالعيس في البيداء يقتلھا الضما‪...........‬والماء فوق ظھورھا محمول‬

‫كحامل لثياب الناس يغسلھا‪.............‬وثوب غارق في الرجس والنجس‬

‫ترجو النجاة ولم تسلك مسالكھا‪ ........‬إن السفينة ال تجري على اليبس‬

‫ركوبك النعش ينسيك الركوب على‪.....‬ما كنت تركب من بعل ومن فرس‬

‫يوم القيامة ال مال وال ولد‪...............‬وضمت القبر تنسي ليلة العرس‬

‫ابدأ بنفسك فأنھھا عن غيھا‪..............‬فإذا انتھت عنه فأنت حكيم‬

‫فھناك ينفع ما تقول ويحتفى‪..............‬بالوعظ منك وينفع التعليم‬

‫ال تنھى عن خلق وتأتي مثله‪..............‬عار عليك إذا فعلت عظيم‬

‫تقولوا َما ال َ ْ َ ُ َ‬
‫تفعلون(‪.‬‬ ‫ﷲِ َ ْ‬
‫أن َ ُ ُ‬ ‫عند ﱠ‬
‫مقتاً ِ ْ َ‬
‫كبر َ ْ‬
‫فأحرص على ما ينفعك واعمل بما تقول ما استطعت‪َ ُ َ ) :‬‬

‫علمتني الحياة في ظل العقيدة أن إرضاء الناس غاية ال تدرك‪:‬‬

‫نعم إرضاء البشر ليس في اإلمكان أبدا‪ ،‬ألن علمھم قاصر‪ ،‬وألن عق‪M‬ولھم مح‪M‬دودة‪ ،‬يعت‪M‬ورھم الھ‪M‬وى ويعت‪M‬ورھم‬
‫النقص‪ ،‬ويتفاوتون في الفھم واإلدراك فال يمكن إرضاءھم‪ ،‬فمن ترضي إذا ؟‬

‫أرضي ﷲ جل وعال وكفى‪.‬‬

‫ھاھو رجل يبني له بيتا فيضع بابه جھة الشرق‪ ،‬فيمر عليه قوم فقالوا‪:‬‬

‫ھال وضعت بابه جھة الغرب لكان أنسب‪.‬‬

‫فيمر آخرون ويقولون ھال وضعت بابه جھة الشمال لكان أجمل‪.‬‬
‫ويمر آخرون ويقولون لوال وضعته جھة الجنوب لكان أنسب‪.‬‬

‫وكل له نظر ولن ترضيھم جميعا فأرضي ﷲ وكفى‪.‬‬

‫ھاھو رجل وأبنه ومعھما حمار‪ ،‬ركب األب وترك االبن ومشيا‪ ،‬فمروا على قوم فقالوا‪:‬‬

‫يا له من أب ليس فيه شفقة وال رحمة يركب ويترك ھذا االبن المسكين يمشي وراءه‪.‬‬

‫فما كان منه إال أن نزل وأركب ھذا الطفل‪ ،‬فمروا على قوم آخرين فقالوا‪:‬‬

‫ياله من ابن عاق يترك أباه يمشي وراء الدابة وھو يركب الدابة‪.‬‬

‫فركب االثنان على الدابة ومروا على قوم آخرين فقالوا‪:‬‬

‫يا لھم من فجرة حملوھا فوق طاقتھا‪.‬‬

‫فنزل االثنان ومشيا وراء الدابة فمروا على قوم فقالوا‪:‬‬

‫حمقى مغفلون يسخر ﷲ لھم ھذه الدابة ثم يتركونھا تمشي ويمشون ورائھا‪.‬‬

‫فيھن َ(‪.‬‬
‫ومن ِ ِ ﱠ‬ ‫السماوات َ ْ َ ْ ُ‬
‫واألرض َ َ ْ‬ ‫لفسدت ﱠ َ َ ُ‬ ‫الحق َ ْ َ َ ُ ْ‬
‫أھواءھم َ َ َ َ ِ‬ ‫اتبع ْ َ ﱡ‬ ‫)ََ ِ‬
‫ولو ﱠ َ َ‬

‫من ترضي أخي في ﷲ ؟ أرضي ﷲ وكف‪M‬ى‪ .‬م‪M‬ن أرض‪M‬ى ﷲ ب‪M‬سخط الن‪M‬اس رض‪M‬ي ﷲ عن‪M‬ه وأرض‪M‬ى عن‪M‬ه الن‪M‬اس‪،‬‬
‫ومن أرضى الناس بسخط ﷲ سخط ﷲ عليه وأسخط عليه الناس‪.‬‬

‫ال طاعة لمخلوق في معصية الخالق‪ ،‬أما إرضاء رب الناس فھو الممكن سبحانه وبحم‪M‬ده‪ ،‬ب‪M‬ل ھ‪M‬و الواج‪M‬ب‪ ،‬ألن‬
‫سبيل ﷲ واحد‪ ،‬وألن دينه واحد‪:‬‬

‫سبيله (‪.‬‬
‫عن َ ِ ِ ِ‬
‫بكم َ ْ‬ ‫السبل َ َ َ ﱠ َ‬
‫فتفرق ِ ُ ْ‬ ‫تتبعوا ﱡ ُ َ‬ ‫مستقيماً َ ﱠ ِ ُ‬
‫فاتبعوهُ َوال َ ﱠ ِ ُ‬ ‫اطي ُ ْ َ ِ‬
‫صر ِ‬
‫ھذا ِ َ‬ ‫)ََﱠ‬
‫وأن َ َ‬

‫يذكر الشيخ عمر األشقر في كتابه )مواقف( حدثا يناسب ھذه النقطة‪.‬‬

‫يذكر أن طفلة صغيرة من بيت محافظ تعود ألمھا من المدرسة ذات يوم وعليھ‪M‬ا س‪M‬حابة ح‪M‬زن وكآب‪M‬ه وھ‪M‬م وغ‪M‬م‪،‬‬
‫فتسألھا أمھا عن سبب ذلك فتقول‪:‬‬

‫إن مدرستي ھددتني إن جئت مرة أخرى بمثل ھذه المالبس الطويلة‪.‬‬

‫فتقول األم ولكنھا المالبس التي يريدھا ﷲ جل وعال‪.‬‬

‫فتقول الطفلة‪ ،‬لكن المدرسة ال تريدھا‪.‬‬

‫قالت األم‪ ،‬المدرسة ال تريد وﷲ يريد فمن تطيعين إذا؟ الذي خلقك وصورك وأنعم عليك أم مخلوقا ال يمل‪M‬ك ض‪M‬را‬
‫وال نفعا‪.‬‬

‫فقالت الطفلة بفطرتھا السليمة‪ ،‬ال‪ ..‬بل أطيع ﷲ وليكن ما يكون‪.‬‬

‫وفي اليوم الثاني تلبس تلك المالبس وتذھب بھا إلى المدرسة‪ ،‬فلما رأتھ‪M‬ا المعلم‪M‬ة انفج‪M‬رت غاض‪M‬بة‪ ،‬تؤن‪M‬ب تل‪M‬ك‬
‫الفتاة التي تتحدى إرادتھا‪ ،‬وال تستجيب لطلبھا‪ ،‬وال تخاف من تھديدھا ووعيدھا‪ ،‬أكثرت عليھا من الك‪M‬الم‪ ،‬ولم‪M‬ا‬
‫زادت المعلمة في التأنيب والتبكيت ثقل األمر على الطفلة البريئة المسكينة فانفجرت في بكاء عظ‪M‬يم ش‪M‬ديد مري‪M‬ر‬
‫أليم أذھل المعلمة‪ ،‬ثم كفكفت دموعھا وقالت كلمة حق تخرج من فمھا كالقذيفة‪ ،‬تقول‪:‬‬
‫وﷲ ال أدري من أطيع أنتي أم ھو!‬

‫قالت المعلمة ومن ھو ؟‬

‫قالت ﷲ رب العلمين الذي خلقني وخلقك وصورني وصورك‪ ،‬أأطيعك فألبس ما تري‪M‬دين وأغ‪M‬ضبه ھ‪M‬و‪ ،‬أم أطيع‪M‬ه‬
‫وأعصيك أنتي‪ ،‬ال‪ ،‬ال سأطيعه وليكن ما يكون‪.‬‬

‫إذا لم يكن إال األسنة مركبا‪ ........‬فما حيلة المضطر إال ركوبھا‬

‫ذھلت المعلمة وشدھت وس‪M‬كنت‪ ،‬وھ‪M‬ل ھ‪M‬ي ت‪M‬تكلم م‪M‬ع طفل‪M‬ة أم م‪M‬ع راش‪M‬دة‪ ،‬ووق‪M‬ت منھ‪M‬ا الكلم‪M‬ات موقع‪M‬ا عظيم‪M‬ا‪،‬‬
‫وسكتت عنھا المعلمة‪ ،‬وفي اليوم التالي تستدعي المعلمة أم البنت وتقول‪:‬‬

‫لقد وعظتني أبنتك أعظم موعظة س‪M‬معتھا ف‪M‬ي حي‪M‬اتي‪ ،‬لق‪M‬د تب‪M‬ت إل‪M‬ى ﷲ وأب‪M‬ت إل‪M‬ى ﷲ‪ ،‬فق‪M‬د جعل‪M‬ت نف‪M‬سي ن‪M‬دا ‪4‬‬
‫حتى عرفتني ابنتك من أنا‪ ،‬فجزاك ﷲ من أم مربية خيرا‪.‬‬

‫وھنا أقول – أيھا األحبة‪ -‬إلى أن نرضي ﷲ جل وعال‪ ،‬وأن نعرف أن الحق إنما ي‪M‬صل إل‪M‬ى القل‪M‬وب إذا خ‪M‬رج م‪M‬ن‬
‫القلوب التي تؤمن به‪ ،‬وتعمل بمقتضاه‪ ،‬أما الكلمات الباردة فلن تأثر في السامعين أبدا‪.‬‬

‫أال فأرضي ﷲ جل وعال وكفى‪.‬‬

‫فلست بناجي من مقالة طاعن‪ .........‬ولو كنت في غار على جبل وعر‬

‫ومن ذا الذي ينجو من الناس سالما‪ .....‬ولو غاب عنھم بين خافيتي نسر‬

‫سبيل ﱠ‬
‫ﷲِ(‪.‬‬ ‫عن َ ِ ِ‬
‫يضلوك َ ْ‬ ‫من ِفي ْ َ ْ ِ‬
‫األرض ُ ِ ﱡ َ‬ ‫تطع َ ْ َ َ‬
‫أكثر َ ْ‬ ‫وإن ُ ِ ْ‬
‫)َِْ‬

‫حرصت ِ ُ ْ ِ ِ َ‬
‫بمؤمنين(‪.‬‬ ‫الناس َ َ ْ‬
‫ولو َ َ ْ َ‬ ‫وما َ ْ َ ُ‬
‫أكثر ﱠ ِ‬ ‫)َ َ‬

‫الحق وفالناً ما اجتمعا‪:‬‬


‫َ‬ ‫أحب‬
‫علمتني الحياة في ظل العقيدة أن َ‬

‫والناس أجمعين‪.‬‬
‫ِ‬ ‫فالن ونفسي ومالي وأھلي ولدي‬
‫ٍ‬ ‫أحب من‬
‫الحق َ‬
‫َ‬ ‫فإذا افترقا كان‬

‫ألنني مولع بالحق لست إلى سواه‪..........‬أنحو وال في نصره أھن‬

‫دعھم يعضوا على صم الحصى كمدا‪.....‬من مات من غيظه منھم له كفن‬

‫ثالث‪M‬ة أس‪M‬لموا‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫ُ‬
‫ثال‪M‬ث‬ ‫فيك‪M‬ون‬
‫َ‬ ‫ل‪M‬دعوة الھ‪M‬دى والح‪M‬ق‬
‫ِ‬ ‫ي‪M‬ستجيب‬
‫ُ‬ ‫ابن أبي وقاص رضي ﷲ عنه وأرض‪M‬اه‪،‬‬ ‫ھاھو سعد َ‬
‫َ‬
‫تجربة من أقسى التجارب أنزل ﷲ في شأنھا قرأن‪M‬اً يتل‪M‬ى‪،‬‬‫ٍ‬ ‫تعرض الفتى إلى‬
‫َ‬ ‫يمر ھيناً سھال‪ ،‬وإنما‬
‫لكن إسالمه لم َ‬
‫ُ‬
‫ثائرتھا‪ ،‬يقول‪:‬‬ ‫إسالمه ثارت‬
‫ِ‬ ‫بخبر‬
‫ِ‬ ‫سمعت أمهُ‬
‫فلما ِ‬

‫وأج‪M‬دادك‪،‬‬
‫ِ‬ ‫آبائ‪M‬ك‬
‫دي‪M‬ن ِ‬ ‫َ‬
‫ف‪M‬صرفك ع‪M‬ن ِ‬ ‫ال‪M‬دين ال‪M‬ذي اعتنقت‪M‬ه‬
‫ُ‬ ‫وكنت فتى براً محباً لھا‪ ،‬قال فأقبلت تقول يا سعد ما ھذا‬
‫الن‪M‬دم بفعلت‪M‬ك الت‪M‬ي‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫حزن علي ويأكل‪M‬ك‬
‫ٌ‬ ‫قلبك‬
‫فيتفطر ُ‬
‫ُ‬ ‫أموت‬
‫َ‬ ‫الطعام والشراب حتى‬
‫ِ‬ ‫المتنعن عن‬
‫َ‬ ‫لتتركن ھذا الدين أو‬
‫َ‬
‫ويعيرك الناس بھا أبد الدھر‪.‬‬
‫َ‬ ‫فعلت‬

‫قال قلت يا أماه ال تفعلي فأنا ال أدعو ديني لشي‪.‬‬

‫َ‬
‫ويسألھا أن تتبل‪M‬غ بقلي‪M‬ل م‪M‬ن طع‪M‬ام أو ش‪M‬راب‬ ‫الطعام والشراب أياما‪ ،‬كان يأتيھا‬
‫ِ‬ ‫نفذت وعيدھا وامتنعت عن‬ ‫لكنھا َ‬
‫اليوم إال أن جاءھا وقال‪:‬‬
‫َ‬ ‫فترفض ذلك‪ ،‬فما كان منه ذلك‬
‫ُ‬
‫نف‪M‬س‬
‫ٍ‬ ‫منك نف‪M‬ساً بع‪M‬د‬
‫نفس فخرجت ِ‬
‫ٍ‬ ‫آلف‬
‫ورسوله‪ ،‬وﷲِ لو كانت ل ِك ُ‬
‫ِ‬ ‫ألشد حباً ‪4‬‬
‫ُ‬ ‫شديد حبي لكي‬
‫ِ‬ ‫يا أماه إني لعلى‬
‫ما ارتددت عن ديني فكلي أو دعي‪.‬‬

‫ْرك‬ ‫جاھ‪M‬داك ِ ُ‬
‫لت‪M‬ش ِ َ‬ ‫أكلت على ُك‪M‬ره منھ‪M‬ا ف‪M‬أنزل ﷲُ في‪M‬ه وفيھ‪M‬ا‪ْ ِ َ ) :‬‬
‫وإن َ َ َ َ‬ ‫األمر ما كان منھا إال أن َ‬ ‫َ‬ ‫فلما وضعھا أمام ھذا‬
‫كنتم َ ْ َ ُ َ‬
‫تعملون‪.‬‬ ‫بما ُ ْ ُْ‬
‫ْ َِ‬ ‫ُ‬
‫فأنبئكم‬
‫ُ‬ ‫ﱢ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ُ‬
‫مرجعك‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫إلي‬
‫َ ِ ﱠ َ ِ ْ‬ ‫تطعھما‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫فال‬ ‫به ِ ْ ٌ‬
‫علم‬ ‫ليس َ َ‬
‫لك ِ ِ‬ ‫ِبي َما َ ْ َ‬

‫وھاھو اإلمام مالك يأتيه رجل يستفتيه وھو في حلقة العلم في م‪M‬سجد رس‪M‬ول ﷲ )ص‪M‬لى ﷲ علي‪M‬ه وس‪M‬لم(‪ ،‬ي‪M‬دخل‬
‫ھذا الرجل إليه ويقول‪:‬‬

‫يا إمام قد قلت لزوجتي أنت طالق إن لم تكوني أحلى من قمر‪.‬‬

‫ففكر اإلمام قليال ثم قال‪ :‬ليس ھناك أحلى من القمر‪ ،‬ھذه طلقة وال تعد لذلك‪.‬‬

‫كان تلميذه الشافعي يجلس إلى سارية من السواري‪ ،‬ولم يدري ما الذي ح‪M‬دث بينھم‪M‬ا‪ ،‬وك‪M‬ان حري‪M‬صا عل‪M‬ى طل‪M‬ب‬
‫العلم‪ ،‬فلحق بھذا األعرابي وقال‪ :‬ما السؤال وما اإلجابة‪ ،‬يريد أن يستفيد فائدة‪.‬‬

‫قال‪ :‬قلت لإلمام كذا وكذا‪ ،‬فقال القمر أحلى من زوجتك فزوجتك قد طلقت طلقة‪.‬‬

‫فقال‪ :‬اإلمام الشافعي ال‪ ،‬بل زوجتك أحلى من قمر‪.‬‬

‫قال أو قد رأيتھا‪ ،‬وكانوا ذا غيرة‪ ،‬اغتاظ منه‪ ،‬قال ال‪ ،‬ألم تسمع قول ﷲ جل وعال‪:‬‬

‫تقويم(‪.‬‬ ‫سان ِفي َ ْ َ ِ‬


‫أحسن َ ْ ِ ٍ‬ ‫خلقنا ْ ِ ْ‬
‫األن َ َ‬ ‫لقد َ َ ْ َ‬ ‫البلد ْ َ ِ ِ‬
‫األمين * َ َ ْ‬ ‫سينين * َ َ َ‬
‫وھذا ْ َ َ ِ‬ ‫والزيتون * َ ُ ِ‬
‫وطور ِ ِ َ‬ ‫والتين َ ﱠ ْ ُ ِ‬
‫)َ ﱢ ِ‬

‫فخلق اإلنسان أحسن خلق‪ ،‬وأقوم خلق وأعدل خلق‪.‬‬

‫قال إذا نرجع إلى اإلمام مالك‪ ،‬قال نرجع إليه‪.‬‬

‫فرجعوا إلى اإلمام مالك فأخبروه الخبر فقال‪ ،‬الحق أحق أن يتبع أخطأ مالك وأصاب الشافعي‪.‬‬

‫فما أحوجنا إلى معرفة الرجال بالحق ال العكس‪.‬‬

‫والحق يعلو واألباطيل تسفل‪ ....‬والحق عن أحكامه ال ُيسأل‬

‫وإذا استحالة حالة وتبدلت‪ .....‬فا‪ 4‬عز وجل ال يتبدل‪.‬‬

‫علمتني الحياة في ظل العقيدة أن ال نفرح في صفوفنا بالھازلين‪:‬‬

‫المضيعين ألوقاتھم المفرطين في المزاح المنغمسين في الملھيات‪.‬‬

‫نريد رجاال أش‪M‬داء ال ينثن‪M‬ون لل‪M‬ريح‪ ،‬ي‪M‬شقون الطري‪M‬ق بع‪M‬زم وج‪M‬د‪ ،‬ال تلھ‪M‬يھم ك‪M‬رة‪ ،‬وال ي‪M‬ضيعھم تلف‪M‬از وال ھ‪M‬راء‪،‬‬
‫وقتھم أعظم وأثمن من أن يضيع في مثل ھذه الترھات‪.‬‬

‫نري‪MM‬د م‪MM‬ن يأخ‪MM‬ذ الحي‪MM‬اة بج‪MM‬د‪ ،‬فالحي‪MM‬اة الحقيقي‪MM‬ة لل‪MM‬شجعان األقوي‪MM‬اء الع‪MM‬املين‪ ،‬وال مك‪MM‬ان فيھ‪MM‬ا للك‪MM‬سالى والتنابل‪MM‬ة‬
‫والبطالين والمتخاذلين‪.‬‬

‫نريد من ي‪M‬شق طريق‪M‬ه معتم‪M‬دا عل‪M‬ى ﷲ بعي‪M‬دا ع‪M‬ن التفكي‪M‬ر الھام‪M‬شي ال‪M‬سافل‪ ،‬التفكي‪M‬ر ف‪M‬ي ال‪M‬شھوات‪ ،‬التفكي‪M‬ر ف‪M‬ي‬
‫الملھيات‪ ،‬والركض ورائھا والتفكير المادي المنحط‪.‬‬

‫نريد شباب يتربى على معالي األمور‪ ،‬ويترفع عن سفاسف األمور ليكونوا ممن قيل فيھم‪:‬‬
‫شباب ذللوا سبل المعالي‪ ........‬وما عرفوا سوى اإلسالم دين‬

‫إذا شھدوا الوغى كانوا حماة‪ ....‬يدكون المعاقل والحصون‬

‫وإن جن المساء فال تراھم‪ ........‬من اإلشفاق إال ساجدين‬

‫شباب لم تحطمه الليالي‪ .........‬ولم يسلم إلى الخصم العرين‬

‫وما عرفوا األغاني مائعات‪ ......‬ولكن العال صيغة لحون‬

‫ولم يتشدقوا بقشور علم‪ .......‬ولم يتقلبوا في الملحدين‬

‫ولم يتبجحوا في كل أمر‪ .......‬خطير كي يقال مثـقفون‬

‫كذلك أخر اإلسالم قومي‪ ......‬شبابا مخلصا حرا أمين‬

‫وعلمه الكرامة كيف تبنى‪ ........‬فيأب أن يذل وأن يھون‬

‫أين نجد ھؤالء الشباب ؟‬

‫نجد ھؤالء في المسارح‪ ،‬أعلى المدرجات‪ ،‬أعلى األرصفة ؟‬

‫ال‪ ...‬إنما نجدھم في حلقات العلم والتعلم‪ ،‬في بيوت ﷲ‪ ،‬في األمر والنھي‪.‬‬

‫فلتأخذ الحياة بجد‪ ،‬ولتعد األنفس ليوم الشدائد‪ ،‬فما ندري ما المرحلة القادمة‪.‬‬

‫يا رقد الليل مسرورا بأوله‪ ......‬إن الحوادث قد يطرقن أسحارا‬

‫كيف يرجو من به كسل‪ .......‬نيل ما قد ناله الرجل‬

‫من يريد العز يطلبه‪ .............‬في دروب ما به سھل‬

‫علمتني الحياة في ظل العقيدة أن النفس البشرية كالطفل تماما‪:‬‬

‫إن ھذبتھا وأدبتھا صلحت واستقامت‪ ،‬وإن أھملتھا وتركتھا خابت وخسرت‪ ،‬بل ھي كالبعير إن علفتھ‪M‬ا وغ‪M‬ذيتھا‬
‫بالمفيد سكنت وثبتت واطمأنت وخدمت‪ ،‬وإن تركتھا صدت وندت وشردت‪.‬‬

‫ال‪M‬نفس بطبيعتھ‪MM‬ا تمي‪MM‬ل إل‪MM‬ى ال‪MM‬شھوات والمل‪MM‬ذات والھ‪MM‬وى‪ ،‬وت‪MM‬أمر بال‪MM‬سوء والفح‪MM‬شاء‪ ،‬وإذا ل‪MM‬م يقي‪MM‬دھا وازع دي‪MM‬ن‬
‫عظيم تنقاد إلى السقوط والھالك‪.‬‬

‫والنفس كالطفل إن تھمله شب على ‪.......‬حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم‬

‫فخالف النفس والشيطان واعصھما‪ ........‬وإن ھما محضاك النصح فاتھمي‬

‫وإصالح نفسك بما يكون أيھا الحبيب ؟‬

‫لمع ْ ُ ْ ِ ِ َ‬
‫المحسنين(‪.‬‬ ‫وإن ﱠ‬
‫ﷲَ َ َ َ‬ ‫لنھدينھم ُ ُ َ َ‬
‫سبلنا َ ِ ﱠ‬ ‫فينا َ َ ْ ِ َ ﱠ ُ ْ‬
‫جاھدوا ِ َ‬ ‫بالمجاھدة‪ َ ) :‬ﱠ ِ َ‬
‫والذين َ َ ُ‬

‫يقول ثابت البناني عليه رحمة ﷲ‪:‬‬


‫تعذبت في الصالة عشرين سنة‪ ،‬يجاھد نفسه عشرين سنة ليصلي ‪ 4‬في بيوت ﷲ‪ ،‬ق‪M‬ال ث‪M‬م تنعم‪M‬ت بھ‪M‬ا ع‪M‬شرين‬
‫سنة أخرى‪ ،‬وﷲ إني ألدخل في الصالة فأحمل ھم خروجي منھا‪.‬‬

‫وأعظم المجاھ‪M‬دة مجاھ‪M‬دة الني‪M‬ات‪ ،‬فإنم‪M‬ا األعم‪M‬ال بالني‪M‬ات وإنم‪M‬ا لك‪M‬ل ام‪M‬رئ م‪M‬ا ن‪M‬وى‪ ،‬فم‪M‬ن ك‪M‬ان يرج‪M‬و لق‪M‬اء رب‪M‬ه‬
‫فليعمل عمال صالحا وال يشرك بعبادة ربه أحدا‪.‬‬

‫يقول أحد السلف‪ ،‬ما من شيء فعلته صغر أو كبر إال وينشر له ديوانان‪ ،‬لما وكيف‪.‬‬

‫لما فعلت ؟‪ ،‬ما علت الفعل وما باعث ھذا الفعل؟ ھل ھو لحظ دنيوي‪ ،‬لجل‪M‬ب نف‪M‬ع ل‪M‬دفع ض‪M‬ر‪ ،‬أم لتحقي‪M‬ق العبودي‪M‬ة‬
‫‪ 4‬وابتغاء الوسيلة إليه سبحانه وبحمده‪.‬‬

‫ھل فعلت ھذا الفعل لموالك أم لحظك وھواك‪.‬‬

‫وكيف فعلت ھذا الفعل؟ ھل الفعل وفق ما شرعه ﷲ ورسوله‪ ،‬أم ليس عليه أمر الرسول )صلى ﷲ عليه وس‪M‬لم(‬
‫القائل‪) :‬من عمل عمال ليس عليه أمرنا فھو رد(‪.‬‬

‫فأعظم ما يربي النفس مجاھدة النية‪.‬‬

‫يقول سفيان الثوري ‪ :‬ما عالجت شيئا أشد علي من نيتي‪.‬‬

‫يا نفس أخلصي تتخلصي‪ ،‬إخالص ساعة نجاة األبد ولك‪M‬ن اإلخ‪M‬الص عزي‪M‬ز‪ ،‬وط‪M‬وبى لم‪M‬ن ص‪M‬حة ل‪M‬ه خط‪M‬وة ي‪M‬راد‬
‫بھا وجه ﷲ‪.‬‬

‫ھاھو أبن الجوزي عليه رحمة ﷲ الذي لطالما جاھد نيته‪ ،‬تحل به س‪M‬كرات الم‪M‬وت في‪M‬شتد بكائ‪M‬ه ونحيب‪M‬ه‪ ،‬فيق‪M‬ول‬
‫جالسه‪ :‬يا إمام أحسن الظن با‪ ،4‬ألست من فعلت ومن فعلت‪.‬‬

‫لم يَ ُ ُ‬
‫كونوا َ ْ َ ِ ُ َ‬
‫يحتسبون(‪.‬‬ ‫من ﱠ‬
‫ﷲِ َما َ ْ‬ ‫وبدا َ ُ ْ‬
‫لھم ِ َ‬ ‫قال وﷲ ما أخشى إال قول ﷲ‪َ َ َ ) :‬‬

‫به َ ْ َ ْ ِ ُ َ‬
‫يستھزئون(‪.‬‬ ‫بھم َما َ ُ‬
‫كانوا ِ ِ‬ ‫وحاق ِ ِ ْ‬ ‫سيئات َما َ َ ُ‬
‫كسبوا َ َ َ‬ ‫وبدا َ ُ ْ‬
‫لھم َ ﱢ َ ُ‬ ‫)َ ََ‬

‫أخشى أن أكون فرطت وخلطت ونافقت فيبدو لي اآلن ما لم أكن أحتسب‪ ،‬وتبدو لي سيئات ما كسبت‪.‬‬

‫وھو الذي يقول عن نفسه كما في صيد الخاطر‪:‬‬

‫قد تاب على يدي في مجالس الذكر أكثر من مائتي ألف‪ ،‬وأسلم على يدي أكثر من مائتي نفس‪ ،‬وكم سالت عين‪M‬ي‬
‫متجبر بوعظي ل‪M‬م تك‪M‬ن ت‪M‬سيل‪ ،‬ويح‪M‬ق لم‪M‬ن تلم‪M‬ح ھ‪M‬ذا اإلنع‪M‬ام أن يرج‪M‬و التم‪M‬ام‪ ،‬ولك‪M‬م اش‪M‬تد خ‪M‬وفي إل‪M‬ى تق‪M‬صيري‬
‫وزللي‪ ،‬لق‪M‬د جل‪M‬ست يوم‪M‬ا واعظ‪M‬ا فنظ‪M‬رت ح‪M‬والي أكث‪M‬ر م‪M‬ن ع‪M‬شرة آالف م‪M‬ا م‪M‬نھم م‪M‬ن أح‪M‬د إال رق قلب‪M‬ه أو دمع‪M‬ت‬
‫عينه‪ ،‬قال فقلت في نفسي‪:‬‬

‫كيف بك يا بن الجوزي إن نجى ھؤالء وھلكت‪ ،‬كيف بك يا ابن الجوزي إن نجى ھ‪M‬ؤالء وھلك‪M‬ت‪ ،‬ث‪M‬م ص‪M‬اح إلھ‪M‬ي‬
‫وموالي وسيدي إن عذبتني غدا فال تخبرھم بعذابي ألن ال يقال عذب ﷲ من دعا إليه‪ ،‬عذب ﷲ من دل عليه‪.‬‬

‫إلھي وأنت أكرم األكرمين وأرحم الراحمين ال تخيب من علق أمله ورجائه بك‪ ،‬وخضع لسلطانك‪ ،‬دعا عبدك إلى‬
‫دينك ولم يكن أھال لولوج باب رحمتك‪ ،‬لكنه طامع في سعة جودك ورحمتك أنت أھل الجود والكرم‪.‬‬

‫فأخلصوا تتخلصوا‪ ،‬طوبى لم صحت له خطوة يراد بھا وجه ﷲ تعالى‪.‬‬

‫علمتني الحياة في ظل العقيدة أن كثيرا من الناس محاضن خالدة لتربية األجيال‪:‬‬


‫ولبعضھن مواقف مشرفة تصلح نبراسا وأنموذجا لفتياتنا وأمھاتنا وأخواتنا ف‪M‬ي وق‪M‬ت أص‪M‬بحت م‪M‬صممة األزي‪M‬اء‬
‫والممثلة والراقصة والفنانة العاھرة الفاجرة ھي القدوة وھي األسوة إال عند من رحمھن ﷲ سبحانه‪.‬‬

‫فإليكم بعض النماذج‪:‬‬

‫ھاھي صفية بنت عبد المطلب رض‪M‬ي ﷲ عنھ‪M‬ا‪ ،‬يت‪M‬وفى عنھ‪M‬ا زوجھ‪M‬ا ويت‪M‬رك ل‪M‬ه أبن‪M‬ا ھ‪M‬و الزبي‪M‬ر رض‪M‬ي ﷲ عن‪M‬ه‪،‬‬
‫فنشأته نشأة الخشونة وربته على الفروس‪M‬ية والح‪M‬رب‪ ،‬وجعل‪M‬ت لعب‪M‬ه ف‪M‬ي ب‪M‬ري ال‪M‬سھام وإص‪M‬الح الق‪M‬سي‪ ،‬ودأب‪M‬ت‬
‫على قذفه في كل مخوفة‪ ،‬وتقحمه ف‪M‬ي ك‪M‬ل ح‪M‬ط‪ ،‬ف‪M‬إذا أحج‪M‬م ض‪M‬ربته ض‪M‬ربا حت‪M‬ى أنھ‪M‬ا عوتب‪M‬ت م‪M‬ن بع‪M‬ض أعمام‪M‬ه‬
‫حيث قال لھا إنك تضربينه ضرب مبغضة ال ضرب أم‪ ،‬قالت مرتجزة‪:‬‬

‫من قال قد أبغضته فقد كذب‪ ....‬وإنما أضربه لكي يلب ‪.....‬ويھزم الجيش ويأتي بالسلب‪.‬‬

‫آمن‪M‬ت ب‪MM‬ا‪ 4‬ج‪MM‬ل وع‪M‬ال‪ ،‬وص‪MM‬دقت برس‪MM‬ول ﷲ )ص‪M‬لى ﷲ علي‪MM‬ه وس‪MM‬لم(‪ ،‬وھ‪M‬اجرت م‪MM‬ع م‪MM‬ن ھ‪M‬اجر وھ‪MM‬ي تخط‪MM‬و إل‪MM‬ى‬
‫أحد جاھدت مع أبن أخيھا رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم(‪ ،‬وجاھدت مع أخيھا حم‪M‬زة‬ ‫الستين من عمرھا‪ ،‬وفي ُ‬
‫رضي ﷲ عنه‪ ،‬ومع ابنھا الزبير رضي ﷲ عنه‪ ،‬ذرية بعضھا من بعض‪.‬‬

‫فلم انكشف المسلمون في أحد كما تعلمون ھبت ھذه المرأة كاللبؤة وانتزعت رمحا من أحد المنھزمين وانق‪M‬ضت‬
‫تشق الصفوف وتزأر في المسلمين كاألسد وتقول ويحكم أتفرون عن رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم(‪.‬‬

‫ويراھا رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم(‪ ،‬فيقول ألبنھا الزبير ‪:‬‬

‫ردھا فإن أخاھا حمزة قد مثل به المشركون‪.‬‬

‫فقال لھا ابنھا إليك يا أماه‪ ،‬قالت تنحى عني ال أم لك‪ ،‬أتفر عن رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم(‪.‬‬

‫قال إن رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم( يأمرك أن ترجعي‪.‬‬

‫وقد كانوا وقافين عند أمر ﷲ وأمر رسوله‪ -‬قالت األمر أمر ﷲ وأمر رسوله )صلى ﷲ عليه وسلم(‪.‬‬

‫توقفت وقالت ولما يردني رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم(‪ ،‬إنه قد بلغني أن‪M‬ه ق‪M‬د مث‪M‬ل ب‪M‬أخي وذل‪M‬ك ق‪M‬ي ذات ﷲ‪،‬‬
‫وذلك في سبيل ﷲ‪ ،‬والحمد ‪.4‬‬

‫فقال )صلى ﷲ عليه وسلم( ألبنھا خلي سبيلھا‪ ،‬فخاضت المعركة حتى انتھت‪.‬‬

‫ولما وضعت الحرب أوزارھا‪ ،‬وقف‪M‬ت عل‪M‬ى حم‪M‬زة أخيھ‪M‬ا وقف‪M‬ت العظم‪M‬اء‪ ،‬وق‪M‬د بق‪M‬ر بطن‪M‬ه وأخرج‪M‬ت كب‪M‬ده‪ ،‬وج‪M‬دع‬
‫أنفه‪ ،‬وقطعت أذناه‪ ،‬وشوه وجھه‪ ،‬فاستغفرت له وجعلت تقول‪:‬‬

‫إن ذلك في ذات ﷲ‪ ،‬إن ذلك لفي ذات ﷲ وقد رضيت بقضاء ﷲ‪ ،‬دموعھا تذرف وقلبھا يلتھب‪:‬‬

‫وليس الذي يجري من العين مائھا‪ .......‬ولكنھا روح تسيل فتقطر‬

‫تقول األصبرن واحتسبن إن شاء ﷲ‪ ،‬األصبرن واحتسبن إن شاء ﷲ‪.‬‬

‫ھذا موقف من مواقف صفية‪ ،‬وموقف آخر ال يقل عن ھذا الموقف‪ ،‬في يوم الخندق تركھا النبي )صلى ﷲ عليه‬
‫وسلم( مع نساء المسلمين في حصن حسان وھو من أمنع الح‪M‬صون ھن‪M‬اك‪ ،‬وج‪M‬اء اليھ‪M‬ود فأرس‪M‬لوا واح‪M‬دا لي‪M‬رى‬
‫ھل أبقى الرسول )صلى ﷲ عليه وس‪M‬لم( حم‪M‬اة للن‪M‬ساء وال‪M‬ذراري ف‪M‬ي ھ‪M‬ذا الح‪M‬صن أم ل‪M‬م يبق‪M‬ي أح‪M‬دا‪ ،‬ف‪M‬رأت ذل‪M‬ك‬
‫اليھودي يتسلل إلى الحصن‪ ،‬فما كان منھا إال أن نزلت عليه بعامود فضربته أولى وثانية وثالث‪M‬ة حت‪M‬ى قتلت‪M‬ه‪ ،‬ث‪M‬م‬
‫احتزت رأسه ثم طلعت به إلى أعلى الحصن ثم رمت برأسه فإذا ھو يتدحرج بين أيد اليھود‪ ،‬فقال قائل اليھود قد‬
‫علمنا أن محمدا لم يترك النساء من غير حماة‪.‬‬
‫ف‪M‬رحم ﷲ ص‪MM‬فية رحم‪M‬ة واس‪MM‬عة فق‪M‬د كان‪MM‬ت م‪M‬ثال ف‪MM‬ذا ل‪MM‬ألم المربي‪M‬ة الم‪MM‬سلمة‪ ،‬رب‪M‬ت وحي‪MM‬دھا وص‪M‬برت عل‪MM‬ى أخيھ‪MM‬ا‪،‬‬
‫وكانت أول امرأة قتلت مشركا في اإلسالم فرحمھا ﷲ رحمة واسعة‪ ،‬وأخرج من أص‪M‬الب ھ‪M‬ذه األم‪M‬ة ن‪M‬ساء كتل‪M‬ك‬
‫المرأة‪ ،‬بل رجاال كصفية‪.‬‬

‫وھاھي ذات النطاقين أسماء بنت أبي بكر رضي ﷲ عنه وأرضاه‪ ،‬تلكم المرأة التي حظيت بموق‪M‬ف ل‪M‬م تحظ‪M‬ى ب‪M‬ه‬
‫امرأة قبلھا وال بعدھا وھي خدمة رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم( في طريق الھجرة في الغار‪.‬‬

‫ثم أنظر إلى تلك المرأة في أواخر سني عمرھا‪ ،‬في أحلك المواق‪M‬ف وق‪M‬د بلغ‪M‬ت ال‪M‬سابعة والت‪M‬سعين‪ ،‬أبنھ‪M‬ا يحاص‪M‬ر‬
‫في الحرم‪ ،‬ويصبح في موقف حرج‪ ،‬فيذھب مباشرة إلى أمه يستشيرھا في الموقف وماذا يفعل‪.‬‬

‫فقالت تلكم المؤمنة الصابرة‪:‬‬

‫أنت أعلم بنفسك إن كنت تعلم أنك على حق وتدعو إلى الحق فأصبر عليه حتى تموت في سبيله‪ ،‬وإن كن‪M‬ت تري‪M‬د‬
‫الدنيا فلبأس العبد أنت أھلكت نفسك ومن معك‪.‬‬

‫قال يا أماه وﷲ ما أردت الدنيا‪ ،‬وما جرت ف‪M‬ي حك‪M‬م وم‪M‬ا ظلم‪M‬ت وم‪M‬ا غ‪M‬درت وﷲ يعل‪M‬م س‪M‬ريرتي‪ ،‬وم‪M‬ا ف‪M‬ي قلب‪M‬ي‪،‬‬
‫فقالت الحمد ‪ 4‬وإني ألرجو ﷲ أن يكون عزائي فيك حسنا إن سبقتني إلى ﷲ‪.‬‬

‫تعانقا عناق الوداع‪ ،‬ثم قالت‪:‬‬

‫يا بني اقترب حتى أشم رائحتك‪ ،‬وأضم جسدك‪ ،‬فقد يكون ھذا آخر العھد بك‪.٠‬‬

‫فأكب على يديھا ورجليھا ووجھھا يلثمھا ويقبلھ‪M‬ا دم‪M‬وع ت‪M‬شتبك ف‪M‬ي دم‪M‬وع‪ ،‬وھ‪M‬ي ت‪M‬تلمس أبنھ‪M‬ا وھ‪M‬ي عمي‪M‬اء ال‬
‫ترى‪ ،‬ثم ترفع يدھا وھي تقول ما ھذا الذي تلبسه؟‬

‫قال درعي‪ ،‬قالت يا بن‪M‬ي م‪M‬ا ھ‪M‬ذا لب‪M‬اس م‪M‬ن يري‪M‬د ال‪M‬شھادة ف‪M‬ي س‪M‬بيل ﷲ‪ ،‬انزع‪M‬ه عن‪M‬ك فھ‪M‬و أق‪M‬وى لوثبت‪M‬ك وأخ‪M‬ف‬
‫لحركتك‪ ،‬وألبس بدال منه سراويل مضاعفة حتى إذا صرعت لم تنكشف عورتك‪.‬‬

‫فنزع درعه وشد سراويله ومضى إلى الحرم لمواصلة القتال وھو يقول ال تفتري عن الدعاء يا أماه‪.‬‬

‫فرفعت كفھا قائلة اللھم أرحم طول قيامه‪ ،‬وشدت نحيبه في سواد الليل والناس نيام‪ ،‬اللھ‪M‬م أرح‪M‬م جوع‪M‬ه وظمئ‪M‬ه‬
‫في ھواجر مكة والمدينة‪ ،‬اللھم إني قد أسلمته لك ورضيت بما قضيت فيه‪ ،‬فأثبني فيه ثواب الصابرين‪.‬‬

‫ويذھب أبنھا وبعد ساعة من الزمن انقضت في قتال مرير غير متكافئ تلق‪M‬ى أبنھ‪M‬ا عب‪M‬د ﷲ ض‪M‬ربة الم‪M‬وت ليلق‪M‬ى‬
‫ﷲ عز وجل‪ ،‬ليس ھذا فحسب بل يصلب جثمانه كالطود الشامخ في الحجون‪.‬‬

‫علو في الحياة وفي الممات‪ ......‬بحق أنت إحدى المكرمات‬

‫كأنك واقف فيھم خطيبا‪ ......‬وھم وقفوا قياما للصالة‪.‬‬

‫وت‪M‬سمع األم ال‪M‬صابرة ذات ال‪M‬سبع والت‪M‬سعين س‪MM‬نة العمي‪M‬اء الب‪M‬صيرة‪ ،‬وت‪M‬ذھب إل‪MM‬ى ول‪M‬دھا الم‪M‬صلوب ت‪M‬تلمس حت‪MM‬ى‬
‫تصل‪ ،‬فتأتي فإذا ھو الطود الشامخ‪ ،‬تقترب منه وتدعو له‪ ،‬وإذ بقاتله يأتي إليھا في ھوان وذلة ويقول‪:‬‬

‫يا أماه إن الخليفة أوصاني بك خيرا‪.‬‬

‫فتصيح به لست لك بأم‪ ،‬أنا أم ھذا المصلوب وعند ﷲ تجتمع الخصوم‪.‬‬

‫ويتقدم أبن عمر رضي ﷲ عن‪M‬ه معزي‪M‬ا لھ‪M‬ا ومواس‪M‬يا لھ‪M‬ا‪ ،‬فيق‪M‬ول اتق‪M‬ي ﷲ واص‪M‬بري‪ ،‬فتق‪M‬ول ل‪M‬ه بل‪M‬سان المؤمن‪M‬ة‬
‫الواثقة بموعود ﷲ‪:‬‬
‫يا ابن عمر ماذا يمنعني أن أصبر وقد أھدي رأس يحي ابن زكريا إلى بغي من بغايا بني إسرائيل‪.‬‬

‫أريتم ما أعظم األم وما أعظم االبن وما أعظم األب‪.‬‬

‫سالم على ذات النطاقين‪ ،‬وسالم على ابن الزبير‪ ،‬وسالم على الزبير‪ ،‬وسالم على أبي بكر‪ ،‬وسالم عل‪M‬ى ص‪M‬حابة‬
‫رسول ﷲ‪ ،‬وسالم على أمھات المؤمنين‪.‬‬

‫النساء محاض‪M‬ن الرج‪M‬ال‪ ،‬ب‪M‬صالحھن ي‪M‬صلح الجي‪M‬ل‪ ،‬وبف‪M‬سادھن يف‪M‬سد الجي‪M‬ل‪ ،‬ول‪M‬و اس‪M‬تطردنا ف‪M‬ي األمثل‪M‬ة لوج‪M‬دنا‬
‫أمثلة كثيرة يعجز الرجال أن يقفوا تلك المواقف ناھيك عن النساء‪.‬‬

‫فاطمة بنت محمد )صلى ﷲ عليه وسلم( تتزوج علي رض‪M‬ي ﷲ عن‪M‬ه‪ ،‬تج‪M‬ر ب‪M‬الرحى حت‪M‬ى ت‪M‬أثر الرح‪M‬ى ف‪M‬ي ي‪M‬دھا‪،‬‬
‫وتستقي في القربة حتى أثرت في نحرھ‪M‬ا‪ ،‬وتق‪M‬م البي‪M‬ت‪ ،‬وتوق‪M‬د الن‪M‬ار‪ ،‬وترب‪M‬ي أبنائھ‪M‬ا فيك‪M‬ون م‪M‬ن أبنائھ‪M‬ا الح‪M‬سن‬
‫والحسين سيدا شباب أھل الجنة‪ ،‬ھي بنت من ؟ ھي أم من؟ ھي زوج من؟‬

‫من ذا يساوي في األنام عالھا ؟‬

‫أما أبوھا فھو أكرم مرسل‪ ........‬جبريل بالتوحيد قد رباھا‬

‫وعلي زوج ال تسل عنه سوى‪ .....‬سيف غدا بيمينه تياھا‬

‫فلو كان النساء كمن ذكرنا‪ .......‬لفضلت النساء على الرجال‬

‫وما التأنيث ألسم الشمس عيب‪ ...‬وما التذكير فخر للھالل‬

‫آن للنساء أن يقتدين بالطھر والعفة والفضيلة‪ ،‬بصفية وأسماء وعائشة وفاطمة‪.‬‬

‫فاألم مدرسة إذا أعددتھا‪ .....‬أعددت شعبا طيب األعراق‬

‫علمتني الحياة في ظل العقيدة أن الدھر دول واأليام قلب ال تدوم على حال‪:‬‬

‫بين ﱠ ِ‬
‫الناس (‪.‬‬ ‫نداولھا َ ْ َ‬ ‫وتلك ْ َ ﱠ ُ‬
‫األيام ُ َ ِ ُ َ‬ ‫) َ ِْ َ‬

‫الدنياً غرارةُ خداعةُ إذا حلت أوحلت‪ ،‬وإذا كست أوكست‪ ،‬وإذا جلت أوجلت‪ ،‬وكم من ملك رفعت له عالمات فلم‪M‬ا‬
‫عال مات‪.‬‬

‫السرور بھا قليلة‬


‫ِ‬ ‫وساعات‬
‫ُ‬ ‫األقدار ال تبقي عزيزا ‪........‬‬
‫ُ‬ ‫ھي‬

‫وأشرق فأرتقب يوما أفوله‬


‫َ‬ ‫نجم ‪........‬‬
‫الضياء عليك ُ‬
‫َ‬ ‫إذا نشر‬

‫ويوم نسر‬
‫ُ‬ ‫نساء‬
‫ُ‬ ‫ويوم‬
‫ُ‬ ‫ويوم لنا ‪.........‬‬
‫ُ‬ ‫فيوم علينا‬
‫ُ‬

‫غير مزاح‪ ..............‬فأعمل لنفسك صالحا ياصاح‬


‫جد وھو ُ‬
‫األمر ُ‬
‫ُ‬

‫دائم وصباح‬
‫ليل ٍ‬‫وكرور ٍ‬
‫ُ‬ ‫طبائع‪.........‬‬
‫ٍ‬ ‫اختالف‬
‫ِ‬ ‫البقاء مع‬
‫ُ‬ ‫كيف‬

‫خطر كما‪ ..........‬تجري عليه سفينةُ المالح‬


‫ٍ‬ ‫تجري بنا الدنيا على‬

‫ساحل أبدا وال ضحضاح‬


‫ٍ‬ ‫بحر ماله‪ ................‬من‬
‫لج ٍ‬‫تجري بنا في ِ‬

‫سفر من األسفار‬
‫ُ‬ ‫أعماركم‬
‫ُ‬ ‫مئاربكم عجاال إنما‪..............‬‬
‫فاقضوا َ‬
‫وتراكضوا خيل الشباب وبادروا‪..........‬أن تسترد فإنھن عوار‬

‫الدھر يومان ذا أمن وذا خطر‪ ........‬والعيش عيشان ذا صفو وذا كدر‬

‫أما ترى البحر يعلو فوقه جيف‪.......‬وتستقر بأقصى قاعه الدرر‬

‫وفي السماء نجوما ال عداد لھا‪ .......‬وليس يكسف إال الشمس والقمر‪.‬‬

‫علمتني الحياة في ظل العقيدة أن ميت األحياء من ال يأمر بالمعروف وال ينھى عن منكر‪:‬‬

‫يعت‪M‬دون * َ ُ‬
‫ك‪M‬انوا ال‬ ‫عصوا َ َ ُ‬
‫وك‪M‬انوا َ ْ َ ُ َ‬ ‫بما َ َ ْ‬ ‫مريم َ ِ َ‬
‫ذلك ِ َ‬ ‫ابن َ ْ َ َ‬
‫وعيسى ْ ِ‬
‫داود َ ِ َ‬
‫لسان َ ُ َ‬ ‫إسرائيل َ َ‬
‫على ِ َ ِ‬ ‫َ‬ ‫بني ِ ْ‬
‫من َ ِ‬‫كفروا ِ ْ‬‫ذين َ َ ُ‬
‫لعن الﱠ ِ َ‬
‫)ُِ َ‬
‫ُ‬
‫يفعلون(‪.‬‬
‫َ َ َ‬‫ْ‬ ‫ُ‬
‫كانوا‬‫َ‬ ‫ما‬ ‫ْس‬ ‫ئ‬ ‫َ‬
‫لب‬ ‫ُ‬
‫فعلوه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫َََ َْ َ َ ُ ٍ َ ُ ِ َ َ‬
‫منكر‬ ‫عن‬
‫ْ‬ ‫يتناھون‬

‫ويقول )صلى ﷲ عليه وسلم(‪) :‬لتأمرن بالمعروف ولتنھأن عن المنكر ولتأخ‪M‬ذن عل‪M‬ى ي‪M‬د ال‪M‬سفيه وتأطرن‪M‬ه عل‪M‬ى‬
‫الحق أطرا أو ليضربن ﷲ قلوب بعضكم ببعض ثم يلعنكم كما لعنھم(‪.‬‬

‫)لتأمر بالمعروف ولتنھأن عن المنكر أو ليسلطن ﷲ عليكم شراركم ثم يدعو خياركم فال يستجاب لكم(‪.‬‬

‫)لتأمرن بالمعروف ولتنھأن عن المنكر أو ليسلطن ﷲ عليكم من ال يرحم صغيركم وال يوقر كبيركم(‪.‬‬

‫كم من ميت ھو حي بأعماله‪ ،‬بأمره ونھيه بعلمه وعمله‪ ،‬وكم حي ميت يرى المنكر فال يھزه‪:‬‬

‫يا رب حي رخام القبر مسكنه‪ .......‬ورب ميت على أقدامه انتصب‬

‫علمتني الحياة في ظل العقيدة أن العصا أداة للتقويم والتربية واإلصالح‪:‬‬

‫إذا صاحبتھا يد حانية ولسان ھادئ وقلب رحيم‪ ،‬العصا أداة نافعة متى ما وجدت م‪M‬ن ي‪M‬ستخدمھا بحكم‪M‬ة ولط‪M‬ف‪،‬‬
‫متى ما وضعت في موضعا أفادت كالدواء تماما‪.‬‬

‫إننا نريد العصا حين نستنفذ كل سبيل للعالج وعنده آخر الدواء الكي‪ ،‬ومن الكير يخرج الذھب‪.‬‬

‫وقسا ليزدجروا ومن يكو حازما‪ ......‬فليقس أحيانا على من يرحم‬

‫وھي كذلك أداة لتوكأ والھش على الغ‪M‬نم وفيھ‪M‬ا م‪M‬آرب أخ‪M‬رى‪ ،‬وإن للخي‪M‬ر س‪M‬بل‪ ،‬وك‪M‬م م‪M‬ن مري‪M‬د للخي‪M‬ر ال يدرك‪M‬ه‪،‬‬
‫وكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته‪.‬‬

‫علمتني الحياة في ظل العقيدة أن لكل بداية في الدنيا نھاية‪:‬‬

‫ولكل شمل مجتمع فرقة‪ ،‬ولكل نعيم انقطاع‪:‬‬

‫إذا تم شيء بدأ نقصه‪ ............‬ترقب زواال إذا قيل تم‬

‫بينما المولود يولد ويفرح به ويؤذن في أذنه‪ ،‬إذ به بعد وقت ل‪M‬يس بالطوي‪M‬ل يحم‪M‬ل لي‪M‬صلى علي‪M‬ه م‪M‬ا كأن‪M‬ه ض‪M‬حك‬
‫مع من ضحك‪ ،‬وال كأنه فرح مع من فرح‪ ،‬وال كأنه استبشر مع من استبشر‪ ،‬فك‪M‬أن حيات‪M‬ه م‪M‬ا ب‪M‬ين آذان وص‪M‬الة‪،‬‬
‫وال إله إال ﷲ ما أقصرھا من حياة‪.‬‬

‫آذان المرء حين الطفل يأتي‪ .........‬وتأخير الصالة إلى الممات‬

‫دليل أن محياه يسير ‪ ...............‬كما بين اآلذان إلى الصالة‬


‫بينما اإلنسان في أھله في ليلة آمنا مطمأنا فرحا يخبر عن غي‪M‬ره‪ ،‬إذ ب‪M‬ه ف‪M‬ي ليل‪M‬ة أخ‪M‬رى وحي‪M‬دا فري‪M‬دا ال م‪M‬ال وال‬
‫ولد وال أنيس وال صاحب سوى العمل‪ ،‬وإذا به خبر يخبر به‪.‬‬

‫بينا يرى اإلنسان فيھا مخبرا‪........‬فإذا به خير من األخبار‬

‫بينما الطبيب يعالج من مرض إ به يصاب بنفس المرض‪ ،‬فال طبه ينفعه‪ ،‬وال دواءه يرفعه‪ ،‬وإذ به يلق‪M‬ى م‪M‬ا لق‪M‬ي‬
‫غيره على يديه وحال الناس‪:‬‬

‫مال الطبيب يموت في الداء الذي‪..........‬قد كان يبرأ مثله في ما مضى‬

‫مات المداوي والمداوى والذي‪............‬جلب الدواء وباعه ومن اشترى‬

‫ما أنت وﷲ إال كقطعة ثلج تذوب ثم تذوب حتى تتالشى وكأن لم تكن‪:‬‬

‫سيصير المرء يوما‪.....‬جسدا ما فيه روح‬

‫نح على نفسك يا‪.....‬مسكين إن كنت تنوح‬

‫لست بالباقي ولو‪.....‬عمرت ما عمر نوح‬

‫فأنتبه من رقدت‪..........‬الغفلة فالعمر قصير‬

‫ّ‬
‫واطرح سوف وحتى‪.....‬فھما داء دخيل‬

‫واتقي ﷲ وقصر أمال‪...‬ليس في الدنيا خلود للمأل‬

‫الموت لنا بالمرض ‪ ......‬إن لم يفاجئ اليوم فاجئ في غد‬

‫الموت باب وكل الناس سيدخلون من ھذا الباب‪ ،‬ومن باب إال وبعده دار‪.‬‬

‫ال دار للمرء بعد الموت يسكنھا‪ .......‬إال الذي كان قبل الموت يبنيھا‬

‫فإن بناھا بخير طاب مسكنه‪ ..........‬وإن بناھا بشر خاب بانيھا‬

‫كتب الموت على الخلق فكم‪ .........‬فل من جيش وأفنى من دول‬

‫أين نمرود وكنعان ومن ‪ .............‬ملك األرض وولى وعزل‬

‫أين من سادوا وشادوا وبنوا‪ .........‬ھلك الكل ولم تغني الحيل‬

‫أين أرباب الحجى أھل التقى‪ .........‬أين أھل العلم والقوم األول‬

‫سيعيد ﷲ كل منھم‪ .................‬وسيجزي فاعال ما قد فعل‬

‫ھل شاھدت محتضرا في شدة سكراته ونزعاته ؟‪ ،‬ھل تأملت صورته بعد مماته ؟‪ ،‬ھل تذكرت أنك ص‪M‬ائر إل‪M‬ى م‪M‬ا‬
‫صار إليه‪ ،‬وذائق ما ذاقه من آالم الموت وكرباته ؟‬

‫ھل تذكرت ذلك فاستعديت لتلك اللحظات العصيبة فزدت في عملك وزدت في اجھاد نفسك واجتھادك‪.‬‬
‫ھاھو الحسن عليه رحمة ﷲ يدخل على يعوده فيجده في سكرات الموت‪ ،‬فينظر إلى كربه وإلى ش‪M‬دة م‪M‬ا ن‪M‬زل ب‪M‬ه‬
‫فيرجع إلى أھله حزينا كئيبا بغير اللون الذي خرج به من عندھم‪ ،‬فقالوا له‪:‬‬

‫يا إمام الطعام يحرمك ﷲ‪ ،‬قال يا أھاله عليكم بطعامكم وش‪M‬رابكم ف‪M‬و ال‪M‬ذي نف‪M‬سي بي‪M‬ده لق‪M‬د لقي‪M‬ت م‪M‬صرعا ال أزال‬
‫أعمل له حتى ألقاه‪.‬‬

‫فمثل لنفسك يا عبد ﷲ وقد حلت بك السكرات‪ ،‬ونزلت بك الغمرات‪ ،‬وابنتك تبكي‪M‬ك األس‪M‬يرة وتت‪M‬ضرع وتق‪M‬ول م‪M‬ن‬
‫ليتمي بعدك ؟‬

‫وابنك ينظر ما يتعجل من اليتم بعدك ويقول من لحاجتي أبتاه ؟‪ ،‬وأنت تسمع فال ترد الجواب‪.‬‬

‫ھل رأيت جنازة محمولة على األكتاف لتوارى في التراب‪ ،‬ثم تسألت عن حالھا ما حالھا‪.‬‬

‫قال قال )صلى ﷲ عليه وسلم(‪:‬‬


‫في صحيح البخاري من حديث أبي سعيد َ‬

‫)إذا وضعت الجنازة واحتملھ‪M‬ا الرج‪M‬ال عل‪M‬ى أعناقھ‪M‬ا‪ ،‬إن كان‪M‬ت ص‪M‬الحت قال‪M‬ت ق‪M‬دموني ق‪M‬دموني‪ ،‬وإن كان‪M‬ت غي‪M‬ر‬
‫ذلك قالت يا ويلھا أين تذھبون بھا‪ ،‬يا ويلھا أين تذھبون بھ‪M‬ا‪ ،‬ي‪M‬سمع ص‪M‬وتھا ك‪M‬ل ش‪M‬يء إال اإلن‪M‬سان‪ ،‬ول‪M‬و س‪M‬معه‬
‫لصعق(‪.‬‬

‫تصرخ صرخات تقض المضاجع‪ ،‬فھل مثلت لنف‪M‬سك أن‪M‬ك المحم‪M‬ول‪ ،‬م‪M‬ا حالن‪M‬ا ل‪M‬و احتملن‪M‬ا جن‪M‬ازة ث‪M‬م ص‪M‬رخت تل‪M‬ك‬
‫الصرخات‪ ،‬يا ويلھا أين تذھبون بھا‪ ،‬وﷲ لصعقنا ولما حملنا جنازة أبدا‪ ،‬وھذا ما خشيه علينا رسول ﷲ )ص‪M‬لى‬
‫ﷲ عليه وسلم( يوم قال كما في صحيح مسلم‪:‬‬

‫)لوال أن ال تدافنوا لدعوت ﷲ أن يسمعكم من عذاب القبر ما أسمع(‪.‬‬

‫فخيل لنفسك يا ابن آدم إذا أخذت من فراشك إلى لوح مغتسلك فغسلك الغاسل‬

‫وألب‪MM‬ست األكف‪MM‬ان وأوح‪MM‬ش من‪MM‬ك األھ‪MM‬ل والجي‪MM‬ران‪ ،‬وبك‪MM‬ى علي‪MM‬ك األص‪MM‬حاب واألخ‪MM‬وان‪ ،‬فم‪MM‬ا ينف‪MM‬ع البك‪MM‬اء وم‪MM‬ا ينف‪MM‬ع‬
‫العويل وما ينفع إال ما قدمت من صالح األعمال‪.‬‬

‫ھاھو يزيد الرقاشي عليه رحمة ﷲ يحضر عابدا قد حضرته الوفاة وحوله أھل‪M‬ه يبك‪M‬ون فق‪M‬ال لوال‪M‬ده أيھ‪M‬ا ال‪M‬شيخ‬
‫ما الذي يبكيك ؟‬

‫قال أبكي فقدك وما أرى من جھدك‪.‬‬

‫فبكت أمه فقال أيتھا الوالدة الشفيقة الرفيقة ما الذي يبكيك؟‬

‫قالت فراقك وما أتعجل من الوحشة بعدك‪.‬‬

‫فبكى صبيانه وأھله وزوجه قال يا معشر اليتامى ما الذي يبكيكم؟‬

‫قالوا نبكي ما نتعجله من اليتم بعدك‪.‬‬

‫فما كان منه إال أن صرخ وقال كلكم يبك‪M‬ي ل‪M‬دنياي‪ ،‬أم‪M‬ا ف‪M‬يكم م‪M‬ن يبك‪M‬ي آل ال ةخرت‪M‬ي‪ ،‬أم‪M‬ا ف‪M‬يكم م‪M‬ن يبك‪M‬ي لمالق‪M‬اة‬
‫التراب وجھي‪ ،‬أما فيكم من يبكي ل‪M‬سؤال منك‪M‬ر ونكي‪M‬ر إي‪M‬اي‪ ،‬أم‪M‬ا ف‪M‬يكم م‪M‬ن يبك‪M‬ي لوق‪M‬وفي ب‪M‬ين ي‪M‬دي ﷲ رب‪M‬ي‪ ،‬ث‪M‬م‬
‫صرخ صرخة عظيمة شھد بعدھا أن ال إله إال ﷲ ليلحق با‪ 4‬عز وجل‪.‬‬

‫أيھا المسلم ھل نظرت إلى القبور؟‬


‫ما نظر عبد لھا إال انكسر قلبه‪ ،‬وكان أبرأ ما يكون من القسوة والغ‪M‬رور‪ ،‬م‪M‬ا ح‪M‬افظ عب‪M‬د عل‪M‬ى زي‪M‬ارة المق‪M‬ابر م‪M‬ع‬
‫التفكر والتدبر إال رق قلبه وذرف‪M‬ت عين‪M‬اه إذ ي‪M‬رى فيھ‪M‬ا األب‪M‬اء واألمھ‪M‬ات واألص‪M‬حاب واألخ‪M‬وان واألخ‪M‬وات‪ ،‬ي‪M‬رى‬
‫منازلھم ويتذكر أنه قريبا سيكون بينھم‪ ،‬وأنھم جيران لبعضھم قد انقطع الت‪M‬زاور بي‪M‬نھم م‪M‬ع الجي‪M‬رة وحي‪M‬ل بي‪M‬نھم‬
‫وبين ما يشتھون‪.‬‬

‫قد يتدانى القبران وبينھما ما بين السماء واألرض نعيما وجحيما‪.‬‬

‫ما تذكر عبد ھذه المنازل إال رق قلبه م‪M‬ن خ‪M‬شية ﷲ‪ ،‬وال وق‪M‬ف عل‪M‬ى ش‪M‬فير قب‪M‬ر ف‪M‬رآه محف‪M‬ورا فھي‪M‬أ نف‪M‬سه أن ل‪M‬و‬
‫كان صاحبه إال رق قلبه‪ ،‬وال وقف على شفير قبر فرأى صاحبه يدلى فيه فسأل نفسه على ماذا أغلق؟‬

‫على نعيم أم على جحيم‪ ،‬على مطيع أم على عاص إال رق قلبه‪.‬‬

‫ف‪M‬ال إل‪MM‬ه إال ﷲ‪ ،‬ھ‪MM‬و الع‪M‬الم ب‪MM‬أحوالھم‪ ،‬ھ‪MM‬و الحك‪M‬م الع‪MM‬دل ال‪MM‬ذي يف‪M‬صل بي‪MM‬نھم‪ ،‬أال فت‪MM‬ذكر ھ‪M‬ادم الل‪MM‬ذات‪ ،‬وت‪MM‬ذكر القب‪MM‬ر‬
‫والعظام النخرات ليھتز قلبك خشية من ﷲ فتنيب إليه إنابة الصادق الخاشع الذليل‪.‬‬

‫ھاھو أبن عوف رضي ﷲ عنه يقول‪ :‬خرجت مع عمر رضي ﷲ عنه فلما وقفنا على مقبرة البقيع وكن‪M‬ت قاب‪M‬ضا‬
‫على يده فأختلس يده من يدي‪ ،‬ثم وضع نفسه على قبر فبكى بكاء طويل‪.‬‬

‫فقلت ما لك يا أمير المؤمنين ؟‬

‫قال يا ليت أم عمر لم تلد عمر‪ ،‬يا ليتني كنت شجرة‪ ،‬أنسيت يا ابن عوف ھذه الحفرة‪ ،‬قال فأبكاني وﷲ‪.‬‬

‫فا‪ 4‬المستعان على تلك اللحود الضيقات‪ ،‬وﷲ المستعان على تلك اللحظات الحرجات‪.‬‬

‫ھ‪MM‬اھو )ص‪MM‬لى ﷲ علي‪MM‬ه وس‪MM‬لم( كم‪MM‬ا ف‪MM‬ي الم‪MM‬سند م‪MM‬ن ح‪MM‬ديث الب‪MM‬راء‪ ،‬أن‪MM‬ه رأى أناس‪MM‬ا مجتمع‪MM‬ين ف‪MM‬سأل ع‪MM‬ن س‪MM‬بب‬
‫اجتماعھم‪ ،‬فقيل على قبر يحفرونه ففزع )صلى ﷲ عليه وس‪M‬لم( وذھ‪M‬ب م‪M‬سرعا حت‪M‬ى انتھ‪M‬ى إل‪M‬ى القب‪M‬ر‪ ،‬ث‪M‬م جث‪M‬ا‬
‫على ركبته وبكى طويال ثم أقبل على الناس وھو يقول‪:‬‬

‫يا إخواني لمثل ھذا فأعدوا‪ ،‬يا إخواني لمثل ھذا فأعدوا‪.‬‬

‫فھال أعددنا أنفسنا لتلك اللحود الضيقات‪ ،‬إنه القائل )صلى ﷲ عليه وسلم( كما في حديث أبي ذر‪:‬‬

‫)إني أرى ما ال ترون‪ ،‬وأسمع م‪M‬ا ال ت‪M‬سمعون‪ ،‬أط‪M‬ت ال‪M‬سماء وح‪M‬ق لھ‪M‬ا أن ت‪M‬أط م‪M‬ا فيھ‪M‬ا موض‪M‬ع أرب‪M‬ع أص‪M‬ابع إال‬
‫ومالك واضع جبھته ساجد أو راكع‪ ،‬وﷲ لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قل‪M‬يال ولبكي‪M‬تم كثي‪M‬را‪ ،‬ولم‪M‬ا تل‪M‬ذذتم بالن‪M‬ساء‬
‫على الفرش‪ ،‬ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى ﷲ‪) ،‬وفي رواية المنذر(‪ ،‬ولحثوتم على رؤوسكم التراب(‪.‬‬

‫وﷲ لو علمن حق العلم لقام أحدنا حتى ينكسر صلبه‪ ،‬ولصاح حتى ينقطع صوته‪،‬األمر خطير جد خطير‪:‬‬

‫يا نفس قد أزف الرحيل وأظلك الخطب الجليل‪ .....‬فتأھبي يا نفس ال يلعب بك األمل الطويل‬

‫فلتنزلن بموضع ينسى الخليل به الخليل‪ ..............‬وليركبن عليك من الثرى حمل ثقيل‬

‫قرن الفناء بنا فال يبقى العزيز وال الذليل‬

‫خالف ھواك إذا دعاك لريبة‪ ..........‬فلرب خير في مخالفة الھوى‬

‫حتى متى ال ترعوي يا صاحبي‪ ........‬حتى متى وال ترعوي و إلى متى‬

‫علمتني الحياة في ظل العقيدة ‪:‬‬


‫أن من خدم المحابر خدمته المنابر‪ ،‬وكم من سراج أطفأته الريح وكم من عبادة أفسدھا العجب‪.‬‬

‫وأن وضع الندى في موضع السيف في العال‪ ...‬مضر كوضع السيف في موضع الندى‪.‬‬

‫وأن من أراد أمير كأبي بكر فليكن كخالد وسعد‪.‬‬

‫وأن سوف جندي من جنود إبليس‪.‬‬

‫وأن معظم النار من مستصغر الشرر‬

‫وأن الحق ال بد أن تحرسه قوة‪.‬‬

‫وأنه بالشكر تدوم النعم‬

‫وأن من خاف أدلج‪ ،‬ومن أدلج بلغ المنزل‪.‬‬

‫وأن النار من بري العودين تذكى‪ ...‬وأن الحرب مبدأھا كالم‬

‫وأن ثمن العزة قد يكون قطرة دم‪.‬‬

‫وأن الجواد قد يكبو‪ ،‬وأن الصارم قد ينبو‪.‬‬

‫وأن النار قد تخبو‪.‬‬

‫وأن اإلنسان محل النسيان‪.‬‬

‫وأن الحسنات يذھبن السيئات‪ ،‬ذلك ذكرى للذاكرين‪.‬‬

‫وأخيرا علمتني الحياة في ظل العقيدة أن أعظم سالح بأيدي المؤمنين ھو الدعاء‪:‬‬

‫سھام الليل ال تخطئ ولكن‪ ......‬لھا أمد و لألمد انقضاء‬

‫ال تسألن ُبني آدم حاجة‪ ........‬واسأل الذي أبوابه ال تحجب‬

‫ﷲ يغضب إن تركت سؤاله‪ ....‬وبني آدم حين يسأل يغضب‬

‫سالح عظيم غفل عنه المؤمنون‪ ،‬لن يھلك مع‪M‬ه أح‪M‬د ب‪M‬أذن ﷲ‪ ،‬إن‪M‬ه ال‪M‬دعاء‪ ،‬االلتج‪M‬اء إل‪M‬ى رب األرض وال‪M‬سماء‪:‬‬
‫لكم (‪.‬‬ ‫ادعوني َ ْ َ ِ ْ‬
‫أستجب َ ُ ْ‬ ‫)َ َ َ‬
‫وقال َ ﱡ ُ ُ‬
‫ربكم ْ ُ ِ‬

‫دعان (‪.‬‬ ‫الداع ِ َ‬


‫إذا َ َ ِ‬ ‫دعوةَ ﱠ ِ‬ ‫قريب ُ ِ ُ‬
‫أجيب َ ْ َ‬ ‫عني َ ِ ﱢ‬
‫فإني َ ِ ٌ‬ ‫بادي َ ﱢ‬ ‫وإذا َ َ َ َ‬
‫سألك ِع َ ِ‬ ‫)ََِ‬

‫يقول ابن كثير عليه رحمة ﷲ‪:‬‬

‫كان بقي ابن مخلد أحد الصالحين األخيار عابدا قانتا خاشعا أتته امرأة صالحة فقالت‪:‬‬

‫يا بقي إن ابني أسره األعداء في أرض األندلس وليس لي من معين بعد ﷲ إال ابن‪M‬ي ھ‪M‬ذا ف‪M‬سأل ﷲ أن ي‪M‬رد عل‪M‬ي‬
‫ابني وأن يطلقه من أسره‪.‬‬

‫فقام وتوضأ ورفع يديه إلى الحيي الكريم الذي يستحي أن يرد يد العب‪M‬دين ص‪M‬فرا خ‪M‬ائبتين س‪M‬بحانه وبحم‪M‬ده‪ ،‬دع‪M‬ا‬
‫ﷲ عز وجل أن يفك أسر ابنھا‪ ،‬وأن يجمع شملھا بابنھا‪ ،‬وأن يفك قيده‪.‬‬
‫وبعد أيام وإذ بابنھا يأتي من أرض األندلس‪ ،‬فتسأله أمه ما الذي حدث ؟‬

‫قال في يوم كذا في ساعة ك‪M‬ذا‪ ،‬وھ‪M‬ي س‪M‬اعة دع‪M‬اء بق‪M‬ي‪ ،‬س‪M‬قط قي‪M‬دي م‪M‬ن رجل‪M‬ي فأع‪M‬ادوه ف‪M‬سقط‪ ،‬الحم‪M‬وه ف‪M‬سقط‬
‫فذعروا ودھشوا وخافوا وقالوا أطلقوه‪ ،‬قالت فعلمت أن ذلك بدعاء صالح من عبد صالح‪.‬‬

‫لسوء(‪.‬‬ ‫دعاهُ َ َ ْ ِ ُ‬
‫ويكشف ا ﱡ َ‬ ‫المضطر ِ َ‬
‫إذا َ َ‬ ‫يجيب ْ ُ ْ َ ﱠ‬ ‫)َ ﱠ ْ‬
‫أمن ُ ِ ُ‬

‫الدعاء ھو العبادة‪.‬‬
‫َ‬ ‫الدعاء‬

‫ھاھو صلة ابن أشيم كان في غزوة فمات فرسه‪ ،‬فتلفت يمينا وشماال ثم قال‪:‬‬

‫اللھم ال تجعل لمخلوق علي منة فأني استحي من سؤال غيرك‪.‬‬

‫وعلم ﷲ صدقه في سرائه وضرائه فأحي ﷲ عز وجل له فرسه‪.‬‬

‫فركبه حتى إذا وصل أھله قال لغالمه فك السرج فإن الفرس عارية‪ ،‬فنزع السرج فھبط الفرس ميتا‪.‬‬

‫وال عجب فمن توكل على ﷲ ومن التجأ إلى ﷲ أجاب دعائه وحفظه ولو كادته السماوات واألرض لجع‪M‬ل ﷲ ل‪M‬ه‬
‫من ذلك فرجا ومخرجا‪.‬‬

‫فمرة أخرى إذا ادلھمت الخطوب‪.‬‬

‫وضاقت عليك األرض‪ ،‬وقل الناصر‪.‬‬

‫وزمجر الفساد‪ ،‬ودعم الباطل‪ ،‬وكبت الحق‪.‬‬

‫وعير البخيل الكريم‪ ،‬وعير العيي الفصيح‪ ،‬وعير الظالم الشمس‪.‬‬

‫وطاولت األرض السماء سفاھة‪ ......‬وفاخرت الشھب الحصى والجنادل‬

‫وتمنط كل جبان‪ ،‬وتخلى األمناء‪ ،‬ورفع السفھاء‪ ،‬وتظاھر بالوفاء كل خوان‪.‬‬

‫ونطق الرويبضة‪ ،‬وغدى القرد ليثا وأفلتت الغنم فأرفع يديك إلى من يقول‪:‬‬

‫لكم (‪.‬‬ ‫ادعوني َ ْ َ ِ ْ‬


‫أستجب َ ُ ْ‬ ‫)َ َ َ‬
‫وقال َ ﱡ ُ ُ‬
‫ربكم ْ ُ ِ‬

‫يا من أجبت دعاء نوح فأنتصر‪ ......‬وحملته في فلكك المشحون‬

‫يا من أحال النار حول خليله‪ ........‬روحا وريحانا بقولك كون‬

‫يا من أمرت الحوت يلفظ يونسا‪ .....‬وسترته بشجيرة اليقطين‬

‫يا رب إنا مثلھم في كربة‪ ...........‬فأرحم عبادا كلھم ذي النون‬

‫اللھم إنا نسألك في ھذه الساعة المبارك باسمك األعظم ال‪M‬ذي إذا س‪M‬ألت ب‪M‬ه أعطي‪M‬ت‪ ،‬وإذا اس‪M‬ترحمت ب‪M‬ه رحم‪M‬ت‪،‬‬
‫وإذا اس‪MM‬تفرجت ب‪MM‬ه فرج‪MM‬ت‪ ،‬أن تجيرن‪MM‬ا م‪MM‬ن الن‪MM‬ار‪ ،‬وأن ترزقن‪MM‬ا الل‪MM‬سنة ذاك‪MM‬رة‪ ،‬وقلوب‪MM‬ا خاش‪MM‬عة‪ ،‬وأعين‪MM‬ا م‪MM‬درارة‪،‬‬
‫وإيمانا نجد حالوته يوم أن نلقاك‪.‬‬

‫رب‪MM‬اه إن حالن‪MM‬ا ال يخف‪MM‬ى علي‪MM‬ك‪ ،‬وذلن‪MM‬ا ظ‪MM‬اھر ب‪MM‬ين ي‪MM‬ديك‪ ،‬والم‪MM‬سلمون عبي‪MM‬دك وبن‪MM‬و عبي‪MM‬دك وحمل‪MM‬ة كتاب‪MM‬ك وأتب‪MM‬اع‬
‫رسولك يرجون رحمتك ويخشون عذابك‪.‬‬
‫اللھم الطف بنا‪ ،‬اللھم الطف بنا‪ ،‬اللھم ارحمنا‪.‬‬

‫رباه ال تؤاخذنا بما فعل السفھاء منا‪.‬‬

‫يا مغيثا لمن الذ بحماه‪ ،‬يا قريبا لمن دعاه‪ ،‬يا معيذا من استعاذ به أجرنا من النار‪ ،‬ومن دار الخزئ والبوار‪.‬‬

‫اللھم إن أردت بعبادك فتنة فأقبضنا إليك غير مفرطين وال مفتونين‪.‬‬

‫نسأل ﷲ العظيم رب الع‪M‬رش العظ‪M‬يم أن يتوفن‪M‬ا م‪M‬سلمين وأن يلحقن‪M‬ا بال‪M‬صالحين‪ ،‬وأن يجعلن‪M‬ا م‪M‬ن عب‪M‬اده المتق‪M‬ين‬
‫الفائزين‪.‬‬

‫اللھم وأجعل ما قلناه خالصا لوجھك الكريم بمنك وكرمك يا أكرم األكرمين‪.‬‬

‫تم الكالم وربنا محمود‪ .......‬وله المكارم والعال والجود‬

‫وعلى النبي محمد صلواته‪ .....‬ما ناح قمري وأورق عود‬

‫كشف الكربة عند فقد األحبة‬

‫ند له فيبارى ‪ ،‬وال‬


‫الحمد ‪ 9‬المنفرد بالبقاء والقھر ‪ ،‬الواحد األحد ذي العزة والستر ‪ ،‬ال ّ‬
‫شريك له فيدارى ‪ ،‬كتب الفناء على أھل ھذه الدار ‪ ،‬وجعل الجنة عقبى الذين اتقوا‬
‫وعقبى الكافرين النار ‪ ،‬قدر مقادير الخالئق وأقسامھا ‪ ،‬وبعث أمراضھا وأسقامھا ‪،‬‬
‫وخلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عمال ً ‪ ،‬جعل للمحسنين الدرجات ‪،‬‬
‫وللمسيئين الدركات‪.‬‬
‫فحمداً لك اللھم مفرج الھموم ومنفس الكروب ومبدد األشجان واألحزان والغموم ‪ ،‬جعل‬

‫بعد الشدة فرجاً وبعد الضر والضيق سعة ومخرجاً لم ُ ِ‬


‫يخل محنة من منحة وال نقمة من‬
‫ومره ‪ ،‬ونعوذ به من‬
‫ّ‬ ‫نعمة وال نكبة ورزية من ھبة وعطية ‪ ،‬نحمده على حلو القضاء‬
‫سطواته ومكره ‪ ،‬ونشكره على ما أنفذ من أمره ‪ ،‬وعلى كل حال نحمده‪.‬‬
‫ونشھد أن ال إله إال ﷲ وحده ال شريك له عدة الصابرين وسلوان المصابين ‪ ،‬الكريم‬
‫الشكور ‪ ،‬الرحيم الغفور ‪ ،‬المنزه عن أن يظلم أو يجور ‪ ،‬الذي خلق السموات واألرض‬
‫وجعل الظلمات والنور ‪ ،‬ثم الذين كفروا بربھم يعدلون ‪ ،‬له الملك وله الحمد وھو على‬
‫كل شيء قدير ‪ ،‬يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويحيي األرض بعد‬
‫موتھا وكذلك تخرجون‪.‬‬
‫ونشھد أن محمداً عبده ورسوله وخيرته من خلقه وأمينه على وحيه أعرف الخلق به ‪،‬‬
‫وأقومھم بخشيته ‪ ،‬وأنصحھم ألمته وأصبرھم لحكمه وأشكرھم على نعمه ‪ ،‬أعالھم‬
‫عند ﷲ منزلة وأعظمھم عند ﷲ جاھاً ‪ ،‬بعثه لإليمان منادياً ‪ ،‬وفي مرضاته ساعياً ‪،‬‬
‫وبالمعروف آمراً وعن المنكر ناھياً ‪ ،‬بلغ رسالة ربه وصدع بأمره ‪ ،‬وتحمل ما لك يتحمله‬
‫بشر سواه ‪ ،‬وقام ‪ 9‬بالصبر حتى ّ‬
‫بلغه رضاه ‪ ،‬دعانا إلى الجنة وأرشدنا إلى إتباع‬
‫السنة ‪ ،‬وأخبر أن أعالنا منزلة أعظمنا صبراً ‪ ،‬من استرجع واحتسب مصيبته كانت له‬
‫ذخراً ومنزلة عالية وقدراً ‪ ،‬وكان مقتفياً ھدياً ومتبعاً أثراً‪.‬‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم وعلى آله وصحبه وأزواجه وذرياته األخيار وسلم تسليماً كثيراً‬
‫متصال ً مستمراً ما تعاقب الليل والنھار‪.‬‬
‫مسلمون {‬
‫ْ ِ ُ َ‬ ‫تموتن إال َ ُ‬
‫وأنتم‬ ‫ُ ّ‬ ‫تقاته وال‬
‫حق ُ ِ ِ‬
‫ﱠ‬ ‫اتقوا ﷲ‬
‫آمنوا ّ‬
‫الذين ُ‬
‫أيھا ِ َ‬
‫} َيا ﱡ‬
‫أما بعد ‪ :‬فإن ﷲ جعل الموت محتوماً على جميع العباد من اإلنس والجان وجميع‬
‫الحيوان فال مفر ألحد وال أمان ‪ ،‬كل من عليھا فان ‪ ،‬ساوى فيه بين الحر والعبد والصغير‬
‫من‬
‫يعمر ِ ْ‬
‫وما ُ َ ﱠ ُ‬
‫والكبير والذكر واألنثى والغني والفقير وكل ذلك بتقدير العزيز العليم‪َ َ ) :‬‬
‫يسير(‬
‫الله َ ِ ٌ‬ ‫ذلك َ َ‬
‫على ﱠ ِ‬ ‫إن َ ِ َ‬
‫كتابٍ ِ ﱠ‬ ‫عمره ِ ﱠ‬
‫إال ِفي ِ َ‬ ‫من ُ ُ ِ ِ‬
‫ينقص ِ ْ‬
‫معمر َوال ُ ْ َ ُ‬
‫ُ َ ﱠ ٍ‬
‫فالكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت و الحازم من بادر بالعمل قبل حلول الفوت‬
‫ّ‬
‫‪ ،‬والمسلم من استسلم للقضاء والقدر ‪ ،‬والمؤمن من تيقن بصبره الثواب على المصيبة‬
‫والضرر‪.‬‬
‫أيھا األحبة ‪ ،‬كرب الزمان وفقد األحبة خطب مؤلم ‪ ،‬وحدث موجع ‪ ،‬وأمر مھول مزعج ‪،‬‬
‫بل ھو من أثقل األنكاد التي تمر على اإلنسان نار تستعر ‪ ،‬وحرقة تضطرم تحترق به‬
‫ويفت به العضد إذ ھو الريحانة للفؤاد والزينة بين العباد ‪ ،‬لكن مع ھذا نقول‪:‬‬
‫الكبد ُ‬
‫فلرب أمر محزن لك في عواقبه الرضا ***** ولربما اتسع المضيق وربما ضاق الفضا‬
‫كم مغبوط بنعمة ھي داؤه ‪ ،‬ومحروم من دواء حرمانه ھو شفاؤه ‪ ،‬كم من خير منشور‬
‫وشر مستور ‪ ،‬ورب محبوب في مكروه ‪ ،‬ومكروه في محبوب‪:‬‬

‫والله َ ْ َ ُ‬
‫يعلم‬ ‫شر َ ُ ْ‬
‫لكم َ ﱠ ُ‬ ‫شيئاً َ ُ َ‬
‫وھو َ ﱞ‬ ‫تحبوا َ ْ‬ ‫وعسى َ ْ‬
‫أن ُ ِ ﱡ‬ ‫خير َ ُ ْ‬
‫لكم َ َ َ‬ ‫شيئاً َ ُ َ‬
‫وھو َ ْ ٌ‬ ‫وعسى َ ْ‬
‫أن َ ْ َ ُ‬
‫تكرھوا َ ْ‬ ‫) َ َ َ‬
‫ََُْ ْ‬
‫وأنتم ال َ ْ َ ُ َ‬
‫تعلمون(‪.‬‬
‫ال تكره المكروه عند حلوله ****** إن العواقب لم تزل متباينة‬
‫كم نعمة ال يستھان بشكرھا ***** ‪ 9‬في طي المكاره كامنة‬
‫لو استخبر المنصف العقل والنقل ألخبراه أن الدنيا دار مصائب وشرور ‪ ،‬ليس فيھا لذة‬
‫على الحقيقة إال وھي مشوبة بكدر ‪ ،‬فما ُيظن في الدنيا أنه شراب فھو سراب ‪،‬‬
‫وعمارتھا وإن حسنت صورتھا خراب ‪ ،‬والعجب كل العجب في من يده في سلة األفاعي‬
‫كيف ينكر اللدغ واللسع ؟!‬
‫وأعجب منه من يطلب ممن طُبع على الضر النفع ‪..‬‬
‫واألكدار‬
‫ِ‬ ‫كدر وأنت تريدھا ‪ ........‬صفواً من األقذار‬
‫ٍ‬ ‫طُبعت على‬
‫إنھا على ذا وضعت ‪ ،‬ال تخلو من بلية ‪ ،‬وال تصفو من محنة ورزية ‪ ،‬ال ينتظر الصحيح فيھا‬
‫إال السقم ‪ ،‬والكبير إال الھرم ‪ ،‬والموجود إال العدم ‪..‬‬
‫وعلى ذا مضى الناس ‪ ،‬اجتماع وفرقة ‪ .......‬وميت ومولود ‪ ،‬وبشر وأحزان‬
‫يوسد جسمه في رمسه‬
‫والمرء رھن مصائب ما تنقضي ‪ ........‬حتى ُ ّ‬
‫ومعجل يلقى الردى في نفسه‬
‫ّ‬ ‫فمؤجل يلقى الردى في غيره ‪..........‬‬
‫نسان على وجه ھذه األرض لم يصب بمصيبة دقت أو‬
‫ٍ‬ ‫ھل رأيتم ‪ ..‬بل ھل سمعتم بإ‬
‫جلت ؟‬
‫الجواب معلوم ‪ :‬ال وألف ال ‪ ،‬ولوال مصائب الدنيا مع االحتساب لوردنا القيامة مفاليس‪.‬‬
‫كما قال أحد السلف ‪..‬‬
‫ثمانية ال بد منھا على الفتى ‪ ........‬وال بد أن تجري عليه الثمانية‬
‫سرور وھم ‪ ،‬واجتماع وفرقة ‪ .........‬وعسر ويسر ‪ ،‬ثم سقم وعافية‬
‫لھذا كله أحببت أن أجمع ھذه الكلماتٍ لطيفة في كشف كرب من أصيب بمصيبة ‪،‬‬
‫عنونتھا بعنوان كتاب في ھذا الموضوع ھو "كشف الكربة عند فقد األحبة"‪.‬‬
‫راجياً من الملك الديان أن ينفعني بھا وسائر األخوان ‪ ،‬ويجعلھا تذكرة ألولي األلباب ‪،‬‬
‫وتسلية وعزاء لكل مؤمن محزون مصاب ‪ ،‬تشرح صدره وتجلب صبره ‪ ،‬وتھون خطبه‬
‫وتخفف أمره ويلحظ بھا ثوابه على الصبر وأجره ‪ ،‬وﷲ تعالى ھو المسؤول أن يجعل لي‬
‫ولھا القبول ال رب غيره وال إله سواه ھو المأمول ‪ ،‬وأحتسب عند ﷲ ثواب من تسلى‬
‫بھذه الكلمات وأسأله الدعاء بأن يثبتني ﷲ في ساعة فقري وحاجتي ‪ ،‬وأن ال يحرمني‬
‫ثواب ھذه الكلمات ‪ ،‬فالمصاب حقاً من حرم الثواب ‪ ،‬نفع ﷲ بھا وأثاب ‪ ،‬إنه الكريم‬
‫الوھاب ‪ ،‬اللھم ال سھل إال ما جعلته سھال ً ‪ ،‬وأنت تجعل الحزن إذا شئت سھال ً ‪.‬‬

‫أوال ً ‪ :‬مما يكشف الكربة عند فقد األحبة ‪-:‬‬


‫ّ‬
‫والتملي والتدبر والنظر في كتاب ﷲ جل وعال وسنة نبيه محمد صلى ﷲ عليه‬ ‫التأمل‬
‫وسلم ‪ ،‬ففيھما ما تقر به األعين ‪ ،‬وتسكن به القلوب وتطمئن له تبعاً لذلك الجوارح مما‬
‫منحه ﷲ ‪ ،‬ويمنحه لمن صبر ورضي واحتسب من الثواب العظيم واألجر الجزيل ‪ ،‬فلو‬
‫قارن المكروب ما أخذ منه بما أعطى ال شك سيجد ما أعطي من األجر والثواب أعظم‬
‫من فوات تلك المصيبة بأضعاف مضاعفة ولو شاء ﷲ لجعلھا أعظم وأكبر وأجل ‪ ..‬وكل‬
‫ذلك عنده بحكمة وكل شيء عنده بمقدار‬
‫فلنقف أيھا األحبة مع آية في كتاب ﷲ جل وعال وفي أول سورة في كتاب ﷲ جل وعال‬
‫ً‬
‫كاشفة◌ً للكروب‪..‬‬ ‫ً‬
‫مسلية◌ً وكفى بھا‬ ‫وكفى بھا واعظاً وكفى بھا‬
‫والثمراتِ‬ ‫األموال َ ْ َ ْ ُ‬
‫واألنفسِ َ ﱠ َ َ‬ ‫من ْ َ ْ َ ِ‬ ‫ونقصٍ ِ َ‬ ‫الخوف َ ْ ُ‬
‫والجوعِ َ َ ْ‬ ‫من ْ َ ْ ِ‬‫بشي ٍء ِ َ‬
‫ُونكم ِ َ ْ‬ ‫قال تعالى‪ْ َ َ َ ) :‬‬
‫ولنبل َ ﱠ ُ ْ‬
‫عليھم‬ ‫راجعون * ُ َ ِ َ‬
‫أولئك َ َ ْ ِ ْ‬ ‫وإنا ِ َ ْ ِ‬
‫إليه َ ِ ُ َ‬ ‫إنا ِ ﱠ ِ‬
‫لله َ ِ ﱠ‬ ‫مصيبة َقالُوا ِ ﱠ‬ ‫إذا َ َ َ ْ ُ ْ‬
‫أصابتھم ُ ِ َ ٌ‬ ‫الصابرين * ﱠ ِ َ‬
‫الذين ِ َ‬ ‫ﱠ ِِ َ‬ ‫وبشر‬
‫َ َ ِّ ِ‬
‫ھم ْ ُ ْ َ ُ َ‬
‫المھتدون( ‪.‬‬ ‫ورحمة َ ُ َ ِ َ‬
‫وأولئك ُ ُ‬ ‫ربھم َ َ ْ َ ٌ‬
‫من َ ِ ّ ِ ْ‬ ‫َ ََ ٌ‬
‫صلوات ِ ْ‬
‫"إنا ‪ 9‬وإنا إليه راجعون" عالج من ﷲ عز وجل لكل من أصيب بمصيبة دقيقة أو جليلة ‪،‬‬
‫بل إنه أبلغ عالج وأنفعه للعبد في آجله وعاجله فإذا ما تحقق العبد أن نفسه وماله‬
‫وأھله وولده ملك ‪ 9‬عز وجل قد جعلھا عنده عارية فإذا أخذھا منه فھو كالمعير يأخذ‬
‫عاريته من المستعير فھل في ذلك ضير؟؟‬
‫ال ‪ ..‬والذي رفع السماء بال عمد ‪ ،‬ثم إن ما يؤخذ منك أيھا العبد المصاب المبتلى‬
‫محفوف بعدمين ‪ ،‬عدم قبله فلم يكن شيئاً في يوم من األيام ‪ ،‬وعدم بعده فكان ثم لم‬
‫يكن ‪ ،‬فملكك له متعة مستودعة في زمن يسير ثم تعود إلى موجدھا ومعيرھا‬
‫الحقيقي سبحانه وبحمده‪:‬‬
‫الحاسبين(‪.‬‬ ‫وھو َ ْ َ ُ‬
‫أسرع ْ َ ِ ِ َ‬ ‫الحكم َ ُ َ‬ ‫الحقِ َأال َ ُ‬
‫له ْ ُ ْ ُ‬ ‫موالھم ْ َ ّ‬ ‫ردوا ِ َ‬
‫إلى ﱠ ِ‬
‫الله َ ْ ُ ُ‬ ‫ثم ُ ﱡ‬
‫)ُ ﱠ‬
‫فمصير العبد ومرجعه إلى ﷲ مواله الحق ‪ ،‬ال بد أن يخلف الدنيا وراء ظھره يوماً ما ‪،‬‬
‫ويأتي ربه فرداً كما خلقه أول مرة بال أھل وال عشيرة وال مال ‪ ..‬ولكن بالحسنات‬
‫والسيئات نسأله حسن المآل ‪ ..‬ھل علمت ھذا أخي المصاب المكروب ؟‬
‫إن علمت حقاً فكيف الفرح الزائد بمتاع الدنيا أياً كان ؟ ثم كيف األسى على أي مفقود‬
‫أياً كان ؟‬
‫وغم وكرب‬
‫ٍ‬ ‫ھم‬
‫ٍ‬ ‫يكفيك من ذلك تفكيرك في بداية العبد ونھايته عالجاً وبلسماً لكل‬
‫ومعھا "إنا ‪ 9‬وإنا إليه راجعون" فھي الصالة والرحمة والھدى ونعم العدالن ونعمت‬
‫فھم ذلك السلف حق الفھم رضي ﷲ عنھم فاسمع ‪..‬‬
‫العالوة ‪ِ ،‬‬
‫عبدﷲ بن مطرف لما مات ولده قال ‪:‬‬
‫"وﷲ لو أن الدنيا وما فيھا لي فأخذھا ﷲ عز وجل مني ثم وعدني عليھا شربة من ماء‬
‫لرأيتھا لتلك الشربة أھال ً ‪ ،‬فكيف بالصالة والرحمة والھدى ؟‬
‫إذا مالقيت ﷲ عني راضياً ‪ ........‬فإن شفاء النفس فيما ھنالك‬
‫ثم اسمع معي لبعض أحاديث المصطفى صلى ﷲ عليه وسلم ففيھا الدواء لما بك من‬
‫كشف الكرب وكأنه ما كان ‪ ...‬روى‬
‫ِ‬ ‫الكروب واألشجان والھموم واألحزان إن وعيتھا‬
‫مسلم في صحيحه من حديث أم سلمة رضي ﷲ عنھا قالت سمعت رسول ﷲ صلى‬
‫ﷲ عليه وسلم يقول ‪:‬‬
‫عبد تصيبه مصيبة فيقول إنا ‪ 9‬وإنا إليه راجعون اللھم أجرني في مصيبتي‬
‫ٍ‬ ‫) ما من‬
‫واخلف لي خيراً منھا ‪ ،‬إال آجره ﷲ في مصيبته وأخلف له خيراً منھا " قالت ‪ :‬فلما‬
‫خير من أبي سلمة؟ صاحب رسول ﷲ صلى ﷲ عليه‬
‫ٌ‬ ‫توفي أبو سلمة قلت ‪ :‬ومن‬
‫وسلم ‪ ،‬ثم عزم ﷲ علي فقلتھا ‪ ..‬فما الخلف؟ ‪ ..‬قالت ‪ :‬فتزوجت رسول ﷲ صلى ﷲ‬
‫عليه وسلم ومن خير من رسول ﷲ(‬

‫اللمعِ‬
‫ّ‬ ‫صلى ﷲ عليه ﷲ جل جالله ‪ .......‬ما الح نور في البروق‬
‫وفي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري وأبو ھريرة رضي ﷲ عنھما عن النبي صلى‬
‫ھم وال حزن وال‬
‫ٍ‬ ‫ﷲ عليه وسلم أنه قال ‪ ) :‬ما يصيب المؤمن من نصب وال وصب وال‬
‫أذى وال غم ‪ ،‬حتى الشوكة يشاكھا إال كفر ﷲ بھا خطاياه (‪.‬‬
‫ً‬
‫وفي صحيح ابن حبان عن سعد بن أبي وقاص رضي ﷲ عنه قال ‪ :‬سئل رسول ﷲ‬
‫بالء؟ قال‪:‬‬
‫ً‬ ‫صلى ﷲ عليه وسلم أي الناس أشد‬
‫) األنبياء ثم األمثل فاألمثل ‪ ،‬يبتلى الناس على قدر دينھم ‪ ،‬فمن ثخن دينه اشتد بالؤه‬
‫‪ ،‬ومن ضعف دينه ضعف بالؤه ‪ ،‬وإن الرجل ليصيبه البالء حتى يمشي في الناس وما‬
‫عليه خطيئة (‬
‫وفي سنن الترمذي ‪:‬‬
‫)ما يزال البالء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله ‪ ،‬حتى يلقى ﷲ تعالى وما‬
‫عليه خطيئة (‬
‫وفي الصحيحين عن أبي ھريرة رضي ﷲ عنه عن النبي صلى ﷲ عليه وسلم قال ‪:‬‬
‫ألحد من المسلمين ثالثة من الولد فتمسه النار إال تحلة القسم ( يشير إلى‬
‫ٍ‬ ‫) ال يموت‬
‫قوله تعالى‪:‬‬
‫ﱠ ِ ِ َ‬
‫الظالمين‬ ‫ونذر‬
‫اتقوا َ َ َ ُ‬ ‫ننجي ﱠ ِ َ‬
‫الذين ﱠ َ ْ‬ ‫مقضياً * ُ ﱠ‬
‫ثم ُ َ ّ ِ‬ ‫حتماً َ ْ ِ ّ‬
‫ربك َ ْ‬ ‫كان َ َ‬
‫على َ ِ ّ َ‬ ‫واردھا َ َ‬ ‫منكم ِ ﱠ‬
‫إال َ ِ ُ َ‬ ‫وإن ِ ْ ُ ْ‬
‫) َِ ْ‬
‫جثياً(‪.‬‬
‫فيھا ِ ِ ّ‬
‫ِ َ‬
‫وأخرج مسلم عن أبي ھريرة رضي ﷲ عنه قال ‪:‬‬
‫ادع ﷲ له‬‫ُ‬ ‫) أتت امرأة إلى النبي صلى ﷲ عليه وسلم بصبيٍ لھا فقالت ‪ :‬يا رسول ﷲ‬
‫ثالثة قبله ‪ ،‬فقال صلى ﷲ عليه وسلم ‪ " :‬دفنت ثالثة ؟ " مستعظماً أمرھا‬
‫ً‬ ‫فلقد دفنت‬
‫شديد من النار(‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫بحضار‬
‫ٍ‬ ‫‪ ...‬قالت ‪ :‬نعم ‪ ..‬قال ‪ " :‬لقد احتضرتِ‬
‫عظيم من النار فما أعظم األجر وما أكمل الثواب وما أجدر أن‬
‫ٍ‬ ‫بحمى‬
‫ً‬ ‫احتميت‬
‫ِ‬ ‫أي لقد‬
‫ُيستعذب العذاب في طلب ھذا الثواب‪.‬‬
‫وجاء في الحديث الصحيح كما في السلسلة الصحيحة عن رسول ﷲ صلى ﷲ عليه‬
‫وسلم أنه قال‪:‬‬
‫)إذا مات ولد الرجل يقول ﷲ تعالى لمالئكته ‪" :‬أقبضتم ولد عبدي؟ فيقولون ‪ :‬نعم ‪..‬‬
‫فيقول وھو أعلم ‪ :‬أقبضتم ثمرة فؤاده ؟ فيقولون ‪ :‬نعم ‪ ..‬فيقول ‪ :‬ماذا قال عبدي ؟‬
‫وسموه‬
‫ّ‬ ‫فيقولون ‪ :‬حمدك واسترجع‪،‬فيقول ﷲ جل وعال ‪ :‬ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة‬
‫بيت الحمد(‪.‬‬
‫يالھا من بشارة بالموت على اإليمان ألن ﷲ إذا أمر ببناء بيت ألحد من عبيده البد لذلك‬
‫يوم من األيام ‪ ...‬وروى اإلمام أحمد من حديث معاوية‬
‫ٍ‬ ‫العبد من سكنى ھذا البيت في‬
‫بن قرة عن أبيه‪:‬‬
‫) أنه كان رجل يأتي النبي صلى ﷲ عليه وسلم ومعه ابن له ‪ ،‬فقال النبي صلى ﷲ‬
‫عليه وسلم ‪ " :‬أتحبه ؟ " فقال ‪ :‬يا رسول ﷲ ‪ ،‬أحبك ﷲ كما أحبه ‪ ..‬فتفقده النبي‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم فقال ‪ " :‬ما فعل ابن فالن؟ فقالوا ‪ :‬يا رسول ﷲ مات ‪ ،‬فقال‬
‫النبي صلى ﷲ عليه وسلم ألبيه ‪ " :‬أما تحب أن تأتي باباً من أبواب الجنة إال وجدته‬
‫عليه ينتظرك ؟ " فقال رجل ‪ :‬يا رسول ﷲ ‪ ،‬أله خاصة أم لكلنا ؟ فقال صلى ﷲ عليه‬
‫وسلم ‪ " :‬بل لكلكم (‪.‬‬
‫أيھا األحبة فھم السلف الصالح رضوان ﷲ عليھم ذلك فھماً عميقاً فتمنوا أن يقدموا‬
‫أوالدھم وأحبتھم ثم يرضوا بذلك ويحتسبوا لينالوا األجر العظيم من الرب الكريم‪.‬‬
‫ھاھو أبو مسلم الخوالني عليه رحمة ﷲ يقول ‪ :‬ألن يولد لي مولود يحسن ﷲ نباته ‪،‬‬
‫إلي قبضه ﷲ تعالى مني ‪ ..‬أحب‬
‫ّ‬ ‫حتى إذا استوى على شبابه وكان أعجب ما يكون‬
‫إلي من الدنيا وما فيھا‪.‬‬
‫ّ‬
‫الحربي عليه رحمة ﷲ ابن له إحدى عشرة سنة حفظ القرآن‬
‫ّ‬ ‫وكان للمحدث إبراھيم‬
‫ولقنه من الفقه جانباً كبيراً ‪ ،‬ثم مات الولد ‪ ،‬قال محمد بن خلف ‪ :‬جئت أعزيه فقال ‪:‬‬
‫ّ‬
‫الحمد ‪ 9‬وﷲ لقد كنت على حبي له أشتھي موته ‪ ..‬قلت له ‪ :‬يا أبا إسحاق ‪ ،‬أنت‬
‫عالم الدنيا تقول ذلك في صبيٍ قد حفظ القرآن ولقنته الحديث والفقه ؟ قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬أو‬
‫يخفى عليك أجر تقديمه ؟‬
‫ثم قال ‪ :‬وفوق ذلك ‪ ،‬فلقد رأيت في منامي وكأن القيامة قامت وكأن صبياناً في أيديھم‬

‫قالل فيھا ماء يستقبلون الناس فيسقونھم وكان اليوم حاراً شديد ّ‬
‫حره‪.‬‬
‫قال فقلت ألحدھم ‪ :‬أسقني من ھذا الماء ‪ ..‬قال ‪ :‬فنظر إلي وقال ‪ :‬لست أبي ‪ ..‬قال‬
‫قلت ‪ :‬من أنتم ؟ قال ‪ :‬نحن الصبية الذين متنا واحتسبنا آباؤنا ‪ ..‬ننتظرھم لنستقبلھم‬
‫فنسقيھم الماء ‪ ،‬قال ‪ :‬فلذلك اشتھيت موته والحمد ‪ .. 9‬وإنا ‪ 9‬وإنا إليه راجعون‪.‬‬
‫وفي صحيح البخاري عن أبي ھريرة رضي ﷲ عنه أن النبي صلى ﷲ عليه وسلم قال‬
‫‪:‬‬
‫صفيه من أھل الدنيا ثم‬
‫ّ‬ ‫) يقول ﷲ عز وجل ‪ :‬ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت‬
‫احتسبه إال الجنة(‪.‬‬
‫ياله من جزا ٍء فعندك اللھم نحتسب أصفياءنا وأصدقاءنا وأحبابنا وآباءنا وأمھاتنا وأنت‬
‫حسبنا ونعم الوكيل وإنا ‪ 9‬وإنا إليه راجعون‪.‬‬
‫أخي المصاب ‪ ،‬أخي المكروب ‪ ..‬ھذه بعض أحاديث رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم قد‬
‫قدمت بين يديك فلعل فيھا لك سلوى ‪ ،‬ولعلھا كشف لكربتك ‪ ،‬وال أظنك إال قد سلوت‬
‫وارض بما قسمه ﷲ لك‬
‫َ‬ ‫وكشف ما بك فاحمد ﷲ وأحسن نيتك واحتسب مصيبتك‬
‫بعمل ‪ ..‬فما يزال ﷲ يبتليك بحكمته بما تكره ويصبرك‬
‫ٍ‬ ‫فلعل لك عند ﷲ منزلة ال تبلغھا‬
‫على ما يبتليك حتى تبلغ تلك المنزلة التي سبقت من ﷲ ‪ ،‬فاحمد ﷲ ‪ ،‬فحمداً ‪9‬‬
‫حمداً ‪ ،‬وشكراً ‪ 9‬شكراً ورضاً بقضائه رضاً ‪ ،‬ولھجاً بإنا ‪ 9‬وإنا إليه راجعون ‪ ..‬فھي‬
‫الصالة والرحمة والھدى ‪..‬‬
‫بخير فإن الفارج ﷲ‬
‫ٍ‬ ‫يا صاحب الكرب إن الكرب منفرج ‪...‬أبشر‬
‫اليأس يقطع أحياناً ‪ ...‬بصاحبه‪.........‬ال تيأسن فإن الكافي ﷲ‬
‫ﷲ يحدث بعد الكرب ميسرة‪..........‬ال تجزعن فإن الكاشف ﷲ‬
‫وارض به ‪..........‬إن الذي يكشف البلوى ھو ﷲ‬
‫َ‬ ‫إذا بليت فثق با‪9‬‬
‫كل لك ﷲ‬
‫أحد‪ ...........‬فحسبك ﷲ ‪ ،‬في ٍ‬
‫ٍ‬ ‫وﷲ مالك غير ﷲ من‬

‫ثانياً ‪ :‬ومن وسائل كشف الكربة ‪-:‬‬


‫مصيبة دون‬
‫ٍ‬ ‫تذكر المصيبة العظمى بموت رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ‪ ،‬وكل‬
‫مصيبتنا بموته صلى ﷲ عليه وسلم تھون ‪ ،‬فبموته صلى ﷲ عليه وسلم انقطع‬
‫الوحي من السماء إلى القيامة وبموته انقطعت النبوات وبموته ظھر الفساد بارتداد‬
‫العرب عن الدين فھو أول انقطاع عرى الدين أو نقصانه‪.‬‬
‫مصيبة تصيب العبد أو تحل بأمة اإلسالم جمعاء ‪ ...‬وھاھو‬
‫ٍ‬ ‫وفيه غاية التسلية عن كل‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم يطلب منا أن نذكر بمصائبنا موته وفراقه وبذلك تھون علينا‬
‫المصائب والخطوب ‪ ،‬فيقول صلى ﷲ عليه وسلم في الحديث الذي صححه األلباني‬
‫في السلسة ‪:‬‬
‫)إذا أصيب أحدكم بمصيبة فليذكر مصيبته بي فإنھا أعظم المصائب(‪.‬‬
‫إي وﷲ ! ما من عزيز أو حبيب أو قريب أو صديق فقدناه إال وذاق القلب من لوعة فراقه‬
‫وحرقة وداعه ما ﷲ به عليم ‪ ،‬فھل شعرنا بھذا ونحن نستشعر موت النبي صلى ﷲ‬
‫عليه وسلم ؟‬
‫ما ذا لو فقد الرجل أسرته كلھا وقد احترق فؤاده وأدمي قلبه وأنبتت دموعه األسى ثم‬
‫تزوج بعد فترة ثم رزق بأبناء وعقب سنة مات أحد أبنائه ‪ ،‬فكيف يكون حزنه وألمه إذا‬
‫قورن بالمصاب األول ؟‬
‫أليس الخطب أھون ؟ أليست المصيبة أقل ؟ بلى ! فھكذا ينبغي أن نعزي أنفسنا كلما‬
‫أصابتنا المصائب بذكر موت النبي صلى ﷲ عليه وسلم فھو أعظم المصائب ‪ ،‬إن رسول‬
‫ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم والذي ما من مسلم إال وأصيب بموته وفراقه ويتمنى أن‬
‫يفتدي رؤيته بالدنيا جميعھا يخاطبنا فيقول كما في صحيح سنن ابن ماجه ‪:‬‬
‫)يا أيھا الناس ‪ ،‬أيما أحد من الناس –أو من المؤمنين‪ -‬أصيب بمصيبة فليتعزى بمصيبته‬
‫بي عن المصيبة التي تصيبه بغيري ‪ ،‬فإن أحداً من أمتي لن يصاب بمصيبة بعدي أشد‬
‫عليه من مصيبتي(‪.‬‬
‫وترب‬
‫ّ‬ ‫ولو تأملنا كلمة "فليتعزى" لوجدنا فيھا العالج والدواء إنھا حروف يستطب بھا الفؤاد‬
‫بھا األكباد ‪ ،‬ماذا لو فقد إنسان أبويه في حادث سيارة ؟ أفال يظل أثر المصيبة في قلبه‬
‫مدى الدھر ؟ إن المصيبة ينبغي أن تعظم إذا سمعنا قوله صلى ﷲ عليه وسلم كما‬
‫روى البخاري ومسلم‪:‬‬
‫)ال يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين(‪.‬‬
‫وكأن المعنى بعد ھذا النص سيكون ‪ :‬ال يؤمن أحدكم حتى يكون موتي أعظم مصيبة‬
‫من موت ولده ووالده والناس أجمعين ‪ ..‬فأين ھذا اإلحساس وأين بربكم ھذا الشعور ؟‬
‫إنسان فقدته ليھون أمام‬
‫ٍ‬ ‫إن فقد النبي صلى ﷲ عليه وسلم من مصائب الدين وإن أي‬
‫فقد النبي صلى ﷲ عليه وسلم ‪ ..‬يا نفس بعد المصطفى أفتطمعي في الخلد ؟ كال‬
‫سبيل‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ما إليه من‬
‫ھل فقدت أمك يوماً ما ؟ وھل تذكرت عند موتھا وأنت تتألم لموتھا أنھا بإذن ﷲ أخرجتك‬
‫من ظلمات البطن إلى نور الدنيا ورعتك وربتك‪.‬‬
‫فھل تنسى في خضم ذلك الشعور أن ﷲ أخرجك بدعوة محمد صلى ﷲ عليه وسلم‬
‫من ظلمات الظاللة إلى نور الھدى والتوحيد؟ وھذا بإذن ﷲ إنقاذ لك من الخلود في‬
‫النار ‪ ،‬فھل بحنان أمك وعطفھا ورعايتھا تنقذ من الخلود في النار ؟ ال وﷲ ‪ ..‬فلو كان‬
‫لكل واحد منا ألف أم بحنان أمه وعطفھا ومتن في يوم واحد ما ينبغي أن يحزن عليھن‬
‫أكثر من حزنه على النبي صلى ﷲ عليه وسلم‪.‬‬
‫فإذا فقدت ابنك ‪ ،‬فإذا فقدت حبيبك ‪ ،‬فإذا فقدت صديقك فتألمت وبكيت ثم زاد ألمك‬
‫وزاد بكاؤك وزادت لوعتك بتذكر عونه ومساعدته وعطفه وبره وصلته ‪ ،‬فاعلم والذي ال‬
‫إله إال ھو أن كل ذلك لن يبلغ ما قدمه لك رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم من ھدى‬
‫ونور تدخلك بعون ﷲ جنات عرضھا السموات واألرض لتخلد فيھا وتنعم‪.‬‬
‫نعم ‪ ،‬نمتع بعون األبناء وعطفھم سنوات سرعان ما تمضي لكن التمتع في الجنة ال‬
‫نھاية له وال آخر‪.‬‬
‫أفال يستحق رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم منا أن نحزن على موته أكثر ممن سواه‬
‫؟ ونتعزى به عن فراق من سواه ونذكره فنتمسك بسنته ‪ ،‬ونمضي على شرعته ‪،‬‬
‫لننعم بعدھا بصحبة النبيين والصديقين والشھداء والصالحين ‪ ..‬ولعل من فقدته في‬
‫ركبھم وعندھا يجمع ﷲ الشتيتين‪.‬‬
‫أيھا المصاب تذكر ھذا جيداً لتحس بمصيبة فقده صلى ﷲ عليه وسلم فتھون مصيبتك‪.‬‬
‫ثم تساءل ‪ :‬ماذا لوال ما حباك ﷲ به من ھديه وسنته ؟ ماذا لو دخلت النار أجارك ﷲ ؟‬
‫عذبت في القبر حماك ﷲ؟ من الذي ينفعك ؟‬
‫ماذا لو حرمت الجنة أعاذك ﷲ ؟ ماذا لو ُ ّ‬
‫ومن الذي ينقذك ؟ األحباب ؟ األصحاب ؟ األبناء ؟ األحفاد ؟ ال وﷲ ‪ ..‬إال اإلخالص في‬
‫إتباع ھديه صلى ﷲ عليه وسلم ‪..‬‬
‫ّ ِ‬
‫مخلد‬ ‫ّ‬
‫وتجلد‪ .........‬واعلم بأن المرء غير‬ ‫مصيبة‬
‫ٍ‬ ‫فاصبر لكل‬
‫غد‬
‫نوب تنوب اليوم ‪ُ ،‬تكشف في ِ‬
‫ٌ‬ ‫واصبر كما صبر الكرام فإنھا‪......‬‬
‫بمرصد‬
‫ِ‬ ‫أو ما ترى أن المصائب جمة ؟‪ .....‬وترى المنية للعباد‬
‫بأوحد‬
‫ِ‬ ‫سبيل لست عنه‬
‫ٌ‬ ‫بمصيبة ؟ ‪ ...‬ھذا‬
‫ٍ‬ ‫من لم ُيصب ممن ترى‬
‫محمد‬
‫ِ‬ ‫ً‬
‫مصيبة ومصابھا ‪ .......‬فاذكر مصابك بالنبي‬ ‫فإذا ذكرت‬
‫ثالثاً ‪ :‬من وسائل كشف الكربة ‪-:‬‬
‫أن يعلم المكروب المصاب علم اليقين أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وأن ما أخطأه لم يكن‬
‫ليصيبه‪:‬‬
‫ذلك‬
‫إن َ ِ َ‬ ‫أن َ ْ َ َ َ‬
‫نبرأھا ِ ﱠ‬ ‫قبل َ ْ‬
‫من َ ْ ِ‬
‫كتابٍ ِ ْ‬
‫إال ِفي ِ َ‬ ‫األرضِ َوال ِفي َ ْ ُ ِ ُ ْ‬
‫أنفسكم ِ ﱠ‬ ‫مصيبة ِفي ْ َ ْ‬
‫من ُ ِ َ ٍ‬ ‫) َما َ َ َ‬
‫أصاب ِ ْ‬
‫كل‬
‫ب ُ ﱠ‬‫يح ﱡ‬ ‫آتاكم َ ﱠ ُ‬
‫والله ال ُ ِ‬ ‫بما َ ُ ْ‬‫تفرحوا ِ َ‬ ‫على َما َ َ ُ ْ‬
‫فاتكم َوال َ ْ َ ُ‬ ‫لكيال َ ْ َ ْ‬
‫تأسوا َ َ‬ ‫يسير * ِ َ ْ‬ ‫على ﱠ ِ‬
‫الله َ ِ ٌ‬ ‫َ َ‬

‫مختال َ ُ ٍ‬
‫فخور(‪.‬‬ ‫ُ ْ َ ٍ‬
‫شفاء وتبديداً لجميع الكرب واألدواء‪:‬‬
‫ً‬ ‫إن من تأمل ھذه اآلية وتدبرھا وجد فيھا‬
‫عليل قد‬
‫ٍ‬ ‫شھيد(‪ .‬كم من‬
‫وھو َ ِ ٌ‬
‫السمع َ ُ َ‬
‫ﱠ ْ َ‬ ‫أو َ ْ َ‬
‫ألقى‬ ‫قلب َ ْ‬ ‫كان َ ُ‬
‫له َ ْ ٌ‬ ‫لمن َ َ‬ ‫ذلك َ ِ ْ َ‬
‫لذكرى ِ َ ْ‬ ‫إن ِفي َ ِ َ‬
‫)ِ ﱠ‬
‫تخطاه الردى ‪ .......‬فنجا ومات طبيبه والعوُّد‬
‫ما أصاب من مصيبة إال بإذن ﷲ ‪ ..‬ولذلك الذين علموا وتدبروا ھذه اآليات عرفوا كيفية‬
‫التعامل مع المصاب‪ ..‬ھذه إحدى المكروبات المصابات تقول عند مصيبتھا بأحد أبنائھا ‪:‬‬
‫عجل ﷲ ‪ ،‬وال‬
‫ّ‬ ‫)الحمد ‪ 9‬على السراء والضراء والعافية والبالء وﷲ ما أحب تأخير ما‬
‫أخر ﷲ ‪ ،‬وكل ذلك في كتاب إن ذلك على ﷲ يسير(‪.‬‬
‫تعجيل ما ّ‬
‫يبرم‬
‫ِ‬ ‫فما أبرم ﷲ لم ينتقض ‪ ......‬وما نقض ﷲ لم‬
‫ابن ألنس رضي ﷲ عنه فقال أنس عند قبره ‪:‬‬
‫ومات ٌ‬
‫ِ ِ‬
‫وجاف◌ األرض عن‬ ‫)الحمد ‪ .. 9‬اللھم عبدك وابن عبدك وقد ردّ إليك ‪ ،‬فارأف به وارحمه‬
‫بدنه ‪ ،‬وافتح أبواب السماء لروحه ‪ ،‬وتقبله بقبول حسن " ثم انصرف ‪ ،‬فأكل وشرب‬
‫يسير(‪.‬‬
‫الله َ ِ ٌ‬ ‫ذلك َ َ‬
‫على ﱠ ِ‬ ‫إن َ ِ َ‬
‫كتابٍ ِ ﱠ‬
‫ذلك ِفي ِ َ‬
‫إن َ ِ َ‬
‫وادھن وأصاب من أھله( و لسان حاله ‪ ِ ) :‬ﱠ‬
‫ّ‬
‫وكان أبو ذر رضي ﷲ عنه ال يعيش له ولد ‪ ،‬فقيل له‪:‬‬
‫امرؤ ال يبقى لك ولد ‪ ..‬فقال ‪ :‬الحمد ‪ 9‬كل ذلك في كتاب الحمد ‪ 9‬الذي‬
‫ٌ‬ ‫) إنك‬
‫ويدخرھم في دار البقاء( ‪ ..‬أو كما قال رضي ﷲ عنه وأرضاه ‪..‬‬
‫ّ‬ ‫يأخذھم في دار الفناء‬
‫وتموت ابنة لعبد ﷲ بن عباس رضي ﷲ عنھما وكان راكباً في طريقه لمكة ويأتيه الخبر‬
‫فنزل عن دابته وصلى ركعتين ‪ ،‬ثم رفع رأسه للسماء وقال‪:‬‬
‫)الحمد ‪ 9‬وإنا ‪ ، 9‬عورة سترھا ﷲ ‪ ،‬ومؤونة كفاھا ﷲ ‪ ،‬وأجر ساقه ﷲ( ‪ ...‬ثم ركب‬
‫فكل األمور إلى القضاء ‪..‬‬
‫ومضى في رعاية ﷲ ‪ ..‬وﷲ يفعل ما يشاء ‪ِ ِ ،‬‬
‫ومات لعبدﷲ بن عامر سبعة أبناء في يوم واحد واألمر كما تعلمون مھول ومزعج وفظيع‬
‫ّ‬
‫مسلم ‪...‬‬
‫‪ ،‬فكيف استقبله ھذا الرجل ؟ قال‪ :‬الحمد ‪ ، 9‬إني مسلم ُ‬
‫يمضي الصغير إذا انقضت أيامه ‪ ........‬إثر الكبير ‪ ،‬ويولد المولود‬
‫وحصيد‬
‫ٌ‬ ‫قائم‬
‫ٌ‬ ‫والناس في قسم المنية بينھم ‪.............‬كالزرع منه‬
‫وفي سلوة الحزين ُيذكر أن أعرابية فقدت أباھا ثم وقفت بعد دفنه فقالت‪:‬‬
‫)يا أبتي ‪ ،‬إن في ﷲ عوضاً عن فقدك ‪ ،‬وفي رسوله صلى ﷲ عليه وسلم من مصيبتك‬
‫أسوة ‪ ..‬ثم قالت ‪ :‬ربي لك الحمد ‪ ،‬اللھم نزل عبدك مفتقراً من الزاد ‪ ،‬مخشوشن‬
‫المھاد ‪ ،‬غنياً عما في أيدي العباد ‪ ،‬فقيراً إلى ما في يدك يا جواد ‪ ،‬وأنت يا ربي خير‬
‫من نزل بك المرملون ‪ ،‬واستغنى بفضلك المقلون ‪ ،‬وولج في سعة رحمتك المذنبون ‪،‬‬
‫اللھم فليكن قرى عبدك منك رحمتك ‪ ،‬ومھاده جنتك(‬
‫ثم انصرفت راضية محتسبة مأجورة بإذن ﷲ غير مأزورة ‪..‬‬
‫أسلم‬
‫ُ‬ ‫فإذا ابتليت بمحنة فاصبر لھا ‪ .......‬صبر الكريم فإن ذلك‬
‫أسلم‬
‫ُ‬ ‫وإذا ابتليت بكربة فالبس لھا ‪ ......‬ثوب السكوت فإن ذلك‬
‫يرحم‬
‫ُ‬ ‫ال تشكون إلى العباد فإنما ‪ .........‬تشكو الرحيم إلى الذي ال‬
‫ويقف محمد بن سليمان على قبر ابنه وفلذة كبده بعدما دفنه فيقول‪:‬‬
‫)كل ذلك في كتاب ‪ ،‬الحمد ‪ 9‬وإنا ‪ 9‬وإنا إليه راجعون ‪ ،‬اللھم إني أرجوك له وأخافك‬
‫عليه ‪ ،‬اللھم فحقق رجائي فيه ‪ ،‬وآمن خوفي عليه( ‪ ...‬وحاله ‪:‬‬
‫دار‬ ‫أبكيه ثم أقول معتذراً له ‪ِّ .........‬‬
‫وفقت حين تركت أألم ِ‬
‫جاورت أعدائي وجاور ربه ‪ ......‬شتان بين جواره وجواري‬
‫يا كوكباً ما كان أقصر عمره ‪ .......‬وكذاك عمر كواكب األسحار‬
‫درت عليك من الغمام مراضع ‪ .......‬وتكنفتك من النجوم جواري‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫فوطن نفسك على أن كل مصيبة‬ ‫فيا أيھا المصاب ‪ ،‬يا أيھا المكروب ‪ ،‬المصيبة واقعة‬
‫تأتي فھي بإذن ﷲ عز وجل وقضائه وقدره ‪ ،‬فسلم األمر ‪ ، 9‬فإنه كتب مقادير الخالئق‬
‫قبل أن يخلق السموات واألرض بخمسين ألف سنة ‪ ،‬واعلم أن األمة لو اجتمعت على‬
‫كتب لك أو‬
‫أن ينفعوك بشي ٍء أو يضروك بشيء ‪ ،‬لم ينفعوك ولم يضروك إال بشيء قد ُ ِ‬
‫أحد ذھباً ينفقه في سبيل ﷲ ‪ ،‬لم يقبل ﷲ منه حتى‬
‫عليك ‪ ..‬ولو كان لرجل مثل ُ ٍ‬
‫يؤمن بالقدر خيره وشره ‪ ،‬ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه‬
‫‪ ..‬وإن مات على غير ھذا أدخل النار والعياذ با‪.9‬‬
‫يقدر‬
‫ولك األمان من الذي لم ُ ِ‬
‫ِ‬ ‫قضي يا نفس فاصطبري له ‪.....‬‬ ‫ما قد ُ ِ‬
‫عليك صبرتِ أم لم تصبري‬
‫ِ‬ ‫المقدر كائن ‪ ............‬حتماً‬
‫ّ‬ ‫ثم اعلمي أن‬

‫رابعاً ‪ :‬ومما يكشف الكربة ‪-:‬‬


‫االستعانة با‪ 9‬واالتكال عليه والرضا بقضائه والتسليم لقدره ‪ ،‬روى اإلمام أحمد في‬
‫مسنده من حديث أنس بن مالك رضي ﷲ عنه قال‪:‬‬
‫)أال أحدثكم بحديث ال يحدثكم به أحد غيري ؟ قالوا ‪ :‬بلى ‪ ..‬قال ‪ :‬كنا عند رسول ﷲ‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم جلوساً فضحك ثم قال ‪ " :‬أتدرون ّ‬
‫مم ضحكت ؟ " قالوا ‪ :‬ﷲ‬
‫ورسوله أعلم ‪ ..‬قال صلى ﷲ عليه وسلم ‪ " :‬عجبت للمؤمن ‪ ،‬إن ﷲ عز وجل ال‬
‫يقضي قضاء إال كان خيراً له(‪.‬‬
‫فليعلم المكروب أن حظه من المصيبة ما يحدث له ‪ ،‬فمن رضي فله الرضا ومن سخط‬
‫يرض بقضاء ﷲ‬
‫َ‬ ‫فله السخط ‪ ،‬من رضي بقضاء ﷲ جرى عليه وكان له أجر ‪ ،‬ومن لم‬
‫جرى عليه وحبط عمله ‪ ،‬فقضاء ﷲ نافذ كالسيف وأمره واقع ال رادّ لقضائه وال معقب‬
‫لحكمه ‪ ،‬ولكن العبد ھو الذي يربح أو يخسر بحسب رضاه وسخطه ‪ ،‬جعلنا ﷲ من‬
‫الراضين بقضائه وقدره‪.‬‬
‫ولنعش أيھا األحبة مع الراضين دقائق غالية قليلة‪ ،‬لنتخذھم أسوة وقدوة ومثال ً من‬
‫باب‪:‬‬
‫سيروا كما ساروا لتجنوا ما جنوا ‪ .......‬وتشبھوا إن لم تكونوا مثلھم‬
‫قال أبو الحسن المدائني عليه رحمة ﷲ‪:‬‬
‫دخل عمر بن عبد العزيز على ابنه عبد الملك في مرضه رحمھم ﷲ جميعاً فقال ‪ :‬يا‬
‫بني كيف تجدك ؟‬
‫قال ‪ :‬تجدني أبتاه في الموت‪.‬‬
‫قال ‪ :‬يا بني ‪ ،‬ألن تكون في ميزاني أحب إلي من أن أكون في ميزانك‪.‬‬
‫فقال االبن ‪ :‬يا أبتي ‪ ،‬وﷲ ألن يكون ما تحبه أحب إلي من أن يكون ما أحبه‪.‬‬
‫ثم مات عليه رحمة ﷲ‪.‬‬
‫ويروي اإلمام أحمد في الزھد عن زياد بن أبي حسان أنه شھد عمر رحمه ﷲ حين‬
‫دفن عبد الملك ابنه ‪ ،‬قد استوى قائماً عند القبر وأحاط به الناس فقال‪:‬‬
‫وﷲ يا بني ‪ ،‬لقد كنت باراً بأبيك ‪ ،‬وﷲ ما زلت مسروراً بك مذ وھبك ﷲ لي إلى أن‬
‫صيرك ﷲ إليه ‪ ،‬فرحمك ﷲ وغفر ذنبك وجزاك بأحسن‬
‫استودعك ﷲ في المنزل الذي ّ‬
‫غائب ‪ ،‬رضينا بقضاء ﷲ وسلمنا ألمر‬
‫ٍ‬ ‫عملك ‪ ،‬ورحم كل شافعٍ يشفع لك بخير شاھد أو‬
‫ﷲ والحمد ‪ 9‬رب العالمين ‪ ،‬وإنا ‪ 9‬وإنا إليه راجعون‪ ،‬ثم انصرف ورجع إلى مجلسه‪.‬‬
‫وكان قبل وفاة عبد الملك قد ھلك أخوه سھل وھو من أحب أخوته ‪ ،‬وھلك مواله مزاحم‬
‫وھو عزيز عليه ‪ ،‬كل ذلك في أوقات متتابعة ‪ ،‬فلما استوى في مجلسه جاء الربيع بن‬
‫ثبرة عليه رحمة ﷲ فقال‪:‬‬
‫عظم ﷲ أجرك يا أمير المؤمنين ‪ ،‬ما رأيت أحداً أصيب بأعظم من مصيبتك ‪ ،‬ما رأيت‬
‫مولى قط‪.‬‬
‫ً‬ ‫مثل ابنك ابناً ‪ ،‬وال مثل أخيك أخاً ‪ ،‬وال مثل موالك‬
‫ھيجت عليه‪.‬‬
‫فطأطأ رأسه عمر رحمه ﷲ‪ ،‬فقال أحد الحاضرين ‪ :‬لقد ّ‬
‫فقال ‪ :‬كيف قلت يا ربيع ؟ أعد‪.‬‬
‫قال ‪ :‬فأعدت عليه ‪ ،‬فقال ‪ :‬ال والذي قضى عليھم الموت ‪ ،‬ما أحب أن شيئاً كان من‬
‫ذلك لم يكن‪.‬‬
‫فيا أيھا الكون منه استمع ‪ ........‬ويا أذن الدھر عنه افھمي‬
‫وروى ابن أبي حاتم بسنده عن خالد بن يزيد عن عياض عن عقبة أنه مات له ابن يقال‬
‫له يحيى‪ ،‬فلما نزل بقبره قال له رجل‪:‬‬
‫وﷲ إن كان لسيد الجيش فاحتسبه‪.‬‬
‫فقال والده ‪ :‬وما يمنعني أن أحتسبه وقد كان من زينة الحياة الدنيا وھو اليوم من‬
‫الباقيات الصالحات؟‪.‬‬
‫فلله ما أحسن فھمھم ‪ ،‬و‪ 9‬ما أحسن تعزيتھم ألنفسھم ‪ ..‬وثقتھم بما أعطى ﷲ عز‬
‫نسي أمر يوم وقع الطاعون بأرض الشام كما‬
‫ينسى إن ُ ِ‬
‫وجل من ثواب للصابرين ‪ ...‬وال ُ‬
‫في السير للذھبي فخطب الناس عمرو رضي ﷲ عنه فقال‪:‬‬
‫إن ھذا الطاعون رجز ففروا منه باألودية والشعاب‪.‬‬
‫فبلغ ذلك شرحبيل بن حسنة رضي ﷲ عنه فغضب وجاء يجر ثوبه ونعاله في يده قائال ً‬
‫‪ :‬لقد صحبت رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم فاسمعوا ‪ ،‬الطاعون رحمة ربكم ودعوة‬
‫نبيكم ‪ ،‬يستشھد ﷲ به أنفسكم ويزكي أعمالكم‪.‬‬
‫فبلغ ذلك معاذاً رضي ﷲ عنه وھو يتوق للشھادة فقال ‪:‬‬
‫اللھم اجعل نصيب أھل بيت معاذ األوفر منه‪.‬‬
‫ألنه يعلم أن من أصيب به له مثل أجر الشھيد‪ ،‬فتصاب ابنتاه االثنتان وتموتان فدفنھما‬
‫بقبر واحد وحمد ﷲ واسترجع‪ ،‬ثم أصيب ابنه عبد الرحمن وھو من أعز أبنائه‪.‬‬
‫ٍ‬
‫فقال معاذا البنه‪ :‬كيف تجدك؟‬
‫قال ‪ :‬أبتاه ‪ ،‬الحق من ربك فال تكن من الممترين‪.‬‬
‫فقال معاذ رضي ﷲ عنه ‪ :‬ستجدني إن شاء ﷲ من الصابرين‪.‬‬
‫ثم توفي رحمه ﷲ ‪،‬ثم أصاب الطاعون كف معاذ رضي ﷲ عنه وأرضاه ‪ ،‬فجعل يقبلھا‬
‫ويقول‪:‬‬
‫إلي من حمر النعم ‪ ،‬ثم يغشى عليه ‪ ،‬فإذا أسري عنه قال‪:‬‬
‫ّ‬ ‫لھي أحب‬
‫َ‬
‫يارب غم غمك واخنق خنقك فوعزتك إنك لتعلم أني ألحبك‪.‬‬
‫ثم لقي ﷲ عز وجل بعد أن احتسب أھل بيته جميعاً فماكان إال الرضا والتسليم بقضائه‬
‫وقدره‪.‬‬
‫وقبل ذلك لمعاذ يروى عن المعافى بن عمران عن شھاب بن خراش عن عبد الرحمن‬
‫بن غن قال‪:‬‬
‫دخلنا على معاذ رضي ﷲ عنه وھو قاعد عند رأس ابنه وھو يجود بنفسه فما ملكنا‬
‫أنفسنا إال أن ذرفت أعيننا وانتحب بعضنا فزجره معاذ وقال‪:‬‬
‫غزاة غزوتھا‪ ،‬من كان عليه عزيزاً‬
‫ٍ‬ ‫صه‪ ،‬فو ﷲ ألن يعلم ﷲ برضاي بھذا أحب إلي من كل‬
‫َ‬
‫وبه ضنيناً فصبر على مصيبته واحتسبه أبدل ﷲ الميت داراً خيراً من داره وقراراً خيراً‬
‫من قراره ‪ ،‬وأبدل المصاب الصالة والرحمة والمغفرة والرضوان‪.‬‬
‫وحنطه و كفنه وصلينا عليه ثم نزل في‬
‫ّ‬ ‫قال ‪ :‬فما برحنا حتى قضى الغالم فقام وغسله‬
‫فادھن وبكحل‬
‫ّ‬ ‫وسوى عليه التراب ثم رجع إلى مجلسه فدعى بدھن‬
‫ّ‬ ‫قبره ووضعه‬
‫فاكتحل وببردة جميلة فلبسھا ‪ ،‬وأكثر من التبسم ينوي ما ينوي‪ ،‬ثم قال‪:‬‬
‫وعزاء من كل مصيبة ‪ ،‬و‪ 9‬األمر‬
‫ٌ‬ ‫إنا ‪ 9‬وإنا إليه راجعون ‪ ،‬في ﷲ خلف من كل ھالك ‪،‬‬
‫من قبل ومن بعد ولكن أكثر الناس ال يعلمون‪ ،‬ولسان حاله ‪:‬‬
‫ويطيب‬
‫ُ‬ ‫كل ما كان من قضاء فيحلو ‪ .......‬بفؤادي نزوله‬
‫أيھا األحبة ‪ ،‬ال زلنا في رياض الراضين بالقضاء ‪ ،‬نعيش لنعتبر ونتعظ ونسلو ونرضى‪.‬‬
‫يقول أبو علي رحمه ﷲ ‪:‬‬
‫صحبت الفضيل بن عياض ثالثين سنة ما رأيته ضاحكاً وال متبسماً إال يوم مات ولده‬
‫علي رحمه ﷲ ‪ ،‬فقلت ‪ :‬ما ھذا ؟ قال ‪ :‬إن ﷲ سبحانه أحب أمراً فأحببت أن أحب ما‬
‫أحب ﷲ ‪ ،‬وإنا ‪ 9‬وإنا إليه راجعون‪.‬‬
‫وضحك أحد السلف يوم مات ابنه فقيل‪:‬‬
‫أتضحك في مثل ھذا الحال ؟ قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬أردت أن أرغم الشيطان ‪ ،‬وقضى ﷲ القضاء‬
‫فأحب أن أرضى بقضائه فھو أرحم الراحمين وأكرم األكرمين‪.‬‬
‫ويشتكي ابن لعبد ﷲ بن عمر رضي ﷲ عنھم فيشتد وجده عليه ‪ ،‬حتى قال بعض‬
‫القوم‪:‬‬
‫لقد خشينا على ھذا الشيخ إن حدث بھذا الغالم حدث ‪ ،‬وشاء ﷲ فمات ھذا الغالم‬
‫فخرج عمر في جنازته ‪ ،‬وما أبدى رجل سروراً إال ابن عمر ‪ ،‬فقيل‪:‬‬
‫ما ھذا ؟ قد خشينا عليك يابن عمر‪ ،‬قال‪ :‬إنما تلك كانت رحمة به ‪ ،‬فلما وقع أمر ﷲ‬
‫رضينا به‪.‬‬
‫ال تعجبوا وال تدھشوا ‪ ،‬إنه ابن عمر بن الخطاب والفرع لألصل ينسب رضي ﷲ عن‬
‫ولد إال وأنا أحب أن أقول عليه إنا ‪9‬‬
‫ٍ‬ ‫مال وال‬
‫ٍ‬ ‫أھل وال‬
‫ٍ‬ ‫الجميع الذي قال يوماً ما ‪ :‬ما من‬
‫وإنا إليه راجعون إال عبدﷲ بن عمر فإني أرجو أن يطول في عمره‪.‬‬
‫امرئ ما نوى‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫وذلك لعلمه بمنفعته للناس واألعمال بالنيات ولكل‬
‫ويروى أن شريحاً القاضي مات له صبي فجھزه وغسله ودفنه بالليل ولم يشعر به أحد‬
‫غد جاء الناس على حسب العادة يعودونه ويسألونه عنه فقال‪:‬‬
‫ولما جلس للقضاء من ٍ‬
‫الحمد ‪ ، 9‬اآلن فقد األنين والوجع‪ ،‬ففرح الناس وظنوا أنه قد عوفي من مرضه‪.‬‬
‫فقال وھو يضحك‪ :‬احتسبناه في جنب ﷲ ‪ ،‬وإنا ‪ 9‬وإنا إليه راجعون‪.‬‬
‫ويذكر ابن الجزي عليه رحمة ﷲ في عيون الحكايات قال األصمعي‪:‬‬
‫بخيمة عن يمين الطريق‬
‫ٍ‬ ‫خرجت أنا وصديقٍ لي إلى البادية فظللنا الطريق فإذا نحن‬
‫فقصدنا نحوھا فسلمنا فإذا عجوز ترد السالم ثم قالت ‪ :‬من أنتم ؟‬
‫قلنا ‪ :‬قوم ضللنا الطريق وأنسنا بكم وقوم جياع‪.‬‬
‫فقالت ‪ :‬ولوا وجوھكم حتى أقضي من حقكم ما أنتم له أھل‪.‬‬
‫ففعلنا وجلسنا على فراشٍ ألقته لنا وإذا ببعير مقبل عليه راكب وإذا بھا تقول‪:‬‬
‫أسأل ﷲ بركة المقبل ‪ ،‬أما البعير فبعير ولدي وأما راكبه فليس بولدي‪.‬‬
‫وجاء الراكب فقال ‪ :‬السالم عليك يا أم عقيل ‪ ،‬أعظم ﷲ أجرك في عقيل‪.‬‬
‫فقالت ‪ :‬ويحك ‪ ،‬أو قد مات عقيل ؟‬
‫قال ‪ :‬نعم ‪ ..‬قالت ‪ :‬ما سبب موته ؟ قال ‪ :‬ازدحمت عليه اإلبل فرمت به في البئر‪.‬‬
‫فقالت له ‪ :‬انزل ‪ ..‬ودفعت له كبشاً ونحن مندھشون‪ ،‬فذبحه وأصلحه وقرب إلينا الطعام‬
‫فجعلنا نتعجب من صبرھا فلما فرغنا قالت‪:‬‬
‫ً‬
‫شيئا؟‬ ‫ھل فيكم أحد يحسن من كتاب ﷲ عز وجل‬
‫قلنا ‪ :‬نعم ‪ ..‬قالت ‪ :‬فاقرؤوا علي آياتٍ أتعزى بھا عن ابني‪.‬‬
‫راجعون *‬ ‫وإنا ِ َ ْ ِ‬
‫إليه َ ِ ُ َ‬ ‫لله َ ِ ﱠ‬ ‫مصيبة َقالُوا ِ ﱠ‬
‫إنا ِ ﱠ ِ‬ ‫إذا َ َ َ ْ ُ ْ‬
‫أصابتھم ُ ِ َ ٌ‬ ‫الصابرين * ﱠ ِ َ‬
‫الذين ِ َ‬ ‫ﱠ ِِ َ‬ ‫وبشر‬
‫فقلت ‪ِ ِ ّ َ َ ) :‬‬
‫المھتدون(‪ .‬قالت ‪ :‬ءآ‪ 9‬إنھا لفي‬ ‫ھم ْ ُ ْ َ ُ َ‬ ‫حمة َ ُ َ ِ َ‬
‫وأولئك ُ ُ‬ ‫ور ْ َ ٌ‬‫ربھم َ َ‬
‫من َ ِ ّ ِ ْ‬ ‫عليھم َ َ َ ٌ‬
‫صلوات ِ ْ‬ ‫(ُ َ ِ َ‬
‫أولئك َ َ ْ ِ ْ‬
‫كتاب ﷲ ؟ قلت ‪ :‬وﷲ إنھا لفي كتاب ﷲ‪.‬‬
‫قالت ‪ :‬إنا ‪ 9‬وإنا إليه راجعون ‪ ،‬صبراً جميال ً وعند ﷲ أحتسب عقيال ً اللھم إني فعلت ما‬
‫أمرتن بي به فأنجز لي ما وعدتني ‪ ،‬ولو بقي أحد ألحد لبقي محمد صلى ﷲ عليه‬
‫وسلم ألمته‪.‬‬
‫قال ‪ :‬فخرجنا ونحن نقول ‪ :‬ما أكمل منھا وال أجزل لما علمت أن الموت ال دافع له و ال‬
‫محيص عنه ‪ ،‬وإن الجزع ال يجدي نفعاً وأن البكاء ال يرد ھالكاً ‪ ،‬رجعت إلى الصبر الجميل‬
‫والرضا بقضاء السميع العليم و احتسبت ابنھا عند ﷲ عز وجل ذخيرة نافعة ليوم الفقر‬
‫والفاقة‪.‬‬
‫فما أجمل الرضى بقضاء ﷲ في كشف محن المصاب وكرباته ‪ ،‬ھذه سجايا السلف صبر‬
‫واحتساب وتجلد وتحمل ورضى واسترجاع وبعد عن التسخط والجزع والتذمر عند‬
‫المصاب ‪..‬‬
‫لھم قدرھم باعتبار الرجال ‪ ........‬وسمعتھم في ذرى األنجم ِ‬
‫أنتم كھم ومن يشابه أباه فما ظلم ‪.‬‬
‫ولنعلم أن البكاء الذي ال صوت معه وال تسخط ال يعارض الرضا ‪ ،‬فأشد الناس حرصاً‬
‫على رضا موالھم ھم األنبياء ‪ ،‬وأرضى الخلق نبينا محمد صلى ﷲ عليه وسلم بكى‬
‫يوم مات ابنه إبراھيم رأفة ورحمة منه للولد ورقة عليه وقلبه ممتلئ بالرضا ولسانه‬
‫مشتغل بحمد ﷲ وذكره وھذا أكمل ھديٍ وأتمه ‪ ،‬فإنه صلى ﷲ عليه وسلم حملته‬
‫الرحمة بالطفل على البكاء ‪ ،‬ومحبة ﷲ على الرضا وخير الھدي ھديه صلى ﷲ عليه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫وفي الصحيحين أن النبي صلى ﷲ عليه وسلم دخل على ابنه إبراھيم وھو يجود‬
‫بنفسه فجعلت عينا رسول ﷲ تذرفان‪ ،‬قال عبد الرحمن بن عوف‪ :‬وأنت يا رسول ﷲ ؟‬
‫قال عليه الصالة والسالم‪ :‬يابن عوف ‪ ،‬إنھا رحمة ‪ ،‬إن العين تدمع والقلب يحزن وال‬
‫نقول إال ما يرضي ربنا وإنا لفراقك يا إبراھيم لمحزونون‪.‬‬
‫وفي الحديث المتفق عليه أن النبي صلى ﷲ عليه وسلم قال‪) :‬إن ﷲ ال يعذب بدمع‬
‫العين وال بحزن القلب ولكن يعذب بھذا أو يرحم‪ ،‬وأشار إلى لسانه صلى ﷲ عليه‬
‫وسلم(‪.‬‬
‫وفي الصحيحين عن أسامة بن زيد أن النبي صلى ﷲ عليه وسلم رفع إليه ابن ابنته‬
‫وھو في الموت نفسه تقعقع ‪ ،‬ففاضت عينا رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم فقال له‬
‫سعد‪:‬ما ھذا يا رسول ﷲ؟‬
‫قال‪:‬ھذه رحمة جعلھا ﷲ في قلوب عباده ‪ ،‬وإنما يرحم ﷲ من عباده الرحماء‪.‬‬
‫أيھا األحبة ‪ ،‬ﷲ يقضي ‪ ،‬فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط ‪ ،‬فمن استعان‬
‫با‪ 9‬وشكره في السراء والضراء ورضي بقدر ﷲ انكشف كربه ورضيت نفسه فھو بحياة‬
‫طيبة على كل حال ‪ ،‬إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له ‪ ،‬وإن أصابته ضراء صبر فكان‬
‫خيراً له‪:‬‬
‫حظ ّ َ ِ ٍ‬
‫عظيم(‪.‬‬ ‫إال ُذو َ ٍ‬ ‫وما ُ َ ﱠ َ‬
‫يلقاھا ِ ﱠ‬ ‫صبروا َ َ‬ ‫إال ﱠ ِ َ‬
‫الذين َ َ ُ‬ ‫وما ُ َ ﱠ َ‬
‫يلقاھا ِ ﱠ‬ ‫)َ َ‬

‫خامساً ‪ :‬ومما يكشف الكربة عند فقد األحبة ‪-:‬‬


‫العلم اليقيني أن الجزع ال يرد المصيبة بل يضاعفھا ‪ ،‬فالجازع يزيد مصيبته ويشمت‬
‫أعداءه ويسوء أصدقاءه ويغضب ربه ويسر شيطانه ويحبط أجره ويضعف نفسه ‪ ،‬أما إذا‬
‫احتسب وصبر ورضي أخزى شيطانه وأرضى ربه وسر صديقه وساء عدوه وحمل على‬
‫إخوانه فعزاھم قبل أن يعزوه ‪ ،‬ھذا ھو الثبات في األمر نسأل ﷲ الثبات في الحياة وفي‬
‫الممات‪.‬‬
‫يقول بعض الحكماء العاقل يفعل في أول يوم من المصيبة ما يفعله الجاھل بعد أيام ‪،‬‬
‫ومن لم يصبر صبر الكرام سال سلوّ البھائم‪ ،‬و إنما الصبر عند الصدمة األولى‪:..‬‬
‫تسل اصطباراً و حسبة ‪ .......‬سلوت على األيام مثل البھائم‬‫ُ‬ ‫إذا أنت لم‬
‫وكل أحد ال بد أن يصبر على بعض ما يكره ‪ ،‬فإما باختيار وإما باضطرار ‪ ،‬فالكريم المؤمن‬
‫يصبر مختاراً لعلمه بعاقبة الصبر وإنه يحمد عليه ويذم في المقابل على الجزع ويعلم أنه‬
‫إذا لم يصبر لم ُيعد عليه الجزع فائتاً ولم ينتزع منه مكروھاً والمقدور ال حيلة في دفعه‬
‫وما لم يكتب ال حيلة في تحصيله‪.‬‬
‫فالجزع ضره أقرب من نفعه فما دام أن آخر األمر الصبر والعبد معه غير محمود ‪ ،‬فما‬
‫أحسن أن يستقبل األمر في أوله بما يستدبره األحمق في آخره‪.‬‬
‫إن علم المصاب بما يعقب الصبر واالحتساب من اللذة والمسرة أضعاف ما يحصل له‬
‫ببقاء ما أصيب به لو بقي عليه كاشف لكربه لو تأمل ذلك‪.‬‬
‫روي عن أنس رضي ﷲ عنه وأرضاه أن رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم يقول‪:‬‬
‫)تنصب الموازين يوم القيامة فيؤتى بأھل الصالة والصيام والزكاة والحج فيوفون أجورھم‬
‫بالموازين ‪ ،‬فيؤتى بأھل البالء فال ينصب لھم ميزان وال ينشر لھم ديوان ويصب األجر‬
‫عليه صباً بغير حساب فقرأ قوله تعالى ‪:‬‬
‫حسابٍ(‪.‬‬
‫بغير ِ َ‬ ‫الصابرون َ ْ َ ُ ْ‬
‫أجرھم ِ َ ْ ِ‬ ‫ﱠ ُِ َ‬ ‫ما ُ َ ﱠ‬
‫يوفى‬ ‫) ِإن ﱠ َ‬
‫وفي الترمذي مرفوعاً‪ ) :‬يود أناس لو أن جلودھم كانت تقرض بالمقاريض لما يرون من‬
‫ثواب أھل البالء(‪.‬‬
‫فسبحان من يرحم ببالئه ‪:‬‬
‫بالنعم‬
‫ِ‬ ‫ينعم ﷲ بالبلوى وإن عظمت ‪ ....‬ويبتلي ﷲ بعض القوم‬
‫قد ُ ِ‬
‫ھاھي امرأة من السلف قد مات ابنھا فجاؤوا يعزونھا ويقولون‪:‬‬
‫يا أمة ﷲ ‪ ،‬اتقي ﷲ واصبري‪.‬‬
‫فقالت ‪ :‬الحمد ‪ 9‬و إنا ‪ ،9‬مصيبتي أعظم من أن أفسدھا بالجزع‪.‬‬
‫والجزع وإن بلغ غايته فآخر أمر الجازع إلى الصبر اضطراراً وھو غير محمود وال مثاب ‪،‬‬
‫فإنه استسلم للقدر رغم أنفه وھذا ليس من الصبر‪.‬‬
‫ھم أن‬
‫ّ‬ ‫بكاء عظيماً وجزع عليه جزعاً شديداً فلما‬
‫ً‬ ‫يذكر أن أعرابياً مات له ولد فبكى عليه‬
‫يسلو عن ھذا مات له ابن آخر فقال ‪:‬‬
‫حزن ھاج حزن ‪ .........‬ففؤادي ما له اليوم سكن‬
‫ٍ‬ ‫إن أفق من‬
‫فكما تبلى وجوه في الثرى ‪...........‬فكذا يبلى عليھن الحزن‬
‫فطوبى للصابرين ثم طوبى ثم طوبى‪.‬‬

‫سادساً ‪ :‬ومما يكشف الكربة عند فقد األحبة ‪-:‬‬


‫العلم بأن النعم زائرة وأنھا ال محالة زائلة وأن السرور بھا إذا أقبلت مشوب بالحذر‬
‫بفراقھا إذا أدبرت ‪ ،‬وإنھا ال تفرح بإقبالھا فرحاً حتى تعقب بفراقھا ترحاً ‪ ،‬فعلى قدر‬
‫السرور يكون الحزن‪.‬‬
‫والمفروح به اليوم ھو المحزون عليه غداً ‪ ،‬ومن بلغ غاية ما يحب فليتوقع غاية ما يكره ‪،‬‬
‫التي َ ْ‬
‫قد‬ ‫الله ﱠ ِ‬
‫سنة ﱠ ِ‬
‫حسن عزاؤه عند نزول البالء‪ ُ ) :‬ﱠ َ‬
‫ُ‬ ‫ومن علم أن كل نائبة إلى انقضاء‬
‫تبديال ً(‪.‬‬ ‫لسنة ﱠ ِ‬
‫الله َ ْ ِ‬ ‫تجد ِ ُ ﱠ ِ‬ ‫قبل َ َ ْ‬
‫ولن َ ِ َ‬ ‫من َ ْ ُ‬ ‫َ َ ْ‬
‫خلت ِ ْ‬

‫سابعاً ‪ :‬ومما يكشف الكربة ‪-:‬‬


‫العلم بتفاوت المصائب ‪ ،‬فإن كانت المصيبة بعيدة عن الدين فھي ھينة سھلة يسيرة ‪،‬‬
‫حصلت‬
‫ّ‬ ‫ألن المصيبة في الدين ھي أعظم مصيبة ‪ ،‬ومصائب الدنيا كذلك تتفاوت ‪ ،‬فإذا‬
‫فتسل بذلك عما ھو أعلى وأعظم واحمد ﷲ على ذلك‪.‬‬
‫ّ‬ ‫األدنى من المصائب‬
‫قال السفاريني عليه رحمة ﷲ ‪ :‬المصائب تتفاوت ‪ ،‬فأعظمھا مصيبة الدين‪ ،‬نعوذ با‪9‬‬
‫سلب دينه‪.‬‬
‫من ذلك فإنھا أعظم مصيبة‪ ،‬والمسلوب من ُ ِ‬
‫جبران‬
‫ُ‬ ‫كسر لعل ﷲ جابره ‪ .........‬وما لكسر قناة الدين‬
‫ٍ‬ ‫وكل‬
‫فإذا رأيت إنساناً ال يبالي بما أصابه في دينه من ارتكاب الذنوب و الخطايا ومن فوات‬
‫انتھاك للحرمات ‪ ،‬وانتھاك‬
‫ٍ‬ ‫الجمعة والجماعة وأوقات الطاعة وولوغٍ في المحرمات ومن‬
‫لحدود ﷲ وتجاوز لھا فاعلم أنه المصاب حقاً ‪ ،‬ثم اعلم أخرى أنه ميت ال يحس بألم‬
‫المصيبة وال يشعر‪:‬‬
‫مدبرين(‪ .‬وبعد مصيبة الدين‬ ‫إذا َ ﱠ ْ‬
‫ولوا ُ ْ ِ ِ َ‬ ‫الدعاء ِ َ‬
‫الصم ﱡ َ َ‬
‫ﱡ ﱠ‬ ‫تسمع‬ ‫تسمع ْ َ ْ َ‬
‫الموتى َوال ُ ْ ِ ُ‬ ‫إنك ال ُ ْ ِ ُ‬
‫)ِﱠ َ‬
‫المصيبة في النفس ثم في األھل ثم في المال ‪ ،‬وكلھا تتفاوت وتتدرج إلى أن تكون‬
‫المصيبة في الشوكة وفي قطع شسع النعل‪ ،‬وھذا في غاية الخسة كما تعلمون‪.‬‬
‫ولذا يقول شريح عليه رحمة ﷲ‪) :‬إني ألصاب بالمصيبة فأحمد ﷲ عز وجل عليھا أربع‬
‫مرات ‪ ،‬أحمده إذ لم يجعلھا أعظم مما ھي عليه وأحمده إذ رزقني الصبر عليھا‬
‫واالحتساب ‪ ،‬وأحمده إذ وفقني لالسترجاع لما أرجو فيه من الثواب ‪ ،‬وأحمده أن لم‬
‫يجعلھا في ديني فإن من كل شي ٍء عوضاً إال الدين(‪.‬‬

‫ضيعته عوض ‪ .........‬وما من الدين إن ضيعت من عوضِ‬


‫من كل شي ٍء إذا ّ‬

‫ثامناً ‪ :‬ومما يكشف الكربة ‪-:‬‬


‫العلم بأن الدنيا فانية زائلة ‪ ،‬وكل ما فيھا يتغير ويحول ويفنى ويزول ‪ ،‬ألنھا إلى اآلخرة‬
‫طريق وھي مزرعة لآلخرة على التحقيق ‪ ،‬إنھا ألم يخفيه أمل ‪ ،‬وأمل يحققه بإذن ﷲ‬
‫امرئ بما فعل ‪ ،‬إنھا الدنيا إن حلت‬
‫ٍ‬ ‫عمل ‪ ،‬وعمل يقطعه األجل ‪ ،‬وعندھا يجزى كل‬
‫ملك رفعت له عالمات ‪ ،‬فلما عال‬
‫ٍ‬ ‫وحلت ‪ ،‬وكست أوكست ‪ ،‬ودنت أودنت ‪ ،‬وكم من‬
‫أ َ‬
‫مات‪.‬‬
‫ھي األيام ال يبقى عزيز ‪ .........‬وساعات السرور بھا قليلة‬
‫إذا نشر الضياء عليك نجم ‪ ......‬وأشرق فارتقب يوماً أفوله‬
‫سرت يوماً أحزنت شھوراً ‪ ،‬وإن متعت كثيراً منعت‬
‫ّ‬ ‫إن أضحكت قليال ً أبكت كثيراً ‪ ،‬وإن‬
‫طويال ً ‪ ،‬ال يبقى لھا حبور و ال يدوم فيھا ثبور ‪.‬‬
‫والمعصم‬
‫ُ‬ ‫دلھا وحديثھا ‪ .......‬وغداً لغيرك كفھا‬ ‫اليوم عندك ّ‬
‫وتكاثر ِفي ْ َ ْ َ ِ‬
‫األموال‬ ‫بينكم َ َ َ ُ ٌ‬
‫وتفاخر َ ْ َ ُ ْ‬
‫وزينة َ َ َ ُ ٌ‬ ‫لعب َ َ ْ ٌ‬
‫ولھو َ ِ َ ٌ‬ ‫الدنيا َ ِ ٌ‬ ‫اعلموا َ ﱠ َ‬
‫أنما ْ َ َ ُ‬
‫الحياة ﱡ ْ َ‬ ‫قال تعالى‪ُ َ ْ ) :‬‬
‫وفي ْ ِ َ ِ‬
‫اآلخرة‬ ‫حطاماً َ ِ‬
‫يكون ُ َ‬ ‫ثم َ ُ ُ‬‫مصفراً ُ ﱠ‬ ‫يھيج َ َ َ ُ‬
‫فتراه ُ ْ َ ّ‬ ‫ثم َ ِ ُ‬‫نباته ُ ﱠ‬
‫الكفار َ َ ُ ُ‬ ‫غيث َ ْ َ َ‬
‫أعجب ْ ُ ﱠ َ‬ ‫كمثل َ ْ ٍ‬ ‫َ َْْ ِ‬
‫واألوالد َ َ َ ِ‬
‫متاع ْ ُ ُ ِ‬
‫الغرور(‪ .‬ما أدق التعبير‬ ‫الدنيا ِ ﱠ‬
‫إال َ َ ُ‬ ‫وما ْ َ َ ُ‬
‫الحياة ﱡ ْ َ‬ ‫ورضوان َ َ‬ ‫من ﱠ ِ‬
‫الله َ ِ ْ َ ٌ‬ ‫ومغفرة ِ َ‬
‫شديد َ َ ْ ِ َ ٌ‬
‫عذاب َ ِ ٌ‬
‫َ َ ٌ‬
‫القرآني ! عندما يشير إلى أن الحياة الدنيا يوم توزن بموازين الدنيا تبدو أمراً عظيماً‬
‫ً‬
‫حقيرا‪ ،‬بل لعبة‬ ‫ھائال ً ‪ ،‬لكنھا حين تقاس وتوزن بموازين اآلخرة تبدو شيئاً تافھاً زھيداً‬
‫أطفال‪.‬‬
‫ثم تأتي الصورة القرآنية لتصور الدنيا كزرع أعجب الزارع نباته ينمو شيئاً فشيئاً حتى‬
‫يكتمل ثم يھيج فتراه مصفراً جاھزاً للحصاد ‪ ،‬فھو موقوت األجل ينتھي عاجال ً ويبلغ أجله‬
‫قريباً ثم يكون حطاماً وينتھي شريط الحياة بمشھد الحطام ويا لھا من نھاية‪.‬‬
‫وأما اآلخرة فلھا شأن وأي شأن ؟ يستحق شأنھا أن يحسب حسابه وينظر إليه‬
‫ويستعد له ‪ ،‬وفي اآلخرة عذاب شديد ومغفرة من ﷲ ورضوان وما الحياة الدنيا إال متاع‬
‫الغرور‪.‬‬
‫حطام كالنبات البالغ أجله ‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫فھي ال تنتھي في لمحة كالحياة الدنيا وھي ال تنتھي إلى‬

‫متاع ْ ُ ُ ِ‬
‫الغرور( فإنما‬ ‫الدنيا ِ ﱠ‬
‫إال َ َ ُ‬ ‫وما ْ َ َ ُ‬
‫الحياة ﱡ ْ َ‬ ‫بل حساب وجزاء ودوام يستحق االھتمام ) َ َ‬
‫يستمد قوامه من الغرور الخادع يلھي وينسي وينتھي بأھله إلى غرور خادع ‪ ،‬فما‬
‫أحوج المؤمن إلى االستعالء على الغرور الخادع ليحقق عقيدته ولو اقتضى أن يضحي‬
‫بالحياة الدنيا جميعھا ‪ ،‬فما ھي إال حطام أو كظل وسراب‪.‬‬
‫روى الترمذي وابن ماجه بإسناد حسن قال ‪ :‬قال صلى ﷲ عليه وسلم‪:‬‬
‫)مالي وللدنيا ؟ إنما مثلي ومثل الدنيا كراكب قال في ظل شجرة ثم راح وتركھا(‪.‬‬
‫يخدع‬
‫ُ‬ ‫زائل ‪ .......‬إن اللبيب بمثلھا ال ُ‬
‫ِ‬ ‫كظل‬
‫ٍ‬ ‫أحالم نوم ‪ ،‬أو‬
‫يقول بعض أھل العلم‪) :‬لنعم ﷲ علينا فيما زوى عنا من الدنيا أفضل من نعمه فيما‬
‫يرض ﷲ لنبيه بالدنيا ‪ ،‬فألن أكون فيما رضي ﷲ لنبيه وأحبه له‬
‫َ‬ ‫بسط لنا منھا ‪ ،‬ذلك لم‬
‫أحب إلي من أكون كما كره له وسخط(‪.‬‬
‫وأجمل بقول ابن القيم من قول يوم قال يشبه الدنيا يقول‪) :‬أشبه األشياء بالدنيا الظل ‪،‬‬
‫تحسب له حقيقة ثابتة وھو في تقلصٍ وانقباض ‪ ،‬تتبعه لتدركه فال تلحقه ‪ ،‬وأشبه‬
‫ماء‬ ‫ﱠ ْ ُ‬
‫الظمآن َ ً‬ ‫يحسبه‬
‫بقيعة َ ْ َ ُ ُ‬ ‫ُھم َ َ َ‬
‫كسرابٍ ِ ِ َ ٍ‬ ‫كفروا َ ْ َ‬
‫أعمال ُ ْ‬ ‫والذين َ َ ُ‬
‫األشياء بالدنيا السراب(‪ َ ) :‬ﱠ ِ َ‬
‫سريع ْ ِ َ‬
‫الحسابِ(‪.‬‬ ‫حسابه َ ﱠ ُ‬
‫والله َ ِ ُ‬ ‫عنده َ َ ﱠ ُ‬
‫فوفاه ِ َ َ ُ‬ ‫ووجد ﱠ َ‬
‫الله ِ ْ َ ُ‬ ‫شيئاً َ َ َ َ‬
‫يجده َ ْ‬ ‫جاءه َ ْ‬
‫لم َ ِ ْ ُ‬ ‫إذا َ َ ُ‬
‫حتى ِ َ‬
‫َ ﱠ‬
‫وأشبه األشياء بالدنيا المنام يرى فيه العبد ما يحب وما يكره ‪ ،‬فإذا استيقظ علم ذلك أن‬
‫ال حقيقة له‪.‬‬
‫بظل غير منتقل ؟‬
‫ٍ‬ ‫بدار ال ثبات لھا ‪ .........‬فھل سمعت‬
‫ٍ‬ ‫ترجو البقاء‬
‫دول‬
‫ُ‬ ‫نكد وملكھا‬
‫ٌ‬ ‫حياتھا رصد وشربھا كدر ‪ ............‬وعيشھا‬
‫من ذا الذي قد نال راحة فكره ؟ ‪ .....‬في عسره من عمره أو يسره ؟‬
‫يلقى الغني لحفظه ما قد حوى ‪ ........‬أضعاف ما يلقى الفقير لفقره‬
‫قله ‪ .............‬ويظل ھذا ناصباً في كثره‬
‫فيظل ھذا ساخطاً في ّ‬
‫شمل فرقة ‪ُ ............‬يرمى بھا في يومه أو شھره‬
‫ٍ‬ ‫سن البال ولكل‬
‫ُ‬
‫وبمره‬
‫ّ‬ ‫بحلوه‬
‫ّ‬ ‫فيھم ‪ ........‬حكم القضاء‬
‫ُ‬ ‫والجن مثل اإلنس يجري‬
‫أو ما ترى الرجل العزيز بجنده ‪ .......‬رھن الھموم على جاللة قدره ؟‬
‫َ‬
‫ھم تضيق به جوانب صدره‬
‫ٌ‬ ‫خير وفي أعقابه‪...............‬‬
‫ٌ‬ ‫فيسره‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫متفكر ‪ ..........‬مما يالقي في خسارة سعره‬ ‫وأخو التجارة الھث‬
‫وأبو العيال أبو الھموم وحسرة الر ‪ ....‬جل الوحيد كمينة في صدره‬
‫فھام بأمره‬
‫َ‬ ‫ولرب طالب راحة في نومه ‪ .........‬جاءته أحالم‬
‫والطفل من بطن أمه يخرج إلى ‪ .......‬غصص الفطام تروعه في صغره‬
‫ولقد خبرت الطير في أوكارھا ‪ .......‬فوجدت منھا ما ُيصاد بوكره‬
‫بره ‪ .........‬والحوت يأتي حتفه في بحره‬
‫والوحش يأتيه الردى في ّ‬
‫ولربما تأتي السباع لميت ‪ .............‬فاستخرجته من قرارة قبره‬
‫تا‪ 9‬لو عاش الفتى في دھره ‪ ...........‬ألفاً من األعوام مالك أمره‬
‫متلذذاً معھم بكل لذيذة ‪ .............‬متنعماً بالعيش مدة عمره‬
‫ال يعتريه النقص في أحواله ‪ ..........‬كال وال تجري الھموم بفكره‬
‫بمبيت أول ليلة في قبره‬
‫ِ‬ ‫ما كان ذلك كله في أن يفي ‪.........‬‬
‫ومره‬
‫ّ‬ ‫كيف الفعال أيا أخي في ما ترى ؟ ‪ ....‬صبراً على حلو القضاء‬
‫صبراً ! فغمسة في الجنة تنسي كل شقاء وھم وبالء ‪ ،‬وغمسة في النار والعياذ با‪9‬‬
‫تنسي كل لذة ونعيم‪.‬‬
‫لكل شيء إذا ما تم نقصان ‪ .......‬فال يغرّ بطيب العيش إنسان‬
‫سره زمن ساءته أزمان‬
‫ّ‬ ‫ھي األمور كما شاھدتھا دول ‪ .....‬من‬
‫كم من مؤمل أدركه الموت قبل تحقيق أمله ‪ ،‬وكم من زرع عاش ‪ ،‬ومات زارعه‪.‬‬
‫لما حضرت الوفاة سيبويه النحوي رحمه ﷲ وضع رأسه في حجر أخيه ثم أغمي عليه‬
‫فقطرت دمعة من دموع أخيه على خده فأفاق من غشيته متمثال ً بقول الشاعر‪:‬‬
‫يؤمل دنيا لتبقى له ‪ ............‬فمات المؤمل قبل األمل‬
‫يروي أصول النخيل ‪ .....‬فعاش النخيل ومات الرجل‬
‫وبات ّ‬
‫ثم قال ألخيه ‪:‬‬
‫أخيين كنا فرق ﷲ بيننا ‪ ......‬إلى األمد األقصى ومن يأمن الدھر ؟‬
‫ّ‬
‫ثم لقي ﷲ عز وجل‪.‬‬
‫ھذه ھي الحياة الدنيا‪ ،‬واآلخرة ھي الحياة لو كانوا يعلمون‪.‬‬
‫مستردة‬
‫ّ‬ ‫وعوار‬
‫ٍ‬ ‫إنما الدنيا ھبات ‪......‬‬
‫ورخاء بعد شدة‬
‫ٌ‬ ‫شدة بعد رخا ٍء ‪........‬‬

‫ومما يكشف الكربة عند فقد األحبة ‪-:‬‬


‫تذكر ما في البالء من لطائف وفوائد ‪ ،‬منھا على سبيل المثال‪:‬‬
‫أوال ً‪ :‬تذكير العبد بذنوبه فربما تاب إلى ﷲ عز وجل ‪ ،‬فالتوبة ‪ 9‬تعالى أعظم عزاء له‬
‫من كل شيء‪.‬‬
‫يقول بعض السلف ‪ :‬إن العبد ليصاب بالمصيبة فيذكر ذنوبه فيخرج من عينه مثل رأس‬
‫الذباب دمعاً من خشية ﷲ فيغفر ﷲ عز وجل له‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬زوال قسوة القلب مع حدوث رقة القلب وانكسار العبد ‪ 9‬عز وجل وذلك مالحظ‬
‫كثير من طاعات الطائعين فانكسار المذنب خير‬
‫ٍ‬ ‫في المصائب ‪ ،‬وذلك وﷲ خير من‬
‫وأعظم من صولة المطيع‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬البالء يوجب من العبد الرجوع إلى ﷲ عز وجل والوقوف ببابه والتضرع له‬
‫واالستكانة له والدعاء وھذا من أعظم فوائد البالء‪ ،‬فببعض األثر ‪ :‬إن ﷲ ليبتلي العبد‬
‫وھو يحبه ليسمع تضرعه ودعاءه‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬البالء يقطع قلب المؤمن عن االلتفات إلى المخلوقين ‪،‬ويوجب له اإلقبال على‬
‫الخالق الذي ال شريك له‪ ،‬فالمشركون وھم مشركون حكى ﷲ عنھم إخالص الدعاء‬
‫الدين(‪ ،‬فكيف بالمؤمنين ؟‬
‫له ِّ َ‬‫مخلصين َ ُ‬ ‫دعوا ﱠ َ‬
‫الله ُ ْ ِ ِ َ‬ ‫ركبوا ِفي ْ ُ ْ ِ‬
‫الفلك َ َ ُ‬ ‫عند الشدائد‪َ ِ َ ) :‬‬
‫فإذا َ ِ ُ‬
‫خامساً‪ :‬رحمة أھل البالء ومساعدتھم على بلواھم فإن العبد إذا أحس بألم المصيبة‬
‫رق قلبه ألھل المصائب والباليا ورحمھم ‪.‬‬
‫وأخيرا‪ :‬معرفة قيمة وقدر العافية ‪ ،‬فإن النعم ال ُتعرف أقدارھا إال بعد فقدھا ‪ ،‬فال يعرف‬
‫نعمة إال من ذاق مرارة ضدھا ‪ ،‬وبضدھا تتميز األشياء ‪ ،‬فمن تأمل ھذه اللطائف زال ما‬
‫به وانشرح صدره وانفرج ھمه بإذن ربه‪.‬‬

‫ومما يكشف الكربة عند فقد األحبة ‪:‬‬


‫لطيف التعزية عند فقد األعزة ‪ ،‬فإن الكلمة الطيبة للمصاب يثبت بھا بإذن ﷲ ‪ ،‬ويغدو‬
‫صبره عليھا سھال ً يسيراً فإن المؤمن كما تعلمون قليل بنفسه كثير بإخوانه ضعيف‬
‫بنفسه قوي بإخوانه شديد بأعوانه فإذا وجد ھذا يعزيه وھذا يسليه سھلت عليه األمور‬
‫العظام وكشف ما به بإذن ﷲ رب السماء واألرض‪.‬‬
‫ولذا فإن الشارع بحكمته البالغة شرع التعزية ألھل المصيبة والدعاء لھم بالثبات واألجر‬
‫والخلف وللميت بالرحمة والمغفرة‪.‬‬
‫فعزاء ﷲ الذي نتعزى به دائماً ‪ :‬إنا ‪ 9‬وإنا إليه راجعون‪ ،‬ورسول ﷲ صلى ﷲ عليه‬
‫وسلم ھو القدوة واألسوة عزى أصحابه عند نزول المصائب وواساھم ‪ ،‬كما في السنة‬
‫الصحيحة ‪ ،‬والسلف الصالح اقتدوا به في ذلك ‪ ،‬فلعلنا أن نقف على بعض ما في السنة‬
‫الصحيحة و أقوال السلف في لطيف التعزية والدعاء بما ھو خير‪ ،‬فخير الھدي ھديه‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم‪:‬‬
‫شر في ابتداع من خلف‬
‫ٍ‬ ‫خير باتباع من سلف ‪ .......‬وكل‬
‫ٍ‬ ‫وكل‬
‫في صحيح مسلم عن أم سلمة رضي ﷲ عنھا قالت‪:‬‬
‫دخل رسول ﷲ صلى ﷲ على أبي سلمة وقد شھق بصره فأغمضه ثم قال‪:‬‬
‫إن الروح إذا قبض تبعه البصر‪ ،‬فضج ناس من أھله فقال‪:‬‬
‫ال تدعوا على أنفسكم إال بخير‪ ،‬فإن المالئكة يؤمنون على ما تقولون‪ ،‬ثم قال ‪-‬‬
‫واسمعوا إلى العزاء ‪:-‬‬
‫اللھم اغفر ألبي سلمة وارفع درجته في المھديين واخلفه في عقبه في الغابرين و‬
‫ونور له فيه‪.‬‬
‫اغفر لنا وله يا رب العالمين وافسح له في قبره ّ‬
‫فدعاء الرسول صلى ﷲ عليه وسلم أعظم عزاء ومواساة ‪.‬‬
‫وفي الصحيحين عن أسامة بن زيد رضي ﷲ عنه قال‪:‬‬
‫)أرسلت إحدى بنات النبي صلى ﷲ عليه وسلم إلى النبي عليه الصالة والسالم‬
‫تدعوه وتخبره أن لھا صبياً في الموت ‪ ،‬فقال‪ :‬ارجع إليھا فأخبرھا أن ‪ 9‬تعالى ما أخذ‬
‫وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى ‪ ،‬فلتصبر ولتحتسب(‪.‬‬
‫وفي الحديث الحسن بشواھده أن النبي صلى ﷲ عليه وسلم قال‪:‬‬
‫) ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبة إال كساه ﷲ من حلل الكرامة يوم القيامة(‪.‬‬
‫وروي عن علي رضي ﷲ عنه كما في التعازي أنه قال لمصاب‪:‬‬
‫)إنك إن صبرت جرت عليك المقادير وأنت مأجور ‪ ،‬وإن جزعت جرت عليك المقادير وأنت‬
‫موزور(‪.‬‬
‫وروى البيھقي بإسناده في مناقب اإلمام الشافعي رحمه ﷲ أن عبد الرحمن بن‬
‫مھدي مات له ابن فجزع عليه جزعاً شديداً فبعث إليه الشافعي يقول له‪:‬‬
‫)يا أخي عزّ نفسك بما تعزي به غيرك ‪ ،‬واستقبح من فعلك ما تستقبحه من غيرك ‪،‬‬
‫واعلم أن أعظم المصائب فقد سرور وحرمان أجر ‪ ،‬فكيف إذا اجتمعا مع اكتساب وزر ؟‬
‫ألھمك ﷲ عند المصائب صبراً ‪ ،‬وأحرز لنا ولك بالصبر أجراً ‪ ،‬ثم أنشد قائال ً‪:‬‬
‫الدين‬
‫ِ‬ ‫ثقة ‪........‬من الحياة ولكن سنة‬
‫ٍ‬ ‫إني معزيك ال إني على‬
‫حين‬
‫ِ‬ ‫المعزي ولو عاشا إلى‬
‫ِّ‬ ‫المعزى بباقٍ بعد ميته ‪ .........‬وال‬
‫ﱠ‬ ‫فال‬
‫يعزي‬
‫ويشاء ﷲ عز وجل فيموت بعدھا ابن للشافعي رحمه ﷲ تعالى ‪ ،‬الذي كان ِّ‬
‫يعزى ‪ ،‬جاءوا يعزونه فأنشد قائال ً ‪:‬‬
‫أصبح ﱠ‬
‫مال أو فراق حبيب‬
‫ٍ‬ ‫وما الدھر إال ھكذا فاصطبر له ‪ .........‬رزية‬
‫ولما توفيت ياقوتة بنت المھدي جزع عليھا جزعاً لم يسمع بمثله ‪ ،‬فجلس وجاء الناس‬
‫يعزونه فأمر أال يحجب منه أحد ‪ ،‬فأكثر الناس في التعازي واجتھدوا في البالغة‬
‫والفصاحة لكونه الخليفة ثم أجمعوا بعد ذلك أنھم لم يروا تعزية أبلغ وال أوجز من تعزية‬
‫ابن شبة رحمه ﷲ يوم قال‪:‬‬
‫أعطاك ﷲ يا أمير المؤمنين على ما رزئت أجراً وأعقبك خيراً و ال أجھد بالءك بنقمة وال‬
‫نزع منك نعمة ‪ ،‬ثواب ﷲ خير لك منھا ‪ ،‬ورحمة ﷲ خير لھا منك ‪ ،‬أسأل ﷲ أال يحزنك‬
‫وال يفتنك‪ ،‬فكان مما سرى على أمير المؤمنين مثل ھذه التعزية ‪.‬‬
‫ويقول أحد المعزين في لطائف التعازي لقاضٍ من قضاة بلخ توفيت أمه ‪ ،‬قال له‪:‬‬
‫إن كانت وفاته عظة لك فأعظم ﷲ أجرك على موتھا ‪ ،‬وإن لم تكن لك عظة ‪ ،‬فأعظم‬
‫ﷲ أجرك على موت قلبك‪ ،‬ثم قال ‪ :‬أيھا القاضي ‪ ،‬أنت تحكم بين عباد ﷲ منذ ثالثين‬
‫سنة ولم يرد عليك أحد حكماً‪ ،‬فكيف بحكم واحد عليك من الواحد األحد ترده وال ترضى‬
‫به ؟‪ ،‬فسري عنه وكشف ما به وقال ‪ :‬تعزيت تعزيت‪.‬‬
‫وعزى موسى بن المھدي سلمان بن أبي جعفر في ابن له مات فقال‪:‬‬
‫أيسرك وھو بلية وفتنة ؟ ويحزنك وھو صالة ورحمة وھدى ؟‬
‫أجر‬‫الله ِ ْ َ ُ َ‬ ‫فتنة َ َ ﱠ‬
‫وأن ﱠ َ‬ ‫ُكم َ َ ْ ُ ُ ْ‬ ‫أنما َ ْ َ‬
‫واعلموا َ ﱠ َ‬
‫يشير إلى قول ﷲ عز وجل‪ُ َ ْ َ ) :‬‬
‫عنده ْ ٌ‬ ‫وأوالدكم ِ ْ َ ٌ‬ ‫أموال ُ ْ‬
‫عظيم(‪.‬‬
‫َ ِ ٌ‬
‫ھم‬ ‫ورحمة َ ُ َ ِ َ‬
‫وأولئك ُ ُ‬ ‫ربھم َ َ ْ َ ٌ‬
‫من َ ِ ّ ِ ْ‬ ‫عليھم َ َ َ ٌ‬
‫صلوات ِ ْ‬ ‫ويشير بالثانية إلى قوله تعالى‪َ ِ َ ُ ) :‬‬
‫أولئك َ َ ْ ِ ْ‬
‫ْ ُ ْ َ ُ َ‬
‫المھتدون(‪.‬‬
‫كالصبر‬
‫ِ‬ ‫فلله ما أعطى و‪ 9‬ما حوى ‪ ..........‬وليس أليام الرزية‬
‫األجر‬
‫ِ‬ ‫فحسبك منھم موحشاً فقد برھم ‪ ....‬وحسبك منھم مسلياً طلب‬
‫وروي أن سليمان بن عبد الملك لما مات ابنه أيوب قال لعمر بن عبد العزيز ورجاء‪:‬‬
‫إني ألجد في كبدي جمرة ال يطفئھا إال عبرة‪.‬‬
‫فقال عمر‪ :‬اذكر ﷲ يا أمير المؤمنين وعليك بالصبر فھو أقرب وسيلة إلى ﷲ ‪ ،‬وليس‬
‫الجزع بمحيٍ من مات وبا‪ 9‬العصمة فال تحبطن أجرك‪ ،‬قال فنظر إلى رجاء‪.‬‬
‫فقال رجاء‪ :‬اقضھا يا أمير المؤمنين فما بذاك من بأس فقد دمعت عينا رسول ﷲ صلى‬
‫ﷲ عليه وسلم على إبراھيم ولم يقل ما يسخط ربه ‪ ،‬فأرسل سليمان عينيه بالبكاء‬
‫حتى ظنوا أن نياط قلبه ستتقطع‪.‬‬
‫فقال عمر لرجاء معاتباً‪ :‬ھذا ما فعلت بأمير المؤمنين‪.‬‬
‫فقال‪ :‬دعه يا عمر يقضي من بكائه وطراً ‪ ،‬فلو لم يخرج من صدره ما ترى لخفت عليه‪.‬‬
‫ثم دعا بماء وغسل وجھه ثم قال لھما‪ :‬لو لم أنزف ھذه العبرة النصدعت كبدي‪ ،‬ثم‬
‫انتھى إلى مجلسه فدخل عليه رجل فعزاه فقال‪ :‬عليكم نزل الكتاب وأنتم أعرف به منا‬
‫‪ ،‬وأنتم أعلم برسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم منا‪ ،‬ولسنا نعلمك شيئاً ال تعلمه وال‬
‫نذكرك شيئاً قد تنساه لكن نعزيك ونواسيك ثم أنشد‪:‬‬
‫وھون ما ألقى من الوجد أنني ‪ ......‬أجاوره في قبره اليوم أو غداً‬
‫قال‪ :‬أعد فأعاد فقال‪ :‬يا غالم ھات الغداء‪ ،‬فأكل وشرب وحمد ﷲ وسري عنه‪.‬‬
‫ومن لطيف التعزية ما قيل من بعض األعراب عندما دخل على بعض ملوك بني العباس‬
‫وقد توفي له ولد اسمه العباس فعزاه ثم قال‪:‬‬
‫الرأس‬
‫ِ‬ ‫اصبر نكن بك صابرين فإنما ‪ ........‬صبر الرعية عند صبر‬
‫للعباس‬
‫ِ‬ ‫خير من العباس أجرك بعده ‪ ........‬وﷲ خير منك‬
‫ومن ذلك أن أحدھم أصيب بمصيبة فجزع فجاء أخ له فقال ‪ :‬عظم ﷲ أجرك وأحسن ﷲ‬
‫عزاءك‪ ،‬ثم أنشد‪:‬‬
‫أخي ما بال قلبك ليس ينقى ‪ ........‬كأنك ال تظن الموت حقاً ؟‬
‫أال يابن الذين مضوا وبادوا ‪ ..........‬أما وﷲ ما ذھبوا لتبقى‬
‫فكشف ما به‪.‬‬
‫ومات لرجل من السلف ولد فعزاه سفيان بن عيينة رحمه ﷲ وھو في كرب شديد‬
‫وعزاه آخرون فلم يكشف ما به‪ ،‬حتى جاء الفضيل فقال‪:‬‬
‫يا ھذا ‪ ،‬أرأيت لو كنت وابنك في سجن فأفرج عن ابنك قبلك أو ما كنت تفرح؟ قال‪:‬‬
‫بلى‪.‬‬
‫قال ‪ :‬فإن ابنك قد خرج من سجن الدنيا قبلك‪.‬‬
‫قال ‪ :‬فسري عن الرجل وانكشف ھمه وقال ‪ :‬تعزيت‪.‬‬
‫وأخيراً فإن من ألطف وقوي ما سمعت من تعزية غير كالم رسول البرية صلى ﷲ عليه‬
‫وسلم وسلف األمة رضوان ﷲ عليھم ما قاله ابن سناء الملك وقد مات ألحد أقاربه ميت‬
‫فجزع عليه جزعاً شديداً فكان مما قاله ابن سناء‪ :‬إنا ‪ ،9‬إلى متى ھذا الجزع الصبياني‬
‫و الھلع النسواني؟‬
‫إلى متى ھذا الحزن الذي ال يحيي دفينك بل يميت دينك ويسلب ھدوءك ويشمت فيك‬
‫عدوك ‪ ،‬أما على ھذا مضى الزمان ؟ وعلى ھذا درج الثقالن وللخراب بني العمران‬
‫ولالنتقال سكن السكان وللموت ولد‬
‫المولود وللعدم خلق الوجود أتحب أن تبقى ويبقى من تحب ؟ فذا خلود‪.‬‬
‫إنا ‪ 9‬وإنا إليه راجعون أفضل قول الصابر وفي سبيل ﷲ وإلى رحمة ﷲ من حسب في‬
‫أھل المقابر ‪ ،‬أجزل ﷲ أجرك وأحيا على دفينك صبرك ‪ ،‬ووسع لھذه النازلة صدرك ‪،‬‬
‫وأنزل على قلبك السكينة ربك ‪ ،‬وخفف عن قلبك وطيئة كربك ‪ ،‬ال جمع ﷲ عليك فراق‬
‫األحباب وفراق الثواب ‪ ،‬وجمع ﷲ عليك النعمتين ‪ ،‬نعمة الجلد ونعمة االحتساب‪.‬‬
‫إني وﷲ لشريكك في المصاب ونصيبي منه ألكثر ودمع عيني ألغزر ولو شئت أن أبكي‬
‫دماً لبكيته ‪ ،‬ولكنني في ساحة الصبر أجمل‪.‬‬
‫أخي المصاب ‪ ،‬لعل في ما سمعته عزاء لك ‪ ،‬فلست أول وال آخر مصاب ‪ ،‬جعل ﷲ‬
‫التعزية لك ال عنك ‪ ،‬والخلف عليك ال منك ‪ ،‬في ﷲ عزاء من كل ھالك ‪ ،‬وخلف من كل‬
‫فائت ‪ ،‬وعوض من كل مصيبة ‪ ،‬وشر من المصيبة حرمان األجر فيھا‪:‬‬
‫خالد‬
‫ِ‬ ‫فاقد ‪ ........‬ھيھات ما في الناس من‬
‫ِ‬ ‫فقد ومن‬
‫ٍ‬ ‫ال بد من‬
‫وال يفوت ھنا أن أنبه في ھذا لما يلي ‪:‬‬
‫أوال ً‪ -:‬ينبغي تجنب الجلوس عند أھل الميت للتعزية ؛ ألن في ذلك تجديدأً للحزن‬
‫وتكليفاً للمعزى ومخالفة لھدي السلف الصالح رضوان ﷲ عليھم ‪ ،‬ففي الحديث‬
‫الصحيح أن جرير بن عبد ﷲ البجلي قال‪:‬‬
‫كنا نعد االجتماع ألھل الميت بعد دفنه من النياحة‪.‬‬
‫فالذي ينبغي أن ينصرف الناس إلى شغلھم وحوائجھم فمن صادفھم عزاھم في‬
‫المسجد ‪ ،‬في العمل ‪ ،‬في الشارع ‪ ،‬في السوق‪ ،‬وھكذا‪.‬‬
‫ثانياً‪ -:‬إن ما يفعل اليوم في التعزية من نصب الخيام للجلوس فيھا للقيل والقال وصرف‬
‫لألموال الطائلة من أجل المباھاة والمفاخرة أمر مخالف للشرع ‪ ،‬يقول ابن القيم عليه‬
‫رحمة ﷲ‪:‬‬
‫وكان من ھديه صلى ﷲ عليه وسلم تعزية أھل الميت ولم يكن من ھديه االجتماع‬
‫للعزاء وال قراءة القرآن عند قبره‪ ،‬وكل ھذه بدعة حادثة‪.‬‬
‫ميت فوق ثالثة أيام كما يفعل كثير من النساء ‪ ،‬إال على زوجٍ أربعة‬
‫ٍ‬ ‫يحد على‬
‫ّ‬ ‫ثالثاً‪ -:‬أال‬
‫أشھر وعشراً ‪ ،‬فليعلم كما في الصحيح‪ :‬عليكم بھدي الرسول صلى ﷲ عليه وسلم‬
‫الكريم ‪ ،‬ومنھاج قرآنه المحكم‪ ،‬رزقنا ﷲ إتباع السنة ‪ ،‬ورحم ﷲ موتانا بكرمه ومنه‪.‬‬

‫ومما يكشف الكربة عند فقد األحبة ‪-:‬‬


‫برد التأسي بأھل المصائب فبذلك إطفاء لنار المصيبة ولنعلم أنه في كل قرية ومدينة‬
‫بل في كل بيت ‪ ،‬من أصيب مرة ومنھم من أصيب مراراً وليس ذلك بمنقطع حتى يأتي‬
‫على جميع أھل البيت حتى نفس المصاب سيصاب يوماً بنفسه أسوة بأمثاله ممن‬
‫تقدمه ‪ ،‬فإن نظر فلن يرى يمنة إال محنة ويسرة إال حسرة‪.‬‬
‫ذكر ابن الجوزي بإسناده عن عبد ﷲ بن زياد قال‪:‬‬
‫حدثني بعض من قرأ في الكتب أن ذا القرنين لما رجع من مشارق األرض ومغاربھا وبلغ‬
‫أرض بابل مرض مرضاً شديداً ‪ ،‬فعلم أنه مرض الموت وأشفق على نفسه فكتب ألمه‬
‫معزياً في ذكاء قائال ً‪:‬‬
‫يا أماه ‪ ،‬إذا جاءك كتابي فاصنعي طعاماً واجمعي من قدرت من الناس وال يأكل طعامك‬
‫من أصيب بمصيبة واعلمي ھل وجدت لشي ٍء قراراً أني ألرجو أن الذي أذھب إليه خيراً‬
‫مما أنا فيه‪.‬‬
‫فلما وصل كتابه صنعت طعاماً عظيماً وجمعت الناس وقالت‪ :‬ال يأكل ھذا من أصيب‬
‫بمصيبة‪.‬‬
‫فلم يتقدم أحد من ھذا الطعام‪ ،‬فعلمت مراد ابنھا فقالت‪ :‬بني ‪ ،‬من مبلغك عني أنك‬
‫وعظتني فاتعظت وعزيتني فتعزيت فعليك السالم حياً وميتا‪.‬‬
‫فما من مصيبة أصيب بھا مصاب إال وھناك ما ھو أعظم منھا عند غيره‪ ،‬قيل لرجل‪:‬‬
‫كم لك من الولد ؟ قال‪ :‬تسعة‪.‬‬
‫ً‬
‫واحدا‪ ،‬قال‪ :‬الحمد ‪ ،9‬كان لي عشرة فقدمت تسعة‬ ‫فقيل له‪ :‬إنما نعرف لك ابناً‬
‫أحتسبھم عند الباري الرحيم وبقي لي واحد ‪ ،‬ال أدري أھو لي أم أنا له ؟‬
‫لكل اجتماع من خليلين فرقة ‪ .......‬وكل الذي دون الممات قليل‬
‫وإن افتقادي واحداً بعد واحد ‪ .......‬دليل على أن ال يدوم خليل‬
‫وھاھي أعرابية اسمھا أم غسان كما في عيون األخبار ‪ ،‬فقدت جميع أبنائھا وفوق ذاك‬
‫كف بصرھا‪ ،‬مصيبة وأي مصيبة ؟! كانت تعيش بمغزلھا وتقول‪:‬‬
‫الحمد ‪ 9‬على ما قضى ‪ ،‬رضيت من ﷲ ما رضي لي ‪ ،‬وأستعين ﷲ على بيت ضيق‬
‫الفناء قليل اإليواء‪.‬‬
‫ثم تصاب مصيبة أخرى بموت جارة لھا كانت تبثھا أشجانھا وأحزانھا‪ ،‬فيقال لھا ‪ :‬أين‬
‫فالنة؟‬
‫فتقول‪ :‬الحمد ‪ 9‬على قضاء ﷲ والرجعة ‪:9‬‬

‫تقسم جاراتھا بيتھا ‪ .....‬وصارت إلى بيتھا األدلجِ‬


‫وفي العاقبة لألشبيلي‪:‬‬
‫يروى أن امرأة من األعراب حجت ومعھا وحيدھا‪ ،‬فمرض عليھا في الطريق ومات فدفنته‬
‫بمساعدة الركب الذين كانوا معھا ‪ ،‬ثم وقفت بعد دفنه فقالت‪:‬‬
‫يا بني ‪ ،‬وﷲ لقد غذوتك رضيعاً وفقدتك سريعاً وكأن لم يكن بين الحالتين مدة ألتذ فيھا‬
‫بعيشك وأتمتع فيھا بالنظر إلى وجھك‪.‬‬
‫ثم قالت ‪ :‬اللھم منك العدل ومن خلقك الجور ‪ ،‬اللھم وھبتني قرة عين فلم تمتعني به‬
‫فصدقت وعدك‬
‫ّ‬ ‫كثيراً بل سلبتنيه وشيكاً ثم أمرتني بالصبر ووعدتني عليه األجر ‪،‬‬
‫ورضيت قضاءك فلك الحمد في السراء والضراء ‪ ،‬اللھم ارحم غربته واستر عورته يوم‬
‫تكشف العورات وتظھر السوءات ‪ ،‬رحم ﷲ من ترحم على من استودعته الردم ووسدته‬
‫الثرى‪.‬‬
‫ثم لما أرادت االنصراف قالت ‪ :‬أي بني لقد تزودت لسفري فياليت شعري ما زادك‬
‫لسفرك ويوم معادك ؟ اللھم إني أسألك الرضا عنه برضاي عنه ‪ ،‬استودعك بني من‬
‫استودعني إياك جنيناً في األحشاء ‪ ،‬ومن يجازي من صبر في السراء والضراء‪.‬‬
‫أحاذر‬
‫ُ‬ ‫من شاء بعدك فليمت ‪ .....‬فعليك كنت‬
‫كنت السواد لناظري ‪ .....‬فعمى عليك الناظر‬
‫ليت المنازل والديار ‪ .......‬حفائر ومقابر‬
‫لصائر‬
‫ُ‬ ‫إني وغيري ال محالة ‪ .......‬حيث صرت‬
‫وأخرج ابن أبي الدنيا في االعتبار عن الكندي قال‪:‬‬
‫كانت امرأة من بني عامر لھا تسعة من األوالد ‪ ،‬دخلت بھم يوماً غاراً ثم خرجت لحاجة‬
‫لھا وتركتھم في الغار ولما رجعت سقط الغار عليھم وانطبق فجعلت تسمع أنينھم‬
‫وتتلظى بجحيم عويلھم ‪ ،‬ال تملك لھم حوال ً وال طوال ً ‪ ،‬تئن وتزفر زفرات قطعت أحشاءھا‬
‫‪ ،‬حتى فقدت أنينھم فلم تسمع لھم أنيناً فعلمت أنھم ماتوا جميعاً تحت الغار‪ ،‬فرجعت‬
‫وبھا من األسى ما ﷲ به عليم ‪ ،‬فكانت تردد وتقول‪:‬‬
‫الوحد‬
‫ِ‬ ‫ربيتھم تسعة حتى إذا اتسقوا ‪ .......‬أفردت منھم كقرن األعضب‬
‫الولد‬
‫ِ‬ ‫وكل أم وإن سرت بما ولدت ‪ .......‬يوماً ستفقد من ربت من‬
‫وأخيراً فقد حدثني من أثق به من الصالحين كما أحسبه وﷲ حسيبه ‪ ،‬أنه كان ھناك‬
‫رجل له ثالثة أوالد صغار وزوجة في ھناء وسعادة وأمان وسكينة واطمئنان ‪ ،‬وذات يوم‬
‫جاءھم أضياف فقام األب وذبح لھم كبشاً واألوالد ينتظرون‪ ،‬ودخل للجلوس مع أضيافه‬
‫بانتظار الطعام وقامت األم بتغسيل أصغرھم في وعاء كبير مليء بالماء‪ ،‬فأخذ أكبرھم‬
‫السكين يقلد أباه في ذبح الشاة وقام على أخيه األوسط فأضجعه ثم ذبحه ذبح‬
‫الشياه‪ ،‬وجاء ألمه يخبرھا فصاحت ورمت بالصغير في وعاء الماء فغرق الصغير في‬
‫الوعاء‪ ،‬ثم خرجت لألوسط وھو يتشحط في دمه‪ ،‬وھرب أكبرھم للشارع اعترضته‬
‫سيارة فدھسته‪ ،‬ذھلت األم و ثكلت جميع أبنائھا ‪ ،‬فجاء األب فإذا بھا تترنح وتخبره‬

‫الخبر ثم تسقط ميتة وجداً على أبنائھا الثالثة‪ ،‬وإنا ‪ 9‬وإنا إليه راجعون‪ُ :‬‬
‫صبت عليھا‬
‫عدن لياليا‬
‫صبت على األيام ُ َ‬
‫مصائب لو أنھا ‪ُ .........‬‬
‫أما األب فحمد ﷲ واسترجع‪ ،‬ثم دخل إلى أضيافه وطلب منھم أن يحفروا قبوراً ‪،‬‬
‫وأخبرھم الخبر فياله من خبر ويالھا من ضيافة ! حفروا القبور وصلوا على الجميع ودعوا‬
‫للميت والحي ‪ ،‬واستعد كل منھم أن يقدم ابنته زوجة لھذا الرجل الصابر فاختار ابنة‬
‫أحدھم فتزوجھا ‪ ،‬ويذكر من نقل ھذا أن له ثالثة عشر ولداً من ھذه الزوجة‪.‬‬
‫حدث عظيم‪ ،‬وخطب أليم ‪ ،‬فھال نظرت إلى ھذا أيھا المصاب ؟ فما مصابك مع مثل ھذا‬
‫المصاب ؟ ستھون عليك مصيبتك بال شك ‪ ،‬واعلم أنه ھناك من ھو أعظم من مصابك ‪،‬‬
‫ير إال مبتلى بفوات‬
‫فإذا علم المصاب علم اليقين أنه لو فتش ھذا العالم كله ‪ ،‬لم َ‬
‫محبوب أو بحصول مكروب ‪ ،‬سري عنه ‪ ،‬فسرور الدنيا أحالم إن أضحكت أبكت وإن سرت‬
‫ساءت ‪ ،‬وما حصل لشخص يوماً سرور إال أعقبه شرور ‪ ،‬فلكل فرحة ترحة ‪ ،‬وما كان‬
‫ضحك قط إال وكان بعده بكاء ‪ ،‬فلتعلم ولتتأمل أحوال المكروبين أيھا المصاب فما مصيبتك‬
‫بينھم إال ذرة في فضاء المصائب ‪ ،‬وقطرة في بحار الكروب‪.‬‬
‫مخلد‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫باأللى ‪ ..........‬مضوا ولھم ذكر جميل‬ ‫تأس أطال ﷲ عمرك‬
‫ﱠ‬
‫محمد‬
‫ُ‬ ‫فلو لم يكن في الموت خير لمن مضى ‪ ..‬لما مات خير األنبياء‬

‫وأخيراً ‪ :‬فإن مما يكشف الكربة عند فقد األحبة ‪-:‬‬


‫الدعاء والتضرع ‪ ،‬واللجوء ‪ 9‬سبحانه وتعالى رب األرض والسماء ‪ ،‬كاشف الضراء ‪ ،‬وإن‬
‫يصبك بسراء فال راد للسراء‪ ،‬وفي السنة النبوية الغراء من األحاديث الصحيحة ما‬
‫يكشف الھم والكرب والضراء ‪ ،‬ففي الحديث الصحيح أن رسول ﷲ صلى ﷲ عليه‬
‫وسلم قال‪:‬‬
‫) ما أصاب عبداً قط ھم وال حزن فقال ‪ :‬اللھم إني عبدك ابن عبدك بن أمتك ناصيتي‬
‫في قضاؤك ‪ ،‬أسألك اللھم بكل اسم ھم لك سميت به‬ ‫ّ‬ ‫في حكمك ‪ ،‬عدل‬‫ّ‬ ‫بيدك ماضٍ‬
‫نفسك أو أنزلته في كتابك أو استأثرت في علم الغيب عندك أو علمته أحداً من خلقك‬
‫أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجالء حزني وذھاب ھمي ‪ ،‬إال أذھب ﷲ ھمه‬
‫وحزنه وأبدله مكانه فرحاً(‪.‬‬
‫فالدعاء الدعاء فإن ﷲ عز وجل قال‪:‬‬
‫جھنم‬
‫ُون َ َ ﱠ َ‬
‫سيدخل َ‬
‫عبادتي َ َ ْ ُ‬
‫عن ِ َ َ ِ‬ ‫الذين َ ْ َ ْ ِ ُ َ‬
‫يستكبرون َ ْ‬ ‫إن ﱠ ِ َ‬
‫لكم ِ ﱠ‬ ‫ادعوني َ ْ َ ِ ْ‬
‫أستجب َ ُ ْ‬ ‫ربكم ْ ُ ِ‬ ‫)َ َ َ‬
‫وقال َ ﱡ ُ ُ‬
‫اخرين(‪.‬‬
‫َد ِ ِ َ‬
‫يا أيھا المكروب خاصة ‪ ،‬يا أيھا الناس عامة ‪ ،‬ادعوا ربكم تضرعاً وخفية ‪ ،‬ففيه المطمع‬
‫وإليه المفزع ‪ ،‬ال إله إال ھو من لكم غيره يجبر كسركم ؟‬
‫من لكم غيره يبدد أحزانكم ؟‬
‫من لكم غيره يؤنسكم في وحشتكم ؟‬
‫من لكم إذا دفعتم عن األبواب إال بابه ؟‬
‫من لكم غيره أعز مطلوب وأشرف مرغوب ؟‬
‫ال إله إال ھو ‪ ...‬أيھا المصابون عليكم من ﷲ الرحمات عدد ما سكبتم من العبرات‬
‫وكظمتم من األنات جعل ﷲ مصابكم من الباقيات الصالحات ‪ ،‬وأمنكم من الفزع يوم‬
‫تنشر السجالت ‪ ،‬وتقبل ﷲ منا ومنكم وكتب لنا السعادة في الحياة والممات‪.‬‬

‫وآخر ما يكشف الكرب ‪-:‬‬


‫سدى بل‬
‫ً‬ ‫يقدر شيئاً‬
‫ّ‬ ‫اعلم أن الذي قدر عليك األقدار حكيم خبير ال يفعل شيئاً عبثاً وال‬
‫ھو رحيم تنوعت رحمته سبحانه وبحمده ‪ ،‬يرحم العبد فيعطيه ‪ ،‬ثم يرحمه فيوفقه‬
‫للشكر ‪ ،‬ثم يرحمه فيبتليه ‪ ،‬ثم يرحمه فيوفقه للصبر ثم يرحمه فيكفر بالبالء ذنوبه‬
‫وآثامه ‪ ،‬ثم ينمي حسناته ويرفع درجاته ‪ ،‬ثم يرحمه فيخفف من مصيبته وطأتھا ‪،‬‬
‫ويھون مشقتھا ثم يتمم أجرھا ‪ ،‬فرحمته متقدمة على التدابير السارة والضارة ومتأخرة‬
‫عنھا ‪ ،‬ذلك فضل ﷲ يؤتيه من يشاء وﷲ ذو الفضل العظيم ‪.‬‬
‫أحبتي في ﷲ ‪ ،‬ھذه الكلمات جمعتھا من كتيبات وكتب وصغتھا لكم صياغة فقط ‪،‬‬
‫بعون من ﷲ وتوفيق منه وتسديد ‪ ،‬إن أكن أصبت فذلك الذي أردت ‪ ،‬وإن تكن األخرى‬
‫فحسبي أن ذلك وسعي وجھدي وحسب معرفتي وقدرتي ‪ ،‬عظم ﷲ أجر الجميع‬
‫وجبر كسرھم وعوضھم خيري الدنيا واآلخرة فيما فقدوا وجعل ھذه الكلمات في‬
‫صحائف الحسنات يوم تعز الحسنات خالصة لوجه رب السموات واألرض‪.‬‬
‫اللھم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل‬
‫من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير‪.‬‬
‫يا ﷲ يا حي يا قيوم يا من ال تأخذه سنة وال نوم ‪ ،‬يا بديع السموات واألرض ‪ ،‬يا فالق‬
‫الحب والنوى ‪ ،‬يا ذا الجالل واإلكرام يا عظيم العفو ‪ ،‬يا واسع المغفرة يا قريب الرحمة ‪،‬‬
‫نسألك بعزك الذي ال يرام وملكك الذي ال يضام ‪ ،‬يا ھادي المضلين ويا راحم المذنبين ‪،‬‬
‫يا من عنت له الوجوه وخضعت له الرقاب ‪ ،‬وخشعت له األصوات وفاضت له العبرات ‪،‬‬
‫ورغمت له األنوف ‪ ،‬انقطع الرجاء إال منك ‪ ،‬وخابت الظنون إال فيك ‪ ،‬وضعف االعتماد إال‬
‫عليك ‪ ،‬نسألك أن تكفينا ما أھمنا وما أغمنا وأن تجبر كسرنا ‪ ،‬وأن تعظم أجرنا وأن‬
‫تعيذنا من شرور أنفسنا ‪ ،‬وأن ترحم موتانا وأن تلطف بمبتالنا ‪ ،‬وأن ترحم غربتنا في‬
‫الدنيا ومصرعنا عند الموت ‪ ،‬ووقوفنا بين يديك وأن تقينا من ميتة السوء ومن يوم السوء‬
‫وساعة السوء ‪،‬وليلة السوء وجار السوء وصاحب السوء ‪ ،‬وأن تعيذنا من النفاق وسوء‬
‫األخالق‪.‬‬
‫اللھم إنا نسألك فرجاً عاجال ً للمسلمين مما ھم فيه ومالقوه ‪ ،‬اللھم اكشف كروبنا‬
‫ونفس ھمومنا واقضِ حاجاتنا ‪ ،‬اللھم ھبنا عطاءك وال تكشف عنا غطاءك ‪ ،‬ورضنا‬
‫ّ‬
‫بقضائك ‪ ،‬اللھم اغفر لجميع موتى المسلمين ‪ ،‬اللھم اجعل قبورھم من الجنة رياضاً‪.‬‬
‫اللھم إنھم عبيدك بنو عبيدك بنو إمائك ‪ ،‬احتاجوا لرحمتك وأنت غني عن عذابھم ‪،‬‬
‫اللھم زد في حسناتھم وتجاوز عن سيئاتھم ‪ ،‬فأنت أرحم بھم من أمھاتھم ‪ ،‬ال إله‬
‫غيرك ‪ ،‬وال معبود سواك ‪ ،‬لك الحمد حتى ترضى ولك الحمد إذا رضيت ولك الحمد بعد‬
‫الرضا‪.‬‬
‫وآخر دعوانا أن الحمد ‪ 9‬رب العالمين‪.‬‬
‫وصل اللھم على سيدنا محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراھيم وعلى آل‬
‫ّ‬
‫إبراھيم إنك حميد مجيد‪.‬‬
‫وسبحانك اللھم وبحمدك أشھد أن ال إله إال أنت أستغفرك وأتوب إليك‪.‬‬

‫فضيلة الشيخ ‪ /‬علي عبد الخالق القرني‬

‫أين المفر‪..‬؟‬

‫إن الحمد ‪ 9‬نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه‪.‬‬


‫ونعوذ با‪ 9‬من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا‪ ،‬من يھده ﷲ فال مضل له‪ ،‬ومن يضلل فال‬
‫ھادي له‪.‬‬
‫أشھد أن ال إله إال ﷲ وحده ال شريك له‪ ،‬له الملك وله الحمد وھو على كل شيء‬
‫قدير‪.‬‬
‫وأشھد أن محمدا عبد ﷲ ورسوله صلوات ﷲ وسالمه عليه وعلى آله وصحبه والتابعين‬
‫لھم بإحسان‪.‬‬
‫)يا أيھا الذين أمنوا اتقوا ﷲ حق تقاته‪ ،‬وال تموتنا إال وأنتم مسلمون(‪.‬‬
‫أما بعد‪ :‬عبد ﷲ‪:‬‬
‫الصور‪ ،‬ويبعث من في‬
‫ِ‬ ‫يوم ينفخ في‬
‫َ‬ ‫اتقوا ﷲ عباد ﷲ‪ ،‬واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى ﷲ‪،‬‬
‫البر من الفاجر‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ويتميز‬
‫ُ‬ ‫الضمائر‬
‫ُ‬ ‫وتكشف‬
‫السرائر‪ُ َ ُ ،‬‬
‫َ‬ ‫تبلى‬
‫َ‬ ‫يوم‬
‫َ‬ ‫المستور‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ويظھر‬
‫ُ‬ ‫القبور‪،‬‬
‫ِ‬
‫وأي حقيقة!‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫حقيقة‬ ‫ثم أعلموا أن ھناك‬
‫ومصير ومآل‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫حاسمة‬
‫ٌ‬ ‫ولحظة‬
‫ٌ‬ ‫ن‪،‬‬
‫غفل عنھا اإلنسا ُ‬
‫َ‬ ‫حقيقة طالما‬
‫ٌ‬
‫اللحظة المھرب‪ ،‬وإلى أين منھا المفر ؟‬
‫ِ‬ ‫مالقيكم إلى أين من ھذه‬
‫ُ‬ ‫لحظة‬
‫ُ‬ ‫إنھا‬
‫مالقيكم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫إلى األمام‬
‫مالقيكم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الوراء‬ ‫إلى‬
‫مالقيكم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫والشمال‬
‫ِ‬ ‫إلى اليميني‬
‫مالقيكم‪ ،‬إلى الوراء مالقيكم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫إلى أعال إلى أسفل‬
‫مدريككم أينما كنتم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫يتحصن منه في حصون‪،‬‬
‫ُ‬ ‫تمنع منه جنود‪ ،‬وال ُ َ‬
‫ُ‬ ‫ال‬
‫والشريف‬
‫َ‬ ‫والسقيم‪،‬‬
‫َ‬ ‫والصحيح‬
‫َ‬ ‫الغني والفقير‪،‬‬
‫َ‬ ‫يأخذ‬
‫َ‬ ‫ظ ال ينطق‪ ،‬واعظ صامت‬
‫إنه واع ُ‬

‫كل نفسٍ‬
‫الذكر واألنثى‪ُ ،‬‬
‫َ‬ ‫والكبير‪،‬‬
‫َ‬ ‫والصغير‬
‫َ‬ ‫والزاھد والعابد‪،‬‬
‫َ‬ ‫والجاحد‪،‬‬
‫َ‬ ‫والمقر‬
‫َ‬ ‫والوضيع‪،‬‬
‫ستذوقه شاءت أم أبت‪.‬‬
‫ُ‬
‫حقيقته فالكل يجھله‪ ،‬إنه الموت‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫أظن أحداً يجھلُه‪ ،‬أما‬ ‫ُ‬ ‫لعلكم عرفتموه‪ ،‬ال‬ ‫َ‬

‫النار َ ُ ْ ِ َ‬
‫وأدخل‬ ‫عن ﱠ ِ‬‫زحزح َ ِ‬ ‫القيامة َ َ ْ‬
‫فمن ُ ْ ِ َ‬ ‫يوم ْ ِ َ َ ِ‬ ‫توفون ُ ُ َ ُ ْ‬
‫أجوركم َ ْ َ‬ ‫وإنما ُ َ ﱠ ْ َ‬ ‫ذائقة ْ َ ْ‬
‫الموتِ َ ِ ﱠ َ‬ ‫نفسٍ َ ِ َ ُ‬
‫كل َ ْ‬
‫) ُ ﱡ‬
‫متاع ْ ُ ُ ِ‬
‫الغرور(‪.‬‬ ‫الدنيا ِ ﱠ‬
‫إال َ َ ُ‬ ‫وما ْ َ َ ُ‬
‫الحياة ﱡ ْ َ‬ ‫فقد َ َ‬
‫فاز َ َ‬ ‫الجنة َ َ ْ‬
‫ْ َ ﱠ َ‬
‫موت ما الموت ؟‬
‫ُ‬ ‫ال‬
‫الجنة أو إلى النار‪.‬‬
‫ِ‬ ‫يخرج بصاحبه إلى‬
‫ُ‬ ‫أقام وسار‪،‬‬
‫َ‬ ‫وكأس يدار‪ ،‬في من‬
‫ُ‬ ‫أمر كبار‬
‫ُ‬
‫الرغبة‬
‫ِ‬ ‫العقول مغيرا ومحيرا‪ ،‬وألرباب القلوبِ عن‬
‫ِ‬ ‫ألھل اللذاتِ مكدرا‪ ،‬وألصحابِ‬
‫ِ‬ ‫زال‬
‫ما َ‬
‫فيما سوى ِ‬
‫ﷲ زاجرا‪.‬‬
‫فيعدم‬
‫ُ‬ ‫األلباب‬
‫ُ‬ ‫تدھش فيه‬
‫ُ‬ ‫يوم‬
‫ٌ‬ ‫بعده‬
‫ِ‬ ‫وسؤال وجواب‪ ،‬ومن‬
‫ٌ‬ ‫قبر وحساب‪،‬‬
‫وورائه ٌ‬
‫ُ‬ ‫كيف‬
‫َ‬
‫الجواب‪.‬‬
‫السكرات‪ ،‬ما أدراكم ما السكرات ؟‬
‫عانى منھا رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم(‪ ،‬فكان يقول‪ :‬ال إله إال ﷲ إن للموت‬
‫سكرا‪ ،‬اللھم ھون علينا سكرات الموت‪.‬‬
‫سكرات أي سكرات ؟‬
‫يقول العلماء كل سكرة منھا أشد من ألف ضربة بالسيف‪.‬‬
‫ملك الموت‪ ،‬ما ملك الموت؟‬
‫الدنيا بين يديه كالمائدة بين يدي الرجل يمد يده إلى ما شاء منھا بأمر ﷲ فيأخذه‪.‬‬
‫وإن له ألعوانا ما يعلم عددھم إال ﷲ‪ ،‬ليس منھم ملك إال لو أذن ﷲ له أن يلتقم‬
‫السماوات السبع واألراضين في لقمة واحدة لفعل‪.‬‬
‫فال إله إال ﷲ من لحظة حاسمة لو لم تعتقل األلسنة‪ ،‬وتخدر األجسام وقت االحتضار‬
‫لما مات أحد إال في شعف الجبال ألما‪ ،‬ولصاح الميت من شدة ما يعاني حتى تندك‬
‫عليه جدران الغرفة التي ھو فيھا ولمستطاع أن يحضر ميتا أحدا أبدا‪ ،‬فنسأل ﷲ العافية‬
‫والسالمة‪ ،‬وأن يھون علينا السكرات‪.‬‬
‫روي عن الحسن أنه قال‪:‬‬
‫رأي أحد الصالحين بعد موته فقيل له كيف وجدت طعم الموت؟‬
‫قال أواه أواه وجدته وﷲ شديدا‪ ،‬والذي ال إله إال ھو لھو أشد من الطبخ في القدور‬
‫والنشر بالمناشير‪ ،‬أقبل ملك الموت نحوي حتى استل الروح من كل عضو مني فلو أني‬
‫طُبخت في القدور سبعين مرة لكان أھون علي‪.‬‬
‫كفى بالموت طامة وما بعد الموت أطم وأعظم‪.‬‬
‫ويرى آخر بعد موته في المنام فيقال له‪ :‬كيف وجدت نفسك ساعة االحتضار؟‬
‫قال كعصفور في مقالة ال يموت فيستريح وال ينجو فيطير‪.‬‬
‫فا‪ 9‬المستعان على تلك اللحظات‪ ،‬و اللھم ھون علينا السكرات وجعلھا لنا كفرات وآخر‬
‫المعاناة‪ ،‬وھي كذلك بأذن ﷲ للمؤمنين والمؤمنات‪ ،‬ولغيرھم بداية المعاناة‪.‬‬
‫الناس إلى قسمين‪ ،‬إلى فريقين شقي‬
‫ُ‬ ‫ينقسم‬
‫ُ‬ ‫الحرجة‬
‫ُ‬ ‫اللحظات‬
‫ُ‬ ‫عباد ﷲ‪ ،‬وفي تلك‬
‫َ‬
‫وسعيد‪:‬‬
‫فريق السعداء حالُھم ما حالُھم‪:‬‬ ‫ُ‬
‫نحن‬
‫توعدون * َ ْ ُ‬
‫كنتم ُ َ ُ َ‬ ‫وأبشروا بِ ْ َ ﱠ ِ‬
‫الجنة ﱠ ِ‬
‫التي ُ ْ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫المالئكة َ ﱠ‬ ‫تتنزل َ َ ْ ِ ُ‬
‫عليھم ْ َ ِ َ ُ‬
‫تحزنوا َ ْ ِ ُ‬
‫تخافوا َوال َ ْ َ ُ‬
‫أال َ َ ُ‬ ‫) َََ ﱠ ُ‬
‫فيھا َما‬
‫ولكم ِ َ‬ ‫تشتھي َ ْ ُ ُ ُ ْ‬
‫أنفسكم َ َ ُ ْ‬ ‫فيھا َما َ ْ َ ِ‬ ‫اآلخرة َ َ ُ ْ‬
‫ولكم ِ َ‬ ‫وفي ْ ِ َ ِ‬ ‫الدنيا َ ِ‬
‫ْحياة ﱡ ْ َ‬ ‫ََِْ ُ ُ ْ‬
‫أولياؤكم ِفي َ َ ِ‬
‫رحيم(‪.‬‬
‫غفور َ ِ ٍ‬ ‫نزال ً ِ ْ‬
‫من َ ُ ٍ‬ ‫تدعون * ُ ُ‬
‫َ ﱠ ُ َ‬
‫ﷲ عنھا تقول كما روي عنھا‪:‬‬
‫بنت عميسٍ رضي ُ‬
‫ُ‬ ‫أسماء‬
‫ُ‬ ‫ھي‬
‫َ‬ ‫ھا‬
‫ملجم عليه من ﷲ ما يستحق‪.‬‬
‫ضربه ابن ُ ِ‬
‫َ‬ ‫ﷲ عنه وأرضاه بعدما‬ ‫إنا لعند علي رضي ُ‬
‫ً‬
‫ثانية وھو يقول‪:‬‬ ‫يفيق‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫شھقة فيغمى عليه‪ ،‬ثم‬ ‫يشھق‬
‫ُ‬ ‫إذ بعليٍ‬
‫أذھب عنا‬
‫َ‬ ‫الجنة‪ ،‬الحمد ‪ 9‬الذي‬
‫َ‬ ‫الحمد ‪ 9‬الذي صدقنا وعده وأورثنا‬
‫ُ‬ ‫مرحباً مرحبا‪،‬‬
‫يعمل العاملون‪ ،‬وليتنافسِ المتنافسون‪.‬‬
‫ِ‬ ‫لمثل ھذا فل‬
‫ِ‬ ‫الحزن‪،‬‬
‫فيالھا من موعظة ومصير لو وافقت من القلوب حياة‪ .‬من ظفر بثواب ﷲ فكأنما لم يصب‬
‫في دنياه‪.‬‬
‫كأنك لم توتر من الدھر مرة ‪ ........‬إذا أنت أدركت الذي أنت طالبه‬
‫وأسمع معي أخر لسعيد أبن جبير رضي ﷲ عنه يوم يروي لنا قصة صحيحة متواترة كما‬
‫قال الذھبي في سيره فيقول‪:‬‬
‫لما مات أبن عباس رضي ﷲ عنه في الطائف‪ ،‬جاء طائر لم يرى مثل خلقته فدخل‬
‫نعشه‪ ،‬ثم لم يخرج منه‪ ،‬فلما دفن فإذا على شفير القبر تال يتلو ال يرى‪َ ) :‬يا َ ﱠ ُ َ‬
‫أيتھا‬
‫وادخلي‬
‫عبادي * َ ْ ُ ِ‬ ‫مرضية * َ ْ ُ ِ‬
‫فادخلي ِفي ِ َ ِ‬ ‫ربك َ ِ َ ً‬
‫راضية َ ْ ِ ﱠ ً‬ ‫ارجعي ِ َ‬
‫إلى َ ِّ ِ‬ ‫النفس ْ ُ ْ َ ِ ﱠ ُ‬
‫المطمئنة * ْ ِ ِ‬ ‫ﱠ ْ ُ‬
‫جنتي(‪ .‬فيا لھا من خاتمة‪ ،‬ويا له من مصير‪ .‬والخير في األمة يستمر‪ ،‬ولن تعدم األمة‬
‫َ ﱠِ‬
‫خير‪ ،‬فأسمع ثالثة إلى ھذا الحدث الذي ذكره صاحب كتاب "يا ليت قومي يعلمون(‪ ،‬قال‬
‫ّ‬
‫حدثني أحد الصالحين قائال‪:‬‬
‫كان ھناك رجل صالح من أھل الطائف‪ ،‬كان عابدا فاضال‪ ،‬نزل مع بعض أصحابه إلى مكة‬
‫محرما‪ ،‬ودخلوا الحرم بعد أن انتھت صالة العشاء‪ ،‬فتقدم ليصلي بھم‪ ،‬وھو محرم قد‬
‫خرج ‪ 9‬عز وجل كما يحسب‪ ،‬فقرأ سورة الضحى‪ ،‬فلما بلغ قول ﷲ عز وجل ) َ َ ْ ِ َ ُ‬
‫ولآلخرة‬
‫ربك َ َ ْ َ‬
‫فترضى( ترنح‬ ‫يعطيك َ ﱡ َ‬
‫ولسوف ُ ْ ِ َ‬ ‫من ْ ُ َ‬
‫األولى(‪ ،‬شھق وبكى وأبكى‪ ،‬فلما قرأ ) َ َ َ ْ َ‬ ‫خير َ َ‬
‫لك ِ َ‬ ‫َْ ٌ‬
‫قليال ثم سقط ميتا‪ .‬فعليه رحمة ﷲ‪ ،‬ليبعث يوم القيامة بأذن ﷲ مصليا‪ ،‬فمن مات‬
‫على شيء ُبعث عليه كما ورد عن المصطفى )صلى ﷲ عليه وسلم(‪.‬‬
‫وآخر يقضي حياته مؤذنا يھتف بالتوحيد كل يوم وليلة خمس مرات‪ ،‬ويؤذن يوما من األيام‬
‫ثم يشرع ليقيم الصالة‪ ،‬ولما انتصف في إقامة الصالة سقط ميتا فعليه رحمة ﷲ‪،‬‬
‫فيبعث يوم القيامة من أطول الناس أعناقا مؤذنا‪،‬‬
‫سنوات يؤذن ثم يجيب داع ﷲ مؤذنا ُ‬
‫فرحمة ﷲ عليه‪.‬‬
‫يخاطب تلك األرواح‬
‫ُ‬ ‫ملك الموت‪،‬‬
‫ُ‬ ‫يتقدمھم‬
‫ُ‬ ‫بيض الوجوه‬
‫ُ‬ ‫مالئكة‬
‫ٌ‬ ‫يا لھا من خواتم طيبة‪،‬‬
‫الطيبة‪:‬‬
‫فتخرج‬
‫ُ‬ ‫غير غضبان‪،‬‬
‫ِ‬ ‫راض‬
‫ٍ‬ ‫مغفرة من ﷲ ورضوان وربٍ‬
‫ٍ‬ ‫الطيبة أخرجي إلى‬
‫ُ‬ ‫النفس‬
‫ُ‬ ‫أيتھا‬
‫الجنازة على‬
‫ُ‬ ‫وتحمل‬
‫ُ‬ ‫أبواب السماء‪،‬‬
‫ُ‬ ‫وتفتح لھا‬
‫ُ‬ ‫القطرة من فم السقاء‪،‬‬
‫ُ‬ ‫تسيل‬
‫ُ‬ ‫تسيل كما‬
‫ويفرش لھا من‬
‫ُ‬ ‫وتثبت‪،‬‬
‫ُ‬ ‫فتجيب‬
‫ُ‬ ‫تسأل‬
‫ُ‬ ‫قدموني‪ ،‬قدموني‪،‬‬
‫َ‬ ‫األكتاف وھي تصيح وتقول‬
‫أبدية في‬
‫ٍ‬ ‫راحة‬
‫ٍ‬ ‫تعب ھذه الدار‪ ،‬وإلى‬
‫ِ‬ ‫باب إلى الجنة‪ ،‬قد استراحت من‬
‫ٌ‬ ‫ويفتح لھا‬
‫ُ‬ ‫الجنة‪،‬‬
‫دار القرار‪.‬‬
‫وفريق آخر‪:‬‬
‫ٌ‬
‫ولھو ولعب‪ ،‬وإذا به يعاني أول المعاناة‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫عبث‬
‫ٌ‬ ‫حسب أن الحياة‬
‫َ‬ ‫في تلك الساعة يشقى‪،‬‬
‫ملك الموت –نعوذ با‪ 9‬من ختام السوء‬
‫ُ‬ ‫سود الوجوه يتقدموھم‬
‫ُ‬ ‫مالئكة‬
‫ٌ‬ ‫نزلت عليه‬
‫سخط من ﷲ وغضب‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫الخبيثة أخرجي إلى‬
‫ُ‬ ‫النفس‬
‫ُ‬ ‫وساعة السوء‪ -‬يقول أيتھا‬
‫الجنازة‬
‫ُ‬ ‫تحمل‬
‫ُ‬ ‫أبوب السماء‪،‬‬
‫ُ‬ ‫تفتح لھا‬
‫ترفع فال ُ ُ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫تفرق في الجسد‪ ،‬ثم‬ ‫فتنتزع نزعاً بعد أن ُ‬
‫َ ُ‬
‫رش لھا من‬
‫تسأل فال تجيب‪ ،‬ويف ُ‬
‫ُ‬ ‫األكتاف وھي تصيح‪ :‬يا ويلھا أين تذھبون بھا‪ ،‬ثم‬
‫ِ‬ ‫على‬
‫وغضب الجبار‪.‬‬
‫ِ‬ ‫الختام‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سوء‬ ‫باب إلى النار‪ ،‬فنعوذ با‪ 9‬من النار ومن‬
‫ٌ‬ ‫ويفتح لھا‬
‫ُ‬ ‫النار‪،‬‬
‫ذكر صاحب قصص السعداء واألشقياء أنه وقع حادث في مدينة الرياض على إحدى‬
‫الطرق السريعة لثالثة من الشباب‪ ،‬كانوا يستقلون سيارة واحدة‪ ،‬توفي اثنان منھما‬
‫في الحال‪ ،‬وبقي الثالث في آخر رمق‪ ،‬يقول له رجل المرور الذي حضر الحادث قال ال‬
‫إله إال ﷲ‪ ،‬فأخذ يحكي عن نفسه ويقول‪:‬‬
‫أنا في سقر‪ ،‬أنا في سقر أنا في سقر حتى مات عل ذلك‪ ،‬فال إله إال ﷲ‪.‬‬
‫رجل المرور يسأل ويقول ما ھي سقر‪ ،‬فوجد الجواب في كتاب ﷲ عز وجل‪:‬‬
‫وما َ ْ َ َ‬
‫أدراك َما‬ ‫سقر * َ َ‬ ‫المصلين(‪ِ ِ ْ ُ َ ) .‬‬
‫سأصليه َ َ َ‬ ‫من ْ ُ َ ِ ّ َ‬
‫نك ِ َ‬ ‫سقر * َقالُوا َ ْ‬
‫لم َ ُ‬ ‫) َما َ َ َ ُ ْ‬
‫سلككم ِفي َ َ َ‬
‫تذر * َ ﱠ َ ٌ‬
‫لواحة ِ ْ َ َ ِ‬
‫للبشر(‪.‬‬ ‫تبقي َوال َ َ ُ‬
‫سقر * ال ُ ْ ِ‬
‫َ َ ُ‬
‫نسأل ﷲ السالمة والعافية‪ .‬عباد ﷲ‪:‬‬
‫فريقان ال ثالث‪ ،‬شقي وسعيد‪:‬‬
‫فريق في الجنة وفريق في السعير‪.‬‬
‫فريق استراح‪ ،‬وفريق استراح منه العباد والبالد ومضى إلى جھنم وبئس المھاد‪.‬‬
‫يوم غادياً إلى ﷲ قد قضى نحبه وانقضى‬
‫ٍ‬ ‫كل‬
‫أال ترون أال تتفكرون أال تنضرون‪ ،‬تشيعون َ‬
‫التراب‪،‬‬
‫َ‬ ‫وسكن‬
‫َ‬ ‫وترك األحباب‪،‬‬
‫َ‬ ‫خلع األسباب‪،‬‬ ‫َ‬
‫أجله‪ ،‬حتى تغيبوه في صدعٍ من األرضِ ُ َ‬
‫األھل والمال وبقي‬
‫ُ‬ ‫تبعه أھلُه ومالُه وعملُه‪ ،‬فرجع‬
‫الحساب‪ ،‬انتھى أجلُه وأملُه‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫وواجه‬
‫َ‬
‫العمل‪.‬‬
‫أرتھن‬
‫فرح يوما وال ض يوما ما‪َ ُ ،‬‬
‫كأنه ِ َ‬
‫األصحاب والخالن‪ ،‬ما َ‬
‫ُ‬ ‫ھجره‬
‫َ‬ ‫األحبة والجيران‪،‬‬
‫َ‬ ‫فارق‬
‫ترك‪.‬‬
‫َ‬ ‫بعمله فصار فقيراً إلى ما قدم غنياً عن ما‬
‫ِ‬
‫مساكنھم وما سكنوا‬
‫َ‬ ‫جمعوا فما أكلوا الذي جمعوا ‪ ......‬وبنوا‬
‫ً‬
‫ساعة ضعنوا‬ ‫فكأنھم كانوا بھا ضعنا‪ ...........‬لم استراحوا بھا‬
‫َ‬

‫ولذلك كان الرسول )صلى ﷲ عليه وسلم( أرحم الناس باألموات‪ ،‬يقول عوف ابن مالك‪:‬‬
‫صلى بنا رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم( على جنازة رجل من األنصار‪ ،‬يقول‬
‫فتخطيت الصفوف حتى اقتربت منه‪ ،‬فسمعته يبكي ويقول‪ :‬اللھم أغر له‪ ،‬اللھم أرحمه‬
‫وعافه واعف عنه‪ ،‬وأكرم نزله ووسع مدخله‪ ،‬واغسله بالثلج والماء والبرد‪.‬‬
‫يقول عوف والذي ال إله إال ھو لوددت أني أنا الميت من حسن دعائه )صلى ﷲ عليه‬
‫وسلم( له‪.‬‬
‫ومن رحمته باألموات )صلى ﷲ عليه وسلم( كان يذھب في الليل ليقف علة مقبرة‬
‫البقيع فيدعو لعم طويال ويترحم عليھم طوال )صلوات ﷲ وسالمه عليه(‪ ،‬فما أرسله ﷲ‬
‫إال رحمة للعالمين‪.‬‬
‫يشتھون ( بكى‬
‫وبين َما َ ْ َ ُ َ‬
‫بينھم َ َ ْ َ‬
‫وحيل َ ْ َ ُ ْ‬
‫وأصحابه كذلك‪ ،‬أبن عمر كان إذا قرأ قول ﷲ ‪َ ِ َ ) :‬‬
‫وأبكى ودعا لألموات وقال‪ :‬اللھم ال تحل بيني وبين ما أشتھي‪ ،‬قالوا وما تشتھي؟ قال‬
‫أن أقول ال إله إال ﷲ‪.‬‬
‫فال إله إال ﷲ‪ ..‬ما من ميت إال ويود أن يسجل في صحيفته ال إله إال ﷲ‪ ،‬ولكن ھيھات‬
‫حيل بينھم وبينھا‪ ،‬وبقي الجزاء والحساب‪.‬‬
‫فرحم ﷲ امرأ قد من الصالحات لتلك الحفر‪ ،‬ورحم ﷲ حاسب نفسه قبل ذاك اللحد‬
‫الذي ال أنيس فيه وال صاحب إال العمل‪ ،‬وكفى بالموت واعظا‪.‬‬
‫رحمه ﷲ يقول لجالسه يوما ما‪:‬‬
‫َ‬ ‫أبن عبد العزيز‬
‫روي أن عمر ُ‬
‫طلع الفجر‪ ،‬قالوا ما أسھرك؟‬
‫َ‬ ‫البارحة فلم أنم حتى‬
‫َ‬ ‫أرقت‬
‫ُ‬
‫الميت بعد لياليٍ‬
‫َ‬ ‫وتذكرت‬
‫ُ‬ ‫القبر‪،‬‬
‫َ‬ ‫تذكرت‬
‫ُ‬ ‫علي لحافي‬
‫َ‬ ‫ووضعت‬
‫ُ‬ ‫أويت إلى فراشي‬
‫ُ‬ ‫قال لما‬
‫الدود على‬
‫ُ‬ ‫كفنه وسرى‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫وتمزق‬ ‫ريحه‬
‫ُ‬ ‫وأحبته وخالنه‪ ،‬تغير‬
‫ُ‬ ‫تمر عليه‪ ،‬حينما َ‬
‫تركه أھلُه‬ ‫ُ‬
‫لرأيت أمراً مھوال‪ ،‬ثم‬
‫َ‬ ‫الممزقة‪ ،‬إذا‬
‫َ‬ ‫األكفان‬
‫َ‬ ‫المنتنة‪ ،‬وتلك‬
‫َ‬ ‫الرائحة‬
‫َ‬ ‫خدوده فليتك ترى تلك‬
‫ِ‬
‫حاله‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ولسان‬
‫ُ‬ ‫ويقول ال إله إال ﷲ‬
‫ُ‬ ‫أنفجر يبكي‬
‫عقباك دنيانا وما فيھا‬
‫َ‬ ‫بفاحشة ‪ .........‬وأنا ُ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫وﷲ لو قيل لي تأني‬
‫كنت أتيھا‬
‫ُ‬ ‫بأضعافھا ما‬
‫ِ‬ ‫عقوبته ‪ ......‬وال‬
‫ََ‬ ‫لقلت ال والذي أخشى‬
‫ُ‬
‫تجھزي بجھاز تبلغين به ‪ .............‬يا نفس قبل الردى لم تخلقي عبثا‬
‫كفى بالموت واعظا لمن كان له قلب أو ألقى السمع‪.‬‬
‫يمر عمرو ابن العاص رضي ﷲ عنه بالمقبرة فيبكي ثم يرجع فيتوضأ ويصلي ركعتين‪،‬‬
‫فيقول أصحابه‪:‬‬
‫لم فعلت ذلك ؟‬
‫يشتھون ( وأنا أشتھي الصالة قبل أن يحال‬
‫وبين َما َ ْ َ ُ َ‬
‫بينھم َ َ ْ َ‬
‫وحيل َ ْ َ ُ ْ‬
‫قال تذكرت قول ﷲ ‪َ ِ َ ) :‬‬
‫بيني وبينھا‪.‬‬
‫عمر الذي حضرته الوفاة فبكى‪ ،‬فقال له ابنه يا أبتاه صف لنا الموت‪.‬‬
‫قال يا بني الموت أعظم من أن يوصف‪ ،‬لكأن على كتفي جبل رضوى‪ ،‬وكأن في جوفي‬
‫شوكة عوسج‪ ،‬وكأن روحي تخرج من ثقب ابرة‪ ،‬وكأن السماء اطبقت على األرض وأنا‬
‫بينھما‪.‬‬
‫ثم حول وجھه إلى الحائط ليبكي بكاء مرا فيقول ابنه محسنن ظنه‪:‬‬
‫أنت من أصحاب رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم(‪ ،‬أما فتحت مصرا‪ ،‬أما جاھدت في‬
‫سبيل ﷲ!‬
‫فيقول يا بني لقد عشت مراحل ثالث‪:‬‬
‫لقد كنت أحرص الناس على قتل رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم( فيا ويلتاه لو مت‬
‫في ذلك الوقت‪.‬‬
‫ثم ھداني ﷲ فكان رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم( أحب الناس إلي‪ ،‬وﷲ ما كنت‬
‫أستطيع أن امأل عيني من وجھه حياء منه‪ ،‬وﷲ لو سألتموني أن أصفه اآلن ما‬
‫استطعت‪ ،‬وﷲ ما كنت أمأل عيني إجالال له‪ ،‬فيا ليتني مت في ذلك الوقت ألنال دعاء‬
‫النبي )صلى ﷲ عليه وسلم(‪.‬‬
‫يقول ثم تخلفت بعد رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم( فلعبت بنا الدنيا ظھرا لبطن‪،‬‬
‫فما أدري أيؤمر بي إلى الجنة أو النار‪ ،‬لكن عندي كلمة أحاج بھا لنفسي عند ﷲ ھي‬
‫ال إله إال ﷲ محمد رسول ﷲ‪.‬‬
‫وفي‬
‫الدنيا َ ِ‬ ‫الثابت ِفي ْ َ َ ِ‬
‫الحياة ﱡ ْ َ‬ ‫آمنوا ِ ْ َ ْ ِ‬
‫بالقول ﱠ ِ ِ‬ ‫الله ﱠ ِ َ‬
‫الذين َ ُ‬ ‫يثبت ﱠ ُ‬
‫ثم قبض على ال إله إال ﷲ‪ُ ّ ِ َ ُ ):‬‬
‫ويفعل ﱠ ُ‬
‫الله َما يَ َ ُ‬
‫شاء(‪.‬‬ ‫ﱠ ِ ِ َ‬
‫الظالمين َ َ ْ َ ُ‬ ‫ويضل ﱠ ُ‬
‫الله‬ ‫ْ ِ َ ِ‬
‫اآلخرة َ ُ ِ ﱡ‬
‫عوف رضي ﷲ عنه‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫يقول أبن‬
‫يده من‬
‫عمر رضي ﷲ عنه إلى المقبرة‪ ،‬فلما وقفنا عليھا‪ ،‬ارتعد وأختلس َ‬
‫َ‬ ‫خرجت مع‬
‫ُ‬
‫بكاء طويال ً‪.‬‬
‫ً‬ ‫نفسه على األرض وبكى‬
‫َ‬ ‫يدي‪ ،‬ثم وضع‬
‫أمير المؤمنين ؟‬
‫َ‬ ‫فقلت ما لك يا‬
‫قال يا ابن عوف ثكلتك أمك أنسيت ھذه الحفرة‪.‬‬
‫حاله يقول‪ :‬لمثل ھذا فأعد‪.‬‬
‫شد حيازيمك للموت فإن الموت القيك ‪ ........‬ألن ال تجزع للموت إذا حل بواديك‪.‬‬
‫كفى بالموت واعظا‪ ،‬وبسير الصالحين عنده عبرا‪.‬‬

‫تحل السكرات بمحمد ابن أدھم فيقول لخادمه‪ :‬وقد أصابته رعده‪ ،‬يصيح ويقول‪:‬‬
‫ما لي وللناس‪ ،‬والذي ال إله إال ھو لو استطعت أن أتطوع ‪ 9‬وحدي حيث ال يراني‬
‫ملكاي لفعلت خوفا من الرياء‪ ،‬ولكن ال أستطيع‪.‬‬
‫كان يدخل بيته ومعه كوز ماء فيغلق بابه ويقرأ القرآن ويبكي وينشج‪ ،‬فيسمعه ابن له‬
‫صغير فيقلده في البكاء‪ ،‬فإذا خرج من بيته غسل وجھه واكتحل لكي ال يرى أثر البكاء‬
‫عليه‪.‬‬
‫يقول خادمه‪ :‬دخلت عليه قبل موته بأربعة أيام فقال‪:‬‬
‫يا أبا عبد ﷲ أبشر فقد نزل بي الموت‪ ،‬وقد من ﷲ علي أن ليس عندي درھم‬
‫يحاسبني ﷲ عليه‪ ،‬فقد علم ضعفي فإني وﷲ ال أطيق الحساب‪ ،‬فلم يدع عندي‬
‫شيء يحاسبني عليه فله الحمد‪.‬‬
‫ثم قال لخادمه أغلق علي الباب‪ ،‬وال تأذن ألحد علي حتى أموت وأعلم أني أخرج من‬
‫الدنيا ليس عندي ميراث غير كسائي وإنائي الذي أتوضأ فيه‪ ،‬فغطوا علي بكسائي‬
‫وتصدقوا بإنائي على مسكين يتوضأ فيه‪.‬‬
‫ثم لفظ روحه في اليوم الرابع ليلقى ﷲ ليس معه من الدنيا شيء‪ ،‬فرحمه ﷲ رحمة‬
‫واسعة‪.‬‬
‫خذ القناعة من دنياك وأرضى بھا‪ ........‬لو لم يكن لك فيھا إال راحة البدن‬
‫وانظر إلى من حوى الدنيا بأجمعھا‪ .......‬ھل راح منھا بغير الحنط والكفن‬
‫كفى بالموت واعظا‪.‬‬

‫أھون مما‬
‫ُ‬ ‫وھوله‬
‫ِ‬ ‫شدته‬
‫ِ‬ ‫لكنه مع‬ ‫ً‬
‫سھال‪َ ،‬‬ ‫األمر سينتھي بالموت لكان ھيناً‬
‫ُ‬ ‫وو‪ 9‬لو كان‬
‫الكبير‬
‫ِ‬ ‫ف بين يدي ﷲ‬
‫قرن بالوقو ِ‬
‫ھين إذا ُ َ‬
‫ٌ‬ ‫كل ذلك‬
‫أھون مما يليه‪ُ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ظلمته‬
‫ِ‬ ‫والقبر مع‬
‫ُ‬ ‫يليه‪،‬‬
‫المتعال‪.‬‬
‫المرء يميناً فلم يرى إال ما قدم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫تلفت‬
‫وشماال ً فلم يرى إال ما قدم‪.‬‬
‫ونظر تلقاء وجه فلم يرى إال النار‪.‬‬
‫َ‬
‫حمل‬
‫ٍ‬ ‫كل ذاتِ‬
‫وتضع ُ‬
‫ُ‬ ‫المرضعة عما أرضعت‬
‫ُ‬ ‫تذھل‬
‫ُ‬ ‫موقف ويا لھا من خطوبٍ‬
‫ٍ‬ ‫فيا له من‬
‫الناس سكارى وما ھم بسكارى ولكن عذاب ﷲ شديد‪.‬‬
‫َ‬ ‫حملھا‪ ،‬وترى‬
‫يبلغ العرق أن يلجم الناس إلجاما‪ ،‬والشمس تدنو منھم قدر ميل‪ ،‬فيالھا من أحداثٍ‬
‫أھل‬
‫ٍ‬ ‫لفررت من‬
‫َ‬ ‫بھوله ‪.........‬‬
‫ِ‬ ‫القيامة لو علمت‬
‫ِ‬ ‫يوم‬
‫ُ‬ ‫ويذيب األكباد‪.‬‬
‫ُ‬ ‫يخلع‬
‫ُ‬ ‫تصورھا‬
‫ُ‬ ‫مجرد‬
‫ُ‬
‫أوطان‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ومن‬
‫روي عن الحسن رضي ﷲ عنه‪:‬‬
‫حجر عائشة‪ ،‬فنعس‬
‫ِ‬ ‫رأسه ذات يوم في‬
‫ُ‬ ‫أن رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم( كان‬
‫رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم(‪ ،‬فأستيقظَ‬
‫َ‬ ‫خد‬
‫دموعھا على ِ‬
‫ُ‬ ‫فتذكرت اآلخرة فسالت‬
‫بدموعھا ورفع رأسه وقال ما يبكيك؟‬
‫يوم القيامة؟‬
‫َ‬ ‫أھليكم‬
‫ُ‬ ‫تذكرون‬
‫َ‬ ‫ذكرت اآلخرة‪ ،‬فھل‬
‫ُ‬ ‫قالت يا رسول ﷲ‬
‫يذكر إال‬
‫ُ‬ ‫مواطن فإن أحداً ال‬
‫َ‬ ‫ثالثة‬
‫ِ‬ ‫قال )صلى ﷲ عليه وسلم( والذي نفسي بيده في‬
‫نفسه‪:‬‬
‫َ‬
‫ميزانه أم يثقل‪.‬‬
‫ُ‬ ‫أيخف‬
‫ُ‬ ‫أدم‬
‫َ‬ ‫أبن‬
‫ينظر ُ‬
‫َ‬ ‫وضعت الموازين حتى‬
‫ِ‬ ‫إذا‬
‫بشماله‪.‬‬
‫ِ‬ ‫يأخذ أم‬
‫ُ‬ ‫أبيمينه‬
‫ِ‬ ‫ينظر‬
‫َ‬ ‫وعند الصحف حتى‬
‫وجھه في جھنم‪.‬‬
‫ِ‬ ‫أيمر أم يكردس على‬
‫َ‬ ‫ينظر‬
‫َ‬ ‫وعند الصراط حتى‬
‫واقف بين‬
‫ٌ‬ ‫نفسك يا عبد ﷲ وأنت‬
‫ِ‬ ‫يوقف بين كفتي الميزان‪ ،‬فتصور‬
‫ُ‬ ‫يؤتي بإبن أدم حتى‬
‫العرض على ِ‬
‫ﷲ الكبير المتعال‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ھلم إلى‬
‫َ‬ ‫نودي باسمك‪،‬‬
‫َ‬ ‫الخالئق إذ‬
‫َ‬
‫تضطرب رجالك وجميع جوار‪ ،‬قلبك لدى حنجرتك‪،‬‬
‫ُ‬ ‫فرائصك‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ترتعد‬
‫ُ‬ ‫قمت ولم يقم غيرك‬
‫َ‬
‫وذل وانھيار أعصاب‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫خوفٌ‬
‫أبليته ؟‬
‫َ‬ ‫شبابك في ما‬
‫َ‬
‫أفنيته ؟‬
‫َ‬ ‫عمرك فيما‬
‫ُ‬
‫أنفقته ؟‬
‫َ‬ ‫اكتسبته وفيما‬
‫َ‬ ‫مالُك من أين‬
‫عملت به ؟‬
‫َ‬ ‫علمك ماذا‬
‫ُ‬
‫اإلجابة‪.‬‬
‫ُ‬ ‫األسئلة فما‬
‫ُ‬ ‫ھذه‬
‫أثبتھا عليك الملك‪.‬‬
‫َ‬ ‫نسيتھا قد‬
‫َ‬ ‫كبيرة‬
‫ٍ‬ ‫كم من‬
‫أحدثتھا‪.‬‬
‫َ‬ ‫بليت‬
‫ٍ‬ ‫كم من‬
‫أمام عينيك‪.‬‬
‫َ‬ ‫سريرة كتمتھا ظھرت وبدت‬
‫ٍ‬ ‫كم من‬
‫وأعظم به من حيا ٍء‬
‫ِ‬ ‫خافية‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫سائل ال تخفى عليه‬
‫ٍ‬ ‫أعظم به من موقف‪ ،‬وأعظم به من‬
‫ِ‬
‫وأسف شديد‪ ،‬فإما أن يقول ﷲ‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫وحزن‬
‫ٍ‬ ‫يداخلُك وغم‬
‫لسرورك وھدئت بالك‬
‫ِ‬ ‫عليك في الدنيا وأنا أغفرھا لك اليوم‪ .‬فيا‬
‫َ‬ ‫سترتھا‬
‫ُ‬ ‫يا عبدي أنا‬
‫ً‬
‫سعادة ال يشقى بعدھا أبدا‪.‬‬ ‫فالن أبن فالن‬
‫ُ‬ ‫سعد‬
‫َ‬ ‫واطمئنان قلبك والمنادي ينادي‪:‬‬
‫الجحيم صلوه‬
‫َ‬ ‫يقول ﷲ – عافاك وسلمك ﷲ– إما أن يقول‪ :‬خذوه فغلوه ثم‬
‫َ‬ ‫وأما أن‬
‫جھنم مسود الوجه‪ ،‬كتابك في شمالك ومن وراء ظھرك قد غلت‬
‫َ‬ ‫فيذھب بك إلى‬
‫ُ‬
‫فالن أبن فالن‬
‫ُ‬ ‫عار على رؤوس الخالئق ينادى‪ :‬شقي‬
‫ٍ‬ ‫ناصيتك إلى قدمك‪ ،‬أي خزي وأي‬
‫يسعد بعده أبدا‪.‬‬
‫ُ‬ ‫شقاوة ال‬
‫عباد ﷲ‪:‬‬
‫األمر خطير جد خطير‪ ،‬إبليس قد قطع العھد على نفسه ليغوينكم أجمعين‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫وعزتك وجاللك يا رب ال أزال اغويھم ما دامت أرواحھم في أجسادھم‪.‬‬
‫وﷲ برحمته ومنه يقول‪:‬‬
‫وعزتي وجاللي ال أزال أغفر لھم ما استغفروني‪.‬‬
‫فالبدار البدار‪ ،‬والتوبة التوبة‪ ،‬واالستغفار االستغفار ال يھلك إال ھالك‪ ،‬وال يشقى إال‬
‫شقي‪.‬‬
‫أكثروا من ذكر ھادم اللذات‪.‬‬
‫زوروا المقابر فإنھا تذكركم اآلخرة‪.‬‬
‫احضروا المحتضرين معتبرين‪.‬‬
‫اصدقوا ﷲ يصدقكم‪.‬‬
‫احفظوه يحفظكم وعاملوا ﷲ فلن تخيبوا‪.‬‬
‫يظلَ ُ َ‬
‫مون(‪.‬‬ ‫وھم ال ُ ْ‬ ‫نفسٍ َما َ َ َ ْ‬
‫كسبت َ ُ ْ‬ ‫كل َ ْ‬ ‫ثم ُ َ ﱠ‬
‫توفى ُ ﱡ‬ ‫الله ُ ﱠ‬ ‫فيه ِ َ‬
‫إلى ﱠ ِ‬ ‫يوماً ُ ْ َ ُ َ‬
‫ترجعون ِ ِ‬ ‫واتقوا َ ْ‬
‫) َ ﱠُ‬
‫نفعني ﷲ وإياكم بالقرآن وبسنة سيد األنام عليه الصالة والسالم‪ ،‬وآخر دعوانا أن‬
‫الحمد ‪ 9‬رب العالمين‪.‬‬
‫عباد ﷲ‪:‬‬
‫اعلموا أن اآلمال تطوى‪ ،‬واألعمار تفنى‪ ،‬واألبدان تحت التراب تبلى‪ ،‬والليل والنھار يقربان‬
‫كل بعيد ويبليان كل جديد‪ ،‬وفي ذلك وﷲ ما يلھي عن الشھوات‪ ،‬ويسلي عن اللذات‪،‬‬
‫ويرغب في الباقيات الصالحات‪.‬‬
‫لتفتوا وانظروا وتدبروا وتأملوا بعيون قلوبكم أين من كان حولكم‪:‬‬
‫أين من كان حولكم ‪ ......‬من ذوي البأس والخطر‬
‫سائلوا عنھم الديار‪ .......‬واستبحثوا الخبر‬
‫سبقونا إلى الرحيل‪ .......‬وإنا على األثر‬
‫الملك‬
‫ِ‬ ‫عبد‬
‫ُ‬ ‫أبن مروان‪ ،‬فلما مات‬
‫ابن معاوية خال لعبد الملك ُ‬
‫ابن يزيد ُ‬
‫كان عبد الرحمن ُ‬
‫الرحمن قائال ً‪:‬‬
‫ُ‬ ‫عليه عبد‬
‫ِ‬ ‫وقف‬
‫َ‬ ‫قبره‪،‬‬
‫الناس عن ِ‬
‫ُ‬ ‫ودفن وتفرق‬
‫َ‬
‫تصبح‬
‫ُ‬ ‫فأخافك‪ ،‬اآلن‬
‫ُ‬ ‫وتتوعدني‬
‫ُ‬ ‫كنت تعدوني خيراً فأرجوك‪،‬‬
‫َ‬ ‫عبد الملك‪ ،‬أنت من‬
‫ُ‬ ‫أنت‬
‫َ‬
‫أذرعٍ‬
‫أربعة ُ‬
‫ِ‬ ‫ملكك سوى ترابِ‬
‫وليس لك من ُ ِ َ‬
‫َ‬ ‫ثوبك‪،‬‬
‫ملكك غير ُ‬
‫ِ‬ ‫معك من‬
‫َ‬ ‫وليس‬
‫َ‬ ‫وتمسي‬
‫في ذراعين‪.‬‬
‫فأجتھد‬
‫َ‬ ‫أھله‬
‫ِ‬ ‫رجع إال‬
‫َ‬ ‫نعيمھا‪ ،‬ثم‬
‫ُ‬ ‫يدوم‬
‫ُ‬ ‫أف لدنياً ال‬
‫أف ثم ٍ‬
‫وضيع‪ٍ ،‬‬
‫ٌ‬ ‫حقير‬
‫ٌ‬ ‫ھين‬
‫ٌ‬ ‫لملك‬
‫ٌ‬ ‫إنه‬
‫نفسه في‬
‫َ‬ ‫الباقية‪ ،‬حتى كان كأنه شن بال من كثرة ما أجھد‬
‫َ‬ ‫العبادة وعلم أنھا‬
‫ِ‬ ‫وجد في‬
‫العبادة‪.‬‬
‫يعاتبه ألنه أضر بنفسه‪ ،‬فقال لمن عاتبه‪:‬‬
‫َ‬ ‫فدخل عليه بعض‬
‫َ‬
‫أسألك عن شيء فھل تصدقني فيھا‪ ،‬قال نعم‪.‬‬
‫َ‬
‫أنت عليھا أترضاھا حين يأتيك الموت؟‬
‫َ‬ ‫حالتك التي‬
‫ِ َ‬ ‫نشدتك ﷲ عن‬
‫ُ‬ ‫قال‬
‫قال اللھم ال‪.‬‬
‫أعزمت على انتقال منھا إلى غيرھا؟‪،‬‬
‫َ‬ ‫نشدتك ﷲ‬
‫ُ‬ ‫قال‬
‫اللھم لم أشاور عقلي بعد‪.‬‬
‫َ‬ ‫قال‬
‫الحالة التي أنت عليھا؟‬
‫ِ‬ ‫لك الموتِ على‬
‫يأتيك م ُ‬
‫َ‬ ‫قال افتأمن أن ال‬
‫قال اللھم ال آمن‪.‬‬
‫الطائر إذا علم أن األنثى‬
‫َ‬ ‫قلب ولب‪ ،‬إن‬
‫ٍ‬ ‫عاقل وما يقيم عليھا ذو‬
‫ٌ‬ ‫حال ما أقام عليھا‬
‫ُ‬ ‫فقال‬
‫قد حملت البيض‪ ،‬أخذ ينقل العيدان لبناء العش قبل الوضع‪.‬‬
‫ويسد عليك فيه‬
‫ُ‬ ‫ستنفرد فيه وح َدك‪،‬‬
‫ُ‬ ‫القبر الذي‬
‫ِ‬ ‫رحيلك إلى‬
‫ِ‬ ‫أفتراك ما علمت ُقرب‬
‫ُ‬
‫فألنفسھم‬
‫ِ‬ ‫عملت لك فراشاً من تقوى ﷲ‪ ،‬فمن عمل صالحاً‬ ‫َ‬ ‫وحدك‪ ،‬آال‬
‫َ‬ ‫بالطين‬
‫ِ‬
‫يمھدون‪.‬‬
‫واثق‬
‫ُ‬ ‫به أنت‬
‫يومك اآلتي ِ‬
‫عليك بعائد ‪ ........‬وال ُ َ‬
‫َ‬ ‫يومك الماضي‬
‫فال ُ‬
‫فاستعد وأعد‪.‬‬
‫يا شابا عكف على القرآن‪:‬‬
‫مسجده ومصاله‪ ،‬والمسجد مظھره ومخبره اسأل ﷲ الثبات‪ ،‬وازدد من الحسنات‪،‬‬
‫واجعل اآلخرة ھمك يجعل ﷲ غناك في قلبك ويجمع لك شمل‪ ،‬وتأتيك الدنيا راغمة‪،‬‬
‫فجد وسارع واغتنم زمن الصبا‪.‬‬
‫و يا شابا ھجر القرآن‪:‬‬
‫عليك‬
‫َ‬ ‫وليركبن‬
‫َ‬ ‫الخليل به الخليل‪،‬‬
‫ُ‬ ‫لتقفن موقفاً ينسى‬
‫َ‬ ‫نفسه ھواھا فدساھا‪،‬‬
‫َ‬ ‫وأعطى‬
‫فالعود أحمد‬
‫ُ‬ ‫والصغير والكبير‪ ،‬فعد‬
‫ِ‬ ‫والقطمير‬
‫ِ‬ ‫النقير‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ولتسألن عن‬
‫َ‬ ‫ثقل ثقيل‪،‬‬
‫ُ‬ ‫من الثرى‬
‫تقول ربي ارجعون فال رجوع‪:‬‬
‫َ‬ ‫قبل أن‬
‫وسھو وسبات‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫لھو‬
‫ٍ‬ ‫وقتك في‬
‫العمر وفات‪ ،‬يا أسير الشھوات‪ ،‬ومضى ُ‬
‫ُ‬ ‫ذھب‬
‫َ‬
‫يا شيخا اقترب من القبر‪:‬‬
‫عرف أنه منه قاب قوسين أو أدنى‪ ،‬فأكثر من االستغفار‪ ،‬وحبل لسانه عن الزور‪ ،‬ورعى‬
‫بشراك بشراك‪ ،‬ضاعف العمل فإن الخيل إذا‬
‫َ‬ ‫رعيته كما ينبغي‪ ،‬وعرف قدر يومه وليلته‬
‫وصلت إلى نھاية السباق قدمت كل ما لديھا من قوة لتفوز بالجائزة‪.‬‬
‫ويا شيخا نسي ﷲ في شيخوخته بعد شبابه‪:‬‬
‫فارتكب الجرائم وقارف الكبائر ووقف على عتبة الموت‪ ،‬أين الھوى والشھوات؟ ذھبت‬
‫العود وھيھات‪.‬‬
‫وبقيت التبعات‪ ،‬تتمنى بعد يبس العود َ َ‬
‫يا من شاب رأسه فما استحي من ﷲ‪:‬‬
‫يا من شاب رأسه فانتھك حدود ﷲ وأعرض عن منھج ﷲ تب إلى ﷲ قبل أن تكون‬
‫ممن ال يكلمھم ﷲ يوم القيامة وال يزكيھم ولھم عذاب أليم‪.‬‬
‫وأتبع الشھوات‪.‬‬
‫َ‬ ‫ضيع الصالة‬
‫َ‬ ‫إلى من‬
‫إلى المنافقين والزناة‪.‬‬
‫الظلمة والبغاة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫إلى‬
‫إلى من طغى وآثر الحياة الدنيا‪.‬‬
‫والنمامين والحاسدين وأكلة الربا‪.‬‬
‫َ‬ ‫المغتابين‬
‫َ‬ ‫إلى‬
‫وتحصيل من في السرائر‪.‬‬
‫َ‬ ‫بعثرة المقابر‬
‫َ‬ ‫التكاثر فنسوا‬
‫َ‬ ‫إلى من ألھاھم‬
‫واستقبال القاذورات‪.‬‬
‫ِ‬ ‫بمشاھدة المسلسالت‬
‫ِ‬ ‫إلى من أضنى عينيه‬
‫أذنه باستماعِ األغنيات‪.‬‬
‫إلى من طربت ُ‬
‫إلى من شغلته أمواله المحرمة والشركات‪.‬‬
‫عداد األموات‪.‬‬
‫ِ‬ ‫فكان حياً وھو في‬
‫َ‬ ‫بصره وأصم سمعه‬
‫َ‬ ‫إلى من أعمى الھوى‬
‫السكر والمخدرات‪.‬‬
‫ِ‬ ‫وأھل‬
‫ِ‬ ‫إلى الراشين والمرتشين‬
‫إلى المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب‪.‬‬
‫إلى الكاسيات العاريات‪.‬‬
‫لعصاة جميعاً‪.‬‬
‫ِ‬ ‫إلى ا‬
‫والقبر والحسابِ أين المفر‪ ،‬أين المفر؟‬
‫ِ‬ ‫من الموتِ‬
‫يومئذ ْ ُ ْ َ َ ﱡ‬
‫المستقر(‪.‬‬ ‫ربك َ ْ َ ِ ٍ‬ ‫وزر * ِ َ‬
‫إلى َ ِ ّ َ‬ ‫) َ ﱠ‬
‫كال ال َ َ َ‬
‫عنھم َما َ ُ‬
‫كانوا‬ ‫يوعدون * َما َ ْ َ‬
‫أغنى َ ْ ُ ْ‬ ‫جاءھم َما َ ُ‬
‫كانوا ُ َ ُ َ‬ ‫ثم َ َ ُ ْ‬ ‫سنين * ُ ﱠ‬
‫متعناھم ِ ِ َ‬
‫إن َ ﱠ ْ َ ُ ْ‬ ‫) َ َ ََْ َ‬
‫أفرأيت ِ ْ‬
‫ن(‪.‬‬
‫يمتعو َ‬
‫ُ َﱠ ُ‬
‫عباد ﷲ‪ :‬آن األوان أن نعلنھا توبة إلى ﷲ باللسان والجنان‪.‬‬
‫اللھم صلى على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراھيم وعلى آل إبراھيم إنك‬
‫حميد مجيد‪.‬‬
‫وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراھيم وعلى آل إبراھيم انك حميد‬
‫مجيد‪.‬‬
‫اللھم آتي نفوسنا تقواھا‪.‬‬
‫اللھم زكھا أنت خير من زكاھا أنت وليھا ومولھا‪ .‬وأنت أرحم الراحمين‪.‬‬
‫اللھم أعز اإلسالم والمسلمين وأنصر عبادك الموحدين‪.‬‬
‫اللھم ارحم من ال راحم له سواك‪ ،‬وال ناصر له سواك وال مأوى له سواك‪ ،‬وال مغيث له‬
‫سواك‪.‬‬
‫اللھم ارحم سائلك ومؤملك ال منجى له وال ملجئ إال إليك‪.‬‬
‫اللھم كن للمستضعفين والمضطھدين والمظلومين‪.‬‬
‫اللھم فرج ھمھم ونفس كربھم وارفع درجتھم واخلفھم في أھلھم‪.‬‬
‫اللھم أنزل عليھم من الصبر أضعاف ما نزل بھم من البالء‪.‬‬
‫يا سميع الدعاء‬
‫ﷲ ارحم موتى المسلمين‪ ،‬اللھم إنھم عبيدك بنوا عبيدك بنو إمائك احتاجوا إلى‬
‫رحمتك وأنت غني عن عذابھم‪ ،‬ﷲ زد في حسناتھم‪ ،‬وتجاوز عن سيئاتھم أنت أرحم‬
‫بھم وأنت أرحم الراحمين‪.‬‬
‫سبحان ربك رب العزة عن ما يصفون وسالم على المرسلين‬
‫والحمد ‪ 9‬رب العالمين‪.‬‬

‫فضيلة الشيخ ‪ /‬علي عبد الخالق القرني‬

‫صفحة صدق‬

‫إن الحمد ‪ 9‬نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه‪.‬‬


‫ونعوذ با‪ 9‬من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا‪ ،‬من يھد ﷲ فال مضل له ومن يضلل فال‬
‫ھادي له‪.‬‬
‫أشھد أن ال إله إال ﷲ وحده ال شريك له الملك وله الحمد وھو على كل شيء قدير‪.‬‬
‫أشھد أن محمدا عبد ﷲ ورسوله‪ ،‬أرسله ﷲ رحمة للعالمين فشرح به الصدور وأنار به‬
‫العقول‪ ،‬وفتح به أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا‪.‬‬
‫صلى ﷲ عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لھم بإحسان وسلم تسليما كثيرا‪.‬‬
‫مسلمون( )آل عمران‪(١٠٢:‬‬ ‫إال َ َ ْ ُ ْ‬
‫وأنتم ُ ْ ِ ُ َ‬ ‫موتن ِ ﱠ‬
‫تقاته َوال تَ ُ ُ ﱠ‬
‫حق ُ َ ِ ِ‬ ‫اتقوا ﱠ َ‬
‫الله َ ﱠ‬ ‫آمنوا ﱠ ُ‬
‫الذين َ ُ‬ ‫) َيا َ ﱡ َ‬
‫أيھا ﱠ ِ َ‬
‫أما بعد عباد ﷲ‪:‬‬
‫اتقوا ﷲ واعلموا أن المحن محك ال يخطأ‪ ،‬وميزان ال يظلم‪ ،‬يكشف عن ما في القلوب‪،‬‬
‫ويظھر مكنونات الصدور‪ ،‬ينتفي معه الزيف والرياء‪ ،‬وتنكشف معه حقيقة الصدق بجالء‪.‬‬
‫إن المحن تطھير ليس معه زيف وال دخل‪ ،‬وتصريح ال يبقى معه غبش وال خلل‪ ،‬إنھا‬
‫لتفتح في القلب منافذ ما كان ليعلمھا المؤمن عن نفسه لوال المحن‪.‬‬
‫قد يظن اإلنسان في نفسه قبل المحن التجرد والنزاھة‪ ،‬فإذا وقعت الواقعة تبين من‬
‫بكى ممن تباكى‪ ،‬تبين الغبش من الصفاء والھلع من الصبر‪ ،‬والصدق من الكذب‪ ،‬والثقة‬
‫من القنوط‪.‬‬
‫عندھا يدرك المرء أنه بحاجة إلى تمحيص ومراجعة‪ ،‬فمن الخير له أن يستدرك نفسه‬
‫قبل أن يكون عبرة ويقع ضحية‪.‬‬
‫الصدور( )آل‬
‫ﱡ ُ ِ‬ ‫بذاتِ‬
‫عليم ِ َ‬ ‫ُوبكم َ ﱠ ُ‬
‫والله َ ِ ٌ‬ ‫وليمحص َما ِفي ُقل ِ ُ ْ‬
‫صدوركم َ ِ ُ َ ِ ّ َ‬ ‫وليبتلي ﱠ ُ‬
‫الله َما ِفي ُ ُ ِ ُ ْ‬ ‫) َََِِْ َ‬
‫عمران اآلية‪.(١٥٤‬‬
‫بالمحن تستيقظ الضمائر وترق القلوب وتتوجه إلى بارئھا تضرع إليه وتطلب رحمته‬
‫وعفوه‪ ،‬معلنة تمام العبودية والتسليم الكامل له ال حول وال قوة إال به‪.‬‬
‫ال مھرب منه إال إليه‪ ،‬ما شاء كان وما لم يشاء لم يكن‪ ،‬ال معقب لحكمه ال إله إال ھو‪.‬‬
‫باق فال يفنى وال يبيد ‪ ........‬وال يكون غير ما يريد‬
‫منفرد بالخلق واإلرادة ‪ ......‬وحاكم جل بما أراده‬
‫سبحانه وبحمده‪.‬‬
‫عباد ﷲ‪:‬‬
‫وصور المحن والمنح في السيرة جليلة وكثيرة‪ ،‬وجديرة بالتملي والتأمل‪.‬‬
‫سيرة المصطفى )صلى ﷲ عليه وسلم(‬
‫َ‬ ‫والحديث كما تعلمون بل كما تشعرون عن‬
‫مطمئنة‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫ھانئة‬
‫ٌ‬ ‫باإليمان‬
‫ِ‬ ‫قلوب‬
‫ُ‬ ‫تأنس به‬
‫ُ‬ ‫المؤمنة‪،‬‬
‫ُ‬ ‫النفوس‬
‫ُ‬ ‫تحبه وتُجلُه‬
‫حديث ُ ُ‬
‫ٌ‬ ‫وصحبه‬
‫ِ‬
‫األنفس بأبي ھو وأمي )صلى‬
‫ُ َ‬ ‫وتوقيره قد ُأشربت به‬
‫ُ‬ ‫واألفئدة‪،‬‬
‫ِ‬ ‫شغاف القلوبِ‬
‫ِ‬ ‫حبه في‬
‫ُ‬
‫ﷲ عليه وسلم(‪.‬‬
‫المحنة‬
‫َ‬ ‫خاللھا‬
‫ِ‬ ‫نقية لنرى من‬
‫ٍ‬ ‫صفحة صدقٍ بيضاء‬
‫َ‬ ‫لنتصفح ونتفحص‬
‫َ‬ ‫فھلم ھلم عباد ِ‬
‫ﷲ‬ ‫َ‬
‫وعضاتھا فقد ُملئت عبراً وعبرات‪ ،‬وفكراً‬
‫عبرھا ِ َ‬‫َ‬ ‫لنعلم‬
‫َ‬ ‫صورھا‪ ،‬وبالصدقِ ُتتخطى‪،‬‬
‫ِ‬ ‫بكل‬
‫ِ‬
‫بارز‬
‫ٌ‬ ‫المضاضه ومع ذلك‬
‫ِ‬ ‫شديد‬
‫ُ‬ ‫األقربين فيھا‬
‫َ‬ ‫ھجر‬
‫ُ‬ ‫ونظرات‪ ،‬دموعاً حرى وحسرات‪،‬‬
‫تذرف منھا‬
‫ُ‬ ‫صفحة ملئت بأحداثٍ‬
‫ٌ‬ ‫وتزلف المناوئين والمنافقين فيھا مشرئب زاخر‪،‬‬
‫ُ‬ ‫وظاھر‪،‬‬
‫بالصبر على‬
‫ِ‬ ‫واإلخالص والقدوة‬
‫َ‬ ‫صفحة جسدت الصدق‬‫ٌ‬ ‫وتخشع لھا القلوب‪،‬‬
‫ُ‬ ‫الدموع‪،‬‬
‫والشكر على السراء تطبيقاً عملياً ماثال‪.‬‬
‫ِ‬ ‫الضراء‬
‫رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم( أصحابه لمالقاة من؟‬
‫ُ‬ ‫باستنفار‬
‫ِ‬ ‫صفحة ُبدئت‬
‫ٌ‬ ‫إنھا‬
‫وﷲ‬
‫ُ‬ ‫نور ﷲ بأفواھھم‬
‫لمالقاة الروم يوم تحركوا بعسكرھم وفكرھم ودسائسھم يطفئوا َ‬
‫نوره ولو كره الكافرون‪.‬‬
‫متم ِ‬
‫ُ‬
‫جھد مضنيٍ ونفقاتٍ‬
‫ٍ‬ ‫قاسية‪ ،‬في‬
‫ٍ‬ ‫وظروف‬
‫ٍ‬ ‫أيام قائظة‬
‫ٍ‬ ‫استنفار وأي استنفار في‬
‫ٌ‬ ‫إنه‬
‫ليسطر في آياتِ في آيات‬
‫َ‬ ‫االمتحان‬
‫ِ‬ ‫باھظة‪ ،‬طابت الثمار‪ ،‬واستوى الظالل‪ ،‬وعندھا بدأ‬
‫ٍ‬
‫الكتاب بإفاضة واستيعاب‪ ،‬أفاضت آيات ﷲ في أنباء الطائعين والمثبطين‪ ،‬واستوعبت‬
‫أنباء المخلصين والقاعدين‪ ،‬فيالھا من مشاھد وأحداث تتنوع وتثير‪.‬‬
‫َ‬
‫ورسوله‪ ،‬ويتولى الذين لم يجدوا ما‬ ‫ﷲ‬
‫ويقعد الذين كذبوا َ‬
‫َ‬ ‫ليؤذن لھم‪،‬‬
‫يجيء المعذرون ُ َ‬
‫دموعھم حزناً أن ال يجدوا ما ينفقون‪.‬‬
‫ِ‬ ‫يحملون عليه بفيضِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫يفقھون( )التوبة‪:‬‬
‫كانوا َ ْ َ ُ َ‬ ‫حراً َ ْ‬
‫لو َ ُ‬ ‫جھنم َ َ ﱡ‬
‫أشد َ ّ‬ ‫نار َ َ ﱠ َ‬
‫قل َ ُ‬
‫حرّ ُ ْ‬ ‫تنفروا ِفي ْ‬
‫ال َ ِ‬ ‫ويرجف المرجفون ) ال َ ْ ِ ُ‬
‫ُ‬
‫اآلية‪.(٨١‬‬
‫وفي ْ ِ ْ َ ِ‬
‫الفتنة وقع‪ ،‬فر من الموت وفي‬ ‫تفتني ِ‬ ‫يقول ْ َ ْ‬
‫ائذن ِلي َوال َ ْ ِ ِّ‬ ‫والساقط في الفتنة َ ُ ُ‬
‫الموت وقع‪.‬‬
‫وآخرون يلمزون ويسخرون من المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين ال يجدون إال‬
‫بإذن ﱠ ِ‬
‫الله‪.‬‬ ‫سابق ِ ْ َ ْ َ‬
‫بالخيراتِ ِ ِ ْ ِ‬ ‫ومنھم َ ِ ٌ‬
‫مقتصد َ ِ ْ ُ ْ‬
‫جھدھم‪،‬فمنھم ُ ْ َ ِ ٌ‬
‫ِْ ُ ْ‬
‫أنفسھم‪،‬‬
‫ُ‬ ‫غلبتھم‬
‫ُ‬ ‫شك وال عن نفاقٍ لكن‬
‫ٍ‬ ‫رجال تخلفوا عن ركب المؤمنين ال عن‬
‫ٌ‬ ‫ومنھم‬
‫ﷲ عنھم وأرضاھم‪.‬‬
‫ومعتقدھم رضي ُ‬
‫ِ‬ ‫سالمة إيمانھم‬
‫ِ‬ ‫ضعفھم البشري مع‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وأدركھم‬
‫ً‬
‫مرة‬ ‫بلغه‬
‫بالقول ما َ‬
‫ِ‬ ‫رجل منا‬
‫ٍ‬ ‫آلف‬
‫ُ‬ ‫يبلغ‬
‫َ‬ ‫صحابي جليل‪ ،‬مجاھد نحرير لن‬
‫ٌ‬ ‫على رأسِ ھؤالء‬
‫غير معصوم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫بشريته‬
‫ُ‬ ‫بشر تبقى له‬
‫ٌ‬ ‫لكنه‬ ‫ً‬
‫واحدة بالفعل‪َ ،‬‬
‫أھي‬
‫َ‬ ‫التوبة‬
‫ِ‬ ‫وحقيقة‬
‫َ‬ ‫الخطيئة ‪،‬‬
‫ِ‬ ‫قصة‬
‫َ‬ ‫تتضمن‬
‫ُ‬ ‫حياته‪ ،‬صفحة‬
‫ِ‬ ‫صفحات‬
‫ِ‬ ‫صفحة من‬
‫ٍ‬ ‫لنقف مع‬
‫َ‬
‫البالغ في النفسِ‬
‫ُ‬ ‫والتأثر‬
‫ُ‬ ‫لعمل الجوارحِ واألركان‬
‫ِ‬ ‫الدافع‬
‫ُ‬ ‫الندم‬
‫ُ‬ ‫ھي‬
‫َ‬ ‫باللسان أم‬
‫ِ‬ ‫قول‬
‫ٌ‬
‫والجنان‪.‬‬
‫صفحتنا مثبتة في الصحيحين‪ ،‬راويھا صاحب المعاناة فيھا‪ ،‬فأسمع إليه عبد ﷲ تجد‬
‫كالمه يدخل األذن بال إذن‪ ،‬أصغ إليه وھو يتحدث عن نفسه ويخبرنا عن سوف كيف‬
‫صنعت به‪ ،‬فيقول وقد تخلف عن تبوك‪:‬‬
‫وكان من خبري حين تخلفت عن رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم( في تبوك أني لم‬
‫أكن قط أقوى وال أيسر مني حين تخلفت عنه في تلك الغزوة‪ ،‬وﷲ ما اجتمعت عندي‬
‫راحلتان قبلھا قط‪ ،‬ولم يكن رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم( يريد غزوة إال ورى بغيرھا‬
‫حتى كانت تلك الغزاة‪ ،‬في حر شديد واستقبل سفرا بعيد ومفازا وعدوا كثيرا‪ ،‬فجلى‬
‫للمسلمين أمرھم ليتأھبوا أھبة غزوھم فأخبرھم بوجه الذي يريد‪.‬‬
‫والمسلمون مع رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم( كثير ال يكاد يجمعھم كتاب فما رجل‬
‫يريد أن يتغيب إال ظن أنه سيخفى ما لم ينزل وحي ﷲ‪.‬‬
‫وغزا رسول ﷲ )صلى اللله عليه وسلم( والمسلمون معه‪ ،‬يقول فطفقت أغدو لكي‬
‫قادر عليه فلم يزل يتمادى‬
‫ٌ‬ ‫فأقول في نفسي أنا‬
‫ُ‬ ‫شي‪،‬‬
‫ً‬ ‫أتجھز معھم فأرجع ولم أقضي‬
‫بي حتى اشتد بالناس الجد‪ ،‬وأصبح رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم( والمسلمون‬
‫بيوم أو يومين ثم ألحقھم‪ ،‬فغدوت‬
‫ٍ‬ ‫معھم ولم أقضي من جھازي شيئا‪ ،‬فقلت أتجھز بعده‬
‫بعد أن فصلوا ألتجھز فرجعت ولم أقضي شيئا‪.‬‬
‫قال فلم يزل بي ذلك حتى أسرعوا وتـفارط الغزو وفات‪ ،‬وھممت أن ارتحل فادركھم ‪-‬‬
‫وليتني فعلت ‪ -‬فلم يقدر لي ذلك‪ ،‬ويأخذ ذلك من كعب مآخذه‪ ،‬وتبلغ الحاسبة ذروتھا‬
‫ولسان حاله‪:‬‬
‫ندمت ندامة لو أن نفسي‪ ......‬تطاوعني إذا لقطعت خمسي‬
‫عباد ﷲ ‪:‬‬
‫كعب‬
‫ٍ‬ ‫مشكلة‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫سوف وھذه وﷲ ليست‬ ‫يوم مع‬
‫ٍ‬ ‫يعيش كل‬
‫ُ‬ ‫إن كعباً رضي ُ‬
‫ﷲ عنه‬
‫الشيطان أن‬
‫ُ‬ ‫مشكلة التسويف‪ ،‬استطاع‬
‫ٌ‬ ‫كبيرة في أمة اإلسالم‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫مشكلة‬
‫ٌ‬ ‫فحسب‪ ،‬إنھا‬
‫األعمال قد‬
‫ِ‬ ‫كثير من‬
‫ِ‬ ‫بيننا وبين‬
‫حال َ‬
‫َ‬ ‫نشعر‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ونحن ال‬
‫ُ‬ ‫يلج إلينا من ھذا البابِ الواسع‬
‫عزمنا على فعلھا ‪ ،‬فقلنا سوف نعملھا ثم لم نعمل‪:‬‬
‫الموت وما تاب‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وداھمه‬
‫َ‬ ‫مذنب قال سوف أتوب‬
‫ٍ‬ ‫كم من‬
‫َ‬
‫سوف‪.‬‬ ‫الخير‬
‫ِ‬ ‫بينه وبين‬
‫الموت ولم يستطع ذلك حال َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وأدركه‬ ‫للخير عازم عليه‬
‫ِ‬ ‫كم من باغٍ‬
‫َّ‬
‫سوفه‪.‬‬ ‫الخير‬
‫ِ‬ ‫عازم على‬
‫ٍ‬ ‫كم من‬
‫كم ساع إلى فضيلة سوف ثبطته وقيدته‪.‬‬
‫جنود إبليس‪.‬‬
‫ِ‬ ‫جندي من‬
‫ٌ‬ ‫بتدارك الوقت وترك التسويف فإن سوف‬
‫ِ‬ ‫الحزم‬
‫َ‬ ‫فالحزم‬
‫فأطرح سوف وحتى ‪ ........‬فھما داء دخيل‬
‫يقول كعب‪:‬‬
‫ُ‬
‫خرجت في الناس بعد خروج رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم( أحزنني أن ال‬
‫ُ‬ ‫فكنت إذا‬
‫ُ‬
‫أرى أسوة لي إال رجال ً مغموصا علي النفاق‪ ،‬أو رجال ممن عذره ﷲ من الضعفاء واللذين‬
‫ال يجدون ما ينفقون‪.‬‬
‫جالس بين‬
‫ُ‬ ‫بلغ تبوك فقال وھو‬
‫رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم( حتى َ‬
‫َ‬ ‫ولم يذكرني‬
‫أصحابه‪:‬‬
‫ِ‬
‫فعل كعب ؟‬
‫َ‬ ‫ما‬
‫حبسه برداه ونظره في عطفيه ) أي إعجابه‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫سلمة‪ :‬يا رسول ﷲ‬ ‫رجل من بني‬
‫ُ‬ ‫فقال‬
‫بنفسه(‪.‬‬
‫رسول ﷲ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫وﷲ يا‬ ‫األمر وھو يعلم من أخيه ما يعلم‪ :‬بئس ما قلت‬
‫َ‬ ‫استنكر‬
‫َ‬ ‫معاذ وقد‬
‫ُ‬ ‫فقال‬
‫فسكت )صلى ﷲ عليه وسلم(‪.‬‬
‫َ‬ ‫ما علمنا عليه إال خيرا‪.‬‬
‫أيھا المسلمون‪:‬‬
‫عرض أخيه المسلم‬
‫ِ‬ ‫ينال من‬
‫ُ‬ ‫يسعه السكوت وھو يرى من‬
‫ﷲ عنه لم َ َ‬ ‫ً‬
‫معاذ رضي ُ‬ ‫إن‬
‫يفعل البعض‪ ،‬كيف يسكت وھو يعلم قول‬
‫ُ‬ ‫فيسكت كما‬
‫َ‬ ‫فبادر باإلنكار‪ ،‬لم تغلبه المجاملة‬
‫َ‬
‫رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم(‪:‬‬
‫) كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه‪ ،‬من رد عن عرض أخيه رد ﷲ عن‬
‫عرضه وعن وجھه النار يوم القيامة(‪ .‬ويھو يعلم أيضا أن الساكت كالراضي‪ ،‬والراضي‬
‫كالفاعل فلينتبه‪.‬‬
‫يقول كعب‪:‬‬
‫توجه قافال )يعني رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم( حضرني ھمي –‬
‫َ‬ ‫فلما بلغني أنه‬
‫وأقول‪ :‬بماذا أخرج من سخط رسول ﷲ‬
‫ُ‬ ‫حضره بثه وحزنه‪ -‬قال فطفقت أتذكر الكذب‬
‫)صلى ﷲ عليه وسلم( غدا‪.‬‬
‫واستعنت على ذلك بكل ذي رأي من أھلي‪ ،‬فلم قيل إن رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه‬
‫الباطل وعرفت أني لن أخرج منه أبداً بشي ٍء في كذب‬
‫َ‬ ‫وسلم( قد أظل قادما‪ ،‬زاح عني‬
‫َ‬
‫صدقه ويا له من رأي‪.‬‬ ‫فأجمعت‬
‫ُ‬
‫للناس‪ ،‬وجاءه المخلفون يعتذرون إليه ويحلفون‬
‫ِ‬ ‫جلس‬
‫َ‬ ‫وقدم )صلى ﷲ عليه وسلم( ثم‬
‫سرائرھم إلى ﷲ وھذا ھو منھجنا‪.‬‬
‫َ‬ ‫عالنيتھم ووكل‬
‫َ‬ ‫فقبل منھم‬
‫َ‬ ‫له‬
‫المغضب ثم قال تعال‪ ،‬فجئت أمشي حتى‬
‫تبسم تبسم ُ‬
‫َ‬ ‫وجئته فلما سلمت عليه‬
‫جلست بين يديه‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫ُ‬
‫خلفك يا كعب‪ ،‬ألم تكن قد ابتعت ظھرك؟‬
‫َ‬ ‫ما‬
‫رسول ﷲ‪:‬‬
‫َ‬ ‫فقلت يا‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫وﷲ لقد‬ ‫سخطه بعذر‪،‬‬
‫ِ‬ ‫سأخرج من‬
‫ُ‬ ‫لرأيت أني‬
‫ُ‬ ‫أھل الدنيا‬
‫ِ‬ ‫غيرك من‬
‫ِ‬ ‫جلست عند‬
‫ُ‬ ‫وﷲ لو‬
‫حديث كذبٍ ترضى به عني‪،‬‬
‫ِ‬ ‫اليوم‬
‫َ‬ ‫حدثتك‬
‫ُ‬ ‫علمت أني إلن‬
‫ُ‬ ‫أعطيت جدال‪ ،‬ولكني وﷲ لقد‬
‫ُ‬ ‫ُ‬

‫ألرج فيه‬
‫ُ‬ ‫حدثتك حديث صدقٍ تجد علي فيه إني‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫يسخطك علي‪ ،‬وألن‬ ‫ﷲ أن‬ ‫َ‬
‫ليوشكن َ‬
‫أيسر مني‬
‫َ‬ ‫كنت قط أقوى وال‬
‫ُ‬ ‫رسول ﷲ ما كان لي من عذر‪ ،‬وﷲ ما‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫وﷲ يا‬ ‫عفو ﷲ‪،‬‬
‫تخلفت عنك‪.‬‬
‫ُ‬ ‫حين‬
‫يقضي ﷲ فيك‪.‬‬
‫َ‬ ‫فقال )صلى ﷲ عليه وسلم( أما ھذا فقد صدق‪ ،‬قم حتى‬
‫واآلخرة إنما‬
‫ِ‬ ‫نجاته في الدنيا‬
‫َ‬ ‫كعب أن‬
‫ُ‬ ‫صدقٌ ‪ ،‬وضوح‪ ،‬صراحة ال التواء وال مراوغة‪ ،‬علم‬
‫ھي في الصدق‪ ،‬وقد ھدي ووفق للصواب‪ ،‬والموفق من وفقه ﷲ‪.‬‬
‫فقمت وثار رجال من بني سلمة فأتبعوني وقالوا لي‪:‬‬
‫ُ‬ ‫يقول كعب‬
‫عتذرت إلى‬
‫َ‬ ‫تكون ا‬
‫َ‬ ‫كعب قد أذنب ذنبا مثل ھذا‪ ،‬أو قد عجزت أن ال‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫وﷲ ما علمناك يا‬
‫رسول ﷲ )صلى ﷲ‬
‫ُ‬ ‫استغفار‬
‫ُ‬ ‫ذنبك‬
‫رسول ﷲ بما اعتذر إليه المخلفون‪ ،‬قد كان كافيك َ‬
‫ِ‬
‫عليه وسلم( لك‪.‬‬
‫فأكذب نفسي‪.‬‬
‫َ‬ ‫أرجع‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫فوﷲ ما زالوا يؤنبونني حتى أردت أن‬ ‫يقول‬
‫ُ‬
‫عباد ﷲ‪:‬‬
‫ما أشد خطر صديق السوء‪ ،‬كاد يھلك سعد بسبب بني عمومته الذين يظھرون بمظھر‬
‫الناصح المشفق‪ ،‬وھم يدفعون به إلى واد سحيق من الھالك ھلك به جمع كبير من‬
‫المنافقين‪.‬‬
‫إنھا مقالة ويا لھا من مقالة كثيرا ما تتكرر في مجالسنا‪ ،‬يتھمون الصادق بأنه طيب‬
‫القلب غر ال يحسن المراوغة وال المخارج‪ ،‬ويصفون الكاذب بالذكي األلمعي العبقري‪،‬‬
‫وكبرت كلمة تخرج من أفواھھم‪.‬‬
‫أرأيت لھؤالء عندما وصفوا األمر لكعب بأنھا أول كذبة وال ضير منھا‪ ،‬وسيعقبھا استغفار‬
‫رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم( بعد ذلك‪ ،‬وكل ذلك وسائل لتزيين الباطل يبھرجھا‬
‫قرين السوء من حيث شعر أو لم يشعر فلينتبه‪.‬‬
‫فمن العداوة ما ينالك نفعه‪ ........‬ومن الصداقة ما يضر ويألم‬
‫وأعلنت المقاطعة لھذا وصحبه‪ ،‬بل التربية النبوية العميقة‪.‬‬
‫يقول كعب‪:‬‬
‫ونھى رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم( المسلمين عن كالمنا من بين كل من تخلف‬
‫األرض فما ھي باألرضِ التي‬
‫ُ‬ ‫عنه‪ ،‬قال فاجتنبنا الناس وتغيروا لنا حتى تنكرت لي‬
‫أخرج فأشھد‬
‫ُ‬ ‫فكنت‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫وأجلدھم‬ ‫وكنت أشد القوم‬
‫ُ‬ ‫أعرف‪ ،‬ولبثنا على ذلك خمسين لي ً‬
‫لة‪،‬‬
‫الصالة مع المسلمين وأطوف األسواق فال يكلمني أحد‪ ،،‬وآتي رسول ﷲ )صلى ﷲ‬
‫فأقول في نفسي ھل حرك‬
‫َ‬ ‫فأسلم عليه‬
‫َ‬ ‫مجلسه بعد الصالة‬
‫ِ‬ ‫عليه وسلم( وھو في‬
‫شفتيه برد السالم علي أم ال‪.‬‬
‫أقبلت على صالتي أقبل إلي‪ ،‬وإذا التفت إليه‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫فاسارقه النظر فإذا‬ ‫ثم أصلي قريباً منه‬
‫مشيت حتى تسورت جدار‬
‫ُ‬ ‫أعرض عني‪ ،‬حتى إذا طال علي ذلك من جفوة الناس‪،‬‬
‫رد علي‬ ‫ِ‬
‫فوﷲ ما َ‬ ‫الناس إلي‪ ،‬قال فسلمت عليه‪،‬‬
‫َ‬ ‫وأحب‬
‫ُ‬ ‫أبن عمي‬
‫حائط أبي قتادة وھو ُ‬
‫السالم‪.‬‬
‫َ‬
‫ورسوله ؟ فسكت‪.‬‬ ‫ﷲ‬
‫أحب َ‬
‫ُ‬ ‫نشدتك ﷲ ھل تعلمني‬
‫ُ‬ ‫فقلت له‬
‫ُ‬
‫ﷲ ورسولُه أعلم‪ ،‬ففاضت عيناي وتوليت‬
‫فأعدت عليه فنشدته فقال ُ‬
‫ُ‬ ‫فنشدته فسكت‪،‬‬
‫ُ‬
‫أھيم على وجھي‪.‬‬
‫ُ‬ ‫حتى تسورت الجدار‬
‫وأنظر أخي في ﷲ كيف تكاتف المجتمع المسلم بكاملة‪ ،‬وامتثل األمر الموجه إليه‪ ،‬فال‬
‫أحد يكلمه‪ ،‬حتى ولو كان ذلك في غيبة أعين الرقباء‪ ،‬نعم إن الرقابة ‪ ،9‬حتى ولو كان‬
‫ابن عمه‪ ،‬نعم إن المراقبة ‪.9‬‬
‫إن أضر شيئا على المجتمع أن يجد أھل الفسق والفجور صدورا رحبة تحتضنھم وترضى‬
‫عنھم وتبجلھم وتقدرھم‪ ،‬ولو أن العصاة والمنحرفين وجدوا مقاطعو وازدراء عاما لكان‬
‫دافعا إلى أن يرشد الغاوي ويستقيم المعوج ويصلح الطالح‪.‬‬
‫انظر إلى ذلك األسلوب التربوي العميق المتمثل في تلك المقاطعة النفسية‬
‫واالجتماعية التي شملت مختلف مجاالت الحياة االجتماعية‪ ،‬في األسواق‪ ،‬في‬
‫المساجد‪ ،‬مع األصدقاء‪ ،‬بل حتى مع بني العمومة‪ ،‬بل حتى مع الزوجة‪ ،‬فلم تترك‬
‫منفذا يمكن أن يخل بھذه المقاطعة أو يحول دون تحقيق الغاية التربوية منھا‪.‬‬
‫وتألف وذلك عين‬
‫كان لذلك تأثير عميق على النفوس الخيرة التي تعودت أن تألف ُ‬
‫الحكمة من رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم( التي تقضي باللين في مكانه‪ ،‬والشدة‬
‫في مكانھا‪ ،‬وھذا ما يحتاجه الناس في دعوتھم‪ ،‬وتعاملھم وتربيتھم لمن تحت أيديھم‪.‬‬
‫عبد ﷲ‪:‬‬
‫وھل تخفى أخبار المجتمع اإلسالمي على األعداء‪ ،‬إن ھناك صفا يعمل داخل الصف‬
‫اإلسالمي دائما‪ ،‬ولذلك يجب أخذ الحيطة والحذر‪ ،‬وأن ال تكون أسرار وخفايا المجتمع‬
‫المسلم معلنة للجميع لتنقل للعدو فينفذ من داخلھا للمسلمين‪.‬‬
‫الشام يقول‪ :‬من‬
‫ِ‬ ‫أھل‬
‫ِ‬ ‫كعب‪ :‬فبينا أنا أمشي في سوقِ المدينة إذ نبطي من أنباط‬
‫ٌ‬ ‫يقول‬
‫ُ‬
‫يدل على كعب؟‬
‫فطفق الناس يشيرون له إلي حتى جاءني فدفع لي كتابا ِمن َمن؟‬
‫من ملك غسان‪ ،‬فإذا فيه أما بعد‪:‬‬
‫رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم( قد جفاك‪ ،‬ولم‬
‫َ‬ ‫فإنه قد بلغني أن صاحبك ) يعني‬
‫ھوان وال مضيعة فألحق بنا نواسك‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫بدار‬
‫ِ‬ ‫يجعلُك ﷲ‬
‫فلما قرأتھا قلت أيضا ھذا من البالء‪ ،‬ھذا من االمتحان فيممت بھا التنور وسجرته بھا‬
‫)احرقھا(‪.‬‬
‫عباد ﷲ‪:‬‬
‫ھذا ھو ديدن أعداء ﷲ‪ ،‬يتحسسون األنباء‪ ،‬ويترصدون الفرص واألخطار‪ ،‬وكم من األقدام‬
‫في مثل ھذا زلت وانزلقت‪ ،‬إن المسلم قد يخطأ ولكنه ال يعالج الخطأ بخطأ آخر‪ ،‬قد‬
‫يخطأ فيتخلف عن الغزو في سبيل ﷲ‪ ،‬لكنه ال يتبع ھذا بخيانة األمة ومواالة أعداء ﷲ‬
‫ومظاھرتھم على المؤمنين‪.‬‬
‫إن أداة المعصية يوم تكون قريبة فإنھا تذكر بالمعصية‪ ،‬وتفتح للشيطان باب الوسوسة‬
‫والمراودة الكرة بعد الكرة‪ ،‬أما كعب فقد تخلص من ھذه األداة فأحرقھا حتى يغلق مثل‬
‫ھذا الباب رضي ﷲ عنه وأرضاه وھذا ھو الحل‪.‬‬
‫إن آلة المعصية التي توجد في المنازل‪ ،‬في المكاتب‪ ،‬وفي غيرھا‪ ،‬يوم تترك بعد العلم‬
‫بضررھا فإنھا مدعاة ألن يضعف أمامھا يوما ما‪ ،‬ويعاود القرب منھا والممارسة لھا إال من‬
‫عصم ﷲ‪ ،‬فلينتبه وليتخلص منھا كما فعل كعب بالرسالة‪ ،‬يمم بھا التنور فسجرھا‪.‬‬
‫وال يزال البالء والتمحيص بكعب‪ ،‬حتى أمر باعتزال زوجته فامتثل األمر واعتزلھا وطلب‬
‫منھا اللحاق بأھلھا حتى يقضي ﷲ أمرا كان مفعوال‪.‬‬
‫يقول كعب‪:‬‬
‫ُ‬
‫ظھر بيت من بيوتنا‪ ،‬فبينما أنا جالس على الحال‬
‫ِ‬ ‫ً‬
‫ليلة وأنا على‬ ‫وكملت لنا خمسون‬
‫األرض بما رحبت‪،‬‬
‫ُ‬ ‫التي ذكرھا ﷲ في ما بعد قد ضاقت علي نفسي وضاقت علي‬
‫صوت صارخٍ أوفى على جبل سلع بأعلى صوته‪:‬‬
‫َ‬ ‫سمعت‬
‫ُ‬
‫ولدتك أمك‪.‬‬
‫َ‬ ‫منذ‬
‫ُ‬ ‫عليك‬
‫َ‬ ‫يوم مر‬
‫ٍ‬ ‫بخير‬
‫ِ‬ ‫كعب أبشر‬
‫َ‬ ‫يا‬
‫وعرفت أن قد جاء الفرج‪.‬‬
‫ُ‬ ‫فخررت ساجداً شاكرا ً ‪ 9‬عز وجل‪،‬‬
‫ُ‬ ‫قال‬
‫نعم جاء الفرج وانبلج الفجر بعد أن بلغ الليل كماله في السواد‪.‬‬
‫وأدرك كعب عظم نعمة ﷲ عليه بصدقه‪ ،‬فقال بعد ذلك‪ :‬واله ما أنعم ﷲ علي من نعمة‬
‫بعد أن ھداني لإلسالم أعظم في نفسي من صدقي لرسول ﷲ )صلى ﷲ عليه‬
‫وسلم(‪.‬‬
‫وتأتي البشرى وأي بشرى بحسن العقبى‪ ،‬يركض بھا الفارس‪ ،‬ويھتف بھا الراكب‪،‬‬
‫وعلى مثلھا تكون التھاني‪ ،‬لمثلھا تكون البشائر والجوائز‪.‬‬
‫ثوبي فكسوته إياھما‪ ،‬وﷲ ما أملك‬
‫َ‬ ‫يقول كعب فلما جاءني الذي بشرني‪ ،‬نزعت له‬
‫غيريھما‪ ،‬واستعرت ثوبين فلبستھما وانطلقت إلى رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم(‪،‬‬
‫طلحة فرحا‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫حوله جلوس فقام إلي‬ ‫ودخلت عليه في المسجد‪ ،‬فإذا ھو جالس والناس‬
‫ُ‬
‫غيره و و‪9‬‬
‫َ‬ ‫المھاجرين‬
‫َ‬ ‫رجل من‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫و‪ 9‬ما قام إلي‬ ‫يھرول حتى صافحني وھنأني‪،‬‬
‫ُ‬ ‫مغتبطا‬
‫لطلحة رضي ﷲ عنه‪.‬‬
‫َ‬ ‫ما أنساھا‬
‫يتحدثون معه‪ ،‬وال‬
‫َ‬ ‫لصحابة مع أخيھم‪ ،‬باألمسِ القريب ال‬
‫ِ‬ ‫تعامل‬
‫ٍ‬ ‫أعظمه من‬
‫َ‬ ‫ﷲ أكبر ما‬
‫يصل إليه أوال ً ليبلغه نبأ التوبة‪.‬‬
‫َ‬ ‫يردون عليه السالم‪ ،‬واليوم يتنافسون في من‬
‫وأوامر الشارع‪.‬‬
‫َ‬ ‫ألنفسھم ولكن تحت ضوابط الشرع‬
‫ِ‬ ‫يحبونه‬
‫َ‬ ‫الخير ألخيھم كما‬
‫ِ‬ ‫حب‬
‫ُ‬ ‫إنه‬
‫قال كعب‪:‬‬
‫وجھه كأنه‬
‫ُ‬ ‫رسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم(‪ ،‬فقال وھو يبرق سرورا‬
‫ِ‬ ‫فسلمت على‬
‫فلقة قمر‪:‬‬
‫يوم مر عليك منذ ولدتك أمك‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫أبشر يا كعب بخير‬
‫عند ﷲ؟‬
‫ِ‬ ‫رسول ﷲ أم من‬
‫َ‬ ‫فقلت أمن عندك يا‬
‫عند ﷲ‪ ،‬فحمد ﷲ وأثناء عليه‪.‬‬
‫ِ‬ ‫فقال بل من‬
‫وضاقت َ َ ْ ِ ْ‬
‫عليھم‬ ‫رحبت َ َ َ ْ‬
‫بما َ ُ َ ْ‬ ‫عليھم ْ َ ْ ُ‬
‫األرض ِ َ‬ ‫ضاقت َ َ ْ ِ ُ‬
‫إذا َ َ ْ‬ ‫حتى ِ َ‬ ‫خلفوا َ ﱠ‬ ‫وعلى ﱠ َ ِ‬
‫الثالثة ﱠ ِ َ‬
‫الذين ُ ِ ّ ُ‬ ‫) َ َ َ‬
‫التواب‬
‫ھو ﱠ ﱠ ُ‬ ‫إن ﱠ َ‬
‫الله ُ َ‬ ‫ليتوبوا ِ ﱠ‬ ‫تاب َ َ ْ ِ ْ‬
‫عليھم ِ َ ُ ُ‬ ‫ثم َ َ‬ ‫إال ِ َ ْ ِ‬
‫إليه ُ ﱠ‬ ‫من ﱠ ِ‬
‫الله ِ ﱠ‬ ‫أن ال َم ْ َ َ‬
‫لجأ ِ َ‬ ‫وظنوا َ ْ‬ ‫َْ ُ ُ ُ ْ‬
‫أنفسھم َ َ ﱡ‬
‫القوم‬
‫َ‬ ‫وﷲ ال يھدي‬
‫ُ‬ ‫عمل الكاذبين‬
‫ُ‬ ‫الصادقون بصدقھم‪ ،‬وحبطَ‬
‫َ‬ ‫الرحيم(‪) .‬التوبة‪ (١١٨:‬وفاز‬
‫ﱠ ِ ُ‬
‫النھاية ال بنقصِ البداية‪.‬‬
‫ِ‬ ‫بكمال‬
‫ِ‬ ‫االعتبار‬
‫ُ‬ ‫الفاسقين‪ ،‬وظھر‬
‫مدرسة النبوة‪:‬‬
‫ِ‬ ‫رجال صدقوا ما عاھدوا ﷲ عليه‪ ،‬تخرجوا من‬
‫ٌ‬ ‫رجل الصدق‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ھؤالء ھم‬
‫صدق في اإليمان‪.‬‬
‫ُ‬
‫قوة في اليقين‪.‬‬
‫ُ‬
‫صدقٌ في الحديث‪.‬‬
‫المواقف‪.‬‬
‫ِ‬ ‫صدقٌ في‬
‫صبر عند اللقاء‪.‬‬
‫ُ‬
‫بالخطيئة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫اعترافٌ‬
‫ِ ِ‬
‫تلفيق◌ اعتذارات‪.‬‬ ‫غير تنميقِ عباراتٍ أو‬ ‫ِ‬ ‫والغضب من‬
‫ِ‬ ‫كلمة الحق في الرضاء‬
‫ُ‬
‫إال ِ ْ َ‬
‫ذكرى‬ ‫ھو ِ ﱠ‬
‫إن ُ َ‬ ‫عليه َ ْ‬
‫أجراً ِ ْ‬ ‫أسأَل ُ ْ‬
‫ُكم َ َ ْ ِ‬ ‫قل ال َ ْ‬ ‫الله َ ِ ُ َ ُ ُ‬
‫فبھداھم ْ َ ِ ْ‬
‫اقتده ُ ْ‬ ‫ھدى ﱠ ُ‬ ‫) ُأو َ ِ َ‬
‫لئك ﱠ ِ َ‬
‫الذين َ َ‬
‫ِْ َ َ ِ َ‬
‫للعالمين( )األنعام‪. (٩٠:‬‬
‫الصادقين( )التوبة‪ (١١٩:‬عباد ﷲ‪:‬‬
‫ﱠ ِ ِ َ‬ ‫مع‬
‫وكونوا َ َ‬ ‫اتقوا ﱠ َ‬
‫الله َ ُ ُ‬ ‫آمنوا ﱠ ُ‬
‫الذين َ ُ‬ ‫) َيا َ ﱡ َ‬
‫أيھا ﱠ ِ َ‬
‫اتقوا ﷲ وكونوا مع الصادقين‪ ،‬وعودوا معي والعود أحمد إلى كعب ابن مالك صاحب‬
‫القصة رضي ﷲ عنه وأرضاه‪.‬‬
‫رسول‬
‫ِ‬ ‫كعب بين يدي‬‫ُ‬ ‫جلس‬
‫َ‬ ‫بشارته بالتوبة وتھنئته بالقبول‪ ،‬إنما‬
‫ِ‬ ‫فإن األمر لم يقف عند‬
‫والتمسك بھا‪ ،‬قائماً مقام الذاكرين‬
‫َ‬ ‫التوبة‬
‫ِ‬ ‫التأكيد لھذه‬
‫ِ‬ ‫ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم( معلناً‬
‫رسول ﷲ‪:‬‬
‫َ‬ ‫الشاكرين التائبين المخبتين‪ ،‬قائال ً يا‬
‫ورسوله‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ً‬
‫صدقة إلى ‪9‬‬ ‫أنخلع من مالي‬
‫َ‬ ‫إن من توبتي أن‬
‫فقال عليه الصالة والسالم‪ ،‬أمسك عليك بعض مالك فھو خير لك‪.‬‬
‫يعلن أخرى رضي ﷲ عنه التمسك بالصدق سلوكا ثابتا في مستقبل حياته إذ‬
‫ُ‬ ‫ثم‬
‫بالصدق نجى فيقول يا رسول ﷲ‪:‬‬
‫أحدث إال صدقاً ما بقيت‪.‬‬
‫ّ‬ ‫إن ﷲ إنما أنجاني بالصدق وإن من توبتي أن ال‬
‫حاله كحال اآلخر يوم يقول‪ :‬وﷲ لو نادى مناد من السماء أن الكذب حالل ما كذبت‪.‬‬
‫ذكرت‬
‫ُ‬ ‫علمت أحداً من المسلمين أباله ﷲ في صدقِ الحديث منذ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫فوﷲ ما‬ ‫كعب‬
‫ُ‬ ‫يقول‬
‫لرسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم( أحسن مما أبالني ﷲ به‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ذلك‬
‫يوم ھذا‪،‬‬
‫ِ‬ ‫لرسول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم( إلى‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫كذبة منذ قلت ذلك‬ ‫تعمدت‬
‫ُ‬ ‫و‪ 9‬ما‬
‫نعمة قط بعد أن ھداني‬
‫ٍ‬ ‫أنعم ﷲ علي‬
‫َ‬ ‫وإني ألرجو أن يحفظني ﷲ في ما بقيت‪ ،‬و‪ 9‬ما‬
‫ول ﷲ )صلى ﷲ عليه وسلم(‪ .‬لما يا كعب‬
‫أعظم في نفسي من صدقي لرس ِ‬
‫َ‬ ‫لإلسالم‬
‫؟‬
‫شر ما قال ألحد يوم قال‬
‫َ‬ ‫كذبته فأھلك مع اللذين كذبوا‪ ،‬فإن قال فيھم‬
‫ُ‬ ‫أكون‬
‫َ‬ ‫قال أن ال‬
‫سبحانه‪:‬‬
‫س‬‫رج ٌ‬‫إنھم ِ ْ‬
‫عنھم ِ ﱠ ُ ْ‬ ‫عنھم َ َ ْ ِ ُ‬
‫فأعرضوا َ ْ ُ ْ‬ ‫لتعرضوا َ ْ ُ ْ‬ ‫انقلبتم ِ َ ْ ِ ْ‬
‫إليھم ِ ُ ْ ِ ُ‬ ‫إذا ْ َ َ ْ ُ ْ‬ ‫بالله َ ُ ْ‬
‫لكم ِ َ‬ ‫سيحلفون ِ ﱠ ِ‬
‫) َ َ ْ ِ ُ َ‬
‫عنھم َ ِ ﱠ‬
‫فإن‬ ‫ترضوا َ ْ ُ ْ‬ ‫عنھم َ ِ ْ‬
‫فإن َ ْ َ ْ‬ ‫لترضوا َ ْ ُ ْ‬ ‫يحلفون َ ُ ْ‬
‫لكم ِ َ ْ َ ْ‬ ‫كانوا َ ْ ِ ُ َ‬
‫يكسبون * َ ْ ِ ُ َ‬ ‫بما َ ُ‬‫جزاء ِ َ‬
‫جھنم َ َ ً‬ ‫َ َْ َ ُ ْ‬
‫ومأواھم َ َ ﱠ ُ‬
‫القوم ْ َ ِ ِ َ‬
‫الفاسقين( )التوبة‪ (٩٦-٩٥:‬عباد ﷲ‪:‬‬ ‫عن ْ َ ْ ِ‬
‫يرضى َ ِ‬ ‫ﱠ َ‬
‫الله ال َ ْ َ‬
‫قدوتكم‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫وصفة من صفاتِ المؤمنين‪ ،‬فعليكم به وليكن‬ ‫ً‬
‫فضيلة وطمأنينة‬ ‫َ‬
‫الصدق‬ ‫اعلموا أن‬
‫وبينھم حاجب‪.‬‬
‫َ‬ ‫بينك‬
‫فليس َ‬
‫َ‬ ‫وصحبه ومن اقتدى به‪،‬‬
‫َ‬ ‫كعباً‬
‫إذا أعجبتك خصال امرئ ‪ .......‬فكنه يكن منك ما يعجبك‬
‫فليس على الجود والمكرمات‪ ....‬إذا جئتھا حاجب يحجبك‬
‫َ‬
‫الھلكة فيه‪ ،‬فإن النجاة فيه‪.‬‬ ‫تحروا الصدق وإن رأيتم‬
‫َ‬
‫الھلكة وعظيم الفتنة به‪.‬‬ ‫وإياكم والكذب وإن رأيتم النجاة فيه فإن‬
‫وكم تركت الفتن من قلب مقلب وھوى مغلب‪ ،‬وكم سار في طريقھا من كادح فكثر‬
‫الھاجي وقل المادح‪.‬‬
‫وقدھا بزمام‬
‫الحر ُ‬
‫َ‬ ‫فكن‬
‫ِ‬ ‫النفس إال حيث يجعلُھا الفتى‪........‬‬
‫ُ‬ ‫وما‬
‫نعشه حمال‬
‫ُ‬ ‫يتبعه‪ ..........‬ما كان يبني إذا ما‬
‫ُ‬ ‫المرء‬
‫َ‬ ‫حديثك إن‬
‫َ‬ ‫وأصدق‬
‫ُ‬
‫اللھم اجعلنا من الصادقين‪ ،‬اللھم اجعلنا من الصادقين الصابرين الشاكرين‪.‬‬
‫اللھم صلي وسلم وبارك على نبينا محمد‪ ،‬وعلى آله وصحبه والتابعين‪ ،‬ومن تبعھم‬
‫بإحسان إلى يوم الدين‪.‬‬
‫اللھم آتي نفوسنا تقواھا‪.‬‬
‫اللھم زكھا أنت خير من زكاھا أنت وليھا ومولھا‪ .‬وأنت أرحم الراحمين‪.‬‬
‫اللھم أعز اإلسالم والمسلمين وأنصر عبادك الموحدين‪.‬‬
‫اللھم ارحم من ال راحم له سواك‪ ،‬وال ناصر له سواك وال مأوى له سواك‪ ،‬وال مغيث له‬
‫سواك‪.‬‬
‫اللھم ارحم سائلك ومؤملك ال منجى له وال ملجئ إال إليك‪.‬‬
‫اللھم كن للمستضعفين والمضطھدين والمظلومين‪.‬‬
‫اللھم فرج ھمھم ونفس كربھم وارفع درجتھم واخلفھم في أھلھم‪.‬‬
‫اللھم أنزل عليھم من الصبر أضعاف ما نزل بھم من البالء‪.‬‬
‫يا سميع الدعاء‬
‫ﷲ ارحم موتى المسلمين‪ ،‬اللھم إنھم عبيدك بنوا عبيدك بنو إمائك احتاجوا إلى‬
‫رحمتك وأنت غني عن عذابھم‪ ،‬ﷲ زد في حسناتھم‪ ،‬وتجاوز عن سيئاتھم أنت أرحم‬
‫بھم وأنت أرحم الراحمين‪.‬‬
‫سبحان ربك رب العزة عن ما يصفون وسالم على المرسلين‪ ،‬والحمد ‪ 9‬رب العالمين‪.‬‬

‫فضيلة الشيخ ‪ /‬علي عبد الخالق القرني‬

‫أختاه ھل تريدين السعادة‬

‫بسم ﷲ الرحمن الرحيم‪ ،‬إن الحمد ‪ 9‬نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ‬
‫با‪ 9‬من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يھده ﷲ فال مضل له ومن يضلل فال‬
‫ھادى له أشھد أن ال إله إال ﷲ وحده ال شريك له ‪ ،‬له الملك وله الحمد وھو على كل‬
‫شئ قدير ‪ .‬شھادة عبده وابن عبده وابن أمته ومن ال غنى به طرفة عين عن رحمته‬
‫أشھد أن محمد عبد ﷲ ورسوله أرسله ﷲ رحمة للعالمين فشرح به الصدور وأنار به‬
‫العقول وفتح به أعينا عميا وأذان صما وقلوب غلفا صلى ﷲ عليه وعلى آله وصحبه‬
‫والتابعين لھم بإحسان وسلم تسليما كثيرا )يا أيھا الذين آمنوا اتقوا ﷲ حق تقاته وال‬
‫تموتن إال وأنتم مسلمون ( )يا أيھا الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحده‬
‫وخلق منھا زوجھا وبث منھما رجاال كثيرا ونساء واتقوا ﷲ الذي تسائلون به واألرحام إن‬
‫ﷲ كان عليكم رقيبا ( )يا أيھا الذين آمنوا اتقوا ﷲ وقولوا قوال سديدا يصلح لكم أعمالكم‬
‫ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع ﷲ ورسوله فقد فاز فوزا عظيما(‪.‬‬

‫السالم عليكم ورحمة ﷲ وبركاته‪ .‬وأسأل ﷲ الذي جمعنا وإياكم في ھذه الروضة أن‬
‫تنزل عليه الرحمة‪ ،‬وتغشاه السكينة‪ ،‬وتحفﱡه المالئكة‪ ،‬ويذكره ﷲ ‪-‬عز‬
‫يجعلنا ممن ﱠ‬
‫وجل‪ -‬فيمن عنده‪ .‬اللھم إنا نسألك أال تصرفنا ‪-‬رجالنا والنساء‪ -‬من ھذا المسجد إال وقد‬
‫جمعا ْ‬
‫التقى فيك ولك‪ .‬اللھم ال تعذب‬ ‫ً‬ ‫غفرت لنا ما تقدم من ذنوبنا‪ .‬اللھم ال تعذب‬
‫قلوبا‬
‫ً‬ ‫أعينا ترجو لذة النظر إلى وجھك‪ .‬اللھم ال تعذب‬
‫ً‬ ‫ألسنة تخبر عنك‪ .‬اللھم ال تعذب‬
‫تشتاق إلى لقاك‪ .‬ما أجمل أن تلتقي األسر المسلمة على كتاب ﷲ‪ ،‬وسنة رسوله ‪-‬‬
‫جميعا ليعم النفع للرجل‬
‫ً‬ ‫صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬ما أجمل أن نتذاكر ﷲ ‪-‬عز وجل‪-‬‬
‫والمرأة‪ ،‬والصغير والكبير‪ ،‬والذكر واألنثى‪ .‬إنھا َلنعمة عظيمة قد كان ‪-‬صلى ﷲ عليه‬
‫وعذرا لكم ‪-‬‬
‫ً‬ ‫ھديه ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬‬
‫ُ‬ ‫ھديه وخير الھدي‬
‫ِ‬ ‫وسلم‪ -‬يفعلھا‪ ،‬وذاك من‬
‫أيھا الرجال‪ -‬سيكون الخطاب ھذه المرة من بين مرات كثيرة وكثيرة لطالما خوطبتم‬
‫وعفوا‪ ،‬وما ُيقال للرجل ُيقال للمرأة‪ ،‬وما ُيقال للمرأة‬
‫ً‬ ‫عذرا‬
‫ً‬ ‫أنتم‪ ،‬سيكون الخطاب للنساء‪،‬‬
‫خصه به شرعنا المطھر‬
‫ﱠ‬ ‫ُيقال للرجل إال فيما اختص به كل جنس عن جنس آخر‪ ،‬والذي‬
‫الذي أنزل على محمد ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬‬

‫تردن‬
‫تردن السكينة؟ ھل ُ ْ‬
‫تردن السعادة؟ ھل ُ ْ‬
‫أيتھا األخوات أيتھا األمھات ھل ُ ْ‬
‫تردنھا في وقت غير‬
‫تردن ذلك في الدنيا واآلخرة؟ أم ُ ْ‬
‫األمن والطمأنينة؟ ھل ُ ْ‬
‫ﱠ‬
‫مؤقتة بعمر‬ ‫وقت من ھذه األوقات؟ إني ألقول َ ﱠ‬
‫لكن‪ :‬إن السعادة سعادتان؛ دنيوية‬
‫قصير محدود‪ ،‬من طلبھا مجردة وحدھا فسينسى ذلك في غمسة واحدة ُيغمسھا في‬
‫يؤتى َ َ‬
‫بأنعم أھل الدنيا من أھل النار فيغمس في النار غمسة‪ ،‬ثم يقال له‪ :‬ھل‬ ‫جھنم‪َ ُ .‬‬
‫مر بك نعيم قط؟ فيقول‪ :‬ال وﷲ يا رب‪ .‬فينسى كل نعيم ولذة في‬
‫مر بك خير قط؟ ھل ﱠ‬
‫ﱠ‬
‫الحياة بغمسة واحدة ُيغمسھا في النار‪ .‬نعوذ با‪ 9‬من النار‪ .‬أما السعادة الثانية‪ :‬فھي‬
‫أبدا‪ -‬وھذه ھي المطلوبة‪ .‬فلو حصل لإلنسان في‬
‫سعادة أخروية دائمة ال انقطاع لھا – ً‬
‫أبدا؛ ألن غمسة واحدة في‬
‫نادما ً‬
‫ً‬ ‫حياته ما حصل من التعاسة والشقاء لم يكن بعد ذلك‬
‫وتنسيه ذلك الشقاء وتلك التعاسة‪.‬‬
‫الجنة ُتنسيه تلك اآلالم‪ُ ،‬‬
‫ويا أيھا األحبة إن سعادة الدنيا مقرونة بسعادة اآلخرة‪ ،‬وإنما السعادة الكاملة في الدنيا‬
‫واآلخرة للمؤمنين والمؤمنات‪ ،‬للصالحين والصالحات‪ ،‬للطيبين والطيبات‪ ،‬للقانتين‬
‫والقانتات‪ ،‬للعابدين والعابدات‪ ،‬للمتقين والمتقيات؛ اسمع إلي ربك يوم يقول –سبحانه‬
‫طيبة َ َ َ ْ ِ َ ﱠ ُ ْ‬
‫ولنجزينھم‬ ‫حياة َ ِ ّ َ ً‬ ‫مؤمن َ َ ُ ْ ِ َ ﱠ ُ‬
‫فلنحيينه َ َ ً‬ ‫وھو ُ ْ ِ ٌ‬
‫أنثى َ ُ َ‬ ‫ذكر َ ْ‬
‫أو ُ َ‬ ‫صالحا من َ َ ٍ‬
‫عمل َ ِ ً‬
‫من َ ِ َ‬
‫وبحمده‪ْ َ ) :-‬‬
‫ُون( فالسعادة كلھا في طاعة ﷲ‪ ،‬والسعادة كلھا في‬ ‫يعمل َ‬
‫كانوا َ ْ َ‬ ‫أجرھم ِ َ ْ َ ِ‬
‫بأحسن َما َ ُ‬ ‫َ ْ َ ُ‬
‫السير على منھج ﷲ وعلى طريقة محمد بن عبد ﷲ –صلى وسلم عليه ﷲ‪ -‬يقول‬
‫عظيما( والشقاوة كلھا في‬ ‫فاز َ ْ ً‬
‫فوزا َ ِ ً‬ ‫فقد َ َ‬ ‫الله َ َ ُ َ ُ‬
‫ورسوله َ َ ْ‬ ‫يطع ﱠ َ‬
‫ومن ُ ِ ْ‬
‫ﷲ –جل وعال –‪َ َ ) :‬‬
‫معصية ﷲ‪ ،‬والتعاسة كلھا في منھج غير منھج ﷲ وغير منھج محمد –صلى ﷲ عليه‬
‫مبينا (‪ .‬فيا أيتھا األخوات المسلمات‬
‫ضالال ﱡ ِ ً‬
‫ضل َ‬
‫فقد َ ﱠ‬ ‫يعص الل ﱠ َه َ َ ُ َ ُ‬
‫ورسوله َ َ ْ‬ ‫ومن َ ْ ِ‬
‫وسلم‪َ َ ) -‬‬
‫تردن السعادة؟ إن كنتن كذلك‪ ،‬وما أظنكن إال كذلك؛ فلتسمعن مني النصيحة‬
‫ھل ُ ْ‬
‫حسن الثواب‪ ،‬يخشى على ھذه الوجوه من‬ ‫نصحكن يرجو َ ُ ﱠ‬
‫لكن ُ‬ ‫ِ‬ ‫والعتاب من مخلص في‬
‫الحميم من العذاب‪ ،‬أخواتنا ال تغضبن فالحق أولى أن يجاب‪ .‬أيتھا األخت المسلمة‬
‫أدعوك وأدعو الكل‪ ،‬وأدعو نفسي إلى‬
‫ِ‬ ‫بصوت المحب المشفق وكالم الناصح المنذر‬
‫تقوى ﷲ ‪-‬عز وجل‪ -‬وأن نقدم ألنفسنا أعماال ً صالحة ُتبيض وجوھنا يوم أن نلقى ﷲ‪،‬‬
‫وجوه‬
‫وتسود ُ ُ ٌ‬
‫وجوه َ َ ْ َ ﱡ‬
‫تبيض ُ ُ ٌ‬
‫يوم َ ْ َ ﱡ‬
‫يوم ال ينفع مال وال بنون إال من أتى ﷲ بقلب سليم‪َ ْ َ ) .‬‬
‫تكفرون َ َ ﱠ‬
‫وأما‬ ‫كنتم َ ْ ُ ُ َ‬
‫بما ُ ْ ُ ْ‬ ‫فذوقوا ْ َ َ َ‬
‫العذاب ِ َ‬ ‫إيمانكم َ ُ ُ‬
‫بعد ِ َ ِ ُ ْ‬
‫وجوھھم أكفر تم َ ْ َ‬
‫اسودت ُ ُ ُ ُ ْ‬
‫الذين ْ َ ﱠ ْ‬ ‫ََ ﱠ‬
‫فأما ﱠ ِ َ‬
‫تبيض وجوھنا يوم أن نلقى‬ ‫ﱡ‬ ‫خالدون َ(‬
‫فيھا َ ِ ُ‬‫ھم ِ َ‬ ‫رحمة ّ ِ‬
‫الله ُ ْ‬ ‫ففي َ ْ َ ِ‬ ‫وجوھھم َ ِ‬
‫ابيضت ُ ُ ُ ُ ْ‬ ‫ﱠ ِ َ‬
‫الذين ْ َ ﱠ ْ‬
‫بينھا‬ ‫لو َ ﱠ‬
‫أن َ ْ َ َ‬ ‫تود َ ْ‬
‫سو ٍء َ َ ﱡ‬ ‫وما َ ِ َ ْ‬
‫عملت ِمن ُ‬ ‫محضرا َ َ‬
‫خير ﱡ ْ َ ً‬
‫من َ ْ ٍ‬ ‫نفسٍ ﱠما َ ِ َ ْ‬
‫عملت ِ ْ‬ ‫كل َ ْ‬
‫تجد ُ ﱡ‬
‫يوم َ ِ ُ‬
‫ﷲ‪َ ْ َ ) .‬‬
‫تردن النجاة؟ إن النجاة لفي تقوى ﷲ –جل وعال‪ -‬ال غير‪.‬‬ ‫بعيدا( أال ھل ُ ْ‬ ‫وبينه َ َ ً‬
‫أمدا َ ِ ً‬ ‫َََْ ُ‬
‫أدعوك‬
‫ِ‬ ‫يحزنون(‪ .‬ثم إني‬
‫ھم َ ْ َ ُ َ‬
‫السوء َوال ُ ْ‬
‫ﱡ ُ‬ ‫يمسھم‬
‫بمفازتھم ال َ َ ﱡ ُ ُ‬
‫اتقوا ِ َ َ َ ِ ِ ْ‬ ‫الله ا ﱠ ِ َ‬
‫لذين ﱠ َ‬ ‫وينجي ﱠ ُ‬
‫) َ ُ َ ِّ‬
‫أخرى –يا أخت اإلسالم‪ -‬إلى أن تحمدي ﷲ –عز وجل‪ -‬الذي أنعم عليك بنعمة اإليمان‬
‫أي رفعة‪ .‬لم ُ َ‬
‫ترفع منزلة المرأة تحت أي مظلة‬ ‫وطھرك ورفع منزلتك ﱠ‬
‫ﱠ ِ‬ ‫وكرمك‬
‫ﱠ ِ‬ ‫ونعمة القرآن‬
‫رفعت تحت مظلة ال إله إال ﷲ محمد رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬ليس‬
‫مثلما ُ َ‬
‫ھذا فحسب؛ بل أنزل ﷲ فيك وفي أخواتك سورة كاملة في قرآنه باسم سورة النساء‪،‬‬
‫وسورة أخرى باسم سورة مريم‪ ،‬وسورة ثالثة باسم سورة المجادلة‪ .‬ليس ھذا فحسب‬
‫خصك بأحكام عديدة في كتابه الكريم في حين كانت المرأة قبل ھذا الدين سلعة‬
‫ﱠ‬ ‫بل‬
‫رخيصة سلعة ممتھنه كسبق المتاع‪ ،‬عار على وليھا وعار على أھلھا‪ ،‬وعار على‬
‫تفضل البھائم عليھا‪ .‬لم‬
‫أحيانا كالحشرة بل ُ ﱠ‬
‫ً‬ ‫مجتمعھا الذي تعيش فيه؛ ولذلك تعامل‬
‫أمة ﷲ‪ ،‬فاستمسكي به‪ ،‬اسمعي إلى قول ﷲ‬ ‫عزك إال في وسط ھذا الدين يا َ َ‬
‫تنالي ﱠ‬
‫وباطنا‬
‫ً‬ ‫وظاھرا‬
‫ً‬ ‫وأخرا‬
‫ً‬ ‫‪-‬عز وجل‪ -‬يوم يحكى ماضينا البد أن تتذكريه؛ فتحمدي ﷲ أوال ً‬
‫من‬
‫يتوارى ِ َ‬ ‫وھو َ ِ ٌ‬
‫كظيم َ َ َ َ‬ ‫وجھه ُ ْ َ ً ّ‬
‫مسودا َ ُ َ‬ ‫باألنثى َ ﱠ‬
‫ظل َ ْ ُ ُ‬ ‫بشر َ َ ُ ُ ْ‬
‫أحدھم ِ ُ َ‬ ‫وإذا ُ ّ ِ َ‬
‫أنت فيه‪َ ِ َ ) .‬‬
‫ِ‬ ‫على ما‬
‫الترابِ (‪ .‬ال إله إال ﷲ‪ ،‬إنه‬
‫يدسه ِفي ﱡ َ‬ ‫ھون َ ْ‬
‫أم َ ُ ﱡ ُ‬ ‫على ُ ٍ‬ ‫به َ ُ ْ ِ ُ ُ‬
‫أيمسكه َ َ‬ ‫بشر ِ ِ‬
‫سوء َما ُ ّ ِ َ‬ ‫ْ َ ْ ِ‬
‫القوم ِمن ُ ِ‬
‫صحابيا اسمه] عبد ﷲ‬
‫ً‬ ‫أحيانا‪ ،‬فاسمعي يا أمة ﷲ؛ ُيذكر أن‬
‫ً‬ ‫ليئدھا ويقتلھا ويدفنھا حية‬
‫ُ‬
‫بن مغفل[ –رضى ﷲ عنه وأرضاه‪ -‬كان إذا جلس عند رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه‬
‫وسلم‪ -‬ظھر على وجھه حزن وكآبة‪ ،‬حزن عظيم وكآبة عظيمة‪ ،‬فسأله النبي –صلى‬
‫أبدا‪ ،‬فقال‪ :‬يا رسول ﷲ كنت في‬
‫ﷲ عليه وسلم‪ -‬عن سبب حزنه ذلك الذي ال ينقطع ً‬
‫أعد إال بعد‬
‫الجاھلية‪ ،‬وخرجت من عند زوجي وھي حامل‪ ،‬وذھبت في سفر طويل لم ُ ْ‬
‫سنوات‪ ،‬وجئت وإذا بھا قد أنجبت لي طفلة تلعب بين الصبيان كأجمل ما يكون األطفال‪،‬‬
‫زينيھا‪ ،‬وھي تعلم أني سأئدھا وأقتلھا‪ ،‬فقامت أمھا‬
‫زينيھا ِ ّ‬
‫قال‪ :‬فأخذتھا‪ ،‬وقلت ألمھا‪ّ ِ :‬‬
‫تضيع‬
‫ِّ‬ ‫تضيع األمانة‪ ،‬يا رجل ال‬
‫ِّ‬ ‫الھم ما بھا‪ .‬زينتھا وتقول ألبيھا‪ :‬يا رجل ال‬
‫ِّ‬ ‫تزينھا وبھا من‬
‫شعب‬ ‫ً‬
‫وجماال‪ ،‬فخرجت بھا إلى ِ ْ‬ ‫األمانة‪ ،‬قال‪ :‬ثم أخذتھا كأجمل ما يكون األطفال براءة‬
‫من الشعاب‪ ،‬قال‪ :‬وبقيت في ذلك الشعب أبحث عن بئر أعرفھا ھناك‪ ،‬فجئت إلى بئر‬
‫قوية دوية‪ ،‬ليس فيھا قطرة ماء‪ ،‬قال‪ :‬فوقفت على شفير البئر‪ ،‬أنظر إلى تلك الصغيرة‪،‬‬
‫ﱡ‬
‫فيرق قلبي لما بھا من البراءة‪ ،‬وليس لھا من ذنب‪ ،‬ثم أتذكر نكاحھا وسفاحھا؛ فيقسو‬
‫قلبي عليھا‪ ،‬بين ھاتين العاطفتين أعيش‪ ،‬قال‪ :‬ثم استجمعت قواي‪ ،‬فأخذتھا‪ ،‬فنكبتھا‬
‫على رأسھا في وسط تلك البئر‪ .‬قال‪ :‬وبقيت أنتظر ھل ماتت؟ وإذا بھا تقول‪ :‬يا أبتاه‬
‫ضيعت األمانة‪ ،‬يا أبتاه ضيعت األمانة‪ .‬ترددھا وترددھا حتى انقطع صوتھا؛ فوﷲ يا‬
‫نسيا‬
‫ً‬ ‫رسول ﷲ ما ذكرت تلك الحادثة إال وعالني الحزن والھم‪ ،‬وتمنيت أن لو كنت‬
‫منسيا‪ ،‬لو كان ذلك في اإلسالم‪ .‬ثم نظر إلى النبي ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬فإذا دموعه‬
‫ً‬
‫تھراق على لحيته ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ ،-‬وإذ به يقول ‪-‬فيما ُروي‪ "-‬يا عبد ﷲ وﷲ لو‬
‫يجب ما‬ ‫كنت مقيم الحد على رجل َ َ‬
‫فعل فعال في الجاھلية ألقمته عليك‪ ،‬لكن اإلسالم َ ﱡ‬
‫قبله "‪-‬أو كما قال صلى ﷲ عليه وسلم‪ .-‬أال فاحمدي ﷲ يا أخت اإلسالم الذي ھداك‬
‫ضل‬
‫ﱠ‬ ‫قدرك بھذا الدين‪ ،‬يوم‬
‫ِ‬ ‫وأكرمك بھذا الدين‪ ،‬ورفع‬
‫ِ‬ ‫وشرفك بھذا الدين‪،‬‬
‫ﱠ ِ‬ ‫لھذا الدين‪،‬‬
‫غيرك من نساء العاملين‪ ،‬ثم استمسكي بحبل ﷲ ‪-‬جل وعال‪ ،-‬واعتصمي بدين ﷲ ‪-‬عز‬
‫ُ‬
‫خانتك أركان‪ .‬ثم أنقذي نفسك من النار‪ ،‬أنقذي نفسك من النار يا‬
‫ِ‬ ‫وجل‪-‬؛ فإنه الركن إن‬
‫خيرا من فاطمة الزھراء بنت رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪،-‬‬ ‫ً‬ ‫لست‬
‫ِ‬ ‫أمة ﷲ‪ ،‬وﷲ‬ ‫َ َ‬
‫يوما من األيام –كما في صحيح مسلم‪" :-‬يا فاطمة بنت محمد أنقذي‬
‫وقد قال لھا أبوھا ً‬
‫ً‬
‫شيئا‪ ،‬يا فاطمة بنت محمد أنقذي نفسك من‬ ‫عنك من ﷲ‬
‫ِ‬ ‫نفسك من النار‪ ،‬ال ُأغني‬
‫لك أمة ﷲ وإنذار منه –صلى ﷲ عليه‬ ‫ً‬
‫شيئا" وھذا إخطار ِ‬ ‫عنك من ﷲ‬
‫ِ‬ ‫النار ال ُأغني‬
‫أنك عرضة لعذاب ﷲ إن‬
‫ِ‬ ‫وسلم‪ -‬يوم ُعرضت عليه النار فرأى أكثرھا النساء‪ .‬أال فاعلمي‬
‫لم تخضعي ألوامر ﷲ‪ ،‬إن لم تطيعي ﷲ‪ ،‬إن لم تقفي عند أوامره وحدوده وتجتنبي‬
‫رقيبا غير ﷲ –‬
‫ً‬ ‫لك‬
‫نواھيه‪ ،‬أال فأنقذي نفسك من النار‪ ،‬واعملي بطاعة ﷲ وال تجعلي ِ‬
‫َ‬
‫جل وعال‪ -‬الذي ما يكون من نجوى ثالثة إال ھو رابعھم‪ ،‬وال خمسة إال ھو سادسھم‪،‬‬
‫وال أدني من ذلك وال أكثر إال ھو معھم أينما كانوا‪ ،‬إنك –وﷲ‪ -‬ألعجز من أن تطيقي‬
‫أنت –أيتھا‬
‫ِ‬ ‫حرھا؛ فأين‬
‫سيرت في النار لذابت من شدة ِّ‬
‫عذاب النار‪ .‬إن الجبال لو ُ ِ ّ‬
‫الشم الراسيات‪ ،‬متاع قليل‪ ،‬واآلخرة خير لمن اتقى‪ ،‬ال مھرب من‬
‫ِّ‬ ‫الضعيفة‪ -‬من الجبال‬
‫ﷲ إال إليه‪ ،‬وال ملجأ منه إال إليه‪ ،‬الكل راجع إليه‪ ،‬الكل مسئول بين يديه‪ ،‬الكل موقوف‬
‫لنسألنھم َ ْ َ ِ ْ َ‬
‫أجمعين‬ ‫فوربك َ َ ْ َ َ ﱠ ُ ْ‬
‫سيسأل عن الصغير والكبير والنقير والقطمير ) َ َ َ ِ ّ َ‬
‫ُ‬ ‫بين يديه‪ ،‬الكل‬
‫ُون( فماذا عسى يكون الجواب؟ ماذا عسى يكون الجواب يا أخا اإلسالم‬
‫يعمل َ‬ ‫عما َ ُ‬
‫كانوا َ ْ َ‬ ‫َ ﱠ‬
‫صوابا‪ ،‬أطيعي ﷲ يا‬
‫ً‬ ‫جوابا‪ ،‬ثم أعدي للجواب‬
‫ً‬ ‫وأعد للسؤال‬
‫ﱠ‬ ‫ويا أخت اإلسالم؟ أال فأعدي‬
‫أمة ﷲ‪ ،‬وأطيعي رسوله –صلى ﷲ عليه وسلم‪ ،-‬خذي من أوامر ﷲ ما استطعتي‪،‬‬
‫نواھيه‪ ،‬وقفي عند حدوده‪ ،‬وتمسكي بدين ﷲ‪ ،‬ثم تمسكي بحيائك –والحياء‬
‫َ‬ ‫واجتنبي‬
‫وكل‬
‫ٌ‬ ‫إما قدوة اليوم‪ ،‬وإما قدوة الغد‪،‬‬
‫فإنك ﱠ‬
‫ِ‬ ‫استطعت إلى ذلك سبيال؛‬
‫ِ‬ ‫من اإليمان‪ -‬ما‬
‫كنت‬
‫ِ‬ ‫أمة ﷲ‪ ،-‬وأنت راعية إن‬ ‫سيسأل؛ فماذا سيكون الجواب؟ أنت راعية في بيتك َ َ‬ ‫ُ‬
‫أيا كانت تلك الرعية –يا َ َ‬
‫أمة ﷲ‪ -‬أال فلتكوني‬ ‫معلمة في مدرسة‪ ،‬ومسؤولة عن رعيتك ً ّ‬
‫عمن‬
‫سائلك ﱠ‬
‫ِ‬ ‫قدوة حسنة في تربية الجيل‪ ،‬أال ولتقومي بھذه المسؤولية؛ فإن ﷲ‬
‫ضيعتي األمانة ليكون لك مثل أجور من‬ ‫ِ‬ ‫فعلت؟ َ ُ‬
‫أقمت باألمانة فيھم‪ ،‬أم ﱠ‬ ‫ِ‬ ‫استرعيت ماذا‬
‫إياك أن ال تكوني ‪،‬وإياك‬
‫ِ‬ ‫وإياك ثم‬
‫ِ‬ ‫ينقص من أجورھم شيء؟‬
‫اتبعك إن عملتي بالحق ال ُ َ‬
‫ثم إياك أن تكوني قدوة السوء لألخرى؛ فتأتين يوم القيامة تحملين أوزارك وأوزار من‬
‫أضللت كاملة‪ ،‬أال ساء ما تزرين‪ .‬ألم تسمعي لقول النبي –صلى ﷲ عليه وسلم‪:-‬‬
‫خصك أيتھا المرأة‪ ،‬فقال‪" :‬المرأة راعية في‬
‫ﱠ‬ ‫"كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" ثم‬
‫بيت زوجھا ومسئولة عن رعيتھا"؟ وفي الحديث الصحيح اآلخر‪" :‬وما من راعٍ استرعاه‬
‫حرم ﷲ عليه رائحة الجنة"‪ .‬أنت راعية في مدرستك‪،‬‬ ‫ًّ‬
‫غاشا لھم إال ﱠ‬ ‫ﷲ رعية فبات‬
‫عليك مظلمة‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ﷲ ال يأتي يوم القيامة‪ ،‬ولكل ابن من أبنائك‬
‫فا‪َ 9‬‬
‫َ‬ ‫وأنت راعية في بيتك؛‬
‫عليك مظلمة؛ لم تأمريھم ولم تنھيھم‪ ،‬ولم تربيھم على قال ﷲ‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ولكل بنت من بناتك‬
‫إياك أن يأتي يوم القيامة‪ ،‬ولكل طالبة –إن‬
‫ِ‬ ‫وقال رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪.-‬‬
‫ألنك لم تربيھم على قال ﷲ‪ ،‬وقال رسوله ‪-‬صلى ﷲ عليه‬
‫ِ‬ ‫عليك مظلمة؛‬
‫ِ‬ ‫كنت معلمة‪-‬‬
‫حسناتك‪ ،‬ثم تحملين من‬
‫ِ‬ ‫وسلم‪ ،-‬عندھا التعامل بالحسنات والسيئات يأخذون‬
‫أجارك ﷲ من النار‪ ،‬ومن غضب الجبار وكل مسلمة‬
‫َ ِ‬ ‫تطرحين في النار‪،‬‬
‫سيئاتھم‪ ،‬ثم ُ َ‬
‫ومسلم‪ .‬اسمعي يوم يقف الناس في عرصات القيامة‪ ،‬يوم يقول ﷲ ‪-‬كما في األثر‪:-‬‬
‫"وعزتي وجاللي ال تنصرفون اليوم وألحد عند أحد مظلمة‪ ،‬وعزتي وجاللي ال يجاوز ھذا‬
‫بيد َ َ‬
‫األمة يوم القيامة ‪-‬كما يقول ابن مسعود‪-‬‬ ‫بيد العبد ويؤخذ ِ ِ‬
‫الجسر اليوم ظالم "يؤخذ ِ َ ِ‬
‫حقه‪،‬‬
‫فينادى على رؤوس الخالئق‪ :‬ھذا فالن أو فالنة من كان عليه حق فليأتِ إلى ِ ّ‬ ‫‪َ ُ ":‬‬
‫بينھم‬ ‫فتفرح المرأة أن يكون لھا حق على أبيھا أو أخيھا أو زوجھا أو أمھا‪َ ) ".‬فال َ َ َ‬
‫أنساب َ ْ َ ُ ْ‬
‫امرئ‬ ‫وبنيه* ِ ُ ِ ّ‬
‫لكل ْ ِ ٍ‬ ‫وأمه َ َ ِ ِ‬
‫وأبيه * َ َ ِ َ ِ ِ‬
‫وصاحبته َ َ ِ ِ‬ ‫من َ ِ ِ‬
‫أخيه * َ ُ ِ ّ ِ‬ ‫يفر ْ َ ْ ُ‬
‫المرء ِ ْ‬ ‫ُون( ) َ ْ َ‬
‫يوم َ ِ ﱡ‬ ‫يتساءل َ‬
‫يومئذ َوال َ َ َ‬
‫َْ َ ِ ٍ‬
‫يغنيه(‬ ‫يومئذ َ ْ ٌ‬
‫شأن ُ ْ ِ ِ‬ ‫منھم َ ْ َ ِ ٍ‬
‫ِّ ْ ُ ْ‬
‫أجارك ﷲ من الھالك يا َ َ‬
‫أمة‬ ‫ِ‬ ‫خصماءك عند ﷲ فتھلكي‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ﷲ ال يكون أبناؤك وبناتك‬
‫فا‪َ 9‬‬
‫َ‬
‫ﷲ‪ .‬يا أيتھا األخت المسلمة ھل تريدين السعادة؟ ھل تريدين السعادة؟ اقتدي‬
‫صالحا ثم أخلصي العمل ‪– 9‬جل‬
‫ً‬ ‫بالصالحات تفوزي في الحياة وفي الممات‪ ،‬واعملي‬
‫يدي‬
‫ستسألين عنه بين َ‬
‫ُ‬ ‫ألنك‬
‫ِ‬ ‫بلغيه؛‬ ‫ً‬
‫شيئا ِ ّ‬ ‫كنت تعلمين‬
‫ِ‬ ‫وعال‪ -‬تخلصي‪ ،‬وبلغي العلم إن‬
‫ً‬
‫شيئا‪،‬‬ ‫ﷲ –عز وجل‪ -‬ماذا عملتِ في ذلك العلم‪ ،‬وإن لم تكوني قد ﱠ‬
‫تعلمتي من العلم‬
‫عليك؛ لتعبدي ﷲ –عز وجل‪ -‬على بصيرة وعلى ھدى؛ فھذا‬
‫ِ‬ ‫فعليك أن تتعلمي ما يجب‬
‫ِ‬
‫واجب وفرض عين ال يسقط عن أي إنسان –كان من كان‪.-‬‬

‫يجدن قراءة الفاتحة‪ ،‬بل‬ ‫يا أمة ﷲ إن اإلنسان َ ْ َ‬


‫ليألم يوم يسمع عن عجائز في البيوت ال ُ ِ ْ‬
‫ال يعرفن كيف يصلين؟ بل ال يعرفن بعض أحكام النساء‪ .‬أحد الرجال –كما يذكر أحد‬
‫ويجلس أسرته ليربيھم‪،‬‬
‫الدعاة إلى ﷲ‪ -‬يعود إلى أھله في البيت في يوم من األيام ُ‬
‫ويعرف ماذا وراء ھذه األسرة؟ فجلس معھم وقال ألمه العجوز قال‪ :‬اقرئي لي الفاتحة –‬
‫يريد أن يعرف ھل ھي تعرف قراءة الفاتحة التي ال تتم الصالة إال بھا أم ال‪ -‬قالت‪ :‬وما‬
‫كتابا وال‬
‫ً‬ ‫الفاتحة يا بني؟ قال‪ :‬إذا كبرتِ ماذا تقولين في صالتك؟ قالت‪ :‬أقول‪ :‬ال جريت‬
‫حسابا فال تعذبني يوم العذاب‪ .‬عمرھا سبعون سنة‪ ،‬وأنا أقول‪ :‬ربما أنه يخرج‬
‫ً‬ ‫حسبت‬
‫من بيتھا من يذھب إلى المتوسطة‪ ،‬وقد حفظ من القرآن ما حفظ‪ ،‬ويخرج من بيتھا‬
‫ويذھب إلى الثانوية‪ ،‬وقد حفظ ما حفظ‪ ،‬وتخرج من بيتھا المعلمة وقد حفظت من كتاب‬
‫حاشاك أختي‬
‫ِ‬ ‫ﷲ ما حفظت‪ ،‬لكننا تعلمنا العلم ال لنعمل به‪ ،‬ولكن لتنال شھادة‪،.‬‬
‫إنك مسؤولة عن ھذا " لن تزول قدما عبد يوم القيامة‬
‫ِ‬ ‫المسلمة أن يكون ھذا ديدنك‪،‬‬
‫فيم أباله؟ وعن ماله من أين‬
‫َ‬ ‫حتى ُيسأل عن أربع؛ عن عمره فيم أفناه؟ وعن شبابه‬
‫وفيم أنفقه؟ وعن علمه ماذا عمل به؟‪ ".‬فماذا سيكون الجواب يا أمھات‬
‫َ‬ ‫اكتسبه‬
‫المستقبل ويا معلمات الجيل ويا مربيات األمة؟ اقتدي بالصالحات –كما قلت‪ -‬وتشبھي‬
‫ليلحقكي ﷲ عز وجل بھن‪ .‬ھا ھي‬
‫بھم‪ ،‬واعملي بما عملوا به‪ ،‬وامشي على أثرھم ِ ُ ِ َ‬
‫]سارة زوج الخليل[ –عليه الصالة والسالم‪ ،‬وعلى نبينا الصالة والسالم‪ -‬اعتصمت با‪9‬‬
‫عز وجل ْ‬
‫والتجأت إلى ﷲ عز وجل وحفظت ﷲ في الرخاء فحفظھا ﷲ عز وجل في‬
‫الشدة‪ُ ،‬أخذت عن بيتھا بالقوة من ِ َ‬
‫قبل زبانية طاغية مصر آنذاك‪ ،‬وقام إليھا يريد فعل‬
‫الفاحشة بھا‪ .‬امرأة ضعيفة لكنھا عزيزة قوية يوم تستمسك بحبل العزيز القوي سبحانه‬
‫وبحمده قامت وتوضأت وقامت لتصلي‪ ،‬واتصلت بربھا سبحانه وبحمده مباشرة‪ ،‬ال‬
‫وسائط بين أحد وبين ﷲ سبحانه وتعالى قائلة‪ :‬اللھم إن كنت تعلم أني آمنت بك‬
‫علي ھذا الكافر‪ .‬اللھم اكفنيه‬
‫ﱠ‬ ‫وبرسولك‪ ،‬وأحصنت فرجي إال على زوجي؛ فال تسلط‬
‫فجمد الكافر ھذا مكانه ال يستطيع أن يتحرك منه شيء‪ ،‬يوم لجأت إلى ﷲ‬
‫بما شئت‪ُ َ ،‬‬
‫جمد في مكانه‬
‫ُ َ‬ ‫وقد حفظته في وقت الرخاء‪ ،‬فحفظھا ﷲ عز وجل في وقت الشدة‪.‬‬
‫يده مرة أخرى على زوج الخليل‪،‬‬
‫فيمد َ‬
‫ﱡ‬ ‫ولم يتحرك ولم يتزحزح‪ ،‬ثم ُيطلق بعد ذلك‪،‬‬
‫فتتجمد أعضاؤه مرة أخرى‪ ،‬ويبقى على ما كان عليه في المرة األولى‪ ،‬ثم يمد الثالثة‪،‬‬
‫ثم يمد الرابعة‪ ،‬ثم في األخيرة يقول لھم‪ :‬ما جئتموني إال بشيطان‪ ،‬أرجعوھا إلى‬
‫إبراھيم‪ ،‬وأخدموھا ]ھاجر[‪ .‬لم ترجع سليمة محفوظة بحفظ ﷲ فقط؛ بل رجعت ومعھا‬
‫مملوكة لھا وھي ھاجر عليھا رضوان ﷲ رجعت إلى إبراھيم عليه السالم وھي‬
‫مخرجا َ َ ْ ُ ْ ُ‬
‫ويرزقه‬ ‫يجعل ﱠ ُ‬
‫له َ ْ َ ً‬ ‫يتقِ ﱠ َ‬
‫الله َ ْ َ‬ ‫ومن َ ﱠ‬
‫محفوظة بحفظ ﷲ؛ ألن ﷲ عز وجل قد قال ‪َ َ ) :‬‬
‫حسبه( وقد قال رسوله صلى ﷲ عليه‬ ‫الله َ ُ َ‬
‫فھو َ ْ ُ‬ ‫يتوكل َ َ‬
‫على ﱠ ِ‬ ‫ومن َ َ َ ﱠ ْ‬ ‫حيث َال َ ْ َ ِ ُ‬
‫يحتسب َ َ‬ ‫من َ ْ ُ‬
‫ِ ْ‬
‫وسلم "احفظ ﷲ يحفظك‪ ،‬احفظ ﷲ يحفظك " فالعز في كنف العزيز‪ ،‬ومن عبد العبيد‬
‫يبعدكن عن‬
‫ﱠ‬ ‫وتركتن ما‬
‫ﱠ‬ ‫لجأتن إلى ﷲ‬
‫ُ ﱠ‬ ‫ائتسيتن بھا أيتھا المسلمات‪ ،‬ھال‬
‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬
‫أذله ﷲ؛ فھال‬
‫وعكفتن على كتاب ﷲ وسنة رسول ﷲ محمد بن عبد ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‬
‫ُ ﱠ‬ ‫ﷲ‪،‬‬
‫فكنتن فيمن قال فيھم رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه‬
‫ﱠ‬ ‫وبلغتن‬
‫ﱠ‬ ‫وعلمتن‬
‫ﱠ‬ ‫فتعلمتن كتاب ﷲ‬
‫ُ ﱠ‬
‫أسوتك أختي‬
‫ِ‬ ‫وسلم‪" :-‬خيركم من تعلم القرآن وعلمه"‪ .‬ليس ھذا فحسب‪ ،‬ھل كانت‬
‫تربت في بيت النبوة‪،‬‬
‫المسلمة فاطمة بنت رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم تلك التي ﱠ‬
‫وذاقت ما ذاقه ذاك البيت من أذى في سبيل ﷲ ‪-‬عز وجل‪ ،-‬ترى أباھا ‪-‬صلى ﷲ عليه‬
‫ﱞ‬
‫صف ضده‪ ،‬تراه وھو يصلى‪،‬‬ ‫واحدا‪ ،‬والبشرية كلھا‬
‫ً‬ ‫صفا‬
‫ً‬ ‫وسلم‪ -‬وھو يقوم بالدعوة يقف‬
‫جذور بني‬
‫سال َ‬
‫فيقول أحدھم‪ :‬أيھم أو أيكم يمھل ھذا المرائي حتى يسجد‪ ،‬فيأخذ َ‬
‫فالن‪ ،‬فيضعه على ظھره ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬؟ رأت المنظر وھي طفلة صغيرة‬
‫والسال على ظھره‪ ،‬والفرث‬
‫ﱠ‬ ‫تتربى على ال إله إال ﷲ‪ ،‬محمد رسول ﷲ يسجد أبوھا‪،‬‬
‫نصيرا له في تلك اللحظة بعد ﷲ إال‬
‫ً‬ ‫والدم على ظھره –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬ولم يجد‬
‫ابنته فاطمة‪ ،‬وھي جارية صغيرة لتمتد إليه‪ ،‬وتأخذه من على ظھره‪ ،‬وتدعو عليھم‪،‬‬
‫وتسبھم وتشتمھم‪ .‬عاشت حياة رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬في أيام كان في‬
‫تمسكھا بدينھا‪،‬‬
‫ﱡ‬ ‫استقر إلى ھناك‪ .‬انظر إليھا في‬
‫ﱠ‬ ‫مكة‪ ،‬ويوم ھاجر إلى المدينة‪ ،‬ويوم‬
‫وتمسكھا بعفتھا وحيائھا وصبرھا العظيم‪ ،‬تلك المرأة التي تزوجت بعلي –رضي ﷲ عنه‬
‫الدور‪ ،‬وإنما دخلت‬
‫وأرضاه‪ -‬فما حملت معھا الجواھر وال الفساتين‪ ،‬وما دخلت القصور وال ﱡ‬
‫ورحى‬
‫وجرتين َ َ‬
‫بيتا من طين‪ .‬أما جھازھا –يا أمة ﷲ‪ -‬فھو وسادة محشوة بليف وسقاء ُ ﱠ‬
‫ً‬
‫ضرھا ذلك‬
‫الحب عليھا‪ ،‬وھي سيدة نساء العالمين –رضي ﷲ عنھا وأرضاھا‪ -‬ما ﱠ‬
‫ﱠ‬ ‫تطحن‬
‫وما أنقص من قدرھا ذلك‪ .‬انظر إليھا يوم يتحدث عنھا زوجھا في آخر حياته يتحدث عنھا‬
‫علي ‪-‬رضي ﷲ عنه وأرضاه‪ -‬فيقول‪ :‬كانت بنت رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬‬
‫وكانت أكرم أھله عليه‪ ،‬جرت بالرحى تطحن الحب حتى أثر الجر في يديھا‪ ،‬واستقت‬
‫تغيرت‬ ‫نحرھا –رضي ﷲ عنھا وأرضاھا‪ َ -‬ﱠ‬
‫وقمت البيت حتى ﱠ‬ ‫ِ‬ ‫بالقربة حتى ﱠ‬
‫أثر الحبل في‬
‫ضر‬
‫ھيئتھا ‪-‬رضي ﷲ عنھا وأرضاھا‪ -‬وأوقدت النار حتى تغيرت ھيئتھا‪ ،‬وأصابھا من ذلك ٌ‬
‫يرين الرجال‪ ،‬وال‬
‫يوما من األيام‪ :-‬خير للنساء أال َ َ ْ َ‬
‫أيما ضر‪ .‬اسمعي إليھا يوم تقول ‪ً -‬‬
‫ﱠ‬
‫يراھن الرجال ‪ .‬بضعة منه ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬أخذت من علمه وفقھه وحكمته ‪-‬‬
‫ﱠ‬
‫بالرحى‪ ،‬وتطحن‬
‫ﱠ‬ ‫وتجر‬
‫ﱡ‬ ‫تقم البيت‪ ،‬وتوقد النار‪،‬‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬انظري إليھا يوم َ ﱡ‬
‫الحب‪ ،‬وتصبر‪ ،‬ولم تتصخب‪ ،‬ولم تتشكى‪ ،‬ولم تسخط من قضاء ﷲ ‪-‬عز وجل‪ -‬ثم فوق‬
‫ذلك تربي أبناءھا تربية عظيمة؛ تربيھم على كتاب ﷲ‪ ،‬وعلى سنة رسوله –صلى ﷲ‬
‫أحدا غير ﷲ –عز وجل‪ -‬فمن كان من أبنائھا؟ كان الحسن‬
‫ً‬ ‫عليه وسلم‪ -‬وأال يراقبوا‬
‫أم‬
‫من؟ ھي ﱡ‬
‫والحسين سيدا شباب أھل الجنة –رضى ﷲ عنھم أجمعين‪ -‬ھي بنت َ ْ‬
‫من؟‬
‫من؟ ھي زوج َ ْ‬
‫َ ْ‬

‫من ذا يساوي في األنام عالھا‬


‫أما أبوھا فھو أكرم مرسل‬
‫ﱠ‬
‫جبريل بالتوحيد قد رباھا‬
‫وعلي زوج ال تسأل عنه‬
‫ﱞ‬
‫تياھا‬
‫سوى سيف غدا بيمينه ﱠ‬

‫طلبت من رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬أن يخدمھا مملوكة من المماليك‪ ،‬أن‬
‫يخدمھا إياھا؛ فماذا كان منه –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬قال‪" :‬ال وﷲ ما دام على الصفة‬
‫فقير يحتاج إلى لقمة أو إلى كسرة" –أو كما قال –صلى ﷲ عليه وسلم‪ ،-‬فذھبت إلى‬
‫بيتھا وقد تعبت من أعمال البيت‪ ،‬وجاء النبي –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬إليھا ليدخل بيتھا‬
‫وھي وزوجھا في فراش واحد‪ ،‬ثم قال لھما –صلى ﷲ عليه وسلم‪" :-‬أوال أدلكما على‬
‫خير لكما من خادم" أوال أدلكما على خير لكما من خادم من الذي قال ھذا؟ إنه من ال‬
‫ً‬
‫ثالثا‬ ‫إن ھو إال وحي يوحي‪ .‬قال‪" :‬إذا أويتم إلى فراشكما َ َ ِ ّ‬
‫فسبحا‬ ‫ينطق عن الھوى‪ْ .‬‬
‫أربعا وثالثين؛ فذلكما خير لكما من خادم"‪ .‬ھل فعلنا‬
‫ً‬ ‫وكبرا‬
‫ِّ‬ ‫ً‬
‫ثالثا وثالثين‪،‬‬ ‫وثالثين‪ ،‬واحمدا‬
‫ذلك يا أيھا األحبة؟ بل ھل علمنا نساءنا أن يذكروا ھذا الذكر قبل أن يناموا؟ إنه من‬
‫علي‪ :‬وﷲ ما تركته من بعد ذلك اليوم حتى لقيت ﷲ‬
‫ﱞ‬ ‫المعين على خدمة البيت‪ .‬يقول‬
‫صفين قال‪ :‬وال ليلة صفين في وسط المعركة وفي‬
‫ِّ‬ ‫‪-‬جل وعال‪ -‬قالوا‪ :‬حتى وال ليلة‬
‫عليكن‬
‫ﱠ‬ ‫لكن أيتھا األخوات‪:‬‬
‫ﱠ‬ ‫وسط ما حصل ما نسيه ‪-‬رضي ﷲ عنه وأرضاه‪ .-‬إني أقول‬
‫أمة ﷲ أن في بيوت المسلين اآلن‬ ‫بھذا فذلكن خير لكن من خادم‪ .‬ھل تعلمين يا َ َ َ‬
‫سبعمائة وخمسين ألف خادم في ھذه الجزيرة ما بين مسلمة وما بين بوذية وما بين‬
‫نصرانية وما بين مجوسية ﱠ‬
‫تولى ھؤالء‪ .‬ماذا تولوا؟ تولوا تربية فلذات األكباد‪ ،‬وﷲ إن ھذا‬
‫ألعظم ما تغشين به أطفالك ومجتمعك ُ‬
‫وأمتك وبالدك ‪-‬‬ ‫ُ‬ ‫ألعظم الكفر‪ ،‬وﷲ إن ھذا‬
‫ُ‬
‫أبدا‪ .‬يا أيھا األحبة عليكم بھذا الدعاء فذلكما خير‬
‫الجزيرة‪ -‬التي ال يجوز دخول كافر إليھا ً‬
‫لكما من خادم‪ .‬اذكري فاطمة يا أيتھا األخت المؤمنة‪ ،‬ثم اذكري ما عليه بعض أخواتك‬
‫في الرغبة الملحة من النظر إلى الرجال‪ ،‬والحديث مع الرجال‪ ،‬واالختالط بھم‪،‬‬
‫وتشبھھن بالكافرات في لباسھن ومشيتھن‪،‬‬

‫قمة وأنت فضيلة وأنت طھر؛ قمة بالقرآن‪ ،‬فضيلة باإليمان‪،‬‬


‫وبا‪ 9‬يا أختي المسلمة أنت ﱠ‬
‫طھر بتمسكك بھذا الدين؛ فكيف تتشبه القمة بالسافلة؟ وكيف تتشبه الفضيلة‬
‫بالرذيلة؟ وكيف يتشبه الطھر بالنجس؟‬
‫بقي ﱡ‬
‫اللحاء‬ ‫َ‬ ‫يعيش المرء ما استحيا بخير *** ويبقى العود ما‬
‫فال وﷲ ما في العيش خير *** وال الدنيا إذا ذھب الحياء‬
‫السير بأنھا قد ُقتل‬
‫ِ َ‬ ‫ألذكرك مرات ومرات بتلك المؤمنة الطاھرة التي يذكرھا أھل‬
‫ِ‬ ‫إني‬
‫لھا ولد في إحدى الغزوات مع رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬فجاءت تبحث عن‬
‫ولدھا بين القتلى وھي متنقبة ومتحجبة‪ ،‬فقيل لھا‪ :‬كيف تبحثين عنه وأنت متنقبة‬
‫ومتحجبة قد ال تعرفينه؟! فأجابت إجابة المؤمنة‪ ،‬إجابة من أطاعت ﷲ‪َ :‬‬
‫ألن أفقد –وﷲ‪-‬‬
‫ألن أفقد –وﷲ‪ -‬ولدي خير من أن أفقد حيائي‬ ‫خير من أن أفقد حيائي وديني‪َ .‬‬ ‫ٌ‬ ‫ولدي‬
‫ونساء ْ ُ ْ ِ ِ َ‬
‫المؤمنين‬ ‫وبناتك َ ِ َ‬ ‫النبي ُقل َ ْ َ ِ َ‬
‫ألزواجك َ َ َ ِ َ‬ ‫وديني‪ .‬إن ﷲ خاطب رسوله قائال ً‪َ ) :‬يا َ ﱡ َ‬
‫أيھا ﱠ ِ ﱡ‬
‫جالبيبھن( وﷲ ما أنا بخير من أمھات المؤمنين وال من نساء المؤمنين‬ ‫يدنين َ َ ْ ِ ﱠ‬
‫عليھن ِمن َ ِ ِ ِ ﱠ‬ ‫ُ ْ ِ َ‬
‫وال من بناته ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪.-‬‬
‫فتشبھوا إن لم تكونوا مثلھم *** إن التشبه بالكرام فالح‬

‫وھاھو رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬يرسل رجال لخطبة بنت من بنات األنصار له‪،‬‬
‫ودميما‪ -‬فما كان من الرجل‬
‫ً‬ ‫فقيرا‬
‫ً‬ ‫ويأتي ويقول‪ :‬رسول ﷲ يطلب ابنتكم لي ‪-‬وكان رجال ً‬
‫إال تردد‪ ،‬وما كان من األم بعد ذلك إال أن ترددت؛ فما كان منه أو من ھذه المرأة التي‬
‫أتردان أمر رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬؟‬ ‫تربت على اإليمان إال أن خرجت‪ ،‬وقالت‪ ُ :‬ﱠ‬
‫أمرا َأن َ ُ َ‬
‫يكون‬ ‫ورسول ُُه َ ْ ً‬
‫الله َ َ ُ‬ ‫إذا َ َ‬
‫قضى ﱠ ُ‬ ‫مؤمنة ِ َ‬
‫لمؤمن َوال ُ ْ ِ َ ٍ‬ ‫وما َ َ‬
‫كان ِ ُ ْ ِ ٍ‬ ‫أين تذھبان من قول ﷲ‪َ َ ) :‬‬
‫مبينا( ادفعوني إليه فإن‬
‫ضالال ﱡ ِ ً‬
‫ضل َ‬
‫فقد َ ﱠ‬ ‫له َ َ ُ َ ُ‬
‫ورسوله َ َ ْ‬ ‫يعصِ ال ﱠ َ‬
‫ومن َ ْ‬ ‫من َ ْ ِ ِ ْ‬
‫أمرھم َ َ‬ ‫الخيرة ِ ْ‬ ‫َ ُ ُ‬
‫لھم ْ ِ َ َ ُ‬
‫أمرا ھو أو‬
‫ﷲ ال يضيعني‪ .‬أرأيتم –يا أيتھا األخوات‪ -‬االستجابة ‪– 9‬عز وجل‪ -‬إذا قضى ً‬
‫سمية[ تعتنق اإلسالم‪،‬‬
‫ﱠ‬ ‫رسوله –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬فھال كانت ھذه ُأسوة ِ‬
‫لك‪].‬‬
‫وتؤذى‪ ،‬يريدون أن يرﱡدوھا عن دينھا‪ ،‬وما نقموا منھا إال أن آمنت با‪– 9‬الذي ال‬
‫وتضرب ُ َ‬
‫ُ َ‬
‫فأبت؛ ألنھا علمت أنھا على حق؛ فماذا كان منھا؟ تقدم إليھا الشقي‬
‫إله إال ھو‪ْ َ -‬‬
‫لترضى(‬
‫ربي ِ َ ْ َ‬ ‫وعجلت ِ َ َ‬
‫إليك َ ِ ّ‬ ‫ولسان حالھا يقول‪ُ ْ ِ َ َ ) :‬‬
‫ُ‬ ‫عفتھا‪،‬‬
‫بحربته ليطعنھا في موطن ﱠ‬
‫فكانت أول شھيدة في اإلسالم بإذن ﷲ ‪-‬سبحانه وبحمده‪ .-‬ومن قبل ھؤالء امرأة‬
‫ْ َ‬
‫األعلى( لم يصدھا‬ ‫ربكم‬ ‫فرعون ]آسيا[ التي آمنت في وسط بيت من يقول‪َ َ ) :‬‬
‫أنا َ ﱡ ُ ُ‬
‫جبروته‪ ،‬ولم يصدھا قوته‪ ،‬ولم يصدھا طغيانه‪ .‬لما تبين إسالمھا طلب منھا أن ترجع عن‬
‫وأنى لمسلم يعرف ھذا الدين ثم يعود عنه وينكص على أعقابه؛ فماذا كان‬ ‫دينھا‪ْ َ َ ،‬‬
‫فأبت ﱠ‬
‫وأوتد يديھا بأربعة أوتاد‪ ،‬ثم ربطھا وألقاھا في الشمس‪ ،‬ومنع عنھا‬
‫أوتد رجليھا‪َ ْ ،‬‬
‫منه؟ ْ َ‬
‫ﱠ‬
‫ووكل من يؤذيھا‪ ،‬فقالت‪ :‬ماذا قالت؟ وإلي‬ ‫مبرحا‪ ،‬وآذاھا‬
‫ً‬ ‫ضربا‬
‫ً‬ ‫الطعام والشراب وضربھا‬
‫ونجني‬ ‫بيتا ِفي ْ َ ﱠ ِ‬
‫الجنة َ َ ّ ِ ِ‬ ‫دك َ ْ ً‬
‫عن َ َ‬
‫ابن ِلي ِ‬
‫ربِ ْ ِ‬
‫من لجأت؟ لجأت إلى فاطر السماوات واألرض ) َ ّ‬
‫ﱠ ِ ِ َ‬
‫الظالمين( روي أنھا لما قالت ذلك ُرفعت دونھا‬ ‫من ْ َ ْ ِ‬
‫القوم‬ ‫ونجني ِ َ‬
‫وعمله َ َ ّ ِ ِ‬
‫فرعون َ َ َ ِ ِ‬
‫ِمن ِ ْ َ ْ َ‬
‫تعذب حتى‬
‫مجوفة‪ ،‬فضحكت وھي ُ ﱠ‬
‫الحجب حتى رأت بيتھا في الجنة من ُدرة بيضاء ُ ﱠ‬
‫ُ ُ ُ‬
‫الضحاك‪ :‬فأمر فرعون بعد ذلك بحجر يلقى‬
‫ﱠ‬ ‫تعذب وتضحك؟!‪ .‬يقول‬
‫قالوا‪ :‬ھذه مجنونة‪ ُ ،‬ﱠ‬
‫عليھا‪ ،‬وھي في أوتادھا؛ فما وصل الحجر إليھا حتى أخذ ﷲ روحھا قبل ذلك‪ ،‬فصارت‬
‫مثال ً للذين آمنوا‪ .‬أرأيتم –يا أيھا األحبة‪ ،‬ويا أيتھا األخوات‪ -‬كيف تكون المؤمنة متعلقة‬
‫با‪– 9‬عز وجل‪ -‬فيحفظھا سبحانه وبحمده؟ ليس ھذا‪ ،‬قد تقولون‪ :‬ھؤالء في عصر‬
‫نموذجا من ھذا العصر؛ عجوز جالست النساء‪ ،‬وھي تخشى ﷲ –‬
‫ً‬ ‫مضى‪ ،‬فسأذكر لكم‬
‫كثيرا من الناس في حفرة من حفر النار‪،‬‬
‫ً‬ ‫عز وجل‪ -‬وتعلم أن ھذا اللسان لطالما أردى‬
‫وأوقعھم في أعراض المسلمين وأعراض المسلمين حفرة من حفر النار ما كان من ھذه‬
‫المرأة يوم أن جالستھم؛ فلم تجد فائدة إال أن اعتزلت بيتھا؛ فھي تذكر ﷲ آناء الليل‬
‫بار بھا‪،‬‬
‫وأطراف النھار‪ ،‬وتقرأ القرآن‪ ،‬واعتزلت النساء ولم تجلس معھن‪ ،‬وكان لھا ولد ٌ‬
‫وفي ليلة من الليالي‪ ،‬قد كانت تقوم أكثر ليلھا يوم أصبح قيامنا وقيام أھل بيتنا إال من‬
‫رحم ﷲ على التمثيليات والمسلسالت‪ ،‬ونسأل ﷲ أن يعصم قلوبنا أن نلقى ﷲ على‬
‫ليلة من الليالي‪ ،‬وإذا بھا تنادي ابنھا في ثلث‬
‫ٍ‬ ‫ذلك‪ .‬يا أيھا األحبة كانت تقوم ليلھا‪ ،‬وفي‬
‫الليل اآلخر‪ ،‬وتقول‪ :‬يا بني ھا أنا على وضع سجودي ال يتحرك مني عضو واحد؛ فما‬
‫بار بھا‪ ،‬يريد أن تعود إلى‬
‫كان منه إال أن أخذھا وذھب بھا إلى المستشفى‪ ،‬وھو ٌ‬
‫وأنى‬
‫ونھارا‪ ،‬وذھب بھا إلى األطباء‪ ،‬وفعلوا ما فعلوا‪ ،‬ﱠ‬
‫ً‬ ‫صحتھا‪ ،‬نور في البيت تذكر ﷲ ليال ً‬
‫قدر سألته با‪ 9‬أن يعيدھا إلى بيتھا ‪،‬‬
‫لحذر أن ينجي من َ‬
‫وأنى ِ َ َ ٍ‬
‫لبشر أن ينجي من قدر؟ ﱠ‬
‫أعدني على وضع السجود كما كنت‬
‫ووضأھا‪ ،‬ثم قالت‪ِ :‬‬
‫ﱠ‬ ‫فأخذھا وذھب بھا إلى البيت‪،‬‬
‫على سجادتي في آخر الليل‪ ،‬وإذا بھا بعد فترة ليست بالطويلة تنادي ابنھا وتقول‪ :‬يا‬
‫محمدا رسول ﷲ‪.‬‬
‫ً‬ ‫بني أستودعك ﷲ الذي ال تضيع ودائعه‪ ،‬أشھد أن ال إله إال ﷲ وأن‬
‫لتلقى ﷲ –عز وجل‪ -‬وھي ساجدة؛ يغسلونھا وھي ساجدة؛ ويكفنونھا وھي ساجدة؛‬
‫ويذھبون ليصلوا عليھا وھي ساجدة‪ُ ،‬تحمل إلى المقبرة وھي ساجدة‪ ،‬وتدخل القبر‬
‫وھي ساجدة‪ ،‬ومن مات على شيء ُبعث عليه‪ُ ،‬تبعث بإذن ﷲ ساجدة‪ .‬يا أيھا األحبة‬
‫رجاال ً ونساء امرأة تقوم من الليل ما تقوم‪ ،‬وبعضنا ال يقوم من ليله ولو لساعة أو نصف‬
‫ساعة أو لدقائق أو لركعتين أو ثالث يرجو بھا رحمة ﷲ‪ ،‬يرجو بھا نفحة من نفحات ﷲ ‪-‬‬
‫عز وجل‪ .-‬إني أقول‪ :‬تشبھوا بھذه العجوز وقد منحكم ﷲ ما لم يمنحھا من الصحة‬
‫والقوة‪ .‬وھاھي ابنة ]سعيد بن المسيب [ ‪-‬عليه رحمة ﷲ‪ -‬وھذه مثل لألخوات‬
‫المتعلمات؛ لما دخل عليھا زوجھا –وكان من طلبة العلم‪ -‬أصبح في الصباح فأخذ رداءه‬
‫ليثني ركبته في مجلس سعيد بن المسيب أبيھا‪ .‬فقالت‪ :‬إلى أين تريد؟‬
‫َ‬ ‫يريد أن يذھب ُ‬
‫أتعلم العلم‪ ،‬فقالت‪ :‬له اجلس أعلمك علم سعيد‪ ،‬فوجد‬
‫ُ‬ ‫أبيك سعيد‬
‫ِ‬ ‫قال‪ :‬إلى مجلس‬
‫ما كان يتعلمه من سعيد عند ابنته‪ .‬ھكذا تكون المرأة المسلمة‪ ،‬وھكذا تكون المعلمة‬
‫نورا َ ِ ﱡ‬
‫يشع على زوجھا وعلى بيتھا؛ فال يخرجون من البيت إال طيبين‬ ‫الفاضلة تصبح ً‬
‫وصالحين بإذن ﷲ‪ .‬وإن نسينا فال ننسى عائشة ‪-‬رضى ﷲ عنھا‪ -‬تلكم العالمة التي‬
‫علما حتى قال فيھا ]الزھري[‪ :‬لو‬
‫ً‬ ‫ط بعد إلى التاسعة عشر‪ ،‬ومألت األرض‬
‫تخ ُ‬
‫ماتت ولم َ ْ‬
‫جمع علم عائشة إلى علم جميع النساء لكان علم عائشة أفضل وأكثر وأفيد‪ .‬طلبت‬
‫ُ‬
‫العلم ولم تعزف عن الزواج‪ ،‬كما يفعل بعض أخواتنا في ھذه األيام يطلبون العلم‪،‬‬
‫فيعزفون عن الزواج‪ .‬تزوجت ‪-‬يا أيھا األحبة‪ -‬وھي في التاسعة أو أقل من ذلك‪ ،‬ولم‬
‫تتعلم إال قال ﷲ وقال الرسول ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ .-‬لم تتعلم قصص الغرام‪ ،‬ولم‬
‫تتعلم الحب‪ ،‬ولم تتعلم األدب اإلنجليزي‪ ،‬ولم تصرف وقتھا إال فيما ينجيھا؛ كتاب ﷲ‬
‫وسنة نبينا محمد –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬فرضى ﷲ عنھا وأرضاھا‪ ،‬ووفق أخواتنا‬
‫خطيبا في يوم من‬
‫ً‬ ‫لتكون ھي وأمثالھا قدوة لھن‪ .‬وھاھو] أبو قدامة الشامي[ يقف‬
‫يعظ الناس ويذكرھم بفضيلة الجھاد في سبيل ﷲ –جل وعال‪ -‬ماذا‬ ‫األيام على المنبر َ ِ‬
‫كان من ھذا الرجل؟ خرج من المسجد‪ ،‬وقد ْ َ َ ﱠ ْ‬
‫اشرأبت األعناق للذھاب إلى القتال في‬
‫سبيل ﷲ‪ ،‬وخرج يمشي في شارع من شوارع مدينته‪ ،‬وإذا بھذه المرأة تقول‪ :‬يا أبا‬
‫قدامة السالم عليك‪ ،‬فلم يرد عليھا السالم؛ ألنه خشي أن تفتنه؛ ألن نبيه –صلى ﷲ‬
‫عليه وسلم‪ -‬يقول‪" :‬فاتقوا الدنيا‪ ،‬واتقوا النساء؛ فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في‬
‫النساء‪ ".‬فلم يرد عليھا األولى‪ ،‬ولم يرد عليھا الثانية‪ ،‬وفي الثالثة قالت‪ :‬السالم عليك‬
‫إلي‪ ،‬وقالت‪ :‬سمعتك وأنت‬
‫ّ‬ ‫يا أبا قدامة ما ھكذا يفعل الصالحون‪ .‬قال‪ :‬فتوقفت فتقدمت‬
‫تشحذ الھمم للجھاد في سبيل ﷲ‪ ،‬وفتشت‪ ،‬فلم أجد ‪-‬وﷲ‪ -‬أغلى عندي من‬
‫عل ﷲ‬
‫ﱠ‬ ‫لفرسك في سبيل ﷲ؛‬
‫لجاما َ َ ِ‬
‫ً‬ ‫ضفيرتي شعري‪ ،‬فقصصتھما‪ ،‬فخذھما‪ ،‬واجعلھما‬
‫َ ْ‬
‫لجاما لخيل ﷲ‬
‫ً‬ ‫تقص ضفائرھا‬
‫ﱡ‬ ‫أن يكتبني من المجاھدات في سبيله‪ .‬وال إله إال ﷲ‬
‫ولجند ﷲ‪ .‬وأخرى تقص ضفائرھا لتكون أشبه بالبغايا العاھرات‪ .‬شتان بين مشرق‬
‫تشبه بقوم فھو منھم‪ .‬أرأيتم ھذه‬
‫ﱠ‬ ‫ومغرب‪ .‬شتان بين الفريقين –يا أيھا األحبة‪ -‬من‬
‫المرأة في اليوم الذي بعده؟ يقول أبو قدامة‪ :‬وقد انطلقنا نريد الجھاد في سبيل ﷲ‪،‬‬
‫قال وإذا بھذا الطفل يأتي ويلحق بنا‪ ،‬ويقول‪ :‬يا أبا قدامة سألتك با‪ 9‬أن تجيزني في‬
‫القتال في سبيل ﷲ‪ .‬قال‪ :‬تطؤك الخيل بحوافرھا‪ .‬قال‪ :‬سألتك با‪ 9‬إال أخذتني‪ .‬قال‪:‬‬
‫إن ُقتلت تشفع لي عند ﷲ‪ -‬شرط‪ -‬؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬فأخذه معه على فرسه‪ ،‬وانطلقوا‬
‫حتى قابلوا الروم‪ ،‬وحينما قابلوھم قال‪ :‬سألتك با‪ 9‬ثالثة أسھم‪ .‬قال‪ :‬تضيعھا إذاً‪ .‬قال‪:‬‬
‫سھما‪ ،‬وقال‪ :‬السالم عليك يا أبا قدامة‪ ،‬بسم‬
‫ً‬ ‫سألتك با‪ 9‬ثالثة أسھم‪ ،‬فأعطاه‪ ،‬فأخذ‬
‫روميا‬
‫ً‬ ‫روميا‪ ،‬ثم أطلق الثالث فقتل‬
‫ً‬ ‫روميا‪ ،‬ثم أطلق الثاني فقتل‬
‫ً‬ ‫ﷲ‪ ،‬ثم أطلقه‪ ،‬فقتل‬
‫ً‬
‫ثالثا‪ ،‬ثم جاءه سھم‪ ،‬فضربه في لبته‪ ،‬فأرداه من فوق الفرس وھو يقول‪ :‬السالم عليك‬
‫تنس الوصية‪ ،‬ال‬
‫َ‬ ‫يا أبا قدامة سالم مودع‪ ،‬ثم سقط فسقط وراءه أبو قدامة‪ ،‬وقال‪ :‬ال‬
‫وأعطه أمي‪ .‬قال‪ :‬ومن أمك؟‬
‫ِ‬ ‫تنس الوصية‪ .‬فما كان منه بعد ذلك إال أن قال‪ :‬خذ ھذا‬
‫َ‬
‫قال‪ :‬أمي صاحبة الضفيرتين التي أعطتك إياھا باألمس‪ .‬أرأيتم إلى البيوت المسلمة‬
‫تربى على ال إله إال ﷲ محمد رسول ﷲ ‪ ،‬المرأة مربية األجيال‬
‫يوم ُ ﱠ‬
‫طيب األعراق‬
‫شعبا ِ ّ‬
‫ً‬ ‫واألم مدرسة إذا أعددتھا *** أعدت‬

‫ھاھي ]صفية بنت عبد المطلب[ عمة رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ُ ْ ِ -‬‬
‫تلكم المرأة‬
‫سيفا في سبيل ﷲ‪ .‬توفي عنھا زوجھا وترك‬
‫ً‬ ‫سل‬
‫ﱠ‬ ‫ربت لألمة أول فارس‬
‫الحازمة التي ﱠ ْ‬
‫وربته على الفروسية‪ ،‬لم‬
‫فنشأته على الخشونة والبأس‪ ،‬ﱠ ْ‬
‫ﱠ‬ ‫لھا الزبير ‪-‬وھو طفل صغير‪-‬‬
‫ﱡ‬
‫الترفه وعلى الميوعة حتى أصبح األطفال والرجال ‪-‬اآلن‪-‬‬ ‫ﱡ‬
‫التنعم وعلى‬ ‫تنشئه على‬
‫ُ ِّ ْ‬
‫بريِ السھام وإصالح القسي‪ ،‬لم تجعل لعبه في‬
‫لعبه في ْ‬ ‫ً‬
‫رجاال‪ ،‬جعلت َ‬ ‫أشباه رجال ال‬
‫ً‬
‫وشماال‪ ،‬يتسكعون‪ .‬كانت تقدمه‬ ‫يمينا‬
‫ً‬ ‫لعب الكرة‪ ،‬وفي مطاردة الدراجات في الشوارع‬
‫في كل مخوفة‪ ،‬وكانت ترميه في كل خطر؛ تريد أن يكون َ ِ َ‬
‫لبنة صالحة في ھذا‬
‫يوما من األيام قال لھا‪:‬‬
‫المجتمع؛ فإذا تردد عنھا ضربته وأوجعته حتى إن أحد أعمامه ً‬
‫مبغضة ال ضرب أم‪ ،‬فارتجزت قائلة‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫ضرب‬
‫َ‬ ‫إنك تضربينه‬
‫ِ‬
‫ُب‬
‫من قال قد أبغضته فقد كذب *** وإنما أضربه لكي يَل ﱠ‬
‫ويخدم الجيش ويأتي بالسلب‪.‬‬

‫ھاجرت إلى المدينة النبوية‪ ،‬وھي تقفو إلى الستين من عمرھا‪ ،‬تركت مدارج الشباب‪،‬‬
‫فارة إلى ﷲ –جل وعال‪ -‬في المدينة‪ ،‬وفي يوم ُأحد‬
‫وتركت مكة‪ ،‬وھاجرت بدينھا ﱠ ً‬

‫شاركت في يوم ُأحد لما رأت ما حل بالمسلمين وھي تسقيھم بالماء ﱠ‬


‫ھبت كاللبؤة‪،‬‬
‫ومضت تشق الصفوف به‪ ،‬وتزأر وتقول‪ :‬ويحكم‬
‫َ ْ‬ ‫رمحا من َ َ‬
‫أحد المنھزمين‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وانتزعت‬
‫أتنھزمون عن رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم؟ فلما رآھا النبي‪-‬صلى ﷲ عليه‬
‫مثل به المشركون؛ فما كان منه إال أن أشار‬
‫خشي أن ترى أخاھا حمزة وقد ﱠ‬
‫َ‬ ‫وسلم‪-‬‬
‫إلى ابنھا الزبير‪ ،‬وقال‪" :‬دونك أمك" أو كما قال –صلى ﷲ عليه وسلم‪ .-‬فقال الزبير‪ :‬يا‬
‫يأمرك أن‬
‫ِ‬ ‫أم لك‪ .‬فقال‪ :‬إن رسول ﷲ‬
‫تنح عني‪ ،‬ال ﱠ‬
‫ﱠ‬ ‫إليك‪ .‬قالت‪:‬‬
‫ِ‬ ‫إليك‪ ،‬يا أماه‬
‫ِ‬ ‫أماه‬
‫مثل‬
‫ترجعي‪ .‬قالت‪ :‬األمر أمر ﷲ وأمر رسوله‪ ،‬فتوقفت‪ ،‬ثم قالت‪ :‬وﷲ لقد بلغني أنه ُ ِّ َ‬
‫وألصبرن‪ ،‬وذلك في ذات ﷲ في سبيل ﷲ‪ ،‬ثم انتھت المعركة‪ ،‬وما كان‬
‫ﱠ‬ ‫بأخي حمزة‬
‫وشوه‬ ‫وجدع أنفه ُ‬
‫وأذناه‪َ ِّ ُ ،‬‬ ‫كبده‪ِ ُ ،‬‬
‫ُ‬ ‫بطنه‪ِ ُ ،‬‬
‫وأخرجت‬ ‫ُ‬ ‫بقر‬
‫منھا إال أن وقفت على أخيھا وقد ُ َ‬
‫وجھه‪ ،‬فاستغفرت ﷲ له‪ ،‬وجعلت تقول في ذات ﷲ‪ :‬لقد رضيت بقضاء ﷲ‪ ،‬لقد رضيت‬ ‫ُ‬
‫تنح‪ ،‬وما كان لھا أن تكون كذلك‪ ،‬وھا‬
‫جيبا‪ ،‬ولم ُ ْ‬
‫ً‬ ‫بقضاء ﷲ‪ .‬لم تلطم ً ّ‬
‫خدا‪ ،‬ولم ُتشق‬
‫ھي في يوم الخندق يوم وضع النبي –صلى ﷲ عليه وسلم‪ .-‬النساء في حصن‬
‫حسان وھو حصن من أمنع الحصون‪ ،‬ولم يترك معھن من الرجال‪ ،‬فذھب الجيش إلى‬
‫يھوديا يتسلل إلى القصر وإلى ھذا الحصن يريد أن‬
‫ً‬ ‫الخندق‪ ،‬وما كان منھا إال أن رأت‬
‫ينظر ھل في الحصن رجال أم يستخلي اليھود بھذا الحصن‪ -‬ليسلبوا النساء والذراري‪،‬‬
‫عمودا من الحصن‪ ،‬ثم ھجمت عليه حتى قتلته‪ ،‬ثم لم تكتفي بذلك‬
‫ً‬ ‫لما رأته أخذت‬
‫رمت برأسه على‬
‫فاحتذت رأسه واقتطعته‪ ،‬وأخذته وخرجت إلى أعلى الحصن‪ ،‬ثم َ ْ‬
‫محمدا لن يترك النساء بال رجال‪ .‬رضي ﷲ‬
‫ً‬ ‫اليھود يتدحرج بينھم‪ ،‬فقالوا‪ :‬قد علمنا أن‬
‫ربت وحيدھا أحسن تربية ُ َ ْ‬
‫وأصيبت في شقيقھا‪ ،‬فاحتسبت ذلك وعملت‬ ‫عن صفية‪ ،‬ﱠ‬
‫ھم ھذا الدين‪ ،‬وھكذا يكون نساء المسلمين أيتھا األخوات‪ .‬إن‬
‫ﱠ‬ ‫لھذا الدين وحملت‬
‫النماذج لكثيرة كثيرة لكني أقف مع نموذج أخير أو قبل األخير‪ ،‬وھو مع أم ]اإلمام أحمد[‬
‫الذي يموت أبوه عنه‪ ،‬وھو صغير فتكفله أمه الزاھدة العابدة الصائمة القائمة‪ ،‬تقوم‬
‫بتربيته ‪،‬وھذا دور المرأة يوم تكون صالحة‪ .‬تنتج ﱠ ِ‬
‫اللبنات الصالحة‪ .‬نشأت ابنھا على حب‬
‫حفظتني القرآن وعمري عشر سنوات‪،‬‬
‫ﷲ ورسوله‪ ،‬وعلى حب كتاب ﷲ‪ ،‬يقول أحمد‪ :‬ﱠ‬
‫جنبيه‪ .‬يقول‪ :‬كانت توقظني قبل صالة الفجر‬
‫ْ‬ ‫ومن حفظ القرآن فقد استدرج النبوة بين‬
‫وتلبسني اللباس‪،‬‬
‫ُ‬ ‫باردا في بغداد‪ُ ،‬‬
‫ً‬ ‫بوقت ليس بالقصير‪ ،‬وتدفئ لي الماء؛ ألن الجو كان‬
‫ثم نصلي أنا وإياھا ما شئنا‪ ،‬ثم ننطلق إلى المسجد وھي مختمرة؛ ألن الطريق كان‬
‫موحشا لتصلي معه صالة الفجر في المسجد ‪-‬وعمره عشر سنوات‪،-‬‬
‫ً‬ ‫مظلما‬
‫ً‬ ‫بعيدا‬
‫ً‬
‫وتبقى معه حتى منتصف النھار لتعلمه العلم وتربيه التربية ليكون َ ِ َ‬
‫لبنة صالحة ينفعھا‬
‫سافر‬
‫ِْ‬ ‫تقدم على ﷲ ‪-‬جل وعال‪ .-‬يقول‪ :‬فلما بلغت السادسة عشرة قالت‪ :‬يا بني‬
‫يوم ْ ُ‬
‫في طلب الحديث؛ فإن طلب الحديث ھجرة في سبيل ﷲ‪ .‬أعدت له بعض متاع السفر‬
‫ْ َ َ‬
‫مستلزمات السفر‪ ،‬ثم قالت‪ :‬إن ﷲ إذا‬ ‫صرة ملح ومن بعض‬
‫من أرغفة الشعير ومن ُ ﱠ‬
‫ً‬
‫شيئا حفظه‪ ،‬فأستودعك ﷲ الذي ال تضيع ودائعه‪ .‬ذھب من عندھا إلى‬ ‫استودع‬
‫ُ ِ‬
‫قدم لألمة ما قدم وألمه ‪-‬إن شاء‬
‫المدينة وإلى مكة وإلى صنعاء ليعود اإلمام أحمد‪ ،‬وقد ﱠ‬
‫بمنه‬
‫ِّ‬ ‫ﷲ‪ -‬من الحسنات مثلما عمل أحمد ومثل من يعمل بعمل أحمد إلى أن يلقى ﷲ‬
‫وكرمه‪ ،‬والخير في األمة كثير وكثير‪.‬‬
‫لفضلت النساء على الرجال‬
‫فلو كان النساء كمن ذكرنا *** َ‬
‫وما التأنيث السم الشمس عيب *** وما التذكير فخر للھالل‬
‫أعجبتك خصال ھؤالء النساء؟‬
‫ِ‬ ‫ھل‬
‫إذا أعجبتك خصال امرئ *** فكنه يكن ما يعجبك‬
‫فليس على الجود والمكرمات *** إذا جئتھا حاجب يمنعك‪.‬‬

‫استغاللك لھدم الدين والحياء‬


‫ِ‬ ‫يا أيتھا األخت المؤمنة إن أعداءك ُ ْ ٌ‬
‫كثر‪ ،‬وإنما يريدون‬
‫كثر‪ .‬وقد يكونون ممن يتكلمون بألسنتنا ومن بني جلدتنا‪ ،‬يقول أحدھم‪:‬‬
‫كثر ُ ْ‬
‫والفضيلة‪ْ ُ ،‬‬
‫ال تستقيم حالة الشرق إال إذا رفعت الفتاة حجابھا عن وجھھا وغطت به القرآن الكريم‬
‫ويقول آخر‪ :‬كأس وغانية تفعالن باألمة المحمدية ما لم تفعله المدافع والقذائف؛‬
‫َ‬
‫المنتظر ِمنكن‬ ‫أمة ﷲ من ھؤالء؟ إن الموقف‬
‫موقفك َ َ‬
‫ِ‬ ‫والملذات فما‬
‫ﱠ‬ ‫فأغرقوھم بالشھوات‬
‫ْ ِ‬
‫ھو االعتصام بدين ﷲ والوقوف عند حدود ﷲ‪ ،‬ولكننا نرى – ويا ليتنا ما نرى – أحيانا‬
‫أحيانا نرى أن بعض النساء تتصور أن السفور ھو كشف الوجه‬
‫ً‬ ‫نرى الكاسية العارية‪.‬‬
‫ً‬
‫أيضا – السفور الذي لو غطت المرأة وجھھا قد يكون أحيانا‬ ‫فقط‪ ،‬ال‪ ،‬ذاك شيء‪ ،‬ومعه –‬
‫وتخرج محاسنھا‪ .‬إن من السفور‬
‫برؤيتھا‪ ،‬وكأنھا تمشي في صالة عرض‪ُ ،‬تبدي مفاتنھا‪ُ ،‬‬
‫لبس الضيق‪ .‬إن من السفور لبس العباءة الخفيفة الجذابة في منظرھا‪ .‬السفور بلبس‬
‫َ‬
‫عليك ‪ -‬يا أختي المسلمة ‪ -‬أن تلبسي لباس أھل‬
‫ِ‬ ‫القصير والخفيف من المالبس‪ .‬أھان‬
‫أرھما‬
‫النار‪ .‬ألم تسمعي قول النبي ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ " -‬صنفان من أھل النار لم َ‬
‫البخت‬ ‫بعد‪ "...‬وذكر منھن‪" :‬نساء كاسيات عاريات مائالت مميالت‪ ،‬رؤوسھن َ ْ ِ َ ِ‬
‫كأسنمة ُ ْ‬
‫يجدن ريحھا‪ ،‬وإن ريحھا ليوجد من مسيرة كذا وكذا" أال ھل‬
‫ْ‬ ‫ْ َ‬
‫يدخلن الجنة وال‬ ‫المائلة‪ ،‬ال‬
‫ترضين أن تكوني من أھل النار؟ ھل ترضين أن تخرجي من آداب القرآن والسنة إلى‬
‫ابنتك وثمرة فؤادك من‬
‫ِ‬ ‫عادات قوم أخذوھا من اليھود والنصارى؟ ھل ترضين أن تكون‬
‫تتعرى به من الحياء‪ ،‬والحياء من اإليمان؟!‬
‫ﱠ‬ ‫لبسا‬
‫ً‬ ‫أھل النار؟ ھل ترضين أن ُتلبسي بناتك‬
‫تعرض السلع فاتنة ليتعلق بھا كل سافل وحقير ومھين‬
‫تعرض كما ُ َ‬
‫ھل ترضين البنتك أن ُ َ‬
‫ورذيل؟‪ .‬ھل ترضين أن َتلبسي أو ُتلبسي لباس أھل النار؟ ال –يا فتاة اإلسالم‪ -‬لن‬
‫عفتك‬
‫ِ‬ ‫دينك العظيم يحافظ على‬
‫ِ‬ ‫حصنك الحصين‬
‫ِ‬ ‫ترضي‪ ،‬وھذا ھو المأمول‪،‬‬
‫َ ْ‬ ‫ترضي‪ ،‬وال‬
‫َ ْ‬
‫تركت ھذا األمر كنت‬
‫ِ‬ ‫فضيلتك‪ ،‬يأمرك بالحجاب واالحتشام متى ما‬
‫ِ‬ ‫حيائك وعلى‬
‫ِ‬ ‫وعلى‬
‫عرضة لعذاب ﷲ في اآلخرة‪ ،‬وفي الدنيا عرضة للذئاب البشرية التي تريد عفافك الذي‬
‫به تشرفين‪ ،‬تريد أن تفجعك بعفافك لتتجرعي الغصص مدى الحياة‪ .‬وبعض أخواتنا–‬
‫يسمعن لنداء الذئاب‪ ،‬ويسعين لھم‪ .‬حالھن كقول القائل‪ :‬قطيع يساق إلى‬
‫ْ‬ ‫ھداھن ﷲ‪-‬‬
‫ُ ﱠ‬
‫إليك في‬
‫ِ‬ ‫حتفه ويمشي ويھتف للكافرين‪ .‬يا فتاة اإلسالم األيادي الماكرة الخبيثة تمتد‬
‫صورة مقاالت ساحرة‪ ،‬في صورة مجالت خليعة‪ ،‬في صورة مسلسالت فاتنة‪ ،‬في صورة‬
‫إخراجك إلى الشقاء والتعاسة؛ فكم من مقالة‬
‫ِ‬ ‫كلمات أدبية‪ ،‬في أعمدة الصحف تريد‬
‫تقول‪ :‬إن اإليمان في القلوب‪ ،‬ال في ستر الوجه والجيوب‪ ،‬وكبرت كلمة تخرج من‬
‫كذبا‪ .‬إنھم يريدون منك الخطوة األولى –وھي أصعب خطوة‪،‬‬
‫ً‬ ‫أفواھھم إن يقولون إال‬
‫حاشاك ذلك‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ومسافة الميل تبدأ بخطوة واحدة‪ -‬يريدون أن تكوني فاجرة عاھرة سافرة‪،‬‬
‫منك بفارغ الصبر أن تلقي العباءة وتتخلصي من الحجاب ومن مستلزماته من‬
‫ِ‬ ‫ينتظرون‬
‫بك َ ِ‬
‫لعب األطفال‬ ‫تقر أعينھم؛ فيلعبون ِ‬
‫ﱡ‬ ‫اإليمان والحياء والطھر‪ ،‬ثم تتركي الصالة‪ ،‬ويومھا‬
‫حفظك ﷲ منھن‪ ،‬أغيظيھم بعدم االلتفات إليھم‬
‫ِ‬ ‫بالجيف‪.‬‬
‫َِ‬ ‫بالكرة‪ ،‬ويعبثون عبث الكالب‬
‫والسماع لھم‪ .‬اقتليھم حسرة بتوفير حيائك ومالزمة حجابك؛ فإنما أطمعھم في الوصول‬
‫منك لمختلف األغنيات والمسلسالت‬
‫ِ‬ ‫الح لھم من النجاح في سماح‬
‫إلى غاياتھم ما َ‬
‫واألفالم الماجنات‪ .‬أغراھم بالوصول إلى بعض فتياتنا بالخروج إلى األسواق والوقوف‬
‫ألست تؤمنين با‪9‬‬
‫ِ‬ ‫أمام الباعة من غير ما ضرورة‪ ،‬والتجوال في الشوارع واألسواق‪،‬‬
‫حرم‬
‫ألست ترجين ﷲ والدار اآلخرة؟‪ .‬إن ُعرف ھذا فاعلمي أن ﷲ ﱠ‬
‫ِ‬ ‫واليوم اآلخر؟‬
‫ونھاھن‬
‫ﱠ‬ ‫بغضِ األبصار وحفظ الفروج‬
‫ّ‬ ‫حرم الفسق والفجور‪ ،‬وأمر المؤمنات‬
‫السفور كما ﱠ‬
‫يقرن في بيوتھن فال يخرجن من غير ما حاجة‪.‬‬
‫عن إبداء شيء من الزينة؛ بل أمر أن َ ْ‬
‫أيما‬
‫وليھن‪ " .‬ﱠ‬
‫وإذا خرجن لحاجة فليخرجن متسترات غير متجمالت وال متعطرات وبإذن ِ ّ‬
‫امرأة خرجت بغير ذلك فھي في سخط ﷲ حتى ترجع‪ ،‬وأيما امرأة استعطرت ومرت‬
‫على قوم ليجدوا ريحھا فھي زانية"‪ .‬أال فلتمشين متواضعات في أدب وحياء‪ .‬أال ال‬
‫فيسمع قرعھا‪ ،‬وربما‬
‫َ‬ ‫تتخذن خالخل وما يشبه الخالخل‪ ،‬وال أحذية تضرب األرض بقوة‪ُ ،‬‬
‫زينتھن(‬
‫يخفين ِمن ِ َ ِ ِ ﱠ‬
‫ليعلم َما ُ ْ ِ َ‬ ‫يضربن ِ َ ْ ُ ِ ِ ﱠ‬
‫بأرجلھن ِ ُ ْ َ َ‬ ‫ً‬
‫شيئا‪ .‬إن ﷲ يقول‪َ ) :‬وال َ ْ ِ ْ َ‬ ‫أوقعت في القلوب‬
‫تخلون امرأة بغير ذي محرم لھا"‪" .‬ما خال رجل بامرأة إال كان الشيطان ثالثھما"‪ .‬ال‬
‫ﱠ‬ ‫"ال‬
‫تصافحي الرجال؛ فإن رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬قد امتدت إليه يد امرأة تبايعه‪،‬‬
‫لكن على النار‪.‬‬
‫فقال‪" :‬إني ال أصافح النساء"‪ .‬اتقين ﷲ –أيتھا األخوات‪ -‬فإنه ال صبر ُ ﱠ‬
‫لكن على النار‬
‫تصبرن على الجوع وعلى الضر وعلى التكاليف‪ ،‬لكن –وﷲ‪ -‬ال صبر ُ ﱠ‬
‫ْ َ‬ ‫إنكن‬
‫ﱠ‬
‫تتبعن خطوات الشيطان؛ فإنه يأمر‬
‫–أجاركن ﷲ وكل مسلمة من النار‪ .-‬أيتھا األخوات ال ﱠ ْ‬
‫حذار‬
‫ِ‬ ‫بالسوء والفحشاء‪ .‬يا من آمنت با‪ ،9‬ويا من سجدت ‪ ،9‬ويا من استترت بستر ﷲ‬
‫حذار حذار يا بنت عائشة‬
‫ِ‬ ‫حذار من السقوط؛ فإن السقوط إلى النار وبئس القرار‪.‬‬
‫ِ‬
‫زبد اكتووا ھم‬
‫وحفصة وسارة وزينب وأسماء أن تغتري بزيف حضارة الغرب المادية فھي َ َ ٌ‬
‫بنارھا؛ فاستمعي واعتبري‪.‬‬
‫ِّ‬
‫لتوقيه *** ومن ال يعرف الشر من الخير يقع‬ ‫واعرف الشر ال للشر لكن‬

‫خطيرا في إحدى جامعاتھا في سنة واحدة‬


‫ً‬ ‫استقراء‬
‫ً‬ ‫فيه نشرت إحدى الصف األمريكية‬
‫ثبت أن عشرين ألف فتاة حملن من الزنا –نعوذ با‪ 9‬من الفواحش ما ظھر منھا وما‬
‫سنويا‪ ،‬وتعاني من مشكلة‬
‫ً‬ ‫بطن‪ -‬وأن أمريكا تستقبل مليون طفل من الزنى والسفاح‬
‫رعاية ھؤالء األطفال اآلن‪ .‬وفي إحصائيات للتليفزيون الفرنسي بلغ عدد العازبات من‬
‫النساء ثمانية ماليين امرأة‪ ،‬وبلغت حوادث اغتصاب الفتيات اثنتين وعشرين ألف حالة‬
‫سنويا‪ ،‬كاتب أمريكي يقول‪ :‬إحصائيات عام تسعة وسبعين للميالد تدق ناقوس الخطر؛‬
‫ً‬
‫سنويا دون زواج في سن المراھقة ستمائة ألف فتاة‪ ،‬منھن عشرة‬
‫ً‬ ‫عدد اللواتي يلدن‬
‫آالف دون سن الرابعة عشرة‪ ،‬ومع ذلك يقولون –وكبرت كلمة تخرج من أفواھھم‪-‬‬
‫كبت جنسي‪ ،‬ومع ذلك تجد الواقع يكذبھم‪ .‬أين اثنان‬
‫يقولون‪ :‬إن الحجاب وعدم االختالط ْ ٌ‬
‫سنويا من االغتصاب عندھم؟ أين ھذا الكبت الذي يقول‪ :‬بأنه ال‬
‫ً‬ ‫وعشرون ألف حالة‬
‫يعيشه إال المسلمة التي تأتمر بأمر ﷲ؟! حاالت االغتصاب –كما سمعتن‪ -‬ال ُتحصى‪،‬‬
‫ونكاح الرجل ابنته وأمه وأخته مألوف ومشھور –عافانا ﷲ وإياكم من الفسق والفجور‪.-‬‬
‫وعمت‬
‫ﱠ ْ‬ ‫طمت‬
‫ﱠ‬ ‫سنويا‪ ،‬ناھيك عن األمراض التي‬
‫ً‬ ‫وفي بريطانيا عشرون ألف حالة إجھاض‬
‫كاإليدز والسيالن والھربز‪ .‬وصدق رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬القائل –قبل أربعة‬
‫قرنا‪" :-‬وما ظھرت الفاحشة في قوم حتى أعلنوا بھا إال ظھرت فيھم األوجاع التي‬
‫عشر ً‬
‫ھو(‪ .‬يا فتاة اإلسالم إنھم يريدون‬
‫ربك ِإال ُ َ‬
‫جنود َ ِ ّ َ‬ ‫وما َ ْ َ ُ‬
‫يعلم ُ ُ َ‬ ‫لم تكن في أسالفھم"‪َ َ ) .‬‬
‫ھم(‬ ‫تتبع ِ ﱠ َ‬
‫ملت ُ ْ‬ ‫حتى َ ﱠ ِ َ‬
‫النصارى َ ﱠ‬ ‫عنك ْ َ ُ ُ‬
‫اليھود َوال َ ﱠ َ َ‬ ‫ترضى َ َ‬ ‫لمجتمعنا أن يكون كمجتمعھم ) َ َ‬
‫ولن َ ْ َ‬
‫داعيين‪ :‬داعٍ إلى النار والعار والشنار؛‬
‫ْ‬ ‫فانتبھي واحذري –يا أخت اإلسالم‪ -‬أنت أمام‬
‫ففري منه فرارك من األسد‪ ،‬وداعٍ إلى الجنة وھو رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬‬
‫ِّ‬
‫الذي جعل من أكبر اھتماماته المرأة‪ ،‬خاطبھا‪ ،‬ووعظھا‪ ،‬وبا‪ 9‬ﱠ‬
‫ذكرھا وأبكاھا‪ .‬كان يصلي‬
‫فيعظھن‪ ،‬ويذكرھن با‪ ،9‬ويربيھن على اإليمان‪ ،‬وھديه –‬
‫ﱠ‬ ‫العيد‪ ،‬ثم ينتقل إلى النساء‪،‬‬
‫ھديه –صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬‬ ‫ُ‬ ‫وخير الھدي‬
‫ُ‬ ‫أيديكن‪،‬‬
‫ﱠ‬ ‫بين َ ْ‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬موجود ْ‬
‫منك أن تكوني غربية سافلة‬
‫ِ‬ ‫بك‪ ،‬ويريد‬ ‫ْ‬
‫فالزموه‪ .‬في وقت ستجدين فيه من يستھزئ ِ‬
‫ساقطة‪ .‬ستجدين من يقول للحجاب‪ :‬خيمة‪ ،‬ولقد قيل –وكبرت كلمة تخرج من‬
‫عليك أن تبحثي عن قائد يقودك إلى المدرسة‪،‬‬
‫ِ‬ ‫أفواھھم‪ -‬ستجدين من يقول‪:‬‬
‫يدعونك إلى جھنم إن‬
‫ِ‬ ‫لك أن تمزقي حجابك وتمشى سافرة‬
‫وستجدين من يقول‪ :‬آن ِ‬
‫قذفوك فيھا؛ فليكن جوابك‪:‬‬
‫ِ‬ ‫أجبتيھم‬
‫ﱡ‬
‫أئن‬ ‫لست *** إلى سواه أنحو وال في نصره‬
‫ُ‬ ‫اخسئوا ألني مولعة بالحق‬
‫ً‬
‫كمدا من مات من غيظه منھم له كفن؟‬ ‫دعھم يعضوا على صم الحصى ***‬

‫ولنقف مع نموذج ھنا وھو وقفة عظيمة أخيرة وقفة تأمل وتدبر‪ .‬البد أن نقفھا مع ھذا‬
‫النموذج إنه مع نموذج فريد‪ .‬مع نموذج درس وحده لنقف مع] أسماء[ –رضى ﷲ عنھا‬
‫الصديقة بنت الصديق التي حظيت بموقف لم تحظَ به امرأة‬
‫ِّ‬ ‫وأرضاھا‪ -‬ذات النطاقين‬
‫قبلھا وال بعدھا وال حتى الرجال‪ ،‬أال وھو خدمة رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬‬
‫وأبيھا في الغار‪ ،‬في طريق الھجرة إلى المدينة النبوية‪ ،‬حدث لم يتكرر‪ ،‬وخدمة لن‬
‫تتكرر‪ ،‬تزوجت بالزبير –رضى ﷲ عنه وأرضاه‪ -‬وھو أحد العشرة المبشرين بالجنة‪ ،‬رضيت‬
‫زوجا؛ ألنه ابن الدعوة الذي شھد فجرھا كما شھدتھا ھي‪ ،‬وألنه ابن الدعوة الذي‬
‫ً‬ ‫به‬
‫ذاق حالوة األذى في سبيلھا كما ذاقتھا ھي‪ ،‬إنھما يشتركان في اإليمان والدعوة‬
‫والشجاعة‪ ،‬انتقلت من بيت أبيھا إلي بيت زوجھا المتواضع‪ ،‬لم تحمل جواھر‪ ،‬ولم‬
‫ھم مستقبل اإلسالم بين أضالعھا ومصير الدعوة‪ ،‬تقول‬
‫ﱠ‬ ‫تحمل فساتين‪ ،‬وإنما تحمل‬
‫مال‪ ،‬وماله مملوك غير فرسه‪ ،‬فكنت أعلف‬
‫ٌ‬ ‫ذات يوم‪ :‬تزوجني الزبير‪ ،‬وما له في األرض‬
‫فرسه‪ ،‬وكنت أكفيه مئونته‪ ،‬وكنت أقوم فوق ذلك بأعباء بيته‪ .‬واسمعوا –يا أيتھا‬
‫ً‬
‫عبئا على زوجھا الزبير بما لھا من مطالب دنيوية ورغبات ذاتية؛‬ ‫األخوات‪ -‬لم تكن أسماء‬
‫ألنھا لم تطلب الدنيا للمتعة‪ ،‬ولم تطلب من زوجھا أن يكون لھا لوحدھا يحقق رغباتھا‪،‬‬
‫ويسعى لتوفير السعادة لھا؛ بل كانت ھي في خدمة زوجھا تسعده وترضيه وتقف‬
‫وراءه‪ ،‬وتحتسب ذلك‪ .‬فھو على ثغر في خارج البيت‪ ،‬وھي على ثغر في داخل البيت‪،‬‬
‫وھذه ھي القسمة العادلة‪ ،‬وھكذا تكون األسرة المسلمة‪ .‬فأين تقف المرأة المسلمة‬
‫اليوم مع زوجھا في دعوته؟ ھل تتعھده بالطمأنينة؟ ھل تشحنه بالعزيمة؟ ھل تقف‬
‫تعيقه في‬ ‫ًّ‬
‫صفا وراءه‪ ،‬وتتخلى عن بعض رغباتھا في سبيل ﷲ؟ أم أنھا تقف عقبة ُ ُ‬
‫طريق دعوته‪ ،‬وفي طريق رسالته‪ .‬إني ألدعو األخوات إلى دفع األزواج‪ ،‬وإلى دفع‬
‫األبناء‪ ،‬وإلى دفع اإلخوان‪ ،‬وإلى دفع األخوات إلى اإلصالح والدعوة والعلم ولھن في‬
‫أسماء قدوة ونعم القدوة‪ .‬ال زلنا نعيش مع أسماء ويرزقھا ﷲ ‪-‬جل وعال‪ -‬بعبد ﷲ‪،‬‬
‫صباحا‬
‫ً‬ ‫تتحف سمعه‬ ‫ﱡ‬
‫تتحف سمعه وقلبه بمبادئ ھذا الدين ُ ْ‬
‫فتربيه تربية المؤمنات‪ُ ،‬‬
‫تتحف سمعه وقلبه بذكر ﷲ آناء الليل‬
‫ومساء بتالوة آيات ﷲ البينات على آذانه‪ِ ْ ُ ،‬‬
‫ً‬
‫شب وترعرع‪ ،‬وأبواه ال يفتران عن تعليمه أمور الدين‪ ،‬وتربيته على‬
‫ﱠ‬ ‫وأطراف النھار حتى‬
‫يوما من األيام‪،‬‬
‫اإلسالم حتى إنه ليقتحم مجلس رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ً -‬‬
‫صغيرا فيتبسم ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬يوم جاء يبايعه‪ ،‬ويقول‪ ":‬إنه ابن أبيه‪،‬‬
‫ً‬ ‫وھو ال زال‬
‫إنه ابن أبيه "كما روى عنه ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ .-‬فھل تعي األمھات مسؤولية األبناء‪،‬‬
‫نرجو ذلك‪ .‬إن المرأة الغارقة في الرفاه والتنعم والترف والتي تستھلكھا الدنيا من طعام‬
‫وشراب وزينة وتفاخر ومظاھر براقة ال تربي األطفال‪ ،‬وال تربي العلماء‪ ،‬وال تربي األتقياء‪.‬‬
‫ﱠ‬
‫والبطالين والكسالى والخاملين والعالة على المجتمع المتسكعين‬ ‫إنما تربي التنابلة‬
‫أشباه الرجال وال رجال‪ .‬انظرن ‪-‬يا أيتھا األخوات‪ -‬ألسماء في ْ َ ِ‬
‫أحلك المواقف‪ ،‬وقد بلغت‬
‫السابعة والتسعين من عمرھا‪ ،‬يوم حوصر ابنھا في الحرم‪ ،‬فتدخل عليه‪ ،‬فيدخل ھو‬
‫عليھا يستشيرھا في الموقف؛ ماذا يفعل؟ فقالت بثبات المؤمنة المربية‪ :‬أنت أعلم‬
‫بنفسك يا عبد ﷲ‪ ،‬إن كنت تعلم أنك على حق وتدعو إلى الحق؛ فاصبر عليه حتى‬
‫تموت في سبيله‪ ،‬وإن كنت تريد الدنيا فلبئس العبد أنت‪ ،‬أھلكت نفسك ومن معك‪.‬‬
‫ظلمت‪ ،‬وما غدرت‪ ،‬وﷲ يعلم‬
‫ُ‬ ‫جرت في حكم‪ ،‬وما‬
‫قال‪ :‬يا أماه –وﷲ‪ -‬ما أردت الدنيا‪ ،‬وما ُ ْ ُ‬
‫حسنا‬
‫ً‬ ‫سريرتي‪ ،‬وما في قلبي‪ ،‬فقالت‪ :‬الحمد ‪ ،9‬وإني ألرجو ﷲ أن يكون عزائي فيك‬
‫أشم رائحتك‪،‬‬
‫ﱠ‬ ‫تعانقا عناق الوداع‪ ،‬ثم قالت‪ :‬يا بني اقترب حتى‬
‫َ‬ ‫إن سبقتني إلى ﷲ‪،‬‬
‫فأكب على يديھا ووجھھا يلثمھا ويقبلھا‬
‫ﱠ‬ ‫وأضم جسدك‪ ،‬فقد يكون ھذا آخر العھد بك‪،‬‬
‫وتشتبك دموعه بدموعھا وھي تتلمسه‪ .‬عمياء ال ترى‪ ،‬ثم ترفع يدھا‪ ،‬وھي تقول‪ :‬يا‬
‫عبد ﷲ ما ھذا الذي تلبسه؟ قال‪ :‬درعي‪ .‬قالت يا بني ما ھذا لباس من يريد الشھادة‬
‫ﱡ‬
‫وأخف لحركتك‪ ،‬والبس بدال منه سراويل‬ ‫في سبيل ﷲ‪ ،‬انزعه عنك؛ فھو أقوى لوثبتك‪،‬‬
‫وشد سراويله‪ ،‬ومضى إلى‬
‫ﱠ‬ ‫صرعت لم تنكشف عورتك‪ .‬نزع درعه‪،‬‬
‫مضاعفة حتى إذا ُ‬
‫كفھا وقلبھا إلى ﷲ قائلة‪ :‬اللھم‬
‫تفتري عن الدعاء‪ .،‬فرفعت ﱠ‬
‫الحرم‪ ،‬وھو يقول‪ :‬يا أماه ال َ ْ ُ‬
‫ارحم طول قيامه‪ ،‬وشدة نحيبه في سواد الليل‪ ،‬والناس نيام‪ .‬اللھم ارحم جوعه وظمأه‬
‫في ھواجر مكة والمدينة‪ ،‬وھو صائم‪ .‬اللھم إني قد أسلمته إليك‪ ،‬ورضيت بما قضيت‬
‫فيه‪ ،‬فأثبني فيه ثواب الصابرين‪ .‬ويذھب ويصلي طوال ليلته تلك‪ ،‬ويصلي بالناس الفجر‪،‬‬
‫ثم يحمد ﷲ‪ ،‬ويثني عليه‪ ،‬ويحرض أصحابه على القتال‪ ،‬ثم ينھض ليقاتل وتأتيه ضربة‬
‫في وجھه‪ ،‬يرتعش لھا ويسيل الدم على وجھه‪ ،‬فيقول‪:‬‬
‫ولسنا على األعقاب تدمي كلومنا *** ولكن على أقدامنا تقطر الدم‬
‫ثم سقط فأسرعوا إليه‪ ،‬فأجھزوا عليه‪ ،‬فارتجت مكة بالبكاء عليه ‪-‬عليه رحمة ﷲ‪ -‬ثم‬
‫لم يكتفوا بذلك‪ ،‬بل صلبوا جسمانه كالطود الشامخ في ريع الجحون‪.‬‬
‫ُعلواً في الحياة وفي الممات *** بحق أنت إحدى المكرمات‬
‫قياما للصالة‬
‫ً‬ ‫كأنك واقف فيھم خطيبا *** وھم واقفون‬
‫وتسمع األم الصابرة ذات السبع والتسعين سنة العمياء البصيرة‪ ،‬وتذھب إلى ولدھا‬
‫المصلوب كالطود الشامخ‪ ،‬وتقترب منه‪ ،‬وھي ال ترى وتدعو له‪ ،‬وإذ بقاتله يأتي إليھا‬
‫خيرا‪ ،‬فتصيح به‪ :‬لست لك بأم‪ ،‬أنا أم‬
‫ً‬ ‫بك‬
‫أمه إن الخليفة أوصاني ِ‬
‫في ھوان‪ ،‬ويقول‪ :‬يا ﱠ‬
‫مخاطبا عبد ﷲ المصلوب‪:‬‬
‫ً‬ ‫ھذا المصلوب‪ ،‬وعند ﷲ تجتمع الخصوم‪ ،‬ويتقدم ابن عمر‬
‫قواما‬
‫صواما ﱠ ً‬
‫السالم عليك يا أبا خبيب‪ ،‬السالم عليك يا أبا خبيب‪ ،‬وﷲ ما علمتك إال ﱠ ً‬
‫شرھا ألمة‬
‫ﱡ‬ ‫ألمة أنت‬
‫ٌ‬ ‫شر ھذه األمة‪ ،‬أما وﷲ‬
‫ﱡ‬ ‫وصوال للرحم‪ ،‬أما وقد قال الناس‪ :‬إنك‬
‫التفت إلى أصحابه قائال ً‪ :‬أما آن لھذا الفارس أن يترجل‪ ،‬ويتقدم ابن عمر‬
‫خير كلھا‪ .‬ثم ْ‬
‫مواسيا‪ ،‬ثم يقول لھا‪ :‬اتقي ﷲ واصبري‪ ،‬فقالت –بلسان الصابرة‬
‫ً‬ ‫معزيا‬
‫ً‬ ‫إلى أسماء‬
‫أھدي رأس‬
‫المؤمنة الواثقة بموعود ﷲ‪ :-‬يا ابن عمر‪ ،‬وماذا يمنعني من الصبر وأقد ِ‬
‫أرأيتن ما أعظم األم المربية! وما‬
‫ﱠ‬ ‫بغيٍ من بغايا بني إسرائيل؟!‪.‬‬
‫يحيى بن زكريا إلى َ ِ‬
‫سلمت األمر ‪،9‬‬ ‫ﱠ‬ ‫تنح‪ ،‬وإنما‬
‫جيبا‪ ،‬ولم ُ‬
‫ً‬ ‫المربى! لم تلطم ً ّ‬
‫خدا‪ ،‬ولم تشق‬ ‫ﱠ‬ ‫أعظم االبن‬
‫مصيبة َقالُوا ِ ﱠ‬
‫إنا ِ ّ ِ‬
‫لله‬ ‫إذا َ َ َ ْ ُ‬
‫أصابتھم ﱡ ِ َ ٌ‬ ‫الصابرين * ﱠ ِ َ‬
‫الذين ِ َ‬ ‫ﱠ ِِ َ‬ ‫وبشر‬
‫فلله األمر من قبل ومن بعد‪ِ ِ ّ َ َ ) .‬‬
‫راجعون( انظرن –أيتھا األخوات‪ -‬إلى] أسماء[ يوم يقدم ابنھا المنذر‪ ،‬يوم يقدم‬
‫َ‬ ‫وإنا ِ َ ْ ِ‬
‫إليه َ ِ‬ ‫َِﱠ‬
‫ابنھا ]المنذر بن الزبير[‪ ،‬فأرسل إليھا بكسوة من بالد >مرو<‪ ،‬كسوة رقاق عتاق‪ ،‬وھي‬
‫فشق ذلك‬
‫ﱠ‬ ‫أف ردوا عليه كسوته‪،‬‬
‫أف ٍ‬
‫ال ترى‪ ،‬فقامت تتلمس ھذه الكسوة‪ ،‬ثم قالت‪ٍ :‬‬
‫يشف فھو‬
‫ّ‬ ‫ﱡ‬
‫يشف –يعني ال يشف عما تحته‪ -‬قالت‪ :‬إن لم‬ ‫على ابنھا‪ ،‬وقال‪ :‬يا أماه إنه ال‬
‫ثيابا أخرى ال تشف وأعطاھا‪ ،‬فقالت‪ :‬مثل‬
‫ً‬ ‫يصف‪ ،‬فاشترى لھا‬
‫يشف فھو َ ِ ُ‬
‫ّ‬ ‫يصف‪ ،‬إن لم َ‬
‫َ ِ ُ‬
‫ھذا فاكسني يا بني‪ ،‬مثل ھذا فاكسني يا بني‪ .‬رحم ﷲ أسماء لو رأت ما يصنع بعض‬
‫نساء المسلمين اليوم‪ ،‬وما يلبسه بعض حفيدات أسماء وخديجة وسمية وصفية ماذا‬
‫يكون الجواب؟ إننا لنعجب وﷲ من ُأذن تسمع قول رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬‬
‫"صنفان من أھل النار –وذكر منھم‪ -‬نساء كاسيات عاريات مائالت مميالت –إلى أن قال‪-‬‬
‫‪ :‬ال يدخلن الجنة وال يجدن ريحھا‪ ،‬وإن ريحھا ليوجد من مسافة كذا وكذا وكذا"‪ .‬ثم ال‬
‫ھداھن ﷲ‪ -‬من تلبس الضيق‪ ،‬وتلبس الشفاف‪ ،‬وتجمع‬
‫ﱠ‬ ‫نزال نرى في بعض المسلمات ‪-‬‬
‫الحشف وسوء الكيل؛ فتلبس القصير والضيق والشفاف‪.‬‬
‫فحينا‬
‫ً‬ ‫حينا‬
‫ً‬ ‫تقلصا‬
‫ً‬ ‫كأن الثوب ظل في صباح *** يزيد‬
‫تظنين الرجال بال شعور *** لكأنك ربما ال تشعرين‬
‫إنه وعيد شديد‪ ،‬وزجر أليم‪ ،‬ماذا بعد الحرمان من الجنة ورائحتھا الزكية التي توجد من‬
‫إنك في ھذه الحياة يوم تخالفين أمر‬
‫ِ‬ ‫مسيرة ألف عام وأكثر‪ ،‬إال النار؟!‪ .‬يا أيتھا المسلمة‬
‫ﷲ‪ ،‬فتقعين في الوعيد الشديد‪ .‬يوم تجوبين األسواق سافرة‪ ،‬وتقفين مع باعة األغنيات‬
‫قدرك في ھذه الحياة؛ فال عفاف وال حياء‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِّ‬
‫لتحطي من‬ ‫والمجالت والفيديوھات ماجنة‬
‫ً‬
‫فشيئا حتى تقعي فيما نسأل ﷲ أن يجيرك منه‪،‬‬ ‫ً‬
‫شيئا‬ ‫والحياء من اإليمان‪ ،‬ثم تتنازلين‬
‫وإذا وقعتي ‪-‬بالطبع‪ -‬ال أحد ‪-‬حتى الفجرة‪ -‬يريدون رؤيتك بھذا المستوى‪.‬‬
‫إذا سقط الذباب على طعام *** رفعت يدي ونفسي تشتھيه‪.‬‬
‫وتجتنب األسود ورود ماء *** إذا كان الكالب ولغن فيه‬
‫فيا أيتھا المسلمة المصلية الساجدة‪ ،‬يا من خضع رأسك للحي القيوم‪ ،‬وخشع له‬
‫آنفا‪ ،‬وﷲ إنه لعظيم لو‬
‫زاجرا حديث رسول ﷲ الذي سمعتيه ً‬
‫ً‬ ‫يكفيك‬
‫ِ‬ ‫سمعك وبصرك‪ ،‬أال‬
‫صب على الجبال الراسيات ألذابھا‪ .‬فأي شيء بعد الحرمان من دار النعيم‪ ،‬وھل ھناك‬
‫ُ ﱠ‬
‫دار إال الجنة أو النار‪.‬‬
‫ال دار للمرء بعد الموت يسكنھا *** إال التي كان قبل الموت يبنيھا‬
‫فإن بناھا بخير طاب مسكنه *** وإن بناھا بشر خاب بانيھا‬

‫فارفعي رأسك ‪-‬أختي المسلمة‪ -‬وانظري بعين بصيرتك إلى أمھاتك وأخواتك من‬
‫خير سلف األمة‪ ،‬وسلي ﷲ اللحاق بھن واعملي عملھن ﱠ ِ‬
‫علك أن تلحقي بھن؛‬
‫عليك‬
‫ِ‬ ‫أمة ﷲ راقبي ﷲ‪ ،‬وقومي بما أوجب ﷲ‬ ‫فتحشري معھن‪ ،‬والمرء مع من أحب‪ .‬يا َ َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫دعا‬
‫قوال ممن َ َ‬ ‫ومن َ ْ َ ُ‬
‫أحسن َ ْ‬ ‫استطعت إلي ذلك سبيال ) َ َ ْ‬
‫ِ‬ ‫من تكاليف‪ .‬وادعي إلى ﷲ ما‬
‫كربا بيد سواك‪ ،‬ال تدرين متي يغشاك‪،‬‬ ‫ً‬ ‫صالحا( وإذا قسي قلبك فتذكري‬ ‫وعمل َ ِ ً‬
‫الله َ َ ِ َ‬ ‫َِ‬
‫إلى ﱠ ِ‬
‫القيامة َ َ‬
‫فمن‬ ‫يوم ْ ِ َ َ ِ‬ ‫توفون ُ ُ َ ُ ْ‬
‫أجوركم َ ْ َ‬ ‫وإنما ُ َ ﱠ ْ َ‬ ‫نفسٍ ذائقة ْ َ ْ‬
‫الموتِ َ ِ ﱠ َ‬ ‫كل َ ْ‬
‫بد فيه‪ ُ ) .‬ﱡ‬
‫إنه الموت الذي ال ُ ﱠ‬
‫متاع ْ ُ ُ ِ‬
‫الغرور( يا أمة ﷲ تذكري‬ ‫الدنيا ِإال ﱠ َ َ ُ‬ ‫فاز َوما ْ َ َ ُ‬
‫الحياة ﱡ ْ َ‬ ‫فقد َ َ‬
‫الجنة َ َ ْ‬ ‫النار َ ُ ْ ِ َ‬
‫وأدخل ْ َ ﱠ َ‬ ‫عن ﱠ ِ‬‫زحزح َ ِ‬
‫ُ ْ ِ َ‬
‫بك إذا صاح‬
‫نبيك؟ كيف ِ‬
‫ربك؟ وما دينك؟ ومن ﱡ‬
‫فيسأالنك‪ :‬من ﱡ‬
‫ِ‬ ‫يأتيك منكر ونكير‪،‬‬
‫ِ‬ ‫يوم‬
‫وجمعت مع الخالئق حافية عارية ذاھلة‪ ،‬قد دنت الشمس‬
‫إسرافيل‪ ،‬ونفخ في الصور‪ِ ْ ِ ُ ،‬‬
‫بعث النار من ذريتك‪ ،‬فيقول‪ :‬يا رب وما‬
‫منك قدر ميل‪ ،‬ونادى الرب أبانا آدم‪ :‬يا آدم أخرج َ ْ َ‬
‫ألف تسعمائة وتسعة وتسعون‪ .‬عند ذاك‬
‫ٍ‬ ‫بعث النار؟ فيقول ﷲ ‪-‬عز وجل‪ :-‬من كل‬
‫ْ ُ‬
‫يشيب الصغير‪ ،‬وتذھل المرضعة عما أرضعت‪ ،‬وتضع كل ذات حمل حملھا‪ ،‬وترى الناس‬
‫رجت األرض‪،‬‬
‫بك ‪-‬يا أمة ﷲ‪ -‬إذا ُ ﱠ‬
‫سكارى وما ھم بسكارى ولكن عذاب شديد‪ .‬كيف ِ‬
‫ُ َ‬
‫وبثت الجبال‪ ،‬وشخصت األبصار‪ ،‬وخشعت األصوات للرحمن؛ فشاب الصغير‪ ،‬وزفرت النار‪،‬‬ ‫ُﱠ ِ‬
‫اآلزفة‪ ،‬وبلغت‬ ‫المفرط‪ :‬واخيبتاه َ ِ َ ِ‬
‫وأزفت َ‬ ‫ِّ‬ ‫وتقطعت األسباب‪ ،‬وصاح الكبير‪ :‬واشيبتاه وصاح‬
‫ونوديتي باسمك من بين الخالئق‬
‫المحن على العباد‪ُ ،‬‬
‫القلوب الحناجر‪ ،‬وتوالت ِ َ‬
‫عدتك أيتھا الغافلة؟ كم في‬
‫للحساب‪ ،‬ما حالك عندھا يا أمة ﷲ؟ ال إله إال ﷲ‪ .‬أين ُ ُ‬
‫كتابك من حسنات؟ كم فيه من سيئات؟ ھل تنفع األزياء والموديالت؟ ھل تنفع األغاني‬
‫والمسلسالت والتمثيليات؟ ھل تنفع الفيديوھات والتليفزيونات واإلكسسوارات؟ ھل‬
‫تنفع الجواھر والمجوھرات؟‬

‫أال فتوبي قبل أال تستطيعي أن تتوبي واستغفري لذنوبك الرحمن غفار الذنوب‪.‬‬
‫إن المنايا كالرياح عليك دائمة الھبوب‬

‫أال فازدادي من الحسنات‪ ،‬والحسنات يذھبن السيئات؛ فوﷲ ما بعد ھذه الدار من دار‬
‫شراك النعل‪ ،‬والنار كذلك‪ .‬اتقي ﷲ يا ابنة‬ ‫إال الجنة أو النار‪ ،‬وﷲ َ ْ ﱠ‬
‫للجنة أقرب من ِ‬
‫اإلسالم‪ .‬اتقي ﷲ يا من تخرجين إلى األسواق متبرجة‪ .‬اتقي ﷲ يا من تلبسين‬
‫العباءة للزينة ال للستر‪ .‬اتقي ﷲ يا من ﱠ ِ‬
‫كلفك ﷲ بمھمة عجزت عن حملھا السماوات‬
‫واألرض‪ .‬اتقى ﷲ وصوني نفسك من أن تكوني ألعوبة في يد ضعاف اإليمان‪ .‬اتقي ﷲ‬
‫لك كالسائق وغيره‪ .‬اتقي‬
‫يا من تزاحمين الرجل‪ ،‬وتخرجين مع الرجل الذي ليس بمحرم ِ‬
‫ﷲ يا من تدخلين على الطبيب بدون محرم ودونما ضرورة‪ .‬اتقي ﷲ يا من تربي أبناءھا‬
‫تعظُھم‪ .‬اتقي ﷲ يا من تتعطر وتخرج حتى إلى‬
‫تربية البھائم؛ فال تذكرھم با‪ 9‬وال َ ِ‬
‫تشھد معنا‬
‫ْ‬ ‫بخورا؛ فال‬
‫ً‬ ‫الصالة‪ .‬إن رسول ﷲ قد نھى عن ذلك‪ ،‬يقول‪" :‬أيما امرأة أصابت‬
‫العشاء اآلخرة " كما رواه مسلم‪.‬‬
‫اتقي ﷲ وارجعي إلى الھدى قبل يوم تتقلب فيه القلوب واألبصار‪ ،‬واعلمي أن عذاب‬
‫ﷲ شديد‪ ،‬وأن الدنيا ليست مقر‪ ،‬وأن الفضيحة أمام األولين واآلخرين عظيمة؛ فاتقي‬
‫جميعا –أيتھا األخوات‪ -‬لما يحب ويرضى‪،‬‬
‫ً‬ ‫ﷲ‪ ،‬ثم اتقي ﷲ‪ ،‬ثم اتقي ﷲ‪ .‬ﱠ‬
‫وفقكن ﷲ‬
‫ﱠ‬
‫كيد‬
‫جميعا لما يحب ويرضى‪ .‬نسأل ﷲ أن يحفظ فتيات المسلمين من ْ‬
‫ً‬ ‫ﱠ‬
‫ووفقنا ﷲ‬
‫الكائدين‪ ،‬وتربص المتربصين‪ .‬اللھم اجعلھن من الصالحات‪ ،‬وبالصالحات مقتديات‪ ،‬وعن‬
‫الضالل معرضات‪ ،‬وللكتاب والسنة مقتديات‪ .‬اللھم اجمعھن ‪-‬كما جمعتھن في ھذه‬
‫ونھر‪ ،‬في مقعد صدق عند مليك مقتدر‪.‬‬
‫الروضة‪ -‬على اإليمان‪ ،‬وفي اآلخرة في جنات َ‬
‫القوامون على النساء‪ .‬اللھم استر‬
‫ﱠ‬ ‫اللھم ِّ‬
‫وفقنا للقيام بمسئولياتنا ‪-‬أيھا الرجال‪ -‬فنحن‬
‫عوراتنا‪ ،‬وآمن روعاتنا‪ ،‬واحفظنا من بين أيدينا‪ ،‬ومن خلفنا‪ ،‬وعن إيماننا‪ ،‬وعن شمائلنا‪،‬‬
‫ومن فوقنا‪ ،‬ونعوذ بك –اللھم‪ -‬أن ُنغتال من تحتنا‪ .‬سبحان ربك رب العزة عما يصفون‬
‫وسالم على المرسلين والحمد ‪ 9‬رب العالمين‪.‬‬
‫تم الكالم وربنا محمود *** وله المكارم والعال والجود‬
‫قمري وأورق عود‬
‫وعلي النبي محمد صلواته *** ما ناح ُ َ ٌ‬

‫األسئلة‬

‫‪-١‬سائل يقول‪ :‬ھل من وصايا للمرأة الداعية؟ وما ھو دورھا في موقعھا؟‬


‫أقول لألخت المسلمة الداعية –والمفترض في كل أخت مسلمة أن تكون داعية؛ ألن‬
‫أوصيك‬
‫ِ‬ ‫رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬قال‪ّ ِ " :‬‬
‫بلغوا عني ولو آية"‪ -‬أقول لھذه األخت‪:‬‬
‫جامعة كل خير‪ ،‬وھي منطلق كل داعية؛ فمتي‬
‫ُ‬ ‫ونفسي بتقوى ﷲ –عز وجل‪ -‬فھي‬
‫عليك بالرفق واللين "فما كان‬
‫ِ‬ ‫نجاك ﷲ في الدنيا واآلخرة‪ ،‬ثم‬
‫اتقيت ﷲ –عز وجل‪ -‬ﱠ ِ‬
‫عليك ‪-‬يا أيتھا األخت‪ -‬أن‬
‫ِ‬ ‫الرفق في شيء إال زانه‪ ،‬وما نزع من شيء إال شانه" ثم‬
‫وأعظمھا‬
‫ُ‬ ‫تعلمي أن وسائل الدعوة ليست بالكالم فقط‪ ،‬وأن وسائل الدعوة كثيرة كثيرة‪،‬‬
‫أن تكوني قدوة في لباسك‪ ،‬وفي مشيتك‪ ،‬وفي كالمك‪ ،‬وفي كل أمورك؛ فتلك ‪-‬وﷲ‪-‬‬
‫موقعا‬
‫ً‬ ‫ھي الدعوة العظيمة‪ ،‬وعندھا يقبل ﷲ ‪-‬عز وجل‪ -‬عملك‪ ،‬وتقع الكلمة من الناس‬
‫منكرا من المنكرات؛ فال‬
‫ً‬ ‫رأيت‬
‫ِ‬ ‫ً‬
‫جميال‪ ،‬ثم بعد ذلك إن من الوسائل الشريط‪ ،‬الشريط إذا‬
‫بأس أن تأخذي ھذا الشريط‪ ،‬وتقدميه ألختك‪ ،‬وتقولي‪ :‬اسمعي ھذا‪ ،‬ولعل ﷲ ‪-‬عز‬
‫ينفعك به‪ ،‬بالرسالة‪ ،‬بأمور كثيرة‪ .‬ووسائل الدعوة ال تخفى علينا وال عليكم ‪-‬إن‬
‫ِ‬ ‫وجل‪ -‬أن‬
‫شاء ﷲ تعالى‪ ،-‬وارجعوا إلى بعض الكتب التي تدعو وتوصي‪ ،‬وكل كتب المسلمين‬
‫تدعو إلى ذلك‪.‬‬

‫الحي‪ -‬الزوجة تقابل أخا الزوج‪ ،‬وكذلك الزوج‬


‫ﱠ‬ ‫‪-٢‬يقول‪ :‬في بعض األحياء ‪-‬وذكر‬
‫يقابل أخت الزوجة أرجو التوجيه‪.‬‬
‫الحمو يا رسول ﷲ؟‬
‫َ‬ ‫أما التوجيه؛ فأقول قول النبي –صلى ﷲ عليه وسلم‪" :-‬أفرأيت‬
‫قال‪ :‬الحمو الموت‪ ،‬الحمو الموت‪ ،‬الحمو الموت"‪.‬‬
‫اسأل ﷲ أن يحفظنا وإياكم بحفظه وأن يحفظ علينا بيوتنا‪ ،‬وأن يحفظ علينا أنفسنا‪ ،‬وأن‬
‫يحفظ علينا أوالدنا‪ ،‬وصلى ﷲ وسلم على نبينا محمد‪.‬‬

‫فضيلة الشيخ ‪ /‬علي عبد الخالق القرني‬

‫أي الغادين أنت ؟!‬

‫)يا أيھا الذين آمنوا اتقوا ﷲ حق تقاته وال تموتن إال وأنتم مسلمون( )يا أيھا الناس اتقوا‬
‫ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منھا زوجھا وبث منھما رجاال كثيرا ونساء‬
‫واتقوا ﷲ الذي تساءلون به واألرحام إن ﷲ كان عليكم رقيبا( سالم ﷲ عليكم ورحمته‬
‫وبركاته وأسأل ﷲ الذي جمعنا وإياكم في ھذا المسجد أن يجمعنا وإياكم في ھذه‬
‫الحياة على اإليمان ثم يجمعنا بكم أخرى سرمدية أبدية في جنات ونھر في مقعد‬
‫صدق عند مليك مقتدر أيھا األخوة في ﷲ أوصيكم ونفسي بتقوى ﷲ عز وجل وأن‬
‫نقدم ألنفسنا أعماال صالحة تبيض وجوھنا يوم نلقى ﷲ عز وجل )يوم تبيض وجوه‬
‫وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوھھم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم‬
‫تكفرون وأما الذين ابيضت وجوھھم ففي رحمة ﷲ ھم فيھا خالدون(‬

‫األمر جد وھو غير مزاح *** فاعمل لنفسك صالحا يا صاح‬


‫كيف البقاء مع اختالف طبائع *** وقرور ليل دائما وصباح‬
‫تجري بنا الدنيا على خطر *** كما تجري عليه سفينة المالح‬
‫تجري بنا في لج بحر ما له *** من ساحل أبدا وال ضحضاح‬
‫فاقضوا مآربكم عجاال إنما *** أعماركم سفرا من األسفار‬
‫وتراكضوا خيل الشباب وبادروا *** أن تسترد فإنھن عوار‪.‬‬

‫في الصحيح عن ]أبي ذر[ قال‪ :‬قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم "إني أرى ما ال‬
‫ترون وأسمع ما ال تسمعون َ ﱠ‬
‫أطت السماء وحق لھا أن تئط ما فيھا موضع أربع أصابع إال‬
‫وفيه ملك ساجد أو راكع وﷲ لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليال ولبكيتم كثيرا و لما‬
‫تلذذتم تط بالنساء على الفرش ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى ﷲ" وفي رواية‬
‫]المنذر[" ولحثوتم على رؤوسكم التراب " يوم روي ھذا الحديث ]أبو ذر[ رضي ﷲ عنه‬
‫بكى وأبكى وقال وددت وﷲ أني شجرة تعضد‪ .‬ويقول ]عبد ﷲ بن عمرو بن العاص[‬
‫وﷲ لو تعلمون حق العلم ما تلذذتم بلذيذة ولقام أحدكم بين يدي ربه حتى ينكسر‬
‫صلبه ولصاح حتى ينقطع صوته فال إله إال ﷲ ‪.‬‬
‫الموت آت والنفوس نفائس *** والمستغر بما لديه األحمق‬
‫الموت باب وكل الناس سيدخلون من ھذا الباب وما من باب إال و بعده دار ‪.‬‬
‫ال دار للمرء بعد الموت يسكنھا *** إال التي كان قبل الموت يبنيھا‬
‫فإن بناھا بخير طاب مسكنه *** وإن بناھا بشر خاب بانيھا‬
‫الموت باب وكل الناس داخله *** يا ليت شعري بعد الموت ما الدار‬
‫الدار دار نعيم إن عملت بما *** يرضي اإلله وأن فرطت فالنار‬
‫فال إله إال ﷲ كتب الموت على كل شيء واختص نفسه سبحانه بالبقاء كل من عليھا‬
‫فان ويبقى وجه ربك ذو الجالل واإلكرام‪ .‬في صحيح ]البخاري[ من حديث ]أبي سعيد[‬
‫رضي ﷲ عنه قال‪ :‬قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم " إذا وضعت الجنازة واحتملھا‬
‫الرجال على أعناقھم فإن كانت صالحة قالت قدموني قدموني قدموني وإن كانت غير‬
‫ذلك صاحت بصرخات تقض المضاجع يا ويلھا أين تذھبون بھا لما ترى من العذاب‬
‫فيسمع صوتھا كل شيء إال الثقلين اإلنس والجن " وتفزع البھائم فزعاً يالحظه من‬
‫يتابع سير البھائم بال سبب فلعل ذلك مما تسمعه وال نسمعه نحن من صرخات‬
‫المفرطين التي تقض المضاجع أما وﷲ لو حملنا جنازة من الجنائز ثم سمعنا تلك‬
‫الصرخات يا ويلھا أين تذھبون بھا لصعقنا وال ما تدافنا وال ما حملنا جنازة أبداً ولقد‬
‫خشي ھذا رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم علينا كما في الصحيح يوم يقول" وﷲ لوال‬
‫أال تدافنوا لدعوت ﷲ أن يسمعكم من عذاب القبر ما أسمع " وھاھو صلى ﷲ عليه‬
‫وسلم كما في المسند من حديث ]البراء[ يرى أناساً مجتمعين فيسأل عن سبب‬
‫اجتماعھم فقيل على قبر يحفرونه على ذاك المصير الذي البد لكل واحد منا أن يسكنه‬
‫كبر أم صغر عز أم ذل فذھب رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم فزعاً مسرعاً حتى انتھى‬
‫إلى القبر فجثى على ركبتيه ثم بكى طويال ثم رفع رأسه فإذا دموعه تتحجر على‬
‫لحيته فقال" أي إخواني لمثل ھذا فأعدوا أي إخواني لمثل ھذا فأعدوا‪".‬‬

‫إلى كم ذا التراخي والتمادي *** وحادي الموت باألرواح حادي‬


‫فلو كنا جماد التعظنا *** ولكن أشد من الجماد‬
‫تنادينا المنية كل وقت *** وما نصغ إلى قول المنادي‬
‫وأنفاس النفوس إلى انتقاص *** ولكن الذنوب إلى ازدياد‬
‫إذا ما الزرع قارنه اصفرار *** فليس دواءه غير الحصاد‬
‫كأنك بالمشيب وقد تبدى *** وباألخرى مناديھا ينادي‬
‫وقالوا قد قضى فقر *** عليه سالمكم إلى يوم التناد‬

‫أحبتي في ﷲ ‪ ..‬لماذا خلقنا ومن أين وإلى أين ما الھدف؟ ما الغاية؟ ما الحكمة من‬
‫ھذا الخلق؟ إن لكل شئ حكمة وضعھا ﷲ عز وجل عرفھا من عرفھا وجھلھا من‬
‫جھلھا الشمس من حكمھا أنھا تضئ للبشر والمطر ينبت األرض والحيوانات لتركب‬
‫ولتأكل وزينة ويخلق ما ال تعلمون وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إال بشق‬
‫األنفس كل شئ في الوجود لحكمة من أصغر ذرة إلى أكبر مجرة فما الحكمة من‬
‫خلقك أيھا اإلنسان ما الحكمة من خلقك أيھا اإلنسان ألتذبح الحيوانات لتأكلھا؟ ألتبس‬
‫أبھى اللباس ؟ألتسكن أحسن الدور والقصور؟ ألتنكح أجمل الزوجات لتتمتع بھن؟ ألتنام‬
‫خلقنا إال‬
‫على الوثير ولتتنعم ألتركب أفخم السيارات ؟ال والذي رفع السماء بال عمد ما ُ ِ ْ َ‬
‫لعبادة ﷲ الواحد األحد القائل )وما خلقت الجن واإلنس إال ليعبدون ما أريد منھم من‬
‫رزق وما أريد أن يطعمون( والقائل سبحانه )أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا ال‬
‫ترجعون فتعالى ﷲ الملك الحق ال إله إال ھو رب العرش الكريم ( جعل ﷲ لنا طريقا‬
‫مستقيما فقال سبحانه )وأن ھذا صراطي مستقيما فاتبعوه وال تتبعوا السبل فتفرق‬
‫بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون ( ليس ھذا فحسب بل أرسل إلينا رسوال‬
‫ھو خاتم الرسل صلى ﷲ عليه وسلم صاحب اللواء يوم العرش وأول من تنشق عنه‬
‫األرض فجاء صلى ﷲ عليه وسلم بأعظم معجزة بأعظم معجزة عرفتھا األمم أال وھي‬
‫القرآن من استنار بنوره قاده إلى الجنة ومن جعله خلف ظھره ساقه إلى النار من‬
‫التمس الھداية فيه ھداه ﷲ ومن التمس الھدي في غيره أضله ﷲ وأھانه ﷲ ومن‬
‫يھن ﷲ فما له من مكرم فما حالنا مع ھذا القرآن وما حال أبنائنا مع ھذا القرآن مع‬
‫كالم ﷲ جل وعال ھل علمناه أبناءنا ھل دفعناھم إلى المساجد ليتعلموا كالم رب العزة‬
‫والجالل إن كنا كذلك فأبشروا بالعزة والنصر في الحياة ‪،‬والسعادة يوم تلقون ﷲ عز‬
‫وجل وإن كنا غير ذلك فإن من جعله خلف ظھره ساقه إلى النار نسأل ﷲ العافية من‬
‫النار ومن دار القرار‪ .‬جاء صلى ﷲ عليه وسلم بالقرآن ليقطع الطريق على كل مبتدع‬
‫وكذاب وأفاك ومدع للنبوة ‪ .‬صلى ﷲ عليه وسلم فال نبي بعده فخلد ﷲ دعوته وخلد‬
‫ﷲ رسالته وجاء المدعون للنبوة في عھده ومن بعده فما جعل ﷲ لدعوتھم أثر ألنھا‬
‫دعوة باطل والباطل ساعة والحق إلى قيام الساعة جاء المدعون للنبوة من بعد‬
‫فاندحروا بالقرآن جاء ]مسيلمة[ فبما لقب ‪ ،‬لقب بالكذاب وإلى اليوم وإلى أن يرث ﷲ‬
‫األرض ومن عليھا وجاء ]األسود العنسي[ فباد ھؤالء وسادت رسالته صلى ﷲ عليه‬
‫وسلم بالحق فما على وجه األرض أحد يقول أشھد أن مسيلمة رسول ﷲ لكن على‬
‫وجه األرض ألف مليون مسلم في الجملة كلھم يشھدون أن ال إله إال ﷲ وأن محمدا‬
‫رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم بل فوق ذلك أجرى أحد العلماء دراسة على خطوط‬
‫الطول والعرض على األرض فأثبت أن ما من دقيقة تمر اآلن إال ومئذنة على وجه األرض‬
‫يسمع عليھا أشھد أن ال إله إال ﷲ وأشھد أن سيدنا محمدا رسول ﷲ )فأما الزبد‬
‫فيذھب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في األرض( فال إله إال ﷲ أيد ﷲ رسوله‬
‫بالقرآن وبما يزيد على مئات المعجزات الظاھرات القاھرات ھا ھو ] اإلمام أحمد[ في‬
‫مسنده يروي" أن راعياً خرج بغنمه إلى الفالة في يوم من األيام وجاء ذئب فعدى على‬
‫شاة فانقض عليه الراعي فأمسك بالشاة وأخذھا من فم الذئب فما كان من الذئب إال‬
‫إلى‬
‫ّ‬ ‫أن تأخر وأقعى على ذنبه وتكلم كالم اإلنس وقال أما تتقي ﷲ تأخذ رزقاً ساقه ﷲ‬
‫فقال الراعي يا عجبي ذئب يتكلم قال الذئب وأعجب من ذلك محمد بشر يخبرك بأنباء‬
‫من سبق فما كان من ھذا الرعي إال أن أخذ غنمه وانطلق بھا إلى مسجد المصطفى‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم ليدخل إلى المصطفى صلى ﷲ عليه وسلم ويخبره الخبر‬
‫فينادي النبي صلى ﷲ عليه وسلم الصالة جامعة الجتماع الناس فيجتمع الناس فيقول‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم ال تقوم الساعة حتى تكلم السباع اإلنس" ولقد كلمت السباع‬
‫اإلنس على عھد محمد صلى ﷲ عليه وسلم ‪ ،‬الذي قال بعثت أنا والساعة كھاتين‬
‫وأشار بإصبعيه صلى ﷲ عليه وسلم فماذا يقول من كان بعده بأربعة عشر قرنا نسأل‬
‫ﷲ أن يحسن الحال ‪ ،‬ليس ھذا فحسب ‪ ،‬روى ]البخاري[ ]ومسلم[ عن رسول ﷲ‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم "أن أھل مكة سألوه آية على قدرة ﷲ عز وجل ليؤمنوا كما ادعوا‬
‫فسأل ربه آية فانفلق القمر فلقتين فلقة على جبل وفلقة على جبل آخر فقالوا سحر‬
‫أعيننا محمد واستكبروا وصدوا وندوا وقال المنصف منھم نذھب إلى أھل البوادي‬
‫فنسألھم ھل رأوا ما رأينا فذھبوا إلى البادية وسألوھم قالوا إي وﷲ قد انفلق فلقتين‬
‫في تلك الليلة فقالوا مصدين ومعرضين سحر عم البادية والحاضرة" فأنزل ﷲ )اقتربت‬
‫الساعة وانشق القمر وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر( وھاھو صلى ﷲ عليه‬
‫وسلم كما في صحيح مسلم ال يمر على شجرة قبل أن يبعث إال وقالت السالم عليك‬
‫يا رسول ﷲ وال يمر على حجر إلى قال السالم عليك يا رسول ﷲ جماد آمن برسول‬
‫ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم وبشر صدوا وندوا عنه صلى ﷲ عليه وسلم ولذا يقول صلى‬
‫ﷲ عليه وسلم بعد أن أصبح >بالمدينة<" وﷲ إني ألعرف حجراً >بمكة< كان يسلم‬
‫علي قبل أن ُأبعث" ليس ھذا فحسب روى ]مسلم[ عن ]جابر بن عبد ﷲ[ رضى ﷲ‬
‫عنه "أن رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم خرج يوما من األيام في فالة ليقضي حاجته‬
‫قال فتبعته بما ٍء له قال وإذ به يأتي إلى واد على شاطئيه شجرتان قال فلم يجد ما‬
‫يستتر به فذھب إلى إحدى الشجر وأمسك بأغصانھا وقال انقادي بإذن ﷲ قال فوﷲ‬
‫لقد انقادت وراءه كما ينقاد البعير المغشوش الذي في أنفه رباط يسحب به ثم ذھب‬
‫إلى الثانية ثم وضع يده عليھا وقال انقادي بإذن ﷲ فانقادت معه حتى جاءت وأصبح‬
‫علي بإذن ﷲ فالتأما عليه حتى ال يرى صلى ﷲ عليه وسلم وھو‬
‫ﱠ‬ ‫بينھا فقال التئما‬
‫يقضي حاجته قال ثم ذھبت مولياً لئال يبتعد المصطفى صلى ﷲ عليه وسلم إذا رآني‬
‫وإذا به ينتھي من قضاء حاجته ثم يقول للشجرة األولى ارجعي قال فترجع بأمر ﷲ إلى‬
‫مكانھا وترجع الثانية إلى مكانھا" آيات ومعجزات ظاھرات بينات لكن يا أيھا األحبة صدق‬
‫قوم بذلك وآمنوا فأطاعوا ﷲ ورسوله فكان لھم ما قاله ﷲ جل وعال )ومن يطع ﷲ‬
‫والرسول فأولئك مع الذين أنعم ﷲ عليھم من النبيين والصديقين والشھداء والصالحين‬
‫وحسن أولئك رفيقاً ذلك الفضل من ﷲ وكفى با‪ 9‬عليماً(‬

‫وصنف آخر كذب وصد واستكبر بعقل جامد وقلب فارغ ساه اله ال يفقه عين ال تبصر أذن‬
‫ال تسمع بھيمة في مسالخ بشر عصى ﷲ وتعدى حدوده فكان له ما قال ﷲ جل وعال‬
‫)ومن يعص ﷲ ورسوله ويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيھا وله عذاب مھين(‬

‫ھا أنت أخي الحبيب رأيت صنفين ال ثالث لھما وسمعت بغاديين ال ثالث لھما غاد‬
‫غدى إلعتاق نفسه من النار فھو الفائز أسأل ﷲ أن يجعلنا وإياكم ممن يغدو ويروح في‬
‫طاعة ﷲ جل وعال وغاد آخر غدى ليوبق نفسه ويھلكھا بالفسق والفجور فھو الخاسر‬
‫فأي الغاديين أنت فكل يغدو فبائع نفسه فمعتقھا أو موبقھا حدد موقعك واعرف مصيرك‬
‫فأنت أحد غاديين ال محالة فغاد يغدو من بيته ليھلك نفسه باإلشراك با‪ 9‬إن تكلم‬
‫شركية تفوح من فمه وتغدو وتروح ‪ِ ،‬من ھذه األلفاظ‬
‫فال تسمع منه إال نتن األلفاظ ال ِ ْ ِ ﱠ‬
‫استعانته بالجن يقول خذوه وافعلوا به واركبوه مع أنه قد كان قبلھا قليال يردد في صالته‬
‫)إياك نعبد وإياك نستعين( فأين العبادة وأين االستعانة با‪ 9‬عز وجل أن أصيب بمصيبة‬
‫ليرفع ﷲ درجته في حبيب له مرض أو في قريب له مرض أو في نفسه ھو لم يذھب‬
‫ولم يلجأ إلى ﷲ ويطلب األسباب الشرعية‪ -‬بل يذھب إلى السحرة ويذھب إلى‬
‫الكھنة ويذھب إلى الدجالين أو المشعوذين فيبيع دينه ودنياه ناسياً قول ﷲ جل وعال‬
‫)ومن يشرك با‪ 9‬فقد حرم ﷲ عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار( وينسى‬
‫قول المصطفى صلى ﷲ عليه وسلم "من أتى كاھناً أو عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر‬
‫بما أنزل على محمد صلى ﷲ عليه وسلم" يغدو فيحلف بكل شئ إال با‪ 9‬الذي ال إله‬
‫إال ھو ‪ ،‬بالطالق يحلف وبالحرام يحلف وبالذمة يحلف وبالحياة يحلف وبالنبي يحلف لكنه‬
‫ال يحلف با‪ 9‬الذي ال إله إال ھو ناسيا قوله صلى ﷲ عليه وسلم "من كان حالفاً‬
‫حلف له با‪9‬‬
‫فليلحف با‪ 9‬أو ليصمت" "من حلف بغير ﷲ فقد كفر أو أشرك" "ومن ُ ِ َ‬
‫فليرض ومن لم يرض فليس من ﷲ" ھو كما في الصحيح رجل من بني إسرائيل احتاج‬
‫إلى مائة دينار ‪ ،‬فذھب إلي رجل آخر وقال له أريد أن تقرضني مائة دينار قال ھل لك‬
‫ً‬
‫شھيدا‪ ،‬قال ھل لك من‬ ‫من شھيد قال وﷲ ما لي من شھيد إال ﷲ قال فكفى با‪9‬‬
‫كفيل قال ما لي من كفيل إال ﷲ قال كفى با‪ 9‬كفيال ً ‪ ،‬أعطاه المائة دينار فرضى با‪9‬‬
‫كفيال ً وشاھداً وما كان من ھذا الرجل إال أن تواعد ھو وإياه على أن يلتقيا بعد مدة‬
‫معلومة أخذ المائة الدينار وانتقل إلى بلده وذھب إلى بلده وعبر البحر إلى بلده وكان‬
‫بلده في الشاطئ الثاني وجمع المائة الدينار يريد أن يفي بوعده جزاء لما أقرضه وجاء‬
‫إلى البحر ينتظر سفينة لعلھا توصله فلم يجد سفينة من السفن ولم يجد مركباً من‬
‫المراكب ويريد أن يوصلھا في وقتھا فماذا فعل أخذ عوداً من الحطب ثم حفره ثم وضع‬
‫المائة الدينار ثم أغلقه ثم رفع يديه إلى ﷲ سبحانه وتعالى وقال اللھم يارب إني‬
‫استقرضته فأقرضني ورضي بك كفيال ورضي بك شاھداً ولم أجد ما أوصل له ھذه‬
‫الدراھم اللھم فبلغه ھذه الدراھم والدنانير ثم رمى بھا في البحر وتأتي رياح ﷲ عز‬
‫وجل تسوقھا إلى الشاطئ الثاني ذاك ينتظر آية من مجيء ھذه الدراھم وآية من‬
‫مجيء الرجل وظن أنه قد غدر به فكان يقول حسبي ﷲ ونعم الوكيل وإذ بھذه الخشبة‬
‫على األمواج تأتي إلى طرف البحر قال إذاً آخذ ھذا العود من خشب لعلي أرجع به‬
‫لنحتطبه وألشعل به ناراً خير من أن أرجع بال شيء‪ .‬أخذه وذھب إلى بيته وجاء ليكسر‬
‫العود وإذ بھذه المائة الدينار في وسطه فقال ال إله إال ﷲ من رضي با‪ 9‬كفاه ﷲ فھل‬
‫رضينا با‪ 9‬جل وعال ‪ ،‬وذاك غاد آخر يغدو إلعتاق نفسه إن تكلم فبذكر ﷲ وإن‬
‫استعان استعان با‪ 9‬وإن سأل فبا‪ 9‬وإن أصيب بمصيبة لجأ إلى ﷲ ثم طلب األسباب‬
‫حلف له با‪ 9‬رضي فھو غاد في‬ ‫الشرعية ال األسباب الشركية إن َ َ َ‬
‫حلف فبا‪ ، 9‬وإن ُ ِ َ‬
‫حفظ ﷲ وعائد في عناية ﷲ فأي الغاديين أنت فكل يغدو فبائع نفسه فمعتقھا أو‬
‫موبقھا‬

‫وغاد آخر يغدو فيقدم مراد ﷲ عز وجل على شھواته وعاداته ويقدم مراد ﷲ وأوامر ﷲ‬
‫على لذاته وعاداته وتقاليده فالحكم حكم ﷲ واألمر أمر ﷲ والنھي نھي ﷲ والسعادة‬
‫ال تكون إال من ﷲ ووﷲ لن يسعد إنسان حتى يقدم أوامر ﷲ على كل ھوى في‬
‫نفسه وعلى كل حكم وعلى كل أمر وعلى كل نھي عند ذلك يكون له األجر العظيم‬
‫والخير العظيم من ﷲ ‪ ،‬في األثر إن ﷲ عز وجل يقول "وعزتي وجاللي ما من عبد آثر‬
‫ھواي على ھواه إال أقللت ھمومه وجمعت له ضيعته ونزعت الفقر من قلبه وجعلت‬
‫الغنى بين عينه واستجرت له من وراء كل ھذا" وآخر يقدم ويغدو فيقدم شھوات نفسه‬
‫ولذائذھا وعاداتھا وتقاليدھا على مراد ﷲ جل وعال فتجده يعبد ھواه ما وافق عادته‬
‫وشھوته وھواه فھو الحق في رأيه فيعمل به وما خالفھا فھو الباطل فيعرض عنه حتى‬
‫لو كان كتاب ﷲ وسنة رسوله صلى ﷲ عليه وسلم )أفرأيت من اتخذ إلھه ھواه( يريد‬
‫الدين موافقا لشھواته يريد الدين موافقاً لرغباته يريد أن يخضع له كل شئ فيقبل أي‬
‫حكم ويرفض أي حكم ما دام أنه ال يتفق مع شھوته )ومن لم يحكم بما أنزل ﷲ فأولئك‬
‫ھم الكافرون( )فأولئك ھم الفاسقون( )فأولئك ھم الظالمون( في األثر أن ﷲ عز وجل‬
‫يقول‪" :‬وعزتي وجاللي ما من عبد آثر ھواه على ھواي إال َ ﱠ‬
‫كثرت ھمومه وفرقت عليه‬
‫ضيعته ونزعت الغنى من قلبه وجعلت الفقر بين عينيه ثم ال أبالي في أي أودية النار‬
‫ھلك" فأي الغاديين أنت فكل يغدو فبائع نفسه فمعتقھا أو موبقھا‪،‬‬

‫وغاد أخر يغدو فيترك الصالة ويتبع الشھوات فيوبق نفسه كأنه لم يسمع قول رب العزة‬
‫والجالل )فخلف من بعدھم خلق أضاعوا الصالة واتبعوا الشھوات فسوف يلقون غياً(‬
‫كأنه لم يسمع قول ﷲ )فويل للمصلين الذين ھم عن صالتھم ساھون( كأنه لم يسمع‬
‫الذين لم يصلوا يوم أصبحوا في النار يوم يقول ﷲ لھم )ما سلككم في صقر قالوا لم نك‬
‫من المصلين( الصالة ركن ھام وفرض فرضه ﷲ ألھميته من فوق سبع سماوات أسري‬
‫بالنبي صلى ﷲ عليه وسلم إلى بيت المقدس ثم ُعرج به إلى السماوات العال لتفرض‬
‫عليه من فوق سبع سماوات أمانة عظيمة ويل لمن ضيعھا من تركھا فقد كفر بنص‬
‫حديث رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم يوم يقول "العھد الذي بيننا وبينھم الصالة من‬
‫تركھا فقد كفر" ويترتب على ذلك أال يزوج ألنه كافر وإن كان متزوجاً بطل نكاحه ‪ ،‬ال‬
‫يغسل إذا مات ‪ ،‬وال يكفن وال يصلى عليه وال يدفن في مقابر المسلمين وال يرث وال‬
‫يورث وال يجوز االستغفار له بعد موته ال يجوز أن نقول اللھم ارحمه اللھم اغفر له ألن‬
‫ﷲ يقول )ما كان للنبي والذين آمنوا معه أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى‬
‫( وأسأل ﷲ أال يكون فينا من يترك الصالة يترك الصلة بينه وبين ربه لكن قد نجد فينا‬
‫الكسول الذي ال يصليھا مع المسلمين وإنما يصليھا في بيته نقول لھذا قد َ ﱠ ﱠ‬
‫فوت على‬
‫نفسك أجراً عظيماً وارتكبت إثماً مبينا إن رب العزة والجالل يقول )واركعوا ما الراكعين (‬
‫وھو القائل ) في بيوت أذن ﷲ أن ترفع ويذكر فيھا اسمه يسبح له فيھا بالغدو واآلصال‬
‫رجال ال تلھيھم تجارة وال بيع عن ذكر ﷲ وإقام الصالة (‪.‬‬

‫تقول ]عائشة[ رضى ﷲ عنھا وھى تصف ھيئة النبي صلى ﷲ عليه وسلم في بيته‬
‫تقول كان يكون في خدمة أھله يخصف نعله ويعجن العجين أحياناً صلى ﷲ عليه وسلم‬
‫فإذا سمع ﷲ أكبر فكأنه ال يعرفنا وال نعرفه سمع نداء ﷲ فلبى نداء ﷲ صلى ﷲ عليه‬
‫وسلم ھو القائل صلى ﷲ عليه وسلم في رؤياه ورؤيا األنبياء حق ووحي كما روى‬
‫]البخاري[ عن ]سمرة بن جندب[ يقول "أتاني الليلة آتيان فانطلقا بي حتى جئنا على‬
‫رجل مضطجع ممدود وآخر قائم عليه بصخرة يسلب رأسه فينشدق رأسه ويتدھده‬
‫الحجر قال ثم يصح رأسه فيعود كما كان ثم يفعل به مثل ما فعل في المرة األولى قال‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم فقلت ما ھذا قالوا ھذا لرجل يقرأ القرآن فيرفضه وينام عن الصالة‬
‫وروي كما أخرج ]الحاكم[ عن‬
‫المكتوبة" ال إله إال ﷲ أي جسد يطيق مثل ھذا العذاب َ ُ ِ َ‬
‫]ابن عباس[ "ثالثة لعنھم ﷲ رجل أم قوما ھم له كارھون وامرأة باتت وزوجھا عليھا‬
‫ساخط ورجل سمع حي على الصالة حي على الفالح ثم لم يجبه" يقول ]أبو ھريرة[‬
‫رضي ﷲ عنه وأرضاه ‪:‬لئن تمتلئ أذنا ابن آدم رصاصاً مذاباً خير له من أن يسمع حي‬
‫على الصالة حي على الفالح ثم لم يجبه ويقول صلى ﷲ عليه وسلم " أثقل الصالة‬
‫على المنافقين صالة العشاء والفجر ولو يعلمون ما فيھما ألتوھما ولو حبوا ولقد ھممت‬
‫أن آمر بالصالة فتقام ثم آمر رجال ً فيؤم الناس ثم أنطلق برجال معھم حزم من حطب‬
‫ألحرق عليھم بيوتھم بالنار" وفي رواية "ولوال ما فيھا من النساء والذرية لفعلت ذلك" أو‬
‫كما قال صلى ﷲ عليه وسلم ‪.‬‬

‫ھذا غاد أما آخر فيغدو إلى المسجد ليصلي مع جماعة المسلمين فيعد ﷲ له في‬
‫ورفع‬ ‫الجنة نزال ً كلما غدا أو راح ما خطا خطوة إال ُ ِ َ‬
‫كتب له بھا حسنة وال رفع أخرى إال َ ُ ِ َ‬
‫عنه سيئة ‪ ،‬ما جلس من مجلس إال وملك موكل به يقول اللھم اغفر له اللھم ارحمه‬
‫حتى تقام الصالة فما بالك إذا كان يقرأ القرآن ھا ھو ]ثابت بن عامر بن عبد ﷲ بن‬
‫الزبير[ يقول أبناؤه‪ :‬كان كثيراً ما يقول اللھم إني أسألك الميتة الحسنة قالوا وما الميتة‬
‫الحسنة يا أبتاه قال أن يتوفاني ﷲ وأنا ساجد وتحل به سكرات الموت قبل صالة‬
‫المغرب ويسمع نداء ﷲ أكبر ﷲ أكبر حي على الصالة حي على الفالح فماذا كان منه‬
‫قال أقعدوني واحملوني إلى المسجد قالوا عذرك ﷲ ‪،‬مريض في سكرات الموت قال ال‬
‫أسمع حي على الصالة حي على الفالح ثم ال أجيب فحملوه على أكتافھم وأوصلوه‬
‫إلى المسجد فصلى معھم صالة المغرب حتى الركعة األخير فسجد فكانت السجدة‬
‫األخيرة )يثبت ﷲ الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي اآلخرة( وھاھو ]حاتم‬
‫األصم[ عليه رحمة ﷲ فاتته صالة العصر يوما من األيام جماعة مع المسلمين فذھب‬
‫أھل المسجد يعزونه في جماعة فاتته كانوا يعزي بعضھم بعضا إذا فاتته جماعة دخلوا‬
‫عليه في بيته وھم قلة فعزوه فبكى قالوا ما يبكيك قال أبكي ألنھا فاتتني جماعة‬
‫فعزاني بعض أھل المدينة ووﷲ لو مات أحد أبنائي لعزاني أھل >المدينة< كلھم ووﷲ‬
‫لموت أبنائي جميعاً أھون على من فوات ھذه الجماعة ھكذا كان سلفنا الكرام ]سعيد‬
‫بن المسيب[ في سكرات الموت بنياته الصغار حواليه يبكين فيقول لھن َ ْ ِ ﱠ‬
‫أحسن الظن‬
‫با‪ 9‬فوﷲ ما فاتتني تكبيرة اإلحرام في المسجد ستين سنة ھكذا كانوا أيھا األحبة‬
‫فأي الغاديين أنت وكل يغدو فبائع نفسه فمعتقھا أو موبقھا ‪.‬‬

‫وذاك غاد يغدو إلھالك نفسه فيسلط لسانه ويسلط سنانه ويسلط قلمه في النيل‬
‫من المسلمين بالسخرية بھم واالستھزاء بدين ﷲ واالستھزاء بعباد ﷲ واالستھزاء‬
‫بشعائر ﷲ ليرتكب أعظم جريمة أال وھي الدعوة إلى الظالم فيكون عليه وزره ووزر من‬
‫أضله إلي يوم القيامة وفوق ذلك يبوء بالكفر الذي يقوده إلى النار‪ .‬في غزوة تبوك يوم‬
‫اتجه المسلمون مع قائدھم صلى ﷲ عليه وسلم إلى تبوك من >المدينة< حوالي‬
‫ألف كيلو في صحار في وقت حار بلغ بھم الجھد مبلغه حتى أن أحدھم في ليلة من‬
‫الليالي قام يبول فسمع صوت جلد تحت بوله فما كان إال أن نفضه من البول ثم أشعل‬
‫النار ووضعه فيھا وأكله من شدة ما يالقي من الجوع وتأتي ثلة منھم ليسخروا برسول‬
‫ﷲ وبأصحابه فيقلون ما رأينا كقرائنا ھؤالء أرغب بطونا وال أجبن عند اللقاء يعنون رسول‬
‫ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم وأصحابه ويأتي الكالم من ﷲ عز وجل إلى رسوله ويسري‬
‫الخبر بينھم فيلحقون بالنبي صلى ﷲ عليه وسلم ويقولون )إنما كنا نخوض ونلعب(‬
‫فيقول النبي صلى ﷲ عليه وسلم بكالم ﷲ )قل أبا‪ 9‬وآياته ورسوله كنتم تستھزئون‬
‫ال تعتذروا قد كفرتم من بعد إيمانكم( ‪ ،‬يغدو أحدھم فيكتب كالماً يسب فيه اإلله‬
‫سبحانه وتعالى يقول‬
‫لم يبق من كتب السماء كتاب *** مات اإلله وعاشت األنصاب‬
‫جل ﷲ سبحانه تعالى ثم يستھزئ ثم يسخر ويظن أنه لن يقف بين يدي ﷲ جل وعال‬
‫لكن‬
‫إذا عير الطائي بالبخل ما در *** وعير قسا بالفھاھة باقل‬
‫وقال السھا للشمس أنت كثيفة *** وقال الدجى للبدر وجھك حائل‬
‫فيا موت زر إن الحياة كئيبة *** ثم يا نفس جدي إن دھرك ھازل‬

‫آخر يغدو ليعتق نفسه فيدعو الناس إلى توحيد ﷲ ويدعو الناس إلى ما فيه الخير‬
‫بقلمه وبلسانه يأمر بالمعروف وينھى عن المنكر ألنه من أمة األمر والنھي وأنتم يا أھل‬
‫ھذه القرية البعيدة عن صخب المدينة وعما يحدث في المدنية من الفساد إنكم‬
‫لتغبطون على قريتكم ھذه بين ھذه الجبال وإنكم لتغبطون على مثل ھذا االجتماع‬
‫فا‪ 9‬ﷲ ال تسكتوا على منكر ﷲ ﷲ سلطوا ألسنتكم في األمر بالمعروف كونوا جبھة‬
‫ضد كل مفسد فوﷲ ما يمكن أن تسعد ھذه البلدة وال تسعد أي بلدة في بالد الدنيا إال‬
‫باألمر بالمعروف والنھي عن المنكر بـ قال ﷲ وقال رسوله صلى ﷲ عليه وسلم فلنأمر‬
‫في بيوتنا ولنأمر في شوارعنا ولننھى عن المنكر أياً كان المنكر ألن ﷲ عز وجل رتب‬
‫النجاة للذين ينھون عن السوء )وأنجينا الذين ينھون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا‬
‫بعذاب بئيس( يوم تأمر بالمعروف ويوم تنھى عن المنكر فيستجيب لك واحد يكون لك‬
‫مثل أجره ال ينقص من أجره شئ ثم إن ﷲ يھدي بك الضال فيكون لك من األجور‬
‫الشيء الكثير "ألن يھدى ﷲ بك رجال ً واحداً خير لك من حمر النعم" أتريد رحمة ﷲ يا‬
‫عبد ﷲ اسمع ماذا قال ﷲ )والمؤمنون والمؤمنات بعضھم أولياء بعض يأمرون بالمعروف‬
‫وينھون عن المنكر ويقيمون الصالة ويؤتون الزكاة ويطيعون ﷲ ورسوله أولئك سيرحمھم‬
‫ﷲ( أسأل ﷲ أن يرحمنا وإياكم برحمته فأي الغاديين أنت وكل يغدو فبائع نفسه‬
‫فمعتقھا أو موبقھا ‪.‬‬

‫وذاك غاد في دنياه ويصاب بمصيبة فيوبق نفسه ويھلكھا فيتسخط من قضاء ﷲ وقدره‬
‫ويعترض على قدر ﷲ ما علم أن المصائب ترفع الدرجات لمن احتسبھا عند ﷲ سبحانه‬
‫وتعالى وما علم أن ﷲ مع الصابرين يصاب في دنياه فيكسر دينه‬
‫وكل كسر لعل ﷲ جابره *** وما لكسر قناة الدين جبران‬
‫يقول عند الصدمة األولى يوم يصاب في حبيب أو قريب أو في نفسه لما يا رب يعترض‬
‫على قضاء ﷲ ويعترض على قدر ﷲ يشق الجيب ويلطم الخد ويدعو بالويل ويدعو‬
‫بالثبور يدعو بعظائم األمور على نفسه والمالئكة في تلك اللحظة تقول آمين آمين‬
‫فالمصيبة مصيبتان ال ھو احتسب ھذه وإنما أصبحت مصيبته بفقد حبيبه ومصيبته‬
‫األخرى بضياع األجر في تلك اللحظة والمحروم من حرم الثواب وأنا أسأل سؤاال ً يا‬
‫أيھا األحبة ھل سيعود ميت إن مات وﷲ ما سمعنا أن ميتا مات فعاد لكنه ذھب ونحن‬
‫على األثر إن للموت أخذة تسبق اللمح بالبصر ھاھو أحد السلف شاب من شباب‬
‫السلف كانت له زوجة صالحة وكان له أوالد ثم حلت به سكرات الموت التي البد أن‬
‫يعاني كل واحد منا ھذه السكرات ونسأل ﷲ أن يھونھا علينا وعلى كل مسلم في‬
‫تلك اللحظات التي يذعن فيھا اإلنسان ويخضع ويذل ‪ 9‬عز وجل أياً كان ھذا الرجل مات‬
‫فوجدت عليه زوجته وجداً عظيماً ووجد عليه أوالده وحزنوا حزناً عظيماً فأقسمت زوجته‬
‫لتبكين عليه عاماً كامال ً وھذا ليس من عمل اإلسالم ھذا جذع وھذا تسخط وھذا‬
‫اعتراض على قضاء ﷲ وقدره فأخذت أوالدھا وأخذت خيمة لھا وذھبت ونصبتھا عند‬
‫قبره وبقيت عاماً كامال تبكي وأوالده الصغار حول قبره ما خرج إليھم فكلمھم بكلمة ما‬
‫خرج إلى زوجته وقال أحسنت أو قال اذھبي ووﷲ لو خرج لقال ال إله إال ﷲ أو الحمد‬
‫‪ 9‬أو سبحان ﷲ ألنه ال ينفعه في القبر إال مثل ھذه الكلمات وﷲ لو كلم أبناءه بكلمة‬
‫واحدة لسكن الناس كلھم المقابر يكلموا أحبابھم وأخواتھم وأصحابھم وأوالدھم فما منا‬
‫واحد إال وله في القبر عزيز أي عزيز لكن قد حيل بينھم وبين ما يشتھون ‪ ،‬بقيت سنة‬
‫كاملة وفي آخر السنة طوت خيمتھا وأخذت أوالدھا وجاءت راجعة مع الغروب إلى بيتھا‬
‫ال تجد جدوى من جلوسھا سنة كاملة وإذا بھاتف يھتف بھا ويقول ھل وجدوا ما فقدوا‬
‫ھل وجدوا ما فقدوا وإذا بھاتف آخر يرد ويقول ما وجدوا ما فقدوا بل يئسوا فانقلبوا ووﷲ‬
‫لن يرجع ميت يا أيھا األحبة فما على اإلنسان إال أن يحتسب في تلك اللحظات ‪ ،‬إن‬
‫رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم يفقد ابنه ]إبراھيم[ الصغير فلذة كبده فماذا كان منه‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم دمعت عينه وتأثر قلبه لكنه ما قال إال ما يرضي ربه صلى ﷲ‬
‫عليه وسلم وھو األسوة والقدوة قال "العين تدمع والقلب يحزن وال نقول إال ما يرضي‬
‫الرب وإنا بفراقك يا إبراھيم لمحزونون" ھا ھي إحدى بناته صلى ﷲ عليه وسلم كانت‬
‫في يوم من األيام لھا ولد في النزع األخير في سكرات الموت فأرسلت إلى رسول ﷲ‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم رجال ً وقالت أخبره أن ابني في النزع ِ َ ْ ُ َ‬
‫ليحضره ‪ ،‬فأخبره فقال‬
‫"مرھا فلتصبر ولتحستب ‪ 9‬ما أخذ وله ما أبقى وكل شئ عنده بأجل مسمى"‪.‬‬
‫]يعقوب[ عليه السالم يفقد حبيبه وابنه وفلذة كبده ]يوسف[ عليه السالم مدة أربعين‬
‫عاماً فيصبر ال يشكو إلى أحد وإنما يشكو إلى ﷲ )وإنما أشكو بثي وحزني إلى ﷲ‬
‫وأعلم من ﷲ ما ال تعلمون( أما اآلخر فيغدو ليعتق نفسه يصاب بالمصيبة فيحتسبھا‬
‫عند ﷲ كما سمعتم من ھذا الذي ذكرت اآلن فيعوضه ﷲ ويبشره ﷲ )وبشر الصابرين‬
‫الذين إذا أصابتھم مصيبة قالوا إنا ‪ 9‬وإن إليه راجعون أولئك عليھم صلوات من ربھم‬
‫ورحمة وأولئك ھم المفلحون( في صحيح ]البخاري[ أن رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‬
‫قال يقول ﷲ عز وجل "ما لعبدي المؤمن عندي من جزاء إذا قبضت صفيه وخليله من‬
‫أھل الدنيا ثم احتسبه إال الجنة" ويا له من جزاء ما ال عين رأيت وال أذن سمعت وال‬
‫خطر على قلب بشر وعند ]الترمذي[ "أن ﷲ عز جل يقول للمالئكة قبضتم ابن عبدي‬
‫المؤمن قبضتم روح ابن عبدي المؤمن وھو أعلم سبحانه وتعالى ‪ ،‬قبضتم ثمرة فؤاده‬
‫قالوا نعم قال فماذا قال ‪ ،‬قالوا حمدك واسترجع قال الحمد ‪ 9‬إنا ‪ 9‬وإنا إليه راجعون‬
‫قال ﷲ ابنوا له بيتاً في الجنة وسموه بيت الحمد ")وبشر الصابرين الذين إذا أصابتھم‬
‫مصيبة قالوا إنا ‪ 9‬وإنا إليه راجعون( ذكر ]الذھبي[ ]وابن كثير[ عليھما رحمة ﷲ أن‬
‫]عروة بن الزبير[ أحد علماء المدينة والذي كان يقطع يومه صائماً غالباً ويقطع ليله قائماً‬
‫ويختم القرآن في كل أربع ليالي مرة أخذ ابنه وسافر في يوم من األيام وأصابته اآلكلة‬
‫في رجل قدمه وھو ما يسمى اآلن بالسرطان أصابه في قدمه فجاءوا به إلى األطباء‬
‫فقالوا نقطعھا من القدم قال لكني أنتظر واصبر واحتسب فصعدت اآلكلة إلى الساق‬
‫فقالوا نقطعھا من الركبة قال لكني انتظر وأصبر وأحتسب فدخلت إلى الفخذ فقالوا‬
‫يخشى عليك قال ﷲ المستعان سلمت أمري ‪ 9‬فافعلوا ما شئتم فجاء األطباء‬
‫وتجمعوا بمناشيرھم وجاءوا ليس لديھم مخدر كما لدينا اآلن ما عندھم إال كأس الخمر‬
‫جاءوا له بكأس خمر قالوا له اشرب ھذا عله أن يذھب عقلك فال تحس بألم القطع‬
‫فصاح وقال عقل منحنيه ربي أذھبه بكأس من الخمر ال وﷲ لكن إذا أنا توضأت ووقفت‬
‫بين يدي ﷲ وقمت ألصلي وسبحت مع آيات ﷲ البينات فافعلوا برجلي ما شئتم توضأ‬
‫ووقف بين يدي ﷲ وجمعوا مناشيرھم وسبح مع آيات ﷲ البينات وقاموا يقطعون في‬
‫رجله بالمناشير والدماء تنزف وإذ به يخر مغشياً عليه وفي تلك اللحظة كان ابنه محمد‬
‫وراء ناقة من النوق يطاردھا فرفسته فأماتته مصيبتان في آن واحد آفاق من غيبوبته‬
‫فقالوا له أحسن ﷲ عزائك في ابنك ]محمد[ وأحسن ﷲ عزائك في رجلك فقال الحمد‬
‫‪ 9‬رب العالمين أوال ً وآخر وظاھراً وباطناً إن ‪ 9‬وإنا إليه راجعون اللھم يا رب إن كنت‬
‫أخذت فقد أعطيت أعطيتني أربعة من الولد وأخذت واحدا فلك الحمد أوال ً وآخر وظاھراً‬
‫وباطناً وأعطيتني أربعة من األطراف فأخذت واحداً فلك الحمد أوال ً وآخر وظاھراً وباطناً‬
‫صبر وأي صبر وبشر الصابرين سمع به ]الوليد[ فطلب أن يأتي إليه فذھب إليه في‬
‫قصره ودخل على ]الوليد[ وجلس عند ]الوليد[ وبه من الھم ما به لكنه فوض أمره إلى‬
‫ﷲ جل وعال ‪ ،‬فجاء طفل صغير من أطفال ]الوليد[ وقال ما أصاب عروة ما أصابه إال بذنب‬
‫أصابه فقال ال وﷲ‬
‫ما نديت كفي لريبة وال *** حملتني نحو فاحشة رجلي‬
‫وال دلني سمعي وال بصري لھا *** وال قادني فكري إليھا وال عقلي‬
‫فتى قبلي‬
‫ً‬ ‫وأعلم أني لم تصبني مصيبة *** من ﷲ إال قد أصابت‬
‫لعله يتسلى به فخرجوا يبحثون فإذا ھم برجل أعمى يتلمس الطريق بجانب قصر‬
‫الخليفة فأدخلوه ويوم أدخلوه على الخليفة قال ما خبرك قال أنا رجل من ]بني عبس[‬
‫وﷲ ما كان في ]بني عبس[ رجل أغنى مني كانت عندي أموال كثيرة وكان عندي‬
‫أوالد كثر كان عندي من اإلبل والبقر والغنم والدراھم والذھب والفضة ما يعلمه ﷲ جال‬
‫وعال ثم عزب لي قطيع من اإلبل فخرجت أبحث عن ھذا القطيع أتلمس قال ثم عدت‬
‫بعد ثالث أيام وقد رجعت بالقطيع فإذا سيل قد جاء على الوادي بعدي فلم يبق لي ال‬
‫ولداً وال أماً وال أختاً وال بنتاً وال ابناً وال ماال ً فإذا الديار خراب بلقع ليس بھا داع وال مجيب‬
‫قال فوقفت وإذا أنا بطفل صغير معلق بشجرة طفل صغير من أطفاله لم يبق سواه قال‬
‫فتقدمت إليه وأخذته وضممته على صدري وأنتحب قال وإذا بأحد الجمال يند ويھرب قال‬
‫قلت ضيعت كل شيء من أجلك ألرجعن بك فترك ابنه الصغير قال وبينما أنا أطارد‬
‫الجمل وإذ بصوت الطفل الصغير يصرخ فإذا ديب قد أخذه وإذا به يسحبه من أمامي‬
‫مصيبة أي مصيبة قال فبقيت وراء اإلبل لم يبق لي إال اإلبل أريد أن أستعيد ھذا الجمل‬
‫قال ووراءه أطارده وإذ به يرفسني فيعمي عيني فإذا أنا في الصحراء ال أھل وال مال وال‬
‫صديق وال صاحب وال أنيس إال ﷲ الذي ال إله إال ھو وجئتك ووﷲ ما جئتك يا ]وليد[‬
‫شاكيا ولكن جئتك ليعلم الناس أن ‪ 9‬عبادا يرضون ويسلمون بقضاء ﷲ وقدره إذا قدر‬
‫)وبشر الصابرين الذين إذا أصابتھم مصيبة قالوا إنا ‪ 9‬وإنا إليه راجعون( ھا ھو ]أبو ذؤيب‬
‫الھزلي[ يموت له ثمانية أبناء في يوم واحد بالطاعون فيحمد ﷲ ويقول إنا ‪ 9‬وإنا إليه‬
‫راجعون ويصبر ثم يقول بعض أبيات من الشعر ھي عظة وعبرة يقول‪:‬‬
‫ولقد حرصت بأن أدافع عنھم *** وإذا المنية أقبلت ال ُ ْ َ ُ‬
‫تدفع‬
‫وإذا المنية أنشبت أظفارھا *** ألفيت كل تميمة ال تنفع‬
‫وتجلدي للشامتين أريھم *** أني لغيب الدھر ال أتضعضع‬
‫فأي الغاديين أنت فكل يغدو فبائع نفسه فمعتقھا أو موبقھا‬

‫وذاك غاد يغدو ليھلك نفسه بظلم عباد ﷲ جل وعال يظلمھم بلسانه ويظلمھم بيده‬
‫ويظلمھم بأي نوع من أنواع الظلم ناسيا قول ﷲ عز وجل )وال تحسبن ﷲ غافال عما‬
‫يعمل الظالمون إنما يؤخرھم ليوم تشخص فيه األبصار( متناسيا أن دعوة المظلوم ليس‬
‫بينھا وبين ﷲ حجاب يرفعھا ﷲ فوق الغمام ويقول سبحانه وعزتي وجاللي ألنصرنك‬
‫ولو بعد حين ‪ .‬ھاھو ]سعيد بن زيد[ أحد العشرة المبشرين بالجنة تأتي امرأة فتذھب‬
‫إلى أحد خلفاء ]بني أمية[ وتقول إن ]سعيد بن زيد[ غصبني أرضي وأخذھا وما كان‬
‫لسعيد أن يأخذھا فيأتي به الخليفة ويقول أغصبتھا أرضھا يا سعيد فتدمع عيناه ويقول‬
‫وﷲ ما غصبتھا أرضھا ووﷲ لن أغصبھا أرضھا ألني سمعت رسول ﷲ صلي ﷲ عليه‬
‫وسلم يقول "من ظلم قيد شبر من األرض ط ِّ َ ُ‬
‫ُوقه يوم القيامة من سبع أراضين" يصبح‬
‫طوق له من سبع أراضين يحمله يوم القيامة ثم قال فلتأخذ أرضي إلى أرضھا وبئري‬
‫إلى بئرھا ونخلي إلى نخلھا فإن كانت صادقة فذاك وإن كانت كاذبة فأعمى ﷲ بصرھا‬
‫وأرداھا في أرضھا وتصعد الدعوة إلى ﷲ جل وعال الذي ينصر المظلوم من الظالم‬
‫وتخرج ھذه المرأة وبعد فترة تصاب بالعمى ثم تذھب لتتخبط في أرضھا التي أخذتھا‬
‫بالزور والجور ثم تسقط في البئر متردية ميتة نسأل ﷲ أن يحسن لنا ولكم الخاتمة‬
‫والختام وھاھم ]البرامكة[ وزراء ]الرشيد[ الذين كان منھم ما كان كانوا في نعمة من‬
‫ﷲ لكنھم ما صانوا نعمة ﷲ تكبروا وتجبروا وظلموا عباد ﷲ عز وجل وظنوا أنھم في‬
‫بعد عن قبضة ﷲ عز وجل ويسلط ﷲ عليھم الخليفة فيقتل منھم من يقتل ويدخل‬
‫السجن منھم من يدخل السجن ويضرب منھم أحدھم منھم ألف سوط ثم يدخله‬
‫السجن وھو من كبارھم فيأتي أحد أبناؤه يزوره فيقول أبتاه بعد العز أصبحت في القيد‬
‫كانت قصورھم مطلية بالذھب والفضة أين الذھب والفضة يا أبتاه قال أال تدري يا بني؟‬
‫قال ‪:‬ال‪ .‬قال دعوة مظلوم سرت في جوف الليل نمنا عنھا وليس ﷲ عنھا بنائم )وال‬
‫تحسبن ﷲ غافال عما يعمل الظالمون( أال وإن من أعظم الظلم ظلم الحيوانات بعض‬
‫الناس جبان شجاعته سلطھا على العجماوات علي الحيوانات على الدواب التي‬
‫سخرھا ﷲ عز وجال‪ .‬له شجاع على القطط وجريء على الكالب ھا ھو رجل أعرفه في‬
‫منطقة الجنوب ما كان منه في يوم من األيام إال أن تردد حمار على مزرعة له يدخل كل‬
‫يوم ھذه المزرعة فيدخل فيھا ويأكل منھا ما يأكل فطرده في اليوم األول ثم طرده في‬
‫اليوم الثاني ثم طرده في اليوم الثالث ولما آذاه كثيرا أخذه في ليلة من الليالي ثم‬
‫ربطه في سيارته حيا ثم سحبه على اإلسفلت إلى منطقة بعيدة حتى تمزق قطعة‬
‫قطعة ظلم وأي ظلم ويرجع إلى بيته ويأتي وفي البيت بعوض فقام بمبيد حشري عنده‬
‫يضرب في الغرفة ضرب الغرفة وضرب حتى امتألت بھذا الغاز ثم جاء ليضيء المصباح‬
‫فما كان من المصباح إال أن أصدر شرارة فإذ بالغرفة تصبح عليه نارا فيحترق بالنار ثم‬
‫يبقي يوم أو يومين أو ثالثة ليلقى ﷲ نسأل ﷲ أن يحسن لنا وله الختام‪ .‬البھائم‬
‫تشكوا إلى ﷲ عز وجل‪ .‬بعير يدخل النبي صلى ﷲ عليه وسلم حائط رجل من األنصار‬
‫فيجد بعيرا ھناك يجرجر ويأتي إلى النبي صلى ﷲ عليه وسلم ودموعه تذرف يعرف أنه‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم ما أرسل إال رحمة للعالمين فيقول صلى ﷲ عليه وسلم "أين‬
‫صاحب ھذا البعير فيخرج فتى من األنصار ويقول أنا يا رسول ﷲ يقول أنا يا رسول ﷲ‬
‫إلي ما تجده‬
‫ﱠ‬ ‫فيقول؛ فقال‪ :‬أما تتقى ﷲ في ھذه البھيمة تجيعھا وتتعبھا إنھا شكت‬
‫منك" )وما أرسلناك إال رحمة للعالمين( صلى ﷲ عليه وسلم )وال تحسبن ﷲ غافال‬
‫عما يعمل الظالمون( ھاھو رجل كان يكاري على بغل له بين >دمشق< >والزبدان<‬
‫كما يروي ]ابن كثير[ وجاء يوم من األيام قاطع طريق فركب معه وذھب في الطريق‬
‫وبينما ھو في الطريق قال اسلك ھذه الطريق فھي أيسر وأقرب قال منذ فترة وأنا‬
‫أسلك ھذا الطريق وأنا أعرف ھذا الطريق قال ھذا أقرب وأيسر فصدقه وذھب معه فجاء‬
‫واد سحيق وإذ بھذا الوادي جثث القتلى كثير وإذا به يأتي بالناس إلى ھناك‬
‫إلى ٍ‬
‫فيذبحھم ثم يسرق ما بھم ظلم وأي ظلم جاء بھذا الرجل وأراد أن يقتله ھرب الرجل‬
‫فلحق به وأمسك به قال يا أخي خذ كل ما أملك خذ بغلتي وخذ ثيابي وخذ دراھمي‬
‫وخذ كل ما تريد ودعني أرجع قال البد من قتلك قال إن كان البد فدعني أصلي ركعتين‬
‫علي بالحربة يريد أن‬
‫ﱠ‬ ‫أودع بھما الدنيا يلجأ إلى ﷲ جل وعال قال فقمت أصلي وھو قائم‬
‫يقتلني قال ضيعت القرآن وأنا أرى الحربة فوق رأسي فوﷲ ما استحضرت آية من‬
‫القرآن إال إنني تذكرت قول ﷲ ) َ ﱠ‬
‫أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء( قال‬
‫فكررتھا وإذا بفارس من فم الوادي يخرج على فرس ومعه حربة فينطلق حتى يضربه‬
‫بالحربة فيرديه قتيال قال فتعلقت بثيابه وقلت له أسألك با‪ 9‬من أنت قال أنا من جنود‬
‫الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء دعوة المظلوم ليس بينھا وبين ﷲ حجاب‬
‫دخل ]طاووس[ عليه رحمة ﷲ على ]ھشام بن عبد الملك[ ينصحه ويعظه ويحذره‬
‫الظلم ويقول له اتق ﷲ يا ]ھشام[ وال تنس يوم اآلذان قال وما يوم اآلذان يا ]طاووس[‬
‫قال )فأذن مؤذن بينھم أن لعنة ﷲ على الظالمين( فأغمي عليه إن رسول ﷲ صلى‬
‫ﷲ عليه وسلم يقول كما الحديث القدسي "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي‬
‫وجعلته بينكم محرما فال تظالموا" وآخر يغدو ليعتق نفسه فال يظلم أحدا إن تكلم‬
‫فبالعدل وإن حكم فبالعدل وإن خاصم فبالعدل وإن عاھد فبالعدل والمقسطون العادلون‬
‫يوم القيامة على منابر من نور على يمين الرحمن وكلتا يديه يمين ال خوف عليھم وال‬
‫ھم يحزنون فأي الغاديين أنت فكل يغدوا فبائع نفسه فمعتقھا أو موبقھا ‪.‬‬

‫وذاك يغدوا ليقطع رحمه فيوبق نفسه وتحل به اللعنة يقول ﷲ عز وجل )فھل‬
‫عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في األرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنھم ﷲ‬
‫فأصمھم وأعمى أبصارھم( إن ﷲ لما خلق الرحم تعلقت بالعرش وقالت يا رب ھذا‬
‫مقام العائذ بك من القطيعة قال أال ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك قالت‬
‫بلى فمن وصل رحمه وصله ﷲ ومن قطع رحمه قطعه ﷲ يغدو بعض الناس ليعق‬
‫والديه الذين ھم السبب في وجوده بعد ﷲ جل وعال وﷲ عز وجل يقول ) وقضى ربك‬
‫أال تعبدوا إال إياه وبالوالدين إحسانا( واليوم نسمع يا أيھا األحبة ويا ليت اإلنسان أحيانا‬
‫ال يسمع غير اسم األب وأھينت األم في كثير من البيوت يوم ضاعت تقوى ﷲ جل وعال‬
‫فما تسمع في بعض البيوت إال تسمية نتنة نتن الجيف يقول ألبيه شيبة النحس ويقول‬
‫ألمه عجوز الشؤم أراحنا ﷲ منھما إن ھذه الكلمات لتنطلق من أوالد على والديھم فال‬
‫إله إال ﷲ إن رضا ﷲ في رضا الوالدين وإن سخط ﷲ في سخط الوالدين إن رسول ﷲ‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم قال "أال أنبئكم بأكبر الكبائر قالوا بلى يا رسول ﷲ قال اإلشراك‬
‫با‪ 9‬ثم عقوق الوالدين"من أكبر الكبائر عقوق الوالدين دعوة الوالدين غنيمة من ﷲ عز‬
‫وجل دعوة الوالدين مستجابة دعوة الوالدين ال ترد فكم من دعوة والد أوبقت دنيا الولد‬
‫وأخراه وكم من دعوة والد أسعدت دنيا الولد وأخراه يقول ]أبان ابن عياش[ خرجت من‬
‫عند ]أنس بن مالك[ >بالبصرة< ومررت على السوق فإذا أنا بجنازة يحملھا أربعة نفر‬
‫ووراءھم امرأة فقلت ميت يموت من المسلمين ال يتبع جنازته إال أربعة نفر وﷲ‬
‫ألشھدن ھذه الجنازة قال فتقدمت قال ثم ذھبت وراءھم وحضرت الجنازة ودفنوا ھذه‬
‫الجنازة ثم قلت لھم ما حالتكم مع ھذه الجنازة لم يحضرھا إال أربعة أين المسلمون‬
‫قالوا استأجرتنا تلك المرأة لدفن ھذا الرجل فسلھا ما لديھا قال فذھبت وراءھا‬
‫وتلمست الطريق وراءھا حتى وصلت لبيتھا ثم تركتھا وعدت لھا بعد فترة ودخلت عليھا‬
‫مسمى‬
‫بأجل ُ َ ﱠ‬
‫ٍ‬ ‫وقلت لھا أحسن ﷲ عزاءك ‪ 9 ،‬ما أخذ وله ما أبقى ‪ ،‬وكل شيء عنده‬
‫ما خبرك وما خبر الجنازة التي دفنتموھا في ذلك اليوم قالت إن ھذا ابني كان مسرفا‬
‫على نفسه مرتكبا للموبقات والمعاصي والسيئات كثير العقوق لي ويوم حلت به‬
‫سكرات الموت قال يا أماه أتريدين لي السعادة قالت أي وﷲ وأالم واألب ينسى كل‬
‫ذلة من ولده في تلك اللحظات قالت أي وﷲ قال فإذا أردت ذلك فإذا أصبحت في‬
‫السكرات األخيرة فلقنيني شھادة أن ال إله إال ﷲ ثم ضعي قدمك على خدي وقولي‬
‫ھذا جزاء من عصى ﷲ ثم ارفعي يديك إلى ﷲ وقولي اللھم إني أمسيت راضية عن‬
‫ابني فارض عنه ‪ ،‬وال تخبرين أحدا بموتى فإنھم يعلمون عصياني ولن يشھدوا جنازتي‪.‬‬
‫قال‪ :‬ففعلتي؟ قالت أي وﷲ لقد فعلت ما قال ‪ ،‬قال فما الخبر فتبسمت وقالت وﷲ‬
‫علي‬
‫ﱠ‬ ‫رأيته البارحة في المنام وھو يقول يا أماه قدمت على رب رحيم كريم غير غضبان‬
‫وال ساخط بدعوتك ‪.‬رضا ﷲ في رضا الوالدين وسخط ﷲ في سخط الوالدين ھاھو‬
‫منازل[ رمز للعقوق عند العرب ينھمك في المعاصي فيتقدم إليه أبوه‬
‫شاب اسمه ] ُ ِ‬
‫فينصحه ويقول له اتق ﷲ فيتقدم إلى أبيه فيلطمه كفا ويا‪ 9‬ابن يضرب أباه فحلف با‪9‬‬
‫ليحجن إلى البيت الحرام وليدعون عليه وھو متعلق بأستار الكعبة فذھب ووصل إلى‬
‫الكعبة وتعلق بأستار الكعبة فكان يقول‬
‫يا من إليه أتى الحجاج قد قطعوا *** أرض المھامه من قرب ومن بعد‬
‫ھذا منازل ال يرتد عن عققي *** فخذ بحقي يا رحمن من ولدي‬
‫وشل منه بحول منك جانبه *** يا من تقدس لم يولد ولم يلد‬
‫وتصعد الدعوة إلى ﷲ جل وعال فييبس شق ولده األيمن فيصبح يابس بھذه الدعوة من‬
‫ھذا األب ‪.‬‬
‫وھاھو آخر يحكى لي بائع مجوھرات يذكر لي في رمضان في سنة من السنوات يقول‬
‫إلي في المحل قال فوقفت األم‬
‫ّ‬ ‫إلي رجل وأمه وزوجته وابنه الصغير قال دخلوا‬
‫ّ‬ ‫تقدم‬
‫متحجبة على استحياء وابن ابنھا معھا تمسك به قال وتقدمت الزوجة وزوجھا فأخذوا‬
‫من الذھب بمقدار عشرين ألف ﷼ قال ثم تقدمت األم من ھناك فأخذت خاتم بمائة‬
‫﷼ ‪ ،‬جاء يحاسب صاحب المجوھرات ھو يعرف أنه أخذ بعشرين ألف قال كم حسابك‬
‫قال عشرين ألف ومائة ﷼ قال وما ھذه المائة قال أمك أخذت خاتماً بمائة فغضب‬
‫وأرغى وأزبد وتقدم إليھا وأخذ الخاتم من يدھا وقال العجائز ليس لھن ذھب وليس لھن‬
‫زينة فما كان من ھذه األم إال أن ذرفت دموعھا وتغصصت بجرعھا وما كان منھا إال أن‬
‫خرجت بابنه تحمله بين يديھا إلى السيارة وركبت السيارة ‪ ،‬بھا من الھم ما ال يعلمه إال‬
‫ﷲ ‪ ،‬يقول صاحب المجوھرات وأنا أعرفه وﷲ لقد بكيت أنا مما رأيت من الموقف قال‬
‫فقالت زوجته إن أمك ھي التي تمسك بابننا وھى التي تخدمنا فما لك ال تعطيھا ھذا‬
‫الخاتم لن تمسك بابني بعد ذلك ولن تخدمني فذھب إليھا بالخاتم وقال لھا خذي يا‬
‫أماه قالت وﷲ ما لبست ذھبا ما حييت وﷲ ما عرفت الذھب ما حييت أبدا كنت أريدھا‬
‫ألفرح به معكم فرأيت أن األم ال داعي لھا أن تلبس الزينة وﷲ ما لبسته أبدا أرأيتم‬
‫عقوقا مثل ھذا العقوق أيھا األحبة إن ھذا في غياب تقوى ﷲ عز وجل وفى غياب‬
‫التربية اإلسالمية في البيوت وھاھي قصة أخرى لتعلموا أن دعوة الوالدين مستجابة‬
‫فسلطوھا فيما ينفع األبناء في دنياھم وأخراھم ‪ ،‬داعية من الدعاة إلى ﷲ يذكر عن‬
‫وجده كان رجال صالحا قال وأنا في سن الشباب‬
‫أبيه يقول أبي كان في سن الشباب َ َ ﱡ ُ‬
‫فتح القبول في السلك العسكري في المملكة قبل فترة طويلة قال وكان عندي غنم‬
‫كنت أرعاھا قال فقلت ألذھبن مع الناس ألسجل في العسكرية فقال ألبيه أريد أن تأذن‬
‫لي أن أذھب فماذا كان منه ما كان منه إال أن قال أنا ال أستطيع فيك يا بنى أما أن آذن‬
‫لك فوﷲ ال آذن لك أما إن ذھبت فوﷲ الذي ال إله إال ھو فما لي إال سھم أوجھه إلى‬
‫ﷲ في منتصف الليل ولعل ﷲ ال يرده‪ ،‬ذھب الرجل وخاف أن يذھب ويترك والده وبقي‬
‫فترة ثم أغرته ذھاب الناس إلى ھناك واستالم الرواتب أغرته الدنيا فترك غنمه مع غنم‬
‫جيرانه وذھب وقال ال تخبروه عني إال في الغد فذھب وترك والده ولم يستأذنه ولم‬
‫يخف من ذلك السھم الذي قال له وفي اليوم الثاني يخبر أبوه بأنه قد ذھب مع‬
‫مجموعة ليسجل في العسكرية >بالطائف< قال وذھبوا في الطريق دعا عليه أبوه‬
‫وبينما ھم في منتصف الطريق وإذ بالولد يعمى ال يبصر شيئا فأخذوه وتقدموا به إلى‬
‫<الطائف > وجاءوا إلى ھناك قالوا ھذا ال يصلح للعسكرية ھذا أعمى أعيدوه لوالده‬
‫فأخذوه وذھبوا به إلى والده ال يدرى والده ماذا حدث له وعندما دخلوا من الباب سمعه‬
‫والده وعرف صوته وھو في فناء البيت لم يدخل بعد قال يا بني ھل أصاب السھم أم لم‬
‫يصب قال إي وﷲ إني ألدخل عليك أعمى مقاداً فدخلوا به عليه فتأثر األب تأثرا عظيما‬
‫وندم أن دعا على ولده بھذه الدعوة وبقى ليلته تلك في حزن ال يعلمه إال ﷲ قام يتوضأ‬
‫ويصلي ويدعو ﷲ أن يرد عليه بصره يقول ومن حزنه على ولده يتقدم إلى عين ولده‬
‫وھو نائم فيلحسھا بلسانه ثم يرجع فيصلي ويدعو ﷲ ثم يرجع مرة أخرى فيلحس‬
‫علي‬
‫ّ‬ ‫عينه بلسانه وھكذا يرددھا ‪ ،‬يقول وﷲ ما طلع الفجر إال ورد ﷲ سبحانه وتعالى‬
‫بصري ‪ ،‬دعوة الوالدين وأنا ال أدعو الوالدين إلى إن يدعوا على أوالدھم وإنما أدعوھم أن‬
‫يدعوا ألوالدھم بالفالح والسعادة فإن فالحھم وسعادتھم قد تدركك ولو بعد موتك أسأل‬
‫ولي ذلك والقادر عليه ‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ﷲ أن يوفقنا وإياكم لصلة األرحام وأن يجنبنا وإياكم العقوق ھو‬
‫]عبد ﷲ بن عمر[ يرى طائفا يطوف بالكعبة ويحمل أمه على كتفيه ويقول يا ]ابن عمر[‬
‫أتراني أوفيت أمي حقھا وﷲ إنھا لعلى ظھري من كذا إلى اآلن قال ال وﷲ ما أوفيتھا‬
‫طلقة من طلقات الوالدة ‪ ،‬العقوق دين وبروا تبروا أسأل ﷲ عز وجل أن يوفقنا وإياكم‬
‫إلى صلة األرحام وأن يجنبنا العقوق ونواصل إن شاء ﷲ تعالى بعد اآلذان ‪.‬‬

‫وھاھو غاد آخر يغدو ليبر والديه ويصل رحمه فيصله ﷲ عز وجل ويبره ﷲ عز وجل‬
‫ويوفقه ويسدده ﷲ عز وجل ويدخله الجنة بإذنه سبحانه ‪ ،‬شعاره‬
‫ليس الواصل بالمكابر وإنما *** الواصل من إذا قطعته رحمه وصلھا‬
‫ھاھي ]الشيماء بنت الحارث[ أخت رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم من الرضاع‬
‫أرضعته وإياھا ]حليمة السعدية[ في بنى سعد وبعد أربعين سنة من الفراق بين األخ‬
‫وأخته افترقا وھما صغيران سمعت به أنه انتصر صلى ﷲ عليه وسلم وانتصرت دعوته‬
‫وھو >بالمدينة< فانتقلت من بادية بنى سعد في >الطائف< تقطع الفيافي والقفار‬
‫والصحاري التي يبيد فيھا البيد ويضيع فيھا الذكي والبليد حتى جاءت إلى المصطفى‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم ھناك ‪ ،‬وبينا ھي ھناك والنبي صلى ﷲ عليه وسلم في وسط‬
‫جيشه يدبر شئون األمة ويصرف الجيوش جاءت إلى أحد الصحابة تستأذنه لتدخل على‬
‫رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم فقالت أنا ]الشيماء بنت الحارث[ أرضعتني أنا ورسول‬
‫ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ]حليمة السعدية[ فاستأذنوه ألدخل عليه فأخبروا النبي ﷲ‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم وكان جالسا في شئون األمة يصرفھا قالوا فذرفت عيناه الدموع‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم تذكر الوشيجة وتذكر العالقة وتذكر رضعات كانت بينه وبينھا قبل‬
‫أربعين عاما قالوا وذھب إليھا يستقبلھا ويعانقھا عناق األخ ألخته بعد فراق أربعين عاما‬
‫ويسألھا ما حالھا كيف حالك يا ]شيماء[ مرحبا بك يا ]شيماء[ يقولون ويظللھا صلى ﷲ‬
‫عليه وسلم من الشمس ويجلسھا في مكانه ليعلم الناس كيف يصلون أرحامھم صلى‬
‫ربعھا وعن أھلھا وعن أخواتھا وما كان منه‬
‫ﷲ عليه وسلم وجلست معه وسألھا عن َ ْ ِ‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم بعد ذلك إال أن قال لھا يا ]شيماء[ إن شئت أن تعيشي معي‬
‫فأختي الحياة حياتي والموت موتي وإن شئت أن ترجعي ألھلك فذلك لك قالت بل‬
‫أرجع ألھلي فقام صلى ﷲ عليه وسلم فجھزھا بقطيع من اإلبل وبأرزاق معھا ِ ُ َ ِ ّ َ‬
‫ليعلم‬
‫الناس صلة األرحام لتعود إلى بادية بني سعد فأين الذين قطعوا عماتھم وأين الذين‬
‫قطعوا خالتھم وأين الذين قطعوا أمھاتھم ما حال ھؤالء يوم يقفون بين يدي ﷲ )فھل‬
‫عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في األرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنھم ﷲ‬
‫فأصمھم وأعمى أبصارھم( فأي الغاديين أنت وكل يغدو فبائع نفسه فمعتقھا أو موبقھا‬
‫وغاد آخر يغدو ليھلك نفسه يشھد شھادة الزور يوم أصبحت شھادة الزور قرضة في‬
‫بعض القرى اشھد لي زورا أشھد لك زورا يقترض بعضھم من اآلخر النار وبئس القرار ما‬
‫يبرح شاھد الزور مكانه حتى تجب له النار كما قال صلى ﷲ عليه وسلم أما اآلخر‬
‫فيغدو فيعتق نفسه فيشھد شھادة الحق فيكون له األجر وياله من أجر الجنة بإذن ربه‬
‫فأي الغاديين أنت وكل يغدو فبائع النفس فمعتقھا أو موبقھا ‪.‬‬

‫واآلخر يغدو ليھلك نفسه في البحث عن الرزق الحرام لم يوفق للحالل مطلقا‬
‫فمطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام بيعه حرام وشراؤه حرام‬
‫وماله حرام في حرام يتغذى بالحرام من أخمص قدميه إلى رأسه إن تصدق لن يقبل‬
‫ﷲ منه صدقته وإن خلف ماله وراء ظھره كان زادا له إلى النار يقول النبي صلى ﷲ‬
‫عليه وسلم "يأتي على الناس زمان ال يبالي المرء أخذ ماله من حالل أم من حرام"‬
‫ويقول‪ ":‬إن الرجل ليقذف اللقمة الحرام في جوفه ما يتقبل منه أربعين يوما" ومن أعظم‬
‫الحرام الربا ‪ ،‬الربا بضع وسبعون شعبة أدناھا مثل أن ينكح الرجل أمه درھم ربا أشد من‬
‫ست وثالثين زنية والربا عم ودخل غالب البيوت إال من رحم ﷲ أسأل ﷲ أن يجيرنا‬
‫وإياكم من الربا وغير بغير اسمه وتناسى الذين تعاملوا به قول ﷲ )يا أيھا الذين آمنوا‬
‫اتقوا ﷲ وزروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين( نسوا قول ﷲ )فأذنوا بحرب من ﷲ‬
‫ورسوله( تداوله الذين يريدون إيباق أنفسھم وﷲ لو لم يكن في أكل الحرام إال أنه ال‬
‫ترفع لصاحبه دعوة لكفى بذلك زاجرا عنه وآخر يغدو ليعتق نفسه فيبحث عن لقمة‬
‫الحالل فوﷲ إن لقمة الحالل نادرة لكنھا ھنيئة مرئية ميسرة فمطعمه حالل ومشربه‬
‫حالل ويغذى بالحالل ودعوته أحرى أن تجاب من رب األرض والسماء ھا ھو ]أبو بكر[‬
‫رضي ﷲ عنه وأرضاه ما كان ليأكل إال حالال وكان أحيانا يسأل إذا شك في الطعام‪،‬‬
‫وجاءه غالمه يوما من األيام فقدم له طعاما فأكل منه لقمتين فقال الغالم لم تسألني‬
‫اليوم يا ]أبا بكر[ إن ھذا من كھانة كنت قد تكھنتھا في الجاھلية فصادفني صاحبھا‬
‫فأعطاني ھذا الطعام فعلم أنه طعام محرم فوضع إصبعيه في فمه يريد أن يخرجه كادت‬
‫روحه أن تخرج وما خرج ھذا الطعام قالوا يا ]أبا بكر[ رحمك ﷲ تقتل نفسك للقمتين ال‬
‫تعلم أنھا محرمة عفا ﷲ عنك ‪ ،‬إن كنت مريدا إخراجھا فاشرب ماء فشرب ماء ثم أدخل‬
‫يده مرة أخرى كادت روحه أن تخرج وخرجت اللقمتين قالوا عفا ﷲ عنك قال وﷲ لو لم‬
‫تخرج إال وروحي معھا ألخرجتھا ألني سمعت حبيبي صلى ﷲ عليه وسلم يقول‪":‬أيما‬
‫لحم نبت من سحت فالنار أولى به"‬

‫وھناك غاد آخر يغدو ليھلك نفسه فيسلط لسانه على عباد ﷲ يغتابھم ويتھمھم‬
‫ناسيا قول ﷲ عز وجل )وال يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا‬
‫فكرھتموه( وقوله صلى ﷲ عليه وسلم "لما عرج بي مررت على أقوام لھم أظفار من‬
‫نحاس يخمشون بھا وجوھھم وصدورھم قلت من ھؤالء يا جبريل قال ھؤالء الذين‬
‫يقعون في لحوم الناس ويأكلون أعراضھم" المغتابون الذين ھمھم فالن وفالن ونسوا‬
‫عيوب أنفسھم ولو اشتغلوا بعيوب أنفسھم لكان أحرى وأولى يھدي حسناته إلى‬
‫الناس ‪] ،‬الحسن البصري[ عليه رحمة ﷲ سمع أن رجال اغتابه فما كان منه إال أن‬
‫فتش في بيته عن ھدية له فما وجد سوى طبق من ُ َ‬
‫رطب فأخذه وقال لخادمه اذھب‬
‫إليه وقل له سمع الحسن أنك أھديت إليه حسناتك فما وجد لك مكافأة إال طبق التمر‬
‫يعصى ﷲ لتمنيت أن ال يبقى أحد في الدنيا إال‬
‫ولو عدت لعدنا وﷲ لوال أني أخشى أن ُ ْ َ‬
‫إلي حسناته وھو ال يشعر ‪ ،‬كثير من الناس يصلون ويعملون‬
‫ّ‬ ‫اغتابني ألنه يھدي‬
‫الصالحات وفى جلسة واحدة يمحقون ذاك العمل كله بالوقوع في عرض ھذا والوقوع‬
‫في عرض ھذا فإياك واللسان‬
‫احفظ لسانك أيھا اإلنسان *** ال يلدغنك إنه ثعبان‬
‫احفظ لسانك واحترس من لفظه *** فالمرء يسلم باللسان ويعطب‬

‫أما اآلخر فيغدو فيدافع عن أعراض المسلمين ويرد عنھم في المجالس وكالمه ذكر‬
‫ﷲ أو كالم مباح فيرد ﷲ عز وجل عن وجھه النار يوم القيامة فأي الغاديين أنت وكل‬
‫يغدو فبائع نفسه معتقھا أو موبقھا غاد آخر يغدو ليھلك نفسه باإلفساد بين الناس‬
‫بالنميمة والوشاية ناسيا قول النبي صلى ﷲ عليه وسلم "ال يدخل الجنة نمام" أما‬
‫اآلخر فيغدو لإلصالح بين الناس فأجره على ﷲ أكرم األكرمين سبحانه وبحمده وذاك‬
‫يغدو ليھلك نفسه ويقسي قلبه بسماع الغناء الماجن الذي حرمه ﷲ جل وعال وقال‬
‫فيه المصطفى صلى ﷲ عليه وسلم "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير‬
‫الخنا والفجور بماله ثم يدخلھا إلى بيته‬
‫الغنا ويشتري َ َ‬
‫والخمر والمعازف" فيشتري ِ‬
‫لينشر الرذيلة فيه ليصبح أھل البيت بآذان ال تسمع وقلوب ال تفقه وأعين ال تبصر بھائم‬
‫في مسالخ بشر ما من راع استرعاه ﷲ رعية فبات غاشا لھم إال حرم ﷲ عليه رائحة‬
‫الجنة وآخر يغدو لسماع آيات ﷲ تقرع قلبه فيلين قلبه وتدمع عينه ويطيع ربه ويدخر‬
‫ﷲ له غناء ليس كھذا الغناء الماجن غناء الحور العين في جنات ونھر في مقعد صدق‬
‫عند مليك مقتدر كلمات األغاني ھي اآلتية ‪ :‬نحن الخالدات فال يمتن نحن المقيمات فال‬
‫يظعن نحن الراضيات فال يسخطن نحن الناعمات فال يبأسن نحن الحور الحسان أزواج‬
‫قوم كرام ‪ ،‬طوبى لمن كان لنا وكنا له ‪ ،‬ثم يرسل ﷲ ريح على زوائد أغصان أشجار‬
‫الجنة فتھزھا فتحدث منھا صفير صوت كل طير في الجنة لو قضى ﷲ الموت على أھل‬
‫الجنة طربا لماتوا طربا ولكن خلود وال موت قال ]ابن عباس[ ويرسل ربنا ريحا تھز ذوائب‬
‫األغصان ريح تلذ لمسمع اإلنسان كالنغمات باألوزان يا خيبة اآلذان ال تتبدلي بلذاذة‬
‫األوتار والعيدان خابت أذن استبدلت كالم ﷲ عز وجل بأغنية ‪ ،‬خابت أذن استبدلت ما‬
‫أعده ﷲ لھا من الغناء في الجنة بھذا الغناء الماجن فأي الغاديين أنت فكل يغدو فبائع‬
‫نفسه فمعتقھا أو موبقھا ‪.‬‬

‫فيا من غدا إلعتاق نفسه جد واجتھد واغتنم زمن الصبا وسل ﷲ الثبات حتى‬
‫الممات وأكثر من قولك يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ويا من غدا إلھالك نفسه‬
‫وإيباقھا ‪ ،‬وأمھله ﷲ عد إلى ﷲ وتب إلى ﷲ بادر في فكاك رقبتك من النار فأنت في‬
‫زمن اإلمكان عد إلى ﷲ تجد ﷲ توابا رحيما إن ﷲ يقول )وتوبوا إلى ﷲ جميعا أيھا‬
‫المؤمنون لعلكم تفلحون( وھو القائل سبحانه )والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا‬
‫أنفسھم ذكروا ﷲ فاستغفروا لذنوبھم ومن يغفر الذنوب إال ﷲ ولم يصروا على ما فعلوا‬
‫وھم يعلمون أولئك جزاؤھم مغفرة من ربھم وجنات تجرى من تحتھا األنھار( وھو القائل‬
‫"يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان منك وال أبالى يا ابن أدم لو بلغت‬
‫ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك يا ابن آدم لو أتيتني بتراب األرض خطايا‬
‫ثم لقيتني ال تشرك بي شيئا ألتيتك بترابھا مغفرة"‬
‫سبحان من يعفو ونھفو دائما *** وال يزل مھما ھفا العبد عفا‬
‫يعطى الذي يخطئ وال يمنعنه *** جالله عن العطى لذي الخطى‬
‫يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النھار ويبسط يده بالنھار ليتوب مسيء الليل حتى‬
‫تطلع الشمس من مغربھا" يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنھار وأنا أغفر الذنوب جميعا‬
‫فاستغفروني اغفر لكم" اللھم اغفر لنا اللھم ارحمنا اللھم تب علينا اللھم يا من رحمته‬
‫وسعت كل شيء ارحمنا برحمتك ‪ .‬ﷲ عز وجل رحيم وﷲ عز وجل كريم وسبقت‬
‫رحمته غضبه ھا ھو سبي يأتي إلى الرسول صلى ﷲ عليه وسلم وبين السبي امرأة‬
‫ضيعت ولدھا تبحث عنه يمينا وشماال حتى وجدته فضمته إلى صدرھا ضمة األم البنھا‬
‫الذي أضاعته والرسول صلى ﷲ عليه وسلم يراقبھا فيقول ألصحابه أترونھا طارحة‬
‫ولدھا في النار قالوا ال وﷲ وھى تستطيع أال تطرحه قال ﷲ أرحم بعباده من ھذه‬
‫بولدھا فيا من رحمته وسعت كل شيء ارحمنا برحمتك ھاھو رجل من بنى إسرائيل‬
‫موحد لم يشرك با‪ 9‬شيئا ارتكب الموبقات سرق وزنا وغش وارتكب السيئات وحلت به‬
‫سكرات الموت ساعة الموت الذي يذعن فيھا الجبارون ويذعن فيھا المتكبرون جمع‬
‫أبنائه في ساعة ال ينفع فيھا مال وال ولد وقال لھم أي أب كنت لكم قالوا خير أب قال‬
‫فوﷲ ما عملت خيرا غير أني موحد لم أشرك با‪ 9‬عز وجل فإذا أنا مت فأضرموا النار ثم‬
‫ضعوني فيھا حتى أصبح رمادا ثم اسحقوني ثم زروني مع الريح لئن لقيت ﷲ ليعذبني‬
‫عذابا ال يعذبه أحدا من العالمين ومات الرجل ونفذوا وصيته حرقوه وسحقوه وزروه مع‬
‫الريح فتفرق على الجبال والسھول والوھاد واألشجار واألحجار لكن الذي بدأه أول مرة‬
‫أعاده قال ﷲ سبحانه وتعالى له كن فكان كما كان قال يا عبدي ما حملك على ما‬
‫صنعت أما تعلم أني أغفر الذنب وأستر العيب قال يا رب خشيتك وخفت ذنوبي قال‬
‫فأشھدكم يا مالئكتي أني قد غفرت له وأدخلته الجنة يا من رحمته وسعت كل شيء‬
‫ارحمنا برحمتك أخيرا ھذا نموذج لغاد غدا في إيباق نفسه ثم أمھله ﷲ عز وجل فغدا‬
‫إلعتاق نفسه وھي قصة لعل فيھا عبرة رجل عمره ما بين الثالثين إلى األربعين عربد‬
‫وأفسد وصد وند عن ﷲ عز وجل يقول عن نفسه ما كنت أنام ليلة من الليالي إال على‬
‫شربة خمر أو زنا قال ويشھد ﷲ وأتزوج بامرأة فأزداد في عنادي وطغياني ‪ ،‬أترك الحالل‬
‫في البيت وأذھب أطلب الحرام في خارج البيت قال وجئت ليلة من الليالي بعد أن‬
‫ولدت لي ھذه الزوجة بنتا وأصبح عمرھا خمس سنوات قال جئت في ليلة من الليالي‬
‫فتواعدت مع أصحابي على أن نشرب الخمر في مكان معين ويشاء ﷲ عز وجل لي أن‬
‫أبتعد عن ھؤالء وأتأخر عن الموعد بدقائق فجئت فإذا ھم قد ذھبوا ذھبت يمينا وذھبت‬
‫شماال أبحث عنھم ما تركت مكانا إال وبحثت عنھم فيه ال حبا فيھم ولكن كيف أنام ليلة‬
‫بال زنا و ال شرب خمر ال إله إال ﷲ يوم يصد اإلنسان ويند عن ﷲ عز وجل قال ثم ذھبت‬
‫إلى صديق سوء آخر عنده من األفالم الخليعة ما يستحي إبليس أن ينظر إليھا قال‬
‫فذھبت إليه وأخذت منه فيلما خليعا قال ورجعت إلى بيتي في الساعة الثانية ليال ـ ال‬
‫إله إال ﷲ ـ الساعة ھذه الثلث األخير من الليل يتنزل فيھا الرب سبحانه وبحمده نزوال‬
‫يليق بجالله يقول ھل من داع فأستجيب له ھل من مستغفر فأغفر له ھل من تائب‬
‫فأتوب عليه ثلث األوابين ثلث التوابين ‪ ،‬قال دخلت بيتى والناس على قسمين ما بين‬
‫عبد وقف بين يد ﷲ دموعه تھراق على خده من خشية ﷲ وما بين أناس يرضعون‬
‫المعاصي في تلك اللحظة وأنا واحد منھم قال فدخلت فنظرت لزوجتي وابنتي فإذا ھما‬
‫نائمتان فدخلت في مكان فيه ھذا الجھاز الخبيث الذي لطالما دمر كثيرا من البيوت‬
‫جھاز الفيديو وما يستتبع ھذا الجھاز من أفالم تعلمونھا يا أيھا األحبة يذكر أحد المشايخ‬
‫في األسبوع الماضي أنه في >مكة< وفي بلد ﷲ الحرام ستة عشر فيلما جنسيا‬
‫يستحي إبليس أن ينظر إليه سجلت في وسط >مكة< وتباع في وسط >مكة< أين‬
‫تقوى ﷲ في حرم ﷲ يبارز ﷲ وﷲ لنحن عند ﷲ ال نساوي شيئا متى ما تركنا أمره‬
‫يدمرنا وال يبالي سبحانه وبحمده قال وأدخلت ھذا الشريط في ھذا الجھاز وأغلقت‬
‫الباب وقمت أنظر في مناظر أكرم ﷲ ھذه الوجوه عن تلك المناظر قال وإذ بالباب يفتح‬
‫علي‬
‫ّ‬ ‫فدھشت وخفت وزعرت وإذا بھا ابنتي الصغيرة التي عمرھا خمس سنوات تدخل‬
‫في النظرات وتقول عيب عليك يا والدي اتق ﷲ عيب عليك يا والدي اتق‬
‫ّ‬ ‫من الباب تحد‬
‫ﷲ قال تجمدت مكاني وبقيت أفكر في ھذه الكلمات من علمھا من أنطقھا إال رب‬
‫األرباب سبحانه وبحمده قال بقيت أفتش في نفسي من أين جاءت ھذه الكلمات فقلت‬
‫لعل أمھا لقنتھا ھذه الكلمات قال وذھبت فإذا بھا نائمة وإذا بأمھا نائمة قال فخرجت‬
‫أھيم على وجھي وأنا أتذكر قولھا عيب عليك يا والدي اتق ﷲ قال و بينما أنا في‬
‫حيرتي واضطرابي ودھشتي وإذا بھذا المنادي ينادى ﷲ أكبر ﷲ أكبر نداء صالة الفجر‬
‫الذي حرمه كثير من المحرومين الغافلين قال فاتجھت إلى المسجد مباشرة ودخلت‬
‫دورات المياه واغتسلت وتوضأت ودخلت مع المسلمين أصلي قال ويوم سجدت مع‬
‫اإلمام انفجرت في البكاء ال شعوريا بدأت أبكي تذكرت فضائحي وتذكرت جرائمي‬
‫وتذكرت قدومي على ﷲ آلمتني الكبيرة ولسعتني الفاحشة قال وبعد أن انتھت الصالة‬
‫وإذا برجل بجانبي يقول ما بك قال سبع سنوات ما سجدت فيھا ‪ 9‬سجدة بأي وجه‬
‫أالقي ربي سبع سنوات ما سجدت فيھا ‪ 9‬سجدة بأي وجه أالقي ربى وبقي مكانه‬
‫يتذكر ما كان منه من صدود ومن ھرب عن ﷲ عز وجل وأين المھرب منه إال إليه قال‬
‫ويحين وقت الدوام قال وأذھب للدوام من المسجد وأدخل إلى دائرتي التي أعمل فيھا‬
‫وفيھا رجل صالح لطالما ذكرني با‪ 9‬وال أسمع له قال ويوم دخلت عليه قال أھال بك‬
‫وﷲ إن بوجھك شيء غير الوجه الذي أعرفه منك سابقا فما الذي حصل قال كان من‬
‫أمري كذا وكذا وأخبره بقصته في تلك الليلة ثم استأذنه ليذھب وينام فنزل من عنده‬
‫وأذن له ونزل إلى المسجد ليصلي في مسجد اإلدارة التي يعمل فيھا قال وجئت لوقت‬
‫صالة الظھر زميله الذي يعمل معه قال ودخلت ويوم دخلت المسجد فإذا به أمامي‬
‫لم لم تذھب لبيتك لتنام ‪ ،‬قال إن بي‬
‫يصلى ولما رآني ذرف الدموع واعتنقني قلت له ِ َ‬
‫شوقا عظيما إلى الصالة ‪ ،‬سبع سنوات ما ركعت فيھا ‪ 9‬ركعة بأي وجه أالقي ربى ثم‬
‫تواعدا على أن يلتقيا في الليل وذھب إلى بيته وذھب ھذا إلى بيته ويوم دخل على‬
‫أھله في البيت وإذ بزوجته تصرخ في وجھه وتقول ابنتك ماتت منذ لحظات فما كان منه‬
‫إال أن انھار وبدأ يردد عيب عليك يا والدي اتق ﷲ عيب عليك يا والدي اتق ﷲ يرددھا‬
‫ويذكر أنھا ذكرته با‪ 9‬عز وجل فيأتي زميله بعد أن اتصل به وأخبره الخبر فجاء إليه وقال‬
‫احمد ﷲ الذي أرسل إليك ابنتك قبل أن تموت لتذكرك با‪ 9‬ولم يرسل لك ملك الموت‬
‫ليقبض روحك ثم غسلوھا وكفنوھا وصلوا عليھا ثم ذھبوا بھا إلى المقبرة ويوم وصلوا‬
‫إلى المقبرة قال زميله خذ ابنتك وضعھا في لحدھا يريد إن يربيه ليعلم أن المصير إلى‬
‫ھذا المكان فأخذ ابنته بين يديه دموعه تسيل على كفنھا‬
‫وليس الذي يجري من العين ماؤھا *** ولكنھا روح تسيل فتقطر‬
‫جاء وأدخلھا في لحدھا وقال كالم أبكى جميع من حضر الدفن قال أنا وﷲ ما أدفن‬
‫ابنتي ولكني أدفن النور الذي أراني النور ھذه البنت أرتني نور الھداية بعد طول ضاللة‬
‫وغواية فأسأل ﷲ أن يجمعه بھا في جنات ونھر فيا أيھا الحبيب عد إلى ﷲ واعتق‬
‫نفسك من النار إذا رأيت صدودا وقسوة في قلبك فتذكر ليلة من الليالي وأنت بين أھلك‬
‫سعيدا وتذكر ليلة من الليالي وأنت على فراشك الوثير ثم تذكر األخرى وأنت تفترش‬
‫التراب‬
‫تا‪ 9‬لو عاش الفتى في دھره *** ألفا من األعوام مالك أمره‬
‫متلذذا فيھا بكل لذيذة *** متنعما فيھا بنعم عصره‬
‫ما كان ذلك كله في أن يفي *** مبيت أول ليلة في قبره‬

‫يا من يرى مد البعوض جناحھا *** في ظلمة الليل البھيم َ ْ َ ِ‬


‫األليل‬
‫النحل‬
‫ويرى نياط عروقھا في مخھا *** والمخ في تلك العظام ُ ﱠ ِ‬
‫اغفر لجمع تاب من زالته *** ما كان منه في الزمان األول‬
‫اللھم اھدنا واھد بنا ويسر الھدى لنا اللھم إنا نشھدك بھذه الساعة المباركة أنا تبنا‬
‫إليك وأنبنا ربنا إليك وصلى ﷲ وسلم وبارك على نبينا محمد ‪.‬‬

‫فضيلة الشيخ ‪ /‬علي عبد الخالق القرني‬


‫أقصد البحر و خل القنوات‬

‫وصرف بحكمته وقدر‪،‬‬


‫ﱠ‬ ‫بسم ﷲ الرحمن الرحيم‪ ،‬الحمد ‪ 9‬الذي نشر بقدرته البشر‪،‬‬
‫وحرم‪ ،‬وأباح وحظر‪ .‬ال يغيب عن بصره‬
‫ﱠ‬ ‫فأحل‬
‫ﱠ‬ ‫محمدا إلى كافة أھل البدو والحضر‪،‬‬
‫ً‬ ‫وابتعث‬
‫ﱠ‬
‫المضطر‬ ‫وأخفى‪ ،‬ويسمع أنين‬ ‫السر َ‬
‫ﱠ‬ ‫وسمعه دبيب النمل في الليل إذا سرى‪ ،‬يعلم‬
‫السماء‪ ،‬اصطفى آدم ثم تاب‬
‫ﱠ‬ ‫ذرة في َ‬
‫األرض وال في‬ ‫ٍ‬ ‫يعزب عن علمه مثقال‬
‫ويرى‪ ،‬ال َ ُ‬
‫حرھا‬
‫ونجى الخليل من النار فصار ﱡ‬‫نوحا فبنى الفلك وسرى‪ َ ،‬ﱠ‬
‫ً‬ ‫عليه وھدى‪ ،‬وابتعث‬
‫قطع نھار بسير وليل‬ ‫ثم ابتاله بذبحِ ولده فأدھش بصبره الورى‪ْ َ ،‬‬
‫أحمده ما ُ ِ‬ ‫سرى‪ ،‬ﱠ‬
‫وأصلي ُ ِ ّ‬
‫وأسلم على رسول ﷲ محمد‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫وصبَا‪.‬‬
‫ھبت جنوب َ‬
‫حمدا يدوم ما ﱠ‬
‫ً‬ ‫بسرى‪ .‬أحمده‬
‫ُ‬
‫القرى‪ ،‬صلوات ﷲ عليه وسالمه ما تحركت‬
‫وعربا‪ ،‬المبعوث في أم ُ‬
‫عجما َ ً‬
‫أشرف الخلق َ ً‬
‫بكر[ الذي أنفق المال وبذل النفس وصاحبه في الدار‬
‫ٍ‬ ‫والشفا‪ ،‬وعلى ]أبي‬
‫ِّ‬ ‫َْ‬
‫األلسن‬
‫معنا( وعلى‬
‫ﷲ َ ََ‬
‫إن َ‬ ‫لصاحبه ال َ َ ْ َ ْ‬
‫تحزن ِ ﱠ‬ ‫يقول ِ َ ِ ِ ِ‬
‫إذ َ ُ ُ‬
‫ار ِ ْ‬ ‫ھما ِفي ْ َ‬
‫الغ ِ‬ ‫إذ ُ َ‬
‫اثنين ِ ْ‬ ‫مرا ) َ ِ َ‬
‫ثاني ْ َ ْ ِ‬ ‫والغار بال ِ َ‬
‫بالريق وما‬
‫ِّ‬ ‫أغص ]كسري[ ]وقيصر[‬
‫الشيطان وھرب‪ ،‬من َ ﱠ‬
‫ﱠ‬ ‫]عمر[ الذي من ھيبته ﱠ‬
‫ولى‬
‫حيته‬ ‫ً‬
‫حديثا يفتري‪ ،‬ﱠ‬ ‫زوج ابنتيه ما كان‬
‫ُ‬ ‫العسرة‬
‫ونى‪ ،‬وعلى ]عثمان[ مجھز جيش ُ ْ‬ ‫ََ‬
‫فل سيف شجاعته قط وال نبا‪،‬‬ ‫علي[ َأسد الشرى‪ ،‬ما ُ ﱠ‬
‫ٍّ‬ ‫الشھادة فقال‪ :‬مرحبا‪ ،‬وعلى ]‬
‫وعلى جميع َ‬
‫األھل واآلل واألصحاب واألتباع ما تعاقب صبح ومساء‪.‬‬
‫أحمدا‬
‫َ‬ ‫المبارك‬
‫والطيبون على ُ َ‬ ‫ﱠ ُ‬ ‫بعرشه ***‬ ‫يحف ِ ْ‬ ‫ومن َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫اإلله‬
‫ُ‬ ‫صلى‬ ‫ﱠ‬
‫آمنوا‬
‫الذين َ ُ‬ ‫مسلمون( ) َيا َ ﱡ َ‬
‫أيھا ﱠ ِ َ‬ ‫وأنتم ﱡ ْ ِ ُ َ‬‫تموتن ِإال ﱠ َ َ ْ ُ‬
‫تقاته َوال َ َ ُ ُ ﱠ‬
‫حق ُ َ ِ ِ‬
‫ﷲ َ ﱠ‬‫اتقوا َ‬ ‫آمنوا ﱠ ُ‬‫الذين َ ُ‬ ‫)يا َ ﱡ َ‬
‫أيھا ﱠ ِ َ‬
‫ﷲ‬
‫يطعِ َ‬
‫ومن ُ ِ‬ ‫ذنوبكم َ َ‬ ‫ويغفر َ ُ ْ‬
‫لكم ُ ُ َ ُ ْ‬ ‫لكم َ ْ َ َ ُ ْ‬
‫أعمالكم َ َ ْ ِ ْ‬ ‫يصلح َ ُ ْ‬
‫سديدا * ُ ْ ِ ْ‬
‫قوال َ ِ ً‬ ‫وقولُوا َ ْ‬
‫ﷲ َُ‬
‫اتقوا َ‬ ‫ﱠُ‬
‫عظيما(‬ ‫فاز َ ْ ً‬
‫فوزا َ ِ ً‬ ‫فقد َ َ‬ ‫ََ ُ َ ُ‬
‫ورسوله َ َ ْ‬

‫أحبتي في ﷲ‪ :‬ﱠ‬
‫إن اإلسالم عقيدة استعالء‪ ،‬تبعث في روح المسلم إحساس العزة‬
‫تواكل‪ ،‬عقيدة تبعث‬
‫الثقة في غير اغترار‪ ،‬وشعور االطمئنان في غير َ َ‬
‫وروح ِّ‬
‫كبر‪ُ ،‬‬
‫من غير ِ ْ‬
‫فيه روح االستھانة بالمظاھر الجوفاء‪ ،‬واالھتمام بالحقائق الناصعة البيضاء‪ ،‬عقيدة تبعث‬
‫عقيدة تعلمه‬
‫ٌ‬ ‫فيه روح االستھانة بالمظاھر الجوفاء‪ ،‬واالھتمام بالحقائق الناصعة البيضاء‪،‬‬
‫كيف يتغلب على شھوات النفس‪ ،‬ومألوفات الحياة في سبيل ﷲ‪ُ ،‬تعلمه ِنسيان حظوظ‬
‫بثغر‬
‫ٍ‬ ‫النفس في سبيل إعالء دين ﷲ‪ُ ،‬تعلمه كيف يستقبل الشدائد في سبيل ﷲ‬
‫ﱠ‬
‫الملقاة على كاھله‪ ،‬تبعة‬
‫بالتبعة ُ‬
‫ھانئة مطمئنة‪ ،‬عقيدة ُتشعر المؤمن َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫باسم‪ ،‬ونفسٍ‬
‫ٍ‬
‫ﱡ‬
‫الظلمات إلى‬ ‫الضاللة إلى الھداية‪ ،‬وإخراجھا من‬
‫ﱠ‬ ‫الضالة‪ ،‬النتشالھا من‬
‫ﱠ‬ ‫الدعوة للبشرية‬
‫وتؤمنون ِ ِ‬
‫با‪(9‬‬ ‫عن ْ ُ ْ َ ِ‬
‫المنكر َ ُ ْ ِ ُ َ‬ ‫وتنھون َ ِ‬ ‫تأمرون ِ ْ َ ْ ُ ِ‬
‫بالمعروف َ َ ْ َ ْ َ‬ ‫للناسِ َ ُ ُ َ‬ ‫أمة ُ ْ ِ َ ْ‬
‫أخرجت ِ ﱠ‬ ‫خير ُ ﱠ ٍ‬
‫كنتم َ ْ َ‬
‫النور ) ُ ْ ُ ْ‬
‫قدمنا على الناس‪ ،‬وسقانا من القرآن أروى كاس‪ ،‬وجعل نبينا أفضل نبي‬
‫فسبحان من ﱠ‬
‫من تأمل‬
‫للناس( َ ْ‬
‫ِ‬ ‫أمة ُ ْ ِ َ ْ‬
‫أخرجت ِ ﱠ‬ ‫خير ُ ﱠ ٍ‬
‫كنتم َ ْ َ‬
‫رعى وساس‪ ،‬وأنعم علينا بعلو الھمة وقال لنا‪ُ ْ ُ ) :‬‬
‫خيريه‪ ،‬كانت فيھا ھادية الناس إلى باريھا‪،‬‬
‫وتدبر ونظر وجد األمة قد مرت بھا فترات َ ْ ِ‬
‫قائدة رائدة‪.‬‬
‫ھد وال َ َ‬
‫فتاھا‬ ‫زينھا َموالھا *** ال َ ْ‬
‫كھلھا ُ ﱠ‬ ‫كتيبة ﱠ‬
‫ٌ‬
‫ً‬
‫تابعة‬ ‫تمر باألمة فترة عصيبة كادت تفقد فيھا ھويتھا؛ لتصبح‬
‫ﱡ‬ ‫ُ َ‬
‫المتأخرة‪:‬‬ ‫العصور‬ ‫وفي ُ‬
‫ً‬
‫خاسئا وھو‬ ‫فيرتد بصره‬
‫ﱠ‬ ‫يجيل نظره في ُرقعة العالم الفسيح‪،‬‬
‫إمعة‪ ،‬فإذا المسلم ُ ِ‬
‫مسخا ﱠ‬
‫ً‬
‫وتسير‪،‬‬
‫تسير َ ِ‬
‫جموعا تسير في دروب متشابكة متعرجة في ليل بھيم‪ِ َ ،‬‬
‫ً‬ ‫حسير‪ ،‬يوم يرى‬
‫َ ِ‬
‫ولما تظن‬
‫ﱠ‬ ‫غايات‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫ً‬
‫أھدافا‪ ،‬وتقصد‬ ‫تحدد‬
‫ويضنيھا المسير‪ ،‬ثم ال تصل إلى البحر الذي تريد‪ِّ ُ ،‬‬
‫ُ ْ‬
‫ويطمئنك أنه في وسط تلك الدروب‬
‫أنھا قاربت أھدافھا‪ُ ،‬تفاجأ بأن األھداف سراب خادع‪ُ ،‬‬
‫ْ‬
‫ترى طريقا واحدا مستقيما ال ينحرف يمينا وال شماال‪ ،‬تھب عليه َ‬
‫األعاصير‪ ،‬تكاد معالمه‬
‫الرمال عنه من جديد‪ُ ،‬يوضحون معالمه‪ ،‬ويجددون‬
‫تندثر‪ ،‬فإذا بأقوام يقومون بكشف ِّ‬
‫َْ‬
‫بمنه‬
‫رسومه‪ ،‬يقلون على ھذا الطريق ويكثرون‪ ،‬لكنه ال يكاد يخلو من سائر ُيقيضه ﷲ َ ِّ‬
‫ويعيد لھا‬
‫وكرمه؛ ليرد على األمة في ذاك الطريق إيمانھا بدينھا‪ ،‬ويصحح مسارھا‪ِ ُ ،‬‬
‫مصلحين َ ِ‬
‫وأئمة يتعاقبون فيھا إلى يومنا ھذا؛ ]كابن‬ ‫ثقتھا بطريقھا‪ ،‬لتفھم رسالتھا‪ .‬من ُ ْ‬
‫ِ َ‬
‫يثبتون أن األمة كالمطر ال‬
‫عبد الوھاب[ ‪-‬رحمة ﷲ‪ -‬وغيره ممن يريدون العزيز الوھاب‪ْ ُ ،‬‬
‫صوت حادي المصلحين في ظالم الليل البھيم على ذاك‬
‫ُيدرى أوله خير أم أخره‪ ،‬ولذا َ ﱠ‬
‫الطريق ‪.‬‬
‫ليل الحائرين‬
‫َ‬ ‫المسلم‬
‫ُ‬ ‫أيھا‬ ‫ليل َ ِ‬
‫فأنر *** ﱡ‬ ‫ٌ‬ ‫العصر‬
‫َ‬ ‫إن ھذا‬
‫ﱠ‬
‫السفين‬
‫ﱠ ِ‬ ‫ربان‬
‫غيرك ﱠ‬
‫ُ‬ ‫الھوى *** ال ُيرى‬
‫ُجِ َ‬
‫وسفين الحقِ في ل ّ‬
‫َ ِ‬
‫وصوب على ذاك‬
‫حدب َ‬
‫بالصدى األرجاء‪ ،‬وأقبل الناس على دين ﷲ من كل َ ْ‬
‫ﱠ‬ ‫وتجاوبت‬
‫الطريق‪ ،‬والحمد ‪- 9‬رب األرض والسماء‪ -‬فما من أرض إال وقد وصلتھا الصحوة المباركة‪،‬‬
‫أنا ال نريد‬
‫السماء‪ ،‬ﱠ‬
‫ﱠ‬ ‫فالھتاف يمأل األنحاء‪ ،‬ويشق عنان‬
‫ُ‬ ‫رغم الكبت والتضليل والحصار‪،‬‬
‫جاھا‬
‫ً‬ ‫ومنھجا‪ ،‬وھاتف الكل‪ :‬أن ﷲ غايتنا‪ ،‬فنحن ال نبتغي‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وشريعة‬ ‫ً‬
‫عقيدة‬ ‫غير اإلسالم‬
‫ھتاف يستحث كل‬
‫وإحسانا‪ُ ،‬‬
‫ً‬ ‫دوما‬
‫ً‬ ‫ومنفعة‬
‫ٌ‬ ‫خير‬
‫ٌ‬ ‫ً‬
‫قاطبة‬ ‫للناس‬
‫وسلطانا‪ ،‬وإنما نبتغي ﱠ‬
‫ً‬
‫جديرا أن‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫بصيرة تجعله‬ ‫ضخمة‪ ،‬وأنه يملك‬
‫ٌ‬ ‫متبلد ُ َ ِّ‬
‫يذكره بأن مسئوليته‬ ‫مسلم غيور‪ ،‬أو ُ َ ٍ‬
‫ھتافٌ‬
‫والحداء للركب السائر على ذاك الطريق‪ُ .‬‬
‫ُ‬ ‫يكون له نصيب من التوجيه والتربية‬
‫ينفر مع بزوغ الفجر‬
‫ومن َ ْ‬
‫قاعد‪ْ َ ،‬‬
‫ٍ‬ ‫متثاقل أو‬
‫ٍ‬ ‫الزمن ُيسرع‪ ،‬وال انتظار لبطي ٍء أو‬
‫يصرخ‪ :‬ﱠ‬
‫فسيسبق من توقظه الشمس؛ ألن الطريق سيزدحم‪.‬‬
‫نظرا للفتور والتقاعس‬
‫ً‬ ‫ثمارھا والحمد ‪– 9‬رب العالمين‪ -‬لكنه‬
‫وبدأت الصحوة ُتؤتي ِ َ‬
‫والتباطؤ في التوجيه والتربية‪ ،‬والقيام بالمسؤولية وغيرھا من العوامل تجاه ھذه‬
‫وضعف‪ ،‬أو ُغل ٍُو وتنطع على نفس الطريق‪،‬‬
‫تخاذل َ‬
‫ٍ‬ ‫سحاب‬ ‫الجموع‪ ،‬ظھر في ُ ُ‬
‫األفقِ َ َ‬
‫وبعبارة أدق‪:‬‬
‫ٍ‬
‫والخضم‪ ،‬فإذا أنت‬
‫ِ َ‬ ‫وھجرت لُجة البحر والعمق‬
‫ظھر تعلق باألطراف والشواطئ والقنوات‪ِ ُ ،‬‬
‫فتدق عنقه‪ ،‬وما ھو أعز من عنقه‪ ،‬جاوز الحد‬
‫ترى من تعلق بطرف أعلى يكاد يسقط ُ‬
‫وآخر في الطرف األدنى يحتضر ال يكاد يعرف ھويته‪ ،‬يحمل اسم اإلسالم‬
‫َ ُ‬ ‫ھلك ثم ھلك‪.‬‬
‫وثقلت به‬
‫كنھه‪ ،‬قد ربط الوھم أقدامه المسرعة‪ ،‬وطوى أشرعته المبسوطة‪ِ ُ ،‬‬
‫ويجھل ُ ْ‬
‫السراب‬
‫ﱠ‬ ‫فلما رأى‬
‫ﱠ‬ ‫وآخر راكب متجه نحو ھدفه‪،‬‬
‫َ ُ‬ ‫يندب حظه وكفي‪.‬‬
‫المرفرفة‪ْ َ ،‬‬
‫أجنحته ُ‬
‫ً‬
‫شيئا‪ ،‬ثم ندم حيث لم ينفعه‬ ‫ظنا منه أنه بلغ ھدفه‪ ،‬فلما جاءه لم يجده‬
‫أراق ماءه؛ ً‬
‫ُجة البحر‪ .‬وآخر اكتفى‬
‫غايات؛ فبقى في القنوات وھجر ل ﱠ‬
‫ٍ‬ ‫اتخذ الوسائل‬ ‫الندم‪ُ َ .‬‬
‫وآخر ﱠ‬
‫النافع‪ ،‬وترك‬
‫بالكالم‪ ،‬وركل العطاء والعمل‪ .‬وآخر ھجر الكيف واھتم بالكم‪ ،‬عمل غير ﱠ‬
‫لكنھا ال‬
‫المھم‪ ،‬وترك المھم واألھم‪ ،‬ما حاله إال كمن صنع ساقية ‪ِّ ،‬‬
‫النافع‪ ،‬عمل غير ُ‬
‫الناس من فعله األحمق‪،‬‬
‫تعجب ﱠ‬
‫تسقى الزرع‪ ،‬بل تأخذ الماء من النھر فترده في النھر‪ َ َ ،‬ﱠ‬
‫السفه؟ تعمل وال نتيجة لعملك‪ ،‬تأخذ الماء من النھر وتعيده إلى النھر؟!‬
‫ﱠ‬ ‫قالوا‪ :‬ما ھذا‬
‫رضي بالزرع‪ ،‬واتبع أذناب البقر‪،‬‬
‫َ‬ ‫نعيرھا‪ .‬يكفيه صوتھا‪ .‬وآخر‬
‫الساقية َ ِ ْ ُ‬
‫ﱠ‬ ‫قال‪ :‬يكفيني من‬
‫يجن من الزرع الثمر‪ ،‬ولم يأخذ من البقر اللبن‪،‬‬ ‫ورھقه ﱡ‬
‫الذل‪ ،‬ومع ذلك لم َ ْ ِ‬ ‫وترك الجھاد‪َ َ َ َ ،‬‬
‫وينشد مع ذلك‪:‬‬ ‫يتكفف‪ ،‬ويسأل‪ُ ،‬‬
‫ﱠ‬ ‫بقي عالة‬
‫َ‬ ‫بل‬
‫الورود‬
‫سبيل إلى ُ ِ‬
‫َ‬ ‫ولكن ال‬
‫ْ‬ ‫عطش شديد ***‬
‫ٌ‬ ‫ماء وبي‬‫َأرى ً‬

‫ھم‬
‫ٌ‬ ‫وھيأت وسيلته‪ ،‬وأصابه في وسط الطريق‬ ‫اتضح طريقه‪ُ ،‬‬
‫وحددت غايته‪ُ ،‬‬ ‫وآخر ﱠ‬
‫لحاد يحدوه إلى‬
‫ٍ‬ ‫غبش جاءه في وسط الطريق استولى عليه‪ ،‬فھو أحوج ما يكون‬
‫ٌ‬ ‫دوخه‪،‬‬
‫ﱠ‬
‫لزاما على كل مسلم يملك أدنى صوت للتوجيه أن يرفع األذان‬
‫البحر‪ ،‬لھذا كله كان ِ ً‬
‫الرمة‬
‫ويحيي ويوقظ ذاك ِّ‬ ‫ليخرق اآلذان‪ ،‬ﱠ‬
‫عله يصل إلى الجنان‪ ،‬ليرد ذلك المتجاوز‪ُ ،‬‬
‫ليھتم بالنافع األھم‪،‬‬
‫ويطلق األقدام‪ ،‬ويبسط األشرعة‪ ،‬ومعه ُترفرف األجنحة ُ‬
‫الغافل‪ُ ،‬‬
‫اقصد‬
‫وخل القنوات ُ‬
‫ِ‬ ‫اقصد البحر‬
‫ويھجر الكم‪ .‬من ھذا المنطلق كانت ھذه الكلمات بعنوان ُ‬
‫وخل القنوات‪.‬‬
‫ِ‬ ‫البحر‬
‫التفلت‬
‫ھجر لقنوات ﱠ‬
‫ٍ‬ ‫ھي دعوة للعمل بشرع ﷲ وله‪ ،‬من غير ما زيادة وال نقصان‪ ،‬مع‬
‫ثانيا؛ ﱠ‬
‫علھا ُتحرك‬ ‫ً‬ ‫والتجاوز‪ ،‬بل وسطية اتزان‪ .‬أوجھھا لنفسي أوال‪ ،‬وللمسلمين‬
‫ﱠ‬ ‫والتميع‬
‫ﱠ‬
‫القلوب إلى عالم الغيوب‪ ،‬وتحدو النفوس للعمل لما يرضي الملك القدوس‪ ،‬ھي مع‬
‫صرخة وحدا‪ .‬صرخة تھتف‪ :‬أن اغلق باب الدعة والسكون والراحة‪ ،‬وافتح على‬
‫ٌ‬ ‫ذلك‬
‫الساحة‪ ،‬واألھم فاألھم‬
‫ﱠ‬ ‫وانزل‬
‫وبصيرة‪ِ ْ ،‬‬
‫ٍ‬ ‫المصراعين باب العمل بھمة وطُموح في اتزان‬
‫مشروعا مع أولي‬
‫ً‬ ‫رقيا‬
‫النصب والعمل‪ً ،‬‬
‫تكن الراحة‪ .‬أن اغلق باب الكرى‪ ،‬وافتح باب ﱠ‬
‫النھى‪ِ َ ،‬‬
‫أمط عن رأسك قناع الغافلين‪ ،‬وال تتجاوز الحد في المشروع تكن مع الھالكين‪،‬‬ ‫ﱡ‬
‫تغربن عليك الشمس وأنت الزلت في تواكل أو توان‪.‬‬
‫بخطى ثابتة في الميدان‪ ،‬وال َ َ ﱠ‬
‫سر ُ‬
‫ِ‬
‫ھزال مترنحة مسترخية‪ ،‬وال تكاد‬
‫الناس وأنا وأنت منھم إال كإبل مائة ُ َ‬
‫سدد وقارب‪ ،‬فما ﱠ‬
‫َ ِّ‬
‫تجد فيھا راحلة‪.‬‬
‫جلل‬
‫أمر َ‬
‫يغنون في ٍ‬
‫ثم ال ُ ْ‬
‫األرض من كثرتھم *** ﱠ‬
‫َ‬ ‫يثقلون‬
‫ْ‬
‫أيھا األحبة‪ ،‬غريب‬
‫ومختار القليل أقل منه! غريب يا ﱡ‬
‫ُ‬
‫أتختار الحياض وماؤھا ُغثاء *** وبحر الدين تصفو مناھله؟‬
‫ُ‬
‫فر في اعتدال إلى ﷲ‪ ،‬واصبر على الألواء والموعد ﷲ‪.‬‬
‫ِﱠ‬
‫من ُعبابه‬
‫الھول ِ ْ‬
‫البحر وال أصدافه *** إال وراء َ ْ‬
‫ِ‬ ‫ال لؤلؤ‬
‫ً‬
‫حثيثا‬ ‫ً‬
‫تطوافا‬ ‫أطوف فيه‬
‫ِّ‬ ‫حداء سريع لجميع األطراف‪،‬‬‫وھي كذلك؛ أعني ھذه الكلمات‪ُ .‬‬
‫الرمل في طواف القدوم ُ َ‬
‫أردد فيھا‪:‬‬ ‫كأشواط ّ ْ‬

‫عما به من َ َ ِ‬
‫كحل‬ ‫المقل *** غافال ﱠ‬
‫لكحل ُ َ ِ‬
‫ْ‬ ‫أيھا الساعي‬
‫ﱡ‬
‫وسببا ال ُ ْ ِ َ ْ‬
‫تھملن‬ ‫تغفلن *** َ ً‬
‫ْ‬ ‫اسمع وعِ ال َ ْ‬
‫ْ ْ‬
‫تجرين‬
‫الدليل َ ْ ِ َ‬
‫تنجون *** َمع ﱠ‬‫اتبع َ ْ ُ‬
‫وأخلص ْ َ‬
‫ْ ِ ْ‬
‫أجبن‬ ‫ميز برفقٍ َ ِ‬
‫للثمن *** ِ ّ‬
‫ودفعا ﱠ‬ ‫ً‬ ‫ُْ‬
‫واثبت‬
‫األمر ْ ِ‬
‫اقصدن‬ ‫وفاضل َ‬
‫َ‬ ‫وحقِ ذي حقٍ َ ْ ِ‬
‫أعطين ***‬
‫شرين ْ َ َ‬
‫ادفعن‬ ‫اتبعن *** َ‬
‫وشر َ ﱠ‬ ‫خيرين ﱠ َ‬
‫وخير َ ْ‬
‫َْ‬
‫تعجبن‬
‫ْ‬ ‫بكثرة ال َ ْ‬
‫واتزن *** ِ ْ ٍ‬
‫ذكيا ﱠ ِ‬
‫ً‬ ‫وكن‬
‫ْ‬
‫خلين‬ ‫ً‬
‫وقناة َ ِ ِ ْ‬ ‫وبعد ھذا البحر ْ ْ‬
‫فاقصد ***‬

‫يكل‪ ،‬وما أنا‬


‫ذلك ‪-‬يعلم ﷲ مني‪ -‬جھد المقل‪ ،‬وقوة الضعيف الذي ال يكاد يمضي حتى َ ِ‬
‫وھذا األمر وأينما أقع منه ‪-‬إي وﷲ‪ -‬إن أنا إال رجل يقرأ ليجمع‪ ،‬ويكتب ليقرأ‪ ،‬ما وسعه‬
‫ذم‪ .‬أعوذ با‪ 9‬من‬
‫ھم‪ ،‬وإن أخطأ فعليه وخالكم ﱞ‬
‫ّ‬ ‫أن يتفرج ويندب‪ ،‬فإن أصاب فلكم وال‬
‫ِّ‬
‫حظي‬ ‫الرأي وغروره‪ .‬اللھم تجاوز عن زالتي وجرأتي‪ ،‬وال تجعل‬ ‫فتنة القول وزوره‪َ َ ،‬‬
‫وخطل ﱠ‬
‫نيتي وقولي وعملي‪.‬‬
‫الصدق في ﱠ ِ‬
‫ِّ‬ ‫وارزقني‬
‫من ديني لفظي‪ْ ،‬‬
‫إني أعوذ بك من الفقر إال إليك‪ ،‬ومن ﱡ‬
‫الذل إال لك‪ ،‬ومن الخوف إال منك‪ .‬اللھم إني‬ ‫اللھم ِ ّ‬
‫مغرورا‪ .‬اللھم إني أبرأ إليك من‬
‫ً‬ ‫فجورا‪ ،‬أو أن أكون بك‬
‫ً‬ ‫زورا‪ ،‬أو أغشى‬
‫أعوذ بك أن أقول ً‬
‫حولي وقوتي‪ ،‬وألجأ إلى حولك وقوتك‪ ،‬ال إله إال أنت سبحانك إني كنت من الظالمين‪.‬‬
‫الحزن إذا شئت سھال"‪.‬‬
‫اللھم ال سھل إال ما جعلته سھال‪ ،‬وأنت تجعل َ ْ‬
‫ﱠ‬ ‫"‬
‫إياك والتواكل؛ فإنه التخاذل‬
‫العباب‪ ،‬ﱠ‬
‫فتى اإلسالم‪ :‬اقصد البحر بأسباب‪ ،‬وخض ھول ُ‬
‫سببا‪،‬‬
‫ً‬ ‫وليس بالتوكل‪ ،‬لكل شي ٍء سبب قدره المقتدر‪ ،‬المالك المنفرد‪ ،‬فاطرق بحزم‬
‫ً‬
‫نتيجة ال تملكن؛ فاألمر لإلله الواحد القھار‪ .‬ال تكن أخي‬ ‫حبا‪ً َ ،‬‬
‫وثمرا ال تنتظر‪،‬‬ ‫وابذر بجد ً‬
‫غدا‪ ،‬ويغرس في الصباح وال بذر‪ ،‬ليجني في‬
‫كمن يريد يزرع اليوم وال أرض‪ ،‬ليحصد ً‬
‫المساء‪ ،‬ذاك محال وخالف سنة ﷲ ‪-‬رب األرض والسماء‪.-‬‬
‫الغراس‬ ‫ثمراته َ ْ‬
‫قبل ِ َ‬ ‫وتھفو *** إلى َ َ‬
‫غرسا َ ْ ُ‬
‫أن َترى َ ْ ً‬
‫أتطمع ْ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫نوحا –صلوات ﷲ وسالمه عليه‪ -‬ومن معه‬
‫ً‬ ‫قادرا أن ينصر‬
‫ً‬ ‫محال؛ إن ﷲ –عز وجل‪ -‬كان‬
‫وجھارا‪ ،‬ألف سنة إال‬
‫ً‬ ‫سرا‬
‫ً‬ ‫ونھارا‪،‬‬
‫ً‬ ‫من أول األمر‪ ،‬لكنه تركه يأخذ بالسبب‪ ،‬يدعو ليال ً‬
‫سنة ﷲ‪،‬‬
‫نجاه ﷲ بسفينة صنعھا بيديه‪ ،‬ولم تنزل له من السماء‪ُ ،‬‬
‫عاما‪ ،‬ثم ﱠ‬
‫ً‬ ‫خمسين‬
‫ولن تجد لسنه ﷲ تبديال‪.‬‬
‫دلوك ِفي ِّ ِ‬
‫الدالء‬ ‫بالتمني *** َ ْ‬
‫ولكن القِ َ َ‬ ‫ﱠ ِّ‬ ‫نيل َ َ ِ ِ‬
‫المطالب‬ ‫فما َ ْ ُ‬
‫َ‬

‫ولما ينتظم في حلقة تحفيظ‪ ،‬ولم يفتح‬


‫ﱠ‬ ‫أحبتي‪ ،‬إن طالب علم يريد حفظ كتاب ﷲ‪،‬‬
‫يثن‬
‫ِ‬ ‫طالبا يريد العلم‪ ،‬ولم‬
‫ً‬ ‫المصحف‪ ،‬إنما يطلب المحال‪ ،‬ويسخر مع ذلك من نفسه‪ .‬إن‬
‫فرضا‪ ،‬ال يمكن أن يحوى علما‪ ،‬أو‬
‫ً‬ ‫كتابا‪ ،‬ولم يجعل للعلم وقتا‬
‫ً‬ ‫ركبته عند عالم‪ ،‬ولم يفتح‬
‫أن ينتظم في سلك طالب العلم طالبا‪ ،‬إنما مثله كرجل له بستان مثمر مورق‪ ،‬يجاور‬
‫نھرا‪ ،‬بينه وبين النھر كف من تراب‪ ،‬وذبل البستان‪ ،‬وجفت الثمار‪ ،‬وسقطت األوراق؛ كل‬
‫ً‬
‫ذلك من الظمأ‪ ،‬فقام الرجل بدال من أن يزيل الكف من التراب؛ ليصل ماء النھر إلى‬
‫البستان‪ ،‬قام ليتوضأ من النھر‪ ،‬ويصلى صالة االستسقاء‪ ،‬ويدعو ﷲ أن يغيث بستانه‪.‬‬
‫وخور وعجز وضعف‪ .‬ھل يطير طائر بال ريش؟ ھل السماء بالذھب تمطر؟ ال‪ ،‬كل‬
‫تواكل َ‬
‫حسيرا مغمورا‪ ،‬وقعد عن نيل‬
‫ً‬ ‫شيء بسبب‪ ،‬ومن برز بال سبب قعد دون الرجال‬
‫ً‬
‫شيئا مذكورا‪.‬‬ ‫ملوما محسورا‪ ،‬وإذا أدركته المنية مضى‪ ،‬وكأن لم يكن‬
‫ً‬ ‫المعالي‬
‫جاھل‬
‫البرية َ ِ‬ ‫بالمنى *** َما َكان َ َ‬
‫يبقى في َ ِ ﱠ ِ‬ ‫َُ‬ ‫يحصل‬
‫ُ‬ ‫العلم َ‬ ‫لو َكان َ َ‬
‫ھذا ِ ُ‬
‫فاعقل‪ ،‬توكل‪ ،‬بادر‪ ،‬وانھض إلى المعالي‪ ،‬واطلب وال تبالي‪ ،‬واحذر من التواني‪ ،‬والعيش‬
‫في األماني‪ ،‬واقصد البحر بأسباب ودع عنك سراب القنوات‪.‬‬
‫يا فتى اإلسالم‪:‬‬
‫توان‬
‫بغير َ ٍ‬
‫ِ‬ ‫أصب ِ ّ‬
‫حلق‬ ‫ْ‬ ‫األعماقِ *** َ‬
‫أخلص ِ‬ ‫َ‬ ‫ُجة‬
‫تطلب ل ﱠ‬
‫ُ‬ ‫كنت َ‬
‫إن ُ َ‬
‫ْ‬
‫جناحان ال ينفكان؛ إخالص ‪ ،9‬واتباع لرسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬ال تحليق‬
‫من عمل بدونھما فھو من المنقطعين‬
‫عمال( ْ‬ ‫أيكم َ ْ َ ُ‬
‫أحسن َ َ‬ ‫ُوكم َ ﱡ ُ ْ‬
‫ليبل َ ُ ْ‬
‫بواحد منھما ) ِ َ ْ‬
‫الھالكين‪ ،‬ومن عمل بھما وصال‪ ،‬لم ترد صولته‪ .‬ومن تكلم بھما‪ ،‬علت على الخصوم‬
‫كلمته‪ .‬ھما روح األعمال‪ ،‬ومحك األحوال في أيام الفتن والمحن‪ ،‬وال يثبت إال أصحابھما‬
‫يشرفون بنصر ﷲ وتمكينه لھم في األرض‪ ،‬ليجعلھم‬
‫المخلصون العاملون المتبعون‪ ُ ،‬ﱠ‬
‫سئل بعضھم عن كالم سمعه من متكلم‪ :‬ما حجم ذاك‬
‫ِ‬ ‫أئمة ويجعلھم الوارثين؛ ولذا‬
‫ً‬
‫شيئا‪ ،‬إال أني رأيت لكالمه صولة ليست بصولة مبطل‪.‬‬ ‫الكالم؟ فقال‪ :‬وﷲ ما فھمت منه‬
‫فوﷲ ما ُمنح العبد منحة أفضل من منحة القول الصادق الثابت‪ .‬تقول بعض الروايات‪ :‬أن‬
‫أحد الجواسيس الفرنجة‪ ،‬توغل داخل بالد المسلمين في األندلس‪ ،‬فرأى طفال تحت‬
‫حدد‬
‫شجرة يبكي‪ ،‬فسأله‪ :‬ما يبكيك يا بني؟ قال‪ :‬ألنني لم استطع إصابة الھدف الذي ُ ِّ‬
‫الكرة أخري‪.‬‬
‫ﱠ‬ ‫ھون عليك‪ ،‬وعاود‬
‫لي؛ وھو صيد العصفور فوق الشجرة‪ .‬فقال الجاسوس‪ِّ :‬‬
‫فقال الطفل المسلم‪ :‬إن الذي يبكيني أعمق من صيد العصفور؛ يبكيني أن قلت في‬
‫نفسي‪ :‬إن لم أستطع صيد العصفور بسھم واحد‪ ،‬فكيف أستطيع أن أقتل عدوي وعدو‬
‫ﷲ غدا؟ ُدھش الجاسوس‪ ،‬ﱠ‬
‫وبلغ الواقعة إلى ملك الفرنجة‪ ،‬فقال ملكھم‪ :‬الرأي عندي‬
‫نيات تغني عن كثرة العدد‪،‬‬
‫أال تعترضوھم؛ فإنھم كالسيل‪ ،‬يحمل من ُيصادره‪ ،‬ولھم ﱠ‬
‫وقلوب تغني عن حصانة الدروع‪ ،‬وواحد كألف‪ .‬وصدق وھو كذوب‪.‬‬
‫صادقينا‬ ‫القول ِمن َ ِ‬
‫فم َ ِ َ‬ ‫بعطر َ ِ‬
‫دوما *** ِ ِ‬
‫الفسقِ َ ً‬ ‫زكمت ُ ُ‬
‫أنوف ِ‬ ‫َ َ ْ‬
‫فكم ِ ْ‬

‫يا طالب العلم‪ ،‬ويا قاصد بحره‪ :‬انصب وجھك ‪ ،9‬وامأل قلبك بحب ﷲ وخشية ﷲ‪،‬‬
‫اجعل ھمك مرضاة ﷲ‪ ،‬ال مرضاة عباد ﷲ؛ فإنك قد ُتضطر إلى إغضاب عباد ﷲ في‬
‫سبيل مرضاة ﷲ‪ ،‬وال ضير أن تفعل ذلك‪ ،‬يكفيك ﷲ مؤونة الخلق‪ِ ،‬زن عملك بميزان‬
‫مرضاة ﷲ‪ ،‬فما رجحت به كفة الميزان‪ ،‬فاقبله وارتضه‪ ،‬وما شالت به الكفة فأعرض عنه‬
‫واجفه‪ .‬عندھا تستقيم المقاييس‪ ،‬ويتضح أمام العين الطريق القصد‪ ،‬والسبيل القويم‬
‫في خوض لجج البحر‪ ،‬فلن تقع بعدھا بإذن ﷲ في تلك المتناقضات المضحكة‬
‫السخيفة‪ ،‬كأن ُترى تطيع ﷲ في أمر‪ ،‬وتعصيه في آخر‪ ،‬إذ أنه ال مجال للتناقضات‪ ،‬ما‬
‫دامت المنطلقات صحيحة‪ ،‬والمنھج بينا‪ ،‬والمقاييس ثابتة‪ ،‬مرضاة ﷲ أوال في اتباع‬
‫وآخر‪.‬‬
‫واحدا‬ ‫ًّ‬
‫ھما َ ِ َ‬ ‫الھمين‬
‫ﱠ ِ‬ ‫أنت َلھا *** َ َ‬
‫فاجعل‬ ‫الدنيا وال ْ َ‬
‫لك ﱡ َ‬‫ال َ َ‬

‫مصليا خاشعا‪ ،‬ثم‬


‫ً‬ ‫إني ألربأ بك وتربأ بنفسك يا قاصد البحر‪ ،‬أن ُترى في المسجد‬
‫مرابيا‪ ،‬أو ترى في المسجد خاش ًعا‪ ،‬ثم ُترى في البيت والشارع‬
‫ًِ‬ ‫ُترى في السوق‬
‫والمدرسة والمنتدى غير ُ ِّ‬
‫محكم لشرع ﷲ في نفسك أو أھلك أو ولدك ومن تعول‪ .‬كيف‬
‫يليق بقاصد البحر أن ينظم مركبه وبيته والحياة من حوله‪ ،‬ثم يترك الفوضى في قلبه‬
‫ويقصد لُجج البحر؟‬
‫اليبس‬
‫تجري على َ َ ِ‬
‫ِ‬ ‫فينة ال‬
‫َ‬ ‫إن الس‬ ‫ِ َ‬
‫مسالكھا *** ﱠ‬
‫ُك َ‬
‫ولم تسل ْ‬
‫ْ‬ ‫النجاة‬
‫ترجو ﱠ َ‬
‫َ ُ‬
‫إن ﷲ ال ينظر إلى صوركم‪ ،‬وال إلى أجسادكم‪ ،‬ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم"‪ .‬وأيم‬
‫" ﱠ‬
‫ﷲ لو مرضت قلوبكم‪ ،‬وصحت أجسامكم‪ ،‬لكنتم أھون على ﷲ من الجعالن‪.‬‬
‫األطباء‬
‫ﱠ ُ‬ ‫طب‬
‫ينفعه ِ ﱡ‬
‫ُ‬ ‫خالقه *** ال َ َ‬
‫ليس‬ ‫من أقصاه َ َ‬
‫يصنع َ ْ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫فكيف َ‬
‫َ ِ‬
‫بالماء‬ ‫من َقد َ ﱠ‬
‫غص‬ ‫يصنع َ ْ‬ ‫َ‬ ‫غصته *** َ‬
‫فكيف َ َ ُ‬ ‫الماء ُ ﱠ َ‬
‫بشربِ َ‬
‫داوى ُ‬ ‫من َغ ﱠ‬
‫ص َ َ‬ ‫َ ْ‬
‫وصدق عندھا‬
‫ﱠ‬ ‫إن الفيصل استقامة السر‪ .‬متى استقام باطنك استقامت لك األمور‪،‬‬
‫ﱠ‬
‫بسام بالنھار‪ ،‬ﱠ‬
‫بكاء بالليل‪،‬‬ ‫الفعل القول‪ ،‬والعالنية السر‪ ،‬والمشھد المغيب‪ ،‬فإذا أنت ﱠ‬
‫كاللؤلؤة أينما كانت فحسنھا معھا‪ ،‬أو كسبيكة الذھب إن نفخت عليھا النار احمرت‪ ،‬وإن‬
‫وزنتھا لم تنقص‪ .‬الحال ينطق‪ :‬دع الذي يفنى لما ھو باقٍ‪.‬‬
‫حقيرا‪،‬‬
‫ً‬ ‫وضيعا‬
‫ً‬ ‫عظيما‪ ،‬وعند ﷲ‬
‫ً‬ ‫يا قاصد البحر‪ :‬إني ُأعيذك با‪ 9‬أن تكون في نفسك‬
‫وأن تتزين في طريقك إلى البحر بما ليس فيك‪ ،‬ثم أعيذك أخرى أن تتصور أن تجمع في‬
‫أبدا‪ .‬اسمع إلى ]ابن‬
‫قلبك اإلخالص مع حب المدح والثناء؛ فإنھما ضدان ال يجتمعان ً‬
‫القيم[ –رحمه ﷲ‪ -‬يوم يقول‪ :‬ال يجتمع اإلخالص في القلب مع حب المدح والثناء‬
‫والطمع فيما عند الناس‪ ،‬إال كما يجتمع الماء والنار‪ ،‬والضب والحوت‪ .‬فإذا‬
‫حدثتك نفسك بطلب اإلخالص‪ ،‬فأقبل على الطمع‪ ،‬فاذبحه بسكين اليأس‪ ،‬واقبل على‬
‫المدح والثناء فازھد فيھما زھد عشاق اآلخرة للدنيا‪ .‬فإذا استقام لك ذبح الطمع والزھد‬
‫على ذبح الطمع والزھد‬
‫ّ‬ ‫سھل عليك اإلخالص‪ ،‬فإن قلت‪ :‬وما الذي ُيسھل‬
‫في الثناء‪ُ َ ،‬‬
‫في الثناء؟ قلت‪- :‬يعني ]ابن القيم[‪ -‬أما ذبح الطمع‪ ،‬فيسھله عليك علمك يقينا أنه‬
‫ً‬
‫شيئا ُيطمع فيه إال وبيد ﷲ خزائنه‪ ،‬ال يملكھا غيره‪ ،‬وصدق ]ابن القيم[ –رحمه‬ ‫ليس‬
‫ﷲ‪ .-‬فالقناعة بما يكفى وترك التطلع إلى الفضول أصل األصول‪ ،‬والعز ﱡ‬
‫ألذ من كل لذة‪،‬‬
‫سئل أحدھم‬
‫عز أعز من القناعة؟ ُ‬
‫بسف التراب أفضل‪ ،‬وھل ِ ﱞ‬
‫ِّ‬ ‫المنن ولو‬ ‫والخروج عن ﱠ‬
‫رقة ِ‬
‫عن سر قوة اإلمام ]الحسن البصري[ ‪-‬رحمه ﷲ‪ :-‬فقال في صراحة‪ :‬احتجنا إلى دينه‪،‬‬
‫واستغنى عن دنيانا‪.‬‬
‫يريد َ ً‬
‫فالحا‬ ‫ُ‬ ‫حلو‪ُ َ ُ ،‬‬
‫ويفلح َمن‬ ‫يريد َ َ ً‬
‫كرامة *** ُ ٌ‬ ‫ُ‬ ‫لمن‬
‫الحياة َ‬
‫ِ‬ ‫مر‬
‫ُ ﱡ‬
‫أما الزھد في الثناء؛ فيسھله عليك علمك أن ليس أحد ينفع مدحه ويزين‪ ،‬ويضر ذمه‬
‫ويشين‪ ،‬إال ﷲ وحده‪ .‬فازھد في مدح من ال يزينك مدحه‪ ،‬وفي ذم من ال يشينك ذمه‪،‬‬
‫وارغب في مدح من كل الزين في مدحه‪ ،‬وكل الشين في ذمه‪ ،‬ولن تقدر على ذلك إال‬
‫بالصبر واليقين‪ ،‬فمتى فقدت الصبر واليقين‪ ،‬كنت كمن أراد السفر في البحر من غير‬
‫مركب‪.‬‬

‫أبدا‪ ،‬أو بقلب‬


‫خض لُجة اليم بقلب مخلص كالجبل ال يتزحزح ً‬ ‫يا قاصد البحر‪ّ ِ :‬‬
‫حلق‪ ،‬ثم ُ‬
‫كالنخلة أصلھا ثابت‪ ،‬وتھزھا الريح‪ .‬وإياك أن يكون قلبك الثالث كالريشة‪ ،‬أينما الريح‬
‫وتسدد‬ ‫تمل‪ ،‬وجاھد فبالمجاھدة ُ ﱠ‬
‫توفق ُ‬ ‫تميلھا َ ِ‬
‫ِّ‬
‫اجتھادا‬ ‫تبغي ِمن َ ِ ِ‬
‫زارعيھا ْ ِ َ‬ ‫يوم *** َ ْ َ‬
‫فھي َ ِ‬ ‫ذات َ ٍ‬ ‫األرض َ َ ْ‬
‫أجدبت َ َ‬ ‫وإذا َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫ضعيفا كما يبدو نبات النخلة‪ ،‬يبدو‬
‫ً‬ ‫يقول ]مالك بن دينار[‪ :‬إن الصدق يبدو في القلب‬
‫فتسقى فينتشر‪ ،‬ثم ُتسقى فينتشر‪ ،‬حتى يكون لھا أصل أصيل عظيم‬
‫واحدا‪ُ ،‬‬
‫ً‬ ‫غصنا‬
‫ً‬
‫يوطأ‪ ،‬فظل ُيستظل به‪ ،‬وثمرة يؤكل منھا‪ .‬كذلك الصدق مع ﷲ‪ ،‬يبدو في القلب ضعيفا‪،‬‬
‫فيتفقده صاحبه ويزيده ﷲ‪ ،‬ويتفقده ويزيده ﷲ‪ ،‬حتى يجعله ﷲ بركة على نفسه‪،‬‬
‫ﱠ‬
‫فيكون كالمه دواء للخاطئين‪ ،‬ليحيي ﷲ به الفئام من الناس وصاحبه ال يعلم بذلك ‪.‬‬
‫قاصا كان بقرب ]محمد بن واسع[ ‪ -‬رحمة ﷲ عليه‪ -‬وقد كان يقول القاص‪ :‬ما‬
‫ً‬ ‫يروى أن‬
‫لي ال أرى القلوب ال تخشع‪ ،‬والعيون ال تدمع‪ ،‬والجلود ال تقشعر؟ فقال ابن واسع‪ :‬ما‬
‫أرى القوم أوتوا إال من ِقبلك‪ ،‬إن الذكر إذا خرج من القلب وقع على القلب‪ .‬يكفيك أن‬
‫أقواما أحياء تقسوا القلوب بل‬
‫ً‬ ‫أقواما تحي القلوب بذكرھم‪ ،‬ناھيك عن كالمھم‪ ،‬وإن‬
‫ً‬
‫تموت بذكرھم‪ ،‬ناھيك عن كالمھم‪ .‬نعم –وﷲ‪ -‬يا من قصدت البحر‪ ،‬كم من كلمات‬
‫جعلت ھباء مع أصحابھا‪ ،‬لتكون من أصحاب القبور‪ .‬وكم من كلمات‬ ‫ولدت ميتة‪ ،‬ومن َ ﱠ‬
‫ثم ُ‬
‫ولدت حية‪ ،‬وبقيت فيھا الحياة مع حياة أصحابھا وبعد مماتھم‪ ،‬أصلھا ثابت وفرعھا في‬
‫السماء تؤتي أكلھا كل حين بإذن ربھا‪.‬‬
‫ينساھا؟‬
‫الناسِ َ َ َ‬
‫ومن ِفي ﱠ‬ ‫تنسى؟ َ‬ ‫فكيف ُ َ‬
‫َ‬ ‫سكناھا *** َ‬
‫عماقِ ُ َ َ‬ ‫الجوانحِ ِفي األ َ َ‬
‫بين َ َ ِ‬
‫َ َ‬
‫يھواھـا‬
‫والقلب َ َ َ‬
‫َ ُ‬ ‫خاشعة‬ ‫دامعة *** َ ﱡ ُ‬
‫والروح َ ِ َ ٌ‬ ‫والعين َ ِ َ ٌ‬
‫سامعة َ َ ُ‬ ‫ُْ ُ‬
‫األذن َ ِ َ ٌ‬
‫سرمدا‪ ،‬أو‬
‫ً‬ ‫أبدا‬
‫روحا‪ ،‬فتبقى فيھا الحياة ً‬
‫ً‬ ‫والسر؛ إنه اإلخالص والصدق يمنح الكلمات‬
‫نوح‬
‫أحياء‪ ،‬وال تنفع موتي‪ُ َ ،‬‬
‫ً‬ ‫ينعدم الصدق واإلخالص ويضمحل‪ ،‬فإذا بالكلمات ال تھز‬
‫المستأجرة‪.‬‬
‫َ‬ ‫مستأجر بال روح‪ ،‬وليست النائحة الثكلى كالنائحة‬
‫يعانيھا‬
‫من ُ ِ‬
‫الصبابة إال َ ْ‬
‫ﱠ‬ ‫من ُ َ‬
‫يكابده *** وال‬ ‫الشوق إال َ ْ‬
‫ﱠ‬ ‫ال يعرف‬

‫سليما في سرك‪ ،‬تكن‬


‫ً‬ ‫صحيحا‬
‫ً‬ ‫أخي طالب العلم‪ :‬اقصد البحر وحلق‪ ،‬ثم ُ‬
‫خض‪ ،‬وكن‬
‫حا في عالنيتك‪ ،‬فإنما صالح العمل بصالح القلب‪ ،‬وصالح القلب بصالح النية‪ ،‬ومن‬
‫فصي ً‬
‫حلط عليه‪ ،‬وإنما ُيكال للعبد كما كال‪ ،‬ومن صحت بدايته‬ ‫صفي له‪ ،‬ومن ﱠ‬
‫خلط ُ ِ ّ‬ ‫صفى ُ ِ ّ‬
‫َ ﱠ‬
‫صحت نھايته‪ ،‬وقد يبلغ الرجل بنيته ما لم يبلغ بعمله‪ ،‬ثم اعلم أن اإلخالص ال يعني‬
‫االنقطاع عن العمل خشية الرياء كما يفھم البعض‪ ،‬لكن اإلخالص أن تعرف ‪ 9‬قدره‪ ،‬فال‬
‫تصرف العمل إال له وحده ال شريك له ‪-‬سبحانه وبحمده‪ -‬ثم اعلم بعد ذلك أن ترك‬
‫العمل من أجل الناس رياء‪ ،‬والعمل من أجل الناس شرك‪ ،‬واإلخالص أن يعافيك ﷲ‬
‫كالجلوة‪ ،‬بل خير من ذلك‪ ،‬ضحك في المال ‪ ،‬وبكاء‬
‫َ‬ ‫الخلوة‬
‫منھما‪ ،‬وعالمته أن تكون في َ‬
‫في الخال‪ .‬فاعقد مع ﷲ عقدا ال يكون للشيطان فيه نصيب‪ ،‬على صالح النية واالتباع‪،‬‬
‫وانو الخير؛ فإنك ال تزال بخير ما نويت الخير‪ ،‬وعامل ﷲ؛ فما خاب من عامله‪ ،‬واتقِ ﷲ‬
‫ِ‬
‫واقصد من ينفعك قصده‪ ،‬وال تتشاغل بمدح من ال ينفعك مدحه‪ ،‬وأحسب أن عينك عين‬
‫موفق‪ ،‬عين فرس يرى في الظلمة كما يرى في النور‪ ،‬والصدق منار‪ ،‬ومن ال يخلص في‬
‫عثار‪ ،‬والعاقبة العار والنار‪.‬‬
‫َِ‬
‫والنور‬
‫ُ‬ ‫الظلماء‬
‫ُ‬ ‫تستوي عنده‬
‫من َ ْ‬
‫غايته *** َ ْ‬
‫فكيف يبلغ في ُدنياه َ‬
‫ال ال يا قيود األرض‪ .‬صفقة غبن لمن قصد البحر أن يرضى بمدح أو ثناء عن الفردوس‬
‫يحصل عظيم خطير كاإلخالص إال بخطر‪ ،‬والدرّ في ُعقر اليم‪ ،‬والراحة عند أول‬
‫األعلى‪ ،‬ال ُ ﱠ‬
‫قدم توضع في الجنة‪ ،‬ومن أراد أن يعلم ما له عند ﷲ‪ ،‬فليعلم ولينظر ما ‪ 9‬عنده‪ ،‬ومن‬
‫تبك عليه الدنيا لم تضحك له اآلخرة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫لم‬
‫الطبيب‬
‫ُ‬ ‫صالح القلوبِ يعيا‬
‫سھل ولكن *** في َ‬
‫ٌ‬ ‫وصالح َ ْ‬
‫األجساد‬ ‫ُ‬
‫لنھدينھم ُ ُ َ َ‬
‫سبلنا( فاقصد البحر بإخالص وصواب‪،‬‬ ‫فينا َ َ ْ ِ َ ﱠ ُ ْ‬
‫جاھدوا ِ َ‬ ‫والمجاھدة توفيق ) َ ﱠ ِ َ‬
‫والذين َ َ ُ‬
‫وخل القنوات‬
‫ِّ‬

‫يا فتى اإلسالم‪ :‬أما وقد أخذت بالسبب‪ ،‬وحلقت بجناحي اإلخالص والمتابعة تقصد‬
‫بھمة عالية؛ فإن الھمة طريق إلى القمة‪ ،‬بادر وال تعجل‪ ،‬أسرع وال‬
‫ﱠ ٍ‬ ‫فألحق ذلك‬
‫ْ‬ ‫البحر‪،‬‬
‫تضجر‪ ،‬أقبل وال إلى الخلف تنظر‪ ،‬إن الطريق إلى ﷲ واضحة مستقيمة‪ ،‬ما يتردد وال‬
‫يتلكأ فيھا إال الذي ال يعرفھا‪ ،‬أو يعرفھا ويتقى متاعبھا‪ ،‬والطرق شتى‪ ،‬طريق الحق‬
‫واحدة‪ ،‬والسالكون طريق الحق أفذاذ‪.‬‬
‫بھمة الحازم‪ ،‬فإنما ھو شبر بذارع‪ ،‬وذراع بباع‪ ،‬ومشي بھرولة‪ .‬كما‬
‫ِّ‬ ‫فبادر وسر إلى ﷲ‬
‫إلي‬
‫ﱠ‬ ‫ذراعا ‪ ،‬وأن تقرب‬
‫ً‬ ‫إلي شبرا تقربت إليه‬
‫ﱠ‬ ‫في الحديث القدسي الصحيح" وإن تقرب‬
‫ھم بالحسنة حسنة‪ ،‬وھم‬
‫ٌ‬ ‫باعا ‪ ،‬وإن أتاني يمشى أتيته ھرولة"‪.‬‬
‫ذراعا تقربت إليه ً‬
‫ً‬
‫بالسيئة بال عمل لھا حسنة ‪ .‬حسنة بعشر وسيئة بمثلھا وفي الحديث القدسي‬
‫إلي بالنوافل حتى أحبه‪ ،‬فإذا أحببته كنت سمعه الذي‬
‫ﱠ‬ ‫الصحيح‪ " :‬وال يزال عبدي يتقرب‬
‫يسمع به‪ ،‬وبصره الذي يبصر به‪ ،‬ويده التي يبطش بھا‪ ،‬ورجله التي يمشي بھا‪ ،‬ولئن‬
‫سألني ألعطينه‪ ،‬ولئن استعاذ ني ألعيذنه" ‪ .‬ال يھلك إال ھالك‪ ،‬وال ُيحرم إال محروم‪.‬‬
‫صانع‬
‫ُ‬ ‫القيامة‬
‫ِ‬ ‫عاجزا *** فما أنت في يوم‬
‫ً‬ ‫الخير‬
‫ِ‬ ‫الدنيا عن‬
‫كنت في ُ‬
‫َ‬ ‫إذا‬
‫أين المبادرون؟ أين أصحاب الھمم؟ إنما ھي خمس أو عشر سنين فحسب‪.‬‬
‫أحالم‬
‫ِ‬ ‫أضغاث‬
‫مدتھا ْ ُ‬
‫أيام *** كأن ﱠ‬
‫ِ‬ ‫صبر‬
‫ُ‬ ‫يا نفس ما ھو إال‬
‫نوما‪ ،‬ونام ثلث النھار‬
‫إن عاش الرجل ستين سنة‪ ،‬نام الليل فذھب نصفھا ثالثون سنة ً‬
‫نوما‪ ،‬وبقى عشرون سنة‪ ،‬منھا خمسة عشر‬
‫راحة وقيلولة‪ ،‬فذھب ثلثاھا؛ أربعون سنة ً‬
‫سنة قبل البلوغ والتكليف‪ ،‬فبقى العمر الحقيقي البن الستين‪ ،‬خمس أو عشر سنوات‪،‬‬
‫‪ 9‬ما أقلھا! ذاك البن الستين‪ ،‬فكيف البن الثالثين والعشرين؟!‬

‫الخير َفذو َ ْ‬
‫العرش َيرى‬ ‫َ‬ ‫الورى *** إن تصنعي‬
‫قومي فقد نام َ‬ ‫ِ‬ ‫نفس‬
‫ُ‬ ‫يا‬
‫القوم السري‬
‫ُ‬ ‫يحمد‬ ‫دعي عنك َ‬
‫الكرى *** عند الصباح َ ْ‬ ‫عين َ ِ‬
‫ُ‬ ‫َ ِ‬
‫وأنت يا‬
‫عودتھا العمل والجد والسھر سھرت‬
‫ﱠ‬ ‫وإن‬
‫البطالة اعتادت‪ْ ،‬‬ ‫النفس‪ .‬ما َ ْ‬
‫النفس؟ إذا عودتھا َ‬ ‫َ ْ‬
‫وجدت وعملت‪.‬‬
‫ﱠ‬
‫ﱠ ِ‬
‫بالظفر‬ ‫الصبر إال فاز‬
‫ﱠ‬ ‫جد في أمر ﱠ‬
‫فطلبه *** واستصحب‬ ‫من َ ﱠ‬
‫وقل َ ْ‬
‫و‪ 9‬الھمم‪ .‬ما أعجب شأنھا! ما أعجبه لمتأمل! وما أشد تفاوتھا! ھمة متعلقة بالعرش‪،‬‬
‫والحش‪ ،‬وبتفاوت الھمم تتفاوت األعمال والدرجات‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وھمة حائمة حول األمتان‬
‫تبھر‬
‫ُ‬ ‫المظاھر‬
‫كل َ‬‫يخشى وال ﱡ‬
‫سيدا *** ُ ْ‬
‫ً‬ ‫العباءة‬
‫جر َ َ ِ‬‫كل من َ‬
‫وما ﱡ‬
‫َ‬

‫إني ألسأل‪ :‬أين تعب عالم َ ﱠ‬


‫درس العلم خمسين سنة؟ ذھب التعب وحصل العلم‪،‬‬
‫وأين لذة البطال خمسين سنة؟ ذھبت الراحة وبقى الندم‪ ،‬اتباع الھوى‪ ،‬وما اتباع‬
‫مقام‬ ‫من َ َ‬
‫خاف َ َ َ‬ ‫وأما َ ْ‬
‫يغلق على العبد أبواب التوفيق‪ ،‬ويفتح عليه أبواب الخذالن ) ﱠ‬ ‫الھوى؟! ُ ْ‬
‫ھي ْ َ ْ َ‬
‫المأوى( وأما من أطاع الھوى فوﷲ لقد‬ ‫فإن ْ َ ﱠ َ‬
‫الجنة ِ َ‬ ‫الھَوى * َ ِ ﱠ‬
‫عن ْ َ‬
‫النفس َ ِ‬
‫ونھى ﱠ ْ َ‬ ‫ربه َ َ َ‬
‫َ ِّ ِ‬
‫ھوى‪ ،‬وال يزال الھوى ُيمسك بتالبيب النفس‪ ،‬ويملك عليھا أقطارھا‪ ،‬حتى يصير لھا‬
‫إلھا‪ ،‬تعطيه معنى الطاعة والعبادة‪ ،‬وتصير له عبدا تعطيه ما ھو أكثر من الطاعة ) َ َ َ َ ْ َ‬
‫أفرأيت‬
‫بصره‬ ‫وجعل َ َ‬
‫على َ َ ِ ِ‬ ‫سمعه َ َ ْ ِ ِ‬
‫وقلبه َ َ َ َ‬ ‫وختم َ َ‬
‫على َ ْ ِ ِ‬ ‫علم َ َ َ َ‬ ‫ﷲ َ َ‬
‫على ِ ْ ٍ‬ ‫ھواه َ َ َ ﱠ ُ‬
‫وأضله ُ‬ ‫اتخذ ِ َ َ‬
‫إلھ ُه َ َ ُ‬ ‫من ﱠ َ َ‬
‫َ ِ‬
‫ﷲ(‬‫بعد ِ‬
‫يھديه ِمن َ ْ ِ‬
‫فمن َ ْ ِ ِ‬ ‫غشاوة َ َ‬
‫ِ َ َ ً‬

‫أحبتي في ﷲ‪ :‬ﱠ ْ‬
‫النفس خلق عجيب‪ ،‬آية من آيات ﷲ‪ ،‬بطبيعتھا تميل إلى األسھل‬
‫وإلى األدنى‪ ،‬كالماء الجاري‪ ،‬يھبط األودية والشعاب والمنخفضات‪ ،‬ورفعه يحتاج لھمة‬
‫وتسم‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫لترق‬ ‫وكلفة وصبر وعناء ومشقة ومجاھدة؛ كذلك النفس تحتاج لذلك كله؛‬
‫وتحلق‪ ،‬والبحر تقصد‪ ،‬يقول ]ابن الجوزي[ ‪-‬عليه رحمة ﷲ‪ :-‬لو ُأمر الناس بالصبر على‬
‫ِّ‬
‫الجوع لصبروا‪ ،‬ولو ُنھوا عن تفتيت البعر لرغبوا فيه‪ ،‬يقولون‪ :‬ما ُمنعنا منه إال لشيء‪،‬‬
‫وأحب شي ٍء إلى اإلنسان ما ُمنع‪ .‬لماذا؟ ألن النفس محصورة مسجونة‬
‫َ ُ‬ ‫والواقع يشھد‪،‬‬
‫في البدن‪ ،‬فال تحب أن تسجن وتحصر أخرى؛ بالتكاليف‪ ،‬في األوامر والنواھي‪ ،‬يا نفس‬
‫افعلي‪ ،‬ويا نفس ال تفعلي‪ ،‬ھذا حرام وھذا حالل‪ ،‬وھكذا؛ ولذلك لو قعد اإلنسان في‬
‫صعب عليه ذلك‪ ،‬لكن لو قال له أبوه‪ :‬ال تخرج ھذا اليوم من بيتك‪،‬‬
‫شھرا باختياره ما َ ُ‬
‫ً‬ ‫بيته‬
‫وقفل عليه باب غرفته لثقل عليه ذلك اليوم‪ ،‬وكأنه شھر‪ ،‬لماذا؟ ألن النفس تحب التحرر‬
‫من القيود‪ ،‬واالنطالق والتفلت‪ ،‬فتراھا تستلذ الحرام والشھوات‪ ،‬ھمھا ھواھا‪ ،‬لكن‬
‫صاحب الھمة العاقل الحازم يمنعھا ھواھا‪ ،‬ويداريھا‪ ،‬فيأخذھا تارة بالعزائم‪ ،‬وتارة‬
‫بالرخص‪ ،‬ويستعيذ با‪ 9‬من شرھا‪ ،‬ويدعو بتزكيتھا‪ ،‬لتزكو وتتربى‪ ،‬وتسمو وتترقى‪ .‬ھي‬
‫يقسم ﷲ في كتابه أحد‬
‫من خلق ﷲ –عز وجل‪ -‬وﷲ أعلم بخلقه –سبحانه وبحمده‪ْ ُ .-‬‬
‫يقسم بما شاء من مخلوقاته –سبحانه‬
‫قسما يتلوه قسم‪ ،‬وﷲ ُ ْ‬
‫ً‬ ‫قسما متتالية‪،‬‬
‫ً‬ ‫عشر‬
‫يقسم على فالح من زكاھا‪ ،‬وخيبة من دساھا‪ ،‬فيقول سبحانه‪ َ ) :‬ﱠ ْ‬
‫والشمسِ‬ ‫وبحمده‪ْ ُ -‬‬
‫بناھا‬
‫وما َ َ َ‬ ‫يغشاھا * َ ﱠ َ ِ‬
‫والسماء َ َ‬ ‫إذا َ ْ َ َ‬ ‫جالھا * َ ﱠ ْ ِ‬
‫والليل ِ َ‬ ‫إذا َ ﱠ َ‬ ‫والنھار ِ َ‬ ‫إذا َ َ َ‬
‫تالھا * َ ﱠ َ ِ‬ ‫وضحاھا * َ ْ َ َ ِ‬
‫والقمر ِ َ‬ ‫َ ُ َ َ‬
‫وتقواھا(‪ .‬أين جواب القسم؟‬
‫فجورھا َ َ ْ َ َ‬ ‫سواھا َ َ ْ َ َ َ‬
‫فألھمھا ُ ُ َ َ‬ ‫وما َ ﱠ َ‬ ‫وما َ َ َ‬
‫طحاھا * َ َ ْ‬
‫ونفسٍ َ َ‬ ‫األرضِ َ َ‬‫* َو ْ‬
‫دساھا( وتزكيتھا ال تقوم إال بھمة عالية‪ ،‬يعقبھا‬ ‫خاب َمن َ ﱠ َ‬ ‫زكاھا * َ َ ْ‬
‫وقد َ َ‬ ‫أفلح َمن َ ﱠ َ‬ ‫قد َ ْ َ َ‬
‫) َ ْ‬
‫عمل خالص صالح صواب‪.‬‬

‫بھمة‪َ :‬زكِّھا؛ قد أفلح من زكاھا‪ .‬أبواب الخير المشروعة ُمشرعة‬


‫ٍ‬ ‫فيا من قصد البحر‬
‫لك لتدخلھا بھمة حازم‪ ،‬وأول ھذه األبواب‪ :‬الفرائض‪ .‬فما تقرب متقرب إلى ﷲ بأحب‬
‫متعديا فھو‬
‫ً‬ ‫من الفرائض‪ ،‬وھذه األبواب نفعھا قاصر‪ ،‬ونوع آخر نفعه متعد للغير‪ ،‬وما كان‬
‫ُجة البحر بھمة‪ ،‬وادخل مع كل باب‪ ،‬واضرب في كل غنيمة بسھم‪ ،‬وعش‬
‫أولى‪ ،‬فخض ل ْ‬
‫وخل القنوات‪ .‬من ھذه األبواب بال ترتيب‪ :‬حفظ‬
‫ِّ‬ ‫مع كل طائفة على أحسن ما فيھا‪،‬‬
‫كتاب ﷲ‪ ،‬وتدبره‪ ،‬والوقوف عند حدوده‪ ،‬واالئتمار بأمره‪ ،‬واالنتھاء عن نھيه‪ ،‬تحكيمه‬
‫والرضا به‪ ،‬فمالك إن تركت ھذا الباب؟ اسمع لقول الرسول ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬كما‬
‫ثبت في صحيح الجامع‪" :‬لو كان القرآن في إھاب ما أكلته النار‪ ،‬لو كان القرآن في إھاب‬
‫فيلبس تاج‬ ‫شفيعا لصاحبه‪ ،‬فيقول‪ :‬يا رب ّ ْ ْ‬
‫حله‪ُ ،‬‬ ‫ً‬ ‫ما أكلته النار‪ ،‬يجئ القرآن يوم القيامة‬
‫فيلبس حلة الكرامة‪ ،‬فيقول‪ :‬يا رب ارض عنه‪.‬‬
‫الكرامة‪ ،‬ثم يقول القرآن‪ :‬يا رب زده‪ُ ،‬‬
‫فيرضى ﷲ عنه‪ ،‬فيقول القرآن‪ :‬اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا؛ فإن منزلتك‬
‫عند آخر أية تقرؤھا" حرف منه بحسنة‪ ،‬والحسنة بعشر أمثالھا‪ ،‬ألم بثالثين ويا خيبة‬
‫البطالين!‪.‬‬
‫أعرض‬
‫قد ْ‬
‫حكمه ْ‬
‫ِ‬ ‫شقي الذي عن ُ‬
‫وميسر *** َ‬
‫ُ‬ ‫مضاعف‬
‫ٌ‬ ‫الحرف منه ُ َ‬
‫ُ‬
‫والمسا‬
‫َ َ‬ ‫صبحا‬
‫الرحمن ُ ْ‬
‫ِ‬ ‫رضا‬
‫وتأھبوا *** وارجوا ِ َ‬
‫لحفظه َ ُ‬
‫ھبوا إليه ِ ْ ِ‬
‫ُ ﱡ‬
‫ويقول ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬كما في صحيح الجامع‪ ":‬ألن أقعد مع قوم يذكرون ﷲ‬
‫من بعد صالة العصر حتى تغرب الشمس خير لي من أن أعتق أربع رقاب‪ ،‬ومن أعتق‬
‫عضوا منه حتى َ ْ ِ‬
‫فرجه بفرجه" ‪ .‬يا للغنيمة‬ ‫ً‬ ‫رقبة مسلمة أعتق ﷲ بكل عضو منھا‬
‫ً‬
‫ھنيئا لھم‪،‬‬ ‫الباردة! وﷲ ال تتحقق اليوم إال ألھل تحفيظ القرآن‪ ،‬أھل حلقات التحفيظ‪.‬‬
‫ً‬
‫ھنيئا‪.‬‬ ‫ثم‬
‫التحفيظ‬ ‫يا َ‬
‫فتى ﱠ‬
‫ھزل‬
‫جد بال َ َ ِ‬
‫وسر إلى ﷲ في ِ ٍ‬
‫األمل *** َ ِ‬
‫ِ‬ ‫راية‬
‫َ‬ ‫وارفع‬ ‫كن َرابطَ َ‬
‫الجأشِ ْ َ‬ ‫ْ‬
‫آن ْ َ ِ ِ‬
‫واكتمل‬ ‫روحك بالقر ِ‬ ‫تعرفه *** َ َ ِّ‬
‫فغذ ُ َ‬ ‫بنقصٍ فيك َ ْ ُ‬
‫شعرت ْ‬
‫َ‬ ‫وإن َ‬
‫الذلل‬
‫يدعو إلى ﱠ ِ‬‫تھوى الذي َ ُ‬‫فالنفس َ َ‬
‫ُ‬ ‫ﱠ‬ ‫غوايتھا ***‬
‫وامنعھا ِ َ َ َ‬
‫النفس ْ َ ْ‬
‫َ‬ ‫وحارب‬
‫َ ِ‬
‫ﱡَ ِ‬
‫الظلم إلى المساجد‪ ،‬بالنور التام يوم القيامة " " من غدا إلى‬ ‫المشائين في‬
‫ﱠ‬ ‫" بشر‬
‫نزال ً ‪ ،‬كلما غدا أو راح" كيف لو أدرك تكبيرة‬
‫المسجد أو راح‪ ،‬أعد ﷲ له في الجنة ُ ُ‬
‫اإلحرام مع اإلمام أربعين يوما؟ ثبت في صحيح الجامع أن رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه‬
‫يوما في جماعة يدرك التكبيرة األولى ُكتب له‬
‫وسلم‪ -‬قال‪ ":‬من صلى ‪ 9‬أربعين ً‬
‫براءتان؛ براءة من النفاق‪ ،‬وبراءة من النار"‪ .‬ھال حاولت وجاھدت نفسك لھذا الفضل‬
‫يوما‬
‫يوما‪ ،‬وقد تدركھا أربعين ً‬
‫يوما‪ ،‬وقد تدركھا تسعة وثالثين ً‬
‫العظيم؟ قد تدركھا ثالثين ً‬
‫واحدا‪ ،‬ثم تنخرم القاعدة‪ ،‬لكن ُعد من جديد‪ ،‬وجاھد نفسك‪ ،‬وستجد ‪-‬بإذن‬
‫ً‬ ‫فرضا‬
‫ً‬ ‫إال‬
‫ﷲ‪ -‬لذة المجاھدة على ھذا الفضل ماثلة ظاھرة‪.‬‬
‫وجد‪.‬‬‫جد َ َ‬
‫يجربه‪ ،‬لكن من َ ﱠ‬ ‫صعب َعلى َمن ال ُ ِ ِّ‬
‫والشيء َ ٌ‬
‫ُ‬
‫الثمانينا‬
‫جزت ﱠ َ ِ َ‬ ‫بعد َ ْ‬
‫أن ُ ُ‬ ‫عشرينا *** َ َ ْ ُ ُ‬
‫ملكته َ َ‬ ‫ِ َ‬ ‫ابن ِ‬
‫كنت ْ َ‬ ‫ت َ ُ ُ‬
‫أرجوه إذ ُ ُ‬ ‫َما ُكن ُ‬
‫المسيب[ ‪-‬رحمه ﷲ‪ -‬يتحدث بنعمة ﷲ عليه في آخر حياته فيقول‬
‫ِّ‬ ‫إن ]سعيد بن‬
‫مصل في‬
‫البنته‪ :‬وﷲ ما فاتني تكبيرة اإلحرام مع اإلمام أربعين سنة‪ ،‬وما رأيت ظھر ُ ٍ ّ‬
‫يلقاھا إال من صبر‪ ،‬وال يزال قوم‬
‫دائما‪ ،‬وما ُ ﱠ‬
‫ً‬ ‫أبدا‪ .‬بمعني؛ أنه في الصف األول‬
‫الصالة ً‬
‫يتأخرون حتى ُيؤخرون ‪ .‬عيادة المريض‪ .‬ما العيادة؟ ما عيادة المريض؟ ثبت في الصحيح‬
‫علي[ –رضى ﷲ عنه‪ -‬قال‪ :‬سمعت رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬يقول‪ " :‬ما‬
‫ّ‬ ‫عن ]‬
‫مسلما غدوة إال صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي‪ ،‬وإن عاده‬
‫ً‬ ‫من مسلم يعود‬
‫عشية صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح"‪ .‬وفي حديث ثوبان‪" :‬ولم يزل في‬
‫خرقة الجنة حتى يرجع" ومع ذلك المنادي ينادي‪" :‬طبت وطاب ممشاك‪ ،‬وتبوأت من‬
‫ُ ْ‬
‫الجنة منزال"‪ .‬إنھا الغنيمة يا أھل الغنيمة‪ ،‬فأين صاحب الھمة المشمر؟‬
‫تذبل‬ ‫زھرة َ َ‬
‫سوف َ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫المرء إال َ‬
‫وما َ ُ‬
‫تنطوي *** َ‬ ‫صفحة َ َ‬
‫سوف َ ِ‬ ‫ٌ‬ ‫العمر إال َ‬ ‫َ َ‬
‫فما ُ ُ‬
‫الطواف بالبيت يا أھل البيت الحرام‪ .‬ثبت في صحيح الجامع أن رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ‬
‫أسبوعا ‪-‬يعني سبعة أشواط‪ -‬كان كعتق رقبة‪ ،‬وال‬
‫ً‬ ‫عليه وسلم‪ -‬قال‪" :‬من طاف بالبيت‬
‫يضع قدما وال يرفع أخرى إال حط ﷲ عنه بھا خطيئة‪ ،‬وكتب له بھا حسنة"‪ .‬ألھل‬
‫السوق ما ھو خير من كل ربح يربحونه‪.‬‬
‫ثبت ‪ً -‬‬
‫أيضا‪ -‬في صحيح الجامع‪" ،‬أن من دخل السوق فقال‪ :‬ال إله إال ﷲ وحده ال شريك‬
‫له‪ ،‬له الملك وله الحمد‪ ،‬يحيي ويميت‪ ،‬وھو حي ال يموت‪ ،‬بيده الخير‪ ،‬وھو على كل‬
‫شيء قدير‪ ،‬كتب ﷲ له ألف ألف حسنة‪ ،‬ومحا عنه ألف ألف سيئة‪ ،‬ورفع له ألف ألف‬
‫ﱠ‬
‫تذكرنا ذلك عند دخول األسواق؟ ما أعظم األجر‪،‬‬ ‫بيتا في الجنة "‪ .‬فھل‬
‫درجة‪ ،‬وبنى له ً‬
‫ولذاتھا‪" .‬من أنظر‬
‫وحطامھا وزخارفھا ﱠ‬
‫وأيسر األمر! وﷲ لحسنة من ھذه خير من الدنيا ُ‬
‫معسرا فله بكل يوم مثل دينه صدقة فإذا حل الدين فأنظره‪ ،‬فله بكل يوم مثل دينه‬
‫ً‬
‫مرتين صدقة‪ ".‬فضل من ﷲ ونعمة‪ .‬وثبت في صحيح الجامع‪ " :‬أن فيك يا ابن أدم‬
‫ثالثمائة وستين عظمة –أو مفصال‪ -‬على كل مفصل في كل يوم صدقة"‪ .‬تحتاج إلى‬
‫ثالثمائة وستين صدقة‪ ،‬على كل مفصل صدقة "والكلمة الطيبة صدقة‪ ،‬عون الرجل أخاه‬
‫صدقة‪ ،‬الشربة من الماء تسقيھا صدقة‪ ،‬تبسمك في وجه أخيك صدقة‪ ،‬أمر بالمعروف‬
‫ونھي عن منكر صدقة‪ ،‬إرشاد الرجل في أرض الضالل صدقة‪ ،‬بصرك الرجل الرديء البصر‬
‫لك صدقة‪ ،‬إماطتك الحجر والشوكة والعظم عن الطريق صدقة‪ ،‬إفراغك من دلوك في دلو‬
‫أخيك صدقة‪ ،‬في كل كبد رطب صدقة‪ ،‬تسبيحة صدقة‪ ،‬تھليلة‪ ،‬تكبيرة صدقة من علم‬
‫علم علما فله أجر من عمل به‬
‫ﱠ‬ ‫أية من كتاب ﷲ –عز وجل‪ -‬كان له ثوابھا ما ُتليت‪ ،‬ومن‬
‫ال ينقص من أجر العامل شيء" الشفاعة في غير حدود ﷲ صدقة‪ ،‬اشفعوا تؤجروا‪،‬‬
‫يذب بھا ﷲ –عز‬
‫القرب‪ ُ َ ،‬ﱡ‬
‫ذبك عن عرض أخيك قربة من أعظم ُ‬
‫والبخيل من بخل بجاھه‪ َ ،‬ﱡ َ‬
‫ليحمل على دابته صدقة‪،‬‬
‫وجل‪ -‬النار عن وجھك‪ .‬عدل بين اثنين صدقة‪ ،‬تعين الرجل ُ‬
‫ترفع متاعه على دابته صدقة‪ ،‬كل خطوة إلى الصالة صدقة‪ ،‬كل ما تصنع ألھلك من‬
‫معروف صدقة‪ ،‬كل قرض صدقة‪ ،‬كشف الشر عن الناس صدقة‪ ،‬كل معروف تقدمه لغني‬
‫مدينه أو‬
‫أو فقير صدقة‪ ،‬إسماع األصم صدقة‪ ،‬البيان عن األعجم صدقة‪ ،‬من نفس عن َ ِ‬
‫عفا عنه كان في ظل العرش يوم القيامة‪ ،‬من نصر أخاه بظھر الغيب نصره ﷲ في الدار‬
‫علما‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫طريقا يلتمس فيه‬ ‫مسلما ستره ﷲ في الدار اآلخرة‪ .‬من سلك‬
‫ً‬ ‫اآلخرة‪ ،‬من ستر‬
‫ً‬
‫طريقا إلى الجنة‪ .‬إنقاذ الناس من الضاللة‪ ،‬وإخراجھم من الظلمات إلى‬ ‫سھل ﷲ به‬
‫النعم‪ .‬وكلما كان نفع‬
‫حمر ِّ‬
‫واحدا خير لك من ُ‬
‫ً‬ ‫النور أفضل قربة‪ ،‬فألن يھدي ﷲ بك رجال‬
‫مسبح‬
‫ِّ‬ ‫متعديا إلى الغير‪ ،‬كان أعظم أجرا‪ .‬ولك أن تتصور ھذه األمة اليوم‪ ،‬كل‬
‫ً‬ ‫العمل‬
‫ِّ‬
‫ومھلل وذاكر ومستغفر ومجاھد ومتصدق وحاج وصائم‪ ،‬كل أعمالھم لنبينا محمد –صلى‬
‫ﷲ عليه وسلم‪ -‬مثلھا؛ ألنه السبب في ھذه الھداية‪ ،‬وألنه ھو الذي حمل الخير إلى‬
‫األمة‪ .‬فمن يستطيع أن يأتي بأعمال تضاھي عمل رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬؟‬
‫ذلك‬
‫يوم يأتي بعمله ھو‪ ،‬وعمل أمة محمد –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬كلھا في ميزانه ) َ ِ َ‬
‫الفضل ْ َ ِ ِ‬
‫العظيم( فنسأل ﷲ من فضله‪ .‬ثبت في صحيح‬ ‫وﷲ ُذو ْ َ ْ ِ‬
‫يشاء َ ُ‬
‫يؤتيه َمن َ َ ُ‬
‫ﷲ ُِْ ِ‬ ‫َف ْ ُ‬
‫ضل ِ‬
‫الجامع أنه –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬قال‪" :‬أحب الناس إلى ﷲ أنفعھم للناس‪ ،‬وأحب‬
‫األعمال إلى ﷲ –عز وجل‪ -‬سرور تدخله على مسلم‪ ،‬تكشف عنه كربة‪ ،‬أو تقضي عنه‬
‫جوعا"‪ .‬ثم يقول –صلى ﷲ عليه وسلم‪" -‬وألن أمشي مع أخي‬
‫ً‬ ‫دينا‪ ،‬أو تطرد عنه‬
‫ً‬
‫شھرا؛ يعني مسجده ‪-‬‬
‫ً‬ ‫إلي من أن أعتكف في ھذا المسجد‬
‫ّ‬ ‫المسلم في حاجة أحب‬
‫ً‬
‫غيظا لو شاء أن‬ ‫كف غضبه ستر ﷲ عورته‪ ،‬ومن كظم‬
‫ﱠ‬ ‫صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬ومن‬
‫ُيمضيه أمضاه مأل ﷲ قلبه رضا يوم القيامة‪ ،‬ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته‬
‫حتى يثبتھا له أثبت ﷲ قدمه يوم تذل األقدام"‪ .‬وإن سوء الخلق ليفسد العمل كما‬
‫ُيفسد الخل العسل‪.‬‬
‫ويخصب‬
‫يستنير ُ ِ‬
‫ِ ُ‬ ‫حين َ‬
‫أيِ ِ ٍّ‬ ‫ربيعه *** ِ‬
‫ففي ّ‬ ‫مجدبا في ِ ِ‬
‫أمسى ُ ِ ً‬
‫َ‬ ‫الروض‬
‫إذا ﱠ ُ‬

‫أخي صاحب الھمة وقاصد البحر‪ :‬ال تنس أن قيام الليل وتالوة القرآن زاد يومي‪ ،‬ال‬
‫غنى للمسلم عنه في مواجھة تكاليف الحياة وأعبائھا‪ ،‬والدعوة إلى ﷲ خاصة‪ ،‬وما‬
‫أبدا‪.‬‬
‫ذكرته ما ھو إال أمثلة‪ ،‬وإال فأبواب الخير ال حصر لھا ً‬
‫الغصن الذي ال ُ َ ِ‬
‫تطاول ُْه‬ ‫ِ‬ ‫وجاھد َعلى ُ‬
‫ِ‬ ‫تستطيعه *** َ‬ ‫تناول ِمن َ َ ِ‬
‫األغصان َما َ َ ِ ُ‬ ‫َ َ ْ‬
‫فيك‪ :‬مضى عھد النوم يا مرتاد القمم‪.‬‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫بملء‬ ‫تقول‬
‫َ‬ ‫لك أن‬
‫آن َ‬
‫َ‬
‫بادر واغتنم‪ ،‬فإنما ھي خمس أو عشر سنوات‪ ،‬انتھز الفرصة في وقتھا‪ ،‬وخذ الثمرة في‬
‫كمال نضجھا‪ ،‬وال تعجل فتطلب الشيء قبل وقته فال تدركه‪ ،‬وتقطف الثمرة قبل نضجھا‬
‫فال تنتفع بھا‪ ،‬فمن طلب المعالي استقبل العوالي‪ ،‬ومن لزم الرقاد فاته المراد‪ ،‬وإن لم‬
‫ُيثمر العود‪ ،‬فقطع العود أولى به‪.‬‬
‫القدر‬
‫عاتب َ َ َ‬ ‫إذا َ َ َ‬
‫أمر َ َ َ‬
‫فات ٌ‬ ‫حتى َ‬
‫لفرصته *** ﱠ‬
‫َِ ِ‬ ‫مضياع ِ‬
‫والعاجز الرأيِ ِ َ ٌ‬
‫َ ُ‬
‫فمن طلب المعالي استقبل العوالي‪ ،‬ومن لزم الرقاد فاته المراد‪ ،‬وإن لم ُيثمر العود‪،‬‬
‫فقطع العود أولى به‪.‬‬
‫القدر‬
‫عاتب َ َ َ‬ ‫إذا َ َ َ‬
‫أمر َ َ َ‬
‫فات ٌ‬ ‫حتى َ‬
‫لفرصته *** ﱠ‬
‫َِ ِ‬ ‫مضياع ِ‬
‫والعاجز الرأيِ ِ َ ٌ‬
‫َ ُ‬
‫والراضي بالدون دنيء‪.‬‬
‫التمام‬ ‫القادرين َ‬
‫على ﱠ َ ِ‬ ‫عيبا *** َكنقصِ َ ِ َ‬ ‫ولم َ َ‬
‫أر ِفي ُعيوبِ الناسِ َ ً‬ ‫ََ‬

‫بھمة‪ :‬ال تستوحش إن قل السالكون‪ ،‬فقد سبقك السابقون‪ ،‬ولعلك‬


‫ﱠ‬ ‫يا من قصد البحر‬
‫صوت حاديھم‬
‫تزيد من ھمتك بالوقوف على بعض مواقفھم‪ ،‬فإليھم إليھم بال اختيار‪ ،‬قد ﱠ‬
‫بك‪:‬‬
‫رويدك َ ِ ِ‬
‫فانزل‬ ‫تھوى ُ َ َ َ‬
‫منازل َمن َ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫يعتل في آخر حياته‪ ،‬حتى يصبح صفر‬
‫ﱡ‬ ‫ھاھو المحدث الفقيه األديب ]إبراھيم الحربي[‪،‬‬
‫اليدين من متاع الدنيا؛ فليس في بيته إال الخبز الجاف والملح‪ ،‬وال غرو‪.‬‬
‫الصقور‬
‫ﱡ ُ‬ ‫تلك‬
‫الخمول ِ َ‬
‫ِ‬ ‫سجل ُ‬
‫ويبقى *** ِفي ِ ِ ّ‬ ‫العصفور َ ْ ً‬
‫وفرا َ َ‬ ‫َقد َ ُ‬
‫ينال ُ ُ ُ‬
‫ويبعث له الخليفة بألف دينار‪ ،‬فيرفض أن يأخذھا‪ ،‬فينصرف رسول الخليفة إلى الخليفة‪،‬‬
‫ويخبره‪ ،‬فيقول الخليفة‪ :‬ليفرقھا في جيرانه‪ .‬فرجع رسول الخليفة إلى ]إبراھيم[ وقال‪:‬‬
‫إن أمير المؤمنين يسألك أن تفرقھا في جيرانك‪ .‬فقال‪ :‬عافاك ﷲ‪ ،‬ھذا مال لم نشغل‬
‫قل ألمير المؤمنين‪ :‬إن لم يتركنا تحولنا عن جواره‪.‬‬
‫أنفسنا بجمعه‪ ،‬فال نشغلھا بتفريقه‪ْ ُ ،‬‬
‫أمسِ الحاجة‬
‫ّ‬ ‫سمعت ابنته ھذا الحوار‪ ،‬فغضبت وآلمھا أن يرفض أبوھا المال‪ ،‬وھم في‬
‫له‪ ،‬وجاء عمھا لزيارتھم‪ ،‬فقالت‪ :‬يا عم‪ :‬نحن في أمر عظيم‪ ،‬ال في الدنيا نحن وال في‬
‫كسر يابسة وملح‪ ،‬وربما َعدمنا الكسر‪ ،‬وربما‬
‫اآلخرة الشھر والدھر‪ ،‬ما لنا من طعام إال ِ ْ‬
‫عدمنا الملح‪ ،‬وقد أرسل الخليفة بألف دينار فلم يأخذھا‪ ،‬وأرسل فالن فلم يأخذ منه‪،‬‬
‫وھو عليل كما ترى يا عماه‪ .‬فنظر عمھا إلى أبيھا؛ يريد أن يجيبھا‪ ،‬فالتفت إبراھيم إلى‬
‫ابنته وتبسم وقال لھا‪ :‬يا ُبنية أو إنما تخافين الفقر؟ قالت‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬انظري إلى تلك‬
‫الزاوية‪ .‬فنظرت في زاوية البيت‪ ،‬فإذا كتب بعضھا فوق بعض‪ ،‬قالت‪ :‬أبتاه‪ :‬ماذا تغني‬
‫ھذه عنا؟ فقال‪ :‬ھذه اثنا عشر ألف جزء في الحديث والفقه واللغة‪ ،‬كتبتھا بيميني‪ ،‬إذا‬
‫أنا ِمت‪ ،‬فبيعي كل جزء منھا بدرھم‪ ،‬أو يفتقر من يملك اثني عشر ألف درھم؟ حاله‪:‬‬
‫وعري قليل‪ ،‬وبرد قليل‪ ،‬وذل قليل‪،‬‬
‫طعام دون طعام‪ ،‬ولباس دون لباس‪ ،‬جوع قليل‪ٌ ُ ،‬‬
‫وصبر قليل‪ ،‬وإلى ﷲ المصير‪.‬‬
‫النار‬
‫ينجو ِمن ﱠ ِ‬
‫السعيد الذي َ ُ‬
‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫إن‬
‫تسعده *** ﱠ‬
‫ُ ُ‬ ‫دنياه ُ‬
‫السعيد الذي ُ َ ُ‬
‫ﱠ ِ ُ‬ ‫َ َ‬
‫ليس‬
‫ً‬
‫مريضا ال‬ ‫إنھا الھمم‪ ،‬تجعل في قلب صاحبھا نار تتقد‪ ،‬كنار تتقد في قلب من يجد ابنه‬
‫يسد به رمق أوالده وھم يتضاغون عند‬ ‫ً‬
‫شيئا َ ُ ﱡ‬ ‫يملك له شيئا‪ ،‬أو من ال يجد في بيته‬
‫قدميه‪ ،‬يقلق ويضطر إلى بذل الجھد والسعي‪ .‬إنھا اثنا عشر ألف جزء‪ ،‬وبيمينه خطھا‪،‬‬
‫واإلمكانات غير متوفرة‪ ،‬فلله الھمم ما أعالھا وأسماھا‪،‬‬
‫ويجوع‬ ‫يشبع َ ﱠ ً‬
‫مرة َ َ ُ ُ‬ ‫والحر َ َ ُ‬
‫شھواتھا *** َ ُ ﱡ‬
‫النفسِ ِفي َ َ ِ َ‬
‫عبد ﱠ‬
‫والعبد َ ْ ُ‬
‫َ َ ُ‬
‫لغة وال فقه منذ‬
‫ٍ‬ ‫يقول ]أبو العباس ثعلب[‪ :‬ما فقدت ]إبراھيم الحربي[ من مجلس‬
‫خمسين سنة‪.‬‬
‫الدراريا‬
‫النجوم ﱠ َ ِ َ‬
‫َ‬ ‫كما َقد َعال َ ُ‬
‫البدر ﱡ‬ ‫ھمة *** َ‬
‫كل ِ ﱠ ٍ‬ ‫ھمة َتعلُو َ‬
‫على ِ ّ‬ ‫َ ُ‬
‫له ِ ﱠ ٌ‬
‫]ابن عباس[ ينام على عتبة ]زيد بن ثابت[ يطلب العلم ‪-‬رضى ﷲ عنه وأرضاه‪ -‬واإلمام‬
‫]عيسى بن موسى[ يقول‪ :‬مكثت ثالثين سنة أشتھي الھريسة‪ ،‬وال أقدر على‬
‫شرائھا؛ ألن وقت بيعھا في السوق ھو وقت سماعي الحديث‪.‬‬
‫وحسام‬
‫عصا َ ُ َ ِ‬
‫بين َ ً‬
‫شتان َ َ‬ ‫الناسِ ِفي َ َ ِ ِ‬
‫أھدافھم *** َ ﱠ َ‬ ‫بين ﱠ‬
‫شتان َ َ‬
‫َ ﱠ َ‬
‫وأحد السلف في سكرات الموت يقول‪ :‬أجلسوني ألصلي ركعتين‪ .‬فيقولون‪ :‬عافاك ﷲ‬
‫عل‬
‫ّ‬ ‫أفي مثل ھذه الحال؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬اآلن ُتطوى صحيفتي‪ ،‬وأريد أن أختمھا بركعتين‪،‬‬
‫ﷲ أن يرحمني‪.‬‬
‫ُوبى َ ُ‬
‫لھم‬ ‫ثم ط َ‬ ‫ُوبى َ ُ‬
‫لھم ُ ﱠ‬ ‫به *** َفط َ‬ ‫لمراد َ ُ‬
‫وفازوا ِ ِ‬ ‫َ َ‬
‫◌فنالُوا ا ُ َ‬

‫ليست الھمة في الرجال فحسب‪ ،‬بل إنھا في النساء‪ ،‬وفي الصبيان‪ ،‬في الصغار‪.‬‬
‫رد مجموعة من‬
‫فاسمع‪ :‬في معركة أحد‪ ،‬روي أن رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬ﱠ‬
‫سمرة[ ولشوقھما للجھاد في سبيل ﷲ لم‬
‫ُ‬ ‫الفتيان لم يبلغوا‪ ،‬وكان منھم ]رافع[ و]‬
‫يستسلما لألمر‪ ،‬قام كل منھم يستعرض ما لديه من قدرات‪ ،‬يثبت كفاءته للقتال‪ ،‬يرفع‬
‫نفسه‪ ،‬يمشى على أطراف أصابعه؛ ليبين أنه بلغ مبلغ الرجال‪ .‬فقيل لرسول ﷲ –‬
‫رافعا[ رام الخامسة عشر‪ .‬فأجازه –صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم‪ :-‬إن ] ً‬
‫سمرة[‪ :‬يا رسول ﷲ‪ :‬أجزت ھذا ورددتني‪ ،‬ولو صارعته لصرعته‪ .‬قال –صلى ﷲ‬
‫فقال ] ُ‬
‫سمرة[‪ ،‬فأجازه –صلى ﷲ‬
‫عليه وسلم‪ :-‬دونكه –يعنى صارعه‪ .-‬فتصارعا‪ ،‬فصرعه ] ُ‬
‫عليه وسلم‪ .-‬فيا ‪ !9‬شباب امتألت قلوبھم باإليمان‪ ،‬واختلطت بحيوية الشباب وقوة‬
‫مقتد بھم يا‬
‫ٍ‬ ‫البدن‪ ،‬فسخروھا فيما يرضي ﷲ‪ ،‬فرضي ﷲ عنھم وأرضاھم‪ .‬فھل من‬
‫شباب األمة؟‬
‫النزول‬
‫يفكر ِفي ﱡ ُ ْ‬ ‫الصعود *** َ َ ْ‬
‫كمن ُ َ ِّ ُ‬ ‫ﱡ ُ ِ‬ ‫يفكر ِفي‬
‫أو َمن ُ ُ‬‫ََ‬
‫بالوصول‬
‫يعيا ِ ُ ُ ْ‬ ‫الحقِ َ َ‬
‫بغير *** َ ّ‬ ‫يبتغي َ َ ً‬
‫ھدفا ِ َ‬ ‫من َ َ ِ‬
‫َ ْ‬
‫صيرفيا بالكوفة‪ ،‬فركبه ﱠ ْ‬
‫الدين‪،‬‬ ‫ًّ‬ ‫وھاھو ]سفيان بن ُعيينة[ ‪-‬رحمه ﷲ‪ -‬يقول‪ :‬كان أبي‬
‫صبيا‪ -‬يقول‪ :‬وسرنا إلى المسجد‬
‫ً‬ ‫فحملنا إلى مكة‪ ،‬وأنا يومئذ صبي –سفيان ال زال‬
‫لصالة الظھر‪ ،‬ولما كنت على باب المسجد‪ ،‬إذا شيخ على حمار‪ ،‬ھيئته ھيئة صاحب‬
‫علي ھذا الحمار حتى أدخل المسجد‪ ،‬فأركع‪ .‬قلت‪:‬‬
‫ّ‬ ‫حديث‪ ،‬فقال لي‪ :‬يا غالم؛ أمسك‬
‫ما أنا بفاعل حتى تحدثني‪ .‬قال‪ :‬وما تصنع أنت بالحديث؟ واستصغرني وردني‪ ،‬فقلت‪:‬‬
‫حدثني أو ال أمسك لك الحمار‪ .‬قال‪ :‬فسرد علي ثمانية أحاديث بأسانيدھا‪ ،‬فأمسكت‬
‫حماره‪ ،‬وجعلت أكرر ما حدثني به‪ ،‬فلما خرج من المسجد‪ ،‬قال‪ :‬ما نفعك ما حدثتك به‬
‫يا غالم؟ قد حبستني عن الصالة‪ ،‬فقلت‪ :‬حدثتني بكذا وكذا وكذا‪ .‬وسردت عليه جميع‬
‫غدا إلى مجلسي‪ .‬فإذا ھو ]عمرو بن دينار[‬
‫ما حدثني به‪ ،‬فقال‪ :‬بارك ﷲ فيك‪ ،‬تعال ً‬
‫المحدث المعروف‪ .‬اسمع بعدھا ]لنصر الھاللي[ يوم يقول‪ :‬كنت في مجلس ]سفيان‬
‫بن ُعيينة[‪ ،‬إذ دخل علينا صبي صغير ذلك المجلس‪ ،‬فكأن أھل الحديث تھاونوا به لصغر‬
‫فمن ﷲ عليكم‪ .‬ثم‬
‫ﱠ‬ ‫مغضبا من أھل الحديث‪ :‬كذلك كنتم من قبل‪،‬‬
‫ً‬ ‫سنه‪ ،‬فقال سفيان‬
‫قال سفيان‪ :‬يا نصر ‪-‬ويتكلم اآلن عن نفسه سفيان وھو صغير‪ -‬يا نصر‪ :‬لو رأيتني ولي‬
‫عشر سنين‪ ،‬طولي خمسة أشبار‪ ،‬وجھي كالدينار‪ ،‬وأنا كشعلة نار‪ ،‬ثيابي صغار‪،‬‬
‫أكمامي قصار‪ ،‬ذيلي بمقدار‪ ،‬نعلي كأذان الفار‪ ،‬أختلف إلى علماء األنصار؛ ]كعمرو بن‬

‫دينار[‪] ،‬والزھري[ وأمثالھم من علماء األنصار‪ ،‬أجلس بينھم كالمسمار‪ ،‬محبرتيِ‬


‫ومقلتي كالموزة‪ ،‬وقلمي كاللوزة‪ ،‬فإذا دخلت المجلس قالوا لي‪ :‬أوسعوا‬
‫كالجوزه‪ُ ،‬‬
‫رأيت‬
‫َ‬ ‫احتقرت ما‬
‫َ‬ ‫للشيخ الصغير‪ .‬لو رأيتني يا نصر حين ذاك َ َ‬
‫لما‬
‫نزيھا‬
‫الحياة َ ِ َ‬
‫شريفا ِفي َ ِ‬
‫يبقى َ ً‬ ‫مقصد َ ِ ِ‬
‫قلبه *** َ َ‬ ‫الرحمن َ ِ َ‬
‫َ‬ ‫يجعل ﱠ‬
‫َمن َ َ‬
‫إلي أبي مائة‬
‫ﱠ‬ ‫عاص[‪ ،‬قال‪ :‬دفع‬
‫ٍ‬ ‫ويذكر ]الخطيب البغدادي[ ‪-‬رحمه ﷲ‪ -‬عن ]علي بن‬
‫وجھا إال بمائة ألف حديث ‪-‬ھكذا تكون الوالية‪ -‬فھجر‬
‫ً‬ ‫ألف درھم‪ ،‬وقال‪ :‬اذھب فال أرى لك‬
‫الوطن واألھل‪ ،‬وضحى بماله ووقته وجھده‪ ،‬وحصل على أكثر مما طُلب منه‪ ،‬فصار‬
‫ويسمع منه‪ .‬وھذه أھديھا ألولياء األمور‪ ،‬وأقول لھم‪:‬‬
‫ُيحدث ُ‬
‫ترميھا‬
‫أن َ ِ َ‬ ‫سھامك َ َ‬
‫قبل ْ‬ ‫فاثـقف ِ َ َ َ‬ ‫تصيب َ ﱠ ً‬
‫رمية *** َ ِ ْ‬ ‫َ‬ ‫أن ُ‬
‫ترجو ْ‬
‫كنت َ ُ‬
‫إن ُ َ‬
‫ْ‬
‫تعالي‬
‫كيف ال ﱠ َ ِ‬ ‫الرجال *** َ َ ْ‬
‫تعالي َفانظ ُِري َ َ‬ ‫ھمم ِّ َ ِ‬
‫الفخر َيا ِ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫كذاك َ ُ‬

‫يا طالب العلم‪ ،‬ويا داعية اإلسالم‪ :‬كن على جادتھم وإن أبطأ بك المسير‪ ،‬فإن قدوة‬
‫القوم يرعى القافلة‪ ،‬أنت ال تملك نفسك‪ ،‬حتى يسوغ لك أن تمنحھا إجازة‪ .‬يا من أنت‬
‫فليھن ظالم التكليف‪ .‬إذا‬
‫ُ‬ ‫اآلن في إجازة‪ ،‬إنما أنت َ ْ‬
‫وقف ‪ ،9‬فإذا لمع لك فجر األجر‪،‬‬
‫فشق إلى البحر ألف طريق‪ .‬إذا أغلق عليك باب دون البحر‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ضاقت عليك قناة أو طريق‪،‬‬
‫فافتح لك ألف باب‪ ،‬ولن تعدم وسيلة‪ .‬اعمل ولو ساعة‪ ،‬وللحقوق ‪-‬ومنھا التعلم‪ -‬بقية‬
‫لتشرق‬
‫الساعات‪ ،‬إذا بزغ لك نجم الھمة في ظالم ليل البطالة‪ ،‬فأردفه بقمر العزيمة؛ ُ‬
‫األرض بنور ربھا‪ .‬إنما أنت ھمة علية‪ ،‬ونفس تضيء‪ ،‬وھمة تتوقد‪ .‬أنت ال تعيش‬
‫جد تجد‪ ،‬ليس كمن سھر كمن رقد‪،‬‬
‫لنفسك‪ ،‬ويجب أن تقنع نفسك أنك ال تعيش لھا‪ِ ،‬‬
‫ھذا دبيب الليالي ُيسارقك أنفاسك‪ ،‬وسلع المعالي غاليات الثمن‪ ،‬فانظر لنفسك‪،‬‬
‫واغتنم وقتك‪ ،‬فالثواء قليل‪ ،‬والرحيل قريب‪ ،‬والطريق مخوف‪ ،‬والخطر عظيم‪ ،‬والعقبة‬
‫ائت الديار البكر‪ ،‬وارتد كل يوم منزل فضل‪،‬‬
‫ِ‬ ‫كؤود‪ ،‬والناقد بصير‪ .‬يا من قصد البحر بھمة‪:‬‬
‫الكسالى‪ :‬لو تفرغت لنا‪،‬‬
‫وائت بجديد‪ ،‬فإن قال لك البطالون ُ‬
‫ِ‬ ‫وخض ميدان التنافس‪،‬‬
‫فاقرع أسماعھم بصوت عمر عبد العزيز‪ :‬وأين الفراغ؟ ذھب الفراغ‪ ،‬ال فراغ‪ .‬وﷲ ال‬
‫ُمستراح للمؤمن إال تحت شجرة طوبى‪ .‬أحبتي في ﷲ‪ :‬إن النفس اإلنسانية البد أن‬
‫تتحرك‪ ،‬فإذا ھي كفت عن الشر‪ ،‬ولن تتحرك للخير‪ ،‬بقى فيھا فراغ وخواء‪ ،‬قد يردھا‬
‫إلى الفساد‪ ،‬فالعبد سائر ال واقف‪ ،‬فإذا سار؛ فإما إلى فوق‪ ،‬وإما إلى تحت‪ ،‬وإما إلى‬
‫اإلمام‪ ،‬وإما إلى الوراء‪ ،‬ليس ھناك وقوف البتة‪ ،‬إنما ھي مراحل ُتطوى إلى الجنة‪،‬‬
‫أو َ َ َ ﱠ َ‬
‫يتأخر(‬ ‫يتقدم َ ْ‬
‫منكم َأن َ َ َ ﱠ َ‬
‫شاء ِ ُ ْ‬
‫لمن َ َ‬
‫ومتقدم ومتأخر‪َ ِ ) .‬‬
‫ومبطئ ُ‬
‫ُمسرع ُ‬
‫بھواھا ُ ِ َ ْ‬
‫شغلت‬ ‫ويح َنفسٍ ِ َ َ‬ ‫تلقى ِ َ َ‬
‫فعلھا *** َ َ‬ ‫كل َنفسٍ َ َ‬
‫سوف َ َ‬ ‫ُ ﱡ‬
‫بدءا‬
‫وﷲ ال تتم حقيقة اإليمان في القلب حتى يتعرض القلب للمجاھدة في ھذا الدين‪ً ،‬‬
‫من كراھية الباطل‪ ،‬إلى السعي في اإلصالح‪ ،‬إلى نقل الناس من الغواية إلى الھدى‪.‬‬
‫إنھا باختصار الدعوة إلى ﷲ‪ ،‬التي تغير ماھية الشيء‪ ،‬فتجعل من الرجل غير الرجل‪،‬‬
‫طيبا‪ ،‬وإن‬
‫ً‬ ‫ومن القلب غير القلب‪ ،‬تجعل صاحبھا كالنحلة؛ ال تأكل إال طيبا‪ ،‬وال ُتخرج إال‬
‫وقفت على عود نخر لم تكسره‪ ،‬بل مثل النخلة؛ ما أخذت منھا من شيء نفعك‪.‬‬
‫ْ‬
‫ونتيقن ونجزم أيھا األحبة‪ ،‬أن في الزوايا خبايا‪ ،‬وفي الرجال بقايا‪ ،‬وال يعرف قدر الرجال‬
‫المنوطة بالرجال عظام‪.‬‬
‫إال الرجال‪ ،‬والھمم َ ُ‬
‫الكرام َ َ ِ ُ‬
‫المكارم‬ ‫وتأتي َعلى َ ِ‬
‫قدر ِ َ ِ‬ ‫العزائم *** َ َ ِ‬
‫تأتي َ َ ِ ُ‬
‫العزم َ ِ‬ ‫قدر َ ِ‬
‫أھل َ ِ‬ ‫وعلى َ ِ‬
‫َ‬
‫العظيم َ َ ِ ُ‬
‫العظائم‬ ‫عين َ ِ ِ‬ ‫صغارھا *** َ َ ُ ُ‬
‫وتصغر ِفي َ ِ‬ ‫الصغير ِ َ ُ َ‬
‫ﱠ ِ ِ‬ ‫عين‬
‫ُم ِفي َ ِ‬
‫وتعظ ُ‬
‫ََ‬

‫كأني بكم تقولون‪ :‬ماذا ُيراد منا؟ ونقول‪ :‬يراد منكم الكثير‪ .‬نريد من ُ َ‬
‫األسر أن تحمل‬
‫ً‬
‫ومبلغا‬ ‫ثمنا لكتاب قيم‪ ،‬يھدى لمن ينتفع به‪،‬‬
‫ً‬ ‫ھم دينھا‪ ،‬أن تدخر من قوتھا كل شھر‬
‫نافعا للدعوة بالقول والعمل؛ ألننا نفترض في األسر أنھا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وشريطا‬ ‫لمسلم محتاج‪،‬‬
‫صلحت ونريدھا مصلحة بناءة‪ ،‬نريد من طالب المدرسة أن يعمل بما علم‪ ،‬أن يدخر في‬
‫تمعرا من الوجوه النتھاك‬
‫ُ ً‬ ‫واحدا ُيسھم به في الدعوة إلى ﷲ‪ ،‬نريد‬
‫ً‬ ‫الشھر ولو رياال ً‬
‫ً‬
‫مبلغا شھريا يجعله‬ ‫حدود ﷲ‪ ،‬يعقبه تغيير أو إنكار‪ .‬نريد من التاجر أن يدعو بماله؛ يقتطع‬
‫كربا‪،‬‬
‫معسرا‪ ،‬ينفس ً‬
‫ً‬ ‫في مصالح المسلمين‪ ،‬يطبع كتابا ينفع ﷲ به المسلمين‪ ،‬ينذر‬
‫دينا‪ ،‬يطرد جوعا‪ .‬نريد من المربين والمربيات‪ ،‬من المعلمين والمعلمات‪ ،‬أن‬
‫يقضى ً‬
‫يقوموا بدورھم في غرس اإليمان في قلوب أبناء األمة‪ ،‬فو ﷲ إنھم لمسؤولون عن أبناء‬
‫أقالما قوية بليغة‪ ،‬عندھا المقدرة البيانية‪ ،‬والطالوة األدبية‪ ،‬وحالوة التعبير‬
‫ً‬ ‫األمة‪ ،‬نريد‬
‫عيونا‬
‫ً‬ ‫قلوبا تعرف الخشوع‪ ،‬ونريد‬
‫ً‬ ‫الذي تنفذ الدعوة بھا إلى عقول الناس وقلوبھم‪ ،‬نريد‬
‫تعرف الدموع‪.‬‬
‫تعار؟‬
‫للدموعِ ُ َ ُ‬
‫عينا ِ ﱡ‬ ‫بھا *** َ َ َ‬
‫أرأيت َ ً‬ ‫تبكي ِ َ‬
‫عينه َ ِ‬
‫يعيرك َ َ ُ‬
‫َمن َذا ُ ُ َ‬
‫تربي فراخ‬
‫نريد تربية كتربية أبي بكر وعمر وصحبھم –رضى ﷲ عنھم‪ ،-‬ال نريد أن ﱠ‬
‫تربي األسد تربية الخراف‪ ،‬فھذا ميل وظلم‪.‬‬
‫الصقور تربية ُبغاث الطير‪ ،‬فھذا جور‪ ،‬وال أن ﱠ‬
‫ضؤل‬
‫حريرا‪ ،‬نريد كل جھد مھما ُ‬
‫ً‬ ‫نريد أن تميز بين الصحيح والزائف‪ ،‬فليس كل لين‬
‫وقل عدده‪ ،‬فعند ﷲ ال يضيع مثقال ذرة‪ .‬نريد مضاعفة الجھد‬
‫ّ‬ ‫حجمه‪ ،‬وصغرت مساحته‪،‬‬
‫وتكثيف العطاء‪ ،‬ونريد ترجمة الكالم إلى عمل‪ ،‬نريد أن نتحرر من تلك اآلفة التي غدت‬
‫ظاھرة عامة بين المسلمين‪ ،‬تعوق خطانا عن السير؛ أال وھي كثرة النواح وقلة العمل‪.‬‬
‫والنواح ال يحيي ما مات‪ ،‬وال يرد ما فات‪.‬‬
‫آفتنا كثرة الشاكين المتوجعين‪ ،‬وقلة المداوين‪ ،‬كثرة من يسبون الظالم‪ ،‬وقلة من‬
‫يوقدون الشموع ‪ .‬نعم يا قاصد البحر كثرت الشكوى من األدواء والمآسي‪ ،‬ولعلك ترى‬
‫شاك ومشكو‬
‫ٍ‬ ‫ذلك وتلمسه‪ ،‬لم يعد ھناك أحد إال ويشكو‪ ،‬فمن المشكو منه إذا ؟! كلنا‬
‫ً‬
‫بليغا وعظ الناس يوما‪ ،‬حتى بكوا‬ ‫ً‬
‫واعظا‬ ‫حدثوا‪ :‬أن‬
‫الخلل ما نصه ّ‬
‫منه‪ .‬ذكر صاحب أين َ‬
‫سرق‪،‬‬
‫من تأثير الموعظة‪ ،‬وكان معه كتاب‪ ،‬ثم بحث عن كتابه بعد الموعظة‪ ،‬فوجده قد ُ‬
‫نظر إلى الحاضرين‪ ،‬عله يلمح بينھم وجھا تلوح عليه أثار الجريمة‪ ،‬لكنه وجه الجميع‬
‫ً‬
‫فعال‪ ،‬فمن‬ ‫متأثرين يبكون‪ ،‬فقال لھم‪ :‬كلكم يبكي‪ ،‬فمن سرق الكتاب؟! كلكم يبكي‬
‫سرق الكتاب؟! نعم‪ ،‬كلنا نشكو‪ ،‬فمن المشكو منه؟! إن علينا أن ننتقل من دائرة‬
‫نشك‪،‬‬
‫ُ‬ ‫الشكوى إلى دائرة العمل المتواصل الدءوب‪ ،‬العمل للحاضر والمستقبل‪ ،‬وإن لم‬
‫فال نريد أن نكون من المتفرجين‪ ،‬وممن ينتظر العمل من اآلخرين‪ .‬بل يعمل الجميع‪،‬‬
‫وعودا على بدء؛ للرجل دوره‪ ،‬وللمرأة دورھا‪ ،‬وللصبي‬
‫ً‬ ‫وكل على قدر جھده وطاقته‪.‬‬
‫ٌ‬
‫كل منا نفسه في‬
‫والكبير والغني والفقير دوره‪ ،‬المھم أن يعمل الجميع‪ ،‬وأن يضع ٌ‬
‫فليمطھا‪ ،‬ومن أمكنه أن يبذر‬
‫المكان المالئم‪ ،‬من استطاع أن ُيميط شوكة عن طريق ُ‬
‫حل‬
‫ﱠ‬ ‫ھم الدعوة من كل واحد منا‪ ،‬أينما‬
‫حبة في األرض فليبذرھا‪ ،‬نريد باختصار حمل َ ِ ّ‬
‫إن كان‬ ‫نفسا ِإال ﱠ َما َ َ‬
‫أتاھا( ْ‬ ‫ﷲ َْ ً‬ ‫كل وفق تخصصه‪ ،‬وينفق مما لديه )ال َ ُ َ ِ ّ ُ‬
‫يكلف ُ‬ ‫وأينما رحل‪ ،‬ﱞ‬
‫مال دعا به‪ ،‬وال مبرر للقعود أبدا؛ فالمسئولية على الجميع مشتركة‬
‫ٌ‬ ‫عنده علم دعا به‪،‬‬
‫وتتفاوت؛ فمسؤولية العالم أكبر من مسؤولية الجاھل‪ ،‬ومسؤولية صاحب السلطة أكبر‬
‫من مسؤولية من ال سلطة له‪ ،‬ومسؤولية صاحب المال أكبر من مسؤولية من ال مال‬
‫له‪ ،‬وإن كان الكل مسؤوال‪ .‬كل مسلم رجل يعمل لدينه‪ ،‬واألمة كلھا مسؤولة عن‬
‫يوما‪ ،‬بعد‬
‫الدعاة ً‬
‫فرائض ﷲ‪ ،‬وأحكام ﷲ‪ ،‬وشرائع ﷲ‪ُ .‬ذكر أن أحد المستمعين قال ألحد ُ‬
‫محاضرة ألقاھا ذاك الداعية‪ :‬قد مضى لكم ثالثون سنة وأنتم تتكلمون‪ ،‬فماذا صنعتم؟‪.‬‬
‫ً‬
‫مفاجئا له حين قال‪ :‬وأنتم مضى لكم ثالثون سنة صامتون‬ ‫وكان جواب الداعية‬
‫تستمعون‪ ،‬فماذا صنعتم؟‪ .‬ھذا حق‪ .‬على المستمع‪ ،‬كما على المتكلم مسؤولية‬
‫تحويل الكالم إلى عمل‪ ،‬واألفكار إلى وقائع‪ ،‬وإن اختلفت درجة المسؤولية‪ .‬المسلم‬
‫مطالب بالعمل إلى آخر رمق‪ ،‬حتى لو قامت الساعة وفي يديه فسيلة فليغرسھا إن‬
‫أمكنه‪.‬‬
‫وإعالنا‬
‫ً‬ ‫إخفاء َ‬
‫َ ً‬ ‫ﷲ‬ ‫يدعو َ‬
‫إلى ِ‬ ‫ته *** َ ُ‬ ‫حسب َ َ‬
‫طاق ِ ِ‬ ‫كل َ ٍ‬
‫فرد َ ْ َ‬ ‫َِ ْ‬ ‫َ‬
‫فلينطلق ُ ﱡ‬
‫ميزانا‬
‫اليوم ِ َ َ‬
‫بعد َ‬
‫الفعل َ َ‬ ‫عدتنا *** َ ْ َ َ‬
‫ولنجعل ِ َ‬ ‫اللوم ال َ ْ ُ‬
‫نجعله ُ ﱠ َ َ‬ ‫َْ ُ‬
‫ولنترك ﱠ َ‬
‫يدري أوله خير أم آخره؟ كتلة فيھا الكفاية في كل‬
‫نريد أن نكون كتلة كالمطر‪ ،‬ال ُ َ‬
‫غنى عنھا‪ ،‬تمأل كل ثغر‪،‬‬
‫غنى عن العالم‪ ،‬وليس العالم في ِ‬
‫ناحية‪ ،‬كتلة ھي في ِ‬
‫عوز وعجز‪ .‬فإنه –وﷲ‪ -‬ال عمل أبقى وأنفع للمسلم من عمل يقضيه في‬
‫وتسد كل ِ َ‬
‫وجھادا باليد‪ ،‬ونفقة من العلم والمال والوقت‪ ،‬وكل‬
‫ً‬ ‫بيانا باللسان‪،‬‬
‫ً‬ ‫الدعوة إلى ﷲ؛‬
‫أيا كان تخصصه ومستواه‬
‫مسلم على ثغرة من ثغور اإلسالم‪ ،‬وعليه أن يسدھا‪ً ،‬‬
‫وموقعه‪ .‬إن كان في الحراسة‪ ،‬ففي الحراسة‪ .‬وإن كان في الساقة‪ ،‬في الساقة‪ .‬ھمة‬
‫ﷲ‬ ‫أداء الواجب والمشاركة والقيام بالمسؤولية‪ ،‬وفق ما لديه من استطاعة‪) .‬ال َ ُ َ ِ ّ ُ‬
‫يكلف ُ‬
‫نفسا ِإال ﱠ ُ ْ َ َ‬
‫وسعھا(‬ ‫َْ ً‬
‫يا قاصد البحر لعلھا لك آفاق وشحنت ھمتك فحدد أھدافك وسر وحلق مع الھمم‬
‫العالية وإياك والنظر إلى الخلف لئال تضعف فتأكل فالقلب كالطائر كلما عال بعد عن‬
‫اآلفات وكلما ھبط احتوجته اآلفات وما المرء إال حيث يجعل نفسه خذ من األسباب ما‬
‫يقوي ھمتك من مجاھدة ودعاء صادق أن يعلي ﷲ ھمتك وقراءة لسير سلفك أھل‬
‫الھمم ومصاحبة ألھل الھمم واألھم واألھم فإن العمر يعجز عن تحصيل الكل‪.‬‬
‫إن لم تكن للحق فمن يكون *** والناس في محراب الدنايا عاكفون‬
‫فكن رجل رجله في الثرى *** وھامة ھمته في الثريا‬
‫واقصد البحر بإخالص وصواب وھمة وخل القنوات‪.‬‬

‫فتى اإلسالم يا من قصد البحر بإخالص وصواب وھمة اعلم أن سنة ﷲ التي ال‬
‫تتبدل أال ينال ما يرجى ويؤمل إال بثمن ليس ھناك شيء بالمجان وكلما كانت السلعة‬
‫نفيسة كان الثمن أنفس وأغلى وھذا ما أدركه القائل يوم قال‬
‫فسرت بالراحة الكبرى فلم أرھا *** تنال إال على جسر من التعب‬
‫قلما نجد ثمرة إال ومعھا زنبور وال لذة إال وإلى جانبھا شيء محدور ولن يبقى أحد‬
‫بمطالبة شفعى مھما كد وسعى بل مرعى بال ماء وماء بال مرعى ونحلة مع الشھد‬
‫وشوكة مع الورد وأرض بھا عشب زاك وليس بھا ماء وأخرى بھا ماء بال عشب كيف ينال‬
‫الفضل والجسم خامل وادع وكيف يؤتى المجد والوفر وافر أي مضروب فينا من غير‬
‫مشقة أي مرغوب لم تبعد على طالبه الشقة المال ال يحصل إال بالتعب والعلم ال يدرك‬
‫إال بالنصب واسم الجواد ال يناله بخيل ولقب الشجاع ال يحصل إال طويل‬
‫لوال المشقة ساد الناس كلھم *** الجود يفقر واإلقدام قتال‬
‫من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل سلعة ﷲ أغلى وأعلى سلعة ﷲ الجنة قد يكون‬
‫الثمن جھدا ووقتا وقد يكون ماال وامتحانا وقد يكون دما مراقا وبالء ال ضير مادامت‬
‫السلعة تستحق‬
‫فإن المر حين يسر حلو *** وإن الحلو حين يضر مر‬
‫فكن مر تصادف منه نفعا *** وال تعجل إلى حلو يضر‬
‫ادفع الثمن وسابق واقصد البحر وخل القنوات‪.‬‬

‫فتى اإلسالم يا من قصد البحر بإخالص وصواب وھمة وعلم الثمن اترك الثبات‬
‫وسل ﷲ الثبات فإن الثبات عزيز إذا عشقت طريق اليمن فال تتجه إلى الشام وأعني‬
‫باليمن اليمين وبالشام الشمال وليكن لسان حالك ومقالك أنا أحب السير مصاعدا وال‬
‫البرق إال أن يكون يمانيا الطريق واضح والمبادئ بينة وأحب أنك مستيقن بالحق الذي‬
‫عندك ال تشك فيه أبدا تكره أن تعود بالكفر كما تكره أن تلقى في النار ترتضي أن تجود‬
‫بالروح وأن تحرق بالنار وتنشر بالمنشار أو تقطع بالسيوف على أن تترك ذاك الطريق‬
‫أليس كذلك أحسب أن الجواب بلي لماذا؟ ألني أحسبك مطمئنا لمبدئك اطمئنان يثمر‬
‫لالنتفاع بطريق في اليمن بعمل دؤوب متواصل إلى نھاية األجل غير آبه وال منتبه إلى‬
‫طريق الشام وأحسب أنه لم تكثر األشياء الكثيرة بنفسك يوم ما ألنھا نفس مطمئنة‬
‫في حين تعلم وترى بأم عينك رؤوسا اضطربت بأطماعھا وشھواتھا فباعت بعرض دينھا‬
‫ألنھا مبتالة بھموم كثرة خيالية مثلھا في الھمم كطفيل يحزن ألنه ال يأكل في بطنين‬
‫أما أنت فأحس أنك ربيت نفسك على أن تعطي في ھذه الدنيا وال تأخذ شيئا قد علقت‬
‫نفسك باآلخرة حيث األجر والثواب فكنت ‪ 9‬فلم يكن لك شيء لو كادت السماوات‬
‫واألرض والجبال لكفاك ﷲ وجعل لك منھا فرجا ومخرجا ألم يأتك نبأ ]اإلمام أحمد[ رحمه‬
‫ﷲ يوم امتحن على القول بخلق القرآن فثبت على الحق ثبوت الجبال حتى أنه كان إذا‬
‫أريد على ذلك تدور حماليق عينيه كالمجنون يؤتى بالسياط للمعتصم وبجالدين غالظ‬
‫القلوب قساة األفئدة ليأمر كل واحد منھم أن يتقدم ليضرب اإلمام بكل ما لديه من قوة‬
‫سوطين وفى والمعتصم يقول للضارب شد قطع ﷲ يدك ثم يقول المعتصم يا أحمد‬
‫عالم تقتل نفسك إني وﷲ عليك لشفيق ويقول آخر أتريد أن تغلب ھؤالء كلھم ويقول‬
‫بعض بطانته الخبيثة التي ھي أخبث من بطانة فرعون يقول يا أمير المؤمنين اقتله‬
‫ودمه في عنقي فيقول المعتصم ويحك يا أحمد ما تقول فيقول أعطوني شيئا من كتاب‬
‫ﷲ وسنة رسوله صلى ﷲ عليه وسلم أقل به ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا‬
‫فيغضب ثم يقول للجالد تقدم أوجعه قطع ﷲ يدك فيضرب اإلمام والمعتصم يقول أجبني‬
‫إلى شيء لك فيه أدنى فرج حتى أطلق عنك بيدي فيقول أعطوني شيئا من كتاب ﷲ‬
‫وسنة رسوله صلى ﷲ عليه وسلم أقل به فيأمر الجميع بضربه ويقول شدوا قطع ﷲ‬
‫أيديكم حتى ذھب عقل اإلمام وأغمى عليه داسوه باألقدام كفوه على وجھه طرحوه‬
‫على ظھره ثم يفيق ودماؤه تسيل خلعت أكتافه وھو ثابت كالطود األشم ھنا ينتقلون‬
‫إلى أسلوب المناظرة فيتقدم أحدھم يناظر ويقول أولست تحسن كتاب ﷲ يا أحمد إن‬
‫ﷲ يقول )ألم نجعل األرض مھادا( أي خلقناھا مھادا ويقول )إنا جعلناه قرآنا عربيا( أي‬
‫خلقناه قرآنا عربيا فقال اإلمام أحمد في ھدوء المؤمن وﷲ تعالى يقول )فجعلھم‬
‫كعصف مأكول( أھي بمعنى خلقھم كعصف مأكول فألجم وسكت وتقدم آخر فقال ﷲ‬
‫يقول )ﷲ خالق كل شيء( أو ليس القرآن شيئا فقال اإلمام وﷲ يقول )تدمر كل شيء‬
‫بأمر ربھا( فھل دمرت كل شيء أم دمرت ما أراد ربھا فبھت وسكت وال غرو من ذا‬
‫يساوي بين تغريد البالبل والنعيق‪.‬‬
‫يقول أحدھم مغضبا وأنت ال تقول إال كتاب سنة كتاب سنة فكان حال اإلمام ينطق‬
‫)فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم(‬
‫لسنا وإن عزبت أحالمنا وخوت *** منا الرؤوس بقول الزور ننبھر‬
‫وثبت اإلمام أحمد عليه رحمة ﷲ ونصر ﷲ به السنة وكان بحق إمام ھذه األمة في‬
‫علمه وثباته وتواضعه يقول أحدھم جزاك ﷲ خيرا عن اإلسالم يا إمام فيقول بل جزى‬
‫ﷲ اإلسالم عني خيرا من أنا وما أنا رحمه ﷲ من قدوة ماثلة إلى اآلن‪.‬‬
‫قاد الھوى الفجار فأبقى دونه *** وأبت عليه مقادة األبرار‬
‫وبالعھد نفسه يراد] أبو يعقوب البويطي [على القول بخلق القرآن فيمتنع فيحبس في‬
‫بغداد حتى مات في الحبس يقول قبل موته والذي ال إله إال ھو ألموتن في حديدي ھذا‬
‫حتى يأتي من بعدي قوم يعلمون أنه قد مات في ھذا الشأن قوم في حديدھم‬
‫)أحسب الناس أن يتركوا(‬
‫ومن الذ با‪ 9‬في دربه كفاه المھيمن من كل شر‬
‫سيد رحمه ﷲ يحكم عليه باإلعدام وتأتي أخته فتقول اعتذر لعله يخفف عنك قال‬
‫أأعتذر عن العمل مع ﷲ وﷲ لو كان التعامل مع غير ﷲ العتذرت ولكنه مع ﷲ حاله‬
‫إن بقي شيء في األجل فلن يقدم وإن لم يبق شيء فلن يؤخر‬
‫إني وزنت الذي يبقى ليعدله ما ليس يبقى فال وﷲ ما أكتب‬
‫أخي سالك طريق اليمن رب نفسك ويزمجر بحرك‪ :‬ﷲ غايتنا وھل من غاية‬
‫أسمى وأغلى من رضى الرحمن أعدھا للبيع على ﷲ عز وجل فإنه يوشك من أھمل‬
‫نفسه أن ينھزم قلبه وتخونه نفسه عند أول اختبار وبادرة ھزة فيتراءى لك أنه حي‬
‫يرزق ولكنه في الحقيقة ميت‪.‬‬
‫غمد محال بال سيف وجدول غير ثابت‬
‫إن طريق العقيدة الصحيحة والدعوة إليھا طريق األنبياء شاب تتقاصر دونه الھمم‬
‫الساقطة والعزائم الضعيفة وتجزع دونه األرواح الھزيلة والقلوب الخاوية‬
‫طريق الحق محفوف بشوك *** ومحتاج إلى طول المراس‬
‫إن العقيدة وﷲ ال تحتاجنا بيد أنا نحتاجھا لنتزوق طعم الحياة بھا فاسلك طريق اإليمان‬
‫وتدبر القرآن وتعرف في الرخاء على الرحمن واستيقن أن الرزق مقسوم واألجل محدود‬
‫وقف على أخبار من ثبت تطمئن وتسكن فإذا حصل اطمئنانك إلى أن ما تفعله حق وأنه‬
‫‪ 9‬واستعنت با‪ 9‬فليكن حداؤك ودعاؤك يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك ثم‬
‫اسلك طريق اليمن قاصدا البحر وال تلتفت لطريق الشام وخل القنوات‪.‬‬

‫فتى اإلسالم بل يا قاصد البحر التميز التميز إذ ھو في حياتك عمدة وضرورة خاصة‬
‫في عصور طغيان الحياة المادية على الحياة تميز في المسلم يتمثل في تمسكه‬
‫وقبضه على دينه لقاء عقيدة وعبادة وسلوك بمعنى أن ال يتميع في دينه وينصھر مع‬
‫المتفلتين منه تحت وطأة الفساد وضغط الواقع ومسايرة المجتمع كما يقال نعم إنه ال‬
‫يعرف بإصراره على دينه والغيرة على محارم ﷲ أن تنتھك وأي دين وأي خير وأي تميز‬
‫لمن يرى محارم ﷲ تنتھك وحدوده تضيع ودينه يترك وسنة رسوله يرغب عنھا وھو بارد‬
‫القلب ساكت اللسان شيطان أخرس ما بلية الدين إال من ھؤالء الذين إذا سلمت لھم‬
‫مآكلھم ومشاربھم فال مباالة بما يجري على الدين لقد بلوا بأعظم بلية أال وھي موت‬
‫القلب وھم ال يشعرون عافانا ﷲ وإياكم تميز المسلم بصحة معتقده عند مسائل‬
‫االتصال بالتزام السنة عند نشوء البدعة بصدق اإليمان عند نشوب النفاق بعبادته‬
‫للناس يلھون بأخالقه إذا أھدرت القيم بالصدق في المعاملة إذا فشى الغش بصمته إذا‬
‫كثر الخلط بمحاسبته نفسه إذا أھملھا الغير بدعوته بجھاده إذا أقبلت الدنيا على أھلھا‬
‫فغيره غاب في لجتھا باإلنصاف حتى مع الشنآن ال يخجل من انتمائه لدينه ال يخجل من‬
‫نھاره لشريعته ال يخجل من أن يتحدث بروايته رواية القرآن وال يخجل من لباسه الذي‬
‫يخالف به الكفار التميز ضرورة للسائرين على الدرب ليقدم منھجه للعالمين عمليا قوليا‪.‬‬
‫يذكر ]أبو الحسن الندوي[ حفظه ﷲ ورحمه أنه وقع نزاع بين الھندوك والمسلمين‬
‫على أرض يقول الھندوك أنھا معبد لھم ويقول المسلمون أنھا لھم مسجد وتحاكموا‬
‫إلى الحاكم اإلنجليزي في ذلك الوقت سمع حجة الفريقين وتحاجوا ولم يطمئن إلى‬
‫نتيجة معينة في محاكمته فسأل الھندوك ھل يوجد في القرية مسلم تثقون في صدقه‬
‫وأمانته ألحكم على رأيه قالوا نعم فالن وسموا شيخا من صالح المسلمين وعلمائھم‬
‫تميز حتى بين الكافرين فأرسل الحاكم في طلبه إلى المحكمة فقال قال قد حلفت أال‬
‫أرى وجه إفرنجي ما حييت فأخبروا الحاكم بمقالة العالم فقال ال بأس يحضر ويدلي برأيه‬
‫في القضية وال يلزم أن يراني فحضر الشيخ متميزا قد ولى دبره إلى الحاكم وقال الحق‬
‫في ھذه القضية مع الھندوك واألرض أرضھم وال يجرمنكم شنآن قوم أال تعدلوا فقضى‬
‫الحاكم بذلك وخسر المسلمون القضية وال ربما غضب بعضھم ولكنھم كسبوا قلوب‬
‫أولئك فأسلم منھم جمعا أرأيت كيف يكون التميز إن العلم عارية ووديعة من ﷲ ال تباع‬
‫كسلعة في السوق ال يتعاون به على إثم آثم أو عدوان معتد أو ظلم ظالم فيا طالب‬
‫العلم ميزوا األنفس عن رفق الھوى وإلى اإلسالم سيروا تبعا ومن كمال التميز يا قاصد‬
‫البحر أن تضع في حسابك أمورا وأنت تخالط الناس وتشاھدھم وتأكل وتشرب معھم‬
‫وتزول وتزار أن تحرص على أن تظھر بمظھر الدقة والنظام والحفاظ على حقوق اآلخرين‬
‫أنت قدوة ينظر إليه أكثر من االغتيال أيام الحر ال تكثر من التمخط بصوت عال ال تظھر‬
‫التجشأ كما يفعل البعض ال تأكل ثوما وال تصنع لغيرك طعاما فيه ثوم فإن ذلك من التميز‬
‫وال تتكلف كثيرا لضيفك لئال تحرجه وإن كنت ضيفا على أحد فكل أكلك المعتاد ألن‬
‫صاحب المائدة الكريم يحب أن يأكل الضيف في الزيارة ال تزر وقت قيلولة أو راحة أو‬
‫منتصف ليل واستأذن قبلھا بالھاتف إن أمكن واطرق الباب برفق ثالثا وإال فارجع ھو‬
‫أزكى لك وقف إلى جانب الباب ال أمامه إذ ربما تفتح امرأة ثم ال تطل وقت الزيارة‬
‫فالوقت أنفاس ال تعد ال تصافح أخاك بيد مرتخية وال بأخرى حديدية وكن وسطا ال تنادي‬
‫أخاك بمزمار السيارة كما يفعل الطائشون في الھاتف ال تطل الكالم وال ترفع صوتك‬
‫واترك اسمك لمن تكلمه مباشرة إن خدمك خادم أو عمل لك عامل فأجزل له األجرة وال‬
‫تماطله في الكالم ال تسابق وأنصت حتى يبرأ مخاطبك في التعزية ال تبادر إلى تعزية‬
‫مسافر فلعله ال يعلم ما حدث واحذر ثم احذر مما يوجب الخجل وإياك وما يعتذر منه‬
‫ويسلب المروءة فإن ]الشافعي[ قد طبق ھذا المعنى فقال وﷲ لو علمت أن الماء‬
‫البارد يسلب مروءتي ما شربته إال حارا تميز عام حتى في اللعب حتى في الرائحة في‬
‫كل األمور فإن العرض يعرض والقول يعرف بلحنه والصبح ال يتمارى بإشعاره وال يتسع‬
‫إلى دليل على إشراق أنواره وما كل من قال القريض بشاعر وما كل من عاشر الھوى‬
‫بمتيم فاقصد البحر وخل القنوات‪.‬‬

‫يا فتى اإلسالم اقصد البحر معتدال متزنا في حكمك وبغضك ووالئك وعدواتك‬
‫واحمل معك ميزان السنة الذي ذكره شيخ اإلسالم ]ابن تيميه[ رحمه ﷲ يوم يقول‬
‫في فتاواه إذا اجتمع في الرجل الواحد خير وشر وبر وسفور وطاعة ومعصية وسيئة‬
‫وبدعة استحقت من المواالة والثواب بقدر ما فيه من الخير ومن العداوة والعقاب بقدر ما‬
‫فيه من الشر فيجتمع في الشخص موجبات اإلكرام واإلھانة ثم اتبع ذلك بقول‬
‫]الخطيب البغدادي[ فليس من شريد وال عالم غير األنبياء إال وفيه عيب ولكن من الناس‬
‫من ال ينبغي أن تذكر عيوبه فمتى كان فضله أكثر من نقصه وھب نقصه لفضله ولذا نقل‬
‫]ابن القيم[ رحمه ﷲ عن شيخ اإلسالم قوله انظر ]لموسى[ صلوات ﷲ وسالمه عليه‬
‫رمى األلواح التي فيھا كالم ﷲ فكسرھا وجر بلحية نبي مثله وھو ]ھارون[ عليه‬
‫السالم ولطم أعين ملك الموت ففقأھا وربه تعالى يحتمل له كل ذلك ويحبه ويكرمه‬
‫ألنه قام ‪ 9‬تعالى تلك المقامات العظيمة في مقابلة أعدي عدو له فرعون وصدع بأمر‬
‫ﷲ وعالج أمتي القبط وبني إسرائيل أشد المعالجة وأمتان كھذه األمم معالجتھا‬
‫شديدة أليمة يعبدون بقرة ثم يتوقفون في ذبح بقرة ثم يعبرون البحر فيقولون اجعل لنا‬
‫إلھا كما لھم آلھة فكانت ھذه األمور كلھا كالشعرات في البحر ال غرو إذا بلغ الماء كل‬
‫شيء لم يحمل الخبث ومن قل خطؤه وكثر صوابه فھو على خير والعبرة بكمال النھاية‬
‫ال بنقص البداية فيا قاصد البحر ال يكن حبك كلفا وال بغضك تلفا فإن من الناس من إذا‬
‫أحب كلف كما يكلف الصبي فال يستغني عن محبوبه طرفة عين وإذا أبغض أحب‬
‫لصاحبه التلف إن الذي ال عيب فيه غير األنبياء لم يخلق بعد والكمال لصاحب الكمال‬
‫وتعني بالمرء جبنا أن تعد معايبه فاربأ بنفسك وأنا أربأ بك أن تكون ممن تستفذه كلمة‬
‫لم سمعھا قاموس التآخري ويجرد أصحابه من كل فضل كأن لم تكن بينه وبينھم مودة‬
‫ولقد رأيتم معاشر الجمحة بله تلك الطبيعة نحو كل سياري‬
‫تھوى نفوسھم أذى إخوانھم شغال بكل دناءة وصغار‬
‫تبعوا الھوى فھوى بھم وكذا الھوى منه الھوان بأھله محذار‬
‫صحح األخطاء واعدل وال تمس المشاعر وامدح على قليل الصواب يقطر من الممدوح‬
‫الصواب‪.‬‬
‫عرف نفسك قدرھا وانھج بھا نھج بكر بن عبد ﷲ يوم يقول إن رأيت من ھو أكبر مني‬
‫سنا قلت سبقني باإليمان والعمل الصالح فھو خير مني وإن رأيت من ھو أصغر مني‬
‫فأقول سبقته إلى الذنوب والمعاصي فھو خير مني وإن أكرمني اخوتي قلت تفضلوا‬
‫علي فجزاھم ربي خيرا إن أھانني اخوتي قلت ذاك لذنب أصبته وعھد بيني وبين ﷲ‬
‫ضيعته ورحم ﷲ امرئ عرف قدر نفسه فاقصد البحر وخل القنوات‪.‬‬
‫الحداء‪ .‬لين القول‬
‫يھيجھا على السير ُ‬‫الم َھارى ِ ّ‬
‫بالرقى؛ إن َ‬
‫ُ‬ ‫فتى اإلسالم‪ :‬خذھم‬
‫رحمة‬ ‫حسنا ) َ ِ َ‬
‫فبما َ ْ َ ٍ‬ ‫أدعى للقبول‪ ،‬بالتي ھي أحسن‪ ،‬بالموعظة الحسنة‪ ،‬وقولوا للناس ُ ً‬
‫لنت َ ُ ْ‬
‫لھم( "فما كان الرفق في شيء إال زانه‪ ،‬وما نزع من شيء إال شانه"‪،‬‬ ‫من ِ‬
‫ﷲ ِ َ‬ ‫ِّ َ‬
‫"وإن ﷲ رفيق يحب الرفق في األمر كله"‪ "،‬ومن ُيحرم الرفق يحرم الخير كله"‪ ،‬ال‬
‫ُمداھنة وال نفاق‪ ،‬بل نصح في أسلوب دمث مؤثر‪ ،‬يفتح القلوب‪ ،‬ويشرح الصدور‪ .‬في‬
‫الحديث الصحيح" أن النبي –صلى ﷲ عليه وسلم لما أراد المسير إلى >حنين< بعث‬
‫إلى ]صفوان بن أمية[ –وھو كافر‪ -‬ليطلب منه أن يعيره مائة درع‪ ،‬وما ُيصلحھا من عدتھا‬
‫أغصبا يا محمد‪ ،‬فقال –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬ال‪ ،‬بل عارية‬
‫ً‬ ‫وعتادھا‪ ،‬فقال صفوان‪:‬‬
‫مضمونة حتى نؤديھا إليك‪ ،‬فأعار النبي –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬الدروع‪ ،‬وأمره النبي –‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬أن يحملھا إلى >حنين< فحملھا‪ ،‬ولما عاد النبي –صلى ﷲ‬
‫غانما من حنين‪ ،‬وقد تلفت بعض الدروع في الحرب‪ ،‬قال لصفوان‪ :‬إن‬
‫ً‬ ‫عليه وسلم‪-‬‬
‫شئت غرمتھا لك يا صفوان‪ ،‬فقال صفوان‪ :‬ال وجعل ينظر إلى شعب ملئ بنعم وشاة‬
‫ورعاء ويديم النظر إلى ذلك النعم‪ ،‬ورسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬يرمقه‪ ،‬ثم قال –‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬أبا وھب‪ :‬أيعجبك ھذا؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬فھو لك‪ ،‬فقال صفوان‪:‬‬
‫مه‪ ،‬وﷲ ما طابت نفس أحد بمثل ھذا إال نفس نبي‪ ،‬أشھد أن ال إله إال ‪ ،9‬وأنك‬
‫الحداء‪.‬‬
‫يھيجھم على السير ُ‬
‫رسول ﷲ‪ ،‬ودخل في دين ﷲ" خذھم بالرفق؛ إن المھارى ِ ّ‬
‫تمرا معلوًما من‬
‫ً‬ ‫وثبت من مستدرك ]الحاكم[ أن ]زيد بن ُثعنة[؛ أحد أحبار اليھود اشترى‬
‫النبي –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬إلى أجل معلوم‪ ،‬وقبل الموعد بأيام جاء إلى النبي –‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬وقد فرغ من صالة الجنازة على أحد المسلمين‪ ،‬ودنا إلى جدار‬
‫متعبا –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬فيتقدم زيد فيأخذ بمجامع قميصه وردائه‪ ،‬وينظر‬
‫ً‬ ‫ليجلس‬
‫إليه بوجه غليظ متجھم‪ ،‬ويقول‪ :‬يا محمد أال تقضني حقي؟ وﷲ إنكم لمطل يا بني عبد‬
‫المطلب‪ ،‬عند ذلك نظر إليه عمر وعيناه تدوران في وجھه من الغضب‪ ،‬ثم قال‪ :‬يا عدو‬
‫ﷲ؛ أتقول لرسول ﷲ ما أسمع‪ ،‬وتصنع ما أري؟ والذي بعثه بالحق‪ ،‬لوال ما ُأحاذر من‬
‫لومه لضربت بسيفي ھذا رأسك‪ ،‬فيرتعد ويخاف ويضطرب إذ الكالم من عمر‪ ،‬وما أدراك‬
‫ما عمر؟! وينظر إلى النبي –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬فينظر إلى عمر –صلى ﷲ عليه‬
‫وسلم‪ -‬ويبتسم في سكون وتؤده‪ ،‬ثم يقول‪ :‬يا عمر؛ أنا وھو كنا أحوج إلى غير ھذا‬
‫منك؛ أن تأمرني بحسن األداء‪ ،‬وتأمره بحسن الطلب‪ ،‬اذھب يا عمر فأعطه حقه‪ ،‬وزده‬
‫صاعا‪،‬‬
‫ً‬ ‫صاعا جزاء ما روعته‪ .‬انطلق عمر وأعطى الرجل حقه‪ ،‬وزاده عشرين‬
‫ً‬ ‫عشرين‬
‫فقال زيد‪ :‬ما ھذه الزيادة يا عمر؟ قال‪ :‬أمرني رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬أن‬
‫أزيدك جزاء ما روعتك‪ ،‬فتألأل وجه زيد بالبشر‪ ،‬قال‪ :‬أال تعرفني يا عمر‪ ،‬قال‪ :‬ال‪ ،‬قال‪ :‬أنا‬
‫زيد؛ حبر اليھود‪ ،‬لم يكن من عالمات النبوة شيء إال عرفته في وجه رسول ﷲ إال‬
‫حلما‪ ،‬وقد عرفتھما‬
‫ً‬ ‫عالمتين؛ أنه يسبق حلمه جھله‪ ،‬وال تزيده شدة الجھل عليه إال‬
‫محمدا رسول ﷲ‪ ،‬رضيت با‪9‬‬
‫ً‬ ‫اآلن‪ ،‬فأشھدك يا عمر أني أشھد أن ال إله إال ﷲ‪ ،‬وأن‬
‫نبيا‪ ،‬وأشھدك يا عمر فوق ذلك أن‬
‫ربا‪ ،‬وباإلسالم دينا‪ ،‬وبمحمد ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ً -‬‬
‫شطر مالي صدقه على أمة محمد ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬با‪ 9‬شدة وعنف تقابل من‬
‫رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬بحلم عظيم تجعل ذلك ينضم لھذا الدين‪ ،‬ويبذل له‬
‫ھي‬
‫بالتي ِ َ‬ ‫السيئة ْ َ ْ‬
‫ادفع ِ ﱠ ِ‬ ‫ﱠ ِّ َ ُ‬ ‫تستوي ْ َ َ َ ُ‬
‫الحسنة َوال َ‬ ‫نصف ماله في أول لحظات إسالمه! ) َوال َ َ ْ َ ِ‬
‫وما‬
‫صبروا َ َ‬
‫الذين َ َ ُ‬ ‫وما ُ َ ﱠ َ‬
‫يلقاھا ِإال ﱠ ﱠ ِ َ‬ ‫حميم * َ َ‬
‫ولي َ ِ ٌ‬ ‫عداوة َ َ ﱠ ُ‬
‫كأنه َ ِ ﱞ‬ ‫وبينه َ َ َ ٌ‬
‫بينك َ َ ْ َ ُ‬
‫الذي َ ْ َ َ‬ ‫َ ْ َ ُ‬
‫أحسن َ ِ َ‬
‫فإذا ﱠ ِ‬
‫حظ ّ َ ِ ٍ‬
‫عظيم(‬ ‫َُ ﱠ َ‬
‫يلقاھآ ِإال ﱠ ُذو َ ٍ‬

‫فيا قاصد البحر ويا أيھا الداعي إلى ﷲ‪ :‬تذكر أن الكلمة القاسية الجافة‪ ،‬لھا كلمة‬
‫إن نقطة العسل تصيد من‬
‫طيبة مرادفة تؤدي نفس المعنى بال أذى‪ ،‬وفي المثل‪ :‬ﱠ‬
‫الذباب ما ال يصيده برميل علقم فبالعوراء ال تنطق‪ ،‬ولكن بما يرضى اإلله من الكالم‪ .‬يمر‬
‫أحد الصالحين بقرية يدعوھم فيھا إلى الھدى‪ ،‬فيسبونه ويشتمونه‪ ،‬فيدعو لھم بالصالح‬
‫خيرا! قال في‬
‫ً‬ ‫شرا‪ ،‬وترد عليھم‬
‫ً‬ ‫والھداية‪ ،‬فقال أصحابه‪ :‬تدعو لھم وھم يريدون بك‬
‫كل ينفق مما عنده‪.‬‬
‫سمو خلق‪ ،‬ورقة نفس‪ ،‬وسعة صدر‪ٌ :‬‬
‫ُ ُ‬
‫تواضع وانحنى‬
‫َ‬ ‫خير‬
‫ٍ‬ ‫كالغصن ُكلما *** ازداد من‬
‫ِ‬ ‫األصل‬
‫َ‬ ‫إن كريم‬
‫فخذھم بالرقى؛ إن المھارى يھيجھا على السير الحداء‪ .‬فاقصد البحر برفق وخل‬
‫القنوات‪.‬‬

‫أخيرا يا من قصد البحر بسبب وصحبة إخالص وصدق وصواب وھمة مقرونة بھا يعقبه‬
‫عمل وقد نقد الثمن بثبات وتميز واتزان اعلم أنك مسئول )فو ربك لنسألنھم أجمعين‬
‫عما كانوا يعملون( فليتق ﷲ قاصد البحر في كل كلمة يقولھا وكل حركة أو سكون فإن‬
‫ﷲ سائله‪ .‬ذكر عن بعض العلماء رحمھم ﷲ أنه ولي القضاء فحكم على رجل تاجر‬
‫سفيه طائش فقال له وﷲ ما أردت بحكمك ھذا وجه ﷲ ولقد ظلمتني فقال العالم أو‬
‫تقول ذاك قال نعم وأقسم عليه قال العالم ‪-‬واسمعوا لما قال‪ -‬قال والذي ال إله إال ھو ما‬
‫تكلمت بكلمة منذ أربعين عاما إال وأعددت لھا جوابا بين يدي ﷲ عز وجل! فيا قاصد‬
‫البحر" لن تزول قدم عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما‬
‫أباله وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وعن علمه ماذا عمل به" فماذا عسى‬
‫يكون الجواب أعد للسؤال جوابا وللجواب صوابا واقصد البحر بإعداد وخل القنوات أخي‬
‫قاصد البحر ولعل الكل قاصد بقي أمور البد لي من سردھا نظرا للضيق أعط كل ذي‬
‫حق حقه وقدم فاضل األعمال على مفضولھا واعرف خير الخيرين لتتبع وشر الشرين‬
‫فادفع وسع الدليل تدور وال تغتر بالكثرة والبر البر تفلح والقصد واعلم أن الكالم في‬
‫الموضوع يطول وما قلته سوى وميض حداء على الطريق اكتفيت فيه من القالدة بما‬
‫أحاط من عنقي عجزا في يق وقت فما وجدت من صواب وحق فاقبله وال تزد في نقائبه‬
‫وما وجدت من خطأ في علم لم آل لترك الصواب ويأبى ﷲ إال أن يتفرد بالكمال والنقص‬
‫في أصل الطبيعة كائن وكيف يعصم من الخطأ من خلق ظلوما جھوال‬
‫لكن إن تجد عيبا فسد الخلال *** جل من ال عيب فيه وعال‬
‫واقصد البحر وخل القنوات‬

‫علما وعمال‪،‬‬
‫ً‬ ‫أسأل ﷲ بأسمائه الحسنى‪ ،‬وصفاته العال أن ينفعنا بما علمنا‪ ،‬وأن يزيدنا‬
‫ويسر الھدى لنا‪ .‬اللھم كن‬
‫ِّ‬ ‫اللھم كن لنا‪ ،‬وامكر لنا‪ ،‬وانصرنا وأعنا‪ ،‬واھدنا واھد بنا‪،‬‬
‫وتول أمرھم‪ ،‬اللھم أزل‬
‫ﱠ‬ ‫للمستضعفين والمضطھدين والمظلومين‪ ،‬اللھم اجبر كسرھم‪،‬‬
‫عنھم العناء‪ ،‬واكشف عنھم الضر والبالء‪ ،‬اللھم أنزل عليھم من الصبر أضعاف ما نزل بھم‬
‫من البالء‪ ،‬يا سميع الدعاء يا حي يا قيوم يا ذا الجالل واإلكرام وآخر دعوانا أن الحمد ‪9‬‬
‫رب العالمين وكلمة أخيرة رسالة جاءتني من مدير مؤسسة الحرمين يدعوكم فيھا ألن‬
‫تتبرعوا إلخوانكم وأنا أشد على يده إخوانكم أحوج ما يكونون إليكم والمؤمنون جسد‬
‫واحد إذا اشتكى بعضه تداعى له سائر الجسد بالسھر والحمى وصلى اللھم على‬
‫نبينا محمد ومعذرة لإلطالة‪.‬‬
‫فضيلة الشيخ ‪ /‬علي عبد الخالق القرني‬

‫األمر بالمعروف‬

‫إن الحمد ‪ 9‬نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ با‪ 9‬من شرور أنفسنا ومن‬
‫سيئات أعمالنا من يھديه ﷲ فال مضل له ومن يضلل فال ھادي له أشھد أال إله إال ﷲ‬
‫وحده ال شريك له وأشھد أن محمد عبد ﷲ ورسوله أرسله ﷲ رحمة للعالمين فشرح‬
‫به الصدور وأنار به العقول وفتح به أعينا عميا وأذان صما وقلوب غلفا صلى ﷲ عليه‬
‫وعلى آله وصحبه والتابعين لھم بإحسان وسلم تسليما كثيرا ‪.‬‬
‫يا أمة الحق واآلالم مقبلة متى تعين ونار الشر تستعر‬
‫متى الھواء وقد ضمت مصيبتنا متى الخالص وقد لمت بنا العبر‬
‫متى يعود إلى اإلسالم مسجده متى يعود إلى محرابه عمر‬
‫أكل يوم يرى للدين نازلة وأمة الحق ال سمع وال بصر‬

‫وحرجا‪ ،‬يتعلق بمصير أمتنا‪ ،‬أقول‪ :‬إن‬


‫ً‬ ‫ً‬
‫دقيقا‬ ‫عصيبا‪ ،‬ووقتا‬
‫ً‬ ‫زمنا‬
‫ً‬ ‫عباد ﷲ‪ :‬ونحن نعيش‬
‫النجاة في انقيادنا لكتاب ﷲ‪ ،‬وسنة رسوله ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ ،-‬فلقد كتب ﷲ‬
‫لھذه األمة حين تحيد عن كتاب ﷲ أن تتقلب في ثنايا اإلھانات‪ ،‬وتتنقل من ھزيمة إلى‬
‫ھزيمة‪ ،‬فلنرفع الغطاء عن أعيننا‪ ،‬ولنكن صرحاء مع أنفسنا‪ ،‬كفانا نكبات‪ ،‬وكفانا كوارث‪،‬‬
‫وكفانا نكسات‪ ،‬وكفانا تلمس النصر في ثنايا البشر من دون ﷲ‪ ،‬كفانا كوننا عن كتاب‬
‫ولنعد إلى الحق‬ ‫ُ‬ ‫ﷲ بعيدين‪ ،‬وعن سنة رسوله ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬حائدين‪،‬‬
‫بعضٍ َ ْ ُ ُ َ‬
‫يأمرون‬ ‫بعضھم َ ْ ِ َ ُ‬
‫أولياء َ ْ‬ ‫والمؤمنون َ ْ ُ ْ ِ َ ُ‬
‫والمؤمنات َ ْ ُ ُ ْ‬ ‫المبين‪ ،‬فاسمعوا إليه يوم يقول‪َ ُ ِ ْ ُ ْ َ ) :‬‬
‫ورسوله ُ َ ِ َ‬
‫أولئك‬ ‫ﷲ ََ ُ َ ُ‬ ‫ويطيعون َ‬ ‫ويؤتون ﱠ َ َ‬
‫الزكاة َ ُ ِ ُ َ‬ ‫ﱠ ََ‬
‫الصالة َ ُ ْ ُ َ‬ ‫ويقيمون‬ ‫عن ْ ُ ْ َ ِ‬
‫المنكر َ ُ ِ ُ َ‬ ‫وينھون َ ِ‬ ‫ِ ْ َ ْ ُ ِ‬
‫بالمعروف َ َ ْ َ ْ َ‬
‫ﷲ(‬
‫سيرحمھم ُ‬
‫َ َْ َ ُ ُ ُ‬
‫أال فاتقوا ﷲ حق تقواه‪ ،‬يا عباد ﷲ‪ ،‬واعلموا أن من أسباب النجاة األمر بالمعروف‪،‬‬
‫والنھي عن المنكر‪ ،‬ومن أسباب السقوط والھالك‪ :‬السكوت عن المنكرات‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫ُ ِ‬
‫السوء(‪.‬‬ ‫عن‬
‫ينھون َ ِ‬
‫الذين َ ْ َ ْ َ‬ ‫) َ ََْ‬
‫وأنجينا ﱠ ِ َ‬
‫أال فاعلموا‪ :‬أن من أعظم خصائص أمتنا‪ :‬أنھا تأمر بالمعروف‪ ،‬وتنھى عن المنكر‪ ،‬وأن‬
‫وغضبا النتھاك حدود‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫غيظا‬ ‫انتھكت محارم ﷲ‪ ،‬ودعاتھا يشتاطون‬ ‫علماءھا يغضبون إذا ُ‬
‫وينھون‬ ‫ويأمرون ِ ْ َ ْ ُ ِ‬
‫بالمعروف َ َ ْ َ ْ َ‬ ‫الخير َ َ ُ ُ َ‬ ‫يدعون ِ َ‬
‫إلى ْ َ ْ ِ‬ ‫منكم ُ ﱠ ٌ‬
‫أمة َ ْ ُ َ‬ ‫ﷲ‪ ،‬فھي المأمورة بقوله‪ُ َ ْ َ ) :‬‬
‫ولتكن ِ ّ ْ ُ ْ‬
‫ھم ْ ُ ْ ِ ُ َ‬
‫المفلحون( أال فلتكن طائفة تقف على حدود ﷲ؛ ترعى‬ ‫المنكر َ ُ َ ِ َ‬
‫وأولئك ُ ُ‬ ‫عن ْ ُ ْ َ ِ‬
‫َ ِ‬
‫من رضي‪،‬‬
‫ورضي َ ْ‬
‫من غضب‪َ ِ َ ،‬‬
‫غضب َ ْ‬
‫المجتمع‪ ،‬تنظر ألحوال األمة‪ ،‬ال تسمح للجريمة‪َ ِ َ ،‬‬
‫ليكن منكم علماء ودعاة يقفون أمام الشرور والمنكرات‪ ،‬يؤدون رسالة ﷲ‪ ،‬ليرحمنا ﷲ‪-‬‬
‫ﷲ( ويوم يترك األمر بالمعروف‪ ،‬فلنعلم أننا نحارب ﷲ‪،‬‬
‫سيرحمھم ُ‬ ‫عز وجل‪َ ِ َ ُ ) -‬‬
‫أولئك َ َ ْ َ ُ ُ ُ‬
‫تمادت بنا األھواء والخور؛‬
‫َ ْ‬ ‫طوقنا‪ ،‬وأن سخط ﷲ قد قرب منا‪ ،‬فإن‬
‫ولنعلم أن غضب ﷲ قد ﱠ‬
‫فھي العقوبة ال ُتبقي وال تذر‪.‬‬
‫ما نتيجة أن يقر الناس على الجريمة‪ ،‬ويسكت على الفاحشة‪ ،‬ويقدم العاصي‪ ،‬ويؤخر‬
‫المؤمن المرضي الراضي‪ ،‬ما نتيجة ترك الصلوات؟ وتعاطي المخدرات؟ والركون إلى‬
‫الذين ظلموا؟ وسماع األغاني الماجنات؟ والجري وراء الشھوات؟ والمجاھرة بكل ھذه‬
‫المنكرات؟‬
‫ما نتيجة الرضا بكل ھذه المنكرات؟ وما نتيجة السكوت على ھذه المنكرات؟‬
‫إن نتيجة ذلك ومعناه سوف تختل األمور‪ ،‬ويغضب ﷲ ومالئكته‪ ،‬معناه أن البركة نزعت؛‬
‫ساكنا‪ ،‬وإال لماذا كنا خير أمة أخرجت للناس؟‪ ،‬كنا‬
‫ً‬ ‫حركنا‬
‫ألننا سمعنا ورأينا وفسدنا‪ ،‬فما ﱠ‬
‫كذلك باألمر والنھي؛ نأمر بالمعروف بالمعروف‪ ،‬وننھى عن المنكر بالمعروف‪ ،‬وإال فان‬
‫العذاب والسوء ينتظرنا‪ .‬في األثر "أن ﷲ‪ -‬جل وعال‪ -‬أوحى إلى جبريل ‪-‬عليه السالم‪:-‬‬
‫أن اقلب مدينة >سبأ< على من فيھا‪- .‬وجبريل كما تعلمون أعطاه ﷲ قوة ھائلة‪ ،‬يقتلع‬
‫الجبال والوديان والثغور واألشجار واألحجار‪ ،‬له ستمائة جناح‪ -‬بجناح واحد حمل أربع‬
‫قرى‪ ،‬ورفعھا إلى السماء حتى سمعت المالئكة نباح كالبھم‪ ،‬ثم رماھم‪ ،‬فجعل العالي‬
‫عبدك‬
‫َ‬ ‫سافال‪ ،‬أرسله ﷲ إلى ھذه المدينة ليقلبھا على من فيھا‪ ،‬فقال‪ :‬يا رب إن فيھا‬
‫في قط‪ ".‬ال إله إال‬
‫ﱠ‬ ‫يتمعر وجھه‬
‫ﱠ‬ ‫يعصك طرفة عين‪ ،‬قال ﷲ‪ :‬فبه فابدأ؛ ألنه لم‬
‫ِ‬ ‫فالنا‪ ،‬لم‬
‫ً‬
‫ﷲ‪ ،‬يصلي ولم يعصِ ﷲ طرفة عين‪ ،‬لكنه يرى المنكر فال يغار‪ ،‬ويسكت عليه‪ ،‬فنزل‬
‫ربك‬ ‫ذلك َ ْ ُ‬
‫أخذ َ ِ ّ َ‬ ‫جبريل‪ ،‬فأخذه بطرف جناح من معبده‪ ،‬فجعله في أول موكب المعذبين ) َ َ‬
‫وك َ ِ َ‬
‫إسرائيل‬
‫بني ِ ْ َ ِ َ‬ ‫الذين َ َ ُ‬
‫كفروا ِمن َ ِ‬ ‫ُعن ﱠ ِ َ‬
‫شديد( )ل ِ َ‬ ‫أخذه َ ِ ٌ‬
‫أليم َ ِ ٌ‬ ‫إن َ ْ َ ُ‬ ‫وھي َ ِ َ ٌ‬
‫ظالمة ِ ﱠ‬ ‫القرى َ ِ َ‬ ‫إذا َ َ َ‬
‫أخذ ْ ُ َ‬ ‫ِ َ‬
‫يعتدون * َ ُ‬
‫كانوا ال َ‬ ‫عصوا َ َ ُ‬
‫وكانوا َ ْ َ ُ َ‬ ‫بما َ َ ْ‬ ‫مريم( لم لعنوا؟ ) َ ِ َ‬
‫ذلك ِ َ‬ ‫ابن َ ْ َ َ‬
‫وعيسى ْ ِ‬ ‫ُود َ ِ َ‬
‫لسان َدا َ‬
‫على ِ َ ِ‬ ‫َ َ‬
‫ُون(‬
‫يفعل َ‬
‫كانوا َ ْ َ‬ ‫ُوه َ ِ ْ َ‬
‫لبئس َما َ ُ‬ ‫منكر َ َ‬
‫فعل ُ‬ ‫يتناھون َعن ﱡ َ ٍ‬
‫َََ َ ْ َ‬
‫ذاك في بني إسرائيل‪ ،‬لكن وﷲ قد وجد في مجتمعاتنا من يدعو إلى عدم التكلم عن‬
‫الجرائم‪ ،‬والمنكرات‪ ،‬وعدم تشخيصھا‪ ،‬وتحذير األمة منھا‪ ،‬ووﷲ ما حصل ذلك إال وھلكت‬
‫لسان‬
‫على ِ َ ِ‬ ‫إسرائيل َ َ‬
‫بني ِ ْ َ ِ َ‬ ‫كفروا ِمن َ ِ‬‫الذين َ َ ُ‬
‫ُعن ﱠ ِ َ‬
‫األمة‪ ،‬وذھبت إلى الدمار‪ ،‬والعار‪ ،‬والنار‪) ،‬ل ِ َ‬
‫ُوه(‬ ‫منكر َ َ‬
‫فعل ُ‬ ‫يتناھون َعن ﱡ َ ٍ‬ ‫يعتدون * َ ُ‬
‫كانوا ال َ َ َ َ َ ْ َ‬ ‫عصوا َ َ ُ‬
‫وكانوا َ ْ َ ُ َ‬ ‫بما َ َ ْ‬
‫ذلك ِ َ‬
‫مريم َ ِ َ‬
‫ابن َ ْ َ َ‬
‫وعيسى ْ ِ‬
‫داود َ ِ َ‬
‫َ َ‬
‫فويت الجماعات شاع‪،‬‬
‫الزنى ودور الخمر فشت‪ ،‬وقطيعة الرحم والعقوق ذاعت‪ ،‬وتَ ْ ِ‬
‫والتطفيف في المكيال والميزان زاد‪ ،‬والضغينة والمنكرات فاحت رائحتھا‪ ،‬وعلماء بني‬
‫ً‬
‫رھبة‪ ،‬والسكوت –‬ ‫ً‬
‫رغبة أو‬ ‫إسرائيل ساكتون‪ ،‬صامتون‪ ،‬ملجمون‪ ،‬لماذا؟ سكتوا –وﷲ‪-‬‬
‫فان أو منازل ومناصب‪ ،‬أو وظائف ال‬
‫ٍ‬ ‫دائما‪ -‬إما رغبة وإما رھبة؛ إما رغبة في حطام‬
‫ً‬
‫تسمن وال تغني من جوع‪ ،‬وإما رھبة من سوط وقسوة بعض الظلمة‪ ،‬فسكتوا‪ ،‬فماذا‬
‫يحرفون‬ ‫ُوبھم َ ِ َ ً‬
‫قاسية ُ َ ِّ ُ َ‬ ‫وجعلنا ُقل َ ُ ْ‬ ‫ميثاقھم َ ﱠ ُ ْ‬
‫لعناھم َ َ َ ْ َ‬ ‫نقضھم ِ ّ َ َ ُ ْ‬ ‫كان الجزاء؟ قال سبحانه‪َ ِ َ ) :‬‬
‫فبما َ ْ ِ ِ‬
‫به(‬ ‫مما ُ ِّ ُ‬
‫ذكروا ِ ِ‬ ‫ونسوا َ ً ّ‬
‫حظا ِ ّ ﱠ‬ ‫مواضعه َ َ ُ‬ ‫ْ َِ َ‬
‫الكلم َعن ﱠ َ ِ ِ ِ‬

‫قال أھل العلم‪ :‬كان في الميثاق الذي أخذ عليھم‪ :‬أن يأمروا بالمعروف‪ ،‬وينھوا عن‬
‫المنكر‪ ،‬صح عنه –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬أنه قال –في حديث ابن مسعود‪ ،‬الذي رواه‬
‫الترمذي‪" :-‬إنما دخل النقض على بني إسرائيل أنه كان إذا لقي أحدھم أخاه‪ ،‬وھو‬
‫على الفاحشة‪ ،‬قال له‪ :‬اتق ﷲ‪ ،‬ثم ال يمنعه ذلك أن يكون أكيله وقعيده وشريبه‪ ،‬فلما‬
‫وعمھم بعقاب وغضب من عنده‪ ،‬كان‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬‬
‫ﱠ‬ ‫فعلوا ذلك لعنھم ﷲ‪،‬‬
‫ولتنھون عن‬
‫َ ُ ﱠ‬ ‫لتأمرن بالمعروف‪،‬‬
‫ﱠ‬ ‫ً‬
‫متكئا فتربع‪ ،‬وجلس‪ ،‬وقال‪ :‬كال والذي نفسي بيده‪،‬‬
‫طرا‪ ،‬أو ليضربن ﷲ قلوب‬
‫المنكر‪ ،‬ولتأخذن على يد السفيه‪ ،‬ولتأطرنه على الحق أ ً‬
‫بعضكم ببعض‪ ،‬ثم يلعنكم كما لعنھم‪ ".‬ال إله إال ﷲ‪ ،‬نعوذ با‪ 9‬من لعنة ﷲ‪ ،‬وغضب ﷲ‪،‬‬
‫"لتأمرن بالمعروف‪ ،‬ولتنھون عن المنكر‪ ،‬أو ليسلطن ﷲ عليكم من ال يرحم صغيركم وال‬
‫يوقر كبيركم "لتأمرن بالمعروف‪ ،‬ولتنھون عن المنكر‪ ،‬أو ليسلطن ﷲ عليكم شراركم‪،‬‬
‫فيؤخذ الصالح والطالح‪ ،‬وأن‬
‫فيدعوا خياركم فال يستجاب لھم"‪ ،‬أترضون أن يعم الشر؛ ُ َ‬
‫تنزل لعنة ﷲ‪ ،‬وإذا تنزلت ال ترفع؟ أترضون أن يمقتنا ﷲ من فوق سماواته؟‪ ،‬أين األمر‬
‫بالمعروف والنھي عن المنكر؟ أما اتكلنا على غير ﷲ‪ ،‬أما عمت الشعوذة والخرافة في‬
‫بعض القرى والبوادي؟‪ ،‬أما انتشر الفحش؟ أما استبدل القرآن في بيوت كثير من الناس‬
‫باألغنية؟ أما عھد في متاع القرآن باللھو والمجون؟ أما ضيعت الصلوات‪ -‬إال في بيوت‬
‫وسكت عليه؟ أما قطعت األرحام؟‬
‫تھون بالجماعات؟ أما انتشر الربا ُ‬
‫من رحم ﷲ‪-‬؟ أما ُ ُ ِّ َ‬
‫سب محمد ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬؟ أما ُقتل‬ ‫أما ُأعلن اإللحاد؟ أما ُ ﱠ‬
‫سب اإلله؟ أما ُ ﱠ‬
‫المسلمون؟ أما ُأحييت الليالي على الماجنات من المغنين والمغنيات؟ أحييت على ‪-‬‬
‫ھل رأى الحب سكارى مثلنا‪ -‬ورفع ستار الخجل‪ ،‬وغيرھا من الترھات والخزعبالت؟ أما‬
‫ُأخذ الميراث؟ أما ُ ﱠ‬
‫عق الوالدان‪ ،‬ولم يؤخذ على أيدي ھؤالء‪ ،‬والدعاة مئات ومئات‪،‬‬
‫والعلماء كذلك‪ ،‬والجامعات تخرج‪ ،‬والمعاھد والمدارس؟‬

‫فيا طلبة العلم‪ ،‬ويا أيھا العلماء‪ ،‬ويا دعاة اإلسالم‪ :‬ھذا وقت األمر والنھي‪ ،‬من‬
‫يأمر وينھى إن لم تأمروا وتنھوا؟ إنا ال ندعو لمضاربة الناس‪ ،‬وال لشتمھم‪ ،‬وال لجرح‬
‫شعورھم‪ ،‬وال للتشھير بھم‪ ،‬حاشا وكال لكن ندعو إلى إنقاذ الناس من الضاللة ندعو‬
‫إلى إنقاذ الناس من النار ندعو إلى أخذ الناس بمركب النجاه ندعو إلى األخذ بحبل ﷲ؛‬
‫بكلمة الحق في أي مكان‪ ،‬بالنصيحة في الشارع‪ ،‬بالقدوة الحسنة‪ ،‬بالزيارات‪ ،‬يقول‬
‫منكرا فليغيره بيده؛ فإن لم يستطع‬
‫ً‬ ‫محمد –صلى ﷲ عليه وسلم‪ " :-‬من رأى منكم‬
‫فبلسانه‪ ،‬فإن لم يستطع فبقلبه‪ ،‬وذلك أضعف اإليمان‪ ".‬وفي رواية" ليس بعد ذلك حبة‬
‫خردل من إيمان" وعن ]عبادة بن الصامت[‪ -‬رضي ﷲ عنه وأرضاه‪ -‬قال‪ ":‬بايعنا رسول‬
‫ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬على السمع والطاعة في المنشط والمكره‪ ،‬والعسر‬
‫واليسر‪ ،‬وأن نقول في ﷲ ال تأخذنا فيه لومة الئم‪ ،‬ومنا من وفى بذلك؛ فأجره على‬
‫من يغضب إذا رضي ﷲ‪ ،‬ويسخط‬
‫ﷲ"‪ ،‬أال ال تأخذ المسلم في ﷲ لومة الئم‪ ،‬يغضب َ ْ‬
‫من يسخط إذا رضي ﷲ‪ ،‬من أرضى الناس بسخط ﷲ‪ ،‬سخط ﷲ عليه‪ ،‬وأسخط عليه‬
‫الناس‪ ،‬ومن أرضى ﷲ بسخط الناس‪ ،‬رضي ﷲ عليه‪ ،‬وأرضى عليه الناس‪ ،‬وﷲ إذا‬
‫علم منك أنك تريد إرضاءه‪ ،‬أرضى عنك الناس‪ ،‬وحماك وسددك وكفاك وآواك‪ ،‬أال فاحفظ‬
‫تعرف على ﷲ في الرخاء‪ ،‬يعرفك في الشدة‪،‬‬
‫ﷲ يحفظك‪ ،‬واحفظ ﷲ تجده تجاھك‪ ،‬ﱠ‬
‫صح عنه‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬أنه قال‪ ":‬مثل القائم في حدود ﷲ‪ -‬أي الذي يأمر‬
‫وينھى‪ -‬والواقع فيھا‪ ،‬كمثل قوم استھموا في سفينة‪ ،‬فكان قوم أعالھا‪ ،‬وقوم أسفلھا‪،‬‬
‫فكان الذين في أسفلھا إذا استقوا الماء مروا على الذين في أعالھا‪ ،‬فظنوا أنھم‬
‫آذوھم‪ ،‬فقالوا‪ :‬لو أنا خرقنا في الجانب السفلي لما آذينا الذين فوقنا" ثم قال‪ -‬عليه‬
‫جميعا‪ ،‬وإذا أخذوا على أيديھم نجوا‬
‫ً‬ ‫الصالة والسالم‪" :-‬فإذا تركوھم ھلكوا‪ ،‬وھلكوا‬
‫جميعا‪".‬‬
‫ً‬ ‫ونجوا‬
‫وھذا مثل من يترك المفسدين الفجرة‪ ،‬الذين يلعبون باألعراض والمبادئ والقيم‪ ،‬ويقول‪:‬‬
‫نفسي نفسي‪ ،‬يصلي ويخرس كالشيطان األخرس‪ ،‬من بيته إلى المسجد‪ ،‬ويرى‬
‫األمم‪ ،‬ويرى األجيال‪ ،‬والشباب تائھين‪ ،‬ضائعين‪ ،‬حائرين‪ ،‬ثم ال يقول ھذا ھو الطريق‬
‫مرتاحا‪ ،‬من كلف األمر بالمعروف والنھي عن المنكر‪،‬‬
‫ً‬ ‫مطمئنا‬
‫ً‬ ‫وديعا‪ ،‬ھادئ البال‪،‬‬
‫ً‬ ‫ليبقى‬
‫يرى الجرائم وال يتكلم بكلمة‪ ،‬أما –وﷲ‪ -‬لو أن أحدنا أمر بأمر بسيط‪ ،‬أو نھى عن منكر‬
‫في اليوم الواحد بالتي ھي أحسن‪ ،‬لصلح حالنا‪ ،‬من ننتظر أن يصلح حالنا إذا ما ال‬
‫يغيروا َما ِ َ ْ ُ ِ ِ ْ‬
‫بأنفسھم (‬ ‫حتى ُ َ ِ ّ ُ‬
‫بقوم َ ﱠ‬ ‫ﷲ ال َ ُ َ ِ ّ ُ‬
‫يغير َما ِ َ ْ ٍ‬ ‫إن َ‬
‫أصلحنا؟ ) ِ ﱠ‬

‫لكن يشترط فيمن يأمر بالمعروف‪ ،‬وينھى عن المنكر شروط‪:‬‬


‫خالصا ‪ ،9‬ال يبتغي األجر إال من ﷲ‪،‬‬
‫ً‬ ‫أولھا‪ :‬أن يكون أمره بالمعروف‪ ،‬ونھيه عن المنكر‪،‬‬
‫أثرا وال فائدة وال‬
‫ال ليقال أمر ونھى؛ فإن ﷲ سوف يرد عليه مقاصده‪ ،‬وال يجعل لدعوته ً‬
‫ربك ِ ْ ِ ْ َ ِ‬
‫بالحكمة‬ ‫سبيل َ ِ ّ َ‬ ‫ادع ِ َ‬
‫إلى َ ِ ِ‬ ‫نفعا‪ ،‬وأن يكون ذا علم‪ ،‬وأن يكون ذا بصيرة وحكمة ) ْ ُ‬
‫ً‬
‫َ ْ َ ْ ِ َ ِ‬
‫والموعظة ْ َ َ َ ِ‬
‫الحسنة( وأن يكون عامال بما يقول‪ ،‬وما أقبح من ينھى الناس‪ ،‬وھو واقع فيما‬
‫ينھى عنه!‪ ،‬لن تقبل دعوته‪.‬‬
‫عظيم‬
‫ُ‬ ‫عار عليك إذا فعلت‬
‫ٌ‬ ‫وتأتي مثله ***‬
‫َ‬ ‫ال تنه عن خلقٍ‬
‫حكيم‬
‫ُ‬ ‫غيھا *** فإذا انتھت عنه فأنت‬
‫ابدأ بنفسك فانھھا عن َ ِ ّ‬
‫وأن تكون الدعوة بالتي ھي أحسن؛ بالتحبب إلى القلوب‪ ،‬بشراء األرواح‪ ،‬إن الذي يأتي‬
‫ً‬
‫شيئا‪ ،‬بل أعان الشيطان على أخيه‪ ،‬إن من يجرح ويفضح‬ ‫منكرا بمنكر‪ ،‬ما فعل‬
‫ً‬ ‫ليغير‬
‫أثرا لدعوته‪ ،‬يقول ]اإلمام الشافعي[ –‬
‫الناس‪ ،‬ويشتم الناس‪ ،‬ويسب الناس‪ ،‬لن يجد ً‬
‫عظيما من مبادئ الدعوة إلى ﷲ‪:-‬‬
‫ً‬ ‫وھو يعلن مبدأ‬
‫النصيحة في الجماعة‬
‫َ‬ ‫بني ﱠ ِ‬
‫وجنِّ ْ ِ‬
‫بنصحك في انفرادي *** َ‬
‫َ‬ ‫تعمدني ُ‬
‫استماعه‬
‫َ‬ ‫نوع *** من التوبيخِ ال أرضى‬
‫ٌ‬ ‫النصح بين الناسِ‬
‫َ‬ ‫فإن‬
‫تعطَ طاعة‬
‫وعصيت أمري *** فال تجزع إذا لم ُ ْ‬
‫َ‬ ‫فإن خالفتني‬

‫أال يا عباد ﷲ‪ :‬مروا بالمعروف‪ ،‬ال تخشوا إال ﷲ‪ ،‬ال خير فيكم إن لم تقولوا كلمة الحق‪،‬‬
‫وال خير فيمن لم يسمعھا‪ ،‬وال تظنوا أن الطريق مفروش بالورود لمن أمر ونھى‪ ،‬إنه‬
‫طريق محمد ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬أوذي فيه‪ ،‬ووضع سال الجذور على ظھره‪ ،‬ووضع‬
‫وشج وجھه‪ ،‬وكسرت رباعيته؛ فما ضعف وما‬ ‫الشوك في طريقه‪ُ ،‬‬
‫وأدمي عقباه‪ ُ ،‬ﱠ‬
‫استكان‪ ،‬وما ھان‪ ،‬وما كان له ذلك‪ ،‬وللدعاة من بعده‪ ،‬قدوة فيه –صلى ﷲ عليه‬
‫وسلم‪ .-‬ھاھو] عبد ﷲ بن علي[‪ -‬الحاكم العباسي‪ -‬عم ]أبي جعفر المنصور[‪ ،‬يوم‬
‫دخل لمصر محتال‪ ،‬دخلھا في يوم واحد‪ ،‬فقتل ثمانية وثالثين ألف مسلم في ست‬
‫ساعات‪ ،‬قتل ھؤالء كلھم‪ ،‬كان من جبابرة الدنيا‪ ،‬حتى أدخل الخيول في مسجد بني‬
‫أمية‪ ،‬ثم دخل قصره‪ ،‬وقال‪ :‬من يعارضني فيما فعلت؟ قالوا‪ :‬ال يعارضك أحد‪ ،‬قال‪ :‬أترون‬
‫على‪ ،‬قالوا‪ :‬ال يمكن أن ينكر عليك أحد إال – ]األوزاعي[ –‬
‫ﱠ‬ ‫أحدا من الناس يمكن أن ينكر‬
‫ً‬
‫نودي‬
‫علي باألوزاعي ‪ ،‬فلما ُ ِ‬
‫ﱠ‬ ‫عالم الدنيا في ذلك الوقت‪ ،‬الزاھد‪ ،‬المحدث الكبير‪ ،-‬قال‪:‬‬
‫رسوبا‬
‫ً‬ ‫األوزاعي‪ ،‬علم أن الموت ينتظره‪ ،‬وأن ﷲ أراد أن يبتليه؛ إما أن ينجح‪ ،‬أو يرسب‬
‫ما بعده رسوب‪ ،‬علم أن ﷲ أراد أن يمتحنه ليصبر‪ ،‬أوال يصبر‪ ،‬قالوا‪ :‬لألوزاعى عبد ﷲ‬
‫بن علي يدعوك لمقابلته اليوم‪ ،‬الدماء تجري ال زالت لم تجف على أرض دمشق‪ .‬فماذا‬
‫كان من ھذا العالم الزاھد؟ لبس أكفانه بعدما اغتسل‪ ،‬ثم لبس ثيابه من على أكفانه‪،‬‬
‫ثم أخذ عصاه‪ ،‬وخرج من بيته‪ ،‬وقال‪ :‬يا ذا العزة التي ال ُتضام‪ ،‬والركن الذي ال ُيرام‪ ،‬يا‬
‫تھزم جنوده‪ ،‬وال ُيغلب أولياؤه‪ ،‬اللھم أنت حسبي‪ ،‬ومن كنت حسبه فقد كفيته‪،‬‬
‫من ال ُ َ‬
‫ثم دخل‪ ،‬وقبل أن يدخل سمع عبد ﷲ بن علي‪ ،‬فصف وزراءه وأمراءه ميمنة وميسرة‪،‬‬
‫ليرھب ھذا العالم‪ ،‬ثم مد سماطين من الجلود‪ ،‬ثم أمرھم أن يرفعوا السيوف حتى‬
‫ُ‬
‫التقت رؤوسھا‪ ،‬ثم قال‪ :‬أدخلوا األوزاعي‪ ،‬فدخل من بين السيوف‪ ،‬فلما دخل‪ ،‬ووقف‬
‫غضبا حتى انعقد جبينه‪ ،‬قال‪ :‬أأنت األوزاعي؟‬
‫ً‬ ‫عند عبد ﷲ بن علي‪ ،‬غضب ھذا األمير‬
‫أني األوزاعي‪ ،‬قال‪ :‬األوزاعي في ھذه اللحظة قال‪ :‬وﷲ ما رأيته إال‬
‫قال‪ :‬يقول‪ :‬الناس ِ ّ‬
‫بارزا يوم القيامة‪ ،‬وكأن المنادي ينادي‪:‬‬
‫ً‬ ‫كأنه ذباب أمامي‪ ،‬يوم أن تصورت عرش الرحمن‬
‫فريق في الجنة وفريق في السعير‪ ،‬وﷲ ما دخلت قصره إال بعت نفسي من ﷲ‪ -‬عز‬
‫وجل‪ -‬قال األمير‪ :‬ما ترى في ھذه الدماء التي سفكنا؟ قال‪ :‬حدثني فالن بن فالن عن‬
‫جدك عبد ﷲ بن عباس‪ ،‬أن الرسول –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬قال‪ ":‬ال يحل دم‬
‫فالن عن ِّ‬
‫امرئ مسلم إال بإحدى ثالث؛ الثيب الزاني‪ ،‬والنفس بالنفس‪ ،‬والتارك لدينه المفارق‬
‫للجماعة"‪ ،‬فغضب حتى أصبح كالحية يتلظى‪ ،‬قال‪ :‬ورأيت الوزراء يرفعون ثيابھم؛ لئال‬
‫يصيبھم دمي إذا ُقتلت‪ ،‬قال‪ :‬وأخذت أرفع عمامتي ليقع السيف على رقبتي مباشرة‪،‬‬
‫قال‪ :‬فرفع رأسه‪ ،‬فقال‪ :‬ما ترى في ھذه األموال التي أخذت‪ ،‬وھذه الدور التي‬
‫عريانا كما خلقك؛ فإن‬
‫ً‬ ‫اغتصبت؟ قال‪ :‬قلت‪ :‬سوف يجردك ﷲ يوم القيامة‪ ،‬ويحاسبك‬
‫حراما فعقاب‪ ،‬قال‪ :‬فتلمظ كالحية‪ ،‬ورأيت الناس‬
‫ً‬ ‫كانت حالال فحساب‪ ،‬وإن كانت‬
‫يتحفزون لئال يقع دمي عليھم‪ .‬قال‪ :‬وكنت أقول في نفسي‪ :‬حسبي ﷲ ال إله إال ھو‬
‫عليه توكلت‪ ،‬وھو رب العرش العظيم‪ .‬قال‪ :‬فما كان منه إال أن قال‪ :‬اخرج‪.‬قال فخرجت‬
‫فما زادني ربي إال عزة وكرامة‪ .‬لما مات ھذا اإلمام‪ ،‬أتى عبد ﷲ بن علي ذلك الجبار‬
‫إلى قبره‪ ،‬وقال‪ :‬وﷲ إني كنت أخافك أخوف أھل األرض‪ ،‬وﷲ إني كنت إذا رأيتك رأيت‬
‫بارزا‪ ،‬لم خافه؟ ألنه صدق مع ﷲ‪ ،‬واعتصم بحبل ﷲ‪ ،‬وخاف ﷲ فخوف ﷲ منه‬
‫ً‬ ‫األسد‬
‫كل شيء‪ .‬و ھاھو ]األسود العنسي[‪ -‬طاغية اليمن‪ -‬الكافر‪ ،‬الساحر‪ ،‬القبيح الظالم‪،‬‬
‫يجتمع حوله اللصوص‪ ،‬وقطاع الطرق؛ ليكونوا فرقة للصد عن سبيل ﷲ‪ ،‬ليذبحوا الدعاة‬
‫إلى ﷲ‪ ،‬ذبح من المسلمين من ذبح‪ ،‬وحرق من حرق‪ ،‬وطرد من طرد‪ ،‬وفر الناس‬
‫بدينھم‪ ،‬أخذ يھتك األعراض‪ ،‬ويعذب الدعاة‪ ،‬ومن بين ھؤالء الدعاة المخلصين ]أبو‬
‫مسلم الخوالني[‪ -‬عليه رحمة ﷲ ورضوانه‪ -‬عذبه فثبت كثبات سحرة فرعون‪ ،‬حاول أن‬
‫يثنيه عن دينه‪ ،‬وعن دعوته‪ ،‬وأمره ونھيه‪ ،‬فقال‪ :‬كال والذي فطرني لن أقف‪ ،‬فاقض ما‬
‫أنت قاض إنما تقضي ھذه الحياة الدنيا‪ ،‬جمع األسود الناس‪ ،‬وقال‪ :‬أتعتقدون في‬
‫داعيتكم أنه على حق؟ إن كان على حق‪ ،‬فسينجيه الحق‪ ،‬وإن كان على باطل‬
‫فسترون‪ ،‬ثم أمر بالنار فأضرمت نار ھائلة‪ ،‬تمر الطيور من فوقھا فتسقط ِ َ ِ‬
‫لعظم ألسنة‬
‫يدي أبي مسلم ورجليه بالقيد‪ ،‬ووضعوه في مقالع‪ ،‬ثم نسفوه‬
‫ْ‬ ‫لھب ھذه النار‪ ،‬ثم ربط‬
‫بالمقالع ليھوي في خضم لھيب النار‪ ،‬ولظاھا‪ ،‬وجمرھا‪ ،‬وھو يقول‪ :‬حسبي ﷲ ونعم‬
‫الوكيل‪ ،‬كاد الموحدون أن تنخلع قلوبھم‪ ،‬وقف الناس ينظرون‪ ،‬وبدأت النار تخبو وتضعف‪،‬‬
‫ماشيا على قدميه‪ ،‬قد فكت النار وثاقه‪ ،‬عليه‬
‫ً‬ ‫وإذ بأبي مسلم يخرج من طرفيھا األخر‬
‫ثيابه لم تحترق‪ ،‬يدوس بقدميه الحافيتين الجمر‪ ،‬ويتبسم وينظر إلى الناس‪ ،‬ذھل‬
‫الطاغية‪ ،‬وخاف أن يسلم من لم يسلم‪ ،‬فھددھم‪ ،‬وتوعدھم‪ ،‬ليصدھم عن سبيل ﷲ‪،‬‬
‫فارا بدينه‪ ،‬والمؤمنون يتبعونه‪ ،‬حتى وصل‬
‫مشيه ً‬
‫َ‬ ‫أما أبو مسلم فخرج من النار‪ ،‬وواصل‬
‫إلى المدينة –في عھد أبي بكر‪ ،‬رضي ﷲ عنه وأرضاه‪ -‬دخل المسجد‪ ،‬وصلى ركعتين‪،‬‬
‫يجد السير إليه‪ ،‬فلما رآه قال‪ :‬أأنت أبو مسلم؟‬
‫وسمع به عمر –رضي ﷲ عنه‪ ،-‬فجاء َ ِ ﱡ‬
‫سليما؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬فاعتنقه‬
‫ً‬ ‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬أأنت الذي قذفت في النار‪ ،‬وخرجت منھا‬
‫عمر يبكي‪ ،‬ويقول‪ :‬الحمد ‪ 9‬الذي جعل في أمة محمد ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬مثل‬
‫إبراھيم الخليل ‪-‬عليه السالم‪ -‬أال فادعوا ﷲ أيھا المسلمون‪ ،‬ومروا بالمعروف‪ ،‬وانھوا‬
‫عن المنكر‪ ،‬واعتصموا بحبل ﷲ‪ ،‬فوﷲ لو كادتكم السماوات واألرض ليجعلن ﷲ لكم‬
‫ومخرجا‪.‬‬
‫ً‬ ‫فرجا‬
‫ً‬ ‫منھا‬
‫أركان‬
‫ُ‬ ‫الركن إن خانتك‬
‫ُ‬ ‫معتصما *** فإنه‬
‫ً‬ ‫الله‬
‫بحبل ِ‬
‫ِ‬ ‫يديك‬
‫فاشدد ْ‬
‫و ھاھو أحد الصالحين‪ ،‬ذكر أھل السير أنه دخل على ]ابن مقلة[‪ ،‬وزير المجرم‬
‫العباسي‪ ،‬سفك الدماء‪ ،‬ونھب األموال‪ ،‬فاعترض عليه ھذا الرجل الصالح‪ ،‬وأمره‬
‫بالمعروف‪ ،‬ونھاه عن المنكر؛ فما كان منه إال أن جلده عشر جلدات‪ ،‬فقال‪ :‬أتجلدني يوم‬
‫آمرك وأنھاك؟ أسأل ﷲ أن يقطع يدك ولسانك‪ .‬ويستجيب ﷲ دعاء المخلصين‬
‫الصادقين‪ ،‬ما مر عليه ستة أشھر حتى ُ ِ‬
‫أخذت أمواله‪ ،‬وقطعت يده‪ ،‬وقطع لسانه‪ ،‬وأخذ‬
‫يبكي‪ ،‬ويكتب على الحيطان‪:‬‬
‫فبيني‬
‫لذة عيشٍ *** يا حياتي بانت يميني ِ‬
‫ُ‬ ‫الحياة‬
‫ِ‬ ‫ليس بعد‬
‫يبكي ويكتب على الحيطان‪:‬‬
‫قريب‬
‫ُ‬ ‫البعض من بعضٍ‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫بعضا *** فإن‬ ‫فابك‬
‫ِ‬ ‫إذا ما مات بعضك‬

‫يا عباد ﷲ‪ :‬األمر والنھي من خصائصنا إن كنا نريد الخيرية واألمان واالطمئنان‪ ،‬ومتى‬
‫تركناه فلننتظر الجوع‪ ،‬والدمار‪ ،‬والحرب‪ ،‬والخوف‪ ،‬والجفاف‪ ،‬والغضب‪ ،‬والمقت‪ ،‬واللعنة‪.‬‬
‫ھاھو أبو الدرداء لما فتح المسلمون جزيرة قبرص‪ ،‬رأى صراخ أھلھا‪ ،‬وبكاء بعضھم إلى‬
‫كثيرا‪ ،‬قيل له‪ :‬يا أبا الدرداء‪ :‬ما يبكيك في يوم أعز ﷲ فيه اإلسالم وأھله؟‬
‫ً‬ ‫بعض‪ ،‬فبكى‬
‫قال‪ :‬ويحكم‪ ،‬ما أھون الخلق على ﷲ إذا ھم تركوا أمره‪ ،‬بينما ھم أمة ظاھرة طاھرة‬
‫بعيدا بل نقلب النظر إلى من كانوا في‬
‫ً‬ ‫تركوا أمر ﷲ‪ ،‬فصاروا إلى ما ترون‪ .‬وال نذھب‬
‫رغد من العيش‪ ،‬في ھناء وسعادة‪ ،‬فطغى أمراؤھم‪ ،‬وسكت علماؤھم‪ْ ُ ،‬‬
‫وأبلس دعاتھم‪،‬‬
‫نھي عن منكر‪ ،‬ولم يؤخذ على يد ظالم‪ ،‬فأمھلھم ﷲ‪ ،‬ثم‬ ‫كلم بمعروف‪ ،‬وما ُ ِ‬
‫فما تُ ِ‬
‫القرى إن أخذه أليم شديد وما ھي‬ ‫إذا َ َ َ‬
‫أخذ ْ ُ َ‬ ‫ربك ِ َ‬ ‫وكذلك َ ْ ُ‬
‫أخذ َ ِّ َ‬ ‫أخذھم أخذ عزيز مقتدر ) َ َ َ ِ َ‬
‫خيارين ال ثالث لھما‪ :‬إما أمر بمعروف‪ ،‬ونھي عن منكر بقوة‪،‬‬
‫ْ‬ ‫من الظالمين ببعيد(‪ .‬إليكم‬
‫وإبعادا من رحمة ﷲ‪ -‬جل‬
‫ً‬ ‫طردا‬
‫ً‬ ‫وأخذ على يد الظالم‪ .‬وإما ضرب للقلوب‪ ،‬ثم لعنة توجب‬
‫وتحذيرا من أن يقع بنا بأس‬
‫ً‬ ‫إعذارا بين يدي ﷲ‪ ،‬وإقامة للحجة عليكم‪،‬‬
‫ً‬ ‫وعال‪ -‬أقول ھذا‬
‫ﷲ؛ فإن بأس ﷲ ال ُيرد عن القوم المجرمين‪ ،‬بينما األمم ھانئة وادعة‪ ،‬تترك أمر ﷲ‪،‬‬
‫ناه‪ ،‬إذ بالجو َ ِ ﱡ‬
‫يدلھم‪ ،‬والدماء تجري‪ ،‬والخوف والقلق يعم‪ ،‬ھذه‬ ‫آمر‪ ،‬وال ٍ‬
‫وترتكب نھيه‪ ،‬وال ِ‬
‫سنة ﷲ‪ ،‬يمھل الظالم حتى إذا أخذه لم يفلته‪ .‬يا أمة األمر بالمعروف والنھي عن‬
‫المنكر‪ ،‬ھذا يومه‪ ،‬بل ھذه ساعته‪ ،‬ھذا وقت البيان‪ ،‬آن الوقت لئال تأخذ األمة في ﷲ‬
‫ونذر ﷲ تأتي في صور‬ ‫لومة الئم‪ ،‬إن األمر جد خطير‪ ،‬وإن ﷲ ينذر‪ ،‬ثم ينذر‪ ،‬ثم ينذر‪ُ ُ ُ ،‬‬
‫ثم ال‬
‫غيركم ُ ﱠ‬ ‫يستبدل َ ْ ً‬
‫قوما َ ْ َ ُ ْ‬ ‫وإن َ َ ْ ﱠ ْ‬
‫تتولوا َ ْ َ ِ ِ ْ‬ ‫متعددة؛ فإن ارعوى الناس‪ ،‬وآبوا‪ ،‬وعادوا‪ ،‬وإال ) َ ِ ْ‬
‫يكونوا َ ْ َ َ ُ ْ‬
‫أمثالكم( أسأل ﷲ أن يوفق األمة ووالتھا إلى القيام بمسئولية األمر والنھي‬ ‫َ ُ ُ‬
‫على الوجه الذي يرضي ربنا عنا‪ ،‬اللھم اجعلنا خير أمة أخرجت للناس بأمرنا ونھينا‪ ،‬كما‬
‫كنا إنك على كل شيء قدير‪ .‬أقول ما تسمعون‪ ،‬وأستغفر ﷲ فاستغفروه‪ ،‬إنه ھو الغفور‬
‫محمدا عبده ورسوله –‬
‫ً‬ ‫الرحيم‪ .‬أشھد أن ال إله إال ﷲ‪ ،‬وحده ال شريك له‪ ،‬وأشھد أن‬
‫كثيرا‪ ،‬أما بعد‪ :‬قال ﷲ‪ -‬تعالى‪-‬‬ ‫ً‬ ‫تسليما‬
‫ً‬ ‫صلى ﷲ عليه وعلى آله وصحبه وسلم‬

‫حاضرة ْ َ ْ ِ‬
‫البحر‬ ‫كانت َ ِ َ َ‬‫التي َ َ ْ‬ ‫عن ْ َ ْ َ ِ‬
‫القرية ﱠ ِ‬ ‫محمدا ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ْ ُ ْ َ ْ َ ) :-‬‬
‫واسألھم َ ِ‬ ‫ً‬ ‫مخاطبا‬
‫ً‬
‫يسبتون ال َ َ ْ ِ ِ ْ‬
‫تأتيھم‬ ‫ويوم ال َ َ ْ ِ ُ َ‬
‫شر ًعا َ َ ْ َ‬‫سبتھم ُ ﱠ‬
‫يوم َ ْ ِ ِ ْ‬‫حيتانھم َ ْ َ‬ ‫إذ َ ْ ِ ِ ْ‬
‫تأتيھم ِ َ ُ ُ ْ‬ ‫السبت ِ ْ‬
‫ﱠ ْ ِ‬ ‫يعدون ِفي‬
‫إذ َ ْ ُ َ‬
‫ِْ‬
‫مھلكھم َ ْ‬
‫أو‬ ‫ﷲ ُ ْ ِ ُ ُ ْ‬ ‫قوما ُ‬‫ُون َ ْ ً‬
‫تعظ َ‬ ‫لم َ ِ‬
‫منھم ِ َ‬ ‫قالت ُ ﱠ ٌ‬
‫أمة ِ ّ ْ ُ ْ‬ ‫وإذا َ َ ْ‬ ‫يفسقون * َ ِ َ‬
‫كانوا َ ْ ُ ُ َ‬ ‫بما َ ُ‬
‫ُوھم ِ َ‬
‫نبل ُ‬ ‫َ َِ َ‬
‫كذلك َ ْ‬
‫به‬ ‫نسوا َما ُ ِّ ُ‬
‫ذكروا ِ ِ‬ ‫يتقون * َ َ ﱠ‬
‫فلما َ ُ‬ ‫ربكم َ َ َ ﱠ ُ ْ‬
‫ولعلھم َ ﱠ ُ َ‬ ‫إلى َ ِ ّ ُ ْ‬ ‫معذرة ِ َ‬
‫شديدا َقالُوا َ ْ ِ َ ً‬
‫عذابا َ ِ ً‬
‫معذبھم َ َ ً‬
‫ُ َ ِّ ُ ُ ْ‬
‫يفسقون *‬ ‫بما َ ُ‬
‫كانوا َ ْ ُ ُ َ‬ ‫بئيسٍ ِ َ‬ ‫بعذابٍ َ ِ‬ ‫الذين َ َ ُ‬
‫ظلموا ِ َ َ‬ ‫السوء َ َ َ ْ َ‬
‫وأخذنا ﱠ ِ َ‬ ‫ُ ِ‬ ‫عن‬
‫ينھون َ ِ‬
‫الذين َ ْ َ ْ َ‬ ‫َ ََْ‬
‫أنجينا ﱠ ِ َ‬
‫عبرة‬ ‫كان ِفي َ َ ِ ِ ْ‬
‫قصصھم ِ ْ َ ٌ‬ ‫خاسئين( ) َ َ‬
‫لق ْد َ َ‬ ‫قردة َ ِ ِ َ‬ ‫كونوا ِ َ َ ً‬ ‫قلنا َ ُ ْ‬
‫لھم ُ ُ‬ ‫عنه ُ ْ َ‬
‫نھوا َ ْ ُ‬
‫عتوا َعن ما ُ ُ‬ ‫َ َ ﱠ‬
‫فلما َ َ ْ‬
‫ُِْ‬
‫ألولي ْ َ‬
‫األلبابِ(‬
‫ھذه قصة قرية ُ ِ‬
‫أخذت أخذ عزيز مقتدر‪ ،‬فضحھا ﷲ‪ ،‬وجعل أشخاصھا قردة وخنازير‪ ،‬يوم‬
‫تركوا أمره ونھيه‪ ،‬قرية كانت على الشاطئ مجاورة للبحر‪ ،‬حرم ﷲ عليھم صيد السمك‬
‫ابتالء‪ ،‬وامتحن صدقھم‬
‫ً‬ ‫يوم السبت‪ ،‬فوقفوا ال يصطادون يوم السبت‪ ،‬فزاد ﷲ ابتالءھم‬
‫وإخالصھم‪ ،‬فجعل األسماك يوم السبت تأتي سابحة إلى الشاطئ‪ ،‬وفي بقية األيام ال‬
‫تكاد تجد سمكة إال قليال‪ ،‬فانقسم الناس حيال أمر ﷲ‪ -‬عز وجل‪ -‬إلى أقسام‪-‬‬
‫وھم في كل زمان بھذه األقسام‪:‬‬
‫وأنھارا إلى داخل الشاطئ‪،‬‬
‫ً‬ ‫قسم ھم أھل الخبث والخيانة والفجور‪ ،‬قالوا‪ :‬نجري جداول‬
‫فإذا دخلت األسماك سددنا عليھا يوم السبت وأخذناھا يوم األحد‪َ َ َ ،‬‬
‫أعلى ﷲ يضحكون؟‬
‫أم على ﷲ يمكرون؟ يخادعون ﷲ وھو خادعھم‪.‬‬
‫وقسم أمر بالمعروف‪ ،‬ونھى عن المنكر‪ ،‬وقال‪ :‬ال تفعلوا ھذا‪ ،‬بل اتقوا ﷲ‪ ،‬وخافوا ﷲ‪،‬‬
‫لم تنھونھم؟ ﷲ‬
‫واحفظوا ﷲ‪ ،‬فلم يسمع لھذا القسم‪ .‬وقسم آخر‪ :‬قال اتركوھم‪َ ِ .‬‬
‫سيعذبھم‪ ،‬فقال الدعاة إلى الخير‪ :‬نأمرھم معذرة أمام ﷲ –عز وجل‪ -‬يوم يجمع األولين‬
‫واآلخرين‪ ،‬علھم أن يھتدوا‪ ،‬فنحن ال نعلم أن ﷲ قد طبع على قلوبھم‪ ،‬بدأ أھل الخبث‬
‫في تنفيذ خطتھم‪ ،‬وخداعھم‪ ،‬ومكرھم‪ ،‬فقام اآلمرون بالمعروف والناھون عن المنكر‪-‬‬
‫الذين يثقون بما يعد ﷲ به‪ -‬قاموا بجعل سور بينھم وبين الفجرة الماكرين؛ حتى ال‬
‫يصيبھم من العذاب ما يصيب أھل السوء‪ ،‬وتركوا في الجدار نوافذ؛ ليتطلعوا أخبارھم من‬
‫خاللھا‪ ،‬ليكون لھم في ذلك عبرة‪.‬‬
‫أما القسم اآلخر فسكتوا‪ ،‬ولم يمكروا‪ ،‬لكنھم‪ ،‬رضوا بالمنكر‪ ،‬والراضي كالفاعل‪ ،‬ويأتي‬
‫صباح يوم من أيام ﷲ‪ ،‬يوم يغضب ﷲ‪ ،‬ويسخط على أعدائه‪ ،‬فيمسخ أولئك قردة‬
‫وخنازير‪ ،‬فوجئ الدعاة‪ ،‬وإذ بالنوافذ ممتلئة خنازير وقردة‪ ،‬يقولون‪ :‬من أنت؟ فيقول‬
‫الرجل‪ :‬أنا فالن‪ ،‬وھو على صورة خنزير‪ ،‬والمرأة تقول‪ :‬أنا فالنة‪ ،‬وھي على صورة خنزير‪،‬‬
‫وقعوا فيما يغضب ﷲ‪ ،‬وتركوا األمر والنھي؛ فصاروا قردة وخنازير‪ ،‬ثم أتى ﷲ بأولئك‬
‫وتزمت‪ ،‬أتى ﷲ‬
‫ﱡ‬ ‫الذين سكتوا‪ ،‬وما تكلموا‪ ،‬الذين يقولون في كل زمان‪ :‬إن الدعوة تطرف‬
‫بھم فأدخلھم في الحظيرة‪ ،‬فحولھم قردة وخنازير‪ ،‬ھم احتالوا على ﷲ‪ ،‬لكنھم سكتوا‬
‫أحدا‪ ،‬أما أولئك الدعاة اآلمرون والناھون‬ ‫ً‬ ‫على المنكر‪ ،‬والراضي كالفاعل‪ ،‬وال يظلم ربك‬
‫السوء َ َ َ ْ َ‬
‫وأخذنا‬ ‫ُ ِ‬ ‫عن‬
‫ينھون َ ِ‬
‫الذين َ ْ َ ْ َ‬ ‫فسلموا في الدنيا‪ ،‬ولھم السالمة في األخرى ) َ َ ْ َ‬
‫وأنجينا ﱠ ِ َ‬
‫يفسقون( إن من يسكت‪ ،‬ويقول‪ :‬نفسي نفسي‪،‬‬ ‫انوا َ ْ ُ ُ َ‬ ‫بما َك ُ‬
‫بئيسٍ ِ َ‬
‫بعذابٍ َ ِ‬ ‫الذين َ َ ُ‬
‫ظلموا ِ َ َ‬ ‫ﱠ ِ َ‬
‫القرى(‪ .‬تداعت علينا األمم‪ ،‬ونحن‬ ‫إذا َ َ َ‬
‫أخذ ْ ُ َ‬ ‫ربك ِ َ‬ ‫وكذلك َ ْ ُ‬
‫أخذ َ ِ ّ َ‬ ‫سيأخذه ﷲ مع الطالحين ) َ َ َ ِ َ‬
‫وننھى فال‬
‫كثرة كاثرة‪ ،‬لكن غثاء كغثاء السيل‪ ،‬أيقاظ نيام في الغالب‪ ،‬نؤمر فال نأتمر‪ُ ،‬‬
‫ننتھي‪ -‬إال من رحم ﷲ‪ -‬وقليل ما ھم‪ ،‬والحوادث شاھدة‪.‬‬

‫ومن َ ْ َ ُ‬
‫أظلم‬ ‫كبيرا ) َ َ ْ‬
‫ً‬ ‫طغيانا‬
‫ً‬ ‫حلت بنا األحداث‪ ،‬وطوقنا األعداء‪ ،‬وخوفنا ﷲ‪ ،‬فما زادنا ذلك إال‬
‫أكنة َأن‬
‫ُوبھم َ ِ ﱠ ً‬
‫على ُقل ِ ِ ْ‬‫جعلنا َ َ‬
‫إنا َ َ ْ َ‬
‫يداه ِ ﱠ‬ ‫ونسي َما َ ﱠ َ ْ‬
‫قدمت َ َ ُ‬ ‫عنھا َ َ ِ َ‬ ‫ربه َ َ ْ َ َ‬
‫فأعرض َ ْ َ‬ ‫بآياتِ َ ِّ ِ‬ ‫ممن ُ ِّ َ‬
‫ذكر ِ ِ‬ ‫ِ ﱠ‬
‫إذا َ َ ً‬
‫أبدا(‬ ‫يھتدوا ِ ً‬ ‫الھدى َ َ ْ‬
‫فلن َ ْ َ ُ‬ ‫تدعھم ِ َ‬
‫إلى ْ ُ َ‬ ‫وإن َ ْ ُ ُ ْ‬ ‫آذانھم َ ْ ً‬
‫وقرا َ ِ‬ ‫وفي َ ِ ِ ْ‬
‫يفقھوه َ ِ‬
‫َْ َ ُ ُ‬
‫أأخي‪ :‬إن من الرجال بھيمة *** في صورة الرجل السميع المبصر‬
‫فطن لكل مصيبة في ماله *** وإذا أصيب لدينه لم يشعر‬
‫قلنا‪ :‬لعل الحوادث توقظ قلوبنا فنعود إلى ﷲ‪ ،‬نأمر وننھى‪ ،‬ونتوب ونعود‪ ،‬ونغير‪ ،‬ونبدل‪،‬‬
‫فما حصل شيئ من ذلك‪ -‬وال حول وال قوة إال با‪ 9‬العلي العظيم‪ -‬أسألكم با‪ :9‬ھل‬
‫كان الذين يتخلفون عن الجماعة عادوا لحضور الجماعات أثناء ھذه الحوادث؟ أسألكم‪:‬‬
‫ھل كان الذين كانت بيوتھم تعج بالمنكرات‪ ،‬والمغريات‪ ،‬والملھيات‪ ،‬ھل خرج منھا شيء‬
‫من ھذه المنكرات في أثناء ھذه الحوادث؟ أسألكم عن الذين يصبح أوالدھم على‬
‫الرسوم المتحركة‪ ،‬ويمسون على األغنية والفيلم‪ ،‬والمسلسل الرخيص‪ ،‬والتمثيلية‬
‫غير واحد من برنامجه أثناء ھذه الحوادث؟ أسألكم عن‬
‫التي تدعو إلى الرذيلة‪ ،‬ھل ﱠ‬
‫دينا لھم في كل مناسبة‪ ،‬ھل تركوا االختالط أثناء‬
‫المختلطين‪ ،‬والذي أصبح االختالط ً‬
‫ھذه الحوادث؟ ھل اعتبروا؟ ھل تفكروا؟ أسألكم عن أسواقنا‪ ،‬وعن المتبرجات‪،‬‬
‫والمنكرات فيھا‪ ،‬ھل غير فيھا شيء أثناء ھذه الحوادث؟ ھل نزل اآلمرون بالمعروف‬
‫والناھون عن المنكر إلى تلك األسواق؟ أسألكم ھل مسلم ال زال فيه بعض اإلسالم‬
‫حركته ھذه الحوادث‪ ،‬فقفل محال من محالت الفيديو في ھذه البلدة؟‪ ،‬أسألكم ھل‬
‫رجل صاحب تسجيالت لألغاني في ھذه البلدة أقفلھا؟ أو غيرھا إلى تسجيالت‬
‫إسالمية أثناء ھذه الحوادث؟ أال ھل علم ھؤالء أصحاب الفساد‪ ،‬أال ھل علموا بأنھم‬
‫حراما؟ أسألكم ھل اتجه الناس أثناء الحوادث إلى المساجد بدال من اتجاھھم‬
‫ً‬ ‫يأكلون‬
‫إلى المقاھي والمالعب؟ أم زاد االتجاه إلى المالعب والمقاھي؟‬
‫ننتصر‬
‫ُ‬ ‫أبالرياضة نبني مجد أمتنا *** أم بالفنون وباألفالم‬
‫مسلما أثناء ھذه الحوادث رجع إلى ﷲ‪ ،‬فأعفى لحيته بعد أن كان‬
‫ً‬ ‫أسألكم‪ :‬ھل رأيتم‬
‫مرخيا له؟ أسألكم ھل سمعتم بتاجر قد أخذ أمواله‬
‫ً‬ ‫يحلقھا‪ ،‬ورفع إزاره بعد أن كان‬
‫ووضعھا في مصرف ال يتعامل بالربا أثناء ھذه الفتن؟ بل أسألكم عن أھم شيء في‬
‫مثل ھذا الوقت‪ :‬ھل سمعتم بالناس يتحدثون عن الجھاد في سبيل ﷲ أثناء ھذه‬
‫الحوادث؟ أسألكم ھل تحرك الناس‪ ،‬فأمروا بالمعروف ونھوا عن المنكر‪ ،‬أثناء ھذه‬
‫الحوادث؟ يموت الميت في ھذه الحوادث فال نرى مراسم العزاء البدعية أثناء ھذه‬
‫الحوادث تنتھي‪ ،‬أال ھل تغير شئ؟ ال والذي رفع السماء بال عمد ما تغير شيء في‬
‫طغيانا‪ ،‬وتوكال على غير ﷲ‪ ،‬وكأنھم يقولون‪ :‬رب عجل لنا‬
‫ً‬ ‫الغالب‪ ،‬بل ازداد الناس‬
‫العذاب‪ .‬المتخلف عن الجماعة ال زال‪ ،‬والمنكرات والملھيات بدأت تدخل البيوت بحجج‬
‫ينھھم‪ ،‬أمسى على‬
‫واھية شيطانية‪ ،‬الراعي في بيته غش رعيته‪ ،‬فلم يأمرھم‪ ،‬ولم َ‬
‫األخبار‪ ،‬والصحف‪ ،‬واألفالم‪ ،‬والمجلة‪ ،‬والمسلسل‪ ،‬وما رفع يده‪ ،‬ورعيته إلى ﷲ رب‬
‫البرية‪ ،‬ما كأنه سمع قول محمد‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ "-‬ما من راعٍ استرعاه ﷲ رعية‬
‫غاشا لھم إال لم يرد رائحة الجنة" االختالط كما ھو‪ ،‬واألسواق تعج بالمنكرات‪،‬‬
‫ً‬ ‫فأمسى‬
‫يوما بعد يوم‪ ،‬حلق اللحى‬
‫وناھيا‪ ،‬الفيديو والتسجيالت الغنائية تزيد ً‬
‫ً‬ ‫آمرا‬
‫وما رأينا ً‬
‫يتضاعف‪ ،‬وإسبال الثياب كالنساء يفشو‪ ،‬والحديث عن الجھاد يخبو ويضعف‪ ،‬بل ال يذكر‬
‫أبدا‪ ،‬والسكوت عن المنكرات يزيد‪ ،‬ال إله إال ﷲ‪ ،‬ما أحلمك!‪ ،‬ما أكرمك!‪ ،‬تمھل الظالم‬
‫ً‬
‫حتى إذا أخذته لم تفلته! اللھم إن أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك غير مفرطين وال‬
‫مفتونين‪ .‬يا مسلمون‪ ،‬يا مؤمنون‪ ،‬يا عقالء‪ :‬أخاطب فيكم اإلسالم‪ ،‬واإليمان‪ ،‬والعقل‪:‬‬
‫مروا بالمعروف‪ ،‬وانھوا عن المنكر‪ ،‬واصدقوا‪ ،‬وأخلصوا ‪ ،9‬من عنده علم فليخرجه قبل أن‬
‫ُيلجم بلجام من نار‪.‬‬
‫من عنده منكر فليخرجه وليتخلص منه‪ ،‬قبل أن يندم فال ينفعه ندم‪ .‬من عنده مال‬
‫فليسخره للقضاء على المنكرات‪ ،‬وليسخره لدعم المسلمين في كل مكان‪ ،‬يا أيھا‬
‫التجار‪ ،‬يا من يملك ماال يا من ستسأل عن مالك‪ ،‬من أين اكتسبته؟ وفيما أنفقته؟‬
‫الميدان فسيح لك ھذه األيام‪ ،‬يا أيھا التجار‪ :‬اشتروا محالت الفيديو‪ ،‬اشتروا تسجيالت‬
‫الغناء‪ ،‬واقلبوھا إلى تسجيالت إسالمية‪ ،‬تكونوا بمالكم قد دعوتم إلى ﷲ وأنتم في‬
‫متاجركم‪ ،‬وقضيتم على المنكرات‪ ،‬يا أيھا الشباب‪ :‬لتنزلوا إلى األسواق فتأمروا‬
‫بالمعروف وتنھوا عن المنكر بالمعروف‪ ،‬يا من ال يستطيع ھذا وال ذاك‪ :‬مر بالمعروف في‬
‫وانه عن المنكر‪ ،‬واعلموا يا عباد ﷲ أن دين ﷲ ليس عليه خطر‪ ،‬وال على رسالة‬
‫َ‬ ‫بيتك‪،‬‬
‫ﷲ خوف‪ .‬ﷲ تكفل بحفظ دينه من دونكم‪ ،‬لكننا نحن بدين ﷲ نحفظ أنفسنا وأمتنا‪،‬‬
‫وجيلنا‪ ،‬نحن بحاجة إلى ھذا الدين‪ ،‬فلنراجع أنفسنا‪ ،‬ال يزال ﷲ يمھلنا‪ ،‬انھضوا‪ ،‬وعودوا‪،‬‬
‫وتوبوا‪ ،‬ومروا بالمعروف‪ ،‬وانھوا عن المنكر‪ ،‬وبادروا إلى الخيرات لعلكم تنجون من عذاب‬
‫ُ ِ‬
‫السوء( يا أيھا األخيار‪ ،‬يا أمراء القبائل‪ ،‬يا مشايخ‬ ‫عن‬
‫ينھون َ ِ‬
‫الذين َ ْ َ ْ َ‬ ‫ﷲ القائل ) َ َ ْ‬
‫أنجي َنا ﱠ ِ َ‬
‫نوما‪،‬‬
‫القبائل‪ :‬أنتم قدوة لمن أنتم رعاة لھم‪ ،‬بصالحكم يصلح ﷲ القرى والبوادي‪ ،‬كفى ً‬
‫طغيانا‪ ،‬اجتمعوا مع الشباب‪ ،‬وادعوا إلى ﷲ بالحكمة والموعظة الحسنة في‬
‫ً‬ ‫وكفى‬
‫قراكم‪ ،‬واقضوا على المنكرات؛ ليصلح ﷲ لكم المجتمع‪ ،‬وليؤمنكم مما تخافون‪ .‬إن‬
‫قرشيا‪،‬‬
‫ً‬ ‫حرا‬
‫أحدا‪ ،‬بل تجري على كل من استحقھا‪ ،‬ولو كان ً‬
‫ً‬ ‫السنن اإللھية ال تجامل‬
‫ومن ھذه السنن‪ :‬أنه ما من بلدة أعلنت الحرب على األمر بالمعروف‪ ،‬إال جاءھا عذاب‬
‫ﷲ بكرة أو عشية‪ ،‬سنة ﷲ ولن تجد لسنة ﷲ تبديال‪ .‬اللھم أبرم لھذه األمة أمر رشد‪،‬‬
‫يعز فيه أھل طاعتك‪ ،‬ويذل فيه أھل معصيتك‪ ،‬ويؤمر فيه بالمعروف‪ ،‬وينھى فيه عن‬
‫المنكر‪ ،‬يا سميع الدعاء‪ .‬اللھم انصر من نصر الدين‪ ،‬واجعلنا من أنصاره‪ ،‬واخذل من خذل‬
‫الدين‪ ،‬وال تجعلنا ممن خذله‪ .‬اللھم انصر المجاھدين الذين يجاھدون لتكون كلمة ﷲ‬
‫فرق جمع‬
‫وأيدھم‪ ،‬يا قوي يا عزيز‪ .‬اللھم ِّ‬
‫وثبتھم‪ّ ِ ،‬‬
‫وسددھم‪ّ ِ ،‬‬
‫ِّ‬ ‫ھي العليا‪ .‬اللھم انصرھم‪،‬‬
‫أعداء المسلمين‪ ،‬اللھم رد كيدھم‪ ،‬وامكر بھم‪ ،‬واجعلھم عبرة للمعتبرين‪ .‬اللھم أنزل‬
‫عليھم بأسك الذي ال ُيرد عن القوم المجرمين‪ .‬اللھم من أرادنا وأراد اإلسالم بسوء‬
‫ومزقه كل ممزق‪ ،‬يا قوي يا عزيز‪ .‬اللھم أحينا‬
‫ِّ‬ ‫فاشغله بنفسه‪ ،‬واجعل تدبيره تدميره‪،‬‬
‫مسلمين‪ ،‬وتوفنا مسلمين‪ ،‬غير خزايا وال مفتونين‪ .‬اللھم اغفر لجميع موتى المسلمين‬
‫الذين شھدوا لك بالوحدانية‪ ،‬ولنبيك بالرسالة‪ ،‬وماتوا على ذلك‪ .‬اللھم اغفر لھم‬
‫وارحمھم‪ ،‬وعافھم واعف عنھم‪ ،‬وأكرم نزلھم‪ ،‬ووسع مدخلھم‪ ،‬واغسلھم بالماء والثلج‬
‫ونقھم من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب األبيض من الدنس‪ .‬اللھم ارحمنا إذا‬
‫والبرد‪ّ ِ ،‬‬
‫وآمن فزعنا يوم البعث والنشور‪،‬‬
‫آنس وحشتنا في القبور‪ِ ،‬‬
‫ْ‬ ‫صرنا إلى ما صاروا إليه‪ .‬اللھم‬
‫سبحان ربك رب العزة عما يصفون‪ ،‬وسالم على المرسلين‪ ،‬والحمد ‪ 9‬رب العالمين‪.‬‬

‫فضيلة الشيخ ‪ /‬علي عبد الخالق القرني‬

‫اإليمان والحياة‬

‫إن الحمد ‪ ،9‬نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه‪ ،‬ونعوذ با‪ 9‬من شرور‬
‫مضل له‪ ،‬ومن يضلل فال‬
‫ﱠ‬ ‫أنفسنا ومن سيئات أعمالنا‪ ،‬من يھده ﷲ فال‬
‫ھادي له‪ .‬أشھد أن ال إله إال ﷲ‪ ،‬وحده ال شريك له‪ ،‬له الملك‪ ،‬وله الحمد‪،‬‬
‫َ‬
‫أمته‪ ،‬ومن ال‬
‫وھو على كل شيء قدير‪ ،‬شھادة عبده‪ ،‬وابن عبده‪ ،‬وابن َ ِ‬
‫محمدا عبد ﷲ ورسوله‪ ،‬أرسله‬
‫ً‬ ‫غنى به طرفة عين عن رحمته‪ .‬أشھد أن‬
‫عميا‪،‬‬
‫ً‬ ‫أعينا‬
‫ً‬ ‫ﷲ رحمة للعالمين‪ ،‬فشرح به الصدور‪ ،‬وأنار به العقول‪ ،‬وفتح به‬
‫أمته‪،‬‬ ‫وقلوبا ُ ْ‬
‫غلفا‪ .‬اللھم اجزه عنا أفضل ما جزيت به نبيا عن ﱠ ِ‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬
‫صما‪،‬‬ ‫وآذانا‬
‫ً‬
‫اللھم َ ْ ِ‬
‫وأعل على جميع الدرجات درجته‪ ،‬واحشرنا تحت لوائه وزمرته‪ .‬اللھم‬
‫أوردنا حوضه‪ ،‬واجعلنا من أتباع سنته وشرعته‪ ،‬صلى ﷲ عليه وعلى آله‬
‫حبب إلينا‬
‫وأصحابه وأتباعه ومن اھتدى بسنته واھتدى بسيرته‪ .‬اللھم ِ ّ‬
‫وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان‪ ،‬واجعلنا من‬
‫ِّ‬ ‫وزينه في قلوبنا‪،‬‬
‫اإليمان‪ّ ِ ،‬‬
‫الراشدين‪ .‬اللھم أرنا الحق ً‬
‫حقا‪ ،‬والباطل باطال‪ .‬اللھم وفقنا التباع الحق‪،‬‬
‫والعمل به‪ ،‬والدعوة إليه‪ ،‬والصبر على األذى في ابتغاء وجھك‪ ،‬وطلب‬
‫ربنا‬ ‫بربكم َ َ ﱠ‬
‫فآمنا َ ﱠ َ‬ ‫آمنوا ِ َ ِ ّ ُ ْ‬
‫أن ِ ُ‬ ‫لإليمان َ ْ‬
‫ينادي ِ ِ َ ِ‬ ‫مناديا ُ َ ِ‬
‫سمعنا ُ َ ِ ً‬
‫إننا َ ِ ْ َ‬ ‫ربنا ِ ﱠ َ‬
‫مرضاتك‪ َ ) .‬ﱠ َ‬
‫اتقوا‬
‫آمنوا ﱠ ُ‬ ‫أيھا ﱠ ِ َ‬
‫الذين َ ُ‬ ‫األبرار( ) َيا َ ﱡ َ‬
‫مع ْ َ ِ‬ ‫سيئاتنا َ َ َ ﱠ َ‬
‫وتوفنا َ َ‬ ‫ِّ َ ِ َ‬ ‫عنا‬ ‫ذنوبنا َ َ ِ ّ ْ‬
‫وكفر َ ّ‬ ‫لنا ُ ُ َ َ‬ ‫فاغفر َ َ‬
‫َ ْ ِ ْ‬
‫ﷲ‬
‫يطعِ َ‬
‫ومن ُ ِ‬
‫ذنوبكم َ َ‬ ‫ويغفر َ ُ ْ‬
‫لكم ُ ُ َ ُ ْ‬ ‫لكم َ ْ َ َ ُ ْ‬
‫أعمالكم َ َ ْ ِ ْ‬ ‫يصلح َ ُ ْ‬
‫سديدا * ُ ْ ِ ْ‬ ‫وقولُوا َ ْ ً‬
‫قوال َ ِ ً‬ ‫ﷲ َُ‬
‫َ‬
‫عظيما(‬ ‫فاز َ ْ ً‬
‫فوزا َ ِ ً‬ ‫فقد َ َ‬ ‫ََ ُ َ ُ‬
‫ورسوله َ َ ْ‬

‫سالم ﷲ عليكم ورحمته وبركاته‪ ،‬وبعد ‪ ..‬أحبتي في ﷲ؛ أشھد ﷲ –‬


‫حبكم فيه‪ ،‬وأسأله أن يجمعنا وإياكم على اإليمان‬
‫الذي ال إله إال ھو‪ -‬على ِ ّ‬
‫والذكر والقرآن في ھذه الحياة‪ ،‬وأن يجعل آخر كالمنا من الدنيا ال إله إال‬
‫ونھر‪ ،‬في مقعد صدق عند مليك‬
‫ﷲ‪ ،‬ثم أسأله أخرى أن يجمعنا في جنات َ َ‬
‫مقتدر‪ ،‬ھو ولي ذلك والقادر عليه‪ .‬أحبتي في ﷲ؛ وأنا أعلم بنفسي منكم‬
‫عظيما‪ ،‬فدعوني فلم أملك إال ﱠ أن أجيب‪ ،‬ثم دعوكم‬
‫ً‬ ‫ظنا‬
‫ظن بي اخوتي ً‬
‫جزبتم‪ ،‬وما أراني ‪-‬وﷲ‪ -‬بينكم الليلة إال‬
‫فخيرا ُ‬
‫ً‬ ‫فظننتم نفس الظن وأجبتم‪،‬‬
‫ھجر<‪ ،‬لكني أسأل ﷲ ‪-‬الذي بيده مقاليد كل‬
‫كبائع التمر على أھل > َ َ‬
‫خيرا مما تظنون‪ ،‬وأن يغفر لي ما ال تعلمون‪ ،‬وأال‬
‫ً‬ ‫شيء‪ -‬أن يجعلني‬
‫يؤاخذني بما تقولون‪ ،‬وحسبي أن ألقي عليكم ھذه الكلمات‪ ،‬التي أسأل‬
‫ذخرا ليوم تتقلب منه القلوب واألبصار‪ ،‬وأن يجعلھا‬
‫ً‬ ‫ﷲ أن يجعلھا لي ولكم‬
‫وأخرا ‪ 9‬الواحد القھار‪.‬‬
‫ً‬ ‫من صالحات األعمال‪ ،‬وخالصات اآلثار‪ ،‬والفضل أوال‬
‫جملت بالتوحيد نطق لساني‬
‫ﱠ‬ ‫يا رب أنت خلقتني وبرأتني ***‬
‫تكرما **** ودفعتني للحمد والشكران‬
‫ً‬ ‫وھديتني سبل السالم‬
‫زاخرا *** وأنا أقابل ذاك بالكفران‬
‫ً‬ ‫وغمرتني بالجود سيال‬
‫فلك المحامد والثناء جميعه *** والشكر من قلبي ومن وجدان‬
‫والمن الذي *** ال يستطيع لشكره الثقالن‬
‫ِّ‬ ‫فألنت أھل الفضل‬
‫أنت الكريم وباب جودك لم يزل *** للبخيل تعطي سائر األحيان‬
‫أنت الحليم بنا وحلمك واسع *** أنت الحليم على المسيء الجاني‬
‫تعجزنك قوة السلطان‬
‫ﱠ‬ ‫أنت القوي وأنت قھار الورى *** ال‬
‫أنت الذي آويتني وحبوتني *** وھديتني من حيرة الخذالن‬
‫ونشرت لي في العالمين محاسن *** وسترت عن أبصارھم عصياني‬
‫علي من يلقاني‬
‫ﱠ‬ ‫وﷲ لو علموا قبيح سريرتي **** أبى السالم‬
‫ﱡ‬
‫وملوا صحبتي *** ولبؤت بعد كرامة بھوان‬ ‫وألعرضوا عني‬
‫لكن سترت معايبي ومثالبي *** وحلمت عن سقطي وعن طغياني‬
‫لبيك يا رب بكل جوارحي *** لبيك من روحي وملء جناني‬
‫مقل الجھد في التبيان‬
‫ﱠ‬ ‫رجائي في ثوابك رائدي *** واقبل‬
‫َ‬ ‫اجعل‬
‫واألكوان‬
‫ِ‬ ‫جزائي سمعة *** تسري على البلدان‬
‫َ‬ ‫يا رب ال تجعل‬
‫أنت المضاعف للثواب فإن يكن *** مثقال خردلة على الميزان‬
‫مضاعفا *** من غير تحديد وال حسبان‬
‫ً‬ ‫تعطي المزيد من الثواب‬
‫فلك المحامد والمدائح كلھا *** بخواطري وجوانحي ولساني‬

‫لم كان اختيار‬


‫أحبتي في ﷲ؛ اإليمان والحياة‪ ،‬لسائل أن يقول‪َ ِ :‬‬
‫ھذا الموضوع؟‬
‫حياة بال إيمان؟ إنه الحياة وكفى‪ ،‬لذا ال ينبغي أن يكون اإليمان‬
‫ٌ‬ ‫فأقول‪ :‬وھل‬
‫ھامشيا في ھذه الحياة‪ ،‬بل ھو قضية القضايا‪ ،‬ال يجوز أن نغفله أو‬
‫ً‬ ‫أمرا‬
‫ً‬
‫نستخف به أو ندعه في زوايا النسيان‪ .‬كيف ال وھو أمر يتعلق بوجود‬
‫أبدا‬
‫اإلنسان ومصيره‪ .‬إنه لسعادة األبد‪ ،‬وإن عدمه لشقاوة األبد‪ .‬إنه لجنة ً‬
‫علي وعلى كل مؤمن با‪ ،9‬بل‬
‫ﱠ‬ ‫لزاما‬
‫أبدا لمن تنكبه‪ ،‬لذا كان ِ َ ً‬
‫لصاحبه‪ ،‬والنار ً‬
‫وعلى كل ذي عقل أن يفكر في حقيقة اإليمان‪ ،‬وأثره على الحياة؛ حتى‬
‫خصوصا ونحن في عصر‬
‫ً‬ ‫يطمئن القلب‪ ،‬وينشرح الصدر‪ ،‬وتسكن النفس‪،‬‬
‫كثيرا منھم ليرون الحق‬
‫ً‬ ‫أصبح الناس يجرون وراء المنفعة الھثين‪ ،‬حتى إن‬
‫فيما ينفعھم ويتفق مع أھوائھم‪ ،‬ال فيما يطابق الواقع أو تقوم الدالئل‬
‫السماوات‬
‫ﱠ َ َ ُ‬ ‫لفسدتِ‬ ‫الحق َ ْ َ َ ُ ْ‬
‫أھواءھم َ َ َ َ‬ ‫اتبع ْ َ ﱡ‬ ‫صحته‪َ ) .‬‬
‫ولوِ ﱠ َ َ‬ ‫ﱠ‬ ‫والبراھين على‬
‫مھب الريح‪ ،‬ال تستقر على حال‪ ،‬وال‬
‫واألرض( الفرد بال إيمان ريشة في َ ّ ِ‬
‫َ ْ ُ‬
‫تسكن إلى قرار‪ ،‬أينما الريح تميل تمل‪ ،‬الفرد بال إيمان إنسان ال قيمة له‬
‫متبرم‪ ،‬حائر‪ ،‬ال يعرف حقيقة نفسه‪ ،‬وال سر وجوده‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫وال جذور‪ ،‬إنسان قلق‪،‬‬
‫ال يدري من ألبسه ثوب الحياة؟ ولماذا ألبسه إياه؟ ولماذا ينزعه عنه بعد‬
‫شره‪ ،‬وسبع فاتك مفترس‪ ،‬بقلب ال‬
‫حين؟‪ .‬الفرد –باختصار‪ -‬بال إيمان حيوان َ ِ‬
‫يفقه‪ ،‬بأذن ال تسمع‪ ،‬بعين ال تبصر‪ ،‬بھيمة؛ بل أضل‪ .‬والمجتمع كذلك‪،‬‬
‫المجتمع بال إيمان مجتمع غابة ‪،‬وإن لمعت فيه بوارق الحضارة؛ ألن الحياة‬
‫فيه لألقوى ال لألفضل واألفقه‪ ،‬المجتمع بال إيمان مجتمع تعاسة وشقاء‪،‬‬
‫وإن زخر بأدوات الرفاھية من الرخاء‪ ،‬المجتمع بال إيمان مجتمع تافه مھين‬
‫ُون‬ ‫يتمتعون َ َ ْ ُ‬
‫ويأكل َ‬ ‫رخيص‪ ،‬غايات أھله ال تتجاوز شھوات بطونھم وفروجھم ) َ َ َ ﱠ ُ َ‬
‫مثوى ﱠ ُ ْ‬
‫لھم(‬ ‫والنار َ ْ ً‬
‫األنعام َ ﱠ ُ‬ ‫كما َ ْ ُ ُ‬
‫تأكل ْ َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫الملحة للحديث عن اإليمان وأثره في‬
‫ﱠ‬ ‫الماسة‬
‫ﱠ‬ ‫ومن ھنا جاءت الحاجة‬
‫الحياة بعمومھا‪ ،‬حياة الفرد والمجتمع‪ ،‬حياة األمة بأسرھا‪ .‬وإني قبل أن‬
‫ً‬
‫فھنيئا لكم‬ ‫أبدأ ألھنئ ھذه الوجوه على إيمانھا با‪ -9‬الذي ال إله إال ھو‪-‬‬
‫ً‬
‫ھنيئا‬ ‫وھنيئا لكم التوحيد‪ ،‬وھن ً‬
‫يئا لكم اإلسالم‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وھنيئا لكم القرآن‪،‬‬ ‫اإليمان‪،‬‬
‫لكم يوم يغدو النصارى إياب إلى بيوت الصلبان‪ ،‬ويغدو اليھود إلى بيوت‬
‫الشيطان‪ ،‬ويغدو المجوس إلي بيوت النار‪ ،‬ويغدو المشركون إلى بيوت‬
‫ﷲ َأن ُ ْ َ َ‬
‫ترفع‬ ‫بيوتٍ َ ِ َ‬
‫أذن ُ‬ ‫األصنام‪ ،‬ثم تغدون أنتم إلي بيوت الرحمن‪ِ ) .‬في ُ ُ‬
‫اسمه( فاللھم لك الحمد على نعمة اإليمان‪ ،‬أنت الموفق فلك‬ ‫فيھا ْ ُ ُ‬ ‫َُ ْ َ َ‬
‫ويذكر ِ َ‬
‫أن َ ْ َ ُ‬
‫أسلموا ُقل ال ﱠ َ ُ ﱡ‬
‫تمنوا‬ ‫عليك َ ْ‬
‫يمنون َ َ ْ َ‬
‫المنة والفضل على نعمة اإليمان‪ ُ َ ) .‬ﱡ َ‬ ‫ﱠ‬
‫صادقين( فيا‬
‫كنتم َ ِ ِ َ‬ ‫إن ُ ْ ُ ْ‬‫لإليمان ِ ْ‬
‫ھداكم ِ ِ َ ِ‬
‫أن َ ُ ْ‬ ‫عليكم َ ْ‬
‫يمن َ َ ْ ُ ْ‬
‫ﷲ َ ُ ﱡ‬
‫بل ُ‬
‫إسالمكم َ ِ‬ ‫َ َ ﱠ‬
‫علي ِ ْ َ َ ُ ْ‬
‫تھز‬
‫ﱡ‬ ‫أھل اإليمان؛ ما اإليمان؟ اإليمان‪ ،‬تلكم الكلمة المدوية المجلجلة التي‬
‫كيان المسلم‪ ،‬فيرنو إليھا ببصيرته‪ ،‬ويتحرك نحوھا فؤاده‪ ،‬ويشد إليھا‬
‫رحاله‪ ،‬وتسمو إليھا تطلعاته‪ .‬إنه الميدان الذي يتسابق فيه المتسابقون‪،‬‬
‫ويتنافس فيه المتنافسون‪ .‬إنه من كل مسلم يتحسس قبسه في قلبه‪،‬‬
‫ويتلمس وھجه في نفسه‪ ،‬ويسعى ويعمل لسلوك السبيل المحبب له‪.‬‬
‫اإليمان لينير به جوانب روحه‪ .‬اإليمان ما اإليمان‪ ،‬قول باللسان‪ ،‬واعتقاد‬
‫بالجنان‪ ،‬وعمل باألركان‪ ،‬يزيد بالطاعة‪ ،‬وينقص بالعصيان‪ .‬اإليمان ما اإليمان‪،‬‬
‫نفحة ربانية يقذفھا ﷲ في قلوب من يختارھم من أھل ھدايته‪ ،‬ويھيئ‬
‫لھم سبل العمل لمرضاته‪ ،‬ويجعل قلوبھم تتعلق بمحبته‪َ ْ ،‬‬
‫وتأنس بقربه‪.‬‬
‫فالمؤمنون في رياض المحبة‪ ،‬وفي جنان الوصل يرتعون ويمرحون‪ ،‬أحبھم‬
‫ﷲ فأحبوه‪ ،‬فاتبعوا نبيه ورضي عنھم فرضوا عنه‪ ،‬منه بالصالحات والطاعات‪،‬‬
‫فدنا منھم بالمغفرة والرحمات؛ كما في الحديث القدسي "وال يزال عبدي‬
‫إلي بالنوافل حتى أحبه‪ ،‬فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به‪،‬‬
‫ﱠ‬ ‫يتقرب‬
‫وبصره الذي يبصر به‪ ،‬ويده التي يبطش بھا‪ ،‬ورجله التي يمشي بھا‪ ،‬ولئن‬
‫سألني ألعطينه‪ ،‬ولئن استعاذني ألعيذنه " متي نكون أھال ألن نسأل ﷲ‬
‫فنعطى‪ ،‬ونستعيد با‪ 9‬فنعاذ‪.‬‬
‫يا من ألوذ به فيما أؤمله *** وأستعيذ به مما أحاذره‪.‬‬
‫عظما أنت جابره‬
‫ً‬ ‫عظما أنت كاسره *** وال يھيضون‬
‫ً‬ ‫ال يجبر الناس‬

‫اإليمان ما اإليمان ‪ ،‬شعور يختلج في الصدر‪ ،‬ويلمع في القلب؛ فتضيء‬


‫جوانب النفس‪ ،‬ويبعث في القلب الثقة با‪ ،9‬واألنس با‪ ،9‬والطمأنينة بذكر‬
‫ُوب( اإليمان ما اإليمان‪ ،‬إنه الشعور بأنك ذرة‬ ‫تطمئن ْ ُ‬
‫القل ُ‬ ‫ﷲ َ ْ َ ِ ﱡ‬ ‫ﷲ ) َأال َ ِ ِ‬
‫بذ ْكرِ ِ‬
‫يسبح ‪ ،9‬ويخضع ‪ ،9‬ويؤمن با‪.9‬‬
‫ِّ‬ ‫في كون عظيم ھائل‪ ،‬متجه إلى ﷲ‪،‬‬
‫بحمده( –تبارك عز وجل‪ -‬فسبحان من آمن له‬ ‫شيء ِإال ﱠ ُ َ ِ ّ ُ‬
‫يسبح ِ َ ْ ِ‬ ‫وإن من َ ْ ٍ‬
‫) َِ‬
‫السماوات‬
‫ﱠ َ َ ُ‬ ‫تسبح َ ُ‬
‫له‬ ‫سبح له الكون أجمعه‪ُ ّ ِ َ ُ ) .‬‬
‫ﱠ‬ ‫الكون أجمعه‪ ،‬وسبحان من‬
‫بحمده(‪ .‬موكب عظيم‬ ‫شيء ِإال ﱠ ُ َ ِ ّ ُ‬
‫يسبح ِ َ ْ ِ‬ ‫وإن من َ ْ ٍ‬
‫فيھن َ ِ‬
‫ومن ِ ِ ﱠ‬
‫واألرض َ َ‬
‫السبع َ ْ ُ‬
‫ﱠ ْ ُ‬
‫يسبح ﷲ‪ ،‬ويؤمن به‪ ،‬يجعلك –أيھا العبد‪ -‬تسأل أين أنت من ھذا الموكب؟‬
‫حدد موقعك في ھذا الموكب‪ ،‬وھدفك على ھذا الموكب وغايتك؛ فإن‬
‫ِّ‬
‫الشاذ عن ھذا الموكب لھو الشقي الخاسر لنفسه‪ ،‬وماذا بعد خسارة‬
‫النفس من خسران؟ ﷲ ھو الغني‪ ،‬ونحن الفقراء‪ ،‬ال تنفعه طاعة‪ ،‬وال تضره‬
‫معصية‪ ،‬بل مخلوقاته غيرنا كثير وكثير؛ صنف منھم وھم المالئكة ال‬
‫ﷲ َما‬
‫ون َ‬
‫يعص َ‬
‫يحصيھم وال يعلم عددھم إال ﷲ ‪-‬الذي ال إله إال ھو‪) -‬ال َ ْ ُ‬
‫والنھار ال َ َ ْ ُ ُ َ‬
‫يفترون( في صحيح‬ ‫يسبحون ْ ﱠ ْ َ‬
‫الليل َ ﱠ َ َ‬ ‫يؤمرون( ) ُ َ ِ ّ ُ َ‬
‫ُون َما ُ ْ َ ُ َ‬
‫ويفعل َ‬ ‫َ َ َ ُ ْ‬
‫أمرھم َ َ ْ َ‬
‫]مسلم[ "إنه ليدخل البيت المعمور في السماء السابعة كل يوم سبعون‬
‫ألف ملك‪ ،‬ال يعودون إليه إلى قيام الساعة"‪ .‬كم من المالئكة يدخل البيت‬
‫ومن‬
‫المعمور منذ أن خلق ﷲ السماوات واألرض‪ ،‬وإلى أن يرث ﷲ األرض َ‬
‫عموما‪ ،‬ما بالك بغيرھم من سائر المخلوقات‪،‬‬
‫ً‬ ‫عليھا‪ ،‬ما بالك بعدد المالئكة‬
‫ألم تسمع في الصحيح إلى قول النبي ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬كما في‬
‫حديث ]أبي ذر[ "إني أرى ما ال ترون‪ ،‬وأسمع ما ال تسمعون‪ ،‬ﱠ‬
‫أطت السماء‬
‫وحق لھا أن تئط‪ ،‬ما فيھا موضع أربع أصابع إال وملك ساجد أو راكع‪ ،‬وﷲ لو‬
‫ُ ﱠ‬
‫كثيرا‪ ،‬ولما تلذذتم بالنساء على‬
‫ً‬ ‫تعلمون ما أعلم لضحكتم قليال‪ ،‬ولبكيتم‬
‫الفرش‪ ،‬ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى ﷲ ‪-‬وفي رواية‪ -‬ولحثوتم على‬
‫ُ ِ‬
‫وحق لھا أن تئط؛ ما فيھا موقع أربع أصابع‬ ‫التراب"‪ .‬ﱠ‬
‫أطت السماء ُ ﱠ‬ ‫رؤوسكم ﱠ‬
‫سماء يقولون‪ :‬سبحان ذي العزة والجبروت‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫إال وملك ساجد أو راكع‪ .‬أھل‬
‫وأخري يقولون‪ :‬سبحان ذي الملك والملكوت‪ ،‬وأخرى يقولون‪ :‬سبحان‬
‫الحي الذي ال يموت واإلنس والجن يموتون‪ْ َ .‬‬
‫خلق عظيم ھائل ال يحصيھم‬
‫إال خالقھم –سبحانه وبحمده‪ -‬وظيفتھم التسبيح والتعظيم‪ ،‬فماذا يضر أن‬
‫ينقلب إنسان من ھذا الموكب العظيم فيكفر با‪ ،9‬ومن كفر فعليه كفره‬
‫والشمس‬
‫األرضِ َ ﱠ ْ ُ‬
‫ومن ِفي ْ‬
‫السماواتِ َ َ‬
‫ﱠ َ َ‬ ‫ﷲ يسبح َ ُ‬
‫له َمن ِفي‬ ‫تر َ ِّ‬
‫أن َ‬ ‫)ََ ْ‬
‫ألم َ َ‬
‫حق َ َ ْ ِ‬
‫عليه‬ ‫الناسِ َ َ ِ ٌ‬
‫وكثير َ ﱠ‬ ‫من ﱠ‬ ‫والدواب َو َ ِ ٌ‬
‫كثير ِ ّ َ‬ ‫والشجر َ ﱠ َ ﱡ‬ ‫والنجوم َ ْ ِ َ ُ‬
‫والجبال َ ﱠ َ ُ‬ ‫َ ْ َ َ ُ‬
‫والقمر َ ﱡ ُ ُ‬
‫مكرم( ھل جندت نفسك أخي في ﷲ‬ ‫فما َ ُ‬
‫له ِمن ﱡ ْ ِ ٍ‬ ‫ﷲ َ َ‬ ‫يھن ُ‬‫ومن ُ ِ ِ‬ ‫ْ َ َ ُ‬
‫العذاب َ َ‬
‫لتكون من أھل ھذا الموكب المسبح السائر إلى ﷲ؟ –أعني موكب‬
‫فأبشر بالجزاء من أكرم األكرمين‪ ،‬يوم الوقوف بين‬ ‫ْ‬ ‫المؤمنين‪ .-‬إن كنت كذلك‬
‫بما‬
‫جزاء ِ َ‬
‫أعين َ َ ً‬ ‫لھم ِ ّمن ُ ﱠ ِ َ‬ ‫نفس ﱠما ُ ْ ِ َ‬
‫أخفي َ ُ‬ ‫يدي رب العالمين ) َفال َ َ ْ َ ُ‬
‫قرة ْ ُ ٍ‬ ‫تعلم َ ْ ٌ‬ ‫ْ‬
‫ُون( يا من يحب الكنز‪ ،‬ويا من يحب الثروة؛ إن أعظم كنز يكتنزه‬
‫يعمل َ‬ ‫َ ُ‬
‫كانوا َ ْ َ‬
‫العبد في ھذه الحياة ھو كنز اإليمان‪ ،‬وإن أعظم ثروة يكتنزھا العبد في‬
‫ھذه الحياة ھي ثروة اإليمان‪ ،‬إنه الثروة النفيسة‪ ،‬والكنز الثمين‪ ،‬يسعد به‬
‫صاحبه حين يشقى الناس‪ ،‬ويفرح حين يحزن الناس ھل لھذا الكنز وھل‬
‫لھذه الثروة من أثر على الحياة إن أثرھا عظيم جد عظيم لمن كان له فلب‬
‫فمأله باإليمان إن من إيمان العبد با‪ 9‬ومالئكته وكتبه ورسله واليوم اآلخر‬
‫والقدر خيره وشره ليعكس على الفرد ال بل على األمة جميعا آثارا عظيما‬
‫فھاك موجزھا وال بأس بعده من تفصيل ‪.‬اللھم ال سھل إال ما جعلته سھال‬
‫وأنت تجعل الحزن إذا شئت سھال المؤمن با‪ 9‬يشعر بأن ﷲ يراقبه في‬
‫أفعاله يراقبه على الصغيرة والكبيرة )ما يكون من نجوى ثالثة إال ھو رابعھم‬
‫وال خمسة إال ھو سادسھم وال أدنى من ذلك وال أكثر إال ھو معھم أينما‬
‫كانوا( إذا استشعر العبد ھذه المعية سابق إلى الخيرات وخضع مستجيبا‬
‫لرب األرض والسماوات فبادر إلى الفضائل‪.‬‬
‫إذا ما خلوت الدھر يوما فال تقل *** خلوت ولكن قل علي رقيب‬
‫وال تحسبن ﷲ يغفل ساعة *** وال أن ما تخفيه عنه يغيب‬
‫واإليمان بالمالئكة يجعل المؤمن يستحي من معصية ﷲ لعلمه أن‬
‫المالئكة معه )ما يلفظ من قول إال لديه رقيب عتيد( ترافقه وتراه وال يراھا‬
‫تحصي عليه أعماله بسجالت محكمة ال تغادر صغيرة وال كبيرة واإليمان‬
‫بالكتب يجعل المؤمن يعتز بكالم ﷲ ويتقرب إليه بتالوة كالمه والعمل به‬
‫ويشعره ذلك أن الطريق الوحيد إلى ﷲ ھو اتباع ما جاء في كتبه والذي‬
‫جاء القرآن مھيمنا عليھا ومطبقا بھا واإليمان بالرسل يجعل المؤمن يأنس‬
‫بأخبارھم وسيرھم ال سيما سيرة المصطفى صلى ﷲ عليه وسلم‬
‫فيتخذھم أسوة وقدوة )لقد كان لكم في رسول ﷲ أسوة حسنة لمن كان‬
‫يرجو ﷲ واليوم اآلخر( أسوة حسنة ال في شرق وال في غرب بل رسول‬
‫ﷲ إلى الناس كافة شرقيھم والغربي‪.‬‬
‫بالشرق أو بالغرب لست بمقتض *** أنا قدوتي ما عشت شرع محمد‬
‫حاشى يثنيني سراب الخادع *** ومعي كتاب ﷲ يستطع في يدي‬
‫واإليمان باليوم اآلخر ينمي في النفس حب الخير ليلقى ثوابه في جنات‬
‫ونھر ونعم المأوى ويكره في النفس الشر ودواعيه خوفا من نار تلظى ومن‬
‫وقوف بين يدي المولى واإليمان بالقدر يجعل نفس المؤمن ال تخاف ما‬
‫أصابھا وال ترجو ما سوى ربھا ال تقنع إال با‪ 9‬وال تلجأ إال ‪ 9‬في الدنيا تزھد‬
‫بالموت ال تبالي ال تخضع للطغيان بل تخضع للرحمن ولسان حالھا‬
‫ماض وأعرف ما دربي وما ھدفي *** والموت يرقص لي في كل منعطف‬
‫وما أبالي به حتى أحاذره *** فخشية الموت عندي أبرد الطرف‬

‫آثار اإليمان على الحياة آثار مشرقة تنعكس على تصورات األفراد‬
‫وسلوكھم في الحياة حتى إنك لترى القرآن يمشي على األرض‬
‫في أشخاص بعض اإلفراد فإليكم أزف بعض ھذه اآلثار مفصلة‬
‫فاسمعوا أيھا األحباب وافقھوا وبلغوا فرب مبلغ أوعى من سامع ‪.‬‬

‫من آثار اإليمان الثبات بكل صوره ومعانيه عند الشدائد والمحن‬
‫والمصائب‪ ،‬الثبات يوم تمتحن األمة بأعدائھا‪ ،‬الثبات للداعي في دعوته‪،‬‬
‫الثبات للمصاب عند مصيبته‪ ،‬الثبات للمريض عند مرضه حتى الممات‪،‬‬
‫الثبات أمام الشھوات‪ ،‬الثبات أمام الشبھات‪ ،‬الثبات على الطاعات‪ ،‬الثبات‬
‫العام‪ ،‬وكفى بالثبات!‬
‫ھاھو –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬يحمل اإليمان في صف‪ ،‬والبشرية كلھا في‬
‫صاد‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫راد‪ ،‬وال يصده‬
‫ضاد‪ ،‬فانتصر باإليمان‪ ،‬صدع بالحق ال يرده عنه ٌ‬
‫صف م ٍ‬
‫ووقعت قريش منه في أمر عظيم‪ ،‬فإذا بأحد صناديدھا يقول‪ :‬يا معشر‬
‫غالما َ َ ً‬
‫حدثا فيكم‪،‬‬ ‫ً‬ ‫قريش؛ لقد وقعتم من محمد في أمر عظيم‪ ،‬لقد كان‬
‫أرضاكم فيكم‪ ،‬وأصدقكم حديثا‪ ،‬وأعظمكم أمانة‪ ،‬حتى إذا رأيتم الشيب في‬
‫صدغيه‪ ،‬قلتم‪ :‬شاعر‪ ،‬ما ھو –وﷲ‪ -‬بشاعر‪ ،‬قلتم‪ :‬ساحر‪ ،‬ما ھو –وﷲ‪-‬‬
‫بساحر‪ ،‬قلتم‪ :‬كاھن‪ ،‬ما ھو –وﷲ‪ -‬بكاھن‪ ،‬يا معشر قريش؛ إنكم قد نزل‬
‫وسدنة‬
‫أمر عظيم فاجتمعوا له‪ ،‬فاجتمع كبراؤھا؛ صناديد الشرك َ َ َ‬
‫بكم ٌ‬
‫بحجز النار ليقذفوه في النار‪ ،‬اجتمعوا يقود مؤتمرھم‬
‫الوثنية‪ ،‬الممسكون ُ َ‬
‫إبليس‪ ،‬نعوذ با‪ 9‬منه‪ ،‬قالوا في اجتماعھم‪ :‬انظروا رجال منكم ھو أعلمكم‬
‫بالسحر والشعر والكھانة فليذھب إلى محمد‪ ،‬قالوا‪ :‬ما نرى مثل ]أبي‬
‫الوليد عتبة بن ربيعة[‪ ،‬فذھب عتبة إلي رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه‬
‫فصيحا‪ ،‬جمع مقاالتھم في مقالة واحدة‪ ،‬وقال‪ :‬يا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫بليغا‪ ،‬وكان‬ ‫وسلم‪ -‬وكان‬
‫محمد؛ أنت خير أم أبوك؟ فسكت –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬قال‪ :‬أنت خير أم‬
‫جدك ]عبد المطلب[؟ فسكت النبي –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬فقال‪ :‬إن‬
‫ﱡ‬
‫خيرا منھم فقل‪ ،‬ثم بدأ في‬
‫ً‬ ‫خيرا منك فقد عبدوا ما عبدوا‪ ،‬وإن كنت‬
‫ً‬ ‫كانوا‬
‫اإلغراءات التي ال يثبت أمامھا إال المؤمنون‪ .‬يا محمد إن كان بك ُ ْ‬
‫الملك‬
‫ﱠ ْ‬
‫ملكناك‪ ،‬وإن كان بك المال أعطيناك من أموالنا ما تشاء‪ ،‬وإن كان بك الباءة‬
‫شخصا –قط‪-‬‬
‫ً‬ ‫زوجناك ما تشاء من بناتنا‪ ،‬يا محمد؛ ما رأينا‬
‫وحب النساء ﱠ‬
‫أشأم على قومه منك‪ ،‬وﷲ ما ننتظر إال مثل صيحة الحبلى‪ ،‬فيثور بعضنا‬ ‫ْ َ َ‬
‫على بعض فنقتتل‪ ،‬يا محمد أخبرنا ما تريد؟ قال ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪:-‬‬
‫"أفرغت يا ]أبا الوليد[؟" ويا لألدب منه ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ !-‬يا لألدب‬
‫يرتل‬
‫يوم تركه حتى انتھى من كالمه‪ ،‬ثم شرع ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ّ ِ -‬‬
‫آيات ﷲ البينات‪ ،‬تسقط كالقذائف على دماغ ھذا الرجل‪ ،‬شرع يقرأ من‬
‫آياته‬ ‫كتاب ُ ِ ّ َ ْ‬
‫فصلت َ ُ ُ‬ ‫الرحيم * ِ َ ٌ‬
‫الرحمن ﱠ ِ ِ‬‫من ﱠ ْ َ ِ‬ ‫تنزيل َ‬ ‫حم * َ ِ ٌ‬ ‫فصلت‪َ ) :‬‬ ‫أوائل سورة ِ ّ‬
‫فھم ال َ َ ْ َ ُ َ‬
‫يسمعون *‬ ‫فأعرض َ ْ َ ُ ُ ْ‬
‫أكثرھم َ ُ ْ‬ ‫ونذيرا َ َ ْ َ َ‬
‫بشيرا َ َ ِ ً‬ ‫لقوم َ ْ َ ُ َ‬
‫يعلمون * َ ِ ً‬ ‫قرآنا َ َ ِ ً ّ‬
‫عربيا ِ ّ َ ْ ٍ‬ ‫ُ ْ ً‬
‫حجاب‬
‫وبينك ِ َ ٌ‬
‫بيننا َ َ ْ ِ َ‬
‫ومن َ ْ ِ َ‬ ‫آذاننا َ ْ ٌ‬
‫وقر َ ِ‬ ‫َِ‬ ‫وفي‬ ‫تدعونا إِ َ ْ ِ‬
‫ليه َ ِ‬ ‫مما َ ْ ُ َ‬ ‫ُوبنا ِفي َ ِ ﱠ ٍ‬
‫أكنة ِ ﱠ‬ ‫وقالُوا ُقل ُ َ‬ ‫َ َ‬
‫كالما ما ھو بالسحر‪ ،‬وال بالشعر‪ ،‬وال بالكھانة‪،‬‬
‫ً‬ ‫ُون( سمع‬
‫عامل َ‬
‫إننا َ ِ‬ ‫َ ْ َ ْ‬
‫فاعمل ِ ﱠ َ‬
‫بما‬
‫مبھورا َ‬
‫ً‬ ‫مشدوھا‬
‫ً‬ ‫رعدة‬
‫ألقى ھذا الكافر يديه خلف ظھره‪ ،‬وأخذته ِ ْ‬
‫فم من أنزل عليه القرآن‪ ،‬حتى إذا بلغ قول ﷲ ‪-‬‬ ‫يسمع‪ ،‬يسمع القرآن من َ ِ‬
‫عاد َ َ ُ َ‬
‫وثمود( فخاف‬ ‫صاعقة َ ٍ‬
‫مثل َ ِ َ ِ‬
‫صاعقة ِ ْ َ‬ ‫فقل َ َ ْ ُ ُ ْ‬
‫أنذرتكم َ ِ َ ً‬ ‫فإن َ ْ َ ُ‬
‫أعرضوا َ ُ ْ‬ ‫جل وعال‪ْ ِ َ ) :-‬‬
‫وارتعد وأخذته الرعشة وأخذ يديه االثنتين وجمعھا ووضعھا على فم‬
‫المصطفى ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ ،-‬وقال‪ :‬أنشدك ﷲ والرحم إال صمت‪،‬‬
‫راجعا إلى قومه بغير الوجه‬
‫ً‬ ‫خائفا‬
‫ً‬ ‫مذعورا‬
‫ً‬ ‫أنشدك ﷲ والرحم إال صمت‪ ،‬خرج‬
‫الذي ذھب به من عندھم‪ ،‬لما رأوه قالوا‪ :‬ما وراءك يا أبا الوليد؟ قال‪ :‬لقد‬
‫ً‬
‫حديثا ما ھو بالسحر‪ ،‬وال بالشعر‪ ،‬وال بالكھانة‪ ،‬ورب‬ ‫سمعت من محمد‬
‫فقل‬ ‫ن َ ْ َ ُ‬
‫أعرضوا َ ُ ْ‬ ‫ھذه البنية –يعني الكعبة‪ -‬ما عقلت من حديثه إال قوله‪ِ َ ) :‬‬
‫فإ ْ‬
‫ً‬
‫خوفا أن‬ ‫يدي على فمه‬ ‫ﱠ‬ ‫عاد َ َ ُ َ‬
‫وثمود(‪ ،‬فوضعت‬ ‫صاعقة َ ٍ‬
‫مثل َ ِ َ ِ‬
‫صاعقة ِ ْ َ‬ ‫َ َُْ ُ ْ‬
‫أنذرتكم َ ِ َ ً‬
‫وجحدوا‬ ‫ً‬
‫حديثا لم يكذب‪ُ َ َ َ ) .‬‬ ‫محمدا إذا حدث‬
‫ً‬ ‫ينزل بكم العذاب‪ ،‬ولقد علمتم أن‬
‫وعل ً ُّوا( جحدوا بذلك‪ ،‬ھل استقاموا لرسول‬
‫ُلما َ ُ‬ ‫واستيقنتھا َ ُ ُ ُ ْ‬
‫أنفسھم ظ ْ ً‬ ‫بھا َ ْ َ ْ َ َ ْ َ‬
‫ِ َ‬
‫ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬ھل انتفعوا باآليات؟ لم ينتفعوا بذلك‪ ،‬فھل‬
‫سلم منھم رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬بأبي وأمي ھو‪ ،‬ال –وﷲ‪-‬‬
‫بل ناصبوه العداء‪ ،‬كأشد ما يكون‪ ،‬وأروه األذى كأقذع ما يكون األذى‪ ،‬وضعوا‬
‫معينا بعد‬
‫سلى الجذور على ظھره –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬ثم لم يجد له ُ ِ ً‬
‫ﷲ إال بنيته الصغيرة ]فاطمة[ –رضي ﷲ عنھا وأرضاھا‪ -‬ثم ليس ھذا‬
‫فحسب‪ ،‬بل أخرجوه من >مكة<‪ ،‬ودموعه على وجنتيه‪ -‬صلى ﷲ عليه‬
‫وسلم‪ -‬وھو يقول‪" :‬وﷲ إنك ألحب البقاع إلى ﷲ‪ ،‬ولوال أن قومي‬
‫أخرجوني ما خرجت"‪ .‬ومع ذلك فقد ثبت –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬باإليمان‬
‫فنصره ﷲ‪ ،‬ونصر دينه‪ ،‬وأعلى كلمته‪ ،‬فما من مئذنة اآلن إال ّ وھي تقول‬
‫محمدا رسول ﷲ‪ -‬صلى ﷲ عليه‬
‫ً‬ ‫في اليوم خمس مرات‪ :‬أشھد أن‬
‫ومن بعدھم ليثبتوا باإليمان‬
‫وسلم‪ -‬ويأتي صحابته –رضوان ﷲ عليھم‪َ -‬‬
‫الشم الراسية‪.‬‬
‫ﱡ‬ ‫ثبات الجبال‬
‫ھاھو ]خالد بن الوليد أبو سليمان[ ‪-‬رضوان ﷲ عليه‪ -‬يقارع الروم في‬
‫أرضھم ‪-‬كما روى ]ابن كثير[‪ -‬حتى كانت الدائرة على الروم‪ ،‬فما كان منھم‬
‫فروا وتحصنوا في مدينة >قنسرين<؛ مدينة محصنة من مدنھم‬
‫إال ّ أن ﱡ‬
‫بالجدران المنيعة واألبواب الثقيلة التي ال يقتحمھا مقتحم ‪ ،‬فماذا كان من‬
‫عاما‬
‫ً‬ ‫حصارا‬
‫ً‬ ‫]خالد[؟ حاول اقتحامھا فما استطاع‪ ،‬حاول أن يحاصرھا‬
‫واجتماعيا فما أفلح‪ ،‬استعصت عليه‪ ،‬فما كان منه إال أن‬
‫ً‬ ‫واقتصاديا‬
‫ً‬ ‫عسكريا‬
‫ً‬
‫دون رسالة‪ ،‬قال في ھذه الرسالة قالھا بثبات المؤمن الذي يثق بنصر ﷲ‬
‫ﱠ‬
‫جل وعال قال‪ :‬من خالد بن الوليد أبي سليمان إلي قائد الروم في بلدة‬
‫>قنسرين< أما بعد فأين تذھبون منا؟ والذي نفس خالد بيده لو صعدتم‬
‫ألصعدنا ﷲ إليكم‪ ،‬أو ْ َ ُ‬
‫ألمطركم علينا كلمات الثقة بنصر ﷲ ‪-‬‬ ‫ْ َ َ‬ ‫إلي السحب‬
‫عز وجل‪ -‬كلمات الثبات الذي ال يكون إال للمؤمنين‪ ،‬تخرج كالصواعق على‬
‫أعداء ﷲ‪ ،‬وكالبلسم على أولياء ﷲ‪ .‬وصلت الرسالة إلى ذلك العلج‪،‬‬
‫فقرأھا وارتعدت فرائسه‪ ،‬وسقطت من بين يديه‪ ،‬وما كان منه إال أن قال‪:‬‬
‫افتحوا أبواب المدينة‪ ،‬واخرجوا مستسلمين‪ ،‬ال طاقة لنا بھؤالء‪ .‬ما الذي‬
‫ثبت خالدا إال اإليمان؟ ما الذي ثبت جند ﷲ إال اإليمان؟ يوم أخذوه‪ ،‬وأخذوه‬
‫ﱠ‬
‫بحق وبجدية‪ .‬ليس ھذا فحسب وليس صحابة رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه‬
‫وسلم‪ -‬فحسب؛ فھا ھو ]ابن تيميه[ ‪-‬عليه رحمة ﷲ‪ -‬ذلكم الداعية الذي‬
‫قارع الطغيان ودمغ البدعة والمبتدعين‪ ،‬فكثر األعداء فما وھن‪ ،‬وما استكان‪.‬‬
‫لسان حاله ‪:‬‬
‫فكيف تخاف من زيد وعمرو *** وعند ﷲ رزقك والقضاء‬
‫ليلقى في السجن فيثبت بإيمانه الراسخ‪ ،‬يقفل السجان الباب فيقول‪:‬‬

‫قبله ْ َ َ ُ‬
‫العذاب(‬ ‫الرحمة َ َ ِ ُ ُ‬
‫وظاھره ِمن ِ َ ِ ِ‬ ‫فيه ﱠ ْ َ ُ‬
‫باطنه ِ ِ‬
‫باب َ ِ ُ ُ‬ ‫بسور ﱠ ُ‬
‫له َ ٌ‬ ‫بينھم ِ ُ ٍ‬ ‫)َ ُ ِ َ‬
‫فضرب َ ْ َ ُ‬
‫ينظر إلى السجناء ويقول‪ :‬ما يفعل أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في‬
‫أنى رحت فھي معي ال تفارقني‪ ،‬أنا حبسي خلوة‪ ،‬وقتلي‬
‫صدري‪ ،‬ﱠ‬
‫شھادة‪ ،‬وإخراجي من بلدي سياحة‪ ،‬إن في الدنيا جنة من لم يدخلھا لم‬
‫يدخل جنة اآلخرة إنھا جنة اإليمان واليقين ‪.‬يمرض فيثبت ثبات المؤمن في‬
‫أوقات الشدائد‪ ،‬دخلوا عليه وھو مريض وما اشتكى‪ ،‬فيقولون له‪ :‬ماذا‬
‫تشتكي يا إمام؟ قال‪:‬‬
‫عوادھا ما بھا‬
‫يدر ُ ﱠ‬
‫تموت النفوس بأوصابھا *** ولم ِ‬
‫وما أنصف مھجة تشتكي *** أذاھا إلي غير أحبابھا‬
‫ثم يختم المصحف في السجن بضع وثمانين مرة‪ ،‬حتى إذا بلغ قول ﷲ ‪-‬‬
‫مليك‬
‫عند َ ِ ٍ‬
‫صدقٍ ِ َ‬
‫مقعد ِ ْ‬
‫ونھر * ِفي َ ْ َ ِ‬
‫جناتٍ َ َ َ ٍ‬ ‫إن ْ ُ ﱠ ِ َ‬
‫المتقين ِفي َ ﱠ‬ ‫جل وعال‪ ِ ) :-‬ﱠ‬
‫مقتدر(‪ .‬لقي ﷲ فرحمه ﷲ‪ ،‬وجمعنا به وبالصالحين من أمة محمد بن عبد‬
‫ﱡ ْ َ ِ ِ‬
‫ﷲ ﱠ‬
‫صلى وسلم عليه ﷲ‬
‫الثبات للمريض في مرضه‪ .‬يروي ]ابن حجر[ في اإلصابة أن ]عمران بن‬
‫حصين[‪ -‬رضى ﷲ عنه‪ -‬أصابه مرض أقعده ثالثين سنة‪ ،‬وما اشتكى حتى‬
‫إلى أھله‪ ،‬فكانت المالئكة تصافحه وقت السحر‪.‬‬
‫] أبي بن كعب[ ‪-‬رضي ﷲ عنه‪ -‬سيد القراء يقول للنبي ‪-‬صلى ﷲ عليه‬
‫وسلم‪ :-‬أإنا لنؤجر في األمراض والحمى والمصائب؟ فيقول –صلى ﷲ عليه‬
‫وسلم‪ -‬كما في الحديث المتفق عليه "والذي نفسي بيده ال يصيب‬
‫وصب وال بالء حتى الشوكة يشاكھا إال‬
‫نصب وال َ َ‬
‫غم وال َ َ‬
‫ﱞ‬ ‫ھم وال‬
‫ﱞ‬ ‫المؤمن‬
‫كفر ﷲ بھا خطاياه" فقال‪ :‬اللھم إني أسألك حمى ال تبعدني عن صالة وال‬
‫ﱠ‬
‫حج وال جھاد‪ ،‬فمكثت به ثالثين سنة حتى ابيض شعر رأسه ولحيته‪ ،‬وكان‬
‫ثابتا باإليمان‪،‬‬
‫ال يجلس بجانبه أحد من شدة فيح الحمى‪ ،‬ليلقى ﷲ ً‬
‫وھكذا يفعل اإليمان‪ .‬الثبات للمصاب في مصيبته ال يكون ذلك إال للمؤمنين‪.‬‬
‫يقول الحافظ ]أبو نعيم[‪ :‬لما توفي ]ذر بن عمر الھمداني[‪ ،‬جاءه أبوه أو جاء‬
‫أبوه‪ ،‬فوجده قد مات‪ ،‬فوجد أھل بيته يبكون‪ ،‬فقال‪ :‬ما بكم؟ قالوا‪ :‬مات ذر‪،‬‬
‫فقال‪ :‬الحمد ‪ ،9‬وﷲ ما ظلمنا وال قھرنا وال ذھب لنا بحق‪ ،‬وما أريد غيرنا‬
‫وكفنه‪ ،‬وذھب ليصلي‬
‫ﱠ‬ ‫غسله‬
‫ﱠ‬ ‫بما حصل لذر‪ ،‬ومالنا على ﷲ من مأثم‪ ،‬ثم‬
‫مع المصلين‪ ،‬ثم ذھب به إلي المقبرة‪ ،‬ولما وضعه في القبر قال‪ :‬رحمك‬
‫راحما‪ ،‬ومالي إليك من وحشة وال‬
‫ً‬ ‫بارا‪ ،‬وكنت لك‬
‫ﷲ يا بني‪ ،‬قد كنت بي ً‬
‫إلى أحد بعد ﷲ فاقة‪ ،‬وﷲ يا ذر ما ذھبت لنا بعز‪ ،‬وما أبقيت علينا من ذل‪،‬‬
‫ولقد شغلني –وﷲ‪ -‬الحزن لك عن الحزن عليك‪ ،‬يا ذر –وﷲ‪ -‬لوال ھول يوم‬
‫صرت إلى ما إليه صرت‪ .‬يا ليت شعري ماذا قيل لك‬
‫المحشر لتمنيت أني ِ ْ‬
‫باكيا‪ ،‬اللھم إنك قد وعدتني الثواب إن‬
‫ً‬ ‫وبماذا أجبت؟ ثم يرفع يديه أخري‬
‫صبرت‪ ،‬اللھم ما وھبته لي من أجر فاجعله لذر صلة مني‪ ،‬وتجاوز عنه‪،‬‬
‫فأنت أرحم به مني‪ ،‬اللھم إني قد وھبت ]لذر[ إساءته فھب له إساءته‬
‫فأنت أجود مني وأكرم ثم انصرف ودموعه تقطر على لحيته‬
‫وليس الذي يجري من العين ماؤھا *** ولكنھا روح تسيل فتقطر‬
‫انصرف وھو يقول‪ :‬يا ذر قد انصرفنا وتركناك‪ ،‬ولو أقمنا ما نفعناك‪ ،‬وربنا قد‬
‫استودعناك‪ ،‬وﷲ يرحمنا وإياك‪ .‬ما الذي ثبت ھذا الرجل إال اإليمان؟ ‪.‬‬
‫ھذه آثار اإليمان على حياة الناس تظھر عند الشدائد‪ ،‬فيثبت لھا الرجال‬
‫الشم الراسيات‪ ،‬علوا في الحياة وفي الممات‪ .‬ومن آثار‬
‫ﱡ‬ ‫ثبات الجبال‬
‫اإليمان على حياة الناس‪ :‬ديمومة اتھام النفس‪ ،‬والخوف من الرياء والنفاق‪،‬‬
‫وعدم احتقار الذنب‪ .‬يقول ]ابن أبي مليكة[ كما في ]البخاري[‪ :‬أدركت‬
‫ثالثين من صحابة رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬كلھم يخاف النفاق‬
‫على نفسه‪ ،‬ما منھم أحد يقول‪ :‬إنه على إيمان جبرائيل وميكائيل‪ .‬المؤمن‬
‫يرى ذنوبه كجبل يقعد تحت أصله‪ ،‬يخشى أن يسقط عليه‪ ،‬أما المنافق‬
‫فيرى ذنوبه كذباب وقع على أنفه فأطاره بيده‪ ،‬ما خاف النفاق إال َ مؤمن‪،‬‬
‫وما َ ِ َ‬
‫أمنه إال منافق‪ .‬يقول ]أنس[ كما في صحيح ]البخاري[‪ :‬إنكم لتعملون‬
‫أعماال ھي أدق في أعينكم من الشعر‪ ،‬إن كنا لنعدھا على عھد رسول‬
‫ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬من الموبقات يقول ھذا لخير القرون‪ ،‬فماذا‬
‫يقال فينا؟ نسأل ﷲ أن يرحمنا برحمته‪.‬‬
‫من آثار اإليمان على الحياة زيادة األمن في البلدان وعلي األموال‬
‫واألعراض‪ ،‬والطمأنينة والھدوء في األنفس والقلوب‪ .‬يقول المولى سبحانه‪:‬‬
‫سنة‬
‫ﱠ‬ ‫مھتدون(‬
‫وھم ﱡ ْ َ ُ َ‬ ‫ن َ ُ‬‫األم ُ‬
‫ْ‬ ‫لھم‬ ‫ُلم ُ َ ِ َ‬
‫أولئك َ ُ ُ‬ ‫إيمانھم بِظ ْ ٍ‬ ‫ولم َ ْ ِ ُ‬
‫يلبسوا ِ َ َ ُ ْ‬ ‫آمنوا َ ْ‬ ‫) ﱠ ِ َ‬
‫الذين َ ُ‬
‫الناسِ ال َ َ ْ َ ُ َ‬
‫يعلمون(‬ ‫ولكن َ ْ َ َ‬
‫أكثر ﱠ‬ ‫وعده َ َ ِ ﱠ‬
‫ﷲ َ ْ َ ُ‬ ‫ﷲ ال تتخلف‪ ،‬ووعد ﷲ )ال َ ُ ْ ِ ُ‬
‫يخلف ُ‬
‫من أثار اإليمان نبذ كل ما يفرق األمة من قوميات وعصبيات وعنصريات‬
‫عند ِ‬
‫ﷲ‬ ‫مكم َ َ‬ ‫إن َ ْ َ‬
‫أكر َ ُ ْ‬ ‫ونعرات جاھلية؛ فالمقياس عند المؤمنين حقا التقوى ) ِ ﱠ‬ ‫َ َ َ‬
‫إنما ْ ُ ْ ِ ُ َ‬
‫المؤمنون اخوة( ال فضل ألحد على أحد إال بالتقوى‪ ،‬جسد‬ ‫َْ َ ُ ْ‬
‫أتقاكم( ) ِ ﱠ َ‬
‫مؤمن واحد‪ ،‬بنيان واحد‪ ،‬أمة واحدة ‪ ،‬ال شرق وال غرب‪.‬‬
‫لو كبرت في جموع الصين مئذنة *** سمعت في المغرب تھليل المصلين‪.‬‬
‫أبا سليمان قلبي ال يطاوعني *** على تجاھل أحبابي وإخواني‬
‫أرقني *** وإن بكى مسلم في الصين‬
‫إذا اشتكي مسلم في الھند ﱠ‬
‫أبكاني‬
‫ومصر ريحانتي والشام نرجسي *** وفي الجزيرة تاريخي وعنواني‬
‫خراسان‬
‫بخارى بالدي وھي نائية *** وأستريح إلى ذكرى ُ َ‬
‫أرى ُ َ َ‬
‫بلد *** عددت ذلك الحمى من ُ ْ‬
‫صلب أوطاني‬ ‫وأينما ذكر اسم ﷲ في ٍ‬
‫وبنت لنا معالم إحسان وإيمان‬ ‫شريعة ﷲ َ ﱠ ْ‬
‫لمت شملنا *** َ َ َ ْ‬
‫محقق جامع‬
‫ُ‬ ‫وحسن‬
‫يقول ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم ‪-‬كما روى ]أبو داود[ َ ﱠ‬
‫أناسا ما ھم بأنبياء وال شھداء‪ ،‬يغبطھم األنبياء‬
‫ً‬ ‫األصول‪" -‬إن من عباد ﷲ‬
‫قربھم ومكانتھم من ﷲ‪ ،‬قال صحابة رسول ﷲ‪ :‬تخبرنا من‬
‫والشھداء على ُ ْ‬
‫ھم يا رسول ﷲ؟ قال‪ :‬ھم أناس تحابوا بروح ﷲ على غير أرحام فيما‬
‫بينھم‪ ،‬وال أموال يتعاطونھا فيما بينھم‪ ،‬فوﷲ إن وجوھھم لنور‪ ،‬وإنھم لعلى‬
‫إن َ ْ ِ َ َ‬
‫أولياء ِ‬
‫ﷲ‬ ‫نور‪ ،‬ال يفزعون إذا فزع الناس‪ ،‬وال يحزنون إذا حزن الناس"‪َ ) .‬أال ِ ﱠ‬
‫يحزنون(‬
‫ھم َ ْ َ ُ َ‬ ‫خوف َعلَ ْ ِ ْ‬
‫يھم َوال َ ُ ْ‬ ‫ال َ َ ْ ٌ‬
‫يقع يوم من األيام بين ]أبي ذر[ ‪-‬رضي ﷲ عنه‪] -‬وبالل[ ‪-‬رضي ﷲ عنه‪-‬‬
‫خصومة‪ ،‬فيغضب ]أبو ذر[ وتفلت لسانه بكلمة يقول فيھا لبالل‪ :‬يا ابن‬
‫السوداء فيتأثر بالل‪ ،‬يوم أكرمه ﷲ باإلسالم‪ ،‬ثم يعير بالعصبيات والعنصريات‬
‫واأللوان‪ ،‬ويذھب إلى النبي ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬ويشكو أبا ذر‪،‬‬
‫ويستدعي النبي ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬أبا ذر‪ ،‬فيقول ‪-‬كما في الحديث‬
‫المتفق علي صحته‪ -‬يقول النبي صلى ﷲ عليه وسلم‪ " :-‬أعيرته بأمه؟‬
‫ويتحسر ويندم‪ ،‬ويقول‪ :‬وددت –وﷲ‪ -‬لو‬
‫ﱠ‬ ‫إنك امرؤ فيك جاھلية"‪ ،‬فيتأثر أبو ذر‬
‫ضرب عنقي بالسيف‪ ،‬وما سمعت ذلك من رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه‬
‫وسلم‪ -‬ويأخذ بالل –رضي ﷲ عنه‪ -‬كما روي ويضع خده على التراب‬
‫ويقول‪ :‬يا بالل؛ ضع قدمك على خدي‪ ،‬ال أرفعه حتى تضعه‪ ،‬فتذرف عينا‬
‫بالل ‪-‬رضي ﷲ عنه‪ -‬الدموع‪ ،‬ويقول‪ :‬يغفر ﷲ لك يا أبا ذر‪ ،‬يغفر ﷲ لك يا‬
‫أبا ذر‪ ،‬وﷲ ما كنت ألضع قدمي على جبھة سجدت ‪ 9‬رب العالمين‪،‬‬
‫ويعتنقان ويبكيان ذھب ما في القلوب‪ ،‬وانتھى ما في القلوب‪ ،‬والشاھد‪:‬‬
‫إنك امرؤ فيك جاھلية‪.‬‬
‫رضي ﷲ عنه وأرضاه‪ -‬إلي‬
‫َ‬ ‫ويأتي ]سھيل بن عمرو[‪ ،‬ويأتي ]أبو سفيان[ ‪-‬‬
‫رضي ﷲ عنه وأرضاه‪ -‬الذي ال يدخله‬
‫َ‬ ‫أين يأتون؟ يأتون إلي مجلس ]عمر[ –‬
‫إال المؤمنون ً‬
‫حقا‪ ،‬فيستأذن أبو سفيان –وھو سيد من سادات قريش‪،‬‬
‫بإشارة تتحرك ألوف‪ ،‬وبإشارة منه أخرى ترعد ألوف‪ -‬يأتي إلى ھذا‬
‫المجلس فال يؤذن له‪ ،‬وھو مسلم –رضى ﷲ عنه وأرضاه‪ -‬بعد إسالمه‪.‬‬
‫ويأتي سھيل بن عمرو–وھو سيد من سادات قريش‪ -‬ويستأذن في الدخول‬
‫على عمر فال يؤذن له‪ ،‬ويأتي ]بالل[ الحبشي الذي أكرمه ﷲ باإلسالم‬
‫فيؤذن له‪ ،‬ويأتي ]صھيب[؛ صھيب الرومي فيؤذن له‪ ،‬ويأتي ]سلمان[‬
‫الفارسي فيؤذن له كذلك‪ ،‬فماذا كانت النتيجة؟ كان من أبي سفيان ‪-‬رضى‬
‫وتنمر‪ ،‬وقال‪ :‬وﷲ ما ظننت أن ُ ْ‬
‫أحبس على باب‬ ‫ﱠ‬ ‫وتذمر‬
‫ﱠ‬ ‫ﷲ عنه‪ -‬أن تأثر‬
‫لبيبا عاقال‪ -‬قال‪:‬‬
‫ً‬ ‫عمر‪ ،‬ويدخل ھؤالء الموالي قبلي‪ ،‬فقال سھيل ‪-‬وكان‬
‫نحبس‬
‫َ‬ ‫وﷲ ما علينا أن نحبس على باب عمر‪ ،‬ولكن ‪-‬وﷲ‪ -‬أخشى أن ُ ْ‬
‫على أبواب الجنة‪ ،‬ويدخل ھؤالء‪ ،‬لقد دعوا إلي اإلسالم فأسرعوا‪ ،‬ودعينا‬
‫فأبطأنا وتأخرنا‪ ،‬فما علينا أن نحبس على باب عمر‪ ،‬إنما علينا أن ال نحبس‬
‫ﷲ َْ َ ُ ْ‬
‫أتقاكم(‬ ‫عند ِ‬ ‫إن َ ْ َ َ ُ ْ‬
‫أكرمكم َ َ‬ ‫على أبواب الجنة‪ ،‬أو كما قال‪ ِ ) .‬ﱠ‬
‫أنا مسلم وأقولھا ِملء الورى *** وعقيدتي نور الحياة وسؤددي‬
‫جنسا على جنس يفوق بمحددي‬
‫ً‬ ‫سلمان فيھا مثل عمرو ال ترى ***‬
‫وبالل باإليمان يشمخ عزة *** ويدق تيجان العنيد الملحد‬
‫بمخمد‬
‫وخبيب أخمد في القنا أنفاسه *** لكن صوت الحق ليس ُ ْ ِ‬
‫ورمي صھيب بكل مال للعداء *** ولغير ربح عقيدة لم يقصد‬
‫إن العقيدة في قلوب رجالھا *** من ذرة أقوى وألف مھند‬
‫من آثار اإليمان على حياة الناس‪ :‬تنقية قلوبھم من الحسد‪ ،‬وتصفيتھا من‬
‫الحقد والغل‪ ،‬واستالل الضغائن والسخائم منھا؛ لتصبح األمة كما قال رب‬
‫بينھم( ھاھو –صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬‬
‫رحماء َ ْ َ ُ ْ‬
‫الكفار ُ َ َ ُ‬ ‫العالمين‪ َ ) :‬ﱠ ُ‬
‫أشداء َ َ‬
‫على ْ ُ ﱠ ِ‬
‫كما في الصحيح من رواية ]أنس[‪ ،‬وكما في رواية ]ابن اسحق[ عن ]أبي‬
‫سعيد الخدري[‪ ،‬عن رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ "-‬أنه لما قسم‬
‫يعط‬
‫ِ‬ ‫غنائم حنين أعطى المھاجرين‪ ،‬وتألف قلوب بعض المشركين‪ ،‬ولم‬
‫ً‬
‫شيئا‪ ،‬فوجدوا في أنفسھم‪ ،‬فقال قائلھم‪ :‬وجد رسول ﷲ –صلى‬ ‫األنصار‬
‫ﷲ عليه وسلم‪ -‬قومه فنسينا‪ ،‬وقال اآلخر‪ :‬غفر ﷲ لرسول ﷲ‪ ،‬يعطي‬
‫قريشا ويتركنا‪ ،‬وسيوفنا تقطر من دمائھم‪ ،‬فيذھب أحدھم‪ ،‬بل سيد من‬
‫ً‬
‫ساداتھم؛ ]سعد بن عبادة[ إلى رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬ويقول‬
‫وينقل المقالة إلى رسول ﷲ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬كما روى‪ :‬ما أنت؟‬
‫حدد موقفك‪ ،‬ھل أنت منھم؟ فيقول‪ :‬يا رسول ﷲ‬
‫يعني أين موقفك أنت‪ِّ ،‬‬
‫ما أنا إال ّ رجل من قومي‪ ،‬قد أقول ما يقولون ‪-‬ما يعرفون الخداع‪ ،‬وما يعرفون‬
‫االلتواء‪ ،‬إنما صرحاء أتقياء أنقياء‪ .-‬فقال ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ :-‬اجمعھم‬
‫لي‪ ،‬فجمعھم‪ ،‬فحمد ﷲ وأثنى عليه‪ ،‬ثم قال‪ :‬يا معشر األنصار؛ ما حديث‬
‫ضالال فھداكم ﷲ بي؟ وفقراء فأغناكم ﷲ بي؟‬
‫بلغني عنكم‪ ،‬ألم آتيكم ُ‬
‫أمن‪ ،‬ﷲ ورسوله‬
‫ّ‬ ‫وأعداء فألف ﷲ بين قلوبكم بي؟ فيقولون‪ :‬ﷲ ورسوله‬
‫أمن‪ .‬قال‪ :‬أال تجيبوني يا معشر األنصار‪ ،‬وﷲ لو شئتم لقلتم فصدقتم‬
‫ّ‬
‫وطريدا فآويناك‪ ،‬وعائال‬
‫ً‬ ‫مكذبا فصدقناك‪ ،‬ومخذوال فنصرناك‪،‬‬
‫وصدقتم‪ :‬أتيتنا ُ ﱠ ً‬
‫ُ ِّ‬
‫فواسيناك‪ ،‬أوجدتم يا معشر األنصار في أنفسكم على لعاعة من الدنيا‬
‫تألفت بھا قلوب أقوام ليسلموا‪ ،‬ووكلتكم إلى إسالمكم؟ والذي نفسي‬
‫شعبا وسلك‬
‫بيده‪ ،‬لوال الھجرة لكنت امرأ من األنصار‪ ،‬ولو سلك الناس ِ ْ ً‬
‫شعبا لسلكت شعب األنصار‪ ،‬اللھم ارحم األنصار‪ ،‬وأبناء األنصار‪،‬‬
‫ً‬ ‫األنصار‬
‫وأبناء أبناء األنصار‪ ،‬أما ترضون أن يعود الناس بالشاة والبعير‪ ،‬وتعودون أنتم‬
‫برسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬؟ فو ﷲ لما تنقلبون به خير مما ينقلبون‬
‫به‪ ،‬أال إنكم ستلقون بعدي َ َ َ‬
‫أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض فبكى‬
‫قسما‬
‫ً‬ ‫لحاھم بالدموع وھم يقولون‪ :‬رضينا برسول ﷲ‬ ‫ﱠ‬
‫اخضلت ِ َ ُ‬ ‫القوم حتى‬
‫قسما وح ً ّ‬
‫ظا‪ ".‬لسان حالھم‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬
‫وحظا‪ ،‬رضينا برسول ﷲ‬
‫خذوا الشياة والجمال والبقر *** فقد أخذنا عنكم خير البشر‬
‫استل ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬ما في‬
‫ﱠ‬ ‫صلى ﷲ عليه وسلم ‪ ،‬أرأيت كيف‬
‫استل ما في قلوبھم ‪-‬رضوان ﷲ‬
‫ﱠ‬ ‫قلوبھم‪ ،‬إنه لو لم يكن فيھا إيمان َ َ‬
‫لم‬
‫جميعا‪ .-‬وھاھو رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ ،‬كما في الصحيح‪-‬‬
‫ً‬ ‫عليھم‬
‫بين أصحابه فيقول‪" :‬يطلع عليكم اآلن رجل من أھل الجنة‪ ،‬فطلع رجل‬
‫تنفض لحيته من آثار الوضوء‪ ،‬ثم قالھا في اليوم الثاني‪ ،‬فطلع نفس الرجل‪،‬‬
‫ثم قالھا في اليوم الثالث فكان ھو الرجل‪ ،‬فلحق به بعض صحابة رسول‬
‫ير في ھذا الرجل كثير صالة وال صيام‪ ،‬فقال له‬
‫أياما فلم َ‬
‫ً‬ ‫ﷲ‪ ،‬وجلسوا معه‬
‫بعد ثالث ليال‪ :‬لقد سمعت رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬يقول كذا‬
‫أرك تعمل كثير عمل‪ ،‬قال‪ :‬وﷲ ھو ما رأيت‪ ،‬غير أني ال أنام ليلة‬
‫وكذا‪ ،‬ولم َ‬
‫غششا‪ ،‬وال أحسد‬ ‫ًّ‬ ‫من الليالي وأنا أجد في نفسي ألحد من المسلمين‬
‫أحدا على خير أعطاه ﷲ إياه‪ ،‬قال‪ :‬بذلك بلغت ما بلغت‪ ،‬وتلك التي ال‬
‫ً‬
‫ُتطاق ‪-‬أو كما قال‪ ،-‬إنه اإليمان‪] .‬اإلمام الشافعي[ ‪-‬عليه رحمة ﷲ‪ -‬عوتب‬
‫سنا‪،‬‬
‫ً‬ ‫قبل بعض المغرضين على زيارة ]اإلمام أحمد[‪ ،‬وھو أكبر منه‬
‫من ِ َ‬
‫ردا على ھؤالء‪:‬‬
‫فقال ً‬
‫قالوا يزورك أحمد وتزوره *** قلت الفضائل ال تغادر منزله‬
‫إن زارني فلفضله أو زرته *** فلفضله فالفضل في الحالين له‬
‫كمدا من مات من غيره منھم له كفن إنه‬
‫ً‬ ‫رد على المعرضين‪ ،‬وكأنه يقول ‪:‬‬
‫اإليمان وكفى‪ .‬ومن آثار اإليمان على حياة الناس أنه عصمة وحجاب عن‬
‫المعاصي والشھوات والشبھات‪ .‬يقول رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬‬
‫كما في الحديث الصحيح‪ ":-‬ال يزني الزاني حين يزني وھو مؤمن‪ ،‬وال‬
‫يسرق حين يسرق وھو مؤمن‪ ،‬وال يشرب الخمر حين يشربھا وھو مؤمن"‬
‫يقدم مراد ﷲ على شھواته وعلى لذ ائذه‪ ،‬فييسر‬
‫ِّ‬ ‫إن المؤمن يا أيھا األحبة‬
‫ﷲ أمره‪ ،‬ويعصمه سبحانه وبحمده‪ .‬ففي األثر أن ﷲ ‪-‬سبحانه عز وجل‪-‬‬
‫قال‪" :‬وعزتي وجاللي‪ ،‬ما من عبد آثر ھواي على ھواه ‪ -‬أي قدم مراد ﷲ‬
‫على شھوات نفسه وھواھا ‪ -‬إال أقللت ھمومه‪ ،‬وجمعت له ضيعته‪،‬‬
‫ونزعت الفقر من قلبه‪ ،‬وجعلت الغنى بين عينيه‪ ،‬واستجرت له من وراء كل‬
‫فاجر" اإليمان عصمة من الوقوع في المعاصي‬
‫الحيي العالم‪ ،‬الذي يبلغ ثالثين سنة؛ إنه ]الربيع بن‬
‫ِّ‬ ‫ھاھو الشاب القوي‬
‫فساق إلفساده‪ ،‬فيأتون بغانية جميلة‪ ،‬ويدفعون لھا‬
‫خثيم[‪ ،‬يتمالى عليه ُ ﱠ‬
‫ُ َْ‬
‫ً‬
‫مبلغا من المال قدره ألف دينار‪ ،‬فتقول‪ :‬عالم؟ قالوا‪ :‬على قبلة واحدة من‬
‫الربيع بن خثيم‪ ،‬قالت‪ :‬ولكم فوق ذلك أن يزني؛ ألنه نقص عندھا منسوب‬
‫اإليمان‪ ،‬فما كان منھا إال أن تعرضت له في ساعة خلوة‪ ،‬وأبرزت مفاتنھا‬
‫له‪ ،‬فما كان منه إال أن تقدم إليھا يركض ويقول‪ :‬يا َ َ‬
‫أمة ﷲ؛ كيف بك لو نزل‬
‫ملك الموت فقطع منك حبل الوتين؟ أم كيف بك يوم يسألك منكر ونكير؟ أم‬
‫يدي الرب العظيم؟ أم كيف بك إن شقيتي يوم‬
‫كيف بك يوم تقفين بين َ ْ‬
‫ترمين في الجحيم؟ فصرخت ﱠ‬
‫وولت ھاربة تائبة إلى ﷲ‪ ،‬عابدة زاھدة حتى‬ ‫ُْ َ‬
‫الفساق‪ :‬لقد أفسدھا علينا‬
‫بعابدة الكوفة‪ ،‬وكان يقول ھؤالء ُ ﱠ‬
‫ِ َ‬ ‫لقبت بعد ذلك‬
‫ِّ‬
‫ثبت الربيع أمام ھذه الفتنة؟ ھل قلة شھوة؟ إنھا الشھوة‬
‫الربيع‪ .‬ما الذي ﱠ‬
‫العظيمة وفي سن ھو أوج الشھوة وعظمتھا ھو سن الثالثين‪ ،‬ومع ذلك ما‬
‫الذي ثبته ھنا‪ ،‬وما الذي عصمه بإذن ﷲ؟ إنه اإليمان با‪– 9‬الذي ال إله إال‬
‫ھو‪. -‬‬
‫فاإليمان –يا أيھا األحبة‪ -‬كالجمرة متى ما نفخت بھا أضاءت واشتعلت؛‬
‫فأصبحت إضاءتھا عظيمة عظيمة‪ ،‬وحين ينقص منسوب اإليمان يقع‬
‫اإلنسان في الفواحش واآلثام‪ ،‬يغرق في الشھوات‪ ،‬ثم يقع بعد ذلك في‬
‫الموبقات‪ .‬ھاھو شاب من شباب ھذه األمة‪ ،‬كان له صديق سوء‪ ،‬وجاءه‬
‫في ليلة من الليالي في منتصف الليل وھو نائم ليطرق عليه الباب‪ ،‬طرق‬
‫نائما لم يسمعه‪ ،‬فقامت أمه وفتحت له‬
‫ً‬ ‫عليه الباب في تلك الساعة‪ ،‬وكان‬
‫فالنا‪ ،‬قالت‪ :‬إنه نائم ال أريد أن أوقظه اآلن‪ ،‬قال‪ :‬أريده‬
‫ً‬ ‫الباب‪ ،‬وقال‪ :‬أريد‬
‫حياء منه‪ ،‬وذھبت وأخرجت ھذا‬
‫ً‬ ‫ألح عليھا فاستجابت‬
‫لغرض ضروري‪ ،‬ﱠ‬
‫الشاب من فراشه‪ ،‬فخرج إلى ھذا الرجل‪ ،‬فقال له قرين السوء‪ :‬نريد الليلة‬
‫أن ننتھك حرمة البيت الفالني نريد أن نصعد لذاك البيت‪ ،‬ولنا منه الليلة‬
‫صيدة –كما يقول‪ ،-‬فما كان من ھذا –وقد نقص منسوب اإليمان عنده إن‬
‫لم يكن قد انعدم‪ -‬إال ﱠ أن دخل وأخذ المسدس‪ ،‬وخرج من نصف الليل‪ ،‬وكان‬
‫نائما‪ ،‬خرج مع قرين السوء يغدوان إلى المعصية ألنھما ما حمال اإليمان كما‬
‫ً‬
‫ينبغي أن يحمل‪ ،‬برجليھما يذھبان إلى الفاحشة‪ ،‬ذھبوا إلي بيت آمن‬
‫وفي منتصف الليل ليأتي ھذا الذي جاء وأيقظه ليصعد الجدار‪ ،‬وينتھك‬
‫حارسا بمسدسه‬
‫ً‬ ‫حرمة البيت بسقوطه في وسط البيت‪ ،‬ويبقى ذلك‬
‫خارج البيت‪ ،‬ويسمع صاحب البيت ويقوم‪ ،‬ويأخذ عصى غليظة‪ ،‬ويأتي وراء‬
‫ھذا الرجل يطارده‪ ،‬فيھرب منه ويأتي إلى ھذا الحارس؛ صاحب المسدس؛‬
‫آلمته‪ ،‬فما كان منه إال ّ أن‬
‫ْ‬ ‫نائما في نومته‪ ،‬فيضربه بالعصا ضربة‬
‫ً‬ ‫والذي كان‬
‫أخذ المسدس‪ ،‬ثم قتل ھذا الرجل‪ ،‬يا ‪ 9‬ما أعظمھا من جريمة! في وسط‬
‫الليل تنتھك حرمة بيت من بيوت المسلمين‪ ،‬وتقتل ‪ً -‬‬
‫أيضا‪ -‬صاحب البيت‪،‬‬
‫ثم بعد ذلك ما النتيجة؟ يأتي رجال األمن ويقبضون على ھذا الرجل‪،‬‬
‫ويقول‪ :‬إنني لست المجرم الحقيقي‪ ،‬إن المجرم الحقيقي ھو فالن‪،‬‬
‫جاءني واستخرجني من دار أمي‪ ،‬وھو الذي أغراني بھذا‪ ،‬فيأخذوه‬
‫ويذھبون ليبحثون عن الثاني‪ ،‬وإذا بالثاني يذھب إلى جماعة نقص‬
‫منسوب اإليمان عندھا‪ ،‬فيأخذھم شھود زور‪ ،‬يشھدون أنه في تلك الليلة‬
‫ما معھم في القرية الفوالنية‪ ،‬ويبقى ھذا في السجن‪ ،‬كل ليلة‬
‫كان نائ ً‬
‫جمعة ينتظر متي ينادي المنادي أن اخرج لتقتل‪ ،‬وأمه تتجرع الغصص‪ ،‬كل‬
‫ذلك ألنه ما حمل اإليمان كما ينبغي فوقع‪" .‬ال يزني الزاني حين يزني وھو‬
‫مؤمن‪ ،‬وال يسرق حين يسرق وھو مؤمن‪ ،‬وال يشرب الخمر حين يشربھا‬
‫وھو مؤمن" ليس ھذا فحسب‪ ،‬إليكم ھذا الحدث الذي ذكره الشيخ‬
‫]سلمان العودة[ في كتابه جلسة على الرصيف وأنصح باقتناء ھذا الكتيب‬
‫ليبين لك أثر اإليمان في موت القلوب‪ ،‬أثر نقص اإليمان في موت القلوب‪،‬‬
‫عاما جاءت إلى إحدى المستشفيات وھي‬
‫ً‬ ‫ذكر أن فتاة تبلغ العشرين‬
‫وأتم حال‪ ،‬لكنھا كانت في قلق‬
‫ِّ‬ ‫مولودا في أحسن صحة‬
‫ً‬ ‫حامل‪ ،‬فوضعت‬
‫الھم ما بھا‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫دائم شديد‪ ،‬وارتباك ظاھر‪ ،‬مسودة الوجه‪ ،‬كثيرة البكاء‪ ،‬بھا من‬
‫الغم ما بھا‪ ،‬طلبوا منھا بعد أيام من أيام الوالدة أن تبعث لوليھا‬
‫ِّ‬ ‫وبھا من‬
‫مستمرا حتى كاد‬
‫ً‬ ‫مرا‬
‫بكاء ً‬
‫ً‬ ‫ليخرجھا من المستشفى‪ ،‬فارتبكت وبكت‬
‫ﱠ‬
‫مستقلة وسألوھا عن‬ ‫يغمى عليھا من شدة البكاء‪ ،‬فانفردوا بھا في غرفة‬
‫األمر‪ ،‬ما األمر؟ وما الخطب؟ وما الحدث؟ وبعد جھد جھيد قالت لھم بصوت‬
‫متقطع وبقلب مليء بالحسرات والھموم والغموم قالت‪ :‬إن والد ھذا الطفل‬
‫ھو أبوھا نفسه‪ ،‬ال إله إال ﷲ‪ ،‬ال إله إال ﷲ‪ ،‬ما أفظع األمر! وما أفجعه! وﷲ‬
‫لو قيل إن ھذا وقع في األمم السابقة الستفظعناه والستبشعناه‪ ،‬ولقلنا‪:‬‬
‫إنا ‪ 9‬وإنا إليه راجعون‪ ،‬وﷲ لو كان في بالد الكفر والعھر الستعظمناه‪،‬‬
‫فكيف إذا علمنا أنه في بيتٍ أھله ربما نطقوا بالشھادتين في كل يوم‪،‬‬
‫ً‬
‫معروفا‪ ،‬ولم‬ ‫وربما سمعوا آيات ﷲ ثم انسلخت قلوبھم منھا‪ ،‬فلم يعرفوا‬
‫منكرا؟! ال تستبعد مثل ھذا أخي المسلم؛ فلربما كانت البداية‬
‫ً‬ ‫ينكروا‬
‫ھيجت الشھوة في نفسه‪ ،‬فوقع على ابنته‪ .‬ولربما كان ذلك‬
‫بنظرة خائنة ﱠ‬
‫ھيجت الشھوة في نفسه‪ ،‬فوقع على ابنته‪ .‬ولربما كان ذلك‬
‫بأغنية ماجنة ﱠ‬
‫بمشاھدة تمثيلية فاجرة ھيجت الشھوة في نفسه‪ ،‬فوقع على ابنته‪.‬‬
‫ولربما كان بشربة خمر أفقدته عقله فوقع على ابنته‪ .‬وھكذا فالمعاصي‬
‫ً‬
‫فشيئا‬ ‫ً‬
‫شيئا‬ ‫ً‬
‫بعضا‪ ،‬والسقوط‬ ‫يجر بعضھا‬
‫ورحلة النيل تبدأ بخطوة واحدة *** ومعظم النار من مستصغر الشرر‬
‫واإليمان ھو الزمام والفيصل‪ .‬ومن آثاره على الحياة سعادة البيوت واألسر‪،‬‬
‫يخرج إال السعداء بإذن رب األرض‬
‫بيت يدخله اإليمان بيت سعيد ال ُ ْ‬
‫والسماء؛ استعاض أھله عن الغناء بترتيل القرآن آناء الليل وأطراف النھار‪،‬‬
‫السنة والكتب‬
‫ﱡ‬ ‫واستغنوا عن المجالت الماجنة بتقليب المصحف وكتب‬
‫المفيدة‪ ،‬واستغنوا عن السجائر وما في حكمھا من الخبائث بالسواك‬
‫فطھروا أفواھھم وأرضوا ربھم‪ .‬سعادة وأي سعادة‪ ،‬نساء ھذا البيت‬
‫مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات متحجبات ممتثالت ألمر رب األرض‬
‫والسماوات‪ ،‬يخرج الزوج المؤمن من البيت المؤمن فتقول الزوجة‪ :‬اتق ﷲ‬
‫فينا وال تطعمنا إال حالال؛ فإنا نصبر على الجوع‪ ،‬وال نصبر على النار‪ .‬ھذا‬
‫بيت ]اإلمام أحمد[ –عليه رحمة ﷲ‪ -‬يتربى على اإليمان‪ ،‬فاسمع إليه يوم‬
‫يقول بعد أن توفيت زوجته ]أم صالح[ يقول‪ :‬رافقتني أم صالح – يعني‬
‫عاما‪ ،‬وﷲ ما اختلفت معھا في كلمة واحدة‪ .‬إنه اإليمان يا‬
‫ً‬ ‫زوجته‪ -‬ثالثين‬
‫أيھا األحبة‪ ،‬البيت المتربي على اإليمان ليس ھذا فحسب‪ ،‬إن البيت‬
‫المتربي على اإليمان يدرك األطفال ھذا اإليمان‪ ،‬فيدخل إلى قلوبھم‬
‫السعادة ولو كانوا لم يحظوا من الدنيا بقليل وال كثير‪ .‬إن ]اإلمام أحمد[ كان‬
‫درھما فيأتي أبناؤه ويقولون‪ :‬يا أبتاه ال‬
‫ً‬ ‫دخله في الشھر سبعة عشر‬
‫تكفينا‪ ،‬قال‪ :‬أيام دون أيام‪ ،‬طعام دون طعام‪ ،‬وشراب دون شراب‪ ،‬ولباس‬
‫دون لباس حتى نلقى ﷲ الواحد األحد‪ .‬حذاؤه تبقى في رجله ثمانية‬
‫عاما –كما ذكر ابنه عبد اله[‪ -‬كلما انخزمت خطفھا‪ ،‬وأعادھا إلى‬
‫ً‬ ‫عشر‬
‫رجله؛ ألنه ركل زخارف الدنيا وھو يعلم أن مناديل ]سعد بن معاذ[ في‬
‫الجنة خير من ھذا‪.‬‬

‫البيوت المؤمنة ُتخْ رج أشبال اإليمان‪ ،‬واألسر التي تربت على‬


‫اإليمان تخرج أشبال اإليمان‪ ،‬وإليكم ھذا المثل‪:‬‬
‫]عمر بن عبد العزيز[ ‪-‬عليه رحمة ﷲ ورضوانه‪ -‬في يوم العيد‪ ،‬وھو خليفة‬
‫المسلمين يدخل رجال المسلمين ليھنئونه ويدعون له بقبول الصيام‬
‫والقيام‪ ،‬ثم يذھب الرجال ويدخل األطفال؛ أطفال الرعية فدخلوا في ھيئة‬
‫خلقة وثيابه بالية‪،‬‬
‫حسنة وجميلة‪ ،‬وبينھم طفل من أطفال عمر ثيابه َ ِ َ‬
‫وربى في‬
‫األمة كلھا تحت يديه‪ ،‬ومع ذلك ركل الدنيا تحت قدميه‪ ،‬ﱠ‬
‫ﱠ‬ ‫وميزانية‬
‫حلة؛ إنھا حلة اإليمان‪ ،‬يوم رأى ابنه في يوم‬
‫أھله اإليمان‪ ،‬ففازوا بأعظم ُ‬
‫العيد بين أطفال الرعية وھم في ھيئة حسنة وھو في تلك الھيئة‪ ،‬طأطأ‬
‫رأسه وبكى‪ ،‬فقال ھذا الطفل الصغير‪ ،‬والذي تربى على اإليمان‪ :‬أبتاه ما‬
‫الذي طأطأ بك رأسك وأبكاك‪ ،‬قال‪ :‬يا بني ‪-‬وﷲ‪ -‬ما من شيء إال أني‬
‫الرعية‪ ،‬وأنت بھذه الھيئة‬
‫خشيت أن ينكسر قلبك يوم العيد بين أطفال ﱠ‬
‫رد الرجال المؤمنين‪ ،‬قال‪ :‬أبتاه إنما ينكسر قلب من‬
‫فرد ﱠ‬
‫ﱠ‬ ‫وھم بتلك الھيئة‪،‬‬
‫وعق أمه وأباه‪ ،‬أما أنا فال وﷲ‪ .‬ما الذي ﱠ‬
‫علم ھذا الطفل‬ ‫ﱠ‬ ‫عصى ربه ومواله‪،‬‬
‫إال ّ ﷲ الذي رزقه اإليمان من صغره فتربى على اإليمان‪ ،‬فكان منه ما كان‬

‫ومن آثاره ‪-‬أعني اإليمان‪ -‬على الفرد الوالء الخالص للمؤمنين‪،‬‬


‫إخوانا أو عشيرة‪ ،‬ناھيك عن‬
‫ً‬ ‫وأبناء أو‬
‫ً‬ ‫والعداء ألعداء الدين ولو كانوا ً‬
‫آباء‬
‫أن يكونوا من المغضوب عليھم والضالين والمجوس والذين أشركوا‪ ،‬وكلھم‬
‫ضالون‪.‬‬
‫كانوا‬ ‫ورسوله َ َ ْ‬
‫ولو َ ُ‬ ‫ﷲ ََ ُ َ ُ‬
‫حاد َ‬
‫من َ ﱠ‬
‫يوادون َ ْ‬ ‫واليوم َ ِ ِ‬
‫اآلخر ُ َ ﱡ َ‬ ‫با‪ِ ْ َ ْ َ 9‬‬
‫يؤمنون ِ ِ‬ ‫تجد َ ْ ً‬
‫قوما ُ ْ ِ ُ َ‬ ‫)ال َ َ ِ ُ‬
‫عشيرتھم(‬
‫أو َ ِ َ َ ُ ْ‬‫إخوانھم َ ْ‬ ‫أبناءھم َ ْ‬
‫أو ِ ْ َ َ ُ ْ‬ ‫أو َ ْ َ َ ُ ْ‬
‫آباءھم َ ْ‬
‫َ َ ُ ْ‬
‫ھاھم صحابة رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬حققوا ھذا األثر‪ ،‬فظھر‬
‫في تصرفاتھم‪ ،‬وظھر في كلماتھم ومقاالتھم‪ .‬يقول ]ابن عمر[‪ :‬وﷲ لو‬
‫أنفقت أموالي كلھا في سبيل ﷲ‪ ،‬وصمت النھار ال أفطر‪ ،‬وقمت الليل ال‬
‫أنام‪ ،‬ثم لم أصبح وأنا أحب أھل الطاعة‪ ،‬وأبغض أھل المعصية لخشيت أن‬
‫يكبني ﷲ على وجھي في النار وال يبالي ]وخبيب[ ‪-‬رضي ﷲ عنه‬
‫محمدا مكانك‬
‫ً‬ ‫يقدم تضرب عنقه في ذات ﷲ‪ ،‬فيقال له‪ :‬أتحب أن‬
‫وأرضاه‪ ُ -‬ﱠ‬
‫محمدا‬
‫ً‬ ‫اآلن‪ ،‬وأنك آمن في أھلك‪ ،‬فيقول ‪-‬وقد والى ﷲ‪ :-‬وﷲ ما أحب أن‬
‫يشاك بشوكة وأني آمن في أھلي‪.‬‬

‫وھكذا يفعل اإليمان‪ .‬وإذا نقص منسوب اإليمان وإذا تدني منسوب‬
‫اإليمان تدنى معه الشخص‪ ،‬تدنى إلى مرحلة البھيمية‪ ،‬فأصبح والء‬
‫مھينا‪ .‬يذكر ]ابن تيميه[‪ -‬عليه رحمة ﷲ‪ -‬أن رجال‬
‫ً‬ ‫حقيرا‬
‫ً‬ ‫تافھا‬
‫ً‬ ‫اإلنسان‬
‫ًّ‬
‫جما‪ ،‬فكان يقول يوم نقص منسوب اإليمان‬ ‫حبا‬
‫تعلق امرأة سوداء فأحبھا ً‬
‫عنده‪:‬‬
‫وأقرب‬
‫َ‬ ‫قربت كان أحب‬ ‫ِ ْ‬
‫وسلم ألھلھا *** ومن ﱠ‬ ‫عدو لمن عادت‬
‫ليس ھذا فحسب‪ ،‬بل قال مرة أخرى‪:‬‬
‫أحب لحبھا السودان حتى *** أحب لحبھا سود الكالب‪.‬‬
‫صار الحب فيھا‪ ،‬والبغض فيھا‪ ،‬والوالء لھا‪ ،‬والعداء ألعدائھا‪ ،‬مع أن األصل‬
‫من أحب في ﷲ‪ ،‬وأبغض في ﷲ‪ ،‬ووالى في ﷲ‪ ،‬وعادى في ﷲ‪ ،‬وأعطى‬
‫‪ ،9‬ومنع ‪ ،9‬فقد استكمل اإليمان ولن ينال عبد طعم اإليمان وإن ﱠ‬
‫صلى‬
‫وصام حتى يكون كذلك ومن آثار اإليمان على حياة الناس أنه يكسب العزة‬
‫التي تجعل اإلنسان يمشي نحو ھدفه مرفوع القامة والھامة‪ ،‬ال يحني‬
‫رأسه لمخلوق‪ ،‬وال يطأطأ رقبته لجبروت أو طغيان أو مال أو جاه‪ ،‬فھو سيد‬
‫في الكون ھذا وعبد ‪ 9‬وحده‪.‬‬
‫أعرابيا مثل ]ربعي بن عامر[ حين باشرت قلبه‬
‫ً‬ ‫مؤمنا‬
‫ً‬ ‫ال غرو إذا رأينا‬
‫بشاشة اإليمان‪ ،‬وأضاءت فكره آيات القرآن‪ ،‬يقف أمام ]رستم[ في سلطانه‬
‫وإيوانه غير مكترث له وال عابئ به حتى إذا سأله رستم من أنتم وما الذي‬
‫جاء بكم؟ حقق في اإليوان وأجاب إجابة في عزة مؤمنة خلدھا التاريخ‬
‫فقال‪ :‬نحن قوم ابتعثنا ﷲ لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب‬
‫العباد ومن ضيق الدنيا إلي سعة اآلخرة‪ ،‬ومن جور األديان إلى عدل‬
‫اإلسالم‪ .‬عزة وأي عزة! إنھا ال توجد إال ّ في ظالل اإليمان‬
‫أمة الصحراء يا شعب الخلود *** من سواكم حل أغالل الورى؟‬
‫ﱠ‬
‫أي داعي قبلكم في ذا الوجود *** صاح ال كسرى ھنا ال قيصر؟‬
‫صبحا للرشاد؟‬
‫ً‬ ‫من سواكم في قديم أو حديث *** أطلع القرآن‬
‫ربا للعباد‬
‫ھاتفا في مسمع الكون العظيم *** ليس غير ﷲ ً‬
‫ً‬
‫للعصر‬
‫جماال ُ ُ‬
‫فكِّروا في عصركم وانتبھوا *** طالما كنتم َ َ‬
‫عزما وابعثوا *** مرة أخري بھا روح عمر‬
‫ً‬ ‫وابعثوا الصحراء‬
‫ھاھو أخر قد آمن با‪ً 9‬‬
‫حقا‪ ،‬فأكسبه ذلك اإليمان عزة‪ ،‬جعل يتكلم في‬
‫جافيا‪ ،‬فأمر ھشام بإحضاره‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫غليظا‬ ‫كالما‬
‫ً‬ ‫]ھشام بن عبد الملك[ الخليفة‬
‫ً‬
‫أيضا في‬ ‫فلما وقف بين يديه جعل يتكلم‪ ،‬فقال ھشام له‪ :‬وتتكلم‬
‫تجادل َعن‬
‫نفسٍ ُ َ ِ ُ‬
‫كل َ ْ‬ ‫يوم َ ْ ِ‬
‫تأتي ُ ﱡ‬ ‫مجلسي؟! فقال‪ :‬يقول ﷲ –جل وعال‪َ ْ َ ) :-‬‬
‫نفسھا( أفنجادل ﷲ جداال‪ ،‬وال نكلمك يا ھشام؟! فما كان من ھشام إال‬
‫ﱠْ ِ َ‬
‫راشدا بعزة‬
‫ً‬ ‫راشدا‪ ،‬فقال ما شاء وانصرف‬
‫ً‬ ‫أن قال‪ :‬قل ما شئت‪ ،‬ثم انصرف‬
‫المنافقين ال َ َ ْ َ ُ َ‬
‫يعلمون( إنھا‬ ‫وللمؤمنين َ َ ِ ﱠ‬
‫ولكن ْ ُ َ ِ ِ َ‬ ‫ولرسوله َ ِ ْ ُ ْ ِ ِ َ‬ ‫ولله ْ ِ ﱠ ُ‬
‫العزة َ ِ َ ُ ِ ِ‬ ‫المؤمن ) َ ِ ﱠ ِ‬
‫أحدا‪ ،‬ليس ھذا‬
‫ً‬ ‫العزة‪ ،‬أثر إيماني يظھر صاحبه الحق‪ ،‬ال يخشى دون ﷲ‬
‫ّ‬
‫فحسب‪ .‬ھاكم مثال آخر‪ ،‬ذلكم الشيخ ]سعيد الحلبي[ عالم الشام في‬
‫مادا رجله في مسجد من مساجد‬
‫ً‬ ‫عصره‪ ،‬كان في درس من دروسه‬
‫الشام‪ ،‬فدخل ]إبراھيم[ باشا ابن ]محمد على[ باشا والي مصر آنذاك‪،‬‬
‫ًّ‬
‫مادا رجله في حلقته يلقي قال‬ ‫فقام الناس كلھم إال ّ ھذا الشيخ‪ ،‬بقي‬
‫ﷲ‪ ،‬وقال رسوله‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬فتأثر ذلك الطاغية‪ ،‬ﱠ‬
‫وأثر ذلك في‬
‫نفسه إذ لم يقم له ھذا الشيخ‪ ،‬فقال في نفسه ھذا‪ :‬ألتينه من باب‬
‫لطالما أوتي طلبة العلم من ھذا الباب‪ .‬فذھب وأضمر له ما أضمر‪ ،‬وأحضر‬
‫ألف ليرة ذھبية –في وقت الشيخ قد ال يجد ليرة واحدة‪ ،-‬وقال ألحد‬
‫جنوده‪ :‬اذھب إلي الشيخ وأعطه ھذه‪ ،‬فأخذ ھذا الجندي ذلك المبلغ‪،‬‬
‫ًّ‬
‫مادا رجله في حلقته يدرس قال ﷲ‪ ،‬وقال‬ ‫وذھب به إلى الشيخ وال زال‬
‫رسوله –صلى ﷲ عليه وسلم‪ ،-‬ويكتسب العزة من خالل قال ﷲ وقال‬
‫رسوله‪ ،‬جاء إليه وقال‪ :‬إن إبراھيم باشا يقول‪ :‬خذ ھذه األلف الليرة‬
‫الذھبية‪ ،‬فما كان منه إال أن نظر إليه بعزة المؤمن‪ ،‬وتبسم تبسم المغضب‪،‬‬
‫وقال‪ :‬ردھا له‪ ،‬وقل له‪ :‬إن الذي يمد رجله ال يمد يده‪ ،‬إن الذي يمد رجليه‬
‫ال يمد يديه‪ ،‬أنا أقول ربما يكون الشيخ في تلك اللحظة ال يملك ليرة ذھبية‬
‫واحدة‪ ،‬لكن كنز اإليمان أعظم وأغلى من أن يباع بألف ليرة أو بليرة أو بأقل‬
‫وللمؤمنين َ َ ِ ﱠ‬
‫ولكن‬ ‫ولرسوله َ ِ ْ ُ ْ ِ ِ َ‬ ‫ولله ْ ِ ﱠ ُ‬
‫العزة َ ِ َ ُ ِ ِ‬ ‫أو بأكثر‪ ،‬وھكذا يكون المؤمنون‪ ِ َ ) .‬ﱠ ِ‬
‫سيدا[ ‪-‬رحمه ﷲ‬
‫ً‬ ‫المنافقين ال َ َ ْ َ ُ َ‬
‫يعلمون( وإن نسيت أيھا األحبة فال أنسى ]‬ ‫ْ ُ َ ِ ِ َ‬
‫اعتز بإيمانه‪ ،‬فصدع بكلمة الحق بال استحياء وال‬
‫ﱠ‬ ‫وتجاوز عني وعنه‪ ،-‬الذي‬
‫استرحاما حتى يخفف عنه‬
‫ً‬ ‫خجل‪ ،‬فحكم عليه بالقتل‪ ،‬وطلبوا منه أن يقدم‬
‫الحكم‪ ،‬ولكنه أبى ‪-‬رحمه ﷲ‪ -‬وقال قولته الشھيرة‪ :‬إن كنت حوكمت بحق‬
‫فأنا أرضى بالحق‪ ،‬وإن كنت حوكمت بباطل فأنا أكبر من أن أسترحم‬
‫الباطل‪ ،‬إن إصبعي السبابة التي تشھد ‪ 9‬بالوحدانية مرات في اليوم‬
‫لترفض أن تكتب كلمة واحدة تقر بھا حكم طاغية‪ .‬ماذا كان سيفعل سيد‬
‫وللمؤمنين َ َ ِ ﱠ‬
‫ولكن‬ ‫ولرسوله َ ِ ْ ُ ْ ِ ِ َ‬ ‫ولله ْ ِ ﱠ ُ‬
‫العزة َ ِ َ ُ ِ ِ‬ ‫لوال اإليمان؟ يا للعزة! ويا للثبات!‪ ِ َ ) .‬ﱠ ِ‬
‫المنافقين ال َ َ ْ َ ُ َ‬
‫يعلمون( ومن آثار اإليمان‪ :‬سعة الرزق ألھل اإليمان والبركة‬ ‫ْ ُ َ ِ ِ َ‬
‫فيه‪ .‬المؤمن –أيھا األحبة‪ -‬ال يذھب منه ﷼ في شراء ما يغضب ﷲ –جال‬
‫وعال‪ -‬ال يذھب منه ﷼ في شراء دخان‪ ،‬وما في حكم الدخان من‬
‫الخبائث‪ ،‬ال يذھب منه ﷼ في شراء فيلم مفسد أو مجلة أو جريدة‬
‫مفسدة؛ ألنه يعلم أنه مسؤول أمام ﷲ من أين اكتسبه وفيما أنفقه‪،‬‬
‫الحيل‪ ،‬وعن المكر والخداع‪ ،‬ويجند‬
‫فيصون رزقه عن الربا وعن الغش وعن ِ َ‬
‫ﷲ‬ ‫ومن َ ﱠ ِ ِ‬
‫يتق◌ َ‬ ‫رزقه فيما يرضي ﷲ –جل وعال‪ -‬فيرزقه ﷲ ويبارك ﷲ له‪َ َ ) .‬‬
‫حيث ال َ َ ْ َ ِ ُ‬
‫يحتسب (‬ ‫من َ ْ ُ‬ ‫مخرجا * َ َ ْ ُ ْ ُ‬
‫ويرزقه ِ ْ‬ ‫يجعل ﱠ ُ‬
‫له َ ْ َ ً‬ ‫َ ْ َ‬

‫ومن آثار اإليمان‪ :‬صدق التوكل على ﷲ‪ ،‬وتفويض األمور إلى ﷲ ‪-‬جل‬
‫وعال‪ -‬واالعتماد عليه في السعي في ھذه الحياة‪ ،‬واستمداد العون منه‬
‫في الشدة والرخاء؛ فالمؤمنون يجدون في توكلھم على ﷲ راحة نفسية‪،‬‬
‫وطمأنينة قلبية‪ ،‬إن أصابھم خير حمدوا ﷲ –جل وعال‪ -‬وشكروه‪ ،‬وإن‬
‫أصابتھم شدة صبروا وشكروا‪ ،‬ولسان حالھم ومقالھم‪ُ ) :‬قل ﱠلن ﱡ ِ َ َ‬
‫يصيبنا ِإال ﱠ َما‬
‫على‬ ‫لنا َأال ﱠ َ َ َ ﱠ َ‬
‫نتوكل َ َ‬ ‫وما َ َ‬ ‫فليتوكل ْ ُ ْ ِ ُ َ‬
‫المؤمنون( ) َ َ‬ ‫ﷲ َََْ َ ﱠ ِ‬ ‫موالنا َ َ َ‬
‫وعلى ِ‬ ‫ھو َ ْ َ َ‬ ‫ﷲ ََ‬
‫لنا ُ َ‬ ‫كتب ُ‬ ‫ََ َ‬
‫ھدانا ُ ُ َ َ‬
‫سبلنا(‬ ‫ﷲ َ َ ْ‬
‫وقد َ َ َ‬ ‫ِ‬
‫يقدم له في يوم من األيام‬
‫ھاھو ]خالد بن الوليد[ المؤمن الحق بإذن ﷲ ُ َ ﱠ‬
‫قبل طاغية من الطغاة‪ ،‬ويقول له ھذا الكافر‪ :‬إن‬
‫يقدم له سم من ِ َ‬
‫سم‪ َ ُ ،‬ﱠ‬
‫كنتم صادقين في التوكل على ﷲ ‪-‬جل وعال‪ -‬واللجوء إليه‪ ،‬والثقة به‪،‬‬
‫فاشرب ھذه القارورة من السم‪ ،‬فما كان من خالد ‪-‬رضي ﷲ عنه‪ -‬إال أن‬
‫أخذھا وقال‪ :‬بسم ﷲ‪ ،‬توكلت على ﷲ‪ ،‬ثقة با‪- 9‬سبحانه وتعالى‪ -‬ثم‬
‫حسبه( نعم أجر‬ ‫ﷲ َ ُ َ‬
‫فھو َ ْ ُ ُ‬ ‫يتوكل َ َ‬
‫على ِ‬ ‫ومن َ َ َ ﱠ ْ‬
‫شربه‪ ،‬فلم يصبه إال العافية‪َ َ ) .‬‬
‫العاملين الذين صبروا وعلى ربھم يتوكلون‬

‫ﷲ‬
‫شرح ُ‬
‫أفمن َ َ َ‬ ‫ومن آثار اإليمان انشراح الصدر‪ ،‬وطمأنينة القلب ) َ َ َ‬
‫ﷲ(‬ ‫من ِ ْ ِ‬
‫ذكر ِ‬ ‫ُوبھم ِ ّ‬ ‫فويل ِ ّ ْ َ ِ َ ِ‬
‫للقاسية ُقل ُ ُ‬ ‫به َ َ ْ ٌ‬
‫نور من ﱠر ِ ّ ِ‬ ‫فھو َ َ‬
‫على ُ ٍ‬ ‫لإلسالم َ ُ َ‬
‫صدره ِ ِ ْ َ ِ‬
‫َ ْ َ ُ‬
‫ربا‪ ،‬وباإلسالم دينا‪،‬‬
‫المؤمن منشرح الصدر‪ ،‬مطمئن القلب‪ ،‬قد آمن با‪ 9‬ﱠ‬
‫وبمحمد ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬فذاق حالوة اإليمان‪ ،‬فانشرح صدره‪.‬‬
‫ھاھو أحد المؤمنين يقول ‪-‬وقد انشرح صدره لإليمان فتلذذ بھذه العبادات‬
‫التي ھي من اإليمان‪ :-‬وﷲ لوال قيام الليل ما أحببت البقاء في ھذه الدنيا‪،‬‬
‫وﷲ إن أھل الليل في ليلھم مع ﷲ ألذ من أھل اللھو في لھوھم‪ ،‬وﷲ إنه‬
‫طربا بذكر ﷲ حتى أقول‪ :‬إن كان أھل‬
‫ً‬ ‫لتمر بالقلب ساعات يرقص فيھا‬
‫الجنة في مثل ما أنا فيه إنھم لفي نعيم عظيم‪ .‬تلذذوا باإليمان‪ ،‬وذاقوا‬
‫حالوة اإليمان فانشرحت صدورھم‪ .‬واآلخر يقول‪ :‬وﷲ لو يعلم الملوك وأبناء‬
‫الملوك ما نحن فيه من السعادة لجالدونا عليھا بالسيوف‪ .‬والعكس‬
‫يصعد في‬ ‫حرجا كأنما ﱠ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ضيقا‬ ‫بالعكس؛ من نقص إيمانه فحياته ضنك‪ ،‬وصدره‬
‫ونحشره‬ ‫معيشة َ ً‬
‫ضنكا َ َ ْ ُ ُ ُ‬ ‫له َ ِ َ ً‬‫فإن َ ُ‬
‫ذكري َ ِ ﱠ‬
‫رض َعن ِ ْ ِ‬ ‫ومن َ ْ‬
‫أع َ َ‬ ‫السماء‪ ،‬وصدق ﷲ ) َ َ ْ‬
‫القيامة َ ْ َ‬
‫أعمى(‬ ‫يوم ْ ِ َ ِ‬
‫َْ َ‬
‫ومن آثار اإليمان على الحياة بعمومھا‪ :‬نجاة سفينة األمة‪ ،‬ووصولھا لبر‬
‫األمان نتيجة األمر بالمعروف‪ ،‬والنھي عن المنكر الذي ھو من اإليمان‪ ،‬بل‬
‫ھو عماد من أعمدة اإليمان‪ .‬فالحياة كلھا سفينة تنخر عباب البحر‪ ،‬ال تكاد‬
‫تسكن حتى تضطرب‪ ،‬ولن يكتب ﷲ السالمة لھا فوق الموج المضطرب‬
‫حتى يكون كل شخص منھا على حذر مما يفعل‪ ،‬ويقظة لما يريد‪ .‬المجتمع‬
‫البر والفاجر‪ ،‬والمتيقظ والغافل‪ ،‬وطالب العلم‬
‫كالسفينة يركب ظھرھا َ ﱡ‬
‫والجاھل‪ ،‬ھذا يصلح‪ ،‬وذاك يحرف ويفتن‪ ،‬والمؤمن بإيمانه ھو الصالح‬
‫المصلح‪ ،‬يجاھد بأمره ونھيه وإصالحه‪ ،‬فإن تحطمت السفينة بعد ذلك‬
‫فشتان بين غريق وغريق؛ غريق في جھنم‪ ،‬وغريق في الجنة شھيد بإذنه‬
‫ربه‪ .‬ومن آثار اإليمان‪ :‬حفظ الجوارح‪ ،‬وتذليلھا لطاعة ﷲ‪ ،‬وانقيادھا ألوامر‬
‫ﷲ؛ حفظ القلب من الشھوات والشبھات‪ .‬وحفظ اللسان من الغيبة‬
‫والنميمة والوقوع في أعراض المسلمين واإلفساد‪ .‬وحفظ السمع إال من‬
‫كتاب ﷲ‪ ،‬وذكر ﷲ‪ ،‬واألمر بالمعروف‪ ،‬والنھي عن المنكر‪ ،‬وما أباحه ﷲ‪.‬‬
‫حرم ﷲ؛ ليجد بعد ذلك حالوة إيمانه إلى أن‬
‫وحفظ البصر من إطالقه فيما ﱠ‬
‫يلقى ﷲ‪ .‬وحفظ البطن فال يدخل له إال ما أحله ﷲ‪ ،‬وﷲ طيب ال يقبل إال‬
‫ً‬
‫حافظا وھو أرحم الراحمين‪.‬‬ ‫طيبا‪ ،‬فالمؤمن بإيمانه يحفظ جوارحه‪ ،‬وﷲ خير‬
‫ً‬
‫رياضا من‬
‫ً‬ ‫ومن آثار اإليمان على الحياة آثاره على المجالس‪ ،‬حيث يجعلھا‬
‫ﱡ‬
‫تحف‪ ،‬ورحمة تتنزل‪ ،‬وسكينة تغشى‪ ،‬ورب رحيم كريم‬ ‫رياض الجنة‪ ،‬مالئكة‬
‫مغفورا لكم‪ ،‬قد بدلت سيئاتكم حسنات‪ ،‬فيا ‪ 9‬ما أعظمھا‬
‫ً‬ ‫يقول‪ :‬انصرفوا‬
‫من مجالس! وما أعظم األخوة! جالسيھا ‪-‬ومرتاديھا جعلنا ﷲ وإياكم من‬
‫أھلھا‪-‬‬
‫ومن أثاره على الحياة آثاره في تلك اللحظة األخيرة‪ ،‬في تلك اللحظة‬
‫الحاسمة‪ ،‬في لحظة الموت العصبية المريرة التي ال يثبت فيھا إال‬
‫المؤمنون‪ ،‬يوم يعتقل اللسان‪ ،‬ولو لم يعتقل لصاح الميت من شدة ما‬
‫يالقي من السكرات حتى تندك جدران الغرفة التي ھو فيھا‪ ،‬يوم يخدر‬
‫الجسم‪ ،‬ولو لم يخدر لما مات أحد على فراشه‪ ،‬ولما مات إال في شعب‬
‫الجبال ورؤوس الجبال؛ من شدة ما يالقي من السكرات‪ .‬اللحظة التي‬
‫صورھا من عناھا بأبي ھو وأمي –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬يوم يغمى عليه‬
‫ويصحو‪ ،‬ويقول‪" :‬ال إله إال ﷲ‪ ،‬إن للموت لسكرات"‪ ،‬لحظة عاناھا‪ ،‬وعاناھا‬
‫صحابة رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬ووصفھا أحدھم وھو ]عمرو بن‬
‫العاص[ –رضي ﷲ عنه وأرضاه‪ -‬فقال وھو في اللحظات األولى من لحظات‬
‫السكرات‪ ،‬ال زال لسانه لم يعتقل‪ ،‬وال زال جسمه لم يخدر‪ :‬وﷲ لكأن‬
‫على كتفي جبل رضوى‪ ،‬وكأن في جوفي شوكة عوسج‪ ،‬وكأن روحي‬
‫تخرج من ثقب إبرة‪ ،‬وكأن السماء أطبقت على األرض وأنا بينھما‪ .‬في ھذه‬
‫اللحظات المريرة العصيبة يأتي أثر اإليمان واليقين‪ ،‬فيلھمك ﷲ النطق‬
‫بالشھادتين‪ ،‬ومن" كان آخر كالمه من الدنيا ال إله إال ّ ﷲ دخل الجنة "على‬
‫ما كان‪ .‬في تلك اللحظات يأتي المؤمنون فيسعدون بتلك اللحظات؛ ألنھم‬
‫نصب‪ ،‬وآخر وصب‪ ،‬ليس ھذا‬
‫يعلمون أنھا آخر عناء‪ ،‬وآخر تعب‪ ،‬وآخر َ َ‬
‫فحسب‪ ،‬بل تستقبلھم المالئكة‪ ،‬بل تبشرھم المالئكة‪ ،‬فال خوف وال حزن‬
‫المالئكة َأال ﱠ َ َ ُ‬
‫تخافوا َوال َ‬ ‫تتنزل َ َ ْ ِ ُ‬
‫عليھم ْ َ َ ِ َ ُ‬ ‫استقاموا َ َ َ ﱠ ُ‬
‫ثم ْ َ َ ُ‬ ‫ﷲ ُ ﱠ‬‫ربنا ُ‬ ‫الذين َقالُوا َ ﱡ َ‬
‫إن ﱠ ِ َ‬‫)ِ ﱠ‬
‫الدنيا‬
‫الحياة ﱡ ْ َ‬ ‫نحن َ ْ ِ َ ُ ُ ْ‬
‫أولياؤكم ِفي ْ َ َ ِ‬ ‫توعدون * َ ْ ُ‬
‫كنتم ُ َ ُ َ‬ ‫التي ُ ُ ْ‬ ‫وأبشروا ِ ْ َ ﱠ ِ‬
‫بالجنة ﱠ ِ‬ ‫َ‬
‫تحزنوا َ ْ ِ ُ‬
‫َ ْ َُ‬
‫تدعون(‬
‫فيھا َما َ ﱠ ُ َ‬ ‫ولكم ِ َ‬ ‫تشتھي َ ُ ُ ُ ْ‬
‫أنفسكم َ َ ُ ْ‬ ‫فيھا َما َ ْ َ ِ‬
‫ولكم ِ َ‬ ‫وفي َ ِ َ ِ‬
‫اآلخرة َ َ ُ ْ‬ ‫َ ِ‬
‫ھاھو ]عمر بن عبد العزيز[ ‪-‬عليه رحمة ﷲ‪ -‬في سكرات الموت يقول‪:‬‬
‫مرحبا بالوجوه ليست بوجوه جن وال إنس‪ ،‬ثم يطلب ممن حوله أن يخرجوا‪،‬‬
‫ً‬
‫يريدون ُعل ً ُّوا ِفي ْ‬
‫األرضِ َوال َ‬ ‫نجعل َُھا ِ ﱠ ِ َ‬
‫للذين ال َ ُ ِ ُ َ‬ ‫الدار اآل َ ِ َ ُ‬
‫خرة َ ْ َ‬ ‫وإذا به يقول‪َ ْ ِ ) :‬‬
‫تلك ﱠ ُ‬
‫للمتقين( ليلقى ﷲ ‪-‬عز وجل‪ -‬على ذلك‪.‬‬ ‫والعاقبة ِ ْ ُ ﱠ ِ َ‬
‫فسادا َ ْ َ ِ َ ُ‬
‫َ َ ً‬
‫ً‬
‫مبلغا فيقولون له‪ :‬قل‪ :‬ال إله إال ﷲ‪ ،‬وھو‬ ‫وأحدھم بلغت به سكرات الموت‬
‫بما‬ ‫قومي َ ْ َ ُ َ‬
‫يعلمون * ِ َ‬ ‫من الصالحين‪ ،‬ال يزكى على ﷲ‪ ،‬فكان يقول‪َ ) :‬يا َ ْ َ‬
‫ليت َ ْ ِ‬
‫ﷲ‬
‫يثبت ُ‬
‫المكرمين( ليلقى ﷲ على تلك الحال ) ُ َ ِ ّ ُ‬‫من ْ ُ ْ َ ِ َ‬ ‫ربي َ َ َ َ ِ‬
‫وجعلني ِ َ‬ ‫غفر ِلي َ ِ ّ‬
‫َ َ َ‬
‫ﱠ ِ ِ َ‬
‫الظالمين‬ ‫ﷲ‬
‫ويضل ُ‬ ‫وفي َ ِ َ ِ‬
‫اآلخرة َ ُ ِ ﱡ‬ ‫الدنيا َ ِ‬ ‫الثابت ِفي ْ َ َ ِ‬
‫الحياة ﱡ ْ َ‬ ‫آمنوا ِ ْ َ ْ ِ‬
‫بالقول ﱠ ِ ِ‬ ‫ﱠ ِ َ‬
‫الذين َ ُ‬
‫ﷲ َما يشاء(‬
‫ويفعل ُ‬
‫ََ ْ َ ُ‬
‫مؤذن لطالما رفع اآلذان من على المنابر كل يوم خمس مرات‪ ،‬يختمھا بال‬
‫إله إال ﷲ‪ ،‬وھو في منطقة الجنوب‪ ،‬وفي تلك اللحظات األخيرة من حياته‬
‫يغمى عليه إغماءة مستمرة‪ ،‬فما كان يفيق إال في وقت الصالة‪ ،‬فإذا جاءت‬
‫وقت الصالة قام وأذن حتى يقول‪ :‬ال إله إال ﷲ‪ ،‬ثم يعود إلى إغمائه‪،‬‬
‫ويقولھا مرة من المرات‪ ،‬يفيق من إغمائه ويقول‪ :‬يا بني‪ ،‬وابنه معه‪ ،‬أحان‬
‫وقت الصالة؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬فقال‪ :‬ﷲ أكبر‪ ،‬ﷲ أكبر حتى ختمھا بال إله إال ﷲ‪،‬‬
‫الثابت ِفي ْ َ َ ِ‬
‫الحياة‬ ‫آمنوا ِ ْ َ ْ ِ‬
‫بالقول ﱠ ِ ِ‬ ‫ﷲ ﱠ ِ َ‬
‫الذين َ ُ‬ ‫يثبت ُ‬
‫ليلقى ﷲ على تلك الحال ) ُ َ ِ ّ ُ‬
‫اآلخرة( وفي المقابل تجد الذين ال إيمان لھم في تلك اللحظات‪،‬‬ ‫وفي َ ِ َ ِ‬
‫الدنيا َ ِ‬
‫ﱡَْ‬
‫وعسر أمورھم‪ ،‬وأوغر‬
‫ﱠ‬ ‫الذين لم تنضبط سلوكھم قد ضيق ﷲ عليھم‪،‬‬
‫صدورھم‪ ،‬ثم ال ُ ْ‬
‫يلھمون الشھادة ليختموا بھا حياتھم‪ .‬فيا لھا من سوء‬
‫خاتمة‪ .‬ھاھو شاب في سكرات الموت‪ ،‬يقولون له‪ :‬قل‪ :‬ال إله إال ﷲ –‬
‫دخانا‪ ،‬فيقولون‪ :‬قل‪ :‬ال‬
‫ً‬ ‫دنس فمه بشرب الدخان‪ -‬فيقول‪ :‬أعطوني‬
‫ولطالما ﱠ‬
‫دخانا‪ ،‬فيقولون‪ :‬قل‪ :‬ال إله إال‬
‫ً‬ ‫دخانا‪ ،‬أعطوني‬
‫ً‬ ‫إله إال ﷲ‪ ،‬فيقول‪ :‬أعطوني‬
‫دخانا‪ ،‬ليلقى ﷲ‬
‫ً‬ ‫عل أن يختم لك بھا‪ ،‬قال‪ :‬أنا بريء منھا‪ ،‬أعطوني‬
‫ﱠ‬ ‫ﷲ‬
‫على تلك الحال‪ .‬نسأل ﷲ حسن الخاتمة‪ .‬وشاب أخر –كما ذكر الشيخ‬
‫ﱠ‬
‫وحلت به سكرات‬ ‫ًّ‬
‫ونادا عن ﷲ –جل وعال‪-‬‬ ‫ًّ‬
‫صادا‬ ‫]سلمان[‪ -‬يقول ‪ :‬كان‬
‫الموت التي البد أن تحل بي وبك‪ ،‬ال أدري أقريب أم بعيد؟ نسأل ﷲ أن‬
‫يحسن لنا ولكم الختام‪ ،‬جاء جالسه وقالوا‪ :‬قل‪ :‬ال إله إال ﷲ‪ ،‬فيتكلم بكل‬
‫مصحفا‪ ،‬ففرحوا‬
‫ً‬ ‫كلمة وال يقول ال إله إال ﷲ‪ ،‬ثم يقول في األخيرة‪ :‬أعطوني‬
‫واستبشروا وقالوا‪ :‬لعله يقرأ آية من كتاب ﷲ‪ ،‬فيختم بھا‪ ،‬فأخذ المصحف‬
‫ورفعه بيده‪ ،‬وقال‪ :‬أشھدكم أني قد كفرت برب ھذا المصحف‪ ،‬ثم يلقى ﷲ‬
‫ﱠ ِ ِ َ‬
‫الظالمين‬ ‫ﷲ‬
‫ويضل ُ‬
‫على ذلك‪ .‬نسأل ﷲ أن يحسن لنا ولكم الختام ) َ ُ ِ ﱡ‬
‫يشاء(‬
‫ﷲ َما َ َ ُ‬
‫ويفعل ُ‬
‫ََ ْ َ ُ‬

‫فريدا ال‬
‫ً‬ ‫وحيدا‬
‫ً‬ ‫ومن أثار اإليمان‪ :‬السكينة والثبات في القبر يوم تطرح‬
‫أنيس وال صاحب وال قريب وال حبيب وال خليل‪ ،‬يوم تكون مع أھلك في ليلة‬
‫مرتھنا‬
‫ً‬ ‫تفترش الوثير‪ ،‬وتشرب النمير‪ ،‬وإذ بك في ليلة أخرى تفترش التراب‬
‫محسنا تريد الزيادة‪ ،‬وتعض أصابع‬
‫ً‬ ‫بعملك‪ ،‬فيا لذلك ويا لحسرتك إن كنت‬
‫وأنى لك بالندم‬ ‫ً‬
‫مسيئا ندمت على التفريط‪ ،‬ﱠ‬ ‫الندم على ما فرطت‪ ،‬وإن كنت‬
‫أن ينفعك في تلك اللحظة؟‪ ،‬وأنت على ھذه الحال –يا أيھا المؤمن‪ -‬تأتيك‬
‫نعمة اإليمان فيثبتك ﷲ ويلھمك اإلجابة على األسئلة الثالثة؛ من ربك؟‬
‫روحھا‬
‫وما دينك؟ ومن نبيك؟ ثم بعدھا ُيفتح لك باب إلى الجنة؛ لتنعم من َ ِ‬
‫وطيبھا‪ .‬جعلنا ﷲ وإياكم من سكانھا‪ .‬أحد الشباب يأتيني في يوم من‬
‫إلي ويقول‪ :‬يا شيخ رأيت أخي الذي مات قبل‬
‫ﱠ‬ ‫األيام‪ ،‬في يوم جمعة‪ ،‬ويأتي‬
‫فترة في المنام‪ ،‬وأحببت أن أذكِّرك بھذا لتذكِّر الناس بمثل ھذه الرؤيا‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فقلت ألخي لما رأيته في المنام‪ :‬ما فعل ﷲ بك؟ قال‪ :‬غفر لي ورحمني‬
‫وباطنا‪ ،‬قال‪ :‬فبم توصينا؟ قال‪ :‬أوصيكم‬
‫ً‬ ‫وظاھرا‬
‫ً‬ ‫وأخرا‪،‬‬
‫ً‬ ‫والمنة أوال‬
‫ﱠ‬ ‫فله الحمد‬
‫بتقوى ﷲ‪ ،‬وأال تناموا ليلة من الليالي إال وقد تعبت أقدامكم من الوقوف‬
‫بكاء من خشية ﷲ؛ فو ﷲ ما نفعنا ھنا بعد‬
‫ً‬ ‫واحمرت أعينكم‬
‫ﱠ‬ ‫بين يدي ﷲ‪،‬‬
‫رحمة ﷲ إال تلك األعمال وتأتي آثار اإليمان يوم القيامة‪ ،‬يوم يبعثر ما في‬
‫كل‬
‫تجد ُ ﱡ‬ ‫يوم َ ِ ُ‬‫وتسود وجوه ) َ ْ َ‬ ‫ﱡ‬ ‫ويحصل ما في الصدور‪ ،‬يوم تبيض وجوه‬ ‫القبور‪ ُ ،‬ﱠ‬
‫وبينه‬
‫بينھا َ َ ْ َ ُ‬
‫أن َ ْ َ َ‬‫لو َ ﱠ‬
‫تود َ ْ‬
‫سوء َ َ ﱡ‬
‫عملت ِمن ُ ٍ‬ ‫وما َ ِ َ ْ‬ ‫محضرا َ َ‬
‫خير ﱡ ْ َ ً‬ ‫نفسٍ ﱠما َ ِ َ ْ‬
‫عملت ِ ْ‬
‫من َ ْ ٍ‬ ‫َْ‬
‫وبنيه * ِ ُ ِ ّ‬
‫لكل‬ ‫وصاحبته َ َ ِ ِ‬ ‫وأمه َ َ ِ ِ‬
‫وأبيه * َ َ ِ َ ِ ُ‬ ‫من َ ِ ِ‬
‫أخيه * َ ُ ِ ّ ِ‬ ‫يفر ْ َ ْ ُ‬
‫المرء ِ ْ‬ ‫بعيدا( ) َ ْ َ‬
‫يوم َ ِ ﱡ‬ ‫َ َ ً‬
‫أمدا َ ِ ً‬
‫يغنيه( يوم يسأل كل إنسان عن عمره فيما أفناه‪،‬‬ ‫يومئذ َ ْ ٌ‬
‫شأن ُ ْ ِ ِ‬ ‫منھم َ ْ َ ِ ٍ‬
‫امرئ ْ ُ ْ‬
‫ْ ِ ٍ‬
‫وعن شبابه فيما أباله‪ ،‬وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه‪ ،‬وعن علمه‬
‫علويھم والسفلي‪ ،‬أولھم‬
‫ّ‬ ‫ماذا عمل به‪ .‬يوم يجمع ﷲ الخالئق وأنت منھم‪،‬‬
‫واآلخر‪ ،‬ذكرھم واألنثى حفاة عراة‪ ،‬قلقين فزعين‪ ،‬قد دنت الشمس منھم‬
‫قدر ميل‪ ،‬قد بلغ العرق منھم الحناجر‪ ،‬ثم يقول ﷲ‪ ":‬يا آدم‪ ،‬فيقول‪ :‬لبيك‬
‫وسعديك‪ ،‬فيقول ﷲ‪ :‬أخرج بعث النار من ذريتك‪ ،‬قال يا ربي‪ :‬وما بعث‬
‫النار؟ قال‪ :‬من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون"‪ .‬يومھا يشيب الصغير‬
‫وتذھل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملھا وترى الناس‬
‫سكارى وما ھم بسكارى ولكن عذاب ﷲ شديد‪ ،‬عندھا تجد المؤمنين‬
‫تحت ظل الرحمن يوم ال ظل إال ظله آمنين ال خوف عليھم وال ھم يحزنون ‪،‬‬
‫اللھم اجعلنا منھم يا رب العالمين ثم تظھر آثار اإليمان عند الميزان يوم‬
‫سجال‪ ،‬وصفحة صفحة‪ ،‬وكلمة كلمة‪ ،‬ولحظة‬
‫تعرض السجالت سجال ِ‬
‫يوما ال تغادر صغيرة وال كبيرة‪ .‬يوم ينادى المؤمن على رؤوس‬
‫ويوما ً‬
‫ً‬ ‫لحظة‪،‬‬
‫أبدا‪ ،‬وتظھر أثار‬
‫الخالئق لقد سعد فالن ابن فالن سعادة ال يشقى بعدھا ً‬
‫اإليمان يوم يعبر على الصراط والناس يتساقطون في النار تساقط الفراش‬
‫أنتم َوأَ ْ َ ُ ُ ْ‬
‫زواجكم‬ ‫الجنة َ ُ ْ‬
‫ادخلُوا ْ َ ﱠ َ‬
‫على الشھاب وتظھر آثار اإليمان يوم يقول ﷲ‪ُ ْ ) :‬‬
‫تحبرون( فإلى ما ال عين رأت وال أذن سمعت وال خطر على قلب بشر ) َفال َ‬
‫ُ ْ َُ َ‬
‫ُون(‬
‫يعمل َ‬ ‫بما َ ُ‬
‫كانوا َ ْ َ‬ ‫جزاء ِ َ‬
‫أعين َ َ ً‬ ‫لھم من ُ ﱠ ِ َ‬ ‫نفس ما ُ ْ ِ َ‬
‫أخفي َ ُ‬ ‫َْ َ ُ‬
‫قرة ْ ُ ٍ‬ ‫تعلم َ ْ ٌ‬
‫فيا بائع ھذا ببخس معجل *** كأنك ال تدري بلي سوف تعلم‬
‫فإن كنت ال تدري فتلك مصيبة *** وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم‬
‫ھذه بعض آثار اإليمان على الحياة‪ ،‬ھي غيض من فيض‪ ،‬وقطر من بحر‪،‬‬
‫فإن كنت تريد اآلخرة فالطريق اإليمان‪ ،‬وإن كنت تريد الدنيا فالطريق‬
‫معا فالطريق اإليمان‪ .‬عار‬
‫اإليمان‪ ،‬وإن كنت تريد ﷲ والدار اآلخرة والدنيا ً‬
‫عاما أو خمسين أو أقل أو أكثر بال‬
‫ً‬ ‫أيما عار ‪-‬يا عبد ﷲ‪ -‬أن تعيش عشرين‬
‫ادخل ُُوا ْ َ ﱠ َ‬
‫الجنة‬ ‫إيمان‪ ،‬ثم تستقبل اآلخرة بال بطاقة ال إله إال ﷲ‪ ،‬وال جواز ) ْ‬
‫تحبرون(‬ ‫أنتم َ َ ْ َ ُ ُ ْ‬
‫وأزواجكم ُ ْ َ ُ َ‬ ‫َُْ ْ‬
‫ساھيا في غمرة الجھل والھوى *** صريع األماني عن قليل ستندم‬
‫ً‬ ‫فيا‬
‫َ ِ ْ‬
‫أفق قد دنا الموت الذي ليس بعده *** سوى جنة أو حر نار تضرم‬
‫فيه المھيمن يختم‬
‫وتشھد أعضاء المسيء بما جنى *** كذاك على ِ ِ‬
‫المخيم‬
‫ﱠ‬ ‫فحي على جنات عدن فإنھا *** منازلنا األولى وفيھا‬
‫ﱠ‬
‫وحي على عيش بھا ليس ُ ْ َ‬
‫يسأم‬ ‫ﱠ‬ ‫وحي على روضاتھا وخيامھا ***‬
‫ﱠ‬
‫ٍ‬
‫اللھم إنا نسألك بأسمائك الحسنى‪ ،‬وصفاتك العلى‪ ،‬وباسمك األعظم‬
‫إيمانا نجد‬
‫ً‬ ‫سئلت به أعطيت‪ ،‬أن ترزقنا‬
‫الذي إذا ُدعيت به أجبت‪ ،‬وإذا ُ‬
‫وأعينا من خشيتك مدرارة‪ .‬اللھم‬
‫ً‬ ‫وقلوبا خاشعة‪ ،‬وألسنة ذاكرة‪،‬‬
‫ً‬ ‫حالوته‪،‬‬
‫وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫وزينه في قلوبنا‪،‬‬
‫حبب إلينا اإليمان‪ّ ِ ،‬‬
‫ِّ‬
‫واجعلنا من الراشدين‪ .‬اللھم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين‬
‫تھون به علينا‬
‫ِّ‬ ‫معاصيك‪ ،‬ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك‪ ،‬ومن اليقين ما‬
‫ويذل‬
‫يعز فيه أھل طاعتك‪ ُ ،‬ﱡ‬
‫مصائب الدنيا‪ .‬اللھم أبرم لھذه األمة أمر رشد‪ َ ُ ،‬ﱡ‬
‫ويؤمر فيه بالمعروف‪ ،‬وينھى فيه عن المنكر‪ ،‬يا سميع‬
‫فيه أھل معصيتك‪ُ ،‬‬
‫حجة‬
‫ﱠ‬ ‫الدعاء‪ .‬اللھم انفعنا بما قلنا‪ ،‬اللھم انفعنا بما سمعنا‪ ،‬اللھم واجعله‬
‫لنا‪ ،‬ﱠ‬
‫اللھم احفظنا من بين أيدينا‪ ،‬ومن خلفنا‪ ،‬وعن أيماننا‪ ،‬وعن شمائلنا‪،‬‬
‫ومن فوقنا‪ ،‬ونعوذ بك اللھم أن نغتال من تحتنا‪ .‬اللھم أنت مالذنا‪ ،‬اللھم أنت‬
‫ملجؤنا‪ ،‬حسبنا فال َ ِ ْ‬
‫تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين‪ ،‬أنت حسبنا ونعم الوكيل‪.‬‬
‫اللھم كما جمعتني بأحبتي في ھذه الروضة في ھذه الليلة على ذكرك‪،‬‬
‫سرر متقابلين‪.‬‬
‫إخوانا على ُ ُ ٍ‬
‫ً‬ ‫فاجمعني بھم‬
‫ھذي محاضرتي عليكم ألقيت *** فلعلھا موقظة الوسنان‬
‫محدثٍ *** غير اختيار اللفظ يا إخواني‬
‫لم آتِ فيھا من جديد ُ ْ َ‬
‫فإذا أسأت فذاك من كسبي *** وإن أحسنت ذا فضل من المنان‬
‫أھدي صالتي والسالم جميعه *** ألحب خلق ﷲ باألكوان‬
‫سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسالم على المرسلين والحمد ‪ 9‬رب‬
‫العالمين‪ ،‬وسبحانك اللھم وبحمدك‪ ،‬أشھد أن ال إله إال أنت‪.‬‬
‫وأعتذر كذلك عن اإلجابة على األسئلة‪ ،‬ولعل في ما ُذِكر خير‪ ،‬وأسأل ﷲ ‪-‬‬
‫عز وجل‪ -‬أن ينفعنا وإياكم بالقليل‪ ،‬وأن يبارك لنا فيه‪ ،‬وأن يجمعنا بكم مرات‬
‫ومرات ومرات‪ ،‬ثم يجمعنا في دار‬
‫قصورھا ذھب والمسلك طينتھا *** والزعفران حشيش نابت فيھا‬

‫فضيلة الشيخ ‪ /‬علي عبد الخالق القرني‬


‫بلسم الحياة‬

‫إن الحمد ‪ ،9‬نحمده ونستعينه‪ ،‬ونستغفره ونتوب إليه‪ ،‬ونعوذ با‪ 9‬من شرور أنفسنا‬
‫ومن سيئات أعمالنا‪ ،‬من يھد ﷲ فال مضل له‪ ،‬ومن يضلل ﷲ فال ھادي له‪ ،‬وأشھد أن‬
‫ال إله إال ﷲ‪ ،‬وحده ال شريك له‪ ،‬له الملك وله الحمد‪ ،‬وھو على كل قدير‪ .‬وأشھد أن‬
‫محمدا عبد ﷲ ورسوله‪ ،‬أرسله ﷲ رحمة للعالمين؛ فشرح به الصدور‪ ،‬وأنار به العقول‪،‬‬
‫ً‬
‫غلفا‪.‬‬
‫ً‬ ‫وقلوبا‬
‫ً‬ ‫صما‪،‬‬
‫ً‬ ‫وآذانا‬
‫ً‬ ‫عميا‪،‬‬
‫ً‬ ‫أعينا‬
‫ً‬ ‫وفتح به‬
‫قمرية على الذرى‬
‫فصل يا رب على خير الورى *** ما صدحت ُ ْ‬
‫ِّ‬
‫واآلل واألزواج واألصحاب *** والتابعين من أولي األلباب‬
‫مسلمون( أما بعد فيا عباد‬ ‫تموتن ِإال ﱠ َ َ ْ ُ‬
‫وأنتم ﱡ ْ ِ ُ َ‬ ‫تقاته َوال َ َ ُ ُ ﱠ‬
‫حق ُ َ ِ ِ‬
‫ﷲ َ ﱠ‬
‫اتقوا َ‬
‫آمنوا ﱠ ُ‬
‫الذين َ ُ‬ ‫)يا َ ﱡ َ‬
‫أيھا ﱠ ِ َ‬
‫ﷲ‪ ،‬لم يزل كثير من الخلق يلھثون ينصبون‪ ،‬يسعون يكدون‪ ،‬فمنھم من يسعى لجمع‬
‫المال من أي القنوات‪ ،‬ومنھم من يلھث في بھيمية خلف الشھوات وأودار القنوات‪،‬‬
‫ومنھم من يھرول وراء الشھرة والجاه والسلطان في سبات التيه قد أمضى رحالت‪،‬‬
‫ومنھم من يعدو وراء األماني واألحالم‪ ،‬يسبح في غير ماء‪ ،‬ويطير من غير جناح‪.‬‬
‫كمھمه فيه السراب يلمح *** يدأب فيه النوم حتى يطلحوا‬
‫ٍ‬
‫ثم يظلون كأن لم يبرحوا *** كأنما أمسوا بحيث أصبحوا‬
‫جميعا من وراء ذلك‬
‫ً‬ ‫ضياع أعمار نفيسة في طلب أغراض خسيسة‪َ َ ،‬‬
‫أما إنك لو سألتھم‬
‫السعي واللھث ما تريدون؟ ألي شيء تھدفون؟ ألجابوك‪ :‬الحياة الطيبة نريد‪ ،‬إلى‬
‫السعادة نھدف‪ ،‬نركض نعدو إلى سرور النفس ولذة القلب‪ ،‬ونعيم الروح وغذائھا ودوائھا‬
‫وحياتھا وقرة عينھا نتوق‪ ،‬أرادوھا فأخطئوا طريقھا‪ ،‬وتاھوا فعطشوا وجاعوا‪ ،‬وعلى‬
‫الوھم عاشوا؛ فصار حالھم كمن سقي على الظمأ بالسراب واآلل وكانوا كمن تغدى‬
‫في المنام‪ ،‬وفي تيھھم فقدوا حاسة الشم والذوق فلم يفرقوا بين الروائح العطرة من‬
‫الكدرة‪ ،‬وال العذب في الفرات‪ ،‬فشقوا وتعسوا ويظنون أنھم سيسعدون‪ ،‬غفلوا في‬
‫تيھھم عن داعي الحق على الطريق وھو يندبھم ويقول‪ :‬مھال مھال‪ .‬وﷲ ال يسعد‬
‫ھمھا وقلقھا ويسد جوعتھا وظمأھا‪،‬‬
‫ﱠ‬ ‫النفس وال يزكيھا وال يطھرھا وال ُيذھب غمھا‬
‫ويعيد لھا شمھا وذوقھا‪ ،‬إال اإليمان با‪ 9‬رب العالمين بلسم الحياة‪ ،‬بلسم الحياة ومفتاح‬
‫حياة َ ِ ّ َ ً‬
‫طيبة‬ ‫مؤمن َ َ ُ ْ ِ َ ﱠ ُ‬
‫فلنحيينه َ َ ً‬ ‫وھو ُ ْ ِ ٌ‬
‫أنثى َ ُ َ‬ ‫ذكر َ ْ‬
‫أو ُ ْ َ‬ ‫صالحا ِ ّمن َ َ ٍ‬
‫عمل َ ِ ً‬
‫من َ ِ َ‬
‫السعادة‪ ،‬قال ﷲ‪ْ َ ) :‬‬
‫ُون( ھذا خبر من أيھا المؤمنون؟ ينبيك عنه ]ابن‬ ‫يعمل َ‬ ‫أجرھم ِ َ ْ َ ِ‬
‫بأحسن َما َ ُ‬
‫كانوا َ ْ َ‬ ‫ولنجزينھم َ ْ َ ُ‬
‫َََ ْ َِﱠ ُ ْ‬
‫القيم[ بما ملخصه –في تصرف‪ -‬إنه خبر أصدق الصادقين وأحكم الحاكمين‪ ،‬ﷲ رب‬
‫العالمين‪ ،‬وھو خبر يقين‪ ،‬وعلم يقين بل عين يقين‪ ،‬فحوى الخبر‪ ،‬أنه البد لكل من عمل‬
‫ﷲ‬ ‫ﷲ ال َ ُ ْ ِ ُ‬
‫يخلف ُ‬ ‫وعد ِ‬
‫مؤمنا أنه يحييه ﷲ حياة طيبة‪ ،‬بحسب إيمانه وعمله‪َ ْ َ ) ،‬‬ ‫ً‬ ‫صالحا‬
‫ً‬
‫يعلمون( الحفاة األغالظ‪ ،‬ال يعلمون‪ ،‬غلطوا في مسمى ھذه‬‫الناسِ ال َ َ ْ َ ُ َ‬ ‫ولكن َ ْ َ َ‬
‫أكثر ﱠ‬ ‫وعده َ َ ِ ﱠ‬
‫َ ْ َ ُ‬
‫الحياة فظنوھا التنعم في أنواع المآكل والمشارب والمالبس‪ ،‬والمراكب والمناكف ولذة‬
‫والملذات‪ ،‬حال أحدھم‪:‬‬
‫ﱠ‬ ‫والتفنن بأنواع الشھوات‬
‫ﱡ‬ ‫الرياسة‪ ،‬والمال وقھر األعداء‬
‫إذا تغديت وطابت نفسي *** فليس في الحي غالم مثلي‬
‫إال غالم قد تغدى قبلي *** فنصف النھار لترياسه‬
‫ونصف لمأكله أجمع‬
‫ال ريب أن ھذه لذة مشتركة بين البھائم‪ ،‬بل قد يكون حظ كثير من البھائم منھا أكثر من‬
‫حظ اإلنسان‪ ،‬فمن لم تكن عنده لذة إال اللذة التي تشاركه فيھا السباع والدواب‬
‫ھمة خسيسة دنيئة‪،‬‬
‫ھمته ِ ﱠ ٌ‬
‫واألنعام والبھائم فذلك مسكين ينادى عليه من مكان بعيد‪ ِ ،‬ﱠ ُ‬
‫حش‪.‬‬
‫ھمة ُ ّ‬
‫كل دا ٍء في سقوط الھمم *** يجعل األحياء مثل الرمم‬
‫سمت العجز ارتقاء األمم‬
‫ﱠ‬ ‫نامت ُ ْ‬
‫األسد بسحر الغنم ***‬
‫فأين ھذه اللذة من اللذة بأمر إذا خالطت بشاشته القلوب سال صاحبه عن األبناء‬
‫والنساء واإلخوان واألموال والمساكن والمراكب والمناكح واألوطان‪ ،‬ثم رضي بتركھا كلھا‬
‫رأسا وھو وادع النفس‪ ،‬منشرح الصدر‪ ،‬مطمئن القلب‪ ،‬يعرض نفسه‬
‫ً‬ ‫والخروج منھا‬
‫حفت بالمكاره‪ ،‬يطيب له قتل ابنه وأبيه‬
‫ألنواع المكاره والمشاق‪ ،‬لعلمه أن الجنة ُ ﱠ‬
‫وصاحبته وأخيه في سبيل ﷲ‪ .‬أو قتلھم إن كانوا أعداء ﷲ‪.‬‬
‫فلم يكن في سبيل ﷲ تأخذه مالمة الناس والرحمن مواله‪ ،‬فإذا بأحدھم يتلقى سنان‬
‫الرمح بصدره‪ ،‬فيخرج من بين ثدييه‪ ،‬الدماء تثعب منه ينضح من ھذه الدماء على وجھه‬
‫وجسده ويقول وقد ذاق بلسم الحياة‪ :‬فزت ورب الكعبة‪ ،‬فزت ورب الكعبة‪ ،‬حتى قال‬
‫قاتله‪ :‬فقلت في نفسي‪ :‬ما فاز‪ ،‬ألست قتلت الرجل! فما زال يسأل حتى ُأخبر أنه فاز‬
‫بالشھادة وبما ال عين رأت‪ ،‬وال أذن سمعت‪ ،‬وال خطر على قلب بشر‪ ،‬فقال قاتله‪ :‬فاز‬
‫محمدا رسول ﷲ‪ ،‬إن بعض النفوس‪ ،‬تظل في شك‬
‫ً‬ ‫لعمر ﷲ‪ .‬أشھد أن ال إله إال ﷲ وأن‬
‫وسرورا‬
‫ً‬ ‫بشرا‬
‫ً‬ ‫من مصداقية ھذا الدين‪ ،‬حتى ترى قسمات الفرح بادية على وجوه أفراده‬
‫واطمئنانا‪ ،‬وھم يواجھون الموت في سبيله!‪.‬‬
‫ً‬ ‫وسكينة‬
‫لنقا ٍء ونماء وإليمان وثيق *** قتلھم في ﷲ أشھى من رحيق‬
‫فازوا من الدنيا بمجد خالد *** ولھم خلود الفوز يوم الموعد‬
‫ويستطيل اآلخر حياته‪ ،‬فيلقى قوت يومه من تمرات‪ ،‬يوم سمع رسول ﷲ‪ -‬صلى ﷲ‬
‫عليه وسلم‪ -‬يقول‪" :‬قوموا إلى جنة عرضھا األرض والسماوات" يقول‪ :‬لئن بقيت إلى أن‬
‫مسرورا‪.‬‬
‫ً‬ ‫فرحا‬
‫ً‬ ‫آكل ھذه التمرات‪ ،‬إنھا لحياة طويلة! ثم يتقدم للموت‬
‫سرورا ورضى‬
‫ً‬ ‫باسم الثغر‬
‫آية المؤمن أن يلقى الردى *** َ ِ‬
‫أحدا‬
‫ً‬ ‫أبدا *** ليس غير ﷲ يخشى‬
‫ليس يدنو الخوف منه ً‬
‫ويلبس ]بالل[ ‪-‬رضي ﷲ عنه‪ -‬أدرع الحديد‪ ،‬ويصرف في الشمس يئن تحت وطأة صخرة‬
‫عظيمة‪ ،‬فوق رمضاء قاسية في يوم قائظ في >مكة<‪ ،‬وأھل >مكة< أدرى بقيظ مكة‪،‬‬
‫يراود على كلمة الكفر‪ ،‬وفي الميسور عليه أن يقولھا لو أراد‪ ،‬وقلبه مطمئن باإليمان‪،‬‬
‫لكنه ذاق حالوة اإليمان‪ ،‬فمزجھا بمرارة العذاب والحرمان‪ ،‬فطغت حالوة اإليمان على‬
‫ً‬
‫وغيظا؛ ليرغم أنوفھم بھا‬ ‫ً‬
‫حنقا‬ ‫مرارة العذاب‪ ،‬فأطلقھا كلمات تنقطع لھا قلوب معذبيه‬
‫وأغيظ لكم منھا لقلتھا‪.‬‬
‫قائال‪ :‬أحد أحد‪ ،‬لو وجدت أحنق منھا ْ َ‬
‫ھل أنت إال إصبع دميتي *** وفي سبيل ﷲ ما لقيتي‬
‫وثبت فكانت العاقبة‪ ،‬فإذا به يعلو الكعبة فيصدح باألذان ليرغم به من المشركين القلوب‬
‫واآلذان‪ ،‬حتى إذا ما ﱠ‬
‫حلت به السكرات‪ ،‬قامت زوجه تقول‪ :‬وابالاله واحزناه‪ ،‬فيقول وقد‬
‫محمدا وحزبه‪.‬‬
‫ً‬ ‫غدا ألقى األحبة‬
‫ذاق بلسم الحياة‪ :‬بل وافرحاه واطرباه ً‬
‫أرسلتھا كلمات منك صادقة *** بيضاء آذانھا األخالد والقلل‬
‫المقل‬
‫بريقھا وھي تھوي في مسامعھم *** بالغة خشيت ألالءھا ُ َ‬
‫المشاھد ‪-‬رضى ﷲ عنه‪-‬‬
‫وإذا بسيف ﷲ ]خالد أبي سليمان[ فارس اإلسالم وليث َ َ‬
‫إلي فيھا‬
‫ﱠ‬ ‫يقول ‪-‬حين ذاق بلسم الحياة وخالط بشاشة قلبه‪ :-‬وﷲ ما ليلة تھدى‬
‫أبشر فيھا بغالم‪ ،‬بأحب من ليلة شديدة البرد كثيرة الجليد‪ ،‬في‬
‫ﱠ‬ ‫عروس‪ ،‬أنا لھا محب‪،‬‬
‫سرية في المھاجرين أنتظر فيھا الصبح ألغير على أعداء ﷲ ‪.‬‬
‫حرجا‬
‫ً‬ ‫كأنما الموت في أفواھھم عسل *** من ريق نحل الشفا حدث وال‬
‫حتى إذا ما ﱠ‬
‫حلت به السكرات‪ ،‬قال‪ :‬لقد طلبت القتل مظانه‪ ،‬فلم يقدر لي أن أموت إال‬
‫ً‬
‫شيئا أرجى عندي بعد التوحيد في‬ ‫على فراشي‪ ،‬وال وﷲ ‪-‬الذي ال إله إال ھو‪ -‬ما عملوا‬
‫بتھا وأنا متترس‪ ،‬والسماء تھلني ننتظر الصبح حتى نغير على أعداء ﷲ ‪ .‬لقد‬
‫ليلة ﱡ‬
‫مشھدا وما في جسدي شبر إال وفيه ضربة سيف أو طعنة رمح‪ ،‬أو‬
‫ً‬ ‫شھدت كذا وكذا‬
‫رمية سھم‪ ،‬وھا أنا ذا أموت على فراشي كما يموت العير‪ ،‬ال نامت أعين الجبناء‪ ،‬عدتي‬
‫وعتادي في سبيل ﷲ‪ ،‬ثم لقي ﷲ رضى ﷲ عنه وأرضاه ‪.‬‬
‫عنبرا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مسكا وتندى‬ ‫الدم الذاكي جرى في عرقھم *** فاض‬
‫عمر‬
‫َ‬ ‫عدل‬
‫ٍ‬ ‫خالدا *** واسألوا عن كل‬
‫ً‬ ‫نصر‬
‫ٍ‬ ‫فاسألوا عن كل‬
‫وإذا بابن تيميه ‪-‬رحمه ﷲ‪ -‬يدخل سجن القلعة ويغلق عليه الباب‪ ،‬فيبرز بلسم الحياة‬
‫الرحمة‬
‫فيه ﱠ ْ َ ُ‬
‫باطنه ِ ِ‬
‫باب َ ِ ُ ُ‬ ‫بسور َ ُ‬
‫له َ ٌ‬ ‫بينھم ِ ُ ٍ‬ ‫في تلك اللحظة ‪-‬أعني اإليمان‪ -‬فيقول‪َ ِ ُ َ ) :‬‬
‫فضرب َ ْ َ ُ ْ‬
‫أنى‬‫العذاب( ما يصنع أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري‪ ،‬ﱠ‬ ‫قبله ْ َ َ ُ‬ ‫َ َ ِ ُ ُ‬
‫وظاھره ِمن ِ َ ِ ِ‬
‫ُرحت فھي معي ال تفارقني‪ ،‬حبسي خلوة‪ ،‬وقتلي شھادة‪ ،‬وإخراجي من بلدي‬
‫سياحة‪ .‬إن في الدنيا جنة من لم يدخلھا لم يدخل جنة اآلخرة‪ ،‬إنھا جنة اإليمان‪.‬‬
‫المحبوس من حبس قلبه عن ربه‪ ،‬والمأسور من أسره ھواه‪ ،‬وﷲ لو بذلت ملء القلعة‬
‫ذھبا ما عدل ذلك عندي شكر نعمة الحبس‪ ،‬وما جزيتھم على ما تسببوا لي فيه من‬
‫ً‬
‫أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك‪ ،‬حاله‪:‬‬
‫الخير‪ ،‬اللھم ِّ‬
‫مؤمنا *** با‪ 9‬في سري وجھري‬
‫ً‬ ‫أنا لست إال‬
‫أنا نبضة في صدر ھذا *** الكون فھل يضيق صدري‬
‫عيشا منه قط‪ ،‬مع‬
‫ً‬ ‫أحدا أطيب‬
‫ً‬ ‫يقول تلميذه ]ابن القيم[ ‪-‬رحمه ﷲ‪ :-‬وعلم ﷲ ما رأيت‬
‫ما كان فيه من ضيق العيش وخالف الرفاھية والتنعم‪ ،‬وما كان فيه من الحبس والتھديد‬
‫وأسرھم‬
‫ﱡ‬ ‫قلبا‪،‬‬
‫صدرا‪ ،‬وأقواھم ً‬
‫ً‬ ‫عيشا وأشرحھم‬
‫ً‬ ‫واإلرھاق ومع ذلك فھو من أطيب الناس‬
‫نفسا‪ ،‬تلوح نظرة النعيم على وجھه‪ ،‬وكنا إذا اشتد بنا الخوف‪ ،‬وساءت منا الظنون‪،‬‬
‫ً‬
‫وضاقت بنا األرض أتيناه؛ فما ھو إال أن نراه ونسمع كالمه فيذھب ذلك كله‪ ،‬وينقلب‬
‫انشراحا وقوة وطمأنينة‪ ،‬فسبحان من أشھد عباده جنته قبل لقائه‪ ،‬وفتح لھم أبوابھا‬
‫ً‬
‫في دار العمل‪ ،‬فآتاھم من روحھا ونسيمھا وطيبھا ما استفرغ قواھم لطلبھا والمسابقة‬
‫إليھا‪.‬‬
‫يدا وشبوا ُ َ‬
‫علما‬ ‫س ً‬‫ھمما *** ونشوا ِ‬
‫ً‬ ‫حلما وخفوا‬
‫ً‬ ‫رجحوا‬
‫علموا من أين ينزاح الشقاء‪ ،‬فأزاحوه وعاشوا سعداء‪ .‬إنه بلسم الحياة‪.‬‬
‫ويعلن عليه‪ ،‬فما يزيد على أن يفتر عن ابتسامة من ثغره‬
‫وإذا بآخر يحكم عليه بالقتل ُ‬
‫ويعلن عليه ذلك القتل فيفتر ثغره عن‬
‫نابعة من صدر مطمئن ھادئ‪ ،‬يحكم عليه بالقتل ُ‬
‫يحسى‪ ،‬فيقال له ما‬
‫َ‬ ‫ابتسامة نابعة من صدر مطمئن ھادي‪ ،‬واثق بموعود ﷲ كما ُ‬
‫عاما‪ ،‬وإني‬
‫ً‬ ‫تنتظر؟ قال‪ :‬أنتظر القدوم على ربي‪ ،‬لقد عملت لھذا المصرع خمسة عشر‬
‫ألرجو ﷲ أن تكون شھادة في سبيله‪،‬‬
‫أمد إليه الخطا‪.‬‬
‫ﱡ‬ ‫فوﷲ إني أرى مصرعي *** ولكن‬
‫شريفا فذا‬
‫ً‬ ‫موتا‬
‫ً‬ ‫وتاﷲ ھذا ممات الرجال *** فمن رام‬
‫وآخر كان يعيش حياة الضياع والحرمان والتعاسة وعدم المباالة‪ ،‬فيمر على مسجد بعد‬
‫صالة المغرب‪ ،‬وإذا بالمتكلم يتكلم فيه حول قول ﷲ‪:‬‬
‫بما‬
‫خبير ِ َ‬ ‫إن َ‬
‫ﷲ َ ِ ٌ‬ ‫ﷲ ِ ﱠ‬
‫واتقوا َ‬
‫لغد َ ﱠ ُ‬ ‫نفس ﱠما َ ﱠ َ ْ‬
‫قدمت ِ َ ٍ‬ ‫ﷲ ََْ‬
‫ولتنظ ُْر َ ْ ٌ‬ ‫اتقوا َ‬
‫آمنوا ﱠ ُ‬
‫الذين َ ُ‬ ‫) َيا َ ﱡ َ‬
‫أيھا ﱠ ِ َ‬
‫ُون( فألقى سمعه وقلبه‪ ،‬وصار في حالة من الذھول‪ ،‬سمع مصيره ومآله ‪-‬وال عدة‬
‫تعمل َ‬
‫َْ َ‬
‫يدي ربه ال تخفى على ﷲ منه خافية‪،‬‬
‫له‪ ،-‬تذكر أيامه السوداء البائسة‪ ،‬ووقوفه بين َ ْ‬
‫استفاق قلبه‪ ،‬استيقظ إيمانه‪ ،‬تغلغلت الموعظة إلى سويداء قلبه‪ ،‬اندفع يبكي‬
‫وينتحب‪ ،‬ويقول‪ :‬أتوب إلى ﷲ‪ ،‬أتوب إلى ﷲ‪ ،‬غفرانك يا رب‪ ،‬رحمتك يا أرحم الراحمين‪،‬‬
‫فقص عليه قصته‪،‬‬
‫ﱠ‬ ‫ّ‬
‫وصلى صالة المغرب‪ ،‬وذھب إلى ھذا الداعية المتكلم‪،‬‬ ‫بادر واغتسل‬
‫وأوصاه الداعية بوصايا‪ ،‬وسأل ﷲ له الثبات‪ ،‬أقبل على تنفيذ ھذه الوصايا إقبال الظامئ‬
‫على الماء البارد في يوم قائظ‪.‬‬
‫يقول ھذا التائب ‪-‬وقد ذاق ذلكم البلسم‪- :-‬الذي ال إله إال ھو‪ -‬ما نمت تلك الليلة‪ ،‬في‬
‫فرحي بالھداية واإلقبال على ﷲ‪ ،‬وتا‪ 9‬لقد حفظت القرآن في أربعة أشھر عن ظھر‬
‫بشوشا‬
‫ً‬ ‫المحيا‬
‫قلب‪ ،‬صلح حالي‪ ،‬وانشرح بالي‪ ،‬وذھبت غمومي وھمومي تراه طلق ُ ﱠ‬
‫يختم القرآن في كل ثالث‪ ،‬صدق ﷲ ‪-‬جل وعال‪ -‬يوم قال‪:‬‬

‫ُوبھم ِ ّمن ِ ْ ِ‬
‫ذكر‬ ‫فويل ِ ّ ْ َ ِ َ ِ‬
‫للقاسية ُقل ُ ُ‬ ‫ربه َ َ ْ ٌ‬
‫نور ِ ّمن ﱠ ِ ّ ِ‬ ‫فھو َ َ‬
‫على ُ ٍ‬ ‫لإلسالم َ ُ َ‬
‫صدره ِ ِ ْ َ ِ‬
‫ﷲ َ ْ َ ُ‬
‫شرح ُ‬ ‫)َ َ َ‬
‫أفمن َ َ َ‬
‫ِ‬
‫ﷲ(‬
‫سعادة الدنيا والدنيا مقيدة *** بمنھج ﷲ فھو الشرط والسبب‬
‫وإذا باآلخر يقول مع فقره وحاجته‪ :‬وﷲ لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا‬
‫عليه بالسيوف‪ ،‬وإذا باألعرج يوم أحد كما في المسند بسند حسن " يقول‪ :‬يا رسول‬
‫ﷲ‪ ،‬أرأيت إن قاتلت في سبيل ﷲ حتى أقتل أأمشي برجلي ھذه صحيحة في الجنة؟‬
‫قال رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ :-‬نعم‪ .‬تقول زوجته‪ :‬لكأني انظر إليه وقد أخذ‬
‫صحيحا‪ ،‬وقاتل حتى‬
‫ً‬ ‫درقته‪ ،‬وھو يقول‪ :‬اللھم ال تردني حتى أطأ بعرجتي ھذه الجنة‬
‫قتل‪ ،‬فمر عليه –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬فقال‪ :‬لكأني أنظر إليك تمشي برجلك ھذه‬
‫إيه !!‬
‫إيه ٍ‬
‫صحيحة في الجنة ٍ‬
‫ليرفعھا في حضيض التراب *** إلى األفق األرحب األكرم‬
‫مجوسيا‪ ،‬فيقتل المجوسي ويعينه ﷲ ‪-‬عز وجل‪-‬‬
‫ً‬ ‫وإذا باآلخر في >القادسية<‪ ،‬يبارز‬
‫عليه‪ ،‬لكنه ‪-‬رحمه ﷲ‪ -‬يصاب في بطنه‪ ،‬فتنتثر أمعاؤه‪ ،‬ويمر به رجل من المسلمين‬
‫أعني على بطني‪ ،‬فأدخل له أمعاءه في بطنه‪ ،‬ثم أخذ بصفاق بطنه يزحف إلى‬
‫ِّ‬ ‫فيقول‪:‬‬
‫ذراعا من مصرعه‪ ،‬وھو يقول‪:‬‬
‫ً‬ ‫أعداء ﷲ على ھذا الحال‪ ،‬فيدركه الموت على ثالثين‬
‫ثوابا *** قد كنت ممن أحسن الضرابا‬
‫ً‬ ‫أرجو بھا من ربنا‬
‫ثم فاضت نفسه رحمه ﷲ‪.‬‬
‫قبل‬
‫لباتھم ُ َ ُ‬
‫يعانقون ضباھا وھي ھاوية *** كأنما الطعن في ﱠ‬
‫إنه اإليمان‪ ،‬بلسم الحياة‪.‬‬
‫وإذا بالزوج يتوعد زوجته حين غضب عليھا‪ ،‬فيقول‪ :‬وﷲ ألشقينك وألتعسنك‪ ،‬فتقول‬
‫حين خالط اإليمان بشاشة قلبھا في ھدوء‪ :‬وﷲ ال تستطيع أن تشقيني كما أنك ال‬
‫تملك أن تسعدني لو كانت السعادة في راتب لقطعته عني‪ ،‬أو في زينة وحلي‬
‫لحرمتنيھا‪ ،‬لكنھا في شيء ال تملكه أنت وال الناس أجمعون‪ ،‬قال‪ :‬وما ھو؟ قالت‪:‬‬
‫سعادتي في إيماني‪ ،‬وإيماني في قلبي وعملي‪ ،‬وقلبي في يدي ربي ال سلطان‬
‫ألحد عليه غير ربي‪.‬‬
‫ٍ‬
‫ھات ما عندك ھات معي *** اإليمان يھديني لبحر الظلمات‬
‫بلسم اإليمان ينجي *** مركبي والموج عاتي‬

‫ھز ُ ً ّ‬
‫شما راسيات‬ ‫يوما *** ﱠ‬
‫ھل ترى اإلعصار ً‬
‫كال ﱠ ‪ .‬وإذا باآلخر يقول‪ :‬مساكين أھل الدنيا‪ ،‬خرجوا منھا وما ذاقوا أطيب ما فيھا‪ ،‬قيل له‪:‬‬
‫وما أطيب ما فيھا ؟! قال‪ :‬محبة ﷲ‪ ،‬معرفته وذكره‪ ،‬وﷲ ‪-‬الذي ال إله إال ھو‪ -‬ألھل الليل‬
‫لھوھم‪ .‬وإنه لتمر بالقلب ساعات يرقص فيھا‬
‫ِ‬ ‫في ليلھم مع ﷲ ﱡ‬
‫ألذ من أھل اللھو في‬
‫طربا حتى أقول‪ :‬إن كان أھل الجنة في مثل ما أنا فيه إنھم لفي نعيم عظيم‪ ،‬إنھم‬
‫ً‬
‫لفي عيش طيب‪.‬‬
‫ً‬
‫شيئا ال أراه في نفسي وال‬ ‫عباد ﷲ‪ ،‬ھذه أقوال ومواقف‪ْ َ َ ،‬‬
‫أطلت فيھا ألنني أعايش فيھا‬
‫طعما لم نتذوقه‪ ،‬ويولعون بشيء لم نعشقه‪ ،‬إنه‬
‫ً‬ ‫فيمن حولي‪ ،‬أرى أنھم يتذوقون‬
‫اإليمان‪ ،‬بلسم الحياة‬
‫أقف وأتساءل من األعماق‪ ،‬ھل ھذا اإليمان الذي نعيشه ھو اإليمان الذي عاشوه‬
‫وأحبوه ؟! ھل البالء في األشخاص أم في الزمان أم في اإليمان؟ إن اإليمان ھو اإليمان‬
‫أيھا المؤمنون‪ ،‬والزمان ھو الزمان‪ ،‬واألجساد ھي األجساد لم يتغير شيء‪ ،‬لكن الذي‬
‫اختل فقط ھو العالقة بين الشخص واإليمان‪ ،‬إنھما لم يلتقيا بعد اللقاء الحقيقي !‪.‬‬
‫ً‬
‫عميقا في تشبث‬ ‫لقاء‬
‫ً‬ ‫شعارا‪،‬‬
‫ً‬ ‫حقيقيا ال‬
‫ً‬ ‫لقاء‬
‫ً‬ ‫أما وﷲ لو التقى األشخاص مع اإليمان‬
‫واعتزاز‪ ،‬لكان ما كان مما قد سمعتموه‪ ،‬لذة ال يعدلھا لذة‪ ،‬وحالوة ال ينعم من لم يذقھا‪،‬‬
‫كيف؟ إنه اإليمان‪ ،‬بلسم الحياة‪ ،‬وأس الفضائل ولجام الرذائل‪ ،‬وقوام الضمائر‪ ،‬وسند‬
‫العزم في الشداد‪ ،‬وبلسم العبر عند المصائب‪ ،‬وعماد الرضا والقناعة بالحظوط‪ ،‬ونور‬
‫األمل في الصدور وسكن النفوس‪ ،‬وعزاء القلوب إذا أوحشتھا الخطوب‪ ،‬والعروة الوثقى‬
‫عند حلول الموت بسكراته العظمي‪.‬‬
‫المؤمن في كل أحواله وأعماله الصالحة‪ ،‬مثل أم موسى ‪-‬عليه السالم‪ ،-‬ترضع ولدھا‬
‫أجرا‪ ،‬فكذلك المؤمن يسعد‬
‫ً‬ ‫وتطفئ بذلك ظمأ نفسھا وشغف قلبھا‪ ،‬وتأخذ على ذلك‬
‫بإيمانه في الدنيا وبثواب إيمانه في اآلخرة‪ ،‬وذلك فضل ﷲ علينا وعلى الناس ولكن أكثر‬
‫الناس ال يعلمون ‪.‬‬
‫فھل زلزلت أنفس جامدات *** فھبت لتغسل أوحالھا ‪.‬‬
‫الفرد بغير إيمان‪ ،‬ريشة في مھب الريح‪ ،‬ال تستقر على حال وال تسكن إلى قرار‪ ،‬الفرد‬
‫بال إيمان ليس له امتداد وال جذور‪ ،‬ال يعرف حقيقة نفسه وال سر وجوده‪ ،‬ال يدرى من‬
‫ألبسه ثوب الحياة؟ ولماذا ألبسه إياه؟ ولماذا ينتزعه منه بعد حين؟‬
‫النفس بال إيمان مضطربة‪ ،‬حائرة‪ ،‬متبرمة‪ ،‬قلقة‪ ،‬تائھة‪ ،‬خائفة كسفينة تتقاذفھا الريح‬
‫تحد شراھته‪ ،‬وال ُ ﱠ‬
‫تقلم‬ ‫شره فاتك ال ُ ﱡ‬
‫في ثبج البحر وأمواجه‪ ،‬الفرد بال إيمان حيوان َ ِ ٌ‬
‫ﱠ‬
‫وحطم قيوده‪ ،‬وأصغر الحشرات وأشرس الضواري ‪-‬‬ ‫أظفاره‪ ،‬سئم حديده‪ ،‬فعجم عوده‪،‬‬
‫كما يقول صاحب قصة اإليمان‪.-‬‬
‫ھم الرزق وخوف الفقر وكرب الحاجة وذل‬
‫ِّ‬ ‫البھائم تجوع كما نجوع‪ ،‬لكنھا في سالمة من‬
‫السؤال‪.‬‬
‫البھائم تلد كما نلد‪ ،‬وتفقد أوالدھا كما نفقد‪ ،‬لكنھا في راحة من ھلع َ ْ َ‬
‫المثكلة وجزع‬
‫وھم اليتامى والمستضعفين والمضطھدين والمظلومين‪ .‬البھائم تتلذذ كما‬ ‫ِّ‬ ‫الميتمة‪،‬‬
‫ويقرح الجفون‪ ،‬ويقض المضاجع‪،‬‬ ‫وتألم كما ْ َ‬
‫نألم‪ ،‬لكنھا في راحة مما يأكل القلوب ُ ِّ‬ ‫نتلذذ‪َ ْ َ ،‬‬
‫الشمل‪ ،‬ويخرب البيوت من مھلكات كالحسد والكذب والنميمة‬
‫ﱠ‬ ‫ويقطع األرحام‪ ،‬ويفرق‬
‫والفرية والقذف والخيانة والنفاق والعقوق ونكران الجميل‪.‬‬
‫البھائم ُتعرف بنوع من اإلدراك أعطاھا ﷲ إياه ما يضرھا وما ينفعھا لكنھا في سالمة‬
‫وھم السؤال بين يدي‬
‫ِّ‬ ‫من أعباء التكاليف‪ ،‬وثقل األوزار‪ ،‬ومضض الشك‪ ،‬وعذاب الضمير‪،‬‬
‫الحكيم الخبير‪.‬‬
‫البھائم تمرض كما نمرض‪ ،‬وتموت كما نموت‪ ،‬لكنھا في راحة من التفكير في عقبى‬
‫حشر‬
‫ٍ‬ ‫المرض‪ ،‬وفراق األحباب بعد الممات‪ ،‬وسكرات الموت ومصير ما وراء القبور من‬
‫ونشور‪.‬‬
‫يبقى ھذا اإلنسان الضعيف الھلوع الجزوع‪ ،‬المطماع المختال الفخور المتكبر المترف‪،‬‬
‫الرتبة‪ ،‬بائس المصير حين يكون تفكيره‬
‫تعيسا‪ ،‬سيئ الحظ‪ ،‬عظيم البالء‪ ،‬منحط ﱡ‬
‫ً‬ ‫شقيا‬
‫ً‬
‫بال إيمان‪ ،‬وال غرابة‬
‫فمن يزرع الريح في أرضه *** فال بد أن يحصد الزوبعة ‪.‬‬
‫ِّ‬
‫يسليه‪،‬‬ ‫يعزيه‪،‬‬
‫وال وﷲ ‪-‬الذي ال إله إال ھو‪ -‬إنه ال عالج لشقائه إال باإليمان‪ ،‬يقويه‪ِّ ،‬‬
‫يحييه حياة طيبة على الحقيقة‪ ،‬يعلو يقينه‪ ،‬ينفسح صدره‪ ،‬تعظم‬
‫يمنيه‪ ،‬يرضيه‪ْ ُ ،‬‬
‫ِّ‬
‫سعادته‪ ،‬وحين يفقد ذلك يشقى‪ ،‬يضيق عليه صدره‪ ،‬يأسى‪ ،‬يحزن‪ ،‬يكتئب؛ فيتداوى‬
‫ظنا منه أنه يتخلص من الشقاء‪ ،‬وإنما ھو في‬
‫بالداء‪ ،‬يلجأ إلى المخدرات واالنتحار‪ً ،‬‬
‫يعف ﷲ عنه إلى شقاء اآلخرة‪ ،‬ومن عذاب‬
‫ُ‬ ‫الحقيقية يتغلب من شقاء الدنيا إن لم‬
‫ومن‪ ،‬نسأل ﷲ العافية‪.‬‬
‫الدنيا إلى عذاب اآلخرة‪ ،‬إن لم يتداركه ربه برحمة منه َ َ ٍّ‬
‫اسمع معي عبد ﷲ‪ ،‬لھذا الشاب التائب كما أورد ذلك صاحب طريق السعادة بتصرف‪،‬‬
‫قال الشاب التائب‪:‬‬
‫عاما من عمري وأنا في ظالم دامس‪ ،‬أتخبط خبط عشواء‪ ،‬ال أحس للدنيا‬
‫ً‬ ‫مر عشرون‬
‫ﱠ‬
‫طعما‪ ،‬مالي كثير‪ ،‬أخالئي كثير‪ ،‬في نفسي جوعة‪ ،‬في صدري ضيق‪ ،‬ماذا يشبع تلك‬
‫ً‬
‫الجوعة؟ ماذا يشرح ذلك الضيق؟ معازف لم تشرح صدري بل معھا الجوعة ازدادت‪،‬‬
‫كثيرا‪،‬‬
‫ً‬ ‫كثيرا‪ ،‬شربت‬
‫ً‬ ‫بدلت أفالمي‪ ،‬سافرت عدت‪ ،‬سھرت‬ ‫بدلت أخالئي‪ّ ،،‬‬‫والضيق ازداد‪ َ ،‬ﱠ‬
‫ﱠ َ ِ‬
‫السماء(‬ ‫يصعد ِفي‬ ‫حرجا َ َ ﱠ َ‬
‫كأنما َ ﱠ ﱠ ُ‬ ‫كثيرا‪ ،‬تعبت‪ ،‬الجوعة تزداد والضيق كذلك ) َ َ ً‬
‫ً‬ ‫لھوت‬
‫أحسست كأني مسجون في دنياي‪ ،‬وأن األرض برحابتھا ال تسعني‪ ،‬فكرت طويال‬
‫سكينا وقلت‪:‬‬
‫ً‬ ‫وأخيرا ظھر الحل اآلن أشعر بالراحة –كما أزعم حينھا‪ ،-‬أخذت‬
‫ً‬ ‫وطويال‪،‬‬
‫ھذه سكيني بيدي تلمع باسمة راضية عن ھذا الحل‪ ،‬الناس ھجوع‪ ،‬األھل نيام‪،‬‬
‫السكون عام‪ ،‬أقول –في نفسي‪ :-‬لم يبق سوى لحظات وأعيش ساعات الراحة كما‬
‫أزعم‪ ،‬وفي تلك اللحظات سكيني في يدي تقترب من قلبي الميت‪ ،‬أريد أن أنتحر‪ ،‬أريد‬
‫أن أتخلص من ھذا الشقاء‪ ،‬وإذا بصوت يشق عنان السماء‪ ،‬يقطع الصمت‪ ،‬يدوي في‬
‫الكون‪ ،‬ترتج به المدينة‪.‬‬
‫ﷲ أكبر ﷲ أكبر ﷲ أكبر ﷲ أكبر ……‬
‫ويحھا من قلوبٍ ال تجيبه ما أتعسھا! ما أشقاھا!‪ ،‬سقطت السكين‬
‫نداء صالة الفجر‪ْ ،‬‬
‫من يدي عند سماع الصوت‪ ،‬وسرى في جسدي ما قد سرى‪ ،‬تحرك قلبي الميت على‬
‫جد ؟ أغريب ھذا الصوت؟‬
‫ذلك الصوت‪ ،‬استيقظت بعد طول سبات‪ ،‬ويح نفسي ماذا ّ‬
‫خريفا تسمعه‪ ،‬أما أحسست معناه إال اآلن ؟‬
‫ً‬ ‫عشرون‬
‫أجبت ھذا الصوت‪ ،‬وجئت بالماء أھريقه على وجھي وجسدي المرھق؛ فيطفئ لظى‬
‫متجھا نحو المسجد ألول مرة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫فشيئا‪ ،‬خرجت‬ ‫الشقاء‪ ،‬ويعيد الھدوء إلى نفسي شي ًئا‬
‫عاما‪ ،‬الكون مخيف بھدوئه‪ ،‬ال صوت يعلو‪ ،‬ال ضوضاء‪ ،‬دخلت مع إقامة صالة‬
‫ً‬ ‫من عشرين‬
‫الفجر‪ ،‬وقفت في الصف مع الناس‪ ،‬صنف من الناس لم أعھده في حياتي‪.‬‬
‫وجوه يشع منھا النور‪ ،‬نفوس طيبة مرتاحة‪ ،‬تقدم من بينھم اإلمام‪ ،‬وأقبل يحث على‬
‫تسوية الصفوف‪ ،‬كبر وزلزل كياني تكبيره‪ ،‬شرعت أصلي خلفه نفسي ھادئة‪ ،‬صدري‬
‫منشرح‪ ،‬يقرأ اآليات وأنصت في تلك اللحظات‪ ،‬بكالم لم أسمعه منذ سنوات وسنوات‪.‬‬
‫حسابيه * َيا‬ ‫ولم َ ْ ِ‬
‫أدر َما ِ َ ِ َ ْ‬ ‫كتابيه * َ َ ْ‬
‫أوت ِ َ ِ َ ْ‬‫لم ُ َ‬
‫ليتني َ ْ‬
‫فيقول َيا َ ْ َ ِ‬
‫بشماله َ َ ُ ُ‬
‫كتابه ِ ِ َ ِ ِ‬ ‫من ُ ِ َ‬
‫أوتي ِ َ َ ُ‬ ‫) َ ﱠ‬
‫وأما َ ْ‬
‫خذوه َ ُ ﱡ ُ‬
‫فغلوه * ُ ﱠ‬
‫ثم‬ ‫عني ُ ْ َ ِ َ ْ‬
‫سلطانيه * ُ ُ ُ‬ ‫ماليه * َ َ َ‬
‫ھلك َ ِّ‬ ‫عني َ ِ َ ْ‬ ‫القاضية * َما َ ْ َ‬
‫أغنى َ ِّ‬ ‫كانت ْ َ ِ َ‬ ‫ََْ َ‬
‫ليتھا َ َ ِ‬
‫يؤمن بِ ِ‬
‫ا‪9‬‬ ‫إنه َ َ‬
‫كان ال َ ُ ْ ِ ُ‬ ‫ُكوه * ِ ﱠ ُ‬ ‫ذراعا َ ْ‬
‫فاسل ُ ُ‬ ‫سبعون ِ َ ً‬
‫ذرعھا َ ْ ُ َ‬ ‫ثم ِفي ِ ْ ِ َ ٍ‬
‫سلسلة َ ْ ُ َ‬ ‫الجحيم َ ﱡ ُ‬
‫صلوه * ُ ﱠ‬ ‫ْ َ ِ َ‬
‫حميم * َوال َ َ َ ٌ‬
‫طعام ِإال ﱠ‬ ‫ھاھنا َ ِ ٌ‬
‫اليوم َ ُ َ‬ ‫فليس َ ُ‬
‫له ْ َ ْ َ‬ ‫طعام ْ ِ ْ ِ ِ‬
‫المسكين * َ ْ َ‬ ‫على َ َ ِ‬ ‫يحض َ َ‬ ‫ْ َ ِ ِ‬
‫العظيم * َوال َ َ ُ ﱡ‬
‫الخاطئون(‬ ‫غسلين * ال َ َ ْ ُ‬
‫يأكل ُُه ِإال ﱠ ْ َ ِ ُ َ‬ ‫من ِ ْ ِ ٍ‬
‫ِ ْ‬
‫العبرات‪ ،‬أحسست بملوحتھا في فمي‪ ،‬شعرت بلسعاتھا‪ ،‬أجھشت ببكاء‬
‫تتسابق مني َ َ َ‬
‫غزيرا‪ ،‬سال على خدي‪ ،‬سقى‬
‫ً‬ ‫أزيزا كأزيز المرجل‪ ،‬انھال الدمع‬
‫ً‬ ‫صادق‪ ،‬صنع في صدري‬
‫أرضا مجدبة في قلب ميت‪ ،‬فأحيا بكالم ﷲ موت فؤادي وبمعية ذلك الغيث صوت الرعد‪،‬‬
‫ً‬
‫رعد الرحمة‪ ،‬صوت نحيبي وبكائي من خشية ﷲ رب العالمين‪ ،‬بعد إعراض دام‬
‫عشرين‪ ،‬فالحمد ‪ 9‬رب العالمين‪ ،‬فالحمد ‪ 9‬رب العالمين‪.‬‬
‫يا أيھا الشاب‪ ،‬ويا ذا الشيبة‪ ،‬وﷲ إن طريق المسجد طريق السعادة‪ ،‬وﷲ ما عرفھا‬
‫من لم يعرف تلك الطريق‪ ،‬إن رسول الھدى ‪-‬صلوات ﷲ وسالمه عليه‪ -‬حين تضيق عليه‬
‫األرض وما تضيق‪ ،‬وتشتد عليه الخطوب يقول‪ :‬أرحنا بھا يا بالل‪ ،‬أرحنا بھا يا بالل‪ ،‬فاتصل‬
‫با‪ .9‬ما خاب فؤاد الذ با‪ 9‬وما خاب منيب‪،‬‬
‫فيا عزيز المرام أين الحضيض؟ في الذرى‪ ،‬شتان ما بين الثريا والثرى‪،‬‬
‫عال‪ ،‬شتان بين‬
‫ٍ‬ ‫زاك ومرتقى‬
‫ٍ‬ ‫كيف تعيش في مستنقع آسن ودرك ھابط وعندك مرتع‬
‫من ذاق برد اليقين ومن ذاق ضنك اإلعراض عن رب العالمين‪ ،‬ال يستوي الليل والنھار‪،‬‬
‫وال ظلمة وضياء‪ ،‬وال األحياء وال األموات‪ ،‬قال ﷲ‪:‬‬
‫مثل ُُه ِفي الظ ﱡل َ‬
‫ُماتِ‬ ‫الناسِ َ َ‬
‫كمن ﱠ َ‬ ‫به ِفي ﱠ‬
‫يمشي ِ ِ‬
‫نورا َ ْ ِ‬ ‫وجعلنا َ ُ‬
‫له ُ ً‬ ‫ميتا َ َ ْ َ ْ َ ُ‬
‫فأحييناه َ َ َ ْ َ‬ ‫كان َ ْ ً‬ ‫)َ َ َ‬
‫أومن َ َ‬
‫منھا( كال وﷲ‪.‬‬
‫بخارجٍ ْ َ‬ ‫َْ َ‬
‫ليس ِ َ ِ‬
‫قال شيخ اإلسالم وتلميذه ‪-‬رحمھما ﷲ‪ :-‬إن القلب ال يصلح وال يفلح وال ينعم وال ُيسر‬
‫وال يطيب وال يسكن وال يطمئن إال بعبادة ربه وحده‪ ،‬ومحبته واإلنابة إليه‪ ،‬فلو حصل‬
‫على كل ما يتلذذ به المخلوقات لم يطمئن ولم يسكن إذ فيه فقر ذاتي‪ ،‬واضطرار‬
‫يقر إال باإليمان‬
‫وحاجة إلى ربه معبوده محبوبه مطلوبه بالفطرة‪ ،‬ال يسعد وال يطمئن وال َ ِ ﱡ‬
‫تقر عينه با‪ 9‬تقطعت‬
‫قرت به كل عين‪ ،‬ومن لم ِ‬
‫قرت عينه با‪ 9‬ﱠ‬
‫با‪ 9‬رب العالمين‪ ،‬فمن ﱠ‬
‫يصدق ھذا من في قلبه حياة ‪ .‬فوا أسفاه‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫نفسه على الدنيا حسرات‪ ،‬وإنما‬
‫وواحسرتاه‪ ،‬كيف ينقضي الزمان وينفد العمر‪ ،‬والقلب محجوب‪ ،‬ما شم لھذا البلسم‬
‫رائحة؟ وخرج من الدنيا كما دخل فيھا وما ذاق أطيب ما فيھا‪ ،‬بل عاش فيھا عيش‬
‫كمدا‪ ،‬ومعاده حسرة‬
‫ً‬ ‫عجزا‪ ،‬وموته‬
‫ً‬ ‫البھائم‪ ،‬وانتقل منھا انتقال المفاليس‪ ،‬فكانت حياته‬
‫وأسفا‪ ،‬اللھم فلك الحمد وإليك المشتكي‪ ،‬وأنت المستعان‪ ،‬وبك المستغاث‪ ،‬وعليك‬
‫ً‬
‫التكالن‪ ،‬وال حول وال قوة إال بك ‪.‬‬
‫آمنوا‪ ،‬ويا من أعرضوا أقبلوا تسعدوا‪.‬‬ ‫آمنوا ِ‬‫فيا أيھا الذين َ‬
‫ولنجزينھم َ ْ َ ُ‬
‫أجرھم‬ ‫طيبة َ َ َ ْ ِ َ ﱠ ُ ْ‬
‫حياة َ ِ ّ َ ً‬ ‫مؤمن َ َ ُ ْ ِ َ ﱠ ُ‬
‫فلنحيينه َ َ ً‬ ‫وھو ُ ْ ِ ٌ‬
‫أنثى َ ُ َ‬ ‫ذكر َ ْ‬
‫أو ُ ْ َ‬ ‫صالحا من َ َ ٍ‬‫عمل َ ِ ً‬‫من َ ِ َ‬
‫) َ ْ‬
‫ُون(‬
‫يعمل َ‬
‫كانوا َ ْ َ‬ ‫َِ ْ َ ِ‬
‫بأحسن َما َ ُ‬
‫وأعينا من خشيتك‬
‫ً‬ ‫وقلوبا خاشعة‪ ،‬وألسنة ذاكرة‪،‬‬
‫ً‬ ‫إيمانا نجد حالوته‪،‬‬
‫ً‬ ‫اللھم ارزقنا‬
‫مدرارة‪ ،‬ال إله إال أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين‪ ،‬وأستغفر ﷲ فاستغفروه إنه ھو‬
‫الغفور الرحيم‪.‬‬
‫محمدا خاتم‬
‫ً‬ ‫الحمد ‪ 9‬رب العالمين‪ ،‬وأشھد أن ال إله إال ﷲ ولي الصالحين‪ ،‬وأشھد أن‬
‫النبيين‪.‬‬
‫جرت في َ َ ٍ‬
‫فلك شمس الضحى‬ ‫الدجى *** وما َ َ ْ‬
‫جن ﱡ‬‫ﱠ‬ ‫صلى عليه ﷲ ما‬
‫أما بعد‪ ،‬فيا عباد ﷲ‪ :‬إن الشواھد في القلوب لتشھد بأن السعادة في الطاعة واإلقبال‬
‫ِ َ‬
‫والفطر المستقيمة‪،‬‬ ‫على ﷲ‪ ،‬شواھد تشھد بھا النفوس المؤمنة‪ ،‬والقلوب السليمة‬
‫ھذا الباب باب شريف‪ ،‬وقصر منيف ال يدخله إال النفوس األبية التي ال ترضى بالدون‪ ،‬وال‬
‫تبيع األدنى باألعلى بيع الخاسر المغبون‪ ،‬فإن كنت أھال لذلك فادخل‪ ،‬وإال فردّ الباب‬
‫وانشراحا في صدرك‪،‬‬
‫ً‬ ‫وارجع والسالم‪ .‬عبد ﷲ كم أطعت ﷲ فوجدت حالوة في قلبك‪،‬‬
‫وفرحا بقربه منك؟ كم ُوفِّقت إلى قيام ليلة‪ ،‬أو‬
‫ً‬ ‫وأنسا‬
‫ً‬ ‫وإقباال على ﷲ ‪-‬عز وجل‪ -‬ربك‪،‬‬
‫صيام يوم‪ ،‬أو إلى إصالح بين الناس‪ ،‬أو صدقة على مسكين؛ فوجدت أثر ذلك بقلبك‬
‫وانشراحا؟ الشك أنك لن تجد من حالوة اإليمان ما وجده صحابي من الصحابة‪،‬‬
‫ً‬ ‫سعادة‬
‫كل بحسبه‪ ،‬ھذا ‪-‬وﷲ‪ -‬شاھد قوي على أن طريق السعادة ھو طريق الطاعة ال‬
‫ولكن ٌ‬
‫غير‪.‬‬
‫ً‬
‫مغتبطا‬ ‫رضي النفس‬
‫أمنا عاش َ ِ ﱠ‬
‫من عاش في كنف اإليمان كان له *** ً‬
‫وشقاء في قلبك‪ ،‬ووحشة بينك وبين‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ضيقا في صدرك‪،‬‬ ‫عبد ﷲ كم عصيت ﷲ فوجدت‬
‫ﷲ ربك‪ ،‬ووحشة بينك وبين عباد ﷲ الصالحين؟ كم أطلقت بصرك فيما حرم ﷲ‪،‬‬
‫وشقاء؟ كيف بمن يقارف‬
‫ً‬ ‫ونكدا‪ ،‬وتعاسة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ضيقا‬ ‫غب ذلك‬
‫وتكلمت فيما ال يعنيك؛ فوجدت ِ‬
‫الكبائر والفواحش‪ ،‬وينتقل من معصية إلى معصية دون استغفار أو توبة‪ ،‬ال شك أنه في‬
‫وعنت وعناء‪.‬‬
‫ضيق وشقاء َ َ ٍ‬
‫قربه وأدناه؛ فأنس به وسعد‬
‫المسألة باختصار ‪-‬أيھا المؤمنون‪ -‬أن من أطاع ﷲ ﱠ‬
‫واستغنى‪ ،‬ومن عصي ﷲ طرده وأبعده بقدر ذنبه فاستوحش وشقي وافتقر‪.‬‬
‫أترجو مواھب نعمائه *** وأنت إلى صف أعدائه‬
‫سعدا‬
‫ً‬ ‫رحيما‪ ،‬وتسعد‬
‫ً‬ ‫غفورا‬
‫ً‬ ‫كال ّ‪ .‬فال تشتغل بما ضمنه ﷲ لك‪ ،‬واقبل على ﷲ تجده‬
‫عظيما‪.‬‬
‫ً‬
‫للھم بما أمرت‬
‫ِّ‬ ‫فرغ خاطرك‬
‫قال اإلمام ]ابن القيم[ ‪-‬رحمه ﷲ‪ -‬في كالم قيم ما ملخصه‪ِّ :‬‬
‫آتيا‪ ،‬وإذا سد ﷲ عليك‬
‫باقيا كان الرفق ً‬
‫ً‬ ‫ضمن لك‪ ،‬فما دام األجل‬
‫به‪ ،‬وال تشغله بما ُ ِ َ‬
‫ً‬
‫طريقا أنفع لك منه وأكمل‪ ،‬فتأمل حال الجنين‬ ‫ً‬
‫طريقا من طرقه فتح لك برحمته‬ ‫بحكمته‬
‫السرة‪ ،‬فلما خرج من بطن أمه وانقطعت‬
‫ﱡ‬ ‫واحد وھو‬
‫ٍ‬ ‫يأتيه غذاؤه؛ وھو الدم من طريق‬
‫تلك الطريق‪ ،‬فتح ﷲ له طريقين اثنين؛ أعني الثديين وأجرى له فيھما ً‬
‫رزقا أطيب وألذ‬
‫ً‬
‫طرقا‬ ‫ً‬
‫سائغا‪ ،‬فإذا تمت مدة الرضاع وانقطع الطريقان بالفطام‪ ،‬فتح‬ ‫خالصا‬
‫ً‬ ‫لبنا‬
‫من األول؛ ً‬
‫أربعا أكمل منھا‪ ،‬ھما طعامان وشرابان؛ فالطعامان من حيوان ونبات؛ والشرابان من مياه‬
‫ً‬
‫وألبان وما يضاف إليھما من المنافع والمالذ‪ ،‬فإذا مات وانقطعت عنه ھذه الطرق األربع‪،‬‬
‫ً‬
‫طرقا ثمانية؛ ھي أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيھا شاء‪،‬‬ ‫سعيدا‬
‫ً‬ ‫فتح ﷲ له إن كان‬
‫نسأل ﷲ من فضله‪.‬‬
‫ً‬
‫شيئا من الدنيا إال ويؤتيه أفضل منه وأنفع‪ ،‬وليس ذلك لغير‬ ‫فا‪ 9‬ال يمنع عبده المؤمن‬
‫المؤمن‪ ،‬إن ﷲ يمنعه الحظ األدنى الخسيس ليعطيه األعلى النفيس‪ ،‬والعبد لجھله‬
‫بمصالح نفسه وكرم ربه ورحمته ال يعرف التفاوت بين ما ُمنع منه وما ادخر له‪ ،‬بل ھو‬
‫العبد‬
‫ُ‬ ‫عليا‪ ،‬ولو أنصف‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫دنيئا وبقلة الرغبة في اآلجل وإن كان‬ ‫مولع بحب العاجل‪ ،‬وإن كان‬
‫وأنى له بذلك‪ ،‬لعلم أن فضله عليه فيما منعه في الدنيا ولذاتھا أعظم من فضله‬
‫ربه ﱠ‬
‫عليه فيما آتاه منھا‪ .‬فما منعه إال ليعطيه‪ ،‬وما ابتاله إال ليعافيه‪ ،‬وما امتحنه إال ليصافيه‪،‬‬
‫وال أماته إال ليحييه‪ ،‬وال أخرجه إلى ھذه الدار إال ليتأھب للقدوم عليه‪ ،‬ويسلك الطرق‬
‫شكورا( وأبى الظالمون‬ ‫أو َ َ َ‬
‫أراد ُ ُ ً‬ ‫يذكر َ ْ‬
‫أراد َأن َ ﱠ ﱠ َ‬
‫لمن َ َ َ‬ ‫خل َ ً‬
‫فة ِ ّ َ ْ‬ ‫والنھار ِ ْ‬ ‫وجعل ﱠ ْ َ‬
‫الليل َ ﱠ َ َ‬ ‫الموصلة إليه ) َ َ َ‬
‫كفورا وﷲ المستعان‪.‬‬
‫ً‬ ‫إال‬
‫غشيه الصدأ حتى يفسده‪ ،‬فكذلك القلب‪ ،‬إذا‬
‫أيھا المؤمنون‪ ،‬إن الحديد إذا لم يستعمل َ ِ‬
‫ُ ِّ‬
‫عطل عن اإليمان با‪ 9‬وحبه وذكره واإلقبال عليه بالعمل الصالح غلبه الجھل والھوى‬
‫مجخيا ‪.‬‬
‫ً‬ ‫مربادا أسود كالكوز‬
‫ً‬ ‫منكرا‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫معروفا وال ينكر‬ ‫والران حتى يميته ويھلكه؛ فال يعرف‬
‫فيا أيھا المؤمنون‪ ،‬ويا شباب األمة –خاصة‪ -‬اإليمان بلسم الحياة؛ فسيروا في ركابه‬
‫تسعدوا‪.‬‬
‫ونوارا‬
‫ريحانا ﱠ ً‬
‫ً‬ ‫ومضمارا *** وفجروا الصخر‬
‫ً‬ ‫سيروا فإن لكم خيال‬
‫وأبصارا‬
‫ً‬ ‫آذانا‬
‫ً‬ ‫نرھف‬
‫سيروا على بركات ﷲ وانطلقوا *** فنحن ُ ْ ِ‬
‫وعمارا‬
‫ً‬ ‫وذكرونا بأيام لنا سلفت *** فقد نسينا شرحبيال‬
‫ﷲ َ َ َِ َ َ ُ‬
‫ومالئكته‬ ‫إن َ‬
‫وصلوا وسلموا على نبيكم محمد فقد أمرتم بالصالة والسالم عليه ) ِ ﱠ‬
‫تسليما(‬ ‫عليه َ َ ِ ّ ُ‬
‫وسلموا َ ْ ِ ً‬ ‫آمنوا َ ﱡ‬
‫صلوا َ َ ْ ِ‬ ‫النبي َيا َ ﱡ َ‬
‫أيھا ﱠ ِ َ‬
‫الذين َ ُ‬ ‫على ﱠ ِ‬ ‫ُ َ ﱡ َ‬
‫يصلون َ َ‬
‫صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه والتابعين‪ ،‬ومن تبعھم‬
‫ِّ‬ ‫اللھم‬
‫أعز اإلسالم والمسلمين‪ ،‬وأذل الشرك والمشركين‪،‬‬
‫ﱠ‬ ‫بإحسان إلى يوم الدين‪ ،‬اللھم‬
‫ودمر أعداء الدين‪ ،‬وانصر عبادك الموحدين‪.‬‬
‫ِّ‬
‫اللھم اغفر للمؤمنين والمؤمنات‪ ،‬وألف بين قلوبھم‪ْ ِ َ ،‬‬
‫وأصل ذات بينھم‪ ،‬وانصرھم على‬
‫عدوك وعدوھم‪.‬‬
‫اللھم كن للمستضعفين‪ ،‬اللھم انصر المسلمين على عدوك وعدوھم‪ ،‬اللھم كن‬
‫ونفس ُكربھم‪ .‬اللھم كن‬
‫ھمھم‪ْ ّ ِ ،‬‬
‫ﱠ‬ ‫فرج‬
‫للمستضعفين والمضطھدين والمظلومين ‪ ،‬اللھم ِّ ْ‬
‫للمستضعفين والمظلومين والمضطھدين‪ ،‬اللھم فرج ھمھم ونفس كربھم وارفع‬
‫درجاتھم‪ ،‬واخلفھم في أھلھم‪،‬‬

‫فضيلة الشيخ ‪ /‬علي عبد الخالق القرني‬

‫حياض النجاة أو بادر قبل أن تبادر‬

‫لما قضاه‪ ،‬وال مظھر لما‬


‫راد ِ َ‬
‫لما أعطاه‪ ،‬وال ﱠ‬ ‫الحمد ‪ ،9‬قضى أال تعبدوا إال ﱠ ﱠ‬
‫إياه‪ ،‬ال مانع ِ َ‬
‫ھادي لمن أعماه‪ ،‬سبحانه خلق آدم‬
‫َ‬ ‫مضل لمن ھداه‪ ،‬وال‬
‫ﱠ‬ ‫أخفاه‪ ،‬وال ساتر لما أبداه‪ ،‬وال‬
‫وسواه‪ ،‬وأمره ونھاه‪ ،‬ثم تاب عليه ورحمه واجتباه‪ ،‬حاله ينذر من سعى فيما‬
‫ﱠ‬ ‫بيده‬
‫قصته نذير لمن خالف ﷲ‬
‫فأصمه وأعماه‪ ،‬وأبعده وأشقاه‪ ،‬وفي ﱠ‬
‫ﱠ‬ ‫اشتھاه‪ ،‬طرد إبليس‬
‫أمه طفال ورعاه‪،‬‬
‫وعصاه‪ .‬أشھد أال إله إال ﷲ‪ ،‬وحده ال شريك له‪ ،‬أخذ موسى من ِ ّ‬
‫ﱠ ْ‬
‫ابتلت‬ ‫بالنعم وأعطاه‪ ،‬فمشى في البحر وما‬ ‫ِّ‬ ‫فرباه‪ ،‬وجاد عليه‬‫عدوه ﱠ‬
‫ِّ‬ ‫حجر‬
‫وساقه إلى ِ ْ‬
‫ﷲ ال ِ َ َ‬
‫إله‬ ‫إنني َ َ‬
‫أنا ُ‬ ‫فشرفه ﷲ وناداه‪ ِ ) .‬ﱠ ِ‬
‫ﱠ‬ ‫نارا‬
‫وواراه‪ ،‬خرج يطلب ً‬
‫عدوه بالغرق َ َ َ‬‫ﱠ‬ ‫قدماه‪ ،‬وأھلك‬
‫الصالة ِ ِ ْ‬
‫لذكِري(‬ ‫ﱠ ََ‬ ‫فاعبدني َ َ ِ ِ‬
‫وأقم‬ ‫ِإال َ َ‬
‫أنا َ ْ ُ ْ ِ‬
‫فدوخت بعوثه َمن قد عفى‬
‫ﱠ‬ ‫حمدا لمن نبيه قد بعث ***‬
‫ً‬
‫حمائما إذا بكت‬
‫ً‬ ‫ثم الصالة والسالم ما حكت *** حمائم‬
‫فھيج صبابة لمن صبا‬
‫ﱠ‬ ‫وھزت الغصون أنفاس الصبا ***‬
‫ﱠ‬
‫ََ َ َ‬
‫ولمع البرق إذا الغيث وكب *** وطاف بالبيت منيب واعتكب‬
‫مرسل وآله *** وصحبه وتابعي من واله‪.‬‬ ‫أجل ُ ْ َ ٍ‬
‫ِّ‬ ‫على‬
‫الناظر‬
‫إن ﱠ‬‫مسلمون( عباد ﷲ؛ ﱠ‬
‫ْ ِ ُ َ‬ ‫تموتن ِإال ﱠ َ َ ْ ُ‬
‫وأنتم‬ ‫تقاته َوال َ َ ُ ُ ﱠ‬
‫حق ُ َ ِ ِ‬
‫ﷲ َ ﱠ‬
‫اتقوا َ‬
‫آمنوا ُ‬
‫الذين َ ُ‬ ‫)يا َ ﱡ َ‬
‫أيھا ﱠ ِ َ‬
‫جادين في بيع أنفسھم؛‬ ‫ِّ‬ ‫غادين‬
‫ِ‬ ‫عجبا‪ ،‬يجدھم‬
‫ً‬ ‫بعين البصر والبصيرة إلى الخلق يجد‬
‫ومغبون خاسر‪ ،‬فرابح قد رجحت ميزانه‪ ،‬وخاسر َ ْ َ َ ُ‬
‫أوبقه عدوانه‪ ،‬رابح دان‬ ‫ففائز رابح‪ُ ْ َ ،‬‬
‫نفسه وحاسبھا‪ ،‬وعمل لما بعد الموت فزكى‪ ،‬صعد بھا وارتقى‪ ،‬وخاض المتاعب وركب‬
‫الكيس العاقل الفاطن ذا الذكا‪ .‬خاف مقام‬
‫ِّ‬ ‫األھوال وانتقى‪ ،‬وإلى العلياء ارتقى‪ ،‬فكان‬
‫عقلُه فقد نجا‪.‬‬
‫ربه‪ ،‬ونھى النفس عن الھوى‪ .‬فآفة المرء الھوى‪ ،‬فمن عال على ھواه َ ْ‬
‫وزكاھا‪ ،‬وقد أفلح من ﱠ‬
‫زكاھا‪.‬‬ ‫ﱠ‬ ‫وشرفھا‪،‬‬
‫ﱠ‬ ‫أعتق نفسه‬
‫أعظم‬
‫ثم ْ ِ ِ‬ ‫صفقة لمبايع *** َ ْ ِ ْ‬
‫وأعظم بھا أعظم بھا ﱠ‬ ‫َِْ ْ‬
‫فأربح بھا من َ ْ َ ٍ‬
‫ًِ‬
‫الھثا‬ ‫أقبل على الدنيا‬
‫َ‬ ‫المحرمات على غير بصيرة‪،‬‬
‫ﱠ‬ ‫نسي مصيره فانغمس في‬
‫وخاسر َ ِ َ‬
‫ويمثل‬
‫ِّ‬ ‫شره بھيمة‪ ،‬يجيد السباحة من أجلھا في كل بحر‪ ،‬ويلبس لھا أكثر من ثوب‪،‬‬
‫في َ َ ِ‬
‫بعرضٍ منھا‪،‬‬
‫مطية‪ .‬باع دينه َ َ‬
‫ﱠ‬ ‫بھا أكثر من دور‪ ،‬ويتكلم لھا بأكثر من لسان‪ ،‬ويركب لھا كل‬
‫وتمنى على‬
‫ﱠ‬ ‫يوما َ ِ ﱠ ٌ‬
‫أبية‪ ،‬أتبع نفسه ھواھا‪،‬‬ ‫ھين‪ ،‬والھابط لم تكن نفسه ً‬
‫وھبط والھبوط ِ ّ‬
‫ﷲ األماني حتى داھمته المنيﱠة‪.‬‬
‫ونسا‬
‫خمر ِ َ‬ ‫وكسا *** َ ﱡ‬
‫وھمه بالليل َ ْ ٌ‬ ‫أكل ِ َ‬
‫ٌ‬ ‫َ َ ﱡ‬
‫فھمه في اليوم‬
‫رزية!‬
‫فأوبقھا وأھلكھا‪ ،‬وبثمن بخسٍ باعھا‪ ،‬فيا لھا من ﱠ‬
‫َ َ َ‬ ‫بائر‪ ،‬خسر نفسه‬
‫خاب عاجز خائر َ ِ‬
‫دساھا‪.‬‬
‫ﱠ‬ ‫دساھا وقد خاب من‬
‫ﱠ‬
‫عمدا *** فأصبح ال يضيء له نھار‬
‫ً‬ ‫فكان كفائق عينيه‬
‫يزكى *** فيدفع الجوع وال ُ ﱠ‬
‫يزكى‬ ‫بل كان كالحمار ال ُ ﱠ‬
‫شاد لألولى فھال *** كان لألخرى يشيد‬
‫ربك ِ َ ﱠ ٍ‬
‫بظالم ْ َ ِ ِ‬
‫للعبيد( ال نعجب من خطئه‪،‬‬ ‫وما َ ﱡ َ‬
‫فعليھا َ َ‬ ‫ومن َ َ َ‬
‫أساء َ َ َ ْ َ‬ ‫صالحا َ ِ َ ْ ِ ِ‬
‫فلنفسه َ َ ْ‬ ‫عمل َ ِ ً‬
‫من َ ِ َ‬
‫) َ ْ‬
‫واتباع ھواه معشر المؤمنين؛ إذ ال عجب وال غرابة أن يخطئ اإلنسان‪ ،‬وتصدر منه‬
‫ﱠ‬
‫خطاء‪ ،‬والمعصوم من عصمه ﷲ‪ ،‬لكن‬ ‫والسفه‪ ،‬والجھل والظلم‪ ،‬فكل ابن آدم‬
‫ﱠ‬ ‫اإلساءة‬
‫متلبسا بذلك‪،‬‬‫ً‬ ‫العجب منه يوم‪ ،‬يدرك خطأه وإساءته وسفھه وجھله وظلمه‪ ،‬ثم يظل‬

‫ﷲ ِإال ﱠ ْ َ ْ ُ‬
‫القوم‬ ‫ﷲ َفال َ َ ْ َ ُ‬
‫يأمن َ ْ َ‬
‫مكر ِ‬ ‫مصرا عليه‪ ،‬آمنا مكر ﷲ به‪ ،‬ووعيده له‪ُ ِ َ َ َ ) .‬‬
‫أفأمنوا َ ْ َ‬
‫مكر ِ‬ ‫ًّ‬
‫ترياقه‬
‫السم‪ ،‬والتوبة ِ ْ َ ُ‬
‫ِّ‬ ‫ْ َ ِ ُ َ‬
‫الخاسرون( يقول ]ابن القيم[ ‪-‬رحمه ﷲ‪ :-‬الذنب بمنزلة شرب‬
‫ﱠ‬
‫والطاعة ھي الصحة والعافية‪ ،‬وصحة وعافية مستمرة خير من صحة يتخللھا‬ ‫ودواؤه‪،‬‬
‫سم خير من بالء دائم‪.‬‬
‫ٍّ‬ ‫وشرب‬
‫ُ‬ ‫سم‪ ،‬وصحة يتخللھا مرض‬
‫ٍّ‬ ‫مرض وشرب‬
‫األحقر‬
‫َ‬ ‫نتا *** يتبدل األدنى ويبقى‬
‫من حاد حب الكمال تع ﱡ ً‬
‫سرار‬
‫وضا ٍء ِ َ‬
‫غاد روحة ولكل ﱠ‬
‫ٍ‬ ‫فاغتنم حياتك عمرك فلكل ***‬
‫يا من بدرت منه الخطيئة وكلنا ذاك‪ ،‬عودة عودة إلى ْ َ‬
‫أفياء الطاعة‪ ،‬الباب مفتوح‪ ،‬والظل‬
‫الدجى‪ ،‬واصرخ بلسان ﱡ‬
‫الذل‪ ،‬مع‬ ‫سدة الباب‪ ،‬وقم في ﱡ‬
‫والرخاء من وراء الباب فالزم ُ‬
‫فالنفس يخرج وال يعود‪،‬‬
‫ﱠ َ‬ ‫ﱡ ﱡ‬
‫الضر‪ .‬ھيا‬ ‫مسنا وأھلنا‬
‫ﱠ‬ ‫الدمع‪ ،‬يا أيھا العزيز‬
‫وجيف القلب‪ ،‬وواكف ﱠ‬
‫يدي العزيز الحميد‪ ،‬فالبد من ساعة طاھرة‪،‬‬
‫ْ‬ ‫والعين تطرف وال تطرف األخرى إال بين‬

‫تكون الرؤوس بھا فاغرة‪ ،‬إذا استوفت النفس مكيالھا‪ِ ْ ُ ،‬‬


‫وزلزلت األرض زلزالھا‪ ،‬فما لك من‬
‫فرصة لإلياب‪ ،‬ولن يرجع العمر بعد الذھاب‪ ،‬تقدم فما زال للصلح باب‪ ،‬وبالموت يغلق باب‬
‫عظيما(‬
‫ميال َ ِ ً‬ ‫الشھواتِ َأن َ ِ‬
‫تميلُوا َ ْ‬ ‫ﱠ َ َ‬ ‫يتبعون‬ ‫ويريد ﱠ ِ َ‬
‫الذين َ ﱠ ِ ُ َ‬ ‫عليكم َ ُ ِ ُ‬ ‫يريد َأن َ ُ َ‬
‫يتوب َ َ ْ ُ ْ‬ ‫وﷲ ُ ِ ُ‬
‫المتاب ) َ ُ‬
‫والنعم‬
‫ﱠ ِ ِ‬ ‫حب الھوى للشاء‬‫ِّ‬ ‫واطرحي *** حياض‬ ‫ﱠ‬ ‫ريدي حياض النجا يا نفس‬ ‫ِ ِ‬
‫ويؤرق المنام‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫يقض المضاجع‪،‬‬
‫ﱡ‬ ‫تبادر‪ ،‬بادر باإلقالع عن الذنب بشعور باأللم‪،‬‬
‫بادر قبل أن ُ َ َ‬
‫ويقرح الجفون‪ ،‬ويزرع في القلب الحسرة والندامة‪ ،‬مع عزم َأكيد على استئناف حياة‬ ‫ِّ‬
‫صالحة نقية تقية طاھرة‪ .‬بادر فإن تأخير التوبة من الذنب ذنب يحتاج إلى توبة ) َ َ ْ َ ِ‬
‫وليست‬
‫تبت اآلن( بادر فإن‬
‫إني ُ ْ ُ‬ ‫الموت َ َ‬
‫قال ِ ِ ّ‬ ‫حضر َ َ َ ُ ُ‬
‫أحدھم ْ َ ْ ُ‬ ‫إذا َ َ َ‬
‫حتى ِ َ‬
‫السيئاتِ َ ﱠ‬
‫ﱠ ِّ َ‬ ‫ُون‬
‫يعمل َ‬ ‫التوبة ِ ﱠ ِ َ‬
‫للذين َ ْ َ‬ ‫ﱠَْ ُ‬
‫الذنب يجر إلى الذنب‪ ،‬فكم من ذنب صغير كانت النھاية معه بالتسويف أن ُيحال بين‬
‫يسلب إيمانه فبادر‪ .‬أرأيت لو أن رجال ُ ِ َ‬
‫أمر باقتالع شجرة باسقة‪،‬‬ ‫صاحبه وبين قلبه‪ ،‬وقد ُ َ‬
‫الغد‬
‫ُ‬ ‫فلما جاء‬
‫ﱠ‬ ‫كبيرة أصولھا وھو شاب‪ ،‬فرآھا كبيرة فھابھا‪ ،‬وقال‪ :‬فلندعھا إلى الغد‪،‬‬
‫قال‪ :‬لندعھا إلى العام القادم‪ ،‬إلى الذي يليه‪ ،‬إلى الذي يليه‪ ،‬فإنه بمرور الوقت تضعف‬
‫قوته ويخور‪ ،‬ثم ال يستطيع بعدھا قلعھا‪ ،‬فما ال تقدر عليه في الشباب ال تقدر عليه‬
‫غالبا وقت المشيب‪.‬‬
‫ً‬
‫الديب‬
‫الھرم *** ومن التعذيب تھذيب ِّ‬
‫فمن العناء رياضة َ ِ‬
‫الزمن صعب واستعصى‪ ،‬والغصن أقرب‬
‫جف وطال عليه ﱠ‬
‫ﱠ‬ ‫الحنا فإن‬
‫والقضيب الرطب يقبل َ َ‬
‫عجزا‪.‬‬
‫ً‬ ‫غدا أشد‬
‫تقويما من الخشب وما عجزت عنه اليوم قد تكون ً‬
‫ً‬
‫غدا يأتي وأنت فقيد‬
‫غد *** لعل ً‬
‫فال تُبقِ فعل الصالحات إلى ٍ‬
‫بالران فيذبل‪،‬‬
‫ﱠ‬ ‫يغلف‬ ‫فيخلق اإليمان في القلب‪ ،‬كما َ ْ َ‬
‫يخلق الثوب‪ ،‬ثم ُ ﱠ‬ ‫فبادر‪ُ .‬يفعل الذنب َ َ ْ َ ُ‬
‫لذة‬
‫يحرم اإلنسان ﱠ‬
‫ﷲ( ثم يموت‪ ،‬وعندھا ُ ْ‬ ‫ُوبھم من ِ ْ ِ‬
‫ذكر ِ‬ ‫فويل ِ ّ ْ َ ِ َ ِ‬
‫للقاسية ُقل ُ ُ‬ ‫ثم يقسو ) َ َ ْ ٌ‬
‫رجسه‪ ،‬تلك‬
‫تطھر ْ َ‬
‫ِّ‬ ‫آلية ال روح فيھا‪ ،‬ال ِّ‬
‫تزكي نفسه‪ ،‬وال‬ ‫مناجاة ﷲ‪ ،‬فعباداته بعد ذلك ﱠ‬
‫يھمل‬
‫عقوبة وبلية أي بلية‪ ،‬ثم ينسى القرآن إن كان معه شيء من القرآن‪ ،‬ثم َ ْ ِ‬
‫االستغفار‪ ،‬ثم يحرص على الذنب مع عدم التلذذ به‪ ،‬كلما حاول أن يعود ُ ْ ِ َ‬
‫أركس في‬
‫من عصاه‪.‬‬
‫يذل َ ْ‬
‫ﱠ‬ ‫وذل ال يفارقه‪ ،‬أبى ﷲ إال أن‬
‫ٍّ‬ ‫وغم وحزن وخوف‬
‫ٍّ‬ ‫ھم‬
‫ٍّ‬ ‫ذنبه مع‬
‫ذكر الحافظ ]ابن كثير[ ‪-‬رحمه ﷲ‪ -‬في البداية‪ ،‬في حوادث سنة ثماني وسبعين‬
‫قبحه ﷲ‪ -‬ھذا الشقي‪،‬‬
‫ومائتين ما يلي بتصرف‪ ،‬قال‪ :‬وفيھا توفي ]ابن عبد الرحيم[ ‪ -‬ﱠ‬
‫فلما كان في بعض الغزوات‪ ،‬والمسلمون‬
‫ﱠ‬ ‫كثيرا في بالد الروم‪،‬‬
‫ً‬ ‫كان من المجاھدين‬
‫غض‬
‫ﱠ‬ ‫يحاصرون بلدة من بالد الروم؛ إذ نظر إلى امرأة من نساء الروم في ذلك الحصن‪ ،‬ما‬
‫لھم ِإن‬ ‫ذلك َ ْ َ‬
‫أزكى َ ُ ْ‬ ‫فروجھم َ ِ َ‬
‫ويحفظُوا ُ ُ َ ُ ْ‬ ‫من َ ْ َ ِ ِ ْ‬
‫أبصارھم َ َ ْ َ‬ ‫للمؤمنين َ ُ ﱡ‬
‫يغضوا ِ ْ‬ ‫بصره‪ ،‬وﷲ يقول‪ُ ) :‬قل ْ ُ ْ ِ ِ َ‬
‫تبع ﱠ ْ‬
‫النظرة النظرة‪ ،‬والنظرة سھم مسموم من سھام إبليس‪ ،‬كم‬ ‫يصنعون( أ ْ َ‬
‫بما َ ْ َ ُ َ‬
‫خبير ِ َ‬
‫ﷲ َ ِ ٌ‬
‫َ‬
‫نظرة ألقت في قلب صاحبھا البالبل واآلالم والحسرات‪.‬‬
‫األسود‬
‫ْ َ َ‬ ‫كان كمن أدخل في جحر يدا *** فأخطأ األفعى والقى‬
‫فھويھا‪ ،‬ثم راسلھا‪ ،‬ھل إليك من سبيل؟ فقالت‪ :‬ال سبيل إال أن تتنصر وتتبرأ من‬
‫نظر َ ِ َ َ‬
‫اإلسالم‪ ،‬ومن محمد –صلى ﷲ وسلم على نبينا محمد‪ -‬فأجابھا‪ ،‬وقال –ونعوذ با‪9‬‬
‫وتنصر وصعد إليھا‪ .‬ال إله إال ﷲ‪ ،‬نعوذ با‪9‬‬
‫ﱠ َ‬ ‫مما قال‪ :-‬ھو بريء من اإلسالم‪ ،‬ومن محمد‪،‬‬
‫نرد على أعقابنا بعد‬ ‫الحور بعد َ َ‬
‫الكور‪ ،‬نعوذ با‪ 9‬من الضاللة بعد الھدى‪ ،‬نعوذ با‪ 9‬أن ﱠ‬ ‫من َ َ‬
‫جرت أختھا‬
‫إذ ھدانا ﷲ‪ .‬المعاصي بريد الكفر‪ ،‬المعاصي بريد الكفر‪ .‬كم من معصية ﱠ‬
‫مثل من األمثلة‪ .‬ما راع‬
‫سلب إيمان العبد‪ ،‬وھذا َ َ ٌ‬
‫وأختھا وأختھا‪ ،‬حتى كانت النھاية أن ُ‬
‫شديدا‪ ،‬وشق عليھم ذلك‬ ‫ً‬ ‫فاغتم المسلمون لذلك ً ّ‬
‫غما‬ ‫ﱠ‬ ‫المسلمين إال وھو عندھا‪،‬‬
‫مروا عليه‪ ،‬وھو‬
‫الصلبان‪ ،‬لما كان بعد فترة ﱡ‬
‫ﱡ‬ ‫وعى القرآن يعود ليعبد‬
‫صدر َ َ‬
‫مشقة عظيمة‪ٌ ْ َ ،‬‬
‫ذل الكفر وغبرته وقترته‪ ،‬فقالوا‪ :‬يا ]ابن عبد‬
‫مع تلك المرأة في ذلك الحصن‪ ،‬عليه ّ‬
‫الرحيم[ ما فعل علمك؟ ما فعلت صالتك؟ ما فعل صيامك؟ ما فعل جھادك؟ ما فعل‬
‫المعني‬ ‫القرآن؟ فقال في حمأة ذل الكفر‪ُ ِ ْ ُ :‬‬
‫أنسيته‪ ،‬ما معي منه سوى آيتين‪ ،‬لكأنه َ ْ ِ ُ‬
‫األمل‬
‫َ ُ‬ ‫ويتمتعوا َ ُ ْ ِ ِ ُ‬
‫ويلھھم‬ ‫يأكلُوا َ َ َ َ ﱠ ُ‬
‫ذرھم َ ُ‬
‫مسلمين * َ ْ ُ ْ‬
‫كانوا ُ ْ ِ ِ َ‬ ‫لو َ ُ‬‫كفروا َ ْ‬
‫الذين َ َ ُ‬
‫يود ﱠ ِ َ‬‫ربما َ َ ﱡ‬
‫بھما ) ُ َ َ‬
‫إذ‬
‫بعد ِ ْ‬
‫ُوبنا َ ْ َ‬ ‫ربنا ال َ ُ ِ ْ‬
‫تزغ ُقل َ َ‬ ‫يعلمون( ولقد صار لي فيھم مال وولد؛ يعني صار منھم ) َ ﱠ َ‬ ‫فسوف َ ْ َ ُ َ‬ ‫َ َ ْ َ‬
‫الوھاب( يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على‬ ‫إنك َ ْ َ‬
‫أنت ْ َ ﱠ ُ‬ ‫لدنك َ ْ َ ً‬
‫رحمة ِ ﱠ َ‬ ‫لنا ِمن ﱠ ُ ْ َ‬‫وھب َ َ‬
‫ھديتنا َ َ ْ‬
‫َ َََْ‬
‫ونجنا من‬
‫ِّ َ‬ ‫مصرف القلوب اصرف قلوبنا إلى طاعتك‪ ،‬يا رب ثبتنا على اإليمان‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫دينك‪ ،‬يا‬
‫حسن الخاتمة؛ فھي –وربي‪ -‬لحظات حاسمة‪ .‬ونسأل‬
‫الشيطان‪ .‬نسألك اللھم ُ ْ‬
‫ﱠ‬ ‫سبل‬
‫ُ ُ‬
‫تبادر‪ .‬ھل تنتظر إال غنى‬
‫ﷲ لنا السعادة والفوز عند الموت بالشھادة‪ .‬بادر قبل أن ُ َ َ‬
‫فشر غائب ينتظر‪ ،‬أو‬
‫َ ﱡ‬ ‫الدجال‬
‫مجھزا‪ ،‬أو ﱠ‬
‫موتا ُ ْ ِ ً‬
‫ً‬ ‫مفندا‪ ،‬أو‬
‫ِّ ً‬ ‫ھرما‬
‫منسيا‪ ،‬أو ِ َ ً‬
‫ً‬ ‫فقرا‬
‫ً‬ ‫مطغيا‪ ،‬أو‬
‫ً‬
‫بذل الروح‪ ،‬فإن كنت تستطيع‬
‫وأمر‪ .‬إن أول قدم في الطريق َ ْ‬
‫الساعة‪ ،‬والساعة أدھى َ ﱡ‬
‫على بذل الروح فتعال وبادر‪ ،‬وإال فاذھب ْ‬
‫والعب مع الالعبين حتى يأتيك اليقين‪ .‬بادر قبل‬
‫نصوحا خالصة؛ فإن ﷲ يدعوك في عداد‬ ‫ً‬ ‫أن تبادر‪ ،‬واصدق ﷲ في توبتك‪ ،‬واجعلھا‬
‫عنكم‬ ‫ربكم َأن ُ َ ِ ّ َ‬
‫يكفر َ ُ ْ‬ ‫عسى َ ﱡ ُ ْ‬
‫نصوحا َ َ‬ ‫ﷲ ََْ ً‬
‫توبة ُ ً‬ ‫إلى ِ‬‫توبوا ِ َ‬
‫آمنوا ُ ُ‬
‫الذين َ ُ‬ ‫المؤمنين ) َيا َ ﱡ َ‬
‫أيھا ﱠ ِ َ‬
‫ويعد بالفالح على ذلك فيقول‪ُ ُ َ ) :‬‬
‫وتوبوا‬ ‫األنھار( َ ِ‬
‫تحتھا ْ َ ُ‬
‫تجري ِمن َ ْ ِ َ‬ ‫جناتٍ َ ْ ِ‬ ‫سيئاتكم َ ُ ْ ِ َ ُ ْ‬
‫ويدخلكم َ ﱠ‬ ‫َ ِّ َ ِ ُ ْ‬
‫تفلحون(‬ ‫المؤمنون َ َ ﱠ ُ ْ‬
‫لعلكم ُ ْ ِ ُ َ‬ ‫جميعا َ ﱡ َ‬
‫أيھا ْ ُ ْ ِ ُ َ‬ ‫ﷲ َ ِ ً‬ ‫إلى ِ‬ ‫َِ‬
‫فلو داواك كل طبيب دا ٍء *** بغير كالم ربي ما شفاك‬
‫نادما‬
‫باكيا‪ً ِ ،‬‬
‫ً‬ ‫وجال‪،‬‬ ‫خائفا منه‪ً ِ ْ ُ ،‬‬
‫مشفقا‪ِ َ ،‬‬ ‫ً‬ ‫الصادق في توبته ال يزال ذنبه نصب عينيه‪،‬‬
‫التضرع إليه‪ ،‬واللجوء إليه‪ ،‬حتى يقول‬
‫ناكسا الرأس بين يديه‪ ،‬دائم ﱠ َ ﱡ‬
‫مستحيا من ربه‪ً ِ َ ،‬‬
‫ً‬
‫تركته فلم أوقعه في ذلك الذنب‪.‬‬
‫ُ‬ ‫عدو ﷲ إبليس‪ :‬ليتني‬
‫روى ]مسلم[ في صحيحه‪ :‬أن امرأة وقعت في كبيرة الزنى في لحظة من لحظات‬
‫ضعفھا‪ ،‬فتذكرت عظمة ﷲ وعقابه ووعيده‪ ،‬فأنابت بشعور عظيم‪ ،‬بمرارة المعصية‪،‬‬
‫متيقن ال يتطرق له أدنى احتمال‪ ،‬فجاءت رسول‬ ‫ِ َ‬
‫وعظم الكبيرة‪ ،‬وأرادت البراءة بطريق ُ َ َ ﱠ‬
‫ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬وقالت‪ :‬يا رسول ﷲ‪ ،‬طھرني‪ ،‬فقال ويحك‪ :‬ارجعي‬
‫واستغفري ﷲ‪ ،‬وتوبي إليه‪ ،‬كان يكفيھا ذلك‪ ،‬لكنھا قالت‪ :‬يا رسول ﷲ‪ ،‬أراك تريد أن‬
‫رددت ]ماعز بن مالك[‪ ،‬وﷲ إني ُ ْ َ‬
‫لحبلى من الزنا‪ ،‬فطھرني يا رسول ﷲ‪،‬‬ ‫ﱠ‬ ‫تردني كما‬
‫تمر‬
‫ﱡ‬ ‫قال‪ :‬أأنت؟ قالت‪ :‬نعم‪ ،‬فقال لھا‪ :‬ارجعي حتى تضعي ما في بطنك‪ ،‬وبضعة أشھر‬
‫خرقة‪ ،‬وتقول‪ :‬ھو ذا‬
‫ووجلھا وإشفاقھا‪ ،‬ثم تضع‪ ،‬وتأتي بالصبي في ِ ْ‬
‫وھي على خوفھا َ َ ِ‬
‫فأرضعيه حتى تفطميه –وحوالن كامالن‬
‫ِ ِ‬ ‫وضعته فطھرني يا رسول ﷲ‪ ،‬قال‪ :‬اذھبي‬
‫قد َ َ ْ ُ‬
‫كفارة كما أخبر رسول‬
‫بالحد‪ ،‬والحد ﱠ‬
‫ِّ‬ ‫على خوفھا وإشفاقھا وعزمھا على تطھير نفسھا‬
‫فطمته‪ ،‬وأتت النبي –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬بالصبي وفي‬
‫ْ‬ ‫ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬‬
‫يده كسرة الخبز‪ ،‬فقالت‪ :‬ھو ذا يا نبي ﷲ‪ ،‬قد فطمته‪ ،‬وأكل الطعام‪ ،‬فطھرني يا رسول‬
‫ﷲ‪.‬‬
‫ببلقعة *** يعتادھا الضاريان؛ الذئب واألسد‬
‫ٍ‬ ‫نضو‬
‫قلبھا كأنه مھجة ِ ْ ٌ‬
‫دفع الصبي إلى رجل من المسلمين‪ ،‬ثم ُ ِ‬
‫أمر بھا َ ُ ِ‬
‫فحفر لھا إلى صدرھا‪ ،‬وأمر الناس‬
‫فتنضخ الدم على وجه‬
‫ﱠ‬ ‫فرجموھا‪ ،‬فكان فيمن رجمھا ]خالد[ –رضي ﷲ عنه وأرضاه‪-‬‬
‫فسبھا وشتمھا‪ ،‬فسمعه النبي –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬فقال‪ :‬مھال يا خالد‪ ،‬فو‬
‫ﱠ‬ ‫خالد‪،‬‬
‫قسمت على أمة لوسعتھم‪ ،‬لقد تابت توبة لو‬
‫الذي نفس محمد بيده‪ ،‬لقد تابت توبة لو ُ ّ ِ‬
‫بقي لھا صدقھا‪ ،‬وثناء‬
‫َ‬ ‫لغفر له‪ .‬ما ضرھا؟ وكأن الذنب لم يكن‪ ،‬وقد‬
‫تابھا صاحب َمكسٍ ُ ِ َ‬
‫رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬عليھا وعلى توبتھا‪ ،‬وعملھا الصالح‪ ،‬وبقي لھا شرف‬
‫الصحبة‪ ،‬والذي ال إله إال ھو لو سجد أحدنا حتى ينكسر صلبه ما بلغ منزلتھا؛ إذ ھي‬
‫منزلة الصحبة وكفى بھا من منزلة‪ .‬بقي لھا فوق ذلك صالة رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه‬
‫وسلم‪ -‬عليھا‪ ،‬ودفنه لھا‪ ،‬فرضي ﷲ عنھا وأرضاھا‪.‬‬
‫المحتد‬
‫بالصدق زكى األصل فطاب الفرع *** وطاب المولد فزكى َ ْ ِ‬
‫ﱠ‬
‫الموفق َمن ينتبه‬ ‫فنبه فؤاداك من رقدة *** فإن‬
‫ِّ‬
‫كنت لم أنتبه بالذي *** ُ ِ ْ ُ‬
‫وعظت به فانتبه أنت به‬ ‫ُ‬ ‫وإن‬

‫ﷲ ِإال ﱠ ْ َ ْ ُ‬
‫القوم‬ ‫روحِ ِ‬‫ييأس ِمن ﱠ ْ‬‫إنه ال َ َ ْ َ ُ‬
‫الذنب ) ِ ﱠ ُ‬
‫تبادر‪ ،‬وال تيأس وال تقنط وإن َعظُم ﱠ ْ‬
‫بادر قبل أن ُ َ َ‬
‫الذين َ ْ َ ُ‬
‫أسرفوا َعلَى‬ ‫عبادي ﱠ ِ َ‬‫قل َيا ِ َ ِ َ‬
‫الكافرون( ومن يقنط من رحمة ربه إال الضالون ) ُ ْ‬ ‫ْ َ ُِ َ‬
‫الرحيم( في‬ ‫ھو ْ َ ُ ُ‬
‫الغفور ﱠ ِ ُ‬ ‫إنه ُ َ‬
‫جميعا ِ ﱠ ُ‬ ‫يغفر ﱡ ُ َ‬
‫الذنوب َ ِ ً‬ ‫ﷲ َْ ِ ُ‬ ‫رحمة ِ‬
‫ﷲ ِإن َ‬ ‫تقنطُوا ِمن ْ َ ِ‬ ‫َ ُ ِ ِ ْ‬
‫أنفسھم ال َ َ ْ َ‬
‫صحيح ]مسلم[ قال ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ ":-‬إن ‪ 9‬مائة رحمة‪ ،‬أنزل منھا رحمة واحدة‬
‫الدابة‬
‫والھوام‪ ،‬فبھا يتعاطفون‪ ،‬وبھا يتراحمون‪ ،‬حتى ترفع ﱠ‬
‫َ َ‬ ‫بين الجن اإلنس‪ ،‬والبھائم‬
‫حافرھا عن ولدھا خشية أن تصيبه‪ ،‬فإذا كان يوم القيامة أكملھا ﷲ بھذه الرحمة‪ ،‬حتى‬
‫إن الشيطان ليتطاول‪ ،‬يظن أن رحمة ﷲ ستسعه في ذلك اليوم"‬
‫طيب َ َ‬
‫الكرى تشكو ودمع المقلتين قد جرى‬ ‫فيا رب ارأف بعين حرمت ِ‬
‫في صحيح مسلم من حديث عمر بن الخطاب أنه قال‪ ":‬قدم على رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ‬
‫وليدا لھا‪ ،‬وتسعى‪ ،‬حتى إذا وجدت‬
‫ً‬ ‫سبي‪ ،‬فإذا امرأة من السبي تبتغي‬
‫عليه وسلم‪ٌ َ -‬‬
‫صبيا أخذته‪ ،‬ألصقته ببطنھا‪ ،‬أرضعته‪ ،‬فقال لنا رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ :-‬أترون‬
‫ً‬
‫ھذه طارحة ولدھا في النار؟ قلنا‪ :‬ال وﷲ‪ ،‬وھي تقدر على أال ﱠ تطرحه يا رسول ﷲ‪،‬‬
‫فقال –صلى ﷲ عليه وسلم‪ 9 :-‬أرحم بعباده من ھذه بولدھا" ال إله إال ھو‪ .‬ھو الغني‬
‫والرحمة أحب إليه‬
‫ﱠ‬ ‫جل ثناؤه‪ ،‬تعالى شأنه‪ ،‬العفو أحب إليه من االنتقام‪،‬‬
‫ﱠ‬ ‫بذاته‪ ،‬سبحانه‬
‫من العقوبة‪ ،‬سبقت رحمته غضبه‪ ،‬وحلمه عقوبته‪ ،‬الفضل أحب إليه من العدل‪ ،‬والعطاء‬
‫أحب إليه من المنع‪ ،‬ال إله إال ھو‪ .‬يورد ]ابن القيم[ –رحمه ﷲ‪ -‬عن بعض العارفين أنه‬
‫بابا قد فتح وخرج منه صبي يستغيث ويبكي‪ ،‬وأمه خلفه تطرده‪،‬‬
‫رأى في بعض السكك ً‬
‫ِّ ً‬
‫مفكرا‪،‬‬ ‫حتى خرج‪ ،‬فأغلقت الباب في وجھه ودخلت‪ ،‬فذھب الصبي غير بعيد‪ ،‬ثم وقف‬
‫من يئويه غير والدته‪ ،‬فرجع مكسور القلب‬ ‫فلم يجد مأوى غير البيت الذي ُ ْ ِ‬
‫أخرج منه‪ ،‬وال َ ْ‬
‫خده على عتبة الباب‪ ،‬ونام‪ ،‬فخرجت‬
‫فتوسده ووضع ﱠ‬
‫ﱠ َ‬ ‫مرتجا ُ ْ َ ً‬
‫مغلقا‪،‬‬ ‫حزينا‪ ،‬فوجد الباب ُ ْ َ ً‬
‫ً‬
‫تقبله وتبكي‪،‬‬ ‫رمت بنفسھا عليه‪ْ ،‬‬
‫والتزمته‪ّ ِ ُ ،‬‬ ‫فلما رأته على تلك الحال لم تملك أن َ َ‬
‫ﱠ‬ ‫أمه‪،‬‬
‫وتقول‪ :‬يا ولدي؛ أين تذھب عني؟ من يئويك سواي؟ أين تذھب عني؟ من يئويك‬
‫جبلت عليه من‬
‫سواي؟ ألم أقل لك ال تخالفني؟ وال تحملني بمعصيتك على خالف ما ُ‬
‫ضمته إلى صدرھا‪ ،‬ودخلت به بيتھا‪،‬‬
‫ﱠْ‬ ‫الرحمة بك‪ ،‬والشفقة عليك‪ ،‬وإرادة الخير لك؟ ثم‬
‫جبلت عليه من الرحمة بك‪ ،‬والشفقة‬
‫فتأمل قولھا‪ :‬ال تحملني بمعصيتك على خالف ما ُ ِ ُ‬
‫وتأمل قوله ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ َ " :-‬ﱠ ُ‬
‫لله أرحم بعباده من الوالدة بولدھا "‪ .‬فأين‬ ‫ْ‬ ‫عليك‪،‬‬
‫تقع رحمة الوالدة من رحمة ﷲ التي وسعت كل شيء‪ .‬رحمة ﷲ ھل ُتنال بالتواني‬
‫بالجد والعمل؟ لمن كتبھا ﷲ؟ اسمعوا معشر المؤمنين إلى قول ﷲ‪:‬‬ ‫ِّ‬ ‫والكسل‪ ،‬أم‬
‫بآياتنا‬
‫ھم ِ َ ِ َ‬
‫والذين ُ‬ ‫ويؤتون ﱠ َ َ‬
‫الزكاة َ ﱠ ِ َ‬ ‫يتقون َ ُ ْ ُ َ‬
‫للذين َ ﱠ ُ َ‬ ‫شي ٍء َ َ َ ْ ُ ُ َ‬
‫فسأكتبھا ِ ﱠ ِ َ‬ ‫كل َ ْ‬
‫وسعت ُ ﱠ‬
‫ورحمتي َ ِ َ ْ‬
‫)ََ ْ َ ِ‬
‫التوراة‬ ‫ع َ ُ ْ‬
‫ندھم ِفي ﱠ ْ َ ِ‬ ‫يجدونه َ ْ ُ ً‬
‫مكتوبا ِ‬ ‫الذي َ ِ ُ َ ُ‬ ‫النبي ُ ِ ّ ﱠ‬
‫األمي ﱠ ِ‬ ‫الرسول ﱠ ِ ﱠ‬
‫يتبعون ﱠ ُ َ‬ ‫يؤمنون * ﱠ ِ َ‬
‫الذين َ ﱠ ِ ُ َ‬ ‫ُْ ُِ َ‬
‫ﱠ‬
‫البطالين‪.‬‬ ‫واإلنجيل( إنھا للعاملين‪ ،‬كتبھا ﷲ للعاملين‪ ،‬ال للخاملين‬
‫َ ِ ْ ِ‬
‫عقدا وال ِ ْ ً‬
‫قرطا‬ ‫ً‬ ‫الصداق لھا *** ولم تقدم لھا‬
‫َ َ‬ ‫أتخطب الحور لم تھد‬
‫عمل *** وسلعة ﷲ ال ُتشرى بما ُ ِ َ‬
‫خلطا‬ ‫ٍ‬ ‫أم تشترى الخلد بالمغشوش من‬
‫وبره في ستره وحلمه في إمھالك‪ ،‬وفضله في‬
‫فيا عبد ﷲ؛ اعرف عزة ﷲ في قضائه‪ِّ ،‬‬
‫مغفرته‪ ،‬فلله عليك أفضال وأفضال؛ أولھا‪ :‬ستره عليك حال ارتكابك للذنب‪ ،‬أما ‪-‬وﷲ‪ -‬لو‬
‫مجمعا إال‬
‫مجلسا‪ ،‬وال حضرت َ ْ َ ً‬
‫ً‬ ‫شاء ﷲ لفضحك على رءوس الخالئق‪ ،‬فما جلست‬
‫فضح وسترك ﷲ الذي ال إله إال ھو‪.‬‬
‫وعيرت بذلك الذنب‪ .‬فكم من عاصٍ نفس معصيتك ُ ِ َ‬
‫ُ ِّ‬
‫عجبا ألقوام باتوا يسترھم ﷲ‪ ،‬فأصبحوا يتحدثون بذنوبھم‪ ،‬قد ھتكوا ستر ﷲ‬
‫ً‬ ‫ويا‬
‫عليھم!‪ ،‬أولئك غير معافين‪ ،‬إنھم المجاھرون‪ ،‬وكل أمة محمد ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬‬
‫أن سترك‪ ،‬وتب إليه قبل أن يفعل بك ما فعل بغيرك‪،‬‬
‫معافى إال المجاھرين‪ ،‬فاشكر ربك ْ‬
‫وقل‪ :‬اللھم استر واجعل تحت الستر ما تحب‪ ،‬اللھم استر واجعل تحت الستر ما تحب‪.‬‬
‫ثانيھا‪ :‬حلم ﷲ عليك‪ ،‬حلم ﷲ عليك في إمھالك‪ ،‬ولو شاء ﷲ لعاجلك بالعقوبة‪ ،‬فما‬
‫كنت ممن يسمع اآلن سعة رحمته‪.‬‬
‫ثالثھا ‪-‬وھو من أعظمھا‪ :-‬فرح ﷲ ‪-‬عز وجل‪ -‬بتوبته‪ ،‬فرح إحسان وبرّ ولطف‪ ،‬ال فرحة‬
‫قلة‪ ،‬ولن يتعزز بك من ﱠ‬
‫ذلة‪ ،‬ولن ينتصر بك من‬ ‫يتكثر بك من ِ ﱠ‬
‫محتاج إلى توبة عبده‪ ،‬فلن َ َ ﱠ‬
‫َ ََ‬
‫غلبة‪ ،‬تبارك ﷲ – وجل ﷲ‪ .-‬قال رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ ،‬كما ثبت في‬
‫وية مھلكة َ ْ‬
‫قفر‬ ‫فرحا بتوبة عبده المؤمن من رجل في أرض َد ِّ ﱠ‬
‫ً‬ ‫صحيح مسلم‪ُ َ " :-‬‬
‫لله أشد‬
‫خالية‪ ،‬معه راحلة عليھا طعامه وشرابه‪ ،‬فنام‪ ،‬ثم استيقظ وقد ذھبت‪ ،‬فطلبھا حتى‬
‫توسد‬
‫ﱠ‬ ‫أدركه العطش‪ ،‬ثم قال‪ :‬أرجع إلى مكاني الذي كنت فيه فأنام حتى أموت‪،‬‬
‫ساعده ينتظر موته؛ فإذا براحلته عنده عليھا طعامه وشرابه وزاده‪ ،‬فأخطأ من شدة‬
‫الفرح‪ ،‬فقال‪ :‬اللھم أنت عبدي‪ ،‬وأنا ربك" ال إله إال ﷲ كيف بلغ به الفرح حتى أخطأ‬
‫فقال‪ :‬أنت عبدي وأنا ربك‪ .‬فرح ال تنقله األلفاظ‪ ،‬وحب ﷲ للعبد أشد من حب العبد ‪.9‬‬
‫فيفرح بتوبته‪ ،‬ويجازيه بأن يجعل في قلبه من اللذة والفرح والسعادة والسرور ما ُيرى‬
‫باديا على قسمات وجھه إن صدق ونصح وأخلص‪ ،‬وﷲ ما ھو إال كرجل برز للقتل‪ ،‬ثم‬
‫ً‬
‫عفي عنه‪ ،‬والجزاء من جنس العمل‪.‬‬
‫آخر َوال َ‬ ‫ﷲ َِ َ‬
‫إلھا َ َ‬ ‫مع ِ‬ ‫رابعھا‪ :‬تبديل السيئات إلى حسنات قال ﷲ‪ َ ) :‬ﱠ ِ َ‬
‫والذين ال َ َ ْ ُ َ‬
‫يدعون َ َ‬
‫يضاعف َ ُ‬
‫له‬ ‫أثاما * ُ َ َ ْ‬ ‫يلق َ َ ً‬
‫ذلك َ ْ َ‬
‫يفعل َ ِ َ‬
‫يزنون َو َمن َ ْ َ ْ‬ ‫ﷲ ِإال ﱠ ِ ْ َ ّ‬
‫بالحقِ َوال َ َ ْ ُ َ‬ ‫حرم ُ‬
‫التي َ ﱠ َ‬ ‫النفس ِ‬
‫ْ َ‬ ‫ُون‬
‫يقتل َ‬
‫َ ُْ‬
‫صالحا( فما النتيجة؟‬ ‫وعمل َ َ ً‬
‫عمال َ ِ ً‬ ‫وآمن َ َ ِ َ‬ ‫مھانا * ِإال ﱠ َمن َ َ‬
‫تاب َ َ َ‬ ‫فيه ُ َ ً‬ ‫ويخل ُْد ِ ِ‬ ‫يوم ْ ِ َ ِ‬
‫القيامة َ َ ْ‬ ‫ْ َ َ ُ‬
‫العذاب َ ْ َ‬
‫حيما(‬
‫غفورا ﱠر ِ ً‬
‫ﷲ َ ُ ً‬ ‫حسناتٍ َ َ َ‬
‫وكان ُ‬ ‫سيئاتھم َ َ َ‬
‫ﷲ َ َّ ِ ِ ْ‬
‫يبدل ُ‬ ‫)َُ َِ َ‬
‫فأولئك ُ َ ِّ ُ‬
‫ينتحب‬ ‫إبليس لمعصية *** َ ْ ِ َ ْ‬
‫فأھلكنه باالستغفار َ ْ َ ِ ِ‬ ‫ُ‬ ‫فإن ھوى بك‬
‫مغترب‬
‫معترف ‪َ ْ ُ 9‬‬
‫بسجدة لك في األسحار خاشعة *** سجود ُ ْ‬
‫روى ]المنذري[ بسند جيد عن ]عبد الرحمن بن جبير[ قال‪ ":‬أتى النبي ‪-‬صلى ﷲ عليه‬
‫ً‬
‫متكئا‬ ‫عم على عصا –أي‪:‬‬
‫مد ُ‬
‫ھرم‪ ،‬سقط حاجباه على عينيه‪ ،‬وھو ﱠ‬
‫وسلم‪ -‬شيخ كبير َ ِ‬
‫يدي النبي –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬فقال‪ :‬أرأيت رجال عمل‬
‫ْ‬ ‫على عصا‪ -‬حتى قام بين‬
‫قسمت خطيئته على أھل األرض‬
‫حاجة إال أتاھا‪ ،‬لو ُ ّ ِ‬
‫ﱠ‬ ‫داجة وال‬
‫ﱠ‬ ‫الذنوب كلھا‪ ،‬لم يترك‬
‫ألوبقتھم –ألھلكتھم‪ ،-‬أله من توبة؟ فقال –صلى ﷲ عليه وسلم‪ :-‬ھل أسلمت؟ قال‪:‬‬
‫أشھد أن ال إله إال ﷲ‪ ،‬وأنك رسول ﷲ‪ ،‬قال‪ :‬تفعل الخيرات‪ ،‬وتترك السيئات‪ ،‬فيجعلھن‬
‫ﷲ لك كلھن خيرات‪ ،‬قال‪ :‬وغدراتي وفجراتي يا رسول ﷲ؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬وغدراتك‬
‫ادعم على عصاه‪ ،‬فلم يزل يردد ﷲ أكبر حتى‬
‫وفجراتك‪ ،‬فقال‪ :‬ﷲ أكبر‪ ،‬ﷲ أكبر‪ ،‬ثم ﱠ‬
‫توارى عن األنظار"‪ .‬فضل ﷲ واسع‪ ،‬ال تقتحمه العبارة‪ ،‬وال تجسر إليه اإلشارة‪ ،‬ال يھلك‬
‫إال ھالك‪ ،‬وال يشقى إال شقي‪ ،‬فال تيأس من رحمة وال تجترئ على معصية ﷲ‪ ،‬وتب‬
‫كلما أذنبت‪ .‬قال بعضھم لشيخه‪ :‬إني أذنب‪ ،‬قال‪ :‬تب‪ ،‬قال‪ :‬ثم أعود‪ ،‬قال‪ :‬تب‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ود لو ظفر منك باليأس والقنوط ‪.‬‬
‫إلى متى؟ قال‪ :‬إلى أن تحزن الشيطان‪ ،‬ﱠ‬
‫دعاك رب بالندى يعرف *** يا من على أنفسھم أسرفوا‬
‫ال تقنطوا من رحمتي واعرفوا *** إني لغفار الذنوب العظام‬

‫ﱠ ُ‬
‫يتأثم‬ ‫برحمة كل الورى *** من قد أطاع ومن غدا‬
‫ٍ‬ ‫وسعت‬
‫ِ ْ َ‬ ‫يا من‬
‫المجرم‬
‫محسن *** فبمن يلوذ ويستجير ُ ْ ُ‬
‫ٌ‬ ‫إن كان ال يرجوك إال‬
‫تبادر‪ ،‬بادر وال تنظر إلى صغر الخطيئة‪ ،‬ولكن انظر إلى عظمة من عصيت‪،‬‬
‫بادر قبل أن ُ َ‬
‫والمصور‪ ،‬بارئ البرايا‪ ،‬منشئ الخالئق‪ ،‬مبدعھم بال‬
‫ِّ‬ ‫إنه ﷲ الجليل األكبر‪ ،‬الخالق البارئ‬
‫مثال سابق‪ ،‬األول المبدئ بال ابتداءٍ‪ ،‬واآلخر الباقي بال انتھا ٍء‪ .‬األحد‪ ،‬الفرد‪ ،‬القدير‪،‬‬
‫ٍ‬
‫جل عن األضداد واألعوان‪،‬‬
‫ﱠ‬ ‫البر‪ ،‬المھيمن‪ ،‬العلي علو َ ْ‬
‫قھر‪ ،‬وعلو الشان‪،‬‬ ‫ﱡ‬ ‫الصمد‪،‬‬
‫ﱠ‬ ‫األزلي‪،‬‬
‫وعظُم‬
‫وأجل أمره ونھيه‪َ ،‬‬
‫َ ﱠ‬ ‫وقدره َ ْ َ‬
‫قدره‪،‬‬ ‫حرماته‪َ َ َ ،‬‬ ‫ﱠ‬
‫عظم ُ ُ‬ ‫من نظر إلى عظمة ﷲ وجالله‬
‫صغيرا‪ .‬لكأنه الجبل ھو في أصله يخشى أن يقع عليه فيھلكه‪ ،‬فقلبه‬
‫ً‬ ‫عليه ذنبه ولو كان‬
‫جناحي طائر‪ ،‬تجده منكسر القلب‪ ،‬غزير الدمع‪ ،‬قلق األحشاء‪ ،‬له في كل‬
‫ْ‬ ‫كأنه بين‬
‫ﱠ‬
‫تذكر‪ ،‬وإذا لمع‬ ‫عبرة‪ ،‬إذا ھدل الحمام بكى‪ ،‬وإذا صاح الطير ناح‪ ،‬وإذا شدا البلبل‬
‫واقعة ْ َ‬
‫الذل قد عاله‪،‬‬
‫ﱡ‬ ‫خوفا ممن يسبح الرعد بحمده‪ ،‬والمالئكة من خيفته‪،‬‬ ‫ً‬ ‫اھتز قلبه‬
‫ﱠ‬ ‫البرق‬
‫بأواه‪ ،‬أواه من غفالتي‪ ،‬ومن عسى‬
‫ھاه‪ ،‬يضم نفسه على ھواه‪ ،‬ويصدع ﱠ‬
‫والحزن قد َو ﱠ‬
‫يرج الھدى منك ضل‪ .‬بادر وإياك‬
‫ولعل‪ ،‬يا من عليه اعتمادي؛ بك اھتديت‪ ،‬ومن لم َ ْ ُ‬
‫ﱠ ْ‬
‫تحلل منھم‪،‬‬ ‫ورد المظالم إلى أھلھا‪ ،‬أو‬
‫ﱠ‬ ‫طالبا‪ .‬بادر‬
‫ً‬ ‫الذنوب؛ فإن لھا من ﷲ‬
‫ومحقرات ّ‬
‫ِّ‬
‫واطلب المسامحة؛ ال تتم التوبة إال بذلك‪.‬‬
‫لتؤدن الحقوق إلى أھلھا يوم القيامة‪،‬‬
‫صح أن رسول ﷲ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬قال‪ ُ " :‬ﱡ ﱠ‬
‫ﱠ‬
‫القرناء"‪ .‬وقال –صلى ﷲ عليه وسلم‪" -‬من كانت‬ ‫حتى ُيقاد للشاة َ ْ َ‬
‫الجلحاء من الشاة َ ْ َ‬
‫درھم وال دينار‪ ،‬إن كان له عمل‬
‫ٌ‬ ‫عنده مظلمة ألخيه فليتحلله منھا اليوم‪ ،‬قبل أال يكون‬
‫مظلمته‪ ،‬وإن لم تكن له حسنات ُأخذ من سيئات صاحبه‪ ،‬فطرحت‬ ‫صالح ُأخذ منه بقدر َ ْ َ َ ِ‬
‫الديان ال ينبغي‬
‫عليه" وفي حديث ]ابن أنيس[‪ ":‬يقول ﷲ يوم القيامة‪ :‬أنا الملك‪ ،‬أنا ﱠ ﱠ‬
‫ثم‬
‫ألحد من أھل الجنة أن يدخل الجنة‪ ،‬وألحد عنده مظلمة حتى اللطمة" قال ﷲ‪ ُ ) :‬ﱠ‬
‫تختصمون( لما حضرت ]عبادة بن الصامت[ ‪-‬رضي ﷲ عنه‪-‬‬
‫ربكم َ ْ َ ِ ُ َ‬
‫عند َ ِ ّ ُ ْ‬ ‫يوم ْ ِ َ َ ِ‬
‫القيامة ِ َ‬ ‫إنكم َ ْ َ‬
‫ِﱠ ُ ْ‬
‫موالي وخدمي‬
‫ﱠ‬ ‫الوفاة قال‪ :‬أخرجوا فراشي إلى صحن الدار‪ ،‬فأخرجوه‪ ،‬قال‪ :‬اجمعوا لي‬
‫علي‪ ،‬فجمعوھم له‪ ،‬فقال‪ :‬إني ألرى يومي ھذا آخر يوم يأتي‬
‫ﱠ‬ ‫وجيراني ومن كان يدخل‬
‫فرطَ مني إليكم‬
‫لعله َ َ‬
‫علي من الدنيا‪ ،‬وليلتي ھذه أول ليلة من اآلخرة‪ ،‬وإني ال أدري ّ‬
‫ﱠ‬
‫أحرج على‬
‫ِّ‬ ‫شيء بيدي أو بلساني ھو ‪-‬والذي نفس عبادة بيده‪ -‬القصاص يوم القيامة‪،‬‬
‫علي شيء من ذلك إال اقتص مني قبل أن تخرج روحي‪ ،‬فبكوا‬
‫ﱠ‬ ‫أحد منكم في نفسه‬
‫مؤدبا‪ ،‬ولم يكن قال لخادم قط‬
‫ً‬ ‫مربيا‪ ،‬وكنت‬
‫ً‬ ‫والدا‪ ،‬وكنت‬
‫ً‬ ‫وضجوا وقالوا‪ :‬بل كنت‬
‫ﱡ‬ ‫جميعا‬
‫ً‬
‫فضجوا وقالوا‪ :‬أن نعم‪،‬‬
‫ﱡ‬ ‫سوءا‪ ،‬قال‪ :‬تجودون لي بالدمع‪ ،‬وما يغني الدمع‪ .‬أغفرتم لي؟‬
‫ً‬
‫لقي ﷲ‪.‬‬
‫َ‬ ‫قال‪ :‬اللھم اشھد ‪ ..‬اللھم اشھد ‪ ..‬اللھم اشھد ‪ ..‬أشھد أن ال إله إال ﷲ‪ ،‬ثم‬
‫الخلد تدعوه فھل من مجيب *** والحور تھفو للقاء الحبيب‬
‫لبى ندا الداعي لدار السالم‬
‫وافرحتاه لكل عبد منيب *** ﱠ‬
‫بردّ المظالم أو التحلل منھا؛ فلن يجاوز جسر جھنم إلى الجنة ظالم حتى يؤدي‬
‫فبادر ِ‬
‫مظلمته‪ .‬خفف عن ظھرك؛ ظھرك ال يطيق كل ما تجني؛ ظلم ھذا‪ ،‬وأكل مال ھذا‪،‬‬
‫ونضع‬
‫ظلما‪ ،‬قال ﷲ‪ُ َ َ َ ) :‬‬
‫ً‬ ‫خفف‪ ،‬قد خاب من حمل‬
‫والوقوع في عرض ذاك‪ ،‬وشتم ذا‪ْ ّ ِ ،‬‬
‫خردل َ َ ْ َ‬
‫أتينا‬ ‫من َ ْ َ ٍ‬
‫حبة ْ‬
‫مثقال َ ﱠ ٍ‬ ‫وإن َ َ‬
‫كان ِ ْ َ َ‬ ‫نفس َ ْ ً‬
‫شيئا َ ِ‬ ‫القيامة َفال َ ُ ْ َ ُ‬
‫تظلم َ ْ ٌ‬ ‫القسطَ ِ َ ْ ِ‬
‫ليوم ْ ِ َ َ ِ‬ ‫الموازين ْ ِ ْ‬
‫ْ َ َ ِ َ‬
‫تبادر‪ ،‬وال تصحب الفاجر؛ فإنه يزين لك فعله‪ ،‬ويود لو‬
‫بادر قبل أن ُ َ‬
‫ْ‬ ‫حاسبين(‬
‫بنا َ ِ ِ َ‬ ‫بھا َ َ َ‬
‫وكفى ِ َ‬ ‫ِ َ‬
‫أرضا موبوءة؛ فإن‬
‫ً‬ ‫أنك مثله‪ ،‬وطبعك يسرق منه‪ ،‬والمرء على دين خليله‪ ،‬ال تسكن‬
‫جرثومة المرض تسري فتفري‪ .‬اھجر المعصية ومكانھا‪ ،‬وعليك بقوم يعبدون ﷲ بأي‬
‫أرض‪ ،‬فاحبس نفسك معھم؛ فإن بيئة المعصية بيئة سوء‪ ،‬وﷲ ‪-‬الذي ال إله إال ھو‪ -‬ألن‬
‫تنقل الحجارة‪ ،‬وتأكل الحجارة‪ ،‬وتنام على الحجارة مع األبرار‪ ،‬خير لك من أكل الحلوى‪،‬‬
‫والجلوس على الحرير‪ ،‬والنوم على الحرير مع الفجار؛ أولئك يدعون إلى الجنة‪ ،‬وأوالء‬
‫يدعون إلى النار‪.‬‬
‫تجرب‬
‫ُ‬ ‫قرب صحيحة *** إليھا ولكن الصحيحة‬
‫فما ينفع الجرباء ُ ْ ُ‬
‫وجھه َوال َ َ ْ ُ‬
‫تعد‬ ‫يريدون َ ْ َ ُ‬ ‫بالغداة َ ْ َ ِ‬
‫والعشي ُ ِ ُ َ‬ ‫ربھم ِ ْ َ َ ِ‬‫يدعون َ ﱠ ُ‬
‫الذين َ ْ ُ َ‬‫مع ِ َ‬ ‫سك َ َ‬
‫نف َ َ‬ ‫واصبر َ ْ‬
‫قال ﷲ‪ْ ِ ْ َ ) :‬‬
‫ھواه َ َ َ‬
‫وكان‬ ‫واتبع َ َ ُ‬ ‫قلبه َعن ِ ْ ِ َ‬
‫ذكرنا َ ﱠ َ َ‬ ‫من َ ْ َ ْ َ‬
‫أغفلنا َ ْ َ ُ‬ ‫الدنيا َوال َ ُ ِ ْ‬
‫تطع َ ْ‬ ‫زينة ْ َ َ ِ‬
‫الحياة ﱡ ْ َ‬ ‫تريد ِ َ َ‬
‫عنھم ُ ِ ُ‬
‫عيناك َ ْ ُ ْ‬
‫َ َْ َ‬
‫تخض مع‬
‫السكوت‪ ،‬وال ُ‬
‫ﱡ‬ ‫وأطل الصمت‪ِ ْ َ ،‬‬
‫وأدمن‬ ‫ِ ْ‬ ‫فرطا( اھجر مكان المعصية‪،‬‬ ‫َْ ُ ُ‬
‫أمره ُ ُ ً‬
‫الخائضين‪ ،‬وقف على أحوال التائبين‪ ،‬وإذا رأيت العصاة فال تشمخ بأنفك‪ ،‬واحمد ربك‪،‬‬
‫فتبينوا( ففي ذلك‬ ‫ﷲ َ َْ ُ ْ‬
‫عليكم َ َ َ ﱠ ُ‬ ‫قبل َ َ ﱠ‬
‫فمن ُ‬ ‫كنتم ِ ّمن َ ْ ُ‬ ‫ودلھم على ما أنت فيه‪ ،‬وقل‪َ ِ َ َ ) :‬‬
‫كذلك ُ ْ ُ‬ ‫ُﱠ‬
‫ذكرى للمؤمنين‪ .‬ھاھو ]أبو لبابة[ ‪-‬رضي ﷲ عنه وأرضاه‪ -‬لما أرسله رسول ﷲ ‪-‬صلى‬
‫ﷲ عليه وسلم‪ -‬إلى بني قريظة‪ ،‬وقد أجھدھم الحصار‪ ،‬وقد غدروا برسول ﷲ ‪-‬صلى‬
‫ﱠ‬
‫فرق لھم‪،‬‬ ‫ﷲ عليه وسلم‪ -‬ونقضوا العھد‪ ،‬فقام إليه الرجال والنساء واألطفال يبكون‪،‬‬
‫فقالوا‪ :‬أننزل على حكم محمد؟ –صلى ﷲ وسلم على نبينا محمد‪ -‬قال‪ :‬نعم‪ ،‬وأشار‬
‫بيده إلى حلقه إنه الذبح‪ ،‬يقول فوالذي ال إله إال ھو ما زالت قدماي من مكانھا حتى‬
‫ﱠ‬
‫عظم ﷲ –عز وجل‪ -‬لم يرجع إلى‬ ‫أسيفا‪،‬‬
‫ً‬ ‫نادما‬
‫ً‬ ‫علمت أني خنت ﷲ ورسوله‪ ،‬ورجع‬
‫رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ ،-‬وإنما رجع فارتبط بجذع في المسجد‪ ،‬ال ُيطلق منه‬
‫إال ليصلي‪ ،‬ثم يعود إلى ذلك الجذع‪ ،‬يتلمس عفو ﷲ‪ ،‬ولطف ﷲ‪ ،‬ورحمة ﷲ‪ ،‬وتوبة ﷲ‪،‬‬
‫ساجدا‬
‫ً‬ ‫خر‬
‫تيب عليك‪ .‬ﱠ‬
‫مر عليك يا أبا لبابة؛ لقد ِ َ‬ ‫حتى إذا ما نزلت توبته‪ْ ِ ْ َ ،‬‬
‫أبشر بخير يوم ﱠ‬
‫‪– 9‬عز وجل‪ -‬ثم قام إليه رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬فأطلقه‪ ،‬فقال ‪-‬وھو يرسم‬
‫منھج لھجر المعصية‪ ،‬ومكان المعصية‪ ،‬وبيئة المعصية‪ -‬قال‪ :‬يا رسول ﷲ –والذي ال إله‬
‫قدماي أرض بني قريظة ما حييت‪ ،‬وﷲ ال ُ َ‬
‫أرى في بلد خنت ﷲ‬ ‫َ‬ ‫إال ھو‪ -‬ما وطئت‬
‫أبدا‪.‬‬
‫ورسوله فيه ً‬
‫السيئاتِ‬
‫ﱠ ِّ َ‬ ‫يذھبن‬ ‫إن ْ َ َ َ‬
‫الحسناتِ ُ ْ ِ ْ َ‬ ‫تبادر‪ ،‬وأتبع السيئة الحسنة تمحھا‪ ،‬قال ﷲ‪ ِ ) :‬ﱠ‬
‫بادر قبل أن ُ َ‬
‫للذاكرين( لما راجع عمر ‪-‬رضي ﷲ عنه‪ -‬رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬‬ ‫ذلك ِ ْ َ‬
‫ذكرى ِ ﱠ ِ ِ َ‬ ‫َِ َ‬
‫يوم الحديبية‪ ،‬فقال‪ :‬ألست نبي ﷲ ً ّ‬
‫حقا؟ أو لسنا المؤمنين؟ أو لسنا على الحق وھم‬
‫ولما يحكم ﷲ بيننا؟ فقال ‪-‬صلى ﷲ عليه‬
‫ﱠ‬ ‫الدنية في ديننا‪،‬‬
‫على الباطل؛ فعالم نعطي ﱠ ﱠ‬
‫وسلم‪ :-‬إني رسول ﷲ‪ ،‬ولست أعصيه‪ ،‬وھو ناصري‪ .‬وقال أبو بكر‪ :‬الزم غرزك يا ابن‬
‫الخطاب‪ ،‬فوالذي نفسي بيده إنه لعلى الحق‪ .‬يقول عمر‪ :‬فعملت لذلك أعماال يقول‪ :‬ما‬
‫زلت أتصدق وأصوم وأصلي وأعتق؛ مخافة مراجعتي رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬‬
‫يوم الحديبية‪ .‬بادر وال تعجز إذا فرطت منك سيئة أن تتبعھا حسنة‪ ،‬واذكر مسير العمر‬
‫ما أسرعه!‪ ،‬وارقب ھجوم الموت ما أفظعه!‪ .‬وبادر قبل أن تبادر‪ .‬دع المحدثات والبدع فإن‬
‫رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬قال‪" :‬إن ﷲ حجب التوبة عن كل صاحب بدعة حتى‬
‫صححه ]األلباني[ ‪-‬رحمه ﷲ‪ -‬في صحيح الترغيب والترھيب‪ .‬تدري أخي‬
‫ﱠ‬ ‫يدع بدعته "‬
‫السنة‪.‬‬
‫ﱡ‬ ‫أين طريق الجنة؟ طريقھا القرآن‪ ،‬ثم‬
‫المحدثات البدائع‪.‬‬
‫ُ‬ ‫سنة *** وشر األمور‬
‫وخير أمور الدين ما كان ُ ﱠ‬
‫ِّ‬
‫متألمين‪ ،‬وذكر المتألم تنفع المؤمنين‬ ‫بادر وقف معي على أحوال التائبين؛ فإنھا ذكريات‬
‫بإذن رب العالمين‪ ،‬يقول صاحب رسالة أخي الشاب إلى أين تسير‪ :‬قال صاحب القصة‪:‬‬
‫ﱠ‬
‫الطيش والعبث‪ ،‬ال بل أربعة؛ فقد كان الشيطان رابعنا‪،‬‬ ‫كنا ثالثة من األصدقاء يجمعنا‬
‫ﱠ‬
‫نذھب الصطياد أعراض المسلمين بالكالم المعسول‪ ،‬نستدرجھن إلى االستراحة في‬
‫المزارع البعيدة بعد موت قلوبنا وأحاسيسنا ومشاعرنا‪ ،‬ھكذا كانت حياتنا‪ .‬يقول‪ :‬أيامنا‬
‫والمخيمات في السيارات على الشواطئ‪ ،‬إلى أن جاء يوم‪ ،‬وذاك‬
‫ﱠ‬ ‫ليالينا في المزارع‬
‫اليوم ال ُينسى‪ ،‬ذھبت إلى المزرعة مع أصحابي‪ ،‬كل شيء جاھز‪ ،‬الشراب جاھز ونعوذ‬
‫با‪ ،9‬الفريسة جاھزة ونعوذ با‪ ،9‬نسينا الطعام‪ ،‬ذھب أحدنا لشراء طعام العشاء‬
‫تقريبا‪ ،‬مرت الساعات تلو الساعات دون أن يعود‪ ،‬وفي‬
‫ً‬ ‫بسيارته في حوالي السادسة‬
‫العاشرة شعرت بالقلق‪ ،‬شعرت بالضيق‪ ،‬انطلقت بسيارتي أبحث عنه‪ ،‬وفي الطريق‬
‫شاھدت ألسنة النيران تندلع على جانبي الطريق‪ ،‬يا للھول! فوجئت بأنھا سيارة‬
‫صديقي‪ ،‬النار تلتھمھا‪ ،‬مقلوبة على أحد جانبيھا‪ ،‬كالمجنون أسرعت أحاول إخراجه من‬
‫تفحم‪ ،‬لم يزل على قيد الحياة‪ ،‬سحبته إلى األرض‪،‬‬
‫ﱠ‬ ‫السيارة‪ ،‬وجدت نصف جسده قد‬
‫فتح عينيه وأخذ يھذي‪ ،‬النار‪ ،‬النار‪،‬النار‪ ،‬قررت حمله بسيارتي إلى المستشفى‪ ،‬فقال‬
‫باك حزين‪ :‬ال فائدة‪ ،‬لن أصل‪ ،‬ما عسى ُيغني غريق عن غريق‪ ،‬خنقتني الدموع‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫بصوت‬
‫أراه يموت أمامي‪ ،‬ثم فوجئت به يصرخ بأعلى صوته‪ ،‬ماذا أقول له؟ ماذا أقول له؟ ماذا‬
‫أقول له؟ ُدھشت وقلت له‪ :‬من ھو؟ قال‪ :‬ﷲ‪ ،‬ﷲ‪ ،‬ماذا أقول له؟ ثم صرخ صرخة‬
‫مدوية‪ ،‬ولفظ آخر أنفاسه‪ ،‬اجتاح الرعب جسدي ومشاعري‪ ،‬صورته لم تفارقني‪ ،‬يصرخ‬
‫ِّ‬
‫النار‪ ،‬النار‪ ،‬والنار تلتھمه‪ ،‬وھو يقول‪ :‬ماذا أقول له؟ ماذا أقول له؟ تساءلت‪ ،‬وقلت‪ :‬وأنا‪،‬‬
‫اقشعر جسدي‪ ،‬وإذا بالمنادي ينادي‪ :‬ﷲ‬
‫ﱠ‬ ‫ماذا أقول له؟ ال إله إال ﷲ‪ .‬فاضت عيناي‪،‬‬
‫في كل جارحة‪ ،‬أحسست ألول مرة أنه نداء خاص‬
‫ﱠ‬ ‫أكبر‪ ،‬ﷲ أكبر‪ ،‬نداء صالة الفجر‪ ،‬أحيا‬
‫بي‪ ،‬يھز أعماقي‪ ،‬يدعوني بإسدال الستار على فترة مظلمة من حياتي‪ ،‬يدعوني إلى‬
‫الھداية‪ ،‬إلى السعادة‪ .‬اغتسلت‪ ،‬تطھرت‪ ،‬أسقطت عن جسدي وروحي ثقل رذائل‬
‫تفتني فريضة‪ ،‬والحمد ‪9‬‬
‫أديت صالة الفجر‪ ،‬ومن يومھا لم َ ُ ْ ِ‬
‫غرقت فيھا سنوات وسنوات‪ ،‬ﱠ‬
‫رب العالمين‪ .‬واأسفاه من حياة على غرور‪ ،‬وموت على غفلة‪ ،‬ومنقلب إلى حسرة‪،‬‬
‫حجة‪.‬‬
‫ﱠ‬ ‫ووقوف يوم الحساب بال‬
‫ازرع لكي تحصد يوم الزحام *** يا ويل من يلھيه عنه الحطام‬
‫عجل‬
‫ِّ‬ ‫تسوف‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫مثل نفسك ‪-‬أجارك ﷲ‪ -‬صاحب الحادث‪ ،‬ثم ال‬
‫يا عبد ﷲ؛ أيھا الشاب؛ ِّ‬
‫وقالبا‪.‬‬
‫ً‬ ‫قلبا‬
‫عجل‪ ،‬ھيا ھيا‪ ،‬إلى ﷲ ال طاقة لقذارة الوسخ مع بياض الصابون‪ ،‬كن ً‬
‫ِّ‬
‫عفاري *** فإني عنك أنأتني الذنوب‬
‫أطل ِ َ‬
‫ْ‬ ‫أيا ملك الملوك‬
‫لھوان نفسي *** ولكن ليس غيرك لي طبيب‬
‫ِ‬ ‫وأمرضني الھوى‬
‫دبيب‬
‫ُ‬ ‫ھموما في الفؤاد لھا‬
‫ً‬ ‫فرج ***‬
‫أيا ديان يوم الدين ِّ ْ‬
‫تغتر بكثير عملك؛ فأعمالك الصالحة من توفيق‬
‫ﱠ‬ ‫تبادر‪ ،‬وال‬
‫تبادر‪ .‬بادر قبل أن ُ َ‬
‫وبادر قبل أن ُ َ َ‬
‫ثمنا لجزائه وثوابه‪ ،‬بل غايتھا أنھا بعد النصح‬
‫ً‬ ‫ومنه عليك‪ ،‬ومع ھذا فليست‬
‫ﷲ وفضله َ ِّ‬
‫عذب ﷲ‬
‫نعمه سبحانه وبحمده‪ ،‬فلذلك لو ﱠ‬ ‫والوقوع على أكمل وجه ُ ْ ٌ‬
‫شكر له على بعض ِ َ ِ‬
‫خيرا لھم‬
‫ً‬ ‫لعذبھم وھو غير ظالم لھم‪ ،‬ولو رحمھم لكانت رحمته‬
‫ﱠ‬ ‫أھل سماواته وأرضه‬
‫من أعمالھم‪ .‬في الحديث المتفق عليه أن النبي –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬قال‪" :‬لن‬
‫ُيدخل أحد منكم الجنة عملُه قالوا‪ :‬وال أنت يا رسول ﷲ؟ قال‪ :‬وال أنا إال أن يتغمدني ﷲ‬
‫ثمنا‬
‫ً‬ ‫برحمة منه وفضل"‪ ،‬أال إن المنفي ھنا استحقاق الجنة بمجرد العمل‪ ،‬وكون العمل‬
‫ٍ‬
‫فبادر وانتبه‪ ،‬وليكن حالك ومقالك‪:‬‬
‫ِ‬ ‫وعوضا لھا‪ .‬فما العمل ولو عظم يساوي نعمة البصر‪،‬‬
‫ً‬
‫أبرار‬
‫ِ‬ ‫عتق‬
‫َ‬ ‫عتقوھم‬ ‫إن الملوك إذا شابت عبيدھم *** في ِ ِّ‬
‫رقھم َ َ ُ ُ‬
‫النار‬ ‫كرما *** قد شبت في ِّ ّ‬
‫الرقِ فاعتقني من ﱠ‬ ‫ً‬ ‫وأنت يا خالقي أولى بذا‬
‫أبي ُمليكة[‪ ،‬عن ]ذكوان مولى‬
‫أخرج ]اإلمام أحمد[ في مسنده من حديث ]عبد ﷲ بن ِ‬
‫عائشة[ ‪-‬رضي ﷲ عنھا‪ -‬أنه استأذن ]البن عباس[ ‪-‬رضي ﷲ عنھما‪ -‬على عائشة‬
‫وھي تموت‪ ،‬وھي في سكرات الموت‪ ،‬وعندھا ابن أخيھا ]عبد ﷲ بن عبد الرحمن[‪،‬‬
‫فقال لھا‪ :‬ھذا ]ابن عباس[ يستأذن عليك‪ ،‬وھو من خير بنيك‪ ،‬فقالت‪ :‬دعني من ابن‬
‫عباس‪ ،‬ومن تزكيته‪ ،‬فقال لھا عبد ﷲ‪ :‬يا أماه؛ إنه قارئ لكتاب ﷲ‪ ،‬فقيه في دين ﷲ‪،‬‬
‫وليودعك‪،‬‬
‫ِ‬ ‫حبيب إلى رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬فأذني له فليسلم عليك‬
‫أم‬ ‫ﱠ‬
‫وسلم وجلس‪ ،‬ثم قال‪ :‬أبشري يا ﱠ‬ ‫قالت‪َ ْ َ :‬‬
‫فأذن له إن شئت‪ ،‬فأذن له‪ ،‬فدخل‬
‫ووصب‪ ،‬وتلقي األحبة؛‬
‫ونصب َ َ َ‬
‫عنك كل أذى َ َ‬
‫ِ‬ ‫المؤمنين‪ ،‬وﷲ ما بينك وبين أن يذھب‬
‫ً‬
‫وأيضا‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫محمدا –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬وحزبه‪ ،‬إال أن تفارق الروح الجسد‪ ،‬قالت‪:‬‬
‫ً‬
‫طيبا‪.‬‬
‫ً‬ ‫كنت ألحب أزواج رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬إليه‪ ،‬ولم يكن يحب إال‬
‫ِ‬ ‫إن‬
‫مسجد في األرض‬
‫ٌ‬ ‫ً‬
‫وأيضا‪ ،‬قال‪ :‬وأنزل ﷲ براءتك من فوق سبع سماوات‪ ،‬فليس‬ ‫قالت‪:‬‬
‫منكم ال َ َ ْ َ ُ ُ‬
‫تحسبوه‬ ‫عصبة ْ ُ ْ‬ ‫جاءوا ِ ِ ْ ِ‬
‫باإلفك ُ ْ َ ٌ‬ ‫إن ﱠ ِ َ‬
‫الذين َ ُ‬ ‫إال وھو يتلى فيه آناء الليل‪ ،‬وآناء النھار ) ِ ﱠ‬
‫حتبس النبي‪-‬‬ ‫وأيضا‪ ،‬قال‪ :‬وسقطت قالدتك باألبواء‪َ ،‬فا ْ ِ‬ ‫ً‬ ‫خير ﱠ ُ ْ‬
‫لكم( قالت‪:‬‬ ‫ھو َ ْ ٌ‬
‫بل ُ َ‬
‫لكم َ ْ‬ ‫َ ًّ‬
‫شرا ﱠ ُ ْ‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬والناس معه في ابتغائھا وطلبھا‪ ،‬حتى أصبح القوم على غير‬
‫صعيدا َ ِ ّ ً‬
‫طيبا( فكانت رخصة عامة للناس بسببك إلى يوم‬ ‫ماء‪ ،‬فأنزل ﷲ ) َ َ َ ﱠ ُ‬
‫فتيمموا َ ِ ً‬
‫القيامة‪ .‬فوالذي ال إله إال ھو إنك لمباركة‪ ،‬فأجھشت وقالت‪ :‬دعني ِمن ھذا يا ابن‬
‫نسيا‬
‫ً‬ ‫منسيا‪ ،‬لوددت أني كنت‬
‫ً‬ ‫نسيا‬
‫ً‬ ‫لوددت أني كنت‬
‫ُ‬ ‫عباس‪ ،‬والذي ال إله إال ھو‬
‫منسيا‪ ،‬تناست كل فضائلھا أمام قوة استحضار الحياة اآلخرة في قلبھا‪ ،‬وخشيتھا ‪9‬‬
‫تعالى‪ ،‬وكذلك يكون رسوخ اليقين‪ ،‬وقوة اإليمان برب العالمين‪ .‬وھذا ]ابن مسعود[ الذي‬
‫ﱠ‬
‫المعلم‪ :‬يقول والذي ال إله إال ھو لوددت‬ ‫الغليم‬
‫قال فيه النبي –صلى ﷲ عليه وسلم‪ّ ِ ُ :-‬‬
‫واحدا‪ .‬فبادر وال تغتر‪،‬‬
‫ً‬ ‫روثا‪ ،‬ثم ُأدعى عبد ﷲ روثا‪ ،‬وأن ﷲ غفر لي ً‬
‫ذنبا‬ ‫أني انقلب ً‬
‫المرجى‪،‬‬
‫ﱠ‬ ‫يجمعون( يا رب أنت‬
‫مما َ ْ َ ُ َ‬
‫خير ﱠ‬
‫ورحمة َ ْ ٌ‬ ‫من ِ‬
‫ﷲ ََ ْ َ ٌ‬ ‫المنة ) َ َ ْ ِ َ ٌ‬
‫لمغفرة َ‬ ‫ﱠ‬ ‫واحمد ﷲ؛ فله‬
‫أنت العزيز القدير‪.‬‬
‫مسنا ما يضير *** فال تكلنا لنفسٍ فيھا تمادى الغرور‬
‫ﱠ‬ ‫يا رب أنت المجير قد‬
‫تبادر‪ ،‬واستعن بموالك ُيعنك موالك‪ .‬قال أحد السلف لتلميذه‪ :‬ما تصنع‬
‫أخيرا قبل أن ُ َ َ‬
‫ً‬ ‫بادر‬
‫سول لك الخطايا؟ قال‪ :‬أجاھده‪ ،‬قال‪ :‬فإن عاد‪ ،‬قال‪ :‬أجاھده‪ ،‬قال‪ :‬فإن‬
‫ﱠ‬ ‫بالشيطان إن‬
‫عاد‪ ،‬قال‪ :‬أجاھده‪ ،‬قال‪ :‬األمر بك يطول‪ ،‬أرأيت إن مررت بغنم‪ ،‬فنبحك كلبھا‪ ،‬ومنعك‬
‫العبور‪ ،‬ما تصنع؟ قال‪ :‬أجاھده على العبور‪ ،‬قال‪ :‬فإن لم تستطع العبور؟ قال‪ :‬أجاھده‪،‬‬
‫يكف‬
‫ﱠ‬ ‫قال‪ :‬فإن لم تستطع؟ قال‪ :‬أجاھده‪ ،‬قال األمر بك يطول‪ ،‬استعن بصاحب الغنم‬
‫العليم(‪ .‬أقسم‬
‫السميع َ ِ ٌ‬
‫َ ِ ٌ‬ ‫إنه ھو‬
‫با‪ ِ 9‬ﱠ ُ‬ ‫نزغ َ ْ َ ِ ْ‬
‫فاستعذ ِ ِ‬ ‫ﱠ ْ َ ِ‬
‫الشيطان َ ْ ٌ‬ ‫من‬
‫نك ِ َ‬
‫ينزغ ﱠ َ‬
‫وإما َ َ َ َ‬
‫عنك كلبه‪ ِ َ ) .‬ﱠ‬
‫شقيا‪ .‬يقول أحد السلف‪ :‬رأيت كل أحد له‬
‫ً‬ ‫شقيا أو‬
‫ً‬ ‫الشيطان قال‪ :‬سوف ال أترككم إال‬
‫ً‬
‫شيئا فليس بعدوي‪ .‬عدوي َمن إذا‬ ‫عدو‪ ،‬من اغتابني فليس بعدوي‪ ،‬ومن أخذ مني‬
‫كنت في طاعة ﷲ أمرني بمعصية ﷲ‪ ،‬حتى إذا ما َ ْ‬
‫زللت في معصية ﷲ آيسني من‬
‫رحمة ﷲ؛ إنه إبليس وأعوانه من شياطين الجن واإلنس‪ ،‬قد قطع العھد ) َ ْ ُ َ ﱠ‬
‫ألقعدن َ ُ ْ‬
‫لھم‬
‫وعن‬ ‫وعن َ ْ َ ِ ِ ْ‬
‫أيمانھم َ َ‬ ‫ومن َ ْ ِ ِ ْ‬
‫خلفھم َ َ ْ‬ ‫بين َ ْ ِ ِ ْ‬
‫أيديھم َ ِ ْ‬ ‫ثم َ ِ َ ﱠ ُ‬
‫آلتينھم من َ ْ ِ‬ ‫المستقيم * ُ ﱠ‬ ‫ِ َ َ َ‬
‫صراطك ْ ُ ْ َ ِ َ‬
‫الغمد‪ ،‬وأخرج‬
‫وجرد السيف من ِ ْ‬
‫ِّ‬ ‫ألمة الحرب‪،‬‬ ‫شاكرين( ْ‬
‫فالبس َ َ‬ ‫تجد َ ْ َ َ ُ ْ‬
‫أكثرھم َ ِ ِ َ‬ ‫شمائلھم َوال َ َ ِ ُ‬
‫َ َ ِِ ِ ْ‬
‫موقفا في صف جند الرحمن‪ ،‬وابدأ المعركة مع إبليس‬
‫ً‬ ‫واتخذ‬
‫سھامك من كنانتھا‪ ،‬ﱠ‬
‫وأعوانه‪ ،‬واستعن بموالك يعنك موالك‪.‬‬
‫وأرجو ربما‬
‫ُ‬ ‫ذھب الزمان وأنت تقول عسى‬
‫َ َ‬
‫الظما‬ ‫الماء عندك قد َ‬
‫طما ولم تزل تشكو‬
‫تضرع‬
‫ﱡ‬ ‫وقف بالباب وأنت الذليل الحقير‪،‬و اضرع إلى العلي الكبير‬
‫تبادر‪ْ ِ ،‬‬
‫بادر قبل أن ُ َ َ‬
‫األسير‪ ،‬بقلب كسير‪ .‬وقل‪ :‬يا إله العالمين‪ ،‬يا أكرم األكرمين‪ ،‬عبدك أسير الخطايا‪،‬‬
‫واقف ببابك ينتظر رحمتك‪ ،‬الخير دأبك‪ ،‬والحكم حكمك‪ ،‬وأنت‬
‫ٌ‬ ‫صاحب الھفوات والرزايا‪،‬‬
‫أرحم الراحمين‪ .‬ھذه ناصيتي الكاذبة الخاطئة بين يديك‪ ،‬ال ملجأ وال منجى منك إال‬
‫إليك‪ .‬أسألك مسألة المسكين‪ ،‬وأبتھل إليك ابتھال الخاضع الذليل‪ ،‬وأسألك سؤال‬
‫الخائف الضرير‪ ،‬سؤال من خضعت لك رقبته‪ ،‬ورغم لك أنفه‪ ،‬وفاضت لك عيناه‪.‬‬
‫اللھم اغفر لنا قبل أن تشھد األعضاء والجوارح‪ ،‬اللھم اغفر لنا قبل أن تشھد األعضاء‬
‫والجوارح‪ ،‬وتبدو السوءات والفضائح‪ ،‬يا رب من للبائس الفقير غير الكريم المالك القدير‪.‬‬
‫فحسبنا ﷲ ونعم الملتجى *** وحسبنا ﷲ ونعم المرتجى‬
‫ثم الصالة ما تغنى الشادي *** على محمد النبي الھادي‬
‫القمري بالصباح ‪.‬‬
‫وغرد ُ ْ ِ ُ‬
‫ﱠ‬ ‫بالنياح ***‬
‫ِّ‬ ‫ما ھتفت َ ْ َ‬
‫ورقاء‬
‫وسبحانك اللھم وبحمدك‪ ،‬أشھد أن ال إله إال أنت‪ ،‬أستغفرك وأتوب إليك‪.‬‬

‫فضيلة الشيخ ‪ /‬علي عبد الخالق القرني‬

‫دعوة للتأمل‬

‫وھو ْ َ ِ ُ‬
‫الحكيم‬ ‫الحمد ِفي َ ِ َ ِ‬
‫اآلخرة َ ُ َ‬ ‫األرضِ َ َ ُ‬
‫وله ْ َ ْ ُ‬ ‫وما ِفي ْ‬
‫السماواتِ َ َ‬
‫ﱠ َ َ‬ ‫‪ 9‬ال ﱠ ِذي َ ُ‬
‫له َما ِفي‬ ‫) ْ َ ْ ُ‬
‫الحمد ِ‬
‫وھو‬
‫فيھا َ ُ َ‬
‫يعرج ِ َ‬
‫وما َ ْ ُ ُ‬ ‫ﱠ َ ِ‬
‫السماء َ َ‬ ‫من‬
‫ينزل ِ َ‬
‫وما َ ِ ُ‬‫منھا َ َ‬‫يخرج ِ ْ َ‬
‫وما َ ْ ُ ُ‬
‫األرضِ َ َ‬
‫يلج ِفي ْ‬ ‫الخبير َ ْ َ ُ‬
‫يعلم َما َ ْ ُ‬ ‫ْ َ ِ ُ‬
‫من‬ ‫معمر َوال َ ُ َ ُ‬
‫ينقص ِ ْ‬ ‫يعمر ِمن ﱡ َ ﱠ ٍ‬
‫وما ُ َ ﱠ ُ‬ ‫تضع ِإال ﱠ ِ ِ ْ ِ ِ‬
‫بعلمه َ َ‬ ‫من ُ ْ َ‬
‫أنثى َوال َ َ َ ُ‬ ‫حمل ِ ْ‬
‫وما تَ ْ ِ ُ‬ ‫الرحيم ْ َ ُ ُ‬
‫الغفور( ) َ َ‬ ‫ﱠ ِ ُ‬
‫ذرة ِفي‬
‫مثقال َ ﱠ ٍ‬
‫عنه ِ ْ َ ُ‬
‫يعزب َ ْ ُ‬ ‫عالم ْ َ ْ ِ‬
‫الغيب ال َ َ ْ ُ ُ‬ ‫يسير( ) َ ِ ِ‬
‫ﷲ َ ِ ٌ‬ ‫على ِ‬ ‫ذلك َ َ‬
‫إن َ ِ َ‬ ‫عمره ِإال ﱠ ِفي ِ َ‬
‫كتابٍ ِ ﱠ‬ ‫ُ ُ ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫مبين(‬
‫كتابٍ ﱡ ِ ٍ‬ ‫ذلك َوال َ ْ َ ُ‬
‫أكبر ِإال ﱠ ِفي ِ َ‬ ‫األرضِ َوال َ ْ َ ُ‬
‫أصغر ِمن َ ِ َ‬ ‫السماواتِ َوال َ ِفي ْ‬
‫ﱠ َ َ‬
‫ذم الدنيا إذا‬
‫مجدة ومتوانية‪ ،‬ﱠ‬
‫ّ‬ ‫النفوس‬
‫عانية‪ ،‬وحذرته ﱡ‬
‫الحمد ‪ ،9‬أصبحت له الوجوه ذليلة َ ِ َ‬
‫وخوف صرعى الھوى أن ُيسقوا من عين‬
‫ﱠ‬ ‫وشوق لجنة قطوفھا دانية‪،‬‬
‫ﱠ‬ ‫ھي حقيرة فانية‪،‬‬
‫وأحصن‬
‫ِّ‬ ‫آنية‪ ،‬أحمده على تقويم شانيه‪ ،‬وأستعينه وأستعيذه من شر كل شان وشانية‪،‬‬
‫بالسر والعالنية‪ ،‬فالسر عنده عالنية‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫بتحقيق التوحيد إيمانيه‪ ،‬أحمده وھو العليم العالم‬
‫علما بالذي *** في الكون من سر ومن إعالن‬
‫ً‬ ‫فھو العليم أحاط‬
‫وھو العليم بما يوسوس عبده *** في نفسه من غير نطق لسان‬
‫بل يستوي في علمه الداني *** مع القاصي وذو اإلصرار واإلعالن‬
‫غدا وما *** قد كان والمعلوم في ذا اآلن‬
‫فھو العليم بما يكون ً‬
‫موجودا لذي األعيان‬
‫ً‬ ‫وبكل شي لم يكن لو كان كيف *** يكون‬
‫سر ومن إعالن‬
‫ٍ‬ ‫فھو السميع يرى ويسمع كل ما *** في الكون من‬
‫فلكل صوت منه سمع حاضر *** فالسر واإلعالن مستويان‬
‫والداني‬
‫ﱠ‬ ‫والسمع منه واسع األصوات ال *** يخفى عليه بعيدھا‬
‫الدجى *** ويرى كذاك ﱡ‬
‫تقلب األجفان‬ ‫ويري دبيب النمل في غسق ﱡ‬
‫والصوان‬
‫ﱠ ﱠ‬ ‫الصخر‬
‫ﱠ‬ ‫لھو البصير يرى دبيب النملة *** السوداء تحت‬
‫نياطَ عروقھا بعيان‬
‫ويرى مجاري القوت في أعضائھا *** ويرى ِ َ‬
‫وبراني‬ ‫ويرى خيانات العيون ِ َ ْ ِ‬
‫بلحظھا *** إي والذي برأ الورى َ َ ِ‬
‫مفروضا على األزمان‬
‫ً‬ ‫حمد واقع *** أو كان‬
‫ٍ‬ ‫فھو الحميد فكل‬
‫ھو أھله سبحانه وبحمده *** كل المحامد وصف ذي اإلحسان‬
‫فلك المحامد والمدائح كلھا *** بخواطري وجوارحي ولساني‬
‫حمدا كما *** يرضيك ال يفنى على األزمان‬
‫ً‬ ‫ولك المحامد ربنا‬
‫ملء السماوات العال واألرض *** والموجود بعد ومنتھى اإلمكان‬
‫حمدا بغير نھاية بزمان‬
‫ً‬ ‫مما تشاء وراء ذلك كله ***‬
‫وعلى رسولك أفضل الصلوات *** والتسليم منك وأكمل الرضوان‬
‫قمري على األغصان‬
‫صلى اإلله على النبي محمد *** ما ناح ُ ْ ِ ٌ‬
‫الصحب واإلخوان‬
‫ﱠ‬ ‫وعلى جميع بناته ونسائه *** وعلى جميع‬
‫َُ‬
‫واأللى *** تبعوھم من بعد باإلحسان‬ ‫جميعا‬
‫ً‬ ‫وعلى صحابته‬

‫مسلمون(‬ ‫تموتن ِإال ﱠ َ َ ْ ُ‬


‫وأنتم ﱡ ْ ِ ُ َ‬ ‫تقاته َوال َ َ ُ ُ ﱠ‬
‫حق ُ َ ِ ِ‬
‫ﷲ َ ﱠ‬
‫اتقوا َ‬
‫آمنوا ﱠ ُ‬
‫الذين َ ُ‬ ‫) َيا َ ﱡ َ‬
‫أيھا ﱠ ِ َ‬
‫موجھة إلى القلوب الذاكرة‪،‬‬
‫ﱠ‬ ‫أما بعد‪ ،‬أحبتي في ﷲ‪ ،‬إنھا دعوة‪ ،‬دعوة إلى التأمل‪ ،‬دعوة‬
‫العابدة‪ ،‬الخاشعة‪ ،‬دعوة إلى من يتفكرون‪ ،‬ويسمعون‪ ،‬ويعقلون‪ ،‬ويؤمنون‪ ،‬ويفقھون‪،‬‬
‫والنھى‪ ،‬إلى من يتأملون‪،‬‬
‫ﱡ َ‬ ‫إلى أولي األلباب‪ ،‬إلى أولي األبصار‪ ،‬إلى أولي األحالم‬
‫ويتدبرون فينتفعون‪ ،‬فال عند حدود النظر المشھود للعيان يقفون‪ ،‬بل إلى قدرة القادر‬
‫واآلخرة‬ ‫الحمد ِفي ُ َ‬
‫األولى َ َ ِ َ ِ‬ ‫ھو َ ُ‬
‫له ْ َ ْ ُ‬ ‫في خلقه ينظرون‪ ،‬ولسان حالھم ومقالھم‪) :‬ال ِ َ َ‬
‫إله ِإال ﱠ ُ َ‬
‫إيمانا مع إيمانھم وكذلك يفعلون‪ .‬وھي كذلك دعوة‬
‫ً‬ ‫ترجعون( ليزدادوا‬
‫الحكم َوإليه ُ ْ َ ُ َ‬ ‫ََ ُ‬
‫وله ْ ُ ْ ُ‬
‫المعِرضين‪ ،‬إلى من لھم عيون بھا ال يبصرون‪ ،‬وآذان‬
‫ْ‬ ‫الساھين‪ ،‬الالھين‪،‬‬
‫ﱠ‬ ‫إلى الغافلين‪،‬‬
‫بھا ال يسمعون‪ ،‬وقلوب بھا ال يفقھون‪ .‬إلى من ھم كاألنعام يأكلون ويشربون ويتمتعون‬
‫ولم يحققوا معنى إال ّ ليعبدون‪ .‬إلى من ھاجموا التوحيد ولم يفھموه‪ ،‬وھاجموا اإلسالم‬
‫يمرون على آيات ﷲ وھم عنھا‬
‫ﱡ‬ ‫ولم يعرفوه‪ ،‬ونقدوا القرآن ولم يقرؤوه‪ .‬إلى من‬
‫حق‬
‫ﱠ‬ ‫علھم يستيقظون‪ ،‬ويفقھون‪ ،‬ويعقلون‪ ،‬فيقدرون ﷲ‬ ‫معرضون‪ ،‬إليھم ھذه الدعوة؛ ﱠ‬
‫تصرفون(‬ ‫ھو َ َ ﱠ‬
‫فأنى ُ ْ َ ُ َ‬ ‫الملك ال ِ َ َ‬
‫إله ِإال ﱠ ُ َ‬ ‫ربكم َ ُ‬
‫له ْ ُ ْ ُ‬ ‫ﷲ َﱡ ُ ْ‬
‫ذلكم ُ‬
‫قدره‪ ،‬ال إله إال ھو فأنى يؤفكون‪ُ ُ ِ َ ) .‬‬
‫ما يقود إلى خشيته ومحبته‪ ،‬فمن كان به أعلم‬
‫إنھا باختصار دعوة إلى العلم با‪ 9‬عل ً‬
‫ً‬
‫أيضا دعوى لتعبد ﷲ‬ ‫عباده ْ ُ َ َ ُ‬
‫العلماء( وھي‬ ‫من ِ َ ِ ِ‬
‫ﷲ ِ ْ‬
‫يخشى َ‬
‫إنما َ ْ َ‬
‫كان له أخشى ) ِ ﱠ َ‬
‫بمقتضى ذلك العلم‪ ،‬في تمام خضوع وذل ومحبة من طريقين اثنين؛ األول‪ :‬التدبر في‬
‫آيات ﷲ الشرعية المتلوة في كتابه العزيز‪ ،‬والثاني‪ :‬النظر في مخلوقات ﷲ‪ ،‬وآياته‬
‫آلياتٍ ُ ِ‬
‫ألولي‬ ‫والنھار َ َ‬ ‫واختالف ﱠ ْ‬
‫الليل َ ﱠ َ ِ‬ ‫واألرضِ َ ْ ِ َ ِ‬
‫السماواتِ َ ْ‬
‫ﱠ َ َ‬ ‫إن ِفي َ ْ‬
‫خلقِ‬ ‫الكونية المشھودة ) ِ ﱠ‬
‫لسماواتِ‬ ‫ويتفكرون ِفي َ ْ‬
‫خلقِ ا ﱠ َ َ‬ ‫جنوبھم َ َ َ َ ﱠ ُ َ‬
‫وعلى ُ ُ ِ ِ ْ‬‫وقعودا َ َ َ‬
‫قياما َ ُ ُ ً‬
‫ﷲ َِ ً‬
‫يذكرون َ‬
‫الذين َ ْ ُ ُ َ‬ ‫َْ‬
‫األلبابِ * ﱠ ِ َ‬
‫النار( ھي دعوة إلى التأمل في‬ ‫عذاب ﱠ ِ‬ ‫سبحانك َ ِ َ‬
‫فقنا َ َ َ‬ ‫باطال ُ ْ َ َ َ‬
‫ھذا َ ِ‬ ‫ربنا َما َ َ ْ َ‬
‫خلقت َ‬ ‫واألرضِ َ ﱠ َ‬
‫َ ْ‬
‫بديع صنع ﷲ‪ ،‬وخلق ﷲ‪ ،‬وبيان ما في ھذا الكون من إبداع ينطق بعظمة الخالق جل‬
‫ربوبيته‪ ،‬وألوھيته‪ ،‬وأسمائه‪ ،‬وصفاته‪ ،‬كيف والكون كتاب مفتوح‪،‬‬
‫ﱠ‬ ‫وعال‪ ،‬ووحدانيته في‬
‫ويدرك بكل وسيلة‪ ،‬يطالعه ساكن الخيمة‪ ،‬وساكن الكوخ‪ ،‬وساكن العمارة‬
‫ُيقرأ بكل لغة‪ُ ،‬‬
‫زادا من الحق إن أراد التطلع إلى الحق‪ ،‬إنه كتاب قائم‬
‫والقصر‪ ،‬كل يطالعه فيجد فيه ً‬
‫عبد خضع وأناب‪ ،‬يأخذك كتاب ﷲ إن‬
‫ٍ‬ ‫مفتوح في كل زمان ومكان‪ ،‬تبصرة وذكرى لكل‬
‫أملته في جوالت وجوالت‪ ،‬ترتاد آفاق السماء‪ ،‬وتجول في جنبات األرض واألحياء‪ ،‬يقف‬
‫ت ﱠ‬
‫بك عند زھرات الحقول‪ ،‬ويصعد بك إلى مدارات الكواكب والنجوم‪ ،‬يفتح بصرك وبصيرتك‬
‫وخلق‬
‫إلى غاية إحكام وإتقان ال له مثيل‪ ،‬قد وضع كل شيء في موضع مناسب‪ِ ُ ،‬‬
‫يريك عظمة ﷲ‪ ،‬وقدرة ﷲ‪ ،‬وتقديره في المخلوقات‪ ،‬ثم يكشف لك‬
‫بمقدار مناسب‪ِ ُ ،‬‬
‫أسرار الخلق والتكوين‪ ،‬ويھديك إلى الحكمة من الخلق والتصوير‪ ،‬ثم يقرع الفؤاد بقوله‪:‬‬
‫يشركون( إن نظرت إليه بعين البصيرة طالعك بوحدانية ﷲ‬
‫عما ُ ْ ِ ُ َ‬
‫ﷲ َ ﱠ‬ ‫ﷲ ََ َ‬
‫تعالى ُ‬ ‫مع ِ‬ ‫)ََِ ٌ‬
‫أإله ﱠ َ‬
‫الثقالن‪.‬‬ ‫في الربوبية مستدال بھا على وحدانيته في العبادة واأللوھية‪ ،‬ﱠ‬
‫ذلت لعزة وجھه ﱠ‬
‫ويصك المشاعر واألحاسيس بذلك‬
‫ﱡ‬ ‫وفي نھاية اآليات‪ ،‬يقرع القلوب‪ ،‬ويطرق اآلذان‪،‬‬
‫يتقون‪ ،‬لعلھم يرجعون‪،‬‬ ‫ﱠ‬
‫يذكرون‪ ،‬لعلھم يتفكرون‪ ،‬لعلھم ﱠ‬ ‫التعقيب اإللھي العظيم‪ ،‬لعلھم‬
‫أن أكثرھم يسمعون‪ .‬إنه حديث‬
‫كل ھذا‪ ،‬وھناك من ھم عنه معرضون‪ ،‬أم تحسب ﱠ‬
‫طويل‪ ،‬يطالعك في طوال السور وقصارھا‪ ،‬لكنه مع ذلك شائق جميل‪ ،‬تسكن له‬
‫ويتلذذ به السمع‪ ،‬وتتحرك له األحاسيس والمشاعر‪ ،‬تستجيب له ِ َ‬
‫الفطر‬ ‫ﱠ‬ ‫النفس‪،‬‬
‫ينبه الغافل‪ ،‬ويدمغ المجادل المكابر؛ إذ ھو حق‪ ،‬والحق‬
‫السليمة المستقيمة‪ ،‬ومع ذا ِ ّ‬
‫يسطع ويقطع‪.‬‬
‫والحق شمس والعيون نواظر *** ال يختفي إال على العميان‬
‫عدة *** فھما لقطع لجاجھم سيفان‬
‫والشرع والقرآن أكبر ُ ﱠ‬

‫فتعال معي أخي لجولة أرجو أال يستطيلھا َملُول‪ ،‬وأال يستكثرھا مشغول‪ ،‬نرتاد فيھا‬
‫َ‬
‫واألرضِ‬
‫السماواتِ َ ْ‬
‫ﱠ َ َ‬ ‫إن فِي َ ْ‬
‫خلقِ‬ ‫متدبرين ) ِ ﱠ‬
‫ِّ‬ ‫ھذا الكون بسماواته وأرضه وأحيائه‪ ،‬متأملين‪،‬‬
‫من‬
‫ﷲ ِ َ‬
‫أنزل ُ‬ ‫وما َ َ َ‬
‫الناس َ َ‬
‫ينفع ﱠ َ‬ ‫بما َ َ ُ‬ ‫تجري ِفي ْ َ ْ ِ‬
‫البحر ِ َ‬ ‫التي َ ْ ِ‬ ‫والنھار َ ْ ُ ْ ِ‬
‫والفلك ﱠ ِ‬ ‫الليل َ ﱠ َ ِ‬‫واختالف ﱠ ْ ِ‬
‫َ ْ ِ َ ِ‬
‫الرياحِ‬ ‫دابة َو َ ْ ِ ِ‬
‫تصريف ِّ َ‬ ‫كل َ ﱠ ٍ‬‫فيھا ِمن ُ ِ ّ‬ ‫وبث ِ َ‬
‫موتھا َ َ ﱠ‬
‫بعد َ ْ ِ َ‬
‫األرض َ ْ َ‬
‫به ْ َ‬ ‫السماء ِمن ﱠما ٍء َ َ ْ َ‬
‫فأحيا ِ ِ‬ ‫ﱠ َ ِ‬
‫ُون( فاللھم ال سھل إال ما جعلته‬
‫يعقل َ‬ ‫آلياتٍ ِ ّ َ ْ ٍ‬
‫لقوم َ ْ ِ‬ ‫واألرضِ َ‬ ‫ﱠ َ ِ‬
‫السماء َ ْ‬ ‫بين‬ ‫والسحابِ ْ ُ َ ﱠ ِ‬
‫المسخر َ ْ َ‬ ‫َ ﱠ َ‬
‫الحزن إذا شئت سھال‪.‬‬
‫سھال‪ ،‬وأنت تجعل َ‬
‫تأمل في الوجود بعين فكر *** ترى الدنيا الدنيئة كالخيال‬
‫جميعا سوف يفنى *** ويبقى وجه ربك ذو الجالل‬
‫ً‬ ‫ومن فيھا‬
‫معاند *** واركب جواد العزم في الجوالن‬
‫ٍ‬ ‫تأمل واطعن برمح الحق كل‬
‫ﱠ‬
‫وابد في الميدان‬ ‫ً‬
‫سابغا *** والشرع سيفك ْ ُ‬ ‫درعا‬
‫ً‬ ‫واجعل كتاب ﷲ‬
‫زينھا؟ الجبال من نصبھا؟ األرض من‬
‫عمد ترونھا من رفعھا؟ بالكواكب من ﱠ‬
‫ٍ‬ ‫السماء بغير‬
‫مناكبھا( الطبيب من أرداه‪ ،‬وقد كان يرجى بإذن ربه‬ ‫وذللھا وقال‪َ) :‬ف ْ ُ‬
‫امشوا ِفي َ َ ِ ِ َ‬ ‫ﱠ‬ ‫سطحھا‬
‫يئس منه‪ ،‬من عافاه؟ الصحيح من بالمنايا رماه؟ البصير في الحفرة‬
‫شفاه؟‪ .‬المريض وقد ُ ِ‬
‫الزحام من يقود ُ َ‬
‫خطاه؟ الجنين في ظلماتٍ ثالثٍ من يرعاه؟‬ ‫من أھواه؟ واألعمى في ِّ‬
‫ﱠ‬
‫حاله؟ اللبن من بين‬ ‫الشھد من‬
‫ﱠ‬ ‫والسم يمأل فاه؟!‬
‫ﱡ‬ ‫الوليد من أبكاه؟ الثعبان من أحياه‪،‬‬
‫النبت في الصحراء من‬
‫تحسه األيدي وال تراه من أخفاه؟ ﱠ‬
‫ﱡ‬ ‫صفاه؟ الھواء‬
‫ﱠ‬ ‫فرث ودم من‬
‫فجر‬
‫شق نواه؟ الجبل من أرساه؟ الصخر من ﱠ‬
‫ﱠ‬ ‫أتمه وأسراه؟ النخل من‬
‫أرباه؟ البدر من ﱠ‬
‫َْ‬
‫الصبح من أسفره‬
‫ﱡ‬ ‫دجاه؟‬
‫منه المياه؟ النھر من أجراه؟ البحر من أطغاه؟ الليل من حاك ُ َ‬
‫وصاغ ضحاه؟ النوم من جعله وفاة؟ واليقظة منه ً‬
‫بعثا وحياة؟!! العقل من منحه وأعطاه؟‬
‫ونماه؟‬
‫ﱠ‬ ‫غذاه‬
‫النحل من ھداه؟ الطير في جو السماء من أمسكه ورعاه؟ في أوكاره من ﱠ‬
‫ﱠ‬
‫المضطر من يجيبه؟ الملھوف من يغيثه؟ الضال‬ ‫الجبار من يقصمه؟ المظلوم من ينصره؟‬
‫من يھديه؟ الحيران من يرشده؟ العاري من يكسوه؟ الجائع من يشبعه؟ الكسير من‬
‫صورك؟ من شق سمعك وبصرك؟‬
‫من خلقك؟ من ﱠ‬
‫يجبره؟ الفقير من يغنيه؟‪ .‬أنت‪ ،‬أنت َ ْ‬
‫سواك َ َ َ‬
‫فعدلك؟ من رزقك؟ من أطعمك؟ من آواك ونصرك؟ من جعل ماليين الكائنات‬ ‫ﱠ‬ ‫من‬
‫ترتاد وأنت ال تشعر َ َ‬
‫فمك؟ ولو اختفت الختلفت وظائف فمك‪ .‬من ھداك؟ إنه ﷲ الذي‬ ‫ُ‬
‫أحسن كل شيء خلقه‪ .‬ال إله إال ھو‪ .‬أنت من آياته‪ ،‬والكون من آياته‪ ،‬واآلفاق من آياته‪،‬‬
‫ً‬
‫مخلوقا‪،‬‬ ‫عبدا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫خالقا؟ وكونك‬ ‫موحدا‬
‫ً‬ ‫تشھد بوحدانيته‪ .‬إن تأملت ذلك عرفت ً‬
‫حقا كونه‬
‫ﷲ‬ ‫ھذا َ ْ ُ‬
‫خلق ِ‬ ‫تمجيدا‪َ َ ) :‬‬
‫ً‬ ‫وتوحيدا‪ ،‬وذراته تھتف‬
‫ً‬ ‫تسبيحا‬
‫ً‬ ‫الكون كتاب مسطور ينطق‬
‫دونه(‬
‫الذين ِمن ُ ِ ِ‬ ‫ماذا َ َ َ‬
‫خلق ﱠ ِ َ‬ ‫ََُ ِ‬
‫فأروني َ َ‬

‫‪ 9‬في اآلفاق آيات لعل *** أقلھا ھو ما إليه ھداك‬


‫ولعل ما في النفس من آياته *** عجب عجاب لو ترى عيناك‬
‫تفسيرا لھا أعياك‬
‫ً‬ ‫ْ َ‬
‫حاولت‬ ‫والكون مشحون بأسرار إذا ***‬
‫أرداك؟‬
‫بطبه ْ َ‬
‫ِّ‬ ‫ﱠ‬
‫تخطفته يد الردى *** من يا طبيب‬ ‫قل للطبيب‬
‫وعوفي بعدما *** عجزت فنون الطب من عافاك؟‬
‫َ‬ ‫قل للمريض نجا ُ‬
‫قل للصحيح يموت ال من علة *** من بالمنايا يا صحيح دھاك؟‬
‫فھوى بھا من ذا الذي أھواك؟‬
‫قل للبصير وكان يحذر حفرة *** َ َ‬
‫خطَا بين الزحام *** بال اصطدام من يقود خطاك؟‬
‫بل سائل األعمى َ‬
‫قل للجنين يعيش معزوال بال *** راعٍ ومرعى ما الذي يرعاك؟‬
‫قل للوليد بكى وأجھش بالبكاء *** لدى الوالدة ما الذي أبكاك؟‬
‫حشاك؟‬
‫سمه *** فاسأله من ذا بالسموم َ َ َ‬
‫ﱠ ُ‬ ‫وإذا ترى الثعبان ينفث‬
‫السم يمأل َ َ‬
‫فاك؟‬ ‫ﱡ‬ ‫واسأله كيف تعيش يا ثعبان *** أو تحيى وھذا‬
‫ﱠ‬
‫حالك؟‬ ‫شھدا وقل للشھد من‬
‫ً‬ ‫النحل كيف تقاطرت ***‬
‫واسأل بطون ﱠ‬
‫صفاك؟‬
‫ﱠ‬ ‫المصفى كان *** بين دم وفرث ما الذي‬
‫بل سائل اللبن ُ َ ﱠ‬
‫ميت فاسأله من أحياك؟‬
‫ٍ‬ ‫حنايا‬
‫وإذا رأيت الحي يخرج من *** َ َ‬
‫ﱡ‬
‫تحثه األيدي ويخفى *** عن عيون الناس من أخفاك؟‬ ‫قل للھواء‬
‫رماك؟‬ ‫تعھد *** ورعاية من بالجفاف َ َ‬
‫ﱡ ٍ‬ ‫ﱡ‬
‫يجف بعد‬ ‫قل للنبات‬
‫النبت في الصحراء *** يربو وحده فاسأله من َ ْ َ َ‬
‫أرباك؟‬ ‫وإذا رأيت ﱠ‬
‫أسراك؟‬
‫ناشرا *** أنواره فاسأله من ْ َ‬
‫ً‬ ‫وإذا رأيت البدر يسري‬
‫واسأل شعاع الشمس يدنو وھي *** أبعد كل شيء ما الذي أدناك؟‬
‫بالمرّ من دون الثمار غذاك؟‬
‫ِ‬ ‫قل للمرير من الثمار من الذي ***‬
‫شق نواك؟‬
‫ﱠ‬ ‫وإذا رأيت النخل مشقوق النوى *** فاسأله من يا نخل‬
‫شب لھيبھا *** فاسأل لھيب النار من أوراك؟‬
‫ﱠ‬ ‫وإذا رأيت النار‬
‫َ ْ‬
‫فسله من أرساك؟‬ ‫السحاب‬
‫ﱠ‬ ‫قمم‬
‫مناطحا *** ِ َ َ‬
‫ً‬ ‫األشم‬
‫َ ﱠ‬ ‫وإذا ترى الجبل‬
‫صفاك؟‬
‫شق َ َ‬
‫ﱠ‬ ‫صخرا تفجر بالمياه *** فسله من بالماء‬
‫ً‬ ‫وإذا ترى‬
‫َ ْ‬
‫فسله من الذي أجراك؟‬ ‫الزالل *** جرى‬
‫وإذا رأيت النھر بالعذب ﱡ‬
‫َ ْ‬
‫فسله من الذي أطغاك؟‬ ‫وإذا رأيت البحر بالملح ُ‬
‫األجاج *** طغى‬
‫داجيا *** فاسأله من يا ليل حاك ُدجاك؟‬
‫ً‬ ‫وإذا رأيت الليل يغشى‬
‫ضحاك؟‬
‫ضاحيا *** فاسأله من يا صبح صاغ ُ َ‬
‫ً‬ ‫الصبح يسفر‬
‫ﱡ‬ ‫وإذا رأيت‬
‫ستجيب ما في الكون من آياته *** عجب عجاب لو ترى عيناك‬
‫حمدا وليس لواحد ﱠ‬
‫إالك‬ ‫ً‬ ‫ربي لك الحمد العظيم لذاتك ***‬
‫ً‬
‫إدراكا‬ ‫ولكنھه‬
‫يا مدرك األبصار واألبصار *** ال تدري له ِ ُ ْ ِ ِ‬
‫إن لم تكن عيني تراك فإنني *** في كل شيء أستبين ُعالك‬

‫ورجاك‬
‫يوما من دعا َ َ‬
‫الشذى يا مجري األنھار عاذبة الندى ما خاب ً‬
‫ﱠ َ‬ ‫يا منبت األزھار عاطرة‬
‫يا أيھا اإلنسان مھال ما الذي با‪ 9‬جل جالله أغراك؟‬
‫بينات في األنفس واألرضين‬
‫أحبتي في ﷲ‪ ،‬ﷲ نصب لخلقه دالالت‪ ،‬وأوضح لھم آيات ِ ّ‬
‫آيات‬
‫األرضِ َ ٌ‬
‫وفي ْ‬‫بينة( ) َ ِ‬
‫حي َعن َ ِ ّ َ ٍ‬
‫من َ ﱠ‬
‫ويحيى َ ْ‬
‫ة ََ ْ َ‬
‫بين ٍ‬ ‫من َ َ َ‬
‫ھلك َعن َ ِ ّ َ‬ ‫ليھلك َ ْ‬
‫والسماوات ) ِ َ ْ ِ َ‬
‫أنفسكم َ َ‬
‫أفال َ ُ ْ ِ ُ َ‬
‫تبصرون(‬ ‫وفي َ ُ ِ ُ ْ‬ ‫ِّ ْ ُ ِ ِ َ‬
‫للموقنين * َ ِ‬
‫جرم صغير *** وفيك انطوى عالم أكبر‬
‫وتحسب أنك ِ ْ‬

‫حيا ال‬
‫كائنا ً‬
‫ً‬ ‫عاما‪ ،‬لقد كان‬
‫ً‬ ‫تأمل –أخي‪ -‬مدى معرفة الناس بالجنين قبل حوالي ثالثين‬
‫ُْ َ‬
‫يعلم عنه إال حركاته التي يصدرھا داخل بطن أمه‪ ،‬ومع تطور وسائل المالحظة‬
‫والمشاھدة‪ ،‬ووصولھا إلى بطن الجسم اإلنساني ‪-‬وكل ذلك بإذن ﷲ – كالتصوير‬
‫تماما‪،‬‬
‫ً‬ ‫والتسجيل الضوئي والصوتي‪ ،‬علم أن للجنين نفسية ال ينفصل فيھا عن أمه‬
‫فتراه في حاالت انكماش واكتئاب مرة‪ ،‬وحاالت انشراح وانبساط أخرى‪ ،‬بل يبدي‬
‫عموما‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مثال‪ ،‬عافانا ﷲ وإياكم والمسلمين‬ ‫االنزعاج لبعض مخالفات أمه؛ كالتدخين‬
‫يطلب طبيب مجرب من أم حامل في شھرھا السادس كانت تعتاد التدخين أن تمتنع‬
‫عنه لمدة أربع وعشرين ساعة‪ ،‬وھو يتابع الجنين بأجھزة التصوير الضوئي‪ ،‬فإذا به‬
‫ساكن ھادئ‪ ،‬وبينما ھو كذلك‪ ،‬إذ قدم لھا الطبيب لفافة؛ لفافة سيجارة –عافانا ﷲ‬
‫وتم إشعالھا إال وأشار المقياس إلى اضطراب‬
‫ﱠ‬ ‫وإياكم‪ -‬وما أن وضعتھا بين أصابعھا‪،‬‬
‫تبعا الضطراب قلب أمه‪ .‬فسبحان من جعله في وسط ظلمات ثالث‪ ،‬يتأذى مما‬
‫الجنين ً‬
‫مضطربا حينما تقع أمه في‬
‫ً‬ ‫تبعا‪ ،‬وإن لم تشعر أمه بذلك‪ .‬أمكنھم أن يروه‬
‫تتأذى منه أمه ً‬
‫أزمة انفعال حادة؛ كغضب وخجل‪ ،‬أو في تأثر جسدي كوقوع على األرض‪ ،‬أو اصطدام‬
‫ً‬
‫ھادئا عندما تنصت أمه لسماع ما‬ ‫تبعا لتأثر أمه بذلك‪ .‬ثم أمكن األطباء أن يروه‬
‫بشيء ً‬
‫تستريح إليه من قرآن وأناشيد وغيرھا‪ .‬وحينما تسمع صوت أبيه‪ ،‬فتنصت له‪ ،‬رأوه‬
‫تبعا ألمه‪ .‬أما بعد الوالدة‪ ،‬في أسبوعه األول وجدوه أنه يأنس ويتبسم‬
‫كالمنصت له ً‬
‫بينة بالغة‪ ،‬ﱠ‬
‫دالة على عظمة‬ ‫لصوت أبيه دون سائر األصوات‪ ،‬إنھا أمور مذھلة ‪ ،‬بل آيات ِ ّ‬
‫ً‬
‫أيضا رأوا أنه حين‬ ‫بالتفرد في العبادة ال شريك له‪.‬‬
‫ﱠ ﱡ‬ ‫أحقيته‬
‫ِّ ﱠ‬ ‫ﷲ ‪-‬سبحانه وتعالى‪ -‬وعلى‬
‫ترغب األم في الحمل‪ ،‬ثم تحمل‪ ،‬تجدھا ترسل إليه ‪-‬بإذن ﷲ‪ -‬موجاتٍ من العواطف‬
‫مبتھجا‪ ،‬وكأنه يشكرھا‬
‫ً‬ ‫المكثفة‪ ،‬وتغمره بفيض زاخر من الرضا والحنان‪ ،‬فيبادلھا الشعور‬
‫ﱠ‬
‫على حسن لقائھا ورعايتھا‪ .‬ويعبر عن امتنانه لھا بحركات لطيفة ساحرة‪ ،‬ال حد‬
‫لعذوبتھا على قلب أمه‪ ،‬فسبحان ﷲ‪ ،‬وتبارك ﷲ أحسن الخالقين! وحين ال ترغب األم‬
‫منكمشا‪،‬‬
‫ً‬ ‫الصلة العاطفية مع الجنين‪ ،‬فتراه يحيا‬
‫ِّ‬ ‫في الحمل‪ ،‬ثم تحمل مكرھة‪ ،‬تقطع‬
‫قدميه تعبر عن احتجاجه‬
‫ْ‬ ‫يتجه نحو المشاكسة‪ ،‬ويعبر عن ذلك بركالت من‬
‫ثم يبدأ ﱠ‬
‫واستنكاره‪ ،‬ولربما يصبح إسقاطا فيما بعد‪ ،‬وإن لم يسقط فإنه يبدو مھيأ للعناد‪،‬‬
‫والرفض‪ ،‬والعدوان بعد والدته‪ ،‬ويظھر ذلك في أول أيام والدته‪.‬‬

‫يذكر صاحب سنريھم آياتنا أن امرأة حملت مكرھة‪ ،‬وحاولت إسقاط الجنين‪ ،‬ولم‬
‫ألحد أن يسقطه؟‪ .‬ولدت بعد ذلك‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫فأنى‬
‫تستطع؛ إذ قد ثبته ﷲ‪ ،‬فجعله في قرار مكين؛ ﱠ‬
‫أياما على ھذا‪،‬‬
‫ً‬ ‫وأصرت‬
‫ﱠ‬ ‫وكان المولود أنثى‪ ،‬ولما ُولدت رفضت أن تتناول ثدي أمھا‪،‬‬
‫ولكنھا مع ذلك قبلت أن ترضع من مرضعة أخرى غير أمھا‪ ،‬عندھا أغمضت عيناھا‪،‬‬
‫وأعيدت إلى أمھا معصوبة العينين‪ ،‬فرفضت ثديھا مرة أخري وھي لم تره‪ ،‬فأجرى‬
‫كره‪،‬‬
‫حوارا مع أمھا‪ ،‬تبين أن األم لم تكن راغبة في الحمل‪ ،‬فحملت على ُ ْ‬
‫ً‬ ‫الطبيب‬
‫وحاولت االعتداء عليه بإسقاطه‪ ،‬فانعكس ذلك على الجنين بعد والدته‪ ،‬فسبحان ﷲ‬
‫رب العالمين! إنھا أحاسيس ومشاعر وأفعال أمه‪ ،‬تنعكس عليه فحسب‪ ،‬وإال فھو ال‬
‫شيئا‬ ‫ُون ُ ﱠ َ ِ ُ ْ‬
‫أمھاتكم ال َ َ ْ َ ُ َ‬
‫تعلمون َ ْ ً‬ ‫وﷲ َ ْ َ َ ُ‬
‫أخرجكم ِ ّمن ُبط ِ‬ ‫شيئا بنص قول ﷲ ‪-‬جل وعال‪ُ َ ) :-‬‬ ‫ً‬ ‫يعلم‬
‫شيئا مما أخذ عليكم‬ ‫ً‬ ‫تشكرون( ال تعلمون‬ ‫واألفئدة َ َ ﱠ ُ ْ‬
‫لعلكم َ ْ ُ ُ َ‬ ‫واألبصار َ ْ ِ َ َ‬
‫السمع َ ْ َ َ‬ ‫وجعل َ ُ ُ‬
‫لكم ْ ﱠ ْ َ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫ً‬
‫شيئا مما قضى به عليكم من السعادة والشقاوة‪ ،‬وال تعلمون‬ ‫من الميثاق‪ ،‬وال تعلمون‬
‫مصالحكم ومنافعكم؛ فھم يخرجون من بطون أمھاتھم ال يعلمون‪ ،‬وبعد خروجھم يرزقھم‬
‫السمع؛ فاألصوات يدركون‪ ،‬ويرزقھم البصر؛ فالمرئيات يعرفون ويحسون‪ ،‬ويرزقھم‬
‫ﱠ‬ ‫ﷲ‬
‫زيد في سمعه‬
‫تدريجيا‪ ،‬كلما كبر ِ َ‬
‫ً‬ ‫يميزون‪ ،‬وتحصل ھذه الحواس بأمر ﷲ‬
‫ِّ‬ ‫األفئدة؛ فبھا‬
‫وبصره حتى يبلغ أشده ليتمكن بھا من عبادة ربه وطاعة مواله –سبحانه وبحمده‪.-‬‬
‫ومشاعرھن أثناء الحمل‬
‫ﱠ‬ ‫أحاسيسھن‬
‫ﱠ‬ ‫عما يريح‬
‫يبحثن ﱠ‬
‫طالعت أمھات ھذه الحقائق فكن َ ُ ْ‬
‫لينعكس على أبنائھن‪ ،‬ينشدن ويسمعن آيات من كتاب ﷲ‪ ،‬ولذا جاء في نفس الكتاب‬
‫الماضي‪ :‬أن سيدة حاملة في >دمشق< كانت تكثر من قراءة القرآن وسماعه قائمة‬
‫ولد الجنين تمكن –بفضل ﷲ‪ -‬أن يختم القرآن؛‬
‫وعاملة ومضطجعة‪ ،‬والنتيجة أنه عندما ُ ِ‬
‫ً‬
‫حفظا وتالوة في الخامسة من عمره‪ ،‬فتبارك ﷲ أحسن الخالقين! موجز القول‪ :‬أن‬
‫المفعمة بالرضا والسكينة‪،‬‬
‫الجنين الذي يحيا في رباط مع أمه‪ ،‬سعيد من العواطف ُ ْ َ‬
‫سويٍ ونفسية‬ ‫ً‬
‫معترفا بإحسان أمه إليه في سلوك َ ّ‬ ‫يستجيب ‪-‬بإذن ربه‪ -‬بعد والدته‪،‬‬
‫اإلحسان ِإال ﱠ ِ ْ َ ُ‬
‫اإلحسان( فيا أيھا العبد العاصي‪ ،‬ألك‬ ‫جزاء ِ ْ َ ِ‬ ‫ھل َ َ ُ‬‫غالبا‪ ،‬لسان حاله‪ْ َ ) :‬‬ ‫ً‬ ‫ھادئة‬
‫خصيم‬
‫ھو َ ِ ٌ‬ ‫نطفة َ ِ َ‬
‫فإذا ُ َ‬ ‫اإلنسان َ ﱠ‬
‫أنا َ َ ْ َ ُ‬
‫خلقناه ِمن ﱡ ْ َ ٍ‬ ‫ير ِ َ ُ‬ ‫قدر إن فارقت صراط ﷲ ودربه؟ ) َ َ َ ْ‬
‫أولم َ َ‬ ‫َ ْ‬
‫تحتج على موالك وقد ھداك‪ ،‬وتحيد عن الطريق‬ ‫َ ﱡ‬ ‫خلقه(‬‫ونسي َ ْ َ‬
‫مثال َ َ ِ َ‬ ‫وضرب َ َ‬
‫لنا َ َ‬ ‫مبين * َ َ َ َ‬
‫ﱡِ ٌ‬
‫ونسي المبدأ والمنتھى‪ .‬بئس العبد عبد‬
‫َ‬ ‫وقد ﱠ‬
‫دلك وأرشدك؟ بئس العبد عبد سھا ولھى‬
‫تحصده‪ ،‬واألرض أن تخسف‬
‫وعتا ونسي الجبار األعلى‪ .‬السماء تستأذن ربھا أن َ ْ َ‬
‫طغى َ َ‬
‫به‪ ،‬والبحر أن يغرقه‪ ،‬من أنت؟ وما تكون األرض وما عليھا؟ ثق أنك سقطت من عين‬
‫قدر عند ﷲ لعصمك من المعاصي‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ﷲ‪ ،‬ولو كان لك‬
‫سواك *** ومن الذي في ظلمة األحشاء قد واالك‬
‫ﱠ‬ ‫يا أيھا الماء المھين من الذي‬
‫جاك؟‬
‫نعمائه *** ومن الكروب جميعھا ن ﱠ‬
‫غذاك من َ ْ َ ِ‬
‫ومن الذي ﱠ‬
‫ﱠ‬
‫حالك؟‬ ‫شق العيون فأبصرت *** ومن الذي بالعقل قد‬
‫ﱠ‬ ‫ومن الذي‬
‫دائما *** ومن الذي تنسى وال ينساك‬ ‫ً‬ ‫ومن الذي تعصي ويغفر‬
‫يوما من األيام؟ أنت‬
‫يشركون( النوم‪ ،‬ما النوم ؟ ھل تأملته ً‬
‫عما ُ ْ ِ ُ َ‬
‫ﷲ َ ﱠ‬ ‫ﷲ ََ َ‬
‫تعالى ُ‬ ‫مع ِ‬ ‫)ََِ ٌ‬
‫أإله ﱠ َ‬
‫تعرفه وتمارسه كل يوم‪ ،‬بل إن نصف عمرك أو أقل يذھب فيه‪ ،‬ضرورة ال غنى عنھا‪ ،‬بل‬
‫إن حياتك مؤلفة من قسمين اثنين ال ثالث لھما‪ ،‬من يقظة تبتغي فيھا فضل ﷲ‪َ ْ ِ ،‬‬
‫وفق‬
‫لباس‪ ،‬والنھار‬
‫شرع ﷲ‪ ،‬ونوم تبتغي فيه الراحة لتعاود العمل في طاعة ﷲ‪ ،‬الليل ِ َ‬
‫ذلك َ َ‬
‫آلياتٍ ِ ّ َ ْ ٍ‬
‫لقوم‬ ‫إن ِفي َ ِ َ‬
‫مبصرا ِ ﱠ‬
‫والنھار ُ ْ ِ ً‬
‫فيه َ ﱠ َ َ‬
‫تسكنوا ِ ِ‬
‫الليل لِ َ ْ ُ ُ‬ ‫جعل َ ُ ُ‬
‫لكم ﱠ ْ َ‬ ‫وھو ﱠ ِ‬
‫الذي َ َ َ‬ ‫معاش ) ُ َ‬
‫َ َ‬
‫موتھا‬
‫حين ِ ْ ِ َ‬
‫األنفس ِ َ‬
‫ُ َ‬ ‫ﷲ ََ َ ﱠ‬
‫يتوفى‬ ‫يسمعون( النوم آية‪ ،‬بل إنه وفاة وموت؛ بنص قول ﷲ‪ُ ) :‬‬ ‫َ ْ َ ُ َ‬
‫بالنھار( وﷲ ‪-‬‬
‫جرحتم ِ ﱠ َ ِ‬ ‫بالليل َو َ ْ َ ُ‬
‫يعلم َما َ َ ْ ُ‬ ‫يتوفاكم ِ ﱠ ْ ِ‬ ‫وھو ﱠ ِ‬
‫الذي َ َ َ ﱠ ُ‬ ‫منامھا( ) َ ُ َ‬
‫تمت ِفي َ َ ِ َ‬ ‫والتي َ ْ‬
‫لم َ ُ ْ‬ ‫َ ﱠِ‬
‫جل وعال‪ -‬ال ينام‪ ،‬وال ينبغي له أن ينام‪ ،‬يخفض القسط ويرفعه‪ "،‬حجابه النور‪ ،‬لو كشفه‬
‫سبحات وجھه ما انتھى إليه بصره من خلقه" كما في صحيح ]مسلم[‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ألحرقت‬
‫وجل أن يشبه األنام‬
‫ﱠ‬ ‫حي وقيوم فال ينام ***‬
‫ال تأخذه سنه وال نوم‪ ،‬ال إله إال ّ ھو‪ .‬ھل تأملت ما يجري إلنسان حين ينام وينسلخ من‬
‫وعيه فيرفع عنه القلم كيف يتسرب إليه النوم‪ ،‬ثم يستولي عليه؟ كيف يأتيه‪ ،‬أو كيف‬
‫يأتي ھو إلى النوم؟ إن أدنى درجات النوم ‪-‬كما تعلمون‪ -‬نعاس يصحبه تثاؤب‪ ،‬ثم تزنيق‬
‫الوسن؛ وھو أول النوم‪ ،‬ثم في درجة‬
‫وتغفيق‪ ،‬سمع بال فھم‪ ،‬ثم في درجة أخرى يأتي َ َ‬
‫السبات‪ ،‬ثم‬
‫ﱡ‬ ‫السنة‪ ،‬ثم السھاد‪ ،‬ثم الكرى‪ ،‬ثم‬
‫ِّ َ‬ ‫الغرار واإلغفاء‪ ،‬ثم‬
‫ثالثة يأتي التھويم مع ِ َ‬
‫النوم‪ .‬في النوم‬
‫والنخير؛ وھو أعلى وأثقل درجات ﱠ‬
‫ﱠ ِ‬ ‫بالشخير‬
‫ﱠ‬ ‫الرقاد‪ ،‬ثم الغطيط المتميز‬
‫ﱡ‬
‫تتعطل وظائف الحس إجماال‪ ،‬يتوقف البصر –أوال‪ -‬بإغماض الجفون حتى لو لم تغمض‬
‫العينان‪ ،‬كما ھي عند بعض الناس‪ ،‬فتبقى الجفون مفتوحة‪ ،‬لكن الرؤية مفقودة‪ ،‬كذلك‬
‫حدد العلماء‬
‫الموت‪ ،‬والنوم وفاة‪ .‬الحاسة التي تبقى تعمل خالل النوم ھي السمع‪ ،‬وقد ﱠ‬
‫والباحثون استمرار السمع خالل النوم بمقدار الثلثين على تفاوت بين الناس في‬
‫والنھار‬ ‫منامكم ِ ﱠ ْ ِ‬
‫بالليل َ ﱠ َ ِ‬ ‫آياته َ َ ُ ُ‬
‫ومن َ ِ ِ‬
‫السمع‪ .‬فما أجمل اإلعجاز في كتاب ﷲ يوم يقول‪ْ ِ َ ) :‬‬
‫يسمعون( فجمع بين النوم والسمع في‬ ‫لقوم َ ْ َ ُ َ‬ ‫ذلك َ َ‬
‫آلياتٍ ِ ّ َ ْ ٍ‬ ‫إن ِفي َ ِ َ‬ ‫وابتغاؤكم ِ ّمن َ ْ ِ ِ‬
‫فضله ِ ﱠ‬ ‫َ ِْ َ ُ ُ‬
‫سنين‬ ‫آذانھم ِفي ْ َ ْ ِ‬
‫الكھف ِ ِ َ‬ ‫ضربنا َ َ‬
‫على َ ِ ِ ْ‬ ‫أيضا‪َ) :‬ف َ َ ْ َ‬
‫ً‬ ‫سياق واحد‪ ،‬كما قال في سورة الكھف‬
‫ً‬
‫وتحقيقا الستقرار النوم وعدم‬ ‫تسعا(‬
‫وازدادوا ِ ْ ً‬
‫سنين َ ْ َ ُ‬ ‫ثالث ِ َ ٍ‬
‫مائة ِ ِ َ‬ ‫كھفھم َ َ‬ ‫عددا( ) َ َ ِ ُ‬
‫ولبثوا ِفي َ ْ ِ ِ ْ‬ ‫َ َ ً‬
‫رقود( أما‬
‫وھم ُ ُ ٌ‬ ‫وتحسبھم َ ْ َ ً‬
‫أيقاظا َ ُ ْ‬ ‫السمع عنھم‪ْ ُ ُ َ ْ َ َ ) .‬‬ ‫ﱠ‬ ‫اضطرابه عندھم أوقف ﷲ‪ -‬تعالى‪-‬‬
‫الدماغ أثناء النوم فال ينام بالمعني المفھوم‪ ،‬لكنه يتغير فبعد أن كان يبث على موجات‬
‫ِّ‬
‫ترددا‪ ،‬ولذا رفع القلم عن النائم حتى يستيقظ؛ ألن العقل‬
‫ً‬ ‫عالية يصبح على موجات أقل‬
‫أن أحدھما ربما‬ ‫متجاورين‪ ،‬ودار ِ َ َ ِ‬
‫بخلدك ﱠ‬ ‫ْ‬ ‫نائمين‬
‫ْ‬ ‫مناط التكليف كما ھو معلوم ‪ .‬ھل تأملت‬
‫بوده أال يستيقظ الدھر كله مما يجد من لذة‪ ،‬واآلخر يجاوره في‬
‫ينعم بالرؤى الصالحة ِ ّ‬
‫ينم‪ ،‬ثم ساءلت نفسك‪ ،‬ھل يعلم‬
‫بوده لو لم َ َ‬
‫يعذب باألحالم الشيطانية المزعجة‪ّ ِ ،‬‬
‫شقاء ُ ﱠ‬
‫يدر بخلدك وأنت‬
‫ھذا عن مجاوره‪ ،‬أو ذاك عن ھذا؟ أو أنت تعلم ما يدور بذھنھما‪ .‬ألم َ ُ‬
‫تستعرض ھذا في ذھنك أن تنتقل من ھذه الصورة مباشرة إلى المقابر‪ ،‬فتتخيل‬
‫كان َ ُ‬
‫له‬ ‫لمن َ َ‬ ‫ذلك َ ِ ْ َ‬
‫لذكرى ِ َ‬ ‫إن ِفي َ ِ َ‬
‫يعذب ) ِ ﱠ‬
‫ينعم‪ ،‬وذاك ُ ﱠ‬ ‫ً‬
‫صنوفا بجانب بعضھم‪ ،‬ھذا ُ ﱠ‬ ‫الموتى‬
‫السمع(‬
‫ﱠ ْ َ‬ ‫أو َ ْ َ‬
‫ألقى‬ ‫قلب َ ْ‬
‫َْ ٌ‬
‫ﱠ َ ِ‬
‫والنكد‬ ‫فنجنا من عذاب القبر‬
‫ِّ‬ ‫عفو ومغفرة ***‬
‫ٍ‬ ‫يا رب إنك ذو‬
‫واجعل إلى جنة الفردوس موئلنا *** مع النبيين واألبرار في ُ ْ‬
‫الخلد‬
‫تأملت قيام النائم من فراشه‪ ،‬وتجوله في الدار‪ ،‬ثم عودته إلى الفراش‪ ،‬وھو ما يزال‬
‫ھل ﱠ‬
‫نائما‪ ،‬وخرج من‬
‫ً‬ ‫شخصا نھض من فراشه‬
‫ً‬ ‫في نومه؟! يذكر صاحب كتاب النوم واألرق‪ :‬أن‬
‫النافذة‪ ،‬ومشى على كورنيش العمارة من الخارج‪ ،‬وتجمع الناس في الشارع يحبسون‬
‫أنفاسھم خشية وقوعه‪ ،‬وظل يمشى على الكورنيش مغمض العينين حتى دار حول‬
‫العمارة‪ ،‬ثم عاد إلى النافذة ودخل منھا ليعود إلى سريره‪ ،‬فيواصل نومه‪ ،‬ولما استيقظ‬
‫ً‬
‫شيئا مما حدث له‪ .‬لقد كان يتحرك وھو نائم بل يمشى على ارتفاعات شاھقة‬ ‫لم يذكر‬
‫مغمض العينين لو كان في صحوة ما استطاع ذلك ثم يعود إلى فراشه‪ .‬من الذي قاد‬
‫ُ َ‬
‫خطاه؟! إن في ھذا لداللة قاطعة على وحدانية ﷲ الواحد القھار؛ فإنما نفوس العباد‬
‫جميعا؛ فال يسوغ لھم‬
‫ً‬ ‫بيده في الحياة والموت والنوم واالنتباه ھو اإلله المتصرف فيھم‬
‫وفي َ ُ ِ ُ ْ‬
‫أنفسكم‬ ‫تذكرون( ) َ ِ‬ ‫ﷲ َِ‬
‫قليال ﱠما َ َ ﱠ ُ َ‬ ‫مع ِ‬ ‫أن يتجھوا إلى غيره بأي حال من أحوالھم ) َ ِ َ ٌ‬
‫أإله ﱠ َ‬
‫عد‪ ،‬كلھا حق وصدق‪ ،‬تستحق الذكر والشكر‬ ‫حد لھا وال ّ‬
‫تبصرون( آيات باھرات ال ﱠ‬ ‫ََ‬
‫أفال َ ُ ْ ِ ُ َ‬
‫باللسان والجنان واألركان‪ ،‬وقليل من العباد الشكور‪.‬‬
‫لو كنت أعرف فوق الشكر منزلة *** أعلى من الشكر عند ﷲ في الثمن‬
‫شكرا على صنع ما أوليت من حسن‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫إذا منحتكھا ربي مھذبة ***‬
‫وباطنا‪ .‬إنھا آيات في األنفس تنطق بحكمة الخالق‬
‫ً‬ ‫وظاھرا‬
‫ً‬ ‫اللھم لك الحمد أوال وآخر‪،‬‬
‫وعظمته‪ ،‬ھل استعظمتم ھذا؟ ھل استكبرتم ھذا؟ إن ھناك َما ھو أعظم وأكبر) َ َ ْ ُ‬
‫لخلق‬
‫الناسِ ال َ َ ْ َ ُ َ‬
‫يعلمون( تأمل السماء ثم‬ ‫ولكن َ ْ َ َ‬
‫أكثر ﱠ‬ ‫الناسِ َ َ ِ ﱠ‬ ‫من َ ْ‬
‫خلقِ ﱠ‬ ‫أكبر ِ ْ‬ ‫َ‬
‫واألرضِ ْ َ ُ‬
‫السماوات َ ْ‬
‫ﱠ َ َ ِ‬
‫ارجع البصر إليھا أخرى‪ ،‬انظر فيھا وفي كواكبھا‪ ،‬دورانھا‪ ،‬وطلوعھا‪ ،‬وغروبھا‪ ،‬واختالف‬
‫ألوانھا وكثرتھا‪ ،‬وشمسھا وقمرھا‪ ،‬باختالف مشارقھا ومغاربھا‪ ،‬حركتھا من غير فتور وال‬
‫مقدر ال يزيد وال ينقص إلى أن‬
‫رتبت لھا بحساب ُ ﱠ‬
‫تغير في سيرھا‪ ،‬تجري في منازل قد ِ ّ‬
‫يطويھا فاطرھا‪ .‬تأمل تجد أنه ما من كوكب إال و‪ 9‬من َ ْ ِ‬
‫خلقه ِ ْ َ‬
‫حكمة‪ ،‬في مقداره‪ ،‬في‬
‫وبعده‪ ،‬في قربه من‬
‫شكله‪ ،‬في لونه‪ ،‬في موضعه في السماء‪ ،‬في قربه من وسطھا ُ ْ ِ‬
‫عظمھا َ ِ َ‬
‫وعظم ما‬ ‫الكواكب التي تليه وبعده‪ ،‬على صفحة سماوات ترونھا ُ ْ ِ‬
‫أمسكت مع ِ َ ِ‬
‫ترونھا(‬
‫عمد َ َ ْ َ َ‬
‫بغير َ َ ٍ‬
‫السماواتِ ِ َ ْ ِ‬
‫ﱠ َ َ‬ ‫عمد من تحتھا‪َ َ َ ) .‬‬
‫خلق‬ ‫فيھا‪ ،‬فثبتت بال عالئق من فوقھا‪ ،‬وال ُ ُ ٍ‬
‫بإذنه( واإلنسان العاقل أمام بديع صنع ﷲ في‬ ‫األرضِ ِإال ﱠ ِ ِ ْ ِ ِ‬
‫على ْ‬ ‫السماء َأن َ َ َ‬
‫تقع َ َ‬ ‫ﱠ َ َ‬ ‫ويمسك‬
‫) َُ ْ ِ ُ‬
‫سماواته يتوقف طويال أمام أصغر جسم‪ ،‬وأعظم جسم‪ ،‬يرى فيھا فتثبت له أدلة‬
‫اإليمان‪ ،‬بعظمة الخالق في ملكوته‪ ،‬فما يملك إال أن تخشع جوارحه‪ ،‬وتخضع‪ ،‬وتذل‪،‬‬

‫حق َ ْ ِ‬
‫قدره‪ ،‬وتفرده بالعبادة وحده ال شريك له‪.‬‬ ‫ﱠ‬ ‫فتقدر ﷲ‬
‫وتستجيب‪ُ ْ َ ،‬‬
‫موحد‬
‫ﱠ‬ ‫فرد‬
‫ٌ‬ ‫الخلق َ ْ ِ‬
‫قدره *** ومن ھو فوق العرش‬ ‫يقدر َ ْ َ‬
‫فسبحان ﷲ ال َ ْ ُ‬
‫شي ٍء َ ِ ٌ‬
‫قدير( نظر أحد علماء الفلك الكفار إلى‬ ‫كل َ ْ‬ ‫وھو َ َ‬
‫على ُ ِ ّ‬ ‫بيده ْ ُ ْ ُ‬
‫الملك َ ُ َ‬ ‫تبارك ﱠ ِ‬
‫الذي ِ َ ِ ِ‬ ‫)ََ َ َ‬
‫بناه بنفسه‪ ،‬فرأى ما أذھله في ھذا الكون‪ ،‬فقال‪ :‬إن اإلنسانية‬
‫السماء من خالل منظار َ َ‬
‫سبر أغوار الكون‪ ،‬ولن تعرف من الكون إال مقدار ما نعرفه من نقطة ماء‬
‫لن تنتھي من َ ْ‬
‫من ْ َ َ ِ‬
‫الحياة‬ ‫يعلمون َ ِ ً‬
‫ظاھرا ِ ّ َ‬ ‫وصدق؟ ال‪ ،‬وصدق ﷲ ) َ ْ َ ُ َ‬
‫ﱠ‬ ‫في محيط عظيم‪ .‬فھل آمن مع ذلك‬
‫أيضا‪ :‬إن وضع األجرام السماوية ليس مجرد‬ ‫ً‬ ‫ُون( وقال آخر‬
‫ھم َغافِل َ‬ ‫عن َ ِ َ ِ‬
‫اآلخرة ُ ْ‬ ‫وھم َ ِ‬
‫الدنيا َ ُ ْ‬
‫ﱡَْ‬
‫ﱠ‬
‫بدقة وإتقان؛ إذ أن القمر لو اقترب من‬ ‫مصادفة وعشوائية‪ ،‬بل ھي موضوعة في الفضاء‬
‫مد البحر األرض كلھا‪ ،‬وما عالقة‬ ‫األرض بمقدار ربع المسافة التي تفصلنا عنه ألغرق ّ‬
‫وفي َ ُ ِ ِ ْ‬
‫أنفسھم‬ ‫آياتنا ِفي َ َ‬
‫اآلفاقِ َ ِ‬ ‫سنريھم َ ِ َ‬
‫القمر بالبحر؟! ﷲ يعلمھا الذي قال وصدق‪ْ ِ ِ ُ َ ) :‬‬
‫الحق( وال يزال علماء الفلك يكتشفون من خالل تجاربھم‬ ‫لھم َ ﱠ ُ‬
‫أنه ْ َ ﱡ‬ ‫يتبين َ ُ ْ‬
‫حتى َ َ َ ﱠ َ‬
‫َ ﱠ‬
‫يشده ويدھش العقول في ھذا الكون الفسيح‪ ،‬حتى‬
‫ومراصدھم ومناظيرھم كل يوم ما ْ َ ُ‬
‫معبرا عن اكتشافه وضآلة ما اكتشفه بجانب ذلك الخلق العظيم‪،‬‬
‫ً‬ ‫قال مكتشف الجاذبية‬
‫يقول‪ :‬لست أدري كيف أبدو في نظر العالم‪ ،‬ولكني في نظر نفسي‪ ،‬وأنا أبحث في‬
‫غالما يلعب على شاطئ البحر‪ ،‬ويلھو بين حين وآخر بالعثور‬
‫ً‬ ‫ھذا الكون أبدو كما لو كنت‬
‫حجر أملس‪ ،‬أو محارة بالغة الجمال‪ ،‬في الوقت الذي يمتد فيه محيط الحقيقة‬ ‫على َ َ‬
‫العلم ِإال ﱠ َ ِ‬
‫قليال( لقد رأى البروج‬ ‫وما ُ ِ ُ‬
‫أوتيتم ِ ّمن ْ ِ ْ ِ‬ ‫أمامي دون أن يسبر أحد غوره‪ ،‬نعم ) َ َ‬
‫عرف‪ ،‬ورأى العمالقة وقد‬
‫عرف منھا ما ُ ِ‬
‫الصغيرة وھي تتألف من عشرة ماليين نجم قد ُ ِ‬
‫وصل عدد نجومھا المعروفة لنا إلى عشرة آالف مليار نجم يرتبط بعضھا ببعض في غاية‬
‫دقة وإحكام‪.‬‬
‫صنعا وأتقن أيما إتقان‬
‫ً‬ ‫ﷲ أحكم خلق ذلك كله ***‬

‫عرف‬ ‫نعم‪ ،‬لقد رأى مجموعة النظام الشمسي‪ ،‬وقد ﱠ‬


‫تألفت من مائة مليار نجم‪ ،‬قد ُ ِ‬
‫وعرف منھا الشمس‪ ،‬وتبدو ھذه المجموعة كقرص قطره تسعون ألف سنة ضوئية‪،‬‬
‫وسمكه خمسة آالف سنة ضوئية‪ ،‬ومع ھذا البعد الشاسع فإن ضوء الشمس يصلنا‬
‫في لحظات‪ ،‬وكذلك نور القمر‪ .‬بل قد رأى ھناك مجموعات تكبرھا بعشرات المرات‪،‬‬
‫أحصى منھا مائة مليار مجموعة تجري‪ ،‬كلھا في نظام دقيق بسرعة ھائلة‪ ،‬كل في‬
‫بروجا‬ ‫ﱠ َ ِ‬
‫السماء ُ ُ ً‬ ‫جعل ِفي‬ ‫تبارك ﱠ ِ‬
‫الذي َ َ َ‬ ‫مساره الخاص دون اصطدام‪ ،‬كل يجري ألجل ) َ َ َ َ‬
‫منيرا( ھذا الذي رآه‪ ،‬وما لم يره أكثر‪ ،‬فقد قال ﷲ ‪-‬عز وجل‪:-‬‬ ‫سراجا َ َ َ ً‬
‫وقمرا ﱡ ِ ً‬ ‫فيھا ِ َ ً‬‫وجعل ِ َ‬
‫َ َ َ َ‬
‫وما ال َ ُ ْ ِ ُ َ‬
‫تبصرون(‬ ‫تبصرون * َ َ‬
‫بما ُ ْ ِ ُ َ‬ ‫) َفال َ ُ ْ ِ ُ‬
‫أقسم ِ َ‬
‫ويقول أحد كبار علماء الفلك – وھو يھودي –‪ :‬أريد أن أعرف كيف خلق ﷲ الكون‪ ،‬أريد‬
‫بشرير‪ ،‬ﷲ ال يلعب بالنرد مع الكون‪ ،‬تعالى ﷲ‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫أن أعرف أفكاره‪ .‬ﷲ بارع حاذق ليس‬
‫تنكرون( كيف لو ﱠ‬
‫اطلع على ما جاء في القرآن‪ ،‬لربما‬ ‫آياتِ ِ‬
‫ﷲ ُ ُِ َ‬ ‫آياته َ َ ﱠ‬
‫فأي َ‬ ‫ويريكم َ ِ ِ‬
‫وجل ﷲ ) َ ُ ِ ُ ْ‬
‫ﱠ‬
‫كان من المؤمنين ً‬
‫حقا‪ .‬نعم‪ ،‬ﷲ ال يلعب مع الكون‪ ،‬عز وجل‪ ،‬وتبارك وتعالى وتقدس ھو‬
‫لھوا ﱠ ﱠ َ ْ َ ُ‬
‫التخذناه‬ ‫أردنا َأن ﱠ ﱠ ِ َ‬
‫نتخذ َ ْ ً‬ ‫لو َ َ ْ َ‬
‫العبين * َ ْ‬
‫بينھما َ ِ ِ َ‬
‫وما َ ْ َ ُ َ‬
‫واألرض َ َ‬
‫السماء َ ْ َ‬
‫ﱠ َ َ‬ ‫وما َ َ ْ َ‬
‫خلقنا‬ ‫القائل‪َ َ ) :‬‬
‫الويل‬ ‫زاھق َ َ ُ ُ‬
‫ولكم ْ َ ْ ُ‬ ‫ھو َ ِ ٌ‬ ‫فيدمغه َ ِ َ‬
‫فإذا ُ َ‬ ‫الباطل َ َ ْ َ ُ ُ‬ ‫بالحقِ َ َ‬
‫على ْ َ ِ ِ‬ ‫نقذف ِ ْ َ ّ‬
‫بل َ ْ ِ ُ‬ ‫كنا َ ِ ِ َ‬
‫فاعلين * َ ْ‬ ‫ِمن ﱠ ُ ﱠ‬
‫لدنا ِإن ُ ﱠ‬
‫تصفون( أحبتي في ﷲ؛ ما األرض بالنسبة للكون إال كحبة رمل في صحراء الربع‬
‫مما َ ِ ُ َ‬
‫ِ ﱠ‬
‫الخالي تسير في مسار حول الشمس دون أن يصطدم بھا ماليين النجوم‪ ،‬والكواكب‬
‫يقينا العترانا رھبة وخشوع يقود إلى امتثال‬
‫ً‬ ‫المنتشرة في الكون‪ .‬أما إننا لو علمنا ذلك‬
‫نفسه ﱠ‬
‫زكاھا‪ .‬إن السماء‬ ‫َ‬ ‫ألمر ﷲ في غاية حب وذل‪ ،‬وعندھا نزكو ونفلح‪ ،‬يوم يفلح َمن‬
‫أبدا‪ ،‬ولھذا‬
‫وتناثر الكواكب فيھا أجمل مشھد تقع عليه العين‪ ،‬وال تمل طول النظر إليه ً‬
‫اخل بنفسك‬‫ُ‬ ‫أخي المسلم فإني أدعوك إلى أن تطلع على شيء من علم الفلك‪ ،‬ثم‬
‫بضع دقائق في ليل صفا َ ِ‬
‫أديمه‪ ،‬وغاب قمره‪ ،‬ثم تأمل عالم النجوم ‪ ،‬واعلم أن ما تراه ما‬
‫ھو إال جزء يسير من مائة مليار مجموعة قد عرفت‪ ،‬وكثير منھا لم يعرف‪ ،‬كل منھا في‬
‫بثه ﷲ في السماوات‬
‫مسارھا يسير‪ ،‬ال يختلط بغيره‪ .‬وأنت تتأمل انقل تفكيرك إلى ما ﱠ‬
‫من مالئكة ال يحصيھم إال ھو‪ ،‬فما من موضع أربعة أصابع إال وملك قائم ‪9‬؛ راكع أو‬
‫ألفا ال يعودون‬
‫ساجد‪ ،‬يطوف منھم بالبيت المعمور في السماء السابعة كل يوم سبعون ً‬
‫وحق لھا أن تئط" كما جاء في الصحيح‪ .‬ثم انقل‬
‫ﱠ‬ ‫إليه إلى قيام الساعة‪ " .‬ﱠ‬
‫أطت السماء‬
‫نفسك أخرى وتجاوز تفكيرك إلى بصيرة يسير قلبك بھا إلى عرش الرحمن‪ ،‬وقد علمت‬
‫ومجراتھا‪،‬‬
‫ﱠ‬ ‫بالنقل سعته وعظمته ورفعته‪ ،‬عندھا تعلم أن السماوات بمالئكتھا‪ ،‬ونجومھا‪،‬‬
‫ومجموعاتھا‪ ،‬واألرضين بجبالھا‪ ،‬وبحارھا‪ ،‬وما بينھما بالنسبة للعرش كحلقة ُ ْ‬
‫ملقاة بأرض‬
‫فالة‪ .‬فال إله إال ﷲ! وحده ال شريك له‪ ،‬له الملك وله الحمد‪ ،‬وھو على كل شيء قدير‬
‫المالئكة حفت من حول العرش‪ ،‬يسبحون‪ ،‬ويحمدون‪ ،‬ويقدسون‪ ،‬ويكبرون‪ ،‬واألمر يتنزل‬
‫من ﷲ بتدبير الممالك التي ال يعلمھا إال ﷲ‪ .‬يتنزل األمر بإحياء قوم‪ ،‬وإماتة آخرين‪،‬‬
‫نعم‪ ،‬وقضاء حاجات‪ ،‬من جبر‬ ‫قوم‪ ،‬وإذالل قوم‪ ،‬وإنشاء ُ ْ‬
‫ملك‪ ،‬وسلب ملك‪ ،‬وتحويل ِ َ‬ ‫ٍ‬ ‫وإعزاز‬
‫ضر‪ ،‬ونصر‬
‫كسير‪ ،‬وإغناء فقير‪ ،‬وشفاء مريض‪ ،‬وتفريج كرب‪ ،‬ومغفرة ذنب‪ ،‬وكشف ُ‬
‫مظلوم‪ ،‬وھداية حيران‪ ،‬وتعليم جاھل‪ ،‬وردّ آبق‪ ،‬وأمان خائف‪ ،‬وإجارة مستجير‪ ،‬وإغاثة‬
‫معتد‪ .‬مراسيم تدور بين العدل‬
‫ٍ‬ ‫ملھوف‪ ،‬وإعانة عاجز‪ ،‬وانتقام من ظالم‪ ،‬وكف عدوان من‬
‫والفضل‪ ،‬والحكمة والرحمة‪ ،‬تنفذ أقطار العالم‪ ،‬ال يشغله سمع شيء منھا عن سمع‬
‫غيره‪ ،‬وال ُتغلطه كثرة المسائل والحوائج على تباينھا واتحاد وقتھا‪ ،‬ال يتبرم من إلحاح‬
‫الملحين‪ ،‬ال تنقص ذرة من خزائنه‪ ،‬ال إله إال ھو! ذلكم ﷲ ربكم‪ ،‬فتبارك ﷲ رب‬
‫ِّ‬
‫لعزته‪ ،‬سجدة ال‬
‫العالمين‪ .‬عندھا حق للقلب والجوارح أن تسجد مطرقة لھيبته‪ ،‬عانية ﱠ‬
‫سبحانك‬
‫باطال ُ ْ َ َ َ‬
‫ھذا َ ِ‬ ‫ربنا َما َ َ ْ َ‬
‫خلقت َ َ‬ ‫مرددا ) َ ﱠ َ‬
‫ً‬ ‫يرفع الرأس منھا إلى يوم المزيد‪َ ْ ،‬‬
‫يلھج صاحبھا‬
‫النار( ھل تأملت اختالف األلسنة واللغات وتباينھا من عربية وعجمية؛‬
‫عذاب ﱠ َ‬ ‫َ َِ‬
‫فقنا َ َ َ‬
‫إن‬
‫صوتا ِ ﱠ‬
‫ً‬ ‫كرومية وفارسية وتركية‪ ،‬وغيرھا من اللغات‪ ،‬ال لغة تشبه لغة‪ ،‬وال صوت يشبه‬
‫آلية ثم ھل تأملت اختالف األلوان من بيض وسود‪ ،‬وحمر وصفر وخضر‪ ،‬ال لون‬ ‫في ذلك َ‬
‫متميزا بينكم ال يلتبس ھذا بذاك‪ .‬بل في كل فرد ما‬
‫ً‬ ‫واحد‬
‫ٍ‬ ‫لونا‪ ،‬حتى صار كل‬
‫يشبه ً‬
‫يميزه عن غيره‪ ،‬مع أن الجميع أوالد رجل واحد‪ ،‬وامرأة واحدة؛ آدم وحواء –عليھما‬
‫السالم‪ .-‬إن في ھذا من بديع قدرة ﷲ ما يستحق أن يفرد معه بالعبودية‪ ،‬وما يعقله إال‬
‫واألرضِ َ ْ ِ َ ُ‬
‫واختالف‬ ‫السماواتِ َ ْ‬
‫ﱠ َ َ‬ ‫آياته َ ْ ُ‬
‫خلق‬ ‫ومن َ ِ ِ‬
‫العالمون‪ ،‬وال يفھمه إال المتفكرون‪ْ ِ َ ) .‬‬ ‫َ ِ ُ‬
‫ذلك َ َ‬
‫آلياتٍ ِ ّ ْ َ َ ِ َ‬
‫للعالمين( تأمل تعاقب الليل والنھار بصورة معتدلة‪،‬‬ ‫إن ِفي َ ِ َ‬ ‫ألسنتكم َ َ ْ َ ِ ُ ْ‬
‫وألوانكم ِ ﱠ‬ ‫َْ ِ َ ِ ُ ْ‬
‫نھارا مذ خلق‬
‫ً‬ ‫وتفاوت الليل عن النھار‪ ،‬وكال عن مثله‪ ،‬فال ليل يشبه ليال‪ ،‬وال نھار يشبه‬
‫ﷲ الخلق وحتى قيام الساعة‪ ،‬إن ذلك من أعجب وأبدع آيات ﷲ الدالة على ربوبيته‬
‫لمن َ َ َ‬
‫أراد‬ ‫خلف ًة ِ ّ َ ْ‬
‫والنھار ِ ْ َ‬ ‫جعل ﱠ ْ َ‬
‫الليل َ ﱠ َ َ‬ ‫وھو ﱠ ِ‬
‫الذي َ َ َ‬ ‫والنھار( ) َ ُ َ‬ ‫آياته ﱠ ْ‬
‫الليل َ ﱠ َ‬ ‫ومن َ ِ ِ‬
‫وألوھيته وحكمته ) َ ِ ْ‬
‫شكورا( إن تعاقب الليل والنھار نعمة عظيمة؛ إذ ھي تنظم وجود األحياء‬ ‫أو َ َ َ‬
‫أراد ُ ُ ً‬ ‫يذكر َ ْ‬
‫َأن َ ﱠ ﱠ َ‬
‫الثمار‪ ،‬وھجرة الطيور واألسماك‬
‫وتفتح األزھار‪ ،‬ونضج ِّ‬
‫ﱡ ُ‬ ‫على األرض‪ ،‬من نمو النبات‪،‬‬
‫قل‬
‫نھارا بال ليل‪ ،‬كيف تكون الحياة؟ ) ُ ْ‬ ‫ً‬ ‫والحشرات‪ ،‬ومن شاء فليتصور ليال بال نھار‪ ،‬أو‬
‫بضيا ٍء‬ ‫ﷲ ِْ ُ ْ‬
‫يأتيكم ِ ِ َ‬ ‫غير ِ‬ ‫من ِ َ ٌ‬
‫إله َ ْ ُ‬ ‫يوم ْ ِ َ َ ِ‬
‫القيامة َ ْ‬ ‫إلى َ ْ ِ‬ ‫سرمدا ِ َ‬
‫الليل َ ْ َ ً‬ ‫ﷲ َ َْ ُ ُ‬
‫عليكم ﱠ ْ َ‬ ‫جعل ُ‬ ‫َ ُ ْ‬
‫أرأيتم ِإن َ َ َ‬
‫غير‬
‫إله َ ْ ُ‬‫من ِ َ ٌ‬ ‫يوم ْ‬
‫ال ِ َ َ ِ‬
‫قيامة َ ْ‬ ‫إلى َ ْ ِ‬ ‫سرمدا ِ َ‬
‫النھار َ ْ َ ً‬ ‫ﷲ َ َْ ُ ُ‬
‫عليكم ﱠ َ َ‬ ‫جعل ُ‬ ‫قل َ ُ ْ‬
‫أرأيتم ِإن َ َ َ‬ ‫تسمعون * ُ ْ‬ ‫ََ‬
‫أفال َ َ ْ َ ُ َ‬
‫فيه َأفال َ ُ ْ ِ ُ َ‬
‫تبصرون( أما إنھا لو سكنت حركة الشمس لغرق نصف‬ ‫تسكنون ِ ِ‬
‫بليل َ ْ ُ ُ َ‬ ‫ﷲ َِْ ُ ْ‬
‫يأتيكم ِ َ ْ ٍ‬ ‫ِ‬
‫األرض في ليل سرمدي‪ ،‬وغرق نصفھا اآلخر في نھار سرمدي‪ ،‬وتعطلت مع ذلك مصالح‬
‫ومنافع‪ ،‬ومن عاش في المناطق القطبية بعض الوقت عرف نعمة تعاقب الليل والنھار؛ إذ‬
‫والنھار‬
‫الليل َ ﱠ َ َ‬ ‫جعل َ ُ ُ‬
‫لكم ْ ﱠ ْ َ‬ ‫رحمته َ َ َ‬
‫ومن ﱠ ْ َ ِ ِ‬
‫يبقى النھار لمدة ستة أشھر‪ ،‬والليل كذلك‪ِ َ ) .‬‬
‫تشكرون( يقول رائد الفضاء السوفيتي الملحد‬ ‫فضله َ َ َ ﱠ ُ ْ‬
‫ولعلكم َ ْ ُ ُ َ‬ ‫ولتبتغوا ِمن َ ْ ِ ِ‬
‫فيه َ ِ َ َ ُ‬
‫لتسكنوا ِ ِ‬
‫َِ ْ ُُ‬
‫كوة مركبته فرأى بديع خلق ﷲ في السماوات‬
‫عندما أصبح حول األرض‪ ،‬ونظر من ُ ﱠ‬
‫سحرت عيناي‪ ،‬ثم يقول‪ :‬في الفضاء يحل‬
‫واألرض‪ ،‬فقال‪ :‬ماذا أرى؟! أنا في حلم أم ُ ِ َ‬
‫الليل بصورة مفاجئة‪ ،‬وبسرعة تقطع األنفاس‪ ،‬وتعمي العيون بال تدرج كما ھو الحال‬
‫على األرض‪ ،‬وليل الفضاء الخارجي من أشد األشياء السوداء التي رأيتھا في حياتي‪،‬‬
‫ثوان في وسط‬
‫ٍ‬ ‫مبددة خالل‬
‫ّ‬ ‫يقول‪ :‬ثم تظھر الشمس فجأة‪ ،‬وتلمع كأنھا ضوء صاعقة‬
‫الليل الحالك‪ ،‬فال تدرج في الفضاء‪ ،‬بل ثوان وأنت في ليل مظلم في َ ْ َ‬
‫أحلك الظلمات‪،‬‬
‫وثوان أخرى وأنت في نھار ساطع النور وھاج يبدد الظلمات‪ .‬فيا لھا من نعمة‪ ،‬نعمة‬
‫الشروق والغروب‪ ،‬والليل والنھار‪ ،‬التي أقسم ﷲ –عز وجل‪ -‬بھا في عدة آيات فقال‪:‬‬
‫نحن‬
‫وما َ ْ ُ‬
‫منھم َ َ‬
‫خيرا ِ ّ ْ ُ ْ‬ ‫على َأن ﱡ َ ِّ َ‬
‫نبدل َ ْ ً‬ ‫لقادرون * َ َ‬
‫إنا َ َ ِ ُ َ‬ ‫المشارقِ َ ْ َ َ ِ‬
‫والمغاربِ ِ ﱠ‬ ‫بربِ ْ َ َ ِ‬ ‫) َفال ُ ْ ِ ُ‬
‫أقسم ِ َ ّ‬
‫يغشاھا( ولك أن تتأمل أخرى‪ ،‬في‬
‫إذا َ ْ َ َ‬ ‫جالھا * َوالل ﱠ ْ ِ‬
‫يل ِ َ‬ ‫إذا َ ﱠ َ‬
‫والنھار ِ َ‬
‫بمسبوقين( وقال‪ َ ) :‬ﱠ َ ِ‬
‫ِ َ ْ ُ ِ َ‬
‫فالبرغم من بديع ما رأى خالل دورانه حول األرض‬
‫ﱠ‬ ‫قائل ھذه الكلمات الشيوعي الملحد؛‬
‫ﱡ‬
‫والذھول أمام عظمة‬ ‫يرد على لسانه سوى اإلعجاب بما صنعه اإلنسان‪،‬‬
‫إال ّ أنه لم َ ِ‬
‫الكون‪ ،‬ثم السكوت المطلق عن خالق الكون ومبدعه‪ ،‬واستحقاقه للعبادة وحده ال‬
‫يعمھون(‬
‫ُغيانھم َ ْ َ ُ َ‬
‫ويذرھم ِفي ط ْ َ ِ ِ ْ‬ ‫ھادي َ ُ‬
‫له َ َ َ ُ ُ ْ‬ ‫ﷲ َفال َ َ ِ َ‬
‫يضلل ُ‬
‫ومن ﱡ ْ ِ ِ‬
‫شريك له‪ ،‬فسبحان ﷲ! ) َ‬
‫سكنا‬
‫ً‬ ‫اإلنسان َلظَل ٌ‬
‫ُوم َ ﱠ ٌ‬
‫كفار( تأمل كيف جعل ﷲ الليل‬ ‫إن ْ َ َ‬ ‫لربه َ َ ُ ٌ‬
‫لكنود( ) ِ ﱠ‬ ‫اإلنسان ِ َ ِ ّ ِ‬
‫إن ِ َ َ‬‫)ِ ﱠ‬
‫ولباسا؟ يغشى العالم فتسكن فيه الحركات‪ ،‬وتأوي إلى بيوتھا الحيوانات‪ ،‬وإلى أوكارھا‬
‫ً‬
‫والنصب فيه تستريح‪ ،‬حتى إذا‬
‫ﱠ َ‬ ‫تستجم فيه النفوس‪ ،‬ومن َ ِّ‬
‫كد السعي‬ ‫ﱡ‬ ‫الطير والحشرات‪،‬‬
‫ﱠ‬
‫وتطلعت إلى معاشھا جاء فالق اإلصباح –سبحانه‪-‬‬ ‫وسباتھا‬
‫أخذت النفوس راحتھا َ ُ َ‬
‫ممزق‪ ،‬ويكشفھا عن العالم فإذا‬
‫ويمزقھا كل ُ َ ﱠ‬
‫ِّ‬ ‫يقدمه بشير الصباح‪ ،‬فيھزم الظ ُْل َ‬
‫مة‬ ‫ُ‬ ‫بالنھار‬
‫أوكارھا لتطلب معاشھا ومصالحھا‪ .‬فيا‬
‫ھم مبصرون‪ .‬فينتشر الحيوان‪ ،‬وتخرج الطير من ْ ِ‬
‫تعرضون ال َ َ ْ َ‬
‫تخفى‬ ‫يومئذ ُ ْ َ ُ َ‬
‫معاد ونشأة دالة على قدرة ﷲ على المعاد األكبر‪ٍ ِ َ ْ َ ) .‬‬
‫ٍ‬ ‫له من‬
‫يعمي عن ھذه اآليات البينة من شاء من خلقه فال‬
‫خافية( ويا سبحان ﷲ كيف ُ ْ ِ‬
‫منكم َ ِ َ ٌ‬
‫ِ ُ ْ‬
‫يھتدي بھا‪ ،‬وال يبصرھا؛ كمن ھو واقف في الماء إلى َ ْ ِ‬
‫حلقه وھو يستغيث من شدة‬
‫معقب‬
‫ِّ‬ ‫العطش وينكر وجود الماء‪ .‬يھدي ﷲ من يشاء‪ ،‬ويضل من يشاء‪ ،‬يحكم ال‬
‫لحكمه‪ ،‬ال إله إال ھو‪ ،‬له الحكم وإليه ترجعون‪ .‬ثم تأمل ھذه األرض بينما ھي ھادئة‬
‫ساكنة وادعة؛ مھاد وفراش‪ ،‬قرار وذلول‪ ،‬خاشعة‪ ،‬إذا بھا تھتز‪ ،‬تتحرك‪ ،‬تثور‪ ،‬تتفجر‪،‬‬
‫خسف‪ ،‬براكين‪ ،‬تجدھا آية من آيات ﷲ‪ ،‬وكم ‪ 9‬من آية‬
‫تدمر‪ ،‬تبتلع‪ ،‬تتصدع‪ ،‬زالزل‪ْ َ ،‬‬
‫ّ‬
‫حق عليه القول‪ .‬وھي –‬
‫ﱠ‬ ‫يخوف ﷲ بھا عباده ﱠ‬
‫لعلھم يرجعون!‪ ،‬وھي مع ذلك جزاء لمن‬
‫ويحشرون‪ ،‬وعندھا ال ينفع مال وال بنون‪.‬‬ ‫ً‬
‫أيضا‪ -‬تذكير بأھوال الفزع األكبر‪ ،‬يوم ُيبعثون ُ‬
‫يذكر صاحب علوم األرض القرآنية أنه قبل حوالي خمسة قرون ضرب زلزال شمال الصين‬
‫عشر ثوان فقط‪ ،‬ھلك بسببه أربعمائة ألف وثالثون ألف ألف شخص‪ ،‬وقبل ثالثة قرون‬
‫ضرب زلزال مدينة >لشبونة< في >البرتغال< لعدة ثوان‪ ،‬ھلك فيه ستمائة ألف‪ ،‬وشعر‬
‫الناس برعب َ َ‬
‫وھلع وجزع إثر ارتجاج األرض تحت أقدامھم على مساحة ماليين األميال‪،‬‬
‫نغتال من تحتنا‪.‬‬
‫فنعوذ با‪ 9‬أن ُ ْ َ‬
‫فسمع االنفجار إلى مسافة‬
‫ُ ِ‬ ‫وانفجرت جزيرة >كاراكات< في المحيط الھندي قبل قرن‪،‬‬
‫خمسة آالف كيلو متر‪ ،‬وسجلته آالت الرصد في العالم‪ ،‬وتحولت معه في ثوان جزيرة‬
‫مربعا إلى قطع نثرھا االنفجار على مساحة مليون كيلو متر‬
‫ً‬ ‫مترا‬
‫ً‬ ‫حجمھا عشرون كيلو‬
‫والرماد إلى خمسة وثالثين كيلو متر في الفضاء‪ ،‬وأظلمت‬
‫ﱠ‬ ‫مربع‪ ،‬وارتفعت أعمدة الدخان‬
‫السماء على مساحة مئات الكيلو مترات حاجبة نور الشمس لمدة سنتين‪ ،‬وارتفعت‬
‫مترا‪ ،‬فأغرقت ستة وثالثين ألف نسمة من سكان >جاوا< و‬ ‫ً‬ ‫أمواج البحر إلى علوّ ثالثين‬
‫عذابا ِ ّمن‬
‫عليكم َ َ ً‬ ‫على َأن َ ْ َ َ‬
‫يبعث َ َ ْ ُ ْ‬ ‫القادر َ َ‬
‫ھو ْ َ ِ ُ‬
‫قل ُ َ‬ ‫ربك ِإال ﱠ ُ‬
‫ھو( ) ُ ْ‬ ‫جنود َ ِ ّ َ‬ ‫وما َ ْ َ ُ‬
‫يعلم ُ ُ َ‬ ‫>سمطرا< ) َ َ‬
‫حت َ ْ ُ ِ ُ ْ‬
‫أرجلكم(‬ ‫فوقكم َ ْ‬
‫أو ِمن تَ ْ ِ‬ ‫َ ْ ِ ُ ْ‬
‫)قتل اإلنسان ما أكفره( يسمع ويرى آيات ﷲ من زالزل وبراكين وأعاصير وأوبئة تحصد‬
‫ثوان فال يتأمل وال يتدبر وال يرعوي وال يقدر ﷲ حق قدره بل يعيد ذلك أحياناً‬
‫ٍ‬ ‫اآلالف في‬
‫إلى الطبيعة في بالدة وبالھة ال مثيل لھا )وما قدروا ﷲ حق قدره واألرض جميعاً قبضته‬
‫يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون( ال يملك المسلم‬
‫إزاء ھذه البالھة والبالدة إال أن يقول بقول ﷲ )وال يظلم ربك أحدا() ولو أن أھل القرى‬
‫آمنوا واتقوا لفتحنا عليھم بركات من السماء واألرض ولكن كذبوا فأخذناھم بما كانوا‬
‫يكذبون ولو رحمناھم وكشفنا ما بھم من ضر للجوا في طغيانھم يعمھون ولقد أخذناھم‬
‫بالعذاب فما استكانوا لربھم وما يتضرعون( فإلى أولي األلباب)أأمنتم من في السماء أن‬
‫يخسف بكم األرض فإذا ھي تمور أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصباً‬
‫فستعلمون كيف نذير( تأمل الھواء تجده آية من آيات ﷲ الباھرة وقد حبسه ﷲ بين‬
‫السماء واألرض يدرك وال يرى ‪ ،‬جعله ﷲ ملكاً للجميع ولو أمكن اإلنسان التسلط عليه‬
‫لباعه واشتراه وتقاتل مع غيره عليه كما فعل في أكثر األشياء التي سخرھا المولى له‬
‫وجعلھا أمانة بين يديه ‪ ،‬وﷲ بحكمته جعل الھواء يجري بين السماء واألرض ‪ ،‬الطير فيه‬
‫محلقة سابحة كما تسبح حيوانات البحر في مائه ‪ ،‬ويضطرب عند ھيجانه كما تضطرب‬
‫رخاء وبشرى بين يدي رحمته‬
‫ً‬ ‫أمواج البحر عند ھيجانھا يحركه ﷲ بأمره فيجعله رياحاً‬
‫فبين مبشرات ولواقح وذاريات ومرسالت ويحركه فيجعله عذابا عاصفاً قاصفاً في البحر‬
‫وعقيماً صرصراً في البر )وتصريف الرياح آيات لقوم يعقلون( تتوزع على سطح األرض‬
‫تحت نظام محكم فتلقح األزھار والسحاب فتبارك من جعلھا سائقة للسحاب تذروه إلى‬
‫صاف ال كدر‬
‫ٍ‬ ‫حيث ﷲ شاء فھل تأملت يوماً من األيام سحاباً مظلماً قد اجتمع في ٍ‬
‫جو‬
‫لين رخو حامل للماء الثقيل بين السماء واألرض حتى إذا أذن له خالقه أرسل‬
‫ٌ‬ ‫فيه وھو‬
‫الريح تلقحه وتسوقه فينزل قطرة قطرة ‪ ،‬ال تختلط قطرة بأخرى ‪ ،‬وال تدرك قطرة‬
‫صاحبتھا فتمتزج بھا ‪ ،‬بل كل واحدة في طريق مرسوم لھا حتى تصيب األرض التي‬
‫عينت لھا ال تتعداھا إلى غيرھا ‪ ،‬ال قطرة إال وينزل نحوھا ملك إلى اآلكام والقيعان ‪،‬‬
‫ھل تأملت ذلك؟ أحسب أنك تقول نعم ومعھا ال إله إال ﷲ ‪ ،‬أإله مع ﷲ؟ تعالى ﷲ عما‬
‫يشركون ‪ ،‬تأمل معي البحر بأمواجه وأحيائه تجده آية من آيات ﷲ وعجائب مصنوعاته‬
‫وكم ‪ 9‬من آية ثم أضف إلى علمك أن الماء في األرض يمأل ثالثة أرباع سطح األرض‬
‫فما األرض بجبالھا ومدنھا وسھولھا وأوديتھا بالنسبة إلى الماء إال كجزيرة صغيرة في‬
‫بحر عظيم يعلوھا الماء من كل جانب وطبعھا العلو ولوال إمساك الرب ‪ ،‬سبحانه وبحمده‬
‫له بقدرته ومشيئته لطفح على األرض فأغرقھا ودمرھا وجعل عاليھا سافلھا ‪ ،‬فتبارك‬
‫ﷲ ال إله إال ھو رب العالمين ‪ ،‬ثم تأمل معي أخرى عجائب البحر وما فيه من الحيوانات‬
‫على اختالف أجناسھا وأشكالھا ومنافعھا ومضارھا وألوانھا تجد عجباً وقدرة قادر جل‬
‫وعال ‪ ،‬في البحار حيوانات كالجبال ال يقوم لھا شيء ‪ ،‬وفيه من الحيوانات ما يرى من‬
‫ظھورھا فيظن من عظمھا أنھا جزيرة فينزل عليھا الركاب ويشعلوا نارھم فتحس بالنار‬
‫إذا أوقدت فتتحرك َ ُ ْ َ‬
‫فيعلم أنه حيوان كما ذكر ]ابن القيم[ ذلك في مفتاح دار السعادة ثم‬
‫قال بعد ذلك ابن القيم‪ :‬وما من صنف من أصناف حيوان البر إال وفي البحر أمثاله بل فيه‬
‫أجناس ال يعھد لھا نظير أصال ‪ ،‬مع ما فيه أيضاً من الآللئ والجواھر و المرجان فسبحان‬
‫الخالق الرحيم الرحمن ‪ ،‬ثم انظر إلى السفن وسيرھا في البحر تشقه وتمخر عبابه ‪،‬‬
‫بال قائد يقودھا وال سائق يسوقھا ‪ ،‬وإنما قائدھا وسائقھا الريح الذي سخره ﷲ‬
‫إلجرائھا ‪ ،‬فإذا حبست عنھا الريح ظلت راكدة على وجه الماء ‪ ،‬فذاك قول ﷲ ) ومن‬
‫آياته الجوار في البحر كاألعالم إن يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد على ظھره إن في‬
‫ذلك آليات لكل صبار شكور( نعم ‪ ،‬سخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره ‪ ،‬ال بأمر‬
‫غيره سبحانه وبحمده ‪ ،‬سخرھا بأمره تجري ليست وفق رغبات النفوس األمارة بالسوء‬
‫‪ ،‬وال رغبات الجشعين من األفراد والھيئات التي استعملت أساطيلھا منذ أقدم العصور‬
‫إلى يومك ھذا لقھر اإلنسان ونھب خيراته واحتقار آدميته ‪ ،‬فلك الحمد ربنا ‪ ،‬ولك األمر‬
‫من قبل ومن بعد ‪ ،‬ولكن أكثر الناس ال يعلمون ‪ ،‬في أواخر القرن التاسع عشر الميالدي‬
‫‪ ،‬صنع اإلنجليز باخرة عظيمة ‪ ،‬كانت كما يقولون فخر صناعاتھم ‪ ،‬ثم انطلقت في رحلة‬
‫ترفيھية حاملة على متنھا علية القوم ونخبة المجتمع كما يصفون أنفسھم ‪ ،‬وقد بلغ‬
‫الفخر واالعتزاز ببناة السفينة درجة كبيرة من الصلف والغرور فسموھا الباخرة التي ال‬
‫تقھر ‪ ،‬بل سمع أحد أفراد طاقمھا يتشدق فخراً أمام بعض كبار ركابھا بما ترجمته ‪:‬‬
‫حتى ﷲ نفسه ال يستطيع أن يغرق ھذا المركب ‪ ،‬جل ﷲ وتعالى وتقدس ال يعجزه‬
‫شيء في األرض وال في السماء ‪،‬يحيي ويميت ‪ ،‬فإذا قضى أمراً فإنما يقول له كن‬
‫فيكون وفي اليوم الثالث من سيرھا في المحيط األطلسي وفي خضم كبرياء صناعھا‬
‫وركابھا تصطدم بجبل جليدي عائم فيفتح فيھا فجوة بطول تسعين متراً ‪ ،‬وبعد ساعتين‬
‫وربع تستقر الباخرة التي ال تقھر ـ كما زعموا ـ في قعر المحيط ومعھا ألف وخمسمائة‬
‫وأربع ركاب وحمولة بلغت ستة وأربعين ألف طن ‪) ،‬فكال ً أخذنا بذنبه ‪ ،‬فمنھم من أرسلنا‬
‫عليه حاصباً ‪ ،‬ومنھم من أخذته الصيحة ‪ ،‬ومنھم من خسفنا به األرض ‪ ،‬ومنھم من‬
‫أغرقنا( )وما كان ﷲ ليظلمھم ولكن كانوا أنفسھم يظلمون( ‪ ،‬تأمل معي أخرى كيف مد‬
‫ﷲ البحار ‪ ،‬وخلطھا ‪ ،‬وجعل مع ذلك بينه حاجزاً ومكاناً محفوظاً ‪ ،‬فال تبغي محتويات‬
‫بحر على آخر عندما يلتقيان ‪) ،‬إن في ذلك آلياتٍ ألولي‬
‫ٍ‬ ‫بحر على بحر ‪ ،‬وال خصائص‬
‫ٍ‬
‫النھى( في >إيران< أنھار عندما تلتقي بمياه البحر ترجع مياھھا عائدة إلى مجاريھا‬
‫التي جاءت منھا ‪ ،‬ونھر>األمازون< يجعل مياه المحيط األطلسي عذبة لمئات الكيلو‬
‫مترات من مصبه فيه فال يختلط بمياه المحيط األطلسي ‪ ،‬وتلتقي مياه المحيط‬
‫األطلسي بمياه البحر األبيض فتبقى مياه البحر األبيض أسفل لثقلھا ولكثرة ملحھا‬
‫وتعلو مياه المحيط لخفتھا ‪ ،‬وكل بمقدرة ‪ ،‬وكذلك ال تختلط مياه البحر األسود بمياه‬
‫البحر األبيض عندما تلتقي بل تشكل مجريين متالصقين فوق بعضھما البعض ‪ ،‬فمياه‬
‫األسود تجري في األعلى نحو مياه البحر األبيض ألنھا أخف ‪ ،‬ومياه البحر األبيض تجري‬
‫في األسفل ألنھا أثقل فتجري نحو البحر األسود ‪ ،‬فتبارك الذي )مرج البحرين ھذا عذب‬
‫فرات وھذا ملح أجاج وجعل بينھما برزخاً وحجراً محجورا ال إله إال ھو سبحانه وتعالى‬
‫عما يشركون ( ‪ ،‬عجائب البحر أعظم من أن يحصيھا أحد إال ﷲ ‪ ،‬كشف علماء البحار‬
‫من النصف الثاني من القرن العشرين أن في البحار أمواجاً عاتية دھماء مظلمة حالكة ‪،‬‬
‫إذا أخرج المرء يده لم يكد يراھا فعلى عمق ستين متراً عن سطح البحر يصبح كل‬
‫شيء مظلماً في البحار ‪ ،‬بمعنى أننا ال نستطيع رؤية األشياء في أعماق تبعد ستين‬
‫متراً عن سطح البحر ‪ ،‬ولذلك زود ﷲ األحياء البحرية التي تعيش في أعماق البحار‬
‫اللجية بنور تولده لنفسھا ومن لم يجعل ﷲ له نوراً في تلك الظلمات فما له من نور ‪،‬‬
‫نسي ھؤالء المكتشفون أن ﷲ ذكر تلك الظلمات في قوله قبل أن يخلقوا وآباؤھم‬
‫وأجدادھم )أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب‬
‫ظلمات بعضھا فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراھا ومن لم يجعل ﷲ له نوراً فما له من‬
‫ترجم معنى ھذه اآلية لعالم من علماء البحار أفنى عمره في ذلك وظن أنه على‬
‫نور( ‪َ ِ ْ ُ ،‬‬
‫شيء وأنه اكتشف شيئا وجاء بشيء فيه إبداع فقال في دھشة بعد ترجمة اآلية ‪ :‬إن‬
‫ھذا ليس من عند محمد الذي عاش حياته في الصحراء ‪ ،‬ولم يعاين البحر ولججه‬
‫وظلماته وأمواجه وشعبه ‪ ،‬إن ھذا من عند عليم خبير ثم شھد شھادة الحق ودخل في‬
‫دين ﷲ ‪ ،‬نعم ال يملك إال ذلك ‪ ،‬من واصف الظلمات في قعر البحار سوى ﷲ العليم‬
‫الباري ‪ ،‬سبحانه ملكاً على العرش استوى وحوى جميع ُ ْ ِ‬
‫الملك والسلطان ‪ ،‬ال إله إال‬
‫ﷲ كيف تعمى العيون وتعمى القلوب عن آيات ﷲ ‪ ،‬أإله مع ﷲ ‪ ،‬تعالى ﷲ سأل رجل‬
‫أحد السلف عن ﷲ ‪ ،‬قال له ‪:‬ألم تركب البحر؟ ‪ ،‬قال ‪ :‬بلى ‪ ،‬قال فھل حدث لك مرة أن‬
‫ھاجت بكم الريح عاصفة قال نعم ‪ ،‬قال وانقطع أملك من المالحين ووسائل النجاة ‪ ،‬قال‬
‫نعم ‪ ،‬قال فھل خطر ببالك وانقدح في نفسك بأن ھناك من يستطيع أن ينجيك إن شاء‬
‫‪ ،‬قال نعم ‪ ،‬قال فذاك ھو ﷲ ال إله إال ھو وسع كل شيء علماً ‪) ،‬ھو الذي يسيركم‬
‫في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرينا بھم بريح طيبة وفرحوا بھا جاءتھا ريح‬
‫عاصف وجاءھم الموت من كل مكان وظنوا أنه أحيط بھم دعوا ﷲ مخلصين له الدين لئن‬
‫أنجيتنا من ھذه لنكونن من الشاكرين فلما أنجاھم إذا ھم يبغون في األرض بغير الحق‬
‫يا أيھا الناس إنما بغيكم على أنفسكم متاع الحياة الدنيا ثم إلينا مرجعكم فننبئكم بما‬
‫كنتم تعملون( ومن عجائب البحر التي تدل على إدراكه وعبوديته ‪ 9‬جل وعال أنه يعظم‬
‫عليه أن يرى ابن آدم يعصي ﷲ عز وجل مع حلم ﷲ عليه فيتألم البحر لذلك ويتمنى‬
‫ھالك عصاة بني آدم بل ويستأذن ربه في ذلك ‪ ،‬جاء في مسند اإلمام أحمد فيما روي‬
‫عن عمر بن الخطاب رضي ﷲ عنه أن النبي صلى ﷲ عليه وسلم قال ‪ " :‬ليس من‬
‫ليلة إال والبحر يشرق فيھا ثالث مرات يستأذن ﷲ أن ينتضح عليھم ـ أي على العصاة ـ‬
‫فيكفه ﷲ بمنه وكرمه "‪ ،‬فال إله إال ﷲ ‪ ،‬البحر يتمعر ‪ ،‬ويتمنى إغراق العصاة ‪،‬‬
‫تنتھك حرمات ﷲ ‪،‬‬
‫ويستطيع لكنه مأمور ‪ ،‬ومنا من ال تحرك فيه المعصية ساكنا ‪َ َ ْ ُ ،‬‬
‫وتضيع فرائضه ‪ ،‬ويعادى أولياؤه ‪ ،‬ثم ال تتمعر الوجوه ‪ ،‬فأين اإليمان يا‬
‫وتتجاوز حدوده ‪ َ ُ ،‬ﱠ‬
‫َُ َ‬
‫أھل اإليمان؟ إن في ذلك آلية وكم ‪ 9‬من آية ‪ ،‬فتأملوا يا أولي األلباب ‪ ،‬تأمل تلك‬
‫النملة الضعيفة ‪ ،‬وما أعطيت من فطنة وحيلة في جمع القوت وادخاره ‪ ،‬وحفظه ودفع‬
‫اآلفة عنه ‪ ،‬ترى عبراً وآيات باھرات تنطق بقدرة رب األرض والسماوات وتقول ‪) :‬أإله مع‬
‫ﷲ قليال ً ما تذكرون( ‪ ،‬انظر إليھا تخرج من أسرابھا طالبة أقواتھا ‪ ،‬فإذا ظفرت بھا‬
‫شرعت في نقلھا على فرقتين اثنتين ‪ ،‬فرقة تحملھا إلى بيوتھا ذاھبة ‪ ،‬وأخرى خارجة‬
‫من بيوتھا إلى القوت ‪ ،‬ال تخالط فرقة أخرى كخيطين أو جماعتين من الناس ‪ ،‬الذاھبون‬
‫في طريق والراجعون في أخرى في تناسق عجيب ‪ ،‬ثم إذا ثقل عليھا حمل شيء ‪،‬‬
‫استغاثت بأخواتھا فتعاونت معھا على حملھا ‪ ،‬ثم خلوا بينھا وبينه ‪ ،‬وبال أجرة ‪ ،‬تنقل‬
‫الحب إلى مساكنھا ثم تكسره اثنتين أو أربعة ‪ ،‬لئال ينبت إذا أصابه بلل ‪ ،‬وإذا خافت‬
‫عليه العفن ‪ ،‬أخرجته إلى الشمس حتى يجف ‪ ،‬ثم ترده إلى بيوتھا ‪ ،‬ولعلك قد مررت‬
‫يوماً عليھا ‪ ،‬وعلى أبواب مساكنھا حب مكسر ‪ ،‬ثم تعود من قريب فال ترى منه حبة‬
‫واحدة ‪ ،‬والنمل مع ذلك يعتني بالزراعة وفالحة األرض ‪ ،‬فقد شاھد أحد العلماء في‬
‫إحدى الغابات قطعة من األرض قد نما فيھا أرز قصير من نوع بري مساحة القطعة‬
‫خمسة أقدام في ثالثة ‪ ،‬ويترائى للناظر إلى ھذه البقعة من األرض أن أحداً ال بد أن‬
‫يعتني بھا ‪ ،‬الطينة مشققة ‪ ،‬واألعشاب مستأصلة والغريب أنه ليس ھناك مناطق أرز‬
‫حول ذلك المكان ‪ ،‬والحظ ذلك العالم أن طوائفاً من النمل تأتي إلى ھذه المزرعة‬
‫الصغيرة وتذھب ‪ ،‬فانبطح على األرض ذات يوم ليراقب ماذا يصنع النمل ‪ ،‬فإذا به يفاجأ‬
‫أن النمل ھو صاحب المزرعة ‪ ،‬وإنه اتخذ الزراعة مھنة تشغل كل وقته فبعضه يشق‬
‫األرض ويحرث ‪ ،‬والبعض يزيل األعشاب الضارة وينظف ‪ ،‬وطال األرز واستوى ونضج ‪ ،‬وبدأ‬
‫موسم الحصاد ‪ ،‬وھذا ال زال بمناظيره يراقب ‪ ،‬فانظر ‪ ،‬يشاھد صفاً من النمل وھو في‬
‫وقت الحصاد وھو متسلقاً شجر األرز ‪ ،‬إلى أن يصل إلى الحبوب فتنزع كل نملة حبة‬
‫من تلك الحبوب ‪ ،‬ثم تھبط سريعاً إلى األرض ‪ ،‬ثم تذھب بھا إلى مخازن تحت األرض‬
‫لتخزنھا ثم تعود ‪ ،‬وطائفة أخرى اعجب من ذلك تتسلق مجموعة كبيرة منھا أعواد األرز‬
‫‪ ،‬فتلقط الحب وتلقي به فبينما ھي كذلك ‪ ،‬إذ بمجموعة أخرى تحتھا تتلقى ھذا الحب‬
‫وتذھب به إلى المخازن ويعيش النمل ھناك عيشة مدنية في بيوت بل في شقق‬
‫وأدوار أجزاء منھا تحت األرض وأجزاء أخرى فوقھا ‪ ،‬له حراس وخدم وعبيد وھناك‬
‫ممرضات تعنى بالمرضى ليال ً ونھاراً ‪ ،‬وقسم آخر يرفع جثث الموتى ويشيعھا ليدفنھا ‪،‬‬
‫كل ھذا يتم بغريزة أودعھا ﷲ في ھذا القلب ‪ ،‬فتبارك ﷲ )وما من دابة في األرض وال‬
‫طائر يطير بجناحيه إال أمم أمثالكم( ‪ ،‬عالم النمل عالم عجيب ‪ ،‬من تأمله ازداد إيماناً‬
‫ويقيناً بأن وراء ذلك التنظيم المحكم حكيما خبيرا ‪ ،‬بإفراد العبادة له جدير ‪ ،‬ال شريك له‬
‫مستو على عرشه ‪ ،‬بيده كل شيء يوم‬
‫ٍ‬ ‫‪ ،‬إنھا تعرف ربھا ‪ ،‬وتعرف أنه فوق سماواته‬
‫ضل من ضل ‪ ،‬روى اإلمام أحمد في الزھد من حديث أبي ھريرة ـ رضي ﷲ عنه ـ‬
‫يرفعه قال ‪" :‬خرج نبي من األنبياء بالناس يستسقون ‪ ،‬فإذا ھم بنملة مستلقية على‬
‫ظھرھا رافعة قوائمھا إلى السماء تدعو ربھا ‪ ،‬فقال ارجعوا فقد سقيتم بغيركم "‪ ،‬للنمل‬
‫مدافن جماعية يدفن فيھا موتاه كاإلنسان ‪ ،‬والنمل ذكي ‪ ،‬جد ذكي ‪ ،‬ويصطاد بطريقة‬
‫ذكية ‪ ،‬يأتي إلى شجرة فينقسم إلى قسمين ‪ ،‬قسم يرابط تحت الشجرة قرب جذعھا‬
‫‪ ،‬وآخر يتسلق جذعھا لمھاجمة الحشرات التي تكون عليھا ‪ ،‬وبذلك يحكم الطوق على‬
‫كل حشرة ال تطير ‪ ،‬فتسقط التي تنجو من النمل المتسلق فتقع في شباك النمل‬
‫المتربص بھا عند قاعدتھا ‪ ،‬من ھداھا؟ ‪ ،‬من ھيأ لھا رزقھا؟ إنه القائل ) وما من دابة‬
‫في األرض إال على ﷲ رزقھا ويعلم مستقرھا ومستودعھا كل في كتاب مبين أال له‬
‫الخلق واألمر ال إله إال ھو وحده ال شريك له( ‪ ،‬وقفة ولعلھا استراحة مع عجائب األحياء‬
‫‪ ،‬يذكر صاحب من الثوابت العلمية في القرآن من بعض التصرفات الذكية األلمعية عند‬
‫ثم‬ ‫الحيوان ‪ ،‬ما يلقي الضوء على معنى قول ﷲ )ربنا الذي أعطى كل شيء َ ْ َ ُ‬
‫خلقه ُ ﱠ‬
‫يذكر أن طبيباً وجد في طريقه كلباً كسرت إحدى قوائمه ‪ ،‬فأخذه إلى عيادته‬
‫ھدى( ‪ُ َ ْ ُ ،‬‬
‫َ َ‬
‫واھتم بھا وقومھا وجبرھا واعتنى به حتى شفي تماماً ‪ ،‬ثم أطلق سراحه ‪ ،‬وبعد ذلك‬
‫بزمن سمع الطبيب قرعاً لطيفاً على باب عيادته فوجد الكلب نفسه مصطحباً معه كلباً‬
‫آخر مكسور الرجل ‪ ،‬جاء به إلى المعاينة والعالج ‪ ،‬فسبحان ﷲ وال إله إال ﷲ ‪ ،‬ھذه‬
‫ھر اعتاد أن‬
‫عجائب طالما أخذت بھا عيناك وانفتحت بھا *** ‪ ،‬واألعجب من ذلك قصة ٍ‬
‫يجد طعامه اليومي أمام بيت أحد المھتمين به فيأكله وفي أحد األيام الحظ رب البيت‬
‫أن الھر لم يعد يكتفي بالقليل مما كان يقدم له من قبل ‪ ،‬أصبح يسرق غير ذلك فقام‬
‫ھر أعمى فيضع الطعام أمامه ‪،‬‬
‫رب البيت يرصده ويراقبه فوجده يذھب بالطعام إلى ٍ‬
‫فتبارك ﷲ )ما من دابة في األرض إال على ﷲ رزقھا وما من دابة إال ھو آخذ بناصيتھا‬
‫إن ربي على صراط مستقيم( ‪ ،‬ويذكر أيضاً صاحب عجائب األحياء أن فرساً صغيراً ماتت‬
‫أمه عنه ‪ ،‬فقام صاحبھا األعرابي واسمه ]الزعتري[الذي يسكن مصر برعاية الفرس‬
‫اليتيم رعاية بلغت حد التدليل ‪ ،‬فكان يقدم له الشعير مخلوطاً بالسكر ‪ ،‬وإذا مرض‬
‫استدعى له الطبيب البيطري لفحصه إذا أصابه ما أصابه ‪ ،‬وال غرابة في ذلك االھتمام‬
‫أيھا األحبة ‪ ،‬إذا علمتم ما ثبت في صحيح الجامع عن أبي ذر رضي ﷲ عنه قال ‪ ،‬قال‬
‫رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ‪ " :‬إنه ليس من فرس عربي إال ويؤذن له مع كل فجر‬
‫فيدعو بدعوة فيقول اللھم إنك خولتني من خولتني من بني آدم فاجعلني من أحب‬
‫أھله وماله إليه " فالفرس العربي يتجه بالدعاء إلى من يستحق الدعاء ‪ ،‬وﷲ عز وجل‬
‫يجيبه فيجعله من أحب أھل ومال اإلنسان إليه والواقع يشھد بذلك ‪ ،‬وال عجب فإن‬
‫جذع النخلة وھو جماد بكى وأن وتألم وحزن وخار وتصدع لفراق الذكر حتى مسحه‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم ‪ ،‬فسكن أحسن ما يكون السكون ‪ ،‬حن جذع إليه وھو جماد‬
‫فعجيب أن تجمد األحياء ‪ ،‬ويمرض األعرابي الزعتري فيفقد الفرس شھيته ويترك‬
‫حظيرته ليرابط أمام خيمة صاحبه وظل كذلك أياماً ثم مات الزعتري وحمل المشيعون‬
‫جنازته فسار الفرس خلفھم حزيناً منكس الرأس حتى ُ ِ َ‬
‫دفن صاحبه العزيز عليه في‬
‫التراب ‪ ،‬ولما ھم المشيعون بالرجوع انطلق الفرس المفجوع كالبرق وظل منطلقا حتى‬
‫عال فصعده ثم ألقى بنفسه من قمته ليلقى حتفه وسط دھشة الجميع‬
‫ٍ‬ ‫تل‬
‫وصل إلى ٍ‬
‫‪ ،‬فسبحان من رزقه تلك األحاسيس والمشاعر ومن سلبھا كثيراً ممن كرمه ﷲ من‬
‫بني آدم ‪ ،‬ومن عجيب أمر القردة ما ذكره البخاري في صحيحه عن ]عمرو بن ميمون[ ‪،‬‬
‫ً‬
‫وقردة زنيا فاجتمع عليھم القرود فرجموھما حتى ماتا ‪،‬‬ ‫قال ‪ :‬رأيت في الجاھلية قرداً‬
‫عجباً لھا من قرود ‪ ،‬تقيم الحدود حين عطلھا بعض بني آدم ‪ ،‬إن ھدايتھا فوق ھداية‬
‫أكثر الناس )أم تحسب أن أكثرھم يسمعون أو يعقلون إن ھم إال كاألنعام بل ھم أضل‬
‫سبيال( ومن عجيب أمر الفأر ما ذكره صاحب العقيدة في ﷲ أنھا إذا شربت من الزيت‬
‫الذي في أعلى الجرة ينقص ويعز عليھا الوصول إليه في أسفل الجرة فتذھب وتحمل‬
‫في أفواھھا الماء ثم تصبه في الجرة حتى يرتفع الزيت ويقترب منھا ثم تشربه ‪ ،‬من‬
‫وسجد ‪ ،‬سبحان من يجري األمور بحكمة‬ ‫وصلي َ ُ‬
‫له ُ ِ‬ ‫عبد ُ ِ ّ َ‬
‫علمھا ذلك ‪ ،‬إنه ﷲ أحق َمن ُ ِ َ‬
‫في الخلق باإلرزاق والحرمان ‪ ،‬من علم الذئب إذا نام أن يناوب بين عينيه فينام‬
‫بإحداھما حتى إذا نعست األخرى نام وفتح بھا الثانية ‪،‬‬
‫ينام بإحدى مقلتيه ويتقي *** بأخرى المنايا فھو يقظان نائم‬

‫من علم الطاووس أن يلقي ريشه في الخريف إذا ألقى الشجر ورقه ‪ ،‬فإذا اكتسى‬
‫الشجر اكتسى أيضاً ‪ ،‬بإذن من؟ ‪ ،‬بإذن من؟ ‪ ،‬من علم العصفورة إذا سقط فرخھا أن‬
‫تستغيث؟ فال يسمعھا عصفور حولھا حتى يجيء فيطير الجميع حول الفرخ ويحركونه‬
‫ويحدثون له ھمة وقوة وحركة حتى يطير معھم ‪ ،‬ذاكم ھو ﷲ القائل )وما من دابة في‬
‫األرض وال طائر يطير بجناحيه إال أمم أمثالكم( واستطراداً فما أجمل قول ]سفيان بن‬
‫عيينة[ رحمه ﷲ حول قول ﷲ )إال أمم أمثالكم( يوم قال ‪ :‬فما في األرض من آدمي إال‬
‫وفيه شبه من البھائم فمنھم من **** األسد ‪ ،‬ومنھم من يعدو عدو الذئب ‪ ،‬ومنھم‬
‫من ينبح نباح الكلب ‪ ،‬ومنھم من يختال كالطاووس ‪ ،‬ومنھم من يشبه الخنازير التي إذا‬
‫ألقي إليھا أطيب الطعام عافته ‪ ،‬فإذا قام الرجل عن غائطه ولغت فيه ‪ ،‬فلذلك تجد من‬
‫نعم ‪،‬‬
‫اآلدميين من لو سمع خمسين حكمة لم يحفظ واحدة منھا ـ رحم ﷲ سفيان ـ َ َ‬
‫وإن أخطأ أخوه حفظ ذلك الخطأ وشنع عليه بال ھدى تحت طيش الھوى وحب الغلبة‬
‫ورغبة االستعالء ‪ ،‬وإرادة *** الغير ‪ ،‬تحريش غامض ‪ ،‬وتصنيف ساقط بال برھان وال بينة‬
‫‪ ،‬كفى أخي ثم كفى ‪ ،‬إذا لم تجد قوال ً سديداً تقوله فطمتك على غير السداد سداد ‪،‬‬
‫أحبتي في ﷲ إن فيما أودع ﷲ في مخلوقاته ما يستنطق األفواه بالتسبيح ويمأل‬
‫القلوب إجالال ً من معرفة حكمته وقدرته وما به يعلم العاقل أنه لم يخلق عبثاً ولم يترك‬
‫سدى ‪ ،‬فلله في كل مخلوق حكمة باھرة وآية ظاھرة وبرھان قاطع يدل على أنه‬
‫ُ‬
‫المنفرد بكل كمال وأنه على كل شيء قدير وبكل شيء عليم ‪ ،‬قد خلق الخلق‬
‫ليعبدوه ‪ ،‬وباإلله *** ‪ ،‬ھل تأملت النحل وأحواله وأعماله وما فيھا من العبر واآليات‬
‫الباھرات ‪ ،‬ألم ترى أقراص شمعھا السداسية في دقتھا الحسابية وإتقان بنائھا وإحكام‬
‫صنعھا ‪ ،‬الذي أدھش وما زال يدھش علماء النحل والحساب ‪ ،‬ماھي آالت الحساب‬
‫والمقاييس التي سمحت لھذا المخلوق بالوصول إلى ھذا العمل الھندسي الدقيق ‪،‬‬
‫ھل ھذا بواسطة قرنين استشعار والفكين الذين يدعي علماء األحياء أن الطبيعة زودتھا‬
‫بھما ‪ ،‬سبحان ﷲ ‪ ،‬وتبارك ﷲ ‪ ،‬عجيب وغريب منطق ھؤالء ‪ ،‬يتسترون وراء كلمات‬
‫جوفاء كالطبيعة والتطور والصدفة ‪ ،‬كلما وقفوا أمام بديع صنع ﷲ وإعجازه في الخلق‬
‫فأنى يؤفكون وجحدوا بھا واستيقنتھا‬
‫أفتستر الشمس المضيئة بالسھا *** أم ھل يقاس البحر بالخلجان‬
‫سبحان ﷲ ‪ 9 ،‬في كل شي ٍء آية ‪ ،‬وتعمى عنھا عيون أو تتعامى ‪،‬‬
‫فقل للعيون الرمد إياكي أن تري *** سنا الشمس واستغشي ظالم اللياليا‬
‫خفافيش أغشاھا النھار بضو *** ئه والئمھا ِ ْ ٌ‬
‫قطع من الليل باديا‬
‫فجالت وصالت فيه حتى إذا *** النھار بدا استخفت وأعطت تواريا‬
‫وعنين من الورد خاليا‬
‫ضرير ِ ِّ‬
‫ٍ‬ ‫امرئ‬
‫ٍ‬ ‫تھدى *** إلى‬
‫فيا محنة الحسناء ُ ْ‬
‫النحل مأمور باألكل من كل الثمرات خالفاً لكثير من الحشرات التي تعيش على نوع‬
‫معين من الغذاء ‪ ،‬وتعجب أنھا ال تأكل من التبغ فال تأكل إال الطيبات فھل يعتبر بذلك‬
‫أھل الغفالت ‪ ،‬زودھا ﷲ بقرنين استشعار وجعل فيھم شعيرات عصبية دقيقة يصل‬
‫عددھا إلى ثالثين ألفاً تشكل حاسة الشم والسمع واللمس ‪ ،‬وتعمل كالكشاف في‬
‫ظالم الخلية ‪ ،‬فسبحان من وھبھا ذاك وبه زودھا ‪ ،‬للنحلة عيون كثيرة ‪ ،‬في حافتي‬
‫الرأس عينان ‪ ،‬وعينان أخريان في أعلى الرأس وتحتھما عين ثالثة ‪ ،‬مما جعل لھا سعة‬
‫أفق في النظر ‪ ،‬فالنحلة ترى أقصى اليمين وأقصى الشمال والبعيد والقريب في وقت‬
‫واحد ‪ ،‬علماً بأن عيونھا ال تتحرك ‪ ،‬ولذا فالنحل يعيش في أماكن يعيش فيھا السحاب‬
‫معظم شھور السنة مع أن رؤية الشمس كما ھو معلوم ضرورية لمعرفة مكان الحقول‬
‫التي فيھا غذاء النحل ‪ ،‬وھنا تكمن الحكمة في قوة رؤية النحل ‪ ،‬فبإمكانھا رؤية‬
‫الشمس من خالل السحب ‪ ،‬كل ذلك لئال يموت جوعاً في حالة اختفاء الشمس خلف‬
‫الغمام ‪ ،‬كما ھو في بعض البلدان ‪ ،‬إنھا لحقيقة مذھلة ‪ ،‬تدل على حكمة ﷲ ‪ ،‬وقدرة‬
‫ﷲ ‪ ،‬ووحدانية ﷲ ‪ ،‬وكمال تدبيره فتبارك ﷲ أحسن الخالقين ‪ ،‬أما فم النحلة فمن‬
‫أعاجيب خلق ﷲ في خلقه ‪ ،‬إذ ھو مزود بما يمكنه من أداء جميع الوظائف الحيوية فھو‬
‫يقضم ويلحس ‪ ،‬ويمضغ ويمتص ‪ ،‬وھو مع ھذا شديد الحساسية لما ھو حلو الطعم‬
‫طبيعياً ‪ ،‬وال يتحرج من المواد المرة ‪ ،‬إذ يحولھا إلى حلوة بإذن ربه الذي ألھمه فسبحانه‬
‫وبحمده ال شريك له ‪ ،‬أما سمع النحل فدقيق جداً ‪ ،‬يتأثر بأصوات وذبذبات ال تستطيع أن‬
‫تنقلھا أذن اإلنسان ‪ ،‬فسبحان من زوده بھا ‪ ،‬وتحمل مع ذلك النحلة ضعفي وزنھا ‪،‬‬
‫وبسرعة أربعمائة خفقة جناح في الثانية الواحدة ‪ ،‬فسبحان ﷲ ‪ ،‬سبحان من خلق‬
‫وسجد له ‪ ،‬ھناك من النحل مرشدات ‪،‬‬ ‫ووحد ُ ِ ّ َ‬
‫وصلي له ُ ِ َ‬ ‫عبد َ ُ ِّ َ‬
‫فسوى وقدر فھدى ‪َ ِ ُ ،‬‬
‫عندما تجد مصدراً للغذاء تفرز عليه مادة ترشد إليه بقية الجانيات للرحيق ‪ ،‬وعندما‬
‫ينضب وينتھي الرحيق تفرز عليه المرشدات مواد منفرة منه ‪ ،‬حتى ال يضيع الوقت في‬
‫البحث فيه ‪ ،‬ثم تنتقل إلى مصدر آخر ‪ ،‬من علمھا وأرشدھا؟ إنه ﷲ ‪ ،‬ما من دابة إال ھو‬
‫آخذ بناصيتھا فال إله إال ھو ‪ ،‬تستطيع العاملة خارج الخلية الرجوع إلى خليتھا والتعرف‬
‫عليھا من بين عشرات الخاليا ‪ ،‬بال عناء وال تعب ‪ ،‬ولو ابتعدت عنھا آالف األميال ‪ ،‬ولذا‬
‫يقول أحد علماء األحياء الكفار ‪ ،‬وقد رصد النحل بمناظيره فترة طويلة ‪ ،‬يقول‪ :‬يا عجباً لھا‬
‫تنطلق آالف األميال من شجرة إلى ثمرة إلى زھرة ‪ ،‬ثم تعود وال تخطئ طريقھا ‪ ،‬ربما‬
‫أن لھا ذبذبات مع الخلية ‪ ،‬أو أنھا تحمل السلكياً يربطھا بالخلية ‪ ،‬ربما ‪ ،‬ربما ‪ ،‬ثم يقف‬
‫حائراً بليداً تائھاً ‪ ،‬أما نحن فال ‪ ،‬إنا نوقن أن ﷲ ألھمھا ذلك ‪ ،‬وأوحى إليھا ‪ ،‬وعندنا‬
‫سورة في كتاب ﷲ تسمى سورة النحل ‪) ،‬وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من‬
‫الجبال بيوتاً ومن الشجر ومما يعرشون ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك‬
‫ذلال يخرج من بطونھا شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك آلية لقوم‬
‫يتفكرون( ‪ ،‬تأمل قدرة ﷲ بخلقه يوم جعل من النحل حراساً للخلية يستطيعون أن‬
‫يميزوا كل غريب ودخيل عليھم من النحل ‪ ،‬فيطرحوه خارجاً أو يقتلوه ‪ ،‬علماً أن تعداد‬
‫الخلية يصل إلى ثمانين ألف نحلة أو أكثر فسبحان من ألھمه ‪ ،‬سبحان من ألھمه‬
‫ملك ‪ ،‬من اھتدى بھدى رب العباد‬
‫من َ ِ ٍ‬
‫العزّ ِ ْ‬
‫معرفة صاحبه من غيره ‪ ،‬سبحان ربك رب ِ ِ‬
‫ھدي ‪ ،‬الكل في النحل يعمل في الخلية ألجل الكل ‪ ،‬ال حياة لفرد عند النحل بدون‬
‫ُ ِ‬
‫جماعة ‪ ،‬ولذلك أذھل ذلك علماء النحل )صنع ﷲ الذي أتقن كل شيء إنه خبير بما‬
‫تفعلون( والنحل من ألطف الحيوان وأنقاه وأنظفه ‪ ،‬ولذلك ال تلقي مخلفاتھا في خليتھا ‪،‬‬
‫بل تطير ثم تلقيھا بعيداً عنھا ‪ ،‬وتأبى النتن والروائح الكريھة ‪ ،‬تأبى القذارة ‪ ،‬ولذلك إذا‬
‫رجعت إلى الخلية بالعشية ‪ ،‬وقف على باب الخلية بواب منھا ‪ ،‬ومعه أعوان كثر ‪ ،‬وكل‬
‫قذراً‬
‫نحلة تريد الدخول يشمھا البواب ويتفقدھا فإن وجد فيھا رائحة منكرة ‪ ،‬أو رأى بھا َ َ‬
‫منعھا من الدخول وعزلھا إلى أن يدخل النحل كله ‪ ،‬ثم يرجع إلى الممنوعات المعزوالت‬
‫فيتبين ويتثبت ‪ ،‬ويتفقدھا مرة أخرى ‪ ،‬فمن وجدھا وقعت على شيء نجس أو منتن ‪،‬‬
‫قدھا وقطعھا نصفين ومن كانت جنايتھا خفيفة ‪ ،‬بھا رائحة وليس عليھا َ َ‬
‫قذر ‪ ،‬تركھا‬
‫خارج الخلية حتى يزول ما بھا ثم يسمح لھا بالدخول ‪ ،‬وھذا دأب وطريقة البواب كل يوم‬
‫في كل عشية ‪ ،‬فتبارك الذي ھداھا أن تسلك سبل مراعيھا ‪ ،‬ال تضل عنھا تسيح‬
‫سھال ً وجبال ً خماصاً ‪ ،‬فتأكل من على رؤوس األشجار واألزھار ‪ ،‬فتجني أطيب ما فيھا‬
‫ثم تعود إلى بيوتھا بطاناً ‪ ،‬فتصب فيھا شراباً مختلفاً ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك‬
‫آلية ‪ ،‬أما ملكتھا أو ملكھا فال يكثر الخروج ‪ ،‬بل ال يخرج إال نادراً ‪ ،‬إذا اشتھى التنزه خرج‬
‫بحاشيته وخدمه ليطوف المروج والبساتين والرياض ساعة بالنھار ثم يعود إلى خليته ‪،‬‬
‫ومن عجيب أمره أنه إذا لحقه أذى من صاحب الخلية غضب وغضبه يعرفه أصحاب النحل‬
‫‪ ،‬ثم يخرج من الخلية ‪ ،‬فيتبعه جميع النحل حتى تبقى الخلية خالية ‪ ،‬يذھب حتى‬
‫يحط رحاله على رؤوس الشجر المرتفع ‪ ،‬ويجتمع عليه النحل كله حتى يصير كالعنقود ‪،‬‬
‫عندھا يضطر صاحب الخلية إلى االحتيال عليه السترجاعه وطلب مرضاته ‪ ،‬فيأخذ عصاً‬
‫طويلة ويضع عليھا حزمة من نبات طيب الرائحة ‪ ،‬ويدنيه من ھذا الكبير لھا ‪ ،‬من ملكھا‬
‫على الشجرة فال يزال يحركه ويستجديه ويستعطفه إلى أن يرضى ‪ ،‬فينزل على حزمة‬
‫النبات الطيب الرائحة ‪ ،‬فيحمله صاحب الخلية إلى الخلية ‪ ،‬فينزل ويدخلھا مع جنوده ‪،‬‬
‫ثم يتبعه جميع النحل عائداً إلى الخلية ‪ ،‬تأمل نتاجھا تجد عجبا ‪ ،‬تنطلق إلى البساتين‬
‫‪ ،‬فتأخذ تلك األجزاء الصافية من على ورق الزھر والورد ‪ ،‬فتمصه لتكون مادة العسل ‪،‬‬
‫ثم تكبس األجزاء المنعقدة على وجه الورقة وتعقدھا على رجلھا ثم تذھب لتمأل بھا‬
‫المسدسات الفارغة ‪ ،‬ثم يقوم يعثوبھا على بيته فينفخ فيه ‪ ،‬ثم يطوف على تلك‬
‫البيوت بيتاً بيتاً وينفخ فيھا كلھا فتدب فيھا الحياة بأمر ﷲ بعد حين فتخرج طيوراً صغاراً ‪،‬‬
‫نحال ً صغاراً بإذن ﷲ ‪ ،‬وتلك آية قلما يتفطن الخلق لھا كما قال ابن القيم رحمه ﷲ ‪ ،‬كل‬
‫ھذا من ثمرة الوحي اإللھي ‪ ،‬تبارك ﷲ وجل ﷲ أعظم ما فاھت به األفواه ‪ ،‬سبحان‬
‫يخاف ‪ ،‬جعل ﷲ لكل مخلوق قوة وقدرة‬
‫يرجى ومن ُ َ‬
‫من ُ ْ َ‬ ‫من ذلت له األشراف ‪ُ َ ْ َ ،‬‬
‫أكرم َ ْ‬
‫يدافع بھا عن نفسه ‪ ،‬ومن تلك المخلوقات النحل ‪ ،‬كيف يدافع عن نفسه وعن نتاجه ‪،‬‬
‫يذكر أن ألد أعداء النحل ھو الفأر ‪ ،‬يھاجم الخلية فيأكل العسل ويلوث أجواء الخلية ‪،‬‬
‫فماذا تفعل تلك النحلة الصغيرة أمام ھذا الفأر الذي ھو لھا كجبل عظيم ‪ ،‬إنھا تطلق‬
‫عليه مجموعة من العامالت فتلدغه حتى يموت ‪ ،‬كيف تخرجه ‪ ،‬إن بقي أفسد العسل‬
‫‪ ،‬ولوث أجواء الخلية ‪ ،‬ولو اجتمع نحل الدنيا كله إلخراجه ما استطاع ‪ ،‬فماذا يفعل ‪،‬‬
‫جعل ﷲ عز وجل له مادة شمعية يفرزھا ويغلف بھا ذلك الفأر فال ينتن وال يتغير ولو‬
‫بقي ألف عام ‪ ،‬حتى يأتي صاحب الخلية فيخرجه ‪ ،‬فسبحان من قدر فھدى وخلق‬
‫فسوى ‪ ،‬إن في ذلك آلية ‪ ،‬وكم ‪ 9‬من آية مما يبصره العباد وما ال يبصرونه ‪ ،‬وتفنى‬
‫األعمار دون اإلحاطة بجميع تفاصيلھا ‪ ،‬ولكن أكثر الناس ال يفقھون ‪ ،‬أإله مع ﷲ قليال ً ما‬
‫تشكرون ‪ ،‬ومن عجائب النبات ‪ ،‬ما ذكره صاحب كتاب نوادر الكتب من أن شجرة غريبة‬
‫في جنوب الصين ‪ ،‬تكون أوراقھا في األحوال الجوية العادية خضراء كأوراق األشجار ‪،‬‬
‫وقبل حدوث الفيضانات أو ھطول األمطار تتغير فتصبح حمراء ‪ ،‬فأصبحت عند سكان تلك‬
‫المنطقة كمراقبة لألحوال الجوية ‪ ،‬وبال تعليق إنھا بلسان حالھا تقول )ذلكم ﷲ ربكم ال‬
‫إله إال ھو خالق كل شيء فاعبدوه وھو على كل شيء وكيل ‪ ،‬عجباً ‪ ،‬عجباً ‪ ،‬عجب ‪،‬‬
‫ال ينقضي العجب ولو كنا في شھر رجب ‪ ،‬كل الكون بكائناته يوحد ويسلم ويستسلم‬
‫وينقاد ‪ 9‬رب العالمين ثم يبقى ھذا اإلنسان في ھذا الكون ‪ ،‬إنه لظلوم مبين ‪ ،‬أفغير‬
‫دين ﷲ يبغون ‪ ،‬وله أسلم من في السماوات واألرض طوعاً وكرھاً وإليه يرجعون ‪ ،‬الكون‬
‫كله بكائناته يؤمن بنبوة محمد صلى ﷲ عليه وسلم ‪ ،‬وتدھش وتعجب لكثير من اإلنس‬
‫والجن يوم تعمى أبصارھم عن الحق فيكذبون بالرسالة والرسول صلوات ﷲ وسالمه‬
‫عليه ‪ ،‬في قمة بالھة وبالدة ‪ ،‬فھم نشاز في ھذا الكون ‪ ،‬ثبت في الصحيحة عن جابر‬
‫رضي ﷲ عنه قال ‪ :‬أقبلنا مع رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم حتى دفعنا إلى حائط‬
‫جمل ال يدخل الحائط أحد إال شد عليه ‪ ،‬فذكروا ذلك للنبي‬
‫في بني النجار ‪ ،‬فإذا فيه َ َ‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم فأتاه النبي صلى ﷲ عليه وسلم فدعاه فجاء واضعاً مشفره‬
‫على األرض حتى برك بين يدي النبي صلى ﷲ عليه وسلم فقال ھاتوا خطاماً فخطمه‬
‫ودفعه إلى صاحبه ‪ ،‬ثم التفت فقال ‪ ،‬واسمعوا إلى ما قال صلوات ﷲ وسالمه عليه‬
‫قال‪" :‬إنه ليس شيء بين السماء واألرض إال ويعلم أني رسول ﷲ إال عاصي الجن‬
‫واإلنس" ‪ ،‬فسبحان من ھدى ھذه الكائنات لإليمان يوم ضل بعض بني اإلنسان والجان‬
‫‪ ،‬ال إله إال ﷲ ‪ ،‬كم من مركوب ھو خير من راكبه ‪ ،‬يا قوم ھذا صراط ﷲ فاتبعوا ال‬
‫تسلكوا سبال ً تفضي إلى النار ‪ ،‬الكون بكائناته جميعاً يسبح ﷲ ويثني على ﷲ ‪،‬‬
‫وثناء ال نفھمه ‪ ،‬ﷲ سبحانه وتعالى يعلمه ‪ ،‬تسبح له السماوات‬
‫ً‬ ‫ويمجد ﷲ تسبحاً‬
‫السبع واألرض ومن فيھن ‪ ،‬وإن من شي ٍء إال يسبح بحمده ولكن ال تفقھون تسبيحھم‬
‫‪ ،‬سبحت الكائنات بحمده فمأل الكون تحميده ‪ ،‬سبحه النبات جمعه وفريده ‪ ،‬والشجر‬
‫عتيقه وجديده ‪ ،‬أولم يروا كيف يبدئ ﷲ الخلق ثم يعيده ‪ ،‬سبحته الحيتان في البحار‬
‫الزاخرات ‪ ،‬سبحته الوحوش في الفالوات ‪ ،‬تسبحه نغمات الطيور ‪ ،‬يسبحه الظل تحت‬
‫النور بين الغصون ‪ ،‬وسحر المساء وضوء‬
‫الشجر ‪ ،‬يسبحه النبع بين المروج ‪ ،‬يسبحه َ‬
‫القمر ‪ ،‬فسبحان ﷲ وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته ‪ ،‬في‬
‫الصحيحة أنه صلى ﷲ عليه وسلم قال‪ :‬ما تستقل الشمس ‪ ،‬فيبقى شيء من خلق‬
‫ﷲ إال سبح ﷲ بحمده ‪ ،‬إال ما كان من الشياطين وأغبياء بني آدم ‪،‬وصدق رسول ﷲ‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم ‪ ،‬غباء وأي غباء أن يسخر ﷲ لك كل ما حولك بمنه وكرمه ‪ ،‬ثم‬
‫يسبحه كل مسخر لك وأنت غافل غبي أخرس أحمق‬
‫سل الواحة الخضراء والماء جاريا *** وھذه الصحاري والجبال الرواسي‬
‫سل الروض مزداناً سل الزھر والندى *** سل الليل واإلصباح والطير شاديا‬
‫وسل ھذه األنسام واألرض والسما *** وسل كل شي ٍء تسمع الحمد ساريا‬
‫فلو جم ھذا الليل وامتد سرمداً *** فمن غير ربي يرجع الصبح ثانيا‬

‫سبحان ﷲ وبحمده ‪ ،‬وسبحان ﷲ العظيم ‪ ،‬ليس شي ٍء إال وھو أضرع ‪ 9‬من بني آدم‬
‫نشاز في‬
‫ٌ‬ ‫نادة‬
‫ٌ‬ ‫صادة‬
‫ٌ‬ ‫‪ ،‬الكون كله بكائناته يسجد ‪ 9‬ويخضع ويذل وتبقى فئة من الناس‬
‫سيد[ رحمه ﷲ‬
‫ھذا الكون ال تستحق الحياة ‪ ،‬فانظر إلى تلك الحشود كما يقول ] َ ِ ّ ْ‬
‫‪:‬حشد من الخالئق مما يدرك اإلنسان ومما ال يدرك ‪ ،‬وحشد من األفالك مما يعلم‬
‫اإلنسان ومما ال يعلم ‪ ،‬حشد من المالئكة ‪ ،‬حشد من الجبال والشجر والدواب ‪ ،‬حشد‬
‫من خلق ﷲ كلھا في موكب خاشع ذليل تسجد ‪ 9‬وتتجه إليه ال إلى سواه في‬
‫تناسق ونظام عجيب إال ھذا اإلنسان يتفرق فجزء منه يتنكب الموكب نشاز ال يستحق‬
‫الحياة ‪ ،‬ألم ترى أن ﷲ يسجد له من في السماوات ومن في األرض والشمس والقمر‬
‫والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس ‪ ،‬وكثير حق عليه العذاب )ومن يھن‬
‫ﷲ فما له من مكرم إن ﷲ يفعل ما يشاء( ‪ ،‬فانظر إلى قھره وانظر إلى ذل خلقه ‪ ،‬كل‬
‫ما في الكون يأتي خاضعاً ذليال ً ساجداً ‪ 9‬يدين له النجم في أفقه ‪ ،‬يدين له الفلك‬
‫الدائر ‪ ،‬يدين له الفرخ في عشه ‪ ،‬ونسر السما الجارح الكاسر ‪ ،‬تدين البحار وحيتانھا‬

‫وماء سحاباتھا القاطر‪ ،‬تدين له ُ ْ ُ‬


‫األسد في غابھا وظبي الفال الشارد النافر ‪ ،‬يدين له‬
‫البر‬
‫*** في سعيه ‪ ،‬يدين له الزاحف والناشر ‪ ،‬تدين النجاد ‪ ،‬تدين الوھاد ‪ ،‬يدين له َ ﱡ‬
‫والفاجر ‪ ،‬يدين الجلي ‪ ،‬يدين الخفي ‪ ،‬يدين له الجھر والخاطر ‪ ،‬تدين الحياة ‪ ،‬يدين‬
‫الوجود ‪ ،‬يدين المقدر والحاضر ‪ ،‬وكل العباد إليه رجوع وفوق العباد ھو القاھر ‪ ،‬الشجر‬
‫والحجر والمدر ‪ ،‬يلبي ويوحد ﷲ مع الحاج الملبي ‪ ،‬ثبت في الصحيحة أنه صلى ﷲ‬
‫ملب يلبي إال لبى مع عن يمينه وشماله من حجر أو شجر أو‬
‫ٍ‬ ‫عليه وسلم قال‪ :‬ما من‬
‫مدر ‪ ،‬حتى تنقطع األرض منھا ھنا ومنھا ھنا ‪ ،‬تفاعل الكون كله مع توحيد ﷲ عز وجل‪،‬‬
‫كل كنى عن شوقه بلغاته ‪ ،‬ولربما أبكى الفصيح األعجم ‪ ،‬بل إن الشجر ليشھد أال إله‬
‫بإسناد صحيح كما‬
‫ٍ‬ ‫إال ﷲ ‪ ،‬وأن محمداً رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ‪ ،‬روى الدارمي‬
‫قال صاحب المشكاة ‪ ،‬عن ابن عمر رضي ﷲ عنھما قال‪ :‬كنا مع النبي صلى ﷲ عليه‬
‫أعرابي فلما دنا قال له رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫سفر فأقبل‬
‫ٍ‬ ‫وسلم في‬
‫أتشھد أال إله إال ﷲ وأن محمداً عبده ورسوله ‪ ،‬قال ومن يشھد على ما تقول ‪ ،‬قال‬
‫حجرة السلمة ـ فدعاھا رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم وھي في‬
‫ھذه السلمة ـ ِ‬
‫شاطئ الوادي فأقبلت تھز األرض حتى قامت بين يديه ‪ ،‬فاستشھدھا صلى ﷲ عليه‬
‫وسلم فشھدت ثالثاً أال إله إال ﷲ وأن محمداً عبده ورسوله ‪ ،‬ثم رجعت إلى منبتھا ‪ ،‬إن‬
‫في ذلك آلية ‪ ،‬وروى الترمذي أيضاً كما في الصحيحة عن ابن عباس رضي ﷲ عنھما‬
‫قال ‪ ":‬جاء أعرابي إلى رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم فقال ‪ :‬يا محمد بما أعرف أنك‬
‫نبي ‪ ،‬بما أعرف أنك نبي ‪ ،‬قال صلى ﷲ عليه وسلم إن دعوت ھذا العذق شھد أني‬
‫رسول ﷲ ‪ ،‬فدعاه رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم فجعل ينزل العذق من النخلة حتى‬
‫سقط إلى النبي صلى ﷲ عليه وسلم ‪ ،‬ثم شھد ثم قال صلى ﷲ عليه وسلم له‬
‫ارجع ‪ ،‬فرجع إلى مكانه ‪ ،‬فقال األعرابي وأنا أشھد أال إله إال ﷲ وأنك رسول ﷲ ‪،‬‬
‫ودخل في دين ﷲ "‪ ،‬ألم يمر بذھنك وأنت تعلم عبودية الشجر ‪ 9‬ما روى البخاري عن]‬
‫سھل بن سعد[ ‪ ،‬أن رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم قال ‪ :‬إن في الجنة لشجرة‬
‫يسير الراكب الجواد المضمر السريع في ظلھا مائة عام ال يقطعھا ‪ ،‬فاشتاقت نفسك‬
‫لظل ھذه الشجرة فأحسنت التعامل مع ﷲ لتكون من أھلھا بإذن ﷲ ‪ ،‬وأرجو ﷲ أن‬
‫نكون جميعاً من أھلھا ‪ ،‬الجبال والحجارة تخشى ﷲ ‪ ،‬فأين الخشية والخوف من ﷲ ‪،‬‬
‫جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً‬
‫ٍ‬ ‫وإن منھا لما يھبط من خشية ﷲ )لو أنزلنا ھذا القرآن على‬
‫لحم أقسى من ھذه الجبال ‪ ،‬تسمع آيات ﷲ‬ ‫ٍ‬ ‫من خشية ﷲ ( ‪ ،‬يا عجباً من مضغة‬
‫تتلى فال تلين وال تخشع ‪ ،‬من حكمة ﷲ أن جعل لھا ناراً إذا لم تلن بذكره ومواعظه‬
‫فبھا تلين ‪ ،‬فمن لم يلن قلبه في ھذه الدار ولم يتب إلى ﷲ ويخشه فليتمتع قليال ً ‪،‬‬
‫فإن المرد إلى عالم الغيب والشھادة ‪ ،‬فنشكو إلى ﷲ القلوب التي قست وران عليھا‬
‫المآثم ‪ ،‬من خشية المولى ھوى الجبل الذي في الطور ‪ ،‬النت قسوة‬
‫ِ‬ ‫كسب تلك‬
‫ً‬
‫صالة ال‬ ‫األحجار ‪ ،‬أو لم يئن وقت الخشوع فال تغرن الحياة سوى مغرار ‪ ،‬الطير تصلي‬
‫ركوع فيھا وال سجود ‪ ،‬ﷲ يعلمھا ونحن ال نعلمھا )والطير صافات كل قد علم صالته‬
‫وتسبيحه وﷲ عليم بما يفعلون ‪ ،‬ما ميزان الصالة عند اإلنسان ‪ ،‬إنھا وصية رسول ﷲ‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم التي ختم بھا حياته ‪ ،‬ومع ذلك فرط فيھا من فرط ‪ ،‬وضاع فيھا‬
‫من ضاع ‪ ،‬وذل بتركھا من ذل بعد العز ‪ ،‬فاسمع إلى ما يقول صاحب وحي الواقع ‪ ،‬بعد‬
‫مجزرة األقصى في رمضان المشھود التي راح ضحيتھا المئات من القتلى والجرحى ‪،‬‬
‫تقابل مسلم ويھودي ‪ ،‬فقال المسلم‪ :‬مھما طال بكم الزمن يا أحفاد القردة والخنازير‬
‫لنخرجنكم منھا أذلة وأنتم صاغرون ‪ ،‬وسيكون معنا الشجر والحجر في حربكم ‪ ،‬قال‬
‫اليھودي نعم وھذا صحيح نقرأه في كتبنا ويعلمه عالمنا وجاھلنا ولكن لستم أنتم ‪ ،‬قال‬
‫المسلم فمن ھم قال ھم الذين يكون عدد مصليھم في الفجر بقرد عدد المصلين في‬
‫صالة الظھر ‪ ،‬وصدق فإنه ال حظ في اإلسالم لمن ترك الصالة وضيعھا ‪ ،‬إن الصالة لتدعو‬
‫ﷲ لحافظھا حفظك ﷲ كما حفظتني ‪ ،‬وعلى مضيعھا ضيعك ﷲ كما ضيعتني ‪ ،‬فال إله‬
‫إال ﷲ كم من ضائع ساقط ال قيمة له في تضييع الصالة ودعاءھا عليه ‪ ،‬إن الديك ليوقظ‬
‫للصالة ويدعو لھا ويؤذن ‪ ،‬بل أمرنا إذا سمعنا صوته أن نسأل ﷲ من فضله ألنه رأى‬
‫ملكا ‪ ،‬فال إله إال ﷲ ‪ ،‬كم من ديك ھو خير من إنسان عند ﷲ ‪ ،‬وھو يأكله ‪ ،‬فكم من‬
‫مأكول ھو خير من آكله ‪ ،‬وأنت تعلم ھذا ‪ ،‬أقبل ببصيرتك لقول المصطفى صلى ﷲ‬
‫عليه وسلم كما ثبت في صحيح الجامع يوم قال ‪ :‬إن ﷲ أذن لي أن أحدث عن ديك قد‬
‫مرقت رجاله األرض وعنقه مثنية تحت العرش وھو يقول ‪ :‬سبحانك ما أعظمك ‪،‬‬
‫سبحانك ما أعظمك ‪ ،‬فھل عظمت ﷲ وقدرته حق قدره فانقدت واستسلمت وأخلصت‬
‫وأنبت وانسجمت مع ھذا الكون صغير وكبيره فكان حالك ومقالك ‪ :‬سبحانك ما أعظمك‬
‫‪ ،‬سبحان من لو سجدنا بالعيون له على شبا الشوك والمحمى من اإلبر ‪ ،‬لم نبلغ‬
‫العشر من معشار نعمته وال العشير وال عشراً من العشر ‪ ،‬أحبتي في ﷲ ‪ ،‬األدلة‬
‫على وحدانية ﷲ ‪،‬وأنه المستحق للعبادة ال شريك له كثيرة ال تعد وال تحصى ولعل‬
‫فيما تقدم ما يكفي ألولي األحالم والنھى ‪ ،‬حمداً لك اللھم أقولھا في البؤس واإليسار‬
‫واإلعسار‪ ،‬وعلى الرسول الھاشمي وآله ليلي أصلي دائباً ونھاري ‪ ،‬سبحان ربك رب‬
‫وسالم على المرسلين ‪ ،‬والحمد ‪ 9‬رب العالمين ‪ ،‬سبحانك اللھم‬
‫ٌ‬ ‫العزة عما يصفون ‪،‬‬
‫وبحمدك ‪ ،‬أشھد أال إله إال أنت أستغفرك وأتوب إليك ‪.‬‬

‫فضيلة الشيخ ‪ /‬علي عبد الخالق القرني‬

‫صدقوا ما عاھدوا‬

‫الحمد ‪ 9‬رب العالمين‪ ،‬والعاقبة للمتقين‪ ،‬وال عدوان إال على الظالمين‪ ،‬وال إله إال ﷲ‪،‬‬
‫وقيوم السماوات واألراضين‪ ،‬ومالك يوم الدين‪ ،‬الذي ال فوز إال في‬
‫ﱡ‬ ‫إله األولين واآلخرين‪،‬‬
‫عز إال في التذلل لعظمته‪ ،‬وال غنى إال في االفتقار لرحمته‪ ،‬ال ھدى إال في‬
‫طاعته‪ ،‬وال ِ ﱠ‬
‫قربه‪ ،‬وال صالح وال فالح إال في‬
‫االستھداء بنوره‪ ،‬ال حياة إال في رضاه‪ ،‬وال نعيم إال في ُ ْ ِ‬
‫دعي أجاب‪ ،‬وإذا‬
‫وغفر‪ ،‬وإذا ُ ِ‬
‫عصي تاب َ َ‬ ‫اإلخالص له وتوحيد حبه‪ ،‬إذا أطيع َ َ‬
‫شكر‪ ،‬وإذا ُ ِ َ‬
‫يؤدي حق‬‫العادون‪ ،‬وال ِ ّ‬
‫ﱡ‬ ‫عمل أثاب‪ ،‬ال إله إال ھو سبحانه وبحمده‪ ،‬ال ُيحصي عدد نعمته‬ ‫ُ ِ‬
‫قضى َ ْ ً‬
‫أمرا‬ ‫إذا َ َ‬
‫واألرضِ ِ َ‬
‫السماواتِ َ ْ‬
‫ﱠ َ َ‬ ‫بديع‬
‫شكره الحامدون‪ ،‬وال َيبلُغ مدى عظمته الواصفون ) َ ِ ُ‬
‫كن َ َ ُ ُ‬
‫فيكون( اللھم لك الحمد ِملء السماوات واألرض؛ فكل الحمد اللھم‬ ‫يقول َ ُ‬
‫له ُ ْ‬ ‫َِﱠ َ‬
‫فإنما َ ُ ُ‬
‫لك‪ ،‬لك الشكر على نعم ال نحصيھا؛ فكل الشكر لك‪ ،‬اللھم لك المتوبة والتذلل والخضوع‬
‫شھدت له بالربوبية جميع مخلوقاته‪ ،‬وأقرت له باأللوھية‬
‫فال معبود غيرك‪ .‬الحمد ‪ِ َ 9‬‬
‫جميع مصنوعاته‪" ،‬سبحانه وبحمده عدد خلقه‪ ،‬ورضا نفسه‪ ،‬وزنة عرشه ومداد كلماته"‬
‫وال إله إال ﷲ وحده ال شريك له في ألوھيته كما أنه ال شريك له في ربوبيته‪ ،‬وال شبيه‬
‫له في ذاته وال أفعاله وال صفاته‪ .‬سبحانه سبحت له السماوات وأمالكھا‪ ،‬والنجوم‬
‫وأفالكھا‪ ،‬واألرض وسكانھا‪ ،‬والبحار وحيتانھا والنجوم والجبال والشجر والدواب واألتان‬
‫ومن‬
‫واألرض َ َ‬
‫السبع َ ْ ُ‬
‫ﱠ ْ ُ‬ ‫السماوات‬
‫ﱠ َ َ ُ‬ ‫تسبح َ ُ‬
‫له‬ ‫والرمال وكل رطب ويابس وكل حي وميت ) ُ َ ِ ّ ُ‬
‫فيھن( أشھد أال إله إال ﷲ‪ ،‬وحده ال شريك له‪ ،‬كلمة قامت بھا األرض والسماوات‪،‬‬
‫ِ ِ ﱠ‬
‫وخلقت ألجلھا جميع المخلوقات‪ ،‬وبھا أرسل ﷲ ‪-‬تعالى‪ -‬رسله‪ ،‬وأنزل كتبه‪ ،‬وشرع‬
‫نصبت الموازين‪ ،‬ووضعت الدواوين‪ ،‬وقام سوق الجنة والنار‪ ،‬وانقسم‬
‫شرائعه‪ .‬ألجلھا ُ ِ‬
‫وفجار‪ ،‬عنھا وعن حقوقھا يكون السؤال والجواب‪،‬‬
‫ﱠ‬ ‫الخالئق إلى مؤمنين وكفار‪ ،‬وأبرار‬
‫أسست الملة‪ ،‬وألجلھا جردت‬
‫القبلة‪ ،‬وعليھا ّ ِ‬
‫وعليھا يقع الثواب والعقاب‪ ،‬عليھا نصبت ِ ْ‬
‫سيوف الجھاد وھي حق ﷲ على جميع العباد‪ .‬إنھا كلمة اإلسالم‪ ،‬مفتاح دار السالم‪،‬‬
‫لن تزول قدم عبد بين يدي ﷲ حتى يسأل ماذا كنتم تعبدون؟ وماذا أجبتم المرسلين؟‬
‫فال إله إال ﷲ‪ ،‬شھادة حق وصدق أتولى بھا ﷲ ورسوله والذين آمنوا‪ ،‬وأتبرأ بھا من‬
‫محمدا عبد ﷲ‬
‫ً‬ ‫وزورا من دون ﷲ‪ .‬وأشھد أن‬
‫ً‬ ‫ظلما‬
‫ً‬ ‫الطواغيت واألنداد المعبودين‬
‫ورسوله‪ ،‬أمينه على وحيه‪ ،‬وخيرته من خلقه‪ ،‬أشرف من وطئ الحصى بنعله‪ ،‬أرسله‬
‫وأدى‬ ‫وحجة على الخالئق أجمعين‪ .‬ﱠ‬
‫بلغ الرسالة‪ ،‬ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫وإماما للمتقين‪،‬‬
‫ً‬ ‫ﷲ رحمة للعالمين‪،‬‬
‫األمة‪ ،‬وجاھد في ﷲ حق الجھاد وقمع أھل الزيغ والفساد فتح ﷲ به‬
‫ﱠ‬ ‫األمانة‪ ،‬ونصح‬
‫أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا‪ .‬صلوات ﷲ وسالمه عليه‪ ،‬وعلى أھل بيته الطيبين‪،‬‬
‫وأصحابه المنتخبين‪ ،‬وخلفائه الراشدين‪ ،‬وأزواجه الطاھرات؛ أمھات المؤمنين‪ ،‬ومن‬

‫تموتن ِإال ﱠ َ َ ْ ُ‬
‫وأنتم‬ ‫تقاته َوال َ َ ُ ُ ﱠ‬
‫حق ُ َ ِ ِ‬‫ﷲ َ ﱠ‬‫اتقوا َ‬
‫آمنوا ﱠ ُ‬
‫الذين َ ُ‬ ‫تبعھم بإحسان إلى يوم الدين )يا َ ﱡ َ‬
‫أيھا ﱠ ِ َ‬
‫ويغفر‬ ‫لكم َ ْ َ َ ُ ْ‬
‫أعمالكم َ َ ْ ِ ْ‬ ‫يصلح َ ُ ْ‬ ‫قوال ً َ ِ ً‬
‫سديدا * ُ ْ ِ ْ‬ ‫وقولُوا َ ْ‬
‫ﷲ َُ‬
‫اتقوا َ‬ ‫آمنوا ﱠ ُ‬
‫ين َ ُ‬
‫الذ َ‬ ‫مسلمون( )يا َ ﱡ َ‬
‫أيھا ﱠ ِ‬ ‫ﱡ ْ ِ ُ َ‬
‫عظيما(‬ ‫فاز َ ْ ً‬
‫فوزا َ ِ ً‬ ‫فقد َ َ‬ ‫ﷲ ََ ُ َ ُ‬
‫ورسوله َ َ ْ‬ ‫يطعِ َ‬
‫ومن ُ ِ‬
‫ذنوبكم َ َ‬ ‫َ ُ ْ‬
‫لكم ُ ُ َ ُ ْ‬

‫أحبتي في ﷲ؛ أسعد اللحظات في حياة العبد يوم يطرق مسامعه ذكر ﷲ‪ ،‬يوم يطمئن‬
‫ُوب( إن‬ ‫تطمئن ْ ُ‬
‫القل ُ‬ ‫ﷲ َ ْ َ ِ ﱡ‬ ‫قلبه بقول ﷲ‪ ،‬وقول رسول ﷲ‪ -‬صلى وسلم عليه ﷲ‪َ ) -‬أال َ ِ ِ ْ ِ‬
‫بذكر ِ‬
‫من نعمة ﷲ علينا تھيئة مثل ھذا المخيم لنجتمع فيه على الخير والبر والذكر والتناصح‪.‬‬
‫يجزي القائمين والمساھمين عليه وفيه‬
‫َ‬ ‫فأسأل ﷲ بأسمائه الحسنى‪ ،‬وصفاته العال أن‬
‫أفضل ما يجزي عباده الصالحين‪ ،‬وأن يرزقنا شكر نعمته‪ ،‬وقد تأذن لمن شكر بالمزيد‪،‬‬
‫ً‬
‫وھنيئا‬ ‫وجوھا أقبلت على ﷲ فجعلت حياتھا كلھا ‪،9‬‬
‫ً‬ ‫وحيي ﷲ ھذه الوجوه‪ ،‬حيي ﷲ‬
‫ً‬
‫ھنيئا ألسماع امتألت بذكر‬ ‫لھا من قلوب َ َ ِ‬
‫تأرز إلى ذكر ﷲ‪ ،‬فتسكن وتسعد بإذن ﷲ‪.‬‬
‫تنعمت‬ ‫ً‬
‫ھنيئا ألبصار ﱠ َ‬ ‫ﷲ‪ ،‬فتلذذت بقول ﷲ وقول رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪.-‬‬
‫ً‬
‫ھنيئا لكم يوم‬ ‫ً‬
‫ھنيئا لھا من أقدام جعلت خطاھا إلى ذكر ﷲ‪.‬‬ ‫بمجالسة من يذكر ﷲ‪.‬‬
‫ً‬
‫ھنيئا لكم‬ ‫بدلت سيئاتكم حسنات بإذن ربكم‪.‬‬
‫مغفورا لكم‪ ،‬قد ُ ِّ‬
‫ً‬ ‫يرجى لكم أن تنصرفوا‬
‫ﱡ‬
‫تحف‪ ،‬ورحمة تغشى‪ ،‬وسكينة تتنزل‪ ،‬فيا‬ ‫مالئكة‬
‫ٌ‬ ‫ُتذكرون في مأل خير من ملئكم‪،‬‬
‫حسرة وندامة وخزي من لم تنعم عينه وجوارحه بذكر ﷲ‪.‬‬
‫وتھليل‬
‫الحياة بتسبيحٍ َ ْ ِ‬‫َ‬ ‫أمضى‬
‫شرف *** ْ َ‬
‫من َ َ ٍ‬ ‫العبد َما ِفي ِّ ْ ِ‬
‫الذكر ِ ْ‬ ‫لو َ َ ُ‬
‫يعلم َ ُ‬ ‫َْ‬
‫الدنانير‬
‫ِ‬ ‫تجميع ﱠ‬
‫عنه َ ْ ِ ُ‬
‫يلھھم َ ْ ُ‬ ‫شرف *** َ ْ‬
‫لم ُ ْ ِ ِ‬ ‫من َ َ ٍ‬ ‫ﱡ ْ ِ‬
‫الشكر ِ ْ‬ ‫الناس َما في‬
‫يعلم ﱠ ُ‬ ‫َْ‬
‫لو َ ْ ُ‬
‫القناطير‬
‫ِ‬ ‫آالف‬
‫ُ‬ ‫تجمع‬ ‫ذھب *** َ‬
‫ولو َ ﱠ‬ ‫ٍ‬ ‫ولم ُيبالُوا بأوراقٍ وال‬
‫السماء إذا َ َ َ‬
‫ذكرت‬ ‫ﱠ ِ‬ ‫دأبا *** ُ ْ َ َ‬
‫لتذكر في‬ ‫ذكره في األرضِ ً‬ ‫ْ ِْ‬
‫فأكثر ِ ُ‬
‫متى‬‫بن ﱠ‬
‫ناداه ذو النون ُ‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫اعترافا *** بما‬ ‫سجدت َ ُ‬
‫له ْ‬ ‫َ‬ ‫وناد إذا َ‬
‫ِ‬
‫سألت‬
‫َ‬ ‫السؤال إذا َ‬
‫ﱡ‬ ‫وأخلص في‬
‫ْ‬ ‫التوفيق فيھا ***‬
‫ِ َ‬ ‫من َر ِ ّبك‬
‫وسل ْ‬
‫َ ْ‬
‫َ‬ ‫سيفتح بابه لك إن َ‬
‫قرعت‬ ‫ُ ُ‬ ‫عساه ***‬
‫ُ‬ ‫قرعا‬
‫ً‬ ‫والزم بابه‬
‫ذممت‬
‫ْ َ‬ ‫من‬
‫أجدر ْ‬
‫ُ‬ ‫فھي‬
‫بعيب ْ َ‬
‫ٍ‬ ‫سواھا ***‬
‫تذمم ِ‬
‫ُ ْ‬ ‫ذم ال‬
‫ونفسك ُ ﱠ‬
‫َ‬
‫قد َ ِ ْ َ‬
‫أمنت‬ ‫لك َ ْ‬‫أقل َ َ‬ ‫لذنبك َ ْ‬
‫لم ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫خوفا ***‬ ‫فلو بكت الدما عيناك‬
‫ائتمرت وال َ َ َ ْ َ‬
‫أ◌طعت‬ ‫عبد *** ُ ِ ْ َ‬
‫أمرت َ َ‬
‫فما ْ ُ ِ ْ َ‬ ‫ٌ‬ ‫وأنت‬
‫َ‬ ‫ن‬ ‫ومن َ َ‬
‫لك باألما ِ‬ ‫َ َ ْ‬
‫وزنت‬
‫تخف إذا ُ ِ ْ َ‬
‫بجھلك أن َ ِ ﱠ‬
‫ِ َ‬ ‫تخشى ***‬
‫ولست َ ْ َ‬
‫َ‬ ‫من ﱡ‬
‫الذنوبِ‬ ‫َُ َ‬
‫ثقلت َ‬
‫إن َ ِ ْ َ‬
‫ضحكت‬ ‫تبكي ْ‬ ‫َ‬
‫سوف َ ْ ِ‬ ‫لھوا *** فإنك‬
‫ً‬ ‫ِ‬
‫السفھاء‬ ‫تضحك مع‬
‫ْ‬ ‫فال‬
‫قد َد َ ْ َ‬
‫فنت‬ ‫صبيٍ َ ْ‬ ‫وفكر َ ْ‬
‫كم َ ِ ّ‬ ‫ِّ‬ ‫مجال ***‬
‫الصبا فيه َ َ ٌ‬
‫ِّ َ‬ ‫تقل‬
‫وال َ ُ ِ‬
‫نحتا‬
‫الساعات َ ْ ً‬
‫ُ‬ ‫ﱠ‬ ‫جسمك‬
‫َ‬ ‫وتنحت ِ‬
‫فتا *** َ ْ ِ ُ‬
‫األيام ّ‬
‫ُ‬ ‫فؤادك‬
‫َ‬ ‫َ ﱡ‬
‫تفت‬
‫أنت‬
‫َ‬ ‫أنت ُ ِ ُ‬
‫أريد‬ ‫َ‬ ‫صاحِ‬
‫دعاء صدقٍ *** أال يا َ‬
‫َ‬ ‫المنون‬
‫ُ‬ ‫وتدعوك‬
‫َ‬

‫نقدم ألنفسنا أعماال تبيض‬


‫ِّ‬ ‫جميعا ونفسي بتقوى ﷲ وأن‬ ‫ً‬ ‫أحبتي في ﷲ أوصيكم‬
‫يوم‬
‫سليم( ) َ ْ َ‬ ‫ﷲ ِ َْ ٍ‬
‫بقلب َ ِ ٍ‬ ‫أتى َ‬ ‫من َ َ‬ ‫ال َوال َ َ ُ َ‬
‫بنون* ِإال ﱠ َ ْ‬ ‫يوم ال َ َ َ ُ‬
‫ينفع َم ٌ‬ ‫وجوھنا يوم نلقى ﷲ ) َ ْ َ‬
‫بھم‬
‫تسوى ِ ِ ُ‬ ‫الرسول َ ْ‬
‫لو ُ َ ﱠ‬ ‫وعصوا ﱠ ُ َ‬ ‫الذين َ َ ُ‬
‫كفروا َ َ َ ُ‬ ‫يود ﱠ ِ َ‬
‫يومئذ َ َ ﱡ‬
‫نفسھا( ) َ ْ َ ِ ٍ‬
‫تجادل َعن ﱠ ْ ِ َ‬
‫نفسٍ ُ َ ِ ُ‬
‫كل َ ْ‬ ‫َْ ِ‬
‫تأتي ُ ﱡ‬
‫ﷲ َ ِ ً‬
‫حديثا( يقول ]أبو الدرداء[ ‪-‬رضي ﷲ عنه وأرضاه‪ :-‬ما تصدق‬ ‫األرض َوال َ َ ْ ُ ُ َ‬
‫يكتمون َ‬ ‫ْ ُ‬
‫قوما فيقومون وقد نفعھم ﷲ ‪-‬عز وجل‪ -‬بھا‪.‬‬
‫ً‬ ‫متصدق بأفضل من موعظة يعظ الرجل بھا‬
‫والكلمة الطيبة صدقة كما أخبر بذلك المصطفى ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ .-‬وللكلمة‬
‫الطيبة مالمح‪ ،‬أرجو ﷲ أن تتوفر في ھذه الكلمة تلك المالمح؛ لتتغلغل إلى الجوانح‪،‬‬
‫فتظھر على الجوارح‪ .‬فالكلمة الطيبة ِ ْ َ َ‬
‫معطاء جميلة رقيقة ال تؤذي المشاعر‪ ،‬وال تخدش‬
‫النفوس‪ ،‬جميلة اللفظ‪ ،‬جميلة المعنى‪ ،‬رقيقة المبنى‪ ،‬رقيقة المعنى‪ ،‬يشتاق لھا‬
‫بناءة‪ ،‬منفعتھا‬
‫السامع فيطرب ويخشى ويسعى‪ ،‬طيبة الثمر‪ ،‬نتاجھا مفيد‪ ،‬غايتھا ﱠ‬
‫واضحة‪ ،‬أصلھا ثابت مستمد من النبع الصافي؛ من كتاب ﷲ‪ ،‬وسنة رسوله –صلى ﷲ‬
‫عليه وسلم‪ ،-‬وتمتد شامخة بفرعھا إلى السماء؛ ألنھا نقية‪ ،‬وصادرة بإذن ﷲ عن‬
‫صدق نية‪ ،‬تؤتي أكلھا كل حين بإذن ربھا‪ ،‬يسمعھا السامع فينتفع بھا‪ ،‬وينقلھا لغيره‬
‫فينتفع‪ ،‬حتى إنه لينتفع بھا اللئام من الناس‪ ،‬ويمتد النفع إلى ما شاء ﷲ وصاحبھا ال‬
‫ورصيدا له في الحياة‪ .‬كلمة من رضوان ﷲ‬
‫ً‬ ‫ذخرا له بعد الممات‪،‬‬
‫ً‬ ‫يعلم مداھا؛ فتبقى‬
‫يكتب ﷲ بھا الرضوان للعبد إلى أن يلقى ﷲ‪ .‬أسأل ﷲ أن يجعل ھذه الكلمات من‬
‫الباقيات الصالحات‪ ،‬وأن ينفعني بھا ومن رام االنتفاع بھا من إخواني‪ ،‬وأن يجعلھا من‬
‫ذخرا‬
‫ً‬ ‫األعمال التي ال ينقطع عني نفعھا بعد أن أدرج في أكفاني‪ ،‬وأن تجعلھا للجميع‬
‫في يوم الحسرات على ضياع األوقات في غير الطاعات‪ ،‬يوم يوقف العبد بشحمه ولحمه‬
‫خاف‪ ،‬الجسد مكشوف‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫ودمه وعصبه وشعره وأظفاره يعرض على ﷲ ال يخفى منه‬
‫يومئذ‬
‫والضمير مكشوف‪ ،‬والقلب مكشوف‪ ،‬والصحيفة مكشوفة‪ ،‬والتاريخ مكشوف ) َ ْ َ ِ ٍ‬
‫رموزا وقادة‬
‫ً‬ ‫خافية( أما بعد‪ ،‬أيھا المؤمنون‪ :‬إن لكل مجتمع‬
‫منكم َ ِ َ ٌ‬ ‫تعرضون ال َ َ ْ َ‬
‫تخفى ِ ُ ْ‬ ‫ُْ َ ُ َ‬
‫الھمة؛ ليصعدوا بالناس إلى القمة‪ .‬ورموز‬
‫ويقوون ِ ﱠ‬
‫قيمه‪ ،‬ويوجھون األمة‪ِّ َ ُ ،‬‬
‫يمثلون ِ َ َ ُ‬
‫المجتمع اإلسالمي ھم صحابة رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬ومن تبعھم بإحسان‬
‫ونقتھم المحن‪ ،‬من‬
‫الفتن‪ ،‬ﱠ‬
‫ُ‬ ‫محصتھم‬
‫من ﱠ‬
‫إلى يوم الدين‪ .‬وأفضلھم أھل السابقة؛ َ ْ‬
‫فاسترخصوا كل شئ من أجل رفع راية التوحيد‪ .‬رضي ﷲ‬
‫َ ُ‬ ‫امتحنوا بالنفس والنفيس‬
‫ُ‬
‫عنھم‪ ،‬ورحمھم‪ ،‬وأخرج من األمة أمثالھم‪ .‬إن المتملي والمتأمل لواقع أمتنا اليوم يجدھا‬
‫تكاد تفتقر إلى القدوات‪ ،‬وينقصھا المثال؛ ولذلك فتحت باب االستيراد القدوات من خارج‬
‫سخفھا وجھلھا بسلفھا وقدواتھا‪ ،‬وتناقص عنصر‬ ‫لتاريخھا‪َ َ َ َ ،‬‬
‫وتعاظم ُ ْ ُ َ‬ ‫ِ‬ ‫فتنكرت‬
‫ْ‬ ‫الحدود‪َ ،‬‬
‫قوة الضوء فيھا؛ ألنھا ابتعدت عن مصدر الضوء‪ ،‬وعن‬
‫ُ‬ ‫الخير فيھا بمرور األيام‪ ،‬وخفتت‬
‫مركز اإلشعاع فيھا‪.‬‬
‫تنفطر‬
‫بالغيظ َ ِ ُ‬
‫َْ ِ‬ ‫أكبادنا‬
‫ُ‬ ‫تكاد‬
‫ُ‬ ‫لحاضرنا ***‬
‫ماضينا َ ِ‬
‫ِ‬ ‫تمثل‬
‫إذا َ َ‬
‫ولذا كان البد لألمة أن ترجع لتاريخھا‪ ،‬ال للتسلية‪ ،‬وال لقتل الفراغ‪ ،‬وال الجترار الماضي‬
‫وال لالفتخار باآلباء فحسب‪ ،‬بل لنتعظ ونعتبر ونتشبه‪ ،‬ونعرف ذلك الجدول الفياض الذي‬
‫عبوا‪ ،‬لنعلم ماذا فعلوا‪ ،‬لنقتدي بھم فيما فعلوا‪ ،‬لنعلم‬
‫لنعب منه كما ﱡ‬
‫نھل منه أسالفنا؛ ُ ﱠ‬
‫َ َ‬
‫العزة في‬
‫ﱠ‬ ‫ونتلمس‬
‫ﱠ‬ ‫نترسم خطاھم‪،‬‬ ‫ﱠ‬ ‫كيف وصلوا لنصل كما وصلوا‪ .‬ما أحوجنا إلى أن‬
‫اقتده( غابت‬ ‫ﷲ َفبِ ُ َ ُ ُ‬
‫ھداھم ْ َ ِ ْ‬ ‫ھدى ُ‬ ‫طريقھم‪ ،‬ونسير على ھداھم‪َ ِ َ ْ ُ ) .‬‬
‫أولئك ﱠ ِ َ‬
‫الذين َ َ‬
‫شخوصھم‪ ،‬فلنسمع ولنعي أخبارھم؛ فلعل ذاك يقوم مقام رؤيتھم على حد قول‬
‫القائل‪:‬‬
‫بسمعي‬
‫الديار َ ْ ِ‬ ‫فلعلي َ ِ‬
‫أعي ِّ َ َ‬ ‫الديار َ ْ‬
‫بطرفي *** َ َ َ ِ ّ‬ ‫َ‬ ‫أن َ َ‬
‫أرى‬ ‫فاتني َ ْ‬
‫َِ‬

‫لھذا كله كانت ھذه الكلمات التي عنونتھا بھذا العنوان‪ :‬صدقوا ما عاھدوا؛ لتحكي لكم‬
‫حياة جيل ال كاألجيال‪ ،‬وأبطال ال كاألبطال‪ ،‬ورجال ال كالرجال‪.‬‬
‫رجال جاءتھم دعوة الحق فما ترددوا‪ ،‬وما َ َ‬
‫كبوا‪ ،‬وما تلكئوا‪ ،‬وآمنوا بھا وصدقتھا قلوبھم‪،‬‬
‫واستيقنتھا أنفسھم‪ ،‬فما كان قولھم يوم أن ُدعوا إلى ﷲ ورسوله إال أن قالوا‪ :‬سمعنا‬
‫بربكم َ َ ﱠ‬
‫فآمنا( وضعوا‬ ‫آمنوا ِ َ ِ ّ ُ ْ‬ ‫لإليمان َ ْ‬
‫أن ِ ُ‬ ‫ينادي ِ ِ َ ِ‬
‫مناديا ُ َ ِ‬
‫سمعنا ُ َ ِ ً‬
‫إننا َ ِ ْ َ‬
‫وأطعنا‪ ،‬قالوا‪ :‬آمنا )ربنا ِ ﱠ َ‬
‫أيديھم في يدي رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬ھان عليھم بعد ذلك أبناءھم‬
‫ونفوسھم وأموالھم وعشيرتھم؛ إذ علموا أن طريق الجنة صعب‪ ،‬محفوف بالمكاره‪ ،‬لكن‬
‫آخره السعادة الدائمة فسلكوه‪ ،‬وعلموا أن طريق النار سھل محفوف بالشھوات لكن‬

‫بيع َعن ِ ْ ِ‬
‫ذكر‬ ‫تجارة َوال َ َ ْ ٌ‬ ‫رجال ال َ ُ ْ ِ ِ ْ‬
‫تلھيھم ِ َ َ ٌ‬ ‫آخره الشقاوة الدائمة فاجتنبوه‪ .‬رجال وأي رجال ) ِ َ ٌ‬
‫السلم ھداة‬
‫ِّ‬ ‫واألبصار( في‬
‫ُوب َ ْ َ ُ‬ ‫فيه ْ ُ‬
‫القل ُ‬ ‫يوما َ َ َ ﱠ ُ‬
‫تتقلب ِ ِ‬ ‫يخافون َ ْ ً‬ ‫وإيتاء ﱠ َ ِ‬
‫الزكاة َ َ ُ َ‬ ‫الصالة َ ِ َ ِ‬
‫ﱠ َِ‬ ‫ﷲ ََِ ِ‬
‫وإقام‬ ‫ِ‬
‫عباد ليل‪،‬‬
‫مصلحون‪ ،‬عالمون عاملون‪ ،‬وفي الحرب مؤمنون محتسبون‪ ،‬مجاھدون ثابتون‪ ،‬ﱠ‬
‫ُ ْ ِ‬
‫وأسد نھار‪ ،‬حملوا السالح في الميدان‪ ،‬وعلقوا القلوب وملئوھا بالقرآن‪ ،‬قاوموا‬
‫سيان الشيوخ منھم والشباب والشابات‬
‫ﱠ‬ ‫الشھوات‪ ،‬وقاوموا أھل العداوات‪،‬‬
‫رغب‬
‫ٍ‬ ‫الموتِ ِفي َ‬
‫حياض َ ْ‬
‫والواردون ِ َ َ‬
‫َ‬ ‫رھب ***‬ ‫كتاب ِ‬
‫ﷲ ِفي َ ِ ٍ‬ ‫ارئون ِ َ َ‬
‫َ‬ ‫الق‬
‫منحوا الحياة جماال‪ ،‬ومعنى‪ ،‬ومغزى في جميل مبنى‬
‫الحياة إذا َ ْ‬
‫خلت *** منھم ظواھر أو بطاح‬ ‫ُ‬ ‫كيف‬
‫َ‬
‫والسماح‬
‫ُ‬ ‫ﱠ‬ ‫ذلك‬
‫َ‬ ‫َ ِ ﱠ ُ‬
‫واألسنة *** عند‬ ‫األعزة‬
‫ُ‬ ‫أين‬
‫وقفة أقفھا معكم إزاء ھذه الصفوة المختارة ممن صدقوا ما عاھدوا‪ ،‬ما ھي إال قطوف‬
‫قرنا في بساتين‬
‫من أشجار‪ ،‬وقطرات من بحار‪ ،‬ورحلة في أكثر من أربعة عشر ً‬
‫الصادقين اليانعة للوقوف على ثمار مجتناه‪ ،‬وزھور منتقاه‪ ،‬وإني ألستغفر ﷲ‪ ،‬ثم‬
‫أستغفر ﷲ‪ ،‬ثم أستغفر ﷲ من وصف حال أولئك مع ضعف االتصاف مني بصفاتھم‪ ،‬بل‬
‫وﷲ ما شممنا رائحتھم‪ ،‬ولكنھا محبة القوم تحملنا على التعرف على منزلتھم‪ ،‬وقراءة‬
‫ھمة منا أن تنھض إلى التشبث بسابق القوم ولو من‬
‫ﱠ‬ ‫سيرھم‪ ،‬وإن لم نلحق فعسى‬
‫وذكِّ ْر َ ِ ﱠ‬
‫فإن ِّ ْ َ‬
‫الذكرى‬ ‫يفترى( ) َ َ‬ ‫كان َ ِ ً‬
‫حديثا ﱡ ْ َ َ‬ ‫األلبابِ َما َ َ‬ ‫عبرة ُ ْ ِ‬
‫ألولي ْ َ‬ ‫كان ِفي َ َ ِ ِ ْ‬
‫قصصھم ِ ْ َ ٌ‬ ‫بعيد ) َ َ ْ‬
‫لقد َ َ‬
‫تنفع ْ ُ ْ ِ ِ َ‬
‫المؤمنين( "اللھم ال سھل إال ما جعلته سھال وأنت تجعل الحزن إذا شئت سھال"‬ ‫َ َ ُ‬
‫صدقوا ما عاھدوا من خالل تربية المصطفى ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬صار كل صحابي‬
‫أمة وحده‪ ،‬فما من صحابي إال وله سمة معينة‪ ،‬وموقف خاص‪ ،‬منھم من أشار واقترح‪،‬‬
‫ﱠ‬
‫ومنھم من أوضح وشرح‪ ،‬ومنھم من أضاف واستدرج‪ ،‬وكل ذلك فيما يخدم الدعوة إلى‬
‫خلفيته الحضارية الفارسية المادية ليخدم ھذا‬
‫ﱠ‬ ‫ﷲ ‪-‬جل وعال‪-‬؛ فـ]سلمان[ يستفيد من‬
‫تحز◌ب األحزاب على رسول ﷲ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬حفر‬ ‫ّ ﱠ‬ ‫الدين؛ فيقترح يوم‬
‫الخندق‪ْ ِ ْ َ ،‬‬
‫وأنعم به من اقتراح‪ .‬و]الخباب[ يقترح الوقوف في غزوة بدر على الماء‪ ،‬فيشرب‬
‫المسلمون ويحرم المشركون‪ ،‬ويوم ُيعاد ]أبو جندل[ وھو يستنجد بالمسلمين ويقول‪ :‬يا‬
‫معشر المسلمين؛ أتردوني إلى أھل الشرك فيفتنوني عن ديني‪ ،‬ورسول ﷲ –صلى‬
‫ﷲ عليه وسلم‪ -‬يسليه ويعزيه ويقول‪ :‬اصبر واحتسب؛ فإن ﷲ جاعل لك ولمن معك‬
‫ومخرجا‪ ،‬وإذا بعمر –وما عمر!عجزت نساء األرض أن ينجبن‬
‫ً‬ ‫فرجا‬
‫ً‬ ‫من المستضعفين‬
‫مثلك يا عمر‪ -‬ينفعل مع الموقف‪ ،‬ويمشي بجنب ]أبي جندل[‪ ،‬ويقرب سيفه من أبي‬
‫طمعا في أن يستله ليقتل أباه دون مؤاخذة على بنود صلح الحديبية‪ ،‬لكن أبا‬
‫ً‬ ‫جندل؛‬
‫جندل لم يفعل‪ .‬فأعيدوا وانظر إلى الصديق‪ ،‬وما الصديق! يوم يتولى الخالفة فترتد بعض‬
‫قبائل العرب بموت رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬حتى ما أصبحت تقام الجمعة إال‬
‫في بعض األمصار؛ >كمكة< >والمدينة<‪ ،‬فيقوم ‪ 9‬قومة صادق مخلص؛ ليؤدب‬
‫المرتدين‪ ،‬وينفذ جيش أسامة‪ ،‬وفي أقل من سنتين إذا بجيوشه ترابط على أبواب‬
‫أعظم إمبراطوريتين في ذلك الوقت؛ أال وھي فارس والروم‪ ،‬شعاره ما شعاره؟! ولو‬
‫خالفتني يميني لجاھدتھا بشمالي‪ .‬شعاره شعار رسول ﷲ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬‬
‫يوم يقول‪" :‬ألقاتلنكم حتى تنفرد سالفتي"‪] .‬وأبو بصير[‪ ،‬ما أبو بصير؟! يخطط لحرب‬

‫مسلما ً ّ‬
‫فارا بدينه من قريش بعد صلح‬ ‫ً‬ ‫عصابات بعيدة عن نقد بنود صلح الحديبية‪ ،‬إذ جاء‬
‫الحديبية‪ ،‬وبعد توقيع المعاھدة إلى >المدينة<‪ ،‬فأرسلت قريش في طلبه رجلين‪،‬‬
‫ﱠ‬
‫تمكن أبو‬ ‫وفاء بالعھد إليھم‪ ،‬وفي الطريق‬
‫ً‬ ‫فسلمه رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬‬
‫بصير بشجاعته وحكمته وذكائه من قتل أحد الرجلين‪ ،‬ويفر الثاني‪ ،‬ويرجع ھو إلى النبي‬
‫–صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬ويقول‪ :‬قد وﷲ أوفى ﷲ ذمتك يا رسول ﷲ‪ ،‬فلقد رددتني‬
‫إليھم‪ ،‬ثم نجاني ﷲ منھم‪ ،‬فقال النبي –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬كما في ]البخاري[‪:‬‬
‫مسعر حرب لو كان معه رجال" فلما سمع ذلك‬
‫ِّ‬ ‫مسعر حرب لو كان معه أحد‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫أمه؛‬
‫"ويل ِ ّ‬
‫عرف أنه سيرده عليھم‪ ،‬فخرج حتى أتى سيف البحر‪ ،‬واستقر به المقام ھناك‪ ،‬وفھم‬
‫المستضعفون من عبارة الرسول –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬وكانوا أذكياء فھموا أن أبا بصير‬
‫في حاجة إلى الرجال‪ ،‬فأخذوا يفرون من >مكة< إلى أبي بصير‪ ،‬وكان على رأسھم أبو‬
‫جندل‪ ،‬جاء الفرج والمخرج كما أخبر بذلك النبي –صلى ﷲ عليه وسلم‪ .-‬اجتمع منھم‬
‫عصابة يتعرضون لقوافل قريش‪ ،‬فيقتلون حراسھا‪ ،‬ويأخذون أموالھا‪ ،‬وتضطر عندھا قريش‬
‫مرغمة ذليلة راكعة أن ترسل إلى النبي –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬تناشده ﷲ والرحم أن‬
‫يرسل إلى أبي بصير ومن معه؛ فمن أتاه فھو آمن‪ .‬تنازلت عن ھذا الشرط تحت ضغط‬
‫العصابة المؤمنة كأبي بصير وأبي جندل‪ ،‬فأرسل النبي –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬إليھم‬
‫وأبو بصير في مرض الموت‪ ،‬فمات وكتاب رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬بين يديه‪،‬‬
‫وقدم أصحابه على رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬آمنين سالمين غانمين قد جعلوا‬
‫من أنفسھم أنموذجا ُيقتدى به في الثبات‪ ،‬واإلخالص‪ ،‬والعزيمة‪ ،‬والجھاد‪ ،‬وتمريغ أنوف‬
‫المشركين‪ ،‬والذكاء‪ ،‬وبذل الجھد في نصرة ھذا الدين‪ ،‬حتى قرروا مبدأ من المبادئ؛ أال‬
‫وھو قد يسع الفرد ماال يسع الجماعة‪ .‬كل ذلك في حكمة‪ ،‬وأي حكمة إذ كان ذلك‬
‫بإشارة من النبي –صلى ﷲ عليه وسلم‪ ،-‬وتشجيع من النبي –صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬‬
‫مسعر حرب لو كان معه رجال‪ ،‬ثم إن أبو بصير خارج عن‬
‫ِّ‬ ‫يوم وصف أبو بصير بأنه‬
‫السلطة‪ ،‬ولو في ظاھر الحال‪ ،‬فال مؤاخذة على بنود المعاھدة‪ ،‬ومن يؤت الحكمة فقد‬
‫القواد الثالثة‬
‫ﱠ‬ ‫كثيرا‪ .‬وھذا ]خالد بن الوليد[ يستلم الراية يوم مؤتة يوم سقط‬
‫ً‬ ‫خيرا‬
‫ً‬ ‫أوتي‬
‫الفيلة‪،‬‬
‫بال تأمير فرضي ﷲ عن الجميع‪ ،‬وفي >القادسية< تنفر خيل المسلمين من ِ َ‬
‫فيعمد صحابي ليضع فيال من طين‪ ،‬ويؤنس ويؤلف فرسه به حتى يألفه‪ ،‬فلما أصبح لم‬
‫ينفر فرسه من الفيلة‪ ،‬فحمل على الفيل الذي كان يقدم الفيلة فقيل له‪ :‬إنه قاتلك‪،‬‬
‫قال‪ :‬ال ضير أن أقتل ويفتح ﷲ للمسلمين‪ .‬ما كانوا يعيشون ألنفسھم‪ ،‬لكن يعيشون‬
‫لدينھم‪ ،‬يعيشون لعقيدتھم‪ .‬وھذا ]عبد الرحمن بن عوف[ يصفق باألسواق حتى ال‬
‫يكون عالة على غيره‪.‬‬
‫رومھا‬ ‫َ َ‬
‫فسلم ُ ُ‬ ‫وصاروا ِبھا َغر ًبا‬
‫فرسھا *** َ‬
‫فأسلم ُ ُ‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫شرقا‬ ‫الدنا‬
‫مضوا في ﱡ َ‬
‫َ َ ْ‬
‫يدون الحديث‪] ،‬وابن عباس[ يخرج إلى األسواق ليسلم‬
‫ِّ‬ ‫]زيد[ يجمع القرآن‪] ،‬وابن عمر[‬
‫على الناس‪ ،‬ويذكرھم برب الناس‪ .‬ويتحاور ويتناقش ]سلمان[ ]وأبو الدرداء[ حول قيام‬
‫الليل‪ ،‬وحقوق العيال‪ .‬تسابق إلى الخيرات‪ ،‬عزيمة في األداء‪ ،‬إيجابية في العمل دون‬
‫النظر لما يقوله اآلخرون‪ ،‬أو حب لشھرة يراھا المسلمون‪ .‬علموا أن اإليجابية إعزارا إلى‬
‫ﷲ من التقصير‪ ،‬فأدوا واجبھم قدر اإلمكان‪ ،‬ولم ينتظروا النتائج‪ ،‬على مبدأ‪:‬‬
‫معين‬
‫ِ‬ ‫خير ُ‬
‫ُ‬ ‫وﷲ للساعين‬
‫ُ‬ ‫الجنى ***‬ ‫الحب ال َ ْ ُ‬
‫قطف َ َ‬ ‫ِّ‬ ‫بذر‬
‫ِ ُ‬
‫كل‬ ‫وزر ُ ْ َ‬
‫أخرى( ) ُ ﱡ‬ ‫وازرة ِ ْ َ‬ ‫فردا ) َوال َ َ ِ ُ‬
‫تزر َ ِ َ ٌ‬ ‫ً‬ ‫علموا أن التكليف فردي‪ ،‬وكل سيحاسب يوم القيامة‬
‫نفسك( فكان كل فرد منھم‬ ‫ﷲ ال َ ُ َ ﱠ ُ‬
‫تكلف ِإال ﱠ َ ْ َ َ‬ ‫سبيل ِ‬ ‫رھين( ) َ َ ِ ْ‬
‫فقاتل ِفي َ ِ ِ‬ ‫بما َ َ َ‬
‫كسب َ َ ٌ‬ ‫امرئ ِ َ‬
‫ْ ِ ٍ‬
‫أمة يوم تربوا على منھج المصطفى ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬فصدقوا ما عاھدوا‪ ،‬صدقوا‬
‫ما عاھدوا‪ .‬وكيف ال يصدقون وقد عاصروا نزول الوحيين‪ ،‬وتلقوا التربية من القدوة‬
‫المطلقة ‪-‬صلوات ﷲ وسالمه عليه‪ ،‬ورضي ﷲ عنھم أجمعين‪ -‬يوم بعثه ﷲ >بمكة<‬
‫فأخرج العباد من الظلمات إلى النور بإذن ربه‪ ،‬يوم أخرجھم من عبادة العباد إلى عبادة‬
‫رب العباد‪ ،‬ومن ضيق الدنيا إلى سعة اآلخرة‪ ،‬ومن جور األديان إلى عدل اإلسالم‪ .‬رأوه‬
‫فريدا قد اجتمعوا حوله وھو يقول‪ :‬إني لكم نذير بين‬
‫ً‬ ‫وحيدا‬
‫ً‬ ‫وھو يقف على >الصفا<‬
‫استكبارا‪ ،‬وقال‬
‫ً‬ ‫يدي عذاب شديد‪ ،‬قولوا‪ :‬ال إله إال ﷲ تفلحوا‪ ،‬فأعرضوا وأصروا واستكبروا‬

‫عمه‪ّ ً :‬‬
‫تبا لك سائر اليوم‪ ،‬ألھذا جمعتنا؟ فتبت يداه‪ ،‬ثم تبت يداه‪ ،‬لم يتراجع رسول ﷲ –‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬ولم ييأس‪ ،‬وما كان له ذلك؛ ألنه يعلم أنه على الحق‪ ،‬ويستمر‬
‫ومجنه< في المواسم‪ ،‬يقول‪:‬‬
‫عشر سنين يتبع الناس في منازلھم‪ ،‬في >عكاظ< > َ َ ﱠ‬
‫من يؤويني‪ ،‬من ينصرني حتى ﱠ‬
‫أبلغ رسالة ربي وله الجنة‪ ،‬فال يؤويه وال ينصره أحد‪،‬‬
‫حتى أن الرجل ليخرج من >اليمن< أو من مضر فيأتيه قومه فيحذرونه غالم قريش ال‬
‫يفتنھم‪ .‬حرب إعالمية ضخمة في الصد عن سبيل ﷲ تمارس ضد الدعوة إلى ﷲ في‬
‫كل زمان ومكان‪.‬‬
‫نبا‬
‫المضاء وما َ َ‬ ‫والسيف ما َ َ َ‬
‫فقد ُ ِ َ‬ ‫ُ‬ ‫مجدد ***‬
‫ُ‬ ‫والزمان‬
‫ُ‬ ‫والسر باقٍ‬
‫ﱡ‬
‫كيف ال يصدقون وقد عاصروا رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬وما معه إال نفر قليل؛‬
‫خمسة أعبد وامرأتان فلم يھن ولم يضعف ولم يستكن وما كان له ذلك صلوات ﷲ‬
‫وسالمه عليه بل جاھد وجالد حتى كثر أصحابه وأوذي كما أوذوا في سبيل ﷲ فما‬
‫فرارا بدينھم ھجرتين إلى >الحبشة<‬
‫ً‬ ‫ضعفوا وما وھنوا وما استكانوا بل صابروا وھاجروا‬
‫ثم إلى >المدينة< رضوان ﷲ عليھم أجمعين عاصروا وعايشوا رسول ﷲ صلى ﷲ‬
‫عليه وسلم فكانوا له األعوان واألنصار آووه وصدقوه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه‬
‫عاصروا محنة الھجرة بقسوتھا وشدتھا عليھم كيف وھم يرونھم يفقدون أوطانھم‬
‫وأھاليھم مراضع الطفولة وحياتھم كلھا ويرون فوق ذلك قائدھم ورسولھم –صلى ﷲ‬
‫عليه وسلم‪ -‬يقف أمامھم يخاطب >مكة< بالحزورة قائال‪ ":‬وﷲ إنك لخير أرض ﷲ‬

‫إلي‪ ،‬ولوال أني ُ ْ ِ‬


‫أخرجت ما خرجت" دموعه تھطل على لحيته –صلى ﷲ‬ ‫ّ‬ ‫وأحب أرض ﷲ‬
‫عليه وسلم‪ -‬فيا لھا من قلوب احترقت وھي ترى نبيھا على ذلك الحال! ويا لھا من‬
‫قلوب غلبت مصلحة العقيدة ومتطلبات الدعوة على ھوى النفس وشھواتھا! فما‬
‫النتيجة؟ أمضى ﷲ لھا ھجرتھا‪ ،‬ولم يردھا على أعقابھا‪ .‬كيف ال يصدقون وقد عاصروا‬
‫وعايشوا وشاركوا في الصراع بين الحق والباطل‪ ،‬فكانوا ضمن ثالثمائة وبضع عشر رجال‬
‫بطرا ورئاء الناس‪ ،‬فنصر ﷲ‬
‫ً‬ ‫ألفا يكفرون با‪ 9‬قد خرجوا‬
‫في بدر يقولون‪ :‬ربنا ﷲ‪ ،‬يقابلون ً‬
‫ويسكن الباطل كما قضى ﷲ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫القلة على الكثرة‪ ،‬فيعلو الحق‪،‬‬
‫النغم‬
‫ُ‬ ‫ورجع في تكبيرھا‬
‫ﱠ َ‬ ‫ردت‬
‫ناحية *** ﱠ‬
‫ٍ‬ ‫كل‬
‫حتى ﱡ‬
‫ما كبروا ﷲ ﱠ‬
‫واألكم‬
‫ُ‬ ‫والقيعان‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫صائحة *** فالريح تصرخ‬ ‫األرجاء‬
‫ُ‬ ‫تجاوبت بالصدى‬
‫ْ‬
‫كيف ال يصدقون وقد عايشوا تجمع األحزاب من قريظة وقريش‪ ،‬وخذالن أھل النفاق‪،‬‬
‫فرارا‪ ،‬جاءوا من‬
‫ً‬ ‫وتسللھم من الصف مدعين أن بيوتھم عورة وما ھي بعورة إن يريدون إال‬
‫فوقھم ومن أسفل منھم‪ ،‬وبلغت القلوب الحناجر وظنوا با‪ 9‬الظنون‪ ،‬ونصر ﷲ جنده بعد‬
‫ربك ِإال ﱠ ُ َ‬
‫ھو( كيف ال يصدقون وقد‬ ‫جنود َ ِ ّ َ‬ ‫وما َ ْ َ ُ‬
‫يعلم ُ ُ َ‬ ‫ذلك بجندي من جنوده؛ أال وھو الريح ) َ َ‬
‫ألفا وأربع مائة وأكثر من ذلك فكتب ﷲ لھم الرضوان‬
‫عاصروا صلح الحديبية وقد بلغوا ً‬
‫تحت‬
‫يبايعونك َ ْ َ‬
‫إذ ُ َ ِ ُ َ َ‬ ‫عن ْ ُ ْ ِ ِ َ‬
‫المؤمنين ِ ْ‬ ‫ﷲ َ ِ‬ ‫ضي ُ‬ ‫في بيعة الرضوان كما سطر ذلك القرآن ) َ َ ْ‬
‫لقد َر ِ َ‬
‫قريبا( كيف ال يصدقون‬ ‫فتحا َ ِ ً‬ ‫عليھم َ َ َ َ ُ ْ‬
‫وأثابھم َ ْ ً‬ ‫السكينة َ َ ْ ِ ْ‬
‫ﱠ ِ َ َ‬ ‫ُوبھم َ َ َ‬
‫فأنزل‬ ‫الشجرة َ َ ِ َ‬
‫فعلم َما ِفي ُقل ِ ِ ْ‬ ‫ﱠ َ َ ِ‬
‫وقد كانوا جند رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬وھم من ضمن عشرة آالف؛ منھم‬
‫ربي ﷲ‪ ،‬وإذ بنصر ﷲ يتنزل‪ ،‬فإذا ھم عائدون‬
‫َ‬ ‫من أخرج من دياره بغير حق إال أن قال‪:‬‬
‫إلى >مكة< التي أخرجوه منھا فاتحين‪ ،‬قائدھم رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬‬
‫شاكرا ألنعم ﷲ‪ ،‬يقرأ سورة الفتح وھو على راحلته‪ ،‬يطوف بالكعبة‪ ،‬ويستلم‬
‫ً‬ ‫خشع‬
‫الركن بمحجنه كراھة أن يزاحم الطائفين‪ ،‬ثم يحطم األصنام ويطھر البيت الحرام‪ ،‬ويجئ‬
‫الحق‪ ،‬ويزھق الباطل‪ ،‬والباطل زھوق كما قضى ﷲ وقدر ﷲ‪ .‬وإذ بالذين أخرجوه‬
‫نكست رؤوسھم‪ ،‬خاضعين‪ ،‬أذلة‪ ،‬راكعين‪ ،‬وھو يقول لھم‪ :‬ما تظنون أني فاعل بكم‪،‬‬
‫كريما‪ ،‬والكرم‬
‫ً‬ ‫فقاموا يتملقونه وقد كانوا يؤذونه‪ ،‬يقولون‪ :‬أخ كريم وابن أخ كريم‪ ،‬فكان‬
‫من طبعه وخلقه ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬قال‪ :‬اذھبوا فأنتم الطلقاء‪.‬‬
‫والديم‬
‫َِ‬ ‫الروضِ لألنداء‬
‫زواھر ﱠ‬
‫ُ‬ ‫َ ْ‬
‫ضحكت ***‬ ‫المختار ما‬
‫ِ‬ ‫صل على‬
‫ِّ‬ ‫ربِ‬
‫يا ّ‬
‫ألفا يقودھم رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬إلى‬
‫كيف ال يصدقون وھم ضمن ثالثين ً‬
‫>تبوك< ليؤدب الروم في شمال الجزيرة العربية‪ ،‬وكان له ذلك‪ .‬كيف ال يصدقون وھم‬
‫يرون من كانوا ثالثة أصبحوا مائة ألف‪ ،‬ورسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬في ذلك‬
‫الموضع الذي أھين فيه على الصفا‪ ،‬يكبر ويقول‪" :‬خذوا عني مناسككم" في حجة‬
‫الوداع‪ ،‬فيكبر وراءه مائة ألف قد شخصت األبصار إليه؛ لتعرف نسكھا منه –صلى ﷲ‬
‫عليه وسلم‪ -‬عندھا يعلم الجميع في ذلك الوقت وفي ھذا الوقت أن العاقبة للمتقين‪.‬‬
‫فالعبرة ليست بكثرة عدد‪ ،‬فمن ثالثة إلى خمسة‪ ،‬إلى‬
‫ِْ َ‬ ‫فليصدق الذين عاھدوا‪،‬‬
‫ثالثمائة‪ ،‬إلى ألف وأربعمائة‪ ،‬إلى عشرة آالف‪ ،‬إلى ثالثين ألف‪ ،‬إلى مائة ألف‪ .‬ما قاتل‬
‫عدوا بعدد‪ ،‬وإنما قاتلھم بما ھو أقل من عددھم‪،‬‬
‫ً‬ ‫رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬‬
‫لكنھا حكمة ﷲ الربانية التي جعلت نقباء الفضل في الناس ھم األقل‪ ،‬كما جعلت‬
‫مع‬
‫وﷲ َ َ‬ ‫بإذن ِ‬
‫ﷲ َ ُ‬ ‫فئة َ ِ َ ً‬
‫كثيرة ِ ِ ْ ِ‬ ‫قليلة َ َ َ ْ‬
‫غلبت ِ َ ً‬ ‫فئة َ ِ َ ٍ‬
‫الصقر بين الطير ھم األقل ) َكم من ِ َ ٍ‬
‫ابرين( صدقوا ما عاھدوا صدقوا ﷲ في تلقيھم للقرآن فتألألت كلمات القرآن على‬
‫الص ِ ِ َ‬
‫ﱠ‬
‫شفاھھم كما تتألأل الكواكب في صفحات السماء ملئوا الجوانح بكالم ﷲ فظھر أثر ذلك‬
‫ينم عن التأثر بما يتلون‪ ،‬وعلى وعي وحسن َ ْ ٍ‬
‫فھم لما‬ ‫ﱡ‬ ‫رتلوا القرآن ترتيال‬
‫على الجوارح‪ ،‬ﱠ‬
‫يقرؤون‪ ،‬تلذذوا بقراءة القرآن‪ ،‬تعلموه وعلموه‪ ،‬وجعلوه خلقھم‪ ،‬فما من آية تنزل إال‬
‫ويرون أنھم المعنيون بھا دون غيرھم‪ ،‬ما سمعوا يا أيھا الذين آمنوا إال صاخوا بآذانھم‬
‫يتلقون ما يؤمرون به؛ ليعملوا به‪ ،‬وما ينھون عنه لينتھوا عنه‪ ،‬فشرح ﷲ صدورھم‬
‫لإليمان بالقرآن‪ ،‬وأعلى قدرھم‪ ،‬ورفع ذكرھم ودرجتھم‪ .‬يأتي أحدھم رسول ﷲ –صلى‬
‫جزعا‪ ،‬ترتعد فرائسه‪ ،‬فيقال‪ :‬ما بك؟ قال‪ :‬أخشى‬
‫ً‬ ‫فزعا‪،‬‬
‫ً‬ ‫ھلعا‪،‬‬
‫ً‬ ‫ﷲ عليه وسلم‪ -‬ذات يوم‬
‫ولم ؟ قال‪ :‬لقد نھانا ﷲ أن‬
‫أن أكون ھلكت يا رسول ﷲ‪ ،‬قال‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم‪َ ِ -‬‬
‫نحب أن نحمد بما لم نفعل‪ ،‬وأجدني أحب الحمد‪ ،‬ونھانا عن الخيالء‪ ،‬وأراني أحب‬
‫الزھو‪ .‬فمازال –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬يھدئ من روعه حتى قال‪] " :‬يا ثابت بن قيس[؛‬
‫شھيدا‪ ،‬وتدخل الجنة‪ ،‬فتبرق أسارير وجھه ويقول‪:‬‬
‫ً‬ ‫حميدا‪ ،‬وتقتل‬
‫ً‬ ‫أال ترضى أن تعيش‬
‫بلى‪ ،‬بلى يا رسول ﷲ‪ ،‬فيقول –صلى ﷲ عليه وسلم‪ :-‬إن لك ذلك فال تسل عن‬
‫النبيِ َوال َ‬
‫صوت ﱠ ِ ّ‬
‫فوق َ ْ ِ‬ ‫ترفعوا َ ْ َ َ ُ ْ‬
‫أصواتكم َ ْ َ‬ ‫آمنوا ال َ َ ْ َ ُ‬ ‫حالك"‪ .‬ثم تتنزل آية الحجرات )يا َ ﱡ َ‬
‫أيھا ﱠ ِ َ‬
‫الذين َ ُ‬
‫ُكم َ َ ُ ْ‬
‫وأنتم ال َ َ ْ ُ ُ َ‬
‫تشعرون( وكان رجال‬ ‫أعمال ُ ْ‬‫تحبطَ َ ْ َ‬
‫لبعضٍ َأن َ ْ َ‬‫بعضكم ِ َ ْ‬ ‫بالقول َ َ ْ ِ‬
‫كجھر َ ْ ِ ُ ْ‬ ‫تجھروا َ ُ‬
‫له ِ ْ َ ْ ِ‬ ‫َ ْ َ ُ‬
‫جھير الصوت‪ ،‬يالزم رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬ال يفارقه‪ ،‬عندھا يلزم بيته وال‬
‫يكاد يخرج إال ألداء المكتوبة‪ ،‬فافتقده النبي –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬فقال‪ :‬من يأتيني‬
‫بخبر ]ثابت[‪ ،‬فقال رجل من األنصار‪ :‬أنا يا رسول ﷲ‪ ،‬فانطلق ھذا األنصاري فجاء إليه‬
‫ﱠ‬
‫منكس الرأس‪ ،‬فقال‪ :‬ما بك يا أبا محمد‪ ،‬قال‪ :‬شر وﷲ‪ ،‬قال‪ :‬ما ذاك؟‬ ‫فإذا ھو في بيته‬
‫وكثيرا ما يعلو صوتي صوت رسول ﷲ –صلى ﷲ‬
‫ً‬ ‫قال‪ :‬تعلم أني رجل جھير الصوت‪،‬‬
‫عليه وسلم‪ -‬وقد علمت ما نزل في كتاب ﷲ‪ ،‬وﷲ ما أحسبني إال حبط عملي‪ ،‬وأني‬
‫من أھل النار‪ ،‬يرجع الرجل إلى النبي –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬ويقول‪ :‬يا رسول ﷲ‪،‬‬
‫كان من أمره كذا وكذا‪ ،‬ويقول‪ :‬كذا وكذا‪ ،‬قال‪ :‬ارجع إليه فقل له‪ :‬لست من أھل النار‪،‬‬
‫المبشر‪ ،‬وال تسل عن‬
‫ِّ‬ ‫أنت من أھل الجنة يا ثابت‪ .‬فيأتي إليه ليخبره‪ ،‬فال تسل عن‬
‫المبشر‪ ،‬وال تسل عن الحال‪ ،‬حال وأي حال! وإذا به ينتظر تلك البشارة طوال حياته‪،‬‬
‫ﱠ‬
‫يجاھد ‪ ،9‬ويجالد ‪ ،9‬وينطلق من معركة إلى معركة‪ ،‬إلى أن يصاب بموت رسول ﷲ –‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬فيصاب كما أصيب المسلمون‪ .‬ويرتد العرب فيكون في جند من‬
‫يردون المرتدين إلى الواحد القھار‪ ،‬يوم جاء في المعركة‪ ،‬ورأى انخذال المسلمين‪ ،‬ورأى‬
‫وتكفن ووقف على رؤوس المسلمين يقول‪ :‬يا معشر المسلمين‪ ،‬وﷲ‬
‫ﱠ‬ ‫جرأة العدو‪ ،‬تحنط‬
‫عودتم عدوكم من‬
‫ما ھكذا كنا نقاتل مع رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬بئس ما ﱠ‬
‫الجرأة عليكم‪ ،‬وبئس ما عودتم أنفسكم من االنخذال لعدوكم‪ .‬اللھم إني أبرأ إليك مما‬
‫ھبة األسد الضاري‪ ،‬فانطلق معه ]البراء[‬
‫ھب ﱠ‬
‫ﱠ‬ ‫صنع ھؤالء‪ ،‬وأبرأ إليك مما صنع ھؤالء‪ ،‬ثم‬
‫]وزيد[ ]وسالم[ فنشروا الرعب في قلوب المشركين‪ ،‬وسارت الحمية في قلوب‬
‫صريعا على تلك األرض‪ ،‬ينتظر بشارة‬
‫ً‬ ‫المسلمين‪ ،‬فنصر ﷲ المسلمين‪ ،‬وإذا به يخر‬
‫رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ .-‬رضي ﷲ عنه وأرضاه‪ ،‬وجعل أعلى علِ ّيين مثواه‪.‬‬
‫قف أخرى معي وتأمل‪ :‬يوم عاد رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬من غزوة >ذات‬
‫شعبا من الشعاب ليقضوا ليلتھم‪ ،‬فلما أناخوا رواحلھم‪ ،‬قال‬
‫ً‬ ‫الرقاع< ونزل المسلمون‬
‫رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ :-‬من يحرسنا الليلة؟ فقام ]عباد بن بشر[‪] ،‬وعمار‬
‫بن ياسر[‪ ،‬وقد آخى بينھما رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬فقاال‪ :‬نحن يا رسول‬
‫عباد لعمار‪ :‬أتنام أول الليل أم آخره؟ فقال عمار‪ :‬بل‬
‫ُ‬ ‫ﷲ‪ ،‬خرجا إلى فم الشعب‪ ،‬فقال‬
‫أنام أوله‪ ،‬اضطجع عمار غير بعيد‪ ،‬وبقي عباد يحرس جند رسول ﷲ‪ ،‬أرخى الليل‬
‫يبق إال الحي القيوم‪،‬‬
‫َ‬ ‫سدوله‪ ،‬وغارت نجومه‪ ،‬ھدأت العيون‪ ،‬وسكنت الجفون‪ ،‬ولم‬
‫عندھا تاقت نفس عباد للعبادة‪ ،‬واشتاق قلبه للقرآن‪ ،‬فقام يصلي؛ ليجمع متعة الصالة‬
‫إلى متعة التالوة‪ ،‬وطفق يقرأ سورة الكھف‪ ،‬يسبح مع آيات ﷲ البينات‪ ،‬ويراه رجل من‬
‫المشركين يصلي على فم الشعب‪ ،‬فعرف أنه حارس جيش رسول ﷲ‪ -‬صلى ﷲ عليه‬
‫وسلم‪ -‬قال‪ :‬لئن ظفرت به ألظفرن بجيش رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم على نبينا‬
‫سھما من كنانته ورماه به فوضعه فيه‪ ،‬فانتزعه عباد من‬
‫ً‬ ‫محمد‪ -‬فوتر قوسه وتناول‬
‫جسده ورمى به‪ ،‬ومضى يتدفق في تالوته‪ ،‬ورماه باآلخر فانتزعه ومضى يتدفق في‬
‫تالوته‪ ،‬ورماه بالثالث فانتزعه‪ ،‬وإذا الدماء تنزف منه‪ ،‬فزحف إلى عمار وأيقظه قائال‪ :‬لقد‬
‫ھاربا‪،‬‬
‫ً‬ ‫أثخنتني الجراح‪ ،‬عليك بثغر رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ .-‬ﱠ‬
‫ولى المشرك‬
‫وأما عمار فنظر –ويا للھول‪ -‬أثخنته الجراح‪ ،‬فقال‪ :‬رحمك ﷲ ھال أيقظتني من عند أول‬
‫ﱠ‬
‫سھم رماك به‪ ،‬فقال عباد واسمعوا إلى ما يقول‪ :‬كنت في سورة أقرأھا‪ ،‬فلم أحب أن‬
‫ثغرا أمرني رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ‬
‫أقطعھا حتى أفرغ منھا‪ ،‬وأيم ﷲ؛ لوال خوفي أن أضيع ً‬
‫عليه وسلم‪ -‬بحفظه لكان قطع نفسي أحب إلي من قطعھا‪ .‬ال نامت أعين الجبناء‪ ،‬ال‬
‫نامت أعين التنابلة والكسالى والبطالين‪.‬‬
‫القرآن‬
‫ِ‬ ‫الھدى *** يا َ َ‬
‫فتى‬ ‫ابن ُ َ‬
‫يا َ‬
‫أن َ ِ ِ‬
‫أفق‬ ‫أمر ﷲ ْ‬
‫جلجل ُ‬
‫َ َ‬ ‫األوھام ***‬
‫ْ َ ِ‬ ‫من‬
‫دعك ِ َ‬
‫َ‬
‫ً‬
‫شيئا‪ .‬عبر أحدھم عن تلك اللذة يوم‬ ‫تلذذوا بمناجاة ﷲ في الخلوات‪ ،‬فما عدلوا بذلك‬
‫قال‪ :‬وﷲ لوال قيام الليل بكالم ﷲ ما أحببت البقاء في ھذه الدنيا‪ .‬ووﷲ إن أھل الليل‬
‫في ليلھم ألذ من أھل اللھو في لھوھم‪ ،‬وإنه لتمر بالقلب ساعات يرقص القلب فيھا‬
‫طربا بذكر ﷲ‪ ،‬حتى أقول إن كان أھل الجنة في مثل ما أنا فيه إنھم لفي نعيم عظيم‬
‫ً‬
‫وعبر اآلخر عن لذته بمناجاة ﷲ بقوله‪ :‬وﷲ لو علم الملوك‪ ،‬وأبناء الملوك ما نحن فيه‬
‫لجالدونا عليه بالسيوف‪ ،‬فقال قائل‪ :‬وما الذي أنتم فيه تتلذذون‪ ،‬وبه تتلذذون؟ قال‪ :‬لذة‬
‫مناجاة ﷲ في الخلوات‪ .‬ھذه حالھم يا متأمل‪ ،‬ھذه حالھم يا متبصر‪ ،‬فما حالنا؟‬
‫متسق‬
‫غير ﱠ ِ ِ‬
‫ُ‬ ‫بديد‬
‫ٌ‬ ‫لكن‬
‫ْ‬ ‫جمع‬
‫ٌ‬ ‫به ***‬
‫اعتداد ِ ِ‬
‫َ‬ ‫عديد ال‬
‫ٌ‬ ‫لكن‬
‫ْ‬ ‫كثر‬
‫ُُ ٌ‬
‫مضر‬
‫من ُ َ ٍ‬
‫قوم ْ‬
‫ِ‬ ‫أنكم يا‬
‫ُ‬ ‫شككت نفسي مھانتكم ***‬
‫ْ‬
‫باإلبر‬
‫ِ‬ ‫الوخز‬
‫ألزيد َ ْ ِ‬
‫كم *** ْ َ ِ‬
‫حس ُ ُ‬
‫خبروني أين ِ ّ ِ‬
‫َ ِّ ُ ِ‬
‫نطقنا بالعربية والقرآن فما نكاد نلحن‪ ،‬ولحنا بالعمل فما نكاد نعرب‪ ،‬قنعنا بفصاحة‬
‫عجمة الجنان‬
‫اللسان مع ُ ْ‬
‫بالكالم‬
‫ِ‬ ‫البر ُ ً‬
‫نطقا‬ ‫ﱡ‬ ‫فصار‬
‫َ‬ ‫قول ***‬
‫ٍ‬ ‫دون‬
‫َ‬ ‫البر فعال‬
‫ﱡ‬ ‫وكان‬
‫َ‬
‫عمليا ال نظير له في‬
‫ً‬ ‫واقعا‬
‫ً‬ ‫إنھم لم يتلذذوا بالقرآن فحسب‪ ،‬بل عملوا بمقتضاه‪ ،‬وطبقوه‬
‫حتى‬
‫البر َ ﱠ‬ ‫تاريخ األمة‪ ،‬فإذا بك ترى ]أبا طلحة[ األنصاري وھو يسمع قول ﷲ‪َ ) :‬لن َ َ‬
‫تنالُوا ْ ِ ﱠ‬
‫تحبون( فيبادر فيجعل أفضل بساتينه في سبيل ﷲ صدقة؛ يرجو برھا‬
‫مما ُ ِ ﱡ َ‬
‫تنفقوا ِ ﱠ‬
‫ُْ ِ ُ‬
‫انفروا ِ َ ً‬
‫خفافا‬ ‫وزخرھا عند ﷲ‪ ،‬ليس ھذا فحسب‪ ،‬بل يفتح كتاب ﷲ فيقرأ قول ﷲ‪ُ ِ ْ ) :‬‬
‫وثقاال ً( فيقول ألبنائه‪ :‬جھزوني جھزوني‪ .‬يا ‪ 9‬شيخ كبير الف على الثمانين لم يعذر‬
‫َِ َ‬
‫نفسه‪ ،‬فيقول أبناؤه‪ :‬رحمك ﷲ‪ ،‬جاھدت مع رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬ومع‬
‫كبيرا‪ ،‬فدعنا نغزوا عنك‪ ،‬قال‪ :‬وﷲ ما‬
‫ً‬ ‫شيخا‬
‫ً‬ ‫أبي بكر وعمر –رضي ﷲ عنھما‪ -‬وصرت‬
‫أرى ھذه اآلية إال استنفرت الشيوخ الشبان‪ ،‬ثم أبى إال الخروج لمواصلة الجھاد في‬
‫وإعزازا لدين ﷲ‪ ،‬فيشاء ﷲ يوم‬
‫ً‬ ‫سبيل ﷲ‪ ،‬والضرب في فجاج األرض؛ إعالء لكلمة ﷲ‪،‬‬
‫مضاعفا‪ ،‬وعلى‬
‫ً‬ ‫علم صدق نيته أن يكون في الغزو في البحر ال في البر ليكون له األجر‬
‫شديدا يفارق على إثره‬
‫ً‬ ‫مرضا‬
‫ً‬ ‫ظھر السفينة في وسط أمواج البحار المتالطمة يمرض‬
‫الحياة‪ ،‬فأين يدفن وھو في وسط البحر؟ ذھبوا ليبحثوا له عن جزيرة ليدفنوه فيھا فلم‬
‫يعثروا على جزيرة إال بعد سبعة أيام من موته وھو مسجى بينھم لم يتغير فيه شئ‬
‫نائيا عن العشيرة والسكن دفن‬
‫ً‬ ‫بعيدا عن األھل والوطن‬
‫ً‬ ‫تماما‪ ،‬وفي وسط البحر‬
‫ً‬ ‫كالنائم‬
‫قريبا من ﷲ ‪-‬عز وجل‪ ،-‬ماذا‬
‫ً‬ ‫بعيدا عن الناس ما دام‬
‫ً‬ ‫]أبو طلحة[‪ ،‬وما يضره أن يدفن‬
‫يضره أن يدفن في وسط جزيرة ال أعلمھا وال تعلمھا‪ ،‬يوم يجبر ﷲ ‪-‬بإذن ﷲ‪ -‬له كل‬
‫مصاب بالجنة‪ .‬ال نامت أعين الجبناء‬

‫األكفان َ ﱠ ُ ُ‬
‫حظكم‬ ‫ِ‬ ‫يكون سوى‬
‫ُ‬ ‫وھل‬
‫ْ‬ ‫حجتكم ***‬
‫األكفان ُ ﱠ ُ ُ‬
‫ِ‬ ‫سوى‬
‫يل لكم ھل ِ َ‬
‫و ٌ‬
‫إرثكم‬
‫اإلرث ُ ُ ُ‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫بالية *** ثم البسوھا ُ‬
‫وقولُوا‬ ‫األجداثِ‬
‫ْ‬ ‫اسلبوھا من‬
‫ُ‬ ‫ھيا‬
‫ﱠ‬
‫صدقوا ما عاھدوا فكان القرآن فيصال في المواقف التي يحار فيھا أولو األلباب‪ ،‬ما كانوا‬
‫يرجعون إال إلى كتاب ﷲ؛ ففي يوم موت رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬أصيب‬
‫المسلمون وفجعوا‪ ،‬وفقد بعض الصحابة الصواب‪ ،‬حتى قال‪ :‬وﷲ ما مات‪ ،‬فإذا بأبي بكر‬
‫مات‬ ‫الرسل َ َ ِ‬
‫أفإن ﱠ َ‬ ‫قبله ﱡ ُ ُ‬ ‫قد َ َ ْ‬
‫خلت ِمن َ ْ ِ ِ‬ ‫رسول َ ْ‬
‫محمد ِإال ﱠ َ ُ ٌ‬
‫وما ُ َ ﱠ ٌ‬
‫تربية القرآن‪ ،‬إذا به يتلو ويقول‪َ َ ) :‬‬
‫أعقابكم( فعلموا بذلك أنه مات‪ ،‬حتى أن بعضھم سقط ما كادت‬ ‫على َ ْ َ ِ ُ ْ‬
‫انقلبتم َ َ‬
‫قتل ْ َ َ ْ ُ ْ‬ ‫َْ‬
‫أو ُ ِ َ‬
‫تحمله رجاله‪ ،‬وحق له ذلك‪ ،‬ويختلف المسلمون بعد ذلك فيمن يخلف رسول ﷲ –صلى‬
‫ﷲ عليه وسلم‪ ،-‬فقال المھاجرون‪ :‬نحن أولى بخالفة رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه‬
‫منا أمير‬
‫وسلم‪ -‬وقال بعض األنصار‪ :‬نحن أولى بھا‪ ،‬وقال بعضھم‪ :‬بل تكون فينا وفيكم؛ ﱠ‬
‫ومنكم أمير‪ ،‬وكادت تحدث الفتنة ونبي ﷲ ال زال بين ظھرانيھم ولم يدفن بعد‪ ،‬وإذا‬
‫بأھل القرآن بكلماتھم الناصعة التي تئد الفتنة في مھدھا ينطقون‪ ،‬إذا ]بزيد بن ثابت[ –‬
‫رضي ﷲ عنه‪ -‬تربية القرآن يقول‪ :‬يا معشر األنصار‪ :‬إن رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه‬
‫أنصارا لرسول ﷲ –صلى ﷲ‬
‫ً‬ ‫وسلم‪ -‬كان من المھاجرين‪ ،‬فخليفته مھاجر مثله‪ ،‬وكنا‬
‫أنصارا لخليفته‪ ،‬ثم بسط يده إلى أبي بكر –رضي ﷲ عنه‪ -‬وقال‪:‬‬
‫ً‬ ‫عليه وسلم‪ -‬فنكون‬
‫ھذا خليفتكم فبايعوه‪ ،‬فبايعوه فبايعوه ووئدت الفتنة في مھدھا‪ .‬ھذا صدقھم مع كتاب‬
‫ﷲ‪ ،‬أصلحوا سرائرھم ففاح عبير فضلھم‪ ،‬وعبقت القلوب بنشر طيبھم‪ .‬فا‪ 9‬ﷲ في‬
‫ً‬
‫ومحدثا‪ ،‬قبلناه‬ ‫صوتا‬
‫ً‬ ‫وتدبرا وعمال؛ ألننا جعلناه –ومع األسف‪ -‬للمآتم‬
‫ً‬ ‫كتاب ﷲ قراءة‬
‫ادعينا حب من ُأنزل عليه القرآن‪،‬‬
‫وأكثرنا تقبيله‪ ،‬وما قبلناه ولم يالمس شغاف قلوبنا‪ ،‬ﱠ‬
‫ثم أحدثنا ما أحدثنا‪ ،‬وكل محدث ضالل‪ ،‬ومن عمل عمال ليس عليه أمر رسول ﷲ –‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬أو أحدث في أمر رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬ما ليس‬
‫رد‪ .‬فا‪ 9‬ﷲ في القرآن‪ ،‬وﷲ ﷲ في السرائر واألعمال وفق شرع الرحمن‬
‫منه فھو َ ﱞ‬
‫ﱡ‬
‫وتنكب األتباع صالح ظاھر‬ ‫وعلى طريقة خير األنام؛ فإنه ال ينفع مع فساد السرائر‬
‫ولقومك َ َ ْ َ‬
‫وسوف‬ ‫وإنه َ ِ ْ ٌ‬
‫لذكر ّ َ‬
‫لك َ ِ َ ْ ِ َ‬ ‫مستقيم * َ ِ ﱠ ُ‬
‫ْ َ ِ ٍ‬ ‫صراط‬ ‫إنك َ َ‬
‫على ِ َ ٍ‬ ‫إليك ِ ﱠ َ‬ ‫بالذي ُ ِ َ‬
‫أوحي ِ َ ْ َ‬ ‫)َ ْ َ ْ ِ ْ‬
‫فاستمسك ِ ﱠ ِ‬
‫ُون( صدقوا ما عاھدوا‪ ،‬صدقوا في فقھھم لدينھم‪ ،‬وفي طلبھم العلم ليعملوا به‬ ‫تسأَل َ‬
‫ُ ْ‬
‫ﱠ‬
‫وعلمه" فإذا براعي‬ ‫خيرا يفقھه في الدين" "وخيركم من تعلم القرآن‬
‫ً‬ ‫"ومن يرد ﷲ به‬
‫الغنم في باديته رأس ماله في الحياة غنيماته يتركھا يوم سمع بوصول رسول ﷲ –‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬إلى المدينة‪ ،‬يتركھا وھي أعز وأنفس ما لديه في تلك الفترة؛‬
‫لينطلق إلى النبي –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬فيشھد شھادة الحق‪ ،‬ويبايع المصطفى –‬
‫يوما‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬ثم يعود إلى غنيماته‪ ،‬ويسلم معه اثنا عشر راعيا‪ .‬اجتمعوا ً‬
‫من األيام وقالوا‪ :‬ال خير فينا إن لم نقدم على رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم ليفقھنا‬
‫في ديننا‪ ،‬ويسمعنا ما ينزل عليه من وحي السماء‪ ،‬ثم اتفقوا على أن يمضي كل يوم‬
‫منھم واحد إلى المدينة‪ ،‬فيتفقه في الدين‪ ،‬ويسمع ما نزل من القرآن‪ ،‬وما نزل من‬
‫واحدا تلو‬
‫ً‬ ‫األحكام‪ ،‬فيرجع فينقله إليھم‪ .‬يقول ]عقبة[ وھو أولھم‪ :‬كنت أقول‪ :‬اذھبوا‬
‫اآلخر وأنا أحفظ لمن ذھب غنمه؛ لشدة إشفاقه على غنمه أن يتركھا ألحد من الناس‪.‬‬
‫واحدا بعد اآلخر يذھبون ويرجعون فيأخذ عقبة منھم ما سمعوا‪ ،‬ويتلقى عنھم ما‬
‫ً‬ ‫طفقوا‬
‫فقھوا‪ .‬يقول عقبة‪ :‬ثم ما لبثت بعد ذلك أن رجعت لنفسي‪ ،‬وقلت‪ :‬ويحك يا نفس‪ ،‬من‬
‫أجل غنيمات ال تسمن وال تغني من جوع تفوت على نفسك صحبة رسول ﷲ‪ -‬صلى‬
‫ﷲ عليه وسلم‪ -‬واألخذ عنه مشافھة بال واسطة‪ ،‬وﷲ ال يكون ذلك‪ ،‬ثم يتنحى عن‬
‫أنفس ما لديه؛ عن غنمه‪ ،‬لكن إلى الغنيمة فيلزم رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬‬
‫وكثيرا ما أردفه –‬
‫ً‬ ‫أنى اتجه‪،‬‬
‫يمضي معه أينما سار‪ ،‬يأخذ بزمام بغلته‪ ،‬يمضي بين يديه ﱠ‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬على دابته‪ ،‬وربما نزل –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬عن بغلته ليركب‬
‫يعب من مناھل رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬العذبة حتى غدا مقرئا‬
‫عقبة‪ .‬جعل َ ُ ﱡ‬
‫صوتا بالقرآن‪ ،‬وكان إذا‬
‫ً‬ ‫شاعرا‪ ،‬بل كان من أحسن الناس‬
‫ً‬ ‫فصيحا‬
‫ً‬ ‫أديبا‬
‫ً‬ ‫فرضيا‬ ‫ِّ ً‬
‫محدثا فقيھا َ َ ِ ً‬
‫ھدأ الليل‪ ،‬وسكن الكون‪ ،‬انصرف إلى كتاب ﷲ –عز وجل‪ -‬ليقرأ‪ ،‬فتصغي أفئدة الصحابة‬
‫لترتيله‪ ،‬وتخشع قلوبھم‪ ،‬وتفيض بالدمع أعينھم من خشية ﷲ –جل وعال‪ -‬حتى كان‬
‫ً‬
‫شيئا من كتاب ﷲ‪ ،‬فيجعل يقرأ من‬ ‫علي‬
‫ﱠ‬ ‫يدعوه عمر –رضي ﷲ عنه‪ -‬ويقول‪ :‬اعرض‬
‫آيات ﷲ ما يتيسر وعمر يبكي حتى تبلل الدموع لحيته‪ .‬قاد الجيوش فكان قدوة قائدة‪،‬‬
‫مخلفا َ ِ َ‬
‫تركة‬ ‫ِّ ً‬ ‫وولي والية فعدل‪ ،‬ورمى وتعلم الرمي‪ ،‬وجاھد وجالد حتى لقي ﷲ‬
‫قوسا‪ ،‬أوصى أن تكون في سبيل‬
‫ً‬ ‫المجاھدين الصادقين‪ ،‬ما تركته؟ إنھا بضع وسبعون‬
‫ﷲ‪ .‬فرضي ﷲ عنه وأرضاه‪ ،‬وعن جميع أھل القرآن‪ .‬صدقوا حتى قيل ألحدھم وقد‬
‫استغرق طلب العلم وكتابته وتبليغه وقته‪ ،‬قيل له‪ :‬إلى متى تكتب العلم؟ إلى متى‬
‫وأنت تكتب في تلك العلوم؟ فقال‪ :‬لعل الكلمة التي فيھا نجاتي لم تكتب بعد‪ .‬ما يدري‬
‫كثيرا‪ ،‬ما يدري المرء متى يقول الكلمة أو‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫خلقا‬ ‫المرء متى يقول الكلمة فيھدي ﷲ بھا‬
‫يكتب الكلمة الصادقة فتنجيه بين يدي ﷲ‪ .‬صدقوا حتى إن أحدھم لتعاتبه زوجته على‬
‫كثرة شراء الكتب فيقول ھو ً ّ‬
‫رادا عليھا‪:‬‬
‫مال‬
‫ِ‬ ‫يمينك من‬
‫ُ‬ ‫الكتب *** ما َ َ ْ‬
‫حوت‬ ‫ِ‬ ‫أنفقت في‬
‫َ‬ ‫وقائلة‬
‫ٌ‬
‫آمنا بيميني‬
‫كتابي ً‬
‫ِ‬ ‫ألخذ‬
‫ِ‬ ‫يدلني‬
‫كتابا َ ُ‬
‫ً‬ ‫لعلي َ َ‬
‫أرى فيه ***‬ ‫فقلت دعيني ِ ّ‬
‫ُ‬
‫عالما من بين أقرانك وأترابك؟ قال‪ :‬ألني أنفقت في‬
‫ً‬ ‫صدقوا حتى قيل ألحدھم‪ :‬بم كنت‬
‫زيت المصباح ألدرس العلم في الكتب مثلما أنفقوا في شرب الخمور‪ ،‬وفرق بين رھط‬
‫قد َ ْ َ َ‬
‫أفلح َمن َ ﱠ َ‬
‫زكاھا *‬ ‫بالعلم قد زكاھا‪ُ َ ُ ،‬‬
‫وأخر بالمعازف ورنات الكؤوس والغفلة قد دساھا و) َ ْ‬
‫بالنفس والنفيس في سبيل ﷲ‪.‬‬
‫ﱠ‬ ‫دساھا( صدقوا ما عاھدوا‪ ،‬صدقوا َ ﱡ‬
‫فضحوا‬ ‫خاب َمن َ ﱠ َ‬ ‫َ َ ْ‬
‫وقد َ َ‬
‫فتحملوا الجوع والعطش والبرد واألذى؛ لخدمة ھذا الدين‪ .‬صبروا على االمتحان‬
‫ﱠ‬ ‫صدقوا‬
‫وآثروا العقيدة على نعيم الدنيا‪ ،‬فتركوا أموالھم وعشيرتھم وأوطانھم وھاجروا فارين‬
‫ِّ‬
‫يخلد ﷲ ذكرھم في كتابه بما وصفھم‬ ‫بدينھم‪ ،‬فرضي ﷲ عنھم وأرضاھم‪ .‬استحقوا أن‬
‫به من عاطر الثناء‪ ،‬وحفظ لھم قدرھم في األمة على مدى الزمان‪ ،‬فإذا بأحدھم؛ وھو‬
‫]عبادة[‪ -‬رضي ﷲ عنه‪ -‬يقول للمقوقس‪ :‬وما منا رجل إال ويدعو ربه صباحا ومساء أن‬
‫يرده إلى بلده‪ ،‬وال إلى أرضه‪ ،‬وال إلى أھله وولده وماله‪ ،‬وليس‬
‫يرزقه الشھادة‪ ،‬وأال ﱠ‬
‫ھمنا ما‬
‫ﱡ‬ ‫م فيما ﱠ‬
‫خلفه‪ ،‬وقد استودع كل واحد منا ربه أھله وولده وماله‪ ،‬وإنما‬ ‫ھ ﱞ‬
‫ألحد منا َ‬
‫أمامنا‪ .‬بذلوا أرواحھم في سبيل ﷲ حتى ال تكون فتنة‪ ،‬ويكون الدين كله ‪ ،9‬فنحن‬
‫جميعا كذلك‪ ،‬آمين يا رب العالمين‪ .‬أحبتي في ﷲ؛ لم يكن طريق‬
‫ً‬ ‫كذلك؟ اللھم اجعلنا‬
‫ً‬
‫محفوفا باألخطار‪،‬‬ ‫مفروشا بالزھور والورود‪ ،‬بل كان‬
‫ً‬ ‫معبدا‪،‬‬
‫ﱠ ً‬ ‫الصحابة ومن تبعھم بإحسان‬
‫ًّ‬
‫شاقا ال يجتازه إال الھمم الشامخة‪ ،‬والرؤوس العالية التي‬ ‫امتحانا‬
‫ً‬ ‫وكان الدخول فيھا‬
‫حازت اإليمان واإلخالص والمجاھدة والجھاد‪.‬‬
‫م‬ ‫َ‬
‫واأللَ ِ‬ ‫ﱠ ْ ِ‬
‫والرمضاء‬ ‫السالسل‬
‫ِ‬ ‫عن‬
‫ِ‬ ‫ووالده ***‬
‫َ‬ ‫وعمارا‬
‫ً‬ ‫سلُوا بالال‬
‫َ‬
‫مر رجل ]بالمقداد بن األسود[ ‪-‬رضي ﷲ عنه‪ -‬فقال له‪ :‬طوبى لھاتين العينين اللتين‬
‫رأتا رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬وﷲ لوددنا أن رأينا ما رأيت‪ ،‬وشھدنا ما شھدت‪،‬‬
‫محضرا غيبه ﷲ عنه ال يدري لو شھده‬
‫ً‬ ‫فقال المقداد‪ :‬ما يحمل أحدكم على أن يتمنى‬
‫كبھم ﷲ على‬
‫أقوام ﱠ‬
‫ٌ‬ ‫رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬‬
‫َ‬ ‫كيف يكون فيه‪ ،‬وﷲ لقد حضر‬
‫مناخرھم في جھنم؛ إذ لم يجيبوه‪ ،‬ولم يصدقوه‪ ،‬أو ال تحمدون ﷲ إذ أخرجكم ال تعرفون‬
‫إال ربكم‪ ،‬مصدقين بما جاء به نبيكم وقد كفيتم البالء بغيركم‪ .‬وﷲ لقد بعث رسول ﷲ –‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬على أشد حال بعث عليه نبي من األنبياء في فترة وجاھلية ما‬
‫فرق به بين الحق والباطل‪ ،‬وفرق به بين‬
‫دينا أفضل من عبادة األوثان‪ ،‬فجاء بفرقان ﱠ‬
‫يرون ً‬
‫كافرا وقد فتح ﷲ قفل قلبه‬
‫ً‬ ‫الوالد وولده‪ ،‬حتى إن الرجل ليرى والده أو ولده أو خاله‬
‫لإليمان ليعلم أنه قد ھلك من دخل النار فال تقر عينه وھو يعلم أن حميمه وقريبه في‬
‫أعين( لقد كان معظم‬ ‫وذرياتنا ُ ﱠ َ َ‬ ‫من َ ْ َ ِ َ‬ ‫ھب َ َ‬
‫قرة ْ ُ ٍ‬ ‫أزواجنا َ ُ ِّ ﱠ ِ َ‬ ‫لنا ِ ْ‬ ‫ربنا َ ْ‬
‫النار‪ ،‬وإنھا للتي قال ﷲ‪ َ ) :‬ﱠ َ‬
‫فقيرا فقد ترك ماله يشري نفسه ابتغاء مرضات ﷲ‪ ،‬وكانت‬
‫ً‬ ‫الصحابة فقراء ومن لم يكن‬
‫الدولة الناشئة في المدينة ال تملك األموال‪ ،‬فال مطمع لمن يدخل في دين ﷲ‪ ،‬في‬
‫نيل المال أو الجاه أو أي عرض من أعراض الدنيا‪ .‬ومن طريف الروايات التي تصور فقرھم‬
‫وحالھم ما أخرج ]البخاري[ في صحيحه عن ]سھل بن سعد[ –رضي ﷲ عنه‪ -‬قال‪:‬‬
‫ً‬
‫سلقا –نوع من الخضار‪ -‬فكان إذا جاء يوم‬ ‫منا امرأة تجعل لھا في مزرعة لھا‬
‫كانت ﱠ‬
‫الجمعة تنزع أصول السلقة‪ ،‬وتجعله في قدر‪ ،‬ثم تجعل معه قبضة من شعير تطحنه‪،‬‬
‫ِّ‬
‫فنسلم عليھا‪ ،‬فتقرب لنا ذلك الطعام‪،‬‬ ‫قال سھل‪ :‬فكنا ننصرف إليھا من صالة الجمعة‬
‫وﷲ إنا كنا لنتمنى يوم الجمعة من أجل ذلك الطعام‪ ،‬ونفرح بيوم الجمعة ألجله مع أنه‬
‫ودك‪ ،‬وما عند ﷲ خير وأبقى‪ .‬ثم تجيل نظرك فإذا أنت ]بصھيب[‬
‫طعام ال شحم فيه وال َ َ‬
‫قد أزمع الھجرة للحاق برسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬لم يسعه أن يبق بعد رسول‬
‫ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬فجھز له كفار قريش فرقة مراقبة تتابعه؛ لئال يذھب بماله‪،‬‬
‫وفي ذات ليلة أكثر من خروجه للخالء للتعمية والتغطية عليھم‪ ،‬فما يلبث أن يعود من‬
‫الخالء حتى يخرج مرة أخرى‪ ،‬وھم يراقبونه حتى قال قائلھم‪ :‬لقد شغلته الالت والعزى‬
‫عينا الليلة‪ ،‬أسلموا أعينھم َ َ‬
‫للكرى مطمئنين‪ ،‬فتسلل صھيب من بينھم‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ببطنه‪ ،‬فقروا‬
‫ولم يمضِ إال قليل حتى فطن له أولئك‪ ،‬فھبوا مذعورين قلقين فزعين خائفين‪ ،‬وامتطوا‬
‫الخيل‪ ،‬وأطلقوا أعنتھا خلفه حتى أدركوه‪ ،‬ولما أحس بھم –رضي ﷲ عنه وأرضاه‪ -‬وقف‬
‫جيدا‪ -‬وبرى قوسه‪،‬‬
‫ً‬ ‫على مكان عال وأخرج سھامه من كنانته –وھم يعرفون صھيب‬
‫إلي حتى أقتل بكل‬
‫ﱠ‬ ‫وقال‪ :‬يا معشر قريش‪ ،‬تعلمون أني من أرمى الناس‪ ،‬وﷲ ال تصلون‬
‫سھم منكم رجال‪ ،‬ثم أضربكم بسيفي ما بقي منه بيدي شئ‪ ،‬فقال قائلھم‪ :‬وﷲ ال‬
‫فقيرا فاغتنيت وبلغت ما بلغت ‪،‬ثم تذھب‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫صعلوكا‬ ‫ندعك تفوز بنفسك ومالك؛ لقد أتيتنا‬
‫ﱠ‬
‫فدلھم على‬ ‫به كال والالت‪ ،‬قال‪ :‬أرأيتم إن تركت لكم مالي أتخلون سبيلي‪ ،‬قالوا‪ :‬نعم‪،‬‬
‫مال أنفق زھرة العمر‬
‫ٍ‬ ‫فارا بدينه غير آسف على‬
‫موضع ماله‪ ،‬وأطلقوا سراحه‪ ،‬فانطلق ً‬
‫يستفزه ويحدوه الشوق إلى رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬فلما بلغ‬
‫ﱡ‬ ‫في تحصيله‪.‬‬
‫وبش وقال‪ " :‬ربح البيع أبا يحيى‪،‬‬
‫ﱠ‬ ‫فھش له‬
‫ﱠ‬ ‫قباء رآه رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬‬
‫ربح البيع أبا يحيى‪ ،‬ربح البيع أبا يحيى"‪ .‬ﷲ‪ ،‬ال الدنيا وشھواتھا وزخارفھا ولذائذھا‬
‫ً‬
‫وحقا وﷲ ربح البيع‬ ‫ومتعھا ال تساوي ربح البيع أبا يحيى‪ ،‬علت الفرحة وجه صھيب‪،‬‬
‫رؤوفٌ ِ ْ ِ َ ِ‬
‫بالعباد( ثم انظر أخرى فإذا‬ ‫وﷲ َ ُ‬ ‫مرضاتِ ِ‬
‫ﷲ َ ُ‬ ‫نفسه ابتغاء َ ْ َ‬
‫يشري َ ْ َ ُ‬
‫الناسِ َمن َ ْ ِ‬
‫ومن ﱠ‬
‫)َ ِ َ‬
‫إيمانا يخالط دمه‪ ،‬ويمازج‬
‫ً‬ ‫لبه‪ ،‬ويؤمن‬
‫إسالما يملك عليه ﱠ‬
‫ً‬ ‫أنت بآخر‪ ،‬إنه ]حكيم[‪ ،‬يسلم‬
‫عھدا أن يكفر عن كل موقف وقفه في الجاھلية‪ ،‬أو نفقة‬
‫ً‬ ‫قلبه‪ ،‬وھو يقطع على نفسه‬
‫بر في‬
‫أنفقھا في عداوة رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬بأضعاف أضعافھا‪ ،‬وقد َ ﱠ‬
‫َ َ ِ‬
‫قسمه‪ ،‬وصدق فيما عاھد‪ ،‬فإذا بك تتخيل وتنظر فإذا حكيم قد آلت إليه دار الندوة التي‬
‫كانت تعقد قريش مؤتمراتھا فيھا في الجاھلية‪ ،‬ويجتمع ساداتھا وكبراؤھا فيھا ليأتمروا‬
‫برسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬تخيله وھو يتخلص من تلك الدار مسدال الستار‬
‫على ماض بغيض أليم‪ ،‬ويبيعھا بمائة ألف درھم‪ ،‬فيقول فتى من قريش‪ :‬بعت مكرمة‬
‫يبق إال التقوى‪ ،‬أو ما يسرك يا‬
‫َ‬ ‫قريش يا حكيم‪ ،‬فقال‪ :‬يا بني؛ ذھبت المكارم كلھا‪ ،‬ولم‬
‫دارا في الجنة؟ إني أشھدكم أني جعلت ثمنھا في سبيل ﷲ؛‬
‫بني أن أشتري بھا ً‬
‫أرجو ذخرھا وبرھا عند ﷲ‪ ،‬وربح البيع‪ ،‬ثم أنظر إليه أخرى يوم يحج بعد ذلك‪ ،‬فيسوق‬
‫تقربا إلى ﷲ تعالى‪ ،‬وال‬
‫ً‬ ‫أمامه مائة ناقة مجللة باألثواب الزاھية‪ ،‬ثم ينحرھا جميعھا؛‬
‫تعجب يوم يحج ثانية فيقف في عرفات ومعه مائة من عبيده قد جعل في عنق كل واحد‬
‫جميعا على عرفات‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫طوقا من فضة‪ ،‬نقش عليه عتقاء ‪- 9‬عز وجل‪ -‬ثم يعتقھم‬ ‫منھم‬
‫ويسأل ﷲ ‪-‬عز وجل‪ -‬أن يعتق رقبته من النار‪ ،‬ثم يحج ثالثة فيسوق أمامه ألف شاة‪،‬‬
‫تقربا ‪- 9‬عز وجل‪-‬‬
‫ﱡً‬ ‫ثم يريق دماءھا كلھا في منى‪ ،‬ويطعم بلحومھا فقراء المسلمين؛‬
‫فال تنساه البطون الجائعة‪ ،‬وال األكباد الظامئة ما دام على األرض بطن جائع أو كبد‬
‫ظمأى‪.‬‬
‫النعم‬
‫بك ِّ َ ُ‬
‫ضاقت َ‬
‫التبرع ال َ ْ‬
‫ُ‬ ‫بائدة *** أين‬
‫ٌ‬ ‫العيشِ واألمو ُ‬
‫ال‬ ‫ناعم َ‬
‫َ‬ ‫يا‬
‫كان المال في أيديھم ال يدور عليه الحول حتى ينفقه في سبيل ﷲ‬
‫يستبق‬
‫ُ‬ ‫يمر عليھا وھو‬
‫ﱡ‬ ‫لكن‬
‫سرتھم *** ِ ْ‬
‫المضروب ُ ﱠ‬
‫ُ‬ ‫الدرھم‬
‫ُ‬ ‫يألف‬
‫ُ‬ ‫ال‬
‫كبر حكيم بعد أن قدم ما قدم‪ ،‬وذھب بصره باحتسابه ‪ ،9‬ونزل به الموت‪ ،‬واشتد وجعه‪،‬‬
‫محمدا رسول ﷲ ويقول‪ :‬أخشاك ربي وأحبك‪،‬‬
‫ً‬ ‫وإذ به يشھد أن ال إله إال ﷲ‪ ،‬وأن‬
‫أخشاك ربي وأحبك ليلقى ﷲ‪ .‬رضي ﷲ عنه وأرضاه‪ ،‬وجعل أعلى ِ ّ‬
‫عليين مثواه‪ ،‬ورحم‬
‫ﷲ أولئك الرجال‪ ،‬طلبوا الدنيا على قدر مكثھم فيھا‪ ،‬وطلبوا اآلخرة على قدر حاجتھم‬
‫إليھا‪ .‬لم يضحوا بأموالھم فحسب‪ ،‬بل ضحوا بدمائھم في سبيل ﷲ؛ رجاء ما عند ﷲ‪،‬‬
‫عند ِ‬
‫ﷲ َباقٍ( وصدقوا فإذا أنت بشاب ناضر‬ ‫وما ِ َ‬
‫ينفد َ َ‬
‫عندكم َ َ ُ‬
‫وما عند ﷲ خير لألبرار ) َما ِ َ ُ ْ‬
‫الشباب مؤمن با‪ 9‬اسمه ]حبيب[ يكلف بمھمة شاقة؛ ليكون رسوال لرسول ﷲ –صلى‬
‫وان وال متريث وال متردد‪،‬‬
‫ﷲ عليه وسلم‪ -‬إلى ]مسيلمة الكذاب[‪ ،‬يأخذ الرسالة غير َ ٍ‬
‫النجاد‪ ،‬وتحطه الوھاد حتى يبلغ أعالي >نجد<‪ ،‬ويسلم الرسالة إلى مسيلمة‪،‬‬
‫ترفعه ِّ‬
‫خيرا ألسمعه‪ .‬أمر بحبيب أن‬
‫ً‬ ‫فلما قرأھا انتفخت أوداجه‪ ،‬وبدا شره‪ ،‬ولو علم ﷲ فيه‬
‫يقيد‪ ،‬وأن يعرض عليه من الغد‪ ،‬وما ضر حبيب وقد بلغ رسالة الحبيب –صلى ﷲ عليه‬
‫وسلم‪ -‬لما كان الغد أذن للعامة بالدخول عليه‪ ،‬وأمر بحبيب فجيء به يرسف في قيوده‬
‫وسط جموع الشرك الحاقدة‪ ،‬مشدود القامة‪ ،‬مرفوع الھامة‪ ،‬شامخ األنف بإيمانه‪،‬‬
‫محمدا رسول ﷲ؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬أشھد أنه رسول‬
‫ً‬ ‫التفت مسيلمة إليه وقال‪ :‬أتشھد أن‬
‫ﷲ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬فتميز من الغيظ وقال‪ :‬أتشھد أني رسول ﷲ –وخسئ‪-‬؟‬
‫فقال حبيب في سخرية‪ :‬إن في أذني صمم عن سماع ما تقول‪ ،‬فيتغير لون وجھه‪،‬‬
‫ً‬
‫وحنقا ليقول لجالده‪ :‬اقطع قطعة من جسده‪ ،‬فبتر الجالد قطعة‬ ‫ً‬
‫غيظا‬ ‫وترتجف شفتاه‬
‫محمدا رسول‬
‫ً‬ ‫من جسده لتتدحرج على األرض‪ ،‬ثم أعاد مسيلمة السؤال‪ ،‬أتشھد أن‬
‫ﷲ؟ قال‪ :‬نعم ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬قال‪ :‬أتشھد أني رسول ﷲ؟ قال‪ :‬إن في أذني‬
‫صمم عن سماع ما تقول‪ ،‬فأمر بقطع قطعة أخرى من جسده لتتدحرج على األرض‪،‬‬
‫فشخصت الناس بأبصارھا مدھوشة مشدوھة من تصميم ھذا الرجل وثباته؛ إنه الثبات‬
‫محمدا رسول ﷲ‪،‬‬
‫ً‬ ‫من ﷲ‪ ،‬مضى مسيلمة يسأل والجالد يقطع وحبيب يقول‪ :‬أشھد أن‬
‫قطعا منثورة على األرض‪ ،‬ثم فاضت روحه وھو يردد محمد رسول ﷲ ‪-‬صلى‬
‫ً‬ ‫حتى صار‬
‫ﷲ عليه وسلم‪ ،-‬محمد رسول ﷲ‪ ،‬محمد رسول ﷲ‪.‬‬
‫َ َ ِ‬
‫باألجم‬ ‫اعتصام ﱠ ِ‬
‫الليث‬ ‫ِ‬ ‫ثل‬
‫بالقلب م َ‬
‫ِ‬ ‫معتصم ***‬
‫ٌ‬ ‫فاإليمان‬
‫ُ‬ ‫الجسم‬
‫َ‬ ‫عذبوا‬
‫إن ﱠ‬
‫ثم يأتي الخبر ألمه ‪-‬ويا لھول الخبر جدير بأمھات المسلمين وبأمھات الشباب والشابات‬
‫إربا وھو يقول‪:‬‬
‫إربا ً‬
‫أن يقفن مع ھذه األم لندرس سيرتھا يوم جاءھا خبر ابنھا الذي قطع ً‬
‫محمد رسول ﷲ‪ ،‬اسمع إلى ذلك المحضر الخالد لذلك الرجل‪ -‬ما زادت –وﷲ‪ -‬يوم‬
‫جاءھا الخبر على أن قالت‪ :‬من أجل ھذا الموقف أعددته‪ ،‬وعند ﷲ احتسبته‪ ،‬لقد بايع‬
‫كبيرا‪ ،‬فحمدت ﷲ ‪-‬‬
‫ً‬ ‫ﱠ‬
‫ووفى له اليوم‬ ‫صغيرا‪،‬‬
‫ً‬ ‫الرسول ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬ليلة العقبة‬
‫كثيرا‬
‫ً‬ ‫سبحانه وتعالى‪-‬‬
‫رجال‬
‫ِ‬ ‫النساء على ال‬
‫ُ‬ ‫لفضلت‬
‫كمن ذكرنا *** ُ ِ ّ ِ‬
‫ْ‬ ‫النساء‬
‫ُ‬ ‫كان‬
‫َ‬ ‫فلو‬
‫للھالل‬
‫ِ‬ ‫فخر‬
‫ٌ‬ ‫التذكير‬
‫ُ‬ ‫عيب *** وال‬
‫ٍ‬ ‫السم الشمسِ‬
‫ِ‬ ‫التأنيث‬
‫ُ‬ ‫وما‬
‫ھل وقفت عاجزة تبكي ابنھا وتندب حظھا؟ ال‪ ،‬بل في يوم اليمامة كانت تشق الصفوف‬
‫كاللبؤة الثائرة تنادي‪ :‬أين عدو ﷲ مسيلمة؟ فوجدته مجندال على األرض‪ ،‬سيوف‬
‫غافال ً َ ﱠ‬
‫عما‬ ‫ﷲ َ ِ‬ ‫عينا ) َوال َ َ ْ َ َ ﱠ‬
‫تحسبن َ‬ ‫ً‬ ‫قرت‬
‫نفسا‪ ،‬و ﱠ‬
‫ً‬ ‫المسلمين قد ارتوت من دمه‪ ،‬فطابت‬
‫األبصار( مضى حبيب ومسيلمة مضى‬
‫فيه ْ َ ُ‬
‫تشخص ِ ِ‬
‫ليوم َ ْ َ ُ‬
‫يؤخرھم ِ َ ْ ٍ‬
‫إنما ُ َ ِ ّ ُ ُ ْ‬ ‫ﱠ ِ ُ َ‬
‫الظالمون ِ ﱠ َ‬ ‫يعمل‬
‫َْ َ ُ‬
‫وشتان ما بينھما‪ ،‬فريق في الجنة‪ ،‬وفريق في السعير‪.‬‬
‫ﱠ‬ ‫حبيب ومسيلمة إلى ربھما‪،‬‬
‫رضي ﷲ عنھم؛ ضحوا بكل شئ‪ ،‬وصدقوا ﷲ فصدقھم ﷲ‪ ،‬وأقر أعينھم بنصرة دينه‬
‫وإعالء كلمته‪ .‬مواكب تتلوھا مواكب من صحابة رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪.-‬‬
‫عال من األطم‬
‫ٍ‬ ‫البحر أو‬
‫ِ‬ ‫من‬
‫يزعزعھا *** عاتٍ َ‬
‫سارت ال ُ َ ْ ِ ُ َ‬
‫َ ْ‬ ‫مواكب ﷲ‬
‫ُ‬
‫العدم‬ ‫الخالئق والدنيا َ‬
‫إلى َ َ ِ‬ ‫َ‬ ‫أن‬
‫علموا *** ﱠ‬
‫ُ‬ ‫فقد‬
‫ْ‬ ‫يھتفون لمخلوقٍ‬
‫َ‬ ‫ال‬
‫فإذا أنت ترى أحدھم وھو ]عقبة بن نافع[ على أطراف غابة >القيروان< ينادي يخاطب‬
‫السباع والھوام ويقول‪ :‬نحن أصحاب رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬جئنا لننشر دين‬
‫ﷲ في األرض فأخلي لنا المكان‪ ،‬فتخرج السباع والھوام‪ ،‬تخرج حاملة أوالدھا على‬
‫ظھورھا؛ لتخلي المكان لجند ﷲ؛ كرامة من ﷲ‪ ،‬أطاعوا ﷲ فطوع ﷲ لھم كل شئ؛‬
‫ليبني مدينة >القيروان< في تلك الغابة‪ ،‬ال ليركن إليھا ويجلس فيھا ويتنعم بھا‪ ،‬بل‬
‫فاتحا في األرض حتى يقف بقوائم فرسه في أطراف المحيط األطلسي‬
‫ً‬ ‫ينطلق بعد ذلك‬
‫ليقول كلمته الخالدة وقوائم فرسه قد ابتلت بمياه المحيط األطلسي يقول‪ :‬وﷲ لو كنت‬
‫وأقواما لخضته في سبيل ﷲ؛ ألنشر دين ﷲ‪ .‬وإذا ]بقتيبة[‬
‫ً‬ ‫أرضا‬
‫ً‬ ‫أعلم أن وراء ھذا البحر‬
‫في الجانب اآلخر في شرق الكرة األرضية ذاك في غربھا وھذا في شرقھا يفتح المدن‬
‫والقلوب‪ ،‬حتى يقف على أطراف مملكة >الصين< ويقسم با‪ 9‬ليطأن بأقدام فرسه‬
‫تلك المملكة‪ ،‬ويسمع ملكھا فيھلع ويخاف ويجزع‪ ،‬ويعلم أن ھؤالء إذا قالوا فعلوا‪،‬‬
‫ليبر قسم قتيبة‪ ،‬وتطأ خيل قتيبة‬
‫ﱠ‬ ‫فيرسل ِ َ ً‬
‫صحافا من ذھب مملوءة بتربة أرض الصين؛‬
‫تلك التربة‪ ،‬وتكون الصحاف مقدمة الجزية‪ ،‬وأربعة من أبنائه يوضع عليھم وسام‬
‫المسلمين فيا ‪!9‬‬
‫أطماره‬
‫ِ‬ ‫الضيم في‬
‫َ ُ‬ ‫ْ ِ‬
‫سيطوي‬ ‫فجرا‬
‫ً‬ ‫إن ِ َ ِ‬
‫لليلنا ***‬ ‫الضيم ﱠ‬
‫َْ ِ‬ ‫حماة‬
‫َ‬ ‫مھال‬
‫وإذا بكم بعد فترة تتخيلون وتقرؤون‪ ،‬خليفة المسلمين يخاطب السحابة وھو على‬
‫أنى شئت؛ فسوف يأتيني خراجك‪ .‬صارت الكرة األرضية ما بين‬
‫كرسيه‪ ،‬ويقول‪ :‬أمطري ﱠ‬
‫صاغر‪.‬‬
‫يد وھو َ ِ ٌ‬
‫عن ٍ‬
‫الجزية ْ‬
‫َ‬ ‫يدفع‬
‫ُ‬ ‫مسلم ً‬
‫حقا وكافر‬
‫خلفاء‬
‫َ‬ ‫كانوا ُ‬
‫وللمعروف ُ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫وللعدل ***‬
‫ِ‬ ‫للھدى كانوا أذالء‬
‫السماء‬
‫َ‬ ‫يرمون‬
‫َ‬ ‫بطون األرضِ‬
‫ِ‬ ‫صارخ النتفضوا *** ِمن‬
‫ٌ‬ ‫ولو دعاھم‬
‫خالء‬
‫فتركناه َ‬
‫ُ‬ ‫جئنا‬
‫ثم ِ‬
‫معمورا لنا *** ُ ﱠ‬
‫ً‬ ‫المنزل‬
‫َ‬ ‫تركوا‬
‫ُ‬
‫فخباء‬
‫خباء َ‬
‫فنقضناھا َ َ ً‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫أخبية ***‬ ‫العز لنا‬
‫ضربوا ِ ﱠ‬
‫ُ‬
‫ومع ھذا‬
‫جديد‬ ‫ﱠ‬
‫الظالم َ ِ‬ ‫فجر في‬
‫ٍ‬ ‫عابثا َ َ َ‬
‫فترقبي *** بسمات‬ ‫ً‬ ‫طال ليلُك‬
‫َ‬ ‫إن‬
‫يا أمتي ْ‬
‫نفاره‬
‫ِ ِ‬ ‫قبل‬
‫َ‬ ‫الرئبال‬
‫ھدأة ِّ ِ‬
‫ُ‬ ‫ھي‬
‫َ‬ ‫وإنما ***‬
‫ﱠ‬ ‫الحقِ عنك‬
‫ّ‬ ‫جفن‬
‫ُ‬ ‫نام‬
‫ما َ‬
‫لعلھا ھدأة األسد قبل نفاره‪ .‬صدقوا ما عاھدوا‪ ،‬صدقوا في التجرد ‪ ،9‬وطلب األجر‬
‫أعرابيا قسم‬
‫ً‬ ‫العظيم من ﷲ‪ ،‬وأنعم به من تطلع ال يعدله شئ من تكريم الدنيا‪" .‬صح أن‬
‫غائبا‪ ،‬فلما حضر أعطوه‬
‫ً‬ ‫له النبي‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬في >خيبر< من الغنيمة وكان‬
‫قسم له‪ ،‬فجاء األعرابي للنبي ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬وقال‪ :‬يا رسول ﷲ‪ ،‬ما على‬
‫ما ُ ِ‬
‫ھذا اتبعتك‪ ،‬ولكني اتبعتك على أن أرمى ھاھنا بسھم فأدخل الجنة‪ ،‬وأشار إلى حلقه‪،‬‬
‫فقال ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬إن تصدق ﷲ يصدقك‪ ،‬فلبثوا قليال‪ ،‬ثم نھضوا لقتال العدو‪،‬‬
‫وكان له ما أراد‪ ،‬إذ أوتي به يحمل وقد أصابه سھم حيث أشار‪ ،‬فجعل النبي ‪-‬صلى ﷲ‬
‫عليه وسلم‪ -‬يقول‪ :‬أھو ھو؟ قالوا‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬صدق ﷲ فصدقه ﷲ‪ ،‬ثم كفنه النبي –‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬بجبته وصلى عليه‪ ،‬ودعا له‪ ،‬ثم قال‪ :‬اللھم ھذا عبدك‪ ،‬خرج‬
‫شھيدا وأنا عليه شھيد"‪ .‬أرادوا ﷲ فشمخت نفوسھم إلى‬
‫ً‬ ‫مجاھدا في سبيلك‪ ،‬قتل‬
‫ً‬
‫رضوان ﷲ‪ ،‬فترفعوا عن الدنيا حتى قال قائلھم؛ وھو ]جابر بن عبد ﷲ[‪ :‬والذي ال إله إال‬
‫ھو‪ ،‬ما اطلعنا على أحد من أھل >القادسية< أنه يريد الدنيا مع اآلخرة ‪ .‬وھاھو ]أبو‬
‫ودّ[؛ فارس العرب بال منازع‬
‫علي[ –رضي ﷲ عنه‪ -‬يوم الخندق يرى ]عمرو بن ٍ‬
‫ّ‬ ‫الحسن‬
‫علي لمبارزته‪ ،‬فيندب الثانية‬
‫ﱞ‬ ‫وھو يجتاز الخندق‪ ،‬ويندب المسلمين للمبارزة‪ ،‬فيتقدم‬
‫وقد استصغر ]علي[ فيخرج له علي‪ ،‬فيندب الثالثة للمبارزة فما لھا إال علي‪ ،‬فيقول‬
‫منصورا‪ ،‬فكان اللقاء وما ھو إال‬
‫ً‬ ‫النبي –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬فيما روى عنه أخرج إليه‬
‫قليل وھما يصطرعان وإذ بعلي يعلوه بالسيف‪ ،‬ويوم عاله بالسيف بصق عمرو في‬
‫عجبا ألمرك ُ ٍّ ْ َ‬
‫مكنت مني بشيء لم‬ ‫ً‬ ‫وجھه‪ ،‬فيتركه علي دون أن يقتله‪ ،‬فقال له عمرو‪:‬‬
‫تحلم به العرب‪ ،‬ثم تتركني فقال علي‪ :‬كنت أريد قتلك لوجه ﷲ يا عدو ﷲ‪ ،‬فلما بصقت‬
‫في وجھي ثارت نفسي وطالبتني بالثأر‪ ،‬فخشيت أن يكون قتلك لنفسي‪ ،‬ووﷲ ما‬
‫أريده إال ‪ .9‬ما أبلغه من كالم! ما أعظمه من تفكير! ما أحاله من خلق أصيل! ترفع عن‬
‫تربى علي؟ تربى في حجر رسول ﷲ‬
‫حظوظ النفس‪ ،‬وسفاسف األمور‪ ،‬وال غرابة‪ ،‬فأين ﱠ‬
‫‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬فھو ربيب اإلخالص والتجرد والصدق‪.‬‬
‫ينسب‬
‫ُ‬ ‫حتما ُ‬
‫ً‬ ‫لألصل‬
‫ِ‬ ‫والفرع‬
‫ُ‬ ‫يستغرب ***‬
‫ُ‬ ‫معدنه ال ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫واألمر من‬
‫ُ‬
‫صدقوا ما عاھدوا فاتھموا أنفسھم وھضموھا وروضوھا على مقابلة الجھل بالحلم‪،‬‬
‫العجب والكبر والغرور فعاشوا سعداء‪،‬‬
‫والحمق بالعقل‪ ،‬واإلساءة باإلحسان والعفو‪ .‬ركلوا ُ ْ‬
‫وماتوا شھداء‪ .‬في حضور يقال ألحدھم‪ :‬يا مراءٍ‪ ،‬فيقول‪ :‬متى عرفت اسمي؟ ويقال‬
‫آلخر وقد ازدحم الحجاج‪ ،‬وبلغت القلوب الحناجر يقول أحد الذين بجواره‪ :‬وﷲ ما أظنك إال‬
‫رجل سوء‪ ،‬فيقول‪ :‬ما عرفني إال أنت‪ ،‬ما عرفني إال أنت‪ .‬ويؤتى بالثالث يقف يوم عرفة‬
‫خاشعا قلوب الخلق وألسنتھم تجأر إلى ﷲ أن يعتق الرقاب‬
‫ً‬ ‫خاضعا‬
‫ً‬ ‫آخر النھار متذلال‬
‫من النار‪ ،‬فإذا به تصفو نفسه‪ ،‬ويرق قلبه‪ ،‬فيتذكر ذنوبه وخطاياه ‪-‬ويا لھا من ذنوب‬
‫صغار‪ ،‬وخطايا صغار‪ -‬فيقول‪ :‬ال إله إال ﷲ ما أشرفه من موقف وما أرجاه! لوال أني فيھم‬
‫قلت‪ :‬قد غفر ﷲ لھم‪ ،‬اللھم ال تردھم من أجلي‪ ،‬اللھم ال تردھم من أجلي‪.‬‬
‫وبقينا ُ َ َ‬
‫أسراء‬ ‫ً‬ ‫عقال‬
‫من ُ َ ٍ‬ ‫الذي ْ ُ ْ‬
‫أطلقھم *** ِ ْ‬ ‫شعري ما ﱠ ِ‬
‫ليت ِ ْ ِ‬
‫َ‬
‫وماء‬
‫طينا َ‬
‫ً‬ ‫لسنا ُكل َُنا‬
‫أو ْ َ‬
‫واغتررنا *** َ‬
‫عجبنا ْ َ َ ْ َ‬
‫نحن َ ِ َ‬
‫ُ‬ ‫ما لنا‬
‫لو تبعنا الھدى آثارھم *** النطلقنا وسمونا للعالء‬
‫صدقوا ما عاھدوا فعفوا وصفحوا‪ .‬وھبوا النقص للفضل‪ ،‬واإلساءة لإلحسان‪ ،‬فصفت‬
‫سرائرھم‪ ،‬ونصعت سيرھم‪ ،‬وسلمت صدورھم‪ ،‬ولھجت أنفسھم ال تجعل في قلوبنا‬
‫غال للذين آمنوا‪ ،‬كل ذلك يرجون ما عند ربھم‪ .‬يقال ألحدھم‪ :‬إن فالنا من الناس يقع‬
‫ضعيفا( ثم يقال‬
‫كان َ ِ ً‬ ‫ﱠ ْ َ ِ‬
‫الشيطان َ َ‬ ‫إن َ ْ َ‬
‫كيد‬ ‫السيئ ِإال ﱠ ِ َ ْ ِ ِ‬
‫بأھله( ) ِ ﱠ‬ ‫ﱠ ِّ ُ‬ ‫يحيق ْ َ ْ ُ‬
‫المكر‬ ‫فيك فيقول‪َ ) :‬وال َ َ ِ ُ‬
‫وسب وشتم‪ :‬أال تدعو على من ظلمك وسبك وشتمك؟‬
‫وبھت ُ ﱠ‬
‫له أخرى وقد ظُلم ُ ِ‬
‫فيقول‪ :‬من دعا على ظالمه فقد انتصر‪ ،‬إن رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬يقول‪":‬‬
‫يسب أحدھم ويشتم بما ليس فيه فيقول‪ :‬إن كنت‬ ‫ﱡ‬ ‫اصبروا حتى تلقوني على الحوض"‪ُ .‬‬
‫فالنا يقع فيك ويقول‬
‫ً‬ ‫كاذبا فغفر ﷲ لك‪ .‬ويقال للثالث‪ :‬إن‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫صادقا فغفر ﷲ لي‪ ،‬وإن كنت‬
‫فيك كذا وكذا‪ ،‬ويذكرك بسوء‪ ،‬فيقول‪ :‬رجل صالح ابتلي فينا فماذا نعمل؟ من تعدى‬
‫حدود ﷲ فينا لم نتعد حدود ﷲ فيه‪ ،‬العفو أفضل‪ ،‬ما ينفعك إن يعذب أخوك المسلم‬
‫بسببك؟ لكن تعفو وتصفح وتغفر فيغفر ﷲ لك‪ .‬أيھا األحبة؛ إن مكانة المؤمن أعز من أن‬
‫يتساوى في الظاھر مع ظالمه‪ ،‬بل يرى أن من الدين والمروءة أن يدعى إلى أن يشمخ‬
‫على من يبدي اإلسفاف‪ ،‬ويترفع عن موقف يقوده إلى رفع صوت أو إثارة فضول أو جدل‬
‫ً‬
‫ھدفا ويجمع الجموع ليرجموه معه‪ ،‬ترى بعضنا‬ ‫أو لجاج‪ .‬وبعضنا ‪-‬ويا لألسف‪ -‬يتخذ أخاه‬
‫يرفع ويخفض‪ ،‬ويجرح ويعدل ويشي ‪.‬‬
‫وعى‬
‫من َ َ‬ ‫ولكن مالمي َ َ‬
‫على َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫وشى ***‬
‫من َ‬ ‫مالمي َ َ‬
‫على َ ْ‬ ‫وليس َ ِ‬
‫اللوم على من يمنح اآلذان الصاغية للوشاة وألولئك‪ .‬وا أسفاه يوم يسود عرف التفاضح‪،‬‬
‫لقبا بتجريح إخوتك‪ ،‬إنما‬
‫ويوم تسترخى بيننا أيدي التصافح ليس المنزلة ‪-‬وﷲ‪ -‬بأن تنال ً‬
‫حيزا‪ ،‬أن تنادي مالئكة السماء أھل األرض‪ :‬أن‬
‫المنزلة أن تحتل في قلوب المؤمنين ِ ّ ً‬
‫أحبوا فالنا‪ .‬صدقوا ولم نصدق‪ ،‬قلوب امتألت بخشية ﷲ‪ ،‬وقلوب امتألت بمحبة ﷲ‪،‬‬
‫ترجو ما عند ﷲ‪ ،‬ال تتسع لحقد أو ضغينة أو حسد لخلق ﷲ‪ ،‬بل –وﷲ‪ -‬كانوا مشفقين‬
‫على عباد ﷲ؛ يعلمون الجاھل‪ ،‬وينبھون الغافل مغتنمين كل فرصة‪ ،‬مستفيدين من كل‬
‫مناسبة‪ .‬يمر ]أبو الدرداء[ بجماعة تجمھروا على رجل يضربونه ويشتمونه‪ ،‬فقال لھم‪ :‬ما‬
‫الخبر؟ قالوا‪ :‬وقع في ذنب كبير‪ ،‬قال‪ :‬أرأيتم ولو وقع في بئر أفلم تكونوا تستخرجونه‬
‫وبصروه‪ ،‬واحمدوا ﷲ الذي‬
‫ِّ‬ ‫عظُوه‬
‫منه؟ قالوا‪ :‬بلى‪ ،‬قال‪ :‬فال تسبوه وال تضربوه‪ ،‬لكن ِ‬
‫عافاكم من الوقوع في مثل ذنبه‪ ،‬قالوا‪ :‬أفال تبغضه؟ قال‪ :‬إنما أبغض فعله‪ ،‬فإذا تركه فھو‬
‫أخي‪ ،‬فأخذ الرجل ينتحب ويعلن توبته وأوبته‪ ،‬ليكون في ميزان أبي الدرداء ‪-‬رضي ﷲ‬
‫تعفوا‬ ‫ﷲ َ ُ ْ‬
‫لكم( ) َ ِ‬
‫وإن َ ْ ُ‬ ‫تحبون َأن َ ْ ِ َ‬
‫يغفر ُ‬ ‫وليصفحوا َأال َ ُ ِ ﱡ َ‬
‫وليعفوا َ ْ َ ْ َ ُ‬
‫عنه‪ -‬يوم يقف بين يدي ﷲ ) َ ْ َ ْ ُ‬
‫رحيم( صدقوا في حبھم لرسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه‬ ‫غفور ﱠ ِ ٌ‬ ‫ﷲ َ ُ ٌ‬ ‫وتغفروا َ ِ ﱠ‬
‫فإن َ‬ ‫وتصفحوا َ َ ْ ِ ُ‬
‫ََ ْ َ ُ‬
‫وسلم‪ -‬فحرصوا على رؤيته وصحبته‪ ،‬وقد كان َ ْ‬
‫فقد صحبته ورؤيته ‪-‬صلى ﷲ عليه‬
‫وسلم‪ -‬أشد عليھم من كل شئ‪ ،‬أحبوه‪ ،‬بذلوا المال والنفس والنفيس دونه ‪-‬صلى ﷲ‬
‫وذبوا عن شريعته‪،‬‬
‫عليه وسلم‪ -‬أحبوه فامتثلوا أمره واجتنبوا نھيه‪ ،‬أحبوه فنصروا سنته‪ ،‬ﱡ‬
‫وما أحدثوا في حبه ما لم يشرع‪ .‬فليحذر الذين ادعوا حبه ولم يتبعوه واتبعوا أھواءھم أن‬
‫تصيبھم فتنة أو يصيبھم عذاب أليم‪ .‬لقد سد ﷲ ‪-‬سبحانه وتعالى‪ -‬دون جنته الطرق‬
‫ﷲ( أحبوه‬
‫يحببكم ُ‬ ‫ﷲ َ ﱠِ ُ ِ‬
‫فاتبعوني ُ ْ ِ ْ ُ ُ‬ ‫تحبون َ‬
‫تم ُ ِ ﱡ َ‬
‫قل ِإن ُكن ُ ْ‬
‫فلن تفتح الجنة ألحد إال من طريقه ) ُ ْ‬
‫حتى جاء أحدھم إليه يفكر فيما بعد موت رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬ويقول‪ :‬يا‬
‫رسول ﷲ؛ إنك ألحب إلى من نفسي ومن ولدي‪ ،‬وإني ألكون في البيت فأذكرك فما‬
‫أصبر حتى آتي فأنظر إليك‪ ،‬فإذا ذكرت موتي وموتك عرفت أنك إذا دخلت الجنة رفعت‬
‫مع النبيين‪ ،‬وأنا إن دخلت الجنة خشيت أال أراك‪ ،‬فلم يجبه‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬‬
‫من‬ ‫ﷲ َ َْ ِ‬
‫عليھم َ‬ ‫الذين َ ْ َ َ‬
‫أنعم ُ‬ ‫مع ﱠ ِ َ‬ ‫والرسول َ ُ َ ِ َ‬
‫فأولئك َ َ‬ ‫ﷲ َ ﱠ ُ َ‬ ‫يطعِ َ‬
‫ومن ُ ِ‬
‫ليتنزل الجواب قرآنا يتلى ) َ َ‬
‫رفيقا( ويقول –صلى ﷲ عليه‬ ‫وحسن ُ َ ِ َ‬
‫أولئك َ ِ ً‬ ‫والصالحين َ َ ُ َ‬
‫والصديقين والشھداء َ ﱠ ِ ِ َ‬
‫النبيين َ ِ ّ ِّ ِ َ‬
‫ﱠ ِ ِّ َ‬
‫ً‬
‫شيئا يا ربيعة‪ ،‬قال‪ :‬أسألك مرافقتك في الجنة‪ ،‬قال –‬ ‫وسلم‪] -‬لربيعة األسلمي[‪ :‬سل‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم‪ :-‬أو غير ذلك‪ ،‬قال‪ :‬ما ھو إال ذاك‪ ،‬قال‪ :‬فأعني على نفسك بكثرة‬
‫السجود‪ .‬كان الناس يسألون ما يمأل بطونھم‪ ،‬ويواري جلودھم مما ھم فيه‪ ،‬أما المحب‬
‫فال يريد إال مرافقة حبيبه في الدنيا واآلخرة‪ .‬وبعد عام من وفاته –صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬‬
‫بعد عام يقف أبو بكر –رضي ﷲ عنه‪ -‬على المنبر ويقول‪ :‬سمعت رسول ﷲ‪ -‬صلى ﷲ‬
‫عليه وسلم‪ -‬في ھذا الموقف من عامي األول‪ ،‬ثم استعبر أبو بكر وبكى‪ ،‬ثم قال أخرى‪:‬‬
‫سمعت رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬فلم يملك أن خنقته العبرة فبكى‪ ،‬ثم قال‬
‫ثالثة فخنقته العبرة فبكى‪ ،‬ثم قال‪ :‬ال يسمع صوته من نشيجه‪ ،‬قال‪ :‬صلى ﷲ عليه‬
‫ً‬
‫شيئا بعد كلمة اإلخالص مثل العافية‪ ،‬فسلوا ﷲ العافية‪ .‬نسأل ﷲ‬ ‫وسلم‪ ،‬لم تؤتوا‬
‫العافية‪ .‬أما ]سعد بن الربيع[ فھو في آخر رمق يجده ]زيد[ بين القتلى‪ ،‬وإذا به يقول‪:‬‬
‫ِّ‬
‫بلغ رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬مني السالم‪ ،‬وقل له‪ :‬إني ألجد ريح الجنة‪ ،‬وقل‬
‫لقومي األنصار‪ :‬ال عذر لكم عند ﷲ أن يخلص إلى رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬‬
‫شْفر يطرف‪ .‬واآلخر يقول يوم أحد وقد كان يقوم النبي ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬‬
‫وفيكم ِ‬
‫ويجالد فيقول‪ :‬ال تشرف يصبك سھم‪ ،‬نحري دون نحرك يا رسول ﷲ‪ .‬أحبوا فامتثلوا‬
‫فمر رجل صلى‬
‫ﱠ‬ ‫أوامره‪ .‬فبينما بعضھم يصلي صالة العصر إذ حولت القبلة إلى الكعبة‪،‬‬
‫مع النبي ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم – عليھم‪ ،‬فقال‪ :‬أشھد أني صليت مع رسول ﷲ ‪-‬‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬وقد وجه إلى الكعبة‪ ،‬فانحرفوا وھم ركوع في الصالة‪ ،‬في صالة‬
‫منتھون(‬ ‫فھل َ ْ ُ‬
‫أنتم ﱡ َ ُ َ‬ ‫العصر تأسيا برسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ .-‬نزل تحريم الخمر ) َ َ ْ‬
‫فأريقت الخمر حتى جرت بھا سكك المدينة ولسان حالھم ومقالھم‪ :‬انتھينا انتھينا‪ .‬خلع‬
‫‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬نعليه وھو يصلي فألقوا نعالھم وراءه‪ ،‬فسألھم لم فعلتم ذلك؟‬
‫يوما‬
‫قذرا‪ .‬يقول ً‬
‫ً‬ ‫قالوا‪ :‬رأيناك ألقيت فألقينا‪ ،‬فأخبرھم أن جبريل أتاه فأخبره أن فيھما‬
‫]وابن رواحة[ قادم إلى المسجد يريد الدخول‪ :‬اجلسوا عباد ﷲ‪ ،‬أو كما قال –صلى ﷲ‬
‫عليه وسلم‪ -‬فيجلس ابن رواحة خارج المسجد‪ ،‬ما وسعه إال االستجابة ألمر رسول ﷲ‬
‫–صلى ﷲ عليه وسلم‪ .-‬أبو بكر –رضي ﷲ عنه‪ -‬بعد وفاة رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه‬

‫وسلم‪ -‬كان يتتبع أفعال النبي –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬فيفعلھا ً ّ‬


‫حبا لرسول ﷲ –صلى‬
‫ﷲ عليه وسلم‪ .-‬الحب اتباع ال ابتداع‪ .‬يقول‪ :‬وبعد وفاة النبي –صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬‬
‫يقول لعمر‪ :‬انطلق بنا إلى ]أم أيمن[ نزورھا كما كان رسول ﷲ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬‬
‫يزورھا‪ ،‬قال‪ :‬فلما انتھينا إليھا ورأتنا بكت‪ ،‬فقال لھا أبو بكر‪ :‬ما يبكيك؟ ما عند ﷲ خير‬
‫لرسوله ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬قالت‪ :‬ما أبكي أال أكون أعلم أن ما عند ﷲ خير لرسول‬
‫ﷲ‪ ،‬ولكن أبكي ألن الوحي انقطع من السماء بموته ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬ثم‬
‫انفجرت تبكي ‪-‬رضي ﷲ عنھا‪ -‬فھيجتھم على البكاء‪ ،‬فجعال يبكيان معھا إيه يا أم أيمن‪.‬‬
‫معرفة األدبِ‬
‫َ‬ ‫دون‬
‫َ‬ ‫ونمجن‬
‫ُ‬ ‫نلھو‬
‫وإننا *** ُ‬
‫بكيت ﱠ‬
‫ِ‬ ‫يا أم أيمن قد‬
‫المعازف والطربِ‬
‫ِ‬ ‫الحديث وال الكذبِ *** لم تبصري وضع‬
‫ِ‬ ‫لم تبصري وضع‬
‫َ ِ‬
‫عطب‬ ‫قد أتانا من‬ ‫الخمور أو الزنا *** لم ْ َ ِ‬
‫تلحظي ما ْ‬ ‫لم تشھدي شرب َ‬
‫العجب‬
‫رأيت بنا َ َ ِ‬
‫ِ‬ ‫قد‬
‫مماتك ْ‬
‫ُ‬ ‫الضاللة والھوى *** لوال‬
‫َ‬ ‫بدع‬
‫َ‬ ‫لم تلحظي‬
‫لليھود على ﱡ َ ِ‬
‫الركب‬ ‫ِ‬ ‫نجثو‬
‫وصحبھم *** ھا نحن ْ ُ‬
‫ِ‬ ‫لم تعلمي فعل العدو‬
‫مثل اللعب‬
‫َ‬ ‫أمورك أمتي‬
‫ُ‬ ‫أضحت‬
‫ْ‬ ‫جمعنا ***‬
‫تمزقِ َ ِ‬
‫واحر قلبي من َ َ ﱡ‬
‫ﱠ‬
‫نسب‬
‫وشائج أو َ َ ِ‬
‫َ‬ ‫صراخنا *** ومع التباكي ال‬
‫َ‬ ‫البكاء‬
‫ُ‬ ‫تا‪ 9‬ما َ َ‬
‫عرف‬
‫وأبا‬
‫مربيا ً‬
‫ً‬ ‫قائدا و‬
‫ً‬ ‫كيف ال يحبونه وقد أخرجھم من الظلمات إلى النور بإذن ربه‪ ،‬فكان لھم‬
‫منيرا‪ ،‬ولن يؤمن أحد حتى يكون رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه‬
‫ً‬ ‫وسراجا‬
‫ً‬ ‫نبيا‪،‬‬
‫ورسوال ً‬
‫الرسول‬
‫آتاكم ﱠ ُ ُ‬
‫وما َ ُ ُ‬
‫وسلم‪ -‬أحب إليه من ماله وولده وأھله ونفسه والناس أجمعين ) َ َ‬
‫عنه َ َ ُ‬
‫فانتھوا( وذلك ھو الحب أيھا األحبة‪ .‬إن ھذا الحب العميق لرسول‬ ‫نھاكم َ ْ ُ‬
‫وما َ َ ُ ْ‬ ‫َ ُ ُ ُ‬
‫فخذوه َ َ‬
‫ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬مع شدته‪ ،‬ومع مفاداتھم له بالنفس والنفيس فإن عقائد‬
‫المسلمين استقامت بفضل ﷲ لم يتجاوزوا صفة النبوة‪ ،‬ولم ينسبوا إلى نبيھم ‪-‬صلى‬
‫ﷲ عليه وسلم‪ -‬صفة األلوھية‪ ،‬ولم يعبدوه من دون ﷲ‪ ،‬بل كان صوته يجلجل في‬
‫إنما َ َ‬
‫أنا‬ ‫ِّ‬
‫يذكر ببشريته ) ِ ﱠ َ‬ ‫عقولھم ويرددونه "أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد بمكة" القرآن‬
‫ميتون( فاالتباع‬
‫وإنھم ﱠ ِ ّ ُ َ‬
‫ميت َ ِ ﱠ ُ‬
‫إنك َ ِ ّ ٌ‬
‫ُكم( والقرآن يذكر أنه يصيبه ما يصيب البشر) ِ ﱠ َ‬
‫مثل ُ ْ‬
‫بشر ِ ّ ْ‬
‫َ َ ٌ‬
‫خير لو كانوا يعلمون‪ .‬صدقوا ﷲ حتى في أمنياتھم وھممھم‪ ،‬وھمم أھل الدين يجب أن‬
‫تكون أعلى وأسمى‪ .‬ھكذا كانت مطالب الصحابة ‪-‬رضوان ﷲ عليھم‪ -‬وأمانيھم اجتمعوا‬
‫يوما من األيام فقال قائلھم‪ :‬تمنوا‪ ،‬فقال رجل‪ :‬أتمنى لو أن لي مثل ھذه الدار مملوءة‬
‫ً‬
‫وزبرجدا‬
‫ً‬ ‫ذھبا أنفقه في سبيل ﷲ ‪-‬عز وجل‪ .-‬وقال آخر‪ :‬أتمنى لو أنھا مملوءة لؤلؤا‬
‫ً‬
‫وجوھرا أنفقه في سبيل ﷲ وأتصدق به‪ ،‬وأما علي ‪-‬رضي ﷲ عنه‪ -‬فيتمنى الضرب‬
‫ً‬
‫بالسيف‪ ،‬والصوم بالصيف‪ ،‬وإكرام الضيف‪ .‬وأما خالد فيتمنى ليلة شديدة البرد‪ ،‬كثيرة‬
‫يصبح منھا العدو ليجاھد في سبيل ﷲ‪ .‬وأما عمر ‪-‬رضي ﷲ عنه‪ -‬فيقول‪ :‬أتمنى‬
‫ِّ‬ ‫الجليد‬
‫لو أن ھذه الدار مملوءة برجال مثل ]أبي عبيدة[؛ أستعملھم في طاعة ﷲ‪ .‬رجال أمناء‬
‫كأمين األمة‪ ،‬يستعملھم في طاعة ﷲ‪ ،‬يا أيھا األحبة يتمنى عمر ھذه األمنية في أي‬
‫وقت‪ ،‬في وقت امتألت فيه الساحة اإلسالمية برجال عز نظيرھم‪ ،‬وقل مثيلھم‪ ،‬وجل‬
‫شبيھھم‪ .‬فما أعظم حاجتنا اليوم إلى مثل ھذه األمنية‪ ،‬وقد افتقرت البالد وأجدبت‪،‬‬
‫وعجزت النساء أن يلدن أمثال أولئك الرجال! كم ھي حاجة األمة ماسة إلى أمين كأبي‬
‫عبيدة بعد أن استشرت الخيانة‪ .‬كم ھي حاجتنا ماسة إلى رجل كأبي عبيدة يرفع لواء‬
‫الجھاد بعد أن استنوق الجمل‪ ،‬وعاثت في األرض الغربان‪ ،‬واستنسر في سماء األمة‬
‫بغاث الطير‪ .‬كم ھي حاجة األمة ألمين كأبي عبيدة في غيبة األمناء‪ ،‬حتى صارت األمة‬
‫أضيع من األيتام على مأدبة اللئام‪ ،‬تداعت علينا األمم‪ ،‬وتداعى األكلة على قصعتھا‪ ،‬ال‬
‫من قلة وﷲ‪ ،‬ولكن غثاء كغثاء السيل‪ ،‬أحببنا الدنيا‪ ،‬وكرھنا الموت‪ ،‬فكان ما كان‪ .‬كأني‬
‫وﷲ بقدوة من أولئك الصادقين يقول بلسان حاله وھو مرابط في قبره‪ :‬وا أسفاه‪ ،‬وا‬
‫أسفاه‪ ،‬أأنتم أحفادنا؟ أأنتم من قرأتم القرآن؟ أأنتم من درستم سيرة المختار؟ وا أسفاه‬
‫نقشتم وصايا المختار على الجدران واألحجار‪ ،‬وكان األحرى أن تنقشوھا على الجنان ‪،‬‬
‫وا أسفاه‪ ،‬أما قلت لكم‪ :‬أقيموا الصالة؟ فما بالكم تركتم الصالة‪ ،‬وغادرتم المساجد‬
‫لتعمروا المسارح والمالعب والمالھي‪ .‬وا أسفاه ‪ ،‬أما قلت لكم صوموا رمضان‪ ،‬وقوموه‬
‫واحتسابا ؟ فما بالكم تجعلونه شھر الطعام والفوازير والسھر على الحرام مع‬
‫ً‬ ‫إيمانا‬
‫درھما إلى‬
‫ً‬ ‫ضياع األوقات؟ وا أسفاه ألم أقل لكم تصدقوا؟ فما بالكم بخلتم فما تنفقون‬
‫على أقدام راقصة أو العب أو صاحب مزمار أو آلة دمار وعار‪ ،‬عار وأي عار! وا أسفاه ألم‬
‫جبتم أقطار الدنيا‪ ،‬وبيت ﷲ منكم على مرمى حجر‬
‫أقل لكم حجوا واعتمروا؟ فما بالكم ُ ْ ُ‬
‫يھجر‪ ،‬أأنتم بشر؟ وا أسفاه‪ ،‬تغرقون في أزقة الغرب ومواخيرھا‪ ،‬وال تعرفون الخندق وال‬
‫أحدا وال الحديبية‪ ،‬ال تعرفون المقام وال الحطيم وال زمزم وتعرفون أزقة باريس‬
‫ً‬ ‫بدرا وال‬
‫ً‬
‫وما أشبھھا‪ .‬ألم أقل لكم انصحوا والدين النصيحة؟ فما بالكم اتقنتم صفة النفاق‬
‫وتغشون‪ ،‬والمؤمنون نصحة‪ ،‬والمنافقون غششة‪ ،‬واأسفاه يا رجال الحق!‬
‫تغشون ُ َ ﱡ‬
‫َُ ﱡ‬
‫أرى؟‬‫أم ال َ َ‬
‫من أرى ْ‬
‫يا رجال الحق قد جل األسى *** أرجال ْ‬
‫حير‬
‫ألمر ﱠ‬
‫ٍ‬ ‫وتحيزنا‬
‫غفالتكم *** َ َ ﱠ ْ‬
‫ِ‬ ‫األمة ِفي‬
‫ُ‬ ‫ضاعت‬
‫سرى‬
‫خوافيكم َ َ‬
‫ِ ُ‬ ‫بين‬
‫والھوى َ َ‬
‫َ‬ ‫أحشائكم ***‬
‫ِ‬ ‫الجوى ينخر في‬
‫عدل عمرا‬
‫ٍ‬ ‫كل‬
‫نصر خالدا *** واسألوا عن ِ ّ‬
‫ٍ‬ ‫كل‬
‫اسألوا عن ِ ّ‬
‫السيل ﱡ‬
‫الذبا وانحدرا‬ ‫ُ‬ ‫غ‬
‫الجوى *** بل َ‬
‫َ‬ ‫طال‬
‫َ‬ ‫قد‬
‫رجال الحق ْ‬
‫َ‬ ‫يا‬
‫مفخرا‬
‫وتزھو َ َ َ‬ ‫تقتدي َ ً‬
‫فخرا َ ْ ُ‬ ‫والناس بكم *** َ‬
‫ُ‬ ‫أنتم القدوة‬
‫أحالمكم ربطَ ُ َ‬
‫العرى‬ ‫َ‬ ‫وحدوا أشتاتكم واتحدوا *** واربطُوا‬
‫ِّ ُ‬
‫من صبرا‬
‫سوى َ ْ‬
‫النصر ِ‬
‫َ‬ ‫الخطب فما *** يدرك‬
‫ُ‬ ‫ُم‬
‫واصبروا إن َعظ َ‬
‫نصره *** واشكروه ُيعطي من قد َ َ َ‬
‫شكرا‬ ‫يھبكم َ َ ُ‬
‫وانصروا ﷲ َ ْ ُ‬
‫صدقوا ما عاھدوا فكانوا قليال من الليل ما يھجعون‪ ،‬وباألسحار ھم يستغفرون‪ .‬إذا ذكر‬
‫ﷲ وجلت قلوبھم‪ ،‬وإذا تليت عليھم آياته زادتھم إيمانا‪ .‬أشداء على الكفار رحماء بينھم‪،‬‬
‫أذلة على المؤمنين‪ ،‬أعزة على الكافرين‪ .‬رضي ﷲ عنھم أجمعين‪ .‬أحبتي في ﷲ‪:‬‬
‫ھدى‬
‫الذين َ َ‬ ‫ھذه بعض الصفات للصادقين الغر الميامين نوجه الجميع للنظر فيھا ) ُ ْ َ ِ َ‬
‫أولئك ﱠ ِ َ‬
‫اقتده( واالقتداء المطلق كما تعلمون بنبي ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬‬ ‫ﷲ َِ ُ َ ُ ُ‬
‫فبھداھم ْ َ ِ ْ‬ ‫ُ‬
‫الذي ھو قدوتھم؛ ألنه ال ينطق عن الھوى إن ھو إال وحي يوحي‪ ،‬ثم يكون االقتداء‬
‫بالصالحين الصادقين في الجانب الذي تميز كل واحد فيه بما ينطبق مع أحكام الشرع‬
‫ومقاصده‪ ،‬وكل يؤخذ من قوله ويرد إال رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪.-‬‬

‫وأخيرا وبعد ھذه الجولة في رياضھم فإني أدعو الجميع من خالل ما سمعتم إلى أمور‬
‫وأسأل ﷲ –عز وجل‪ -‬أال نكون من الذين إذا نزلوا بقوم ما خرجوا من عندھم حتى‬
‫يدعون ﷲ –عز وجل‪ -‬أن يفرج عنھم‪ .‬اسمعوا إلى ھذه األمور‪ :‬ھذه أمور من خالل ما‬
‫ذكر أريد أن أنبه إليھا ولعلھا خالصة‪.‬‬

‫ِّ‬
‫تعظمه النية‪ ،‬ورب‬ ‫فرب صغير‬
‫ﱠ‬ ‫كثيرا‪ ،‬وأحسنوا النية؛‬
‫ً‬ ‫أوال‪ :‬ال تستقلوا قليال‪ ،‬وال تستكثروا‬
‫ً‬
‫حديثا ألھل‪ ،‬أو كالم لطفل‪،‬‬ ‫عظيم صغرته النية‪ .‬والقليل أولى من القعود‪ ،‬حتى لو كان‬
‫نصحا لرفيق في عمل‪ ،‬أو استماع كلمة أو‬
‫ً‬ ‫تبسما لجار‪ ،‬أو‬
‫ً‬ ‫مسحا لرأس يتيم‪ ،‬أو‬
‫ً‬ ‫أو‬
‫محاضرة أو قراءة قرآن‪ ،‬حتى لو كان ذلك في السيارة‪ .‬وداوم فأحب العمل أدومه وإن قل‬
‫يعمل‬
‫ومن َ ْ َ ْ‬
‫يره * َ َ‬
‫خيرا َ َ ُ‬
‫ذرة َ ْ ً‬
‫مثقال َ ﱠ ٍ‬ ‫وكل ذلك يكسب األجر ويلحق بالركب ) َ َ‬
‫فمن َ ْ َ ْ‬
‫يعمل ِ ْ َ َ‬
‫يره(‬ ‫ذرة َ ً ّ‬
‫شرا َ َ ُ‬ ‫مثقال َ ﱠ ٍ‬
‫ِْ َ َ‬

‫ثانيا‪ :‬إذا فرغت فانصب‪ ،‬إذا فرغت من طاعة فانصب في طاعة أخرى‪ ،‬ألحق العمل‬
‫ً‬
‫بالنصب‪ ،‬وال تغتر بالرأي؛ فالحكمة ضالة المؤمن‪ ،‬وھو أولى بھا‪ .‬ما ضرك‬
‫بالعمل‪ ،‬والتعب َ َ‬
‫كتابا لتقرأه وتلخصه‪ ،‬أو تستمع‬
‫ً‬ ‫أيھا المؤمن؟ بدال من صرف الوقت فيما ال ينفع أن تتناول‬
‫لمحاضرة‪ ،‬أو تطالع في سير الصحابة‪ ،‬وما أكثر األعمال! ‪ ،‬بل وﷲ أين األوقات‪ .‬زيارة‬
‫ً‬
‫تعرفا على تاجر يعين أنشطة‬ ‫نھيا عن منكر‪،‬‬
‫أمرا بمعروف‪ ،‬أو ً‬ ‫ً‬
‫صديقا‪ً ،‬‬ ‫تكسب فيھا‬
‫درسا للزوجة واألطفال ولو‬
‫ً‬ ‫الدعوة اإلسالمية بماله‪ ،‬بحثا عن شيخ يؤثر في مستمعيه‪،‬‬
‫وتذكرا لآلخرة‪ ،‬حضور الجنائز‪ ،‬كثرة السنن‪ ،‬قيام‬
‫ً‬ ‫ذكرا‬
‫ً‬ ‫بالقراءة من كتاب‪ ،‬زيارة للمقابر‪،‬‬
‫الليل‪ ،‬صيام التطوع‪ ،‬صدقة السر‪ ،‬كل ذلك يكون في غير توان وال بطالة؛ فإن التواني‬
‫والبطالة ‪-‬وﷲ‪ -‬ال يولدان إال الخزي والندامة على حد قول القائل‪:‬‬
‫غالمة‬
‫غالما مع ُ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫فأولدھا ُ ً‬ ‫بالتواني ***‬
‫ِ‬ ‫تزوجت البطالة‬
‫الندامة‬
‫سموھا ﱠ َ َ‬
‫البنت ّ ْ َ‬
‫ُ‬ ‫بفقر *** وأما‬
‫ٍ‬ ‫سموه‬
‫فأما االبن َ َ ْ ُ‬
‫ﱠ‬
‫إن تيار الحياة محدود‪ ،‬وفرصة العيش بھا قصيرة‪ ،‬فسددوا وقاربوا وال تجھدوا أنفسكم‬
‫فتملوا وتتركوا‪ ،‬ولكم كما قيل‪ :‬يمشي الھوينا ويجيء في األول‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬ال تستعجلوا؛ فإن االستعجال يقود إلى الفشل فتضطر إلى تكرار العمل‪ ،‬فلو‬
‫جمعت الوقت األول مع وقت اإلعادة لكان أطول من وقت واحد‪ .‬أقول ھذا لبعض‬
‫المتعجلين الذين يتھمون أھل األناة بالتباطؤ؛ ألنھم ھم يستعجلون‪ ،‬وليتھم يفلحون‬
‫لسانا يكفون‪ ،‬وفي‬
‫ً‬ ‫ظھرا يبقون‪ ،‬وال‬
‫ً‬ ‫أرضا يقطعون‪ ،‬وال‬
‫ً‬ ‫ويعملون‪ ،‬لكن ال حاجة يدركون وال‬
‫ذلك يستعجلون‬
‫إبطائنا سرع‬
‫َِ‬ ‫بطاء وفي‬
‫ٌ‬ ‫يحسبنا *** أنا‬
‫َُ‬ ‫القوم‬
‫ِ‬ ‫وبعض‬
‫ُ‬ ‫األناة‬
‫ُ‬ ‫منا‬

‫ً‬
‫فارغا ليس في عمل دنيا وال آخرة‪،‬‬ ‫رابعا‪ :‬إياكم والفراغ؛ فإن من مقت اإلنسان أن يكون‬
‫والوقت ھو الحياة‪ ،‬فال يضيع‪ ،‬وما ھذا المخيم إال مساھمة في استغالل الوقت‬
‫وثوان‬
‫ِ‬ ‫دقائق‬
‫ٌ‬ ‫الحياة‬
‫َ‬ ‫إن‬
‫دقات قلب المرء قائلة له *** ﱠ‬

‫خامسا‪ :‬إذا فتح ألحدكم باب خير فليسرع إليه؛ فإنه ال يدري متى يغلق عنه ذلك الباب‬
‫ً‬
‫إذا ھبت رياحك فاغتنمھا *** فإن لكل خافقة سكون‬

‫سادسا‪ :‬إن حياة بعض األخيار ال تخلو من ذنوب تضخم أحيانا لحاجة في نفس‪ ،‬ولكني‬
‫ً‬
‫أخيارا‪ .‬إن التوبة تعدل ذلك كله وال ضير‪،‬‬
‫ً‬ ‫أقول لألخيار‪ :‬ووﷲ ما أظن من حضر إال‬
‫فصاحب التوبة بكل حال في خير‪ ،‬وكل منصف يعلم أن الكثير من أبناء األمة غثاء غفالت‬
‫وشھوات شطط وفساد وعدوان وعداوات‪ ،‬فيھم كل منخنقة وموقودة ومتردية ونطيحة‬
‫لوثه الربا‪ ،‬وأذھله الخمر‪ ،‬واألخيار ‪-‬وما أنتم إال جزء من‬
‫وما أكل السبع‪ ،‬فيھم من ﱠ‬
‫أحدا؛‬
‫ً‬ ‫ِّ‬
‫نزكي‬ ‫أحدا‪ ،‬وال‬
‫ً‬ ‫ننزه‬
‫األخيار‪ -‬رغم كل شيء ھم أھل المناقب والصدق والعفة‪ ،‬وال ِّ‬
‫فكلنا ذوو خطأ‪ .‬من لم يلحظ ھذا فھو عن ميزان العدل ناكب‪ ،‬يليق بكم –يا أيھا األخيار‪-‬‬
‫أن تثقوا بأنفسكم أنكم أمثل من على الساحة‪ ،‬وأنكم أھل لإلصالح‪ ،‬وأھل لألمر‬
‫بالمعروف والنھي عن المنكر‪ ،‬أھل ألن تأخذوا الزمام‪ ،‬فال تلتفتوا إلى وسوسة شيطان‬
‫مخذل‪ ،‬ولكن اعملوا ومن أخطأ فليتب‪ .‬ووﷲ‪ ،‬ثم وﷲ‪ ،‬ثم وﷲ‬
‫ِّ‬ ‫أو أكاذيب مال‪ ،‬أو تخذيل‬
‫أحجم‪ ،‬وإذا أعربتم أعجم‪ ،‬ألحقوا العمل‬
‫ال يسعكم القعود‪ ،‬ابرؤوا ممن إذا أقدمتم ْ َ‬
‫بالعمل؛ فالعمل يدفع إلى العمل‪ ،‬والحسنة تقود إلى الحسنة‪ ،‬والحركة ِ ّ‬
‫تولد الحركة‪،‬‬
‫والطاعة تجلب الطاعة‪ ،‬وليكن لسان حال الواحد منا‪:‬‬
‫َ ِ‬
‫العيلم‬ ‫العواصف ِفي‬ ‫تتيه *** ِ َ ْ‬
‫بھوجِ َ َ ِ ِ‬ ‫أن َ ِ َ‬‫أمتي ْ‬‫على ﱠ ِ‬ ‫أغار َ َ‬
‫ُ‬
‫لغة َ َ ِ‬
‫األبكم‬ ‫ُ‬ ‫وتطربھا‬
‫ُ‬ ‫صماء َ ْ ُ َ ً‬
‫مضرورة ***‬ ‫وتقعد َ ﱠ َ‬
‫ْ ُ ُ‬
‫األقدم‬
‫َ ِ‬ ‫والواجب‬
‫ِ‬ ‫الفرض‬‫األمور *** عن َ‬
‫ِ‬ ‫سفسفات◌‬
‫َ ِ ُ‬ ‫وتشغل َُھا َ ْ‬
‫َ ْ َ‬
‫وتصبح ِفي َ ْ َ ِ‬
‫مأتم‬ ‫وتمسي ُ ْ ِ ُ‬
‫ِ‬ ‫ﱡ َ‬
‫بالضحى *** ُ‬ ‫وتدفن َ َ َ‬
‫آمالھا‬ ‫ْ ِ َ‬
‫تفصم‬ ‫والحقِ َ ْ‬
‫لم ُ ْ َ ِ‬ ‫َ ّ‬ ‫الدين‬
‫من ِّ ِ‬ ‫ً‬
‫عروة *** ِ َ‬ ‫أبناءھا‬
‫تناشد ْ َ َ َ‬
‫ِ ُ‬ ‫ُ‬
‫مرھم‬
‫من َ ْ َ ِ‬
‫الدين ِ ْ‬
‫سوى ِّ ِ‬ ‫وليس ِ َ‬ ‫مرھما *** َ َ ْ َ‬
‫لعالتھا َ ْ َ ً‬
‫وترجو ِ ِ ِ‬
‫َْ ُ‬
‫المأزم‬
‫ومثلك في َ َ ِ‬
‫لمثلي ِ ْ ِ َ‬
‫فاأللى ُقدوة *** ِ ِ ْ ِ‬‫ُ‬ ‫تلن‬
‫أخي ال َ ِ ْ‬‫ِ‬
‫ذرا ْ ُ ِ‬
‫األنجم‬ ‫وسمعتھم ِفي ُ َ‬
‫الرجال *** ُ ْ َ ُ ُ‬
‫ِ‬ ‫باعتبار ِّ‬
‫ِ‬ ‫لھم قدرھم‬
‫تحجم‬
‫تتھيب َوال َ ْ َ ِ‬
‫الشجاع *** وال َ ﱠ ْ‬
‫ﱡ َ ُ‬ ‫فأنت َ ِ ﱡ‬
‫األبي‬ ‫تقدم َ ْ َ‬
‫َ ﱠ ْ‬
‫ومنھاج قرآنك ُ ْ َ ِ‬
‫المحكم‬ ‫ُ‬ ‫الرسول َ ِ ِ‬
‫الكريم ***‬ ‫بھدي ﱠ ُ ِ‬ ‫َْ َ‬
‫عليك ِ َ ْ‬
‫المعصم‬
‫القيد ِفي ِ ْ ِ ِ‬
‫ُ‬ ‫أثر‬ ‫العزيز َ ِ ُ‬
‫الكريم *** ولو ﱠ َ‬ ‫تحرك َ َ ْ َ‬
‫فأنت َ ِ ُ‬ ‫ﱠ ْ‬
‫تتشاءم وال َ ْ َ ِ‬
‫تسأم‬ ‫َ ْ‬ ‫تتنازل وال َ ْ َ ِ ْ‬
‫تنحرف *** وال‬ ‫فال َ َ َ َ ْ‬
‫بالدرھم‬
‫ِّ ْ َ ِ‬ ‫السعادة‬
‫ﱠ َ َ َ‬ ‫يقيس‬
‫ُ‬ ‫تافه *** َ ِ‬
‫ٍ‬ ‫معشر‬
‫ٍ‬ ‫من‬
‫تك ِ ْ‬
‫وال ُ‬
‫سوى مشرب وسوى مطعم‬
‫غاية *** ِ َ‬
‫ٌ‬ ‫له‬
‫وليس ُ‬
‫َ‬ ‫يعيش‬
‫ُ‬

‫سابعا‪ :‬ليكن لكل واحد منا خبيئة من عمل ال يعلم بھا إال عالم الغيوب؛ فلعلھا الباقية‬
‫ً‬
‫النافعة‪.‬‬

‫أخيرا‪ :‬عليكم بمدارسة القرآن‪ ،‬ومدارسة السنة‪ ،‬ومدارسة السيرة‪ ،‬واقتدوا بجيل‬
‫الصحابة‪ ،‬واتقوا ﷲ وكونوا مع الصادقين‪ ،‬ما أقوله للرجال أقوله للنساء‪ ،‬ما يقال لھم‬
‫يقال لھن‪ ،‬وال أريد أن أزيد على ذلك وقد أطلت‪.‬‬

‫أسأل ﷲ بأسمائه الحسنى‪ ،‬وصفاته العال‪ ،‬أن يجمعنا وإياكم بالنبيين والصديقين‬
‫والشھداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا‪ .‬اللھم يا ذا العزة التي ال ترام‪ ،‬والملك الذي ال‬
‫يضام‪ ،‬يا من ال يھزم جنده‪ ،‬وال يغلب أولياؤه‪ ،‬أنت حسبنا‪ ،‬ومن كنت حسبه فقد كفيته‪،‬‬
‫حسبنا ﷲ ونعم الوكيل‪ .‬حسبنا ﷲ ونعم الوكيل حسبنا ﷲ ونعم الوكيل اللھم كن‬
‫للمسلمين وال تكن عليھم‪ ،‬اللھم كن للمسلمين وال تكن عليھم اللھم كن للمسلمين‬
‫وال تكن عليھم وامكر لھم وال تمكر بھم‪ ،‬وامكر لھم وال تمكر بھم وامكر لھم وال تمكر‬
‫بھم وانصرھم على من بغى عليھم‪ ،‬وانصرھم على من بغى عليھم وانصرھم على من‬
‫فك‬
‫بغى عليھم وانصرھم على من بغى عليھم وانصرھم على من بغى عليھم اللھم ﱠ‬
‫قوّ شوكتھم‪ ،‬واجعل الدائرة على‬
‫فك أسرھم اللھم ِ‬
‫فك أسرھم اللھم ﱠ‬
‫أسرھم‪ ،‬اللھم ﱠ‬
‫عدوھم‪ .‬يا حي يا قيوم‪ ،‬يا ذا الجالل واإلكرام‪ .‬وآخر دعوانا أن الحمد له رب العالمين‪.‬‬
‫وسبحانك اللھم وبحمدك‪ ،‬أشھد أن ال إله إال أنت‪ ،‬أستغفرك وأتوب إليك‪.‬‬

‫فضيلة الشيخ ‪ /‬علي عبد الخالق القرني‬


‫صراع الدعاة مع المنافقين‬

‫يقول الحق تبارك وتعالى )إن الذين يؤذون ﷲ ورسوله لعنھم ﷲ في الدنيا واآلخرة وأعد‬
‫لھم عذاباً مھيناً والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بھتاناً‬
‫وإثماً مبيناً( ھا ھو صلى ﷲ عليه وسلم يقارب األربعين من عمره ذاھب إلى الغار ما‬
‫يمر بشجر وال حجر إال سلم عليه صلى ﷲ عليه وسلم ويأتيه جبريل بالوحي فيعود‬
‫فزعاً خائفاً إلى زوجه خديجة رضي ﷲ عنھا وأرضاھا يقول زملوني زملوني فزملوه حتى‬
‫ذھب عنه الروع وأخبر خديجة باألمر وقال قد خشيت وﷲ على نفسي قالت كال وﷲ‬
‫ال يخزيك ﷲ أبداً إني ألرجو أن تكون نبي ھذه األمة ذھبت به إلى ابن عمھا ]ورقة بن‬
‫نوفل[ وقد قرأ الكتب السابقة فأخبرته الخبر فقال ھذا ھو الناموس الذي أنزل على‬
‫موسى يا ليتني فيھا جزع أكب فيھا وأضع إذ يخرجك قومك قال َ َ ُ ِ ِ ﱠ‬
‫أومخرجي ھم قال نعم‬
‫ما أتى أحد بمثل ما جئت به إال عودي وأوذي واآلن‬
‫أرى خلل الرماد وميض جمر *** وأخشى أن يكون لھا ضرام‬
‫أقول ھذا في وقت ال نزال نسمع عن كثير ممن قل حظھم من مراقبة ﷲ وخشيته‬
‫والخوف منه ونسوا حظاً مما ذكروا به ال تحلوا لھم مجالسھم وال يقربون في حديثھم‬
‫وال ينبسطون في جلساتھم حتى يتناولوا أعراض عباد ﷲ القائمين بأمر ﷲ من علماء‬
‫األمة ودعاة الملة ورجال األمر بالمعروف والنھي عن المنكر من الذين جردوا سواعدھم‬
‫لرفع راية األمر بالمعروف والنھي عن المنكر والذين بذلوا أوقاتھم وأنفسھم ‪ 9‬عز وجل‬
‫في وقت خرست فيه األلسن قالوا وقد سكت الناس ونطقوا وقد خرست األلسن‬
‫وجاھدوا في وقت ركن فيه كثير من الناس إلى الدعة والسكون وأخلدوا إلى الحياة‬
‫الدنيا وملذاتھا وتسابقوا إلى الوظائف والمناصب ومع ذلك فقد قام ھؤالء المخلصون بأمر‬
‫ﷲ ال يبتغون إال رفعة وإعالء كلمة ﷲ ودحر الباطل وأھله من أعداء ﷲ تجد ھؤالء‬
‫الفسقة بل كثير منھم يسارع إلى تناول أعراض الدعاة وتتبع عوراتھم والتلذذ بالحديث‬
‫عنھم في المجالس يلمز ھذا ويتكلم في عرض ھذا ويردد ما أشيع عن ھذا لم تتورع‬
‫ألسنة بعض ھؤالء من اختالق األكاذيب وإلصاق التھم بھم وترديد بعض األباطيل التي‬
‫تلصق بھم والتي ھي وﷲ من اختالق أعداء اإلسالم وخصومه الذين تتقطع قلوبھم‬
‫غيظاً وھم يرون راية الدعوة إلى ﷲ ترفع في ھذه البالد ألن ھؤالء المحتسبين من‬
‫يقضون مضاجعھم ويفسدون عليھم ملذاتھم وسكرھم وعربدتھم‬ ‫الدعاة والعلماء ُ ِ ﱡ‬
‫وفجورھم ودعوتھم إلى منكرھم ولھذا فإن كثيراً من ھؤالء يلفق التھم واألكاذيب‬
‫ليرميھم بھا فيتلقفھا خفاف األحالم والسذج من الناس ويطيرون بھا فرحاً يبلغون بھا‬
‫األفاق‬
‫أقلوا عليھم ال أباً ال أبيكم من اللوم *** أو سدوا المكان الذي سدوا‬
‫لكن ال ضير وال ريب ھذه ھي سمة الدعوة إلى ﷲ عز وجل أوذي صلى ﷲ عليه‬
‫وسلم قيل عنه بأنه ساحر وقيل عنه بأنه كاھن و قيل عنه بأنه مجنون و رمي في‬
‫عرضه صلى ﷲ عليه وسلم ورغم ذلك أتم ﷲ النور وأكمل الدين رغم أنف الكفار‬
‫والمشركين والمنافقين خرجت ھذه الفئة خرجت فئة المنافقين يوم عز اإلسالم تدعي‬
‫اإلسالم وھي منه براء تريد ضرب اإلسالم ودعاته فاتخذت النفاق طريقاً وياله من طريق‬
‫موحش مظلم مبتور إنه مرض عضال ومقت ووبال من تلبس به فقد أغضب ﷲ الواحد‬
‫القھار واسكن نفسه الدرك األسفل من النار ال إله إال ﷲ ماذا فعل المنافقون‬
‫والمغرضون والحاقدون باإلسالم ودعاته في الماضي واآلن ال إله إال ﷲ كم كادوا لرسول‬
‫األنام عليه الصالة والسالم ھم في كل عصر يعيشون يعشعشون ويبيضون ويفرخون‬
‫ھمھم إطفاء كل نور يدعي له المسلمون تھاونوا بنظر ﷲ تعالى وعملوا من المنكر‬
‫أعماال ً في المنكرات والصد عن سبيل ﷲ ينشطون وعن الصالحات والدعوة في سبيل‬
‫ﷲ يتباعدون )في قلوبھم مرض فزادھم ﷲ مرضا ولھم عذاب أليم بما كانوا يكذبون‬
‫يراءون الناس وال يذكرون ﷲ إال قليالً) يستھزئون بأھل االستقامة والصالح ومن دعوتھم‬
‫إلى ﷲ يضحكون وإذا مروا بھم يتغامزون فا‪ 9‬يستھزئ بھم ويمدھم في طغيانھم‬
‫يعمھون ما يريدون أن يتكلم داعية ما يريدون أن يأمر بمعروف وال ينھى بناھية ال يريدون‬
‫علماً وال دعوة وال أن تقام ولو محاضرة ال إله إال ﷲ ما أخذت و أندل حالھم إن سألتھم‬
‫يدعون‬
‫عن آيات ﷲ البيانات ما عرفوا إال المغنين والممثلين والراقصات أحيائھم وأمواتھم ّ‬
‫اإليمان وما ھم بمؤمنين ھم في كل عصر ھم في كل عصر يعيشون يرمون بالتھم‬
‫يرمون باألكاذيب دعاة اإلسالم رموا نبي ﷲ موسى قبل نبينا عليھم الصالة والسالم‬
‫بالزنا فبرأه ﷲ مما قالوا وكان عند ﷲ وجيھاً ورموا رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم في‬
‫عرضه وھم أصحاب اإلفك في عھد المصطفى صلى ﷲ عليه وسلم وھم ھم في كل‬
‫زمان ومكان بھذا الدور يقومون وإلى أن يرث ﷲ األرض ومن عليھا سيوجدون فقاتلھم‬
‫ﷲ أنى يؤفكون لنقف قليال ً مع حديث اإلفك لنأخذ منه الدروس والعبر إن في ذلك‬
‫لذكرى لمن له قلب فاسمعوا لعائشة المبرئة من فوق سبع سماوات رضى ﷲ عنھا‬
‫وأرضاھا صاحبة المعاناة في حديث اإلفك يوم تقول ‪:‬رجع رسول ﷲ صلى ﷲ عليه‬
‫وسلم من غزوة بني المصطلق ولما دنونا من المدينة نزلنا منزال ً فبتنا فيه بعض الليل‬
‫ثم أذن مؤذن رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم بالرحيل قالت فقمت فمشيت حتى‬
‫انسل من‬
‫َ ﱠ‬ ‫جاوزت الجيش ألقضي حاجتي وفى عنقي عقد لي فلما قضيت شأني‬
‫عنقي وال أدري ثم أقبلت إلى رحلي وتلمست صدري فلم أجد العقد وقد أخذ الناس‬
‫في الرحيل قالت فرجعت أتلمس عقدي فحبسني طلبه وأقبل الرھط الذين كانوا‬
‫يرحلون بي فاحتملوا ھودجي فرحلوه على بعيري الذي كنت أركب عليه و ھم‬
‫يحسبون أني فيه وكان النساء إذ ذاك خفافاً فلم يستنكروا خفة الھودج قالت فوجدت‬
‫عقدي بعد ما استمر الجيش جئت منازلھم فإذا ھي بلقع ليس بھا داعٍ وال مجيب‬
‫جلست في مكاني متلففة بحجابي أسبح ﷲ واستغفر ﷲ قالت فأخذني النوم وإذا‬
‫برجل من أھل بدر من الذين اطلع عليھم فقال )اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم( ھو‬
‫]صفوان بن المعطل[ رضى ﷲ عنه ھذا المجاھد الذي يقول عن نفسه بعد أن رمي‬
‫بالفاحشة والذي نفسي بيدي ما كشفت خمار أنثي ال تحل لي في جاھلية وال إسالم‬
‫أتى إلى مكان عائشة فرآھا وعرف أنھا زوج المصطفى صلى ﷲ عليه وسلم ألنه‬
‫علي‬
‫ّ‬ ‫يعرفھا قبل الحجاب قالت عائشة والذي نفسي بيده ما كلمني كلمة وال سلم‬
‫حتى السالم وإنما سمعته يقول إنا ‪ 9‬وإنا إليه راجعون زوج المصطفى صلى ﷲ عليه‬
‫وسلم ثم أناخ بعيره فقمت وركبت بعيره فأخذ زمام البعير يمشى به وال يلتفت وال‬
‫يتكلم وإنما تقول عائشة كنت أسمعه يسبح ﷲ وأتى بھا في الظھيرة وھي على‬
‫بعيره فأما الذين في قلوبھم إيمان فاطمأنوا إلى موعود ﷲ وھم في كل زمان يطمئنون‬
‫لذلك وأما الذين في قلوبھم زغل وحقد وغشش على اإلسالم وعلى رسول اإلسالم‬
‫وعلى دعاة اإلسالم فأخذوھا فرصة ال تتعوض قام كبيرھم الذي علمھم الخبث ]ابن‬
‫أبي[ قام بين المنافقين يقول لھم لماذا تأخرت لماذا أتت مع ھذا األجنبي لما ركبت‬
‫على بعيره لما تركھا رسول الھدى صلى ﷲ عليه وسلم ورسول ﷲ صلى ﷲ عليه‬
‫وسلم لم يسمع بھذا الكالم ھو واثق من زوجه أنھا أطھر من حمام الحرم وأنقى من‬
‫ماء الغمام قريشية من قرشيات‬
‫حور حرائر ما ھممن بريبة *** كظباء مكة صيدھن حرام‬
‫متحجبات في الخدور أوانس *** ويصدھن عن الخنى اإلسالم‬
‫انطلق الجيش إلى المدينة وال زال المنافقون يشھرون ويلصقون ھذه التھمة برسول ﷲ‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم وبفراشه الطاھر فلما وصل صلى ﷲ عليه وسلم إلى المدينة‬
‫سمع الخبر وأتاه النبأ العظيم ضرب في صميم قلبه ضرب في قواعد دعوته ضرب في‬
‫صميم رسالته الخالدة أصيب في شرفه وفى بيته ومروءته فلما أتاه الخبر عن طريق‬
‫رجل من المسلمين أتاه وقال يا رسول ﷲ إن المنافقين يقولون كذا وكذا فدمعت عيناه‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم وقال )فصبر جميل وﷲ المستعان على ما تصفون( تحمل صلى‬
‫ﷲ عليه وسلم ھذه اللطمة التي لم يصب بمثلھا ذھب إلى بيته وسلم على زوجه‬
‫تدر أنھا متھمة وأن المنافقين قد‬
‫وھي مريضة في فراشھا بعد السفر أصابتھا حمة ولم ِ‬
‫ألصقوا بھا أعظم فرية ھي مريضة على الفراش سلم عليھا صلى ﷲ عليه وسلم‬
‫قالت عائشة ولم أرى منه ذاك الحنان و العطف الذي كنت أراه منه كلما مرضت قالت‬
‫فاستأذنته ألمرض في بيت أبي في بيت خليفة اإلسالم في بيت المجاھد األول في‬
‫بيت الرجل األول بعد رسول الھدي صلى ﷲ عليه وسلم فأذن لھا صلى ﷲ عليه‬
‫وسلم قالت فأخذني النساء إلى بيت أبي وإذا بأبيھا اآلخر يعلم بالنبأ وينزل عليه‬
‫كالصاعقة ويأتيه الخبر فيصاب ويبكي ويقول )فصبرا جميل وﷲ المستعان على ما‬
‫تصفون( ويأتي الخبر أمھا فتصاب في قلبھا وتنتشر الفرية في >المدينة< وتسري‬
‫سريان النار في الھشيم ويشارك كثير من الصحابة رسول ﷲ في ھذا المصاب فيحزنوا‬
‫لحزنه ويتأثروا لتأثره‬
‫ألن أولى الموالى من تواليه *** عند السرور كما والك في الحزن‬
‫إن الكرام إذا ما أيسروا ذكروا *** من كان يألفھم في الموطن الخشن‬
‫قالت عائشة ولم أعلم الخبر ولم أدر ما السر قالت فلما شفيت من مرضي خرجت مع‬
‫نساء في ضاحية من ضواحي المدينة وكان معنا امرأة اسمھا ]أم مسطح[ صالحة من‬
‫الصالحات وولدھا صالح من الصالحين من أھل بدر لكنه وقع في ھذه الريبة ونشر الخبر‬
‫وساعد في نشر التھمة كما يفعل بعض الناس اآلن فلما أصبحنا في الصحراء عثرت‬
‫ھذه المرأة الصالحة فقالت تعس ]مسطح[ والعرب تدعو على عدوھا بالتعاسة إذا‬
‫أصيبت قالت عائشة فقلت لھا كيف تدعين على ابنك وھو من الصالحين من أھل بدر‬
‫قالت إنك ما علمت ماذا قال وماذا فعل قالت عائشة وماذا قال قالت اتھمك ھو وأمثاله‬
‫في عرضك وقالوا إنك ارتكبت الفاحشة مع صفوان ال إله إال ﷲ قالت عائشة فسقطت‬
‫علي من البكاء رفعھا النساء إلى فراشھا في بيت أبيھا وأما‬
‫ّ‬ ‫على وجھي مغشياً‬
‫رسول ﷲ فبقي شھراً كامال ً ال ينزل عليه الوحي يتلمس متى يسمع النداء العلوي‬
‫ليشفي غليله في ھذه المشكلة ما عنده دالئل وما عنده براھين ال يعلم الغيب‬
‫اضطربت عنده األمور صلى ﷲ عليه وسلم يثق في زوجه لكنه بشر دخل صلى ﷲ‬
‫عليه وسلم يستشير بعض أقاربه استشار علي رضي ﷲ عنه قاضى قضاة الدنيا وھو‬
‫منه بمنزلة ھارون من موسى فقال علي يا رسول ﷲ لم يضيق ﷲ عليك والنساء‬
‫سواھا كثير وسلھا تصدقك فو ﷲ ما عھدناھا كاذبة‬
‫قد قيل ما قيل إن صدقاً وإن كذباً *** فما اعتذارك من قول إذا قيل‬
‫ذھب صلى ﷲ عليه وسلم بعده إلى ]أسامة[ إلى حبه وإلى ابن حبه إلى المولى‬
‫الذي رفعه اإلسالم فيعرض النبي صلى ﷲ عليه وسلم األمر وعمر أسامة أربعة عشر‬
‫سنة فيقول أسامة وھو يعرف من ھي عائشة رضي ﷲ عنھا يقول يا رسول ﷲ أھلك‬
‫أھلك وﷲ ما نعلم عنھم إال خيراً وﷲ إنھا صوامة قوامة بارة رشيدة فاسأل جاريتھا يا‬
‫رسول ﷲ فيذھب صلى ﷲ عليه وسلم إلى الجارية التي معھا في البيت واسمھا‬
‫]بريرة[ فتقول وﷲ يا رسول ﷲ ما علمت عن عائشة إال خيراً أحمي سمعي وبصري‬
‫إنھا صوامة قوامة والذي بعثك بالحق ما رأيت عليھا أمراً أعيبه أكثر من أنھا جارية حديثة‬
‫السن تنام عن عجين أھلھا فتأتي الداجن فتأكله والداجن ھي الشاة التي تربى في‬
‫البيت قام صلى ﷲ عليه وسلم على المنبر وشكى إلى الناس ما لقيه من المنافقين‬
‫في عرضه ما لقيه من اتھامات جريئة في دعوته شكي من ]عبد ﷲ ابن أبي[ رأس‬
‫الضاللة وعمود الجھالة المريد التدمير لھذا الدين فكان مما قاله صلى ﷲ عليه وسلم‬
‫"ما بال رجال يؤذونني في أھلي ويقولون عليھم غير الحق وﷲ ما علمت منھم إال خيراً‬
‫"فقام األوس والخزرج فكادوا يقتتلون على اختالف بينھم في المسجد دفاعا ً عن‬
‫الرسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ھدأ صلى ﷲ عليه وسلم األوضاع وعاد إلى عائشة‬
‫في بيت أبيھا ليجلس معھا مجلس التحقيق والمحاكمة إما أن تعترف وتتوب إلى ﷲ‬
‫وإما أن تتبرأ من ھذا وإما أن يعلن ﷲ توبتھا من فوق سبع سماوات جلس صلى ﷲ‬
‫عليه وسلم قالت عائشة وما جلس بعدھا إال ذاك المجلس وجاء الفرج من مفرج‬
‫الكروب ومنفث الھموم قالت ومعي أبي وأمي ونساء يبكين معي يشاركنني مصيبتي‬
‫فالبد من شكوى إلى ذي قرابة *** يواسيك أو يسليك أو يتوجعوا‬
‫قالت فجلس صلى ﷲ عليه وسلم ثم شھد أن ال إله إال ﷲ ثم حمد ﷲ الذي بنوره‬
‫تقوم السماوات واألرض ثم قال يا عائشة إن كنت بريئة فسيبرئك ﷲ وإن كنت ألممتي‬
‫بذنب فاستغفري ﷲ وتوبي إليه فإن العبد إذا أعترف ثم تاب تاب ﷲ عليه تلعثمت من‬
‫البكاء ال تستطيع الكالم تقول ألبيھا أجب عني رسول ﷲ فيما قال فيبكي أبو بكر ويقول‬
‫وﷲ ما أدري ما أقول لرسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم وماذا يقول أبو بكر في اتھام‬
‫كھذا ماذا يقول في فرية المغرضين من أعداء اإلسالم قالت فقلت ألمي أجيبي عني‬
‫رسول ﷲ فتبكي أمھا وتقول وﷲ ما أدري ما أقول لرسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‬
‫قالت فاستجمعت قواي وجف الدمع من عيني وقلت إني وﷲ قد علمت لقد سمعتم‬
‫ھذا الحديث حتى استقر في نفوسكم وصدقتم به فألن قلت لكم إني بريئة ال‬
‫تصدقوني وألن اعترفت لكم بأمر لم أعمله لتصدقنني فوﷲ ال أجد لي ولكم مثال ً إال ]أبا‬
‫يوسف[ حين قال )فصبر جميل وﷲ المستعان على ما تصفون( قالت فاندفع أبي وأمي‬
‫باكيين أما رسول ﷲ فلم يتحرك مھموماً به من الھم ما به قالت فوﷲ ما غادر مكانه‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم حتى أتاه الوحي وكان إذا أتاه الوحي من السماء ثقل جسمه‬
‫فاضطجع على فراشه وأخذ عرقه يتصبب من جبينه الطاھر فعرفنا أنه الوحي قالت‬
‫فوﷲ ما فزعت أما أبي فكادت نفسه أن تخرج خوفاً أن يأتي من ﷲ تحقيق ما قال‬
‫الناس تحدر العرق بعد ما استفاق صلى ﷲ عليه وسلم كالجمان من على وجه فجعل‬
‫يمسح العرق وھو يبتسم ويقول يا عائشة ابشري إن ﷲ قد برأك من فوق سبع‬
‫سماوات براءة من ﷲ ولطف من ﷲ ورحمة من ﷲ يوم أن توصد األبواب فال يوجد إال‬
‫باب ﷲ يوم أن تسدل الحجب فال يأتي إال عطف ﷲ وحنان ﷲ‬
‫فلرب نازلة يضيق بھا الفتي *** ذرعا وعند ﷲ منھا المخرج‬
‫ضاقت فلما استحكمت حلقاتھا *** فرجت وكنت أظنھا ال تفرج‬
‫تھلل وجھھا رضى ﷲ عنھا قال لھا أبوھا أبو بكر رضي ﷲ عنه يا عائشة قومي إلى‬
‫رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم فسلمي عليه واحمديه قالت ال وﷲ ال أقوم وال أحمده‬
‫وال أحمدك وال أحمد أمي وإنما أحمد الذي أنزل براءتي من فوق سبع سماوات لقد‬
‫سمعتموه فما أنكرتموه وال غيرتموه يدخل صلى ﷲ عليه وسلم بعدھا المسجد منتصراً‬
‫على أعداء الرسالة الذين ألصقوا به التھمة في عرضه وشرفه يجمع الناس ويقف على‬
‫المنبر يتلو آيات ﷲ البينات تنزل من على المنبر كأنھا القذائف يسمعھا المؤمن‬
‫والمنافق والذكر واألنثى وتقرؤھا األمة إلى قيام الساعة ألن التھمة كانت فيه صلى ﷲ‬
‫عليه وسلم وقبله وھي متصلة إلى قيام الساعة والواقع يشھد بذلك اسمعوا إلى‬
‫اآليات التي نزلت قال تعالى )إن الذين جاءوا باإلفك عصبة منكم ال تحسبوه شراً لكم بل‬
‫ھو خير لكم لكل امرئ منھم ما اكتسب من اإلثم والذي تولى كبره منھم له عذاب‬
‫عظيم لوال إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسھم خيراً وقالوا ھذا إفك مبين(‬
‫إلى أن قال تعالى )ولوال فضل ﷲ عليكم ورحمته لمسكم فيما أفضتم فيه عذاب أليم إذ‬
‫تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواھكم ما ليس لكم به علم(‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم بل تتجدد يوماً بعد يوم في صور ومخططات رھيبة مفزعة لكن‬
‫العاقبة مع ذلك للمتقين واإلسالم منتصر في كل مكان )فأما الزبد فيذھب جفاء وأما ما‬
‫ينفع الناس فيمكث في األرض( أال فليخسأ الذين يريدون ھدم ھذا الدين من الذين‬
‫يلصقون التھم بدعاته وعلمائه العاملين ‪.‬وإن نجحوا فالنجاح مؤقت والعاقبة للمتقين‬
‫نسأل الذي بيده مقاليد األمور أن يفضح من أراد علماء اإلسالم من اليھود والمنافقين‬
‫وأذنابھم على رؤوس األشھاد اللھم افضحھم على رؤوس األشھاد اللھم افضحھم على‬
‫رؤوس األشھاد اللھم أرنا فيھم عجائب قدرتك اللھم أرنا فيھم عجائب قدرتك اللھم‬
‫عليك بھم فإنھم ال يعجزونك اللھم أرنا فيھم يوماً أسوداً تقر به أعين الموحدين اآلمرين‬
‫والناھين اللھم احفظ علماء األمة بحفظك اللھم احفظ علماء األمة بحفظك اللھم احفظ‬
‫علماء األمة بحفظك واكألھم برعايتك وسدد رميھم واجعل كلماتھم فوارق على كل من‬
‫أراد بھم الخذالن وافضح أعداءھم على رؤوس األشھاد اللھم واھدنا إلى الحق بإذنك‬
‫إنك تھدي من تشاء إلى صراط مستقيم أقول ما تسمعون واستغفر ﷲ فاستغفروه إنه‬
‫ھو الغفور الرحيم‪.‬‬
‫الحمد ‪ 9‬رب العالمين والصالة والسالم على رسول ﷲ وعلى آله وصحبه ومن وااله‬
‫أما بعد قال ﷲ عز وجل )أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتيكم مثل الذين خلوا من‬
‫قبلكم مستھم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر‬
‫ﷲ أال إن نصر ﷲ قريب( عباد ﷲ في حادثة اإلفك دروس وعبر أيما عبر ذاك )لمن كان‬
‫له قلب أو ألقى السمع وھو شھيد( من ھذه الدروس أن طريق الدعوة والجھاد طريق‬
‫محفوف بالمكارة كله عراقيل كله عقبات وقد القي الدعاة في سبيل ﷲ في ھذا‬
‫الطريق مكارة عظيمة فما صدتھم وما رضتھم عن دعوتھم ھا ھو صلى ﷲ عليه وسلم‬
‫يخرج من >مكة< من بين األھل والجيران واألخوة والخالن حصيرا حزيناً كئيباً طريدا في‬
‫تلك الفيافي والقفار ما معه من مظلة إال ال إله إال ﷲ يصعد إلى أھل >الطائف< ألنه ما‬
‫وجد ھناك بيئة تتقبل ال إله إال ﷲ فيذھب إليھم فيسخروا به ويستھزئوا به فھذا ھو‬
‫طريق الدعوة وھذا ھو المصطفي صلى ﷲ عليه وسلم لقي ما لقي من أذى في‬
‫سبيل الدعوة إلى ﷲ فطريق الدعوة ھذا ھو وإلى عھد قريب ليس في ذاك العھد‬
‫وإنما إلى عھد قريب نرى ]سليمان بن عبد ﷲ بن محمد بن عبد ﷲ بن عبد الوھاب[‬
‫حفيد إمام الدعوة رحمة ﷲ يصدح بدعوة الحق فيجعله أعداء اإلسالم في فوھة المدفع‬
‫ثم يطلقون به المدفع لتتطاير أشالءه لتقول لكل الدعاة قدموا أنفسكم في سبيل‬
‫الدعوة إلى ﷲ فما نقموا منه إال أن آمن با‪ 9‬العزيز الحميد طريق الدعوة إلى اإلسالم‬
‫طريق تضحيات ومن يفزع من ھذا الطريق فليس بداعية حق الدعوة ‪.‬إن الحافظ ﷲ إن‬
‫الولي ھو ﷲ إن المسدد ھو ﷲ ھا ھو موسى ذلك الغالم الذي رآه فرعون في منامه‬
‫ورأى ھالك ملكه على يديه قتل من قتل من أوالد بني إسرائيل ويربى ھذا الطفل في‬
‫بيت فرعون ويترعرع أمام عينيه ألن ﷲ عز وجل حفظه ومن حفظه ﷲ فال خوف عليه‬
‫وھذا وﷲ درس عظيم للدعاة إلى ﷲ إذ مھما عال الباطل وزمجر وارتفع ھديره فإن ﷲ‬
‫سيجعله زبداً ويبقى ما ينفع الناس ال خوف فا‪ 9‬ناصر دينه شاء من شاء وأبى من أبى‬
‫أما كيد البشر فكيد ضعيف مھما عظم ووﷲ ال تستطيع أي قوة في األرض أن تصل إلى‬
‫قلب مؤمن صادق في إيمانه ويقينه ما أجمل وأصدق ما قاله أحد الدعاة حين أوذي في‬
‫ذات ﷲ‬
‫تا‪ 9‬ما الدعوات تھزم باألذى *** أبداً وفى التاريخ بر يميني‬
‫ضع في يدي القيد ألھب اذرعي *** بالسوط ضع عنقي على السكين‬
‫لن تستطيع حصار فكري ساعة *** أو رد إيماني وصد يقيني‬
‫فالنور في قلبي وقلبي في يد ربي *** وربي حافظي ومعيني‬
‫ال حافظ إال ﷲ وال معين إال ﷲ فنسأله أن يحفظ الدعاة إلى ﷲ عز وجل ومن دروس‬
‫ھذه الحادثة أن المنتمين لھذا الدين بإخالص وصدق معرضون لالتھام وإلشاعة‬
‫الشائعات وإلصاق التھم بھم سمعتم كيف أتھم صلى ﷲ عليه وسلم في عرضه‬
‫المفعول لكل من ترسم خطاه ومضى على منھجه صلى ﷲ عليه وسلم تجد كل تھمة‬
‫تلصق بأھل ھذا الدين بعلماء ھذا الدين بدعاة ھذا الدين تشاع عنھم الشائعات تلصق‬
‫بھم التھم تلصق بعلماء األمة شبابھا الملتزم وبكل صالح في األمة إلى أن يرث ﷲ‬
‫األرض ومن عليھا )أتواصوا به بل ھم قوم طاغون( وصف الدعاة بالرجعية والتأخر وصفوا‬
‫بعدم مسايرة العصر وصفوا بالسذاجة والبساطة لكن ھذه األلفاظ لن تجدي فبدءوا اآلن‬
‫برمي الدعاة بالشذوذ الخلقي لتحطيم وتضليل قدوة األمة في نظر أبنائھا وھذه كلمات‬
‫وھذه أفعال وﷲ ما جاءتنا إال من اليھودية الحاقدة صدرتھا لنا إلى بالد اإلسالم فأخذھا‬
‫الذين أخذ ﷲ سمعھم وأبصارھم وختم على قلوبھم زادوا عليھا وزعوھا في مجالس‬
‫الناس صار الصالحون في أوساط الناس مصدر شبھة وأھل ريبة وبالتالي سيفقد علماء‬
‫اإلسالم ثقة الناس فيھم فيضل الناس عند ذاك يعمنا ﷲ بعقاب من عنده وذاك مطلبھم‬
‫)قاتلھم ﷲ أنى يؤفكون( يأتي كل من في قلبه زغل ونفاق يتشفى بالصالحين‬
‫وبالدعاة المخلصين ويقول ‪ :‬الشاذون ‪ ،‬كانوا يقولون المتشددين واآلن أصبحوا يقولون‬
‫الشاذين ونسأل أصحاب ھذه الكلمات ما الشذوذ في نظرھم ھل ھو التمسك بحبل‬
‫ﷲ يوم أن انقطعت حبال الذين من دونه ھل الشذوذ ھو الحرص على تطبيق السنة‬
‫بالمسلك واآلداب والتعامل يوم ضاعت تعاليم السنة بأشخاص كثير من الناس ھل‬
‫الشذوذ في إحياء القلوب بكتاب ﷲ وسنة محمد صلى ﷲ عليه وسلم يوم أن أصبحت‬
‫مجالس الناس لنشر الشائعات وللسذاجة واللھو واللعب ھل الشذوذ أن يتروض‬
‫الشباب في بساتين آيات ﷲ يوم تروض غيره في مذابل األغاني وفي مذابل البغايا‬
‫والعاھرات ھل الشذوذ أن تدرس كتب السلف الصالح يوم شغل الكثير عن المصحف‬
‫بالمجلة الخليعة وعن المسجد بالمقھى وعن السواك بالسيجارة وعن زيارة بيت ﷲ‬
‫الحرام بزيارة بالد الكفار >كبانكوك< وما أمثالھا ما أدراكم ما تلك البالد ال إله إال ﷲ ‪.‬‬
‫سبحانك ھذا بھتان عظيم الشذوذ واالنحراف في البعد عن منھج ﷲ في االنسالخ عن‬
‫القيم واآلداب في االنسالخ عن اإلسالم والقيم واآلداب واألخالق الشذوذ واالنحراف‬
‫في البعد عن كتاب ﷲ الذي أنزله ﷲ عز وجل وما خرجت وﷲ مثل ھذه التھم إال يوم‬
‫أن ابتعدنا عن اإلسالم يوم أن تركنا األمر والنھي أصبح البعض يمشي خجال ً أنه مطبق‬
‫للسنة فتجرأ الرعديد وتجرأ الملحد وتجرأ المنافق ليطلق الشائعات وعن من عن أنصار‬
‫الدين وعلمائه عن حاملين راية محمد صلي ﷲ عليه وسلم ولكن نقول‬
‫إذا عير الطائي بالبخل مادر *** وعير قسا بالفھامة باقل‬
‫وقال السھى للشمس أنت كثيفة *** وقال الدجى للبدر وجھك حائل‬
‫فيا موت زر أن الحياة دميمة *** ويا نفس جدي إن دھرك ھازل‬
‫ومن ھذه الحادثة نستفيد أن دعاة اإلسالم مستھدفون وعلى رأسھم قائدھم محمد‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم أشيعت عنه الشائعات وإشاعة الشائعات أمر عظيم ومرض خطير‬
‫ومرض خطير أيھا المسلمون لكنھا كثيرة وموجودة كثير من الناس ما يسمع كلمة صدقاً‬
‫كانت أو كذباً إال وأخبر بھا فرية كانت أو حقيقة تمس مسلماً تمس أخاً أم غير أخ ما‬
‫كأنه سمع قول المصطفى صلى ﷲ عليه وسلم ما كأنه تربى به المصطفي صلى ﷲ‬
‫عليه وسلم كفا بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع كفا بالمرء إثماً أن يحدث بكل ما‬
‫سمع رب كلمة توجب لصاحبھا النار "إن الرجل ليتكلم بالكلمة ما يتبين ما فيھا يھوي‬
‫بھا في النار سبعين خريفاً" )إذ تلقونه بألسنتكم وتقول أفواھكم بما ليس لكم به علم‬
‫وتحسبوه ھيناً وھو عند ﷲ عظيم( )يا أيھا الذين أمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن‬
‫تصيبوا قوماً بجھالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين( ومن الدروس أيضاً أن قذف‬
‫المحصنات المؤمنات الغافالت كبيرة من الكبائر وموبقة من الموبقات استوجب صاحبھا‬
‫اللعنة من رب األرض والسماوات وكذلك قذف المؤمنين )إن الذين يرمون المحصنات‬
‫الغافالت المؤمنات لعنوا في الدنيا واآلخرة ولھم عذاب عظيم يوم تشھد عليھم‬
‫ألسنتھم وأيديھم وأرجلھم بما كانوا يعملون( ومن دروس حادثة اإلفك أال تشاع‬
‫الفواحش فال يتحدث بالجرائم التي تحدث في المجتمع في المجالس حتى ولو حدثت‬
‫ألن التحدث بھا يقلل من خطرھا في قلوب الناس أوما سمعتم قول ﷲ )إن الذين‬
‫يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لھم عذاب أليم في الدنيا واآلخرة وﷲ يعلم‬
‫وأنتم ال تعلمون( ومن الدروس أال يقف المسلم في مواقف الريبة وال في مواقف التھمة‬
‫حتى ولو كان أطھر من ماء الغمام إن النفوس يشرع إليھا الشك والقلوب تنتابھا األوھام‬
‫وھا ھو صلى ﷲ عليه وسلم" يصلى العشاء في مسجده وتأتيه ]صفية[ زوجه تعوده‬
‫وھو معتكف فلما قام يودعھا مر به أنصاريان فقال لھما على رسلكما ھذه صفية بنت‬
‫حيي" يخبرھم صلى ﷲ عليه وسلم لئال يجري الشيطان في دمائھم فيظنوا به سوءا‬
‫‪،‬فدع مواطن الشبھة والريبة يا عبد ﷲ فذلك أصلح وأسلم وأتقى وأنقى ومن الدروس‬
‫أن المؤمن مبتلى وأشد الناس بالء األنبياء ثم األمثل فاألمثل أوذي صحابة رسول ﷲ‬
‫أذى عظيماً فصبروا واحتسبوا وأوذي من قبلھم فصبروا كان يؤتى بالرجل فيوضع‬
‫المنشار على مفرق رأسه فيشق نصفين ثم يمشط بأمشاط الحديد بين جلده وعظمه‬
‫ما يصرفه ذلك عن دينه )ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا أمنا وھم ال يفتنون ولقد‬
‫فتنا الذين من قبلھم فليعلمن ﷲ الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين( عباد ﷲ علماؤنا‬
‫زھرة الدنيا ونور الدنيا وھم حاملو ميراث األنبياء والداعون إلى صراط ﷲ العزيز الحميد‬
‫عرف أعداء اإلسالم ذلك فألصقوا به التھم ونشروا عنھم الشائعات وبعض السذج‬
‫وخفاف األحالم عن قصد وغير قصد يروج لھذه الشائعات ال إله إال ﷲ وﷲ ما يريدون‬
‫بتشويه العلماء سوى ضرب ميراث األنبياء يريدون إطفاء نور ﷲ فلتكن على وعي وإدراك‬
‫أخي المسلم‪ ،‬المسلم كيس فطن المسلم ال يغتر المسلم بنور ﷲ يمشي المسلم‬
‫ال تنطلي عليه الشائعات المسلم يفرق بين السم والدسم اللھم انصر دينك وكتابك‬
‫اللھم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك اللھم انصر علماء أمة محمد صلي ﷲ عليه وسلم‬
‫والصالحين من عبادك وأولياءك اللھم انصر علماء أمة محمد اللھم انصر الدين ومن نصر‬
‫الدين اللھم انصر من نصر الدين اللھم انصر الدين ومن نصر الدين اللھم أخذل من خذل‬
‫الدين اللھم أخذل من خذل الدين اللھم أخذل من خذل الدين اللھم من أرادنا واإلسالم‬
‫بسوء فاشغله بنفسه وأجعل تدبيره تدميره وأخذله ومزقه كل ممزق يا أكرم األكرمين‬
‫اللھم اكشف أستاره اللھم افضح أسراره اللھم اكشف أستاره اللھم افضح أسراره‬
‫اللھم أخرس لسانه اللھم أذھب عقله اللھم دمر جنانه اللھم أرنا فيه عجائب قدرتك يا‬
‫أكرم األكرمين اللھم انتقم ألوليائك اللھم انتقم لعلماء المسلمين اللھم انتقم ألحبابك‬
‫ودعاتك وصالح عبادك اللھم ثبتنا على الحق اللھم من نصر الدين فمكنه في األرض‬
‫واجعله ھادياً مھدياً اللھم من خذل الدين فأرنا فيه يوماً أسوداً كيوم فرعون وھامان‬
‫وھارون نسألك يا ربي أن تحفظنا نسألك يا ربى أن تحمينا نسألك يا رب أن تھدينا سواء‬
‫السبيل نسألك أن تمنعنا من كل ما يدبر للمسلمين من كيد وسوء اللھم ال تدابير لدينا‬
‫إال تدبيرك وال حيل لدينا ولكن حسبنا ﷲ ونعم الوكيل حسبنا ﷲ ونعم الوكيل اللھم‬
‫بعلمك الغيب وبقدرتك على الخلق أحينا ما كانت الحياة خيراً لنا وتوفنا إذا كانت الحياة‬
‫شرا لنا اللھم نسألك خشيتك في الغيب والشھادة وكلمة الحق في الغضب والرضا‬
‫ونسألك لذة النظر إلى وجھك بغير ضراء مضرة وال فتنة مضلة اللھم من أراد بعلمائنا‬
‫سوءاً فعليك به‪ .‬اللھم أھلكھم بدداً أحصھم عدداً وال تغادر منھم أحداً اللھم آمنا في‬
‫دورنا وأفرح أمتنا ووالة أمورنا واجعلنا من الذين نخافك ونتبع ھداك وبرحمتك يا أرحم‬
‫الراحمين سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسالم على المرسلين والحمد ‪ 9‬رب‬
‫العالمين‪.‬‬

‫فضيلة الشيخ ‪ /‬علي عبد الخالق القرني‬

‫الجنة و نعيمھا‬

‫نزال؛ فلك الحمد أوال وآخرا‬


‫الحمد ‪ 9‬جعلت الفردوس لعبادك المؤمنين ُ ُ‬

‫ويسر األعمال الصالحة لنا؛ فلم يتخذ‬


‫ﱠ‬ ‫يسرھا لنا‪،‬‬
‫وباطنا‪ ،‬الحمد ‪ 9‬الذي ﱠ‬
‫ً‬ ‫وظاھرا‬
‫ً‬
‫السالكون إلى ﷲ سواھا شغال وسھل لھم سبلھا‪ ،‬فلم يسلكوا سواھا سبال خلقھا‬
‫وحفھا بالمكاره ليبلوھم أيھم أحسن‬
‫ﱠ‬ ‫قبل أن يخلقھم‪ ،‬وأسكنھم إياھا قبل أن يوجدھم‪،‬‬
‫رأت‪ ،‬وال أذن سمعت‪ ،‬وال خطر على قلب بشر‪ ،‬وفوق ذلك‪،‬‬
‫ْ‬ ‫عمال‪ ،‬وأودعھا ما ال عين‬
‫حوال(‪ .‬أشھد أن ال إله إال ﷲ وحده ال شريك له‪ ،‬له الملك‬
‫عنھا ِ َ‬
‫يبغون َ ْ َ‬
‫فيھا ال َ ْ ُ َ‬
‫خالدين ِ َ‬
‫) َ ِ ِ َ‬
‫أدخرھا لي ولكم إلى يوم المصير‪،‬‬
‫وله الحمد‪ ،‬وھو على كل شيء قدير‪ ،‬شھادة ﱠ‬
‫ومنه‬
‫ِّ‬ ‫شھادة عبده وابن عبده وابن َ َ ِ‬
‫أمته‪ ،‬ومن ال غنى به طرفة عين عن رحمته وفضله‬
‫بمنه وكرمه ورحمته‪ ،‬أشھد أن‬
‫ِّ‬ ‫وكرمه‪ ،‬وال مطمع له في الفوز بالجنة والنجاة من النار إال‬
‫محمدا عبد ﷲ ورسوله‪ ،‬أرسله ﷲ رحمة للعالمين‪ ،‬وقدوة للعاملين‪ ،‬ومحجة‬
‫ً‬
‫للسالكين‪ ،‬وحجة على العباد أجمعين‪ .‬شرح ﷲ به الصدور‪ ،‬وأنار به العقول‪ ،‬وفتح به‬
‫غلفا‬
‫ً‬ ‫وقلوبا‬
‫ً‬ ‫ًّ‬
‫صما‬ ‫وآذانا‬
‫ً‬ ‫عميا‬
‫ً‬ ‫أعينا‬
‫ً‬
‫وللمظلوم‬
‫ِ‬ ‫لظالمه‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫شؤما‬
‫وصوله *** ُ ْ ً‬
‫ِ ِ‬ ‫قبل ُ‬
‫َ‬ ‫الكون‬
‫ُ‬ ‫كان ھذا‬
‫َ‬ ‫قد‬
‫ْ‬
‫ھشيم‬
‫ِ‬ ‫كل‬
‫البستان ﱡ‬
‫واخضر في ُ ْ ِ‬ ‫ﱠ‬ ‫الربا ***‬ ‫محمد َ َ ِ‬
‫زكت ﱡ‬ ‫ٌ‬ ‫لما َ َ ﱠ‬
‫أطل‬ ‫ﱠ‬
‫كثيرا؛ أما بعد…‬
‫ً‬ ‫تسليما‬
‫ً‬ ‫صلى ﷲ عليه وعلى آله وصحبه والتابعين‪ ،‬وسلم‬
‫فالسالم عليكم ورحمة ﷲ وبركاته في روضة من رياض الجنة‪ ،‬لو أذن ﷲ –عز وجل‪ -‬لنا‬
‫أن ننظر من يحفﱡنا في ھذا المكان لرأينا المالئكة تحفﱡنا‪ ،‬ولرأينا السكينة تتنزل علينا‪،‬‬
‫ولرأينا الرحمة تغشانا‪ ،‬وفوق ذلك كله أن ﷲ –عز وجل‪ -‬يذكرنا في ملئه األعلى –‬
‫ﷲ َ ْ َ ِ ﱡ‬
‫تطمئن‬ ‫تكفرون( ) َأال َ ِ ِ ْ ِ‬
‫بذكر ِ‬ ‫واشكروا ِلي َوال َ َ ْ ُ ُ ِ‬ ‫فاذكروني َ ْ ُ ْ ُ ْ‬
‫أذكركم َ ْ ُ ُ‬ ‫سبحانه وتعالى‪ِ ُ ُ ْ َ ) -‬‬
‫ُوب( فيا عبد ﷲ‪ ،‬طوبى لك يوم جئت إلى ھذا البيت في ضيافة الرحمن لتنتفع بذكر‬ ‫ْ ُ‬
‫القل ُ‬
‫تنفع ْ ُ ْ ِ ِ َ‬
‫المؤمنين(‬ ‫الذكرى َ َ ُ‬ ‫وذكر َ ِ ﱠ‬
‫فإن ِّ ْ َ‬ ‫قد سمعته وسمعته ولكن ) َ َ ِّ ْ‬
‫ذكرتا‬ ‫ِ‬
‫السماء إذا ُ ِ ْ َ‬ ‫دأبا *** ِ ُ ْ َ َ‬
‫لتذكر في‬ ‫ذكره في األرضِ ً‬
‫َ ُ‬ ‫ََ ْ ِْ‬
‫فأكثر‬
‫متى‬‫بن ﱠ‬ ‫النون ُ‬
‫ِ‬ ‫ناداه ُذو‬
‫بما َ ُ‬ ‫له ِ ً‬
‫اعترافا *** ِ َ‬ ‫سجدت َ ُ‬
‫ﱠ‬ ‫إذا َ‬
‫وناجِ َ‬
‫َ‬
‫نحًتا‬
‫الساعات َ ْ‬
‫ﱠ‬ ‫جسمك‬
‫َ َ‬ ‫وتنحت ِ‬ ‫األيام ً ّ‬
‫فتا *** َ ْ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫فؤادك‬
‫َ‬ ‫ِ ﱡ‬
‫تفت‬
‫أنت‬
‫َ‬ ‫أريد‬
‫أنت ِ ُ‬
‫صاحِ ْ َ‬
‫دعاء صدقٍ *** أال َيا َ‬
‫َ‬ ‫المنون‬
‫ُ‬ ‫وتدعوك‬
‫ْ ُ َ‬
‫صبيٍ قد َ َ ْ َ‬
‫دفنتا‬ ‫ّ‬ ‫وفكر َ ْ‬
‫كم‬ ‫ِّ ْ‬ ‫مجال ***‬
‫الصبا فيه َ َ ٌ‬
‫ِّ َ‬ ‫تطل‬
‫فال َ ِ‬
‫ليتك ما َ َ‬
‫ذكرتا‬ ‫ثم َ‬‫فليتك ﱠ‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫شيئا ***‬ ‫الذكر‬
‫ُ‬ ‫يفدك‬
‫إذا ما لم ِ ْ‬
‫علمتا‬
‫ليتك ما َ ِ ْ َ‬
‫ثم َ‬‫فليتك ﱠ‬
‫َ َ‬ ‫ً‬
‫شيئا ***‬ ‫العلم‬
‫ُ‬ ‫يفدك‬ ‫إذا َما َ ْ‬
‫لم ُ ِ ْ‬
‫ليتك ما َ ْ‬
‫فھمتا‬ ‫ثم َ َ‬
‫فليتك ﱠ‬
‫َ‬ ‫مغاو ***‬
‫فھمك في َ َ ٍ‬
‫ُ َ‬ ‫ألقاك‬
‫وإن َ َ‬
‫ْ‬

‫السالم عليكم ورحمة ﷲ وبركاته مرة أخرى‪ ،‬وأنتقل بكم إلى قول الحق تبارك وتعالى ‪:‬‬
‫الحق ال َ ِ َ َ‬
‫إله ِإال ﱠ‬ ‫الملك ْ َ ﱡ‬ ‫فتعالَى ُ‬
‫ﷲ ْ َ ِ ُ‬ ‫ترجعون * َ َ َ‬
‫إلينا ال َ ُ ْ َ ُ َ‬ ‫عبثا َ َ ﱠ ُ ْ‬
‫وأنكم ِ َ ْ َ‬ ‫أفحسبتم َ ﱠ َ‬
‫أنما َ َ ْ َ ُ ْ‬
‫خلقناكم َ َ ً‬ ‫)َ َ َ ِ ْ ُ ْ‬
‫عبثا ولم يتركھم سدى؛ بل خلقوا ألمر عظيم وخطب‬ ‫ً‬ ‫ھو( ال إله إال ﷲ‪ ،‬لم يخلق الناس‬ ‫ُ َ‬
‫وأشفقن منه‪،‬‬
‫ْ َ‬ ‫يحملنه‪،‬‬
‫َ‬ ‫جسيم؛ عرض على السماوات واألرض والجبال‪ ،‬فأبين أن‬
‫فريقين‪:‬‬
‫ْ‬ ‫وحمله اإلنسان على ضعفه وعجزه ظلما وجھال فانقسم الحاملون له إلى‬
‫ھمه إرضاء نزواته وإشباع غرائزه‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫ﱠ‬
‫عطل تفكيره‪ ،‬وانساق وراء شھواته وملذاته؛ كل‬ ‫فريق‬
‫بشر في مسالخ دواب ‪-‬أجار ﷲ ھذه الوجوه أن تكون من ھذا الصنف‪ -‬نظرتھم قاصرة‬ ‫ٌ‬
‫ﷲ‬
‫نسوا َ‬
‫ُون( ) َ ُ‬ ‫عن َ ِ َ‬
‫اآلخر ِة ُ ْ‬
‫ھم َغافِل َ‬ ‫وھم َ ِ‬
‫الدنيا َ ُ ْ‬ ‫من ْ َ َ ِ‬
‫الحياة ﱡ ْ َ‬ ‫يعلمون َ ِ ً‬
‫ظاھرا َ‬ ‫وعلمھم أقصر ) َ ْ َ ُ َ‬
‫ھم ْ َ ِ ُ َ‬
‫الفاسقون(‪.‬‬ ‫أولئك ُ ُ‬ ‫فأنساھم َ ُ َ ُ ْ‬
‫أنفسھم ُ َ ِ َ‬ ‫ََ َ ُ ْ‬

‫دينا‪،‬‬
‫ربا‪ ،‬وباإلسالم ً‬
‫أما الفريق اآلخر ‪-‬وأرجو ﷲ أن أكون وأنتم منھم‪ -‬فريق آمن با‪ً 9‬‬
‫وبمحمد ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ّ ً -‬‬
‫نبيا‪ .‬جعل خوف ﷲ في قلبه‪ ،‬وجعل خشية ﷲ نصب‬
‫ينيه فأتمر بأمر ﷲ وانتھى عن نھيه وراقبه حق المراقبة‪ ،‬وقال عند سماع أوامره‬ ‫ع ْ‬
‫المصير( ومن كمال األلوھية ‪ 9‬سبحانه وتعالى أن‬ ‫ربنا َ ِ َ ْ َ‬
‫وإليك ْ َ ِ ُ‬ ‫غفرانك َ ﱠ َ‬ ‫سمعنا َ َ َ ْ َ‬
‫وأطعنا ُ ْ َ َ َ‬ ‫) َ ِ ْ َ‬
‫ويوفون ما اكتسبوه بالقسطاس المستقيم‪،‬‬ ‫ﱠ‬ ‫يوما آخر إليه فيه يرجعون‬
‫جعل للناس ً‬
‫ﷲ َِ ْ َ ِ‬
‫بأحكم ْ َ ِ ِ َ‬
‫الحاكمين( بلى‪،‬‬ ‫فيصدرون من أرض المحشر راضين بعدل ﷲ المطلق ) َ َ ْ َ‬
‫أليس ُ‬
‫خالدون( وآخرون خاسرون يساقون‬
‫فيھا َ ِ ُ َ‬
‫ھم ِ َ‬ ‫رحمة ِ‬
‫ﷲ ُ ْ‬ ‫فائزين ُيزفون إلى الجنة ) َ ِ‬
‫ففي َ ْ َ ِ‬
‫وجوه‬
‫يض ُ ُ ٌ‬
‫تب َ ﱡ‬
‫يوم َ ْ‬
‫إلى النار فھم في العذاب محضرون‪ ،‬يبين ذلك قول ﷲ جل وعال ‪َ ْ َ ).‬‬
‫كنتم‬
‫بما ُ ْ ُ ْ‬ ‫فذوقوا ْ َ َ َ‬
‫العذاب ِ َ‬ ‫إيمانكم َ ُ ُ‬
‫بعد ِ َ ِ ُ ْ‬ ‫وجوھھم َ ْ َ ْ ُ ْ‬
‫أكفرتم َ ْ َ‬ ‫اسودت ُ ُ ُ ُ ْ‬
‫الذين ْ َ ﱠ ْ‬ ‫وجوه َ َ ﱠ‬
‫فأما ﱠ ِ َ‬ ‫وتسود ُ ُ ٌ‬
‫ََ ْ َ ﱡ‬
‫خالدون(‪.‬‬
‫فيھا َ ِ ُ َ‬
‫ھم ِ َ‬ ‫رحمة ِ‬
‫ﷲ ُ ْ‬ ‫وجوھھم َ ِ‬
‫ففي َ ْ َ ِ‬ ‫ابيضت ُ ُ ُ ُ ْ‬
‫الذين ْ َ ّ ْ‬ ‫تكفرون * َ َ ﱠ‬
‫وأما ﱠ ِ َ‬ ‫َ ْ ُ ُ َ‬

‫أيھا األخوة في ﷲ واإليمان بيوم الجزاء وباليوم اآلخر ركن ھام من أركان اإليمان؛ من لم‬
‫يؤمن به لم يؤمن با‪– 9‬جل وعال‪ ،-‬ال يتم إيمان عبد حتى يؤمن باليوم اآلخر‪ ،‬وعرض‬
‫الجنة والنار ونعيمھما وجحيمھما أسلوب ناجح إلصالح النفوس ولھدايتھا ولتھذيبھا‬
‫ولكسر كبريائھا أحيانا ولجبسھا أحيانا‪ ،‬فمن الناس من ينفعه الترغيب‪ ،‬ومن الناس من‬
‫معا‪ ،‬وكل ذلك ورد في كالم ﷲ –جل‬
‫ينفعه الترھيب‪ ،‬ومن الناس من ينتفع باالثنين ً‬
‫من َ ْ ِ ِ‬
‫خلفه( تقدم إحداھما مرة‪ ،‬وتأخر‬ ‫يديه َوال َ ِ ْ‬
‫بين َ َ ْ ِ‬
‫الباطل ِمن َ ْ ِ‬ ‫وعال‪ -‬الذي )ال َ َ ْ ِ ِ‬
‫يأتيه ْ َ ِ ُ‬
‫إحداھما مرة‪َ ْ ،‬‬
‫واقترَنا مرة أخرى‪ ،‬وكل ذلك في كتاب ﷲ –جل وعال‪ ،-‬ومن فضل ﷲ –عز‬
‫وجل‪ -‬أن ﱠ‬
‫جلى لنا أمر الجنة‪ ،‬ووصف نعيمھا‪ ،‬ﱠ‬
‫وأكد خلودھا وكمالھا من غير نكد وال‬
‫تنغيص وال نقص‪ ،‬ال حر وال برد‪ ،‬ال تعب وال صخب وال نصب‪ ،‬ال عجز وال ھرم‪ .‬غمسة في‬
‫الجنة تنسي كل شقاء في ھذه الحياة‪ ،‬ثم أظھر –سبحانه‪ -‬في الجانب اآلخر حقيقة‬
‫النار وعذابھا؛ لھيب يتصاعد‪ ،‬وصراخ مفزع وخوف وحميم وزقوم وتقريع وتوبيخ وأھوال‬
‫وشھيق وزفير‪ ،‬غمسة فيھا تنسى كل نعيم في ھذه الحياة‪ ،‬نسأل ﷲ أن يجير ھذه‬
‫الوجوه‪ ،‬ذلك كله لماذا يا عباد ﷲ؟ ليسعى المؤمنون إلى الجنة بلھفة وشوق‬
‫مشرئبين إلى نعيمھا ورياضھا وقصورھا‪ ،‬ذلك كله ‪ً -‬‬
‫أيضا‪ -‬لينأى الخلق عن النار بحذر‬
‫ﷲ‬ ‫بينة( كل ذلك ) ِ َ ِ َ‬
‫ليميز ُ‬ ‫حي َعن َ ِ ّ َ ٍ‬
‫من َ ﱠ‬
‫ويحيى َ ْ‬
‫بينة َ َ ْ َ‬ ‫من َ َ َ‬
‫ھلك َعن َ ِ ّ َ ٍ‬ ‫ليھلك َ ْ‬
‫وخوف‪ ،‬كل ذلك ) ِ َ ْ ِ َ‬
‫الطيب(‪ .‬فيا أيھا األخوة في ﷲ مقدمة ذكرتھا البد منھا ‪.‬‬ ‫ﱠ ِّ ِ‬ ‫من‬ ‫ْ َ ِ َ‬
‫الخبيث ِ َ‬

‫أما وقفتنا ھذه الليلة فوقفة ‪-‬بإذن ربنا‪ -‬مع الجانب المشرق ومع الجانب المفرح‬
‫وحفزا للھمم لتطلب ما عند ﷲ وتدفع الثمن‪ ،‬ولو‬
‫ً‬ ‫ترھيبا‪،‬‬
‫ً‬ ‫ترغيبا ال‬
‫ً‬ ‫المشوق‪ ،‬مع الجنة‬
‫كان الدماء واألوقات واألموال وكل شيء‪ ،‬فحيا ھال بكم يا عباد ﷲ إلى الجنة ورياضھا‬
‫وقصورھا ودورھا وحورھا لنتعرف عليھا ﱠ‬
‫علنا أن نكون من أھلھا‪ ،‬ولنعرف من ھم أھلھا؛‬
‫علنا أن نكون متشبھين بھم إن التشبه بالكرام فالح‪ ،‬ونعرف السبل الموصلة إليھا‬
‫فنسلكھا لنكون مع الذين أنعم ﷲ عليھم‪ ،‬ففي رياضھا نعيش وما را ٍء يا عباد ﷲ كمن‬
‫ومنه وكرمه‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫سمع‪ ،‬وما مخبر كمعاين‪ ،‬أسكننا ﷲ وإياكم فردوسھا األعلى برحمته‬
‫الجنة‪ ..‬ما الجنة‪ ،‬والفردوس ما الفردوس‪ ،‬ال خطر لھا‪ ،‬ال مثيل لھا‪ ،‬ورب الكعبة نور‬
‫يتألأل‪ ،‬وريحانة تھتز‪ ،‬وقصر مشيد‪ ،‬ونھر مضطرب‪ ،‬وثمرة نضيجة‪ ،‬وحلل كثيرة‪ ،‬وزوجة‬
‫حسناء جميلة‪ ،‬وفاكھة وخضرة‪ ،‬وحبرة ونعمة‪ ،‬في محلة عالية بھية‪ ،‬في جنة عدن عند‬
‫مليك مقتدر‪.‬‬

‫بناھا ﷲ –تعالى‪ -‬لعباده المتقين أحسن بناء ومألھا من كرامته ورحمته ورضوانه؛‬
‫فبناؤھا أحسن بناء وأجمل بناء وأتم بناء وأكمل بناء كيف ال يكون ذلك‪ ،‬وھي لبنة من‬
‫ذھب ولبنة من فضة‪ِ ،‬مالطھا المسك‪ ،‬وحصباؤھا اللؤلؤ والياقوت والجوھر‪ ،‬وترابھا‬
‫الزعفران‪ ،‬وسقفھا عرش الرحمن –ال إله إال ھو‪ ،-‬غرفھا مبنية ُيرى ظاھرھا من باطنھا‪،‬‬
‫ويرى باطنھا من ظاھرھا‪ ،‬من دخلھا ينعم ال يبأس‪ ،‬ويخلد ال يموت‪ ،‬ال تبلى ثيابه‪ ،‬وال‬
‫يفنى شبابه ‪.‬‬

‫أما أشجارھا‪ ،‬فما أشجارھا؟ ما من شجرة إال ولھا ساق من ذھب‪ ،‬ولھا ساق من‬
‫فضة‪ .‬أما ثمارھا فألين من الزبد‪ ،‬وأحلى من العسل‪ .‬وأما ورقھا –فال إله إال ﷲ‪ -‬أحسن‬
‫وأرق من رقائق الحلل‪ .‬أما تصفيق الرياح لذوائب أغصان أشجار الجنة‪ ،‬فيستفز من ال‬
‫يطرب بالطرب‪ ،‬ظل الشجرة يسير الراكب فيه مائة عام ال يقطعه؛ فأسأل ﷲ –عز وجل‪-‬‬
‫أن يجعلنا وإياكم ممن يستظل بظالل أشجارھا‪ ،‬إنه غفور رحيم‪ ،‬أما أنھارھا فما‬
‫أنھارھا؟ من ماء غير آسن وأنھار من لبن لم يتغير طعمه وأنھار من خمر لذة للشاربين‬
‫وطلحھا منضود‪ ،‬تعلمون ‪-‬يا عباد ﷲ‪-‬‬
‫ُ‬ ‫ممدود‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫وأنھار من عسل مصفى‪ ،‬وفوق ذلك ﱡ‬
‫ظلھا‬
‫أن الطلح له شوك‪ ،‬يقول أحد األعراب للنبي ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬ذكر في الجنة‬
‫شجرة ما نعرف منھا إال األذى‪ ،‬يقصد شوكھا‪ ،‬قال‪ :‬ألم تسمع لقول ﷲ تعالى‪ْ َ َ ) :‬‬
‫وطلحٍ‬
‫منضود( نضد ھذا الشوك‪ ،‬فأنبت مكان كل شوكة ثمرة ْ َ‬
‫ألين من الزبد‪ ،‬وأحلى من‬ ‫َْ ُ ٍ‬
‫ومنة‪ .‬أما ماؤھا ‪-‬يا عباد ﷲ‪ -‬فمسكوب‪ ،‬حدائق وأعناب وكواعب‬
‫العسل‪ ،‬فضال من ﷲ ِ ﱠ‬
‫أتراب‪ .‬أما طعام أھلھا ‪-‬فال إله إال ﷲ‪ -‬فاكھة مما يتخيرون‪ ،‬ولحم طير مما يشتھون‪،‬‬
‫شرابھم التسنيم والزنجبيل والكافور‪ ،‬أما آنيتھم فالذھب والفضة في صفاء القوارير‪،‬‬
‫ﱡ‬
‫وتلذ األعين‪ ،‬وفوق ذلك‪َ :‬من دخلھا يخلد‬ ‫َ ْ ِ ْ‬
‫وأجمل بتلك اآلنية! فيھا ما تشتھيه األنفس‪،‬‬
‫قطوفھا تذليال‪ ،‬يتكئ أھلھا‬
‫ُ‬ ‫أبدا‪ ،‬فيھا روح وريحان ورب راضٍ غير غضبان‪ .‬قد ُ ِ ّ‬
‫ذللت‬ ‫فيھا ً‬
‫تأثيما إال قيال‬
‫ً‬ ‫لغوا وال‬
‫زمھريرا‪ ،‬وال يسمعون فيھا ً‬
‫ً‬ ‫شمسا وال‬
‫ً‬ ‫على األرائك ال يرون فيھا‬
‫سالما‪.‬‬
‫ً‬ ‫سالما‬
‫ً‬
‫فيھا مائة درجة‪ ،‬والناس في الجنة على درجات؛ منھم من يبلغ أعلى الجنة‪ ،‬ومنھم‬
‫من ھو في وسط الجنة‪ ،‬ومنھم من ھو في ربض الجنة‪ ،‬لو أن العالمين اجتمعوا في‬
‫عاما‪ ،‬وليأتين‬
‫ً‬ ‫درجة واحدة لوسعتھم؛سعة أبوابھا ما بين المصراعين مسيرة أربعين‬
‫عليه يوم وھو كظيظ من الزحام‪ .‬فأسأل ﷲ أن يجعلنا وإياكم ممن يزاحم على تلك‬
‫المصاريع‪.‬‬
‫مجوفة طولھا في السماء‬
‫ﱠ‬ ‫أما ما للمؤمن فيھا؟ فللمؤمن في الجنة خيمة من لؤلؤة‬
‫ً‬
‫بعضا‪ ،‬فضال من ﷲ ونعمة‪.‬‬ ‫ستون ميال‪ ،‬له أھلون يطوف على بعضھم فال يرى بعضھم‬
‫حرم عليھم الحرير والذھب في ھذه الحياة‬
‫تسل عن لباسھم؛ ﱠ‬
‫أما لباس أھلھا فال َ َ‬
‫وجعل لباسھم ھناك من الحرير والذھب‪ ،‬وأنعم بذاك اللباس! وأما صورتھم فأھلھا‬
‫جميعا على صورة القمر ليلة البدر؛ فال إله إال ﷲ‪ ،‬أي جمال يكون ذاك الجمال؟ حليھم‬
‫ً‬
‫وأساورھم من ذھب وفضة ولؤلؤ وزبرجد وياقوت‪ ،‬من لذة إلى لذة إلى لذة‪ ،‬ال يجوعون‬
‫فيھا َما‬
‫لذات ) ِ َ‬ ‫لذات فوق ّ‬ ‫وال يظمئون‪ ،‬وال ينصبون‪ ،‬وال يشبعون‪ ،‬وال يتعبون‪ ،‬وإنما ﱠ‬
‫مخلدون * ِ َ ْ َ‬
‫بأكوابٍ‬ ‫ولدان ﱡ َ ﱠ ُ َ‬ ‫ُوف َ َ ْ ِ ْ‬
‫عليھم ِ ْ َ ٌ‬ ‫خالدون( )يَط ُ‬ ‫فيھا َ ِ ُ َ‬ ‫األعين َ َ ُ ْ‬
‫وأنتم ِ َ‬ ‫ْ ُ ُ‬ ‫األنفس َ َ َ ﱡ‬
‫وتلذ‬ ‫تشتھيه ْ ُ ُ‬
‫َ ْ َ ِ ِ‬
‫نعيما‬ ‫ثم َ َ ْ َ‬
‫رأيت َ ِ ً‬ ‫وإذا َ َ ْ َ‬
‫رأيت َ ﱠ‬ ‫حسبتھم ل ُْؤل ًُؤا ﱠ ُ ً‬
‫منثورا * َ ِ َ‬ ‫إذا َ َ ْ َ ُ ْ‬
‫رأيتھم َ ِ ْ َ ُ ْ‬ ‫معين( ) ِ َ‬
‫وكأسٍ من ِ ٍ‬ ‫َََ ِ َ‬
‫وأباريق َ َ ْ‬

‫كبيرا(‪ .‬أما أسنان أھل الجنة فأبناء ثالث وثالثين في سن الشباب‪ ،‬وما أجمل ھذا‬ ‫َ ُ ْ ً‬
‫وملكا َ ِ ً‬
‫دامت‬
‫فيھا َما َ َ ِ‬
‫خالدين ِ َ‬
‫السن يا عباد ﷲ!‪ ،‬أولياء ﷲ ال خوف عليھم وال ھم يحزنون ) َ ِ ِ َ‬
‫واألرض( في سعادة أبدية ‪.‬‬
‫السماوات َ ْ ُ‬
‫ﱠ َ َ ُ‬

‫فاأللوة‪ ،‬وھو أفضل‬


‫ﱠ‬ ‫أما أمشاطھم فالذھب‪ ،‬وأما رشحھم فالمسك‪ ،‬وأما مجامرھم‬
‫الطيب أفضل العود‪ .‬وأما أزواجھم فالحور العين‪ ،‬ولنا وقفة مع الحور العين يا عباد ﷲ‪.‬‬

‫أما أدنى أھلھا فيسير في ملكه وقصوره مسيرة ألفي عام؛ فما بالكم بأعلى أھل‬
‫الجنة‪ ،‬إذا كان أدناھم كذلك؟ واسمعوا كما في صحيح ]مسلم[ عن ]المغيرة بن شعبة[‬
‫–رضي ﷲ عنه‪ -‬قال‪ :‬قال رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪" :-‬سأل موسى –عليه‬
‫السالم‪ -‬ربه‪ :‬ما أدنى أھل الجنة منزلة؟ فقال الحكيم سبحانه وتعالى‪ :‬رجل يأتي بعد‬
‫الجنة‪ ،‬فيخيل إليه أنھا مآلى‪ ،‬فيقول ﷲ –عز وجل‪ -‬له ادخل الجنة‪،‬‬
‫َ‬ ‫الجنة‬
‫ِ‬ ‫ما ُأدخل أھل‬
‫فيقول‪ :‬يا رب كيف وقد نزل الناس منازلھم وأخذوا أخذاتھم؟! فيقول ﷲ –عز وجل‪:-‬‬
‫ادخل الجنة‪ ،‬قال‪ :‬كيف وقد أخذوا منازلھم‪ ،‬وأخذوا أخذاتھم‪ ،‬وأخذوا نعيمھم –يخيل إليه‬
‫أنھا مآلى‪ -‬فيقول ﷲ –عز وجل‪ -‬له‪ :‬أال ترضى أن يكون لك مثل ملك من ملوك الدنيا؟‬
‫ملك من ملوك الدنيا؟ قال‪ :‬بلى يا رب‪ ،‬وكيف ال أرضى‬ ‫أال ترضى أن يكون لك مثل ُ ْ‬
‫ملك َ ِ ٍ‬
‫بذلك؟! قال‪ :‬فإن لك ذلك ومثله‪ ،‬ومثله‪ ،‬ومثله‪ ،‬ومثله حتى بلغ الخامسة‪ ،‬فقال ھذا‬
‫العبد‪ :‬يا رب رضيت رضيت‪ ،‬قال فإن لك ذلك‪ ،‬ولك عشرة أمثاله‪ ،‬ولك ما اشتھت عينك‪،‬‬
‫بما‬
‫جزاء ِ َ‬
‫أعين َ َ ً‬ ‫لھم من ُ ﱠ ِ َ‬ ‫نفس ﱠما ُ ْ ِ َ‬
‫أخفي َ ُ‬ ‫ولذت نفسك‪ ،‬وأنت فيھا خالد " ) َفال َ َ ْ َ ُ‬
‫قرة ْ ُ ٍ‬ ‫تعلم َ ْ ٌ‬ ‫ﱠ‬
‫ُون( وفي الحديث اآلخر ‪-‬يا عباد ﷲ‪ -‬الذي روي في الصحيحين‪" :‬أن ﷲ ‪-‬عز‬
‫يعمل َ‬ ‫َ ُ‬
‫كانوا َ ْ َ‬
‫وجل‪ -‬بعد أن يقضي بين العباد‪ ،‬يبقى رجل مقبل بوجھه على النار‪ ،‬قد نجا منھا‪ ،‬ولكنه‬
‫لم يدخل الجنة‪ ،‬ولم يقدم إلى باب الجنة‪ ،‬فيقف‪ ،‬فيقول‪ :‬يا رب اصرف وجھي عن النار‪،‬‬
‫وسمني‪ ،‬وأحرقني‬
‫ﱠ‬ ‫يا رب برحمتك اصرف وجھي عن النار‪ ،‬فقد خشبني ريحھا آذاني‬
‫ذكاؤھا ولھبھا‪ ،‬فيدعو ما شاء ﷲ ‪-‬عز وجل‪ -‬أن يدعو‪ ،‬فيقول ﷲ عز وجل له‪ ،‬فيقول ‪:‬‬
‫ھل عسيت إن صرفت وجھك عن النار أال تسألني غير ذلك؟ ‪ýýýý‬قال‪ :‬وعزتك وجاللك‬
‫ال أسألك غير ذلك‪ ،‬فاصرف وجھي عن النار‪ ،‬فيصرف ﷲ الرحيم الحليم الغفور وجھه عن‬
‫النار‪ ،‬فيبقى ما شاء ﷲ أن يبقى ساكتا ثم يسأل ﷲ مرة أخرى‪ ،‬فيقول‪ :‬يا رب برحمتك‬
‫قدمني إلى باب الجنة‪ ،‬يا رب برحمتك قدمني إلى باب الجنة‪ ،‬فيقول ﷲ‪ :‬ويلك يا ابن‬
‫ِّ‬
‫تعط العھود والمواثيق أال تسألني غير ذلك؟‪ ،‬قال‪ :‬يا رب‬
‫آدم ما أغدرك‪ ،‬وما أظلمك‪ ،‬ألم ُ ِ‬
‫برحمتك قدمني إلى باب الجنة‪ ،‬قال‪ :‬ھل عسيت إن أعطيتك ما سألت أال تسألني غير‬
‫ذلك؟ قال‪ :‬وعزتك وجاللك ال أسألك غير ذلك‪ ،‬فيقدمه ﷲ –عز وجل‪ -‬إلى باب الجنة‪،‬‬
‫فيبقى ھناك‪ ،‬ويسكت ما شاء ﷲ أن يسكت‪ ،‬ثم تنفلق له الجنة‪ ،‬فيرى حورھا‪ ،‬ويرى‬
‫قصورھا‪ ،‬ويرى رياضھا‪ ،‬ويرى نعيمھا‪ ،‬فيقول‪ :‬يا رب برحمتك أدخلني الجنة‪ ،‬فيقول ﷲ‪:‬‬
‫ويلك يا ابن آدم‪ ،‬ما أغدرك! ما أظلمك! ألم تعط العھود والمواثيق أال تسألني غير ذلك‪.‬‬
‫قال‪ :‬يا رب برحمتك أدخلني الجنة برحمتك‪ ،‬أدخلني الجنة‪ ،‬قال‪ :‬ھل عسيت إن‬
‫أدخلتك أال تسألني غير ذلك؟‪ ،‬قال‪ :‬وعزتك وجاللك ال أسأل غير ذلك‪ ،‬قال ﷲ –عز‬
‫ومنه‪ -‬فيدخل الجنة‪ ،‬فيكفيه ھذا‪ ،‬فيقول ﷲ –عز‬
‫وجل‪ -‬ادخل الجنة –برحمته وكرمه َ ِّ‬
‫تمن يا عبد‪ ،‬فيتمنى‪ ،‬ثم يتمنى‪ ،‬ثم يتمنى‪ ،‬ويذكره ﷲ –عز‬
‫ﱠ‬ ‫تمن يا عبد‪،‬‬
‫ﱠ‬ ‫وجل له‪:-‬‬
‫وجل‪ -‬رحمة منه وفضال باألماني التي يتمناھا حتى تنقطع به األماني‪ ،‬ثم يقول له‪-‬‬
‫ً‬
‫شيئا يا رب‪ ،‬قال‪ :‬فإن لك ما أخذت‪ ،‬ولك عشرة أمثاله‪ ،‬ولك ما‬ ‫تمن‪ ،‬قال ‪ :‬ال أريد‬
‫َ ﱠ‬
‫قرة‬
‫لھم ِ ّمن ُ ﱠ ِ‬ ‫نفس ﱠما ُ ْ ِ َ‬
‫أخفي َ ُ‬ ‫تعلَ ُ‬
‫م َْ ٌ‬ ‫ولذت عينك‪ ،‬وأنت فيھا خالد" ) َفال َ َ ْ‬‫اشتھت نفسك‪ ،‬ﱠ‬
‫ُون( قال في آخرھا‪ :‬فما أعالھم منزلة؟ يقول موسى ‪-‬في‬ ‫يعمل َ‬ ‫بما َ ُ‬
‫كانوا َ ْ َ‬ ‫جزاء ِ َ‬
‫أعين َ َ ً‬ ‫َ‬
‫ْ ُ ٍ‬
‫الحديث األول‪ :-‬فما أعالھم منزلة؟ ھذا أدناھم‪ ،‬قال‪ :‬أولئك الذين أردت‪ ،‬غرزت كرامتھم‬
‫بيدي‪ ،‬وختمت عليھا فلم تر عين‪ ،‬ولم تسمع أذن‪ ،‬ولم يخطر على قلب بشر" ) َفال َ‬
‫ُون( فال إله إال ﷲ ما أرحم‬
‫يعمل َ‬ ‫بما َ ُ‬
‫كانوا َ ْ َ‬ ‫جزاء ِ َ‬
‫أعين َ َ ً‬ ‫لھم ِ ّمن ُ ﱠ ِ َ‬ ‫نفس ﱠما ُ ْ ِ َ‬
‫أخفي َ ُ‬ ‫َْ َ ُ‬
‫قرة ْ ُ ٍ‬ ‫تعلم َ ْ ٌ‬
‫ﷲ! وما ألطف ﷲ! وما أحلم ﷲ! ما أرحم ﷲ! نسأله برحمته التي وسعت كل شيء‬
‫أن يرحمنا برحمته‪ ،‬سبحانه وبحمده‪.‬‬
‫عفا‬
‫يزل مھما ھفا العبد َ َ‬
‫دائما *** وال َ‬
‫ونھفو َ ِ ً‬
‫يعفو‪ُ ْ َ َ ،‬‬
‫من َ ُ‬
‫سبحان َ ْ‬
‫ُ َ َ‬
‫يعطي الذي يخطى وال يمنعه *** جالله عن العطا لذي الخطا‬
‫واحدا؛‬
‫ً‬ ‫جزءا‬
‫ً‬ ‫خلق ﷲ الرحمة يوم خلقھا مائة رحمة‪ ،‬ثم أنزل إلى األرض رحمة واحدة أو‬
‫وجنھم وعجماواتھم ودوابھم وبھائمھم؛ فإذا كان يوم‬
‫فبه يتراحم الخلق كلھم‪ ،‬إنسھم ِ ﱡ‬
‫القيامة رفع ﷲ ھذه الرحمة إلى التسع والتسعين عنده جل جالله‪ ،‬فيتطاول إبليس‬
‫ستسعه في ذلك اليوم‪ ،‬فيا من رحمته‬
‫وھو في الموقف بعنقه يظن أن رحمة ﷲ َ َ َ‬
‫وسعت كل شيء ‪-‬ارحمنا برحمتك‪.-‬‬
‫ييأس من الجنة‪َ ِ َ ،‬‬
‫ولعمل للجنة‪ ،‬ووﷲ لو‬ ‫وﷲ لو يعلم الكافر ما عند ﷲ من الرحمة لم ْ ْ‬
‫أبدا حتى يضع أول قدم من‬
‫يعلم المؤمن ما أعد ﷲ من العذاب للكافرين لم يأمن النار ً‬
‫أقدامه في الجنة‪.‬‬

‫اخوتي في ﷲ؛ ھذا أدنى أھل الجنة وأعالھم‪ ،‬كأني بكم تقولون‪ :‬ما أزواجھم؟ وأقول‬
‫لكم‪ :‬ال إله إال ﷲ‪ ،‬ماذا يصف الواصفون في أزواج أھل الجنة‪ ،‬إنھن الحور‪ ،‬والحور ما‬
‫الحور يا عباد ﷲ؟ كواعب أتراب‪ ،‬لھن خدود كالورد والتفاح‪ ،‬ونھود كالرمان‪ ،‬وثغور كاللؤلؤ‬
‫قد ﱠ‬
‫رق خصر الواحدة‬ ‫المنظوم‪ ،‬فيا له من نعيم‪ ،‬وأي نعيم لمن فاز بحوريات أھل الجنة!‪ْ ،‬‬
‫منھن‪ ،‬وحاجبھا وأنفھا‪ ،‬وطال قوامھا وعنقھا وشعرھا‪ ،‬تجري الشمس من محاسن‬
‫وجھھا إذا برزت‪ ،‬ويضيء البرق من بين ثناياھا إذا ابتسمت‪ ،‬إذا قابلت زوجھا‪ ،‬فقل ما‬
‫تشاء في تقابل الشمس والقمر‪ ،‬إن حادثت فما ظنك بمحادثة المحبين‪ ،‬وإن ضمھا فما‬
‫خدھا‪ ،‬ويرى مخ ساقھا من وراء لحمھا‬
‫ظنك بتعانق الغصنين‪ ،‬يرى وجھه في صحن ِّ‬
‫وحللھا‪ ،‬لو طلعت على أھل الدنيا لمألت ما بين السماوات‬
‫وعظمھا وجلدھا وعصبھا ُ‬
‫وتكبيرا‪ ،‬لو طلعت لقالوا‪ :‬ال إله‬
‫ً‬ ‫تسبيحا وتھليال‬
‫ً‬ ‫ريحا‪ ،‬والستنطقت أفواه الخالئق‬
‫ً‬ ‫واألرض‬
‫إال ﷲ‪ ،‬وسبحان ﷲ والحمد ‪ 9‬وﷲ اكبر‪ ،‬لو طلعت لتزخرف لھا ما بين السماوات‬
‫واألرض‪ ،‬وألغمضت عن غيرھا كل عين‪ ،‬ولطمست ضوء الشمس كما تطمس الشمس‬
‫ضوء النجوم‪ ،‬وآلمن َمن على ظھر األرض با‪ 9‬الحي القيوم‪ ،‬خمارھا على رأسھا خير‬
‫من الدنيا وما فيھا‪ ،‬نصيفھا على رأسھا خير من الدنيا وما فيھا‪ ،‬ال تزداد على طول‬
‫حسنا وجماال‪ ،‬مبرأة من الحمل والوالدة والحيض والنفاس‪ ،‬مطھرة‬
‫ً‬ ‫الدھور واألحقاب إال‬
‫من المخاط والبصاق والبول والغائط وسائر األدناس‪ ،‬ال يفنى شبابھا‪ ،‬وال تبلى ثيابھا‪ ،‬ال‬
‫ُيمل طيب وصالھا‪ ،‬قد قصرت طرفھا على زوجھا؛ فھن قاصرات الطرف‪ ،‬ال تطمح ألحد‬
‫سرته‪ ،‬وإن أمرھا أطاعته‪ ،‬وإن غاب حفظته؛ فھي معه وھو‬
‫ﱠ‬ ‫سوى زوجھا‪ ،‬إن نظر إليھا‬
‫سرورا‪،‬‬
‫ً‬ ‫معھا في غاية األمان‪ ،‬لم يطمثھا قبله إنس وال جان‪ ،‬كلما نظرت إليه مألت قلبه‬
‫الخيرات‬
‫ِّ‬ ‫نورا‪ ،‬ھن‬
‫منظوما‪ ،‬وإذا برزت مألت القصر والغرفة ً‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫لؤلؤا‬ ‫وكلما حدثته مألت أذنه‬
‫ظنكم ‪-‬يا أيھا األخوة في ﷲ‪ -‬بامرأة إذا‬
‫العرض المتحببات إلى األزواج‪ .‬ما ﱡ‬
‫الحسان‪ ،‬ھن ُ ُ‬
‫ضحكت أضاءت الجنة كلھا من ضحكھا‪ ،‬إذا حاضرت زوجھا فيا لذة المحاضرة! ويا لذة‬
‫خاطرته فيا لذة المخاطرة والمعانقة!‪ ،‬وإن كلمته فيا لذة األسماع! فحديثھا‬
‫ْ‬ ‫الكالم! وإن‬
‫السحر الحالل‪.‬‬
‫وجز‬
‫لم تُ ِ ِ‬ ‫المحدث َ ﱠ َ‬
‫أنھا َ ْ‬ ‫ود ُ َ ِّ ُ‬
‫إن طال لم يملل وإن ھي حدثت *** ﱠ‬
‫عدلھا!‪ ،‬سبحان من أنشأھا!‪ ،‬سبحان من جعلھا‬
‫سبحان من صورھا!‪ ،‬سبحان من ﱠ‬
‫للمؤمنين الصادقين!‪ ،‬سبحان من جمعني وإياكم في روضة من رياض الجنة‪ ،‬وأسأل ﷲ‬
‫غنت ھذه الحورية فيا لذة‬
‫أن يجمعنا وإياكم في روضة من رياض الجنة عنده‪ .‬إن ﱠ‬
‫األسماع‪ ،‬ليس كغنائنا؛ ُفحش وخنا ومجون وتحلل‪ ،‬وبعضنا –يوم انتكست بصيرته‪ -‬يأخذ‬
‫ھذا الغناء ليدخله إلى بيته‪ ،‬ليفسد بيته‪ ،‬ولينشر الفحش في بيته‪ ،‬وليخرج مالئكة‬
‫الرحمن من بيته‪ ،‬وليدعو إلى الرذيلة في بيته‪ ،‬وينسى أن ھناك غناء قد يحرمه إن لم‬
‫قبلت فال‬
‫غنت الحورية فيا لذة األسماع واألبصار! وإن ﱠ‬
‫يتب إلى ﷲ –جل وعال‪ .-‬إن ﱠ‬
‫ُ‬
‫شيء أشھى من التقبيل‪ ،‬وإن آنست فيا لذة ُ‬
‫األنس بسماع الغناء والكالم والمحاضرة‪،‬‬
‫إنشاء‪.‬‬
‫ً‬ ‫ھؤالء حوريات أھل الجنة الذين أنشأھم ﷲ في الجنة‬
‫ﱠ‬
‫وصلين‪ ،‬ووحدن وتصدقن‪،‬‬ ‫حورا من نساء أھل الدنيا قمن بالتكاليف؛ صمن‪،‬‬
‫ً‬ ‫لكن ھناك‬
‫يكن في الجنة أفضل من حوريات أھل الجنة‪ ،‬فضال من ﷲ ونعمة‬
‫ﱠ‬ ‫وقمن بالتكاليف كلھا‬
‫لنساء أھل الدنيا‪ ،‬فطوبى المرأة غضت بصرھا عن محارم ﷲ‪ ،‬وطوبى المرأة اتجھت‬
‫إنشاء‪.‬‬
‫ً‬ ‫إلى ﷲ لتكون أفضل من حوريات أھل الجنة الذين أنشأھم ﷲ في الجنة‬

‫وأقف معكم ومع ]ابن الجوزي[ –عليه رحمة ﷲ‪ -‬في رياضه –رياض السامعين‪ -‬وھو‬
‫مشھدا من مشاھد نعيم أھل الجنة‪ ،‬حتى إنه ليتخايل ذلك النعيم‪ ،‬ويقول‪ :‬وﷲ‬
‫ً‬ ‫يصف‬
‫الجنة وخلودھم فيھا بال تنكيل وال تعب وال نصب وال‬
‫َ‬ ‫الجنة‬
‫ِ‬ ‫إني ألتخيل دخول أھل‬
‫صخب‪ ،‬يقول ‪ :‬فأكاد أطيش ويكاد طبعي يضيق عن تصديق ذلك لوال أن ﷲ عز وجل‬
‫ضمنه لنا‪ ،‬انظروا إليه وھو يصف ھذا المشھد‪ ،‬يقول‪ :‬يا‬
‫ِ‬ ‫ورسوله ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬‬
‫أيھا األخوة بينما رجل من أھل الجنة يتنعم فيما ال عين رأت‪ ،‬وال أذن سمعت‪ ،‬وال خطر‬
‫على قلب بشر‪ ،‬وإذا ببرق يضيء في الجنة‪ ،‬وھو مع حورية من حوريات أھل الجنة‬
‫يتنعم معھا‪،‬قال فيرفع رأسه فإذا ھو بحورية أجمل من التي بين يديه وإذا بھا تقول‪ :‬يا‬
‫ولي ﷲ أما لنا فيك جولة؟ أما لنا فيك نصيب؟‪ ،‬تعرض خدماتھا عليه تعرض نفسھا‬
‫لھم‬ ‫نفس ﱠما ُ ْ ِ َ‬
‫أخفي َ ُ‬ ‫عليه‪ ،‬فيقول با‪ 9‬من أنت؟ قالت‪ :‬أنا ممن قال ﷲ فيھن ) َفال َ َ ْ َ ُ‬
‫تعلم َ ْ ٌ‬
‫ُون( وكل ما في الجنة ُمذلل ألھل الجنة‪ ،‬فيطير‬ ‫يعمل َ‬ ‫بما َ ُ‬
‫كانوا َ ْ َ‬ ‫اء ِ َ‬
‫جز ً‬
‫أعين َ َ‬ ‫ِ ّمن ُ ﱠ ِ َ‬
‫قرة ْ ُ ٍ‬
‫تضعف بسبعين ألف جزء من النور عن التي كانت بين‬
‫بسريره إليھا‪ ،‬فيأتي وإذا ھي ْ ُ ُ‬
‫يديه ھناك‪ ،‬فيتعجب‪ ،‬ويقول‪ :‬لم؟! قالت‪ :‬ألنني صليت وصمت وعبدت ﷲ‪ ،‬أنا من نساء‬
‫أھل الدنيا‪ ،‬لم أتزوج في الدنيا؛ فأنا أعرض نفسي عليك‪ ،‬قال‪ :‬أو أنت لي؟! قالت‪ :‬نعم‬
‫عاما ال تمله‪ ،‬وال يملھا‪ ،‬تقف‬
‫ً‬ ‫جزاء من ﷲ لك‪ ،‬وجزاء من ﷲ لي‪ ،‬قال‪ :‬فيعتنقھا أربعين‬
‫رجليھا خالخل من ياقوت‪ ،‬إذا مشت سمع من خالخلھا صفير صوت كل‬
‫ْ‬ ‫يديه‪ ،‬وفي‬
‫بين ْ‬
‫طير في الجنة‪ ،‬فال إله إال ﷲ‪ ،‬أي نعيم ھذا النعيم؟ وھو يعتنقھا ينظر ليدھا اليمنى‬
‫وعده(‪ .‬يقول‪ :‬مكتوب بالنور على اليمن‬ ‫الذي َ َ َ َ‬
‫صدقنا َ ْ َ ُ‬ ‫‪ 9‬ﱠ ِ‬ ‫فإذا ھو مكتوب عليھا ) ْ َ ْ ُ‬
‫الحمد ِ‬
‫عنا ْ َ َ َ‬
‫الحزن( أما‬ ‫الذي َ ْ َ َ‬
‫أذھب َ ﱠ‬ ‫‪ 9‬ﱠ ِ‬ ‫وعده( وعلى اليسرى ) ْ َ ْ ُ‬
‫الحمد ِ‬ ‫الذي َ َ َ َ‬
‫صدقنا َ ْ َ ُ‬ ‫‪ 9‬ﱠ ِ‬ ‫) ْ َ ْ ُ‬
‫الحمد ِ‬
‫كفﱡھا ْ َ‬
‫فألين من المخ‪ُ ،‬يشم من رائحة كفھا رائحة كل طيب في الجنة‪ ،‬وھي تمشي‬
‫بين يديه‪ ،‬ثم يتمنى أن يمشين مشيات ومشيات؛ ألن كل مشية للحورية لھا لذة‬
‫ونعيم من نوع خاص‪ ،‬قال‪ :‬فيتمنى أن تمشي‪ ،‬فيقول لھا‪ :‬اشتقت إلى مشيتك‪ ،‬فيكون‬
‫معھا سبعون ألف وصيفة –كما يقول ابن الجوزي في رياض السامعين‪ -‬قال‪ :‬فيمشون‬
‫معھا بسبعين ألف مشية فيضع ﷲ لھم روضة من الكافور وروضة أخرى من الزعفران‬
‫فيمشين بسبعين ألف مشية في ھذه الروضة ويرجعن بسبعين ألف مشية في الروضة‬
‫طربا من مشيتھن لمات‪ ،‬ولكن خلود في الجنة وال‬
‫ً‬ ‫األخرى‪ ،‬لو قضى ﷲ الموت عليه‬
‫موت‪ ،‬لو َ َ َ ْ‬
‫تفلت في بحار الدنيا ألصبحت بحار الدنيا كلھا عذبة من تفال ھذه الحورية‪.‬‬
‫ثم يشتاق بعد ذلك إلى البخور‪ ،‬وكل ما في الجنة رائحة طيبة‪ ،‬قال‪ :‬فيأتين بمجامر من‬
‫در فيھا بخور من غير نار‪ ،‬قال‪ :‬فيمشين به تمشي رائحته في الجنة مسيرة مائة عام‪،‬‬
‫نزه بيته وأھله وأذنه التي أنعم‬
‫ثم يشتھي الغناء يا من صان سمعه عن الغناء‪ ،‬يا من ﱠ‬
‫ﷲ به عليه عن الغناء‪ ،‬يشتھي إلى الغناء فماذا يكون األمر؟ كيف يكون األمر يوم‬
‫يشتھي الغناء يا أيھا األخوة ؟ يقول‪ :‬يجتمعن وينزلن‪ ،‬فيجتمعن قسمين من النساء‬
‫المؤمنات الالئي كن في الدنيا قسم‪ ،‬وقسم آخر من نساء وحوريات أھل الجنة الالئي‬
‫أنشأھن ﷲ ‪-‬عز وجل‪ -‬في الجنة إنشاء‪ .‬فاسمع إلى كلمات ھؤالء واسمع إلى كلمات‬
‫ھؤالء‪ ،‬أما أھل الجنة الالئي ُأنشئن في الجنة فيقلن ‪:‬‬
‫الراضيات َفال يسخطن‬
‫نحن ﱠ ِ ُ‬‫ُ‬ ‫الخالدات َفال َ ُ ْ َ‬
‫يمتن ***‬ ‫نحن َ ِ ُ‬‫ُ‬
‫يبأسن‬
‫َ‬ ‫الناعمات فال‬
‫ُ‬ ‫نحن ﱠ‬
‫ُ‬ ‫يظعن ***‬
‫ﱠ‬ ‫المقيمات فال‬
‫ُ‬ ‫نحن‬
‫كرام‪ ،‬طوبى لمن كان لنا وكنا له‬
‫قوم ِ َ ٍ‬
‫ٍ‬ ‫أزواج‬
‫ُ‬ ‫الحسان‪،‬‬
‫الحور ِ َ‬
‫ُ‬ ‫نحن‬
‫ُ‬
‫فيرد نساء أھل الدنيا وحوريات أھل الجنة منھن‪:‬‬
‫صمتن‬
‫وما ُ ْ ُ ﱠ‬
‫الصائمات َ َ‬
‫ُ‬ ‫ﱠ ِ‬ ‫نحن‬
‫ُ‬ ‫المصليات وما ّ ﱠ ْ ُ ﱠ‬
‫صليتن ***‬ ‫نحن ُ َ ِ ّ ُ‬
‫ُ‬
‫وما َ َ ْ ﱡ ﱠ‬
‫عبدتن‬ ‫العابدات َ‬
‫نحن َ ِ َ ُ‬
‫ُ‬ ‫وما َ َ َ ْ ﱠ‬
‫تصدقتن ***‬ ‫المتصدقات َ‬
‫ُ‬ ‫نحن ُ‬
‫ُ‬
‫تقول ]عائشة[ ‪-‬رضي ﷲ عنھا‪ :-‬فغلبنھن‪ .‬أما موسيقاھن ‪-‬يا من سمع ھذه الكلمات‪-‬‬
‫ال فحش وال خنا‪ ،‬ال فجور وال تحلل‪ ،‬وليس كھذا الغناء‪ ،‬وإنما خلود بال موت إقامة بال‬
‫ظعن‪ ،‬نعيم بال بأس‪ ،‬صالة وصدقة وصيام‪ ،‬وكل يفخر بھذا النعيم‪.‬‬
‫نزه نفسه عن الموسيقى في ھذه الحياة‪ ،‬فيرسل ﷲ ريحه فتھز‬
‫أما موسيقاھن يا من ﱠ‬
‫صوتا يشبه صفير كل صوت طير في الجنة؛ فال تسل‬
‫ً‬ ‫ذوائب أغصان أشجار الجنة فتحدث‬
‫عن ذاك النعيم‪ ،‬وھن يغنين بأصواتھن الرخيمات اللذيذات‪ ،‬لو قضى ﷲ الموت على أھل‬
‫طربا بھذا الغناء لماتوا‪ ،‬ولكن خلود بال موت‪.‬‬
‫ً‬ ‫الجنة‬
‫ريحا تلذ لمسمع اإلنسان‬
‫ً‬ ‫ريحا تھز ذوائب األغصان‪،‬‬
‫ً‬ ‫قال ابن عباس‪ :‬ويرسل ربنا‬
‫كالنغمات باآلذان يا خيبة اآلذان ال تتبدلي بلذاذة األوتار والعيدان‪ ،‬خابت أذن تركت ذاك‬
‫خير(‬
‫ھو َ ْ ٌ‬
‫بالذي ُ َ‬ ‫ھو َ ْ َ‬
‫أدنى ِ ﱠ ِ‬ ‫ُون ﱠ ِ‬
‫الذي ُ َ‬ ‫وتلذذت باألوتار والعيدان المحرمة ) َ َ ْ َ ْ ِ‬
‫أتستبدل َ‬ ‫ﱠ‬ ‫النعيم‪،‬‬
‫خير( ھذا مشھد من مشاھد أھل الجنة‪ ،‬جعلنا‬ ‫ھو َ ْ ٌ‬
‫بالذي ُ َ‬ ‫ھو َ ْ َ‬
‫أدنى ِ ﱠ ِ‬ ‫ُون ﱠ ِ‬
‫الذي ُ َ‬ ‫)ََ ْ َ ْ ِ‬
‫أتستبدل َ‬
‫ﷲ وإياكم من أھل الجنة‪ ،‬لھذا كله بادر المبادرون‪ ،‬وتنافس المتنافسون يوم سمعوا بما‬
‫سمعوا من ھذا الوصف‪ ،‬ماذا كان منھم يا عباد ﷲ؟‬
‫أحدھم قال‪ :‬ألشترين حورية من الحور العين بثالثين ختمة للقرآن ال أنام حتى أختم‬
‫تسعا وعشرين فيغلبه النوم فينام فيرى حورية من حوريات‬
‫ً‬ ‫ھذه الثالثين ختمة‪ ،‬ويختم‬
‫أھل الجنة تأتي فتركله برجلھا‪ ،‬وتقول‪:‬‬
‫حرام‬
‫عني َ َ‬
‫المحبين ِّ‬
‫ونوم ُ ِ ّ َ‬
‫ُ‬ ‫تنام ***‬
‫وعني َ َ ُ‬
‫ِّ‬ ‫مثلي‬
‫ُب ْ ِ‬
‫أتخط ُ‬
‫القيام‬
‫كثير ِ‬
‫ِ‬ ‫الصالة‬
‫ِ‬ ‫امرئ *** َ ِ‬
‫كثير‬ ‫ٍ‬ ‫لكل‬
‫ِّ‬ ‫خلق َنا‬
‫ألنا ُ ِ ْ‬
‫فقام بعدھا‪ ،‬وأكمل ذلك واجتھد‪ ،‬وقال‪ :‬برحمة ﷲ ألجتھدن إلى أن أنال ھذه؛ إلى أن‬
‫أنال ھذه الحورية‪] ،‬وأبو سليمان الدارني[ –عليه رحمة ﷲ‪ -‬ينام ليلة من الليالي‪ ،‬عابد‬
‫عبد ﷲ‪ ،‬وأخلص ‪ ،9‬وصدق مع ﷲ‪ ،‬يمني نفسه بما في الجنة من نعيم‪ ،‬فيقول‬
‫زاھد َ‬
‫أحيانا تحدث بما ترغب وبما تريد وبما تحب‪ -‬قال‪:‬‬
‫ً‬ ‫نائما والنفس‬
‫في ليلة من الليالي – ً‬
‫فرأيت –فيما يرى النائم‪ -‬كأن حورية جاءتني‪ ،‬وقالت‪ :‬ما ھكذا يفعل الصالحون –يا أبا‬
‫سليمان‪ -‬أتنام وأنا أربى لك في الخدور من خمسمائة عام‪ .‬ال إله إال ﷲ؛ فما نام بعدھا‬
‫إال قليال؛ جد وطلب ليلحق بھا‪ .‬وأبو سليمان كانت له رحلة الحج المعروفة‪ ،‬والتي‬
‫ذكرھا صاحب حادي األرواح ‪-‬عليه رحمة ﷲ‪ -‬يقول‪ :‬رافقه شاب عراقي في طريقه إلى‬
‫مصليا؛ نركب فيتلو القرآن‪ ،‬ننزل‬
‫ً‬ ‫تاليا أو‬
‫ً‬ ‫باكيا أو‬
‫ً‬ ‫الحج‪ ،‬قال‪ :‬فما رأيت ھذا الشاب إال‬
‫فنصلي فيصلي‪ ،‬ويذكر ﷲ‪ ،‬ال يتكلم بكالم إال بذكر ﷲ أو بالصالة والقيام‪ ،‬قال‪ :‬فقلت‪ :‬ال‬
‫أسأله وال أشغله‪ ،‬وعندما رجعنا من رحلة الحج‪ ،‬ووصلنا إلى بالد العراق‪ .‬قال‪ :‬قلت له‪:‬‬
‫ھيجك على العبادة ال‬
‫ھيجك على العبادة؟ ما الذي ﱠ‬
‫أيھا الشاب أسألك با‪9‬؛ ما الذي ﱠ‬
‫تفتر عنھا؟ قال‪ :‬يا [أبا سليمان[ أما إن سألتني؛ فإني رأيت ‪-‬فيما يرى النائم‪ -‬حورية‬
‫في قصر من ذھب‪ ،‬وقصر من فضة‪ ،‬له شرفتان من زبرجد وياقوت‪ ،‬وبينھما ھذه الحورية‬
‫جد إلى ﷲ في طلبي؛ فإني‬
‫أر جماال كذاك الجمال‪ ،‬وھي تقول لي‪ّ ِ :‬‬
‫مرخية شعرھا لم َ‬
‫أربى لك في الخدور من خمسمائة عام‪ ،‬فوﷲ برحمة ﷲ‪ ،‬وأقسم على ﷲ برحمته‪:‬‬
‫ھيجھم ذكر‬
‫ألجتھدن حتى أصلھا أو أھلك دونھا‪ .‬وﷲ ال أرتاح حتى أبلغ تلك المنزلة‪ ،‬ﱠ‬
‫ﱠ‬
‫طيرت الجنة نوم العابدين من جفونھم‪ ،‬فتركوا الفراش‪ ،‬واتجھوا إلى‬
‫الجنة إلى الجنة‪ ،‬ﱠ‬
‫ربھم َ ْ ً‬
‫خوفا‬ ‫يدعون َ ﱠ ُ ْ‬ ‫عن ْ َ َ ِ‬
‫المضاجعِ َ ْ ُ َ‬ ‫تتجا َفى ُ ُ ُ ُ ْ‬
‫جنوبھم َ ِ‬ ‫ﷲ في أسحارھم وفي لياليھم ) َ َ َ‬
‫وقياما يأتي أحدھم‪ ،‬فيفرش فراشه‪،‬‬
‫ً‬ ‫سجدا‬
‫ً‬ ‫ينفقون( يبيتون لربھم‬ ‫ومما َ َ ْ َ ُ ْ‬
‫رزقناھم ُ ِ ُ َ‬ ‫َ َ َ ً‬
‫وطمعا َ ِ ﱠ‬
‫ثم يضع يده عليه‪ ،‬ويقول‪ :‬وﷲ إنك َ َ ِ ّ ٌ‬
‫للين‪ ،‬لكن فراش الجنة ْ َ‬
‫ألين‪ ،‬فيقوم ليله كله ال ينام‪،‬‬
‫جدوا إلى ﷲ؛ ألنھم علموا ما عند ﷲ‪ ،‬وكأني بكم تقولون‪ :‬ھل في‬
‫ھكذا –يا عباد ﷲ‪ َ -‬ﱡ‬
‫الجنة سوق؟ وال إله إال ﷲ –أيھا األخوة‪ -‬كيف حال أسواقنا ھذه األيام؟ أسواقنا أشغلت‬
‫المصلين عن صالتھم‪ ،‬وأشغلتھم عن ذكر ﷲ حتى يوم ُيذكر ﷲ يھربون من المساجد‬
‫إلى األسواق‪ ،‬إلى مجتمع الشياطين‪ ،‬أسواقنا فيھا ماال يعلمه إال ﷲ‪ ،‬ونسأل ﷲ أن‬
‫ردا جميال؛ فما حالھا سيئ في أسواقھا بل‬
‫يعدل حال ھذه األسواق‪ ،‬وأن يرد األمة إليه ً‬
‫ردا جميال‬
‫حالھا سيئ في كثير وكثير‪ ،‬لكن نسأله برحمته أن يردنا إليه ً‬
‫أما سوق أھل الجنة فلھم سوق لكن أي سوق يا عباد ﷲ؟ سوقھم يوم الجمعة‪ ،‬يوم‬
‫الجمعة من شرفه إنه سوق – ً‬
‫أيضا‪ -‬ألھل الجنة؛ يأتون كل جمعة‪ ،‬فيركبون نجائبھم‪،‬‬
‫ودوابھم من ذھب وفضة ولؤلؤ إلى كثبان المسك‪ ،‬فيجلسون عليھا‪ ،‬ثم يأتيھم الريح‪،‬‬
‫فتأخذ من كثبان المسك‪ ،‬فترمى في وجوھھم‪ ،‬وفي نواصي خيلھم ونواصي دوابھم‪،‬‬
‫حسنا وجماال‪ ،‬فيقول أھلھم وزوجاتھم من الحوريات‪:‬‬
‫ً‬ ‫فيرجعون إلى أھلھم‪ ،‬وقد ازدادوا‬
‫حسنا وجماال‪.‬‬
‫ً‬ ‫حسنا وجماال‪ ،‬فيقولون‪ :‬وأنتم ‪-‬وﷲ‪ -‬بعدنا لقد ازددتم‬
‫ً‬ ‫وﷲ لقد ازددتم‬
‫ھذا ھو سوق أھل الجنة سوق أھل الجنة يا من أشغله سوق الدنيا عن طلب سوق‬
‫الجنة‪ ،‬اتق ﷲ‪ ،‬وتاجر مع ﷲ‪ ،‬وإياك إياك أن تقصر رجلك عن مثل ھذه المجتمعات‪،‬‬
‫ومثل ھذه الروضات‪ ،‬كم من إنسان قصر رجله عن مثل ھذا المسجد‪ ،‬فقصرت به قدمه‬
‫ﱠ‬
‫وزلت به من على الصراط إلى كالليب النار‪ .‬نسأل ﷲ العافية والسالمة‪ُ ،‬يعد ﷲ ‪-‬عز‬
‫وجل‪ -‬للذين يأتون إلى المساجد نزال في الجنة كلما غدوا‪ ،‬وكلما راحوا فضال منه‬
‫ونعمة‪ ،‬نعيم الجنة ال ينفد‪ ،‬نعيم الجنة ال يبيد‪ ،‬نعيم الجنة ال يوصف‪ ،‬وإن من أعظم نعيم‬
‫أھل الجنة ‪-‬يا أيھا األخوة‪ -‬حلول رضوان ﷲ ‪-‬جل وعال‪ -‬على عباده في الجنة‪ ،‬ھذا من‬
‫جل جالله‬
‫أعظم النعيم الذي ينالونه‪ ،‬وأعظم من ذلك التلذذ بالنظر إلى وجه ﷲ الكريم ‪ّ -‬‬
‫وتقدست أسماؤه‪ -‬ذلك اليوم يسمى يوم المزيد يوم زيارة العزيز الحميد تصور نفسك‬
‫وﷲ ‪-‬عز وجل‪ -‬يستزيرك ويزورك‪ ،‬ال إله إال ﷲ‪ .‬يا أيھا االخوة ‪.‬‬
‫استمع ومثل نفسك في روضات الجنة يوم يأتيك المنادي ينادي أنت وأھل الجنة‪ :‬يا‬
‫أھل الجنة إن ربكم يستجيركم‪ ،‬فحي على زيارته‪ ،‬ال إله إال ﷲ‪ ،‬من السائل جل‬
‫سمعا وطاعة وينھضون إلى‬
‫ً‬ ‫جالله‪ ،‬وتقدست أسماؤه‪ ،‬سبحانه ال إله إال ﷲ‪ ،‬يقولون‪:‬‬
‫الزيارة مبادرين‪ ،‬وإذ بالنجائب أعدت لھم يستوون على ظھورھا‪ ،‬وينھضون‪ ،‬فيستوون‬
‫موعدا‪ ،‬ثم يأمر الرب ‪-‬‬
‫ً‬ ‫إلى الوادي األفيح المبارك على كثبان المسك التي جعلت لھم‬
‫فينصب‪ ،‬ثم يأمر بمنابر ألھل الجنة منابر منوعة على قدر‬
‫تبارك وتعالى‪ -‬بكرسيه‪ُ ،‬‬
‫األعمال؛ من ذھب‪ ،‬من فضة‪ ،‬من لؤلؤ‪ ،‬من نور‪ ،‬من ياقوت من زبرجد‪ ،‬وأدناھم –وما‬
‫فيھم دنيء‪ -‬على كثبان المسك؛ فال إله إال ﷲ‪ ،‬ما أعظم نعيم ﷲ في الجنة! حتى إذا‬
‫استقروا في مجالسھم‪ ،‬واطمأنت بھم أماكنھم‪ ،‬نادى المنادي مرة‪ :‬يا أھل الجنة إن‬
‫موعدا‪ ،‬فيقولون –وقد رضوا بما‬
‫ً‬ ‫موعدا عند ﷲ يريد أن ُينجزكموه‪ ،‬يريد أن يعطيكم‬
‫ً‬ ‫لكم‬
‫أتاھم من النعيم‪ :-‬ألم يثقل موازيننا سبحانه وبحمده؟ ألم يزحزحنا عن النار؟ ألم يدخلنا‬
‫الجنة؟ ألم يبيض وجوھنا؟ فبينا ھم كذلك إذ سطع لھم نور أشرقت له الجنة‪ ،‬ورفعوا‬
‫رءوسھم؛ فإذا الجبار–جل جالله وتقدست أسماؤه‪ -‬قد أشرف عليھم من فوقھم‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫يا أھل الجنة سالم عليكم‪ ،‬فيردون بصوت واحد‪ :‬اللھم أنت السالم‪ ،‬ومنك السالم‪،‬‬
‫خيرا من رب‬
‫ً‬ ‫نعدم‬
‫تباركت يا ذا الجالل واإلكرام‪ ،‬ثم يضحك ﷲ لھم‪ .‬يقول أحد األعراب‪ :‬ال ُ َ‬
‫يضحك‪ ،‬ثم يقول‪ :‬يا أھل الجنة‪ ،‬يا من أطاعوني بالغيب ولم يروني ھذا يوم المزيد‪،‬‬
‫أرض عنكم لم أسكنكم جنتي‪،‬‬
‫َ‬ ‫فسلوني‪ ،‬فيقولون‪ :‬ربنا قد رضينا فارض عنا‪ .‬قال‪ :‬لو لم‬
‫أبدا‪ ،‬ھذا يوم المزيد فسلوني‪ ،‬ال إله إال ﷲ‪ ،‬ما‬
‫أحللت عليكم رضواني‪ ،‬ال أسخط عليكم ً‬
‫أرنا‬
‫عرضا‪ ،‬فيقولون‪ِ :‬‬
‫ً‬ ‫أكرم ﷲ! ال إله إال ﷲ‪ ،‬ما أرحم ﷲ! يا أيھا األخوة يعرض عليھم‬
‫وجھك نتلذذ بالنظر إليه‪ ،‬فيكشف لھم الرب –جل جالله‪ -‬الحجب‪ ،‬ويتجلى لھم‪،‬‬
‫نور‬
‫ﷲ ُ ُ‬
‫ويغشاھم من النور‪،‬ما لوال أن ﷲ –عز وجل‪ -‬قضى أال يحترقوا الحترقوا من نوره ) ُ‬
‫واألرض( ال يبقى أحد في ذلك المجلس إال حاضر ربه محاضرة‪ ،‬وكلم ربه‬
‫السماواتِ َ ْ ِ‬
‫ﱠ َ َ‬
‫كفاحا بال ترجمان يقول ﷲ ألم تعمل كذا في يوم كذا ألم تعمل كذا ألم تعمل كذا‬
‫فيذكره ببعض غدراته وزالته فيقول يارب ألم تغفر لي قال بمغفرتي بلغت ما بلغت فيا‬
‫لذة األسماع بتلك المحاضرة ويا قرة عيون األبرار بالنظر إلى وجه الكريم الغفار ) وجوه‬
‫يومئذ ناضرة إلى ربھا ناظرة(‪.‬‬
‫ٍ‬
‫فكيف تعلم فإن كنت ال تدرى فتلك مصيبة وإن كنت تدرى فالمصيبة أعظم ھذه بعض ما‬
‫أعده ﷲ عز وجل لنا من النعيم في الجنة يجمع ھذا كله قول المصطفى صلى ﷲ‬
‫عليه وسلم كما في الصحيحين قال ﷲ عز وجل أعدت لعبادي الصالحين ماال عين رأت‬
‫وال أذن سمعت وال خطر على قلب بشر‬
‫ُون( إنھا الجنة وكفى‪،‬‬
‫يعمل َ‬ ‫بما َ ُ‬
‫كانوا َ ْ َ‬ ‫جزاء ِ َ‬
‫أعين َ َ ً‬ ‫)فال تعلم نفس ما أخفى لھم من ُ ﱠ ِ َ‬
‫قرة ْ ُ ٍ‬
‫إنھا الفردوس وكفى‪ ،‬إنھا طوبى وكفى‪.‬‬
‫يتنعم‬
‫لذاتٍ بھا َ َ َ ﱠ ُ‬
‫وأصناف ﱠ‬
‫ُ‬ ‫مسرة ***‬
‫ٍ‬ ‫حشوھا من َ‬
‫ْ ِ َ‬ ‫ﱠ‬
‫فلله ما ِفي‬
‫يبسم‬
‫ِ ُ‬ ‫الروضاتِ‬
‫والثغر ِفي ﱠ‬
‫ﱠْ ُ‬ ‫وروضاتھا‬
‫خيامھا *** َ َ ْ َ َ‬
‫بين ِ ِ‬
‫العيشِ ْ َ‬ ‫ِ‬
‫و‪ 9‬درب َ‬
‫منھم‬
‫ُ ُ‬ ‫كنت‬
‫َ‬ ‫موعد *** المزيد ِ َ ْ ِ‬
‫لوقت الحب لو‬ ‫ٌ‬ ‫ھو‬ ‫واديھا ﱠ ِ‬
‫الذي ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫و‪9‬‬

‫موالھم ُ ِ ّ ُ‬
‫ويسلم‬ ‫ُ ُ‬ ‫يخاطبھم َ‬
‫ِ ُ ُ‬ ‫عندما *** ُ‬
‫َ‬ ‫المحبين‬
‫ِّ َ‬ ‫و‪ُ َ ْ 9‬‬
‫أفراح‬
‫أعظم‬
‫ُ‬ ‫الفجر‬
‫تبسمت *** أضاء لھا نور من َ ْ ِ‬
‫ْ‬ ‫إن‬
‫حورية ْ‬
‫ٍ‬ ‫كم‬
‫و‪ْ 9‬‬
‫ھي ْ َ ْ‬
‫أقبلت *** ويا لذة األسماع حين تكلم‬ ‫إن ِ َ‬
‫األبصار ْ‬
‫ِ‬ ‫لذة‬
‫فيا ﱠ َ‬
‫َ‬
‫المقدم‬ ‫المھر َ ْ َ‬
‫فھو ُ ﱠ ُ‬ ‫زمان َ ِ‬
‫ُ‬ ‫باغيا *** فھذا‬
‫كنت َ ِ ً‬
‫إن ْ َ‬ ‫ِ‬
‫الحسناء ْ‬ ‫خاطب‬
‫ِ َ‬ ‫فيا‬
‫يقدم‬ ‫فما َ َ ِ‬
‫فاتت ّ ُ‬
‫اللذات َمن ليس َ ْ ُ ُ‬ ‫قنع بعيشٍ ُمنغصٍ *** َ َ‬ ‫ْ ِ ْ‬
‫فأقدم وال ت ْ‬
‫منزل لك ُ ْ َ ُ‬
‫يعلم‬ ‫بأسرھا *** َ ْ‬
‫ولم يكن فيھا َ ِ ٌ‬ ‫ِ‬ ‫عليك‬
‫َ‬ ‫الدنيا‬
‫َ‬ ‫ضاقت‬
‫ْ‬ ‫وإن‬
‫المخيم‬
‫ُ‬ ‫فإنھا *** منازل َُنا ُ َ‬
‫األولى وفيھا‬ ‫عدن ﱠ‬
‫ٍ‬ ‫فحي على جناتِ‬
‫ﱠ‬

‫يا أيھا األخوة في ﷲ لما علم الصالحون ھذا النعيم ورأوا أن الفرصة قائمة وأن السوق‬
‫رائجة وأن الثمن الجنة رفعوا رؤوسھم فنظروا إلى األعالم فإذا ھي أعالم الجنة قد‬
‫نصبت فشمروا شمروا إليھا فماذا عملوا قدموا أموالھم وقدموا دمائھم وقدموا أوقاتھم‬
‫وقدموا كل ذرة وكل نفس من حياتھم ثمنا للجنة ففازوا وأفلحوا يحدوھم في ذلك؛ ماذا‬
‫يحدوھم؟ يحدوھم ترغيب المصطفى صلى ﷲ عليه وسلم إلى الجنة ونعيمھا يوم كان‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم ال يضع جائزة إال الجنة على أي عمل من األعمال يقول النبي‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم على سبيل األمثلة في الجوائز من يجھز جيش العسرة وله‬
‫الجنة من يشتري بئر رومة وله الجنة من يعمل كذا وله الجنة من أقبل ھذا اليوم ولم‬
‫يدبر صادقا محتسبا فله الجنة وتجده يرفعھم إلى الجنة دائما ال يضع شيئا ماديا عندنا‬
‫دنيوي وإنما يرفعھم على زخرف الدنيا إلى الجنة ونعيمھا أرأيتم إليه يوم يأتيه ]خالد بن‬
‫الوليد[ رضي ﷲ عنه وأرضاه يوم يرسل إليه قميص مخوصا بالذھب والقميص ھذا‬
‫]األكيدر[ ملك دومة الجندل يوم ذھب إليه خالد فأخضعه واستأسره وأخذ قميصه الذي‬
‫عليه مخوصا بالذھب موشا بالذھب فأرسله للمصطفى صلى ﷲ عليه وسلم يوم كنا‬
‫نغزوا وال نغزى يوم كنا نفرض شروطنا وال تفرض علينا الشروط‬
‫كم صرفتنا يد كنا نصرفھا *** وبات يملكنا شعب ملكناه‬
‫رباه ارفع ما باألمة رباه ارفع ما باألمة فإنھا قد ذلت وأي ذل وال رافع لھذا الذل إال أنت‬
‫سبحانك وبحمدك يا أيھا األخوة يوم جاء النبي صلى ﷲ عليه وسلم ھذا القميص نظر‬
‫الصحابة وتجمعوا وقالوا قميص من ذھب والواحد منھم ما يجد ما يستر به سوءته‬
‫أعجبوا بھذا فقام النبي صلى ﷲ عليه وسلم ليرفعھم عن ھذا الزخرف قال كما في‬
‫]البخاري[ أتعجبون من ھذا لمناديل ]سعد بن معاذ[ في الجنة خير من ھذا وﷲ لبعض‬
‫ذاك المنديل خير من ھذا عند ﷲ جل وعال فكان يرفعھم فارتفعوا ھا ھو أولھم ھا ھو‬
‫خير من دب على الثرى بعد األنبياء والمرسلين أبو بكر رضي ﷲ عنه وأرضاه الذي كان‬
‫سند للمصطفى صلى ﷲ عليه وسلم قدم ماله وقدم أھله وقدم كل شيء في سبيل‬
‫ﷲ يريد ما عند ﷲ فماذا أرسل ﷲ له فماذا قدم ﷲ له من جائزة اسمعوا إليه يوم‬
‫يأتيه محمد صلى ﷲ عليه وسلم يدعوه ويدعوني ويدعوك ويدعو كل إنسان إلى قيام‬
‫الساعة فيقول قولوا ال إله إال ﷲ تفلحوا يريد أن ينقذھم من النار لكن بعض الناس‬
‫كالفراش ال يزال يرى النور فيتركه ويرمي بنفسه في النار فيقول أبو بكر ماذا قال قال‬
‫أنفكر ننظر في ھذا األمر قال ما جربت عليك كذبا أشھد أنك رسول ﷲ وأشھد أن ال إله‬
‫إال ﷲ قبل ذلك مد يدك أبايعك فكانت أول يد امتدت إلى المصطفى صلى ﷲ عليه‬
‫وسلم ھي يد أبي بكر يد أبي بكر رضي ﷲ عنه الذي ھضم حقه والذي لعنه بعض‬
‫الذين أخذ ﷲ سمعھم وأبصارھم فرضي ﷲ عنه وأرضاه ولعن من أبغضه وعاداه يا أيھا‬
‫األخوة ھل وقف أبو بكر وقال ال إله إال ﷲ ‪ .‬ال وﷲ بل قام بعد ذلك كلما سمع أمرا‬
‫للمصطفى صلى ﷲ عليه وسلم وجاءه الصادون عن سبيل ﷲ يقولون يقول صاحبك‬
‫كذا وكذا يقول رسولك كما تزعم كذا وكذا يوم عرج به إلى السماء قالوا نضرب أكباد‬
‫اإلبل إلى بيت المقدس شھرا ويقول ذھب في ليلة وعرج به إلى السماوات وعاد إلى‬
‫ھنا كانوا يظنون أن أبا بكر سيقول ال أما ھذه فال قال إن كان قال فقد صدق يا ليتھا‬
‫عنوان لنا يا ليت ذلك عنوان لنا في كل لحظة من لحظاتنا يوم نسمع أوامر المصطفى‬
‫يوم نسمع أحاديث المصطفى نقول إن كان قال فقد صدق سمعنا وأطعنا قال إن كان‬
‫قال فقد صدق ھل اكتفى بالتصديق فقط ال خرج من عند المصطفى صلى ﷲ عليه‬
‫وسلم وھو لم يحفظ سوى بعض آيات من القرآن لكنه رأى أن المسئولية عظيمة وأن‬
‫الخطب جسيم وأن المؤمن له دور في بيته وفى مجتمعه له دور سيسأله ﷲ يوم يقف‬
‫بين يديه ماذا قدم لھذا الدين ماذا عمل لھذا الدين فخرج فذھب وعاد وقد أدخل ستة‬
‫من العشرة المبشرين بالجنة في دين ﷲ فال إله إال ﷲ يأتي يوم القيامة وقد أدخل‬
‫في دين ﷲ ستة من العشرة المبشرين بالجنة يأتي وھم في ميزانه يوم يلقى ﷲ‬
‫جل وعال ھل اكتفى بذلك ال بل صفى تجارته وصفى أمواله صفى أربعين ألفا في يوم‬
‫واحد ثم أخذھا جميعھا فإلى أين يذھب رأى المستضعفين من المسلمين رأى الموالي‬
‫الذين شھدوا أن ال إله إال ﷲ يوم رفض الشرفاء كما يزعمون والكبراء رآھم يستضعفون‬
‫رآھم يزلون خشي عليھم أن يفتنوا في دينھم فقال أتاجر مع ﷲ ونعمة التجارة في‬
‫شراء ھؤالء وإعتاقھم لوجه ﷲ تعالى يمر على ]بالل[ في بطاح >مكة< يا أھل مكة‬
‫وأنتم تعلمون شدة الحر في ھذه البطاح يمر عليه في الرمضاء وھو يضرب ويوضع فيھا و‬
‫توضع الحجارة على صدره رضي ﷲ عنه وأرضاه وإذ به يقول أحد أحد يتعلق با‪ 9‬فيقول‬
‫له أحد ينجيك أحد ينجيك يعني ﷲ األحد سينجيك يا بالل ويذھب وھو يحترق لما يرى‬
‫ھل جلس في بيته وبقي يتكلم ويقول إنا ‪ 9‬وال حول وال قوة إال با‪9‬؟ ال ذھب وأخذ‬
‫خمسة أواقي من ذھب من حر ماله وأخذھا في يده وذھب بھا إلى ]أمية بن خلف[‬
‫إلى سيد ھذا مع أن بالل سيد له ما كان سيدا الكافر أبدا ذھب إليه وقال ھذه خمس‬
‫أواقي من ذھب أتبيعني بالال قال أبيعك ال خير فيه ألنه استعصى عليه ورفض أن‬
‫ينساق معه إلى النار فأخذ منه الخمس أواق وقال وﷲ لو أبيت إال أوقية واحدة‬
‫ألعطيتك ]بالال[ زھدا فيه قال وﷲ لو أبيت إال مائة أوقية من ذھب ألعطيتك إياھا ألن‬
‫ألبي بكر معايير ومقاييس ليست لذاك وألمثاله ذاك من الذين أخذ ﷲ سمعھم‬
‫وأبصارھم ھل وقف عند ذلك قام المستھزئون وقام الساخرون يقولون ما أنفق أبو بكر‬
‫ھذا المال وأعتق بالل إال ليد كانت لبالل عنده لنعمة لمعروف قدمه بالل يريد أن يكافئه‬
‫أبو بكر لكن الرد من من يدافع عن الذين آمنوا الرد من الذي يعصمك من الناس الرد من‬
‫ﷲ جل وعال يأتي فورا ينزل به جبريل على المصطفى صلى ﷲ عليه وسلم )وما ألحد‬
‫عنده من نعمة تجزى( ما ألحد عند أبى بكر من نعمة تجزى إال ابتغاء وجه ربه األعلى‬
‫ما جزاؤك يا أبا بكر )ولسوف يرضى( من الذي وعده بالرضى الذي خلقه والذي أمره‬
‫والذي أعد له ما أعد والذي جعل إعتاق األرقاء من أعظم األعمال التي يعملھا ھل‬
‫توقف أبو بكر عند ھذا ال وﷲ ما توقف وما كان له أن يتوقف ووﷲ لو استرسلنا في‬
‫كالمنا عن أبي بكر لما كفانا ھذا المجلس وال مجالس آخر وال مجالس آخر ولكن‬
‫حسبنا منه ھذه المواقف ماذا أعد ﷲ له عز وجل يدعى يوم القيامة من أبواب الجنة‬
‫الثمانية كل مع باب أما أبو بكر فمن أبواب الجنة الثمانية يدعى يوم القيامة كما أخبر‬
‫بذلك المصطفى صلى ﷲ عليه وسلم ھل أبو بكر فقط ننتقل لغيره لنرى ونعلم أن‬
‫ھناك رجاال قد قدموا وأننا إذا مشينا على ما مشوا عليه واقتدينا بما اقتدوا به وصلنا‬
‫إليھم بإذن ﷲ جل وعال جاءت المصطفى صلى ﷲ عليه وسلم تحصل خصومة كما قال‬
‫]البخاري[ عليه رحمة ﷲ كما روي ]البخاري[ عليه رحمة ﷲ حصلت خصومة بين يتيم‬
‫وصحابي على نخلة والناس على الدنيا تجد النزاع بينھم عظيما ولم يخل منه حتى‬
‫عھد المصطفى صلى ﷲ عليه وسلم كان ھناك بستان لھذا الصحابي وبستان آخر‬
‫لھذا اليتيم وبينھما نخلة وھذا اليتيم ال زال لم يدرك حق اإلدراك فقال ھذا الصحابي‬
‫ھذه النخلة لي وقال ھذا اليتيم الصغير ھذه النخلة لي تشاجرا فذھب اليتيم فاشتكي‬
‫ھذا الصحابي إلى المصطفى صلى ﷲ عليه وسلم فأحضر ھذا الصحابي وقال ھذا‬
‫الطفل أو ھذا اليتيم يشكوك أو كما قال صلى ﷲ عليه وسلم في نخلة أخذتھا له قال‬
‫وﷲ ما كان ذلك لي يا رسول ﷲ وما كنت آلخذ نخلته قال النبي صلى ﷲ عليه وسلم‬
‫إذا نخرج ونعاين خرج النبي صلى ﷲ عليه وسلم لم يعتمد على كالم ھذا وال ھذا‬
‫وإنما خرج ليعاين البستانين ويعاين النخلة تواضع منه صلى ﷲ عليه وسلم وحكم عدل‬
‫ألنه يأخذ عن العدل سبحانه وتعالى خرج وذھب وعندما وصل إلى ذاك المكان فإذا‬
‫بالنخلة في بستان الصحابي واضحة جلية فھل يعطف على ھذا اليتيم فيحكم بغير‬
‫حكم ﷲ ال ما كان ذلك لرسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم فحكم بالنخلة للصحابي‬
‫فزرفت دموع اليتيم على خديه فأراد النبي صلى ﷲ عليه وسلم أن يجبر كسر قلب‬
‫ھذا اليتيم ألنه لم يدرك الحق فقال لھذا الصحابي أتعطيه ھذه النخلة ولك بھا عزق في‬
‫الجنة عزق نخل في الجنة مقابل ھذه النخلة لكن الصحابي كان في وقت غضب إذ‬
‫كيف يشكوه والحق له ويشكوه إلى من إلى المصطفى صلى ﷲ عليه وسلم فيذھب‬
‫وكان في الجلسة رجل يتمنى مثل ھذه الفرصة اسمه ]أبو الدحداح[ رضي ﷲ عنه‬
‫وأرضاه قال يا رسول ﷲ ألن اشتريت ھذه النخلة وأعطيتھا ھذا اليتيم ألي العزق في‬
‫الجنة قال لك ذلك فيلحق بھذا الصحابي ويقول أتبيعني ھذه النخلة ببستاني كله خذ‬
‫بستاني كله وأعطني ھذه النخلة قال أبيعكھا ال خير في نخلة شكيت فيھا إلى رسول‬
‫ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم فباعه النخلة بالبستان كله وذھب إلى أھله ونادى فيھم يا‬
‫]أم الدحداح[ ويا أبناء ]أبى الدحداح[ قد بعناھا من ﷲ فاخرجوا منھا خرجوا ومع أطفاله‬
‫بعض الرطب فقام يأخذه ويرميه فيھا ويقول قد بعناھا من ﷲ جل وعال ال نخرج منھا‬
‫بشيء بعزق في الجنة خرج ھو وأھله وقد باع كل شيء واشترى عزق من نخلة عند‬
‫ﷲ جل وعال ھل قال خالص انتھينا لنا نخلة في الجنة يكفي ال نصلي ال نصوم ال نعمل‬
‫أي شيء ال الذي بذل ھذه سيبذل أعظم منھا بذل المال وبذل األوالد وبذل كل نعيم‬
‫في ھذه الحياة ثم في األخير يقدم نفسه ‪ 9‬جل وعال يخرج في معركة أحد معركة‬
‫أحد الصادقة للصادقين والذي ابتلي فيھا المؤمنون ابتالء شديدا وربي فيھا المؤمنون‬
‫تربية عظيمة وكسرت فيھا رباعية المصطفى صلى ﷲ عليه وسلم وشج وجھه يوم‬
‫انتھت المعركة ذھب يفتش صلى ﷲ عليه وسلم وھو في تلك الحالة عن أصحابه‬
‫يتفقدھم ويأتي إلى صاحب العزق إلى ]أبي الدحداح[ وإذ به مدرج بدمائه فيرفعه‬
‫ويمسح الدم عن وجھه ويقول رحمك ﷲ أبا الدحداح كم من عزق مدلل اآلن ألبي‬
‫الدحداح في الجنة ال إله إال ﷲ ماذا خسر أبي الدحداح خسر تراب خسر شجيرات‬
‫خسر نخيالت لكنه فاز بجنة عرضھا كعرض األرض والسماوات فمن أدخل الجنة فقد فاز‬
‫فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز ھل ھذا فقط في عھد المصطفى صلى ﷲ‬
‫عليه وسلم وﷲ إن األمثلة لكثيرة وإن النماذج لعظيمة ولكني أنتقل بكم إلى نموذج‬
‫آخر قصير ]حنظلة[ وما حنظلة يا أيھا األخوة ذلك العبد الذي يؤمن في يوم ويتزوج وفي‬
‫ليلته التي يدخل فيھا على زوجته وبعد ما يقضي وتره من زوجته وإذ بمنادي الجھاد‬
‫ينادي يا خيل ﷲ اركبي يا خيل ﷲ اركبي أيجلس مع ھذه في كامل زينتھا في أول‬
‫ليلة من زواجه خرج وھو جنب ليقدم نفسه إلى ﷲ لتنتھي المعركة ويجدوه مدرجا‬
‫بدمائه والمياه ال زالت تقطر من على رأسه و جسده من أين جاءته المياه من أين ال‬
‫مطر من أين ال ماء ينظرون فيقول المصطفى صلى ﷲ عليه وسلم لقد رأيته بين‬
‫السماء واألرض تغسله المالئكة في صحاف من ذھب وفضة فسلوا زوجه ذھبوا لزوجته‬
‫ليسألوھا قالت خرج وھو جنب خرج وھو جنب فغسل في صحاف من ذھب بشرى له‬
‫اآلن وله عند ﷲ ما ال عين رأت وال أذن سمعت وال خطر على قلب بشر ذاك غسيل‬
‫المالئكة وﷲ لن نبلغ مراتبھم حتى نتبع الطريق الذي اتبعوا نتبع ذلك النور الذي أخذوا‬
‫منه والذي اقتبسوا منه وإن لم نقتبس ونأخذ من ذلك النور فوﷲ إن الخيبة والندامة‬
‫نسأل ﷲ أال نكون من أھل الخيبة والندامة‪.‬‬
‫ال نقول ذلك فقط سننتقل بكم إلى نموذج آخر في عصر متأخر ويذكر ھذا ]ابن القيم‬
‫الجوزي[ في صفة الصفوة في الجزء الرابع رجل اسمه ]أبو قدامة[ ]أبو قدامة الشامي[‬
‫ليس ]ابن قدامة[ يقول ]أبو قدامة الشامي أغارت جيوش النصارى على بلدة من بالد‬
‫>الشام< يوم كانوا إذا أغاروا وجدوا الليوث أمامھم يوم كانوا إذا أغاروا نيل منھم ما نيل‬
‫ورجعوا ليدفعوا الجزية صاغرين قال أغارت فماذا يعمل ذھب إلى المسجد الذي تعقد‬
‫فيه مؤتمرات المسلمين والذي تعقد فيه كل مشاكل المسلمين لحلولھا والذي تطرح‬
‫فيه اآلراء والذي منه تنطلق الجيوش والذي منه تنطلق الكتائب والذي ما كان صلى ﷲ‬
‫عليه وسلم يعمل عمال إال وانطلق من ھذا المسجد يذھب إلى المسجد ويقف على‬
‫منبر المصطفى صلى ﷲ عليه وسلم وينادي في الناس على المنبر في خطبة‬
‫الجمعة حضر النساء وحضر الرجال وقام ينادي فيھم نداء عظيما ويقول )ھل أدلكم على‬
‫تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون با‪ 9‬ورسوله وتجاھدون في سبيله( )انفروا خفافا‬
‫وثقاال( لم يترك آية من آيات الجھاد ولم يترك حديثا من أحاديث المصطفى صلى ﷲ‬
‫عليه وسلم فاشرأبت األعناق إلى الجنة وأرادت ما عند ﷲ منھم من يريد اثنتين‬
‫وسبعين حورية من الحور العين ومنھم من يريد ما ھو أعظم من ذلك النظر إلى وجه‬
‫ﷲ الكريم ويرتفع األمر ويرتفع ونقف عند خطبة أبو قدامة إلى ما بعد األذان‪.‬‬
‫خطب أبو قدامة خطبته وصلى الناس وكل في نفسه أن يدخر له عند ﷲ منزلة‬
‫بمشاركته في ھذا الجھاد حتى النساء واألطفال وخرج ذاھبا إلى بيته وبينا ھو في‬
‫الطريق في أحد األزقة وإذ بامرأة تقول السالم عليك يا أبا قدامة قال فقلت في نفسي‬
‫لعلھا تريد أن تفتنني ألنه يعلم أن النساء في الغالب فتنة فاتقوا الدنيا واتقوا النساء قال‬
‫فلم أرد عليھا فقالت السالم عليك يا أبا قدامة قال فلم أرد عليھا قالت السالم عليك يا‬
‫أبا قدامة ما ھكذا يفعل الصالحون قال فتوقفت قال فجاءت وقالت يا أبا قدامة سمعت‬
‫منك ما قلت على المنبر سمعت آيات ﷲ وسمعت حديث المصطفى صلى ﷲ عليه‬
‫وسلم ھذا ظرف أقدمه علني أن أكتب عند ﷲ من المجاھدات في سبيله ماذا في‬
‫ھذا الظرف قالت فيه ضفيرتان من شعري وﷲ لم أجد ما أقدمه أغلى من ھاتين‬
‫عل ﷲ أن يكتبني في عداد‬
‫ّ‬ ‫الضفيرتين اجعلھما لجاما لفرسك في سبيل ﷲ‬
‫المجاھدات في سبيله فأجھش أبو قدامة بالبكاء وقال وﷲ ھذا ھو أول النصر ھذه‬
‫بشارة النصر أن تقدم امرأة شعرھا يوم لم تجد ما تقدمه إال ھذا جادت بما لديھا يوم لم‬
‫تجد إال شعرھا و ھو أعز ما لديھا فأخذه وذھب لبيته وبقي يجمع في الصفوف وفي‬
‫اليوم الثاني ينطلق بكتائب اإليمان يريد أن يقابل الروم في موقعة من المواقع وإذا بذاك‬
‫الطفل يقابله طفل صغير أمثاله ال زالوا عندنا يلعبون في الشوارع ال ھدف لھم ولم‬
‫يغرس فيھم أي ھدف يقول يا أبا قدامة أسألك با‪ 9‬إال جعلتني في عداد المجاھدين‬
‫في سبيل ﷲ قال يا بني أخشى عليك صغير تطأك الخيل واإلبل بأخفافھا أخشى‬
‫عليك أن توطأ بين ھذه قال أسألك با‪ 9‬ال تحرمني الشھادة في سبيل ﷲ أطفال يا‬
‫أيھا األخوة بھذه الھمم أسأل ﷲ أن يجعل في األمة رجاال كھؤالء األطفال ويتقدم أبو‬
‫قدامة مندھشا فيقول أقبلك بشرط واحد إن استشھدت في ھذه المعركة أن أكون من‬
‫شفعائك عند ﷲ ألنك ستشفع في سبعين قال قبلت الشرط فركب معه وأبو قدامة‬
‫يحار في تلك المرأة ويحار في ھذا الصبي ويقول وﷲ جيش لجام الفرس فيه ضفائر‬
‫امرأة وجيش فيه مثل ھذا الطفل يريد أن يموت في سبيل ﷲ جيش ال يھزم بإذن ﷲ‬
‫)ولينصرن ﷲ من ينصره( أخذه رديفا له على دابته وبينما ھم مقبلون على الروم قال يا‬
‫أبا قدامة ومعه خرج كان يحمل خرجا معه ال يعلمون ماذا فيه فقال يا أبا قدامة أسألك‬
‫با‪ 9‬ثالثة أسھم أرمي بھا في سبيل ﷲ قال يا بني ستضيعھا وال نستفيد منھا دعھا‬
‫لمجاھد يوغل بھا في الروم قال أسألك با‪ 9‬ثالثة أسھم قال ال تنس الشرط قال ال‬
‫أنساه قال فأعطاه ثالثة وعندما قابلوا الجيش أخذ األول وقال السالم عليك يا أبا قدامة‬
‫وأطلقه فقتل روميا ثم أخذ الثاني وقال السالم عليك يا أبو قدامة فقتل روميا آخر ثم‬
‫أخذ الثالث فقال السالم عليك يا أبا قدامة سالم مودع ثم رمى به فقتل روميا وجاءه‬
‫سھم طائش فضربه في لبته فسقط من على الفرس يقول أبو قدامة فسقطت وراءه‬
‫وأقول له يا بني ال تنس الوصية ال ينسى أن يشفع له عند ﷲ جل وعال قال يا أبا‬
‫قدامة خذ ھذا الخرج وأعطه أمي قال ومن أمك فقال أمي صاحبة الضفيرتين ﷲ أكبر يا‬
‫أيھا األخوة أسر يخرج منھا مثل ھؤالء ھذه ھي أسر المؤمنين ھذه ھي األسر التي‬
‫نرجو من ﷲ أن يكثر من ھذه األسر بأسر المؤمنين يا أيھا األخوة فينتھش مكانه‬
‫ويجھش بالبكاء ويجلس ويقول ﷲ أكبر جيش فيه مثل ھؤالء وفيه مثل ھذه األسر ال‬
‫يھزم أبدا أبشروا بالنصر أبشروا بالنصر ويأتون ليدفنوه فيفتح له القبر ويضعوه وبينما ھم‬
‫يدفنونه إذ لفظته األرض فتعجبوا وخافوا واندھشوا يقول ]ابن الجوزي[ والموقف يستحق‬
‫ذلك أن يدھشوا قال فأخذتني سنة من نوم والناس يدوكون ويقولون لعله لم يستأذن‬
‫أبويه لعله مراء كذا مع أنه لم يبلغ الحلم لم يكلف بھذا كله قال فجاءتني سنة من النوم‬
‫وإذ بمناد يناديني ويقول يا أبا قدامة اترك وليي ﷲ يا أبا قدامة اترك ولي ﷲ ھؤالء ھم‬
‫أولياء ﷲ الذين أخذوا طريق ﷲ وأخذوا طريق رسول ﷲ ال أولياء الشر والبدعة ال أولياء‬
‫الخرافة إنھم ھؤالء ھم األولياء أولياء ﷲ ال خوف عليھم وال ھم يحزنون الذين يتبعون‬
‫الرسول صلى ﷲ عليه وسلم الذي يأخذ عن الوحي والذي ال ينطق عن الھوى إن ھو‬
‫إال وحي يوحي قال فتركناه وإذ بطير تنزل من السماء فتنقط لحمه من على عظمه‬
‫حتى ال يبقى على عظمه شيء وتأخذه إلى السماء قال فزادت الدھشة قال ثم دفنا‬
‫ھيكله العظمي وذھبنا وكان أن نصرنا في ھذه الموقعة ورجعنا بالخرج ھذا لنذھب إلى‬
‫صاحبة الضفيرتين أم الولد لنعزيھا في ابنھا قال فجئت إلى البيت وطرقت عليھا الباب‬
‫فخرجت أخته وقالت أمھنئ‪ ،‬أم معز؟ قال بل مھنئ قالت إذا استشھد أخي قال إي‬
‫وﷲ لقد استشھد قالت إذا فھنئنا لقد رزئنا بابينا فاحتسبناه عند ﷲ ورزئنا بأخينا األكبر‬
‫فاحتسبناه عند ﷲ واآلن رزئنا بأخينا األصغر فنحتسبه عند ﷲ فلنا ما لھم في الجنة‬
‫عند ﷲ فتخرج أمه فيقول أحسن ﷲ عزائك في ابنك قالت أمعز إذا ھو ليس بشھيد‬
‫أمھنئ قال إي وﷲ قالت وما أدراك قال إنه شھيد قالت لذلك عالمة اذكرھا لي فما كان‬
‫منه إال أن قام ليذكر ھذه العالمة وقال يوم أن دفناه لفظته األرض وجاء الطير من‬
‫السماء فالتقطت ھذا اللحم فلم يبق إال عظمه قالت إذا فھنأني اآلن إنه شھيد بإذن‬
‫ربه تبارك وتعالى قال فما ھذا الخرج أوصاني أن أعطيك إياه قالت أتدري ماذا فيه ثم‬
‫أخرجت ما فيه فإذا ھو قيد وإذا ھو لباس من صوف خشن قال ما ھذا يا أمة ﷲ قالت‬
‫كان إذا جنه الليل أخذ ھذا القيد فقيد نفسه ثم أخذ ھذا اللباس فلبسه ثم بقي طول‬
‫ليله يذكر ﷲ قائما وقاعدا وعلى جنبه يبكي يضرع إلى ﷲ فإذا جاء وقت السحر وقت‬
‫نزول الرب تبارك وتعالى ھل من داع فأستجيب له يوم يأتي ذاك الوقت يرفع يديه ويقول‬
‫اللھم ال تحشرني إال من حواصل الطير شھيدا في سبيلك اللھم ال تحشرني إال من‬
‫حواصل الطير شھيدا في سبيلك رجل أو طفل صدق ﷲ فأعطاه ﷲ ما سأل فله في‬
‫الجنة ما ال عين رأت وال أذن سمعت وال خطر على قلب بشر‪.‬‬
‫والنماذج وﷲ كثيرة ولن نتوقف عند ذلك وإنما نأخذ بعض األعمال التي توصلنا إلى ما‬
‫وصلوا إليه يا أيھا األخوة‪.‬‬
‫يا أيھا األخوة ھذه سلعة ﷲ وھذا بعض نعيمھا وما رائي كمن سمع وما مخبر كمعاين‬
‫سلعة ﷲ غالية سلعة ﷲ الجنة خلقھا ﷲ يوم خلقھا وخلق فيھا ما ال عين رأت ثم‬
‫قال لجبريل اذھب فانظر إليھا كما في صحيح ]مسلم[ فذھب إليھا ونظر فإذا فيھا ما ال‬
‫عين رأت وال أذن سمعت فرجع وقال يا رب وعزتك وجاللك ال يسمع بھا أحد إال ودخلھا‬
‫فحفھا ﷲ بالمكاره حفھا ﷲ بالتكاليف حفھا ﷲ بما يجب أن نعمله ثم قال ارجع ثم‬
‫انظر إليھا يا جبريل فنظر فإذا ھي حفت بالمكاره فعاد فقال يا رب وعزتك وجاللك قد‬
‫خشيت أال يدخلھا أحد يخشى أال يدخلھا أحد لما حفت به من المكاره يا أيھا األخوة‬
‫خلقھا ﷲ وجعلھا دار رحمته وكرامته ورضوانه ثم قال لھا تكلمي قالت )قد أفلح‬
‫المؤمنون( فمن ھم أھلھا إذن أھلھا المؤمنون الذين ھم في صالتھم خاشعون والذين‬
‫ھم عن اللغو معرضون والذين ھم للزكاة فاعلون واقرءوا أول سورة المؤمنون أھلھا من‬
‫أطاع ﷲ ورسوله فحققوا التوحيد وأصلحوا العمل واتبعوا المصطفى صلى ﷲ عليه‬
‫وسلم )ومن يطع ﷲ ورسوله يدخله جنات تجري من تحتھا األنھار ومن يتول يعذبه‬
‫عذابا أليما( وقال صلى ﷲ عليه وسلم مبينا أھلھا "كل أمتي يدخلون الجنة إال من أبﯩ!‬
‫قالوا ومن يأبى يا رسول ﷲ؟" ال يتصورون أن ھناك إنسان يأبى ذلك "قالوا ومن يأبى؟‬
‫قال من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى" أھلھا من حاربوا البدع وأحيوا‬
‫السنن وعلموا أن البدع مردودة ليس لھا قبول قبيحة ليس فيھا حسن ضاللة ليس فيھا‬
‫ھدى باطل ليس فيھا حق وزر ليس فيھا أجر ألنھا شرع لم يأذن ﷲ به ولم يكن على‬
‫أمر المصطفى صلى ﷲ عليه وسلم وال على أمر أصحابه والنبي صلى ﷲ عليه وسلم‬
‫يقول "من عمل عمال ليس عليه أمرنا فھو عليه رد" وھو القائل صلى ﷲ عليه وسلم‬
‫"كل بدعة ضاللة" أھلھا من أقام الصالة وآتى الزكاة وصام وحج وصدق مع ﷲ واتبع‬
‫سنة المصطفى صلى ﷲ عليه وسلم "من رغب عن سنتي فليس مني" كما أخبر ھو‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم أھلھا من أھلھا من تركوا المراء "أنا زعيم ببيت في ربض الجنة‬
‫لمن ترك المراء وإن كان محقا" من أھلھا أھلھا من ترك الكذب "أنا زعيم ببيت في وسط‬
‫الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا" من أھلھا أھلھا من حسنت أخالقھم "أنا زعيم‬
‫ببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه" يقول أحد السلف ذھب حسن الخلق بخيري‬
‫الدنيا واآلخرة أھلھا أھل قيام الليل من )تتجافى جنوبھم عن المضاجع يدعون ربھم‬
‫خوفا وطمعا( أھلھا من )الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن‬
‫الناس( أھلھا اآلمرون بالمعروف والناھون عن المنكر أھلھا من بذلوا أنفسھم ليأمروا‬
‫بالمعروف وينھوا عن المنكر ولما كان األمر والنھي يجد اإلنسان في طريقه المتاعب‬
‫ويجد المشاق جعل ﷲ له في الجنة جزاء عظيما اسمع ]ألبي ھريرة[ رضي ﷲ عنه‬
‫يوم يذكرك بھذا الجزاء فيقول إن في الجنة حوراء يقال لھا العيناء إذا مشت مشى‬
‫حولھا سبعون ألف وصيف كلھن مثل جمالھا تقول ھذه العيناء أين اآلمرون بالمعروف‬
‫والناھون عن المنكر عوضا لھم عما لقوه في الدنيا من أذى عوضا عما القوه من مشقة‬
‫عوضا عن ما القوه من استھزاء وسخرية من أھلھا أھلھا من باتوا ال يحملون على أحد‬
‫حسدا أھلھا أھل العفو أھلھا من ضمن ما بين لحييه وما بين فخذيه أھلھا من أفشوا‬
‫السالم وأطعموا الطعام ووصلوا األرحام وصلوا بالليل والناس نيام أھلھا من راقبوا ﷲ‬
‫جل وعال في كل حركة من حركاتھم وسكناتھم وعلموا كما أخبر الصادق المصدوق‬
‫صلى ﷲ عليه وسل أن ما بين السماء واألرض مسيرة خمسمائة عام وسمك كل‬
‫سماء خمسمائة عام وما بين كل سماء وسماء مسيرة خمسمائة عام ومن فوق ذلك‬
‫خمسمائة عام ومن فوق ذلك عرش الرحمن ﷲ مستو عليه عال عليه بائن من خلقه‬
‫)ما يكون من نجوى ثالثة إال ھو رابعھم وال خمسة إال ھو سادسھم وال أدنى من ذلك‬
‫وال أكثر إال ھو معھم أينما كانوا( يجب أن نستشعر ھذا ﷲ عز وجل معنا بعلمه معنا‬
‫بقدرته ال يمكن أن نذھب عن نظر ﷲ طرفة إن بعض الناس يوم يعصي ﷲ يستتر‬
‫بالجدران ويستتر بالحيطان ونسي الواحد الديان انظر ال تنظر إلى المعصية ولكن انظر‬
‫لعظمة من عصيت إال أن سلعة ﷲ غالية أال إن سلعة ﷲ الجنة ھبت رياح الجنة عباد‬
‫ﷲ فاغتنموھا لتفوزوا بنعيمھا فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز أال فالسباق‬
‫السباق أال فالبدار البدار جددوا السفن فإن البحر عميق وأكثروا الزاد فإن السفر طويل‬
‫وخففوا الحمل فإن العقبة كؤود وسابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضھا كعرض‬
‫السماوات واألرض أعدت للذين آمنوا با‪ 9‬ورسله ذلك فضل ﷲ يؤتيه من يشاء وﷲ ذو‬
‫الفضل العظيم وتوبوا إلى ﷲ جميعا أيھا المؤمنون لعلكم تفلحون يا مذنب أذنب وأساء‬
‫وكلنا ذاك المذنب يا مخطأ أخطأ وذل وكلنا ذلك المخطأ والذال عودة إلى ﷲ خير‬
‫الخطائين التوابون يا ابن آدم يقول الحق تبارك وتعالى "يا ابن آدم إنك ما دعوتني‬
‫ورجوتني غفرت لك ما كان منك وال أبالي ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم‬
‫استغفرتني غفرت لك يا ابن آدم لو أتيتني بقراب األرض خطايا ثم لقيتني ال تشرك بي‬
‫شيئا ألتيتك بقرابھا مغفرة "ما أرحم ﷲ ما ألطف ﷲ ما أحلم ﷲ نسأله برحمته التي‬
‫وسعت كل شيء أن يتقبل منا أعمالنا أن يتقبل منا أعمالنا وأن يتوب علينا ‪،‬من لنا إال‬
‫أنت يا ربنا إن لم تتب علينا يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنھار وأنا أغفر الذنوب جميعا‬
‫فاستغفروني أغفر لكم ھل نستغفر ﷲ ولنعد إلى ﷲ وﷲ نحن بحاجة إلى التوبة‬
‫ملتزمنا ومنحرفنا وضالنا أحوج من الماء وأحوج من الطعام وأحوج من اللباس لقد كان‬
‫المصطفى صلى ﷲ عليه وسلم يستغفر ﷲ ويتوب إليه في اليوم سبعين مرة وقيل‬
‫مائة مرة صلى ﷲ عليه وسلم وھو من غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ثم اعلموا أن‬
‫المولود إذا ولد ماذا نعمل له نؤذن في أذنه اليمنى فإذا مات ماذا نعمل نصلي عليه‬
‫فكأن الحياة ما بين األذان والصالة وال إله إال ﷲ ما أقصرھا من حياة أتقصر بالمعاصي‬
‫أتقصر بالشھوات والجري وراء الغرائز والنزوات ما قصرھا بھذا إال شقي ونسأل ﷲ أال‬
‫يكون بيننا شقي فإياكم وسوف وإن ما عزم إلى ﷲ وانتبھوا من سوف فإن سوف‬
‫جندي من جنود إبليس سوف أعمل سوف أعمل أعماركم تمضي بسوف ربما ال تجنون‬
‫سوى عسى ولعل ما ھم المسوف كالتعلق بالسما أعماركم تمضي عجال إنما أنتم‬
‫على سفر من األسفار كأنكم بالجنة وقد فتحت أبوابھا وتقسمھا أصحابھا وغنت السن‬
‫األماني قريبا من قبابھا بشرھا دليلھا وقال غدا ترين الطلح والجبال‬
‫فحي على جنات عدن فإنھا *** منازلنا األولى وفيھا المخيم‬
‫وحي على روضاتھا وخيامھا *** وحي على عيش بھا ليس يسأم‬
‫أيا ساھيا في غمرة الجھل والھوى *** صريع األماني عما قليل ستندم‬
‫أفق قد دنا الوقت الذي ليس *** بعده سوى جنة أو حر نار تبرم‬
‫وتشھد أعضاء المسيء بما جنى *** كذاك عال فيه المھيمن يختم‬

‫أسأل ﷲ برحمته التي وسعت كل شيء أن يرحمنا اللھم إنا نحن عبادك الفقراء إلى‬
‫رحمتك ارحمنا برحمتك التي وسعت كل شيء اللھم جازنا باإلحسان إحسان‬
‫وبالسيئات عفوا وغفرانا اللھم اجعل ھذا الجمع جمعا مباركا اللھم اجعلنا منصرفين منه‬
‫وقد كتبت لنا أن نسكن رياض جنانك اللھم ال تحرمنا نعيم الجنان اللھم ويسر لنا‬
‫الطريق إليك إنك على كل شيء قدير اللھم بيض وجوھنا يوم تبيض وجوه أھل السنة‬
‫وتسود وجوه أھل البدعة إنك غفور رحيم وباإلجابة جدير اللھم إنا نسألك من فضلك‬
‫الكريم اجعل ھذا الجمع جمعا مغفورا له وإذا انصرف فمنصرف مغفورا له وإذا مشى‬
‫كنت معه بسمعك وبصرك وأنت ﷲ ال إله إال أنت سبحان ربك رب العزة عما يصفون‬
‫وسالم على المرسلين والحمد ‪ 9‬رب العالمين‪.‬‬

‫فضيلة الشيخ ‪ /‬علي عبد الخالق القرني‬

‫صفحات مطوية‬

‫الحمد ‪ ، 9‬الحمد ‪ 9‬قدم من شاء بفضله‪ ،‬وأخر من شاء بعدله‪ ،‬ال يعترض عليه ذو‬
‫عقل بعقله‪ ،‬وال يسأله مخلوق عن علة فعله‪ ،‬ھو الكريم الوھاب‪ ،‬ھازم األحزاب‪،‬‬
‫ومنشئ السحاب‪ ،‬ومنزل الكتاب‪ ،‬ومسبب األسباب‪ ،‬وخالق الناس من تراب‪ ،‬الواحد‬
‫األحد‪ ،‬العزيز الماجد‪ ،‬المتفرد بالتوحيد والتمجيد‪ ،‬ليس له مثل وال نديد‪ ،‬ھو المبدئ‬
‫كفوا أحد‪ ،‬لم يزل‬
‫ً‬ ‫المعيد‪ ،‬الفعال لما يريد‪ ،‬جل عن اتخاذ الصاحبة والولد‪ ،‬ولم يكن له‬
‫خبيرا‪ ،‬سبق األشياء علمه‪ ،‬ونفذت فيھا إرادته‪ ،‬وال يعزب عنه مثقال‬
‫ً‬ ‫عليما‬
‫ً‬ ‫قديرا‬
‫ً‬ ‫حكيما‬
‫ً‬
‫ذرة سبحانه وبحمده‪ ،‬لم يلحقه في خلق شيء مما خلق كالل وال تعب‪ ،‬وما مسه‬
‫لغوب وال نصب‪ ،‬خلق األشياء بقدرته‪ ،‬ودبرھا بمشيئته‪ ،‬وقھرھا بجبروته‪ ،‬وذللھا بعزته‪،‬‬
‫فذلت له الرقاب‪ ،‬وحارت في ملكوته فطن ذوي األلباب‪ ،‬وقامت بكلمته السماوات السبع‬
‫واألرض المھاد‪ ،‬وثبتت الجبال الرواسي‪ ،‬وجرت الرياح اللواقح‪ ،‬وسار في جو السماء‬
‫السحاب‪ ،‬وقامت البحار‪ ،‬وھو ﷲ الواحد القھار‪ ،‬مغشي الليل النھار‪ ،‬خضع لعظمته‬
‫طوعا‬
‫ً‬ ‫المتعززون المتكبرون‪ ،‬وخشع له المترفعون‪ ،‬واستكان لربوبيته المتعظمون‪ ،‬ودان‬
‫حزن األمر وسھله‪ ،‬ونحمده كما حمد نفسه‬
‫وكرھا له الخلق أجمعون‪ ،‬نحمده على َ َ‬
‫ً‬
‫فوض أمره إليه‪ ،‬وأقر أنه‬
‫وكما حمده الحامدون من جميع خلقه‪ ،‬ونستعينه استعانة من ﱠ‬
‫مقرّ بذنبه‪ ،‬معترف بخطيئته‪ ،‬ونشھد‬
‫ٍ‬ ‫ال ملجأ وال منجى منه إال إليه‪ ،‬نستغفره استغفار‬
‫أن ال إله إال ﷲ‪ ،‬وحده ال شريك له‪ ،‬له الملك وله الحمد‪ ،‬وھو على كل شيء قدير‪.‬‬
‫إقرارا‬
‫ً‬ ‫شھادة عبده‪ ،‬وابن عبده‪ ،‬وابن َ َ‬
‫أمته‪ ،‬ومن ال غنى به طرفة عين عن رحمته؛‬
‫وإخالصا لربوبيته‪ ،‬فھو العالم بما تبطنه الضمائر‪ ،‬وما تنطوي عليه السرائر‪،‬‬
‫َ‬ ‫بوحدانيته‪،‬‬
‫وما تغيض األرحام وما تزداد‪ ،‬وكل شئ عنده بمقدار‪ ،‬ال يوارى عنه كلمة‪ ،‬وال يغيب عنه‬
‫يابسٍ ِإال ﱠ‬ ‫األرضِ َوال َ َ ْ ٍ‬
‫رطب َوال َ َ ِ‬ ‫ُماتِ ْ‬
‫حبة ِفي ظُل َ‬ ‫ورقة ِإال ﱠ َ ْ َ ُ َ‬
‫يعلمھا َوال َ َ ﱠ ٍ‬ ‫تسقطُ ِمن َ َ َ ٍ‬
‫وما َ ْ ُ‬
‫غائبة‪َ َ ) .‬‬
‫محمدا عبده ونبيه ورسوله إلى خلقه‪ ،‬وأمينه على وحيه‪،‬‬
‫ً‬ ‫مبين( نشھد أن‬
‫كتابٍ ﱡ ِ ٍ‬
‫ِفي ِ َ‬
‫أشرف من وطئ الحصى بنعله‪ ،‬بلغ عن ﷲ رساالته‪ ،‬ونصح له في برياته‪ ،‬وجاھد في‬
‫ﷲ حق الجھاد‪ ،‬وقاتل أھل البغي والزيغ والعناد والفساد؛ حتى تمت كلمة ﷲ‪ ،‬وقطع‬
‫دابر الفساد‪ ،‬صلوات ﷲ عليه وسالمه‪ -‬من قائد إلى الھدى‪ -‬وعلى آل بيته الطاھرين‪،‬‬
‫وعلى أصحابه المنتخبين‪ ،‬وعلى أزواجه الطاھرات أمھات المؤمنين‪ ،‬ومن سار على‬
‫نھجھم واقتدى بھديھم من الفقھاء والزھاد والدعاة العاملين المشمرين ومن تبعھم‬
‫كثيرا آمين آمين‪ .‬ال أرضى بواحدة حتى أبلغھا‬
‫ً‬ ‫تسليما‬
‫ً‬ ‫بإحسان إلى يوم الدين‪ ،‬وسلم‬
‫مليون آمين‪ ،‬أما بعد‪..‬‬

‫أحبتي في ﷲ؛ لقاؤنا الليلة معكم يتجدد بعد زمن في ھذه الكلمات القالئل ُ َ ْ َ ِ‬
‫المعنون‬
‫ً‬
‫طرفا من حياة بعض العلماء األفذاذ‪،‬‬ ‫لھا كما رأيتم وسمعتم بصفحات مطوية‪ ،‬أودعتھا‬
‫ً‬
‫ونبذا من نصح‬ ‫ونادرا من ثبات أكثر أھل الملة‪،‬‬
‫ً‬ ‫ونتفا من حرص طالب العلم على العلم‪،‬‬
‫ً‬
‫وطيفا من قوة البرھان والحجة مع السير‬
‫ً‬ ‫ِ ﱠ‬
‫األجلة‪،‬‬ ‫وشذرا من زھد العلية‬
‫ً‬ ‫األمة لدينھا‪،‬‬
‫على المحجة‪ ،‬ھي باقة من مكارم اآلباء تھدى إلى األبناء‪ ،‬وطاقات علمية نادرة‪،‬‬
‫وعبقريات فذة مدھشة‪ ،‬ھي ألھل العلم تذكرة‪ ،‬وللعامة والخاصة تبصرة‪ ،‬نرجو أن‬
‫وينشر المطوي‪،‬‬
‫ويوقظ الھاجع‪ُ ،‬‬
‫ويبعث الوسنان‪ُ ،‬‬
‫ينعش بھا العليل‪ ،‬ويشحذ بھا الكليل‪ُ ،‬‬
‫ويفتح المغلق‪ ،‬وينھض المقعد‪ ،‬ويمشي الكسيح‪ .‬أضعھا بين أيديكم كالمائدة تختلف‬
‫ُ‬
‫عليھا أصناف األطعمة الختالف شھوات اآلكلين‪ ،‬وأنا ال أدعي –معاذ ﷲ‪ -‬أني أتيت فيھا‬
‫أحدا منكم‬
‫ً‬ ‫بجديد‪ ،‬وال أدعي أني أتيت بخفي أو دقيق‪ ،‬فھي أشھر من أن تذكر‪ ،‬ما أظن‬
‫إال وقد سمعھا‪ .‬جمعتھا من كتب السير والتراجم‪ ،‬مجتھدا –فقط‪ -‬باختيار اللفظ‬
‫راجيا أن تنبع من بين‬
‫ً‬ ‫المناسب للموقف؛ فجاءت مشكلة المباني‪ ،‬مختلفة المعاني‪،‬‬
‫الجوانح لتصل إلى الجوانح وتظھر على الجوارح‪ ،‬فإذا مر بك ‪-‬يا أخي‪ -‬ما ال يعجبك فال‬
‫لسانك‪ ،‬وال تجلب بخيلك َ َ ِ َ‬
‫ورجلك‪ ،‬وخذ من‬ ‫تسل َ َ َ‬
‫تصعر خدك‪ ،‬وال تعرض بوجھك‪ ،‬وال ُ ّ‬
‫ِّ‬
‫المائدة ما يعجبك واتھم فھمك؛‬
‫السقيم‬
‫ﱠ ِ ِ‬ ‫الفھم‬
‫من َ ْ ِ‬ ‫صحيحا *** َ ُ ُ‬
‫وآفته َ‬ ‫قوال َ ِ ً‬
‫عائب ْ‬
‫ٍ‬ ‫من‬ ‫َ ْ‬
‫فكم ِ ْ‬
‫وال يصدنك عن الحكمة قائلھا؛ فقد يقول الحكمة غير الحكيم‪ ،‬وتكون الرمية من غير‬
‫ورب حامل فقه إلى من ھو ْ َ ُ‬
‫أفقه‬ ‫ﱠ‬ ‫الرامي‪،‬‬
‫تقصيري‬
‫يضررك َ ْ ِ ِ‬ ‫ينفعك َ ْ ِ‬
‫قولي وال َ ْ ُ ْ َ‬ ‫عن َ َ َ‬
‫ذللي *** َ َ ْ َ‬ ‫ﱠْ َ‬
‫الطرف َ ْ‬ ‫وغض‬
‫بعلمي ُ ّ ِ‬
‫ِ‬ ‫اعمل‬
‫ْ َ ْ‬
‫لقد خففت وإن كنت أكثرت‪ ،‬واختصرت وإن كنت أطلت‪ ،‬وتوقيت ما يتوقاه من رضي من‬
‫بدا من الوقوف على ما‬
‫الغنيمة فيھا بالسالمة‪ ،‬ومن بعد الشقة باإلياب‪ ،‬لكني لم أجد ً‬
‫عي كعي َ ِ‬
‫الكلم‪ ،‬فأسأل ﷲ‬ ‫أودعته ھذه الصفحات؛ إذ ال يسع الصمت؛ ففي الصمت ِ ٌ‬
‫شرا‪ ،‬وبجد ھزال‪ ،‬ثم يعود علينا بفضله‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫بعضا‪ ،‬ويغفر بخير‬ ‫بعزته وقدرته أن يمحو ببعض‬
‫ويتغمدنا بعفوه‪ ،‬ويعيذنا بعد طول األمل فيه‪ ،‬وحسن الظن به من الخيبة والحرمان‪.‬‬
‫اللھم إنا نعوذ بك من فتنة القول والعمل‪ ،‬ونعوذ بك من التكلف لما ال نحسن‪ ،‬ونعوذ بك‬
‫العجب لما نحسن‪ ،‬ونعوذ بك من السالطة والھذر‪ ،‬ونعوذ بك من العي والحصر‬
‫من ُ ْ‬
‫معيني‬
‫ربي ُ ِ ِ‬
‫يكن ِ ّ‬ ‫إذا *** َما َ ْ‬
‫لم َ ُ ْ‬ ‫فالقول ُذو َ َ ٍ‬
‫خطل َ‬ ‫ُ‬
‫وعيٍ *** ومن نفسٍ ُ َ ِ ُ َ‬
‫أعالجھا ِ َ ً‬
‫عالجا‬ ‫حصر َ ِ ّ‬
‫من َ َ ٍ‬‫ربِ ِ ْ‬
‫أعذني ّ‬
‫اللھم إنا نستعينك ونتوكل عليك‪ ،‬ونفر من حولنا وقوتنا إلى حولك وقوتك‪ ،‬ال إله إال أنت‪،‬‬
‫الحزن إذا شئت سھال‪.‬‬
‫ال سھل إال ما جعلته سھال‪ ،‬وأنت تجعل َ َ‬

‫فيم يختصمون؟ روى أن] أبا بكر[ –رضي ﷲ عنه وأرضاه‪ -‬ﱠ‬
‫عين‬ ‫الصفحة األولى‪َ ِ :‬‬
‫قاضيا على >المدينة<‪ ،‬فمكث ]عمر[ سنة‬
‫ً‬ ‫]عمر بن الخطاب[ –رضي ﷲ عنه وأرضاه‪-‬‬
‫كاملة لم يختصم إليه اثنان‪ ،‬لم يعقد جلسة قضاء واحدة‪ ،‬وعندھا طلب من ]أبي بكر[ –‬
‫رضي ﷲ عنه وأرضاه‪ -‬إعفاءه من القضاء‪ ،‬فقال أبو بكر‪ :‬أمن مشقة القضاء تطلب‬
‫اإلعفاء يا عمر؟ قال عمر‪ :‬ال يا خليفة رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬ولكن ال حاجة‬
‫بي عند قوم مؤمنين‪ ،‬عرف كل منھم ما له من حق‪ ،‬فلم يطلب أكثر منه‪ ،‬وما عليه من‬
‫واجب فلم يقصر في أدائه‪ ،‬أحب كل منھم ألخيه ما يحب لنفسه‪ ،‬إذا غاب أحدھم‬
‫تفقدوه‪ ،‬وإذا مرض عادوه‪ ،‬وإذا افتقر أعانوه‪ ،‬وإذا احتاج ساعدوه‪ ،‬وإذا أصيب عزوه‬
‫ففيم يختصمون؟‬
‫َ‬ ‫وواسوه‪ ،‬دينھم النصيحة‪ ،‬وخلقھم األمر بالمعروف والنھي عن المنكر‪،‬‬
‫ً‬
‫ھنيئا لمن اكتحلت عيناه برؤية ذلك الجمع‪ .‬اللھم‬ ‫ً‬
‫ھنيئا‪ ،‬ثم‬ ‫ً‬
‫ھنيئا‪ ،‬ثم‬ ‫ففيم يختصمون؟‬
‫َ‬
‫إخوانا على سرر‬
‫ً‬ ‫كما حرمناه في ھذه الحياة فأقر أعيننا برؤيتھم في جنات النعيم‪،‬‬
‫متقابلين‪.‬‬
‫معدود‬
‫غير َ ْ ُ ٍ‬ ‫سواھم َ َ ْ ٌ‬
‫فلغو َ ْ ُ‬ ‫ذكروا *** وما ِ َ ُ‬
‫وإن ُ ِ ُ‬
‫عدوا ْ‬
‫إن ُ ﱡ‬
‫الناس ْ‬
‫أولئك ﱠ ُ‬
‫بھم مجنونة َ َ ِ‬
‫الكلف‬ ‫ْ‬ ‫نفسي فنفسي‬ ‫ِ‬ ‫ھجست ***‬ ‫إليھم ُ ﱠ َ‬
‫كلما َ َ‬ ‫ِ‬ ‫شوقي‬
‫وأحر َ ِ‬
‫ﱠ‬
‫روضاتھا ُ َ ِ‬
‫األنف‬ ‫ذرى َ ْ َ ِ‬ ‫ومل َ ِ‬
‫قلبي ُ َ‬ ‫ﱠ‬ ‫وزھرتھا ***‬
‫الدنيا َ ْ َ َ َ‬
‫ھوى ﱡ ْ َ‬ ‫سئمت َ َ‬
‫إني َ ِ ْ ُ‬
‫ِّ‬
‫الصدف‬
‫ﱠ َ ِ‬ ‫من‬
‫وحزت آلليھا َ‬
‫فتى *** ُ ْ‬ ‫لياليھا َ ُ َ‬
‫وأنھرھا َ َ‬ ‫َ‬ ‫بلوت‬
‫ُ‬ ‫وقد‬
‫لمغترف‬
‫نبعا ُ ِ ِ‬
‫ينبوعھم ً‬
‫ِ ِ‬ ‫وغير‬
‫َ‬ ‫ھدى ***‬
‫درب ُ َ‬
‫َ‬ ‫غير دربِ ِ‬
‫ﷲ‬ ‫َ‬ ‫أجد‬
‫ْ‬ ‫فلم‬
‫الصادي‬
‫ﱠ ِ‬ ‫الفؤاد‬
‫َ‬ ‫يجلُو‬
‫فحديثھم َ ْ‬
‫ِ ُ ُ‬ ‫حادي ***‬
‫ِ‬ ‫حديثھم َيا‬
‫علي ِ َ ُ‬ ‫َ ِّ ْ‬
‫كرر َ ﱠ‬

‫الصفحة الثانية‪ :‬شامة في جبين التاريخ‪ ،‬وغرة في ثبات المؤمنين‪ .‬روى أھل‬
‫السير؛ ]كالذھبي[ ]وابن حجر[ وغيرھم أن ]عمر[ –رضي ﷲ عنه‪ -‬وجه في السنة‬
‫جيشا لحرب الروم‪ ،‬وفتح بالدھم لإلسالم‪ ،‬وقد علم قيصر الروم‬
‫ً‬ ‫التاسعة عشرة للھجرة‬
‫من أخبار جند المسلمين‪ ،‬وما يتحلون به من صدق اإليمان‪ ،‬ورسوخ عقيدة‪ ،‬واسترخاص‬
‫للمھج واألرواح في سبيل ﷲ‪ ،‬ما علم؟ علم ما‬
‫للنفوس في سبيل ﷲ‪ ،‬وصبر وبذل ُ َ‬
‫أشدھه‪ ،‬فأمر رجاالته أن إذا ظفروا بأسير من المسلمين أن يبقوا‬
‫َ ُ‬ ‫أذھله وما أدھشه وما‬
‫حيا ويأتوه به‪ ،‬وشاء ﷲ –جل وعال‪ -‬أن يقع في األسر عدد من المسلمين من‬
‫عليه ً‬
‫بينھم صحابي جليل قد أدرك معنى العبودية ‪– 9‬عز وجل‪ -‬فتخلص من ّ‬
‫رقِ المخلوقين‪،‬‬
‫فال تراه إال وھو يصوم النھار‪ ،‬ويتلو القرآن‪ ،‬يقوم في جنح الليل‪ ،‬ويستغفر باألسحار‪،‬‬
‫فقليل ما يھجع‪ ،‬راقبوه‪ ،‬فرأوا من تقاه وصالحه وصالبته ورجولته وعقله ورزانته ما‬
‫وكسبا عظيما‪ ،‬ذكروه‬
‫ً‬ ‫عظيما‪،‬‬
‫ً‬ ‫نصرا‬
‫ً‬ ‫أدھشھم‪ ،‬ورأوا إن كسبوه لدينھم أنھم حققوا‬
‫الخبر‪ ،‬وجاوزت المعاينة‬
‫الخبر أعظم من َ َ‬
‫لقيصرھم فقال‪ :‬ائتوني به‪ ،‬فجاءوا به فكان ُ ْ‬
‫الخبر‪ ،‬وما را ٍء كمن سمع كما قيل‪ ،‬نظر إليه قيصرھم فرأى فيه عزة واستعالء المؤمن‪،‬‬
‫تتنصر‪ ،‬فإن‬
‫أمرا‪ ،‬قال‪ :‬ما ھو؟ قال‪ :‬أن َ َ َ ﱠ‬
‫ونجابة األبطال‪ ،‬فبادره قائال‪ :‬إني أعرض عليك ً‬
‫فعلت ﱠ‬
‫خليت سبيلك وأكرمت مثواك‪ ،‬فقال األسير في أنفة وحزم‪ :‬ھيھات ھيھات‪ ،‬إن‬
‫إلي ألف مرة مما تدعوني إليه‪ ،‬ھيھات‪ ،‬أنى لقلوب خالطتھا بشاشة‬
‫ﱠ‬ ‫الموت ألحب‬
‫اإليمان أن تعود إلى ظلمات الكفر والضالل مھما كانت اإلغراءات‪ ،‬أنى لقلوب عرفت النور‬
‫بحق أن تتدثر بالظالم مرة أخرى مھما كانت المغريات‪ ،‬يفشل العرض األول من ھذا‬
‫يبق‬
‫َ‬ ‫القيصر ويتحطم على صخرة اإليمان؛ ألن ھذا الرجل امتأل قلبه بعبودية ﷲ‪ ،‬فلم‬
‫متسع لغير تلك العبودية‪ ،‬بدأ باإلغراءات فقال قيصرھم‪ :‬لو تنصرت شاطرتك‬
‫ٌ‬ ‫في قلبه‬
‫ملكي‪ ،‬وقاسمتك سلطاني ‪-‬يريدون أن يبيع دينه بعرض من الدنيا‪ ،‬يريدون أن ُيصرف عن‬
‫عبودية ﷲ إلى رق المركز الذي طالما سال له لعاب كثير من الناس‪ ،‬فضيعوا حقوق ﷲ‬
‫في سبيل نيله‪ ،‬وباعوا دينھم بعرض من الدنيا ‪-‬‬
‫والشيطان‬
‫ِ‬ ‫ﱠ‬ ‫النفسِ‬ ‫فبلُوا ِ ِ ّ‬
‫برقِ ﱠ‬ ‫خلقوا َ ُ‬
‫له *** َ ُ‬ ‫الرقِ ﱠ ِ‬
‫الذي ُ ِ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ھربوا من‬
‫فقال ‪-‬رضي ﷲ عنه‪ -‬مبتسما في قيده‪ :‬اخسأ عدو ﷲ‪ ،‬والذي ال إله إال ھو لو‬
‫أعطيتني جميع ما تملك وما تملكه العرب والعجم على أن أرجع عن دين محمد طرفة‬
‫الشم في نفس‬
‫ﱡ ِّ‬ ‫عين ما رضيت‪ ،‬ﷲ أكبر‪ ،‬يتحطم اإلغراء بالمركز على صخور اإليمان‬
‫ذلك الصحابي‪ ،‬لماذا؟ ألنه طالب جنة‪ ،‬وال يمكن أن يغرى بما ھو دون الجنة‪ ،‬وليس‬
‫بأيديھم ما ھو أعلى من الجنة ليغروه به‪ ،‬فأنى لھم أن يصلوا إليه‪ ،‬إنھا سلعة ﷲ‪،‬‬
‫غالية جد غالية‪ ،‬مھرھا بذل النفس والنفيس لمالكھا الذي اشتراھا من المؤمنين‪ ،‬وأيم‬
‫ﷲ‪ ،‬ما ھزلت حتى يجتامھا المفلسون المعرضون الجبناء‪ ،‬وأيم ﷲ ما كسدت حتى‬
‫يبتاعھا نسيئة وتأجيال المعسرون المفلسون‪ ،‬لقد أقيمت للعرض في السوق لمن يريد‪،‬‬
‫يرض لھا بثمن دون حبل الوريد‪ ،‬عندھا قال قيصرھم‪ :‬ردوه‬
‫َ‬ ‫وقيل‪ :‬ھل من مزيد‪ ،‬فلم‬
‫فورا لتداول الرأي في طريق‬
‫األسر‪ ،‬فردوه‪ ،‬وطلب من حاشيته وبطانته االجتماع ً‬
‫ْ ِ‬ ‫إلى‬
‫يكسب به ھذا الفتى ليكون من جند النصارى – ً‬
‫وحقا إنه كسب‪ -‬وبعد المداولة استقر‬
‫الرأي على أن الشھوة طريق مجرب ناجح ُ ِ َ‬
‫صرف به الكثير عن دينه ومبادئه وثوابته‪،‬‬
‫فلكم رأوا ولكم رأينا ولكم نر من أناس يعبدون الشھوة‪ ،‬فينفقون أموالھم في الشھوة‬
‫المحرمة؛ لتكون عليھم حسرة وبئس اإلنفاق‪ ،‬يسافرون وراء الشھوة المحرمة وبئس‬
‫ﱠ‬
‫السفر والركب‪ ،‬يبيعون دينھم في سبيل الشھوة المحرمة وخسر البيع‪ ،‬والنار حفت‬
‫عباد شھوة وبئس العبيد‪ .‬قال قيصرھم‪:‬‬
‫بالشھوات وھم يتھافتون إليھا وساء التھافت‪ ،‬ﱠ‬
‫ائتوني بأجمل فتاة في بالدي‪ ،‬فجيء بملكة جمال البالد كما يقولون‪ ،‬وأغراھا باألموال‬
‫العظيمة إن استطاعت أن توقعه في الفاحشة؛ ألن الفاحشة طريق إلى ترك دينه‪ ،‬ولك‬
‫أن تتصور أخي الحبيب‪ ،‬لك أن تتصور ما حال ھذا الرجل‪ ،‬شاب في كامل فتوته ورجولته‬
‫وشبابه وقوته وفوق ذلك غائب عن أھله منذ شھور‪ ،‬وھذا عامل يجعلھم يتفاءلون‪،‬‬
‫أدخلوھا عليه‪ ،‬فتجردت من مالبسھا بعد تجردھا من الحياء المترتب على التجرد من‬
‫اإليمان‪ ،‬وال ذنب بعد كفر‪ ،‬قامت تعرض نفسھا أمامه‪ ،‬ثم ترتمي في أحضانه‪ ،‬فيھرب‬
‫منھا قائال‪ :‬معاذ ﷲ‪ ،‬معاذ ﷲ‪ ،‬فتطارده ويتجنبھا‪ ،‬ويغمض عينيه؛ خشية أن ُيفتن بھا‪،‬‬
‫إلي مما تدعوني‬
‫ﱠ‬ ‫ويقرأ القرآن ويستعيذ بالرحمن ولسان حاله ومقاله‪ :‬رب القتل أحب‬
‫أصب إليھا وأكن من الجاھلين‪ ،‬تتابعه من جھة إلى جھة‪،‬‬
‫إليه‪ ،‬وإال تصرف عني كيدھا ْ ُ‬
‫وھو يستعيذ با‪ 9‬الذي ما امتأل قلبه إال بعبوديته حتى يئست منه‪َ َ َ ،‬‬
‫نقلة األخبار على‬
‫الباب من شياطين اإلنس ينتظرون خبر فتنة ذلك الصحابي ووقوعه في الفاحشة‬
‫لينقلوه إلى اآلفاق شماتة في اإلسالم وأھله‪ ،‬وإعالنًا النتصارھم في صرفه عن دينه‪،‬‬
‫إن ْ َ َ ُ‬
‫استطاعوا( وإذا بھا تصيح‬ ‫دينكم ِ ْ‬
‫عن ِ ِ ُ‬
‫يردوكم َ ْ‬
‫حتى َ ُ ﱡ ُ ْ‬
‫ولعل غيره يتبعه في ذلك ) َ ﱠ‬
‫أخرجوني أخرجوني‪ ،‬فأخرجوھا قد تغير لونھا‪ ،‬فشلت مھمتھا‪ ،‬كرتھا خاسرة عاھرة‬
‫فاجرة‪ ،‬سألھا َمن عند الباب من نقلة األخبار‪:‬ما الذي حدث؟ ھاتِ البشرى‪ ،‬يريدون أن‬
‫يطيروا بالخبر‪ ،‬قالت‪ :‬وﷲ ما يدري أأنثى أنا أم ذكر‪ ،‬ووﷲ ما أدري أأدخلتموني على‬
‫حجر أم على بشر‪ .‬ﷲ أكبر اإلغراء بالشھوة يخجل أمام عبودية ﷲ التي ما تركت‬
‫متسعا لغيرھا في قلبه‪ .‬كيف يرضى طالب الحور العين بعاھرة فاجرة‪ ،‬ولذة قد يعقبھا‬
‫ً‬
‫وعد بمن لو اطلعت إحداھن إلى أھل األرض لمألت ما بين‬
‫الھاوية؟ كيف يرضى وقد ُ ِ َ‬
‫ريحا وألضاءت ما بينھما؟ كيف ونصيفھا على رأسھا خير من الدنيا وما‬
‫ً‬ ‫السماء واألرض‬
‫فيھا؟ كيف وقد وعد بمن ينظر إلى وجھه في خدھا أصفى من المرآة؟ كيف وقد وعد‬
‫بمن أدنى لؤلؤة عليھا تضئ ما بين المشرق والمغرب؟ كيف وقد وعد بمن يكون عليھا‬
‫مخ ساقھا من وراء اللحم والدم والعصب والعظم؟‬
‫ثوبا ينفذ البصر حتى يرى ﱠ‬
‫سبعون ً‬
‫كيف وقد وعد بما ال عين رأت‪ ،‬وال أذن سمعت‪ ،‬وال خطر على قلب بشر‪ .‬خاب من باع‬
‫بفان‪ ،‬خاب من باع الجنة بما فيھا بشھوة ساعة‪ .‬ھنا يقول قيصرھم‪ً :‬‬
‫إذا أقتلك‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫باقيا‬
‫ً‬
‫تھديدا دون نار‬
‫ً‬ ‫انتقل األمر إلى التھديد وأنى لمؤمن امتأل قلبه بعبودية ﷲ أن يخشى‬
‫جھنم إنه ھارب من النار وما ھناك تھديد بما ھو أعظم من النار؛ فكل تھديد دونھا وال‬
‫شك‪ .‬قال –رضي ﷲ عنه‪ :-‬أنت وما تريد‪ ،‬افعل ما بدا لك‪ ،‬فأمر بصلبه‪ ،‬ثم أمر برميه‬
‫بالسھام قرب يديه ورجليه وھو يعرض عليه أثناء ذلك أن يرتد عن دينه فيأبى‪ ،‬فيطلب‬
‫منھم قيصرھم أن ينزلوه عن خشبة الصلب لينوع التھديد عليه؛ ّ‬
‫عله أن يلين‪ ،‬فيدعو‬
‫بقدر عظيم ويصب فيھا الزيت‪ ،‬ويوقد تحتھا النار حتى أصبح الزيت يغلي‪ ،‬ثم يأتي‬
‫ِ ْ ٍ‬
‫بأسيرين من أسرى المسلمين فيلقيھما في القدر أمام عينيه‪ ،‬فإذا بلحمھما يتفتت‬
‫وعظامھما تبدو عارية‪ ،‬منظر فظيع بشع وحشي‪ ،‬ظنوا أنھم به وصلوا إلى قلب ھذا‬
‫الصحابي وإلى بغيتھم منه‪ ،‬التفت القيصر إلى الصحابي وعرض عليه النصرانية فكان‬
‫أشد إباء من ذي قبل‪ ،‬فلما يئس منه أمر به أن يلقى في القدر مع صاحبيه‪ ،‬فلما ذھب‬
‫به دمعت عيناه‪ ،‬فظنوا أنه قد جزع وسيرتد عن دينه‪ ،‬فعرضوا عليه النصرانية مرة أخرى‬
‫فأبى‪ ،‬قال‪ :‬ويحك فما أبكاك؟ قال‪ :‬أبكاني أن قلت في نفسي إنما ھي نفس تلقى‬
‫اآلن في ھذا القدر فتذھب‪ ،‬وقد كنت أشتھي أن يكون لي بعدد ما في جسدي من‬
‫شعر أنفس تلقى كلھا في ھذا القدر في سبيل ﷲ‪ ،‬ال إله إال ﷲ‪ ،‬وﷲ أكبر‪ ،‬ويا لھا‬
‫ً‬
‫فراغا لوعد أو وعيد دون الجنة‬ ‫من قلوب امتألت بخشية ﷲ وعبودية ﷲ! لم يترك فيھا‬
‫خمرا ولحم خنزير‪ ،‬ومنعوا عنه الطعام‬
‫ً‬ ‫أو الجحيم‪ ،‬عندھا ردوه إلى األسر ووضعوا معه‬
‫والشراب‪ ،‬وبقي ثالثة أيام يراقب ﱠ‬
‫عله أن يأكل لحم الخنزير‪ ،‬أو يشرب من الخمر فلم‬
‫يفعل‪ ،‬وانثنت عنقه ‪-‬رضي ﷲ عنه وأرضاه‪ -‬مالت عنقه من شدة الجوع والعطش‬
‫وأشرف على الھالك‪ ،‬فأخرجوه وقالوا له‪ :‬ما منعك أن تأكل أو تشرب‪ ،‬فقال‪ :‬أما إن‬
‫الضرورة قد أحلت لي ذلك‪ ،‬ولكن والذي ال إله إال ھو لقد كرھت أن يشمت أمثالكم‬
‫باإلسالم وأھله‪ ،‬لسان حاله‬
‫افھمي‬
‫ِ‬ ‫عني‬
‫الدھر ِّ‬ ‫استمع *** ويا ُ ُ َ‬
‫أذن ﱠ ِ‬ ‫مني ْ َ ِ ْ‬
‫الكون ِّ‬
‫ُ‬ ‫أيھا‬ ‫ََ‬
‫فيا ﱡ‬
‫قيم‬ ‫حريص َ َ‬
‫على َمبدأ ِ ِ ّ‬ ‫ٌ‬ ‫كما َ ْ َ ِ‬
‫تعلمين ***‬ ‫صريح َ َ‬
‫ٌ‬ ‫َ ِ ِّ‬
‫فإني‬
‫أنتمي‬
‫وجھة ْ َ ِ‬
‫إلى ِ ْ َ ٍ‬ ‫فلست َ‬
‫ُ‬ ‫الواجھات *** َ َ‬
‫ُ‬ ‫تعددتِ‬
‫َ َ‬ ‫ومھما‬
‫َ ْ‬
‫زمزم‬
‫من َ ْ َ ِ‬‫الحشاشة ِ ْ‬
‫ألروى ُ َ َ َ‬ ‫والمقام *** َ ْ ِ‬
‫َ ِ‬ ‫المصطَ َفى‬
‫سوى ِقبلة ُ‬ ‫ِ َ‬
‫المسلم‬
‫عزة ُ ْ ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫السما‬
‫ﱠ َ‬ ‫وتحت‬
‫َ‬ ‫الثرى ***‬ ‫َ‬
‫فوق َ َ‬ ‫دب‬
‫من ﱠ‬ ‫وأشھد َ ْ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬

‫يا لھا من كلمة! كرھت أن يشمت أمثالكم باإلسالم وأھله‪ ،‬ھذه الكلمة أھديھا إلى‬
‫أحبتنا الذين يخجلون من مواجھة الناس بالتزامھم‪ ،‬تجده يوم تالحقه أعين السفھاء‬
‫بالھمز والغمز واللمز يمشي على خجل وعلى استحياء‪ ،‬يتواري من القوم ليشمت‬
‫غيره به‪ ،‬إن حامل الحق يجبر غيره على أن يخجل منه أو يموت بغيظه فينتبه لذلك‬
‫وليكن لسان الحال‪:‬‬
‫وسؤددي‬
‫الحياة َ ُ ْ ُ ِ‬
‫َ ِ‬ ‫نور‬
‫وعقيدتي ُ‬
‫َِ‬ ‫الورى ***‬
‫ملء َ َ‬
‫مسلم وأقولُھا ِ َ‬
‫أنا ُ ْ ٌ‬
‫َ‬
‫معجبا بثباته ورشده وقوة‬
‫ً‬ ‫كرھت أن يشمت أمثالكم باإلسالم وأھله‪ ،‬فقال له القيصر‬
‫ولبه‪ :‬ھل لك أن تقبل رأسي فأخلي عنك‪ ،‬وكانوا ال يعيشون ألنفسھم‪ ،‬قال‪ :‬وعن‬
‫عقله ِ ّ‬
‫جميع أسرى المسلمين‪ ،‬قال‪ :‬وعن جميعھم‪ ،‬فقال يسائل نفسه‪ :‬عدو من أعداء ﷲ‬
‫أقبل رأسه ليخلي عن أسرى المسلمين لئال يقتلوا‪ ،‬ال ضير في ذلك‪ ،‬فقبله فأطلق له‬
‫وصيفا وثالثين وصيفة كما روى ]ابن عائد[ في‬
‫ً‬ ‫األسرى وأجازه بثالثين ألف دينار وثالثين‬
‫السير ]للذھبي[‪ ،‬وقدم على عمر بن الخطاب ‪-‬رضي ﷲ عنه وأرضاه‪ -‬بأسرى‬
‫لثريا‪ ،‬وأخبر عمر‬
‫ثابتا كالطود الشامخ‪ ،‬يطأ بأخمصه الثرى‪ ،‬وھامه توازي ا ﱠ‬
‫المسلمين ً‬
‫فقبل رأسه وقال‪ :‬حق على كل مسلم أن يقبل‬
‫ﱠ‬ ‫فسر أعظم سرور‪ ،‬ثم قام‬
‫ُ ﱠ‬ ‫الخبر‪،‬‬
‫أحدا يجھل مثل ھذا الرجل إنه ]عبد ﷲ بن حذافة السھمي [‪-‬‬
‫ً‬ ‫رأسك‪ ،‬رأس من ال أظن‬
‫رضي ﷲ عنه‪ -‬وأرضاه‪ ،‬شامة في جبين التاريخ‪ ،‬وغرة في جبين الزمن‪ .‬أحبتي في ﷲ‬
‫ال يملك اإلنسان أمام ھذه المواقف التي تقف لھا الھام إال أن يقول‪ :‬إنھا النفوس‬
‫المؤمنة يوم تجاھد في سبيل ﷲ‪ ،‬ال في سبيل قول‪ ،‬وال في سبيل نفس‪ ،‬وال في‬
‫سبيل وطن‪ ،‬بل في سبيل ﷲ؛ لتحقيق منھج ﷲ في أرض ﷲ في سبيل ﷲ؛ لتنفيذ‬
‫شرع ﷲ على عباد ﷲ‪ ،‬ليس لھا لنفسھا حظ‪ ،‬بل كلھا ‪ 9‬الواحد القھار‪ .‬ال يخافون‬
‫لومة الئم‪ .‬وفيم الخوف من لوم الناس وقد ضمنوا حب وعبودية رب الناس؟ إن ما‬
‫يخشى الناس ولومھم من يستمد حركاته وسكناته ومقاييسه من أھواء الناس‪ ،‬فھو‬
‫دوني‪ ،‬أما من يعود إلى موازين ﷲ ليجعلھا فوق كل الموازين فما يبالي‬
‫ﱞ‬ ‫طيني‬
‫ﱞ‬ ‫أرضي‬
‫ﱞ‬
‫بأھواء البشر وشھواتھم وقيمھم‪ ،‬ال يبالي بما يقولون‪ ،‬وال بما يفعلون‪ ،‬وال بما يتوعدون‪،‬‬
‫إنھا سمة المؤمنين المحبين ‪ 9‬ورسوله‪ ،‬االطمئنان إلى ﷲ يمأل قلوبھم فھال أعددت‬
‫نفسك لتكون من أمثال ھؤالء؟ فإن الينبوع واحد‪ ،‬وإن المورد واحد‪ ،‬وإن النھر واحد‪ ،‬ما‬
‫أخذوا منه أنت تأخذ منه‪ ،‬ثبات على المبادئ‪ ،‬وصدق مع الباري‪ ،‬وإخالص في الظاھر‬
‫والخافي‪ ،‬سماويون ال أرضيون‪ ،‬ال دونيون‪ ،‬ال طينيون‪ ،‬وذلك فضل ﷲ يؤتيه من يشاء‪،‬‬
‫الھمة‪ ،‬أين أنت؟ ال تستطل الطريق‪،‬‬
‫ﱠ‬ ‫وﷲ ذو الفضل العظيم‪ .‬فيا ضعيف العزم‪ ،‬ويا دنئ‬
‫الطريق طريق تعب فيه آدم‪ ،‬وناح ألجله نوح‪ ،‬ورمي في النار الخليل‪ ،‬وأفجع للذبح‬
‫إسماعيل‪ ،‬وبيع يوسف‪ ،‬بثمن بخس‪ ،‬ولبث في السجن بضع سنين‪ ،‬ونشر بالمنشار‬
‫زكريا‪ ،‬وذبح السيد الحصور يحيى‪ ،‬وقاسى الضر أيوب‪ ،‬وزاد بكاء داود وعالج األذى‬
‫محمد‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬ولكنكم تستعجلون‪ .‬إنما يقطع الطريق ويصل المسافر‬
‫بلزوم الجادة وسير الليل‪ ،‬فإذا حاد السائر عن الطريق أو استطاله ونام الليل فمتى‬
‫يصل إلى المقصود؟ متى!‬
‫تنير قلوبكم وتبصر‬
‫عظة ُ ِ ُ‬
‫ٌ‬ ‫قبلكم‬
‫ُ‬ ‫ممن‬ ‫من َ ْ‬
‫األسالف *** ِ َ ْ‬
‫ِ‬ ‫وخذوا َ‬
‫أفيقوا استيقظوا ُ ُ‬
‫وحرروا‬
‫ﱠُ‬ ‫اء‬
‫حملوا الضي َ‬
‫لمن َ َ‬
‫ْ‬ ‫وغرورھا *** رضخت‬
‫جبروتھا ُ ِ َ‬
‫ِ‬ ‫رومان في َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫دروسا منھم واستعبروا‬
‫ً‬ ‫وشرورھم *** فخذوا‬
‫بظلمھم ُ ُ ِ ِ‬
‫ِ ِ‬ ‫البغاة‬
‫َ‬ ‫ُدحر‬

‫الصفحة الثالثة‪ :‬إنما ھي نفس واحدة روى ]حميد بن ھالل[ كما في السير‬
‫]للذھبي[ قال‪ :‬أتى بعض مخالفي أھل السنة ]مطرف بن عبد ﷲ[ ‪-‬عليه رحمة ﷲ ‪-‬‬
‫يدعونه إلى رأيھم المخالف ألھل السنة‪ ،‬فقال ‪-‬واسمعوا لما قال‪ -‬قال‪ :‬يا ھؤالء لو كان‬
‫لي نفسان بايعتكم بإحداھما وأمسكت األخرى‪ ،‬فإن تبين أن الذي تقولونه ھدى أتبعتھا‬
‫األخرى‪ ،‬وإن كان ضاللة ھلكت نفس وبقيت لي نفس‪ ،‬ولكن إنما ھي نفس واحدة‪،‬‬
‫أغرر بھا‪ ،‬وﷲ ال أغرر بھا‪ .‬إجابة حازمة وجازمة للدعاة على أبواب جھنم من‬
‫ِّ‬ ‫وﷲ ال‬
‫أجابھم قذفوه فيھا‪ ،‬إنما ھي نفس ال يغرر بھا‪ .‬إجابة لمن ال يملك تقوى أھل اإلسالم‪،‬‬
‫وال عقول أھل الجاھلية‪ ،‬إنما ھي نفس ال أغرر بھا‪ .‬إجابة حاسمة جازمة لمن يريد أن‬
‫تجعل دينك دونه‪ .‬إنما ھي نفس واحدة ال أغرر بھا‪ .‬يا من باع كل شيء بال شيء‪،‬‬
‫واشترى ال شيء بكل شيء إنما ھي نفس واحدة‪ ،‬إلى عباد األھواء والشھوات إنما‬
‫ھي نفس واحدة‪ ،‬إلى المتاجرين ببث الشبھات إنما ھي نفس واحدة‪.‬‬
‫والشعث‬
‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫الشين‬
‫َ َ‬ ‫يخاف‬
‫ُ‬ ‫الغبار‬
‫ُ‬ ‫جبھته *** أو‬
‫َ ُ‬ ‫الشمس‬
‫ُ‬ ‫تصيب‬
‫ُ‬ ‫حين‬
‫َ‬ ‫كان‬
‫َ‬ ‫من‬
‫َ ْ‬
‫راغما َ َ َ‬
‫جدثا‬ ‫ً‬ ‫يوما‬
‫كن َ ً‬
‫فسوف يس ُ‬‫َ‬ ‫بشاشته ***‬
‫تبقى َ َ َ ُ ُ‬
‫كي َ‬‫ْ‬ ‫الظل‬ ‫َْ ُ‬
‫ويألف ِ ّ َ‬
‫الثرى ﱠ‬
‫اللبث‬ ‫تحت ﱠ َ‬
‫َ‬ ‫يطيل ِفي َ ْ ِ َ‬
‫قعرھا‬ ‫ُ‬ ‫موحشة *** ُ‬
‫ٍ‬ ‫غبراء‬
‫َ‬ ‫مظلمة‬
‫ٍ‬ ‫قعر‬
‫في ْ ِ‬
‫عبثا‬ ‫لم ُ ْ َ ِ‬
‫تخلقي َ َ ً‬ ‫الردى َ ْ‬ ‫نفس َ ْ َ‬
‫قبل ﱠ َ‬ ‫به *** َيا َ ْ ُ‬
‫ُغين ِ ِ‬
‫تبل ِ َ‬
‫بجھاز َ ْ‬
‫ٍ‬ ‫تجھزي‬
‫َ َ ِ‬
‫إنما ھي نفس يا عبد ﷲ فال تغرر بھا‪ ،‬اشترھا اليوم فإن السوق قائمة‪ ،‬والثمن موجود‬
‫وخطير‪ ،‬والبضائع رخيصة وفي ذات الوقت نفيسة‪ ،‬وسيأتي على السوق والبضائع يوم‬
‫يقول َيا‬
‫يديه َ ُ ُ‬ ‫الظالم َ َ‬
‫على َ َ ْ ِ‬ ‫ﱠ ِ ُ‬ ‫يعض‬
‫ويوم َ َ ﱡ‬
‫التغابن( ) َ ْ َ‬
‫يوم ﱠ َ ُ ِ‬
‫ذلك َ ُ‬
‫ال تصل فيه إلى قليل وال كثير ) َ ِ َ‬
‫سبيال( يوم الحساب‬
‫الرسول َ ِ‬
‫مع ﱠ ُ ِ‬
‫اتخذت َ َ‬ ‫ََْ ِ‬
‫ليتني ﱠ َ ْ ُ‬
‫نصير‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬
‫للظالمين َ ِ ُ‬ ‫ليس فيه‬
‫َ‬ ‫عسير ***‬
‫يوم َ ِ ٌ‬
‫ٌ‬ ‫يوم الحسابِ‬
‫َ‬ ‫إن‬
‫ﱠ‬

‫الصفحة الرابعة‪ :‬من استطاع منكم أن يؤثر ﷲ في كل مقام فليفعل‪ ،‬في‬


‫العراقين؛‬
‫واليا على ِ َ‬
‫ً‬ ‫تھذيب الكمال‪ ،‬وفي صور من حياة التابعين أنه كان ]ابن ھبيرة[‬
‫والمقصود بالعراقين >البصرة< >والكوفة< في عھد الخليفة ]يزيد بن عبد الملك[ وكان‬
‫مجافيا للحق‬
‫ً‬ ‫يزيد يرسل إليه بالكتاب تلو الكتاب ويأمره بإنفاذ ما في تلك الكتب ولو كان‬
‫عالمين؛ ھما ]الحسن البصري[‪] ،‬وعامر الشعبي[ يستفتيھما‬
‫ْ‬ ‫أحيانا‪ ،‬فدعا ابن ھبيرة‬
‫جوابا فيه‬
‫ً‬ ‫في ذلك‪ ،‬ھل له مخرج في دين ﷲ أن ينفذ تلك الكتب؟ فأجاب الشعبي‬
‫مالطفة ومسايرة والحسن ساكت‪ ،‬فالتفت ابن ھبيرة إلى الحسن وقال‪ :‬ما تقول يا أبا‬
‫خف ﷲ في يزيد‪ ،‬وال تخف يزيد في ﷲ‪ ،‬واعلم أن ﷲ ‪-‬عز‬
‫سعيد؟ فقال‪ :‬يا ابن ھبيرة َ‬
‫وجل‪ -‬يمنعك من يزيد‪ ،‬وأن يزيد ال يمنعك من ﷲ‪ .‬يا ابن ھبيرة؛ إنه يوشك أن ينزل بك‬
‫ملك غليظ شديد ال يعصي ﷲ ما أمره‪ ،‬فيزيلك عن سريرك‪ ،‬وينقلك من سعة قصرك‬
‫إلى ضيق قبرك حيث ال تجد ھناك يزيد‪ ،‬وإنما تجد عملك الذي خالفت فيه رب يزيد‪ ،‬يا‬
‫ابن ھبيرة؛ إنك إن تكن مع ﷲ وفي طاعته يكفك بائقة يزيد‪ ،‬وإن تكن مع يزيد في‬
‫معصية ﷲ فإن ﷲ يكلك إلى يزيد‪ .‬فبكى ابن ھبيرة حتى بللت دموعه لحيته‪ ،‬ومال عن‬
‫الشعبي إلى الحسن وبالغ في إعظامه وإكرامه فلما خرجا من عنده توجھا إلى‬
‫المسجد فاجتمع عليھما الناس وجعلوا يسأالنھما عن خبرھما مع ابن ھبيرة‪ ،‬فالتفت‬
‫الشعبي إليھم وقال‪ :‬أيھا الناس؛ من استطاع منكم أن يؤثر ﷲ –عز وجل‪ -‬على خلقه‬
‫في كل مقام فليفعل؛ فوالذي نفسي بيده ما قال الحسن البن ھبيرة قوال أجھله‪،‬‬
‫ولكني أردت فيما قلته وجه ابن ھبيرة‪ ،‬وأراد الحسن وجه ﷲ فأقصاني ﷲ منه‪ ،‬وأدنى‬
‫الحسن وحببه إليه‪ .‬أيھا األحبة ‪ :‬إن القلب ھو محل التأثر من اإلنسان‪ ،‬والقلوب بيد‬
‫الرحمن يقلبھا كيف يشاء‪ ،‬ومن راءى بعلمه ونصحه فقد قطع ما بينه وبين ﷲ‪ ،‬وأنى له‬
‫يسمع‪ ،‬وإن عمل لم‬
‫تأثيرا فيھم! لذا تراه إن تكلم لم ُ ْ‬
‫ً‬ ‫أن يمنحه ﷲ إقباال من الناس أو‬
‫يحرك ويظن أنه قد أحسن‪ ،‬ولكن كم من مسيء يرى أنه محسن‪ ،‬وجاھل يرى أنه‬
‫عالم‪ ،‬وبخيل يرى أنه كريم‪ ،‬وأحمق يرى أنه عاقل‪ ،‬وظالم يرى أنه مظلوم‪ ،‬وآكل للحرام‬
‫يرى أنه متورع‪ ،‬وفاسق يعتقد أنه عدل‪ ،‬وطالب علم للدنيا يرى أنه ‪ ،9‬واألجل قصير‪،‬‬
‫واألمل طويل‪ ،‬والمرد إلى ﷲ‪ ،‬وال يحيق المكر السيئ إال بأھله‪ ،‬من آثر ﷲ دله ﷲ‬
‫بعد عن الطريق‪ .‬وفي السير ‪ً -‬‬
‫أيضا‪ -‬أن الحسن قد خرج من‬ ‫على الطريق‪ ،‬وإنا ‪ 9‬من ُ ْ ٍ‬
‫عند ابن ھبيرة فإذا ھو بالقراء على الباب‪ ،‬فقال‪ :‬ما يجلسكم ھنا؟ تريدون الدخول‪،‬‬

‫فرق ﷲ بين أرواحكم وأجسادكم‪ ،‬قد َ ْ َ ْ ُ‬


‫فرطحتم‬ ‫أتجالسونه مجالسة األبرار؟ تفرقوا ﱠ‬
‫نعالكم‪ ،‬وشمرتم ثيابكم‪ ،‬فضحتم القراء فضحكم ﷲ‪ ،‬وﷲ لو زھدتم لرغبوا فيما عندكم‬
‫من العلم‪ ،‬ولكنكم رغبتم فيما عندھم فزھدوا فيكم‪ .‬أبعد ﷲ من أبعد‪ ،‬أبعد ﷲ من‬
‫أبعد‪ ،‬أبعد ﷲ من أبعد‪ .‬أھينوا الدنيا؛ فوﷲ ألھنأ ما تكونون إذا أھنتموھا‪ ،‬ثم كان مما‬
‫سمع ﷲ به‪ ،‬وما أحد أعز‬
‫ّ‬ ‫يسجر‪ ،‬ومن سمع‬
‫يعلف‪ ،‬والتنور ُ ْ َ‬
‫تحد‪ ،‬والكبش ُ ْ‬
‫قال‪ :‬السكين ُ ﱡ‬
‫الدرھم إال أذله ﷲ‪ .‬تعس عبد الدرھم‪ ،‬تعس عبد الدينار‪ .‬أيھا األحبة؛ إننا نفوس ال‬
‫ألفاظ‪ ،‬والكلمة من قائلھا بمعناھا في نفسه‪ ،‬ال بمعناھا في نفسھا‪ ،‬فما يحسن‬
‫بحامل الشريعة أن ينطق بكالم يرده عليه الشرع‪ ،‬ولو نافق طالب العلم لكان كل منافق‬
‫أشرف منه‪ ،‬ولطخة في الثوب األبيض ليست كلطخة في الثوب األسود‪ .‬والدينار إذا كان‬
‫صحيحا في أحد وجھيه دون اآلخر‪ ،‬أو في بعضه دون بعض فھو زائف كله‪ ،‬فمن ترك‬
‫ً‬
‫واجبا مخافة أحد نزعت منه ھيبة ﷲ حتى لو أمر بعض ولده أو مواليه الستخف به‪.‬‬
‫ً‬
‫يقول ]الفضيل[‪ :‬إنما يھابك الخلق على قدر ھيبتك ‪- 9‬عز وجل‪.-‬‬
‫والخالق قد سخطا‬
‫َ ُ‬ ‫رضا َ ْ‬
‫الخلق‬ ‫تنجو َ َ‬
‫فما *** ُيغني ِ َ‬ ‫القصد ْ ُ‬
‫كل َ ِ‬ ‫رضا ِ‬
‫ﷲ ﱠ‬ ‫فاجعل ِ َ‬
‫ْ‬
‫الرحمن قد َ َ َ‬
‫بسطا‬ ‫ُ‬ ‫يقبضون إذا ّ‬
‫َ‬ ‫أو َ ْ‬
‫قابضه *** ْ‬
‫ُ‬ ‫القھار‬
‫ُ‬ ‫لما‬
‫ھل يبسطون ِ َ‬
‫ال وﷲ‪.‬‬

‫خيرا منه" في ذيل طبقات‬


‫ً‬ ‫ً‬
‫شيئا … عوضه ﷲ‬ ‫الصفحة الخامسة‪" :‬من ترك‬
‫الحنابلة ذكر ]ابن رجب[ في ترجمة القاضي ]أبي بكر األنصاري[ البزاز أنه قال‪ :‬كنت‬
‫ً‬
‫شيئا‬ ‫يوما من األيام جوع شديد‪ ،‬ولم أجد‬
‫مجاورا في >مكة< ‪-‬حرسھا ﷲ‪ -‬فأصابني ً‬
‫ً‬
‫كيسا من حرير‬
‫ً‬ ‫أدفع به عني ذلك الجوع‪ ،‬وخرجت أبحث عن طعام فلم أجد‪ ،‬فوجدت‬
‫ً‬
‫أيضا‪ ،‬قال‪ :‬فأخذته وجئت به إلى بيتي‪ ،‬وحللته فوجدت فيه‬ ‫مشدود برباط من حرير‬
‫أر مثله قط‪ ،‬قال‪ :‬فربطته وأعدته كما كان‪ ،‬وخرجت أبحث عن طعام‬
‫عقدا من لؤلؤ لم َ‬
‫ً‬
‫كيسا صفته كذا وكذا فله خمسمائة دينار من‬
‫ً‬ ‫شيخا ينادي ويقول‪ :‬من وجد لنا‬
‫ً‬ ‫فوجدت‬
‫الذھب‪ ،‬قال‪ :‬فقلت في نفسي إني محتاج وجائع أفآخذ ھذه الدنانير ألنتفع بھا وأرد‬
‫إلي فأخذته‪ ،‬وذھبت به إلى بيتي‪ ،‬وسألته عن‬
‫ﱠ‬ ‫عليه كيسه؟ ال ضير‪ ،‬فقلت له‪ :‬تعال‬
‫عالمة الكيس‪ ،‬وعالمة اللؤلؤ‪ ،‬وعدد اللؤلؤ‪ ،‬والخيط المشدود به‪ ،‬فإذا ھو كما قال‪ ،‬قال‪:‬‬
‫إلي خمسمائة دينار الجائزة التي ذكرھا‪ ،‬قال‪ :‬فقلت له‪:‬‬
‫ﱠ‬ ‫فأخرجته ودفعته إليه‪ ،‬فسلم‬
‫كثيرا‪ ،‬وأنا أحوج‬
‫ً‬ ‫علي‬
‫ﱠ‬ ‫وألح‬
‫ﱠ‬ ‫جزاء‪ ،‬قال‪ :‬البد أن تأخذ‪،‬‬
‫ً‬ ‫يجب علي أن أعيده لك وال آخذ له‬
‫جزاء من أحد سوى ﷲ‪ ،‬فلم يقبل‬
‫ً‬ ‫ما أكون‪ ،‬قال‪ :‬فقلت‪ :‬والذي ال إله إال ھو ما آخذ عليه‬
‫الدنانير‪ ،‬قال‪ :‬فتركني ومضى‪ ،‬ورجع الشيخ بعد موسم الحج إلى بلده‪ ،‬وأما ما كان‬
‫مني –اإلمام البزاز الكالم له‪ -‬قال‪ :‬فإني خرجت من مكة وركبت البحر في وسط أمواجه‬
‫المتالطمة وأھواله‪ ،‬فانكسر المركب‪ ،‬وغرق الناس‪ ،‬وھلكت األموال‪ ،‬وقال وسلمني ﷲ‬
‫إذ بقيت على قطعة من المركب تذھب بي يمنة ويسرة ال أدري إلى أين يذھب بي‪،‬‬
‫بقيت مدة في البحر تتقاذفني األمواج من مكان إلى مكان حتى لفظتني إلى جزيرة‬
‫فيھا قوم أميون ال يقرؤون وال يكتبون‪ ،‬قال‪ :‬فجلست في مسجدھم‪ ،‬وكنت أقرأ‪ ،‬قال‪:‬‬
‫يبق في الجزيرة أحد إال قال‪:‬‬
‫َ‬ ‫علي‪ ،‬فلم‬
‫ﱠ‬ ‫فما أن رآني أھل المسجد حتى اجتمعوا‬
‫علمني القرآن‪ ،‬قال‪ :‬فعلمتھم القرآن‪ ،‬وحصل لي خير كثير من جراء ذلك‪ ،‬قال‪ :‬ثم إني‬
‫رأيت في ذلك المسجد مصحفا ممزقا‪ ،‬فأخذت أوراقه ألقرأ فيھا‪ ،‬فقالوا‪ :‬أتحسن الكتابة؟‬
‫قلت‪ :‬نعم‪ ،‬قالوا‪ :‬علمنا الخط‪ ،‬قال‪ :‬قلت‪ :‬ال بأس‪ ،‬فجاءوا بصبيانھم وشبابھم فكنت‬
‫أعلمھم‪ ،‬وحصل لي من ذلك خير عظيم‪ ،‬رغبوا فيه فقالوا له بعد ذلك وھم يريدون أن‬
‫يبقى معھم‪ :‬عندنا صبية يتيمة ومعھا شيء من الدنيا‪ ،‬ونريد أن نزوجك بھا‪ ،‬وتبقى‬
‫علي وألزموني‪ ،‬فلم أملك أمام إلحاحھم‬
‫ﱠ‬ ‫معنا في ھذه الجزيرة‪ ،‬قال‪ :‬فامتنعت‪ ،‬فألحوا‬
‫إلي‪ ،‬زفھا محارمھا‪ ،‬وجلست‬
‫ﱠ‬ ‫فجھزوھا لي‪ ،‬ﱡ‬
‫وزفوھا‬ ‫ﱠ‬ ‫وإصرارھم إال أن أجبت لطلبھم‪،‬‬
‫معھم‪ ،‬وإذا بي أنظر إليھا وإذا ذلك العقد الذي رأيته >بمكة< بعينه معلق في عنقھا‪،‬‬
‫دھشت وما كان لي حينئذ من شغل إال النظر لھذا العقد‪ ،‬فقال محارمھا‪ :‬يا شيخ‬
‫كسرت قلب ھذه اليتيمة‪ ،‬لم تنظر إليھا‪ ،‬وإنما تنظر إلى العقد‪ ،‬قلت لھم‪ :‬إن لھذا العقد‬
‫قصة‪ ،‬قالوا‪ :‬وما ھي؟ فقصصتھا عليھم فصاحوا وضجوا بالتھليل والتكبير‪ ،‬وصرخوا‬
‫بالتسبيح حتى بلغ صوتھم أنحاء الجزيرة‪ ،‬فقلت‪ :‬سبحان ﷲ! ما بكم؟ قالوا‪ :‬إن الشيخ‬
‫الذي أخذ منك العقد في مكة ھو أبو ھذه الصبية‪ ،‬وكان يقول عند عودته من الحج ويردد‬
‫علي العقد في مكة‪،‬‬
‫ﱠ‬ ‫رد‬
‫مسلما كھذا الذي ﱠ‬
‫ً‬ ‫دائما‪ :‬وﷲ ما وجدت على وجه األرض‬
‫ً‬
‫وزوجك‬
‫اللھم اجمع بيني وبينه حتى أزوجه ابنتي‪ ،‬وتوفى ذلك الرجل‪ ،‬وحقق ﷲ دعوته ﱠ‬
‫بابنته‪ ،‬فيقول‪ :‬فبقيت معھا مدة من الزمن فكانت خير امرأة‪ ،‬رزقت منھا بولدين‪ ،‬ثم‬
‫واحدا‬
‫ً‬ ‫توفيت فعليھا رحمة ﷲ‪ ،‬فورثت العقد المعھود أنا وولدي‪ ،‬قال‪ :‬ثم توفى الولدان‬
‫تلو اآلخر‪ ،‬قال‪ :‬فورثت العقد منھما‪ ،‬قال‪ :‬فبعته بمائة ألف دينار‪ ،‬يحدث بعد مدة ويقول‪:‬‬
‫ً‬
‫شيئا ‪ 9‬عوضه ﷲ‬ ‫ھذا من بقايا ثمن ذلك العقد‪ ،‬فرحمة ﷲ على الجميع‪ .‬من ترك‬
‫مخرجا * َ َ ْ ُ ْ ُ‬
‫ويرزقه‬ ‫يجعل ﱠ ُ‬
‫له َ ْ َ ً‬ ‫ﷲ َ ْ َ‬
‫يتق◌ َ‬‫ومن َ ﱠ ِ ِ‬ ‫خيرا منه‪ ،‬وصنائع المعروف تقي مصارع السوء ) َ َ‬ ‫ً‬
‫يسرا(‪.‬‬ ‫من َ ْ ِ ِ‬
‫أمره ُ ْ ً‬ ‫يجعل ﱠ ُ‬
‫له ِ ْ‬ ‫ﷲ َ ْ َ‬
‫يتقِ َ‬
‫ومن َ ﱠ‬ ‫حيث ال َ َ ْ َ ِ ُ‬
‫يحتسب( ) َ َ‬ ‫من َ ْ ُ‬‫ِ ْ‬

‫الصفحة السادسة‪ :‬ذكر أھل السير أن ]ھشام بن عمار[‪ -‬عليه رحمة ﷲ‪ -‬كان‬
‫معاصرا] لإلمام مالك[ ‪-‬عليه‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫شغوفا بطلب العلم‪ ،‬بطلب علم النبوة وھو صغير‪ ،‬وكان‬
‫وعھا فلعل لك فيھا‬
‫رحمة ﷲ‪ -‬جاءه في رحلة شاقة طويلة ‪-‬فاسمع لھا يا طالب العلم ِ َ‬
‫عظة وعبرة‪ -‬عن ]محمد بن الفيض الغساني[ قال‪ :‬سمعت ]ھشام بن عمار[ يقول‪:‬‬
‫دينارا وجھزني للحج وطلب العلم‪ ،‬قال‪ :‬فتوجھت من >دمشق<‬
‫ً‬ ‫باع أبي بيته بعشرين‬
‫تاركا أھلي ووطني رغبة في الحج إلى بيت ﷲ ولقاء األئمة أمثال ]مالك[ ‪-‬رحمه ﷲ‪-‬‬
‫أعد مسائل‬
‫قال‪ :‬فلما صرت إلى >المدينة< أتيت مجلس اإلمام مالك ومعي مسائل ‪ -‬ﱠ‬
‫يريد أن يسائل اإلمام فيھا‪ -‬قال‪ :‬وأريد مع ذلك أن يحدثني‪ ،‬قال‪ :‬فأتيته وھو جالس في‬
‫ھيئة الملوك‪ ،‬وغلمانه قيام حوله‪ ،‬والناس يسألونه ويجيبھم‪ ،‬يتدفق كالبحر‪ ،‬قال‪ :‬فلما‬
‫انقضى المجلس قمت ألسأله وأطلب أن يحدثني‪ ،‬فاستصغرني ورآني لست أھال‬
‫يبق إال الصبيان‪ ،‬يا غالم –ألحد غلمانه‬
‫َ‬ ‫حصلنا على الصبيان؛ يعني أنه لم‬
‫ﱠ‬ ‫للرواية‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫يحمل الصبي‪ ،‬وأنا يومئذ غالم مدرك‪،‬‬
‫الذين حواليه‪ -‬احمله‪ ،‬قال‪ :‬فحملني كما ُ ْ‬
‫فأخرجني‪ .‬يقول ]ابن جزرة[‪ :‬ودخل ]ھشام[ ذات يوم على اإلمام ]مالك[ بغير إذن وقال‬
‫له‪ :‬حدثني‪ ،‬فرفض اإلمام مالك‪ ،‬يقول ]ھشام[‪ :‬فكررت عليه وراودته فقال لغالمه‪ :‬خذ‬
‫ً‬
‫سوطا‪،‬‬ ‫ً‬
‫سوطا‪ ،‬قال‪ :‬فأخذه وذھب به وضربه خمسة عشرة‬ ‫ھذا واضربه خمسة عشرة‬
‫فوقف يبكي على الباب حتى خرج اإلمام ]مالك[ فإذا به يبكي‪ ،‬فقال له‪ :‬ما يبكيك يا‬
‫دينارا‪ ،‬ووجه بي إليك‬
‫ً‬ ‫]ھشام[؟ أو أوجعتك؟ قال ھشام‪ :‬إن أبي باع منزله بعشرين‬
‫ألتشرف بالسماع منك‪ ،‬فضربتني وظلمتني بغير جرم فعلته سوى أني أطلب حديث‬
‫حل‪ ،‬ألسائلنك بين يدي ﷲ‪،‬‬
‫ٍّ‬ ‫رسول ﷲ – صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬وﷲ ال جعلتك في‬
‫فتأثر اإلمام مالك‪ ،‬وعلم أنه طالب حديث وجامع سنة بحق‪ ،‬فقال‪ :‬يا بني ما يرضيك؟ ما‬
‫ً‬
‫حديثا عن رسول ﷲ ‪-‬صلى‬ ‫كفارة ذلك؟ فقال ھشام‪ :‬أن تحدثني بكل سوط ضربتنيه‬
‫ﷲ عليه وسلم‪ -‬قال اإلمام‪ :‬فجلس وقال‪ :‬حدثنا فالن عن فالن عن فالن ‪ ،‬فسرد له‬
‫ً‬
‫حديثا‪ ،‬فقال بعدھا‪ :‬يا إمام زد في الضرب‪ ،‬وزد من الحديث‪ ،‬فضحك‬ ‫خمسة عشرة‬
‫اإلمام ]مالك[ وقال‪ :‬اذھب‪ .‬فانظر يا طالب العلم‪ ،‬يا طالب العلم انظر كيف عرفوا العلم‬
‫وقدره‪ ،‬واستعذبوا العذاب في سبيل الحصول عليه‪ ،‬باعوا بيوتھم‪ ،‬وقطعوا الفيافي‬
‫يعبد ﷲ في األرض على بصيرة‪.‬‬
‫والقفار حتى وصلوا؛ ألنھم يعرفون أنه بواسطة العلم ُ ْ‬
‫ھاھو ]الحافظ ابن عساكر[ ‪-‬عليه رحمة ﷲ‪ -‬القى في تحصيل العلم ما القى من‬
‫الشدائد مما تنقله كتب السير والتراجم ھاجر من >دمشق< إلى >نيسابور< وكانت‬
‫ذات ثلج شديد‪ ،‬وبرد زمھرير لم يألفه في موطنه دمشق‪ ،‬وفي ذات ليلة تحت وطأة‬
‫الغربة‪ ،‬وفراق األحبة‪ ،‬وفراق األبناء‪ ،‬وشدة برد البلدة في نيسابور قال يصور معاناته‪،‬‬
‫ويذكر ألھله أنه ال زال على عھده أن يطلب العلم ثم يعود إليھم‪ ،‬فكان مما قال‪:‬‬
‫والوطن‬
‫ِ‬ ‫األھل واألحبابِ‬
‫ِ‬ ‫لفرقة‬
‫حرقي *** ُ‬
‫القلب من ُ َ‬
‫ِ‬ ‫لوال الجحيم الذي في‬
‫البد ِ‬
‫ن‬ ‫شدته في َ ِ‬
‫ظاھر َ َ‬ ‫ﱠِ ِ‬ ‫آثار‬
‫ظھرت *** ُ‬
‫ْ‬ ‫البرد الذي‬
‫شدة َ ِ‬ ‫ِ ﱡ‬
‫لمت من ِ ِ‬
‫ولم َ ُ ِ‬
‫أخن‬ ‫أغدر َ‬
‫ِْ‬ ‫العھد لم‬
‫ِ‬ ‫أني على‬
‫وثقوا *** ّ‬
‫الھدى ِ‬
‫عھد ُ‬
‫ِ‬ ‫قوم ُدوموا على‬
‫ِ‬ ‫يا‬
‫ثم ذكر ما كان له من أسفار متواصلة‪ ،‬ورحالت في األرض متباعدة في سبيل طلب‬
‫العلم الشرعي‪ ،‬فقال رحمه ﷲ‪:‬‬
‫وتنائف‬
‫ِ‬ ‫فدافد‬
‫ٍ‬ ‫بين‬
‫َ‬ ‫سفرين‬
‫َْ ِ‬ ‫الھدى ***‬
‫طلب ُ‬
‫ِ‬ ‫سافرت في‬
‫ُ‬ ‫وأنا الذي‬
‫ﱠ ِ ِ‬
‫الطائف‬ ‫حدود‬
‫ِ‬ ‫أصبھان إلى‬
‫َ‬ ‫مدينة *** ْ‬
‫من ْ‬ ‫ٍ‬ ‫غير‬
‫َ‬ ‫طوفت‬
‫وأنا الذي ﱠ‬
‫المتعارف‬
‫ِ‬ ‫وشامنا ُ َ‬
‫ِ‬ ‫بعد العراقِ‬
‫َ‬ ‫مدنه ***‬
‫الشرق قد عاينت أكثر ْ ِ‬
‫ومعاكسِ‬
‫مخالف ُ َ ِ‬
‫ِ ٍ‬ ‫نفيسة *** ولقيت كل‬
‫ٍ‬ ‫وجمعت في األسفار كل‬
‫من َبعدما *** أنفقت فيھا تالدي مع َ ِ‬
‫طارفي‬ ‫سنة أحمد ْ‬
‫َ‬ ‫وسمعت‬
‫ُ‬
‫صلى ﷲ على نبينا محمد‪ 9 ،‬درھم‪ ،‬ما أمضى عزائمھم! وما أشد جلدھم وشوقھم‬
‫لطلب العلم لوجه ﷲ! وما أقواھم على الدخول فيما يريدون حين يريدون! طافوا الدنيا‬
‫زرعا يوم لم يكن قطار وال سيارة وال باخرة وال طيارة‪،‬‬
‫ً‬ ‫لتحصيل العلم‪ ،‬زرعوھا باألقدام‬
‫طواف للبلدان‪ ،‬ونصب لألبدان‪ ،‬وكسب للزمان‪ ،‬ال راحة وال استرخاء‪ .‬ال صعوبة تمنعھم‬
‫من لقاء العلماء‪ ،‬أمانيھم في تحصيل العلم‪ ،‬وخدمة ھذا الدين تحدوھم إلى المزيد‪،‬‬
‫وتنسيھم ما يلقون من تعب وعناء شديد‪ .‬لسان حال بعضھم‪:‬‬
‫ھودجي‬
‫الليل مطرح َ ْ ِ‬
‫ِ‬ ‫وجنح‬
‫كمي *** ُ ُ‬
‫ومفرشي ُ ِ ّ‬
‫ظعنت َ ْ‬
‫إن َ ُ‬
‫بعيري ْ‬ ‫ََ ِ‬
‫كنفي َ ِ ِ‬
‫رميم‬
‫ُ‬ ‫والعظام‬
‫ُ‬ ‫مسك‬
‫ٌ‬ ‫فالنشر‬
‫ﱠ ُ‬ ‫شخوصھم ***‬
‫وغيب في الترابِ ُ ُ ُ‬
‫ماتوا ُ ِ ّ َ‬
‫ھل من مقتد بھم يا طلبة العلم في ھذا الزمان؟ إن مرحلة تحصيل العلم شاقة تنقطع‬
‫دون بلوغھا حيازيم الصبر‪ ،‬وتنحسر أمامھا عزمات الرجال‪ ،‬وال يصبر على اجتيازھا إال‬
‫األفذاذ األبطال‪ ،‬من لم يستسلموا للكسل والتواني‪ .‬لوال قول أالقي من لم يطع‬
‫التواني‪ ،‬ولم يضيع الحقوق‪ .‬فيا طلبة العلم؛ اعلموا أن علوم اإلسالم لم تدون في ظالل‬
‫دونت باللحم والدم والعصب‪ ،‬وظمأ الھواجر‪،‬‬
‫األشجار والثمار‪ ،‬وعلى ضفاف األنھار‪ ،‬إنما ِّ‬
‫وسھر الليالي‪ ،‬على السراج الذي ال يكاد يضيء نفسه أحيانا‪ ،‬في ظل الجوع والعري‪،‬‬
‫وانقطاع النفقة في بالد الغربة‪ ،‬والصبر على أھوال األسفار‪ ،‬ومالقاة الخطوب واألخطار‪،‬‬
‫والتيه في الفيافي والقفار‪ ،‬والغرق في البحار‪ ،‬مع البعد عن األھل والزوجة والدار‪.‬‬
‫لسان حال الكثير منھم من علماء اإلسالم‪:‬‬
‫َ ِ‬ ‫بالرقمتين ِ ْ ُ‬
‫وبالفسطاط ِ ﱠ ِ‬
‫خالني‬ ‫ﱠْ َ ِ‬ ‫وأنا‬
‫الھوى *** َ‬
‫وبغداد َ َ‬
‫ُ‬ ‫أھلي‬
‫ِ‬ ‫الشام‬
‫ِ‬ ‫في‬
‫مفقود‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الباء‬ ‫بسكون‬
‫لكنه ِ ُ ُ ِ‬
‫كسرت ﱠ ُ‬
‫باء له ُ ِ َ‬
‫إن ٌ‬‫يوجد ْ‬
‫ُ‬ ‫والصبر ُ‬
‫ُ‬ ‫أرادوا‬
‫ُ‬ ‫بالصبر َ ُ‬
‫بلغوا ما‬ ‫ِ‬
‫يبق لك إال أن تطلبه في مظانه بھمة‬
‫َ‬ ‫تحملوا ما تحملوا لتدوين العلم‪ ،‬فلم‬
‫ﱠ‬ ‫رحمھم ﷲ‪،‬‬
‫الرجال التي تتصاغر وتتضاءل أمامھا المشاق والمتاعب واألخطار‪ .‬ولن يخيب ﷲ‬
‫مسعي من سعى‪ ،‬ولن يتخلف الصادق عن النبوغ؛ فالنبوغ صبر طويل كما قيل‪.‬‬

‫مطلعھا َ ِ ُ‬
‫طويل‬ ‫ُ َ‬ ‫صعداء َ‬ ‫فاعلم *** َ َ‬
‫لھا ُ َ َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫األقوام‬
‫ِ‬ ‫سيادة‬
‫َ‬ ‫وإن ِ‬
‫ﱠ‬
‫للخطُوبِ رجاال‬
‫ُ‬ ‫ﷲ‬ ‫وأنت لھا أھل *** َ َ‬
‫خلق ُ‬
‫لقصعة َ ِ ِ‬
‫وثريد‬ ‫ورجاال َ ْ َ ٍ‬
‫فكن من رجال الخطوب ال من رجال القصعة والثريد‪ ،‬فمن ساق األماني‪ ،‬وصاحب‬
‫واستحب النوم‪ ،‬وشغلته تقلبات الفصول عن التحصيل فما‬
‫ﱠ‬ ‫واستلذ المطاعم‪،‬‬
‫ﱠ‬ ‫التواني‪،‬‬
‫أبعده عن العلم! وما أبعد العلم عنه! وما أنفره عن العلم! وما أنفر العلم عنه! إذا كان‬
‫يؤذيك حر المصيف‪ ،‬ويبس الخريف‪ ،‬وبرد الشتاء‪ ،‬ويلھيك حسن زمان الربيع‪ ،‬فأخذك‬
‫للعلم قل لي متى؟‬
‫التصبر َ َ ِ‬
‫للعناء‬ ‫وشيمتك ﱠ َ ﱡ ُ‬
‫ُ‬ ‫العلياء َ ْ ً‬
‫جلدا ***‬ ‫رجال َ َ‬
‫على َ ْ ِ‬ ‫فكن َ ُ‬
‫ُ ْ‬
‫ﱠ ِ‬
‫بالظفر‬ ‫الصبر إال َ َ‬
‫فاز‬ ‫ﱠْ َ‬ ‫واستصحب‬
‫َ ْ ِ‬ ‫يحاول ُُه ***‬
‫ِ‬ ‫أمر‬
‫جد في ٍ‬
‫لمن ﱠ‬
‫ْ‬ ‫فقل‬
‫ْ‬
‫والبكر‬
‫ِ‬ ‫الروحاتِ‬
‫التردد ِفي ﱠ ْ َ‬
‫طول ﱠ َ ُ ِ‬
‫ُ‬ ‫قربھا ***‬
‫النجم ﱠ‬
‫بمكان ﱠ ْ ِ‬
‫ِ‬ ‫حاجة ِ‬
‫ٍ‬ ‫َ ْ‬
‫كم‬

‫الصفحة السابعة‪ :‬تكليف ال تشريف‪ .‬حدث ]الفضيل بن الربيع[ قال‪ :‬حج أمير‬
‫مسرعا‪ ،‬أقول له‪ :‬لو‬
‫ً‬ ‫المؤمنين ]ھارون الرشيد[ ‪-‬عليه رحمة ﷲ‪ -‬قال‪ :‬ثم أتاني وخرجت‬
‫إلي ألتيتك‪ ،‬قال‪ :‬ويحك قد حاك في نفسي شيء فانظر لي رجال أسأله‪،‬‬
‫ﱠ‬ ‫أرسلت‬
‫فقلت له‪ :‬ھنا ]سفيان بن عيينة[‪ ،‬فقال‪ :‬امض بنا إليه‪ ،‬قال‪ :‬فأتينا فقرعنا الباب‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫إلي أتيتك‪ ،‬فحادثه ساعة‪ ،‬ثم قال له‪:‬‬
‫ﱠ‬ ‫من؟ قلت‪ :‬أمير المؤمنين‪ ،‬فخرج وقال‪ :‬لو أرسلت‬
‫ً‬
‫شيئا‪،‬‬ ‫أعليك دين؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬اقض دينه‪ ،‬فلما خرجنا قال‪ :‬ما أغنى عني صاحبك‬
‫انظر لي رجال آخر أسأله‪ ،‬قلت‪ :‬ھاھنا ]عبد الرزاق بن ھمام[ قال‪ :‬امض بنا إليه‪،‬‬
‫إلي ألتيتك‪،‬‬
‫ﱠ‬ ‫فأتيناه‪ ،‬فقرعنا الباب وخرج إلينا‪ ،‬فإذا ھو بأمير المؤمنين‪ ،‬فقال‪ :‬لو أرسلت‬
‫فحادثه ساعة‪ ،‬ثم قال‪ :‬أعليك دين؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬يا ]أبا عباس[ اقضِ دينه‪ ،‬قال‪ :‬فلما‬
‫ً‬
‫شيئا‪ ،‬انظر لي رجال أسأله‪ ،‬قلت‪ :‬ھاھنا ]الفضيل بن‬ ‫خرجنا قال ما أغنى عنا صاحبك‬
‫عياض[ قال‪ :‬امض بنا إليه‪ ،‬قال‪ :‬فأتينا‪ ،‬فإذا ھو قائم يتلو آية من القرآن يرددھا‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فقرعت الباب فلم يرد‪ ،‬فقلت‪ :‬أجب أمير المؤمنين‪ ،‬قال‪ :‬فاستمر في قراءته‪ ،‬فقلت‪ :‬أما‬
‫عليك طاعة‪ ،‬قال‪ :‬بلى‪ ،‬لكن ليس للمؤمن أن يذل نفسه‪ ،‬ثم نزل ففتح باب الدار‪ ،‬ثم‬
‫ارتقى إلى غرفة من الغرف‪ ،‬وأطفأ السراج‪ ،‬والتجأ إلى زاوية في بيته‪ ،‬قال‪ :‬فدخلنا‬
‫فجعلنا نجول بأيدينا ﱠ‬
‫علنا نجده‪ ،‬فسبقت كف ھارون إليه‪ ،‬فقال‪ :‬يا لھا من كف ما ألينھا‬
‫غدا من عذاب ﷲ –عز وجل‪ !-‬فقلت في نفسي‪ :‬ليكلمنه الليلة بكالم قوي‬
‫إن نجت ً‬
‫من قلب تقي‪ ،‬قال‪ :‬خذ –رحمك ﷲ‪ -‬لمجيئنا إليك‪ ،‬وأعطاه ماال‪ ،‬فقال‪ :‬إن ]عمر بن عبد‬
‫ولي الخالفة دعا ]سالم بن عبد ﷲ[‪] ،‬ومحمد بن كعب[‪] ،‬ورجاء بن حيوة[‬
‫َ‬ ‫العزيز[ لما‬
‫فعد الخالفة بالء‪ ،‬وعددتھا أنت‬
‫ﱠ‬ ‫علي‪،‬‬
‫ﱠ‬ ‫فقال لھم‪ :‬إني قد ابتليت بھذا البالء‪ ،‬فأشيروا‬
‫نعمة‪ ،‬خذ مالك ال أريده‪ ،‬ثم واصل فقال‪ :‬قال له سالم‪ :‬يعني قال سالم لعمر‪ :‬إن أردت‬
‫النجاة من عذاب ﷲ فصم عن الدنيا‪ ،‬وليكن إفطارك منھا الموت‪ ،‬وقال له محمد بن‬
‫أخا‪،‬‬
‫أبا‪ ،‬وأوسطھم ً‬
‫كعب‪ :‬إن أردت النجاة من عذاب ﷲ فليكن كبير المؤمنين لك ً‬
‫واحن على ولدك‪ .‬وقال له رجاء‪ :‬إن أردت النجاة‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬
‫ووقر أباك‪ ،‬وأكرم أخاك‪،‬‬ ‫ابنا‪،‬‬
‫وأصغرھم ً‬
‫غدا من عذاب ﷲ فأحب للمسلمين ما تحب لنفسك‪ ،‬واكره لھم ما تكره لنفسك‪ ،‬ثم‬
‫مت إن شئت‪ ،‬وإني أقول لك يا أمير المؤمنين‪ :‬إني أخاف عليك أشد الخوف من يوم‬
‫بكاء‬
‫ً‬ ‫تذل فيه األقدام‪ ،‬فھل معك ‪-‬رحمك ﷲ‪ -‬من يشير عليك بمثل ذلك‪ ،‬فبكى ھارون‬
‫ﱡ‬
‫شديدا حتى غشي عليه‪ ،‬فقلت له‪ :‬ارفق بأمير المؤمنين‪ ،‬فقال‪ :‬يا ابن الربيع؛ تقتله‬
‫ً‬
‫أنت وأصحابك وأرفق به أنا‪ ،‬إن النصح رفق‪ ،‬النصح رفق‪ ،‬أفاق الرشيد وقال‪ :‬زدني رحمك‬
‫ﷲ‪ ،‬فقال‪ :‬يا أمير المؤمنين بلغني أن عامال لعمر بن عبد العزيز شكا إليه‪ ،‬فكتب عمر‬
‫عليه قائال‪ :‬يا أخي أذكرك طول سھر أھل النار في النار مع خلود األبد‪ ،‬فلما قرأ الكتاب‬
‫طوى البالد حتى قدم على عمر فقال له عمر‪ :‬ما أقدمك؟ قال‪ :‬خلعت قلبي بكتابك‪،‬‬
‫شديدا‪ ،‬ثم قال‪:‬‬
‫ً‬ ‫بكاء‬
‫ً‬ ‫وﷲ ال أعود إلى والية حتى ألقى ﷲ ‪-‬عز وجل‪ -‬فبكى الرشيد‬
‫زدني ‪-‬رحمك ﷲ‪ -‬فقال‪ :‬يا حسن الوجه‪ ،‬أنت الذي سيسألك ﷲ ‪-‬عز وجل‪ -‬عن ھذا‬
‫تقي ھذا الوجه النار فافعل‪ ،‬وإياك أن تصبح‬
‫َ‬ ‫الخلق يوم القيامة‪ ،‬فإن استطعت أن‬
‫وتمسي وفي قلبك غش ألحد من رعيتك؛ فإن نبينا ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬قال‪" :‬من‬
‫غاشا لم يرد رائحة الجنة "‬
‫ً‬ ‫أصبح لھم‬
‫شديدا‪ ،‬ثم أفاق وقال له‪ :‬أعليك دين؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬دين لربي لم‬
‫ً‬ ‫بكاء‬
‫ً‬ ‫فبكى ھارون‬
‫يحاسبني عليه‪ ،‬فالويل لي إن سألني‪ ،‬والويل لي إن ناقشني‪ ،‬والويل لي إن لم ُ ْ َ‬
‫ألھم‬
‫مضطربا كما يضطرب العصفور المبلل بالماء‪ ،‬ثم ھدأ فقال له‪ :‬أما‬
‫ً‬ ‫باكيا‬
‫ً‬ ‫حجتي‪ ،‬ثم انفجر‬
‫ُ ﱠ‬
‫عليك دين لعباد ﷲ نقضيه عنك؟ قال‪ :‬إن ربي أمرني أن أصدق وعده وأطيع أمره‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫إن‬ ‫أريد َأن ُ ْ ِ ُ ِ‬
‫يطعمون * ِ ﱠ‬ ‫وما ُ ِ ُ‬
‫رزقٍ َ َ‬
‫منھم من ْ‬ ‫ليعبدون * َما ُ ِ ُ‬
‫أريد ِ ْ ُ‬ ‫واإلنس ِإال ﱠ ِ َ ْ ُ ُ ِ‬
‫َ‬ ‫الجن َ ِ‬ ‫وما َ َ ْ ُ‬
‫خلقت ْ ِ ﱠ‬ ‫)َ َ‬
‫القوة ْ َ ِ ُ‬
‫المتين(‬ ‫الرزاق ُذو ْ ُ ﱠ ِ‬
‫ھو ﱠ ﱠ ُ‬
‫ﷲ ُ َ‬
‫َ‬
‫رازقي‬
‫شك َ ِ ِ‬
‫ﱠ‬ ‫ﷲ ال‬
‫أن َ‬
‫وأيقنت ﱠ‬
‫ُ‬ ‫توكلت في رزقي على ﷲ خالقي ***‬
‫العوامق‬
‫البحار َ َ ِ ِ‬
‫كان في قاعِ ِ ِ‬
‫َ‬ ‫فليس َيفوتني *** َ ْ‬
‫ولو‬ ‫َ‬ ‫من رزقٍ‬
‫وما يك ْ‬
‫تقو بھا على عبادتك‪ ،‬وأنفقھا على عيالك‪ ،‬وسد بھا حاجاتھم‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ﱠ‬ ‫قال‪ :‬ھذه ألف دينار‬
‫سبحان ﷲ! أدلك على طريق النجاة‪ ،‬وتكافئني بمثل ھذا سلمك ﷲ‪ ،‬ثم صمت فلم‬
‫يتكلم بعدھا‪ ،‬قال‪ :‬فخرجنا من عنده‪ ،‬فلما صرنا إلى الباب قال ھارون لحاجبه ھذا‪ :‬إذا‬
‫سألتك أن تدلني على أحد فدلني على مثل ھذا‪ ،‬فلما انصرفنا قال‪ :‬دخلت عليه امرأته‬
‫فقالت‪ :‬يا ھذا قد ترى ما نحن فيه من ضيق الحال‪ ،‬فلو قبلت المال لتسد به حاجتنا‪،‬‬
‫كمثل قوم كان لھم بعير يأكلون من كسبه‪ ،‬فلما كبر نحروه‬
‫مثلي ومثلكم َ َ‬
‫فقال لھا‪ :‬إنما َ َ ِ‬
‫فأكلوا لحمه‪ ،‬فلما سمع ھارون كالمه وھو على الباب قال‪ :‬نرجع إليه فعسى أن يقبل‬
‫الدراھم‪ ،‬فلما علم الفضيل بعودتھم خرج فجلس على سطح الغرفة‪ ،‬فجاء ھارون‬
‫فجلس إلى جنبه‪ ،‬فجعل يكلمه فال يجيبه‪ ،‬فبينما ھم كذلك إذ خرجت جارية فقالت‪ :‬يا‬
‫ھذا؛ قد آذيتموه ھذه الليلة‪ ،‬دعوه مع كتاب ﷲ وانصرفوا رحمكم ﷲ‪ .‬فانصرفوا رحم ﷲ‬
‫الجميع‪ .‬أحبتي في ﷲ؛ يمكننا أن نأخذ من ھذه الحادثة عبرتين؛ أوال‪ :‬أن طلب‬
‫النصيحة من صاحب المنزلة والسعي للبحث عنھا في مظانھا‪ ،‬وطرق األبواب لھا‪،‬‬
‫وتلمس الوسائل للحصول عليھا‪ ،‬عقل ورشد‪ ،‬وأي رشد! ألن إتيان النصيحة إلى صاحب‬
‫المكانة يجعلھا في مركز الضعف‪ ،‬والعكس بالعكس؛ إتيانه للنصيحة يجعلھا في مركز‬
‫ثانيا‪ :‬أن المؤمنين إخوة ال تظالم‪ ،‬وال تخاذل‪ ،‬وال تحاقر بينھم‪ ،‬الصغير ابن‪،‬‬
‫ً‬ ‫القوة‪.‬‬
‫والوسط أخ‪ ،‬والكبير أب‪ ،‬جسد واحد‪ ،‬وأمة واحدة‪ .‬قد قالھا عمر بن الخطاب –رضي ﷲ‬
‫عنه‪ -‬ألخوة له خرجوا يريدون نشر دين ﷲ في األرض بأمره خلف السھوب والبحار‬
‫والفيافي والقفار‪ ،‬قال لھم‪ :‬سيروا على بركة ﷲ‪ ،‬وأنا أبو العيال حتى تعودوا‪ ،‬قالھا‬
‫حتى ال يترك في قلوبھم شغال بھؤالء الصغار‪ .‬فھل تستطيع أمة اإلسالم أن تربي مثل‬
‫ھذه النماذج؟ نعم وﷲ‪ ،‬إنھا ألمة خير يتعاقبه جيل بعد جيل‪ ،‬ولن تعدم األمة وسائل‬
‫لتربية مثل ھذا النماذج‪ ،‬وأعلى وسيلة علم كل فرد وھو على ثغرة من ثغور اإلسالم أن‬
‫ً‬
‫شيئا وعليه شيء‪ ،‬فليأخذ ما له من حق وليقم‬ ‫المسئولية تكليف ال تشريف‪ ،‬وأن له‬
‫ً‬
‫نطوقا‪ .‬وﷲ غالب‬ ‫سكوتا‬
‫ً‬ ‫بصيرا‪،‬‬
‫ً‬ ‫سميعا‪ ،‬أعمى‬
‫ً‬ ‫بما عليه من واجب‪ ،‬وليكن مع ذلك أصم‬
‫على أمره‪ ،‬ولكن أكثر الناس ال يعلمون‪.‬‬

‫الصفحة الثامنة‪ :‬حكمھا رحمة ونعمة‪ .‬كان ]قتيبة بن مسلم الباھلي[ عليه‪-‬رحمة‬
‫ﷲ‪ -‬في شرق الكرة األرضية يفتح المدن والقرى‪ ،‬ينشر دين ﷲ في األرض‪ ،‬ويفتح ﷲ‬
‫على يديه مدينة >سمرقند<‪ ،‬افتتحھا بدون أن يدعو أھلھا لإلسالم أو الجزية‪ ،‬ثم‬
‫ً‬
‫ثالثا؛ كعادة المسلمين‪ ،‬ثم يبدأ القتال‪ ،‬فلما علم أھل سمرقند بأن ھذا األمر‬ ‫يمھلھم‬
‫في دين اإلسالم كتب كھنتھا رسالة إلى سلطان المسلمين في ذلك الوقت؛ وھو عمر‬
‫بن عبد العزيز عليه–رحمة ﷲ‪ -‬أرسلوا بھذه الرسالة أحد أھل سمرقند‪ ،‬فاسمع إلى‬
‫شھرا حتى وصلت إلى >دمشق< دار‬
‫ً‬ ‫ھذا الرسول يقول‪ :‬أخذت أتنقل من بلد إلى بلد‬
‫الخالفة‪ ،‬فلما وصلت أخذت أتنقل في أحيائھا‪ ،‬وأحدث نفسي بأن أسأل عن دار‬
‫ً‬
‫أخذا‪ ،‬فلما رأيت‬ ‫السلطان‪ ،‬ثم أخشى على نفسي إن نطقت باسم السلطان أن أخذ‬
‫أعظم بناء في المدينة دخلت إليه‪ ،‬وإذا بالناس يدخلون ويخرجون ويدوكون‪ ،‬وإذا بحلقات‬
‫في ھذا البناء‪ ،‬وأناس يركعون ويسجدون‪ ،‬يقول‪ :‬فقلت ألحدھم‪ :‬أھذه دار الوالي‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ال بل ھذا ھو المسجد‪ ،‬قال‪ :‬ھل صليت؟ قلت‪ :‬وما صليت؟ قال‪ :‬فما دينك؟ قلت‪ :‬على‬
‫دين أھل سمرقند‪ ،‬فجعل يحدثني عن اإلسالم حتى اعتنقته‪ ،‬وشھدت أن ال إله إال‬
‫محمدا رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬ثم قلت له‪ :‬أنا رجل غريب‪ ،‬أريد‬
‫ً‬ ‫ﷲ‪ ،‬وأن‬
‫السلطان‪ ،‬دلني عليه‪ -‬يرحمك ﷲ‪ -‬قال‪ :‬تعني أمير المؤمنين‪ ،‬قلت‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬اسلك‬
‫ھذا الطريق حتى تصل إلى تلك الدار‪ ،‬وأشار إلى دار من طين‪ ،‬فقلت‪ :‬أتھزأ بي؟ قال‪:‬‬
‫ال‪ ،‬ولكن اسلك ھذا الطريق‪ ،‬فتلك دار أمير المؤمنين إن كنت تريده‪ ،‬قال‪ :‬فذھبت‬
‫طينا‪ ،‬ويسد به ثلمة في الدار‪ ،‬وامرأة تناوله الطين‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ً‬ ‫واقتربت‪ ،‬وإذا برجل يأخذ‬
‫فرجعت إلى الذي ﱠ‬
‫دلني وقلت‪ :‬أسألك عن دار أمير المؤمنين فتدلني على دار رجل‬
‫طيان قال‪ :‬ھو ذاك أمير المؤمنين‪ ،‬قال‪ :‬فطرقت الباب‪ ،‬وذھبت المرأة‪ ،‬ونزل الرجل‪،‬‬
‫ﱠ‬
‫ورحب بي‪ ،‬وغسل يديه وخرج وقال‪ :‬ما تريد؟ قلت‪ :‬ھذه رسالة من كھنة سمرقند‪،‬‬
‫فقرأھا‪ ،‬ثم قلبھا فكتب على ظھرھا‪ ،‬من عبد ﷲ عمر بن عبد العزيز إلى عامله‬
‫قاضيا ينظر فيما ذكروا‪ ،‬ثم ختمھا‪ ،‬وناولني‪ ،‬وانطلقت يقول‪ :‬فلوال‬
‫ً‬ ‫نصب‬
‫بسمرقند‪ :‬أن ِ ّ‬
‫أني خشيت أن يكذبني أھل سمرقند أللقيتھا في الطريق‪ ،‬ماذا تفعل ھذه الورقة وھذه‬
‫دوخ شرق الكرة األرضية‬
‫الكلمات في إخراج الجيوش العرمرم الجرارة‪ ،‬وذلك القائد الذي ﱠ‬
‫بلدا صليت‬
‫مسلما‪ ،‬كلما دخلت ً‬
‫ً‬ ‫برمتھا؛ يعني قتيبة بن مسلم؟ قال‪ :‬وعدت بفضل ﷲ‬
‫في مسجده واجتمعت باخوتي وآنست بھم‪ ،‬فأكرموني وأنسوا بي‪ ،‬فلما وصلت إلى‬
‫سمرقند وقرأ الكھنة الرسالة أظلمت عليھم األرض‪ ،‬وضاقت بما رحبت وقالوا‪ :‬ما تنفع‬
‫ھذه الرسالة وماذا تغني عنا‪ ،‬ذھبوا بھا إلى عامل عمر على سمرقند‪ ،‬فنصب لھم‬
‫يوما‬
‫قاضيا لھم لينظر في شكواھم‪ ،‬حدد القاضي لھم ً‬
‫ً‬ ‫الوالي ]جميع بن حاضر الباجي[‬
‫يدعنا‬
‫ُ َ‬ ‫اجتمعوا فيه‪ ،‬ثم قال القاضي‪ :‬ما دعواك يا سمرقندي؟ قال‪ :‬اجتاحنا قتيبة‪ ،‬ولم‬
‫إلى اإلسالم‪ ،‬ويمھلنا لينظر في أمرنا‪ ،‬فقال القاضي لخليفة قتيبة‪ ،‬وقد مات قتيبة –‬
‫عليه رحمة ﷲ‪ -‬قال‪ :‬أنت ما تقول؟ قال‪ :‬لقد كانت أرضھم خصبة‪ ،‬وأرضھم واسعة‪،‬‬
‫وخشي قتيبة إن ھو آذنھم وأمھلھم أن يتحصنوا عليه‪ ،‬والحرب خدعة‪ ،‬قال –واسمعوا‬
‫وبترا‪،‬‬
‫ً‬ ‫أشرا‬
‫ً‬ ‫إلى ما قال‪ :-‬لقد خرجنا مجاھدين في سبيل ﷲ‪ ،‬وما خرجنا فاتحين لألرض‬
‫ثم قضى القاضي بإخراج المسلمين على أن ينذرھم قائد الجيش اإلسالمي بعد ذلك‬
‫ً‬
‫وفقا للمبادئ اإلسالمية‪ .‬ما ظن أھل سمرقند أن تلك الكلمات ستفعل فعلھا‪،‬‬ ‫وينابذھم‬
‫ما غربت شمس ذلك اليوم ورجل من الجيش اإلسالمي في أرض سمرقند‪ ،‬خرج‬
‫الجيش كله‪ ،‬وبدأ لينذرھم ويدعوھم إلى اإلسالم أو الجزية أو القتال‪ ،‬فلما رأى أھل‬
‫سمرقند ما ال مثيل له في تاريخ البشرية؛ من عدالة تنفذھا الدولة على جيشھا‬
‫وقائدھا قالوا‪ :‬ھذه أمة حكمھا رحمة ونعمة‪ ،‬فدخل أغلبھم في دين ﷲ‪ ،‬وفرضت الجزية‬
‫جيشا يفتح مدينة ويدخلھا ويشتكي أھل المدينة للدولة‬
‫ً‬ ‫على الباقين‪ ،‬فيا ‪ !9‬أرأيتم‬
‫قديما‬
‫ً‬ ‫المنتصرة‪ ،‬فيحكم قضاؤھا على الجيش الظافر بالخروج‪ ،‬بل ھل رأيتم في التاريخ‬
‫حربا يتقيد أصحابھا بمبادئ األخالق والحق كما تقيد به الجيش اإلسالمي؟ وﷲ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وحديثا‬
‫ال نعلم في الدنيا كلھا موقف مثل ھذا ألمة من أمم األرض‪.‬‬
‫الدين‬
‫يوم ِّ ِ‬
‫َ‬ ‫والثرى *** وكفى بھم شھداء‬
‫ﱠ‬ ‫والكواكب‬
‫ُ‬ ‫يشھد‬
‫ُ‬ ‫والليل‬
‫ُ‬
‫الكتب والسير‬
‫الحياة *** وھم بعد الممات جمال ُ ْ‬
‫ِ‬ ‫كانوا ِفي‬
‫جمال ذي األرض ُ‬

‫الصفحة التاسعة‪ :‬لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبر‪ .‬جاء في إنباء الرواة في‬
‫ترجمة ]أبي نصر القرطبي[ قال‪ :‬كنا نختلف إلى ]أبي علي القالي[ ‪-‬رحمه ﷲ‪ -‬وقت‬
‫إمالئه النوادر في جامع الزھراء بحي >قرطبة< ونحن في فصل الربيع‪ ،‬قال‪ :‬فبينما أنا‬
‫ذات يوم في بعض الطريق إذ أخذتني سحابة‪ ،‬فما وصلت إلى مجلس أبي علي إال وقد‬
‫ابتلت ثيابي كلھا‪ ،‬وحوالي أبي علي أعالم أھل قرطبة‪ ،‬فلما رآني مبتال بالماء أمرني‬
‫بالدنو منه‪ ،‬وقال لي‪ :‬مھال يا أبا نصر ال تأسف‪ ،‬وال تأس‪ ،‬وال تحزن على ما عرض لك؛‬
‫تبدلھا بغير ثيابك‪ ،‬لكن اسمع –يريد أن يعزيه‬
‫فھذا شيء يضمحل عنك بسرعة‪ ،‬بثياب ِّ‬
‫وأن يسليه على ما أصابه‪ -‬قد عرض لي –يقول أبو علي عن نفسه‪ -‬ما أبقى في‬
‫جسمي ندوبا وجروحا تدخل معي القبر‪ ،‬لقد كنت أختلف في الطلب؛ يعني في طلب‬
‫العلم إلى ]ابن مجاھد[ –رحمة ﷲ عليه‪ -‬فذھبت إليه آخر الليل قبل طلوع الفجر؛‬
‫ألقترب منه ألستفيد‪ ،‬فلما انتھيت إلى الطريق الذي كنت أخرج منه إلى مجلسه ألفيته‬
‫علي فتحه‪ ،‬فقلت‪ :‬سبحان ﷲ! ِّ‬
‫أبكر ھذا البكور ثم أغلب على القرب‬ ‫ﱠ‬ ‫ً‬
‫مغلقا‪،‬قال وعسر‬
‫منه‪ ،‬وﷲ ال يكون ذلك‪ ،‬فنظرت إلى سرب بجانب الدار ضيق فاقتحمته‪ ،‬فلما توسطته‬
‫ضاق بي ذلك السرب وذلك النفق‪ ،‬فلم أقدر على الخروج منه‪ ،‬ولم أستطع النھوض‪،‬‬
‫قال‪ :‬فاقتحمته بشدة حتى خرجت بعد أن تخرقت ثيابي‪ ،‬ﱠ‬
‫وأثر السرب في لحمي حتى‬
‫ومن ﷲ علي بالخروج فوافيت مجلس الشيخ على حالتي ھذه‪ ،‬فأين‬
‫ﱠ‬ ‫انكشف العظم‪،‬‬
‫أنت مما عرض لي؟ ثم أنشد يقول‪:‬‬
‫األزر‬
‫َ‬ ‫دونه‬
‫وألقوا ُ َ ُ‬
‫َ‬ ‫النفوسِ‬ ‫قد َ َ ُ‬
‫بلغوا *** ُ َ‬
‫جھد ﱡ‬ ‫والساعين ْ‬
‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫المجد‬
‫ِ‬ ‫دببت إلى‬
‫ُ‬
‫صبر‬
‫َ‬ ‫ومن‬ ‫من ْ َ‬
‫أوفى َ ْ‬ ‫المجد َ ْ‬
‫َ‬ ‫وعانق‬
‫َ َ‬ ‫أكثرھم ***‬
‫ُ ُ‬ ‫مل‬
‫حتى ﱠ‬
‫المجد ﱠ‬
‫َ‬ ‫وكابدوا‬
‫تمرا أنت آكله *** لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبر‬
‫ً‬ ‫ال تحسب المجد‬
‫قال أبو نصر‪ :‬فسالني ما حكاه‪ ،‬وھان عندي ما عرض لي من بلل للثياب بجانب ما‬
‫أصابه‪ ،‬فالزمته حتى مات‪ ،‬فرحمة ﷲ على الجميع‪ .‬ھم أسالفنا‪ ،‬وندعي الصلة بھم‪،‬‬
‫فھل مجالسنا مجالسھم‪ ،‬وھممنا ھممھم؟‬
‫علمائھا‬
‫ِ َ‬ ‫من ُ‬
‫عھدت ِ ْ‬
‫ن َ ِ ُ‬‫غير الذي َ‬
‫َ‬ ‫أوجھا ***‬
‫ُ ً‬ ‫المجالس‬
‫ُ‬ ‫لما َ َ ﱠ َ ِ‬
‫تبدلت َ‬ ‫ﱠ‬
‫صدورھا َ َ ِ‬
‫وفنائھا‬ ‫والة ُ ُ ِ َ‬
‫كانوا ُ َ‬ ‫بسوى ُ َ‬
‫األلى *** َ ُ‬ ‫ً‬
‫محفوفة ِ ِ َ‬ ‫ورأيتھا‬
‫ُ‬
‫مائھا‬
‫بجاري ِ‬‫شرقت َ ِ‬‫َ َ‬ ‫قد‬
‫والعين ْ‬
‫ُ‬ ‫متقدما ***‬
‫ً‬ ‫ثائرا‬
‫ً‬ ‫بيتا‬
‫أنشدت ً‬
‫ُ‬
‫نسائھا‬
‫غير ِ َ ِ‬
‫َ‬ ‫الحيِ‬
‫نساء َ ّ‬
‫َ‬ ‫كخيامھم *** َ َ‬
‫وأرى ِ‬ ‫ِ‬ ‫فإنھا‬
‫الخيام ﱠ‬
‫ُ‬ ‫أما‬
‫المال؟‬
‫ِ‬ ‫رأس‬
‫ُ‬ ‫ِ ْ ُ‬
‫والعلم‬ ‫متجر‬
‫ة رابح *** ِفي َ ْ َ ٍ‬ ‫ً‬
‫حسرة من لي بصفق ِ‬ ‫يا‬
‫للجھال‬
‫ُ ﱠ ِ‬ ‫السبقِ‬
‫ﱠ ْ‬ ‫كل‬
‫والسبق ُ ﱡ‬
‫ﱠ ْ ُ‬ ‫تأخروا ***‬
‫كيف ﱠ ُ‬
‫َ‬ ‫العلم‬
‫ِ‬ ‫يا ويح أھل‬
‫آمالي‬
‫األنام منوطة َ ِ‬
‫ِ‬ ‫دون‬
‫َ‬ ‫وبفضله ***‬
‫ِ ِ‬ ‫إلھي ُ ْ َ َ‬
‫المشتكى‬ ‫فإلى ِ‬‫َِ‬

‫‪ 9‬ھذه المواقف‪ ،‬ما أبلغھا! وما أعلى على ھام ﱡ ﱠ‬


‫الثريا مواضعھا! وھكذا فليكن الطلب‬
‫وإال فال‪.‬‬
‫لتذكر بموقف آخر ]البن برھان[؛ كما جاء في‬
‫ِّ‬ ‫إن ھذه الصفحة – أعني الماضية‪-‬‬
‫طبقات الشافعية يوم تزاحم الطالب على بابه حتى صار جميع نھاره‪ ،‬وقطعة من ليله‬
‫مستوعبا في التدريس‪ ،‬يجلس من وقت السحر إلى وقت العشاء اآلخرة‪ ،‬ويتأخر أحيانا‬
‫ً‬
‫بعدھا إذا دعت الحاجة لذلك‪ .‬ذكر أن مجموعة من طلبة العلم سألوه أن يدرس لھم‬
‫أوقاتا معينة فلم يجد إال في نصف الليل فوافقوا‪،‬‬
‫ً‬ ‫كتابا فقال‪ :‬ال أجد لكم وقتا‪ ،‬فذكروا‬
‫ً‬
‫وانظر يا أخي كيف نظم أوقاته للعبادة والطاعة والمنام والمطالعة والحفظ والتدريس‬
‫جدا يتمكن به العالم وطالب العلم من بلوغ مرغوباته العلمية‬
‫والقراءة وھذا شيء ھام ً‬
‫جميعا‪ ،‬فال يطغى مرغوب على مرغوب‪ ،‬ثم انظر أخي طالب العلم –رعاك ﷲ‪ -‬إلى ھذا‬
‫ً‬
‫الصبر العجيب من ھذا الشيخ الجليل على بث العلم ونشره‪ ،‬واالحتساب في أدائه‬
‫ونقله‪ ،‬ثم انظر أخرى إلى ھذا الشوق والحرص المحرق من أولئك الطلبة المحترقين‬
‫وقتا ليقرؤوا عليه إال نصف الليل‪ ،‬فأتوا مسرورين وظنوا أنھم‬
‫بالعلم الذين لم يجدوا ً‬
‫محظوظين مكرمون‪ ،‬ثم انظر لذلك الذي نسى بدنه واقتحم السرب وخرج اللحم عن‬
‫العظم ليحظى بالقرب من العالم ليستفيد فلله در أولئك الشيوخ! و‪ 9‬در أولئك اآلباء‬
‫والطلبة األبناء! ما أشد حب أولئك للطلب! وما أصبر أولئك على إشاعة العلم وإيصاله‬
‫ووفاء بالعھد وإنا ‪ 9‬من طلبة ھذا العصر الذين يستعجلون دق‬
‫ً‬ ‫أداء لألمانة‬
‫ً‬ ‫للمتعلمين!‬
‫الجرس ليخرجوا من الدرس المؤقت بخمس وأربعين دقيقة في ألين األوقات راحة‬
‫شتاء يخرجون يزحم بعضھم‬
‫ً‬ ‫صيفا مدفأة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫نشاطا وأجمعھا ذھنا من قاعات مبردة‬ ‫وأفضلھا‬
‫ً‬
‫بعضا كأنما يفرون من حريق أو ينطلقون من سجن ظالم عنيد وآه لھم ‪.‬‬
‫دونا‬ ‫من َ َ‬
‫كان ُ َ‬ ‫بالدون َ ْ‬
‫ﱡ ِ‬ ‫ويقنع‬
‫َ ُ‬ ‫العال ***‬
‫رام ُ‬
‫إذا َما عال المرء َ َ‬
‫الورق‬
‫الحبر و َ َ ِ‬
‫مداد ِ ْ ِ‬
‫ينقلون ِ َ َ‬
‫َ‬ ‫الحيِ َ ْ‬
‫قد نشئوا *** ال‬ ‫ّ‬ ‫شباب‬
‫َ‬ ‫رأيت‬
‫إذا ْ َ‬
‫َ‬
‫اتسق‬
‫األخبار َما ﱠ َ َ‬
‫ِ‬ ‫صالحِ‬
‫من َ‬ ‫األشياخِ في ِ َ‬
‫حلق *** َ ُ َ‬
‫يعون ِ ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫تراھم َ َ‬
‫لدى‬ ‫َوال َ َ ُ‬
‫الھمة َ َ َ‬
‫الخرق‬ ‫بعل ُِوّ ِ ﱠ ِ‬
‫بدلُوا ِ ُ‬
‫ھمج *** قد َ ﱠ‬
‫أنھم َ َ ٌ‬ ‫وعنك ْ َ‬
‫واعلم ﱠ ُ‬ ‫َ‬ ‫فذرھم‬
‫َْ ُ‬
‫فما َ َ ْ‬
‫ظلم‬ ‫أبه َ‬
‫يشابه َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ومن ***‬
‫ْ‬ ‫أنتم كأسالفكم‬
‫المقاصد‬
‫ِ ُ‬ ‫تتم َ‬ ‫وليس َ ْ ِ‬
‫عليه أن َ ِ ﱠ‬ ‫َ‬ ‫جاھدا‪،‬‬
‫ً‬ ‫يسعى َ‬
‫إلى ال ِ‬
‫خير‬ ‫أن َ َ‬ ‫ِ‬
‫المرء ْ‬ ‫على‬
‫ينم‬ ‫من َ ْ‬
‫لم َ َ‬ ‫وقف َ‬
‫على ْ‬ ‫للعال *** فالعال ْ ٌ‬
‫وھبوا ُ‬
‫النوم ُ ﱡ‬
‫َ‬ ‫فانفضوا‬
‫ْ ُ ُ‬
‫يتقحم‬
‫سبق إال للذي َ َ َ ُ‬
‫ْ َ‬ ‫أفيقوا ال مجال لخامل *** وال‬

‫الصفحة العاشرة‪ :‬استراحة في السير ]للذھبي[ أن ]ھمام بن منبه[ قعد في‬


‫مجلس ]ابن الزبير[‪ ،‬وكان ھناك رجل من >نجران< يعظمونه اسمه ]حنش[‪ ،‬كبير‬
‫السن‪ ،‬وليس له لحية‪ ،‬فقال رجل قرشي في مجلس البن الزبير لھمام‪ :‬من أين أنت؟‬
‫قال ھمام‪ :‬من أھل اليمن‪ ،‬قال‪ :‬ما فعلت عجوزكم؛ يعني كبير السن ]حنش[؟ قال ‪-‬‬
‫واسمعوا إلى القول‪ :-‬عجوزنا أسلمت مع ]سليمان[ ‪ 9‬رب العالمين‪ ،‬وعجوزكم يا‬
‫حمالة الحطب‪ ،‬فبھت القرشي‪ ،‬وقال ابن الزبير‪ :‬أتدري من ﱠ‬
‫كلمت؟ إنه ھمام‪،‬‬ ‫ﱠ‬ ‫قريش‬
‫وله من اسمه نصيب‪ .‬وروى أن ]أبا حنيفة[ ‪-‬رحمه ﷲ‪ -‬كان عند الخليفة العباسي ]أبي‬
‫جعفر[ ومعه ]الربيع[ حاجبه‪ ،‬وكان بين الربيع وبين أبي حنيفة بعض سوء فھم فقال‬
‫الربيع محاوال اإليقاع بين أبي حنيفة وأبي جعفر قال‪ :‬يا أمير المؤمنين إن ھذا يخالف‬
‫جدك ابن عباس فال يجيز االستثناء في اليمين إال متصال باليمين‪ ،‬لو استثنى بعد يوم ال‬
‫يجوز له ذلك‪ ،‬فقال أبو حنيفة‪ :‬يا أمير المؤمنين إن الربيع يزعم أن ليس لك في رقاب‬
‫الناس بيعة‪ ،‬فقال المنصور‪ :‬كيف؟ قال أبو حنيفة‪ :‬إنھم يحلفون لك على البيعة‪ ،‬ثم‬
‫يرجعون إلى منازلھم فيستثنون فتبطل أيمانھم‪ ،‬فضحك المنصور‪ ،‬وقال للربيع‪ :‬ال تعرض‬
‫ألبي حنيفة‪ ،‬وانقلب السحر ‪-‬كما يقال‪ -‬على الساحر‪.‬‬
‫وفي السير ]للذھبي[‪ :‬أرسل األمير ]عيسى بن موسى[ إلى اإلمام ]األعمش[ بألف‬
‫درھم وصحيفة ليكتب له فيھا الحديث‪ ،‬فكتب فيھا ]األعمش[‪ :‬بسم ﷲ الرحمن‬
‫الرحيم‪ ،‬قل ھو ﷲ أحد‪ ،‬ثم أرسل بھا إليه‪ ،‬فلما وصلت إلى عيسى رفعھا ونظر فيھا‬
‫وقال‪ :‬يا ابن الفاعلة؛ ظننت أني ال أحسن كتاب ﷲ‪ ،‬فرد عليه ]األعمش[ قال‪ :‬وظننت‬
‫أني أبيع الحديث‪ .‬وفي السير ]للذھبي[ – ً‬
‫أيضا‪ -‬أنه أوتي ]بعبد الرحمن بن عائد[ إلى‬
‫الحجاج‪ ،‬فقال له الحجاج‪ :‬كيف أصبحت؟ قال‪ :‬ال كما يريد ﷲ‪ ،‬وال كما يريد الشيطان‪ ،‬وال‬
‫زاھدا‪ ،‬وأنا أعلم أني‬
‫ً‬ ‫عابدا‬
‫ً‬ ‫كما أريد‪ ،‬قال‪ :‬ويحك ما تقول؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬يريد ﷲ أن أكون‬
‫رقا‪ ،‬وما أنا بذاك‪ ،‬وأريد أن أكون مخال ً ّ في‬
‫فاسقا ما ً‬
‫ً‬ ‫لست كذلك‪ ،‬ويريد الشيطان أن أكون‬
‫ومولد شامي‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫أدب عراقي‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫بيتي‪ ،‬آمنا في أھلي‪ ،‬ولم تتركني يا حجاج‪ ،‬فقال الحجاج‬
‫وجيراننا إذ كنا بالطائف‪ ،‬ﱡ‬
‫خلوا عنه‪ ،‬فخلوا عنه‪.‬‬
‫وفي السير ]للذھبي[ – ً‬
‫أيضا‪ -‬أن ]سليمان بن عبد الملك[ استصغر ]أبا العالء[؛ مولى‬
‫ودميما‪ ،‬فقال ھذا المولى‪ :‬إنك رأيتني واألمور‬
‫ً‬ ‫مشوھا‬
‫ً‬ ‫من موالي ]الحجاج[؛ كان ھذا‬
‫مدبرة عني‪ ،‬ولو رأيتني وھي مقبلة الستعظمت ما احتقرت‪ ،‬فقال سليمان قاتلك ﷲ‪،‬‬
‫أسد عقلك! أترى الحجاج يھوي بعد في جھنم أم بلغ قعرھا؟ يقول سليمان‪ :‬قال‪ :‬ال‬
‫ﱠ‬ ‫ما‬
‫واله ]أبو سليمان[‪ ،‬فقال‪ :‬مثل ھذا ُ ْ َ َ‬
‫فليصطنع‪.‬‬ ‫تقل ذاك‪ ،‬فإنه يحشر مع من وال ﱠه‪ ،‬والذي ﱠ‬
‫ِّ‬
‫مكلمك بكالم‬ ‫ودخل أعرابي على ]سليمان بن عبد الملك[ فقال‪ :‬يا أمير المؤمنين؛ إني‬
‫فاحتمله وإن كرھته؛ فإن وراءه ما تحب إن قبلته‪ ،‬فقال‪ :‬يا أعرابي ‪-‬وكان عاقال‪ -‬إنا لنجود‬
‫بسعة االحتمال على من ال نرجو نصحه‪ ،‬وال نأمن غشه‪ ،‬فكيف بما نأمن غشه‪ ،‬ونرجو‬
‫تكنفك رجاال أساءوا االختيار ألنفسھم‪،‬‬
‫نصحه؟ فقال األعرابي‪ :‬يا أمير المؤمنين؛ لقد ﱠ‬
‫وابتاعوا دنياھم بدينھم‪ ،‬ورضاك بسخط ربھم‪ ،‬خافوك في ﷲ ولم يخافوا ﷲ فيك‪ ،‬حرب‬
‫تضييعا‪،‬‬
‫ً‬ ‫لآلخرة وسلم للدنيا‪ ،‬فال تأمنھم على ما ائتمنك ﷲ؛ فإنھم لم يألوا في األمانة‬
‫وعسفا‪ ،‬وأنت مسؤول عما اجترحوا‪ ،‬وليسوا بمسؤولين عما‬
‫خسفا َ ْ ً‬
‫وفي األمة َ ْ ً‬
‫غبنا من باع آخرته بدنيا‬
‫اجترحت‪ ،‬فال تصلح دنياھم بفساد آخرتك؛ فإن أعظم الناس ُ ْ ً‬
‫غيره‪ .‬فقال سليمان‪ :‬يا أعرابي أما إنك سللت لسانك وھو أقطع من سيفك‪ ،‬قال‪ :‬أجل‬
‫يا أمير المؤمنين‪ ،‬ولكن لك ال عليك‪ ،‬لك ال عليك‪ ،‬والدين النصيحة‪ ،‬والمؤمنون نصحة‪،‬‬
‫والمنافقون غششه‪ ،‬والنصيحة لك ال عليك‪.‬‬

‫الصفحة الحادية عشر‪ :‬من أورق بوعد فليثمر بفعل‪ .‬يروي أھل السير أن ]عبد‬
‫ﷲ بن عمر[‪ -‬رضي ﷲ عنه‪ -‬أعطى رجال من قريش شبه وعد أن يزوجه ابنته‪ ،‬فلما‬
‫فزوجه إياھا‪ ،‬وقال‪ :‬كرھت أن ألقى ﷲ ‪-‬عز وجل‪ -‬بثلث نفاق‪.‬‬
‫ﱠ‬ ‫حضرته الوفاة أرسل إليه‬
‫نعم‬
‫العناء بال أو َ َ ْ‬
‫ُ‬ ‫قوله *** ومات‬ ‫تم َ َ‬
‫على ِ ِ‬ ‫قال ﱠ‬
‫َ‬ ‫إذا‬
‫الرجم‬
‫تحت ﱠ َ‬
‫َ‬ ‫وبالفعل‬
‫ِ ْ ِ‬ ‫قريب‬
‫ٌ‬ ‫بموعوده ***‬
‫ِ‬ ‫الرجال َ‬
‫ِ‬ ‫وبعض‬
‫ُ‬
‫عندكم‬
‫بواجده ِ ْ َ ُ‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫ولست‬
‫َ‬ ‫لمعه ***‬
‫َ ُ‬ ‫ترى‬
‫كجاري السرابِ َ َ‬
‫َ ِ‬

‫ھذه الصفحة رسالة لي‪ ،‬وإلخوتي معشر طالب العلم‪ ،‬وللناس عامة؛ أن‬
‫نتقي ﷲ فيما نعد به؛ فكم من أوقات تھدر ومصالح لألمة تتعطل بناء على مواعيد‬
‫عرقوب‪ ،‬يعدك الواحد في السابعة ويأتيك إن أتى في العاشرة‪ ،‬أو ال يأتيك وال يعتذر إليك‬
‫أبدا‪ .‬إن عرقوب المضروب به المثل أصبح‬
‫عن مجيئه‪ .‬وما ھكذا تكون أخالق المسلم ً‬
‫ً‬
‫شيئا‪ ،‬فقال‬ ‫واقع كثيرا ھذه األيام‪ .‬وما قصة عرقوب؟ يأتيه أخ محتاج سائل فيسأله‬
‫بلحا أعطيتك‪ ،‬فلما صار‬
‫ً‬ ‫عرقوب‪ :‬إذا أطلع النخل أعطيتك‪ ،‬فلما أطلع أتاه فقال‪ :‬إذا صار‬
‫رطبا‪،‬‬
‫ً‬ ‫بلحا أتاه‪ ،‬فقال‪ :‬إذا أزھى بحمرة وصفرة‪ ،‬فلما أزھى أتاه‪ ،‬فقال‪ :‬إذا أرطب‪ ،‬إذا صار‬
‫ً‬
‫تمرا خرج إليه في الليل‪ ،‬وقطعه في‬
‫ً‬ ‫تمرا‪ ،‬فلما صار‬
‫ً‬ ‫فلما صار رطبا أتاه‪ ،‬فقال‪ :‬إذا صار‬
‫ً‬
‫شيئا‪ ،‬فقال ذلك الرجل‪:‬‬ ‫الليل ولم يعط أخاه‬
‫رعد‬
‫وقد َ َ‬
‫ْ‬ ‫يمطر‬
‫ْ‬ ‫كالمزن لم‬
‫ُ ْ‬ ‫وعدتني ثم لم ُتوف بموعدتي *** فكنت‬

‫ُ‬ ‫مواعيده إال ﱠ َ ِ‬


‫األباطيـــل‬ ‫ُ ُ‬ ‫كانت مواعيد عرقوبٍ لنا مثال *** وما‬

‫فيا أيھا المؤمنون عامة؛ ويا طلبة العلم خاصة؛ إن وعد الكريم نقض‪ ،‬ووعد اللئيم‬
‫تسويف‪ ،‬فإن وعدت بخير فأوف‪ ،‬وإن وعدت بشر فاعف‪ ،‬وإياك أن تلقى ﷲ بخصلة‬
‫حدث كذب‪ ،‬وإذا ائتمن خان‪ ،‬وإذا وعد أخلف‪،‬‬ ‫نفاق؛ فإن من آية المنافق أنه إذا ﱠ‬
‫أو َ ْ َ ْ َ‬
‫أخطأنا(‪.‬‬ ‫نسينا َ ْ‬ ‫ربنا ال َ ُ َ ِ ْ َ‬
‫تؤاخذنا ِإن ﱠ ِ َ‬ ‫والنسيان جائز ومغفور‪ َ ) .‬ﱠ َ‬

‫الصفحة األخيرة‪ :‬الحق يدفع الباطل‪ .‬أورد ]ابن كثير[ في البداية والنھاية أنه في‬
‫وكثيرا ما يزورون ويغشون‬
‫ً‬ ‫القرن الخامس الھجري زور يھود >خيبر< إحدى الوثائق ‪-‬‬
‫ويكذبون ويفترون ويمكرون‪ ،‬وتاريخھم ال يخفى على ذي عين‪ -‬زعموا في وثيقتھم أن‬
‫النبي ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬أسقط عنھم الجزية‪ ،‬وأقرھم على خيبر‪ ،‬يمكثون فيھا ما‬
‫ً‬
‫عبثا‪ ،‬فإن النبي‬ ‫شاءوا‪ ،‬وكما ھو معلوم فقد أخرجھم عمر ‪-‬رضي ﷲ عنه‪ -‬وما أخرجھم‬
‫‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬قال‪ :‬أخرجوا اليھود والنصارى من جزيرة العرب‪ ،‬حاولوا بھذه‬
‫الوثيقة الرجوع إلى خيبر كما يحاولون في كل زمان وبكل الوسائل المتاحة إلطفاء النور‪،‬‬
‫ولن يرضوا حتى تتبع ملتھم‪ ،‬وﷲ متم نوره ولو كرھوا وخططوا ودبروا‪ ،‬ومكروا وﷲ خير‬
‫الماكرين‪ ،‬والعاقبة للمتقين زوروا الوثيقة وجاءوا بھا إلى الوزير العباسي ]أبي القاسم‬
‫بن مسلمة[‪ ،‬جاءوا إليه وقالوا‪ :‬معنا كتاب نبوي بإسقاط الجزية وإقرارنا على خيبر‪،‬‬
‫ﱠ‬
‫وتملى‪ ،‬ثم لم‬ ‫وقدر وتأمل‬
‫ﱠ‬ ‫بكتابة صحابي‪ ،‬وشھادة الصحابة‪ ،‬نظر الوزير في الوثيقة فكر‬
‫وحسنا فعل‪-‬‬
‫ً‬ ‫يفصل في المسألة‪ ،‬بل رد األمر إلى أھله الذين يستنبطونه‪ ،‬دفع الكتاب ‪-‬‬
‫إلى الحافظ ]الخطيب البغدادي[؛ شيخ علماء بغداد ومؤرخھا ومحدثھا في عصره‪ ،‬فنظر‬
‫فيھا ثم قال‪ :‬ھذا كذب والذي ال إله إال ھو‪ ،‬قال الوزير‪ :‬كيف ذلك؟ ما دليل كذبھا‪ ،‬أريد‬
‫دليال؟ قال‪ :‬ألنھا بكتابة وشھادة ]معاوية بن أبي سفيان[‪ -‬رضي ﷲ عنه‪ -‬ولم يكن‬
‫أسلم إال عام >فتح مكة<‪ ،‬فكيف يكتب للنبي ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬أو يشھد قبل‬
‫إسالمه بعام‪ .‬ھذه واحدة‪ ،‬أما الثانية فھي بشھادة ]سعد بن معاذ[ ‪-‬رضي ﷲ عنه‪-‬‬
‫وسعد بن معاذ قد مات بعد األحزاب وقبل خيبر‪ ،‬فكيف يشھد بعد وفاته بأكثر من عام؟‬
‫فبھت الذين كفروا‪ ،‬وﷲ ال يھدي القوم الظالمين‪ ،‬وخابوا وخسروا‪ ،‬أولئك في األذلين‪.‬‬
‫بذلك نقضت الوثيقة‪ ،‬وظھر زيفھا وباطلھا‪ ،‬ولو جيء بھا إلى غير أھلھا العلماء لوقعت‬
‫األمة في شباك أعدائھا ولكنه العلم‪.‬‬
‫القمر‬
‫ُ‬ ‫سواد الظلمة‬
‫َ‬ ‫العلم يجلو العمى عن قلب صاحبه *** كما يجلي‬
‫وقبل ذلك بعدة قرون يجئ رجل من الخوارج إلى ]أبي حنيفة[ ‪-‬رحمه ﷲ‪ -‬فيقول له‪:‬‬
‫مم؟ قال الخارجي‪ :‬من قولك بتجويز الحكمين في‬ ‫تب وعد إلى ﷲ‪ ،‬قال أبو حنيفة‪ ِ :‬ﱠ‬
‫ﷲ‬ ‫بما َ َ َ‬
‫أنزل ُ‬ ‫يحكم ِ َ‬ ‫ومن ﱠ ْ‬
‫لم َ ْ ُ‬ ‫‪َ َ ) (9‬‬ ‫إن ْ ُ ْ ُ‬
‫الحكم ِإال ﱠ ِ‬ ‫الخالف بين ]علي[ ]ومعاوية[‪ ،‬وﷲ يقول‪ِ ِ ) :‬‬
‫افرون( فقال أبو حنيفة‪ :‬أال تقبل أن تناظرني في ھذا الموضوع؟ قال‬ ‫ھم ْ َ‬
‫الك ِ ُ َ‬ ‫ََُِْ َ‬
‫فأولئك ُ ُ‬
‫الخارجي‪ :‬قد قبلت‪ ،‬فقال أبو حنيفة‪ :‬فإن اختلفنا فمن يحكم بيني وبينك؟ قال‬
‫الخارجي‪ :‬من شئت‪ ،‬قال –وكان مع الخارجي صاحب له آخر‪ -‬فالتفت أبو حنيفة إلى‬
‫صاحبه وقال‪ :‬اقعد فاحكم بيننا فيما اختلفنا فيه إن اختلفنا‪ ،‬فسر الخارجي بكون صاحبه‬
‫ھو الحكم‪ ،‬عندھا فاجأه أبو حنيفة قائال‪ :‬أترضى بھذا حكما بيني وبينك؟ قال‪ :‬نعم‪،‬‬
‫جوابا‪ ،‬وبھت الذين‬
‫ً‬ ‫جوزت التحكيم‪ ،‬فبھت الخارجي ولم يحر‬ ‫فقال أبو حنيفة‪ً :‬‬
‫إذا أنت ﱠ‬
‫كفروا‪ ،‬وﷲ ال يھدي القوم الظالمين‪ .‬العلم فيه حياة للقلوب؛ كما تحي البالد إذا ما‬
‫مسھا المطر‪ .‬وإن نسيت فال أنس باألمس القريب يوم يزور أحد علماء المسلمين‬
‫مدرسة نصرانية‪ ،‬ويجري حديثا طويال بينه وبين مديرھا‪ ،‬فكان مما قاله ھذا العالم‬
‫لمديرھا‪ :‬لماذا تحملون على اإلسالم وعلى نبي ﷲ محمد –صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬‬
‫في كتبكم المدرسية‪ ،‬وفي اجتماعاتكم بما ال يصح أن يقال في عصر تعارفت فيه‬
‫الشعوب‪ ،‬والتقت فيه الثقافات كما تدعون؟ فأجاب قائال‪ :‬نحن الغربيين ال نستطيع أن‬
‫نحترم رجال تزوج من تسع نساء؛ يعني رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬قال‪ :‬ومن‬
‫تحترمون من أنبياء ﷲ؟ ھل تحترمون نبي ﷲ ]داود[ –عليه صلوات ﷲ وسالمه‪-‬؟ قال‪:‬‬
‫ً‬
‫أيضا‪،‬‬ ‫نعم إنه من أنبياء التوراة‪ ،‬قال‪ :‬ونبي ﷲ ]سليمان[؟ قال‪ :‬نعم إنه من أنبياء التوراة‬
‫فقال العالم المستضيئ بنور العلم الساطع‪ ،‬بحجة الحق‪ ،‬إن نبي ﷲ داود كان له تسع‬
‫وتسعون زوجة‪ ،‬وأكملھن مائة من أجمل فتيات زمانھن‪ ،‬ونبي ﷲ سليمان كما جاء في‬
‫التوراة له سبعمائة زوجة وثالثمائة ألف جارية‪ ،‬وكن من أجمل أھل زمانھن‪ ،‬فلم‬
‫تسعا؛ ثماني‬
‫ً‬ ‫يستحق احترامكم من يتزوج ألف امرأة‪ ،‬وال يستحق احترامكم من يتزوج‬
‫ثيبات وأمھات‪ ،‬والتاسعة ھي الفتاة البكر الوحيدة التي تزوجھا طيلة العمر‪،‬‬
‫منھن ِ ّ‬
‫جوابا‪ .‬والحق يعلو واألباطل تسفله‪ .‬أرأيتم إلى‬
‫ً‬ ‫يحر‬
‫فسكت الرجل‪ ،‬وألقم الحجر‪ ،‬ولم َ ِ‬
‫العلماء –يا أيھا األحبة‪ -‬كيف يدفعون الشبه عن األمة‪ ،‬ويلجمون من يقع في األنبياء؟‬
‫يرجع في النوازل‬
‫ألنھم ورثة األنبياء‪ ،‬بل إنھم صمام أمان األمة وال شك‪ ،‬إليھم ُ ْ‬
‫والمدلھمات‪ ،‬فضلھم عظيم‪ ،‬خطرھم جزيل‪ ،‬الحيتان والنمل لھم في البحر والجحور‬
‫تستغفر‪ ،‬والمالئكة بأجنحتھا لھم تخضع‪ ،‬والعلماء في القيامة تشفع‪ .‬حياتھم غنيمة‪،‬‬
‫ِّ‬
‫ويعلمون الجاھل‪ ،‬ال يتوقع منھم بائقة‪ ،‬وال يخاف منھم‬ ‫ِّ‬
‫يذكرون الغافل‪،‬‬ ‫وموتھم مصيبة‪،‬‬
‫غائلة‪ ،‬بجميل موعظتھم يرجع المقصرون‪ ،‬الطاعة لھم في غير معصية ﷲ واجبة‪،‬‬
‫والمعصية لھم محرمة‪ ،‬من أطاعھم رشد‪ ،‬ومن عصاھم عند‪ ،‬ما ورد على إمام‬
‫المسلمين من أمر اشتبه عليه فبقول العلماء يعمل‪ ،‬وعن رأيھم يصدر‪ ،‬وما ورد على‬
‫والة المسلمين من حكم ال علم لھم به فبقولھم يعملون‪ ،‬وعن رأيھم يصدرون‪ ،‬وما‬
‫أشكل على قضاة المسلمين من حكم‪ ،‬فبقول العلماء يحكمون وبعلمھم وعلى علمھم‬

‫للناسِ‬ ‫لئال ﱠ َ ُ َ‬
‫يكون ِ ﱠ‬ ‫يعولون‪ ،‬حجة ﷲ على العباد‪ ،‬ولن تخلو األرض من قائم ‪ 9‬بحجة ) ِ َ‬
‫حجة( ھم سراج البالد‪ ،‬ومنار العباد‪ ،‬وقوام األمة‪ ،‬وينابيع الحكمة‪ ،‬ھم غيظ‬
‫ﷲ ُ ﱠ ٌ‬ ‫َ َ‬
‫على ِ‬
‫مثلھم في األرض‬
‫الشيطان‪ ،‬بھم تحي قلوب أھل الحق‪ ،‬وتموت قلوب أھل الزيف‪َ َ ،‬‬
‫يھتدى بھا في ظلمات البر والبحر‪ ،‬إذا طمست النجوم تحيروا‪ ،‬وإذا‬
‫كالنجوم في السماء ُ ْ َ‬
‫أسفر الظالم أبصروا‬
‫فليس ذو العلم بالفتوى كجاھلھا *** وال البصير كأعمى ما له بصر‬
‫لحومھم مسمومة‪ ،‬وعادة ﷲ في ھتك أستار منتقصھم معلومة‬
‫ومن وقع في العلماء بالسلب *** باله ﷲ قبل موته بموت القلب‬

‫أحبتي في ﷲ؛ ھذا ما تيسر جمعه من طي الصفحات من تاريخ مشرف احتوى على‬


‫أحداث ووقائع قامت على أكتاف رجال كالنجوم تضيء لمن يسري‪ ،‬وتبدد الظالم‪ .‬رجال‬
‫مشوھا من حضارات مشوھة‪ ،‬لم يقيموا‬
‫ﱠ ً‬ ‫مسخا‬
‫أسسوا حضارة نابعة من عقيدة ليست َ ْ ً‬
‫حضارتنا على فكر بشري‪ ،‬أو رؤية شخصية‪ ،‬بل أدركوا دورھم وفق ما شرعه ﷲ‪،‬‬
‫فقدموا اإلسالم في صورة بناء حقيقي متماسك‪ ،‬في صورة مجتمع ملموس محسوس‪،‬‬
‫أمة واقعية‪ ،‬فلم يتخلوا عن حياتھم‪ ،‬ويقبعوا في زوايا مساجدھم‪ ،‬بل انتشروا‬
‫في صورة ﱠ‬
‫في األرض يدعون بدعوة المرسلين‪ :‬أن اعبدوا ﷲ‪ ،‬ما لكم من إله غيره‪ ،‬فكانت حضارة‬
‫اإلسالم التي نعم بھا العالم أجمع‪ ،‬حضارة تجمع الدين والدنيا‪ ،‬تحققت بھا مطالب‬
‫البشرية من غير اعتبارات جاھلية لعنصر أو لون أو قومية‪ .‬أكرمكم أتقاكم‪ ،‬صفحات‬
‫ومقتدى مع اشتغال البال‪،‬‬
‫ً‬ ‫ومنارا َ ْ َ ً‬
‫ومعلما‬ ‫ً‬ ‫مطوية مضيئة وضعتھا بين أيديكم مشعال‬
‫طالبا‪ ،‬ومن‬
‫ً‬ ‫نافعا‪ ،‬وجعلني للحق‬
‫ً‬ ‫سامعا ينتفع بھا‪ .‬جعل ﷲ الجھد‬
‫ً‬ ‫وكثرة األوزار‪ ،‬فلعل‬
‫مناديا‪.‬‬
‫ً‬ ‫محذرا‪ ،‬وإلى الخير‬
‫ً‬ ‫الشر‬
‫أفد أو قد َ َ ﱡ‬
‫أجدت فإنھا *** مطوية من ربنا الباري َ َ‬
‫فتح‬ ‫فلئن ُ ِ ْ‬
‫مما َ َ‬
‫صلح‬ ‫فا‪ 9‬يجزيكم بأجر وافر *** ويثيبكم ويزيدكم ِ ﱠ‬
‫ويبارك الرحمن في أوقاتكم *** حتى نرى منكم سواھا قد نجح‬
‫وضح‬
‫ثم الصالة مع السالم ألحمد *** واآلل واألصحاب ما ُنور َ َ‬

‫بأنا نشھد أن ال إله إال أنت‪ ،‬األحد الصمد‪ ،‬الذي لم يلد ولم يولد‪،‬‬
‫اللھم إنا نسألك ﱠ‬
‫نسألك بكل اسم ھو لك‪ ،‬ونسألك باسمك األعظم الذي إذا سئلت به أعطيت‪ ،‬وإذا‬
‫دعيت به أجبت‪ ،‬يا حي يا قيوم‪ ،‬يا ذا الجالل واإلكرام أن تعز اإلسالم والمسلمين‪ ،‬وأن‬
‫تدمر أعداء الدين‪ ،‬وأن تصلح من في صالحه صالح اإلسالم والمسلمين‪ ،‬وأن تھلك من‬
‫ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي‬
‫في ھالكه صالح لإلسالم والمسلمين‪ .‬اللھم ِ ّ‬
‫اآلخرة‪ .‬اللھم احرسنا بعينك التي ال تنام‪ ،‬واخلفنا بركنك الذي ال يرام‪ ،‬وال تھلكنا وأنت‬
‫بلية ابتليتنا‬
‫قل لك عندھا شكرنا‪ ،‬وكم من ﱠ‬
‫رجاؤنا‪ .‬يا رب كم من نعمة أنعمت بھا علينا ﱠ‬
‫بھا قل لھا عندك صبرنا‪ .‬يا من قل عند نعمته شكرنا فلم يحرمنا‪ ،‬ويا من قل عند بليته‬
‫صبرنا فلم يخذلنا‪ ،‬يا من رآنا على المعاصي فلم يفضحنا‪ ،‬يا ذا النعم التي ال تحصى‪ ،‬يا‬
‫وأعنا على ديننا‬
‫ﱠ‬ ‫وصبرا جميال‪،‬‬
‫ً‬ ‫قريبا‪،‬‬
‫ً‬ ‫فرجا‬
‫ً‬ ‫أبدا‪ ،‬ھب لنا‬
‫ذا المعروف الذي ال ينقطع ً‬
‫بدنيانا‪،‬وعلى آخرتنا بتقوى‪ ،‬وكن لنا في اآلخرة واألولى‪ ،‬وامكر لنا وال تمكر بنا‪ ،‬وكن لنا‬
‫وال تكن علينا‪ ،‬وتول أمرنا‪ ،‬أنت حسبنا ومن كنت حسبه فقد كفيته‪ ،‬حسبنا ﷲ ونعم‬
‫الوكيل‪ .‬وآخر دعوانا َ ِ‬
‫أن الحمد ‪ 9‬رب العالمين وصل اللھم على سيدنا محمد وسبحانك‬
‫اللھم وبحمدك‪.‬‬

‫فضيلة الشيخ ‪ /‬علي عبد الخالق القرني‬

‫عوامل بناء النفس‬

‫إن الحمد ‪ ،9‬نحمده ونستعينه‪ ،‬ونستغفره‪ ،‬ونتوب إليه‪ ،‬ونعوذ با‪ 9‬من شرور أنفسنا‪،‬‬
‫ھادي له‪ .‬أشھد أن ال‬
‫َ‬ ‫مضل له‪ ،‬ومن يضلل فال‬
‫ﱠ‬ ‫ومن سيئات أعمالنا‪ .‬من يھده ﷲ فال‬
‫إله إال ﷲ‪ ،‬وحده ال شريك له‪ ،‬له الملك وله الحمد‪ ،‬وھو على كل شيء قدير‪ ،‬شھادة‬
‫محمدا‬
‫ً‬ ‫عبده‪ ،‬وابن عبده‪ ،‬وابن َ َ ِ‬
‫أمته‪ ،‬ومن ال غنى به طرفة عين عن رحمته‪ .‬أشھد أن‬
‫عبد ﷲ ورسوله‪ ،‬أرسله ﷲ رحمة للعالمين‪ ،‬فشرح به الصدور‪ ،‬وأنار به العقول‪ ،‬وفتح به‬
‫غلفا‪ .‬صلى ﷲ عليه‪ ،‬وعلى آله وأصحابه‪ ،‬والتابعين لھم‬ ‫ً‬ ‫وقلوبا‬
‫ً‬ ‫وآذانا ُ ً ّ‬
‫صما‪،‬‬ ‫ً‬ ‫عميا‪،‬‬
‫ً‬ ‫أعينا‬
‫ً‬
‫تقاته َوال َ َ ُ ُ ﱠ‬
‫تموتن ِإال ﱠ‬ ‫حق ُ َ ِ ِ‬
‫ﷲ َ ﱠ‬
‫اتقوا َ‬
‫آمنوا ﱠ ُ‬
‫الذين َ ُ‬ ‫كثيرا‪َ ) .‬يا َ ﱡ َ‬
‫أيھا ﱠ ِ َ‬ ‫ً‬ ‫تسليما‬
‫ً‬ ‫ِّ‬
‫وسلم‬ ‫بإحسان‪،‬‬
‫منھا‬ ‫واحد ٍة َ َ َ َ‬
‫وخلق ِ ْ َ‬ ‫نفسٍ َ ِ َ‬ ‫الذي َ َ َ ُ‬
‫خلقكم من ْ‬ ‫ربكم ﱠ ِ‬
‫اتقوا َ ﱠ ُ ُ‬
‫الناس ﱠ ُ‬
‫أيھا ﱠ ُ‬ ‫مسلمون( ) َيا َ ﱡ َ‬
‫ْ ِ ُ َ‬ ‫ََُْ‬
‫وأنتم‬
‫ﷲ َ َ‬
‫كان‬ ‫إن َ‬‫واألرحام ِ ﱠ‬
‫به َ ْ َ َ‬ ‫ُون ِ ِ‬
‫تساءل َ‬
‫الذي َ َ َ‬ ‫ﷲ ِ‬
‫واتقوا َ‬
‫ونساء َ ﱠ ُ‬ ‫رجاال ً َ ِ ً‬
‫كثيرا َ ِ َ ً‬ ‫منھما ِ َ‬
‫وبث ِ ْ ُ َ‬
‫زوجھا َ َ ﱠ‬
‫َْ َ َ‬
‫ويغفر‬ ‫لكم َ ْ َ َ ُ ْ‬
‫أعمالكم َ َ ْ ِ ْ‬ ‫يصلح َ ُ ْ‬ ‫قوال ً َ ِ ً‬
‫سديدا * ُ ْ ِ ْ‬ ‫وقولُوا َ ْ‬
‫ﷲ َُ‬
‫اتقوا َ‬
‫آمنوا ﱠ ُ‬
‫الذين َ ُ‬ ‫رقيبا( )يا َ ﱡ َ‬
‫أيھا ِ َ‬ ‫َ َْ ُ ْ‬
‫عليكم َ ِ ً‬
‫عظيما( السالم عليكم ورحمة ﷲ‬ ‫فاز َ ْ ً‬
‫فوزا َ ِ ً‬ ‫فقد َ َ‬ ‫ﷲ ََ ُ َ ُ‬
‫ورسوله َ َ ْ‬ ‫يطعِ َ‬
‫ومن ُ ِ‬
‫ذنوبكم َ َ‬ ‫َ ُ ْ‬
‫لكم ُ ُ َ ُ ْ‬
‫وبركاته وأسأل ﷲ أن يجعل ھذا الجمع في ميزان الحسنات في يوم تعز فيه الحسنات‬
‫‪.‬‬

‫أما بعد أحبتي في ﷲ؛ أوصيكم ونفسي بتقوى ﷲ –جل وعال‪ ،-‬وأن نقدم ألنفسنا‬
‫ﷲ ِ َْ ٍ‬
‫بقلب‬ ‫من َ َ‬
‫أتى َ‬ ‫مال َوال َ َ ُ َ‬
‫بنون * ِإال ﱠ َ ْ‬ ‫أعماال ً تبيض وجوھنا يوم نلقى ﷲ‪َ ْ َ ) .‬‬
‫يوم ال َ َ َ ُ‬
‫ينفع َ ٌ‬
‫محضرا‬
‫خير ْ َ ً‬‫من َ ْ ٍ‬ ‫نفسٍ ما َ ِ َ ْ‬
‫عملت ِ ْ‬ ‫كل َ ْ‬
‫تجد ُ ﱡ‬
‫يوم َ ِ ُ‬
‫وجوه( ) َ ْ َ‬
‫وتسود ُ ُ ٌ‬
‫وجوه َ َ ْ َ ﱡ‬
‫تبيض ُ ُ ٌ‬ ‫يوم َ ْ َ ﱡ‬
‫سليم( ) َ ْ َ‬
‫َ ِ ٍ‬
‫يوم‬ ‫السماء ِ ْ َ َ ِ‬
‫بالغمام( ) َ ْ َ‬ ‫ﱠ َ ُ‬ ‫تشقق‬
‫يوم َ َ ﱠ ُ‬
‫بعيدا( ) َ ْ َ‬ ‫وبينه َ َ ً‬
‫أمدا َ ِ ً‬ ‫بينھا َ َ ْ َ ُ‬ ‫لو َ ﱠ‬
‫أن َ ْ َ َ‬ ‫تود َ ْ‬
‫سو ٍء َ َ ﱡ‬‫عملت ِمن ُ‬ ‫وما َ ِ َ ْ‬
‫َ َ‬
‫حمل‬
‫كل َذاتِ َ ْ ٍ‬
‫وتضع ُ ﱡ‬ ‫عما َ ْ َ َ ْ‬
‫أرضعت َ َ َ ُ‬ ‫مرضعة َ ﱠ‬
‫كل ُ ْ ِ َ ٍ‬
‫تذھل ُ ﱡ‬
‫ترونھا َ ْ َ ُ‬
‫يوم َ َ ْ َ َ‬
‫يديه( ) َ ْ َ‬ ‫الظالم َ َ‬
‫على َ َ ْ ِ‬ ‫ﱠ ِ ُ‬ ‫يعض‬
‫َ َ ﱡ‬
‫شديد( يوم الحاقة‪ ،‬يوم‬ ‫ﷲ َ ِ ٌ‬ ‫عذاب ِ‬ ‫بسكارى َ َ ِ ﱠ‬
‫ولكن َ َ َ‬ ‫ھم ِ ُ َ َ‬ ‫وما ُ‬ ‫الناس ُ َ َ‬
‫سكارى َ َ‬ ‫وترى ﱠ َ‬ ‫َ ْ َ َ‬
‫حملھا َ َ َ‬
‫وبنيه‬ ‫وأبيه * َ َ ِ َ ِ ُ‬
‫وصاحبته َ َ ِ ِ‬ ‫وأمه َ َ ِ ِ‬ ‫من َ ِ ِ‬
‫أخيه * َ ُ ِ ّ ِ‬ ‫يفر ْ َ ْ ُ‬
‫المرء ِ ْ‬ ‫يوم َ ِ ﱡ‬
‫الصاخة ) َ ْ َ‬
‫ﱠ‬ ‫الطامة‪ ،‬يوم القارعة‪ ،‬يوم‬
‫يغنيه( ثم اعلموا أن النفس بطبيعتھا ‪-‬يا أيھا األحبة‪-‬‬ ‫يومئذ َ ْ ٌ‬
‫شأن ُ ْ ِ ِ‬ ‫م َْ َ ِ ٍ‬
‫منھ ْ‬
‫امرئ ْ ُ‬
‫لكل ْ ِ ٍ‬
‫* ِ ُ ِّ‬
‫واللذات‪ ،‬كسولة عن الطاعات وفعل الخيرات‪ ،‬لكن في َ ْ ِ‬
‫قمعھا عن‬ ‫ﱠ ﱠ‬ ‫طموحة إلى الشھوات‬
‫المنى‪،‬‬
‫لقمعھا نال ُ َ‬
‫ْ ِ‬ ‫عزھا‪ ،‬وفي تمكينھا مما تشتھي ذلھا وھوانھا؛ فمن ُ ِّ‬
‫وفق‬ ‫رغبتھا ﱡ‬
‫ونفسه ھدم وما‬
‫َ‬ ‫سبل الھالك والردى‪،‬‬ ‫ونفسه بنى‪ ،‬ومن أرخى لھا العنان ْ َ ْ‬
‫ألقت به إلى ُ ُ‬ ‫َ‬
‫أكب على اللذات عض على اليد‪.‬‬
‫ﱠ‬ ‫بنى؛ فمن ھجر اللذات نال المنى‪ ،‬ومن‬
‫سرمد‬
‫ِ‬ ‫ذل‬
‫ففي قمع أھواء النفوس اعتزازھا *** وفي نيلھا ما تشتھي ﱡ‬
‫بالردي‬
‫ﱠ ِ‬ ‫ترض للنفس النفيسة‬
‫َ‬ ‫فال تشتغل إال بما يكسب العال *** وال‬

‫ًّ‬
‫جليا‬ ‫وعلى ھذا فالناس مختلفون في بناء أنفسھم وتأسيسھا وتربيتھا اختالفاً ِ ّ ً‬
‫بينا‬
‫والنقم‪،‬‬
‫ِ َ‬ ‫والمنح‪ ،‬واإلغراء والتحذير‪ ،‬والنعم‬
‫َِ‬ ‫المحن‬
‫واضحا‪ ،‬يظھر ذلك في استقبال ِ َ‬
‫ً‬
‫أسس بنيانه على تقوى من ﷲ‬
‫والترغيب والترھيب‪ ،‬والفقر والغنى؛ فمنھم من ﱠ‬
‫تزعزعه شبھة‪ ،‬وال تغلبه شھوة ‪،‬صامد كالطود الشامخ‪ ،‬فھم‬
‫ورضوان؛ فال تضره فتنة وال ُ َ ْ ُ‬
‫وعسرا‪ ،‬ثم عمل موازنة‪ ،‬فوجد أن الدھر‬
‫ً‬ ‫ويسرا‬
‫ً‬ ‫الحياة نعمة ونقمة‪ ،‬ومحنة ومنحة‪،‬‬
‫الحالين؛‬
‫ْ‬ ‫يومان؛ ذا أمن وذا خطر‪ ،‬والعيش عيشان؛ ذا صفو وذا كدر‪ ،‬فضبط نفسه في‬
‫خيالء عند غنى‪ ،‬وال حزن عند افتقار‪،‬‬
‫آت؛ فال ُ َ‬
‫يأس على ما فات‪ ،‬ولم يفرح بما ھو ٍ‬
‫َ‬ ‫فلم‬
‫أبدا‪،‬‬
‫رئس‪ ،‬يقلق من الدنيا‪ ،‬وال يقلق على الدنيا ً‬
‫رئس‪ ،‬وال يتكدر إن ُ ِ‬
‫ال يبطر إن َ ِ‬
‫يستعجل الباقية على الفانية؛ فتجده راضي النفس‪ ،‬مطمئن الفؤاد‪ ،‬إن ھذا الصنف من‬
‫قيم كريم‪ ،‬لكنه قليل قليل‪ ،‬وما ضره أنه قليل وھو عزيز؛ فمثله كالشجرة‬
‫الناس صنف ِ ّ‬
‫الطيبة‪ ،‬عميقة الجذور‪ ،‬ثابتة األصول‪ ،‬مفيدة الفروع‪ ،‬ال تزعزعھا األعاصير‪ ،‬وال تنال منھا‬
‫العواصف‪ ،‬والسر إنه اإليمان‪ ،‬الذي إذا خالطت بشاشته القلوب ثبت صاحبه‪ ،‬واطمأن‬
‫يكن الخير ويجني الفوائد‪،‬‬
‫المحن‪ ،‬وال تؤثر فيه الفتن؛ بل ُ ِ ﱡ‬
‫وضرب بجذوره فال تزعزعه ِ َ‬
‫شجر بثمر‪ ،‬لسانه‪ ،‬حال ھذا الصنف‪:‬‬
‫طرف‬
‫ٍ‬ ‫طرف *** مني وشفرة سيف الھند في‬
‫ٍ‬ ‫أنا الحسام بريق الشمس في‬
‫محن *** على طريقي ولي عزمي ولي شغفي‬
‫فال أبالي بأشواك وال ِ َ‬
‫أقف‬
‫ِ‬ ‫والدنا صرخت *** بي قف لسرت فلم ُأبطئ ولم‬
‫ﱡَ‬ ‫ماض فلو كنت وحدي‬

‫وھذه نماذج من ھذا الصنف العزيز الشامخ القليل‪ ،‬جديرة بالتأمل‪ ،‬أضعھا بين‬
‫أيديكم‪ ،‬وھي قليل عن كثير‪.‬‬

‫ھاھو ]مجاھد[‪ ،‬جريح من جرحي ُأحد به سبعون ضربة؛ ما بين طعنة برمح‪ ،‬وضربة‬
‫يبق له في ھذه الدنيا وما فيھا من أھل ومال ومتاع إال‬
‫َ‬ ‫بسيف‪ ،‬ورمية بسھم‪ ،‬لم‬
‫فيم كان يفكر ھذا الشخص؟ وما الذي كان يشغل باله؟‪ .‬اسمع ما رواه‬
‫َ‬ ‫لحظات‪.‬‬
‫]الحاكم[ عن ]زيد بن ثابت[ –رضي ﷲ عنه – قال‪" :‬بعثني رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه‬

‫وسلم‪ -‬يوم ُ ُ‬
‫أحد لطلب ]سعد بن الربيع[ –رضي ﷲ عنه وأرضاه‪ -‬في القتلى‪ ،‬وقال لي‪:‬‬
‫ِْ‬
‫فأقرئه مني السالم‪ ،‬وقل له‪ :‬يقول رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ :-‬أخبرني‬ ‫إن رأيته‬
‫كيف تجده؟ قال زيد‪ :‬فجعلت أبحث عنه في القتلى‪ ،‬فأصبته وھو في آخر رمق‪ ،‬به‬
‫سبعون ضربة؛ ما بين طعنة رمح‪ ،‬وضربة سيف‪ ،‬ورمية سھم‪ ،‬فقلت له‪ :‬يا سعد إن ﷲ‬
‫يقرئك السالم‪ ،‬ويقول‪ :‬أخبرني كيف تجده؟ قال‪ :‬وعلى رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه‬
‫وسلم‪ -‬السالم وعليك السالم‪ ،‬قل له‪ :‬إني ‪-‬وﷲ‪ -‬ألجد رائحة الجنة ليس ھذا موضع‬
‫الشاھد‪ ،‬ولكن اسمع ماذا قال؟ وقل لقومي األنصار‪ :‬ال عذر لكم عند ﷲ أن ُيخلص إلى‬
‫رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬وفيكم عين تطرف ثم فاضت روحه ‪-‬رحمه ﷲ‪."-‬‬
‫يودع الدنيا‪ ،‬ما أوصى بأھل‪ ،‬وما أوصى بمال‪،‬‬ ‫ﱠ‬
‫وعلم غيره دروس الثبات وھو ِ ّ‬ ‫ثبت سعد‪،‬‬
‫ھمه الرسالة‪ ،‬والرسول ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬؛‬
‫ﱡ‬ ‫ھمه أعلى وأغلى وأحلى‪،‬‬
‫ﱡ‬ ‫كان‬
‫فرضي ﷲ عنه وأرضاه‪ ،‬وجعل الجنة مأوانا ومأواه‪.‬‬
‫َ ِ َ‬
‫بعيدا عن ھذا لوجدت الخير في األمة ال يزال وسيبقى بإذن ﷲ –عز وجل‪-‬‬
‫ً‬ ‫ولئن انتقلت‬
‫‪ .‬ھاھو ]الزھري[ –عليه رحمة ﷲ‪ -‬ذلكم المحدث الكبير الذي يدخل على ]ھشام بن‬
‫عبد الملك[‪ ،‬فيقول‪ :‬يقول ھشام للعلماء –وكانوا حوله‪ :-‬من الذي تولى ِكبر اإلفك في‬
‫حادثة اإلفك؟ –وكان ھشام يدعي أن الذي تولى كبره ھو علي –رضي ﷲ عنه وأرضاه‪-‬‬

‫‪ ،‬فقال ھشام ]لسليمان بن يسار[‪ :‬من الذي تولي كبره؟ قال‪] :‬ابن ُ ّ ٍ‬
‫أبي[‪ ،‬فقال‬
‫ھشام‪ :‬كذبت‪ ،‬ھو علي بن أبي طالب‪ ،‬فقال سليما‪ :‬األمير أعلم بما يقول‪ ،‬ثم قال‬
‫وكذبه‪ ،‬ثم وصل الدور إلى اإلمام‪ ،‬إلى] اإلمام‬
‫ﱠ‬ ‫لآلخر‪ :‬من الذي تولى كبره؟ فأجابه‬
‫أسس بنيانه على تقوى من‬
‫الزھري[ ‪-‬عليه رحمة ﷲ‪ -‬ذلكم الرجل الذي نحسب أنه ﱠ‬
‫ﷲ ورضوان‪ ،‬فقال له ھشام‪ :‬من تولي كبره؟ قال‪ :‬ابن ُ ّ‬
‫أبيٍ ‪-‬عليه من ﷲ ما يستحق‪-‬‬
‫قال‪ :‬كذبت‪ ،‬فانتفض اإلمام الزھري‪ ،‬وقال‪ :‬أنا أكذب‪ ،‬ال أب لك‪ ،‬والذي ال إله إال ھو لو‬
‫مناد من السماء‪ :‬أن الكذب حالل‪ ،‬ما كذبت‪ ،‬والذي ال إله إال ﱠ ھو لقد حدثني‬
‫ٍ‬ ‫نادى‬
‫]سعيد[ ]وعروة[ ]وعبيدة[ و]علقمة[ عن عائشة بأن الذي تولى كبره ھو عبد ﷲ ابن‬
‫سامحنا‪ .‬إنه الثبات! وإنه‬
‫ِ ْ‬ ‫سامحنا‪،‬‬
‫ِ ْ‬ ‫ھيجناك ‪-‬يا إمام‪-‬‬ ‫ُ ٍّ‬
‫أبي‪ ،‬فارتعد ھشام وانتفض‪ ،‬وقال‪ :‬ﱠ‬
‫بناء النفس الذي ال يضره أي موقف يتعرض إليه من محنة أو منحة!‬

‫وقبل ھذا وذاك أنبياء ﷲ ‪-‬صلوات ﷲ وسالمه عليھم‪-‬؛ ھاھو ]يوسف[ –عليه السالم‪-‬‬
‫في عنفوان شبابه‪ ،‬وفي قمة نضجه تخرج إليه وتبرز إليه امرأة العزيز الجميلة‪ ،‬بأبھى‬
‫ودعته بصريح العبارة ولم‬
‫غلقت األبواب‪ُ ْ َ َ ،‬‬ ‫حلة‪ ،‬متعطرة‪ ،‬متبھرجة‪ ،‬مبدية لمفاتنھا‪ ،‬قد ﱠ‬ ‫ُ ﱠ‬
‫مثواي( ولم تقتصر الفتنة‬ ‫ربي َ ْ َ َ‬
‫أحسن َ ْ َ َ‬ ‫إنه َ ِ ّ‬ ‫اذ ِ‬
‫ﷲ ِﱠ ُ‬ ‫مع َ‬
‫قال َ َ‬ ‫ھيت َ َ‬
‫لك( أقبل ) َ َ‬ ‫تكن‪ ،‬فقالت‪َ ْ َ ) :‬‬
‫ُ ِّ‬
‫علية القوم؛ حين ُ ِ ْ َ‬
‫أعجبن بيوسف ‪-‬عليه‬ ‫سعيرا حين شملت نساء ِ ْ َ‬ ‫ً‬ ‫عند ذلك؛ بل ازدادت‬
‫يردنه أن يعمل بھن الفاحشة‪ ،‬وتبلغ‬
‫يطاردنه‪ْ ُ ،‬‬
‫َْ‬ ‫وفتن برجولته وجماله؛ فأخذن‬
‫السالم‪ ِ ُ -‬ﱠ‬
‫آمره َ ُ ْ َ َ ﱠ‬
‫ليسجنن‬ ‫يفعل َما ُ ُ ُ‬
‫لم َ ْ َ ْ‬
‫ولئن ْ‬ ‫األمور ذروتھا يوم تأتي امرأة العزيز تھدده‪ ،‬وتقول‪ِ َ َ ) :‬‬
‫وإال ﱠ َ ْ ِ ْ‬
‫تصرف‬ ‫يدعونني ِ َ ْ ِ‬
‫إليه َ ِ‬ ‫مما َ ْ ُ َ ِ‬
‫إلي ِ ﱠ‬ ‫السجن َ َ ﱡ‬
‫أحب ِ َ ﱠ‬ ‫ِّ ْ ُ‬ ‫ربِ‬ ‫الصاغرين( ماذا رد ) َ َ‬
‫قال َ ّ‬ ‫ﱠ ِ ِ َ‬ ‫َََ ُ‬
‫وليكونن من‬
‫من ْ َ ِ ِ‬
‫الجاھلي َ‬
‫ن( إنه ثبات أنبياء ﷲ أمام الشھوات وأمام‬ ‫إليھن َ َ ُ‬
‫وأكن َ‬ ‫كيدھن َ ْ ُ‬
‫أصب ِ َ ْ ِ ﱠ‬ ‫عني َ ْ َ ُ ﱠ‬
‫َ ِّ‬
‫التھديدات‪ ،‬عليھم صلوات ﷲ وسالمه‪ ،‬وھم األسوة والقدوة‪ ،‬إنه الثبات بكل معانيه‪،‬‬
‫َ‬
‫صدقه‬ ‫من علم‬ ‫والثبات بكل مبانيه أمام الشھوات وأمام الشبھات‪ ،‬والذي ال ﱠ‬
‫يوفق له إال َ ْ‬
‫رب األرض والسماوات‪.‬‬
‫ﱡ‬

‫خفاكم شيء ما لقيه ] اإلمام أحمد[ في سبيل عقيدته من أذى‬


‫يخفاكم إن َ َ ُ‬
‫وال َ ْ َ ُ‬
‫عددا من قساة القلوب‪،‬‬
‫ً‬ ‫ويجلد السياطَ الكثيرة‪ ،‬يختار الظالمون له‬ ‫وتعذيب‪َ ُ ،‬‬
‫تخلع يداه‪ُ ،‬‬
‫أوتي من قوة‪ ،‬وھم يتعاقبون‬
‫َ‬ ‫سوطين بكل ما‬
‫ْ‬ ‫واحد منھم‬
‫ٍ‬ ‫وغالظ األفئدة ليجلده كل‬
‫األشم‪ ،‬ال يتراجع ً‬
‫أبدا‪ ،‬يغمى عليه من شدة التعذيب ثم يفيق‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ﱠْ‬
‫كالطود‬ ‫عليه‪ ،‬وھو ثابت‬
‫فيعرض عليه األمر فال يتراجع‪ ،‬حتى انتصر بإيمانه وبناء نفسه‪ ،‬وبتوفيق ﷲ قبل ھذا‬
‫وذاك‪ ،‬وكان انتصاره دليال ً على اإلخالص والعزم والقوة‪ .‬لقد خرج اإلمام من المحنة خروج‬
‫ذھبا أحمر‪ ،‬وتواطأت‬
‫ً‬ ‫السيف من الجالء‪ ،‬والبدر من الظلماء‪ُ ،‬أدخل في ِ‬
‫الكير‪ ،‬فخرج‬
‫شعارا ألھل السنة‪ .‬فأين الذين عارضوه؟ وأين‬
‫ً‬ ‫القلوب على محبته‪ ،‬حتى أصبح حبه‬
‫عذبوه؟ وأين الذين نالوا منه؟ ذھبوا إلى ما قدموا‪.‬‬
‫الذين ﱠ‬
‫وبقي ً ّ‬
‫حيا بذكره *** والذكر لإلنسان عمر ٍ‬
‫ثان‬
‫والبغي مھما طال عدوانه *** فا‪ 9‬من عدوانه أكبر‬
‫وتتعاقب النماذج الثابتة المبنية في ھذه األمة‪ ،‬والخير فيھا‪ ،‬ولو خلت النقلبت ‪-‬كما‬
‫قيل‪ .-‬ويتحالف ]الصالح إسماعيل[ مع الصليبيين‪ ،‬والثمن تسليم ديار المسلمين‪،‬‬
‫شق على سلطان العلماء‪،‬‬
‫ﱠ‬ ‫وشق عليھا األمر‪،‬‬
‫ﱠ‬ ‫فشھد ذلك األمر ]العز بن عبد السالم[‪،‬‬
‫وعندئذ كتب جواسيس السلطان الذين‬
‫ٍ‬ ‫أيما إنكار‪ ،‬وترك الدعاء إلسماعيل‪،‬‬
‫فأنكر ذلك ﱠ‬
‫وحرفوا القول وزخرفوه‪ ،‬فجاء كتاب‬
‫ﱠ‬ ‫بثھم الستراق السمع بذلك‪ ،‬ورفعوا التقارير الظالمة‪،‬‬
‫ﱠ‬
‫وضيق عليه‪ ،‬ثم أطلق‬
‫السلطان باعتقال العز بن عبد السالم ‪-‬عليه رحمة ﷲ‪ ،-‬فسجن ُ ِ ّ‬
‫مھاجرا إلى أرض >مصر<‪،‬‬
‫ً‬ ‫ومنع من االجتماع إليه‪ ،‬وخرج‬
‫ومنع من الخطابة والتدريس‪ُ ،‬‬
‫ُ‬
‫فأرسل له السلطان رسوال ً وطلب منه التلطف مع العز‪ ،‬وعرض عليه بعض األمور ﱠ‬
‫عله أن‬
‫خيمة بجانب‬
‫يھن أو يضعف‪ .‬قال‪ :‬إن وافق فذلك‪ ،‬وإن خالف فاعتقله في ْ‬
‫يلين أو َ ِ‬
‫خيمتي‪ .‬ذھب رسول السلطان إلى سلطان العلماء‪ ،‬وقال له‪ :‬يا إمام بينك وبين أن تعود‬
‫ْ‬
‫إلى مناصبك وما كنت عليه وزيادة أن تنكسر للسلطان‪ ،‬وتقبل يده ال غير‪ ،‬فأبى سلطان‬
‫ً‬
‫صعقا‪ .‬قال ‪ :‬يا‬ ‫العلماء إال الثبوت على محض الحق‪ ،‬وقال قوال ً ﱠ‬
‫خر من ھوله ذلك الرسول‬
‫مسكين وﷲ ‪-‬الذي ال إله إال ھو‪ -‬ما أرضى أن يقبل السلطان يدي فضال عن أن أقبل‬
‫واد‪ ،‬الحمد ﷲ الذي عافاني مما ابتالكم به‪ .‬فأرغى‬
‫واد وأنا في ٍ‬
‫يده‪ ،‬يا قوم أنتم في ٍ‬
‫رسول السلطان َ ْ َ َ‬
‫وأزبد‪ ،‬وھدده‪ ،‬وأعلن اعتقال الشيخ على المأل‪ ،‬فقال الشيخ‪ :‬افعلوا ما‬
‫بدا لكم‪ ،‬فاعتقلوه في خيمة بجانب خيمة السلطان‪ ،‬فأخذ الشيخ يرتل آيات ﷲ‬
‫البينات‪ ،‬يتصل با‪ 9‬عن طريق التعبد بكالم ﷲ‪ ،‬وكان بعض ملوك الصليبين عند ذلك‬
‫السلطان‪ ،‬فقال ھذا السلطان‪ :‬أتسمعون ھذا الذي يقرأ القرآن؟ قالوا‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬ھذا‬
‫أكبر رجل دين في المسلمين‪ ،‬وقد حبسته وعزلته عن الخطابة والتدريس من أجلكم‪.‬‬
‫فلما سمع ملوك الفرنجة ھذه الميوعة الرخيصة من ذلك السلطان أرادوا أن يھينوه‬
‫رجليه وشربنا‬
‫ْ‬ ‫لغسلنا‬
‫ﱠ‬ ‫ُ ﱡ‬
‫ويذلوه؛ ألنه ھان واستمرأ الھوان‪ .‬قالوا‪ :‬وﷲ لو كان ھذا قسيسنا‬
‫ونجى ﷲ الشيخ من كيد‬
‫ﱠ‬ ‫مرقتھا‪ ،‬ثم انتصر المسلمون بعد ذلك على الصليبين‪،‬‬
‫ً‬
‫تنازال‪ ،‬وازداد في الحق صالبة‪ ،‬فرحمه ﷲ‪.‬‬ ‫آمنا لم يقدم‬
‫الشيطان وحزبه‪ ،‬فدخل مصر ً‬
‫إنه بناء النفوس‪ ،‬إنه اإلباء واالستعالء‪ ،‬إنھا ليست كبرياء إنما ھي عزة العقيدة وعلو‬
‫الراية –والشك‪.-‬‬

‫ولقد تعرض البناة ألنفسھم في كل العصور لمواقف فنجحوا فيھا بفضل ﷲ‪ .‬أحدھم‬
‫ألوانا شتى‬
‫ً‬ ‫فيشرق بھا المنافقون والظالمون‪ ،‬ويذيقونه في سبيلھا‬
‫ْ َ‬ ‫يصدع بكلمة الحق‬
‫من التعذيب في السجن ال تضاھيھا إال ﱠ ألوان التعذيب في محاكم التفتيش في القرون‬
‫الوسطى‪ ،‬كانوا يسلطون عليه الكالب بعد تجويعھا‪ ،‬فتطارده الساعات‪ ،‬ثم تنقض على‬
‫نھشا إذا توقف عن الجري وھو صابر ثابت‪ ،‬معتصم با‪ ،9‬لن يرده ذلك عن‬
‫ً‬ ‫لحمة تنھشه‬
‫ھدفه‪ ،‬ولم يصده عن بغيته وغايته‪ ،‬فأغاظھم ذلك فماذا يفعلون؟ حكموا عليه بالقتل‪،‬‬
‫استرحم ذلك الظالم ليخفف عنك‬
‫ِ ْ‬ ‫وتلك –وﷲ‪ -‬فتنة أيما فتنة‪ ،‬ثم جاءه اإلغراء أن‬
‫الحكم‪ ،‬فقال‪- :‬في إباء واستعالء‪ :-‬لئن كنت حوكمت بحقٍ فأنا أرتضي الحق‪ ،‬وإن كنت‬
‫حوكمت في باطل؛ فأنا أعلى من أن أسترحم الباطل‪ ،‬إن يدي التي تشھد ‪9‬‬
‫بالوحدانية كل يوم مرات لترفض أن تقر حكم ظالم ً ّ‬
‫أيا كان ذلك الظالم ثم يقاد إلى‬
‫حتفه‪ ،‬ولسان حاله‪:‬‬
‫ِ‬
‫ﷲ أسعدني بظل عقيدتي *** أفيستطيع الخلق أن يشقوني‬

‫بنوا أنفسھم ليلقنه‬


‫بعرضٍ من الدنيا‪ ،‬وما َ ْ‬
‫ويأتي أحد علماء السوء الذين باعوا دينھم َ‬
‫كلمة التوحيد التي ُيقاد إلى الموت من أجلھا‪ ،‬فيقول له‪ :‬قل‪ :‬ال إله إال ﷲ فيبتسم‬
‫تبسم المغضب‪ ،‬ويقول‪ :‬يا مسكين أنا أقاد إلى الموت من أجل ال إله إال ﷲ‪ ،‬وترجع أنت‬
‫لتأكل فتات الموائد بال إله إال ﷲ‪ ،‬ال نامت أعين الجبناء‪ .‬إنه البناء الحقيقي لألنفس‪ .‬إنھا‬
‫الثقة بأنھم على الحق‪ .‬إنھا الثقة بغلبة دين الھدى على دين الھوى وبقوة ﷲ على‬
‫كل القوى‬

‫ال تظنوا ‪-‬يا أيھا األحبة‪ -‬أن البناء في الرجال –فقط‪ -‬إنه كذلك في النساء واألطفال؛‬
‫ھاھو أحد المحدثين >بخراسان<‪ ،‬واسمه ]محمد بن عاصم[ –عليه رحمة ﷲ – له‬
‫ُبنيات صغار‪ ،‬ال ولد ذكر يقوم عليھن‪ ،‬انتقل إلى بغداد يوم سمع محنة ]اإلمام أحمد[‬
‫فتحت في ذلك البلد‪ ،‬ترك بنياته بخراسان‪ ،‬وسمع في‬
‫ليحدث الناس‪ ،‬ويسد ثغرة قد ُ ِ َ‬
‫وعذب وأوذي في ﷲ‬
‫سجن ُ ِّ‬
‫بغداد بتلك المحنة‪ ،‬فانطلق إلى اإلمام أحمد‪ ،‬وقد علم أن ُ‬
‫يوما من األيام في حلقته‪ :-‬أال نقوم فنقول‬
‫–عز وجل‪ ،-‬فقال ألصحابه – وھو يحدث ً‬
‫كلمة الحق؟ وقام ليقولھا‪ ،‬وتذكر بنياته الالتي تركھن في خراسان‪ ،‬وعلم أن رجال ً يقوم‬
‫ليقول كلمة في ذلك المقام ما عاقبته إال الموت‪ ،‬وھو في ھذا الصراع مع نفسه يأتيه‬
‫بنياته يقلن له‪ :‬يا أبانا إنا قد سمعنا أن الرجل قد دعا الناس إلى القول بخلق‬
‫كتاب من ﱠ‬
‫أحب إلينا‬
‫ﱡ‬ ‫نعيك‬
‫القرآن‪ ،‬وإنا نأمرك بأن ال تجيب؛ فوالذي ال إله إال ھو ‪-‬يا أبانا‪ -‬ألن يأتينا ْ ُ‬
‫من أن نسمع أنك قلت بخلق القرآن‪ .‬ﷲ أكبر‪ ،‬إنه البناء في أوساط النساء‪ ،‬في أوساط‬

‫البنات‪ ،‬في أوساط الرجال‪ٌ َ ُ .‬‬


‫أسر لم تعرف إال ربھا فھان في سبيله كل شيء‪ ،‬واستعذب‬
‫في سبيله كل صعب ‪.‬‬
‫ريعت *** دون بذل النفوس نذر زھيد‬
‫كل بذل إذا العقيدة َ ْ‬
‫مسلم يا صعاب لن تقھريني *** في فؤادي زمازم ورعود‬
‫ال أبالي ولو ُأقيمت بدربي *** وطريقي حواجز وسدود‬
‫من دمائي في مقفرات البراري *** يطلع الزھر والحياة والورود‬
‫ھذه سمة المؤمنين‪ ،‬االطمئنان إلى ﷲ يمأل نفوسھم فيبنيھا‪ ،‬يحرك جوارحھم‬
‫وقيمھم وموازينھم من الناس‪ ،‬وإنما يستمدونھا من رب‬
‫فيقويھا‪ .‬ال يستمدون تصوراتھم ِ َ َ‬
‫ِّ‬
‫وھنا عند محنة أو عند منحة أو عند شھوة‪ ،‬أو يجدوا‬
‫ً‬ ‫الناس؛ فأنى يجدوا في أنفسھم‬
‫حزنا على فائت من الدنيا؟ إنھم على الحق؛ فماذا بعد الحق إال ّ الضالل‪،‬‬
‫ً‬ ‫في قلوبھم‬
‫ليكن للباطل سلطانه‪ ،‬ليكن له ھيله وھيلمانه‪ ،‬ليكن معه جمعه وجنوده‪ ،‬إن ھذا ال يغير‬
‫ً‬
‫شيئا‪.‬‬ ‫من الخطب‬
‫أسس بنيانه على تقوى من ﷲ ورضوان؛ ھامات‬
‫ھذا ھو الصنف األول من الناس ممن ﱠ َ‬
‫ال تنحني‪ ،‬وقامات ال تنثني‪ ،‬أسأل ﷲ أن يجعلنا وإياكم من أھل ھذا الصنف ‪.‬‬

‫ھار‪ ،‬يعبد ﷲ على حرف‪ ،‬إن أصابه‬


‫ٍ‬ ‫جرف‬
‫فأسس بنيانه على شفا ُ ُ‬
‫ﱠ‬ ‫أما الصنف الثاني‪:‬‬
‫اطمأن به‪ ،‬وإن أصابته فتنة انقلب على وجھه خسر الدنيا واآلخرة‪ ،‬يذوب أمام‬
‫ﱠ‬ ‫خير‬
‫المحنة فال يتماسك‪ ،‬يلعب بعواطفه الخبر البسيط فال يثبت‪ ،‬يطير فؤاده للنبأ الخفيف‬
‫ھم حياة حاضر ومفاجآت تنتظر‪ ،‬ال تطمئن‬
‫ِّ‬ ‫موزعا بين‬
‫ً‬ ‫فال يسكن‪ ،‬فؤاده ھواه‪ ،‬يعيش‬
‫لقوله‪ ،‬وال تثق في تصرفاته‪ ،‬بصره زائغ‪ ،‬عقله فارغ‪ ،‬أفكاره تائھة‪ ،‬مغلوب على أمره‪ ،‬ال‬
‫غرار ‪.‬‬
‫فرار ﱠ‬
‫يعتمد عليه في ساقة‪ ،‬جبان مفتون ﱠ‬
‫ينفع في ريادة وال ُ َ‬
‫ًّ‬
‫معديا فعدنان‬ ‫تلق‬
‫ﱠ‬ ‫يمن *** وإن‬
‫ٍ‬ ‫يمان إذا القاه ذو‬
‫ٍ‬ ‫يوم‬
‫مثل ھذا كالشجرة ال جذور لھا وال ثمرة‪ ،‬ال تثبت أمام الريح‪ ،‬وال تقوى على مقاومة‬
‫اآلفات ‪ .‬أو كالبناء بال أساس‪ ،‬سرعان ما يخر سقفه على من فيه‪ .‬فھو قلق بائس‪،‬‬
‫يرعو‪ ،‬إن خاطبته لم يفھم‪.‬‬
‫ِ‬ ‫المحن‪ ،‬إن عزلته لم‬
‫متردد‪ ،‬تعصف به الفتن‪ ،‬تدمره ِ َ‬
‫غيه وخطاب من ال يفھم‬
‫ومن البلية عدل من ال يرعوي *** عن ِ ّ‬
‫شامخا وھو يرى مثل ھذا الصنف البائس‪ ،‬وقد غرق في شھواته‬
‫ً‬ ‫إن المؤمن ليقف‬
‫يعب منھا‪ ،‬لكنھا حكمة ﷲ البالغة التي أرادت أن‬
‫الھابطة وفي نزواته الخليعة السافلة َ ُ ﱡ‬
‫مجردا من الزينة والطالء‪ ،‬عاطال ً عن عوامل اإلغراء‪ ،‬ال ھتاف لذة‪ ،‬وال‬
‫يقف اإليمان ُ ﱠ ً‬
‫دغدغة شھوة‪ ،‬وإنما ھو الجھد ليقبل عليه من يقبل وھو على يقين أنه يريد ﷲ والدار‬
‫اآلخرة‪ ،‬ولينصرف عنه من يبتغي المطامع والمنافع الدنيوية‪ ،‬ومن يشتھي الزينة ويطلب‬
‫حي عن بينه ويھلك من ھلك عن بينة‬
‫ﱠ‬ ‫المتاع؛ ليحيا من‬
‫ھاھو أحد الساقطين الذين ما بنوا أنفسھم بنوھا على شفا جرف ھار فانھار بھم إنه‬
‫]جبلة ملك غسان[‪ ،‬أسلم وجاء >المدينة< في موكب عظيم بحاشيته وجنده‪ ،‬فرح‬
‫كثيرا‪ ،‬فخرجوا للنظر فيه وفي موكبه‪ ،‬فإذا الخيول معقودة أذنابھا‪،‬‬
‫ً‬ ‫المسلمون بإسالمه‬
‫المرصع بالجوھر‪ ،‬وذھب إلى >مكة<‬
‫وسالسل الذھب في أعناقھا‪ ،‬وعلى رأسه التاج ُ َ ﱠ‬
‫جبلة الفزاري‬
‫ُ‬ ‫وجعل يطوف بالبيت‪ ،‬وبينما ھو يطوف إذ وطئ رجل فزاري إزاره فلطم‬
‫الفزاري إلى عمر–رضي ﷲ عنه وأرضاه‪ -‬فبعث عمر إلى جبلة‬
‫ُ‬ ‫فھشم أنفه‪ ،‬فشكاه‬
‫فأتاه‪ ،‬فقال له عمر‪ :‬ما ھذا؟ قال‪ :‬نعم يا أمير المؤمنين‪ ،‬إنه تعمد وطأ إزاري فلطمته‪،‬‬
‫ولوال حرمتك لضربت ما بين عينيه بالسيف‪ ،‬فقال عمر‪ :‬قد أقررت على نفسك بما‬
‫فعلت؛ فإما أن ُترضي الرجل‪ ،‬وإال أن أقتص له منك بھشم أنفك كما فعلت به‪ .‬قال‪:‬‬
‫سوى بينكما فلم‬
‫ﱠ‬ ‫وكيف ذلك وھو سوقة‪ ،‬وأنا ملك؟ قال عمر ‪-‬رضي ﷲ عنه‪ :-‬اإلسالم‬
‫ويرتد عن دينه‪،‬‬
‫ﱠ‬ ‫ً‬
‫ليال؛‬ ‫مخرجا إال بإعطائه مھلة‪ ،‬طلب مھلة إلى الغد ليلوذ بالفرار‬
‫ً‬ ‫ير جبلة‬
‫َ‬
‫يؤسس على‬
‫ﱠ‬ ‫خيرا ألسمعه‪ ،‬سقط عند أول امتحان؛ ألن البناء لم‬
‫ً‬ ‫ولو علم ﷲ فيه‬
‫ھار‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫جرف‬ ‫تقوى‪ ،‬وإنما ُ ّ ِ‬
‫أسس على شفا ُ ُ ٍ‬
‫كيف يقوى على العواصف غرس *** جذره في ترابه موءود‬

‫ماسة إلى بناء‬


‫ﱠ‬ ‫أحبتي في ﷲ‪ ،‬بعد الذي سمعتم لعلكم أدركتم أن الحاجة العظيمة‬
‫أنفسنا‪ ،‬وتأسيسھا على تقوى من ﷲ ورضوان‪ ،‬أشد من الحاجة إلى الطعام والشراب‬
‫والكساء‪.‬‬
‫ِإي وﷲ لذلك ولعدة أسباب لعلنا أن نقف عليھا‪:‬‬
‫أوال ً‪ :‬لكثرة الفتن والمغريات وأصناف الشھوات والشبھات؛ فحاجة المسلم اآلن –ال‬
‫ريب‪ -‬إلى البناء أعظم من حالة أخيه أيام السلف‪ ،‬والجھد –بالطبع‪ -‬البد أن يكون أكبر؛‬
‫لفساد الزمان واإلخوان‪ ،‬وضعف المعين‪ ،‬وقلة الناصر‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬لكثرة حوادث النكوس على األعقاب‪ ،‬واالنتكاس‪ ،‬واالرتكاس حتى بين بعض‬
‫ً‬
‫العاملين لإلسالم‪ ،‬مما يحملنا على الخوف من أمثال تلك المصائر‪.‬‬
‫نفسھا(‬
‫تجادل َعن ْ ِ َ‬
‫نفسٍ ُ َ ِ ُ‬
‫كل َ ْ‬ ‫يوم َ ْ ِ‬
‫تأتي ُ ﱡ‬ ‫ً‬
‫ثالثا‪ :‬ألن المسؤولية ذاتية‪ ،‬وألن التبعة فردية ) َ ْ َ‬
‫الحالين نحن‬
‫ْ‬ ‫رابعا‪ :‬عدم العلم بما نحن مقبلون عليه؛ أھو االبتالء أم التمكين؟ وفي كال‬ ‫ً‬

‫في َ َ ّ‬
‫أمسِ الحاجة إلى بناء أنفسنا لتثبت في الحالين‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬ألننا نريد أن نبني غيرنا‪ ،‬ومن عجز عن بناء نفسه فھو أعجز وأقل من أن يبني‬
‫ً‬
‫غيره‪ ،‬وفاقد الشيء ال يعطيه ‪-‬كما قيل‪-‬؛ لذلك كله كان البد من الوقوف على بعض‬
‫مؤسسا على تقوى من ﷲ ورضوان؛ فھا ھي بين‬
‫ﱠ ً‬ ‫بناء‬
‫ً‬ ‫العوامل المھمة في بناء النفس‬
‫أيديكم ‪-‬اآلن‪ -‬بعض العوامل غير مرتبة‪ ،‬فما كان من صواب فمن ﷲ‪ ،‬وما كان من خطأ‬
‫فمن نفسي ومن الشيطان‪ .‬اللھم ال سھل إال ما جعلته سھال ً وأنت تجعل الحزن إذا‬
‫شئت سھال ً‬

‫من عوامل بناء النفس‪ :‬التقرب إلى ﷲ ‪-‬عز وجل وعال‪ -‬بما يحب من األقوال واألعمال‬
‫المتقربون إلى ﷲ الفرائض التي فرضھا ﷲ ‪-‬جل‬
‫ِّ‬ ‫الظاھرة والباطنة‪ ،‬وخير ما تقرب به‬
‫وعال‪ ،-‬وعلى رأس ھذه الفرائض توحيد ﷲ ‪-‬جال وعال‪ -‬وإفراده بالعبادة وحده ال شريك‬
‫عظيما لمن أراد أن يرتقي إلى مراتب عالية عند‬
‫ً‬ ‫واسعا‬
‫ً‬ ‫له‪ ،‬ثم إن في النوافل لمجاال ً‬
‫ﷲ ‪-‬تبارك وتعالى‪ ،-‬وفضل ﷲ واسع يؤتيه من يشاء‪ .‬يقول ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ ،‬فيما‬
‫إلي مما افترضته‬
‫ﱠ‬ ‫إلي عبدي بشيء أحب‬
‫ﱠ‬ ‫يرويه عن ربه‪ ،‬كما في البخاري‪" :-‬وما تقرب‬
‫إلي بالنوافل حتى أحبه؛ فإذا أحببته‪ ،‬كنت سمعه الذي‬
‫ﱠ‬ ‫عليه‪ ،‬وال يزال عبدي يتقرب‬
‫يسمع به‪ ،‬وبصره الذي يبصر به‪ ،‬ويده التي يبطش بھا‪ ،‬ورجله التي يمشي بھا‪ ،‬ولئن‬
‫ﱠ‬ ‫ألعطينه‪ ،‬ولئن استعاذني ً‬
‫ألعيذنه" ومن فضل ﷲ –جل وعال‪ -‬علينا أن جاء ھذا‬ ‫ﱠ‬ ‫سألني‬
‫الدين بعبادات شتى تمأل حياة المسلم في كل الظروف واألحوال؛ بالليل والنھار‪،‬‬
‫بالقلب والبدن؛ فھناك السنن القولية‪ ،‬والسنن الفعلية والقلبية التي يعتبر أداؤھا من‬
‫أھم عوامل بناء النفس؛ من قيام ليل‪ ،‬وصيام تطوع‪ ،‬وصدقة‪ ،‬وقراءة قرآن‪ ،‬وذكر ‪ 9‬آناء‬
‫ِّ‬
‫وتوثق ُعرى‬ ‫تقوي الصلة بين العبد وبين ربه‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫الليل وأطراف النار‪ .‬الشك أن ھذه العبادات‬
‫اإليمان في القلب؛ فتنبني النفس وتزكو بھا‪ ،‬وتأخذ من كل نوع من العبادات‬
‫تكل وال َ ْ َ ُ‬
‫تسأم‪ .‬لكن علينا أن ننتبه في ھذه القضية إلى‬ ‫المتعددة بنصيب؛ فال َ َ ﱡ‬
‫أمور‪:‬‬
‫أوال ً‪ :‬الحذر من تحول العبادة إلى عادة؛ ألن البعض ْ َ‬
‫يألف بعض العبادات حتى يفقد‬
‫ولذتھا؛ فلذلك تراه ال يستشعر أجرھا‪ ،‬فتصبح العبادة حركة آلية ال أثر لھا في‬
‫حالوتھا ﱠ‬
‫مت أو قول أو عمل أو بناء‪.‬‬
‫س ْ ٍ‬
‫َ‬
‫ثانيا‪ :‬عدم االھتمام بالنوافل على حساب الفرائض؛ ألن البعض ُيخطئ‪ ،‬فيھتم باألدنى‬
‫ً‬
‫دني‪-‬؛ فيقوم الليل ‪-‬مثال ً‪ -‬ثم ينام عن صالة‬
‫ﱞ‬ ‫على حساب األعلى –وما في العبادات‬
‫الفجر‪ ،‬فليكن لك من كل عبادة نصيب‪ ،‬وعلى حسب األھمية؛ كالنحلة تجمع الرحيق‬
‫ً‬
‫سائغا لآلكلين‪.‬‬ ‫شھيا‬
‫ً‬ ‫ًّ‬
‫مصفى‬ ‫من كل الزھور‪ ،‬ثم تخرجه عسال ً‬
‫مقدم وال شك‪.‬‬
‫ﱠ‬ ‫ثالثاً‪ :‬إذا تعارض واجب ومستحب؛ فالواجب‬
‫ً‬
‫رابعا‪ :‬التركيز على أعمال القلوب‪ ،‬وتقديمھا على أعمال الجوارح؛ فالقلوب ھي محل‬
‫التدبر‪ ،‬ومحل العلم‪ ،‬والقلب مع الجوارح –كما تعلمون‪ -‬كالملك مع الجنود‬
‫ﱡ‬ ‫الفكر‪ ،‬ومحل‬
‫"أال وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله‪ ،‬وإذا فسدت فسد الجسد كله؛‬
‫أال وھي القلب" من عوامل بناء النفس المجاھدة‪ ،‬كل فكرة ال يصحبھا مجاھدة فھي‬
‫فينا‬
‫جاھدوا ِ َ‬
‫والذين َ َ ُ‬
‫في طريقھا إلى االضمحالل والذوبان والزوال‪ ،‬يقول ﷲ ‪-‬جل وعال‪َ ِ َ ):-‬‬
‫نھدينھم ُ ُ َ َ‬
‫سبلنا(‬ ‫لَ َ ْ ِ َ ﱠ ُ ْ‬
‫ينفطم‬
‫ِ‬ ‫والنفس كالطفل إن تھمله شب على *** حب الرضاع وإن تفطمه‬
‫فاتھم‬
‫ِ‬ ‫محضاك النصح‬
‫فجاھد النفس والشيطان واعصھما *** وإن ھما ﱠ‬

‫إن استشعار المؤمن أن الجنة محفوفة بالمكاره يتطلب منه طاقة عالية متمثلة في‬
‫حفت‬
‫ھمة عالية تتناسب مع ذلك المطلب العالي؛ للتغلب على تلك المكاره التي ﱠ‬
‫ِ ﱠ‬
‫بذلك المطلب العالي‪ ،‬أال وھو الجنة‪ .‬نسأل ﷲ من فضله‪ .‬مع تنقية تلك الھمم من كل‬
‫بالھمم ال بالصور وﷲ ال‬
‫ِ َ‬ ‫شائبة تدفع لوجه غير وجه ﷲ –عز وجل‪ ،-‬وإنما تفاوت الناس‬
‫ينظر إلى صوركم‪ ،‬ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ھاھو ]ثابت البناني[ –عليه رحمة‬
‫ﷲ‪ -‬يقول‪ :‬تعذبت بالصالة عشرين سنة‪ ،‬ثم تنعمت بھا عشرين سنة أخرى‪ ،‬وﷲ إني‬
‫ھم خروجي منھا‪ .‬ال شك وﷲ أن ھذا نتيجة مجاھدة وصل‬
‫ﱠ‬ ‫ألدخل في الصالة فأحمل‬
‫بھا إلى الھداية من ﷲ –جل وعال‪ .-‬ويقال ]لإلمام أحمد[‪ :‬يا إمام متى الراحة؟ فيقول –‬
‫وھو يدعو إلى المجاھدة‪ :-‬الراحة عند أول قدم تضعھا في الجنة ‪ِ .‬إي وﷲ إنھا الراحة‬
‫يستعذب كل صعب في سبيل الوصول إليھا‪ .‬وأعظم المجاھدة –يا أيھا‬
‫َ‬ ‫األبدية التي ُ‬
‫األحبة‪ -‬مجاھدة النيات "فإنما األعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى " والعمل بغير نية‬
‫من‬
‫عملُوا ِ ْ‬ ‫وقدمنا ِ َ‬
‫إلى َما َ ِ‬ ‫عناء‪ ،‬والنية بغير إخالص رياء‪ ،‬واإلخالص من غير صدق ھباء ) َ َ ِ ْ َ‬
‫منثورا( يأتي أناس يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تھامة يجعلھا‬
‫ھباء ُ ً‬ ‫عمل َ َ َ ْ َ ُ‬
‫فجعلناه َ َ ً‬ ‫َ َ ٍ‬
‫منثورا مع أنھم كانوا يصلون مع المصليين‪ ،‬ويصومون مع الصائمين‪ ،‬ولھم من‬
‫ً‬ ‫ھباء‬
‫ً‬ ‫ﷲ‬
‫الليل مثل ما للمصليين وما للمخلصين‪ ،‬لكنھم إذا َ ْ‬
‫خلوا بمحارم ﷲ انتھكوھا؛ أمام‬
‫فالنية النية‪.‬‬
‫َ‬ ‫كثيرا مما يعلمون؛‬
‫ً‬ ‫نساك‪ ،‬لكن إذا َ ْ‬
‫خلو ظنوا أن ﷲ ال يعلم‬ ‫زھاد ُ ﱠ‬
‫عباد ُ ﱠ‬
‫الناس ُ ﱠ‬

‫ھاھو –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬يتجه إلى >تبوك< من >المدينة< بجيش قوامه ثالثون‬
‫ألفا في صحاري يبيد فيھا البيد‪ ،‬ويضيع فيھا الذكي والبليد‪ ،‬وقت عسرة ووقت شدة‪،‬‬
‫ً‬
‫حر ودنوّ ثمار المدينة‪ ،‬ومشقة عظيمة في سفرھم بلغت فوق ما يتكلم المتكلمون‪،‬‬
‫ﱞ‬
‫ظننا أن رقابنا‬
‫ﱠ‬ ‫حتى إن عمر –رضي ﷲ عنه‪ -‬ليقول‪ :‬لقد أصابنا عطش شديد حتى‬
‫ستتقطع من شدة العطش‪ ،‬حتى إن الرجل لينزل عن بعيره‪ ،‬فينحره فيعتصر فرثه ثم‬
‫يشربه الحال ھذا بعضه‪ .‬وعندما قفلوا راجعين منصورين‪ ،‬يقول النبي –صلى ﷲ عليه‬
‫مسيرا‪ ،‬وال قطعتم‬
‫ً‬ ‫أقواما ما سرتم‬
‫ً‬ ‫وسلم‪ -‬بعد ھذا التعب العظيم قال‪" :‬إن بالمدينة‬
‫ً‬
‫موطئا يغيظ الكفار إال كانوا معكم‪ ،‬حبسھم العذر قالوا‪ :‬يا رسول ﷲ –‬ ‫واديا‪ ،‬وال وطئتم‬
‫ً‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬وھم بالمدينة؟! قال‪ :‬نعم‪ ،‬وھم بالمدينة" إنھم –والشك‪ -‬أقوام‬
‫زاد‬
‫نياتھم‪ .‬جاءوا إلى رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬يقولون ‪ :‬يا رسول ﷲ ٌ‬ ‫حسنوا ﱠ‬
‫ﱠ‬
‫تولوا َ َ ْ ُ ُ ُ ْ‬
‫وأعينھم‬ ‫وراحلة‪ ،‬ال نملك ذلك‪ ،‬فيقول –صلى ﷲ عليه وسلم ‪" :-‬ال زاد وال راحلة" ) َ َ ﱠ ْ‬
‫ينفقون( فبحسن النية بلغوا ما بلغ أولئك الذين‬ ‫حزنا َأال ﱠ َ ِ ُ‬
‫يجدوا َما ُ ْ ِ ُ َ‬ ‫الدمعِ َ َ ً‬
‫من ﱠ ْ‬
‫تفيض ِ َ‬
‫َ ِ ُ‬
‫انو الخير؛ فإنك ال‬
‫موصيا ابنه‪ :‬يا بني ِ‬
‫ً‬ ‫سمعتم ما حصل لھم‪ ،‬ولذلك يقول اإلمام أحمد‬
‫تزال بخير ما نويت الخير فالنية النية‪ ،‬واإلخالص اإلخالص؛ فھي من أھم عوامل بناء‬
‫النفس وتزكيتھا‪ ،‬وكل ما ال يراد به وجه ﷲ يضمحل‪.‬‬
‫ثم اعلم ‪-‬يا أخي الحبيب‪ -‬أن لإلخالص عالمات‪ .‬اعرض أعمالك عليھا‪ ،‬واختبر‬
‫نفسك‪ ،‬وجاھدھا وھي على سبيل المثال ال الحصر‪،‬‬
‫الھم‬
‫ﱠ‬ ‫ذام؛ ألنه جعل‬
‫ٍّ‬ ‫أوال ً ‪ :‬استواء المدح والذم؛ فالمخلص ال يتأثر بمدح مادح‪ ،‬وال ذم‬
‫واحدا‪ ،‬وھو إرضاء ﷲ رب العالمين وكفى‪ ،‬ولذا ُيمدح أحد األئمة في وجھه‪،‬‬‫ً‬ ‫ھما‬‫ًّ‬
‫فيغضب‪ ،‬ويقول‪ :‬أشھد ﷲ أني أمقتك على ما تقول‪ ،‬والذي ال إله إال ﱠ ھو لو علمت من‬
‫لحثوت على رأسي التراب‪.‬‬
‫َْ َ‬ ‫نفسي ما أعلم‬
‫واحدا؛‪ ،‬ھل تقبل ھذا العمل أم لم‬
‫ً‬ ‫ھما‬
‫ً‬ ‫ثانيا‪ :‬نسيان العمل بعد عمله‪ ،‬ويبقى الھم‬
‫ً‬
‫من ْ ُ ﱠ ِ َ‬
‫المتقين(‬ ‫ﷲ ِ َ‬‫يتقبل ُ‬
‫إنما َ َ َ ﱠ ُ‬
‫يتقبل؟ و) ِ ﱠ َ‬
‫ثالثاً‪ :‬الحب في ﷲ‪ً .‬‬
‫حبا يزيد بالبر لكنه ال ينقص بالجفاء‪ ،‬وإنھا لكبيرة إال على الذين‬
‫ھدى ﷲ‪.‬‬
‫السمعة والرياء؛ فمن‬
‫ﱡ ْ َ‬ ‫ً‬
‫خوفا من دواعي‬ ‫ً‬
‫رابعا‪ :‬إخفاء ما يمكن إخفاؤه من الطاعات؛‬
‫استطاع منكم أن يكون له خبيئة من عمل صالح فليفعل‪.‬‬

‫لقد كان الرجل من أسالفنا يجمع القرآن ويحفظه وما يشعر به جاره‪ ،‬ويفقه الفقه الكثير‬
‫وما يشعر به الناس حتى ُيسأل ويصلي الصالة الطويلة والضيف في بيته وال يشعرون؛‬
‫بل إن أحدھم ليدخل مع زوجته في فراشھا ثم يخادعھا كما تخادع المرأة صبيھا‪ ،‬فإذا‬
‫ربھم َ ْ ً‬
‫خوفا‬ ‫يدعون َ ﱠ ُ ْ‬ ‫عن ْ َ َ ِ‬
‫المضاجعِ َ ْ ُ َ‬ ‫جنوبھم َ ِ‬
‫تتجافى ُ ُ ُ ُ ْ‬ ‫سل نفسه‪ ،‬ثم قام ليله كله‪َ َ َ َ ) .‬‬ ‫ﱠ‬ ‫نامت‬
‫أعين‬ ‫لھم من ُ ﱠ ِ َ‬ ‫نفس ما ُ ْ ِ َ‬
‫أخفي َ ُ‬ ‫ينفقون( ما جزاؤھم؟ ) َفال َ َ ْ َ ُ‬ ‫ومما َ َ ْ َ ُ ْ‬ ‫َ َ َ ً‬
‫قرة ْ ُ ٍ‬ ‫تعلم َ ْ ٌ‬ ‫رزقناھم ُ ِ ُ َ‬ ‫وطمعا َ ِ ﱠ‬
‫أقواما ما كان على ظھر األرض من‬
‫ً‬ ‫ُون( يقول أحد السلف‪ :‬لقد أدركنا‬
‫يعمل َ‬ ‫بما َ ُ‬
‫كانوا َ ْ َ‬ ‫جزاء ِ َ‬
‫َ َ ً‬
‫أبدا‪ ،‬يجلس الرجل منھم في‬
‫عمل يقدرون على أن يعملوه في السر؛ فيكون عالنية ً‬
‫العبرة لتخرج فيردھا؛ فإذا خشي‬
‫المجلس المعمور بذكر ﷲ‪ ،‬فتأخذه الخشية‪ ،‬فتأتيه َ َ‬
‫يوما‪ ،‬ويفطر‬ ‫ً‬
‫خوفا من دواعي السمعة والرياء‪ .‬يصوم أحدھم ً‬ ‫خروجھا خرج من مجلسه‬
‫حماال ً ‪-‬يعمل حماال ً‪ -‬يحمل غداءه معه في‬
‫ﱠ‬ ‫يوما لمدة أربعين سنة ال يعلم أھله به‪ ،‬كان‬
‫ً‬
‫الصباح‪ ،‬فيتصدق به في الطريق على أحد المساكين‪ ،‬ويرجع في المساء ليتعشى مع‬
‫أھله؛ فذاك إفطاره وھو عشاؤھم‪ .‬بل إن ]ابن المبارك[ ‪-‬عليه رحمة ﷲ‪ -‬كان يجاھد‬
‫ً‬
‫خوفا على نيته أن يشوبھا‬ ‫في سبيل ﷲ‪ ،‬وكان يضع اللثام على وجھه لئال ُيعرف‬
‫يوما من الدھر على وجه األرض‪ .‬إي وﷲ ‪ ..‬اللھم‬
‫شائب من الشوائب‪ .‬ھل عاش أولئك ً‬
‫أنا نحبھم‪ ،‬اللھم احشرنا وإياھم في زمرة الصالحين‪ .‬إيمانھم با‪ 9‬ال‬
‫إنا نشھدك ﱠ‬
‫يتزعزع‪ ،‬وضميرھم في ﷲ ال يتزلزل‪.‬‬
‫مذلل‬ ‫ﱡ‬
‫استقلوا فيه كل ُ ِ ّ‬ ‫قد أرخصوا في ﷲ كل عزيزة *** ثم‬
‫مجمل‬
‫ِّ ِ‬ ‫منمق *** زيف اللسان وال كالم‬
‫ليست مبادئھم حديث ُ ِ ّ‬
‫متمثل‬
‫ِّ‬ ‫صارت مبادئھم وصارت خلفھا *** أفعالھم في موكب‬
‫الدبل‬
‫حملوا القلوب على السيوف وأمعنوا ***في حملھن على الرماح ﱡ ﱠ‬
‫الموت للجبناء منحدر وللھمم الصعود شتان ما بين الثعالب في المعامع واألسود‬
‫من عوامل بناء النفس محاسبتھا محاسبة دقيقة؛ فالنفس بطبيعتھا تميل إلى‬
‫الشھوات‪ ،‬إلى اللذات‪ ،‬إلى الھوى؛ فالبد لھا من محاسبة‪ ،‬والكل ال يشك أننا إلى ﷲ‬
‫راجعون‪ ،‬محاسبون على الصغير والكبير والنقير والقطمير‪ .‬األعمال محصاة في سجالت‬
‫ﷲ‬ ‫عملُوا َ ْ َ ُ‬
‫أحصاه ُ‬ ‫بما َ ِ‬ ‫جميعا َ ُ َ ِ ّ ُ ُ ْ‬
‫فينبئھم ِ َ‬ ‫ﷲ َ ِ ً‬ ‫يبعثھم ُ‬
‫يوم َ ْ َ ُ ُ ُ‬
‫محكمة ال تغادر صغيرة وال كبيرة ) َ ْ َ‬
‫حبة‬
‫مثقال َ ﱠ ٍ‬ ‫وإن َ َ‬
‫كان ِ ْ َ َ‬ ‫نفس َ ْ ً‬
‫شيئا َ ِ‬ ‫القيامة َفال َ ُ ْ َ ُ‬
‫تظلم َ ْ‬ ‫القسطَ ِ َ ْ ِ‬
‫ليوم ْ ِ َ َ ِ‬ ‫الموازين ْ ِ ْ‬
‫ونضع ْ َ َ ِ َ‬
‫ونسوه( ) َ َ َ ُ‬
‫ََ ُ ُ‬
‫ُون(‬
‫يعمل َ‬ ‫عما َ ُ‬
‫كانوا َ ْ َ‬ ‫لنسألنھم َ ْ َ ِ َ‬
‫أجمعين * َ ﱠ‬ ‫فوربك َ َ ْ َ َ ﱠ ُ ْ‬
‫حاسبين( ) َ َ َ ِ ّ َ‬
‫بنا َ ِ ِ َ‬ ‫بھا َ َ َ‬
‫وكفى ِ َ‬ ‫خردل َ َ ْ َ‬
‫أتينا ِ َ‬ ‫من َ ْ َ ٍ‬
‫ْ‬
‫ما دمنا نعلم ذلك‪ ،‬فمن العقل أن نحاسب أنفسنا في الرخاء قبل الشدة؛ ليعود أمرنا‬
‫ﱠ‬
‫وزالتھا‪ ،‬ومواطن الضعف فيھا‪،‬‬ ‫إلى الرضا والغبطة؛ ألن من حاسب نفسه علم عيوبھا‬
‫فبدأ بعالجھا ووصف الدواء لھا‪ ،‬فينمي ذلك في النفس الشعور بالمسئولية ووزن‬
‫األعمال والتصرفات بميزان دقيق‪ ،‬أال وھو ميزان الشرع‪ .‬لقد عرف السلف الصالح أھمية‬
‫ذلك‪ ،‬فحققوھا في أنفسھم‪ ،‬ھاھو أحدھم – كما أورد ]ابن أبي الدنيا[ بسنده‪ -‬جلس‬
‫ﱠ‬
‫وقلب وفكر وقدر؛ فإذا عمره ستون‬ ‫محاسبا في آخر عمره‪ ،‬نظر‬
‫ً‬ ‫مع نفسه ذات يوم‬
‫عاما‪ ،‬حسب أيامھا فإذا ھي تربو على واحد وعشرين ألف يوم وخمسمائة‪ ،‬فصرخ‬
‫ً‬
‫وقال‪ :‬يا ويلتاه‪ ،‬أألقى ﷲ بواحد وعشرين ألف ذنب وخمسمائة‪ ،‬ھذا إن كان ذنب واحد؛‬
‫مغشيا عليه‪ .‬فالمحاسبة ِّ‬
‫تروض النفس‬ ‫ً‬ ‫خر‬
‫فكيف وفي كل يوم عشرة آالف ذنب؟ ثم ﱠ‬
‫وتلزم خشية ﷲ‪ .‬فحاسبوا أنفسكم‬ ‫ِّ‬
‫وتولد الحياء من ﷲ‪ُ ،‬‬ ‫وتھذبھا‪ ،‬وتزيد العمل الصالح‪،‬‬
‫وزنوھا قبل أن توزنوا؛ فإنه أھون في الحساب غداً أن تحاسبوا‬
‫تحاسبوا‪ِ ،‬‬
‫َ‬ ‫قبل أن ُ‬
‫خافية(‬
‫منكم َ ِ َ ٌ‬ ‫تعرضون ال َ َ ْ َ‬
‫تخفى ِ ُ ْ‬ ‫يومئذ ُ ْ َ ُ َ‬
‫وتزينوا للعرض األكبر ) َ ْ َ ِ ٍ‬
‫أنفسكم اليوم‪ َ َ ،‬ﱠ‬

‫ھمك أو إرادتك العمل‪،‬‬


‫ِّ‬ ‫والمحاسبة على أقسام؛ محاسبة قبل العمل؛ قف عند أول‬
‫وجد وسارع إن كان كذلك‪ ،‬وإن لم‬
‫فأسأل نفسك‪ :‬ھل العمل مشروع؟ أقدم وأخلص ِ ﱠ‬
‫يكن "فمن عمل عمال ليس عليه أمرنا فھو رد" كما قال صلى ﷲ عليه وسلم‪.‬‬
‫ومحاسبة أثناء العمل؛ ھل أنت مخلص صادق أم مرا ٍء ؟ وأنت أعلم بنفسك؛ ألن العمل‬
‫فلينتبه للنية‬
‫قد يبدأ وھو خالص ‪- 9‬عز وجل‪ -‬ثم يشوبه شيء من الرياء أثناء أدائه؛ ُ َ‬
‫فيه‪ .‬ومحاسبة بعد العمل وھي على أنواع‪:‬‬
‫أحدھا‪ :‬محاسبة النفس على طاعة قصرت فيھا في حق ‪9‬؛ فلم توقعھا على الوجه‬
‫الذي ينبغي أن توقع وحق ﷲ – كما تعلمون‪ -‬في الطاعة ستة أمور‪:‬‬
‫أوال ً‪ :‬اإلخالص في العمل‪ ،‬ثم النصيحة ‪ 9‬فيه‪ ،‬ثم متابعة الرسول ‪-‬صلى ﷲ عليه‬
‫وسلم‪،-‬‬
‫منة ﷲ عليك في‬
‫ثم شھود مشھد اإلحسان‪ ،‬وھو أن تعبد ﷲ كأنك تراه‪ ،‬ثم شھود ِ ﱠ ِ‬
‫التوفيق ألدائه‪ ،‬ثم شھود تقصيرك فيه بعد ذلك كله‪.‬‬
‫خيرا له من فعله‪.‬‬
‫ً‬ ‫أما الثانية‪ :‬فمحاسبتھا على كل عمل كان تركه‬
‫وأما الثالثة‪ :‬فمحاسبتھا على األمور المباحة أو المعتادة ِ َ‬
‫لم فعلھا؟ ومما يعين على‬
‫محاسبة النفس معرفة عيوبھا‪ ،‬ومن عرف عيبه كان أحرى بإصالحه‪.‬‬

‫ومما يعين على معرفة عيوب النفس أمور‪ :‬مالزمة العلماء الصادقين المخلصين‬
‫ويخوفونك حتى‬
‫ِّ‬ ‫العاملين الناصحين‪ ،‬وكذلك مالزمة األخوة الصالحين الذين يذكرونك ﷲ‬
‫تغسل‬
‫ِّ‬ ‫آمنا‪ .‬والمؤمن للمؤمن –كما تعلمون‪ -‬كاليدين؛‬
‫تلقى ﷲ –سبحانه وتعالى‪ً -‬‬
‫أحيانا إال ﱠ بنوع من الخشونة‪ .‬لكن ذلك يوجب من‬
‫ً‬ ‫إحداھما األخرى‪ ،‬وقد ال ُيقلع الوسخ‬
‫النظافة والنعومة بعد ذلك ما يحمد به ذلك التخشين؛ فاصبر على مرارة التخشين‬
‫بتعريفك بعيوبك من إخوانك‪ ،‬لتحمد ذلك ولو بعد حين‪ .‬ومما يعين على معرفة العيوب‪،‬‬
‫وتجرد عرف عيوبھا‪ ،‬فإن‬
‫ﱡ‬ ‫التأمل في النفس بإنصاف وتجرد؛ فمن تأمل في نفسه بإنصاف‬
‫صالحا ولم تتأمل في نفسك بإنصاف‪ ،‬وإن شاء ﷲ ال‬
‫ً‬ ‫قرينا‬
‫ً‬ ‫عالما‪ ،‬وإن عدمت‬
‫ً‬ ‫عدمت‬
‫يعدم ھؤالء؛ فابحث على عيوبك عند أعدائك‪ ،‬واستفد منھم؛ فالحكمة ضالتك‪.‬‬
‫وعين الرضا عن كل عين كليلة *** ولكن عين السخط تبدي المساويا‬
‫وتمنى‬
‫ﱠ‬ ‫والكيس من دان نفسه‪ ،‬وعمل لما بعد الموت‪ ،‬والعاجز من أتبع نفسه ھواھا‪،‬‬
‫ِّ‬
‫على ﷲ األماني‬

‫ومن أھم عوامل بناء النفس‪ :‬طلب العلم المقرب إلى ﷲ ‪-‬جل وعال‪ -‬والعمل‬
‫اثنين؛ ألن‬
‫ْ‬ ‫لسببين‬
‫ْ‬ ‫به‪ ،‬والدعوة إليه‪ ،‬والصبر على األذى في تبليغه‪ ،‬أقول ھذا‬
‫غالبا‪،‬‬
‫ً‬ ‫العبادة بال علم توقع في البدع‪ ،‬وما وقع المبتدعة فيما وقعوا فيه إال عن جھل‬
‫وألن العلم مادة الدعوة إلى ﷲ –جل وعال‪ ،-‬ودعوة إلى ﷲ بال علم قد تضر وال تنفع‪،‬‬
‫وقد يصاحبھا االنحراف والضالل‪.‬‬
‫وما الداعية بال علم إال كواقف على شاطئ البحر ينتظر وينظر؛ فإذا األمواج تتقاذف‬
‫ويسرة‪ ،‬تطفو بھا تارة‪ ،‬وتغوص بھا أخرى‪ ،‬فيشفق عليھا مما‬
‫يمنة َ ْ َ‬
‫سمكة من األسماك َ ْ َ‬
‫ظنا منه أنه أنقذھا‪ ،‬وما علم أنه أھلكھا‪،‬‬
‫ھي فيه‪ ،‬فيأخذھا‪ ،‬ثم يرميھا على الشاطئ ً‬
‫ً‬
‫سبال‪ ،‬وكم من مريد للخير يجھل العلم ال يدركه‪ ،‬فيا طالب العلم‪ ،‬العلم ھام‬ ‫وإن للخير‬
‫النقطتين‪،‬‬
‫ْ‬ ‫لھاتين‬
‫ْ‬
‫وميزات ﱠ‬
‫قلما تجد ألي شخص من األشخاص في ھذه‬ ‫ْ‬ ‫ولك خصال عند ﷲ‬
‫حافزا‬
‫ً‬ ‫وعھا وقف عندھا ﱠ‬
‫علھا تكون لك‬ ‫الحياة‪ ،‬اسمعھا ِ‬
‫ً‬
‫طريقا إلى الجنة" فأنت تسلك‬ ‫سھل ﷲ له به‬
‫ﱠ‬ ‫علما‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫طريقا يلتمس فيه‬ ‫أوال ً‪" :‬من سلك‬
‫طريق الجنة وال شك‪ ،‬قال ذلك الصادق المصدوق صلى ﷲ عليه وسلم ‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬المالئكة تضع أجنحتھا لطالب العلم ً‬
‫رضا بما يصنع‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬أھل السماوات واألرض ‪-‬حتى الحيتان في جوف البحر‪ -‬يصلون على معلم الناس‬
‫الخير‪.‬‬
‫ً‬
‫رابعا‪ :‬الخيرية لك "خيركم من تعلم القرآن وعلمه"‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬النضارة والوضاءة في الدنيا واآلخرة‪ ،‬تجد وجوه طلبة العلم المخلصين‪ ،‬عليھا‬
‫ً‬
‫وجوه( يقول النبي ‪-‬صلى‬
‫وتسود ُ ُ ٌ‬
‫وجوه َ َ ْ َ ﱡ‬
‫تبيض ُ ُ ٌ‬
‫يوم َ ْ َ ﱡ‬
‫النور وعليھا الوضاءة في الدنيا وتبيض ) َ ْ َ‬
‫فرب مبلغ‬
‫ﱠ‬ ‫ﷲ عليه وسلم‪ " :-‬نضر ﷲ امرئ سمع مقالتي فوعاھا‪ ،‬فأداھا كما سمعھا؛‬
‫أوعى من سامع"‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬التعديل والتزكية ال من البشر القاصرين المخطئين‪ ،‬ولكن من رسول ﷲ ‪-‬‬
‫ً‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬يحمل ھذا العلم من كل خلف عدوله‪ ،‬ينفون عنه تحريف‬
‫الغالين‪ ،‬وانتحال المبطلين‪ ،‬وتأويل الجاھلين‪.‬‬
‫العلم أحلى وأغلى ما له استمعت أذن وأعرب عنه ناطق بفم‪.‬‬
‫العلم أشرف مطلوب وطالبه *** ‪ 9‬أكرم من يمشي على قدم‬
‫واآلداب فالتزم‬
‫َ‬ ‫فقدس العلم واعرف قدر حرمته *** في القول والفعل‬
‫ِّ‬
‫يا طالب العلم ال تبغِ به بدال ً *** فقد ظفرت ورب ﱠ‬
‫اللوح والقلم‬
‫ينم‬
‫ِ‬ ‫واجھد بعزم قوي ال انثناء له *** لو يعلم المرء قدر العلم لم‬
‫يقم‬
‫ِ‬ ‫والنية تجعل لوجه ﷲ خالصة *** إن البناء بدون األصل لم‬

‫نيلھا إلى صبر ومصابرة‬


‫ھذه المزايا العظام ‪-‬يا أيھا األحبة‪ -‬تحتاج في ْ‬
‫ومجاھدة‪ .‬فمن لم يصبر على ذل التعلم‪ ،‬بقى طول عمره في عماية الجھالة‪ ،‬ومن‬
‫صبر عز في الدنيا واآلخرة‪ .‬طالب العلم ‪-‬يا أيھا األحبة‪ -‬يحتاج إلى الصبر‪ ،‬لماذا؟ ألنه‬
‫يحتاج إلى عالم يذھب إليه‪ ،‬يحتاج –بالطبع‪ -‬إلى أن يتأدب معه‪ ،‬إلى أن يستأذن عليه‪،‬‬
‫ُ َ‬
‫بالركب‪ ،‬إلى قسوة قد يجدھا‬ ‫إلى أن يتلطف في السؤال‪ ،‬إلى أن يزاحم طالب العلم‬
‫تستعذب في‬
‫َ‬ ‫من العالم‪ ،‬في لفظ يعنفه به أمام الناس‪ ،‬ومع ھذا كله فإن الصعاب ُ‬
‫لتأدب بأدبھم‪ ،‬ونيل العلم الذي يكسبك خشية رب األرباب؛‬
‫سبيل الجلوس مع العلماء‪ ،‬ل ﱡ‬
‫فأصل العلم خشية ﷲ ‪-‬جل وعال‪ ،-‬وللعلماء ‪-‬يا أيھا األحبة‪ -‬خطة تربوية عظيمة في‬
‫ً‬
‫والحقا‪ ،‬تتفاوت من عصر إلى عصر‪ .‬جدير بنا أن نقف عند ھذه‬ ‫ً‬
‫سابقا‬ ‫تأديب طالب العلم‬
‫حد ال يكاد‬
‫الخطة التربوية‪ ،‬لقد كانوا يقسون على طالبھم قسوة عظيمة تصل بھم إلى ٍّ‬
‫يحتمل‪ ،‬لماذا؟ ألنھا قسوة الحازم ليتأدبوا ويتعلموا‪.‬‬
‫أحيانا على من يرحم‬
‫ً‬ ‫فليقس ***‬
‫ْ ُ‬ ‫حازما‬
‫ً‬ ‫ومن يك‬

‫روى ]الخطيب البغدادي[ في كتاب شرف أصحاب الحديث أن أصحاب الحديث كانوا‬
‫يھجمون على ]اإلمام األعمش[ ‪-‬عليه رحمة ﷲ‪] -‬أبي محمد سليمان ابن مھران[؛ ألنه‬
‫إمام ثقة‪ ،‬والرواية عنه شرف‪ ،‬فكانوا يتھافتون عليه‪ ،‬فأراد أن يؤدبھم وأن يختبرھم ليرى‬
‫ھل ھم صادقون أم ليسوا بصادقين؟ فاشترى كلب صيد‪ ،‬أول ما يسمع قرع األقدام‬
‫اقترب من البيت أطلق عليھم‪ ،‬فيطردھم حتى يخرجوا خارج الحدود‪ ،‬ثم يرجع‪ ،‬وفي‬
‫اليوم الثاني ھل يئس أولئك الطالب –طالب العلم‪-‬؟ ال؛ بل عاودوا مرة أخرى إلى بيت‬
‫ووجل‪ ،‬ولما قربوا أطلق عليھم الكلب مرة أخرى‬
‫حذر‪ ،‬على خوف َ َ‬
‫األعمش‪ ،‬وھم على َ َ‬
‫حتى خرجوا خارج الحدود‪ ،‬ثم عاد‪ .‬وفي اليوم الثالث يأتون‪ ،‬ما يئسوا وما فتروا وما قالوا‪:‬‬
‫ال خير في ھذا اإلمام‪ ،‬وإنما علموا قدر ما عند ھذا اإلمام وقدره‪ ،‬فصبروا على كل شيء‬
‫في سبيل أن يحصلوا على حديث واحد من رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ .-‬وجاءوا‬
‫ووجل يتوجسون أن يرسل عليھم الكلب‪ ،‬ووصلوا‬
‫في اليوم الثالث‪ ،‬وتقدموا على خوف َ َ‬
‫ولما دخلوا بكى‪،‬‬
‫ﱠ‬ ‫إلى البيت فلم يخرج عليھم شيء‪ ،‬فاستأذنوا على اإلمام‪ ،‬فأذن لھم‪،‬‬
‫قالوا‪ :‬ما يبكيك يا إمام؟ قال‪ :‬قد مات الذي كان يأمر بالمعروف وينھي عن المنكر –يعني‬
‫الكلب‪.-‬‬

‫كلبا‪ ،‬ھل سيرجع إليه‬


‫عالما طرد طالب علم ناھيك على أن يرسل عليه ً‬
‫ً‬ ‫ما ترون لو أن‬
‫في ھذا العصر الذي ماتت فيه الھمم؟ كال وألف كال؛ بل ال يسلم من لسانه أبد الدھر؛‬
‫الھمم ضعيفة‪ ،‬وأي عائق يعيق الضعيف‪ .‬وأما السلف فال‪ ،‬أقوياء أتقياء؛ فليكن لنا‬
‫ألن ِ َ‬
‫سيرھم دافع ألعمالھم‪ ،‬وتشير األخبار عن اإلمام األعمش – ً‬
‫أيضا‪ -‬إلى أن تالميذه‬ ‫من ِ َ ِ‬
‫يضن عليھم بما لديه‪ ،‬لتربيتھم‬
‫نظرا ألنه َ ِ ﱡ‬
‫ً‬ ‫كانوا يحتالون عليه ليكتبوا عنه الحديث‬
‫ولتعرفيھم قدر ھذا الحديث الذي يأخذونه عنه‪ .‬من ذلك ما يرويه أحد تالميذه –وھو‬
‫]عيسى بن يونس[‪ -‬يقول‪ :‬خرجنا في جنازة من الجنائز‪ ،‬ورجل من طالب العلم كان‬
‫يقود اإلمام األعمش فلما ُدفنت ورجعنا‪ ،‬عدل باإلمام األعمش قليال ً قليال ً حتى أصحر به‬
‫–يعني‪ :‬حتى أصبح باإلمام في الصحراء‪ -‬ثم قال‪ :‬يا إمام أتدري أين أنت اآلن؟ قال‪ :‬ال‪.‬‬
‫ً‬
‫حديثا‪ ،‬طالب علم حريص‬ ‫قال‪ :‬في جبانة كذا وكذا‪ ،‬وﷲ ال أردك حتى تمأل ألواحي ھذه‬
‫على الحديث‪ ،‬واألعمش ال يستطيع أن يعود إلى بيته‪ ،‬قال‪ :‬اكتب‪ ،‬حدثنا فالن عن فالن‬
‫راجعا‪ ،‬وھو يعرف ماذا سيكون من ھذا‬
‫ً‬ ‫حتى مأل األلواح التي بين يد ْيه‪ ،‬ثم قفل به‬
‫اإلمام؛ فلما دخل الكوفة‪ ،‬دفع األلواح لطالب علم قال له‪ :‬خذھا واھرب بھا‪ ،‬وذھب‬
‫باألعمش إلى داره‪ ،‬ولما وصل تعلق األعمش به‪ ،‬وصاح بالناس‪ ،‬وقال‪ :‬خذوا األلواح من‬
‫ھذا الطالب‪ ،‬فقال‪ :‬يا أبا محمد قد فاتت األلواح‪ .‬قال‪ :‬كل ما حدثتك به كذب لئال ينتفع‬
‫به‪ ،‬فقال التلميذ –وھو يعرف إمامه‪ -‬قال‪ :‬أنت أعلم با‪ 9‬من أن تكذب‪ .‬من يقول حديث‬
‫أبدا‪.-‬‬
‫أبدا –وھو الصحيح فلم يكذب عليه ً‬
‫رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬ال يكذب ً‬
‫السؤال المتبادر إلى الذھن –يا طالب العلم‪ -‬ھل كانوا يبخلون ويضنون بالحديث على‬
‫أيما‬
‫طلبة العلم؟ وﷲ ما كانوا كذلك؛ فأحاديثھم تمأل دواوين اإلسالم‪ ،‬لكنھم كانوا ُيربون ﱠ‬
‫تربية‪ ،‬إن ھذه الطريقة ‪-‬يا أيھا األحبة‪ -‬دواء ناجح لكسر الشموخ والخيالء التي توجد‬
‫عند بعض طلبة العلم عندما يتعلم مسألة واحدة من مسائل العلم‪ ،‬بعضھم يحضر إلى‬
‫حلقة الشيخ‪ ،‬ويرى أنه ھو الشيخ‪ ،‬وبعضھم يحضر إلى الحلقة‪ ،‬وقد استحضر نسبه‬
‫وماله وجاھه؛ فما له إال أن يؤدب على التواضع للعلم والذل له ليناله؛ فال ينال العلم‬
‫مستكبر‪.‬‬
‫تجرع ُذل الجھل طول حياته‬
‫ﱠ‬ ‫ومن لم ُ ْ‬
‫يذق مر التعلم ساعة ***‬

‫وأجرا ال‬
‫ً‬ ‫علما‬
‫ً‬ ‫فإذا حضرت مجلس علم ‪-‬يا طالب العلم‪ -‬فال يكن حضورك إال مستزيدا‬
‫مستغن بما عنده‪ ،‬وال حضور طالب عثرة تشنعھا‪ ،‬أو غريبة تشيعھا؛ فھده فعال‬
‫ٍ‬ ‫حضور‬
‫أبدا؛ فإذا حضرت على ھذه النية فقد حصلت‬
‫األراذل الذين ال يفلحون في طلب العلم ً‬
‫خيرا على كل حال؛ فإن لم تحضر وھذه النية معك فجلوسك في منزلك أروح لبدنك‪،‬‬
‫ً‬
‫وأكرم لخلقك‪ ،‬وأسلم لدينك؛ فإذا حضرت مجلس العلم فإما أن تسكت سكوت الجھال؛‬
‫فتحصل على أجر النية في المشاھدة‪ ،‬وعلى الثناء عليك بقلة الفضول‪ ،‬وعلى كرم‬
‫المجالسة ومودة من تجالس؛ فإن لم تفعل فاسأل سؤال المتعلم؛ فما صفة ھذا‬
‫سخف‪،‬‬
‫السؤال؟ أن تسأل عما ال تدري‪ ،‬ال تسأل عما تدري؛ فإن السؤال عما تعلمه ُ‬
‫وقلة عقل‪ ،‬وقطع لزمانك ولزمان غيرك بما ال فائدة فيه‪ ،‬وربما أدى إلى اكتساب‬
‫كنتم ال َ َ ْ َ ُ َ‬
‫تعلمون( فإذا سألت وأجابك‬ ‫فاسأَلُوا َ ْ َ‬
‫أھل ِّ ْ ِ‬
‫الذكر ِإن ُ ْ ُ‬ ‫العداوات‪ ،‬وھو عين الفضول ) َ ْ‬
‫بما فيه كفاية لك‪ ،‬فاقطع الكالم؛ فإن لم يجبك بما فيه الكفاية فاستزده؛ فإن لم تفھم‬
‫فقل‪ :‬لم أفھم واستزده؛ فإن لم يزدك أو سكت أو عاد عليك الكالم األول بال مزيد‬
‫فأمسك عنه‪ ،‬وإال حصلت على العداوة‪ ،‬ولم تحصل على ما تريد من الزيادة‪ ،‬وإياك‬
‫علما؛ فإن ذلك دليل على‬
‫ً‬ ‫والمكابر الذي يطلب الغلبة‪ ،‬ويبين أن عنده‬
‫ُ ِ‬ ‫العنت‬
‫وسؤال َ ِ‬
‫سوء الخلق‪ ،‬وعلى قلة الدين‪ ،‬وعلى كثرة الفضول‪ ،‬وضعف العقل والسخف "وإنما أھلك‬
‫من كان قبلكم كثرت مسائلتھم واختالفھم على أنبيائھم"‪.‬‬

‫ثم اعلم ‪-‬أخي طالب العلم‪ -‬أن الوقوف على بعض أخبار طلبة العلم والعلماء‬
‫من خير الوسائل التي تغرس الفضائل في النفوس‪ ،‬وتدفع النفس الضعيفة إلى‬
‫تحمل الشدائد والمكاره في سبيل الغايات النبيلة والمقاصد الجليلة‪ ،‬وتبعث فيھا روح‬
‫ﱡ‬
‫التأسي بذوي التضحيات في سبيل العلم لتسمو إلى أعلى الدرجات‪ .‬في أخبارھم‬
‫العلية في‬
‫ﱠ‬ ‫جاھدا للوصول إلى المقامات‬
‫ً‬ ‫إثارة قوية لمشاعر طالب العلم الذي يسعى‬
‫العلوم الشرعية‪ .‬جاء في ترتيب المدارج‪ :‬أن ]ابن القاسم[ ‪-‬عليه رحمة ﷲ‪ -‬تزوج ابنة‬
‫وخيرھا‬
‫ﱠ‬ ‫ً‬
‫شغوفا بطلب العلم‪ ،‬فقرر أن يرتحل لطلب العلم‪،‬‬ ‫عمه‪ ،‬وحملت منه‪ ،‬وقد كان‬
‫عند سفره بين البقاء أو الطالق‪ ،‬فاختارت البقاء معه‪ ،‬فسافر حتى أتى >المدينة<‪،‬‬
‫وترك زوجه حامال ً في بالده‪ .‬فاسمع ما يقول؛ يقول‪ :‬كنت آتي كل يوم ]اإلمام مالك[ –‬
‫مسألتين أو‬
‫ْ‬ ‫عليه رحمة ﷲ‪ -‬في ظلمة الليل‪ ،‬في آخر الليل‪ ،‬في غلس‪ ،‬فأسأله عن‬
‫انشراحا للصدر‪ ،‬فكنت أستغل ذلك‬
‫ً‬ ‫ثالث أو أربع‪ ،‬وكنت أجد منه في ذلك الوقت‬
‫يوما‪ ،‬فتوسدت مرة عتبة بابه‪ ،‬فغلبتني عيناني‪،‬‬
‫االنشراح‪ ،‬فآتيه كل سحر‪ ،‬قال‪ :‬فجئت ً‬
‫فنمت‪ ،‬وخرج اإلمام مالك إلى المسجد‪ ،‬ولم أشعر به‪ .‬قال‪ :‬فخرجت جارية سوداء له‪،‬‬
‫ِ ْ ُ‬
‫فركزتني برجلھا‪ ،‬وقالت‪ :‬إن اإلمام قد خرج إلى المسجد‪ ،‬ليس يغفل كما تغفل أنت‪ .‬إن‬
‫تسعا وأربعين سنة ﱠ‬
‫قلما صلى الصبح إال بوضوء العتمة‪ ،‬يصلي الصبح بوضوء‬ ‫ً‬ ‫له اليوم‬
‫العشاء لمدة تسع وأربعين سنة! يقول ]ابن القاسم[‪ :‬فأنخت بباب مالك سبع عشرة‬
‫ً‬
‫شيئا‪ ،‬وإنما أطلب العلم‪ .‬قال‪ :‬وبينما‬ ‫سنة أطلب العلم‪ ،‬وﷲ ما بعت فيھا وال اشتريت‬
‫أنا عنده إذ أقبل حجاج >مصر< –بلده‪ -‬فإذا شاب ملثم دخل علينا‪ ،‬فسلم على مالك‪،‬‬
‫إلي‪ ،‬قال‪ :‬فأقبل علي يقبل عيني ويدي وجدت منه‬
‫ﱠ‬ ‫وقال‪ :‬أفيكم ابن القاسم؟ فأشير‬
‫ريحا طيبة؛ فإذا ھي رائحة الولد‪ ،‬وإذا ھو ابني الذي ذھبت‪ ،‬وھو في بطن أمه قد أصبح‬
‫ً‬
‫فتحا ال‬
‫ً‬ ‫وأعطوا العلم كل شيء‪ ،‬ففتح ﷲ عليھم‬
‫ْ‬ ‫يافعا فيا‪ .9‬تركوا كل شيء‪،‬‬
‫ً‬ ‫شابا‬
‫ً‬
‫أقل وﷲ‪ .‬لكن لنقول‪:‬‬
‫ﱡ‬ ‫َْ‬
‫أعطوا؛ فنحن‬ ‫يخطر بالبال‪ ،‬وال يدور بالخيال‪ .‬ال نقول‪ :‬أعطُوا ما‬
‫ً‬
‫شيئا‪ ،‬نسأل ﷲ أن ييسر لنا العلم النافع والعمل‬ ‫لنعط العلم بعض شيء ﱠ‬
‫علنا نكون‬ ‫ِ‬
‫الصالح‪ ،‬ھو ولي ذلك والقادر عليه‪.‬‬

‫حكى ]الخطيب التبريزي[ اللغوي‪ :‬أن ]أبا حسن الغالي[ األديب كانت له نسخة من‬
‫كتاب الجمھرة ]البن دريد[ كانت في غاية الجودة‪ ،‬فدعته الحاجة ذات يوم لبيعھا‪ ،‬فكتب‬
‫أبياتا في آخرھا يعبر عن معاناته في بيع أعز ما لديه وھو الكتاب‪ ،‬لكنھا الحاجة ‪ -‬ونسأل‬
‫ً‬
‫ﷲ أن يغنينا عمن أغناه عنا‪ -‬عرضھا للبيع فاشتراھا منه ]أبو القاسم[ المذكور قبل‬
‫دينارا‪ ،‬ثم قام بتصفحھا‪ ،‬فوجد فيھا تلك األبيات بخط بائعھا‬
‫ً‬ ‫قليل‪ ،‬اشتراھا منه بستين‬
‫يقول فيھا‪:‬‬
‫أنست بھا عشرين حوال ً وبعتھا *** لقد طال وجدي بعدھا وحنيني‬
‫وما كان ظني أنني سأبيعھا *** ولو خلدتني في السجون ديوني‬
‫تستھل شجوني‬
‫ﱡ‬ ‫ولكن لضعف وافتقار وصبية *** صغار عليھم‬
‫مكويِ الفؤاد حزين‬
‫ّ‬ ‫فقلت ولم أملك سوابق عبرتي *** مقالة‬
‫ربٍ ِبھن ظنين‬
‫وقد تخرج الحاجات يا أم مالك *** كرائم من ّ‬
‫فقرأھا وتأثر أبو القاسم‪ ،‬وفاضت عيناه‪ ،‬وذھب وأرجع النسخة له‪ ،‬وترك له الدنانير‪،‬‬
‫فرحم ﷲ الجميع‪.‬‬

‫وفي البداية يقول ]ابن كثير[‪ :‬لقد كان ]البخاري[ يستيقظ في الليلة الواحدة من نومه‪،‬‬
‫فيوقد السراج‪ ،‬ثم يكتب الفائدة تمر بخاطره‪ ،‬ثم يطفئ السراج لينام‪ ،‬ثم يقوم أخرى‬
‫وأخرى‪ ،‬كان يتعدد ذلك منه في الليلة الواحدة أكثر من عشرين مرة‪ .‬بل إن ]اإلمام‬
‫الشافعي[ تذكر عنه ابنته تقول‪ :‬إنه في ليلة واحدة أطفأ وأضاء السراج ستين مرة؛ فما‬
‫نامه ھؤالء من ليلھم‪ ،‬رحمھم ﷲ؟ قد كانت الشدائد في سبيل تحصيل العلم‬
‫الذي َ َ ُ‬
‫وألذ وأحلى من جنى النحل في الفم؛ ألنھم يعرفون قدر ما يأخذون‪.‬‬
‫ﱠ‬ ‫عندھم أشھى‬
‫يقول ]عمرو بن حفص[ األشقر‪ ،‬يقول‪ :‬إنھم فقدوا ]البخاري[ –عليه رحمة ﷲ‪ -‬صاحب‬
‫الصحيح –نسأل ﷲ أن يرحمه وأن يجعله في موازين حسناته يوم يلقى ﷲ‪ -‬فقدوه‬
‫أياما من كتابة الحديث‪ ،‬وقد كان من أحرص الناس على كتابة الحديث‪ .‬قال‪ :‬فطلبناه‬
‫ً‬
‫نتلمسه‪ ،‬فوجدناه في بيته وھو عريان ال يملك حتى الثوب الذي يلبسه‪ ،‬قال‪ :‬وقد نفد‬
‫يبق معه شيء‪ ،‬ولم يستطع الخروج؛ ألنه عريان‪ .‬قال‪ :‬فاجتمعنا‪،‬‬
‫َ‬ ‫كل ما لديه‪ ،‬ولم‬
‫ثوبا وكسوناه‪ .‬قال‪ :‬ثم اندفع معنا في كتابة‬
‫وجمعنا له الدراھم حتى اشترينا له ً‬
‫الحديث‪ .‬فماذا يقول من يملك عشرات الثياب؟ ماذا يقول من يملك عشرات األقالم‬
‫مكيف‬
‫قدميه بل بسيارته في مكان ُ ﱠ‬
‫ْ‬ ‫واألوراق ثم ينام عن حلقة علم يذھب لھا ال علي‬
‫مھيأ لذلك؟ ال نامت أعين الكسالى‪ .‬ال نامت أعين البطالين‪ .‬كلنا نلھج بالعلم‪ ،‬وال‬
‫معد ُ ﱠ‬
‫ُ ٍّ‬
‫أحد منا يباري العلماء‪ .‬وھاھو ]أبو يوسف[ تلميذ ]أبي حنيفة[ ‪-‬عليھما رحمة ﷲ‪،-‬‬
‫أناسا يدفنونه‪ ،‬ويذھب لحلقة‬
‫ً‬ ‫ِّ‬
‫يوكل‬ ‫يموت ابنه ويجھزه ويصلي عليه مع المصلين‪ ،‬ثم‬
‫إمامه‪ ،‬وھو يقول‪ :‬ذھب االبن‪ ،‬وأحتسبه عند ﷲ‪ ،‬وأخشى أن تفوتني مسألة ال تذھب‬
‫حسرتھا من قلبي حتى أموت‪.‬‬
‫يا خاطب العلياء إن صداقھا *** صعب المنال على قصير الباع‬
‫اثنتي عشرة سنة ‪-‬بيتي فوق بيته‪ -‬ما قمت‬
‫ْ‬ ‫أما ]المنذري[‪ ،‬فيقول أحد تالميذه‪ :‬جاورته‬
‫في ساعة من ليل إال وسراجه ُمضاء يكتب أو يصلي‪.‬‬

‫وھذا خبر أخير من أعجب األخبار وأغربھا‪ ،‬وقع لعالم أندلسي ممن رحلوا من األندلس‬
‫لتلقي إمام من أئمته ليأخذ‬
‫ِّ‬ ‫قدميه‬
‫ْ‬ ‫إلى المشرق‪ ،‬رحل ھذا العالم إلى المشرق على‬
‫وتحيل حتى‬
‫ﱠ‬ ‫ممنوعا من الناس‪ ،‬فتلطف‬
‫ً‬ ‫محبوسا‬
‫ً‬ ‫عنه العلم‪ ،‬ولكنه حين وصل إليه وجده‬
‫السير‬
‫ِ َ‬ ‫لقيه‪ ،‬فأخذ العلم عنه بصورة ال تخطر على البال‪ ،‬وال تدور بالخيال‪ .‬جاء في‬
‫جل بغيته مالقاة اإلمام ]أحمد[ واألخذ‬ ‫بقي بن َ ْ َ‬
‫مخلد[ األندلسي كان ُ ﱡ‬ ‫]للذھبي[ أن ] َ ﱠ‬
‫ماشيا‪ .‬يقول‪ :‬فلما قربت من >بغداد< اتصلت‬
‫ً‬ ‫قدميه‬
‫ْ‬ ‫عنه‪ ،‬فخرج من >األندلس< على‬
‫بي خبر المحنة التي دارت على اإلمام أحمد‪ ،‬وعلمت أنه ممنوع االجتماع إليه‬
‫شديدا فلم أعرج على شيء؛ بل أنزلت‬
‫ً‬ ‫والسماع عنه‪ .‬قال‪ :‬فاغتممت لذلك ً ّ‬
‫غما‬
‫متاعي في بيت اشتريته‪ ،‬ثم أتيت الجامع الكبير‪ ،‬وحضرت بعض ِ َ‬
‫الحلق‪ ،‬قال‪ :‬ثم خرجت‬
‫إلي‪ ،‬وفتح‬
‫ﱠ‬ ‫فدللت عليه‪ ،‬فقرعت بابه‪ ،‬فخرج‬
‫أستدل على منزل اإلمام أحمد‪ ،‬قال‪ُ :‬‬
‫الباب‪ ،‬فنظر إلى نظر رجل لم يعرفه‪ ،‬فقلت‪ :‬يا أبا عبد ﷲ رجل غريب الدار‪ ،‬وھذا أول‬
‫دخولي البلد‪ ،‬وأنا طالب حديث وجامع سنة‪ ،‬ولم تكن –وﷲ الذي ال إله إال ھو‪ -‬رحلتي‬
‫إال إليك يا إمام‪ .‬فقال‪ :‬ادخل الممر‪ ،‬وال تقع عليك عين‪ ،‬فدخلت الممر‪ ،‬وجاء لي‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫من أين؟ قلت‪ :‬من المغرب األقصى‪ ،‬من >األندلس<‪ ،‬فقال‪ :‬إن موضعك لبعيد‪ ،‬وما كان‬
‫من شيء أحب إلي من أحسن عون مثلك على مطلبه‪ ،‬غير أني في حيني ھذا‬
‫ممتحن بما لعله قد بلغك‪ .‬فقلت له‪ :‬بلى قد بلغني‪ ،‬وأنا قريب من بلدك بعد أن قطعت‬
‫ما قطعت مقبال نحوك‪ .‬لكن يا أبا عبد ﷲ ھذا أول دخولي البلد‪ ،‬وأنا مجھول عندكم؛‬
‫زيِ سائل‪ ،‬فأقول ما يقول السائلون المتسولون األجر رحمكم‬
‫فإذا أذنت لي أن آتيك في ِ ّ‬
‫ﷲ‪ ،‬فتخرج إلى ھذا الممر؛ فلو لم تحدثني في كل يوم إال بحديث لكان لي فيه خير‬
‫عظيم‪ .‬فقال اإلمام أحمد‪ :‬نعم على شرط أن ال تظھر في ِ َ‬
‫الحلق عند أصحاب الحديث‪.‬‬
‫كمي‪ ،‬ثم آتي‬ ‫ودا بيدي وأَل ﱡ‬
‫ُف رأسي بخرقة‪ ،‬وأجعل ورقتي ودواتي في ُ ِ ّ‬ ‫فكنت آخذ ع ً‬
‫إلي في الممر ويغلق‬
‫ﱠ‬ ‫بابه‪ ،‬فأصيح‪ :‬األجر رحمكم ﷲ‪ ،‬األجر رحمكم ﷲ‪ .‬قال‪ :‬فيخرج‬
‫باب الدار‪ ،‬ثم يحدثني بالحديثين والثالثة حتى اجتمع لي نحو ثالثمائة حديث‪ .‬قال‪:‬‬
‫ْ‬
‫والتزمت تلك الطريقة حتى زالت المحنة عن اإلمام أحمد؛ يوم مات المبتدع‪ ،‬وتولى من‬
‫ُ‬
‫كان على السنة‪ .‬قال‪ :‬فظھر اإلمام‪ ،‬وسما ذكره‪ ،‬وعظم في عيون الناس‪ ،‬وكانت تضرب‬
‫إليه آباط اإلبل‪ ،‬فكنت أحضر له‪ ،‬فيعرف لي حق صبري‪ ،‬ويعرف لي حق تجلدي في‬
‫إلي‪ ،‬وأفسح لي في مجلسه‪ ،‬وأدناني‬
‫ﱠ‬ ‫تعال‬
‫َ‬ ‫وبش‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫ﱠ‬ ‫ھش‬
‫ﱠ‬ ‫طلب العلم؛ فإذا رآني‬
‫من نفسه‪ ،‬ثم يقول لطلبة الحديث‪ :‬ھذا ھو الذي يستحق أن يطلق عليه اسم طالب‬
‫يوما من األيام‪ ،‬قال‪ :‬فزارني اإلمام أحمد؛‬
‫العلم‪ ،‬ثم يقص عليھم قصتي‪ .‬قال‪ :‬ثم مرضت ً‬
‫فما بقي أحد بعد ذلك إال زارني‪ َ ،‬ﱠ‬
‫وأجلني الناس لزيارته وخدموني؛ فواحد يأتيني‬
‫بفراش‪ ،‬وآخر يأتيني بلحاف‪ ،‬وآخر يأتيني بأطايب األغذية‪ ،‬وكانوا في تمريضي ‪-‬وﷲ‪-‬‬
‫أكثر من تمريض أھلي لو كنت بين أظھرھم‪ .‬فرحم ﷲ الجميع‪ ،‬وجزاھم ﷲ عن العلم‬
‫نصبھم‪ ،‬في تعبھم‪،‬‬
‫خيرا‪ .‬ھذه بعض أخبارھم في رحالتھم في طلب العلم‪ ،‬في َ َ ِ‬
‫ً‬ ‫وأھله‬
‫في ھجر النوم‪ ،‬في الصبر على شغف العيش‪ ،‬في مرارة الفقر والجوع والعطش‪ ،‬في‬
‫الھواجر األيام والساعات‪ ،‬في نفاذ أموالھم ونفقاتھم في الغربة‪ ،‬في فقد كتبھم‬
‫ومصابھم في بيعھا؛ ألنھا من أعز ما يملكون‪.‬‬

‫ھذه األخطار ھال ّ كانت –أيھا األحبة‪ -‬مجالة للقلوب من الصدأ والكسل‪،‬‬
‫ومدعاة لتحريك الھمة للجد والعمل‪ ،‬أنتم كھم ومن يشابه أبه فما ظلم‬
‫التشبه بالكرام فالح‬
‫ﱡ‬ ‫فتشبھوا إن لم تكونوا مثلھم *** إن‬
‫القراع‬
‫ﱠ‬ ‫قوموا اقرعوا بالعلم أبواب العال *** ال تقصروا عن ھمة‬
‫واستعذبوا شوك المنايا في اجتنا *** ورد األماني رائق اإليناع‬
‫وتعلموا فالعلم معراج العال *** ومفاتح اإلخصاب واإلمراع‬
‫وإذا علمتم فاعملوا فالعلم *** ال يجدي بال عمل بحسن زمام‬
‫ثم إن لكل شيء ثمرة‪ ،‬وثمرة العلم العمل والتبليغ‪ ،‬وعلم بال عمل كشجر بال‬
‫ثمر‬
‫ھتف العلم بالعمل *** إن أجابه وإال ارتحل‬
‫علما ألجمه ﷲ بلجام من نار يوم القيامة وما أحوج األمة في حاضرھا إلى‬
‫ُ‬ ‫ومن كتم‬
‫الدعوة إلى ﷲ ‪-‬جل وعال‪ .-‬ما أحوج األمة إلى األمر بالمعروف والنھي عن المنكر على‬
‫بصيرة‪ ،‬على علم مستوعب للشرع والواقع والبيئة وأحوال الناس‪ .‬إن تبليغ ھذا الدين‪،‬‬
‫يروض النفوس ويكسبھا الصبر‪ ،‬ويكسبھا الحلم والطمأنينة والسكينة؛ إذ إنه والبد من‬
‫مخالطة المدعوين‪ ،‬البد من الصبر على أذاھم‪ ،‬والحنو عليھم النتشالھم مما ھم فيه‪،‬‬
‫يزحزح بسھولة‪ .‬إن سفينة األمة‬
‫ومن يبني غيره ھو أحق بأن يكون ثابت البناء‪ ،‬ال ُ َ‬
‫ً‬
‫خرقا؛ فإن لم تجد من‬ ‫يمنة ويسرة‪ ،‬ويخرق فيھا المفسدون كل يوم‬ ‫تتقاذفھا األمواج ُ ْ َ‬
‫يصلح تلك الخروق‪ ،‬فلربما تتحطم السفينة‪ ،‬وتغرق‪ ،‬والشك وسيغرق من على ظھرھا‪.‬‬
‫ركابھا بحاجة إلى أن يكونوا على قدر كبير من الوعي والبناء واليقظة لما يراد بھم‪،‬‬
‫وبإصالح النفوس تصلح السفينة وتسلم –والشك‪.-‬‬
‫ھاھو رجل من الصالحين في مدينة >الرياض< –كما ذكر من نحسب أنه ثقة‪ -‬يقول‪:‬‬
‫كان له عمل مسائي‪ ،‬وھذا العمل المسائي امتد لمدة شھر‪ .‬كان له عمل مسائي‬
‫أمر على أحد األرصفة فأجد عليھا‬
‫يقول‪ :‬فكنت آتي كل ليلة من الليالي‪ .‬يقول‪ :‬فكنت ُ ﱡ‬
‫أربعة من شباب ھذه األمة يلبسون من الثياب ما يستحيي إبليس أن يلبسه‪ ،‬ومعھم‬
‫من آالت اللھو ما ينزه المقام عن ذكره‪ .‬قال‪ :‬فكنت أتأثر لحالھم‪ ،‬وأذھب لعملي قال‪:‬‬
‫ﷲ يعلمھا قال‪ :‬وأتأثر‬
‫جلسة ُ‬
‫ٍ‬ ‫وجئت في اليوم الثاني‪ ،‬وإذ ھم على آالت اللھو‪ ،‬وفي‬
‫لذلك‪ ،‬وشھر كامل وأنا أمر عليھم على ھذا الرصيف‪ .‬قال‪ :‬فجئت في ذلك اليوم‪ ،‬وقلت‪:‬‬
‫وﷲ لئن جلسوا إلى الغد ألتين إليھم وألذكرنھم با‪– 9‬الذي ال إله إال ھو‪ .-‬قال‪ :‬وجئت‬
‫في اليوم الثاني وانطلقت لعملي‪ .‬قال‪ :‬ومررت فإذا األربعة على ما ھم عليه‪ .‬قال‪:‬‬
‫الخطى؛ ﱠ‬
‫علھم أن يعدلوا من‬ ‫وئيد ُ‬
‫َ‬ ‫بعيدا عنھم‪ .‬قال‪ :‬ثم تقدمت إليھم‬
‫ً‬ ‫فأوقفت سيارتي‬
‫يغيروا من بعض المنكرات التي ھم عليھا‪ .‬قال‪ :‬وال بأس بذلك قاموا‪،‬‬
‫جلستھم‪ ،‬أو ِ ّ‬
‫فأدخلوا العود في السيارة‪ ،‬وأطفئوا ما معھم من سجائر‪ ،‬وأطفئوا الموسيقى‪ ،‬وجلسوا‬
‫جلسة معتدلة‪ .‬قال‪ :‬فتقدمت إليھم‪ ،‬وسلمت عليھم واستأذنت‪ ،‬فأذنوا لي‪ .‬قال‪:‬‬
‫لم جئت‪ ،‬يا أيھا الشباب؛ أنتم أحفاد أبي بكر‬
‫فجلست إليھم‪ ،‬وقلت‪ :‬أنتم تعلمون ِ َ‬
‫وعثمان وعمر وعلي –رضي ﷲ عنھم وأرضاھم‪ -‬أرأيتم لو انحرفت سيارة من ھذا‬
‫ارتطمت بكم وأنتم على ھذا الحال‪ ،‬أيسركم أن تلقوا ﷲ بذلك؟ ثم ذكرتھم‬
‫ْ‬ ‫الشارع‪ ،‬ثم‬
‫يدي ﷲ –عز وجل‪ -‬وبمصيرھم‬
‫ْ‬ ‫بالقبر والمصير الذي ينتظرھم‪ ،‬ثم ذكرتھم بوقوفھم بين‬
‫إما إلي الجنة وإما إلى النار‪ ،‬قال‪ :‬وإذا بدموعھم تنزل على خدودھم‪ ،‬وإذ بأحدھم يقول‪:‬‬
‫وشھر وأنت تمر علينا‪ ،‬ال سامحك ﷲ‪ .‬قال‪ :‬ولم؟ قال‪ :‬أرأيت لو أخذنا ﷲ قبل ھذه‬
‫ألئمة‬
‫ُ‬ ‫يدي ﷲ –جل وعال‪ .-‬يقول ھذا األخ‪ :‬فإن األربعة‬
‫ْ‬ ‫الليلة وﷲ ال نسامحك بين‬
‫مساجد اآلن‪.‬‬
‫أيسركم أن تلقوا ﷲ بم‬
‫ﱡ‬ ‫إن األمة ألحوج ما تكون إلى كلمة اتقوا ﷲ‪ ،‬عودوا إلى ﷲ‪،‬‬
‫أنتم عليه من المنكرات؟ كلمات بسيطة‪ ،‬لكن ﷲ ‪-‬عز وجل‪ -‬إذا علم من قائلھا الصدق‬
‫نفع ﷲ ‪-‬عز وجل‪ -‬بھا‬

‫محتسبا أجرك على ﷲ أكرم األكرمين لكني أقول‬


‫ً‬ ‫فادع ﷲ يا طالب العلم‬
‫عينيك بعض‬
‫ْ‬ ‫لك‪ :‬يا طالب العلم‪ ،‬يا أيھا الداعية إلى ﷲ البد أن تضع نصب‬
‫األمور الغير المرتبة‪:‬‬
‫ربك ِ ْ ِ ْ َ ِ‬
‫بالحكمة‬ ‫سبيل َ ِ ّ َ‬
‫إلى َ ِ ِ‬ ‫أوال ً‪ :‬أن الحكمة مطلوبة‪ ،‬وھي وضع الشيء في موضعه ) ْ ُ‬
‫ادع ِ ِ‬
‫َ ْ َ ْ ِ َ ِ‬
‫والموعظة ْ َ َ َ ِ‬
‫الحسنة( فالشدة في موضوعھا حكمة‪ ،‬والرفق في موضعه حكمة‪ ،‬وما كان‬
‫في شيء إال زانه‪ ،‬وما نزع من شيء إال شانه‪ .‬ووضع الندى في موضع السيف بالعال‬
‫مضر كوضع السيف في موضع الندى‪.‬‬
‫ُ ِ ٌ‬
‫وربِ الناس‪ ،‬وابنھم على صغار العلم قبل كباره؛ فإن غذاء الكبار –كما‬
‫ّ‬ ‫ثانيا‪ّ َ :‬‬
‫ربِ نفسك‬ ‫ً‬
‫يقال‪ -‬سم الصغار‪ ،‬فلو قدمت لقمة لحم لرضيع لربما تقتله فلينتبه لذلك‪ .‬التدرج في‬
‫طلب العلم؛ فالقفزات المحطمة ال خير فيھا‪.‬‬
‫ً‬
‫ثالثا‪ :‬تحديد الھدف مع الدراسة والتخطيط؛ التخاذ الوسائل المناسبة الموصلة إلى‬
‫الھدف‪ ،‬ومثل الذين يعلمون من غير تحديد ألھدافھم كمثل إنسان يضرب في الصحراء‬
‫يمل‬
‫دون أن يكون معه دليل يرشده أو قائد يھديه‪ ،‬وال شك أنه سيظل يسير حتى َ َ ﱠ‬
‫السير‪ ،‬ويضرب في األرض حتى يضطرب ويختل‪ ،‬وعندئذ يتمنى لو يعود من حيث أتى‪،‬‬
‫وھيھات ھيھات‪ ،‬والشك أن الھدف ھو نشر دين ﷲ في األرض كما أمر؛ فالبد من‬
‫وسائل صحيحة سليمة ومقدمات معينة توصل للھدف المطلوب‪ ،‬وھي غير خافية على‬
‫المسلم البصير‪.‬‬
‫ً‬
‫رابعا‪ :‬ليس كل ما يعرف يقال‪ ،‬ولكل مقام مقال‪ ،‬حدثوا الناس بم يعرفون‪ .‬أتريدون أن‬
‫يكذب ﷲ ورسوله؟‬
‫ُ ﱠ‬
‫خامسا‪ :‬علينا أن نتعرف على طبيعة األرض قبل أن نحرث فيھا الحرث؛ بمعني أن نكون‬
‫ً‬
‫على معرفة بأحوال المدعوين النفسية‪ ،‬وظروفھم االجتماعية‪ ،‬ودراسة البيئة التي‬
‫ندعو فيھا‪ ،‬وخير قدوة لنا في ذلك رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬الذي كان على‬
‫علم باألفراد؛ فتعلمون في صلح الحديبية يوم يأتي أحد المشركين للصلح‪ ،‬فيقول النبي‬
‫‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ :-‬ھذا رجل فاجر‪ ،‬فكان كما قال ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬ولم‬
‫ِّ‬
‫متأله‬ ‫يجعل معه شيء قال‪ :‬ويأتي آخر‪ ،‬فيقول ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪" :-‬ھذا رجل‬
‫ابعثوا الھدي في وجھه"‪ ،‬فبعثوا الھدي في وجھه‪ ،‬فرجع وھو يقول‪ :‬ما كان لمثل ھؤالء‬
‫سھل‬
‫يصدوا عن البيت‪ ،‬ويأتي ]سھيل[‪ ،‬فيقول النبي ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ُ َ " :-‬‬
‫أن ُ َ ﱡ‬
‫أمركم؛ فكان الصلح‪".‬‬
‫ُ‬
‫الحكم والبيئات التي ھي‬
‫بل إنه –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬ھو األسوة كان يدرس نُظُم ُ‬
‫ً‬
‫ملكا ال ُيظلم عنده أحد" فيأمرھم بالھجرة‬ ‫حواليه‪ ،‬فيقول ألصحابه‪" :‬إن في >الحبشة<‬
‫قوما أھل كتاب؛ فليكن أول ما تدعوھم إليه شھادة أن ال‬
‫ً‬ ‫إليه‪ ،‬ويقول ]لمعاذ[‪ :‬إنك تأتي‬
‫إله إال ﷲ ‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬ال يعول على الكثرة من الجماھير في الرخاء وقت الشدة بل ليكن التعويل‬
‫ً‬
‫على أصحاب السوابق‪ ،‬يا أھل سورة البقرة‪ ،‬ويا أھل بيعة الشجرة‪.‬‬
‫ً‬
‫سابعا‪ :‬المنبر من أعظم وسائل الدعوة إلى ﷲ‪ ،‬لكنه ليس الوسيلة الوحيدة؛ فھناك‬
‫الرسائل‪ ،‬وھناك الھاتف والملصقات والكتب واللقاءات واألشرطة‪ ،‬وما األشرطة؟ مالئة‬
‫الدنيا ونافعة الناس قال فيھا أحد العلماء‪:‬‬
‫وفي كل زمان مضى آية *** وآية ھذا الزمان الشريط‬
‫ولن يعدم قاصد الخير الوسائل الشرعية إن خطط ودرس وأخلص وصدق‪.‬‬
‫ثامنا‪ :‬الترفع عن مجاراة السفھاء؛ إذ كيف يجاري العالم السفيه؟ وكيف يعامل الحليم‬
‫ً‬
‫ُوق سيئ الخلق؟ إنه إقحام للنفس في ميدان ال تقبل‬
‫الخل ُ‬
‫من فقد الحلم؟ وكيف يباري َ‬
‫فيه السالمة‪ ،‬وال تؤمن فيه العاقبة؛ فأمسك ‪-‬أيھا الداعية ويا طالب العلم‪ -‬عن مخاطبة‬
‫والتورط معھم‪ ،‬فھم موجودون في كل عصر‪ ،‬وھم موجودون‬
‫ﱡ‬ ‫السفھاء‪ ،‬ومجاراة السفھاء‪،‬‬
‫في كل بيئة يشاغبون مع كل داعية‪ ،‬ال يخلو منھم جيل‪ ،‬ولذا نبه القرآن الكريم على‬
‫عن ْ َ ِ ِ َ‬
‫الجاھلين(‬ ‫بالعرف َ َ ْ ِ ْ‬
‫وأعرض َ ِ‬ ‫خطرھم‪ ،‬وحذر عن مجاراتھم ومناقشاتھم فقال‪ْ ُ ْ َ ) :‬‬
‫وأمر ِ ْ ُ ْ ِ‬
‫وعواء للباطل لو التفت إليه لربما تأثر‬‫ً‬ ‫ً‬
‫نعيقا‬ ‫ً‬
‫تاسعا‪ :‬ال تلتفت إلى الوراء؛ فإن وراء الداعية‬
‫عما ھو أھم منه‪ ،‬ولذا ضرب ]ابن القيم[ –عليه‬
‫به‪ ،‬ولربما ضعف سيره به وانشغل به ﱠ‬
‫رحمة ﷲ‪ -‬مثال ً للمتلفت لنعيق الباطل بالظبي‪ ،‬ومثل أھل الباطل بالكلب‪ ،‬فيقول‪:‬‬
‫سعيا من الكلب‪ ،‬لكن الظبي إذا أحس بالكلب وراءه التفت إليه‪ ،‬فضعف‬
‫ً‬ ‫الظبي أشد‬
‫سعيه‪ ،‬فأدركه الكلب‪ ،‬وھو أبطأ منه؛ فالسالك لھذا الطريق ليس في وقته متسع‬
‫لتشتيته ھنا وھناك؛ فكيف يتأثر بأقاويل وادعاءات المبطلين‪ ،‬من يثق بالطريق الذي‬
‫سيره فال تلتفت إليھم ‪.‬‬
‫يسير فيه إذا صاحوا به في طريق َ‬
‫عاشرا‪ :‬إن ھذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم‪ ،‬ال تأخذ العلم من صاحب ھوى‬
‫ً‬
‫فرطا(‬ ‫وكان َ ْ ُ ُ‬
‫أمره ُ ُ ً‬ ‫ھواه َ َ َ‬
‫واتبع َ َ ُ‬ ‫قلبه َعن ِ ْ ِ َ‬
‫ذكرنا َ ﱠ َ َ‬ ‫من َ ْ َ ْ َ‬
‫أغفلنا َ ْ َ ُ‬ ‫أو من غافل ) َوال َ ُ ِ ْ‬
‫تطع َ ْ‬
‫أخيرا‪ :‬وقد أطلت في ھذه النقطة ألھميتھا‪ ،‬البد للطلب والدعوة من صبر عظيم كصبر‬
‫ً‬
‫الجماد‪ ،‬وليكن معزيك ما يجده الصابر عند ربه يوم يوفى الصابرون أجرھم بغير حساب‪.‬‬
‫المر ال يكاد يسيغه؛ أمال ً في حالوة العافية ولو بعد حين ‪.‬‬
‫ﱠ‬ ‫إن المريض ليتجرع الدواء‬
‫غبِ صبره *** ألذ وأحلى من جنى النحل في الفم‬
‫ّ‬ ‫صبرت ومن يصبر يجد‬

‫ومن عوامل بناء النفس‪ :‬المداومة على العمل وإن قل؛ ألن المداومة على‬
‫األعمال الصالحة واالستمرار عليھا تثبيت وترويض للنفس البشرية لمواجھة أعباء‬
‫لما سئل رسول ﷲ –صلى ﷲ‬
‫الطريق وتكاليفه‪ ،‬وصرفٌ لمكايد الشيطان ونوازعه‪ ،‬ولذا ﱠ‬
‫عليه وسلم‪ :-‬أي األعمال أحب إلي ﷲ؟ قال‪" :‬أدومھا وإن قل " كما روي ]البخاري[‪،‬‬
‫ويقول صلى ﷲ عليه وسلم " أديموا الحج والعمرة فإنھما ينفيان الفقر والذنوب كما‬
‫ينفي الكير خبث الحديد " فإذا عود المرء نفسه على الفضائل انقادت له –والشك‪ ،-‬وإذا‬
‫مداوما على‬
‫ً‬ ‫تھاون فأقدم مرة وأحجم مرة كان إلى النكوص أقرب‪ ،‬والشيطان إذا رآك‬
‫مداوما َ ﱠ َ‬
‫ملك ورفضك‪ ،‬وإن رآك مرة ھكذا ومرة‬ ‫ً‬ ‫طاعة ‪– 9‬عز وجل‪ -‬فبغاك وبغاك؛ فإن رآك‬
‫ھكذا طمع فيك؛ فداوم على الطاعات؛ فإن ﷲ من فضله وكرمه أنه إذا جاء ما يصرفك‬
‫عن أداء الطاعات من عجز ومرض وفتنة؛ فإن األجر يجزيه ﷲ ‪-‬تعالى‪ -‬لك كما كنت‬
‫صحيحا كما أخبر بذلك النبي ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬كما في البخاري " إذا مرض العبد‬
‫ً‬
‫صحيحا " فضال من ﷲ ونعمة فله الحمد‬
‫ً‬ ‫مقيما‬
‫ً‬ ‫أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل‬

‫من عوامل بناء النفس مجالسة من رؤيتھم تذكر با… ‪-‬عز وجل‪-‬؛ فمجالستھم‬
‫تريك ما في نفسك من قصور وضعف وعيوب؛ فتصلحھا وتھذبھا؛ فھم زينة الرخاء وعدة‬
‫البالء يذكرونك إن نسيت‪ ،‬ويرشدونك إن جھلت‪ ،‬يأخذون بيدك إن ضعفت‪ ،‬مرآة لك‬
‫وألعمالك‪ ،‬إن افتقرت أغنوك‪ ،‬وإن دعوا ﷲ لن ينسوك "ھم القوم ال يشقى بھم‬
‫جليسھم" من جالسھم وأحبھم أذاقه ﷲ حالوة اإليمان التي فقدھا الكثير‪ ،‬وأحلوا بدال ً‬
‫حب المصلحة التي تنتھي بنھاية المصلحة‪ ،‬إذا رأيت ھؤالء خشع قلبك‪ ،‬واطمأن‬
‫ﱠ‬ ‫منھا‬
‫أحيانا‪ -‬يوم يجد أحدھم حبيبه في ﷲ؛ فيتھلل‬
‫ً‬ ‫وسكن ووصل إلى ما يصل إليه سلفنا ‪-‬‬
‫ﱠ‬
‫جالسه‪ ،‬وذلك فضل ﷲ يؤتيه من‬ ‫وفرحا‪ ،‬ويفيض دمعه حينما يرى أحد‬
‫ً‬ ‫بشرا‬
‫ً‬ ‫وجھه‬
‫يشاء‪ ،‬فإذا ظفرت ‪-‬أخي‪ -‬بمجالسة مثل ھؤالء؛ فأحبھم وأخبرھم أنك تحبھم واطلب‬
‫الدعاء منھم في حال الفراق في ظھر الغيب‪ ،‬وأطلق وجھك عند لقائھم‪ ،‬وابدأھم‬
‫والكني لديھم‪ ،‬وأفسح لھم في المجلس‪ ،‬وزرھم بين‬
‫َُ‬ ‫بالسالم‪ ،‬ونادھم بأحب األسماء‬
‫آونة وأخري؛ فالثمرة اليانعة لمجالسة من يذكرونك با‪ 9‬يقصر العبد عن إحصائھا‪،‬‬
‫ويكفي أنھا تجعلك تذوق حالوة اإليمان‪ ،‬وتدخلك في السبعة الذين يظلھم ﷲ يوم ال‬

‫وجھه َوال َ َ ْ ُ‬
‫تعد‬ ‫يريدون َ ْ َ ُ‬ ‫بالغداة َ ْ َ ِ ّ‬
‫والعشيِ ُ ِ ُ َ‬ ‫ربھم ِ ْ َ َ ِ‬
‫يدعون َ ﱠ ُ‬ ‫مع ﱠ ِ َ‬
‫الذين َ ْ ُ َ‬ ‫نفسك َ َ‬
‫واصبر َ ْ َ َ‬
‫ظل إال ظله ) َ ْ ِ ْ‬
‫يقيض ﷲ‬
‫الدنيا( ومنھا طلب الوصية من الصالحين يوم ُ ِ ّ‬ ‫زينة ْ َ َ ِ‬
‫الحياة ﱡ ْ َ‬ ‫تريد ِ َ َ‬
‫عنھم ُ ِ ُ‬
‫عيناك َ ْ ُ ْ‬
‫َ َْ َ‬
‫وتسدد خطاه‬
‫ﱠ‬ ‫صالحا يعظه‪ ،‬يثبته ﷲ وينفعه بتلك الكلمات‪ ،‬فتنبني نفسه‪ُ ،‬‬
‫ً‬ ‫للمرء رجال‬
‫يوم يتعرض لفتنة أو بالء من ربه ليمحصه به‪.‬‬
‫شديدا قبل‬
‫ً‬ ‫وعيدا‬
‫ً‬ ‫مقيدا باألغالل‪ ،‬وقد توعده‬
‫ً‬ ‫ھاھو ]اإلمام أحمد[ يساق إلى ]المأمون[‬
‫سيفا لم‬
‫ً‬ ‫سل‬
‫ﱠ‬ ‫علي يا أبا عبد ﷲ أن المأمون قد‬
‫ﱠ‬ ‫أن يصل إليه حتى قال خادمه‪ :‬يعز‬
‫يسله قبل ذلك‪ ،‬وأنه أقسم بقرابته من رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬لئن لم تجبه‬
‫ليقتلنك بذلك السيف‪ ،‬وھنا يأتي الصالحون‪ ،‬أھل البصيرة لينتھزوا الفرصة ليلقوا بالوصايا‬
‫حمل‬
‫التي تثبت في المواقف الحرجة ففي السير‪ :‬أن ]أبا جعفر األنباري[ قال‪ :‬لما ُ‬
‫اإلمام أحمد إلى المأمون أخبرت‪ ،‬فعبرت الفرات‪ ،‬وجئته‪ ،‬فسلمت عليه‪ ،‬وقلت‪ :‬يا إمام‬
‫ليجيبن خلق‬
‫ﱠ‬ ‫أنت اليوم رأس‪ ،‬والناس يقتدون بك؛ فوﷲ لئن أجبت إلى خلق القرآن‬
‫كثير‪ ،‬وإن لم تجب ليمتنعن خلق كثير‪ ،‬ومع ھذا فإن الرجل إن لم يقتلك فإنك تموت‪،‬‬
‫البد من الموت فاتق ﷲ وال تجبه‪ ،‬واإلمام أحمد في سياق رحلته إلى ]المأمون[ يقول‪:‬‬
‫وصلنا إلى رحبة‪ ،‬ورحلنا منھا في جوف الليل‪ ،‬قال‪ :‬فعرض لنا رجل‪ ،‬فقال‪ :‬أيكم أحمد‬
‫ابن حنبل؟ فقيل‪ :‬ھذا‪ ،‬فقال‪ :‬يا ھذا ما عليك أن تقتل ھاھنا وتدخل الجنة‪ ،‬ثم قال‪:‬‬
‫شؤما‬
‫ً‬ ‫أستودعك ﷲ‪ ،‬ومضى‪ .‬وأعرابي يعترضه‪ ،‬ويقول‪ :‬يا ھذا إنك وافد الناس فال تكن‬
‫عليھم‪ ،‬إنك رأس الناس فإياك أن تجيبھم إلى ما يدعونك إليه؛ فيجيبوا فتحمل أوزارھم‬
‫يوم القيامة إن كنت تحب ﷲ فاصبر؛ فوﷲ ما بينك وبين الجنة إال ّ أن تقتل‪ ،‬ويقول اإلمام‬
‫أحمد‪ :‬ما سمعت كلمة مذ وقعت في ھذا األمر أقوى من كلمة أعرابي كلمني بھا في‬
‫شھيدا‪ ،‬وإن عشت عشت حميداً‬
‫ً‬ ‫>رحبة طو<‪ ،‬قال ‪ :‬يا أحمد إن يقتلك الحق مت‬
‫فقوى بھا قلبي‪ .‬فإن أردت بناء نفسك –أخي الكريم‪ -‬فاحرص على طلب الوصية من‬
‫ﱠ‬
‫سفر إذا خشيت مما يقع فيه‪ ،‬اطلبھا أثناء‬
‫ٍ‬ ‫تليت عليك‪ ،‬اطلبھا قبل‬
‫الصالحين‪ ،‬اعقلھا إذا ُ ِ َ‬
‫عينت في منصب صغر أو كبر‪ ،‬أو ورثت‬
‫ابتالء‪ ،‬أو قبل حدوث محنة متوقعة‪ ،‬اطلبھا إذا ُ ِ ّ‬
‫ماال ً وصرت ذا غنى‪ ،‬اطلبھا في الشدة والرخاء والعسر واليسر لتنبني نفسك‪ ،‬وينبني‬
‫بھا غيرك‪ ،‬وﷲ ولي المؤمنين‪.‬‬
‫ومنھا الخلوة للتفرغ للعبادة‪ ،‬والتفكر في ملكوت ﷲ واالستئناس بمناجاة ﷲ‬
‫بيت عدا المكتوبة‪ ،‬في ذكر‬
‫ٍ‬ ‫عن مناجاة الخلق في قيام ليل والناس نيام‪ ،‬في صالة في‬
‫ﷲ‪ ،‬في خلوة‪ ،‬عامل مھم في بناء النفس؛ فإن في ذلك صفاء للذھن وسالمة من آفات‬
‫غالبا بالمخالطة من‬
‫ً‬ ‫الرياء والتصنع للناس والمداھنة وفيه بعد عما يتعرض له اإلنسان‬
‫غيبة ونميمة ولھو وضياع وقت ومداھنة‪ ،‬ولعل المرء في خلوة يذكر ﷲ فتفيض عيناه‬
‫من خشية ﷲ؛ فيكون من السبعة الذي يظلھم ﷲ بظله يوم ال ظل إال ظله‪ ،‬ومع ھذا‬
‫فإن مخالطة الناس والصبر على أذاھم خير ‪-‬كما أخبر النبي صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬‬
‫وكل له وقته‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫اخل وخالط‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ولكن‬

‫ومنھا الدعاء فھو أھم عامل في بناء النفس؛ إذ ھو العبادة –كما أخبر النبي صلى‬
‫يدي رب األرباب ومسبب األسباب‪،‬‬
‫ْ‬ ‫ﷲ عليه وسلم‪ -‬ففيه الذل والخشوع واالنكسار بين‬
‫ھو الذي يجعل من الداعي رجال ً يمشي مرفوع الھامة والقامة‪ ،‬ال يخضع ألحد دون ﷲ‬
‫–الذي ال إله إال ھو‪ -‬وھو من صفات عباد ﷲ المتقين الذين يعلمون أن القلوب بين‬
‫إصبعين من أصابع الرحمن ِ ّ‬
‫يقلبھا كيف يشاء؛ فكان لسان الحال والمقال‪" :‬يا مقلب‬ ‫ْ‬
‫ثبت قلبي على دينك" ھال ﱠ تحسسنا وتلمسنا مواطن وأسباب إجابة الدعاء؛‬
‫القلوب ِ ّ‬
‫لعلنا نحظى بنفحة ربانية تكون بھا سعادة الدنيا واآلخرة‪ ،‬في ثلث ليل آخر‪ ،‬والناس‬
‫ھاجعون‪ ،‬والناس نائمون‪.‬‬
‫فقد روى الثقات عن خير المال *** بأنه عز وجل وعال‬
‫فيقبل‬
‫في ثلث الليل األخير ينزل *** يقول ھل من تائب ُ ِ‬
‫كريما قابال ً للمعذرة‬
‫ً‬ ‫ھل من مسيء طالب للمغفرة *** يجد‬
‫يمن بالخيرات والفضائل *** ويستر العيب ويعطي السائل‪.‬‬
‫َ ُ ﱡ‬

‫ومن عوامل بناء النفس‪ :‬تدبر كتاب ﷲ ‪-‬جل وعال‪ -‬والوقوف عند أسمائه‬
‫أقفال َُھا( ) َ َ‬
‫أفال َ َ َ َ ﱠ ُ َ‬
‫يتدبرون‬ ‫على ُقلُوبٍ َ ْ َ‬ ‫أم َ َ‬ ‫القرآن َ ْ‬
‫يتدبرون ْ ُ ْ َ‬ ‫الحسنى وصفاته العال ) َ َ‬
‫أفال َ َ َ َ ﱠ ُ َ‬
‫كثيرا( كلنا يقرأ القرآن‪ ،‬وكثير منا‬ ‫فيه ْ ِ َ ً‬
‫اختالفا َ ِ ً‬ ‫ﷲ ََ َ ُ‬
‫لوجدوا ِ ِ‬ ‫غير ِ‬ ‫عند َ ْ ِ‬
‫من ِ ِ‬
‫كان ِ ْ‬ ‫القرآن َ َ ْ‬
‫ولو َ َ‬ ‫ْ ُ ْ َ‬
‫وعلما‬
‫ً‬ ‫وتفسيرا‬
‫ً‬ ‫يحفظ القرآن؛ لكن ھل من متدبر ربط حياته بالقرآن؛ أقبل عليه تالوة‬
‫وعمال ً وت ً‬
‫دبرا‪ ،‬منه ينطلق‪ ،‬وإليه يفيء؟ أولئك البانون أنفسھم‪ ،‬أولئك الثابتون إذا‬
‫المسددون المھديون إذا أطلت الفتن برأسھا؛ فأصبح الحليم‬
‫ﱠ‬ ‫الخطُوب‪ ،‬أولئك‬
‫ادلھمت ُ‬
‫ﱠ‬
‫حيرانا‪ ،‬وإن وقفة واحدة مع أسماء ﷲ الحسنى وصفاته العال الواردة في كتاب ﷲ‪،‬‬
‫ً‬
‫بناء ال يتزلزل وال يحيد‪ ،‬إنه السميع‬
‫ً‬ ‫وسنة رسوله ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬لتبني النفس‬
‫البصير ليس كمثله شيء‪ ،‬إنه العليم الخبير ليس كمثله شيء‪ ،‬لو تفاعل المؤمن مع‬
‫فربى نفسه عليھا‪ ،‬فعلم أن ﷲ يسمعه في أي كلمة‬
‫اسم ﷲ السميع العليم‪ ،‬ﱠ‬
‫ينطقھا‪ ،‬في أي مكان يقولھا وحده‪ ،‬مثنى‪ ،‬أمام الناس‪ ،‬عند من يثق به‪ ،‬عند من ال‬
‫سمعا يليق بجالله؛ بل إنه ليسمع ويرى دبيب النملة السوداء‬
‫ً‬ ‫يثق به؛ فا‪ 9‬يسمعه‬
‫على الصفاة السوداء في الليلة الظلماء؛ إذن َ َ‬
‫لصلُح الحال‪.‬‬
‫الصخر‬
‫ﱠ‬ ‫صم‬
‫ِّ‬ ‫الذر *** في الظلمات فوق‬
‫ھو الذي يرى دبيب ﱠ‬
‫وسامع للجھر واإلخفات *** بسمعه الواسع لألصوات‬
‫علما بالجلي والخفي‬
‫ً‬ ‫وعلمه بما بدا وما خفي *** أحاط‬

‫فيا طلبة العلم؛ ويا أيھا الدعاة إلى ﷲ‪ :‬إن ﷲ يسمع ما تقولون‪ ،‬ويعلم ما تقولون؛‬
‫فال تأسوا وال تحزنوا‪ .‬يا أيھا الدعاة إلى الشر والضاللة‪ :‬إن ﷲ يسمع ما تقولون‪ ،‬وما‬
‫فا‪ 9‬اتقوا‪ ،‬أما وﷲ لو تفاعلت النفوس‬
‫َ‬ ‫تدبرون‪ ،‬وما تخططون؛‬
‫تسرون‪ ،‬وما تعلنون‪ ،‬وما ِ ّ‬
‫مع أسماء ﷲ لتعلقت القلوب با‪ 9‬فال يقول اإلنسان وال يلفظ إال بميزان‪ ،‬ھل ھذا الكالم‬
‫مما يرضي ﷲ الذي ھو يسمعه وسيحاسب عليه فأقدم وإال فال ‪ .‬في يوم من األيام‪،‬‬
‫مغضبا‪ ،‬وكانت‬
‫ً‬ ‫وعلى عھد رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬يدخل رجل على زوجته‬
‫علي كظھر أمي بمعني‬
‫ﱠ‬ ‫حديثي عھد بجاھلية‪ ،‬فأغضبته‪ ،‬فقال لھا‪ :‬أنت‬
‫ْ‬ ‫مغضبة‪ ،‬وكانا‬
‫أنھا حرمت عليه‪ ،‬نزل الخبر عليھا مھوال ً كالصاعقة‪ .‬إلى أين تذھب؟ ذھبت إلى من‬
‫أرسله ﷲ رحمة للعالمين؛ إلى رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ ،-‬دخلت عليه في‬
‫بيت عائشة‪ .‬وما ذاكم البيت يا أيھا األحبة؟ ما ذاكم البيت يا أصحاب القصور؟ غرفة‬
‫واحدة‪ ،‬إذا جاء الضيف أو السائل إلى النبي –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬وضع ساتر في‬
‫وسط الغرفة‪ ،‬وتجلس عائشة في أقصى الغرفة‪ ،‬والنبي –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬مع‬
‫السائل والضيف في أدنى الغرفة‪ ،‬قالت‪ :‬يا رسول ﷲ‪ ،‬ظاھر مني‪ ،‬فيقول –صلى ﷲ‬
‫عليه وسلم‪ :-‬ما أراك إال قد حرمت عليه‪ ،‬فتقول ‪ :‬يا رسول ﷲ ‪ :‬أكل مالي‪ ،‬وأفنى‬
‫شبابي‪ .‬نثرت له بطني‪ ،‬حتى إذا كبرت سني وانقطع ولدي ظاھر مني‪ ،‬فيقول –صلى‬
‫ﷲ عليه وسلم‪ :-‬ما أراك إال ّ قد حرمت عليه‪ ،‬فتقول يا رسول ﷲ‪ :‬لي منه صبية صغار‬
‫إن ضممتھم إليه ضاعوا‪ ،‬وإن ضممتھم إلي جاعوا‪ .‬تجادل وتحاور الرسول –صلى ﷲ‬
‫عليه وسلم‪ ،-‬وعائشة في الشق الثاني من الغرفة يخفى عليھا بعض كالمھم‪ .‬ويأتي‬
‫ُك ِفي‬
‫تجادل َ‬
‫التي ُ َ ِ‬
‫قول ِ‬‫ﷲ َْ َ‬
‫سمع ُ‬ ‫الحل مع جبريل من عند السميع البصير يقول‪ْ َ ) :‬‬
‫قد َ ِ َ‬
‫بصير( وتنزل كفارة الظھار‬
‫سميع َ ِ ٌ‬
‫ﷲ َ ِ ٌ‬ ‫إن َ‬ ‫تحاوركما ِ ﱠ‬
‫يسمع َ َ ُ َ ُ‬
‫وﷲ َ ْ َ ُ‬
‫ﷲ َ ُ‬ ‫وتشتكي ِ َ‬
‫إلى ِ‬ ‫وجھا َ َ ْ َ ِ‬
‫َز ْ ِ َ‬
‫كما تعلمون‪ ،‬ولك أن تتخيل يا أيھا األخ‪ ،‬يا أيھا الحبيب‪ ،‬تتخيل عائشة بجانبه يخفى‬
‫عليھا بعض كالمھم‪ ،‬وما بين السماء واألرض مسيرة خمسمائة عام‪ ،‬وما بين كل سماء‬
‫وسمك كل سماء خمسمائة عام‪ ،‬وفوق السماء‬
‫وسماء مسيرة خمسمائة عام‪ُ ،‬‬
‫السابعة خمسمائة عام ‪ ،‬ومن فوق ذلك عرش الرحمن‪ ،‬ومن فوقه الرحمن بائن عن‬
‫نجوى َ َ َ ٍ‬
‫ثالثة ِإال ﱠ ُ َ‬
‫ھو‬ ‫يكون ِمن ْ َ‬ ‫مستو على عرشه يسمعھا ويسمعھم؛ بل ) َما َ ُ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫خلقه‪،‬‬
‫كانوا(‬ ‫معھم َ ْ َ‬
‫أين َما َ ُ‬ ‫ھو َ َ ُ ْ‬ ‫ذلك َوال َ َ ْ َ َ‬
‫أكثر ِإال ﱠ ُ َ‬ ‫سادسھم َوال َ َ ْ َ‬
‫أدنى ِمن َ ِ َ‬ ‫رابعھم َوال َ َ ْ َ ٍ‬
‫خمسة ِإال ﱠ ُ َ‬
‫ھو َ ِ ُ ُ ْ‬ ‫َ ُِ ُ ْ‬
‫إنه الكمال المطلق ال إله إال ھو السميع البصير‪ ،‬تقول عائشة –رضي ﷲ عنھا بعد ذلك‪-‬‬
‫‪ ":‬تبارك الذي وسع سمعه السماوات واألرض وكل شيء‪ ،‬لقد سمعھا من فوق سبع‬
‫سماوات‪ ،‬وما سمعتھا وما بيني وبينھا إال الحجاب" –أو كما قالت‪.-‬‬
‫إن النفس يوم تتفاعل مع ھذه الصفة تتعلق في كل أمورھا با‪ ،9‬فتراقبه‪ ،‬وتنسى رؤية‬
‫وظلما ومشقة وسخرية‬
‫ً‬ ‫عنتا‬
‫ً‬ ‫الخلق مقابل ذلك‪ .‬فيا أيھا العبد المؤمن إذا لقيت‬
‫جعلت األصابع في اآلذان‪،‬‬
‫واستھزاء فال تحزن يا طالب العلم‪ ،‬يا أيھا الداعية إذا ُ‬
‫ً‬
‫واستغشيت الثياب‪ ،‬وحصل اإلصرار واالستكبار‪ ،‬فال تحزن؛ إن ﷲ يسمع ما تقول‪،‬‬
‫ُ‬
‫السميع ْ َ ِ ُ‬
‫البصير( يا أيھا الشاب الملتزم‬ ‫ﱠ ِ ُ‬ ‫وھو‬
‫شيء َ ُ َ‬
‫كمثله َ ْ ٌ‬ ‫ويسمع ما يقال لك ) َ ْ َ‬
‫ليس َ ِ ْ ِ ِ‬
‫تأس‪ ،‬وال‬
‫َ‬ ‫الذي وضع قدمه على أول طريق الھداية‪ ،‬فسمع زميال ً يسخر منه‪ ،‬ويھزأ به ال‬
‫يدي ﷲ يسمع ما تقول وما يقال لك‪ .‬وسيجزي‬
‫ْ‬ ‫تحزن‪ ،‬واثبت‪ ،‬واعلم علم يقين أنك بين‬
‫ربك ِمن‬
‫َ‬ ‫يعزب َعن‬
‫وما َ ْ ُ ُ‬ ‫السميع ْ َ ِ ُ‬
‫البصير( ) َ َ‬ ‫ﱠ ِ ُ‬ ‫وھو‬
‫شيء َ ُ َ‬
‫كمثله َ ْ ٌ‬ ‫فاعال ً ما قد فعل‪َ ْ َ ) .‬‬
‫ليس َ ِ ْ ِ ِ‬
‫أكبر( سمعتم يا أيھا األحبة‬ ‫ذلك َوال َ ْ َ َ‬ ‫األرضِ َوال َ ِفي السماء َوال َ َ ْ َ َ‬
‫أصغر ِمن َ ِ َ‬ ‫ذرة ِفي ْ‬
‫مثقال َ ﱠ ٍ‬
‫ْ َ ِ‬
‫ما قد سمعتم إن النفوس يوم تربى على تدبر كتاب ﷲ –جل وعال‪ -‬والوقوف على‬
‫معاني أسماء ﷲ الحسنى وصفاته العال‪ ،‬والتملي في سيرة المصطفى –صلى ﷲ‬
‫عليه وسلم‪ -‬تتخذه قدوة مطلقة‪ ،‬وتقتدي بما يقتدي به –صلى ﷲ عليه وسلم‪ .-‬تبنى‬
‫بناء ال يزعزعه أي عارض في أي شبھة أو شھوة أو ترغيب أو ترھيب أو إغراء أو تحذير؛‬
‫ً‬
‫بل تعلق باللطيف الخبير السميع البصير الذي يعلم خائنة األعين وما تخفي الصدور‪.‬‬

‫أخيرا‪ :‬أسئ الظن بنفسك يا عبد ﷲ؛ ألن حسن الظن بالنفس يمنع عن كمال‬
‫ً‬
‫ً‬
‫كماال‪ ،‬وال يسيء الظن بنفسه إال من‬ ‫اإلصالح ويرى المساوئ محاسن والعيوب‬
‫عارضھا‪ ،‬ومن أحسن ظنه بنفسه ھو في أجھل الناس بنفسه‪ ،‬وكم من نفس‬
‫الجھال عليھا‪ ،‬مغرورة بقضاء ﷲ حوائجھا‬
‫مستدرجة بالنعم‪ ،‬وھي ال تشعر مفتونة بثناء ُ ﱠ‬
‫وستره عليھا‪.‬‬

‫يبنى على غير التقى متداعٍ‬


‫أال فابنوا على التقوى قواعدكم *** فما ُ ْ َ‬

‫ِّ‬
‫فزكھا أنت خير من‬ ‫فزكھا أنت خير من ﱠ‬
‫زكاھا‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ﱠ‬
‫اللھم أنت خلقت أنفسنا وأنت تتوفاھا؛‬
‫زكاھا‪ ،‬فزكھا أنت خير من زكاھا‪ ،‬أنت وليھا وموالھا‪ ،‬لك مماتھا ومحياھا‪ ،‬إن أحييتھا‬
‫أمتھا فاغفر لھا وارحمھا وأنت خير‬
‫فاحفظھا بما تحفظ به أنفس الصالحين‪ ،‬وإن َ ﱠ‬
‫الراحمين‪ ،‬اللھم أتمم لنا العافية في اآلخرة والدنيا والدين‪ ،‬اللھم أتمم لنا العافية في‬
‫اآلخرة والدنيا والدين‪ ،‬أنت ولينا ﱠ‬
‫توفنا مسلمين وألحقنا بالصالحين‪ ،‬وآخر دعوانا أن الحمد‬
‫‪ 9‬رب العالمين‪ ،‬وسبحانك اللھم وبحمدك‪ ،‬أشھد أن ال إله إال أنت‪ ،‬أستغفرك وأتوب‬
‫إليك‪.‬‬

‫فضيلة الشيخ ‪ /‬علي عبد الخالق القرني‬

‫كل منا ممتحن‬

‫غدا يخوض أبناؤنا وإخواننا‬


‫عباد ﷲ ؛ واألمة تمتحن امتحانات يصنع تاريخھا من خاللھا ‪ً .‬‬
‫وجلة ‪ ،‬واألذھان‬ ‫ً‬
‫وإناثا غمار االمتحانات الدراسية ‪ ،‬وبھذه المناسبة تجد القلوب َ ِ َ‬ ‫ذكورا‬
‫ً‬
‫قلقة ‪ ،‬واآلذان تتلقف األخبار عن االمتحان ‪ ،‬ﱠ َ‬
‫قلما تجد منزال لم تعلن فيه حاالت الطوارئ‬
‫‪ ،‬كل أب ينتظر بصبر وعلى مضض نتيجة ابنه في ھذا االمتحان ؛ ألنه يرجو له النجاح ‪،‬‬
‫ويمنيه إن نجح ‪ ،‬ويتوعده ويحذره ويھدده‬
‫ِّ‬ ‫تراه يدعو ﷲ بتوفيقه وتسديده وتثبيته ‪ ،‬يعده‬
‫فطر عليھا البشر ‪ .‬لكن أيھا األب‬
‫إن رسب ‪ ،‬وھذا إحساس من األحاسيس التي ُ ِ‬
‫الحنون وقد اھتممت بابنك ھذا االھتمام‪ ،‬فأنت به اآلن مشغول‪ ،‬تسعى وتصول وتجول‪،‬‬
‫تھتم به وترعى ‪ ،‬وتحس أنك عنه مسؤول‪ .‬فھال كان االھتمام بآخرته كاالھتمام بدنياه‪،‬‬
‫ھال ﱠ كان االھتمام به بعد موته كاالھتمام براحته في حياته ‪ ،‬علمك وما علمك ‪،‬‬
‫مسئوليتك وما مسئوليتك ‪ ،‬أحاطت بعلوم الدنيا فأھملت األخرى الباقية ‪ ،‬شغلت به‬
‫في حياته ‪ ،‬وأھملته بعد مماته‪ ،‬بنيت له بيت الطين واإلسمنت في دنياه ‪ ،‬وحرمته‬
‫أملُك ‪ ،‬غاية‬
‫بيت اللؤلؤ والياقوت والمرجان في أخراه ‪ .‬نظرتك وما نظرتك ‪ ،‬طموحك ‪َ ،‬‬
‫عسكريا ‪ .‬و يا ﷲ كل األماني دنيوية!‬
‫ً‬ ‫طيارا أو‬
‫ً‬ ‫مھندسا أو‬
‫ً‬ ‫طبيبا أو‬
‫ً‬ ‫مناك أن يكون‬
‫َُ َ‬
‫السعي والجد للفانية مع إھمال الباقية ‪ ،‬ھذه ليست حالة نادرة ‪ ،‬بل قسم من الناس‬
‫أجسادا وعقوال ‪ ،‬وأھملوا تربية‬
‫ً‬ ‫على ذلك ‪ .‬تأھبوا واستعدوا وعملوا على تربية أبناءھم‬
‫القلوب التي بھا يحيون ويسعدون ‪ ،‬أو بھا يشقون‪.‬‬
‫ھذا ھو الواقع ‪ ،‬واألدلة على ما نقول ھاكھا أيھا األب الحنون ‪.‬‬
‫ھب أن ابنك تأخر في نومه عن وقت االمتحان ‪ ،‬ما حالتك ؟ ما شعورك ؟ أال تسابق‬
‫الزمن ليلحق االمتحان ؟ أال تنام بعدھا بنصف عين ألال يفوته االمتحان ؟ كأن الجواب‬
‫يقول ‪ :‬بلى ‪ .‬ھل كان شعورك حين نام عن صالة الفجر كشعورك حين نام عن امتحانه‬
‫؟ أال تسأله كل يوم عن امتحانه ؟ ماذا عمل ؟ وبماذا أجاب ؟ وعسى أن يكون الجواب‬
‫ھمك حين تعلم أن‬
‫ﱡ‬ ‫صحيحا ‪ .‬فھل سألته عن أمر دينه يوما ما ؟ أال يضيق صدرك ويعلو‬
‫ً‬
‫قصر في سنن دينه وواجباته ؟ أال تأتيه‬
‫قصر في اإلجابة ؟ فھل ضاق صدرك حين ﱠ‬
‫ابنك ﱠ‬
‫بالمدرس الخصوصي إن لم يستطع تجاوز االمتحان ‪ ،‬وتعطيه ما يريد ؟ أال تمنعه من‬
‫المالھي التي رحبت بھا في بيتك من فيديو وتلفاز وصحف ومجالت لئال تشغله عن‬
‫المذاكرة واالستعداد لالمتحان ؟‬

‫فما عساك فاعل أيھا األب الحنون في امتحان ليس له دور ثان ‪ ،‬وال إعادة ‪ ،‬وال حمل‬
‫للمواد ؟ فقط نجاح أو رسوب ‪ ،‬والرسوب معناه اإلقامة في النار أبد اآلبدين‪ ،‬معناه‬
‫أوتي‬
‫َ‬ ‫الخسران المبين ‪ ،‬والعذاب المھين ‪ ،‬ماذا تغني عنه شھادته ومركزه وماله إذا ُ‬

‫حسابيه *‬ ‫ولم َ ْ ِ‬
‫أدر َما ِ َ ِ َ ْ‬ ‫كتابيه * َ َ ْ‬ ‫لم ُ َ‬
‫أوت ِ َ ِ َ ْ‬ ‫ليتني َ ْ‬
‫كتابه بشماله ‪ ،‬ثم صاح بأعلى صوته ) َيا َ ْ َ ِ‬
‫ماليه ( ما أغنى عني مركزي ‪ ،‬ما أغنى عني‬
‫عني َ ِ َ ْ‬ ‫القاضية * َما َ ْ َ‬
‫أغنى َ ِّ‬ ‫كانت ْ َ ِ َ َ‬ ‫َيا َ ْ َ َ‬
‫ليتھا َ َ ِ‬
‫ََ‬
‫واندثر ‪ ،‬ھلك عني‬ ‫سلطاني ‪ ،‬ما أغنى عني علمي الدنيوي وشھادتي ‪ .‬كل ذلك َ َ‬
‫ھلك‬
‫الجحيم َ ﱡ ُ‬
‫صلوه ( خسارة ورسوب‪ ،‬وأي خسارة‪ ،‬وأي‬ ‫ثم ْ َ ِ َ‬ ‫خذوه َ ُ ﱡ ُ‬
‫فغلوه * ُ ﱠ‬ ‫سلطاني ) ُ ُ ُ‬
‫مدرسا ‪ ،‬أما اآلخرة فمؤمن وكافر ‪،‬‬
‫رساما أو ُ ِّ‬
‫مھندسا أو ﱠ ً‬
‫ِ ً‬ ‫طبيبا أو‬
‫ً‬ ‫رسوب‪ .‬تكون في الدنيا‬
‫فريقان ؛ فريق في الجنة ‪ ،‬وفريق في السعير ‪.‬‬
‫ال نقول‪ :‬أھملوا أبناءكم‪ ،‬وال نقول ‪ :‬دعوھم ‪ ،‬ال وﷲ‪ ،‬بل نقول ‪ :‬إن اآلخرة ھي أولى‬
‫باالھتمام ‪ ،‬وأجدر بالسعي ‪ ،‬وأحق بالعمل ‪.‬‬

‫السنة ‪ ،‬قليل من‬


‫ﱡ ﱠ‬ ‫أيھا األحبة َمن أب حرص على جلب مرب البنه يعلمه القرآن ويدارسه‬
‫جنب ابنه عوامل الفساد واإلفساد ‪ ،‬لكن‬
‫فعل ذلك ‪ ،‬وليت الذي لم يفعل إذ لم يفعل َ ﱠ‬
‫بيتا مأله بكل‬
‫وخادما وسيارة ‪ ،‬وھيأ له ً‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫سائقا‬ ‫حشفاً وسوء كيل‪ ،‬جلب البنه‬
‫البعض َ َ‬
‫الملھيات عن ذكر ﷲ وطاعته ‪.‬‬
‫ً‬
‫حديثا لخير بني‬ ‫جزءا من القرآن ‪ ،‬أو ﱠ‬
‫تعلم‬ ‫ً‬ ‫من أب فيكم أعطى البنه جائزة يوم حفظ‬
‫اإلنسان عليه الصالة والسالم ‪ ،‬قليل من فعل ذلك ‪ ،‬ونسأل ﷲ أن يبارك في القليل ‪،‬‬
‫يعد ابنه إن نجح بقضاء أمتع األوقات على الشواطئ في أي البالد ‪ ،‬وما‬
‫لكن البعض منا َ ِ‬
‫ﱠ‬
‫وعد ابنه مرة إن نجح بزيارة مسجد رسول األنام –عليه الصالة والسالم‪.-‬‬

‫فماذا كانت النتيجة ؟ النتيجة أن نشأ نشء منا ‪ِ ،‬من أبنائنا يعرفون بالد الكفر أكثر مما‬
‫يعرفون مكة والمدينة النبوية ‪ .‬النتيجة أن اتجه شبابنا إلى المالعب يوم نادى المنادي‬
‫حل محل المصحف مجلة ‪ ،‬ومحل‬
‫ّ‬ ‫حي على الصالة ‪ ،‬حي على الفالح ‪ .‬النتيجة أن‬
‫السواك سيجارة ‪ .‬النتيجة أن نشأ فينا نشء كاألنعام بل ھم أضل ‪ ،‬أولئك ھم الغافلون ‪.‬‬
‫حري بنا أن نربي عقله وقلبه ‪ ،‬ونھتم بحياته بعد موته ‪ ،‬وأول خطوة‬
‫جسدا َ ٌ‬
‫ً‬ ‫ابنا بنيناه‬
‫إن ً‬
‫إلى ذلك أن نصلح أنفسنا ؛ ففي صالحنا وبصالحنا تكون استقامتھم ‪ ،‬ورعاية ﷲ لھم ‪،‬‬
‫ً‬
‫وھدفا ‪ ،‬ال‬ ‫صالحا ( وثانيھا ‪ :‬أن نجعل التربية اإلسالمية غاية‬ ‫وكان َ ُ ُ َ‬
‫أبوھما َ ِ ً‬ ‫قال تعالى‪َ َ َ ) :‬‬
‫فيما‬
‫وابتغِ ِ َ‬
‫تعلم العلوم الدنيوية ‪ ،‬ولكن ليس على حساب االھتمام باآلخرة‪َ ْ َ ) .‬‬ ‫مانع من ﱡ‬
‫الدنيا (‬
‫من ﱡ ْ َ‬
‫نصيبك ِ َ‬
‫تنس َ ِ َ َ‬ ‫الدار َ ِ َ َ‬
‫اآلخرة َوال َ َ َ‬ ‫ﷲ ﱠ َ‬ ‫آتاك ُ‬
‫َ َ‬

‫رعيتك ؛ فأنت عنھم مسئول أمام ﷲ ‪ .‬اتق ﷲ أن يستأمنك‬


‫ﱠ‬ ‫فيا عبد ﷲ اتقِ ﷲ في‬
‫ﷲ عليھم فتشرع لھم أبواب الفتن ؛ من أفالم وأجھزة خبيثة عديدة ‪ ،‬ومجالت فاتنة‬
‫صفيقة ‪.‬‬
‫ھمه في ثوبه و‬
‫ِّ‬ ‫ِّ ً‬
‫مركزا كل‬ ‫يا عبد ﷲ يوم تھتم ھذا االھتمام المادي بابنك يصبح ابنك‬
‫ماديا ‪،‬‬
‫ً‬ ‫خيرا على اھتمامك به‬
‫ً‬ ‫غطرته و مسكنه ومأكله ومشربه وسيارته ‪ .‬جزاك ﷲ‬
‫لكن ماذا فعلت لتؤنسه في وحدته ‪ ،‬إذا ما دفنته في التراب ما أنت صانع بشھادته ؟ قد‬
‫غدا أو بعد غد‪ ،‬والمجال مفتوح‬
‫يرسب اآلن في مادة أو مادتين ‪ ،‬قد ينجح فيھما ً‬
‫للتعويض ‪ ،‬لكن ال تعويض في اآلخرة ‪.‬‬
‫لجان دقيقة ‪ ،‬وسجالت‬
‫أعمال العمر كله تعرض اآلن للتصحيح في وقت واحد ‪ ،‬عليھا ِ َ‬
‫ْ َ َ‬
‫كالمحكمة ؛ رئيس وأعضاء وشھود ومحام ومدعٍ‬ ‫وثيقة ‪ ،‬ال تغادر صغيرة وال كبيرة ‪ ،‬لجنة‬
‫عام ‪ ،‬أما الرئيس – فسبحانه وبحمده – أحكم الحاكمين ‪ ،‬يعلم خائنة األعين وما تخفي‬
‫الصدور‪ ،‬وأما أعضاء المحكمة فمالئكة الحساب‪ ،‬وأما الشھود فمنك وفيك؛ ھم األعضاء )‬
‫المدعي العام‬
‫ﱠ‬ ‫بما َ ُ‬
‫كانوا يكسبون ( وأما‬ ‫ُھم ِ َ‬ ‫وأيديھم َ َ ْ ُ‬
‫وأرجل ُ ْ‬ ‫ألسنتھم َ َ ْ ِ ِ ْ‬
‫عليھم َ ْ ِ َ ُ ُ ْ‬
‫تشھد َ َ ْ ِ ْ‬
‫يوم َ ْ َ ُ‬
‫َْ َ‬
‫فھي الرسالة التي بلغتك من ﷲ‪ ،‬عن طريق رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬وأما‬
‫يجا عليك ‪.‬‬
‫حجيجا لك أو حج ً‬
‫ً‬ ‫المحامي فھو القرآن الذي يأتي يوم القيامة‬
‫مضمونا ‪ ،‬قد تسعى وتتعب وتزرع فال تحصد ‪ ،‬قد تدرس وتختبر‬
‫ً‬ ‫يا عبد ﷲ يوم غد ليس‬
‫فال تدرك النتيجة ‪ ،‬أما وقد بلغتك الرسالة فقد وجب االمتحان ووجبت النتيجة ‪ .‬يا أيھا‬
‫األب الحنون أدعوك إلى التأمل في وصية لقمان البنه الذي يحبه ‪ ،‬ويفتديه بالغالي‬
‫والنفيس ‪ .‬ھل أوصاه بدنيا ؟ ھل أوصاه بزخرف ؟ ال‪ ،‬بل دعاه لما يحييه حياة طيبة ‪،‬‬
‫عظيم ( وأخبره أن ﷲ‬ ‫الشرك لَظ ْ ُ‬
‫ُلم َ ِ ٌ‬ ‫ﱠ ْ َ‬ ‫إن‬
‫وينجيه من العذاب األليم ‪ ،‬نھاه أن يشرك با‪ ) 9‬ﱠ‬
‫ﱠ‬
‫ودله على ما ينجيه من ﷲ ؛ أال ھو الھرب منه إليه‬ ‫محيط بكل شيء ‪ ،‬ال يعجزه شيء‪،‬‬
‫والنھي عن المنكر‪ ،‬بصبر على ما يصيبه‬
‫ﱠ‬ ‫–تبارك وتعالى‪ -‬بإقامة الصالة ‪ ،‬باألمر بالمعروف‬
‫جراء ذلك ‪ ،‬ثم ﱠ‬
‫يدله على مكارم األخالق التي تسمو بھا نفسه ‪ ،‬ويعلو بھا مركزه ‪.‬‬ ‫من ﱠ‬
‫إن َ ْ َ َ‬
‫أنكر‬ ‫تكبر على الخلق‪ ،‬وال ذلة مع قصد في المشية ‪ ،‬وخفض في الصوت ) ﱠ‬
‫فال ﱡ‬
‫الحمير ( تلك يا عبد ﷲ جملة وصية األب الحنون حقا ‪.‬‬
‫وت َ ِ ِ‬
‫لص ُ‬ ‫َ ْ َ‬
‫األصواتِ َ َ‬
‫فھل رجعت إلى القرآن ‪ ،‬فقرأت ھذه الوصايا ‪ ،‬فعملت بھذه الوصية مع ابنك ؟ ھل‬
‫ھمم أبنائھم ‪،‬‬
‫أوصيته ببعضھا أو بھا جميعھا‪ .‬ال إله إال ﷲ ! إن ديدن بعض األباء تثبيط ِ َ‬
‫وتكسير مجاديفھم ‪ .‬أقول ذلك ونحن نعيش التدريس عن كسب ‪ ،‬إذا ما ھدى ﷲ ابن‬
‫النفسية‪ ،‬سخروا منه وھزئوا‬ ‫بالعقد ﱠ‬
‫ُ َ ِ‬ ‫وھبوا ووصفوه بالوسواس ‪ ،‬ووسموه‬
‫ﱡ‬ ‫بعضھم ذعروا‬
‫مرض‬
‫ُوبھم َ ٌ‬ ‫به‪ ،‬وال أدري أيسخرون من شخصه أم من دينه الذي يحمله ويمثله ) َ ِ‬
‫أفي ُقل ِ ِ‬
‫ﷲ عليھم( أھذه ھي األمانة أيھا األب ؟ " ما من راعٍ‬ ‫يخافون َأن َ ِ َ‬
‫يحيف ُ‬ ‫ارتابوا َ ْ‬
‫أم َ َ ُ َ‬ ‫َ ِ‬
‫أم ْ َ ُ‬
‫غاشا لھم إال حرم ﷲ عليه رائحة الجنة"‪ .‬عباد ﷲ ولنا في‬
‫ً‬ ‫استرعاه ﷲ رعية فبات‬
‫وتفوقوا ‪ ،‬فبھم‬
‫ﱠ‬ ‫وعبر ‪ ،‬لقد امتحنوا فنجحوا‬
‫سير األخيار عظات ِ َ‬
‫ِ َ‬
‫التشبه بالكرام فالح‬
‫ﱡ‬ ‫فتشبھوا بھم إن لم تكونوا مثلھم *** إن‬

‫يوما بعد صالة العشاء إلى‬


‫ھاھو ]عمر بن عبد العزيز[ ‪-‬عليه رحمات رب جليل‪ -‬يعود ً‬
‫داره ‪-‬وھو خليفة المسلمين‪ ،‬مقدرات األمة بين يديه‪ -‬يلمح بناته الصغار‪ ،‬فيسلم عليھن‬
‫وھن يغطين أفواھھن ‪،‬‬
‫ﱠ‬ ‫ھربن ھذه المرة ‪،‬‬
‫وكن يسارعن إلى تقبيله ‪ ،‬لكنھن َ َ ْ َ‬
‫ّ‬ ‫كعادته ‪،‬‬
‫فقال لزوجه‪ :‬ما شأنھن ؟ قالت‪ :‬لم يكن لديھن ما يتعشين به سوى عدس وبصل ‪،‬‬
‫فكرھن أن تشم من أفواھھن رائحة البصل ‪ ،‬فبكى وأجھش بالبكاء وھو يئن تحت وطأة‬
‫األمة تحت يديه‪ ،‬يقول‪ :‬يا بنياتي أينفعكن أن تتعشين أطيب‬
‫ﱠ‬ ‫المسؤولية ‪ ،‬ميزانية‬
‫الطعام والشراب ‪ ،‬وتكتسين أجمل الثياب من مال األمة ‪ ،‬ثم ُيأمر بأبيكن إلى النار ؟‬
‫قلن‪ :‬ال ‪ ،‬ال ‪ ،‬ثم اندفعن يبكين ‪ .‬فال وﷲ ال تسمع في البيت إال الحنين واألنين ‪ .‬لما‬
‫ﱠ‬
‫حلت به سكرات الموت –عليه رحمة ﷲ‪ -‬دخل عليه ]مسلمة[ وقال ‪ :‬لقد تركت أبناءك‬
‫مضجًعا قال‪ :‬أسندوني ‪،‬‬
‫إلى أو إلى أحد من أھل بيتك ‪ ،‬وكان ُ ﱠ‬
‫ﱠ‬ ‫فقراء جوعى فأوصِ بھم‬
‫ثم صرخ ‪ ،‬وﷲ ما منعت أبنائي ً‬
‫حقا لھم ‪ ،‬وﷲ لن أعطيھم ما ليس لھم ‪ ،‬أما أن أوصي‬
‫وولي فيھم ﷲ الذي نزل الكتاب وھو يتولى‬
‫وصي ِ ﱠ‬
‫ﱠ‬ ‫بھم إليك أو إلى غيرك فال ‪ ،‬إن‬
‫مخرجا ‪ ،‬ويرزقه‬
‫ً‬ ‫بنى أحد رجلين ؛ إما رجل يتقي ﷲ فسيجعل ﷲ له‬
‫ﱠ‬ ‫الصالحين ‪ ،‬إن‬
‫مكب على المعاصي فوﷲ لم أكن ألقويه على معصية‬
‫ﱞ‬ ‫من حيث ال يحتسب ‪ ،‬وإما رجل‬
‫ﷲ ‪ ،‬ثم طلب جميع أوالده وھم بضعة عشر فاجتمعوا ‪ ،‬فنظر إليھم ‪ ،‬ثم ذرفت عيناه‬
‫حرى ‪ ،‬وقال‪ :‬أفديكم بنفسي أيھا الفتية الذين تركتھم فقراء ال شيء لھم ‪ ،‬يا‬
‫دموعا ﱠ‬
‫ً‬
‫خيِ ّر بين أن تستغنوا ويدخل النار‪ ،‬أو تفتقروا ويدخل الجنة ‪ ،‬فكان أن‬
‫بني إن أباكم ُ‬
‫وليي فيكم ﷲ الذي‬
‫تفتقروا ويدخل الجنة أحب إليه من أن تستغنوا ويدخل النار‪ ،‬إن ﱠ‬
‫للذين ال َ‬
‫نجعل َُھا ِ َ‬ ‫الدار َ ِ َ ُ‬
‫اآلخرة َ ْ َ‬ ‫نزل الكتاب وھو يتولى الصالحين ‪ ،‬ثم تال قوله تعالي‪َ ْ ِ ) :‬‬
‫تلك ﱠ ُ‬
‫والعاقبة ِ ْ ُ ﱠ ِ َ‬
‫للمتقين ( عباد ﷲ كلنا في امتحان ‪ ،‬فبين‬ ‫فسادا َ ْ َ ِ َ ُ‬
‫األرض َوال َ َ َ ً‬
‫ون ُعلُوا ِفي ْ ِ‬
‫يريد َ‬
‫ُ ِ ُ‬
‫راسب وناجح ‪ ،‬والمادة ھي ال إله إال ﷲ ‪ ،‬محمد رسول ﷲ ‪ ،‬بين عامل بمقتضاھا قائم‬
‫صدقھا قلبه ‪،‬‬
‫ﱠ‬ ‫مستسلما ‪،‬‬
‫ً‬ ‫منقادا‬
‫ً‬ ‫محبا‬
‫ً‬ ‫بأركانھا وشروطھا وواجباتھا ‪ ،‬قالھا موقنا‬
‫وعملت جوارحه بھا ‪ ،‬فھو الناجح ‪ ،‬وأي نجاح ! ‪ .‬وآخر قالھا بلسانه وما صدقھا بالعمل ‪،‬‬
‫فھو الراسب المنافق ‪ .‬وآخر لم ينطقھا ‪ ،‬فإلى جھنم وبئس القرار ‪ .‬ھاھي رسالة‬
‫امتحان ‪ ،‬تأتي لصالح الدين من أحد المسلمين على لسان المسجد األقصى األسير‬
‫في يد الصليبين يوم ذاك ‪ ،‬واليھود اليوم مع الصليبيين‪ ،‬تقول الرسالة وھي امتحان‬
‫واختبار لصالح الدين ‪:‬‬
‫يا أيھا الملك الذي *** لمعالم الصلبان ﱠ‬
‫نكس‬
‫ظالمة *** تسعى من البيت المقدس‬
‫جاءت إليك ِ َ ٌ‬
‫منجس‬
‫ﱠ‬ ‫طھرت *** وأنا على شرفي‬
‫كل المساجد ِّ‬
‫ھمم األمة‬
‫امتحان لصالح قام صالح الدين فيه يصوم نھاره ‪ ،‬ويقوم ليله ‪ ،‬ويشحذ ِ َ َ‬
‫اإلسالمية ‪ ،‬ويصدر أوامره أال يضحك أحد ‪ ،‬وال يمزح أحد ‪ ،‬وال يفكر أحد إال باسترداد بيت‬
‫المقدس ‪ ،‬ويقودھا حملة ال تبقي وال تذر بعد استعداد جيد لالمتحان ‪ ،‬فيدمر الصليب ‪،‬‬
‫ويحرر فلسطين والمسجد األقصى ؛ ليكون قدوة لمن يريد استعادة األقصى السليب‪.‬‬
‫فدنسوه ‪ ،‬ودخلوا إلى قبر‬
‫ﱠ‬ ‫ثم ماذا بعد صالح الدين أيھا األخوة ؟ استيقظ اليھود يوم نمنا‬
‫صالح الدين ورفسوه ‪ ،‬وقالوا ‪ :‬ھا قد عدنا يا صالح الدين‪ ،‬فيا ليت صالح الدين يرى‬
‫المؤامرات على أقصانا ‪ ،‬وما ھدم العدو وما استباح ‪ ،‬ليته يرى كيف بغى اليھود ‪ ،‬وكيف‬
‫تقدم لنا ‪،‬‬
‫قدمت لصالح الدين ‪ ،‬أسئلة اآلن ُ ﱠ‬
‫أحسنا الصياح‪ .‬إن أسئلة االمتحان التي ُ ِّ‬
‫ﱠ‬
‫حل األسئلة إلى غيرنا ‪ ،‬فكان ما‬
‫ﱠ‬ ‫حل األسئلة بنفسه ‪ ،‬ونحن أحلنا‬
‫ﱠ‬ ‫لكن صالح الدين‬
‫كان ‪.‬‬
‫ُ َ‬
‫والخطب‬ ‫منومة *** وأطعموھا سخيف القول‬
‫ِّ َ‬ ‫أحالما‬
‫ً‬ ‫سقوا فلسطين‬

‫ستحل األسئلة ‪ ،‬وستبقى طائفة على‬


‫لكني أقول يا عباد ﷲ ‪ :‬ال يأس ‪ ،‬ال قنوط ‪ ُ َ ،‬ﱡ‬
‫الحق ؛ لتقود األمة ليعود األقصى ‪ ،‬ويعود فلسطين والعاقبة للمتقين ‪.‬‬
‫ال يأس يسكننا فإن كبر األسى *** وبغي فإن يقين قلبي أكبر‬
‫في منھج الرحمن أمن مخاوفي *** وإليه في ليل الشدائد نجأر‬
‫وخزرجا *** ِ ﱠ‬
‫فلله أوس قادمون وخزرج‬ ‫ً‬ ‫أوسا‬
‫ً‬ ‫وإن عرف التاريخ‬

‫أيھا اآلباء وأنتم تعدون أبناءكم لالمتحان اتقوا ﷲ فيھم ‪ ،‬اعلموا وعلموھم أن سلعة ﷲ‬
‫بقصر النفس على ما يرضي ﷲ ‪،‬‬ ‫أغلى وأعلى ‪ّ ِ .‬‬
‫علموھم أن االمتحان والنجاح َ ْ‬
‫علموھم أن السعادة في تقوى ﷲ ‪ ،‬واعلموا أنتم أنه لن ينصرف أحد من الموقف وله‬
‫عند أحد َ ْ َ َ‬
‫مظلمة‪ .‬يفرح ابنك أن يجد عندك مظلمة ‪ ،‬تفرح زوجتك أن تجد عندك مظلمة ‪،‬‬
‫لم ضيعني عن العمل لما‬ ‫يحاجك بين يدي ﷲ قائال ‪ :‬يا رب سل أبي ِ َ‬
‫ّ‬ ‫يأتي ابنك يقف‬
‫جوابا‪.‬‬
‫ً‬ ‫سؤال‬
‫ِ‬ ‫يرضيك ‪ ،‬ورباني كالبھيمة ‪ ،‬ما يكون جوابك أيھا األب الحنون ؟ َ ِ ﱠ‬
‫أعد لل‬
‫تيقظ وانتبه *** وأقبل بقلب على موالك تظفر باھتداء‬
‫يا أيھا االبن ﱠ‬
‫فتحا ***عسى تحظى به صبح امتحان‬
‫ً‬ ‫وقف بالباب واطلب منه‬
‫القدوم عليك يا أكرم األكرمين ‪.‬‬
‫إنا نسألك أن تجعلنا من الفائزين الناجين يوم ُ ُ‬
‫اللھم ﱠ‬
‫تبدد‬
‫تضيع تعبھم ‪ ،‬وال ِّ‬
‫ِّ‬ ‫اللھم إنا نسألك التوفيق ألبنائنا وبناتنا وإخواننا وأخواتنا‪ .‬اللھم ال‬
‫لخيري الدنيا واآلخرة يا‬ ‫ِّ‬
‫ووفقھم َ َ‬ ‫ِّ‬
‫وعلمھم ما جھلوا ‪،‬‬ ‫جھدھم‪ .‬اللھم ِّ‬
‫ذكرھم ما نسوا‪،‬‬
‫أكرم األكرمين ‪ .‬أقول ما تسمعون ‪ ،‬واستغفر ﷲ فاستغفروه ؛ إنه ھو الغفور الرحيم ‪.‬‬

‫وعندھا يتبين الصادق من غيره ‪ .‬ھل صليت وصمت ‪ 9‬يا عبد ﷲ ؟ ھل أطعت ﷲ‬
‫ورسوله ؟ ھل تحب الخير وأھله ؟ ھذه أسئلة ‪ ،‬أسئلة تتردد على مسامعكم ‪ ،‬ھل‬
‫تبغض الشر وأھله ؟ ھل تأمر بالمعروف وتنھى عن المنكر ؟ ھل تحب للناس ما تحب‬
‫لنفسك ؟ ھل سلمت أعراض المسلمين من لسانك ؟ ھل يطمئن قلبك بذكر ﷲ؟ ھل‬
‫نزھت أذنك عن سماع ما يغضب ﷲ ؟ ھل‬
‫والرخاء ؟ ھل ّ‬
‫ﱠ‬ ‫يتعلق قلبك با‪ 9‬في الشدة‬
‫غضضت عن محارم ﷲ؟ ھل غضبت ‪ 9‬؟ ھل أحببت في ﷲ ؟ ھل أبغضت في ﷲ ؟‬
‫ھل أعطيت ‪ ، 9‬ومنعت ‪ 9‬؟ ھل استسلمت ألمر ﷲ ؟ ھل استسلمت ألمره يوم‬
‫وبناتك‬
‫ألزواجك َ َ َ ِ َ‬
‫النبي ُقل ْ َ ِ َ‬ ‫يأمرك بالحجاب فحجبت أھل بيتك امتثاال لقول ﷲ ‪َ ) :‬يا َ ﱡ َ‬
‫أيھا ﱠ ِ ﱡ‬
‫جالبيبھن ( األسئلة كثيرة تترد عليك صباح مساء ‪،‬‬ ‫يدنين َ َ ْ ِ ﱠ‬
‫عليھن ِمن َ َ ِ ِ ِ ﱠ‬ ‫ونساء ْ ُ ْ ِ ِ َ‬
‫المؤمنين ُ ْ ِ َ‬ ‫َِ َ ِ‬
‫إن كان الجواب بنعم فأنت من الناجحين الفائزين بإذن رب العالمين ‪ ،‬وإن كان الجواب بال‬
‫فعد إلى ﷲ ما دمت في زمن اإلمھال ‪ ،‬واندم واقلع وردّ المظالم ألھلھا قبل وضع‬
‫ُ ْ‬
‫الميزان ‪ ،‬وتطاير الصحف ‪ ،‬وعبور الصراط يوم ينسى الخليل خليله ‪ ،‬والصاحب صاحبه ‪،‬‬
‫ِّ‬
‫سلم ‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫سلم‬ ‫وكل يقول‪ :‬نفسي نفسي ‪ ،‬والرسل تقول ‪ :‬اللھم‬
‫ٌ‬

‫ممـتحن‪ -‬تذكر وقوفك الستالم النتيجة ‪ ،‬يوم يوقف العبد بين‬


‫الممـتحن –وكلنا ُ ْ َ‬
‫أيھا ُ ْ َ ِ‬
‫كفتي الميزان ‪ ،‬ويوكل به ملك ‪ ،‬فإن ثقل ميزانه نادى بصوت يسمع الخالئق ‪ :‬لقد سعد‬
‫أبدا‪ .‬ذاك ھو النجاح ‪ ،‬عندھا يطرب ويفرح ويقول‬
‫فالن ابن فالن سعادة ال يشقى بعدھا ً‬
‫يسمع الخالئق ‪ :‬لقد شقي‬
‫الملك بصوت ُ ْ‬
‫خف ميزانه نادى َ‬
‫ﱠ‬ ‫كتابيه ( وإن‬ ‫ھاؤم ْ َ ُ‬
‫اقرؤوا ِ َ ِ َ‬ ‫‪ُ ُ َ ):‬‬
‫أبدا ‪ .‬فذاك ھو الرسوب ‪ .‬عندھا يقول ‪َ ) :‬يا َ َ ِ‬
‫ليتني‬ ‫فالن بن فالن شقاوة ال يسعد بعدھا ً‬
‫كتابيه ( ال إله إال ﷲ ما عساك فاعل يوم ينادى باسمك يا فالن ابن فالن ھلم‬ ‫لم ُ َ‬
‫أوت ِ َ ِ َ‬ ‫َ ْ‬
‫إلى العرض على ﷲ قمت ولم يقم غيرك يا لضعفك يا لشدة خوفك يا لخفقان قلبك يوم‬
‫تقف بين يدي الملك الحق المبين وبيدك صحيفة ال تغادر صغيرة وال كبيرة يا ‪ 9‬لك يوم‬
‫وقلب كسير و حيا ٍء من ﷲ عظيم بأي لسان تجيبه حين‬
‫ٍ‬ ‫بلسان كليل‬
‫ٍ‬ ‫تقرأ صحيفتك‬
‫يسألك عن عملك القبيح بأي لسان تجيب يوم يسألك يا أيھا الممتحن عن عمرك فيما‬
‫أفنيته و شبابك فيما أبليته و مالك يا من جعلت الربا و الفوائد عنوانا له مالك من أين‬
‫قدم تقف غدا بين يديه بأي‬
‫ٍ‬ ‫اكتسبته و فيما أنفقته و عن علمك ماذا عملت فيه بأي‬
‫عين تنظر إليه بأي قلب تجيب عليه ما تقول له إذا قال لك يا عبدي ما أجللتني أما‬
‫استحييت مني أما راقبتني استخففت نظري إليك ألم أحسن إليك ألم أنعم عليك‬
‫عندھا تكاد تسقط فروة وجھك حياء من ﷲ فكيف بك إن شقيت فيا أيھا الممتحنون غدا‬
‫و كلنا ممتحن لمثل ھذه المواقف فأعدوا وتذكروا بامتحان الدنيا وقوفكم بين يدي‬
‫المولى إذ تعدوا وأعدوا وتزودوا وخير الزاد التقوى ‪ .‬جد واتعب أيھا الطالب وانصب فوالذي‬
‫نفسي بيده لن تجد طعم الراحة إال عند أول قدم تضعھا في الجنة‪.‬‬
‫فانتبه من رقدة غفلة فالعمر قليل *** واطرح سوف وحتى فإنھم داء دخيل‬
‫أفق قد بنى الموت الذي ليس بعده *** سوى جنة أو حر نار تضرم‬
‫وتشھد أعضاء المسيء بما جنا *** كذاك على فيه المھيمن يختم‬
‫فاتق ﷲ ً ِ ّ‬
‫وقصر أمال *** ليس في الدنيا خلود للمنى‬

‫أال وصلوا وسلموا على نبينا محمد فقد أمرتم بالصالة عليه ) إن ﷲ ومالئكته يصلون‬
‫على النبي يا أيھا الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ( اللھم صل وسلم على‬
‫عبدك ورسولك محمد وأھله وصحبه والتابعين لھم بإحسان إلى يوم الدين اللھم أعز‬
‫اإلسالم والمسلمين اللھم أعز اإلسالم والمسلمين اللھم أعز اإلسالم والمسلمين‬
‫اللھم دمر أعداء الدين اللھم انصر عبادك الموحدين اللھم أصلح من في صالحه صالح‬
‫لإلسالم والمسلمين وأھلك من في ھالكه صالح لإلسالم والمسلمين اللھم آمنا في‬
‫دورنا وأصلح أئمتنا ووالة أمورنا واجعل واليتنا في عھد من خافك واتقاك واتبع رضاك‬
‫برحمتك يا أرحم الراحمين ﷲ من أراد اإلسالم والمسلمين بسوء فاشغله بنفسه‬
‫واجعل تدبيره تدميره واجعل الدائرة عليه واجعل كيده في نحره وزلزل األرض من تحت‬
‫قدميه اللھم ال ترفع له راية واجعله لمن خلفه آية يا كريم يا قوي يا جبار اللھم برحمتك‬
‫اغفر لجميع موتى المسلمين الذين شھدوا لك بالوحدانية ولنبيك بالرسالة وماتوا على‬
‫ذلك اللھم اغفر لھم وارحمھم وعافھم واعف عنھم وأكرم نزلھم ووسع مدخلھم و‬
‫اغسلھم بالثلج والماء والبرد اللھم ارحمنا برحمتك إذا ما صرنا إلى ما صاروا إليه اللھم‬
‫آنس وحشتنا في القبور وآمن فزعنا يوم البعث والنشور سبحان ربك رب العزة عما‬
‫يصفون وسالم على المرسلين والحمد ‪ 9‬رب العالمين ‪.‬‬

‫فضيلة الشيخ ‪ /‬علي عبد الخالق القرني‬

‫كلنا ذو خطأ‬

‫التوب‪ ،‬شديد‬
‫الحمد ‪ 9‬الواحد األحد الكريم الوھاب الرحيم التواب‪ ،‬غافر الذنب‪ ،‬وقابل ﱠ‬
‫العقاب‪ ،‬ذي الطول ال إله إال ھو‪ ،‬يحب التوابين‪ ،‬ويحب المتطھرين‪ ،‬ويغفر للمخطئين‬
‫المستغفرين‪ ،‬ويقيل عثرات العاثرين‪ ،‬ويمحو بحلمه إساءة المذنبين‪ ،‬ويقبل اعتذار‬
‫وديان يوم الدين‪ ،‬وجامع الناس ليوم ال‬
‫المعتذرين‪ .‬ال إله إال ھو‪ ،‬إله األولين واآلخرين‪ ،‬ﱠ‬
‫ريب فيه‪ ،‬يوم ال ينفع مال وال بنون‪ .‬اللھم لك الحمد كله‪ ،‬ولك الملك كله‪ ،‬وبيدك الخير‬
‫كله‪ ،‬وإليك ُيرجع األمر كله‪ .‬أشھد أن ال إله إال ﷲ‪ ،‬وحده ال شريك له‪ ،‬ولي الصالحين‪،‬‬
‫وخالق الخلق أجمعين ورازقھم‪ ،‬فما من دابة في األرض إال على ﷲ رزقھا‪ ،‬ويعلم‬
‫مستقرھا ومستودعھا كل في كتاب مبين‪ ،‬يقبل التوبة عن عباده‪ ،‬ويعفو عن السيئات‪،‬‬
‫محمدا عبد ﷲ ورسوله‪ ،‬أرسله ﷲ رحمة للعالمين؛ فشرح‬
‫ً‬ ‫ويعلم ما تفعلون‪ .‬أشھد أن‬
‫غلفا‪ ،‬صلى ﷲ عليه‬
‫ً‬ ‫وقلوبا‬
‫ً‬ ‫صما‪،‬‬
‫ً‬ ‫وآذانا‬
‫ً‬ ‫عميا‪،‬‬
‫ً‬ ‫أعينا‬
‫ً‬ ‫به الصدور‪ ،‬وأنار به العقول‪ ،‬وفتح به‬
‫كثيرا‪.‬‬
‫ً‬ ‫تسليما‬
‫ً‬ ‫وعلى آله وصحبه والتابعين لھم بإحسان وسلم‬

‫السالم عليكم ورحمة ﷲ وبركاته‪ .‬وأسأل ﷲ العظيم‪ ،‬رب العرش العظيم أن يجمعنا‬
‫وإياكم في ھذه الحياة على اإليمان والذكر والقرآن‪ ،‬وأن يجعل آخر كالمنا من الدنيا ال‬
‫إله إال ﷲ‪ ،‬ثم يجمعنا بكم سرمدية أبدية في جنات ونھر تحط بكم فيه‪ .‬واسأله أن‬
‫يظلنا وإياكم تحت ظله يوم ال ظل إال ظله‪ ،‬اللھم ال تعذب جمعا التقى فيك ولك اللھم ال‬
‫أعينا ترجو‬
‫ً‬ ‫قلوبا تشتاق إلى لقاك‪ ،‬اللھم ال تعذب‬
‫ً‬ ‫تعذب ألسنة تخبر عنك اللھم ال تعذب‬
‫لذة النظر إلى وجھك يا أرحم الراحمين‪ ،‬ويا أكرم األكرمين‪ ،‬اللھم كلنا ذوو خطأ‪ ،‬وما لنا‬
‫إال عفوك وحسن الظن بك‪ ،‬وحب من تحب‪ ،‬فأقل عثراتنا‪ ،‬وتجاوز عن خطئنا‪ ،‬وأنت أكرم‬
‫األكرمين‪ ،‬وأرحم الراحمين‪ ،‬رباه‬
‫خيرا وإني *** لشر الناس إن لم تعف عني‬
‫ً‬ ‫يظن الناس بي‬
‫ومالي حيلة إال رجائي *** وعفوك إن عفوت وحسن ظني‬
‫علي من يلقاني‬
‫ﱠ‬ ‫وﷲ لو علموا قبيح سريرتي *** ألبى السالم‬
‫ولبئت بعد كرامة بھوان‬ ‫ﱡ‬
‫وملوا صحبتي *** َ ُ ْ ُ‬ ‫وألعرضوا عني‬
‫لكن سترت معايبي ومثالبي *** وحلمت عن سقطي وعن طغياني‬
‫فلك المحامد والمدائح كلھا *** بخواطري وجوانحي ولساني‬
‫ﱡ‬
‫الظانون‪ ،‬واغفر لي ماال يعلمون‪ ،‬وال تؤاخذني بما يقولون ‪،‬‬ ‫خيرا مما يظن‬
‫ً‬ ‫اللھم اجعلني‬
‫اللھم ال سھل إال ما جعلته سھال‪ ،‬وأنت تجعل الحزن سھال إذا شئت‪.‬‬

‫أحبتي في ﷲ أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى ﷲ ‪-‬عز وجل‪ -‬في السر والعالنية فھي‬
‫وإياكم‬ ‫الكتاب ِمن َ ْ ِ ُ ْ‬
‫قبلكم َ ِ ﱠ ُ ْ‬ ‫الذين ُ ُ‬
‫أوتوا ْ ِ َ َ‬ ‫وصينا ﱠ ِ َ‬ ‫وصية ﷲ ‪-‬جل وعال‪ -‬لألولين واآلخرين‪ْ َ َ َ ) .‬‬
‫ولقد َ ﱠ ْ َ‬
‫ﷲ(‬
‫اتقوا َ‬ ‫َ ِ‬
‫أن ﱠ ُ‬
‫راقبوا ﷲ جل وعال راقبوا ﷲ جل وعال فما راقبه عبد وذل وأخطأ إال آب وعاد وحاله‬
‫رحماك يا رب رحماك *** رب يا رب ويا رب الورى‬
‫ما ترى في عبد سوء ما ترى‬
‫خلق ﷲ السماوات سبعا وخلق األراضين سبعا وفي مجموع أحاديث النبي صلى ﷲ‬
‫عليه وسلم الصحاح أن ما بين األرض وما بين السماء الدنيا مسيرة خمسمائة عام وما‬
‫بين كل سماء وسماء مسيرة خمسمائة عام وسمك كل سماء مسيرة خمسمائة عام‬
‫ومن فوق السماء السابعة مسيرة خمسمائة عام ومن فوق ذلك عرش الرحمن ومن‬
‫فوقه ربنا سبحانه وبحمده بائن عن خلقه مستو على عرشه )ما يكون من نجوى ثالثة‬
‫إال ھو رابعھم وال خمسة إال ھو سادسھم وال أدنى من ذلك وال أكثر إال ھو معھم أينما‬
‫كانوا( متى علمت ھذا ومتى استشعرت ھذا فأنت من المتقين‬
‫إذا ما خلوت الدھر يوما *** فال تقل خلوت ولكن قل علي رقيب‬
‫وال تحسبن ﷲ يغفل ساعة *** وال أن ما تخفيه عنه يغيب‬

‫ھا ھو ]عمر بن الخطاب[ رضي ﷲ عنه وأرضاه في بستان من بساتين األنصار وأنس‬
‫بن مالك رضي ﷲ عنه وأرضاه يراقبه ويرقبه وھو ال يراه وإذا بعمر يقف وقفة محاسبة‬
‫ووقفة مراقبة مع نفسه ويقول عمر أمير المؤمنين بخ بخ وﷲ لتتقين ﷲ يا عمر أو‬
‫ليعذبنك ﷲ وﷲ لتتقين ﷲ أو ليعذبنك ﷲ عمر الذي يأتيه أعرابي قد قرض الجوع بطنه‬
‫وبه من الفقر ما به و يقف على رأسه ويقول‬
‫يا عمر الخير جزيت الجنة‬
‫اكس بناتي وأمھن‬
‫وكن لنا في ذا الزمان جنة‬
‫أقسم با‪ 9‬لتفعلن‬
‫قال وإن لم أفعل يكون ماذا قال‪:‬‬
‫إذا أبا حفص ألمضين‬
‫قال وإذا مضيت يكون ماذا قال‪:‬‬
‫وﷲ عنھن لتسألن‬
‫يوم تكون األعطيات منة‬
‫وموقف المسئول بينھن‬
‫إما إلى نار وإما إلى جنة‬
‫فلم يملك عمر رضي ﷲ عنه وأرضاه إال أن زرفت دموعه على لحيته رضي ﷲ عنه‬
‫وأرضاه ودخل ولم يجد شيئا في بيته فما كان إال أن خلع ردائه وقال خذ ھذا ليوم تكون‬
‫األعطيات منة وموقف المسئول بينھن إما إلى نار وإما جنة ھكذا تكون مراقبة ﷲ – عز‬
‫وجل – وھكذا تكون تقوى ﷲ – عز وجل –‬
‫وعمر الثاني ]عمر بن عبد العزيز[ وھو يلي أمر أمة محمد صلى ﷲ عليه وسلم في‬
‫يوم من األيام ويكسب أو يفيء ﷲ على المسلمين فيئا وھذا الفيء تفاح فأراد أن‬
‫يقسمه على الرعية بينما ھو يقسم ھذا التفاح إذ امتدت يد صبي من صبيانه طفل‬
‫صغير أخذ تفاحة ووضعھا في فمه فما كان من عمر إال أن أمسك بفيه وأوجع فكيه‬
‫واستخرج التفاحة من فمه وردھا بين التفاح والطفل يبكي ابن عمر يبكي ويخرج‬
‫ويذھب إلى أمه ويذكر لھا الحادثة فترسل غالم من البيت ليشتري لھم تفاحا ويقسم‬
‫الفيء على المسلمين وينسى نفسه فلم يأخذ تفاحة واحدة ويذھب إلى البيت‬
‫فيشم رائحة التفاح في بيته فيقول من أين لكم ھذا و وﷲ ما جئتكم بواحدة بتفاحة‬
‫واحدة فأخبرته الخبر قالت جاء ابنك يبكي فأرسلت الغالم وجاء له بھذا التفاح قال يا‬
‫فاطمة وﷲ لقد انتزعت التفاحة من فمه وكأنما أنتزعھا من قلبي‪ ،‬لكني وﷲ كرھت أن‬
‫فيء المسلمين يأكلھا قبل أن يقسم الفيء ھكذا تكون‬
‫ْ‬ ‫أضيع نفسي بتفاحة من‬
‫مراقبة ﷲ – جل وعال – ھكذا تكون تقوى ﷲ – جل وعال – وبھا النجاة )وينجي ﷲ‬
‫الذين اتقوا بمفازتھم ال يمسھم السوء وال ھم يحزنون( ما راقب عبد ربه إال أفلح وفاز‬
‫وما الحياة الدنيا إال متاع ما راقب عبد ربه فذلت به قدمه فأخطأ فارتكب فاحشة إال عاد‬
‫نادما حسيرا كسيرا فيتقبله ربه وھو أرحم الراحمين وأكرم األكرمين بمنه وكرمه ﷲ عز‬
‫وجل رحيم بل ھو رحمن الدنيا واآلخرة ورحيمھما رحمته وسعت كل شيء وسبقت‬
‫غضبه – سبحانه وبحمده – له مائة رحمة أنزل لنا في ھذه الدنيا رحمة واحدة فبھا‬
‫يتراحم الخلق كلھم ناطقھم واألعجم صغيرھم والكبير حتى إن الدابة لترفع رجلھا‬
‫لوليدھا ليرضع منھا ثم يذھب بھذه الرحمة فإذا كان يوم القيامة لرفع ﷲ ھذه الرحمة‬
‫إلى تسع وتسعين رحمة عنده سبحانه وبحمده فيتطاول إبليس ويظن أن رحمة ﷲ‬
‫ستسعه في ذلك اليوم‪.‬‬

‫فيا من رحمته وسعت كل شيء ارحمنا برحمتك اسمع له صلى ﷲ عليه وسلم كما‬
‫يروى في ]البخاري[" يوم يأتيه سبي وإذا بامرأة من بين ھذا السبي تبحث عن صبي‬
‫لھا فقدته ال تلوي على شيء كلما وجدت طفال قلبته ونظرت فيه فإذا به ليس طفلھا‬
‫ثم تجده تجد ابنھا بعد مشقة وعناء فتلصقه ببطنھا وترضعه ورسول ﷲ وصحابته صلى‬
‫ﷲ عليه وسلم ورضي ﷲ عنھم يرقبون الموقف وإذا بھا تذرف الدموع على ابنھا وھو‬
‫على ثديھا دموع الفرح فيقول صلى ﷲ عليه وسلم أترون ھذه طارحة ولدھا في النار‬
‫قال الصحابة ال وﷲ يا رسول ﷲ فقال ﷲ أرحم بعباده من ھذه بولدھا‪".‬‬

‫يا كثير العفو عن من كثر الذنب لديه جاءك المذنب يرجو الصفح عن جرم لديه‬
‫أنا ضيف وجزاء الضيف إحسان إليه )نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي ھو‬
‫العذاب األليم( أحبتي في ﷲ كثيرا ما يضل اإلنسان في الطريق وينحرف عن الجادة‬
‫بوازع الجھل والھوى أحيانا واستجابة إلغراء عابث أحيانا أو لشھوة جامحة قوية األمر‬
‫الذي يھبط بمستواه اإلنسان ويحول بينه وبين الطھر والتسامي فتسقط قيمته وينحط‬
‫إلى الدرك األسفل من الرذيلة والعار تتجه قواه كلھا إلى إشباع غرائزه وإتيان لذ ائذه‬
‫فيسقط إلى منزلة البھيمة حتى إنك لتجده بأذن ال تسمع وبعين ال تبصر وبقلب ال يفقه‬
‫تجده بھيمة في مسالخ بشر واإلنسان قد تمر به ساعة تنام فيھا قواه ويغفو فيھا‬
‫ضميره وتستيقظ غرائزه فيسقط صريع الھوى والشھوة والشبھة فيا له من سقوط ويا‬
‫لحقارتھا من لذة مؤقتة تورث النار‬
‫تفنو اللذاذة ممن نال صفوتھا *** من الحرام ويبقى اإلثم والعار‬
‫تبقى عواقب سوء من مغبتھا *** ال خير في لذة من بعدھا النار‬

‫وكلنا ذوو خطأ والمعصوم من عصمه ﷲ جل وعال على كل واحد منا أن يذكر فال ينسى‬
‫أنه لم يخلق ملكا ولم يخلق بشرا معصوما وإنما ھو إنسان تتنازعه قوى الخير والشر‬
‫فتارة يغلب خيره شره فھو خير من المالئكة وتارة يغلب شره خيره فھو شر من البھائم‬
‫كما قال ]ابن القيم[ عليه رحمة ﷲ وكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون كلنا ذوو‬
‫خطأ في صحيح ]مسلم[ عن ]أبي ھريرة[ رضي ﷲ عنه قال ‪ ،‬قال رسول ﷲ صلى‬
‫ﷲ عليه وسلم "والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذھب ﷲ بكم ولجاء بقوم يذنبون‬
‫فيستغفرون ﷲ فيغفر لھم" فالبد من الخطأ والبد من التقصير وكلنا ذوو خطأ‬
‫من ذا الذي ما ساء قط *** ومن له الحسنى فقط‬
‫تريد مبرئا ال عيب فيه *** وھل نار تفوح بال دخان‬

‫لكن إياك أن تبقى على الخطأ إياك أن تدوم على المعصية فإن المعصية شؤم وإن‬
‫المعصية عذاب وإن المعصية وحشة وإن المعصية غضب من ﷲ الواحد الديان وقد‬
‫يحبس عن أمة خير بمعصية من فرد واحد لم يأمروه ولم ينھوه نسأل ﷲ أال يحرمنا خير‬
‫ما عنده من شر ما عندنا ھاھم بنو إسرائيل –كما في كتاب التوابين ]البن قدامة[‪-‬‬
‫يلحق بھم قحط على عھد ]موسى[ –عليه السالم‪ -‬فاجتمعوا إلى موسى ‪ ،‬وقالوا‪ :‬يا‬
‫ادع لنا ربك أن يسقينا الغيث ‪ ،‬فقام معھم وخرجوا إلى الصحراء ليستسقوا‬
‫ُ‬ ‫نبي ﷲ‬
‫ألفا أو يزيدون‪ ،‬فقال موسى‪ :‬إلھنا اسقنا غيثك‪ ،‬وانشر علينا رحمتك‪،‬‬
‫وھم سبعون ً‬
‫تقشعا‪،‬‬
‫ً‬ ‫الرتع‪ ،‬والشيوخ ﱡ ﱠ‬
‫الركع‪ ،‬فما ازدادت السماء إال‬ ‫الرضع‪ ،‬والبھائم ُ ﱠ‬
‫وارحمنا باألطفال ﱡ ﱠ‬
‫ذھب السحاب الذي في السماء‪ ،‬وما ازدادت الشمس إال حرارة ‪ ،‬فقال‪ :‬يا رب‬
‫عبدا يبارزني بالمعصية منذ أربعين‬
‫ً‬ ‫تسقنا‪ ،‬فقال‪ :‬يا موسى إن فيكم‬
‫ِ‬ ‫استسقيناك فلم‬
‫منعتم القطر من السماء‪ ،‬قال‪ :‬يا رب‬
‫فمره أن يخرج من بين أظھركم؛ فبشؤم ذنبه ُ ِ ْ‬
‫عاما‪ُ ْ ُ ،‬‬
‫ً‬
‫ألفا أو يزيدون؟‪ ،‬فأوحى ﷲ إليه –‬
‫عبد ضعيف وصوتي ضعيف‪ ،‬أين يبلغ وھم سبعون ً‬
‫سبحانه وبحمده‪ -‬منك النداء وعلينا البالغ‪ ،‬فقام ينادي في سبعين ألف‪ ،‬قام ينادي‬
‫عاما‪ ،‬اخرج من بين‬
‫ً‬ ‫فيھم قائال‪ :‬يا أيھا العبد العاصي الذي بارز ﷲ بالمعصية أربعين‬
‫منعنا القطر من السماء‪ ،‬فيوحي ﷲ إلي موسى أنه تلفت ھذا‬
‫أظھرنا؛ فبشؤم ذنبك ُ ِ ْ َ‬
‫يمينا وشماال لعله يخرج غيره‪ ،‬فعلم أنه المقصود بذلك‪ ،‬فقال في نفسه‪ :‬إن‬
‫ً‬ ‫العبد‬
‫جميعا بالقحط‬
‫ً‬ ‫خرجت افتضحت على رؤوس بني إسرائيل‪ ،‬وإن بقيت ھلكت وھلكوا‬
‫والجدب‪ .‬فماذا كان منه ؟ ما كان منه إال أن ادخل رأسه في ثيابه ‪ ،‬وقال‪ :‬يا رب عصيتك‬
‫نادما ‪ ،‬فاقبلني واسترني بين الخلق‬
‫ً‬ ‫تائبا‬
‫ً‬ ‫طائعا‬
‫ً‬ ‫أربعين وأمھلتني‪ ،‬واليوم قد أقبلت إليك‬
‫علت السماء سحابة بيضاء‪ ،‬فأمطرت‬
‫ْ‬ ‫ھؤالء ‪-‬يا أكرم األكرمين‪-‬؛ فلم يستتم الكالم حتى‬
‫القرب‪ ،‬فقال موسى لربه ‪-‬سبحانه وتعالي‪ -‬قال كليم ﷲ لربه‪ :‬يا رب سقيتنا ولم‬
‫كأفواه ِ َ‬
‫يخرج من بين أظھرنا أحد‪ ،‬فقال‪ :‬يا موسى أسقيتكم بالذي منعتكم به‪ ،‬بنفس العبد‬
‫الذي منعتكم به أسقيتكم به‪ ،‬قال‪ :‬يا رب أرني ھذا العبد الطائع التائب النادم‪ ،‬قال‪ :‬يا‬
‫موسى لم أكن ألفضحه وھو يعصيني أفأفضحه وھو يطيعني؟‬
‫يا من ألوذ به فيما أؤمله *** وأستعيذ به مما أحاذره‬
‫عظما أنت جابره‬
‫ً‬ ‫عظما أنت كاسره *** وال يھيضون‬
‫ً‬ ‫ال يجبر الناس‬
‫أو َ َ ُ َ‬
‫ظلموا‬ ‫فاحشة َ ْ‬
‫فعلُوا َ ِ َ ً‬ ‫إذا َ َ‬ ‫ال إله إال ﷲ‪ ،‬ما أرحم ﷲ‪ ،‬ما أحكم ﷲ‪ ،‬ھو القائل‪ َ ) :‬ﱠ ِ َ‬
‫والذين ِ َ‬
‫على َما َ َ‬
‫فعلُوا‬ ‫يصروا َ َ‬ ‫ﷲ ََ ْ‬
‫ولم ُ ِ ﱡ‬ ‫يغفر ﱡ ُ َ‬
‫الذنوب ِإال ّ ُ‬ ‫ومن َ ْ ِ ُ‬
‫م َ َ‬
‫لذنوبھ ْ‬ ‫ﷲ َ ْ َ ْ َ ُ‬
‫فاستغفروا ِ ُ ُ ِ ِ‬ ‫ذكروا َ‬ ‫َْ ُ َ ُ ْ‬
‫أنفسھم َ َ ُ‬
‫تحتھا‬
‫تجري ِمن َ ْ ِ َ‬
‫وجنات َ ْ ِ‬
‫ربھم َ َ ﱠ ٌ‬
‫مغفرة من ِ ّ ِ ْ‬
‫جزاؤھم ْ ِ َ ٌ‬ ‫يعلمون( ما جزاؤھم ؟ ) ُ ْ َ ِ َ‬
‫أولئك َ َ ُ ُ‬ ‫وھم َ ْ َ ُ َ‬
‫َ ُ ْ‬
‫العاملين( ھو القائل كما أخبر المصطفى –صلى ﷲ عليه‬ ‫أجر ْ َ ِ ِ َ‬ ‫فيھا َ ِ ْ َ َ‬
‫ونعم ْ ُ‬ ‫خالدين ِ َ‬
‫األنھار َ ِ ِ َ‬
‫ْ َ ُ‬
‫وسلم‪ -‬في الحديث القدسي " يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان‬
‫منك وال أبالي‪ ،‬يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ‪ ،‬يا ابن‬
‫ً‬
‫شيئا ألتيتك بترابھا مغفرة"‬ ‫آدم لو أتيتني بتراب األرض خطايا ثم لقيتني ال تشرك بي‬
‫دائما *** وال يزل مھما ھفا العبد عفا‬
‫ً‬ ‫سبحان من يعفو ونھفو‬
‫يعطي الذي يخطي وال يمنعه *** جالله عن العطا لذي َ َ‬
‫الخطا‬

‫يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النھار‪ ،‬ويبسط يده بالنھار ليتوب مسيء الليل حتى‬
‫تطلع الشمس من مغربھا ‪ ،‬ھو القائل كما في الحديث القدسي "يا عبادي إنكم‬
‫جميعا ‪ ،‬فاستغفروني أغفر لكم" ھو القائل في‬
‫ً‬ ‫تخطئون بالليل والنھار‪ ،‬وأنا أغفر الذنوب‬
‫عنكم‬ ‫ربكم َأن ُ َ ِ ّ َ‬
‫يكفر َ ُ ْ‬ ‫عسى َ ﱡ ُ ْ‬
‫نصوحا َ َ‬ ‫ﷲ ََْ ً‬
‫توبة ُ ً‬ ‫توبوا ِ َ‬
‫إلى ِ‬ ‫آمنوا ُ ُ‬
‫الذين َ ُ‬ ‫كتابه ‪) :‬يا َ ﱡ َ‬
‫أيھا ﱠ ِ َ‬
‫آمنوا‬ ‫النبي َ ﱠ ِ َ‬
‫والذين َ ُ‬ ‫ﷲ ﱠِ ﱠ‬ ‫يوم ال َ ُ ْ ِ‬
‫يخزى ُ‬ ‫األنھار َ ْ َ‬
‫تحتھا ْ َ ُ‬
‫تج ِري ِمن َ ْ ِ َ‬ ‫جناتٍ َ ْ‬ ‫سيئاتكم َ ُ ْ ِ َ ُ ْ‬
‫ويدخلكم َ ﱠ‬ ‫َ ِّ َ ِ ُ ْ‬
‫وبأيمانھم( ما أكرم ﷲ ‪-‬جل وعال‪ !-‬ما أكرم ﷲ ‪-‬سبحانه‬ ‫أيديھم َ ِ َ ْ َ ِ ِ ْ‬
‫بين َ ْ ِ ِ ْ‬
‫يسعى َ ْ َ‬
‫نورھم َ ْ َ‬
‫معه ُ ُ ُ ْ‬‫َ َ ُ‬
‫وتعالى‪ !-‬ھو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات‪ ،‬ويعلم ما تفعلون‪ ،‬ولن‬
‫يھلك على ﷲ إال ھالك ‪ ،‬فيا مخطئاً وكلنا ذوو خطأ‪ ،‬ويا من سقط في المعصية وكلنا‬
‫وغسل‬
‫ِّ‬ ‫ذاك الرجل‪ ،‬ويا من ﱠ ْ‬
‫زلت قدمه وكلنا ذاك الرجل‪ ،‬صحح أخطاءك‪ ،‬وعالج أمراضك‪،‬‬
‫نفسك مما قد ران عليھا‪ ،‬واستأنف الحياة في ثوب التوبة النقي النظيف‪ ،‬واسمع‬
‫تفلحون(‬ ‫المؤمنون َ َ ﱠ ُ ْ‬
‫لعلكم ُ ْ ِ ُ َ‬ ‫جميعا َ ﱡ َ‬
‫أيھا ْ ُ ْ ِ ُ َ‬ ‫وتوبوا ِ َ‬
‫إلى ِ‬
‫ﷲ َ ِ ً‬ ‫لداعي ﷲ ‪-‬جل وعال‪ -‬يوم يقول‪ُ ُ َ ) :‬‬
‫نادما *** به ترأى أبواب الجنان الثماني‬
‫ً‬ ‫توضأ بماء التوبة اليوم‬

‫كلنا ذوو خطأ‪ ،‬وﷲ يمھل وال يھمل‪ ،‬ويحب التوابين والمتطھرين‪ ،‬ولذلك فتح باب التوبة‬
‫أمام المخطئين ليتوبوا ويؤوبوا ويعودوا إلى رشدھم‪ ،‬فيغفر لھم ما اقترفوه من إثم‬
‫وباطنا‪.‬‬
‫ً‬ ‫وظاھرا‬
‫ً‬ ‫وخطيئة وموبقة وصغيرة وكبيرة ؛ فله الحمد أوال وآخر‬

‫كثيرا‪ ،‬وھو موحد‬


‫ً‬ ‫ھاھو كما في ]البخاري[‪ :‬رجل من بني إسرائيل أسرف على نفسه‬
‫لم يشرك با‪– 9‬جل وعال‪ -‬قتل وزنا وسرق وغش وكذب واحتال وشھد الزور وأساء كل‬
‫يعف منھا أحد‬
‫اإلساءة‪ ،‬انتھك حرمات ﷲ‪ ،‬تكبر وتجبر‪ ،‬وحلت به سكرات الموت التي لم ُ َ‬
‫حتى رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬جمع أبناءه في تلك الساعة ‪ ،‬ساعة ال ينفع‬
‫فيھا مال ‪ ،‬وال ينفع فيھا ولد‪ ،‬وال ينفع فيھا منصب‪ ،‬وال ينفع فيھا جاه‪ ،‬جمع أوالده وقال‪:‬‬
‫خيرا قط‪ ،‬غير أني‬
‫ً‬ ‫أي أبٍ كنت لكم ؟ قالوا‪ :‬خير أب‪ ،‬قال‪ :‬فوالذي نفسي بيده ما عملت‬
‫نارا‪ ،‬ثم القوني في النار حتى أصير‬
‫في ً‬‫ﱠ‬ ‫أشھد أن ال إله إال ﷲ‪ ،‬فإذا أنا مت فأضرموا‬
‫فحما‪ ،‬ثم اسحقوني‪ ،‬ثم زروني مع الريح‪ ،‬فمات فنفذوا وصيته‪ ،‬أضرموا له النار‪ ،‬ورموه‬
‫ً‬
‫فحما‪ ،‬ثم سحقوه‪ ،‬ثم ذروه مع الريح‪ ،‬تفرق على ذرى الجبال‪ ،‬وعلى‬
‫ً‬ ‫فيھا حتى صار‬
‫والوھاد وعلى األنھار‪ ،‬لكن الذي بدأه أول مرة يعيده‪،‬‬
‫ِ َ‬ ‫رؤوس األشجار‪ ،‬وعلى السھول‬
‫قال ﷲ له‪ :‬كن فكان‪ ،‬قال‪ :‬يا عبدي ما حملك على ما صنعت؟ أما علمت أني أستر‬
‫العيب‪ ،‬وأغفر الذنب‪ ،‬قال‪ :‬يا رب خفتك وخشيت ذنوبي‪ ،‬قال‪ :‬أشھدكم يا مالئكتي بأني‬
‫قد غفرت له وأدخلته الجنة‪ .‬فال إله إال ﷲ‪ ،‬ما أرحم ﷲ! ما ألطف ﷲ بعباده! ما أحلم‬
‫رحيما(‬
‫غفورا ِ ً‬
‫ﷲ َ ُ ً‬
‫يجد َ‬
‫ﷲ َ ِ ِ‬
‫يستغفر َ‬
‫ثم َ ْ َ ْ ِ ِ‬
‫نفسه ُ ﱠ‬
‫يظلم َ ْ َ ُ‬ ‫سوء َ ْ‬
‫أو َ ْ ِ ْ‬ ‫يعمل ُ ً‬
‫ومن َ ْ َ ْ‬
‫ﷲ على عباده! ) َ َ‬
‫وكلنا ذوو خطأ ‪.‬‬

‫بغي‪ ،‬بارعة الجمال‪ ،‬ال تمكن من نفسھا إال بمائة دينار‪ ،‬وتمر على عابد ما‬
‫ھاھي امرأة َ ِ ّ‬
‫عصى ﷲ طرفة عين‪ ،‬يتعبد ‪ 9‬في صومعة من الصوامع فيفتتن بھا‪ ،‬وصدق رسول ﷲ‬
‫افتتن بھا فراودھا على نفسھا‪،‬‬
‫–صلى ﷲ عليه وسلم‪" :-‬فاتقوا الدنيا واتقوا النساء" ُ‬
‫درھما‪ ،‬فماذا كان منه؟‬
‫ً‬ ‫دينارا وال‬
‫ً‬ ‫فأبت أن تمكنه إال بمائة دينار‪ ،‬وھو ال يملك رياال وال‬
‫يكد ويتعب‪ ،‬وجمع المائة الدينار‪ ،‬ثم ذھب إلى ھذه‬
‫ﱡ‬ ‫كان منه أن ترك صومعته وذھب‬
‫البغي في بيتھا وفي قصرھا‪ ،‬طرق عليھا الباب ولما طرق عليھا الباب خرجت‪ ،‬ويوم‬
‫خرجت قال لھا‪ :‬ھا أنا ذا‪ ،‬قد جمعت المائة دينار وجئت‪ ،‬قالت‪ :‬ادخل‪ ،‬فدخل إليھا في‬
‫قصرھا‪ْ َ َ َ ،‬‬
‫فعلت على سرير من ذھب وتزينت في كامل زينتھا‪ ،‬ويوم تزينت في كامل‬
‫جالسا‪ ،‬قالت‪ :‬قد كنت تزعم أنك ستجمع وتأتي‪ ،‬فلما‬
‫ً‬ ‫إلي‪ ،‬فسقط‬
‫ّ‬ ‫ھلم‬
‫ﱠ‬ ‫زينتھا قالت‪:‬‬
‫مكنتك من نفسي تجلس‪ ،‬قال‪ :‬ذكرت وقوفي بين يدي ﷲ –عز وجل‪ -‬فلم تحملني‬
‫ً‬
‫أيضا إال أن ارتعدت وارتعشت وخافت ووجلت وقالت‪ :‬ال‬ ‫أعضائي ألقف‪ ،‬فما كان منھا ھي‬
‫تخرج من ھذا البيت حتى تتزوجني‪ ،‬قال‪ :‬لكني وﷲ ال أتزوجك‪ ،‬وإنما خذي ھذه‬
‫الدنانير ودعيني أخرج‪ ،‬قالت‪ :‬ال تخرج حتى توافق على الزواج مني ‪ ،‬فماذا كان منه ؟‬
‫قال‪ :‬بلدي في المكان الفالني ‪ ،‬وعلك إن جئت تائبة لعلي أن أتزوجك‪- ،‬وھو يريد‬
‫نادما على‬
‫ً‬ ‫نادما على تفكيره في عمل المعصية‪،‬‬
‫ً‬ ‫الخالص منھا‪ -‬أما ھو فذھب وخرج‬
‫تركه العبادة ليجمع المائة دينار ليزني بھا‪ ،‬كما يفعل بعض شبابنا اليوم –ھداھم ﷲ‪-‬‬
‫يوم يجمعون دراھمھم ودنانيرھم ليذھبوا ليعصوا ﷲ في بالد الكفر والعري‪ ،‬ثم يرجعوا‬
‫ً‬
‫شيئا‪ ،‬وكأن ﷲ –عز وجل سبحانه وبحمده وله العزة والجالل‪ -‬كأنه ال‬ ‫وكأن لم يكن‬
‫يراقبھم إال في جزيرة العرب ‪ ،‬أما ھي فأقلقتھا بشاعة الفاحشة وآلمتھا مرارة الكبيرة‬
‫ولسعتھا مرارة المعصية وما كان منھا إال أن رجعت إلى ﷲ‪ ،‬وتابت إلى ﷲ‪ ،‬وذھبت‬
‫سببا في توبتھا إلى ﷲ‪ -‬جل وعال‪ -‬ذھبت إليه في قريته‪ ،‬وسألت‬
‫ً‬ ‫تبحث عمن كان‬
‫عنه‪ ُ ،‬ﱠ‬
‫فدلت على بيته‪ ،‬فلما وصلت إلى البيت طرقت الباب فخرج‪ ،‬فتذكر يوم كادت تزل‬
‫قدمه‪ ،‬فشھق شھقة عظيمة فمات –كما ذكر ذلك ]ابن قدامة[ في كتابه التوابين ‪.-‬‬
‫حبا فيه‪ ،‬فقالوا‪ :‬له‬
‫قريبا من أقربائه ً‬
‫ً‬ ‫ألتزوجن‬
‫ﱠ‬ ‫عظيما‪ ،‬وقالت‪:‬‬
‫ً‬ ‫حزنا‬
‫ً‬ ‫فكان منھا أن حزنت‬
‫حبا في أخيه‪ ،‬فتزوجت ھذا العبد الصالح الفقير التقي أخو‬
‫أخ فقير تقي‪ ،‬قالت‪ :‬أتزوجه ً‬
‫ذلك الصالح التقي‪ ،‬فجعل ﷲ من نسلھا ومن نسله سبعة من الصالحين العابدين‬
‫الزاھدين‪ ،‬فال إله إال ﷲ! ما أعظم شأن التوبة! وكلنا ذوو خطأ‪ ،‬فھل من توبة؟ وھل من‬
‫يدعي اإلنسان التوبة ثم ال يتوب؟‬
‫أوبة؟‪ ،‬آن لنا أن نتوب‪ ،‬آن لنا أن نؤوب أيھا األحبة‪ .‬قد ﱠ‬
‫إن ذلك كقول غاسل الثياب‪ :‬قد غسلتھا ولم يغسلھا بعد‪ ،‬فالقول ال ينظف الثياب‪،‬‬
‫وادعاء التوبة ال ينظف القلوب‪ ،‬والنفس البشرية كالطفل إن أھملتھا ضاعت وضلت‬
‫ِّ‬
‫وأدبتھا صلحت واستقامت‪ ،‬بل ھي كالبعير إن علفته‬
‫وخسرت وتاھت‪ ،‬وإن ھذبتھا ﱠ‬
‫وند وھرب‪ ،‬والنفس بطبيعتھا تميل إلى الشھوات‪،‬‬
‫صد ﱠ‬‫ﱠ‬ ‫وغذيته سكن وثبت‪ ،‬وإن تركته‬
‫وتميل إلى الملذات‪ ،‬ووﷲ ال فالح لنفس وال نجاح وال فوز إال بالعودة إلى بارئھا ‪-‬‬
‫دساھا(‬
‫خاب َمن َ ﱠ َ‬ ‫زكاھا َ َ ْ‬
‫وقد َ َ‬ ‫قد َ ْ َ َ‬
‫أفلح َمن َ ﱠ َ‬ ‫سبحانه وبحمده‪ -‬القائل‪ْ َ ) :‬‬
‫ينفطم‬
‫ِ‬ ‫تفطمه‬
‫ْ‬ ‫والنفس كالطفل إن تھمله شب على *** حب الرضاع وإن‬
‫خالف ھواك إذا دعاك لريبة *** فال خير في مخالفة الھوى‬
‫حتى متى ال ترعوي يا صاحبي ***حتى متى وإلى متى وإلى متى‬

‫ھاھو أحد صحابة رسول ﷲ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم‪] -‬أبو محجن الثقفي[ ممن أسلم‬
‫مع ثقيف حين أسلمت ورأى رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬ولكنه تمادى في شرب‬
‫الخمر‪ ،‬تلك الكبيرة من الكبائر‪ ،‬وما زال ُيجلد بعد عھد رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه‬
‫وسلم‪ -‬فلما أكثر من ذلك سجنوه وأوثقوه ‪ ،‬فلما كان يوم القادسية رأى أن المشركين‬
‫مسجونا في‬
‫ً‬ ‫قد أصابوا من المسلمين ‪ ،‬فأرسل المرأة ]سعد بن أبي وقاص[‪ ،‬وقد كان‬
‫بيت سعد ‪ ،‬قائال ً ‪ :‬يا بنت آل حفصة ھل لك إلى خير؟ قالت‪ :‬وما ذاك ؟ قال‪ّ ِ ُ :‬‬
‫تخلي‬
‫علي‬
‫ّ‬ ‫عني ‪ ،‬وتعيرنني البلقاء ‪-‬فرس ]سعد بن أبي وقاص[– فأقاتل مع المسلمين‪ ،‬و‪9‬‬
‫ﱠ َ‬
‫سلمني ﷲ أن أرجع فأضع رجلي في القيد كما كنت‪ ،‬قالت‪ :‬ما أنا وذاك‪ ،‬فرجع‬ ‫إن‬
‫يرسف في قيوده‪ ،‬نفسه مشتاقة للجھاد في سبيل ﷲ‪ ،‬ويرى أن المسلمين ُينال‬
‫منھم ما ينال‪ ،‬فيقول‪:‬‬
‫على وثاقيا‬
‫ﱠ‬ ‫مشدودا‬
‫ً‬ ‫تردي الخيل بالقنا *** وأترك‬
‫َ‬ ‫حزنا أن ُ‬
‫ً‬ ‫كفى‬
‫تصم المناديا‬
‫ﱡ‬ ‫إذا قمت عن نار الحديد ُ ِ ّ‬
‫وغلقت *** مصاريع دوني قد‬
‫أخ ليا‬
‫واحدا ال َ‬
‫ً‬ ‫وقد كنت ذا مال كثير وأخوة *** فقد تركوني‬
‫فلله عھد ال أقيس بعھده *** ألن فرجت أال أزور الحوانيا‬
‫فقالت ]سلمى[‪ :‬لقد اخترت ﷲ ورضيت بعھدك‪ ،‬فأطلقته‪ ،‬وأعطته فرس ]سعد[ الذي‬
‫سالحا‪ ،‬فخرج كاألسد يركض حتى لحق بالجيش‬
‫ً‬ ‫كان في الدار‪ ،‬وأعطته مع ذلك‬
‫مشرك إال دق صلبه وقتله‪ ،‬حمل على ميسرة‬
‫ٍ‬ ‫المسلم‪ ،‬فجعل ال يزال يحمل على‬
‫عظيما‪ ،‬حتى تعجب‬
‫ً‬ ‫قصفا‬
‫ً‬ ‫ليلتئذ‪-‬‬
‫ِ ٍ‬ ‫القوم‪ ،‬ثم حمل على ميمنة القوم‪ ،‬كان يقصفھم ‪-‬‬
‫الناس منه وھم ال يعرفونه‪ ،‬تعجب سعد وھو يرقب المعركة‪ ،‬ويقول‪ :‬من ذلك الفارس‬
‫لم يظھر إال في آخر النھار؟ تساؤالت ترد على ذھن سعد ولم‬
‫ولم ْ‬
‫ولم يتلثم؟ ِ َ‬
‫الملثم؟ ِ َ‬
‫يلبسوا إال قليال حتى ھزم أعداء ﷲ ‪-‬عز وجل‪ -‬ورجع أبو محجن ورد السالح‪ ،‬وجعل‬
‫رجليه في القيد‪ ،‬وعاد سعد‪ ،‬فقالت امرأته‪ :‬ھنيًئا لكم النصر‪ ،‬كيف قتالكم اليوم؟ فجعل‬
‫ْ‬
‫يخبرھا‪ ،‬ويقول‪ :‬لقي جند ﷲ ما لقي‪ ،‬ولقوا ولقوا ويذكر لھا حتى بعث ﷲ رجال على‬
‫فرس أبلق‪ ،‬فلوال وﷲ أني تركت أبا محجن في القيد لقلت‪ :‬إنھا بعض شمائل أبي‬
‫محجن‪ ،‬قالت‪ :‬إنه ‪-‬وﷲ‪ -‬ألبي محجن‪ ،‬وذكرت له ما كان من أمره؛ من أمره كذا وكذا‪،‬‬
‫فما كان من سعد إال أن ذرف الدموع‪ ،‬وقال‪ :‬حلوا قيوده ‪ ،‬وأتوني به‪ ،‬فأتوا به إليه‪ ،‬قال‪:‬‬
‫أبدا ‪ ،‬قال‪ :‬ال وﷲ ما‬
‫يا أبا محجن ‪-‬وﷲ‪ -‬إني ألرجو ﷲ أال أجلدك على خمر بعد اليوم ً‬
‫أبدا ‪ ،‬قد كنت أشربھا فتطھرني بالحد والجلد‪ ،‬وأما اليوم فإن شربتھا‬
‫أشربھا بعد اليوم ً‬
‫أبدا ‪.‬‬
‫فال يطھرني إال النار‪ ،‬فلم يشربھا بعد ذلك ً‬
‫فاتھم‬
‫محضاك النصح ﱠ‬ ‫فخالف النفس والشيطان وأعصھما *** وإن ھما ﱠ‬
‫منه َ َ ْ‬
‫وفضال( فمن تجيب‬ ‫يعدكم ْ ِ َ ً‬
‫مغفرة ْ ُ‬ ‫وﷲ َ ِ ُ ُ‬
‫بالفحشاء َ ُ‬ ‫الفقر َ َ ْ ُ ُ ُ‬
‫ويأمركم ِ ْ َ ْ َ ِ‬ ‫يعدكم ْ َ ْ َ‬ ‫) ﱠ ْ َ ُ‬
‫الشيطان َ ِ ُ ُ ُ‬

‫أخي المسلم؟ العز في كنف العزيز‪ ،‬ومن عبد العبيد َ ﱠ‬


‫أذله ﷲ ‪ .‬ھاھو شاب قوي وسيم‬
‫ألولى َ ْ َ‬
‫األلبابِ َما‬ ‫عبرة ُ ِ‬ ‫كان ِفي َ َ ِ ِ ْ‬
‫قصصھم ِ ْ َ ٌ‬ ‫–وأنا ما أورد ھذا القصص إال ألن فيه عبرة ) َ َ ْ‬
‫لقد َ َ‬
‫أوج شھوته وشدة شھوته ‪ ،‬لكنھا‬
‫حيي عالم في ْ‬
‫ﱞ‬ ‫يفترى(‪ -‬قوي وسيم‬ ‫كان َ ِ ً‬
‫حديثا ُ ْ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫مربوطة شھوته بقال ﷲ وقال رسوله –صلى ﷲ عليه وسلم‪ ،-‬عمره ال يجاوز الثالثين ؛‬
‫وفجار يتواصون على إفساد الناس وليسوا‬
‫ﱠ‬ ‫فساق‬
‫ّ‬ ‫ھو ]الربيع بن خثيم[ ‪ ،‬كان في بلده‬
‫في بلد ]الربيع[ ‪ ،‬ھم في بلدي وفي بلدك وفي كل بلد‪ ،‬ثلة تسمى فرقة الصد عن‬
‫سبيل ﷲ‪ ،‬يھمھا أن تقود شباب األمة وشيبھا ونساءھا إلى النار ‪ ،‬تأخذ بحجزھا‬
‫لترميھا على وجھھا في النار‪ ،‬من أطاعھا فليس أمامه إال النار‪ -‬تواصوا على إفساد‬
‫قبلة‬
‫]الربيع[ ‪ ،‬فجاءوا بھذه الغانية‪ ،‬وقالوا‪ :‬ھذا ألف دينار‪ ،‬قالت‪ :‬عالم؟ قالوا‪ :‬على ُ ْ‬
‫واحدة من ]الربيع[ ‪ ،‬قالت‪ :‬ولكم فوق ذلك أن يزني ‪ ،‬ثم ذھبت وتعرضت له في ساعة‬
‫خلوة ‪ ،‬وأبدت مفاتنھا ووقفت أمامه ‪ ،‬فلما رآھا خرج فيھا قائال‪ :‬يا أمة ﷲ كيف بك إذا‬
‫نزل ملك الموت فقطع منك حبل الوتين؟ أم كيف بك يوم يسألك منكر ونكير؟ أم كيف بك‬
‫ترمين في الجحيم؟‬
‫يدي الرب العظيم؟ أم كيف بك إن لم تتوبي يوم ُ َ ْ‬
‫ْ‬ ‫يوم تقفين بين‬
‫فصرخت ﱠ‬
‫وولت ھاربة تائبة عابدة عائدة إلى ﷲ ‪-‬عز وجل‪ -‬تقوم من ليلھا ما تقوم ‪،‬‬
‫فلقبت بعد ذلك بـعابدة الكوفة‪ ،‬وكان يقول ھؤالء‬ ‫ِّ‬ ‫وتصوم من أيامھا ما تصوم ‪،‬‬

‫األرضِ‬ ‫تطع َ ْ َ َ‬
‫أكثر َمن ِفي ْ‬ ‫وإن ُ ِ ْ‬
‫المفسدون‪ :‬أردنا أن تفسد الربيع فأفسدھا الربيع علينا‪ِ َ ) .‬‬
‫ﷲ( ) َ َ َ‬ ‫ُ ِ ﱡ َ‬
‫بمؤمنين( فإياك وداعي الشر‪ ،‬إياك‬
‫حرصت ِ ُ ْ ِ ِ َ‬
‫الناسِ ولو َ َ ْ َ‬ ‫وما ْ َ ُ‬
‫أكثر ﱠ‬ ‫سبيل ِ‬
‫يضلوك َعن َ ِ ِ‬
‫ودعاة الشر‪ ،‬واسمع لرسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬وھو يدعوك إلى أن تضبط‬
‫نفسك في أي مكان كنت ‪ ،‬أو في أي زمان كنت ‪" ،‬اتقِ ﷲ حيثما كنت‪ ،‬واتبع السيئة‬
‫إنك َ َ‬
‫على‬ ‫إليك ِ ﱠ َ‬ ‫بالذي ُ ِ َ‬
‫أوحى ِ َ ْ َ‬ ‫بالحسنة تمحھا ‪ ،‬وخالق الناس بخلق حسن" ) َ ْ َ ْ ِ ْ‬
‫فاستمسك ِ ﱠ ِ‬
‫تسأَل َ‬
‫ُون( وكلنا ذوو خطأ‪ ،‬لكن الحسنات‬ ‫ولقومك َ َ ْ َ‬
‫وسوف ُ ْ‬ ‫لذكر َ َ‬
‫لك َ ِ َ ْ ِ َ‬ ‫وإنه َ ِ ْ ٌ‬
‫مستقيم َ ِ ﱠ ُ‬
‫صراط ُ ْ َ ِ ٍ‬
‫ِ َ ٍ‬
‫ذنبا‪ ،‬وال تستصغر معصية‪ ،‬وال تستصغر كبيرة‪ ،‬وال تنظر إلى‬
‫يذھبن السيئات‪ ،‬فال تحقر ً‬
‫صغر المعصية‪ ،‬ولكن انظر إلى عظمة من عصيت‪ ،‬القائل كما في األثر "وعزتي وجاللي‬
‫ال يكون عبد من عبيدي على ما أحب فينتقل إلى ما أكره إال انتقلت له مما يحب إلى‬
‫ما يكره" يقول ]أنس[ ‪-‬رضى ﷲ عنه وأرضاه‪ :-‬إنكم لتعملون أعماال ھي أدق في‬
‫أعينكم من الشعر‪ ،‬إن كنا لنعدھا على عھد رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬من‬
‫الموبقات يقول ھذا لمن؟ لخير جيل عرفته البشرية‪ ،‬ولخير فرقة عرفتھا البشرية‪ ،‬ولخير‬
‫القرون كما أخبر بذلك النبي –صلى ﷲ عليه وسلم‪ ،-‬يقول ذلك للصحابة والتابعين‪ .‬فيا‬
‫أيھا الحبيب إنما يعظم الذنب في قلب المؤمن لعلمه بجالل ﷲ –سبحانه وبحمده‪ ،-‬إن‬
‫المؤمن ليرى ذنوبه كأنه قاعد تحت أصل جبل‪ ،‬يخاف أن يقع ھذا الجبل عليه‪ ،‬وإن‬
‫مر على أنفه فأطاره بيده‪ .‬فيا أيھا المخطئون إياكم ومحقرات‬
‫المنافق ليرى ذنوبه كذباب ﱠ‬
‫الذنوب ‪ ،‬فإن لھا من ﷲ طالبا‪ ،‬وإياكم ومحقرات الذنوب فإنھا تجتمع على الرجل‬
‫فتھلكه‪.‬‬
‫التقى‬
‫خل الذنوب صغيرھا *** وكبيرھا ذاك ﱡ َ‬
‫ِّ‬
‫واصنع كماشٍ فوق أرض *** الشوك يحذر ما يرى‬
‫ال تحقرن صغيرة *** إن الجبال من الحصى‬

‫يا أيھا المخطئون ‪-‬وكلنا ذو خطأ‪ -‬أفيقوا وأقلعوا عن ذنوبكم‪ ،‬واعزموا على أال تعودوا‪،‬‬
‫دمعا‪ ،‬والقلب خشية‪ ،‬وردوا الحقوق إلى أھلھا قبل أال يكون‬
‫ً‬ ‫ندما يورث العين‬
‫ً‬ ‫واندموا‬
‫يعض الظالم على‬
‫ﱡ‬ ‫درھم وال دينار‪ ،‬وإنما التعامل يكون بالحسنات والسيئات‪ ،‬وعندھا‬
‫يديه حتى يأكلھا وال ينفعه ندم‪ ،‬وال تنفعه حسرة‪ ،‬لو كان الندم ھنا لنفعه‪ ،‬ولو كانت‬
‫الحسرة ھنا لنفعه‪ ،‬لو قال‪ :‬يا رب في الدنيا لقال ﷲ‪ :‬لبيك وسعديك يا عبدى‪،‬‬
‫أشھدكم أني قد غفرت له‪.‬‬

‫وتذكر يا من أخطأ ‪-‬وكلنا ذو خطأ‪ -‬أننا على ﷲ قادمون‪ ،‬وإليه راجعون‪ ،‬وبين يديه‬
‫فرحا‪،‬‬
‫ً‬ ‫مسؤولون‪ ،‬فمنا من يقدم عليه كالرجل المسافر الغريب القادم على أھله‪ ،‬تراه‬
‫مسرورا‪ ،‬يوم يلقى أحبته وأھله وأبناءه وأصحابه ِ ﱠ‬
‫وخالنه‪ ،‬ومنا من يقدم على ﷲ ‪-‬‬ ‫ً‬ ‫وتراه‬
‫كسيرا‬
‫ً‬ ‫خائفا‬
‫ً‬ ‫وجال‬
‫حسيرا َ ِ‬
‫ً‬ ‫عز وجل‪ -‬قدوم العبد اآلبق الشارد عن سيده‪ ،‬تجده ذليال‬
‫يوم ْ ِ َ َ ِ‬
‫القيامة( شتان بين الفريقين‪،‬‬ ‫آمنا َ ْ َ‬ ‫خير َأم من َ ْ ِ‬
‫يأتي ِ ً‬ ‫النار َ ْ ٌ‬
‫يلقى ِفي ﱠ ِ‬ ‫مھانا ) َ َ َ‬
‫أفمن ُ ْ َ‬ ‫ً‬
‫السعير(‪ .‬يا من قسا قلبه‪ ،‬ويا‬
‫ﱠ ِ ِ‬ ‫الجنة َ َ ِ ٌ‬
‫وفريق ِفي‬ ‫فريق ِفي ْ َ ﱠ ِ‬
‫مغرب ) َ ِ ٌ‬
‫مشرق و ُ ِّ‬
‫ِّ‬ ‫شتان بين ُ‬
‫من صدت نفسه فأمرته بالسوء والفحشاء‪ ،‬ھال زرت المقابر‪ ،‬ھال ذھبت وأحييت ھذه‬
‫السنة التي كادت تموت بيننا‪ ،‬ھل ذھبت إلى المقابر فزرتھا ودعوت ﷲ ‪-‬عز وجل‪ -‬لھم‬
‫لترى فيھا اآلباء واألمھات‪ ،‬لترى فيھا اإلخوان واألخوات‪ ،‬لترى فيھا األحباب واألصحاب‬
‫وارتھنوا باألعمال‪ ،‬ما كأنھم فرحوا مع من فرح‪ ،‬وال كأنھم‬
‫ُ ِ‬ ‫توسدوا التراب‪،‬‬
‫والخالن قد ُ ﱠ ُ‬
‫حيل بينھم وبين ما يشتھون‪،‬‬
‫ضحكوا مع من ضحك‪ ،‬وال كأنھم تمتعوا مع من تمتع‪ ،‬قد ِ‬
‫قريبا‪ -‬ستكون بينھم‪ ،‬ووﷲ لن تكون إال في روضة أو حفرة ‪ ،‬القبر روضة‬
‫ثم اعلم أنك ‪ً -‬‬
‫خيرا فالذي من بعده أفضل عند ربنا لعبده‪،‬‬
‫ً‬ ‫يك‬
‫من الجنان‪ ،‬أو حفرة من حفر النيران‪ ،‬إن ُ‬
‫شرا فما بعد أشد ‪ ،‬ويل لعبد عن سبيل ﷲ صد‪.‬‬
‫ً‬ ‫وإن يك‬

‫ً‬
‫مسرفا على نفسه‪ ،‬وكان له أم تعظه فال يتعظ ‪ ،‬فمر في يوم‬ ‫العيار[‪ ،‬كان‬
‫ﱠ‬ ‫ھاھو ]دينار‬
‫من األيام بمقبرة كثيرة العظام قد خرجت العظام من المقبرة ‪ ،‬فتذكر مصيره ‪ ،‬وتذكر‬
‫عظما نخراً في يده ففتته‪ ،‬ثم فكر في نفسه‬
‫ْ ً‬ ‫نھايته ‪ ،‬وتذكر أنه على ﷲ قادم ‪ ،‬أخذ‬
‫مكبة‬
‫ﱠ‬ ‫ترابا‪ ،‬وما زلت‬
‫ً‬ ‫رفاتا‪ ،‬وجسمك‬
‫ً‬ ‫غدا قد صار عظمك‬
‫وقال‪ :‬ويحك يا نفسي‪ ،‬كأني بك ً‬
‫على المعاصي واللذائذ والشھوات‪ ،‬ثم ندم وعزم على التوبة‪ ،‬ورفع رأسه للسماء قائال‪:‬‬
‫إلھي ألقيت إليك مقاليد أمري‪ ،‬فاقبلني واسترني يا أرحم الراحمين‪ ،‬ثم مضى إلى أمه‬
‫جنه الليل أخذ في القيام والبكاء‪ ،‬وأخذ في‬
‫متغير اللون‪ ،‬منكسر القلب‪ ،‬فكان إذا ﱠ‬
‫النحيب وھو يقول‪ :‬يا دينار ألك قوة على النار؟ يا دينار ألك قوة على النار؟ كيف تعرضت‬
‫أياما يقوم ليله‪ ،‬ويناجي ربه‪ ،‬ويناجي نفسه يؤدبھا‬
‫ً‬ ‫لغضب الجبار؟ وظل على ذلك‬
‫ويحاسبھا‪ ،‬فرفقت به أمه يوم رأت جسمه قد ھزل‪ ،‬ويوم رأت صحته بدأت تتدھور‪،‬‬
‫فقالت‪ :‬ارفق بنفسك قليال‪ ،‬فقال‪ :‬يا أماه دعيني أتعب قليال لعلي أستريح طويال‪ ،‬يا‬
‫يدي الجليل‪ ،‬وال أدري إلى ظل ظليل‪ ،‬أم إلى شر مقيل؟ إني‬
‫ْ‬ ‫موقفا بين‬
‫ً‬ ‫أماه إن لي‬
‫وتوبيخا ال عفو معه‪ ،‬قالت‪ :‬بنياه أكثرت من إتعاب نفسك؟‪،‬‬
‫ً‬ ‫أخاف عناء ال راحة بعده‪،‬‬
‫حبسا طويال‪ ،‬وإن له‬
‫ً‬ ‫عقيما‪ ،‬إن البنك في القبر‬
‫ً‬ ‫قال‪ :‬راحتھا أريد‪ ،‬يا أماه ليتك كنت بي‬
‫ليال وھو يقرأ قول ﷲ‪ ،‬ويقوم ليله‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫يدي الرحمن طويال‪ ،‬وتمر‬ ‫ْ‬ ‫ً‬
‫وقوفا بين‬ ‫من بعد ذلك‬
‫عما‬ ‫لنسألنھم َ ْ َ ِ َ‬
‫أجمعين َ ﱠ‬ ‫فوربك َ َ ْ َ َ ﱠ ُ ْ‬
‫ُون( ) َ َ َ ِ ّ َ‬
‫يعمل َ‬ ‫عما َ ُ‬
‫كانوا َ ْ َ‬ ‫لنسألنھم َ ْ َ ِ َ‬
‫أجمعين َ ﱠ‬ ‫فوربك َ َ ْ َ َ ﱠ ُ ْ‬
‫بقول ﷲ ) َ َ َ ِ ّ َ‬
‫مغشيا عليه‪ ،‬فيا مخطئ –وكلنا ذوو خطأ‪ْ َ َ ) -‬‬
‫ألم‬ ‫ً‬ ‫ُون( فيبكى ويضطرب‪ ،‬ثم يخر‬ ‫يعمل َ‬ ‫َ ُ‬
‫كانوا َ ْ َ‬
‫آمنوا َأن‬
‫للذين َ ُ‬
‫يأن ِ َ‬ ‫الحق( ) َ َ ْ‬
‫ألم َ ْ ِ‬ ‫من ْ َ ّ ِ‬
‫نزل ِ َ‬
‫وما َ َ َ‬‫ﷲ َ َ‬ ‫ُوبھم ِ ِ ْ ِ‬
‫لذكر ِ‬ ‫آمنوا َأن َ ْ َ َ‬
‫تخشع ُقل ُ ُ ْ‬ ‫للذين َ ُ‬
‫يأن ِ َ‬ ‫َْ ِ‬
‫من ْ َ ّ‬
‫الحقِ( ھا ھو ]مالك بن دينار[ –كما يذكر أھل‬ ‫نزل ِ َ‬
‫وما َ َ َ‬
‫ﷲ َ َ‬ ‫ُوبھم ِ ِ ْ ِ‬
‫لذكر ِ‬ ‫تخشع ُقل ُ ُ ْ‬
‫َ ْ َ َ‬
‫صادا ً ّ‬
‫نادا عن ﷲ‬ ‫ًّ‬ ‫شرط بني العباس‪ ،‬وكان يشرب الخمر‪ ،‬وكان‬ ‫شرطيا من ُ‬
‫ً‬ ‫السير‪ -‬كان‬
‫ِ َ‬
‫عظيما‪ ،‬لكنه كان ال يترك‬
‫ً‬ ‫حبا‬
‫–عز وجل‪ -‬ويشاء ﷲ –عز وجل‪ -‬أن يتزوج بامرأة أحبھا ً‬
‫الخمر‪ ،‬يشربھا في الصباح والمساء‪ ،‬ويشاء ﷲ –عز وجل‪ -‬أن يرزق بمولودة من ھذه‬
‫المرأة‪ ،‬فما كان منه إال أن ملكت عليه لبه ھذه الطفلة‪ ،‬ملكت عليه لبه‪ ،‬وملكت عليه‬
‫قلبه‪ ،‬فكان ال ينتھي عن عمله حتى يأتي إليھا ليداعبھا ويمازحھا‪ ،‬وكان يؤتى بالخمر‪،‬‬
‫فإذا رأته يشرب الخمر ذھبت وكأنھا تريد أن تعتنقه‪ ،‬فأسقطت الخمر من يده وكأنھا‬
‫أبدا‪ ،‬ھكذا حالھا معه‪ ،‬وفي يوم من األيام يأتي‬
‫تقول يا أبت اتقِ ﷲ‪ ،‬ما الخمر لمسلم ً‬
‫ويجد‬
‫ِ ُ‬ ‫عظيما‪،‬‬
‫ً‬ ‫حزنا‬
‫ً‬ ‫من عمله ويأتي ليداعبھا ويالعبھا ويرميھا فتسقط ميتة‪ ،‬فيحزن‬
‫عظيما‪ ،‬فما كان منه في تلك الليلة ‪-‬كما يخبر عن نفسه‪ -‬إال أن شرب‬
‫ً‬ ‫وجدا‬
‫عليھا َ ْ ً‬
‫الھم ما ال يعلمه‬
‫ِّ‬ ‫الخمر‪ ،‬ثم شرب حتى الثمالة‪ ،‬قال‪ :‬ثم نمت في تلك الليلة وبي من‬
‫إال ﷲ‪ ،‬قال‪ :‬فرأيت ‪-‬فيما يرى النائم‪ -‬كأن القيامة قد قامت‪ ،‬وكأن الناس قد خرجوا من‬
‫بھما ‪ ،‬يدوخ الناس في عرصات القيامة‪ ،‬وإذ بھذا الثعبان العظيم‬
‫القبور حفاة عراة غرال ُ ً‬
‫إلي يريد أن يبتلعني‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ﱠ‬ ‫فاغرا فاه‪ ،‬يقصدني من بين ھؤالء الخلق جميعھم ‪ ،‬ويأتي‬
‫ً‬
‫وأھرب منه ويطاردني‪ ،‬وأھرب منه ويطاردني ‪ ،‬كاد قلبي أن يخرج من بين أضالعي‪ ،‬وإذا‬
‫السمت‪ ،‬الرجل الوقور‪ ،‬قال‪ :‬فتقدمت إليه فقلت‪ :‬با‪ 9‬عليك‬
‫ﱠ ْ‬ ‫أنا بھذا الشيخ الحسن‬
‫أنقذني‪ ،‬قال‪ :‬ال أستطيع ‪ ،‬ولكن اذھب إلى من ينقذك‪ ،‬قال‪ :‬فبقي يطاردني‪ ،‬فما وقفت‬
‫إال على شفير جھنم قال‪ :‬فبقى من ورائي ‪ ،‬وجھنم من أمامي‪ .‬قال‪ :‬فقلت أرمي‬
‫بنفسي في جھنم ‪ ،‬وإذا بھاتف يھتف‪ ،‬ويقول‪ :‬ارجع ‪ ،‬لست من أھلھا‪ ،‬قال‪ :‬فرجعت‬
‫ألدوك في عرصات القيامة وھو ورائي يطاردني‪ ،‬ورجعت إلى ذلك الشيخ الوقور‪ ،‬فقلت‬
‫له‪ :‬أسألك با‪ 9‬أن أنقذني أو دلني‪ ،‬قال‪ :‬فأما إنقاذك فال‪ ،‬ولكني ﱡ‬
‫أدلك على ذلك القصر‪،‬‬
‫لعل لك فيه وديعة‪ ،‬قال‪ :‬فانطلقت إلى القصر‪ ،‬وھو ال يزال يطاردني‪ ،‬قال‪ :‬وإذا بھذا‬
‫بالستر ينادي بفتحھا‪ :‬افتحوا‬
‫ُ ُ‬ ‫القصر من زبرجد وياقوت‪ ،‬مكلل باللؤلؤ والجوھر‪ ،‬وإذا‬
‫الستر‪ ،‬قال‪ :‬ففتحت الستر عن أطفال مثل فلق القمر‪ ،‬وإذا بكل واحدة وواحد ينظر إلى‬
‫ُ ُ‬
‫ھذا المنظر المھول‪ ،‬وإذا بابنتي من بينھن تقول‪ :‬أبتاه‪ ،‬ثم ترمي بنفسھا من القصر‬
‫بيني وبين الثعبان‪ ،‬قال ثم تقول للثعبان بيمناھا –ھكذا‪ -‬فينصرف‪ ،‬فتضرب على لحيتي‪،‬‬
‫وما‬ ‫ُوبھم ِ ِ ْ ِ‬
‫لذكر ِ‬
‫ﷲ َ َ‬ ‫آمنوا َأن َ ْ َ َ‬
‫تخشع ُقل ُ ُ ْ‬ ‫ذين َ ُ‬ ‫ثم تضرب على صدري‪ ،‬و تقول‪ :‬أبتاه ) َ َ ْ‬
‫ألم َ ْ ِ‬
‫يأن ِلل ﱠ ِ َ‬
‫من ْ َ ّ ِ‬
‫الحق( قال بل قلت‪ :‬بل آن بل آن ثم قلت ما ذاك الثعبان قالت ذلك عملك‬ ‫نزل ِ َ‬
‫ََ َ‬
‫السيئ كاد يرديك في جھنم ‪.‬قال وما ذلك الشيخ الوقور قالت ذلك عملك الحسن‬
‫ضعفته حتى ما استطاع أن يقاوم عملك السيئ قال ثم تضرب صدري ثانية وتقول أبتاه‪:‬‬

‫ُوبھم ِ ِ ْ ِ‬
‫لذكر ِ‬
‫ﷲ( قال‪ :‬ففزعت من نومي‪ ،‬قال‪ :‬ثم‬ ‫آمنوا َأن َ ْ َ َ‬
‫تخشع ُقل ُ ُ ْ‬ ‫يأن ِ ﱠ ِ َ‬
‫للذين َ ُ‬ ‫)ََ ْ‬
‫ألم َ ْ ِ‬
‫توضأت‪ ،‬ثم انطلقت إلى المسجد‪ ،‬فذھبت ألداء صالة الفجر‪ ،‬قال‪ :‬وإذا باإلمام يقرأ‬
‫من ْ َ ّ‬
‫الحقِ(‬ ‫نزل ِ َ‬
‫وما َ َ َ‬ ‫ُوبھم ِ ِ ْ ِ‬
‫لذكر ِ‬
‫ﷲ َ َ‬ ‫آم ُنوا َأن َ ْ َ َ‬
‫تخشع ُقل ُ ُ ْ‬ ‫يأن ِ ﱠ ِ َ‬
‫للذين َ‬ ‫الفاتحة‪ ،‬ثم يبدأ ) َ َ ْ‬
‫ألم َ ْ ِ‬
‫فقلت‪ :‬وﷲ ما كأنه يعني إال إياي‪ .‬فيا أيھا األحبة أعمالكم أعمالكم‪ ،‬أعماركم أعماركم‪.‬‬
‫عاما‪ ،‬ثم‬
‫ً‬ ‫كلنا ذوو خطأ ‪ ،‬كلنا ذوو خطأ‪ .‬ھا ھو عبد من بني إسرائيل أطاع ﷲ أربعين‬
‫انقلبت ھذه المضغة وانتكس ورجع على عقبيه‪ ،‬وارتد على عقبيه‪ ،‬فعصى ﷲ أربعين‬
‫عاما أخرى فقال‪ :‬وقد رفع يديه إلى ﷲ‪ ،‬يا رب أطعتك أربعين‪ ،‬وعصيتك أربعين‪ ،‬فھل لي‬
‫ً‬
‫ھاتفا يھتف ويقول‪ :‬أطعتنا‬
‫ً‬ ‫من توبة إن أنا تبت ُ ْ‬
‫وأبت وعدت إليك يا رب؟ قال‪ :‬فسمعت‬
‫فقربناك‪ ،‬وعصيتنا فأمھلناك‪ ،‬وإن رجعت إلينا قبلناك‪ ،‬فال إله إال ﷲ‪ ،‬ما أحلم ﷲ بعباده!‬
‫ما أرحم ﷲ بعباده! ما ألطف ﷲ بعباده! أسأله برحمته التي وسعت كل شيء أن‬
‫يرحمنا برحمته‪.‬‬

‫ھاھم سلفنا –أيھا األحبة‪ -‬قلوبھم بالخوف وجلة‪ ،‬وأعينھم باكية‪ ،‬يقول قائلھم‪ :‬كيف‬
‫نفرح والموت وراءنا‪ ،‬والقبر أمامنا‪ ،‬والقيامة موعدنا‪ ،‬وعلى الصراط مرورنا‪ ،‬والوقوف بين‬
‫ھم‬
‫وباألسحار ُ ْ‬
‫ْ َ ِ‬ ‫يھجعون َ ِ‬ ‫قليال ً من ﱠ ْ ِ‬
‫الليل َما َ ْ َ ُ َ‬ ‫كانوا َ ِ‬
‫يدي ﷲ مشھدنا‪ ،‬كيف نفرح ؟! ) َ ُ‬
‫يستغفرون( يأتي أحدھم إلى فراشه فيلمسه في الليل‪ ،‬فإذا ھو ناعم لين‪ ،‬فيقول‬
‫َ ْ َ ْ ِ ُ َ‬
‫للين‪ ،‬ولكن فراش الجنة ْ َ ُ‬
‫ألين‪ ،‬ثم يقوم ليله كله‬ ‫مخاطبا فراشه‪ :‬يا فراشي –وﷲ‪ -‬إنك ِ ّ ٌ‬
‫ً‬
‫يستغفرون( يناجي أحدھم‬
‫ھم َ ْ َ ْ ِ ُ َ‬
‫وباألسحار ُ ْ‬
‫ْ َ ِ‬ ‫يھجعون َ ِ‬ ‫قليال ً ِ ّمن ﱠ ْ ِ‬
‫الليل َما َ ْ َ ُ َ‬ ‫كانوا َ ِ‬
‫حتى يصبح ) َ ُ‬
‫ويقول‪ :‬يا قوم –وﷲ‪ -‬ال أسكن وال يھدأ روعي حتى أترك جسر جھنم ورائى‪ ،‬وﷲ ال‬
‫أھدأ وال أسكن حتى أترك جسر جھنم ورائي‪ ،‬ويجب أن نكون كذلك‪ .‬كانوا إذا ذكر ﷲ‬
‫فأمنھم ؛‬ ‫ً‬
‫خوفا من ﷲ –جل وعال‪ -‬خافوا ﷲ –جل وعال‪ -‬ﱠ َ‬ ‫وجلت قلوبھم‪ ،‬وكادت تنخلع‬
‫خوفين ‪،‬‬
‫ْ‬ ‫فھو القائل كما في الحديث القدسي " وعزتي وجاللي ال أجمع على عبدي‬
‫أمنته‬
‫خوفته يوم القيامة‪ ،‬وإن خافني في الدنيا ﱠ‬
‫أمنين؛ إن أمنني في الدنيا ﱠ‬
‫ْ‬ ‫وال أجمع له‬
‫رؤوفٌ ِ ْ ِ َ ِ‬
‫بالعباد( كان لسان حال الواحد من سلفنا‬ ‫وﷲ َ ُ‬
‫نفسه َ ُ‬
‫ﷲ َْ َ ُ‬
‫ويحذركم ُ‬
‫يوم القيامة" ) َ ُ َ ِّ ُ ُ ُ‬
‫وھو يناجي ربه في ثلث الليل اآلخر‪ ،‬ثلث اآليبين‪ ،‬ثلث التوابين‪ ،‬ثلث المستغفرين‪ ،‬ثلث‬
‫المخطئين‪ ،‬ثلث النادمين الذي ضيعناه ‪ ،‬الذي سھرنا إلى تلك اللحظة‪ ،‬ثم رمينا أنفسنا‬
‫كالجيف‪ ،‬ونسأل ﷲ أن يعاملنا برحمته‪ ،‬وإن عاملنا بعدله لعذبنا‪ ،‬ثم لم يظلمنا سبحانه‬
‫ِ‬
‫وبحمده‪ .‬كان لسان حال الواحد منھم‪:‬‬
‫أجد‬
‫ُ‬ ‫لبست ثوب الرجا والناس قد رقدوا *** وقمت أشكو إلى موالي ما‬
‫أعتمد‬
‫ُ‬ ‫وقلت يا عدتي في كل نائبة *** ويا من عليه كشف الضر‬

‫ذنوبا أنت تعلمھا *** مالي على حملھا صبر وال َ َ ُ‬


‫جلد‬ ‫ً‬ ‫أشكو إليك‬
‫مدت إليه يده‬
‫وقد مددت يدي بالذل معترفا *** إليك يا خير من ﱠ‬
‫يرد‬
‫تردنھا يا رب خائبة *** فبحر جودك يروي كل َمن ِ ُ‬
‫فال ﱠ‬

‫ھذه حال سلفنا‪ ،‬فما حالنا يا أيھا األحبة؟ ما حالنا في ليلنا؟ وما حالنا في نھارنا؟ أما‬
‫ليلنا ‪-‬إال ما رحم ﷲ‪ -‬على األغنيات وعلى المسلسالت وعلى التمثيليات وعلى‬
‫األفالم‪ ،‬وعلى قيل وقال إلى الثلث الذي ينزل فيه الرب سبحانه نزوال ً يليق بجالله‪ ،‬ھل‬
‫من داعٍ فأستجيب له؟‪ ،‬وھل من مستغفر فأغفر له؟‪ ،‬ھل من تائب فأتوب عليه؟‪ ،‬وفي‬
‫ومنا من ال زال‬
‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬
‫البطال‪،‬‬ ‫منا َمن ھو كالجيفة‬ ‫تلك اللحظة نحن على قسمين ‪ً -‬‬
‫أيضا‪-‬؛ ﱠ‬
‫غية وظلمه‪ ،‬يدعوه ﷲ إلى التوبة وھو مازال على فسقه وعلى فجوره‪ ،‬أما‬ ‫مواصال في ِ ّ‬
‫إن‬ ‫وھي َ ِ َ ٌ‬
‫ظالمة ِ ﱠ‬ ‫القرى َ ِ َ‬ ‫إذا َ َ‬
‫أخ َذ ْ ُ َ‬ ‫ربك ِ َ‬ ‫وكذلك َ ْ ُ‬
‫أخذ َ ِ ّ َ‬ ‫يخشى أن يأخذه ﷲ أخذ عزيز مقتدر‪َ ِ َ َ َ ) ،‬‬
‫شديد(‬ ‫أخذه َ ِ ٌ‬
‫أليم َ ِ‬ ‫َ ْ َ ُ‬

‫أسحارا‬
‫ً‬ ‫مسرورا بأوله *** إن الحوادث قد يطرقن‬
‫ً‬ ‫يا راقد الليل‬
‫كيف كان ليل سلفنا ؟ ھاھو أحدھم؛ وھو ]رياح بن عمر القيسي[ عليه رحمة ﷲ‪ ،‬أحد‬
‫التابعين‪ ،‬تزوج امرأة صالحة‪ ،‬وأراد أن يختبرھا‪ ،‬أراد أن يختبرھا ھل ھي من الالتي تركن‬
‫إلى زخارف الدنيا؟ ھل ھي الصائمة القائمة أم ھي المشغولة بقيل وقال وباألزياء‬
‫والموديالت وما أشبه ذلك من زخارف الدنيا؟ يوم جاء الصباح ما كان منه إال أن رآھا‬
‫تقوم ببيتھا‪ ،‬فقال‪ :‬يا ]دؤابة[‪- ،‬واسمھا دؤابة‪ -‬أتريدين‬
‫تعجن عجينھا‪ ،‬وتعمل عمل البيت ُ ُ‬
‫عنيدا‪،‬‬
‫ً‬ ‫جبارا‬
‫ً‬ ‫رياحا[‪ ،‬وما تزوجت‬
‫ً‬ ‫أن أشترى لك َ َ‬
‫أمة لتخدمك؟ قالت‪ :‬يا رياح إني تزوجت ]‬
‫ثم جاء الليل‪ ،‬قام يتناوم‪ ،‬فقامت ربع الليل األول‪ ،‬وقالت له‪ :‬يا رياح قم‪ ،‬قال‪ :‬أقوم‪ ،‬ثم‬
‫نام مرة أخرى‪ ،‬فقامت الربع الثاني‪ ،‬وقالت‪ :‬يا رياح قم‪ ،‬فتناوم – ً‬
‫أيضا‪ -‬مرة أخرى‪ ،‬ثم‬
‫قامت ربع الليل الثالث‪ ،‬ثم قالت‪ :‬يا رياح قم‪ ،‬فقال‪ :‬أقوم ولم يقم‪ ،‬فقالت‪ :‬يا رياح قد فاز‬
‫غرني بك؟‪ ،‬يا ليت شعري من‬
‫المحسنون‪ ،‬وعسكر المعسكرون‪ ،‬يا ليت شعري من ﱠ‬
‫غرني بك؟‪ ،‬تقول اتغريت فيك ووقعت بإنسان ال يقوم الليل ‪-‬مع أنه يقوم الليل‪ ،‬ولكنه‬
‫عل ﷲ أن يرضى علينا‬
‫ّ‬ ‫أراد أن يختبرھا‪ .-‬فھل جعلنا لثلث الليل اآلخر منا لو ركعتين‬
‫بنظرة رحمة‪ ،‬وبنظرة عطف فيرحمنا في الدنيا واآلخرة‪ ،‬فنسعد في الدنيا واآلخرة‬
‫سعادة األبد‪ .‬نسأله ﷲ ‪-‬سبحانه وبحمده‪ -‬أن يجعلنا من المرحومين المغفور لھم‪ .‬أما‬
‫في النھار فما حالنا ؟ منا ‪-‬وﷲ أيھا األحبة‪َ -‬من يخرج الصباح ِمن بيته فيجمع الحرام‪،‬‬
‫أيا كان‪ ،‬فيجمع الحرام‪ ،‬فمطعمه حرام‪ ،‬ومشربه حرام‪ ،‬وملبسه حرام‪،‬‬
‫يبحث عن الحرام ً‬
‫وغذي بالحرام‪ .‬فما حال سلفك يا عبد ﷲ؟ إن امرأة من السلف يوم يخرج زوجھا في‬
‫ُ ِّ َ‬
‫ً‬
‫حالال‪ ،‬فإنا نصبر على الجوع‪ ،‬لكنا ال نصبر على‬ ‫الصباح تقول له‪ :‬اتقِ ﷲ وال تطعمنا إال‬
‫النار‪ ،‬فھل قال لنا نساؤنا كذلك ونحن نخرج ‪ ،‬يا أيھا األحبة؟ ثم بعد ذلك نرجو النجاح‪،‬‬
‫بعد ھذه األعمال‪ ،‬وبعد ھذا الليل المخزي‪ ،‬وبعد ھذا النھار المخزي‪ ،‬نرجو النجاة‪:‬‬
‫اليبَس‬
‫ترجو النجاة ولم تسلك مسالكھا *** إن السفينة ال تجري على َ‬
‫ركوبك النعش ينسيك الركوب *** على ما كنت تركب من بعل ومن فرس‬
‫العرس‬
‫وضمة القبر تنسي ليلة ُ ْ‬
‫ﱠ‬ ‫يوم القيامة ال مال وال ولد ***‬

‫ھمه في‬
‫ﱠ‬ ‫وھيأناھم تھيئة مادية‪ ،‬فجعل الواحد‬
‫ﱠ‬ ‫أبناؤنا كيف نربيھم؟ ربيناھم تربية مادية‪،‬‬
‫سيارة وفي ثوب وفي زخرف من زخارف الدنيا وفي قصر‪ ،‬ونسي قصور الجنة‪ ،‬وأنھار‬
‫تسمن‬
‫ﱠ‬ ‫سمناه كما ُ‬
‫ﱠﱠ‬ ‫الجنة‪ ،‬ونعيم الجنة‪ ،‬أشغلناه بھذا عن ذاك‪ ،‬ربيناه تربية البھائم‪،‬‬
‫العجول‪ ،‬ثم ماذا يكون؟ ھل ھذه ھي المسئولية التي وضعھا رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ‬
‫عليه وسلم‪ -‬في عنقك " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته‪" " ......‬ما من راع‬
‫ھيأنا لھم كل مادة‪،‬‬
‫استرعاه ﷲ رعية فبات غاشا لھم إال حرم ﷲ عليه رائحة الجنة" ﱠ‬
‫نربي أرواحھم‪ ،‬ثم نرجو نجاتھم‪ ،‬فوﷲ ما مثلنا إال كقول القائل‪:‬‬
‫لكنا لم ُ َ ِ ّ‬
‫ً‬
‫مكتوفا وقال له *** إياك إياك أن تبتل بالماء‬ ‫ألقاه في الماء‬
‫نموذجا‪ ،‬كيف كانوا يربونھم؟ وكيف كانوا‬
‫ً‬ ‫أما أبناء سلفنا فكيف كانوا؟ سأضع لكم‬
‫يتعاملون معھم؟ وكيف تربوا فأصبح الطفل منھم كالرجل منا‪ ،‬بل كالعابد الزاھد منا‪.‬‬
‫ھاھو ]خيثمة بن الحارث[ ‪-‬عليه رضوان ﷲ ورحمته‪ -‬ما كان منه يوم أن دعا رسول ﷲ ‪-‬‬
‫للنفرة إلى غزوة بدر إال أن جاء إلى ابن له اسمه ]سعد[‪ ،‬ابن‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم‪ُ -‬‬
‫صغير‪ ،‬وكان معه من النساء الكثير‪ ،‬ومعه من البنات واألخوات يعولھن ھذا الرجل الكبير‬
‫]خيثمة بن الحارث[ فقال البنه ]سعد[‪ :‬يا بني تعلم نساءنا‪ ،‬وليس لھن من يحميھن‪،‬‬
‫وأريد أن تبقى معھن وأذھب ألجاھد في سبيل ﷲ جل وعال ‪ ،‬قال‪ :‬يا أبتاه للنساء رب‬
‫يحميھن‪ ،‬وﷲ ما تطمع نفسي في ھذه الدنيا بشيء دونك‪ ،‬لكنھا الجنة يا أبتاه‪ ،‬وﷲ‬
‫لو كان غير الجنة آلثرتك به‪ ،‬وانطلق يجاھد في سبيل ﷲ‪ ،‬وجلس األب الكبير مع ھؤالء‬
‫شھيدا ‪-‬بإذن ﷲ‪ -‬في سبيل ﷲ ھذا الطفل‪ ،‬يوم جاء الخبر أباه في اليوم‬
‫ً‬ ‫وقتل‬
‫النساء‪ِ ُ ،‬‬
‫شھيدا عند ﷲ ‪-‬جل وعال‪ -‬فما كان منه إال أن قال‪:‬‬
‫ً‬ ‫الثاني قالوا له‪ :‬لقد قتل نحتسبه‬
‫أواه أواه‪ ،‬وﷲ لقد فاز بھا دوني‪ ،‬وﷲ لقد كان أعقل مني‪ ،‬لقد رأيته البارحة يسرح‬
‫ويمرح في أنھار الجنة وثمارھا وأزھارھا ‪ ،‬ويقول‪ :‬يا أبتاه ْ َ ْ‬
‫إلحق بنا‪ ،‬فإنا قد وجدنا ما‬
‫وعدنا ربنا حقا‪.‬‬

‫ومع ذلك الظالم الذي نراه اآلن فھناك بشائر ‪-‬و‪ 9‬الحمد‪ -‬والباب مفتوح يا أيھا األحبة‪،‬‬
‫ولن ُيغلق إال عند طلوع الشمس من مغربھا أو غرغرة الروح في الحلقوم‪ ،‬المبشرات‬
‫كما قلت كثيرة وكثيرة و‪ 9‬الحمد‪ ،‬والصور المضيئة كثيرة وكثيرة‪ ،‬والخير في األمة ال زال‬
‫ولن يزال بإذن ﷲ إلى قيام الساعة " ال تزال طائفة على الحق منصورة ‪ "......‬ولوال‬
‫ھذه المبشرات لضاقت علينا األرض بما رحبت ‪ ،‬ولكن من فضل ﷲ ‪-‬سبحانه وتعالي‪-‬‬
‫علينا‪.‬‬

‫كانت النماذج يا أيھا األحبة‪ -‬من الماضي‪ ،‬فإليكم النماذج من الحاضر‪ ،‬وھي مبشرات‬
‫آلمه ما يرى من تدھور حال األمة المسلمة وذھابھا إلى الھاوية‪ ،‬ھناك‬
‫أقولھا لكل من َ‬
‫بشائر وسأذكر لكم بعض األمثلة على ذلك ‪ ،‬ھاھي عجوز بلغت الثمانين من عمرھا‬
‫في مدينة >الرياض< ھذه العجوز جلست مع النساء فرأت أنھن ال ينتفعن من أوقاتھن‪،‬‬
‫جلساتھن في قيل وقال‪ ،‬في غيبة ونميمة‪ ،‬في فالنة قصيرة وفالنة طويلة وفالنة‬
‫كالما ‪-‬إن لم يبعدھن‬
‫ً‬ ‫عندھا كذا‪ ،‬وفالنة ليس عندھا كذا‪ ،‬وفالنة طلقت‪ ،‬وفالنة تزوجت‪،‬‬
‫عن ﷲ عز وجل‪ -‬فھو تضييع ألوقاتھن‪ ،‬فاعتزلت النساء وجلست في بيتھا تذكر ﷲ ‪-‬عز‬
‫وجل‪ -‬آناء الليل وأطراف النھار‪ ،‬وكان أن وضعت لھا سجادة في البيت تقوم من الليل‬
‫أكثره‪ ،‬وفي ليلة من الليالي قامت ‪-‬ولھا ولد بار بھا‪ ،‬ال تملك غير ھذا الولد من ھذه‬
‫الدنيا بعد ﷲ ‪-‬جل وعال‪ -‬ما كان منھا إال أن قامت لتصلى في ليلة من الليالي‪ ،‬وفي‬
‫آخر الليل يقول ابنھا‪ :‬وإذا بھا تنادي‪ ،‬قال‪ :‬فتقدمت وذھبت إليھا‪ ،‬فإذا ھي ساجدة على‬
‫ھيئة السجود‪ ،‬وتقول‪ :‬يا بني ما يتحرك في اآلن سوى لساني‪ ،‬قال إذاً أذھب بك إلى‬
‫المستشفى‪ ،‬قالت‪ :‬ال‪ ،‬وإنما َ ْ ِ‬
‫أقعدني ھنا‪ ،‬قال‪ :‬ال‪ ،‬وﷲ ألذھبن بك إلى المستشفى ‪-‬‬
‫خيرا‪ -‬فأخذھا وذھب بھا إلى المستشفى‪ ،‬وتجمع‬
‫ً‬ ‫برھا جزاه ﷲ‬
‫حريصا على ِّ‬
‫ً‬ ‫وقد كان‬
‫األطباء وقام كل منھم يدلي بما لديه من األسباب‪ ،‬لكن ال ينجي حذر من قدر‪.‬‬
‫نحبٍ قد أتى‬
‫بطبه ودوائه *** ال يستطيع دفاع َ ْ‬
‫ِّ‬ ‫إن الطبيب‬
‫ما للطبيب يموت بالداء الذي *** قد كان ُيبرئ مثله فيما مضى‬
‫والمداوى والذي *** جلب الدواء وباعه ومن اشترى‬
‫َ‬ ‫المداوي‬
‫ِ‬ ‫مات‬
‫ﱠ‬
‫حللوا وفعلوا وعملوا‪ ،‬ولكن الشفاء بيد ﷲ ‪-‬سبحانه وبحمده‪ ،-‬قالت‪ :‬أسألك با‪ 9‬إال‬
‫رددتني على سجادتي في بيتي‪ ،‬فأخذھا وذھب بھا إلى البيت‪ ،‬ويوم ذھب إلى البيت‬
‫وضأھا ثم أعادھا على سجادتھا‪ ،‬فقامت تصلى‪ .‬يقول‪ :‬وقبل الفجر بوقت ليس بالطويل‪،‬‬
‫ﱠ‬
‫وإذ بھا تناديني‪ ،‬وتقول‪ :‬يا بني أستودعك ﷲ الذي ال تضيع ودائعه‪ ،‬أشھد أن ال إله إال‬
‫محمدا رسول ﷲ‪ ،‬لتلفظ نفسھا إلى بارئھا ‪-‬سبحانه وبحمده‪ -‬فما كان من‬
‫ً‬ ‫ﷲ‪ ،‬وأن‬
‫وكفنھا وھي ساجدة‪ ،‬وحملوھا إلى الصالة‬
‫ﱠ‬ ‫فغسلھا وھي ساجدة‪،‬‬
‫ﱠ‬ ‫ولدھا إال أن قام‬
‫عليھا وھي ساجدة‪ ،‬وحملوھا بنعشھا إلى المقبرة وھي ساجدة‪ ،‬وجاءوا بھا إلى القبر‬
‫بعث عليه‪ ،‬تبعث‬
‫فزادوا في عرض القبر لتدفن وھي ساجدة‪ ،‬ومن مات على شيء ُ َ‬
‫بإذن ربھا ساجدة‪.‬‬
‫ﱠ ِ ِ َ‬
‫الظالمين‬ ‫ﷲ‬
‫ويضل ُ‬ ‫وفي َ ِ َ ِ‬
‫اآلخرة َ ُ ِ ﱡ‬ ‫الدنيا َ ِ‬ ‫الثابت ِفي ْ َ َ ِ‬
‫الحياة ﱡ ْ َ‬ ‫آمنوا ِ ْ َ ْ ِ‬
‫بالقول ﱠ ِ ِ‬ ‫الذين َ ُ‬
‫ﷲ ِ َ‬ ‫يثبت ُ‬
‫) ُ َ ِّ ُ‬
‫يشاء( أيعجز شبابنا‪ ،‬أيعجز شاباتنا‪ ،‬أيعجز نساؤنا‪ ،‬أيعجز رجالنا أن يفعلوا‬
‫ﷲ َما َ َ ُ‬
‫ويفعل ُ‬
‫ََْ َ ُ‬
‫كما فعلت ھذه المرأة؛ أن يقوموا من ليلھم ولو بعضه؛ ليقفوا بين يدي ﷲ‪ ،‬ليلقوه وقد‬
‫غفر لھم ما اقترفوا من إثم وخطيئة؟‪ .‬أسأل ﷲ –عز وجل‪ -‬بأسمائه الحسنى‪ ،‬وصفاته‬
‫العليا أن يوفقنا وإياكم لما يحب ويرضى‪.‬‬

‫جدا كما قلت أيھا األحبة‪ .‬أورد صاحب كتاب قصص السعداء واألشقياء‬
‫المبشرات كثيرة ً‬
‫ھذا الحدث وفيه عبرة وعظة لمن كان له قلب أو ألقى السمع‪ .‬سائق اإلسعاف كان‬
‫ً‬
‫غليظا‪ ،‬ال يتذكر إذا ُ ِّ‬
‫ذكر‪ ،‬وال يتعظ إذا ُوعظ‪ ،‬يباشر الحوادث الشنيعة فيحمل أشالء‬ ‫ً‬
‫فظا‬
‫يھزه ذلك‬
‫ﱡ‬ ‫المصابين‪ ،‬رأس المصاب في يد‪ ،‬ورجل المصاب اآلخر في يد أخرى‪ ،‬فال‬
‫مرتكبا للموبقات‪ ،‬ويشاء ﷲ –عز وجل كما يقول‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تاركا للصالة‪،‬‬ ‫المنظر‪ ،‬وال يؤثر فيه‪ ،‬كان‬
‫ھو‪ -‬أن ُ ِ ّ‬
‫بلغت ليلة من الليالي عن حادث من الحوادث على مدخل مدينة >الرياض<‪،‬‬
‫مسرعا نحو الحادث‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ليال‪ ،‬قال‪ :‬ركبت السيارة‪ ،‬وانطلقت‬ ‫قال‪ :‬في الساعة الواحدة‬
‫ووصلت إلى موقع الحادث؛ فإذا بي أجد سيارة بيضاء قد ارتطمت بأحد أعمدة اإلنارة –‬
‫أحد أعمدة الكھرباء‪ -‬قال‪ :‬وأدت إلى انطفاء الكھرباء في تلك المنطقة‪ ،‬قال‪ :‬والغريب أني‬
‫متوجھا إلى باب السيارة‪ ،‬وكان في‬
‫ً‬ ‫خافتا ينبعث من السيارة‪ ،‬قال‪ :‬فانطلقت‬
‫ً‬ ‫نورا‬
‫أرى ً‬
‫يدي سيجارة‪ ،‬قال‪ :‬فإذا بي أري رجال ً َ ﱠ‬
‫كث اللحية‪ ،‬مستنير الوجه –وجھه كأن فلقه قمر‪-‬‬
‫قد مأل نور وجھه السيارة‪ ،‬وقد ارتطمت أجزاؤه السفلي بمقود السيارة‪ ،‬قال‪ :‬فحاولت‬
‫أن أعيد المقعد إلى الخلف ألنقذه‪ ،‬فقال‪ :‬أتريد أن تنقذني يا بني؟ قلت‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬إذا‬
‫سمحت أطفئ سيجارتك‪ ،‬واتق ﷲ –جل وعال‪ .-‬قال‪ :‬فما كان مني إال أن أطفأتھا‪،‬‬
‫ورجعت أحاول إنقاذه‪ ،‬قال‪ :‬وما استطعت أن أخرجه كما ينبغي‪ ،‬قال أتريد أن تنقذني‬
‫ً‬
‫معروفا‬ ‫ً‬
‫فعال‪ ،‬قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬فإن النبي –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬يقول‪ :‬من صنع إليكم‬
‫فكافئوه‪ ،‬وﷲ يا بني ال أملك لك مكافأة على إنقاذي إال نصيحة أوجھھا إليك‪ ،‬فھل تقبل‬
‫ذلك؟ قال‪ :‬قلت‪ :‬تفضل‪ ،‬قال‪ :‬عليك بتقوى ﷲ‪ ،‬عليك بتقوى ﷲ عليك بتقوى ﷲ‪ ،‬وإياك‬
‫محمدا رسول ﷲ‪ ،‬ثم مات‪ ،‬قال‪ :‬فارتجفت‬
‫ً‬ ‫ورفقة السوء‪ .‬أشھد أن ال إله إال ﷲ وأن‬
‫مكاني‪ ،‬وأخذته من ھناك‪ ،‬وأخذته في السيارة‪ ،‬وسلمته في قسم الحوادث في‬
‫ترن في أذني‪ ،‬قال‪ :‬وقمت‬ ‫ً‬
‫ليال‪ ،‬قال‪ :‬ولم أستطع النوم‪ ،‬كلماته الزالت َ ِ ﱡ‬ ‫الساعة الثالثة‬
‫إلى صالة الفجر‪ ،‬وتوضأت وصليت‪ ،‬وأخبرت إمام المسجد الذي بالحي بما حصل‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫احمد ﷲ الذي أحياك بموت ذلك الرجل‪ ،‬احمد ﷲ الذي أحياك بموت ذلك الرجل‪ ،‬وادع‬
‫ﷲ له؛ وادع ﷲ عز وجل له فخير ما تكافئه به الدعاء‪ ،‬ثم يقول ھذا الرجل‪ :‬فاسأل ﷲ‬
‫واحدا خير‬
‫ً‬ ‫أن يرحمه‪ ،‬وأن يغفر له‪ ،‬وأن يجمعني به في الجنة " ألن يھدي ﷲ بك رجال ً‬
‫لك من حمر النعم"‪ .‬أرأيتم أيھا األحبة‪ ،‬رجال ً يلفظ أنفاسه األخيرة‪ ،‬وعلم أنه مسئول‬
‫أمام ﷲ أن يأمر وينھي‪ ،‬فماذا كان منه؟ يقول له‪ :‬أطفئ سيجارتك‪ ،‬ويقول له‪ :‬اتقِ ﷲ‪،‬‬
‫وبعضنا يرى المنكرات والعظائم أمام عينه فال تھتز فيه شعرة‪ ،‬ويذھب ويخرس‬
‫كالشيطان ال يتكلم بكلمة‪ ،‬أال فاتقوا ﷲ‪ ،‬وقولوا كلمة الحق‪ ،‬ال تخشوا في ﷲ لومة‬
‫النعم‪،‬‬ ‫الئم؛ فإن ﷲ ينفع بھا‪ ،‬وألن يھدي ﷲ بك رجال ً واحدا خيراً لك من ُ‬
‫حمر ِّ‬

‫وھاھو حدث آخر حدث في مدينة <الرياض>‪ ،‬وقد نقلته قبل ذلك في محاضرة كل يغدو‬
‫ولكن أرى أن المقام مناسب له اآلن‪ ،‬رجل عمره ما بين الثالثين واألربعين‪ ،‬شاب في‬
‫مقتبل شبابه‪ ،‬ال يرتاح ليلة من الليالي إال على كأس خمر يشربھا‪ ،‬أو امرأة يزني بھا‪،‬‬
‫الديان‪ ،‬تمر به األيام والليالي‪،‬‬
‫وبعد عن ﷲ الواحد ﱠ‬
‫حياته مظلمة‪ ،‬عربدة وفساد وعناد ُ‬
‫ويشاء ﷲ أن يتزوج بزوجة‪ ،‬وبعد زواجه يزداد طغيانه‪ ،‬ويزداد عصيانه‪ ،‬ويرزقه ﷲ عز وجل‬
‫بابنة من زوجته لتترعرع وتبلغ الخامسة من عمرھا‪ ،‬ترعرعت وبلغت الخامسة من‬
‫قليال‪ ،‬يسھر ليله على معصية ﷲ‪ ،‬ثم يأتي ُ ً‬
‫منھكا لينام‪،‬‬ ‫ً‬ ‫عمرھا وھي ال ترى أباھا إال‬
‫ونادرا ما تراه ابنته‪ ،‬في الليل نائمة وھو سھران على المعاصي‪ ،‬وفي النھار في عمله‬
‫ً‬
‫وھي في البيت‪ ،‬تمر األيام وتمر الليالي فال يزداد إال سوء‪ ،‬وفي ليلة يتفق مع بعض‬
‫ويقدر الرحمن أن يتأخر عن ھؤالء الرفقة‬
‫ِّ‬ ‫قرناء السوء يجتمعون على شرب الخمور‪،‬‬
‫السيئين‪ ،‬ثم يقول ھو عن نفسه‪ :‬ذھبت وفتشت عنھم يمنة ويسرة‪ ،‬نظرت إليھم ھنا‬
‫وھناك –يبحث عنھم‪ -‬فلم أجدھم‪ ،‬قال‪ :‬فما كان مني إال أن ذھبت إلى صديق سوء‬
‫جنسيا يستحي إبليس أن ينظر إلى‬
‫ً‬ ‫خليعا‬
‫ً‬ ‫ماجنا‬
‫ً‬ ‫فيلما‬
‫ً‬ ‫آخر‪ ،‬فذھبت إليه وأخذت منه‬
‫ذلك‪ ،‬فكيف بالبشر؟‪ ،‬قال‪ :‬ثم أخذته وعدت به في الساعة الثانية ليال ً ‪ ،‬وال إله إال ﷲ‪،‬‬
‫ثلث الليل اآلخر يتنزل الرب‪ ،‬ھل من داعٍ فأستجيب له‪ ،‬ومنا من تھراق دموعه على‬
‫ومنا من يرضع المعاصي في تلك الساعة وخاصة‬
‫خده من خشية ﷲ‪ ،‬فذلك ھو الفائز‪ ِ ،‬ﱠ‬
‫ِّ‬
‫ھذه األيام مع قدوم البث المباشر ‪ ،‬في الساعة الثانية ليال ً ﷲ يقول‪ :‬ھل من داعٍ‬
‫فأستجيب له؟‪ ،‬والناس ينظرون إلى ما يغضب ﷲ –جل وعال‪ -‬قال‪ :‬فدخلت إلى بيتي‬
‫ونظرت إلى زوجتي وابنتي فوجدتھم نائمتين‪ ،‬قال‪ :‬ودخلت إلى غرفة ذلك الجھاز؛ –‬
‫يقصد الفيديو‪ -‬الذي خرب بيوت كثير من المسلمين‪ ،‬وأضاع شباب المسلمين‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فدخلت ووضعت الشريط في ذلك الجھاز‪ ،‬ثم جلست‪ ،‬وبينما أنا جالس وإذا بالباب يفتح‪،‬‬
‫إلى بنظرات حادة‪ ،‬بنظرات‬
‫ّ‬ ‫وإذا بھا ابنتي –عمرھا خمس سنوات‪ -‬وإذا بھا تدخل وتنظر‬
‫قوية وتقول‪ :‬عيب عليك يا والدي‪ ،‬اتقِ ﷲ‪ ،‬عيب عليك يا والدي اتقِ ﷲ‪ ،‬قال‪ :‬ذھلت‬
‫ودھشت‪ ،‬وقلت‪ :‬من ﱠ‬
‫علمھا؟‪ ،‬من أنطقھا؟ إنه رب األرباب –سبحانه وبحمده‪ -‬قال‪:‬‬
‫وأغلقت الجھاز‪ ،‬وخرجت ونظرت إليھا‪ ،‬فإذا ھي نائمة‪ ،‬قال‪ :‬فخرجت وأنا أتذكر قولتھا‪:‬‬
‫بمناد ينادي ﷲ‬
‫ٍ‬ ‫عيب عليك يا والدي‪ ،‬اتق ﷲ‪ ،‬بقيت في الشارع أمشي وآتي‪ ،‬وإذا‬
‫حرمه كثير من المسلمين‪ ،‬والذي ذكر النبي –‬
‫أكبر ‪ ،‬ﷲ أكبر نداء صالة الفجر الذي ُ ِ َ‬
‫حبوا‬
‫ً‬ ‫صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬أن من ِ َ‬
‫عظم األجر فيه لو لم يكن من اإلنسان إال أن يأتي‬
‫حبوا‪ ،‬قال‪ :‬فذھبت وتوضأت ودخلت في المسجد‪ ،‬وما كنت أصلي‬
‫ً‬ ‫لتلك الصالة لجاء‬
‫أبدا‪ ،‬قال‪ :‬وكبرت مع اإلمام‪ ،‬قال‪ :‬ويوم سجدت انفجرت من البكاء‪ ،‬قال وعندما انتھى‬
‫ً‬
‫اإلمام من صالته‪ ،‬قال الرجل الذي بجانبه‪ :‬ما بك يا أخي؟‪ ،‬قال‪ :‬قلت له‪ :‬سبع سنوات‬
‫ما سجدت فيھا ‪ 9‬سجدة‪ ،‬بأي وجه أالقي ربي‪ ،‬سبع سنوات ما ركع فيھا ‪ 9‬ركعة‪،‬‬
‫بأي وجه يالقي ﷲ –جل وعال‪ ،-‬قال‪ :‬ثم ذھب الناس‪ ،‬وبقيت أتذكر جرائمي وفضائحي‪،‬‬
‫وذنوبي التي عظُمت وعظمت وعظمت‪ ،‬قال‪ :‬ونظرت في الساعة‪ ،‬فإذا وقت الدوام‬
‫يحين‪ ،‬قال‪ :‬فانطلقت إلى عملي‪ ،‬وكان لي زميل لطالما ذكرني با‪– 9‬جل وعال‪-‬‬
‫ً‬
‫شيئا‬ ‫ولكنني لم أتذكر‪ ،‬قال‪ :‬دخلت عليه ونظر إلي وقال‪ :‬وﷲ إني ألرى بوجھك اليوم‬
‫غير الذي أراه منك كل يوم‪ ،‬قال‪ :‬لقد كان من أمري البارحة كذا وكذا وكذا وقص عليه‬
‫قصته‪ ،‬فقال‪ :‬احمد ﷲ الذي أرسل إليك ابنتك لتوقظك وما أرسل إليك ملك الموت‬
‫أنم البارحة‪ ،‬وأريد أن تأذن لي ألذھب ألنام‪ ،‬فأذن له‬
‫ليقبض روحك‪ ،‬ثم قال‪ :‬إني لم َ ْ‬
‫فخرج من عنده‪ ،‬وذھب ودخل في مصلى الدائرة التي يعمل فيھا‪ ،‬ثم قام يصلى من‬
‫الساعة العاشرة إلى صالة الظھر‪ ،‬قال‪ :‬وجئته وظننت أنه ذھب إلى البيت‪ ،‬قال‪:‬‬
‫لم َ ْ‬
‫لم تذھب وتسترح؟‪ ،‬قال‪ :‬يا أخي‬ ‫فتقدمت إليه‪ ،‬ولما رآني انفجر بالبكاء‪ ،‬فقلت له‪َ ِ :‬‬
‫عظيما‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫شوقا‬ ‫سبع سنوات ما ركعت فيھا ‪ 9‬ركعة‪ ،‬بأي وجه أالقي ربي‪ ،‬وﷲ إن بي‬
‫إلى الصالة‪ .‬النبي‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬يقول‪" :‬وجعلت قرة عيني في الصالة "‬
‫عمر جديد؛ ليكون عمره تلك الليلة‪ ،‬وليكون‬
‫وتواعد ھو وإياه على ليلة جديدة وعلى ُ ْ‬
‫فعمر ال يتشرف به‪ ،‬وذھب إلى بيته يريد أن يرى‬
‫عمره بدايته في ذلك اليوم‪ ،‬وما مضى ُ ْ‬
‫يرھا منذ أن قالت له كلمتھا‪ ،‬ويدخل البيت‪ ،‬وإذا بزوجته تصرخ في وجھه‬
‫ابنته التي لم َ‬
‫أين أنت؟ نتصل عليك فلم نجدك‪ ،‬لقد ماتت ابنتك منذ لحظات ومنذ ساعات‪ ،‬فما كان‬
‫منه إال أن انھار‪ ،‬لم يتمالك نفسه إال وھو يردد كلماتھا؛ عيب عليك يا والدي‪ ،‬عيب‬
‫عليك يا والدي‪ ،‬اتق ﷲ‪ ،‬ثم ماذا كان؟ كان منه أن اتصل بزميل الصالة زميله وأخبره‪،‬‬
‫وكفنوھا وصلوا عليھا صالة العصر‪ ،‬وذھبوا بھا إلى المقبرة‪ ،‬ويوم وصل إلى المقبرة‬
‫ﱠ‬ ‫فجاء‬
‫وضعھا في لحدھا‪ ،‬فأخذھا ودموعه تقطر على كفنھا ‪.‬‬
‫قال‪ :‬خذ ابنتك ‪-‬يقول زميله‪ْ َ -‬‬
‫وليس الذي يجرى من العين ماؤھا *** ولكنھا روح تسيل وتقطر‬
‫كالما أبكى جميع من‬
‫ً‬ ‫ما كان منه إال أن وضعھا في القبر‪ ،‬ويوم وضعھا في القبر قال‬
‫حضر الدفن‪ ،‬قال‪ :‬يا أيھا الناس أنا ال أدفن ابنتي‪ ،‬ولكني أدفن النور الذي أراني النور‪،‬‬
‫ھذه البنت أخرجتني من الظلمات إلى النور بإذن ﷲ ‪-‬سبحانه وبحمده‪ ،-‬فأسأل ﷲ أن‬
‫يجمعني وإياھا في جنات ونھر في مقعد صدق عند مليك مقتدر‪.‬‬

‫رحيما‪.‬‬
‫ً‬ ‫توابا‬
‫أرأيتم أيھا األحبة يوم يعود العبد إلى ﷲ فيجد ﷲ ‪-‬سبحانه وتعالى‪ -‬ﱠ ً‬
‫يا أيھا المذنبون ‪-‬وكلنا ذوو خطأ‪ -‬المولود إذا ولد ُ ِ ّ‬
‫أذن في أذنه اليمنى‪ ،‬وإذا مات ُ ِ ّ َ‬
‫صلي‬
‫عليه‪ ،‬فكأن الحياة ما بين األذان إلى الصالة‪ ،‬وال إله إال ﷲ! ما أقصرھا من حياة! إن‬
‫للموت َ ْ َ‬
‫أخذة تسبق اللمح بالبصر‪ ،‬إياكم والتسويف ؛ فإن سوف جندي من جنود إبليس‪.‬‬
‫أعماركم تمضى بسوف وربما *** ال تغنمون سوى عسى ولعلما‬
‫سفر من األسفار‬
‫فاقضوا مشاربكم عجالى إنما *** أعماركم ِ ْ‬
‫عوار‬
‫ِ‬ ‫تسترد فإنھن‬
‫وتراكضوا خيل الشباب وبادروا *** أن ُ ْ‬

‫وغدا حساب وال عمل‪ ،‬وإذا كانت نظرة الخلق إليك‬


‫ً‬ ‫اذكروا أن اليوم عمل وال حساب‪،‬‬
‫وتقرب إليه بطاعته؛‬
‫ﱠ‬ ‫تمنعك من المعصية فإن ﷲ أولى بذلك‪ْ َ ،‬‬
‫أصلح ما بينك وبين ﷲ‪،‬‬
‫عسى أن تكون ممن يبدل ﷲ سيئاتھم حسنات؛ فإنك عما قريب ُتحمل على أكتاف‬
‫الرجال ‪ ،‬ونفسك إن كانت صالحة تقول‪ :‬قدموني قدموني‪ ،‬وإن كانت طالحة تصيح‬
‫بصرخات تقض منھا المضاجع‪ :‬يا ويلھا‪ ،‬أين تذھبون بھا؟‬

‫أحبتي في ﷲ أسعد ساعة في العمر وأصدق لحظة في الحياة تلك الساعة التي يقف‬
‫محاسبا ‪ ،‬وقفة العتاب‪ ،‬وقفة المالمة ‪ ،‬إنھا ساعة المخطئين‬
‫ً‬ ‫العبد فيھا مع نفسه‬
‫المنيبين إلى رب العالمين ‪ ،‬إنھا ساعة المنكسرين من خشية إله األولين واآلخرين‪،‬‬
‫وليال‬
‫ٍ‬ ‫إنھا ساعة العتاب‪ ،‬إنھا ساعة الحساب التي يتذكر فيھا العبد ما أصاب‪ ،‬أيام خلت‬
‫مضت قد قصر فيھا في جنب ﷲ‪ ،‬إذا تذكر السيئات وما أصاب من األوزار رق قلبه‪،‬‬
‫وحدودا ‪ 9‬جاوزھا‪ ،‬ومحارم ‪9‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫حقوقا ‪ 9‬ضيعھا‪،‬‬ ‫وانكسر فؤاده من خشية ﷲ‪ ،‬تذكر‬
‫ً‬
‫خوفا من ﷲ‪ ،‬إنھا ساعة الحزن‬ ‫ﱠ‬
‫ورق قلبه‬ ‫انتھكھا فانكسر فؤاده من خشية ﷲ‪،‬‬
‫والندامة واألسى على التفريط في جنب ﷲ‪ ،‬لكن سرعان ما يزداد األلم والندم إذا تذكر‬
‫يدي جبار‬
‫ْ‬ ‫أنه إلى ﷲ صائر وراجع ومسؤول‪ ،‬وأنه مرتحل من ھذه الدنيا ليقف بين‬
‫السماء واألرض‪ ،‬ثم يسأل نفسه‪ ،‬كيف ألقاه وحقوقه ضيعت؟ كيف ألقاه ومحارمه‬
‫بأيِ قدم أقف بين‬
‫ّ‬ ‫بأيِ وجه ألقاه‬
‫ّ‬ ‫انتھكت؟ كيف ألقاه وحدوده تجاوزت؟ كيف ألقاه ؟‬
‫ﱡ‬
‫ويرق فؤاده‪ ،‬وال يجد إال أن يدمع من خشية ﷲ‪ ،‬ثم ال يملك‬ ‫يديه؟ عندھا ينكسر قلبه‬
‫ْ‬
‫رباه ذنوبي‪ ،‬من أرجو لھا‬
‫رباه أسرفت‪ ،‬ﱠ‬
‫رباه ظلمت‪ ،‬ﱠ‬
‫رباه أسأت‪ ،‬ﱠ‬
‫يديه‪ ،‬ﱠ‬
‫إال أن يرفع ْ‬
‫وتبدل‬
‫منعته؟ فيصلح الحال‪ ُ ،‬ﱠ‬
‫َ‬ ‫أغلقته؟‪ ،‬من يعطي العطاء إن‬
‫َ‬ ‫سواك؟‪ ،‬من يفتح الباب إن‬
‫السيئات ‪-‬بإذن الرب‪ -‬إلى حسنات؛ فالبدار البدار‪ .‬انتبه عبد ﷲ وتيقظ وادخل باب التوبة‬
‫يتبعون‬ ‫ويريد ْ ِ َ‬
‫الذين َ ﱠ ِ ُ ُ‬ ‫عليكم َ ُ ِ ُ‬ ‫يريد َأن َ ُ َ‬
‫يتوب َ َ ْ ُ ْ‬ ‫وﷲ ُ ِ ُ‬
‫منكسرا ) َ ُ‬
‫ً‬ ‫مبادرا‬
‫ً‬ ‫المفتوح قبل إغالقه‬
‫ميال ً َ ِ ً‬
‫عظيما( ‪.‬‬ ‫الشھواتِ َأن َ ِ‬
‫تميلُوا َ ْ‬ ‫ﱠ َ َ‬

‫أحبتي في ﷲ العيون تذنب‪ ،‬واآلذان تذنب‪ ،‬والقلوب تذنب‪ ،‬واألبصار تذنب‪ ،‬واألرجل‬
‫تذنب‪ ،‬وكلنا ذوو خطأ وذنب‪ .‬وﷲ ال يغفر تلك الذنوب إال التوبة النصوحة‪ ،‬التوبة التوبة‬
‫لعلكم تفلحون ‪ ،‬األوبة األوبة‪ ،‬متى ما أقبلتم على ﷲ فاستغلوا ذلك اإلقبال؛ فإن‬
‫أشد‬
‫ﱠ‬ ‫الحداد إال إذا كانت ساخنة‪ ،‬فإذا بردت جمدت وصارت‬
‫ﱠ‬ ‫النفس كالحديدة ال تلين بيد‬
‫وإدبارا‪،‬‬
‫ً‬ ‫من الحجارة‪ .‬أال واستغلوا اندفاع األنفس إلى الخيرات؛ فإن لكل نفس إقباال ً‬
‫سكونا‬
‫ً‬ ‫ولكل خافق‬
‫سكونا‬
‫ً‬ ‫إذا ھبت رياحك فاغتمنھا *** فإن لكل خافقة‬
‫وال تغفل عن اإلحسان فيھا *** فال تدرى السكون متى يكون‬

‫ﱠ‬
‫الموكل بالسيئات‪ -‬ليرفع القلم ست ساعات عن العبد‬ ‫إن صاحب الشمال ‪َ َ -‬‬
‫الملك‬
‫المسلم المخطئ ؛ فإن ندم واستغفر ﷲ منھا ألقاھا‪ ،‬وإال كتبت عليه واحدة فضال ً ِمن‬
‫دنوّ األجل‪ ،‬لنندم‬
‫عجل قبل ِ‬
‫ومنة‪ ،‬والتائب من الذنب كمن ال ذنب له‪ ،‬التوبة على َ َ‬
‫ﷲ ِﱠ‬
‫إنما‬
‫ونقلع‪ ،‬ونرد المظالم‪ ،‬ولنخالط الصالحين؛ فبخلطة الصالحين نتذكر رب العالمين‪ ِ ) .‬ﱠ َ‬
‫ثم َيتوبون من قريب فأولئك أتوب عليھم‬ ‫السوء ِ َ َ َ ٍ‬
‫بجھالة ُ ﱠ‬ ‫ﱡ َ‬ ‫ُون‬
‫يعمل َ‬ ‫ﷲ ِﱠ ِ َ‬
‫للذين َ ْ َ‬ ‫التوبة َ َ‬
‫على ِ‬ ‫ﱠَْ ُ‬
‫وكان ﷲ عليما حكيما(‬
‫يا نفس توبي قبل أن ال تستطيعي أن تتوبي‬
‫واستغفري لذنوبك الرحمن غفار الذنوب‬
‫إن المنايا كالرياح عليك دائمة الھبوب‬
‫يا من يرى مد البعوض جناحھا‬
‫في ظلمة الليل البھيم األلين‬
‫النحل‬
‫ويرى نياط عروقھا في مخھا *** والمخ في تلك العظام ُ َ ِ ّ‬
‫رب اغفر لجمع تاب من ذالتھا *** ما كان منه في الزمان األول‬

‫بعزك ِ ّ‬
‫وذلنا إال رحمتنا‪ .‬نسألك بقوتك‬ ‫نسألك اللھم باسمك األعظم‪ ،‬نسألك اللھم ِّ‬
‫وضعفنا‪ ،‬بغناك وفقرنا إليك إال غفرت لنا‪ .‬ھذه نواصينا الخاطئة الكاذبة بين يديك‪ .‬عبادك‬
‫سوانا كثير وال رب لنا سواك‪ .‬ال ملجأ وال منجى إال إليك‪ ،‬ال مھرب منك إال إليك‪ .‬نسألك‬
‫مسألة المسكين‪ ،‬ونبتھل إليك ابتھال الخاضع الذليل‪ ،‬وندعوك دعاء الخائف الضرير‪،‬‬
‫وذل لك قلبه إال‬
‫ﱠ‬ ‫ونسألك سؤال من خضعت لك رقبته‪ ،‬ورغم لك أنفه‪ ،‬وفاضت لك عيناه‪،‬‬
‫رحمتنا وتقبلتنا‪ .‬من يغفر الذنوب إال أنت؟‪ ،‬من يستر العيوب إال أنت؟‪ .‬اللھم آمن روعاتنا‪،‬‬
‫واستر عوراتنا‪ ،‬واحفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا وعن أيماننا وعن شمائلنا ومن فوقنا‪،‬‬
‫نغتال من تحتنا‪ ،‬اللھم تقبلنا فيمن تقبلت‪ ،‬اللھم تقبل منا أحسن ما‬
‫َ‬ ‫ونعوذ بك اللھم أن ُ‬
‫رباه من يفتح الباب إن أغلقته‪ ،‬من يعطينا العطاء إن‬
‫وتجاوز عن سيئ ما عملنا‪ ،‬ﱠ‬
‫ْ‬ ‫عملنا‪،‬‬
‫منعته‪ .‬اللھم تقبلنا في التائبين‪ ،‬واغفر ذنوب المذنبين‪ .‬اللھم إنا عبيدك‪ ،‬بنو عبيدك‪ ،‬بنو‬
‫جازنا باإلحسان‬
‫ِ‬ ‫إمائك‪ ،‬في حاجة إلى رحمتك‪ ،‬وأنت في غنى عن عذابنا‪ ،‬اللھم‬
‫عفوا وغفرانا‪ .‬اللھم تقبل منا إنك أنت السميع العليم‪ ،‬وتب علينا إنك‬
‫ً‬ ‫إحسانا‪ ،‬وباإلساءة‬
‫ً‬
‫أنت التواب الرحيم‪ .‬سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسالم على المرسلين والحمد‬
‫‪ 9‬رب العالمين‪.‬‬
‫والجود‬
‫ُ‬ ‫والعال‬
‫ُ‬ ‫تم الكالم وربنا محمود *** وله المكارم‬
‫قمري وأورق ُعود‬
‫وعلى النبي محمد صلواته *** ما ناح ُ ْ‬

‫***********‬
‫يقول أحدھم‪ :‬حبذا لو دعوت الشباب إلى أن يأخذوا في طريقھم قبل أن يأتوا‬
‫إلى حضور حلقات الذكر إخوانھم الذين ربما انشغلوا وربما غفلوا‪.‬‬
‫واحدا خير لك من حمر النعم إن ]أبا‬
‫ً‬ ‫يھدي ﷲ بك رجال ً‬
‫َ‬ ‫فأقول لھم‪ :‬يا أيھا األحبة ألن‬
‫بكر[ ‪-‬رضي ﷲ عنه وأرضاه‪ -‬يدخل على المصطفى ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬فيؤمن‬
‫برسالته ‪ ،‬ثم يخرج من عنده ويرجع وقد أدخل في دين ﷲ ‪-‬بإذن ﷲ‪ -‬ستة من العشرة‬
‫المبشرين بالجنة‪ ،‬يأتي يوم القيامة وھم في ميزان حسناته‪ .‬فھال ركزت جھدك على‬
‫ذقته من حالوة اإليمان‪ .‬إن من أعظم األخوة علينا أن نشارك‬
‫أن تأتي بواحد لتذيقه ما ُ َ‬
‫غيرنا فيما نشترك فيه في حلقات الذكر‪ .‬إن المؤمنين وھم في الجنة على مقاعدھم‬
‫سرر متقابلين يتذكرون بعض إخوانھم من أصحاب الكبائر‪ ،‬يتذكرون بعض‬
‫إخوانا على ُ ُ‬
‫ً‬
‫إخوانھم فيقولون‪ :‬يا رب كيف ننعم وإخواننا يعذبون؟ كيف ننعم وإخواننا يعذبون؟ فيأذن‬
‫ﷲ –عز وجل‪ -‬بالشفاعة لكل رجل جلس مع آخر ولو لساعة واحدة يذكر فيھا ﷲ –عز‬
‫وجل‪ " .-‬وما اجتمع قوم في بيت من بيوت ﷲ‪ ،‬يتلون كتاب ﷲ‪ ،‬ويتذاكرونه ويتدارسونه‬
‫فيما بينھم‪ ،‬إال نزلت عليھم السكينة‪ ،‬وغشيتھم الرحمة‪ ،‬وحفتھم المالئكة‪ ،‬وذكرھم‬
‫اتجھنا ‪ ،‬وسبحان ﷲ وبحمده‪،‬‬
‫أنا ﱠ‬
‫ﷲ فيمن عنده" أسأل ﷲ أن يوفقنا وإياكم للخير ﱠ‬
‫أشھد أن ال إله إال ھو‪ ،‬أحمده وأستغفره وأتوب إليه‪.‬‬

‫فضيلة الشيخ ‪ /‬علي عبد الخالق القرني‬

‫مكانة المرأة في اإلسالم‬

‫الحمد ‪ 9‬حمدا كثيرا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى اللھم لك الحمد ملء السماوات‬
‫واألرض فكل الحمد لك اللھم لك الشكر ملء السماوات واألرض فكل الشكر لك نحمدك‬
‫على نعمة اإلسالم واإليمان والقرآن ونحمدك على أن ھديتنا لإلسالم وجعلتنا من أمة‬
‫خير األنام صلوات ﷲ وسالمه عليه نشھد أن ال إله إال أنت وحدك ال شريك لك وأن‬
‫محمدا عبدك ورسولك صلى ﷲ عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لھم بإحسان وسلم‬
‫تسليما كثيرا السالم عليكم ورحمة ﷲ وبركاته واسأل ﷲ عز وجل أن يجعل ھذه‬
‫الدقائق في ميزان الحسنات في يوم تعز فيه الحسنات في يوم الحسرات وأن يجعل‬
‫من تسبب في ذلك بشيء قليل أو كثير يجعل ھذه في ميزانه وأن يجعلھا له من‬
‫الباقيات الصالحات ھو ولي ذلك والقادر عليه أيتھا األخوات المؤمنات إدارة ومعلمات‬
‫وطالبات ومنسوبات أوصيكن ونفسي بتقوى ﷲ عز وجل وأن نقدم ألنفسنا أعمال‬
‫تبيض وجوھنا يوم أن نلقى ﷲ )يوم ال ينفع مال وال بنون إال من أتى ﷲ بقلب سليم(‬
‫)يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسھا( )يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا‬
‫وما عملت من سوء تود لو أن بينھا وبينه أمدا بعيدا( )يوم يبعثر ما في القبور ويحصل ما‬
‫في الصدور( يوم تبلى السرائر وتنكشف الضمائر يوم الحاقة والطامة والقارعة والزلزلة‬
‫والصاخة )يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منھم يومئذ شأن‬
‫يغنيه(‬

‫أيتھا األخوات من أنتن لوال اإلسالم واإليمان والقرآن؟ أنتن باإلسالم وباإليمان والقرآن‬
‫أسماعكن قليال‪ ،‬لتعرفن تلك النعمة التي‬
‫ﱠ‬ ‫تعرنني‬
‫ولعلكن ُ ِ‬
‫ﱠ‬ ‫شيء وبدونھا وﷲ ال شيء‪،‬‬
‫وأنتن تتبوأن‬
‫ﱠ‬ ‫تسمعن لحال المرأة في عصور الجاھلية‪،‬‬
‫ْ‬ ‫تعشنھا في ھذه األيام‪ ،‬يوم‬
‫أنتن ِ ْ َ‬
‫ﱠ‬
‫تباع‬
‫وتزدرى‪َ ُ ،‬‬
‫وتشترى‪ُ ،‬يتشاءم منھا ُ‬
‫نعمة الھداية‪ .‬كيف كانت المرأة؟ كانت سلعة ُتباع ُ‬
‫تملك‪ ،‬للزوج حق‬ ‫والبغاء‪ُ ،‬تورث وال َترث‪َ ُ ،‬‬
‫تملك وال َ ْ ِ‬ ‫ِ َ‬ ‫كالبھيمة والمتاع‪َ ْ ُ ،‬‬
‫تكره على الزواج‬
‫أختلف فيھا في بعض‬‫التصرف في مالھا –إن ملكت مالھا‪ -‬بدون إذنھا‪ ،‬بل لقد ُ ْ ِ َ‬
‫الجاھليات‪ ،‬ھل ھي إنسان ذو نفس وروح كالرجل أم ال؟ ويقرر أحد المجامع الروسية‬
‫الضحك –‬
‫ﱠ ِ‬ ‫تمنع من‬
‫عقور‪َ ُ ،‬‬
‫نجس يجب عليه الخدمة فحسب‪ ،‬فھي ككلب َ ُ‬
‫أنھا حيوان َ ِ‬
‫أيضا‪-‬؛ ألنھا أحبولة شيطان‪ ،‬وتتعدد الجاھليات‪ ،‬والنھاية والنتيجة واحدة‪ .‬جاھلية تبيح‬
‫للوالد بيع ابنته‪ ،‬بل له حق قتلھا ووأدھا في مھدھا‪ ،‬ثم ال ِقصاص وال َقصاص فيمن‬
‫مسودا وھو كظيم‪ ،‬يتوارى من القوم من سوء ما‬
‫ً‬ ‫ظل وجھه‬
‫ﱠ‬ ‫بشر بھا‬
‫دية‪ ،‬إن ُ ّ ِ‬
‫قتلھا وال ِ َ‬
‫يدسه في التراب‪.‬‬
‫ﱡ‬ ‫ھون‪ ،‬أم‬
‫ٍ‬ ‫بشر به‪َ ِ ْ ُ ،‬‬
‫أيمسكه على‬ ‫ُ ِّ‬
‫تمسه من طعام أو إنسان‬
‫وعند اليھود إذا حاضت تكون نجسة‪ ،‬تنجس البيت‪ ،‬وكل ما َ ﱡ‬
‫تطھرت عادت لبيتھا‪ ،‬وكان‬
‫ﱠ‬ ‫أو حيوان‪ ،‬وبعضھم يطردھا من بيته؛ ألنھا نجسة‪ ،‬فإذا‬
‫بعضھم ينصب لھا خيمة عند بابه‪ ،‬ويضع أمامھا خبزا وماء كالدابة‪ ،‬ويجعلھا فيھا حتى‬
‫تطھر‪.‬‬
‫عباد البقر يجب على كل زوجة يموت زوجھا أن ُيحرق جسدھا‬
‫وعند الھنود الوثنيين ُ ﱠ‬
‫حية على جسد زوجھا المحروق‪.‬‬
‫وعند بعض النصارى أن المرأة ينبوع المعاصي‪ ،‬وأصل السيئات‪ ،‬وھي للرجل باب من‬
‫أبواب جھنم‪ ،‬ھذا كله قبل بعثة محمد –صلى ﷲ عليه وسلم‪.-‬‬

‫أتاكن يا بنات حواء في ھذا‬


‫ﱠ‬ ‫أتاكن أيتھا المؤمنات المسلمات القانتات‪ ،‬بل ھل‬
‫ﱠ‬ ‫فھل‬
‫العالم كله أنباء ما جاء به نبي الرحمة والھدى محمد –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬من‬
‫تبوأتن به من ھذه النعمة‪ .‬بعد تلك المھانة‬
‫ﱠ‬ ‫فحمدتن ﷲ على ما‬
‫ﱠ‬ ‫حقكن‬
‫التعاليم في ِ ّ ﱠ‬
‫ليعلي شأنھا‪ ،‬فإذا‬ ‫ِﱠ‬
‫والذلة‪ ،‬يأتي رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬ليرفع مكانة المرأة‪ُ ،‬‬
‫به –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬يبايع النساء بيعة مستقلة عن الرجال‪ ،‬وإذا باآليات تتنزل‪،‬‬
‫يكلف الرجل إال فيما اختصت به‪َ ) .‬يا َ ﱡ َ‬
‫أيھا‬ ‫تكلف كما ُ َ ﱠ‬
‫وإذا المرأة فيھا إلى جانب الرجل ُ ﱠ‬
‫رجاال ً‬
‫منھما ِ َ‬
‫وبث ِ ْ ُ َ‬
‫زوجھا َ َ ﱠ‬
‫منھا َ ْ َ َ‬ ‫واحدة َ َ َ َ‬
‫وخلق ِ ْ َ‬ ‫نفسٍ َ ِ َ ٍ‬ ‫الذي َ َ َ ُ‬
‫خلقكم من ْ‬ ‫ربكم ﱠ ِ‬
‫اتقوا َ ﱠ ُ ُ‬
‫الناس ﱠ ُ‬
‫ﱠ ُ‬
‫الناس‬
‫أيھا ﱠ ُ‬ ‫رقيبا( ) َيا َ ﱡ َ‬ ‫كان َ َ ْ ُ ْ‬
‫عليكم َ ِ ً‬ ‫ﷲ َ َ‬ ‫إن َ‬ ‫واألرحام ِ ﱠ‬
‫به َ ْ َ َ‬ ‫ُون ِ ِ‬
‫تساءل َ‬
‫الذي َ َ َ‬ ‫ﷲ ﱠ ِ‬ ‫واتقوا َ‬ ‫ونساء َ ﱠ ُ‬
‫كثيرا َ ِ َ ً‬‫َِ ً‬
‫ﷲ َْ َ ُ ْ‬
‫أتقاكم(‬ ‫عند ِ‬ ‫إن َ ْ َ َ ُ ْ‬
‫أكرمكم َ َ‬ ‫لتعارفوا ِ ﱠ‬ ‫شعوبا َ َ َ ِ َ‬
‫وقبائل ِ َ َ َ ُ‬ ‫وأنثى َ َ َ ْ َ ُ ْ‬
‫وجعلناكم ُ ُ ً‬ ‫ذكر َ ُ ْ َ‬
‫خلقناكم ِ ّمن َ َ ٍ‬ ‫إنا َ َ ْ َ ُ‬‫ِﱠ‬
‫عمل‬
‫من َ ِ َ‬ ‫بنين َ َ َ َ ً‬
‫وحفدة( ) َ ْ‬ ‫من َ ْ َ ِ ُ‬
‫أزواجكم َ ِ َ‬ ‫لكم ْ‬ ‫وجعل َ ُ‬
‫أزواجا َ َ َ َ‬‫أنفسكم َ ْ َ ً‬
‫من َ ْ ُ ِ ُ ْ‬ ‫لكم ْ‬ ‫ل َ ُ‬‫جع َ‬
‫وﷲ َ َ‬ ‫)َ ُ‬
‫طيبة( صفات صالحة في الرجال‪ ،‬ما‬ ‫حياة َ ِ ّ َ ً‬ ‫مؤمن َ َ ُ ْ ِ َ ﱠ ُ‬
‫فلنحيينه َ َ ً‬ ‫وھو ُ ْ ِ ٌ‬
‫أنثى َ ُ َ‬ ‫ذكر َ ْ‬
‫أو ُ ْ َ‬ ‫صالحا ِ ّمن َ َ ٍ‬
‫َ ِ ً‬
‫بعضھم‬ ‫والمؤمنون َ ْ ُ ْ ِ َ ُ‬
‫والمؤمنات َ ْ ُ ُ ْ‬ ‫ذكرھا ﷲ إال وذكر في جانبھا النساء‪ ،‬والصالحة كذلك‪َ ُ ِ ْ ُ ْ َ ) .‬‬
‫والزاني(‬
‫الزانية َ ﱠ ِ‬ ‫السارق َ ﱠ ِ َ ُ‬
‫والسارقة( ) ﱠ ِ َ ُ‬ ‫والطيبون ِ ْ ﱠ ِ ّ َ‬
‫للطيباتِ( ) ﱠ ِ ُ‬ ‫للطيبين َ ﱠ ِ ّ ُ َ‬
‫الطيبات ِ ﱠ ِ ّ ِ َ‬
‫بعضٍ() ﱠ ِ ّ َ ُ‬ ‫ََِْ ُ‬
‫أولياء َ ْ‬
‫وإذا برسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬بعد مدة ليست باليسيرة يقول‪" :‬إنما النساء‬
‫شقائق الرجال" وإذا به ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬بعدھا يقول في خطبته الشھيرة‪:‬‬
‫عوان "يعني أسيرات‪ ،‬ثم يقول ‪-‬صلى ﷲ عليه‬
‫خيرا فإنھن عندكم َ َ‬
‫ً‬ ‫"استوصوا بالنساء‬
‫رافعا شأن المرأة‪ ،‬وشأن من اھتم بالمرأة على ضوابط الشرع‪ " :‬خياركم‬
‫ً‬ ‫وسلم‪-‬‬
‫خياركم لنسائھم‪ ،‬خيركم خيركم ألھله‪ ،‬وأنا خيركم ألھلي" صلوات ﷲ وسالمه عليه‪.‬‬
‫يأتيه ]ابن عاصم المنقري[؛ ليحدثه عن ضحاياه‪ ،‬وعن جھله ُ ْ ِ‬
‫المطبق‪ ،‬ضحاياه المؤودات‬
‫فيقول ‪ :‬لقد وأدت يا رسول ﷲ اثنتي عشرة منھن‪ ،‬فيقول –صلى ﷲ عليه وسلم‪:-‬‬
‫يھنھا‪ ،‬ولم يؤثر ولده عليھا‪،‬‬
‫يئدھا‪ ،‬ولم ُ ِ ْ‬
‫"من ال َيرحم ال ُيرحم ‪،‬من كانت له أنثى فلم َ ْ‬
‫أدخله ﷲ –عز وجل وتعالى‪ -‬بھا الجنة "‪ .‬ثم يقول –صلوات ﷲ وسالمه عليه‪" :-‬من‬
‫وضم بين أصابعه صلوات ﷲ‬
‫ﱠ‬ ‫جاريتين حتى تبلغا‪ ،‬جاء يوم القيامة أنا وھو كھاتين‪،‬‬
‫ْ‬ ‫عال‬
‫َ َ‬
‫وسالمه عليه" ثم يقول –صلى ﷲ عليه وسلم‪ ":‬الساعي على األرملة والمسكين‬
‫كالمجاھد في سبيل ﷲ‪ ،‬أو كالقائم ال يفتر‪ ،‬أو كالصائم ال يفطر" أو كما قال –صلى ﷲ‬
‫تقل لھما ُ ٍّ‬
‫أف( وحسن‬ ‫مكرمة مع األب‪َ ْ ِ ُ ،‬‬
‫أمرنا بحسن القول لھما ) َفال َ َ ُ‬ ‫ﱠ َ‬ ‫أم‬
‫عليه وسلم‪ :-‬ﱞ‬
‫قوال ً َ ِ ً‬
‫كريما( وحسن‬ ‫لھما َ ْ‬
‫وقل ﱠ ُ َ‬ ‫الرعاية ) َوال َ َ ْ َ ْ ُ َ‬
‫تنھرھما( وحسن االستماع إليھما والخطاب ) َ ُ‬
‫البرّ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫األبِ في‬
‫ّ‬ ‫مقدمة على‬
‫ﱠ‬ ‫مكرمة‬
‫ﱠ‬ ‫أم‬
‫صغيرا(‪ .‬ﱞ‬
‫ربياني َ ِ ً‬ ‫ارحمھما َ َ‬
‫كما َ ّ َ ِ‬ ‫رب ْ َ ْ ُ َ‬
‫وقل ّ ّ‬
‫الدعاء لھما ) َ ُ‬
‫"من أحق الناس بحسن صحابتي يا رسول ﷲ؟ قال‪ :‬أمك‪ ،‬قال‪ :‬ثم من؟ قال‪ :‬أمك‪،‬‬
‫قال‪ :‬ثم من؟ قال‪ :‬أمك‪ ،‬قال‪ :‬ثم من؟ قال‪ :‬أبوك"‪ .‬يأتي ]جاھمة[ إلى رسول ﷲ ‪-‬صلى‬
‫والوجاد حتى‬
‫ِ َ‬ ‫الوھاد‬
‫ﷲ عليه وسلم‪ -‬يريد الجھاد في سبيل ﷲ من <اليمن>‪ ،‬قد قطع ِ َ‬
‫وصل إلى رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬وقال‪ :‬أردت يا رسول ﷲ أن أغزو وجئت‬
‫ألستشيرك‪ ،‬فقال ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ :"-‬ھل لك من أم؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ْ :‬‬
‫الزمھا؛ فإن‬
‫الجنة عند رجليھا " أو كما قال صلى ﷲ عليه وسلم‪ .‬بل أوصى –صلى ﷲ عليه‬
‫علي‪ ،‬وھي‬
‫ﱠ‬ ‫وسلم‪ -‬باألم وإن كانت غير مسلمة‪ .‬فھا ھي ]أسماء[ تقول‪" :‬قدمت أمي‬
‫ما زالت مشركة‪ ،‬فاستفتيت رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬فقلت‪ :‬قدمت أمي‬
‫صلي أمك"‪.‬‬ ‫وھي راغبة أَ َ ِ‬
‫فأصلُھا؟ قال‪ :‬نعم –صلى ﷲ عليه وسلم‪ِ ،-‬‬
‫وخصك بأحكام‬
‫ﱠ ِ‬ ‫فيك سورة كاملة باسم سورة النساء‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ليس ھذا فحسب‪ ،‬بل أنزل ﷲ‬
‫ﱠ‬
‫وذكرك‪ ،‬وجعلك راعية‬ ‫وطھرك‪ ،‬واصطفاك‪ ،‬ورفع منزلتك‪ ،‬ووعظك‪،‬‬
‫ﱠ‬ ‫وكرمك‪،‬‬
‫ﱠ‬ ‫خاصة‪،‬‬
‫ومسؤولة‪ ،‬وأرجو من ﷲ –عز وجل‪ -‬أن تكوني كذلك‪ ،‬فاألمل –وﷲ‪ -‬فيكن –أيتھا‬
‫المؤمنات المتعلمات‪ -‬كبير‪ ،‬والمسئولية –وﷲ‪ -‬عليكن عظيمة وجسيمة‪ .‬راعيات في‬
‫فلتكن قدوات‪ ،‬قدوات في المظاھر‪ ،‬وقدوات في المخابر‪،‬‬
‫ﱠ‬ ‫المدارس‪ ،‬راعيات في البيوت‪،‬‬
‫أموركن؛ فإن النبي –صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬‬
‫ِ‬ ‫قدوات في القول‪ ،‬وفي العمل‪ ،‬وفي كل‬
‫فضيعھم‪ ،‬أو بات‬
‫ﱠ‬ ‫الذي رفع شأنكن بھذا الدين يقول‪" :‬وما من راعٍ استرعاه ﷲ رعية‬
‫حرم ﷲ عليه رائحة الجنة "‪ .‬منذ بزوغ فجر الرسالة –يا أيتھا المسلمة‪-‬‬
‫غاشا لھم إال ﱠ‬
‫ً‬
‫معززة تقوم بدورھا إلى جانب الرجل تؤازره‪ ،‬تشد من عزمه‪ ،‬تقوي‬
‫ﱠ‬ ‫مكرمة‬
‫والمرأة ُ ﱠ‬
‫تسره إذا حضر إليھا‪ ،‬ثم تنال بعد ذلك نصيبھا في‬
‫ﱡ ُ‬ ‫ھمته‪ ،‬تناصره‪ ،‬تحفظه إن غاب‪،‬‬
‫ﱠ‬
‫شرف الدعوة إلى ﷲ –عز وجل‪ . -‬وتنال نصيبھا من اإليذاء في سبيل ﷲ‪ .‬فھا ھي‬
‫يعذبون‪،‬‬
‫]سمية[‪ ،‬ما سمية؟! سمية أول شھيدة في اإلسالم‪ ،‬وھاھو ابنھا وزوجھا ُ ﱠ‬
‫ُيلبسون أذرع الحديد‪ ،‬ثم ُيصھرون في الشمس‪ ،‬في رمضاء >مكة<‪ ،‬وما أدراكم ما تلك‬
‫يعذبون بـ<األبطح>‪ ،‬وھو في بداية‬
‫يمر –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬وھم ُ ﱠ‬
‫ﱡ‬ ‫الرمضاء؟! ثم‬
‫ً‬
‫شيئا بل ال يملك ما يدفع به عنھم وعنھا‪ ،‬فيقول‪" :‬اصبروا آل‬ ‫دعوته ال يملك لنفسه‬
‫ياسر؛ فإن موعدكم الجنة" وذات يوم بالعشي يأتي ]أبو جھل[ إلى ]سمية[‪ ،‬فيسبھا‪،‬‬
‫وقحة ومھينة‪ ،‬وھي ثابتة بإيمانھا‪ ،‬راسخة بيقينھا‪ ،‬ال‬
‫ويشتمھا‪ ،‬ويتكلم بكل كلمة َ ِ َ‬
‫جنان ذاكية‪،‬‬
‫تلتفت إلى وقاحته‪ ،‬وال تنظر إلى سفالته‪ ،‬وإنما رنت عينھا مباشرة إلى ِ َ ٍ‬
‫والرضوان والتكريم‪ ،‬نسأل ﷲ أن يجعلنا وإياكم من‬
‫ِّ‬ ‫وإلى منازل ذاكية‪ ،‬في دار النعيم‬
‫أھلھا‪ ،‬نظرت إلى ھناك ولم ترد عليه ليتقدم ‪-‬أخزاه ﷲ‪ -‬إلى تلك العجوز الضعيفة‬
‫عجزھا لتسقط؛ فتكون‬
‫عفتھا‪ ،‬لم يرحم ضعفھا وال َ ْ َ َ‬
‫الكبيرة فيطعنھا بالحربة في موطن ِ ﱠ ِ‬
‫أول شھيدة في اإلسالم‪ ،‬ثم يموت زوجھا بعد ذلك بالعذاب فيحتسبھا‪ ،‬ثم يحتسبه أبناء‬
‫ھذا الرجل‪ ،‬ويشاء ﷲ أن يعيش ابنھا ]عمار[ حتى يرى قاتل أمه يوم <بدر > مجدال ً‬
‫على األرض‪ ،‬ورسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬يقول له‪ " :‬قتل ﷲ قاتل أمك يا عمار‪،‬‬
‫قتل ﷲ قاتل أمك يا عمار"‪.‬‬
‫قرونا‪ ،‬وال زالت تنعم بذلك حتى‬
‫ً‬ ‫ونعمت المرأة في ظل اإلسالم‬
‫أخواتي المؤمنات؛ َ ِ َ‬
‫خطرا من وأد‬
‫ً‬ ‫معنويا‪ ،‬أمثل‬
‫ً‬ ‫وأدا‬
‫جاءت جاھلية ھذا القرن والذي قبله‪ ،‬فوأدت المرأة ً‬
‫الجاھلية‪ .‬فإن الموءودة في الجنة كما أخبر بذلك النبي –صلى ﷲ عليه وسلم‪.-‬‬
‫عفتھا‪ ،‬وأھدرت حياءھا‪ ،‬ال تجد‬
‫أما موءودة ھذا القرن فھي التي وأدت نفسھا‪ ،‬وباعت ﱠ‬
‫مميلة‪ ،‬ال تجد عرف الجنة‪ ،‬وإن ريح الجنة‬
‫الجنة‪ ،‬وال تجد ريحھا‪ ،‬كاسية عارية‪ ،‬مائلة ُ ِ‬
‫ليوجد من مسافة كذا وكذا‪ ،‬أصغت بأذنھا إلى الدعاة على أبواب جھنم‪ ،‬فقذفوھا في‬
‫جھنم‪ ،‬فشقيت وخسرت دنياھا وأخراھا‪ ،‬فھي تعض أصابع الندم ھنا ويوم القيامة‪،‬‬
‫عنا‪ ،‬وعن العاصيات من أمة محمد ‪-‬صلى ﷲ عليه‬
‫نسأل ﷲ –عز وجل‪ -‬أن يتجاوز ﱠ‬
‫أمة ﷲ تجيء جاھلية ھذا القرن في صور متعددة؛ في صورة المشفق‬
‫وسلم‪ .-‬يا َ َ‬
‫باطنا‪.‬‬
‫ً‬ ‫ظاھرا‪ ،‬وھو يريد قتلك‬
‫ً‬ ‫عليك‪ ،‬الضاحك‬
‫يبتسم‬
‫ُ‬ ‫أن ﱠ‬
‫الليث‬ ‫تظنين ﱠ‬
‫ِّ‬ ‫ً‬
‫بارزة *** فال‬ ‫نيوب ﱠ ِ‬
‫الليث‬ ‫إذا رأيت ِ ُ َ‬
‫جاءت ھذه الجاھلية في صورة المشفق عن طريق مجلة‪ ،‬أو عن طريق صفحة جريدة‪،‬‬
‫منك أن تكوني‬
‫ِ‬ ‫أو أغنية فاجرة‪ ،‬أو مسلسلة‪ ،‬أو تمثيلية‪ ،‬أو جھاز استقبال‪ ،‬يريدون‬
‫مسالخِ بشر‪ .‬حاشاك يا ابنة‬
‫عاھرة‪ ،‬سافرة‪ ،‬فاجرة‪ ،‬يريدون أن تكوني بھيمة في ِ ْ‬
‫اإلسالم‪ ،‬ويا حفيدة ]سمية[ و]أسماء[‪.‬‬

‫اسمعي لقائلھم سمع الكبار يوم يقول وھو أحد الكفار الذي يتربص بك وبأخواتك‬
‫وبالمؤمنين الدوائر يقول‪ :‬ال تستقيم حالة الشرق اإلسالمي لنا حتى ُيرفع الحجاب عن‬
‫وخسر‪.‬‬ ‫وجه المرأة‪ ُ ،‬ﱠ‬
‫ويغطى به القرآن‪ ،‬وحتى تؤتى الفواحش والمنكرات‪ .‬وخاب َ ِ‬
‫كذابا ‪-‬يخاطب بذلك الحجاب‪.-‬‬
‫ً‬ ‫حارسا‬
‫ً‬ ‫مزقيه بال ريث‪ ،‬فقد كان‬
‫مزقيه ِّ‬
‫ويقول اآلخر‪ِّ :‬‬
‫ويقول اآلخر‪ :‬إلى متى تحملين ھذه الخيمة؟‪.‬‬
‫والكلية ‪.‬‬
‫ﱠ‬ ‫ويقول آخر‪ :‬ينبغي أن تبحثي عن قائد يقودك إلى المدرسة‬
‫ِّ‬
‫ونخلصھا من قيود الدين‪ .‬خاب وخسر‪.‬‬ ‫ويقول آخر‪ :‬البد أن نجعل المرأة رسوال ً لمبادئنا‪،‬‬
‫ويقول اآلخر‪ :‬إن الحجاب خاص بزوجات رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪. -‬‬
‫فأين تنطلي مثل ھذه األمور؟ وأين ھذا من القرآن؟ إنه لم يعرف القرآن‪ ،‬ولو عرف القرآن‬
‫ونسآء ْ ُ ْ ِ ِ َ‬
‫المؤمنين(‬ ‫وبناتك َ ِ َ ِ‬
‫ألزواجك َ َ َ ِ َ‬
‫النبي ُقل ْ َ ِ َ‬ ‫لقرأ قول ﷲ في القرآن‪َ ) :‬يا َ ﱡ َ‬
‫أيھا ﱠ ِ ﱡ‬
‫ويقول أحدھم ‪-‬وھو ]قاسم أمين[‪ ،‬من الذين تأثروا بالغرب‪ -‬يقول‪ :‬إن الحجاب ضرر على‬
‫ِّ‬
‫ويحكم عقله‪ ،‬وينظر إلى‬ ‫المرأة؛ فھو معرقل لحياتھا اليومية يضرب باآليات عرض الحائط‪،‬‬
‫الغرب الھائم‪ .‬فعامله ﷲ –عز وجل‪ -‬بما يستحق‪.‬‬
‫وآخر يقول‪ :‬كأس وغانية تفعالن في األمة المحمدية ماال يفعله ألف مدفع؛ فأغرقوھم‬
‫والملذات‪.‬‬
‫ﱠ‬ ‫في الشھوات‬
‫كيف جاءت ھذه األمور؟ إنھا لم تأتنا إال من أعداء اإلسالم‪ ،‬على طريقة من؟! على‬
‫ربوا على أفكار أولئك‪.‬‬
‫طريقة الذين ُ ﱡ‬
‫مرتبا له من مصر إلى بريطانيا أيام االحتالل‪ ،‬ليعود من ھناك‬
‫منفيا ُ ً‬
‫ً‬ ‫يخرج ]سعد زغلول[‬
‫رتب له األمر‪ ،‬فإذا بسرادق النساء في استقباله‪،‬‬
‫وھو بطل وزعيم وطني قومي‪ ،‬وقد ُ ِ ّ‬
‫وإذا بزوجته ]صفية زغلول[ –انتسبت إليه‪ ،‬وال تنسب إلى أبيھا على طريقة الغربيات‬
‫ولما وصلت إلى ھناك‪ ،‬وجاءوا‬
‫ﱠ‬ ‫الكابرات‪ -‬تأتي معه على ظھر الباخرة‪ ،‬وتصل إلى ھناك‪،‬‬
‫الستقباله إذا األمر مرتب‪ ،‬ينزل وينطلق مباشرة إلى سرادق النساء‪ ،‬إلى سرادق‬
‫الحريم المحجبات فتقوم ]ھدى شعراوي[ –عاملھا ﷲ بما يستحق‪ -‬تقوم إليه محجبة‪،‬‬
‫مد اليھودي قبل ذلك يده فدفع ثمن ذلك نفسه‪ -‬يمد يده‬
‫فينطلق إليھا ليمد يده –وقد ﱠ‬
‫ليعلن‬
‫يصفق النساء ِ ُ ْ ِ ﱠ‬
‫ِّ‬ ‫ويصفق‪ ،‬ثم‬
‫ِّ‬ ‫وتصفق‪ ،‬ويضحك‬
‫ِّ‬ ‫إلى حجابھا ويرفع ذلك‪ ،‬وھي تضحك‬
‫وليبدأن في تقليد الكافرات‪ ،‬ھذا ھو عمله‪ ،‬فماذا فعلت؟ التي‬
‫َ‬ ‫الرذيلة من ذلك اليوم‪،‬‬
‫ﱠ‬
‫صفية[ ‪ ،‬انطلقا في مظاھرة ظاھرھا وھدفھا مناوأة‬
‫ﱠ‬ ‫قامت بالدور بعد ذلك ]ھدى[ و]‬
‫االحتالل اإلنجليزي‪ ،‬وانطلقا إلى ميدان اإلسماعيلية‪ ،‬ليقفا في ذلك الميدان محجبات‬
‫سود كالغربان‪ ،‬كما أمر النبي –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬ولكن لحاجة في نفسھن‪ ،‬رمين‬
‫ليعلن التمرد على القيم‬ ‫َْ‬
‫أحرقنه في تلك الساحات‪ ُ ،‬ﱠ‬ ‫ودسنه باألقدام‪ ،‬ثم‬
‫الحجاب ُ ْ َ ُ‬
‫واألخالق اإلسالمية‪ ،‬فماذا كان بعد ذلك؟! حصل في >مصر< ما حصل ‪ ،‬حصل فيھا أن‬
‫بدأ التغريب ھناك على يد ھؤالء‪ ،‬وبين أيادي المؤمنات‪ ،‬وعلى مرأى المسلمين‬
‫والمسلمات‪.‬‬
‫ماذا حصل؟! انطلقوا مباشرة‪ ،‬فإذا بالرجل ينطلق إلى جنب المرأة مباشرة‪ ،‬وإذا به‬
‫ِّ ً‬
‫ومعلما فيما بعد‪ ،‬وإذا باألمور تنفرط‪،‬‬ ‫ً‬
‫تلميذا‬ ‫يعمل معھا‪ ،‬وإذا بھا يخالطھا في المدرسة‬
‫ليس ھناك فتدب العدوى إلى بالد عربية ‪ ،‬حتى يكاد ال َ ْ َ‬
‫يسلم من ذلك بلد إال من رحم‬
‫ﷲ‪ ،‬وقليل ما ھم‪ .‬وإذا بنا نئن ونشكو من اختالط ‪ ،‬من رذيلة توأد‪ ،‬ومن طھر وعفاف‬
‫صمت‪ ،‬واتجھت ِ ّ‬
‫تقلد‬ ‫يوأد‪ ،‬وإذا الفساد ينتشر‪ ،‬وإذا الداعية يطيح ھنا وھناك‪ ،‬فإذا اآلذان ُ ﱠ‬
‫الغرب حتى في لباسھا‪ ،‬قامت تقلدھم في الموضة واألزياء‪ .‬جاءت ھذه الصرعات‬
‫فاستنفذت البيوت واستنفذت ميزانيات األسر‪ .‬حتى إنك لترى التي بلغت الخامسة‬
‫عشر ال زال لباسھا من فوق ركبتھا‪ ،‬وتقول‪ :‬الزلت صغيرة‪ ،‬فإنا ‪ 9‬وإنا إليه راجعون‪.‬‬
‫سواء ]ھدى[ أو ]قاسم[ أو ]زغلول[ أو غيرھم من الدعاة‬
‫ً‬ ‫وما –وﷲ‪ -‬ذكرت من ھؤالء‬
‫ھنا وھناك إال نماذج للدعاة على أبواب جھنم الذين ألقوا بحجابھم‪ ،‬وداسوه باألقدام‬
‫يتحدون مشاعر المسلمين‪ ،‬والذين يكتبون لتحرير المرأة‪ ،‬والذين وقفوا بذلك‬
‫إنما َ َ ﱠ ْ‬
‫ﱡ‬
‫والطھر والشك‪،‬‬ ‫والخلُق‬
‫ُ‬ ‫الميدان وسموه ميدان التحرير إنما ھو التحرر من الفضيلة‬
‫بھا‬
‫يفقھون ِ َ‬
‫ُوب ال َ ْ َ ُ َ‬ ‫يبيتون ھم وأذنابھم إلى يوم يبعثون‪ْ ُ َ ) .‬‬
‫لھم ُقل ٌ‬ ‫يكتبون‪ ،‬وﷲ يكتب ما ُ ِ ّ‬
‫أولئك‬ ‫ھم َ َ ُ‬
‫أضل ُ َ ِ َ‬ ‫بل ُ ْ‬ ‫أولئك َ َ ْ َ ِ‬
‫كاألنعام َ ْ‬ ‫بھا ُ َ ِ َ‬
‫يسمعون ِ َ‬
‫آذان ال َ ْ َ ُ َ‬ ‫بھا َ َ ُ‬
‫ولھم َ ٌ‬ ‫يبصرون ِ َ‬ ‫ولھم َ ْ ُ ٌ‬
‫أعين ال ُ ْ ِ ُ َ‬ ‫ََ ُ‬
‫الصدور(‪ .‬أختي‬
‫ﱡ ُ ِ‬ ‫التي ِفي‬
‫ُوب ِ‬
‫القل ُ‬
‫تعمى ُ‬ ‫األبصار َ َ ِ‬
‫ولكن َ ْ َ‬ ‫تعمى ْ َ ُ‬ ‫ُون( ) َ ِ ﱠ َ‬
‫فإنھا ال َ ْ َ‬ ‫الغافِل َ‬
‫ھم َ‬‫ُ ُ‬
‫يكن‬
‫أھل ألن َ ُ ﱠ‬
‫ٌ‬ ‫الكتاب والراقصات والعاھرات‬
‫المؤمنة؛ ھل لھؤالء ومن على أدرابھم من ُ ﱠ‬
‫قدوة للصالحات المؤمنات القانتات الصابرات الخاشعات ؟ نعوذ با‪ 9‬من االنتكاس ‪،‬‬
‫السمو ‪ ،‬والطھر ال‬
‫ﱡ ُ ﱡ‬ ‫ونسأل ﷲ الثبات حتى الممات ‪ .‬أنت الطھر ‪ ،‬وأنت الفضيلة ‪ ،‬وأنت‬
‫بالسفل ‪.‬‬
‫ﱡ ْ‬ ‫بالرّجس والمھين ‪ ،‬والفضيلة ال تقتدي بالرذيلة ‪ ،‬والسمو ال يقتدي‬
‫ِ‬ ‫يقتدي‬
‫خابوا وخسروا وتعسوا وانتكسوا ‪.‬‬
‫أغيظيھم وقولي بلسان حالك ومقالك‪:‬‬
‫كمدا *** من مات من غيظه منھم له كفن‬
‫ً‬ ‫الحصى‬
‫صم َ َ‬
‫دعھم يعضوا على ُ ِ ّ‬
‫التحديات‪ ،‬آمالنا في‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫والمعلمة أن تكون أقوى من‬ ‫ِّ‬
‫المتعلمة‬ ‫إن آمالنا في المسلمة‬
‫المسلمة في كل مكان وآمالنا في المسلمة في ھذه الجزيرة أن تكون أقوى من‬
‫التحديات‪ ،‬تعتز بدينھا‪ ،‬تتمسك بعقيدتھا ومبادئھا وأخالقھا‪ ،‬بل وتدعو إليھا؛ فذلك من‬
‫دينھا‪.‬‬
‫ھاھو رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬يخبر ليلة اإلسراء أنه كما قال‪" :‬فلما كانت‬
‫طيبة ‪ ،‬فقلت‪ :‬ما ھذا الرائحة الطيبة يا جبريل؟‬
‫على رائحة ِ ّ‬
‫ﱠ‬ ‫الليلة التي ُ ْ ِ َ‬
‫أسري بي أتت‬
‫قال‪ :‬ھذه رائحة ماشطة بنت فرعون وأوالدھا" أتدرون ما خبر ھذه المرأة؟ وما خبر ھذه‬
‫يثبت المرأة أمام شھواتھا‪ ،‬وأمام رغباتھا‪،‬‬
‫اسمعن إليھا؛ فلعل فيھا ما ِ ّ‬
‫َ‬ ‫الماشطة؟‬
‫عموما‪ .‬ھذه كانت تمشط بنت فرعون‪ ،‬ذات يوم من األيام‪ ،‬وبينما‬
‫ً‬ ‫والترغيب والترھيب‬
‫بالمدرى يسقط من‬
‫ِ ْ َ‬ ‫تمشط بنت فرعون –وھو الذي يقول‪ :‬أنا ربكم األعلى‪ -‬وإذا‬
‫ِّ‬ ‫ھي‬
‫المفرق التي تفرق به الشعر يسقط من يديھا‪ ،-‬ويوم سقط من يديھا‬
‫يديھا‪- ،‬المشط أو ِ ْ َ‬
‫قالت‪ :‬باسم ﷲ –وقد كانت تخفي إيمانھا قبل ذلك‪ -‬فقالت بنت فرعون‪ :‬أبي؟ قالت‪:‬‬
‫جميعا‪ ،‬فقالت‪ :‬إذاً أخبره بذلك‪ ،‬قالت‪:‬‬
‫ً‬ ‫باسم ﷲ ربي‪ ،‬ورب أبيك‪ ،‬وربك رب العالمين‬
‫ربا‬
‫إن لك ً‬
‫وتجبره‪ ،‬ووقف عندھا‪ ،‬وقال‪ :‬أو ﱠ‬
‫ﱡ‬ ‫تكبره‬
‫افعلي‪ ،‬فذھبت وأخبرت أباھا‪ ،‬فجاء في ﱡ‬
‫ربا غيري؟! قالت‪ :‬ربي وربك ورب الجميع رب العالمين سبحانه‬
‫غيري؟ أو إن لك ً‬
‫وبحمده‪ ،‬فاغتاظ‪ ،‬وقال‪ :‬أما أنت بمنتھية؟ قالت‪ :‬ال‪ ،‬فقال‪ً :‬‬
‫إذا أعذب أو أقتل‪ ،‬قالت‪:‬‬
‫ورجليھا‪،‬‬
‫ْ‬ ‫يديھا‬
‫يعذبھا‪ ،‬أوتد ْ‬
‫ِّ‬ ‫الدنيا( فانطلق‬ ‫ھذه ْ َ َ‬
‫الحياة ﱡ ْ َ‬ ‫تقضي َ ِ ِ‬
‫إنما َ ْ ِ‬ ‫اقضِ َما َ َ‬
‫أنت َقاض ِ ﱠ َ‬ ‫) ْ‬
‫وصنف عليھا أنواع العذاب‪ ،‬فكانت تمزج حالوة إيمانھا بمرارة العذاب‪ ،‬فتطفو حالوة‬
‫اإليمان على مرارة العذاب‪ ،‬فتشتاق وتقول‪ :‬إنما ھي ساعات‪ ،‬وإلى جنات ونھر‪ ،‬في‬
‫مقعد صدق عند مليك مقتدر‪ .‬يرسل عليھا العقارب لتلسعھا ﱠ‬
‫عله أن يصل إلى قلبھا‪ ،‬ثم‬
‫الحيات‬
‫ﱠ‬ ‫يقول‪ :‬أما أنت بمنتھية؟ فتقول‪ :‬ربي وربك ﷲ رب العالمين‪ ،‬فيعود ليرسل عليھا‬
‫ينوع عليھا‬
‫لتنھشھا‪ ،‬ثم يقول‪ :‬أما أنت بمنتھية؟ فتقول‪ :‬ربي وربك ﷲ رب العالمين‪ِّ ،‬‬
‫العذاب‪ ،‬ويصنف عليھا ذلك‪ ،‬وھي راسخة بإيمانھا وعقيدتھا‪ ،‬قد علمت إنما ھي‬
‫بالنار‪ ،‬قالت‪:‬‬
‫ﱠ‬ ‫سويعات‪ ،‬ثم تعود إلى ﷲ –عز وجل‪ -‬فماذا حصل؟ قال‪ :‬إذاً أقتلك وأحرقك‬
‫قدر‬
‫الدنيا( فأمر ببقرة من نحاس‪ ،‬قيل أنه ِ‬ ‫ھذه ْ َ َ َ‬
‫الحياة ﱡ ْ َ‬ ‫تقضي َ ِ ِ‬‫إنما َ ْ ِ‬ ‫فاقضِ َما َ َ‬
‫أنت َقاضٍ ِ ﱠ َ‬ ‫)َ ْ‬
‫أذيبت‪ ،‬ثم جيء بھا وبأوالدھا ليقفوا على طرف ھذه‬ ‫على صورة بقرة‪ ،‬وقيل‪ :‬إنھا بقرة ُ ِ‬
‫واحدا من أوالدھا‪ ،‬وقبل أن يأخذه قالت‪ :‬لي‬
‫ً‬ ‫النار‪ ،‬يقف على طرف ھذه النار‪ ،‬ثم يأخذ‬
‫إليك حاجة‪ ،‬قال‪ :‬وما ھي؟ قالت‪ :‬أن تجمع عظامي مع عظام أوالدي‪ ،‬ثم تدفننا في‬
‫ثوب واحد‪ ،‬قال‪ :‬ذلك لك علينا من الحق ‪ ،‬ثم رمى الولد األول فوقفت ‪ ،‬فوقف أخوه‬
‫الثاني وقال‪ :‬اصبري يا أماه‪ ،‬فإن لك عند ﷲ كذا وكذا إن صبرت‪ ،‬ثم رمى بالثاني‪ ،‬فقال‬
‫الثالث‪ :‬اصبري يا أماه؛ فإن لك عند ﷲ كذا وكذا إن صبرت‪ .‬ويرمي بھم واحدا ً بعد اآلخر‪،‬‬
‫يبق سوى طفل على ثديھا رضيع لم ينطق‬
‫َ‬ ‫وھي تقول‪ :‬ربي وربك ﷲ رب العالمين‪ .‬لم‬
‫بعد في شھوره األولى‪ ،‬فما كان منھا إال أن ترددت أن تلقي بنفسھا مع أوالدھا من‬
‫أجل ھذا الرضيع‪ ،‬ويشاء ﷲ‪ ،‬فيطلق الثدي وينطقه ﷲ الذي تعبده؛ ربھا ورب كل‬
‫أھون من عذاب اآلخرة‪ ،‬فتقتحم مع طفلھا‬
‫ُ‬ ‫شيء‪ ،‬فيقول‪ :‬يا أماه اقتحمي؛ َ‬
‫لعذاب الدنيا‬
‫ُ‬
‫لتلقى ﷲ‪ -‬عز وجل‪ ،-‬راسخة ثابتة بإيمانھا؛ فعليھا رحمة ﷲ ورضوانه‪ .‬لم يقف األمر‬
‫عند ذلك‪ ،‬بل كانت ]آسيا بنت مزاحم[ زوج فرعون‪ ،‬والتي ربت ]موسى[ –صلوات ﷲ‬
‫نتخذه‬ ‫ينفعنا َ ْ‬
‫أو َ ﱠ ِ َ ُ‬ ‫عسى َأن َ ْ َ َ َ‬
‫ُوه َ َ‬
‫تقتل ُ‬ ‫عين لي َ َ َ‬
‫ولك ال َ َ ْ ُ‬ ‫قرت َ ْ ٍ‬
‫وسالمه عليه‪ -‬والتي قالت‪ ُ ) :‬ﱠ ُ‬
‫خوفا من أن يفتنھا عن‬ ‫ً‬ ‫ولدا( كانت تراقب الموقف وھي مؤمنة‪ ،‬ولم تعلن إيمانھا بعد؛‬ ‫ََ ً‬
‫دينھا‪ ،‬ولما رأت من الماشطة ما رأت‪ ،‬فقوي في قلبھا إيمانھا‪ ،‬وتعلقت بربھا؛ رب‬
‫متبجحا وقد علمت ما حصل‪ ،‬فقال‪ :‬فعلت بالماشطة كذا‬
‫ً‬ ‫العالمين‪ .‬فجاء إليھا ليخبرھا‬
‫وكذا‪ ،‬فقالت‪ :‬الويل لك‪ ،‬ما أجرأك على ﷲ! الويل لك ما أجرأك على ﷲ! الويل لك‪ ،‬ما‬
‫آمنت با‪ 9‬ربي ورب‬
‫أجرأك على ﷲ! قال‪ :‬لقد اعتراك جنون الماشطة‪ ،‬قالت‪ :‬بل َ ْ ُ‬
‫الماشطة‪ ،‬وربك رب العالمين‪ .‬آمنت با‪ 9‬رب العالمين‪ ،‬فذھب إلى والدتھا‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫ألذيقنھا ما ذاقته الماشطة أو لترجع‪ ،‬فجاءت أمھا –برحمتھا وشفقتھا عليھا‪ -‬تعرض‬
‫ﱠ‬
‫عليھا أن تتنازل عن دينھا –وھي إنما تتنازل عن الجنة التي عرضھا السماوات واألرض‪-‬‬
‫فماذا كان منھا؟ قالت‪ :‬يا أماه أما أن أكفر با‪ ،9‬فوﷲ ال أكفر با‪ ،9‬عندھا بدأ في‬
‫ﱠ َ‬
‫ووكل من يعذبھا يصنف عليھا‬ ‫وعرضھا ألشعة الشمس‪،‬‬
‫ﱠ‬ ‫يديھا ورجليھا‪،‬‬
‫التعذيب‪ ،‬أوتد ْ‬
‫أنواع العذاب ويقول‪ :‬أما أنت بمنتھية؟ فتقول‪ :‬لن أنتھي حتى ألقى ﷲ –أو كما قالت‪-‬‬
‫يھدد – قالت‪ :‬ال أرجع عن ذلك‬
‫ِّ‬ ‫فيأتي بعد ذلك‪ ،‬ويقول‪ :‬ألرمينك بكذا وكذا من الصخور –‬
‫أبدا‪ ،‬فماذا يحصل بعد ذلك؟ كان الذين يعذبونھا في حرارة الشمس ينصرفون عنھا‬
‫ً‬
‫ﱠ‬
‫لتظلھا بأجنحتھا‪ ،‬ثم يرجع إليھا ويعرض‬ ‫بعيدا عنھا؟ فإذا ذھبوا‪ ،‬نزلت المالئكة‬
‫ً‬ ‫ويذھبون‬
‫عليھا مرة أخرى‪ ،‬فترفض فيرمي بالصخرة عليھا لتلقى ﷲ –عز وجل‪ -‬ثابتة بإيمانھا‪.‬‬
‫ھذا خبر من قبلنا من األمم‪.‬‬

‫فما خبر من بعد البعثة؟ إن الخبر ليستلزم أن نقف عند ]خديجة[ –رضي ﷲ عنھا‪ -‬تلك‬
‫المؤمنة صاحبة الثراء‪ ،‬وصاحبة الجاه‪ ،‬وصاحبة المال‪ ،‬التي تزوجت رسول ﷲ –صلى ﷲ‬
‫وثبتته يوم خاف‪ ،‬ويوم عاصرت‬
‫عليه وسلم‪ -‬وكانت أول مؤمنة به‪ ،‬وآزرته في محنته‪ ،‬ﱠ‬
‫نزول القرآن من أول لحظاته‪ ،‬كانت أول مثبت للنبي –صلى ﷲ عليه وسلم‪ ،-‬وھي‬
‫التي جاء النبي –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬منھا الولد‪ ،‬وكان يذكر ذلك لھا بعد موتھا‪ ،‬رضي‬
‫يوما من األيام‪ ،‬وھي تبكي بعد موت ابنھا‬
‫ﷲ عنھا‪ ،‬وصلى ﷲ عليه وسلم‪ .‬جاء إليھا ً‬
‫بودي لو عاش حتى‬
‫ُبينة القاسم‪ ،‬فكان ِ ّ‬
‫درت ل َ َ‬
‫]القاسم[‪ ،‬فيقول‪ :‬ما بك؟ قالت‪ َ :‬ﱠ‬
‫مرضعا تستكمل له‬
‫ً‬ ‫يستكمل رضاعته‪ ،‬فقال –صلى ﷲ عليه وسلم‪ :-‬إن له في الجنة‬
‫رضاعته‪ ،‬فھان عليھا ما كان‪ ،‬ثم قامت معه حتى أنزل عليه الوحي‪ ،‬وجاء إليھا يرتعش‬
‫مرتعدا؛ لما رأى جبريل وھو يقول له‪ :‬اقرأ‪ ،‬وھو يقول لھا‪ :‬زملوني ‪ّ ِ ،‬‬
‫دثروني‪،‬‬ ‫ً‬ ‫خائفا‬
‫ً‬
‫أبدا؛‬
‫فيقول لھا‪ :‬وﷲ يا خديجة لقد خشيت على نفسي‪ ،‬قالت‪ :‬كال وﷲ ال يخزيك ﷲ ً‬
‫الضيف‪ ،‬وتكسب المعدوم‪ ،‬وتعين على نوائب الحق‪ .‬وقفت‬
‫ﱠ‬ ‫وتقرى‬
‫الكل‪ِ ْ ُ ،‬‬
‫ﱠ‬ ‫إنك لتحمل‬
‫شدته ومحنته‪ ،‬وما تراجعت عن ذلك مع أنھا‬
‫ﱠ‬ ‫معه –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬فقاسمته‬
‫وجاھا يوم‬
‫ً‬ ‫سؤددا وماال ً‬
‫ً‬ ‫صاحبة الجاه‪ ،‬وصاحبة السؤدد‪ ،‬وصاحبة المال‪ ،‬فزادت ذلك‬
‫ارتقت ألن أفقد ولدي خير لي من أن أفقد حيائي وديني‪ ،‬إن ﷲ خاطب رسوله فقال‪:‬‬
‫جالبيبھن( ووﷲ ما‬ ‫يدنين َ َ ْ ِ ﱠ‬
‫عليھن ِمن َ َ ِ ِ ِ ﱠ‬ ‫ونساء ْ ُ ْ ِ ِ َ‬
‫المؤمنين ُ ْ ِ َ‬ ‫وبناتك َ ِ َ ِ‬
‫ك َََ ِ َ‬
‫ألزواج َ‬
‫النبي ُقل ْ َ ِ‬ ‫) َيا َ ﱡ َ‬
‫أيھا ﱠ ِ ﱡ‬
‫سير ھؤالء األعالم ‪ .‬وادعي‬
‫أنا بخير منھن‪ .‬فتخلقي بأخالق أھل اإلسالم‪ ،‬وارجعي إلى ِ َ‬
‫إلى ﷲ –عز وجل‪ -‬فإنك مسؤولة عن علمك‪ ،‬ماذا عملت به أيتھا المؤمنة فما عسى‬
‫قبلك‪.‬‬
‫ﷲ أن تؤتى البيوت من ِ َ ِ‬
‫فا‪َ 9‬‬
‫َ‬ ‫يكون الجواب؟ المرأة المسلمة على ثغرة عظيمة‪.‬‬
‫ﷲ أن يؤتى أبناء المسلمين من قبلك‪.‬‬
‫وﷲ َ‬
‫َ‬ ‫قبلك‪.‬‬
‫ﷲ أن يؤتى اإلسالم من ِ َ ِ‬
‫وﷲ َ‬
‫َ‬
‫مثل لك؛ ألن الخير يستمر في األمة إلى قيام الساعة واألمثلة كثيرة في ھذا‬
‫ھاھي َ َ‬
‫العصر والذي قبله‪.‬‬
‫ھاھي ]بنان الطنطاوي[؛ ابنة الشيخ الوقور ]على الطنطاوي[ غفر ﷲ لنا وله‪ ،‬وتجاوز‬
‫عنا وعنه؛ زوجة ]عصام العطار[ علمت مسؤولية الزوجة في البيت‪ ،‬وآمنت بربھا‪ ،‬ودعت‬
‫بما تستطيع‪ ،‬وھيأت لذلك الداعية أن يدعو إلى ﷲ –عز وجل‪ .-‬انطلق يرد الناس من‬
‫الضاللة إلى الھدى‪ ،‬ومن الغواية إلى الھدى والھداية‪ ،‬فأغاظ ذلك المنافقين‪ ،‬والذين‬
‫يشرقون بالنور‪ ،‬والذين ما يعيشون إال في الظالم‪ ،‬فما كان منھم إال أن سجنوه في‬
‫َ ْ َُ َ‬
‫سجن من السجون‪ ،‬فأرسلت إليه رسالة‪ ،‬فما فحوى ھذه الرسالة يا أيتھا الداعية‪ ،‬يا‬
‫ِّ‬
‫المتعلمة؟ اسمعي إلى ھذه الرسالة ماذا تقول لزوجھا وھو في‬ ‫ِّ‬
‫المعلمة‪ ،‬يا أيتھا‬ ‫أيتھا‬
‫في‪ ،‬وال في أھلك‪ ،‬وال في مالك‪ ،‬وال في ولدك‪،‬‬
‫ﱠ‬ ‫ِّ‬
‫تفكر‬ ‫سجنه؟ تقول له‪ :‬ال تحزن وال‬
‫يخصنا‪ ،‬وإنما‬
‫ﱡ‬ ‫ً‬
‫شيئا‬ ‫ولكن ِّ‬
‫فكر في دينك وواجبك ودعوتك؛ فإننا –وﷲ‪ -‬ال نطلب منك‬
‫يبيض وجھك‪ ،‬ويرضي ربك الكريم‪ ،‬يوم تقف‬
‫نطلبك في الموقف السليم الكريم الذي ِ ّ‬
‫يديه حيثما كنت‪ ،‬وأينما كنت‪ ،‬أما نحن فا‪ 9‬معنا‪ ،‬ويكتب لنا الخير‪ ،‬وھو أعلم وأدرى‬
‫بين ْ‬
‫سبحانه وأحكم‪.‬‬
‫انظر إلى ھذه الكلمات‪ ،‬كيف وقفت معه وھو بعيد عنھا‪ ،‬وقفت معه ألنھا تعلم أنھا على‬
‫ليشرد‬
‫فسدت تلك الثغرة‪ ،‬ثم يشاء ﷲ أن يخرج من ذلك السجن ُ ﱠ‬ ‫ﱠ‬ ‫ً‬
‫ثغرة ذھبت‬ ‫وأن‬
‫ﱠ‬ ‫ثغرة‬
‫شرد‬ ‫في ديار الغرب‪ ،‬وما ُأخرج وما ُ ِ‬
‫نقم منه إال أن قال‪ :‬ربي ﷲ‪ ،‬واعتز بدينه ومبادئه‪ِّ ُ ،‬‬
‫ً‬
‫أيضا ليرفع درجته بإذن ﷲ –عز وجل‪، -‬‬ ‫في بالد الغرب ‪ ،‬ويبتليه ﷲ –عز وجل‪ -‬ھناك‬
‫مشردا عن أھله‬
‫ً‬ ‫ويوم ابتاله ﷲ –عز وجل‪ -‬ھناك بكونه يعيش بين الكفار‪ ،‬وكونه‬
‫يشل في ديار الغرب‪ ،‬ال أھل‪ ،‬وال صاحب‪ ،‬وال صديق‪ ،‬لكن له‬
‫ﱡ‬ ‫وغيرھم‪ُ ،‬يبتلى بالشلل‪ُ ،‬‬
‫سجن من أجله‪ ،‬وله ﷲ الذي دعا من أجله‪.‬‬ ‫ﷲ الذي ُ ْ ِ‬
‫أخرج من أجله‪ ،‬وله ﷲ الذي ُ ِ َ‬
‫فماذا فعلت ھذه الزوجة؟ بعيدة عنه‪ ،‬بعيدة بجسمھا لكن قلبھا معه‪ ،‬وروحھا معه‪،‬‬
‫ھدفھا وھدفه واحد؛ وھو نشر دين ﷲ‪ ،‬ولقاء ﷲ‪ ،‬والتعامل مع ﷲ –عز وجل‪.-‬‬
‫كتبت إليه رسالة ھناك وقالت‪ :‬ال تحزن يا ]عصام[‪ ،‬وال تأس‪ ،‬يرفع ﷲ من يبتليه‪ ،‬إن‬
‫عجزت عن السير سرت بأقدامنا‪ ،‬وإن عجزت عن الكتابة كتبت بأيدينا‪ ،‬وﷲ معك‪ ،‬ﷲ‬
‫يترك‪ ،‬ولن يضيع لك ما أنت فيه‪ .‬ثم تنطلق بعد ذلك لتلحق به في ديار‬
‫ﷲ معك ولن َ ِ َ‬
‫جنت الدعوة‬ ‫ﱠ‬
‫حظھا‪ ،‬وال لتجلس بجانبه وتقول‪َ َ :‬‬ ‫الغرب إلى ھناك‪ ،‬ال لتجلس بجانبه تندب‬
‫عليه‪ ،‬ال ‪ ،‬وإنما لتجلس بجانبه ھناك‪ ،‬لتأخذ أفكاره‪ ،‬وتأخذ علمه‪ ،‬فيكتب ھو بيدھا‪،‬‬
‫إسالميا في ديار الكفر‪ ،‬فال إله إال ﷲ ‪ .‬كم من تائبة تابت‬
‫ً‬ ‫مركزا‬
‫ً‬ ‫ويسير بقدمھا‪ ،‬فتنشئ‬
‫ً‬
‫شيئا إال الحياة البھيمية ردھا ﷲ على‬ ‫كافرة ال تعرف‬
‫ٍ‬ ‫على يديھا ھناك‪ ،‬وكم من ضالة‬
‫يد ]بنان الطنطاوي[‪ ،‬ھناك مع زوجھا تستشيره ليعطيھا المعلومات‪ ،‬فتنطلق ويأبى‬
‫يشرقون بھذا الدين أن يروا للخير قولة أو جولة‪ ،‬ويأتي ثالثة رجال يبحثون‬
‫أولئك الذين َ ْ َ ُ‬
‫عن ذلك المشلول في تلك البالد‪ ،‬وما وجدوه إال أن ﱡ‬
‫دلوا على شقته‪ ،‬فجاءوا‬
‫فاقتحموھا‪ ،‬وتقدموا على ھذه الداعية المسكينة ‪-‬امرأة في بيت غربة‪ ،‬وبعيدة‪ ،‬لكن‬
‫معھا ﷲ الذي قدمت نفسھا له‪ -‬فإذا بھا ُيطلق عليھا خمس رصاصات؛ في العنق‪ ،‬وفي‬
‫مدرجة بدمائھا‪ .‬أسأل ﷲ أن يجعلھا من أھل الفردوس‬
‫الكتف‪ ،‬وفي اإلبط‪ ،‬لتسقط ُ ْ َ‬
‫األعلى‪ .‬أسأل ﷲ أن يكتب لھا ولمن بعدھا من أھلھا النعيم المقيم السرمدي األبدي‬
‫الذي ال يزول‪ .‬وأسأل ﷲ أن يوقظ في بنات المسلمين ومعلمات ومتعلمات المسلمين‬
‫نماذج مثل تلك النماذج‪َ َ ْ َ ،‬‬
‫وأعظم من تلك النماذج‪.‬‬

‫أخيرا أن طريق الجنة صعب‪ ،‬وأنه محفوف‬


‫ً‬ ‫إن األمة تنتظر منك الكثير والكثير‪ .‬اعلمي‬
‫بالمكاره‪ ،‬لكن آخره السعادة الدائمة؛ أخبر بذلك من؟ أخبر به النبي –صلى ﷲ عليه‬
‫وسلم‪ -‬في الحديث الذي رواه ]مسلم[ يوم يقول‪" :‬إن ﷲ –عز وجل‪ -‬لما خلق الجنة‬
‫قال لجبريل‪ :‬اذھب فانظر ما أعددت لعبادي الصالحين فيھا‪ ،‬فذھب؛ فإذا فيھا ما ال عين‬
‫رأت‪ ،‬وال أذن سمعت‪ ،‬وال خطر على قلب بشر‪ ،‬فرجع إلى ربه‪ ،‬وقال‪ :‬يا رب وعزتك‬
‫حفھا ﷲ بالمكاره‪ ،‬بما‬
‫وجاللك ال يسمع بھا أحد إال دخلھا ‪ِ "،‬لما فيھا من النعيم‪ ،‬ثم ﱠ‬
‫تكره النفس من التكاليف؛ من األوامر ‪ ،‬من النواھي ‪ ،‬من الضوابط الشرعية التي يتنقل‬
‫حفھا بھذا كله‪ .‬ثم قال‪ :‬ارجع فانظر إليھا‪ ،‬فنظر إليھا‪ ،‬فإذا ھي‬
‫اإلنسان بينھا وفيھا‪ ،‬ﱠ‬
‫حفت بكل ما تكرھه النفس‪ ،‬فماذا قال؟ رجع إلى ربه‪ ،‬وقال‪ :‬وعزتك وجاللك قد خشيت‬
‫ﱠ‬
‫زكى نفسه ‪ .‬اسمعوا إلى‬
‫ﱠ‬ ‫أال يدخلھا أحد‪ .‬النفس يا أيھا األحبة ‪ ،‬وﷲ ال يدخلھا إال من‬
‫ﷲ وھو يقسم‪ٌ ،‬يقسم مرات بعد مرات‪ ،‬يقسم بالضحى‪ ،‬وله أن يقسم بما شاء‬
‫والنھار‬ ‫إذا َ َ َ‬
‫تالھا َ ﱠ َ ِ‬ ‫وضحاھا َ ْ َ َ ِ‬
‫والقمر ِ َ‬ ‫والشمسِ َ ُ َ َ‬
‫سجى( ثم يقول ھناك‪ َ ) :‬ﱠ ْ‬
‫إذا َ َ‬
‫والليل ِ َ‬ ‫)َ ﱡ َ‬
‫والضحى َ ﱠ ْ ِ‬
‫سواھا‬
‫وما َ ﱠ َ‬
‫ونفسٍ َ َ‬ ‫وما َ َ َ‬
‫طحاھا َ َ ْ‬ ‫واألرضِ َ َ‬
‫بناھا َ ْ‬
‫وما َ َ َ‬ ‫يغشاھا َ ﱠ َ ِ‬
‫والسماء َ َ‬ ‫إذا َ ْ َ َ‬ ‫ھا َ ﱠ ْ ِ‬
‫والليل ِ َ‬ ‫جال ﱠ َ‬‫إذا َ‬
‫ِ َ‬
‫وتقواھا( ثم الجواب يأتيك بعد ھذه األقسام المتعددة المغلظة العظيمة‬ ‫فجورھا َ َ ْ َ َ‬ ‫ََْ َ َ َ‬
‫فألھمھا ُ ُ َ َ‬
‫ھا( فوﷲ لن يفلح إال من ﱠ‬
‫زكى نفسه باإليمان‬ ‫قد َ ْ َ َ‬
‫أفلح َمن َ ﱠ‬
‫زكا َ‬ ‫من الرب العظيم يقول‪ْ َ ) :‬‬
‫با‪ ،9‬والدعوة إلى ﷲ ‪-‬عز وجل‪ .-‬وطريق النار سھل‪ ،‬ولكنه محفوف بالشھوات ‪ ،‬وآخره‬
‫لما خلق ﷲ النار ‪-‬في نفس الحديث السابق‪-‬‬
‫الشقاء األبدي السرمدي الذي ال يزول‪ " .‬ﱠ‬
‫قال لجبريل‪ :‬اذھب فانظر إليھا‪ ،‬فذھب إليھا‪ ،‬فإذا ھي سوداء مظلمة‪ ،‬يحطم بعضھا‬
‫صفر‪ ،‬فرجع إلى ربه وقال‪ :‬وعزتك وجاللك ما‬
‫جمالت ُ ْ‬ ‫ً‬
‫بعضا‪ ،‬ترمي بشرر كالقصر‪ ،‬كأنه ِ َ‬
‫حفھا ﷲ بالشھوات‪ ،‬وبكل ما تشتھيه النفس‪ ،‬وبكل ما‬
‫يسمع بھا أحد فيدخلھا‪ ،‬ثم ﱠ‬
‫ترتاح له النفس‪ ،‬وبكل ما تھواه النفس‪ ،‬ثم قال‪ :‬ارجع فانظر إليھا‪ ،‬فرجع فنظر إليھا‪ ،‬فإذا‬
‫ھي قد حفت بكل ما تشتھيه النفس‪ ،‬فرجع إلى ربه وقال‪ :‬لقد خشيت أال يبقى أحد‬
‫إال دخلھا"‪ .‬إن التعامل مع ﷲ عظيم‪ ،‬وإن المتعامل مع ﷲ ال يخيبه ﷲ رجال ً كان أو‬
‫انوالخير‪ ،‬واعملي الخير‪ ،‬فوﷲ لن تزالي بخير ما نويت الخير‪ ،‬وما‬
‫امرأة‪ ،‬فيا أيتھا المؤمنة ِ‬
‫عملت الخير‪.‬‬
‫ھم بحسنة ولم يعملھا كتبت له‬
‫ﱠ‬ ‫اسمعي لقول النبي ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪" :-‬من‬
‫ھم بسيئة ولم يعملھا‬
‫ﱠ‬ ‫ھم بحسنة فعملھا كتبت له عشر حسنات‪ ،‬ومن‬
‫ﱠ‬ ‫حسنة‪ ،‬ومن‬
‫ومنة‪.‬‬
‫كتبت له حسنة‪ ،‬وإن عملھا كتبت له سيئة واحدة"‪ .‬فضال من ﷲ ِ ﱠ‬
‫فيا ويل ويا ويل ويا ثبور من غلبت آحاده عشراته‪ .‬حسنة واحدة‪ ،‬أو سيئة واحدة تغلب‬
‫عشرات الحسنات‪ .‬يا ويل من كان حاله على ذلك‪ .‬فانتبھن وتقربن إلى ﷲ ‪-‬عز وجل‪-‬‬
‫بما يرضى ﷲ‪ .‬تقربن إليه بالفرائض؛ فإن أحب ما يتقرب به إلى ﷲ الفرائض‪ ،‬ثم تقربن‬
‫بالنوافل؛ فإنه ال تزال المرأة تتقرب‪ ،‬والرجل يتقرب بالنوافل حتى يحبه ﷲ‪" ،‬فإذا أحببته‬
‫‪-‬كما قال‪ :-‬كنت سمعه الذي يسمع به‪ ،‬وبصره الذي يبصر به‪ ،‬ويده التي يبطش بھا‪،‬‬
‫فالھمة‬
‫ِ ﱠ‬ ‫ورجله التي يمشي بھا‪ ،‬ولئن سألني ألعطينه‪ ،‬ولئن استعاذني ألعيذنه"‪.‬‬
‫الھمة؛ فإنھا طريق إلى القمة‪ .‬أسرعي وال تنظري إلى الخلف‪ ،‬ال تنظري إلى أي عائق‪،‬‬
‫ومنة‪ .‬اصبري‪،‬‬
‫مشيا بھرولة‪ .‬فضال من ﷲ ِ ﱠ‬
‫ً‬ ‫ذراعا بباع‪ ،‬وأن‬
‫ً‬ ‫شبرا بذراع‪ ،‬وأن‬
‫ً‬ ‫واعلمي أن‬
‫عليك‪ ،‬فال‬
‫ِ‬ ‫وجدي‪ ،‬وال تسأمي‪ ،‬وال تملي بالنصح‪ ،‬بالدعوة‪ ،‬بالقيام‪ ،‬بما أوجب ﷲ‬
‫ِ ِّ‬
‫تنظري إلى لوم الئم‪ ،‬وال إلى عتاب عاتب‪ ،‬وال إلى ھوى نفس أو شيطان‪ .‬وإذا اجتمعت‬
‫عليك ھذه كلھا‪ ،‬فانظري إلى منازل زاكية في جنان ورضوان‪ .‬أدنى أھل الجنة فيھا من‬
‫ِ‬
‫يأتي بعد ما دخل أھل الجنة‪ ،‬فيقول ﷲ له‪ :‬ادخل الجنة‪ ،‬فيقول‪ :‬يا رب وقد أخذ الناس‬
‫يخيل إليه أنھا مألى‪ -‬فيقول ﷲ‪ :‬أال ترضى أن يكون لك‬
‫ﱠ‬ ‫منازلھم وسكنوا مساكنھم ‪-‬‬
‫ملك من ملوك الدنيا؟ قال‪ :‬بلى رضيت يا رب‪ ،‬قال‪ :‬فإن لك مثله ومثله ومثله‬
‫مثل َ ِ‬
‫ومثله‪ ،‬وفي الخامسة يقول‪ :‬رضيت يا رب رضيت‪ .‬فيقول‪ :‬ولك عشرة أمثاله‪ ،‬وما‬
‫ولذت عينك وأنت فيھا‪.‬‬
‫اشتھت نفسك‪ ،‬ﱠ‬

‫خيرا أو اصمتي؛ فكم كلمة جرى بھا اللسان ھلك‬


‫ً‬ ‫خيرا‪ ،‬وتكلمي‬
‫ً‬ ‫خيرا‪ ،‬وادعي‬
‫ً‬ ‫قولي‬
‫بھا اإلنسان‪ ،‬وإن المرء ليقول الكلمة من سخط ﷲ يكتب ﷲ –عز وجل‪ -‬لھا بھا سخطه‬
‫إلى أن يلقاه‪.‬‬

‫عھدا‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫ً‬ ‫أخيرا‪ .‬توبي إلى ﷲ‪ ،‬واستغفري ﷲ؛ فإن الشيطان قد قطع علي نفسه‬
‫ً‬
‫وعزتك وجاللك ألغوينھم ما دامت أرواحھم في أجسادھم‪ ،‬وﷲ يقطع العھد على‬
‫نفسه –ورغمت أنف إبليس‪ -‬وعزتي وجاللي ال أزال أغفر لھم ما استغفروني‪.‬‬
‫وأقر أعيننا بصالح‬
‫ﱠ‬ ‫مدرارا‪،‬‬
‫ً‬ ‫غفارا‪ ،‬أرسل السماء علينا‬
‫ً‬ ‫فاللھم إنا نستغفرك‪ ،‬إنك كنت‬
‫المؤمنين والمؤمنات‪ ،‬والمسلمين والمسلمات‪ .‬اللھم إنا نسألك بأسمائك الحسنى‪،‬‬
‫وصفاتك العال أن تجعلنا من الصالحين‪ ،‬وأولياء ﷲ الذين ال خوف عليھم وال ھم يحزنون‪،‬‬
‫ھمه ﷲ والدار اآلخرة‪.‬‬
‫ﱠ‬ ‫وأن تجعلنا ممن باع نفسه ‪ ،9‬فجعل‬
‫تقر‬
‫أسأل ﷲ أن يرينا من بنات المسلمين‪ ،‬وأمھات المسلمين‪ ،‬وأخوات المسلمين ما َ ﱡ‬
‫به األعين‪ ،‬صالحات‪ ،‬قانتات‪ ،‬تائبات‪ ،‬عابدات‪ .‬أسأل ﷲ بأسمائه الحسنى‪ ،‬وصفاته‬
‫صغرت أو َ ُ َ‬
‫كبرت‬ ‫سببا في ھذا االجتماع‪ ،‬ومن ساھم فيه بأي مساھمة َ ُ َ‬
‫ً‬ ‫العال‪ ،‬من كان‬
‫عظيما؛ فأنت أھل التقوى‪ ،‬وأھل المغفرة‪.‬‬
‫ً‬ ‫عظيما‬
‫ً‬ ‫أن تجعل له ذلك في ميزان الحسنات‬
‫أن الحمد ‪ 9‬رب العالمين ‪.‬‬
‫وآخر دعوانا ِ‬

‫فضيلة الشيخ ‪ /‬علي عبد الخالق القرني‬

‫نظرات في غزوة تبوك‬

‫إن الحمد ‪ ، 9‬نحمده و نستعينه ونستغفره ونتوب إليه ‪ ،‬و نعوذ با‪ 9‬من شرور أنفسنا ‪،‬‬
‫ﱠ‬
‫مضل له ‪ ،‬و من ُيضلل فال ھادي له ‪ ،‬أشھد أن‬
‫يھده ﷲ فال ُ ﱠ‬
‫ومن سيئات أعمالنا ‪ ،‬من َ ْ ِ‬
‫ال إله إال ﷲ ‪ ،‬وحده ال شريك له ‪ ،‬له الملك و له الحمد ‪ ،‬و ھو على كل شيء قدير ‪ ،‬و‬
‫فشرح به الصدور ‪ ،‬وأنار‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫رحمة للعالمين ‪،‬‬ ‫محمدا عبد ﷲ ورسوله ‪ ،‬أرسله ﷲ‬ ‫ً‬ ‫أشھد أن‬
‫غلفا ‪ ،‬صلى ﷲ عليه وعلى آله‬‫ً‬ ‫وقلوبا‬
‫ً‬ ‫صما‬
‫وآذانا ُ ً‬
‫ً‬ ‫عميا‬ ‫به العقول ‪ ،‬وفتح به َ ْ ُ ً‬
‫أعينا ُ ْ ً‬
‫ﷲ‬
‫اتقوا َ‬
‫آمنوا ﱠ ُ‬
‫الذين َ ُ‬ ‫كثيرا ‪َ ) .‬يا َ ﱡ َ‬
‫أيھا ﱠ ِ َ‬ ‫ً‬ ‫تسليما‬
‫ً‬ ‫وأصحابه والتابعين لھم بإحسان و سلم‬
‫سديدا‬ ‫وقولُوا َ ْ‬
‫قوال َ ِ ً‬ ‫ﷲ َُ‬
‫اتقوا َ‬‫آمنوا ﱠ ُ‬‫الذين َ ُ‬ ‫مسلمون ( ) َيا َ ﱡ َ‬
‫أيھا ﱠ ِ َ‬ ‫تموتن ِإال ﱠ َ َ ْ ُ‬
‫وأنتم ﱡ ْ ِ ُ َ‬ ‫تقاته َوال َ َ ُ ُ ﱠ‬
‫حق ُ َ ِ ِ‬
‫َ ﱠ‬
‫عظيما ( أما‬ ‫فاز َ ْ ً‬
‫فوزا َ ِ ً‬ ‫فقد َ َ‬ ‫ﷲ ََ ُ َ ُ‬
‫ورسوله َ َ ْ‬ ‫يطعِ َ‬
‫ومن ُ ِ‬
‫نوبكم َ َ‬ ‫ويغفر َ ُ ْ‬
‫لكم ُذ ُ َ ُ ْ‬ ‫لكم َ ْ َ َ ُ ْ‬
‫أعمالكم َ َ ْ ِ ْ‬ ‫يصلح َ ُ ْ‬
‫* ُ ْ ِ ْ‬
‫بعـد ‪،‬‬
‫عباد ﷲ ‪ :‬أوصيكم و نفسي بتقوى ﷲ ‪ ،‬و أن نقدم ألنفسنا أعماال ً ُ َ ِ ّ‬
‫تبيض وجوھنا يوم‬
‫سليم ( ثم اعلموا علم‬‫ب َ ِ ٍ‬ ‫ﷲ ِ َْ‬
‫بقل ٍ‬ ‫من َ َ‬
‫أتى َ‬ ‫مال َو ال َ َ ُ َ‬
‫بنون * ِإال ﱠ َ ْ‬ ‫يوم ال َ َ َ ُ‬
‫ينفع َ ٌ‬ ‫نلقى ﷲ ‪َ ْ َ ) ،‬‬
‫يقين أن حكمة ﷲ اقتضت أن يكون الحق و الباطل في خالف دائم ‪ ،‬و صراع مستمر ‪،‬‬
‫بزغ‬
‫الطيب ‪ ،‬فمنذ َ َ َ‬
‫ِّ‬ ‫إلى أن يرث ﷲ األرض و من عليھا ‪ ،‬كل ذلك ليميز ﷲ الخبيث من‬
‫يھود و نصارى و مشركين يحاولون القضاء عليه بكل ما‬
‫ٍ‬ ‫نجم ھذا الدين و أعداؤه من‬
‫كره ْ َ ِ ُ َ‬
‫الكافرون ( حاول‬ ‫نوره َ َ ْ‬
‫ولو َ ِ َ‬ ‫متم ُ ِ ِ‬
‫وﷲ ُ ِ ﱡ‬ ‫ﷲ َِْ َ ِ ِ ْ‬
‫بأفواھھم َ ُ‬ ‫نور ِ‬ ‫يريدون ِ ُ ْ ِ ُ‬
‫ليطفئوا ُ َ‬ ‫يستطيعون ‪َ ُ ِ ُ ) ،‬‬
‫أعداء ھذا الدين القضاء عليه في عھد النبي‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم ـ فما أفلحوا ‪،‬‬
‫وحاولوا في عھد الخلفاء الراشدين‪ -‬رضي ﷲ عنھم‪ -‬فما أفلحوا ‪ ،‬ثم في العصور‬
‫المسلح تارة ‪ ،‬و بالمكر‬ ‫ََُ‬
‫المتأخرة إلى وقتنا ھذا و ھم يحاولون دائبين ؛ بالعنف و الصراع ُ‬
‫والخداع و الخطط و المؤامرات تارة أخرى ‪ ،‬ولسنا مجازفين –وﷲ‪ -‬عندما نقول ذلك ؛‬
‫دينكم ِإن ْ َ َ ُ‬
‫استطاعوا ( وﷲ جل وعال‬ ‫وكم َعن ِ ِ ُ ْ‬
‫يرد ُ ْ‬
‫حتى َ ُ ﱡ‬
‫ُونكم َ ﱠ‬
‫يقاتِل َ ُ ْ‬
‫ُون ُ َ‬ ‫فا‪ 9‬يقول ‪َ ) :‬وال َ َ َ‬
‫يزال َ‬
‫تتبع ِ ﱠ َ ُ ْ‬
‫ملتھم ( ھذه شھادة ﷲ على‬ ‫حتى َ ﱠ ِ َ‬
‫النصارى َ ﱠ‬ ‫عنك ْ َ ُ ُ‬
‫اليھود َوال َ ﱠ َ َ‬ ‫ترضى َ َ‬ ‫يقول ‪ْ َ َ ) :‬‬
‫ولن َ ْ َ‬
‫أي شھادة أعظم من شھادة ﷲ و أصدق ‪ .‬والتاريخ في‬ ‫أعدائنا بما يريدونه منا ‪ ،‬و َ ُ‬
‫نبينا‬
‫وسنة ِ ّ‬
‫تمسكنا بكتابنا ُ ﱠ ِ‬
‫ﱠ‬ ‫أنى لھم أن يفلحوا ما‬
‫ماضيه و حاضره يشھد بذلك ‪ ،‬لكن ﱠ‬
‫محمد‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم‪. -‬‬
‫ضد ِّ ْ َ ِ‬
‫الرفعة‬ ‫والنور ِ ﱠ‬
‫ﱡ ِ‬ ‫الھدى‬
‫ضد ُ َ‬ ‫جـندوا َ َ ِ ِ‬
‫طاقاتھم *** ِ ﱠ‬ ‫العـدا َ ْ‬
‫قد َ ﱠ‬ ‫كل ِ َ‬‫ﱡ‬
‫ﱡْ َ ِ‬
‫الظلمة‬ ‫الدجــى ِفي‬‫عبر ﱡ َ‬‫وسـالحنا *** و منارنا َ ْ َ‬
‫درعـنا َ ِ َ ُ َ‬
‫ھـو ِ ْ ُ َ‬
‫إسالمنا ُ َ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫لوائھـا َيا ُ ﱠ ِ‬
‫أمتي‬ ‫بظل ِ َ َ‬
‫فامشي ِ ِ ِ ّ‬ ‫رافع َ ْ َ ُ‬
‫أعالمه *** َ ْ ِ‬ ‫بالعـقيدة َ ِ ٌ‬
‫ھـو ِ َ ِ ِ‬‫َُ‬
‫إنه َ َ ﱠ ِ‬
‫كالحـية‬ ‫شــرق َ َ ﱡ ِ‬
‫التحلل ‪ ،‬ﱠ ُ‬ ‫عزنا‪َ-‬كال‪َ -‬و ال *** َ ْ ُ‬ ‫يقصد ِ ﱠ َ‬‫الغـرب َ ِ‬
‫ال َ ْ ُ‬
‫َ‬
‫شدة ؟‬
‫من ِ ﱠ ِ‬ ‫نقـذ ِ ْ‬
‫ربي ُم ْ ِ ٌ‬ ‫ھواننا *** َ َ ْ ُ‬
‫أفغـير َ ِ ّ‬ ‫يقـصد ُ ﱠ َ‬
‫ذلـنا و َ َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫الكل َ ْ‬
‫ُ ﱡ‬

‫عباد ﷲ ‪ :‬يوم ُ ِ ّ‬
‫يقلب المرء صفحات الماضي المجيد ‪ ،‬ويتدبر القرآن الكريم ‪ ،‬ثم ينظر‬ ‫َ‬
‫عظيما ‪،‬‬
‫ً‬ ‫شاسعا و الفرق‬
‫ً‬ ‫البون‬
‫يجد َ ْ‬
‫لواقعنا ‪ ،‬ويقارنه بماضينا يتحسر ‪ ،‬يتحسر يوم َ ِ‬
‫يتحسر يوم يرى تلك األمة و قد كانت قائدة و إذا بھا قد أصبحت تابعة ‪ ،‬ثم يدرك أن‬
‫الحالك‬
‫ِ‬ ‫عما كان عليه أسالفنا ‪ ،‬ويتساءل المرء متى ينزاح ھذا السواد‬ ‫السبب ھو ُبعدنا ﱠ‬
‫تحيا‬ ‫ينبري َ ﱠ‬
‫لألمة أمثال خالد و ]صالح[ و ]القعقاع[ ؟ ‪ ،‬متى ُ َ‬ ‫من الذل و المسكنة متى َ ْ َ ِ‬
‫يبا (‬
‫قر ً‬ ‫عسى َأن َ ُ َ‬
‫يكون َ ِ‬ ‫قل َ َ‬
‫براءة ؟ ) ُ ْ‬
‫األنفال و َ َ‬
‫ُ‬ ‫عمران و‬
‫في القلوب آل ِ‬
‫صانع‬
‫ﷲ َ ِ ُ‬ ‫ﱠ ِّ‬
‫الظن َما ُ‬ ‫بجميل‬ ‫كأنما *** َ َ‬
‫نرى ِ َ ِ ِ‬ ‫حتى ﱠ‬
‫ﷲ ﱠ‬
‫لنرجو َ‬
‫ُ‬ ‫إنا‬
‫و ﱠ‬
‫لنستلھم منه الدروس والعبر في‬
‫ِ‬ ‫سريعا إلى الماضي المجيد‬
‫ً‬ ‫عودا‬
‫والعود أحمد ‪ً َ ،‬‬
‫َ‬ ‫عودا‬
‫َ ً‬
‫يؤرخ التاريخ‬ ‫عودا لسيرة من لم ْ ِ‬
‫يطرق العالم دعوة كدعوته ‪ ،‬ولم ُ َ ِّ‬ ‫ھذا الحاضر العاثر ‪ً َ ،‬‬
‫مصلح أعظم منه ‪ ،‬ولم تسمع ُأذن عن داعية أكرم منه‬‫عن ُ ِ‬
‫البشر‬
‫من َ َ ِ‬‫مبعـوثٍ ِ َ‬
‫خـير َ ْ ُ‬
‫بأنه َ ْ ُ‬‫شھدت *** ِ َ ﱠ ُ‬ ‫لمن َ ْ ُ ُ‬
‫أخالقه َ ِ َ ْ‬ ‫الفداء ِ َ ْ‬
‫روحي ِ َ ُ‬ ‫ُ ِ‬
‫القمر‬
‫الشمسِ َو َ َ ِ‬‫ﱠ‬ ‫البرية ضوء‬
‫عم َ ِ ﱠ َ‬ ‫كما *** َ ﱠ‬‫البـــالد َ َ‬
‫ِ‬ ‫كل ِ‬ ‫عمت َ َ‬
‫فضائِل ُُه ُ ﱠ‬ ‫َ ﱠ ْ‬
‫ھطلت الغمائم بتھتان المطر ‪ ،‬وما َ َ َ ْ‬
‫ھدلت الحمائم على‬ ‫صلوات ﷲ وسالمه عليه ‪ ،‬ما َ َ َ ْ‬
‫بشر و‬
‫ھداية و نور و حضور و ِ ْ‬
‫رغيد سعيد ؛ ِ‬
‫عيش َ ِ‬
‫العيش في سيرته َ ْ ٌ‬
‫أفنان الشجر ‪ْ َ ،‬‬
‫يوما‬
‫قرنا ؛ لنعيش ً‬
‫العصيبة أن نخترق أربعة عشر ً‬
‫سرور‪ ،‬ما أحرانا و نحن في ھذه األيام َ ِ‬
‫العبرة‬
‫سويعاته الثمينة ‪ ،‬لنأخذ ِ‬
‫من أيام محمد –صلى ﷲ عليه وسلم‪ ، -‬بل ساعة من ُ َ ْ‬
‫و الدروس من تلك الساعة في ھذه الساعة ‪:‬‬
‫الخــبر‬
‫يدرون َ َ ْ‬ ‫قوم َ ْ َ‬
‫ليس َ ْ ُ َ‬ ‫ضل َ ْ ٌ‬
‫العــبر *** َ ﱠ‬
‫إذ فيه ِ َ ْ‬
‫التاريخ ِ ْ‬
‫اقرءوا ﱠ ِ َ‬
‫عودا بكم إلى السنة التاسعة للھجرة ‪ ،‬والعود أحمد ؛ لنعيش معكم أحداث غزوة‬
‫َ ْ ً‬
‫وذل فيھا الكافرون ‪ ،‬ما‬
‫العسرة التي تساقط فيھا المنافقون ‪ ،‬وثبت فيھا المؤمنون ‪ َ ،‬ﱠ‬
‫السبب وما األحداث ؟ ما آيات النبوة فيھا ؟ ما الدروس المستفادة ؟ إليكموھا ‪،‬‬
‫بناء‬
‫ً‬ ‫وعوھا واعتبروا بما فيھا ‪ ،‬واسألوا التاريخ عنا كيف كنا ؟ نحن أسسنا‬
‫فاسمعوھا ُ‬
‫أحمديا ‪.‬‬
‫ً‬
‫بلغ النبي‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬أن الروم تتجمع لحربه ولتھديد الدولة اإلسالمية في‬
‫ذلك الوقت ‪ ،‬يريدون مبادرته بالحرب قبل أن يبادرھم ؛ لكونه قد أذاقھم مرارة غزوة‬
‫مائتي ألف ‪ ،‬ولم يتمكنوا من إبادة ثالثة آالف مقاتل ؛ بل وال‬
‫ْ‬ ‫>مؤتة< التي جلبوا لھا‬
‫ھزيمتھم ‪ ،‬فيا لل ﱠه !!‬
‫كنا جبـاال في الجبـال و ربمـا *** صـرنا على موج البحـار بحـارا‬
‫عند ذلك أعلن النبي‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬وألول مرة عن مقصده ‪ ،‬وأعلن التعبئة‬
‫العامة فتجھز أقوام و أبطأ آخرون ‪ ،‬تجھز ثالثون ألف مقاتل قد باعوا أنفسھم من ﷲ ‪،‬‬
‫وأعلنوا نصرة ال إله إال ﷲ ‪ .‬تساقط المنافقون ‪ ،‬ومن يرد ﷲ فتنته فلن تجد له سبيال ‪.‬‬
‫ھاھو أحد المنافقين يقول المصطفى‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬له ‪ :‬ھل لك في جالد‬
‫بني األصفر يعني الروم فيقول ‪ :‬يا رسول ﷲ ائذن لي وال تفتني ؛ فوﷲ لقد عرف‬
‫مني ‪ ،‬وإني أخشى إن رأيت نساء بني‬
‫عجبا بالنساء ِّ‬
‫ً‬ ‫قومي أنه ما من رجل أشد‬

‫األصفر أال أصبر ‪ َ .‬ﱠ‬


‫فر من الموت وفي الموت وقع ‪ ،‬أعرض عنه‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬‬
‫وعذره ‪ ،‬لكن الذي يعلم خائنة األعين ‪ ،‬و الذي ال يخفى عليه شيء في األرض وال في‬
‫َ‬
‫تفتني َأال‬ ‫يقول ْ َ‬
‫ائذن لي َو ال َ َ ْ ِ ِّ‬ ‫منھم ﱠمن َ ُ ُ‬
‫قرآنا ُيتلى ‪َ ) .‬و ِ ْ ُ‬
‫ً‬ ‫وأذله‪ -‬وأنزل فيه‬ ‫السماء َ َ َ ُ‬
‫فضحه – ﱠ‬
‫بالكافرين ( و يتخلف أناس آخرون عن الخروج ‪،‬‬ ‫جھنم َ ُ ِ َ ٌ‬
‫لمحيطة ِ ْ َ ِ ِ َ‬ ‫إن َ َ ﱠ َ‬
‫سقطُوا َو ِ ﱠ‬ ‫ِفي ْ ِ ْ َ ِ‬
‫الفتنة َ َ‬
‫ً‬
‫رغبة بأنفسھم عن نفس رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ ، -‬لكن غلبتھم نفوسھم‬ ‫ال‬
‫لصعوبة الظرف واشتداد الحرب ‪ .‬قد آن أوان الرطب وظالل األشجار ‪ ،‬فاعتذروا بعد عودة‬
‫عذرھم ‪ ،‬وتاب ﷲ عليھم وأرجأ توبة ثالثة‬ ‫رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬و َ ِ‬
‫قبل ُ ْ َ‬
‫ضاقت َ َ ْ ِ ْ‬
‫عليھم‬ ‫رحبت َو َ َ ْ‬
‫بما َ ُ َ ْ‬‫األرض ِ َ‬
‫عليھم ْ ُ‬ ‫ضاقت َ َ ْ ِ ُ‬
‫فمحصوا حتى ) َ َ ْ‬ ‫امتحانا لھم َ ُ ِ ُ‬ ‫ً‬ ‫منھم‬
‫رحيم ( يأتي‬
‫تواب ﱠ ِ ُ‬
‫إنه ﱠ ﱠ ُ‬‫ليتوبوا ِ ﱠ‬ ‫تاب َ َ ْ ِ ْ‬
‫عليھم ِ َ ُ ُ‬ ‫ثم َ َ‬ ‫ﷲ ِإال ﱠ ِ َ ْ ِ‬
‫إليه ُ ﱠ‬ ‫ملجأَ ِ َ‬
‫من ِ‬ ‫ظنوا َأال ﱠ َ ْ َ‬ ‫َ ُ ُ ُ ْ‬
‫أنفسھم َو َ ﱡ‬
‫زادا وال راحلة ‪ ،‬و عز عليھم‬
‫سبعة رجال مؤمنون صادقون ‪ ،‬لكنھم فقراء لم يجدوا ً‬
‫فأتوا رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬‬
‫التخلف ‪ ،‬نياتھم صادقة لكن ليس ھناك عدة ‪ْ َ ،‬‬
‫يقولون ‪ :‬يا رسول ﷲ ال زاد وال راحلة ‪ ،‬ويبحث لھم‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬عن زاد و‬

‫حزنا َأال ﱠ َ ِ ُ‬
‫يجدوا َما‬ ‫الدمعِ َ َ ً‬
‫من ﱠ ْ‬
‫تفيض ِ َ‬ ‫راحلة فال يجد ما يحملھم عليه فيرجعوا ‪َ ) .‬و َ ْ ُ ُ ُ ْ‬
‫أعينھم َ ِ ُ‬
‫ظل السيف للمسلم مثل ظل حديقة خضراء ‪ ،‬تنبت حولھا األزھار ‪ ،‬وتدنو‬
‫ّ‬ ‫ينفقون ( با‪9‬‬
‫ُْ ِ ُ َ‬
‫يتركوا َأن‬
‫الناس َأن ُ ْ َ ُ‬ ‫ثمار المدينة ويشتد الحر ‪ ،‬ويبتلي ﷲ من يشاء من عباده ) َ َ ِ َ‬
‫أحسب ﱠ ُ‬
‫ھم ال َ ُ ْ َ ُ َ‬
‫يفتنون ( و يخرج‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬و يستخلف على أھل بيته‬ ‫آمنا َو ُ ْ‬
‫يقولُوا َ ﱠ‬
‫َ ُ‬
‫عليا ‪ -‬رضي ﷲ عنه‪ -‬ويخيم رسول ﷲ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬في >ثنية الوداع< و‬
‫ً‬
‫ألفا ‪ ،‬و يأتي المنافقون الذين ال يتركون دسائسھم و إرجافھم على مر األيام‬
‫معه ثالثون ً‬
‫‪ ،‬يالحقون أھل الخير واالستقامة ‪ ،‬يلمزون و يھمزون و يتندرون و يسخرون ‪ ،‬سخر ﷲ‬
‫عليٍ‪ -‬رضي ﷲ عنه‪ -‬ويقولون ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫منھم ‪ ،‬و يستھزئون ‪ ،‬و ﷲ يستھزئ بھم ‪ ،‬يأتون إلى‬
‫علي‬
‫ﱞ‬ ‫ما خلفك رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم إال استثقاال لك ؟ يريد التخفف منك ‪ ،‬و‬
‫وشھر سيفه يريد الجھاد في سبيل ﷲ ‪ ،‬ويلحق برسول‬ ‫بشر ﱠ‬
‫تأثر لذلك ‪ ،‬ولبس ِدرعه ‪َ َ َ ،‬‬ ‫َ َ ٌ‬
‫ﷲ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬ويعتنق رسول ﷲ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬ويقول ‪ :‬يا رسول‬
‫زعم الناس أنك استثقلتني فخلفتني في النساء والصبيان فتھراق دموعه‪ -‬صلى‬
‫ﷲ َ َ‬
‫علي فاخلفني في أھلك وأھلي ‪ ،‬أما ترضى أن‬
‫ﱡ‬ ‫ﷲ عليه وسلم‪ -‬ويقول ‪ " :‬كذبوا يا‬
‫تكون مني بمنزلة ھارون من موسى ؟! إال أنه ال نبي بعدي" ‪ .‬فيقول بلسان الحال‪:‬‬
‫علي ‪-‬رضي ﷲ عنه‪.-‬‬
‫ﱡ‬ ‫بلى رضيت ‪ ،‬بلى رضيت ‪ ،‬وعاد‬
‫ْ َ َ‬
‫األقـدارا ‪.‬‬ ‫الوجـود َ ﱠ َ‬
‫وقـدر‬ ‫الذي *** َ َ َ‬
‫خلق ُ ُ َ‬ ‫سوى ِ‬
‫إله ِ‬
‫جھارا‪ :‬ال َ‬
‫يدعـو َ ً‬
‫َ ُ‬
‫للصد عن سبيل ﷲ ‪،‬‬
‫َ ِّ‬ ‫و قبل مسير الحبيب محمد‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬تقوم فرقة‬
‫تثبط الناس بعد أن اجتمعوا في بيت أحدھا ‪ ،‬تقول‪ -‬و ھي تزھد في الجھاد‪ : -‬ال تنفروا‬
‫ُ ِّ‬
‫الحرّ ‪ ،‬تشكك في الحق وترجف برسول الحق ‪ ،‬ويتولى الحق ‪-‬سبحانه‪ -‬الرد ‪) :‬‬ ‫في َ ِ‬
‫الصد‬
‫َ ِّ‬ ‫يفقھون ( ھم في مؤامرة‬ ‫لو َ ُ‬
‫كانوا َ ْ َ ُ َ‬ ‫حرا ﱠ ْ‬ ‫جھنم َ َ ﱡ‬
‫أشد َ ً ّ‬ ‫نار َ َ ﱠ َ‬
‫قل َ ُ‬ ‫تنفروا ِفي ْ َ ِ‬
‫الحرّ ُ ْ‬ ‫و ََقالُوا ال َ َ ِ ُ‬
‫وينفذ ذلك األمر‬
‫عن سبيل ﷲ ‪ ،‬ويأمر‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬بإحراق البيت عليھم ‪ُ ّ ِ َ ُ ،‬‬
‫ً‬
‫خوفا من نار الدنيا ‪ ،‬فتنكسر ِرجل أحدھم ‪،‬‬ ‫] َْ َ ُ‬
‫طلحة[ ‪ -‬رضي ﷲ عنه‪ -‬فيقتحمون األسوار‬
‫ويتوجه‪ -‬صلى‬
‫ﱠ‬ ‫خوان ‪.‬‬
‫جند الحق رغم أنوفھم ‪ ،‬و يخيب كل منافق َ ﱠ‬
‫يعز ُ ْ َ‬
‫يفر الباقون ‪ ،‬و َ ِ ﱡ‬
‫و ِ ﱡ‬
‫ﷲ عليه وسلم‪ -‬و يمر بديار > َ ُ‬
‫ثمود< ‪ ،‬و ما أدراكم ما تلك الديار ! ‪ ،‬ديار غضب ﷲ على‬
‫ﱠ‬
‫مقطعة ‪ ،‬فيدخلھا و قد‬ ‫ﱠ‬
‫معطلة ‪ ،‬و أشجارھم‬ ‫أھلھا ‪ ،‬فتلك بيوتھم خاوية ‪ ،‬و آبارھم‬
‫ﱠ‬
‫غطى وجھه ‪ ،‬و ھو يبكي ‪ ،‬و يقول لجيشه ‪ ":‬ال تدخلوھا إال باكين أو ُمتباكين لئال‬
‫يصيبكم ما أصابھم"‪.‬‬

‫ََ َ‬
‫الظلمة ‪ ،‬و يؤيد‬ ‫يا ‪ !! 9‬ھذه أرض سكنھا ا َ َ َ‬
‫لظلمة ‪ ،‬فقولوا لي ‪-‬با‪ 9‬فيمن يجالس‬
‫صاحبا‪ : -‬كيف يكون حاله ؟‬
‫ً‬ ‫لسانا و‬
‫ً‬ ‫أنيسا و‬
‫ً‬ ‫ََ َ‬
‫الظلمة ‪ ،‬و يكون لھم‬ ‫يركن إلى‬ ‫ََ َ‬
‫الظلمة ‪ ،‬و َ‬

‫الذين َ َ ُ‬
‫ظلموا‬ ‫تركنوا ِ َ‬
‫إلى ﱠ ِ َ‬ ‫أال يخاف أن يغضب ﷲ عليه ؛ فيأخذه أخذ عزيز مقتدر ) َوال َ َ ْ َ ُ‬
‫النار ( و يستسقي الناس من بئر في> ديار َ ُ‬
‫ثمود< فيقول ‪-‬صلى ﷲ عليه‬ ‫ََ َ ﱠ ُ ُ‬
‫فتمسكم ﱠ ُ‬
‫عجنتم من عجين بمائھا‬
‫وسلم‪" : -‬ال تشربوا من مائھا ‪ ،‬و ال تتوضئوا منه للصالة ‪ ،‬وما َ َ‬
‫ً‬
‫شيئا " ففعلوا امتثاال ألمر رسول ﷲ‪ -‬صلى ﷲ عليه‬ ‫فاعلفوه اإلبل ‪ ،‬و ال تأكلوا منه‬
‫ْ ِ‬
‫تھب رياح‬
‫وسلم – و مع الغروب ُيعلن رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬أنھا سوف َ ُ ﱡ‬
‫مخيمه إال مع صاحب له ‪ ،‬حتى تھدأ الريح ‪ ،‬و خالف أمره‬
‫شديدة ‪ ،‬فال يخرج أحد من ُ َ ﱠ ِ‬
‫الجن‬
‫ِ ﱡ‬ ‫فخنقته‬
‫لضعف في إيمانھم ‪ ،‬خرج أحدھم ليقضي حاجته َ َ َ ْ‬
‫رجالن من المسلمين ‪َ ،‬‬
‫َ ُ‬
‫فاحتملته الريح حتى طرحته في> جبال‬
‫ْ َ َ‬ ‫بعير له ‪،‬‬
‫عند حاجته ‪ ،‬وخرج اآلخر في طلب َ ِ‬
‫الجن ‪ِ ُ َ ،‬‬
‫فشفي ‪،‬‬ ‫ِ ِّ‬ ‫طيء< ‪ ،‬فدعا رسـول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬للذي ُأصيب َ ْ‬
‫بخنق‬ ‫َ‬
‫ُ ِّ‬
‫فسلم للنبي‪ -‬صلى‬ ‫وأما اآلخر ‪،‬‬
‫نبوته‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬ﱠ‬
‫فكانت ھذه آية من آيات ﱠ‬
‫ﷲ عليه وسلم‪ -‬عند عودته إلى >المدينة< ‪.‬‬
‫تبوك< ‪ ،‬قد بلغ به الجوع والتعب‬
‫الزال ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬في طريقه إلى > َ ُ‬
‫السحر ينام من التعب‪ -‬صلى‬
‫ﱠ َ ِ‬ ‫عظيما ‪ ،‬لكن في سبيل ﷲ يھون ‪ ،‬و مع‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مبلغا‬ ‫واإلرھاق‬
‫دابته حتى يكاد يسقط‪ -‬كما في صحيح مسلم‪ -‬فيقترب منه ]أبو‬
‫ﷲ عليه وسلم‪ -‬على ﱠ ِ‬
‫مه بيده حتى يعتدل ‪ ،‬ثم يميل َ ً‬
‫ميلة أخرى‪ ،‬فيدعمه أبو قتادة حتى‬ ‫فيدع َ‬
‫قتادة[ ‪َ ْ َ ،‬‬
‫الميلتين ُ َ‬
‫األوليين ‪ ،‬حتى كاد يسقط ‪ ،‬فيدعمه بيده ‪،‬‬ ‫أشد من َ‬
‫يعتدل‪ ،‬ثم يميل َميلة َ ﱠ‬
‫فيرفع رأسه‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬و يقول ‪ :‬من ھذا ؟ قال ‪ :‬أنا أبو قتادة ‪َ ِ َ ُ ،‬‬
‫فيكافئه‪-‬‬
‫فبم كافأه ؟ قال ‪ " :‬حفظك ﷲ بما حفظت نبي ﷲ يا أبا قتادة"‬
‫ﱠ‬ ‫صلى ﷲ عليه وسلم ‪،‬‬
‫ً‬
‫محفوظا بحفظ ﷲ في أھله و ذريته ما أصابھم‬ ‫‪ .‬يقول أھل العلم ‪ :‬فوﷲ مازال أبو قتادة‬
‫سوء حتى ماتوا ‪ ،‬وھذا درس عظيم ‪ ،‬فإن من حفظ ﷲ حفظه ﷲ فال خوف عليه ‪ ،‬إن‬
‫صنائع المعروف تقي مصارع السوء ‪ ،‬وما جزاء اإلحسان إال اإلحسان ‪ ،‬وينزل –صلى ﷲ‬
‫عليه وسلم‪ -‬و المؤمنون منزال ‪ ،‬يقول عمر ‪ :‬في ذلك المنزل و قد أصابنا عطش عظيم‬
‫حتى ظننا أن رقابنا ستنقطع ‪ ،‬حتى إن الرجل لينحر بعيره ‪ ،‬فيعتصر قرته فيشربه ‪،‬‬
‫وتضل راحلة النبي‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬و يخرج أصحابه يبحثون عنھا ‪ ،‬فيقوم أحد‬
‫محمدا يزعم أنه نبي ويخبركم بخبر السماء و ھو اآلن ال يدري‬
‫ً‬ ‫المنافقين ‪ ،‬فيقول ‪ :‬إن‬
‫إن رجال‬ ‫أين ناقته ‪ ،‬و يأتي جبريل رسول ﷲ – ﱠ‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬بالخبر ‪ ،‬و يقول ‪ :‬ﱠ‬
‫أنه نبي و يخبركم بأمر السماء و ھو ال يدري أين ناقته ‪،‬‬
‫محمدا يزعم ﱠ‬
‫ً‬ ‫إن‬
‫منكم يقول ‪ :‬ﱠ‬
‫وإني – وﷲ ‪ -‬ما أعلم إال ما علمني ﷲ ‪ ،‬وقد دلني ﷲ عليھا ‪ .‬يقول لھم النبي –‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم‪" : -‬ھي في ھذا الوادي في شعب كذا ‪ ،‬قد حبستھا شجرة‬
‫بزمامھا ‪ُ ِ َ ْ ،‬‬
‫فانطلقوا حتى تأتوني بھا" فذھبوا فوجدوھا كما ذكر‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬‬
‫ُرد عدو ﷲ من جيش محمد ‪-‬صلى ﷲ عليه‬
‫وفضح ھذا المنافق وط ِ َ‬
‫وظھرت آية نبوته ُ ِ َ‬
‫وسلم‪ -‬ويمضي ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬في مسيره إلى >تبوك< ‪ ،‬ويتخلف عنه بعض‬
‫المسلمين ‪ ،‬فيقول الصحابة ‪ :‬فالن تخلف يا رسول ﷲ ‪ ،‬فيقول ‪":‬دعوه إن يكن فيه خير‬
‫َ ُْ ِ َ‬
‫فسيلحقه ﷲ بكم ‪ ،‬وإن يكن غير ذلك فقد أراحكم ﷲ منه" ‪ ،‬ويتأخر ]أبو ذر[ ‪ ،‬بعيره‬
‫ھزيل ‪ ،‬أبطأ به بعيره ‪ ،‬فترك بعيره وأخذ متاعه وحمله على ظھره ‪ ،‬وينزل رسول ﷲ‪-‬‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬في بعض منازله على الطريق ‪ ،‬وينظر ناظر المسلمين ويقول ‪:‬‬
‫رجل يمشي على الطريق وحده ‪ ،‬متاعه على ظھره ‪ ،‬فقال‪ -‬صلى ﷲ‬
‫ٌ‬ ‫يا رسول ﷲ ‪:‬‬
‫ذر يا رسول‬
‫عليه وسلم‪ ": -‬كن أبا ذر كن أبا ذر " فيتأمل الصحابة ‪ ،‬فيقولون ھو وﷲ أبو ٍ‬
‫ﷲ ‪ ،‬فقال‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ ": -‬رحم ﷲ أبا ذر ‪ ،‬يمشي وحده ‪ ،‬ويموت وحده ‪،‬‬
‫ذر‬
‫نفى أبو ٍ‬
‫ويبعث وحده‪ ، ".‬وتمضي األيام على ھذه المقولة ‪ ،‬وتمضي األعوام ‪ ،‬و ُي ْ َ‬
‫إلى >الربدة< ‪ ،‬ويحضره الموت ھناك ‪ ،‬وليس معه إال امرأته وغالمه ‪ ،‬وقبل موته‬
‫يغساله ‪ ،‬و يضعاه على الطريق ‪ ،‬و أول ركب يمر بھم يقولوا ‪:‬‬ ‫أوصاھما ‪ :‬أن ُ َ ِ ّ َ‬
‫يكفناه و ُ َ ّ ِ‬
‫ھذا أبو ذر صاحب رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬فأعينونا على دفنه‪ .‬و يفعالن ذلك‬
‫‪ ،‬ويأتي ]عبد ﷲ بن مسعود[ في رھط من أھل العراق ؛ ليعتمروا و ما راعھم إال‬
‫الجنازة على قارعة الطريق ‪ ،‬كادت اإلبل أن تطأھا ‪ ،‬عندھا قام غالم أبي ذر و قال ‪:‬‬
‫ھذا أبو ذر صاحب رسول ﷲ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬فأعينونا على دفنه ‪ ،‬فاندفع عبد‬
‫باكيا يقول ‪ :‬صدق رسول ﷲ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ " -‬تمشي وحدك‬
‫ً‬ ‫ﷲ بن مسعود‬
‫تھراق على خدودھم ‪.‬‬
‫وتموت وحدك‪ ، ".‬ثم نزل ھو وأصحابه فدفنوه ‪ ،‬ودموعھم َ ْ‬
‫فتقــط ُُر‬
‫روح تسيل َ ْ‬
‫ٌ‬ ‫وليس الذي يجري من العين ماؤھا *** ولكنـھا‬
‫وينتھي المسير بمحمد‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬إلى >تبوك< ‪ ،‬ويقيم بضع عشر ليلة‬
‫أنه‪ -‬صلى ﷲ‬
‫حافلة باألحداث المثيرة ‪ .‬روى ]البيھقي[ من حديث ]يزيد بن ھارون[ ﱠ‬
‫عليه وسلم‪ -‬لما نام ليلة في >تبوك< ‪ ،‬أتاه جبريل ‪-‬عليه السالم‪ -‬وقال ‪ :‬يا رسول ﷲ‬
‫الليثي[ فقد ُ ِ‬
‫توفى بالمدينة ‪ ،‬من يا ترى‬ ‫صل صالة الغائب على ] ُمعاوية بن ُمعاوية ﱠ ْ ِ‬
‫قم َ ِ ّ‬
‫وكأنه‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬‬
‫ﱠ‬ ‫وقاعدا وعلى جنبه ‪،‬‬
‫ً‬ ‫قائما‬
‫ً‬ ‫]معاوية[ ؟ عابد صالح يذكر ﷲ‬
‫وقاعدا وعلى جنب ‪ ،‬بالليل‬
‫ً‬ ‫قائما‬
‫ً‬ ‫ﷲ َ َ ٌ‬
‫أحد(‬ ‫ھو ُ‬
‫قل ُ َ‬
‫أنه كان يقرأ ) ُ ْ‬ ‫لم ؟ ُ ْ ِ‬
‫فأخبر ﱠ‬ ‫يتساءل ِ َ‬
‫توفى >بالمدينة< و ُ ِ ّ َ‬
‫صلي عليه ھناك‪ ،‬وشھد الصالة عليه صفان من‬ ‫والنھار ‪ ،‬وقد ُ ِ‬
‫المالئكة ‪ ،‬في كل صف سبعون ألف ملك ‪ ،‬فال إله إال ﷲ ‪ ،‬قام‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬‬
‫و ﱠ‬
‫صلى عليه – و كان قد سافر‪ -‬صلى ﷲ عليه و سلم‪ -‬إلى >تبوك< و ھو مريض‬
‫ً‬
‫فھنيئا له دعاء الرسول ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬و صالة المالئكة عليه‪.‬‬
‫ونمنا‬
‫الزالت األحداث المثيرة تتوالى في >تبوك< يقول ]ابن مسعود[ ‪-‬رضى ﷲ عنه‪ً ْ ِ " :-‬‬
‫تلك الليلة وانتبھت وسط الليل ‪ ،‬فالتفت إلى فراش رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬‬
‫فلم أجده ‪ ،‬إلى فراش أبي بكر فلم أجده ‪ ،‬إلى فراش عمر فلم أجده ‪ ،‬و إذ بنار وسط‬
‫الليل تضيء آخر المعسكر ‪ ،‬فذھبت أتبعھا ؛ فإذا برسول –ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬‬
‫قبرا و معه أبو بكر وعمر‪ .‬و عند رسول‪ -‬ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬سراج بيده‬
‫قد حفر ً‬
‫قد نزل إلى القبر قال ‪ :‬قلت يا رسول ﷲ من الميت ؟ قال ھذا أخوك ]عبد ﷲ ذو‬
‫البجادين[‪" .‬من ھو ؟ إنه أحد الصحابة حلت به سكرات الموت بالليل ‪ ،‬فقام‪ -‬صلى ﷲ‬
‫عليه وسلم‪ -‬و شھد موته و ودعه و دعا له و حفر قبره بيده الشريفة و أيقظ أبا بكر و‬
‫عمر‪ .‬يقول ابن مسعود ‪ ":‬فو الذي ال إله إال ھو‪ -‬ما نسيت قوله – صلى ﷲ عليه وسلم‬
‫‪ -‬و ھو في القبر ‪ ،‬و قد مد ذراعيه لذي البجادين ‪ ،‬و ھو يقول ألبي بكر و عمر‪ ":‬أدنيا‬
‫إلي أخاكما فدلياه في القبر و دموعه –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬تتساقط على الكفن‪ .‬ثم‬
‫َ‬
‫يديه مستقبال القبلة يقول‪:‬‬
‫وقف –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬لما وضعه في القبر رافعا ْ‬
‫راضيا ‪ ،‬فارض عنه‪.‬‬
‫ً‬ ‫راضيا فارض عنه ‪ ،‬اللھم إني أمسيت عنه‬
‫ً‬ ‫اللھم إني أمسيت عنه‬
‫يقول ابن مسعود ‪ :‬يا ليتني كنت صاحب الحفرة ‪ ،‬ألنال دعاءه –صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬‬
‫تاجرا ‪ ،‬فأخذ أھله و قومه‬
‫ً‬ ‫"‪ .‬من ھو ]ذو البجادين[ ؟ إنه صحابي جليل ‪ ،‬أسلم و كان‬
‫لباسا‬
‫ً‬ ‫ماله كله ؛ ألنه آمن وھم يريدون له الكفر ‪ ،‬أخذوا حتى لباسه ‪ ،‬فذھب فما وجد‬
‫إزارا و رداء – بجادين‪ ،-‬و فر بدينه يريد ﷲ و الدار اآلخرة ‪ .‬قدم على‬
‫غير شملة قطعھا ً‬
‫المصطفى‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬ذو البجادين‪َ ِ ُ ، -‬‬
‫وأخبر صلى ﷲ عليه وسلم بخبره ‪"،‬‬
‫إزارا ورداء في الجنة ‪ ،‬أنت ذو‬
‫ببجاديك ً‬
‫ْ‬ ‫فقال‪ :‬تركت مالك ‪ 9‬ورسوله ‪ ،‬أبدلك ﷲ‬
‫البجادين"‪ .‬فل ِ ُّقب من تلك اللحظة بذي البجادين ‪ ،‬و كان مصرعه في >تبوك< ‪ ،‬و مضى‬
‫يوم‬
‫الركب وخلفوه ھناك ‪ ،‬لكنھم يجتمعون معه في جنة عرضھا السماوات و األرض‪َ ْ َ ) .‬‬
‫أيديھم َ ِ َ ْ َ ِ ِ ْ‬
‫وبأيمانھم ( و يقيم –‬ ‫بين َ ْ ِ ِ ْ‬
‫يسعى َ ْ َ‬
‫نورھم َ ْ َ‬
‫معه ُ ُ ُ ْ‬
‫آمنوا َ َ ُ‬ ‫النبي َ ﱠ ِ َ‬
‫والذين َ ُ‬ ‫ﷲ ﱠِ ﱠ‬ ‫ال َ ُ ْ ِ‬
‫يخزي ُ‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬بـ>تبوك< و يدنو من الروم و يفزعھم ‪ ،‬و يكاتب رسلھم ‪ ،‬و‬
‫كيدا منھم ‪ ،‬ألن ﷲ قد نصره بالرعب‬
‫ً‬ ‫يفرض عليھم الجزية ‪ ،‬و ھم صاغرون ‪ ،‬و لم يلق‬
‫فزعا ‪ ،‬وقد كانوا قبل قد عزموا على غزوه‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫خوفا و‬ ‫مسيرة شھر ‪ ،‬فلم يقرب إليه الروم‬
‫رويدا ( و‬ ‫الكافرين َ ْ ِ ْ ُ ْ‬
‫أمھلھم ُ َ ْ ً‬ ‫ل ْ َ ِِ َ‬ ‫كيدا * َ َ ِّ‬
‫فمھ ِ‬ ‫كيدا * َ َ ِ ُ‬
‫وأكيد َ ْ ً‬ ‫يكيدون َ ْ ً‬
‫إنھم َ ِ ُ َ‬
‫في عقر داره‪ ِ ) .‬ﱠ ُ ْ‬
‫خالدا[ على رأس أربعمائة مجاھد في سبيل ﷲ إلى‬
‫ً‬ ‫يرسل –صلى ﷲ عليه وسلم‪] -‬‬
‫خالدا أنه سيلقاه يصيد‬
‫ً‬ ‫]ُ ْ ِ‬
‫أكيدر[ ملك >دومة الجندل< ‪ ،‬و يخبر –صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬‬
‫قريبا من حصنه ‪ ،‬وجده قد خرج للصيد ‪ ،‬كما أخبر‬
‫ً‬ ‫بقر الوحش ‪ ،‬خرج خالد ‪ ،‬ولما بلغ‬
‫النبي –صلى ﷲ عليه وسلم‪ ،-‬فتلقته خيل ﷲ بقيادة خالد ‪ ،‬فاستأسرته ‪ ،‬واستلب‬
‫مخوصا بالذھب‪ ، -‬و بعث به إلى رسول ﷲ –‬
‫ً‬ ‫قميصا‬
‫ً‬ ‫مخوصا بالذھب –‬
‫ً‬ ‫خالد منه قباء‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬قبل قدومه عليه ‪ ،‬فجعل المسلمون يتعجبون من ھذا القباء ‪،‬‬
‫مزھدا لھم في زخرف الدنيا ‪" :‬أتعجبون من ھذا ؟‬
‫فقال –صلى ﷲ عليه و سلم‪ً ِّ ُ -‬‬
‫َلمناديل ]سعد بن معاذ[ في الجنة خير من ھذا"‪ .‬قدم خالد بـ]األكيدر[ ‪ ،‬و حقن دمه –‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬و ضرب عليه الجزية ‪ ،‬ولكنه مجرم ‪ ،‬ولو علم ﷲ فيه خيرا‬
‫ألسمعه ‪ ،‬نقض العھد في عھد أبي بكر ‪ ،‬فقتله خالد–رضي ﷲ عنه وأرضاه‪ . -‬وھكذا‬
‫نصر ﷲ جنده وأولياءه ورسله وعباده في الحياة الدنيا ‪ ،‬وينصرھم يوم يقوم األشھاد‪.‬‬
‫عباد ﷲ‪ :‬ويعود –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬إلى >المدينة< ‪ ،‬بعد إرھاب أعداء ﷲ من‬
‫نصارى و يھود و مشركين ‪ ،‬يعود في يوم بھيج ‪ ،‬لتستقبله >المدينة< ‪ ،‬لتستقبل نور‬
‫بصرھا –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬يخرج األطفال في فرح ‪ ،‬ليصطفﱡوا إلى مداخل المدينة ‪،‬‬
‫و على أفواه الطرقات ‪ ،‬ليستقبلوا رسول البرية –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬أصواتھم ‪-‬كما‬
‫حقق ]ابن القيم[ عليه رحمة ﷲ‪: -‬‬
‫اع‬
‫ثنيات الود ْ‬
‫علينا *** ِمن ﱠ‬
‫َ‬ ‫البدر‬
‫ُ‬ ‫طلع‬
‫َ‬
‫داع‬
‫علينا *** ما َدعا ‪ْ َ 9‬‬
‫َ‬ ‫وجب الشكر‬
‫َ‬
‫المطاع‬
‫ْ‬ ‫باألمر ُ‬
‫ِ‬ ‫جئت‬
‫َ‬ ‫فينا ***‬
‫المبعوث َ‬
‫ُ‬ ‫أيھا‬
‫داع‬
‫ْ‬ ‫خير‬
‫َ‬ ‫مرحبا يا‬
‫ً‬ ‫المدينة ***‬
‫ْ‬ ‫شرفت‬
‫ﱠ‬ ‫جئت‬
‫َ‬
‫مسيرا ‪ ،‬و ال‬
‫ً‬ ‫إن >بالمدينة< رجاال‪ ،‬ما سرتم‬
‫و ھنا قال‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ " :-‬ﱠ‬
‫ً‬
‫موطئا يغيظ الكفار ‪ ،‬إال كانوا معكم ‪ ،‬حبسھم العذر‪ .‬قالوا ‪ :‬يا‬ ‫واديا ‪ ،‬و ال َ َ ِ ُ‬
‫وطئتم‬ ‫ً‬ ‫قطعتم‬
‫رسول ﷲ و ھم بالمدينة ؟ قال‪ :‬نعم ‪ ،‬و ھم بالمدينة" ‪ ،‬و يتبسم –صلى ﷲ عليه‬
‫وسلم‪ -‬و يمسح الرؤوس ‪ ،‬ويقبل ويدعو‪ .‬وھكذا انتصر المسلمون في >تبوك< على‬
‫ﷲ‬
‫إن َ‬
‫ينصره ِ ﱠ‬
‫ﷲ َمن َ ُ ُ ُ‬
‫ن ُ‬ ‫شھواتھم وأنفسھم ‪ ،‬وبالتالي انتصروا على أعدائھم‪َ ُ َ َ َ ) .‬‬
‫ولينصر ﱠ‬
‫عزيز ( ھذه غزوة >تبوك< قائدھا محمد –صلى ﷲ عليه وسلم‪ ، -‬جنودھا‬ ‫َ َ ِ ﱞ‬
‫لقوي َ ِ ٌ‬
‫صحابته –رضوان ﷲ عليھم‪ ،-‬عز فيھا المؤمنون ‪ ،‬و سقط المنافقون ‪ ،‬و ذل الكافرون و‬
‫ينصر المؤمنون ‪ ،‬و المؤمنون على‬
‫انھزموا ‪ ،‬و بالجھاد في سبيل ﷲ ‪ ،‬إلعالء كلمة ﷲ ُ َ‬
‫عناية ربھم يتوكلون‪ ،‬ال خوف ُيرھبھم ‪ ،‬و ال ھم في الحوادث يحزنون‪.‬‬
‫عزيزا ‪ ،‬و‬
‫ً‬ ‫نصرا‬
‫ً‬ ‫مبينا ‪ ،‬انصرنا‬
‫ً‬ ‫فتحا‬
‫ً‬ ‫اللھم أنت الناصر لدينك ‪ ،‬و المعز ألوليائك ؛ افتح لنا‬
‫ثبت أقدامنا ‪ ،‬وزلزل أعداءنا ‪ ،‬اللھم أدخل‬
‫نصيرا ‪ ،‬اللھم ِ ّ‬
‫ً‬ ‫سلطانا‬
‫ً‬ ‫اجعل لنا من لدنك‬
‫الرعب في قلوبھم ‪ ،‬واستأصل شأفتھم ‪ ،‬و اقطع دابرھم ‪ْ ِ َ ،‬‬
‫وأبد خضراءھم ‪ ،‬و اجعل‬
‫ًّ‬
‫حفيا‪ .‬يا‬ ‫وليا ‪ ،‬و بنا‬
‫تدبيرھم تدميرھم ‪ ،‬و أورثنا أرضھم ‪ ،‬و ديارھم و أموالھم ‪ ،‬و كن لنا ً‬
‫من نصرت بماض ضعف أمتنا على الطواغيت عجل نصرنا الثاني ‪ .‬أقول ما تسمعون ‪،‬‬
‫وأستغفر ﷲ العظيم فاستغفروه ‪ ،‬إنه ھو الغفور الرحيم‪.‬‬

‫الخطبة الثانية‬

‫محمدا‬
‫ً‬ ‫الحمد ‪ 9‬رب العالمين ‪ ،‬و أشھد أن ال إله إال ﷲ‪ ،‬وحده ال شريك له ‪ ،‬واشھد أن‬
‫عبده ورسوله ‪-‬صلى ﷲ عليه ‪ ،‬وعلى آله ‪ ،‬وأصحابه والتابعين لھم بإحسان ‪ ،‬وسلم‬
‫كثيرا‪.-‬‬
‫ً‬ ‫تسليما‬
‫ً‬
‫أما بعد ‪ ،‬عباد ﷲ ‪ :‬ھا قد عشتم بعد أحداث غزوة تبوك التي انتھت ‪-‬كما عرفتم‪ -‬بنصر‬
‫المؤمنين ‪ ،‬ولئن انتھت ‪ ،‬فما انتھى نورھا ‪ ،‬و ما انتھت دروسھا وعبرھا ومواعظھا ‪،‬‬
‫ففي كل حديث منھا قصة‪ ،‬و في كل قصة عظة وعبرة ‪ ،‬و في كل ذكرى منھا موعظة‬
‫لمن كان له قلب أو ألقى السمع ‪ ،‬ھل يكفي سرد أحاديث الماضي ‪ ،‬والتغني بالذكر‬
‫الغابر ؟ ھل يجزي ھذا ‪ ،‬و قد تشابكت بأمة اإلسالم –في ھذه األعصار‪ -‬حلقات من‬
‫المحن ‪ ،‬و تقاذفتھا أمواج من الفتن ‪ ،‬وصيح بھم من كل جانب ‪ ،‬و تداعى عليھم األكلة‬
‫األلبابِ َما‬ ‫عبرة ألُ ْ ِ‬
‫ولي ْ َ‬ ‫كان ِفي َ َ ِ ِ ْ‬
‫قصصھم ِ ْ َ ٌ‬ ‫من كل فج ‪ .‬البد أن نستفيد مما مضى ) َ َ ْ‬
‫لقد َ َ‬
‫يفترى (‬ ‫كان َ ِ ً‬
‫حديثا ﱡ ْ َ َ‬ ‫َ َ‬

‫عل ﷲ أن يجعلنا و إياكم ممن يستمع القول‬


‫ﱠ‬ ‫فھاكم بعض دروسھا وعبرھا ‪،‬‬
‫فيتبع أحسنه ‪.‬‬

‫وأول ھذه الدروس ‪ :‬أن ھذه األمة أمة جھاد ‪ ،‬و مجاھدة ‪ ،‬و صبر ‪ ،‬ومصابرة ‪ ،‬و متى‬
‫ضربت عليھا الذلة والمسكنة ‪.‬‬
‫ما تركت الجھاد ‪ُ ،‬‬
‫الثـاني‬
‫بالفم ﱠ ِ‬
‫ِ‬ ‫اخطب‬
‫ْ‬ ‫الفم و‬
‫أسكت َ َ‬
‫ِ‬ ‫القاني *** و‬
‫ِ‬ ‫بــالدم‬
‫ﱠ ِ‬ ‫ِّ‬
‫سطر‬ ‫المـداد و‬
‫دعِ ِ‬
‫بسـحبان‬
‫ِ‬ ‫الفصاحة مـا ُيذري‬
‫ِ‬ ‫من‬
‫له *** َ‬
‫صدر العـداة ُ‬
‫ِ‬ ‫َ ُ‬
‫فــم المدافعِ في‬

‫وثانيھا‪ :‬أن ﷲ تعالى ‪ ،‬كتب العزة و القوة لھذه األمة ‪ ،‬متى ما صدقت وأخلصت‪ .‬فھا‬
‫ھي دولة اإلسالم الناشئة ‪ ،‬تقف في وجه الكفر كله بقواه المادية فتھزمه ‪ ،‬و تنتصر‬
‫ً‬
‫والحقا‬ ‫ً‬
‫سابقا‬ ‫ينصره ( و من ھذه الدروس ‪ :‬أنه ما تسلل العدو‬
‫ﷲ َمن َ ُ ُ ُ‬ ‫عليه ) َو َ َ ُ َ ﱠ‬
‫لينصرن ُ‬
‫قبل‬
‫إال من خالل الصفوف المنافقة ‪ ،‬ولم يكن الضعف والتفرقة في ھذه األمة ‪ ،‬إال من ِ َ‬
‫خاللكم‬ ‫خباال ً و ْ َ ُ‬
‫ألوضعوا ِ َ َ ُ ْ‬ ‫زادوكم ِإال ﱠ َ َ‬
‫فيكم ﱠما َ ُ ُ ْ‬
‫خرجوا ِ ُ‬ ‫أصحاب المسالك الملتوية ) َ ْ‬
‫لو َ َ ُ‬
‫سماعون َ ُ ْ‬
‫لھم (‬ ‫وفيكم َ ﱠ ُ َ‬ ‫يبغونكم ْ ِ ْ َ َ‬
‫الفتنة َ ِ ُ ْ‬ ‫َْ ُ َ ُ ُ‬

‫يعدوا‬
‫ﱡ‬ ‫و منھا ‪ :‬أن مواجھة األعداء ‪ ،‬ال يشترط فيھا تكافؤ القوى ‪ .‬يكفي المؤمنين أن‬
‫أنفسھم بما استطاعوا من قوة ‪ ،‬ثم يثقوا با‪ ، 9‬و يتعلقوا به ويثبتوا ويصبروا ‪ ،‬وعندھا‬
‫بعدد ‪ ،‬وال ُعدد ‪ ،‬و ما‬
‫ُينصروا ‪ .‬فھا ھو سلفھم ]ابن رواحة[ يقول‪ :‬وﷲ ما نقاتل الناس َ‬
‫نقاتلھم إال بھذا الدين الذي كرمنا ﷲ به ‪ .‬و منھا أن الحق البد له من قوة تحرسه ‪ ،‬ال‬
‫يكفي حق بال قوة ‪.‬‬
‫مائل‬
‫ِ‬ ‫أخدعي كل‬
‫ْ‬ ‫مرھف *** تقيم ظباه‬
‫حد ُ َ‬
‫الوحي أو ﱡ‬
‫ُ‬ ‫فما ھو إال‬
‫عاقل‬
‫ِ‬ ‫فھذا دواء الداء من كل جاھل *** و ھذا دواء الداء من كل‬
‫يجب *** و قـــد الن منه جانب وخطاب‬
‫دھرا >بمكة< لم ُ َ‬
‫ً‬ ‫دعا المصطفى‬
‫فلما دعا و السـيف بالكف مسلط له *** أسـلموا و اسـتسـلموا و أنابـوا‬

‫و منھا ‪ :‬أن األعداء لن َ ْ‬


‫يركنوا إلى السكون ‪ ،‬و لن يصرفوا أنظارھم عن دولة محمد ‪-‬‬
‫يعملُون‬ ‫ً‬
‫الحقا ‪ ،‬فھم ُيجمعون أمرھم و شركاءھم ‪ ،‬و ُ ِ‬ ‫ً‬
‫سابقا و‬ ‫صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬‬
‫خير ْ َ ِ ِ َ‬
‫الماكرين ( في نھاية ھذه الغزوة‬ ‫وﷲ َ ْ ُ‬
‫ﷲ َ ُ‬
‫ويمكر ُ‬
‫ويمكرون َ َ ْ ُ ُ‬
‫مكرھم و دسائسھم ) َ َ ْ ُ ُ َ‬
‫ً‬
‫منافقا تواطئوا على‬ ‫شقيا‬
‫ً‬ ‫ھاھي مؤامرة دنيئة يقوم بھا أدنياء سفلة عددھم اثنا عشر‬
‫قتل محمد ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ .-‬و تنفيذ الخطة ‪-‬في تقديرھم‪ -‬بمضايقته في عقبة‬
‫في الطريق إلى >تبوك< ليسقط من على راحلته فيھلك ‪-‬على حد زعمھم‪ ، -‬و يصل‬
‫تحفﱡه عناية ﷲ ورعاية ﷲ ‪] ،‬حذيفة[ آخذ بخطام ناقته ‪ ،‬و ]عمار[ يسوقھا ‪،‬‬
‫إلى العقبة َ ُ‬
‫و إذ باألشقياء يعترضون الناقة لينفذوا مخطط الشقاء و العار ‪ ،‬فيصرخ فيھم رسول ﷲ ‪-‬‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم‪ ، -‬فيولوا مدبرين ‪ ،‬و يحفظ ﷲ سيد المرسلين ‪ ،‬و ينزل ﷲ قوله‬
‫ينالُوا ( و يرسل بعدھا ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬عليھم‬ ‫بما َ ْ‬
‫لم َ َ‬ ‫ھموا ِ َ‬
‫في المنافقين ) َو َ ﱡ‬
‫سھما إلى الحي القيوم الذي ال يخفى عليه شيء في األرض وال في السماء ؛ إذ‬
‫ً‬
‫بخراج يخرج في ظھر الواحد منھم‬
‫ﷲ عليھم أن يھلكھم ‪ ،‬فيصاب كل واحد منھم ُ ﱠ‬
‫يدعو َ‬
‫ينج منھم أحد ؛ فإلى جھنم ‪ ،‬وبئس القرار ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫‪ ،‬و يدخل إلى قلبه ؛ فلم‬
‫و من دسائس أعداء ﷲ أنھم أرسلوا ]لكعب بن مالك[ –رضي ﷲ عنه‪ -‬يوم أمر النبي –‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬بھجره أرسلوا إليه يقولون له ‪ :‬بلغنا أن صاحبك جفاك ‪ ،‬ولم‬
‫كعبا[ مؤمن علم أن ھذا‬
‫نواسك ‪ ،‬لكن ] ً‬
‫ِ‬ ‫يجعلك ﷲ بدار ھوان و ال مضيعة ؛ ْ ْ‬
‫فالحق بنا ُ‬
‫ضالل ( ‪.‬‬ ‫كيد ْ َ ِ ِ َ‬
‫الكافرين ِإال ﱠ ِفي َ َ ٍ‬ ‫وما َ ْ ُ‬
‫فيمم التنور ‪ ،‬فأوقده بالرسالة ‪َ َ ) ،‬‬
‫ﱠ َ‬ ‫من االبتالء ‪،‬‬

‫عباد ﷲ ‪ :‬ھذا ھو ديدن أعداء اإلسالم في الغابر و الحاضر في كل زمان و مكان ‪،‬‬
‫يتحسسون األنباء و يترصدون و يتربصون باإلسالم و أھله ‪ ،‬و كم من أقدام في مثل ھذا‬
‫فيممھا التنور و‬
‫ﱠ‬ ‫ذل ﱠت! ‪ ،‬وكم من أرجل في مثل ھذه األوحال قد انزلقت ! ‪ ،‬أما كعب‬
‫سجرھا ‪ ،‬و كم في األمة من أمثال كعب !‪.‬‬
‫ﱠ‬
‫فدت نفسي و ما ملكت يميني *** فوارس صدقت فيھم ظنوني‬

‫ذرة أقوى و ألف مھند ‪ ،‬قضى‬


‫ٍ‬ ‫و من ھذه الدروس ‪ :‬إن العقيدة في قلوب رجالھا من‬
‫ﷲ أنه متى ما حادت األمة عن عقيدتھا ‪ ،‬و تعلقت بھذا أو بذاك إال و تقلبت في ثنايا‬
‫اإلھانات و النكبات و النكسات حتى ترجع إلى كتاب ربھا وسنة نبيھا ‪.‬‬
‫ينصر‬
‫من يتق ﷲ و ينصر دينه *** البد في ساح المعارك ُ َ‬

‫أال و إن من أعظم الدروس ‪ ،‬و ليكن األخير من غزوة >تبوك< ‪-‬و المسلمون يمرون‬
‫بأحداثھم المعاصرة و متغيراتھم الحثيثة‪ -‬إنه الدرس الجامع الذي يكون من محراب‬
‫الجھاد و كفى ‪ .‬من محرابه تنطلق قوافل المجاھدين ‪ .‬بالجھاد ترد عاديات الطغيان ؛‬
‫فيكون الدين ‪ ، 9‬و ال تكون فتنة ‪ .‬جھاد بالنفس و المال و اللسان و السنان‪ ،‬و يبقى‬
‫مھيمنا ‪.‬‬
‫ً‬ ‫دين محمد –صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬‬

‫وذودوا عن دينكم‬
‫فيا أمة اإلسالم في كل زمان ومكان اتقوا ﷲ‪ ،‬وأجمعوا أمركم‪ُ ،‬‬
‫ومحارمكم ؛ فإن من ال يذود عن دينه و محارمه و ال ينتصر لدينه ذليل حقير غير حقيق‬
‫بالعزة ؛ بل ال تحلو له الحياة ‪ ،‬اصبروا‪ ،‬و صابروا ‪ ،‬و رابطوا ‪ ،‬و بما تمسك به أسالفكم‬
‫تمسكوا ‪ ،‬جاھدوا كجھادھم ‪ ،‬و اصبروا كصبرھم ‪ ،‬وتوكلوا على ﷲ ‪ ،‬و ثقوا با‪9‬‬
‫لعبادنا ْ ُ ْ َ ِ َ‬
‫المرسلين *‬ ‫سبقت َ ِ َ ُ َ‬
‫كلمتنا ِ ِ َ ِ َ‬ ‫واطمئنوا ‪ ،‬و أبشروا ‪ ،‬و العاقبة للمتقين ‪َ ) .‬و َ َ ْ‬
‫لقد َ َ َ ْ‬
‫بون ( خذوا إيمان إبراھيم تنبت لكم في النار‬
‫الغالِ ُ َ‬ ‫جندنا َ ُ ُ‬
‫لھم ْ َ‬ ‫وإن ُ َ َ‬
‫المنصورون * َ ِ ﱠ‬ ‫إنھم َ ُ ُ‬
‫لھم ْ َ ُ ُ َ‬ ‫ِﱠ ُ ْ‬
‫جنات النعيم ‪.‬‬
‫يا أمة اإلسالم فانتفضي فإن الجرح غائر‬
‫مذ فقد العقيدة فھو مضطرب وحائر‬
‫والجمع ُ ْ‬
‫و جريحنا األقصى ھوى و ديس بالحوافر‬
‫عصب الكوافر‬
‫فھناك تعبث في جوانب أرضه ُ َ‬
‫وخسفا كالبھائم في الحظائر‪.‬‬
‫ً‬ ‫وتسومھم ذال‬
‫يا أمتي فلتنفضي عنك الغبار وتستعدي‬
‫ولتنفري نحو الجھاد بكل إقدام وجد‬
‫إن الجھاد به نرد َلجاجة الخصم َ ِّ ِ‬
‫األلد◌‬
‫وبدونه نبقى على ما نحــن من أخذ ورد‬
‫يا رب ِ ْ‬
‫أيقظ أمتي حتى تعود إلى رحابك‬
‫يا رب ِ ْ‬
‫أيقظ أمتي حتى تعود إلى رحابك‬
‫واھد الوالة لكي يسوسوھا بوحي من جنابك‬
‫ِ‬
‫وأمدھا بالنصر ليس النصر إال من جنابك‬

‫ھذه بعض دروس من ھذه الغزاة العظيمة‪ ،‬غيض من فيض‪ ،‬وقطر من بحر ‪ ،‬وكتب‬
‫السيرة تفيض بذلك فاتقوا ﷲ ‪ ،‬وعوھا ‪ ،‬وطريق أسالفكم اسلكوھا ‪ ،‬عودوا فالعود‬
‫وم َ ِ َ َ ُ‬
‫الئكته‬ ‫ﷲ َ َ‬
‫إن َ‬
‫أحمد‪ ،‬و صلوا و سلموا على نبيكم محمد فقد أمرتم بالصالة عليه‪ ِ ) :‬ﱠ‬
‫تسليما ( ‪.‬‬ ‫عليه َ َ ِ ّ ُ‬
‫وسلموا َ ْ ِ ً‬ ‫آمنوا َ ﱡ‬
‫صلوا َ َ ْ ِ‬ ‫النبيِ َيا َ ﱡ َ‬
‫أيھا ﱠ ِ َ‬
‫الذين َ ُ‬ ‫على ﱠ ِ ّ‬ ‫ُ َ ﱡ َ‬
‫يصلون َ َ‬

‫صل على محمد و آل محمد ‪ ،‬كما صليت على إبراھيم و آل إبراھيم ‪ ،‬و بارك‬
‫ِّ‬ ‫اللھم‬
‫على محمد و على آل محمد ‪ ،‬كما باركت على إبراھيم و آل إبراھيم ‪ ،‬إنك حميد مجيد‬
‫‪ .‬اللھم أعز اإلسالم و المسلمين ‪ ،‬اللھم أعز اإلسالم و المسلمين ‪ ،‬اللھم أعز اإلسالم‬
‫و المسلمين ‪ .‬و أذل الشرك و المشركين ‪ ،‬اللھم أصلح من في صالحه صالح لإلسالم‬
‫أھلك من في ھالكه صالح لإلسالم و المسلمين ‪ ،‬اللھم أبرم لھذه‬
‫ِ ْ‬ ‫و للمسلمين ‪ ،‬و‬
‫األمة أمر رشد ُيعز فيه وليك ‪،‬‬

‫فضيلة الشيخ ‪ /‬علي عبد الخالق القرني‬


‫ھلموا إلى القرآن‬

‫الحمد ‪ 9‬القائل ) إن الذين يتلون كتاب ﷲ وأقاموا الصالة وأنفقوا مما رزقناھم سراً‬
‫وعالنية يرجون تجارة لن تبور ليوفيھم أجورھم ويزيدھم من فضله إنه غفور شكور (‬
‫أشھد أن ال إله إال ﷲ وحده ال شريك له وأشھد أن محمداً عبده ورسوله القائل "الماھر‬
‫بالقرآن مع السفرة الكرام البررة" صلى ﷲ عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً‬
‫يا خادم الجسم كم تسعي لخدمته *** أتعبت نفسك فيما فيه خسران‬
‫أقبل على الروح واستكمل فضائلھا *** فأنت بالروح ال بالجسم إنسان‬

‫عباد ﷲ وأنتم تعيشون شھر القرآن اتقوا ﷲ واعلموا أن لكل رسول من الرسل عليھم‬
‫اختص بھذه المعجزة من بين الرسل ليصدقه قومه وليعلن‬
‫الصالة والسالم معجزة ِ ُ ﱠ‬
‫التوحيد فيھم بالبراھين فكان لموسى عليه السالم معجزة العصا يوم خرج في قوم‬
‫بلغوا في السحر ذروته ومنتھاه فأتت عصاه تلقف ما صنعوا فوقع الحق و بطل ما كانوا‬
‫يعملون وبلغ قوم عيسي مبلغاً عظيماً في الطب فأتي إليھم عيسي بطب من الواحد‬
‫األحد يبرأ األكمة واألبرص ويحيي الموتى بإذن ﷲ فوقع الحق و اندحر الباطل و أما‬
‫رسولنا صلى ﷲ عليه وسلم فبعث في أمة فصيحة في لغتھا مجيدة في بيانھا‬
‫خطيبھا أخطب الخطباء و شاعرھا أرقى الشعراء فأتي إليھم صلى ﷲ عليه و سلم‬
‫بالقرآن سمعوه فدھشوا من بيانه و بھتوا من بالغته و فصاحته فما استطاعوا أن ينكروا‬
‫ذلك رغم جحودھم حتى يقول كبيرھم ]الوليد بن المغيرة[ و قد سمع القرآن فدھش‬
‫يقول والالت والعزة إن له لحالوة و إن عليه لطالوة و إن أعاله لمثمر و إن أسفله لمغدق‬
‫و أنه يعلو و ال يعلى عليه ‪،‬ال إله إال ﷲ‬
‫الحق يعلو و األباطل تسفل *** والحق عن أحكامه ال ُيسأل‬
‫و إذا استحالت حالة و تبدلت *** فا‪ 9‬عز وجل ال يتبدل ‪.‬‬
‫مازال به قومه بـ]الوليد[ حتى رجع عن مقالته وكذب نفسه فيما قاله عن القرآن فقال‬
‫منتكساً إن ھذا إال سحر يؤثر ويتولى ﷲ الرد عليه ويعنفه و يتھدده ) سأصليه سقر وما‬
‫ليربي ھذه األمة‬
‫أدراك ما سقر ال تبقي وال تذر ( ويأتي الرسول صلى ﷲ عليه وسلم ِ ُ َ ِ ّ‬
‫على ھذا الكتاب العظيم الذي ال يأتيه الباطل من بين يديه و ال من خلفه ) تنزيل من‬
‫حكيم حميد ( فتربت األمة و تھذبت وأصبح عابد األصنام قزما حماة البيت والركن‬
‫اليماني تربت على كتاب ما قرأه قارئ إال آجره ﷲ ‪.‬‬
‫ما تدبره متدبر إال وفقه ﷲ ‪ .‬كتاب َمن حكم به عدل من أستمع إليه استفاد َمن اتعظ‬
‫بمواعظه انتفع ‪ .‬كتاب من قرأه علمه ﷲ علم األولين و اآلخرين ‪ ،‬كتاب من استنار بنوره‬
‫دخل الجنة و من تقفاه وجعله خلف ظھره قذفه على وجھه في النار كتاب من تدبره‬
‫أخرج النفاق و الشك و الريبة من قلبه ھو شفاء لما في الصدور َمن التمس الھداية فيه‬
‫ھداه ﷲ و سدده و من التمس الھدى من غيره أضله ﷲ وأھانه ﷲ ) ومن يھن ﷲ‬

‫فما له ِمن ُ ْ ِ‬
‫مكرم ( يقول شيخ اإلسالم ]ابن تيمية[ رحمه ﷲ من اعتقد أنه سيھتدي‬
‫بھدى غير ھدى ﷲ فعليه لعنة ﷲ والمالئكة والناس أجمعين ويقول جل ذكره ) أفال‬
‫يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالھا ( والمعني ما بھم ال يتدبرون ما فيه من العظات ما‬
‫ران على قلوبھم فأقفلت فال تسمع وأوصدت‬
‫بھم ال يعيشون مع اآليات البينات والجواب َ‬
‫فال تنتفع ولو أنھا تدبرت لفھمت كالم ربھا فاھتدت بھدى باريھا ويقول تعالى ) أفال‬
‫يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير ﷲ لوجدوا فيه اختالفا كثيرا ( واالختالف الكثير‬
‫تجده في الكتب غير كتاب ﷲ عز وجل أما كتابه ) فال يأتيه الباطل من بين يديه وال من‬
‫خلفه تنزيل من حكيم حميد ( من قرأه بارك ﷲ في عمره و بارك في ولده و بارك في‬
‫ماله و من أعرض عنه محق ﷲ عمره و أزال ھيبته و أفنى كابره وصاغره و جعل‬
‫معيشته ضنكا و حشر يوم القيامة أعمى ولذلك كان عليه الصالة والسالم ينادي الناس‬
‫جميعاً لقراءة القرآن والتلذذ بتالوته و إال يھجروه فيقول صلى ﷲ عليه وسلم "اقرؤوا‬
‫القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً ألصحابه" يأتيك القرآن يوم القيامة فيشفع لك عند‬
‫من أنزله وعند من تكلم به في يوم ال بيع فيه وال خلة وال شفاعة فيدخلك الجنة بإذن‬
‫ﷲ تعالي ويقول صلى ﷲ عليه وسلم "يؤتى بالقرآن وبأھله الذين كانوا يعملون به في‬
‫الدنيا تقدمه سورة البقرة وآل عمران تحجان عن صاحبھما يوم القيامة" متفق عليه ‪.‬‬
‫ويقول النبي صلى ﷲ عليه وسلم "اقرؤوا الزھراوين؛ البقرة وآل عمران فأنھما يأتيان‬
‫يوم القيامة كأنھما غمامتان أو كأنھما ِفرقان من طير طواف تحاجان عن أصحابھما"‬
‫"أقرءوا سورة البقرة فإن أخذھا بركة وتركھا حسرة وال يستطيعھا البطلة" يعني‬
‫السحرة رواه ]مسلم[ ‪ .‬إن في سورة البقرة آية الكرسي من قرأھا في ليلة لم يزل‬
‫عليه من ﷲ حافظا وال يقربه شيطان حتى يصبح ‪ ،‬يقول ـ صلى ﷲ عليه وسلم ـ وھو‬
‫يفاضل بين الناس ‪" :‬خيركم من تعلم القرآن وعلمه" عالمة الصدق واإليمان كثرة قراءة‬
‫القرآن وعالمة القبول تدبر القرآن ولذلك يقول صلى ﷲ عليه وسلم ‪" :‬إن ﷲ يرفع بھذا‬
‫الكتاب أقواماً ويضع به آخرين" قال ]عمر بن الخطاب[ رضي ﷲ عنه ألحد والته على‬
‫>مكة< وقد ترك >مكة< ولقيه في الطريق ‪ :‬كيف تركت >مكة< وأتيتني قال ‪ :‬وليت‬
‫عليھا فالناً يا أمير المؤمنين قال و من ھو ذا قال مولى لنا وعبد من عبيدنا قال ]عمر[‬
‫ثكلتك أمك تولى على >مكة< مولى قال يا أمير المؤمنين إنه حافظ لكتاب ﷲ عالم‬
‫بالفرائض فدمعت عينا عمر وقال صدق رسول ﷲ "إن ﷲ ليرفع بھذا الكتاب أقواماً ويضع‬
‫به آخرين" يرفع ﷲ به من اتبعوه وتدبروه ويضع من أعرضوا عنه فلم يقرءوه ولم يتدبروه‬
‫ولم يعملوا به والعجيب أن تسمع من بعض ھذه األمة من يقول ألخيه وھو يحاوره وﷲ‬
‫ما قرأت القرآن ستة أشھر ال إله إال ﷲ أي قلب يعيش وھو لم يمر بكتاب ﷲ ستة‬
‫أشھر وھو يمر بالصحف اليومية والمجالت والقيل و القال والخزعبالت وآراء الماجنين‬
‫والماجنات ) أال يظن أولئك أنھم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين (‬
‫يقول ﷲ عز وجل على لسان رسوله ـ صلى ﷲ عليه وسلم ـ) وقال الرسول يا رب إن‬
‫قومي اتخذوا ھذا القرآن مھجورا ( يقول ]ابن عباس[ ـ رضى ﷲ عنه وأرضاه ـ َمن لن‬
‫ھجر القرآن على َ ْ ُ ْ‬
‫أدرب ‪ِ ،‬من الناس َمن يھجر‬ ‫يختم القرآن في شھر فقد ھجره ‪ ،‬و َ ْ ِ‬
‫العمل به و تلك وﷲ ھي الطامة و منھم من يھجر تالوته فيقدم صحف البشر و مؤلفات‬
‫البشر على كالم رب البشر يسھر على المذكرات يعللھا ويلخص فوائدھا وليس بھا‬
‫فوائد لكن كتاب ﷲ يشكوه إلى ﷲ كتاب ﷲ يشكونا ‪ ،‬ھجرناه وأھملناه وضيعناه‬
‫عمي عن الذكر واآليات تندبنا لو‬
‫ٌ‬ ‫وخالفنا أوامره و نواھيه ‪ ،‬قرآننا سار يشكو ما قرأناه ‪،‬‬
‫كلم الذكر جلمودا ألحياه يقول صلى ﷲ عليه وسلم يستثير الھمم لتطلب األجر‬
‫والثواب من عند باريھا يقول صلى ﷲ عليه وسلم ‪" :‬اتلوا القرآن فإن ﷲ يأجركم على‬
‫تالوته كل حرف بحسنة والحسنة بعشر أمثالھا أما إني ال أقول ألف الم ميم حرف ولكن‬
‫فعد يا عبد ﷲ واقرأ واحتسب األجر عند ﷲ فإنك تأتي‬
‫ألف حرف والم حرف وميم حرف" ُ ﱠ‬
‫يوم القيامة وقد نصب لك في الجنة سلما بدرجات يقول ﷲ لك بال ترجمان اقرأ وارتق‬
‫ورتل فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤھا فمن كان يقرأ في القرآن كثيرا رقى حتى يصبح‬
‫بصير بما‬
‫ٌ‬ ‫كالكوكب الدري في سماء الجنة ثم ھم على منازل ھم درجات عند ﷲ وﷲ‬
‫يعملون ‪ ،‬عباد ﷲ من حفظ القرآن فقد استدرج النبوة بين جنبيه غير أنه ال يوحي إليه ‪،‬‬
‫ال حسد في الدنيا وال في مناصبھا وال في أموالھا ال حسد إال في تالوة القرآن آناء‬
‫الليل وأطراف النھار ‪ ،‬بيت ال يقرأ فيه القرآن عششت فيه الھموم و الغموم والنفاق بيت‬
‫سكنته المعاصي و وﷲ ال يخرجھا إال القرآن وليس كل المؤمنين يجب عليھم قراءة كل‬
‫القرآن كامال ً فمنھم من ال يقرأ القرآن وھو تقي عابد بار صالح خير ألنه ال يقرأ أصال ً‬
‫فواجب مثل ھؤالء الذين فاتتھم القراءة أن يردد ما تيسر من سور يحفظونھا وأن يسبحوا‬
‫ﷲ ويحمدوا ﷲ و يھللوا و يكبروا و يصلوا على رسول ﷲ ويتعلموا القرآن و إن شق‬
‫عليھم فإن لھم أجرين عند ﷲ ‪ ،‬كان ـ صلى ﷲ عليه وسلم ـ يعيش مع القرآن بل‬
‫كتابه الذي تربي عليه القرآن ‪ ،‬لم يكن عند الصحابة مؤلفات وال صحف وال مجالت ‪،‬‬
‫معھم القرآن معلق في طرف البيت و السيف معلق في الطرف األخر ھم يمشون على‬
‫األرض وكل واحد منھم قرآن ‪ ،‬فتحوا الدنيا بآيات ﷲ البينات وھذه معجزة رسولنا ـ صلى‬
‫ﷲ عليه وسلم ـ أن يأتي بكتاب فيتوارث منه العلماء مجلدات ومجلدات تمأل البيوت‬
‫والمكتبات في كل الدھور والعصور ‪.‬‬
‫منصرم‬
‫بعظيم غير ُ ْ َ ِ ِ‬
‫ٍ‬ ‫أتى النبيون باآليات فانصرمت *** وجئتنا‬
‫والقدم‬
‫ِ َ ِ‬ ‫العتقِ‬
‫جالل ِ ْ‬
‫ِ‬ ‫يزينھن‬
‫جدد *** َ ِ ِ ُ ُ ﱠ‬
‫آياته كلما طال المدى ُ ُ ُ‬
‫فيا أمة القرآن ويا حفظة كتاب ﷲ من يقرأ القرآن إن لم تقرءوه من يتدبره إن لم تتدبروه‬
‫من يعمل به إن لم تعملوا به أما سمعتم أساطين الكفر في كل مكان بدأوا اآلن في‬
‫الدخول في دين ﷲ ظرافات ووحدانا بعد أن قال القرآن فيھم ) سنريھم آياتنا في اآلفاق‬
‫وفى أنفسھم حتى يتبين لھم أنه الحق ( في وقت يخرج منه أبناء ھذا الدين ‪ .‬الموازين‬
‫عطلت وغدا القرد ليثا وأفلتت الغنم ‪.‬‬

‫عباد ﷲ ‪ ،‬ـ صلى ﷲ عليه وسلم ـ قد كان يحب سماع القرآن كيف ال وھو كالم ﷲ عز‬
‫على القرآن‬
‫ّ‬ ‫وجل ولذلك يقول لـ]ابن مسعود[ كما في الصحيحين ‪ " :‬يا عبد ﷲ اقرأ‬
‫فيخجل عبد ﷲ ويستحي من شيخه صلى ﷲ عليه وسلم ويقول كيف أقرأ القرآن‬
‫عليك وعليك أنزل ‪ ،‬قال ‪ :‬اقرأ فإني أحب أن أسمعه من غيري قال ‪ :‬فاندفعت أقرأ في‬
‫سورة النساء فلما بلغت قول ﷲ ) فكيف إذا جئنا من كل أمة بشھيد وجئنا بك على‬
‫ھؤالء شھيدا ( قال حسبك حسبك ‪ ،‬فنظرت فإذا عيناه ـ صلى ﷲ عليه وسلم ـ‬
‫تذرفان" تأثر من كالم ﷲ الذي يقود النفوس إلى باريھا وتذكر ذاك اليوم الذي يكون فيه‬
‫شھيدا على العالمين و ھا ھو صلى ﷲ عليه وسلم يخرج بعد ما أظلم الليل يمر ببيوت‬
‫األنصار يستمع لحالھم في الليل يوم كانت بيوتھم حية بكتاب ﷲ ‪ ،‬يوم ما ماتت‬
‫باألغاني والتمثيليات والمسلسالت واألفالم ‪ ،‬يوم كان ليلھم تعبداً ھم فيه سجداً يمر‬
‫ببيت ]أبي موسى[ فينصت ألبي موسى وھو يقرأ القرآن فلما جاء اليوم الثاني" قال يا‬
‫أبا موسى لو رأيتني البارحة و أنا أستمع لك لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود فيقول‬
‫يا رسول ﷲ أإنك كنت تستمع لي البارحة ‪ ،‬قال إي والذي نفسي بيده ‪ .‬وفى بعض‬
‫الروايات أنه استمع ـ صلى ﷲ عليه وسلم ـ له من صالة العشاء حتى صالة الفجر‬
‫يقول ]أبو موسى[ يا رسول ﷲ والذي نفسي بيدي لو أعلم أنك تستمع لي َ َ ﱠ ْ ُ َ‬
‫لحبرته لك‬
‫تحبيراً أي جودته وحسنته تحسيناً فانظروا كيف كان صلى ﷲ عليه وسلم يعيش مع‬
‫َ ْ ِِ‬
‫القرآن وللقرآن ‪ ،‬و كيف كان صحابته رضوان ﷲ عليھم ھا ھو ]عثمان[ ـ رضى ﷲ عنه ـ‬
‫كان ينشر المصحف من بعد الفجر إلى صالة الظھر يقرأ ودموعه تنھمر على كتاب ﷲ‬
‫فيقول له الناس لو خففت عن نفسك قال أما وﷲ لو طھرت قلوبنا ما شبعنا من القرآن‬
‫‪.‬‬
‫والذي نالحظه يا عباد ﷲ في أنفسنا وإخواننا المسلمين عامة ھو قلة االھتمام بكتاب‬
‫ﷲ واإلعراض عن كتاب ﷲ واالستغناء بكتب البشر و الصدود واإلعراض إال ممن رحم‬
‫ﷲ و قلة التجويد حتى في بعض أئمة المساجد و قلة الحفظ والتدبر وكثرة المشاغل‬
‫حتى بين طلبة العلم ال تجدوا إال القليل النادر ممن يحفظ القرآن أو يحفظ بعضه و إذا‬
‫كلف أحدنا بحفظ شيئاً من القرآن استصعب ذلك حتى كأن جبال الدنيا على كاھله و‬
‫معنى ذلك ھزيمة اإلسالم و المسلمين وذھاب اإليمان فوﷲ ال نصر و ال تمكين و ال‬
‫وفضيحة في الدنيا‬
‫ٍ‬ ‫عزة إال بھذا القرآن و ﷲ متى تركناه و نسيناه ابتلينا بكل خزيٍ‬
‫واآلخرة ‪.‬‬

‫يقول أحد أعداء اإلسالم من لي بمن يخرج القرآن من صدور أبناء اإلسالم فيرد أحد‬
‫األشقياء ويقول نأتي إلى المصحف فنمزقه قال ال ال ينفع نريد أن نمزقه من قلوبھم‬
‫وقلوب أبنائھم ‪.‬‬
‫و يقول عدو أخر لإلسالم ثالث ما دامت عند المسلمين فلن تستطيعوا إخراجھم من‬
‫دينھم ؛ القرآن في صدورھم والمنبر يوم الجمعة والكعبة التي يرتادھا الماليين من‬
‫المسلمين فإذا قضي على ھذه قضي على اإلسالم والمسلمين و لذلك جاء أعداء‬
‫يھود وأذنابھم من شيعة و باطنيين ورافضة جاءوا إلى القرآن فھونوا من شأنه ‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫اإلسالم‬
‫ادعوا نقصه فعلماؤھم ال يحفظون من كتاب ﷲ إال القليل‬
‫و قالوا إنه مختلق ‪ ،‬بل ِ ﱠ ُ‬
‫وعالمھم أقصد عالم الرافضة ال يعرف قراءة القرآن ) يريدون ليطفئوا نور ﷲ بأفواھھم‬
‫وﷲ متم نوره ولو كره الكافرون ( وأتوا إلى منبر الجمعة فأرادوا تعطيله ليتحول إلى‬
‫مناقشة قضايا تافھة ال تمت إلى اإليمان بصلة ) وما كيد الكافرين إال في ضالل (‬
‫فيا أيتھا األمة المسلمة يا من أخرجھا ﷲ من الظلمات إلى النور أقبلوا على بيوتكم‬
‫وقلوبكم وأبنائكم أقبلوا عليھا بتغذيتھا بكتاب ﷲ ‪ ،‬استرشدوه يرشدكم ‪ ،‬تدبروه يعينكم‬
‫بإذن ﷲ ‪ ،‬استھدوه يھدكم من أنزله ‪ ،‬يغفر ﷲ لكم ذنوبكم ما تقدم منھا وما تأخر‬
‫يحيي بيوتكم على اإليمان يردكم إليه رداً جميال ً ‪ ،‬ھذا شھر القرآن ھذا شھر التالوة‬
‫ھذا شھر مضاعفة األجور إقرأوا فيه القرآن فإن ﷲ يأجركم على تدبره وتالوته والنظر‬
‫فيه مأل ﷲ بيوتكم رحمة وبركة وھداية ونورا وقلوبكم ومأل صدوركم إيمانا ويقينا وخيرا‬
‫وبرا عاشروا القرآن جالسوا القرآن ليعظم في قلوبكم القرآن اللھم أعنا على تالوة‬
‫كتابك آناء الليل وأطراف النھار اللھم اجعلنا ممن يقرأوه فيقودھم إلى جنان النعيم اللھم‬
‫و تقبل منا رمضان صيامه وقيامه وتالوته وصدقته وكل عمل صالح فيه إنك على كل‬
‫شيء قدير أقول ما تسمعون وأستغفر ﷲ فاستغفروه إنه ھو الغفور الرحيم ‪.‬‬

‫الخطبة الثانية‬

‫الحمد ‪ 9‬رب العالمين وأشھد أن ال إلله إال ﷲ وحده ال شريك له وأشھد أن محمداً‬
‫عبده ورسوله صلى ﷲ عليه وصحبه والتابعين له بإحسان وسلما تسليماً كبيراً أما بعد‬
‫تعرفوا‬
‫عباد ﷲ ‪ ،‬شھر رمضان ھو شھر القرآن و أنتم أمة القرآن وحملة القرآن ينبغي أن ُ ْ َ‬
‫بليلكم إذ الناس ينامون وبنھاركم إذ الناس يكدون و يلھون و يلعبون وببكائكم إذ الناس‬
‫يضحكون وبورعكم إذ الناس يخلطون وبتواضعكم إذ الناس يختالون وبصمتكم إذ الناس‬
‫يخوضون وبحزنكم إذ الناس يفرحون لسان حال الواحد منكم يخاطب نفسه ويقول ‪:‬‬
‫نفس َأال َ َ َ ﱠ ِ‬
‫تيقظي *** للنفع قبل أن تذل قدمي‬ ‫ويحك يا َ ْ ُ‬
‫َْ ُ ِ‬
‫ثوان وھوى *** فاستدركي ما قد بقي واغتنمي‬
‫ٍ‬ ‫مضى الزمان في‬
‫ُ ﱠ‬
‫أمة القرآن ‪ ،‬لتالوة القرآن آداب نقف عندھا وقفات قصيرة عل ﷲ أن ينفع بھا و أولھا بل‬
‫جماعھا أن من قرأ رياء أو سمعة كبه ﷲ على وجه في النار‪.‬‬
‫في الصحيح أنه صلي ﷲ عليه وسلم قال "يؤتي بحامل القرآن رياء فيقول ﷲ له ماذا‬
‫عملت قال تعلمت فيك القرآن وعلمته قال كذبت وإنما تعلمت ليقال عالم وقرأت ليقال‬
‫يأمر به فيسحب على وجھه حتى يلقي في النار" فال إله إال ﷲ ال‬‫ْ‬
‫قارئ فقد قيل ثم ُ َ ُ‬
‫يقرأ القرآن إال لوجه ﷲ فأخلص النية في قراءته تؤجر وتثاب وتكون مع السفرة الكرام‬
‫ُ ْ َ‬
‫البررة و يشفع لكم يوم القيامة فيقول للعبد يا رب أي منعته النوم بالليل فشفعني فيه‬
‫فيشفع فيه القرآن ومن آداب التالوة أن يقرأ على طھارة ألن ذلك من تعظيم كالم ﷲ‬
‫عز وجل فإذا تتطھر العبد فليرتل وليتدبر القرآن وال يقرأه في أماكن مستقذرة أو في‬
‫جمع ال ينصت فيه له ألن قراءته في مثل ذلك إھانة له والقرآن منزه عن ذلك ألنه كالم‬
‫ﷲ وليستعذ القارئ با‪ 9‬من الشيطان الرجيم عند القراءة فإذا قرأت القرآن فاستعذ‬
‫با‪ 9‬من الشيطان الرجيم ولتحضر قلبك عند تالوة القرآن ولتعلم أن الذي أنزل القرآن ھو‬
‫الذي خلق األنس والجان فامتثل أمره واجتنب نھيه و ال ترفع صوتك إن كان حولك من‬
‫يصلي أو يتلو فتشوش عليھم و ھذا ما يقع فيه البعض و ھو من عالمة الجھل و عدم‬
‫الفقه في الدين يأتي أحدھم ليقرأ فيرفع صوته ليشوش على المصلي في صالته‬
‫وعلى التالي في تالوته وعلى الذاكر في ذكره وكأن ليس في المسجد سواه ‪َ ،‬أال َ إن‬
‫كان بجانبك من يستمع منك فال بأس أن تسمعه وإن كان بجانبك مصلي فإياك أن ترفع‬
‫صوتك َ‬
‫ألال ﱠ ُ َ ِّ ْ‬
‫تشوش عليه واسمع للمصطفى ـ صلى ﷲ عليه وسلم ـ يوم يخرج على‬
‫الناس وھم يصلون ويجھرون بالقراءة فيقول "كلكم ينادي ربه فال يجھر بعضكم على‬
‫بعض ال يؤذي بعضكم بعضا" أو كما قال ـ صلى ﷲ عليه وسلم ـ و اسمع إلى ]اإلمام‬
‫مالك[ ـ عليه رحمة ﷲ ـ يوم يقول أرى في من يرفع صوته ويشوش على المصلين أن‬
‫ويخرج من المسجد ومن آداب التالوة أن يكون للعبد المسلم حزب من القرآن‬
‫يضر◌ب ُ ْ َ‬ ‫ُ ْ َ ْ‬
‫يفتر عنه يومياً لو تغير كل شيء في الكون ما تغير عن حزبه فھو عالمة اإليمان‬
‫فأكثر ال َ ْ ُ ْ‬
‫أال فليكن لكل واحد منا في كل يوم حزب ال يتركه أبداً لتعظم الصلة بالقرآن و لرب‬
‫القرآن و اإلنس و الجان و ِمن آدابه أن ُ َ ﱠ‬
‫يعلم الناس ما تعلمناه منه و حظنا من تعليمه‬
‫األجر و المثوبة و نبدأ بتعليم أبنائنا وبناتنا و إخواننا و أمھاتنا و آبائنا فھم رعايانا نحن‬
‫عنھم مسئولون وأمام ﷲ محاسبون "و ما من راع استرعاه ﷲ رعية فبات غاشاً لھم‬
‫الغش أال تعلم من استرعاك ﷲ عليه القرآن‬
‫ﱠ‬ ‫إال حرم ﷲ عليه رائحة الجنة" و من أعظم‬
‫ويا من حمل القرآن إياك إياك أن تخالف أمره فإن رسول ﷲ ـ صلى ﷲ عليه وسلم ـ‬
‫يمثل القرآن يوم القيامة رجال فيؤتى بالرجل قد حمله فخالف أمره ُ َ ﱠ‬
‫فيمثل‬ ‫يقول فاسمع " ُ َ ﱠ ُ‬
‫يخاصم القرآن فيقول القرآن يا رب َ ﱠ ْ َ‬
‫حملته إياي فبئس الحامل تعدى‬ ‫ِ ُ‬ ‫خصما و من ال ُ‬
‫له َ ْ‬
‫بالحججِ حتى‬
‫ُ َ‬ ‫حدودي وضيع فرائضي وركب معصيتي وترك طاعتي فما يزال يخلف عليه‬
‫يقال شأنك به فيأخذه بيده فما يرسله حتى يكبه على وجھه في النار" نعوذ با‪ 9‬من‬
‫النار يا أمة القرآن في شھر القرآن قفوا عند أحكام القرآن و اتلوه في كل حين وآن فھو‬
‫شافع مشفع َمن جعله أمامه قاده إلى الجنة ومن جعله خلف ظھره ساقه إلى النار و‬
‫بئس القرار أال يا أمة القرآن و إن مما دعاكم له القرآن أن تنفقوا في سبيل ﷲ مما‬
‫رزقكم و جعلكم مستخلفين فيه و أنتم في شھر اإلنفاق و في شھر الصدقة و قد قال ـ‬
‫صلي ﷲ عليه وسلم ـ "أفضل الصدقة صدقة في رمضان" فيا أخي الصائم للصدقة في‬
‫رمضان مزية وخصوصية ليست في غيره فبادر إليھا فلعلك ال تدرك رمضاناً آخر ‪ .‬أطعم‬
‫الطعام لتكن ممن امتدحھم القرآن ) ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً‬
‫( و اسمع إلى المصطفى ـ صلى ﷲ عليه وسلم ـ يوم يقول "أيما عبد مؤمن أطعم‬
‫مؤمنا على جوع أطعمه ﷲ من ثمار الجنة ومن سقى مؤمنا على ظمئ سقاه ﷲ من‬
‫الرحيق المختوم" فال إله إال ﷲ ما أعظم األجر وما أيسر العمل على من يسره ﷲ‬
‫عليه ويقول صلى ﷲ عليه وسلم "ما منكم من أحد إال سيكلمه ربه ليس بينه وبينه‬
‫ترجمان فينظر أيمن منه فال يرى إال ما قدم وينظر أشمل منه فال يرى إال ما قدم وينظر‬
‫أمامه فال يرى إال النار فاتقوا النار و لو بشق تمرة فاتقوا النار و لو بشق تمرة" ويقول ـ‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم ـ "من فطر صائماً كان له مثل أجره ال ينقص من أجره شيء و من‬
‫سقى صائماً سقاه ﷲ من حوضي شربة ال يظمأ من بعدھا حتى يدخل الجنة" ال إله‬
‫إال ﷲ ھبت رياح الجنة في رمضان فاغتنموھا يا عباد ﷲ أال ال يخرج أحد من بيت ﷲ‬
‫ھذا إال ﱠ و قد َ ﱠ َ‬
‫فطر في أقل القليل عشرة من الصيام أو أقل أو أكثر وكل صائم بعشرة‬
‫رياالت والجزاء من أكرم األكرمين توضع ھذه في صناديق موجودة على يمينك و يسارك‬
‫وأنت خارج من ھذا المسجد و ستقوم الھيئة بجمعھا وإرسالھا فوراً فبادر أيھا الصائم‬
‫إلى الغنيمة الباردة ضيوفك اليوم عشرة صائمين أو أقل أو أكثر و األجر من أكرم‬
‫األكرمين لك مثل أجرھم ال ينقص من أجرھم شيئا و كل على قدر استطاعته‬
‫ﷲ أعطاك فابذل من عطاياه *** فالمال عارية والعمر رحال‬
‫ويا أھل الخير في ھذا المسجد وكلكم أھل خير أطفال أيتام توجد استماراتھم في‬
‫مكاتب الھيئة ھنا كفالة الواحد منھم في العام ألف ومائتا ﷼ ينتظرون من يكفلھم‬
‫بادروا إلى كفالتھم ولكم الجنة من أكرم األكرمين والضمين رسول ﷲ ـ صلى ﷲ عليه‬
‫وسلم ـ القائل "أنا و كافل اليتيم كھاتين في الجنة" أال ال يأتين أحدكم يوم القيامة‬
‫عرضت عليھم في يوم كذا في مسجد كذا فتركوني فخذ‬
‫وخصمه أحد ھؤالء يقول يا رب ُ ِ‬
‫لي بحقي منھم عباد ﷲ أقرءوا القرآن و تصدقوا قبل أال تتصدقوا ‪ ،‬و كل يوم جمعة في‬
‫رمضان سيكون لفقراء المسلمين معكم لقاء ‪ ،‬لقاء ضيافة و الجزاء من أكرم األكرمين‬
‫فاحتسبوا األجر و الثواب ممن يرزق الطير تغدو خماصا و تعود بطانا أطعمكم ﷲ من ثمار‬
‫الجنة وسقاكم من الرحيق المختوم أال وصلوا وسلموا على نبيكم محمد فقد أمرتم‬
‫بالصالة عليه ) إن ﷲ ومالئكته يصلون على النبي يا أيھا الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا‬
‫تسليماً ( اللھم صل وسلم على عبدك و رسولك محمد و على آله وصحبه و التابعين‬
‫لھم بإحسان إلى يوم الدين اللھم اجعلنا من أھل القرآن الذين ھم أھلك و خاصتك‬
‫شفع فينا القرآن اللھم ارفعنا بالقرآن اللھم أحينا على اإلسالم و اإليمان و القرآن‬
‫اللھم َ ِ ّ‬
‫و توفنا على اإلسالم واإليمان و القرآن اللھم اجعلنا ممن يأخذ بيده القرآن إلى رضوانك‬
‫والجنة ونعوذ بك أن يكون القرآن خصماً علينا يوم الوقوف بين يديك اللھم اجعلنا ممن‬
‫يقيم حدوده ويعمل بأوامره ويتلوه على الوجه الذي يرضيك عنا اللھم اجعلنا لكتابك من‬
‫التالين ولك به من العاملين و إلى لذيذ خطابه مستمعين وبما فيه من الحكم معتبرين‬
‫اللھم انفعنا بما فرجت به من اآليات وكفر عنا به السيئات وارفع لنا به الدرجات وھون‬
‫علينا به السكرات عند الممات اللھم و أوجب لنا به الشرف و المزيد و ألحقنا بكل بر‬
‫سعيد و وفقنا جميعاً للعمل الصالح الرشيد اللھم إنا عبيدك بنو عبيدك بنو إمائك نواصينا‬
‫بيدك ماضٍ فينا حكمك عدل فينا قضاؤك نسألك اللھم بكل اسم ھو لك سميت به‬
‫نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب‬
‫عندك أن تجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا و نور صدورنا وجالء أحزاننا و ذھاب غمومنا و‬
‫سابقنا ودليلنا إليك و إلى جنانك جنات النعيم اللھم ألبسنا به الحلل و‬
‫ِ ََ‬ ‫ھمومنا‪ .‬و‬
‫َ ْ ِﱠ‬
‫أسكنا به الظلل و ادفع به عنا المقن و اجعلنا به عند الجزاء من الفائزين و عند النعماء‬
‫من الشاكرين وعند البالء من الصابرين و ال تجعلنا ممن استھوته الشياطين فشغلته‬
‫بالدنيا عن الدين فأصبح من الخاسرين وفى اآلخرة من النادمين برحمتك يا أرحم‬
‫الراحمين اللھم و اجعلنا من المنفقين المبتغين جنة عدن بحورھا العين اللھم تقبل منا‬
‫صيامنا و قيامنا و سائر عملنا اللھم ال تصرف ھذا الجمع إال بذنب مغفور و عيب مستور‬
‫ترد ھذا الجمع خائبين اللھم تقبل منا إنك أنت‬
‫و عمل مقبول و تجارة لن تبور اللھم ال ُ ﱠ‬
‫السميع العليم و تب علينا إنك أنت التواب الرحيم اذكروا ﷲ يذكركم و اشكروه على‬
‫نعمه يزدكم و لذكر ﷲ أكبر و ﷲ يعلم بما تصنعون ‪.‬‬

‫فضيلة الشيخ ‪ /‬علي عبد الخالق القرني‬

‫إشارات على الطريق‬


‫فضيلة الشيخ‪:‬‬
‫علي عبد الخالق القرني‬
‫تم تفريغ الكتاب بواسطة األخ الكريم‪:‬‬
‫أبو سنان وفقه ﷲ وأجزل مثوبته‬
‫‪١٤٢٢‬ھـ‬
‫واحات الھداية‬
‫‪http://www.khayma.com/ante99/index.htm‬‬

‫بسم ﷲ الرحمن الرحيم‬


‫إشارات على الطريق‬
‫مقدمه‬
‫الحمد ‪ Z‬رب العالمين والصالة وال‪S‬سالم عل‪S‬ى خ‪S‬اتم النبي‪S‬ين نبين‪S‬ا محم‪S‬د وعل‪S‬ى‬
‫آله وصحبه والتابعين ومن تبعھم بإحسان إلى يوم الدين‪.‬‬
‫أما بعد ‪..‬‬
‫فإن العمل الدعوي ميدان رحب ومجال الحركة فيه بحر إطاره األرض مطلق‬
‫األرض وميدان‪SS‬ه اإلن‪SS‬سان م‪SS‬ن غي‪SS‬ر ح‪SS‬د لل‪SS‬ون أو الج‪SS‬نس أو اللغ‪SS‬ة وعم‪SS‬ل بھ‪SS‬ذه‬
‫الساعة يحتاج إلى تضافر الجھود وبذل المجھود ألقاض العقول الھاجعة ونفخ‬
‫ال‪SS‬روح ب‪SS‬وحي ﷲ ف‪SS‬ي الجث‪SS‬ث الھام‪SS‬دة وح‪SS‬داء ھ‪SS‬ذه اليقظ‪SS‬ة اإلس‪SS‬المية األص‪SS‬لية‬
‫لتنطلق في وض‪S‬وح لغايتھ‪S‬ا فتع‪S‬رف م‪S‬ا لھ‪S‬ا وم‪S‬ا عليھ‪S‬ا ت‪S‬تلمس ال‪S‬دواء ألدوائھ‪S‬ا‬
‫وتطرح اليأس في خضم آمالھا ببعث آمالھا‪ .‬لتؤتي أكلھا كل حين بإذن ربھا‪.‬‬
‫وم‪SS‬ن ھ‪SS‬ذا المنطل‪SS‬ق كان ‪S‬ت ھ‪SS‬ذه الخ‪SS‬واطر المتواض‪SS‬عة المألوف‪SS‬ة م‪SS‬ن ش‪SS‬اردة ھن‪SS‬ا‬
‫وواردة ھناك‪.‬‬
‫عنونتھا بـ )إشارات على الطريق( للدعاة وطلبة العلم‪.‬‬
‫ابت‪S‬داء‪ .‬جمعتھ‪S‬ا م‪S‬ن أق‪S‬وال أھ‪S‬ل العل‪S‬م مح‪S‬يال‬
‫ً‬ ‫معتذرا فيھا عن التقصير والخط‪S‬أ‬
‫إلى كتبھم وغير محيل أحيانا لبعد العھد ل‪S‬يس ل‪S‬ي فيھ‪S‬ا س‪S‬وى الجم‪S‬ع والت‪S‬أليف‪،‬‬
‫وال‪SS‬صياغة‪ ،‬والف‪SS‬ضل ‪ Z‬ث‪SS‬م ألھلھ‪SS‬ا‪ .‬ألقيتھ‪SS‬ا ف‪SS‬ي محاض‪SS‬رتين ب‪SS‬العال وينب‪SS‬ع قب ‪S‬ل‬
‫علي في جمعھ‪S‬ا ف‪S‬ي ورق‪S‬ات لينتف‪S‬ع بھ‪S‬ا‬ ‫بضع سنين ولم يزل بعض اخوتي يلح ّ‬
‫من يغلب القراءة على االستماع‪.‬‬
‫ث‪SS‬م ق‪SS‬ام أح‪SS‬د االخ‪SS‬وة محت‪SS‬سبا –وفق‪SS‬ه ﷲ لم‪SS‬ا يرض‪SS‬يه‪ -‬بن‪SS‬سخھا وترتيبھ‪SS‬ا وت‪SS‬رقيم‬
‫آياتھا وتقديمھا ل‪S‬ي‪ .‬فل‪S‬م يك‪S‬ن عن‪S‬د ذاك ب‪S‬د م‪S‬ن النظ‪S‬ر العاج‪S‬ل فيھ‪S‬ا عل‪S‬ى خ‪S‬اطر‬
‫كليل وقلم غير بليل وكان‪.‬‬
‫راجي‪SS‬ا أن أك‪SS‬ون أح‪SS‬سنت فيم‪SS‬ا استح‪SS‬سنت مم‪SS‬ا جمع‪SS‬ت‪ ،‬وأال يك‪SS‬ون ورم‪SS‬ا م‪SS‬ا‬
‫استسمنت على أنه لكل كاسد سوق ولكل ساقط القط – كما قيل – والحال‪:‬‬
‫ال خيل عنك تھديھا وال مال‪ ........‬فليسعد النطق إن لم يسعد الحال‬
‫وما بقيت من اللذات إال‪ ...........‬مخاطبة الرجال ذوي العقول‬
‫وإن كانوا إذا عدوا قليال ‪ ..........‬فقد أضحوا أقل من القليل‬
‫أرجو ﷲ أن تأتي أكلھا وأن يخلصھا لكاتبھا وقارئھا وأن يسوقھا ألھلھا ال‪S‬ذين‬
‫إن وج‪SS‬دوا خي‪SS‬را عمل‪SS‬وا ب‪SS‬ه وب‪SS‬األجر للقائ‪SS‬ل دع‪SS‬وا وإن وج‪SS‬دوا خل‪SS‬الً أص ‪S‬لحوا‬
‫ون‪SS‬صحوا ودفن‪SS‬وا‪ ،‬كم‪SS‬ا أس‪SS‬أله أن ي‪SS‬صلح بھ‪SS‬ا المترب‪SS‬صين ال‪SS‬ذين إن رأوا ھف‪SS‬وة‬
‫صرخوا وھتفوا كشيطان العقبة وطاروا بھا وفرحوا وجاشوا واستجاشوا‪.‬‬
‫وھو ولي اللذين آمنوا…‪..‬‬
‫عل‪SS‬ى ﷲ وح‪SS‬ده اعتم‪SS‬ادي وإلي‪SS‬ه وجھت‪SS‬ي واس‪SS‬تنادي‪ ،‬ال‪SS‬صواب من‪SS‬ه والخط‪SS‬أ م‪SS‬ن‬
‫نفسي وتقصيري والخير أردت وإلى ﷲ أنبت وما توفيقي إال با‪ Z‬عليه توكلت‬
‫وإله أنيب ‪.‬‬
‫والحمد ‪ Z‬رب العالمين ‪.‬‬

‫علي بن عبد الخالق القرني‬


‫‪١٤٢١/٣/٢٣‬ھـ‬
‫بسم ﷲ الرحمن الرحيم‬
‫الحمد ‪ Z‬حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملء السماوات وم‪S‬لء األرض وم‪S‬لء م‪S‬ا‬
‫شاء ربنا من شيء بعد على أھل الثناء والمجد أحق ما قال العبد وكلنا ‪ Z‬عبد‪.‬‬
‫أشھد أن ال إله إال ﷲ وحده ال شريك له شھادة عبده وابن عبده وابن أمته ومن‬
‫ال غنى به طرفة عين عن رحمته وال مطمع ل‪S‬ه ف‪S‬ي الف‪S‬وز بالجن‪S‬ة والنج‪S‬اة م‪S‬ن‬
‫النار إال بعف‪S‬وه ومغفرت‪S‬ه‪ ،‬وأش‪S‬ھد أن محم‪S‬د عب‪S‬د ﷲ ورس‪S‬وله خيرت‪S‬ه م‪S‬ن خلق‪S‬ه‬
‫وأمينه على وحيه جعل ﷲ الذل والصغار على من خالف أمره وسد إلى الجنة‬
‫ك‪SS‬ل الط‪SS‬رق فل‪SS‬م بفتحھ‪SS‬ا ألح‪SS‬د إال م‪SS‬ن طريق‪SS‬ه ص‪SS‬لوات ﷲ وس‪SS‬المه عل‪SS‬ى خ‪SS‬اتم‬
‫رسله وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أثره واستمسك بھديه وسنته‪.‬‬
‫اللھم إني أسألك الثبات والھداية وأعوذ بك من الخذالن والغواية‪.‬‬
‫اللھم إني أعوذ بك أن أقول زورا أو أغشى فجورا أو أن أكون بك مغروراً‪.‬‬
‫إلھي‬
‫ما أضيق الطريق على من لم تكن دليله‬
‫وما أوضح الحق عند من ھديته سبيله‬
‫إليك وجھت يا موالي آمالي‪..........‬فاسمع دعائي وارحم ضعف أحوالي‬
‫لؤني‪........‬وكن كفيلي فأنت الكافل الكالي‬ ‫وال تكلني إلى من ليس َ ْ‬
‫يك َ ُ‬
‫‪.‬‬
‫إلھي ارحم عبدك الذليل ذا اللسان الكليل والعمل القلي‪S‬ل وام‪S‬نن علي‪S‬ه ف‪S‬ي عمل‪S‬ه‬
‫بالتأثير والقبول واكنفه تحت ظلك الظليل يا ك‪S‬ريم ي‪S‬ا جلي‪S‬ل‪ ….‬ف‪S‬الطريق ش‪S‬اق‬
‫‪.‬‬ ‫طويل والزاد قليل واألمل والرجاء فيك يا جليل…‬

‫المقيم على سفر‬

‫قيل ألحد الحكماء‪ :‬مالك تدمن إم‪S‬ساك الع‪S‬صا ول‪S‬ست بكبي‪S‬ر وال م‪S‬ريض فق‪S‬ال‪:‬‬
‫ألذكر أني مسافر ‪.‬‬
‫لي وال أني تحنيت من كبر‬
‫حملت العصا ال الضعف أوجب حملھا‪.......‬ع ّ‬
‫ولكنني ألزمت نفسي حملھا ‪................‬ألعملھا أن المقيم على سفر‬

‫الطرق كثيرة متشعبة أمام الم‪S‬سافر ‪ .‬وف‪S‬ي وس‪S‬طھا طري‪S‬ق واح‪S‬د ھ‪S‬و الموص‪S‬ل‬
‫للغاية المنشودة ال غيره معلن علي‪S‬ه‪ :‬أن المق‪S‬يم عل‪S‬ى س‪S‬فر ف‪S‬ال ي‪S‬ركن وھ‪S‬ذا ھ‪S‬و‬
‫الطريق الحق فال ُ َ ﱠ ْ‬
‫يتنكب‪.‬‬
‫الحاجة فيه ماسة للزاد والعدة فمن أراد الخروج أعد العدة وحدا حادية عندھا ‪:‬‬
‫أوانا في بيوت البدو رحلي ‪ ........‬وآونة على قتد البعير‬
‫‪.‬ال تأذن الحكمة على ھذا الطريق ب‪S‬القفز وتج‪S‬اوز الت‪S‬درج ب‪S‬ل ج‪S‬وھر تخطيط‪S‬ه‬
‫مرحلة‪ .‬مرحلة‪.‬‬
‫بطاء وفي إبطائنا ِ َ ُ‬
‫سرع‬ ‫ُ‬ ‫منا األناة وبعض القوم يحسبنا‪..........‬أنا‬
‫)إنه طريق تعبيد النفس والناس ‪ 4‬رب العالمين وإخراجھم من الظلمات إلى‬
‫النور(‬
‫وال شك انه طري‪S‬ق ش‪S‬اق طوي‪S‬ل ولكن‪S‬ه م‪S‬ضمون ثاب‪S‬ت م‪S‬أمون إن كن‪S‬ا نري‪S‬د أن‬
‫نصبح أمة مسافرة على ھذا الطري‪S‬ق ف‪S‬ي ق‪S‬وة وع‪S‬زة ورس‪S‬وخ ف‪S‬ال ب‪S‬د أن نخل‪S‬ق‬
‫في أنفسنا غاية إرضاء ﷲ في منھج يؤدي إلى ھذه الغاية وھو الكت‪S‬اب وال‪S‬سنة‬
‫عل‪SS‬ى فھ‪SS‬م س‪SS‬لف األم‪SS‬ة م‪SS‬ع عزيم‪SS‬ة عل‪SS‬ى مخط‪SS‬ط طوي‪SS‬ل األم‪SS‬د ال ننتظ‪SS‬ر في‪SS‬ه‬
‫الوص‪S‬ول إل‪SS‬ى الھ‪SS‬دف النھ‪SS‬ائي بمج‪SS‬رد ب‪S‬دء الجھ‪SS‬د ولك‪SS‬ن ال ن‪SS‬زال ماض‪SS‬ين وم‪SS‬ن‬
‫سار وصل‪.‬‬
‫وعلى ﷲ قصد السبيل ‪.‬‬

‫*****‬
‫مسافرون‬

‫يقول ابن القيم رحمه ﷲ ‪) :‬لم يزل الناس مذ خلق‪S‬وا م‪S‬سافرين‪ ،‬ول‪S‬يس لھ‪S‬م ح‪S‬ط‬
‫لرح‪SS‬الھم إال ف‪SS‬ي الجن‪SS‬ة دار النع‪SS‬يم أو ف‪SS‬ي الن‪SS‬ار دار الجح‪SS‬يم‪ ،‬والعاق‪SS‬ل يعل‪SS‬م أن‬
‫مبني على المشقة واألخطار بل ھو قطع‪S‬ة م‪S‬ن الع‪S‬ذاب وال‪S‬الواء‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫السفر بطبعه‬
‫ومن المحال أن يطلب في السفر عادة النعيم والراحة واللذة والھناء‪ ،‬فكل وطأة‬
‫قدم أو أنة من أناة المسافر بحساب‪ ،‬وكل لحظة ووق‪S‬ت م‪S‬ن أوق‪S‬ات ال‪S‬سفر غي‪S‬ر‬
‫واقفة والمسافر غير واقف‪ .‬فإذا م‪S‬ا ن‪S‬زل الم‪S‬سافر أو ن‪S‬ام أو اس‪S‬تراح فھ‪S‬و عل‪S‬ى‬
‫ق‪SS‬دم االس‪SS‬تعداد لل‪SS‬سير ف‪SS‬ي قط‪SS‬ع المف‪SS‬اوز والقف‪SS‬ار‪ .‬وق‪SS‬د انعق‪SS‬د الم‪SS‬ضمار وخف‪SS‬ي‬
‫السابق‪ ،‬والناس في ھذا المضمار بين فارس و بين راجل وبين أصحاب حم‪S‬ر‬
‫معقرة‪.‬‬
‫سوف ترى إذا انجلى الغبار‪ ..........‬أفرس تحتك أم حمار‬
‫وفاز بالسبق من قد جد وانقشعت‪....‬عن أفقه ظلمات الليل والسحب‬
‫إن السالح جميع الناس تحمله‪........‬وليس كل ذوات المخلب السبع‬

‫ھلكى ھذا السفر كثير وكثير‪ ،‬والن‪S‬اجون في‪S‬ه قلي‪S‬ل‪ ،‬الن‪S‬اجي في‪S‬ه واح‪S‬د م‪S‬ن أل‪S‬ف‬
‫وكفى‪ ،‬ال تعجب لھالك كيف ھلك ولكن أعجب لناج كيف نج‪S‬ا‪ ،‬الرواح‪S‬ل قليل‪S‬ة‬
‫والبعض في ھذا السفر كإب‪S‬ل س‪S‬ائبة ال تك‪S‬اد تج‪S‬د فيھ‪S‬ا راحل‪S‬ة‪ ،‬وال‪S‬بعض اآلخ‪S‬ر‬
‫كإبل نجيبة صابرة نادرة وأنعم بھا من راحلة‪ ،‬النجائب في المقدم‪S‬ة وح‪S‬امالت‬
‫الزاد في المؤخرة‪.‬‬
‫رفعت لنا في السير أعالم‪...........‬السعادة والھدى يا ذلة الحيران‬
‫فتسابق األبطال وابتدروا لھا‪.........‬كتسابق الفرسان يوم رھان‬
‫وأخو الھوينى في الديار مخلف‪......‬مع شكله يا خيبة الكسالن‬
‫إلى كم ذا التخلف والتواني‪...........‬وكم ھذا التمادي في التمادي‬
‫وشغل النفس عن طلب المعالي‪.......‬ببـيع الشعر في سوق الكساد‬
‫وال سبيل إلى ركوب ھذا الطريق إال بأمرين‪:‬‬
‫أحدھما‪ :‬أال يصبوا في الحق إلى لوم الئم فإن الل‪S‬وم ي‪S‬صيب الف‪S‬ارس في‪S‬صرعه‬
‫عن فرسه‪.‬‬
‫والثاني‪:‬أن تھون عليه نفسه في ﷲ فيقدم حينئذ وال يخاف األھوال فمتى خافت‬
‫النفس تأخرت وأحجمت وإلى األرض أخلدت‪.‬‬
‫ما البد منه‪:‬‬
‫ال بد من المسافر من رفقة‪ ،‬ومن ع‪S‬دة وعت‪S‬اد‪ ،‬ودلي‪S‬ل ومنھ‪S‬اج واس‪S‬تعداد ب‪S‬زاد‪،‬‬
‫وھ‪SS‬دف ووجھ‪SS‬ة ‪ ،‬ومحط‪SS‬ات اس‪SS‬تراحة‪ ،‬ووس‪SS‬ائل مثبت‪SS‬ة‪ ،‬وإش‪SS‬ارات مرش‪SS‬دة ‪.‬‬
‫ومركب ‪.‬‬
‫فمركبه‪:‬‬
‫ص‪SS‬دق اللج‪SS‬أ إل‪SS‬ى ﷲ واالنقط‪SS‬اع إلي‪SS‬ه بكليت‪SS‬ه وتحقي‪SS‬ق االفتق‪SS‬ار إلي‪SS‬ه بك‪SS‬ل وج‪SS‬ه‬
‫والضراعة وصدق التوكل واالستعانة به واالنطراح بين يديه انطراح المكل‪S‬وم‬
‫ّ‬
‫وولي‪S‬ه أن يج‪S‬ده ويل‪S‬م‬ ‫قيم‪S‬ه‬
‫المكسور الفارغ الذي ال شيء عن‪S‬ده فھ‪S‬و يطل‪S‬ع إل‪S‬ى ﱢ‬
‫شعثه ويمده من فضله ويستره ‪.‬‬
‫فھذا الذي يرجى ل‪S‬ه أن يت‪S‬ولى ﷲ ھدايت‪S‬ه ويك‪S‬شف ل‪S‬ه م‪S‬ا خف‪S‬ي عل‪S‬ى غي‪S‬ره م‪S‬ن‬
‫الطريق ‪.‬‬
‫دليله ومنھاجه‪:‬‬
‫أما دليله ومنھاجه فكت‪S‬اب ﷲ وس‪S‬نة رس‪S‬وله ص‪S‬لى ﷲ علي‪S‬ه وس‪S‬لم القائ‪S‬ل –كم‪S‬ا‬
‫ثبت عنه‪)) -‬تركت فيكم شيئين لن ت‪S‬ضلوا بع‪S‬دھما‪ :‬كت‪S‬اب ﷲ وس‪S‬نتي ((‪ .‬وم‪S‬ن‬
‫سلك طريقا بغير دليل ضل‪ ،‬ومن تمسك بغير أصل ذل‪.‬‬
‫كن في أمورك كلھا متمسكا ً ‪ ........‬بالوحي ال بزخارف الھذيان‬
‫فالعلم تحت تدبير القرآن‬ ‫وتدبر القرآن إن رمت الھدى ‪.......‬‬

‫عدة المسافر وزاده‪:‬‬


‫أما عدة المسافر وزاده‪ :‬فإيمان وعمل صالح‪:‬‬
‫عم‪SS‬الً(‬ ‫م‪SS‬ن َ ْ َ َ‬
‫أح‪SS‬سن َ َ‬ ‫ن‪SS‬ضيع َ ْ َ‬
‫أج‪SS‬ر َ ْ‬ ‫ﱠالحات ِ ﱠإن‪SS‬ا ال ُ ِ ُ‬ ‫آمن‪SS‬وا َ َ ِ ُ‬
‫وعمل‪SS‬وا ال‪SS‬ص ِ َ ِ‬ ‫إن ﱠ ِ َ‬
‫ال‪SS‬ذين َ ُ‬ ‫) ِﱠ‬
‫)الكھف‪(٣٠:‬‬
‫ن‪SSS‬زالً(‬ ‫‪SS‬ات ْ ِ ْ َ ْ ِ‬
‫الف‪SSS‬ردوس ُ ُ‬ ‫لھ‪SSS‬م َجنﱠ‪ُ S‬‬ ‫ﱠالحات َ َ ْ‬
‫كان‪SSS‬ت َ ُ ْ‬ ‫آمن‪SSS‬وا َ َ ِ ُ‬
‫وعمل‪SSS‬وا ال‪SSS‬ص ِ َ ِ‬ ‫إن الﱠ‪َ ِ S‬‬
‫‪SS‬ذين َ ُ‬ ‫) ِﱠ‬
‫)الكھف‪(١٠٧:‬‬
‫وداً( )مريم‪(٩٦:‬‬ ‫ﱠحمن ُ ّ‬ ‫سيجعل َ ُ ُ‬
‫لھم الر ْ َ ُ‬ ‫ﱠالحات َ َ ْ َ ُ‬
‫وعملوا الص ِ َ ِ‬ ‫آمنوا َ َ ِ ُ‬ ‫إن ﱠ ِ َ‬
‫الذين َ ُ‬ ‫) ِﱠ‬

‫أين النفوس ترامى غير ھائبة ‪ ..........‬أين العزائم تمضي ما بھا خور‬
‫العلم بالحق واإليمان يصحبه ‪ .........‬أساس دينك فابن الدين مكتمال‬
‫ال تبن إال إذا أسست راسخة ‪ .........‬من القواعد واستكملتھا عمال‬
‫ال يرفع السقف ما لم يبين حامله ‪ .....‬وال بناء لمن لم يرس ما حمال‬
‫ومن الزاد‪:‬‬
‫إخالص ‪ Z‬وقصد بالعمل وجه ﷲ ال سواه‪:‬‬
‫الدين()البينة‪ :‬من اآلية‪.(٥‬‬ ‫ﷲَ ُ ْ ِ ِ َ‬
‫مخلصين َلهُ ﱢ َ‬ ‫ليعبدوا ﱠ‬
‫أمروا ِ ﱠإال ِ َ ْ ُ ُ‬‫وما ُ ِ ُ‬‫) َ َ‬
‫مخلصا ً َلهُ ﱢ َ‬
‫الدين( )الزمر‪.(٢:‬‬ ‫فاعبد ﱠ‬
‫ﷲَ ُ ْ ِ‬ ‫الكتاب ِ ْ َ ﱢ‬
‫بالحق َ ْ ُ ِ‬ ‫إليك ْ ِ َ َ‬ ‫) ِ ﱠإنا َ ْ َ ْ َ‬
‫أنزلنا ِ َ ْ َ‬
‫الخالص ‪)( ....‬الزمر‪ :‬من اآلية‪(٣‬‬ ‫الدين ْ َ ِ ُ‬ ‫) َأال ِ ﱠ‪ ِZ‬ﱢ ُ‬

‫فالفضل عند ﷲ ليس بصورة ‪ ........‬األعمال بل بحقائق اإليمان‬


‫وﷲ ال يرضي بكثرة فعلنا ‪ ..........‬لكن بأحسنه مع اإليمان‬
‫الغفور()الملك‪ :‬من اآلية‪(٢‬‬ ‫العزيز ْ َ ُ ُ‬
‫وھو ْ َ ِ ُ‬‫عمالً َ ُ َ‬ ‫ﱡكم َ ْ َ ُ‬
‫أحسن َ َ‬ ‫ليبلوكم أَي ُ ْ‬
‫) َُِْ َ ُ ْ‬
‫وحسب نفسك إخالصا يزكيھا ‪.‬‬
‫ومن الزاد ‪:‬‬
‫متابع‪SS‬ة رس‪SS‬ول الھ‪SS‬دى ص‪SS‬لى ﷲ علي‪SS‬ه وس‪SS‬لم فق‪SS‬د ثب‪SS‬ت عن‪SS‬ه ق‪SS‬ول )) ك‪SS‬ل أمت‪SS‬ي‬
‫ي‪S‬دخلون الجن‪S‬ة إال م‪S‬ن أب‪S‬ى‪ .‬قي‪S‬ل‪ :‬وم‪SS‬ن ي‪S‬أبى ي‪S‬ا رس‪S‬ول ﷲ‪ ،‬ق‪S‬ال‪ :‬م‪S‬ن أط‪SS‬اعني‬
‫دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى(( ويقول ﷲ جل وعال‪:‬‬
‫فانتھوا()الحشر‪ :‬من اآلية‪.(٧‬‬ ‫عنهُ َ ْ َ ُ‬
‫نھاكم َ ْ‬
‫وما َ َ ُ ْ‬ ‫سول َ ُ ُ‬
‫فخذوهُ َ َ‬ ‫آتاكم ال ﱠر ُ ُ‬ ‫وما َ ُ ُ‬ ‫) َ َ‬
‫ي‪SSS‬صيبھم َ َ‬
‫ع‪SSS‬ذابٌ‬ ‫أو ُ ِ َ ُ ْ‬ ‫فتن‪SSS‬ةٌ َ ْ‬
‫ت‪SSS‬صيبھم ِ ْ َ‬
‫أن ُ ِ َ ُ ْ‬ ‫أم‪SSS‬ره َ ْ‬
‫ع‪SSS‬ن َ ْ ِ ِ‬
‫يخ‪SSS‬الفون َ ْ‬ ‫فليح‪SSS‬ذر ﱠ ِ َ‬
‫ال‪SSS‬ذين ُ َ ِ ُ َ‬ ‫) َْ َ ْ َ ِ‬
‫أليم()النور‪ :‬من آلية‪ .(٦٣‬فيا أيھا المسافر‪ :‬من عمدة عدتك اتباعه‪.‬‬ ‫َِ ٌ‬
‫فتدور مع قول الرسول وفعله ‪ ......‬نفيا وإثباتا بال روغان‬
‫ورحم ﷲ الحكمي يوم قال‪:‬‬
‫شرط قبول السعي أن يجتمعا ‪ .....‬فيه إصابة وإخالص معا‬
‫‪ Z‬رب العرش السواه ‪ ...........‬موافق الشرع الذي ارتضاه‬
‫وكل ما خالف للوحيين ‪ ...........‬فإنه رد بغير مين‬
‫جماع الزاد‬
‫‪SS‬ر ال‪ S‬ﱠ ِ‬
‫‪SS‬زاد‬ ‫خي‪َ S‬‬ ‫‪SS‬زودوا فَ‪ ِ S‬ﱠ‬
‫‪SS‬إن َ ْ‬ ‫وجم‪SSS‬اع ال‪SSS‬زاد ھ‪SSS‬ذا كل‪SSS‬ه‪ :‬تق‪SSS‬وى ﷲ ج‪SSS‬ل وع‪SSS‬ال‪َ ) :‬وتَ‪ َ S‬ﱠ ُ‬
‫التقوى()البقرة‪ :‬من اآلية‪ ،(١٩٧‬إنھا العز والنسب‪ ،‬والسبب والفخر والكرم‪.‬‬ ‫ﱠْ َ‬
‫إال إنما التقوى ھي العز والكرم‪.......‬فال تترك التقوى اتكاال على النسب‬
‫فقد رفع اإلسالم سلمان فارس‪........‬وقد وضع الشرك النسيب أبا لھب‬
‫‪S‬ب َوتَ‪SS‬بﱠ ( )الم‪SS‬سد‪ .(١:‬ف‪SS‬الزاد إذا إيم‪SS‬ان وعم‪SS‬ل ص‪SS‬الح ف‪SS‬ي‬ ‫‪S‬ت يَ‪Sَ S‬دا َأبِ‪SS‬ي َلھَ‪ٍ S‬‬‫ف‪SS‬ـ )تَبﱠ‪ْ S‬‬
‫إخ‪SS‬الص ومتابع‪SS‬ة ف‪SS‬ي تق‪SS‬وى ‪ .‬ف‪SS‬إذا ھ‪SS‬ي اجتمع‪SS‬ت ل‪SS‬نفس ح‪SS‬رة‪.........‬بلغ‪SS‬ت م‪SS‬ن‬
‫العلياء كل مكان‬
‫وال ب‪MM‬د للم‪MM‬سافر م‪MM‬ن رفق‪MM‬ة وص‪MM‬حبة‪ ،‬فالراك‪SS‬ب ش‪SS‬يطان‪ ،‬والراكب‪SS‬ان ش‪SS‬يطانان‪،‬‬
‫والثالثة ركب – كما ثبت عنه صلى ﷲ عليه وسلم ‪.-‬‬
‫والمسافر مھما تكن مواھبه‪ ،‬ومھما يكن عطائه ومھما تكن قدراته‪ ،‬فإنه يبق‪S‬ى‬
‫مح‪SS‬دود الطاق‪SS‬ة والق‪SS‬درة م‪SS‬ا ل‪SS‬م يك‪SS‬ن ل‪SS‬ه أع‪SS‬وان ي‪SS‬شدون أزره‪ ،‬ويق‪SS‬وون أم‪SS‬ره‪،‬‬
‫يذكرونه حين ينسى ‪ ،‬يعلمونه حين يجھل‪ ،‬فالمرء قليل بنف‪S‬سه‪ ،‬كثي‪S‬ر بإخوان‪S‬ه‪،‬‬
‫ضعيف بنفسه‪ ،‬قوي بأخوانه‪.‬‬
‫وما المرء إال باخوانه ‪ .........‬كما تقبض الكف بالمعصم‬
‫وال خير في الكف مقطوعة ‪ ...‬وال خير في الساعد األجذم‬

‫موسى – ص‪S‬لوات ﷲ وس‪S‬المه علي‪S‬ه – وھ‪S‬و الملق‪S‬ب ب‪S‬القوي األم‪S‬ين ف‪S‬ي كت‪S‬اب‬
‫ﷲ‪ ،‬يوم كلفه ﷲ بالرسالة احتاج إلى المعين والوزير فقال – كما أخبر ال‪S‬ه ف‪S‬ي‬
‫كتابه‪: -‬‬
‫أزري * َ َ ْ ِ ْ‬
‫وأش‪S‬ركهُ ِف‪S‬ي‬ ‫ب‪S‬ه َ ْ ِ‬ ‫أخ‪S‬ي * ْ ُ ْ‬
‫اش‪S‬دد ِ ِ‬ ‫ھارون َ ِ‬
‫أھلي * َ ُ َ‬ ‫من َ ْ ِ‬ ‫وزيراً ِ ْ‬‫واجعل ِلي َ ِ‬‫)َ ْ َ ْ‬
‫‪SS‬صيراً(‬ ‫‪SS‬ت ِبنَ‪SSS‬ا بَ‪ِ S‬‬
‫كن‪َ S‬‬ ‫كثي‪SSS‬راً * ِإنﱠ‪َ S‬‬
‫‪SS‬ك ُ ْ‬ ‫كثي‪SSS‬راً * َونَ‪َ َ ُ ْ S‬‬
‫‪SS‬ذكرك َ ِ‬ ‫‪SS‬ي نُ‪ َ S‬ﱢ َ َ‬
‫‪SS‬سبحك َ ِ‬ ‫‪SS‬ري * َك‪ْ S‬‬ ‫َْ‬
‫أم‪ِ S‬‬
‫)طـه‪(٣٥ -٢٩:‬‬
‫موسى( )طـه‪(٣٦:‬‬ ‫سؤلك َيا ُ َ‬‫أوتيت ُ ْ َ َ‬‫قد ِ َ‬‫ُ‬ ‫قال َ ْ‬ ‫ماذا قال ﷲ ؟ قال‪َ َ ( :‬‬
‫لكم‪S‬ا ُ ْ َ‬
‫س‪S‬لطانا ً َف‪S‬ال‬ ‫ونجع‪S‬ل َ ُ َ‬ ‫عضدك ِ َ ِ َ‬
‫بأخيك َ َ ْ َ ُ‬ ‫سنشد َ ُ َ َ‬ ‫قال َ َ ُ ﱡ‬
‫وفي القصص يقول ﷲ ‪َ َ ) :‬‬
‫اتبعكما ْ َ ِ ُ َ‬
‫الغالبون(‪.‬‬ ‫ومن ﱠ َ َ ُ َ‬
‫أنتما َ َ ِ‬ ‫بآياتنا َ ْ ُ َ‬ ‫َ ُِ َ‬
‫يصلون ِ َ ْ ُ َ‬
‫إليكما ِ ِ َ‬
‫فالصاحب ضرورة وال ب‪S‬د‪ ،‬لك‪S‬ن ل‪S‬ه ص‪S‬فات تح‪S‬دده وتمي‪S‬زه‪ ،‬لعلن‪S‬ا نق‪S‬ف عن‪S‬دھا‬
‫باختصار‪ ،‬منھا‪:‬‬
‫*أن يكون مؤمنا‪:‬‬
‫)) فال تصاحب إال مؤمنا وال يأكل طعامك إال تقي (( كما ثب‪S‬ت عن‪S‬ه ص‪S‬لى ﷲ‬
‫عليه وسلم ‪ ،‬وال يكفي أن يكون مؤمنا‪ ،‬فال بد‪:‬‬
‫*أن يكون عاقال‪:‬‬
‫ألن األحمق قد يثور عليك فيغ‪S‬ضب فيجن‪S‬ي علي‪S‬ك وعل‪S‬ى نف‪S‬سه ويقع‪S‬د ب‪S‬ك ع‪S‬ن‬
‫الھدف المرسوم الذي رسمته لنفسك‪ ،‬وصدق ونصح من قال‪:‬‬
‫أحذر األحمق أن تصحبه ‪ .........‬إنما األحمق كالثوب الخلق‬
‫كلما رقعته من جانب ‪ ............‬زعزنه الريح يوما فانخرق‬
‫أو كصدع في زجاج فاحش‪ .......‬ھل ترى صدع زجاج يرتتق‪......‬كال‬

‫*أن يكون عدال غير فاسق‪:‬‬


‫أق‪SS‬ول ذل‪SS‬ك ل‪SS‬ئال يج‪SS‬رك ف‪SS‬سقه‪ ،‬ود ص‪SS‬احب الف‪SS‬سق والمع‪SS‬صية ل‪SS‬و ف‪SS‬سق الن‪SS‬اس‬
‫جميعا‪ ،‬لئال يكون نشازا بينھم‬

‫*أن يكون غير مبتدع ‪:‬‬


‫لئال يلقى عليك الشبه فيتشربھا قلبك والقلوب ضعيفة والشبه خطاف‪S‬ة كم‪S‬ا يق‪S‬ول‬
‫العلماء ‪.‬‬

‫*أن يكون حسن الخلق غير حريص على الدنيا ‪:‬‬


‫وصدق من قال‪ :‬ش‪S‬بيه ال‪S‬شيء منج‪S‬ذب إلي‪S‬ه‪ ،‬وخي‪S‬ر الك‪S‬الم ك‪S‬الم ﷲ ي‪S‬وم ق‪S‬ال‪):‬‬
‫الزكاة َ َ ُ َ‬
‫يخافون‬ ‫وإيتاء ﱠ َ ِ‬
‫ﱠالة َ ِ َ ِ‬ ‫ذكر ﱠ‬
‫ﷲِ َ ِ َ ِ‬
‫وإقام الص ِ‬ ‫عن ِ ْ ِ‬
‫تجارةٌ َوال َ ْبي ٌع َ ْ‬ ‫رجا ٌل ال ُ ْ ِ ِ ْ‬
‫تلھيھم ِ َ َ‬ ‫ِ َ‬
‫َ‬
‫القلوب َ ْ ْ َ ُ‬
‫واألبصار( )النور‪.(٣٧:‬‬ ‫ْ‬
‫فيه ُ ُ ُ‬ ‫ﱠ‬
‫يوما ً َ َ َ ُ‬
‫تتقلب ِ ِ‬ ‫َْ‬

‫وإن لم يكن رفقتك بھذه األوصاف فإني أخشى أن ال تبلغ وجھت‪S‬ك ف‪S‬ي س‪S‬فرك‪،‬‬
‫ل‪S‬م َ ﱠ ِ ْ‬
‫أتخ‪S‬ذ‬ ‫ليتن‪S‬ي َ ْ‬
‫ويلت‪S‬ى َ ْ َ ِ‬
‫وأن تكون – أجارك ﷲ – ممن يق‪S‬ول ح‪S‬ين ال نف‪S‬ع ‪َ ) :‬ي‪S‬ا َ ْ َ َ‬
‫خليالً( )الفرقان‪.(٢٨:‬‬ ‫ُفالنا ً َ ِ‬
‫قد تفسد المرعى على أخواتھا ‪ ........‬شاة تند عن القطيع وتمرق‬
‫*محطات االستراحة‪:‬‬
‫أما محطات االستراحة ‪ :‬فإن الم‪S‬سافر بطبع‪S‬ه يك‪S‬ل‪ ،‬وين‪S‬صب‪ ،‬ويتع‪S‬ب‪ ،‬ويم‪S‬ل‪،‬‬
‫‪SS‬مهُ (‬ ‫‪SS‬ع َويُ‪َ َ ْ S‬‬
‫‪SS‬ذكر ِفيھَ‪SSS‬ا ْ‬
‫اس‪ُ S‬‬ ‫ترفَ‪َ S‬‬ ‫ﷲُ َ ْ‬
‫أن ُ ْ‬ ‫‪SS‬وت َ ِ َ‬
‫أذن ﱠ‬ ‫وراحت‪SSS‬ه وأمن‪SSS‬ه وس‪SSS‬كينته )فِ‪SSS‬ي ُبيُ‪ٍ S‬‬
‫)النور‪(٣٦:‬‬
‫ومن ال يعرفھا فحاله كقول القائل‪:‬‬
‫إن مات مات بال فقد وال أسف‪......‬أو عاش عاش بال خلق وال ُخلق‬

‫ھدف المسافر ووجھته‪:‬‬


‫أما ھدف المساغر ووجھته‪ :‬فللمسافر وجھة‪ ،‬وم‪S‬سافر ال يح‪S‬دد وجھت‪S‬ه ك‪S‬الثور‬
‫يدور في السياقة ويدور ويدور ثم ينتھي من حيث بدأ‪ .‬أو كال‪S‬سفينة الت‪S‬ي ت‪S‬سير‬
‫في البحر بال مقصد تتالع‪S‬ب بھ‪S‬ا األم‪S‬واج‪ ،‬وتق‪S‬ذف بھ‪S‬ا األثب‪S‬اج‪ ،‬ث‪S‬م تھل‪S‬ك ھ‪S‬ي‬
‫وأصحابھا‪.‬‬
‫‪S‬دت‬ ‫واألرض ُ ِ‬
‫أع‪ S‬ﱠ ْ‬ ‫ﱠماوات َ ْ َ ْ ُ‬
‫‪S‬ھا ال ‪S‬س َ َ ُ‬ ‫فم‪SS‬ا وجھتن‪SS‬ا – عب‪SS‬اد ﷲ ‪ -‬؟ إنھ‪SS‬ا ) ََجنﱠ‪Sٍ S‬ة َ ْ ُ‬
‫عرض‪َ S‬‬
‫للمتقين()آل عمران‪ :‬من اآلية‪.(١٣٣‬‬ ‫ِْ ُ ﱠِ َ‬
‫من رام وصل الشمس حاك خيوطھا ‪ ...........‬سببا إلى آماله وتعلقا‬
‫حفت الجنة بالمكاره‪ ،‬فمن أرادھ‪S‬ا حق‪S‬ا اق‪S‬تحم المك‪S‬اره‪ ،‬فم‪S‬ن خلق‪S‬ه ﷲ للجن‪S‬ة ل‪S‬م‬
‫تزل ھداياھا تأتيه من المكاره‪ ،‬والمكارم منوطة بالمكاره‪ ،‬ومن تأمل نيل ال‪S‬در‬
‫من البحر وجده بعد معاناة المكاره ‪ ،‬ومن تأمل دوام البقاء في نعيم الجن‪S‬ة عل‪S‬م‬
‫أنه ال يحصل إال بنقد ھذا العمر ثمنا له‪ ،‬وما مقدار عمر غايته مائ‪S‬ة س‪S‬نة منھ‪S‬ا‬
‫خم‪SS‬س ع‪SS‬شرة ص‪SS‬بوة وجھ‪SS‬ل‪ ،‬ومنھ‪SS‬ا ثالث‪SS‬ون بع‪SS‬د ال‪SS‬سبعين إن ح‪SS‬صلت عج‪SS‬ز‬
‫وض‪SS‬عف‪ ،‬والتوس‪SS‬ط ن‪SS‬وم ون‪SS‬صف زمان‪SS‬ك أك‪SS‬ل وش‪SS‬رب وك‪SS‬سب وللعب‪SS‬ادات من‪SS‬ه‬
‫زمن يسير ‪.‬‬
‫عمرك محدود فأدرك به ‪ .......‬بعض األماني وانتھز واعقل‬
‫أفال يشترى ذلك الدائم بھذا القليل؟! خاب وﷲ وغ‪S‬بن وتع‪S‬س وان‪S‬تكس م‪S‬ن ب‪S‬اع‬
‫الجنة وما فيھا بشھوة ساعة‪ ،‬غبن ‪ ،‬فاحش ‪ ،‬خلل‪ ،‬وھوان ‪ ،‬تا‪ Z‬ما الع‪S‬يش إال‬
‫عيش الجنة‪ ،‬حي‪S‬ث اليق‪S‬ين والرض‪S‬ا والمعاش‪S‬رة لم‪S‬ن ال ي‪S‬وؤذي وال يخ‪S‬ون‪ ،‬م‪S‬ع‬
‫تنوع أصناف النعيم‪.‬‬
‫والذل في دعة النفوس وال أرى ‪ ........‬عز المعيشة دون أن يشقى لھا‬
‫من جد وجد‪ ،‬ومن سھر ليس كمن رقد‪ ،‬والفضائل تحتاج لوثبة أسد‪.‬‬
‫)تا‪ Z‬ما ھزلت فيستامھا المفلسون‪ ،‬وال كسدت فيبيعھا بالنسيئة المعسرون‪ ،‬لقد‬
‫أقيمت للعرض في سوق من يزيد فلم يرضى لھا بثمن دون بذل النفوس‪ ،‬تأخر‬
‫البطالون‪ ،‬وقام المحبون ينظرون أيھم يصلح أن يكون لھا ثمنا‪ ،‬فدارت السلعة‬
‫بي‪SS‬نھم‪ ،‬ووقف‪SS‬ت ف‪SS‬ي ي‪SS‬د ق‪SS‬وم يح‪SS‬بھم ويحبون‪SS‬ه‪ ،‬أذل‪SS‬ة عل‪SS‬ى الم‪SS‬ؤمنين‪ ،‬أع‪SS‬زة عل‪SS‬ى‬
‫الكافرين ‪ .‬عرفوا عظمة المشتري‪ ،‬وقدر ال‪S‬سلعة‪ ،‬وف‪S‬ضل ال‪S‬ثمن‪ ،‬وجالل‪S‬ة م‪S‬ن‬
‫جرى على يديه عق‪S‬د التب‪S‬ايع ف‪S‬رأوا م‪S‬ن الغ‪S‬بن أن يبيعوھ‪S‬ا لغي‪S‬ره ب‪S‬ثمن بخ‪S‬س‪،‬‬
‫فعقدوا معه بيعة الراضون أو التراضي‪ ،‬فربح البيع ال إقالة وال إستقالة(‪.‬‬
‫سعوا للمعالي وھم صبية ‪ .........‬وسادوا وجادوا ومھم في المھود‬
‫إنھ‪S‬ا س‪S‬لعة ﷲ وكف‪SS‬ى ؛ س‪S‬لعة ﷲ غالي‪SS‬ة ج‪S‬د غالي‪SS‬ة‪ ،‬تحت‪S‬اج إل‪SS‬ى مث‪S‬ابرة ‪ ،‬وجھ‪SS‬د‬
‫وصبر ومصابرة وتضحية ومغالبة‪.‬‬
‫ومن ھجر اللذات نال المنى ومن ‪.........‬أكب على اللذات عض على اليد‬
‫يا سلعة الرحمن ليست رخيصة ‪ .........‬بل أنت غالية على الكسالن‬
‫يا سلعة الرحمن ليس ينالھا ‪ .............‬في األلف إال واحد ال إثنان‬
‫يا سلعة الرحمن أين المشتري ‪ ..........‬فلقد عرضت بأيسر األثمان‬
‫يا سلعة الرحمن ھل من خاطب ‪ ........‬فالمھر قبل الموت ذو إمكان‬
‫يا سلعة الرحمن لوال أنھا ‪ ..............‬حجبت بكل مكاره اإلنسان‬
‫ما كان عنھا قط من متخلف ‪ ...........‬وتعطلت دار الجزاء الثاني‬
‫لكنھا حجبت بكل كريھة ‪ ...............‬ليصد عنھا المبطل المتواني‬
‫وتنالھا الھمم التي تسمو إلى ‪ ...........‬رب العال بمشيئة الرحمن‬
‫فاتعب ليوم معادك األدنى ‪ .............‬تجد راحته يوم المعاد الثاني‬
‫فحى على جنات عدن فإنھا ‪ ...........‬منازلنا األولى وفيھا المخيم‬
‫وحي على روضتھا وخيامھا ‪ ..........‬وحي على عيش بھا ليس يسأم‬

‫وسيلة تثبيت واتزان‪:‬‬


‫وعلى الطريق وسيلة تثبيت واتزان‪ :‬إنھا الدعوة اإلى ﷲ الكبير المتع‪S‬ال‪ ،‬عل‪S‬ى‬
‫عل‪SS‬م وب‪SS‬صيرة‪ ،‬ألن‪SS‬ك ف‪SS‬ي ھ‪SS‬ذا ال‪SS‬سفر س‪SS‬تجد دع‪SS‬اة عل‪SS‬ى الطري‪SS‬ق يري‪SS‬دون أن‬
‫يجتالوك عن الطريق‪ ،‬فإن لم تدعھم إلى الحق الذي تحمله دعوك إلى الباط‪S‬ل‪،‬‬
‫إن لم تغزھم بالحق غزوك بالباطل‪ ،‬إن لم تعرض عليھم الحق عرضوا علي‪S‬ك‬
‫ﷲِ‬ ‫س‪S‬بيلي َ ْ ُ‬
‫أدع‪S‬و ِ َإل‪S‬ى ﱠ‬ ‫ھ‪S‬ذه َ ِ ِ‬ ‫الباطل في ص‪S‬ور الح‪S‬ق‪ ،‬ف‪S‬ارفع عل‪S‬ى الطري‪S‬ق‪ْ ُ ) :‬‬
‫ق‪S‬ل َ ِ ِ‬
‫بصيرة( )يوسف‪(١٠٨:‬‬ ‫ََ‬
‫على َ ِ َ ٍ‬
‫ال لدنيا أو ھوى أو عصبة ‪ .........‬دون خزي أو نفاق أو خطل‬
‫إنھا صدق وإخالص لمن ‪ ..........‬ھو يجزي وحده عز وجل‬

‫ف‪SS‬ارفع عل‪SS‬ى الطري‪SS‬ق ھ‪SS‬ذا ال‪SS‬شعار‪ ،‬وأعل‪SS‬م‪) :‬أن العم‪SS‬ل ال نھاي‪SS‬ة ل‪SS‬ه ‪ ،‬إط‪SS‬اره‬
‫األرض‪ -‬مطل‪SS‬ق األرض‪ -‬وميدان‪SS‬ه اإلن‪SS‬سان م‪SS‬ن غي‪SS‬ر ح‪SS‬د لل‪SS‬ون وال لج‪SS‬نس وال‬
‫لغة(‪ ،‬إنھا جمع وتأليف على ساحة اإلسالم من غير دخل ‪ .‬وعمل بھ‪S‬ذه ال‪S‬سعة‬
‫يحتاج إلى رسم خط‪S‬ط دقيق‪S‬ة ‪ ،‬إل‪S‬ى دراس‪S‬ات متأني‪S‬ة‪ ،‬عل‪S‬ى نب‪S‬ذ للفوض‪S‬وية ول‪S‬و‬
‫بحسن نية ‪ ،‬فاالرتج‪S‬ال والفوض‪S‬ى خل‪S‬ل ووھ‪S‬ن واض‪S‬طراب ف‪S‬ي الت‪S‬صور‪ ،‬ألن‬
‫األم‪SS‬ة ف‪SS‬ي حاج‪SS‬ة ماس‪SS‬ة إل‪SS‬ى جي‪SS‬ل م‪SS‬صلح منق‪SS‬ذ يم‪SS‬ارس خدم‪SS‬ة اإلس‪SS‬الم ب‪SS‬أرقى‬
‫أساليب اإلدارة والتوجيه‪) ،‬جيل يتجاوز الع‪S‬شوائية‪ ،‬ويكف‪S‬ر بالغوغائي‪S‬ة‪ ،‬يح‪S‬تكم‬
‫إلى حقائق الكتاب والسنة ال إلى الوھم‪ ،‬وال ينسى وھ‪S‬و يتطل‪S‬ع إل‪S‬ى ال‪S‬سماء أن‪S‬ه‬
‫واقف على األرض‪ ،‬فال يجري وراء الخيال واألحالم واألماني‪ ،‬وال يسبح في‬
‫غير ماء‪ ،‬وال يطير بغير جناح‪ ،‬جيل واقعي ال يسبح في البر‪ ،‬وال يح‪S‬رث ف‪S‬ي‬
‫البحر‪ ،‬وال يبذر في الصخر‪ ،‬ال ينسج خيوطا م‪S‬ن الخي‪S‬ال ‪ ،‬وال يبن‪S‬ي ق‪S‬صورا‬
‫ف‪SS‬ي الرم‪SS‬ال(‪ ،‬وال يي‪SS‬أس م‪SS‬ن روح ﷲ‪ ،‬وال يق‪SS‬نط م‪SS‬ن رحم‪SS‬ة ﷲ‪ ،‬لكن‪SS‬ه يع‪SS‬رف‬
‫حدود قدراته وإمكاناته‪ ،‬فيأخذ باألس‪S‬باب‪ ،‬وي‪S‬درس م‪S‬شروعية الوس‪S‬ائل قب‪S‬ل أن‬
‫يقدم على األھداف‪.‬‬
‫ولسنا بدعا في ذلك يوم ندعو إلى ذلك ؛ فإن رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪-‬‬
‫وھو األسوة والقدوة – لم‪S‬ا ھ‪S‬اجر إل‪S‬ى المدين‪S‬ة خ‪S‬رج بطريق‪S‬ة مدروس‪S‬ة منظم‪S‬ة‬
‫عجيبة‪ ،‬اتخذ فيھا كل األسباب متوكال على ربه ويظھر من خالل ما يلي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬االتصال باألنصار الذي تم من خالله بيعة العقبة األولى ‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬بعث النبي صلى ﷲ عليه وسلم لمصعب بن عمير إلى األنصار ليق‪S‬رئھم‬
‫القرآن‪ ،‬ويعلمھم اإلسالم‪ ،‬ويفقھھم في دين ﷲ ‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬بيعة العقبة الثانية التي ھي شد للوثاق والعھ‪S‬د عل‪S‬ى الن‪S‬صرة ف‪S‬ي المن‪S‬شط‬
‫والمكره والع‪S‬سر والي‪S‬سر‪ ،‬بع‪S‬د ان اس‪S‬توعب النب‪S‬ي ص‪S‬لى ﷲ علي‪S‬ه وس‪S‬لم درس‬
‫الطائف قبل ذلك‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬أمر النبي صلى ﷲ عليه وسلم المؤمنين بالھجرة حت‪S‬ى ل‪S‬م يب‪S‬ق بمك‪S‬ة إال‬
‫محبوس أو مفتون ‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬اس‪S‬تبقاء عل‪S‬ي رض‪S‬ي ﷲ عن‪S‬ه بمك‪S‬ة لحاجت‪S‬ه إلي‪S‬ه ف‪S‬ي أداء الودائ‪S‬ع ع‪S‬ن‬
‫النبي صلى ﷲ عليه وسلم‪ ،‬ولمھمة تأتي‪.‬‬
‫سادسا ً‪ :‬إتخاذ الصاحب وھو أبو بكر رضي ﷲ عنه وأرضاه‪.‬‬
‫سابعا‪ :‬إنتظار اإلذن بالھجرة منه صلوات ﷲ وسالمه عليه ‪.‬‬
‫ثامنا ‪ :‬إعداد الرواحل‪ ،‬ودفعھا إلى ھ‪S‬اد خري‪S‬ت م‪S‬ن قب‪S‬ل أب‪S‬ي بك‪S‬ر‪ ،‬ومواعدت‪S‬ه‬
‫الغار بعد ثالثة ليال‪.‬‬
‫تاسعا ‪:‬ذھابه صلى ﷲ عليه وسلم إلى بيت أبي بكر في وقت غير معھ‪S‬ود من‪S‬ه‬
‫‪ .‬وطلبه من أبي بكر إخراج من عنده ليخبره بإذن الخروج‪ ،‬حتى قال أبو بك‪S‬ر‬
‫رضي ﷲ عنه وأرضاه‪ ) :‬إنما ھم أھل‪S‬ك ي‪S‬ا رس‪S‬ول ﷲ‪ ،‬ف‪S‬أخبر ص‪S‬لى ﷲ علي‪S‬ه‬
‫وسلم بانه قد أذن له في الھجرة(‪.‬‬
‫عاشرا‪ :‬تكليف علي رضي ﷲ عنه بالمبي‪S‬ت ف‪S‬ي س‪S‬ريره ص‪S‬لى ﷲ علي‪S‬ه وس‪S‬لم‬
‫يوم أحاط به المشركون ليقتلوم ؛ تعمية عليھم‪.‬‬
‫ح‪MM‬ادي ع‪MM‬شر‪ :‬اتجاھ‪SS‬ه إل‪SS‬ى الجن‪SS‬وب المع‪SS‬اكس لطري‪SS‬ق المدين‪SS‬ة‪ ،‬وذل‪SS‬ك لت‪SS‬ضليل‬
‫المشركين‪ ،‬مع مكوثه في الغار ثالثا‪.‬‬
‫ثاني عشر‪ :‬تكليف صاحبه أبي بكر رضي ﷲ عنه أسماء ابنت‪S‬ه ذات النط‪S‬اقين‬
‫رضي ﷲ عنھا بنقل الزاد إلى الغار للنبي صلى ﷲ عليه وسلم وألبيھا ‪.‬‬
‫ثالث عشر‪ :‬تكلي‪S‬ف أخيھ‪S‬ا عب‪S‬د ﷲ بنق‪S‬ل المعلوم‪S‬ات إل‪S‬ى النب‪S‬ي ص‪S‬لى ﷲ علي‪S‬ه‬
‫وسلم في الغار أوال بأول ‪.‬‬
‫رابع عشر‪ :‬تكليف ع‪S‬امر ب‪S‬ن فھي‪S‬رة م‪S‬ولى أب‪S‬ي بك‪S‬ر رض‪S‬ي ﷲ عن‪S‬ه ب‪S‬المرور‬
‫بغنم‪SS‬ه م‪SS‬ساء عل‪SS‬ى الغ‪SS‬ار لي‪SS‬سقي النب‪SS‬ي ص‪SS‬لى ﷲ علي‪SS‬ه وس‪SS‬لم م‪SS‬ن ل‪SS‬بن الغ‪SS‬نم‪،‬‬
‫ول‪SS‬يطمس أث‪SS‬ار األق‪SS‬دام الت‪SS‬ي تت‪SS‬ردد إل‪SS‬ى الغ‪SS‬ار‪ ،‬حت‪SS‬ى ال يكت‪SS‬شف الم‪SS‬شركون‬
‫بواسطة القافة من يتردد على الغار‪.‬‬
‫إن الھج‪SS‬رة أش‪SS‬به بعملي‪SS‬ة احت‪SS‬شاد‪ ،‬ومرحل‪SS‬ة اس‪SS‬تنفار‪ ،‬وقاع‪SS‬دة حماي‪SS‬ة‪ ،‬أخ‪SS‬ذ فيھ‪SS‬ا‬
‫النبي صلى ﷲ عليه وسلم بكل األشباب متوكال على ربه‪ ،‬قبل أن يعلن النفير‪،‬‬
‫وتدق ساعة الصفر – كما يقال‪ -‬وال غرور فھو القائ‪S‬ل‪ )) :‬إذا خ‪S‬رج ثالث‪S‬ة ف‪S‬ي‬
‫سفر فليؤمروا أحدھم (( ‪ ،‬ك‪S‬ل ھ‪S‬ذا تعل‪S‬يم من‪S‬ه ص‪S‬لى ﷲ علي‪S‬ه وس‪S‬لم لإلن‪S‬ضباط‬
‫في جميع شؤون الحياة من سفر وإقامة مع نبذ للفوض‪S‬وية واالرتج‪S‬ال والتخ‪S‬بط‬
‫ﷲِ ُ ْ َ‬
‫أس‪S‬وةٌ‬ ‫رسول ﱠ‬ ‫كان َ ُ ْ‬
‫لكم ِفي َ ُ ِ‬ ‫لقد َ َ‬‫ولو حسنت معھا النية وﷲ عز وجل يقول ‪ْ َ َ ) :‬‬
‫كثيراً( )األحزاب‪(٢١:‬‬ ‫ﷲَ َ ِ‬ ‫وذكر ﱠ‬
‫اآلخر َ َ َ َ‬ ‫ﷲَ َ ْ َ ْ َ‬
‫واليوم ْ ِ َ‬ ‫يرجو ﱠ‬ ‫حسنةٌ ِ َ ْ‬
‫لمن َ َ‬
‫كان َ ْ ُ‬ ‫َ ََ‬
‫بھداه أيھا الداعي اقتده ‪ .................‬وابتغ األخرى وأخلص في العمل‬
‫فأحزم الناس من لو مات في ظمأ ‪ ......‬ال يقرب الورد حتى يعرف الصدرا‬

‫كأني بك بعد ھذا كله قد حددت وجھتك‪.‬‬


‫وعرفت طريقك‪.‬‬
‫وأخذت عدتك وأھبتك‪.‬‬
‫واخترت رفقتك‪.‬‬

‫وأخذت بجميع أسباب نجاتك في سفرك‪.‬‬


‫ف‪MM‬دونك ھ‪MM‬ذه اإلش‪MM‬ارات الت‪MM‬ي ال ب‪MM‬د منھ‪MM‬ا لعلھ‪MM‬ا تغري‪MM‬ك بالم‪MM‬سير ف‪MM‬ي الطري‪MM‬ق‪،‬‬
‫وتحذرك من العقبات التي تصد عن بلوغ الغاية في الميسر‪.‬‬

‫*****‬
‫أنو الخير واعمل بمقتضى ھذه النية األولى‬ ‫ااإلشارة‬

‫بالنية يتحدد السفر‪ ،‬وتتضح الواجھة‪ ،‬وعلى أساسھا يخطط منھج الرحلة‪ ،‬فھي‬
‫أساس األمر ورأسه وعموده وأصله‪ ،‬بل ھي روح العمل وقائده وسائقه ي‪S‬صح‬
‫ب‪SS‬صحتھا ويف‪SS‬سد بف‪SS‬سادھا‪ ،‬ي‪SS‬ستجلب التوفي‪SS‬ق بھ‪SS‬ا ويح‪SS‬صل الخ‪SS‬ذالن بع‪SS‬دمھا‪،‬‬
‫وبحسب النية تتفاوت الدرجات في الدنيا واآلخرة‪ ،‬وكل المناھل غير ال‪S‬صدق‬
‫آسنة ‪) .‬وسنة ﷲ أن من نوى الخير وعمل بمقتضى تلك النية أن يوفق ويسدد‬
‫ويؤيد ويبلغ من الخير ما يريد (‪.‬‬
‫مھ‪S‬اجراً‬ ‫م‪S‬ن َ ْ ِ ِ‬
‫بيت‪S‬ه ُ َ ِ‬ ‫ومن َ ْ ُ ْ‬
‫يخ‪S‬رج ِ ْ‬ ‫وفوق ما يريد بإذن ربه ‪ ،‬يقول ﷲ جل وعال‪ْ َ َ ) :‬‬
‫ﷲِ ()الن‪SS‬ساء‪ :‬م‪SS‬ن‬ ‫عل‪SS‬ى ﱠ‬ ‫أج‪SS‬رهُ َ َ‬‫وق‪SS‬ع َ ْ ُ‬‫فق‪SS‬د َ َ َ‬ ‫يدرك‪SS‬هُ ْ َ ْ ُ‬
‫الم‪SS‬وت َ َ ْ‬ ‫ث‪SS‬م ُ ْ ِ ْ‬ ‫ورس‪SS‬وله ُ ﱠ‬
‫ﷲِ َ َ ُ ِ ِ‬ ‫ِ َإل‪SS‬ى ﱠ‬
‫اآلية‪.(١٠٠‬‬
‫حرثه()الشورى‪ :‬من اآلية‪. (٢٠‬‬ ‫نزد َلهُ ِفي َ ْ ِ ِ‬ ‫حرث ْ ِ َ ِ‬
‫اآلخرة َ ِ ْ‬ ‫يد َ ْ َ‬ ‫ير ُ‬
‫كان ُ ِ‬ ‫من َ َ‬ ‫) َ ْ‬
‫م‪S‬شكوراً(‬
‫س‪S‬عيھم َ ْ ُ‬
‫ك‪S‬ان َ ْ ُ ُ ْ‬ ‫فأولئك َ َ‬‫مؤمن َ ُ َ ِ َ‬ ‫وھو ُ ْ ِ ٌ‬ ‫سعيھا َ ُ َ‬‫لھا َ ْ َ َ‬ ‫وسعى َ َ‬ ‫اآلخرةَ َ َ َ‬ ‫أراد ْ ِ َ‬ ‫ومن َ َ َ‬ ‫)َ َ ْ‬
‫)االسراء‪(١٩:‬‬
‫وم‪SS‬ن ن‪SS‬وى ال‪SS‬شر وعم‪SS‬ل بمقت‪SS‬ضى تل‪SS‬ك الني‪SS‬ة ح‪SS‬رم التوفي‪SS‬ق‪ ،‬وحالف‪SS‬ه الخ‪SS‬ذالن‬
‫والھوان‪ ،‬وإن بدا غير ذلك فإنما ھو سراب أو أحالم ال تلبث أن تنقشع فيظھ‪S‬ر‬
‫فيھ‪S‬ا َم‪S‬ا َ َ ُ‬
‫ن‪S‬شاء‬ ‫ﱠلن‪S‬ا َل‪S‬هُ ِ َ‬ ‫العاجل‪S‬ةَ َعج ْ َ‬
‫يريد ْ َ ِ َ‬ ‫كان ُ ِ ُ‬ ‫من َ َ‬ ‫المستور‪ ،‬يقول ﷲ جل وعال‪ْ َ ) :‬‬
‫مدحوراً( )االسراء‪.(١٨:‬‬ ‫مذموما ً َ ْ ُ‬ ‫يصالھا َ ْ ُ‬
‫جھنم َ ْ َ‬ ‫جعلنا َلهُ َ َ ﱠ َ‬ ‫ثم َ َ ْ َ‬‫نريد ُ ﱠ‬‫لمن ُ ِ ُ‬‫َِ ْ‬
‫فيھ‪S‬ا ال‬ ‫فيھا َ ُ ْ‬
‫وھم ِ َ‬ ‫إليھم َ ْ َ َ ُ ْ‬
‫أعمالھم ِ َ‬ ‫نوف ِ َ ْ ِ ْ‬
‫وزينتھا ُ َ ﱢ‬‫الدنيا َ ِ َ َ َ‬ ‫الحياةَ ﱡ ْ َ‬ ‫يريد ْ َ َ‬ ‫كان ُ ِ ُ‬ ‫من َ َ‬ ‫ويقول ) َ ْ‬
‫النار‪) ( ....‬ھود‪.(١٦-١٥:‬‬ ‫لھم ِفي ْ ِ َ ِ‬
‫اآلخرة ِ ﱠإال ﱠ ُ‬ ‫ليس َ ُ ْ‬‫الذين َ ْ َ‬‫أولئك ﱠ ِ َ‬ ‫يبخسون * ُ َ ِ َ‬ ‫ُْ َ ُ َ‬
‫منھ‪S‬ا َ َ َ ْ ِ‬
‫وس‪S‬نجزي‬ ‫نؤت‪S‬ه ِ ْ َ‬ ‫ثواب ْ ِ َ ِ‬
‫اآلخ‪S‬رة ُ ْ ِ ِ‬ ‫يرد َ َ َ‬ ‫ومن ُ ِ ْ‬ ‫منھا َ َ ْ‬ ‫نؤته ِ ْ َ‬ ‫ثواب ﱡ ْ َ‬
‫الدنيا ُ ْ ِ ِ‬ ‫يرد َ َ َ‬ ‫ومن ُ ِ ْ‬‫) َ َ ْ‬
‫الشاكرين()آل عمران‪ :‬من اآلية‪ ،(١٤٥‬فانو الخير واعمل بمقت‪S‬ضى تل‪S‬ك الني‪S‬ة‬ ‫ﱠ ِ ِ َ‬
‫فإنك ال تزال بخي‪S‬ر م‪S‬ا نوي‪S‬ت الخي‪S‬ر‪) ،‬وإنم‪S‬ا األعم‪S‬ال بالني‪S‬ات ولك‪S‬ل إم‪S‬رئ م‪S‬ا‬
‫نوى( رواه البخاري ومسلم ‪.‬‬
‫القصد وجه ﷲ باألقوال ‪ ..........‬واألعمال والطاعات والشكران‬
‫وبذاك ينجو العبد من إشراكه ‪ ......‬ويصير حقا عابد الرحمن‬
‫*****‬

‫الثانية‬ ‫خليج صاف أطيب من بحر كدر‬ ‫ااإلشارة‬


‫بمعن‪SS‬ى آخ‪SS‬ر‪ :‬الن‪SS‬وع الثم‪SS‬ين ال الك‪SS‬م المھ‪SS‬ين‪ ،‬بمعن‪SS‬ى ثال‪SS‬ث‪ ) :‬م‪SS‬ن ال يخل‪SS‬ص ال‬
‫يتع‪SS‬ب‪ ،‬فھ‪SS‬و كال‪SS‬ذي يح‪SS‬شو ج‪SS‬راب العم‪SS‬ل رم‪SS‬ل يثقل‪SS‬ه وال ينفع‪SS‬ه‪ ،‬إن م‪SS‬ن س‪SS‬لك‬
‫الطري‪SS‬ق ب‪SS‬ال إخ‪SS‬الص كال‪SS‬ذي يري‪SS‬د ك‪SS‬سر الج‪SS‬وز ب‪SS‬العھن‪ ،‬أو كم‪SS‬ن يح‪SS‬دو ومال‪SS‬ه‬
‫بعير‪ ،‬يمد القوس وما لھا وتر‪ ،‬يتج‪S‬شأ م‪S‬ن غي‪S‬ر ش‪S‬بع‪ ،‬ك‪S‬الوحش ب‪S‬ال جب‪S‬ل(‪ ،‬ال‬
‫شك انه لھدفه ال يصل‪ ،‬العمل صورة واإلخالص روح العم‪S‬ل‪ ،‬عم‪S‬ل المرائ‪S‬ى‬
‫ب‪SS‬صلة كلھ ‪S‬ا ق‪SS‬شور‪ ،‬لب‪SS‬اس المرائ‪SS‬ي نظي‪SS‬ف لك‪SS‬ن قلب‪SS‬ه نج‪SS‬س‪ ،‬اإلخ‪SS‬الص م‪SS‬سك‬
‫والريا جيفة ‪.‬‬
‫فاحذر كمائن نفسك الالتي متى ‪ ........‬خرجت عليك ُكسرت كسر مھان‬
‫) لم‪SS‬ا أخ‪SS‬ذ دود الق‪SS‬ز ين‪SS‬سج الحري‪SS‬ر أقبل‪SS‬ت العنكب‪SS‬وت تت‪SS‬شبه وتن‪SS‬سج‪ ،‬ث‪SS‬م ن‪SS‬سجت‬
‫وقالت‪ :‬ي‪S‬ا دودة الق‪S‬زة ل‪S‬ي ن‪S‬سج وتل‪S‬ك ن‪S‬سج وال ف‪S‬رق ب‪S‬ين الن‪S‬سيجين‪ ،‬قال‪S‬ة دودة‬
‫القزة‪ :‬نسجي أردية الملوك‪ ،‬ونسجك شبكة الذباب‪ ،‬وعند م‪S‬س الن‪S‬سيجين يتب‪S‬ين‬
‫الفرق( ‪.‬‬
‫كالكح‪S‬ل وم‪S‬ا ك‪S‬ل دام جبين‪S‬ه عاب‪S‬د‪ ،‬وف‪S‬ي عن‪S‬ق الح‪S‬سناء‬ ‫ليس التكحل في العن‪S‬ين َ َ ِ‬
‫يستحسن العقد ‪ ،‬والنفيس نفيس أينما كان ‪.‬‬
‫ورب كئيب ليس تندى جفونه ‪ .........‬ورب كثير الدمع غير كئيب‬
‫إذا اشتبكت دموع في خدود ‪ ...........‬تبين من بكى ممن تباكى‬
‫فأما من بكى فيذوب شوقا ‪ ...........‬وينطق بالھوى من قد تباكى‬
‫ص‪S‬الحا ً‬
‫عم‪S‬الً َ ِ‬ ‫ربه َ ْ َ ْ َ ْ‬
‫فليعم‪S‬ل َ َ‬ ‫يرجوا ِ َ َ‬
‫لقاء َ ﱢ ِ‬ ‫واحد َ َ ْ‬
‫فمن َ َ‬
‫كان َ ْ ُ‬ ‫جماع ھذه اإلشارة ‪ٌ ِ َ ...) :‬‬
‫أحداً()الكھف‪ :‬من اآلية‪(١١٠‬‬ ‫ربه َ َ‬
‫بعبادة َ ﱢ ِ‬ ‫َوال ُ ْ ِ ْ‬
‫يشرك ِ ِ َ َ ِ‬
‫*****‬

‫الثالثة‬ ‫العلم الشرعي والعمل به ضرورة للمسافر‬ ‫ااإلشارة‬

‫به يعرف السھل من الطري‪S‬ق ال‪S‬وعر‪ ،‬ب‪S‬ه يمي‪S‬ز إش‪S‬ارات الطري‪S‬ق وعوائق‪S‬ه‪ ،‬ب‪S‬ه‬
‫يعرف ﷲ ويعبد ويذكر ويوحد ويحمد ويمجد‪ ،‬ب‪S‬ه يع‪S‬رف الح‪S‬الل م‪S‬ن الح‪S‬رام‪،‬‬
‫به توصل األرحام‪ ،‬فھو أساس السفر وال بد‪ ،‬بل ھو أشرف مطل‪S‬وب‪ ،‬وأف‪S‬ضل‬
‫‪S‬ون‬
‫يعلم‪َ S‬‬ ‫‪S‬ستوي الﱠ‪َ ِ S‬‬
‫‪S‬ذين َ ْ َ ُ‬ ‫‪S‬ل يَ‪ِ َ ْ S‬‬ ‫مرغ‪SS‬وب‪ ،‬وأنف‪SS‬ع زاد يقتن‪SS‬ي لم‪SS‬سافر مك‪SS‬دود‪ ) ،‬قُ‪ْ S‬‬
‫‪S‬ل ھَ‪ْ S‬‬
‫َ ﱠِ َ‬
‫والذين ال َ ْ َ ُ َ‬
‫يعلمون()الزمر‪ :‬من اآلية‪.(٩‬‬
‫ال يكون العال مثل الدنا ‪ .........‬ال وال ذو الذكاء مثل الغبي‬
‫ومن تدرع ب‪S‬العلم حف‪S‬ظ ومن‪S‬ع‪ ،‬وح‪S‬از ق‪S‬صب ال‪S‬سبق وارتف‪S‬ع وب‪S‬رع )ولم‪S‬ا ك‪S‬ان‬
‫المجاھد ال ينكأ عدوا إال بسالح وعدة فكذلك المتعلم والمعلم ال ي‪S‬صنع أم‪S‬ة وال‬
‫لكم ِفي‬‫كان َ ُ ْ‬ ‫يكشف غمة وال يزيل ظلمة إال إال بعلم وعمل من أثر أو سنة ) َ َ ْ‬
‫لقد َ َ‬
‫حسنةٌ ()األحزاب‪ :‬من اآلية‪.٢١‬‬ ‫ﷲِ ُ ْ َ‬
‫أسوةٌ َ َ َ‬ ‫رسول ﱠ‬
‫َ ُ ِ‬
‫‪ .......‬لبنا له قدر من ثدي وحيه‬ ‫ومن ال يربيه الرسول ويسقه‬
‫فذاك لقيط ما له نسبة الوال ‪ ........‬وال يتعدى طور أبناء جنسه‬
‫العلم وسيلة‪ ،‬والعمل ثمرة‪ ،‬العلم أساس البناء‪ ،‬والعم‪S‬ل ثم‪S‬رة الغ‪S‬رس ‪ ،‬والبن‪S‬اء‬
‫من غير أس ال يبنى‪ ،‬والثمر من غير غرس ال يجنى‪ ،‬فاعلم أخي وال تنس‪.‬‬
‫فما تنفع الخيل الكرام وال القنا ‪ ...........‬إذا لم يكن فوق الكرام كرام‬
‫‪S‬المون()العنكب‪SS‬وت‪ :‬م‪SS‬ن اآلي‪SS‬ة‪، (٤٣‬‬ ‫يعقلھَ‪SS‬ا ِ ﱠإال ْ َ‬
‫الع‪َ ُ ِ S‬‬ ‫وم‪SS‬ا َ ْ ِ ُ‬
‫العل‪SS‬م أبل‪SS‬غ م‪SS‬ن الق‪SS‬ول ) َ َ‬
‫والناس أبناء ما يحسنون‪ ،‬وفعل رجل في ألف رج‪S‬ل أبل‪S‬غ م‪S‬ن ق‪S‬ول أل‪S‬ف رج‪S‬ل‬
‫في رجل‪) ،‬ومھما كان العالم وطالب العلم والداعية فصيحا بليغا م‪S‬ؤثرا بارع‪S‬ا‬
‫فإن كالمه ال يتجاوز اآلذان ما لم يعمل به‪ ،‬حتى إذا عمل ب‪S‬ه دب‪S‬ت في‪S‬ه الحي‪S‬اة؛‬
‫دب‪SS‬ت بك‪SS‬ل كلم‪SS‬ة ينط‪SS‬ق بھ‪SS‬ا‪ ،‬واتجھ‪SS‬ت ك‪SS‬ل جمل‪SS‬ة كأنھ‪SS‬ا قذيف‪SS‬ة ترھھ‪SS‬ف آذان‬
‫الغ‪SSS‬افلين‪ ،‬وت‪SSS‬وقظ ض‪SSS‬مائر المتغ‪SSS‬افلين‪ ،‬وت‪SSS‬صبح دروس‪SSS‬ه وخطب‪SSS‬ه ومواعظ‪SSS‬ه‬
‫برنامجا عملي‪S‬ا يتقبل‪S‬ه الن‪S‬اس راض‪S‬ين ب‪S‬ه ع‪S‬املين م‪S‬ذعنين( ال يغن‪S‬ي العل‪S‬م ش‪S‬يئا‬
‫لوحده‪ ،‬ألن العلم ال يعمل وحده‪ ،‬إنما ھو بمن يحمله ويعلمه‪.‬‬
‫يق‪S‬ول ال‪SS‬سيد قط‪SS‬ب رحم‪SS‬ه ﷲ‪ ) :‬إن الكلم‪SS‬ة لتنبع‪SS‬ث ميت‪SS‬ة‪ ،‬وت‪SS‬صل ھام‪SS‬دة‪ ،‬مھم‪SS‬ا‬
‫تكن طنانة رنانة متحم‪S‬سة‪ ،‬إذا ھ‪S‬ي ل‪S‬م تنبع‪S‬ث م‪S‬ن قل‪S‬ب ي‪S‬ؤمن بھ‪S‬ا‪ ،‬ول‪S‬ن ي‪S‬ؤمن‬
‫إنسان بما يقول حقا إال أن يستحيل ھو ترجمة حية لما يق‪S‬ول‪ ،‬وتج‪S‬سيما واقعي‪S‬ا‬
‫لما ينطق ‪ ...‬عندئذ يؤمن الناس‪ ،‬ويثق الناس‪ ،‬ولو لم يكن في تلك الكلمة طنين‬
‫وال بريق ‪ ..‬إنھا تستحيل يومئذ دفعة حياة آلنھا منبثقة من حياة(‪.‬‬
‫وعادة السيف أين يزھي بجوھره ‪ .........‬وليس يعمل إال في يد بطل‬
‫والذين يعلمون ثم ال يعملون أو يعملون بخ‪S‬الف م‪S‬ا يقول‪S‬ون ويعلم‪S‬ون ب‪S‬ئس م‪S‬ا‬
‫يصنعون‪ ،‬إنما ھي أوعية للعلم يسيرون ثم ال ينفعون ب‪S‬ل ق‪S‬د ي‪S‬ضرون‪ ،‬جل‪S‬سوا‬
‫عل‪SS‬ى ب‪SS‬اب الجن‪SS‬ة – كم‪SS‬ا يق‪SS‬ول اب‪SS‬ن الق‪SS‬يم رحم‪SS‬ه ﷲ ‪) :-‬ي‪SS‬دعون إليھ‪SS‬ا الن‪SS‬اس‬
‫بأقوالھم‪ ،‬ويدعون إلى النار بأفعالھم‪ ،‬كلما قالت أقوالھم‪ :‬ھلم‪S‬وا اس‪S‬معوا‪ ،‬قال‪S‬ت‬
‫أفعالھم‪ :‬افرنقعوا ال تسمعوا لو كان حقا ما ي‪S‬دعون إلي‪S‬ه ك‪S‬انوا أول الم‪S‬ستجيبين‬
‫له‪ ،‬فھم في الصور ھداة مرشدون أدالء‪ ،‬لكنھم في الحقيقة قطاع طرق(‪ .‬أذالء‬
‫ل‪S‬م َ ْ ِ ُ َ‬
‫يحملوھ‪S‬ا‬ ‫الت‪S‬وراةَ ُ ﱠ‬
‫ث‪S‬م َ ْ‬ ‫حمل‪S‬وا ﱠ ْ َ‬ ‫مث‪S‬ل ﱠ ِ َ‬
‫ال‪S‬ذين ُ ﱢ ُ‬ ‫وما ھم بأجالء‪ ،‬بئس م‪S‬ا ي‪S‬صنعون‪ُ َ َ ) .‬‬
‫وﷲُ ال َ ْ ِ‬
‫يھ‪S‬دي‬ ‫ﷲِ َ ﱠ‬ ‫بآي‪S‬ات ﱠ‬
‫ِ‬ ‫الذين َ ﱠ ُ‬
‫كذبوا ِ‬ ‫مثل ْ َ ْ ِ‬
‫القوم ﱠ ِ َ‬ ‫بئس َ َ ُ‬ ‫يحمل َ ْ َ‬
‫أسفاراً ِ ْ َ‬ ‫كمثل ا ْ ِ َ ِ‬
‫لحمار َ ْ ِ ُ‬ ‫َََِ‬
‫الظالمين( )الجمعة‪ .(٥:‬ما يغني األعمى معه ن‪S‬ور الشم‪S‬سي ال يب‪S‬صرھا‪،‬‬ ‫القوم ﱠ ِ ِ َ‬‫َْْ َ‬
‫وما يغني عن العالم كث‪S‬رة العل‪S‬م ال يعم‪S‬ل ب‪S‬ه‪ ،‬إنم‪S‬ا ھ‪S‬و كال‪S‬سراج ي‪S‬ضيء البي‪S‬ت‬
‫ويحرق نفسه‪ ،‬عليه بوره ولغيره نوره‪ ،‬يحق عليه قول القائل‪:‬‬
‫فأسعدت الكثير وأنت تشقى ‪ .........‬وأضحكت األنام وأنت تبكي‬
‫خير من القول فاعله وخير من الصواب قائله ‪:‬‬
‫ومن العجائب والعجائب جمة ‪ .........‬قرب السبيل وما إليه وصول‬
‫كالعيس في البيداء يقتلھا الضمأ ‪ ......‬والماء فوق ظھورھا محمول‬
‫به (‪ ،‬قول ﷲ في س‪S‬ورة الن‪S‬ساء‪ ،‬عمل‪S‬وا بمقتظ‪S‬ى‬ ‫فعلوا َما ُ َ ُ َ‬
‫يوعظون ِ ِ‬ ‫ولو َ ﱠ ُ ْ‬
‫أنھم َ َ ُ‬ ‫) ََْ‬
‫عظيم‪S‬ا ً *‬‫أج‪S‬راً َ ِ‬ ‫ل‪S‬دنا َ ْ‬
‫م‪S‬ن َ ُ ﱠ‬ ‫وإذاً َ َ ْ َ ُ ْ‬
‫آلتيناھم ِ ْ‬ ‫تثبيتا ً * َ ِ‬ ‫وأشد َ ْ ِ‬‫لھم َ َ َ ﱠ‬‫خيراً َ ُ ْ‬‫لكان َ ْ‬ ‫ما عملوا ) َ َ َ‬
‫مستقيما ً( )النساء‪ ، (٦٨ - ٦٦:‬كم وكم ؟ من قدوات ظ‪S‬اھرا‬ ‫صراطا ً ُ ْ َ ِ‬ ‫َ َ َََْ ُْ‬
‫ولھديناھم ِ َ‬
‫لم تعمل بمفتضى ما عملت ف‪S‬سقطت وتك‪S‬شفت عل‪S‬ى الطري‪S‬ق فيم‪S‬ا ب‪S‬ين غم‪S‬صة‬
‫عين وانتباھتھا‪ ،‬لعل ابن عيين‪S‬ة رحم‪S‬ه ﷲ يعنيھ‪S‬ا بخطاب‪S‬ه ي‪S‬وم يق‪S‬ول‪ :‬ال تك‪S‬ون‬
‫كالمنخل يخرج الدقيق الطيب ويمسك النخال‪S‬ة‪ ،‬تخرج‪S‬ون الحكم‪S‬ة م‪S‬ن أف‪S‬واھكم‬
‫ويبق‪SS‬ى الغ‪SS‬ل ف‪SS‬ي ص‪SS‬دوركم‪ ،‬إن م‪SS‬ن يخ‪SS‬وض النھ‪SS‬ر ال ب‪SS‬د أن ي‪SS‬صيب ثوب‪SS‬ه وإن‬
‫إجتھد أال يصيبه‪ ،‬فويحكم ثم ويحكم ثم ويحكم‪.‬‬
‫أيھا العالم أياك الزلل ‪ ...........‬واحذر الھفوة فالخطب جلل‬
‫ھفوة العالم مستعظمة ‪ ...........‬إن ھفا أصبح في الناس مثل‬
‫إن تكن عندك مستحقرة ‪ ........‬فھي عند ﷲ والناس جبل‬
‫انت ملح األرض ما يصلحه ‪ ...‬إن بدا فيه فساد وخلل‬
‫أيھ‪SS‬ا الم‪SS‬سافر عل‪SS‬ى عل‪SS‬م‪):‬ال ت‪SS‬شغل نف‪SS‬سك ب‪SS‬أدنى العل‪SS‬وم دون اعالھ‪SS‬ا وأس‪SS‬ماھا‬
‫وأنت قادر عليه‪ ،‬فإني ألربأ بك أن تكون كزارع الذرة في األرض التي يج‪S‬ود‬
‫فيھا البر أو كغ‪S‬ارس ال‪S‬شعراء حي‪S‬ث يزك‪S‬و النخ‪S‬ل والت‪S‬ين والزيت‪S‬ون( ‪ ،‬فت‪S‬سبدل‬
‫ال‪SS‬ذي ھ‪SS‬و أدن‪SS‬ى بال‪SS‬ذي ھ‪SS‬و خي‪SS‬ر‪ .‬ث‪SS‬م أص‪SS‬غ س‪SS‬معك لل‪SS‬شوكاني رحم‪SS‬ه ﷲ وھ‪SS‬و‬
‫يخاطب‪SS‬ك فيق‪SS‬ول‪ ) :‬اس‪SS‬تكثر م‪SS‬ن العل‪SS‬م ال‪SS‬شرعي زادا ل‪SS‬ك م‪SS‬ا ش‪SS‬ئت‪ ،‬وتبح‪SS‬ر ف‪SS‬ي‬
‫الدقائق مخلصا ما استطعت‪ ،‬واجب من عذلك أو خالفك بقول من صدقك‪.‬‬
‫أتانا أن سھال ذم جھال علوما ‪ .........‬ليس يدركھن سھل‬
‫علوما لو دراھا ما قالھا ولكن ‪ .......‬الرضا بالجھل سھل‬
‫أما قد علمت وعمل‪S‬ت ف‪S‬إن م‪S‬ن مفت‪S‬ضى العل‪S‬م أن ت‪S‬دعو غي‪S‬رك إل‪S‬ى العل‪S‬م ال‪S‬ذي‬
‫عرفته بالحجة والبرھ‪S‬ان عل‪S‬ى ب‪S‬صيرة وھ‪S‬دفك إخ‪S‬راج م‪S‬ن ت‪S‬دعوه ونف‪S‬سك م‪S‬ن‬
‫الظلمات إلى النور من االنحراف إل‪S‬ى االس‪S‬تقامة الت‪S‬ي تن‪S‬ال رض‪S‬ى ﷲ بھ‪S‬ا ف‪S‬ي‬
‫الدنيا وفي اآلخرة ‪.‬‬
‫ھذا شيخ اإلشالم ابن تيمية رحمه ﷲ يف‪S‬سر قول‪S‬ه تع‪S‬الى‪َ ) :‬ي‪S‬ا أَي َﱡھ‪S‬ا ْ ُ ﱠ ﱢ ُ‬
‫الم‪S‬دثر * ُ ْ‬
‫ق‪S‬م‬
‫‪S‬ذر(‪ ،‬فيق‪SS‬ول ‪ ) :‬فواج‪SS‬ب عل‪SS‬ى األم‪SS‬ة أن يبلغ‪SS‬وا م‪SS‬ا أن‪SS‬زل إلي‪SS‬ه‪ ،‬وين‪SS‬ذروا كم‪SS‬ا‬ ‫ََْ‬
‫فأن‪ْ ِ S‬‬
‫ليتفقھ‪S‬وا ِف‪S‬ي ﱢ ِ‬
‫ال‪S‬دين‬ ‫طائف‪S‬ةٌ ِ َ َ َ ﱠ ُ‬ ‫فرق‪S‬ة ِ ْ ُ ْ‬
‫م‪S‬نھم َ ِ َ‬ ‫ك‪S‬ل ِ ْ َ ٍ‬‫م‪S‬ن ُ ﱢ‬ ‫نف‪S‬ر ِ ْ‬ ‫فل‪S‬وال َ َ َ‬ ‫أنذر‪ ،‬قال ﷲ تع‪S‬ال‪ْ َ َ ) :‬‬
‫‪S‬ذرون( )التوب‪SS‬ة‪ .(١٢٢:‬والج‪SS‬ن لم‪SS‬ا‬ ‫يح‪َ ُ َ S‬‬ ‫‪S‬يھم َ َ ﱠ ُ ْ‬
‫لعلھ‪S‬م َ ْ‬ ‫رجع‪SS‬وا ِإلَ‪ْ ِ ْ S‬‬
‫‪S‬ومھم ِ َإذا َ َ ُ‬ ‫َ ُِْ ِ ُ‬
‫ولين‪S‬ذروا قَ‪ْ ُ َ ْ S‬‬
‫منذرين()االحقاف‪.(٢٩ :‬‬ ‫قومھم ُ ْ ِ ِ َ‬ ‫ولوا ِ َإلى َ ْ ِ ِ ْ‬ ‫سمعوا القرآن ) َ ﱠ ْ‬
‫وھذا تلميذه اإلمام المحقق ابن الق‪S‬يم الجوزي‪S‬ة رحم‪S‬ه ﷲ يق‪S‬ول ‪ ) :‬وتبلي‪S‬غ س‪S‬نته‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم إلى األمة أف‪S‬ضل م‪S‬ن تبلي‪S‬غ ال‪S‬سھام إل‪S‬ى نح‪S‬ور الع‪S‬دو‪ ،‬ألن‬
‫تبلي‪SS‬غ ال‪SS‬سھام يفعل‪SS‬ه كثي‪SS‬ر م‪SS‬ن الن‪SS‬اس‪ ،‬وام‪SS‬ا تبلي‪SS‬غ ال‪SS‬سنن ف‪SS‬ال يق‪SS‬وم ب‪SS‬ه إال ورث‪SS‬ة‬
‫األنبياء ‪ ،‬وخلفائھم في أممھم ‪ ،‬جعلنا ﷲ تعالى منھم بمنه وكرمه(‪.‬‬
‫وليسيت ھذه المنزلة العليا في الدنيا إال منزلة الدعوة إلى ﷲ‪ ،‬ووراث‪S‬ة وظ‪S‬ائف‬
‫النبوة‪ ،‬التي ليس أشرف منھا إال منزلة النبوة نفسھا وھذا اإلمام أب‪S‬و الف‪S‬رج ب‪S‬ن‬
‫الج‪SS‬وزي رحم‪SS‬ه ﷲ تع‪SS‬الى ينادي‪SS‬ك‪) :‬أل‪SS‬ست تبغ‪SS‬ي الق‪SS‬رب من‪SS‬ه؟ فاش‪SS‬تغل بدالل‪SS‬ة‬
‫عباده عليه‪ ،‬فھي حاالت األنبياء عليھم الصالة والسالم‪ ،‬أما علمت أنھ‪S‬م آث‪S‬روا‬
‫تعليم الخلق على خلوات التعبد‪ ،‬لعلمھم أن ذلك آثر عن‪S‬د حبي‪S‬بھم ( و )ھ‪S‬ل ك‪S‬ان‬
‫شغل األنبياء إال معاناة الخلق‪ ،‬وحثھم على الخير‪ ،‬ونھيھم عن الشر(‪.‬‬
‫وھا ھو رحمه ﷲ يقارن بين ال‪S‬شجعان يخ‪S‬الطون الن‪S‬اس ل‪S‬دعوتھم‪ ،‬وي‪S‬صبرون‬
‫على أذيتھم‪ ،‬وبين المتخاذلين المعتزلين القاع‪S‬دين ع‪S‬ن ال‪S‬دعوة إل‪S‬ى ﷲ تع‪S‬الى ‪،‬‬
‫فيقول ‪) :‬الزاھد في مقام الخفافيش‪ ،‬قد دفن‪S‬وا أنف‪S‬سھم بالعزل‪S‬ة ع‪S‬ن نف‪S‬ع الن‪S‬اس ‪،‬‬
‫وھ‪SS‬ي حال‪SS‬ة ح‪SS‬سنة إذا ل‪SS‬م تمن‪SS‬ع م‪SS‬ن خي‪SS‬ر ‪ ،‬م‪SS‬ن جماع‪SS‬ة واتب‪SS‬اع جن‪SS‬ازة وعي‪SS‬ادة‬
‫مريض‪ ،‬إال أنھا حال‪S‬ة الجبن‪S‬اء ‪ .‬فأم‪S‬ا ال‪S‬شجعان فھ‪S‬م يتعلم‪S‬ون ويعلم‪S‬ون ‪ .‬وھ‪S‬ذه‬
‫مقامات النبياء عليھم السالم( ‪.‬‬
‫إن الحاجة إلى الدعوة ماس‪S‬ة‪ ،‬ألن العق‪S‬ول ال ت‪S‬ستطيع وح‪S‬دھا إدراك م‪S‬صالحھا‬
‫التي تكفل لھا في ال‪S‬دنيا اآلخ‪S‬رة ‪ ،‬ألنھ‪S‬ا ال ُتھ‪S‬دى وح‪S‬دھا إل‪S‬ى تميي‪S‬ز الخي‪S‬ر م‪S‬ن‬
‫الشر ‪ ،‬فكثيرا ما يبدو لھا الشر في لباس الخير فتقع في‪S‬ه‪ ،‬وكثي‪S‬ر م‪S‬ا يظھ‪S‬ر لھ‪S‬ا‬
‫خي‪ٌ S‬ر َ ُ ْ‬
‫لك‪S‬م‬ ‫وھ‪S‬و َ ْ‬‫ش‪S‬يئا ً َ ُ َ‬ ‫أن َ ْ َ ُ‬
‫تكرھ‪S‬وا َ ْ‬ ‫وع‪S‬سى َ ْ‬
‫الخير في صور ال‪S‬شر فتع‪S‬رض عن‪S‬ه ) َ َ َ‬
‫تعلم‪S‬ون( )البق‪S‬رة‪(٢١٦:‬‬ ‫يعل‪S‬م َ َ ْ ُ ْ‬
‫وأن‪S‬تم ال َ ْ َ ُ َ‬ ‫وﷲُ َ ْ َ ُ‬ ‫لكم َ ﱠ‬ ‫شيئا ً َ ُ َ‬
‫وھو َشرﱞ َ ُ ْ‬ ‫تحبﱡوا َ ْ‬ ‫وعسى َ ْ‬
‫أن ُ ِ‬ ‫َ َ َ‬
‫فمھما توسعت أفھام اإلنسان ومداركه ومعارفه فإنه يبقى قاصرا محدودا وم‪S‬ن‬
‫ثم كان ال بد من الدعوة على أيدي الرسل وأتباعھم‪.‬‬
‫فإذا اتضح الھدف سرت في ھذه الحي‪S‬اة عل‪S‬ى ھ‪S‬دى وعن‪S‬دھا ب‪S‬ادر بعم‪S‬ل دؤوب‬
‫خ‪S‬ذ ْ ِ َ َ‬
‫الكت‪S‬اب‬ ‫يحي‪S‬ى ُ ِ‬ ‫في طموح وجدية وأخ‪S‬ذ بق‪S‬وة تست‪S‬شعر قول‪S‬ه ﷲ تع‪S‬الى ‪َ ) :‬ي‪S‬ا َ ْ َ‬
‫بقوة( )البقرة‪.(٦٣:‬‬ ‫آتيناكم ِ ُ ﱠ ٍ‬
‫خذوا َما َ ْ َ ُ ْ‬ ‫بقوة ً( )مريم‪ ،(١٢:‬وقوله‪ُ ُ ) :‬‬ ‫ُِﱠٍ‬
‫))خذوا ما أتيناكم بقوة ((‪.‬‬
‫إذا كان ما تنويه فعال مضارعا ً ‪ ..........‬أال فاجعله ماضيا بالجوازم‬
‫تني‪SSS‬ا فِ‪SSS‬ي ِ ْ ِ‬
‫ذك‪SSS‬ري(‬ ‫‪SS‬اتي َوال َ ِ َ‬‫‪SS‬وك ِبآي‪ِ S‬‬ ‫وأخ‪َ S‬‬ ‫أن‪SSS‬ت َ َ ُ‬
‫‪SS‬ب َ ْ َ‬
‫ف‪SSS‬ي ثب‪SSS‬ات وم‪SSS‬سارعة ) ْاذھَ‪ْ S‬‬
‫ورھب‪S‬ا ً َ َ‬
‫وك‪S‬انُوا‬ ‫رغب‪S‬ا ً َ َ َ‬ ‫يسارعون ِفي ْ َ ْ َ ِ‬
‫الخيرات َ َ ْ ُ َ َ‬
‫ويدعوننا َ َ‬ ‫كانوا ُ َ ِ ُ َ‬ ‫)طـه‪ ِ ) ،(٤٢:‬ﱠ ُ ْ‬
‫إنھم َ ُ‬
‫ف‪S‬إذا َ َ ْ َ‬
‫فرغ‪S‬ت‬ ‫خاش‪S‬عين( )االنبي‪S‬اء‪ ،(٩٠:‬ف‪S‬ي ت‪S‬درج وأن‪S‬اة واعت‪S‬دال ومداوم‪S‬ة ) َ ِ َ‬ ‫َ َلنا َ ِ ِ َ‬
‫فارغب( )الشرح‪ ،(٨-٧:‬في شجاعة وعدم تھيب وتردد‪.‬‬ ‫ربك َ ْ َ ْ‬ ‫وإلى َ ﱢ َ‬ ‫َ ْ َ ْ‬
‫فانصب * َ ِ َ‬
‫ومن يتھيب صعود الجبال ‪ ..........‬يعش أبد الدھر بين الحفر‬
‫ﷲِ َعلَ‪SSS‬ى بَ‪ٍ َ ِ S‬‬
‫‪SS‬صيرة‬ ‫‪SS‬بيلي َ ْ ُ‬
‫أدع‪SSS‬و ِإلَ‪SSS‬ى ﱠ‬ ‫‪SS‬ذه َس‪ِ ِ S‬‬ ‫‪SS‬ل ھَ‪ِ ِ S‬‬‫ف‪SSS‬ي ب‪SSS‬صيرة وفرق‪SSS‬ان بإتق‪SSS‬ان )قُ‪ْ S‬‬
‫‪SS‬ر(‪ ،‬ف‪SSS‬ي عزيم‪SSS‬ة‬ ‫‪SS‬اورھم فِ‪SSS‬ي ْ َ ْ‬
‫األم‪ِ S‬‬ ‫وش‪ْ ُ ْ ِ S‬‬ ‫()يوس‪SSS‬ف‪ ،(١٠٨:‬ف‪SSS‬ي است‪SSS‬شارة ح‪SSS‬ازم ) َ َ‬
‫عل‪S‬ى‬ ‫عزم‪S‬ت َ َ َ ﱠ ْ‬
‫فتوك‪S‬ل َ َ‬ ‫ف‪S‬إذا َ َ ْ َ‬ ‫وتصميم مع وتوكل دون تسفيه رأي أو إنقاص قدر ) َ ِ َ‬
‫ﷲِ()آل عمران‪(١٥٩:‬‬ ‫ﱠ‬
‫إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة ‪ .........‬فإن فساد الرأي أن تترددا‬
‫إذا كنت ذا عزم فأنفذه عاجال ‪ ..........‬فإن فساد العزم أن يتقيدا‬
‫إذا ھممت فبادر‪ ،‬وإذا عزم‪S‬ت فث‪S‬ابر‪ ،‬واعل‪S‬م أن‪S‬ه ال ي‪S‬درك المف‪S‬اخر م‪S‬ن رض‪S‬ي‬
‫بالصف اآلخر ‪ .‬م‪S‬ا ك‪S‬ل م‪S‬ن طل‪S‬ب المع‪S‬الي ناف‪S‬ذا ‪ .........‬فيھ‪S‬ا وال ك‪S‬ل الرج‪S‬ال‬
‫فحول‬
‫وعلى الطريق تضع لك حاديين مرعبين حافزين‪.‬‬
‫ص‪S‬الحا ً َ َ َ‬
‫وق‪S‬ال‬ ‫وعم‪S‬ل َ ِ‬ ‫ﷲِ َ َ ِ َ‬ ‫دع‪S‬ا ِ َإل‪S‬ى ﱠ‬ ‫مم‪S‬ن َ َ‬ ‫ق‪S‬والً ِ ﱠ ْ‬ ‫وم‪S‬ن َ ْ َ ُ‬
‫أح‪S‬سن َ ْ‬ ‫أحدھما ‪ :‬قول ﷲ ‪ْ َ َ ) :‬‬
‫المسلمين( )فصلت‪.(٣٣:‬‬ ‫من ْ ُ ْ ِ ِ َ‬ ‫إنني ِ َ‬‫ِﱠِ‬
‫وثانيھما ‪ :‬قول رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم كم‪S‬ا ف‪S‬ي ص‪S‬حيح م‪S‬سلم ح‪S‬ديث‬
‫أبي ھريرة رضي ﷲ عنه ‪)) :‬من دعى إلى ھدى كان له من األجر مثل أجور‬
‫من تبعه ال ينقص ذلك من أجورھم شيئا((‪.‬‬
‫إن ھدى الرحمن شخصا واحد ‪ ........‬بك خير لك من بحر درر‬
‫وھو خير لك عند ﷲ من ‪ .............‬ما بدا للشمس أو نور القمر‬
‫))ألن يھدي ﷲ بك رجالً واحداً خير لك من حمر النعم (( متفق عليه‪.‬‬
‫فإن لم ينف‪S‬ع الحادي‪S‬ان‪ ،‬فعل‪S‬ى الطري‪S‬ق وعي‪S‬دان مح‪S‬ذران لھ‪S‬ا أن تثي‪S‬ر ف‪S‬ي نف‪S‬سك‬
‫الشعور بخطر الفتوروالتھاون والكتمان ‪.‬‬
‫أحدھما ‪ :‬ما اخرجه البخاري ومسلم – رحمھما ﷲ – ع‪S‬ن اب‪S‬ي ھري‪S‬رة رض‪S‬ي‬
‫ﷲ عنه أنه قال‪)) :‬إن الناس يقولون أكثر أبو ھريرة ولوال آيت‪S‬ان ف‪S‬ي كت‪S‬اب ﷲ‬
‫من َ ْ ِ‬
‫بعد‬ ‫البينات َ ْ ُ َ‬
‫والھدى ِ ْ‬ ‫من ْ َ ﱢ َ ِ‬ ‫يكتمون َما َ ْ َ ْ َ‬
‫أنزلنا ِ َ‬ ‫الذين َ ْ ُ ُ َ‬ ‫إن ﱠ ِ َ‬ ‫ما حدثت حديثا‪ .‬ثم تال ) ِ ﱠ‬
‫الالعنون( ‪ ،‬وتال ) ِ ﱠإال ﱠ ِ َ‬
‫الذين‬ ‫ويلعنھم ﱠ ِ ُ َ‬ ‫ﷲُ َ َ ْ َ ُ ُ ُ‬ ‫يلعنھم ﱠ‬ ‫الكتاب ُ َ ِ َ‬
‫أولئك َ ْ َ ُ ُ ُ‬ ‫للناس ِفي ْ ِ َ ِ‬ ‫َما بَي ﱠﱠناهُ ِ ﱠ ِ‬
‫ﱠحيم( (( )البق‪SS‬رة‪:‬‬ ‫‪S‬واب ال‪S‬ر ِ ُ‬ ‫وأنَ‪SS‬ا التﱠ‪ S‬ﱠ ُ‬ ‫‪S‬يھم َ َ‬
‫‪S‬وب َعلَ‪ْ ِ ْ S‬‬ ‫‪S‬ك َأتُ‪ُ S‬‬ ‫‪S‬لحوا َوبَيﱠنُ‪SS‬وا َ ُ َ‬
‫فأولئِ‪َ S‬‬ ‫‪S‬ابوا َ َ ْ‬
‫وأص‪ُ َ S‬‬ ‫تَ‪ُ S‬‬
‫‪(١٦٠-١٥٩‬‬
‫وثانيھما ‪ :‬ما ثبت ع‪S‬ن النب‪S‬ي ص‪S‬لى ﷲ علي‪S‬ه وس‪S‬لم أن‪S‬ه ق‪S‬ال ‪)) :‬م‪S‬ن ك‪S‬تم علم‪S‬ا‬
‫ينتفع ب‪S‬ه ج‪S‬اء ي‪S‬وم القيام‪S‬ة ملجم‪S‬ا بلج‪S‬ام م‪S‬ن ن‪S‬ار ((‪ .‬ورواه أب‪S‬و داود ف‪S‬ي كت‪S‬اب‬
‫العلم والترميذي بلفظ‪ )) :‬من سئل عن علم فكتمه ألجمه ﷲ بلجام م‪S‬ن ن‪S‬ار ي‪S‬وم‬
‫القيامة(( قال الترميذي حديث حسن صحيح‪.‬‬
‫فھل يجوز سكوت ‪ ........‬أو يستساغ النمير‬
‫الخطب خطب عظيم ‪ ......‬واألمر أمر خطير‬
‫ف‪SS‬إن ل‪SS‬م يح‪SS‬رك في‪SS‬ك الوع‪SS‬د وال الوعي‪SS‬د ‪ ،‬وال الترغي‪SS‬ب وال الترھي‪SS‬ب‪ ،‬إذ تبل‪SS‬د‬
‫اإلح‪SS‬ساس ف‪SS‬ال م‪SS‬ساس‪ ،‬فق‪S‬ف عل‪SS‬ى أخب‪SS‬ار أھ‪SS‬ل األھ‪SS‬داف‪ ،‬عل‪SS‬ك أن ت‪SS‬شتبه بھ‪SS‬م‪،‬‬
‫فيثور فيك الحماس على أساس‪.‬‬
‫) في مؤتة خؤج جيش رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم وعليه زيد وجعفر وابن‬
‫رواح‪SS‬ة رض‪SS‬ي ﷲ ع‪SS‬ن الجمي‪SS‬ع‪ ،‬ھ‪SS‬دفھم ‪) :‬إن ھ‪SS‬ي إال إح‪SS‬دى الح‪SS‬سنيين‪ ،‬إم‪SS‬ا‬
‫الن‪SS‬صر أو ال‪SS‬شھادة ف‪SS‬ي س‪SS‬بيل ﷲ ( فلم‪SS‬ا ودعھ‪SS‬م الم‪SS‬سلمون ق‪SS‬الوا‪ :‬ص‪SS‬حبكم ﷲ‬
‫بالسالمة ودفع عنكم وردكم إلينا صالحين‪ .‬فقام عبد ﷲ بن رواحة وقال ‪:‬‬
‫لكنني أسأل الرحمن مغفرة ‪ .........‬وضربة ذات فرع تقذف الزبدا‬
‫أو طعنة بيد حران مجھزة ‪ .........‬بحربة تنفذ األحشاء والكبد‬
‫حتى يقال إذا مراوا على جدثي ‪ .....‬يا أرشد ﷲ من غاز وقد رشدا‬
‫ولم‪SS‬ا رأى الم‪SS‬سلمون جم‪SS‬وع ال‪SS‬روم – الجم‪SS‬وع الكبي‪SS‬رة – نظ‪SS‬روا ف‪SS‬ي أم‪SS‬رھم‬
‫وقالوا ‪ :‬نكتب إلى رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم نخبره بعدد عدونا‪ ،‬فقام إب‪S‬ن‬
‫رواحة فق‪S‬ال ‪ :‬وﷲ إن الت‪S‬ي تكرھ‪S‬ون للت‪S‬ي خ‪S‬رجتم تطلب‪S‬ون‪ ،‬وم‪S‬ا نقات‪S‬ل الن‪S‬اس‬
‫بعدد وال عدة إنم‪S‬ا نق‪S‬اتلھم بھ‪S‬ذا ال‪S‬دين ال‪S‬ذي أكرمن‪S‬ا ﷲ ب‪S‬ه‪ ،‬ف‪S‬انطلقوا فإنم‪S‬ا ھ‪S‬ي‬
‫إحدى الحسنيين إما ظھور وإما الشھادة ‪.‬‬
‫تلذ له المروءة وھي تؤذي ‪ ........‬ومن يعشق يلذ له الغرام‬
‫فقاتل القوم وعليھم زيد‪ ،‬فلم يزل يقاتل حتى شاط في رماح القوم وخر صريعا‬
‫رض‪S‬ي ﷲ عن‪SS‬ه وأرض‪S‬اه ‪ .‬أخ‪SS‬ذ الراي‪S‬ة جعف‪SS‬ر فقات‪S‬ل بھ‪SS‬ا حت‪S‬ى إذا أرھق‪SS‬ه القت‪SS‬ال‬
‫اقتحم عن فرسه فعقرھا لئال ينتفع بھا العدو‪ ،‬ثم قاتل وھو يقول ‪:‬‬
‫يا حبذا الجنة واقترابھا ‪ ........‬طيبة وبارد شرابھا‬
‫والروم روم قد دنا عذابھا ‪ .....‬كافرة بعيدة أنسابھا‬
‫علي إذا القيتھا ضرابھا‬‫ّ‬
‫فقطعت يمينة‪ ،‬فأخذ الراية بيساره‪ ،‬فقطعت فاحتضن الراية حتى قتل كاألس‪S‬د ‪.‬‬
‫رحمة ﷲ على ذاك الجسد‪ .‬ثم أخذھاإبن رواح‪S‬ة كاللي‪S‬ث‪ ،‬ونالت‪S‬ه الج‪S‬راح ‪-‬وأي‬
‫جراح‪ -‬فحاله‪:‬‬
‫ھل أنت إال إصبع دميت ‪ .........‬وفي سبيل ﷲ ما لقيت‬
‫يا نفس أإال تقتلي تموتي ‪ .........‬ھذا حياض الموت قد صليت‬
‫وما تمنيت فقد لقيت ‪ ............‬إن تفعلي فعلھما ھديت‬
‫وإن تأخرت فقد شقيت‬
‫)ثم قاتل ثابتا رض‪S‬ي ﷲ عن‪S‬ه وأرض‪S‬اه حت‪S‬ى قت‪S‬ل‪ ،‬فأخ‪S‬ذ الراي‪S‬ة س‪S‬يف ﷲ خال‪S‬د‬
‫ففتح ﷲ على يديه (‪.‬‬
‫أخرج‪SS‬وا ال‪SS‬دنيا م‪SS‬ن قل‪SS‬وبھم‪ ،‬وقطع‪SS‬وا أس‪SS‬باب التعل‪SS‬ق بھ‪SS‬ا ع‪SS‬ن أنف‪SS‬سھم‪ ،‬فك‪SS‬ان‬
‫اإلقتحام‪ ،‬وكانت الشھادة وكان الفوز بالجنة‪ ،‬وھكذا أمر العاقل اللبيب‪ ،‬ال يبيع‬
‫الي‪SS‬اقوت بالح‪SS‬صى‪ ،‬وال ي‪SS‬رى لنف‪SS‬سه ثمن‪SS‬ا إال الجن‪SS‬ة‪ ،‬الطري‪SS‬ق ش‪SS‬اق وتك‪SS‬اليف‬
‫وعوائق‪ ،‬فمن ل‪S‬م يجم‪S‬ع ھمت‪S‬ه‪ ،‬ويعل‪S‬ي إدارت‪S‬ه‪ ،‬ويق‪S‬وي عزيمت‪S‬ه‪ ،‬ويتخف‪S‬ف م‪S‬ن‬
‫دنياه فلن يستطيع بلوغ أھدافه وغايته ‪.‬‬
‫ومن تكن العلياء ھمة نفسه ‪ ............‬فكل الذي يلقاه فيھا محبب‬
‫ولم يتأخر من أراد تقدما ‪ ..............‬ولم يتقدم من أراد تأخرا‬
‫ويذكر الذھبي في سيريه‪ ) :‬أن نور الدين الشھيد لما ن‪S‬زل دمي‪S‬اط بق‪S‬ي ع‪S‬شرين‬
‫يوم‪SS‬ا ص‪SS‬ائما ال يفط‪SS‬ر إال عل‪SS‬ى الم‪SS‬اء‪ ،‬ف‪SS‬ضعف وك‪SS‬اد يتل‪SS‬ف‪ ،‬ولم‪SS‬ا التق‪SS‬ى الع‪SS‬دو‬
‫وخ‪SS‬اف عل‪SS‬ى اإلس‪SS‬الم‪ ،‬انف‪SS‬رد ف‪SS‬ي ناحي‪SS‬ة م‪SS‬ن الج‪SS‬يش وم‪SS‬رغ وجھ‪SS‬ه ف‪SS‬ي الت‪SS‬راب‬
‫وقال يا رب‪ ،‬من نور الدين؟ الدين دينك والجند جن‪S‬دك وافع‪S‬ل ي‪S‬ا رب م‪S‬ا يلي‪S‬ق‬
‫بكرمك فنصره ﷲ نصرا مؤزورا(‪.‬‬
‫كان ذا ھمة عالية‪ ،‬كان ھدفه وھاجسه فتح بيت المقدس وتطھيره من الصليب‪.‬‬
‫قام ف‪S‬ي حل‪S‬ب بعم‪S‬ل منب‪S‬ر عظ‪S‬يم لين‪S‬صبه ف‪S‬ي بي‪S‬ت المق‪S‬دس حينم‪S‬ا يفتح‪S‬ه وك‪S‬ان‬
‫الناس يسخرون منه يوم يم‪S‬رون علي‪S‬ه وھ‪S‬و يفع‪S‬ل ذل‪S‬ك فل‪S‬م يلتف‪S‬ت إل‪S‬يھم وحال‪S‬ه‬
‫م‪S‬ألٌ ِ ْ‬
‫م‪S‬ن‬ ‫وكلم‪S‬ا َم‪ S‬ﱠر َ َ ْ ِ‬
‫علي‪S‬ه َ َ‬ ‫وي‪S‬صنع ْ ُ ْ َ‬
‫الفل‪S‬ك َ ُ ﱠ َ‬ ‫كحال نبي ﷲ ن‪S‬وح ي‪S‬وم ي‪S‬صنع الفل‪S‬ك ) َ َ ْ َ ُ‬
‫‪S‬خروا )ھ‪SS‬ود‪ ،(٣٨:‬ك‪SS‬ان يري‪SS‬د ب‪SS‬ذلك المنب‪SS‬ر ب‪SS‬ث ال‪SS‬روح‪ ،‬وبع‪SS‬ث الھم‪SS‬م‪،‬‬ ‫َْ ِ‬
‫قوم‪Sِ S‬ه َس‪ُ ِ S‬‬
‫وتبديد اليأس المخيم على القلوب‪ ،‬ولقد حقق ﷲ له أمنيته‪ ،‬وفتح بي‪S‬ت المق‪S‬دس‪،‬‬
‫ونصب له منبره بعد وفات‪S‬ه‪ ،‬ن‪S‬صب عل‪S‬ى ي‪S‬دي تلمي‪S‬ذه ص‪S‬الح ال‪S‬دين وك‪S‬ان ب‪S‬ين‬
‫عمل المنبر وحمله ما يزيد على عشرين سنة ‪ .‬والسيف يبلغ ما ال يبلغ الكلم ‪.‬‬
‫ھذي الغرائز ال ما تدعي القضب ‪ .........‬ھذي المكارم ال ما قالت الكتب‬
‫وھذه الھمم الالتي متى خطبت ‪ ............‬تعثرت خلفھا األشعار والخطب‬
‫والصارم الغضب الذي فتح الورى ‪ .......‬ما زال في يد أھله مسلوال‬
‫إن ل‪SS‬م يح‪SS‬رك في‪SS‬ك الوق‪SS‬وف عل‪SS‬ى س‪SS‬ير أص‪SS‬حاب الھم‪SS‬م ال‪SS‬سامية س‪SS‬اكنا‪ ،‬إذا ق‪SS‬د‬
‫صرت جلمودا ساكنا‪ ،‬فانظر إلى أھل الدنيا في دنياھم‪ ،‬وخذ منھم حافزا لذلك‪،‬‬
‫كيف يكدحون ليلھم ونھارھم في تع‪S‬املھم م‪S‬ع ال‪S‬درھم وال‪S‬دينار؟ أف‪S‬ال حي‪S‬اء م‪S‬ن‬
‫ﷲ أن يكون ھؤالء أعظ‪S‬م تجل‪S‬دا من‪S‬ك وان‪S‬ت تتعام‪S‬ل م‪S‬ع ﷲ الكبي‪S‬ر المتع‪S‬ال ث‪S‬م‬
‫تتقاعس ‪.‬‬
‫إذا فقد اإلنسان صدق انتمائه ‪ ........‬وأضحى بال قلب فليس بإنسان‬
‫أعمى أصم عن الحقيقة أبكم ‪ .........‬بالنوم في الفرش الوثيرة تغرم‬
‫والصمت كھفك والظالم مخيم‬
‫تدعى ولكن الذي يدعى سھا ‪ .........‬أمسى على ماء التخاذل يھرم‬
‫من أنت يا ھذا أمالك في الورى‪ ......‬عقل يفكر في األمور فيحسم‬
‫إني ألرجوا أن أراك مزمجرا ‪ .......‬انا مؤمن بمبادئي أنا مسلم‬
‫قد قمت أرقى في مدارج عزتي ‪ ......‬علمي دليلي والعزيمة سلم‬
‫ذھب الرقاد فحدثي يا ھمتي ‪ .........‬إن العقيدة قوة ال تھزم‬
‫لغة البطولة من خصائص أمتي ‪ .....‬عنا رواھا اآلخرون وترجموا‬
‫من ذلك الوقت الذي انتفضت به ‪ .....‬بطحاء مكة والحطيم وزمزم‬
‫منذ التقى جبريل فوق ربوعھا ‪ .......‬بمحمــد يتلو له ويعلـم‬
‫فال تستشر غير العزيمة في العال ‪ ....‬فليس سواھا ناصح ومشير‬
‫فإن لم يحرك فيك أھل الدنيا وكدحھم في دنياھم ش‪S‬يء ف‪S‬انظر إل‪S‬ى الكف‪S‬ار‪ ،‬إل‪S‬ى‬
‫حطب جھنم كيف يلھثون وراء أھدافھم المؤقتة‪ ،‬ويتفانون لھا مع أن‪S‬ه ال عقب‪S‬ى‬
‫لھا‪:،‬‬
‫ھاھو مخترع الكھرباء يترك المدرس‪S‬ة بع‪S‬د أن وص‪S‬فه معلم‪S‬ه بأن‪S‬ه ل‪S‬يس مؤھ‪S‬ل‬
‫لالس‪SS‬تمرار ف‪SS‬ي المدرس‪SS‬ة‪ ،‬وت‪SS‬ذھب أم‪SS‬ه إل‪SS‬ى المدرس‪SS‬ة متألم‪SS‬ة لمواجھ‪SS‬ة معلم‪SS‬ه‬
‫لتقول له‪ :‬إنك ال تعرف معنى ما تقول‪ ،‬وك‪S‬ل الم‪S‬شكلة أن إبن‪S‬ي أذك‪S‬ى من‪S‬ك‪ ،‬ث‪S‬م‬
‫أخذته وعلمته في بيتھا حتى أعطته من عل‪S‬وم ال‪S‬دنيا وعل‪S‬وم الم‪S‬ادة م‪S‬ا ي‪S‬ستطيع‬
‫أن يستمر به‪ ،‬فلم يفل عزمه مع طرده من المدرسة بل تراه يثابر ويكافح ويبدأ‬
‫ف‪SS‬ي تجارب‪SS‬ه ) ليخت‪SS‬رع الم‪SS‬صباح الكھرب‪SS‬ائي بع‪SS‬د ت‪SS‬سعة أالف تجرب‪SS‬ة (‪ ،‬بعم‪SS‬ل‬
‫يتراوح بين ثمان عشر ساعة وعشرين ساعة في اليوم‪ ،‬في جلد عجيب ‪ ،‬ثم لم‬
‫يتوق‪S‬ف بع‪SS‬دھا ب‪S‬ل أن النج‪SS‬اح – كم‪S‬ا قي‪SS‬ل‪ -‬يج‪SS‬ر إل‪S‬ى النج‪SS‬اح فينطل‪S‬ق بع‪SS‬د ع‪SS‬شر‬
‫سنوات في البحث والجھد في تجارب بلغت خمسين ألف تجرب‪S‬ة‪ ،‬بتكلف‪S‬ة ثالث‪S‬ة‬
‫مالي‪SS‬ين دوالر ليخت‪SS‬رع بطاري‪SS‬ة ال‪SS‬سيارات وأجھ‪SS‬زة اإلش‪SS‬ارة ف‪SS‬ي س‪SS‬كك الحدي‪SS‬د‬
‫وإضاءة الغواصات‪ ،‬وي‪S‬سأل مت‪S‬ى اإلج‪S‬ازة ي‪S‬ا أدي‪S‬سون ؟ ق‪S‬ال‪ :‬ف‪S‬ي الي‪S‬وم ا ل‪S‬ذي‬
‫يسبق جنازتي‪.‬‬
‫ھل استفاد أديسون من إضاءة المصابيح واختراع البطارية؟ ھل استفاد فائ‪S‬دة؟‬
‫نعم! استفاد شھرة واستفاد ماال ‪ ،‬لكنھا مؤقتة تزول وتنتھي‪ ،‬ال تنفعه عن‪S‬د ﷲ‪،‬‬
‫‪S‬وم ال‪ S‬ﱢ ِ‬
‫‪S‬دين(‬ ‫‪S‬ر لِ‪SS‬ي َ ِ َ‬
‫خطيئتِ‪SS‬ي يَ‪َ ْ S‬‬ ‫يغفِ‪َ S‬‬ ‫‪S‬ع َ ْ‬
‫أن َ ْ‬ ‫ألن‪SS‬ه ل‪SS‬م يق‪SS‬ل ي‪SS‬وم م‪SS‬ن األي‪SS‬ام‪َ ) :‬والﱠ‪Sِ S‬ذي َ ْ َ‬
‫أطم‪ُ S‬‬
‫منثُ‪SSS‬وراً(‬
‫‪SS‬اء َ ْ‬ ‫عم‪ٍ SSS‬ل َ َ َ ْ‬
‫فجعلنَ‪SSS‬اهُ َھبَ‪ً S‬‬ ‫عملُ‪SSS‬وا ِم‪ْ S‬‬
‫‪SS‬ن َ َ‬ ‫‪SS‬دمنا ِإلَ‪SSS‬ى َم‪SSS‬ا َ ِ‬
‫)ال‪SSS‬شعراء‪َ ) ،(٨٢:‬وقَ‪َ ْ ِ S‬‬
‫)الفرقان‪ ،(٢٣:‬أف‪S‬ال حي‪S‬اء م‪S‬ن ﷲ أن يك‪S‬ون ك‪S‬افر مث‪S‬ل ھ‪S‬ذا أش‪S‬د تجل‪S‬دا ألھداف‪S‬ه‬
‫المؤقتة الوضيعة من مؤمن يؤمن با‪ Z‬والدار اآلخرة؟ خيبة وخسارة وخذالن‪.‬‬
‫أدنى الفوارس من يغير لمغنم ‪ ..........‬فاجعل مغارك لمكارم تكرم‬
‫أيھا المؤمنون ال تتوانوا ‪ ...............‬فالتواني وسيلة للتباب‬
‫فإذا المصلحون في القوم ناموا ‪ ........‬نھضت بينھم جيوش الخراب‬
‫فإن كنت مع ھذا كله لم تتحرك‪ ،‬إذ أنك ثمل الھمة‪ ،‬مقعد العزيمة‪ ،‬بليد ال‪S‬ذھن‪،‬‬
‫يحق علي‪S‬ك ق‪S‬ول القائ‪S‬ل‪ :‬يخبرن‪S‬ي الب‪S‬واب أن‪S‬ك ن‪S‬ائم ‪ ........‬وأن‪S‬ت إذا اس‪S‬تيقظت‬
‫أيضا فنائم‬
‫لم يحرك فيك ما مضى ساكنا‪ ،‬فال تبرر قعودك‪ ،‬وال تب‪S‬رر ض‪S‬عفك‪ ،‬وال تب‪S‬رر‬
‫خورك‪ ،‬فإن ذلك أقبح من ضعفك وأش‪S‬نع م‪S‬ن خ‪S‬ورك وقع‪S‬ودك‪ ،‬ولك‪S‬ن س‪S‬ل ﷲ‬
‫أن يرفع ما بك فھو خير لك ‪.‬‬
‫يجل‪SS‬س بع‪SS‬ض المتخ‪SS‬اذلين ع‪SS‬ن تبلي‪SS‬غ دي‪SS‬ن ﷲ ون‪SS‬شره ش‪SS‬بعان ري‪SS‬ان متكئ‪SS‬ا عل‪SS‬ى‬
‫أريكته حتى إذا ما طلب منه نصرة دينة ولو بكلمة أو كلف بأبسط مھمة لخدمة‬
‫دينه انبرى يتھرب م‪S‬ن الم‪S‬سؤولية وي‪S‬ورد ل‪S‬ك األدل‪S‬ة ال‪S‬صحيحة عل‪S‬ى أن واق‪S‬ع‬
‫المسلمين سيكون ضعيفا وسيئا في المستقبل وال ب‪S‬د م‪S‬ن العزل‪S‬ة‪ ،‬فيوقعھ‪S‬ا عل‪S‬ى‬
‫حاله فإذا به ينبري ويقول‪ :‬إن رسول ﷲ ص‪S‬لى ال‪S‬ه علي‪S‬ه وس‪S‬لم ق‪S‬ال‪)) :‬يوش‪S‬ك‬
‫ان يكون خير مال المرء المسلم غنم يتتب‪S‬ع بھ‪S‬ا ش‪S‬عف الجب‪S‬ال ومواض‪S‬ع القط‪S‬ر‬
‫يفر بدينة من الفتن((‪ .‬ويقول صلى ﷲ عليه وسلم ‪)) :‬ال يأتي عل‪S‬يكم زم‪S‬ان إال‬
‫والذي بعده أشر منه حتى تلقوا ربكم((‪.‬‬
‫وھكذا دواليك ‪ .‬يبرر قع‪S‬وده وال يعم‪S‬ل بمقت‪S‬ضى الح‪S‬ديث ال‪S‬ذي ال ينطب‪S‬ق عل‪S‬ى‬
‫زمان‪SS‬ه حق‪SS‬ا‪ ،‬ول‪SS‬م يفھم‪SS‬ه ف‪SS‬ي ض‪SS‬وء الن‪SS‬صوص األخ‪SS‬رى‪ ،‬ف‪SS‬اول م‪SS‬ا يجن‪SS‬ى علي‪SS‬ه‬
‫اجتھاده‪ .‬تع‪S‬ود نق‪S‬ض الع‪S‬زائم فحي‪S‬ل بي‪S‬نھم وب‪S‬ين الغن‪S‬ائم ويجل‪S‬س اآلخ‪S‬ر ش‪S‬بعان‬
‫ري‪SS‬ان متكئ‪SS‬ا عل‪SS‬ى أريكت‪SS‬ه حت‪SS‬ى إذا م‪SS‬ا عاتبت‪SS‬ه ف‪SS‬ي التخ‪SS‬اذل ع‪SS‬ن تبلي‪SS‬غ دي‪SS‬ن ﷲ‬
‫واس‪SS‬تغراقه ف‪SS‬ي اللھ‪SS‬و والت‪SS‬رف‪ ،‬انطل‪SS‬ق ف‪SS‬ي القذيف‪SS‬ة م‪SS‬ردداً‪)) :‬ياحنظل‪SS‬ة س‪SS‬اعة‬
‫وساعة(( وكأنه ال يعرف من كت‪S‬اب ﷲ وس‪S‬نة نبي‪S‬ه ص‪S‬لى ﷲ علي‪S‬ه وس‪S‬لم غي‪S‬ر‬
‫ھذا‪.‬‬
‫إن لم تقم بالعبء أنت ‪ ......‬فمن يقوم به إذن‬
‫إن الذين ال تغلي دمائھم وال تلتھب نفوسھم وال تھتز مشاعرھم لخدمة ھذا‬
‫الدين ال يعقد عليھم أمل‪ ،‬وال يناط بھم رجاء أموات غير احياء والميت ال‬
‫يذكر‪،‬‬‫يحس باألوجاع وما يشعرون أيان يبعثون ‪ .‬إن النائم يوقظ‪ ،‬والغافل ّ‬
‫والذي ال يجدي فيه التذكير وال التنبيه فھو ميت وإنما تنفع الموعظة من أقبل‬
‫ينيب( )غافر‪(١٣:‬‬ ‫يتذكر ِ ﱠإال َ ْ‬
‫من ُ ِ ُ‬ ‫وما َ َ َ ﱠ ُ‬
‫عليھا بقلبله ً( َ َ‬

‫*****‬

‫الرابعة‬ ‫إنما عليك الجھد‬ ‫ااإلشارة‬


‫افع‪S‬ل وس‪SS‬عك وطاقت‪SS‬ك‪ ،‬وم‪SS‬ا ت‪SS‬ستطيع ال‪SS‬دوام علي‪SS‬ه ل‪SS‬ئال تنقط‪SS‬ع ف‪SS‬ي الطري‪SS‬ق وال‬
‫يكلف ﷲ نفسا إال وسعھا‪ .‬وإذا صلحت المقاصد لم يخب القاصد‪.‬‬
‫على المرء أن يسعى إلى الخير جاھدا ‪ ..........‬وليس عليه أن تتم المقاصد‬

‫*****‬

‫الخامسة‬ ‫وتعاونوا على البر والتقوى‬ ‫ااإلشارة‬

‫المؤمن‪SS‬ون جماع‪SS‬ة واح‪SS‬دة‪ ،‬وي‪SS‬د واح‪SS‬دة‪ ،‬وج‪SS‬سم واح‪SS‬د‪ ،‬وبني‪SS‬ان واح‪SS‬د‪ ،‬والجمي‪SS‬ع‬
‫مسؤولون عن تبليغ دين ﷲ على سبيل التعاون والتآزر والتضامن م‪S‬ع ال‪S‬سعي‬
‫الجاد إل‪S‬ى تغيي‪S‬ر واق‪S‬ع األم‪S‬ة ونقلھ‪S‬ا م‪S‬ن مج‪S‬رد اإلح‪S‬ساس إل‪S‬ى ال‪S‬وعي بأس‪S‬باب‬
‫الواقع والطريق إلى إخراجھا من ذل‪S‬ك الواق‪S‬ع‪ ،‬التع‪S‬اون م‪S‬ن اج‪S‬ل تمك‪S‬ين م‪S‬نھج‬
‫ﷲ جل وعال في األرض قاطبة مطلب وضرورة‪ ،‬تجعل كل ف‪S‬رد ي‪S‬ضاف إل‪S‬ى‬
‫اآلخر ثم تستثمر كافة العقول والسواعد والدقائق‪)) ،‬والمؤمن للمؤمن كالبني‪S‬ان‬
‫ي‪SS‬شد بع‪SS‬ضه بع‪SS‬ضا ً(( وك‪SS‬ل ي‪SS‬ستفيد م‪SS‬ن اآلخ‪SS‬ر‪ ،‬إذا ع‪SS‬ن بح‪SS‬ر ال يج‪SS‬وز الت‪SS‬يمم‪،‬‬
‫والخيط الواھي إذا انضم إليه مثله أصبح حبال متينا يجر األثقال ‪.‬‬
‫ذكر صاحب )مواقف إيمانية( أنه في حج ‪١٣٩٥‬ھـ رأى آالف الحجاج منظرا‬
‫يثي‪S‬ر الم‪SS‬شاعر وي‪SS‬ستجيش الم‪SS‬دامع‪ ،‬ش‪SS‬اھدوا ح‪S‬اجين أح‪SS‬دھما أعم‪SS‬ى ق‪SS‬ادر عل‪SS‬ى‬
‫الم‪SS‬شي‪ ،‬والث‪SS‬اني م‪SS‬شلول ب‪SS‬صير العن‪SS‬ين ‪ ،‬أراد األعم‪SS‬ى ان ي‪SS‬ستفيد م‪SS‬ن ب‪SS‬صر‬
‫المشلول‪ ،‬وأراد المشلول أن يستفيد من حركة األعمى‪ ،‬فاتفق الحاجان على أن‬
‫يحم‪SS‬ل األعم‪SS‬ى الم‪SS‬شلول فالحرك‪SS‬ة م‪SS‬ن األعم‪SS‬ى والتوجي‪SS‬ه م‪SS‬ن الم‪SS‬شلول‪ ،‬وقام‪SS‬ا‬
‫بتأدية المناسك على مشقة وجھد يعلمھا ﷲ فاألمر ليس ھين‪S‬ا وكلك‪S‬م يعل‪S‬م؛ عن‪S‬د‬
‫الطواف زحام‪ ،‬وعند السعي زحام‪ ،‬وعند رمي الجمار زح‪S‬ام‪ ،‬وف‪S‬ي ك‪S‬ل مك‪S‬ان‬
‫زح‪SS‬ام‪ ،‬لك‪SS‬ن العزيم‪SS‬ة ال‪SS‬صادقة‪ ،‬والثق‪SS‬ة ب‪SS‬ا‪ Z‬عظيم‪SS‬ة‪ ،‬ورج‪SS‬اء م‪SS‬ا عن‪SS‬ده ين‪SS‬سى‬
‫المتاعب والمكاره والمشقة(‪ ،‬أدوا فريضتھم ضاربين أروع المثلة في التع‪S‬اون‬
‫واإلستفادة من الطاقات‪ ،‬ھذا كله في تعاون اثنين فكيف لو تظافرت جھود ام‪S‬ة‬
‫بطاقاتھا ومواھبھا‪ ،‬وإمكاناتھا في خدم‪S‬ة دينھ‪S‬ا‪ ،‬كي‪S‬ف يك‪S‬ون األم‪S‬ر ال ش‪S‬ك ان‪S‬ه‬
‫سيكون‪ :‬كالبحر يقذف للقريب جواھرا ‪ .......‬جوداً ويبعث للبعيد سحائبا‬
‫إن التعاون طريق إلى البناء والنجاح‪ ،‬ونظرة يلقيھا المرء على خل‪S‬ق ﷲ تؤك‪S‬د‬
‫ھذا األمر )أمة النحل أمة عجيبة‪ ،‬طائفة من أمة تبني البيوت‪ ،‬وطائفة تنظفھا‪،‬‬
‫وطائفة تحرسھا وتحميھا‪ ،‬وطائفة تدل على مواضع األزھار‪ ،‬وطائف‪S‬ة تم‪S‬تص‬
‫األرض َوال َ ِ ٍ‬
‫ط‪S‬ائر‬ ‫م‪S‬ن َدابﱠ ٍ‪S‬ة ِف‪S‬ي ْ َ ْ ِ‬
‫وم‪S‬ا ِ ْ‬
‫الرحيق لتأتي به وتخرج العسل اللذي‪S‬ذ ) ( َ َ‬
‫أمثالكم( )األنعام‪(٣٨:‬‬ ‫بجناحيه ِ ﱠإال ُ َ ٌ‬
‫أمم َ ْ َ ُ ُ ْ‬ ‫يطير ِ َ َ َ ْ ِ‬
‫َ ِ ُ‬
‫والنمل تبني قراھا من تماسكھا ‪ .......‬والنحل يجني رحيق الزھر أعوانا‬
‫إن يدا واحدة ال ت‪S‬صفق ‪-‬كماقي‪S‬ل‪ -‬حت‪S‬ى إذا ل‪S‬م يب‪S‬ق إال تل‪S‬ك الي‪S‬د أدت م‪S‬ا عليھ‪S‬ا‬
‫غير ملومة وحالھا ‪:‬‬
‫إذا عز في قومي المسعفون ‪ ..........‬فإنك يا خالقي مسعفي‬
‫فما أنا بالمستسيغ القعود ‪ .............‬وال أنا بالشارد المسرف‬
‫يقول السيد محمد نوح‪) :‬رغيف الخبز على صغر حجمه ال يصل إلى اإلن‪S‬سان‬
‫إال بع‪SS‬د عم‪SS‬ل ع‪SS‬شرات ب‪SS‬ل مئ‪SS‬ات م‪SS‬ن الب‪SS‬شر تعاون‪SS‬ت عل‪SS‬ى تجھي‪SS‬زه وإع‪SS‬داده‬
‫وتقديمه‪ ،‬ومن كان في ش‪S‬ك م‪S‬ن ذل‪S‬ك فلي‪S‬سأل نف‪S‬سه‪ :‬م‪S‬ن ح‪S‬رث األرض؟ وم‪S‬ن‬
‫بذر الحب؟ ومن سقاه بالماء؟ وم‪S‬ن نظ‪S‬ف الح‪S‬شائش عن‪S‬ه؟ وم‪S‬ن حرس‪S‬ه؟ وم‪S‬ن‬
‫حصده وم‪S‬ن نقل‪S‬ه إل‪S‬ى الج‪S‬رن ؟ وم‪S‬ن داس‪S‬ه؟ وم‪S‬ن طحن‪S‬ه ؟ وم‪S‬ن خب‪S‬زه؟ وم‪S‬ن‬
‫بالنار سواه؟ ومن إلينا حمله؟ ومن قدمه؟ ومن ؟ ومن؟ ومن؟‪....‬‬
‫ھناك أسئلة كثيرة‪ .‬ھذا الجھد في رغي‪S‬ف الخب‪S‬ز‪ ،‬فكي‪S‬ف ب‪S‬األمر ف‪S‬ي خدم‪S‬ة دي‪S‬ن‬
‫ﷲ( والتمكين له‪ ،‬في بناء النفوس‪ ،‬في صنع الرجال‪ ،‬ف‪S‬ي ك‪S‬شف الظل‪S‬م وإن‪S‬ارة‬
‫البصائر‪ ،‬إنه يحتاج إلى تظافر طاقات وقدرات‪ ،‬م‪S‬ع ص‪S‬بر وم‪S‬صابرة وثب‪S‬ات‪،‬‬
‫ع‪S‬ن‬ ‫بالمعروف َ َ ْ َ ْ َ‬
‫وينھ‪S‬ون َ ِ‬ ‫بعض َ ْ ُ ُ َ‬
‫يأمرون ِ ْ َ ْ ُ ِ‬ ‫بعضھم َ ْ ِ َ ُ‬
‫أولياء َ ْ ٍ‬ ‫والمؤمنون َ ْ ُ ْ ِ َ ُ‬
‫والمؤمنات َ ْ ُ ُ ْ‬ ‫)َ ُْْ ُِ َ‬
‫المنكر( )التوبة‪ ،(٧١:‬فھيا إلى التالحم وھيا إلى التعاون وھيا إلى التآزر ‪.‬‬ ‫َُْْ ِ‬
‫فالنصر لم ينزل على متخاذل ‪ .........‬والرزق لم يبعث إلى متواكل‬
‫ولنترك اللوم والتوبيخ‪ ،‬فاللوم ال يحرك وال يجمع‪ ،‬والتفتيش عن الثغرات التي‬
‫يدخل منھا الداء أولى‪ .‬وعند كل من الھموم ما يكفيه‪ ،‬وليس بحاجة إل‪S‬ى معك‪S‬ر‬
‫إض‪SS‬افي‪ ،‬فليح‪SS‬ول ك‪SS‬ل من‪SS‬ا أخ‪SS‬اه إل‪SS‬ى داعي‪SS‬ة مع‪SS‬ه يحم‪SS‬ل ھ‪SS‬م ال‪SS‬دعوة‪ ،‬ويتبن‪SS‬ى‬
‫أفكارھا‪ ،‬وحاله يھتف ويقول ‪:‬‬
‫أمتي انتم في كل أرض ‪ ..........‬أنتم خير األمم‬
‫فأجمعوا أشتات أنھا ‪ .............‬ركم في غمر يم‬
‫تنشروا الخير األعم ‪ .............‬تبلغوا العز األشم‬
‫وتكونوا سادة الدنيا ‪ ............‬وفرسان القمم‬
‫وما ذلك على ﷲ بعزيز‪.‬‬
‫*****‬

‫السادسة‬ ‫إنما السيل إجتماع النقـط‬ ‫ااإلشارة‬

‫بمعن‪SS‬ى دوام ول‪SS‬و عل‪SS‬ى القلي‪SS‬ل‪ ،‬قلي‪SS‬ل دائ‪SS‬م خي‪SS‬ر م‪SS‬ن كثي‪SS‬ر منقط‪SS‬ع‪ ،‬والديموم‪SS‬ة‬
‫واالستمرار في العطاء تجع‪S‬ل العم‪S‬ل وإن ك‪S‬ان ض‪S‬ئيال أص‪S‬يالً م‪S‬ستطاعا م‪S‬ذلالً‬
‫يق‪SS‬ام ب‪SS‬ه ف‪SS‬ي عي‪SS‬ر م‪SS‬ا عن‪SS‬اء‪ ،‬ل‪SS‬يس المھ‪SS‬م ق‪SS‬در العم‪SS‬ل ب‪SS‬ل االس‪SS‬تمرار ف‪SS‬ي أدائ‪SS‬ه‪،‬‬
‫فالقطرة الدائمة تصبح سيالً عظيما ً‪.‬‬
‫أما ترى الحبل بطول المدى ‪ ........‬على صليب الصخر قد أثر‬
‫والشيء بثمرته يقدر ثمنه‪ ،‬ويعرف ثمنه‪ ،‬ومن ثمرات المداومة ما يلي‪:‬‬
‫نيل محبة ﷲ‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬نيل محبة ﷲ التي ھي غاية من‪S‬ى الم‪S‬ؤمنين ال‪S‬ذين ھ‪S‬م أش‪S‬د حب‪S‬ا ‪ ،Z‬وم‪S‬ن‬
‫أين أخذت ھذا ؟ من الحديث القدسي الذي رواه البخاري‪:‬‬
‫إلي بالنوافل حتى أحبه((‪ ،‬يستمر ويداوم حت‪S‬ى يحب‪S‬ه‬ ‫))وما يزال عبدي يتقرب ﱠ‬
‫ﷲ فإذا حصلت محبة ﷲ فالنتيج‪S‬ة‪ )) :‬ف‪S‬إذا أحببت‪S‬ه كن‪S‬ت س‪S‬معه ال‪S‬ذي ي‪S‬سمع ب‪S‬ه‬
‫وبصره ال‪S‬ذي يب‪S‬صر ب‪S‬ه وي‪S‬ده الت‪S‬ي ي‪S‬بطش بھ‪S‬ا ورجل‪S‬ه الت‪S‬ي يم‪S‬شي بھ‪S‬ا‪ ،‬ول‪S‬ئن‬
‫سألني ألعطينه‪ ،‬وإلن استعاذني ألعيذنه((‪.‬‬
‫وف‪SS‬وق ھ‪SS‬ذا م‪SS‬ارواه ال‪SS‬شيخان‪ )) :‬إذا أح‪SS‬ب ﷲ العب‪SS‬د ن‪SS‬ادى جبري‪SS‬ل إن ﷲ يح‪SS‬ب‬
‫فالنا فأحبه فيحبه جبريل‪ ،‬ثم ينادي جبريل في أھل ال‪S‬سماء‪ :‬إن ﷲ يح‪S‬ب فالن‪S‬ا‬
‫فأحبوه‪ ،‬فيحبه أھل السما‪ ،‬ثم يوضع له القبول في األرض((‪.‬‬
‫أھيب بقومي إلى المكرمات ‪ ........‬أال ھل ملب أال ھل مجيب‬

‫ترويض النفس‪:‬‬
‫ثانيا‪ :‬ترويض النفس على مكابد الھوى حتى تعتاد الخير ‪ ،‬فالنفس م‪S‬ن طبعھ‪S‬ا‬
‫حب التفل‪S‬ت واالنط‪S‬الق‪ ،‬ولكلنھ‪S‬ا إذا روض‪S‬ت ذل‪S‬ت‪ ،‬واس‪S‬تجابت إل‪S‬ى م‪S‬ا تك‪S‬ره‪،‬‬
‫فتمزق حجب البطالة‪ ،‬وتقفز عل‪S‬ى أس‪S‬وار المك‪S‬اره‪ ،‬وت‪S‬ستمر عل‪S‬ى م‪S‬ا روض‪S‬ت‬
‫عليه‪ ،‬وتداوم دون كلل وال ملل حتى وإن استغرقت ھ‪S‬ذه المداوم‪S‬ة العم‪S‬ر كل‪S‬ه‪،‬‬
‫يق‪SS‬ول أح‪SS‬د ال‪SS‬سلف‪ :‬عالج‪SS‬ت ل‪SS‬ساني ع‪SS‬شرين س‪SS‬نة قب‪SS‬ل أن ي‪SS‬ستقيم ل‪SS‬ي‪ ،‬ويق‪SS‬ول‬
‫عالجت الصمت عما ال يعنين‪S‬ي ع‪S‬شرين س‪S‬نة قب‪S‬ل أن أق‪S‬در من‪S‬ه عل‪S‬ى م‪S‬ا أري‪S‬د‪.‬‬
‫وجاء ع‪S‬ن الت‪S‬ابعي الجلي‪S‬ل إب‪S‬ن المنك‪S‬در رحم‪S‬ه ﷲ‪ :‬كاب‪S‬دت نف‪S‬سي أربع‪S‬ين س‪S‬نة‬
‫حتى استقامت لي‪.‬‬
‫وما يردع النفس اللجوج عن الھوى ‪ .........‬من الناس إال حازم الرأي كامله‬
‫وما النفس إال حيث يجعلھا الفتى ‪ ............‬فإن أطمعت تاقت وإال تسلت‬
‫األمن والحسرة عند المرض‪:‬‬
‫ثالثا‪ :‬األمن من الح‪S‬سرة عن‪S‬د الم‪S‬رض أو العج‪S‬ز والفتن‪S‬ة‪ ،‬فالم‪S‬داوم ح‪S‬ين يح‪S‬ال‬
‫بينه وبين العمل يجري ل‪S‬ه م‪S‬ا ك‪S‬ان يعمل‪S‬ه‪ ،‬يست‪S‬شعر ھ‪S‬ذا مم‪S‬ا ثب‪S‬ت ف‪S‬ي ص‪S‬حيح‬
‫البخاري أن رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ق‪S‬ال‪ )) :‬إذا م‪S‬رض العب‪S‬د أو س‪S‬افر‬
‫كتب له ما كان يعمله صحيحا مقيما(( فال حسرة وال ندم‪.‬‬
‫تربية النفس على أخذ أعلى األمور‪:‬‬
‫رابعا‪ :‬تربي‪S‬ة ال‪S‬نفس عل‪S‬ى أخ‪S‬ذ أعل‪S‬ى األم‪S‬ور‪ ،‬وع‪S‬دم الرض‪S‬ا بال‪S‬دون‪ ،‬ثب‪S‬ت ف‪S‬ي‬
‫صحيح البخاري أن رسول ﷲ صلى اله عليه وسلم قال ‪)) :‬أحب األعمال إل‪S‬ى‬
‫ﷲ أدومھا وإن قل((‪.‬‬
‫إمالل الشيطان وإضعافه‪:‬‬
‫خامسا‪ :‬إمالل الشيطان وإضعافه وقطع الطريق عليه‪ .‬يقول الحسن رحم‪S‬ه ﷲ‬
‫‪-‬كما في الزھد البن المبارك‪ :-‬إذا نظر إليك الشيطان فرآك مداوما على طاعة‬
‫ﷲ فبغاك وبغاك فرآك مداوما ملك ورفضك‪ ،‬وإن كنت مرة ھك‪S‬ذا وم‪S‬رة ھك‪S‬ذا‬
‫– تتقدم خطوة وتتأخر خطوتين كما يفعل البعض‪ -‬طمع فيك‪.‬‬
‫ھذه بعض ثمرات المداومة على العمل‪ ،‬ومن عرف الثم‪S‬رة ق‪S‬درھا‪ ،‬فب‪S‬ادر إل‪S‬ى‬
‫الشجرة لقطفھا‪.‬‬
‫يقال البن المبارك‪ :‬إلى متى تطلب العلم ؟ قال‪:‬‬
‫حتى الممات إن شاء ﷲ‪ ،‬وقال له آخر‪ :‬إلى متى تكتب العلم؟‬
‫قال‪ :‬لعل الكلمة التي تنفعني لم تكتب بعد‪ .‬واألعم‪S‬ش ي‪S‬روى عن‪S‬ه وكي‪S‬ع أن‪S‬ه ل‪S‬م‬
‫تفته تكبرة اإلحرام مع اإلمام سبعين سنة‪ ،‬ويقول‪ :‬اختلفت إليه أكث‪S‬ر م‪S‬ن س‪S‬تين‬
‫سنة فما رأيته يقضي ركعة‪.‬‬
‫يوم‪S‬ا‪ ،‬م‪S‬ع ان‪S‬ه ل‪S‬ه‬‫ً‬ ‫من منا يلقي ﷲ وقد أدرك التكبيرة األولى مع اإلم‪S‬ام أربع‪S‬ين‬
‫براءتين‪ :‬براءة من النفاق وبراءة من النار فإنا ‪ Z‬وإنا إليه راجعون ‪.‬‬
‫وروى الجماعة عن عبد ﷲ ب‪S‬ن عم‪S‬ر رض‪S‬ي ﷲ عن‪S‬ه أن رس‪S‬ول ﷲ ص‪S‬لى ﷲ‬
‫عليه وسلم قال‪ )) :‬ما حق إمرئ مسلم له شيء يوصى فيه يبيت ليلة أو ليلت‪S‬ين‬
‫إال ووص‪SS‬يته مكتوب‪SS‬ة عن‪SS‬ده(( يق‪SS‬ول اب‪SS‬ن عم‪SS‬ر ‪ :‬ف‪SS‬وﷲ م‪SS‬ا م‪SS‬رت عل‪SS‬ي ليل‪SS‬ة م‪SS‬ذ‬
‫سمعت رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم يقول ذلك إال ووصيتي عندي‪.‬‬
‫إذا فعلوا فخير الناس فعالً ‪ ..........‬وإن قالوا فأكرمھم مقاال‬
‫ترى جدا ولست ترى عليھم‪ ..........‬ولوعا ً بالصغائر واشتغاال‬
‫وي‪SS‬روى أن حم‪SS‬دون ب‪SS‬ن حم‪SS‬اد ب‪SS‬ن مجاھ‪SS‬د الكلب‪SS‬ي رحم‪SS‬ه ﷲ ك‪SS‬ان يق‪SS‬ول‪ :‬كتب‪SS‬ت‬
‫بيدي ھذه ثالثة آالف وخم‪S‬سمائة كت‪S‬اب ولع‪S‬ل الكت‪S‬اب ال‪S‬ذي أدخ‪S‬ل ب‪S‬ه الجن‪S‬ة ل‪S‬م‬
‫يكتب بعد‪ ،‬لعل ھذا مما يعين على المداومة‪ ،‬كلما عملت عمال قلت لعل ھذا ال‬
‫يبلغني الجنة‪ ،‬فإلى آخر وإلى آخر حتى تلقى ﷲ على ذلك فرب‪S‬ك أغف‪S‬ر وأرح‪S‬م‬
‫‪S‬ك ْ َ‬
‫اليقِ‪ُ S‬‬
‫‪S‬ين(‬ ‫ك َحتﱠ‪SS‬ى َ ْ ِ‬
‫يأتيَ‪َ S‬‬ ‫واعبُ‪Sْ S‬د َربﱠ ‪َ S‬‬
‫س‪SS‬بحانه‪ .‬فجاھ‪SS‬د نف‪SS‬سك وداوم عل‪SS‬ى العم‪SS‬ل ) َ ْ‬
‫)الحجر‪(٩٩:‬‬

‫*****‬
‫السابعة‬ ‫إنما األخطار أثمان المعاني‬ ‫ااإلشارة‬

‫إنما األخطار أثمان المعالي ‪ ..........‬ربما األجسام صحت بالھزال‬


‫يھ‪S‬دون ِ َ ْ ِ َ‬
‫بأمرن‪S‬ا َ ﱠ‬
‫لم‪S‬ا‬ ‫أئم‪S‬ةً َ ْ ُ َ‬‫م‪S‬نھم َ ِ ﱠ‬ ‫بالصبر واليقين تنال اإلمامة في ال‪S‬دين ) َ َ َ ْ َ‬
‫وجعلن‪S‬ا ِ ْ ُ ْ‬
‫يوقنون( )السجدة‪(٢٤:‬‬ ‫بآياتنا ُ ِ ُ َ‬
‫وكانوا ِ ِ َ‬‫صبروا َ َ ُ‬
‫ََُ‬
‫والعبقرية حرمان وتضحية ‪ ...........‬وليس ينبغ إال كل صبار‬
‫إن حمل الدعوة إل‪S‬ى الن‪S‬اس ‪ ،‬وجعلھ‪S‬م يؤمن‪S‬ونن بھ‪S‬ا ويث‪S‬ـقون ويت‪S‬أثرون عملي‪S‬ة‬
‫صعبة شاقة تحتاج إلى صبر وثبات‪ ،‬وأن المضي في طريق الدعوة ليس بأمر‬
‫ھين وال طريق ميسور‪ ،‬وال بد م‪S‬ن ع‪S‬زم وق‪S‬وة وص‪S‬بر وثب‪S‬ات ال يؤت‪S‬اه إال م‪S‬ن‬
‫ﷲُ‬‫يعل‪S‬م ﱠ‬
‫ولم‪S‬ا َ ْ َ ِ‬ ‫ت‪S‬دخلوا ْ َ ﱠ‬
‫الجن‪S‬ةَ َ َ ﱠ‬ ‫أن َ ْ ُ ُ‬ ‫ح‪S‬سبتم َ ْ‬
‫نذر نف‪S‬سه ‪ ،Z‬غي‪S‬ر مب‪S‬ال بم‪S‬ا س‪S‬واه ) َ ْأم َ ِ ْ ُ ْ‬
‫ﱠابرين( )آل عمران‪.(١٤٢:‬‬ ‫ويعلم الص ِ ِ َ‬ ‫جاھدوا ِ ْ ُ ْ‬
‫منكم َ َ ْ َ َ‬ ‫ﱠِ َ‬
‫الذين َ َ ُ‬
‫والصبر يوجد إن باء له كسرت ‪ ..........‬لكنه بسكون الباء موضوع‬
‫وﷲ عز وجل قد وجه نبيه صلى ﷲ عليه وسلم في المرحلة المكية إلى الصبر‬
‫جم‪S‬يالً(‬‫ھج‪S‬راً َ ِ‬ ‫يقول‪S‬ون َ ْ ُ ْ ُ ْ‬
‫واھج‪S‬رھم َ ْ‬ ‫على َم‪S‬ا َ ُ ُ َ‬ ‫واصبر َ َ‬
‫والجلد وقوة التحمل فقال‪ْ ِ ْ َ ) :‬‬
‫ال‪S‬ذين ال ُ ِ ُ َ‬
‫يوقن‪S‬ون(‬ ‫ي‪S‬ستخفنك ﱠ ِ َ‬
‫حق َوال َ ْ َ ِ ﱠ ﱠ َ‬ ‫ﷲِ َ ﱞ‬ ‫وعد ﱠ‬‫إن َ ْ َ‬ ‫)المزمل‪ ،(١٠:‬وقال ) َ ْ‬
‫فاصبِ ْر ِ ﱠ‬
‫)الروم‪ ،(٦٠:‬الصبر تفائل دائم حتى لو ضربت الجاھلية أطن‪S‬اب األرض‪ ،‬ف‪S‬ال‬
‫يسوغ بحال اإلنسحاب من الميدان‪ ،‬إذا يخلو الجو للشيطان‪ ،‬ويكر الجراد على‬
‫الحرث فيلتھمه‪ ،‬وقد تغير اللصوص عليه فينتھبونه‪ ،‬فال بد من صبر وص‪S‬مود‬
‫حتى يثبت ويثمر العود‪.‬‬
‫ولست بخالع درعي وسيفي ‪ ..........‬إلى أن يخلع الليل والنھار‬
‫كل لذة منقطعة عند ك‪S‬ل غم‪S‬سة ف‪S‬ي جھ‪S‬نم‪ ،‬وك‪S‬ل ب‪S‬ؤس وش‪S‬قاء ينقط‪S‬ع عن‪S‬د أول‬
‫غمسة في الجنة ‪ ،‬وللباطل جولة ث‪S‬م ي‪S‬ذھب ھب‪S‬اء‪ ،‬والح‪S‬ق ل‪S‬ه ص‪S‬ولة وھ‪S‬و أنف‪S‬ع‬
‫ول‪SS‬ه البق‪SS‬اء‪ ،‬ف‪SS‬إذا أدلھ‪SS‬م الخط‪SS‬ب‪ ،‬واش‪SS‬تد الظ‪SS‬الم‪ ،‬فارتق‪SS‬ب ب‪SS‬زوغ الفج‪SS‬ر‪ ،‬وتب‪SS‬ين‬
‫الخيط األبيض من األسود من الفجر ‪ ،‬ث‪S‬م أص‪S‬بر وص‪S‬ابر ف‪S‬إن العاقب‪S‬ة للمتق‪S‬ين‪.‬‬
‫وخاب المبطلون‪ ،‬وبشر الصابرين‪ ،‬واصبر على ما يقولون‪:‬‬
‫ال يفزعنك ھول خطب دامس ‪ ............‬فلعل في طياته ما يسعد‬
‫لو لم يمد الليل جنح ظالمه ‪ ...............‬في الخافقين لما أضاء الفرقد‬

‫******‬
‫الثامنة‬ ‫تمھل‬ ‫ااإلشارة‬

‫ال تعجل في دعوة أو حكم يوشك أن تصل‪) ،‬إن من سنن ﷲ في ال‪S‬نفس أنھ‪S‬ا ال‬
‫تضحى وال تبذل إال إذا عولجت من داخلھا‪ ،‬وتجردت من حظوظھا‪ ،‬وأدركت‬
‫فائدة التضحية والبذل(‪ .‬وذلك ال يتم إال في وقت طويل وجھ‪S‬د وتك‪S‬اليف وك‪S‬دح‬
‫دائب في اناة ليس يعروھا ملل‪ ،‬فليعلم‪.‬‬
‫ومن سنن ﷲ م‪S‬ع الع‪S‬صاة والم‪S‬ذنبين والمج‪S‬رمين والك‪S‬افرين‪ :‬اإلمھ‪S‬ال ) َ ُ ْ ِ‬
‫وأمل‪S‬ي‬
‫لو ُ َ ِ ُ ُ ْ‬
‫يؤاخ‪S‬ذھم‬ ‫ﱡك ْ َ ُ ُ‬
‫الغفور ُذو الر ْ َ ِ‬
‫ﱠحمة َ ْ‬ ‫ورب َ‬
‫متين( )ألعراف‪َ َ ) ،(١٨٣:‬‬ ‫كيدي َ ِ ٌ‬ ‫إن َ ْ ِ‬ ‫َ ُْ‬
‫لھم ِ ﱠ‬
‫م‪SS‬وئالً(‬ ‫م‪SS‬ن ُ ِ ِ‬
‫دون‪SS‬ه َ ْ ِ‬ ‫يج‪SS‬دوا ِ ْ‬ ‫موع‪SS‬د َ ْ‬
‫ل‪SS‬ن َ ِ ُ‬ ‫ب‪SS‬ل َ ُ ْ‬
‫لھ‪SS‬م َ ْ ِ ٌ‬ ‫لھ‪SS‬م ْ َ َ َ‬
‫الع‪SS‬ذاب َ ْ‬ ‫ﱠ‪SS‬ل َ ُ ُ‬
‫لعج َ‬ ‫ك‪SS‬سبوا َ َ‬
‫بم‪SS‬ا َ َ ُ‬
‫َِ‬
‫)الكھف‪ ،(٥٨:‬إذا أغفل الداعية ھذه السنن تعجل وربما فشل في دعوت‪S‬ه وكب‪S‬ا‪،‬‬
‫إن م‪SS‬ن يري‪SS‬د تغي‪SS‬ر الواق‪SS‬ع ف‪SS‬ي أق‪SS‬ل م‪SS‬ن طرف‪SS‬ة ع‪SS‬ين دون النظ‪SS‬ر إل‪SS‬ى العواق‪SS‬ب‬
‫وال‪SS‬سنن‪ ،‬كم‪SS‬ن يري‪SS‬د أن ي‪SS‬زرع الي‪SS‬وم ويح‪SS‬صد غ‪SS‬دا‪ ،‬ب‪SS‬ل يري‪SS‬د ان يغ‪SS‬رس ف‪SS‬ي‬
‫ال‪SS‬صباح ويجن‪SS‬ي الثم‪SS‬رة ف‪SS‬ي الم‪SS‬ساء وھ‪SS‬ذا مح‪SS‬ال‪ ،‬ال ب‪SS‬د م‪SS‬ن ص‪SS‬بر وت‪SS‬رو عل‪SS‬ى‬
‫البذرة حتى تنبت‪ ،‬وعلى النبتة حتى تورق‪ ،‬وعلى الورقة حت‪S‬ى تزھ‪S‬ر‪ ،‬وعل‪S‬ى‬
‫الزھ‪SS‬رة حت‪SS‬ى تثم‪SS‬ر‪ ،‬وعل‪SS‬ى الثم‪SS‬رة حت‪SS‬ى تن‪SS‬ضج‪ ،‬ث‪SS‬م يب‪SS‬ادر إل‪SS‬ى قطفھ‪SS‬ا قب‪SS‬ل أن‬
‫تف‪SS‬سد‪ ،‬وم‪SS‬سافة مي‪SS‬ل تب‪SS‬دأ بخط‪SS‬وة واح‪SS‬دة‪ ،‬وم‪SS‬ن س‪SS‬ار عل‪SS‬ى الطري‪SS‬ق وص‪SS‬ل‪ ،‬إن‬
‫شيوع المنكرات‪ ،‬وإحاطتھا بالمؤمن م‪S‬ن ك‪S‬ل جان‪S‬ب‪،‬مع العج‪S‬ز – أحيان‪S‬ا ً‪ -‬ع‪S‬ن‬
‫تحمل أعباء الطريق ومشاقه‪ ،‬مع واقع أعداء ﷲ في ال‪S‬صد ع‪S‬ن س‪S‬بيل ﷲ‪ ،‬م‪S‬ع‬
‫الطاقة الضخمة التي يولدھا اإليمان في النفس ‪ ،‬قد يدفع ھذا كله إلى العجلة إذا‬
‫لم تضبط األمور بضابط الشرع‪.‬‬
‫يرد يدي عن خوفھا بطش ربھا ‪ .........‬ويمنع نفسي أن تخادع ديني‬
‫إن رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم وھ‪S‬و األس‪S‬وة ق‪S‬د بع‪S‬ث واألص‪S‬نام م‪S‬ن ح‪S‬ول‬
‫الكعبة تحيط بھا وتعلوھا‪ ،‬ثم لم يقب‪S‬ل عل‪S‬ى إزالتھ‪S‬ا إال ي‪S‬وم ف‪S‬تح مك‪S‬ة ف‪S‬ي ال‪S‬سنة‬
‫الثامنة ‪ ،‬أي بعد بعثته بواحد وعشرين عاما ً ‪ ،‬لتقديره صلى ﷲ عليه وسلم أن‪S‬ه‬
‫لو قام بتحطيمھا ف‪S‬ي أول ي‪S‬وم قب‪S‬ل أن تحط‪S‬م ف‪S‬ي داخ‪S‬ل النف‪S‬وس ‪ ،‬ألقبل‪S‬وا عل‪S‬ى‬
‫تشيدھا وزخرفتھا بصورة أعظم وأشنع‪ ،‬وعندھا يتـفاقم األمر ويعظم الضرر‪،‬‬
‫ولذا تركھا صلى ﷲ عليه وسلم‪ ،‬وأقبل يعد الرجال‪ ،‬ويزك‪S‬ي النف‪S‬وس‪ ،‬ويطھ‪S‬ر‬
‫القلوب‪ ،‬حتى إذا ما تم له ذلك أقبل بتلك القلوب ليفتح بھا مكة ويزي‪S‬ل األص‪S‬نام‬
‫زھوق‪SS‬ا ً(‬ ‫إن ْ َ ِ َ‬
‫الباط‪SS‬ل َ َ‬
‫ك‪SS‬ان َ ُ‬ ‫وزھ‪SS‬ق ْ َ ِ ُ‬
‫الباط‪SS‬ل ِ ﱠ‬ ‫ج‪SS‬اء ْ َ ﱡ‬
‫الح‪SS‬ق َ َ َ َ‬ ‫فك‪SS‬ان ل‪SS‬ه م‪SS‬ا أراد ) َ ُ ْ‬
‫وق‪SS‬ل َ َ‬
‫)االسراء‪.(٨١:‬‬
‫لكل شيء في الحياة وقته ‪ ...........‬وغاية المستعجلين فوته‬
‫وقد أخبر صلى ﷲ عليه وسلم – فيما ترويه عائشة كما في صحيح البخاري‪:-‬‬
‫أن‪SS‬ه ل‪SS‬وال أن قومھ‪SS‬ا ح‪SS‬ديثوا عھ‪SS‬د بكف‪SS‬ر ل‪SS‬نقض الكعب‪SS‬ة وأعادھ‪SS‬ا عل‪SS‬ى قواع‪SS‬د‬
‫إبراھيم‪ ،‬وھذا ھو الفقه حقا‪ ،‬أعني رفض المنكر بالقل‪S‬ب‪ ،‬ومقاطعت‪S‬ه خوف‪S‬ا م‪S‬ن‬
‫أن يؤدي إلى منكر أكبر‪ ،‬مع البحث عن سبيل التغيي‪S‬ر‪ ،‬والع‪S‬زم عل‪S‬ى أن‪S‬ه ح‪S‬ين‬
‫تتاح الفرصة لتغيره فلن يكون ھناك تباطؤ أو توان‪.‬‬
‫فكن أسدا في جسمه روح ضغيم ‪ ..........‬وكم ُأسد أرواحھن كالب‬
‫يمنع الليث حماه ان يرى ‪ .................‬فيه كلبا عاديا إن زأرا‬
‫ليعد الواحد منا نفسه ما دامت الظروف غير مال ئم‪S‬ة‪ ،‬والف‪S‬رص غي‪S‬ر مواتي‪S‬ة‪،‬‬
‫والعواق‪SS‬ب غي‪SS‬ر محم‪SS‬ودة‪ ،‬والمق‪SS‬دمات قاص‪SS‬رة‪ ،‬حت‪SS‬ى إذا م‪SS‬ا الءم الظ‪SS‬رف ك‪SS‬ان‬
‫حاله كحال القائل يوم قال‪:‬‬
‫أنا أبو طلحة وإسمي زيد ‪ .........‬وكل يوم في سالحي صيد‬
‫ث‪SS‬م أنظ‪SS‬ر وتأم‪SS‬ل واعتب‪SS‬ر‪) :‬ھ‪SS‬ا ھ‪SS‬ي ش‪SS‬جرة ال‪SS‬صنوبر تثم‪SS‬ر بع‪SS‬د ثالث‪SS‬ين س‪SS‬نة‪،‬‬
‫وشجرة الدباء )القرع( تثمر في أسبوعين تسخر ال‪S‬دباء م‪S‬ن ال‪S‬صنوبر وتق‪S‬ول ‪:‬‬
‫إن الطريق التي تقطعينھا في ثالثين سنة أقطعھا في أسبوعين ويقال لي شجرة‬
‫ولك شجرة ‪ .‬فتقول شجرة الصنوبر‪ :‬مھال إلى أن تھب الرياح الخريف ‪.‬‬
‫وعندھا يعرف المضمار ‪ ........‬ويعرف السابق والخوار‬
‫وتحلم لتحلم ‪ ،‬وال تعجل فق‪S‬د تكف‪S‬ى بغي‪S‬رك ويكت‪S‬ب ل‪S‬ك ب‪S‬صدق‬ ‫ّ‬ ‫فتصبر لتصبر‪،‬‬‫ّ‬
‫ريثا‪ ،‬وقد يكون مع المستعجل الزلل‪ .‬ليكن‬ ‫ً‬ ‫ورب عجلة أورث‬ ‫نيتك ما لغيرك‪ُ ،‬‬
‫حالك أحيانا حال الحنف بن قيس رحمه ﷲ يوم جاءه رج‪S‬ل فلط‪S‬م وجھ‪S‬ه‪ ،‬فق‪S‬ال‬
‫بسم ﷲ يابن أخي‪ ،‬ما دعاك إلى ھذا؟ قال‪ :‬آليت أن ألطم س‪S‬يد الع‪S‬رب م‪S‬ن بن‪S‬ي‬
‫تميم‪ ،‬قال فب ﱠر بيمينك فما أنا بسيدھا‪ ،‬سيدھا حارثة بن قدامة ‪.‬‬
‫ليست األحالم في حال الرضى ‪ ..........‬إنما األحالم في حال الغضب‬
‫ف‪SS‬ذھب الرج‪SS‬ل إل‪SS‬ى حارث‪SS‬ة فلطم‪SS‬ه‪ ،‬فق‪SS‬ام علي‪SS‬ه واخت‪SS‬رط ال‪SS‬سيف وقط‪SS‬ع يمين‪SS‬ه‪،‬‬
‫ولسان حاله‪:‬‬
‫وسيفي كان في الھيجاء طبيبا ً ‪ .........‬يداوي رأس من يشكوا الصداعا‬
‫فلما بلغ األحنف ما حصل لھذا األحمق‪ ،‬قال أنا وﷲ قطعتھا ‪.‬‬
‫ليس الغبي بسيد في قومه ‪ ...........‬لكن سيد قومه المتغابي‬
‫نعم‪ ،‬العاقل ال يفعل أمرا إال إذا نظر ف‪S‬ي عواقب‪S‬ه‪ ،‬وتب‪S‬صر أبع‪S‬اده ومرامي‪S‬ه‪ ،‬ال‬
‫يتعجل الخطا‪ ،‬وال يستبق األحداث وال يشرع في الحكم على األمور‪ ،‬ب‪S‬ل ي‪S‬زن‬
‫األشياء بميزان دقي‪S‬ق‪ ،‬ويق‪S‬در المواق‪S‬ف‪ ،‬بنظ‪S‬رة ثاقب‪S‬ة فاح‪S‬صة‪ ،‬وخط‪S‬وة متاني‪S‬ة‬
‫تحسب كل حساب‪ .‬فكن أفضل من أن تخدع‪ ،‬وأعقل من أن تخدع‪ ،‬ال خب وال‬
‫الخب يخدعك ‪.‬‬
‫ولترق شيئا ً فشيئا ً صاعداً درجا ً ‪ ..........‬من البناء رصينا واحذر العجال‬
‫ﱠ‬
‫فكم عجول كبا من ضعف رؤيته ‪ .........‬وذي أناة أصاب الرشد واألمال‬
‫التاسعة‬ ‫ااإلشارة كن أحزم من ّ‬
‫قرلى‬
‫القرلى طائر ما ئي ذو حزم‪ ،‬ال ي‪S‬رى إال ح‪S‬ذرا‪ ،‬عل‪S‬ى وجھ‪S‬ه الم‪S‬اء ‪ ،‬ع‪S‬ين ف‪S‬ي‬
‫ح‪S‬ذرا‪ ،‬ول‪S‬ذلك تق‪S‬ول الع‪S‬رب ف‪S‬ي المث‪S‬ل ‪ ) :‬ك‪S‬ن‬ ‫ً‬ ‫طمع‪S‬ا‪ ،‬وع‪S‬ين ف‪S‬ي ال‪S‬سماء‬‫ً‬ ‫الماء‬
‫احزم من قرلى‪ ،‬إن رأى خيرا تدلى وإن رأى شرا تولى( ‪ .‬ومن الح‪S‬زم تعوي‪S‬د‬
‫النفس على الخي‪S‬ر حت‪S‬ى تعت‪S‬اده وتألف‪S‬ه‪ ،‬وم‪S‬ن الح‪S‬زم من‪S‬ع ال‪S‬نفس ھواھ‪S‬ا‪ ،‬وع‪S‬دم‬
‫الرضا بالدون‪ ،‬دون عالھا ) فإن في ال‪S‬نفس كم‪S‬ا يق‪S‬ول اب‪S‬ن الق‪S‬يم‪ :‬كب‪S‬ر إبل‪S‬يس‪،‬‬
‫وحسد قابيل‪ ،‬وعت‪S‬و ع‪S‬اد‪ ،‬وطغي‪S‬ان ثم‪S‬ود‪ ،‬وج‪S‬رأة نم‪S‬رود‪ ،‬واس‪S‬تطالة فرع‪S‬ون‪،‬‬
‫وبغي قارون‪ ،‬وقحة ھامان‪ ،‬وحيل أصحاب السبت‪ ،‬وتمرد الوليد‪ ،‬وجھ‪S‬ل اب‪S‬ي‬
‫جھل‪.‬‬
‫وم‪SS‬ن أخ‪SS‬الق البھ‪SS‬ائم‪ :‬ح‪SS‬رص الغ‪SS‬راب‪ ،‬وش‪SS‬ره الكل‪SS‬ب‪ ،‬ورعون‪SS‬ة الط‪SS‬اووس‪،‬‬
‫ودناءة العجل‪ ،‬وعق‪S‬وق ال‪S‬ضب‪ ،‬وحق‪S‬د الجم‪S‬ل‪ ،‬وص‪S‬ولة األس‪S‬د‪ ،‬وف‪S‬سق الف‪S‬أرة‪،‬‬
‫وخبث الحية‪ ،‬وعبث القرد‪ ،‬وجمع النملة ‪ ،‬ومكر الثعلب‪ ،‬وخفة الفراش‪ ،‬ونوم‬
‫الضبع‪ ،‬ووثوب الفھد‪ ،‬غير أن الحازم بالمجابھ‪S‬ة ي‪S‬ذھب ذل‪S‬ك كل‪S‬ه( ب‪S‬إذن رب‪S‬ه‪،‬‬
‫الھوى( )النازعـات‪، (٤٠:‬ل‪S‬يس م‪S‬ن‬ ‫عن ْ َ َ‬ ‫ونھى ﱠ ْ َ‬
‫النفس َ ِ‬ ‫ربه َ َ َ‬ ‫خاف َ َ َ‬
‫مقام َ ﱢ ِ‬ ‫من َ َ‬ ‫)ََﱠ‬
‫وأما َ ْ‬
‫الحزم بيع الوعد بالنقد‪ ،‬وليس من الحزم جزع من صبر ساعة مع احتم‪S‬ال ذل‬
‫األبد‪ ،‬إن من يشتري الخسيس بالنفيس ويبيع العظيم بالحقير إنما ھو س‪S‬فيه ‪ .‬ال‬
‫عين ھوى‪ ،‬وعين الھوى ٌ‬
‫عين عمياء‪.‬‬ ‫عينه ُ‬ ‫يعرف الحزم وال الحزم يعرفه‪ُ ،‬‬
‫إذا المرء أعطى نفسه كل ما اشتھت ‪ ........‬ولم ينھھا تاقت إلى كل مطلب‬
‫مطعم شھي‪ ،‬وملبسٌ دفي‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫بعضنا أكبر ھمه ومبلغ علمه لقمةٌ ولباسٌ ومركبٌ ‪،‬‬
‫ومركبٌ مطي‪ ،‬قد رفع راية‪:‬‬
‫إنما العيش سماع ومدام وندام ‪ .......‬فإذا فاتك ھذا فعلى الدنيا السالم‬
‫ھوان ال يعرف الحزم‪ ،‬وذلة ال تعرف العز‪ ،‬ع‪S‬ار ينك‪S‬ره الح‪S‬ر واألس‪S‬د‪ ،‬ويألف‪S‬ه‬
‫الحمار والوتد‪.‬‬
‫إن الھوان حمار البيت يألفه ‪ .........‬والحر ينكره والفيل واألسد‬
‫وال يقيم بدار الذل يألفھا ‪ .............‬إال الذليالن عير الحي والوتد‬
‫ھذا على الخسف مربوط برمته ‪ ......‬وذا ُيشج فما ياوي له أحد‬

‫الحزم بقدر اإلھتمامات والھموم ‪ ،‬والھموم بقدر الھمم‪ ) ،‬والجل‪S‬د والح‪S‬زم خي‪S‬ر‬
‫وعز ﱠ‬
‫بز‪.‬‬ ‫ﱠ‬ ‫من التفلت والتبلد‪ ،‬والصالة خير من النوم‪ ،‬والمنية خير من الدنية‪،‬‬
‫فثب وثبة فيھا المنايا أو المنى ‪ ..........‬فكل محب للحياة ذليل‬
‫) ومن أراد المنزلة القصوى من الجنة فعليه أن يكون في المنزلة القصوى في‬
‫ھذه الحياة‪ ،‬واحدة بواحدة ولكل سلعة ثمن( ‪.‬‬
‫ك‪SS‬ان أب‪SS‬و م‪SS‬سلم الخ‪SS‬والني رحم‪SS‬ه ﷲ حازم‪SS‬ا م‪SS‬ع نف‪SS‬سه ق‪SS‬د عل‪SS‬ق س‪SS‬وطا ف‪SS‬ي بيت‪SS‬ه‬
‫يخوف به نفسه‪ ،‬وك‪S‬ان يق‪S‬ول لنف‪S‬سه ‪ :‬ق‪S‬ومي‪ ،‬ف‪S‬وﷲ ألزحف‪S‬ن ب‪S‬ك زحف‪S‬ا إل‪S‬ى ﷲ‬
‫حت‪SS‬ى يك‪SS‬ون الكل‪SS‬ل من‪SS‬ك ال من‪SS‬ي‪ ،‬ف‪SS‬إذا فت‪SS‬ر وك‪SS‬ل وتع‪SS‬ب تن‪SS‬اول س‪SS‬وطه وض‪SS‬رب‬
‫رجل‪SS‬ه ث‪SS‬م ق‪SS‬ال‪ :‬أي‪SS‬ضن أص‪SS‬حاب محم‪SS‬د ص‪SS‬لى ﷲ علي‪SS‬ه وس‪SS‬لم أن ي‪SS‬ستأثروا ب‪SS‬ه‬
‫دونن‪SS‬ا‪ ،‬ك‪SS‬ال وﷲ لن‪SS‬زاحمنھم علي‪SS‬ه زحام‪Sً S‬ا‪ ،‬حت‪SS‬ى يعلم‪SS‬وا انھ‪SS‬م خلف‪SS‬وا وراءھ‪SS‬م‬
‫رجاالً( ‪.‬‬
‫ھم الرجال وعيب أن يقال ‪ .........‬لمن لم يكن في زيھم رجل‬
‫حالھم ‪:‬‬
‫عباس عباس إذا احتدم الوغى ‪ .........‬والفضل فضل والربيع ربيع‬

‫*****‬

‫العاشرة‬ ‫عوض ما فاتك‬ ‫ااإلشارة‬

‫من الناس من يتحسر على ما مضى من تقصير‪ ،‬ويسرف في ذلك حتى يضيع‬
‫حاضره‪ ،‬ويقطع عليه مستقبله‪ ،‬فيأتي عليه زمان يتحسر فيه على ال‪S‬زمن ال‪S‬ذي‬
‫ضيعه في الحزن والتحسر‪.‬‬
‫إن تعويض ما ف‪S‬ات ال يك‪S‬ون بالن‪S‬دم عل‪S‬ى م‪S‬ا ف‪S‬ات فح‪S‬سب‪ ،‬وال يك‪S‬ون ب‪S‬اجترار‬
‫أحزان الماضي‪ ،‬إنما يكون بالجد والعمل واغتنام كل فرصة قادمة ليت‪S‬ـقدم بھ‪S‬ا‬
‫خطوة وھذا دليل الكيس‪ ،‬وآية علو الھمة‪.‬‬
‫ابن عقيل الحنبلي رحمه ﷲ وھو في الثمانين يقول ‪:‬‬
‫ما شاب عزمي وال حزمي وال خلقي ‪ .........‬وال والئي وال ديني وال كرمي‬
‫وإنما اعتاض شعري غير صبغته ‪ ............‬وال‪S‬شيب ف‪S‬ي ال‪S‬شعر غي‪S‬ر ال‪S‬شيب‬
‫في الھمم‬
‫****‬
‫فإن كنت ترجوا معالي األمور ‪ .........‬فأعدد لھا ھمة أكبرا‬
‫تلك النفوس الغالبات على العال ‪ ........‬والحق يغلبھا على شھواتھا‬
‫أفال فليحمد ﷲ من ضيع وقصر على إمھاله له وليعوض‪ ،‬فأي‪S‬ام العافي‪S‬ة غنيم‪S‬ة‬
‫باردة‪ ،‬وأوقات اإلھمال فائدة‪ ،‬فتناول وعوض ما دامت عندك المائ‪S‬دة‪ ،‬فلي‪S‬ست‬
‫الساعات بعائدة‪.‬‬
‫فإن تك باألمس اقترفت اساءة ‪ ...........‬فبادر بإحسان وأنت حميد‬
‫وال تبقي فعل الصالحات إلى غد ‪ .........‬لعل غدا يأتي وأنت فقيد‬
‫غاب أن‪S‬س ب‪S‬ن الن‪S‬ضر رض‪S‬ي ﷲ عن‪S‬ه وقع‪S‬ة ب‪S‬در ف‪S‬أحس ب‪S‬ألم غنيم‪S‬ة ض‪S‬يعھا ‪،‬‬
‫فقال –كماروى البخاري ومسلم‪ :-‬يارس‪S‬ول ﷲ غب‪S‬ت ع‪S‬ن أول قت‪S‬ال قاتل‪S‬ت في‪S‬ه‬
‫المشركين‪ ،‬ألن أشھدني ﷲ مشھدا ً آخر في قتال المشركين‪ ،‬ليرين ﷲ مني ما‬
‫أصنع‪ ،‬فلما كان يوم أحد وانكشف المسلمون أقبل أنس يعتذر إلى ﷲ مما صنع‬
‫أصحاب رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ويبرأ إل‪S‬ى ﷲ مم‪S‬ا ص‪S‬نع الم‪S‬شركون‪،‬‬
‫يتقدم ويكسر غمد سيفه ويستقبله سعد بن معاذ فيقول‪ :‬الجنة ورب الن‪S‬ضر إن‪S‬ي‬
‫ألجد ريحھا من دون أحد‪ ،‬يقول سعد فما استطعت يا رسول ﷲ ما صنع‪ ،‬ولما‬
‫انتھت المعركة وجدوه قد قتل‪ ،‬ومثل به المشركون‪ ،‬ووجد ب‪S‬ه بع‪S‬ض وثم‪S‬انون‬
‫ضربة سيف أو طعنة رمح أو رمية بسھم فما عرفته إال أخته ببنانه‪.‬‬
‫إما فتى نال المنى فاشتـفى ‪ .........‬أو بطل ذاق الردى فاستراح‬
‫إما إلى العز وتقضي بساحته ‪ ........‬ذل الحياة وطعم الموت سيان‬
‫من تفكر في تفريطه أن ‪ ...‬ولتعويض ما مضى حن‪:‬‬
‫عكرمة رضي ﷲ عنه يسلم عام الفتح‪ ،‬وشعر بما فات‪S‬ه م‪S‬ن س‪S‬ابقة م‪S‬ع رس‪S‬ول‬
‫ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪ ،‬فك‪S‬ان يق‪S‬ول‪ :‬وال‪S‬ذي نج‪S‬اني ي‪S‬وم ب‪S‬در ي‪S‬ا رس‪S‬ول ﷲ ال‬
‫أدع نفقة أنفقتھا ف‪S‬ي ال‪S‬صد ع‪S‬ن س‪S‬بيل ﷲ إال أنفق‪S‬ت أض‪S‬عافھا ف‪S‬ي س‪S‬بيل ﷲ وال‬
‫قتاال قاتلته في الصد عن سبيل ﷲ إال قاتلت ضعفه في س‪S‬بيل ﷲ‪ ،‬ويب‪S‬ر بق‪S‬سمه‬
‫فما خاض المسلمون معركة بعد إسالمه إال خاضھا معھم‪ ،‬وال خرجوا إال كان‬
‫معھم‪ ،‬وفي يوم اليرموك وما يوم اليرموك ؟! ) أقبل عركمة على القتال إقب‪S‬ال‬
‫الظامئ على الماء البارد في في اليوم القائظ‪ ،‬اشتد الكرب بالمسلمين نزل ع‪S‬ن‬
‫جواده‪ ،‬وكسر غمد سيفه‪ ،‬واغل في صفوف الروم‪ ،‬فبادر خالد بن الوليد قائال‪:‬‬
‫ال تفع‪SS‬ل ي‪SS‬ا عكرم‪SS‬ة‪ ،‬إن قتل‪SS‬ك عل‪SS‬ى الم‪SS‬سلمين س‪SS‬يكون ش‪SS‬ديدا‪ ،‬ق‪SS‬ال‪ :‬إلي‪SS‬ك عن‪SS‬ي‬
‫ياخالد لقد كان لك مع رسول ﷲ صلى ﷲ علي‪S‬ه وس‪S‬لم س‪S‬ابقة أم‪S‬ا أن‪S‬ا وأب‪S‬ي أب‪S‬و‬
‫جھ‪S‬ل فق‪SS‬د كن‪SS‬ا أش‪SS‬د الن‪SS‬اس عل‪SS‬ى رس‪SS‬ول ص‪SS‬لى ﷲ علي‪SS‬ه وس‪SS‬لم دعن‪SS‬ي اكف‪SS‬ر عم‪SS‬ا‬
‫سلف مني‪ ،‬أأقاتل رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ثم أفر اليوم م‪S‬ن ال‪S‬روم‪ ،‬وﷲ‬
‫ال يكون أبدا‪.‬‬
‫لو بان عضدي لما تأسف منكبي ‪ .........‬لو مات زندي ما بكته األنامل‬
‫ثم نادى‪ :‬من يبايع على الموت؟ فبايعه أربعمائة من المجاھ‪S‬دين ف‪S‬ي س‪S‬بيل ﷲ‪،‬‬
‫فق‪SSS‬اتلوا حت‪SSS‬ى ن‪SSS‬صر ﷲ الم‪SSS‬سلمين ن‪SSS‬صرا م‪SSS‬ؤزرا‪ ،‬ولق‪SSS‬ى ﷲ عكرم‪SSS‬ة مثخن‪SSS‬ا‬
‫رب ِ َ ْ َ‬
‫لترض‪S‬ى(‬ ‫إليك َ ﱢ‬ ‫أثري َ َ ِ ْ ُ‬
‫وعجلت ِ َ ْ َ‬ ‫على َ َ ِ‬ ‫ھم ُ ِ‬
‫أوالء َ َ‬ ‫بجراحه(‪ ،‬ولسان حاله ) َ َ‬
‫قال ُ ْ‬
‫)طـه‪ .(٨٤:‬فرضى ﷲ عنه وأرضاه‪.‬‬
‫بذل النفس فداء ورضى ‪ .........‬وقضى العمر وأقصى السفرا‬
‫ھمة أخرجت حظ الدنيا من نفوسھم فتاقوا إلى تعويض ما فات من ساعات في‬
‫خدمة دينھم ف‪S‬اقتحموا المك‪S‬اره بغي‪S‬ة المك‪S‬ارم‪ ،‬وعق‪S‬دوا ‪ Z‬عق‪S‬دا م‪S‬ع أنف‪S‬سھم فم‪S‬ا‬
‫نكثوا وما نقضوا ‪.‬‬
‫فبادر أخي قبل العوائق‪ ،‬واس‪S‬تدرك م‪S‬ا ف‪S‬ات فلعل‪S‬ك باألخي‪S‬ار ال ح‪S‬ق ‪ ،‬إن كن‪S‬ت‬
‫على طريقھم فما أسرع اللحاق بھم ‪.‬‬
‫فللح‪SSSS‬زم يع‪SSSS‬زى ال إل‪SSSS‬ى‬ ‫إذا استدرك اإلنسان ما فات من عال‬
‫الجھل ينسب‬
‫متطلب ف‪S‬ي الم‪S‬اء ج‪S‬ذوة‬ ‫ومكلف األشياء ضد طباعھا‬
‫نار‬

‫*****‬
‫‪١١‬‬ ‫العدل – فبه قامت السموات واألرض‬ ‫ااإلشارة‬

‫* إعطاء كل ذي حق حقه عين العدل ‪.‬‬


‫* مدح من يستحق المدح في عير ما خشبة الفتنة عليه عدل‪.‬‬
‫* تأنيب من يستحق التأنيب عدل‪.‬‬
‫* اإلعتراف بالجھود األخرين عدل‪.‬‬
‫* اإلعتراف بالخطأ والرجوع عنه عدل‪.‬‬
‫* قبول النصح عدل‪.‬‬
‫* إسداء النصح عدل‬
‫* التربية على العدل عدل‪.‬‬
‫اع‪S‬دلوا ُ َ‬
‫ھ‪S‬و‬ ‫عل‪S‬ى َ ﱠأال َ ْ ِ ُ‬
‫تع‪S‬دلوا ْ ِ ُ‬ ‫قوم َ َ‬
‫شنآن َ ْ ٍ‬ ‫*وﷲ تعالى يامر بالعدل‪َ ) :‬وال َ ْ ِ َ ﱠ ُ ْ‬
‫يجرمنكم َ َ ُ‬
‫تعملون( )المائدة‪.(٨:‬‬ ‫بما َ ْ َ ُ َ‬ ‫إن ﱠ‬
‫ﷲَ َ ِ‬
‫خبي ٌر ِ َ‬ ‫للتقوى َواتﱠ ُقوا ﱠ‬
‫ﷲَ ِ ﱠ‬ ‫َْ َ ُ‬
‫أقرب ِ ﱠ ْ َ‬
‫يذكر الطبري في رواية مرفوعة إلى إياس بن سلمة عن أبيه أنه قال‪ :‬مر عمر‬
‫رض‪SS‬ي ﷲ عن‪SS‬ه ف‪SS‬ي ال‪SS‬سوق ومع‪SS‬ه ال‪SS‬درة‪ ،‬فخفقن‪SS‬ي بخفق‪SS‬ة ل‪SS‬م ت‪SS‬صب إال ط‪SS‬رف‬
‫ثوبي‪ ،‬وق‪S‬ال‪ :‬أم‪S‬ط ع‪S‬ن الطري‪S‬ق – أي ال ت‪S‬زحم الطري‪S‬ق‪ -‬ق‪S‬ال‪ :‬فلم‪S‬ا ك‪S‬ان الع‪S‬ام‬
‫المقب‪SS‬ل لقين‪SS‬ي عم‪SS‬ر فق‪SS‬ال‪ :‬ي‪SS‬ا س‪SS‬لمى أتري‪SS‬د الح‪SS‬ج؟ قل‪SS‬ت‪ :‬نع‪SS‬م ق‪SS‬ال‪ :‬فأخ‪SS‬ذ بي‪SS‬دي‬
‫وانطلق بي إلى منزله ثم أعطاني من ماله ستمائة درھم وقال‪ :‬استعن بھا على‬
‫حج‪SS‬ك واعل‪SS‬م أنھ‪SS‬ا بالخفق‪SS‬ة الت‪SS‬ي خفقتكھ‪SS‬ا ف‪SS‬ي الع‪SS‬ام الماض‪SS‬ي‪ ،‬قل‪SS‬ت ي‪SS‬ا أمي‪SS‬ر‬
‫المؤمنين ما ذكرتھا قال‪ :‬وﷲ وأنا ما نسيتھا ‪.‬‬
‫ذي المعالي فليعلون من تعالى ‪ ........‬ھكذا ھكذا وإال فال ال‬
‫من أراد العدل واإلنصاف فليضع نفسه مكان أخيه ‪ ،‬وليفعل ما يرضاه لنفسه‪.‬‬
‫أرض للناس جميعا مثلما ترضى لنفسك ‪ .........‬إنما الن‪S‬اس جميع‪S‬ا كلھ‪S‬م أبن‪S‬اء‬
‫جنسك‬
‫فلھم نفس كنفسك ولھم حس كحسك‬
‫شكا رجل عليا رضي ﷲ عنه على عمر رضي ﷲ عنه فلما جلس عمر لينظر‬
‫في الدعوى قال لعلي‪ :‬ساو خصمك ي‪S‬ا أب‪S‬ا لح‪S‬سن فتغي‪S‬ر وج‪S‬ه عل‪S‬ي رض‪S‬ي ﷲ‬
‫عنه ‪ .‬ثم قضى عمر في الدعوى وذھ‪S‬ب الخ‪S‬صم فالتف‪S‬ت عم‪S‬ر إل‪S‬ى عل‪S‬ي وق‪S‬ال‬
‫علي ‪ :‬ك‪S‬ال ب‪S‬ل ألن‪S‬ك‬‫أأغضبتك يا أبا الحسن إذ سويت بينك وبين خصمك؟ قال ّ‬
‫ل‪S‬م ت‪S‬سوي بين‪S‬ي وبين‪S‬ه ي‪S‬ا أمي‪S‬ر الم‪SS‬ؤمنين لق‪S‬د أكرمتن‪S‬ي ودع‪S‬وتني بكنيت‪S‬ي ي‪S‬ا أب‪SS‬ا‬
‫الح‪SS‬سن ول‪SS‬م تن‪SS‬اد خ‪SS‬صمي بكنيت‪SS‬ه ف‪SS‬ذلك ال‪SS‬ذي أغ‪SS‬ضبني‪ ،‬فقب‪SS‬ل عم‪SS‬ر رأس عل‪SS‬ي‬
‫وقال‪ :‬ال أبقاني ﷲ بأرض ليس فيھا أبو الحسن ‪.‬‬
‫حكموا فكان العدل شرعة حكمھم ‪ ........‬ما الحكم ما السلطان إن لم يعدل‬
‫سارت مبادؤھم وسارت خلفھا ‪ ............‬أفعالھم في موكب متمثل‬
‫شادوا من التقوى أصح مواقف ‪ ............‬وبنوا من الحسنات خير قالع‬

‫*****‬
‫‪١٢‬‬ ‫ال تكن بيتا بال سقف‬ ‫ااإلشارة‬

‫بمعنى ال يزال لسانك رطبا رطبا عل‪S‬ى الطري‪S‬ق ب‪S‬ذكر رب الع‪S‬المين‪ ،‬ف‪S‬ال تك‪S‬ن‬
‫م‪SS‬ن الغ‪SS‬افلين‪ ،‬إن بي‪SS‬ت ب‪SS‬ال س‪SS‬قف ح‪SS‬ري أن يك‪SS‬ون مرتع‪SS‬ا للغب‪SS‬ار والق‪SS‬اذورات‬
‫ومأوى للھوام والحشارت‪ ،‬كذلك أن بيت ال ي‪S‬ذكر ﷲ في‪S‬ه ال س‪S‬قف ل‪S‬ه‪ ،‬خ‪S‬راب‬
‫بلقع ال داع به وال مجيب))مثل البيت الذي يذكر فيه ﷲ والبي‪S‬ت ال‪S‬ذي ال ي‪S‬ذكر‬
‫فيه ﷲ مثل الحي والميت(( – كما في صحيح مسلم رحمه ﷲ‪. -‬‬
‫إن إنسان ال يذكر ﷲ ال سقف له حيبعظم ميت‪:‬‬
‫‪ .........‬فذاك العظم حي وھو ميت‬ ‫إذا ما الحي عاش بعظم ميت‬
‫)) ومثل الذي يذكر ربه والذي ال يذكره كمثل الحي والميت(( – كما ثبت عند‬
‫البخاري رحمه ﷲ ‪. -‬‬
‫والناس صنفان‪ :‬موتى في حياتھم ‪ .....‬وآخرون ببطن األرض أحياء‬
‫فأكثر ذكره في األرض دأبا ‪ ..........‬لتذكر في السماء إذا ذكرتا‬
‫فلم أرى غير حكم ﷲ حكما ً ‪...........‬ولم أر دون ذكر ﷲ بابا‬
‫خذ ما يسرك دع شيئا تضربه ‪ .......‬في طلعة الشمس ما يغنيك عن زحل‬
‫إن جمعا ال يذكر ﷲ فيه ال سقف له مضطرب أرق قلق‪:‬‬
‫كريشة في مھب الريح ساقطة ‪..........‬ال تستقر على حال من القلق‬
‫))والدنيا ملعونة ملعون ما فيھا إال ذكر ﷲ وما وااله وعالم‪S‬ا أو متعلم‪S‬ا((‪ ،‬ف‪S‬ي‬
‫الزھد إلبن المبارك رحم‪S‬ه ﷲ‪ .‬إن أب‪S‬ا م‪S‬سلم الخ‪S‬والني رحم‪S‬ه ﷲ دخ‪S‬ل م‪S‬سجدا‬
‫رأى في‪S‬ه حلق‪SS‬ة ظ‪SS‬نھم ف‪S‬ي ذك‪SS‬ر فجل‪SS‬س إل‪S‬يھم ف‪SS‬إذا ھ‪SS‬م يتح‪S‬دثون ف‪SS‬ي ال‪SS‬دنيا‪ ،‬فق‪SS‬ال‬
‫س‪SS‬بحان ﷲ ھ‪SS‬ل ت‪SS‬درون ي‪SS‬ا ھ‪SS‬ؤالء م‪SS‬ا مثل‪SS‬ي وم‪SS‬ثلكم؟ كمث‪SS‬ل رج‪SS‬ل أص‪SS‬ابه مط‪SS‬ر‬
‫غزي‪SS‬ر فالتف‪SS‬ت ف‪SS‬إذا ھ‪SS‬و بم‪SS‬صارعين عظيم‪SS‬ين فق‪SS‬ال ل‪SS‬و دخل‪SS‬ت ھ‪SS‬ذا البي‪SS‬ت حت‪SS‬ى‬
‫يذھب عني ھذا المطر فدخل فإذا ھو بيت ب‪S‬ال س‪S‬قف‪ ،‬جل‪S‬ست إل‪S‬يكم وأن‪S‬ا أرج‪S‬و‬
‫أن تكونوا على خير وذكر فإذا أنتم أصحاب دنيا‪.‬‬
‫كم حديث يظنه المرء نافعا ‪ ............‬وبه لو درى يكون البالء‬
‫إنه ليس في جالء القلوب واطمئنانھا م‪S‬ن ذك‪S‬ر ﷲ ومناجات‪S‬ه‪ ،‬ول‪S‬يس ھن‪S‬اك م‪S‬ن‬
‫ھو أولى بمالزمة ذكر ﷲ م‪S‬ن الداعي‪S‬ة إل‪S‬ى ﷲ‪ ،‬وكلن‪S‬ا ذل‪S‬ك الرج‪S‬ل ال‪S‬ذي جع‪S‬ل‬
‫محور حياته خدمة ليدن ﷲ فھو أحرى أن ي‪S‬ذكر ﷲ قائم‪S‬ا وقاع‪S‬دا وعل‪S‬ى جن‪S‬ب‬
‫ف‪SS‬ي ك‪SS‬ل ح‪SS‬ين وآن‪ ،‬ف‪SS‬ذكر ﷲ ل‪SS‬ه يرق‪SS‬ق الم‪SS‬شاعر وي‪SS‬وقظ القل‪SS‬وب وال‪SS‬ضمائر‬
‫ويرھف اإلحساس ويشرح الصدور ويسمو بالنفوس ويزكيھا‪ ،‬ويترفع بھا عن‬
‫شھواتھا ويملك جماحھا‪،‬ويرفع الدرجات‪ ،‬ويكفر السيئات وم‪S‬ع ذا خفي‪S‬ف عل‪S‬ى‬
‫اللسان ثقيل في الميزان حبيب إلى الرحمن فمن الخطورة العظيمة أيھا األحب‪S‬ة‬
‫أن نتح‪SS‬ول عل‪SS‬ى منظ‪SS‬رين وخطط‪SS‬ين ث‪SS‬م ال نك‪SS‬ون الرب‪SS‬انيين العاب‪SS‬دين األواب‪SS‬ين‬
‫المفردين ال‪S‬ذاكرين ﷲ كثي‪S‬را والمخبت‪S‬ين فن‪S‬صبح م‪S‬ن المح‪S‬رومين – نع‪S‬وذ ب‪S‬ا‪Z‬‬
‫رب الع‪SS‬المين‪ -‬المح‪SS‬روم م‪SS‬ن نعم‪SS‬ة مالزم‪SS‬ة ذك‪SS‬ر ﷲ مح‪SS‬روم م‪SS‬ن اإلح‪SS‬ساس‬
‫المرھف‪ ،‬والضمير اليقظ الحي‪ ،‬حياته جمود وعطالة وبطال‪S‬ة وانحط‪S‬اط‪ ،‬أن‪S‬ى‬
‫له أن ي‪S‬صل إل‪S‬ى وجھت‪S‬ه؟ إن الم‪S‬سلم ب‪S‬صفة عام‪S‬ة وطال‪S‬ب العل‪S‬م ب‪S‬صفة خاص‪S‬ة‬
‫جدير بان يذكر الناس با‪ Z‬حتى إذا م‪S‬ا رؤي ذك‪S‬ر ﷲ تع‪S‬الى فكي‪S‬ف ب‪S‬ه إن ك‪S‬ان‬
‫غافال؟ أيكون جديرا بالتذكير؟! كال وﷲ‪ ،‬إن فاقد الشيء ال يعطيه ‪.‬‬
‫ھل يطلب الم‪S‬اء مم‪S‬ن ي‪S‬شتكي عط‪S‬شا ‪ ...........‬ھ‪S‬ل يطل‪S‬ب الث‪S‬وب مم‪S‬ن ج‪S‬سمه‬
‫عار‬
‫يا بانيا بالماء حائط بيته ‪ ......‬فوق العباب أرى البناء مھيال‬
‫أرأيت قبلك عاريا ‪ ............‬يبغى نزال الدارعين‬
‫كال‪ .‬إن بحر الحياة الدعوية ليست السباحة فيه بالخطب اليسير‪ ،‬فخير لإلنسان‬
‫أن يأوي إلى سفينة مأمونة الغ‪S‬رق‪ ،‬أال وھ‪S‬ي س‪S‬فينة اإليم‪S‬ان واالطمئن‪S‬ان ب‪S‬ذكر‬
‫الرحمن‪ ،‬كثير ممن يح‪S‬سنون ال‪S‬سباحة غرق‪S‬وا ف‪S‬ي ھ‪S‬ذا البح‪S‬ر وم‪S‬ا رأين‪S‬ا س‪S‬فينة‬
‫اإليمان وذكر الرحمن تغ‪S‬رق في‪S‬ه أب‪S‬دا‪ ،‬وعل‪S‬ى الطري‪S‬ق‪ ) .‬س‪S‬بق المف‪S‬ردون( إن‬
‫القل‪SS‬ب ب‪SS‬ذكر ال‪SS‬رحمن بل‪SS‬د ع‪SS‬امر وح‪SS‬صن محك‪SS‬م م‪SS‬صون‪ ،‬وروض‪SS‬ة مبارك‪SS‬ة ال‬
‫ربھا َ َ ْ ِ ُ‬
‫ويضرب‬ ‫حين ِ ِ ْ ِ‬
‫بإذن َ ﱢ َ‬ ‫تؤتي ُ ُ َ َ‬
‫أكلھا ُك ﱠل ِ ٍ‬ ‫يكان ينفد نعيمھا وال ينضب معينھا‪ِ ْ ُ ) ،‬‬
‫يتذكرون( )ابراھيم‪.(٢٥:‬‬ ‫للناس َ َ ﱠ ُ ْ‬
‫لعلھم َ َ َ ﱠ ُ َ‬ ‫ﷲُ ْ َ ْ َ َ‬
‫األمثال ِ ﱠ ِ‬ ‫ﱠ‬
‫* الذكر مسك والغفلة رماد‪.‬‬
‫* الذكر جواد والغفلة حمار‪.‬‬
‫* فليكن لسان الحال على الطريق ما كنت ألتخطى المسك إلى الرماد‪.‬‬
‫* وال أمتطي الحمار بعد الجواد‬
‫* وإنما يتيمم من لم يجد الماء‪.‬‬
‫* ويرعى الھشيم من عدم الجميم‪.‬‬
‫* ويركب الصعب من ال ذلول له )قد قاله ابن زيدون(‪.‬‬
‫أما لسان المقال‪:‬‬
‫فالعز داري وبحر العزم راحلتي ‪ ........‬والذكر أنسي ومن وااله إخواني‬
‫فيا قدمي ال سرت بي لمذلة ‪ ............‬ولم ترتقي إال إلى العز سلما‬

‫‪١٣‬‬ ‫من حسن إسالم المرء تركه ما ال يعنيه‬ ‫ااإلشارة‬


‫قل خيرا تغنم أو اسكت عن سوء تسلم‪ ،‬إن من ش‪S‬أن ال‪S‬ساعي عل‪S‬ى الطري‪S‬ق أن‬
‫يقب‪SS‬ل عل‪SS‬ى ك‪SS‬ل أم‪SS‬ر ينفع‪SS‬ه‪ ،‬وأن ي‪SS‬سلك ال‪SS‬سبل المف‪SS‬ضية إل‪SS‬ى م‪SS‬ا رام‪SS‬ه وأمل‪SS‬ه‬
‫ويجتنب كل أمر يعوقه ويقط‪S‬ع س‪S‬يره‪ ،‬ويت‪S‬أبى بنف‪S‬سه ع‪S‬ن ك‪S‬ل م‪S‬ا م‪S‬ن ش‪S‬أنه أن‬
‫ين‪SS‬زل ق‪SS‬دره ويق‪SS‬ضي عل‪SS‬ى وقت‪SS‬ه وحيات‪SS‬ه ورأس مال‪SS‬ه‪ ،‬ت‪SS‬راه مترفع‪SS‬ا ھ‪SS‬ن اللھ‪SS‬و‬
‫واللغو قد شغل نفسه بما يفيدھا في آخرتھا ودنياھا في ح‪S‬دود م‪S‬ا أذن ﷲ ل‪S‬ه ب‪S‬ه‬
‫فإذا عرض له في حياته أمر من اللغو أعرض عنه وأكرم نفسه عنه‪ ،‬إذ زمن‪S‬ه‬
‫عنده ثمين‪ ،‬فال متسع عنده للغو وال لھو مھين‪ ،‬فإليك أخي المسافر العاقل على‬
‫الطريق ھذه اللفتة البن الق‪S‬يم رحم‪S‬ه ﷲ يق‪S‬ول فيھ‪S‬ا ‪) :‬اش‪S‬غل نف‪S‬سك فيم‪S‬ا يعني‪S‬ك‬
‫دون ما ال يعنيك فالفكر في ما ال يعني ب‪S‬اب ك‪S‬ل ش‪S‬ر‪ ،‬وم‪S‬ن فك‪S‬ر فيم‪S‬ا ال يعني‪S‬ه‬
‫فاته ما يعنيه‪ ،‬فأياك ثم أياك أن تمكن الشيطان م‪S‬ن أفك‪S‬ارك فإن‪S‬ه يف‪S‬سدھا علي‪S‬ك‬
‫إف‪SS‬سادا ي‪SS‬صعب تدارك‪SS‬ه ويلق‪SS‬ي إلي‪SS‬ك الوس‪SS‬واس ويح‪SS‬ول بين‪SS‬ك وب‪SS‬ين الفك‪SS‬ر فيم‪SS‬ا‬
‫ينفعك ‪ ،‬أياك ان تعينه على نفسك بتمكينه من قلبك‪ .‬فمثالك معه كمثال صاحب‬
‫رحى يطح‪S‬ن فيھ‪S‬ا الحب‪S‬وب فأت‪S‬ه ش‪S‬خص مع‪S‬ه حم‪S‬ل ت‪S‬راب وبع‪S‬ر وفح‪S‬م وغث‪S‬اء‬
‫ليطحنه في طاحونك فإن طردته ولم تمكنه من إلقاء ما مع‪S‬ه ف‪S‬ي الط‪S‬احون فق‪S‬د‬
‫واصلت على طحن ما ينفعك‪ ،‬وإن مكنته من إلقاء ما مع‪S‬ه ف‪S‬ي الط‪S‬احون أف‪S‬سد‬
‫عليك ما في الطاحون من الحب فخرج الطحين كله فاسدا(‪.‬‬
‫فيترك ماؤكم من غير ورد ‪ ..........‬وذاك لكثرة األخالط فيه‬
‫فاللبيب يفكر فيما يعنيه بل فوق ذلك قد علم أن كالمه من عمل‪S‬ه فق‪S‬ل كالم‪S‬ه إال‬
‫فيما يعنيه وينفعه ‪.‬‬
‫وان لسان المرء ما لم تكن له ‪ ......‬حصاة على عوراته لدليل‬
‫ال خير في حشو الكالم ‪ ............‬إذا اھتديت إلى عيونه‬
‫والصمت أجمل بالفتى ‪ ............‬من منطق في غير حينه‬
‫يقول إبن عباس رضي ﷲ عنھما ‪ :‬ال تتكلم فيما ال يعني‪S‬ك فإن‪S‬ه ف‪S‬ضل وال آم‪S‬ن‬
‫عليك الزور وال ت‪S‬تكلم فيم‪S‬ا يعني‪S‬ك حت‪S‬ى تج‪S‬د ل‪S‬ه موض‪S‬عا ف‪S‬رب م‪S‬تكلم ف‪S‬ي أم‪S‬ر‬
‫يعنيه قد وضعه في غير موضعه فأعنته‪.‬‬
‫ووضع الندى في موضع السيف ‪ .......‬مضر كوضع السيف في موضع الندى‬
‫واألدب النافع حسن السمت ‪ ............‬وفي كثير القول بعض المقت‬
‫يقول عطاء بن رب‪S‬اح رحم‪S‬ه ﷲ‪ :‬أم‪S‬ا ي‪S‬ستحي اح‪S‬دكم ل‪S‬و ن‪S‬شرت ص‪S‬حيفته الت‪S‬ي‬
‫أملى في صدر نھاره وليس فيھا شيء من أمر آخرته ينفعه واھا ً ثم واھا ً‪..‬‬
‫إن الشجاعة في القلوب كثيرة ‪ ........‬ووجدت شجعان العقول قليال‬
‫دخلوا على أبي دجانة رضي ﷲ عنه وھو مريض فكان وجھه يتھلل فقي‪S‬ل ل‪S‬ه‪:‬‬
‫ما بال وجھك يتھلل يرحمك ﷲ؟ فقال‪ :‬ما من عمل شيء أوثق عندي من إثنين‬
‫يلقاھ‪S‬ا ِ ﱠإال ﱠ ِ َ‬
‫ال‪S‬ذين‬ ‫وم‪S‬ا ُ َ ﱠ َ‬
‫كنت ال أتكلم فيما ال يعنيني وك‪S‬ان قلب‪S‬ي للم‪S‬سلمين س‪S‬ليما ) َ َ‬
‫عظيم( )فصلت‪.(٣٥:‬‬ ‫يلقاھا ِ ﱠإال ُذو َ ﱟ‬
‫حظ َ ِ ٍ‬ ‫وما ُ َ ﱠ َ‬
‫صبروا َ َ‬
‫ََُ‬
‫ودخل رجل فضولي على داود الطائي رحمه ﷲ زائرا فقام يتفق‪S‬د البي‪S‬ت فق‪S‬ال‪:‬‬
‫ً‬
‫مك‪S‬سورا‪ ،‬ق‪S‬ال‪ :‬ي‪S‬ا اب‪S‬ن اخ‪S‬ي إن ل‪S‬ي ف‪S‬ي البي‪S‬ت‬ ‫يا إمام إن في سقف بيت‪S‬ك ج‪S‬ذعا‬
‫عشرين سنة ما تأملت سقفه مالك وله رحمك ﷲ ‪ ،‬من حسن إسالم المرء ترك‬
‫ما ال يعنيه ‪.‬‬
‫فأولى لكم ثم أولى لكم ‪ ........‬مزيد من الصحو واليقظة‬
‫ھذا واقعنا؛ حديث ب‪S‬ال فائ‪S‬دة‪ ،‬وأس‪S‬ئلة ب‪S‬ال نھاي‪S‬ة‪ ،‬وتف‪S‬صيل ال يفي‪S‬د متح‪S‬دثا‪ ،‬وال‬
‫‪S‬سا‪ ،‬ت‪SS‬ضييع للطاق‪SS‬ات والعم‪SS‬ار س‪SS‬دى‪ ،‬وتل‪SS‬ك داھي‪SS‬ة‬‫ينف‪SS‬ع م‪SS‬ستمعا‪ ،‬وال يزك‪SS‬ي نف‪ً S‬‬
‫وﷲ‪ ،‬وأدھى من ذلك من ال يكتفي بتضييع وقته في اللھو واللغو حت‪S‬ى ي‪S‬شتريه‬
‫ويضل إنھا الفاقرة ونسأل ﷲ العافية ‪ ،‬لقد خلق ﷲ ھذه ال‪S‬نفس‬ ‫فيضل به ُ‬ ‫بماله َ ِ‬
‫شبيھة بالرحي الدائرة التي ال تقف أبدا وال تسكن فال ب‪S‬د لھ‪S‬ا م‪S‬ن ش‪S‬يء تطحن‪S‬ه‬
‫– كما يقول ابن القيم رحمه ﷲ‪ -‬ف‪S‬إن وض‪S‬ع فيھ‪S‬ا ح‪S‬ب طحنت‪S‬ه وإن وض‪S‬ع فيھ‪S‬ا‬
‫تراب أو حصى طحنته ول‪S‬ن تبق‪S‬ى الرح‪S‬ى معطل‪S‬ة أب‪S‬دا ب‪S‬ل ال ب‪S‬د لھ‪S‬ا م‪S‬ن ش‪S‬يء‬
‫يوضع فيھا فمن الناس من تطحن رخاه حبا يخرج دقيقا ينفع به نف‪S‬سه وغي‪S‬ره‪،‬‬
‫وأكثرھم يطحن رمال وح‪S‬صى وتبن‪S‬ا‪ ،‬ف‪S‬إذا ج‪S‬اء وق‪S‬ت العج‪S‬ين والخب‪S‬ز تب‪S‬ين ل‪S‬ه‬
‫حقيقة طحنه‪.‬‬
‫وكل ما يزرع اإلنسان يحصده ‪ .......‬فأحسن الزرع يحسن حين يحتصد‬
‫ورحم ﷲ ابن بشار يوم قال متحدثا بنعمة ﷲ عليه ‪ :‬منذ ثالث‪S‬ين س‪S‬نة م‪S‬ا تكلم‪S‬ة‬
‫بكلم‪SS‬ة أحت‪SS‬اج أن أعت‪SS‬ذر عنھ‪SS‬ا‪ .‬وانظ‪SS‬ر أخ‪SS‬ي ألح‪SS‬د ال‪SS‬سلف ي‪SS‬وم أراد أن يطل‪SS‬ق‬
‫زوجته ألمر ما‪ ،‬فقيل له ما يسوؤك منھا ؟ قال‪ :‬أن‪S‬ا ال أھت‪S‬ك س‪S‬تر زوجت‪S‬ي‪ ،‬ث‪S‬م‬
‫طلقھا بعد ذل‪S‬ك ‪ .‬فقي‪S‬ل ل‪S‬ه ‪ :‬لم‪S‬ا طلقتھ‪S‬ا ؟ ق‪S‬ال‪ :‬م‪S‬الي ولك‪S‬الم ع‪S‬ن إم‪S‬رأة أجنبي‪S‬ة‬
‫عني‪ ،‬من حسن اسالم المرء ترك ما ال يعنيه‪.‬‬
‫مجالسھم مثل الرياض أنيقة ‪ ..........‬لقد طاب منھا اللون والريح والطعم‬
‫كيف لو خطر ببال أحدنا أن يسجل ما يتحدث به في مجلس واحد‪ ،‬إنه بال ش‪S‬ك‬
‫سيرى كما ھائالً من األوراق‪ ،‬ولو حاسب نفسه منصفا لوجد كثير من الزالت‬
‫والسقطات فنسال ﷲ الثبات والعفو والصفح عن الزالت ‪ .‬إن نسيت ف‪S‬ال أن‪S‬سى‬
‫أن أنبه أن مما يعنيك بل مما يجب عليك األمر بالمعروف والنھي ع‪S‬ن المنك‪S‬ر‬
‫وال‪SS‬دعوة إل‪SS‬ى ﷲ ع‪SS‬ز وج‪SS‬ل عل‪SS‬ى ب‪SS‬صيرة ول‪SS‬و ك‪SS‬ره ذل‪SS‬ك الف‪SS‬ساق والمجرم‪SS‬ون‬
‫وقالوا لك‪ :‬من حسن اسالم المرء تركه ما ال يعنيه‪ ،‬ف‪S‬إن المقي‪S‬اس ل‪S‬يس ھ‪S‬واھم‬
‫بل شرع ربنا وموالھم ‪.‬‬
‫وما على العنبر الفواح من حرج ‪ ..........‬أن مات من شمه الزبال والجعل‬
‫دع اخي ما ال يعنيك ولو كان مباحا‪ ،‬فإنه تضييع لزمانك‪ ،‬واس‪S‬تبدال لل‪S‬ذي ھ‪S‬و‬
‫ادنى بالذي ھو خير ‪ ،‬وكم من كلمة ُبني بھا قصر في الحنة ب‪S‬ل ھ‪S‬ي كن‪S‬ز م‪S‬ن‬
‫كن‪SS‬وز الجن‪SS‬ة‪ ،‬وك‪SS‬م م‪SS‬ن اخ‪SS‬رى باع‪SS‬دت بين‪SS‬ك وب‪SS‬ين ال‪SS‬سبل المف‪SS‬ضية إل‪SS‬ى الجن‪SS‬ة‪،‬‬
‫رزقنا ﷲ وإياك الجنة بمنه‪.‬‬
‫ال يضيع يومك في التيه ‪ ...........‬كما قد ضاع امسك‬

‫*****‬

‫‪١٤‬‬ ‫كن طبيبا رفيقا يضع دواءه حيث ينفع‬ ‫ااإلشارة‬

‫بمعن‪SS‬ى ال ت‪SS‬ضع العل‪SS‬م عن‪SS‬د غي‪SS‬ر أھل‪SS‬ه فتجھ‪SS‬ل‪ ،‬وال تمن‪SS‬ع العل‪SS‬م أھل‪SS‬ه فت‪SS‬أثم‪ ،‬م‪SS‬ن‬
‫الناس من يطلب العلم لشر كامن ومكر باطن فيستعمله في شبه دينية‪ ،‬وتلب‪S‬يس‬
‫دنيء وحي‪S‬ل فقھي‪S‬ة ف‪S‬ال يع‪S‬ان عل‪S‬ى إم‪S‬ضاء مك‪S‬ره وإكم‪S‬ال ش‪S‬ره ب‪S‬ل مھ‪S‬ان غي‪S‬ر‬
‫مكرم ُيحرمه‪ ،‬ومنھم من ھو بلي‪S‬د ال‪S‬ذھن‪ ،‬بعي‪S‬د الفطن‪S‬ة‪ ،‬ف‪S‬ال يحم‪S‬ل علي‪S‬ه بكثي‪S‬ر‬
‫العلم فيظلم‪ ،‬واليمنع م‪S‬ن الي‪S‬سير فيح‪S‬رم‪ ،‬وإنم‪S‬ا ينف‪S‬ع س‪S‬مع اآلذان إذا ق‪S‬وي فھ‪S‬م‬
‫القلوب في األبدان‪ ،‬وقد صدق القائل ونصح يوم قال‪:‬‬
‫ال تؤتين العلم إلى إمرءا ‪ ...........‬يعين باللب على درسه‬
‫ويمنع من كثيره أيضا السفھاء الذين إن سكت ل‪S‬م ي‪S‬سألوك وإن تكلم‪S‬ت ل‪S‬م يع‪S‬وا‬
‫عنك وإن رأوا حسنا دفنوه‪ ،‬وإن رأوا سيئا أذاع‪S‬وه‪ ،‬وإن يعلم‪S‬وا الخي‪S‬ر أخف‪S‬وه‪،‬‬
‫وإن علموا ش‪S‬را أذاع‪S‬وا‪ ،‬وإن ل‪S‬م يعلم‪S‬وا ك‪S‬ذبوا‪ ،‬وإن ح‪S‬اورتھم ش‪S‬تموا‪ ،‬وعلي‪S‬ك‬
‫جھلوا‪.‬‬
‫كحمار السوء إن أشبعته ‪ ...........‬رمح الناس وإن جاع نھق‬
‫فإذا حملت إلى سفيه حكمة ‪ .........‬فلقد حملت بضاعة ال تنفق‬
‫ھذا كله يحتاج إلى فراسة وممارسة ومران واختبار يتوس‪S‬م م‪S‬ن خالل‪S‬ه الم‪S‬تعلم‬
‫حقا من غيره‪ ،‬كفراسة ابن عباس رضي ﷲ عنه يوم قال ‪ :‬ما سألني س‪S‬ائل إال‬
‫عرفت أفقي‪S‬ه ھ‪S‬و أم غي‪S‬ر فقي‪S‬ه ‪.‬أو كفراس‪S‬ة األعم‪S‬ش رحم‪S‬ه ﷲ ي‪S‬وم رأى ش‪S‬عبة‬
‫رحمه ﷲ يحدث قوما يرى أنھم غير أھل للحديث فق‪S‬ال‪ :‬ويح‪S‬ك ي‪S‬ا ش‪S‬عبة تعل‪S‬ق‬
‫اللؤلؤ على الخنازير ‪.‬‬
‫فإن عناء أن تفھم جاھال ‪ .........‬فيحسب جھالً أنه منك أفھم‬
‫متى يبلغ البنان يوما تمامه ‪ ........‬إذا كنت تبنيه وغيرك يھدم‬
‫ف‪SS‬ال تح‪SS‬دث بالحكم‪SS‬ة عن‪SS‬د ال‪SS‬سفھاء فيك‪SS‬ذبوك‪ ،‬وال تح‪SS‬دث بالباط‪SS‬ل عن‪SS‬د الحكم‪SS‬اء‬
‫فيمقتوك‪ ،‬إن وضع العلم عند غير أھله كمقل‪S‬د الخن‪S‬ازير اللؤل‪S‬ؤ والج‪S‬وھر فلك‪S‬ل‬
‫تربة غرس ولكل بناء أس‪.‬‬
‫فجرد السيف في يوم يفيد به ‪ ..........‬فإن للسيف يوما ثم ينصرم‬
‫عرف ذلك العلماء حقا حتى قال قائلھم وھو عكرمة ‪ :‬إن لھذا العلم ثمنا ً فقدروا‬
‫له قدره‪ ،‬قيل وما ثمنه؟ قال‪ :‬أن تضعه عند من يحفظه وال ي‪S‬ضيعه‪ .‬ورح‪S‬م ﷲ‬
‫اب‪SS‬ن ح‪SS‬زم ف‪SS‬ي ذل‪SS‬ك ح‪SS‬ين ق‪SS‬ال‪) :‬ن‪SS‬شر العل‪SS‬م عن‪SS‬د م‪SS‬ن ل‪SS‬يس م‪SS‬ن أھل‪SS‬ه مف‪SS‬سد لھ‪SS‬م‪.‬‬
‫كإطعامك الحلوى من به احتراق وحمى‪ ،‬أو كتـشميمك المسك والعنب‪S‬ر م‪S‬ن ب‪S‬ه‬
‫صداع من احتدام الصفرا(‪.‬‬
‫عي وال خرس‬ ‫قالوا نراك طويل الصمت قلت لھم ‪ ....‬ما طول صمتي من ّ‬
‫أأنشر البز فيمن ليس يعرفه ‪ ...........‬أم أنشر الدر بين العمى في الغلس‬
‫فمن حوى العلم ثم أودعه ‪ ..............‬بجھله غير أھله ظلمه‬
‫وكان كالمبتـني البناء إذا ‪ .............‬تم له ما أراده ھدمه‬
‫وقد قالھا الشافعي رحمه ﷲ في مصر مدوية عندما كلمة من ال يرى فقه فقال‪:‬‬
‫أأنثر در بين راعية الغنم ‪ ...........‬وأنشر منظوما لراعية النعم‬
‫ضيعت في شر بلدة ‪ ....‬فلست مضيعا بينھم غرر الكلم‬ ‫لئن كنت قد ُ‬
‫فإن فرج ﷲ الكريم بلطفه ‪ ..........‬وأدركت أھال للعلوم وللحكم‬
‫بثثت مفيدا واستفدت ودادھم ‪ ........‬وإال فمخزون ّ‬
‫لدي ومكتـتم‬
‫ومن منح الجھال علما أضاعه ‪ .....‬ومن منع المستوجبـين فقد ظلم‬
‫وقد أحسن أيضا وحلق يوم قال‪:‬‬
‫العلم جھل عند أھل الجھل ‪ ........‬كما الجھل جھل عند أھل العلم‬
‫ومنزلة الفقيه من السفيه ‪ ..........‬كمنزلة السفيه من الفقيه‬
‫فھذا زاھد في قرب ھذا ‪ ..........‬وھذا فيه أزھد منه فيه‬
‫الطريق أخي ضع العلم في أھله عل‪S‬ى تف‪S‬اوت فال‪S‬ذكي يحت‪S‬اج إل‪S‬ى الزي‪S‬ادة‬ ‫ِ‬ ‫فعلى‬
‫والبلي‪SS‬د يكتف‪SS‬ي بالقلي‪SS‬ل وال‪SS‬سفيه يمن‪SS‬ع ويزج‪SS‬ر وذو ال‪SS‬شر ي‪SS‬ذل ويح‪SS‬رم وال يع‪SS‬ان‬
‫ويكرم والجميع يذكر ويعظ‪ِ) ،‬كل على الطريق لكل سالك بمعيار عقله وزن له‬
‫بميزان فھمه حتى تسلم منه وينتفع بك وإال وقع اإلنكار لتفاوت المعيار( ولكل‬
‫ثواب البس ولكل علم قابس‪.‬‬
‫فال تكون كمن ألقى رحالته ‪ ...........‬على الحمار وخلى صھوة الفرس‬
‫وقفة جانبية على الطريق‪ :‬عرض وال تصرح فالحال ناطقة ‪.‬‬
‫أقول وستر الدجى مسبل ‪ ..........‬كما قال حين شكا الضفدع‬
‫كالمي إن قلته ضائع ‪ .............‬وفي الصمت حتفي فما أصنع‬

‫*****‬
‫‪١٥‬‬ ‫كل البقل وال تسل عن المبقلة‬ ‫ااإلشارة‬

‫بمعنى خذھا من أي وعاء خرجت‪ ،‬الحكمة ضالة المؤمن أني وجدھا فھو أحق‬
‫بھا‪ ،‬فال تحقر على الطريق أحداً أن تأخذ منه الحكمة‪ ،‬فق‪S‬د يوج‪S‬د م‪S‬ن النھ‪S‬ر م‪S‬ا‬
‫ال يوجد في البحر‪ ،‬والدر در ثمين أينما كانا‪ ،‬ورسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‬
‫وھو األسوة والقدوة قد أقر أبا ھريرة رضي ﷲ عنه على أن يأخذ ما فيه نفع‪S‬ه‬
‫من أخبث مخلوق وھو إبليس ال‪S‬ذي ك‪S‬ان ي‪S‬سرق م‪S‬ن التم‪S‬ر الموك‪S‬ل بحفظ‪S‬ه أب‪S‬و‬
‫ھري‪SS‬رة ث‪SS‬م افت‪SS‬دى نف‪SS‬سه م‪SS‬ن أب‪SS‬ي ھري‪SS‬رة بتعليم‪SS‬ه آي‪SS‬ة الكرس‪SS‬ي كح‪SS‬افظ ل‪SS‬ه م‪SS‬ن‬
‫الشيطان حتى ي‪S‬صبح‪ ،‬فلم‪S‬ا أخب‪S‬ر أب‪S‬و ھري‪S‬رة رس‪S‬ول ﷲ ص‪S‬لى ﷲ علي‪S‬ه وس‪S‬لم‬
‫بذلك قال‪)) :‬صدقك وھو كذوب((‪.‬‬
‫فالحكمة قد يتلقاھا الفاجر وھو الينتفع بھا وتؤخذ عنه وينتفع بھ‪S‬ا‪ ،‬والك‪S‬ذاب ق‪S‬د‬
‫يصدق فاعلم وحقق‪.‬‬
‫ال تحقرن الرأي وھو موافق ‪ ..........‬حكم الصواب إذا أتى من ناقص‬
‫فالدر وھو أعز شيء يقتـنى ‪ ..........‬ما حط قيمته ھوان الغائص‬

‫*****‬
‫‪١٦‬‬ ‫إحترام الحقيقة‬ ‫اإلشارة‬

‫وتجن‪SS‬ب االغ‪SS‬راق ف‪SS‬ي المبالغ‪SS‬ة فھ‪SS‬ي قبيح‪SS‬ة ت‪SS‬شوه الحقيق ‪S‬ة تق‪SS‬رب البعي‪SS‬د وتبع‪SS‬د‬
‫القريب وتظھر غبشا في الرؤية عل‪S‬ى الطري‪S‬ق‪ ،‬إنھ‪S‬ا س‪S‬ماجة واس‪S‬تخفاف بعق‪S‬ل‬
‫السامع وسخرية م‪S‬ن وجدان‪S‬ه )تھوي‪S‬ل وتزيي‪S‬ف للواق‪S‬ع ش‪S‬طط وتفخ‪S‬يم وت‪S‬ضخيم‬
‫ضد الحقيقة بل عجز عن رؤية الواقع كما ھو عليه(‪.‬وضعف في مشين ‪.‬‬
‫حتى يرى سيئا ما ليس بالسوأى ‪ ........‬وكي يرى حسنا ً ما ليس بالحسن‬
‫اإلغ‪SS‬راق ف‪SS‬ي المبالغ‪SS‬ة س‪SS‬لبية ف‪SS‬ي حي‪SS‬اة عام‪SS‬ة الن‪SS‬اس وھ‪SS‬ي ظ‪SS‬اھرة ف‪SS‬ي س‪SS‬لوك‬
‫المجتمع واألسرة والفرد وقد تعالج بمثلھا‪ ،‬داء بداء فأين الدواء؟ وھاك المثال‪:‬‬
‫)جاء طفل مسرع نحو أمه قائالً ‪ :‬لقد وجدت في الحمام فأرا يام‪S‬اه مث‪S‬ل الفي‪S‬ل‪،‬‬
‫فردت عليه األم مؤنبة ل‪S‬ه ‪ :‬قل‪S‬ت ل‪S‬ك ملي‪S‬ون م‪S‬رة ال تب‪S‬الغ ‪ .‬فق‪S‬ل ل‪S‬ي ب‪S‬ا‪ Z‬أيھم‪S‬ا‬
‫أكثر مبالغة‪ ،‬أليس الطفل معذورا فيما اخبر به عن أمه؟ بلى( وحالة‪:‬‬
‫محضتني النصح لكن لست تعمله ‪ .........‬فأنت أولى بذا مني على خجل‬
‫ھذا على مستوى األسرة والعامة وتلك وﷲ فاقرة وقبيحة وقاص‪S‬مة ولكنھ‪S‬ا ف‪S‬ي‬
‫حق طالب العلم واألخيار ثغرة كبيرة في جدار بنيانھم التربوي ال تكاد تسد‪.‬‬
‫فكل كسوف في الدراري شنيعة ‪ .........‬ولكنه في الشمس والبدر أشنع‬
‫إنھ‪SS‬ا تظھ‪SS‬ر جلي‪SS‬ة م‪SS‬شينة ف‪SS‬ي الحك‪SS‬م عل‪SS‬ى اآلخ‪SS‬رين ق‪SS‬دحا وم‪SS‬دحا فھ‪SS‬ذا يم‪SS‬دح‬
‫ممدوح‪SS‬ه حت‪SS‬ى يوص‪SS‬له ذرى الجب‪SS‬ال ف‪SS‬ال ت‪SS‬زال ت‪SS‬سمع م‪SS‬ا يل‪SS‬ي‪ :‬ف‪SS‬ال إب‪SS‬ن تيمي‪SS‬ة‬
‫عصره وابن حجر زمانه وبخاري أوانه ‪..‬ليس له مثال ‪..‬عالمة فھام‪S‬ة ‪..‬حت‪S‬ى‬
‫إذا م‪SS‬ا ح‪SS‬صل أم‪SS‬ر – أي أم‪SS‬ر‪ -‬تغي‪SS‬ر وتب‪SS‬دل وص‪SS‬ار األن‪SS‬ف ذنب‪SS‬ا ً ون‪SS‬صبت ل‪SS‬ه‬
‫المجانيق وأرسلت الصواعق وسلت السيوف ورفعت المعاول ومن قمم الجبال‬
‫إلى حضيض اإلھمال فإذا ھو مارد خرج من قمقمه فإياك وإي‪S‬اه ال تتب‪S‬ع أقوال‪S‬ه‬
‫‪ ..‬إن‪SS‬ه غ‪SS‬او وم‪SS‬ضل م‪SS‬ا رق معان‪SS‬د خ‪SS‬ائن فاس‪SS‬د العقي‪SS‬دة أش‪SS‬ر عل‪SS‬ى اإلس‪SS‬الم م‪SS‬ن‬
‫اليھود والنصارى‪ ،‬حيف وظلم وشطط وجور وعدم اتزان وتدمير جنان ‪.‬‬
‫يا عين سحي يا قلوب تفطري ‪ ........‬يا نفس رقي يا مروءة نادي‬
‫إن دام ھذا ولم يحدث له غير ‪ .........‬لم يبك ميت ولم يفرح بمولود‬
‫يا معشر القراء يا ملح البد ‪ ...........‬ما يصلح الملح إذا الملح فسد‬
‫ورحم ﷲ القائل يوم قال‪ :‬وﷲ إن األمة لن تأخذ موضعھا بين األمم حتى تضع‬
‫الكلمة في موضعھا ‪.‬‬
‫كيف تحيا أمة قد ودعت ‪ ........‬كلمة العدل ولم تدكر‬
‫فھي‪SS‬ا أخ‪SS‬ي ‪...‬أقب‪SS‬ل بقلب‪SS‬ك وقالب‪SS‬ك واس‪SS‬مع إل‪SS‬ى ص‪SS‬احب )كي‪SS‬ف تح‪SS‬اور( وھ‪SS‬و‬
‫يخاطبك قائال‪) :‬لتبتع‪S‬د ع‪S‬ن تھ‪S‬وين م‪S‬ا ال يعجب‪S‬ك وتھوي‪S‬ل م‪S‬ا يعجب‪S‬ك‪ ،‬فإن‪S‬ك إن‬
‫اش‪S‬تھرت ب‪S‬ذلك فسن‪S‬ضطر لت‪SS‬ـفحص عيني‪S‬ك عن‪S‬د س‪SS‬ماع جدي‪S‬د األخب‪S‬ار من‪SS‬ك ( ‪.‬‬
‫نعم! إن الحقيق‪S‬ة غالي‪S‬ة عن‪S‬د أص‪S‬حاب النف‪S‬وس القويم‪S‬ة والعق‪S‬ول الم‪S‬ستقيمة ول‪S‬و‬
‫كانت ف‪S‬ي غي‪S‬ر ص‪S‬الحھم فھ‪S‬ي عل‪S‬ى مرارتھ‪S‬ا ثمين‪S‬ة ‪ .‬أم‪S‬ا غي‪S‬رھم فيخ‪S‬دع نف‪S‬سه‬
‫ويخدع غيره‪.‬‬
‫فال تغل في شيء من األمر واقتصد ‪ ...‬كال طرفي قصد األمور ذميم‬
‫بالملح نصلح ما نخشى تغيره ‪ ..........‬فكيف بالملح إن حلت به الغير‬
‫صور العمى شتى وأقبحھا إذا ‪ ..........‬نظرت بغير عيونھن الھام‬
‫دواؤك منك وال تشعر‪ ..................‬ودواؤك فيك وال تبصر‬

‫*****‬

‫‪١٧‬‬ ‫األصل في المسلم السالمة‬ ‫ااإلشارة‬

‫من المبادئ المھمة في التعامل على الطريق بين الم‪S‬سلمين إح‪S‬سان الظ‪S‬ن بھ‪S‬م‪،‬‬
‫وخلع المنظار األسود عند النظر إلى مواقفھم وأعمالھم فكيف بنياتھم‪ ،‬والحك‪S‬م‬
‫على سرائرھم التي علمھا عند من ال تخفى عليه خافية وال يغيب عنه س‪S‬ر وال‬
‫عالنية‪ ،‬األصل في المسلم ال‪S‬ستر وال‪S‬صيانة حت‪S‬ى تظھ‪S‬ر من‪S‬ه الخيان‪S‬ة لك‪S‬ن م‪S‬ن‬
‫الناس من منظاره أسود‪ ،‬أفھام ا لناس عنده سقيمه ومقاصدھم سيئة‪ ،‬كلما سمع‬
‫من إنسان خيرا كذبه‪ ،‬وكلما ذكر عنده احد بخير طعن فيه وجرحه ‪.‬‬
‫ھم الشوك والورد أقرانھم ‪ ........‬وليس لدى الشوك غير اإلبر‬
‫فكنت كذئب السوء لما رأى دما‪ .......‬بصاحبه يوما أحال على الدم‬
‫يقولون لي أھال وسھال ومرحبا‪ .......‬ولو ظفروا بي ساعة قتلوني‬
‫مبدع؛ لكنه إبداع سلبي ‪ ،‬مبدع في تحطيم م‪S‬ا بين‪S‬ه وم‪S‬ا ب‪S‬ين الن‪S‬اس م‪S‬ن ج‪S‬سور‬
‫الثق‪SS‬ة وال‪SS‬ذي يري‪SS‬د ھداي‪SS‬ة الن‪SS‬اس يبن‪SS‬ي ج‪SS‬سور الثق‪SS‬ة بين‪SS‬ه وب‪SS‬ين الن‪SS‬اس ليك‪SS‬سب‬
‫القلوب ليزرع فيھا خوف وحب عالم الغيوب‪.‬‬
‫ھاھو الشيخ العز بن عب‪S‬د ال‪S‬سالم رحم‪S‬ه ﷲ لق‪S‬ي ف‪S‬ي ص‪S‬نوف األذى عل‪S‬ى ي‪S‬دي‬
‫األش‪S‬رف موس‪SS‬ى م‪S‬ا لق‪SS‬ي ث‪S‬م رج‪SS‬ع األش‪SS‬رف إل‪S‬ى الح‪SS‬ق بع‪S‬د م‪SS‬ا تب‪S‬ين ل‪SS‬ه وأح‪SS‬ب‬
‫ال‪S‬شيخ حب‪SS‬ا ً جم‪S‬ا ً وقدم‪SS‬ه عل‪S‬ى غي‪SS‬ره وعم‪S‬ل بفت‪SS‬اواه ولم‪S‬ا م‪SS‬رض األش‪S‬رف ق‪SS‬ال‪:‬‬
‫ياعز اجعلني في حل وادع لي فقال الشيخ‪ :‬أم‪S‬ا محاللت‪S‬ك ف‪S‬إني ك‪S‬ل ليل‪S‬ة أحال‪S‬ل‬
‫الخلق وأبيت وليس عندي ألحد مظلمة وأرى أن يكون أجري على ﷲ ال على‬
‫ﷲِ ِإنﱠ‪SS‬هُ ال ُ ِ‬
‫يح‪SS‬بﱡ‬ ‫‪S‬لح فَ‪ُ ْ َ S‬‬
‫‪S‬أجرهُ َعلَ‪SS‬ى ﱠ‬ ‫فم‪Sْ S‬ن َعفَ‪SS‬ا َ َ ْ‬
‫وأص‪َ َ S‬‬ ‫عب‪SS‬اد ﷲ عم‪SS‬ال بق‪SS‬ول ﷲ ‪َ َ ) :‬‬
‫لمين( )الشورى‪(٤٠:‬‬ ‫ﱠ‬
‫الظا ِ ِ َ‬
‫صفوح عن اإلجرام حتى كأنه ‪ .......‬من العفو لم يعرف من الناس مجرما‬
‫وليس يبالي أن يكون به األذى ‪ .......‬إذا ما األذى لم يغشى بالكره مسلما‬
‫ثم أوصاه الشيخ بالصلح مع أخيه فتم له ذلك ثم ذك‪S‬ره بمن‪S‬ع المنك‪S‬رات وإبط‪S‬ال‬
‫ما يمارس العمال م‪S‬ن الموبق‪S‬ات م‪S‬ن إباح‪S‬ة الف‪S‬روج وإدم‪S‬ان الخم‪S‬ور وارتك‪S‬اب‬
‫الفج‪SS‬ور وق‪SS‬ال ل‪SS‬ه إن أف‪SS‬ضل م‪SS‬ا تلق‪SS‬ى ﷲ ب‪SS‬ه أن تبط‪SS‬ل ذل‪SS‬ك ف‪SS‬ي مملكت‪SS‬ك ف‪SS‬أمر‬
‫بإبطال ذلك لكه وقال للشيخ‪ :‬جزاك ﷲ خيرا وجمع بيني وبينك في الجنة بمن‪S‬ه‬
‫وكرم‪SS‬ه ولق‪SS‬ي ﷲ فرحم‪SS‬ه ﷲ ‪ .‬ھك‪SS‬ذا –أخ‪SS‬ي‪ -‬يج‪SS‬ب أن نك‪SS‬ون م‪SS‬ن ح‪SS‬سن الظ‪SS‬ن‬
‫بالمسلمين حتى نصل بدعوتنا إلى سويداء قلوب المدعوين‪ .‬فمن وجد اإلحسان‬
‫قي‪SS‬دا تقي‪SS‬دا‪ ،‬وعلين‪SS‬ا أن نط‪SS‬رح س‪SS‬وء الظ‪SS‬ن واتب‪SS‬اع الھ‪SS‬وى فاتب‪SS‬اع الھ‪SS‬وى يف‪SS‬رق‬
‫مم‪S‬ن‬
‫أض‪S‬لﱡ ِ ﱠ ِ‬‫وم‪S‬ن َ َ‬ ‫ويشتت ويمزق ألن الحق واحد واألھواء بعدد قلوب الخل‪S‬ق ) َ َ ْ‬
‫الظالمين( )القصص‪(٥٠:‬‬ ‫القوم ﱠ ِ ِ َ‬ ‫يھدي ْ َ ْ َ‬ ‫إن ﱠ‬
‫ﷲَ ال َ ْ ِ‬ ‫من ﱠ‬
‫ﷲِ ِ ﱠ‬ ‫بغير ُ ً‬
‫ھدى ِ َ‬ ‫ھواهُ ِ َ ْ ِ‬ ‫ﱠَ َ‬
‫اتبع َ َ‬
‫كدود القز ينسج دائما ‪ ..........‬ويھلك غما وسط ما ھو ناسج‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬
‫كدود‬
‫فخير ل‪S‬ك إن أردت النج‪S‬اة عل‪S‬ى الطري‪S‬ق أن ت‪S‬سيء الظ‪S‬ن بنف‪S‬سك ال بالم‪S‬سلمين‬
‫ألن حسن الظ‪S‬ن ب‪S‬النفس يمن‪S‬ع كم‪S‬ال التفت‪S‬يش ع‪S‬ن عيوبھ‪S‬ا ويل‪S‬بس علي‪S‬ك مثالھ‪S‬ا‬
‫فترى المساوئ محاسنا والعيوب كماال‪.‬‬
‫وعين الرضا عن كل عيب كليلة ‪ ...........‬ولكن عين السخط تبدي المساويا‬
‫فال يسيء الظن بنفسه إال من عرفھا ومن أحسن الظن بنفسه فھو أجعل الناس‬
‫بنفسه ‪.‬‬
‫ال يبلغ األعداء من جاھل ‪ ..........‬ما يبلغ الجاھل من نفسه‬
‫فكن أخي مع الناس كالنحل يقع على أحسن الزھور والري‪M‬احين فيجتن‪S‬ي منھ‪S‬ا‬
‫ما يفيده ويخدم به غيره وال يكن ھمك تتب‪S‬ع ال‪S‬سقطات والعث‪S‬رات والتغاف‪S‬ل ع‪S‬ن‬
‫الحسنات ‪.‬‬
‫صوب نظرك على عنصر الخير ف‪S‬ي الن‪S‬اس وتعام‪S‬ل معھ‪S‬م عل‪S‬ى أساس‪S‬ه ﱠ َ ْ‬
‫ت‪S‬سعد‬
‫ُ‬
‫وتسعد‪.‬‬
‫وال تكن كالذباب يقع على القذر وينشره َتشق ُ‬
‫وتشق ‪.‬‬
‫إذا أنت لم تعصي الھوى قادك الھوى ‪ .......‬إلى بعض ما فيه عليك مقال‬
‫إذا رأيت الھوى في أمة حكما ً ‪ ..............‬فاحكم ھنالك أن العقل قد ذھبا‬

‫*****‬

‫‪١٨‬‬ ‫من ذا الذي ترضى سجاياه كلھا‬ ‫ااإلشارة‬

‫ما منا أحد إال وله زلة وخطأ وس‪S‬قطة ورأي ق‪S‬د يك‪S‬ون في‪S‬ه كب‪S‬وة‪ ،‬وزل‪S‬ة الم‪S‬سلم‬
‫إما أن تعرف وتشاع وتذاع فيستمرؤھا صاحبھا وين‪S‬سلخ عن‪S‬ه الحي‪S‬اء في‪S‬صعب‬
‫عليه الرج‪S‬وع‪ ،‬وإم‪S‬ا أن تك‪S‬ون زلت‪S‬ه حبي‪S‬سة ف‪S‬ي ص‪S‬دره ال يعلمھ‪S‬ا إال ﷲ وح‪S‬ده‬
‫فھذا رجوعه أسرع بإذن ﷲ وأقرب‪ ،‬فال يكن أحدنا عون‪S‬ا لل‪S‬شيطان عل‪S‬ى أخي‪S‬ه‬
‫وليس الذئب يأكل لحم ذئب‪ ،‬وال يجوز الب‪S‬اب إال م‪S‬ؤمن عاق‪S‬ل يخت‪S‬ار رض‪S‬وان‬
‫ﷲ العل‪SS‬ي الق‪SS‬دير ‪ ،‬إن العام‪SS‬ل يتع‪SS‬رض لعث‪SS‬رات وق‪SS‬د يح‪SS‬صل من‪SS‬ه ھف‪SS‬وات ث‪SS‬م‬
‫ينبري له من سلمه حرب وذلوله صعب يشيع وي‪S‬ذيع ال يق‪S‬ر ل‪S‬ه ق‪S‬رار وال ي‪S‬نعم‬
‫ل‪SS‬ه ب‪SS‬ال كأنم‪SS‬ا يتقل‪SS‬ب عل‪SS‬ى ح‪SS‬سك ال‪SS‬سعدان أو يتل‪SS‬وى عل‪SS‬ى جم‪SS‬ر الغ‪SS‬ضا ينح‪SS‬ب‬
‫وين‪SS‬بح ويلھ‪SS‬ث‪ ،‬ينك‪SS‬ر جروح‪SS‬ا ويثي‪SS‬ر أش‪SS‬جانا ً يرف‪SS‬ع عقيرت‪SS‬ه ال يعجب‪SS‬ه أح‪SS‬د‪ ،‬وال‬
‫يرتاح لبروز أحد‪ ،‬إرضاءه ال يدرك‪ ،‬أطيش من ذباب‪.‬‬
‫لو وزنت أحالمه الخفافا ‪ ........‬على الميزان ما وزنت ذبابا‬
‫جليد بليد‪:‬‬
‫وما على الكلب أن يعتاده السعر ‪ ........‬ومن العجائب أن مثل لسانه لم يبتر‬
‫فمطالب بإعادة ومطالب ‪ ..............‬بزيادة ومھلل ومصفق‬
‫كالكلب إن جاع لم يمنعك بصبصة ‪ ....‬وإن ينل شبعا ً ينبحك من أشر‬
‫فيا عجبا من زائر وھو ثعلب ‪ .........‬يخال سكوت الليث وھنا فيعتدي‬
‫غرورا وينسى بأسه حين يغضب‬
‫فالتعامل معه كاآلتي‪ :‬ال يلتفت إلى ما في كالم‪S‬ه م‪S‬ن طع‪S‬ن ويؤخ‪S‬ذ م‪S‬ا في‪S‬ه م‪S‬ن‬
‫حق إن وجد فإن الحق ھو الحق وللداعية خيره وعلى الطاعن شره‪.‬‬
‫أن أو بصبص الكلب‬ ‫فما األسد الضرغام يوما ً بعاكس ‪ .......‬صريمته إن ﱠ‬
‫يقول شيخ اإلسالم إبن تيمية رحمه ﷲ ‪ :‬بعض الناس ال ت‪S‬راه إال منت‪S‬ـقداً ين‪S‬سي‬
‫ح‪SS‬سنات الطوائ‪SS‬ف واألجن‪SS‬اس وي‪SS‬ذكر مث‪SS‬البھم فھ‪SS‬و مث‪SS‬ل ال‪SS‬ذباب يت‪SS‬رك موض‪SS‬ع‬
‫الب‪SS‬رء وال‪SS‬سالمة ويق‪SS‬ع عل‪SS‬ى الج‪SS‬رح واألذى وھ‪SS‬ذا م‪SS‬ن رداءة النف‪SS‬وس وف‪SS‬ساد‬
‫الم‪SS‬زاج‪ ،‬فارب‪SS‬أ بنف‪SS‬سك أن تك‪SS‬ون ك‪SS‬صغار الكل‪SS‬ب أو ش‪SS‬ر الطب‪SS‬ل عل‪SS‬ى ح‪SS‬د ق‪SS‬ول‬
‫القائل‪:‬‬
‫عواء ‪ ........‬وشر الطبل أكثرھا دويا ً‬
‫ً‬ ‫صغار الكلب أكثرھا‬
‫وذو اللب الرجيح يراه غيا‬ ‫صغير العقل باألعرض يلھو ‪......‬‬
‫ومن نظر األمور بعين عقل ‪ .......‬جرى في ھذه الدنيا أبيا‬
‫إن الوقي‪SS‬ع كإس‪SS‬مھا ش‪SS‬ر وف‪SS‬ساد وفرق‪SS‬ة وتمك‪SS‬ين للع‪SS‬دو وبھت‪SS‬ان نھايتھ‪SS‬ا خ‪SS‬صومة‬
‫وقطيع‪S‬ة وقع‪S‬ود وق‪S‬رار لع‪SS‬ين الع‪S‬دو وھ‪S‬الك عل‪S‬ى الطري‪SS‬ق وھك‪S‬ذا ال‪S‬ذباب عل‪SS‬ى‬
‫الطعام يطير والفراش على الشھاب يساقط‪.‬‬
‫كالم من كان على ذا ومنظره ‪ .........‬مما يشق على األذان والحدق‬
‫فال تعره اھتماما على الطريق وال تنتصر لنفسك ‪.‬‬
‫فإن انتصرت لھا فأنت كمن بغى ‪ ........‬طفي الحريق بموقد النيران‬
‫واعجبا ً لمسلم قبل أن يتعلم مسألة من مسائل الدين يتعلم كيف يقع ف‪S‬ي إخوان‪S‬ه‬
‫المسلمين ثم يريد أن ينجح ويفلح ومتى يفل‪S‬ح؟ مت‪S‬ى يفل‪S‬ح م‪S‬ن يطع‪S‬ن ف‪S‬ي أق‪S‬وام‬
‫لعلھم قد حطوا رحالھم في الجنة من س‪S‬نين‪ ،‬مت‪S‬ى يفل‪S‬ح م‪S‬ن ي‪S‬شفي ص‪S‬دور ق‪S‬وم‬
‫كافرين بالوقوع في إخوانه المسلمين‪.‬‬
‫تغشى عيون في النھار فال ترى ‪ ........‬وترى عيون في الظالم وترقب‬
‫ويسير ذو جھل بحكمة غيره ‪ ...........‬ويتيه ذو العقل السديد ويسلب‬
‫فيا طالب العلم ‪ :‬إن الوقيعة في الناس بضاعة الجبناء وكف اللسان عن الن‪S‬اس‬
‫سمت العلماء وكل إلى جنسه يحن‪.‬‬
‫فليكن حنينك إلى العلماء وأخالق العلماء تكن كالعلماء‪.‬‬
‫وأنظر وقف‪ :‬الشيخ محمد األمين الشنقيطي رحمه ﷲ كان مم‪S‬ن ال يغت‪S‬اب وال‬
‫يسمع في مجلسه بغيبة وكذلك العلماء‪.‬‬
‫يقول‪ :‬لقت‪S‬ل األوالد ونھ‪S‬ب األم‪S‬وال أھ‪S‬ون عن‪S‬دي م‪S‬ن أخ‪S‬ذ الح‪S‬سنات م‪S‬ن رج‪S‬ل‬
‫كبير مثلي‪ ،‬وفي رحلة الحج يسجل ھذا الموقف العظيم فيقول‪:‬‬
‫ث‪S‬م جئن‪S‬ا آخ‪S‬ر النھ‪S‬ار بع‪S‬د الثالث‪SS‬ة للقري‪S‬ة الم‪S‬سماة )آتي‪S‬ه( ‪ ،‬فالتم‪S‬سنا عربي‪S‬ا نبي‪SS‬ت‬
‫عنده‪ ،‬فدعانا رجل عرب‪S‬ي – وﷲ م‪S‬ا س‪S‬ألت ع‪S‬ن إس‪S‬مه وال إس‪S‬م أبي‪S‬ه خوف‪S‬ا م‪S‬ن‬
‫الغيبة –فانزلنا في مكان يعوي منه الكلب‪ ،‬وأغلقه علينا من الخارج‪ ،‬ف‪S‬ذكرتني‬
‫تلك الليلة ليلة النابغة التي قال فيھا ‪:‬‬
‫وليل أقاسيه بطيء الكواكب‬ ‫ٍ‬ ‫لھم يا أميمة ناصب ‪..........‬‬ ‫كليني ﱢ‬
‫وليلة المھلھل التي قال فيھا ‪:‬‬
‫أنقضيت فال تحوري‬ ‫ِ‬ ‫أنت‬
‫أليلتنا بذي حسم أنيري ‪ ...........‬إذا ِ‬
‫قد وصف طولھا بقوله‪:‬‬
‫كسير‬
‫ِ‬ ‫ُ ً‬
‫معطفة◌ على ُربع‬ ‫ُ‬
‫عود ‪.........‬‬ ‫كواكب الجوزاء‬
‫َ‬ ‫كأن‬
‫األسير‬
‫ِ‬ ‫بمنزلة‬
‫ِ‬ ‫أسير أو‬
‫ُ‬ ‫كأن الجدي في مثناهُ ُ‬
‫ربق ‪.........‬‬
‫مدير‬
‫ِ‬ ‫الغبات ‪ .........‬كأن سماءھا ِبيدي‬ ‫زواحف ِ ُ‬‫ُ‬ ‫كواكبھا‬
‫ُ‬
‫إلى أن قال‪:‬‬
‫شيء كبير‬ ‫ٍ‬ ‫بياض الصبح منھا ‪ .......‬وقد ُأن ِ ُ‬
‫قذت من‬ ‫ُ‬ ‫وأنقذني‬
‫وتمثلت قول إمرء القيس‪:‬‬
‫كأن الثريا علقت في مصامھا ‪ .........‬بأمراس كتان إلى صم جندل‬
‫وكان صبح تلك الليلة أحب غائب إلينا‬
‫فيا معشر طالب العلم ‪ :‬ھذا ديدن العلماء الربانيين ومن تشبه تشبث‪.‬‬
‫ﱠجم‬
‫كيف الوقوف أمام خالق المال ‪ .......‬والعلم ظن والحديث مر ُ‬
‫إن أي إن‪SS‬سان ي‪SS‬ستطيع أن يرم‪SS‬ي غي‪SS‬ره ب‪SS‬أي نقي‪SS‬صة لكن‪SS‬ه ال ي‪SS‬ستطيع أن يثب‪SS‬ت‬
‫دعواه إال إذا كان صادقا ً‪.‬‬
‫وكم على األرض أشجار مورقة ‪ ........‬وليس يرجم إال ما به ثمر‬
‫كل◌ يصيد الليث وھو مقيد ‪ ..............‬ويعز صيد الضغيم المفكوك‬ ‫ً ٌ‬
‫واختالف الرأي ال يفسد للود لقضية ولو أنه كلما اختلف إثنان تھاجرا وتقاطھا‬
‫لم‪SS‬ا بق‪SS‬ي ب‪SS‬ين الم‪SS‬سلمين أخ‪SS‬وة فليت‪SS‬ق ﷲ م‪SS‬ؤمن ف‪SS‬ي إخوان‪SS‬ه‪ ،‬وليت‪SS‬سع ص‪SS‬دره‬
‫لوجھات نظرھم ف‪S‬ال ت‪S‬ذھب مع‪S‬ه الم‪S‬روءة والمحب‪S‬ة والم‪S‬ؤمن ي‪S‬ستر وين‪S‬صح ال‬
‫يھتك وال يفضح‪.‬‬
‫أمنا التقوى وقد أرضعتنا ‪ ..........‬من ھواھا ونحن نأبى الفطاما‬
‫فاشرب من الماء القراح منعما ً‪ .....‬فلكم وردت الماء غير قراح‬
‫وھات حديثا كقطر الندى ‪ .........‬يجدد في النفس ما بددا‬
‫فيضحي آلمالنا منعشا ‪ ...........‬ويمسي آلالمنا مرقدا‬

‫وقفة جانبية أخرى على الطريق‪:‬‬


‫ال تسل لئيما‪:‬‬
‫ال تسل لئيما فأذل من اللئيم سائله‬
‫من كان يأمل أن ي‪S‬رى م‪S‬ن س‪S‬اقط ن‪S‬يال دني‪S‬ا ‪ ........‬فلق‪S‬د رج‪S‬ى أن يرتج‪S‬ي م‪S‬ن‬
‫عوسج رطبا ً جنيا ً‬

‫*****‬
‫‪١٩‬‬ ‫ما كل عود ناضر بنضار‬ ‫ااإلشارة‬

‫حسن منظره حسن مخبره ف‪S‬ال تغل‪S‬ب المظاھ‪S‬ـر عل‪S‬ى الحقائ‪S‬ـق عل‪S‬ى‬ ‫ما كل من َ ُ‬
‫خبي ٌر( )الحجرات‪(١٣:‬‬ ‫عليم َ ِ‬ ‫إن ﱠ‬
‫ﷲَ َ ِ ٌ‬ ‫ﷲِ َ ْ َ ُ ْ‬
‫أتقاكم ِ ﱠ‬ ‫عند ﱠ‬ ‫إن َ ْ َ َ ُ ْ‬
‫أكرمكم ِ ْ َ‬ ‫الطريق ) ِ ﱠ‬
‫فما الحسن في وجه الفتى شرفا له ‪ .........‬إذا لم يكن في فعله والخالئق‬
‫إن من عباد ﷲ على الطريق من تشرئب إليه األعناق ويسترعى االنتباه لكن‪S‬ه‬
‫خائر بائر ال خير فيه وال يغتر به ‪.‬‬
‫أسفع‬
‫ُ‬ ‫لھم منظر في العين أبيض ناصع ‪ ........‬ولكنه في القبل أسود‬
‫فمردود بھاؤھـم عليھــم ‪ .............‬كما رد النكاح بال ولي‬
‫ومن عباد ﷲ على الطري‪S‬ق م‪S‬ن ال ت‪S‬شرئب إلي‪S‬ه األعن‪S‬اق وال ي‪S‬سترعي االنتب‪S‬اه‬
‫لكن ُيجري ﷲ على يديه الخير الكثير‪.‬‬
‫متبذل في القوم وھو مبجل ‪ ........‬متواضع في الحي وھو مكرم‬
‫)) ثبت انه م‪S‬ر رج‪S‬ل عل‪S‬ى رس‪S‬ول ﷲ ص‪S‬لى ﷲ علي‪S‬ه وس‪S‬لم فق‪S‬ال لرج‪S‬ل عن‪S‬ده‬
‫جالس ما رأيك في ھذا ؟ فقال‪ :‬رجل م‪S‬ن أش‪S‬راف الن‪S‬اس ح‪S‬ري وﷲ إن خط‪S‬ب‬
‫أن ي‪SS‬نكح وإن ش‪SS‬فع أن ي‪SS‬شفع ف‪SS‬سكت رس‪SS‬ول ﷲ ص‪SS‬لى ﷲ علي‪SS‬ه وس‪SS‬لم‪ ،‬ث‪SS‬م م‪SS‬ر‬
‫رجل آخر فقال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم للرجل‪ :‬ما رأيك في ھذا ؟ قال‪:‬‬
‫يا رس‪S‬ول ﷲ ھ‪S‬ذا الرج‪S‬ل م‪S‬ن فق‪S‬راء الم‪S‬سلمين‪ ،‬ح‪S‬ري إن خط‪S‬ب أالّ ي‪S‬نكح وإن‬
‫شفع أالّ يشفع وإن قال أالّ يسمع لقول‪S‬ه‪ ،‬فق‪S‬ال رس‪S‬ول ﷲ ص‪S‬لى ﷲ علي‪S‬ه وس‪S‬لم‪:‬‬
‫ھذا خير من ملء األرض مثل ھذا((‪.‬‬
‫وبعض الناس ماء رباب مزن ‪ ........‬وبعض الناس من سبخ مالح‬
‫والسيف ما لم يلف فيه صيقل ‪ ........‬من طبعه لم ينتـفع بصقال‬
‫وليس بضائر إذا صح نصل ‪ .........‬السيف ما لقــي الغمــد‬
‫وال ينفع األصل من ھاشم ‪ ...........‬إذا كانت النفس في ھاويـة‬
‫)) دخ‪SS‬ل أعراب‪SS‬ي رث الھيئ‪SS‬ة ف‪SS‬ي عب‪SS‬اءة خلق‪SS‬ة عل‪SS‬ى معاوي‪SS‬ة رض‪SS‬ي ﷲ عن‪SS‬ه‬
‫وأرضاه فاقتحمت‪S‬ه عني‪S‬ه وغ‪S‬دى ينظ‪S‬ر عل‪S‬ى عباءت‪S‬ه الخلق‪S‬ة فق‪S‬ال األعراب‪S‬ي‪ :‬ي‪S‬ا‬
‫أمير المؤمنين إن العباءة ال تكلمك إنما يكلمك من فيھا((‪.‬‬
‫وما ضر نصل السيف إخالق غمده ‪ ........‬إذا كان غضبا حيث أنفذته برى‬
‫فإن تكن األيام أزرت ببزتي ‪ ...............‬فكم من حسام في غالف مكسرا‬
‫فقربه وأدناه وعلم أن في العباءة ما فيھا ‪.‬‬
‫عجبت لمن ثوبه المع ‪ ........‬ولكنما القلب كالفحمة‬
‫مظاھر براقة تحتھا ‪ ..........‬بحار من الزيف والظلمة‬
‫وتكلم آخر محتقر عند عبد الملك بكالم ذھب فيه كل مذھب حتى خلب لب عبد‬
‫الملك وأعجب به فقال له‪ :‬ابن من أنت؟ ق‪S‬ال‪ :‬أن‪S‬ا اب‪S‬ن نف‪S‬سي ي‪S‬ا أمي‪S‬ر الم‪S‬ؤمنين‬
‫الت‪SS‬ي توص‪SS‬لت بھ‪SS‬ا إلي‪SS‬ك وأھلتن‪SS‬ي ألن أتكل‪SS‬م ب‪SS‬ين ي‪SS‬ديك أخل‪SS‬ب لب‪SS‬ك‪ ،‬أب‪SS‬ى ﷲ أن‬
‫أسمو بجد وال أب ‪.‬‬
‫فما أنا إال السيف يأكل جفنه ‪ ..........‬له حلية من نفسه وھو عاطل‬
‫وليست رعوتي من فوق مذق ‪ ........‬وال جمري كمين في الرماد‬
‫قال‪ :‬صدقت‪:‬‬
‫فما الفخر بالعظم الرميم وإنما ‪ .......‬فخار من يبغي الفخار بنفسه‬
‫إن م‪SS‬ن أح‪SS‬وال الم‪SS‬سلم أن يحتف‪SS‬ي وينتع‪SS‬ل ويمت‪SS‬شط وي‪SS‬دع ذل‪SS‬ك ويل‪SS‬بس اللب‪SS‬اس‬
‫الجميل والحذاء الحسن‪ ،‬ومع ھذا ال تتحكم ھ‪S‬ذه المظھاري‪S‬ة في‪S‬ه وال ي‪S‬وزن بھ‪S‬ا‬
‫وال تأس‪SS‬ر شخ‪SS‬صيته‪ ،‬فھ‪SS‬و يحكمھ‪SS‬ا ويأس‪SS‬رھا خالف‪SS‬ا لم‪SS‬وازين معكوس‪SS‬ة جعل‪SS‬ت‬
‫المظھرية ھي الميزان‪.‬‬
‫قيمة المرء عندھم بين ثوب ‪ ..........‬باھر لونه وبين حذاء‬
‫ماذا لو خرج العالم حافيا بين الناس أينقص علمه وقدره؟ ماذا ل‪S‬و انتع‪S‬ل الغب‪S‬ي‬
‫الجاھل أحسن النعال أيصبح فقيھا؟ ماذا لو لبس المعتوه أحسن الثياب وأجملھا‬
‫أيغدو ذا لب‪..‬؟‬
‫إذا كان في لبس الفتى شرف له ‪ .......‬فما السيف إال غمده والحمائل‬
‫إن اإلكتف‪S‬اء ف‪SS‬ي المق‪S‬اييس بارت‪SS‬داء المالب‪S‬س واالمتـ‪SS‬شاطات ال‪S‬ساحرة والعط‪SS‬ور‬
‫المنعشة مع عدم النظر إلى التقوى والعلم والرأي حيف ونكسة ‪.‬‬
‫رب ذي مظھر جميل توارى ‪ .........‬خلف أثوابه فؤاد خؤون‬
‫إن المظھ‪SS‬ر الح‪SS‬سن والترج‪SS‬ل والتطي‪SS‬ب م‪SS‬ن األم‪SS‬ور الم‪SS‬شروعة ولي‪SS‬ست ھ‪SS‬ي‬
‫المقي‪SS‬اس ف‪SS‬ي الحك‪SS‬م عل‪SS‬ى الن‪SS‬اس‪ ،‬إن الت‪SS‬راب مكم‪SS‬ن ال‪SS‬ذھب ف‪SS‬ال يغرن‪SS‬ك ح‪SS‬سن‬
‫المظھر وحسن الھيئة وجمال الھندام والبزة فكم من ارت‪S‬داھا وھ‪S‬و يحم‪S‬ل بينھ‪S‬ا‬
‫نخاعا ً ضامراً بائراً وقلبا ً ح‪S‬ائراً فھ‪S‬ل يق‪S‬دم مث‪S‬ل ھ‪S‬ذا؟ ك‪S‬ال‪ ...‬وھ‪S‬ل ت‪S‬روق دفين‪S‬ا ً‬
‫جودة الكفن‪ )) ،‬رب أشعث أغب‪S‬ر ذي طم‪S‬رين م‪S‬دفوع ب‪S‬األبواب ال يؤب‪S‬ه ل‪S‬ه ل‪S‬و‬
‫أقسم على ﷲ ألبره(( كما ثبت في صحيح مسلم رحمه ﷲ ‪.‬‬
‫ال يغرنك البھا والصور ‪ ........‬ستة أعشار من تراھم بقر‬
‫ولكن أكثر الناس ال يعقل‪S‬ون‪ ،‬ف‪S‬العبرة ك‪S‬ل العب‪S‬رة ب‪S‬صالح القل‪S‬وب واألعم‪S‬ال ال‬
‫بال‪SSS‬صور واألم‪SSS‬وال وال بالمظ‪SSS‬اھر واألش‪SSS‬كال ) إنم‪SSS‬ا تن‪SSS‬صر األم‪SSS‬ة ب‪SSS‬ضعيفھا‬
‫بصالته ودعائ‪S‬ه( ف‪S‬ال تغرن‪S‬ك المظ‪S‬اھر واب‪S‬ل الرج‪S‬ال تح‪S‬بھم أو تبغ‪S‬ضھم وم‪S‬ن‬
‫ثمارھم تعرفونھم‪.‬‬
‫وعلى الفتى لطباعه ‪ ...........‬سمة تلوح على جبينه‬
‫لقد عظم البعير بغير لب ‪ ......‬فلم يستغنى بالعظم البعير‬
‫يصرفه الصغير بكل وجه ‪ ....‬ويحبسه على الخسف الجرير‬
‫وتضربه الوليدة بالھراوي ‪ ...‬فال ِغيَر لديه وال نكير‬
‫فإن كنت في شك من السيف فابله ‪ ........‬فإما ﱢ‬
‫تنفيه وإما تعده‬

‫*****‬

‫‪٢٠‬‬ ‫بقدر الصعود يكون الھبوط‬ ‫ااإلشارة‬

‫بمعنى ‪ :‬أحذر العجب والتعالي والغ‪S‬رور فھ‪S‬و دلي‪S‬ل ال‪S‬سفه ونق‪S‬ص العق‪S‬ل ودن‪S‬و‬
‫النفس ال يزال الشيطان باإلنسان إلى أن ينظر إلى نفسه وعمل‪S‬ه نظ‪S‬رة إعج‪S‬اب‬
‫وغرور وإكبار فيقول له‪ :‬أنت فعلت وفعلت حتى يلقي ف‪S‬ي روع‪S‬ه أن‪S‬ه ال مثي‪S‬ل‬
‫له وال نظير له فيعجب بنفسه فيغتر فيھلك وھو ال يشعر‪ ،‬ثم يتوقف عن العمل‬
‫فيشقى‪ ،‬ألن السعادة إنما تدرك بالسعي والطلب والمعجب يرى أن‪S‬ه وص‪S‬ل ف‪S‬ال‬
‫حاجة للسعي فيقضي العمر كله وھو يراوح مكانه ال يتقدم لمكرم‪S‬ة وال يرتق‪S‬ي‬
‫لمنزلة ‪.‬‬
‫ولوال السعي لم تكن المساعي‬
‫فما خير برق الح في غير وقته ‪ ..........‬وواد غدا مآلن قبل أوانه‬
‫عند ذلك يرفض الحق ويحتقر الخلق وي‪S‬داوم تزكي‪S‬ة ال‪S‬نفس أم‪S‬ام الخل‪S‬ق ويف‪S‬رح‬
‫بعيوب أقرانه من الخلق ثم يستعصي على النصح وال يعترف بجھود اآلخرين‬
‫ي‪SS‬داوم الح‪SS‬ديث عم‪SS‬ا ينج‪SS‬زه م‪SS‬ن أعم‪SS‬ال وي‪SS‬رفض الرج‪SS‬وع ع‪SS‬ن الخط‪SS‬أ ويح‪SS‬اول‬
‫تبرير الخطأ ويستبد برأيه فرأيه صواب ال خطأ فيه ال يست‪S‬شير أھ‪S‬ل التج‪S‬ارب‬
‫العقالء وال يستنير بآراء األكياس الفطناء يھتم بشواذ المسائل وغريبھا ويھمل‬
‫العمل بأصول المسائل ثم يرفض الجلوس للتعلم في حلقات العلم ‪.‬‬
‫ألج لجـاجـا ً من الخنفســاء ‪ ......‬وأزھى إذا ما مشى من غراب‬ ‫ّ‬
‫ھو الغريق فما يخشى من البلل ‪ ......‬جذ السنام له وجذ الغارب‬
‫فحاله ياله من حال‪ :‬كال‪S‬صخرة ال‪S‬صماء ال‪S‬ضخمة عل‪S‬ى القم‪S‬ة وال‪S‬سفح تغادرھ‪S‬ا‬
‫خيرات السماء حتى تجتمع في األرض المنخفضة ‪.‬‬
‫* أو كالبرغوث يحيا ما دام جائعا فإذا شبع مات ‪.‬‬
‫* أو كراكب أراق ماءه لرؤية السراب ثم ندم حيث ال ينفع ندم وال حسرة‪.‬‬
‫* أو كرجل في قمة جبل يرى الناس في السھل كالنمل ويراه الن‪S‬اس ف‪S‬ي القم‪S‬ة‬
‫كالذر وھو اليشعر ‪.‬‬
‫مثل المعجب في إعجابه ‪ .........‬مثل الواقف في رأس الجبل‬
‫يبصر الناس صغار وھوفي ‪ .....‬أعين الناس صغيراً لم يزل‬
‫أو ھو ) كالسنبلة الفارغة من الحب بين السنابل المملوءة بالحب تج‪S‬دھا رافع‪S‬ة‬
‫رأسھا تتعالى على صديقاتھا وصويحباتھا مع أنھا ال تصلح إال علفا للحيوان(‪،‬‬
‫والمملوءة حبا مثقلة بالخير قد انحنت برؤوسھا ‪.‬‬
‫إن كريم األصل كالغصن كلما ‪ ..........‬ازداد من خير تواضع وانحنى‬
‫العجب بإختصار كلب ينبح في قلب صاحبه والمالئكة ال تدخل بيتا ً في‪S‬ه ص‪S‬ور‬
‫أو كلب‪.‬‬
‫فتنة تضحك أرباب النھى ‪ ........‬من مخازيھا وتبكي البشرا‬
‫والنتيجة مخزية فنعوذ با‪ Z‬م‪S‬ن الخ‪S‬زي والب‪S‬وار يح‪S‬رم المعج‪S‬ب م‪S‬ن توفي‪S‬ق ﷲ‬
‫‪S‬رون ِف‪S‬ي‬ ‫آي‪S‬اتي ﱠ ِ َ‬
‫ال‪S‬ذين َ َ َ‬
‫يتكبﱠ ُ َ‬ ‫ع‪S‬ن َ ِ َ‬ ‫فالخذالن موافق له ومصاحب له ‪ُ ِ ْ َ َ ) :‬‬
‫سأص‪S‬رف َ ْ‬
‫س‪S‬بيل الرﱡ ْ ِ‬
‫ش‪S‬د ال‬ ‫ي‪S‬روا َ ِ َ‬ ‫وإن َ َ ْ‬‫بھ‪S‬ا َ ِ ْ‬
‫يؤمن‪S‬وا ِ َ‬ ‫يروا ُك‪ S‬ﱠل َ ٍ‬
‫آي‪S‬ة ال ُ ْ ِ ُ‬ ‫بغير ْ َ ﱢ‬
‫الحق َ ِ ْ‬
‫وإن َ َ ْ‬ ‫َْْ ِ‬
‫األرض ِ َ ْ ِ‬
‫بآياتنا َ َ ُ‬
‫وكانوا‬ ‫كذبوا ِ ِ َ‬ ‫ذلك ِ َ ﱠ ُ ْ‬
‫بأنھم َ ﱠ ُ‬ ‫سبيالً َ ِ َ‬
‫يتخذوهُ َ ِ‬ ‫سبيل ْ َ ﱢ‬
‫الغي َ ﱠ ِ ُ‬ ‫يروا َ ِ َ‬ ‫سبيالً َ ِ ْ‬
‫وإن َ َ ْ‬ ‫َﱠ ِ ُ‬
‫يتخذوهُ َ ِ‬
‫غافلين( )ألعراف‪ .(١٤٦:‬وتبعا لذلك ينال غضب ﷲ ومقته ‪ .‬ثبت عن‪S‬ه‬ ‫َْ َ‬
‫عنھا َ ِ ِ َ‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم أنه قال‪ )) :‬ال يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة كبر(( ‪،‬‬
‫وثب‪SS‬ت أي‪SS‬ضا ‪ )) :‬م ‪S‬ن تعظ‪SS‬م ف‪SS‬ي نف‪SS‬سه واخت‪SS‬ال ف‪SS‬ي م‪SS‬شيته لق‪SS‬ي ﷲ وھ‪SS‬و علي‪SS‬ه‬
‫غضبان(( ثم ينھار المعجب وقت المحنة والشدة ألنه ل‪S‬م يحف‪S‬ظ ﷲ ف‪S‬ي الرخ‪S‬اء‬
‫فجدير بأن يخذل وقت المحنة )) تعرف على ﷲ في الرخ‪S‬اء يعرف‪S‬ك ف‪S‬ي ال‪S‬شدة‬
‫((‪ ،‬كم‪SS‬ا ثب‪SS‬ت عن‪SS‬ه ص‪SS‬لى ﷲ علي‪SS‬ه وس‪SS‬لم ‪ :‬ث‪SS‬م إن المعج‪SS‬ب يخل‪SS‬ق بين‪SS‬ه وب‪SS‬ين‬
‫مدعويه جفوة وفجوة ال تكاد تردم فالقلوب جبلت على بغض من يتعالى عليھ‪S‬ا‬
‫ومن ثم ال تقبل دعوت‪S‬ه والمعج‪S‬ب عرض‪S‬ة إلنتق‪S‬ام ﷲ العاج‪S‬ل واآلج‪S‬ل )) بينم‪S‬ا‬
‫رجل يمشي في حلة تعجبه نفسه مرجل جمت‪S‬ه يخت‪S‬ال ف‪S‬ي م‪S‬شيته إذا خ‪S‬سف ﷲ‬
‫ب‪SS‬ه األرض فھ‪SS‬و يتجلج‪SS‬ل فيھ‪SS‬ا إل‪SS‬ى ي‪SS‬وم القيام‪SS‬ة(( كم‪SS‬ا روي البخ‪SS‬اري وم‪SS‬سلم‬
‫رحمھما ﷲ‪.‬‬
‫ُ‬
‫أتت النوى دون الھوى فأتى األسى ‪ ......‬دون األسى بحرارة لم تبرد‬
‫خدعتھم األحالم في سنة الكرى ‪ .........‬ما أكذب األحالم والتأويال‬
‫له أسباب وبواعث لعل منھا ما يلي‪ - :‬باختصار‪-‬‬
‫‪ -١‬انحراف المربي في ھ‪S‬ذا الجان‪S‬ب إذ يلم‪S‬س من‪S‬ه ح‪S‬ب المحم‪S‬دة ودوام تزكي‪S‬ة‬
‫النفس بالحق أو بالباطل فيتأثر به تحت يده ‪.‬‬
‫‪ -٢‬ثم المدح في غير ضوابطه الشرعية بأن يك‪S‬ون ب‪S‬الحق وغي‪S‬ر مج‪S‬اوز للح‪S‬د‬
‫ومع من ال تخشى عليه الفتنة ‪.‬‬
‫‪ -٣‬ثم صحبة المعجبين والمرء على دين خليله والصاحب ساحب – كم‪S‬ا قي‪S‬ل‪-‬‬
‫‪.‬‬
‫‪ -٤‬ثم الصدارة قبل النضج والتربية فالتفقه في دين ﷲ ض‪S‬رورة قب‪S‬ل ال‪S‬صدارة‬
‫‪S‬ومھم ِ َإذا‬
‫‪S‬ذروا قَ‪ْ ُ َ ْ S‬‬ ‫‪S‬دين َ ِ ُ ْ‬
‫ولين‪ُ ِ S‬‬ ‫طائفَ‪SS‬ةٌ ِ َ َ َ ﱠ‬
‫ليتفقھُ‪SS‬وا ِف‪S‬ي ال‪ S‬ﱢ ِ‬ ‫فرق‪S‬ة ِم‪ْ ُ ْ S‬‬
‫‪S‬نھم َ ِ‬ ‫‪S‬ل ِ ْ َ ٍ‬ ‫‪S‬ر ِم‪Sْ S‬ن ُك‪ S‬ﱢ‬ ‫) ََ ْ‬
‫فل‪S‬وال َنفَ‪َ S‬‬
‫يحذرون( )التوبة‪ .(١٢٢:‬وقد يك‪S‬ون ال‪S‬سبب عراق‪S‬ة األص‪S‬ل‬ ‫لعلھم َ ْ َ ُ َ‬ ‫إليھم َ َ ﱠ ُ ْ‬
‫رجعوا ِ َ ْ ِ ْ‬‫َ َ ُ‬
‫والنسب لبعض العاملين فتحمله على استحسان ما يعمله م‪S‬ع أن الن‪S‬سب ال يق‪S‬دم‬
‫فيك‪S‬ون( )آل عم‪S‬ران‪.(٥٩:‬‬ ‫كن َ َ ُ ُ‬‫قال َلهُ ُ ْ‬‫ثم َ َ‬ ‫تراب ُ ﱠ‬
‫من ُ َ ٍ‬ ‫خلقهُ ِ ْ‬‫آدم َ َ َ‬
‫كمثل َ َ‬ ‫وال يؤخر ) َ َ َ ِ‬
‫)) لينتھين أق‪S‬وتم يفتخ‪S‬رون بآب‪S‬ابئھم ال‪S‬ذين م‪S‬اتوا إنم‪S‬ا ھ‪S‬م فح‪S‬م جھ‪S‬نم أو ليك‪S‬ونن‬
‫أھون على ﷲ من العجالن (( )أب‪S‬و داود(‪ .‬وبع‪S‬د ھ‪S‬ذا كل‪S‬ه ف‪S‬إني أع‪S‬رض علي‪S‬ك‬
‫نقاطا عدة لعل فيھا العالج لمن أصيب بھذا الداء عافانا ﷲ وإياكم منه‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬العلم واليق‪S‬ين ب‪S‬أن المن‪S‬ة ‪ Z‬ع‪S‬ز وج‪S‬ل فيم‪S‬ا أعطيت‪S‬ه م‪S‬ن مواھ‪S‬ب وق‪S‬درات‬
‫وإذ تَ‪ َ S‬ﱠ َ‬
‫‪S‬أذن َرب ُﱡك‪Sْ S‬م لَ‪ْ ِ S‬‬
‫‪S‬ئن‬ ‫وﷲ ق‪SS‬ادر أن ي‪SS‬سلبكھا م‪SS‬ا ب‪SS‬ين غم‪SS‬ضة ع‪SS‬ين وانتباھتھ‪SS‬ا ) َ ِ ْ‬
‫من ِ ْ َ ٍ‬
‫نعمة‬ ‫بكم ِ ْ‬ ‫وما ِ ُ ْ‬ ‫لشديد( )ابراھيم‪َ َ ).(٧:‬‬ ‫عذابي َ َ ِ ٌ‬ ‫إن َ َ ِ‬ ‫كفرتم ِ ﱠ‬ ‫شكرتم َ َ ِ َ ﱠ ُ ْ‬
‫ألزيدنكم َ َ ِ ْ‬
‫ولئن َ َ ْ ُ ْ‬ ‫َ َ ْ ُْ‬
‫ﷲِ َ( )النحل‪.(٥٣:‬‬ ‫فمن ﱠ‬ ‫َِ َ‬
‫ثانيا‪ :‬دوام حضور مجالس العلم والعلماء تلميذاً فإن في ذلك تطھير للنفس م‪S‬ن‬
‫ذلك الداء وتعريفا لھا بقدرھا وذلك ھو الدواء‪.‬‬
‫يقول أحمد ابن يوسف ال‪S‬شيرازي ف‪S‬ي "أربع‪S‬ين البل‪S‬دان" ل‪S‬ه‪ ) :‬لم‪S‬ا رحل‪S‬ت إل‪S‬ى‬
‫شيخنا رحلة ال‪S‬دنيا وم‪S‬سند الع‪S‬صر أب‪S‬ي الوق‪S‬ت‪ ،‬ق‪S‬در ﷲ ل‪S‬ي الوص‪S‬ول إلي‪S‬ه ف‪S‬ي‬
‫آخر بالد كرمان‪ ،‬فسلمت عليه‪ ،‬وقبلته‪ ،‬وجلست بين يديه‪ ،‬فقال لي‪ :‬م‪S‬ا أق‪S‬دمك‬
‫ھذه البالد؟ قلت‪ :‬كان قصدي إليك‪ ،‬ومعولي‪ ،‬بعد ﷲ علي‪S‬ك‪ ،‬ق‪S‬د كتب‪S‬ت م‪S‬ا وق‪S‬ع‬
‫‪S‬ى م‪SS‬ن ح‪SS‬ديثك بقلم‪SS‬ي‪ ،‬وس‪SS‬عيت إلي‪SS‬ك بق‪SS‬دمي‪ ،‬ألدرك برك‪SS‬ة علم‪SS‬ك‪ ،‬وأح‪SS‬ضى‬ ‫إل‪ S‬ﱠ‬
‫بعلو إسنادك‪ ،‬فقال ‪ :‬وفقك ﷲ وإيانا لمرضاته‪ ،‬وجعل سعينا له‪ ،‬وقصدنا إلي‪S‬ه‪،‬‬
‫علي‪ ،‬وال جلست بين يدي‪ ،‬ثم بك‪S‬ى‬ ‫ولو كنت عرفتني حق معرفتي‪ ،‬لما سلمت ﱠ‬
‫بكاء طويال ‪ ،‬وأبكى من حضره‪ ،‬ثم قال‪ :‬اللھم استرنا بسترك الجميل‪ ،‬واجع‪S‬ل‬ ‫ً‬
‫تحت الستر ما ترضى به عنا(‪.‬‬
‫مجالسة العلماء طيب‪ ،‬ولو كنت تاجرا ما اخترت غير الطيب‪ ،‬إن فاتني ربحه‬
‫وع‪:‬‬
‫لم يفتني ريحه‪ ،‬فاعلم ِ‬
‫ثالثا‪ :‬خدمة من ھم دونك علما ومرتبة وقدرا ومجالستھم ومؤاكلتھم وشعارك‪:‬‬
‫مسكين بين ظھران‪S‬ي م‪S‬ساكين‪ ،‬فم‪S‬ن وض‪S‬ع نف‪S‬سه دون ق‪S‬دره رفع‪S‬ه الن‪S‬اس ف‪S‬وق‬
‫قدره‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬النظر إلى من ھم فوقك علما ً ومنزلة وعمال ورأيا ً وتفكيرا ) إن أعجبت‬
‫بعقلك ففكر في كل فكرة سوء تحل بخاطرك فإنك تعلم نقص عقلك حينئذ‪ ،‬وإن‬
‫أعجبت برأيك فتـفكر ف‪S‬ي س‪S‬قطاتك فاحفظھ‪S‬ا ث‪S‬م أنظ‪S‬ر إل‪S‬ى م‪S‬ن ھ‪S‬و أعل‪S‬ى من‪S‬ك‬
‫رأيا‪ ،‬وإن أعجبت بعلمك فاعلم أنه ھبة من ﷲ وانظر إل‪S‬ى م‪S‬ن ھ‪S‬و أعل‪S‬ى من‪S‬ك‬
‫علما ً وفوق ذي كل علم عليم‪.‬‬
‫خام‪MM‬سا‪ :‬تأم‪SS‬ل عي‪SS‬وب نف‪SS‬سكم ث‪SS‬م ج‪SS‬د ف‪SS‬ي محاس‪SS‬بتھا أوالً ب‪SS‬أول وأن‪SS‬ت أع‪SS‬رف‬
‫بنفسك‪ ) ،‬كل منا يصف أواني بيته ومحتوياته ورب البيت أدرى بما فيه وأھل‬
‫مكة أدرى بشعابھا والصيرفي أعرف بنق‪S‬د ال‪S‬دينار (‪ ) ،‬إن خفي‪S‬ت عل‪S‬ى الم‪S‬رء‬
‫عيوبه حتى ضن أال عيب فيه فليعلم أن مصيبته إلى األبد وأنه أتم الناس نقصا‬
‫وأعظمھم عيوبا وأضعفھم تميزا –كما يقول ابن حزم‪ -‬فالعاقل من ميز عي‪S‬وب‬
‫نفسه وجاھدھا وسعى في قمعھا واألحمق من جھل عيوب نفسه (‪.‬‬
‫وأحمق منه من ي‪S‬رى عيوب‪S‬ه خ‪S‬صاالً يعج‪S‬ب بھ‪S‬ا ‪ .‬م‪S‬ن أن‪S‬ت؟ ھ‪S‬ل أن‪S‬ت إال عب‪S‬د‬
‫مكل‪SS‬ف موع‪SS‬ود بالع‪SS‬ذاب إن ق‪SS‬صر مرج‪SS‬و ب‪SS‬الثواب إن ائتم‪SS‬ر مؤل‪SS‬ف م‪SS‬ن أق‪SS‬ذار‬
‫مشحون بأوضار سائر إلى جنة إن أطاع وإال نار – أجارك ﷲ من النار ‪.-‬‬
‫كيف يزھو من رجيعه ‪ ..........‬أبد الدھر ضجيعه‬
‫وھو منــه وإليــه ‪ ..........‬وأخوه ورضيعه‬
‫وھــو يدعــوه ‪ .............‬إلٮالحش بصغر فيطيعه‬
‫لو فكر الناس فيما في بطونھم ‪ ........‬ما استشعر العجب شبان وال شيب‬
‫ھل في ابن آدم غير الرأس مكرمة ‪ ...‬وھو ببضع من اآلفات مضروب‬
‫انف يسيل وأذن ريحھا سھك ‪ ........‬والعين ممرضة والثغر ملعوب‬
‫يابن التراب ومأكول التراب غدا ‪ ....‬أقصر فإنك مأكول ومشروب‬
‫وأتم الناس أعرفھم بنفسه كما قيل‪:‬‬
‫سادسا‪ :‬اجلس دائما حيث ينتھ‪S‬ي ب‪S‬ك المجل‪S‬س ف‪S‬ذلك أدع‪S‬ى لك‪S‬سر نخ‪S‬وة ال‪S‬نفس‬
‫وعجبھا واتباع للسنة وأنعم بھا خلة‪.‬‬
‫إذا لم يكن صدر المجالس سيدا ‪ ........‬فال خير فيمن صدرته المجالس‬
‫سابعا‪ :‬إن التعويل على رحمة ﷲ ال على العم‪S‬ل فح‪S‬سب يق‪S‬ول ص‪S‬لى ﷲ علي‪S‬ه‬
‫وسلم كما جاء في صحيح البخ‪S‬اري ‪ )) :‬ل‪S‬ن ينج‪S‬ى أح‪S‬داً م‪S‬نكم عمل‪S‬ه‪،‬قالوا‪ :‬وال‬
‫أنت يا رسول ﷲ وال أنا إال أن يتغمدني ﷲ برحمته(‪.‬‬
‫ثامنا‪ :‬تعويد النفس علٮ‪S‬الفرار م‪S‬ن ال‪S‬شرف حت‪S‬ى تعت‪S‬اده فم‪S‬ن ف‪S‬ر من‪S‬ه وھ‪S‬ب ل‪S‬ه‬
‫ومن تواضع ‪ Z‬رفعه ومن تكبر وضعه ‪.‬‬
‫يقول المدائني‪ :‬رأيت رجل من باھلة يطوف بين الصفا والمروة على بغلة ف‪S‬ي‬
‫تي‪SS‬ه وعج‪SS‬ب ث‪SS‬م رأيت‪SS‬ه ف‪SS‬ي س‪SS‬فر يم‪SS‬شي راج‪SS‬ال متعب‪SS‬ا منھك‪SS‬ا ً يحم‪SS‬ل متاع‪SS‬ه عل‪SS‬ى‬
‫ظھره فقلت له‪ :‬أراجل في ھ‪S‬ذا الموض‪S‬ع وأن‪S‬ت م‪S‬ن يط‪S‬وف بالبغل‪S‬ة ب‪S‬ين ال‪S‬صفا‬
‫والمروة! قال‪ :‬نعم ركبت حيث يمشي الناس فكان حقا على ﷲ أن أمشي حيث‬
‫يركب الناس ومن تواضع ‪ Z‬رفعه‪.‬‬
‫تاسعا‪ :‬االستعانة با‪ Z‬واللجوء إلى ﷲ أن يطھرك من ھ‪S‬ذه اآلف‪S‬ة وم‪S‬ن اس‪S‬تعان‬
‫با‪ Z‬أعانه ﷲ‪.‬‬
‫فسل العياذ من التكبر والھوى ‪ ........‬فھما لكل الشر جامعتان‬
‫وھما يصدان الفتى عن كل طرق ‪ ....‬الخير إذ في قلبه يلجان‬
‫وﷲ لو جردت نفسك منھما ألتت ‪ ...‬إليك كل وفود كل تھاني‬
‫ومن استعان با‪ Z‬أعانه ﷲ‪.‬‬
‫لمع ْ ُ ْ ِ ِ َ‬
‫المحسنين(‬ ‫وإن ﱠ‬
‫ﷲَ َ َ َ‬ ‫لنھدينھم ُ ُ َ َ‬
‫سبلنا َ ِ ﱠ‬ ‫فينا َ َ ْ ِ َ ﱠ ُ ْ‬
‫جاھدوا ِ َ‬ ‫عاشرا‪ :‬المجاھدة‪ َ ) :‬ﱠ ِ َ‬
‫والذين َ َ ُ‬
‫)العنكبوت‪. (٦٩:‬‬
‫حادي عشر‪ :‬أحذر أنا‪ ،‬لي ‪ ،‬عندي‪.‬‬
‫يق‪SS‬ول اب‪SS‬ن الق‪SS‬يم ‪ ) :‬وليح‪SS‬ذر ك‪SS‬ل الح‪SS‬ذر م‪SS‬ن طغي‪SS‬ان أن‪SS‬ا ول‪SS‬ي وعن‪SS‬دي ف‪SS‬إن ھ‪SS‬ذه‬
‫األلفاظ الثالثة ابتلى بھا إبليس‪ ،‬وفرعون‪ ،‬وقارون‪ ،‬فأنا خير منه إلبليس‪ ،‬ولي‬
‫ملك مصر لفرعون‪ ،‬وإنما أوتيته على علم عندي لقارون‪ ،‬وأحسن ما وضعت‬
‫أنا في قول العبد أنا العبد المذنب المخطئ المستغفر ونحوه‪ ،‬ولي ف‪S‬ي قول‪S‬ه ل‪S‬ي‬
‫الذنب ولي الجرم ولي المسكنة ولي الفق‪S‬ر وال‪S‬ذل وعن‪S‬دي ف‪S‬ي قول‪S‬ه ‪ :‬أغف‪S‬ر ل‪S‬ي‬
‫جدي وھزلي وخطأي وعمدي وكل ذلك عندي‪.‬‬
‫ثاني عشر‪ :‬إذا أعجبت بمدح إخوانك ففكر في ذم أعدائك إياك‪ ،‬فإن لم يكن لك‬
‫عدو فوﷲ ال خير في‪S‬ك ف‪S‬ال منزل‪S‬ة أس‪S‬قط م‪S‬ن منزل‪S‬ة م‪S‬ن ال ع‪S‬دو ل‪S‬ه فلي‪S‬ست إال‬
‫منزلة من ليس ‪ Z‬عنده نعمة يحسد عليھا عافانا ﷲ اياكم – كما يقول ابن حزم‬
‫رحمه ﷲ‪. -‬‬
‫ثالث عشر‪ :‬التدبر والنظر في سيرة الرس‪S‬ول ص‪S‬لى ﷲ علي‪S‬ه وس‪S‬لم وال‪S‬صحابة‬
‫من بعدھم ففيھما لمن تدبر عظة وذكرى‪ ،‬ثبت عنه صلى ﷲ علي‪S‬ه وس‪S‬لم وھ‪S‬و‬
‫س‪SS‬يد ول‪SS‬د آدم وخي‪SS‬ر م‪SS‬ن دب عل‪SS‬ى الث‪SS‬رى وھ‪SS‬و األس‪SS‬وة أن‪SS‬ه ك ‪S‬ان يجل‪SS‬س عل‪SS‬ى‬
‫األرض‪ .‬ويأكل على األرض ‪ .‬ويعتقل الشاة ‪ .‬ويجيب دعوة الممل‪S‬وك ويرك‪S‬ب‬
‫الحمار‪ .‬ويقول‪ :‬إنما أنا عبد آكل كما يأكل العب‪S‬د‪ ،‬ويق‪S‬ف ب‪S‬ين يدي‪S‬ه رج‪S‬ل يرع‪S‬د‬
‫كما ترعد السعفة فيقول ‪ :‬ھون عليك فإنما انا إبن إمرأة من قريش كانت تأك‪S‬ل‬
‫القديد ‪ .‬يمر بالصبيان ويسلم عليھم‪.‬‬
‫قسم التواضع في األنام جميعھم ‪ ........‬فذھبت أنت فقدته بزمامه‬
‫صلوات ﷲ وسالمه عليه‪ ،‬يقول أن‪S‬س‪ :‬إن كان‪S‬ت األم‪S‬ة م‪S‬ن إم‪S‬اء المدين‪S‬ة لتأخ‪S‬ذ‬
‫بيد النبي صلى ﷲ عليه وسلم فتنطلق به حيث شاءت‪ .‬كان يكون في مھنة أھله‬
‫فإذا حضر وقت الصالة خرج إلى الصالة ‪ .‬كان يخ‪S‬يط ثوب‪S‬ه ويخ‪S‬صف نعل‪S‬ه ‪.‬‬
‫ويعمل ما يعم‪S‬ل الرج‪S‬ال ف‪S‬ي بي‪S‬وتھم‪ .‬وإذا ص‪S‬افح الرج‪S‬ل ل‪S‬م ين‪S‬زع ي‪S‬ده م‪S‬ن ي‪S‬ده‬
‫حتى يكون ھ‪S‬و ال‪S‬ذي ين‪S‬زع ي‪S‬ده ‪ .‬ال ي‪S‬أنف ص‪S‬لى ﷲ علي‪S‬ه وس‪S‬لم أن يم‪S‬شي م‪S‬ع‬
‫األرمل‪SS‬ة والم‪SS‬سكين فيق‪SS‬ضي ل‪SS‬ه الحاج‪SS‬ة‪ ،‬وك‪SS‬ان ي‪SS‬زور األن‪SS‬صار وي‪SS‬سلم عل‪SS‬ى‬
‫ص‪SS‬بيانھم ويم‪SS‬سح رؤوس‪SS‬ھم ‪ .‬ويع‪SS‬ود مرض‪SS‬اھم‪ .‬وي‪SS‬شھد جن‪SS‬ائزھم يدعون‪SS‬ه إل‪SS‬ى‬
‫خبز الشعير فما يردھم كما ثبت ذلك كله عنه ‪.‬‬
‫فكل فعل كريم كان فاعله ‪ ........‬يحي القلوب ويحي ميت الھمم‬
‫صلوات ﷲ وسالمه عليه ‪:‬‬
‫يلين لكل ذي ضعف وعجز ‪ .......‬وكم الن لذي جھل فالنا‬
‫رسول يحمل األطفال لطفا ‪ ........‬ويجعل عاتقيه لھم حصانا‬
‫صبي والموفق من أالنا‬ ‫ويختصر القراءة حين يبكي ‪......‬‬
‫يالطف أھله أكرم بزوج ‪ .........‬يعف األھل يغمرھم حنانا‬
‫يقاسمھم متاعبھم معينا ‪ ...........‬ويخدمھم فكم وضع الجفانا‬

‫فكم خصف النعال وخاط ثوبا ‪ ...‬وكم من شأنه مأل الجفانا‬


‫زعيم القوم خادمھم فطوبى ‪ .......‬لمن خدم الرعية أو أعانا‬
‫تشبه بالرسول تفز بدنيا ‪ .........‬وأخرى والشقي من استھانا‬
‫فأخالق الرسول لنا كتاب ‪ ........‬وجدنا فيه أقصى مبتغانا‬
‫وعزتنا بغير الدين ذل ‪ ...........‬وقدوتنا شمائل مصطفانا‬
‫صلوات ﷲ وسالمه عليه ‪:‬‬
‫وي‪SS‬أتي م‪SS‬ن بع‪SS‬ده كوكب‪SS‬ة م‪SS‬ن أتباع‪SS‬ه ال‪SS‬ذين رب‪SS‬اھم ص‪SS‬لوات ﷲ وس‪SS‬المه علي‪SS‬ه‬
‫لينھجوا نھجه ويستنوا بسنته فإذا أنت بخير من دب عل‪S‬ى األرض بع‪S‬د األنبي‪S‬اء‬
‫والمرسلين‪ :‬أبي بكر رضي ﷲ عنه وأرضاه يبعث وينفذ جيش أس‪S‬امة ض‪S‬اربا‬
‫بكل مثبط عرض الحائط ليخرج في وداعه ما شيا وأسامة راك‪S‬ب يق‪S‬ول أس‪S‬امة‬
‫‪ :‬يا خليف‪S‬ة رس‪S‬ول ﷲ لت‪S‬ركبن أو ألن‪S‬زلن فيق‪S‬ول‪ :‬وﷲ ال ركب‪S‬ت وال نزل‪S‬ت وم‪S‬ا‬
‫علي أن أغبر قدمي في سبيل ﷲ ساعة فإن شئت أن تعينني بعمر بن الخط‪S‬اب‬
‫علي التراب‪.‬‬
‫فافعل ثم يقولھا أخرى ‪ :‬لو يعلم الناس ما أنا فيه أھالوا ﱠ‬
‫عضب العزيمة في المكارم لم يدع ‪ ..............‬في يومه شرفا يطالبه غدا‬
‫وروى الفاروق‪:‬‬
‫) أنه لقيه أحد الصحابة وھو يحمل قربة على عاتقه فقال له يا أمي‪S‬ر الم‪S‬ؤمنين‬
‫أغناك ﷲ وأرضاك وخولك وأعطاك فما يحملك على م‪S‬ا أن‪S‬ت في‪S‬ه ق‪S‬ال‪ :‬إن م‪S‬ا‬
‫تقوله حق لكن لما جائتني الوفود سامعة مطيعة دخلتني نخوة فأردت أن أك‪S‬سر‬
‫تلك النخوة في قلبي ثم مال بالقربة إلى حجرة أرملة م‪S‬ن الن‪S‬صار فأفرغھ‪S‬ا ف‪S‬ي‬
‫جرارھا‪.‬‬
‫فمن يباري أبا حفص وسيرته ‪ .........‬ومن يحاول لفاروق تشبيھا‬
‫ثم ينادي عمر يوم‪S‬ا ً ‪ :‬ال‪S‬صالة جامع‪S‬ة فلم‪S‬ا اجتم‪S‬ع الن‪S‬اس وكث‪S‬روا ق‪S‬الوا‪ :‬األم‪S‬ر‬
‫خطب عظيم‪ .‬صعد المنبر فحمد ﷲ وأثنى عليه بما ھو أھله وصلى عل‪S‬ى نبي‪S‬ه‬
‫ص‪SS‬لى ﷲ علي‪SS‬ه وس‪SS‬لم ث‪SS‬م ق‪SS‬ال‪) :‬أيھ‪SS‬ا الن‪SS‬اس لق‪SS‬د رأيتن‪SS‬ي وأن‪SS‬ا أرع‪SS‬ى غنيم‪SS‬ات‬
‫لخاالت ل‪S‬ي م‪S‬ن بن‪S‬ي مخ‪S‬زوم عل‪S‬ى قب‪S‬ضة م‪S‬ن تم‪S‬ر أو قب‪S‬ضة م‪S‬ن زبي‪S‬ب فأظ‪S‬ل‬
‫يومي وأي يوم وأستغفر ﷲ لي ولكم ثم نزل م‪S‬ن عل‪S‬ى المنب‪S‬ر فق‪S‬ال اب‪S‬ن ع‪S‬وف‬
‫رضي ﷲ عنه ‪ :‬ويحك يا أمير المؤمنين ما زدت على أن قمئت نفسك وعبتھ‪S‬ا‬
‫أمام الرعية فقال‪ :‬ويحك يابن عوف لق‪S‬د خل‪S‬وت بنف‪S‬سي فح‪S‬دثتني وقال‪S‬ت ‪ :‬أن‪S‬ت‬
‫أمير المؤمنين من ذا أفضل منك فأردت أن أذلھا وأعرفھا قدرھا (‪.‬‬
‫كذلك أخالقه كانت وما عھدت ‪ ..........‬بعد أبي بكر أخالق تحاكيھا‬
‫لعل في أمة اإلسالم نابتة ‪ ...............‬تجلو لحاضرھا مرآة ما ضيھا‬
‫وأخرج أبو نعيم في الحيلة عن الحسن قال‪ :‬رأيت عثمان رضي ﷲ عنه نائما‬
‫في المسجد في ملحفة ليس حوله أحد وھو أمير المؤمنين ‪.‬‬
‫ظھر الحيا وانھل ذاك البارق ‪ ..........‬ونداك فياح ومجدك سابق‬
‫وتقسم الناس الحياء مجزءاً ‪ ............‬فذھبت أنت برأسه وسنامه‬
‫رضي ﷲ عن عثمان وعن صحابة رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ‪.‬‬
‫ويخرج ابن عساكر عن زاذان أن عليا رضي ﷲ عنه كان يمشي في األسواق‬
‫وح‪SS‬ده وھ‪SS‬و خليف‪SS‬ة يرش‪SS‬د ال‪SS‬ضال وين‪SS‬شد ال‪SS‬ضال ويع‪SS‬ين ال‪SS‬ضعيف ويم‪SS‬ر البي‪SS‬اع‬
‫والبقال فيفتح عليه القرآن ويرد في )ص‪S‬فوة األخب‪S‬ار( أن‪S‬ه اش‪S‬ترى لحم‪S‬ا ب‪S‬درھم‬
‫فحمله في ملحفة فقال له رجل أحمل عنك يا أمير المؤمنين ق‪S‬ال‪ :‬ال أب‪S‬و العي‪S‬ال‬
‫أحق أن يحمله‪) ،‬ما تواضع أحد ﷲ إال رفعه(‪.‬‬
‫فرعا سما في سماء العز متخذا ‪ ........‬أصال ثوى في قرار المجد مغروسا‬
‫وخال‪SS‬د ‪...‬م‪SS‬ا خال‪SS‬د؟! أعن‪SS‬ي اب‪SS‬ن الولي‪SS‬د رض‪SS‬ي ﷲ عن‪SS‬ه وأرض‪SS‬اه‪ ،‬م‪SS‬ا ھ‪SS‬زم ف‪SS‬ي‬
‫جاھلية وال إسالم‪ ،‬وھ‪S‬و ف‪S‬ي اوج انت‪S‬صاراته ) يأتي‪S‬ه خب‪S‬ر عزل‪S‬ه م‪S‬ن قب‪S‬ل أمي‪S‬ر‬
‫المؤمنين عمر عن قيادة الجيش لمصحة رآھا أمير المؤمنين فيقول خالد ‪ :‬وﷲ‬
‫علي أمير المؤمنين عمر عبداً أس‪S‬ود الل‪S‬ون ل‪S‬سمعت ل‪S‬ه وأطع‪S‬ت م‪S‬ا دام‬ ‫ولى ﱠ‬‫لو ّ‬
‫يقودني بكتاب ﷲ وسنة رسوله صلى ﷲ عليه وسلم( ‪.‬‬
‫فعز وإنما ‪ ............‬يشتد بأس الرمح حين يلين‬ ‫ّ‬ ‫النت ﱠ‬
‫مھزته‬
‫وقي‪SS‬ل لعم‪SS‬ر ب‪SS‬ن عب‪SS‬د العزي‪SS‬ز رض‪SS‬ي ﷲ عن‪SS‬ه‪ :‬ل‪SS‬و أوص‪SS‬يت ب‪SS‬دفنك بج‪SS‬وار عم‪SS‬ر‬
‫رض‪SS‬ي ﷲ عن‪SS‬ه ف‪SS‬ي حج‪SS‬رة رس‪SS‬ول ﷲ ص‪SS‬لى ﷲ علي‪SS‬ه وس‪SS‬لم ‪ ،‬فق‪SS‬ال‪ :‬وﷲ ألن‬
‫إلي من أن أرى نفسي أھال لتل‪S‬ك المنزل‪S‬ة‪،‬‬ ‫ألقى ﷲ بكل ذنب غير الشرك أحب ﱠ‬
‫)اللھم إن عمر ليس أھالً ألن ينال رحمتك لكن رحمتك أھل أن تنال عمر(‪.‬‬
‫ينسى صنائعه وﷲ يظھرھا ‪ ...........‬إن الكريم إذا أخفيته ظھرا‬
‫ويأتيك اإلمام مالك يبرق بثوب التواضع يرفل عزا فيقول‪ :‬ما رأيت م‪S‬سلما إال‬
‫ظننت أنه خير مني ‪.‬‬
‫وكذا السحائب قلما تدعو إلى ‪ ...........‬معروفھا الرواد إن لم تبرق‬
‫واسمع إلى ابن القيم وھو يح‪S‬دث ع‪S‬ن ش‪S‬يخه اب‪S‬ن تيمي‪S‬ة رحم‪S‬ه ﷲ فيق‪S‬ول‪ :‬ك‪S‬ان‬
‫ّ‬
‫المك‪S‬دي‬ ‫المكدي واب‪S‬ن‬‫ّ‬ ‫كثير ما يردد مالي شيء ما مني شيء وال في شيء أنا‬
‫وھكذا كان أبي وجدي ويكتب بخط يده ‪:‬‬
‫أنا الفقير إلى رب البريات ‪ ..............‬أنا المسكين في مجموع حاالتي‬
‫أنا الظلوم لنفسي وھي ظالمتي ‪ ..........‬والخير إن ياتينا من عنده يأتي‬
‫ال أستطيع لنفسي جلب منفعة ‪ ...........‬وال عن النفس لي دفع المضرات‬
‫والفقر لي وصف ذات ال زم أبداً ‪ .......‬كما الغني أبدا وصف له ذاتي‬
‫وھذه الحال حال الخلق أجمعھم ‪ .........‬وكلھم عنده عبد له آتي‬
‫يثني عليه في وجھه فيقول‪ :‬وﷲ إني إللى اآلن أجدد إسالمي في كل وقت وما‬
‫أسلمت بعد إسالما ً جيدا رحمه ﷲ ‪.‬‬
‫كأن القائل يعنيه حين قال ‪:‬‬
‫فصعدت في درج العال حتى إذا ‪ ........‬جئت النجوم صعدت فوق الفرقد‬
‫على ھذا سار صحابة رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وس‪S‬لم وال‪S‬صالحون م‪S‬ن بع‪S‬دھم‬
‫ل‪SS‬م يت‪SS‬سلل العج‪SS‬ب إل‪SS‬ى نفوس‪SS‬ھم ول‪SS‬م ي‪SS‬دخل الغ‪SS‬رور إل‪SS‬ى قل‪SS‬وبھم تواض‪SS‬عوا ‪Z‬‬
‫ﷲُ‬‫‪S‬ذين ھَ‪Sَ S‬دى ﱠ‬
‫‪S‬ك الﱠ‪َ ِ S‬‬ ‫ف‪SS‬رفعھم ﷲ ف‪SS‬ي ال‪SS‬دنيا وف‪SS‬ي اآلخ‪SS‬رة يك‪SS‬رمھم ب‪SS‬إذن ﷲ ) ُ َ‬
‫أولئِ‪َ S‬‬
‫ذكرى ِ ْ َ َ ِ َ‬
‫للعالمين( )األنعام‪(٩٠:‬‬ ‫ھو ِ ﱠإال ِ ْ َ‬
‫إن ُ َ‬ ‫عليه َ ْ‬
‫أجراً ِ ْ‬ ‫قل ال َ ْ َ ُ ُ ْ‬
‫أسألكم َ َ ْ ِ‬ ‫فبھداھم ْ َ ِ ْ‬
‫اقتده ُ ْ‬ ‫َِ َُ ُُ‬
‫بتـنا نعيش على كرام فعالھم ‪ ...........‬ھيھات ليس الحر كالمستعبد‬
‫أوالر◌با ‪ ..........‬أين القوي من الضعيف المقعد‬ ‫َ ُ‬ ‫اين الجبال من التالل‬
‫ال القوم منا ال وال أنا منھم ‪ ...........‬إن لم أفقھم في العال والسؤدد‬
‫إن عد قوم في التقى كانوا أئمة ‪ .......‬أو قيل من خير أھل األرض قيل ھم‬
‫ال يستطيع جواد ُبعد غايتھم ‪ ..........‬وال يدانيھم قوم وإن كرموا‬
‫ھم الغيوث إذا ما أزمة أزمت ‪ ........‬واألسد أسد الشرى والبأس محتدم‬
‫إلى من عمى في شمس نھاره‪ ،‬وعثر في ذي‪S‬ل اغت‪S‬راره‪ ،‬وس‪S‬قط س‪S‬قوط ال‪S‬ذباب‬
‫على الشراب‪ ،‬وتھاتف تھاتف الفراش على الشھاب إن العجب أك‪S‬ذب ومعرف‪S‬ة‬
‫النفس أصوب‪ -‬كما قيل‪ -‬وال شيء وﷲ أنفع لھا من االفتـقار إلى باريھا ‪.‬‬
‫بقدر الصعود يكون الھبوط ‪ ...........‬فإياك والنفخة العاتية‬
‫وكن في مكان إذا ما وقعت ‪ ..........‬تقوم ورجالك في عافية‬

‫*****‬

‫‪٢١‬‬ ‫ال تكن يـــائســا ً‬ ‫ااإلشارة‬

‫فالم‪SS‬ستقبل ل‪SS‬دين ﷲ والع‪SSS‬زة ألولي‪SS‬اء ﷲ‪ .‬من‪SSS‬ا م‪SS‬ن رأى تف‪SSS‬شي ال‪SS‬شر والمنك‪SSS‬ر‬
‫وانتشاره واستفحاله رأى العدو تبجح وتقوى وتحت ظل ھذه الرؤي‪S‬ة رأى أن‪S‬ه‬
‫مھما عملنا فلن نغير من الواقع شيء ولن نجني سوى التعب والمشقة فليس إذا‬
‫في السعي فائدة‪ .‬فإذا بك تنظر إليه متھجم الوجه عاقد الحاجبين مقطب الجب‪S‬ين‬
‫رافع‪SS‬ا ً راي‪SS‬ة‪ :‬ل‪SS‬و أس‪SS‬لم حم‪SS‬ار آل الخط‪SS‬اب م‪SS‬ا أس‪SS‬لم عم‪SS‬ر يح‪SS‬سب ي‪SS‬وم الجمع‪SS‬ة‬
‫الخمي‪SS‬سا م‪SS‬ردداً ح‪SS‬ين يطل‪SS‬ب من‪SS‬ه خدم‪SS‬ة دين‪SS‬ه –ول‪SS‬و بالكلم‪SS‬ة‪ : -‬أن‪SS‬ت ت‪SS‬ؤذن ف‪SS‬ي‬
‫خرابة ال أحد حولك تنفخ في قربة مقطوعة وغيرھا من عبارات ‪:‬‬
‫تصدا بھا األفھام بعد صقالھا ‪ ..........‬وترد ذكران العقول إناثا ً‬
‫ھل‪S‬ك الن‪SS‬اس ‪...‬ھل‪SS‬ك الن‪S‬اس ف‪SS‬ي نظ‪SS‬ره وق‪S‬د ھل‪SS‬ك‪ ،‬وص‪SS‬ف النب‪S‬ي ص‪SS‬لى ﷲ علي‪SS‬ه‬
‫وسلم وصفا دقيق‪S‬ا كم‪S‬ا ف‪S‬ي ص‪S‬حيح م‪S‬سلم ‪ )) :‬إن ق‪S‬ال الرج‪S‬ل ھل‪S‬ك الن‪S‬اس فھ‪S‬و‬
‫أھلكھم(( ‪.‬‬
‫معاشر المؤمنين ‪ :‬مما ال شك فيه أن حقائق اليوم ھ‪S‬ي أح‪S‬الم األم‪S‬س ‪ .‬وأح‪S‬الم‬
‫اليوم ھي حقائق الغد‪ .‬والضعيف ال يظ‪S‬ل ض‪S‬عيفا أب‪S‬د اآلب‪S‬دين‪ .‬والق‪S‬وي ال يظ‪S‬ل‬
‫است‪S‬ضعفوا ِف‪S‬ي ْ َ ْ ِ‬
‫األرض َ َ ْ َ َ ُ ْ‬
‫ونجعلھ‪S‬م‬ ‫ال‪S‬ذين ْ ُ ْ ِ ُ‬ ‫على ﱠ ِ َ‬ ‫نمن َ َ‬ ‫أن َ ُ ﱠ‬ ‫ونريد َ ْ‬
‫قوي أبد اآلبدين‪ُ ِ ُ َ ) .‬‬
‫‪S‬ان‬
‫وھام‪َ S‬‬
‫‪S‬ون َ َ َ‬ ‫‪S‬ري ِ ْ َ‬
‫فرع‪َ ْ S‬‬ ‫‪S‬ن َلھُ‪Sْ S‬م فِ‪SS‬ي ْ َ ْ ِ‬
‫األرض َونُ‪َ ِ S‬‬ ‫‪S‬وارثين * َ ُ َ ﱢ‬
‫ونمك‪َ S‬‬ ‫ونجعلھُ‪Sُ S‬م ْال‪َ ِ ِ َ S‬‬ ‫َِ ﱠ‬
‫أئم‪SS‬ةً َ َ ْ َ َ‬
‫يحذرون( )القصص‪.(٦- ٥:‬‬ ‫كانوا َ ْ َ ُ َ‬ ‫منھم َما َ ُ‬ ‫وجنودھما ِ ْ ُ ْ‬
‫َ ُُ َ َُ‬
‫إننا نملك إيمانا بنصر ﷲ لنا وثقة بتأييديه لنا ويقين‪S‬ا ب‪S‬سنة ﷲ ف‪S‬ي إحق‪S‬اق الح‪S‬ق‬
‫وإبطال الباطل ولو كره المجرم‪S‬ون واطمئنان‪S‬ا إل‪S‬ى وع‪S‬ده ال‪S‬ذي وع‪S‬د ب‪S‬ه عب‪S‬اده‬
‫وليمك‪S‬نن َ ُ ْ‬
‫لھ‪S‬م‬ ‫ق‪S‬بلھم َ َ ُ َ ﱢ َ ﱠ‬
‫م‪S‬ن َ ْ ِ ِ ْ‬ ‫استخلف ﱠ ِ َ‬
‫ال‪S‬ذين ِ ْ‬ ‫كما ْ َ ْ َ َ‬ ‫األرض َ َ‬‫لفنھم ِفي ْ َ ْ ِ‬ ‫المؤمنين ) َ َ ْ َ ْ‬
‫ليستخ ِ َ ﱠ ُ ْ‬
‫يعبدونني ال ُ ْ ِ ُ َ‬
‫يشركون ِبي‬ ‫أمنا ً َ ْ ُ ُ َ ِ‬ ‫خوفھم َ ْ‬
‫بعد َ ْ ِ ِ ْ‬‫من َ ْ ِ‬ ‫لھم َ َ ُ َ ﱢ َ ﱠ ُ ْ‬
‫وليبدلنھم ِ ْ‬ ‫ارتضى َ ُ ْ‬ ‫الذي ْ َ َ‬ ‫دينھم ﱠ ِ‬
‫ِ َ ُُ‬
‫شيئا ً( )النور‪.(٥٥:‬‬ ‫َْ‬
‫إنه وعد يشحذ الھمم ويستثير العزائم ويمأل ال‪S‬صدور ثق‪S‬ة واطمئنان‪S‬ا إن ال‪S‬دور‬
‫المنصورون( )ال‪S‬صافات‪ .(١٧٢:‬س‪S‬نة ﷲ‬ ‫لھم ْ َ ْ ُ ُ َ‬ ‫إنھم َ ُ ُ‬ ‫لنا ال علينا والتاريخ معنا ) ِ ﱠ ُ ْ‬
‫رب العالمين قال صلى ﷲ عليه وسلم ‪ )) :‬ال ت‪S‬زال طائف‪S‬ة م‪S‬ن أمت‪S‬ي ظ‪S‬اھرين‬
‫حت‪SS‬ى ي‪SS‬أتيھم أم‪SS‬ر ﷲ وھ‪SS‬م ظ‪SS‬اھرون((‪ )) ،‬ولي‪SS‬بلغن ھ‪SS‬ذا األم‪SS‬ر م‪SS‬ا بل‪SS‬غ اللي‪SS‬ل‬
‫والنھار وال يترك ﷲ بيتا م‪S‬در وال ب‪S‬ر إال أدخل‪S‬ه ﷲ ھ‪S‬ذا ال‪S‬دين بع‪S‬ز عزي‪S‬ز أو‬
‫بذل ذليل(( كما ثبت عنه صلى ﷲ عليه وسلم‪ .‬فانت أيھا المؤمن أجير عند ﷲ‬
‫كيفم‪SS‬ا أراد ان تعم‪SS‬ل عمل‪SS‬ت وقب‪SS‬ضت األج‪SS‬ر لك‪SS‬ن ل‪SS‬يس ل‪SS‬ك وال علي‪SS‬ك أن تتج‪SS‬ه‬
‫الدعوة إلى أي مصير ذاك شأن صاحب األمر ال شأن األجير‪ ،‬وحسبك أن من‬
‫األنبياء من ياتي يوم القيامة ومع‪S‬ه الرج‪S‬ل ومع‪S‬ه ال‪S‬رجالن والثالث‪S‬ة وي‪S‬أتي م‪S‬ن‬
‫‪SSSS‬ك ِ ﱠإال ْال‪ُ َ S‬‬
‫‪SSSS‬بالغ(‬ ‫علي‪َ S‬‬ ‫إن َ َ ْ‬ ‫حفيظ‪SSSSS‬ا ً ِ ْ‬ ‫أرس‪َ َ ْ S‬‬
‫‪SSSS‬لناك َعلَ‪ْ ِ ْ S‬‬
‫‪SSSS‬يھم َ ِ‬ ‫فم‪SSSSS‬ا َ ْ َ‬‫ل‪SSSSS‬يس مع‪SSSSS‬ه أح‪SSSSS‬د ) َ َ‬
‫)الشورى‪.(٤٨:‬‬
‫) وآي‪SS‬ة اآلي‪SS‬ات ف‪SS‬ي ھ‪SS‬ذا ال‪SS‬دين أن‪SS‬ه أش‪SS‬د م‪SS‬ا يك‪SS‬ون ٌق‪SS‬وة وأص‪SS‬لب م‪SS‬ا يك‪SS‬ون ع‪SS‬ودا‬
‫وأعظم ما يكون رسوخا ً وشموخا ً حين ننزل ب‪S‬ساحته األزم‪S‬ات وتوص‪S‬د عل‪S‬يھم‬
‫المناف‪SS‬ذ حينئ‪SS‬ذ يحق‪SS‬ق اإلس‪SS‬الم معجزت‪SS‬ه ينبع‪SS‬ث الجثم‪SS‬ان الھام‪SS‬د يت‪SS‬دفق ال‪SS‬دم ف‪SS‬ي‬
‫عروق أبنائه ينطلق ينتـفض(‪.‬‬
‫فيوجع‬
‫ُ‬ ‫يقول فيسمع ويمشي فيسرع ‪ ...........‬ويضرب في ذات اإلله‬
‫فإذا الن‪S‬ائم ي‪S‬صحوا وإذا الغاف‪S‬ل يفي‪S‬ق وإذا الجب‪S‬ان يت‪S‬شجع وإذا ال‪S‬ضعيف يتق‪S‬وى‬
‫وإذا الشتيت يتجمع وإذا بھذه القطرات المتابع‪S‬ة المتالحق‪S‬ة م‪S‬ن ھن‪S‬ا وھن‪S‬اك م‪S‬ن‬
‫جھود القلة تكون سيالً عارما ً ال يقف دونه حاجز وال سد(‪.‬‬
‫ال يزخر الوادي بغير شعاب ‪ ..........‬وھل شمس تكون بال شعاع‬
‫إن ھذه األمة تمرض لكنھا ال تموت وتغفو لكنھ‪S‬ا ال تن‪S‬ام وتخب‪S‬و لكنھ‪S‬ا ال تطف‪S‬أ‬
‫أبداً ‪.‬‬
‫حين غزا التتار ديار المسلمين ودخلوھا كالريح العق‪S‬يم م‪S‬ا ت‪S‬ذر م‪S‬ن ش‪S‬يء أت‪S‬ت‬
‫عليه إال جعلته كالرميم دمروا المدن وخربوا العمران وأسالوا الدماء وأسقطوا‬
‫الخالف‪S‬ة وعطل‪SS‬وا ال‪S‬صلوات وألق‪SS‬وا أس‪S‬فار المكتب‪SS‬ات ف‪S‬ي نھ‪SS‬ر دجل‪S‬ة حت‪SS‬ى اس‪ّ S‬‬
‫‪S‬ود‬
‫ماؤه من كثر ما سال من مداد الكتب حتى أصبحت حضارة اإلسالم والب‪S‬شرية‬
‫مھددة من ھذا الغزو الوحشي الذي ال يبقي وال ي‪S‬ذر وال‪S‬ذي ي‪S‬ذكر بم‪S‬ا ج‪S‬اء ف‪S‬ي‬
‫وصف يأجوج ومأجوج حتى أحجم بعض المعاصرين للحدث ع‪S‬ن الكتاب‪S‬ة في‪S‬ه‬
‫منھم ابن األثي‪S‬ر رحم‪S‬ه ﷲ ال‪S‬ذي يق‪S‬ول لي‪S‬ت أم‪S‬ي ل‪S‬م تل‪S‬دني ليتن‪S‬ي م‪S‬ت قب‪S‬ل ھ‪S‬ذا‬
‫وكنت ن‪S‬سيا من‪S‬سيا‪ .‬مم‪S‬ا رأى ‪ .‬م‪S‬ن ھ‪S‬ول الفاجع‪S‬ة الت‪S‬ي حل‪S‬ت بالم‪S‬سلمين ‪ .‬ظ‪S‬ن‬
‫اليائسون حينھا أن راية اإلسالم نكست ولن ترتفع بعد ذلك الي‪S‬وم أب‪S‬داً وأن أم‪S‬ة‬
‫الفتح والنصر قد حقت عليھا الھزيمة فھيھات أن تعود إل‪S‬ى المي‪S‬دان م‪S‬ن جدي‪S‬د‪،‬‬
‫ول‪SS‬م يم‪SS‬ض س‪SS‬وى س‪SS‬نوات حت‪SS‬ى تحقق‪SS‬ت معج‪SS‬زة اإلس‪SS‬الم ف‪SS‬إذا بھ‪SS‬ؤالء الجب‪SS‬ابرة‬
‫الغ‪SS‬ازين لإلس‪SS‬الم يغ‪SS‬زوھم اإلس‪SS‬الم فت‪SS‬سقط س‪SS‬يوفھم ف‪SS‬ي ص‪SS‬ف الم‪SS‬ؤمنين تح‪SS‬ت‬
‫تأثير العقيدة اإلسالمية فإذا بھم يدخلون بھم في دين المغلوبين عل‪S‬ى خ‪S‬الف م‪S‬ا‬
‫من َ ْ ُ‬
‫قبل‬ ‫ھو معروف أن المغلوب مولع دائما بتقليد الغالب المنصور ) ِ ﱠ‪ُ ْ َ ْ ِZ‬‬
‫األمر ِ ْ‬
‫الن‪S‬اس ال َ ْ َ ُ َ‬
‫يعلم‪S‬ون(‬ ‫أكثر ﱠ ِ‬ ‫ولكن َ ْ َ َ‬ ‫يفرح ْ ُ ْ ِ ُ َ‬
‫المؤمنون( )الروم‪ ِ َ َ ) .(٤:‬ﱠ‬ ‫ويومئذ َ ْ َ ُ‬ ‫َ ِ ْ‬
‫ومن َ ْ ُ‬
‫بعد َ َ ْ َ ِ ٍ‬
‫ﱠماوات َوال ِف‪S‬ي ْ َ ْ ِ‬
‫األرض‬ ‫شيء ِفي ال‪S‬س َ َ ِ‬ ‫ليعجزهُ ِ ْ‬
‫من َ ْ ٍ‬ ‫كان ﱠ‬
‫ﷲُ ِ ُ ْ ِ َ‬ ‫وما َ َ‬‫)الجاثـية‪َ َ ) .(٢٦:‬‬
‫قديراً( )فاطر‪(٤٤:‬‬ ‫عليما ً َ ِ‬
‫كان َ ِ‬‫ِ ﱠإنهُ َ َ‬
‫تستردوا عزكم ‪ ..........‬فلرب مغلوب ھوى ثم ارتقى‬ ‫ّ‬ ‫ال تيأسوا إن‬
‫وتجشموا للعز كل عظيمة ‪ .............‬إني رأيت العز صعب المرتقى‬
‫إن قراءة متأنية لتاريخ الصلبيين وبيت المقدس تعطي األمل بان الواق‪S‬ع س‪S‬وف‬
‫يتغير فاسمع إلى ابن كثي‪S‬ر )ف‪S‬ي البداي‪S‬ة والنھاي‪S‬ة( وغي‪S‬ره م‪S‬ن أھ‪S‬ل ال‪S‬سير وھ‪S‬م‬
‫يسردون لك ھذا الحدث‪ ) :‬وفي ضحى يوم الجمعة لسبع بقين من ش‪S‬عبان س‪S‬نة‬
‫اثنين وتسعين وأربعمائة للھجرة دخل أل‪S‬ف أل‪S‬ف مقات‪S‬ل بي‪S‬ت المق‪S‬دس وص‪S‬نعوا‬
‫فيه ما ال تصنعه وحوش الغاب وارتكبوا ما الترتكب أكثر منه الشياطين لبث‪S‬وا‬
‫في‪SS‬ه أس‪SS‬بوعا يقتل‪SS‬ون الم‪SS‬سلمين حت‪SS‬ى بل‪SS‬غ ع‪SS‬دد القتل‪SS‬ى أكث‪SS‬ر م‪SS‬ن س‪SS‬تين ألف‪SS‬ا م‪SS‬نھم‬
‫األئمة والعلماء والمتعبدون والمجاورون وكانوا يجبرون المسلمين عل‪S‬ى إلق‪S‬اء‬
‫أنف‪SS‬سھم م‪SS‬ن أع‪SS‬الي البي‪SS‬وت ألنھ‪SS‬م ي‪SS‬شعلون الن‪SS‬ار عل‪SS‬يھم وھ‪SS‬م فيھ‪SS‬ا ف‪SS‬ال يج‪SS‬دون‬
‫مخرجا إال بإلقاء أنفسھم من السطوح جاسوا فيھا خالل الديار وتبروا م‪S‬ا عل‪S‬وا‬
‫تتبيرا‪ ،‬وأخذوا أطنان الذھب والفضة والدنانير ثم وضعت ال‪S‬صلبان عل‪S‬ى بي‪S‬ت‬
‫المقدس وأدخلت فيه الخنازير ونودي من على م‪S‬آذن لطالم‪S‬ا أذن بالتوحي‪S‬د م‪S‬ن‬
‫عليھ‪SS‬ا ‪ :‬أن ﷲ ثال‪SS‬ث ثالث‪SS‬ة‪ -‬ج‪SS‬ل ال‪SS‬ه وتب‪SS‬ارك‪ -‬ف‪SS‬ذھب الن‪SS‬اس عل‪SS‬ى وج‪SS‬وھھم‬
‫م‪SS‬ستغيثين إل‪SS‬ى الع‪SS‬راق وتب‪SS‬اكى الم‪SS‬سلمون ف‪SS‬ي ك‪SS‬ل مك‪SS‬ان لھ‪SS‬ذا الح‪SS‬دث وظ‪SS‬ن‬
‫اليائسون أال عودة لبيت المقدس أبداً إلى حظيرة المسلمين ‪.‬‬
‫كم طوى اليأس نفوسا لو رأت ‪ ..........‬منبتا خصبا لكانت جوھرا‬
‫ويمضي الزمن ويعد الرجال وفي سنة ثالث‪S‬ة وثم‪S‬انين وخم‪S‬سمائة للھج‪S‬رة أع‪S‬د‬
‫صالح الدين جيشا إلسترداد بيت المقدس وتأديب الصلبيين عل‪S‬ى مب‪S‬داھم ھ‪S‬م ‪:‬‬
‫إن القوي بكل أرض يتقي وفي وق‪S‬ت اإلع‪S‬داد تأتي‪S‬ه رس‪S‬الة عل‪S‬ى ل‪S‬سان الم‪S‬سجد‬
‫األقصى تقول‪:‬‬
‫يا أيھا الملك اـذي ‪ ............‬لمعالم الصلبان نكس‬
‫جاءت إليك ظالمة تسعى ‪ ......‬من البيت المقدس‬
‫كل المساجد طھرت وأنا ‪ .......‬على شرفي أنجس‬
‫فانتخى وصاح وا إسالماه وامتنع عن الضحك وسارع في اإلعداد ولم يق‪S‬ارف‬
‫بعدھا ما يوجب الغسل ‪.‬‬
‫من ذا يغير على األسود بغبھا ‪ ........‬أو من يعوم بمسبح التمساح‬
‫وعندھا علم الصلبيون أن ھذا م‪S‬ن جن‪S‬ود محم‪S‬د ص‪S‬لى ﷲ علي‪S‬ه وس‪S‬لم فت‪S‬صالح‬
‫ملوك النصارى وجاؤا بحدھم وحديدھم وكانوا ثالثة وستين ألف فتقدم ص‪S‬الح‬
‫الدين إلى طبريا ففتحھا بال إله إال ﷲ فصارت البحيرة إلى حوزت‪S‬ه اس‪S‬تدرجھم‬
‫إلى الموعد الذي يريده ھو ثم لم يصل إلى الكفار بع‪S‬دھا قط‪S‬رة م‪S‬اء إذ ص‪S‬ارت‬
‫البحيرة في حوزته فصاروا في عطش عظيم‪.‬‬
‫وعندھا تقابل الجيشان وتواجه الفريقان وأسفر وجه اإليمان وأغبر وجه الظل‪S‬م‬
‫والطغي‪S‬ان ودارت دائ‪S‬رة ال‪S‬سوء عل‪S‬ى عب‪S‬دة ال‪S‬صلبان ع‪S‬شية الجمع‪S‬ة واس‪S‬تمرت‬
‫إلى السبت الذي كان ع‪S‬سيرا عل‪S‬ى أھ‪S‬ل األح‪S‬د إذ طلع‪S‬ت عل‪S‬يھم ال‪S‬شمس واش‪S‬تد‬
‫الحر وقوي العطش وأضرمت النار من قب‪S‬ل ص‪S‬الح ال‪S‬دين ف‪S‬ي الح‪S‬شيش ال‪S‬ذي‬
‫كانت تحت سنابك خيل الكفار فاجتمع عل‪S‬يھم ح‪S‬ر ال‪S‬شمس وح‪S‬ر العط‪S‬ش وح‪S‬ر‬
‫النار وحر السالح وحر رشق النبال وحر مقابلة أھل اإليمان‪.‬‬
‫وقام الخطباء يستثيرون أھل اإليمان ثم صاح الم‪S‬سلمون وكب‪S‬روا تكبي‪S‬رة اھت‪S‬ز‬
‫لھ‪SS‬ا ال‪SS‬سھل والجب‪SS‬ل ث‪SS‬م ھجم‪SS‬وا كال‪SS‬سيل ال‪SS‬دفاع لينھ‪SS‬زم الكف‪SS‬ار ويؤس‪SS‬ر مل‪SS‬وكھم‬
‫ويقتل منھم ثالثون ألفا ً حتى قيل لم يبق أحد ويؤسر منھم ثالثون ألفا حتى قي‪S‬ل‬
‫ل‪SS‬م يقت‪SS‬ل أح‪SS‬د‪ ،‬فل‪SS‬م ي‪SS‬سمع بمث‪SS‬ل ھ‪SS‬ذا الي‪SS‬وم ف‪SS‬ي ع‪SS‬ز اإلس‪SS‬الم وأھل‪SS‬ه إال ف‪SS‬ي عھ‪SS‬د‬
‫الصحابة‪ ،‬حت‪S‬ى ذك‪S‬ر ان بع‪S‬ض الفالح‪S‬ين رؤي وھ‪S‬و يق‪S‬ود نيف‪S‬ا وثالث‪S‬ين أس‪S‬يرا‬
‫ي‪SS‬ربطھم ف‪SS‬ي طن‪SS‬ب خيمت‪SS‬ه‪ ،‬وب‪SS‬اع بع‪SS‬ضھم أس‪SS‬يرا بنع‪SS‬ل يلب‪SS‬سھا‪ ،‬وب‪SS‬اع بع‪SS‬ضھم‬
‫أسيرا بكلب يحرس غنمه‪.‬‬
‫ثم أمر السلطان صالح الدين جيوشه أن تستريح لتتقدم إلى ف‪S‬تح بي‪S‬ت المق‪S‬دس‪،‬‬
‫ففي ھذه اإلستراحة كيف كانت النفوس المؤمنة الت‪S‬ي ال تي‪S‬أس ؟ ‪ :‬ال‪S‬رؤوس ل‪S‬م‬
‫ترفع من سجودھا‪ ،‬والدموع لم تمسح من خدودھا‪ ،‬يوم ع‪S‬ادت البي‪S‬ع م‪S‬ساجداً ‪،‬‬
‫والمكان ال‪S‬ذي ق‪S‬ال في‪S‬ه ‪ :‬إن ﷲ ثال‪S‬ث ثالث‪S‬ة ص‪S‬ار ي‪S‬شھد في‪S‬ه ‪ :‬أن ال إل‪S‬ه إال ﷲ‬
‫وح‪SS‬ده ال ش‪SS‬ريك ل‪SS‬ه‪ ،‬ث‪SS‬م س‪SS‬ار نح‪SS‬و بي‪SS‬ت المق‪SS‬دس ليف‪SS‬تح م‪SS‬ن الجھ‪SS‬ة ال‪SS‬شرقية‬
‫ويخرجھم منه فكان له ذلك على أن يبذل كل رجل م‪S‬نھم –ويخ‪S‬رج ذل‪S‬يال‪ -‬ع‪S‬ن‬
‫نفسه عشرة دنانير وع‪S‬ن الم‪S‬رأة خم‪S‬سة وع‪S‬ن الطف‪S‬ل دين‪S‬ارين وم‪S‬ن عج‪S‬ز ك‪S‬ان‬
‫أسيرا للمؤمنين‪ ،‬فعجز منھم ستة عشر ألفا ً كانوا أسراء للمسلمين‪.‬‬
‫ودخل المسلمون بيت المقدس‪ ،‬وطھ‪S‬روه م‪S‬ن ال‪S‬صليب وطھ‪S‬روه م‪S‬ن الخنزي‪S‬ر‪،‬‬
‫ون‪SS‬ادى الم‪SS‬سلمون ب‪SS‬اآلذان ووح‪SS‬دوا ال‪SSS‬رحمن وج‪SS‬اء الح‪SS‬ق وبطل‪SS‬ت األباطي‪SSS‬ل‬
‫وكث‪SS‬رت ال‪SS‬سجدات وتنوع‪SS‬ت العب‪SS‬ادات وارتفع‪SS‬ت ال‪SS‬دعوات وتنزل‪SS‬ت البرك‪SS‬ات‬
‫وتجل‪SSS‬ت الكرب‪SSS‬ات وأقيم‪SSS‬ت ال‪SSS‬صلوات وأذن المؤذن‪SSS‬ون وخ‪SSS‬رس القسي‪SSS‬سيون‬
‫وأحضر منبر نورالدين الشھيد عليه رحمة ﷲ الجليل الذي كان يأمل أن يكون‬
‫الفتح على يديه فكان على يدي تلميذه صالح الدين‪ ،‬ورقى الخطيب المنب‪S‬ر ف‪S‬ي‬
‫أول جمعة بعد تعطل للجمعة والجماعة في المسجد األقصى دام واحد وتسعين‬
‫داب‪S‬ر‬ ‫عاما‪ ،‬فكان مما بدأ به الخطي‪S‬ب خطبت‪S‬ه بع‪S‬د أن حم‪S‬د ﷲ أن ق‪S‬ال‪َ ِ ُ َ ) :‬‬
‫فقط‪S‬ع َ ِ ُ‬
‫م‪S‬ن َ ْ ُ‬
‫قب‪S‬ل‬ ‫العالمين( )األنعام‪ ِ ) ،(٤٥:‬ﱠ‪ُ ْ َ ْ ِZ‬‬
‫األم‪S‬ر ِ ْ‬ ‫رب ْ َ َ ِ َ‬ ‫ظلموا َ ْ َ ْ ُ‬
‫والحمد ِ ﱠ‪ َ ِZ‬ﱢ‬ ‫َِْْ‬
‫القوم ﱠ ِ‬
‫الذي َن َ َ ُ‬
‫يفرح ْ ُ ْ ِ ُ َ‬
‫المؤمنون( )الروم‪.(٤:‬‬ ‫ويومئذ َ ْ َ ُ‬ ‫َ ِ ْ‬
‫ومن َ ْ ُ‬
‫بعد َ َ ْ َ ِ ٍ‬
‫معاشر المسلمين‪ :‬إن األقصى ل‪S‬م تعط‪S‬ل في‪S‬ه الجمع‪S‬ة ول‪S‬م تعط‪S‬ل في‪S‬ه الجماع‪S‬ة‬
‫ومع ذا ‪:‬‬
‫يئست أنفس ونامت عيون ‪ .......‬فجراح تغدو وتأتي جراح‬
‫فأين النجم من شمس وبدر ‪ ......‬وأين الثعلبان من الھزبـر‬
‫المؤمن ال يعر ف اليأس وال يفقد الرجاء إذ ھ‪S‬و واث‪S‬ق برب‪S‬ه ث‪S‬م ھ‪S‬و واث‪S‬ق بح‪S‬ق‬
‫نفسه ثم ھو واثق بوعد ﷲ‪ ،‬إن مرت به محنة اعتبرھا دليل حي‪S‬اة وحرك‪S‬ة ف‪S‬إن‬
‫المي‪SS‬ت الھام‪SS‬د ال ي‪SS‬ضرب وال ي‪SS‬ؤذى وإنم‪SS‬ا ي‪SS‬ضرب وي‪SS‬ؤذى المتح‪SS‬رك الح‪SS‬ي‬
‫المقاوم‪ -‬كما قيل – كالذھب والحديد يدخل النار في‪S‬ستفيد إذ ي‪S‬ذھب خبث‪S‬ه ويبق‪S‬ى‬
‫بھاؤه‪.‬‬
‫يؤلف إيالم الحوادث بيننا ‪ ..........‬ويجمعنا في ﷲ دين ومذھب‬
‫إن علين‪SS‬ا –مع‪SS‬شر الم‪SS‬سلمين‪ -‬أن نك‪SS‬ون بحج‪SS‬م التح‪SS‬ديات ب‪SS‬صبر وثب‪SS‬ات ول‪SS‬سان‬
‫حال كل واحد منا ‪:‬‬
‫فيقصر دون باعي كل باع ‪ ...........‬ويحصر دون خطبتي الخطيب‬
‫أبي من أبيـين‬
‫أبي ّ‬
‫أبي ذو مغالبـة ‪ ............‬وابـن ّ‬ ‫أبي◌ ُ‬ ‫إني َ ٌ‬
‫إن الوصول إلى القمة ليس األھم لكن األھم البقاء فيھا‪ ،‬إن اإلنح‪S‬دار إل‪S‬ى الق‪S‬اع‬
‫ليس ھو الكارثة لكن الكارثة ھو االعتقاد أنه ال سبيل إل‪S‬ى الخ‪S‬روج م‪S‬ن الق‪S‬اع‪،‬‬
‫ليس وﷲ الدواء في بكاء األطالل وندب الحظوظ إنه في الترفع عن الواقع بال‬
‫تجاھل له‪ ،‬فاالستعالء النفسي عليه في تحرر للفكر من إرھاقه ويأسه وخبال‪S‬ه‪،‬‬
‫بإرادة قوية حرة أبية يمكن تحويل عوامل الضعف إلى الق‪S‬وة ب‪S‬اذن رب البري‪S‬ة‬
‫) إن الرسول صلى ﷲ عليه وسلم ح‪S‬ين ح‪S‬صل ف‪S‬ي أح‪S‬د م‪S‬ا ح‪S‬صل ش‪S‬ج وجھ‪S‬ه‬
‫وكسرت رباعيته وانخذل عنه من انخذل وإذا به يزيل اآلثار النفسية من قلوب‬
‫المؤمنين بنقلھم إلى مواجھة جديدة في حمراء األسد لمالحق‪S‬ة الم‪S‬شركين ال‪S‬ذين‬
‫لو كانوا حقا منتصرين لما ولوا األدبار قافلين ولقضوا على البقي‪S‬ة الباقي‪S‬ة م‪S‬ن‬
‫الم‪SSS‬سلمين وھ‪SSS‬ذا ي‪SSS‬دل عل‪SSS‬ى حكم‪SSS‬ة الرس‪SSS‬ول األم‪SSS‬ين علي‪SSS‬ه ص‪SSS‬لوات ﷲ رب‬
‫العالمين‪ ،‬وأبو بكر رضي ﷲ عنه يأتي من بعده وقد ترب‪S‬ى عل‪S‬ى س‪S‬نته بع‪S‬د أن‬
‫كادت نواة اإلسالم تضيع في طوفان ال‪S‬ردة‪ ،‬ف‪S‬إذا ب‪S‬ه ينق‪S‬ل األم‪S‬ة نقل‪S‬ة م‪S‬ن واق‪S‬ع‬
‫إلى واقع بتأب عن اليأس وترفع على الھزيمة وحاله‪:‬‬
‫فليس يجلي الكرب رأي مسدد ‪ ...........‬إذا ھو لم يؤنس برمح مسدد‬
‫إن الم‪SS‬ستقبل لھ‪SS‬ذا ال‪SS‬دين ب‪SS‬دون من‪SS‬ازع ولكن‪SS‬ه ال يتحق‪SS‬ق ب‪SS‬المعجزات ال‪SS‬سحرية‬
‫ولكنه بالعمل والبذل والدعوة إل‪S‬ى ﷲ م‪S‬ن منطلق‪S‬ات ص‪S‬حيحة عل‪S‬ى م‪S‬نھج أھ‪S‬ل‬
‫السنة والجماع‪S‬ة ) ووع‪S‬د ﷲ ل‪S‬ن يتخل‪S‬ف لكن‪S‬ه ل‪S‬ن يتحق‪S‬ق أب‪S‬دا عل‪S‬ى ي‪S‬د أق‪S‬وام ال‬
‫يستحقونه وال يفھمون سننه وال يضحون من أجله(‪.‬‬
‫منـى ‪ ..........‬فاركب البرق وال ترضى الغماما‬ ‫ً‬ ‫فإذا حاولت في األفـق‬
‫وما السيف إال زبرة لو تركته ‪ .........‬على الخلقة األولى لما كان يقطع‬
‫أال أنني ال أركب اليأس مركبا ‪ .........‬وال أكبر البأساء حين تغيــر‬
‫نفسي برغم الحادثـات فتيـة ‪ ..........‬عودي على رغم الحوادث مورق‬
‫أيھا اليائس مت قبل الممـات ‪ ..........‬فإذا شئت حيــاة فالرجـــا‬
‫ال يذيق ذرعك عند األزمات ‪ ...........‬إن ھـي اشتدت فأمــل فرجا‬
‫البيض تصدأ في الجفون إذا ثوت ‪ ......‬والماء يأسن إن أقام طويالً‬
‫صانع السيف كمـن يشھـره ‪ .........‬في سبيل ﷲ بين الجحفل‬
‫حقـق اللــه لنـا آمالنـا ‪ ..........‬وعلى ﷲ بلوغ األمل‬
‫‪٢٢‬‬ ‫ااإلشارة إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث‬

‫فاع‪ُ ِ S‬‬
‫‪S‬دلوا( )األنع‪SS‬ام‪ .(١٥٢:‬م‪SS‬ا أحوجن‪SS‬ا إل‪SS‬ى الع‪SS‬دل عل‪SS‬ى الطري‪SS‬ق‬ ‫وإذا ُ ْقل‪ْ ُ S‬‬
‫‪S‬تم َ ْ‬ ‫أو ) َ ِ َ‬
‫وحاجتنا أشد له في النقد ومعالجة الخطأ‪.‬‬
‫ويجدر بنا أن نذكر ھنا المنھج العادل والطريقة المثالية لمعالجة الخط‪S‬أ‪ ،‬وذل‪S‬ك‬
‫حسبما رسمه لنا من أمرنا ﷲ عز وجل بأن تكون لنا أسوة حسنة فيه صلى ﷲ‬
‫عليه وسلم‪ ،‬وما أكثر المواقف العادلة في سيرته صلى ﷲ عليه وس‪S‬لم ‪ ،‬ب‪S‬ل أن‬
‫سيرته صلى ﷲ عليه وسلم كلھا عدل‪ ،‬ونكتفي ھنا بمثال واحد أال وھ‪S‬و موقف‪S‬ه‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم من صنيع حاط‪S‬ب ب‪S‬ن أب‪S‬ي بلتع‪S‬ة رض‪S‬ي ﷲ عن‪S‬ه ف‪S‬ي ف‪S‬تح‬
‫مك‪SS‬ة‪ ،‬ويح‪SS‬سن أن ن‪SS‬ذكر الق‪SS‬صة بتمامھ‪SS‬ا؛ ليت‪SS‬ضح لن‪SS‬ا ذل‪SS‬ك الق‪SS‬سطاس الم‪SS‬ستـقيم‬
‫ال‪SS‬ذي انتھج‪SS‬ه الرس‪SS‬ول ص‪SS‬لى ﷲ علي‪SS‬ه وس‪SS‬لم ف‪SS‬ي معالج‪SS‬ة ھ‪SS‬ذا الخط‪SS‬أ ‪ ،‬رغ‪SS‬م‬
‫شناعته وخطورته ‪.‬‬
‫روي اإلمام البخاري رحمه ﷲ في صحيحه ‪ ،‬عن علي رضي ﷲ عنه‪ ،‬ق‪S‬ال ‪:‬‬
‫بعثني رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم وأبا مرث‪S‬د والزبي‪S‬ر‪ -‬وكلن‪S‬ا ف‪S‬ارس‪ -‬ق‪S‬ال‪:‬‬
‫انطرقوا حتى تأتوا روضة خاخ‪ ،‬فإن بھا إمراة من المشركين معھ‪S‬ا كت‪S‬اب م‪S‬ن‬
‫حاطب بن أبي بلتعة إلى المشركين‪ ،‬فأدركناھا تسير على بعي‪S‬ر لھ‪S‬ا حي‪S‬ث ق‪S‬ال‬
‫رس‪SS‬ول ﷲ ص‪SS‬لى ﷲ علي‪SS‬ه وس‪SS‬لم‪ ،‬فقلن‪SS‬ا ‪ :‬الكت‪SS‬اب‪ ،‬فقال‪SS‬ت م‪SS‬ا مع‪SS‬ي م‪SS‬ن كت‪SS‬اب‬
‫فأنخناھا فالتمسنا فلم نر كتابا ً ‪ ،‬فقلنا‪ :‬ما كذب رس‪S‬ول ﷲ ص‪S‬لى ﷲ علي‪S‬ه وس‪S‬لم‬
‫لتخ‪SS‬رجن الكت‪SS‬اب وإال لنجردن‪SS‬ك‪ ،‬فلم‪SS‬ا رأت الج‪SS‬د أھ‪SS‬وت إل‪SS‬ى حجرتھ‪SS‬ا –وھ‪SS‬ي‬
‫محتجزة بكساء – فأخرجته‪ ،‬فانطلقنا بھا إلى رسول ﷲ ص‪S‬لى ﷲ علي‪S‬ه وس‪S‬لم‪،‬‬
‫فق‪S‬ال عم‪SS‬ر‪ :‬ي‪SS‬ا رس‪SS‬ول ﷲ ق‪SS‬د خ‪SS‬ان ﷲ ورس‪SS‬وله والم‪SS‬ؤمنين‪ ،‬ف‪SS‬دعني فألض‪SS‬رب‬
‫عنقه ‪.‬‬
‫فقال النبي صلى ﷲ عليه وسلم‪ :‬ما حملك على ما صنعت ؟ قال حاطب ‪ :‬وﷲ‬
‫ما بي أال أكون مؤمنا با‪ Z‬ورسوله ص‪S‬لى ﷲ علي‪S‬ه وس‪S‬لم‪ ،‬أردت أن تك‪S‬ون ل‪S‬ي‬
‫عند القوم يد يدفع ﷲ بھا عن أھلي ومالي‪ ،‬وليس أحد من أصحابك إال وھناك‬
‫من عشيرته من يدفع ﷲ به عن أھله وماله‪ ،‬فقال صلى ﷲ عليه وسلم ‪ :‬صدق‬
‫وال تقولوا إال خيرا ‪ .‬فق‪S‬ال عم‪S‬ر إن‪S‬ه ق‪S‬د خ‪S‬ان ﷲ والم‪S‬ؤمنين ف‪S‬دعني فألض‪S‬رب‬
‫عنقه ‪ ،‬فقال أليس من أھل بدر ؟ لعل ﷲ اطلع على أھل بدر‪ ،‬فقال اعمل‪S‬وا م‪S‬ا‬
‫شئتم فقد وجبت لكم الجنة – أو فق‪S‬د غف‪S‬رت لك‪S‬م‪ ، -‬ف‪S‬دمعت عين‪S‬ا عم‪S‬ر ‪ ،‬وق‪S‬ال‪:‬‬
‫ﷲ ورسوله أعلم ‪.‬‬
‫من ھذه الحادثة نستطيع ان نحدد ثالثة مراحل للمعالجة العادل‪S‬ة للخط‪S‬أ ‪ ،‬مھم‪S‬ا‬
‫كانت ضخامته ‪:‬‬
‫المرحلة األولى‪ :‬مرحلة التثبت من وقوع الخطأ ‪:‬‬
‫في ھذه الحادثة قد تم التثبت عن طريق أوثق المصادر أال وھو ال‪S‬وحي‪ ،‬حي‪S‬ث‬
‫أوحى ﷲ عز وجل إلى رسوله صلى ﷲ عليه وسلم بخبر الكتاب ال‪S‬ذي أرس‪S‬له‬
‫حاطب مع المرأة‪ ،‬وأين ھي المرأة ‪.‬‬
‫المرحلة الثانية‪ :‬مرحلة التثبت من األسباب التي دفعت إلى ارتكاب الخطأ ‪:‬‬
‫وھذا األمر متمثل في قوله ص‪S‬لى ﷲ علي‪S‬ه وس‪S‬لم لحاط‪S‬ب ‪ :‬م‪S‬ا حمل‪S‬ك عل‪S‬ى م‪S‬ا‬
‫صنعت ؟ وھذه المرحلة مھمة ؛ ألنه قد يتبين بعد ط‪S‬رح ھ‪S‬ذا ال‪S‬سؤال أن ھن‪S‬اك‬
‫عذرا شرعيا في ارتكاب الخط‪S‬أ‪ ،‬وتنتھ‪S‬ي الق‪S‬ضية عن‪S‬د ھ‪S‬ذا الح‪S‬د‪ ،‬ف‪S‬إذا ل‪S‬م تنت‪S‬ه‬
‫عند ھذا الحد مثل ما ظھر ف‪S‬ي ق‪S‬ضية حاط‪S‬ب ‪ ،‬وأن الع‪S‬ذر ال‪S‬ذي أب‪S‬داه لرس‪S‬ول‬
‫ﷲ صلى ﷲ علي‪S‬ه وس‪S‬لم ل‪S‬م يك‪S‬ن مقنع‪S‬ا لكن‪S‬ه طم‪S‬أن رس‪S‬ول ﷲ ص‪S‬لى ﷲ علي‪S‬ه‬
‫وسلم على صدق حاطب‪ ،‬وأنه ال زال مسلما‪ ،‬نقول‪ :‬إذ لم يكن العذر مقنعا من‬
‫الناحية الشرعية‪ ،‬فإنه يصار إلى‪:‬‬
‫المرحلة الثالثة ‪ :‬وفيھ‪S‬ا ي‪S‬تم جم‪S‬ع الح‪S‬سنات واألعم‪S‬ال الخي‪S‬رة لمرتك‪S‬ب الخط‪S‬ا‬
‫وحشدھا إلى جانب خطأه‪ ،‬فقد ينغمز ھذا الخطأ أو ھذه السيئة في بحر حسناته‬
‫‪ :‬وھذا ھو الذي سلكه رسول ﷲ صلى ﷲ علي‪S‬ه وس‪S‬لم‪ ،‬م‪S‬ع حاط‪S‬ب رض‪S‬ي ﷲ‬
‫عن‪S‬ه؛ حي‪S‬ث ق‪S‬ال ص‪SS‬لى ﷲ علي‪S‬ه وس‪S‬لم لعم‪S‬ر عن‪SS‬دما اس‪S‬تأذن ف‪S‬ي مقت‪S‬ل حاط‪SS‬ب‪:‬‬
‫أليس من أھل بدر؟ فقال ‪ :‬لعل ﷲ اطلع على أھل بدر‪ ،‬فقال ‪ :‬اعمل‪S‬وا م‪S‬ا ش‪S‬ئتم‬
‫فقد وجبت لكم الجنة – أو فقد غفرت لكم‪. -‬‬
‫وقد ذكر اإلمام ابن القيم رحمه ﷲ كالما جيدا حول ھذا الموضوع؛ حي‪S‬ث ق‪S‬ال‬
‫في رده على من قال‪ :‬إن ﷲ يعافي الجھال ما ال يعافي العلماء‪:‬‬
‫فالواج‪SS‬ب‪ :‬أن ھ‪SS‬ذا ال‪SS‬ذي ذكرتم‪SS‬وه ح‪SS‬ق ال ري‪SS‬ب في‪SS‬ه‪ ،‬ولك‪SS‬ن م‪SS‬ن قواع‪SS‬د ال‪SS‬شرع‬
‫والحكمة أيضا من كثرة حسناته‪ ،‬وعظمت وكان له ف‪S‬ي اإلس‪S‬الم ت‪S‬أثير ظ‪S‬اھر‪،‬‬
‫فإنه يحتمل له ما ال يحتمل من غيره‪ ،‬ويعفى من‪S‬ه م‪S‬ا ال يعف‪S‬ى ع‪S‬ن غي‪S‬ره؛ ف‪S‬إن‬
‫المعصية خبث‪ ،‬والماء إذا بلغ القلتين لم يحمل الخبث؛ بخالف الماء القليل فإنه‬
‫يحمل أدنى الخبث‪.‬‬
‫ومن ھذا قول النبي صلى ﷲ عليه وسلم لعمر ‪ :‬وما يدريك لعل ﷲ اطلع عل‪S‬ى‬
‫أھل بدر‪ ،‬فقال ‪ :‬أعملوا ما شئتھم فقد غفرت لكم ‪.‬وق‪S‬د ارتك‪S‬ب مث‪S‬ل ھ‪S‬ذا ال‪S‬ذنب‬
‫العظيم ‪ ،‬فأخبر النبي صلى ﷲ عليه وسلم أنه شھد بدرا‪ ،‬فدل على أن مقتضى‬
‫عقوبته قائم لكن منع من ترتيب أثره علي‪S‬ه م‪S‬ا ل‪S‬ه م‪S‬ن الم‪S‬شھد العظ‪S‬يم؛ فقوع‪S‬ت‬
‫تلك السقطة العظيمة مغتفرة في جنب ما له من الحسنات‪.‬‬
‫ولما حض النبي صلى ﷲ عليه وسلم عل‪S‬ى ال‪S‬صدقة ف‪S‬أخرج عثم‪S‬ان رض‪S‬ي ﷲ‬
‫عنه تلك الصدقة العظيمة‪ ،‬قال ‪ :‬ما ضر عثمان ما عمل بع‪S‬دھا ‪ ،‬وق‪S‬ال لطلح‪S‬ة‬
‫لما تطأطا للنبي صلى ﷲ علي‪S‬ه وس‪S‬لم حت‪S‬ى ص‪S‬عد عل‪S‬ى ظھ‪S‬ره إل‪S‬ى ال‪S‬صخرة ‪:‬‬
‫)أوجب طلحة(‪.‬‬
‫ھذا موسى كليم الرحمن عز وجل ألقى األلواح التي فيھا كالم ﷲ الذي كتبه له‬
‫‪ ،‬ألقاھ‪S‬ا عل‪S‬ى األرض حت‪S‬ى تك‪S‬سرت‪،‬ولطم ع‪S‬ين مل‪S‬ك الم‪S‬وت ففقأھ‪S‬ا ‪ ،‬وعات‪S‬ب‬
‫ربه ليلة اإلسراء في النبي صلى ﷲ عليه وسلم‪ ،‬وقال شاب بع‪S‬ث بع‪S‬دي ي‪S‬دخل‬
‫الجنة من أمته أكثر مما يدخلھا من أمتي‪ ،‬وأخذ بلحية ھارون وج‪S‬ره إلي‪S‬ه وھ‪S‬و‬
‫نبي ﷲ‪ ،‬وكل ھذا لم ينقص من قدره شيئا عند ربه ‪ ،‬وربه تعالى يكرمه ويحبه‬
‫‪ ،‬فإن األمر الذي قام به موسى ‪ ،‬والعدو الذي ب‪S‬رز ل‪S‬ه ‪ ،‬وال‪S‬صبر ال‪S‬ذي ص‪S‬بره‬
‫واألذى الذي أوذي به في ﷲ أمر ال تؤثر فيه أمثال ھذه األمور ‪ ،‬وال تغير في‬
‫وجھه وال تخفى منزلته‪.‬‬
‫وھذا أمر معلوم عند الناس مستقر في فطرھم أنه من ل‪S‬ه أل‪S‬وف م‪S‬ن الح‪S‬سنات؛‬
‫فإنه ي‪S‬سامح بال‪S‬سيئة وال‪S‬سيئتين ونحوھم‪S‬ا‪،‬حتى أن‪S‬ه ليخ‪S‬تلج داع‪S‬ي عقوبت‪S‬ه عل‪S‬ى‬
‫إساءته وداعي ش‪S‬كره عل‪S‬ى إح‪S‬سانه؛ فيغل‪S‬ب داع‪S‬ي ال‪S‬شكر داع‪S‬ي العقوب‪S‬ة‪ ،‬كم‪S‬ا‬
‫قيل‪:‬‬
‫وإذا الحبيب أتى بذنب واحد ‪ ............‬جاءت محاسنه بألف شفيع‬
‫وقال آخر ‪:‬‬
‫فإن يكن الفعل الذي ساء واحداً ‪ .........‬فأفعاله الآلئي سررن كثير‬
‫وﷲ سبحانه يوازن يوم القيام‪S‬ة ب‪S‬ين ح‪S‬سنات العب‪S‬د وس‪S‬يئاته‪ ،‬فأيھم‪S‬ا غل‪S‬ب ك‪S‬ان‬
‫الت‪SS‬أثير ل‪SS‬ه‪ ،‬فيفع‪SS‬ل بأھ‪SS‬ل الح‪SS‬سنات – ال‪SS‬ذين آث‪SS‬روا محاب‪SS‬ه ومراض‪SS‬يه‪ ،‬وغلب‪SS‬تھم‬
‫دواعي طبعھم أحيانا ً – من العفو والمسامحة ما ال يفعله مع غيرھم‪.‬‬

‫*****‬

‫‪٢٣‬‬ ‫رفـقـا ً بـھـم‬ ‫ااإلشارة‬

‫إن عن‪SS‬د الن‪SS‬اس م‪SS‬ن الھم‪SS‬وم م‪SS‬ا يكف‪SS‬يھم‪ ،‬وھ‪SS‬م بحاج‪SS‬ة إل‪SS‬ى م‪SS‬ن يواس‪SS‬يھم ال م‪SS‬ن‬
‫يع‪SS‬نفھم‪ ،‬وعلين‪SS‬ا أال نن‪SS‬سى أن الب‪SS‬شر مخلوق‪SS‬ات عاطفي‪SS‬ة تج‪SS‬ذبھم الكلم‪SS‬ة الطيب‪SS‬ة‬
‫وينفرھم التوبيخ والتقريع‪ ،‬وعند ك‪S‬ل واح‪S‬د م‪S‬نھم م‪S‬ن االعت‪S‬داد بنف‪S‬سه ومواھب‪S‬ه‬
‫وإمكانات‪SS‬ه م‪SS‬ا يجعل‪SS‬ه ي‪SS‬رى ف‪SS‬ي الكلم‪SS‬ة القاس‪SS‬ية ع‪SS‬دوانا ً عل‪SS‬ى كرامت‪SS‬ه ومجال‪SS‬ه‬
‫الخاص ‪.‬‬
‫قال شيخ اإلسالم ابن تيمية في ساق ما يحتاجه اآلم‪S‬رون ب‪S‬المعروف والن‪S‬اھون‬
‫عن المنكر ‪ :‬فال بد من ھذه الثالثة ‪ :‬العل‪S‬م والرف‪S‬ق وال‪S‬صبر ‪ ،‬العل‪S‬م قب‪S‬ل األم‪S‬ر‬
‫والنھي والرفق ومعه الصبر بعده‪ ..‬وھذا كما جاء في األثر عن بع‪S‬ض ال‪S‬سلف‬
‫‪ ،‬ورووه مرفوعا ‪ ) :‬ال يأمر بالمعروف وينھي عن المنك‪S‬ر إال م‪S‬ن ك‪S‬ان فقيھ‪S‬ا‬
‫فيما يأمر به فقيھا فيما ينھي عنه؛ رفيق‪S‬ا فيم‪S‬ا ي‪S‬أمر ب‪S‬ه؛ رفيق‪S‬ا فيم‪S‬ا ينھ‪S‬ي عن‪S‬ه؛‬
‫حليما فيما يأمر به ؛ حليما فيما ينھي عنه (‪.‬‬
‫والداعي‪SSS‬ة إل‪SSS‬ى جان‪SSS‬ب إيث‪SSS‬ار الكلم‪SSS‬ة الرقيق‪SSS‬ة واألس‪SSS‬لوب الع‪SSS‬ذب ي‪SSS‬ؤثر أي‪SSS‬ضا‬
‫الت‪SS‬شبيھات الجميل‪SS‬ة‪ ،‬ويبتع‪SS‬د ع‪SS‬ن األمث‪SS‬ال والت‪SS‬شبيھات القبيح‪SS‬ة أو المنف‪SS‬رة؛ وق‪SS‬د‬
‫سمعت آخر يشبه ال قطات )التلفاز( على أسطح المن‪S‬ازل بالراي‪S‬ات الت‪S‬ي كان‪S‬ت‬
‫تنصبھا المومسات عل‪S‬ى بي‪S‬وتھم ف‪S‬ي الجاھلي‪S‬ة!! ‪ -‬قل‪S‬ت كي‪S‬ف ل‪S‬و رأى األطب‪S‬اق‬
‫اليوم – وھذا كالم الصمت خير منه بكثير!‬
‫إن قولنا‪ :‬ھذا خالف الواقع يؤدي ع‪S‬ين المعن‪S‬ى ال‪S‬ذي يؤدي‪S‬ه قولن‪S‬ا‪ :‬ھ‪S‬ذا ك‪S‬ذب‪،‬‬
‫لكنه أرفق وألطف‪ .‬وإن قولنا ‪ :‬ما رأيكم لو علمنا كذا ألط‪S‬ف م‪S‬ن قولن‪S‬ا اعمل‪S‬وا‬
‫كذا ‪ ،‬وكفوا عن كذا‪...‬‬
‫إن صيغة األمر والنھ‪S‬ي ل‪S‬م تع‪S‬د مقبول‪S‬ة ف‪S‬ي ك‪S‬ل موض‪S‬وع؛ فالح‪S‬ضارة الحديث‪S‬ة‬
‫وسعت دائرة الخصوصيات والحرية الشخصية إلى أبعد ح‪S‬د ممك‪S‬ن ‪ ،‬وإن م‪S‬ن‬
‫واجبنا أن نشعر المخاطب أننا ال نتعدى على أي منھما ‪.‬‬
‫فالرفق الرفق ))من يحرم الرفق ُيحرم الخير كله(( صحيح مسلم‪.‬‬
‫حول‪S‬ك( )آل‬ ‫الن َف‪S‬ضﱡ وا ِ ْ‬
‫م‪S‬ن َ ْ ِ َ‬ ‫غل‪S‬يظَ ْ َ ْ ِ‬
‫القل‪S‬ب َ ْ‬ ‫كن‪S‬ت َ ّ‬
‫فظ‪S‬ا ً َ ِ‬ ‫ولو ُ ْ َ‬
‫ويقول ﷲ تعالى ‪ْ َ َ ... ) :‬‬
‫عمران‪.(١٥٩:‬‬
‫)قال السيد قطب رحمه ﷲ حول ظالل ھذه اآلية (‬
‫) فالناس في حاجة إلى كنف رحيم‪ ،‬وإلى رعاي‪S‬ة فائق‪S‬ة‪ ،‬وإل‪S‬ى ب‪S‬شاشة س‪S‬محة ‪،‬‬
‫وإلى ود يسعھم‪ ،‬وحلم ال يضيق بجھلھم وضعفھم ونقصھم ‪ ....‬ف‪S‬ي حاج‪S‬ة إل‪S‬ى‬
‫قلب كبير يعطيھم‪ ،‬وال يحتاج منھم إل‪S‬ى العط‪S‬اء‪ ،‬ويحم‪S‬ل ھم‪S‬ومھم‪ ،‬وال يعن‪S‬يھم‬
‫بھم‪SSS‬ه‪ ،‬ويج‪SSS‬دون عن‪SSS‬ده دائم‪SSS‬ا اإلھتم‪SSS‬ام والرعاي‪SSS‬ة والعط‪SSS‬ف وال‪SSS‬سماحة وال‪SSS‬ود‬
‫والرضا‪...‬‬
‫وھك‪SS‬ذا ك‪SS‬ان قل‪SS‬ب رس‪SS‬ول ﷲ ص‪SS‬لى ﷲ علي‪SS‬ه وس‪SS‬لم ‪ ،‬وھك‪SS‬ذا كان‪SS‬ت حيات‪SS‬ه م‪SS‬ع‬
‫الناس؛ ما غ‪S‬ضب لنف‪S‬سه ق‪S‬ط وال ض‪S‬اق ص‪S‬دره ب‪S‬ضعفھم الب‪S‬شري‪ ،‬وال احتج‪S‬ز‬
‫لنفسه شيئا ً من أعراض ھذه الحياة‪ ،‬بل أعطاھم كل م‪S‬ا ملك‪S‬ت ي‪S‬داه ف‪S‬ي س‪S‬ماحة‬
‫ندية‪ ،‬ووسعھم حلمه وبره وعطفه ووده الكريم‪ ،‬وما من واحد م‪S‬نھم عاش‪S‬ره أو‬
‫رآه إال امتأل قلبه بحبه ‪ ،‬نتيجة لما أفاض عليه ص‪S‬لى ﷲ علي‪S‬ه وس‪S‬لم م‪S‬ن نف‪S‬سه‬
‫الكبيرة الرحيبة‪.‬‬
‫ھ‪SS‬ذه ھ‪SS‬ي ص‪SS‬فات نبين‪SS‬ا محم‪SS‬د ص‪SS‬لى ﷲ علي‪SS‬ه وس‪SS‬لم ال‪SS‬ذي أمرن‪SS‬ا ﷲ ع‪SS‬ز وج‪SS‬ل‬
‫بالتأس‪SS‬ي ب‪SS‬ه‪ ،‬واقـت‪SS‬ـفاء أث‪SS‬ر‪ ،‬وھ‪SS‬ي نم‪SS‬وذج لك‪SS‬ل داعي‪SS‬ة يري‪SS‬د دع‪SS‬وة الن‪SS‬اس إل‪SS‬ى‬
‫الخير‪ ،‬ويحببھم فيه‪ ،‬ولك‪S‬ن م‪S‬ع ذل‪S‬ك بع‪S‬ضنا يف‪S‬رط ف‪S‬ي ھ‪S‬ذه ال‪S‬صفات‪ ،‬وي‪S‬صدر‬
‫من‪SS‬ه م‪SS‬ن المواق‪SS‬ف والت‪SS‬صرفات م‪SS‬ا ي‪SS‬نم ع‪SS‬ن الغلظ‪SS‬ة‪ ،‬والفظاظ‪SS‬ة‪ ،‬وع‪SS‬دم الحل‪SS‬م‪،‬‬
‫وس‪SS‬عة ال‪SS‬صدر‪ ،‬متم‪SS‬ثال ف‪SS‬ي تقطي‪SS‬ب الوج‪SS‬ه‪ ،‬وانقب‪SS‬اض ال‪SS‬نفس‪ ،‬عل‪SS‬ى األخط‪SS‬اء‪،‬‬
‫وفقدان الرفق واألناة‪ ،‬ومعلوم ما ينتج عن ذل‪S‬ك م‪S‬ن نف‪S‬رة الن‪S‬اس وك‪S‬رھھم لم‪S‬ن‬
‫ھذه أخالقه‪ ،‬فوق ما في ذلك من اإلثم وحرمان األجر‪.‬‬
‫قال الرسول ص‪S‬لى ﷲ علي‪S‬ه وس‪S‬لم ‪ )) :‬ال تحق‪S‬رن م‪S‬ن المع‪S‬روف ش‪S‬يئا ول‪S‬و أن‬
‫تلقى أخاك بوجه طلق((‪.‬‬
‫وثمة شيء آخر يتعل‪S‬ق بھ‪S‬ذا الموض‪S‬وع أال وھ‪S‬و م‪S‬ا درج علي‪S‬ه بع‪S‬ض الم‪S‬ربين‬
‫والم‪SS‬وجھين م‪SS‬ن ال‪SS‬دعاة ف‪SS‬ي الق‪SS‬سوة عل‪SS‬ى م‪SS‬ن معھ‪SS‬م‪ ،‬وت‪SS‬ربيتھم عل‪SS‬ى التقلي‪SS‬د‬
‫األعمى‪ ،‬وع‪S‬دم ال‪S‬سماح لھ‪S‬م بإب‪S‬داء آرائھ‪S‬م‪ ،‬ومعارض‪S‬تھم‪ ،‬وقف‪S‬ل ب‪S‬اب الت‪S‬شاور‬
‫معھم ‪.‬‬
‫وھذه الطريقة الخاطئة من التربي‪S‬ة‪ ،‬تف‪S‬رز لن‪S‬ا دع‪S‬اة مقل‪S‬دين متع‪S‬صبين منف‪S‬ذين‬
‫لما يقال لھم بدون بصيرة ‪ ،‬وھذه ھي الحقيقة تربية عبي‪S‬د ال تربي‪S‬ة ق‪S‬ادة‪ ،‬وھ‪S‬ذا‬
‫يخالف قوله تعالى ‪:‬‬
‫وما َ َأن‪S‬ا‬ ‫وسبحان ﱠ‬
‫ﷲِ َ َ‬ ‫بصيرة َ َأنا َ َ ِ‬
‫ومن ﱠ َ َ ِ‬
‫اتبعني َ ُ ْ َ َ‬ ‫ﷲِ َ َ‬
‫على َ ِ َ ٍ‬ ‫سبيلي َ ْ ُ‬
‫أدعو ِ َإلى ﱠ‬ ‫ھذه َ ِ ِ‬ ‫) ُْ‬
‫قل َ ِ ِ‬
‫المشركين( )يوسف‪. (١٠٨:‬‬‫من ْ ُ ْ ِ ِ َ‬‫ِ َ‬

‫*****‬

‫‪٢٤‬‬ ‫ال تضخم قضية على حساب أخرى‬ ‫ااإلشارة‬

‫الحول على الطريق فعلى المستوى الجماعي ترى من يقول‪:‬‬ ‫بمعنى أحذر َ َ‬
‫* أھم شيء أن نعرف واقع المسلمين وواقع أع‪S‬دائھم يعن‪S‬ي أھ‪S‬م ش‪S‬يء الق‪S‬ضايا‬
‫السياسية ألننا نعيش اآلن زمانا‪ ،‬ما ھو بزمن الدراويش!‬
‫وھكذا تج‪S‬د أص‪S‬حاب ھ‪S‬ذا التي‪S‬ار يحفظ‪S‬ون ك‪S‬ل ش‪S‬يء ع‪S‬ن ال‪S‬شيوعية والعلماني‪S‬ة‬
‫والماسونية‪ ،‬والبھائية‪ ،‬والقديانية‪ ..‬ثم تسأل عن اإلسالم ‪ ..‬فال يعرف منھم عن‬
‫اإلسالم شيئا ً!!‬
‫* وعلى العكس من ذلك فقد تضخم جماعة قضية العبادات فيقولون‪ :‬أھم شيء‬
‫زاھ‪S‬دا‪ً ،‬‬
‫تقي‪S‬ا‪،‬‬ ‫ً‬ ‫صلتك با‪ Z‬أھم شيء النية الطيبة‪ ،‬أھ‪S‬م ش‪S‬يء ال‪S‬صالة ‪ ،‬أن تك‪S‬ون‬
‫والخط‪SS‬أ ھن‪SS‬ا ل‪SS‬يس ف‪SS‬ي اإلھتم‪SS‬ام بھ‪SS‬ا لك‪SS‬ن أن ُتلغ‪SS‬ى الق‪SS‬ضايا األخ‪SS‬رى كلھ‪SS‬ا عل‪SS‬ى‬
‫حساب ھذا الجانب فھذا ھو الخطأ‪.‬‬
‫* وقد يأتي آخرون ‪ -‬وھذا موجود في الساحة اإلسالمية‪ -‬يقول‪S‬ون‪ :‬أھ‪S‬م ش‪S‬يء‬
‫جميع‪SS‬ا ً َوال َتفَرﱠقُ‪SS‬وا( )آل‬ ‫‪S‬ل ﱠ‬
‫ﷲِ َ ِ‬ ‫بحب‪ِ S‬‬ ‫وح‪SS‬دة ال‪SS‬صف‪ ،‬يق‪SS‬ول تع‪SS‬الى ‪ْ َ ) :‬‬
‫واعتَ‪ُ ِ S‬‬
‫‪S‬صموا ِ َ ْ‬
‫عم‪SS‬ران‪ .(١٠٣:‬فيجعل‪SS‬ون ھ‪SS‬ذه أھ‪SS‬م ق‪SS‬ضية ول‪SS‬و كان‪SS‬ت عل‪SS‬ى ح‪SS‬ساب العقائ‪SS‬د!‬
‫يتحدون مع اناس تختلف عقائدھم عن عقائدنا‪ ،‬مدعين أن أھم شيء أن نلتقي‪،‬‬
‫نح‪SS‬ن اآلن ف‪SS‬ي زم‪SS‬ان تكال‪SS‬ب في‪SS‬ه أع‪SS‬داؤنا علين‪SS‬ا ! وال‪SS‬صحيح‪ ...‬أن نلتق‪SS‬ي عل‪SS‬ى‬
‫أسس‪ ،‬نلتقي على دين‪ ،‬ال أن نلتقي على فوضى وعلى خالف في العقائد‪.‬‬
‫* فال بد إذا من التوازن في ھذه القضايا وغيرھا ‪ .‬فمدخل الشيطان عموما ً ھو‬
‫أن يضخم جانبا على حساب جانب آخر!!‬

‫*****‬

‫‪٢٥‬‬ ‫ما دام األجل باقيا كان الرزق آتيا‬ ‫ااإلشارة‬

‫) فرع خاطرك للھم بما أمرت به وال تشغله بما ضمن لك‪ ،‬فإن الرزق واألجل‬
‫قرنينان مضمونان‪ ،‬فما دام األجل باقيا كان الرزق آتيا‪ .‬وإذا سد عليك بحكمته‬
‫طريقا من طرقه فتح لك برحمته طريقا لك منه‪.‬‬
‫فتأمل حال الجنين ياتيه غذاؤه‪ ،‬وھو الدم ‪ ،‬من طريق واحد وھو ال‪S‬سرة ‪ ،‬فلم‪S‬ا‬
‫خرج من بطن األم انقطع‪S‬ت تل‪S‬ك الطري‪S‬ق وف‪S‬تح ل‪S‬ه ط‪S‬ريقين إثن‪S‬ين وأج‪S‬ري ل‪S‬ه‬
‫س‪S‬ائغا‪ ،‬ف‪S‬إذا تم‪S‬ت م‪S‬دة الرض‪S‬اع‬ ‫ً‬ ‫فيھما رزقا أطي‪S‬ب وأل‪S‬ذ م‪S‬ن األول لبن‪S‬ا خال‪S‬صا‬
‫وانقطع‪SSSS‬ت الطريق‪SSSS‬ان بالفط‪SSSS‬ام ف‪SSSS‬تح طرق‪SSSS‬ا ً أربع‪SSSS‬ة أكم‪SSSS‬ل منھ‪SSSS‬ا‪ :‬طعام‪SSSS‬ان‬
‫وشرابان‪.‬فالطعامان من الحيوان والنب‪S‬ات‪ ،‬وال‪S‬شرابان م‪S‬ن المي‪S‬اه واأللب‪S‬ان وم‪S‬ا‬
‫يضاف إليھما من المنافع والمالذ ‪.‬‬
‫فإذا ما انقطعت عنه ھذه الطرق األربعة‪ ،‬لكنه سبحانه فتح له – إن كان سعيداً‬
‫– طرقا ثمانية وھي ابواب الجنة يدخل من أيھا ش‪S‬اء ‪ .‬فھك‪S‬ذا ال‪S‬رب س‪S‬بحانه ال‬
‫يمنع عبده المؤمن شيئا من الدنيا إال ويؤتيه أف‪S‬ضل من‪S‬ه وأنف‪S‬ع ل‪S‬ه ‪ .‬ول‪S‬يس ذل‪S‬ك‬
‫لغير المؤمن ‪ .‬فإن يمنعه الحظ األدنى الخسيس وال يرضى له به ليعطيه الحظ‬
‫العلى النفيس‪ ،‬والعبد لجھله بمصالح نفسه وجھله بكرم ربه وحكمت‪S‬ه ولطف‪S‬ه ال‬
‫يعرف التفاوت بين ما منع منه وما ذخر له‪.‬‬
‫بل ھو مولع بحب العاج‪S‬ل وإن ك‪S‬ان دنيئ‪S‬ا ‪ .‬وبقل‪S‬ة الرغب‪S‬ة ف‪S‬ي اآلج‪S‬ل وإن ك‪S‬ان‬
‫عليا ً‪ .‬ولو أنصف العبد ربه وأنى له بذلك‪ ،‬لعل‪S‬م أن ف‪S‬ضله علي‪S‬ه فيم‪S‬ا منع‪S‬ه م‪S‬ن‬
‫الدنيا ولذاتھا ونعيمھا أعظم من ف‪S‬ضله علي‪S‬ه فيم‪S‬ا آت‪S‬اه م‪S‬ن ذل‪S‬ك ‪ ،‬فم‪S‬ا منع‪S‬ه إال‬
‫ليعطيه ‪ .‬وال ابتاله إال ليعافيه‪ ،‬وال امتحنه إال لي‪S‬صافيه‪ ،‬وال أمات‪S‬ه إال ليحيي‪S‬ه ‪،‬‬
‫وال أخرج‪SSS‬ه إل‪SSS‬ى ھ‪SSS‬ذه ال‪SSS‬دار إال ليتأھ‪SSS‬ب منھ‪SSS‬ا للق‪SSS‬دوم علي‪SSS‬ه ولي‪SSS‬سلك الطري‪SSS‬ق‬
‫أو َ َ َ‬
‫أراد‬ ‫ي‪S‬ذكر َ ْ‬ ‫أراد َ ْ‬
‫أن َ ﱠ ﱠ َ‬ ‫لمن َ َ َ‬ ‫والنھار ِ ْ َ‬
‫خلفةً ِ َ ْ‬ ‫جعل اللﱠ ْ َ‬
‫يل َ ﱠ َ َ‬ ‫وھو ﱠ ِ‬
‫الذي َ َ َ‬ ‫الموصلة إليه فـ ) َ ُ َ‬
‫شكوراً( )الفرقان‪ ...(٦٢:‬وﷲ المستعان‪.‬‬ ‫ُُ‬
‫*****‬

‫‪٢٦‬‬ ‫تحيز إلى ﷲ ورسوله ولو كنت وحدك‬ ‫ااإلشارة‬

‫) إذا كان ﷲ ورسوله في جانب فأحذر أن تكون ف‪S‬ي الجان‪S‬ب اآلخ‪S‬ر‪ ،‬ف‪S‬إن ذل‪S‬ك‬
‫يق‪SS‬ضى إل‪SS‬ى الم‪SS‬شاقة والمح‪SS‬ادة‪ ،‬وھ‪SS‬ذا أص‪SS‬لھا ومن‪SS‬ه اش‪SS‬تقاقھا‪ ،‬ف‪SS‬إن الم‪SS‬شاقة أن‬
‫يكون في شق ومن يخالفه في شق ‪ ،‬والمحادة أن يك‪S‬ون ف‪S‬ي ح‪S‬د وھ‪S‬و ف‪S‬ي ح‪S‬د‪،‬‬
‫وال تستسھل ھذا فإن مبادئه تجر إلى غايته‪ ،‬وقليله يدعوا إلى كثيره‪.‬‬
‫وكن في الجانب الذي يكون فيه ﷲ ورسوله وإن كان الن‪S‬اس كلھ‪S‬م ف‪S‬ي الجان‪S‬ب‬
‫اآلخر‪ ،‬فإن لذلك عوقب ھي أحمد العواقب وأفضلھا‪ ،‬وليس للعبد أنفع من ذلك‬
‫في دنياه قبل آخرته‪ ،‬وأكثر الخلق إنما يكونون في الجانب اآلخر‪ ،‬وال سيما إذا‬
‫قوي‪SS‬ت الرغب‪SS‬ة والرھب‪SS‬ة‪ ،‬فھن‪SS‬اك ال تك‪SS‬اد تج‪SS‬د أح‪SS‬د ف‪SS‬ي الجان‪SS‬ب ال‪SS‬ذي في‪SS‬ه ﷲ‬
‫ورسوله‪ ،‬بل يعده الناس ناقص العقل سيء االختيار لنف‪S‬سه‪ ،‬وربم‪S‬ا ن‪S‬سبوه إل‪S‬ى‬
‫الجنون‪ ،‬وذلك من مواريث أعداء الرسل فإنھم ن‪S‬سبوھم إل‪S‬ى الجن‪S‬ون لم‪S‬ا ك‪S‬انوا‬
‫في شق وجانب والناس في شق وجانب آخر‪.‬‬
‫ولكن من وطن نفسه على ذلك فإنه يحتاج إلى علم راسخ بما ج‪S‬اء ب‪S‬ه الرس‪S‬ول‬
‫يكون يقينا له ال ريب عنده فيه‪ ،‬وإلى صبر ت‪S‬ام عل‪S‬ى مع‪S‬اداة م‪S‬ن ع‪S‬اداه ولوم‪S‬ة‬
‫من المه‪ ،‬وال يتم له ذلك إال برغب‪S‬ة قوي‪S‬ة ف‪S‬ي ﷲ وال‪S‬دار اآلخ‪S‬رة‪ ،‬بحي‪S‬ث تك‪S‬ون‬
‫اآلخرة أحب إليه من الدنيا وآثر عنده منھا ‪ ،‬ويكون ﷲ ورسوله أحب إليه مما‬
‫سواھما‪ ،‬وليس شيء أصعب على اإلنسان من ذلك في مبادئ األمر‪ ،‬فإن نفسه‬
‫وھ‪SS‬واه وطبع‪SS‬ه وش‪SS‬يطانه وإخوان‪SS‬ه ومعاش‪SS‬ريه م‪SS‬ن ذل‪SS‬ك الجان‪SS‬ب يدعون‪SS‬ه إل‪SS‬ى‬
‫العاج‪SS‬ل‪ ،‬ف‪SS‬إذا خ‪SS‬الفھم ت‪SS‬صدوا لحرب‪SS‬ه‪ ،‬ف‪SS‬إن ص‪SS‬بر وثب‪SS‬ت ج‪SS‬اءه الع‪SS‬ون م‪SS‬ن ﷲ‬
‫وصار ذلك الصعب سھال‪ ،‬وذلك األلم لذة‪ ،‬فإن الرب ش‪S‬كور‪ ،‬ف‪S‬ال ب‪S‬د أن يذيق‪S‬ه‬
‫لذة تحيزه إلى ﷲ وإل‪S‬ى رس‪S‬وله ويري‪S‬ه كرام‪S‬ة ذل‪S‬ك في‪S‬شتد ب‪S‬ه س‪S‬رورا وغبط‪S‬ة‬
‫ويبتھج ويبقى من كان محارب له – على ذلك‪ -‬بين ھائب ل‪S‬ه وم‪S‬سالم وم‪S‬ساعد‬
‫وتارك‪ ،‬ويقوى جنده ويضعف جند العدو ‪.‬‬
‫وال تستصعب مخالفة الناس والتحيز إلى ﷲ ورسوله ولو كنت وح‪S‬دك ف‪S‬إن ﷲ‬
‫معك وأنت بعينه وكالءته وحفظه لك‪ ،‬وإنم‪S‬ا ام‪S‬تحن يقين‪S‬ك وص‪S‬برك ‪ .‬وأعظ‪S‬م‬
‫األع‪SS‬وان عل‪SS‬ى ھ‪SS‬ذا بع‪SS‬د ع‪SS‬ون ﷲ التج‪SS‬رد م‪SS‬ن الطم‪SS‬ع والف‪SS‬زع ‪ ،‬فمت‪SS‬ى تج‪SS‬ردت‬
‫منھم‪SS‬ا ھ‪SS‬ان علي‪SS‬ك التحي‪SS‬ز ‪ Z‬ورس‪SS‬وله‪ ،‬وكن‪SS‬ت دائم‪SS‬ا ف‪SS‬ي الجان‪SS‬ب ال‪SS‬ذي في‪SS‬ه ﷲ‬
‫ورسوله‪ ،‬ومتى قام الطمع والفزع فال تطمع في ھذا األمر وال تحث نفسك به‪،‬‬
‫فإن قلت‪ :‬فبأي شيء أستعين على التجرد من الطمع والفزع؟‬
‫قلت‪ :‬بالتوحيد والتوكل والثقة با‪ Z‬وعلمك بأنه ال ياتي بالح‪S‬سنات إال ھ‪S‬و‪ ،‬وأن‬
‫األمر كله ‪ Z‬ليس ألحد مع ﷲ شيء ‪.‬‬
‫ص‪S‬راط ُ ْ َ ِ ٍ‬
‫م‪S‬ستقيم( )ھ‪S‬ود‪.(٥٦:‬‬ ‫عل‪S‬ى ِ َ ٍ‬ ‫رب‪S‬ي َ َ‬ ‫بناصيتھا ِ ﱠ‬
‫إن َ ﱢ‬ ‫ھو ِ ٌ‬
‫آخذ ِ َ ِ َ ِ َ‬ ‫من َداب ٍﱠة ِ ﱠإال ُ َ‬
‫) َما ِ ْ‬
‫ما أخطاك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك‪ ،‬لو اجتمعت األمة على‬
‫أن ينفعوك ب‪S‬شيء ل‪S‬م ينفع‪S‬وك إال ب‪S‬شيء ق‪S‬د كتب‪S‬ه ﷲ ل‪S‬ك وإن اجتمع‪S‬وا عل‪S‬ى أن‬
‫يضروك بشيء لم يضروك إال بشيء قد كتبه ﷲ علي‪S‬ك رفع‪S‬ت األق‪S‬الم وجف‪S‬ت‬
‫الصحف‪.‬‬
‫فليكن حالك على الطريق إلھي ‪:‬‬
‫إليك وإال آل تشد الركائب ‪ ..........‬ومنك وإال فالمؤمل خائب‬
‫وفيك وإال فالكالم مضيع ‪ ..........‬وعنك وإال فالمحدث كاذب‬
‫أخيرا خذھا من ابن القيم ‪:‬‬
‫إذا استغنى الناس بالدنيا فاستغن انت با‪ ،Z‬وإذا فرحوا بالدنيا فأفرح انت ب‪S‬ا‪،Z‬‬
‫وإذا أن‪SS‬سوا بأحب‪SS‬ابھم فاجع‪SS‬ل أن‪SS‬سك ب‪SS‬ا‪ ،Z‬وإذا تعرف‪SS‬وا إل‪SS‬ى مل‪SS‬وكھم وكب‪SS‬رائھم‬
‫وتقربوا إليھم لين‪S‬الوا بھ‪S‬م الع‪S‬زة والرفع‪S‬ة فتع‪S‬رف أن‪S‬ت إل‪S‬ى ﷲ وت‪S‬ودد إلي‪S‬ه تن‪S‬ل‬
‫بذلك غاية العز والرفعة‪ ،‬قال بعض الزھاد ما علمت أحداً س‪S‬مع بالجن‪S‬ة والن‪S‬ار‬
‫تأتي عليه ساعة ال يطيع ﷲ فيھ‪S‬ا ب‪S‬ذكر أو ص‪S‬الة أو ق‪S‬راءة أو إح‪S‬سان فق‪S‬ال ل‪S‬ه‬
‫رجل إني أكثر البكاء فقال إنك وإن ت‪S‬ضحك وأن‪S‬ت مق‪S‬ر بخطيئت‪S‬ك خي‪S‬ر م‪S‬ن أن‬
‫تبكي وأن‪S‬ت م‪S‬دل بعمل‪S‬ك وأن الم‪S‬دل ال ي‪S‬صعد عمل‪S‬ه ف‪S‬وق رأس‪S‬ه فق‪S‬ال أوص‪S‬ني‬
‫فقال‪ :‬دع الدنيا ألھلھا كما تركوا ھم اآلخرة ألھلھا ‪ ،‬وكن في الدنيا كالنحلة إن‬
‫أكلت أكلت طيبا وإن أطعمت أطعمت طيبا وإن س‪S‬قطت عل‪S‬ى ش‪S‬يء ل‪S‬م تك‪S‬سره‬
‫ولم تخدشه ‪.‬‬
‫وخذھا أخرى من ابن القيم رحمه ﷲ يوم يقول‪:‬‬
‫أنف‪SS‬ع الن‪SS‬اس ل‪SS‬ك رج‪SS‬ل مكن‪SS‬ك م‪SS‬ن نف‪SS‬سه حت‪SS‬ى ت‪SS‬زرع في‪SS‬ه خي‪SS‬را أو ت‪SS‬صنع إلي‪SS‬ه‬
‫معروفا فإنه نعم العون لك على منفعتك وكمالك فانتفاع‪S‬ك ب‪S‬ه ف‪S‬ي الحقيق‪S‬ة مث‪S‬ل‬
‫انتفاعه بك أو أكثر‪.‬‬
‫وأضر الناس عليك من مكن نفسه منك حتى تعصي ﷲ فيه فإنه عون لك على‬
‫مضرتك ونقصك ‪.‬‬
‫الخاتمة‬

‫ھذا مجمل ما أردت قوله وأرجو ﷲ أال أكون ممن تخدعه الشمس بط‪S‬ول ظل‪S‬ه‬
‫أو تغره النفس بكثره وقله‪ ،‬إن ھي إال إشارات من إشارات بعضھا متمنى فات‬
‫وبعضھا ال يزال في بطون المؤلف‪S‬ات ل‪S‬م آت فيھ‪S‬ا عل‪S‬ى آخ‪S‬ر اإلرادة وال أزع‪S‬م‬
‫أني أوفيت على الغاية في اإلفادة ‪.‬‬
‫قد قلت بمقدار ما اجتھدت وما ش‪S‬ھدت إال بم‪S‬ا علم‪S‬ت وم‪S‬ن جع‪S‬ل أنف‪S‬ه ف‪S‬ي قف‪S‬اه‬
‫فالسوأة ان يفتح فاه‪.‬‬
‫علٮأنني كنت قد عج‪S‬زت ووع‪S‬دت ب‪S‬الكالم أكث‪S‬ر فيم‪S‬ا أنج‪S‬زت لك‪S‬ن ال ض‪S‬ير أن‬
‫أصف النجم في سراه وإن لم أستقر في ذراه‪.‬‬
‫إن ھ‪SS‬ي إال لبن‪SS‬ة عل‪SS‬ى الطري‪SS‬ق وأرج‪SS‬وا أن تك‪SS‬ون بق‪SS‬در الي‪SS‬اقوت والعقي‪SS‬ق وم‪SS‬ا‬
‫أراني بعد قد شفيت غلة النفس فإنھا تنظر إلى كثير وكثير ‪.‬‬
‫وأن‪SS‬ا أش‪SS‬د فق‪SS‬را إل‪SS‬ى ع‪SS‬ون م‪SS‬ن ﷲ وتثبي‪SS‬ت وتوفي‪SS‬ق أس‪SS‬أل ﷲ أن يجع‪SS‬ل ھ‪SSS‬ذه‬
‫اإلشارات من الباقيات الصالحات ويصلح السريرة ويحسن الطوية ‪.‬‬
‫ويا أيھا القارئ ) ما وجدت فيه من صواب وحق فاقبله وال تلتف‪S‬ت إل‪S‬ى قائل‪S‬ة ‪،‬‬
‫بل أنظر إلى ما قال ال إلى من قال ‪ ...‬وما وجدت فيه من خطأ فإن قائله لم يأل‬
‫جھد اإلصابة ويأبى ﷲ أال يتفرد بالكمال‪.‬‬
‫والنقص من أصل الطبيعة كامن‬
‫وكيف يعصم من الخطأ من خلق ظلوما جھوال ولكن من ع‪S‬دت غلطات‪S‬ه أق‪S‬رب‬
‫إلى الصواب ممن عدت إصاباته (‬
‫س‪SS‬بحان رب‪SS‬ك رب الع‪SS‬زة عم‪SS‬ا ي‪SS‬صفون وس‪SS‬الم عل‪SS‬ى المرس‪SS‬لين والحم‪SS‬د ‪ Z‬رب‬
‫العالمين ‪.‬‬
‫وصلى ﷲ وسلم وبارك على خاتم المرسلين محمد وآله أجمعين ‪.‬‬
‫فرغ منه يوم األحد ‪١٤٢١/٣/ ٢٣‬ھـ مكة حرسھا ﷲ ‪.‬‬

‫علي بن عبد الخالق القرني‬

‫‪.....................................‬‬
‫) تم تفريغ الشريط من قبل إحدى األخوات جزاھا ﷲ الفردوس وجعل ذلك في موازين حسناتھا(‪.‬‬
‫تم بحمد ﷲ وتوفيقه‪.‬‬
‫أخي الحبيب – رعاك ﷲ‬
‫ال نقصد من نشر ھذه المادة القراءة فقط أو حفظھا في جھاز الحاسب‪ ،‬بل نأمل منك تفاعال أكثر من خالل‪:‬‬
‫‪ -‬إبالغنا عن الخطأ اإلمالئي كي يتم التعديل‪.‬‬
‫‪ -‬نشر ھذه المادة في مواقع أخرى قدر المستطاع على الشبكة‪.‬‬
‫‪ -‬مراجعتھا ومن ثم طباعتھا وتغليفھا بطريقة جذابة كھدية لألحباب واألصحاب‪.‬‬
‫‪ -‬االستئذان من الشيخ لتبني طباعتھا ككتيب يكون صدقة جارية لك إلى قيام الساعة‪.‬‬
‫في اقتراحاتك وتوجيھاتك ألخيك يمكن أن تساھم في ھذا العمل الـجـليل‪.‬‬
‫اللھم اجعل ھذا العمل خالصا لوجھك الكريم‪.‬‬
‫أخي الحبيب ال تحرمنا ومن شارك في ھذا الجھد من دعوة صالحة في ظھر الغيب‪..‬‬
‫للتواصل‪:‬‬
‫أخوكم البوراق ‪anaheho@maktoob.com /‬‬
‫واحات الھداية ‪http://www.khayma.com/ante99/index.htm /‬‬

‫ھمسات للسراة‬
‫اخوكم فى ‬

‫تامر احمد محمد الشبينى‬


‫كلية دعوة اسالمية‬
‫‪0120199294‬‬
‫‪eng_sashbeny2010@hotmail.com‬‬

‫الحمد امر اال تعبدوا اال اياه ‪،‬اليكشف الضر سواه‪ ،‬وال يدعوا المضطر اال اياه ‪،‬نعوذ من سخطه برضاه ‪،‬‬
‫و وننزل فقرنا بغناه ‪،‬ونستغفره ومن يغفر الذنوب اال ‪،‬نحمده والحمد من انعامه اذ ذكرنا اياه من الھامه‪.‬‬
‫واشھد ان ال االه اال وحده الشريك له احاط بكل شىء علما‪ ،‬ووسع كل سىء رحمة وعلما ‪،‬التدركه‬
‫االبصار‪ ،‬وكل شىء عنده بمقدار‪،‬جعل النار بردا وسالما على ابراھيم ‪،‬وفلق البحر لموسى الكليم ‪))،‬وان‬
‫يمسسك بضر فال كاشف له اال ھو وان يمسسك بخير فھو على كل شىء قدير ‪ .‬وھو القاھر فوق عباده‬
‫وھو الحكيم الخبير))‬
‫واشھد ان محمدا عبده ورسوله خيرته من خلقه وامينه على وحيه ‪،‬دعا الى سبيل ربه بالحكمة فاحيا به‬
‫االمة وكشف به الغمة‪ ,‬صلوات وسالمه عليه وعلى اله واتباعه باحسان وصحبه‪.‬‬
‫يارب صلى على النبى المصطفى ماأھتزت االفالت من نفس الصبا‬
‫يارب صلى على النبى والــــــــه ماكوكب فى الجو قابل كوكبــــــا‬
‫صلوا على المختار فھو شفيعكــــم فى يوم يبعث كل طفل اشيبـــــــا‬
‫صلى وسلم ذو الجالل عليـــــــــه ما ازكاه فى الرسل الكرام واطيبا‬
‫جعلنا من اھل سنته ‪ ،‬جمعنا معا فى جنته‬
‫مرحبا بالوفود اخوة وبنين واخوات غير خزايا وال ندامى‪ ،‬يوم خفوا واجابوا الداعى سراعا‪ ،‬ونضر ھذه‬
‫الوجوه النيرة‪ ،‬وما تحتھا من نفوس احسبھا بارة خيرة‪ ،‬لو كان الخير وراء البحر لغاضت البحور اليه‪ ،‬ولو‬
‫كان فى اعماقه لغاصت فى لججه عليه ‪ .‬وبتحية االسالم احى ھذه الوجوه التى ننتظر منھا ما ينتظره المدرج‬
‫فى الظالم من تباشير الصباح التى تكشف المعالم وتطمس االوھام فاذا الحقائق نيران على اعالم ‪.‬فالسالم‬
‫عليكم ورحمة وبركاته فى الحل والترحال تغشاكم ‪ ،‬وفى الغدوات والروحات تلقاكم مادمتم فى سبيل ‬
‫مراحكم ومغداكم وفى مرضاته قيدكم وسراحكم من اخى مشتاق اليكم معتز با‪ A‬ثم بكم ‪ ،‬قدمتم خير مقدم ‪،‬‬
‫وبوتم بحسن االياب والمنقلب ‪،‬وعلوتم العليا فكنتم اوال‪ ,‬وااللون من الرجال قالئل وزھت بجمعكم السراة‬
‫وغردت وترنمت نجد وغن الساحل ‪.‬‬
‫حبى لكم يا اخوتى لما يعد سرا وكيف وكل عين تنطـــــــــــق‬
‫بمحبة العلى احبكــــــــــــم حبا على جنبات قلبى يشــــــرق‬
‫فلكل فرد فى الفؤاد مكـــــانــــه ماضاق عنه القلب وھوالضـيق‬
‫ھذا لقاء االخوة باالخوة وما ادراكم ما لقيا االخوة تناجى بالبر والتقوى ‪ ،‬وتطارق للھم والشكوى‪ ،‬يھش وجه‬
‫لوجه ويخفق قلب لقلب‪ ،‬وتصافح يد يدا ‪،‬وتشفع تحية تحية ‪،‬وعندھا يقوى ساعد بساعد ‪ ،‬ويشتدعضد بعضد‬
‫‪,‬ويمتزج ضعف بضعف فينبثق عنه قوة‪ ،‬فضعيفان يغلبان قويا فخذھا بقوة ‪ ،‬اليرتقى درب المكارم تافه‬
‫اويبلغ العلياء يوما خامل‪.‬‬
‫معشر االخوة‪:‬‬
‫فى خضم االحداث المتسارعة المفاجئة الجسام‪ ،‬النازلة بامة االسالم ‪،‬فى حاضر اشبه بحاضر الغنم يطرقھا‬
‫الذئب فترتاع ويغيب عنھا فترتع‪.‬فى خضم ھذا اليفتا المتابع والمتامل يسمع بحدث ويشرع فى البحث عن مو‬
‫قف منه حتى يفاجه حدث اخر ينسيه االول ‪ ،‬ومن اخرھا تلكم الھجمة الصليبة الشرسة التى ثارت عاصفتھا‬
‫فاقتعلت من اقتعلت وانحت لھا رؤؤس فسلمت او ارجئت وكنا نحن المسلمين ھدفھا افصحت عن ذلك غير‬
‫مرة للعالم عبر خطط معلنة وابتدات بالعراق فكان ما كان مما لست اذكره‬
‫سائلو دجلة عما راعھا اودعوھا فكفاھا ما دھاھا‬
‫وغفلنا عن الذراع فطمعوا فى الكراع حتى قال احد منصريھم )لن تتوقف جھودنا حتى يرتفع الصليب فى‬
‫سماء مكة ويقام قداس االحد فى المدنية (خاب ا رامد المغرور امرا دونه منه خضم الغاب او عبر الخضم‬
‫ومن قبل قام كبيرھم خطيبا فى العالم يملى عليھم عقيدة الوالء والبراء صلعاء سافرة) من ليس معنا فھو‬
‫عدونا بمنطق من اشد منا قوة وما اريكم اال ما ارى ( ويقف المرء مذھوال امام وصفه للمجاھدين الذين‬
‫يجاھدون ويذبون ويدافعون عن دينھم وارضھم وعرضھم فى فلسطين وغيرھا من بالد المسلمين ـ بانھم‬
‫جماعات من القتلة والمجرمين ـ ومن يحتل ارضھم وينسف منازلھم ويحصد شيبھم وشبابھم ونسائھم‬
‫واطفالھم بسالحه ھو ‪ ،‬رجل سالم يستحق التقدير واالحترام ـ ھكذا ظن وھذا ما ادعى ‪ ،‬ھكذا قال وھذا ما‬
‫اراد ‪ ،‬كفر الناس بما قال وھل يحصد المرء ورودا من قتاد‪.‬‬
‫شعاره حماية الحرية العدالةورعاية والسالم فاذا صاح صائح بالويل وصرخ مستغيث من ظلمه بالليل قال‬
‫اسكت نحن حماة الحرية فيا ارض ابلعى رفع القرد فاتضع ليس فى القرد مصطنع ‪ ،‬قد حل من لؤم الفعال‬
‫مواضعا لم يخلو للثقالن منھا موضعا ‪ .‬يملىء ويستخف ‪ ،‬ويريد من غيره ان ينفذ وال يسال ‪ ،‬ھزلت وكالھا‬
‫بدت زمان راينا فيه كل العجائب واصبحت االذناب فوق الذؤاوب‪.‬‬
‫ومع الحرب الصليبة على العالم االسالمى ‪,‬توالت احداث داخلية غير خافية ‪ ،‬ترفض والتقر‪ ،‬وتضر وال تسر‬
‫ويجب اال تستغل لتقبيح حسن او تھميش ثابت ‪ ،‬ففى خضم ھذه او تلك ـ اندفعت اقالم كان االولى بھا ان تكسر‬
‫لتكتب عن ھوى وتحط ‪ ،‬والسنة كان االولى قطعھا تحكم وتشطط ‪ ،‬وتطايرت كلمات من افواه كانت ترى اولى‬
‫بھا على قلتھا لتعلن حربھا على الثوابت والقيم وما يتصل بھا ـ بدا بالمناھج الشرعية الھئيات والجمعيات‬
‫الخيرية والعلماء والدعاة وحلقات التحفيظ وغيرھاـ فكانوا اداة العدو فى اختراق االمة وتسويق مشاريعه‬
‫باسم التغيير والتطوير ( يسارعون فيھم يقولون نخشى ان تصبينا دائرة ( وھذا ديدنھم كلما نزلت باالمة‬
‫نازلة او المت بھا ملمة ) ولو نشاء الريناكھم فلعرفتھم بسيماھم ولتعرفنھم فى لحن القول) مافجاؤنا ليس‬
‫ھناك من حدث اال ويظھرون فى صور واشكال قد تتباين لكن المخازيا واحدة ‪ ,‬السنة التترجم عن حق‪ ،‬وال‬
‫تصدر عن يقين‪ ،‬مبدؤھا الفرق قراء البقرة وعباد البقرة ‪ ,‬تقيس مع الفارق وتقف على فو يل للمصلين وال‬
‫تقربوا الصاله ‪ ،‬تكذب وال يستغرب الكذب ممن راس ماله الكذب‪.‬‬
‫وما ھم اليوم اال من عرفناھم باالمس حال االمة معھم يقول بقول القائل‬
‫اشكوا الى الرحمن من علق يعيش على جراحى من جلدتى لكن اشد على من طعن الرمــــاح‬
‫اخذ الديانة عن مسيلمة الكذوب وعن ساجــــحى من كل تيس كلما كبرت بربر للنـــــطــــاح‬
‫عميو بصائرھم ‪ ،‬طمس معاشرھم ‪ ،‬كانھم فى مراعى وھمھم غنم ‪,‬فالشر منطقھم ‪ ،‬والغدر شيمتھم ‪ ،‬والخبث‬
‫ديدنھم ان العدو ھمو ‪ ،‬ھدرت شقاشقھم وقرت ‪ ,‬وظھرت بعض الحقائق واستقرت ‪ ،‬واخرجت الصدور دفائنھا‬
‫وافتضحت ‪ ،‬وعن اللبن الصريح الرغوة انجلت ‪ .‬وسكتنا كل ھذه المدة ال سكوت المشدوه عقدت الحيرة‬
‫لسانه ‪ ،‬وال سكوت الجنان سكن الھلع جنانه‪ ،‬وال سكوت الغافل تفاجاه االحداث فيجنو لھا ويطرق ويعيا بيانه‬
‫‪ ،‬لكننا سكتنا سكوت المعتد بايمانه ويقينه ‪،‬المستبصر فى ماخذ ومدارك شئونه ‪ ,‬الواثق بان ھذ االحداث وان‬
‫اعتكلرت ظلماھا ‪،‬غمرات ثم ينجلين‪ ،‬وان ھذه المكائد مردودة فى نحور الكائدين ‪ ،‬واليحيق المكر السيىء اال‬
‫بالماكرين ‪ ،‬وان العاقبة للمتقين وال عدوان اال على الظالمين ‪ .‬ثم ھمسنا فكانت ھذه الكلمات بعنوان‪....‬‬
‫((ھمسات للسراة))‬
‫وسراة كل امة من الجن او اال نس ھم خيراھا وكرامھا واشرافھا يقول العربى‬
‫اتوا نارى فقلت منون قالوا سراة الجن قل طعموا ضالما‬
‫وان الرى الشرف متربعا متمكنا فيكم ‪ ،‬فا‪ A‬اجعلھم خيرا مما اظن‪.‬‬
‫انھا ھمسات فى اذن امة تعانى فى حاضرھا مايعانيه الحر االبى اكره على الضيم ‪ ,‬واريد على ما ال يريد ‪،‬‬
‫وجرع السم فى الحنظل ‪ ،‬وقطعت اوصاله وھو يشرب ‪ ،‬واستبيحت محارمه وھو يسمع ويبصر ‪ ،‬وفرض‬
‫عليه ان يعيش غربته وھو فى ارضه ‪ ،‬وان يتعاون مع عدوه على طمس ھويته ونسيان ماضيه ‪ ،‬وان ينتبذ‬
‫مكانا غربيا من اھله‪.‬‬
‫ھمسات ان اعلنى ايتھا االمة خطة الشرف ‪ ،‬خطة العمل ـ فساعة العمل خير من التوه والكالم ـ فما ضاع حق‬
‫لم ينم عنه اھله ‪ ،‬وماناله فى العالمين مقصر‪.‬‬
‫انھا ھمسات فى اذن شاكى يائس غابط فى الدياجى طال ليله وطال ويله وعويله‪.‬‬
‫ھمسات فى اذن متاثئب تقول ليس بعد التثاؤب اال التمطى واالنتعاش‪.‬‬
‫ھمسات توذن باالصالح فى اذن المريض لينتفض انتفاضة تتطاير معھا االسقام وتنفصم االغالل بصوت بالل‪.‬‬
‫ھمسات تقول حذار حذار الياس ان بطش بالظالمين لشديد ‪ ،‬وان الحرير قد يفل الحديد ‪.‬‬
‫ھمسات الى ارض االمة الجرز لتھتز وتربو وتنھض وتنشط بعد خمود وقعود ووقود ورقود فلقد دنا العھد‬
‫الذى قال النبى سيحصد‪.‬‬
‫ھمسات ھى تباشير الصباح الى السؤؤد اللماح فى كر واللحاح وعزمات صحاح تھتف وتحدوا الى الحياة‬
‫الكريمة العزيزة الى تمكين سلطان الدين على الحياه فاليوم يومك للسباق واليوم يومك يا جواد‪.‬‬
‫ھمسات تدعوا فايد اليوم يا رباه امتنا والطف بھا خضم فى الموت واللجج‪.‬‬
‫ھمسات للسراة فى االزمات اسال ان يرفع وان ينفع بھا وان يكفينا افراط من ينطق على الھوى ويجھل ان‬
‫لكل امرى مانوى ومع ھذا فمن ظن ممن يالقى الحروب بااليصابا فقد ظن عجزا ‪ ،‬على اننى راضى بان احمل‬
‫الھوى واخلص منه ال على وال لى فان ضللت بقفر االرض منقطعا فما على اعرج فى ذاك من حرج‪.‬‬
‫((اللھم السھل اال ماجعلته سھال وانت تجعل الحزن اذا شئت سھال))‬
‫فھب لى الھى حوال وقوة فانى ضعيف دون حول وقوة‬
‫الھمسة االولى )صدق وكذب المموھون)‬
‫((ان يثقفوكم يكونوا لكم اعداء ويبسطوا اليكم ايديھم والسنتھم بالسوء وودوا لو تكفرون (( ان مما لمسه‬
‫الموافق والمخالف والمعتدل والمجانف انه ما كان اعداء اظھر عدواة للمسلمين منھم فى ھذه االيام وال‬
‫اقبح والاوقح))قد بدت البغضاء من افواھھم وما تخفى صدورھم اكبر (( وو مايريدون من امة االسالم‬
‫ماھو دون االنسالخ من دين االسالم ولن يرضيھم اال ان نقول ـ ونعوذ با‪ A‬ان نقول ـ))ان ثالث ثالثه ‪،‬او‬
‫عزير ابن ‪،‬او المسيح ابن ‪ ،‬او يد مغلولة‪ ،‬او ان فقير (( اليريدون ماھو دون ھذه الغاية وان‬
‫تعددت الوسائل اليھا وتدرجت ‪ ،‬ان تشك فى ذلك‬
‫فاقسم بالجباربانك خالط وما يوقظ المخلوط شيئ كصفعتى وما لك فيما تدعى اى حجة وانت اذا عير باذن‬
‫طويلة‬
‫لما ؟ الن يقول ))ولن ترضى عنك اليھود وال النصارى حتى تتبع ملتھم ((ويقول ))ودوا لو تكفرون كما‬
‫كفروا فتكونون سواء (( ويقول ))ما يود الذين كفروا من اھل الكتاب وال المشركين ان ينزل عليكم من خير‬
‫من ربكم ((ويقول ))وال يزالون يقاتلوانكم حتى يردواكم عن دينكم ان استطاعوا(( )) ومن اصدق من قيال‬
‫ــ ومن اصدق من حديثا (( الجديد وال مفاجاة فيما يحدث ‪ ,‬فالمعركة مستمرة دائمة ما توقفت منذ بعثة‬
‫رسول )ص( ولن تتوقف الى قيام الساعة ‪،‬ما طلعت شمس وال غربت اال وھم يخططون ‪،‬ويمكرون‪،‬‬
‫ويدبرون‪ ،‬وعلى القران والنبى )ص(االمة يحسدون‪ ،‬وعلى كون مد حضارتھم بارض االسالم ينقمون ))قل‬
‫موتوا بغيظكم ان عليم بذات الصدور))‬
‫فال ينبغى ان نتوقف عند حدث مھما عظم ونترك مابايدينا ونقول ماذا نعمل ؟ نحن على ھذا لن نعمل ابدا ‪،‬‬
‫ولن نفلح ابدا‪ ،‬وعلى ھذا فعند كل حدث نقول ‪ ،‬كل قائم على ثغرة فليعلم انه فى عمق المعركة ‪ ،‬فا‪ A‬ان‬
‫يوتى االسالم من ثغرته‪.‬‬
‫االب فى بيته على ثغرة واالم كذلك‬
‫الخطيب واالمام فى مسجده على ثغرة‬
‫العالم والمربى فى حلقته ومدرسته وجامعته على ثغرة‬
‫التاجر بماله على ثغرة‬
‫صاحب الراى برايه على ثغرة‬
‫العالم على ثغرة‬
‫المرابط على ثغرة‬
‫كل مسئول على ثغرة‬
‫فلينطلق كل فرد حسب طاقته يسد ثغرته سرا واعالنا ولنترك اللوم النجعله عدتنا ولنجعل الفعل قبل القول‬
‫ميزانا‬
‫ياعار وھزيمة فرد اتيت االمة من ثغرة يقوم على حراسيتھا‪ ،‬فابتدر مسعاك واعلم ان من بادرالصيد مع‬
‫الفجرقنص‬
‫اال ولنتعامل مع الوضع بما يستحقه ‪ ،‬فالمعركة شاملة لكل الميادين ‪ ،‬ليست احتالل ارض كفلسطين او العراق‬
‫او غيرھا فقط‬
‫بل ھى معركة فى كل ميدان ‪ ،‬ھدفھا طمس ھوية المسلم ‪ ،‬فما زالوا بلؤمھم ومكرھم يمكرون ليصرفوا ھذه‬
‫االمة عن قرانھا حتى التاخذ منه اسلحتھا الماضية ‪ ،‬وعدتھا الواقية ‪ .‬وھو امنون من صلفة االمة عن موارد‬
‫وينابيع قوتھا الحقيقية ‪ .‬ان خصومنا ال ينقمون منا اال االيمان ‪ ,‬ليست المعركة سياسية‪ ،‬والاقتصادية‪ ،‬وال‬
‫عنصرية ‪ ،‬ولو كانت كذلك لسھل وقتھا ‪ ,‬لكنھا معركة عقيدة ‪ ،‬اما كفر واما ايمان ‪ ،‬اما جاھلية واما اسالم ‪،‬‬
‫لقد عرض على رسول )ص( المال والحكم والمتاع فى مقابل ان يدھن ويدع معركة العقيدة ولو اجابھم‬
‫)ص(ـ حاشاه )ص( ان يجبيھم ـ الى شىء مما اردوا ما بقيت بينھم وبينه معركة على االطالق ‪ ،‬انھا قضية‬
‫عقيدة ومعركة عقيدة ‪ ،‬وھذا ما يجب ان يستقينه المومنون حيت ما وجھوا عدوا لھم ‪ ،‬فانه اليعاديھم وال‬
‫ينقم منھم االانھم يومنوا با‪ A‬العزيز الحميد ‪ .‬وو ماصبر المومنون وثبتوا اال وروا بام اعينھم انھيار‬
‫تماسك اھل الباطل ‪ ،‬فال يھولن المسلم مايراه من لجلجة اھل الباطل فان قال )) تحسبھم جميعا وقلوبھم‬
‫شتى))‬
‫قد يحاول االعداء ان يرفعوا للمعركة راية غير راية العقيدة ‪ ,‬كل ذلك ليموھوا على المومنين حقيقة المعركة ‪،‬‬
‫ويطفوا فى ارواحھم شعلة العقيدة ‪ ,‬فمن واجبنا نحن المسلمين اال نخدع ‪ ،‬وان ندرك ان ھذا التمويه لغرض‬
‫مبيت مقيد‪.‬‬
‫االسالم وعدوه اليندمجان وال يمتزجان ابدا وان تعاونا فى تحيقيق ھدف نبيل‪.‬‬
‫فى اللغة العربية تركيب يسمى االسنادى ‪ ،‬واال سالم اليرضى ان يسند الى عدوه يشكله‪.‬‬
‫وفى العربية التركيب االضافى‪ ،‬واالسالم اليسمح ان يضاف الى عدوه يصرفه‪.‬‬
‫وفى العربية التركيب المزجى ‪،‬واالسالم وعدوه كالزيت والماء اليمتزجان اال فى لحظة تحريك عنيف ‪ ،‬ثم‬
‫يعود كال منھما الى سنته من المبانية والمناظرة‬
‫والصليبية الصھونية العالمية بقيادة امريكا ھى راس اعداء االسالم فى ماضيه كله وفى حاضره ‪ ،‬لم يكتب‬
‫تاريخھا ان جاورته فاحسنت ‪ ،‬او عاملته فصدقت ‪ ،‬او قدرت عليه فعفت او عفت ‪ ،‬او حكمت فعدلت ‪ ،‬بل يدل‬
‫الواقع على ان االسالم ما جنى منھا اال الكيد له بعيدا واالضرار به قريبا ‪ ،‬ويجرى علينا حكم المجانين ان‬
‫تصورنا ان حاضرھا يخالف من ماضيھا ‪ ,‬او ان اتيھا خير من حاضرھا ‪ ،‬الن مانقوله نحن جعلته ھى ذاتيا‬
‫اليتخلف واليرد‪.‬‬
‫انھا شر والشر الياتى بخير‬
‫انھا شوك واليجنى من الشوك العنب‬
‫قد قلنا فيھا بما نعرف ‪ ،‬وشھدنا بما نعلم ‪ ،‬فان كان فيھا غير ما عرفناه فسلوا عن العسل من ذاق طعمه اما‬
‫نحن فذقنا الحنظل فوصفنا الحنظل ‪.‬‬
‫فالذى يريد ان يغير راية المعركة انما يريد ان يخدعنا عن سالح النصر الحقيقى فى المعركة ‪ ،‬ونحن نشھد‬
‫نموذجا من تمويه الراية فى محاولة الصليبة الصھيونية العالمية اليوم ان تخدعنا عن حقيقة المعركة وان‬
‫تزعم ان الحرب الصليبة انما ھى لنشر الحرية والسالم فى العالم االسالمى ‪ ,‬واسقاط االنظمة المستبدة ‪.‬وما‬
‫تقوم به اليوم فى العراق شاھد حين تعلن انھا جاءت لتحقيق الحرية ‪ ،‬بينما ھى تقمع الشعب المسلم ‪،‬وتحطم‬
‫استقالله‪ ،‬وتمارس اذالله ‪ ,‬وتعمر بالخراب دياره ‪،‬فكانت كمسلمية الكذاب تفل فى بئر عذبة فصارت ملحا‬
‫اجاجا‪ ،‬ونضب ماءھا فصارت يبابا ‪ ،‬ومسح راس طفل فصار اصلعا‪.‬‬
‫فدع عنك اوھام الضالله وانتبه ورابط على منھاج ذكر وسنـــــــة‬
‫وحسبك منھم فى جرائم حربھم خروجھمو باسم الحروب الصليبية‬
‫وحسبك منھم فى جرائم حكمھم حــرابة دين فى كل دولتـــــــة‬
‫وحسبك منھم فى جرائم غزوھم ابادة شيخ بل وانثى وطفلتـــــــة‬
‫وحسبك منھم فى زمان معاصـر صناعة االف الدمار المــــــبيدة‬
‫فلم يعرف التاريخ جرما كجرمھم والغادرا يسعى بكل اذيــــــــــة‬
‫فھذا قليل من كثير لو انـــــــــــى تتبعته الحتجت مليون صــــــفحة‬
‫قال ـ واذا قال بطل كل قول وقائل ـ ))ود كثير من اھل لو يردونكم من بعد ايمانكم كفارا حسدا من عند‬
‫انفسھم من بعد ماتبين لھم الحق ))‬
‫وصدق وكذب المموھون‪.‬‬
‫الھمسة الثانية )ماقضى كان)‬
‫فلو خالئق االله اجتمعت‪،‬لضر عبد واحد ما قدرت‪،‬او نفعه فافھم ھديت للعمل ‪ ،‬ان لم يكن قد خط قبل فى االزل‬
‫‪.‬‬
‫ماقضى كان ‪ ،‬وما سطر منتظر ‪،‬وكل شىء بسبب‪،‬ولن يجد عبد طعم االيمان حتى يعلم ان ما اصابه لم يكن‬
‫ليخطئه‬
‫((ما اصاب من مصيبة فى االرض وال فى انفسكم االفى كتاب من قبل ان نبرأھا ان ذلك على يسير (( فكل‬
‫شىء بقضاء وقدر ‪،‬والكل فى ام الكتاب مستطر ‪،‬و اليضع امرا االفى موضعه ‪ ،‬وال يوقعه فى موقعه انه‬
‫حكيم عليم‪.‬‬
‫ما حدث مؤلم يحل اال بحكمة ‪ ،‬لتتميز الصفوف ‪،‬وتتعرى النفوس ‪ ،‬وتظھر الحقائق ‪ ،‬ويتميز الحق من‬
‫الباطل ‪ ،‬انه حكيم عليم ‪.‬يبتلى عباده المومنين ليستخرج عبوديتھم وذلھم وافتقارھم له ‪ ،‬اذ لو كانوا‬
‫منصورين دائما لدخل معھم من ليس منھم وبطروا‪ ،‬ولو كانوا مقھورين مغلوبين دائما ما قامت للدين قائمة‬
‫ولم يدخل معھم فيه احد ويئسوا‬
‫انه حكيم عليم ‪ ،‬فلتعلم االمة ان ما اصابھا من شدة ولؤاء وھزائم ‪ ,‬انما يتم بعلم وحكمته ‪ ،‬والعاقبة‬
‫الولياء ولدين الذى تكفل بحفظه ‪ ,‬ونصرة اھله فال ياس‬
‫جنين النصر يصرخ فى سنى العـــجز والياس‬
‫دعوا االحزان ياقومــــى على ابـــواب يؤاس‬
‫وصوغوا البشر ولتحيوا ليالكم بانــــــــــاس‬
‫قريبا تبــــــسل االرض التى خبثت بانجاس‬
‫بشـــــــــارات نتيه بھا تحطم صخرة الياس‬
‫وعد من ‪ ،‬ولن يخلف وعده)) ولن تجد لسنت تبديال (( لكنھا سنة التحقق اال باسبابھا من عمل بكل‬
‫ما فى الوسع والطاقة ‪ ،‬مع ايمان ويقين بان المدافعة مستمرة والعاقبة للحق‪.‬‬
‫والنصــر اتى يومه والحق اليتبدل‬
‫ھذا يقين صادق انى القســــم مقبل‬
‫فالعجز وال استسالم وال تواكل ‪ ,‬بل سعى وجد وعمل ‪ ،‬ودفع لقدر بقدر ‪،‬وفرار من قدر الى قدر ‪ ،‬مع‬
‫ثقة بو عد وجزم بقرب نصر ‪،‬فاذا قضى االمر ولم تنفع المدافعة ‪ ،‬وجب التسليم مع رجا ء الخير‬
‫العظيم‪.‬‬
‫((التحسبوه شرا لكم ـــ وعسى ان تكرھوا شيئا وھو خير لكم وعسى ان تحبوا شيئا وھو شر لكم و يعلم‬
‫وانتم ال تعلمون (( فيابن االسالم ترويضا ال تھويال ‪ ،‬وطن نفسك على المكروه تھن عليك الشدائد ‪،‬فالدنيا‬
‫سجن المومن والجنة حفت بالمكاره‪,‬‬
‫فانشد العلياء وادفع مھرھا طالب الحسناءاليخشى الثمن‬
‫اذا المت بك الخطوب وتالمت ‪،‬واعتراك الفزع والطمع والباس والكرب والجھد قد بذلت ‪ ،‬فاقطع العالئق‬
‫باسباب االرض وفر الى ‪ ،‬فاالمر كله اليه ‪ ،‬الجا اليه وتوكل عليه ‪ ،‬اللجوء يائس ذليل وال محبط كسير ‪،‬‬
‫لكنه لجوء مؤمن صادق يركن الى حول وقوته ‪ ،‬ويعتقد فى يقين فى ان الطمانينة والسكينة التكون‬
‫االبمثله وفى جنبه‬
‫العز فى كنف العزيز ومن عبد العبيد اذله ‬
‫لجوء مؤمن يوقن انه )) ما من دابة اال ھو اخذ بناصيتھا (( فالحياة بيده ‪،‬والممات بيده ‪،‬والسعادة بيده ‪،‬‬
‫والشقاء بيده ‪ ،‬والنصر بيده ‪ ،‬وما شىء يطمع فيه اال وخزائنه بيده ‪ ،‬الكل مضطر اليه ‪،‬مفتقر اليه‬
‫اليه واال التشد الركائب ومنه واال فالمؤمل خائب‬
‫ھو موالنا ‪ ،‬ھو ربنا ‪ ,‬وليس لنا من ملجأ دون ربنا ‪،‬فال تكلنا الى من ليس يكلنأ‪ ،‬وكن كفيال فانت‬
‫الكافل الكالى‪.‬‬
‫الھمسة الثالثة ) من كان معه فمما يخاف )‬
‫يا امتى ما خاب من بذمام خالقه اعتصــــم‬
‫ما كان ربك غافـال وھو الحكيم المنتقـم‬
‫لو شاء اھلك من طغم لوشاء دمر من ظلم‬
‫فرعون اغرقه ولــم تعجزه عاد او ارم‬
‫لما ضاقت قريش بمحمد )ص( وبكلمة الحق التى يدعوا لھا ائتمرت به ‪ ،‬وقررت ان تتخلص منه ‪ ،‬فاطلعه ‬
‫على ما يمكرون ويتامرون ‪ ،‬واوحى له بالخروج ‪ ،‬فخرج ومعه الصديق ‪ ،‬واسقط فى ايدى المشركين ‪،‬‬
‫فاعلنوا الجائزة العظمى لمن ياتى برسول الھدى )ص(حيا او ميتا ‪ ,‬واشتد البحث ‪ ،‬وتفرقت العيون فى‬
‫الدروب فى الجبال فى الكھوف ‪ ،‬واقتفيت االثار ‪ ،‬حتى احاطوا برسول )ص(وصاحبه فى الغار ‪ ،‬اصبحوا‬
‫منھم راى العين وازاغ منھم االبصار ‪ ،‬حزن ابو بكر ـرضى عنه ـ حزنا شديدا على رسول )ص( ال‬
‫على نفسه ـ فما كان يعيش لنفسه ـ فقال )يارسول لو ان احدھم نظر الى قدميه لرانا ( فقال وھو فى جوف‬
‫الجبل اشد ثباتا من ذلك الجبل ‪ ،‬فى ثقة با‪ A‬جل ) يا ابا بكر ماظنك باثنيين ثالثھما ‪ ،‬التحزن ان معنا (‬
‫و الذى ال اله اال ھو ‪ ،‬لو صارت مع قريش كل االحياء‪ ،‬وتشققت القبور فخرج االموات يسحبون اكفانھم‬
‫خلف قريش ‪ ،‬يقلبون حجارة االرض ‪ ،‬ويزحزحون جبالھا‬
‫ويفتشون فجاجھا ‪ ،‬ما قدروا على اثنيين ثالثھما‪.‬‬
‫ان من يحرسه بارئــــــــــــــــــه اليبالى بالردى ان خطـــــــــــــرا‬
‫معية اغنت عن مضاعفة من الدرورع وعن عالى من االتون‬
‫انھا الموزاين الحقيقية للقوى والقيم ‪ ،‬من كانت قوة معه فال خوف عليه ولو اجتمع عليه من باقطارھا ‪،‬‬
‫ومن كانت له قيمة االيمان فله الخيرات كلھا‪.‬‬
‫ھا ھو خليل الرحمن ) عليه الصالة والسالم( يتبرا من المشركين )) ان براء منكم وممن تعبدون من دون ‬
‫(( ويجعل اصنامھم جذاذا اال كبيرا لھم لعلھم اليه يرجعون ‪ ،‬قتنادى المال حرقوه وانصر االھتكم ان كنت‬
‫فاعلين ‪ ،‬اجعموا رايھم وشرعوا فى الحطب يجمعون ‪ ,‬تحرص المراة منھم وتنذر اذا عوفيت لتحملن حطبا‬
‫لحريق ابراھيم وكذلك يفعلون ‪ ،‬بنوا له بنيانا ملؤه بالحطب ‪ ،‬وتداعوا يضرمون النار ويؤججون ‪ ،‬ويعلو لھا‬
‫شرر لم يرى لمثله وھم فرحون ‪ ،‬وضع الخليل فى المنجنيق ‪ ،‬ليرمى من مكان سحيق ‪ ،‬فرفع راسه لوليه‬
‫ومواله وقال )) حسبى ونعم الوكيل (( عرض له جبريل فقال ياابراھيم الك حاجة؟ اما اليك فال اما من ‬
‫فنعم )) حسبى ونعم الوكيل ((حاله تنحى عنى يا جبريل وخلينى وخليلى فعنده الرحمة ‪ ،‬ھل بذلت له اال‬
‫لحمة تبلى او شحمة ‪،‬وطن نفسه على ان يصير موحدا فى النار ‪ ،‬فحماه الكريم )) قلنا يا نار كونى بردا‬
‫وسالما على ابراھيم )) وتستجيب النار لبارئھا فتبرد على اھل المشرق والمغرب ‪ ،‬فلم ينضج بھا كراع يو‬
‫مئذ ‪ ,‬وتھرع الدواب لتطفى النار اال الوزر فانه ينفخ النار‪ ،‬وھيھات ان يبلغ وزرا مراده مادام مع العبد مواله‬
‫‪ .‬لما لم يتعلق الخليل باحد دون لما اضيم ‪ ،‬ولما اتى ربه بقلب سليم ‪،‬ولما لم يتزود اال االنقياد والتسليم‬
‫‪))،‬قلنا يا نار كونى بردا وسالما على ابراھيم (( لما راى ھريقه اليمد الى غيره كفا ‪ ،‬مدحه ويكفى فى مدحه‬
‫))وابراھيم الذى وفى((ابتاله بكلمات فاتمھن‪ ،‬واراه قدرته يوم فصرھن ‪ ،‬وكسر االصنام غيرة ‪ A‬منھن‪،‬‬
‫فوقاه الكريم ‪،‬اراد اعداء الخليل ان ينتصروا فخذولوا‪،‬وان يرتقوا فاتضوا ‪ ,‬وان يغلبوا فغلبوا‪))،‬وارادوا به‬
‫كيدا فجعلناھم االخسرين ــ فجعلناھم االسلفين)) تلكم ھى العواقب وما يدركھا اال بصر ثاقب‪,‬‬
‫انا اقسمت وھذا الكون لى شاھد قوال وفعال واعتـــــــقاد‬
‫ان نصر يحدوا دائمـا كل من يدعوا الى درب الرشاد‬
‫فيامعشر المسلمين ان االيمان ھو االمان ‪ ،‬و معا للتقوى واالحسان‬
‫اھل رسوخ القلب فى العرفان حتى يكون الغيب كالعيان‬
‫((وان لمع المحسنين ــ وھو يتولى الصالحين))‬
‫ھا ھو الخليل اخرى ‪ ،‬يھاجر من ديار قومه‪ ,‬ويسال ربه على كبر )) رب ھب لى من الصالحين((فيبشر على‬
‫راس ست وثمانين من عمره بغالم حليم ‪ ،‬ولما بلغ معه السعى شب وسعى فى مصالح ابيه ‪ ،‬راى ابراھيم انه‬
‫يؤمر فى المنام بذبحه ‪ ،‬فامتثل واستسلم وما تردد فى حب وتعظيم ‪ A‬رب العالمين ‪،‬وعرض ذلك على ولده ))‬
‫يابنى انى ارى فى المنام انى اذبحك فانظر ماذا ترى (( فبادر الغالم الحليم بجواب فى غاية السداد ))يا ابتى‬
‫افعل ماتؤمر ستجدنى ان شاء من الصابرين ــ فلما اسلما وتله للجبين (( قيل القاه على وجھه ليذبحه من‬
‫قفاه لئال يشاھده حال ذبحه ‪ ،‬وقيل اضجعه كما تضجع الذبائح ‪ ،‬فيا‪ A‬من لحظات جديرة باستنزال العبرات‬
‫‪,‬وتصعيد الظفرات ‪ ،‬وذھاب النفوس حسرات ‪ ،‬سمى ابراھيم وكبر ‪ ،‬وتشھد اسماعيل واستسلم ‪ ,‬ومرت‬
‫السكين على العنق فسلبت حدھا‪ ،‬كما سلبت النار احراقھا ‪ )) ،‬وناديناه اى يا ابراھيم قد صدقت الرؤيا ان‬
‫كذلك نجزى المحسنين ((انھا الخلة معشر المؤمنين ‪ ،‬بذل بدنه للنيران ‪ ،‬وابنه للقربان ‪ ،‬وماله للضيفان ))‬
‫ان ھذا لھو البالء المبين ـ وفديناه بذبح عظيم (( يقول ابن عباس ـ رضى عنھما ـ ) فدى اسماعيل بكبش‬
‫اقرن اعين قد رعى فى الجنة ورتع فيھا اربعين عاما ھبط من ثبير ‪ ،‬له ثغاء فذبحه ابراھيم) سالم على‬
‫ابراھيم ‪ ،‬سجل خالد فى التسليم ‪ ،‬وكتاب مرقوم استحق ان يكون الخليل ‪ ,‬ويفدى ابنه بذبح عظيم ‪.‬‬
‫خذوا ايمان ابراھيم تنبت لكم فى النار جنات نعيم‬
‫ويبشر ابراھيم بوالدة مولود ذكر من بنى اسرائيل يكون ھالك فرعون وذھاب ملكه على يديه ‪ ،‬ويبلغ الخبر‬
‫فرعون فيصدر امره بذبح كل مولود ذكر من بنى اسرائيل )) يذبح ابنائھم ويستحى نسائھم انه كان من‬
‫المفسدين (( ولن ينجى حذر من قدر ‪ ،‬ولكل اجل كتاب ‪ ,‬الن قضى )) ونريد ان نمن على الذين استضعفوا‬
‫فى االرض ونجعلھم ائمة ونجعلھم الوارثين ـ ونمكن لھم فى االرض ونرى فرعون وھامان وجنودھما منھم‬
‫ماكانوا يحذورن )) واليرد مابه قضى ‪ ،‬وكل امر فى الكتاب قد مضى ‪ .‬يريد غير مايريد فرعون ‪ ,‬ويقدر‬
‫غير ما يقدر فرعون ‪ ،‬والطغاة تخدعھم قوتھم وسطوتھم فارداة ينسون‪ ,‬ويحسبون انھم يختارون النفسھم‬
‫مايحبون ‪ ،‬ويختارون العدائھم ما يشاءون مما يكرھون‪،‬ويظنون انھم على ھذا وذاك قادرون ‪ ،‬النھم‬
‫اليعقلون اليفقھون اليبصرون وھم مستكبرون جند المئات من الدايات الالئى يتعرفن على الحوامل ‪ ،‬فان كان‬
‫المولود ذكرا يقتل او انثى تستحى ‪،‬وكثر القتل فى بنى اسرائيل وجاء القبط فقال يا فرعون الكبار باجلھم‬
‫يموتون ‪ ،‬والصغار يذبحون ‪ ،‬يوشك ان يفنى بنى اسرائيل‬
‫فامر فرعون بقتل الولدان عاما وتركھم عاما ‪ ،‬وشاء ان تكون والدة ھارون فى عام الترك ووالدة موسى‬
‫فى عام القتل ‪،‬ومن لطف بام موسى انه لم يظھر عليھا مخايض الحمل ‪ ،‬ولم يفطن لھا الدايات الالئى كن‬
‫يدرن على بنى اسرائيل ‪،‬لكنھا حافت عليه خوفا عظيما وھو لم يزل حمال حتى وقع فى قلبھا وركبھا من الھم‬
‫مادخل عليه وھو فى بطنھا ‪ ،‬وضعته وحبا عظيما احبته ‪ ،‬كيف وھى امه وقد عليه المحبة ‪،‬فما راه احد‬
‫اال احبه ‪ ،‬ومع حبه ضاقت به ذرعا ‪ ،‬فعدوه متربص به ‪ ،‬والخطب اعظم به‪,‬‬
‫خطوب ال تشابھھا خطوب وكرب اليماثله كروب‬
‫واضالع صرى فيھا اللتياع تكاد لھول رھبته تذوب‬
‫ھا ھى ذى حائرة به ‪،‬خائفة عليه ‪،‬تخشى ان يصل نباه الى الجالدين ‪ ،‬وترجف ان تتناول عنقه السكين‪ ،‬ھا‬
‫ھى ذى بطفلھا ‪ .‬عاجزة عن حمايته ‪ ،‬عاجزة عن اخفائه‪ ،‬عاجزة عن منع صوته الفطرى ان ينم عليه ‪،‬‬
‫عاجزة عن تلقينه‬
‫حلية او وسيلة ‪ ،‬ھا ھى ذى وحدھا عاجزة ضعيفة مسكينة وجلة قلقة مذعورة ‪ ،‬فيلھمھا ان تلقيه فى اليم‬
‫‪ ،‬ونزل ھذا االيحا ء على قلبھا الواجف الرائجف الخائف بردا وسالما )) واوحينا الى ام موسى ان ارضيعه‬
‫فاذا خفت عليه فالقيه فى اليم والتخافى والتحزنى انا رادوه اليك وجاعلوه من المرسلين (( ان القاء الطفل فى‬
‫اليم ھلكة محققه فى المالوف والعادة ‪،‬لكن اراد ـ والراد لما اراده ـ اراد ان يربيه فرعون نفسه ‪،‬وان‬
‫ينشا فى قصره ‪ ،‬امتثلت امه والقت به فى اليم مجردا من كل قوة وحلية ‪،‬عاجزا عن ان يدفع نفسه‪ ،‬او‬
‫يستنجد بغيره ‪،‬يا‪ A‬ما اشرفه من مقام واحاله واعاله واسماه واسناه ‪ ،‬ان االم اذا خافت على ابنھا ضمته الى‬
‫صدرھا ‪ ,‬اما ام موسى فتقذف بولدھا فى تيار الماء تتالعب به االمواج ‪،‬وتجرى به الى عدوه المتربص به‬
‫‪،‬يا‪ A‬كيف فعلت مالم تفعله ام ‪ ،‬كيف طلبت له السالمة بھذ المخافة ‪ ،‬انه و لكمال الثقة با‪A‬‬
‫رباه انت المناجى به فى كل نازلة وانت ملجأ من ضاقت به الحيل‬
‫لسان حالھا انه وھو فى اليم فى رعاية من ال امن اال فى جواره ‪،‬وال خوف على من كان معه ‪ ،‬من جعل النار‬
‫بردا وسالما ‪ ،‬وجعل البحر ملجأ ومناما ‪ ،‬ما ال يجرا جبابرة االرض على ان يدنو من حماه ‪ ،‬فمن يكن االه له‬
‫حفيظا فحاشا ان يضيعا او يضاما‪ ,‬ويتھادى التابوت بالرضيع حتى يصل تحت قصر فرعون ‪،‬فالتقطه ال‬
‫فرعون ‪ ،‬التقطه الجوارى وذھبنا به الى امراة فرعون لتكون المعركة على ارض قصر فرعون‬
‫يا فرعون تذبح االف من اجل ذلك الرضيع ‪ ،‬ھا ھو االن فى بيتك يا وضيع‪.‬‬
‫يافرعون تجند المئات من الديات من اجل ذلك الرضيع ‪ ،‬ھا ھو االم فى قصرك يا وضيع‬
‫يافرعون انت تريد و فعال لما يريد ‪ ،‬قضى ان اليربيه اال فى حجرك‬
‫كشفت امراة فرعون عنه فاذا ھو غالم من احسن الخلق واجمله ‪ ،‬كيف وھو جمال زكاه )) ولتصنع على‬
‫عينى ((فالقى محبته فى قلبھا يوم اراد كرامتھا وشقاء زوجھا ‪،‬وراه فرعون وھم بقتله ‪ ،‬فشرعت‬
‫تحببه الى زوجھا وتخاصم عنه )) قرت عين لى ولك التقتلوه (( قال اما لك فنعم واما لى فال ‪ ،‬وقد كان قرت‬
‫عين لھا فقد ھداھا بسببه فصارت مثال للذين امنوا ‪ ،‬ولم يصيبه فرعون باذى ‪ ،‬فيا‪ ، A‬لھوان فرعون‬
‫على ‪ ،‬ماحمى موسى بمالئكة تتنزل معه ‪ ،‬بل حماه بستر رقيق من حب حاننى فى قلب امراته سقطت معه‬
‫قوة فرعون وغلظته وحرصه وحذره ‪ ،‬ھان فرعون على ان يحمى منه موسى بغيرھا ‪ ))،‬ومن يھن ‬
‫فما له من مكرم ))‬
‫كلما راموا بموسى ضررا صانه وكف الضررا‬
‫((وحرمنا عليه المراضع (( عرضوا عليه المراضع فلم يقبل ثدى امراة فى القصر ‪،‬فنزلوا به الى السوق ))‬
‫واصبح فؤاد ام فارغا ان كادت لتبدى لوال ان ربطنا على قلبھا لتكون من المؤمنين ـ وقالت الخته قصيه ((‬
‫اتبعى اثره ‪ ،‬اعرفى خبره ‪ ،‬انطلقت اخته على حذر وخفية ‪،‬تتتبع اخباره ‪ ،‬تتحسس اثاره )) فبصرت به عن‬
‫جنب وھم ال يشعرون (( فقالت اخته (( ھل ادلكم على اھل بيت يكفلونه لكم وھم له ناصحون ((فاخذوھا‬
‫وقالوا ما يدريكى‪ ,‬مانصحھم له ‪،‬اتعرفينه ‪،‬قالت ال ولكن نصحھم له رغبتھم ورجائھم فى نفع الملك ‪،‬فزال‬
‫الشك وقالوا ھيا اليھم ‪،‬ذھبوا به معھا الى منزل امه ‪،‬فاعتطه الثدى فالتقمه ‪،‬وعلى الوجوه البشر ‪،‬وانطلقت‬
‫البشائر الى القصر ‪ ،‬وتطلب امرته ام موسى ‪ ،‬وتحسن اليھا وھو التعلم انھا امه ‪ ،‬ثم تسالھا ان تقيم عندھا‬
‫فى القصر لترضعه ‪،‬فابت وقالت ان لى بعال وولدا فان شئتى ارضعته عندى ‪،‬فوافقت على رجوعه معھا الى‬
‫بيتھا ‪،‬فعادت راضبة مطمئنة امنة‪ ،‬فى عز وجاه ورزق ورغد ‪،‬تجرى عليھا الصالت والنفقات ونفائس الھدايا‬
‫والعطايا ‪ ,‬تبارك وجل ‪ ،‬ماشاء كان وما لم يشا لم يكن ‪،‬بيده االمر جعل المن اتقاه من كل ھم فرجا‬
‫ومن كل ضيق مخرجا ‪،‬لقد لقد كانت ترضع ولدھا على خوف من فرعون ومالئه‪ ,‬واالن ترضعه فى امان‬
‫واطمئنان وبامر فرعون الجبان ‪،‬و ماكان ھذا الم غيرھا ابدا‪ ,‬انه جزاء الثقة با‪ A‬وذاك قول ‪ ))،‬فرددنه‬
‫الى امه كى تقر عينھا والتحزن ولتعلم ان وعد حق ولكن اكثرھم اليعلمون ((عاد الرضيع الغائب المه‬
‫الملھوفة الوالھة ‪،‬معافا فى بدنه ‪ ،‬مرموقا فى مكانته ‪ ،‬يحميه فرعون خصمه ‪،‬وترعاه امراته‪ ,‬تضطرب‬
‫المخاوف من حوله وھو قرير العين ‪ ،‬امن مع امه ‪،‬حاله‬
‫مع الذى مالى سواه وكيف يخاف من معه االه‬
‫فيا ايتھا االمة المباركة ‪،‬اذا ادلھمت الخطوب‪ ,‬وتوالت الھزائم والكروب ‪،‬وتقطعت عرى النجاه ‪،‬وعز‬
‫الناصر‪،‬وقل المعين ‪،‬وزمجر الباطل ولجلج ‪،‬فال تاسيى وال تقنطى ‪ ،‬وكتاب تدبرى ‪،‬ھذه قصة موسى‬
‫وفرعون شاھدة بان االمن اليكون اال فى جانب ‪،‬وان المخافة التكون اال فى البعد عن ‪،‬كالھما القيا فى‬
‫اليم ‪،‬فكان اليم لموسى الرضيع ملجأ ومامن ‪ ،‬وكان لفرعون الطاغية وجنده خوفا وھالكا وغرقا ‪،‬عاقبة‬
‫فرعون ھى عاقبة الظالمين ‪ ،‬وعاقبة موسى ھى عاقبة المتقين‪ ,‬انھا عقيدة ينبغى ان نثبتھا فى انفسنا ‪،‬‬
‫ونمكنھا من قلوبنا ‪،‬ونرسخھا فى مشاعرنا ‪ ,‬ونستر عنھا فى شدتنا ورخائنا واقوالنا واعمالنا وافكارنا‬
‫واحساسينا ومشاعرنا ‪،‬ونربى عليھا ناشئتنا ‪،‬ونلقى بھا ربنا ‪،‬ان الشر حين يتمحض يحمل سبب ھالكه‬
‫بذاته ‪،‬وان البغى حين يفتضح ويتمرد اليحتاج الى من يدفعه ‪،‬بل ان ياخذ بيدى المستضعفين فينقذھم‬
‫ويجعلھم ائمة ويجعلھم الوراثين ‪،‬ومن كان معه فمما يخاف ‪،‬لكن مع من )) ان مع الذين اتقوا‬
‫والذين ھم محسنون ))‬
‫الھمسة الرابعة) اال ان نصر قريب)‬
‫النصر للمؤمنين وعد من ما من شك فى تحققه فى واقع الحياة وان تاخر عن حساب البشر ‪ ،‬مھما فشت‬
‫الضالله ‪،‬واستحكمت الغواية ‪ ،‬فسينصر دينه ‪ ,‬وستكون خالفة على منھاج النبوه‪ ،‬وسبيلغ ھذا الدين ما‬
‫بلغ الليل والنھار‪،‬بصدق العلماء ‪ ،‬وجھود الدعاه ‪،‬ودماء الشھداء‪،‬بالجد البالھزل ‪ ،‬باالعمال ال باالقوال‬
‫والباالمان‪،‬بالقلوب الصادقة ال النفوس الخائنه‪،‬وعد اليخلف وعده ولكن اكثر الناس اليعلمون ‪ ))،‬ان‬
‫لننصر رسلنا والذين امنوا ــ وان جندنا لھم الغالبون ـــ كتب الغلبن انا ورسلى))‬
‫كيف تياس امة معھا ھذه النصوص من كتاب ‪،‬بل معھا كتاب وسنة رسوله )ص)‬
‫كلما اطفا منھا قبس اشرق القران بالفجر الجديد‬
‫كيف تياس امة معھا خبر صادق ثابت ال شك فيه ‪ ،‬انھا باقية ظاھرة منصورة الى قيام الساعة‪,‬‬
‫كيف تياس امة ھى غيث اليدرى خير اوله ام اخره‪,‬‬
‫كيف تياس امة معھا خبر يقين انھا سوف تھيمن وتحكم الدنيا وتملى االرض عدال بعد ان تملى جورا وظلما‪,‬‬
‫كيف تياس امة عبوديتھا لرب كريم رحيم ‪،‬اليزداد على السوال اال كرما وجودا‪,‬‬
‫كيف تياس امة تقرا فى قرانھا ))ليظھره على الدين كله ولو كره المشركون ))‬
‫كيف تياس امة او تستسلم وھى مدعوة حين تنقطع بھا االسباب ان تتصل بمسبب االسباب وتظل تامل فى‬
‫زوال الغمة ‪ ،‬وتحسن االحوال‪.‬‬
‫فاطرح الياس جانبا واتخذ مئزرا الثقات‬
‫ما التفات الى الورى بالذى يوصل السعاد‬
‫ما ارتماى على الثرى بالذى ينقل الحفـــــاة‬
‫ان تاخر النصر اليعنى عدم تحقق وعد ‪ ،‬لكن ذلك لسبب يبحث عنه بال ياس وال كالل‪ ،‬ومن سعى باحثا لم‬
‫يعدم السببا‪ ،‬يقول سيد ـ رحمه ـ ما مضمونه‬
‫قد يبطىء النصر الن بنية االمة المومنة لم تنضج نضجھا بعد ‪ ،‬فلو نالت النصر حينئذ لفقدته وشيكا ‪ ،‬ولم‬
‫تحمه طويال ‪،‬فاتئدوا فى امركم ‪،‬وائتلفوا وامشوا على الھدى وال تستياسؤا‪.‬‬
‫قد يبطىء النصر حتى تبذل االمة المؤمنة اخر ما فى طوقھا من قوه ‪ ،‬وما تملكه من رصيد ‪،‬فال تبقى عزيزا‬
‫وال غاليا اال بذلته ھينا رخصيا فى سبيل ‪ ،‬وحالھا‬
‫وھبت نفسى لمولى اليخيب له راجى على الدھر والمولى ھو الواقى‬
‫انى مقيم على عھدى وميثاقى وليس لى غير ما يقضيه الخـــــــالق‬
‫قد يبطى النصر حتى تجرب االمة كل قواھا ‪ ،‬فتدرك ان ھذه القوى بدون سند من التكفل لھا النصر ‪ ،‬فتكل‬
‫االمر بعدھا الى وحالھا‬
‫فيارب ادركنا فقد بلغ الذبا من الكرب سيل الفاجعات المفرق‬
‫قد يبطى النصر الن البيئة ال تصلح بعد الستقبال الحق ‪ ,‬فيظل الصراع قائما حتى تتھيا النفوس فى تلك البيئة‬
‫ال ستقبال الحق واستباقه‪,‬‬
‫فالنصر يا قوم لن تھنى سحـــائبه اال بجيل عظـــــيم البــــــــذل مغوارى‬
‫ھبوا ولبوا فما فى البؤس من رغد فالــــــــجذع من مكة والغصن انصارى‬
‫ولم تزل راية التوحيد خــــــــــافقة ومرھب الحــــــــد مسنون على النار‬
‫قد يبطىء النصر لتزيد االمة صلتھا با‪، A‬وھى تعانى وتتالم وتتورع ‪،‬فاذا ما اذن لھا بالنصر ‪ ،‬لم تطغى‬
‫ولم تنحرف عن الحق الذى نصرھا به‪,‬‬
‫لكنھا كالجبال الشمى قد ثبتت فما يزعزعھا بغى وارجاف‬
‫قد يتاخر النصر الن االمة المؤمنة لم تتجرد فى جھادھا ‪ ، A‬فھى تجاھد لمغنم او حمية او شجاعة ‪ ،‬و ‬
‫يريد ان يكون الجھاد العالء كلمته ‪ ،‬وفى سبيله بعقيدة‬
‫لو ھزت االجبال مـــــــن ذعر لما اھتزت مع االجبال‬
‫عقد االله عراھا جل جالله اتــــــرى لعقد من حالل‬
‫قد يبطى النصر الن فى الشر الذى تجاھده االمة بقية من خير ‪ ،‬يريد ان يجرد الشر منھا ‪ ,‬ليتمحض‬
‫خالصا ‪ ،‬ويذھب وحده ھالكا ‪،‬فلو كان ملقا بظھر الطريق‪،‬لم يلتقط مثله الالقط‪.‬‬
‫وقد يبطىء النصر الن الباطل الذى تحاربه االمة لم ينكشف زيفه للناس ‪،‬فيشاء ان يبقى الباطل حتى‬
‫ينكشف ويذھب غير موسؤف عليه ‪ ،‬ولذ فان علينا تعرية الباطل والكشف عن وجھه القبيح ‪ ،‬وفضح اھله‬
‫لتكفر االمة بھم وتتبرى منھم فذلك من اعز مقاصد التشريع ‪ ))،‬ولتستيبن سبيل المجرمين))‬
‫اذ كيف يامن وعوان وان جھلوا اذا تردى ثياب الشائس الحانو‬
‫ومع ذا فالنصر ات ‪،‬لكنه الياتى عفوا ‪،‬بل له سنن خلده فى كتابه ليعمل ويتعامل به المؤمنون ‪ .‬ومنھا‪,‬‬
‫((ان ينصركم فال غالب لكم وان يخذلكم فمن ذا الذى ينصركم من بعده ــ وما النصر اال من عند ((‬
‫ونعم الناصر ‪ ،‬كتب بان الحق غالب ‪،‬وبان الرسل منصورون باسم مھما ارجف الطاغوت واستعلى‬
‫وافنى وتكالب ‪ ،‬ان دين غالب ‪ ،‬ان امر غالب ‪ ،‬ان وعد غالب‪ ,‬ان حزب غالب ‪ ،‬ومنھا‪,‬‬
‫ان الينصر اال من ينصره )) ان تنصروا ينصركم ويثبت اقدامكم ــ ولينصرن من ينصره (( ومنھا‬
‫ان النصر اليكون اال للمؤمنين وبالمؤمنين )) ھو الذى ايدك بنصره وبالمؤمنين))‬
‫قد ينصر بالمالئكة‪ ،‬وبالريح‪ ،‬وبالرعب ‪ ،‬وبالجنود االترى ‪،‬لكن ھذه كلھا تتوقف على وجود المؤمنين‪..‬‬
‫فالمالئكة نزلت فى بدر على المؤمنين)) فثبتوا الذين امنوا )) والجنود التى الترى ارسلھا يوم االحزاب‬
‫حين ابتلى المؤمنون )) وكان حقا علينا نصر المؤمنين (()) متى نصر اال ان نصر قريب))‬
‫التياسؤا ليل الشقاء سينجــــلى والفجر سوف يزف صوت البلبل‬
‫وستحمل الدنيا معاشل نصرنا فى كفھا وتــــدك كل مضـــــــــلل‬
‫الھمسة الخامسة ) قل ھو من عند انفسكم)‬
‫((وما اصابكم من مصيبة فبما كسبن ايديكم ويعفوا عن كثير (( ان سبب الھزيمة واحد الينبغى تجاھلو وال‬
‫طمسه بكل االعذار الواھية ‪،‬انه سبب داخلى ‪،‬فال تلموا احدا ولوموا انفسكم‪ ,‬ھذا ھو فج الحقيقة الذى يسلكه‬
‫ويؤمن به العقالء‪،‬فال يضل بھم سبيل ‪،‬اذا ما انھزم المسلمون فى نيادين الدعوة والجھاد ‪،‬فعليھم ان يتھموا‬
‫انفسھم ‪ ،‬ويقوموا مسيرتھم‪ ,‬ويزنوا اعمالھم بميزان الحق ‪،‬فمن من سنن ان اليسلب قوما نعمة اال اذا‬
‫غيروا او بدلوا )) ذلك بان لم يك مغيرا نعمة انعمھا على قوم حتى يغيروا ما بانفسھم(( ومن سنن ان‬
‫النصر اليكون اال بخالص النية ‪ ، A‬وحسن التوكل عليه واالخذ بكافة االسباب ‪،‬فال يستحق نصر من تنكر‬
‫لھذه السنن واعتمد على قوته وحوله وكثرة جنده ‪،‬صدق تعالى وحده ‪،‬انما النصر ثواب المخلصين ‪))،‬‬
‫ولن يجعل للكافرين على المومنين سبيال(( وعد قطعى اليختص بعصر دون عصر ‪،‬حقيقة اليحفظ التاريخ‬
‫االسالمى كله واقعة تخالفھا ‪،‬فنقول فى ثقة بوعد ان الھزيمة التلحق بالمومنين من خالل تاريخھم كله اال‬
‫من خالل ثغرة ‪،‬وبقدر ھذه الثغرة يكون الھزيمة ثم يعود النصر للمومنين ‪،‬ففى احد كانت الثغرة فى ترك‬
‫طاعة رسول )ص( والطمع فى الغنيمة‪،‬وفى حنين كانت الثغرة فى االغترار بالكثرة واالعجاب بھا ‪،‬لن‬
‫نغلب اليوم من قله ‪،‬فمن الخير لالمة ان تدرك ذلك جيدا ‪،‬لقد طرقت االمة كل االبواب ‪،‬ومدت ايديھا مستخزية‬
‫الى كل االمم ‪،‬فجاءت بالوشل ‪ ،‬وباءت بالفشل ‪،‬كذب الرعد ‪ ،‬واخلف الوعد‪ ,‬واورد االبل سعد ‪،‬وما رجعت‬
‫االبالخيبة صفر العيبة مع المھانة والصغار والضعة والخسار ‪ ،‬فان بقيت على حالھا فھى بحاجة الى لطمات‬
‫وضربات وصفعات توقظھا حتى تعى‪ ,‬وستعى اليوم او غد او بعد غد ‪،‬فان قالت فى خضم محنتھا انى ھذا ؟‬
‫))قل ھم من عند انفسكم))‬
‫لو عرفنا ما شطت بنا سبل التضليل لو ذقنا الھوان‬
‫‪.‬ھذا مافھمه قادة امتنا الذين اعز دينه ‪،‬يذكر ابن النحاس ان جند المسلمين حاصروا حصنا للكفار‬
‫فاستعصى عليھم فتحه فقال اميرھم انظروا ماذا ارتكبتموه من البدع ‪ ،‬او تركتموه من السنن ‪،‬فنظروا فاذا ھم‬
‫قد اھملوا السواك ‪ ،‬فبدروا اليه واستعملوه فقذف الرعب فى قلوب عدوھم وفتح عليھم‬
‫ان الالئى تيقى وھو غالية وانما تعصف االمواج بالزبد‬
‫فلو ذھبنا نتتبع كل مرة تخلف فيھا النصر عن المسلمين فى تاريخھم ‪ ,‬لوجدنا شيئا من ذلك نعرفه او ال نعرفه‬
‫‪ ،‬اما وعد فھو حق فى كل حين ‪،‬والھزيمة حقا ھى ھزيمة الروح ‪،‬اما اذا بعثت الھزيمة الھمة ‪،‬وبصرت‬
‫بالمزلق‪،‬وكشفت الزيف ‪،‬فھى مقدمة لنصر اكيد ‪،‬ان قاعدة قھر الباطل ھى ايجاد الحق ‪ ))،‬بل نقذف بالحق‬
‫على الباطل فيدمغه فاذا ھو زاھق (( فلنراجع انفسنا واال كنا مثل‪,‬‬
‫الفراشة حين تلقى نفســــــھا فوق السراج بلھفة فتحطم‬
‫او كالسعاة الى السراب وكلما زاد اقارب القوم زاد المندم‬
‫انى ھذا ؟ ))قل ھو من عند انفسكم ))‬
‫الھمسة السادسة( الخيط الواھى مع مثله حبل متين)‬
‫جميعا وال تفرقوا ‪،‬ان استثمار كافة الطاقات والمواھب واالفكار والعقول والسواعد والدقائق لنصرة دين ‬
‫والتمكين له ‪ ،‬ضرورة خصوصا فى االزمات ‪،‬مع تاجيل الخصومات ‪،‬وتجاوز الخالفات ‪،‬والتفتيش عن‬
‫الثغرات ‪،‬وترك اللوم والتوبيخ فان اللوم اليحرك وال يجمع ‪،‬وعند كل من الھموم ما يكفيه ‪،‬ولسنا بحاجة الى‬
‫معكر اضافى ‪،‬واالعمال الكبيرة اذا تقاسمتھا االيدى ھان حملھا‪,‬‬
‫ولربما اعتضد الضعيف بمثله الخير فى يمينى بغير يسار‬
‫تفعيل االمة وفق مايرضى ‪ ,‬والعمل بدين واجب الجميع ‪ ،‬النھا ازمة الجميع ‪،‬االمة كل االمة ‪ ،‬الصغير‬
‫والكبير والذكر واالنثى والغنى والفقير والصحيح والمريض واالعرج والمشلول والبر والفاجر والمخلط ومالم‬
‫يخرج من دائرة االسالم ‪ ،‬كل عليه تبعه وكل بحسبه ‪ ،‬فما الكف اال اصبع ثم اصبع ‪،‬ومايدرك الحاجات من‬
‫حيث تبتغى من الرھط االمن اعد وشمر ‪،‬فكونوا يدى وفى نبيكم )ص( اقتدى ‪.‬فى الھجرة يخرج نبى االمى‬
‫وصاحبه ‪،‬فاتمونه اسماء الفتاه‪ ,‬وعائشة الصغيرة ‪ ،‬وعينه على عدوه عبد الشاب ‪،‬ويخفى اثره عامر‬
‫راعى‪,‬‬
‫التثبت العين شئيا او تحققه اذا تحير فيھا الدمع والطرب‬
‫فى الخندق واالزمة ازمة الرجال يحفرون ‪،‬والصخور يحملون ‪،‬والثغور يحرسون ‪،‬سلمان يخطط للخندق‬
‫‪،‬وعلى يقصف راس من يعبر الخندق ‪،‬وبن رواحه يتحسس اخبار قريظة ‪،‬وامراة جابر تصنع طعاما يبارك ‬
‫فيه فيكفى اھل الخندق ‪،‬ابن الزبير ـ وھو الطفل الصعير انئذاك ـ يراقب من على سور الحصن ‪ ،‬ابن ام مكتوم‬
‫ـ وھو الرجل الضرير ـ يوليه رسول )ص( ادراة المدنية‪ ,‬استنھاض للھمم باالية والحديث والخطبة‬
‫والشعر بل حتى بالصوت ‪ ،‬فان السيوف قبل ان تقسم الروؤس تقصف الھمم‪،‬لصوت ابى طلحة فى الجيش‬
‫خير من فئة وھو صوت ‪،‬وشعر حسان اسرع فيھم فى نطح النبل وھو شعر ‪،‬والنبى )ص( يقول ) جاھدوا‬
‫المشركين باموالكم وانفسكم والسنتكم)‬
‫فى ازمة الردة ‪،‬اول ازمة بعد وفاة رسول )ص( اشتبكت فيھا السياسة الداخلية بالخارجية بمسائل العقيدة‬
‫والفقه ‪،‬فقال ابو بكر كلمته ‪ ،‬فقطعت قول كل خطيب‪ ،‬وشرح بھا الصدور ‪ )،‬و لو منعوا عقال نويقة‬
‫ادوھا نحو المصطفى لن يسلموا)‬
‫ضجر الحديث من الحديث ولم يزل فى نصر دين محمد يضجر‬
‫حلف البليد ليظفرن بمثـــــــــــــــله حنثت يا بليد يمنيك فــــــكفر‬
‫انتفض ابو بكر فانتفضت االمة كلھا تبعا له ‪،‬فھويفتى ويوجه ويعقد االلوية ويقاتل بنفسه على االعداء يقذف‬
‫بالكلم كالحمم ‪ ،‬ويحمى بيضة االسالم بالصارم الصمصام ‪،‬يقول الردة بعد اليوم ‪ ,‬وال يتم فى اليقظة ما تم فى‬
‫النوم‪,‬‬
‫فاعجب لقوة نفس ليس يصرفھا طعم المنية مرا عن مراميھا‬
‫على والزبير وطلحة وسعد يحرسون انقاب المدنية ‪،‬وال مقرب فى معركة مع االعراب ‪،‬واسامة الى الروم‬
‫‪،‬وخالد الى البطاح ‪،‬وعكرمة الى اليمامة ‪،‬وعمرو الى الشمال ‪،‬والعالء الى البحرين ‪،‬وسيھل يثبت اھل مكه‬
‫‪،‬واخر يثبت اھل الطائف ‪،‬وفى سنتين واذا باالمة تحاصر اعظم الممالك تنشر الخير االعم ‪،‬تبذل العز االشم ‪،‬‬
‫بـــــــــــ‬
‫فتية كاسود الغاب ليس لھم االالرماح اذا اخمر الوغى اجل‬
‫كالبرق ان عزموا ‪ ,‬والرعد ان صدموا ‪ ،‬والغيث ان وھبوا ‪ ،‬والسيل ان ھجموا ‪.‬امامھموا دون االنام محمد‬
‫‪,‬ومن يتباعد عن طريق محمد يجرجره شيطان الطريق البعيدة ‪،‬كما صح فى معنى حديث نبينا( ارى الذئب‬
‫اكال النعاج القيصة(‪ ،‬فالخيط الواھى مع مثله حبل متين ‪،‬فكيف بجسد واحد ‪ ,‬وبنيان واحد ‪،‬روح الى روح‬
‫‪،‬وعرق الى عرق ‪،‬ودم الى دم ‪،‬وانما السيل اجتماع نقط‪.‬‬
‫الھمسة السابعة )الفرع لالصل ينسب)‬
‫مااحسن الفرع اذا االصل بھر وھل يفيد الرعد من غير المطر‬
‫اصلنا طيب فى مسك‪ ،‬فايح من غير شك ‪،‬وما للمسك فى ان فاح حظ ‪ ,‬ولكن حظنا فى ان يفوحا ‪،‬اصلنا سامى‬
‫‪،‬اتاه القران وھو فى مزلق االراء فاخذ بيده الى صوابھا ‪،‬وفى نواجم الفتن فجلى غامھا ‪،‬وفى معترك‬
‫الشھوات فكسر شريتھا ‪،‬وفى مفترق السبل فھدى الاقومھا ‪،‬وفى سوق المصالح والمفاسد فميزھا وزيلھا‪،‬‬
‫وفى مجمع العقائد فميز حقھا من باطلھا ‪،‬وفى شعب االحكام فقطع فيھا بفصل الخطاب‪ ،‬بالنص او بالظاھر‬
‫اوباالشارة واالختصار‪،‬مع مزيد تعجز عنه العقول مھما ارتقت ‪،‬وھو تعقيب كل حكم بحكمته‪ ,‬وكل امر بما‬
‫يثبته ‪ ،‬وكل نھى بما ينفر عنه ‪،‬استمسك اصلنا السامى به ‪،‬واھتدوا بھديه‪ ,‬ووقفوا عند حدوده ‪،‬وفى انفسھم‬
‫وغيرھم حكموه ‪،‬فصاروا صالحين مصلحين سادة قادة‪,‬‬
‫دليلھم فى السرى انتاھا غيرھمو ھدى من السنة الغراء وقران‬
‫جمالد االرض كانوا فى الحياة وھم بعد الممات جمال القدم والسير‬
‫اخالقھموا نورھم من اى ناحية اقبلت تنظر فى اخالقھم سطعوا‬
‫فياايتھا الفروع النامية ‪،‬تلكم اصولكم السامية‪ ,‬اليقطعنكم عنھا خناس من الجنة والناس ‪ ،‬حتى تسلم االنفاس‬
‫لرب الجنة والناس‪ ،‬لقد جربنا فصحت التجربة‪،‬وامتحنا فدل االمتحان ‪،‬على ان عرق االيمان فى قلوب ھذه‬
‫االمة كعرق الذھب فى المنجم ‪،‬كالھما اليكاد يبلى وخصائصه التكاد تتغير وان تطاولت القرون‪ ,‬ذلك العرق‬
‫المخبوء فى تلك المضغة يتحرك فياتى بالعجائب ‪ ،‬امر محسوس واليكابر فى المحسوس ممسوس ‪،‬فھلم ھلم‬
‫ايھا الفرع النامى ‪،‬الى االصل السامى‪ ،‬الى انفع ميراث يرثه خلف عن سلف ‪،‬وخير زاد يقدمه سلف لخلف‪،‬‬
‫لتنطلق الھمم كالسيل المتدافع ‪ ،‬يقذف تيار بتيار ‪ ،‬فى زمن يجھد اعداء ا الفرع واالصل معا ‪،‬العادة النائم الى‬
‫نومه وھو قريب عھدنا‪,‬‬
‫فاكشفوا الترب عن الكنز الدفين وارفعوا الستر عن الصبح المبين‬
‫ھا ھى ام سليم ـ رضى عنھا وارضاھا ـ لما قدم رسول )ص( المدنية ‪ ،‬ابنھا انس ابن ثمانى او عشر‬
‫سنين ‪،‬فقطعت خمارھا نصفين فائزرته بنصفه وجعلت النصف االخر له رداء‪ ,‬ثم انطلقت به الى رسول ‬
‫)ص( فقالت يارسول ‪،‬لم يبقى رجال والامراة من االنصار اال وقد اتحفك بتحفه ‪،‬وانى الاقدر على ما اتحفك‬
‫به اال بنى ھذا فخذه فليخدمك ما بدا لك وادعو له ‪،‬قال انس فما ترك خيرا اخرة وال دنيا اال دعا به‪ ,‬وكان‬
‫مما قال ) اللھم ارزقه ماال وولدا وبارك له فيه(فبتلك الدعوة فان ماله لكثير‪ ,‬وان له بستانا ليحمل فى السنة‬
‫مرتين ‪،‬وولد من صلبه مائة وتسعة وعشرون ولدا واكثر‪ ,‬وكان فى بستانه ريحان يجىء منه رائحة المسك‬
‫‪،‬فخدمه عشر سنين ما عبث فى وجھه قط‪ ,‬وما قال له لما فعلت او تركت ‪،‬خلق زكاه ) وانك لعلى خلق‬
‫عظيم )‬
‫ماذا يقول الواصفون وفضله حقا به نطق الكتاب المحكم‬
‫صلى عليه وسلم الذى زكاه ما لـــب الحجيج واحرموا‬
‫احبه انس حبا ملك قلبه ‪،‬وفاق حب نفسه ‪،‬وبعد موته صار رؤيا منامه‪ ,‬يقول انس ) و ماليلة االوانا ارى‬
‫فيھا رسول )ص( ثم يبكى )‬
‫فا‪ A‬قلب قد تلظى فرددا ايا نفس قد ان النزوع الى الكرى‬
‫فا ابت لى رؤيا فى المنام وانما لكل امرى من دھره ماتعودا‬
‫و‪ A‬قلب ضاق مذ غاب بدره و‪ A‬طرف دمعه فيه ما ھدى‬
‫معشر االخوة واالخوات ‪،‬اما و ما قدمت الم البنھا ما قدمته ام سليم النس‪ ,‬اوردته المنھل العذب الصافى ثم‬
‫قالت رد ‪ ،‬فورد وصدر عنه وھو رواه‬
‫نال السيادة فى دنيا واخرة والسبق والفضل والتقديم والشرف‬
‫نعم ايتھا االمھات ‪،‬ان الدرر تبقى فى اصدافھا حتى ياتى من يخرجھا‪,‬‬
‫ان االم التى التصنع البنھا اسباب الحياة الشريفة يصنع له الموت‬
‫ان اال م التى التعمل البنھا مايسعده وينفعه يعمل له مايضره ويشقيه‬
‫االم التى تتخذ اللھو مركبا تغرق بنيھا فى اللجه‬
‫االم التى التكرم اوالدھا بالعلم والتربية مضيعة لراس مالھا‬
‫االم التى التجعل االخالق مالك بيتھا تتعجل ھدمه ودماره وزواله‬
‫االم التى تلد فتكل التربية لمن ليس اھال لھا ‪ ،‬امة تلد العبيد التلد االحرار الصناديد ‪ ،‬طفيلية على موائد الخدم‬
‫‪ ،‬حقيقة بالقھر والنھر وقسم الظھر ‪,‬‬
‫ليس يبقى فرع نابتة اصلھا فى الموت مغترس‬

‫فياطاھرة تسامى لك يا طاھرة وسيرى فدرب الھدى سائرة‬


‫وكونى منارة خير وھدى تفيض على الفتية الحائرة‬
‫والفرع لالصل ينسب ‪ .‬نحن فرع الصل يقال للصبى فيه العب ‪ ،‬قال ماللعب خلقت‪,‬‬
‫يبدو شدى الريحان اول غرسه ويبين قدر الدر وھى صغار‬
‫مالوا عن االقوال لالعمال فامتلكوا ناصية المعالى‬
‫الزبير حوارى رسول )ص( يسلم وھو ابن ثمان ‪ ،‬فى وقت يكع فيه اشداء الرجال فى مكه ‪ ،‬فياتيه عمه‬
‫ليثنيه عن دينه ‪،‬ويضرم له النار ‪،‬ويضعه فى الحصير ‪،‬ويمر به على النار حتى كاد يختنق بدخانھا ويقول له‬
‫ارجع عن دين محمد ‪،‬فيقول وذلك الصبى وقد خالطت بشاشة االيمان قلبه‪ ,‬الارجع الى الكفر بعد اذا انقذنى ‬
‫منه ‪ ))،‬انى اخاف ان عصيت ربى عذاب يوم عظيم )) كالشعلة الحمراء لو نكستھا الضافت اشعال الى اشعال‬

‫حاله‪ ،‬اقول الحق الاخشى وان الابصر خلفه عنق تدق‬


‫ولست بجاذع مادام قلبى يردد ان وعد حق‬
‫انه ابن صفيه ‪،‬والفرع لالصل ينسب‪,‬‬
‫فانظر الى فعل الفتى الجسمه فالمرء يكبر بالفعال ويصغر‬
‫ويخلفه فى حاضر االمة الولود ‪ ،‬من فى انوفھم شمم‪،‬وفى قلوبھم اباء‪ ,‬وفى انفسھم ترفع واعتداد ‪،‬مالم‬
‫يوحشھم قلة الناصر ‪،‬ولم يوھنھم كثرة الخاذل ‪،‬انھم اطفال ال بل ابطال العقيدة فى فلسطين ‪،‬الذين فعلوا‬
‫باخوان القردة والخنازير االفاعيل ‪،‬وقالوا وفعلوا ‪ ،‬لن يبيع فلسطين ما ال يملكھا ‪،‬ولن يشتريھا ما اليستحقھا‬
‫‪,‬ان غرس يھودنا ينبت ‪،‬وان نبت فلن يثبت ‪،‬ان فلسطين وديعة محمد )ص( عندنا ‪،‬وامانة عمر ـ رضى ‬
‫عنه ـ فى ذمتنا ‪،‬وعھد االسالم فى اعناقنا‪،‬لئن اخذھا اليھود منا ونحن عصبة ان اذا لخاسرون ‪ ،‬حال احدھم‬
‫انا من بنى االسالم ان ماد الجبال فال اميد‬
‫اقرا على وصية الصديق ترويھا الثقات‬
‫خض بالحسام الموت توھب يا بنى لك الحياة‬
‫التعجبوا انھم احفاد من بلغوا افاق ھذه الدنا ‪ ،‬والعرق دساس‪.‬‬
‫وھا ھو صنو لذلك الفرع ‪،‬فالخير متصل ‪،‬طالب مسلم سوادنى ‪ ،‬كان يدرس فى الجامعة االمريكية فى بيروت‬
‫‪،‬ويحافظ على اداء فرائضه فى وقتھا ‪،‬وفى احد االيام الحظه احد المدرسين النصارى فى الجامعه ‪،‬يتوضا‬
‫للصالة فى المغسلة ‪،‬فصاح غاضبا كيف تغسل قدميك فى حوض نغسل فيه وجوھنا ‪،‬فقال الطالب المسلم فى‬
‫ھدوء العزة واالباء ‪،‬كم مرة تغسل وجھك فى اليوم يا دكتور ‪،‬قال بالطبع مرة واحدة كل صباح ‪،‬فقال الطالب‬
‫المسلم اما انا فاغسل رجلى على االقل خمس مرات فى اليوم‪ ،‬ولك ان تحكم بعد ذلك ايھما اكثر نظافة ‪ ،‬رجلى‬
‫ام وجھك ‪.‬‬
‫فلم يحر جوابا بل غص بريقه اال انه من يزحم البحر يغرق‬
‫التلقى اشباه الحمير بحكمة موھه عليھم ما قدرت ومخرق‬
‫ھو االيمان يظھره التحدى بقول الحق يفرى كل وغدى‬
‫والفرع لالصل ينسب ‪.‬نحن فرع الصل قائم ‪ A‬بالحق ‪ ،‬يستعذب العذاب من اجل عقيدته ‪،‬يستمرىء المر فى‬
‫نصرة دعوته ‪،‬يرى النفى ھجرة الى ‪،‬والسجن خلوة لطاعة ‪،‬والقتل شھادة فى سبيل ‪،‬اذا وجد‬
‫فرعون يھدد قال بقول السحرة)) فاقض ما انت قاض (( ‪،‬اذا اريد احدھم على شىء من امر دينه ‪ ،‬رايت‬
‫حماليق عينه تدور فى راسه ‪،‬كانه مجنون و ما ھى اال الغيرة ال الجنون ‪،‬فى السير للذھبى ما مضمونه ‪,‬‬
‫انه لما قدم سفاح الشام ‪ ،‬وفرغ من قتل بنى امية ‪،‬كانه قال من ينكر على ‪،‬فاشاروا عليه انه لن ينكر اال‬
‫االوزاعى ـ االمام عليه رحمة ـ فاستدعاه فاتاه ‪،‬ودخل عليه وھو على سريره وفى يده مقرعة ‪،‬السيوف‬
‫مسلطه ‪،‬والنطع بين يديه ‪ ،‬فنكت االرص بمقرعته ثم رفع راسه وقال ‪،‬يا اوزاعى ايعد مقامنا ھذا ومسيرنا‬
‫رابطا فى سبيل ؟ قال جاء فى االثار عن رسول )ص()من كانت ھجرته الى ورسوله فھجرته الى‬
‫ ورسوله (فنكت نكتا اشد ‪،‬وجعل من حوله يعضون على ايديھم ‪،‬ويضمون ثيابھم لئال يصيبھا دمه ‪،‬ثم رفع‬
‫راسه وقال ‪،‬ماتقول فى دما ء بنى امية ؟ قال جاءت االثار ) اليحل دم امرىء مسلم اال باحدى ثالث‬
‫‪...........‬الحديث ( قال ويلك ‪ ،‬اليست الخالفة وصية رسول )ص( قاتل عليھا على ‪ ،‬قال لو كانت وصية‬
‫رسول )ص( مارضى على بالحكمين ‪ ,‬فنكس راسه ‪ ،‬وانعقد جبينه ‪ ،‬ونكت نكتا اشد ‪،‬ثم اطرق منيا ورفع‬
‫راسه وقال‪ ،‬ماتقول فى اموال بنى امية ؟ قال ان كانت لھم حراما فھى عليك حراما ‪ ،‬وان كانت لھم حالال فما‬
‫احلھا لك اال بحقھا‪,‬‬
‫كشف بالحق القناع وحذف من الجملة حرف االمتناع‬
‫‪.‬فنكت االرض بالمقرعة نكتا اشد مما قبله ‪،‬واطرق منيا ‪ ،‬ثم رفع راسه وقال ‪،‬يا اوزوعى لقد ھممت ان اوليك‬
‫القضا ‪ ،‬قال ان ورائى لحرما فى حاجةلقيامى بھم ‪،‬وسترى عليھم ‪،‬قال ذلك لك فاخرج فخرج ‪ ،‬وحاله‬
‫وما انا ممن تقبل الضيم نفسه ويرضى به كل مائق‬
‫فبعث السفاح فى اثره بمائتى دينار ‪،‬فلم يبرح مكانه حتى وزعھا فى االرامل وااليتام وحاله‬
‫فليس يروحنى فى الحق سيف وليس يزوغنى ذھب وعلق‬
‫صدعتك فالتمس يا ليث غيرى طعاما ان لحمى كان مرا‬
‫ايه ‪ ،‬ايھا االصل يقول الذھبى فمع كون السفاح جبارا ‪ ،‬سفاكا صعب الميراث ‪،‬فان العالم يصفعه بمر الحق‬
‫كما سمعت ‪،‬الخلق علماء السوء‪ ,‬الذين يزينون للظلمة ما يتعسفون من مظالم ويقتحمون ‪،‬او مع القدرة على‬
‫بيان الحق يسكتون ‪ ،‬فانى يؤفكون ‪،‬و الذى ال اله اال ھو ان سكوت علماء االرض كلھم على الباطل‬
‫اليصيره حقا ‪،‬وان تؤاطواھم جميعا على المنكر اليصيره معروفا ‪،‬واننا لسنا من الكرامة على ان ينسخ‬
‫احكام دينه الجلنا ‪،‬او ان ينسخ صواب دينه الجل خطانا فيه‪ ,‬وما ثم االما ختمت به الرسالة )) اليوم اكلمت لك‬
‫دينكم ((فما لم يكن يومئذ دينا فليس اليوم بدين ‪,‬‬
‫يا بارى القوس بريا لست تحسنه التفسدنھا واعطى القوس باريھا‬
‫معشر االخوة ‪ ،‬فى االزمات يكثر السؤال والقيل والقال ‪ ،‬وتتلفت االمة الى العلماء ‪ ،‬لتسمع الكلمة الفصل ‪،‬‬
‫والكلمة ھناك غالية قد تكلف الروح ‪،‬قد تورث الدم والنفور ‪،‬قد تخالف ھوى من فوقه ومن تحته ومن معه‬
‫‪،‬بل حتى ھوى نفسه ‪،‬لكنھا ضرورة خصوصا اذا شوش التوحيد ‪،‬ونطق الروبيضة ‪،‬وتكلم التافه فى امر‬
‫العامة ‪،‬عندھا البد من القيام بالقسط والشھادة ‪ A‬ولو على النفس‪,‬‬
‫انما العالم فى امته قبس ينشر فى الناس الضياء‬
‫ان على القادر ما ليس على العاجز ‪،‬وان على العالم ماليس على الجاھل ‪،‬ان العالم من االمة كالقلب من‬
‫الجسد ‪ ،‬اذا صلح صلح الجسد كله ‪ ،‬واذا فسد فسد الجسد كله‪,‬‬
‫العالم حارس فاذا نام الحارس استقيظ اللص‪,‬‬
‫العالم راعى ‪ ,‬فان غفل الراعى ھجم الذئب‪,‬‬
‫العالم ركبان ‪،‬ان لم يحفظ غرقت السفينة‪,‬‬
‫العالم قائد كتائب ‪،‬ان لم يضبط القيادة حلت الھزيمة‪,‬‬
‫العالم اذا لم يقد انقاد ‪،‬فان انقاد اقبلت الفتنة والفساد ‪،‬والويل المة ينحى عنھا العلماء العاملون ‪ ،‬الو ماقام‬
‫عبد بالحق على نفسه وغيره ‪ ، A‬مستعينا با‪، A‬فكادته السماوات واالرض ‪ ،‬اال جعل له منھا فرجا‬
‫ومخرجا ‪،‬وكساه الھيبة والعزة والسنا ‪،‬ھاھو االوزاعى لما توفى وسوى التراب عليه ‪،‬قام والى الساحى عند‬
‫راسه فقال ‪،‬رحمك يا امام ‪،‬و لقد كنت لك اشد تقية من الذى والنى ‪ ،‬من ظلم بعدك فليصبر ‪ ،‬من ظلم‬
‫بعدك فليصبر‪,‬‬
‫من اتقى فااسد الشرى لديه مثل االكل بالعاوية‬
‫والفرع لالصل ينسب ‪،‬نحن فرع الصل يجود بالمال والنفس والجاه لنفع الفرد واالمة ‪،‬قد امن ان احب الناس‬
‫الى انفعھم ‪،‬واحب االعمال سرور يدخله على مسلم‪,‬‬
‫غيوث ولكن قطعھا الجود والمدى ليوث ولكن الملوك سيوطھا‬
‫ذكر الحافظ ابن حجر ‪ ،‬انه دخل على شيخ االسالم ابن تيمة ـرحمه ـ تاجر يطلب من الشفاعة فى قضاء‬
‫حق له عند السلطان المنصورى ‪،‬فشفع الشيخ له عند السلطان ‪،‬فقال السلطان المنصورى اذا رايت العالم‬
‫بباب االمير فباس العالم واالمير ‪ ،‬فقال شيخ االسالم ‪ ،‬دع عن كذا ‪،‬فقد كان فرعون انحس منك ‪،‬وموسى‬
‫خيرا منى‪ ,‬وكان ياتى كل يوم الى باب فرعون يامره بااليمان ‪ ،‬وانى امرك ان تدفع لھذا الرجل حقه ‪،‬قلم‬
‫يسعه اال االمتثال وايفاء الرجل حقه ‪,‬‬
‫اليفل الحسام اال الحسام اثبت الفعل ما نفاه الكالم‬
‫نحن فرع الصل وسلف ‪ ،‬نذورا حياتھم ‪ ، A‬واثروه على كل مغريات الحياه ‪،‬فاعلى بھم كلمته ‪،‬ونصر‬
‫دينه ‪،‬وارغم انف عدوه ‪،‬ھاھو عتبة بن غزوان ـ رضى عنه وارضاه ـ كان فى ثمانى مائة فارس مسلم ‪،‬‬
‫فلقيه الفارسى صاحب الفرات ‪،‬فى اربعة االالف ‪،‬فاستقل المسلمين واحتقرھم ‪،‬وقال المغرور ارونيھم ما ھم‬
‫اال ھوالء ‪ ،‬اجعلوا الحبال فى اعناقھم واتونى بھم ‪،‬فقام عتبة ليرد على الصلف والكبر والغرور بالعمل يرتجز‬
‫وحاله‪,‬‬
‫خسئت فما زال فينا الرماح ومن يبذل الشوك يجنى الجراح‬
‫لقد شھدت الحرب مع رسول )ص( اذا زالت الشمس ايھا المسلمون فاحملوا‪ ,‬اوقدوا النار على اعدائكم‬
‫واجعلوھم الى لھا حطبا ‪,‬‬
‫فيا جبال اقذفى االحجار من حمم وياسما امطرى موھال وغسالنا‬
‫ويا كواكب ان الرجم فانطلقى ما انت ان انت لم ترمى الشياطينا‬
‫فحملوا عليھم فاابادوا اربعة االالف عن بكرة ابيھم‪ ,‬اال المغرور صاحب المقالة ‪،‬فوضعوا الحبال فى عنقه‬
‫‪،‬واقتدوه اسيرا ذليال مھانا ‪ ,‬لكانھم يقولون له دونك ما استصغرته فاحص وذقه‪,‬‬
‫ومن بعده يسمع العادلى االسد الضرغام خادم صالح الدين ‪ ،‬بان فرقة من ثالثمائة صليبى صارت الخذ طيبة‬
‫الطيبه‪ ,‬فانطلق العادلى فى غيرة على الدين ‪،‬كالمعدن اليكاد يفله الحديد ‪،‬وال تذيبه النار‪ ,‬معه قيود ثالثمائة‬
‫بعددھم ‪ ،‬حاله‬
‫انا يا غدر ان لم تعرفونى فتى صلب العقيدة ال ارق‬
‫فادركھم فالتجئوا منھم الى جبل ‪ ،‬فترجل ومعه تسعة وصعد اليھم وحاله‬
‫اال التھربوا منا فانا سندرككم وان تعلو السحابا‬
‫فلم راوه القى الرعب فى قلوبھم‪ ,‬فسلموا انفسھم فقيدھم جميعا ‪،‬واقبل بھم الى القاھرة اذلة صاغرين ‪،‬فكان‬
‫يوما مشھودا فى العالمين‪,‬‬
‫مشاھد لو وعاھا الحس كانت عبير المسك او ريح الخزاما‬
‫بمثل ھذه االصول ترتفع راية ‪ ،‬فى ارض ‪ ،‬ويومھا يفرح المؤمنون بنصر ‪،‬التوھمه بعيدا انما االتى‬
‫قريب )) وال تھنوا وال تحزنوا وانتم االعلون ان كنتم مؤمنين))‬
‫اولئك ھم اباؤكم والنتم كاباؤكم ‪ ،‬والفرع لالصل ينسب ‪،‬اال فليخسا الجبناء‪ ,‬دعاة الھزيمة ‪،‬وليعلموا ان ابر‬
‫بعباده ودينه وعباده مما يظنون ‪،‬و‪ A‬العزة ولرسوله وللمؤمنين ‪ ،‬فالشمس طالعة ‪،‬والحق مشھود ‪،‬عودوا‬
‫الصلكموا دوما وال تھنوا‪ ,‬تبصروا امركم ‪ ،‬احيو ارومتكم ‪،‬الى منابتكم يااھلنا عودوا‪,‬‬
‫ان العناقيد تاتيھا نضارتھا من جذرھا وھو فى االعماق مشدود‬
‫ايھا الجيل السرى ‪،‬ان النصر مع الصبر ‪ ,‬وان الفرج مع الكرب ‪،‬وفى رحم الضائقة جنين الفرج ومفتاح الحل‬
‫‪ ،‬ومع العسر اليسر‪ ,‬ولو كان العسر فى جحر لطلبه اليسر حتى يد خل عليه ‪ ،‬ولن يغلب عسر يسرين ‪،‬فال‬
‫تياس‪,‬‬
‫البد للضيق بعد الياس من فرج وكل داجية يوما الشراق‬
‫فكلما اشتدت االحداث نھتف فى اعتى دجاھا ان اشتدى لتنفرجى‬
‫يارب ‪ .‬الدين دينك فانتصر ‪ ،‬واعصف بجبار اشر ‪،‬واجعل جموع المعتدى اعجاز نخل منقعر‪,‬‬
‫اى طالئع الزحور ‪،‬ومقدم الصفوف‪ ,‬وبناة الصرح ‪ ،‬وحماة الصرح ‪،‬يا زينة النادى ‪،‬ويا بشاشة الوداى ‪،‬قد‬
‫ترون ما يستفزوكم ‪،‬وتسمعون ما يجرح شعوركم ‪،‬وتقراؤن ما يولم ضمائركم ‪،‬فقابلوا ذلك بالھدوء‪ ,‬وضبط‬
‫النفس ‪،‬فليس الشديد بالصرعة ‪،‬وليست القوة باالنفعال ‪،‬انما القوة بالسعى الدائب للھدف ‪ ،‬مع ضبط النفس‬
‫امام التحديات التى تحاول ان تنحرف بالدعوة الى عن اھدافھا ‪ ،‬فليكن حالكم )) ولنصبرن على ما اذيتمونا‬
‫وعلى فليتوكل المتوكلون ــ وان تصبروا وتتقوا اليضركم كيدھم شئيا ((فلن تروا صحبة ترضى عواقبھا ‪،‬‬
‫كالحق والصبر فى خطب اذا اجتمعا ‪،‬ادبوا على علم فى السير الى الھدف ‪،‬فى توزان يحكم االقدام واالحجام‬
‫‪،‬فالقوة الحقيقية ھى فى الصبر ‪،‬وعدم فتح المجال امام من يجرنا الى مواقف محسوبة لمصلحته ‪ ،‬ومعارك لم‬
‫نعد لھا عدتھا ‪،‬فالصبر ھو القوة ‪،‬واالصالح لن يتم فى ليلة ‪ ،‬والخير الياتى دفعة ‪،‬وسنة التدرج والنماء ‪،‬‬
‫وصيحة الحق البد لھا من مراحل ‪،‬فلنمھد لھا ‪ ،‬وذاك عمل شاق طويل وال شك ‪،‬لكنه مضمون ثابت مامون‬
‫‪،‬نرتضيه ولو استغرق تمامه السنين ‪،‬اال فاعملوا من المعروف ما يقى مصارع السوء ‪،‬ويطفىء الغضب ‪,‬‬
‫ويدفع الشر ‪ ،‬ويدحر الشر ‪ ،‬ويدحر جند الشيطان ‪ ،‬ويزيد حرارة االيمان ‪،‬فقد حث لنبى( ص( على المبادرة‬
‫الى العمل ‪ ،‬قبل االنشغال بما يحدث من الفتن المتراكبة تراكم الليل المظلم فقال )بادروا باالعمال فنتا كقطع‬
‫الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ويمسىء كافرا ‪،‬ويمسىء مومنا ويصبح كافرا ‪،‬يبيع دينه بعرض من الدنيا (‬
‫رواه مسلم‪ ,‬يقول الحسن رحمه ‪ ،‬و لقد رايناھم صورا والعقوال ‪،‬اجساما والاحالما ‪ ،‬فراش نار وذباب‬
‫طمع ‪،‬يغدوا احدھم بدرھمين ويروح بدرھمين ‪،‬يبيع احدھم بثمن العنز ‪ ،‬و لن تستريحوا منھم اال بالعمل‬
‫‪،‬فان القافلة اذا صارت وشدت الرحال ‪،‬تخلف العاطل وظھر الحق من الباطل‪,‬‬
‫فدع اذاھم وقل موتوا بغيظكموا فالغرب موالكمو و موالنا‬
‫و اليصلح عمل المفسدين ‪،‬والعقبى للصابرين ‪،‬وليكفكف المبطلون من غلوائھم ‪،‬وليقصر المرجفون من‬
‫افكھم ‪،‬فما زلنا نتوسم من حركاتھم ‪ ،‬انھم عوامل نصب وخفض وجر الترفع ابدا ‪،‬واذا كان فى االساطير ان‬
‫الجن تركب الخنافيس ‪،‬فمن الحقائق ان العدو يركب مثل ھوالء ليقتح بھم فى بنيان االمة قوا ومنافذ ‪ ،‬وھم‬
‫بحمد قليل فى حكم الشاد ‪ ،‬والشاد اليكون قاعدة ابدا ‪،‬وكيدھم كيد شيطان ‪،‬وقد قضى )) ان كيد‬
‫الشيطان كان ضعيفا(( الراد لما سائله ‪،‬وانھم وان اجتمعوا ليسوا بمعجز لنا‪,‬‬
‫واين من العنقود ايدى الثعالب و يمھل من بغى لكنه اليھمل‬
‫ايھا الجيل السرى ان خير ما يكن االيجاب فى السنوات العجاف ‪،‬فالتتعلل بالسنين فانھا تزول ‪،‬وال تعتبر‬
‫باالزمات فانھا تزول ‪،‬وابنى المتك ونفسك مايعود عليك نفعه‪,‬‬
‫ازيحوا بالعلم العلل وارقعوا بالعمل الـــــــــــخلل‬
‫بال ملل وال عجل فقد يكون مع المستعجل الزلل‬
‫انتم رجال حركة فال تشيونھا بالرعونة او السكون ‪،‬انتم ابطال معركة فال تجعلوھا فى غير عدو ‪،‬وال يكن منكم‬
‫الى الھونيا ركون ‪,‬‬
‫فالمرء يعلو بالھدى فاذا ھوى عاش الحياة مطبال ومزمرا‬
‫ان كان االعداء يرون امتكم ميراثا ‪،‬فقولوا ال ارث مع وجود الوراث االصيل ‪،‬وان كانوا يعدونكم يتامى ‪،‬‬
‫فقولوا قد كبر اليتامى ورشدوا‪ ,‬وان كانوا يعدونكم مفقودين ‪ ،‬فقولوا قد رجع المفقود قبل االجل المحدود‪,‬‬
‫بانت تباشير الصباح المنجلى القى الستار على الظالم واسبلى‬
‫ايھا الجيل السرى‪,‬‬
‫اذا تضاريت االقوال واختلطت فاننى عند قول الحق وقاف‬
‫ان االمن فى الديار واالنفس واالموال والدين واالعراض والعقول ‪ ،‬مقصد عظيم من مقاصد ديننا الحنيف‬
‫‪,‬فالدين جاء لسعادة البشر ‪،‬والنكفاء الشر عنھم والضرر ‪،‬فكل عمل يجب ان تراعى فيه نصوص الشريعة‬
‫‪،‬وقواعدھا المحكمة ‪،‬لتكون البيئة مھية لعموم الدعوة الى وانتشار الخير ‪،‬واال اضطربت االمور ‪،‬وظھرت‬
‫الفتن ‪،‬وكثر الخبث‪،‬والتبس الحق بالباطل ‪،‬واستعصى االصالح على اھل الخير ‪،‬فاعلم ھديت ووقيت وكفيت‬
‫وعن الشيطان نحيت‪,‬‬
‫ايھا السراة ‪ ,‬العلم العلم ‪،‬والتواصل مع العما ء المتقين والدعاة الناصحين ‪ ،‬والوقوف على توجيھاتھم فھم‬
‫اعلم بمقاصد الدين ‪،‬وابصر بالواقع وتجاربه ‪،‬وارعى للمصالح والمفاسد‪ ,‬واقدر على معرفة خير الخيربن‬
‫وشر الشرين ‪،‬فاذا ادلھم الخطب فاجتمعوا الى علمائكم‪ ,‬والى رواھم فارجعوا‪,‬‬
‫ايھا الجيل السرى ‪ ،‬ان اعدائكم الغنياء بكم وليسوا اغنياء عنكم ‪،‬انھم اقوياء بما يستمدونه من جيبوكم‬
‫وجعبكم ‪،‬فاقطعوا عنھم المدد يبلوا ويھزلوا ‪،‬وفى وسعك االستغناء عما فى ايديھم ‪،‬فان تفعل فال تلومھم‬
‫ونفسك لوم ‪،‬وغير ما بنفسك وھلم‪,‬‬
‫ايھا الجيل السرى ‪ ،‬ان تبليغ سنة رسول )صلى ( الى الخلق اطول من تبليغ السھام الى نحور االعداء‬
‫‪ ،‬ال ن تبليغ السھام الى نحور االعداء يفعله الكثير ‪،‬اما تبليغ سنته )ص( الى الخلق فال يفعلھا اال ورثة‬
‫االنبياء ‪،‬جعلنا واياكم منھم بمنه كما يقول ابن القيم ـ رحمه ـ‬
‫ايھا الجيل السرى ‪ ،‬انتم انتم ‪ ،‬انتم نبال االسالم وقيصيه ‪ ،‬وحباله وعصيه ‪،‬غفاره ودوسه ‪ ،‬خزرجه واوسه‪,‬‬
‫فان عرف التاريخ اوسا وخزرجا فانتم بحول اوس وخزرج‬
‫يا بنى االسالم يا نبت الھدى يا غراس المجد فى خير ربا‬
‫انقذوا العالم من حـــــــــيرته اصلحوا من حاله ما خربـا‬
‫التقولوا ذھبت امـــــــجادنا فالھدى يرجع ما قد ذھبـا‬
‫ھذه االحداث قد ابـــدت لنا يا بنى االسالم ما قد حــبا‬
‫كشفت جحر الــــثعابين لنا فراينا راســــــــھا والذنبا‬
‫فاجعلوا من دينـــكم منطلقا وثبوا ان الفتـــى من وثبا‬
‫واجعلوا من منھـج لكم منزال رحـــــــــبا واما وابا‬
‫انتم اليوم على منــــعطف من مشى فيه بـــھدى كسبا‬
‫يا بنى االسالم فــى قراننا منقذ مما اصـــــــاب العطبا‬
‫ھذا مجمل الھمسات للسراة فى مرتفعات السراة‪ ،‬عدلت فيھا عجزا عن الغيث الى البالل ‪ ،‬فاللھم اصلح الحال‬
‫‪,‬‬
‫ياسماعا اصغالھا ‪ ،‬ان راق معناھا فخذ‪ ,‬وافتح لھا باب الرضا ‪ ،‬وان تجد عيبا فسد‪,‬‬
‫نستغفر من كل قول قصدنا به وجھه فخالطه غيره ‪،‬نستغفر من كل وعد وعدنا به ‪،‬ثم قصرنا فى‬
‫الوفاء به‪,‬‬
‫اللھم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك المؤمنين ‪،‬اللھم عليك باعداء الدين ‪،‬اللھم عليك باعداء الدين‬
‫وائمة الكفر من يھود ونصارى ومنافقين ومشركين ‪،‬اللھم اشدد وطاتك عليھم‪ ،‬واجعلھم غنيمة للمسلمين‬
‫‪،‬اللھم اشدد وطاتك عليھم واجعلھم غنيمة للمسلمين‪ ,‬اللھم كن الخواننا المجاھدين والمستضعفين‬
‫والماسورين والمظلومين فى العالمين‪ ,‬اللھم افرغ عليھم صبرا وثبت اقدامھم وانصرھم على القوم الكافرين‬
‫‪،‬اللھم ال تمتنا حتى تقر اعيننا من اعداء الدين ‪،‬اللھم التمتنا حتى تقر اعيننا من اعداء الدين‪ ,‬اللھم انا نعوذ‬
‫بك من الفتن ما ظھر منھا وما بطن ‪،‬اللھم من ارادنا والمسلمين بسوء فاجعل كيده فى نحره ‪،‬واجعل تدبيرھم‬
‫تدميرا ‪،‬نسال ان يرفع علم الجھاد ‪،‬وان يقر اعيننا بنصر دينه والتمكين الاوليائه ‪ ،‬وان يجعلنا من قوم‬
‫يحبھم ويحبونه ‪،‬اللھم ارنا الحق حقا وارزقنا اتباعه ‪ ،‬اللھم ارنا الحق حقا وارزقنا اتباعه‪،‬وارنا الباطل باطال‬
‫وارزقنا اجتنابه ‪،‬انت حسبنا ومن كنت حسبه فقد كفيته ‪ ))،‬حسبنا ونعم الوكيل (( والحمد رب العالمين‬
‫‪،‬وسبحانك اللھم وبحمدك اشھد ان ال اله اال انت استغفرك واتوب اليك‬

‫‪r=4
 r‬‬
‫‪/0
1 '
2! 3 /‬‬


‪.. 2‬‬

‫ ‪ 
&CnI 3>2
V‬‬ ‫
‪ 
-  2‬‬

H2 K8> d h
X h
2 o2A
KD 0+ 2
2!B> h 04@ D N <" 2A" /D 
2 2B
f  †6
2 Q| f 3 &? 3@ 28
H.
2
=
{
ND
%Q :B
3@ mF!5" %< !4
3@ mA" %< !
3@ m @ K s2" /D A

.Q :F
3@ m!5"
$A
 R
 %3 
OB@ 3
O %&B
 T=0
 4+ 3@ M L=B D A

%7@ 
Q D UH 
Q
R‹ < 44+N
.  <" Mn D A
%8
 /B

KD 
=:'
&0 3@ A
s.F4 %7 .
M4C UH 0
Q
6D 0 <"
. A!)
KD 
=A)
q=5 % J:'

%q28  K4  " %1


@ 904 h =P %2
KD h 0+=  9C A

%>
2A  2B5" A
% '
|n h ." %o=A
A0 t
j %  2>u> h 0:
%@2 @ |0 N pn@ H + %+;j
&t
=S P A
% {
K  {  2*"
.B

L > o2A
2B * N %m= 3+ =
A
%3 /+ 4?H m" %3! 
 m4; žM=5 s2! h
2@ <" 2A"
:3B 4
 !V W K  5 &V
‡
!P " 7R i
/+ q UN @ K.:8
/! 
K &V E >
f
!@ |* f L T P @
 K.:8
/! 
K &V E >
.3B?"  !
 4! B.
 %3B!4@ >2A B?
A

: 2B @"
 p" %U
z ; d. 
†6 @ @ > 4
r" !3 !
 
=;i
 O=;{
)B@ +
4
M ND A" N =C ND D N #$

 N %t *
s  )


    + %< >D <

Y =  < @" j@


Y O:.
3>H A Q ? /4
ž>:.

..  
; 4@2P %E= 
KD < JRN
AB@ g! > %E=0
KD U
AB@ gB! > h
/=;D /$" A
%90 
3 u %2 
 F
 pn
4P %20@
/=;D <= " N A
%F

Y  F

[ 3@ %=.
< )S %j
T=P 3@
3>;i  1 + % .  ." ~H   % .- .4 3 g ! % #X 4@
h BZ V
[ <=
\ AI]Y" <=!>
Y [ >
Z [ Z [ Y [ Y Z Y C ^ \O 

Z [ Y IY Z2

\ B5
YY Z /+ AI
Z [ [ Z Y &
\]
] Y 3>$

Y hN "
.^[ab:|A 
]
3B4 M % !" MD  = M %<= > @ M 84B %2*4B E > M
:3B
m"
3 i
; M.> 8 /+ / m"
3@ i
; m" / @ " / m"
3B@ > / n+ / @ / K" m"
:F  t P ." /+ %Ot S 4@" /+ U

<"  .'> N !O=;{
 B@
:.
9!:
/B  F  
?
..U? <H U?
f 3@ 3>2
O P U @
eW f   
U?
!!:> eW
Al=- d. 
@ H A?  . 45
  /+ <=  <" /F! > A@=> /+ @i
 H.
<D
f >jC   > % A@=5 A+=6 Q
2i
 A5
K =0> OFp 3@ @i
m" H+
! A45

2  =B)
 @i
<   2 9?
=
Q
H" d. 
H A? /+ 804
<D @"
> 
LD žt 
t *
4
T  =
  <i %>? 2B> =
2
=

=0>
L 3+ ž 2V KD @ A5 A? % >2 &B
/+ 8P
L‹+ % @ . 
 B@ D :<==0> 3@" }A=P /+ d @ AC
=+n <==0> 3@" }5{
@" Fp K
<
2> %<= 
<=B > 3@" }<=tjA4@ 3 D :
= P CH 5n
=;
LD K4
<D }dF  <=2> %d'
<=!P> ž&t
=F
@i  <2V4> %<= :  K

3@ e 
MC % 
=2
!
 %Q 
O.  qC" % 0
KC 20+ ML <
.H== U.>  m@
 M!>  % -

<" j
3+ %™045
3@ ;W   3@ T"
$C 8 /+ ŠO=;{
)B@Š 20
f  %<  !
AC %T P &P 3@ 
 > + mP=
:0 N p %4
E 4S

K Q!
/+ OH >6 %…  RD ML <‹+ %   E %3BR @ %E 4
.3>2
Q
2" 2>> @ 3 ML %x>

^ 0p O! B!4


<D @"
/ ! %… 0i
+ <" KD @=> /+ † 4 D %0p 2?
1t
=B
@ 
 . 
#Hu %mt
=.
/*0 %mP=
*>+ #Hu %B
/=   z! %K T$ 2? %o!
   
$C < 3@ % :!X

; 3@ B? 3>2

$A 
2C <" A?" % 4B K K B  !5  h
  ž

.3 B
E 5 
=V  %3! 
 ; @" / " %@"
\ ] YBZ \
2BI Z \Y
2!B F 5 B 3@     + ^[‚:C
D] C=8
Y [ Z [ N 
Y ^ [ Y <D
f N AD m.4@ S 
=P B+ @ 
=? t *" /+ p %N"
  h 4>
2C /+
 % B
Ki %B 
$C 3@ O2
 T
j A+  2
m = ! A
 ] Y =-
K 4 A @ h J 20+ = ^[‚:C
D]  . Y Y Z \Z <D
 [Y Y < i
] \ :3!S  B@ A"
2
M A + % A @ 2   A"
 :Pi
/+ 3
 L @ # !
j>jB
 2

# 5  Q 
3>6
%o N 3B
%
/= A:! žM
=? /+ M 
B   3@ !
2!
2
 %20B > N 90
 %z:'>  .> N &0B
 %1: > N < 
 % N <Li

:M  žK=
/> + ND =:' N KB N &?
 %U2  N
/  † A @ r" /4> S #H" "
 6 
= LD #8@ / K 2P
q +" p %  /)F+ A+ mH  v ? mB:P 3 
 O T  "
/+ M /  #$
 @" :2> /+ A!0> =C T P %O=4!
P 5 $;" %
2
:" + zP 
f  KD M m)@ @ /" B D ž2? 
KD &
 4
/+ F /t @H Q&@ o+ 2"  p 1;
\
r B f ‰:
2 N  !? o2
T=R K jj> 
A €=
++ % AB 4S  =@ 6  m 2P |
2" T  "
MB" /  %  M )Si @ 0
=> “ 80
p 
N= 
 @" :T P p % @=>
h
!
?= O mn+ /!CL
ž D <= " @ †=" 3X
/ +=> 3@
! A  !B> <" ™.
jB> |P
=@ 3@  +
.78.
< 
=C =  +
!O=;{
)B@
 J!'@ | %< 
< ? %< 
< !
O
H" h n C:;" %U
=? U
=

%   q i
q2 r=
& %28
/+  4.
  F*
~
6 %28

 8@ r$0 % @ A
~ ) % P" * %   34+
 =X  
V =0
.   

 =A
~j *. <=8
 2A %    @u@ + S

jA
 9

^ f
% 0=
! " s)
3>P s
L   
K T 0>   
AD %   t ! OQ
$!
 ‰.
 r$0
  
 3B:
 !F
 3B
 j

. C˜ @ A" C˜ 5 X!; Vn4@  X4@ ž A 
P N 

/B + …" > 9!V + CQ @ > /BPn+ Q 5 >  mJ <‹+
r$ %E=0
 %H=
3 % )
 %t *
™04 & 0
/+
A " /u % !R 

  /C D %   A


=B %<j
2B> %<=B

.
=
 …i
E 
<L‹ 3 &
!} C  > e 
/+ 3@ K  | + C 5 q i
/+ 7
=
3
}< !
@ < !

<D žs 4+ U5
 %- <n
 %? :; ŠH=80
=CŠ C2" 3>2 L D
%K- q> žKB+i š2> % 4)
~6 & 
 ’
MC" z!*> 
f
A> %28
1* %e=. 
2  %oB
8. V
i
:0 r
: " @"  ;" 

/@H o@ q=+ H T 5 r=4 m? @ r=5 m? C


HQ=@ r=? /+ 
 n $!  ~ 5i
 T=0
7!V"
3 
2! < :T P j
3 O  &.:
3 r= g>2 3@ # '!
o

T=5 2B A  
/ )t  4 ; KD )!
9" A  
/ j

m  % A e 
" <  % "  
/   /" A" 5  
KV
3 @u
 " C /C %i
j   '
 % 
2! " : A T 0+ %  K 
ND 
q6 3@ CQ ? @ h J M N A  
/ m  %
E 4 y 
 mP28

;6 <D !
H>
L 3@ H
 A d 
 A4
 <i

2 
 =.8
>2 K0 !
 !C
=@ r Vf  

A4  
H f " 
f /+ :&P % 4:" - Q : f /+ 4 ; K h 2 
2! T 0+
$;u> <" /F! > % A <i " )t  /4 ; 3A4 4 
 :T P ž A X mP28
. A>2> K
-S = T + 1P
T=0
 + 2P
 " N" $ /  }
L T P =C" }#2> K $;u>" : C " A  
/ m 0+
.h
2" j
3

4j @ /+ 2"
 3 >  % 
2!  ; 3 @u
" )t  :
  3
T=0>
%q=0 ~=
$C @ /+ " % A" 5  
KV 
T=5 2B C2 
<" C2  ˜
j? < + %9>F
3@ -B4> N @ 9>0
3@ -B4> y')

f  3 5  
KV /! 
KA  @ m 
3 A.'4 ! V 9B
KV /! 
C 20+ %’X 1*4> N ?6 †j
 2 2
=
C <D p % s=!
A  
/ )t  3 2V @ ML K &> %
hA Q  5  

f 
." 
 O? A
3 /A   A @ A*B! A
3@ |
3@ X
: V K4 . mP  %…i
 mP  % j
3
K A
T R
E:* e 
 Ot
H E
 2> /+ |5 N e + n
9 >   :> †=
 4 .5 mC  !@
 " "
9B4
5 3 .P" ™P nl" Q
8
M 5 " "
N #$ /+ g " N %
2"
h + ." N 
 :m 0+ %3>? A  AD .)45 +
:T=0> AA> =C  Mn  + pW
/!@ /+ m!V" 1*
3@ /n K4 …i
/ mP 
/! 
T
=;" 3@ C % H=5i
3 3
2!  @'@ 3 =
 C2 
f q" m  %5  
KV
 
KV 
T=5 3@ A4
0 A Q/
A &> N ‹+ ! )t  /4 ; K / 4;H"  
 2  : A T 0+ %5
 &!Pn+ 2@" KD M$ 3 + %/!L K =0 m <D %2" KD /4B:P $  <"

:N 0+ % )t  K Ln45
K4 A4>Hn 34)@ 3
2!  =

B :m P %  :
= P %
=;H
: )t  m P }&;2" ž   
 M
%E 
A 4P + % ;H
LD :  N 0+ Š j
3
AB@ <" B NŠ  
=
 %/ !> C2 > 1.R )t  @" 1 4 + %E 
A 4P

=;H +
KA 2P !3 @u
" > : A <N=0> % @ m!P 4 @ ND A
2 > 3
2! 
%>4
 O $4
3@ A
X " %A
3@ m  5  
KV
4 K4 A  > A N
j>  %2>2 $ 
 $ :T=0 C $ m0.R
.  m.
E P )B 
2! ML 2B AD &5" % 404" s=@
 2!
 n  ..& +
F !@ ML & %!P 3B" m04" K4 14B Tj  p %
?= h B? A404n+
:3  %!P 14 A. > <  % A  
/ A4@L OQ
 /+ A @

9  m 
KD T B.
<D AB V E :+ A4 @ m R
3 
; 
  s
L /B
 /!R 1>28
  >
: C " A  
/+ % C ; A=@H &! K4 / !4+ %ML C$  $ m 
 '. j>{
y ; @ A p" mS 2P <H B
xB
   e 0 > N 2A)
  . T'
/+ 1t'
3
f
!..r=4
 r 3@  
T i
K 4!P  < 
:;
f
r %S ‡ [ = r
AD
] 2+i !
Q  †j@ p ht 5 A*B <= 2P
f

KV T P %  z'> "  K> %+> " Q
#=A> =4 @ " l=.@
<
= 3@     4 2!B
<D} : 38
/+   m!p + 5 
f

=  
94 > :>
 /+Š  
/+  ?H A 
B+> hN  A /0> N 

A #=A> žN 
h A /0> N 
z'5 3@     4 2!B
<D Š 0> <" KD A
.^{  0> <" KD :'5 A  
94 >} :>
 /+ ^{  A? /+

] \ ^[a:q] 24
<D \ \ Y Y ND]\ T=I
 \ Y 9P f Z YP 3@\ [ \ Z > @ :- ?
6 0PH z
=
 Y >2
Z Z ™.I Y Y
!^[‚ˆ:Q
5{
] hNu@ [ Z Y [ Z Y < Y \Y [ &
Y Y MJ" Y Y [ Z Y 8!

^ [ H
u.
 Y Y YZ Y 

Y Z]

!r=4
 r
3@  

-
 

& " 3@ 6
4N
 ™.4
 <=A> ŠO=;{
)B@Š < {
<D
 9B8> ML @ %ML S 
- 
 ='
E P
 

=C %OH !B
 2Cj
 3>2  D  )> &?
o4 MD K4 %     3@ ™.4

EF
 q)
3 @ 2B" A Tj> hN  A /0> N 
z'5 3@  
 4>
.
 0
3
T P 
N 
=@i
 Q i
…
" /+ #.>   -
 ‰
=.
3 ~=4@
f &? f  +
: 2"  @ < @ @{

 @ KD - + %ML rB <" H" <D %T=0> @ / !>
Tj> + %ML K 45 + %8P" :  T 0+ 9L K  ;" 2? h
2A4@ h? <"}
T 0+ } !P / mXB" %/ / ; :T P %ML @ 9*F+ %8P" 8P"   >
.S" N" / Kn4> #$

L 3@ :
T 0+ %<+ > M 
.F> N 
 :=F

$C
=" T=0> M m:!"  .S 2P }
hH P #2> /+ @ K h   / < " %<.

;"  H m0"     20 2 /. #$
 :  
/ O>C
^{
2 /+ 3
@ ~0>  V  K  f 3@ " < +
f 2f  / !Π9S4
7V /+
2?=+ % 2" => 2A)45
h @S <"} :F 3
:m P p % A? 3 E
4
@" m+ %~=
O2 3@ R=@ O'V : K
 4> < B M>2> @ :5  
KV /! 
T 0+ % 
/  > M h J C
! > ^{  B> N +
e'
 B
A @ 3n+ h @=> m 4@

LD h l ." xB!
34>
f &>2!

$A %OH >6 " =F f |> <H %H 8 =? h & + !
A>"
..(r=4
 r)I A <=I
Y Z YZB

[ r
$C m ŠO=;{
)B@Š
f 3@ r=4
 r
m 5 <" = <" H 1R  f 3@  
......

=BP=+ %  3
= C % 3
= %A=0 A m!S 3@ KD 
h AA?"
.^{ / V"
=! N} :T P 3 !8
r A < 3@ 
&C"  ; /+
O;W 2 A>H B@ oj;" A!> N 3@ 3
 +
0
K <= :4> 3>$
3>==
QNuA hX@ o" N =C ND D N #$

=+
m P r
8N  mC + %P ' K m:05 O0 f f
 $ ND žQ )

/+8
:PB
' 
m 0+ %M  
 /‹+ / 5  ' 
A4>" :QB45 
}/  
 m" M 2B45i /
] m:05   M B &A+ ž $
A4>"
E  h @=> m!
LD *> d g
<"  "
:Q 2> A 24 <" N Q
=B
Q 
*> N
B>)
= Q .RD 3@ >" 9S
f  KH" d)
Q= Q .RD
!..r=4
 r 3@  
2 2> /+ Q V W =A+ Š2 / "Š / +i
 /+ K n) 3 A5"
%s4+  4. > %   3@ ~=R" 2+ Q  @ K 2>> %Q )> . >2>
:
S N s4> 3@ ND š2 N E0

< !BX
B!R  m!S h J  / +i
? /+ < 3@
f
!r=4
 r 3@  
.h B@ ~.
 &Vi
~ * <Q=!+ % A=V" S K ~.
<= !> 3 žH  A>2C"
  3 @NH /" 0>R K žT=V= & %T=VŒ h 5 ~.

=B? 3@ KD &
p %28
(!: > ? p %  h @H ; 9R p %2V 9 U4P + % jt ? /+ .'

f
:!? r  @ !+ ! H=0 B h " %
#u h

H
r" Q @ A 5{ /. > A T=0 N :0
f A‹+
!r=4
 r 3@  
~j A+ h@=p? &40> %&B @i
 #
2> <"   0 2>> 3@ K A

A
@" K ‰B> p % @
h C2>j K
/+  @=B@ E> 9!: f %p
?
] /4

A5 Q
H  R5 % A@
 A@  =A+ %A+ A 3 @
5" /+ 8B

=B*> +
=:S A  7 V
 N 7 R
 =C
f
!r=4
 r 3@  
-P=@ %3t F*
p=@ %O25 
 +i
 %@=
Pi
 KD A "
.E t$
E=P K <n*
H=? /N % 4 
Q :0 %34.

 CD † B 
3 h !4@
2
LD <= > @ g!;" 9t$

:T P => C  &t 0
<n  H 5W m@  2P <"
= l h >
=4P
3>$
Q Hi

H 
xF /+ &B
o=2 A2>  4 
/+ z0
H
2  MA? m': = A @ m  4 
M  ~2+
!r=4
 r 3@  
% h!F Q

h C B>)
= % !B
h h
jC 
3>H
$'
3>$
~ 
MJ" A / " N
! Bi ND C <D % BD B
/+ A d
 m8.
3@ A.+ %mA? m>2C" " <D O !@ QNuC / " m
:Q Q
C =F
 A :'+ %<=A.> N <=> N 3@ A @ %QW @ 3 + %:


A.> N 3@ E :; S 3 #=> N 3@ 78 !


3@
f /+ ž<=+40>
=+4P
@ K A! 

K" 3@ ND %<=  N T @ + . > N =>


f 

.5 90
<=04
A ! %Q0B
@i
Ž= C h
;W hN" r
$A /— B
<D
f K @
2P f &  %/C =C m" \  m" " .. A  /+ 2>2
2
%Q*.

f  3>H
%H .
€;" 3 2

$C <=V /+ !S
AD / B+H %Q  1; f 3@
K N % 
  A
+
 1
T=P K n) + %H 
 .B
 A:
+ &X4
%2A
N Q !
KD 3A4@ %OH=) 
> F
K 3C .4@ % 

= Q
$!

%K B@ " h  #
LD 4> % !
LD h *B A*B 0> %|
N r 8{
KD
%$J
 
%2
<
=;D d ) %< 
K@
2 7 8
LD " 3 2@
..E

K o 
K=45

 
2! @ -" 3+ %@i
 d. 
78  @$
Q
D /+ /4!S A / *
f
2P <=P.4+ h @=P A ™B> -=@ f
3@ &*+" P28 &?
 q28 @ % 0; 8
.+
 .
A + % A 
AB.
 @
K  :45N
  @
2>2
2
A>" C$;
< !
[ < !4
/F4!> 3 A+ f
=:@ f
¥ .n > V C$;
f
......!..r=4
 r 3@  
3>2
0 
N 8  H  N &j

=@ <D ! !
 3 !
 
=;i
 O=;{
)B@
%
=B
!4 % @
K  :45N
:
=
$C "=5" :;" 3@ %84'

KV 
T=5   24
#$
-B
1j
 O:'
+v
& %0 
AD
   3@W 3@ )B@ >} :T P %  m!p +  |8
3@ K 5 
!4 3@ ‹+ %A
=
=B!4 N %CB N %3

Lu N ! !P < >{
&;2>
|P=@
 D ^ 
H BP /+ = *+ % = 
!4 3@ % = 
!4 % ;" O=
%…B
 V "2!@ 0> %
h$ !C h +=; 
d. 
Œ> ?
6 2
 %5 

3@
Z Y :“ 8P U
 %< 
U < 
U? %&B
d ? 3@ Q
j
<"
.^[ac‚ :Q  
] \ j>
Y Z [ h
Q=5[ &BI
Z Y Z Y>
j @ - K T24 ž {
 -B
> S /+ )
“=8 

= M$
KD A  
/  3 
2! - % 4@ K  :45N
 ) 3@u

M @ @ -" 
 3@u !M4@ -" @ !M-" @]] :T P p h @=> !B 

:

2!
/+ 
#L A /+  
=> @ AD ^[[
> h @ U> h *B o @ s
L 0 2P =
}=Pi
†B
=C E !
&A+ KH
+ h J:'@ + <" 9C
}?@ g>2
 3l
¦ B
 
q;  @" r=P=
|

KV 
T=5 !:; : A  
/ O  /" g>2 3@ # '!
/+ m!p
f #" }
$C A #" }
$C => #"} :T 0+ % 
=> 5 

: P }
$C 2
} 
= d" :T P p % A5
F A5 " l K4 m + %" =5
 Q @H <‹+ :T P !
T=5 > K : P }

O2!  m" }
#$ d"

$C  2 /+
$C  A /+
$C  @=> @ ž
    
"  
=@"
& } ^{ 2A + A
:T P %B :
= P }mF &C N" ..  <=0 => KD
.{   @ @H 
 
K 

B0 h 
5 =?> 3@ E ;  f Q
$>{ KB> 3@ E ; 20
@
!r=4
 r 3@  

$C KD 7:> &P B
 %  
h h
2> @ 
@5 
 5 y;" 3@ <D
%
Q i A@ = 
Q
2" K A4 " R5
=B? 3@ <=  =

AI
Z [ YIZ IY [Q  \ ] [ Z K
Y Y [  . 
] \ Y :
T=5 E V" |V /+ 
T=P 300@
Y Y [Q
2"
<=
5 3@ 
} :5  
KV 
T=5 T=P ^[c”:74.
]

=. 04
€
8
&C" :
  0
3
T=0> ^{ 2>   3@
C2" o + %O;v
/+ .   A H=B> + C=0R" %&R !
3 A4 "
2!B
<D %O;v
/+ * <" 3 h*+ %B. @  Bt   9C$    4>
f
 J f  @ 0
=> /n
/n> % A A@2C 2P   2+ T !
T X@" 
.  &8
@ 
 L OX 3@ A@2C 2P   2+ T !
T X@"
f ND   N ™.
< +
j
h 48+ " '
\ 6+ 
);
@i &X4@
 s A  4

%   KD )> %
$C M | } : L BI 5  
KV 
T=5 T=0>
  4  " :>
 /+Š !}
/! >   4  <$;
u D : L B@ T 0+
 
/+ e 
9 > &C % L B@ > M@" M4 p :T 0+ Š!}
/! >  94 >
}A4 " 2t 8 ND C; @ " AC=? K
!5 5 A + %M " M 94 m 
L‹+ %m 5 @ h  5 T
j @ MD ^{
\ < 
z! K ™+ +   28  
/+ K4.
9 >
2P
!r=4
 r 3@  
ž F = 4!S /+  >  %4 95 =* /+  >  s ;" s L !
2! >
% ?6 " %2 " %  @ " % 0;[ " % 0;Y " % . " % H " % >H " % 2 /+
f $C 3@ fO2
=  L % 5=! " % 4PR " % 4  " % =p " % @H ; "
" %™.
3 >  <‹+ % + < <D U2P j
 jC f " %j@
 " %!S >  " % 4 f " %O D
f @ %xB q=+ A*B  l
:
H2 2B %E$  l
  < 4A
 !F+ mP @ +
Y [ \ ] C
.^[cc”:O0!
] <= -
[ [ MJn+
\ ] H2
Y \Y [Y 
] Y Y4IY> 3@
Y [ [ 2BI Z YY
< !P  3 <=  K4 
=p †
 
H2 $ +
!r=4
 r 3@  
E @ %  &@ B4> 3@ K 
3@ E <
$>D : 
} 
@ 
!O=;{
)B@
f 3@ 2"  CH %E@ 

< D &X@ 


KH" %m!p  6 3pp m5
}N 
h -" @ } > h  2" @ } " + %ML 3@   L=B % @" &?

<=B!5 < p

} :T P 5  
KV 
T=5 <" Q
!
g>2 3@ m!p

;" … /+ &?
 :45

K" <D % @" &?
< D &X@ C H" %  
h
.^{ 1 F
%x0  N  %2 N 00 ..S T 
3@ d. 
K j" …B
<D ! >

& %
 ;" 0> <" )
3@ –@
9} }.
3>n+ }&0B +"
.^{ 
 
K
%
$
p
$ + % C > @ " + d @ 3@u
/+ T 0> <" Q
= Q BV Q B 
.h 
=;D 
H !
== 
5" % + d @ 3@u@ /+ T P 3@} :T P 5  
KV 
T=5 <" m!p
K@ 3@} : 2"  @› >
 /+ ^{  
&C" O 8 /C T !'
SH 

f h @
^{ T P @ †'> K4  A? ? K 
! %   2>> Q/)
<" m!p 2P %
 ?" !L 20 E$B> " % + .)> " 8; K> K4 d!>
f –@
K ~ " &? >" ]] :T P  
/ Q
H2
"
A @ Q# =C  @
T P @ L .  /n> K4  
/+ @ 0
=> $B> <" 
K h 0 < % A )
.^[[
4 {
&5  |P=@
 / s
L
q.
9)> T=A
O2 3@ q6n D 5 E >
!..r=4
 r 3@  
 &8
@ 3>2  >'
:- 
2  =C 3C
 " 9> @ !O=;{
)B@
&B? %A4 e 
s { A  A B+" O @ % C" 1; 20 3@
\ ] \Y &P[ 9BIZ Y …='
 " Y ]\ :A.5 T=0
= P  %d@  >6 " h A@ ML
Z [ Y Y [ [ Y ] [ D
\ Y Z  [. \ \\ \\
Z [ Y \ 2BI
Šˆƒ:=4
]   >D Y Z Z Y Y 2P
Z Y
$4BI Y [j\ AIZ Y4
[ YZ Y N * <=t Z Y 4
Z [ Z [ =5
[ Y Y  >W
YY
.^[ˆˆ
 4 &?
<D} : 2" 2 @ /+ m!p + 5  
KV T P @ AD
N"} :>
 /+ ^{ >X
3@ 2B"  
/+ A #=A> Q ? A M*   
 K> N A  
z'+ %  V" A M*     4> &?
 K
%M$ 9>L i
/04'@ %3 *
3  *
3t6 A
K‹+ ^{  
;2> K4
:C2" K q28> 3@
qj 
3@ h
Q=@ en!
3@ h
.V 9L  h
HP +" m6 @
.  z; 5
 f

 + Q& M   ! H .. H :A T=P"
!
X i m   Q
 @ m =  
!..r=4
 r 3@  
f
N @ @ rB> % @n>  1>28 Q
K4!> <" Š? 9t 8
Š 9t 8
3@
 $ %S " T @ f " < :5
f "  ? f f KD /B  2F+ %S +B>
#L  2
% 2
3@  B /C D Ojt  6  %>Li
 BP=   …B4> %&
F 2 
. A? /+ AX /C D % A+  
s  N Q
RD "  >H " Q  "  BR
& " 3@} :T P 5  
KV 
T=5 <" / !i
V H
H =" o
<‹+ % =p f &?
h @ f &?
f / [ 3@ % A? /+ AX@ B:> 
<‹+ % " @ f
f  0@ @
 =0> 
<‹+ %Q > B5 f &?
f  P 3@ % A? /+ X@ = > 

f  B5
.^{ @ 0
=> Q > f  0@
R ;" %/ >H A M4C" hOj!; 
2B" N" !<=:!
~ !D &!5 /+
$C &  !>6 +
A <= " %/+ A 2C" %/. A 3C" %/.5 A 1" %/;w A?" 3@
:94  <D }/B> 3@ 3>" }&0B> 3@ 3>" %/4@" /'>  K 
f †f 4
/+ h @H m6 +
P +
6n
M @ &B
<n d /4
> F
 3
mF <" KD
 .l"
 A =P K @ / † } :T P 5  
KV 
T=5 <" m!p
QNuC :T P }&>!? > QNuC 3@ :mP %C2V AC=? A <=)'> e  3@
Y \ Q

NY ^[cˆ:n! 
] h P + h jY ?Y ^{ A
" /+ <=B0> e 
= <= n> 3>$

\
.^[”:|A 
] h
2" Y Y M
Y ^Y ->
[ ZY
} >[ ML 2B 3@ 
L 3+ .  2! f &B+
$C <
LD
f\ Z 3@\ Y +Y 

/ !i
V 2"  @{
†;" ^[a:
]  @ [ Z [ Y [ ] 3A> \ \[ 3@
Z YY
 
KV 
T=5 KD /5i
Q ?} :T P  
/ O>C /" g>2 3@
T=5 > /A:+ h @
 O"@
m" :T=0> %
H A " j  . K 2A)+ 5
KV 
T=5 + %?+ ?> <" 5  
KV 
T=5  @n+ !


45 #$

$C KD -
: ! 8 C2" T=0>  8i
3@ 3? 5  

%5  
KV 
T=5 m + %9 
? ? K4 . ~2> + 
 
KV T 0+ % ? mB. + : (.4
%3t    . + % 5  5 p

$C .? 3@  : A T 0+ !
T=5 >
L 3 :
= P }<+ <+ 3>" :5
:5  
KV T 0+ !}
$C & n> 3@ M 
.S !
T=5 > :N P ! 

<v
D 2 /. #$
 %.
$C & " 3@ 2" h .W  ;" … 3@ 4 @
A+ dF >  
 A" /.
^{
!! " 

o!
 )+  1>:
UN f 3@ 4. ! " 

9>W
% 
h MA4 >  % @
h Lu>  A4@ AX!; @  
.? & W <D !
2!
& n> 3@ ;
 =A+ %@ 0
=> A  Tn5 /4
H !B
q=0 4@L &F)  
f /+ %)!
=
: &
\
< 4A!
 &*4
 j  B+" 2P @  
3@ C +
\
< 8; f
! /04> N t
H M@=8; C BP=
&C"
!..r=4
 r 3@  
N ..N }9BX
} 
}25i
} =@ 2B ;"  & n> #$
<
=
@ !
2!
S KD 4
žQ {
/+ •
LD #$
<
=
ML ND AB.> N % A.n & A.n
E$
 @ Q/)
! %9 ND AB.> N %9 
D žE
4
 !5 KD & ..O@ N
: D
O@ & /+  KB M + hO@ s <W0
"0 "
\ \ Y & n> ^ \ [Y h *BIZ Y  *BI
[ [ Z \ Y Y h 4@Z Y ;"Y 
[=4C + Y Z Y [ ZY <"
Z Y  2"
Z [ [ Y Y 9>" Z [ [ Z Y 94FI
Z YZ Y> NY :
T P
.^[ac:

]
=@i
!P  | AI I+
 mp2
LD 5 +
!..r=4
 r

| B4> %3>2
&t @ 3@ n@ B4> <" &!P ŠO=;{
)B@ >Š  h !

f /+ 3B:
2>H 3@ 7.> | !}U.
 3>" 3@ %3

=;D /+ 0>

=P"
:3 5 F 7L 2P %3 

  L !}3 5 $ @  
/+ A 
=: AB
  T=: 4 @ T R" -. T2  h 
LW MV 
D 3@ 8
’ F45
K4 . 3  3B> T
6 @
m+" %…
4
/+ …
i
K 9p=4 + %y4
A"H AH" %€   "
0
3
T=0>  Š A V" !R %@i

=P /+ 0X
E*4  4.
<0 
3 < {
 P
L‹+ % A #=> +  !:
K > %>j ; !R Š
 
+ – 
r B" r B" 35 
3@ o> M @ > %7P % + • B?
2? % A+ /+ = Q
= h " h:05 o"
L‹+ % !5  N % A0 > N % A-.>
=> t

K! => A> > %>
=A
mJ 4 
dJ N" % 4A + AB? 4F
!@ 0

^  %Q !
 * …
i
/+ BP=
<D !
@" !
2!
3
3 < 
|
AR A-.+ 

=-. <= 
Q B
ž3>  ? KD &  %Q B
5
<n <=> N % 5  
9 4  j
 jA
 3B:
 !F

=! 4?
%A4 "
. A+ 
2 <" Š
C ?"Š '
e=J  <=> N  A @ /+ 
2
.E B  @ mB5 @ 
  5 3>) h + m!V :C2" T=0>
:A  %!F
 
<" m $@ h @ m!4S
@ 
 :;W T=0>
>H  s
L Tj + C .
&C"  | N H f  @ <‹+
 
$;" 3@ <=C" T 
9A 2=
&4P o> /:0 )


$A r[ 2P %3 B
E   Q
=i
9 V 3@i
2@ /@B
=C C
K h :
@ h  @ < %e 
…
" /+ ~=P=
3 /+ 4
O2 =C %j>jB
1'

% @ /> . /+ % @ /+ ;" … |  2i f 7> N %Fp
%*>   n> % B+> B. > @ K B+ %  L=> 3@ d. 
z! K EHu>
:2@ ! K 5 
KV 2 o24P
 % 2@ D
A!
&X@ < :)
2> /+ 8> 2@ 5 z; 3 r > 3@
\ 
=) " 2V  2@ |; 
3! N
Cj
f &?
./X@ ! f 3@  
$;" 3@ #2  <=C" T
=@i
9A HNi
&40 :T=0>
/n>   4> @ & <" B> < {
<
LD :T=0> %!F  7> N E 4F> N p
9:  ND A+ 3n> + %@ 0
=> 4.V /+
2 4
3: N 9
= 
q=+ CC
=? =5 H;
 2t
+

%t  >P  A 
;W J? p :T=0> %-B
|P=

$C &5
] 
 /+
%9 
@ #=B> hNj @ jn+ / &?
  2+ %2  m! h  h? 4 +
F 
 /  L % AX@  
H " N  4!+ %† '
3@ E !
 1S"
: A+ T=0> /4

f
9
= 
Q/: 5 P" & 9V  @" > A / 
9>w = 
K> #$
d f  d mP K4 T :
x0
: A+ T=0> /4
&AA


\
LD
#= + m*0
m"
! Q/ 3@ $0" 2P A @ 7!8
…  /$0"
f 9" 
M 7!V < + :T=0>
=C
$C %T P @ KD 5
Š T=0> % D 9t S
" 5
3 N 5
3 mn5 @ =C ND D N #$

 :T=0> Š2C )
3R=@
: + P" <" 3@ h +=;
oX
&V" /+ /C >X
~+ An+ o=
Pn +
] [ &!  3
 .  "

* h  @ /B+ )
l K4
/D :T=0> 
  # '!

2! ="  @{
78
9 V =C C &!P 3@
@ :T=0> 
 1PH 3
 @{
 %
2"
h m!4S
/" / !5 > N 
K0" <" =?i
:
#2> 3 h 
=?  H2" ND hB+ mB+ N   m 
\ A < @j
|P C $ < @j
@
LD |5

! @ h@ 
[
@i
<=  =
/A+ A[ h 5 2
m
!S d /4
3@ B 8> @
T
jBN
"  :45N
2P  

6D
f d@ /+ e=  Q
/ <‹+ :T=0> <D &t 0 !3 !
 O=;{
)B@
" 3BR
} 8>
L + % A  /+ @ !S
/()
ML T   0@   %N"
h    At P ?j> % CH> <"  <D :T=0
f &0 0 %  1> ! 3@   %! &? Q ? 3 % 3@i
2@
=C t R
:Q2C /+ ()
 A + % @ /+ 2  E 4F> "2!+ %&
JC /+

CV „R
=)
74 > 2 9Cn
  !
†
=@" Q2C
3 ( " :()
T 0+ %/@ B! /
] :/ B> %m" N  4
" :E 4F
T 0+
:   %†' " EHn m  <" @D %O0!
O=5 /! ?
/4.>$P 1R" 1
S " <D h B  1 m h 0 " <‹+
/40>R M /=5" ML /=0@ /
>
$C K /D
q .+ %<   N 2  :4  <‹+ %>N M m <D 2 !+ %?j >  <‹+
\ ] Y Y
LD
3>$

Y m>" Z Y Y \ Y :
T P %AX@ h
LD M‹+ m0 <D %M  ; N %d
ML
M] ] \ Y \S
Y IY\ Z I[> @D f \ /+\
=='>
\ ZY g>2
Y [ [ Y K4
] Y AI Z \ Z YY Y\ >W
Z [ Z Y …n+
\Y [ [
Y /+ <=='> Y
\ \ \ Y Z @ o $

Y ] =0

.^[ˆ: Bi
] 3 -
Z Y Y Y Z ‡ 2BI Y Z Y 2B0I [ Y Z]
Z [ Z Y +Y < :)

<" M@j %Q FV{


 ~ 45N
M  P .
:4  &
M4" <‹+
AB@ <=  %>=B j /+ 
 $ % B
3@ OB)
& A  3@ M!P &
N A@  %C8! N AD -  % t 
h < -0> %
2B
h h !>P % !t S
h h
  A+
/+ mn+ %˜ 5" m520 ? &? ?  3@ - =84 M!P &F)
2P % B
:M  žH
f  /+ C H

f
/>2A / S /C #HH  !X > #H
=
K >

$C K 1" N 9BV" Q/ d %6n@ S 


<L‹ h
=?n@ %4@ S h B@ 5
: B@ <   
< 
q2V 3@ 3  %d. 
3@
f
 h 
L @ H !) h ^Y0IY @ <2 <D 3@ s !

… 3 E$

 3 E$> %l


LD 8 > <" ;" K 
1 !3 !
 O=;{
)B@
h
?" ML /+ <‹+ %E 
=> K)'> N 15 +f "  l " 1+ @ 3@ + x;
LD
. t
 3@ R=> 3@u
OW@ 3@u
 % h !@ h pD N$; /+ % -
h
/+ 
8 %9F   ;" 8 3@} :T P 5  
KV 
T=5 <" m!p
@ 0
=>  /> h @  
gB 1+ @ 3@ h @u@ K 3@ %O;v
 2

–@
3@ @ %@ 0
=>  
A? 3 
H ;" … 3 H 3@ % A?   3@
/+ 
8 ND % 4@ 3@ + MA4 > %  3@ + y04 > =@
f /+ h @ 8 >
 
KV 
T=5 E V" 
20
@j4
@
$C ^{ 8 9> 3R=@f
A
=;D 1 /+ 5
t" 3@ H 3@ A d
2@
  i
<H A@ @D
[
s=! /+ =0
/+ d ? =C 5  
KV 
T=5 <" 38
/+ m!p
:&? T 0+ Š<=B  O
jF
M 3 |' 2PŠ } M @ 3 9B &B+ @} :T P
T=5 > 
 %mP @ dJ : L B@ T 0+ % .: /+ - 
 
H ! !
T=5 >
h
; ND   @ 

E 4F
ML K L B@  { h
0@ 5  
KV 
T=5 m + ^{
.E$
 H  X h )@ % ;i
9t S =C /H 3@ /;" 3    =C /H 3@ /;" d
f |
2" K2>
D :A @ &? T 0+ %n>  h + <D :
= P %d? + % B:
% @
h + m!4S
h @ BR 2A 3 / : /+
$C &B+ D %" :T 0+ %&0p &?

:    >" pp & n> + †; p
E 0B
q=+   / +i
… * K0

LD 3@ m /‹+  D
f &?  $>
jS" :T P %N :T P }s4
jS" :E 4F T 0+ ! V  @" Q=
!s=;" M @ >  s4
 
M @ 5 :T P %N :T P }

/5 4
=C /5 
3@ 
¦ 4C" " 
1 m"
%&545
 P  hS V h 
LW 2>  = < B:
" E 4F
<D !O=;{
)B@
3  :
O
 @ 6=> N !O=;{
)B@ j
j + %m0. @ 4 * 2 
Q
2
=C 
L %78@
f f "  
" 
H f /+ ~=P=
<= > 3 ML -B> %T 
:T P 3@ T=0 
" @ 3@6 /+ ž/.'
=
 %#2

9t
$
q=+ E Li
m!V" 9t B
& + >" < @6
A @ - <  Q B
…
" 3 E$
E=?
f 45 M4C 3@
Q=
 '  4'> 2P % !L Q= /4
%1 F +    
Q B
/804 @  45" M4C /+ 
OH  :   3
T P  % 8@ 3
:90
= =@ &!P 
4
ž9X  Q B
/+   1R" 3@ %@=B@
\ Y Y AI!8>\ \ !8 \ Z Y @" \
\\ Y 3Y <=. '> \ ] \ Y Z Y+
 Y E
$
"  Z [ Y [ "Z Y YI4Z + AI
Z [ Y [ <" Z Z Y [ Y [ 3>$

Y $IZY
<B)> %e=. 
r B 5 Š
=;i
 O=;{
)B@Š 
 M ^[ˆ‚:= 
]
N %.
/+ eQ
o 44 Q )
0
2C KD <=B+ %A." w* h t
H
 q28> C2
=+ %3@ B
Q B
O$ A
0 B
Q" K ND H=B8
<>
:&t 0
T=P
f Ž 5" 3@ E)>
O. Q @ f E K)'> A +
T2 Q @
A4>" = %3@ B
Q B
/+ 0X
Q F{ 7>4
 3B:
1 )@ <=!8 > p 3@
" /+ ‰:
 .'
A+ m Hi Š<==>  " 
Š <j.0> <=!p
=4>
::


2A = mA

- = /

=0: =  
=B5 = V

2P @ h l 0>" 9 
9 O2 @ 9);
 o LD An
Q 
en  
2>  A A 
2> %A  + A=R B4> Q B
!S <=
24>
%X 4@ ¦&0+ %K):B
K
\ K" h .V A 1"
!B A" 
B> h
=@"
= B+
\ > F /n> @ 9 K
h +6 @  
/0> C2
=+
%@=@ B
&C" = % @ A " 3@ %…@ A 3@ ž@=@ Q B
=
sA
>5 A>H B> 3@
s " @ $'+ h @=> A4>H  <D h = B
&Ci 3 +
f   %&B
d ? 3@ Q
j
 %1:   &
.3BR  /4
3 R  =@ Q!

+ '@ ND =P 3@ / B > + %Q/)  / p2 /. 2?" /D : |


2" T=0>
.K4
<"
3
 V" 3 90 + AX@ h *>" m M Q  =
%AN6 !4 A4 CD Q B
/+ 3B:
K $@ –> < h? <" K >
K B.8+ %9 :
ML D  0+ % R 2i q>   f  4>  P => 
L
\ Z ] Y \ ML\
Z [ ZY m@2P
 >2>" Y Y Y Y :m6 @ h @=> sH 8 :T 
<  T=0 %H Ai
eQ
\ \ Z \ -
.^[ac:<
 TW] 2!BY f ]Y \ d ] ] YY
Y ZY Y 
<"
!4B@  
 9> 4
/+ - S 3@  3 2B
<D
f
!..r=4
 r 3@  
3@ 6 C6  %J5
h h 5 35 20+ %ML KD H %Q B
…
" /+ … ; 3@
B@ m @  @
LD 3@ 2B
 %  . )
K T
2 + %@ 0
=> KD A &
.^[ac:d>] C pW [ ] Y @Y 94 
Z [ Y Y Y
=@2P [ [ Z Y Y :
T P %  J5

2> m!4 @ )
O
2S K05 ND 9 f 3@ @
 . m0: @ )
O
2S f 3@ @
K05 ND &t P
%“=8
Q 245
 B@ e 
 @ 3@ xF
 %Q @i
 >2
e
 Q B

f
 Q B
%Q 0!  O>2? S A=0 4 N /4
@i
 %@i
T=0 Q B

m; @ % >H A  E$


 A! % 5
K <= u
 %Q !i
p B>)

%T*
B+ % F A=4.> hN A? h 5Q e 
$'
ND B
&C" 3@  5
%&4P @ BP=
3@ %3
: 34.
95 C2  &: %T 
 T =
B!4>
  B@ /0  ND % =.A $;u>  /+ ~   @ %&:'
3@   L=B +
%  :05 2 3@ & .
 % 5 
Q !i 8B
 %  HH
 @ ¦H
 & + %zP
34P Q 
•
LD %&Pi
K Cn:; j> 3@ " %A
=V xB H" 4
g!'
&> 
& + & /+ &*.
H 04
&X . &*+ 3 < {
! @
& +i
“ 04   y0 
2> K4.
+2> <" r 8{
3@ d
f
!r=4
 r 3@  
Q B  B  ') 9 :
 
:P %VF
j? 14 /4
Q C2
C
2
 %O=;{
)B@ Q B )
B )

9 :
  :
4
R4
Q!
/A+ %S
*
‰A %P
i
š2 %P

o=A
h 4>
2C /+ h !!5 < 3 % H" D 3" %  H +"  R #$
')
O+ T=0 T=0+ %    &> % D  D 3@ K*@ @ 2> . /+
T=P  q28> %~2!> 7!0> % )> $> p %zP h
; M @ m>" @ :)B

:&t 0

\OC ' @  S


f E " f
@  9P U 
f 3: 
!..gS X>2 %’ 5
q:  ND <A@"  f
/
=F
K 3P =  @
< !
r
Rn 0" h.R m 3 h ! +
/ @ 2 5 24
+ => f & > @
"
/ .?   R + 3 f & O=4.
"
/ C + P T P + /+
=0
- 4  
*F h @=@$@ U
&0p h C ? hN=A?  m
=A A5" < 3  h  E:
X " M> 
@ 
 %Ct * N t * ML @
S\ "
=BP :T=P" 4  K < 3 +
&C N" % ."
=@= C=@= + %7>
 pn+ %H @
X "
LD % B+  =C
.
2=
 %< {
ND < {
Q
j?
f L o 2
&!+
.B €=;  H o 2
&! 14B> 3@
…
i
/+ 3  :
E 0
e 
3@ X
 A+ 04> Tj>  % 
. 3@ O. 3
…
" <D N"
m!> => m!> p %  @=> +
= *t
+ /+ 2A4> #$
ML 3 @ %3 @
.    N
rB  @"  D  9CL 3>" } +
= m!CL 3>" } *t
+ m!CL 3>" ! >
% 0
h d.
=C 
L %2.4> N 9B4> %.4 > N > %E   AP+ } A
:5  
KV T P %  
/ O>C /" g>2 3@ @ 2  m!p 

T=5
L‹+ ^{ ~ 4@ N  CH N 3@ + d.
:
= P }d.
3@ <2"}
f /+ % 
 D /+ =C /00
e+{
<" 3!> 5  
KV
N =>
Of8 @ 0
=> /n> 3@ d.
<D} :T 0+ …=B> " 9 > <" *
‡ + U 4>
f
%
$C H M.5 %
$C T @ & " %
$C r$P %
$C 4 2P /n> %O 6  V
<" &!P   m + <‹+ %   3@
$C %   3@
$C K:B+ %
$C E
.^{  
/+ UR p %  m:+ C > :; A J5 3@ $;" %  @ K*0>
!E >
 ? ." K   " 2P Q :;i
3@ 
4> E=B
 E=$ .F> 3@ > s=? 
|84 > K4 =
ML /+ h @=-@ ~2> N" ŠO=;{
)B@ >Š 
T2 T  3@ <D
K4 ..:
K4 4-@ #Hu> K4  l  A? ? 6 > 3 %  l 3@ 
[ Z [ /\YZ4Y >Y :&t 0+
h 
Y I[ m  % 
 /= : A T 0> p %xB 3@ A*B! H 0> t A!

\ YY Z> > :g p ^[c:.


] /  \ \ m@2P \

Z Y / Y4ZY K4I Y Y YY [ Z ] Y / YZ4Y >Y :;W ^[b:n! 
]
.^[c:< P.
] h; \ Y h +[ $'"
Z \ ]Y
eQ
3@ d)
mH e=. 
K E 
|= 2P
 2P  T2B
  l 3@ =- y4P

] } :5  
KV T P
O ) H 0> K4 %@ 0
=> AC" KD q=0
<Hu4
.^{ Q 0
O )
3@ Q 

žA5Q A." K


=0.) ŠX CŠ A <=: > 3>$
<0
E V" K‹+
/*05 B> 
% P   " %S <0 " % C ? "  :5 "   h R  >
f /+ ML & %T2B
 
=A+ %@ 0
=>  
N OFV H F> N 2  E 4
:O$
3@ O$ K4 y405 %O!
TH'
! 3 Tn45 /! V > M" d  +
:ML 3@ M /+ M <‹+
O= Q= /+  .'
3@ &" C
 MD 3  Pn+

T=5 <" :  
/ L /" 3 / !i
V 2"  / :
†;"
}<  C 7:4  + #2"} : L /nI T 0+ %< :4  3  o" 5  
KV
.^{ @ 0
=> A  /*05 B> 
3  :T P .N :T P
=P /+ < >{
3>6 =L 3@ < @  .S +
3 4F 7t 8 >>$  A?=
 \ Y &4F@
H   Y YZ [
$C
Y Y :
= P %A4@" NW 3 AC=?
=+V 3>$
O2B0
3  :
KD
:C2" /+ 1> %A4@" KD h + *@ h "
 8+ %^[c:“] E
 Y 
YY
 -B
!t 8@ KD |" h !:; N h !:; m + m!:;
A4
mp" 
=@n : 0
3
T=P !
$
p %
$
p %
$
:T=P" AD
|
- O+6 %3 B@H %2V 0.' ? 3 !
] %=  oL"
h 3@ R !

gF@ KD >2> h


H @ % A.)  h @ h A ž&
r=? /+  #2> 3 H
u+ A @
K % +L 04 =-
 A5 % @= /+ zF>  -
 %3 -
5  %3@=-

. 4P
@ 98 <"
e 
3"   3@ %  =2 OC 5 e 
3"   3@ 3 q.
-" @  +
!  =2 OC 5
E 4
E  1F> =  E  78 T
6 + &
 3@ ;i -@ 2  m 3@} :78
/+  5  
KV T P
$;" 7 V & f
  < <D % >H " CH  <= > N" &!P =
4+ % @ Q/ "
T P ^  &+ % ! V  J5 3@ $;"[     3 >  <D % 4-@ 20
3@\ f ] T 0I \ Y Y <D
Z \ Y h J \ \ Z =I\ \ Y \ Z 3>6\
=
Z * :

Z ! Y Y Y ZX@ < Z Y d.I [ Y Z [ +Y @ 0

 Z Y - Y Y Z Y z0

Z Y Y Y [ Y YY
+ %9!
3@ 9!5 |4 f &  ^[k:Q !i
] 3!5  \ \ \ Y Y AY \ YIZ IYY" TH;
fYZY
Y Y Y K. Y
N %& 2P  f 3@ E:*> % + &!
s %94>  20
 m6 3@ &>
3 9t 4
 %= 2  + 2
 %9B
3 |  %9$
3 P" žE4P
2P :T=P"
.OH=B
2 K j
 %  9L N

+ E=X
q; <D 3@ 3@u
D

+j h +=;  i
 804
3

K.  /! m" / 


M=
ž F!>  <D % 4P @ F <D t
D =. 9R
 % + m BR 4!4S
3@ &
  3p" %8@ 3*4 N h*@ O2.@
h  !;D /+ <‹+ %!' N  .F45 +
%2>2) @i
<D 
=+ % 2+" @ 784 + m BR /4
3R
=
/+ ; 3@ +
Y [ \ Y Z Y   \ \ \ Z =I>  D
<=84' Y Y Y ZY Z [ ]\ p
Z [ ‡Y 2Y Z  @ 0
] [ :r=4
4 r
<D
.^[‚a:@j
]

f  
m 5 = <" H 1R  f
r=4
 r 3@  +

: 
$C @

f
$@ rB@ f
-4@ f /+ !F
45 f d U20 +

 @ 
6D /+  {
9R f
3@ m.4@ f
h 0+ A-
......

| @ '  r


 L

 + %Q i
j4 C2* % $> Q/)  Q/)
 !3 !
 
=;i
 O=;{
)B@
.| 
'  r
<‹+ %r=4
 r
<"
f K TH 3+ } %'
K N2 r
%{  + ?" &X@ + ;  :m>2C[  +
5
 &? j 
KD T i
9n+ } :@ K 
T ;HD /+ r 
:e 
3 UV{
/+ r
 ^{ P2V !:
 
} :{ @ K ;2
\ h
?"Y uI \ Y \Y &B.IZ > 3@
N} ^[aa:Q  
] h - Y Z \ \ Z[ r=+ \ ]  @
Y Z Y Y 
\ Y Q F4

Z Y Y Y Z ML Z Y Y Z YY
2  =C @ % ?2 AB+" C 6" T i
;} ^{ 
 $ h !R M  T
j>
K < 4..; < 4 } ^{ 
 L 
&!5 /+ q .{
 q i
E 3@ ;
 


< !5 %2 
< !5 :3
KD < 4!! <
j
/+ < 40p < 

% 
E
=" 3@ E  % 
6= 3@ j   ND O=P N T= N} ^{ -B

. B=@
$C d 5
 E !
 %^{  
e
S 3@ eS

] 3@ %)B  


 %  + h + @ "P 3@ ž
  $
-"
% @ h>W 

 %2 "P + %3>;W  x.'> h @
=P"  
+> %m @ A
=p  <
=>  oH > 3@ <=  <" 
†
 %  M  M4P M4 
 %• &

C˜0 >W ;W 2  M4j @ <‹+ % 2
/+ & m  & q
 "P
} :@ 0

.^{

>2 0
„.Rn+ U !8
R 2  |
=
94 
 $ N

 Bt )
†
 2  1
3!
N %
&!5 /+ H A
E 3@ E f  o;"
 r  H A
%| @ '
%L 
 Bt )
† 3  4 n
2C + %T 
 d. 
H A? 3 h
p" &0>
H A? ML + +2  0

=
 PH 8
  + %Q# @ … /+ 3B:>
: ! V Q
2 ž
&!5 /+


 =  + <v
1: + h @
  
< /  >

<" j> + j> %=@  9 V j @ 2P


L < += 
&C" 3@ &?
:T P @   L=B % 4>H=A> K &l h >H=A> <  
/ 3>= 

L < X

 J
S  K> N 
 !0> d T 0@

:3 

8!
KB> @ &X@ KB> 90
 >  @ o>   3@ &

+ M4 
h !R ; M4J? 20 :  T P % D K*+ %M$ 
 .  =" 5
3@ 3  ž 4?  H N .  " > MX@ %M h !@ hC" :T 0+ %/ V" 2i
€=!@ %2
/'5 %K F
 r)  @=P /+ =5=@
 &? : .  =" T 0+ }9R '

T 0+ %
); 3@ Q !
X %B  /+  &
=0> %
E 4  ™+ 
 %| 

%M C L" <" 2 N 8; + 3  :T 0+ ! .  " > M! %( (


f :&?

†6" }#H=A> :T P %&?


x.4 + %#H=A> D :T P } .  " > /C @ :T 0+
=" T 0+ !3>;v
 3i
T 8; ? = @ A?6" N 
 !}#H=A> 3@ /4 

<" e  j p %  2" ML   %#H=A> 3@ M4 


†j <" Kn : . 
=C #H=A> 3@ ž 3>= 
#L 3@ A4 4 
†6 5  
KV 
T=5
T=P 3@ 
.F45" :T P % P x+
 %O2 &?
B+ }  
/ < X
f
.r
8B &R !
1C6 1
Q ? % A4>4+
>+ & 3@ % 4P Q=5

 
 
&: 20+ 8B
K0" K5=@ Q ?
LD

..'
3>= 
#L … 3 EL  % .  /" ? 3  

E$+

 A!)
2 .

%&R  q C6D %1 q 0D %A! 2 .4 Ol @ /+ r


 f  o;"
%| @ '

&!5 /+ H A? /C D O 8@   %< C  O=P /+

E p A < 
 
M h !:; #H 
/+ mP A+

h
2" &40> <" H
"
LD /" < :T=0> 1p
=
.'
3 2@ <" : /!C$ 
/+
f

:T 0+ % 1p
=
K &;Hn+ %20@ E=*'@ f 
L /+ % *"
() /" =>
MH" @ dJ %3 @u
@" > :T 0+ %
M5 N :T 0+ %3 @u
@" > M
\ f ] \ Y\ 4
\ ^ Y Y 4 Y \ Y :T=0> 
<D %MHu@
Y H[ "Z Y AIY Z @ 3n
^[ˆ:Q  
] C^ Y Y Z Y
=+ Z [ ‡ [
LD
.  : 1p
=
T 0+ % 4@ &?
: 4.
Q 6 2" H
˜H /" 3
T 0+

<  3@ d)


|V 2>> f #L 3@ 90
Q
H =?>

../ T
u
 @i
A>" / .8 >  :()
T 0+ }<W0
/+ T=0 @ !( > :T 0+

?i
‰! 
rB> U : 
2 

%q='@ : H
˜H /" 3
T P }<W0
/+ H
˜H /" 3
> T=0 @ :T P .&5 :T 0+
Q .'
     =" 5  
KV /! 
 Q/
$C :()
T P
:()
T 0+ %=B>  Q/ & : H
˜H /" 3
T 0+ }=B>  Q/ " %<2


/" 3
&'+ !m" 4 %5  
KV /! 
B>  Q/ !
< !5
& :T 0+ }=B>  " = % A  n
:()
T P %/ P" :T P % H
˜H
MB5 +" :()
T P %B :T P } D e 

=2>  = :()
T 0+ %=
.AB5 @

.->  @ R
f T" m @ B)>  R=0 h
  >

9Bp h X |'> |   I@ E


=? m!4
N m45
+"

9F@ E
4
/R /+ m" " oX
K m"" #H" @ 


\
=!0I Y \ Y[C
=[!FI
\[ Y+ * <=BI
Y \ S V
Šaa:r
i
] 3> Y [Y Y Z
Y M Y [ Y Z Y>
=[ Y @Y &: ^ Y Z P=I
Y Y Y Y 1
Y Y Y Y+
< !5 :T=0> =C %Al K K045
 @ &;H .'
1p
=
 P ^[aa”
e 5=
m:05 !}AB5 @ MB5 +" % D e 

=2>  = Q/ !

 @" %()
2P + @" %  3@ H
˜H /" 3
z05 %.'
e" 3@
|) @ K ()

E pn+ %2B 2"
 34@
+  
mB+ % >H t Bn
S 3@
C > N= s > m*+ @ F ND < {
rB> +

 mJ? s
=H K &C N" . ’2
2!B
A>" +

Hi  P2V 2!> q28


L EL M‹+ &B.  m" <‹+

 
KD  !" A H=0>  ? #L 

f 2P
 CL 0{  !" 2   ? f f j @ #L ~=!4@ f 
f  %| @ ' ^ o;"
?" C?"  % :
KD 8B
3@ %H !B
E OH ! KD H !B
OH ! 3@ 

3 2B5 ML /+ O20


 %B 
 3@  ;
 /C %3>2
=> KD A & 3@
% @=P K |P 5" => %3
  j4C
3@ %  
/ ei
25 L B@
>" % >"
h  *+" 25 :
= P } + #@" <=B | &Ai
2! /  > :T 0+
 t    ?  <‹+ :$+  jf %O$+
f  
f %30> f /+ T 0+ %!0
f < >D
O"@
N &? &Ai
2! /  /+ K@" @ 
=+ % =5  
= @u K4 
 /
]
.@ " h @ ND


! i
z
A
=S ! |V  3@ ?=@ ! " 

d> 0
 Q ? &> 
q=+ 2"
 A >  M 8
t ? < :5 2  1 

%tN @= 
/+ r '> N % A! V A ~28> 1 f 
f  %| @ ' ^ o;"
<D h
j>j h .4@ h + ‰B+ %!8
 &4
O=P . /+ o" <D y;4> N
25} :5  
KV A+ T P 3>$
Q
2A)

H 5 3@ <= > B+ %&4P
f  @D KD  P &? % Oj Q
2A)

.^{ 40+ % A @n+ t ?

-
/=> 3@ K  > %KA > @n> 
 /
H 0
2! / @{
=C C
/
 0+ %  -
Q +=
=" @6 /+ Q *0
/ %tN @= 
/+ $;n N
E 2  h
2S M
=? @ %3 -
l" 3
K m :N 3 T P
. 4P= = $
/ 0
Tj K  .'
2B + }3 
 " 3 B

OX 3@ m28 mB!) 2P h 5Q ~28> 1  ~H V


f KD @i
†=" @ N"
+ T=0 hAW A." m!8 %$ 
 >W 2 3 m+V %1
 Q
{

..&t P & T=P &:


= P
LD 3>$
<= 
Q B
ND A 3+ % A=P H>

.T !t Q ? A !t E S <D O25n@ &F


<" 1'
B)+
:  T 0+ %B  n:" 2P <
@ KD  
/ O>C ="  P ž|5  
3>? A
Q " %H !
Q 
M0 %U
  M <+  
2  &-"]]
.
=B5
^[[ &B+" &B+" <" mC 20 !}
3@ <A8>  8i


Pi
 F /  
=P" f
2
T P <D 
 m@ V 

p % .B? /" KD Q/> ž/C 


@v
9A
%
  9tL /" 3
=C C
M> : .B? =" T 0+ % .B? " > Q/.
3@ A4 " =+ %e 
MC 2P :  T=0>
<=C : 9tL /" 3
T 0+ %7$4+ Mj @ /+ Ku m  ž=FX
3@ H25 @ N=
 
/  q .
žM @ ;
 =C 3@ e 
K:" =FX
25 2P !M

~j
C6 ? N h 4! mBR" + AC" E2?" …"
 m!8;"
LD

6 
&C" ;
$C ..=H :T P p % ! V 2> /+ |
 % 5" =8 
d +
.

3@ <2 > <=


%1
 <= 
&0>  <D <= 5 @ 
ND B> N
f
.<=B!4> 
Q
2i O$0  O$0
$ %<=4+ A4> ..<0A04> ..> C KD > C

A 3>6 %  +
2 %  M4 A  3@ h
Qj? m@" K4  pv
@i
m."
 V p %Q .; /+ 4  

$Pi
m %=
A =A+ A " < :)

1>R 3  =!
q " KD m;H K4 ~ 
A nR
= p %Q 45
K 2!
A 20B
p %H!
xB /+  &B> h = P  V p %
= 0
  !)

!}<= 
m 5 <D *. 3+ % ?=
h A+ o N AD =2   
f u@
KD 2B <" q . 
E=p m 2> %/=
K 0  %3>2
  t  J+
C 
& q . 

X>  A4! 7t *.


o= A !   A4 @ m!P

3 m 
 %  = 
ND &R !
3@ &:" N }<= 
m 5 <D QNuA 3@
Al U .
/  %1R  < : &R !   4
<"  %e;" < : 1

f 3@  
B] 0>+" / P B" 3
2+=+ % 0>+" /+ =

=C 2+ %  @W


mJ? :T P } B" 3
I> M @ :  T 0+ %  4)@
h .B? /" K A P A 
T P p %  C
] 9*F+ %s
H 3@ †'> =C
L‹+ % H 0>+" /+ =  Mi
q=
j  /
=
:T=0> < j>jB
2! 3  <D :T P %<
=n / | : 
. + 1. > @ D 9>

Ct6 H=5i
en K T2>  5n 3 M! > 1: @ 

.  @ oH" 2P †'+ % ?'> <" !?  KD n@" p %qRn+

 + M
r &X@  L
 /5

3@ 2" 9P 

:E  3@ X@i
X " !O=;{
)B@

< !  ;
== 
5 C pW K


Hu> <" Š ! & Š AH 3@ O H Q  >H 
@n 3t 0
K <D
h
F " h 8 %< F:
 H .
 )
? /+
=.0+ % A
=-.45
/4
A4 @"
f
" %.   z4@ f 3@ Q ? 2P )

$C Q
=5
  h %tN @= <=+ '> N ž
h D "
f
A @ %o=A  :4@ C ? " %oLi  3:4@ 
f " " %T   z4@ /f S
%Q 0 r)
/+ eQ
2P % ! &
  %Q
=5  <=? '
 %
A @ =C 

:T 
3 + %  t @ O )
O  3@ ;
 25i
O  3@ -

E 
E=p 3>H!
@ m! H h  E
m>" 

<" 2>> B


/+ E"
 &V" f @ /:! /P=5
  rB> N 3@ /@  1+ © & " ! >
:1
&C" e'> p % h >H >L
84 ž t=  U:>

~=@ =C ND =8


. > N > s$;n> N M>" A?

f
M C=> N %:
M 0X> N %t ? < :5 2  T 0 1  H A
&*+" <D
%< >{
sH
6 % " " S
‡ %@  + mB:45
@ $" M KD mB:45
@ ~j.

:3
s2 5

&
2= H 
5" &'
<
 &X@ /+ 3  <D

. ; m" < 4


 4> <" *
& *
 %r=4 + ND

h
X h - EHi  H A

f r %| @ '


3>H O8 %
KD O=2
/+ X " %B " - f  o;"
%< 
M8 <
Lv
Π%1
€  E=0
9A %&R !
o 8. ž

.^[:2@] Q
2+Y \ @D
] \ Y 2[ BIZ Y h —@Y @‹+
] \Y :h
5"  )
5n

T P K4 %A  A  <2C > 5  


KV 
T=5 Q
B C C
3@ A 2" =A 2 /. #$
} : <  - /+ 5  
KV /! 

.^{ &! 
/@

B+ :T=0> M @ 3 9B  %A@ >" A=  $> <  %.   CB> 
 3

.-
dS /+ A
3@ 2B
/+ ~5" A  m + %CH2A4> &B.

<
6" :0 =A+   " h-=@ o L 3 >  <D B)


f 2>2A 3@ h P+ eH 3@  J+ 5" 20


:T P 3 9B

+=
?" p !; p & @ A 3@ *P

.0p " h 5H 3ABR


=P m 0 m0: = C'

.8
" H
C"" 0 3@ / ! N 2C 

.|0X Tj @   Tj > N % .i


$'+
=0:
:ML AF 3
= P

f & KA4
 1
y8

H 
9 <" j
3+ Q/
f m!
.h P+ h +=; C5n &t !P  2
 f ž  3@ H +

E
=F
T=A@ h  ? s 0> h 5 s 0> !
ND =C +

.h B? A  
/+

CH 9:> N   3@   H E R " ND !


C

9*0
>2 A
@ < 
ND A E= N 3  E S H=5"

/+ B
 i
 %Pi
E Vi &0  1
< !
3@ O84'@ J*@ O=V $C
 %M5 
e ! & 0
d! 3@ %=
E !5" =
& /4
%1

E 0" s=B8
K ' %
{

6‹ 

Q " 6u %/=
 /'

A o
=4> At
 3@ =C %&.5" KD 3  @i
+ @i
2 A!8 3@ ..s=

%> 
Oj>F
#2C S K +2  ' > p %    
1t 5 o
=4> 
=A+ ž 2P B!R /+ d @ KD P=> " % 0t 5
h  
Q
 <" e 
A.> +
=+ %@2+  H  H
" + ' 
LD i % 4!P  3 &+ S
 % 4@2' '@

C2
 K B' %K :K B =C @ /B
= 
/+ + {
 P" /+ <
.5{
K 
:/ B> %5{
 90

gB!> N AH" 3@ %3 :!


K  
3>t '
3@ '
Q Hi
KD  5 M$ /C
N %m@ 9>H" 3 28> m@ EH" f 3@ H  B
 %H  9P  %U=:
X> N U

 3@ %j@6 N !8'@ …"


 %C N < 
 %= !P /+ N B@H  /+ &>
. ) =C +  )
s>
f KD † 4> |
<D N"
f KD † 4> < 
 0
 %#=P 2 5
N 
 %H2@  +
.3>2.
& 78>

%2> K=
/= z!* @ &0 f <  %> q2V P žt
 
> 
 %!B> 1
.2B
H=?= + $C m 
L‹+

e 
/+ 1
=V +4 ND mB+ @ 5{
/+  
<D

e ' /F8> N H=


 1   3> 3@ N CH
=i 4; +

!r=4 + ND

Q!
2   !X
/+ O:  


3>H K Q!
3  !X
/+ |P
=@    r
 f  o;"
%| @ '
T
24 <n O>2? %A4B) …i
&C" Q !? K m‡6[ = %
Q
2" E CD
f /+ $;u A @ !B
 %e2  X
<" 2>2A4
OnR m H A
E
=i H
> mP
+ =!R m8 %x [ + =; 3+2 %1@ +  !5" &A %q: + &.0
%x!0 + 3
KD  . 
#H >" 24 %xA  + H=5" x %x! 
/+
=A
gB %/+
=0
2P @ /+
=
d: %O;v
3@ 2
O   K>
> %30: 4+ h 4@ V >./+
=F
<=B
 m@  @ /+
=B
e4. %/+
=0
 H
=0 
K)' %<2A
& 9F N %<2Cj N h@ ; > %<2P N h C 5 > %<2B0 N h 

% 3>H ?" /+ 
Q A? … .>  "  
/ L B@ =C C.<2'4+ oH

Oj /+ L B@ T 0+ %
2S
h T !
KD <.4 
=+ žM V" KD 9CL
: 
= 0+
" ;W 3 404 =C ND D N #$

 3  %+ T !
KD @" :

:<S V 4" L"  " 3@  ?' 


&B
3@ KA" 2  =
Tj =

LD =  Tj 
:B %<5n> <=40+ %T !
KD <.> 
 ND 2F
< +
P 0B
/n @ ;W / 
 C˜
H 9:
" /5 " #= 
T=0> % +=4
h C2 K <= 4+ h + <=0:> OjB
E p /+ 5H 0
T :" C C
2 A
2 %?i
H=5n A
==  %r=
 =8
=B?
:C2"
‹+ %TH 
A
=5n+ %O=@n@ A‹+ r=
m5
L‹+ % 
=0p %= 

: + 2>2 <Lu> N + A <Lu>


/+
=
 8D 2
.8P /+ V &:
:0 m <D /
K  @ €=" C H K 3= >
[ + % 2  <R '>    <R ' D
. ;W
Q 
/+ =!R + mP  /C <‹+ …i
K 2

=!R +
%O=! 
Q H" Al % O>j
2
=>  "  
/ 1>28
=C C
E  P R N :2  3@ xB T=0> % AC" H2C %  >2 I =
mR "
\ Y \Z K4
[ YZ Mn>
30
Y Y ] Y M
Y ]Y 2!

Z [ Z Y :M  1S" M4 j
%   " > h B? EB

:25i 9A+ ^[””:


]
&? C@"  @ &B4 + 2j
d
&4> d K5" /+
L
L 3 =C
&:!
JC /+ T P &4
 ~28
E"

r=5 <D %
1; 3@  9?" 3@ / ! N =C ND D N #$

]]

KV 
T=5 @ 2C ?  . ; 3@ <2C   
 %2B C B @ =@
.^[ . K ND 2"
 3F!> + %5 
f
*0
/ P | + H2> 3+ 2 o2A

& " 20
f " <" !
<=i
 !
q !:
2A
@=0> N h @ 0@  P %
3>2 K+  
V  =? ND m>  %3>2
=? @2> 34 5 3@ &P" /+ %S 2"
.
 e +
@@ h )? m & h
H.@ K4+ 3   M" (> 4
/+ 2A)45
O=! 
< *" /+ C" n) %OH B5 ;  8 3 p2 m" :T=0> <" &t 0
f 3@
$C &X@ P=4> | + %<W0
52@
 C8@ 2B C8 ;n T ?
AB4> h 5S  
eF> h l=.@ Tj>  
E 4 <D :T=Pn+ }A4JC m.4;

….  < - @  <  % *t


+ mP = H A
<D %@ 0
=> KD 4 R /+
) g X
<0
;
" /+ 2 A
/+ Q B
3>2C 
2"!
S + %98B4

f 3@ h 0  
2{   

$nC :#j{
/ 0
T=0> %#jD … P   28>
f T @
KD s2? > N %H 4 f 3@  @ ? OH 8@ %
2{  M  "
h 0B@ s
" 3 h
2B5 <= n5 % A@ &  Q 0i
O!0@ /+ 3+2 & %M4p
&X4> "2 p %K B  !5   3l
œ 3 h
5 h +  B
? &A4+ % P=
h )@
:&t 0
T=0

$  
=P"  r=+ -4   >i
m #$

$C
:  
/!:+ d. > &A 
H /!F /  d mLW
!0 OH ! 3@ ; jF
3@  I >2 /. #$
 @"
m" 
2{  M  > !zP = "  :T P %#jD z  20 C
/+ OH A <=  <" =?" " ž)!45" N U+" N / @ :T 0+ !)!4@ @
 -4
3@ % 
/+  
q= 3@ n .. A @ #2 N m" %
&!5
..=! 
&!5 /+ =
 %=80
 =
 mX 2P %B 
/+ B 

H=B
 M
 . 3 m\YS t P m" T=0f s=:  =
+ 2>> " !L %&40
KD H 0> 8 /+   0 ;W 2C @
 =C C
OH A)
 %
&!5 /+ AB@ OH A)
2>> %Q B
/C 
 <=  <" : !
&! /+ 1 %M  3@ M KS" 
B> <" 2A) <" ŠO=;{
)B@Š h 0
&R !
K ;= 3@u
Oj /+ T 0+ %  &!
:0 + %(@ )
H=: 0 )

:   
/0 %J>H   ! K4 J>H  4C ? : C"
}3+ A  H$  <D 3@ S 3@ @2  2?
f @"
.>$
O  E !5i %>$ H= f /+ H+
f 3@ 
+
> + 2A? 2P &B> &
34.
+ ~ 4 h
8 ‰B D ! !
 3 !
 
=;i
 O=;{
)B@ h
;"
h *B A*B 1P> &
:0
XB4 N :
’ F o" C2 < 45
z5=
@i

f
D N" %&P 5  
KV 2@ f /" Q .
#2A <24A
 %X + 9A
~ :0N  ND %3 B
E 5 
=V  3@i
2@ o2A ~ +2N
4> 3
!
 OjB
#$ < >{
78> N %3@
&!5 <  @ 9A /" #j; 3
.r=4 + ND %=S :  .   ND = 

.r=4 + ND %9+ 3! N 9 + Al N <=! 3  4.
/+ 3
%A! +2> h A?=@ &+ 
/+   0 % *4@
h 
@ /+ &?
.P <D
.Q @2
1>> Q
2i
&+ ? |80>  4.P= %B ™P=> %O=A +>
H
2@ <D %3>2C 
r=5 3 Q *@
h &0 N 38'
E 4 
 " P" <D
‡ %3>2C 
Q @H 3 
<L‹ &0 N 3>2
3 ~ +2
/+ A@P"
M+ '+
.r=4 + ND %| 
M >H @2'
20 €=!A
<=  % 4* .> <" < :)
OH  3@ %@ 0
=>  l -

!r=4 + ND %$ + %H=B8

% C2B @" N žO;i


 '
z5=
O2C )
@i
C A @ H+ m" <=

3@ @i
&0 /+ 5 + % .
mPS m C <D % 5
m  m 
L‹+
X = Q
= m.4 N %04
€
8
K x@
 %s2A? A4  KD A4t XS
QNuC O
 @ /+ &P B
A+8> 0PH & + % Pi
  !?
=
K h V žQ
=B

4! 3@ /+ Q0B
T=0>
L @ %&B
3 BR P B
3@ B:40@ /C 3 

A" MN % A @ A


 @ /+ 4P :0+ % A4B!R AH  K h >? E 

.E 
T=0B 0 :<==0>

 
@ @ 5  B + +
.r=4 + ND
= 
 †=A
 .V B
9 S 3@ A >2
 H A?
 O 
<D
!B 3 o! 


2" h T
=Pi
 " 3@ <D
.r=4 + ND %sCH 1
/+ s
=P 9B"Y %&R !
9 F+
B" 3@ m!4 M40p %(> 4
A+ Op ! " ’
@ -" M>2 !&
A>"
%9> 
/+ A /V %t 
K A <L" % 
A4!4 %2>j " h P )
% 8@i
  :Pi
A m4+ %T=0
 T=0B
A  % 
K A 9:;
@ ../=
! AD ž A m  @ 
<L‹ &* 3 % .0
 2!
A mB:P
%$?
=   A x %O=0 C$'+ %3 B
E 3@ ¥=.@
 i %3: z4;

.r=4 + ND % p2


 s >D
T=P 3 < 
j <D ^{ m8 " h
; &0+ ;v
=
   3@u> < 3@}
3 2 
N %m8
3 < 
<jB> + %|
& 3 2 
 %'

.r=4 + ND %0


&
…" m>"
L‹+ % A
=" 3@ =!
mt
 % A4F U
i
9R ; /=
3@ r 
< 0.;  4S
 ~
$
3 )+ %m!0 2P 5 0
A *C %m j4C
2P O2J+i

.r=4 + ND %~
5{
~
5{
 %~
)

| @ '  o;" r=4


 r f 3@  
.m 5 = <" H 1R  f
f   1: = <" H m 5  
O:; |: m?'+ %&:
KD &
=
3 h
j + m2 T=0
&@
$C
:|*
F A. N" |
3+ %mA+ 2P <=  <" =?" %|V  5 %|R
\ &*+
B f f
H
2@D 74.
f 2 
3@ & / @ s
L @
/4:S /J:; & /. 
L 3+ : F@ " h J:'@ A+ s" <‹+
/=;{ / 3
.F45" f & 3@ 3
KD E="
On:;
/4 T=!P K 
t 5"  .8 5
&?
] n5"
& P > 9$
+ S > %< 
 0
 20
&6 .
< >{  E=0
/@ >
f < 80  7
3@ s.F4 %  3.84@ yP  f " 7> f 8 & 3@ s.F4 E=4

f &
.  Q +=
/+ 80+  2 2
%3>2
Q
2n M A
%3
sH ! M!  5 M 4  M >H 8
A

30+ 
 %CV  3@ o 8   M A
%CH C 3@ H=A  M A

 M A


%AB>  3@ 3=)
 %A   3@ 3 )
 %A0+
 3@
%A Ot
2
&B?
A
%A m4 A
%AB? q+ A
%3>2
Q
2"
OH 
h h S AB?
A
%A> 9CL" A
%xB en A*B qL" A

/+ 3>2C 
 3>2A:*
 3>=5n
 3.B*4
=;{ 3 A
%3
? 2"  3!.
 =  < ))
 )  < 4 F+"  3:+
C8
 A@
2P" m!p h
!V A š+" A
%3B?" A 3 A
%3 B

/+ &!0 A
%C
5" M+ A
%C ? |
A
%3>+ 
=0
K
H B
 q . 
 •>j
 s)
&C" P
 %H A
 +
A
%C =@ Q
2A)

.H B
D O;v
 2
 3@ > %H .

&Cn 3>2

$A &B
/+ B N A
% =P 3 |" % =B 8 A

2
 %8 
B K=
B N=@ m" % A4;" m B @" m;H  ž

%s2 A
M !5 %3! 
 ; K 
 O8
 % 3 B
E 
..MD E=" s.F45" %m" ND D N <" 2A"

‫رضى ﷲ عنه‬ 1>28


  ="

2  .C pW Q .4P
 A0>R s= >
2!
:0 &X> i
5{
T ?  !;" K r=P=

f
h  ..- q  @" " Q
B)4> 1>28
  /" 8') 8' K r=P=

.Q
2+ * %
h h  %o=0

.; T" ML 2B <=  % F


/+ C LD 3 p
/ p <=  C" @ =C ML &B
.-B
&?

$A Bt
 |P
=@ (> 4
 &5 20 %3

. t *+ %E :'
3  3 O$! C;W /+ %O 
$C =4
@
$C

C !;" K r=P=


C" 5{
T ?

2!
&C" + KD h
2@ gB4
 %2P 4  rV %)!
20 ) #$
 2

Pi

H &;2+ %. 3@ O

2 O=! 
>
2 /+ 4
 %- U "  &n+ %-

? K  

=8+ %    /nI T ? 5{

j" <" KD %445
 K4 +
m:C @  

=V %pi
  
K < ‹ AB  K %F
3@ 
 V"
.)!
25 K h
X h  5 %)
< +" K t 
m2C %:
< X4 t F

AIY ^>Y" >Y ^[abc:<


 TW] <=@ Y [ \ Z [ 4IZ [ ZY"Y N]\D 3=
\\ Y [ 1
] [ [ Y NY  0I ]
=0I[ ]

=[@W
] Y Y 
\]
Y AIY ^>Y" >Y
Y 3>$

] :>
Y 
\ \ [ 3@
Z Y Y  =L
Z [ Y [ [  
\
Z [ Y .FI Z [ Y Y Z Y  
Z Z Y>Y   " Z [ Y 78>
\ \
Z Z [ * h
2>25Y hN=IZ YP
==P ]
=0I[ ]

=[@W
[ [ Y Y 
Y 3>$

Y
\]
.[kaŠkb:E
ji
]h - \ Y h
6=IY+ 6 +
Z Y Y 20I Z Y Y+ [ =5
Y [ YY

KD 6J m!P" h =P 


 %
 L /+ h ! K04
? 3@   
   

-> <" %
=0 K =P > <" n5" %
2A" 
A>"  ! K %
=
+ jB => /+ % 
|t V /+ 

$C &B?
A
% l ND &l N => l m
%24 sH=? x+ 3@ %2*4B M A
%N6 3@ <= > @  A
.S
 % 

3@ A .
 %B 
  6=. V %> 
MA?= 8 ;   
$C &B?
A

3@ 1" %
2
K T=J@  " m" %T=@n
&?" '
3@ AB@ 5 F %T=!0  C 0
. 4'
3 @ K>

\ < \ [ \ OI!\ A88P


\ YYi
Z /i \ \ Y Y 20
.[aaa:|5=>]oIY Y4.IZ [> h X>2
Y Y Y @Y E !Z Y Z Z \ Y Y /+ < Z YY :! =V

!'
<2> d =P &
] !B
+ LD (> 4

QP

>2" Q
h  5" 3 |  (> 4

=t 5

3@u> &P  M)> N % A"  7V  ND 78> N @i


$C ;W @" <D!
/+ !i
A>"

KV " %
T=5 2B 1'
; C 5  
KV /! 
E V" <" =5  
+B@ <D %…i
? K 2? @" 3@ <P &*+" 4 V %HW 2 25 5 

KV 2@ O=5" ‰B> <" 2>> #$
3@u
 @" 1>:
Q/*4 C5 AP;" A
="
o L - 3
3 C) %C5 C !;" +B@  h @
j < C 3@ %5 
-+ 
<i ž V
h h0 D 5{

=0 Ai }
L  %
K0" " 9P  < 3
3 5{
/+ 3B: h!5 5{
Q
2" 2> J %A'> 4 > B
9?=4 5{
K
. 40 /+ 3B:
1>R

. 3>$
3>== h H ML <=  žAt *+ 3! KD ? 
mH M$ @i
< 
=P A  }ML A K" 2
=P 3@ 5{

=@2A> / A4
2
=:05" %C=  8

!!<=A0.> N

&=
P KC" C*> + A C= h @=> O'V 7R

/C N" %<W mP & /+ H24 OjB < >Hi


3@ 0!5 3 j 2P >=0
>H &B
KD T='
rB>  % BR
h 

=+B> + 5› A 
=  3>$
T ?
OjB@
 O 
3@ AA> N %&
T @ ^ N & 
^ N 4. N "2A N =!)@  
= + % 0
h >R A5=.
3@
=0@ %
Q D /+ A4C
2 % A4A 2
r ;6 A4> S <H AF) N %~ 4@ "
! 
jB@ 3@ AB? <n A@ n+ % 38 ;
= + 9t
=)
A=)  & A R
=
3@ N >2> 3 3@ &R !
n> N 
~ <" %&@   
3>H <" A 2
=4!X %> 

.<=05 .
 <= -
 <=0+ 
 = %<+ 
 = = 4@ 
<" % .;

H 3@6 /+ O2P %E=B


 d2
3@ E !ΠQ? %E=0 Q
H  ;i
QNuC  !;" <D
KB> % *+ 204 ;n4
rB %o240> e
! %o$4> T X@ A + %9F <" 
20

. A H K

C5 +B %OH B


&8 C pW Q .4P  %E=0
  ;i
QNuC  !;" K r=P= 
& O20
<=  A!P @ +B %OH B
&8 A!P @ +B %E=0
 A!P @
h 2@ m %!B

L =8
KD > 

A>" A+ %T B.
 pw
&! T 8'

3@ O!B
+ 3!4 h
H5 H5 A @ xB!
<D & %O=V & 3@ O!B
3n5 /" h 
6 m
.......hA5 mJ
LD <j
&B m" %A5
h 4B? @ ND &A5 N A + %O=8
T;

5{
/+ 9:; T" 1>28
  ="

%
T=5 h 5n4@ 
2!
Y YY %j 
+ 20
- &? % ;i
MJ" 3@ &? O=V K‹+
 . =>  3@W %e 
$; => T=5
8 %
&!5 /+  @ & 1." %
/+ 2C ?
=*C % 0 =' %3
Q " 3@ X 
B+ &A? %e 
$ => P2V %e 

f " X@ "  F@ 3 rB>  ?" xB %2P 20>  % 4j @
" zP 5 " y; + 
¥ =
 Q !:'
C  & @ B
K4 T=P" N C  %B

$C 3 <=+B> @ X " :P 5
! V - mF:+ % " =C 3@ 
= >  %-" =C 3@ 
= - i  %E 4 

. 4j @ 2P 4- K 4j @ 2P

T" D % @ ; K 35


 3! 
2B mS N d)
mBR @ % 8
&*+" D
%/
~=
D %  >D 7? @i
< >‹  >D <6 = D %78
K T ?
3@ 3@W 3@
E "  pu>  %T*
<
H" 3@ 
O:.
9 V %> 
? 4
%
6 

< %zP E$
  pu>  %zP h  &@ B4>  %zP  8 25 "  pu>  %zP h
;
3@ D % N O5 T ? N &? % ! 3@  B" %5  
KV T=5  h A!
3@ 
3B % "  
/   =" D %3 @u
3@  X@ K N %  K.'> N
.
H  *F"

@ %XB @ g! @ 5{


KD H  D %HH N ! N ! + 5{
KD /H 3@ D

T=5 9V 2P g!4> |  % D
=H ; 3
=X!4> <" 
:.
E Vi <
$ 2  % 0;   % > 5 3 4 @" P2V  %XB!
&!P 5  
KV
/   /" T  <  < LD %1 '
K 5  
KV E$ > | + 1'
K
. $ M m? @ :
T=5 9 ? 3@ 
KD /H =>  

 
KV K.:8
KD 2> 244+ %
T=5 M" 
ND D N <" 2An+ :  0@ <  @"
$C  ! /!+ %5  
KV K.:8
KD 24 2> T" <= 4+ % B> !4 5
3 mP /+ %O! - 2  $ .P %B

$C O  3@ =V xB @ |0 <" 

$C & %1>28
<j 2B
 2P 9 F
/+ T 
 %QNuC 5 KD + <=  @ †="
 
KV 
T=5  V 3@ S   /" A @ 3 2B 9! + 3 @ <" B
Al &?

$C T X@" o
= => " B  %X 3 
=.B> >2>" m!  ML &  %5
.*!>
1: %
jPi
T : %H .

9 BX
~=? A 5 / <" m= ’=

LD >2?

.......

3>2
&!5 /+ 1>28
O  B@ 3@ O=V

<" / B A"  %


ND D N / B
L @ sH" 2P %
ND D N : 1>28
T P :Ki
O=8

/ )t  3 :T=0> => 5 /+ X 3


KD 5
%K B  !5  @ d. 
>
KV T=5
K   =" 7" %5  
KV /! 
E V" 4?
 :m P A  

+ %&P D !   " >:5  


KV T 0+ %Q .4;N
2 =A-
/+ 5  


T=5 Al %ML K 5  
KV 0+
 K4 = 
 AlD K 7>   =" Tj>
H 9:; T" < +Š e 
/+ h !:;   ="  P %2
/
= /+
=P. %<=

% B@ 3
K
 p %<= )
  p Š5  
KV 
T=5 KD 
KD
p %34+=0@ 3B  A? E*> &B+ @ H !4 <D K4 %
2>2
h h    "
=*+
. "  
/ ." 3@ A? rB> @ K4   /" 3: K =X>

%   /nI h
np !4 340   @ 3J :
= P %3 )

=?" %   /" =P  =  Q ?
o % A 
;W ND   + =  @=P D ? %   4> N  KF+   =" @"
@=P !5 % 5
 T=5
C !}5  
KV 
T=5 &B+ @ :T P !  
.=  p <= )@ C LD =$

}5  
KV 
T=5 &B+ @ :T=0> =C h J B:> <"  7 m@ 0+ @" @"
E :'
m  R + &? " KD /!CL
:T P %M 8  3@ / @ /  > 
 :T=04+
9CL
<" 3!" : &? " m P %2@ 3 Tn> / 
<D :m 0+ % AD m?; % A+
KD m*+ .B :m P ŠS =C 34+   /C 34. J @i
>5 2>ŠM 
KD MB@
<" =?i /D %.  1+ &Ci M @
$C
=  h @=P <D 
 :m 0+ % B>
h V 2?=+   /"
.A @ M 
04 >


T=5 &B+ @ :   =" T=0+ %2>2 3  KD <n>
= 20 žA  / 
A
- /
$C %2B m @W 3  Š  M@" $C : &? " m P }5  
KV
  /" " m = K4 % )@  @"  4 + O=2
>5 K A  
/ R + 3@
}=C 3>":T P %
2 7 V  5 D :m P ! R + > M N :T P Š "  
/

T=5 /W K4 h 
 N h @ BR qL" N" /  <‹+ :T P % Pi
/" 3

H /+ :m P
.5  
KV

%<= @u
<= > <" 9>
$ C %2=
 &Ci
 T 
 d. 
9 q=.> h ! 
T=5 9"
 4;H" K4 % A n 4> &? " @" m?; p %e 
3 5 &?
"2C K4
-4

%<=
 9 " % !P 5  
KV W + %5  
KV 
T=5 K
/@" m" /n :   =" T 0+ % @ o>  O2>2 P 5  
KV 
T=5  q
 /@" $C !
T=5 > :T P p %
T=5 > /A? 3@ 15 .
T  @ ND en 3@ / d
T=5 A H C 2+ % 
3@ C$0 4> <" 
KD AH
 A 
~H + %s !@ m" C2=
.
ND D N <" 2A)+ %5  
KV 

% D < D EP" i


 %rB  K" <=Pi
 % 
3@ e 
$0 4> <"  
/ C
. &? 
KD C=2> <" @n !
-" 3@ <  %m5n+ C H <" ND @ < +

% 5 1
&!5 /+ 
T=5 @
$C   /" |P= 
 !
H ! > |P=

$A 4>""
   " <D :7V H 5‹ /j

2! 3   T=0> %   2" OH ! 3@ &*+"
h >H C  K.  < >{
D % !P /+ P Q/) A*+ D % V N OV OX  e 
&*.>
.B 
 ? KD h >H  %E=0
KD hH

N !
 7:
3> h
2S N P AH C)

5{
KD O=2
/+ 1>28
H

\
m O=2 + % AD O=2

ND D N  *40@ T" 3@ <"   =" 
Y Y :o;" O=V
. A=@ /+ @i
.l /C & %z0+ 5  
KV 2@ .l

$C O8 C †; %5  


KV 2@ =5 ! 2  3@ †'+   =" ML 
H  !+ H=B>  >" 2B % >" B* 6 4> N 5{
/+  †; %3 B
/+ ) 3>2

&;H" 2P H B+ h F!@ h PH V †; %@i


$C 9t 4 3@ Ki
!4 
H=0> =C H  }   ="
.2B +    3>)!
O)B
3@ 45 
3>H /+

2P H=B> %   3>)!


O)B
3@ 45   .V /+ @ 0
=>   =" /n> ! +
.3B?" A  
/ O2! =" 3
2! 2B5 j
R < X >2> K 5"

" &P" " h @  3B!5 " h @  345 @ < {


‰B> 2P !Q :B

$A 5› Q :
h 4>""
1>28
<= > N 2P %   /"   5 3@  5 1
<
j@ /+ T2B N 
 A  %X "
%<W0
™.> *B % >W * ™. 3 >  %mP=
ML /+ <W0
3@ =5 * ™.
%Ri
3@ 2>2 KD 4> %
 

) KD 4> %X 
 
3@ ™.>
y0 D }9!
@ %
2

h h? >2> K 
o2C @  /*0 > %94 

) "0>
.E=0
/+ < >{
|B* q28
y0 " %< >{

 :4@
@ " S AV B>[ T
6 @ V;D < 8
=? % .5   /nI H 0
  E=0
H 0 4 % >
= 
8;" C %
P2V A+
.{ B 
 3@ M ; h
2
 h? M 
#2A> <i}I+ %M$  3>
] Y <" 

3
3@ 3.B*4
O8 /+ 1>28
H

4 5 4>=C %5› H=?=+ % 4P  5{


qF45
2P   =" m. :o;" =V
<
2@
L‹+ m. % C2!B45
%0 . /+ 1!4> + !P /+ OR ; &   H %5{

 )
2>H V . 
O FR A 9V 2P 3
3@ 3.B*4  LD %M4C 2P 2>2?
Z Y ND]\ AI
<" \ Y Y @ C=$ %C=): %C==? %C=! %E
$B
Q=5  p=
25
Z [ Z @
=0I
[ YY
\ \ 
j> \Z >
\ ] \
=[ @uI
Y \ j\ BZY 
 
.[:†!
] 2Z [


 ~ P{
M4> N < @6 &  q . 
 . 
 &A
 T*
<D !
/+ !i
A>" >
<" 2B T*  p24 <" = 
AD & E=0 K] " 3  ‰:!
 O=0
M4> 2P %< C!

%9>$B4
AW %O  B
A4" %E
$B
A*@"  @u@ h 5=.   =" o" %= 
AD &
.  
= %d)
/+
.R %2>2
~H"
=!
%€  
= %Q *@
/+
?

=!> =):B> =B> C2" <=*


= <D : e ! 3
T=0> X 3 I O
/+

==0> K4 %  Tj #$


*
O2 3@ h  ? #=4> <" 20> @ K4 %Q *@
/+ A? K
&X@ /.+ %< >{  3J:@ !P A @ Q
24+
.B :T=0+ }
<H 3@ < CND ojB
 
: 
\ \Z \ 3J:@
\ \ \  
\\ \ 2BI \
.[abˆ:& 
] < >i 
Y ¦ Y Z [ [ !I
[ Z YPY  " Z Y ND]\  >D
Y\ Z [ 3@ Z ] \ .
Y Z Y 3@ Y Y Y 3@
Z Y 
Tj"
$C

T=5 =C C %9:
3@ g!'

j %|P=4 N <= 

$C /+ 
3 5 3@  5 Q4N

&?  Ku>  !P < 3@ /+ < 20} :T=0+ !'> 78


/+  5  
KV 

z)+ 30 1)> p % 5" q.@ K  ) 


=> p % A+ =+ O.
 .4+
Z Y e \

= [IY Z4[I> <" [ ]


9"
Y Y Y  @  5 Q4N + { 98  3@ - <H @ 2>2
€ )@n
. [c:=! B
] <= [ Y ]@W
Y [YI4.IZ [> N Z C Y
==0I ZY
[ [ Y> <"

<  %O !@ 
  K.V 
=@" ? %o> @ w+ 
Q4N
3@ l 
$C o>   ="
N Q

h j? A @ 2>> N 
?= A04B> %Q Pi
#4)> 1:
p % O  ‰>P X " 3@
%
&!5 /+  >H |" 3B" 
=@" 3@ 1. + % +
= 4.> <" A >2 >  ML & %
h= 
.O2
=
@i
 2
=
Q !
 2
=
2  =B)
10
.  m C 2P 2" 2" :T=0> =C %9>$B4
OnR m 3J> hN o>   =" >
- ='V %2" 2" :T=0> =C %  @ E B  <=+=:>
 8+ @=P K < C %
/+
@"  T=0> p 2V K = Š  I r"  @ &C"Š  @ Q *@ /+ OA-
Q  /+
:T=0> m X
=C T T  <  %2 .  " = K4
$C K T
j N :

rF
 Q +i
KD /P=   h P4@ eH.
 ? KD =.C"

|  d h
@ O F:
3@ AH 5 2
K @" 2P

  =" B> % "  


/ . 
  @
.->  %2" 2n+ :  0@ <  @"
} hN !" :T=0> %@" KD   =" 9C$> %2i
2
=
M   :T=0+ %ML T=0> =C
%9CL 3@ q
" d' :&P %   /nI H=5" 2!B   /" 3@  !+ % + ; N B":T P
.7 8
2!B 7 8
T 
B %K B 
?=   =" 04B


]] :   =" T=0+ % + ; N hN M4B! O2
 P" ND m" = !  " > : @" T=0>
.[[ A 4:i h !CL P" t @ ND m" =

3@ j @" d> 0@ S d> 0@ > B@ 3>6


=@  <" % A >)!   /" 3@ h D
4!P 
14
%X CS A4 
  
 O6  " h
@  hN   =" 14" %O. 

.=? H= =? x! => A? 


x  
3@

* <" ND m" 2P @" !/  > :T=0+ % @=P 3>H K A  T
6 @ ! ( =C =" /n>
/4" > :T=0+ %2t
2)
mP /+ M=B > M=B. > Q
2? Q
2" T ? K 40." A+ M @
C2>> = 
 !}OA)
2>>" !}Q >
2>>" !}B
2>>" }   =" 2>>
L @ %2>" @ 2>" D
9 R 3 < 4 %O;v

2
 
? 2>>  %A> 0  ! 
 r
i
/+ AB=
.O;v
9 R 2

AIY Z @\
=:" Z \Y [k”:=4
] P28

[ Z [ <‹+ \
\ Y Y ] /+\ 3\@uZ
Y Z [ 
3@
\ \ ‡] 
<jI
Y 3=:Z
Y
\
[ Y [ Z Y> 3>$

\]
Y :<=0+ 
/n>
#" <n 3@
==A < @6 & /+ <=n> [ƒ:=4
] <=:'> Y [ Y Z Y C Y \ AIY Z @\
=:BI
Z [
LD Z Y Z [>  Z \ Y
=
Z Y <D [Y
%2  T!I m 2 f hN   =" 14" D :<==0+ %<=PH 8
<=
 =0> &
.2  T!I < rB:#"
$C %34 
3.B
-
 .

$C &X@ E V" H  4@   /+ d   ="
=C %/!P /+ @ B> 
:T=0>   <  %A H>  A  %O5 '
OV 0

- 

.Q 
/+ N …i
/+ Q/  /.'> N %K.;" 
 

A4  K 3@ %QNuC K H4 T


 OjB
E 3@ 
 5 !5 q=+ 3@  >v
Tj 4
3@\ \ f Y \ @ : &? 
T=0> %3>.
3@ 2
 S ML  L   
 P KD
Z [2Y Z  2i
Y YY
:# > ~ 4@ #" [caŠa”:&
] KIY Z Y> r= Y Z Y Z \‡Y ?
Y Z Y Y Y * Ki
\ Q F4

Z Y Y Y \Z ND]\ * oj
f \
Y Z [ B
YZ
!} KI
Y Z Y> r=
Y Z Y YY

!} KI
Y Z Y> r=
Y Z Y Y Y :# > r;6 #"

!} KI
Y Z Y> r=
Y Z Y YY:#  H #"

!} KI
Y Z Y> r=
Y Z Y Y Y :#  N C+
$ /C & % A4 >6 C$t
$ A+;6 N A 4@ N 2
N

}K  2 #$


3@

r= % + 9> N = e 


@ ? %3>2
=> < >H %3

" %3@ i
 " D
f Z Y &
@Y d.I [ \ Y =I
^ [ 2 Y ZY> :~j.
+ X > => /+ K> r= %K> 3@ + &0> => /+ K>
.[‚b:<
 TW] h
2B\Y h
2@"Y Y [Y IZIYY AIY YIZ IY <"
] Y =Z Y H=I f 3@\ m
^ Y Y Q=5 \ \ Z Y\
f Z Y 3@
[ Z Z Y Y @
Y Y h
*@
Y Z [ ; Z m Y

0X
 1>284
 ?H K"

KD  †B> % e20


m KD 5  
KV 
T=5 o> :o;" O=V
%5  
KV qH 8
=C !'
!' U !8
/+ H=B> % /+ KB

 

%5  
KV K.:8
E$ > %)A
/+  
< >5 #> %  @ /+ !'
:>
<2>> % 20
=jj> <" <2>>   /nI <=!C$> p %!'

$A 3
xB E:*>
C2B 5  
KV =5 q28> 3 " 0p K C !'
!'+ %  >D
jA> <"
}&?

$C |P=@ + . >H 3 25

:   /+ < >{
A @ H2 /4
O2 '
  /+ T=0 (@ )
H=: A@ @" |P
% P2Vn+  A " & 3@  5 /+ Q 
3@ !'  /n D 
 %q2V 20+ T P < <D]]
H  %–H !
K  !X
KD %>˜
/+ U==
KD
-
 %T P  " [[ <v
P2V" +"
. 1>28 I 90> <"   =" 145
 %3>5 ; 3!t ; QNuC

T @ + % =5 3 
3 /n> @ @ &@ B4
.   ="  20!
/+ !i
A>"
3 3@ †; @ 
=+ BR" B5 %  P2V @W & %T
2? N &0 
=!p 2B #"
.1
ND 5  
KV 
T=5 /4.

OA
/+ 5" 1>28
H

=" jA %  >2


KD OA  4 8 5  
KV 
T=5 <L"  :o;" O=V
 
KV /! 
KD 
 %
'
KD 1 > %Q/ & /+ Ti
<= > <" 2>>  
h ! V M &B> 
&B &B N} :  5  
KV T 0+ %OA  <L{
9:> 5
 0+ % A O 
(>  !  4> N j @ ’2 5  
KV 
T=5 ;2> ^{

KV K.:8
OH  3@ <  %OA h
H
2B45
4
q 3@ A.B>  P %&

H
2‹
e=?
 3  } : )t  m P % )
h O  3@ => &   /" m /n> <" 5 
A+ n> 3 >   5 /+ h B 04@ 5  
KV 
T=5 LD %OA-
 /+ h @=>
%5  
KV 
T=5 &;2+ %@i ND Q ? @ /@" /"  Q
2+ :   =" T=0+ %
2"
h
m" /n MC" C D :T P !   " > s2  3@ †;
:T P   /" >5 K d+
!8
:U.
3@ / !> =C   =" T P %OA  / <L" 2P 
<‹+ :T P %
T=5 > /@"
<" =
ML &!P zP B @ 
 : )t  m P !   " > !8
:T P !
T=5 >
f / !> /" m>" K4 %U.
3@ / !> h
2"
. # '!
?;" { U.
3@ $J@=>

!}.l= !}  !}T  h + / !> &C !}98  h + / !> &C ! >

x!0 |A4 O2P 


E=0
<" %-4  r=
<" B D =C ND D N #$

 N
.3  % ! V K  x!0 3B -B
jt
=
<" % 

."  "
LD U +

9:B K0) =S :


98 A >H H 5W 
Ej MJ"
9 > '+ & KC 4> A :C /! 
 8" MJ"

9!8 h
 3B

! ? A L @
LD 
=P" MJ"

E* !
 '
/+  >
+ 2 ?  ( h
; 
oj?

......

 F
KD 1>:
/+ ! =V

#" =V OA


g>2 /+ % =p  S KD   /" @ 5  
KV 
T=5 1: >
&  †; 2P   =" &
()

$A+ % C2   .P=
 &@n4  00 %! #" ! %=V
jA? % 5
@2' 5" H
+" ? . 45
 % 4 /+ –
=:
N  3" <" 2B M> @
 
KV 
T=5 @ /*> p 5  
KV K.:8
@2'   @D ?
.O;v

2
 
? 2>> E Vi
 <'
 HNi
 O)B
 &Ci
h   %5

 ht P <j O- %



m!
K O-   /" @ 5  
KV 
T=5 /0>

…" 9i MD %/D 
…" 9i MD 
} : V #$@4
 2"  @{
o
K q
A 5  
KV =@H { m?; @ M @ /=?;" MC" <" N= %
KD
A4+ % =H 8@ g 
2
3R <" % 
 P KD 3>2 3B>  % 4 ?
8@ @ … B4 m@
H @ %
T=5 KD 
KD < Ri
9" m = K4 < Ri

.
KD O=2

/" 3@ 5  


KV 
T=5 o> :Š /0A! &tN2
/+  Š F
KD 1>:
/+

KV /! 
n+ %O@   3 O@ > 3 %O@ .; O@ @ @" > % !  
2V
 $" %M.; /)@n+ 9:
 L" 
T=5 > :T=0+ }&B.

$C  5 
>} :5  
KV /! 
T=0+ %M 3@W N M  3 M > 3 %M@ @" /)@n+
" m4P <D %1  MXB #$
 B :T P }/H M <= > <" m!!i Q/ < = !   "
M Q L A+ >˜
/+ U= { A @i
m C m" m4P <D %2
 &? " ‹+
.3@u
 5
oL"  < <D % t!4> 5  KV 
T=5 &!P  F
1>28
Tj > %  F
KD <8>
25=4> %5  
KV 
T=5 Tj > p %5  
KV K.:8
<H  P
  /" O5" "2! C %K B  !5 
8  1p
 i ž2>)
2>:
=C 3B
>P  >
  /" m /+ .R   % )t  Q 5" /C A+ %(> 4
/+ O5"  =0 H -n
4 Ai }
L  %=
3
Q  3@ 
H A)
K" 3 3@  jB>  < @=0
. A 3 A 34+ %
ND D N <" OH A /C OH A -"

  /" Q "  * 3@ =V

++ % @u
OjB #H" N :T=04+ }   /" m  > s=" 3>" :T=0+ Q 5" KD &A? =" /n>
%ML S !'  ŠK-   
:Š AL" 3@ ARP A @ UR : C2; :+ 2>
/4
.:
  )t  A4;" @ C2  0
3 ML A F>  %Q >=Pi
T ?
 !p m!X
 B:
z4 AP : 1)  B:
jA Q 5" m@ P %-
M /+ 
= 5 < X
•! 
D V=4 5  
KV K.:8
KD  9C$  B:
z %3P : 

$ 904+
.s C A" KD

T ?
K Q  
m*.  L 3 Q  
< =+

TA '+  $4


@ 9 d)
5N gn4
@

h :+ <  % A 
/+ ‰>P  !;" $;n> < + %E )
 L Q 5" =;"   /" 3 
2! @"
/@{
=A+ % " KD 5  
KV K.:8
KD AV=> &
/+ % 0! h h  L
. 
C8 /+ @i
D 04. #$
3@i
qH 8

< 20+ Š "  


/ @  =C %H  <   /" /
 K4Š   =" /
 @"
/0> % 
2!  Q 5"  pW /.'   /" 5  
KV K.:8
K  F >
.ML &B.>  &  F
3! 3@   " 5  
KV /! 

.A  
/   /" Tv ND 4  
2 ; ; .@  *
H 5‹ Q
H2
/" 3 o %C
=0 AP2V C >D Aj" j @   /" Tv   /nI <
$
/)" Q
H2
" > :T 0+ %   /"  @" /)> W 5  
KV 
T=5 <"} :3
3! 
2B 2" K mS N d)
mBR @ %O;v
 2
/+ M @ ; =C 3@  @"
.{  /" 3@ ; 35


N
=" 2B
H B+ Q  ! 3! 3@ < !BV N  
M

=} :T=0>   =" %  F


KD <= )
&V %  F
/+ T
6 N 5  
KV /! 

N % AX p 
3 p  M l @ :5  
KV T=0+ % W @2P m - C2" <"
  n:
 3@i
3@   /+ 5  
KV 
T=5 < 20 ^{ B@ 
<D <j
}
L  %O2
  .4
ND A  T=> N 2 3 . o> =C %…i
/+ ) AD &8>
\ ] ] [ Z Y Y < >
Y \ ZY 
I[ Z;Y [ 
Y [ 
 >
3> [ Y [ [ Z Y Y !}r '> 3+ B@ 
< 3@ %
8  1p
 i
H@ 3   A" B> % @n4> OA
g>2 K4> #$
<D!!i
A>" > .[‚b:T .i
]
%3 H=? Q
24
 %2>2? (>   + m & %N  @ 3@ EC " 2 3@ O 
. >=! 
 >2
/C %O=2  @W - O2 P

$. 4 5  


KV 
T=5 C 4;
#$
<" ™> OA
’2 Q
?
> 3
5  
KV < 20 %   =" =C 2
 &A ND A+ d %E !)
3@ z:'

$C
% A4P R .+ %E=:
2
>Hn K V B
2P"  4'> #$
%$.
2t 0
&X>
$A
 4+ hN ? " % )t   I hN .R"  P :
m " Q
=5 % A  @D @ 95 4> @ A:B>
.H 2
 & #Hu % 
2! Q 5nI

A @ 2
 ND & %1
=
E V" ND %OA  !8
B 5  
KV K> N
4C  @" T ?
 E !)
S 84> #$
&A 
 L % "  
/   =" =C
5  
KV 
T=5 &-@ %H
j
2B@ %&0
nA@ %1>:
e  =A+ %-B

 280> [[  TW 3@ ;   /" 3@  


]] :  T=0> %d)
. 3
\ Y 
/+\ C
/! 
Q
 9:
o" 2P / !> #$
 [b:=4
]  FZ Z \ 3I
Y [ LD
\
\ Z YIZp
/ p
Y Y :=C LD % F

.[[ 
T=5 > M / " 3  / " /. K @ 
 @"]] :T=0> 5  
KV
N #$
/*
/
E !)
8  CH  <= > <" 2 N &? j 
KD O=H >" <D
 > 
O 4.
>" 20 %Q  "
= hN ? D h!5 3C=
 ='
 r='
rB>
KD † 4 …i
/+ 
3>H @ PD =J@ <D %
K < 4tN
 H
2{
 OA
 B!
/+
<" :4> N #$
 ? 3@ %T .Ri
 Q  
 T ?
@ T=A 
@ E !)
H=A? + *
  O  " KD 
= 5 < X

L )t  3@ %T=A E    /" KD F8  /@>
O=  <n  %5  
KV 
T=5 3 mL m    : /4
t
2.
6=B

E V" A A .R" At  A ? A ! A!) A@ /+ @i


<D :T=0 '> 
. AF! /+ oLi
K !8
 C) A /+ <=C > % 5

@i
$C  5

/+ 4@"  5 % ! 
 9t 8
 3
 Tj 4 A  K'4 3 %M N  5 @" D
.l &B? 2P &? j 
 %qH 8
78
A 
K &? j 
KD O=2
/C O 

%
A @ •!4 <=.'4@ 3 % 4 5 K 
Q @" 3 %
KD O=2
/C Q !i

…" /+ < {


 >  * &l /+ %
2!B> 4
2 &l /+ >)!
OH 0 <=. @ 3
…i
@ * – R 6 )  =A+ 
@i
F >)!
OH P &B>  &  %

\ ]\ m?;"
Y [ [ ZY e
<@n f ][ I;Y 4[ Z [ :A OH 0

2B> K4 <=
pn> %Q 

Z Y \ Z [ @" YZ Z
\ ] \ <= \ Z[  \ \
.[aab:<
 TW]   Y [ @uI Y \ Y Z Z[ 
3
\ Y <=AI
Y Z Y Z IYY rBZ
[ Z Y  

A   3>" !}>)!


K OH A)
3>n+ % " /+ 
H=A 4" & % 5 @" 4n+
A=@ /+ @i
.l m %&tP H
+" .l 
KD O=2
m!V" !}
KD O=2

:/ 
| 4
3@ 3 3>n+ %O=2
/+ |l=@ " %
H "   .l m!V" % A@
}[ab:|5=>] /\BIY Y!I]
3@ f \ K
\ Y Y "YY O8 \ \ $C
\ ] \ [ Z Y /!5 \\ [
Y Y Y Y 
KDY =H" Y Y &P
Z

!}5  
KV 2@ ~ !" 3@ m"

<" M 2 + M$ m <D !}5  


KV 2@ K:; K   K m"
.[ab:|5=>] /\BIY Y!I]
3@ f \ K
\ Y Y YY" O8
Y Y Y Y 98 =H 3@ M <= >

‡ j @ < 
1>28

 
KV /! 
E2} :T P  
/  <" 3 2  #$@4
/+ :o;" O=V
3@ h @=> 40!5 <D   " 1!5" =
:m0+ %#2  T @ ML 1+
=+ %=> 
L P28 5
A m0" :T P }MCi m0" @ :5  
KV T 0+ %/ @ |8  mJ+ :T P %C2

Q 0" Q .V"
= %Q
=4N
<=+B> N %1
F /C !4
<=+B> N %q2V &C"
= ^{ X@
\ Z [>   @ &   "  
/   =" /n>} A  
/ Q 0"
%
hX N hP 1!I
m0+ :  T=0+ % =5 
A m0" :T P }MCi m0" @ :5  
KV T=0+
<" Ki
!
<n   4P
  30>"{ h
2" =
2B Q/ /+ M0 5" N :/. /+
ML 2B + d+ + %M N  "  
/   /nI h
6=@ 7!V" Ti
j 

.j 

%&>!? / "} :5  


KV 
T=5 T P %7V 2  2"  @› &t *.
/+
/" !
T=5 > HH :   =" T 0+ %/4@" @ &;2 /4
 
E  /
n+ %#2 $;n+
&;2> 3@ T"   " > MD @" :5  
KV 
T=5 T 0+ % D -" K4 MB@
|8  %  @ & 1. >   =" %!i
A>" > &@n4  00 ! =V.{/4@" 3@  

=" { =
2B &B+ @ < X  @} :5  
KV T=0> K4 1. > < X %  @
.
LW 4 !5 3@ & 7@ + %3
K B q284+ %1. > @ 2>  *

/5w@ 
&!5 /+   /+ O2
 O@  @ ) 1." 2P 
K0> !i
A>" @ 3@
5  9; V 3
E ! %< @ & /+ 3
 
? %< @ & /+ 3

C
= o;" '4  E 8 = %A." r .D K A B> 3@ <2> + O=A)

2  =B)
3>n+ %3
 
K  >  ? >
K  > @ %T
jA
 |B*  E 8
x+ % 2 > 4
T  % 2   
 % 2 > P28 <W0
!}<=
A>" > 2
=

q28 "  .V /+ 


K0> @ 3@ % 2 > >2>n K B  !5 
&*+ 3@ T 

!}   /+ O2
 O@  @ )B

! / < X  H ." > !   /" H ." >

~
j
o=5 9
28> N
= ? @
= 4
 5 
5

~ :@i
K K@= 
A>" > Kj
• 2P & +
=-0
~ ?45
A@ /+ 4@H @  H @" 3@  + @
=B?45


~ !
8P K T 
9BV AP
2V <D Q B
9R ; >

 
KV 
T=5 2  h  ? m } :T P Q
H2
/" 3 # '!
†;" :o;" O=V
5  
KV W + % 4!  3 o2" K4 =p rR h
$;W   /" &!P"
LD %5
T=5 K 5 K4 &!Pn+ Š:; T=C /+ P " :ML K B@Š @ S 20+  ! V @":T P
:#"Š D m5n+ Q/  3 /  < <D !
T=5 > :T P p 5  
KV 

 0!
4B!4+ %/ Kn+ %/ .F> <" 4n+ %/ @ < @ K m@2 /D p Š  n:;"
" > M 
.F> :5  
KV T=0+ %
T=5 > MD m!P" %/ @ 
2 6 K4
!   " > M 
.F> !  

%Tn+   /" TjI @ K" K4  g!> †'+ %  .F> +  .F> <" n5 3  2 p
T=5 KD &!Pn+ %5  
KV 
T=5 2  " B+ %B N :
= 0+ }   =" p &C
K4 %B4> 5  
KV /! 
? &B+ %  5 K4 5  
KV 

K   =" X+ % > @  KD 5  


KV 
T=5 3@ <= > <"   =" 1."
%M$ –H !
" %  l" " :T=0> 3@ %l" m %l" m 
T=5 > :T P 4! 
:40+  D / XB 
<D:   /" &*+   /"  @ h !@ 5  
KV T=0+
4" &A+ / /! V / =   4" &A+ %  @ .  / 5
 %mP2V :   =" T P m$
.{ /! V / =  


T=5 2;" m } :T P % 2"  @› &t *.
/+  7V 2  /5i
B 3
% "
h   " K:" % "
h / :" 5  
KV 
T=5 <D p %5  
KV
%/I!8 /+ /C :   =" T P %/!8 /+ /C :m0+ %' q$ /+ .4; + 2
Q ?
] ! B > :T P p % A 2 AC    =" T 0+ %  /  < +
AX@ / H
T=5 M 3>2B45i " AH4 :   =" T P %& . " @ :mP % V 8P
h ML <= > K4
%5  
KV /! 
KD   =" 1: + %& . " @ :m0+ %5  
KV 

Q/ #n %   " 


 :
= 0+ %5" /@=P 3@ e " Q + %=" m0:
 : B T=0>
r 2P B T=0+ %T P @ T P #$
=C 5  
KV 
T=5 M #2B4>
 F
/+ C LD 3 p
/ p
$C
=4 5
:T=0> %5  
KV 
T=5 2    /" j @

KV 
T=5 /n+ 9*F+  /8  
+ m.4> N %3
! L
$C %
. B MA+ A!*F 
9*F+ % !*F 9*F+ %5 

%g>2
p2+ : B T=0> %5  
KV 
T=5 K" K4 % 4B!   =" 1:

T=5 > :mP } 1>28 M @ ! B > :T P % 5" 5  
KV 
T=5 ++
K H + &?" :5  
KV T 0+ %mn+ %y4P" <" / @ 9R AC  T P !

3
T P %   " > M 
.S :m0+ :T P %   " > M 
.S :&P 3  %   /"
.{ / !>   =" K=+ :

“ 80
ND Kn> %   /" <  Tjj T=0
‰ + 3@ m 
=@n
=.P !!i
A>"
!}<=) .
T=0>
L @ ! + % @

!}<= B
T=0>
L @

!}<= B:
T=0>
L @

!}<= 4F
T=0>
L @

!}<=@  
T=0>
L @

!}3
…
" /+ <=F
=
T=0>
L @

C 3
“
=; …
" /+
=F A  @  3
…
" /+
=F>  3@ T=0>
L @
] Y p %Q B

!}3 @u
|5    /" A @ K A" <=2>


$ A 0 N K K hV /2> & 

%Q B
1 +B@ %Q B  3l 3 %Q !i
p= h 0+ %!i
A>" t  K h
2>
." %XB4
H /+ C= &B)@ 2
OC6 C ˜  %Q B h
>20 h
P= h @
4

.Q :@ A
i 
" %Q
2+ Q B
d.i


25 #$
< 

25 " =I
3@  i " N A
=P"
......

!>2
7V 3@ eH

ML /+ m2 /4


€)
  3
K 9BV !>2
7V /+ :o;" O=V
.78
/+ =C   O
/+ q 5D 3
ML H"  %78

:<=
T P C2  %A H h @ 3 )
&!P 3@ Q ? <D :€)
$C 3@ < 
3 T2 ? =" Q ? LD M$ C   % @
h Q ? 3@ 3 )
KD H> | !
< !5
% A? E Šs)@ &A5 ="Š !4 $;" A? =" E*+ %H=P /+ |5> &A5
94   D :5  
KV T 0+ %H <"  M P" 3@ T"
$C!2@ > :T P
.h
2" Q/ K M V" N 
=+ :T P %2B E 4 

% =V Kn Ž8> T2 ? =" %3 )


KD T2 ? /" ~=? K 5  
KV 1+
=+
/+ E$ 2P %m0 @ < N" % @
h mJ? 2P 3 )
KD H" !3
)B@ >
5  
KV T P p %C K h C %S K h S e 
H
H6 + %
2>2
h h 
$ 

L
3@ MB@ 3 M & ? 
<‹+ 94
 !V
T2 ? " >} : T2 ? /nI Š#  Š
.{A 2F 3 
2A C :" 2P D h ?'@ h ?+ 3


T=5 <" !*S OnR m sH" @ %L |P=@ |P=
<" o" %|P=
 &4> 
B &B> N 
 <=B> H !B
3  %3!@ 
3@ 74+ 78
ML <" % D K=> /!
2> K4  . 3 3B> <" ND Kn+ @i
 3!4>  %H
" @ =@i
•! K4 %H !B

.2!  A 2?=> #$


1

.K :T P } 0
h 
/! m" !
T=5 >} :T P %5  
KV 
T=5  Kn+
:T P .K :T P }&R !
K C 1
K " :T P .K :T P }3  " :T P
? } >H /+ 2
/:B B+
Y :T P .K :T P } 
/+ C4P  
/+ 4P d"
T P .#V  =C 8" m 
T=5 /D :5  
KV T 0+ }  
 > 
:mP } B
n M" M!;n+".K :T P }  r=: + m!
/n " p2 m m" : 
. # '!
?;" {  r=:@ W M‹+ :T P %N
K " }3  " }
T=5 d"]] :T 0+ %  
/   "  K" p
2P %  
/ 1>28
  =" T P } 
/+ C4P  
/+ 4P d" }1

6S j
%V  =C  /8B> d 
T=5 D !  > :T P % 1>28
<= > <" 145

%
T=5 " 2A" " :  T=0+ %
T=5 " 2A" %1
K D 
=+ = K4
 K /
4
 / @ + '@ 14" =V" /V" q28" m6 @ 
 :  T=0>
hN " M$ 
 m 20]] :T=0> # '!
7V /+ [[ 5  
KV 
T=5
.......h @ -  V hN " :#" [[

!>2
7V 3@ !

3@ /C & %O=0
3R=@ 3@ /C & %3->  |B 3 78
" 2A  :
/+ /4!"
T=;H 3 C= X> <" ‰>P  . T  %<= .>
=!V" A@5‹ <=.4'>
= 3@ %2  2 

/+  84N AD %  .


KD 3P=@ 3S@ A."
2? p %|>='4
 E C{   @
%|P=
K : /4
2P =5" /C /4
>=! 
OH 0
- K T2 D % 
L 2
K" /+ 2  @" "2 #$

|8
- K T24 AD % !5 >  – R & ?
=
X4 /4
|P
=
3@ &8> @ &8 <D %Q
2. H
2B45N
  :
 € !*N
3@ o=4@
. T2 ? /" |P= %e=. 

!V O2 P <=  / 

 A
 %>=! 
4  ." $;" KD <=2@ =
B
!R 3 %
KD O 2
3 D
0@ 

20
$C 3@ E40 K4 ." 2C  <" KD <=2@ %“=8 
 @" t
W
% > 3   %7 8
A E > 3 E  :!* @ !V O2 P <=  %@ 

p %
KD O=2 &Cu C2  % 
 z) 
 B
 
/+ rB
/+  R
j> j\ Y #=0 ] <D
¦ \ YY Y 
] \ [8 ] <8
] Y [ Z IYYY 2>n 8  
H==@ 10 %…i
/+ 3 4
[ [ Z IY> 3@
Z Y [ 

.[b:
]

5  
KV K.:8
O + 2B 1>28
|P
=@

ML K /+ OA ) #H 


 B
3@ Ti
 3@ 3 p{
=> /+ :o;" O=V
/+ < D  " †; =
ML K /+ %2? r" 3@ 2
/+ U AR" m + %=

B> h  >D >


2C s D %  4@
h N hN @ s4>  % AD Q ?  2
3@ H=?=

$C
!'
~  % 40>R A  m  @ @i
; /C @" s % A 
 &
9P B @ %O2 ;
E=0
m0S" %Q !  m %  >2
Q 5 ml" %!'
<= > @ +n  >2
/+
%A." 3
K mP  %$ C˜ @ x.>  3B d % AB@2 <=B
m+L % Aj
=> 3@ 3" < h @=> m>" @]] : d" T=0> %<=+B> /4
…i  /C + …i
m2!
h @=> m>" @ %Q/ & A @ Q " 20 %  >2
5  
KV K.:8
 + &;H
.[[5  
KV K.:8
+  @ => 3@ l"

%
n@ eH.
 ? KD  4" > % H h  E ?"  4"]] :T=0 m + % A  
/ R + @"
5  
KV 
T=5 K
=X <"  5=. m R" ! d" > : +H 2B T=0 p
3 
 m R @ d" T  <  %9 
 ) 
ND C2B  @ 
 + [[ !}E
4

. ."  " K4 3+H @ 


 %9!
@i T X4@
 %9:

  @ @]] :T=0> |


A)> $ > 2=4>  8+ % 
=V 3 !'
CLn+ q .
@"
.[[  @ "
=6 T ? &?" #2>" 3B:0 %3B? K5=@ 9CL   KD 9CL

% )t  K &;H K4 h


2"  > + %2
&;2+ % "  
/   =" /n>
A? 3 |) + %H! K@ h =C %5  
KV 
T=5 = A? h @
.[[h 4@ M!R" @ h  M!R" @ /@" m" /n]] :T=0> / !> !0>  9 > p %|>)

K e 
&!Pn+ %d> <"  Kn+ !  > d?
]] :T 0+ %e 
 >  †; p

<‹+ 
2!B> < 3@ % @ 2P h
2@ <‹+ h
2@ 2!B> < 3@ :2B @" T 0+ %   /"
\ Z \Y Y &5
\\ \ m;  [ Y ND]\ 2@
K
Y Y 4!0I Y [ "Z Y  @
Z [Z Y YZ
&4P Y Y <‹+" [ [ ^ !IZ YP 3@
Z Z Y Y 2P
Z Y T=5  ] Y [ @
Y Y :=> N /
\
Tj" 
<"
=B>  e 
<n  
]] : e ! 3
T=0>.[[.[a:<
 TW]   0" Z [ YZ Y
.[[ C=4> ND h
) 5" + e 
@ C 04+ %   =" C K4 >v
$C

KD m>=C K4 C=4>   " mB5 <" @ 


]] : # '!
7V /+  T=0+  @"
|P=@ ML ^[[  @ 2P 5  
KV 
T=5 <" m %# @2P / 0 @ …i

< >{
N= 
 %AB?  8
|P=@ ML % !! ! @  "  
/   /"
 
KV 
T=5  V <$B@ % .0> <"   /nI < @ @i
< >‹ 7? #$

.5

< %A  /+ A Q/ & 5  


KV < 2P %- !8
 ? 9:'
<D
 5 /+  ML
20+ %A>H C C$0 @ A@ C2t P C ;" C " A!! A 
. A 3@

] 1P
3
=C |B*> 3 >  B@ %|P=
M$ y4;
LD 1>28
n A+
%<= 
Q !

[[ q2V 20+ T P < <D ]] :   /+ T P % 4@


h h  P28+ !P /+ P #$
< >{
D
A+=P  8
|P=@ K  N %q2V • 20+  @ < <D :   <  =@ 2B T P
| %
= 0>"
=4!p
= @W
=P2V %  
/   /" + 3@ >v

=B5 => %
E 4 2 
.......5  
KV 2@  C & %<0
; C N

5  
KV T=5
> V xB

4 V" 3+ %E 8@ 2B> N 5  


KV /! 
20. @i
E 8@ <D :
/+ /4!"
/* <" ND Q
j 3@  @ 
 %5  
KV /! 
20+ /+ 4!8 jB4+
] !8@
=@  L 2   $4 <" 2 N % A 3@ …i

’> <" KD  /A+ % 4 A K
K 5  
KV 4); A-" %O;i
 X
 > V A @ y' % AB?  > V
T=0+ %S OH ! KD " %5  
KV =C H ! KD 
OH ! 3 r8  <" 4@"
$C Op †' %O20B
@5  2>> ^{ 2!B> h p #!P
$'4 N} :5  
KV
< 3@]] : Š2B 5  
KV T=5
3+2> Š   /" T=P /+ h 0!:@ h BP
 V=

O H K‹+ [[ => N / 
<‹+ 
2!B> < 3@ % @ 2P h
2@ <‹+ h
2@ 2!B>
K4 3XF4
KD %  
|) A @ <=?> g …i
H
 KD %
<H 3@ 
=@i

2!B> < 3@ % @ 2P h


2@ <‹+ h
2@ 2!B> < 3@ :T=0 5  
KV 
T=5
.=> N / 
<‹+ 

:&t 0
A! V 3@ > V=
$C  A+ { O8
O8
} :5  
KV  > V 3@
&;H /  R" 3@ :T P !}
T=5 > Kn> 3@ :&P %K" 3@ ND  
<=;2> /4@" & }
N #$
|8
@5 5  
KV &S )
F < %{ K" 20+ / 8 3@ % 

3 C C …i
/+ 
KD O 2
2  K0!> <" 2 + %O20B
@ ND > <" 3 >

KV 
T=5 C 0" O- ;W &B %|8
@5 / 4  AB!4> O20B
@5 :34*0

/8>   /" Q
 h
2
 h .V 4@" o> =C %2V mp" 2P  + => + /+ 5 
.  
/   /" Q
 4@" O2= 4:!S KD h
)@ %5  
KV !4+ %A

2B A .; 1>28



=B? 2P <=
 ND / X
=
+ :> @ % -
9C$
 
KV 2@ 52@ />; 3@ h
2>+ h ?L= <=  %5  
KV 
T=5
%E=0
 H ! i
qj Opu@ ~
H - !3H *4@ 34- 3@ A > !†L= 3@  + %5
A K => 3 @u
2V A 
p" /4
%@i
@" 1>28
/= - /C o;" -
.   " ND <= @u
 
Kn> % h R  h
C l h
;" hN"  
 2
+ % C;

  /i Ti
E :'

CL K ? %R


=; 1>28
d. /+ m + %@i
K E :; T" /0 ! 
2BV
% B@  $ ! V  $ !!  $ %5  
KV ! 
9 8 ! 
 L %=@"
%1B KD † 4 N /4
%0
  /+ -B
"2!@ 3" % =@H | .  h   ~28 +
/+ |l=
 % 452@ /+ e2  >2? % J h 3
@" 3@ / 3@ &  >2? D
%  

$C &@n4> <" h
X " hP @i
@" 3@ / 3@ &  % C" /+ &?
 % 4.l
2P /D !e 
A>"]] :7V H 5‹ X 3
(>  /+  A+ T=0> /4
1>28
 
E$ 
  @" q28
%/=@=0+ n5" <D %/= n+ m " <‹+ % ' m   m
$;W K4 |B  + #=0
 %
Q  <D  1
$;W K4 #=P  + |B*
% ;
ND =P /+ ) .
) N %T$  
A$; ND H A
=P ~2> N %
Q  <D @ 1

  /  R + =5 
m8
L‹+ % =5 
mBR" @ /=BR" %Q!  
A
- =45H ^[[

A P 1>28
 @=8'
2  j S #=P #=0
+

A
 A
 V ' <D 4 2B |B |B*
@

@ 5" ‰ 1>28


L .D
gB! "2 %5  
KV /! 
3@ $;" #$
A 
ML 1!:4 4+;   =" "2
@" %O)  @ X
6 4>  =C @ 5nI Q
=
20 2P 5  
KV <  % @ 5" ‰?
%q . 
 %9:'
- %EB
&t !P xB + 2
mP f /+  )
KD ?=4  ‰

K e 
 n+ %C2 OX  A! 20.  )

/+ O:
 F <=
 V
=" 9p=+ %  M$  " 3@ ? 3@ %ML &?u> <" % @ 5" ‰? gB!> N" 1>28

%
T=5 C20 O20 &" N 2 /. #$
]] :T P %Q {
2" K" %25i
!p  
E 
<" " %  >2
T= 3@ ~ !
<" %/ .:' :
<" m l = =C ND D N #$

%
T=5 20 Q
=
h m @ %
T=5 A? h )? HH @ 3 @u
 A@" &?n ?
+ !} 4@
h 8" h  
T=5 Rn+"   < [[ $.i #S o0
/+ 1!>  = 

!~ ! > j

25i
s
L K 
 KS=
s
L /+ 20> 25"


% 5
 O=2
3R= Q
2i
R D S %Q
2i
S †'  C@" %‰
…B45


/ @ 5nI >  3@ •!> %5  
KV =5  R   R †'> ML @
3@ <" 3B+Š 3ji " 3! 4]] : @ 5" T=0> % !

h  @ 5" h  @ B>H= /+ †; <" 


 5 3 C /@2P !S" <" /
] @ %9 " N mj N 
 :   =" T=0+ Š B+  
=
7 8@ @Œ 10 @ 5" ‰ ?
;‹+ %
2
h h
H2@   =" < 20 [[ 
&!5 /+
KD E4>  |B*
<" m!p" %A!" ND EB
Q " 3@ / K ‰
@ + %-
. A! O + 2B @i

@ 5" 
%2  B @ O=0 ND ‰
  =" †;" @ :2
/4
EB
&t !P T=0
3@ A?= |P 3@ & K K*P <" 2B h @=> 3B!5 2B s C 3@ ? % Q 0!
KD )
&  %3
 !  K" i 3 04
2P %
h=8 @ h
.-@ ? %5{
Q
2"
9

Tjn+ %5  
KV 
T=5  :    =" ~ R" %~ ! Op 
 ML
V >" H
25 % 1>28
-B 2A)> 
K Ti
8 
< + %
Q
2" E=P /+
.~ ! Op ML &  % @j .P=@

.3
!C 6j %2
< " 1>28
m!p |P
=
$C &X
2B0 K)@
LD 78
d  L @  $ 3B N

3>2
3@ 1>28
|P=@

KV 
T=5 =  
5{
 = <"
= l <" 2B %EB
&t !P xB P  2
T=5  @ <D K4 %/A4 > N => N 5{
<" e 
   " 3  %5  

 Pi
3@ mP /.+ %EB
&t !P 2
LD 1>28
K @i
&0p %5  
KV 

 5

T !  Tj = @ /n Tj]] : )t  T=0 %  >2
  @ /+ ND B
0 
 "  
/  T 0+ %3>2
K E
3n+ %[[ A-  R  A A
@"} :5  
KV T=5
T P 2P e 
& 0 | %A.n A 1+"]] :h
2A4@
  0 ND @H  @ / @ 8 A P 3+ %
ND D N <"
2A)> K4 e 
& P" <"
!*S  
/   =" 9*F+ [[ !   " > 
ND D N <" <2A)> AD {
K
%5{
/+ 
=; C 
/+  !?" ! E :'
3 I> M@" M4 p]] :OA)
4=P T P %
3 q+ 3@ 3 Pi 
 %/=
:0
 %3>2
 2P D %MN$' / 4J+ M8 =?
 A4 0 5  
KV 
T=5 Hu> < hN 0 /=B @ = 
 %O j
 O8

.[[

%  
/   /" 0+ 3@
$C % @ 
h 2 O j
 @ 1>28
&@  20 !!i
A>"
2V U)
%& 0> <" ! V 14> 5{
3@ †; . 5{
t
 3@ B>  ‹+
s2> %C " /+ 3>2
1> / 
&
 L K*+ %|P=

$A <= @u
 
.ML  <  %3>+ A 8@
=0> " 5›
H=B> K4 A=? &.> A

5{
(>  3@ J*@ .V

5  
KV 
T=5 @
" 
@
" $.  /+ jB
 j
KD 4>"" :
/+ /4!"
Q
2" K 1
=8 PH 8
E=0
3@ †' /4
PH 8
  

 AD % 1>28
3@
.
Q " E=P K !  %

 $ .W   /" 3@ C=4B5 /4


  
M > =C < {
<D !i
A>" > 

/+   
/ 2 ; =C N" ;W / V 3@ % *>" h '>  3@ J*@ .8 ML
ND EB
A>"  H 3@  ?;" @  2P :
OH P 2" < C @ T=0> => % X 3
(> 
&X@   XB   & <
L‹+ %
=B?
  H O)  @ 2
 & /:B
=A+ %~=

> #$
3>2
M$ e 
9" #$
 %
8  1X> #$
3@u
OjB 2 ; T 0+ .ML
<" F %2
E) =P " S %M$ ?; @ %2 2 ; d. #$
 N]] :T P % !P /+
%T P  " %[[ t @H 3@ E) K4 ? 3 %M$ J+ 
H 3@ 9R" @ H C
.A h
2 ; 
8 + žA=P /+ 9

K0n+

C2t 0  5 94 + %  >2
$C  /8B44+ %
hA" <
2!
3@ O2 V > #$
2 ;
O2 2t P =CŠ /@
2t 0
M$ T=0> %|t
$P 1
=V @   
†' qH V 9P 3@
% @ <=!C$ 3>n+ :2B @" % 3> P O2 /+ 
2t P KD 2=
3 2 ; 3@]] : 3> P
&?
ML 3@ < + %[[   :@i "  D 
2BVi Q 
KD 2BV = 

 P R N  >2
E
="
=4+

=?;
:T 0+ % !P /+ 9

K0" %~j+ 9 <" ND
.QNuA

2 ; @ h ." <=B" & 0@ /+ h ." <=B" < 4t @ CH2 


A+  0> % s=@
 B@ 2 ;
3@ h ." <=B" %Q/ & 3@ A >= H 8@ 3@ A
H P 3@ <=!>P /
8 <=@  %
.2!
 / $
A+ *> 2!
A+ 2!> B5   V +'
…" 3 A  3

:h !*F@ 2 ; T=0+ !


X " @ :5 0
  
?
r-
$C /+ 2 'I T 0>

=.B" 
<" HH % N$' <=0> 
8  
X > D %AP" @ & m 5
]]
+ %+  /+ ?= 9V" 2P < 20+ 5+ =C 0i
 [[ B? 3@ Q 0i
<" %H2B

 @" |0 < {


<D !!i
A>" > ! " 
%/)> =C *> 7!V" %/F! >  /)> 7!V"
.ML P2V  78
&0 
N= 
 :T=0 }$C mBP 2P :T=0+ %$C


/ 2 ; e+ &? /+ h B < > N /
8 <=@  3@j
>H 
O=0
  /+

A @ 1!:4 ND   /+  8 N 
 %8 5 
<" 30> \ \ i }
L  % 
Y Z 
Y Y
7 8 20 <= 
’
2" > K B  !5 
o K4 %   /+ O!  OFV & /+
N 2 …i
/+  >H=!B
10 =C 2
 r2C /+ &X4 /4
3 @u
r
2C" 10
.  M>
%
<L‹ Q/ A@ @" m!X> N <= 

$C /+ #> h
2P 
Q "   7!8 |
-

. &? 
ND 20> N h - h F!@ •!4+ %Q/ & A 
~=:+    <=0: >

3 #R xS ¥=.@ A 


<
=  V" 2 ;  & P #$
3>2
<D :
/+ /4!"
Y [ \ Y Y [ Y D
<=-+  ] \ Y  $

‡ \
[ Z Y D] :8 + J @ K4@ O 
o2@  & 0 >2>"
Y Z YZjI] Y 3
.[”:
]

At
2" - /+ 3
 84
&@
=

r
=R 2B
A m!X> N 5  
KV 
T=5 E V" <
$ C!
/+ !i
A>"
Q
2i
K4 3  %N ;
h  

$C !4B 2P >H 
O 
zF m 3 %Q 0
2  P 
.M$
2A 2P

:@jA @ 
m@2P 2P 2  T=0> X 3
(>  /+   :D K =C &PC =C C
4n+ :T P .K :
= P } X@ h
)
="  = 0> 3>$
=0
QNuC 3 /!;" ! >
T 0+ }<=@jA     + :T P %|P=@ & /+ h + B" A @ X " 3 & :
= P }C " X "
<=+=> % A 
<=@=8> %&
<=@=0> Ai :T P .B :T P }MP2V"" :At - 3@ (
%'
E) + 3 @" %A  + <=.V 4> % 
3 <=A > rB  <@n> %2AB 
%
/>  KA  %z'  @n %- %98F %2AB
x0  %

9  %/j
.   P R N @ A @  " 20 / 4P2V 20 : &PC T P %…i
/+ 2.

LD %O2B
N H2B
OX  N O20B
O=0 C2  O!B
%5{
@" 3@ Ti
&
<
$ C
.< !
2> /+ U P N

Q
2i
 2A @ &*.
 o2B
K4 A*.  i
2A

:A @ AD


?" 2'
/+ B@H 2   A -
3?
LD & H !

 >˜ 3C24> =


KD
=!C A H A
oH 
LD E S 25"
45
 . 
@ % =P ™P= @ B   3>
] [Y <" 
Tn !
/+ O=;{
A>"   +
.Q
2? Q
2" %e " H=5"  %>jC L |B

+ 8
.V 3@ .  Q '4+ @ B E
/+ / 25"

!3  > !3  > !3  +

@ ‰? 5› 1!> " †j; <;W e" 1!> "

4) H=A
mS
=R 9 " 2A
3@ /! @ > F+

J" d;" @ A .> #$ + 2F


 u 
=

LD

=0@ H C 
E 4 <‹+ Oj mJ <D 5{
@" +

8B> Q=5 & 3@  -.>  jB> 


=5 Q/   d

:T=0 ‹+ + 3 @ @ %- t ) s C <" ND !!i


A>" + 3 @ @

!  M <LW 2P /?.  @6" #24

%ML K /C 


@" /n> K4 O=8 @ 1
K .t R T
j N %= 
2=> -
P /+
..t :
$C &C" 3@ <=  <" 
=?i /D

†j; <=@H P e" + h ?j; h 5" (> 4


r <D

 
/ 1>28
O +

KD +'  2A 2P % "  


/   /nI =

 5 m :o;" O=V
<D %  / + / l s
$+ T2 <D]] :h B@ h
=45H h B
 ht P % "  
/ 
f Y Y Z @[ #"
90I ] Y
=l \ ] BI
[ YY 3>$

Y [ Y Z Y5
Y Y :9F
" N H" '
 94
@ –@
& + T2
Y [ \ Y Z IY>
.[[ [cck:Q
B)
] <=!0I
K.:8
+ T P K4 %2P @ @i
 T=5
  5 2P <" 2B  
/ O 
Q ?
 n+ 2P ND 2> 9 V 3@ @} :9>S 3 :T P #$@4
o  5  
KV
.{ @ 0
=> A J+ > h
2> 
2   <‹+   " ND % A

2P D @"]] : /!C$ Q .'


E 4 /+  )t  4 N 
 
/+ =C   =" T=0> p
! % =: /+ A@ BR 3);  "  %
h >H N h CH & n + 3
@" 

=XB + %/ @ 3@ H
6 @
- + %3
Q/+ 3@ Q/ 2  d % =Al K A p 3);
% )!
h h
2! |; } >2> m @i

j@ m 3@   + [[ #2B 3@ .'
KD 
Q ? + %  KD )t  A mXB %C
H ; #  N OQ ! %  /0> < h
B
T=0+ %2B 3@ 9B" 20   " 
]] :T=0> =C ) % =@H m 5 K4  K 
 h ! 1  h
2@ gB #$
 : T P % A †=" A+   K CH !  > : 8

" [[ /    /C" C" 3  %=


2B C" K CH" %=
2  A?' 3 >
. "  
/ T P 

%
KD H %
 $ &?  : + m 5n+ % At  KD   =" U
5"
$ C
@ 2C ? 4B+
H  : <
2> 
45
 %
); 3@ 4  A5  : <  m*S"
2C
j
 2 B
 2C 
 
2 hX@ . 3@ &B? <" 2B @i
1>28
~H—  %
T=5
 
KV /! 
@ m!p %
T=5  >" R H A? 1 
/+ 2C ? %/
=
 .'

KV T=5
1  %2C )
? 3  E
ji
 2" /+ %|P
=
M" /+ 5
 
KV 
T=5 A @ 3 2>  D @i
25 => %Ki
1+  5  

."[ 2P 5

AA 3  % C n e 0 N )!


 %3 
 J@ /+ &B.> N @ | 34 5 /+ 10+

j? % " A:; 3 
/+ %5{
(>  /+ P)@ .V m>=R
$ C % A "
%3>2
 
™. 2P %@ 0
=> KD 
4@" 3 & % 4 3 .; oj? @ ; 

.3
 5{
 8 %3!
1
 j"

}3 3+ H
2?" C C ˜ W MJ" !<=
A>"

h !); m!V" 2P  C C h !CL =0 @ H


2?" E
="
h  t
2" 3@ =
*B !R P e 
05 2P j@6 3@

h ! B / !  =V "— B?" <= 



$C )" /D

h !*S A  S /+ "j 25i A." <W0


AR 4.

h ! ? A.V /+ o N =4


=4S + d?
 '
O 
=+ 

.l + [ "YY  )> 3@ %A 4"

U+ 
   !)4
<D AX@
==   <D
=A!)4+

A+ &: <n O>2?   m <D %  


/   /" O  g>2
&R" <" 2>" N
.......3

$C &X@ /+ + 
 {
$C &B 3  %g>2

E :'
3  .'
@  .P

 
/  =C N" o;" P O  3@ &tP =V @ |0 <" <=
A>" 2>
3@ 3 8
    /" A @ 3 + S h =P ™P=> <" 
&
] ž2 - .P % "
.5  
KV 2@ @"

KD OA 2B4 m 4  m  


2! " <" : &t *.
/+ 3 H 5‹ 2"  @{
o
 P /+ T=0> % h )@ T
j> N =C A |0> BI LD % + 34. <" A >2 h

+ )!

&B =AP =4>LW 


…" /+ 3?'  %B :m P 
2! " > qR AD]] : @ 2AB
j" 2P r8
p %
 !V : @ C
" 3 "  P /+  T 0+ % ?+
h  &B> <" 

.[[ ?;

% @5D /+ mB:  j 4P <v


 m>" = ! 
2! " > :m 0+ % A?6 Q +
K =P  -S 3@ o>  %E :'
TW   > K4
$C > N: A?6 T 0+
.......3

 5D
N en> + %Q )> 3@ =  
#2A> %Q )> | A!0> 3
 V" 3@ 3B!VD 3 E=0

%E :'
TW   > K4 > N :  &P #$
=C A+ %€= P N T B45
N /
=

2! N T=0>  T=0> %A@5D <=.'>
= mP /+ @5D 3B> %
&*. >
B@ 3 &?:  &P Š @5D !; &04 > <" 2>>Š }g>2 &0" ‰>P #"
^ ]] :3 H 5‹
@" : &I T 0+ %&B.>
L @ - > B!4> 
2! 
2S ŠQ !"  
$C &? < Š
>  P D % &? B?
 @ 
=+ :T P %2@ 3>H /+ m;H m5" 2P /" m
. [[ B!4>  h @ ?

:T P %n!V 2P  <D N" !‰>P )B@ > : =V Kn ŽV 2
E  K  P
LD K4

 X+ :T P %
T=5 h
2@ <" 
ND D N <" 2A /  E$ : .; 3@  T=0+
|B 9B4+ %A5Q K d)
m@ P K4 2
/+ = 0> A 0> U + 
|n+ % 
2 @
=B+
:d ? =C 5" K r=P C 3@u
OjB T=0> =C %1C"
.  C 4 "  C=4 4 t pp = <"  

3B> %. 
o24> =
7!8> C"   > K4 > 3 D : + T 0> < 3@ ! +
h
2P \ ] @"Y <
Y Y 
[ Z Y YY :
@" D % 4.
r=; A@5D <=.'> e 
T
6 N mP /+ @5D
.[‚:E
ji
] h
20@
[ ZY

.  V" &>j 4
 @ /+ !8  0 ; 
 35n N /;"

5{
2B 

]] : 9AV T=0> %o;" O @ /+ 4 4 /P !


~H" 3=V " O=V K |P" /B
.  3 
/+ [[ .R m!
T= ?   =H 5{
Al  5"

< :)
M0 @ 2 /. #$
} : 38
/+  5  
KV 
T=5 T P
.{ M+ S h + M5 ND h + h  5

2>2)
=C %5  
KV K.:8
@ 2 
2C 
=C %
E 4 2  r P=
=C
) + ž   /" 2B +'
/ 3@ =C p %  
/   /nI  )4
=C p %1
/+
q
] Y %TH 2A /+ m>6" %-  =4+ >2> K 
74+ T2 …i
/+ 
3>H
24@ + %…i
9 S • 5{
 V K4 mP /*> 2 >  %ES]Y 2A /+ 5{

 #2> K m:05 & %8P o  j4C


 %EF
KD q)
3@ 5{
H
.  3 
/+


n@ Ž= 
  H" m>j
 H =  h
 o> 3@ >

 )' 
s=@ +=; 3@ h P+ 5 K o j4A>

%J*
O=8
$C %/ 

$C  $ 2B  
K =
Q
A> !i
A>" O-
:T=0> <" ND M> +

2P=  A  A 0p A)C 2" h


  o" /D

2A)  n  !4B  ~H=@ &!0@ ;W  

H.@   S # m) @ / n <= 


mA ) 20

HS
= P y.P /+ =@ )>
=8P =.8B
 @

2 3@ h
2tP  
- #$
3@ =
- #$
3>"

#2 " #= " #24F <" C U=4.


AC < 2P

.3   l %3t 
™P=  *
 %304 !P B
<i ž<=t .4@ ‹+
$C @

 V 
@ 3-
& o n K4 
=2  D

20]] :3 2  &t *.


/+ 2"  @{
ML o   
/ H=B@ 3
T=0>
% 4!!i  !> h ! <" " /" = 
 % &? 
m.; 20 K4 h !  m!!"
@5D <D [[ K*B
K4 Q/ & 20+ 2? 20 %=@" K4 BI h @H ; m /" HH=
@ 2=@   / %   
/+ % <  :5 %
h8 m C % 4+
h <
.5  
KV 
T=5  V 3@ S B

$C O  3@ o;" =V

@i
n Q
24PN
 /5n4

:P x+ 3@ xS


 /C @i
$C " 3@ 3? 3 O  ’
2" 3@ Oj?=@ =V $C
$C &X@ /+ A
HD 3 > N =C ND D N #$

 A  3@ !B

L =8
 % 3@
& K |P" <" 3@ TL" &P" i %< !
3@ C$. 4 
 :4> N %< @j
3@  B

.3B
3>$A O=V

}†L  
$C &X@ m?; /4
C 
/C @ :T=P" / 

} A @
=A /4
+ 0X
/C @

}2

$A <=@=0> AB? #$
?=4
 4
/C @

 5" m % >2>" 3 m


6 N QNuC m?; /4
+ 0X
 >=4
 B4
C 
<D
.P C 
$C K |0 <" h  ! h ! Q  hN ? 3
3 2?" @ %  8"
. $  $4 r$0 &A  2B  %H !
Q 
K <w-
 %Bt

OX
K 3 *

% t " ." 4 t= K  h 5


! C$'4  Q -B
QNuC =V K |0 <" 2?" @
&? %< @ < @6 &  A 

$C 3>2

$C 8 3@u> % =5   3@u@ &? J) 
R N Q
$>D N Q .>)
> F
$C 3  X> N % >H OH 5 &!5 /+ Q/ &  /*>
&+ 
/+ A q2)4  8 <= 4 =8
$C K r=P=
2>  %Q
SD N
.E {
C -@ 3B@ 
3@ ~j4  Q X  K-  2? 
/+ A 1A.4 %#H
= 


†'  A @ †'4 52@ '>  3@ PH 8


’
2i
$C <=  <" 2> D :
 N
A =5 AP;" A A A >D /+ A PH V hX@ <=  %<=i
OH 
MJ"
.j>jB 
K ML @ %A j4
 5{
 j4B> K4 A
H P

 V 
@ 3-
& o n K4 
=?  D

. C;W A" @i


$C /+ '


2P %=A-
H 3@ > %<=.V
=
.8> N %<= -
: ' N %<=B

 N 3@ > A

%=?=
 " MA? %*'+  Q/ & TL . + j 3@ > %28
d?
=C  %=@i

&!0 9$
.F *
|)  :*
9 %:B
-" M4: % 
-" MC ?

‪ > %O.F
5
 > %6 4
3 > %7!0
45 %&
Al" 3@ > %m" ND D N E=4‬‬
‫‪3@ > %o= & +
 > %o=  & KA4 @ > %o= & @ 5 > %7.8
> > %3
-‬‬
‫ >‪ @i
$C  <" Mn %
 {
 T

L > =P > / > %<= =4
& =4‬‬
‫ @‪.K.

. 3>$
  B
M4 &B %sQ
2" T$ sQ " A+ jB %‬‬


‪K 2= %M4 R K m04
 %M4!@ K mB4?
2P E=0
$C <" B MD A‬‬
‫‪\ C2C
 CH H" A
%M4B> O8 K 2C B %M=H‬‬
‫
‪A
% A o2A
> A 2C‬‬
‫‡‬
‫‪. C ; A T‬‬


‪<" A
M L=B P=+ 3@ % t  3  >" 3 .; 3@ >2>" 3 3@ -.
A‬‬
‫‪. 4 3@ T 4F‬‬


‪% A N V % F:> N Kh S  9C %MD sH ! 0+" %M M0; K S" B?
A‬‬
‫"‪.
ND D N 2
3@ @ ;W &B?
 %  4 S" 3 A
S‬‬

‫‪<N$'
O 3@ A o2A> !4B@ 3@ A &A+ A- O=V‬‬

‫ ‪/
=;D > ™.
 4;
S ’2@ 2>2? 3@ A+ W‬‬

‫‪< 
3@ &*+
L m " <D /! 3@ s
$+ n5"
L‹+‬‬

‫> ‪<
= i
 <
2!
K # B5 /t
j? &B N E‬‬

‫"‪<
= i
/+ 
1; 9i B? 
 /V #2C‬‬

‫‪.......3 B
E  2
 %35
K 5 %<=.8>  OjB
E M < !5‬‬

‫صور وعبر عمر بن الخطاب رضى ﷲ عنه‬

‫الحمد ‪ 9‬المبدئ المعيد‪ ،‬الغني الحميد‪ ،‬ذي العفو الواسع‪ ،‬والعقاب الشديد‪ ،‬من ھداه‬
‫ﱠ‬
‫ووفقه‬ ‫فھو السعيد السديد‪ ،‬ومن أضله فھو الطريد البعيد‪ ،‬ومن أرشده إلى سبل النجاة‬
‫حسن‪ ،‬وھو أقرب‬
‫ھجن وما َ ُ‬ ‫فھو الرشيد‪ ،‬يعلم ما ظھر وما بطن‪ ،‬وما خفي وما َ َ‬
‫علن‪ ،‬وما َ ُ‬
‫الخلق قسمين‪ ،‬وجعل لھم منزلتين‪ ،‬فريق في الجنة‬ ‫ْ‬ ‫قسم‬
‫ﱠ‬ ‫إلى الكل من حبل الوريد‪.‬‬
‫فعليھا‬ ‫ومن َ َ َ‬
‫أساء َ َ َ ْ َ‬ ‫صالحا َ ِ َ ْ ِ ِ‬
‫فلنفسه َ َ ْ‬ ‫عمل َ ِ ً‬
‫من َ ِ َ‬
‫إن ربك فعال لما يريد ) َ ْ‬
‫وفريق في السعير‪ .‬ﱠ‬
‫للعبيد( أحمده وھو أھل الحمد والتحميد‪ ،‬وأشكره والشكر لديه من‬ ‫ربك ِ َ ﱠ ٍ‬
‫بظالم ْ َ ِ ِ‬ ‫وما َ ﱡ َ‬
‫َ َ‬
‫أسباب المزيد‪ ،‬وأشھد أن ال إله إال ﷲ‪ ،‬وحده ال شريك له‪ ،‬ذو العرش المجيد‪ ،‬والبطش‬
‫الشديد‪ ،‬شھادة ْ ُ‬
‫تكفل لي عنده أعلى درجات أھل التوحيد‪ ،‬في دار القرار والتأييد‪،‬‬
‫البيد‪- ،‬‬ ‫ﱠ‬
‫وأقلت ِ ُ‬ ‫السماء‪،‬‬
‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬
‫أظلت‬ ‫محمدا عبده ورسوله البشير النذير‪ ،‬أشرف من‬
‫ً‬ ‫وأشھد أن‬
‫تسليما كثيًرا‪ ،‬وعلى آله وأصحابه أولي العون على الطاعة‬
‫ً‬ ‫صلى ﷲ عليه وسلم ‪-‬‬
‫ً‬
‫دائمة في كل حين تنمو وتزيد‪ ،‬وال تنفد ما دامت الدنيا واآلخرة وال تبيد‪.‬‬ ‫ً‬
‫صالة‬ ‫والتأييد‪،‬‬
‫البشر‬
‫ِ‬ ‫بأنه خير مبعوثٍ من‬
‫روحي الفداء لمن أخالقه شھدت *** ﱠ‬
‫والقمر‬
‫ِ‬ ‫عم البرية ضوء الشمس‬ ‫ﱠ‬ ‫عمت فضائله كل البالد كما ***‬ ‫ﱠ‬
‫آمنوا‬
‫الذين َ ُ‬
‫أيھا ِ َ‬‫مسلمون( )يا َ ﱡ َ‬
‫ْ ِ ُ َ‬ ‫تموتن إال َ َ ْ ُ‬
‫وأنتم‬ ‫تقاته َوال َ َ ُ ُ ﱠ‬
‫حق ُ َ ِ ِ‬‫ﷲ َ ﱠ‬‫اتقوا َ‬
‫آمنوا ﱠ ُ‬
‫الذين َ ُ‬ ‫)يا َ ﱡ َ‬
‫أيھا ﱠ ِ َ‬
‫ﷲ‬
‫يطعِ َ‬
‫ومن ُ ِ‬ ‫ذنوبكم َ َ‬ ‫ويغفر َ ُ ْ‬
‫لكم ُ ُ َ ُ ْ‬ ‫لكم َ ْ َ َ ُ ْ‬
‫أعمالكم َ َ ْ ِ ْ‬ ‫يصلح َ ُ ْ‬ ‫قوال ً َ ِ ً‬
‫سديدا * ُ ْ ِ ْ‬ ‫وقولُوا َ ْ‬
‫ﷲ َُ‬
‫اتقوا َ‬ ‫ﱠُ‬
‫عظيما( سالم ﷲ عليكم ورحمته وبركاته‪ ،‬وأسأل ﷲ العظيم رب‬ ‫فاز َ ْ ً‬
‫فوزا َ ِ ً‬ ‫فقد َ َ‬ ‫ور ُ َ ُ‬
‫سوله َ َ ْ‬ ‫ََ‬
‫ذخرا لي ولكم يوم تتقلب فيه القلوب واألبصار‪،‬‬
‫ً‬ ‫العرش العظيم أن يجعل ھذا االجتماع‬
‫وأن يجعله من صالحات األعمال‪ ،‬وخالصات اآلثار‪ ،‬وباقيات الحسنات إلى آخر األعمار‪،‬‬
‫خيرا من‬
‫ً‬ ‫ذخرا‪ ،‬اللھم اجعل سرائرنا‬
‫ً‬ ‫ذكرا‪ ،‬واجعله لنا‬
‫ً‬ ‫أجرا‪ ،‬وارفع به‬
‫ً‬ ‫اللھم اكتب لنا به‬
‫أنر بصائرنا‪ ،‬وثبتنا على الحق حتى نلقاك‪،‬‬
‫خيرا من أقوالنا‪ ،‬اللھم ِ ْ‬
‫ً‬ ‫عالنيتنا‪ ،‬وأعمالنا‬
‫يرتجى منه‬
‫واجعل حديثنا حديث قلب لقلوب‪ ،‬أنت أكرم مسئول على الدوام‪ ،‬وأحق من ُ ْ َ َ‬
‫األلبابِ َما‬ ‫عبرة ُ ْ ِ‬
‫ألولي ْ َ‬ ‫كان ِفي َ َ ِ ِ ْ‬
‫قصصھم ِ ْ َ ٌ‬ ‫حسن الختام‪ .‬صور وعبر الحلقة الثانية ) َ َ ْ‬
‫لقد َ َ‬
‫يفترى(‬ ‫كان َ ِ ً‬
‫حديثا ْ َ َ‬ ‫َ َ‬

‫أحبتي في ﷲ‪ :‬إن الصحابة األبرار كما تعلمون ھم حملة اإلسالم وحفظته بعد رسول‬
‫ﷲ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ ،-‬اختارھم ﷲ واصطفاھم لصحبة نبيه‪ ،‬ونشر رسالته من‬
‫ﱠ‬
‫وزكاھم‪ ،‬ووصفھم بأوصاف الكمال في غير ما آية من كتابه‪ ،‬رضي ﷲ‬ ‫عدلھم‬
‫بعده‪ ،‬ﱠ‬
‫َ‬ ‫نوع فريد من الرجال‪،‬عدول ثقات صالحون‪ ،‬حازوا َ‬
‫قصب السبق في كل‬ ‫ٌ‬ ‫عنھم ورضوا عنه‪،‬‬
‫نظيرا‪ ،‬قمة في التقوى والورع‪ ،‬آية في التجرد واإلخالص‪،‬‬
‫ً‬ ‫شيء‪ ،‬لم تعرف البشرية لھم‬
‫نبراس في الدعوة إلى ﷲ‪.‬‬
‫مشعل في العلم والعمل‪َ ْ ِ ،‬‬
‫ِ ْ َ‬
‫ألحد مقاال فتحوا القلوب‬
‫ٍ‬ ‫عذبا زالال وأيدوا قواعد اإلسالم فلم يدعوا‬
‫ً‬ ‫تا‪ 9‬لقد وردوا الماء‬
‫بالقرآن‪ ،‬وفتحوا القرى والمدائن به وبالسنان‪ ،‬ھم أنصار الدين في مبتدأ نشأته‪ ،‬بذلوا‬
‫المھج يوم بخل أھل الدراھم بدراھمھم‪ ،‬رجال المغارم يوم يندس المغمورون في‬
‫ُ‬
‫ھمھم حشو البطون‪ ،‬وال‬
‫ﱠ‬ ‫ودماء وأمواال‪ ،‬لم يجعلوا‬
‫ً‬ ‫وأبدانا‬
‫ً‬ ‫قلوبا‬
‫ً‬ ‫ثيابھم‪ ،‬ھم ‪- 9‬عز وجل‪-‬‬
‫لبس الحرير‪ ،‬وال اإلغراق في النعم‪ ،‬حفظوا الشرع من أھواء الزائغين‪ ،‬وحموا الملة من‬
‫ﱠ‬
‫وصلوا‬ ‫الوح َيين‪ ،‬وحضروا البيعتين‪،‬‬
‫ْ‬ ‫زحف المناوئين‪ ،‬شھدوا التنزيل‪ ،‬وعرفوا التأويل‪ ،‬حملوا‬
‫ھم‪ ،‬وھمھم رفعة ال إله ﷲ‪ ،‬كلھم له قصد‪،‬‬
‫ﱞ‬ ‫‪-‬أو أغلبھم صلى‪ -‬إلى القبلتين‪ .‬كلھم له‬
‫وقصدھم الجليل في عاله‪ ،‬خرجوا من أموالھم ‪ 9‬ولرسوله‪ ،‬فما شفا ذلك لھم غليال‪،‬‬
‫فأبوا إال أن يقدموا الجماجم‪ ،‬ويسيلوا الدماء‪ ،‬ويستعذبوا العذاب في ذات ربھم‪ ،‬فرضي‬
‫ﷲ عنھم وأرضاھم‪ ،‬وأكرم في جنات الخلد مثواھم‪.‬‬
‫الممحل‬
‫ُ‬ ‫الزمان‬
‫ُ‬ ‫بيض الوجوه ترى بطون َ ُ ِ ّ ِ‬
‫أكفھم *** تندى إذا اعتذر‬ ‫ُ‬
‫ﱡ ً‬
‫تكلفا‪،‬‬ ‫علما‪ ،‬وأقلھا‬
‫ً‬ ‫قلوبا‪ ،‬وأعمقھا‬
‫ً‬ ‫متأسيا فليتأس بھم؛ فھم أبر ھذه األمة‬
‫ً‬ ‫من كان‬
‫ھديا‪ ،‬وأحسنھا حاال‪.‬‬
‫وأقومھا َ ْ ً‬
‫ولدوا‬
‫والندى ُ ِ ُ‬
‫ﱠ‬ ‫سقف المعالي‬
‫ِ‬ ‫نمو *** وتحت‬
‫ھم الرجال بأفياء الجھاد َ َ ْ‬
‫ُ‬
‫ملة أبدع األكوان ما عبدوا‬
‫ِ‬ ‫جباھھم ما انحنت إال لخالقھا *** وغير‬
‫ُ‬
‫الخاطبون من الغايات أكرمھا *** والسابقون وغير ﷲ ما َ َ ُ‬
‫قصدوا‬

‫ومن ھنا‪ :‬فإن الكالم عن ھؤالء العظماء‪ ،‬وكشف الستار عن الصفحات الناصعة التي‬
‫سطروھا‪ ،‬واجب محتم علينا في ھذا العصر في ھذا العصر الذي نعيش فيه معمعة‬
‫األفكار‪ ،‬واضطراب الموازين‪ ،‬ومواالة الكفار‪ ،‬والوقوع في الصحابة األبرار‪ .‬واجب؟ نعم لردع‬
‫وسبوا خير جيل‬
‫ﱡ‬ ‫أھل الھوى من الزنادقة والمالحدة‪ ،‬وأھل الكفر واالبتداع الذين انتقصوا‬
‫وج َدت على وجه األرض‪ ،‬ال لشي ٍء إال ألنھم َ َ‬
‫حملة اإلسالم‪ ،‬ورواة األحاديث‬ ‫وطائفة ُ ِ‬
‫حاد‬
‫َ‬ ‫طويتھم‪ ،‬قاتلھم ﷲ‪ ،‬وقاتل كل من‬
‫خبث ﱠ‬
‫وتبرز ُ ْ‬
‫وتظھر ضاللھم‪ْ ُ ،‬‬
‫بدعھم‪ُ ،‬‬
‫التي تھدم ِ َ‬
‫ُم ھلم‪ ،‬وحي ھال بكم –‬ ‫واتبع غير سبيل المؤمنين‪َ .‬‬
‫فھل ﱠ‬ ‫وسنة مصطفاه‪ ،‬ﱠ‬
‫عن كتاب ﷲ ُ ﱠ‬
‫أيھا األحبة‪ -‬لنعيش الليلة معكم في ظالل محطة صور‪ ،‬ومائدة عبر من حياة َ َ‬
‫علم آخر‬
‫في سلسلة أعالم ھذه األمة المباركة‪ .‬علم يجب على األمة أن تجعله وصحبه حديث‬
‫شيوخھا في السمر‪ ،‬وقصص أطفالھا الذين لطالما أشغلوا بالقصص الھابط‪ ،‬والرسوم‬
‫المتحركة‪ ،‬وحديث شبابھا في منتدياتھم ونواديھم التي لطالما شغلت بالحديث عن‬
‫الالعبين والفنانين والساقطين والساقطات‪ ،‬إنه من أظھر إسالمه يوم كانوا يخفونه‪ ،‬إنه‬
‫من ﱠ‬
‫تقلد سيفه وتنكب قوسه‪ ،‬وأخرج أسھمه وأتى الكعبة وأشراف قريش في فنائھا‪،‬‬
‫سبعا رغم أنوفھم‪ ،‬وصلى ركعتين‪ ،‬وأتى حلقھم واحدة واحدة يقول‪ :‬شاھت‬
‫ً‬ ‫فطاف‬
‫الوجوه‪ ،‬من أراد أن تثكله أمه‪ ،‬وييتم ولده‪ ،‬وترمل زوجته‪ ،‬فليلقني وراء ھذا الوادي‪ ،‬فما‬
‫فجا‬
‫إنه من يسلك الشيطان ً‬
‫إنه مرقع القميص‪ ،‬وبين يديه الغالي والنفيس‪ ،‬ﱠ‬
‫تبعه أحد‪ .‬ﱠ‬
‫والمثل بعينھا‪،‬‬
‫ُُ‬ ‫القيم‬
‫إنه ِ َ‬ ‫ﱠ‬
‫الوقاف عند كتاب ﷲ‪ ،‬المجاھد في سبيل ﷲ‪ ،‬ﱠ‬ ‫إنه‬
‫غير فجه‪ ،‬ﱠ‬
‫إن ذكر العادلون‪ ،‬ھو من‬
‫إنه العادل ْ‬
‫وما أروع المثل يوم تكون رجاال فتكون األخالق ِفعاال‪ ،‬ﱠ‬
‫أخا‬
‫أبا‪ ،‬وأوسطھم ً‬
‫سھر لينام الناس‪ ،‬وجاع ليشبع الناس‪ ،‬ھو من جعل كبير المسلمين ً‬
‫إنه من‬ ‫ولدا‪ ،‬ھو من ال تأخذه في ﷲ لومة الئم‪ ،‬ھو قائل الحق ولو كان ً ّ‬
‫مرا‪ ،‬ﱠ‬ ‫وأصغرھم ً‬
‫اشترى أعراض المسلمين من أحد الشعراء بثالثة آالف درھم‪ ،‬حتى قال ذلك الشاعر‪:‬‬
‫ينفع‬
‫ُ‬ ‫مديحا‬
‫ً‬ ‫شتما يضر وال‬
‫تدع *** َ ْ ً‬
‫ْ‬ ‫وأخذت أطراف الكالم فلم‬
‫يفزع‬
‫ُ‬ ‫يخف *** شتمي وأصبح آمنا ال‬
‫عرض البخيل فلم َ َ ْ‬
‫ومنعتني ِ‬
‫ودك قالع األكاسرة والقياصرة‪ ،‬وخضعت لعدالته الجبابرة‬
‫ﱠ‬ ‫زلزل عروش الظالمين‪،‬‬
‫الخفاقة وفتوحاته المظفرة‪َ ْ َ َ ،‬‬
‫فأرغم أنوف‬ ‫ﱠ‬ ‫وھوت عناكب الظلم أمام رايات عدله‬
‫واألباطرة‪َ َ ،‬‬
‫الروم‪ ،‬وحطم كبرياء الفرس‪ ،‬وأخرج المغضوب عليھم –اليھود‪ -‬من جزيرة العرب بغدرھم‬
‫إنه الزاھد العالم العابد الغيور الخائف من ﷲ‪،‬‬ ‫ً‬
‫أذلة صاغرين‪ ،‬ﱠ‬ ‫ونقضھم العھود‪ ،‬أخرجھم‬
‫إنه ]عمر بن الخطاب[ ‪-‬رضي ﷲ عنه وأرضاه‪ ،-‬ولعنة ﷲ‬
‫وكفى أظنكم قد عرفتموه‪ ،‬ﱠ‬
‫على من أبغضه وعاداه‪ ،‬نور أضاء سطور التاريخ‪ ،‬وغرة في جبين الزمان‪ ُ ،‬ﱠ‬
‫أمة في رجل‪،‬‬
‫السنن‪ .‬عمر الذي ال يجھله أحد‪ ،‬وفي نفس اللحظة‬
‫ﱡ َ َ‬ ‫إمام ھمام‪ ،‬مميت الفتن‪ ،‬ومحيي‬
‫ونتفا من نسبه وأعماله ‪،‬‬
‫ً‬ ‫قل أن يعرفه أحد في ھذا العصر‪ .‬يعرف بعضھم بعض أخباره‪،‬‬
‫ﱠ‬
‫أما روح تلك األخبار فال يدركھا إال من تأملھا من األخيار‪ ،‬وإني ألرجو ﷲ أن نكون وإياكم‬
‫من أولئك األبرار‪.‬‬
‫صاعد‬
‫ُ‬ ‫مراكب أھل الھوى أتخمت *** نزوال ومركبنا‬
‫ُ‬
‫الواحد‬
‫ُ‬ ‫إذا عدد الناس أربابھم *** فنحن لنا ربنا‬
‫العجالة‬
‫وعذرا لن نفيه حقه في ھذه ُ‬
‫ً‬ ‫إلى صور ذات عبر من حياته‪،‬‬
‫مغرب‬
‫ُ‬ ‫خوافق *** يدين بھا شرقٌ ويخضع‬
‫ُ‬ ‫فأعالمه في كل أرض‬
‫ُ‬
‫لكن حسبنا أن نقف عند بعض صور من حياته؛ وقفة عظة وتدبر واقتداء‪ ،‬وألھل الھوى‬
‫عمرية ‪ ،‬فھل أنتم نازلون؟ وھذه مائدتنا فھل‬
‫ردع وزجر‪ ،‬ھاھي محطتنا الليلة محطة ُ َ ﱠ‬
‫أنتم إليھا مائلون؟ أم أنكم ال ترغبون‪ ،‬معذرة ألصحاب البطون؛ أعني من ألجل رفع‬
‫مستواھم المعيشي يكدون‪ ،‬ويقلقون في الكالم عن المسكن والسيارة واألثاث والراتب‬
‫ال يملون‪ ،‬وعلى ھامش الحياة بال رسالة‪ ،‬يعيشون بھائم في مسالخ البشر وھم ال‬
‫إلى‬
‫ﱠ‬ ‫الصحون‪ ،‬مائدتنا تعتذرھم ثم تعتذرھم وتقول‪:‬‬
‫ُ ُ‬ ‫وأبدا أين‬
‫ً‬ ‫دائما‬
‫ً‬ ‫يشعرون‪ ،‬ھتافھم‬
‫الترھات‬ ‫إلي أيھا المتيقظون العاملون المتدبرون‪ ،‬ومن ِ َ َ‬
‫بسلف األمة يقتدون‪ ،‬ومن عن ُ ﱠ‬ ‫ﱠ‬
‫وبرحمته َ ِ َ ِ َ‬
‫فبذلك‬ ‫بفضل ِ‬
‫ﷲ ََِ ْ َ ِ ِ‬ ‫قل ِ َ ْ ِ‬
‫جميعا مدعوون‪ ،‬وأنتم إن شاء ﷲ رابحون‪ْ ُ ) .‬‬
‫ً‬ ‫ﱠ‬
‫يترفعون‪ ،‬أنتم‬
‫يجمعون(‬
‫خير مما َ ْ َ ُ َ‬
‫ھو َ ْ ٌ‬ ‫ََْْ َ ُ‬
‫فليفرحوا ُ َ‬
‫وباإلعالن‬
‫ِ‬ ‫رب أنت العليم بظاھري وبباطني *** بالسر بل أخفى‬
‫يا ُ‬
‫أنت السميع لمنطقي وحروفه *** أنت الخبير بموقفي ومكاني‬
‫واإلحسان‬
‫ِ‬ ‫المن‬
‫فمن *** فألنت أھل َ ِّ‬
‫إن لم أكن أھال لتوفيقٍ ُ‬
‫بتغى *** وأنا الفقير بذلتي وھواني‬
‫والم َ َ‬
‫ُ‬ ‫المرتجى‬
‫رب أنت ُ‬
‫يا ُ‬
‫الحزن إذا شئت سھال‪.‬‬
‫اللھم ال سھل إال ما جعلته سھال وأنت تجعل َ َ َ‬
‫الصورة األولى‪ :‬علم عمر‪ -‬رضي ﷲ عنه‪ -‬ﱠ‬
‫أن الخالفة أمانة ال استعالء‪ ،‬وتكليف ال‬
‫غنم‪ ،‬فقام يمشي في األسواق بال مواكب وال مراكب‪ ،‬يطوف الطرقات‬
‫وغرم ال ُ ْ‬
‫تشريف‪ٌ ْ ُ ،‬‬
‫ُف الغزاة في أھلھم‪ ،‬يتفقد أحوال رعيته‪،‬‬
‫يخل ُ‬
‫يقضي حاجات الناس ويقضي بينھم‪ْ َ ،‬‬
‫لين‪ ،‬قوي‪ ،‬حازم‪ ،‬رحيم‪ ،‬راعٍ أمين‪ ،‬يقول تحت وطأة‬
‫ٌ‬ ‫ھمه‪ ،‬وحزنھم حزنه‪،‬‬
‫ﱡ‬ ‫ھمھم‬
‫ﱡ‬
‫جدي بطرف الفرات‬
‫المسئولية كما روى ]مجاھد[ عن ]عبد ﷲ بن عمر[ يقول‪ :‬لو مات َ ْ ٌ‬
‫لخشيت أن يحاسب ﷲ به عمر يوم القيامة‪ .‬وفي رواية‪ :‬لو عثرت دابة بضفاف دجلة‬
‫ُ‬
‫الطريق يا عمر؟ يا ‪ !9‬كلمات تدعو‬
‫َ‬ ‫تمھد لھا‬
‫لم ُ ِّ‬
‫لم ْ‬
‫لخشيت أن يسألني ﷲ عنھا ِ َ‬
‫ُ‬
‫والزھد والحرص على‬
‫ﱡ‬ ‫للتأمل في شخصية ذلك الرجل الذي ضربت به األمثال في العدل‬
‫رعاية األمة بالليل والنھار‪ .‬فال عبقري يفري فريه في ذلك العھد وفي ذلك الزمن‪.‬‬
‫وبالمناسبة يذكر المؤرخون أن حمامة باضت في فسطاط ]عمرو بن العاص[ والي مصر‬
‫آنذاك‪ ،‬فلما عزم على الرحيل أمر عماله أن يخلعوا الفسطاط‪ ،‬فلفت أنظارھم عش‬
‫يزعجوا الحمامة‪ ،‬ولم ينتھكوا حرمة جوارھا‪ ،‬بل‬
‫حمامة فيه بيض لم يفرخ بعد‪ ،‬فلم ُ ْ ِ ُ‬
‫أوقفوا العمل‪ ،‬وذھبوا إلى عمرو –رضي ﷲ عنه‪ -‬يعرضون عليه األمر‪ ،‬ويأخذون رأيه‬
‫تفرخ‬
‫أجلُوا العمل حتى َ ْ ُ َ‬
‫آمنا في رحالنا‪ّ ِ ،‬‬
‫وحل ً‬
‫ﱠ‬ ‫طائرا نزل بجوارنا‪،‬‬
‫ً‬ ‫تزعجوا‬
‫فيھا‪ ،‬فقال‪ :‬ال ُ ْ ِ ُ‬
‫وتطير‪ .‬فيا للعظمة! ويا للرحمة! حتى الطير ينعم في ظل األمن والعدل! مع العدول‪-‬‬
‫رضوان ﷲ عليھم‪ -‬أيھا األحبة‪ :‬إن المسلم وھو يستعرض مثل ھذه المواقف ليأسى‬
‫ويحزن يوم يصبح المسلم في عالمنا اإلسالمي يتمنى أن يحظى باالھتمام الذي كان‬
‫يحظى به الحيوان والطير‪ ،‬في زمن عمرو‪ ،‬وعمر‪ -‬رضي ﷲ عنھما وأرضاھما‪ -‬وأعود‬
‫وتكرارا‪ :‬كل ذلك بما كسبت أيدينا‪ ،‬ويعفو ﷲ عن كثير‪ ،‬من ھادن‬
‫ً‬ ‫مرارا‬
‫ً‬ ‫فأقول وأكرر‬
‫ً‬
‫ھنيئا لمن اكتحلت عيناه برؤية‬ ‫ً‬
‫ھنيئا ثم‬ ‫يوما ما‪ ،‬ثم َ ِّ‬
‫أثني فأقول‪:‬‬ ‫األفعى تجرع سمھا ً‬
‫عم عدله الطير والحيوان‪ ،‬اللھم وقد حرمنا رؤيتھم في‬
‫ﱠ‬ ‫ذلك المجمع وذلك الجيل‪ ،‬الذي‬
‫الدنيا فال تحرمنھا في اآلخرة؛ في جنات ونھر‪ ،‬في مقعد صدق عند مليك مقتدر‪.‬‬

‫صورة أخرى‪ :‬كان يرى مسئوليته عن كل فرد في سربه ِ ّ ً‬


‫وأيما في بيتھا ورضيع في‬
‫كقوم سافروا فدفعوا نفقاتھم إلى رجل منھم‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫مھده ھو القائل‪ :‬ما مثلي ومثل ھؤالء إال‬
‫فقالوا له‪ :‬أنفق علينا‪ ،‬فھل له أن يستأثر منھا بشيء؟ قالوا‪ :‬ال يا أمير المؤمنين‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ومثل ُُكم‪.‬‬
‫مثلي َ َ‬
‫فكذلك َ َ ِ‬
‫قدمت له لقمة طيبة فأكلھا بل كان‬
‫الرمادة؛ وھو عام شديد القحط والجدب‪ ،‬ما ُ ِ َ‬
‫في عام ﱠ‬
‫بطعام طيب‪ ،‬فنظر إليه وقال‪ :‬يا ‪!9‬‬
‫ٍ‬ ‫جيء له‬
‫يؤثر بھا الفقراء والمساكين‪ ،‬يوم زار الشام ِ‬
‫كل ھذا لنا‪ ،‬وقد مات إخواننا لم يشبعوا من خبز الشعير؟! وﷲ ال أطعمه‪.‬‬

‫قوم َ َ ْ َ ُ‬
‫شرفتھم *** في الجوع أو تنجلي عنھم غواشيھا‬ ‫ٌ‬ ‫شدة‬
‫ٍ‬ ‫إن جاع في‬
‫جوع الخليفة والدنيا بقبضته *** في الزھد منزلة سبحان ُموليھا‬
‫الھم بأمر‬
‫ِّ‬ ‫ًّ‬
‫مسودا من شدة‬ ‫يتغير لونه في عام الرمادة من أبيض حتى يصبح‬
‫المسلمين‪ ،‬يأكل الخبز بالزيت‪ ،‬ويمسح بطنه ويقول‪ -‬كما رواه ] اإلمام أحمد[ بإسناد‬
‫لتمرنن أيھا البطن على الخبز والزيت مادام السمن يباع باألسواق‪ ،‬وﷲ‬
‫ﱠ‬ ‫صحيح – ‪:‬وﷲ‬
‫ينجبن مثلك يا عمر‪ .‬يقول أسلم ‪-‬‬
‫ال تشبع حتى يحيى الناس‪ .‬عجزت نساء األرض أن ُ ْ ِ ْ ﱠ‬
‫حل‬
‫ﱠ‬ ‫كما في تاريخ عمر ]البن الجوزي[‪ :-‬كان يقوم يصلي من الليل‪ ،‬فيذكر ما‬
‫بالمسلمين فال يدري ماذا يصلي‪ ،‬يقول‪ :‬إني ألفتتح السورة فما أدري أنا في أولھا أم‬
‫في آخرھا‪ ،‬لما أعلم مما يالقي المسلمون من الشدة‪ .‬وحدث ]الواقدي[ قال‪ :‬حدثنا‬
‫الرمادة جاءت وفود‬
‫]ھشام[ عن ]سعد عن زيد بن أسلم[ عن أبيه قال‪ :‬لما كان عام َ َ َ‬
‫العرب من كل ناحية فقدموا المدينة‪ ،‬فأمر عمر رجاال يقومون بمصالحھم‪ ،‬فسمعته يقول‬
‫ليلة من الليالي‪ :‬أحصوا من يتعشى عندنا‪ ،‬فأحصوھم في القابلة فوجدوھم سبعة‬
‫ألفا‪،‬‬
‫آالف رجل‪ ،‬أما المرضى والعيال الذين ال يحضرون تلك المائدة فقد بلغوا أربعين ً‬
‫فكان يرسل إليھم عشاءھم في بيوتھم‪ .‬فما برحوا حتى أرسل ﷲ السماء‪ .‬فوكل عمر‬
‫ومتاعا‪ ،‬وكان قد وقع الموت فيھم‬
‫ً‬ ‫وحمالنا‪،‬‬
‫ً‬ ‫قوتا‪،‬‬
‫بھم من يخرجھم إلى البادية ويعطيھم ً‬
‫فأراه قد مات ثلثاھم‪ ،‬وقد كانت قدور عمر ‪-‬رضي ﷲ عنه وأرضاه‪ -‬يقوم لھا العمال من‬
‫وقت السحر ليعملون الطعام‪ ،‬ونفذ ما في بيت المال‪ ،‬فلم يبق منه قليل وال كثير‪ .‬يروي‬
‫]ابن كثير[ في تاريخه‪ :‬أن عمر عس ذات ليلة في ذلك العام‪ ،‬وقد بلغ بالناس الجھد كل‬
‫ير سائال‬ ‫ً‬
‫متحدثا في منزله كالعادة‪ ،‬ولم َ‬ ‫أحدا يضحك‪ ،‬ولم يسمع‬
‫ً‬ ‫مبلغ فلم يسمع‬
‫يسأل‪ ،‬فتعجب وسأل فقيل‪ :‬يا أمير المؤمنين قد سألوا فلم يجدوا فقطعوا السؤال؛ فھم‬
‫ھم وضيق‪ ،‬ال يتحدثون وال يضحكون‪ ،‬وال يمزحون‪ ،‬فيا ‪ !9‬ماذا يفعل عمر؟ قد نفد‬
‫ٍّ‬ ‫في‬
‫سمينا؛ فكان يبث له في الخل بالزيت حتى‬
‫ً‬ ‫كل ما في بيت المال‪ ،‬فألزم نفسه أال يأكل‬
‫اسود لونه‪ ،‬وتغير جسمه‪ ،‬وخشي عليه خشية عظيمة – رضي ﷲ عنه وأرضاه – وتبلغ‬
‫ﱠ‬
‫عالما علم يقين أن رفع البالء بالتوبة‬
‫ً‬ ‫مضطرا إلى ﷲ‬
‫ً‬ ‫األمور ذروتھا‪ ،‬وحينھا يلجأ‬
‫وجزة السعدي[‬
‫واالستغفار‪ ،‬ال بفصاحة المتشدقين‪ ،‬وتصدي المتبجحين‪ ،‬فعن ]أبي ِ ْ‬
‫عن أبيه قال‪ :‬رأيت عمر خرج بنا يوم الرمادة إلى المصلى يستسقي فكان أكثر دعائه‬
‫االستغفار حتى قلت‪ :‬ال يزيد عليه‪ ،‬ثم دعا ﷲ وأوصى الناس بتقوى ﷲ‪ -‬عز وجل‪-‬‬
‫فقال‪ :‬اتقوا ﷲ في أنفسكم‪ ،‬وما غاب عن الناس من أمركم‪ ،‬فقد ابتليت بكم وابتليتم‬
‫فھلموا‬
‫ﱡ‬ ‫عمتكم وعمتني‪،‬‬
‫علي دونكم أو عليكم دوني‪ ،‬أو قد ﱠ‬
‫ّ‬ ‫السخطة‬
‫ﱠ‬ ‫بي‪ ،‬فما أدري‬
‫رافعا يديه يدعو‬
‫ً‬ ‫فرئي يومھا‬
‫فلندع ﷲ أن يصلح قلوبنا‪ ،‬وأن يرحمنا‪ ،‬وأن يرفع عنا البالء‪َ ِ ُ ،‬‬
‫ُ‬
‫يزل ھذا شأنه حتى جاءت الرحمة‬
‫ْ‬ ‫ﷲ ويبكي‪ ،‬والناس يدعون وراءه ويبكون‪ ،‬ثم نزل فلم‬
‫من ﷲ‪ ،‬وأذن ﷲ للناس بالغياث والفرج بعد الشدة‪ ،‬واليسر بعد العسر‪ ،‬فله الحمد أوال‬
‫وباطنا‪ .‬أيھا األحبة‪ :‬ھذه مؤھالت الفرج‪ ،‬وھذه مؤھالت الغوث من رب‬
‫ً‬ ‫وظاھرا‬
‫ً‬ ‫وآخر‪،‬‬
‫العالمين؛ الجباه الساجدة ‪ ،9‬والعيون الدامعة من خشية ﷲ‪ ،‬واأليدي المتوضئة‬
‫المرتفعة يا رب يا رب ‪ ،‬ومطعمھا حالل ومشربھا حالل ‪ ،‬وتغذيتھا حالل فأنى يرد من‬
‫ھما‬
‫ً‬ ‫ھذا حاله؟ يقول ]أسلم[‪ :‬فلو لم يرفع ﷲ المحل عام الرمادة؛ لظننا أن عمر يموت‬
‫بأمر المسلمين رحم ﷲ عمر ورضي عن ذلك النموذج‪ .‬قد عرف مسئوليته تجاه رعيته‪،‬‬
‫عف فعفوا‬
‫ﱠ‬ ‫وراقب ﷲ فيمن تحت واليته‪ ،‬فأحبھم وأحبوه ورضي عنھم ورضوا عنه ‪،‬‬
‫وصدق فصدقوا ولو رتع لرتعوا‬
‫الماحل‬
‫ِ‬ ‫ما كان إال الشمس يسطع ضوؤھا *** والخصب في أرض الضالل‬
‫الكامل‬
‫ِ‬ ‫ً‬
‫صفحة *** غراء تنطق بالخلود‬ ‫قف أيھا التاريخ سجل‬
‫جنادل‬
‫ِ‬ ‫كصم‬
‫ُ ِّ‬ ‫حرك بسيرته القلوب وقد قست *** وعدت بقسوتھا‬
‫َ ِّ‬

‫صورة أخرى‪ :‬روى ]اإلمام أحمد[ بإسناد حسن في الفضائل ‪ ،‬قال‪ :‬عن ]زيد بن‬
‫أسلم[ عن أبيه قال‪ :‬خرجنا مع عمر بن الخطاب إلى >حرة واقم<‪ ،‬حتى إذا كنا بمرتفع‬
‫إذ بنار بعيدة فقال عمر‪ :‬يا أسلم إني ألرى ھناك ْ ً‬
‫ركبا حبسھم الليل والبرد فانطلق بنا‪،‬‬
‫بقدر منصوبة‬
‫نھرول حتى دنونا منھم‪ ،‬فإذا ھي امرأة معھا صبية صغار‪ ،‬وإذا ِ ِ ْ‬
‫قال‪ :‬فخرجنا ُ َ ْ ِ ُ‬
‫على النار‪ ،‬وصبيانھا يتضاغون‪ ،‬فقال‪ :‬السالم عليكم يا أھل الضوء ‪ -‬وقد كره أن يقول‪ :‬يا‬
‫ادن بخير أو دع‪ .‬فدنا فقال‪ :‬ما‬
‫أھل النار‪ -‬قالت‪ :‬وعليكم السالم‪ ،‬قال عمر‪ :‬أأدنو؟ قالت‪ُ ْ :‬‬
‫فمال ھؤالء الصبية يتضاغون؟ قالت‪ :‬الجوع‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ِ‬ ‫بكم قالت‪ :‬قصر بنا الليل والبرد‪ ،‬قال‪:‬‬

‫فأي شيء في ھذه القدر؟ قالت‪ :‬ماء ُ ْ ِ َ ُ‬


‫أسكتھم به حتى يناموا‪ ،‬وﷲ بيننا وبين عمر‪.‬‬
‫كلمات يھتز لھا قلب وجنان كل مؤمن‪ ،‬فما بالك بعمر؟ يقول‪ :‬أي رحمك ﷲ‪ ،‬وما يدري‬
‫علي‬
‫ﱠ‬ ‫عمر بكم؟ قالت‪ :‬يتولى أمرنا‪ ،‬ثم يغفل عنا‪ ،‬ﷲ بيننا وبينه‪ .‬قال ]أسلم[‪ :‬فأقبل‬
‫عمر به ما به‪ ،‬يقول‪ :‬انطلق‪ ،‬فأتينا نھرول حتى أتينا دار الدقيق‪ ،‬فأخرج عدال من دقيق‪،‬‬
‫وكبة من شحم‪ ،‬ثم حملھا عمر على ظھره‪ ،‬فقلت‪ :‬أحملھا عنك يا أمير المؤمنين‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ﱠ‬
‫أم لك‪ ،‬أتحمل عني وزري يوم القيامة؟! قال‪ :‬فانطلقنا حتى أتيناھا‪ ،‬فألقى العدل‬
‫ال ﱠ‬
‫علي وأنا ُ ِ‬
‫أحرك‪ ،‬وجعل ينفخ تحت‬ ‫ّ‬ ‫دري‬ ‫ً‬
‫شيئا‪ ،‬وجعل يقول‪ِّ ُ :‬‬ ‫عندھا‪ ،‬وأخرج من الدقيق‬
‫عجبا‪ ،‬ثم أنزل القدر فأتته بصحفة فأفرغ‬
‫ً‬ ‫القدر‪ ،‬والدخان يتخلل لحيته‪ ،‬فلو رأيته لرأيت‬
‫فيھا الطعام‪ ،‬ثم جعل يقول لھا‪ :‬أطعميھم وأنا أسطح لھم‪ ،‬فلم يزل كذلك حتى شبعوا‪،‬‬
‫خيرا‪ .‬كنت أولى بھذا‬
‫ً‬ ‫ثم ترك عندھا فضل ذلك الطعام‪ ،‬ثم قام وھي تقول‪ :‬جزاك ﷲ‬
‫بض‬
‫خيرا‪ ،‬ثم تنحى عنھم ناحية واستقبلھم وقد َر َ َ‬
‫ً‬ ‫خيرا قولي‬
‫ً‬ ‫األمر من عمر‪ ،‬قال‪ :‬قولي‬
‫لشأنا وھو ال يكلمني حتى رأى الصبية‬
‫ً‬ ‫َ َْ ً‬
‫مربضا يراقبھم‪ ،‬يقول أسلم‪ :‬فقلت إن له‬
‫يصطرعون‪ ،‬ثم ناموا‪ ،‬فقال يا أسلم‪ :‬ما أسھرھم إال الجوع‪ ،‬فأحببت أال أنصرف حتى أرى‬
‫ما رأيت‪ .‬يا لھا من كلمة تكشف عن رھافة الحس ونقاء الضمير! كل ذلك قبل أن يعرف‬
‫تنشأ لھا المنظمات العالمية‪ ،‬سبق اإلسالم إلى تقري‬
‫العالم حقوق الطفولة‪ ،‬وقبل أن ُ ْ‬
‫حقوق الطفولة واألسرة فرضي ﷲ عن عمر وعن صحبه وعن رسول ﷲ صلى ﷲ عليه‬
‫وسلم ومن قرر مثل ھذه الحقوق‪.‬‬

‫أيھا األحبة‪ :‬إن ھذه الصورة لتذكرنا بصورة أخرى مضيئة في حياة عمر‪ -‬رضي ﷲ عنه‬
‫وأرضاه‪ -‬يذكر ]األوزاعي[ أن عمر خرج في سواد الليل‪ ،‬فرآه طلحة فتبعه‪ ،‬فذھب عمر‬
‫بيتا‪ ،‬ثم خرج منه وطلحة يراقبه‪ ،‬فلما أصبح طلحة ذھب إلى ذلك البيت فإذا‬
‫حتى دخل ً‬
‫ھو بعجوز عمياء مقعدة‪ ،‬فقال لھا‪ :‬ما بال ھذا الرجل الذي يأتيك؟ قالت‪ :‬إنه يتعھدني‬
‫خيرا‪ .‬فيقول‬
‫ً‬ ‫منذ كذا وكذا يأتيني بما يصلحني ويخرج عني األذى‪ ،‬فجزاه ﷲ عني‬
‫طلحة‪ :‬ثكلتك أمك يا طلحة‪ ،‬أعثرات عمر تتتبع؟ يا ‪ !9‬ھل يفعل الواحد منا مع أھله ما‬
‫يفعله عمر مع رعيته؟ ال‪ ،‬إنه اإليمان الذي وقر في القلب وصدقه العمل‪ ،‬فال وﷲ ال‬
‫أيم أو ثكلى أو يتيم‪ ،‬وال وﷲ ما‬
‫ينساه األيامى والثكالى واليتامى مادام في األرض ْ ٌ‬
‫تنساه البطون الجائعة واألكباد الظامئة ما دام في األرض بطن جائع أو كبد ظمأى‪.‬‬
‫وسيرته *** ومن يحاول للفاروقِ تشبيھا‬
‫َ‬ ‫حفص‬
‫ٍ‬ ‫فمن يباري أبا‬
‫يزكيھا‬
‫والنار تأخذ منه وھو ُ ْ ِ ْ َ‬
‫ُ‬ ‫منبطحا ***‬
‫ً‬ ‫ومن رآه أمام القدر‬
‫فيھا‬
‫فوه ِفي ِ َ‬
‫وقد تخلل في أثناء لحيته *** منھا الدخان وغاب ُ ُ‬
‫رائيھا‬
‫لعمرِ ﷲ ِ ْ َ‬
‫حال تروع َ ْ‬
‫ٍ‬ ‫رأى ھناك أمير المؤمنين على ***‬
‫مآقيھا‬
‫ِ‬ ‫خشية سالت‬
‫ٍ‬ ‫والعين من‬
‫َْ ُ‬ ‫غده ***‬
‫النار في َ ِ‬
‫ِ‬ ‫النار خوف‬
‫َ‬ ‫يستقبل‬

‫صورة أخرى‪ :‬كان‪ -‬رضي ﷲ عنه‪ -‬عظيم التواضع للخلق والحق‪ ،‬وكل الصور تدل على‬
‫ذلك‪ .‬رفعه ﷲ بتواضعه درجات في الجنة‪ .‬فعن ]الفضل بن عميرة[ أن ]األحنف بن‬
‫صائف شديد الحر وھو محتجز بعباءة‪،‬‬‫ٍ‬ ‫يوم‬
‫ٍ‬ ‫قيس[ قدم على عمر في وفد من العراق في‬
‫بعيرا من إبل الصدقة‪ ،‬فقال‪ :‬يا أحنف ضع ثيابك‪ ،‬وھلم َ َ ِ ْ‬
‫فأعن أمير المؤمنين على‬ ‫ً‬ ‫يھنأ‬
‫ھذا البعير؛ فإنه من إبل الصدقة‪ ،‬فيه حق لليتيم والمسكين واألرملة‪ ،‬فقال رجل من‬
‫عبدا من عبيد الصدقة يكفيك ھذا‪ ،‬قال‬
‫ً‬ ‫القوم‪ :‬يغفر ﷲ لك يا أمير المؤمنين‪ ،‬ھال أمرت‬
‫عبد ھو أعبد مني ومن األحنف‪ .‬إنه من ولي أمر المسلمين فھو‬
‫ٍ‬ ‫عمر‪ :‬ثكلتك أمك‪ُ ُ ،‬‬
‫وأي‬
‫عبد المسلمين‪ ،‬يجب عليه ما يجب على العبد لسيده من النصيحة وأداء األمانة‪ ،‬فيا‬
‫مشھدا كھذا خير من الدنيا وما فيھا‪ .‬يقول ]عبد ﷲ بن عمر بن‬
‫ً‬ ‫‪ !9‬ورب عمر إن‬
‫القربة على عنقه‪ ،‬فيقال له‬
‫حفص[‪ :‬إن عمر بن الخطاب –رضي ﷲ عنه‪ -‬كان يحمل ِ ْ َ‬
‫فأردت أن أذلھا‪ .‬بل إنه لربما أخذ بيد الصبي‬
‫ُ‬ ‫في ذلك‪ .‬فيقول‪ :‬إن نفسي أعجبتني‬
‫ادع لي؛ فإنك لم تذنب قط‪ .‬بل إن ]ابن عباس[ –رضي ﷲ عنه‪ -‬دخل‬
‫يلقاه‪ ،‬فيقول‪ :‬له ْ ُ‬
‫ُعن فقال‪ :‬أبشر يا أمير المؤمنين‪ ،‬أسلمت حين كفر الناس‪ ،‬وقاتلت مع‬
‫عليه يوم ط ِ َ‬
‫وتوفي رسول ﷲ – صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬وھو عنك‬
‫َ‬ ‫رسول ﷲ حين خذله الناس‪،‬‬
‫راض‪ ،‬ولم يختلف في خالفتك رجالن‪ .‬فقال عمر‪ :‬أعد‪ ،‬أعد‪ .‬فأعاد‪ .‬فقال عمر‪ :‬المغرور‬
‫ٍ‬
‫وددت‬
‫ُ‬ ‫ھول المطلع‪،‬‬ ‫الفتديت به من َ ْ ِ‬
‫ُ‬ ‫وصفراء‬
‫َ‬ ‫بيضاء‬
‫َ‬ ‫غر‪ .‬ولو أن لي ما على ظھرھا من‬ ‫من ُ ﱠ‬
‫َ ْ‬
‫يريدون ُعل ً ُّوا ِفي‬
‫للذين ال َ ُ ِ ُ َ‬
‫نجعل َُھا ِ ِ َ‬ ‫الدار َ ِ َ ُ‬
‫اآلخرة َ ْ َ‬ ‫تلك ﱠ ُ‬ ‫أني أنجو َ ً‬
‫كفافا ال أجر لي وال وزر‪َ ْ ِ ) .‬‬
‫متواضعا للحق يقبله في السر والعلن‪ ،‬لقد‬
‫ً‬ ‫والعاقبة ِ ْ ُ ﱠ ِ َ‬
‫للمتقين( وكان‬ ‫فسادا َ ْ َ ِ َ ُ‬
‫األرضِ َوال َ َ َ ً‬
‫ْ‬
‫كان بينه وبين رجل كالم في شي ٍء – كما أورد ]ابن الجوزي[ في تاريخه – فقال له‬
‫الرجل‪ :‬اتق ﷲ يا أمير المؤمنين‪ .‬فقال له رجل من القوم‪ :‬أتقول ألمير المؤمنين اتق‬
‫نعم ما قال‪ .‬ال خير فيكم إذا لم‬
‫ﷲ؟! فقال له عمر على الفور‪ :‬دعه‪ ،‬فليقلھا لي‪َ ْ ِ ،‬‬
‫ولجاما يلجم به‬
‫ً‬ ‫تقولوھا‪ ،‬وال خير فينا إن لم نقبلھا منكم‪ .‬يا ليت ھذه الكلمة تكون عنوانا‬
‫كبر ً‬
‫إذا لصلح الحال‪ ،‬وتغيرت الحال‪،‬‬ ‫صغر أو َ ُ‬ ‫ً‬
‫شيئا َ ُ‬ ‫نفسه كل من ولي من أمر المسلمين‬
‫خدرتنا الكبرياء‪.‬‬
‫نصحنا َ ﱠ ْ َ‬
‫أنا إذا ما ُ ِ ْ َ‬
‫وكسدت سوق النفاق‪ .‬ولكن أشد عيوبنا ﱠ‬
‫عظيما بل ما قاده وحاده لتلك األعمال ُ ْ ِ َ‬
‫المشرقة الخالدة إال خوفه من‬ ‫ً‬ ‫كان خوفه من ﷲ‬
‫ﷲ – عز وجل – كان يمر باآلية فيغلبه البكاء وھو يصلي بالناس‪ ،‬حتى يقول ابنه عبد‬
‫وإنه لينشج حتى أقول‪ :‬اختلفت أضالعه‪.‬‬
‫ﷲ‪ :‬إني ألسمع حنينه من وراء ثالثة صفوف‪ ،‬ﱠ‬
‫قائما يصلي‪،‬‬
‫ً‬ ‫أنه خرج يعس ليلة من الليالي فمر بدار رجل من األنصار‪ ،‬فوافقه‬
‫ذكر ﱠ‬
‫بل ُ ِ‬
‫يوم كانت دور المسلمين تعمر بالقرآن لھا دوي كدوي النحل‪ ،‬وقف يستمع لقراءته فقرأ‬
‫دافعٍ( فقال عمر‪:‬‬ ‫لواقع* َما َ ُ‬
‫له ِمن َ ِ‬ ‫ربك َ َ ِ ٌ‬
‫عذاب َ ِ ّ َ‬ ‫ُور( حتى بلغ ) ِ ﱠ‬
‫إن َ َ َ‬ ‫مسط ٍ‬
‫ْ‬ ‫وكتابٍ‬ ‫)َ ﱡ ِ‬
‫والطور* َ ِ َ‬
‫مليا به ما به‪ ،‬ثم‬
‫ً‬ ‫قسم حق ورب الكعبة‪ ،‬ثم نزل عن حماره‪ ،‬واستند إلى حائط فمكث‬
‫رجع إلى منزله فعاده الناس‪ ،‬ال يدرون ما مرضه؟ ھذه حاله مع آية من آيات القرآن‪ .‬فما‬
‫حالنا مع كتاب ﷲ ؟‬
‫ألبكاه‬
‫ُ‬ ‫الذكر ُ ْ ُ ً‬
‫جلمودا‬ ‫كلم ِّ ْ‬
‫تندبنا *** لو ﱠ‬
‫عمي عن الذكر واآليات َ ْ ُ ُ َ‬
‫ُ ْ ٌ‬
‫ً‬
‫حائطا‪ ،‬فسمعته يقول‬ ‫كان شديد المحاسبة لنفسه‪ ،‬يقول أنس‪ :‬خرجت مع عمر فدخل‬
‫وبيني وبينه جدار‪ :‬عمر أمير المؤمنين بخٍ بخٍ وﷲ لتتقين ﷲ أو ليعذبنك ﷲ ‪ ،‬فھال خال‬
‫منا بنفسه يعاتبھا ويحاسبھا‪ ،‬علھا أن تذكر ﷲ فتسبل دمعة يستحق بھا أن يكون‬
‫أحد ﱠ‬
‫ٌ‬
‫ممن يستظل بظل ﷲ يوم ال ظل إال ظله‪ ،‬نشكو إلى ﷲ قسوة قلوبنا وغفلتنا‪ ،‬ونسأله‬
‫الزبد‪ .‬ھو ولي ذلك والقادر عليه‪.‬‬
‫َ‬ ‫بعزته وقدرته أن يلين قلوبنا فيه حتى تكون ألين من‬

‫صورة أخرى أيھا األحبة‪ :‬إن الزھد في الدنيا‪ ،‬واإلعراض عن طلب زينتھا‪ ،‬والعزوف عن‬
‫شھواتھا‪ ،‬من كمال اإليمان‪ ،‬ورجاحة العقول‪ .‬إذ الدنيا حقيرة‪ ،‬وزينتھا خداع وسراب‪،‬‬
‫شھواتھا آالم تدفع بآالم‪ ،‬عرف ذلك الفاروق فركلھا وقد أناخت عند قدميه‪ .‬وذلك –وﷲ‪-‬‬
‫ھو الزھد بعينه‪ .‬ذكر ]السيوطي[ في كتابه تاريخ الخلفاء الراشدين أن ]ابن سعد[ أخرج‬
‫طيبا كان أقوى‬
‫ً‬ ‫طعاما‬
‫ً‬ ‫أن ]حفصة[ ]وعبد ﷲ[ ابني عمر كلموا عمر فقالوا له‪ :‬لو أكلت‬
‫لك على الحق‪ .‬قال‪ :‬أكلكم على ھذا الرأي؟ قالوا‪ :‬نعم ‪ ،‬قال‪ :‬قد علمت نصحكم لي‪،‬‬
‫ولكني تركته‪ ،‬لقد تركني صاحباي على جادة؛ يعني رسول ﷲ ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم‬
‫بكر فإن تركت جادتھما لم أدركھما في المنزل‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫‪ -‬وأبا‬
‫ويبحر‬
‫ُ‬ ‫سرھا *** لتحقيقھا في األرض يرسو‬ ‫أمنيات َ ﱠ َ‬
‫قدس ﷲ ِ ﱠ‬ ‫ٌ‬ ‫له‬
‫تعثر‬
‫ُ‬ ‫يكل جناح النسر دون بلوغھا *** وفي دربھا الخيل األصيلة‬
‫َ ِ ﱡ‬
‫ذكر لنا أن عمر‪-‬رضي ﷲ عنه‪-‬قال ‪:‬‬
‫يذكر ]القرطبي[ في تفسيره عن ]قتادة[ أنه قال ‪َ ِ ُ :‬‬
‫لباسا ولكني أستبقى طيباتي لآلخرة‪ .‬قال‪ :‬ولما‬
‫ً‬ ‫طعاما وألينكم‬
‫ً‬ ‫لكنت أطيبكم‬
‫ُ‬ ‫شئت‬
‫ُ‬ ‫لو‬
‫ير مثله‪ ،‬قال‪ :‬ھذا لنا! فما لفقراء المسلمين الذين ماتوا‬
‫طعام لم ُ َ‬
‫ٌ‬ ‫صنع له‬
‫قدم الشام ُ ِ َ‬
‫ولم يشبعوا من خبز الشعير؟ فقال ]خالد بن الوليد[‪ :‬لھم الجنة‪ ،‬فاغرورقت عينا عمر‬
‫بالدموع‪ ،‬وقال‪ :‬إلن كان حظنا من ھذه الدنيا ھذا الحطام‪ ،‬وذھبوا ھم في حظھم‬
‫بعيدا‪ ،‬ثم أجھش بالبكاء‬
‫ً‬ ‫بونا‬
‫بالجنة‪ ،‬لقد باينونا ً‬
‫يھفو إليھم لعل العيش يھنأ له *** ما بين صحب وأرحام وإخوان‪.‬‬
‫دروسا عملية تربوية من سيد الزاھدين محمد – صلى ﷲ عليه وسلم‬
‫ً‬ ‫لقد َ ﱠ‬
‫تلقى الزھد‬
‫– فاسمع يوم يروى ]مسلم[ فيقول‪ :‬دخل عمر على النبي – صلى ﷲ عليه وسلم –‬
‫وھو في مشربة له‪ ،‬فالتفت في بيت رسول ﷲ – صلى ﷲ عليه – وسلم فلم يجد‬
‫جلودا قد سطع ريحھا‪ ،‬ورسول ﷲ مضطجع قد أثرت حبال السرير‬
‫ً‬ ‫البصر إال‬
‫َ‬ ‫يرد‬ ‫ً‬
‫شيئا َ ُ ﱡ‬
‫في جنبه الشريف – صلى ﷲ عليه وسلم – فتدمع عينا عمر‪-‬رضي ﷲ عنه –فيقول –‬
‫وخيرته من خلقه على‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم ‪ :-‬ما بك يا ]عمرٍ]؟ فيقول‪ :‬أنت رسول ﷲ ِ‬
‫ھذا‪] ،‬وكسرى[ ]وقيصر[ في الديباج والحرير وما تعلم؟! فاستوى – صلى ﷲ عليه‬
‫جالسا وقال‪" :‬أفي شك أنت يا ابن الخطاب؟! أولئك أقوام ُ ِ َ‬
‫عجلت لھم طيباتھم‬ ‫ً‬ ‫وسلم –‬
‫في الدنيا‪ .‬أما ترضى أن تكون لھم الدنيا ولنا األخرى"؟ أو كما قال‪ :‬صلى ﷲ عليه‬
‫ربك ِ ْ ُ ﱠ ِ َ‬
‫للمتقين(‬ ‫عند َ ِ ّ َ‬ ‫الدنيا َ َ ِ َ ُ‬
‫واآلخرة ِ َ‬ ‫متاع ْ َ َ ِ‬
‫الحياة ﱡ ْ َ‬ ‫ذلك َ ﱠ‬
‫لما َ َ ُ‬ ‫كل َ ِ َ‬
‫وإن ُ ﱡ‬
‫وسلم ) َ ِ‬
‫الكالب‬
‫ُ‬ ‫ولحم الضأن تأكله‬
‫ُ‬ ‫جوعا ***‬
‫ً‬ ‫األسد في الغابات‬‫تموت ُ ْ‬
‫التراب‬
‫ُ‬ ‫وعبد قد ينام على حرير *** وذو نسب مفارشه‬
‫بمثل ھذا الدرس النبوي الشريف تشبعت روح عمر بمعاني الكمال‪ ،‬وأصبح في ذلك‬
‫نعم المثال‪ .‬يدخل بيته ذات يوم وقد أصابه الجوع‪ ،‬فقال‪ :‬أعندكم شيء؟ فقالت امرأته‪:‬‬
‫وعاء من تحت السرير فيه تمر فأكل ثم شرب من الماء ثم‬
‫ً‬ ‫نعم ما تحت السرير‪ ،‬فتناول‬
‫مسح على بطنه‪ ،‬وقال‪ :‬الحمد ‪ ،9‬ويل لمن أدخله بطنه النار! ويل لمن أدخله بطنه‬
‫النار! ونھدي ھذه المقالة للذين ال يتورعون‪ ،‬أأكلوا من حالل أو حرام؟ ويل لمن أدخله‬
‫بطنه النار! ھاھو عمر والرھط المؤمنون معه أمام غنائم كسرى من الفرس؛ بساط‬
‫حرى‬
‫كسرى وسواريه وجواھره وحلله وأمواله‪ ،‬وبينما ھو كذلك إذ بعينه تذرف الدموع َ ﱠ‬
‫يكفكفھا بطرف ثوبه‪ .‬ويدھش الصحابة‪ ،‬ويقولون‪ :‬ما يبكيك في يوم أعز ﷲ فيه اإلسالم‬
‫باكيا‪ ،‬قائال‪ :‬فدت نفسي رسول ﷲ وھو األحب إلى ﷲ منا‪ ،‬فدت نفسي‬
‫ً‬ ‫وأھله؟ فينھد‬
‫يروا من زھرة‬ ‫أبا بكر وھو عند ﷲ خير منا‪َ ْ َ ،‬‬
‫والھف نفسي! َ َ‬
‫مضوا إلى ﷲ وخلفونا‪ ،‬ولم َ َ‬
‫فتح علينا من الدنيا ما ترون‪ ،‬وأخشى أن تكون طيبات عجلت لنا‪ .‬فضج‬ ‫ً‬
‫شيئا‪ ،‬ثم ُ ِ َ‬ ‫الدنيا‬
‫زاھدا في‬
‫ً‬ ‫المسجد بالبكاء فما تسمع إال النشيج والحنين‪ .‬إيه يا عمر ! قد عشت عمرك‬
‫كل ما جمع البشر‪ ،‬أتعبت من سيجيء بعدك في اإلمارة يا عمر‪.‬‬

‫صورة أخرى‪ :‬أورد ]ابن كثير[ في تاريخه عن ]قيس بن الحجاج[ قال‪ :‬لما ُ ِ َ‬
‫فتحت‬
‫>مصر< أتى أھلھا إلى ]عمرو بن العاص[ حين دخل بؤونة شھر من أشھر العجم فقالوا‬
‫سنة ال يجري إال بھا‪ ،‬فقال لھم‪ :‬وما ذاك؟ فقالوا‪ :‬إذا كانت‬
‫له‪ :‬أيھا األمير؛ إن لنيلنا ھذا ُ ﱠ ٌ‬
‫اثنتي عشرة ليلة تخلوا من ھذا الشھر‪ ،‬عمدنا إلى جارية بكر بين أبويھا فأرضينا أباھا‪،‬‬
‫وحملنا عليھا من الحلي والثياب أفضل ما يكون‪ ،‬ثم ألقيناھا في النيل‪ ،‬فقال لھم عمرو‬
‫–رضي ﷲ عنه‪ :-‬إن ھذا ال يكون في اإلسالم‪ ،‬وإن اإلسالم يھدم ما كان قبله‪ ،‬ومنعھم‬
‫فأقاموا ثالثة أشھر والنيل ال يجري منه قليل وال كثير فتنة وابتالء من ﷲ حتى ھموا‬
‫بالجالء من مصر‪ ،‬فلما رأى عمرو بن العاص ذلك األمر وما حل بھم‪ ،‬كتب إلى عمر بن‬
‫الخطاب –رضي ﷲ عنه‪ -‬بذلك فكتب إليه عمر‪ :‬لقد أصبت بالذي فعلت واإلسالم يھدم‬
‫ما قبله‪ ،‬ثم كتب بطاقة داخل كتابه‪ ،‬وقال لعمرو‪ :‬إني قد بعثت إليك ببطاقة في داخل‬
‫كتابي فألقھا في النيل إذا أتاك الكتاب‪ ،‬فلما قدم كتاب عمر أخذ البطاقة فإذا فيھا‪ :‬من‬
‫عبد ﷲ عمر أمير المؤمنين إلى نيل مصر أما بعد‪ ،‬فإن كنت إنما تجري من قبلك فال‬
‫تجري‪ ،‬وإن كان ﷲ الواحد القھار ھو الذي يجريك فنسأله أن يجريك‪ .‬فألقى عمرو‬
‫البطاقة في النيل‪ ،‬وقد تھيأ أھل مصر للجالء والخروج منھا؛ ألنھا ال تقوم مصلحتھم فيھا‬
‫ذراعا في ليلة واحدة‬
‫ً‬ ‫إال بالنيل‪ ،‬فلما ألقى البطاقة أصبحوا وقد أجراه ﷲ ستة عشر‬
‫فقطع ﷲ عادة السوء تلك عن أھل مصر إلى اليوم‪ .‬ﷲ أكبر من أطاع ﷲ وصدق‬
‫طوع ﷲ له كل شي ٍء َ ﱠ‬
‫طوع له الجبال واألنھار والقلوب واألرواح وأتته‬ ‫وأخلص مع ﷲ َ ﱠ َ‬
‫الدنيا راغمة‪.‬‬
‫مزيد‬
‫ُ‬ ‫زخرا *** وعند ﷲ لألتقى‬
‫ً‬ ‫فتقوى ﷲ خير الزاد‬

‫متأدبا بأدب الخالف‪ ،‬وكذلك كان‬


‫ً‬ ‫فقيھا‬
‫ً‬ ‫صورة أخرى‪ :‬لقد كان عمر ‪-‬رضي ﷲ عنه‪-‬‬
‫صحابة رسول ﷲ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬رضوان ﷲ عليھم‪ ،‬فالخالف عندھم ال يفسد‬
‫لم ؟ ألن الھدف عندھم ھو إحقاق حق وإبطال باطل‪ ،‬فليظھر الحق على أي‬
‫الود‪َ ِ .‬‬
‫لسان‪ .‬يقول ]ابن مسعود[ –رضي ﷲ عنه‪ :-‬لقد اختلفت مع عمر‪ -‬رضي ﷲ عنه‪ -‬في‬
‫مسائل تربو على مائة مسألة ‪،‬والسؤال الذي يفرض نفسه‪ ،‬ھل أنقص ھذا من حب‬
‫يوما‬
‫عمر عند ابن مسعود أو العكس؟ ال وﷲ‪ ،‬والشواھد تشھد بذلك‪ ،‬يقبل ابن مسعود ً‬
‫وبش وقال‪ِ َ :‬‬
‫كنيف ُملئ‬ ‫ﱠ‬ ‫ھش له‬
‫ﱠ‬ ‫على عمر –رضي ﷲ عنه‪ -‬وھو جالس ‪ ،‬فلما رآه عمر‬
‫وفقھا‪ ،‬ھكذا كانت نظرة عمر‪ -‬رضي ﷲ عنه‪ -‬ألخيه نظرة تجردت عن الھوى‬
‫ً‬ ‫علما‬
‫ً‬
‫والشھوة‪ ،‬فالحق مقصدھا والصدق غايتھا‪ ،‬فما نظرة ابن مسعود لعمر الذي اختلف معه‬
‫فيما يربو على مائة مسألة ‪ .‬اسمع أخي الكريم‪ :‬يأتي ابن مسعود اثنان أحدھما قد قرأ‬
‫على عمر واآلخر على صحابي آخر فيقول ابن مسعود لألول‪ :‬من أقرأك القرآن؟ قال‪:‬‬
‫أقرأنيه عمر بن الخطاب‪ -‬رضي ﷲ عنه‪ -‬فيجھش ابن مسعود بالبكاء حتى ابتلت‬
‫حصينا يدخل فيه‬
‫ً‬ ‫حصنا‬
‫ً‬ ‫الحصى بدموعه‪ ،‬ويقول‪ :‬اقرأ كما أقرأك عمر؛ فإنه كان لإلسالم‬
‫انثلم الحصن‪ .‬ال غرابة في ھذا القول من ابن‬ ‫الناس وال يخرجون‪ ،‬فلما ُ ِ ْ َ‬
‫أصيب عمر ْ‬
‫مسعود‪ -‬رضي ﷲ عنه‪-‬؛ فھو القائل بعد وفاة عمر ‪-‬كما روى ]اإلمام أحمد[ في فضائله‬
‫كلبا يحبه‬
‫ً‬ ‫أحببت عمر ً ّ‬
‫حبا حتى لقد خفت ﷲ‪ ،‬وﷲ لو أني أعلم‬ ‫ُ‬ ‫بسند حسن‪ :-‬لقد‬
‫وجد َ ْ‬
‫فقده كل شئ حتى‬ ‫خادما لعمر حتى أموت‪ ،‬ولقد َ َ‬
‫ً‬ ‫عمر ألحببته‪ ،‬ولوددت أني كنت‬
‫نصرا‪ ،‬وسلطانه رحمة‪ ،‬ثم يقول أخرى ‪-‬كما أخرج‬
‫ً‬ ‫فتحا‪ ،‬وھجرته‬
‫ً‬ ‫ِ َ‬
‫العظاه‪ .‬إن إسالمه كان‬
‫الطبراني‪ :-‬لمجلس واحد من عمر أوثق عندي من عمل سنة‪ ،‬لو أن علم عمر وضع في‬
‫كفة ميزان ووضع علم أحياء األرض في كفة لرجح علم عمر‪ -‬رضي ﷲ عنه‪ -‬بعلمھم‪،‬‬
‫ولقد ذھب بتسعة أعشار العلم‪.‬‬

‫أيھا األحبة‪ :‬إن ھذه الصور المضيئة من تاريخنا لتذكرنا بصفحات أخرى من صفحات‬
‫فإليكموھا َ ُ‬
‫فعوھا واسمعوھا‪ ،‬يتناظر ذات يوم ]يونس بن‬ ‫ُ ُ‬ ‫سلفنا الكرام في أدب الخالف‬
‫عبد األعلى[ ]والشافعي[ ‪-‬عليھما رحمة ﷲ‪ -‬فاختلفا في مسألة‪ ،‬وانفضت المناظرة‪،‬‬
‫ولم يتفقا‪ .‬يقول يونس‪ :‬فوﷲ ‪-‬الذي ال إله إال ھو‪ -‬ما رأيت أعقل من الشافعي‪ ،‬جاءني‬
‫علي‪ ،‬ثم أمسك بيدي بحنان وتحنان‪ ،‬وقال‪ :‬يا ]أبا‬
‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬
‫وسلم‬ ‫في بيتي‪ ،‬وطرق بابي ودخل‬
‫إخوانا‬
‫ً‬ ‫إخوانا وإن لم نتفق في مسألة؟ أال يستقيم أن نكون‬
‫ً‬ ‫محمد[ أال يستقيم أن نكون‬
‫وإن لم نتفق في مسألة؟ ال ريب أن يقول ذلك الشافعي ‪-‬رحمه ﷲ‪ -‬وھو القائل‪ :‬ما‬
‫أحدا إال وتمنيت أن يكون الحق بجانبه‪ .‬ھذا الكالم المضيء نھديه إلى الذين‬
‫ً‬ ‫جادلت‬
‫تضج بھم الساحة اإلسالمية ھذه األيام‪ ،‬ممن يخيل ألحدھم أنه أعلم العلماء وأحكم‬
‫عالما‪ ،‬وال ينظر إلى أحد أنه يستحق االحترام‬
‫ً‬ ‫يجل‬
‫ﱡ‬ ‫توقيرا لكبير‪ ،‬وال‬
‫ً‬ ‫الحكماء‪ ،‬فال يعرف‬
‫ويجرح ھذا‪.‬‬
‫ويعجل ھذا‪َ ْ َ ،‬‬
‫عرض ھذا‪ُ ِ ّ َ ُ ،‬‬
‫إال نفسه‪ ،‬فيقع في ِ ْ‬
‫بالرجال‬
‫ِ‬ ‫وليس جراحھم في الجسم لكن *** جراح النفس تفتك‬
‫أنصباء العلم *** كواو عمرو أو كنون الملحق‬
‫زيادة على ْ ِ َ‬
‫تجد الواحد منھم يفكر بعقل غيره‪ ،‬ويسمع بأذن غيره‪ ،‬ويرى بعين غيره‪ ،‬ما قاله فالن‬
‫ھو الحق وما عداه فھو الباطل‪.‬‬
‫حمار‬
‫ِ‬ ‫خز *** لقال العمى يالك من‬
‫لحمار ثياب َ ٍ‬
‫ُ‬ ‫فلو لبس ا‬

‫تماما في كل مسألة؟ منذ متى اتفق‬


‫ً‬ ‫ونقول لھم وللكل‪ :‬أال نكون إخوة إال إذا اتفقنا‬
‫الناس؟ ھاھم صحابة رسول ﷲ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬قادة الناس‪ ،‬ومعادن العلم‪،‬‬
‫وأولى الناس بكل فضيلة‪ ،‬يختلفون لكن انظر إلي اختالفھم وھم األسوة والقدوة؛ تجده‬
‫عرضا‪ ،‬إنما يحق ً‬
‫حقا ويبطل باطال‪ ،‬يا‬ ‫ً‬ ‫قلبا‪ ،‬وال يخدش‬
‫ودا‪ ،‬وال يكسر ً‬
‫رفيعا ال يفسد ً‬
‫ً‬
‫علي‪ ،‬وال تجمعني‬‫ﱠ‬ ‫طالب العلم‪ ،‬يا أخي الكريم‪ :‬أتفرقني عنك مسألة؟ فترفع عقيرتك‬
‫يأمر‬‫إن َ ْ‬
‫ﷲ َ ُ ُ‬ ‫بك ألف مسألة اتفقنا عليھا! ھل ھذا من العدل؟ ھل ھذا من اإلحسان؟ ) ِ ﱠ‬
‫واإلحسان( ھال جمعتنا أخوة اإليمان؟ كل شي ٍء بعد ذلك يأتي‪ ،‬ستكون األخوة‬ ‫ِ ْ َ ْ ِ‬
‫بالعدل َ ْ َ ِ‬
‫أقوى فتطغى‪ ،‬وكلنا ينشد الحق والحق أحق أن يتبع‪ ،‬والتجرد عن الھوى مطلب‪ ،‬لكنه‬
‫يلقاه إال الصابرون‪ .‬ھاھو اإلمام ]مالك بن أنس[‪ -‬عليه‬
‫عزيز المنال صعب المدرك‪ ،‬وما ﱠ‬
‫رحمة ﷲ‪ -‬دخل المسجد ذات يوم وجلس‪ ،‬فغضب عليه أحد الغلمان قائال له‪ُ :‬قم َ َ ِ ّ‬
‫فصل‬
‫ركعتين‪ ،‬فقام وصلى ركعتين‪ ،‬فأنكر عليه بعض شياطين اإلنس قائال‪ :‬أتسمع لغالم‬

‫قيل َ ُ ُ‬
‫لھم‬ ‫وإذا ِ َ‬
‫وأنت اإلمام؟ فقال اإلمام مالك‪ :‬خشيت أن أكون ممن قال ﷲ فيھم‪َ َ ) :‬‬
‫عون( ﷲ أكبر‪ ،‬أين نحن ‪-‬طلبة العلم ‪-‬من ھذا الفقه‪ ،‬وأولئك الفقھاء الذين‬ ‫اركعوا ال َ َ ْ َ‬
‫يرك ُ َ‬ ‫ْ َ ُ‬
‫بطريقتھم تلك استصغروا أنفسھم في الحق فاستعظمھم الناس‪ ،‬وتحركت بأعمالھم‬
‫عوالم بأسرھا وما زالت تتحرك؟ إن من طلبة العلم اليوم من يتسرب إلى نفسه الكمال‬
‫الزائف‪ ،‬فيرى في نفسه العلم كله والحكمة كلھا‪ ،‬ويحصد فيھا الھداية الكاملة‪،‬‬
‫ويستفقد كل ذلك في اآلخرين‪.‬‬
‫أوردھا سعد وسعد مشتمل *** ما ھكذا تورد يا سعد اإلبل‬
‫إن دعاة األمة وعلماءھا المخلصين الصادقين ھم الذين يلتزمون منھج القرآن في كل‬
‫شيء‪ ،‬يلتزمونه في الحوار‪ ،‬وفي الرد‪ ،‬وال ينساقون وراء حب الظھور واالنتصار للنفس‬
‫والتشفي‪ ،‬وال يفرون من مرارة الصبر على االعتراف بالخطأ الذي يمثل عامال ُ ِ ً ّ‬
‫مھما في‬
‫بآياتنا‬ ‫صبروا َ َ ُ‬
‫وكانوا ِ َ ِ َ‬ ‫لما َ َ ُ‬ ‫يھدون ِ َ ْ ِ َ‬
‫بأمرنا َ ﱠ‬ ‫منھم َ ِ ﱠ ً‬
‫أئمة َ ْ ُ َ‬ ‫تأھيل أئمة يھدون بأمر ﷲ‪َ ْ َ َ َ ) .‬‬
‫وجعلنا ِ ْ ُ ْ‬
‫يوقنون(‬
‫ُ ُِ َ‬

‫صورة أخرى‪ :‬أورد ]ابن الجوزي[ في مناقب عمر خطبة عظيمة‪ ،‬وأوردھا ]ابن سعد[‬
‫في طبقاته‪ ،‬قال فيھا‪ :‬أيھا الناس؛ أال إنما كنا نعرفكم إذ بين أظھرنا النبي –صلى ﷲ‬
‫عليه وسلم‪ -‬وينزل الوحي وينبئنا ﷲ أخباركم‪ ،‬أال وإن رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه‬
‫خيرا‬
‫ً‬ ‫خيرا ظننا به‬
‫ً‬ ‫وسلم‪ -‬قد انطلق وانقطع الوحي‪ ،‬وإنما نعرفكم بما تقولون‪َ ،‬من أظھر‬
‫شرا وأبغضناه عليه‪ ،‬سرائركم بينكم وبين ربكم‪ ،‬أال‬
‫ً‬ ‫شرا ظننا به‬
‫ً‬ ‫وأحببناه‪ ،‬ومن أظھر‬
‫خيل‬
‫علي حين وإنما أنا أحسب أن َمن قرأ القرآن يريد ﷲ وما عنده‪ ،‬ثم ُ ِ ّ‬
‫ﱠ‬ ‫وإنه قد أتى‬
‫إلي بآخرة أن رجاال قد قرؤوه يريدون ما عند الناس‪ ،‬فأريدوا ﷲ بقراءتكم‪ ،‬وأريدوه‬
‫ﱠ‬
‫بأعمالكم‪ ،‬أال وإني –وﷲ‪ -‬ما أرسل عمالي إليكم ليضربوا أبشاركم‪ ،‬وال ليأخذوا أموالكم‪،‬‬
‫إلي‪،‬‬
‫ﱠ‬ ‫ِّ‬
‫ليعلموكم دينكم وسننكم‪ ،‬فمن فعل به سوى ذلك فليرفعه‬ ‫ولكني أرسلتھم‬
‫ألقصنه؛ أي ألجرين عليه حكم القصاص‪ ،‬فوثب ]عمرو بن‬
‫ﱠ‬ ‫فوالذي نفسي بيده ً‬
‫إذا‬
‫العاص[ فقال‪ :‬يا أمير المؤمنين؛ أفرأيت إن كان رجل من المسلمين على رعية‪ ،‬فأدب‬
‫مقصه منه‪ ،‬قال‪ :‬إي والذي نفسي بيده ألقصنه‪ ،‬كيف ال أقصه وقد‬
‫ﱠ‬ ‫بعض رعيته‪ ،‬أكنت‬
‫رأيت رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬يقص من نفسه‪.‬‬
‫أال ال تضربوا المسلمين فتذلوھم‪ ،‬وال تمنعوھم حقوقھم فتكفروھم‪ ،‬وال تنزلوھم‬
‫إلي من مائة ألف دينار‪ .‬يا للكالم!‬
‫ﱠ‬ ‫المھالك فتضيعوھم‪ ،‬فإن رجال من المسلمين أحب‬
‫شاربه‬
‫ُ‬ ‫المبرد‬
‫َ‬ ‫الماء‬
‫َ‬ ‫كالم ذوي األلباب أھوى وأشتھي *** كما يشتھي‬
‫ﷲ أكبر‪ ،‬إنه الحق والسكينة ينطقان على لسان عمر ‪-‬رضي ﷲ عنه وأرضاه‪ .-‬ھذه‬
‫ً‬
‫شيئا‬ ‫ولي من أمر المسلمين‬
‫َ‬ ‫فمن‬
‫وزعة إلى ثالثة أصناف؛ أما األولى َ ْ‬
‫رسالة من عمر م ﱠ‬
‫تبين أن مھمتھم تعليم الدين والسنن‪ ،‬ال إذالل المسلمين‪ ،‬ومنعھم‬ ‫صغر أو َ ُ‬
‫كبر ُ َ ِ ّ‬ ‫َ ُ‬
‫حقوقھم‪ ،‬وضربھم‪ ،‬وإنزالھم المھالك‪ .‬وھي كذلك رسالة إلى حملة كتاب ﷲ أن يريدوا‬
‫ﷲ بقراءته‪ .‬فليسائل حملة كتاب ﷲ أنفسھم ماذا زرع القرآن في قلوبھم ونفوسھم؟‬
‫شرا‬
‫ً‬ ‫النيات بالفساد‪ ،‬فيظن بكلمات المسلمين‬
‫ﱠ‬ ‫وھي أول الرسالة إلى من يحكم على‬
‫وھو يجد لھا في الخير محمال ‪.‬‬
‫تعمى بصائرھم عن كل منحرف *** ويرصدون ذوي التقوى بمرصاد‬

‫والرسالة األخيرة‪ :‬ھذه تذكر برسالة أخرى‪ ،‬وبصفحة أخرى مضيئة في تاريخ ھذه‬
‫األمة‪ .‬يوم يدخل ]الربيع بن سليمان[ على ]الشافعي[ وھو مريض يعوده‪ ،‬فيقول من‬
‫قوى ﷲ ضعفك يا إمام‪ ،‬فقال الشافعي‪ :‬يا ربيع لو قوى ضعفي‬
‫ضمن دعائه له‪ :‬ﱠ‬
‫لقتلني‪ ،‬قال الربيع على الفور‪ :‬وﷲ ‪-‬الذي ال إله إال ھو‪ -‬ما قصدت ذلك يا إمام‪ ،‬فقال‬
‫صراحا لعلمت وتيقنت أنك لم تقصد‬
‫ً‬ ‫الشافعي‪ :‬يا ربيع؛ والذي ال إله إال ھو لو شتمتني‬
‫ذلك‪ .‬يا ‪ ! 9‬نھدي ھذا الكالم مع التحية لبعض الذين يقفون على عبارة لھا في الخير‬
‫ألف محمل وفي الشر محمل‪ ،‬ثم يحملونھا على الشر‪ .‬وﷲ إن الحسرة واأللم ليعتريان‬
‫الف ْ َ‬
‫رقة بين ما ينتسبون لعقيدة واحدة‪ ،‬ومنھج واحد إلى عقيدة أھل‬ ‫المسلم يوم يرى ُ‬
‫تؤز‬
‫السنة والجماعة ومنھجھما‪ .‬ويحزن أخرى يوم يرى الشيطان وحضور النفس ﱡ‬
‫أزا للفرقة والتنازع والتباغض‪ ،‬وعدوھم واحد يحارب اإلسالم وأھله ًّ‬
‫أيا كانوا‪.‬‬ ‫المسلم ًّ‬
‫أھل السنة ال ننكر أنھم ال يختلفوا‪ ،‬قد يقع بينھم االختالف حول بعض المسائل التي‬
‫أبدا‪ .‬يا طالب العلم‬
‫يجوز فيھا االختالف‪ ،‬لكن ھذا ال يؤدي إلى اختالف القلوب ً‬
‫المخلصين‪ ،‬يا دعاة الحق المبين‪ ،‬أال من رجعة صادقة إلى ﷲ نرتفع بھا على ذواتنا‬
‫وأشخاصنا وأغراضنا الدنيوية‪ ،‬أال من رجل رشيد يفكر بعمق المأساة وخطرھا على‬
‫الصدع‪ ،‬وبذل الوالء والمحبة لكل مؤمن‬
‫ﱠ ْ‬ ‫نسع َ ْ‬
‫لرأبِ‬ ‫َ‬ ‫األمة اإلسالمية بأسرھا‪ .‬وﷲ إن لم‬
‫كبيرا سيحل بنا إن لم يتداركنا ﷲ برحمة من عنده‪ ،‬يجمع ﷲ‬
‫ً‬ ‫وفسادا‬
‫ً‬ ‫فإن ھناك فتنة‬
‫بعضٍ‬
‫بعضھم أولياء َ ْ‬ ‫والذين َ َ ُ‬
‫كفروا َ ْ ُ ُ ْ‬ ‫بھا شتات القلوب وتتوحد بھا كلمات دعاته المخلصين ) َ ﱠ َ‬
‫كبير( فأي خير إن صدر من أخيك ما لم يمكن‬ ‫وفساد َ ِ ٌ‬
‫األرضِ َ َ َ ٌ‬
‫فتنة ِفي ْ‬
‫تكن ِ ْ َ ٌ‬
‫ُوه َ ُ ْ‬ ‫ِإال ﱠ َ ْ َ‬
‫تفعل ُ‬
‫فليتعذر عنه‪ .‬ولن يعدم قاصد الخير أن يجد إلخوانه ما يبقي صدره‬
‫حمله على الخير ُ َ ﱠ‬
‫رضيه‪ ،‬فإن لم يكن ولم تستطع ذلك فما كافأ عبد من عصى ﷲ فيه‬
‫سليما‪ ،‬ونفسه َ ِ ﱠ‬
‫ً‬
‫بمثل أن يطيع ﷲ فيه‪.‬‬
‫الذخائر‬
‫ُ‬ ‫إخوان الثقات‬
‫َ‬ ‫فوﷲ ما مال الفتى بذخيرة *** ولكن‬

‫صورة أخرى أورد ]ابن الجوزي[ في مناقبه عن ]سعيد بن أبي بردة[ قال كتب عمر‬
‫إلى ]أبي موسى األشعري[ قائال أما بعد فإن أسعد الرعاة من سعدت به رعيته وإن‬
‫أشقى الرعاة من شقيت به رعيته إياك أن تزيغ فيزيغ عمالك فيكون مثلك في ذلك مثل‬
‫البھيمة نظرت إلى خضرة األرض فرعت فيھا ترجو بذلك السمن وإنما حسبھا في‬
‫سمنھا بمعنى أنھا إذا سمنت ذبحت والسالم عليك يا للكالم المزين بالفعال قولوا لمن‬
‫تشدق بالعدل أين العدل يا متشدق نصيحة توجه إلى من ولي والية صغيرة أو كبيرة‬
‫فھو الناصح رضي ﷲ عنه والمؤمنون من طبعھم النصح والمنافقون من طبعھم الغش‬
‫وكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته والمرأة راعية في بيتھا ومسؤولة عن رعيتھا‬
‫والخادم مسؤول في مال سيده ومسؤول عن رعيته وكلكم راع وكلكم مسؤول عن‬
‫رعيته وما من راع استرعاه ﷲ رعية فبات غاش لھم إال حرم ﷲ عليه رائحة الجنة‪.‬‬

‫العدة لفتح العراق‬


‫ﱠ‬ ‫يعد‬
‫ﱡ‬ ‫صورة أخرى‪ :‬ﱠ‬
‫أتم عمر الشوط الكبير الذي بدأه أبو بكر‪ ،‬فأخذ‬
‫وبالد فارس بعد أن اطمأن على سالمة الجيش اإلسالمي في بالد الشام‪ ،‬وعرف أن‬
‫الروم ارتدوا على أعقابھم بعد >اليرموك<‪ .‬والمسلمون في عھده من نصر إلى نصر‪.‬‬
‫رغب عمر أن يقود الجيوش بنفسه‪َ َ ،‬‬
‫تاقت نفسه إلى الجھاد في سبيل ﷲ‪ ،‬لكن‬
‫جمھرة المسلمين أشاروا عليه بسعد ابن أبي وقاص ‪-‬رضي ﷲ عنه وأرضاه‪ -‬فوافقھم‬
‫على ذلك‪ ،‬فكانت وقعة القادسية التي ظھرت فيھا عزة المسلمين‪ ،‬وذل وھزيمة‬
‫وأيد ﷲ دينه ورفع كلمته‪،‬‬
‫عباد النار من المجوس‪ ،‬ﱠ‬
‫الكافرين‪ ،‬وقتل عشرات اآلالف من ُ ﱠ‬
‫وعبرت األنھار‬
‫وفتحت المدائن‪ِ ُ ،‬‬ ‫ﱠ‬
‫وتقلص الظالم‪ِ ُ ،‬‬ ‫اإلسالم‪ ،‬فانتشر اإلسالم‪،‬‬
‫َ‬ ‫الكفر‬
‫ُ‬ ‫وھاب‬
‫بفضل ﷲ الواحد القھار‪ .‬أكرمھم ﷲ بأن يسيروا على األنھار كما نسير على البيداء‪،‬‬
‫وحاز المسلمون كنوز كسري وقيصر‪ ،‬ولبس سراقة سواري كسري‪ ،‬وتحققت نبوءة‬
‫الصادق المصدوق ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬في ذلك‪.‬‬
‫كنا جباال في الجبال وربما *** صرنا على البحار بحارا‬
‫مغنما وجوارا‬
‫أكفنا *** نبغي ثوابك َ ْ َ ً‬
‫أرواحنا يا رب فوق ُ ِ ّ‬
‫وقدر األقدارا‬
‫ﱠ‬ ‫جھارا ال إله سوى الذي *** خلق الوجود‬
‫ً‬ ‫ندعو‬
‫ومن >القادسية< إلى >نھاوند<‪.‬‬
‫فتح الفتوح تعالى أن يحيط به *** َ ْ ٌ‬
‫نظم من الشعر أو نثر من الخطب‬
‫ُ ْ‬
‫وأطفئت نار المجوس‪ ،‬وتمزق ُ ْ‬
‫ملك كسري‪ ،‬ولم تقم للمجوس قائمة‪ ،‬وفتحت الشام‪،‬‬
‫وفتح مصر‪ ،‬وفتح بيت المقدس‪ ،‬وتسلم مفاتيحه عمر ‪-‬رضي ﷲ عنه وأرضاه‪ -‬وھو‬
‫يخوض مخاضة في الطين‪ ،‬ويقول‪ :‬نحن قوم أعزنا ﷲ باإلسالم‪ ،‬ومھما ابتغينا العزة في‬
‫يخلُفه‪ ،‬فأين األمانة يا مسلمون؟ ما الخبر‬
‫غيره أذلنا ﷲ‪ .‬وسلمھا عمر أمانة لكل من َ ْ‬
‫بعد عمر؟ إنه الذل والھوان المكتوب على األمة متى حادت عن دينھا‪ .‬لقد ابتعد‬
‫المسلمون عن مصادر عزھم ﱡ‬
‫فزلوا وحادوا عن رشدھم‪ ،‬فضلوا وألغوا عقولھم‪ ،‬فھانوا‪،‬‬
‫عصوا ﷲ وھم يعرفونه فسلط عليھم من ال يعرفه‪ ،‬فكان الھوان والضياع‪ .‬وضاعت‬
‫القدس‪ ،‬ضاعت يوم أميتت في القلوب آل عمران واألنفال وبراءة‪ ،‬ضاعت يوم ُ ِ ﱠ‬
‫أصمت‬
‫وعز‬
‫ذل األتقياء‪ ُ ،‬ﱠ‬
‫واستغشيت الثياب عن أصوات الناصحين الصادقين‪ ،‬ضاعت يوم ُ ﱠ‬
‫ْ ُ ْ ِ‬ ‫اآلذان‪،‬‬
‫فجعنا بضياعه؛ ألننا أمة‬
‫األشقياء‪ ،‬وأغمدت سيوف الحق‪ ،‬ورفعت سيوف الباطل‪ ،‬يومھا ُ ِ ْ َ‬
‫تنصر‪.‬‬
‫ال تستحق أن ُ ْ َ‬
‫لكل فاجعة في الدھر ُ ْ‬
‫سلوان *** وما لنكبة أرض القدس سلوان‬
‫ھذى مآذنه خرساء ذاھلة *** فال آذان وال في الناس آذان‬
‫بيت مشى أمس في ساحاته عمر *** فكيف يمرح فيه اليوم شيطان‬
‫وغرب‪ِ ُ ،‬‬
‫وأديلت‬ ‫ﱠ‬ ‫وشرق اإلسالم في عھده‬
‫ﱠ‬ ‫ورفع ﷲ األتقياء بعمر‪ ،‬وسقط المجرمون‪،‬‬
‫ومصرت أمصار‪.‬‬
‫وفتحت بالد‪ّ ِ ُ ،‬‬
‫دول‪ِ ُ ،‬‬
‫يا من يرى عمر تكسوه بردته *** والزيت ُ ْ ُ‬
‫أدم له والكوخ مأواه‬
‫رقا *** من خوفه وملوك الروم تخشاه‬ ‫يھتز كسري على كرسيه َف َ ً‬
‫أيھا األحبة إن السؤال الذي يطرح نفسه في ثنايا تلك االنتصارات ما التوجيه التي كانت‬
‫تتلقاه الجيوش المؤمنة في ذلك العھد؟ إنه وال شك قراءة سورة األنفال تحت كل راية‬
‫فتھش لھا القلوب والعيون المؤمنة‪ ،‬وتتنزل معھا السكينة‬
‫ﱡ‬ ‫من رايات المسلمين‪،‬‬
‫والطمأنينة‪ ،‬فيكون النصر‪ .‬والسؤال اآلخر‪ :‬ما ليل جند ﷲ في جيش عمر؟ يقول ]سعد‬
‫النحل‪ ،‬وھم أساد في‬
‫كدويِ ﱠ‬
‫ّ‬ ‫يدوون بالقرآن إذا جن الليل‪،‬‬
‫ﱡ‬ ‫بن أبي وقاص[‪ :‬لقد كانوا‬
‫بقي إال بالشھادة إذ لم‬
‫َ‬ ‫النھار ال تشبھھم األسود‪ ،‬ولم يفضل من مضى منھم من‬
‫تكتب لھم‪.‬‬
‫أمطار‬
‫ُ‬ ‫تحيا بھم كل أرض ينزلون بھا *** كأنھم في بقاع األرض‬
‫أجراه‬
‫ُ‬ ‫الخد‬
‫ِّ‬ ‫عابد دمعه في‬
‫ٍ‬ ‫جن الظالم بھم *** كم‬
‫ﱠ‬ ‫عباد ليل إذا‬
‫ُ ﱠ‬
‫ُ ْ ُ‬
‫وأسد غاب إذا نادى الجھاد بھم *** ھبوا إلى الموت يستلقون لقياه‬
‫فاسألوا عن كل نصر خالدا *** واسألوا عن كل عدل عمرا‬
‫الربا وانحدرا‬
‫السيل ﱡ‬
‫ﱠ‬ ‫يا رجال الليل قد طال المدى *** بلغ‬
‫اصبروا إن عظم الخطب *** فما يدرك النصر سوى من صبرا‬
‫وانصروا ﷲ يھبكم نصره *** واشكروه يعطي من شكر‬

‫ونحن في ثنايا انتصارات عمر علينا أن ندرس بعض الصور فيھا من داخلھا‪ .‬ففي‬
‫القادسية صور مضيئة جديرة بأن نقف عندھا وقفة تأمل واعتبار واقتداء‪ ،‬ومنھا‪ :‬أنھا‬
‫ضمت في صفوفھا ما يربو على ثالثمائة صحابي‪ ،‬منھم تسعون بدري‪ ،‬فھي تتميز بذلك‬
‫ومودعا ‪-‬‬
‫ً‬ ‫موصيا‬
‫ً‬ ‫عن غيرھا من المعارك‪ .‬ثم انظر بعين بصيرتك إلى عمر يوم يقول لسعد‬
‫وتأمل الوصية وانظر وتفكر‪ -‬يقول‪ :‬يا سعد ‪]-‬سعد بن وھيب[‪ -‬ال يغرن ﱠك إن قيل‪ :‬خال‬
‫رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬فإنه ليس بين ﷲ وأحد نسب إال بالتقوى‪ .‬وتأملوا‬
‫الميزان والمعيار التي قد تختلف عليه األشكال‪ ،‬لكن الحقيقة واحدة‪ ،‬الحقيقة واحدة‬
‫في >اليرموك<‪ ،‬وفي بدر وأحد‪ ،‬وفي زمن ]قتيبة[‪ ،‬وإلى أن يرث ﷲ األرض ومن عليھا‪.‬‬
‫النسب واحد؛ ھو التقوى‪ ،‬والمعيار والميزان ھي التقوى‪ َ ،‬ﱡ‬
‫عضوا عليھا‪ .‬وإن كان سعد‬
‫مبشرا بالجنة‪ ،‬وإن كان ممن‬
‫ً‬ ‫خال رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬وإن كان سعد‬
‫جمع له الرسول –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬أبويه‪ ،‬وإن كان من قيل فيه‪ :‬ھذا خالي‬
‫عمري‪ ،‬ال تغتر بكالم الناس‬
‫ٌ‬ ‫فليرني امرؤ خاله‪ .‬نعم حذار يا سعد من االغترار‪ ،‬توجيه‬
‫ﷲ َْ َ ُ ْ‬
‫أتقاكم( كيف لو أن عمر –يا أيھا‬ ‫عند ِ‬ ‫إن َ ْ َ َ ُ ْ‬
‫أكرمكم َ َ‬ ‫المؤھل ) ِ ﱠ‬
‫ﱠ‬ ‫والتقوى فالزم فھي‬
‫عجبا وھي‬
‫ً‬ ‫األحبة‪ -‬يرى وينظر إلى وسائلنا وسائل األمة المسلمة ھذه األيام لرأى‬
‫ويحاسب إلى‬
‫َ‬ ‫وتحولھم من بشر يصيب ويخطئ ُ‬
‫ِّ‬ ‫تدمر المسئولين في األمة المسلمة‪،‬‬
‫أناس ال يأتيھم الباطل من بين يديھم وال خلفھم‪ ،‬بل ال يسألون عما يفعلون‪.‬‬
‫ويجفى كل ذي عقل رزين‬
‫ويرفع شأن مختلس وغاوي *** ُ ْ‬
‫ُْ‬
‫عجبا وﷲ‪ .‬أيھا األحبة يوم يدخل المرء داخل معركة القادسية وغيرھا يعرف ماذا‬
‫ً‬ ‫لرأى‬
‫كان يجري في جيش المسلمين‪ ،‬وفي جيش الكافرين‪ ،‬يعرف حينھا عوامل النصر‪،‬‬
‫ومؤھالت العز‪ ،‬وعوامل الھزيمة‪ .‬فادخل معي إلى المعركة‪ ،‬واسمع‪ .‬كما تعلمون تبدأ‬
‫غالبا بالمبارزة‪ ،‬وبدأت المبارزة بين الصفين؛ بين صف يقول‪ :‬ال إله إال ﷲ‪ ،‬وبين‬
‫ً‬ ‫المعارك‬
‫صف يعبد النار من دون ﷲ‪ ،‬فقام َ َ ٌ‬
‫علج من الفرس ما عرف ﷲ لحظة من اللحظات‪،‬‬ ‫ٍّ‬
‫ودخل الساحة‪ ،‬فخرج إليه رجل من المسلمين‪ ،‬فتجاوال وتصاوال‪ ،‬فلم يلبث العلج‬
‫الفارسي أن قتل المسلم‪ .‬والمبارزة كما تعلمون لھا تأثير نفسي غالب على الجيش‪،‬‬
‫وعلى مستقبل المعركة‪ ،‬فخرج إليه رجل آخر من المسلمين وبدأت المبارزة مرة أخرى‪،‬‬
‫عضد المسلمين‪ ،‬ثم خرج ثالث من‬
‫ففت ذلك في َ ُ‬
‫ﱠ‬ ‫فلم يلبث العلج أن قتل المسلم‪،‬‬
‫المسلمين –يتھاوون على الموت‪ ،‬يريدون ما عند ﷲ‪ -‬وتجاوال‪ ،‬فلم يلبث العلج أن قتل‬
‫شديدا‪ ،‬كافر يقتل ثالثة من المسلمين‬
‫ً‬ ‫وھنا‬
‫ً‬ ‫المسلم‪ ،‬فوھن ذلك في عزم المسلمين‬
‫كبيرا قد بلغ ما يربوا على‬
‫ً‬ ‫شيخا‬
‫ً‬ ‫في تلك اللحظة الحرجة‪ .‬كان في جيش المسلمين‬
‫واعبد‬
‫عاما‪ ،‬ال يزال يجاھد والمؤمن في جھاد حتى يلقى ﷲ ممتثال قول ﷲ َ ْ ُ ْ‬ ‫ً‬ ‫ثمانين‬
‫اليقين( خرج ھذا الشيخ الكبير على‪Λ‬تعالى فرسه لسان حاله‪:‬‬ ‫حتى َ ْ ِ َ َ‬
‫يأتيك ْ َ ِ ُ‬ ‫ربك َ ﱠ‬
‫َﱠ َ‬
‫المصعد‬
‫الدم ُ ْ َ َ‬
‫َ‬ ‫ش َباھا‬
‫السيوف *** فأورد َ‬
‫ُ‬ ‫ظمئت للقتال‬
‫ْ‬ ‫أخي‬
‫ممات يغيظ العدا‬
‫ٌ‬ ‫وإما‬
‫تسر الصديق *** ﱠ‬
‫ﱡ‬ ‫فإما حياة‬
‫ﱠ‬
‫ويصاول ھذا العلج الذي انتفخ ريشه وتكبر؛ ألنه قتل ثالثة من المسلمين‪ ،‬فتطاول معه‬
‫زمن طويل‪ ،‬لكن ھذا الشيخ المسلم ما لبث أن قفز من خيله إلى خيل ذلك الفارسي‬
‫فصارا على خيل واحدة‪ ،‬ثم حمل ھذا الفارس بيده وھو مدجج بالسالح والدروع فرفعه‬
‫بيديه‪ ،‬ثم أنزله على ركبتيه فكسر ظھره نصفين‪ ،‬ثم رمى به‪ ،‬وقال‪ :‬ھذا علج خبيث‪ ،‬ال‬
‫يستحق أن يضرب بالسيف‪ .‬فكبر المسلمون ودارت المعركة فكان النصر لمن ينصرون‬
‫ﷲ‪.‬‬
‫ھذا ھو اإليمان درب نجاتنا *** فما بالنا عن دربنا نتن ﱠ‬
‫كب‬
‫تصوب‬
‫ما بالنا نرنوا إلى أعدائنا *** وسھامھم نحو الصدور ُ َ ﱠ‬
‫ما بالنا نرنوا إلى أعدائنا *** وﷲ لإلنسان منھم أقرب‬
‫الدنية أصعب‬
‫حقا ولكن ﱠ ﱠ‬ ‫مر َ ْ ُ‬
‫طعمه *** ً‬ ‫صعب طريق الموت ﱞ‬
‫أين تربى ذلك الشيخ أيھا األحبة الذي عمره فوق ثمانين؟ إنه –وال شك‪ -‬في رياض‬
‫كتاب ﷲ‪ ،‬وسنة رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ .-‬ومن تربى عليھما عرف مھمته‬
‫في الحياة؛ وھي إعالء كلمة ﷲ‪ ،‬وابتغاء مرضاة ﷲ‪ .‬بذل كل شئ في حياته لتحقيق‬
‫ھذه المھمة‪ ،‬وھكذا كان الواحد من سلفنا‪ ،‬عنده بصيرة يتحرك بھا على األرض‪ ،‬ويعرف‬
‫نصروا‪.‬‬
‫كيف ينصر دينه‪ ،‬ويفكر كيف ينصر دينه‪ ،‬وبالتالي ُ ِ ُ‬
‫ينصر‬
‫من يتق ﷲ وينصر دينه *** البد في ساح المعارك ُ ْ َ ُ‬
‫ھذه صفحة في ثنايا القادسية التي ما ھي وﷲ ‪-‬الذي ال إله إال ھو‪ -‬إال جزء من جھاد‬
‫في ثنايا جھاد عمر وصحبه ‪-‬رضوان ﷲ عليھم‪ -‬الذين أرھبوا أعداء ﷲ‪ ،‬ومكنوا لدين ﷲ‬
‫تدعى الصلة بذلك الجيل وتلك الطائفة؟‬
‫في األرض‪ ،‬فما الحال‪ ،‬وما الواقع اليوم واألمة ﱠ‬
‫إن الواقع مرير‪ ،‬ويجب أن نعلم مرارته‪ ،‬لعلنا نرفع ھذه المرارة‪ ،‬وإن األمة ممزقة‪ ،‬وإن‬
‫التكالب على المسلمين ورميھم عن قوس واحدة حاصل‪ ،‬وإن الغفلة عظيمة‪ ،‬وما أشبه‬
‫ليلة القدس بأندلس البارحة‪.‬‬
‫أين اللواء وخيل ﷲ يبعثھا *** عمرو ويصرخ في آثارھا عمر‬
‫ً‬
‫جھرة *** ولبؤسه تتحدث األخبار‬ ‫يھود‬
‫ھذا ھو األقصى ُ َ ﱠ ُ‬
‫ندار‬
‫ھذا ھو األقصى يھود جھرة *** وجموعنا يا مسلمون ِ َ‬
‫أليس لكم قلب يفيء لربه *** أليس لكم عين أليس لكم فم‬
‫والقدر محتقر والدم طوفان‬
‫َ ْ ُ‬ ‫المال مقتسم والعرض منتھك ***‬
‫ال راية لبني اإلسالم ظاھرة *** إذا تداعى خنازير ُ ْ َ‬
‫وصلبان‬
‫العرضِ بركان‬
‫أين الجيوش التي تزھو بقوتھا؟ *** كأنھا في نھار َ ْ‬
‫أين الماليين من أموال أمتنا؟ *** فما لھا في مجال الفعل برھان‬
‫فنان؟‬
‫لعاب و ﱠ ُ‬
‫القوم ﱠ ٌ‬
‫َ‬ ‫خدر‬
‫يعد لكم *** أم ﱠ‬
‫ھل عندكم نبأ مما ُ َ ﱡ‬
‫ھل عندكم نبأ من أھل أندلس *** فقد سرى بحديث القوم ُ ْ َ‬
‫ركبان؟‬
‫مر من التنكيل ألوان‬
‫ضج وقد ***غشاه ٌ‬
‫ﱠ‬ ‫واليوم مسرى نبي ﷲ‬
‫ذل وضعف وتمثيل َ ْ َ َ‬
‫وملحمة *** ما ذاقھا في مدار الدھر إنسان‬
‫والشان‬
‫ﱠ‬ ‫صاخبة *** وللرياضة فينا َ ْ ُ‬
‫القدر‬ ‫ِ َ‬ ‫تشرب واألوتار‬
‫الخمر ُ ْ‬
‫قرآن‬
‫ُ‬ ‫أما لنا في كتاب ﷲ من عظة *** فقد دعانا لنصر الحق‬ ‫َ َ‬
‫والران‬
‫ﱠ ُ‬ ‫أمل *** أما تبدد عنا الشك‬
‫ٍ‬ ‫َ َ‬
‫أما لنا في طلوع الفجر من‬
‫وسنان‬
‫اليوم َ ْ َ ُ‬
‫َ‬ ‫فالمجد ال يمتطيه‬
‫ُ‬ ‫يا أمتي مزقي األغالل وانتفضي ***‬
‫عنوان‬
‫لألوابِ ُ ْ ُ‬
‫ﱠ‬ ‫وعزة ﷲ‬
‫ﱠ‬ ‫مشرعة ***‬
‫عودي إلى ﷲ فاألبواب ُ ْ َ ٌ‬
‫عميان‬
‫الفجر ُ ْ َ ُ‬
‫ِ‬ ‫نور‬
‫منتشر *** وإن تجاھل َ‬
‫ٌ‬ ‫واستبشري فشعاع الفجر‬
‫إبان‬
‫النھار فلإلشراق ﱠ ُ‬
‫شمس ﱠ‬
‫ُ‬ ‫غيم الظلم واحتجبت ***‬
‫وإن تراكم َ ْ ُ‬
‫أيھا األحبة؛ أال نملك مثل ھذه الطاقات التي كانت في صفوف القادسية من أبناء‬
‫ً‬
‫بعضا منھا‪ ،‬والقصور عن‬ ‫إنا لنملك‬
‫العشرين إلى الثمانين إلى المائة ؟ بلى وﷲ‪ ،‬ﱠ‬
‫السلف أمر البد منه‪ ،‬لكننا ال نحسن التعامل معه‪ .‬تھينھا األمة وتمتھنھا وتقتلھا وال‬
‫تنتفع بھا وھي أحوج ما تكون إليھا‪.‬‬
‫محمول‬
‫كالعيس في البيداء يقتلھا الظما *** والماء فوق ظھورھا َ ْ ُ ٌ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫تدمر‬
‫ديدن األمة مع طاقاتھا‪ .‬إنه حين ُ ﱠ‬
‫ننصر ما دام ھذا َ ْ َ‬
‫وﷲ ‪-‬الذي ال إله إال ھو‪ -‬ال ُ ْ‬
‫ويھان المخلصون‪ ،‬ويرفع المجرمون إلى مرتبة األتقياء‪ ،‬وال ُيسمع الناصحون‪،‬‬
‫النفوس‪َ ُ ،‬‬
‫وﷲ ال تنفع عندھا ال دبابات‪ ،‬وال طائرات‪ ،‬وال أساطيل‪ ،‬ألنه أمر ﷲ بالتدمير‪ ،‬وال عاصم‬
‫من أمر ﷲ إال من رحم‪.‬‬
‫المذنب‬
‫وعز ُ ْ‬
‫ذل التقي بھا ُ ﱠ‬
‫من أين يرعى ﷲ أمتنا التي *** ُ ﱠ‬
‫الغاشم المستكلب‬
‫ِ‬ ‫خاو وفيھا‬
‫ٍ‬ ‫من أين يأتيھا السالم وقلبھا ***‬
‫كثيرا‪ ،‬فال يأس‪ ،‬وال قنوط‪ ،‬وال خشية‬
‫ً‬ ‫إنا لمتفائلون‬
‫ومع ذلك فوﷲ ‪-‬الذي ال إله إال ھو‪ -‬ﱠ‬
‫من نصارى وال مجوس وال يھود‪ ،‬العھد من ﷲ –تعالى‪ -‬لنا بالنصر‪.‬‬
‫ديننا الحق‪ ،‬والكفر ذا دينھم *** كل دين سوى ديننا باطل‬
‫غد جيش الھدى يزحف‬
‫يا قدس مھما باعدوا بيننا *** ففي ٍ‬
‫يخلف‬
‫الخنا *** عھد من ﷲ ال ُ ْ‬
‫البد من يوم يزول َ َ‬
‫وعد من ﷲ ال ُ ْ َ‬
‫يكذب‬ ‫يوم لنطق الحجر *** ْ ٌ‬
‫ٍ‬ ‫البد من‬
‫ولو أن كل مسلم بصق بصقة فقذف اليھود بھا لغرقوا‪ ،‬أو نفخ نفخة مؤمن حق لطاروا‪.‬‬
‫طريقنا واضح كالشمس تعرفه *** أجيالنا بابه عزم وإيمان‬
‫منتجع منھا وبستان‬
‫آمالنا لم تزل خضراء يانعة *** في القلب ُ ْ َ َ‬
‫اشتد وطغى ساعة‪ ،‬وللحق وأھله زمان آخر ال ينتھي إلى قيام الساعة‬
‫ﱠ‬ ‫وللباطل مھما‬
‫شريعة ﷲ رغم الكفر خالدة والزيف يفنى ويفنى من له عبد ولينا ﷲ ولينا ﷲ ال نرضى‬
‫به بدال وكيف ييأس من مواله رحمن‬

‫صورة أخرى‪ :‬روى ]ابن سعد[ في طبقاته أن عمر ‪-‬رضي ﷲ عنه‪ -‬كان في سفر‪،‬‬
‫قريبا من الروحاء سمع صوت راعٍ في جبل‪ ،‬فعدل إليه ونادى عمر‪ :‬يا راعي‬
‫ً‬ ‫فلما كان‬
‫الغنم‪ ،‬فقال له الراعي وقد عرفه‪ :‬نعم يا راعيھا؛ يعني يا راعي األمة‪ ،‬قال عمر‪ :‬لقد‬
‫مررت بمكان ھو أخصب من مكانك‪ ،‬ھذا ھو المكان الفالني‪ ،‬وإن كل راع مسؤول عن‬
‫رعيته‪ ،‬ثم مضى عمر في طريقه‪ .‬ﷲ أكبر يوم ترى خليفة المسلمين ينصح راعي غنم‪،‬‬
‫ﱠ‬
‫ويدله على مكان ھو أخصب من المكان الذي ھو فيه‪ ،‬ويذكِّره بأن كل راع مسؤول عن‬
‫رعيته أن يختار لھا ما ھو أنفع‪ ،‬وأن يؤثر مصالحھا في كل موقف‪ .‬عمر ينادي الراعي‪ :‬يا‬
‫راعي الغنم‪ ،‬والراعي يجيبه بقوله‪ :‬نعم يا راعيھا؛ أي يا راعي األمة‪ ،‬ال فرق في التزام‬
‫ً‬
‫صدقا‪ " ،‬يسعى بذمتھم أدناھم‪،‬‬ ‫المسؤولية بين ھذا وذاك‪ .‬مسلمون ً‬
‫حقا‪ ،‬ومؤمنون‬
‫شاھد صدقٍ على أن الوالي‬
‫ُ‬ ‫وھم يد على من سواھم" إن سيرة عمر ‪-‬رضي ﷲ عنه‪-‬‬
‫المسلم راع مشفق‪ ،‬وناصح أمين‪ ،‬ورائد ال يكذب أھله‪ .‬عمر ھو الذي كان يعالج البعير‬
‫األجرب ويقول للبعير‪ :‬إني لخائف أن أسأل عما بك‪ ،‬ما أروعھا من كلمات يستضيء بھا‬
‫تحتم على كل من‬
‫ِّ‬ ‫ً‬
‫شيئا من أمر المسلمين صغر األمر أو كبر‪ .‬فالمسئولية‬ ‫كل من ولي‬
‫ائتمنه المسلمون على مصلحة من مصالحھم أن يتقي ﷲ فيھا‪ ،‬وأن ُيحسن القيام بھا؛‬
‫شديدا على نفسه‪ ،‬لعله‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مشفقا على الرعية‪،‬‬ ‫غدا‪ .‬ھكذا كان الراعي‬
‫لينجو من العقاب ً‬
‫الرضي في دار الخلود‪.‬‬
‫يلقى العيش ﱠ‬
‫األبعد‬
‫مستجد لم يرث *** إال عن الجد القديم ْ َ ِ‬
‫ٍّ‬ ‫من لي بجيل‬
‫ِّ‬
‫المتوقد‬ ‫خالدا في عزمه‬
‫ً‬ ‫أصالة رأيه *** أو‬
‫ِ‬ ‫يرث ابن حفص في‬
‫أبى *** وإن يطلب إليه البذل لم يتردد‬ ‫سيم الھوان َ َ‬
‫جيل إذا ِ َ‬
‫ويدعى للفداء فيفتدي‬
‫يھوى الحياة عقيدة‪ ،‬ويعافھا *** فوضى ُ ْ‬

‫صورة أخرى‪ :‬أخرج ]ابن أبي حاتم[ من طرق عن ]ابن عباس[ ‪-‬رضي ﷲ عنھما‪ -‬أن‬
‫يھوديا‪ ،‬فدعاه اليھودي إلى النبي ‪-‬صلى ﷲ‬
‫ً‬ ‫رجال من المنافقين يقال له بشر خاصم‬
‫عليه وسلم‪ -‬ليحكم بينھما؛ ألن ھذا اليھودي يعلم أن رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه‬
‫وسلم‪ -‬صادق‪ ،‬وأن ما جاء به ھو الحق‪ ،‬ولكنھم قوم يستكبرون‪ ،‬فقضى النبي –صلى‬
‫يرض المنافق وقال‪ :‬تعال نتحاكم إلى عمر بن الخطاب‪،‬‬
‫َ‬ ‫ﷲ عليه وسلم‪ -‬لليھودي‪ ،‬فلم‬
‫فذھبا إليه‪ ،‬وقال اليھودي لعمر‪ :‬لقد قضى لنا رسول ﷲ –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬فلم‬
‫يرض ھذا بقضائه‪ ،‬وجئنا لتقضي بيننا‪ ،‬فقال عمر لھذا المنافق‪ :‬أكذلك؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‬
‫َ‬
‫عمر‪ :‬مكانكما حتى أخرج إليكما‪ ،‬فدخل عمر‪ ،‬واشتمل على سيفه‪ ،‬ثم خرج إليھما‪،‬‬
‫يرض بقضاء ﷲ‬
‫َ‬ ‫فضرب عنق المنافق بالسيف حتى برز‪ ،‬ثم قال‪ :‬ھكذا أقضي لمن لم‬
‫العمري ليضرب ضربته‬
‫ُ‬ ‫ورسوله –صلى ﷲ عليه وسلم‪ .-‬ما أحوج األمة إلى ھذا السيف‬
‫فيمن يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت‪ ،‬وقد أمروا أن يكفروا به‪ ،‬ليضربھا فيمن إذا قيل‬
‫لھم‪ :‬تعالوا إلى ما أنزل ﷲ والرسول رأيتھم يصدون‪ ،‬ليضربھا فيمن إذا ذكر ﷲ اشمأزت‬
‫قلوبھم‪ ،‬وإذا ذكر الذين من دونه إذا ھم يستبشرون‪ ،‬ليضربھا في الذين يرفضون‬
‫التحاكم إلى شرع ﷲ إذا كان الحق عليھم‪ ،‬ويرضون بالتحاكم إليه إذا كان الحق لھم‪،‬‬

‫ثم ال َ َ ِ ُ‬
‫يجدوا ِفي‬ ‫بينھم ُ ﱠ‬
‫شجر َ ْ َ ُ ْ‬
‫فيما َ َ َ‬ ‫حتى ُ َ ِّ ُ َ‬
‫يحكموك ِ َ‬ ‫يؤمنون َ ﱠ‬ ‫جميعا ) َفال َ َ َ ِ ّ َ‬
‫وربك ال َ ُ ْ ِ ُ َ‬ ‫ً‬ ‫إلى أولئك‬
‫تسليما(‬
‫ويسلموا َ ْ ِ ً‬ ‫حرجا مما َ َ ْ َ‬
‫قضيت َ ُ َ ِ ّ ُ‬ ‫َْ ُ ِ ِ ْ‬
‫أنفسھم َ َ ً‬

‫ً‬
‫فسطاطا‪ ،‬وإنما‬ ‫الصورة األخيرة‪ :‬ويحج عمر –رضي ﷲ عنه‪ -‬فلم يضرب في طريقه‬
‫كان يلقي الرداء على شجرة فيستظل بشجرتھا‪ ،‬أو بظل تلك الشجرة‪ ،‬وينتھي من‬
‫منى رفع يديه قائال‪ :‬اللھم قد كبرت سني‪ ،‬وضعفت قوتي‪ ،‬وانتشرت‬
‫حجه ولما نفر من ِ َ‬
‫ِّ‬
‫مفرط وال مضيع‪ .‬اللھم ارزقني شھادة في سبيلك‪ ،‬واجعل‬
‫ِّ‬ ‫رعيتي‪ ،‬فأخذني إليك غير‬
‫موتي في بلد رسولك أخرجه ]البخاري[‪ .‬ويتقبل ﷲ من المتقين‪ .‬ويرجع إلى المدينة‬
‫النبوية‪ ،‬ويخطب يوم الجمعة‪ ،‬ويذكر نبي ﷲ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬وأبا بكر ‪-‬رضي ﷲ‬
‫ً‬
‫ديكا نقرني نقرة أو نقرتين‪ ،‬وإني ال أراه‬ ‫عنه‪ -‬تعلوه الكآبة والحزن‪ ،‬ثم يقول‪ :‬رأيت كأن‬
‫قوما يأمرونني أن أستخلف‪ ،‬وإن ﷲ لم يكن ليضيع دينه‪ ،‬فإن عجل‬
‫ً‬ ‫إال حضور أجلي‪ ،‬وإن‬
‫بي أمر فالخالفة شورى بين الستة الذي توفى رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬وھو‬
‫باكيا وال حزينا من‬
‫ً‬ ‫يوما أكثر‬
‫عنھم راض‪ .‬يقول ]ابن مسعود[ ‪-‬رضي ﷲ عنه‪ :-‬فلم أر ً‬
‫ذلك اليوم‪ ،‬وفي صباح يوم من أيام ﷲ بعدھا يصلي بالناس صالة الفجر‪ ،‬ويكبر ويبدأ في‬
‫القراءة يبكي‪ ،‬وبينما ھو كذلك إذ تقدمت إليه يد من أيدي األعداء التي ال تتسلل إال‬
‫في الظالم‪ ،‬يد آثمة‪ ،‬يد مجوسية ما سجدت ‪ 9‬سجدة‪ ،‬وال عرفت ﷲ‪ ،‬لتمزق األديم‬
‫صريعا والدماء تثعب منه‪ ،‬فما راع الناس إال تكبير ]عبد الرحمن بن عوف[‬
‫ً‬ ‫الطاھر‪ ،‬فيھوي‬
‫‪-‬رضي ﷲ عنه‪ -‬إذ أخذه عمر ‪-‬رضي ﷲ عنه‪ -‬بيده فقدمه‪ ،‬فصلوا صالة الفجر صالة‬
‫وحمل عمر إلى بيته وھو في‬
‫خفيفة‪ ،‬وأما ذلك العلج فما كان منه إال أن قتل نفسه‪ِ ُ ،‬‬
‫دمه‪ ،‬لم يصل صالة الفجر‪ ،‬فقيل‪ :‬يا أمير المؤمنين الصالة الصالة‪ ،‬قال‪ :‬ھا ‪ ،‬ال حظ في‬
‫دما‪ ،‬فقال‪ :‬ھاتوا لي عمامة‪،‬‬
‫اإلسالم لمن ترك الصالة‪ ،‬ثم وثب ليقوم‪ ،‬فانبعث جرحه ً‬
‫فعصب بھا جرحه ثم ﱠ‬
‫صلى‪ ،‬لم يمنعه ما ھو فيه من أداء الفريضة ‪ -‬فال نامت أعين من‬
‫ﱠ‬
‫سلم من صالته قال‪ :‬أيھا الناس ھل كان ھذا على مأل منكم؛ أي‬ ‫يترك الصالة‪ -‬ولما‬
‫كان طعنه على مأل منكم؟ قال ]علي[‪ :‬وﷲ ال أدري من الطاعن من خلق ﷲ‪ ،‬أنفسنا‬
‫تفدي نفسك‪ ،‬ودماؤنا تفدي دمك‪ ،‬لوددنا لو أن ﷲ زاد في عمرك من أعمارنا‪ .‬ثم علم‬
‫أن طاعنه عدو ﷲ ]أبو لؤلؤة المجوسي[؛ غالم المغيرة‪ ،‬فقال عمر‪ :‬قاتله ﷲ لقد أمرت‬
‫ً‬
‫معروفا‪ ،‬الحمد ‪ 9‬الذي لم يجعل قاتلي يحاجني عند ﷲ بسجدة سجدھا قط‪ .‬كان‬ ‫به‬
‫عل ﷲ أن يرحمني‪ ،‬فلم‬
‫ﱠ‬ ‫على فخذ ابنه ]عبد ﷲ[ فقال‪ :‬يا بني ضع خدي على التراب؛‬
‫أم لك يا عبد ﷲ‪ ،‬يقول عبد ﷲ‪:‬‬
‫يفعل عبد ﷲ فأعادھا قائال‪ :‬ضع خدي على التراب ال ﱠ‬
‫فوضعت خده إلى األرض حتى نظرت إلى أطراف شعر لحيته خارجة من بين أضغاث‬
‫التراب‪ ،‬وبكى حتى التصق الطين بعينيه‪ ،‬وأصغيت إليه ألسمع ما يقول‪ ،‬فإذا به يقول‪:‬‬
‫ويل عمر إن لم يتجاوز ﷲ عنه‪ ،‬ويل عمر إن لم يتجاوز ﷲ عنه‪ ،‬ويدخل الصحابة يعودونه‬
‫ً‬
‫ھنيئا لك الشھادة؛ لطالما سمعت رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه‬ ‫علي يقول‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ومن بينھم‬
‫وسلم‪ -‬يقول‪ :‬جئت أنا وأبو بكر وعمر‪ ،‬وخرجت أنا وأبو بكر وعمر‪ ،‬وذھبت أنا وأبو بكر‬
‫ً‬
‫كفافا ال لي وال‬ ‫وعمر‪ ،‬فأسأل ﷲ أن يحشرك مع صاحبيك‪ ،‬فبكى وقال‪ :‬ليتني أنجو‬
‫علي من الدين‪ ،‬قال‪ :‬فحسبوه فوجدوه ستة‬
‫ّ‬ ‫علي‪ ،‬أو كما قال‪ ،‬ثم قال البنه‪ :‬انظر كم‬
‫ّ‬
‫تف‬
‫فأدھا من أموالھم‪ ،‬وإن لم ِ‬ ‫ألفا‪ ،‬فقال‪ :‬يا عبد ﷲ‪ ،‬إن َ َ‬
‫وفى لھا مال آل عمر ِ ّ‬ ‫وثمانين ً‬
‫قريشا‪ ،‬وال تعدھم إلى غيرھم‪ .‬يا ‪!9‬‬
‫ً‬ ‫تف فاسأل فيھا‬
‫فاسأل فيھا بني عدي‪ ،‬وإن لم ِ‬
‫ألفا! إن قدوته‬
‫خليفة المسلمين ميزانية األمة تحت يديه ويموت ودينه يربو على ثمانين ً‬
‫ذھبا لكان‪ ،‬مات‬
‫ً‬ ‫رسول ﷲ‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬من لو أراد أن تجري الجبال له‬
‫ودرعه مرھونة عند يھودي في أصوع من شعير‪ ،‬فال ريب وال غرابة‪.‬‬
‫تصبب‬
‫ﱠ ُ‬ ‫حرى‬
‫عبرات الدمع َ ﱠ‬
‫أولئك أقوام ما إن ذكرتھم *** جرت َ َ‬
‫ھاھو عمر على فراش الموت في حالة ارتحال من دار الفناء إلى دار البقاء وال زال‬
‫يعطي الدروس لألمة‪ .‬يدخل عليه مسبال من الشباب فيعوده ويدعو له ويخرج‪ ،‬ثم يقول‬
‫علي‪ ،‬فيرجع الشاب فيقول‪ :‬ارفع إزارك فھو أتقى لربك‪ ،‬وأتقى وأبقى لثوبك‪.‬‬
‫ﱠ‬ ‫أعيدوه‬
‫رضي ﷲ عن عمر‪ ،‬لم يشغله ما ھو فيه عن أن يقول‪ ،‬أو عن أن يأمر بمعروف‪ ،‬أو ينھى‬
‫عن منكر ‪-‬رضي ﷲ عنه وأرضاه‪-‬ويختم حياته بأھم مالديه و ھو أن يدفن بجوار قدوته‬
‫الحبيب الكريم رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬وجوار أخيه أبى بكر ‪-‬رضي ﷲ عنه‬
‫وأرضاه‪ .-‬يحدث اإلمام ]البخاري[ عن ]عمرو بن ميمون[ أن عمر ‪-‬رضي ﷲ عنه‪ -‬قال‪ :‬يا‬
‫عبد ﷲ بن عمر انطلق إلى ]عائشة[ أم المؤمنين ‪-‬رضي ﷲ عنھا‪ -‬فقل‪ :‬يقرأ عليك‬
‫أميرا‪ ،‬وقل‪ :‬يستأذن‬
‫ً‬ ‫عمر السالم‪ ،‬وال تقل‪ :‬أمير المؤمنين؛ فإني لست اليوم للمؤمنين‬
‫عمر بن الخطاب أن يدفن مع صاحبيه‪ .‬فسلم عبد ﷲ على عائشة واستأذن ودخل‬
‫عليھا‪ ،‬فوجدھا قاعدة تبكي‪ ،‬فقال‪ :‬يقرأ عليك عمر السالم‪ ،‬ويستأذن أن يدفن مع‬
‫وألوثرن به عمر اليوم‬
‫ﱠ‬ ‫صاحبيه‪ ،‬فجھشت بالبكاء‪ ،‬وقالت‪ :‬كنت أريد ذلك المكان لنفسي‪،‬‬
‫على نفسي‪ ،‬ورجع عبد ﷲ‪ ،‬فلما أقبل على عمر قيل له‪ :‬ھذا عبد ﷲ قد جاء‪ ،‬قال‪:‬‬
‫اسندوني‪ ،‬ارفعوني فأسنده رجل إليه فقال لعبد ﷲ‪ :‬ما لديك؟ قال‪ :‬الذي تحب يا أمير‬
‫المؤمنين‪ ،‬قد أذنت لك‪ ،‬وتھلل وجھه‪ ،‬لسان حاله وافرحا واطربا‪.‬‬
‫محمدا وحزبه‬
‫ً‬ ‫األحبة ***‬
‫ﱠ‬ ‫اآلن ألقى‬
‫إلي من ذلك المضجع‪ ،‬ثم قال‪ :‬يا عبد‬
‫ّ‬ ‫أما لسان مقاله فالحمد ‪ 9‬ما كان من شئ أھم‬
‫ِّ‬
‫سلم على عائشة أخرى وقل‪ :‬يستأذن عمر‪ ،‬فإن أذنت‬ ‫ﷲ إذا أنا قضيت فاحملوني‪ ،‬ثم‬
‫لي فأدخلوني‪ ،‬وإن لم تأذن فردني إلى مقابر المسلمين‪ .‬وأسلم عمر الروح إلى بارئھا‪.‬‬
‫وحمل فكأن المسلمين لم تصبھم مصيبة إال يومئذ‪ ،‬فما أصابھم حزن مثل حزنھم إال‬
‫على رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬وأبي بكر‪ .‬ودفن حيث أكرمه ﷲ مع النبي ‪-‬‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬وأبو بكر ‪-‬رضي ﷲ عنه وأرضاه‪ .-‬تقول عائشة‪ -‬رضي ﷲ عنھا‪-‬‬
‫بعد ذلك‪ :‬كنت أدخل بيتي الذي فيه رسول ﷲ ‪-‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬وأبي وأضع‬
‫ثوبي وأقول‪ :‬إنما ھو زوجي وأبي‪ ،‬فلما دفن عمر معھم فوﷲ ما دخلته إال وأنا مشدودة‬
‫السافرات‪ ،‬إلى الكاسيات العاريات نھدي ھذا الكالم‪.‬‬
‫ﱠ‬ ‫حياء من عمر‪ .‬فإلى‬
‫ً‬ ‫علي ثيابي؛‬
‫دفن عمر ولم تدفن سيرته وال أعماله‪ ،‬وإنما ھي باقية بقاء ھذا الدين لكل مقتد من‬
‫المسلمين‪.‬‬
‫فلقاه ربي في الجنان تحية *** ومن كسوة الفردوس ما لم يمزق‬
‫تبنى ما انتھت دول‬ ‫ِْ َ‬
‫نلت الشھادة فاھنأ أيھا العمر *** بمثل عدلك ُ ْ َ‬
‫يوما إن دنا األجل‬
‫يرتجى العمر ً‬
‫أمامك الجنة الخضراء فاھنأ بھا*** ال ُ ْ َ َ‬
‫فرحا *** ﱠ‬
‫إن الخلود جزاء أيھا البطل‬ ‫ً‬ ‫انعم بخلدك في أبھائھا‬
‫ْ َ‬
‫فاآلن تھنأ يا عمر بجوار من أھدى البشر‬
‫منھمر‬
‫وابل من ماء غيث ُ ْ َ ِ‬
‫فسقى رفاتك َ ِ ٌ‬
‫رحم ﷲ عمر‪ ،‬وجمعنا به في دار كرامته؛ فقد عظم شخصه‪ ،‬وقوى خطره على أعداء‬
‫شديدا في سبيل إعزاز ورفعة العقيدة والدين‪ ،‬وفي ذات الوقت كان رقيق‬
‫ً‬ ‫الدين‪ .‬كان‬
‫نشيج فقير بائس‪ ،‬أو زفرات‬
‫أنات طفل صغير‪ ،‬أو َ ِ‬
‫تشجيه ﱠ‬
‫المشاعر‪ ،‬مرھف الحواس‪ِ ْ ُ ،‬‬
‫ثاويا ‪.‬‬
‫ً‬ ‫رھينا في المقابر‬
‫ً‬ ‫بدرا يستضاء بنوره‪ ،‬فأضحى‬
‫مھموم مغموم مكروب‪ ،‬لقد كان ً‬
‫ثاويا‬
‫ً‬ ‫رھينا في المقابر‬
‫ً‬ ‫بدرا يستضاء بنوره *** فأضحى‬
‫لقد كان ً‬
‫ھاميا‬
‫ً‬ ‫تغمده الرب الكريم بفضله *** وال زال َ ﱠ‬
‫ھطاال من العفو‬
‫عاليا‬
‫ً‬ ‫وبوأه قصر من الخلد‬
‫على قبره يھمي عشية وبكرة *** ﱠ‬

‫أحبتي في ﷲ؛ ھذه بعض صور من حياة السلف وأخالقھم ومناھجھم وتوجيھم‬


‫وتربيتھم وثقافتھم وجھادھم‪ ،‬فما أحوالنا؟ وما أخالقنا؟ وما ثقافتنا؟ وما توجيھنا؟ وما‬
‫تربيتنا؟ أين نحن من ھذه األخالق السامية الجليلة؟ إن المتأمل ألحوال المسلمين‬
‫الصحب‪ ،‬ولكن المحب لھم بحق يسعى‬
‫ﱠ ْ‬ ‫البون شاسع بيننا وبين أولئك‬
‫اليوم يجد َ َ‬
‫للتأسي بھم‪ ،‬ويجاھد نفسه ليقترب من خيامھم‪ .‬وعندما يعلم ﷲ ‪-‬سبحانه‪ -‬صدق‬
‫ِّ‬
‫حال ُُه‪،‬‬
‫من ھذه َ‬
‫التوجه في الوصول إلى ھذه األخالق العظيمة‪ ،‬فإنه سبحانه يعين َ ْ‬
‫ﷲ َ َ َ‬
‫لمع‬ ‫وإن َ‬ ‫لنھدينھم ُ ُ َ َ‬
‫سبلنا َ ِ ﱠ‬ ‫فينا َ َ ْ ِ َ ﱠ ُ ْ‬
‫جاھدوا ِ َ‬
‫والذين َ َ ُ‬
‫ويأخذ بيده ويھديه سبيله المستقيم ) َ ِ َ‬
‫المحسنين( ومع أن القصور عن السلف الصالح مالزم لمن جاء بعدھم‪ ،‬ولكن حسبنا أننا‬ ‫ْ ُ ْ ِ ِ َ‬
‫ﱡ‬
‫ونجلھم وإن قصرت أخالقنا وأعمالنا عنھم‪ ،‬ونحتسب عند ﷲ –جل وعال الكريم‪-‬‬ ‫نحبھم‬
‫أن يجعلنا معھم‪ ،‬ويحشرنا في زمرتھم كما جاء ھذا الوعد على لسان رسول ﷲ –‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬في الحديث الذي رواه ]البخاري[ عن ]أنس[ –رضي ﷲ عنه‪:-‬‬
‫"أن رجال سأل النبي –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬عن الساعة‪ ،‬فقال‪ :‬متى الساعة‪ ،‬قال‪:‬‬
‫وماذا أعددت لھا‪ ،‬قال‪ :‬ال شئ إال أني أحب ﷲ ورسوله‪ ،‬فقال –صلى ﷲ عليه وسلم‪:-‬‬
‫أنت مع من أحببت‪ ،‬قال أنس‪ :‬فما فرحنا بشيء فرحنا بذلك‪ " .‬ثم قال‪ :‬فإني أحب‬
‫النبي –صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬وأبا بكر وعمر وأرجو أن أكون معھم بحبي لھم‪ ،‬وإن لم‬
‫إنا نشھدك على حبنا لنبيك محمد –صلى ﷲ عليه‬
‫أعمل بمثل أعمالھم‪ .‬فاللھم ﱠ‬
‫وسلم‪ -‬وصحابته الكرام‪ ،‬والتابعين لھم بإحسان‪.‬‬

‫اللھم ألحقنا بھم‪ ،‬اللھم احشرنا في زمرتھم وإن قصرت آمالنا وأخالقنا عنھم‪ .‬ربنا اغفر‬
‫لنا وإلخواننا الذين سبقونا باإليمان‪ ،‬وال تجعل في قلوبنا غال للذين آمنوا‪ ،‬ربنا إنك رؤوف‬
‫ويذل فيھا أعداؤك‪ .‬اللھم‬
‫تعز فيھا أولياؤك‪ َ ُ ،‬ﱡ‬
‫رحيم‪ .‬اللھم ارحم ھذه األمة رحمة عامة‪ ،‬ﱡ‬
‫اجعلنا أغنى خلقك بك‪ ،‬وأفقر عبادك إليك‪ .‬اللھم أغننا عمن أغنيته عنا‪ ،‬اللھم ال تجعل‬
‫وظاھرا‬
‫ً‬ ‫أحدا سواك‪ .‬يا ذا الجالل واإلكرام‪ ،‬لك الحمد أوال وآخر‪،‬‬
‫ً‬ ‫بيننا وبينك في رزقنا‬
‫وباطنا‪ ،‬لك الحمد حتى ترضى‪ ،‬ولك الحمد إذا رضيت‪ ،‬ولك الحمد بعد الرضا‪ .‬الحمد ‪،9‬‬
‫ً‬
‫ثم الحمد ‪.9‬‬
‫الستر ثم كساني‬
‫ِّ ْ‬ ‫على‬
‫ﱠ‬ ‫الحمد ‪ 9‬الذي من فضله *** ألقى‬
‫الشبان‬
‫الشيب و ﱡ ﱠ‬
‫ِّ‬ ‫وھدى فؤادي كي يصوغ حديثه *** بصور تفيد‬
‫ثقل بھا ميزاني‬
‫متكرما ِ ّ ْ‬
‫ً‬ ‫يا رب فاجعلھا لوجھك كلھا ***‬
‫واغفر لكل المسلمين وآلھم *** يوم النشور ودورة األجفان‬
‫والدي برحمة *** َ ِ ْ ُ َ‬
‫وأجرھما من حمأة النيران‬ ‫ﱠ‬ ‫واشمل بفضلك‬
‫صداح على األفنان‬
‫ﱠ‬ ‫ثم الصالة على النبي وآله *** ما صاح‬
‫والصحب واألتباع من ساروا *** على سبل الھدى والخير في البلدان‬
‫وسبحانك اللھم وبحمدك‪ ،‬أشھد أن ال إله إال أنت‪ ،‬وصلى ﷲ وسلم على نبينا محمد‪.‬‬

‫فضيلة الشيخ ‪ /‬علي عبد الخالق القرني‬

‫عمر بن الخطاب رضي ﷲ عنه‬


‫)يا أيھا الذين آمنوا اتقوا ﷲ حق تقاته وال تموتن إال وأنتم مسلمون( )يا أيھا الناس اتقوا‬
‫ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منھا زوجھا وبث منھما رجاال كثيرا ونساء‬
‫واتقوا ﷲ الذي تسائلون به واألرحام إن ﷲ كان عليكم رقيبا( )يا أيھا الذين آمنوا اتقوا‬
‫ﷲ وقولوا قوال سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع ﷲ ورسوله فقد‬
‫فاز فوزا عظيما( أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب ﷲ وخير الھدي ھدي محمد صلى ﷲ‬
‫عليه وسلم وشر األمور محدثاتھا وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضاللة وكل ضاللة في‬
‫النار ‪.‬‬

‫وربى عليه‬
‫عباد ﷲ إن ھذا الدين لما نزل وعلمه النبي صلى ﷲ عليه وسلم للناس َ َ ﱠ‬
‫ربى من الناس أخرج لنا أفذاذا ورجاال عرفھم التاريخ وتكلم عنھم الناس مسلمھم‬
‫من َ ﱠ‬
‫وكافرھم خلف ھذا الدين رجاال حملوا لواءه وحكموه في العالمين وصاروا قدوات ومنارات‬
‫يھتدي بھا من بعدھم وإن من الحق ؛من حق ھؤالء علينا أن نعرف سيرھم ونبلو‬
‫أخبارھم‬
‫أوال‪ :‬لنعرف عظمة ھذا الدين الذي أخرج لنا ھؤالء الرجال‬
‫وثانيا‪ :‬ألننا نقتدي بسلفنا ونقتدي بأئمتنا وھؤالء األئمة األعالم ھؤالء منارات يھتدي بھا‬
‫في دجى الظلمات ونعلم أيضا بأن ھذه النماذج يمكن أن تتكرر بدرجات أقل وال شك إذا‬
‫ما وجدت البيئه اإلسالمية والتربية التي تثقل النفوس وتھذبھا فتغرس العقيدة وتثقل‬
‫النفوس وتخلقھا بأخالق النبوة وال شك أن شخصية ]عمر بن الخطاب[ رضي ﷲ عنه‬
‫شخصية مثالية من الشخصيات العظيمة التي مرت في تاريخنا الغني الذي غفل عنه‬
‫الكثيرون وإن استرجاع سير مثل ھذه الشخصية يذكر الغافلين منا الذين خدعھم الغرب‬
‫والشرق بسير عظماء عندھم لو نظر الناظر لعرف أن واحدھم ال يخلو من انتھازية أو‬
‫فسق و شرب خمر ونساء أو ظلم وبغي وجور ويبقى أعالم اإلسالم ال يوجد لھم مثيل‬
‫إن عمر رضي ﷲ عنه كان في الجاھلية يعبد األصنام وكان يئد بنته ويفعل األفاعيل‬
‫وظلم الناس وظلم المسلمين حتى قال ]سعيد بن زيد[ لقد رأيتني وإن عمر لموثقي‬
‫وأخته على اإلسالم ولكنه أسلم وشاء ﷲ أن ينتقل عمر من ضالل الجاھلية إلى نور‬
‫اإلسالم فتغيرت الشخصية وانقلبت تمام االنقالب وكان لذلك بادرة وما سيأتي من‬
‫األحاديث الصحيحة والحسنة في سيرة ھذا الرجل تدل على جوانب من عظمته لقد‬
‫كان المسلمون يستبعدون إسالم عمر حتى قالت ]أم عبدﷲ بنت أبي حفنة[ وﷲ إنه‬
‫علي وھو على شركه قالت وكنا نلقى‬
‫ّ‬ ‫لنترحل إلى أرض الحبشة أقبل عمر حتى وقف‬
‫منه البالء أذى لنا وشرا علينا فقالت فقال عمر لما رآھم يتأھبون للجالء عن >مكة<‬
‫إنه االنطالق يا أم عبد ﷲ قالت قلت نعم وﷲ لنخرجن في أرض ﷲ آذيتمونا وقھرتمونا‬
‫حتى يجعل ﷲ لنا مخرجا قالت فقال صحبكم ﷲ ورأيت له رقة لم أكن أراھا ثم انصرف‬
‫وقد أحزنه فيما أرى خروجنا قالت فجاء ]عامر[ وھو مسلم من حاجاتنا تلك التي ذھب‬
‫بھا فقلت له يا أبا عبد ﷲ لو رأيت عمر آنفا ورقته وحزنه علينا قال أطمعت في إسالمه‬
‫قالت قلت نعم قال ال يسلم الذي رأيت حتى يسلم حمار الخطاب ھل يسلم الحمار‬
‫قالھا يأسا لما كان يرى من غلظته وقسوته على اإلسالم ولكن ولكن ﷲ أيھا األخوة إذا‬
‫أراد أن يھدي ھدى ولو كان الرجل أقسى الناس قلبا وأبعدھم عن ﷲ وھذا درس‬
‫للدعاة إلى ﷲ عز وجل أن ال ييأسوا من الناس ولو كان من يرون أمامھم من أغلظ‬
‫الناس قلبا لكن ﷲ إذا أراد بعبد خيرا ھيأه له ووفقه له ويسر األسباب إليه وھكذا حقا‬
‫فلما أسلم عمر ونطق بالشھادتين كان إسالمه فتحا ولم يكن إسالمه سرا بل إنه قد‬
‫جاء في الحديث الحسن أنه لما أسلم قال أي قريش أنقل للحديث قيل له ]جميل بن‬
‫معمر الجمحى [ قال فغدى عليه عمر قال ]عبد ﷲ[ وغدوت أتبع أثره أنظر ما يفعل وأنا‬
‫غالم أعقل كل ما رأيت حتى جاءه فقال أما علمت يا جميل أني قد أسلمت ودخلت‬
‫في دين محمد صلى ﷲ عليه وسلم قال فوﷲ ما راجعه حتى قام يجر رجليه واتبعه‬
‫عمر واتبعته أنا حتى إذا قام على باب المسجد ‪-‬جميل المشرك اإلذاعة‪-‬وقف على باب‬
‫المسجد صرخ بأعلى صوته يا معشر قريش وھم في أنديتھم حول الكعبة أال إن عمر قد‬
‫صبأ قال يقول عمر من خلفه كذبت ولكن قد أسلمت وشھدت أن ال إله إال ﷲ وحده ال‬
‫شريك له وأن محمدا عبده ورسوله‪.‬‬
‫فأعلنھا صراحة أمامھم ھذه العزة التي دخلت قلبه فأورثته ھذه الصراحة وھذه الجرأة‬
‫على الكفرة إعالن المبادئ قال وساروا إليه فما برح يقاتلھم ويقاتلونه حتى قامت‬
‫الشمس على رؤوسھم قال وقد تعب وأرھق فقعد وقاموا على رأسه وھو يقول افعلوا‬
‫ما بدا لكم فأحلف أن لو كنا ثالث مائة رجل لقد تركناھا لكم أو تركتموھا لنا قال فبينما‬
‫ھم على ذلك إذ أقبل شيخ من قريش وھو ]العاص بن وائل[ فصرفھم عنه وإال كانوا‬
‫قتلوه لما أسلم عمر أعز ﷲ به المسلمين وأذل ﷲ به المشركين وطاف المسلمون‬
‫حول الكعبة لما أسلم عمر عالنية جماعة لما أسلم عمر فأعز ﷲ به الدين أراد ﷲ‬
‫بعمر خيرا ففقھه في دينه وعلمه وھو العليم سبحانه وتعالى حتى قال النبي صلى‬
‫ﷲ عليه وسلم في علم عمر وفقھه وفضله أحاديث جمعھا العلماء فمن ذلك أربعة‬
‫ساقھا ]الزھري[ في نسق واحد قد وردت في سياقات صحيحة قال‪ :‬قال رسول ﷲ‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم "رأيت لعمر أربعة رؤيا رأيت كأني أوتيت بإناء فيه لبن فشربته‬
‫حتى رأيت الري يخرج من أناملي ثم ناولت فضلي ما بقي في اإلناء عمر قالوا يا رسول‬
‫ﷲ فما أولتھا قال العلم ورأيت كأن أمتي عليھم القمص إلي الثدي وإلى الركب وإلى‬
‫الكعب كل بحسب علمه وإيمانه ومر عمر يسحب قميصا سابغا من طوله قالوا يا رسول‬
‫ﷲ ما أولت ذلك قال الدين قال ودخلت الجنة فرأيت فيھا قصرا أو دارا فقلت لمن ھذا‬
‫قالوا لرجل من قريش فرجوت أن أكون أنا ھو فقيل لعمر بن الخطاب فأردت أن أدخل‬
‫فذكرت غيرتك يا أبا حفص فبكى عمر وقال يا رسول ﷲ أويغار عليك ورأيت كأني وردت‬
‫بئرا فورده ]ابن أبي قحافة[ فنزع ذنوبا أو ذنوبين ونزعه فيه ضعف وﷲ يغفر له ثم وردھا‬
‫عمر فاستحالت الدلو في يده غربا فاستقى فأروى الظمأة وضرب الناس بعطن فلم أرى‬
‫أحدا من الناس أو قال عبقريا يفري فريه" قال العلماء ھذا تأويل خالفة الشيخين فإن‬
‫]أبا بكر[ استخلف سنة أو سنتين فكانت خالفته قصيرة وكان منشغال عن الفتوحات‬
‫بحروب الردة فلما جاء عمر صارت خالفته أطول ففتح ﷲ في عھده من الفتوحات وأدخل‬
‫ﷲ من الناس في عھده في اإلسالم ما ال يحصى من الخلق كثرة فنشر العدل في‬
‫تلكم البالد بعد أن أسس ]الصديق[ قاعدتھا فأعاد القاعدة وأبلى بالء حسنا فمھد‬
‫الطريق لعمر فجاء عمر فولى الوالة وفتح الفتوحات وأتى للمسلمين بالخير من عند ﷲ‬
‫وقال النبي عليه الصالة والسالم إن ﷲ عز وجل جعل الحق على قلب عمر ولسانه‬
‫ھذا الھادي المھدي الذي علمه ﷲ وھداه وبالعلم يھتدي اإلنسان للحق والصواب فالبد‬
‫من االعتناء بالعلم والبحث عنه يا أيھا المسلمون وإن فى اكتساب العلم ھدى وإن‬
‫العلم يھدي صاحبه في الظلمات ويكشف له عندما يحتار ويوقظه من المحرمات ويجنبه‬
‫الشبھات ھذا العلم فتعلموا ھذا الدين يھديكم به ﷲ فلما جعل ﷲ الحق على لسان‬
‫عمر وقلبه وافق ربه في آيات نزلت من القرآن على ما قال عمر كما قال فيما ثبت في‬
‫الصحيحين وافقت ربي في ثالث قلت يا رسول ﷲ لو اتخذنا من مقام إبراھيم مصلى‬
‫نصلي وراءه نصلي عنده فنزلت )واتخذوا من مقام إبراھيم مصلى( وقلت يا رسول ﷲ‬
‫يدخل على نسائك البر والفاجر فلو أمرتھن أن يحتجبن فنزلت آية الحجاب واجتمع نساء‬
‫النبي صلى ﷲ عليه وسلم في الغيرة حصل منھن كالم اشتدت وطأته على النبي‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم فقلت يقول عمر فقلت وھو يعظ أمھات المؤمنين وينذرھن فقلت‬
‫عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن فنزلت كذلك تأملوا يا عباد ﷲ آية تنزل‬
‫على كالم عمر يلھم ﷲ عمر أن يقول كالما فتنزل اآلية بألفاظ عمر تنزل اآلية بألفاظ‬
‫عمر وتصبح قرأنا يتلى إلى يوم القيامة وافق عمر ربه في أمور أخرى كذلك كما ورد في‬
‫أسارى بدر وھكذا كان عمر رضي ﷲ عنه مھيبا ھيبة تفتقدھا كثير من شخصيات‬
‫المسلمين اليوم نزع ﷲ منھم الھيبة فال يھابون ونزع ﷲ من قلوبھم خوفه فصاروا‬
‫يخافون من الناس كان عمر شخصية رفيعة يھابه الناس فيرتعدون منه ومن ذلك ما‬
‫حصل لما استأذن على رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم وعنده جواري قد علت‬
‫أصواتھن على صوته فأذن له عليه الصالة والسالم فبادرن الحجاب فبادرن الحجاب ھربن‬
‫فذھبن فدخل عمر ورسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم يضحك "فقال أضحك ﷲ سنك يا‬
‫كن عندي فلما‬
‫لجوار ّ‬
‫ٍ‬ ‫رسول ﷲ بأبي أنت وأمي ما الخبر عالم تضحك قال عجبت‬
‫سمعن حسك بادرن فذھبن فأقبل عمر عليھن من وراء حجاب فقال أي عدوات‬
‫أنفسھن وﷲ لرسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم كنتن أحق أن تھبن منه فقال رسول‬
‫ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم دعھن دعھن عنك يا عمر فوﷲ إن لقيك الشيطان في فج قط‬
‫إال اخذ فجا غير فجك "ھذا الرجل المھيب ھذا الرجل العظيم الشديد في دين ﷲ كما‬
‫قال النبي عليه الصالة والسالم عن أصحابه "أرأف أمتي بأمتي أبو بكر وأشدھم بأمر‬
‫ﷲ عمر" ھذا الرجل الشديد المھيب لما تولى الخالفة ظھرت المعاني التي كانت‬
‫مخبوءة في نفسه معاني الشفقة والعطف واإلحسان والرحمة في اإلسالم ؛والرحمة‬
‫لقد كان رحيما في عھد النبي عليه الصالة والسالم لكن لما ولي الخالفة ظھرت‬
‫رحمته أكثر ھذا الرجل الذي جمع في شخصيته بين الھيبة والرحمة بين الشدة في‬
‫دين ﷲ والرقة حتى كان يبكي عندما يتلو القرآن ويمرض من قراءة الكتاب العزيز أحيانا‬
‫فيعاد من مرضه الذي حصل بسبب تأثره بالقرآن ليست الھيبة يا أيھا الناس أن يكون‬
‫اإلنسان صلبا فظا غليظ القلب ليست الھيبة أن يكون متعجرفا قاسيا وإنما الھيبة في‬
‫مكانھا محمودة ھذا الرجل الذي شھد التاريخ بفضله ‪،‬ورحمته برعيته ھذه ھي القيادة‬
‫المثلى التي خلفھا النبي صلى ﷲ عليه وسلم بعده من أصحابه أمثلة عندما يرى‬
‫اإلنسان حاله ويرى المسلمون واقعھم يشتاقون لخالفة مثل خالفة عمر ويتوقون لقيادة‬
‫مثل قيادة عمر الذي كان يخرج ليتفقد رعيته قال ]أسلم[ خرجت مع عمر بن الخطاب‬
‫رضي ﷲ عنه إلى السوق فلحقت عمر امرأة فقالت يا أمير المؤمنين ھلك زوجي وترك‬
‫صبية صغار وﷲ ما يمزجون قراعا وال لھم ذرع وضرع وخشيت أن تأكلھم الضبع وأنا بنت‬
‫]خفاف ابن إيماء الغفاري[ ھذا الصحابي الجليل وقد شھد أبي الحديبية مع النبي صلى‬
‫ﷲ عليه وسلم فوقف معھا عمر ولم يمض ثم قال مرحبا بنسب قريب ثم انصرف إلى‬
‫بعير ظھير كان مربوطا في الدار فحمل عليه جرارتين مألھما طعاما وحمل بينھما نفقة‬
‫وثيابا ثم ناولھا بخطامه؛ البعير وما عليه ثم قال اقتاديه فلن يفنى حتى يأتيكما ﷲ بخير‬
‫فقال رجل يا أمير المؤمنين أكثرت لھا قال عمر ثكلتك أمك وﷲ إني ألرى أبا ھذه وأخاھا‬
‫قد حاصرا حصنا زمانا فافتتحاه ثم أصبحنا نستفيء سھمانھما فيه ال ينسى ألصحاب‬
‫الفضل فضلھم ھذه امرأة أبوھا وأخوھا من كبار المجاھدين بسبب قتالھم غنم‬
‫المسلمون وأكلوا ھذا الرجل ھو الذي كان يخرج في الليل يعس على رعيته قال‬
‫]أسلم[ خرجنا مع عمر بن الخطاب إلى >حرة واقم< وھي الحرة الشرقية >للمدينة<‬
‫حتى إذا كنا بسرار مرتفع من األرض إذا نار فقال يا أسلم إني ألرى ھا ھنا ركب قصر‬
‫بھم الليل والبرد انطلق بنا فخرجنا نھرول حتى دنونا منھم فإذا بامرأة معھا صبيان صغار‬
‫وقدر منصوبة علﯩنار وصبيانھا يتضاغون يصيحون ويبكون فقال عمر السالم عليكم يا‬
‫أصحاب الضوء وكره أن يقول يا أصحاب النار ھم يوقدون نارا وعمر ينظر إلى القدر قال‬
‫السالم عليكم يا أھل الضوء فقالت وعليك السالم فقال أدنو‪..‬؟ فقالت أدن بخير أو دع؛‬
‫فدنى فقال ماذا بكم قالت قصر بنا الليل والبرد قال فماذا لھؤالء الصبية يتضاغون قالت‬
‫الجوع قال فأي شيء في ھذه القدر قالت ماء أسكتھم به حتى يناموا وﷲ بيننا وبين‬
‫عمر تقول المرأة وﷲ بيننا وبين عمر فقال أي رحمك ﷲ وما يدري عمر بكم المرأة تقول‬
‫ﷲ بيننا وبين عمر نحن في الصحراء وحدنا ال نجد طعاما عمر يقول وھي ال تدري من‬
‫ھو يقول لھا أي رحمك ﷲ وما يدري عمر بكم وأنتم في ھذه البقعة النائية قالت يتولى‬
‫علي فقال انطلق بنا فخرجنا نھرول حتى أتينا دار‬
‫ّ‬ ‫عمر أمرنا ثم يغفل عنا قال فأقبل‬
‫الدقيق دار اتخذھا عمر خاصة لتخزين الدقيق فأخرج عدال من دقيق وكبة من شحم‬
‫علي فقلت أنا أحمله عنك قال أنت تحمل عني وزري يوم القيامة ال أم لك‬
‫ّ‬ ‫فقال احمله‬
‫فحملته عليه الخليفة يحمل على ظھره أمام الناس يمشي بين الناس على ظھره من‬
‫المدينة إلى الحرة الشرقية إلى المكان النائي الذي فيه المرأة ويھرول من أجل األوالد‬
‫فانطلق وانطلقت معه إليھم إليھا نھرول فألقى ذلك عندھا وأخرج من الدقيق شيئا‬
‫علي وأنا أحرك لك وجعل ينفخ تحت القدر الخليفة منبطح على‬
‫ّ‬ ‫فجعل يقول لھا دري‬
‫األرض صدره في التراب ينفخ على الحطب حتى يشتعل ثم أنزلھا فقال أبغينى شيئا‬
‫أسكب فيه فأتته بصحفة فأفرغھا فيه ثم جعل يقول لھا أطعميھم وأنا أصفح لھم فلم‬
‫يزل حتى شبعوا وترك عندھا فضل ذلك بقية الكيس وقام وقمت معه فجعلت تقول‬
‫جزاك ﷲ خيرا كنت أولى بھذا األمر من أمير المؤمنين أنت أولى بالخالفة من أمير‬
‫المؤمنين فيقول قولي خيرا إذا جئت أمير المؤمنين وحدثيني ھناك إن شاء ﷲ ثم‬
‫تنحى ناحية عنھا فابتعد ثم استقبلھا ينظر إلى مكانھا من بعيد فضرب ضربة فقلنا له‬
‫إن لنا شأنا غير ھذا وال يكلمنى يقول البد أن تكون الوقفة لھدف وعمر ال يتكلم حتى‬
‫رأى الصبية يصطرعون ثم ناموا وھدئوا فقال يا أسلم إن الجوع أسھرھم وأبكاھم‬
‫فأحببت أن ال أنصرف حتى أرى ما أحب ھذا عمر ھذا عمر في الرعية ھذا عمر في‬
‫تفقده للمساكين وعقده ھذا عمر ورحمته وإشفاقه بالرغم مما عنده من الشدة في‬
‫دين ﷲ والھيبة التي كان يھابه بھا األقرباء والبعداء اللھم ارحم عمر واغفر له وأعلي‬
‫شأنه وارفع درجته في المھديين اللھم إنا نسألك أن تجعلنا ممن يحب نبيك محمدا‬
‫صلى ﷲ عليه وسلم وأصحابه وممن يقتدي بنبيك صلى ﷲ عليه وسلم وأصحابه‬
‫واغفر لنا أجمعين وتب علينا يا أرحم الرحمين أقول قولي ھذا وأستغفر ﷲ لي ولكم‬
‫فاستغفروه إنه ھو الغفور الرحيم‪.‬‬

‫الخطبة الثانية‬

‫الحمد ‪ 9‬الذي ال إله إال ھو وحده ال شريك له لم يتخذ صاحبة وال ولدا لقد كانت وفاة‬
‫عمر فاجعة فجع بھا القريب والبعيد كان عمر ھو الباب الذي يدرء عن المسلمين الفتن‬
‫فلما كسر الباب باغتيال عمر دخلت الفتن على المسلمين من كل جانب عن ]عود بن‬
‫مالك األشجعي[ أنه قال رأيت في المنام كأن الناس قد جمعوا فكأني برجل قد صرعھم‬
‫فوقھم بثالثة أذرع أطول من الجميع قال قلت من ھذا قالوا عمر بن الخطاب قال؛ قلت‪:‬‬
‫لما؟ قال ‪:‬إنه ال تلومه في ﷲ لومة الئم وإنه خليفة مستخلف وشھيد مستشھد قال‬
‫فأتيت أبا بكر فقصصتھا عليه قال فأرسل إلى عمر يبشره فقال لي اقصص رؤياك فلما‬
‫بلغت إلى خليفة قال زجرني عمر ونھرني قال تقول ھذا وأبو بكر حي قال فسكت فلما‬
‫ولي عمر كان بعد في الشام مررت به وھو على المنبر فدعاني فقال لي اقصص رؤياك‬
‫قال فلما بلغت ال يخاف في ﷲ لومة الئم قال إني ألرجو أن يجعلني ﷲ منھم وأما‬
‫خليفة مستخلف فقد وﷲ استخلفني فأسأله أن يعينني على ما والني قال فلما بلغت‬
‫وأنى الشھادة وأنا في جزيرة العرب وحولي يغزون ويغزون ثم‬
‫وشھيد مستشھد قال ّ‬
‫أنى شاء يأتي ﷲ بھا أنى شاء ورأى عمر في منامه‬
‫قال عمر مستدركا يأتي ﷲ بھا ّ‬
‫أن ديكا نقره ثالث نقرات‪ ،‬وفعال حصل نقاش بين عمر وكان ال يدخل األعاجم إلى جزيرة‬
‫العرب والفرس فدخل بعضھم متسترين باإلسالم وكان من سياسة عمر أن ال يدخلھم‬
‫دخلوا فأقاموا فكان منھم الحاقد الفارسي المجوسي ]أبو لؤلؤة[ الذي قال لعمر متوعدا‬
‫ألصنعن لك رحى يتحدث بھا الناس فقال عمر توعدني العبد وبعد أيام اختبأ له وراء باب‬
‫المسجد في الظالم في صالة الفجر فلما سجد عمر قفز عليه فطعنه في كتفه‬
‫وخاصرته فقال عمر قتلني الكلب ثم صمت ثم سمع الناس قراءة ]ابن عوف[ وصار العلج‬
‫في الناس في صفوف المصلين ينحر يمينا وشماال فقتل فيھا ستة من الصحابة وحمل‬
‫عمر مطعونا وجعلوا يشربونه اللبن فيخرج من الجرح فعلموا أن األمر قد انتھى أوصى‬
‫عمر ووعظ الناس وذكرھم با‪ 9‬وانتقل إلى الرفيق األعلى في قصة مشھودة عظيمة‬
‫جدا أخرجھا اإلمام البخاري في صحيحه كانت وفاة عمر شديدة الوطأة على القريب‬
‫والبعيد قال ]ابن المسيب بن رافع[ سار إلينا ]عبدﷲ بن مسعود[ سبعا من المدينة‬
‫سبعة أيام إلينا في مكانه فصعد المنبر فحمد ﷲ وأثنى عليه ثم قال إن غالم المغيرة‬
‫]أبا لؤلؤة[ قتل أمير المؤمنين عمر قال فضج الناس وصاحوا واشتد بكاؤھم ھذا الخليفة‬
‫الذي كان يرعاھم فيسوسھم بأمر ﷲ قال ثم قال ابن مسعود إنا اجتمعنا أصحاب‬
‫محمد صلى ﷲ عليه وسلم أصحاب محمد صلى ﷲ عليه وسلم فأمرنا علينا ]عثمان‬
‫بن عفان[ فأخبرھم الخبر والنتيجة‪ .‬قال عبد ﷲ بن مسعود لقد أحببت عمر حبا حتى‬
‫لقد خفت ﷲ من شدة حب عمر خفت ﷲ ولو أني أعلم أن كلبا يحبه عمر ألحببته‬
‫ولوددت أني كنت خادما لعمر حتى أموت ولقد وجد فقده كل شيء حتى العضاة ‪-‬‬
‫شجرة الشوك‪ -‬إن إسالمه كان فتحا وإن ھجرته كانت نصرا وإن سلطانه كان رحمة‬
‫ذلكم عمر ومناقبه كثيرة جدا وھذا شيء قليل منھا والمقصود أيھا األخوة أن لھؤالء حق‬
‫علينا في معرفة سيرھم وإن ھؤالء من أراد فليقتد بھم وإن في تذكر ھؤالء سبب‬
‫لحنين المسلم إلى أيام الخالفة ورغبته في عدل كعدل عمر وقد طبق األرض اليوم‬
‫الظلم والجور فنسأل ﷲ سبحانه وتعالى أن يعيد لإلسالم عزه وأن يقيم الخالفة في‬
‫أرجاء األرض اللھم ردنا إلى اإلسالم ردا جميال اللھم اجعلنا ممن أقاموا الشريعة وعملوا‬
‫بھا اللھم اجعل بلدنا ھذا آمنا مطمئنا وسائر بالد المسلمين في تحكيم شرعك يا رب‬
‫العالمين اللھم ارفع الظلم عن المظلومين اللھم انصر من نصر الدين واخذل من خذل‬
‫الدين‪.‬‬

‫فضيلة الشيخ ‪ /‬علي عبد الخالق القرني‬

‫عمر بن‬
‫رحمه ‬ ‫عبدالعزيز‬
‫لفضيلة الشيخ ‪ /‬علي عبد الخالق‬
‫القرني‬
  
 

             


   !"
. / ,$ 0
($ ( . * ( / (
 #((  * ( -/
*  ( )( ((  ' ( )&
( ( (  ( * ()
 #$
/
42  / ( /  0$/ 7 / * 9.  0 ) (  * 8(
) * ( *   5
) )  ( 6 *  ( 8) 
* )  * !) )# 2 3  #   
/  /   :
<
  8 9 ! 9 = >  9 ! (
 ( ) / * ) ( /  !(  
* ) * /  ( 
( *  (;
*( (
.;? ;$   6 #$ >? ;@ A B @ 2 9C  !
  ;! , ($E
* )     ;!  G )E
* (  F 7    ;!   9  ;-
& @ 90 >H$ ?  ? $ > $ I ;
 J8 K  ( * )
 9  #$ , ($(   !B 9= 9F 4 9  LB M  ($(
@ ;8? N ! 7 ,E 7!  7  >F 3O  3$2
   C   ; P"   $E  ?)   C B     ;C "
G   "F 7   
  M   N  $E ?   C B  ;   ? 2   O G   7 ! 
.7M $  M@ "  ; I$  7

!  L F@


Q 
G E"  8 G ;C    G 3  $   !
( 2  3-
/
O    R      O  KM8 
( 3- L #$ 4C L8

  4I8 3- 2 !B - 2  3-   $
G 2F
G  KM8 
3 S$" $@ 9@M8 #@ 3   3 7  3- I8 !B -
2@
 ?8 $=        !  
 48@ 3$8  
  
    ] 3- T  L @ F != . H@
 ?8  5@
 ?8
G B  !  >  !   !T   !   W
 3  W[2
3F 2  4   !  ! 92 LB @ 3 3 /
( ( 
.  A  2 = !B
 8  6 F H ***  2 3 B- A :F
   #-
   ! M @ (, / (* / / / ( @/ !( 
/ ) '> 

* ( * ;""F
* ( ( * ( ()
/ * ( ; L   !B 6  3IZ    
!B   Y@
. 2 , B[ 9   "

OMO 3@M8 7! – 3  3


 H – K  G !@ 9@M8 #
3! 9$ >;?  Y , ! @ ;2H  GF OMO  8 ;! G ;?
.4  @
 ] @  2 ,
;$2

   #- 3C @ O2@    #$ 3 ,C8  $ F 9@M8 &


 :MIF 6$ N 4F 9  , 48  O2 9I  O  O2
/ )
#2  !F @  72$8 F ٕ   9 _ _ #$ 9@M8 72 *
H ]8 F : a!  9 > 9" 6 b"@ .!  8@
 !") : MIF    #$  " O 2 
 : F #! @ ]

 #"   3C 7 
 RC  c? !  4$8' ( (
  [@ <

9C M@
 7" B[@ 
 72C  2C : 3" &@ O 3 9C M@
! <; ! 8 , 3 2) ]B 2       .!$ 
 -   : MIF ; 5@ 3@M 2 !  ! 9@M8 "F #- 3 !
.  ! b) (
* )  E  ! _(
*  $  

92H  3@_  9@M8 "F ] 32@


&H   $2
G 3  
W F  W [9 C@] 3 #  O 9I  >5C 7 I G  6$
.a$8 78  9$8 7 > 2 > 9 C@ # 
; 9$8 4IM8 78
) ***  9$8 9$8 7
)
ٕ M @ 2 d2  7! [@ 
   72 ) - :; F
/ LB ]$5 @
#- ; T] ; ] #    $2 ; $  $
)
9 _ > 7F . 2 
G  @ $ LB & &  
   7
.   8 >8e    ] >   :
   @

3$E?  ! 3F K" 3$2@ !@ ; 


 #-  9  #- J8
B  > 4"ٕ  L; RH R?8 a!  F 3$) *( _?
 
G ]-  ;$ 2 3- 0 ٕ
-0 !T
    ; $  @ .aC

3 G f ) 7!  2   f .H 7  F  M 
@ ]2 a   7 2 ?  &   ! @  G  ]  7? F !  
. Y >M" ! 2    > g
; @ T   T a  :
@   9I =  !  92I C  L  
 M@ .  2C
' / (  &I C
.h =  ! ' 
3$ 
)  4
) 2  3$@ ( ) *** 3(
( *(  Y    
3$I
 K$@ ;  *** 3 _ 3! @ ] ) (  
/ ) @ 9?8 K
,"
 2 YB G O! G 8 K ( / )   9?8
( * (
 3F
8     C8  @
G   #$
 S@ 3$
 S 3
* 
( )( (( 
' ( )&
( ( ( 
( * () .3B[
     
6 48 !
. / ,$ 0
( . * ( / (
 #(( 
($ * ( -/
3 &   @8 Y  #$ &   M  " :  N @
"9   3
) * 0  @ @8 ٕ 9   3@8  @  ( / - 
*(
'3
* ( :3 B[@ 3; @ = 2@ [ H ,2!] : 2  3$ 8
 T]     :@ 3$ 7C F    5!    ' ,?
0
d2 ) j( O d $j  6 $ dF @   ]  
 T] "
;@ .]@  !  B _ @    ]$ 7$8 
 >?  H
2 7C F  @   NMO 2    ]-  : !
G  
  7! 8 E  4 @ 7?  7 8
3 $ kH # 6 #!    #! @ .G !- =   
G ? 
.#! >8Z 
) ( 3- 3  3
 H@ 
G   
G ; 2.a! 

7 !@
( ( ( 3  F 4 G 
  3@ 3_ 3 ;  3    4
 3$ 8 a !  K 7 F a2? @  9H L
:  J8@ I?
G 3C2/      3  $@ 3 @ a2?
G
a2? &  a C2 
H   C? ! F *** L   C? K ( ) )C 7
3 2 L"  L"  ; ,$C 3C ;$2@  2 " #
3 ,!@ . 5@ W$  3$
 #$" W  9 )
0  7  :; 
3 ,! .L C@
 #$ #  B "
* ) :[9B
( * ( ) #  ]
4!@ ]  "8 ] !   :    : [
    4C ]
W$  3$
 #$" W  9 ] "8 ] 4! T9OMO 4!@ T "8 *
!$ C? ! 9$ ! I $  :F "  92 &  .T;$!
,@
) ( W E$  2  W  @ C? LB C?  W 9OMO C?
G
. 0()
:W# l$
:;OO . @ O  : ;O .
G $ @  2   E  :;
  7  @ O@ a?2 2 2  !@ .
G 6     
3@M8 aO 3 ,! >  H  5! ;   H O L2
6 ]$ F ]$  #   :    :3@  ?
G  !
G [
     ]
/ ) O
7B$ #- 2 = !  ;- =@ ;"  )"
* ( / )( C @ $!5 7$!)5@
& !  B@  ;$! 8   7?;@
 ;$ :MIF !
G ; ]B  F  $@ .2 K$C)  ; @    
.2 K$C)      & $2
>8Z 3  / )   6  - 6  ! &$8 9    
m G O!  GM$F 
6 B8  6 & k 6 7=  9$8 >= 3 7!  
6
  : RH   9 #- ,E & 9@    
/ )  K   - L2  L  K  K  
? ! . B 3 _
T   ]  :3 @ L" 4   B-
  48 9 F 
@8 / /0
G 78@ (2  @/ K / 0 * @/ K
' / (@( 9
( ' / (@) :#2
 F 7!B : F
Tn &   @ – .((  O
L!   $
G !B $!  ***   7Z !B  
(!( / ( ! !( 0 /)   !  , B!  6 @ 3 
* ) (*
 
( * ) ( ( * -
#   [ G  ] # .L$ @  7 -  G 7  
 :
3@ ]  ,2?  ,2?/ @ #H j$") ]   :  :@ 9@M8
 M! B8@ 7 $=   B-   #$  !@ 
 ] 5@
 -
7B 3    g , 2 , !.2     
 K:F
.$ /0 - 0 $ /0 -0 :@ 3  B #$  :3 @ 
' ( * )  ' ( * ) 
/ * / / "
bM"- 2 / .
* (  GH 3@ *** 4' ? K     7 "
b 0 –
  2– 8) ,$! *** 9 "  #?8
( * )  
( * )  

(/ :@ L  @ 32  ;H2 8 .9 $= #H  W3


 HW!
7 H_  T]  Bn 3 <>$ 2 M@ G $ ) / * (   ,_
* ) * ):F T  ;
. 2 
G M   $ 
 ]  ]  7 H_  ٕ 

:3  @ []$   ] 3  3 $    HE@ <;M" 9  7C) .


( * &CF
. / ( 
. ( ,B * / 48(
) ( -j/ F
B; 3    (* (= * ( ( ( j( 7"
) * ( ( - * ) ) :; F
. / ( 
. ( ,B * / 48(
) ( -j/) : $    (* M;@ $
T(= * ( ( ( j( 7"
) * ( ( -
>  8  :[;    ]   7 @ 8  m   2 0
( ) #(
I;  #
@ ._ #$ 2
) * ( !    9@M8 @ ,IB  _
42@ _ #$ ,IB 7 / )   !T 5 2 = @ 2 
* ( (   #@
. 7 F 2  95 C 9!   2@ .  7 3 Y 

 $  #$
 La@ 
G   !  / ( 3  9   ? !
G G
E" C #! @ 3 @ &  3 @  B85@ 9 E" 3   @
32    7  #-  
G 3 ?  7$ 5@ 9 C@ 3  ,B
7"F  :7F 9I ?(
) ) - Tb 7  @  :9 C @ > 9
  @  ; 
 :F R  L 7@B@
( ( W3  9"F– 9" 3$
 F  $  a * @  9  &H  7! !  $F  ;  5!
 ;@     8 B;! ;? G j !
@ .a) (  
-   , 0 ( ) 
. / ( o=( B) 0-/ $
( 0 ( )  
/0 0
( 0 ( )  
! (= ( (  " ( -/ $
) ( ( B ( ( ).R  48
   7@  ]-  B  :@ 3; @  3 
2H G 
48 ? ! 3  F 4 G 
  . ; #- 7=  ; 4
@
 !B !   l$ k   k 48   WM –
 
F # $  "2   !  O W3   !– 3?@
F?  2
( * ) 9@M8    7  : O ; 9$8  6  "
F 9$ 7B # :3 9 C@    9@M8 # B G   

6$ O 2! #$"@ 0 ( F O J  5C O  $  kI 2   p@
(
78 F :F5@ 9;? K;? L8 #$ 3    3 * #$ 3  2H
G 
  I"
G S " O S " S " # ]B!  $@ L ! ) / ( 7" 3 
 ] 
0  ( ( 9$$ ] !  O!  :    :7$F 3 7@ :3
  @ 7= - :MIF W3
* 
 48 ," F– ; 5@ T] B
7!B O W      ! E"– 9  LB  7 F @
–  
G   ; $I
  7 $2@ M  "F @   ,E
78@ B
   7 O   78@ ;@  W$  3$
 #$"
0 * O M
; G @8  ]B 7!B
)  $!  $F 3 
( ( ( (   3 72  @8
G
W3  3
 HW! G
9 C@ 7!    ]$O     a  7 !T  O   !L
T9 C@  B  :$IF ;8- ;$ 8 " ? # 3@ 2 3
T  a ? #$  3$O #$ )R ( * ) 
* ( K
 ;@ T  #$ ]
! .]B  B 
 :7F .7!  8 ; 7B8   ] *   5@
  6$ O  j$" ( )  IF
G G9$ 3 )  7! - 3!B  G = G9$    7 
/ * / * (  
;2! ) ( / * ! / ) * * d
) ) ( ( *NO  ( / ( (! ) 0 !
* ( 6 ) ) ( 
( * () :
 F #$ # #
3 
( * (  7= # I m / ( 2@ C O ,O O L " a  :b"@ (d  / ) (*
!   #$ ' * ( :  F O L " a  : O  O J8
7 35! C O  &$C # ]B!  $@ NO  d! 3@ 6
]$ $@ Y  $_ - ]$ 3$ 7!B 
@ : .@ B & #
/ ) * * d
( / ( (!
* NO  ) 0 !
* ( 6 ) ) ( 
( * () . :   3 : 
 5 5@   
.>8Z @ 3 : 
 5   @
 48 (d  / * / * (  
/ ) ( * ;2! ) ( / * !
) )( (
6$ YB    B 3 L
  3@8     >  4F LB
R !$!  2 Y        B .8
G   G   $2 
G  G  6$

  - ; ?_
G 7 9
 L  R    3  I !$!
.9 9I 3$
bM@ ! 3 ? - *** ;$O !  - ; ?@
;$ M 
G 
G ]- 9    2! G 9  LB ,M"  J8 ;$
;-  8n ?2 ;@    9 "  YB   S$" 

 E  2   F  9 g  F a ? ! #$ ]- 2
. E  3- LE @

9O 9 C8
3 ]$  3 3 ]?  L
 - 3-   ;?   2 ,
 
3$
 #$" 3  L    G  ;?  F a ? ! #$   
.G O!  $ 
G $   [ ; 2  3 " 3n #$ $ 

# 
( *( ( * @. ( ;$ m ) ) 9; 9 ! ,!  . !$@ <
   2 
( * ( (  * ( !
 ! E" ! 7  (7  / * )9IB / . * ( ! m ) ) (/!g / / ( ( * B) ] ( j( )3
* ( ( ( 6 ( * ( M *(
/ * 9IB 6 m ) )      
!) ( * 0 ()  
* ) ( ) @ ( 0 /ٕ ( 7 
*( . * ( ! o ) #O  !B
)R ( ( Q-/ 
( * m )> ( ( *  ( @( ( @
* ( ( (9 ( / * ( 
0 ( * 8) / 0  / ( b(
/ * )  @ / / * 
( ( 9 
( ( ( *(
/ )) *
.(E
;5!  6I / /
( (  &  
) I (  8 5!@ <>  9; 8 > ;
) / ) ; < 2  2  ;5!   2 ;5!  
 9C @ ;
E "
>    @ ; ,".(
( ( ,2 ,"   6: ! @ G9E "
( * ( 9 @
  BB$  $!   2  5!  @    > 
. 2  >B @ 8  2 !   @ 9E "

  3 ? 7  !B


 #- LF  =  ! YB [ ] >@ 5
L   3 3I  a? ,   JM2 3 2H a C 3$ 8 
 
 7$2@  B #- #  Y &@  @ I ! 
 :@
j ) 
 5 ! ;$$ @  #$ P
: F 3  8 #  .$ 
(
Y- :8 F T2C @  7 3@ ,   6 &   * ( ]5

 3  75@ ,B :F . 4 :F T]B #$ ]C !@ :F .

4
) * ) :3 F  L  $! ! 32 3$ 6 8 .   ,

.]
  

  B F - ! 7  $  F


  :F  !@ 6 ,C8 F
3I 4C B85@ 3  38 O .Y  O! ,B  L  $
3 W2 ,C8  3I!  #! -    @  !  3; #$ 32H@
.W

 ! ;$     7  7! 3 7$ C   #H @
 F 3- :3 @ []$     9 $ ] La@ 8   
 5  
:F 6$@ . 0 - ; P5@ ;   G E" ] " 7! ]ٕ   ]
 - :$  Q  - ; 6  ;C 
 ;   G ;2 

#$ 3F !( ' / )  ٕ 8
* ) $@ 9"2  #$ ,! G 3
 2 @
  
 "
G ? 92H ! @ 2  G I  :@  O 
 9"2
7@B@ <; >a  ;C 42H =   ;- = q@ ;5!
- Q  ( Y ;   7! B 9 ;  !@ :F O &  L
8@ .9 8 !* )   8 !E
* )   - :  ! !
/ - ! 9 8 ! 
#  ,! Q YB
 !@ 0 
(
@
 #- ;  2@ L: 4"@ W
 ! "– @" ."
 Y  L  7"2@ ; 7"@  YB  L  : R?8
8  6  O 7 - 3-    ] =   ] @8 - L ))
/ *
((  @/ r)$)  /0/ ) * ( )>8Z
( ) / ) ( B$
( ;$2
( (
/ ( */ ) : 32  !@
) 0 ]$
( ( 
/ / / *   @
( 0 ) * )9 F2
( $ ( ( ( G ((

0
( j )   W3$
 9 @W; #- b $
]B #$
 9  3 O @ 4 (
Y @  2H  ! 0  $ _
0 B- :3@  F  !  
 .  
' O   @ 0 * ٕ I@  
'   0 * [@  ;  ?!@
7= O 3!  >2
) 7$$ 0 3$ _
*( L( 3$8  3! 0  @ 7!@ : [a]
m m
  'L   ( 3; )
  0 .H
 G ( 6C!  B[@ 3; #-
.L
@B * /  
 !B k$$  C @
( ( (  C  7H _) ( / 5@ )   b(  $
' 7! )
R 9  R0 .
 H)   7 ( (  C  7
*   
 9?8 
;  G 3@ #   ;  B[ ") 2H 
( ) / I8 2 ?
  (
9 "  7$ 0 " ;  $=  M
G ; ;I M@! ; # 
G
.;2  2 ; ,$ 7$_)   $ 
?
*  (   ***  * )  2
) 
) @
 ; . a
N_ /  / *** GM  ]
/ @ # @
* ( ) (

" @  7


(  9 F  $F ( 0    
 ]  :[9 $ ] 
G 7
( 0  2   ,B .G !B/
 @  g   9!  95 C 2 K
0 :
]@ M 2 ; $ - / ;? 9 8
j   G O! !  92H 
.   ; / !   6)   -0  ;@  @
(

aO a  $  k; " !B / /


) 7   L!B 7     7
 !  :  [NO ]  ]$  , @  $  6 3$
32 " . / / )
* ( @ 6$ ,  ,( ( 
   ! #  2 #  #
;$!@ 3 F  78 #  3(
*(     , !j  -0 F
 3$ #!  , @ B 6 .
   8 ;   3 
F
 3  : F T] _ #$   3$ !  (/ :3 @ "  )
.cC)/ 5@  @   !
G

 2 /( * ; F@
/( * ]  - T]   . ! q ;   > LB
) F
7 0
]B &C   [@ ;$ 0 " 
( ) ) !  - ;H2
( !  ]$
0 
.,( 0 ] 
* ( & a) @ ; 5@
] 2
* )  ] ! ) ( *** s
) ( 3!@ .   "8/ ]  B-
* ) / *  
]  ;I /
( / B- *** 7 !  / ) #$ 6$@
G ) (  
/  = 3C8
0 (   " 3"
F / )  2 L    :;$
3 a ? !0 B
0 &@  /    
0   " 6 $ 0 
j
, 9C2 j
= ]C L = ]
) L ! ]; &H8@
;=   7 - 3-  ,   ,B E H
0 4?! CH 
0
&  /
(     
( ( (    ];    S      
j ,"
!  S"
* 0  j ( =
( ( !    (  9   C 
(  >E 

(* (

K B 
&!5 /+ H A

1>:
=C =
KD T
6 @ %A'>  /+ 3 @u
 84
&!5 =C 
&!5 /+ H A
<D
& 3@ @i
<=.:'4> A? ; r=.8
&;
H 3@ =
5{
Q
2" <D %A4@
  AjB
.H A O2B
H
2D p %
KD OH=B  ND †'@ N O  
KD &!5 + %9 ?

ND D N)  4P  B <i A @ O2
 /+ jC +  B@ 3@ X " /+  . 
T6  2 ;
$A+
.(

…+" 3 & 
 =A4
  :!
  :B
4 V" %
=A)  =P mP 20+ 3 @"
.
&!5 /+ H A
5{
 5 OL 3
$  %5{
< " ! " 5{
xt
+

3 4
 8  1>R 
&!5 /+ H A

3@ %  "  J5 3@ ."  3@   L=B %.F4 B4 2 % 2
<D
.  #H C + &*> 3@ %  &*@ + 
2A>

 
5" % =5 
2! h
2@ <" 2A" %  M> N 2 
ND D N <" 2A"
KV % .S
h [ h =P % V
h [ h LW % 
h [ h "  74+ %T=0B
  " %28
 U)+ %3 B
] < ‹ A 3B 4
 !V W K  

.h
X h  5

:2IIB @"
2 € .. t P €) + t
2" t S  +2 <" H" <D %3
 34.
3@6 /+ !
H !
2 N % A=@ /+ @ΠE :; ^[k:2@]  Z [8 ] Z \ :3 B
E B

Z [ Z IY> Y 

8
[ [ Z IY <D
% 2C B@ /+ .. @D % B % H 84P
 % 45 5 /+ ..   > p /+ 
8 <= > <"

8  .. 
@
i  45N  
8  ž P
=5" %  >24 @ % 2? @ % = %  B@ ?
Q
2" H A? %o=A
~6
= 3 d. 
H A? .. O2BVi
+ K H A
/
2  45N 
/+\ <= 0I
Y [\ Y [> Y]Z ] Y\ A
=@" \ \ Z 
3@\ oIY4
] <D ] \ :o=A
E V" %

Y 
A
[ [ Y <n Z [ Y Y Z Y Y A.I
Z [ Y [ ZY" 3
Y @uZ [ Y Y Z Y 

\ ] 3@\ 2AB
\ \ Z \ K+" \ [ 
 & \ Z \Z O
\ =I]4
/+\ h 0 \ Y Y h
2 \ ] &!5
\ \Y

Y Y Y Z Y 3@ Z Y \ i

Z Y Y <W0Z Y YZ — Y 
Z Z Y <=I
Y [ Y40IZ [>Y <=I
Y [ [40IZ YIY+ 

\ [ Y 
=C ML \ \ >  #$
\ ]  BI \ \ \ Y Y
.[aaa:=4
] -BZ [ Y 
6=.Z Z Y [ Y Y Y \ 4BI Z [Z Y Y [ [ Z Y!
)!45 +
[ ZZ

M$ 
&B? 2P %
2 >jA
 8 
 %
2 T$
 jB
.. 
2 +
 x.'

}=C + % 0>
h R “' 
&B? % 0>R
h 8  
&B? .. h 0>R

.jB O 
 “'
KD 1>R H A
.. 
&!5 /+ H A
D

3 @u
d." o4

<" A400 B> !@ JC K K=
=VY ] | !
ND D N
" 8 
/C > A 
 %H A
=C 1>:
 % 
=C 3X
 %Q/ A @ A 2B> + A
=@"
<" 1 2 N % A2 O 
04 N > ?  5 %3@u@ & 1 B OH=0B@ B .. H A)45N

Q
2" …i
/+ 
H @ %< 8
[ ™.[ <"  520 2 N %=B <" 
  2 N %7+ >
. ’2>  jF>
[   @ 3@} :3@u@ & 1 B OH=0B@ B H A
%< :)  8" 1
. {q . 
3@ !B K  @ jF 

%H A
3 %T .Ri
 %Q  
 %Ž=)
 %E !)
g>2 <= > <" 9>  4.
3@6 /+!/4@"
.H
2B45N
 O2B
3

U 8

Z q2)4
/2+ H A
9? /4@" >

Z 45
 d 0 3@ 8 > d d 04
/H

U
=
Z 
 E Pi
K Q !
>2> H  @

U @ 
Z  4
ND m:B  
F
U 8+ f K  
2>" f Z [ 3i q=4 D
Z

$
 OjB
3 =
@i
P


\  BR ND A @ A B> N A  <=)B> =


e 
3@ X !<=@ > !
H ! >
%!)>
^
Q @ %<2> \ E

…i
/+ <=B> C
 % A <=B > C + %  3>]jY IY4I[> e ! %#>
N An + %C = " %d. Oj 3@ ML Q
 + < .> N %<=0>> A!5 /+ AC=?
.<=0B>

H @
LD %<=AB> 
=A)
&!5 /+ %<2B!@Z [  > F
t
 3 e 
3@ | 8
MJ"
X 3 K'4> <" % 4C + K < {
T6 4> <" /*40 H A
|P
=@Š H A /
2

@ <= > <n / % !0 K A @ & y  QNuC /


2
H @
LD Š   
 3@
Z \ Y \ \ <nR
f K
Z \Y r \
<D ] Y Y Z I Z;Y [  V
Y Y Y" <‹+ Y ] 2!BI
Z Y Y Y 
[ [ Z Y> 3@ \ ]
3@
Z Y e Y Y :
T=P  1 %|
='

.^[aa:
] 3!Z \ [ 'Z
[ [ 
<
Y Z [ 
=C
Y [ ML Y Y \ Z Y IY Z2

Y \Y O;v
 ^ ; \ \ \ K
Y Y A?
Z Y Y Y 90I
\
YY
Y Y Y Z
YIZ4+ [ 4IZ Y V"

% B
 %>jA
 % A
 %T$
9!5 =C !3
3 | 8

$C X " @ !
ND D N
.<
=A


/+ ‰B
x+> .. > 
Oj>jB
O   ND K> N Š&P
] j] <DŠ ;W h . V s C 3 
]
.@
 
“ 04
x+> .. H !B45N
&l

A  >6 3@ A+  2


&B? !/! 

&; > :H A
<Lu@ <L" @
LD | 8

$C
f &  
&!5 /+ K %U
& %Al |;
O5" ž 5n /*>[ D %d. T S
ž3   /*>
[ %U
10 X 
2  T 
 ž 
=@n /*>
[ %2  @ j" < {


+ 3@ &!5 /+ ML & %j>j E=0
K 3 


. &? 
&!5 /+

 

2C  @
=P2V 3>$
MJ" %U
&> <" &!P %T ! !P /+ < >{
&>
.......h>2!
=2 @ -4 > 3@ A @ ! K*P 3@ A +

N=: |P
=@ ..2=
3 2 ;
p   2P % 4   4  #2 N %04
’
2i
 :<=
A>"

|5 2C )
g O5 @ .. 5{
e + O5 @ hP |0 <" ! 3  %  
3@6 /+ O2P %’H
=
 3
/+ h ?L=  <=  % "  
/ 2=
3 2 ;
4P & %3p 
2 + 2B>  3@6 /+ %3
Q @H y; 3@6 /+ O=5" %O

L$ z4
/+ !S 4P ..  >=R
!@N  S R  4P .. P O? " %  O=A
.3>@ F
~ R"  @5{
E=B)
9C$ <" O 5n@ %q
 /C 3
Q @H l 

f

KV 2@ 2t 0 o24P
3@ =A+ % 2 ; O20
B + % 2 ; O5 KD ? <" 
" @
.5 

\
5 K %24P + !8 %en4+
] 2 ; &X !3@j

$C /+ @i
$C 3@ E )
A>n>
.= 
Q .:
 O
3@6 -
M
= /+ 
 = 
A‹+ ž|  +

[ !" e 
/+ A @ C =0
~ /+ 2C6 /+  8 3

[
?" 2'
/+ B@H 2   A -
3?
LD & H !
]

[ >˜ <24> =


KD
=!C A H A
oH 
LD E S 25"

}=" 3@Y % 2=


3 2 ; D

/> /
3@ m
†'> m
3@ /
†'> 
3  % Vi
3@  V %+ ="
. A=@ 2B …i

%Q
2A)
 : 2? & K !R #$
h
2 ; + 

2=
9V 3@ 
†;"
!Q !
3" m@  + % 
+ K  @

N)  4P  B <i % A @ O2
 /+ jC + % B@ t @ 3@ X " /+ T6  #$
% < 5 =" D
.(
ND D

/+ /!C$
ML  L  O P /+ 5  …B>[ %
K & =4
D .. 
E  D
% @ + 
K <= =4  " <=j <=
A>" 4 <D :/ p s)@  T=0> % 5

5  :  3@ 1p
=
<  2 ; T 0+ %T P  " .. m N 2 ; > 

$C E +
.@
  Oj ND ML H
6 @ %+ B
ND !8> + % A O 0
E p %
K m =

} 2 ; =C 3@

.
&!5 /+  @ H 4 H ..    /+ Q/ & d!4
3@ D

.......3 B
/+  L 
++ % @2P m 2 ; AB? 2P % C ! " 2
&B? 3@ +

2 ; K 5  


KV /! 
Q p

e 
O 6 x!Pi 5  
KV 
T=5 / 5"} : "  
/  T=0>
m" %O j
/ B + e !B
m" %O j
/ B + % 2 ; KD mA4
K4 A4*!0+ %A P2V

T=5 > :m0+ 5  
KV 
T=5 KD 2B+ :T P %O j
/ B + &? 3


KV !4+ % &? 3
 % 2=
3 2 ; % e !B
M ND A
= 6 A e 
+H
= V &?
 <"  > #2 N" %34  AX@ /
— /A+ e !B
/ @" :T P 5 
<=-  ‹+ 2 ; @" Š/"  X@ /+ =C 
/ i  AB+H" n+ % " &X@ :#"Š !} "
&!5 /+  !4
hN @ / j> | + ^{ 
&!5 /+  @ H 4 H" d!4
20 % h
2 ;
!}

!}
&!5 /+ h .P AB? 2P h +=5 h 5 h H / j> |

L 
Z [ =C 3@Y T 
/ j> |    O 6 N 3B@ <==0>

t 5
Z [ 
14+ A H   S . /+ 3 >  =

&?
] 
 Sn+ h
0+ < " ND 
K 0 > + &? 3
@"} :5  
KV T=0> p
. { 

% <= 
 L 2 ; 3
=4 5 %<=;u
 (> 4
l #$
=-
ML 2 ; =C C
%3 @v

=4P %<2

@H 3>$
%>)!
4P % {
Q
2" % 3 45
 % 3  % 4C
.3
 T ?
 T .Ri
 Q  
Q @H
= .5
™.> %   +=5 .. 3 B
E -> 3 3  0
=*C =l 2 ; 3
=4 5
f \ Y 90
.[”Š:Q
B)
] 5 f Z Y\ Y 

] K"YY 3@
Z Y ND]\ * <=  Y .I
Y [ IY NY T @ [ Y Z IY> N =I
Y ZY> : 4=X@ ?"

h; h  m;H %5  


KV 
T=5 #2> 3 5i\  >2
m" 2 ; T=0>
Z
./ 0  /A? /+ ‰ ‰C %/   P /W + %5  
KV 
T=5 K
2> /+ h .5 <= > r=5 i %< B)
@   %T :i
0 B@ 5  
KV 0 
.5  
KV

ž 4j @ j" %2P @4


.. 5{
/+ 0 5  
KV  :" -
M 3@
.2  + m@ Al 3@ h  ?;" 
<i

u@  B@ => 2 ; N=:

@ 2 ; C*> % <Hi
…" /+ < B@ 3@ h !>P % . 
 3
3 u@  B@ /n
@ 
 %3
3@ rNW pp
= %1 
ND D N <" <2A)> 3>$
@ .. 
H= ?
 
KV 
T=5 H
=P &4P\[ %rNW pp <= 0> + |" 4t @ .. |" /4t @ E 0>
< 5 =" 3>" :h *B A*B
[ <=
oH + % 
 3
 % .B? % 2>6 žpX
5

=
:3 T P %T :i
Tj  B
…" /+ Tj %  >

$;n+ }>

$;n
3@  E*> $;n+ Š >? 3
T=0>  Š Ti
|
=  žr=
/=  #Al
=  ..   K4 
3>2 3 B
O.
= /+ 
Q
2" 2V /+  A 
U !V
&4P %
Q
2" E*> =C >2> /+ r 5" B  K4 %

 %g X
 %/ X
|

%Q
2i
2V /+ A E*> < % > .V ND 2> /+ m!p @ % . 
3@ h
X h
H2
 H % 0    5  
KV !045
%3>2=

H !B 8    B
mA4

.=X
 ?i 

 @ 74+ => 2 ; |P=@

Y Y YZ4IY Y+ D] \ :
T P => %  @ 5  
KV =5 K 
74+ => %  @ 74+ /n>
M
\ ] Y Y @ 

Y \ZY 3@ \ \ \
 
KV &;H [cŠa:74.
] ;n Y ] YY @
Y Y M!L Z 20I
Y Y [ ] M
Y Y .FI
Y Z Y * h !@[ h 4IZ Y+
m:P  .. 3 )
 s)
 
*;" 2P % 8
3@ & 0@ rNW O) B@ 5
=> <=@
!4>  ! &C }<! 4
! 4>  !  &C }&B+
L @ % >2> 3  Vi

] %3
…
" <= A4 > %3 @v
<=>
<@w4
A 1.8> %<2C @ A" <=2>
 
KV   mB@H % 5" d ] & ! 4>  }3 A l" @ 5{
<=2

/P A? 3@ < %‰



$C T :" 3@ < + 2 ; @" % 4P  & d 4 <" K4 5
/" 3 @   04+ Š!
†= †= 9t 4 Š 
9t 4 
H=0> @2 '
3@ %  @
KD ?
 >jA  2 ; C -4+ % 2 ; =C 28> <" 2>> + ‰ @5D &!P &A?
H  %Q
8
KD
=?; + % B@ 
 jA > <"  < @ %jA
"  . 
3-+ %Q
8

\ Z > )
B@ <  %    1S" 4  . 
2" &;H %A= A;H" K4 A+ .5 &BI [
+ Š5  
KV 
T=5 :/ B>Š h
2@  &4P" :T=0> %
hA   $)> |5
+ h
A   $)Š h J M  K S" @ }M.5 3>" :B "@
 m P 2 ; 3@ +
:h
j@ A T P ŠM  K S"

@2 \
Z '
=> 2A \
= MD

@  + <


=.V + LD

FS
Z /+ .; <=



r=  =0>


Z KH" =  /0:  

. B@ /+ jA>  #$


2 ; /B5 
  2 ; &;H

3>2
T 4P /+ 2 ; N=:

h
2 ; <" rB+ % 1>28
  =" K=4> %5  
KV 
T=5 = @i
.I Y Z [ p
eQ 3@ < :)
e 5 
†;n+ %2F>[ <"  < @ 3 )
K [
5 ] |5 
] @ 
/+ †; % E
$ 
@ A"

<" /2> %O=! 
/2> [ ] % 2 ; 2> \ K 3>2

\ \ Y h
2
\ 
 di
‡ [ \ YB? Y \ Y YY :K B T P  .B % D /=> \ " 5"
3‡Z Y \ Z Z 3R  œ \Y & 
Y Y — [ Y /! Z Y Y M$
.[aac: Bi
] h
S \ Z Y 
r;6 f Z Y KDY\ A*BI \
[ [ T=0Z Y [ Z [ xBI Z [ [ Z Y /=>[
%
ND D N >
 $;" %! 
K |P @ 
/+ O=! 
KH
@ <"   =" 5 
Y ] :T P
2=
3 2 ; < 5 /nI 5" 3@ < :)
e 5 36i 
 !}O=! 
@ KHW
.…i
3@ 
H :0 K4  P >

$; 2 ; > P %

.  /  ‰? < %< B


KP + % 8
3@ CS % 2 &C" 3@ ‰? /+ †;
Š ?" K5 KD „4 + :A*B T P  8
CW + %
h=@ => T ! %
2?
h h .X
K5 KD N ]] :3>2

$A A 84  D :T P % 2 ;  mB@2+ Š &t  /+ 3!?
.[[ 4

KD 3  % ?" KD

jB O  @‹+ :T=0> A  <  %  . " )? d! %3.  p !30
-" @ !
ND D N
.OH A
Z  @ ND


 . 
AP=+ 2A A@2A + 9CL 3@  Vi
o


 >2
 j 
6  h  AS 8 3
S < =



=? h  F@ M
=p =? . " q=+ E > 
"

\ Y \ [Y+ :A >jA



Tj" %A=P /+ 9
 A
A V" h
2 ; .  =  o" 

H
[ Y :0I
mA4
 % E
$ 
@ 
&4P %[ƒ: Bi
] 3 B \ \ ]\ 2Z \ ] \ Y 

Y Y Y Z
E
‡ Y  [ Z Y 
Y
=l
[ YY 3>$

Y =0Z Z

8 Z \ : 6= /+ 8 
<   & P 3@ % B@ 
< 
@ < 3@ <i žO=:5i
$C
[ [ ZYI <D
Z [ Y Y Z Y m!XI
.[k:2@]  @
2P" Z ‡Y [>Y 
Z [8 ]
Z [ Z IY> Y 

s=@
=> 2 ;

/+ |0> % s=@
KD &8> % B@ KD  B@ 3@ %8 KD 8 3@ 2 ; % >i
4
X " @ ! 2 ; >]] :3
xB T P % ."
h 3B" 34t @ <= 0> h ." 3pp /+ %
H= ?

=.B" 2P A" HH
[ %
8  =0
X > D !
&P" @ & %m 5
:  T P !

.^[[ B? 3@ – 2P 0i


<" H2B

.#2 ? <=@  2 ; e+ 90 Q . !! " 

]
 T 0> 

H P 3@ 2t P  †'+ % )? |V †; %K" 
H==@ :T P %  . " d!
/ P2V
! 2 ; > : ?? T 0+ 2 ; 0 5+ K †; + %U @
 U
 ??
<" %
ND D N) KD e 
=2  ?; :T P }4?;
L  %/ $  N =

$C /+
| :T P % @ &*+" <  @ < 3@ :T P }  R" 3+ : ??  T P %(
T=5 h
2@
% P28+  >W 
jB@ 5  
KV 
T=5 >" i :T P !} @ &*+" <= >
T=5 h
2@ <" 2A" %
ND D N <" 2A" /‹+ :T P %9F  3@u+ %>  <v
3@W 3@
&
] % B@ †;
 %34B  &V
‡ n= &4S
:T P % A+ j" % 4; KD 2 ; $;n+ %

T 0+ %2A)45
K4 & 0+ %†; 34B  KV &4S
<" 2B n=4+ %OH A)
MP6> <" 

\ Y !
M : 2 ;
.h
X ?" hP m

2 ; W + % .


3@ ? + =C &P=P 3

=?;" !
=CL[ |P=

$C 
o" 
 = % !P K !R 
3  5{
 …B+ 5{
KD ?? H  =2> <" H
"
}4J?
L  2 ; > : &P=P 3
T P % B@ & N <"  + % B5i h
; + 

E) =
J+ %
Q @H C$" Q @2
3" <" B5 %2
E) =P 3:T P
d? %Q
2A) 
Q ? %8   /A4  % B
"2 %A=P /+ 9

Pn+ % Q @H
T=40@ =C =+ % @  0>2V Q ? %T ?
r 4 " K <=>[ %Q
2A)
&!04> 2 ;
~=@H % >2; K & =@H .. 2 ; KD - > =C %O 5 ;W /+ %1@ ;W /+ >2> 3
/
] 2 ; 78+ %O 
3@ 1@ ;W /+ Q
2A)
3@ pX Ku> % >2; K & 2 ;
2 ; K:n+ % B
3@
=A4
2P %|8
O
 O2 /+ H  Q @ A 20+ ‡ [
=) žQ  
\ Y [\ Z [>Y : !P E)> <" ;" KD  " E)> <" x++ % @ BI Q 

<
Y Y = Z \ [ ZY" K
Z Y Y A.I Y Y <puI
\
KD &@j
 " % @6 KD  n+ %Q 
@  &@6 2 ; K:" ^[”:)
] V 8; Z\
Y Y Y A
2P C
L‹+ %
 + %g X + %/ X
KD H  % @ 2P =C
L‹+ % @  KD Q 
H B+ % @6
3@ A05
!E > ]] :T P %H !
Q   h J@ E=   K@ %Q !  2 ; ‰A+ %
= @
.[[ M  H !
Q 

=  A‹+ M4 ?

< + %  
/  2B +'
K= %  
/   ="  @ s=@
 B@ Q p"
/n> % O2! " /=> 2=
3 2 ; TjB> <" O2>2
4+; /+  $'
=5@ T"
!;" O2! ="  P % B
mA4
 % h
2 ; !'> N %  E 4 /.'+
[ % O2! " @i

% BI =
& P" 3 % BI d@i  m P \
@ 
 }/!' N 
[ Y ]] : 2 ; T 0+ %
2 ;
h
<i %#2 ? =C TjB> <" 2B  & 0> %2t P =C  & 0> ^[[ 3 B
E  & P" / 
B H
" 3@ %OH P N 98 @ A> N % 4=X@ 
+ %
?W 
? B H
" 3@
.q; 3@ 
2   + % 2

% :B
4 V" .. 
=A)  =P mP =
" <=B> < 5 /" T X@" < 5 " m
 5 OL 3 %5{
< " ! " 3 %5{
xt
+ …+" 3 & 
 %=A4
 % :!

.. 2
/+ Q >=P" .. 
 
9  %Op=
.
K d %&.
3  %5{

ž 2

$C /+ ‰B
 9> + % .t l  " /+ Q  L" .. T >
 C2 < B
%H A? /+ A  ‰: O2 ~=? /+ 
T=5  V % !?
= 0  
@ 
.
&!5 /+ <2C > %
E 4 <=4> % A 
<=@=8> &
<=@=0>

\ 3@\  gB + E >


 B" h
2@  <2)> h
. AX@

Z  mP= +
=

=!C 5{
@" >

U :!N

Z ~
j 
+  ? . 

U

mH
LD C
[ [ 3>" <=@ |" >

.At
2" @ † B %A*B K H=5" AD

!1
t @ K  3@ H ." > !O=B
5{   " 3@ Q " > !
 
Q " > ! 2 ; H ." >
#
!
  :

=5 } 25  H
2?" S 3@Y }(
ND D N) +  H
2?" S 3@Y
: H
2?" 3  !
  .0


] \ Y Z Q
>2" h  5" 3 |  (> 4

=5

.l + [ "Y  )> 3@


Y %A
Z [ Y 4"
3>$
C ˜ W ML <= > N | .. 3>2

$A d4  %3>2

$A PH V OH= 2B +
|;  3@   L=B %H @
<=  <"   L=B + %H @
  Y 
|'>
[ [ Z Y 2P
Z Y 3  %
>

=B+
.@
 
 2
KD =0!5 S <" 3- " Tj " &* <"   L=B %|5 ; 2B

. ;W  H >H  7V" A

.
=.F
=C D .F45 + %
.F45" %<=B @ T=P"

s=@
 B@ 2B 2=
3 2 ;

2! h
2@ <" 2A" %  M> N 2 
ND D N <" 2A" %3 B
E  2

] %< ‹ A 3B 4


 !V W K  
KV % =5
.h
X h  5

:2IIB @"

2 ; /n> %O=B
~ 0V" 9 S /+ 045
K4 %
 Q{ 2 ; 2C > :
H !
%O=B
Q " 9 S /+ #2 (! " 
) > <" 2B %s B
/A4  <" 2B  
/
H A
 2B C" KD H=B %  )
…" /+ y KD /n> % 5+  
/ $;n>

 >W K 2 ; &!0> %=80
 2
+ K t F
K C2B e 
&!0> %&>=:

mP E40> K4 "0> >2> 3 ) + h .8@ $;" .
KV
LD < ..  L 
 
.A-


 %   K 4> <W0
3 H A
/ F :T=0> %/ !> "P
LD < :B
&C" T=0>
!}H A
ND <W0
3 F @ %
2  l=.@ O  AD %m  @

=> 
2   $4B  <W0
3 H A
F &C !}34.
3@6 /+ 3 3 T=0
L +
A
 / @i
9R F .. !B % =A % V B@ % 
=A 4F & %
 N !}@ 0

!<W0
F N H A
F @ %/ Si
K

= 3@ Š
Š U=. / Si

=V" ND  @ % A.84 @ /+ A!

/+![
"]
.=F

2! #.4 %3

.24 ˜0 .. 
 K | B <" mP=

$C /+  Ki
..[
"] ..[
"]

..  0    

.. 
 $   

.. <W0    

!<W0
@" >
3@ 0t PH 
=p /+  .> N #$
 %=
3@  94> N #$ + %3R )

=V"
= 

+ %2
[  @ ] Y \ Z YY 
 %- > =C >2> 3 3@ 
[ 3 AI [ 3!
\
] YY Z [Y 
 % K M!+ <v

.@ o"
h @ K @ 0
=> Q/ & 3 3n
] YY Z [ 
 %+2> N / F>

&X %
 >v 24+  A @" %Q   0+  @" %<W0    /AZ I[ |0> ! 2 ; =C C
.......<=+ 4
d+ 4+ X@ /+ %<=@ B
&B+
$C

=
…@ Q p" 2 ;

OH A)
K  3@} : 
+ K C2?  % C2? +  B@ t @ /+ OH A)
2 ; 9R
Y \ [ !P 3@ h PH V
.^{ 
+ K  @ <D AP6

 + ND ! 3R=@ /? /+ @ % B@


$ 
$ * [ 20]] : =@ 2  T P
m@  + %B!
=>  /
+ K =@"
$nC %A @ " %7@  BR " %|
] \ Z Y 

h Y \ Y M \ \ * []\J:Z
\ ‡ KDY\ /B?

* h@ Y Z [ Z ]
AIY [4I]>Y" >Y :
KD  x. [[ Q !
3"
Y Z [ 
d.I
.[‚bŠck:.
] /4\]?Y /;H
 \ [ Z * #H \ !\ /+\ /;H +
\[ Z Y
Y Y

<D +B r=5 #$


!0
KD A+ 4 " K  X? <=>Š 6 ? <=>  8
/n>
=>Š=
 @ B <D 
 8! r=5 %=
 C <D j  r=5 %=
 A?
!<=B?
 D D  D :/ ! /C 4;" T=0 %<= !> C

\
T ?
f |"
] [ @
LD \ =0
3@ |"
[=? m! \ 3@ ; m"

/
=B
2V
Y \[
m04
@
LD I\ I Z $ Oj>jB
d. 
3A@

2 ; =@ !;  5 2   T 

h .P
 &-+ % 2 ; P rB> #$
=C %  >2 I  "  
/  !'
/n>
] %
2B5
m@ h m)
Y 20 % < 5 " > 
 !<=B?
 D D  D]] :T=0> %2B> ‰B>
/=.;
=*@ %#2 /=.;
=*@ :T=0>  
/ / !> p %;
 
2  @ %
2
h
.[[ #2

. 2 'I A 8@  Q ! 9 


 Q !   >2
4+

M4 p]] :T P % h
2 ; 32 > %3 !> Q  <D !3 @u
@" > :T=0> %  KD &? /n>
\
.0P N Ž
V N 3  [[ /
=!
M!4+ < 5 /" &X@ K !M@"

\
./
=!
M!4+ < 5 /" &X@ K !
 #D


/+ [[ /t " K t 0
 /4  /+ r84
m" MD]] : BI 2 ; V /n
.3B?" A 

$A M4@2; M4=X@ s?" M+= ž + 9> N = e 



gB!> K4 < 5 " > 
ZY
%3 /+ 2 'I 
B? % A 0  4.
3 m!CL %y; T S & m$ Mi ž3>2

.3 8
 Q
2A)
 30>28
 3! 
@

Z Y\ !V 2 ; &X !
H !
…i
q /+ <=
1:
H A
K B /
=
AA.
Še.
2t PŠ 45  @" AH P 3@ 2t P |0 %
>
 <=B+> %2=4
 <) > % AS
1 3@ %
OH ! KD H !B
OH ! 3@ Q  3@ †'  XB4

<D]] :3@u
Oj /+ T=0>
.[[ 5{
T2 KD < >Hi
=? 3@ % A4B5 KD 2

f 
&!5 /+ H A

 
 P KD … @

=  .. 8 
A < + %…i
/+ 
 5 <2 u> %&>=:
A'>  /+ <=
/*>
<=> r=+ H A
1>R 3
='
LD @" % A!5 /+ E B8
<=$B4> A20B
.< @ & /+ e 
A.:'4> …i
/+ 3.B*4@

/+ <=?'>
= .. At
2" K C8 > A@
2P" 
m!X>  <=?'>
= 3!B
&!5 /+  > f Z \ Y 3@ @ !2 2@ d. #$
} :5  
KV 2@
[ Y Z [ 
f T=P A CL"
2@ d. #$
 %M
7> > %H <= = % \
Y [ => 4JA @ 0
=> Q ? ND 

d. #$
 %
2"
h 
&!5 /+ jF >5 r; 2BP @ 3
K 1" <" N= !2
.^{ &4Pn+
[ jS" p %&4Pn+
[ jS" p %&4Pn+
[ 
&!5 /+ jS" <" HH= !2 2@

AjB 1>:
=C =
KD T
6 @ %A'>  /+ 3 @u
 84
&!5 H A
!
ND D N
&;
H 3@ Q
2" % A? ; 3@ Q
2" .. 9 ? & 3@ Q
2i
A.:'4> =
@i
 %A4@
 
.H A O2B
H
2D p %
KD OH=B  ND O  
KD &!5 N †'@ N % A+=.V

&X@ >2>n 3 +


[ %O=0
E !5n
$;n> <" 3
KB+ %Q >=Pi
ND <=)'> N Q
2i
<D
.O=P  >‹ H
Hj> 3@u
2> /+ U
 %A>2>n #$
U

U

Z  V X@ T ?
 V 3@ 2 N

\ 2? @ /+ ND T :i
 8> N
U .

U 8

Z g>H i
&l /+ <W0
 /+

U >
Z 
 $ q
 O20 F 9B

K
=B45
 %2  +
=!S
 % 
=0p % 4
2 % +=.V
=B?
! ;i
A>"
@  >H
=@2;
 %> @
<= + K
=2 %=!F N +B  BP

=) % B4@
. S #2>" K "  >2>" K >H 8 > r=5  + %4B:45

9 =@ /+
5 %

=" %
 8" 3@
==  %9 
/+
=;H
 V.

= 4S

8 
    94 > %  @
 3 L$ %  520@ 3 ~ +2  ."
2" \ %

.1+=4


. .B? % 2>6 % 2B5 % 2 ; :T X@" @i


$C EV" 3@ †;" A

+ @uI
Y Z [> %M48B@ &C" ^ Y [ %M4 R &C" + jBI
[ + T$> [ ^ Y [> %2 @" @i
$A " A

.Q 2
5 >  
3 + KAIY Z [I> %rB 

Y Y] /+ " A

. < P % < @ C %<=+ = H=5" h @=> -

A
%M2P 9t  3 -
/+ " A
%M2P 9t  B>  3@Y 
2V /+ " A

A
%3>!4B O! B?
A
% @2P m …i
Tj6 A
% @2P m …i
Tj6
Tj" A
%3 @u
K : N A
%3 @u
K : N A
%240@ j>j $;" $;
B?
 %>
  + N A
%>
  + N A
%3@
=0
3 H> N #$
M5n 
.>W .; 3 B?
 %>
  + N A
%>W .; 3

\ A

. Q  1+ % =@" ON 4t" 7V" % H /+ @W

\
.  =@ 
 %  @ A
|
 %  "   8  4;
 %  3  N  3 A

. Q ? M+ A
9' N %  !?
 % .B 
A

.3>+ 
 3>2
 3XB!
 z N A

.3=4.@ N %3R.@ S MD *!P +  4+ sH !B H" <D 

\\ \\
Y Z @[ YI]+=IY YY h
!V
.3 Z Y YIZYY š+" Y Z [ YI]+=IY YY h
Z!V
Z \ Z Y YI]Y %3@ Z \ Z Y YI]Y
Y YIZYY š+"

.......3 B
E  2
 %35
K 5 %<=.8>  OjB
E M < !5

O 
 Q 

<=2B> A+ %
< :5 o=5 < :5 & 3@ C =C ( 8
) 2>.
&
=5 5 <D
 /+ :
ND C2  d %
<
j <=j> %
Q
2" <H B> 
<=
=> %
T2B
.)!
 P 3 C S" @ r='
 %

A."
=j" % A U !V N ?
H /+ <=:!'4>Š
 3@ NDŠ @i
= 24+   @"
.t

3@ @i
j @ @i
3@

j4
 % 
 E 4 
1!: %/=
! 3@ Q 045N
 %8 
 @=0 $;i
3@ 2+
.P !
O;v
&?" 3@ t
j
2  *4
 %V .


  O 5  @ =5


.3 -
K ND <
2 N %3 8
/ %3 B
E  2

\ 3i
D  M> N 2 
ND D N <" 2A"
=5 2! h
2@ <" 2A" %3>;v

3@ K %3>2
Q
= #   V" W K  @5 

=V %3>2C 
 @D
.3 mP & /+ 7+  1+
 T$ 2C ? 3@ A.;
Y @i
$C |5 3@ AB!

h
;L %  " 3" %  " T R" % " 
  :3 !
 
=;i
 O=;{
)B@
% C 5 /+ <= ] \ % AP <
2 % A? <2* % AV <=BI
[ Z  ] @Œ
[ Z [ % 2"
[
. C @ 3@ <=@ % C  <=

C
[ ] [ 
= 
 Q2C 
[ A K … >
e ." 

~=*
[ ^ [ Y 30 
r=" /+ A A. z ; M
<n Q +

.Q .; N <
j@ :O 
 Q 

 A
 =
 ] ^ j@ O 
 %QB
 =
 B+
j@ Q 
:Q  O 

] 0)
^ A>"
: Q
8
3
T=P 2 K %Q
2!
 4


?
=A
=
  2P" 2P h -t P O 
3: A)?

† B@ 
5" 3 h .)  %Q {
 )
/P
@ 3 h X O 
Q
2 /+ 
/B@ h *+
.Q 
 …i
E 
<=B %Q  =
†
2@

[ \ 3J> #$
x>
<" ML ..g>2
T=:> 2P " 2
9!:
 %g>2  .  KD 6n>
K   |P" <" /B+ % @Y\◌T"
Y  @ oH" x>
 %/ .V <‹+ h   < A@
&B+ %E 4 
&2 %E !
3 )0
j@" %E 
/.V" %E 
/0" %E !5i

.E !i
#L %E Vi
 /! 


$D &C" 4i 8P"
‡ <D /0  /+ s
L 1+ m+
Y <‹+

! 
 O 
3 < 4
.......hA5 mJ
LD <j

Z Y &B m" %A5


h 4B? @ ND &A5 N A

  O 5 00

BP
 O 5 /+ o;" 2B O
] O8!
 8! h  ?D %1 1B h
 . <D :O=;{
)B@
@i
= o> LD % =C h J5 ; 2> 8!
&B> ž 
1>B
 @ Q 5 =5 2B
<==4I
Y [ [ Y> N p \ Z Y@
] [ 3I ] Y "Z Y O@
h ] Y   ‡ [ /+\ <=
f Y & Y [YI4.IZ [> <=:!'4> A U !V N ?
H /+ =
CH W <H
h @
2P" Q
=
KD
=B? ND 3!0@ \ h @2P  @i
KD <=0[ > N ^[acˆ:=4
] < $>Y [ ] ] Y C
Z [ NY
K4 " %3CB[ K@ 4 <" j žt

3@ @i
Y Y j @ @i
3@ A."
=j" %3>\2@
/+ >  O @2' A. ' %O K O OS O pD /+ AC 8+ %3C [ [
/+ A 4.
=+ 2
O 

=!45
 % A
 *

=+ ..T$
A=P /+
=" %O
@ PD 
2 A5=. 3@ <
=A
Tj %0>\[ + !>S 
2 A=P 3@ r)
Tj % .5 r .5D
=
3@ h ! C2 3@   & <=C=4> %A V & <=!> %>  3B*> +
.A A>

\ ] A @ 3.8
K  > P Al K h p=S <" =+
m=

f  h l ." %E !  h
=)P 3>2

$'

C=0C6n+  KD


2 ..U  h C %< B@
2 KD %&*4  C=C=+ 4>
2C KD %&>n4  C=0Cn+ ?
6 2 KD %&:B4 
5  =B+
] 
2 3@ Q
!
KD %&R i
 Ej4
 )
 &Y ‡
 q:  C=Pj+
.<H B4>
Y A?i %<=440> A= %<= 44.> A & C 
=@i
3@
=!8
Y %9>04
 7@ 4

\
i  < :)
9B 2P  \ Vi   . 
&B

%9F

=6 Ai žA!04@ /+
 .>  %C 
=.> + %A." 3
=CL[
%9+   5  
KV 
T=5 T " m @ %
=$  
q2V % 9F

.3>;v
 3ΠA6 & % C p  V" =C & n 5{
O eS @

%2>2)
E
$B
A@ + %2>2
q
=Rn C2 AP=R 2
!
$C @i
mF 
3@ A- %Q B C >H /+ %Q S
=!Vn+ %2!B
O- KD 
i
O@6 3@ A?;"
ž$
E 5 C :]S %d'i
Q
j
A+ C˜
j? %d i
™
OH B
 OH 
 OH >

: CQ

=!C$+ %9+ / 04
 #H 
204
/+ C= l %OjB
1>R
=J:;" Ai

A  K < 0 3



H A " /+ P S  .

L‹+

LD} :  @5 



=V A=5 T P 2P | %3>2
KD AH= OjB A!5 <"
=
KD
=B? K4 j > N hNL   
z5 %H A
4  %~j  4 % B  4B> !
:AN$; AL  !?=@
=B.+ {  >H

Q 
:+ #$
 N 2" @n C @

Q A4
 h
Q2 
1I I; ; @n C @

Q
=A
<   > CH 8+
=j> <D

Q ;{
 OH=
< A40+
=40> <D

Q
2 /+ &*+ en> <" KD  .4
 /*.>[ <" /)' R
=; @ Q
&545
=
f @ %7>@ C @ %7>4+ 0
 ++ 3> " MA+ %O 

:7>4 <  Y[

*@ @ q!  " w 


3@ mBR \ @ /
Z Y YY I@ d) 
2S = @ M

=

5" ...  @ =5

=5 
5" K |0  žTi
<0
Q 5 KD  >D /. &0" /‹+  ML )'
 mY\ 
[ 8+ ...T X
 S N †L= 
=C
$C ..1\  + /P

/C $C :T=0  Q 
 r4
 %(>
=4
<=: 2; %< B
 0@ !t S  P %3C
!
 m@2P %T X@i

…i
m0:
YY Y =+ %Q 
 …i
45 %z; 
 /

 A
Y Y %| '
 1+
=

T" 3@  o2C" 1


K 9V" h@" C
 C R 
C H $@
Z 2A)  A" !;i
2A)  %@i
$C T" &X@ '
K CC
=l
[ Ct

[ 5 2
hJ+ 2A)  %@i
$C
.@i
$C 3@ Ki
0!:
$C &!P '
K C
=P 2 + 
2 @"
h 
C2A@
] $@
p %30R 
? 1: 3@ N2
/+ •" A4V <= + %4@ V A>Hu …i
OH A $C
.< @j
3@ h P ) B* !  /4
< B
C.>
[ %P
=

[ OH A)

Y $C U)>

.< @6 < @ & /+ A@ @" r=P=


/F! > 0R  '>  1t 0 AD


[ 3>!'
1: & @ m@
=V
 /C Q i
1:  20+

>)!
(>  /+ & ž5{
(>  /+ h
j@ h
2>+ <0
ML /+ h? O=2
M m?;
Z Y ] 20
% 4 5 & 
 4;
h? .. = .. t 4
 ..=B ..=8 /+ h
2>+ h? .. B?
1:
 %2= K d5n4+ %/ K /=
Q ? h? ..5  
KV =5 !8
.7V A @ K  5 %O20B

%!8
2 %< >{
8 %H A
 B %o=04
H
6 ..K5" > F h @ 5 h
 + &
.
 O8
  i
25 2P %<W0
0;

N #$
 %
<
=  
@ M 4> S %  3>2
<=  ž
&!5 /+ OH A)
4 @"
:&0 /B:0

=4
78
&0 
N= =C ND D

T ; 3@ |R s
L

T 
Q/)
=C &

!T @[ :<==0 2P

T ; 3@ E s
L

:T=P" /  ..<==0 2P

!..T
=:
!
 AD

... T @ N

E 4 
#2C D
... T @ N

T4
*'
^ Y 
4
P KB+

... T @ N

| 8
&? AD

... T @ N

T ! 
H 5" 9> 
&? D

T !
 AD

... T @ N

:T
u


!}6
:
ML &X@ †'
‡  @i
2B[  \
Z Y 
Y

&X@ 
] Y <" ’2> N  ž(> 4
o2@ K 6
:
ML 3@ J+ H
+" 2?=> 2P D @"
žT=2@ 
L 
 OC l $C %Ti
<0
/+ P  2
 < @ /+ '*
H2B
ML
. 25 T=0>  %
KD #24A B A@ @" |0 <" 14

T=5 g>2 % l=.@


h >2> 3 Tj>  &
ML /+ O=2
M <WP <D :O=;{
)B@
y' o=5 9F>\  %M$ >2>" 3 > 
5 /B
>2C 5  
KV 

!}
=C
$C &A+ %5  
KV 
T=5

At 4>D O=2
$C  0 h 4 5  
KV 
T=5 y' H=? < = D @"
.3B?" …i
&Ci  5 ;W AB? @ %3 B O=H 
AB? @ A
p

 
KV 
T=5 2B =0 <" 3 > O=2
$C <" 3
] % $
™. &.  2P 
<D
KD 2B 3@ 3>2

$C K0" %
=? KD K B  !5 
 4; + % C p /u <" %5
%OC -
M . N 5  
KV 
T=5 y' !SY <‹+
$C K ž< @j
;W
!}o;" O@ h
LD 
+

!}! 
F &C

!} 
= #$
A 
F &C


C=? U!> d 3X
=A+ 04 /+ C=? H 0 A@

:=@" /+ 3 > 


<D

!; =@i
6
 9 3@ 2
3@ OH MD C$;

Ti
&
2  /04
28@ 2=

 %<=A > <=04> @ #$


2=
! 
 
 <W0

=B? A 
<
=  8
<D
 B
 + 0X
95
 KD - 
H@
- @ %<=?'4>  %<=4>  > /+ %<=. 4>
< & ž O>j I :@ m  + 0X
$C xB <" S % !P @ 8B
ML /+ m /4

...&{
 O
=4 0 
> 
94 
KD
- >  & % O>j
&;
H ‰B> A*B
K CH=  045
 %2  A5=. m8'+
[ %2 
E 4 K
84P
D % CS
.2 A @

E 
[ 
+ E 4 
AA [Q > + {
CH
@

3@ C$> %  CRn> %T=0



$C A+ m!X> 5  
KV 
T=5 Tj> 
:   %o;i
/04
H 8@

/B: N C
=5 d. > C
=5 o=C & y
9P +

......

E :'
3  2  /04
28@

/ 
2! 3  ? 3 Š
AŠ 5 /+ /@
2
 2 @ /+ 2"  @{
o
'  5  
KV 
T=5 K"  "  
/ E :'
3  <"} : A 
%5  
KV /! 
m + %O
=4
3@ ' $C !
T=5 > :T 0+ %O
=4
3@
 
/   =" T 0+ %F4> B4> 5  
KV 
T=5 ? "0>  &B+
/+Š!}5  
KV 
T=5 ?= @ o N" ! E :'
3 > &
=X
M4 p: "
 
KV 
T=5 ?= @ o N" !M0 
(@" :T P 2>6 3 
2! <" Š>


9*S 3@   L=" :T P p %5  
KV 
T=5 ? KD  - + !}5

KV T 0+ % !
h 5  
KV 2 % h >H 5{  % h     % =5 9*S
= !2 /. #$
 }0 Q * A  \W "
Z Y !} E :'
3 > A+ <= =AI
‡ Y Y4@"[ :5 
<" ND B5 @ h  K5=@ < = 
 %&!
Q
=5 4* /=4  =4B!4+ K5=@  
2
.{ / B!4>

:
=+ %C2B 3@  8 h F h - h 5H < 20

N ? C= > A


 /+ /A> gF
<D 
KD 2[

Ti
& 5  
KV /! 


=:4
 &0B
 90
y ; h? /> <" 2>> 5  
KV 
T=5 < 20
| %> 
<W0
* #$
/A{
A 
S pu@ #" 3@ 3>= 4
y ; ..=B)

%
E 4 :h
2" #2B
=* 3 3J  + m
[ } :  @5 

=V &t 0
=C
.{/4 5

%/+ 8
! 
ML S KD &
m.4
ŠO=;{
)B@Š m! % 
m:4;

ND B> N % ? A52+ C
=
K 0> i
<
=  V %   ; z05 z

| N  ND ! 
M$ A V N Oj@ J+ A-+ %& u N Ai že
2>[ @ d ? 3@ A"
+ 0p /+ e FN
 %ML 3  .4N  ND 3 O  N " o J+ % A!0 A5
/+ A
..™. N 2P S 3@ + 

H" K <= A4> ..h P ML A @ 3B


3BI\ > %
2 ^ \ [ %O2C ?
$A &B
Z [ h A @ 
>
\ % .. /+ 8
! 
ML
\ Z[ %A@P" A4 n 3!@

= p % 
M 3@
='" Z[
3 /+ A @ ML rB !
=6 =
 /P
 >=:4
 ž&
< CL" /+ A=J04>
 4.
/+ A+B %OP !
&' C2"
[ &'4> % 
O
HD /+ %&B
A-@ /+ %T=0

g 3@ <=t24!+ %<=4+ A4> <=*P 4> A  ž8')


A4)B@ E !5" /+ A %@ B

. 4 
:4'
 
E V" AH 5
[ KA4

%E !
&8 2B AD m.IY Y4IZ [> D =)0
<" %2
2B => D 9B
<" <> AH 5
3  ž. > @ S /+ 2>2! 6=> N T @ e" mP=
<" % >*
2B /n    
<"
\ [4 =A
KD 1>:
84' %  ML d  &B. t !
J.
$C
KD % A
=A /IZ
.Q/ @ &0B 3 >  <D %3B
™ =C h 0> A <i ž   

!qF
/+ O  
<" :/C O2
 ? /+ ?IZ Y4I[ 3
  † /+ A>" O 8

+ .. B> @ / ! N % > @ &B N A  ž 5  j!'


& n %5{
5  d! J+
%€ 
& + =! B
z; &X B@ A. z %€ !i
 R A*.4+ 5  O0B

‡ [ m@ 2C2C .? 3@ 34n O25 + C +" Q +


™0
O2 /+ '" + @ E=? /+ 3.
&H 3@ T*
KD o2C" %m>! 3@ &0p" %m4 3@ 34" & %
hA" Q 
> 
‡\
.m>;

E=
‰F
3@ mJ@ 2P #6 '
K T=>$
<>

?j@ N %0B
O"
 8+ %>H 
AH 5 O * /+
=@2 >  %A4>=C 3@
='

!0:@ N

3@ 3F ! 4" + % .V
h
=4t
p  @"
=B?" %O 
Q
2 /+ h
2B
[ h C h 05
[ h !4+
]Y

…"  Q
 3@\ <" B> N =C %  
‡ [ d)
K /:F> <" 2>> 3@Y F!> @ ND 1

.B5
=

/04
28@ .. 
&
O 5
/+ 8
! 
ML S KD @i
/+ 4
 ?=4
&t 5 m4.4
 :3 !
 O=;{
)B@
M 
6{ m@2'45
/4
 =)
 4+ % =)  = ‰0 > 3  8+ % A4>=C m 
Š&P  Š =)  = 44+ % =)

KD ../+ 8
! 
ML KD OH=B
KD =2> 3 OH Q !S C! T=0> 3@ 4 MD
%78 
…B@ /+ –jA4> %K=
K <= 4 %/ 
K <24B %<= ; 4" :/=

!!h
 $@ dD  V K4@ #2 N

AB
/+ M5 
 3 5 
/+ C=I
] Y Y4@[ C 
 >6
3@

@2 + %    / ! h  @ 2  >=  3@ -045



LD K4 %  @ K  <" 2>>
" &B

$A ~=: %#L
‡[ q" ‡ [ %#C
Y \ Z [ %#I‡ [+ :P ‡ [ # \ Y E ; %>
  /+
‡ [ ;
.#
‡[

25"
[ 
= P <D  .
| 45N  =P
[ E F
g T P = C >

***

@
 4

=0[[ N =P 2+ 3@ C2+ 7!0+

0; 1; " . O


P /+ 204B> %/0B
 /0'

[ [ |B*
3@ ?H K h?  $C 6+"
:
1' &>2! N %0
|? %25i
0;  <=4.
2 1; %9i

2t

2  E 
2>2 g [[H
u+  R =.8B
=V
]
LD

.. 
=:; !4> < :)
3B> ..& 2  d)
~=R .. 2
3@ …B >H !>

+=@ T=!: =V K B@ A @ 6 ¥ ." 


=P"

+B
 '
 C .
 OQ 0
 OH!
ND 2  @

/+ 7t
= 
 m %eB
E p /+ =C 3.   ?=4
&t 5 Q ? 20+ !9 N
3@ ? m  %T$
B@ &A
 0.  4 B+ 0.
3@ ? H
" %U.
9 =@
K" HS 2)
:  m P p % )> m8P <" 2B 2>2 2P ..<= :  
2+ K

!}.. 

\
= P y.P /+ =@ )>
=8P
!HS ^ =.8B
 @

***

3J:@
Z 9P 2B> D O <L" E: D

<n)
ML (> 4
/+  < + %2 /+ 8
! 
3@ K045
&
ML :O=;{
)B@
.Q 
D ..2>.

@ 9P
= / > &
¦  %O 
Q
2 /+ MA+ % 5W :4'@  > 3@ K045
&

$C
.~6

!O 
 Q 
3 @ < 4

.  = 
ND &R !
3@ &:" + %6 E=p A! + %00
/C $C

7>
\ )4  B
"! 2P 7>
\ 84
/+ ' + 3" UV

......

Ti
&
2   
 E 4   &B

f A @  
 > 
<W0
&B? 2P &
 L <" :h  p
A @ N %1!:4
 &B
 $. 4 1
.2>.
&
ML m.; /4
T ?i
3@ X T  =C  %B4@ 5
H

! A D S 3@ 3B


@ !  :" S 3@ |
@

& !9+ A0.


8
OH >6 ~RN
 + 0X
280 <W0
<Q0>
== >  MJ" <D
+ ‰B> #$
4
<n n V ; /+ 
@" K04 <W0
K04> A @ 2
=
<
:    5 =+  &B  ML K04>.. C > /4
O 
<n
O @ " ojB N j>j   "

/
=@ / /+ ª =" <W0
/B@

\ 
$
/+ >W 3@ /4> S m !45

 >

A  |.; %&B
A > %F A 74.I
Y Z [4 3   h P +W <W0
3@ A =B)

[
$C 74+
:A + %78
 N
KD A   @ T=
] %| 4
 Q !i
&0p

#HH < 
*;
[ [ KD h P= /n+
‡ e=. >" <
0
oH

:< @ A < @ + 0X


 ~RN
 5
2
 g!
=B) <W0

28P A" =

 .l"
[ S 2> /+ 9*P KS=
g #2>
Y /+ 9 '
<D

......

3>2B
2   
 E 4 
1!:


KV 
T=5 H
" %3
 5  
KV 
T=5 K E
ji
Ej 
%  Vn h 0+ ML & %
=B?>  >2
 p gp K 3 )
OH P 7 8> <" 5 

KV 
T=5 @ EHi
 % 45N
> S /+ N 0+ % A  
/ 3>2B

Y  )45 +
> ! @" " }  R h B+  &B
3@ 2 N 
s@" @"" !
T=5 >} : 5 
/i ž  B V" Q/ & :T P }  B 8 Q/ " }Q/ & K 20@ ! + !
T=5
K QNuC 20!
T=5 > : L B@ 3 2B5 T 0+ %O2
 e=P 3  4@ 2P EB
m>"
5{  
@ " 3+" % B
h " oP \
h Y ND  >2
 p 3@ Op <=B:> @ 
 %  s)

; =C A   


 > K4 |
ND A:B N 
 !} 
=@" A:B M  j"
.^[cc:E
ji
] h \ Y h  >D\ ND]\ CH

Z Y Y Z [ Y 6Y @
Y Y ..{ 3 

\ \ <H & 2P 3 &0+ < !



$C
*0

\ \ 3 R +   
25"
$+ h 4V
! =B [
1>28
2   
 E 4   &B

 
KV 
T=5 < h J h   m]] :T=0>  "  
/ 1>28
‡ =C C
\ ] \ Y Z Y+ ^[[ •>6" <" h J @" 3@ m  <D K);" /D %  m ND  &B> 5
3>$

Y $I ZY
\ Y Y AI!8>\ \ !8 \\ Y 3Y <=. '>
\ Z Y @" \
.^[ˆ‚:= 
]" Y E
$
 Z [ Y [ "Z Y YI4Z + AI
Z [ Y [ <" Z Z Y [ Y[

‡ D
.  >D 7?+ % @ @D H 5  
KV 
T=5 %H=!B@ 
$'
1>28

? 

[ <=B
Q ?" f & 3@ Q B
 m.+
Y |  9 ?

:T P % D ? 4N @ 5" ‰? gB!> Nn  


/   /" K 3
xB  " 
 A@" &?n ? E 
<" %  >2
T= 3@ ~ !
<" %/ .:' :
<" = 
]]

T=5 20 Q
=
h m
[ N %5  
KV 
T=5 A? h )? HH
[ @ ž3 @u

!h 4@ 8" h  BRn+" % $.i #S o0

Y [ /+ 1!>
Y  = 
 %5  
KV

.$.n+ [[


! 45
 K" 3@ h C [ H 0 + ....................

q+ 3@ 3 Pi 
 :T P %
ND D N :<==0> AD]] :  &0+ %3>2
K h  A " p
5  
KV 
T=5 Hu>
= hN 0\ " h P Y /=B @ = 
 %O j
 O8
3
:
3>H  
8 + [[  A4 0

jAI ] O A@ O" 3.


H P
[ Y Z [ N O@ = H=: Y

}A.>
[ 3@Y &C :U 8+ T ?
C m0
Z .n+ ¥F
EB
2



=>
Y Y 3 K.:8
= H" f T 0\
=B @ = 

] 0>=

S@
[ =C 2
*;" <" KD 4> F   =" K*@

I
[ ‡YP 3>H
 " &X@
[ [ t  /+ 5{
=C
$C
M %N=5
h 5  
KV 2 % h >H 5{  % h    / 3@Y < >{
BR q
L
.< 4@N
 104
2  !BV A  ž< 
 o=2  A5

' Q
| ; = % C
= 
@
i 45N
 H 0N
T  :ŠO=;{
)B@Š 

. . o=C !C$@ 4.t R

4>
[ N 
~ F h B  O20B
oB h 4@

\Y $.
=L" <‹+ ž 4.t R " ' T=P K @
i
T=P $.  |P=> N
%$. >  …" ND &!P
$A  0> <" 3@  ; s)
; 9L &   2!B
K0> <i 
 %A @i
…=+
.
 0
3
T P  .T 

\ i q> N 3>8! ˜= &> d)


&X@ 1

2@

***

t 8
[ 3>8! 3 > 
LD AC"
Y .   8i
@ 


\ Z N 3@u
f Y@u@ \ \ Y Y @ : ;  
  H 0
 45
 5" &
ML :O=;{
)B@
[ Y f Z [ < YY
\ \ \ ] K*P Y\
Z \ Z Y 3@
.^[‚ˆ:E
ji
]C@" Z [OIY Y'Z
A
Z [ Y <= > Z Y h
@"Z Y [ =5
Y [ Y <" [ [ Y Y [ 
Y Y
LD

&B.I
[ Y Z Y> 
] Y Tn>
[ Y Z [ N H 0N
 4
/+ > ML <i žB
  
3 g!
/+ :  
.^[c‚:Q !i
] <=n>
Y [Y Z [ C
Z [Y

 \ Y ‡ K4 \ Z > N M


Y Y Y +
Y s= >
[ Y [ ] Y <=
Y [@uI [ Y ‡YY +Y :/)
y 
1!: 2  d. 
/+ † 
\ Y
=>
.^[ˆƒ:Q  
]h Z [ ‡ Y [ Y m*P ] \ h ?
Y Z Y Y @ \ \ [ \ N p
Z \ [ Y /+
2>
Y Y A." Y ] [ AI
Z [ YIZIY

20 A4 5 \ \
Y 3J+ %A0>R M5 + %Q 

= +(}  @" 
Y ) N (}  @" 
Y ) :C B
%
2B
h hN m 20 hN  " h > $;" 3J %Q 
 =
KD h
2B h 0!5 m0!5
!Q 
 O 
3 @ < 4 %Q
2!
/+ m C

 8
Q  2   
 E 4 
1!:
@ 
 /D %*+
h ‰>P Q   <D } :
 H
H =" 
 + A  
/ )t  T=0
Tj  %3A @ &>j 4  h  >D N %
E 4  h 0>28 2" N % 8i
Q  3@ &*+" m>"
Tj" @ 3A <=4> 3AD 3A ? ] \ \ [ [ K
[ 90
[‚a:= 
] 3A=? ] \ \ [ [ \ 3
Y Y 3C' Y Z\ *Z
Z YY :
T=P
]  4 + AR@

Tj"  h  >D h 0>28 ž A5" m:S Z [ KD m@ P ND O"@
3A @ + 

.{ E 4 3@

\
< 
/+ C2 \
^ Y >'+ E 
/+ A  3 >  3+

***

\ N j  hN ? mP + EH"
EH"  A 3>H A KX" E[ >

 5  
KV T=0+ %2I
3@ †'I
2  q:
/+ Q  
 T ?
z4'I>
Y \ 3 ..<;n45
} : H
H

2  184 O"
m + { 1>:
 +  [ /" 3 5 /+ m!p
.  AP=8 O2 3@ 
2  1B4 A=p <D K4

4A" % 8
A mB 8+ %EF
2@ AA 3 o2A @  $C :
=;i
 O=;{
)B@
 C
> <" K 4>  V & %E B)
3 K 3> dP C2  1!> + %
T? 3
t 
C2  mA!4
 %E ! /+ / 7!84 %E p  >  A ? 2A)> & %E 
.E B   + 
 %E
0  E
F
 %=08




[ &
 .n> z)
 +$0> !
 2
 Y6Y n

-B 45
AD ..B> O20 AD %z0+ E  n@ m Š5{
O 4+ >Š AD
./=  N " /=  <" :O2
 n@ AD .. 9

 C4
 K 
g>H " 
=5 @ 30
!'
=C


 3
2   
1!:

%9:'> 5  


KV 
T=5 %2
KD  
/ 
 3 
2! &!0>[

T=5 @i h 4@ %2
† ;  @ d+ %
=?
} :3.P
= @i
?=> B+
3@ 5  
KV /! 
š+ K4 %@i
ML   B> N =C 5  
KV
.{ =5 

=R K h V 
sH
6:T 0+ %M$  4!:;[

2>
Z [ Y 3@u> 3@ <D !)4+ 25i
Z [ e  < >› <D

3@ =P K @ p %&?


 8B
B@ KV %!B 
KD 5  
KV /! 
?
‡ [ 
 
KV 
T=5 @ mV /" 2A"]] :T 0+ % e20
m KD <=8>  8i


=B+ A5Q
Y @ %
HH @
=B?
 @ %
=+ + ~=  C ^[[!B 
= ? ‡ [ 2P %5
\ \\ \ ] KDY\
=H Y \ 3\ \ Z 
T=I
 
Y [ Z Y =5
[ Y Y 
[ [
LD Y @uZ [ Y Z YP <
Y Y Y ] \D :
T=P 1!: > AX@ K %
=X4@
K4
Y [ \ Z [ 
C
. [ƒa:= 
] <=.Z Y \Y Z [ Y YBR"
Z [ MJ" Z \ Y
==0I
Z Y Y Y YB5 Z Y AI
[ [ Y> <" Z [ YIZIY

◌[ & i

[ Z \ #=4> @
& 
!" <D  !F
+ 34.


E 4  0!: R ="

TW] <=! ] \
=0.
Y ^ \ [ @ [ \ Z I[ K4 ] \

= [ YIY 3
] Y !Z Z Y :
T=P Tj  " : # '!
7V /+
% Q  /D /
=@" 9" <D !
T=5 >} :T 0+ %  
/ R ="  P [”c:<

 
KV T 0+ %
T=5 > 
s
" g AB*+ %
2  C;L C =?" P2V AD
/+ AB <" o" /D %mP @ mB5 2P !7
 T @ s
L ..7
 T @ s
L ..(
f (
f :5
:   { 
T=5 > &B+" :T 0+ %3Pi

/! 
2" †
B
9 8 /" /@" p Q
2.
/.

.H=B @ –@
&  % C
H=B4>  %s C
H=B

M /C ND rB N /A+ N :T=P 3 A." m+j

A! 3 2  D 2'


/+ A B? + =P > / >

Y \
.

Y\ Y h + .;
hN 0p \
[ :
T=P (OQ
) /+ "0> =C  %<W0
K |    ;
" /+
Z \   \ \ ] &!5
\ \ Y /+\  ."
\ \ \ [\
T P [a:=4
] <=BI
Y [ Y Z Y 4
Z [ [ <D Z [ Y I Z ;Y 
Z [ LY 
Z [ [ Y Y  
=@n
Z [ Y Z Y
2C ?
YY

<" ND o" @ 
 !/  #" :T P %
s$ 2P M  jF 3 :
= P !/jA?]] : t i
. ^[[/jA+ ..h  ! h ;= . 45

|:;
Z q!

[
LD q!

Y !)> |?
Z 2

[
LD 2

Y !)>

 %B "  >" B!5 2B ND A+ = +2 O>j? 


2> + % +  @ !
/+
jS jA?
. "  
/ F4>

\
28P X   K p" h 0R  h 8' C2

$C < =

\ /@=> < h @=> < " 2P


2 \  < h < "

***

f
! >D >D

 ‡
Z Y E
 & =0
 B)+  h =A =0


.
[ [ C
=5 @ %5  
KV =5  5 
E 4 =C D


5
< @ s2>
[ Y [ < =  3 ‰4.4
/+ B
/ .@ >

3>$
p %5  
KV 
T=5 + gB #$
<0
ML e 
; !O=;{
)B@
.A=>


=P2V
2C  @
LD 3>$
C 2P K
Q ? 2P T ?
C

2" /B+ )
2   
1!:

:  T P %5  
KV /! 
T=0  4+n+ %n@ 3 &? 8I =C /B+ )
 @{

Y Tn5
% /B+ )
 @{
2BI
Y Y Y + }
$A T=0" :&?
T 0+ %
$ 5  
KV 
T=5 T P
%/ 0 …" #"
^ !M> !} 3@ m?; / 4>"" !}
h 6 /:5 /+ m>"" :T P % = .V

 T=P" !B !}  &P"  h J 5  
KV 
T=5 3 m> <D / - Q 5 #"
%  $;W  h X>2 5  
KV 
T=5 3 m> K4@ %3 B
 e"
K
% A0 /+ Q
v
m?! = ..h
 h > 
 :   ...9CL 2P /0 <" Še 
A>"Š  2An+
m>"  S #" KD 5  
KV 2@ ~ !
3 / 4.4 % A0 T !
/ m @ :
.h>2  $'
N %>2
h  /

!CL 2P &0B
<" M C  +   @" /+ o=A
m>"
Y 
LD

:/;"

/ X@ K $ <D $4 ND T X@i


M $" @

3
2   
/+ Š
 Š &!  3 2" @i
$C  @D  
&C" ( /.4'>
T=" K4 h B=@ / 9R
: >" pp 2B „ C 3 I T P p Š 1p
=
 >"Š  >" pp „ C
: „ C 3
T P %M2+"
[ Z Y mB+ <D &B+
:T P % 
2! " > M 3@W N : „ C 3
T 0+ % D
 
KV 
T=5 K.4;
20 :T P % @D > O2t .
:  mP †; + % B=@
h  m!:+
/+ 5  
KV 
T=5 !4> <" /F! > d %T= p  >" pp  F
/+ 5
:O2)
/+ s4> Q ;

0

Z P 2 B
2C
j
B

Z ML 3
+
\
T=5
\ 
 T=0B
e +
  /.40
T=0

4Z ? /+ h B@ 
B?
Y Y 4!@
Z K 
2A)

&B
 $. 4 /04
D ..MJn 5 #$
A 
=C
$C

O;n4
T ?i
2  /=
1!:

Q
2 /+ M A
&

$C  †; B4
 5
2 /=
O;n4
T ?i
$;" 
: @ /+ O 

\  
3   @D A+  ? & 
 @D

***
r"
[ AC
=+" 3@ 
[ A  Q n
=

! 
 O 
3 @ < 4

%3‡ 

 %3‡ T
%@" 4@" 2B N %E 4  4 2B N %/! ! 2B d :&
A>"
@   L ND Q 
/+  ? 90> t R @ 5  
KV 
T=5  @ 20
.
= 0
&;
‡ !
28P + ^[ƒ:= 
]
24AI \ Z \ h 
[ YZ Y [=B:
[ [ <DY

\ \ A &: 
A K"
LD
..&0B@

\ Y [ 3 M F> @ d)
BR /+
&6

***


2 4
7>8
$.
s2@
2
='
s pW < $45 +

3Z .

[ E *A
A <=4 3Z 
 @ T=Vi
d!4P


\
H
20
\
 j
!8 3@ H
2{
 #"
/+ /;" 3 

!.. 
 O 
3 @ < 4

Ti
&
2  C" . 
@ V .
 j4
q2V

\ Z
  
\ \ =I \ Z > h @=IYP 2
\ Y [@uI \
3@ Y ^ Y [> ;v

Z Y <H
=I Z Y Y ] \ <= [ Z [ Y N: 2 #" ON
= 7 N 
>H=! <‹+
] H 
.[cc:H 
] Y 
] Y

h
C l žQ/ & /+ h 
 h
j /C 
4
3 A  
/  8
&? j 20
. 25 T=0>  h R 

h
2A "2!> %C 
/+  @ & 4!4 K '> 5{
/+ &;2> 3 &?
< 20
|P=@ 4C ? /+ 2A @ & 3@ |0> %C 
  3 T 8.N
& h8. @ h
2>2?
\
.9>4
9t A
r='4
$

-
[  3
 9P V=8'@   ? & /+ h -04@

j .. 4>
2C @5D /+   % 4>
=S 4C ? /+  @ 3 @ >=B j   2P
~'
../@=
O 4
  /+ AB@ &@ B4> =C K4 % 4?N
:
 V \ /+ >=B
/+ /@5{
4
KD @ *
 % C2 0 A
H  % A
=8 A+ C 
J!
3@
O2t 
0
 =84
 204
 OH B
zF 3@ Ž
 |.' /+ % 4B! 4 R tN
:   %j4
&
ML < + %O2t !

] [ $ 3@ @ ‹+ @ < 3@



H

] 3@Y K4.
<D o
= 3@ K4.
d
o28


HIZ[ T$
4>  h
j & 3@

......

C" .  q .
 V .@

/  !4$ :  T 0+ %n!V]] :<= )


T P  "  
/  5" 
] m5"
%A5Q K d)
m@ P K4 = 0> A 0> T
6 + % D
 X+ %mP2V
= <"   |" ! 
2 @
=B+
:T=0> =C 5" K
=@ 0+ %2B0+ 9B4
3@ K"
] \ Q#
@ \ Y /"‡Y
2A
 ] 2A"
[ Y Z Y Y 
[ \ Z [ /D‡\ :   %[[  C=4  "   C  20 t pp
.^[ƒƒŠƒ:H=C]<- \ \ Z[I N p \ /2 +
] [ h B? \\ [ 3@\ * <=
\ [ \ Y H \Z [
[ Y Z Y [)

Lu   oLi
|  <"  @  = A <"
=B: N

=! N"  @=


[ N  !
[ N " B> 

=0 h @H  *F!   ! V xF /+   &





2 @
=B+
]] :T P %= P A P <" 3  
/ @5D 3 < @ !! " 

:   %O2>2  B>=5 ND [[ 


! V " N 9P / =C + >2  F> N /!P <
LD

.1>:
|84 @ /+ Q 04N
x+ % C" &R !
@ 5 
V .
 j4
D

5  
KV 
T=5 2   .) @=P r
" 3@ < .5 =" Q ? #$
q .
D
=C ND D N #$

 !}  ." "]] :
Q
2" 3@ Q
!  T 0+ % !>2
20 2 /+
. @ A  .)
 AB@ ‰B
< :   ^[[   2C  $
ND 2?"  =

\
q)
2
3 2> h @
=!  A 

 A @ @i
/ 2P
/0: @ A0: @ | '> T ?

\  + 5
14 [
 5 AA /+ 
o2C 3
n

@ 1
/+ Š B?
h Š e 
M = .. 4 5 3P=@ .. A  1p
 .. >H 3@ O8 K D
.2  95 5 %2 1  |  %2 1; " …4.> i ž + M

\
2>2  
 2 A
:P A B+ T ?
>H 0@ K

C" .  4V .@ T p" 3 @ p


T=5 2@ /+ > 5 /+ z[ 5i
/+ P @ 
&C" 25 @ p <"} < ')
†;"
9S+ % @ p
=0R" :T P p % 5D 5  
KV /! 
3n+ %5  
KV
A  45
P)@ O=V KD 5{
3 A> < /4
 0
O=8
F %5{
/+
p %3H A)
2A 2
&;H p %&4S + %2
3@ 9>P &' KD 1: + % 8
MA? 3@ #2  xF" 2 N 3>H N ? …i
? K < @ 
!
T=5 > :T P
<D !
T=5 > %/D A H!
 %  3>2
 % A =?=
9" m!V" 20+ %s2 M >H
.{ 4B> <" @" 5  
KV 
T=5 )!+ }o + OB
2>" " / $;" M;

m /4
O )F
<
=" m@ %78
ND 78> N ..7>8
3!
3 O=S
m

Oj /+ &V .>  j4> %|5 @  pW  => 2>2? (>  Q2 3n+ % !P K  A@
.|"
M   @ N= 
 ..  "4?
20]] :
= P %‰>P $;n+ %K!+  @ 2P " #[
:  ! @ 
3@  n> N 
 N % m5" /  =!V @ :T P !}=!V" %s 40
:   .[[ 5  
KV 
T=5 A+ <Ln> K4

 i
j>jB sQN &B? + h!5[ =P QN 2? 20

3B ;
:
K4 : 
A   @ %2>2A4
$. 4  P % C" X @ N % t  3 > 
2P %
8 @n MD]] :3t P 35=4@ ž5  
KV 
T=5
=!4 > <" KD
 
KV 
T=5  94 + [[ ~=  Q " |  Q W m4P .. @ " mB:P
.@" 2P 
T=5 | %&B+ &X4@ + %  @ KD : 
& A 7> <" 5

2P
[ B
M A 8S K m @ 4 @ 3 ~$? :0 =

7.> + %&B.> + T P 3@ E ; %7V o2C


h %7>V j % >j  + %5  V .@
.&B.> K4 &t 0

Q=5 .  A> %3


K #2B4> < #$
 )
ML 3@ &B? #$
j4
D
2B  &P ž A ; .> < /4
 p=
   
M K /B4> % @5D &!P  4;N

N %<
 TW O0!
:3>
Cj
B)
3@ 
/ 2" 20 :T 0+ }sB 3@ 2)"]] : @5D
/+  > N %e=@ T= %e=@ j [[ ; =C #$  KH" =C #$
T2!45"
..e=@ ND e=


F4> 3 2A)
BR q
$@ 
 >
2A
<"  + 2P

 
&
2  V .
 j4

–H !@ K +4
 j4
 %jB
 V .
M 3 &

$C H   !O=;{
)B@
KD - =+ %X 4@ &04+ %A 
ML 3 2 20 pn ’= %C 
C -@
E=*F
4@ 3  j  ž @ /+   !5
YY %T  9P@ 3@ 
P &
<2@
S /+ OH 
Q
 gA .. =
  pv
 
 B)
 C -
xB /+ ND 3 *
 A
3 =A /+ O  .. F & .. R S /+ A5 ..E 4
S 3@ E 4
..H 84P

/+  " ..
F “;{
/+ .l ..
3>2 &A? /+ + ..
2B QN..
 L
3 @".P+  4  A? .S /+ O  .. : /+ H=BP .. /+ &F ..
P )@
.j4

:
o=A =A
1)B A+2A4 ’
2i
 /A+

Y[F
9
^ &Ci

Y A*F
[ C2 5 /+ m+ 2P @"

***

>=.S  V = I I
T=R 2B 3@ /4@"

f \ & mP2V
>=S #=S 3@ ~
2; ]

> S 3@ 9t $

Z ~
2' m 45


H …" KD / B


A 8 3@ mj

 C H 3@ 7V 
o2 @ o4

>=P E n …
Y I0 + 9t$
Q ? p

}  A@> | } A x0 > |

]Y\ C N" AI I>2A> 


E 4 
D

 C  0  I I
g!' / |

C 
/+ A Tf V" 0 o"+

>==.
Q
2 I IZX 

[ A@
=P" K@

f 6[  +n
+;6  p2@ r=>


<=> e

Z N 38
/0
 L >H ;n A /S !
M

*
O )
& Q !F m 45 +

8P …" KD 7 $ 


j
AP 5

} 0 p &C =0I I


#H > /S !
|P

0 " h 0 NDZ  " N r=5

} !
=8 5 &C *0
U $C

}=8 \
Y

>=0
#2>i
 YI IZ 
 
E 4 

f Q
f  QN=
>20 H !@ f

 
0 /S !
jA =?

+ 
0
K QB45
 %OQ
 V .@ j4 ND 5{
P 04 3+ !
$C K
ND C 0> @ %< T  #" K AB@ /044 
=8 P &>2B 2 % A T
j4

...< 8

%
=84
  +i
 %2t 
1: 
 %| '
4
?= H=8
 r=P=
D
\  @ 3C=  B)> 2P |P
=
 %
j 
  +
N

..N=@  KD n>

Y \Y :3C=
jA> %&0X  Q= > %zF*
?
=> P2V B> 3 h
2 3@u
s4> 3 [

] Y\ ML
<n
\ Y 
<" \ ] Y Y 

.^[aa:2@] A Z [ Y K=@ Y \ + Z


Y Z Y N 3> ] Y Y
=[@W
Y 3>$

Y K=@ZY ]

/+
=;2> K4 Q
2 Q
 q
4+
K AB@ 3 ž=

$ AtH !@ 
Q
2" <D
. >H

\
!}E0 f 3@ !R 4 &C
3@ P 4 " !}
%QNL" O 
Q
2 /+ 4 %Q B
KD 1>:
20. ‹+ O2
 O=:; = C>  3 D]
&C" %QB
 B+
Q?" 1 <=  /+ 8
/=
! K ND /04 N &V . j4 3
.Q  =
 Q :B

!.. 
 O 
3 @ < 4

Ti
&
2  O;v
3@ 2
j  78
A 
+B@


= 4+ %M$ A"
Y Y 0" FV" 2
O$ %M$ A"
Y Y H" -" O;v
O$ <"
=
& A=P /+
= .. C" +2 3i
>"
=4
 % C" &84 3$
KH"
] ..O;v
 2
P 3  ?"
3 A  T= !>S  3@ A=P
=8;
:C2" T  %
=5 @ <H 2  “='
 % H4

"
[ #$
S &A> .

[ U=!> #H
u+ /+ 

......

5  
KV 
T=5 2  2
00

3A4@
  3A*+ K )!
 )@ 3A %)!
3@ 3C 5  
KV 
T=5 Q 
3B?
 ž3 @u
K =5 K 
Q +"  Q ;
 B
3>"  ..O=! 
 > 3@ 3AP
<" 2>> < i ž   @i

$C &!04> + %0. 
@" /+ 5  
KV 
T=5
f
@ N % A " 2 &l & 3@ h t!@ %Q/ f 1+" K  <=84> 3@ O    &-
 5
.8;
…i
EL
=? K QB45 3  žB

o=
@ h
R  Ai
E = V h
2" y>
K0)>

oX
r=? KD “
 o=C h 5 >X
q=+ K 4
=

%'4
>W 
Tj" %3Aj4
3 Q  1R:
= P %5  
KV 
T=5 94

] [ Z ‡ Y [ Y 3 BI
3 5" Y ZY Y Y4IY+ AIY Y4Y>6\Y IY Z2

] [ Z ‡4@"Y[ 3 BI ^ O Z Y Z \ [ 34


Y YY 
<H ] [ Z [ <D Y \ Y Z Y &P
Z \ M?
6i Z [ /!^ \]
AIY ^>Y" >Y :T 0+
] [ Z @\ 
Z Y 3
h
?" \ Z \ 2
\ Y Z [ ] Y Y" Y 
] <‹+ Y Y \ 
2

] \Y O;v
Y ] Y [ =5 ] <H
Y [ Y Y Y 
Y Z \ [ 34 Z \ Y * h?
] [ Z [ <D \ h 
5
Y YY
<" BI \Y
Y Z [ )t  D t  9n  @5 

=V "2 ^[c”Šc:E
ji
] h -
\ #@n4 K4 /B N} :T P %>v
A 4+ %!@ & q=+ 
!@
M+" :m 0+ %M>="
CS O"@
K … + ^{ O;v

2
 =5 
 4;" & !}
T=5 > #=" @n45"
.O;v

2
 =5 
 4;
ND t  3@

\ &*@ =C  K0!> @ ~  2P ˜@

< +  &0 @  

***


 B AD /4 > #$ h A O20B
&B> 3@ d


KV 
T=5 o2C 
E 4 3@ 245
%E Vi
e=. /+ 1P2
<
j
=C
$C
] [ %A  P
 /+ =  %5 
.
H=0>
H=> <" A 1+

f
 mY 
L …n h @=> C" 
 S 2 K h @=+

e 
 q=  @ 5  
KV 
T=5 <"}  
/  ? 3 @ 2  7V
}C2
$C  <= > <" 9>  >" :T P p % L" &Vn  4+ % h4@ M5" h >2? 2?=+ % =
" + h ! <  h  < = 
 }   8 @ %Q/)  " 9 @ !
T=5 > :
= 0+

$C 3@ 
K <=C" 2 
=+ :5  
KV T 0+ !}m@ =C | + M5"
.{ 

/+ !S
 2
/+ 2Cj
K 5  
KV 
T=5 C  !O=;{
)B@ >
$ C
.@n h
H.@ > ¦& % 
h ] [ hN !? 2B 3@ A 4+ %o;i

204@
[ 24@ A4@ 9A 2j@
[ š@f t
j
25i H C

<" 3@ 2  <=C" ž;v


9 
3@ $. 4 C2" 1 /+ =4+ %>2
$;u <i 

] 2
<= 
:   .=B U ? 3@ <=C" 
2  /C %O;v
K @20@


  + @ K m" N h BR 3 >  @ KD 9t" N

***
/ 3@ E 4i  74
N /0; 3@ E
=i
K r=P=
d

2
K O;v
 X>D # 8i
&0 ="

A  
/ # 8i
&0 =" /@\[ %T 40
"2 %e 
|:V
 % @ 
=> < 
 %&

Z ] KD ?
] [ %>i
0  3C A
†;n+
\ Z [ %&40@ S /+ H
u+ ! @ 3 P=+
:78> #2 3 3B@ 5 % ? 3@ 3C
 =C % B
T" /+ <=
jA
 T 40
/
&0 =" xA + :A  
/  3
T=0> % 2 K O 
 ..
..
% 8Π>]]
3
T 0+ %  3
> /5  #H 
=] 2P :T P !}T 4P M+ @ ..2> @ :m0+ %@=P 2>>
" /5  #H 
=] 20 :&0 =" T 0+ %K
:/ B> N ! 8Π> :T=0> D : 
.[[ ... h
=! = !?i =C ND D N #$

 N % 8i
3@

\ :
KD A:. = A ? m88P <D =:
<D
<

O ! 8Π> :#H > &B? p %K   |


$;" &0 =" j4+ ...]] :  3
T=0>
. ^[[ ... #)"    %/4!p

&; > %3  = O ..3  =

\ h
  r$0 E
 h @ r=.8
204>
 4

***

\  
K =!8> @ 2i D <= > @ E$" Q 
<

%…i
K mBP 9 
3@ 
2> mB:P 2P D - + ...]] :  3
T=0>

jC 2P %1@ ;W /+ >V =C %&40@ KD m8; A h ? ) B" U

3@ 
f
:mP }!P B
3 !M! :’ 4@ <  T 0+ &0 " :mP %  m.P=+
[ %2 ? 8 2
. [[ ... 
/0 p %
2> Q 
KD B!VD ++ %
2 &4P\[ 2P )"

\
@i
/> m8  =C  

Y Y &:> d h 4@ V

***

\
t A!
/+ OH2B@ A   A4A! 25i
 04
N=+
***


H=4 <"  

[ E  m 4C A" N= 
Cj < @


20@ ‰B> <" Kn> 
 CH=P m0R" + s2P 2P

o" %&P &0



$C 3@ !8 %&P C;W KD A" 3@ CQ 0 %P C5n 2
<" 
% .
Y .. $!> @ j" T$!+ %&P Q 0 /+ &0

$C 3@ &P 20 .-  T$!> S
. ^[: R] KI Y Z Y4\ E
‡ Y MD [ Z \ Y Y :  
Y ZY\ m [

o4

  A  2P hN @ N h . ;2> 

! ‡    4!8@ 
!> =>  V" @  @


=C Q @ &! > &-

$C 2B!+


A > /+ 9I I:> o;"  ?

OH ! KD H !B
OH ! 3@ e 

=?' %
 5
=F! O>j
3@
=?; 3>6
=
$A
/B T=P 2 KŠ 5{
T2 KD < >Hi
=? 3@ % A4B5 KD 2
1 3@ %H !B
E
?H Ž$!
/+ mF % A=>L m R % A
= mP >H @ 
 *
=A?
=+
Y Š  
/
.T '

%<=B

H .4 %04> oHj> B> CH |" t @ <H A4P 0:  1:4

LD C2" <
.#2 
T=0>  %=0
3@ o
=4>

 2
35 /+ C LD
Z %Q/) C2  =C @ %A@
2Pn = + 
$C  8
?

/+ $;n+ %>H
h @ =!+ %P
/+ X@
>  h P P h
j!;
" %@
 
3@ 
2  -4 >
.P i
 P
3@ ?2
$C /+ <= > j!'
<" <= ->
= @ %.S" /C
L‹+ A>2>"

C -
K <=@ 4> %2 
 2
> S B> N 2?
LD %2> N @ C2" /A4)> N
.Q 
 …i
E   C6
j4
 %Q C=)
q;i
3 <=B+4> %Q +=

< B KD


=  +
5 C=A-
=4
 t
jB

=! 

< !   u> &2


5 hN"
Q ? p h
2>
 5

m@ 8
3 OH ! 2  2
O 0

Ej 4 
A+ m[ žO;v
&C" 2
&C" 3 A?
= O=V  D :O=;{
)B@
.
A?
=
&!P O;v
&C" 

]
5 f  & +
[ [ q
 &  A4> O
P <
=A  …

T ? O) 8@   dP=0


KD gB % 8@ KD  
/ “ B
3  &V 
%H
=
2>2 OH ! <  %2+=
 4@ B? %  
/ m@ 8
3 OH ! A5" K
ML / 
=]] :T P %A C dP=0
K 3
&5 m;H + %  A@
h T=:
€.@
 ] % 
h B? ? %  20@ h h >" *+"
$C <D :2+=
T 0+ %/   S
=@2P H=5i

&*.>
[ N %Q
=5 2  xi
 H=5i
<D % . ' N" @"  @i
@"] % >" =P KD
<D : OH ! T 0+ % j> N K4 1+ /+  4> <" OH ! KD n@n+ %
=0 >2 ND h
2" 2"

9C"
Y m Y A4>" = %/ @ h
H
=5 -+" 2" %/X@ A &? |" / V" 3@ m.;
[ 3+
= #2 3@ &? t @ E C" @ Š
2ŠML @ /D / ! H" m [ ] 20 %/ @ A
@ 
 %
 Q{ 
&!5 /+ H A
4C 4!S %C C[ / V" % B?
h /=!045

C˜ ; %B  d 2


B %C2
ND M> N < " 9C$
R P  < " 2" / !>
] % ! D 2A 
@" M$ %Q ; =C @
.[[20B
3@6
$C &
3@6 K*0

[Q @D 3@ i
3 > xB!
 t

  T ? > |P
=
xB

..- @ m!C
[ 20 !}zP
$C  &X@ 4B5 &C :  Vi T 0+ % - h BP=@ @  
P
. A …i
9F5 ND A @ 3l" @ %- @ 3@ #2  9Ci =P <D

:B

&V .@
[ 3A4 9t
*
& &V
=+
[ 3C 9*P
 [ [ A 
=

Z M C U / B


 =5
Z 1:
 ¥ .i
D

%M4 0@ mB5
[ 2P :T=0+ %78 
9 P /+ E C{
1>R B@ M OH ! K &!P" p
H2 K8> N @   40 ?= 20 % 2
9 ND Al 3@ K Al @  D #B
Z YY
&  …. + %  8 <" ." 9: 3 %& P 3@ N /0 3@ C2" / !> @ 
3@
 )F> <" &!P  H KD
=!0
 C$; % ."
h  4.' %t @  @i %3> >H  @ &?
.    O=P N @

 @ A  % H E:


= A" B D %O*
K O*
0. E=5" 3@  h !
. @=P  @"  $BI
Y Z [> h J  8> <" H
" dt > &?

/2 C=  ) At  3@ Q -B



=j 4> <" ŠO=;{
)B@Š h t
H 
jPi
T >
M A=' j @
=F 3
<" r4B> s2> =C @ 
$C …B> D ..C +"
:A  =P K 24
 …B>
L @ % A …i

&04
[ N E > &0 N  0+ @ 
4

:3 

=
[   /+ 1'
& + K" 90
 h
=" M>
[ 3@

>]] :< >D 0p  =8 T P %T 


S h  rB N /4
0B
$C 3@ OH ! 9B
#$ 
$C @ !
B %M V"
[ MF> N ..M.
[ MF N ..M=
Y 3@Y MF> N !
$C
/+  3 @" < ;W 3 4P 3J % + 3  H> #$ 
$C @ 
 N %  +='
@ 
 %
 =B4 &40 <" 3@ D 9" N i P" Q/ 3@ @ 
 % 4 ? 
<
=
KD N " KD H> N" % !5 /+ OH A)
P6> <" Q @ U !V 
=2> =C ND &? @
M. : N %mJ A>" 4;
%’p 3@ 8; ND m+ - + %3
8  ND C"
5  
KV 
T=5 2A =C 3 @u
@" @" A %@i
/@" M$ %&R  /+
.^[[  .i
- + %  
3>2 #$
>H
$C % D &!P \
[ 3@

E
[ A z |? KD H 0>
[ ~=? 3@ g
d+


[ A4?  m0: 2P <   O 


/+ K0!"

Q V <
LW K dP=0
T=P P=+ }’X
QNuC S 8; KD <=! +" : dP=0
T P
.o;" …i
KD A*.'> O@ Q 
KD )> >2> + % OH ! 3@

=
 TL
=B
2  1*
[ N O AXB!>

8; 3@ 2    @ %Q/ & E N %…i


$C E N %Q 
$C E N]] :T=0>
.[[  .i
 4; + % CS

@
  
gB!> 
=5 h
 p h
C6 1'
#2A 3

@5 h
H <
 
H  h
  2P"
LD H &

3J :
= P %>j
3
=B 4@
p %5{
3
=B 4@ + %  V"  )> "2 3L" C2 

=BR" /=!?" : dP=0
T 0+ %
$C 3@ ; = %
2!
h A <=  <" 2B
[ Y  C B+H
A @ -" =C @ KD A]I[!4 3Bt R C=!  <D %P R 3@ A   @ 
 %T=0

A m
!   C /+ A=8 2" A <=
4P + %
=B 4@

=n+ %3C @
Q >! ND 1!>  %3:! h
Al m!P % A4 =   ND …i
/+ Q >! N" : B@ …i

.

N=0 2 U


2 o!
 
[ 
A4 5
Y H"

\ R ' <i <


i
<W
\  @2  R '>  3@Y 2 
>

#$
 @" !} !;" " :T P % @=P dP=0
+ %
=L
Y %A4 =   %A 8 74.+
K o=0> @ % C=
6i T !

=!045
=0
QNuC <" =+ %
H
" @ KD A !4  |>
YZ [
../=BR" %2" A 4P

.<S V C 2> 3 >j



=B+H ..
=B ; ..
=L
Y ..
= Ln+

H=@ /+ d0 %y


3@ y.

Y 9:" %M4  
H N !3:!
@ @ /+ 1
2  +
.y 

 $

[  8
ND 8
>[ N V #$ o= )
3
=. =P >

/+ >=2
>H 

 *
M Q
6D >=0
Oj4
48') h -.4@ &
ML < 20
%†A!

+ %OH 
?H
! %AP AtH !@ 3@ h J
20+ @ %:0
s B
M
OjB A4C" P %0PH 3>6
=@ %1   < >‹ C! Ai ž A+ A=>L &4! +
%O25 .
2t 0B
 C .
 %: A
0
3@ OH 0

=j4 + %OH >
 =
 %OH 0

<" ..
 5 # <" r=n
 %C .
 0
3 m A?
=
<i žt4.
&X

\ Z Y /+\ g I
.^[ak:2
] …i
Y ]
.
[ [ Z Y Y+ e ] Y Y Q .?
[ Y Y> @Y @" h Y [ 9C$I
[ Y Z Y Y+ 2[ Yj

] @n+
] YY :7VΠQ 0!

2  
4S
 .. 
&

%3:
mB+ ž1
A
j 2
<j  0
M S KD @i
m4.4
 :O=;{
)B@
 CH W <H At " =
L‹+ % A @=0@ A4>=C !
K /C 20+ %3>2
mB
T=0
f ER % 
=0;  IZ  % 2
9R /+
/P !
3 %   K 0B C2" 3>H %< @" [
%r=.@ #j'  ..rB@ N=@ 3@ ND Q/ & 3@ r='  %r=F)@ / .  %r8@
%  @ e" 2
!4B> ..=
3@ 2" =  =
r=; 3@ %=  .. 2 9@
|A4@ 3>j =C 2
3@ †; =
Q ?
LD K4  5 |" B> = H=> %  @W KA4 @
N .8> N +> N +2> N . > N %Q !C Q XS .. !04> @ )!4@  % P .> @ K
..)>

2?
Z Y " 3 5{
! mp Ž=@ M D

: C2 

8

[ ] \\ t A!
mA )
/
=
 
2!B


N %E F
 q )
<=4.> =
U 4.
 + % 0PHh h A+ 5{

=A+ &
MJ"
0
 %74.I \
Y Z [ E=0
 %74.I
Y Z [ <=8
..8@ A /8B4> N %:P[ A /8B4>
.Q 

= + %78
] Y [ 3>6
=
 %H= 8

.O 

= + %y0 
9 ]
=!V" C2B 3@Y 2  C .
$C m.' 
.Q 
 O 
3 @ < 4

O2
 F
/+ AD ! 
<i ž2
 Q 
 O 
<D :T 0> <" + '
3@ <D N"
./!; Q
 &0 " /!V " /!S ND  T=0> N (# 5)

:P
 9:+ 
KF 3@ 28@ & 
<‹+ h
2A 
 3@

T2B <=2B> %
< :5 o=5 < :5 & 3@ C =C ž&
M$ Q 
KD =
5
 P ..
Q
2" <H B> 
<=
=> ..
=5 N 
5
K <=B> %
<
j <=j> %

%A4=0 )!
 P 3 C S" @ r='
 
 /+ :
 %Ct  /+ m  

.Ki
=C h 0 
 8+

=C Q
2i
 K
24> %Ki
n =B P .> + %>H @ O=P & 3@ H
|P=@ |0>
}*>
L + .. 0
m A!C
Z Y %Ujj4> N h 4 p H=:

KD CS CH F> 3 


 KD …i
<H F+ %<2A)4> :C =C <==> e 

.
9*S

..Ki
=C

%  =C  O> F@ R  2t 0 B4@ H=>..> A @ K %?> D %K04> 


3@
.Ki
n =B P .> +

S =B)
P .> + %t 8!
K)F % 8i
AB@ K)B 2P /4
0 +> &R !
*>
.Ki
i ..*

\[ [ 3@ - + %3:
 &=
KD 
j @ /*> % 
=A /+ 4
qF>
KD / B
0+"
t
H ; K . H
 + %2 H.@ =C %3:  30V
..&=
/+ 3P F

.o=04
 < >{
O$ Ki
i..&=
/+ AB@ e FN
 %C :

 <QjA> C %3>2


 0
3 H  4@ /+ %
K x 0 >H K h * P |0>
] \Y ]@\
'
‹+ Z \ :&>=:
1>:
 %1>B
< >{
9 =@ /+ 0!5 3@ T=0 T=0+ %<'>
[ Y Z Y <D
+ 0
> A %Q/=
jt .
9 =
> A 74> ^[‚:H=C] <' Y [ Y  \ Y Y
Z Y 
Y Y 
Z [ Z @ '
[ Z
\ \ Yi
K
Mt
\ ] [ 
3@\ \ ] Z +Y :
T=P /+ t !

Y Y Y ^[‚:3..:
] <= *> Y [ Y Z Y  . Z Z
=[@W Y 3>$

Y =I YZY
.^[‚ˆ:3..:
] <=B.I
Y [ Y Z Y>
= [ ] [ 
E=I
[ Y @Y  . Z Y ‡ [p &C
Z Y ^[‚ƒ:3..:
] <- Y [[ Y>

@ 5 P KD A=J &  A  AP;" A@ - /+ @i


m0
..0
M4 %=B)

$A
.&
ML † A @ &l /+ ND 2B 3@ AD .  %zP &!P 3@ AD .  %0@ 5

?i

Z @ UN U !8

[ R 20+ xA +

O 
 Q 
3 @ < 4

Ti
&
  Oj

......

8P  @" > B@ 3 2>j> Oj

r
R" K |0> 2>j> 
OH 0  "  
/ < .5 /" 3 > B@ ‰? =C C
‰
/+ Š # '!
7V /+ m!p   =.F@ ‰?
 Š C
=5" 3@ h !>P  : :0

Š …@
Y Y  & % "  
/ # 8i
E=>" =" :A5" K &
ML H
+" xB
\Y
2  / +H
:T P } E=>" " M4?  @ ]] :  T=0> %H=B 2>j>  n+ Šh
2>2 h @ …@

=5" 2  3+2>} :T=0> 5  
KV 
T=5 mB5 /‹+ %  : :0

=5"
.=C " <= " <" 
=?i /D { 7 V &?  : :0

A ? KD =B mA?= m$A m5


LD e=. 
<D

2>j> @n> %t


H T 40
.. "  
/ €+ @ 8P @  @ %s C  
Q ?
M 5 m 
=5i
2  3+2> % 4V $. 4 9t 4 
 †' ..>
K &+ % . 4

$C @ : 2>j> KD 8P &5+ %r=
Tl m &>
Y Z [ >5 KD C8P - > %&'

/+ @20 <" n5 2P 5  


KV 
T=5 9 V
$C]] : 2>j> T=0+ }o" #$

.^[[   1 h B? MA " 4V <$. @ =C ND D N #$



 3 %sH
! ]Y +

@
f
[ r) 2P oH  ‹+ r 3@ Q
O  /+ 3 >  <D

Š M! 9 8 /n4+ s=" M5> !}  9 [> #$


M" Q CH 3>" !}s˜ CH 3>" !h ! :T P
!}E   ?;" m @
LD K4 H /+ +2 Š5  
KV :T=0


2>D H" @ 
 /D % 
$C m@ " #$  + MD]] :Oj Q 5 =5 /+ 2>j> T 0+
KV 
T=5 9 V
Y m@ "
[ 3@Y =C ND D N #$

 % 
LW /@ ~H" K4  H
ND h 
8 5{
…i
/+ m
[  N %  &X@ " %!P \
[ ‰![ " / F 3J %  5  

.[[ A4@2C ND  N % 44P

:'> f
\ Y Z [  #$
  045
K4 | '@ & |n  :'
&B?

. -.> 3@ 2?"  <D #2 -.i 7


1=+ %M " < s=" %m" ]\ :T 0+

.9? 2P T$
 %E ?" 2P 1 + !9 N

U 
[ 3  = T=S A < !
3 /+ A 
?=@

!O 
 Q 
3 @ < 4

0@ %<W & /+ OjB


M K /+ 8
! 
ML 3@ m045
3@  J.
 H v
K0!
:T=0 0R  Q  @ 5

P
Z [ / V > | !+ E 4 
#2A =0>
]  3@

 4 M@  @" /)

|5=> /" Oj

H2A> /)

|5=> /" 
< :
KD eH 
<0
;
" /+  4 M@ 94 >
&R  s
" :Q >!  5:S /+ T P + <  %3
H xB  @ 9:> % . B>
] 3!
#H" + %o;" ;u h? 20 M.
.M! s2  9>$ 4
" %M Yn:
BP K 94  Pj@ p %26" KS" % A? 2 %9*S %]  E 4 
|5=> =" "P +
\ f \ AI]I\nZ YYYI+ AD
AI Y \ Z [YY AY \ A
Z [ ]?' Z [ Y &!P
Y Y N H=[ 
[ Z[ Y Z \ Z :='8
1.> =B)
M4.> ..0 @
Z \ ZY\ ?

. @ N o @ E
=
^[‚k:& 
] <S V Y [ \ Y C ]\ \
Z [ Y hL"Y AIY Z @
\
@B
d' ND &5 N 2  +)
ND 94 +

***

! '@
Z  " 6‡ 2P S  + g
 P  P

:   %OH B
/+ 9S %H A H %e 
. 45

 C=XB
  C=?"

0
 2P 0
/ @
=P

***


2V" m 4+  V @ !P &  H

E 3>H 6
jD %3
* 3 E$
 %*4
 T$! ~=:4@ @ |" t @ ~ 5
:A @ 2
=
T  %3>2=
3@ |" t @ •!> #$
‰
KD
=*  ž3 B

\
>
A
n+ 2 & / 

:ND

q)@
[ ] T A
N ˜@

UN N T :C  7+" N d. mB +

$C %
!  : B ..
/ ! 3@ /04> %  3@u> ‰ d2i
KD g
K*@
.
! %
q2V %
2 @
|" 3B" 45 t @ 2B
3@
=40+ %
Ej K 
8 AB@ Tj  /4

m +
\ ] 2\ Z \ 3@\ ND]\ 8]
@ :
 m0 %
3@ h
8
5" 3@
5" %&4P
TW] 
Z [Z YY
.[acˆ:<


H = %Q/  0>  ND    @ P <  1  2!


  P @ 
 !3 !
 O=;{
)B@
:>. 3@ Ku> D % ?'@
h h ?+ A @  &B? % A4u@ 
 .  T !
 …i
 
 

.80

:  /@ 
A>"  +

2B
Z 9> f P & + ; 2

Z B
#L < :5 |'> 3@Y

***

84
[ >   3@Y jAI
Y Z [> | + K@ {
3  m@ +

:.
[  …i
H  o$

^  B)0 =V
 ! " 


1!R %/=
! 3@ K045
%8 
 @=0 $;" i %&
ML 
8
Y Y !O=;{
)B@
%&+ ? [OH P %&+ @ 2V
[ %1 Q 

= + %&t
j  K %&V + j %$.
<=+$0> %+  1C
6 &R !
 %C l 1

L‹+ %&R !
K @ 1
  <=+$0>
.=8 @ < >{
 %= @ . 

L‹+ At
jB

„.:   &B)
M % @ /C D žm  &!
Y  Q 
KD =  @=0
M <D
%@ 0
=> KD 4 R /+ AB4> h 5S eF> 
T
j> + % @W  
 <W0
| /+ /A+
:<=  N " 3 + %  V" 5  
KV 
T=5  < @ &X@ K
= 3@ AD

.i

[ €  T 
T$ 5S Q @ h  2> 3@

***

\
 Z \ & K Q
=
+ /;"
N :P ] Y [ H !+
\
 
\ 3 B 
o2C r6
MWP  >w

\ N  V 2C ? {
/= Q 5
n h h
=5

< @j

$C &? H
+" KD  A?= 7t 8

/+ <=
+5"  < @  !4N
 -0 ?  2" < @j

$C /+ H.
:&
A>"
/V
=4
B> %&t *.
H= /@5D z5 /+ <=)B> +5" < 20 % 
=8B

A.
2
<‹+ =
@" %Q
@i
r=5 Q B
3" 3 o
=4 + &t
L
..1 
3 +;j@
h O
h 8!@
Y Z [ h=@ %A A! A
=A % . 
9C
$@ ? . mB? 2P X>2

Q +=
E=0
q " KD &4 14 %
= 0
 |8
 % !)
  
L{
1>R
A+ 1B > %94
 Q ?{
0+ :/ B %9:
0.
#2 B+ !/D
] /D
] : A0 + % =!

:3; V @ B
@" /+ <=A+ 4
 *!>

5{

[ X!> @ d {

[ 0 > @ B

q;i

[ 4!X @ d q
=i

[ 0: @ 1


\ ]
 F8  #B
 \ ‡ E :'

=R 2P
Z [ 3   F8
\
◌\ T
$i
 q .
!8 \
Z [ T i
 X A+
= ;

\  qL @ /\ & 3@\ T 



T ! \ \ /F
 '
zC

\
T i
3@
=FV n / !> N  E @

\
T F!
 
? 3@ "

:3 

1: > &H |" A


=P'@
=0B A@ 3 

~" %M@ A5 H25 %M4V .@ sj /+ 8


MB! j
 %2

&
A>" M4 X +
] %M @
&.> #$
U
MB@ ..~
 3+  
 2>2
U5 A+ 2  <‹+ žM2 2"
K |8
H 
/C  
„.: /4
OH 
MB@ %2>2 O2 ; 
E 4 %2>2

.* 3+ %!8


 o=04
=C ž3>$C $)> #$
3
\
Y MB@ %< >{

/+ s= P A  ž A 3@  5 #6
=> @ ND 2>2  s= P @ AD ..5{  M@ " #$
=+
…> #$
3-  ..M)
~j> #$
E 4   :s= P ..2>2
3@ -" =C   mP=

A- /4
X  ..) .
)> #$
0  ..>L
)  /4
.8  ..30

2'
 '  ..2
&40 /4
T6 A  ..='8
gn4  #F /4
8P
 ..=.

\ B
e 
&0 > % .
2.> #$
Q=
  \ [ ..3>2
 T 
 &0B
 <2!
2A> #$


H B  ..O 
&0X /4
     ..&; N &?  A!)
KD &? K O=A)
3@
.
O:+ xP  /4

<" O2
 ND s@W + % A V" #2>" /+ A 5i
$C 9>$ <" &
A>" mJ <‹+
 :
$C 3 =8 p ^[cb‚:r
i
] /D ] Y\ K=> [ \]Y D
Y [ @Y !" Y ] \ :h hN=P A B
>˜ A4. p %&B> 
E 4  Q
2
K M  xF % A  4 
 
 E )

.8! o2A
 1

Ž=5
[ rf /+ A + Ž=

[ =0> @ M  ~H

|.B4
:=C %2
 U A A45" & P ..A 84  ABR P ..Q=5   =0
<D
%M+ A ?  N A"
= @W ..A M ?  N"
= 0>"
L‹+ ž A 5i
$C 3 …
{

.A=P rV  C2 
rV
=+8
p

!}   &@ B4> 3@ A+ 2> N O2 /+ /



 8>
L @

\
d@
=
! " d@
=
ND  =8'
#= > @ &A> d

\
e=
28@   =8'
3@ 2" K 3B: + @ e=

\
YY5 [ [ YY D] 6 ? R P P
 8   
2 <" /+ M M '> N :Q  h @ 5 >
[ [ 8
\ Y \ Y \ \ Y[I4
\ Z Y !5 20 \]
Z [ ]\D * 35Z
AI Y Y Z [ 
H !B Y Y m0IY Y Z YY Y 0 5 t P 
 ^[ƒa:+ S]
=[ @W Y 3>$

Y Y
A@ 4 p 00 $C ^[ak‚Šaka: + 8
] <=! FZ Y [\ Y 
A[ Y 2 ] \ Y * <=8
Y Y ?[ <D Y [ [ ZY 
A
Z [Y
p % At 4 ~= 4 s B@ ND /C <D % +i
E  
 2>2
o=P 3@ &R !
A 2V
%= 
 9
= 
/*@  @  5 %3 4
 !F
 8   |'> N #$
2=
KD /A4 
g
 ..en + %  Q )> 3 A00> 
>204 =C@ A  ž A 
 &
9P B
.O  + ..ND M. ?
+ %80 " z>. 3@ B+ %8 
|' E !5" 3

1+ %&4'@ ..&4B@ ..& @ ..P


 ..zP 5 " M N  B4@ U  t :
:  h @ 5 >
.O  + ..ND %V .@
h ..h
j4@ ..h 0!:@ ..h B!4@ h 8'@ sH
6 /+ 8
! 
 %M 

.

[ CHH> S + Q +=? O ! O 


+ U 8
/. >

E*> <" <H


=B+ @ T ?
T P @ / > 4+2 3  N !..&B
 T=0
 ..j
j

.O  + ..ND %98


A  Q
v
s4B@ /+ /@> " %98    8
/+ AB@

\ %3>24A  3 *
p :  @ 5 >
g!'

..O!
r B  O.
 :!

 h
.O  + ND %98 
‡ <2
 %9: 
‡

˜2!@ 7>
|8 %O:P " <j
&:C %
"2 + M4A?
YY Z [ m+
Y 2P :  h @ 5 >
..sN=@ K & 
 %s !;" )
 %s
5" gX + % @ >˜ ˜2!@ /=
qH V %.
.  ND O=P N T= + %O=P #=0
K T N
 %|B |B*
K T N

/B5 3@ B
† N 
@ 3

 V
Z 
5  / F
M.8@ 3-.

>W 7
[ A S + mJC
‡ [ 2P %@ =A+ 1!> + 1!
&t 5  
nC 3@Y :  h @ 5 >
.O8!@ Mt 5 /+ B 
>W &B %O 
Q
2 /+ eu!

!O 
 Q 
3 @ < 4

2B! =C @ .
9P
..M |0> K
K M@ @6 ?
 %M4
YZ Y [ †5" :  h @ 5 >
N E O2C  + %ML K M. 2C ? ../P
  &0  /+ 8
! 
3@ 9
] ..M 
.&: ND A 78>
 &C 3 T
u5 & E ?" 4?  #2 A
o= K*4P
3@


$
>2S ../ =A
… ...0@ o=A
=? ..4B@ &A
& ..)C KA4)
K@
.0 d. 
O2C @ ..2S

=>
Z > <" Q  3@ A  e=. 
=@

‡ #H
=
Tj
..1\  + /P

M mP %14 +
M =8> \ M>2 2
X 2P :  h @ 5 >
.#H 

%=8 @ 2>u@ ! V %4!


Q/  =0> N  2=4
2> :O 

2@ %n
4 
}1B4
" Q F{
:78+" A>" = 
&C"
=n5
 %1B   &@ < 
$C

2
4 Kh B@ !
s L /+ 8.@ 3 /=P T ?D M F>

!O 
 Q 
3 @ < 4

2>2)
d %!8
...!8
 !Q2A
...Q2A
 % 4   >"
=B?
 % +=.V
2
..8 


2J

==C


=@"
)"

f & @
1!> H 

.Q 
/+ 3@ 5{
@i

.Q 
/+ 3@ 
3>2

.Q 
/+ 3@ 5{


\ Y Z 
3@ \ ]\ :Q 2
3 j 3@ e 
j" %Q 2
3@  " Q/ d %Q 2
...Q 2 +
Z @i

[Z
\ YP
[ Z Y Z Y 1'Z
.[ƒ:r
i
] @i
 [ Z Y 
[ Y N"Y ..[:
]2BI
[ Z Y 3@
Z Y &!I
[Z
/+  pn45
" %M 4 /+ 4j" " %M.  m5 ..M =C 5
&  Mn D A

%m:"  mJ5 #$


-i
M5  Mn %M0; 3@ h
2" 4 " %s2  9F

 m?.45

LD %m  m45

LD %mXS"  mXF45

LD %m!?"  mH
LD
.m?+

5{
j" A
%3
 5{
jB <" Mn %˜ " 9F> N %2 ? jA> N 3@ >
.3>+ 
 . 
TL" %3
 5{
j" A
%3


q . 
 H .
 •>j
 . 
&C" P
A
%H A
 +
A
..H A
 +
A

.H B


.M2P 9t  3>2
Q
2" /+ " %E
ji
6 C %E 
#@ %E 4 
Tj @ A

.M2P 9t  A+ " A

.MjB> N AD A

.M!*S sj? M5n A Tj" A

.>W A.; 3 AB?


A
%>
 A + N A

.C2 H %A@


2P" Tj6 %AB? q+ %A m4 A

.C 3@ M L=B %C= /+ M Q2 D A

> #=P > %@2 2 &B?


 % /+ 2 &B? + Q= 5{
H
" " H
" 3@ A

.Q 
/+ N …i
/+ Q/ jB> N 3@ > ..j>j > #=P > ..j>j

3 3 A
..3 B
/+ 3>=A0
3@=-
3.B*4
3 3 A

.3 B
/+ 3@=-
3>=A0
3.B*4

.3 B
? % < ))
 )  < 4 F+"  3:+ /+ A 3 A

. B
A  T6" A
% B
A  T6" A

.Q!
 *
A  |)
A

.Q 2
5 > %Q!
3@ A Tj @ r B" !8
3@ A Tj" A

\ Y 
K
\ Y 
=0Z
Y \ + Z
. ^[cƒb:O0!
] 3> Z Y Y YZ 8
 Y Y Z Y m!I
[ Z Y Y@
2P" Z ‡YpY h
!V Z \ Z Y YI]Y
Z Y YIZYY š+"

..& =
B 
! ..& =
B 
! % 4. 20+ ! m 3@ ! m" A

.& =
B 
!

.3 B
E  2
 %35
K 5 %<=.8>  OjB
E M < !5

......MD E=" s.F45" %m" ND D N <" 2A" %s2 A


M !5

T ' 00 @

()
A+ 3 2P %A >2 
j4N
/+ 3
P
 3 ’24> &+  .5 O 
$C
MB+ ..L ;" /H" E=5n M$ †B
3 %:'
! @ %|B*
:0 %Q
2
3 @
.3
@" A> 3@ m <D A4B :

0
>
2A

f   )
M A
%M 2
& + %…i
 
 
Q&@ 2
M A

% A8 N B
f T=C 3@ 3@i
Mn %sS H=!B@ + %~=*'
 &$4
M A
%M  )
& +
=>

ND D N <" 2A" %o 5 + e  + %=
 |>)
 %|B*
 #=0
+ #=4>
f
hOQ
 A "!" %o4
= @W 3>$
 =5 
A K=" q2V f OH A  M> N 2
1
30> 3 OH V
h OH A
h f 2
%Ki
/=

<H 3@ ž
h6 h l H=!B@ f =S R
f & 3@ @
h
f
&B
 % A  !X
n %K=

  C" N A+ s=  N ž7V H 04
 f
qH V
8; %3@i
=5 2! h
2@ <" 2A" %3

" =C 30
/n> K4 C *40
.3!
<W0
 Tj" % 
@
= 

*.

 
98
 Tv
 5   KV

Ki
F

^ OH 
<=B 4
 Nj 
O
2A
Cj
i

f
0X@ 5 f K 6"  @  3>2

=0 2P
OV


 -
H=5
@ 2

:2B @"

28
/+ mp  : !R
h 
h ŠE=0
7 .@ > 4
Š 
  !
/+ /=;D +
H=
 < >
o$  t 0 /+ d. 4 %
!B 
 4+
 p %
/+  
T=p
3@ %U
KD U
AXB! 5{
 ..   
    + %! B
 M

%|w r B e=. 
3 %&> '@ 1t 0 %&tNH =@Œ+ %U=? N ..:@N %U0@ 2! f
?i
 %Q + E=0
%3 *
A4  7>8
78
!4)> N %3@i
 9>
K.'> @
.Q .; + ..QNH"  8i
 %Q
2A

5› % A ! A* A <2B % A !5" <=8 %


h;L @Π 0" %  
 "
<2B8 %  <==8 % P <H % + <Hu % @l <=B+2 % @" <=B+
. @ 
 " <=-.4+ %Q 5

.......1>:
Q
=5 KD 
2C %1+=4

!C

9 
/+ |  1  1!:4
3@ 2N

…i
<=: /+ >=:@ /C C2A 1 5 /+ 4@" 3 |8 
A>> h 0@ <D !
/+ /4!"
% B5 
h q.
2> ž…i
? K =
C  /+ E= /4
@i
$C 3 %94 

= %5N
 9 
/+ s
4N
H=? @ OhH=0.@ <=  H  !)
?" % -
h <=!


=B? %<=i
@ P" %<W0
o2C ND =C @ 
 % @ h !>P  2?= 1 9!
4

%A!C
=@ K? %At
P K.V %C 6 %AH" %C  %A."
= P;" K %A=P
.A5=. /+ ' 3 @ %C +" E$C %At
j |C" %A @ &0V

&R  3@ …i
/+ @ K AP 5 p %7 8
/B A?" + 
&B A>2>" j.
<W0

 3@ ND <v
@i
$'
 %
hB U8  C %
hA: @ CA:+
/+ P S  .

L‹+ % A X@" /+ 
 A m0+ %H2 &A + 0 %
h=A@
@ #2 N 1>:
/4+  K 3@ Π
|:' žCN
h 7$
KD q   F A  % A "
O=V
h 3>24A
KD &!P 3@ S /C
{
A5"  /B@ A5> 3 / 3+ % A H
>
f   o=H p
=
 >=A  3>24A
KD %N ;
h h
A-@ O=V
h 3>24A
KD %K B@ 00
h
!<W0
&C" > :>2@ h>
H V
h /B@ A5> 3@ %  !
h h ! h @= 3
KD %ND d
.T! TW f K 4
 @ %T ' 00 @ !<W0
&C" > %<W0

=0 K4 Q/

:/AD .Tw
3  >D 
P6 ..T 0
T; 3@ A-> xS @ %E
) E
5 @

/ > S s
HD K / B@ 3  &@" 3@ d.   @ 10 s=?"

@ h
; / B?
A
%A5
h mJ
LD <j
&B m" %A5
h 4B? @ ND &A5 N A

.<==0>  /$;
u N %<=B> N @ / .S
 %<= ->

/= + žP
=
OH A) %† '
/+ C pW =A- ND 104 N !<=
A>"  .8
<D
./=
3 /=
00
K <=  %/B5 !0B> %/ !8> <" 2N

% D  
2PD AP=> %j AB!4> %j 
 A!8> <" 2N 00
K >
2A

. @i
KD 
2P{
K C2>

:T ' 00 @

Q -  = 
e 0> N Q 5i  Q i
-B N

O2J+i
U 0 >
2A
00 /.+ % i
7P
= U >
/+ < 3J %Q 
S !
E

<D
.T ' 00 @ .. 8i
 t *


.T ' 00 @ ..q


„.:> @ 00
K >
2A
/.+ %q=
q> @ 7>
3@ < 3J

m" %OH A)


 9F
  %…i
 
 
R + %&+
5D &t @ &t
!? E A

3@ #2A MD %ML‹ 1


3@ + |4;
 2C
%<=.4'> +
= + sH ! 3  
.04@ €
V KD Q )

0
>
2A
3 /!0
 3@
04
€
8
KD >
2A
 1
9R <D :  T=0 =*@ @ 1
 X>D /+ / 
T=0>
% ;i
C  2 =@
 % A 
B
 /+ d)
3@ i
e=. 
/+ K" K?"
m %o2A
 1
9R /+ A
m K4@ % ARi
&t  T
2? @ 98  E !
ND +B> @ &P
©  8i
$C &X@ /+ 1
<‹+ %2
i
9R 2t
=B
P .@ K A! V
%mFR )4

=A)
 %m)+ 2P !)
 ~2!
.2 
&P
© E=:
-
LD %2

.. A <= B
 AD <=
2
X 


<L‹ E=:@ & 3  }O /+ @" 3@ =
1
9 R  V 2P %=
W = | +
..!4 + %O=! 
3@6 /+  E=:
 /   %O4.
3@6 /+ ! R 1
sH"  + %s2@
r=)4
2 % !R 3 …
{
 E
{
@ T > N % > h h . h
j>j T
6 @ 1
<‹+
< = %3+ F
 Bi
 !" „? .> N %3B
3:!
K A> N % !!5 KD q=)4

00 @ ..T : N &+ S N &C ?
 N %T  N &:!@ …i
? K < @ M$
.T '

AH  pn4 N % C2 


3@ 
/ /+ 00
K >
2A

=!R
!<=
A>"
%< 5" N h   & %K /40!R 25" / + 3 0
h
== 4+ %r
" C -@ 2 0 
H 
.00 N hN ; %U
" N h  !"

Z Y : A? &C" T    %$0 @ KD t 0 A *; /+ :4> gA> gA>  B


<D
<"
]  P6 \ 
3@\ IY
=*+"
] \ "Z Y Q Z \
" " TNj
>
2A
Q @ 2  &C ^[ƒb:r
i
] [ 
[ [ Y Y Y @ Y Y YZ Y [ Y
}T0
/+ Q 
C=Al K Q
2!
/+ K A
 :B
dB " " }Tv
 E

M
.T ' 00 @

A*+ 0
>
2A
r

=A ž3 *
1>R 3 /+ 4
 %3 8
E  /+ 
 %04
€
8
KD >
2A
<D
Z Y  
<" ] & f " =C %Q
> @ KS" d." j"
\ Y :2!B
K 
A 34> B
Z [ Z Y Y 3>
^ [Y [ 
^
3@ < ;H 3@ %38

38 AD ^[ak:

] 3PH V \\ \ \Z \ 
2C
Z \ < >›
Y Y 4 Z [ Z [ <D Y Z[ YY
>2> 3 KB> = %3V
=
3@ 
KD <  3@ #$
-B
E !
/C %3 @v

h
=[ [ Y YZB?
Y Y Y [ YIZIYZn+
YY h 4@
Z Y < Z Y Y Y :
T P %30+ 
 24!

=" mJ.R"
LD  >n
Y Y 3@"
. ^[acc: Bi
] AIY Z @\ † ' f \ Y \ d \ [^ /+\ [ I[ YX@ 3 Y e
Y ZY  -

Y
\\ \
Y Z Y \ ]
/+ \ /)>Z Y

>
 @ B> N =A+ 8
 4C 3  3@

& 3@ . H? % 4P R n! % 4C 2) % A  g A!R 00


K >
2A

 3@
h
; /" 20+ A" 3@ % W 
2C  :" P2V 
 3@ % 0>R 
X   %&S 
\
Y \Y [Y &*> \ YZ 
=AIY+ [ 
\
C
[ [ MJn+ Z Z [ 3@
Z Y Y #24AZ [ Y [ ] 2AIZ Y> 3@ Z Y :
T P %E !i
=" ND  $> @ %
hX
\ \ 
=I> C) \\ \ Q " \ Y \ Y 3I \ Y [ \ Y 

K
Y Y @ 0Z Z Y Y Z Y A
Y Y Y ZY Z [ [ [ Z Y Y H[ 3@ Z [ Y 2 Z Y Y+ &*>
Z Z [ 3@
Z Y Y [ak:r
i
] <5 'Z
\ C H6 \
.^[”k :Q
5{
]h
B5 Y Z [ YZ \ m! Y ] [ [ ]A?
Z Y;Y  Z [ Y Z Y h V
Y Y C
n@ — [ Y h  
Z [ Y h  Z\ [[
Z [ AC=?

>
2A
9R &. 3  3 2>6

Q 5 oŒ@ 
3> ^{  2C" /2A45 + % 4>2C 3@ ND T    #H ! >} :/520
/+
.Q/ A*F> N


 
< 5 /
i
&C" 4  pW mB5  !5

7V /+   "  
/  3
T=0> % .  & = 3@ %
2C 
2A45
3+
2B5 =" %  
/ E :'
3   3
=CŠ &. 3  3 2>6 <D]] : # '!

Tn>  )
KD †;
$C h
2>6 <D :T=0> Š  
/    3>)!
O)B
2" 2>6 3
f 4+ mP /+ >
2A
3 g!>Š 3>2
3
% O>j
KD &V=
KD  )
3@ Š&5
3@ O
T 0+ %/!;n+ % >2 3>H" <" /B :T 0+ % >H 3 n+ %H=A
Q  3@ h   /0+
!
9*S 3@ M!8  $;n K4 >H K <=  N :#H=A

] %h◌Y
2" h J 
9*S 3@ &" N %K B 
9*S 3@ ND +"
!} B:45" K" ^ @ : 2>6 T P
}S K / 2 &A+

}| 
@ : 2>6 T P % .
h  <= > <" ND " @ :T P

.
ND 2!B> N h 
8 N h >H=A> 3 >  %C
D 3>H :T P
.  3>H" <" /B  >H 3 /!;": X@ T 0+ %o 8 
Q  3@ h   /0+ % 2>6 †'+

.
 B 3@ M!8  $;n K4 >H K <=  3 :T 0+

© %
2"
&A+ ž:45" K" h h J !*S 3@ N 
 B 3@ &" N %
 B 3@ ND +"
^ @ :T P
}S K / 2

}| 
@ :T P % .
h  <= > <" ND " @ :T P

.
ND 2!B> N h 
8 N h >H=A> 3 >  %C
D 3>H :T P

/D A
:T P %N= >2> + %6 †; %
 C
D /+ A=P 2>6 o" +
.[[C
D 3>H K /" s2A" /D A
%C
D 3>H K /" s2A"

1>
 R % !:V
KD † 4 B @ Oj>j !R ž
=5 <H 2 
KD 2!B
4> <" !
2!
\ \ [ 3>$
 \
Y Y Y ] Y :N=@ 9 KD o=A
~ !
3@ 90
y' O2C @ KD † 4>
Z [ ]IY>2AIZ YY Y+
2C ?
AI
\ \ Z 
Y Y 

r ABR q
L 3@ ND A+B> N O$ C=4 [ˆ”:=! B
] 3 Y Z [ Y Y ] <D ] \ Y YYI[!5[
m 4+ % C: M4 @ %0)
M 6 
L‹+ %0) ND Oj> h j K0! A  % A
:ND % AC" 3@ m  A> A+

j@6 Q @ 3@ E)
™ M N .8
N <=
…" 3@ m" +

\\ Y \\ !:V

:  # + T=0> >
2A
O q
L 2P 2>  6 < + [ˆƒ :>@] H !BY Z \Y Z Y [2! +
Z [Z Y
" = 
 :T=0> %
2? 5
h  '> p % P
h h
2!B 0 h 0 M! % P
h h
2!B 0 h 0 M!

/   /" m  Q 5" T=0 %…i
K h
2? 5 '>
^ p %  M2!B %MD =?=
9"
3>H K  @ @ 
 !‰>P )B@ > :T=0> !B 
KD Al h
2 @ h t P h
2>6 m>"]] : A 
" % A40 N : 4 
2J> <" H
"
LD &? T=0> %OHQ=
/> <  [[ #S 2"
 C
D
:   % A4u@ M. "

&F" f
[ 
 K> #$
F 3 " + Q/) hN=F)@ s" <‹+
2P % B!4>  3@u ?; d4> <  % 4XB s2>  %5  
KV 
T=5 o"
:T=0> + 
 T=0> <  %ML &!P  @ 3@W

N 0p h
'V & …i
 m5" 3 /A? m5"

N !
A K5" Q
=5
h C2 =45
+ C H

NN6 h $ & <j


 m5" 3 /A? m5"

f KD m05 /C
LD
N 5 A m!8+ m R" O2

N + hN  r8 7>
 m5" 3 /A? m5"

5
Š 5  
KV T 0+ % " 3 5  
KV 
T=5 Š 
Š 2B5 Tn5
%N=>L
h 9>  
/+ 4>" 20 %C
D 3>H K  @ 20 %
} :T P ŠT P @ KD
.^{ 
 K 3 /  + %2 h@" @ 0
=> gB!>

f /+   &
Mj  n C +
\ ' B
 :!S

=?

 H %
2A+ 
o2A45
%  3 2>6 @i
3 & %T ?
3 & %&?
3 
/
.  !5  ?n+

@ > <" B


E j
] @ i
!)> N 3@ < !5

> f &  0+


[ Q  @" [  0; & 

T2
[ s
L xB!
/4!> &*+
[ s
L Q )> #$
#2A>
f &  K*P 
 @ H> N
K*@ 2P E 4 
/+ @"

! 3@ A+ @ 00


K >
2A
9R /+ /5 .
< 5 8P

&!P |0> <" K"


LD &  ACŠ00
K >
2A
&5 / "Š &  AC !/;" #"
.2 •!> 2@ 2> <"
!}&:A
… B
1>R 2> 3@

% 
 q 4) 3@ %>
2A
9R /+ '@ )
O 
%e.
1 5 %5{
3
< 5 m>""
sH"]] : 0p  ? 2   
/ / + T P % X@  4 >X
2  < >{
< =
% A -@ /+ >
2A
9R ^[[ m!
&C" @ =C %BP s2> N 
 %;v
B
 Ti
B

 %<
= i
Q
2 /+ >
2A
U > m!C %5  
KV =5 98 
0+=+
/+ @
& 5 K < 5 %< @"  sA
 /+ 9 R ="
L‹+ %7>
"2C %'

f @ S /+ 
+ 0 2P 2P 9AV %  /+ 4
/+ @=P 20> OF
3 2=
 %< @"
!
U28> !B 
Al K T %M! A
M! B> )!
…" /+ /  
 %  N
f /+  " l > &!P" % < 5 @5 20
/+ /*P  %< 
™P=> <
Lv
 <
Li 
3>H

3@ &R !
&C" 
24> TL@ E
=?

$C %20
ND h 
=? =" rB>     + % "
\ \ Y ]YB?i \ ZY h ADY\ $'

Y Z Y ] 3J \ \Y => ^[ˆ:Q !{


] [=P
3=Z
Y [ Z Y 
3@
Y M Y Z Y Y #S [ ‡ Y :=>
< 5} :!@ @
 ‹ T + %^[‚a:2@]  =I Z [ ] Y [ ZY! YY :|
[ < I Tj +^[c”:Q
B)
]
.{ @

s
HD =?> jB

 9  %:P @ " 6 3@ . q+ %.
 K h !  <" 5
..Q
2B
Q?i
3@ <=  %QNLi
r=P QNHi
@2; K . |P %OH 
 OH B

O8
 ! O=! K <{
" D
=5 %A4H ~ :0  < !C
d"
] + %< 
KD ? A> p %EB
…n †'> D %&* <" $ + %&l" 2P  @6 <D :
= P %

.3 3 …"

f @ & % P= B: j> + 3R=


K; % P= &2
 .
&+
 0+ ] 2P =4>" =+
2P= %3
o" + %  >2 I #H=A>
 f 3X
 4
%OH2B@ C
H d' f )+ % 
=0+>
:T6 
.A Tj 
 @ % P= 
^

P  9 

$C E=P #" f #"
^ P
" H ^ 
#2>"

KP @ =? /+ /P E=P h


2" Ci 


=V  ž 
†

 >$ 
)!
20 )!
2P % -4N
  5 2 > =C !+
o?  % @" j
<" N= 0> <" U.
H %' e" /+ < 5 %!'
 

  <  %O 


9  /04 Tj 
& p ^[ab:y80
] \ \ #2!4
\ Y H Z \ :=>
Z[ Z Y Y <D
:T=0>

 f 3@ /;
[  >2
M 3@ 9C
] 20+ K
K / .P 2

:   <  E ?n+ %MF KD r8


}
$A M @ :  @  U 8+

&F
[  
H /+ / /+
8
|

:Vi
Ri
5 = 4>   $;n+ % *>  @ $;n+


2 K TW 3@ 

LD  @ " @ 
 N /;

1+
=+ &Vi
E 4  < !C
' … %T=5
K @5 

=V T=5
/0 +
m.B % C  C 6 => 84 + % C
=C 3@ .  %1 + 15 >
2A
K‹+ %1 R
% %T! TW @ %€
8
Q
=5 KD < 5 #2C %€ ) 
H2 %€Si
m.'+ %€;i

..T ' 00 @

=" % < 5 2>> 


 % 9 R " 2> m" %2@ ! K @5 

=V !2@ >
%&{
2 T 
 L
LD %Q «+ 94

LD %r @ 2! :T P 5
3 &J5
LD 9 R
:T P % 5 ! 3 %5{
3
:T P % ! 3 %
2! :T P % 5
3 &J5 <D < 5
3 %A
:T P %H 5 3 %~=@2
:T P % 
 3 %~=
:T P % @ BR 3 %
=4

. A? <2>> :T P %28P 3 { @ < 5} :T P %'+

 
\ e 
/n> => 4 
28P

.&R !
1@ 1
 %T*
1@ o2C
h %-
(@ =


>2 0
„.Rn+ U !8
R

..T ' 00 @


\\ [\ 
\ Z > :
3@ = 00
K >
2A

:
3@ !C  @ ^[‚ƒ:= 
] [Q )>Y Y 3@
Z Y = [ ] #2AI Y 
\ \ YP 

3@ \ ] m ] \ 
3@  ^[cƒ:d=>] 04@ f \ KDY\ Q )>
f \ Y Z [ €
V \
Y 9> Y Y Z Y <D Y [ Y Y 3@
Z Y #2AIZ Y>Y
.^[ƒˆ:r
i
] 3 \ \ Z 

Y Z [

/+ T-
9 V T=0>  %T  #" /+ N < @ #" /+ 9 R f K jB
^ N 

C
\ \ Y Y h @5 h
HI /= \ [  Y > YIZ [P : 
/+ 
 C
D C2? :r8
Y Y IZD K Y Y ZY [ Y
\ \ ]IYJ‡!YI4Y D \
C
Z [ Y
$C Z \ Z Y AI
Y Y C@n Z [ [ ZY\ YIZ" Y Z Y Y :9
/+ 
 |5=> C2? ^[ˆ”:Q !i
]
\ \ \ [ Zt
MZ [ \ Y 
T P
Z Z Y Z Y \ /=4I
[ 8'45" Y Y Y :3
/+ o;" C2? p ^[aƒ:|5=>] <B)> Y [[ Z Y N
 \ Y /D‡\ …i
\ \ jY ;Y K Y Y /\B?
\ \ I>2 Y ] \ T P \ Z Y\
™. \ Z Y Z 3t
Z Y Z T PY Y * 3@"  Y 3 @
 Y Y Z Y Y =I Y Z YZ
MD Y ] Y I
Y Y [  ] YY+ /.I
\ \ Z \ 98 \ Y g \ \ Z Y Z /+\ |5= Y [ [\ ] @ Y \ Y YY * 
] Y M$ \
*
[ [ NY [Q ) Y Y 3@
Z Y Y4Y Y [ [ [Q )> Y [ Z Y AIY Z @ ["=I] Y!Y4IY> …i
 Y
\ \ Z 
?"

 &.R =C 
/+ 
 K5=@ C2? ^[ƒˆŠƒ:|5=>] 3 Y Z [ YZ Y
[ \ Y Y MD
[= ? \ ZY\ [H
^ Y D] \ /\jY Z Y NY /+ '
\ Y Y N Z \\\
Y ‡ Y
/+ 0ZYn+Y :s
 & 3@ O=P & 3@ H@ 
g!> %  y4@  2 \ \
  =C <=+ 8P /+ o;" C2? p ^[k:y80
]35Z Y Y Z [ 
3@ Y
N ZC [ Y h
2 Y \ ]Y "Z Y YB.I
Y Y [$'4I Z Y K
Y Y Z IY> <" Y Y Y /\ 3
Y Y [=I[ [40IZ Y N M f Z Y I [ ] [P $F> 
L‹+ % 40 
!@
h ] Y Y M [ Z Y Y"Y : !" ND 2"
Y Z Y Y m0Z  W + %!
 
K0" 2P ^[” :y80
] <B)> Y [[ Z Y
ND]\ Y DY\ N :oH  =>  -
/+ =
3: /+ 
 d=> C2?^[‚”: R] /‡@\
/\ Z I[ M$ Y \ Y YY FZ \ \ \ ] 3@\ m \ Y Y Y Z [ m"
‡ Y 
3@ Y [ YIZ  ] Y Y [ Y YI!Z 45 +
Y Y Z Y * 3 -
Y Y [ Z [ /D‡ M !5 Y ZY
=80
/+ C204+
3 |A 
/+ |A 
E V" C2? ^[Šk:Q !i
]3 \ \ Z 

Y @uZ [
\ Z Y 3@ \ [ Y „AI \\ 3@\   \ Z Y 
KDY\
n+

Z [@" Z  Z Z ‡ Y [>Y 4 Y Z Y Z Z [ ^Y   Z [ Y ) Z [ Z IY> |A Z [ Z Y :xB! A*B T 0+ %2

=0
 % F
/+ ! V 5  
KV 
T=5 C2? ^[aˆ:|A 
] h 0+@ YZ\
& C2? ^{ B@ 
<D <j N :T P AX p 
3 p  M l @} : pv
<=80> A=!0B4>
h
2V P % /+ f -@ %O=P /+ A!
f & 3 h B:0 @ %
=5 @ & 3@ h t > 
KD o" 3@
:2 
E 

@" > @ 10+ MD /A? mA? /AD

 @W M*. 10 /" @ jB


3@ / 9C

@ >" &
=P  #  /+ #H
u+ m!p
f 7V
o=A
3@ 5 f f /+ ND &> N = 
 %5 =! =
9P  00
K >
2A

%= 
ML 3 E=@
 ‹+ %x>
90
@" % #2
T=0>  2
 &F
 20

&C" %3!; ? 3 2B
LD ž9 3@ " =A+ %B
 A.
 Q $
> S /+  .
< =
.M$ " Q
8

00 @ %Tv
Q   T2!4@ %T '
? K ~ 5
f =A+ C " 3@ %>  00 $C
.......T '

o24C
3@ 
#2A> D

B@ % !; <=8 xB! V @


 =C 5  
KV 
T=5 /n> ~
f  H=5" S =C C
 
KV <  %5{
/ f A+ ?"
] …
%
T=5 > :T 0+ %H=A> 3@ &?  =C  S
%
ND D N <" 2A 5n+ 5{
 …B+ %5{
 …B> <" h
2" 0> N 5
.5  
KV 
T=5 h
2@ <"

B45
 ) /+ o=A

^ 
5n U !8
U 

T 0+ } A  V" | %#2   @" /C % F


$C 9 8 h
?" m /D !
T=5 > :T P
3@  . $;n+  0+ % A KD ? AC=? /+ E
} :  # + 5  
KV
h 0t 5 <n m?'+ %
2"
h 
 M!V" N %/B?
:T P % F
=? /+ A K@+ %K8
 Vn+ %& 0> 5  
KV 
T=5 @ 20 p %#H=A
38 m;H K4 AP=>
|; =>  Ku+ %OV 4P @5D 3 3 >  %zP OV
h  KV @ 40+ %

f

KV 
T=5 D m.4> p %  m ) K> %5  
KV 
T=5
T 0+ }  m"  !
T=5 > :
= 0+ %  …B> p %  V" 3@ .
 B@ 5 
.^{ 3B
= 3@ 4?6 <v
B@ <D :  # +

A " O 
rV mA4
 oLi
 T=

A
= 2'    A  #H
=F
 05

A
2 < 
=
&C" Q  3 m!   %s=@ ~
f  H=5" >
2A
= 8" 3
 B@ >
$ C

= %CQ " <=+B>  5  


KV 
T=5 <=+B> A" @ A=8 /+ E 4 

\ ] \ &"
3@ ^ Y Y 3@
Z Y Y :o=A

=B!
^[c‚:T .i
] AB5i Z [ Y Y Z Y h
;
\ ] 
Z \ [ 

Z Y A+
\ Y :&Cn >
2A
Y Y =
ZY
] š
\ ] 3@\ o2C F
\ Y !I
^[ƒ:|8
] AI Z [ Y=I[ [P [ 
Y 6Y Y"
=S

[ 6Y I
] Y Y+:
=S
6 ^[ƒb:y80
] 
Y h [ \ ZY [
=C
Y Y Y ]

.<=B 8> @ dJ!+ %<=B> C 1



=4 

r 
[ =C o2A
Kn> 3@ $ + &C ?
[ *
/+ oH @
LD

|5 
[ 
 <  !
m!X> 3
=  @ 
| > 3" <= ->

r
 &-
N U + f 2B h 5u <=05
 ‰B
+ h @ eu

......

Q 5i  N    O!B

@ s=5 2 % A 
j4
 %3>2
|  K 0 @ 045
T '
N 00
K >
2A

. A*P >

f @ & E 
@ 3>2
KD E 4N
:/ " %E 4N
H m >
2A
00
:  xP

H 8
 C˜ 5" AN  h Q ? T B+i
m4

LD

%9+ Q 5i  N    O!B


<D %&2  3  o=2  m!X> N 1
<D @"
3@ &  %00
K h  V < h  V @" 45 3@ & <" = %z0+ T
=Pi  N T B+i 
3@ & <" = % + T2B
 3 8
OX  Q
2B5  %00
K hN2 < hNH  /5
Q 5i
$C Q
 3  %7!0
K 3
KFR -B %3
&B.
ND /n> N h  K
ND 2 + 1.  %E 0i
 Q 5i
$C 3@ X
 + o A4 P
=
1+" 
E 0i

f 3@ 00

: $ > " ML q28> &B+

[ F
9B
LD $ > o 0
=" E
F
&0> 3@
/n K > |0p 3@ h? O@ 
L /0  ? 3 m p  )
h
 zn <" †.
="  L
9F  : h
 zn4I 9C =" T 0+ %C + ?   1" †=C" h? <  %9C
s C -
KD -Š }&J @H o"  m" T ?
9F | : m p > T ?

!P ' + % h
 zn " :&?
K0"  5 T=P" D %/5  A!S" : m p T P Š1t 0

.H" @ @ T " K4

!}z0+
$A" :/.0X
T 0+

.ND d :T P

}M5
/ B! <" M &A+ :T P

}3X
@ 3  ..B :T P

/ /5
M : h
 zn T P C2  %&B.+ %&B+" :T P %/4 @ ?  $C :T P
:/.0X
?6 h !R '@ T=0> =C h
 zn r8
p % >R  :" 
$;" %M5

f " m 4
 h
 zn A <" Q 
K" &C N"
9C

\
!}9:'
-B@ K #!V  3>n+ 5
/ 5 /5
K !A+

f
!}/!P H + & /+  3>" !}/2 /5n! en
  3>"
f
.T !'  !" T ; f ‰B> =C  K*@
%K@ <H 5 

[Q
H  d 1
Q
H [Q .  d Q
2
xB

:   % 4  0  /0 4 m!CL %jC 2P Q 0 T" 2   Mn 

T
jF >jA
/+ 3  /. m? @ Q A
/+

’2 %C  CQ 5" A 0" $;" %< B)


#j >j 3@ & d !
/+ /=;D
=8 %=B C 
L /+ <= > K4 %  
h !4B> A
 B A
 ! HH %AX>2
> S /+ < <D %B
&C" U=@ o2
3@ & d % 0
h < B) !P O=P @
2PD
<= > K4 h   !4B> ž&A
Ž=5 %3C$
/+ Q !F
 %B
/+  *
 %A.
/+ OH!

.h 0 Q B 4);  !
 A+ %
HD =8 %=B 4C /+

5 P;"
2A)45 + O!

 
|V KH
3@

h >24A@ h 04@ !4B> žAl ." HH %A5 ! d! %3>24A


304
#j >j 3@ & d
7!  @ B % 0; 45 % 4>2? 4C % *F ! % tN =B /+ <= > K4 % 0 h
.h 0 304 '
K . U ?

<= > K4 ž&!


ML &C" 3@ <= > @
@ H Bn q2) %!5 h KH
3@ & d
%9+ C -  O!B
m+ %T P  h 0  ? 204B>   z'> @ •   78.
:~
\  + %1t 0
@ C -  &

At l /+ <=  q!


<D 4@
[ q 
 M !'> N

T '
3>H 00
3>H 3   3 #2

o 2 @ /+ 2"  @{
 q 5D 3

 + . 3 ’24>   3 #2 MD
5" h 
8 h .> h
Q@
m :T=0> %

 V /+ # '!
@ ;i
:)

/ >H K /. /+ m  Š0 <" &!P  & N /C  F


 $;n>Š ~   /@=P /+
mC @ 2" 4C %5  
KV 
T=5 gB  %/  8>  /@=P /+ h @
.zP h J

T= % @ !5 "  &; %5  


KV 
T=5   /+ < :)
K0"
h
! Z [ Y h B\Y m>"
\ Y h @ Y Z YY p Y \ Y :
T P % 
/+ p ! 
M
3  < :)

Y Z YY
LD
] Y m>"
.[cb:< {
]

%  5
h f m0+ :T=0>
h? hN ?" /D 3@ / H2
%M E" N :/D / h 
 < / F
$C „R 2P Š2@ ! K 5 
KVŠ2@ ‰ mB5
L‹+ %/ @ h !>P A!4 +
f
2@ &; M4)S
LD h B V m @ ! #2 > :T 0+ %O
2S 
L / " %&B.+ %/Lw+
— %H!

/C" m4 + :T P % ; $C :&0+ % A  mn5 %m!P"  >


 m>" /‹+ %<v
B V +
984+ %5  
KV 
T=5 &; / . ' % 
/+   m  m.; %#2
KV 
T=5 @ %  )
KD /C 5  
KV /! 
• 2P % > !
/+    

!
T=5 > :m 0+ %#"
V" P 
h j? O"h @
m  % D m@ 0+ % > !  5  

%   3 #2 :m P }s2+


 3@} :T P %M 
3@
] /
] 3 @ + %2+
=
E S 2
=
MC
2P % >" 2B A 3@
] {#2> /+ 2> &B> <" 
=?i /D % =5 
3@  .
:T P
m?'+ %0. h
H C :" %5  
KV 
T=5 C  +  *P " / 3@ 9
[ 
/+ 2 0
 /D 
=+ : #2 T=0> %
/> @ EB
…" K8P"  )
m@2P K4 AB@
] m.P + %/C /C
L‹+ %    
:m0+ % D 2  @u f Bl KD - LD %/C"
%/
%M= s2
 0 m  s2 MC" m4
% -
R 0
:T=0 %4) = m

\
m0+ %mj + % L @ mB V 20 %$ 3@ / @ 
=+ %
h; ND /=0 N ! ;" #" :mP
 
KV 
T=5 :/ B> }&?

$C @" /+ 3> @ :#" 
L h@6  hO"@
<  A
T$ 3+ h @ 3 > <D % *+ D 1 + h ! 3 > <D % B>
h 5  1 <" o" :m P %5

L @ %m.V @ 4@ B@ 5  


KV 
T=5 q;" 3@  m.V %2  m"
!!}|8

\
2@ 3@ h@L K+" " f 3@ m +
] CAl q=+ P 

.  @5 

=V

< <D 4B+ % 4" = :m0+ %Ti


/ @ mC @ 2" / @ mC 2P : #2 T=0>
m;H %   3 #2 Q ? :
= P <" e 
/+ )4 + % 4n+ :T P %/
] |'>
Y Z Y  h L
p ! .
:T P %   3 #2 :mP }3@} :5  
KV T 0+ %m5 %2

AB@ O! .B O"@


40 LD % 4 KD / 2t B D 
=+ % 4 KD / 1:
 %#2 $;"
r" =CŠ M
$C @ 
 :/. /+ m0+ %   h>=R A |P=+ % 4.P=45 + % A 

%d?
:T P % . h O=)@
h f H"
2? f 3@ OH 5
h T  % 4 m;H p:T P Šs=
O 
@" @ %M@ m!
$C @ 
 :mP %8!
H> h J 4 /+ m>" + % >2> 3 m?
^{ 5" % 5" ! #2 > >D :Š5  
KV :/ B> ŠT P p %M@ @n
:  

\ S KB
/F!> 3@ 3>H ~H  
H  \ 3 #2 > 9S + 
KD
:mP } 5=5
h m" %M @ M >2 " "} :5  
KV T P %3>H KB /D :m0+

KV T P %K :mP }~ 
$;n m" :T P %K :mP }M@=P e" m" :T P %K
A+ /
© 2? % A mB*
<" g!" +:T P %M >H /+ M &> N ML <‹+ :5 
.{ &A> @ B> &5@ /!
 :mP % *S

N @ >H 3@ B> =A+ %5  


KV 
T=5 O=!  30>  >2 &8 %@" |)
M

$C q=B /4
1t
=B
0 &>j> <" H
" 5  
KV /! 
<D p % = 3@ B>
3@ o @ 3>2

$C /+ T=;2
3@ MB > D MB !#2 >} :T 0+ %5{
3 @=P /+
. Q&@ †'> &?
o K4 T 
x.> <" 3 = %O  M m R <D 
=+ % C" ? 
.$;n> h
2" 2> + %*+ " 9CL 3@

m R 3J 
 %CH2 P C2 OX 3@ o @ 3>2

$C /+ T=;2
3@ MB > D B
.
ND h
2" r ' N !B   r=: K4 O
3@ &  B*
o <" 3 = %O  M

p Š}q:
~ :P 3>"Š }H!

B5 3>$
/R  H^ 3>n+ :/. 3 /  + m0+ :T P
M
o M" 3>2

$C /+ T=;2
3@ MB > D B #2 > :5  
KV T P
&  =8P 3>4 %O  M m R <D 
 >
 Š
 e + :/ B> ŠCS /+ < :

. j@C 3 o :T P !} j@C 3 o :mP %m4+ 2P o 6=  x!

.{ 
T=5 M" 
ND D N" 2A" :m0+ :T P

:  + % :+ V" KD Q/)


OH= /+ 
S N %1t
=B
m
6 %9
m.) 

 ; o
h =C &  
9 h J 
9 T2B> 3@

ND r ' N m!  r=: K4 O


3@ &  B*
m>" 20 
>
]] : #2 T=0>
f T" /+ m  %

3J 
>
 % j@C 3 o 6= 744+
3+ 3t
2
K  S" &;
3@ 2?=> N K4 T 
3*. :5  
KV 
T=5  P @ <4 O 
  m R
o2A
E @ %E=F@ 1
9 F@ %5  
KV 
T=5 g>2 D [[ !0>
 @ %T ' 00 @ %30> !;
TW  1!
T S 2  % 0@ TC 2
 > N %E@
..T!
A-> 3@ <D %9+ QN=
 AlD E 4N
H m 0
>
2A
!3
 B@
#2
 <  h 0 h @ <= > N ž *P > @ 9 > % @ " 1!:> N 5› E 4N

f
M$ hJ5 h> H  V ž1 
>H K 04@ f S K
S #2 <  %00
3>H
C % 
HW @ " xP > A =5 5{
KD <=!4 > 3@ M$ + % P 4
3 h
. @ %3>2

<= > <" ML @  F> + %  ? yP t : A+ % 5


<=>
= <D  <H V
.h
t R 5

%5› Q 4
=C D %9+ A-@ N %>=C N %p
 Q 4
d 5{
KD Q 4N
<D
2>  2) + %3p j %O 
/ @ & /+  |  % @ " K @ 045
 %  
j4

:3 *

E$n ? 
m2V @ %< 8Si
K #P HS @ ..< 4!
/+ Cj
3 >  =+
.< i

E
F
  /+ M> <"  N E 
†" /+ 3C )
Tj @

../ @ m M @ m+ ../  MD ../  MD :ND


$ C

/=
KD  4
0
>
2A


Q 4N
 =B)
 %204B
 =84
 % .
 s=
/+ #$? T= 00
K >
2A

#24A
T
=P" %
/= A   d. 
5D  84;  AD %3R !
 C -
 %@ B

e 
3@ Q

h j? M$ 2>> N %
?= ž 4@ B@ % *F ! % B @ ˜ : %  " % 0
h
f
2P %A@L 3@ h C N %A=P /+ f j @ O2@ f Q F4
N %
h=  N
9R N %C2   ?
e 
r %
h=) N O 
h N h =@ N % B. ]
h N h
 <= > N %=!0
&C" j  e 
2
. /A? m5" :  0+ %   @ 7V" %  y;n+ 
r %A6 @ Ajn+

*; N=@ 
&?i S /+ N  C

:  

&R 
[ /t

6 <D & ‹+ s
=5  2>
Y " &
&V  f & + m8
LD 3C Q/
Q/ f & + m
L‹+
[ 

h? < 5  


KV 
T=5 m  9 >6 †6  
/ 
3 “ B
=" =C C

KV 
T=5 2  h
5 5" %1
=C 
3>H <"  4P
 %‰>P T
=@" /+ ? 4> h =@n@
:  @ /+ AC" KD   @i
#Hu> <" K 6  =C  &0+ %T
=@i
H ? %5 
%AR 4 @" 
6
j4
/+ T 0+ }3 )
T
=@" /C D %T
=@i
$C $;n <" M &C
%M! 9'> ..&> 2
 ./4 @" <=;" <" /@5D  "2" @ dJ :C ? & 3 =

:   ! V "j> - T= %MB5 $;n>

}“> >H K


L 3+ 
“  
 T 
K

y0
[ > N 
rB> 3@

 .V B
E=!A K.: d d " O @ " ojB N /
  "

 @ %T ' 00 @
.T! TW

 - !

......

pH  9! o24C


E  8P

f & 5 K |P !
2!
Q 00
K >
2A
S V /+ žX
 !B
3@ / 
A=*@ %
-. 5 0
CH"  4>
2C 8P  $> 3At 4
2" @ A.P %O2>2? S V
h
3>" r" N %KH" " 35=P E P 2B
..< *@ 3@ ;
i
)B
 >" /+ :r8 /+ /> @
q
=5i
3 N=? /+ *0 h 4P 3@ ! i
Qj
%.A =.:
1>2V -4" %9CL"
&C :/ n5 % B@ m!  %3
2! Q ? %? *
j  A 
/+ %~
=)
  B4

pp /0 :mP %<v
€ ' 9C$ :T P %N :  mP }2B
&!P" 20 ..h
2>2? h =p jA?
K4 /  >  %  5 /+  1:
}2B
1 > h R ; 2 3>" %2B
K B" "  >"
2> :  T P %3@6 $ @ +B> =A+ %€ '
ML K  
  /n? + %€ ;  @" |P=
n 
L  !}2B
K /0  :  T P %€ '
M*+ %2>2
d! %2B  U. <"
2B /A4 > <" A
%O?i
/+ M 2>j 5:2.   2> jA> =C %3
2! T P }
h !@
.2S 2B B ..2S

.2=
d  N %2S 2B :HH> =C 3X
3@ h
Qj? +2>

O@ A+ 
 $  @ 
m*@ %<=+ S <=C 5 <=CN 3 .
&!P KD :T P
. A q
$@ N OH B5 % A+ BR N O  %20
 m  %O2


f /+ ‰"
) @ ‰B
Q/ C / ' <D :*@ <
 1P

%
 2 
 S C
 90
/+ %E  & A @ 4C %E  & 3@ /V B

. *  < 
Π%OH B
A-

7*
[ > Q =
K =
/+ @ 7*.
[ .)   "

KD .
3@ 24> #$
&>=:
= 
P.> %g!B
 A
 &
B> %.
&!P P4+

An EF
&!P A+ ™045" /4
 8
  5 %~=);  OV %OV   V %8B

<
L" 2=@ -4" "  %: A
|8
OQ
P %X B
. A
    AB:P" .. >"
}x>@ 3
2! <" m @" :T=0> %F4@ =V %Q P2Vi
2" | A  / pH  EF

f
KA" ..x>@ D :T P %+  8 < ../B@ =C .
KD  !
Q @ ..N:  mP
. 

f
<
L" +> <Lu 
LD %.
KD B@ n+ %V S @=B@ o=5 h J / / B> N @i

@ K / !u5 D:/. /+ mP %! i
3
2! 10 D % <> | A 
LD %Q )B

..  :05 N6 3@ h j !;" h


2" &B+ %3
2! " B+"

2!  @ !!; 3@  > %!'


/!;" %2>2
:0 
! %
2A@
h h A @ =V /n>
!!..3

!!} @ | %/L" /+ <> =V %/@ @" 


" T
6" N ..q2V"  ..m)CH !!..
ND D N
Al O 
q + %K.)4
KD & %@H P o;" O  :
Tj 
KD 2t 
 =C :T P
% @ q28 H  N /L" %| A
&.P ..Mt@6 !;" %
2S
h A-
 /8 5 %=

% + TjC N 2?
 @i
!
ND D N %2B
E p 2=@ h
2S %
$ q=5 /+ 2=@ &

d!" 20 %€ '


2  N O!0
/+ s C 2=@ h
2S %1 =
 %3
2!  >" m*0

m!V" %/ CL m4) %/ @ /+  %& 


 ! % X !
 %2B
E=p s 3. 

7=45i 3
2! Tj @ KD E C$
P %d  K
 %d > E
4
%/5" /+ 
2
%=>H

m4+ p % 4?;" %&4
6 A? /+ Tj>  Q F
z>
L‹+ %O 
m!  %B? .

^
%/B5 m.C" %/
=? &  m8" %<
Lv
N < 
9R '> ~ >$
3@ 
 @D
L‹+
f Ti /n  %45" 45" / 5 m.P" %m@ P @ 0
 m!0
2
<n 
%<W0
5" O@

!B
M o2V HH> /!P % @{
=V 3@ ~5" / B@H m %= 0
Q 2  @{
"2
f
. + |5 @ K |5n f
O /+ hPH V h= A B

 ! @2
F ~ :45
+  U ? N R
 " n
f
E  /+ 
&?" @  % V 0+ f
%!R !8 A"2 O2>2? O  %2>2? H@

%/  /+ e 
+" C A m : 3@ %/D =
e 
9" C A4C 3@ !!3 8

f . K m %#2  e 
 " C A "jA45
3@
f r?
:/  
3  % C

  h *B @i
/+ #H 4
 3@ >

 M @ o2A
†>  3@ m>24C
M

  %00
K >
2A
AD
./00 #$? T=

0
f  A5 /+ A
\ &!

$C /+ s=0!5 t" f E +

\
8B45
 24 + MAD K #24A4 E=0
1 F@ 74+


\
!4@ f & &> >
€.@

% @ :  mP %3
2! 3 Tn+ %/=p 3 mn5 %€ '
n? + 3>A 2B :T P
$;W %/. /+ T=P" "2 % =p / :n+ % @ :  mP !}3
2! !
ND D N :T P
!2B0@ 
= O 
/+ #2B0@ ! =p 
= /=p!} @ h 0 &C :/ CL /+  > $
z>
f 3@ EA> 3@ % + @ + s245" /B &?" / /0 %K*@
+ ž!0
ND Q
  Q/
m" @ - + %?
4@ S D 204@ m" % &4@ S -4 > % @ @" 2? ND 2"
 @ EA>
": %/  0 ^ %=> 2B h @=> H
Hj> d. 
Q2C %3@j
3@ O4+ o=5 /C @ :T=0> %&@ 
Z Y [ 

<" \ \ 3+Y :
q2V % P   5 %28
/+ U
)
%/!P K 00
OH B

] H> [ ZY 
K T
j> N Ž" / /0 3  %
hX 
2 ^[acƒ : Bi
] 5› \ Z \ \ [2V
Y Z Y U)
\
Z Y Z Y> [ >2AI
Y Z Y>

$C s" 3 %N %3
2! K" N %
/
2C 2P " 3 %N } " &C %O )S  
3>2
 %8  /  %>=:@ s C %z> s C %E 4 s C %
/
2C 2P %Ži

.8 


2P.
• <D /0
f o2C m 2B ‰B>  3+

 F
KD A /n %o)!
A & A5 KD m5" %=0
3@ O;L
h  
2?
LD
!o2A
&@  |B*> &5 4> p % A4+ CjS o4

/+ KB> >H  @ K 


 F> N p %E P
7:4+ < A 0 K < F> H= A

. F!

o=C  R" 3@ ..o=A


D

š)
’=>  =
 o=A
E


N 00
>
2C AD ! 
-  @ 4C
 &?

$C d> 0@ m= | 
2! m>""
 %T '

% 4>
2C /+   4>
=S /+ < {
/ @ 3 @ >=B j %#$? T=
f  /+ < 3@ & >
.@" 3@ 9> — D

}K?2
|) 2P 
= d" }K" 3@ 9C$> 3>n+ &!

$C

.T ' 00 @ ..K

+ % B+ B.  % >2A )! % P A! V 


— Š3
 B@Š 00
K >
2A

 5 3+ %3

"  3 <H 0 /A4 > N K4 / B
Q 5 /+ 1> T
j>
:K?2
T R <D T=V=
 =? %T '
N 00
 L K h >24A@
\ BR "2!@ &! g
<= > @ Tn+
TA
2!

>W ~  E=4> 25" 3 /

T=P &
r=? /+ "0> &?
L‹+ % +=  I  @ ] %25i
s
L K 
 25" 3 /
\ E=$
\ ] ] \ 
\ 3@\
=:[ Y0IZ Y N A.I
\ ]  \ \ ] \ \ > &P[ :

Y Y [ ^ .FI
h B? [ Z Y> Y 
<D YZY Z Z \ [ZY" K [ Y Z Y 3>$

Y Y
=+5" Y #H ! Y Y YZ
\ \
/
] 2" :T 0+ % @ m 4+ %B
U
j@ h !P m+H V ^[ƒ‚:@j
] 
[ ] =.FZ Y [ [ D]
[ [ Y 
=C
] 1:
 %  p &S p %&4S + 4 KD 2 p %H n+ %2" :T P p %H n+ %
M
2?
3@ Q !
OX 3@   m) K4 >H=!B
†
2@ /+ /0> Tj> + %00
? K
E  H=5 @ P OX 3@ &{
3.X 
2> %B!
/4!   4!   V %
);
:   %3 B

# !
2
=
/AD 3@ /!:@ #
5D #A? /+ &@u
#28P

\ 
3@ /   /=L = 8 ; 
&!5 /+ OH A


B@ 3@ ! @ <0+ %


/0 %!
/+ 3
@
jF+ %
&!5 /+ H A . mP 
:T 
T 
 %
2"
h =
2B  
9: N" 25" 3 / #" M <W :T P p %2B
9 

\ 
3@ /   /=L = 8 ; 
&!5 /+ OH A


\ < >" /+ 
=8
ND CA:> N d?
 .  /V B
<D

 N 
&!5 /+ =
 %
 QD 9:> &? žA t .5 /+ A .  4P +

6  > A*> %
6  > A*> T
6 + %O 
 . 
MJ" 9>  =
9> % +
% B?
h f 1

=PS % H  qF+ %A  n.  + %A4 .5 3@ 2
 f /+
= @ K4
:O
2C %
&!5 /+ 1>
 S %
&!5 3 28
/+ 1>S
 %1>S 1>S 3 < 4

A
=@" 
/+ T$! A
" 
/+ 20

A !" H=5i
/+
‡
%% 
h A Š +
=PS <DŠ !
< + %3 + O
h jS !

=!  Š<=
A>"Š +5"
A !
< + %A
=A A
Si !

=!  %  C 
] C2B |' 3@ |' 
.3!

e=. F 3  %!
F @ % )B
h

Q
24CN
00 < ! Q
B
/+  @

/+ !P T
j> N % A 4C xA   %>
2A
E !5n $;n> 00
K 24A>  3@ !
2!


 0 E :45
% Bi
@ t 5 %&A
@ ~

f % 5= @ h 5=!@ B!R x*
:OH!
 & 
 jB

+ <45
 % :!


#24A t 
 & d
\
24 ~
\ 5 +

......

#20B
@i
P


.  F ! N <D =.5 K  4 + C %P!


~j  !
2!

%<W0
#2C 3 h
2B Tj>  %3 5 $ @ hN ; h 5
o24C
3@ 3
)B@ + d"
A 2P %&
A 2 %
;"  2+" % H 3 4A" % Ci
 E !0
K h . 
.!

 ND <= > N @ An5 %$ 

\
E 
&>j@ 

=  9 >6 !0 xB!
34+ 2P

#H >i
 T=:

L
=  #H A
!0 xB!
34+

#2A> /4!> 3@
=  #2A
!0 xB!
34+

/! 
2" † A @
=  /!F
& 2P e2 !0

..  @5 

=V
f KD . +2> D %T '
‰B> D . }  
$C 3@ 00
K h >24A@ <= > &C
N 
.T ' 00 @ %M N =4
qF
4> A <D % +  !
2>

f & ~H
E 
|) 5  $ / E  S E 

. }
2 @ U:> 
=C 1+
=> @ 3>2
3@ $;n> 3@ 00
K h >24A@ <= > &C

NC ™0
C /+ o "  &
/+ o <" 2A @

.T ' 00 @

 V KV = %3 @u


<H 3@ h : C$'4> 
Q
2" /
=> 3@ h 0 h >24A@ <= > &C
.
>
2C /2> p %
2B" 3@ /2> %
L" 3@ jB> %
 C" 3@  > }K 6 

\
m
&0 A @ "=!  @ F
&l /[>  

.T ' 00 @

T '
 00
3 1'
 
@ &@ B4

3 ?
4> P
=
zF  40@ @
jA
/+ p %@ 045N
C l 3@ h 0 h >24A@ <= > &C
. B!4
m A@ h 0 8> &R !
N %R 
h 90 > N 1
<D @" } @ m
=p

78 
&!04> N %@ B
/+ Q/> 1'
q=0 &A> 3@ 00
K h >24A@ <= > &C
f /+ -4
" %eH f @ S % 4P h B*@ %€ !*N
2 K=.
‰B> % @ A
ML o>
2 i
~ 5 /+ qF@
 % A  &F) @
L @ % 0 " %+ 
f & f
f " %O @
™. q=.> h -. A-.> žN .4N
|t
:
 2 Œ ~H=4@ !4 @  5 % X4

2   !> N @ / !> p %E:> 4> 3
@ 9C$ A*B <D K4 % >v
 g>H i

&C" 3@ =C ND B)> + %ML /+ y; %r2


A! V  % >v
~
=P ~ 5
. B!4
9BV Q 0N
 &A5 €=!A + }  Si

/ 4   4CN
- % 8 + < B4 B B <"  <W % 4P %Q
H 4 3@ :/=;D h
=.
3 o=
& n + % > 2     
 V %#*
 /? 
s %/  

:
|" %  !
 4C
q=.> h @ 4C
A- 4A@
 =C 3@ *B %&P  o= /+
f
3@"  A
3@" 2P %r=> . / > %9C> N |'> N 9); T X =A+ %>A-

.
  28

%…\  …
f %T=RY  T=R f %&*+  T=*+
 % 5  35  % A+ Q/ N 2>
 %S + 2>

3@ C 
95
 3@ y'4>  %
&A
@i
/+ H2)4@
 %:'
@i
/+ &C 4@
/+ €.> % 2 
 3   < A4> % A!4)
3 ~=4> N %@ 
= P =V f
f :;" A" @ %˜ ? C T '
>
2C #24A> <" &!P ˜ ? % !?
=

C LD  Q/

$
ND @ F!> + % @5 
h + 8 ž$  A+ % .B € 0  e 
r"
.…


 !F

[ !> d)
=

E *'
m 3@ 9B
<n #2 m" E *'
K B@ +

LD K4 % !4)
T 
xB K h
8@ Tj>  %T2!4  /C /C ..  @ 4C
% +" % 
H 
s
L U>
L 4)> ž
=@i
 Q i
…
" /+ #>   Tj>  %
 3 ~= @
.ML T2B>

% A0>R /+ |0> @ &  ˜


2 % 48 ˜N %/C /C .. B @ %˜ : % *F % ! %  @"
: =5 
KD j4
 e 
. '@ 9B84@ %/
L /B.
¦

.V=
…  3Fn+ .V    

3@ H= ES 3@ H=


 ž@  ‰ =C D .. }00
K h >24A@  
$C 3@ <= >"
.| >  :>  d)
K S  & %@ p

#24A
 >
2A
00

A-> <" >


2A
&@  2> @ 
 %#!'@ #A-@
 ž#$? T = >
2A
!#24A
A>"
f
E=X
/+ ':+ % @ r" | '@ & <  %>
2A
&@  | ; =+ %~)
H> A-
.&P  H=5i
E=X
/+ ': m xi

.dD 1; s
L ..d!4 N >
2A m"

f
U8
K K !> N %s24> N mt + %m4P OX %m C" f 6  %- N =  m"
f T=0+ => /n> 3 %25 + =A+ H .
K /  @ &  %7 V ND
:d{ 00
K 24A@ 
. @   L=B & !"  
/

9!:
z>. + 3! H + K 
] U
@
LD

KD † 4> H A? %Q !" 


L  @" %|  
L 00 /C & %T 0  m >
2A

.T ' 00 @ %T 4


KD † 4> 2A?
 %!V

0
3
T=0>  1:
2!B
 %3 B
E  0:@ >H=! T '
N 00
K >
2A

m =  H
@ K  %H=P 20 N %=5  N :r8 /+ =*@ P  f /+
g @ % 4P /+  @" @ F % @  n@ %nA @ !@ %
=5 /+ . 

@ t
H
 %H@
 
 %5  /=4> N %2P 2!B4> N %O D  N %2? h  ; KA4

P X gF ž&:!@ & @ ‰=4> %9@ &  dn> %


H g  =@n
@i

LD 9*S
 %
@i 3. '
@ j % A = K4 B. @ A  % AP z0> N '   %.
f %
@ %   =A+ %
 @ m A4

@ ! 4) 2" @ !e 
3 S" @  

.T ' 00 @ %< 4
 !< B4

 % = 5 4 nR +   " -"

K4 % A &F4
 AD  5 j @  mB+  %
KD 
/+ 00
h #24A
E"H
$C
/+ %AB@ 
$ 4>" Q B
m>" <‹+ %5 /A4 > K4 "H
$C Tj>  %o;" j @  U=
m>" <D %AB@ 4>" 3>2C 
m>" <D %AB@ 4>" H !B
m>" <D %A>6 A A45
:AB@ 4>" 34!'
3B '
3. B
m>" <D %AB@ 4>" 3 
 3P284

tj
/+ r> d T B.
/+ r> g

.T ' 00 @

&>2! %…i
/+ 3>24A r'45

 %O 
<=J |>8 /+ 3>2 &X 00
>
2C
T P %2 
|'> 3 %1 
2 %
2 D %+
H 3@  @ P

 2 %3@i  r='
\ ] Y Y Z Y  Y …i
\
\ ].'4 \ \ ]
= [ \ Y Y  \ \ ] ] Y Y :

3>$

Y |'45
Z Y \ Z Y Z /+ AI Z [ Y Z Y Z YY   8

Y Z [ Z @
=[@W
Y 3>$

Y [ 
2 Y
N /\Y2!BI \ \ \ ]Y2! \ ] AIY>H\ AY 3] Y  \ \
Z \ Z Y 2BIZ Y 3@
[ [ Z Y> h @"Z Y A+=; Z AIZ [ ‡ Y[Y Y A
Z [ Y K*
Y YZ
#$
[ [ Z [ ‡ Y [Y Y A!I Z \ Z YP 3@
Z
3
Z Y Y :
3@  5 %8 & /+ >24A
!8B 
3@ 2  ^[ƒƒ:= 
] h J Z Y /\ <= \Z [
Y [)>
\ \ \ 2
\ Y  \
.^[c‚:74.
]h>2!I Z ]
][ Y Y

 @ %T ' 00 + ž @ 
.T! TW h m! 
<= > <" † + ž @ C
h gF
3 > 
LD

T '
 00
3  !4 8P

O
h  O .
h
= 2P }5  
KV 2@ XB 
A @ KD >
2A
&!P EB
<
L @
E  KD KB+i
q2 3@ <=!04> %Q 
/+ A  L N %…i
/+ A <n N %Q  h
%A+ 4 " ~j 1>R 3 o5i
9>$B4 =0> < e.
OH P 2" = 5 <D K4 %<
=B+i

ML o /C  6=


 f  3@ h ." 3; r 4 " ~j +
m P K4 %CS  
.3 2B = h V 8P
$A <D :- 

\ h ] \Y AB \ Z Y Z /+\
=.B*45

[ \ Z [ Z 3>$
\ ] Y Y 3
^[ƒ:y80
] 3p Y \
=ZY 
AB
[ [ Y Y Z Y Y t" Z [ Y Y Z Y Y …i
Y K ] [ Y <" [ \ [Y
Z Y 2>
\ Y Z Y Z \ # \ Z Y Z /+\ A
^[ˆ:y80
] <$>
Y [ Y Z Y
= [ Y @Y AIZ [ Z @ CH=
Y [ Y [ ?[ Y < @ C
Y Y Y Y <=+ Y \ [ Y …i
Y ‡ Y[ Y *
Z [ Y 3 
f
LD %5  
KV 2@
h 0 A>24A@ 3@ X f XB! h 0 >24A
@i
<n 
+
=C T=0+ %T 40 + ND %>j + ND %5{
O;v
 2
#' =2> ?Hj>  @" <=.0>
@ 
 :ŠE$ =C q2VŠ T=0> %5  
KV 2@ XB &!P EB
1 5 rB>
f 
L "=5" N % @ K0" h @=P "
oP   & = 2P % @ h
H2 &P" N %3
+ %0.
 ~=
=C D < <D % F> +  H2 X <‹+ %A <=@=0 + %/
=*

. 5" N  4P /A4) N D %  1+> 3@   @ O=


h  h @ BR  

 %X  N 4;


:T P %> Q| :
= P %  H" /=H :  
/ OF
T 0+
; =C  
 > K4 |
" %S V m" 2> f 3 >j
" %MB@ 3@ = 4+
.3 

f 3@ m " / 5
7> + 7> 3@ m <D
#2;
9A + 9A
@ sS /  = %/  3@ ND m!045
@ :T P !2!B
A>"
$C &X / !04" :T P
ND   d
=B?
%#2    ?  N % 440 &40 N &5
<" N= D @" :T P % 4!045

.B B45 :
= P % 5H 0
qH ; /+ h
2S  +2> 45

=+ %O2>2? S V
h 0
>
2A 
=FV h @=P o" % !P q " KD 9
&;H 2P
=B?
OS K O 3
K  > <" H P 3@ 2t P f 3@ 9R %&!P 3@ A+B> 3>$
EB 
<=
? %
 + %o=4

$C K h B? C &C o %3
|B" 5n
}  Q ? @ :  T 0+ %C2t 0 
H  %
h5" =.:4; + A.Bn
=0+ %T 40 3+4@
.
H==@ 9: J? :3
|B" T 0+ }<=!:
L @

‡ " %
= <" ND  ˜   ˜ "   >H  " :T P }
H==@ @ :T P
:T P %
=
 
=@"   >H  " /0 3 % 
&4P 3 
H==@ :T P }ML &!P  4P <‹+
!30> KB D % ˜   ˜ "

N % 5" 
A % 4B   " & %M> :T P !} >2>" 3 
B h
LD :T P

Q *P 3 %2P 
Q *P E  D %d{
E  m MD %M= 3@ MF>
.2P

\ Y /t
H < <D /D
0:@ /  
&B? 2P 0;

=?5" %.8
 5 mP %H
2B45N
"2 %
 &40+ % 40 @" % !*S
h € )45 +
Al K #=4 O2

h Oj.P
h j.0+ % h @ h >  h
!; %  
h h  @ < 2P % 5+
h 45I
Q  <D :&?
  T 0+ %AP2 h
2S :3
3 2  T P p %E 
d> <" <H H
=?
f
%25i
 @ 3 9BX
F D %n)>  <D :*F f
5=@ f Q >! /+  H+ %

40@
.H0
 5 <=  <" K);" %o :/ B>

:
. %&>=


CX E
4
m >2@ KD A.- m@ P Q=
j B < +
X % 45 2?=> g KD 5{
‰? 3@ O2 mV % B
"2 % A 
R
f
&-  &-4> %M@ 3@ 32B &@ f 
= < LD % P=+ 
XB>  >5 K
&F
N =C % /4
TC ž /  3@ 3
3@ &? E4P
 % B
>2> %t

)>
32B
2" P=+ % AB:0+ &F!
Al KD 32B
2) /4
T !
E*+ % 45 H=?= B>
f /+ p" F   VD
p % 45 Al  0+ 3@ O0+ h  Vn+ %
2?
h h0p <  % 45 Al K
t
 mXB! + %|  *+ %T2B

$C #=>
L @ rB> <" 2>> %T2B
TC E
45  @ %= ?= TC + %A 
= h  C 45 & % 45 " rB+ %M

f
= .; TC EA
/+ &S" %m"  :5 .   T=0> =C % @2P /+  Vn+ A
% . K@ p % 2 K@+ % 2 5 3@ |.'4> "2 % 25 hNC <" o"  %A 

/+ =B> =C % .; A 


4P
LD %O  
V+ TC  ~2> + %A 
/+ .  r$P p
!? E p %!
KD  †; K4 !> $> ? $;n> TC ND B)>  Q 

:   % ." E % 4@ C 1.+ | 

.AP2 h
2F d@i  7!4> < 3@ > MPH" <v

!M4!p" @ TC #" %M > m = !H 

&> qS
 + &
 &
m" M> >
L 3@

gF
 
9? KD A @ ‰B
Q2 †=" …i


: =V Kn oH  % 45 >5 K 2BV p %T F!


&?" 3 A K@ K4 4X? 9+
q=+ 3@
! + % 8@
" % 
=+ Rn+ %/D
] 3
)B@ /D
] %!B 
E 45 m4P
 8+ %A 
- > 2t P <2
=0 %>jA
A4 %e.
‰? 9P 2A %>5
%A @ &?
=2 3
3@ &?
<D K4 %<
=A
 T$
A!  %A.n O  
AC
 &B.+ % ! V &40 C2" @n> %  
0  E*+ % >2> 3 =0> K4 /n+
K A."
= R 2P Š
=F@ A+ @Š A> F@ 3@ h ." <=pp A @ %
 #!:
o
 h *B A*B > A 
/+
=4+ A %>jA

" @2  %&5 
=4P + %=

]
8 Z \
=[ @W \]
Y 
[ [ ZYI <D Y AIY ^>Y" >Y :
j  A   %!'@ A @ m+" + %O=P mPN
Y 3>$

[ \ Y AI \ Y \Y * A " \]


Y Y ZY" @Y
=C
TjI Z [ ]Yn ML Z [ Y Y Z Y &"
] Y Y Y A
Z [ Y h BIZ Y4IY+
.
[ Y Y 3>$
 Z [ Y Y Z Y m!XI
Y Y *  @
2P" Z ‡Y [>Y 
Z [8
Z [ Z IY>
.^[”Šk:2@]A "Z [ Y Y Z Y z!n+ ]
Y Y Z YY [ 


0i
1> KHi
T2!4> h 4 B {
#2C 3 H  3@

<=  ž00
K 
>
2C K @i
$C A+  5 O@ 3@ @ =C ND D N #$


>
2A
m
LD ^[b:
] [8 ] <8
] Y [ Z IYYY :
2 A 10 ND %  3>2

[ [ Z IY> 3@
Z Y [ 

9!5
 M$ /A+ % !V 5  
KV 2@ &? 3  r'45
9!5 
A 
3+ % !V 5  
KV 2@  < @ K /C /4
.t :
3  r'45


KV 
T=5 <D : >H=!B
†
2@ 9 V T=0> % A" 7V" @ ND @i
$C ;W 78>
H ." %A E=*F
H=A
+n &Vn4> =C -4 
3@u
&
|V 2P 5 
 
KV T 0+ %AX!; C @ 3@ H !B
 H!
$0  žQ !i
4P %>6 '
 OH0

#H=A
„!4'> K4 %<=
A40+ %H=A
<=
& 0> K4  
=0 N} :5
T B /.; #H=A>

$C ..
2! > ..@ > :
 )
T=0+ %
 )
Q

.{ 4P +

!
2! > @ > :M>H " "!
2! > @ > :&
ML #H  
 )
<D

€ %t P 
2 %r'45N
 3 4
M 3 > 
A @ P" % >H=!B
10
\ ] 3@\ 2AB
\ \ Z \ K+"
[aaa:=4
] 
Y Y Y Z Y 3@
Z Y Y :  /+
— K+ 3@ %€)
0+ 2=
H
" 3@ %rB@
.<=B4  

f
Tj #2A
=Al 3>-4 @ ž H
2D <H K0! <" Š3
)B@ >Š / B> N
$C <D
<" / B> N % A+
R" 3@ A=80 > 3
…" /+ <=)B> H=A
 %
 K
K Ku+ %>H=!B
10 K t 0
 >{
4
 H
2{
3 C=@ <=
&B4>
\ Y
O=I] [P 3@ ^ \ Y Y :& %/B
•!> <" &!P &Vn4+ 5{
e
S
Z 4B:45

Z [ Z Y Z @Y A
Z [ Y
2"
.^[ca:|5=>]<=BI \ ]
IY YX "
Y [ Y Z Y> N e Z Y 3  \\ Y K
] \ Y Y @" \ ] ^[ˆb:T .i
]
Z Y Y 9 S
 Y [ 

Y

>)!
A @ 3P;" 3= R -"

h = R % @ 
h h
H +D :!
Al K 
" <" $@ 2A)> 2 >   B
<D !&
A>" >
%  pv
9 V T=0>  % 
3
=:
3@ 2A @ OX K 3@ ND h + ? h P;"
H .
 %H
2!45N
 H !B45N
 OpΠh>+  B
< => %5{
&!P C 
/+ C
2D
 C O:.
 %+
' 00
 %C= h
2!  .
 %o=A h
2! &0B
< => %H +{

5 
KV 3@i
=5 %<W0
 4  %5{  A 
2 
3  %T4;N
 T4N

.B 
/+ B 
3@ 7!> U> 7!V" K4 O4+ o=5 /C + % 

ž@" KCH" 2" m 3


#"
^ :(> 4
2A)45
" = %
$C 2A /+ /A+  X
@"
f
xB 3@ < Ki
/+ )
%O 
O;v
% X
3
 <D :p{ | 4@ S T 0
5  e 
K …B> )
< 2P %B

H & + % X
/+ )
@" %&A

H
%Q
j?i
2 !4@  B
< %'
E=p /+ '
5  …B> =
7!Vn+ %/00
=p /+
#> + )
h
2
 h   B
7!V" =
 %)
g
= 3@ &0 Q
j?i
2 ! /+
.#)4>

f
†  N &>=: f 3@ 2N
S 3@ † 3@ &

....... !!R <W0


 %T *B
 B
…@
$C %˜
H <W0
 % B
Q
H =C
$C

<W0

H Q
H

f K 4 <W0


&C" > %<W0
KD OH=B  8
 B
K h 0.)@ +

=0 K4 Q/


/+  B
%
2?= s2  E
$ /+  B
00
K #24A
A>" > %<W0

<" M &> &A+ %30


€)@ 2  M)
3@ S /+  B
%< @i
! @ s2  E
:

  3 > %Q !R"
==  %104>  H=? /+ =00 }T N hNW 00 N hN ; B@ <= 
.Q
H

f K 4 !<W0


&C" >
..<W0

=0 K4 Q/

=P"


! 
=C

UN . +
U V M>2


U + 1
: :B


.T ' 00 @

/+ <H)@ 0V
f & /+ % 3:+ …" /+ 
=;D 00
K #24A
&
A>" :h
;"
}<=@ QN=
 O8 
 
3@ 3 &A+ %/+
=B C˜" %/+
= A
2" %/+ .

%
KD P " B> =C % >2  84N
 
&!5 /+ 4A@   &'!> <"  < @
} H /+ A
LD >H /+ 2
K> <"  < @

} 3:+ /+ A >H / ! & @ 3:


 d.
H ! K" &C N"

%1.8 8 
 %6 @ j + %B!4@ Q
=Ci
 T
=Pi  *4
m
6 @ !<W0
&C" >
+ X " %’=
@ mP+ 2P :  pv
9 V T P  %/:5  $4
 %Bt @ *.

3 <D %K-4 h
  /
=? /+ <D %ojI 4> h " /! ? 3 <D %H " >=A
m  %O )

A
 K" / B@ / CL /+ %75 + 7> <" %7+ #> <" 45 h   / +
.m4+ '4+ F
A!   /  K %m4+ A4+

?" U @
3  m0: A @ / 40:" /@=P <" =+

 @
.T ' 00 @ %T! TW

\ \] Y K4
Z [ Y4]@ !4I
AI Y ]Y Y ]
NY H=AI
oY 8 [ [ YZ
M
Y Z Y KI
Y Z Y 3
Z Y Y :#2" #20
 ~
8
!5{
Q " >
\ \  [ \>H\ 3Y  [HI \ Y [ jI> N^[acb:O0!
]
^[cak:O0!
]
= :45

[ Y YZ <D Z Z Z ^ [ Y> K4 ] Y  = 0I


Z [ Y [ Y [> <=
YY Y
%N ;
h N h00 %N B+
h h  5 h   ž8
O20B
U A4A?
=@ ? 
&

E
5
 ML
2 @ %<
2@ & /+ 
&!5 /+ h
H A? žAt
*; OH D %C T 8J45N
.TNLD 0
 E V


% 5=2" /+ ) /+ 3:+ /+ < ))


/+ 
&!5 /+ H A
 + 3@ & +
78
5
<‹+ ž?
4

$ %
=4+ "2 %
=8+ 4@2P" 2P ..3 B
H & /+
<=?I Y [ YZY 
Y [ Z YY <=n Y Y <=n> Z [ ]‹+\Y <=n
Y [ YZY AI Y [ YZY
==  Z \ :>jB
&p ‹+ %HH4
3@ 
$ %>jA

[ [ Y <D
.^[ab:Q  
] <=?I \ ] 3@\
Y [ Z Y> N @Y 
Y

%TL  RD % P" ~  A + ž pH @  A N %2  j> N %2  2'> N


f ?
20+
$C F  !;" 3@ %00
/C $C %
@ 
@ 2
 f 3@ 4S2 4? 20
!  h
 =! N % )S

<W0
0 K4 Q/ K 

=0
A Tn %A4> <" T > 3@ O 
A 9: <"  B
3@ <D !<=
A>" >
.A A> <" ~=  2A> 3@

$;n N %O8 9P X B@ &@ B4 %  E 4 T; 3@ +B


1 2 rB <"  <D
%O=0 C$'+ O=P &@  H 84PN
 % + B{ 4
3@ :* U !> @ 20 ND U !@
f 3@ = @
8  " <‹+ %A H
2{
 %A*F % 2 3@ OQ
!
K >2>" 2) % ." E
‡ 
00
|5 H + %26 N 2 5 N A 2* N |R
= %2B5 CH=> hD Tj  
=;{
 @ %T ' 00 + %2F
3@ #20B

.T! TW

 
H=B %
KD 2 3J ž< >{
= 3@ hB A+ g % F*@ h E=0
1; #$
=+

8 Z \ Q
j

10> 3
)B@ €)

=00 %F ]S 3J % 2  8  
[ [ ZYI <D
N 00
K <W0
>
2A o24C
3 T  P
  
8 ^[k:2@]  Z [8 ]
Z [ Z IY> Y 

\ \]\ \ Y [ 

$C ] \ :T '

[ Y ZPY" /C
.^[”:Q
5{
] =I Y /4 #2AIZ Y> <W0Z
Z Y Y <D
f
O'V f K 4 !<W0
&C" >
K e 5i

=B !<W0
&C" > %<W0

=0 K4 Q/
.T ' 00 @ %T + 3 3 + %T B+ 3 >  <D !<W0
&C" > %Q !
 A
ND

> %T ' 00 @ %T B.  <W0



= >j+ %5  
KV ! 1; D !<W0
&C" >
.<W0
&C"

f
1.)
O m .
O #2> <  /+ 9*' f  9*; @
e"

 @ %T ; H
 <=  <"   /.   n" !<W0
E ! >
.T ' 00 @ %T! TW
.U !V{
 U !8
#=4> N !<W0
&C" >

%3 > p 
S /C D %T + 3 h !<W0
<W0
!<W0
<W0
!<W0
&C" >
.3 -
K ND <
2 N %304 !P B


&B.>
[ Q  @ 24
$+  > o= 
 9
 U !V{
1 + +

. 4 KD & 


#H C >

.  o2A
>  2C
 %<W0
>
2A 2C
% >2p KD &.:
#H C >

E=0
r8@ > %M >H K =P m!p E=0
90@ > % 4>2C LD 2B =P šj N 
9F> N %2 ? jA> N 3@ > %j>j > #=P > %=P > / > %M4 R KD =P rV

8  <" K 
Mt 5n Mn ..
> N #$
3 
 % * N /4
OjB

L > %˜ "

A
%3 B
H ? /+ % 5=2"  < ))
 )  3:+ /+ 
=;D
Q!
3@ A Tj @ r B" !8
3@ A Tj" A
%C@" T= %C !?
 %A.B
N %
H2
h A4P
 %
H2
h C2 y" A
%C2 K MnR H2
A
%Q 2
5 >

! %& =
B 
! % 4. 20+ ! m 3@ % ! m" %
2"
h A @ H F
.& =
B

3@ @i
/+ &B?
A
% At  /+ h
; @i
K …= A
%3
Q B .S
A

%8 
B K=
B N=@ m" %3@ i
 " > %3

" > %9CL 3@ |'>
2A" %s2 A
M !5 %3! 
 ; K 
 O8
 %3 B
E  2

.MD E=" s.F45" %m" ND D N <"

B   s2> N B 

=0 %A@=P C
H  %
=45

=5" + %‰B
3@ 2S /+ 
 
 8
< 20
/+ A >D O=0 A=P A5=. m + % 
= @W <" ND A @
=0 @ %A4)B@ /+ A
 >2
 C2
2! %OH 
m!S %…i
KD + 2;" 8 /+ 3 +   @" %B 
> S
!! ? Ti
&
3 < 4)+ ..  A0
2
=

<H 3@
#;i
B 
&  ..  B
A

H2
 Pi
 z> N H2  K8> N  2

2
 <=B
@ 
2" .....................

H4@ 3>
2
/+ A
 
/+ h
2" h t
H h
X / h
2

28
2
=
2B Q  @ Q&@ AB?" 3i
 
 
Q&@

f

2B5  9V @ 2" 
T=5  i
; K O8
p

2*
[ C 3>2 Ki
3B 4
 !R P
h Tv
 /! 
m &C"


2C D 
=2B> <" <H 3@ A 3B 4
 AB?" &5


2@" N 2 f K 6"
 h
2" A <" @ ht
H 4
3@ OV

2 4@ 
ND / @ h*+ o2C h @ Tn5" 


Y [ \ Z [ 4I
.^[abc:<
 TW] <=@ Z [ ZY"Y ND]\ 3=
\\ Y [ 1
] [ [ Y NY  0I ]
=0I[ ]

=[ @W
] Y Y 
\]
Y AIY ^>Y" >Y
Y 3>$

s2> N B 
<" %T=0 
 & že=
e=
T=0B
2C )
3@ !<= @u
A>"
%qB
&> K4 j!'
T > N %< ;2
2?=> = 
2?=> g %*  q  
 %B  
:q >4
& &B> h  " 
 %qi
 98 
 2A
-B>

A
F>  Q 
9:'> 3@

% 
 † 4
/+ +4 : „«
 %!
.  †6 „«

 3@ %& 
D 2A)
<H
.2 
E=p m ND jB
@

<
2i
78  %K 
T  B
20 % .0
/+  :;i
@
] [ qL 2B q
=i
B
:|   ND r)
s2> N %Q
Hi 
x
 =C K:
g
e.> N

 K4 3C"[ K4 O 4.


/ !4
&B> 

.T ?
C
=? rB T
=i
90 2  %T :i
T6 @ T :!
s2> 3

/ B
<  E &


. + 4
3X   F
B
9: N

\
98 + h @=> 2
/F! m <D EL I f o)> N 2

\ T=0

=
 %OH 5=
j 3@ OH 
s2> N %   m.  
 %
  T  N 

O$
.OH A OH B5 
&!5 /+

H A
/C O 
<D ND O  A 3 @u
H A?

T 4P 
2P{
 0.> H=
A e 
H 5 0)
N=

\ \
=; \ ] Y  n> \ ] Y Y]Z

=;2 \
Y Z Y
AI
[Q 5n!Z [ [ Z4@
] Y  !I
Z [ Z YP 3@
Z Z Y Y 3>$

Y &X@ [ Y Z [ ZY  Y Y [ [ Z Y <" Z Y 4!


Z [ Z Y "Z Y :K B 
T P
\ ] 8Y <D \ \ ] Z Y K4@ \ ] [ ]
T=0I
 \ YP 

9> Y Z ] N"Y 
8 [ Y Y [ B@
Y Y
=[@W
Y 3>$

Y Y T=5 [ Y [ Y> K4 ] Y
=[j\ Z6[Y [Q
] *

] Y
\ [ \ ] ] \ Y >  \
BI
Y Y Z Y>Y 
Z [ Z @
2C ? Y Y 3>$

Y [ 
BIZ Y ] Y Y Y ]Z
Y 

=;2 Z Y 4!
[ [ Z Y <" Z [ Z Y "Z Y :T=0> [ca:O0!
]
\]
h P h @ / B
$C T= Š
Š 0
3
H=> [ac:<
 TW] 3> Y \  8

K ND AD !B> f


Y [ N %0)
3@ ™ ND T  N N  
 
$
 
'
<D" : =*@
4 + %

pW 3@ %B   s2> N B 
<" @" & Q0 sH" 2P %9B4
3@ ? f
."U.
 O$
<=  %E B8
 q )
T 4
 %T
=Ci
E=  9 " 


 ! 3@ T=A
Q
 ND  ?@ N !
uu @

 !" 3@ 9
/0 @ C2  1> Q B
1)B> 3@
9B N 3 
 N %  Q 0 N 3 B N %  !V N 3 O$ N %  C N 3 U+ +
OH B ML H P ž 5 !8
0)@ &
LD %>=R U
45
hP 2!B
9B
LD & % 
. 5 !V =C D 0
B 
&C" + @ &  %2i

%&P" 

3@ - %+" <2!
98 9B < %K" A
 %r" e=. 
m  
.  ND O=P N %< 4
 !< B4



f K AD ! + A 2 m@ @


LD / B

$
9B4
3@ ?

......


 
 8
O  P
 /+ 2
B

 ] /
 
KV 
T=5 O  /+ 1!:@  P


$C ..B   s2> N B 
!3 @u
 B@
+ %AP; KD A0>R /+
2? => A !" /+ 2C )@
 [ %A  
/  V" 5
~=
  
 O2)
$C m.l & %A+
2C" š= 3 O2 N en
 N  @ AP 
K pu % )' 
 $4 ..   &84 E=P
 C
L‹+ %AP;" A." 9>$A4 en!

f

˜L KD 20
y;" 3@ 
Q .    @" f
< >D f A5=. Œ4@
%O 
 >F@ &
A
 
KV h
2@
=B+ e 
q. %!5
h 
&!5
$' + &!
mA ) %e"

.h!P j 5

N * h B: <=!p=4> N ? < @j


 C K
=.P

K B4> P=+ 3@ ˜
2 AP " /+ ‰> Q 
/

N
=Ci

=!045
  4 
= 45
 A e=. 

= 

(> 4
X? %
 e + @
= !4
+ %3 + Q
8
3@
=?; @ T" 3i
A44P

:T=0> #> &>


: C pW K < 
K0!>
 L  >" > 

 =P

. . @ 9B>  A5=. 0 3)>  AP;"


+;j
 N Q *!
 Q
.8
KD =2 O=A A2!B45
@

.Si
o5n
=

O2Vi
o5n
=

i
o5n
=

BRi
..

!i
..

]
LD =P

’=
= KS=
2?

+;j@ Q *  m + h
= C2V {
Œ@ 20 Œ@

&!5 /+ A."  @ A


=A K AtB45
K |0 <" Š3
)B@Š  >2?

$) f
[ %2B0@ C xA 4 %A B 3@  *@ %At= 3@  !P d!40 ] %A O @

<H 3@  >2
 C2
2! %OH 
m!S
[ %…i
KD + 2;" 8 /+ ž3@6 >j
/+ AB4> h 5S eF> T
j> N 
<" :A>H  =V 20+ ..A hA+ % A0
2
=

.B   s2> N B 


 %@ 0
=> KD 4 R

N !" C2B |' h


25"[ AX@
==   <D
=A!)4+

......

‰B
|- 2
B 3  3 9B8@

+ 2 ‰B
|- !8> OA
&!P ]] : "  
/ M @ 3 2B5 T=0>
f /+
= [[  !8

=0 %A@=P C
H  %
=45

=5" + %‰B
3@ 2S
E24  %CH ?" 24B  |n + % 
= @W <" ND A @
=0 @ %A4)B@ /+ A
> S /+ m A >D O=0+ A5=. A=P @" %‰B
2S m." 2P O2)
 0.
O  K
%Q

/+ 3> )
%Q
*
/+ 3> 8
OH 5 A+ %< >{  A4 ) m:=; g žB 

<= @u> }) 9P K :; N %mB5 <L" N %" 3 N @ <=?> <=4> C |
..

H 5i
<=: /+  H=4 =)@ / B
 > <n

[[ A >=P % A B*45 + %O2)


 ~=
 Vn+ % ? C <" ND =C +]] : 2B5 T P
/+ 2
 90
7!Vn+ %‰B
=); O2)
 0.
O  @ m
 CH ?" H 4

Q!
T
j> @}I+ > :' O . E 4N
 !8
@ Q4N
<" &0  
= 0>" %O 
$A ."
%5  
KV K.:8
M$ !;"  ^{ J:;  @ 
K0> K4 3@u 
:1
= +

E:* N -" 3 4 N d."


  
…=; K h
!V
f r" < 20+ %  3 9B8@ ND]] : 2B5 T P
 V" + %  + >=" 3  I S
Ouu  @ 9B8@ O  /+ h 
  N
 .{
2 &l [[ ML K =0>
Y  %  V" @
 @ 45
  5" @
LD K4 %Q  |  r84> >2> 3 i
T @
[ % A @ A
2
. 
$C

+  :0 > 4>" 20 %


2? > :  > :4 2? <D 4>" 20+]] : 2B5 T=0>
.[[ 0
= K  p %/0
 …B + %/)> <" :4>

S #p" :U .4


O) &t 0 ND A >H S K C2>> 3@ < @ 3 @u
 B@ 

KD ? C % A @ m+" %&2
C 4+ < 2P @" 3@ KPN @ KPN %U
 N  AA+ %U .4

. )!

+
=
B 
3@ †; % 0"
h O- 0>2
=Cj  p m 2P % h ); / !
P
o2

%O20B
=5 /+ 0n4
 3  % @ >"
h ~=> h @=> & n> .. P .
 ‰B
|- KD
.......hN?D 3B
Œ> h  D @ mB? 
=  0n4

5  
KV /! 
K  3 9B8@ 2P
#":T=0 @" D m5n+ % @" "2!>  5  
KV 
T=5 K &;2+ %  @ 2P
}/ "2! N + " h
2 &;2" ! 

f "2" N m @:T 0+
.< 3@ h t 5  
KV 
T=5 &!P 2n

f
!! 9B8@ >D

Q  
r B A &*.+ Q {
E !)
/+ 2 
LD

s2> N B 
<"  %. 
3@ 
$0" LD 2B  >D 3 ?> <" h @=> 9B8@  + @ 

3@ ;  
/+ €=
=@ %Q 0 O2f f & /   
/+ hS <" %B  
eu
h  5  
KV 
T=5 3@ > =C | %K0> @  < A+ % A+ @ 2

2!B  Q!
U!> @ % >H 2P K K4!> Q
<" %C4
h @=P 9"
LD 
<D} :K=>
.{ J:;  @ …i
K /)> 4> K4

 3 9B8@ O  3@  8


pn

5  
KV 
T=5 Š 9B8@ 3 
/Š 9B8@ o" <pn4>  8
<


=V  mB@H  pn W
LD %A40)@  V" m   jB>
^ #$
=C %M$
2? > : 2P %2 h BP@ h
+ ND d!> N &
9 V  V 2P | %  @5
!8 
=P %8 2>" 3@ < !+ % 4JC F %10)

/+  7V  T=0+ %0.
 O2)
A K)'> N ML @ 5  
KV < 
K m:  2
  z! <" K);" 3  !  K);" 0.
@ 
} :  1.4

@5 

=V ! > { A4 C"   A4+ % C=+   C=+ 44+ % !P < 3@
3@ ~= 

$C <i %r
 r4
O  @ <=  N h ! S 3>2
K @ 045N
<" KD 
!..Q ;
2   )> 3@ &P
] %Q .? O=P
h E=0
’=> O 

@i
O  #H= /4
Q
Hi
:;" 3@ r4

Q
H }r4
@ s
H" @ %r4
@i
O  #H= /4
Q
Hi
:;" 3@ <D !<= @u
A>"
m! > %3C=
6.> %OF
2'> %=:!
K /*0> %O=' 
&40> %T  m0@
 %T *
f /+ % . N  N &0  ‰B> h B 84@ Q XS 6.> %A
|B*> %OQ

1!>  gn h
!O= 
<= " gn4
Q  ! 8 1 <" ND B@

..Q F!!
2>H CHH> Tj>  V K q +" @
LD K4 %zF> @ = 
/+ zF>..B

  
Q=
3@ A+ @ C
˜ K E
F
R
=

!gn *; q= 45

E  T ?
gn 3  m? Q  
<" /! @

%eQ  =? %U
"  U !"
 %2F
K > =
 $> .. ?'> @ 4P %  n> @ C
.r2C F r4
9!



Q
>2A4 < =@  )B  E O
2F
=

.r4

=
-" 3@ %A8  9A>[ + %…i
/+ <=@
 <=.B*4
gF4>

5  
KV 
T=5 /+ 3B:> %* @
" %6 4 H2 %MA4  
q=0
.r4
E !5i
-" 3@ % 
 { 9A> N p %
hX h -  >
 h 88P

..r4
=C /
2
 %-
KD 3 >

..r4
=C /
2
 %   Š &?
] Š 
E >

..r4
=C /
2
 %<=>2  &C
= 
&0X

..r4
=C /
2
 %3>2  & u>

%A | " % >H O8 @ 9R @


LD K4 % 4 >" K h J 4@ < B! < > 2
=
d>
™.> N n  { 5  5 -  >} :h
HH@ A +2
ž=A /+ P
F45
/+ 9= "
.r4
9!
 ..S 8
 
 <W0
3@

.r4
E !5i
e" K ..
2'
 
 
T " /+ @i
E ! 3@ J+ m:05
.r4
=C /
2
 .. 30t 
 2'  =!
Œ4@

\
A+I Y \ Z [ <"
Y Y Z4@[ YZ @"Y Y h>YZ IYP MAI Z Y H" Y \ Y :K B 
T P %r4
9!
 %t  1
Y Z Y Y
LD  %t  r
.[aˆ:Q
5{
] h
@2\ Z Y C Y@2+ \ [ Y Y+
] Y Y A+
Y Z ] Y Y T=0Z
[ Z Y 
AIY Z YY 1+ Y
=0.I
Y

{   K);" 0.


@ 
 } :280
280  D %r4  <=  N @ 4
@ 045N
<D @"
.5  
KV  ! K.:8
T=P s
L

h J /= m mB+ %&


3@ T=" mP O@ h / 4>" 20]] :  
/ 2B5 T=0>
A4P" p % A4B" K4 A4S A$;n+ %B 2? 3@ B:P
L‹+ %#2 m+ % + >

KD 3 >  p ^[[ h pp A m>=4P + %1t 0 ’p A @ m00)+ % A4*   
!&
!8
 4


e=" >H" /0


 …
 d.i
‰ g  8@


.......B   s2> N B 




2
$C /+ 9 R /" 3 / O 

3@  Bn+ %) "  3


=C 5" % 0+ 9> N 7!V  Š  
/Š / =C C
+  3 >  T .Ri
=A .. O=.C N O=A N O=!V A 3   O  ! 0; o > N K4+
f 98
+
 f  $;" .. 4=.R K*P  >v
= /+ .. C q=+ T ?
 B! .. 98 N ™ 
/ Q
=Ci
&C" + P %2V N H @  ML % t !n  0+ %O2)
 98 
 9B4
3@
B  h p24@ Š  # +Š T=0> <" KD O=! 
m 9 :
 %A*B . K4  

:  &? j 

/ Q
2A)
25 Oj  #AV /;" /! 
2@

/@" 3
 t
@ :> /*> /> 3@ s
L .B? 

/ /@2 A €= f


 @ /?6 / 5 2@ m

}/A A5   >n+ f :!5


A @ #
2 2"
[
} C$!  N" :&t P / T P 20 % ABP
 3@ m45
K4 $C /42@ mBP 20 
]] :T=0>
.[[ /  ES
:mP

o 
  S A  /  o
=0
2> U !8
2 

......

~)
9 
 /

%
2>2
h h =?  >2 I O@
h mB?]] :
 2C @  o   
/ / T=0>

H
" =ŠA  
/Š =;D  @‹ < ^[[  >2
/
= /+ &B
9R" m?'+
@  r /+ hN  n C" %N 
h >" žA >2 A @
? C /4
 @ /+
=0!> <" 2
B
 
KV /! 
!V /+ OH B
& OH B

=B? /=
3@ =  A  %e 

r-
KP" KD ML Cn" <D %
&!5 /+ P Rf 3@ A>2 @ &  *4
 %5
.)B

s2> N B 
<" 3 2@ .. h .P
=
j>  %=A-
m> %&?i
m. %<=:!
m ?
.B  

 %3 
#2>"  H= @ -4  d>  %~)
9  >2 &B / †'>
% 4P + 2  e   Ajn+ P + 4 V" 3@ %
.B> |.B4> 3@ %3
Q " xB &B.>
\ Z > * ^[c :q:
] h ?'@
3@
Z [ P6I
[ ZYY Y Z Y [ Y &B> Y ] 14I
Z Y Z Y 
\ ]Y> 3@
Z Y Y K F   
M"   Aj" <D
.^[‚ :q:
] 94>\
[ YZ Y N g[ ZY

Šh + ? h RŠ h
2@ mB? 2P O"@  "
LD  >2
/
= /+ " ]] :  
/ / T=0>
f & O?" K AB@ m0.
 % A4BR 0+ A4n+ %Q    2>
f & :/ B>Š O4 E=L
ŠO4 =H
:T P Š<=B  O=0
|B*> ~=
Š ~=
O2 O  B@ K h
=H ) 45 mj + :T P
3
$ C /. 
] m0+ % A4" p % @ m!Vn+ Q 
mn+ %&B
3@ m@= #2> m@ K4
KV /! 
mn+ :T P %O O) m5 / 2B+ :T P ŠO?i
2>> A: :/ B>Š A>2>
f 9
%Q + f 3@  + ^[[ 4
ML 3@ /B@ & n+ %o?  !;" % A 5  

f  
?n ™.4
2P žq )
&B
3@   P @ %~=
O2 3@  @ K =A+ %
$ <

.s
$ ND . 9:  % B@ & n+ 5  
KV /! 
/0 K4 4
3@

 B   & /+ 2 C  o2@ A &@n

 ?
=. A ! m>" m.B+ mB! o)
25"
LD

‰B
|- A?
=@ /+ R + ?6 /

 @{
†;"  %5  
KV 
T=5  > Š A  
/Š R + ?6 /C C
0  m045
 % C2> /+ p" K4 A ? 20+ %K
p" 3@ K0 @ m  A" : # '!

 
KV /! 
/"[ => m 4
% A4JC /+ p" K4 m!
mP % C /+ p" K4
C@i h ! %)? N ~j?
f N R
f N C
f  % A@2'> 3@ A @ K:B A ž/! 5
Q
 4 V" <D %  h
; < +   Q
5 4 V" <D %;   @" <D} !3@u
@i &
!2
m 
AD {  ND ML d %  h
; < + !V

f
C" + R + 2A@ /+  :@ ’p 3@ q)> 2

C "  '.
/+ /
2>
L 3@ }3@ †6 /C }3@ " /C }3@ m  /C

f  " =A+ C=" @"


C
2C 
LD e=. 
#H  &5@

C
2" @ t  K 6" +  & N †6
 / 

C  
2S |5
 t
p j  Ž=
 =>
H

A  
/ )t  !;n+ %2 + %5  
KV A" KD A  
/ m0:

/+ Q + % A!: R + Q/ )t  !;" %5  


KV /! 
Q ? + %H
" 

=V  P" / > N ^{0+ .8
/+ 
H @ 2 /. #$
 N} :T P "  >

xB
 T @ N 3@ h
0+ h?  2" C 3@ E  K % 4 > m = K4  @5 

..  @5 

=V    %&C" N
:T 0+ %=0  !C$+ % B? *@ $;" 2P 5  
KV /! 
D Q +} : R + T=0
f K  H" N" :T P p %#2V K @2P H 2? K4  2B0+ !   @ K
@ ;
h pp !5 %3pp h B"
! + ž  B*@ $;"
LD :T P !
T=5 > K : P }/ 4n5
A  
/ 2B C  + { H ; 3@   ;  =A+ %3pp h pp
2
 %3pp
. C "

C +" /+ m5 %9t 8


A m C %
 $ 
LD E=0
<D !3
)B@
+ ; E
=" A" <> %
&!5 /+ 2t
2)
<=$B4> A V" 7!V" %9 :

/@5{
(> 4
9 V T=0>   J
3@ C2V x.; % 
3@ C2V
.! |P
=@

% A@i

25 3@ /C K  3: R +  %
 K O"@N . ?u> / ¦ ! >
C @ %&
!8
 %4
 
!8> %> 
O5i
$C /+ ‰B
|- D
:<=j> Tj>

940
 4B d!F
E t$
 A@ ?W /+ 25i
~= 2P

.B   s2> N B 




E R ~+ .. 5  


KV 
T=5 m  $C !5{
O 4+ > !&
Q " > A.+
5S K 6 % V"

C :;  
9 
54> O2P  A@Œ O=5" /C

C  > 
†j
 " At
$S &
!8
3@ mB?

C  B)
K >2 C2>   M #W &> A+

C
=0 3@ A4); T=R 3@ AB@H „v AH 5 m

f
C
=5  t 
/+ A! >  < 8S  R + … /+

} 9:
  K:; m.0 3@ A=5" Q
Cj
m 3@ 3>n+
} 9A =" >H C ;W h @H 2t P 
T=5 3@ #=4> &C

!5{
m  > %

f
E;  + /+ EF4@ & 3@ A  N O H 3@ #$4+

E:
 3.
5  '

=  h $ h> A H
=5"

f
94@ …B e4.@ & 3@ /54 + B:
m" E t$
C

f  m! 4;"
9 
=A@ h=:0@ m  $? N m!

E" j" 3@ "f AR" 3* /+  m) 5{


 A:
 
m"

2
/+ 2C6 5  
KV /! 
O 

&!
 %  @5 

=V /
/! 
..O20
 O=5i
=C
$C !3 @u
)B@
:5 F /C D % 4> S 280@ h @=> 2
3   % 4 5  
 % !5

5=>  e 
>" <D 3>B
/+ U

LD U>

& %E 

] [ H =0 N %E
=i
H 1F N %U
> N < .   o2F> < @ 
 @"
% .; rH> % 
9 > %™F
d!> .. …i
K @ BR => %…i
K d>
..2> 1B>

A @ $'4>  % . 3@ C L  @" % !0 2


3 …" %2 =p P> %2 B |8'>
K4 %!8P K !8P
h N % ! K h ! *>  % @ 0@
h A †>  %
h
P C204B>  %  >
h 
.......  @5 

=V  /
H E ?" ! K*@

5  
KV /! 
=

.
/+ A AC" /C ! % B
<=8   >2
 A4
S %R !
> S /+ = m
@ 0C  h
=8P .  / !> <"  @5 

=V 4 :45  < %E
/+ C; .
A*B .. B  " m + %O;v
&B C ? 5  
KV  %  
Q +"
f
.0@ xB q=+ A*B @=@ O  f 2>
3@ A*B %2>? 3@ A.05 ..3:  3:@ f ? 3@
..2 A+=05 1C

F
T > %2> 

: A
= /+ % A ! ? /+ % A+ žT ! A+ < >› =C ND D N #$



t
@ h
24)@ 2
2  t H h =+@ jB
 K 

; .@ ND ; .@ N t *+ ND t *+ +

< =>
 /t @ #=! 
2
KD A4+ { 
M 2A M
2! 3 2=
@" 
% A  K C=  A" HH= 
" :
 9
3
T=0> %=
ML 3@ h   X "
 
KV 
T=5  K.4
@ o+ %q +v
3@ H 0
20> %  >2
&C" „  n) >
."p 4
C A" 2P ; .4
 p 4
/+ e 
2Cj> @ ML <= + %   /+ 5

@
> %Q !
3 e 
&8.> K4 2A + m  A4 >]] :  
/ @ @" =" T=0>
.[[ !2 2
3t
j; 7 .@ %5  
KV !  K B 
/

@
] } :
A / !i
V H
H /" 2  m!p   
/  3 
2! T=0>
:mP } 
2! >
$C @ :T 0+ %/@" " / h :t  3R" " 5  
KV 
T=5 /
.{ML 3@ &" ND @i
o" @ " %ML 3@ ~5" @i
:T 0+ % V" Q/ !
T=5 >

/ X
&>=:
‰B   P <D ‰B

$C e .i
3@ d.IY Y


 O8
 @ BR

 4;
& % C4'>  CH> + % 2
6= 7 .@  @5 

=V  m
^{ h @=> !" h @=> ~=?" &} :>2@ >V A P % A ‰B
O2 K !8
 % A @ &04

f & /+  A " N 2


/F4!> N
9S 2P @"

9C$
 @ j
K" t ‹ ALn+ A  m

9
mS+n+ A4= m!V
]   H ? T 
 "
LD
<D !/4;" 3 >]] : OBI m P A  
/ )t  <" :
 V /+ # '!
o

T=5  " /+ 2P" @ %3>A /+ C" pp žTA
p TA
p TA
-4 
%Q 
 4
:<
H=5i
:m P } )B> < + ! @" #" : O T P %  5  
KV
<2A>
=  7t @ A < % 8i
3@ <
? 5  
KV 
T=5 < 2P " ND
.[[ 0+ %5  
KV 
T=5

!<=B@ 
A>" .. 5  
KV 
T=5 m
$C

A &*.
&Ci  @{
=C B> <W0  3:
3@ m

B 
 
$
KD 2B   @ B)
j!'
 4
@ BR

%2" r '> @ 
/+ m.;"[ 20} :T P 5  
KV " 7V H f 5‹ #$@4
o
f 3 @ <=pp / m" 20 %2" oLu> @ 
/+ m>L" 20
f T!I / @  =>
 BR
f L  n>
KV /! 
†; 3 s
L" :
 #$@4
T=0> ^{ T zD >
=> Q/ ND 2!
+ " :D m &> @  B:
3@ T @ < D T B@  @ 3@ h  C 5  


KV o= * f
f E 8@ &  O2P
h <= > % 4?H + %  @5 

=V  L
.5 

- 
 #"
>2 3@ m*
A@ A @ S /+ @" #24A 3

] m;H} :m P A  
/ )t  3 7V 2f  2"  @{
o
3@ O"@
/
/D
] mXB!+ % Aj @ KD mB?+ % X@ OQ !
h 5  
KV 
T=5 
+ "+ % 8i

+ :mP }
$C @ :T 0+ %5  
KV 
T=5 /
] &;2+ %r=8
=) 
f .
m P % >H :5  
KV T 0+ %
$A /D
] mXB!+ M
+ "+ / ] m;H ž> 8i

N #$
 ! >H .. >H :5  
KV T 0+ %/4 /+ <= > <" / !" H" + : )t 
f
^{ =P 2@ TW q6 &B?
A
%*.
 9C$
T !? /B@ 
o?i mJ = =C ND D
pp C" 
/! ! @ !2 O>C /" d. #$
]] : "  
/ O>C =" T=0>
f  j!; 3@ h  !  >"
.[[ 2
q + K4 : f
" h BP@ h .S o" 5  
KV 
T=5 <" " @]] :  
/ d" T=0>
 5  
KV 
T=5 †; 20 %  1 K4 zP h>=)@ h :5 O 
h N % 0P@
.[[ Q ) <2> N C"  B 44
/ 
m!> žB)
j!; 3@ !)>

f d; I
rj'
3@ / .> #$

= 
< 0B
y ; 3@ t
2

hN=' @ h
j!; & " N %'
h @ o" @ 1  h
2@ gB #$
]] : A  
/ )t  T=0
!} @" #" B)
<= n 4 | + :
 O T=0> %x!P <" KD &? j 
XB $ @
/V 0
; C ^[[ /P !
3B 4 ' 3@  R @ :+ '.  :#" %r" :T=0 :m P
: N %/
2


/5 5 / X  B+ dI 


|S  H:> ~=

5  
KV 
T=5 m>" 20} :T P  "  
/  <" @ 7V /+
.^{ :  Œ> @ &P2
3@ 2> @ ~=
O2 3@ o=4> =
&->

'4
3@ K : ˜
2"   <D 4F + K0> ~=
 m!>

f
. "  /+ O= 4 2  <D %9 ~ V N % ~ V 2@ TW 2  K@" @

KD gB!+ % # '!


/+  ~=
 2A
= )> 5  
KV 
T=5 &? K"
|*> " %*> 3@ :5  
KV T 0+ %Q 
ND B@ @ 
} :30+ % B?
h t 
/+ h @ BR .* 2> &C B> N =C †; ^{ 
T=5 > " : 8i
3@ &? T 0+ }
$C
U+
f /+ . @ 1>:
:P .. O;v
E
=p =5 
 =?> < ž2> N " 4
| /@ " : "@N )!
=V /+ T P %
2
&C" K 5 %E !
~P .. 5
 
KV 
T=5 |* h !@:m 0+ % J
h >;2 N %5  
KV 
T=5
> 
T 4 + %!8
Q ) ND B@ @ =C ND D N #$

 ! @ h + "  " 2"
 @ %5

H
"
LD "M !V /@= %M?
5 /!V" %M@ BR /JC" :T P Š|t : &  > 

= ? = A
L @ %5  
KV 
T=5 | B:> %  m!
~=> %Q )B

}5  
KV 
T=5 | A@ B:
pW 
h
!C 3 
/B5 9C$>  AC  5
Y 
#j5 /B5
f & +

78 An m@ P p % A@ BR m@2P % A !V m@= % A?


5 m!V" % A@ BR nC
KD 2> m!
9 V 2> %-
/+ & n> |*
"2 %†

n.:
% 4J.Rn+ †


% h J:@ |*
& " .. < n> A" |*
M)> N ..h J T 4> N =C AB+> .8

K  h = -


<  % + KD 0 +>   % *>"
h ! m!
9 V <" 3l !
.ML

< " > 2> &F+ m!


9 V  P % .* H %
2 %2> &S |*
 P
= 9>  @ 0 ž
h  h
@ h > R  m!
  %< > < B! |*
  % B@ & n>
.5  
KV 
T=5 |

h Bt ? 5  
KV 
T=5 KD m!
9 V
2S %d.  2P 7!8
 %dB &

3  % 4?6 @ =C p 
ND B> N 
5i
3@ 5
 &
8P <" 3l %
h  h
@ % >
L
h
%
M !; 3@ K" @ 5  
KV =5 KD K" 2P K.;" 
B> #$

3@ 9 " %  B V 3@ 



M 20} :&?

$A 5  
KV T 0+
\ \ Z Y 7
Y \Y [Y .I \ Y Y = \ Y [\ Z [>Y :Tj" %   B+
[ [ MJn+
C ] [ q=>
Y [ 3@
Z Y Y V 8; Z \ <
Y Y Y A Z \ [ ZY" K
Z Y Y A.I Y Y <puI
Y [ \ Z [ 

.{ [” :)
] <=.Z

KD  .4N
3@ B+ < >{
EL
=? <‹+ % 0 h h  >D < {
3@u>   !3 @u
 B@
. =5 T  =C  5 F A"  !4
K 80 %> S 280@
 A" K 2

f  /+ < {
7!> +
2t
2)
…=; 2B ND jB
3@ OS

!5{
3 >

T X@ K $ <D $4 ND T X@i


M $" +

f e
S <H 4
2>

jC &' 
~$ K4 N &'

f S 3@ B
m@
LD

6" h  &  
  + T$

j; h ? !>H s= <D oB45 o=04
M!  
LD

/+ =C 5  


KV 
T=5 K Š78
/+ =C  Š  
/  &;2>
f]
3@ OH 5 K h J 4@ % ! ? /+ 8
p" 2P %8 K B:*@ %Q  Tj4
2P 
f
% "  
/   mC % X? % . M>   W + %| C=) 2?
<2!B> N C 2  < X!B> 
 e + %o" + m" ; 0; 3@ 
O=.V} :T P
" :T P 5  
KV /! 
?  +
] !
T=5 > M4@" K 5=+ 
~H
%

f /+
A !R A m =P MJ" } E :'
3 > m"
$C /+ " } E :'
3 > m" M
:T P %
T=5 > K :mP }O;v
 2
A <=  <" K @" % 2
O 
/+
.{  2
:mP %  > 
2 +

/P !
’
=  @ ‹+ q I.‹ = N M <=C

/PN –@
& @ /P K4

 fBR K #H=A> 2  =C H <D 


 += 20 %  @5 

=V ~=
2
N %
h >H N h
2
 h CH s4>   @ %T
=@i
 m!? %  
74+ 2P % Ci $;"
.@" N h
2! N h
B

f 3@ )
T !
H

 >" C
n+ . 3 9CL

5  
KV 
T=5 E V" AA+  B 
00

O  3@ 5  
KV 
T=5 E V" C  AA+ 00 ..B   s2> N B 

.A K!0B + %A  @ K


!V %A >2
? A+ %5  
KV A=5

!< › 1+=4


Oj > h It
H
=
45 + hP
!V

......

 
/ O>C /" 2  B 
00
0.4 % : Q&@ K 5  
KV 
T=5 j>  "  
/ O>C =" =C C
.{ 3>2
/+ A0.> h
;  
H> 3@} : >H /+

KD 5  


KV 
T=5 ! @ 3 + ;i
^ /D / 4>" 20]] : O>C =" T=0>
/" o> /0  K ? *+ /t 
Q/+ %/
] h )F@ A  
/ )t  O
.Q 0  .. B
3p [[~=
ND =C @ 
 %<= ? 3@ / @ 
 %<= @


=!B 3 o! 


‹+ !B H K0> K0)> < <D

.B   s2> N B 





T=5 E V" 3@ 3B!5 m>" 20]] : # '!
/+   
/ O>C =" T=0>
/+ =: 2P %Q  @D 
 6D @D .. Q
H  &? A @ @ .8
&C" 3@ 5  
KV
o <" C
 2 B+ %3!B 
•!> @ A @ %3P 
|8 •!> @ A + %AP "
.[[ T ?
C
= %1t 0
m
L‹+ % =

~
Hi
3@ !A )
j4?

H=5 O4  B:
3+

9:
Tj?  
B:> 3 /A4) @ d. 
B:> 3@

.B   s2> N B 




2! 3  *+ 2  B 
00

LD < 5  


KV 
T=5 <"} :m!p   
/ 2! 3  *+  #>
T=0> K4 %.8
E V" C %V 8'
3@ O8  A4@ P 3@ T ?  '>^ e   KV
  @ <=B = :T 0+ %AD r8
%  

=V KV
L‹+ %3 @ QNuC :E
i

f " :  *+ T=0> %?  P +


 
KV 
T=5 @ $J@=> h
H
Hj <" 4!!i %
2 
@i
m" :  T 0+ % + 
h gB" % 8@ /
 =C 2B  
/  *+ o>[ p { 5
/.4 <" @" %Q +{
3 5  
KV 
T=5  A 20} :T 0+ }
$C &B.
{  "
f  A ND m*@ A 3 m.S @" @
 N #2C

}AtH !@ 3
=6  &C }AC A 2BP &C :
=n <"   !3 @u
)B@ A  $C
‰B>  % >
h 4@ ‰B> 2P % .  ‰B> #$
<D %A.i <=)B> N AD !
 .
 -
3@ A?
;D %3 B
E  e 
2!B Q9 & 3@ @" %
h0 => h
0
%7>
~ 4
 %–H A
‰B
 %„+
2

.  @ .. 
  @ ..=   + %= 
KD
}OH B
"  mB+ %q ! nA 2P

..q ! „C[ 3 Ž


.45 2" 3@ d

2>p B80 hN ? hN ? E 


1;

% A4  KD A4t XS 3@ @i


†
;D /+ 3 .4@ 3 + ž A 
=.P" 2P O2)
@
=
:e  m?;" @" ; <= 4

f  & 
=tjC
9:B
 
K
=45
  A
=2 A>

f
9 
LD =8A
g  h 2 2 C2
 1 <D

U

3 O2! /" 2  B 
00


T=5 XB :T P  "  
/  ? g>2 3@ 
A @  # '!
o
/+  Š  A? !P 3@ /
f KD %‰>0 h
 K04 O2! "  @"
] 5  
KV
f 3@ h 
? H6 Š >

xB
.S  2>  

f E
? t pp C >
3>=
.9+ 

.O O :B> O2! =" <

f /+ CH
6 / . An A  = LD %O
HD OH P 3 j
.sA
=B p %&P mP

. 4+ Q 
3@ A E) p %/!8
y>  A8 :
= P }O4 <=B 8 | :&0+
..&
KD @=>
. h @=> O2
 O4 Q .4 N
2 KD ~=
K -
 !V

..m + 3 C20+ 2? 2P :T P }O / F @ :C2" T=0>

D.. 
D } #" %)
q
" K <=)B>
 8+ %4
K4  & i

20+ p
K4  n + Q   ! p %z!'
8B E* + :T P %!> H > N 2>2 3); .. z!'

..!
& 5 K 0:
 :T P %z!'
> >
m+ % C
=+" mP

KD OH=B
/+
 + &A+ %A=? 24
 %CH
6 2. 2P % J
h N .. h
 N %
h <2> N
}3 @u
 B@ > A4A@ Q
H" &!P  >2

} E
? o=5 CHj>  LD C2t P K
=:'5
* &C

%K- 0) = )!


A0:> /4
2t
2)
&4 h >= h
H
2D
2" T ?  AD %
 
\ ] &!5 \ \ Y /+\ 8'@ \ \ Y \Y :&? j 
T=0
= @W
= 0>"

 Y Y NY nl
Y Y Z Y NY 98 Y Y AI
Z [ [!8>[ N AI Z [ ]Yn ML
] <D \
] \ 7 V \ \ Y 94 \ \ Y [ I> N  . Z [ \[ h JR=@\ <n:>
N Y 
 Y & Z [ Y [ ND]\ hIZ Y 2
Y Y  A œ [ Y 3@Z <= Y Y Y Y ] [ 
™F> Z Y Y [Y Y NY
\ Y 94 \ \ Y Y Z > N O! h Y \ Y 0.I Y [ \ Z [I> NY * 3 \ \ Z 
?" \
[ [ Y>j\ 
AI Z Y A [ Y Y h Y \ Y NY OFV
Z [ Y [ ND]\ h >H
Y <=B:0I h Y Y Y <=0. Y Z [ Y Z Y *>
[ [
]
.[acaŠacb:=4
] <=BI Y [ Y Z Y>
= Y Y Z Y [ 

[ Y @Y 3"

K2 
H =C
L‹+  n+ :T P %'*
9X 
JA A + LD !
& 5 K C  
%
&!5 /+ %5  
KV 
T=5 &5 3 & %N } 4@ : O2! =" T P %! B

3@ r4F 4>" 20 % 5 K4 t pp 3 h


A  Pn+ :T P %
= + :
2P

/ O2! =" @ $;" p %=X
20 :0
 2.
@ :40 %T0  3C2
 9P
-" & p % A@ Pn+ " 3@ h B $;" %  9P /+ C2BPn+ h? ) pp 
f
. 4 3@ + B@ B

\\ \ \ ] 1; \ YY 
\ [ Z Y
$C
Z ] Y :
q6
$C [aa:< 0] H[ 3@
3@" Z 3>$

Y Y Y Y
L @ [ ] 1;
Y Y /n+ Y Y !
ND D N
.[ca:M
] [ P6Y Z \ M@" Z \  P6I
Y Y Z Y <D \] Y
Z [ [ [ Z Y> #$

$C
Y

KV 
T=5
=n+  >2

=@2P p % 2
 h
2 1  %1t   3@ Hj:T P
.{   
?;" q6
 s
L} :5  
KV T 0+ %  ML
 $+ %5  

: P } =B:4+ Q/  3@  B@ &C} :5  


KV T P p % t i 
@
 AD
.{  @5 

=V  n+ @ D 5n+ %B

 9t B  /n4+ d. 
K 2
=C T=B.@ TQ *4> h >=P < >{
<= >   !
2! >
:mB5

&8> B
K8P" C 3 > 3@ I4P R + T$!> 1
pu> 3@

& 
K m8B45
 |B*
3@ m;
LD e=. 
T @W 2B0> Q/ N

\ hN=?
&+ \ IS x  + M @
$C
] [ > 
m>" <D 2J4@

.B   s2> N B 




5 3  2  B 


00

f & H  74.
  <  :T=0> # '!
7V /+ m!p  5 3  =C C
=P
:T P %5  
KV 
T=5 2  3@ /" 2P + %5{  /@=P /" 2!+ %A@5‹
%O8
*
L‹+ %
$ 3 /+
$ OV
=V :T P % 0 h 
T=5 2  3@  4J?
 h WP / @ X " 2"
 3 > + %
- + :  T=0> % WP  X "  @u % 2" <Lu+
" %H=
 ~= 
/= <" 2B A>2>" 3 /=@20+ %< ! 
3@ 0" <W0
K0" m
m  :T P Š{ 3>;W *> h @
=P" E 4 

$A + 
<D}Š 3 5 !5 " 3 5 m5 3

A0 C80 mB.


 mB4?
Š /  m80 25
LD m + %14+ A+ OFV OH /
]
:T P % > P O= 

 !5 /  > :/
3@ O"@
m 0+ Š = 3@ Q/ A-> K4
..  /+ 5{
2B Q/) m+ @ =C ND D N #$

 % 5
h h   h 8P /
4 +

:T=0> %5{  + T2B> N  %2>2


E=X  U.   F8
OH  /C  - U+
 D
.3 5 !5 3
" A@˜" m +

 ?i  e 0> N &0B


 
=i  e 0> N B +
3 > .. 3>) 3 > M >2 m@2P + ž3 5 !5 3
=C @=P u> !5{
3 > 
$C
}345 3 > .. 3; 3 > .. 3B" 3 > .. 3pp

} 
h ) &C

}N @
h '
/+ m0." &C

}

 2
 @ h
 X>D sS K t  /0 EA4 M" " }
h @ S &C

f %2C  !
3
 %B   s2> N B 
:

:25i
3 25i
&B.>
$  >D

9i
2
•!> @ M 5 3@ m*@ !
f mF


=!B> <" M
2 C =@i
 ? A+ MA+

T ? C f f  
[ !V 3@   !V + o &?

.B   s2> N B 




3>2C 
 8
2  B 
00

%
2

h h
B <=! > A @ 4

L‹+ %3>2C @ ŠA &? j 
<
=Š E Vi
†;
A?" K q'

=B+ %T B N |t V => f /+ žC .l" m:05 %A@
2P" m!0 K4
.(~ P

L)I O
jF
m+ %'8
 
A <=04>

N B 
LD % C
L" ML /+ < = % Cn ND Q i
3@ K N ...>)
e=. 
AD
.9B4
3@ Q ? 
 + ..m!B <D d. 
 %2> 2> 3@ %B   s2>

>jB
24 + % F
S  F

L‹+ % F
<2>> D %T 40
<2>> N 2 =>
=?;
>jB

L‹+ { }e 
A>" /
]
"} :5  
KV K.:8
T P => O=)
2B
T=0 N 
 %
T=5 > 
s
"  x@
:T=0> 3>? A
&t 0
L‹+ % A=P /+ A?" /+
m" 9CL
3  %<2 P C C D  0+ M m" 9CL
:K5= &t
5D =  m P 
MB@ 2  H F
s KD  5 = 1  MXB #$
=+ %<= 0@  B@ D  0+ M
. F! K4 H 3@

< = O8 


KD &+ F
! > %
2P{
KD HH4
+2> % )
™P=>  8i
&t 0
LD
%s P2V M @W 20+ :T P !&?" :T P }
T=5 > 2> Mn  
 :T=0+ %e=. 
3X

% :
 
K 0p
=@ H=A ML K s :" %1
=C  mJ? @ <" 2A

=@" 3@ $; %mJ 3@ H  %mJ 3@  5 %mJ 3@ T ! :P
 %mJ 3@ T ! &8+
! f 3@  @" @ %m  @ D 9" $;" @ %mJ @ :" %mJ @
 @n+ @"
K0 <"   @ %2
 &? @ |' @ MB@ 3 + %H"  
T=5 > x@ + %s@i
+ %M   0 @ @ M>> 
&B %Q 0
2  q2V
 %E
/+ !8
 D %
2S
h 2 
.
  K 

<‹+ %
)"
5 } :T=0> %!C$
&X@ 3 5  
KV 
T=5 > 5" †. 
.{ =0
~ 8@ KD -" /n  
 %34.t :
o2D /2 

o;i
 2

= Vn+ % H  F Š3 @u
 B@Š
=?;


=!p
=!p @
LD ~ ? 25"

f |n ?i

 F
O  3@   \ H=5"  3@ =


 4
/+ 1
2A m@  !
 /+  5
h ‰

<
=A
 5i
O  N <
2
/+ KS=
/+ =

f O$ /+ 8; O 


T$!..
.

: A  %†

T= A r=: 


H @
$C 2B 3@ 7!V" H A
/+ h + A T "

3@ '
) /*" N /P 4
  /P
4
9"

.B   s2> N B 



2> N /> C2" < 20 %E
4
3@ C2" K <=C" 2
m ..E Vi
QNuC
=C *B! q284> p % *B 3B?i %/ : /+ 
$C &B?" N :T=0+ % =P
h ND Q )
h
:    q284> 3@ †="

2!B@
[ / @ 
2 /‹+ ICi h  T 
xB <
LD

/0
d>" 2  B 
00

3@ A
]]:T P p % 4 /+ @ &  q28 K@"
LD < %
 3B 4
25 /0
d>"
f  % 
onl 2! f <2f & 3@ MD $4" /D A
%  /$;
u + h > " hnl " h =?  @
f 3@ /4 /+ d D A
%t ? 3:
3@ Q/ / d %" m" / : /+ @ o=5  BR f
K F
 %P; o=5 Al K @ 
 }Al K
L @. [[ " m" #Al K @ ND 2

.d. 
K S

/+  9 
#  " = .  / F
=C / F
<D

/+ Q/ & + mB P
L‹+ h + :!
q=+ @ & @

3
=FR" }A  < | %Q ;
KD A  m=   < 8
QNuC !<= @u
A>"
}
=B +
=B?
:
! "}
= F45

3.t '
% 0
h 3> )

= & ž
:!> 
n> 
! 4>  %=C ND D N #$

 N
:A  %t
2
/P !
m X
&?" 3@ A
=*+ %A 2
U 4.
3@

/ + &*@ =C  K0!> @ ~ I 2P ˜
 @
&0 @  

# .F
L /" 2  B 
00

>]] :T P p % L /" m /+ 8 90> &B? Š  


/Š L /" K C2" &;2>
:T 0+ %  4@ 7 V D ?= h 4  <D : L =" T 0+ % p p"
h N h  4@ M4 /+ o" @ % L "
.[[ + 2> N Tj 
9 V <D :T 0+ } C C m@H @ ~ 4@
f 3@ M 2 N D

f €  & +
 R  < @j
T R <D o=:> r=5 ‰
O;  / 3 M@ -  L
 O; .
=80
KD 3  N

O;v
‰ ‰B
<D !E > &0+ 2
r ;6 m>"
LD

A !R <=  <"


=+ ; % A 
=" 2
A m!P" + %B   s2> N B 
<"
= 0>"
.A m

f …n e=. 
=  20+
98'
K F
C" MA> E2?

r= 3 3
2! 2  B 
00

% t V
h f /" Š "  
/Š r= 3 3
2! <" # '!
/+ m!p
<   B:
Hn+ % J
h 2
B 3@ >Y  % J
h s4>   V" 3@ ! K*@ 3@ ' 
2+
<D %? 2 5" /:S <D OHf /+ 3.  %/ @ ; =C 9B8@ &4P]] :T 0+ %r='

3@ :" "Š z @ 2


3@  z p %/ @ ;
 =C Oj &4P % 5"
2 ? /:S
^[[  B:
s K4 / !> &B? p %  m   <=  <" ); 2P Š :" @ 2

. "  
/

9CL % F


H  3 204+ %5{
S V #$
B] 
K4.
ML 3
2!  $ 20
<" 2B 5  
KV 
T=5 #2> 3 = 
 4;
% F
Q/@ &!P  Q 0
: >2> K 5"

2! /)'+ %3


 = j4C
#$
2B5  %<W0
4  t
mj  #$
25"
! 3
2! >D %A q 4
2P %  
B 3@ o>  %= H" @ s2> N" 3

AP  2P #$
#H
=

$! > AP 5 2P AP=)+ A h 0+

1>28
m  )t  2  B 
00

E0> %o;" *> B8P A +> &B+ % A4;" 3


O 2  r *4 % A  
/ )t 
 2 ]] : O A T 0+ %& n  / ! zt 
KD AA? m=+ % @ BR
h +> h @ BR
3@ ! @ %x!P K4 
XB 3 3@ &; 
o" @ 1  XB #$
 :m 0+ ! @" #"
f j!;
: O2? !S
2P % : K 
z> < 20 %x!P K4 3B 44@ 3@=> B
. B:

=  
!B45 + [[ AB@ .> =C q2 '
=>

3@ 3 @u
" T  !h @ @L O2P <= > 3 S" @ !h @ <
LD 9
y;" @ N"
:5  
KV 
T=5 @ AB@

/5 .n <0@
 M! ND mS N d
 mBR @ 


f KD m? N
/5?[ 3 /X>2 m" ND Ap2" =P

f 3@ Q 
E) mC N
en 
/+ M @ hN ; m>" ND ‰:

!5 > @ KD =.8> –@


&  !> 3@ KD =.A> –@
& 

<"  
L B45
 %
/> + C'+ %
=B); 
=B*; % 2
A m!P" 
.A 4.

 V" <
jS 3 !4 2  B 
00

.T ?
C
=? rB T
=i
90 3

f  5 m ]]:T=0>  
/ <
jS 3 !4

 %5  
KV 
T=5 @ B!5
K h
@" 7!V" ND =
2" f 3@  @
 @ @ % C
=+" mP K4 %)
q ND  BR
f
.^[[ h
FV 
2  h - /. /+ <= " <"   L=" /D % 8@i
3@ 8@


=4@ 2P +
f &  hB+ 
H
6  
=

f ?
5 / B 
=4
<D 
= T=; /+ 2P


=B++ <=B)'> 
=4
="

 
/  2  B 
00
T P %  )
2P 3 Š3 @u
@" =CŠ  
/  <" :
 /!C$
H=>
.Mj @ KD  9CL
:h B? A  
/ @i
3@" O2! /" ‰
@i

f A-@
H  f >˜ 2V X @" m j> <"  )
2P 3  
/  r
2C" 3@
8B <" ND 2> <D }#2   8 @]] : O2! =" T 0+ % .
2
 04
C -@ 3@
3>" :T 0+ %8!
H> h J ‰
@" m /+ >Y + %  &;2+ %2 N :T P %M 
f KD O2! ="  P } BR 3@ s2 " %@i
m" %Q  h.V h
2! ND o" N }M 4@
%=?
f 
 A @ $;n+
o"   . M 4> + %  3 @u
@" KD A@2P  > j!;
="  T 0+ %1) ‰A?n+ %3)'
 B:
 L %CH 3@ C n #$
m!
 L
%&0
•!> @ . > %3 @u
@" > M  8B <" ND 2> <D M mP 2P : O2!
f 3@ ! 
= /+ A P %o;" ‰A?n+
[[ O2! " > sS  2
S ..! &?
:3  .. }  S h 0 &C

~ .
 … .'

 s n)+ h
2@ =5 h B
= =H

~ B)
 A @ Q=*
=2> K@ [ <" 2B! d)
s
$


2! 3 R 2  B 
00

@
LD K4 A4P" %A  @ /+ C'5 %A>2>" /+ C=B? 2
A m!P" 
. 2 / @ :   %T !
–H C %3B
>P A @ 2
=
  A  @ /+ C=?;"

M 4  !+ %CH |" t B!5 2P =@* 3@ T @ n> Š  


/Š R =C C
@ :m0+ 
$ @  . :T P } 2@ " M @ : 4?6  m 0+ %= 
 + ? 2P &4>
f 3l
! 4 /+ T 

$C m!>  2!

&8 %OX
'*44 T 
|>8 . /+ <=00> <=Pn> <=4> 2
&C" !! " 

&4+ R @" % ! |P


=@ (> 4
E 4 9 V T=0>  %T 
2>
j4 C=
OH B

T
ND d Š
Š " @ %@ 0
=>  95 > <" ); 2  T 
p  3@
% "  
/    %A! N ‰S N  N %  N O= 3@ =C @ 
 %x


/ )t  <" 78
/+   m!p #$
%5  
KV 2@ f  A 
&B+ @ )t  >} : +  @ #$
@ /+ 5  
KV 
T=5 / T P :m P A 
mJ+ :m P % A / 4t
:T P %#2  /C :m P Šz0+  H B!5 AD }9CL #"Š }9C$

> A0." %2  $C &? j 


/0 =   2@ 3l @ :T P p %2> /+ AB=+ A
% "  
/ / A q284+ ^{ A0.  / KD A /XB
} :>
 /+ { )t 
! 2 / @

f 3l @ : t= 3 |'4> N t= 3@ d!P R 


m 0+ % 4 /+ T 

$C m!>  2! 
0+ ~ 8P
f f
< . ~H + m!V"
LD %Mt;" Q
0+ 3@ m" 3>n+ :PH 8
+=
?6
. 2@ " 3B
>P  %A+

!s=
q2V" @ !O=)
•" @ ! .4
-" @ !! " 


H C=
A & <" Kn /

A & d. A

.1+=@ m  0+= MD 


 !
M : A T 0+

f ! " !5{
m  >  8
?j
AD
.'
&B+ K A?j <=

\
L‹+ %T   A>L @ 5=4 <" ?j
T  <" r=n
rB
<D

$C   3@ 2?
[
. /+ m-0>" %H
2
 H 
 1+=4
> F+ %' ‫ى‬D 2 A?6 K ) r=n

)B@ > /C 3@ N" %&C" Q X /C A K pn+ % '


h h
2V A @ M> /4
'
+
H
}3 @u

†; 2P A   @" C " <‹+ !


S N .. A" 3 A  
/ 1>28
m  =X " AD

A m0":T P }MCi m0" @} :5  
KV 
T=5  T 0+ %   @ 3@
/+ m m + % )h O2S
h A4 /n> 5  
KV 
T=5 " { =5
+ ..Q 4

h h
=B h =5 h
 . %U= /+ A CL /+ O;v
O  &X4
=
 L
!
S

C  5 6 
Q " q
B I C  2P"
LD

9C$
 /
/+ A
" C J  jB
 B
/+ AA+
Š /BI gB % 8i
 3>? A
Q
0+ 3 A0+ %~ 80
 < .  H R 7!V" 
}98 3@ +  @" 2@ " : A  
/ =X " 4?6 m 0+ % . Š  
/
CH |n OV /C
L‹+ %/0  Mn :T P

1: @ =C A > 3  AV E*


C2
|n> N

žA! 1>R 3@ C$;" @ 


 % ." f /+ 1. > !
ND D N
h 3B B
h t 45 2
 =>
f & + %B   s2> N B 
<"   !
 1>f R 3@ C$;n> <" 3 MC 
%3p B5
.{ Tj 
• H" 3@ %H" r ; 3@} : 

B5 ..  S 
B5

9C$
 q
i
j 3@ d  +H o=04
 2@ 
j

3
Q >p" KD .. Q
2

3@i
<=)B> %3
B  <=B > 3@ > !3
#5=@ KD !3
Q >p" KD
.< @i


f 2? /+ h
=* h
5=@ >
A' %/ !> (> E
$> &+ 
/+ A4> .. U
? A @"
.. 4> AC ? %7>? C5" %3J A4@" %U= >

..o 
 3@= 
) %K X
(>V %K@ 4
3" 1 3@

" %
Q 5 4 |05 %Q *.
j @ %? 2B q. ?
f f 3 3@
%& 2B m4) 5"
..E 
:P

f
.> N 3@ 3
> N %
 .
#H K ™04@ f K5" 3@
% +L P j>6" K t 

/+ O20  B@ AD %>8  N >H 84P


N 5 5 m Š3 @u
)B@Š  B
<D
)B@  B
$C /+ U5
 T 
 %5D @D C ? @D .. < >D @D . @D % AV
.. ."  
=@n
2C ? % W #$

T @ 3@
=0.n+ %3>5=

E >.4 .. 4>  .  .. =-@ O8  % @=B@


h f & /+  ! 3@
=88;
h
Qj? A
f
 !: ..T  >
2A .. E  r .{ ..  S @ 3>H Q *0 .. &C ? B4 .. E @
\ ] &!5

f Y 3@\
=0.
\ \ Y /+\ Q/ \ f
Z Z [ Z[I @
Y Y : 
2B M #> Q/) %+  z> >6=4 .. E 4
.[ˆb:T .i
] <=- Z [ ZY\ r=I
Z [ ZY"Y  D
Y [ YZ [ N 4I ] Y [>

=  .. g!'

= N %g>
=
P28 
H !+ ..gF@ N 2 @ N ..gX 

[ \ Z[I K4

=0. ] \

= [ YIY 3
] Y !Z Z Y :<=!  0.

pW %
=?H"  t
j
=X %
=6"  C
^[”c:<
 TW]  \ \ \ ] <‹+ f Y 3@\
=0.
] \Y Q/ \ ]\
Y ^ \ [ @
 Y  Y 
Z Z [ Z[I @
Y Y <=!


B@ h 4> h @@   3@ &.  N" #X
A>"


 h
2 m@2P  4
 = M>2> @ m"

! 
KP> T=0
 > h 4 p h
2B5 m@2P 

o)
25" K &F
&;2> h
2 ; A @ m-0>" 


C=? m  h !8; h 4! @ m = h 5=. eu!
o=R 

oX
q !R" m 
=4+ !C=@ K 4
K*P 

o4
 >2 
;i 3@ @" K!0 2 D

o> @ & 1. > <" <W  4P


$C !T 
T ? >

m@2P @ M @
[ %j 2  Q
9P <‹+ %Q 
/+ sjI &B?
!5=
A>" !5{
3 >
.m P" m0" m +" m" @ &t
j
%m0." @ /P !
..

 !
…=' hC" m
LD  -4
<2 H  H !+

B:> 3@  
~8> N > 3@ 9 
0B> +

.B   s2> N B 



3  % B:P
h 2
< {
M> N" 280
d D @" !3>5=
)B@ > !3 @u
)B@ >
2!B 7 8
T 
B + %r
2C" KD &t 5=
T=4 + %< {
2
M N" 280

:7 8
2!B
.B %7 8

!P /+ OL A @ d . /+ =:


2
o4+

......

2
3 i
 8
rj 00

jB+ %…i
EL
=? K
=B45
žB   s2> N B 
<" i

 
98
sH" 
%9 
8[ % 4>6 U !8@
f & /+ 
H @ S =  1n4> <" C2" K @ ..7 8 %
j
Oj /+ e.
2t P 45  @" e +  @ E 4" K <=.0> A
LD %9A)

6 ?
%
H2
h &P" An 5{
&!P A+B> =C %T 40
" >j
" 5{
 <=B> %5{

.K !@ N K B@ N <6 N P N %  n> @ C2" C .. K0" %3 


L Q=5"

f
% 4  4XF45
 H m:P
LD 4 20" : OF S f
|V Q >! /+ 45 T P
% 
 4 % @ BR 4BR @
LD K4 % HH B)
 4
3@ Q/)   @n+
%? + 9 f  zt   &?
f ND      @ !4"   V" =H % - 4-45

.2
 9Bp @ :zt 
9 V T 0+ %9 B
3@ & n 

$C 3@ &;2+ 9Bp Q +

 V
LD K4 % ;2@ 3@ m;H mn+ % B? h 9 BX
2+ 9BX
†'+ %& n> =H
%&B
o" E $ h *>"  X@ D " % B?
h A4P p %
A 25 zt 
/+ A
%O  
 “'
9:> &B? % + z05 D &V + %< CH  D / V=> 3@ :T 0+
 @ & 
œ ….
=B? + %~=
ND  ?;" @ " B %C
H B"  / 8'> 3@ :T=0>
." 5" N  4P /A4) N D %  1+> 3@   M % @ BR
h O=
h

P6 
3  % ?;" #$

$C @ =C ND D N #$
 N]] :3@u
Oj /+ OF
T 0+
 !V N :
= P % [  AP
L + % " /+ m!  !
h 5  
KV ! #2> K
% AH = " AB:  Š=C ND D N #$

Š J+ % A @ & n  A" =j" % A 
f 3 >j

=:B K4 
 N %  ?  @j .B" % @ C" <" 2B!+"
4" 2>
:   [[
=
Y
=[ " %<S V

\ h J =
mB:45

LD 84P
  R{
M  ~H |. +
&B+ +

f O 
Q @ / 0 N
&- 
en jB  / 05 + & $

f /+ h !*S € )45 +
^[[ B B45]] : OF
T P "
2S  4Pi d)
" :T P %9
f 2B 
LD %+ 

$C 9P /+ 9
E2> "   7V N" :T 0+
@ |.'4> T 
p % .5 @ 2 /@+ %O;v
B /+
=BR 3>$
5{
2 ?  @" U
3@ 
&; 
2P" m K@> p %|  4@ C 1.4 A 
3@ 9> %A 
/+ .  /@>
!! " 
.. ! " 
:! > ! 
 % A?n 524 3

< 5 5 =
q
L o  >
 m:05 
!  
 K

< 5 =
j O 
j
^ C2 B+ 2
/+ $

=+ 

< 
3@ š R
f " d{
3@ š  f K <!8> N
f  > 

......

B 
s2 |

A Tj> + %&t


L
/+ F
h @ %&t *.
3 +j
h m XB!
&!P @i
<D !3 @u
 B@
B
" @i
T=; 3@ %@i
OH P B 
O  3@ †;" K4 ž 
 <W0

$C
%< {
=C < {
3  : P %< @j
d < @j
<" s8 /+ 

 6 6 <‹+ % 



f &  7 V =C %<W0
=C Tj>  <W0

.< @ < @6 

52 …i
nR=@ %H=A
T$ %r=.8
1 %H=B8
Q  A! V |  ž0C@ 0

H'
 3 †.  A  ž:4 + †
=@i
5
=
!
 %H=A
 H0
 H=5i

2P"
:H='

 
A  1. > 
LD H
 /C „«
2P @
.B   s2> N B 



T=5  5 •! %B   s2> N B B
.. B   s2> N %B 
3>H K  !X

< {
.. B o=A
3 d. 
7! .. B *.
.. B 1'
KD 5  
KV
QN=
z! .. B /=  95 
z! ..B /=  U
=
z! .. B 1'
KD

H /+ p
‡ Y 00
K ! 
M
 B 
 %B   s2> N B 
 %B /=  Q
!

.B   s2> N B 
 %B 

 L /+  ML T$!+ % |" |" %U |" |" %d. |" |" 2i < = 

.h
! h*+ h - h  S <  ML 2B 3@  .l 3J %P <  j>jB
E=:

/+ h @C => => KD @" 2 => 3@ A? K >
^ h? <" = ž=C ND D N #$


3@ u> 
&*+ ML % t : C  
= - h   o> => .. @ 0
=> 0 
 R
.-B
&*.
L 
 Q )>

f r;6 2
@
T B+ & ND 2
s2> N I! : T
=P"

S B
s
HD &B> 

[ I 2 KB> …S
  &


/4
4 %E ! o
=4 N %E  44 N ..>V 8+
h C$; !5{
E ! #"

2 + %q;i
 OH
{
|B %t
jB
3C /C %Q  
K m8B45
 %Q !Ri
m"
: /C
{
T=0>  24) o=0 /=  t
jB
en
[  %04 78 <W0  q;i

\ C$ +
;" 
 5 S > Q 
q=+ 

-4 > 2@ s H /+ 2



$C q=+

/+ %o)
25n 4=V /+ =A+ E
/+ < <D % 0
h h 0 h
C R h? s2> !&
A>" >
&- 
O
@ % t i &B
O 3 > %K
T
jF t " K 4
H /+ 

. T !PD T=0>  % t
2i
.. h A>j h .. ML @ <  % XX
h h
2>2 < 9:
/+ 2? <D % 0+ h h 0P <   <D
B
/+ =S ..K F
/+ 
0+ .. 0.
/+ 90
/ S
L @ %? 2V 0@  @W
.L q6
/+ o" <D h =? => %]@\ Q 
/+ 
2 <D n-> .. 
/+ >
  ..

T 
KD m @ @ m" /*> /n> 2P T 
<‹+

3 > %N 5


h h $ < 1t
2
K @ <D %N
h < hN !? h
='V 5 /+ & P <D
 @" % < 5 q2V % / O=P   % < X Q  %  j 1>28
< >D T?
. O2! /"


jS H ! O;W H &C"  8
&X@ 3 +

f /+ mS
LD d)
h P H!
K)F %B R J*@ T
j N /A+ %o;" /+ mP" A?
.B   s2> N B 
<" 3P=@
 % h S

N %?  #A /+ m = ?


=A
~$ ‰' N %:
EP !&
A>" &
2)+
f ND s2> N B  + %0)
T ; %0)
2B M =A>
.0)
3@ ™

f xA +

@
L Q B m <D 
2Pi
K 
2P‹

 :;" B
D C :;"
=4P
 B
KD  j

=0

 B
 K> oH + oH
…=
H " jB
O 
=4
=0

KD 
"2 + %2>2)
H!
/+ /*
KD :*4+ %2>2)

mP /+ x 
LD
.B   s2> N B 
 !&
A>" 

../AD

9t ; &@u + ND M @ 9t 
2) N ND MD

EL ’2 + ND M  *@   + ND M+


=B
3 q
6i
5 P > o= 
 9
 U !V{
1 + +
t A!
‰ 1+i
/+ h u@ > C  /+ < 4
&+ >

t F
:P h
2 .
&@ K8
 m! 
 q
i
/8@ >

 -
&0p 3V B
3 |.; =L .S
M 5= MD

V  ; > Q
=Ci
 •>j
3@ =P 8
 1
D 9!

f & K +" TL" #$


M : >H " @H
 S  

t

=@  > :; 4 Q :F
|) > =>  3@
]

f
HW O=.V ’=B!
2@ ! >
!
; K &V

.......MD E=" s.F45" %m" ND D N <" 2A" %s2 A


M !5

3>2
=
q=0

A0 
<P 2P %3>2
=
 9?= OX  >W s C %5{
/+ - &*+ A <
2
=

A o2 > %E=0
A K@2 3>2
=
q=0 /+ h 88P 2 !:'
$C /+ % &? 0
.3!

@i
/+ q=0B
 )4

 J5 3@ % ."  3@   L=B %.F4 B4 K B 2 % 2


<D
%
ND D N <" 2A" %
2@ h h   2 3+ &*> 3@ %  &*@ + 
2A> 3@ %  "
Z Y ]ND\ %<=
3@  Y .I
Y [IY NY T @ [ Y Z IY> N =I
Y ZY> %8
=> KD   / C;H" OH A  M> N 2
 U)+ 3 B  
5" =5 
2! h
2@ <" 2A" %5 f \ Y 90
f Z Y\ Y 

] K"YY
W K  KV % .S
h h =P % V
h h 
LW % 
h h "  74+ %T=0B
  " %28

.h
X h  5 < ‹ A 3B 4
 !V

:2IIB @"
%
#L 3@ Ki
)B
&t *+ 3  4 <" =

$C /+ ….
3@ < :
H !
† 
9C$> <" &!P <=  <" 9> A= %O:; A
@" OX 3
& )@ 3 
. )
M KD

# %Q @ U !V A- !V" m)+ )4


O:;  )@ & )
M 3@
.q=0B
 )@ /C N" E=0
€  :0 H ! i

j6 Q
 h >
-4 + ž8; O) " 5  
KV 2@ @" /+ Al
LD
&?
~ R"
LD :T 8'
$C 3@ % 5 :P  - /+  4  >W h +$P h '@ h .;
&? /n> !8B

$C /+
$C X " @ 
ND D N % " 2B" % 0>2V KH" % @" 1 % 4?6
#$
=C 9C$
t  %0: 
$C /+ 9CL t  3@ h !CL
4) ž2 & @" % 4?6
i
|0 %® |" 3>) # >  h !CL $;n &?

$C ?6 &;2 %pH 
$C #>
P 2>24 3N
=0+ %N >
h  3 p # > h  ; $;n4 204 p 2 & s C ?

%M@" $;" #$
9C$
P :T P }
L  :T P %N >
h  <= p /0 :t !
T=0+ 4?6 9CL
<  t ! H "  '
i
$;" %9C$ <=? 4> N 3
 ! :T P h ! S . +
\ ] KDY\ /\jZ  /‡XI = "
<n  O 
2> 2 & m?; [ˆ:|5=>] 
Y ] \ :T=0> A 
[ Y Y [ Z Y D
4@+  >D C :n+ . '
A:" % 
 M> 3@ :m P &B.

$C K 4!" 4?6
!& =
B 
/! %
2"
h /  /+ h !CL d!" N 
 :t P / ! .


#2 > 90
/@2> d. 
/+ j> 
ND D N !3 4)>  A@" <= J> Q W 
ND D N
!T=0
‰ + Q=  CC > A>Lu> ! >2
 1B> Q i
xB o &  => 3!

M
j & M @ 

":A*B T=0> ! A @ |+n4> % A =V +> ! CA > CA0>
HH>  ! xB =0> <" dD /4> T=P 
ND D N %u)
6= > d 
! >
N^[‚ˆ:Q  
] h  D \ \ Z Y \  
\ Z Y \ \
= [) ]
2!

\ Z [ NY Y 

Y Z 3>2
=Z Y Y h J [ [ Z Y :
T=P h 5 4@ " h 5 
......!
ND D

3>2
=
q=0 3 KA > 5{

%B-+ - 8B@ M <i ž >2


 K8 3@ 2>2)
Q 0
 i
E
$B  
2=
=> >2
 1 zF ~ 9  3N
o> => 3@u
2? B)0> %B  !P >?
.B
! + %U  !B %!)  ? % 
A5 % 4 /+ E !)
 B
OC6 !CL"
%Q .
 -F  A P % A?  " A4 mP ] % C
Al EH2
 !0
3@ H
.Q 
 …i
E ND B> N  F8
 $
3@ < @ /+ AB? % A0 2?

 >H=!B
6
= 3@ &B? % A0 0 
<P 2P %O2>2 - q B
=0 
&B? 20
\ \ Z Y \  
\ \ \ [ [ Z Y ]N"Y M
h  D
Y Z 3>2
=Z Y Y [ >D] ]ND
2!BI Y ^Y K*P
Y Y Y :K B T P % i
V 3>2
=

 i
V 3>2
=
 3@ 2 N H ! @ =C ND 2!B> N" @" ˜ *P ^[c‚:Q
5{
]
\ Y \ \ < {

[ @"^[ [ 4 Z Y Y Y \ YZIV


Z Y Y Y >2
= ] YY :T 0+ 3>2
=  V ; V 
KV" %AD < {

%OHN=
2  &
/+ %0)@ K 0)@ %|B K h .B [a:< 0] 3C f Z Y K
Y Y h C
ZY
\
8Z
[ Y 
/D Y Z Y \ Y\ Y /\  

] Y\ M>2
= Z [ Z <" \ Z Y Y /+\ [  8+
Z Y 3@  [ Y \ Y  D p % C /+ * /+
.[a:< 0]

/.+ %
&!5 /+ H A
K h @20@ 3>2
=
 5  
KV K.:8
&B? 20
KV T 0+ %  2P" N H A
/A4" / D !
T=5 >} :T P h? <" 2? H 5D g>2
& P :5  
KV T P ./@" .B :T P }/ 2" M>2
 3@ /0 &C :5  

.{ 2C @ 4B@ †  mn+ mB+ <‹+ C! 

2
/+ O2
 pW B> %3>2
=
 &*+ B> 3@u@ &P B 2> N :<=
A>" >
q=0 3 K B 
/A > =C %B:0
 q=0B   0>  =0> N  …B> p %O;v

"Z Y C2" \ Y Y Z \ 3FI] Y [ !Z IY> @D] \ :K B T P + C 2=
K 1)> T  -" /+ 3>2
=

Y [ [ Y Y IY Y! Z
s2
%!V &P % ! :@ X  % . mP  !
LD < {
<" <=B 4" [c‚:Q
5{
] C \
Y[
"Z Y C2" \ \ ] Y [ !I> @D] \ :T=0>  + ML @ %2  =C 3@ K h0p  V 
Y [ [ Y Y IY Y! Z
sY 2Y Z  3FI ZY
\ ‡ ^ U ? AY x.;
 \ œ [ A \
3@
Z T$
Y Y Y Y [ Z Z Y * h >\ Y hN=IZ YP A Y [ Y &P
Z [ Y CAI
Y [ Z Y ZYI NY r" Y [ Y &0I
Z [ Y +Y C
Y[
! 
3>2
=
š= T  /+ [cŠc‚:Q
5{
] h
FV \ / I \ ]  Y A
\ ]
Y Y Y Y Y [ Z Y Z E ‡ ] &P
Z [ Y 

YZ
TL" KD V  %&0B
/+ Šh *>"Š <= > 2P %<2!
/+ A @ 3  2P |B*
<= >
&P" *4> <" 2=

KA > T 
$A T  /+ % A @ &
 * 9!5 =C #$
B

A!R '+ %


3@ T$
U ? A x.'> <" % >
h hN=P A T=0> <" @" %*
h  D A  25  @" TL #$
H '
@ B@ A@ B> % A@ @" . F84> h  :;
.
FV  + 4?  mP FV   /+      A 
=2> % AD
? /+ 9B4
 0)
3@ K0 @ A : /+ h m" M@" T   L
:< {
A>" >
sA A %&
  N M2 <" 2B p % AHN T  C@" /+  . %
 A h A
="

$C 2B" % B. N h
 M.  M N m" %U 4 9B4 %!)4 ~= %Mn4 n4
$C U
" #" !}q=0B
"45
/4
$C E=P #" %4)
 B:0
 q=0B
C˜
j? <= >
!}B:0
m." /4
U
i

CQ W
=0 Q "

%m@! %m- %  mB?= %q=0B


A@5D &!P A4C ? /+ 
 EB
m  20
. @ At  KD m 4


/+ m!V" :T P }M @ :.'


T 0+ %/ !> =C Q .'
xB K 2+ h 
" <" 
/+
%mB? 4B!" %  A5 %#2 m :T P }s
L @ :T P .!8@ & 3@ -n #2
:T P h
@ Q  K  p %/0 zF A-
EH2
 C2
/  V" ! + %U 
 m!B

  7
3 K F45
 =0
Ž" 4  @
LD K4 4

! S =C #$

2> o= #2> o= h  l /0 zF

. C  3 &  1 %.'


d@ /+ 3@ & K !+

=C 5  


KV 
T=5 K 2+ h? <"} : B@ @ - A+ 2 5" /+ 
/+
}0+ ! ( m" Ml #$
3@ :T P %
T=5 > =-@ :T P }M @ :T 0+ / !>
/?" H /- q #8 |B ! + 4 :T P }Ml | :T P %/ l / 
:T P
5  
KV   mB@2+ %/ @ & $;" Q .
 -F  /  P / l /0 zF
%5{
H /+ 2? /4
/5w
$A @2 <" P
P
<=B  
E=0 1 {
! " l" &C % )


$C %-.
-

$C At  KD 3>2
=
E=P m  /4

@2  %T ?
r 8@ /+ 7!V" &t V  %2 5 24
 #=P
L‹+ %M 
/ <" 3@  "
=V
L‹+ K" %
h @ &
M H M. K M O$ s OC6 M ! 4:"
?6 :> % 
h ? M x.'> N %
h@" M $. > N %O=H M 9> N m!
/+ &t V 
.O 5n@ C2B @ O 5n@Š
Š AD %s2B!> 0>2V /2> %M8B>
5{
/+ 3>2
=
 j @

3 Tn> =C 5  


KV T=0> %q=0
-" 3@ 3>2
=
 5{
2 20
%3>2
=
 :T P }#" p :T P % A4P K O8
} :T 0+ %-" K 6" A>"  8
T i

!3>2
=
q=0 -" @ 
ND D + { 
&!5 /+ H A
:T P }#" p :T P

/+ " : pv
xB /+ % A@i
 Q v
K hN  m!V" =!
/+ )4
O 5n@ q=0B

$C 2? %< @j



$C <= > N" 
=?" .h
2 /> N h ! /> <" 3@u
H=> < @j
;W
<=B?=4> <=*4> <= !4> C ;=')
A4 V" 3
/+
= BR 3>$
Q v
<= >"
<  |: 3@ &C !}
KD 5{
E ! > OH= 3@ &A+ %V B
 -
>$
$C 3@
5  
KV 
T=5 KD &? /n> !} A@i
 Q «  3@ &C !}U ? x.;
%M@" :T P }3@ p :T P %M@" :T P }/4!V 3 e 
1" 3@ !
T=5 >} :T=0+
.{s=" :T P }3@ p :T P %M@" :T P}3@ p :T P

m." mS mB" m m!B /4


/A+ 1
~ " pp A Š
H ! >Ši

:n+H"

+6 " C
=? 3@ A / 4) M0X m    +

:> H
u.
A @ x*S 3+ 0)@ A #2 = =
/+

>5 M>2 ND C @ A  oLi


M  mS  

 M>2 E A>2p 3@ A.   4) @ M>2.

FV m" h P .D h   A=P M4:" m ? O@  

8P =C @i


M T R  A? m 5"  A4B*+

8 =C 90


Ki W o=A
!4> &0 #$ w+

0+ D =2  mn+ At H  /+ 9S + M2+


f KD "@
@ V ' /˜2
H=5i
" <"  L
m 0+ } 4 * 1" A>" A@S /+ … P
3 ~ <" KD 4B" p % 4B p %A" B 4 %0)@ 4 %  1" " :O"

<" &!P 4 !/ 0


A>" : H=5i
=" T 0+ %/ 0
A>" o  # K / *"
T 0+ % ? "  1
/+ + 1
xB A < <‹+ % B* <" &!P 4B % 
20+ O=A B 3J %0p
h 4 20+ .;  3J :m P %O"
A4>" /!?" :/ 0

.MB5 3@ H A@S O"


KD +H
:  T P H=5i
/" KD / 0
- + % C 4B

K A! " 2P % .4 K @" +)


!B   r=:> 


m /+ < &? =C C
/
" !  3 I> :  T 0+  3
2C )+ % A r=:> =C  @ &V K4 2 3@ Al
# > N
$C <D [[ AHN  0R 3@ 0R A4+" @ 
]] :  3
T P } A0 A4+"
| 
ND D N %!8B
 -
M /+ A @ / B m /4
OHN=
 0R 3@ 0R
!- >" - 2
=
1 }<
2
=
1B>

/D:  T 0+  
/ Q
H2
" &? K" :T P % /
3
2! /" 3 78
/+
 T 0+ % APR AP
. / @" AC  /@" A!" " %/D
] e 
9" /C /  
m?j
3@ 4B5 @ s!;" D % A @‹ s@W N AP
. s@W N : "  
/ Q
H2
="
ML *+ mJ <‹+  
E
=" z5" 2
=
} :T=0> 4B5 20 %5  
KV /! 

! P=0B  
E
=" z5"  E  3@  
ND D + { M -. + mJ <D E !

.......<=B?
E :T=P &!P E !
1S &!P H ! 2B+ B 3+

A A@" At W 3@ <Q!4> E !

%M$ B) N m" M q6


9:> hN  h > …i
E=> M" T  &@n :
2! >
% >2
 3@ "! %|5i
@ ML / 3@ s C <D %
2"
h &P B
K 9> @i @i

$C <D
2  H ;
$C : i T 0+ }A*B 3 Tn5  % t@6  @" 4 /+ CH=? 3@ &;
&P %&0B
|'5 %  .V $C D %  V" 4.l j @ @ 95 4> N  " <" C=4> i
3@ Š|5i
@Š Q  
3@ h *>" s C <D % A4! @ AVn j4B .>)
d. 
<i ž3>2

.O8!
K e 4N
3@   L=B %; !R " @H ; AD :m P % A@" 3 mJ5
LD
E )
=B5
% 
/+ @ h
=V 4B5 2P / 
/+ D
=B5
 %q=0B
KD
=B5


$C ™B> < @ h
X %3>H 9 V 2
  <  %  1.> N =A
K h ! @ < T6 @ : 5

/C @  0 
=:5  <‹+ % 
X = ? E !)

=.C $
!/  > :  T=0> %3N

h @=> <  % " K  ? q=0B


/+ H
6 q B
3N

$C 78
LD < + %2B! 3 -
3@
~ Ei
&CL % *+ " K 2> 2=
2+ H B 78    Ei
7"  >i
3@
†; %q B
2=

$C K =2> !B 
 45n 1B4+ 
m 3n   | p % 88S
:T=0> n)" p !B 
 45n 1B4+ 

m!
KD KA4
K4

2B 3@ EP 3@ @ A


…
=B:P 2P † 
K" D 3@ >

28
2
=  hA4!@ =2> 3@ 9'> N 3@ > M4" /D

#2 3@ <  > /0 $'+ /00 3 2> N T6 @


$C

2>  2=>  e20 3@ > ! ? M @ T= @ &

& .E=0
O P q=0B
3@   L=B %3>i
2 1 d!> K4 t H 3@ š+ <" +
2
O 
/+ ! 8 B> 
<‹+ q=0B
ND @ 0
=> KD A @ Q  @ 
C.F> E=$

....... 
&!P

&B
d ? 3@ Q
j

1>2V  |:B> N %   B> 3@ 2  E=0


3 h
2B N 
en" /+ >2
= q B
o
/n> <" ); C 8@ /+ 2" 9S> N %  /+ > 2 $;n> N %9>P N 10 N
ž  d ? 3@ >6 > @  2 3@ K B  !5 
<D p %3P  X@
== + HNn
K hN X@  C %&?
] j]  2 &?v
 h?  ML 0>$> 3@  
Q/A+ @"  " 1  +
3@ 4@2; 3@ |+n K4 O 
 24@
! 2
 2  < h? <" Q B
 L :ML
O'V KD  &V + Q
8
KD  †; %
H K  >i
3@ => /+ $;n+ %@n  0

D NŠ ML" <" 2>" :q B


3N
T P } C / &B. <" 2>
L @ !/  > :T 0+ % j" s C
%ML 3@ 2 N / 4!B" :T P }/  > < {
Q
j?
$C" :Ei
T P Š! " 7$> 3

ND
\ >  :T P .O'8
M 2  / L + /L ND m" <D :Ei
T P
= s @ }m"
M 2  4L #2
= h P  m 20 !/  > :T P }O'8
M 2  " $C 2  M4L
% AX@ /  > Š
Š M O'8
M 2  / L + &B
d ? 3@ Q
j
< <‹+ !O'8

3@ %O'8
M 2  M$> s2 /n5 O 
M 24@
<D . AX@ /  > 
 M
.2" M -> N  j> h
Q=5 &B>

3t
H =C  h @=> K4.
<
2> D m6 @ h @=> sH 8

 2
 O=H 9! 1+=>  E 

  %3>2
=
3@ )
O=H  >‹+ %ML F " ' <D %HN 2
=
O=H :
H ! >

=+ %    + Š
<L‹Š A <=  A @ '
O=H   9 /4
E !5i 
.A4B:P AP=0B A A>2
 O=H ML E !5" 3@ < A  /+
=0+=>  3@ h
X <D

m+ A o" % i  F
K> < %O2B!  m >P /+ 2B! d 3@6 /+ E  =C C
%AB@ 9C$  7> <" " 3@ 9:+ %# B
M
/+ €
'N
 .
K E !)

@" :T P %<Ln  " mL" 9CLn5 :E )


T P %  <Ln> + h

@ T  %ML 2
=
x++
3@ => Q ? %
mP /+ A?" U5 ND M / @ 3  %O=P 3@ M / + O=0

? 4>  Hj+  !>P o2D KD 9CL % 


P" 2" @  S E )

$C s  >i

KD >2> ++ % LD <2 . Šh 0 h  V < Š Ei


 %.5 KD 9CL + 

xB !045
 %1>:
/+ =C 2=
/B+ % > @ + >> <" &?
] j] 
Tn5 =0
/

/X@ &!0> N Kn+ <v


@" .l=
2>" m :T P }2>
L @ :=n5 |t :
/+ 4!P H
+"
&P 2
Š &
/+ =C m!
 &;H @2  % " KD 
Q ? $;" %.l=
/+
:T P }A
2? &C :T P .B :T P }m" <+" :=" T 0+ ŠK" E )

$C .8!

S /+ m = H=> <  %


h! h
pn pn % -
h h j <j <= 
Ei
3  .
 B

 %&?
] j] 
=2> 2 3   d> 2>  > 3J> / !> 4  P %  
2  rB@ =C %
hX 
2+ %8!
2= H  K4 .
O8  P + %9@ 9>P
m #$
 O=2
 m8 #$
y')
B> 3@ C <= > 2P %<= 
A>"  *B
.O=2
@
O 
/+  > @ KD O=2
/+ C=B? + %
H ! >  4@ 2
=
O=H !
ND D N
. 
/+

3@  ?D  5 rH 84+  
=@" K N  ." K N  HN" K
=2 N :Q v
A>" >
.2 
. > N 3 <=@2 4+ 

…
A
% ;W  H >H  78 <" KB
M .V K 
Mt 5n Mn D A

.>2P Q/ & K MD 34


 A @ Q i
3
?  A@" Q W >2
 3 

.
=.F
=C D .F45 + 
.F45" %<=B @ T=P"

2
 @   3
8P

 
KV =5 2! h
2@ <" 2A" 
ND D N <" 2A" 3B
E  2

. !V W K 5

:2IIB @"

5  
KV /! 
!;" %5  
KV 
T=5 KD h
? A@ 3
3@ &? 2P
 M>2
 Mn+ ?
} :5  
KV  T 0+ % A P
+ A >2
 K " n
.{ A4 "

:T P }M2
 /"} :T 0+ %H A
/+ Ln4> 5  
KV /! 
KD ;W Q ?
K h @=> n:n+ % @" 2P => & &!0> &? s C <  ^{ A? 2   
<‹+ A@j
:T P.B
 
<" / F 20+ ž/@" 
2P" m  
… > /+ š" m :T 0+ =n+ %  V"
. A@2P m

< =4.@ <   / < :T P }M @ :  &0+ % A K  =A)


/ 0
e >D " m @ 
. C2" 1Sn+  
KD

 #2A> 3>2
=
 %3>2
=
z'5 /+ 
z'5 3>2
=
 /+ 
 :
H !
h  4@ MB4> %e 
/+ hN=!P MP6> % @ <=B s2> %M4>L M 78> %&!
Q
=5
.M  K> M B+" M
=P" /+ sH2> % L‹ h 

@2 Š  
/ M @ 3 d" 2  3@ m?; :T=0> 
    3 < D =C C
&? !
< !5 :m0+ %. B" A> O6 ? m>"+ :T P ŠA-
2B O8!
/+ <
%O6 
$C <2Ai 
 %. B" ND 6 ? 2A)> N O8!
q= > => @
$C <n @  n @ :Bi
QNuA mP &?
+H  ML 2B p %AB@ m+ :T=0>
A4J+ % A4 mV K4 A4B!4+ :T=0> %&?

$C 3+2 O"
$C ?n45
:
= P }O6 

mP %
h;W hN"  2
:m P %K@ &?n 2  Q/ &  K0" @  $;" @  :mP
E=$
E   . K h +@ < #2 =C :m P }=4 +H #$
&?

$C <n @ : A
m@ "
LD ! @" > :=

 5 /+ =C x>@ =C / T P %/ h P  <  %/V B

#2; K M@2P /B*+ OH B
/ H" /  m*P A4P
L‹+ 2=4
 /  0+

2A)> 3+ / 8 <=B> A+ /= h


2" #!' N %
K8 3@ Q
j?
$C :/=P
\ <D 
KD M>2> /B+ + m +H
LD p %/6 ?

 /D !E > :/=P OH B
/ 3>H m
\
@" > M *> @ :m0+ %m *+ :T P }/4 + :   3
T P %  … + #2 3
%  … +  
 /D !E > :mP 
KD #2> mB+ 3+H <" 2B 
 :m P }

N / < !*S S  > E K m@2P ! @" > :#H > # Ln 4B5 /D 
=+ :m P
.z; 5

?=" @ %C  KD ?=" @ %A @ Q 2


KD ?=" @ !3>2
=
 -" @ 
ND D N
n xB!
o |5i
- @  %<
=
M$  94 > <" 
&
] %A4V C KD
.At 2 ?  d

3 h
 -4
Q @ U !V 1>:
 P K |0> pX
 <
2=
 2=
 &?
o D
 %C2
 &?i A@= $>$ :P
2>>  APR K HN" % 0>R /+ V=> 94@
A
? 3@ 34> jt B
o @ h
X  %
  > ! A2C )@ $>$ :P
2>>
3CHN" %  >j 3A P" 3@ 9>P KD "  .)4
KD T=V=
/+ O2 @ 3A= 3@
!}^{ q   
&;2> N} :3 B
E E 0 QNuC K)'> @" % A 9CL
:T=0> ¦&
KD ? > < @ 1" h
2  
nA+ E !
KD ?  " > >2
= q  &? =C C
%< 

$C KD ND /" ?" m @ M! M! :T P E !
KD  " ?
LD < + %~ )

j
] 
2  A O;v
 2
/+
$C .M P2V =A+ H
6 @ %s˜
j?
$C :2  T=0+
.......&?
]

5 ; 7?  :3 ) O=V

= " :Q v
A>" > % A@i
 Q v
 3@   9?" 
=@=P 

=0
:Q i
A>" N"
h
 FV AB AA >  C@n> + HN" /+ 
@
"  3@ <‹+   K  HN"
3  >" &!P < 4@N
H 2P 3 C %P
=
3@ t P 2C
=)
 %
h!   4  +
7 e " 95 Š
Š 20 % 
&;H"  
3 Uj6 3@ 7? 
 %< 4@
/+ h t
H
†=" + <== > @ T  /+ A+ %Q v
~  4 
m CQ " Q v
 => %<;W
m /+ / E  %3 ) 3?L= <45 %28 ~6 3@ d B  d B
 %HNi
KD
. ? 
/ Si
+ & m /+ / E  %
ND D N + &

=@ 2  % @"  "  2P %=



 5  m %
 R /+  ! K +n+ :Ti
@"
:e  T=0> =

 5 /+ =C < + %
ND D N : = 0>    $> ˜ !" Q ?
%/00
6=.
=C
$C <"
=B4 %U  
=C
$C <"
=B4 .
=. 
ND D N
==P
.h
2" C2B K0)> N OH B5 <+ 3 <+ 2B5 :T 0> => s C 6=.
25

2   ! &B.>  %AB
 . 
H! 9CL %& 0
/+ ;W E )+ -
O=8
@"
h t
H + > E )

$C < % > F!
< *" /+ o 
@ = 9CL %A  4@
Q A4

/+ 
6 @  h
2=@ E H!
M KD &V <" 2B  .5 ;W /+ %784 > + 78 >
3@ K &B4)+ q2 .
/+ 1> 9)> ) .
AB@ e > =C %s C  0 qH .
2"
. 4'
3 A
Mn !
ND D N % + 3@ ? => +

Q v
xB %H ML /+ Š
Š Q « %95
 ;v
 7?  C2" 3 ) < =V <  C

m KD   2  H @ %> B
< *" /+  Pi
4@" Q *0 7 <D 
2B>
/4
 %2? 
/+ O)4 
<W0
™.  B? /+ 4P TF45  2 @ %


3>$
E !)
A =0> /4
.8
j

T=;2 2 @ %Q v
l 
KD = )
.2=  h =5 4 
m + %mP=
~   %&?
] j] 
<=+ '> 3>$
3@ A!

3@ @ 7 3@ @ 3>2
=
 /+ !4'> 
 % t
H
h  !4;
/+ 3 :<=
A>" >
@ M   2" !95 3@ > % !X

&5 U  
/+ 45
!7 3@ + %95
<" 
2C  2P ND 2

$C 3@  2" 3?'> N % C  A=2 6=.4 M>2

A q284 % A =2+ 3>H=?=@ = >  <‹+ A4> >=" e" &!0 9C$>
. C 3@ M$+ A0>2V &8

/+ C >D )> <" C  A4V C P6> <" KB


 .V K 
t 5n 
Tn
.3 8
 Q
2A)
 30>28
 3! 
O@6

Y Y \ Y Y Y 

[ 4 t@ ] <D] \ :K B T P   O8  @" 20+ 2@  ! K
=5
=V N"
\ Y
=5 \ Y Y
=V \ ] AI^>Y" > /!
&V
‡ A
[ƒˆ:E
ji
] h  Z [ ‡ Y Y 
Z ^ Y
=[@W
Y 3>$

Y Y Y ‡ \]
K Y ^Y [
Y Y <=8>
.3>2
=> KD < ‹ A 3B 4
 !V W K 2@ M=5 s2! K 5

sH ! 8
 %3>2
Q
2" @H %3 )
 s)
TL" %3
 5{
j" A

.S
A
%3  @ 3J
9C %3B?"  
$C /+  .S
A
%3>2=

% 
… > 3@  AB?
 h
= C=!P K &B?
A
%3
3@ 34
 Q Œ
.=!0
/+ 4) dW A
%=) 
 gB!
=> @W A
%! i
~j.
=> @W A

.......3 B
E  2
 %35
K 5 %<=.8>  OjB
E M < !5

E  KD  5

X+ %K B  !5 H ! /C N" ?   %! > F 0; K B  !5 
<D
E  &B? %  3@ !C 4 ? /+ !S %04
R
V  3 %  P='@ /+  .4
K
}
KD ~=? OH !@ 3@ &A+ %U=4.@ =4


 P='@ /+  .4
K g

 J5 3@ ."  3@   L=B % D E=4 .F4 B4 2 % 2
<D
N 2 
ND D N <" 2A" %  #H C + &*> 3@ %  &*@ + 
2A> 3@ %  "
3@ 4@" 3
 2! 3
 2! OH A %>2P Q/ & K =C 2
 M
 %  M>
%3 B  
5" % =5 
2! h
2@ <" 2A" % 4 3 3 +R  Kh S N
 
KV % .S
h h =P % V
h h 
LW % 
h h "  74+ %T=0B
  " %28
 U)+
.h
X h  5 3B 4
 !V W K

:2IIB @"

K  >D B? &B> <" &? j 


Tn % 
94

$C   
  :!i
A>"
9
<
LD %8. > N #$
€ 
=A+ % + h ! B? &B> <" n %
2"
h h t
H '

@ < + Š  <= > <"   Š ;W …F 9


<
LD % p KW m! m!p 
/+
.h B>5 9C$> 
F < @ h t
H K0!>  < @ %3 >  <n  9C$>

%
&!5 /+  / @ m0." = S D N #$
]] : "  
/ H=B@ 3
T=0>
xF" N % :
&C" 9" N m!V" p % @ " N &
mP %:+" N  A 
mV p
.[[ / !> N  
/+ /A? K 
/ ! > <" m)' 8B
&C"

!}!i
A>"  z! €  #"

. A 0>  3 ˜
2 % A+ ˜N %
ND D  z! 3

 /+  >D B> <" 


$C /+  >D B? #$
&? j 
Tn5" :!i
A>"
.240@ M@ 2  q2V 20B@ /+ %A  ? /+ '

g>2 % t i Ei
g>2 % =;{ Ži
g>2 =C %!i
A>"  D  ’2" <" 2>" @
.3 @u
.  o $
 %o L    =4+ =4B5 

:!i
A>" >

#H  U
i  =
#H  #H 4
 /;
4

L  N"

#H 
T=P KD /F8 + mP &  
3@ >H 
#H 
3@ 2"  *BN h
H ? =+

#H >H6
KD E=$
3  “ 04
KD e=. 
e ."

#H 8
S ˜
H d+ 
:
 P ~)
@
LD

#H > A>H @ o;i  o2! 2P 9)  Mn

#H 4
=> KD  @5 
=*P + K*P 2P
= P

Y [ \ Z [ 4
TW] <=@ Z [ IZY"Y ND]\ 3=
\\ Y [ 1
] [ [ Y NY  0I ]
=0I[ ]

=[@W
] Y Y 
Y 3>$
Y
\ ] AI^>Y" > :K B T P
Y Y
\ Y Y O2
 \ f Z Y 3@\  0;
] Y Y A?6
g Y Y f Y Y d.I
Y Y Z Y AIY Z @ 1;
\ [ ]
=0I[ ]
e ]
AI^>Y" > [abc:<

Z Z [ Y Y Y #$
]   [ Y [ Y Y
\   \ Y [ Y #$
\ ] Y 
\ \ \
h !P
Y Z [ Z Y Y < Y Y Y ]
<D Y Y Z Y Z Y \ <=Q 
] \  i
 YY
]
=0I[ ]
Y Q  Y \ AI
h Y Y h
X Y hN ? Y [ Z@
.[a:Q  
]

}34>v
3 A &t 0
3@ !!i
A>" > T
u5

}34>v
3 A  4
3@

\ ] /+\
L @
:T=0>  @ 2
 &  /n [aba:d=>] 
 
Y Y
-
\ [ : =0  4
3@
YY [[ Z &P
.=C ND D N #$

D

} A! = 3@ 9
= 

} AB+ 3@ Q 

} A!8 3@ T !

} A:5 3@ …i

\ \ Z …i

\ Z] r4;

\ Y ]
Y &
\ ] 1; \ Z Y /+\ <D ] \ :T P #$
=C ND D N #$

D
 AI Y \ Z Y Z Y 
 

YY
Y Y Y h
H=BI[ [PY h @ Y\P Y 

K ] < $> \ ] }A .V @[a”b:<


 TW] E !Z
Y [ [ Z Y 3>$
\ [ \  >v
\ YYi
Z /i f Y
Y
\ YY \ Y m0; \ ] 1; \ Z Y /+\ < .I \
Y [ ] Y Y4IY>Y A=
E
$
Y Y Y Y0+Y M !5 Y Z [ hR Y
$C \ Z Y Z Y 
 

Y Y Z Y Y @Y YI]Y …i
 YY Z \ [?[
\ ]

.[a”a:<
 TW] 

$C /+ Q/ & !!i


A>" > :T˜ 4

$C &!P   T=P" Q " T˜  :!i
A>" >
<" KD ?  /+ 4 X@" ML K   En5 %&? j 

2= 1: > H=?=

 .4
E  3@ % -i
UR E  3@ %ML K 2 n4
E  3@ 3  %X@i
E*
.…i
 
 
= @ /+ - 


O )
A4 "
L‹+ %
h †'  
A4 "
LD P=
$C Š!i
A>" >Š =4
P
<= +  P='@ pp A n O2
 P !h
> †' j0
OHH A4 "
L‹+ % p
h m?;"
h
2@ <" 
ND D N <" 2A) =4
P <D !!g!; +  9R 3 @ h .4'@ †
;{

.M$ 1: > A 0@ <  %M$ 1: > A  <  %


T=5

<L" 3 &0 90  


B" h
) <D %
ND D N <" 2A) P /C :!i
A>"
K" $C /+ =4
P <‹+ !=C ND D N #$
=C 
<" rB> N p K8 N 2B N B
% 0; 3@
Z Y rB> + % A+ d 4
#$

$C 3@ &? j 
2  9" K" @ -" @
.M$ @ K" =4
P %2!B> 3@  s4> 3@ %  . H> 3@ rB> 

T ' 2
2
o  + 3B H=?=
/+ &@n

T
L M ? K0!> K .> r=5 h B? A+ 3@

}
H" !: 9!R > 3@ oH
2> 4.:' 9!: &P

} . 3@ 9:
<= + j @2B /+=  x> &P

} CH 7V > >   3@  3@ N => 78 &P

}
=C" #$

L 3@ A o=A+ O. $> <  8! &P

} :; H=0> 3@ 
2:V
  j
3 :; Ki
&t 5 &

} > #$
@ K@ ~
  hNjB@ ‰B> 3  &P
} " #$
@ OHN=
o2 !  ‰A?" K  2= &P

} ) = 
L 3@ n5 + 5 g. > < !BX
o
LD

} + Œ> 

$C  " ‰B | < !Bp > n5


}  3@ 2A) &P h
2A R 0 | & 
<=: Tn5


} .V #$
@ ’+ H 3 < K.8
3!
&t 5 &

 o = h   h !  >W 3@ <= 


/+ @ 945

ND 2
= d h
2 M
$ -B
2
M /

1: > Q/ & %>2P Q/ & K =C 2


 M
 %  M> N 2 
ND D N
=S :+ 
2 @ 1 H=!B
 !5 n 1: > Q/ &  % 20 1: > Q/ &  % 4
2=
. H 3@ 2!

3@ [ Z Y Z Y !

Z Y Y …i
 [ Z ] 
 

[ Y Y ] [ Y 7!
[ ‡ Y [ :&  Q/ & K =C Q/ & 1 ; 
ND D N
\ \ \ 7!> f Y 3@\ <D
\ ]\\
3@ @ m.
%
KD  5 - 9 =@ ^[:Q
5{
] 2 Z Y [ ‡ Y [ ND]\ Q/
Z Z Z Y 3A+
.......K B  !5  <L‹ 2B+ K)@ 3@ 9 =

$C E  /+ K)@ %/0)+ %m.

< {
1; 3@  

2N 3  h ?L 5 <= > 2P T


u5 }2!B
A>" M0; 3@ }E )
A>" M0; 3@ ;W hN
u5 Tn5"
.=C ND D N #$

D % ?D 3@ 

M. " t A!


& n  & n %Q
=5 t A!
 M0; &C }
h C M  &C } X!
h M0; &C
}M+

C L }sH >D M0; 3@  


+ %sH >D M0'   &B? M+ M. 2P D
[ \ [" @ f Z \ 3@\ AI[ Z @\ 2> \ [ Z \ ND]\ di

\ ] \ 
m0;
2> Y Y q6 Z Z [ \ [" @Y * <2!BI
[Y Y Z Z Y 3Z [ ZY Y @
Y Y : =0 K B  !5 

\ \ ][ 
L[ q

[ 6]
\ \ Z <"
] ] \ * <=B:>
.[ƒŠcˆ: >
$
] 34Z[ Y 
O=0Z ] =CY [ Y 
<D [ [ ZY
|P= <" 2N Q n m. " o25
h m  &C }m0; g!B" }m0; =A" }m0;
L  h
LD
ND O! N OFV H F N 0p  @ 5 /+ O2
 O2
 A  Tn 
 @"
3@  >D B> <" 
Tn5"Š x!@ ? @‹+ M@ @" 5 /+ 4 @ 245 } A48"
ŠQ
H=
=?=
$C &C" 3@ <= + 2" /0)> N" 
Tn5"Š H=@ ? @D Š| 8

$C
.

* N M4 R B.  N " 


p %K B  !5 H ! /C   
0;:h
LD
 
$C  3@ O ' + %&? j  M4 R MB.  M48B@ s* D %M48B@
. &? 
/> @ S /+ &0B
s
L U
=
$C 

$C &B45 +

ž/ !> " 3l  + %/ !> AD - > &.R s C %<=!B>  FV !8 > |
2"
> / "
$A @ :T P }!B M #4" <" 2>" !/  > :  T 0+ !B A  !B  d i
S <=B.> QNuC <i / " :T P }/ !  Y :T P . &? 
r FV E  ..&0B
&P
N YIZYD\  " \
Z [ ]Y Y h X!
Y Y 
Z [ Y0; Y ]Y 4!+"
ZY Y " Z [Z Y Y Y : 
&C" h '=@ 
T=P
=B>  " % 
=0; @
Šaaƒ:<= @u
] >\ \ Z \ Z Y 
E
Y 
BZ ^ Y =C \ \ ^ Y 
MZ
Y [ ND] Y DY N 1Z [ \ Y 
[ 

] K BI
Y Y Y4IY+ * <=B?I
Y [ Y Z [
/ B@ A.+ <W0
K K #$
E )

$C E
=? 3@ ‰CH 2P &?

$C T 0+^[aaˆ
$)9 $ MD ../  > :  9" 2P  &?

$C T P }T P
L @ % B
h P
 h  A0!R <W0

:h
2
 h 4  T P ./ -B+ h
FV m <D (&0

/P ! 2
K / @ / P ! 2
+

!!i
A>" - -=@


=@ 
=BC 
=0; 
Y  i
 = 
 @"


=@ C
= 5 A=P <= " = =
=0; 20

 - T
=C" (= ) p ) p  @


=@ V 4+ '@ 3@
=8+ e " m 2P )
=
  ¥ 0>" |A 
&Cn A " @"
LD 3

......

04
€
8

3@ %/P /.  #2C AB!


3@  .V
=@  &B? % 04@ h h 0>R  
5 :!i
A>"
\ Y /R
\ \ Y <"
[ \] Y NY [=B! +

=B!4I [ \] Y h 04@
Z [ Y V
$C Y ] Y Y :
T=0
=B " %  &> p  &>=+ A. 
\ \ \ \ Y  
\ \ [ ]  L
2
 1>R ^[aƒ‚: Bi
] <=0I Z [ ] Y Y   V
Y [ ]4IY  B Z Z [ \ q.I
Z Y Z [ Y !5Y 3 Y ] Y Y4IY+ &!

Y [^
% h P ) B" &!P 5  
KV K.:8
A P %d> 0@  % .V
=@  =5@
K4 q+ KD  KD E
j" KD Ej 0
p %3j KD 3
ML 3@ e 
0 +
ND  
/+ A P+ 3B!5 ’p KD q4.45 A" K.:8
!;"  @i
$C mP4+

}? 
P.
$C  .V
=@ @ %O2


} A> 0@ @

} A >6
=@ @

^{ / V" =
 " @ &X@ K < 3@} :T P 5  
KV K.:8
C L
 < @ &X@ K < 3@ %5  
KV K.:8
 < @ &X@ K < 3@
E )
A>" M. 2 ? &A+ %04
€
8
K T
6 N #$
=C %
 
@i
|5
}P.
$C 90 $;n> <" 14> 3@ <= 4 M. 2 ? &C }P.
$C &C" 3@ <= 4

&  2N 3  %  


  
&C" 3@ " % |
3@ " :T=0>   %ML /2> 
..  3@ Q H


$ A 0 N K K hV /2> &
 

:T=0 T
u

$C &X@  => M  3 +

#2> /+ :> 
E 4 /B@ ~H ; E
5 >=F> #  

 
 E 4 
>2C D EF " q) #240 " &* 3 h B?  T 
<  3 
.......h B? e 
. ; <D  M4


 R K g

%5{
5  < >{
5  M+)> M>H > => % &? 
Q
2  => M. !4;

]
=BR" \ \ ] AI^>Y" > :T=0> => D 5
%o;" O@ e 
= m M;2>
Y 
[ Y
=[@W Y 3>$

Y Y Y
\ ] [ [ Y N * <=B
 ] \ * <=B>
] Y <D Y [ Y Z Y N C Z \ Y
= [ YP 3>$
Z [ Y YB5 Y Y
==  Y Y [ Y Z Y 4I Z ] Y Y NY [ =5
Z [ ZY"Y [ Z Y
==I Y [ YY
}
Q
2 mB5" ^[ccŠcb:T .i
] <=0BI Y [ \ Z Y> N 3>$

\ ] Z 
8
\] \ ‡ ]
Y  !Z[ [ ^ ^ 
2Y Z  E
2
Y

} "P"

=5 
mBR" &C % =5 
~ R" 3@ MB> <" 
Tn5n+ h
X 4B5 h
X "P 20
}1

}Q/ #n !M o)

\ Y ^ 30>28

\ \ \ \ Y 
\ ] @ MJn+
\ \ \ [ 3@
Y Y Y ‡ ‡ Y 3!
Q
2A)
 Y ‡ ]
3@ Z Z Y [ ] BI
Y A Y Y ZY" 3>$

Y Y Y Y Y [Y T=5
 ] :>
Y [ ] Y Y 
Z YY
\ MJ"
\ \\
N mB5 <L" N " 3 N @ M o) ^[ˆ”:Q  
] h 0+ Y Y Y [ 3
Y [ Y Y 3 8

Y ] Y
..
H /+ %) 9P K :;

A+ m  ‰) <


.j
 A4 R M
 9CL C=8P

{> A /4 ! d %m   m


LD %m mBR"[
LD /D} :T=0> &? j 
<" pi
/+
!2  !5

}pi

$C &X@ /+  &? j 
T P
L + % =5 :>  
:>  K8 #$
;v
@"
N /? /j %2=
3@  
•! /4 B %m B m!*S
LD %m!*S m8[
LD} :T P
% > @ KD 9> @  m04
ND  " @ KD &04 + 9" @ K #2! 3@ 2! <= >
 > @  m04
ND 9" @ KD &04 +  " @ K #2! 3@ 2! <= > N /? /j
j 
KD H=B <" 
9*F> @ m 3@ > M V+ &? j 
3@ 2{ 9> @ KD
:&?
&;H Q
H A+ K4 r=5 UR
 &P B + .F
O2P 3@ !4 +

U V > h  V M.  & + U


j@ S =C 2? @i

......

@ 0
=> /+ 1'
T 

[ ? f
Z Y K0IY !Z IY>Y *< +Y AIY ZYY 3@
Z Y &
^ [ :&t
6 
; Q/ &  %&R  
; Q/ & <" 
p
. y4;
 %q='@ & K Q .
94 ^[ckŠcˆ:3
] 
\ Y i
 Z \Z Y TZ
\ Y 
L[ M
Y ‡Y
@ =
<D 
 % h C <  =  /A4 5 @i
< = 
 %2  !5 Q 0! 
> ML & % 5 @ <=C" 4) 4l @ !0
<D % 5 @ <=C" 2 @  5
@ ND > + h > Q
m. %E=F
 #2> 3 r=P=  <=P
LD }K4@ 3C !i
A>"
h !*S E
9*S 2P % 
ND > + A?  @" m. %2P @ ND > + hN  m. %2P
f %M+ M @ H=A)
%zP X@ 2B N !P 9*F> 
%2A) <
LW %2A)  " %2A) 2>"
2P %A=P C
L %CH ?" >  %A@
2P" + 
Q ? 2P A @ m" e 
% 2A) U
=?
h F!@ A @ qB
•!+ %&@ 2P A @ d)
mH 2P %CH ! " m4. 2P %A=P :.

) ^[:† B
] f Y5Y |Z \ f > /+\ : @ D A*B " K4
\ Y Y =I
Y Y" 3;
Y Z Y [
20@
[ Y Z < ZY h
.......r
=?i
q4 %E=0
:.4 H ! i
A @ :04 %E
 N  BR

 
&C" E
$

3@  
gB †;" :T=0+ .M>2B5 M! :T=0+ !HW > :
T=0> p 3>6
=
98  p
2  %<=B B t B |" & 3@ :T P }E > /4>L 3@  
gB @ :T P .M4>L
\ Y &
f Z Y 
L f \ &
C
Z [ @
Y Y o 5 Y ]
oIY YY A
Y Y [ e Y Y Z Y & ^ [ * Z Y Y Z Y 
[ Y Y Y mB" ] Y B@
Y Z [ ^ [ &C$
[ Y Z Y :ML
.[c:
] 2>2 \ Y 

\ ] E
$ \ Y o 
Y Y Y 3] Y Y Y[
\

^[k:< ;2
] [$;
[ [ :
/B5 /+  t 
T=0> p %<
j
98 > =>  $
0 /+ …i
 !

 
04> <" 
<L" = M@ & %M@ |" <=B!5 24!+
" M>  M | :
= P }/= N" :T=0> A>2>" /+ m4.4+ %&B. O2

\ \ Z[ /4
\ \ Y 4! V
\ \Y \ Y * ;"
\] 48+ \\ \ \ \ \ f \ \ \ Y Y 3@\ #24.I
\ Y Z > =Y Z
* >uI Y Y Y Y Y *  Y! $J@=IZY> E
$ Z Y Z [ \ Z [ 
H=I
^ Y Y> :3


\ Y ] Y * K-
Y Y AIY ]\D  \ \ Z I> p
] Y *  \ \ Y Z /+\ 3@
Y ] h
jI
.[aˆŠac:† B
] o=) [ ] [ h B?Y …i

Z Z YY

K4   |" %


K4   |" %m*
K4   |" :  rNW pp A 2P"
\ Z Y  Y )
80Z \ Y AI]\D : C n.:> N A!A Q/*> N -@ Q
H=5 /A+ H=5

f Y Y \ /@I
Z Y
ND E0@ M@ K0!> + B)
KD Q =
F!
0A + 
K 1A) [‚c:5
]
.2>2 AB@ 0@ %2>2V =P6 A@ BR %2B CBP %2>2 C % p ?
h 4!  K ;

E
$BZ
[ Y Y 
C )FI
[ [ Y Z Y> =I
Y ZY> !A
$ -" @ !A 0 2" @ %<=@
A E$ > /4
 A? AD
\ \ \ ]
3@\ &l \ \ Y ^[ƒƒ:=! B
] A?" \ \ Y 3@ \ \ \ Y+ 3@\
&l Z \ Z Y 3@
Y[ A4 Z Y  Z \ Z Y+ 3@
Y  Y[ AP=I Z A
Z[ Z \ [ Z Y m Z Z Y AP=I
Z Z Z
\ \
\ \ Y 
/+ * <=!> \ \ \ \
[ Z Y Z LD\ [aˆ:@j
]
<>
Y [ Y Z [  \ ]
/+ p ] [ Z Y [Y Z [ [&5
 ] Y AP Z \ Y"
Z Y /+ TSi

^[ƒˆŠQ  
] E
$BZ [ [ Y\ CYIY ZYS h
H=?
Y Y Y 

=P$ [ [ C ] Y CH=?
Z [ YZ2 Z Y \ Y 
Z [ [ [ [ m* Y ] [ [kcŠka:+ S]
f \
=p FI
\ Z Y &AZ
#=)> \ Z [  Y Q  [ \ Y Z Y <D
Y [ Y [>
=XF4> Z \ Y :<=XF4> 
KD
=J F!@ A E
$B
•
LD
q4 K4 h - h ): A 
/0>^[c”:|A 
] h 0.IY YZ @[ Q 5 Z Y Y Y E
] dJ
[ Y )
\ [ 

Y Z Y=?=Z
[
E
)
E > :<==0+ }<2> @ %<=F! @ :T=0> %Q
H=5  5 A 
„) > p A+
=?"
%A55 KD &55 %AS" KD hNS" 
C:+ .E
)
E
)
E > %E
)

.A
 C? KD h 
 h
?

<=u> !!}!i
A>" > E
$B
s
L &4  ?" #" !
ND D + %  C2B <=n> p
z0 )> <" &!P ^[ak:C
D] [ F> [ \ [ H >
[ Y Y NY [ 4I
[ ] Y YY> :  3@  2N )  
H >
[ Y Y NY [ 4I
[ ] Y YY> :  3@  2N p %2B )>  % O2 3@ @2P 2  A? O+
:
T=P M$+ % @2P @ : /+ @ m5 Q B@" :P 
L‹+^[ak:C
D] [ F> [ \[
f ‡ \ =C[ @ < @f \ [ 
n>
\ \Z ^[aƒ:2@] CQ B@"Y :0I \
mY Y Y Y Y Y & ‡ [ 3@
Z =Z
ZY YY Z [ Y Y Z Y ] Y Y+ h Y Q @
h Y
=05
[[ Y
1B % V .@ 3@ &8.@ & m 3@  .l" m 3@ B m 3@ n> ^[ak:C
D]
N  > N "2A> N % 
K /)> % A @ KD H=B N 7>4+ †' N   2  .
.[k: R] K> \ [
Y Z Y NY A+
Y =>[ Y N : 
/+   % 
3@ 
 % 
3@ @ BR %7>4>

Z ‡ Y [  
]Y |.'> [ Z Y ]A? \ Y \ \ ]
/+\ 3>$
\ ] Y Y : A? j; KD ML 2B <=J> p
Z [ ]Y
=H
Y Y YjY ' Y T P Y
\ YI‡I!Z \  5 \ [ Y " \ Y Y 
3@\
[Q HY [ @
Y Y
=H +
[ Z Y
= P
[ Y KIY Y
= P
[ Y  Z [ ZY M
Y Z [ [ [ [  n Z Y Y Y
= P
[ Y * E
$BZ Y h @=IZY>
> :<==0+ %M @ KD  
<6 ; KD C2B <=A4> [ƒbŠ”:+ S] T f Y /+\ ND]\ 3>\ + Z
\
Y Y 

.H=B N ‹+ A @ ?;" !M @ > %H=


@ m* 2P !M @ > %2>2
0p" 2P !M @
 D :T=0+ h @  3B" 2B A H> Š ‰i
T P  Šh @  3B" 2B A H+
m!S
Z YY Y YI]Y
= P
[ Y :<==0+ %=C ND D N 2  !5 %3
" KD <=J+ .<=X @
\ [ Z T P
NY A+
Y
n;
Y [ \ Y ‹+
Y Y Y * <= l ] \Y 2 Z \Y AIY Z @\ Y?;"
Y Z [ <‹+ ‡
Z \ Z Y YI]Y * 3 
Y Y h @=IZ YP ] [Y YI[=0
\
Y Z YIZYY
=C D   C2"  4> N %. m ! C2" d! > +[abŠabˆ:<= @u
] <=  \ ‡Y [
[
% At @H A=@H /+ 3.
m5" = K4 /A4  K4 ~=@2
<= !> %+j
 1A)

.@
 + B

Tn

 =P /!P o" /i ž !S


h N h !C ML  L % =5 
 R 3 3B
Q
j?
$C
H=B <" 2N %<W0
KD H=B <" !i
A>" > 2+ %mP 2P A @i
E=P %mP 2P
.!i
A>" '
)n+ E=0
mN
L‹+ E=0
34 <W0
 >W KD

E 4B
 8 
/ @
=B4+  !"

E
=X
3   =?>  ! /+ y'@ 3@

E
$B
3@ 
3@ =?=
o$C K K)'>

E > <" K" 1 +


=!*F N  !"


B@  B)45

/+ % 
 z) 
/+ %B
 
/+ &? j 
o=04  Vn+ V=  4V" <D
=C  !
=B?
%
=C  !P
=B?
%
KD
=J
%Q
*
 Q

/+ %
 B

 !5 D ND @  @ N % D ND @ EA@ N %=C ND 9 N =C ND 9P N %

.&? j 
KD ND n4@ N %K B

/+  Š K B  !5 &B? % B!5h 3i


 h B!5 
 

1; !!i
A>" >
O@ Q 5 Q 5 & 3 @ %  t ; O@ …i
 2
Q 
3 @ Šg>H i

 q=+ ML q=+ 3@ &? j 


 %  t ; O@ Q 5 & M5 %  t ;
\ f Z Y NY AB
fY Y o=Y 3@\ <= >
\ [ ND]\ pp
Y [ ND] ;
=C Y Z [[ Y =C
Y Y Z Z [ [ Y @Y :  K o=4@ 0; K 3t 
\ Z Y NY ML \ YZ Y N A5H 5
Y \Y 3@ \
B)45
&C ^[k:H 
]
= Y Z Y" AB@
[ Y @Y 3> Y [ ND] IY YX "
Z [ Y Y =C Z KH" Y Z [[ Y
.T 
 045N B
$C B)45
= }!i
A>" > B
$C

.=C ND D N #$

D }  "  +8 K 9P
=C 3@:h
LD

9P / &P 3  =; &0 + h @=> C2


=; @
LD

9F>  .' @ <" N  5 &.F> 


3! N

......

U=4.@ =4
E 

+ %Q -

/+ %Q 8
O'8
K %Q
H=
 
9H B> %2 
< !5
45
 %&? j 
/A 9 4?
 
@" &X4@
%s@" g s20.> N %s A g 
s
>
" 
 %M KD 9 M. ?
+ z>. M @ &8 <D p %&? j  20
 Z *;

Y [ \ Z [  B \ Z 
AI^>Y" h B? \
\ 

 &t 0
=C ^[‚a:= 
] <=.I Z [ ] Y Y <=
Y [@uZ
[ Y Y ] KDY\
==
[ [ Y :T=0>  !5
% B?
h E=$
.S" "  A 
 &  <=J:'  D !#H ! >} :/520
g>2
/+
< @ M .S / =? / =H @ MD !HW 3
>} :&t 0
=C ^{   .S" /.F45 +
!HW 3
> %M .S / .F45
p Q 
<  M=L mF = !HW 3
> %/ " N M @
.^{ O.F@ A
0 M4i h J / s) N / 40 p > :; …i
E
0 / 4" =

 P 3 
3 3 |'  M"  + m6 n:;" <D !9!
A>" > !E )
A>" >
E "  + -
 < :
 <
2  445

LD %9
 9P
=C % &? 

3@ Q
2 
sQ ? p M
+ /+ m
LD %ML 3 ? + 2  !5 Q/ & E -

 “  @D % =5  :@ @D :3  2" mn+ "U.


K / %O8
K /
— " 

2  M < žM @ m>H" m!CL m0+ 


mBR" <D %M$ <=  <" s   =5
\ jY ?Y 3" \ ] [P 3@\ AY /.;"
f [ Z Y OI \
<=
Y [BI
Y Z Y>
=
[ Y 
Y Q

h Z Z [ Y Z [ @Y d.I
 Z Y BI
[ Y Z Y +Y :M 2" @ 

T >
$;n => o=04
KD † 4 %O8 KD =0 @2  o=04
KD † 4^[ak:O2
]
j   R /+ ND 1. > N % 0. 5 3>" T >

$C $;" 3>" 3@ rB %52
KD  9C$ 
4!4
3>" 3@ T >

$C 3 Mn+ M0;  h  > 
 @" |045 T >

$C <i ž&?
}8B@ /+ 40." <D K B  !5 M 9 <  #n } 40." +

<Li
$A M B" 
<"  + %&? j 
9*F> h =V mB5
LD !9!
A>" >
.F+ F <" mB:45
<D %=8

$C ~ 5 3 AVn+

[ %-  <" M &> N - @ KD -


LD !9!
A>" >

 %M B 9CL
p %M Ki +
.28
/.' @ 3i
 t ; B> 3@ O- 
$C K 95 @ M"

2C )
<" 
%s2= H.  => %
#2> 3 M 2A) r=5 U
=? !E )
A>" >
%2A) <L" %2A) 3 %2A) &? 2A) 2> %
#2> 3 |0 => M. 3@ <= 5
\ \ \ Y Y 2A)
.......[c:= 
] A?" Z \ Z Y Y AI
Z [ [ [ Z Y Y A>2>" Z [ [Y4 ZY" A
Z Z [ Y Z Y =I
Y ZY> :2A)> Q/ & 


K T !P{
/+ @i
|5 3@ †L=

% AX@
==  <"   Oj+  †L  

$C %†L     L" <"  4'
/+ 2>" !!i
A>" >
<=
A+ 3'p" /4
 Š3 BP T"Š 2 BP=@ /+ :!i
A>" > T=P"  F8
/" 3  D }  " &X E  3@ <
L @ }  " &X &.: <
L @ 3 )

=>  &? 


KD ?=4+ %5{  &? j  
B 2P r FV E  % “ P
/+ 9> 7!Vn+ A: 2B5 C$;n+  >=R m  %|
&t  $;" <" < + % 2
<DŠ B  20> &C }20>
L @ %
KD 4> !  |
T=R &?
8P 3@ …i

@H 20> <" ND h p   …>  D }Š- m <DŠ  20> &C }Š- m
 
KV /! 
W = i ž3
r=.V 3 o
=4> |
$;n+ %&? j 
}  3@ <
L + .?
: BI T P 5  
KV K.:8
W+ %H 5
2B5 =;" T=0+ %
h h
 /!8

$C ?   mB@H & }s C -4  r=
 U+"
/+ OH A)
@ + 
&!5 /+ &40 ND †; @ 
 !
T=5 > :- @ 3@ pn <" 2B
2" <=  <=
84 + 2 OjS &;2> 5  
KV /! 
 7+ %=

$C
. “ P /" 3  %
<L‹ At
2A

 ! 3@ o <" j>jB 


K ML @ %<v
  " FV" &X  }s
$W  
 !5 
=A+ %<2  ? /+  X@" BI B> <" 
Tn %
h h
 h

.2

$C  ! 3@ <D !i


A>" > 
 }z0+ / 
&C 3  / 
3@ &X@
$C :!i
A>"
t 
 3@ &*+" 5{
C &> 3>2
C &> 3@  >i
$C  .R" 3@ & % >i

.  t 
=" &> @ -"  R 3 & &.:

$C <D % 

N B /+ 3 ! 4" > :T=0>  …4B>  >i


3@ h @=> " KD /n> E !)
3@ E 
T >
A+ * /4
?X
$C ~
=)
3@ ~  & /+ 2  % &? 
ND AB>
%$C T; 3@ >H 2'> | E )

$C  .+ % A!" @ " h
8 s C 3@  †'4+
¥ 0>" <D %> m h B?  )
$C % >h  d /!!
% >h  d E
)

Ri  ?X
$C Œ4:T P }/!8

$C  +
L @ %$C 3@ C" U
i
Q
$S E=0

Q/
$A+
$C <=!> 3>$
3@ < <D % :>
h   †'+ T >
*+ 2
=
/n+ @5{

.. @ 2.4> B $;n> <" 2N D H=B> 3 T >


9CL 20+ QNuC 3@ 3 >  <D %9R
!..!i
A>" > -  . D < !8
3@ /!V  .

$C 3@ !)4 <" 2B ND !i


A>" > >H 2' N } >H 2' |  .4

$C KD † 4 +

KD <=A4 h 0> h   =P „4 => %&? j 
3@ 0> #$
/)
B
%B

2
 h  h 
= 
2 2 :H 8 T=0 3  % 8 
B> < {
28> => %&? j
.MA@" <" 

3 B $C O=;{


A>" >Š 
 /+ &? j 
/8B> < 2!

$C E ! 3@ E 

$C Š
 /+ 
/8B <"  &> p &>=+ m B
<‹+ %B 
$C F45
<D A+
  X@" 3!:
E !)
2" n+ #=> H > N %&? j 
3 h
H  h
H V < E )

$C 3@ en>
$C .  .F N A
!}
 /+ 
/8B %
1
!/;" > :  T=0>
8@  .F> N #$
<"  $ %&? j 
K @2P  $ ‰CH t6[ s
L 3  %E )

/ l 3 Mn5" E > :T P } @ <


L + %&P &!P A+ V" xB 4B5 /4
 
KD
m@2 m! mBP" 2P A
%/ !P + #@" 2 0@ MD m0" /D A
%/ 4!P ND M+
!P V => % A+ €+ /4
8B
K h @H  h
 h
 9C$> %/ !P + MD 2
.&? j 
KD ? %mP  pn
  
KD &;2> %
† ; 3@  9C$+ /n> %  =0>  A =8>  0+:T=0>
. &? 
<L‹  ; 3 ..h 4@ s C z0> 
 3 
3 m!  r=:> =C

& ND  '


3 2B @ % '
3 &? j 
F q28 &? j 
KD H  3@
.......K B  !5 
<L‹ ;

B
9R K g

U=4.@ =4
E  <" 40; 
=B p %“;‹ B

=!: <" KD  =H" !!i
A>" +
r=5 r=5 r=5 <==0 4" E !
1F> <"  >‹+

B K o=5 <= 4 N  r= /*   "

D N  /*   "   1B4 r=


C

# .5i
3@
 .5 4"

!9!
A>" +

 H=;
 2
/+ d @i
8P 
1

=>  h
2C  N  h
2C  B> <" %4B5 P   >D B. > <" &? j 
Tn5"
.......2@ ! K 5 
KV %&? j 
K0

J5i

.......

!F
3@ >$4

.8 
=?n+ !F
<= 4> N   O=;{
xB:T
u

^ \ [ Y h *BIZ Y  *BI
9>" Z [ [ Z Y 94FI
Z YZ Y> NY :&? j 
T=0> %:; !F
Q
H :!i
A>" >:E
=

\ \
;"  & n> <" 2" 9>" ^[ac:

] [=4C + [ [ Z \ Y Y h 4@
Z Y ;"Y  Y [ ZY <"
Y Z Y & n> Z Y  2"
Z [[ Y Y
+ % 4@ d h   & n m" :  T=0 %&? j 
/+ Ži

$C E 4F> #$
<D } 4@
f O8 s A ;W /+ /n <" 
K)' @" % 4@ < <D M 
M @ > p %&? j   L
A>" > M
=;D M @ > N p 3>2
Q
2" ? M @ > %o 8 
M @ > H=A

!9!

f K @} :Q 


KD  † => 5  
KV /! 
T=0>
3@  .l" A =P
<=B0> 3>$
QNuC :T P &>!? > QNuC 3@ :mP :T P %C2V AC=? A <=)'> e 
@ T= <" !4 + %5  
KV T P  " ^{ A
" <= n> e 
= /+
.&? j 
#2> 3 “ 80
 %sF   3@ M>2

<W0
K d. 
…

}7 R " 7 V
 " &C /. r" | :T
u

%@n n <W0


@ M. 2? <D <W0
"0 @2  M. !4;
:T=P" ":E
=

%N 
h  /0 N <W0
"0 m" M. 2? <D %7 V 
Q  <D mn+ A  /A4 
f M 3> <" 
Tn5 +
‫ ھنا انتھت المحاضرة‬.M 9P N ‹+ 90
/1

p" €4;N

% AR4;
KD #Hu> 1>R &  %E i
 …
i
™. K H2 2 " 5{
<D

$C @i
m5  @2  %3A T=;2
" %3A O='
 %Q  
: '@ 3@ >$ >" $
€4;N
A!!5 X!; ) + !P B+ 3  => & + % + mBP + mBP >$4

.@i
O  /+ O='
 €4;N
p" h !@ %
-. ()
 …B @
$C .O='


 B4
 @i
K €4;N
 pW

 J5 3@ ."  3@   L=B % D E=4 .F4 B4 2 % 2
<D
N 2 
ND D N <" 2A" %  #H C + &*> 3@ %  &*@ + 
2A> 3@ %  "
  " %28
 U)+ %3 B  
5" =5 2! h
2@ <" 2A" %  M>
3B 4
 !V W K  
KV % .S
h h =P % V
h h 
LW % 
h h "  74+ %T=0B

f
.h
X h  5 < ‹ A

:2IIB @"

\ \ Y \ I M?
6i
\ \ Z 
Q 
32> \
Y Z [ 3Y  @uZ [ Y Y M Y Y Y Y \ Y Z Y \ &P Z [ /! ^ \]
AIY ^>Y" >Y :K B s ! 1
T=0> :
H !
4\ YZ IY>  \ \ ] < Z Y KH" Y \Y 3A!?
Y Z Y ML ] \ \ \ Y 3@ \ ]\Y
Z Y 3J
Z Y * h Y h
=.S
[Y [ 
Y YY 3>LuIY Z Y Z [> +Y 3+BI
Y Z Y Z [> <" Z 3A ZY
ND]\ A+ \ Y Y \ N p \ Y ]IY>\ ZFI[Y \ Y>2Z
\ 
/+\ <=.?Z
Y [ \ Z [ 
Y …@ \ \ \ ] <=0+ \
Y M >[ Y [ ] [ AZ\ M Y Z \ [[P /+ 3>$

 Y Y A=I Y Y Y [ YZ[ 

\ Z Y
=I[ ‡4I[P
$;" \ [ \[  I>Y" 3=B@
\ \
.[ˆaŠƒ”:E
ji
] h40I Y [ [
=.0p Y Y Z Y [ Z Y * hPY

 p2
… 04
3@6 /+ >!
 > :'
/+ BP

\
Q .
]
=L Q 8
 '
< A+
&C" A$ g

f @ 3 + e
/t  e   f &  <@v
Q 

f 3@  + h
2! s= 
 8+
 ? 2P

/CN <
 5 &+ S
$C ?
 R
 F
$A+

......

E i
 …
i
™. 5{
 4C

<D p % A0
2
=

KD 4 /+  Hj4 H
f 6 ; 
o=04+ žK B 

=0
:
H !
f
%E i
€4;
KD 3 @ 1>f R &  E i
 …
i
™. K H2 2 " 5{

<"  @u
K 9?" %A?+
=-.> C 8" 3@
=*F> <" 3 @u
K 9?n+
Q  
€4;
<H =
/+ 5{
H2 %3A?+ 3-.> 3C 8" 3@ 3**F>
3 % 
S 3@ 3A T=;2
" Q    O='
3@ >$ >" 5{
$ %T ? 

KV T 0+ %5  
KV o2A
T=5 2  &? j 
2  =@$@ &B

$C <"
!
T=5 > :
= P %Q  
K T=;2
  >D %Q  
K T=;2
  >D} :5 
T=;H A 1> 3@ CS %T ;f 3
 %
f 3
 %Ž"
f 3@ %†j
9>P <= B>Š =
m>"+"
=;H <=!> N e 
<i ž=
D B ^{ =
=
:5  
KV T P Š 4
2 N @ 3 @u
/+ 0+ %† ; ! V m!
&;2> <" h 5n o> + %s2  3@ ?;
.<=.
@ :.4 %E=0
@ B)0 % !0

 l @ { AX p < :)


< ND O"@  &? ; @} :E=0
/@2 /4
‰
=.
3@
%3>j> &> < :)
}OQ
 ML 3 4 >" }; ML 3 4 >" } AX p < :)
3 p 
.U  N U+ N 
=+ %/2> %du> E0>

€4;N
 O='
@" /+ e 
< A

f &  A!! /4


O='
3@ 5  
KV T=5
>$ @ :
H !
pH  =>
N e 
 V & %€4;N
 O='
3@ h 
="  o 6 @ ML @ %B  B+ !P
%/P
 204
<
=" 3@ h = & % +=n@
h h B!R h
@"  V % 5"
h  A <=B+> N % 5n
h A <>
O='
.  7!> Q !Ri
3@ X
  V K4 %E !:45N
T @ /+ >H  O='
 8+
%-F
A= A>$'+ o> & % A? 3@ h J AA? 3 h*+ o> %! ?i
O" 
 @ KD - > <"  6=> N /! ?" &?
 " h 5 4@ & h 5  %9!R "  ML h !4@
O  L 0{ &;24
9:4 /4
K-B
O*
T @ =C N" %2>2 1 f /+ ND ž

f T @
.!!:
O"
H=? 2   /+ O"

%
2?=>  <‹+ % :45N
2P 
H=? @ %z
=* 3  + † N ML <D
.*>
 9!:
3 ’2 /4
O='
/A4  K4 %B
 " %X p O"@
" &? 2?=+

/+ AC . <2+ %…@ A=P /+ 3>$


xB  4> 2P % 

$C T=0 @2  3
f Q=5 & %/B? |'
35  %3>=2  O 2
3@ 3l  H2)

$C <" 3
6 %O 2
=?
ND >6 N  3@ @ % +i
$C 2? <" 2B ND O"
@
 m>H @ " 35 4@ "
.25i
98 A+ €4;N
 O=' < 

<= J:> M$ A" 32@ &@ 


O"
OQ=5 K |) 
<2B4> Q  
Q !R" 3@ h
X <D
9!:
 5  < @{  !!EH" Q  P &B+f Q=5 7!P
f 3@  > %3 
V K
"4> & %ML  Kn X!'
2
3  % *! 
5 E X
q=+ O"
3: K
KD M4= 4
2> !!: mJ? <D %T=0>  
 d4 2> 2> A*B
.)
 q;i
M 
7!P !}!!:
M H @ %9!R

.Q  

= K :> <" Q@  Kn ž3>H
L 3 >  = OQ
9 V &?
<D

Q  
xB 2  h 4@ h  :44@ @i
 V %e {
2! d
OX @ 
ND D N
.0
@5{
4
34> + 3A 3A  E S %3C˜  &P /
3@

9P
= =V .. €4;N
 O='

> S 4@ Q  
9!: /n Q  
xB <" : .)4
xB /+ 3@ B
xB  $>
Q ?
L‹+ % >   5 :/A4)> N 3@ 2  O=A)
X> @ d! %>  N %T 

%/! ?i
&?
 m." m2 Ai ž!!: 9C$  mB? m!*S 9!:
2 
f
d. 
 90
/+ … 3  †B /n N  8+ A>$'+ A : K 4 L$
.=. 
.S 
Tn

Š 4?6 @ /n> #$


&?
†'> "4+ % P=0 3@ h 0 O='
<" o> Q !Ri
xB  V
&Š T ?
xB %|) 
* <" 6=> N m5 = :  ht P Šh?  <" 7V <D
!9!:
A =' 4?6 s4+ Q@ ~j > 5" „Rn:> ŠT ?
 !"

< >D
[ “;D f 3@ 90
E$>
$C &X
90
/+ < <D 2


%O"@
@ . K 1S" 2P 9!:
o> 
LD 
H B
o2D &;H " :O=;{
2"  $>
@2  A? <=4> 9!:
o> 
LD %2= &;2+ ;n+ % A;" " A?6 @ O"
<" 3-+
A>" O"
M @ &B.> <
L @ %< JRN
KD =2 N p@   /+ =C  &;H
!}<=

2@ H ." Q " > OF


3>" !}1; " ~ !0>
$C" !}
 
T ?
/>
$A+"!
"
3@ <=+ ' N" !}<=' N" !}<=4 N" !}< F N" !}@ A)
3>" !}5  
KV
!}

f
E !5i
m A@  & N O"@
KD - > <" &? 6=> N % A
=" &  @@ O='
<D
. A O='
3 h*+ %/
2


/+ 3B:> 3J} :T=0> 5  


KV T=5
 % +=n@
h h
@" 9 ?Π+ 8
m!V"
f #n!+ {  & N O"@
d> <" 3@  ;
xB 7!4> 1  2>2 3@ z'  2" e"
f #n }Q    O='
T ?

S " Q !Ri


3A ='> <" At   Q i
xB 7!> 1
:5  
KV K.:8
T=P 3C 4@ %T  %30t 5 3@ % 
S 3@ Q !Ri

.......{ AX p < :)


< ND O"@  &? ; @}

) .
E !5" 3@ 2'
 <=0t 

 &@ B
" 1t 
3@ O='
4 m8 /4
/5w
 t P=
3@   
ND D N
f / L
1! f 1t 5f 3@  ! A ) .
&B. A0t 5 m?245
O"@
3@   !! A4   " m!

L‹+ !}) .
KD 4! V †24 Šh?  <" 7V <DŠ m!
&? E S V+ &F45

en.
~=P 2B ML
=.)4
T ?
3@ X  % A  Q A4N
ML 2B 9BV O@ A+ :05
.- :; m!
/+ H '
 1t 
H=?=+ %<==0>  e" 

2F
K ND 78 

= !4> + o=
†B  #@" A@"

m0:
:T=0> %   mBP @=8' ž1t 
T2!4> <" H
"  T ?
 !" xB T=0>
T=J@ m" @6
= /*0> @2'> |:
  9!
 =C 78 /C %O=0  +
24 /4?6
. 

\ F
2 /

M> <D 
2 /+ 9t$
> N

/+ O"
&;24 p h J F> " h 0t 5 T2!4> <" 2>> &? !}T ?
  /+ "@
&;H @
!! .. + @ @i
/+ <D %  ~ +2

<D :xB!
T=0> 2P % 

$C &X@ > => 5" e 
xB /:F> !
ND D N
€ 0 
 1t 0
A?
=@ 9> 
H ! > 3  %0>  h J e 
K #4.> 9:'

/*.> F8
9$
3 = 
 %JR ; t 4 2= JR '
 @20
<‹+ %r
K
.! 
KD

)
F84@ 3@  
-B@ - 
3@ C˜2!@ ’H
=
&

}30t 
 2'
T=;2 7
L  }
$ 2
&B.   Y :T=0> †$
xB /n>
* <" 2>" }Mt  K h 5  * <" 2
3@ 2>" 3  %=J@ 2
K B:T=0
:; <D . @ @ K y>  %  4 K y>   
&?
<D }M4 K  P
f < @
N %2B f /+ 3 > %
2! > ~)
H2 /+ 3 + D :

L‹+ %- 1t 

" B@ m" ND 3A †'> N % 4: '@ " @  Mt   7 N %M4 T=;H  1>
xB <" 90
/@2> #$
|5u
3  % D :
<D
$C % B@ s=;" " g p " %M 

O 0
H
= 3@ "
= @ !204
 O *
6
= 3@ h    h  1t 
!4B> e 

:=C24
 C .4
 %O 2


 
[ " M4 e+"
  !F

[ K

LD o r=5

3 !
3@ d;
 2  1t 5  5 q=> < {
o  D %  4 > o D :
H !
f <=n> %52
KD  &0 > <" . A @ 2
=
| > N %A
 5 <H=0> A
&?
&0   <=n> %EF4> N  4> N /B!R @" f f 9> f S
 + j
%|4'@ 2 3@ Q ? +
!}T ? QNuC" %At  K 3u> %A
"

-"
[ !8 + #2 m <D !8@ M4+ #2 N m <D

*+ % .  O"
9 V / 4B> @ X " B) / 4B> 2 A4> &4> E  &? f Ku>
f
p=i
/+ T  
3F 2P  4+  > %0" O 5   % 0  /+ !C$
&5

%Ft 5 0 3C$; :1t 



$A
==0+ % ! S
h †
j
3 3A  & 2P %T 
 8

.3@i
qH 8
mn+ 1t
2
 e
2
 q
=5i
KD 3A 9CL

<245 .P
=

 

=R /+
-
 %q
=5i
KD
=!CL + /@ /+ <= ) 4 <D
. A <= u> 3
Q  3@ O"@
 5 /+ &> h 52 C h >2 ? s
L %
h+
$C
B4
[ )
  3B K4@ !0@ Nv
 1
@" >

:'
 
] 2P “'
K4@ 4!8@ m 2P q
=.
K4@

9 V O=; -

$C 3@ %  
h h h @l 2? - 
m!P
LD %- @i
t 4
%80
d!  @H ' 75 Q v
3@ X
  %!8@ 
 M @H '  
" m!

/C
L‹+ %@H '
9? => 
 4 K )
3@ h   74+ "  @ %1C

  O='

D % A  +R m!
9 V xF5    /
==P %m!
! V 3@ h  3" &?"
.M*> @ !
 % "
h M*> Q/

M A
H=> < :)

f 3@  %€4;N
 O='
3@ !
H ! > 
$ 
$
 V K4 ! ?" O"@  !P 1B &?
N AB@ e=
/+ N A B@ /+ 
 N O$ 2> N %  
A" /4
4?6 3 rjB>
@ qH6.
 )
T    7!Vn+ % CS O"@  !P 1 2P < :)
<i ž AX>2 /+
m4+ %O8!
 8!
K" &? =C % CF ) .
&B 9C$> A 4> < => 4?6
A@ & <" OC B
$C 3@ m!:+ %) .
3AB@ &B> /
=
Q  
o2D KD 4?6
ž 4?6 A"  @ 40) $C <" 3-> Ki
Q ? % A*. N C4 <" & 0@ /+
M!P :  m P KA4
@2  ABP
 %) .
&  H=B #$
< 
KD 2 $;n+
@ hN M*F" @ :T P %
M!P B :m P }+ m": A T 0+ 4?6 A" rB+ !

!!..h @
 sn C" s$"

TNj
Q 
 h
@ 2> x>@ @ +
L M> 3@

?6
h M> &?
< =+ % + S> 3!> %

2@ D % @  >‹+ %< :)
KD
-

< :)
<i ž ! ?i
Q  
 @" O2? S C
> ‹+ % 0;
h h  2
Q  &?" 3@
p %< D &  4> @ < 
2F
3@ A>2 hN ? <" B5 p2[ 20 %3>j> =8>
% ?i
 X!; %T i
 !P % @=@ Q  f T >L"
=!0B4 %T
=C = 4>
Kn+ 
  T

=2!45 + A K@" A T=5 < :)
<i ND ML @ %7t

 4 @
.A
’2
 =C A+ %<W & ? *
x0 AB €4;N
’H
=+ %
2"h h
; €4;N
3@  
<" 2B  &? 
KD ~=?
 =4
9:> % @ ’2 @ #> #

%<
2i
@ B)0
% AB@ ’24> % 5 &X@ /+ /C  ; ?j ='> < D :T=0> %8B
O
@ 4W
m + %;v
q
+ K C2" 20> N < !! A" < :)
A &'+ % AX p < :)

p %‰
=.
3@   L=B ) .
0 => 2B => % AB@ e= 4245
A?6 †;
LD
3B" 3@ X " A P
$C &!5 /+ % A?j45 "   ; 3@ A0: KB> ML 2B
 ; … < ; & j  |4 >  ! j
? -" @ 
ND D N %  C  A O@
9CL % . &4P H
"  ; ?6 xFn+ % 4) +  $4+ -=@ 5 % @" … B =C
!
ND D N %
< !5 !}O"
$C &4P 6=> &C Q B
2" /4.4>

  &F4
3@ + %o @ ’2> % @ ’2> 7@ 4
 &C 4
X > @2  :/=;D >
: C" 3 
 

\
T   …B
2B 
s  N H" N /  / <=V"

> % =P
h e 
AR" C  ?6   5  
KV h
2@ <D :90
AR KH
3@ >
% 0
h & 0 @i
/+ m
6 @ %n'4 % At  T  @i
$C T
KD =2> 3@
[a:Q
5{
] h P=C6 \ ] \ :&R !
1Cj> 1

[Y <
Y Y &R !Z
Y Y
<D

A4@ 045
K 4@" K -+   =5 
" ™.  >H ™.  %

=0
:
H !
" %Al 8P + h
Q=5 3A  H
" 3@ A
% 
=;" %   % t  ™. K % A4@5
.>2P Q/ & K MD %>W .; 3 B?
 %>
  + N A
%M2P 9t  +

.
=.F
=C D %.F45 +   / 
.F45" <=B @ T=P"

r2A
/C O"

2! h
2@ <" 2A" %  M> N 2 
ND D N <" 2A" %3 B
E  2

.h
X h  5 !V W K  
KV =5

:2IIB @"
\ Y Z ] 
=:; \ [ [ !4I\] > 3@ < :)

\ \
\ [ [
=B!4I\] Y N
=[ @W 3>$

] \Y < :)

[ ‹+ Y Z Y Z Y Y Y Z ] 
=:; Y [ Y Y ] AIY ^>Y" >Y :K B 
T=0>
f Y 3@\  [ Z @\ K Y6Y @ [[ 4  
] \ Y Y h
2"YY 2" \ ] &*+ \ Y Y  \ @n>Z
Y ] 3 

Y Z Z Y Y Z Y Y Z [ Z Y Y 
[ Z Y N= \ Y Z Z[ 
Y Q ).Z
Z Y Y  Z [[ Y
.......[ca:= 
] [Q )> Z Y / ‡jIY [>
Y Y 3@

r .B
 E 
 @

9?
=
A=> 0 O    *>+ = >  = %r .B
 E 
:
H !
 @=
E 

=+B>  3>$
+ q
L 8 /+ %Q 
P T$!4
8 /+ %OQ

.A= KD mB2 + %A PR K A "  @" 4+

" %



! 45 f
 pH 
A4A@" <D OFV & < >{
O=;D >
[

|8
A4  3@ KD % A  A !? /+  
KD %  
4
O"
K‹+
4 445
 % 25 %  m @W /4
O"
KD %  Si
 
 

:T=P" %

€4;N
3@ 
$ % Q 5"  9 >6  R + )t  m  > 
$ !5{
O 4+ > 
$ 
$
o2D ) @ KD /B5
 F
O *
|>6 MF> N %# . #2 /B5
 %†!4

f
m!p O2
  5 /+ :m P A B@ ? 3@ B@ ? /+ h
:; Q

h 045
) 2P  >@i
|8

f |" 3>) <"


f <=@ &!04 >@" <" %B@ 
$C /+ j
3@ m O 4+
j
3@ &.R
A4 /4
AD % @2
 ) .
D }†!4
 €4;N
K B@ /+ 2"
  .> &C % >=
h 5 U .

. A @" K  5 %&?
m   A?6 m  %EF
/+ O"

f /+ … A?D
  f   |" <) %3?j4>  Q  
3@ 3>@  p 2?=>  :> /+
.€4;N

p 3@ Op
$C & %2


:  >2
  @ 3@ m?; >6  2 E 
<D :<==0> q)
 EF
3@ =.
O H
\ Y ND]\ <==0 \
Z \ AC
=I \ Z Y  \ Z ! Y
oH" =C 
@" @i
<D ^[ƒ:|A 
] h $ Y [ [ IY> <D Z \ Y Z+Y" 3@
Z †'
[ [ h Y Y I
Y[
.&? j H ! 7 8
f /=J!
 4+ @  A4 3@ †' %4@ !:4@ O:B4@ O"@W :3PH V 4 <D B
/C" !}@ $C" %
   Si
t  @ |0 %q
=5i
E= %> ! %€ '

.
3@ A E=*F@
 =B@ AD !} @u@

}3>2
3>"

}Q 
 r .B
3>"

.?6 A2>> N 0.


K4 %2" N !:  !
H ! >  ?6 C2>> 3@ p

f K E $
z05
LD
A4) /. #2> mB+  BR

f H H=5i
9 4
+ 3F E 
3
LD Q @

O"
> O H H

%&B
O"
m;2+ %  m0; @ S /+ &? O"
  )@ KD <=F
H :
H !
%
 :0
 %
t :
/+ 8;   8+ %9 ?i
m: ; % 8
m;H
  5{
H =4
 % At ! /+ 5{
E ! mBP" % A4p=" mB*+ % .)4

.C20 A !
 EF
|? K … *0N
 %5{
 B s4 4 ž€4;N

Š3
 >H M$ Š /@5{
>H %7V S   /@5{
 B
 <D
f  |" z!*> =!
3@ m
ND D N % D - > <" dD /4> / ? z> f /+ %r2A4@
[
/ !
< <D W !}K" 3>" 3@ !}&V | % A n  >2@ @2> <n &. z> & !

!}4> Q !
<= > | % ."
h H A
 h
2


f | + H A
=@=0> N < 
H C |" .; < ! f |" o"

~ *
 <=
g! !} + 6
h h 5 g! A@D &t 5 @5{
@i
78 |
N O"@
78 | !}m@2B
& =!
/+ 4
m.B 2P @i
78 | %€ :N

rNW A5" K 9 > p %O @ A  /+ *  % 
rB N %<W0

& }
$C *; /+ @ O"@
<= 45 | }
   Si
 
  

} @
h h 4 <= 5 | & } CQ " /45 |

Q   &4! <" s >D s >D  T P h +=4 @ 


/+  0"

% A- % A!R ; %O"


4@ 4C
! " 3@ &B? 2P =C 5  
KV 
T=5 <D
3A y8; & %3C $> 3A-B+ Q  
KD &04 > p 2B
/8> < % C " C L  
CH . %=!
78 O"
U8 " B> 5  
KV i ž3AB> 3A> h 4P
. B4
2.

\ i
9R h !B H2" AH2"
LD 52@ i

<=  <" <2>> % A  <=tjA4> %


O"
E > /@5{
  E 4 3@ X 
2t P 3 g! <" !4
O"
K :<==0> %; :E 
3 <==0> %:P 5 S
A qj <" ML K B@ . A  qj <" O" <W :<==0> % A452@ KD CH=0>
:T=0 3  A  AB> % A >H A4. % CQ 

&P  C A.  h P  H @ &'!  /t :



LD

&t 
[ MA? 2! KA
T P . m" d) K?2
T P

T6 C
[ sCH <D #2? d. > @L O 
<D 6 =@ +

f
C -@ A %C ? 
=H %5  /@5{
 B
/+ 
O"
…B4
.E 
Q FD : AC" 3@ %OH2B4@

@
0)
M % A  Q FD /@5{
 B
/+ O"
> KD  
2
&t
" 3@
f S 3@ +  O"@
T" %14 @ 
3@ A #
B o2C
T" * " KD @
C .
 C .4
A mF %O"
3 E 
+ m! R AH= 2B %/t  /H f
f u@
$C K !4 /@5{
 B
/+ > 
 B
/C C . A@
2Pn 45
H A  m0" <"
3 h
2B ML 3  O *
 ž/@5{
E 
Q F{ O2C ? KB %C 
O=2

:>!
E A @
A j
:@" A+ T A
p"—

AL" /+ A0 Q F! 3@ A >

\ ] \ Y 32> \ \ M
\ \ Z 
Q  Y \ Y Z Y \ &P
] \ \ \ Y 3@
3A!? Z Y Y \ Z [ 3
Z 3A Y @uZ [
\
Y Y Y YIYY M?
6i ^ \]
AIY ^>Y" >Y :K B T P
Z [ /!
.[ƒ”:E
ji
]


+ 
 
  @H '
/). €4;N
OC l

0
Q FD r2A /@5{
 B
/+ €4;N
KD O=2
: 4?N
 >24
C -@ 3@
f & /+ O=2
m %–H !

2!

$C /0 % 5u
  B@ 
 e
2
/+ %2
.F & @  &> N" 
Tn5" #$

TH xB /+ T 
=C  
+ 
 
  @H '
/). OC l :#24
C -@ 3@
f " @ " @H ; 3@ Tj

$C /+ %@ S 1t 5  @ ='> H > N % A /+ & '

. B4
M /+ @5{
0 2>2A

%t ? &  Ft 5 0


=!8 <" &!P % >H    4=J@ $C %

=0
:
H ! +
.2 @  5 N
=@2  C2  %#4)@ &  8; B5

f @ ) .
e  4 
z!* &? =C C
C=" K24+ Š‰
=.
3@   L=BŠ E 
 M4   :ht P Q 
KD >2> +> 78> p %  KF> !'
!'> % A+ €+ #$

m
[ Z [Y
$C
Y Y &!I ^ \ /\Y4ZY >Y :T=0 => >@ T    <  %/ 0'  M4   %/ 0'
Y Z YP m@
.- O! ML /+ [c‚:>@] h \
— Z @Y h 
ZY

A>" 5{
KD OH= !}  !  H B5 5{
/.+ :<=
A>" 5{
KD OH=B+
. H B5     j 5{
/.+ %<= @u

% ) +
h %
h@2@ % JH
h % .@
h <= > <"   3@ <2>> 
Q
2" :T=P" @ < $45
Z \ Y ..[cak:O0!
]
= :45
\ \  [ \>H\ 3Y  [HI \ Y [ jI> N :h ).4@
<D [ Y YZ <D Z Z Z ^ [ Y> K4
] Y  = 0I
Z [ Y [ Y [> <=
YY Y
.  !5 3@ 0  !4 + [acb:<
 TW] h J Z Y C2 \
Z [ [ Z Y 
Z [*>
^ [ Y N
=0I[ ]4IYY
!8
[ZY

 5" 3P:> 2P ’H
=
<D n h
@ &
2P
 >

  % Q  4 <" % 4 <" %KB


M .V %K 
Mt 5n Mn D A

.M:'5 A+  N A


%+=) @ A+  N A
%*+ A+  N A
% 
=;"

E=P |
A
%< P < @ C <=+ = h
H=5" h @=> €4;N
 =.
O H /+ " A

f 5{
H
" H
" 3@ A
%…@ A=P /+ 3>$
 30+ 
3@ 3

Fn+ )
!=P > / > @2 /+ 2 &B?
 % . 

%3
 5{
j" A
% 8
 :!
AP6
A
%3
=@" ON 7V" A

%3
 5› UV V /+ 3@ 7V" %3>2
Q
2" @H %3 )
 s)
TL"
!3
" > M4 3
 5› UV
 C /+ 3@ MC"

.3 B
E  2
 %35
K 5 %<=.8>  OjB
E M < !5

q28
3@ |P
=@

Q4N  /.4 + %28


 = @ A-> %E=0
/+  |) > M@ 3
 >!
<D

=P2V 20+ %AV;D AP2V |)  s=! OjS 3


=.; 3>$
pX
8P %Q >
 |>j

<= @u
C=4> A48P /> > <WP Tj C˜
j? < + 5  
KV 
T=5 @

= 4 > + %A  8


 5  
KV /! 
BR 0@ K
!V 20 % 
 P KD
.
6 .+
!V & %
2> 

‡ 3>$
pX
8P

=.;

/ – @ 3@ % "  !5 2" % 8i


 E=0
90@ % .F
j>jB
 2

.
2@ *+ %o4 B %.F45"

TSi
+ % =5 2! h
2@ <" 2A" %  M> N 2 
ND D N <" 2A"
K  s  5 
KV % 8i
 t 8!
3 O )F
Š  <L‹Š |)  % Vv

. A 
 &
9P B @ < ‹ AB! 3@ 3B 4
 % ;i
3.:8

ZY !V W
:2B @"

Y [ \ Z ^ 4I[ ZY"Y ]ND\ 3=


<=@ \ Y [ 1
] [ [ Y YNY  0I ] Y Y

=0I[ ]

=[@W \
Y AIY ^>Y" >Y :K B s ! 1
T=0>
Y 3>$

\ ]  [ @\ 3>2C Z\\
.[‚a:2@] 3> Y \  8
 Y Z Y Y [ 
BI Y Y Z Y K4 Z [ ] Y [ !ZYYY [abc:<
 TW]
] Y  =I

/.4 > %28


 = @ A-> ¦ \ >!
<D :
H !
[ %E=0
/+  |) > M@ 3

Y
.Q B@ q28
 00
|)  %Q >
 |>j
Q4N 

.&; N ‰!S
Y + K0!> N 78 %&;H
Y Y N |>6 B@ d A: AD

2  %Q4 …B4 3 ND . 3@ 3@u


AB < @ $+ Y @ E=0
/+ 74. AD
.€= 0
3@ 0X
 %E$ 
3@ q28
 %!8
3@ A
 %Q .8
3@ ‰!F
j4> Q4N

¦ Q4N
<D
m p qH 8
3@u
 %O2) ML /+ Q ;
 %-> N <
j@ %„:'> N M@
.Q
*
 Q

/+

BP
=
mBP %Q!
Tj
L‹+ žC
j 
 H4
 O20
Q!
&!P . /+ < {
3-> 2P
!4B> <"  '
3@ %B?
@ y KD ?  " Q
sH" %K ! 3@ K  3@ 3! ]
/+\ @Y y \ [2V \ \ \ \]
Z \ [ [ /+ @Y [
/4!
Y ‡ Y [ Y  Y YZ Y Y : 0> %O! <= > <" &!P s24> %™B4>
\
.[aƒ:<
 TW]  =I
Z [ [[P

9:> % D ~*4> %  2!B


[ ?=4+ ^ %e=. 
™04 Q4N 
] ž.S T=R 2B E=0
q
K.  %
=5 N 3 B
E  &@ 
4
 %2  >H=!B
  3B> [ %=.
Y Z 4
\
..F
3@ h P
 h
6
Z %2  3@ †.
/+ h@" D h
Q= 
KD ~=?
K hH ~*4 
^

9:
Y [ N % !  ND L@ N %
=5   ‡ 

[ /+ 280>
Y [ N %
ND 2t
2)
/+ K?> Y [ +
% D ND @ n@ N %  ND O=P N T= N %2 5 ND 2 5 N % D ~j.

Y Z Y ž   3@ ND t
=

.=C ND D N %   90B@‡ N %M


/+ r84
=C %3 >  Zn)> Y Y  @ %< Q  @

30+ 
d2 3@ 2? %
h!; 3PH 8
q2V 
Q4N
3@ A+ 2? 94 
7.8] 3@
.h
Y!\ 

\ \ YZ [
Y /+ 3>=4

!'
<2> d =P & \
] !B

Y + LD (> 4

QP

o <" ML 3@ ~" !&X


\
[ [ 3  
-" @ !0

Y 3 g>2
&?" @ :
H !
.hN B+ q;i
 %N ?
h &X

[[

.O!

Y Y 98
|P
=@ 3@ q2V |P=@ 1t PH  B@ |0 + N"

M |V 3 <


j?  ŠS 
 3@ /" Y A@Š 9:'
<  9 
P <D
. A V" < >D A ? q2V /+ A.V 3 % A
Q4
 A4 @\ /+ A.V 3 %pH 

.3>+ 
 3t 
|^j4 Q %3Pi
A Q4
A+

.
 Q

] ~=@H %
-  + %
Y! \
Y !
Y A 8P

T X@ C 3>$
5  
KV 2@ 9V /+ !8
 q28
|P
=@ /  8P
K !8
/+ O20
 % :
/+ “;{
 %A
/+ q28
†L=" %Q !
/+  4

.Q

K  )
 %Q!

mP  %m!  …i
A mP  => % s=! OjS /+
=.; [ ‡ [ 3>$
pX
8P AD
E
=4
=C 
<D %
==4 A E  p % D ND 
3@ n@ N <"
= l %A." A
 @{
=C C .E=0
A )' %~=@2
A @ r$ ’
2"  >W 3@ !
ND D + .

. >v
$C  !  <W0
3@ Q/  !> N < %@i
$C  @D %  
&C" ( 2"

\ <j@ f
[ \ [ M!@[ Ap
2" C !;" &8. /+ 9B g>2
.9P  < 3 2?=@

&C" K <


2B CH
2D F => 
O P 3
. 4> 5  
KV =C C
. A> V 3@ h 0: @ % A !? 3 3@ h 0X! @ O>j
/+ 5{
<n =B
‡
="
^ => %5{

C + C B 


s4+ %
3>H /+ &;2 †
=+i
=\ \
Y Z †
=+i
$;n+  @ m4+
Y [ =>
rl %-t P  >" /+ uA4
< + ž  V" 5  
KV . 45
C2  %At 5H
f 2A? %5 P
s
L @ 
H" @.OB
OjF AD %OB
‰? D ž-C   0. %3*@
!OjF
M @ %‰

38'
 %3:!X

‡ 3Bt :
Q !" /+ qF45
%N
=R
h  >W qF45

E 4 /+ A.V
[Z
.3>2 0


@
2> N" h jY Y A=@H x. <Q !
K=4> %A <Lu ‡ [ A+ Q/>
Y  <$B

.......<=0. >

s=! OjS 3 9B |'

f
. 9B 3@ =4
 J:'
80 qH V f
|V KD Š
 Š
=B5 + N"

A 
<
=Š
=.; f
‡ [ 3>$
pX
2" 9B 3@ J:'
80 qH V f
|V=
=B5

\ < \ [ OI!\ A88P


\ Yi
/i \ \ Y Y 20
oIY Y4.IZ [> h X>2
Y Y Y @Y E !Z Y Z Z \ Y Y /+ < Z YY :Š3B?"  8
K
< } :T=0> 9B =C A+ ž .  9B A>
 %4!X@ 38
/+ 80
 .[aaa:|5=>]
ŠzPŠ 3 "  /" s=! OjS /+ 5  
KV 
T=5 3 m.' 3 #!; 3@
ŠzPŠ 34
Z A!P mB? @ !
 %OjF
M /+  m.' 3 / @ >"
Y N o=P"
K4 % CF o ] ND OjS 2>> 5  
KV 3 >  %O
jF
M /+ A4B? K4
%
h6 .@ h
2B h
.5 &!045
 %2>2 
œ /+ 5  
KV C
jF+ %OjF
M m
/4
A4A?= C!;" %CjS !C"[
=!Cn4 žC@" 3 C2  K+ %
hX h
H2 &!045

@ K.'5 ML <" 3l ND 9F4> <" 2>> &? 0+ %X 
T=5 @ A@=> <=
 %2>>
.
3@ / + Tj > 

=C A+ .T-
E R => % X
m R => OjF
M 5  
KV 
T=5
jS
. B@ <=
 jA4>

/ oH 4> ML Tj> + % J


h xP"\  %?n+ % B@ jA"
] /  2S" m0.R : 9B T=0>
ML $;n> .{mB+ / 4 + A [Hn+
[ %&" <" mA+ %jF
€ . %‰
~5" K4
:T=0>   <  . AF!@ !5 
•! % F!@ <j
•!> %$;n@ 9B 3@

\ [ /. <" = @
2 m@2
/; mB:0 h
LD /  :
5  
KV 
T=5 †; 2B e 
/+ m?;
LD m +} :T=0>  0@ < 
3@ 
$ 3@ h? " %q . 
/+  h V=F@ h? ND / O=5" o" N" / W
Y / j"
s=! • K4 5  
KV 
T=5 / $>  %<=0. > @ <2> N 3>$
 Q .B*

:Š 9B O) 3@Š 5 /  3@ &? T 0+ } 9B &B+ @ :Š !V 3 d ? =CŠ T 0+


:T=0+ Š  
/Š L B@  3 E$> % .:\
^ Z /+ -[ %
H ! !
T=5 >
.5  
KV m + ž
h; ND   @ !
T=5 > 
 %mP @ dJ

/‡X /* % s=! 3@ h+ P ?= 2P 5  


KV 
T=5 <" / F + : 9B T=0>

KV 
T=5 z'5 3@ †;"  \
Y :T=P" %E$ 
 $" m0.:+ %/C /S /j
KV 
T=5 <D :&P + ž/C" 3@ #" #L &  ML K 3B45" }
2S h /] 5 
ND Q/) @ ="
Y 3 /" m+ K4 %U
j
 &R !
/  U
 h @H P &l" 2P 5  

] [ Q ? %5  
KV P2V mB?n+ %q28 

KV A @ &!0+ %C
$n <=.'

.{ + ;  K.' N 3@ KD Ct


5 & Y %CC l 5 

s=! OjS 3 9B |' 9!5

p %9*F
!
^ !4+ ž5  
KV 
T=5 K m5 mJ+} : 9B T=0>
] @ :/ T 0+ % >2> 3 m? K4 /)@" mJ+ .T B:T P
2P 3  " } 9B > M.;
3@ sS 2  m? = !
 !
T=5 > :mP :T P Šh = @ m>4
#"Š }
hAl mB4

2PŠ
Š /  %N2?
h [ Z [ 20 %$B :'5 3@ †;n5 /" m>" 2
&C"
Š
Š m:"
<D %/
] M:'>
Y [ <" 
3 =
] /   K E$ g>2 Š=
Š M4p2 3J ] \Y m
] 2\ Y q2V g>2 M4p2
3@ / < @ !
 %&? j 
K!0 + =?i /D % + /
:5  
KV T 0+ %M  m.' 3 / @ >"
Y N o=P" ŠzPŠ m @ !
 %$
.{ M+ 
/*0> K4 0+ %q2V 20+
$C @"

$ C %5  
KV 2@ 9V <
$ C %

 V U=
  Z \ !
ND D +
q2V
:<= @u
<= > <" 9>

<=J> ’H
=
/+ C N A!C> r=; N <= =4> A >  K <= @u


.<=.'
$4
 
$4N
@ <2>> @=P /  3@ T ? D Q ? C2 
‡ [ %?" <" H" K4 / =!u>
=
6 @ 
=+} : 9B T=0>
KV 
T=5 2  /. E$ n+
/ :m0+ % P2V
Y 3>$

Z % 2 &C" 3@ 3 8

Z 3?

Z !' m K4 5  

.{ 
3 O
@ % /.P
=
TC C O=5" A+


=.; 3>$  8
BR 0@

\ [ & žBR 0


mY"
KV >)!
/@ 3@ 9>Hn4
 A
3" ž>2
4
m " \[
.5  

& 3 3@ YpX


3 @ 3 3
5  
KV 
T=5 KA +} : 9B T=0>
] 3@
/4
…i  /C + ž…i
/. /+   K4 
F %e 
! 4? + %  |'
" @" .<  !> A= /+
2BP %  45 + # ! V
Y @" % 3; ML K X! %r"
+Š q
=5i
r=R" 3
@ O8
2An+ †;" m + %C2?" Y =0
9"
] m +
2B @ /+ =C %  5n+ ‡ 5  
KV 
T=5 /W Š2" /  > @ 

 
KV @ h !>P /V" p }N " 
H 4.
Z sY ] &C #H" N 
 + %O8

^ 

LD %/D
.{ /  …" = m.4Z ] &!P" /V K m!P"
[
L‹+ %- 
P 5"
[ 5

=" 5
  3
280+ %M 
 mP  %Q4N
- %O=.
9B K m R
m+Š/D
] e 
9" 3@ =CŠ OH 4P /" zt  
2? =
Z ] } :T=0> %  < 4 /+ OH 4P
} =5 
9" / B &C   s2)"
[ OH 4P " > :mP :T P .
/
— H @ 
=+ % 
=5 
:T 0+ } =5 
9" / B &C   s2)" O2 
 + :T P%m +
m;H K4 /A? K C" mB? %
2
= ] %#  m + C2  ."
[ Z  K4 m
.q=

K T2> 3@ :q=


&C" Tn>  )
&C" € !" 3@ /:!  LD  >2
q= /)@" " 
2P : +
L‹+ ž< S ] M@ \ 3@ h  4 /D] +2+ /Q ? K4 /D
]  <)> e 
1.:+ } 9B
Y
\ [  1Z
A"[ P + :T P .M5
= Z Y  +Y ž<
=C 
2 
MB>  %s .?
Y Y 2P M! V <" / F
.{ A 2Pn+ %= ]4
280+ % !4;N
 < 4@N
 Q!
3@ 
 h *>"
$C :mP

<2V4> Q !i
<=4> % 
  F
/+ 
Q
2" <2>H =C
$C :<=
A>" >
.m0j
2P T i
$C &X@ /+ &?" 3@   %m]6
$C &X@ /+ 
2P" 3@   %&;
2

. A 2Pn+ %= 4
A I
Y ] Y Y+ 9B @"

5  
KV 
T=5 2  3@ T=5 Q ? K4 Š  
/
Y Š  Q!
T
j> N
. "@
T
j4  @n>

[ ‡ [ :m0+ } : 9B T=0>
/0Z
: A m0+ . A0 + Aj4
& .N :T P }&B+"
L @ " A0R"
.{ @i

$C /+ 
/*0> K4 MCn\Y


=.; 3>$
pX
K =4
Tj


 L /4
 
K d?" " } : 9B T=0> BR 0
 A
3@  3; 2B
%/  >[ 3@ 2?" N K4 m!
Z Y [ Y  …i
/
— mP  %/. /
] mP  2P  4 /+ K B
/
LD % = 3@ m Al K " %.
OV mV 2P %
/ ^ 3@ N &
] H>
! M @ 3 9B > .)"! M @ 3 9B > : 5Z \ &!? K =V Kn Ž V =V 5"
.{ †+ Q ? 2P :mP %K B  h
  h   h
2? 5 ;"
] <" ND m @ @ 
=+ :T P .)"

†'

[ Y Z Y A @ 
2  h L K4.
A 1*> 6  E+
][Y

Y \ [ A 0 m 45
+ mP 
†.[ N A^l" m  m?+

3 o) }
H ! > o) #" ^ %o)!
/n % ! V
Z K 9B K =4
Tj 4
‡ KD OH=B  o) %K!0B

K %9

A |4A> %e .
A x > o) %3
|V
.jt
=
 5i
<=  AX %/ A4
<=  AX@

%/ 
)!  >D A= +
[ Z Y Y /=p
] Y  mj /)!> =V mB5 #$
/Q ? + } : 9B T=0>

KV 
T=5 KD m0:
 % A4! 3=pZ B45 + %3=X
Z 3>$C Z S M@" @ 

: 9B T P .M 
= M A4 :<==0> %=4  / =J A> h ?=+ h ?=+ e 
/ 04> 5 
3 R /D
]  0+ %e 
= %d ? 5  
KV 
T=5
LD 2
m;2+
]  P @ !
 %/n]C / + V K4 TA> 
2!
@ !
 %S 3>? A
3@ &? /D
=C T P 5  
KV 
T=5 K m5 + :T P . 
2! 3 :I C "
M2 $ @ M @
] => ' )" % 9B > )"
Z :P 0+ n %
3@ A? q!>
.M@"^


T=P  p %&? j 
2  3@ & N :T P }
2  3@ " %
T=5 > s2  3@":m0+
[ j\ Y> H \  3@\ OBZ
\ 
 5 \ \ \ \ \ Y 
 /! \ Y Y 
E 
•> Y Y @Y 2BI ZY Y Z [ Y Y /+ [=BI[ Y!I]
3>$

Y  8i
 Y Y 3> Y \ ? AZ [ Y ‡ ]
K Y Y 20YY :
Y \ K4 \ ] pX

\YY ] K \  \

LD [ ‡ [ 3>$

] Y
=.; Y Y Y Y * 
 rQ [Y A Z \ [ D] \ A
Z \ Z Y Y E 
Y Y p Z [ Z @ 1>f \ Y+ E=I
] [ AI [ [ [P
\ 3@\ Yn@
\ Y\ ]ND\ 
\ [ Z A
E 
Y Y p ] [ D
Z Y Y Z Y N <"Y
=^YlY A." Z \ Z Y Y mP 
Z [ [ [ Y A Z Y Y Y m! Z Y [ Y 
Y …i
[ \ Z Y Y mP 
ZYY
.{ [aaŠaak:=4
] 
\ ] \
==4 \ \ YY
[ ] E
=I [ ] ]4
=Y C[ Y
<D [ [Y A
Z Z

.305 .
=0
#2A> N [
 %3L 
& z! %AP28 <=PH 8
6 +

 %5  
KV 2@ T ? %q28
T ? C QNuC :5{
@" >
@
=P2V T ?
2  !V
 %|P
=
/+ q2V %g>2
/+ q2V Z \ %O=!] 
52@ 3@
=?;
[ ‡ [ %  

2C 
1. &?" 3@ 
 ! 1  S 3@ 9*F
 
T  /+ T=!P %J:'  r
4
 %Q 0

}3PH 8
MJ" &X@ 3@ h +NW 8B

$C /+ <2>
Z <" Q  
m0 &A+ ž

$4

A5=. /+ eF @5D  KD ?  /+ Q  


 9)
 E !)
3  %Q  
0B
[ .N
:Oj &  A T=0 %Q
=4ZN
 Q >
 q . 
A  2B!
[ %“;{
 q28

4 5 K /* 5 D =H /+ 


 4;
2P

. 4@L K ™.


@ A!
=*P 3>$
]+

U+ 
   !)4
<D AX@
==   <D
=A!)4+

.<=2B>  1
<==0> 38'@ 3PH V hN ? @i
$C EV" 3@ †;" A

. 8" 3@ B?


 %3>2
8 3@ 8
A


ND D N m B 
 O=0
 OjB
A+ A
P6
 %< @ & /+ 5{
H P"\ A

.
T=5 2@

.
=2
9@ 5 MD %sQ " M 4  M >H 8
A

.
=.F
=C D .F45 + 
.F45" <=B @ T=P"

3L 
O ;  V" 9B 7

2A" %.F45" D E=" % "  !5 2" %3PH 8 !P B
3 2 ž 2

W K  
KV % =5 2! h
2@ <" 2A" %  M> N 2 
ND D N <"
.h
X h  5 < ‹ A 3B 4
 !V

\\ [ [Y Y

=0I[ ]

=[@W \]
.[aa”:=4
]3PH 8

Y ] @ Y Y
== Y AIY ^>Y" >Y :2B @"
Y 3>$

/+ d5i
C" =A+ ž0'
&t *.
-" % {
 .8
 " 3@ q28
<"
=

3@ 8@ &  1B4 %O 
<=J 3@ <n & z!>  LD ž4
OH B5 @i
Q 

KV /! 
< + ž N 5 /F!@ \ Z 
‡  Y Y Y h 0;
[ [ B? %  
@" M$ %e 
7 8@

KV  1 K4 n) $ @ &B
 T=0
/+ q28 K" hX@   O2P 5 
.<=5
 Q !i
< M$  %5 

= H
+" <i ND OH B
 
045N
 3@i
&l /+ Ti
/@5{
4
  @
] <4>
V '
A  & /+ & žA@ B@ A
H ! A P /+ q28  <=.84> %1
Z]
.< @ < @6 & /+ q2V
[ [ M$ <= @u
 %@ B


[ 4\  + ž 9B 8P KD 


/;" MB@ ? 
=4  O )!
2  80
|0  %2B
!
T=5 >} :T P 5  
KV 
T=5 #2> Z Y 3 9B d? D %T=!0  J A4

M@" :
 O8
 T 0+ . =5 KD 
KD hP2V / @ 3@ '" <" /4= 3@ <D
3@ <D %q28  / " D 
<D !
T=5 > :T P p %M ; =A+ žM @ xB M
q2V /+ 
" 3
3@ h
2" m @ 
=+ %m @ h P2V ND ’2"‡ N" /4=

KV 
T=5 ML mP $ @ $ 2B
[ Z ] @ 
 %K B 
/" @ 3" g>2

B 3@ /
] 
B" @ 
 %/0 + 
/ -.> <" =?i /D %
$C /@=> KD 5 
5  
KV 
T=5 /P2V 3@ /. /+ -" 5› 
/
2C LD 2B ŠzPŠ
.{
=$ 3>$
MC  MCn+ 4$ <= " <" K);"
[ \ Z [4\ AD

=BI Z \ ZY\ 4!0I Y \  


Z [ Z Y YZ

LD
\ \ Y [ \ Z :T P => 2i  P @ 
Z [ Y   <=.5YY ]
=$ 3>$ T P 
<D
\ [ Y <=.> \ Y [ \ Z Y
= \ jY ?Y ]A?

=
Z Y Z IY4  
Z Y [ Z Y * <=! > [ Y 
Y Q
Z [ Y Z Y Y d?
h [ Y Y C
n@ Z [ ]\D AI
 Z \ AI [ \ Z YY AI
Z [ Z Y
=n+ Z [ Z Y
\ \ \ Y 
3 ] \Y AI
.[”ˆŠ”ƒ:=4
] 305 .Z Y Y 
=0ZZ \ Y KI
Y Z Y> YN Y
<‹+ Z Y Z Y <‹+\Y AI
Z [ Z Y
=I Z [ Z Y

3  %  h 0B4@ 3 4+ ž3 @u


 .V 3@ .V &  nR *+ q28
:
2! +
\ ^ 3 M!> 9?  A  M  d+ ŠA 
<
=Š !V h !B M2P
%A !)4

\
.A*B 3  A 24P

M!B> @ M @ 3 > + –@


T 8; M4!"
LD

M!> 9?  A4J?
LD  @ 
 q28
K d+

f @ oH  = !
]] :T=0> => #Cj
E A 3
 @{
M2P
E$ 
<" Q 
3@ H Y 3 
.[[ m$ @ T

4>" <D %E$ 



=!  % + O  
<‹+ ž +  A
4>" <D %q28


Z ]  :
H ! N"
%
=P2V
   KD
== %3PH 8
@
==  %

=0
 N" % +  A
<‹+ ž + O  

q28
 % 5 E$ 
 . E$ 
 %" q28 + ž -
h h
6=+
6=. h
2>25 hN=P
==P
. 
 P KD

Tn>
[ [ N @ " 3 1
 &. &R i
 =B> 1


T2!4>
[ N &? j  + m2!   m 45

LD

‡ \]
K
/! Y Y <=8> Y \ Y Y Y 

Y ^ Y [ [Y 4 t@ ] <D] \ :  O8  @" 20+ 2@  ! K


=5
=V N"
\ Y
=5 \ Y Y
=V \]
s2! K 5 &V ‡ A
^[ƒˆ:E
ji
] h  Z ^ Y
=[ @W
Z [ ‡ Y Y  Y AIY ^>Y" >Y
Y 3>$

.3>2
=> KD < ‹ A 3B 4
 !V C" K 2@ M=5

sH ! 8
 %3>2
Q
2" @H %3 )
 s)
TL" %3
 5{
j" A

.3>2=

5› UV C /+ 3@ MC" %3


 5› UV 8 3@ 7V" A

.3


 %s2! =  s2! <=


 %M>2> 3 C l L %M K.'> N   <D! 
A @ T  %A4!C m!CL %AB? q. %A qj 2P žM!! M=5 ~ !" M 4
|: + A
.A> N M+ '> N 3@ A=$ A z5 %QNLi
A+ R %C2
&B+  A@ B N A
%/
 /.'
M.: A |:
A
%/
 /.'
M.: A
.< @ >  > A @ Q
! 
 Q A.

%s2 ? 8 > %s˜ " A+ jB> @  @   5  
KV 2@ @" 
A

.-B
M 4  M4B> M >H Q
2" s˜
2" A+ T$>

m!?"  mH
LD #$
MD 9i
s !
C :
9:
-i
M5  Mn D A

3.B*4
 3>2A:* h?  h ?+ Mn m  m45

LD m:"  mJ5
LD
D N M .V m520 s˜ 5" m  ! %3@
-
 O F: h C %3
3@
.sS

\ Y % A =@i
/+ 4!P  3" A

.O;v
E
$ 2
#j; 3@ Z ?"

. >H /+ 4!8@ &B N %  KF 3@ K 8


 %  3B N " A

.h 0>R h ? A @ M >2 h
2t P M!  h  M 3@W #$
@i
$C E ! ™.
A

.04
MR
V M >H Q
2" 3@ 3>2P 
20 3>2t 
2 3@ A-.
A

/+ 3>2C 
 3> 8
 3PH 8
3@ C B?
 %M >H A 8
 %1
K A4!p A

!3

" > M!5

3@ B?
 %Q
2A AH 4@" " Q @ Q
2B5 A " %< @ & /+ <W0
H P" A

.Q 2
5 > U  
 U.
 U8
&C"
‡ A
%C ; 3
K T
O.
O. 
MC" A
%C ; 3
K T ‡ A

.3 8
sH ! sQ " <= 0> M5 <=$ > M!5 3 <28> 3>$

Tj6 %AB? q+ %A m4 A


%H=p H  0 V &X@ 0 V A Tj" A

.3@
=0
3 H> N #$
M5n A Tj" %A@
2P"

3@ $B <" Mn %M L B45


3@ h
$B@ > !s  LN 3 h XF@ > !s H 3 h !>P > A

.
=!
 #j'

H 3@  

\ \ [ Z :&t 0
m" M‹+ Q H &!P
 % Q ? 10 A

.^[ˆb:+ S]   Z YZ Y /=H

Z [ Y 945"


3

m" %< 4
M 2A

$C % ?{
M @ Q 2

$C A

!
 {
 T

L > < 

.3!t ; H + A

.......3 B
E  2
 %35
K 5 %<=.8>  OjB
E M < !5

O20B  M4
KD 4? 

N %2>2 
/+ A@" %0p   A:
 %O20 @" @i
$C &B? K B  !5 
<D
ML <  ž A 
Q
2" 9  A@ %  
  @6i
24
A@ S KD m.4
.&? j A 3>2 A !
9!

2t
2)
/+ 
K & =4
C"

2 0@ 2 !


 OjB  H. 
%= 
 M
2@  2
%3 B
E  2

f Y &
Q/ [ \ Y =C
Z ‡ [ 1 ;
\ \ Z [ ^Y [ 

Y [ ND] Y DY N  
]  L \
[ [ Y :3B?" 1'
> 8@ …i
 
 

 M> N 2 
ND D N <" 2A" [abc: Bi
] & \Y Q/ f Y &
Z ‡ [ KY Y =C
Y [ Y [2!
[ [  +
ZY
8  2>n+  24
 % . +  & = % P=+ 
K0
=5 2! h
2@ <" 2A"
%A4V  M @ C@" 2@ K
= = 3>$
 V" W K  5 
KV %
W
.<=.
C MJ" % 
2B B O 
/+ =B AR n+
@ <=B
H
245
 %O 
<=J /+  H 4N
  @i
x>=. < >{
3@ <D !
H !
% 
 Q :B
2 2 %Q )>  T B.
M 2
{
n H 04N
 %Q ;
 O2)
/+
%~j.
2  A4!X> 3 @u
H
6 
K & =4
%%=C ND D N ;n4
 204
 %8 
 >jA


K & =4
/+ 2> 1
3@u
%T
u
2  OjB  A=P Œ> %
2P{
KD AB+2>
2+ % D P 5 #$
2

=C "  ;  V"
L‹+ % !P  nR . 

!8+ %Q4

h  h
 !4;
A  V" #$
=C 
<" 30>" O2 4 V" <D %  h
; < +  
\ Z 
& \ ] K \ 3Y &P[  h
; < + ?45

] Y Y @Y ND]\ YIY!8>
<= [ \ ]=IY Y4YIZ Y+ 

Y [ @uZ Y Y Y N=@
Y Z Y =C
Y [ YY [ 
94
Y [ Z Z
.[ƒa:=4
]

%9:@ 104 "  ~ +245N


=B5
LD  A=P &V %  & =4
KD 3 @u

2"
] <D
Y 
] \ [ ! \ ] Y Y & ]=IY4I> 3@ A+8 q=+ 4>  %A>2>" q=+ 
2> <=  K4
[Z Y =AI
Y [ Y+ 
K Z Y Y Z YY
Z Y Qf /
.[‚:q:
] h
2P ‡ [ \ [ 

Z Y & 
] &B?
Y Y Y 2P
\\ Y • 
Z Y @" \
Z [ Y

? -i
AC %30P 3BC 3B+ o  + e 
7!V" mP /+  

$C T=P"
LW K4 =4 Q ? : A+ ?D <
=  %JR ; L .?@  
LD 3@  !;i
~ 5 %Q
$F

h4@ h @=> > > 3@ ) d@ '


=

=4P 2P )!

$C T=P" %  
$A B@ @

 
2 0@ 2 3@
= %)!
E
= %$ N /0! N 0: 
$C /+ E  0

= % J
h 
3@ A  / F N >H @ o=0
=0B & M$
= 0>" %†$
q2V %…i

.&  Q/ & K =C =@i
2 0@ 2 3@

% =P  / F 3+ 2! 3 


K' <D 
 :
H ! 3@ 2! & h 88'@ &  T=P" 3 
% B@ m.P <D 2
o=P ? N %˜
$S N % C ? N %  @ N %˜ L N %H
2B45
N
Q
=?i
A.  => %@i
9> => %T
=Ci
24) =>   
2" /+ <= @u
3 
@ < 5 %H2@ 
>  ND <=!:> N % *+ 
<= ND <=4> N %E !5i
:0 
\]
[ ]
A
e [ [ Y T P
Y Y 3>$

Y 3 @u
QNuC 3@ <=  +" %  
A  †. 2t
2)
A  Tj
f \\
=!0I \ \ ]
B
Y Z [Y YZ +Y * &
[ =ZY 
B
Y Z Y [ 
YI[Z!Y
= P Y \ CH

[ Y Y h  >D Z [ Y jY IY+ C=); +


Z [ Z Y Z Y  
Z [ Y
=B?
[ Y Y 2PZ Y e ]\
Y ]
<D
Šak‚:<
 TW] - f \ Y &*+
f Z Y L[ [ 
 \ ] <
=
] Y 
Y Y Z \
=BI[ Y!I]
Y Q=5[ A> \ ] 3@\
f Z Y Y 

Z [ Z Y Z Y 
Z Y &*+ Y
=8'
9n4> @2  A=P < %
Q
2" @ CH A? /+ Q !i
H  < H
j

$C [ak
\ ] K ] Y \ Z YYY YYI[!5[ 
2C \ ] K ] ]

Y Y Y =4I
Y [ [ Z>LW
Y @Y K
Y Y <!8 Y Y Y 2P
Z Y Y 
Y =IY Y4IY N"Y YY @
Y Y & Y Y Q
2i
9n4
.[ac:C
D] <= \ ]=IY Y4YIZ Y+
Y [ ‡=IY Y4Z[ 
&

%e"
~=+@ %d. 
j>j 
‰B %S K H 4N
3@ H !B
$ 
!<=@ >
\ ] ] \  H 4N
/F! > N '@ 2! 
o=5 @ :T=0>  0@   <  %A
/ 
3>$

Y <D
 Y \ 

Z [ [ Y Z Y H !
.[a”:r
i
]   X@" \ [ 3@\ <=2
\ ] <H
Z Y [ ZY

N % D Q=
q2V  H 4N
 + 0X
   6
j4N
KD >H =2> 34.
*; /+
\] \\ \
K
Y Y Y
I[ YY!V 3>$

Y * 3@ BZ [ Z Y B
Y Y 
?" Y Z   0p “;‹ & & H 4
N &5  N %&
=
Z \ ‡Y
Y [ ]=IY Y4IY> A
.[ƒ”Šƒ:=! B
] <=

A m %
84 + H A
3>H @
= ; % 
=0B 
K
= = &t
i
<=

@ %Q
$F O2 KD C H @ 5  
KV 2@ C2t P C2t
 %OH >
 OH 

-" %>= B


 >H 
o=0
 H
2B45N
KD C H 3  % !;i
~ 5 KD C H
KV &5" A?" 3@ /4
(
ND D N) O=P /C A 5  
KV 2 
3 @ O=P
.< @ < @6 & /+ O=P -" /C %mP=
ML /+ O=P -" /C %5  

f
U >
>$ q O20 F 9B


......

A4P O 
/+ O20B
C"

C" . 
A A> O20 @" D % C˜
2" A+ ; A20B m  @ K4@ O20 @" D
2t
2)
2  m4!p A m  @ K4@ O20 @" D %O2 H 4 3@ C2  < A@ 
="
*; /+ %> 
’
2i
*; /+ A20 <‹+ %O20 @" D P  : @" D %3

. C2B 3@ C2 A0P A4;" ND  4+ /n @ /4
34.

/4;V 5 3+ m;V


LD /4=P 0.5 3@ T=P"
L @

E 4 
KD ~=?
KD † 4 @" D :T=0  B@ 
6
+D 4:"  P2
 4.
$C AD
3@ X " A  g!  
 E 4 
KD ? <" 9> " : 4:"  4.
$C AD % 

5 :P 20B 34.
<‹+ žq28 ?  <D 4:" AD %Q
=A
 E
)
  B:
3 X
 %Q *!

K  5  
KV 2@ % *B
h 2> A*B 34+ % 44+
3  4  <D @  + m } :K.:8
T=P  O>  > :!' 34.
 mP2"
<  -
/+  Q *45
3@ %= 

$C  
s { /4 5 
E 4 h
2" #2B
=*
. A @ † ' d  -
/+ =A+ F 1B  !  @ X  %
h=8 @ h >2A@

T=0> 3 ND Q/ &  e 


z!
 %<= + 3 :Q/) T=0> E z! <" @n 20
%Q
2i
3@ 
i
z 9!5 34.
E !5" 3 ‰4. <" @n 20 %<= + 3 :Q/)
!}’
2i
$C @ M$
=:!
3>$
C  +

mP2"  %&

=@=0> .
OV K
=!l
= 2
KD
=0:
3>$
C 
!}O>  > 204> E
  =
<"
" %<v
E=:'

KD PH V OH=B ND + 3 @  †'@ N :


= P %A=V Kn
= V 3>$
C 
!}

A+ 2 ND A? KD 4 P /4



 
K Q *0
 7V 4 
H  3>$
C 
!} B-+
h h
 @

qS &!P CL 0{ A+ %E' O 


 .5 <D :
= P %A=V Kn
= V 3>$
C 
o0Z Y \ Z [\ M
Y [ 
MAI Y ^Y <
Y Y @
Y Y A H A8 H!

> 3  %P 
 AD !}

Y [ \ Z [ AC"
.[aak:H=C] <=8@ f Z[ \
Y [ Z Y Y -

N %
0 N %@=0 N % &?" 3@ N 
Q i O8 
 !
 QN=
:T=0 20
r
n+ M @" %“;D 30> q28 
ND D N :T P 3@ /
= 3  %O N %!0
1p"} :T=0> 5  
KV 2@ % A #H > T
6 N *B @20 A5
H %5{
C 0"
% + 
 <D % + *F" <D % + !!" <D ^{ 
/+ xF!
 
/+ 9
< >{
o
. + >H  <D

& jJ
2) <
i
<W %g!B
 @
j
 E:
 =A
s4 <
i
<W :T=0 20
.
ND D N + 3  %B N %E
4 N +2

K ML @ %
o=5 …i
/+ 2!B> N K4 2=4
>
 3 ~ +2
=0:
:T=0 20
.j>jB 

-" >= B


O=0
KD 
 4?  & %z0+ >  O=P KD ?   :T=0 20
.…i
 
 
E 8 > 2? <D /4
O20B
O=P %
K & =4
O=P /C N" %2"

EF
 
LD 4 <- > !O20B
&C" K  .5"W !/4@" K  .5"W :T=0 20
.H2[ N H2B N 3>2

$A 8  A" m @ %EF

=0 
=P < 0 /4

\
[ [ Z IYY D] :T=0> 3 1B 3  %<+ <+  pH  
A>" 1B4 N :T=0 20
8
\ 
/+\
=[@W 3>$

\
[ Y Z Y Z [=0I[ Y> =I
.[ƒa:+ S] H Ai
^ O Z
Y ZY>Y IY Z2
YY Y Y ] Y YY5
[[

%Q B
 ON=
3 O=.
*4 A@=5 g! /4
|?
i
 
L‹
=0B4 N :T=0 20
f Y \ h @=IYP
=!8
Y Y Z [ \ [ <"
 A Z Y
=[ I]IY!Y4IY+ n!fYY\ 15 +
 \ Y  Q ? Z \
=[ @W
Z [ Y Y <D
\]
Y AIY ^>Y" >Y :T=0> 3
=0B 3 
Y 3>$

\\ Z Y+ @ K
.[ˆ:

] 3@H 
Y Y 4BI [ \ Z [ Y+
Z [ Y Y Y Y
=!84I

!}
ND D   >D 3>" %<= + 3 Q/) T=0> 3 R !
<D :T=0 20

Z \ 2" K 84  <" B:45


@ 8 
H>  2
o=P ? Q ? = :T=0 20
<D
\ \  3@\  [8Z I> #$

\ \
[aˆb:<
 TW] 2BI Z Y Z Z [ [ Y ]
LY 3+ Z Y Y  Z
Z [ $'> Z \ Y  
[ Z Y <D Z [ Y 9 S ] [8
Y Y +Y [ 

[ Z [ Z IY>
.ML 
Tn }M$ 0>" &C }ML A+ &C }ML  &C

% A@D /+ % AC @ /+ % A
p /+ % A20 /+ žQ/ & /+ +2A4@  4@" !
H !

 - KD ?  =C % A z> @ N 4@" z> @ B> N =!S /+ ‰B> T
6 N X 

.......3!
 o2 > @ + @ o 4
 8!> 
o=0 3@

2B 5{
&!P EB
T 

O )
z@ K & 04 Q XS }
ND D N &!P EB
A>" | :/ 
KD ◌ [4.
 l & % @l
h hN 
<H 3@ 2!B h  V <=45 t pp !B 
T= %B!
H=@
%&R !
1C6 %5  
KV 2@ #2> K = 
 1
Q ? p %xB q=+ A*B

KV 2@ T=P K*40  8" E V" 
&*.  T
6 N % B

$C /+ 3>2
)
K4 A. ; " A$; 3@ C*> N O=8 @ 1
K /4@" 3@ .t R T
j N} :5 
.{ ML K C 
@" /n>

3 <=B+
2> P K <v
KD %C2B 3@ 5  
KV 
T=5  V 1:

28 %AB 7+ %


&!5 /+ <= > @ & 
= %A.n
=*+ %A20
%A @
 m C" 2P <= + =
@" %A4P 3@ S
K At
2" K   
 84

%

=P2V MJ" %<v
3 3
30 
r4;N } AX S %A @ m A4

.
C8 + % 
=0B %N .R"
h Q 
h hN ? 
O=0
= P

B :#" % @ 
h ) B"  < 2B5 =;" “ P /" 3  A .R" 3@ &.R =C C
=>  /n> % + O2t + N @ K05=
 F" K 9
/+ =
<=A4> 3>$
HN"

KV /! 
@" %  >D 20B !  %8P 4+   .;  |
t  2
5  
KV /! 
T 0+ %  K !+ %H A
K 20> N i ž H ‹ 5 
/+ ND Q/ /+ !S  >2
3@ †; @ !
T=5 > 
 : 2B5 T P }  !> @} : 2B5 ;i
  @24+ !
T=5 > =

$C /+ AP6> B OH A)
@ + %
&!5 /+ OH A)

%  .Rn #
 {3B?" A  
/ 2 Q
2A T" <= + %  <Ln> %5  
KV
2t 0B
 q;i
C2  2" %š
.
A <" 2B  o$4> hX@ =B> <"  ? & %N
. +i


 -4
/+ 3 =
 % @ 2 K ’H 
’2 => }ML 3>n+ %   >D 20 3@
%~j
 z'
A V" 2P 3BC 3j+ O>  > e 
m.4> E s C m E
!}@i
2@ =C d" !}M
M @ =C d" %<= + 3 Q/) T=0> E
 A 3 >  <n 
.Q )> 3@ T$> Q )> 3@ jB> % OjB
 % 1'
 % M
 % @i
%
 K

#2! T
j> N} :/520
g>2
/+ 
T=P 5
!
8  1>:
+B@ rB> 3@ >
%  8!> #$
8 %  > #$
B5 m % 4!!"
L‹+ % !" K4 &+
=   /D
] E04>
^{ $i /L B45
3J % :i / n5 3J % A /)> /4
? % A ‰:!> /4
2>
!}  :!
&C }L B + $B4  %K:B + Tn  %C"
h <=  ML 00 &A+
 ] <D
Y Y Y Y 
] \ Y B@ |P= % ji % 8  %<= 
/+ @ &  '  :!
= 
 @"

=)+ %2 ? “ P /" 3 2BI Š ?H AŠ A 



'5 [ˆ”:=! B
] 3 \ \ Z 

Y Z [

=A+ %e.
e=. /+ 9

=;H" %A 

! %A4 3@ s 5i
<> h  > n 
A 
&B> <" <= > 3>" }ML <= > 3>" % D
h h
) N h ? h R  <= 0  D :3t P
.<= + 3 :Q/) T=0> 3@ B@ 3  % 
20 N % 
=0 z! N 3 % 20 /+ ND h  >

} |  (> 4

=t 5

h
   !
†=@ K V  T !
/+ hN !?

......

>H 8 > 3 1B4@ 


8

\ LD
M [ Z \ :8 > Q/ &  2> & % t  
2> & %
8   8 45
3@
Y ^Y /=>
\ ] E=I
\ [[P /+\ /0Z\ [n5Y
=[@W \ ] [‡Y Y+  B@ \ Y \ 
KDY\
9

Y Z ^
. [ Y Y 3>$

Y Y 3>
Y $

=4!XI Z [ Y Y /"‡Y  tZY
.^[ac:T .i
]

h . C mB+ H A
/+ m } :T 0+ 5  
KV 
T=5 KD  8
2" Q ?
3@ M@

$C :5  
KV T 0+ }
T=5 > j @ %j 2P
j 2P
:T=0>
.{  B@ & 0 Q ? X X
Q 
 t@

gF44+" % At
2" E=P /+ 9
r$0 %7>  C2> % t  C2> ž
3@ CH2@ 4@"
.O  
=? p %F 1B4 F

E=0Z \ Y Y  2 ? 5  


KV 2 Q
2i
q2" E
ji
=> /+ !
H !
[ [ [ 
mFI YY
KV 2 LD C !4;
 C
= *; /+ C [ab:E
ji
] = \ ] \ <=
Y [^-
  Y ^[- \
Y Y ?
Y YY Z

%H2 P H ~=? 3@ A @  8


T  o> => A q> %A 3> 5  

O2 3@ h
  z 2P % : 3 C2" |) > % J h
=P$>   >" pp <=B>
%5  
KV .  A+ %2A
3@ A @ 5  
KV /! 
o> %~=

ND ‰ N A
} :T=0> =C <
  z 2P %5  
KV : 3 |) >
<= B!)
%A=: /+ <=Bt 
9> { O;v
‰ ND ‰ N A
%O;v
‰
:<==0+ %  A >‹

h
2" 0 @ H A
K h
2@
=B>  3>$
3

!}<v
4B> 20 /+ C .
$C 3@ 3 3>" !
ND D N

<  
H A)
& &@" K Q " /  % 2  N O;v  z <" 2 N   <D
. !04@ 3@" :
= P %OH A) E !)
2" 6 +
LD %‰B
0 &!04

%…i
 
 
A  ? /+ %Ki
eH.
/+ s C h 0 
@i
&!04@ <D
: ? /+ & %OH A N %.l N %m /+ N

A+ m 
 ‰)
 <
.j
 A4 R M
 9CL C=8P

f & +
A  3
 2"  
 A6 ; <
= h
2S 
2

< {
TQ 4> % 20B 4 :m P  >
/+ 84

LD !5{
@" K  .5"W
!}~ *
 E:
 =A
/+ <=  O20 #" O


:T=0 <" ND M N %A  K %  ! K |5n 4 K5n p

Q   &4! <" s >D s >D  T P h +=4 @ 


/+  0"

2t
2)
mP O20B
6

N 5  
KV =C C % !
h h R !
A z! % A2
 2t
2)
/+ †' 20
3@  

" K4 %
2  @   A@u> 3  % 2
KD A=? H A? /+ 4 V &@u>
 
=0B . 2" <H A> 2?i /D ! 
7> 
 :At P T P K4 A4t

= % C
.
C8 + ž
2  @

T=0+ % >2 3


H2 r B" r Bn  9n4>  . 
4> => 2=
3 2 ;
%  @24+ Š &t  /+ 3!?Š K?" KD " % K5 KD Q=
3@ 2 N : 2 'I <=

KD 3  % K?" KD N % K5 KD N %N :T=0> %


8  1p
=
 %
K & =4
=C
.  & = %
8 i ž8 + .K4


*> 
 C
D =C C !
Q
2" @  B@ …=' h
H
2B45
E
)
  B:
@ ? >
}   3@ KD : 4?6 T=04+ 9C$> %p N A+ ~6 N 2@ …" /+ & 5D 
 4?6
@ . B*> N h
LD :m P %B :T P }
$A s@" W :m 0+ % >D  H=45" #$

KD :T P
!30
 & =4
-"

% =J & /+ D


=  % 
'4+
 % 
=@j4
 % >2
=  !O20B
@" >
h - \
\ Y h
?"Y 3\@uZ \ Z > r=5
] uI
Z Y Z [ 
[ 
[ Y Z Y Y 3 @u
@ 
<‹+ % B@ 
B@
B)45

n5 => o <
=>D /+ /B 7:5 % +5"  U2V 20+ 1 
=2V
^[aˆ:Q  
]
f
KD H !B
OH ! 3@ H !B
†'  J?]] :T P %0 8 o2@ =8 H+ }4J?  :o
T=0> [[ 5{
T2 KD < >Hi
=? 3@ %O;v
B5 KD 2
1 3@ %H !B
E OH !
%/X@ h +NW 5{
‰? /+ m.; /D :T P }MX@ 3@ 5{
‰? /+  :o 
.+ 8
A20B = @ hB+ %3 C /@2P m @ <=  
 :o T=0+


8 
 m => +
$ 3 
2! A @ % +5"  !X Š
H ! >Š
=4!p
 N"
3@ < p
+ /0" /F> m>j
7!V" K4 m>j
2P  mS" %Q {
2" Kn+ %5" =C
H=B45 &C !} :  &0+ %  @2 (
ND D N) 3 H %=!C
=44.4+ %3

%O2
 d. /C
L‹+ %- ]] :T P !}M !> + :
= P .N :T P !} 
8 
KD M >H 3
N '
 .[[ 
&!5 /+ 20

$C /+ A K0 #2? B H2B h 5 ." / <" HH
.{ O=8 @ 1
K /4@" 3@ .t R T
j N } K*40 K0!5 %T
6

:T=0> % >i
$C &X  <=B+
2> 3>$
 %5{
3>2 3>j4B
< F+i
OH P 2" =C C
%H A
s" /  /@"
=04
p %=40+ %m*++ %H A
s" K4 /" <==)
&04

%H A
s" @ 
 N %=40+ %m*++ %H A
si /;"
=04
p % C=40+ %m*++
. !V h
2@ !i
K0n+ %
&!5 /+ H MC" " 8 
K4 " 3

3@ 8 4 A20B j4B % A >2 j4B  >i


$C &X@ /+
$A hN ? 2> !
H ! > ! " 

.K B  !5 8 


E
3 An5 
<i ž9B
 =A
/+ A4P * N :) @" O20B
@" <D !O20B
@" >
@" @" %< @ #" /+ Ujj4 N 4 p % !P
@ @" O20B
@" %* @" O20B
@" % A P"
.0 O20 @n m % C A4 . 
H KD + 5
LD p % A20B j4

.O20 @n m AB* O2)


/+ %Q ;
/+ A20B j4 @"

F <= d ? 3@ i


z

  O20B
@" %L '4@ m C  O@W @" O20B
@"
.(
ND D N) +

20 % p 20 % 


=;D
h 
B  < X    < 5  hN mB? O20B
@"
K@ xB †; => %e 
3@ Q 8;
xB 2  m8; ’
2i
$C /+ N" % S
 !p 2 K T2 ¥ .i
$A A @i
$;
u> N <" 
Tn h l ."
=0Rn+ E=0

> M" @ 
ND D N %<= + 3 :Q/) T=0 . 
o=P <D :A*B T=0 %O20B

.2" H=B + %
KD OH= :A>H  m
6 N %K
QNuC #H  20 !E

%<W0
KD ~=?
%  0X
%
K & =4
%  1B4
!<=
A>" 
KD OH=B

.[k:2@]  Z [8 ] [ Z IY <D


\
Z [ Z IY> Y 

8
[ Z 8  
)" ML 2  %O20B
.8 % 
KD ~=?

-
O ?2
!  @ 5 H =C @5D

/4@" > t  &- /)@ + @" +

  O=;{  =C

 AD &4


q N  j 280> EF
N

/2 3@ $0
 @ / F+" 
=C L 280> & 

Mn ..sj Mn ..s8 Mn !m" ND O2)


3@ $0 > N 3@ > Mn D A

.5{
Q
2" sQ
2" T$' <" %<W0  8  <" %< >{
K 4!X <" Mn..M=P

.>2P Q/ & K MD /  < X      /nI hN ? @Œ †;" A

.......
=.F
=C D .F45 + 
.F45" %<=B @ T=P"
M-.> 
™.

2! h
2@ <" 2A" %  M> N 2 
ND D N <" 2A" %3 B
E  2

.h
X h  5 !V W K  
KV =5

:2B @"

 
KV 2@ T=P #2C" % >i
$C /B> > @ &  A@2P" >2C 
H !
/+ M+B> Q ;
/+ 
K rB %M@ @" 2 
™.
%M-.> 
™.
} :5
<" K
=B4?
= @i
<" 
 %  3B45 + m B45

LD %
Tn5 + mn5
LD %O2)

 Q/) s*> <" K


=B4?
<D %M 
!4 2P Q/) ND s=B. > 3+ Q/) s=B. >
<" 
} :>
 /+ { |8
m.? Pi
mB+ %M 
!4 2P Q/) ND s*>
A+ KD ?=" @ 
ND D N { h
> B
@ <" %E 
@ †.
<" %!8
@ 8 

g>2

$C 2 :Q B
xB T=0> %<W & /+ % >i
$C /+ g>2

$C 1!:
/.5" % B A.4
 A.
P g>2

$A &A
3@  .5"W .‰R" @ 2  / )CHn+
.......3:.
+ 2! A+ K

20
 Q *0  < >{
C"

–H !@ % A20 V % A4B>  " 3@ A BP= A A?= /+ 1:  @" D !<=@ >
] [ D]\ : &? T=0> %   >D < " 3@ h - h  2P 
Q *0 < >{
&X> % A >H
&
’2 3@ @ [‚:E
ji
] h
20@ [ Z Y h
2P \ ] @"Y <
Y Y 
f Y Y\ [ Y0; f Y
[ Z Y YY :T=0> [”:0
] 20 ZY Y Q/
Z
\ f \ \
/+ !8@Y [ 3@ Y Y Y @Y 
20 ND 
H ! /+ N %
…" /+ &8 !8@ N %’2>
Z E V"
\ \ \ ] K Y \Y <D] \ C"Y YY I!Z IY <" \ Z YP 3@\ f \ /+\ ND]\  .I
\ \ \ ZY Z
Z Y ZY  

=5n Z Y * >
 Y 
Y Y ML Z Y &!I Z E 4 Y Z [ [ZY" /+ NY …i

<D [c‚Šcc:2>2
] ='+ f Y Z [ &
f [ Y T 4'@ ] [ 9> ^ \ [ N [ 
 ] Y  W \ [ Z Y N   +
Z [ Y 
Y
=.IY Y Z [ Y Y @Y K YY
>j >=P O20B ’
2i
@ 0>R 1) B> % 2
9t 8@  <=A> M$ 0>
3@u
3@   5 o=P" N >j K*@" A >)!
 B4
/+ m 
 %PH V
<n 0> %&? " HH " |P= <H '
3@  j + /*> =A+ % &? 

2Pn
<=   A4P % A@ - % A?" CH B@ C"2!@ 
C2P 2P …i
 
 
/+ OL &
\ [ Z Y N   + \
.[c‚:2>2
]  W
Z [ Y 
Y
=.I
Y Y Z [ Y Y @Y K Z Y ZY  
Y Y
=5n Z Y + @
78> 2> &B> & %
2P K …4B> + %  94 @ ND n> 3 " B> 1
3@u

%:*@ O20B ’
2i
$C <= 0> 3>$
@" ^{ 3@ ? 3@ 3@u@ š2> N} Q :;i

%H 0
#=0
1 '
<= > |B*
q='
<2> O A @  >= B@ %@jA @  +"
/V B
<=BP
=> %Q ;
 O2)
T  /+ A <= > %e 
E z' e 
 <284>
3@ =
3
/+ 2?=> %A." 3@ 2B <= > D QNuC %Q
*
 Q

T  /+
\ ]  @
[ Z Y 
ND]\ 

=0Z [ Y ZY +Y }
 @ @" &C }O20B
3>" }< >{
3>n+ %<
@i
2  #=4>
Y Z Y 3@n>
Y [ \ Y 

.<+ 
=0
ND 
 @ 3@n> N %[””:r
i
] <5 'Z

2B
<= > <" &!P >2>" m!  ." &;
H 3@ =C  )' #$
/00
2B
<D
] <D] \ * M.I \ f Y‡ 3@\ M V"
Y \ Z Y 3+ \ ] 3+
\ f \ Y Y @ /? '

@Y I[ ‡YFI[> N Y 
Z Y J5Y Z Y Y Y Y @
Y Y 
Y Y Y
Y Y 3@
Z M V" YY Y
\ \ f Y\
.[aaŠab:2
] A.I Z \ [ZYn @Y
I[ ‡YFI[> K4
] Y =0
Z

!}00
$C =
<=
/B> &C

!} C=8+ A=P KD


H=B> &C

!} C=!5 + A." KD


H=B> &C

!} C=+ C5" KD <H=B> &C

N   BP=4  
LD B@ @ m0p" %@ |V 4B R %N=0@ B5 20
9
  3!  +8 T B+" 2? & %
 
 …i
E QN=
t
 A+ )
ND O=P N T= N %< 4
 %< B4

 %MJ" QNuA & #$
A
 ~j.

!}
3>" !-B
/B
 

!}
K & =4
3>"

}/ >{
H
2{
E S /+ /t
$F
H
2{
/ F>
L @

=C %> F
=C / >{
H
2{
3  % ."
2B N :T=0 N %/t
$F
H
2{  en N
\ Y \
=0IY ]
3>$

\ ] ] /‡ YI> :  
2> #$
&!

Z \ 6Y .
.[ˆa:@j
] A Y Z Y [ 
[Y
@i  45 /4
&
 H
2B45N

r4
 =A
 9B
O  K= <" 9> %2 H
2B45N
9:4 @i
A  /4
&

<D
& =4
 30
 H A
 9>24
 € ) 
 2
 O=0
 < >{
A@ &> %B? S KD
&8 @ <n < >{
%3 B
E   45N
 %2P 
Q *0 < >{
 % :
 =4

#$
< >{  d.i
2B + % H
D 2P 
B =C D %’
=  ’H
= 3@ &8>
Q 2
&V
= %O2) 
KD n  %
K  = :&0  %2t
2)
A?
=@  :4
O2
 V V 1:  3 " 0>" ML 00 = %>H 0
 #  |:> <"  ~* 
.j>jB
#=0
=C 
]8  ž B4?
 
&! 84 + %
<L‹ ND

K =@" /+ & 


3@ %8B4@ >H F N %M4@ 
&! F <=@ >  d
.j .B KD 
  
S

&
H ! OH=B %O 2 E !
74. %4
 H
2{  %
~  4 ND 8
 &8> 3
. + % A -
$C @ 
H ! 3  %5{
(>  /+ ML <   A 
< 5+
% C˜
2" A z5 = K4 8 ; @" @  
2 @i
$C %-
*; /+ †'>
¥ . %2? 
  %
Q " At n !}Q " #" 3  % At n OH=0B@ T @v
 t )!
<‹+

H ! %38'
3PH 8

KD O 2
%
&!5 /+ =
O
=C %'
/!@ %E 4 

.QNuC /+ 
2B &@i
T
6 N % A 
H=5" %&
/+

@} :pi
/+  &t 0
=A+ % D ~*4  %
K rB4  %
™.  %  84B +
+ { h ?'@ h ?+ A @  mB? ND ž…i
 
 
H + %/ #H ! 3@ 2! 84

3@ Q
2i
K 2" 
KD + &
r=? /+ 8'@ 2  %
KD &
r=? /+ >2>"
j> j\ Y #=0 ] <D
¦ \ YY Y 
] \ [8 ] <8
] Y [ Z IYYY @ 

6 F
 @=p
 >$
& 0

[ [ Z IY> 3@
Z Y [ 

.[b:
]

$;" $; A


% Pj@ A
%@H A
% .  Fn+ h
Q=5 3
 5{  H
" 3@ A

> %M2P 9t  + " A


%>W .; 3 B?
A
%>
  + N A
%240@ j>j
3"  0 h @=> -
/+ " !>2P Q/ & K m" 3@ > !M
M @ > ! !? > ! AP
N A
%3>24B
 3@ M L=B D A
%3 -
= /+ MB D A
%3>2=

!3@ i
 " > C" m"  @  % C" 3  @ B

3@6 /+ 4!p V;D P2V  = 0> #=P A


% @ Q A.
&B+  $;
u N 
% =@" ON 4t" 7V" A
% H /+ @W A
% A =@i
/+ 4!P  3" %34.

C $ /4
 8
 :!
AP6
A
%s  /+ A &B?
A
%s
2A A0+ A

!3@ i
 " > 1
K A B %s=
LD

.3=4.@ N 3R.@ S MD *!P +  4+ sH !B H" <D A

\ Y 
3@\ 3= \ Y <D
Y \ 5 'Z
.3> Y ] Y [ YY YI
Z Y Z YY YY .FI Z Z \ Y Y.I
Z Z Y  Y [ZY" Yl
Z YY YI]Y

Q ).
3 KA  O8
<D O8
P" % Hj> B K  
 %  $> 

 L

.<=B 8 @ B> 
 %! " 
 $ % 


‫?  > في صحبة األخيار‬

rB> <" B


9 R K %B
9R =C .  < {
@20> O 
$C /+ & &*+" <D
9 R j> @ e2

$C /+ ()
3 2P % @j /4
 !?
=
/C @ %B
9:> |
&!P 3@ 45 @ K !8
  
3 /A 
 rB  @i
C" < ! ML !" p %B

. tH ! QB45
 3>2

$A 6
j4
@   3 ML <= > <" %B
9 R

 &B
 B
9R C"

2A" %3B?" !V W K 2@ 25 K 


 O8
 %3 B
E  2

<" 2A" %>2P Q/ & K =C 2


 M
 %  M> N 2 
ND D N <"
h  5 %< ‹ A 3B 4
 !V W K  
KV .. =5 2! h
2@
.h
X

:2B @"
3@ 3  %3=F)@ <D 1t PH B
!R @ ‰B <" 2B> > !
/+ !i
A>"
:&t 0
T=P E 

 . A T " <" /B A @ m 3 8


9"

 *!
/+ Q
=5
h = /V B
  3@  "

E ! ' /C %  4


A! >  .5 3 O ! O 
$C <" <=B !!i
A>n>
  3@ †
=@i
A+L 04 %E:* K4 "2A H  N Š O2? &C" > !
&C" 4"Š !

f K A @ 2

@ -0> f & <= > K4 CAl K C 3 @

94 > 3 %  KD
f
.2>> @ $ &B.>

#$
%25 .
 78
% V  Bt R %? +  %  4
A! > ŠmP  Š .

9P> #$
 % .
Al K h
H
+" H :> #$
 % .
/+ 78> #$
  .
/+ q'>
.h 5 s> N 

$C UVD T > 3@ Q


 s C %q'> 3@ s C %4

$C C % .
H
+" C C
.& 
MA>  .
€=0 i ž .
/+ h J ’2> J B > 3@ s C %q'

f #" :9!
A>n> M T=Pn+
} .
Al K &B.
L @ } .
$C K m" H+

.78> N 2P UV{


T > s
L % .
&;
H KD &;2> Q 
 q'>
$C

<D %
MC m C <D Ai ž .
L 0D T > 3@ <=  <" 2 N :9!
A>n>
.
z05 m:05

#$
% A =0> O2 3@  2 N  .
/+ 78> <" 2>> #$
<D :!i
A>" >   T=Pn+
f /+ 3B@ q; UVD 2>>
2> %!5 @ B:P 3@  2 N % B@ u@ 3@  2 N %3B@ 
2?
. A Q i
$C 3@ 2 N % B@ R ; 3@  2 N %q'

$C A

$C T" =C B


&B?
p %2A4?
 2? !4
 .
Al K m" :B
9 R > M T=P"
!R 4" % 2B ND <= > N &? j   < >{
<D & %&? j   < >{
2B Q i

f
/+ 2>j+ $C q'
3@ q; UVD T 5 B
>2 3 >  @ @ < D & %
%UV{
/+ 2C  <" %  
h >D <=  <" 2 N %UV{
2>> g 3@ 2.> i ž  

!9!
A>" M mP  B
M5 3@ 3 

:
  / 
™+  T=0>

\
0
 U=
E .l 20+ hN2  … N B
9 R >

f KD ?  M"  + s2> /+ B


$;n @2 
.&B <" =C %B

$C @ ;W @"

 .
qF45 % J
h m @ /  % .
$C /+ q'

$C 7V" <n  #2  "
:h J &B =0 <" 2 N h
LD %< A@

3p=
H ! &!P 3@ E$B@ 3B>  B  

f /+  .
L 0D T > 
  #8!
3

  ~28>  4> %H=AB


3@ 2A
e  ! B
&C" K q X

$;" 20 :T P <+ 3@ M K)' :<==0+ %1

.{   3@   
" h  4 3@} : =4 > N

}sS 3 M  q.


@ % .
m:05 p UV{  m  2C ?
LD

!1>S 1>f S 3 @ < 4

f ? K‹+ 2C ? 2P 1>S
 . - > /0 ;W 1>S %K B  !5 
<L‹ h
2A A 
.
0
dJ  A? KD
$A+  .
q
SD /+ C 5 " m C K4

 .5 UVD /+ <2C > p %N"


h A." <2C > 3>$
3>2C 
3@ <=  <" 
Tn
%< @i
„R  K + |0 <" 9> #$
|P=
/+ ND |0 + %!
E ! '4 @i

f ? /+ ND |0 N
.......240@ M@ 2  q2V 2B0@ /+ A 

B
9 R >
j@

: >
j@ n M8; 
<" 
:  &B B

$C $;n m" M T=P"
.{  <W0
B 3@  ;} :>'
:Ki

.e 
; <= > <" 2>> @ 2
 &

.>'
$A j.  <W0
B

.O;v
 2
/+ OQ =
 O * 
/A+ : X
@"

< <D K4 % 2


/+ Q  %< >{
 pW AB 3@ B
3 @u
=? K 24 MD
.B  &B
 < >{
OQ   2 M‹+ %5" 2
=

E+ ž AB5  C
Hn+ % C =+ /4 0@ 5 h"@

*} :5  
KV /! 
T=0>
.{ @ 5 3@ K" •!@
f

K <=8 !


~ P /+ < 4
K4 …i
 
 
&C" 4 t@ 
<‹+ :X X
@"
/+ K .4> < {
&B - !@ $C Š'
e 
B <=2>Š '
e 
B@
.  &B
 B
$;"


T=5 =C M2B> #$
 %N2B@
h <=  M" /C %Ki
3 &0 N /A+ :O;i
!
@"
f & 3@ B

$C &>} :T=0> 5  
KV 
T=5 <‹+ %5  
KV
|;
.{ 3C 
&>n 3:!
T 4
 3 F
|>  <=. > % 2

. A+ 2A? 4P / .> <" < {


† 4> %T 8; "

B
9R /+ |
T 

<L‹ .5 % .5


h < D &  <‹+ M.5 KD ?
:M T=P" B
9: m" :9!
A>"
#$
<0
p % > #$
<0
p 5  
KV /! 
<P %<0
; C &? j 

.A  < | AD ?


 % >

9R /+ M=A @  @D > :<==0+ B


!R xB  4> 
  /B+ )
 @{

 44+ %<
LW A <= > <" /t *" H=4+ %5"  @    5i /D :T P }B

+:
= P ŠO2t .
$C KD 4 3L"  <" K 4> =* & <" #"Š /L"  mB45

M!R + :
= P Š  @ K &'!
“Š  @ K ~= 
~=
“ :T P }  MV
/A+ A @ ~  2
 ND AB@ @ O"@
Š S 2
 A d C2= *
O"
9R :T P } 
:ML 2B T=0> p ŠO=P 3@ m" @ &  < @ & /+ !:

f
/
= N m N |A / @  + @ s2 m

: #=F
e + 2" T=0>

4)
H |>'
d!> |8
 M>Lu> <
LD

K4@ / &P B s$;n+ 


< @6 3 MA>

%Q 4) ?u :T=04+ 45=! |>'


/n> %/ X
mP= ?u :mP mP Q ?  <
LD

/n> %
KD ?u :T=04+ |8
/n> %|8
KD ?u :T=04+ H! Q 4)
/n>
./n 9C$ K)4 : :T=04+

h
Qj? M4P 3@ 2  %mP & /+ $;n  <D B
$;n K4@ !}B
9: h
LD |
!}B h -

.~2!
/+ < {
P=   O=2
<D

ŠO 2
A>"Š   Ti
U
 %  
KD
=H A42 /+
=BP @2  24!
<D
Š @ @"  O2P KD -
LD < {
<i % *>"
h ML K X@"
$; M$ %B
9R =C
. A 8; !B i C20> <" T > 2P Šh *>" 4@ O2P "

mP O2
  E)> %=
/+ O2
  " ND & n> < @ :
  #= 
 @{

 R" <" /D @ 9" <D 


 %= 
/ 94+ /? 9R :T=0> A .
& n> N %

y8
d'
e2> =C 3@  @ % 5H
h ) 2" 2
=
=
/+ /0> p %94 
/+
!}2
=
=
/+ h 5H ) 2n M  + %? *
x0 C
>

 /+ mP @ 
 % 5 ) /4 p
 ? :$@ 2" T=0> :
  #$ 
 @{

.B
94 90> =C ?
5 Q/*@ =C ND ;W /+ " &
T" /+ / 
3@
.
=4" @
=4n+ %B

$A
=B+ %B

=A4
%B
/+ A=A

/+ .
/Vn+ %.
OV &!P / -P= m : @" 3 T=0> :
  2"  @{

Š O) 5H 
mF <" 2B p %<W0
™. 2P 
= 5 )  /B@ 9C$ %2

" O5 <=+B> A4 > % 2" " 3@  X@ 3B>  A@i
m > %i
KD
-

mF @2  :T=0> Š&? j 


KD O=2
K B
9R K E !)

= 2"
&!5 /+ OC g>2
9R <‹+ žg>2
9R /+ ? C /  > :/ m P O) 5H 

Q B V KD  @ KD  >2


KD 9CL
:  m P %B)
3@ .S" xB! H6 p %

#$

MH=45" % -. h J ~H=45

LD 
<D :m P 9C$> <" H
" @2  %B
9R

2B <v
=C % 2"  @{
H=B Q B V KD  >2
KD  @ KD 9C$> % Bt
H * N
2"  @{
2 ND  !4 
3@ !4 @ &;2 @ % B >2>" 3 /
 A 3 
$C
M@ @"

f Z E
!84
@
2P" K m@Y ] [ @ !0
 S
[ [ /
œ Y E
] [ >

......

B
E: > V

......

B
9 : 2t
=.
? C"

9R
!9!
A>" :M T=P" /  % J
h 20>  n o> QNuC 3  4> => < {
<D
O2t +
h h
2S O2t +
h =
O2t +
h <D %X &0
KD &0
<‹+ ž2t
=.
3@ O2t + <0 N %B

&C 3  %- ? 2t


=+ }7!845   5 2B %O2t + 3pp A 2B 7!8 2P 2S 2B
.
H !B
xB 3@ &*+" OH ! B

$C <" m %m>=  +

$C /B <" 9> %F


KD >2B4@ OH !B+ B
@" %sS KD s
2B4 N M OH ! O8
<D
.!i
A>n> Q i

z04 /4
B
9' 3@ X@ h
2S Q/ =

z0 
~ 4?
&
D h  A Q
&8>

&? % F!4 ND B



$C m!X> 3 
=+ % F p !R /+ 2? %B
3@ h J 0 N ?

! ? 3 3@ *5 D % ! ? 3 K0!> N F!> N ! ? 3 K0!> Q/ & ™.n5 :T=0>
.Ti
@i
=C
$C %3 >  n  o;" W 3

45 @ K !8


  
3 /A 
 rB  @i
O

f ; B? 2P &? j 


<D
:>'
$C $;n  h R + €4
3  %e  m?;" @"
.  3@u  
3 KA  rB  @n <"

6  20+ M$ < <D } AC" 3@ =C hB+ &C %pX


$C 3 .I f Z
Y Z Y @ 2
 & Tn
% + 2A4> <" B+ ML /+ 8P <D %@" ; 3@ =A+ % A &? j 
2 /4
>'

.A@ /+ T
j> +

< {
<D % @"
h h @" m" C04   / &? j 
<D :9!
A>n> M T=P" p
.p"
L @ e 
/+ mBP | B> N h  "  
/@

f /+ :T=0> % 80
&C" 3@ e
2
3@ 52@ /+ h 0 5 /t@6 2" T=0>
 Pi
3@ mP
/+ ;
i
)B
/  /+ mJ? %  @ KD h A4@ 
= 5 ) /
= &!P 80
3@ m!CL

LD %AP
n %CH=B C
LD % o2A
&!? z5 /+  @ E ! 3@ =
LD %< *@
/  % !?
=
3@ 9?
= QNuC KD Tj 
<D 
 :mP m.P=4+ :T P %C=A AX!B C
$'> < :)
 % J
h /
=B.> " /Lu> " /=*+ AD Tjn+ %o 5
== > <" K);"
2P :T=0> 2  |0+ 
 
3@ h
 @  > <" 2>> 3 < {
KD /n> < :)
 %z0+
.'
s4> K4 %Q/ /+ 0 2P !4
%
$A 344.

p %s
L
$C 3 m0!+ %?n+ % +=;
h ‰B %#? /  + …i
KD Tj":T=0>
e 
!

=0
!

=0
!E !)
A>n> :A mP AD x " mJ+ %o;" O@
h m0:

!

=0
}< 

$C /+
=8B4 
 3@ <=?' 4" %
 KD < @ & 3@ <=n>
%m*@ / 5 m!  :T P %Q i
3@ h J /B@ &B.> C2" =0> <" h +=; mC p :T P
% 4 1R" 2P '
5  &?
LD 
m;H %2B #$
< *@ /+ mJ? p
/+ / 
 B
@ &C :T P }M @ :mP m.P=+ :T P % !h h@n /+ &@n4> 
LD
:T P #$
m" h
LD :T P %B :mP }/.
< 
/+ &!
K < *@ 3@ ;
i
)B

/B@ 
M /+ (

=0
) 
p 3@ Op " :/ T 0+ %B :mP }EC p 

=0

.O=;{
3@ <
=;"

f 3@ m?; %&? j 
<L‹ PH V A  r=; K |B K 
%qH V 9P
. @ m 4+ h  ; h !P m+H 8+

N B + %M4 .5 Al K m" %1>:


$C M m" Š9!
A>n>Š h J <0 +
. @ 2 N &B
 % @ 2

N < T ?
3@ &? :T=0> % Q 0i
 Q
2B
y8P 9 V C $> o;" pH    L"
$;n> ND B )
’H
=
3@ ’H  KD /n> N %r B5D 1t 5 &B> %
2"
h ™B4> N  $4>
f :P &> n  %o;i
2
/+ 
3@ h B:P $;n> %2> /+ 

%)! N t A! 


h O2
=
 
/+ &
z5 /+ %&? j 
Q )> / 
3@  /+ :T=0> %pn4> N
&;
2@ 3@ &;2@ /+ ’H  !'> !'
LD :T P %&
s
L /+ P
= 4
" m
3 "  % " m?'+ %mP=
ML < 
† ; /+ < /@6 %O2
=
 
… >

KD mJ? m?; :T P %&? j 


3 h
H  h
H V m  %< ;2
E" m  %/V"
2P -@ 0: 

LD %O {
O2" 3@ H=B m:
2P O 
$A
LD % … >
&;2@
mj m@204+ %O 
$C z5 3@ †'> h 4+ ; h
= oi /D 
 %Q A 
A  mB:0

n A? % ?=
 4@ %
g h? 2?=+ %&?

$C KD m@20 %/ 5 mB
f P
M@ =C % : &.5" K  2P Š<= 2
Š O 
H=0@ H=0

LD %Q * dR

= :T P %B :mP }/$0  <" 2>" :T P %/+ /+ O 


 mJ+ :T P %2B0
K 
ND < {
+  .> N ~ i
3@  /+ =C %O 
$C „.R" 
1
!m5
.mP=
ML /+ 4A@ d >  =C %$0 > 3+

/+ 
LD :T P %mB:45
@ ?;" <" T " o;" O@ mB? O 
n.Rn+:T=0>
.{ =J+ + h +B@  D  V 3@} :T=0> 5  
KV T=5 <D :T=0> =

 5
1
!
1
:T P %&*. :mP } A!0 &A+ %8 
ND -
$C /+ /  > M M@" N
K o=:
 %
/0 p %
T=5 h
2@ <" 
ND D N <" 2A" !Q=
0+ s >D !

.O 
H=0@

s
L /+ d %N

h j6 / jj An  /L" /+ <    %ML 2B #? /   ":T=0>
4B O 
2B0@   O=0  $;" <" ND / @ < + :T P &?

$C " ND < 

45 p !
1
!
1
:/ CL /+ q: P:
m
6 @ %1>:
/+ /)@" O 
/+
m4S
 %/C" KD m!CL /4 KD mB? %
h X X
 
/+ ’H
=
P KD
KD m!CL %mV 2
KD m0: + :T P %.
O8 #H > #H  
LD %n=
ML = s " #$

2
:T P
$ 
$ 
$ 
’2 :mP % !;"  @{

.  m" @ K M*!0 =


M@ MD &5>  %&?

d >  ML @ %  ™.>  -


M" /+ < D " Š!i
A>n>Š
$C 3@ 2C )

. &? 
KD O=2
/+ !?


Y [ \ ] K+=I
< 8
Y ] \ :K B T P 20+ !!8    !!8    !!i
A>" :  T=P" p
] Y [> D
f \ F \ [ ZY
Y \ ZY C?"
.[ab:@j
] E  Z Y

:3>2
/+ @ @{
T  30
 !8 

j 
&L ND &? j 
3>H šD &!5 /+ O 
$C /+ 2 ? & < D !V @
] \Y AI \ Z M$ 2A)> P
=
 %rB@ 2C )@
$C %9BV &  &?
Z Y\ <2AI
Y\ @n Y [ Z Y> ht" Z [ Z @ YB?
YY Y
.[c:O2
]<= \ Y\ >w\
=
Y [ P=> [ YY
I[ YY!V 
]Y
[

Q/)
=C !8 + %A o240> t" AB? &? j 
A + %
 >w
= 0>"
!V
.!i
A>" / X

3>2

$A 6
j4N

=C 3  3>2

$C &> 3@ @ <i %3>2

$A 5Q + <" :!i
A>" > g X
@i

%Q 
/+  
T :> =A+  3@ 3>2

$C <i %
2"
h  
. > N
$C %e"
„Rn:@
@ A
~=+@ m" F! <" M 9> %Q/  =B> N &? j 
3>H %
3>H i
OH ! 3@ H !B
†' J?]] :U28> =C o <
=>D /+ @  3 /B &X@ 3 4 %@ 0

T2 KD < >Hi
=? 3@ %O;v
B5 KD 2
1 3@ %H !B
E OH ! KD H !B

.[[ 5{

.95 
mP=
/+ 3  /BI <=  <" /F! >

h 5H /0> <   >i


3@ => /+ /!
2B5 ()
=C  )
Q  2n <=  <" /F! >
 0+ %2
&;H 8@ /
   / 2@ 3 C
D Q ? %2? 
3@ h
2@ /+
:T P . 3@ pn @2  %  =0> <" 2>> =A+ % . /+ pn4+ %&?

$C ND  A e 

2" K:" 4 KD 9CL % 2


E  %E !

$C 3@ B
!R /"  : E  3@ v
. D  Q + %!CL O |" •!
<  % +
h :" 9CL
:T P %T 
3@ h F!@ H= ?

ML &;H @2  ML 3 F4>  % ? H @  =C e2


/0> 4? /+ ()
< 
Š!CL O |" /CŠ M $C :T=0>   C
D <D :T P S :
T=5 D Q + %S :

.2> 2> N ? 2> #$


<D :  &P  CH :T P %!4+

@H @  
. > 3 
=+ ND %jB 3>2

$C & <" Š!i
A>"   mP  Š/F! >
. 5Q „Rn: Q  K Q
$'45
K 

C s B@ KD 
N
3@ $

.M N O5 ; C s B@ KD 4 N" /F! > ML 2B :!i
A>"   T=P" p

: 
mP=

$C /+ hN X@   E"

.Q " 3@ + 94  m@ P @ %|5i
@ @ 
 @ /+ ŠT X
&!5 KŠ O2 
O2>?

A
=A
Šo> @ K K5n> <j < {
<D K4Š h @= E !)

!
< !5
. C$;n> 2" N  A 
 &
0B@ C
 m /4
O25 
O2>
$C
4)

:AD -  N QNuC %ML q=+ = <"  % .i 9*F <" /F! > N !O=;{
A>"
f & =
\ >2 hN 0X@ '8
7!Vi h
 40" o= 9


s #$
3 % 
L
h  <= > & % S > <" /F! > N % S 3@ 4 <" /F! > N
s C <" K T2> X@i
3@ &X@
$C %s4 95 @ mP=
<" >" K4@ % J K4@ ."
.!i
A>" &;

#H >  
/ < .5 ="  %  V" @ 5  
KV /! 
E V" 2P 2" BP /+
@ %H  C@n> + }   +" }   ="  +" }2@  +" :T=0> h @ <= > <" &!P
:&t 0
T=P E  3@ 3  %mP=
ML /+  ™S" <= > 2P E
=
<"

UVD
[ …B
<=8 h *>" + r f " &C ?
 1" f 3 m8


U !
[ 
B oj'> 9 
 4@ V /C K)'[ 25i
o @"

= 

[ 4 ?D 3@ '+ ! + .


1:
LD

=>
[ h
2 4; <D  m?+ 4 <‹+

=2 3 %o 8 N h


H=A> =2 N 3 %1+
1+
 %3
3
Š!i
A>"ŠM$
.A 3 + %A @ Q :;i
3@ A %A @ /V B
3@ A % 
=;D

/5=
K 24)> @ X " /V B
3@ 8B@ <=! > 3>$

=;D K 24)> *B
.!i
A>n> &;
$C %/
8 
 #H=A
 /*+

 /B)


f /+ > 
  CH" 3 C
D <D
#H=A
T=0+ %9 B@ #H=A> K  >i
3@ =>
% 
 P KD @i  <= A4> <=tjA4> <'> <=
j> N CŠ –jA4> '> =C

$A j.4> + }9 



$C 9L " AR" M4" :  T=0+ ŠB!4@  5 A  rB@ @"

 
/+ m <D %M! 9L 3@ AR" /A+  
/+ m <D :  T P D %~==

@ 
 %
T=5 h
2@ <" 
ND D N <" 2A" :#H=A

$C T 0+ %AR" M! 9$+
.Q !i
q;" ND $C
Y \ Z Y 3@
TW] M= \ ^ YZNY 90Z
Z
=*.I Y \Y h -+
\ Z Y 
™S —Y m
Y Z [ =
Z Y Y :K B T P % 
 
p"
$C
.[aƒ”:<


h >H & i ž4 p K:'


h /) <" %1+  <" 1>:

$C M 3  9>
f j jB m & &? j 
;2+ %…i
 
 
m0 @ h P  h 4 p
%&L T$ " j>
..t :
$C E  /+ /)4 M. 2 ? D %O=8 @ 1
K .t R K0!4+

3@ &X ŠO 


>
2 /+ mP  Š " % P.4@ AD :T=P" <" :45"   $C
.  @ &C" K j@6 !>

p /)> /)> 3@ s C %  3>2


/+ D %z0+ O=2
/+ m & )
3@  )@
f &  <D %z0>
%2> #$
=C
$A+ % 5 KD 4+ m 3+ %O4+ O &  %O &
.o;" KD 4+ m 3@  )
3 

:  T=Pn+ .> h  " => < {


<D :!i
A>" T=P"

f
<= 5 0+ ; &  <‹+ A 4S + M > m!C
LD

O 
<‹+ žT !P{

$C &F45
 %;n4 + &? j 
KD O=2
K T !P{
2?
LD
T !P{
sQ ?
L‹+ %2 
 V" A xB 2P %…=B4 N 20+ V+ mB @ K4@ %“+
$A+ %Hj+  2>j <" mB:45
<‹+ % h B@ h
2 M.  *+ %M. 3@ T !P{
2?
Š!i
A>"Š d B
Q ?
LD 3  % >i
3@ => /+ V.
$C 2 N 2P Mi %V+
f /+ " O=H /+ < Q
=5

LD T X
&!5 K %  Tj  N h B@ h
2 M &B? + %;W @"
O4.
  /+ M KHi
2
3 +   5 " hX@ O=2 2
=
=
/+ y8' m
.m.:' = K4 h
2" A  Tj  N < 4 
$C %X@
h 34 5

%mB:45
@ P :T=P" &
 P /+ !S < › /n> h  " %&
 P :T X
&!5 K
f 2B h
2S =
~ :45
@ =0> e 
xB 3 
2B  0
s4+ /n> p %Q
 #$
 2S
.{ &P <D @H" 
KD &B
9"} :ML
N $C %~==
KA4
 =
@ 34B  %
/+ 34B  3  %KH" h
2 M &B?
:T=Pn+
<" < {
KB+ %> A N @ KD @i
 .4+ AP=+ @ @" % .:'
h m.:' = A  Tj 
@ & &F4> T !P{
mP /+ %2

$C K |0> O4.
mP /.+ % h B@ h
2 .  &B>
:  T P % $'+ dD Q ? 2= TjB

LD 
2
%3 8
0+ M p %=P 3@ >2
1 3@ <D %1 M M.  %M 1" <+ h
2S %M 1" MC" =
%=

$C ~H
f & /n => %  &? j 
C@" @ •! <" M d. 

TH   % A. 3 TH  d.
} A 
9?"  C 0 
LD

h  " % 
=;‹ X
 .  &P Q
<‹+ %M
=;‹ ~ 4?N  M %3 8
0+ MB+
&. %>j :B+ % 
=;D 2" KD /n>  %o> @ - &@" !;  < {
/n>
. .  &P 
=;‹ X
 ŠmP  Š Q
<‹+ %M
=;‹ MB+ %2>2

.2@ ! K 5 


KV !; & TF45
KD  >D 
0+

Q B

=) @ 3@

/+ %o L C5 /+ %O! A  /.+ %&> <" /F! > N &> N Q B
3 g>2

%A@ C !;" 3@ h +R ()


X > e2

$C /+ %C2B 3 -  &B
 B A!R
!C L 9R" +

C5 C" 3 


Q B
&*+

W K 2@ 25 M=5 s2! K s  5 &V ‡ A


%3 B
E  2

&B m" % h j 4B? @ ND <j N %A5


h 4B? @ ND &A5 N A
%3B?" !V
.hA5 mJ
LD <j

3@ %. > N  3@ M L=B D A


%
h
L h   % B ;
h h !P % B+ 
h h  Mn D A

%i
QNuC 3@ M L=B D A
% N O=H 3@ %@2 N 3 3@ %)'> N 9P
Q/ & K m" % CN=@ A m" % C 6 3@ ; m" A 6 % C
=0 5=. W A

.>2P
Q B
 !;" 3@ > V 7 @  !;" T= 
$C /+ ==@ <D !
/+ O=;{
A>"
\ Y C pW Q B
  <‹+ %C" ~==

$A %C pW A@
A@ \ Y A  
[ [

 O8
 T=5
<‹+ % A @ <=A > /4
O=! 
O )@ 3@ B  A
=P" C > V
{ +
 ™ $;" $;" 3+ %B

=p D %
h >H N h CH
=p=>  Q !i
<D} :T P
mF!:V" M$ %&? j 
T
=P" A
=P" A 
=p=+ { Q !i
p Q B
<D} :T P

E 4 =C N" ž @
=
 pn4
2" Opn4@ C > V m  A4)B@ A
=P" A 
.5  
KV =5  5

\ Y Y\ 
<=BI
 Y [ ‡ Y [ 4 \
Y Y E 4 Z Z [ Z [ 
Y :K B  !5 
T P 3>$
3 
Q B

$C /@  y;"
hO=H %
h %
h2 % A+
h % -.
h 
E 4 <=B> 3>$
[k”:<
 TW] <=52 Y [ [ Z Y 4
Z [ Z [
= $
1 
K 5  
KV 
T=5  5 <=B> 3>$
 % + oLi
K h
!V
<‹+ %  ML &!5 /+ oLi
K h
!V O=H h %
h h
2 % A
h + % -.
h ž
E 4 /+
\ ] [ uI
E 4 Z
Y Y 
[ 
Y Z [> <" f Y Y\ <
\ Z Y )! Y Y @Y :&? j 
T 0+ %M$ <=  <n @" &? j 

\ ‡\ ]
== \ \ \ \ \ \
== \ ]\ T=0I
Y [ ‡ Y [ 4
<=BI Z [ Z [ 
Y 3 
Y Y [ [ 3  Z Y Y ]
<H[ 3@
Z / h
H !
Y [ [ e Y [ Y> p Y ] [!^
Y  Z
] [ O=I Y Z [ 
Y
.[k”:<
 TW] <=52 Y [ [ Z Y 4 \ Y Y\ 

Z [ Z [ 
Y Y E 4 Z

K !8> =2> &B> B> K4 h    B


<= > N]] : A  
/ e ! 3
T=0>
 FV K e 
<=> 3>$
C <= 
Q B
]] : "  
/  &0 [[ oLi

N  ! =@" KD A <j.0> N %O=:; O=:; †24  e 


<$;n> :/ B> [[  ! &!P B

m" @} : "  
/ 9 R /" 3 / 3 # '!
o 20+ %A=0 A 2

=!R ;} :78
/+ h *>" &0{  4+ A*B! < ND A=0 F! N h X>2 h @=P ’2
.{ =5 
E$ > <" <2>" %<=+B>  e 

KV 
T=5  5 B /+ %
E 4 B /+ C "
= +" 3>$
<= 
Q B
QNuA+
\ Y h
2? 5
\ &  \ Y =C
$>
[ Y Z Y h t P
Y Y \ Z] 
Q W
Y Y m P Z ] Y :&? j 
T P  1
=  %5  

Y [ 3@"
.[”:@j
] <=BI \ ] Y Y > 3>$

Y [ Y Z Y> N 3>$
 \ ] \ Y &C &P[ \‡  \
Y Y <=BI [ Z Y Y #=4> Z Y Z Y Z Y Y Y Z Y =?I
[ Z Y>Y YO;v

Y Z

<=BI \ ] #=4>
Y [ Y Z Y> 3>$
\ Y Z Y &C
Y Z Y &P
Z [ : =0  &?  " : 
H
6 /+ #6=
3
 @{
T P
Y Y \ Z $>
O;v
\ Y h
2? 5
[ Y Z Y h t PY
\ &

Y \ Z] Q W  \ Y =C
Y Y m P Z ] Y : =P 2B %[”:@j
] <=BI
Y [ 3@"
\]
Y [ Y Z Y> N 3>$

Y Y
$A
=.8
3>$
C h 0 <=B> 3>$
<" KD
$A  " ^[”:@j
] \‡Y Y Y Z Y =?I
[ Z Y>Y
.[”:@j
] \‡Y 
Y Y Z Y =?I Y Y \ Z $>
[ Z Y>Y O;v

\ Y h
2? 5
[ Y Z Y h t P
Y
\ &

Y \ Z] Q W  \ Y :.8

Y Y m P

e 

LD  <W0
&@  rB>]] :T P "  "  
/ H=B@ 3
3 &0
 
/ T P  " [[ <= *> e 

LD t ! %<:.> e 

LD  A  %<2P

....... "

Q B
5 C"

5  
KV 
T=5  5 /+ %
E 4 /+ C "
= +" 3>$
=0
QNuC  !;n+
žC !;" &P 4 % C
$4 C24  d 
20B <n ž00
 h
!V O=H
h h
2 h  h 
:&P h >2P %
=F @ h
> h
Qj? = •! + %A
+ $)> <" &? j 
&
]

U+ 
   !)4
<D AX@
==   <D
=A!)4+

<i ND s
L @" 0.
3@ X 3@ /D
] 9" T ?
5" :  
/ .  /" 3 &0
B4+ 9 :
AD 4>   A
$) 3 
Q B
3@ =0
 !;" %T ?
5
MJn h 5n hQ
24P
 *4
T$ H A4?N
K B %B
9R /+ 0>R V
=@ K
.C !;" <=P 4> <24> <Q0> 3>$
30 

<" 
" : @i
 s=
(>  /+ -4 
E 4 /+  
 #6=
3
 @{
T P
 !0 %=@i
9t  K M$ :> <" AC" 3@ %OX 2t
=+ (> 4
 
 L /+
3  =" T P % !;i
~  h
 2 d.  + % !;i
~ 5 %20
|> 8 %3@j

:  &P žU 
 E)
 & n
O$ @ m!CL ! 2P &t
 3   3@ &? &P : QB

T ?
 !;" 45" :T P } 2
O$ 3@ M /0 + :  &P %N :T P }= <" 9"
"9t B
45"

>=0 %A
Q LD %9C
=
U2P % p=
U
O pD %t
jB
T B{ 5 '+:h
LD
% A+ .5 3 +4
 %=@i
/ B@ KD /@ 4
 %/A @" <H Q2C m8 q;i

Q B
xB! 5 OQ
P =C  ML KD &!5 ; žr5i
Q?i
 Q
$4N

%3 
3 8
9P @ Q4?
3@ /4
 %Q -B
T ?
 !;" K r=P=
 %Q 8

.3>2
3@ B
Q A! 
Q B
3@ E
4PN


.A  / A 


 C !;" xB H5 /+ "2! @20
$C 2B

B
&C" 2  &>2B4
 U
/+ z
=

%|> 3@ d D : 9


3 2B5 mn5 " :T P % "  
/ d" 3 M @ 3B+
3@ ]] :T 0+ =  $ <" /F! > N 3@ e 
3@ 3  %9 + ND &*+ #L N %  N
.[[ *. 80 9C 80 3@ X " *+ <

A!5 /=!5 ]] :T P "  &0  /4


>

@" 9
3 2B5 3@ - OH $C
 9
3 2B5 <" H=80 + %300
xB ML  L  4 p S >
 /A+ [[

? - O2 P $C . *. 80 9C 80 3@ X " *+ < 3@ :T=0> %  

/F! > LD %&>2B4


 U
/+ O2 P /A+ % t
H
h A " 98 C=B> <" B
!: /F! >
/+ BP=
3 %Q B
/+ BP=
3 < 
™. =@n
B
9 R h V=8; 
 >  %  A)>  % 80 3 /=F *+ 9 ? 9S 3+ %Q 8
H !B
3@  ;i

%&0
y0 
F> X 
&*.
<i ž80 y0 3@ + @ 9! @ $>  % 
.{ g!'
&>  34P Q 
•
LD} :g>2 324@ &P h >2P

3
LD ~ ?{   =C : /52
@ H 3 OH 40I 4? /+  
 /!C$
T P
+ %
$C @Š+ B
 =.B

Tn Š20
o> < &P M$ rB@ d2@ ‹+ ~ 

-B A 2>> 2! d! 3@  X@" $B> 


&B % -. 4
2 P2V /+ 2" |P=
%[c‚:Q !i
] &B.I
[ Y Z Y> 
] Y Tn>
[ Y Z [ N H !B |: T2   
 % B5 T$ % A>j  # !

>  % 
=V X
LD B
t" 3@ ! 
<D p :h54@  
 /!C$
T P
* N % N6  .F  !
  V r %˜ L Al %  
 %1
.ML 3@ =4
 =? % J:; 42 /+  #240 N % 5 @ K  % +:8

98 C=B> <" %A CL" /+ B


!R AB*> <" /F! > - OH  A40 5 /+ $C
.T ? A>=0 2  A "
0+ % 4)> L 3  /+ 0>   3
< ]] :T=0> < .5 mB5 / >2
3
3

K8 3@ „+  N ‹+ % B=@
h 78 1" % 4 /+ €. N
$C > :T 0+ % L 3 
.[[ + 
: <" 3@ X n +

n4> " % 4)> " % + 0> " e 


3@ 2" 3 F
LD B
9 R <= > <" 9>
$ C
 T=0> ML 2B p %!'
V 3@ 2 n4>  0> <"  9?
=
<‹+ žU20> " % +  4>
%M+ U20 N %M+ 
: 5 & %M+ 
/8B 3+ % + 
m8 <D MD : 0
$C
N %M 4t
3@ KD  @i
H"} :T P " 5  
KV /! 
3 7V 2P % 4 N
Y [ \ Y 
\ Y Z Y 3 \ \] \ Y Z : &? 
T P { M ; 3@ 3'
<=.8> Y "
[ [ Z Y YJ
Y‡ ] 3" [ Y Z Y /C Y /4  +H
Z
\ ¦ \ [ n \ ]
L‹+
Y \Y 3" \ \] \ Y Z :K B T P [”ˆ:<= @u
]

 Y / Y ]Y Y O
2
Y Y Y [ YIZIYY M
Y YIZIY #$
[ Y Z Y /CY /4  +H
Z
8'
  
:#" %3" /C /4
   MD Q 5" 3@ J5 +H
:#" [‚:m8+]
\ ¦ \ [ n \ ]
L‹+
Y \Y 3" /C /4

j>j 1>2V :#" [‚:m8+]   Y / Y ]Y Y O


2
Y Y Y [ YIZIYY MY YIZIY #$

.< {  Q 5D HH M" 9! M P


28
2>2

:T P Š&>2B4
 U
/+ z  h *>"
$CŠ s !
3 
2! 3 < X 3 <
2! o
35 
3 – 
m!S
LD %– 
 $  t @ K &?
35 @ m!S
LD]]
35 

=" X " < <‹+ %X "    9Sn O!B +.[[ 35 
 $ 
5" %  A)>  %  J5 3 /=F %3 @Π78 
 O=2
 '
 %U8

– 
9 ? <‹+ %– 
 T{
 H .
 T*
  9 S < <D % D h

5D A
] [ %9F>
. @ $> ]

9:
/+ B
&C"  !;" 3@

......

r'
/+ /B+ )
 @{
q;" 3@

$;n+ / 0 % P4+


p %n@ /+ h @=> l Š /B+ )
3@ &0" m>" @ : /+28
d=> T P
.n@ /+ 1.4  <D h 
=;D <=  <" 04> N" ž K5=@ " > :T P p %#2
% =;" &- <" 9?
=
<‹+ %B
&t @ 3@ n@ /+ MB@ /+; 3@ S
K:/ B>
.B
&t @ 3@ n@ /+ +4;
9! h *B *B #H B> N % H=@

H=B@ 3
K H> 3@  |P=@

T?D >" žC2P <=B+> Q B


<=>[ B
!R 3@ A 
 |
< 2P
.>20 >"

2P h? o"  "  


/ H=B@ 3
<" &t
 =" 
 @ ML /+  8
3 &0 @
{  
/.+ 
6{
3@ 3!B 
3@ &.5" @} :5  
KV /! 
3 7V 2P 
6D &!5"
/ H=B@ 3
<" H=80 +{ P 5 r 8" KD 3@u
O6D}:5  
KV  7V
3 I> m" :&!
&?
ML T 0+ %s
6D +
]] :&!
&? T P  "  

.s
6D + + H=B@

.
6D T
jD /+ $ 3!+ [[e 
˜" " = /P  <D:T 0+

:  T P % H=B@ 3 
2! K H &?
ML <"  "  
/  ML •!+
H=B@ 3
K H
$ C" :  T=0> %&?
E*>  &B+ Š}s
6D + 
L  m"]]
.[[ ! H=B@ 3
K H
$ C" !

< >{
 B
&C" @ AH" 04> /   X@" &?

$A h !>Hn ND  3@ s
L @
.&*.


e ! 3
2  9:
EH"

% m p 3 2>6 KD  P A  
/ e ! 3
<"]] : 5 /" 3  3 2@ 3

$ C D: e ! 3
T 0+ 5  
KV 
T=5  3 > 7  :T 0+ %    $;n+

B
ML &8 M$ % "  
/ H" 3@
$C [[ t
!  t B &B.
.{ &>n4
 %3>2
/+ A0+ A
} :5  
KV 
T=5 Q 2  45

Q : #2> 3 .'

<  %  @ &C" 3@ O"@N H=5" h


2! U  /" 3 Q : < : /
q 5D 3 C
D T P
KD
=+ % 
 =C Q : KD 3 @u
@" M
2! 3 < 5 Q + %QP  n ."
KV + %/8> =C D
=+ % "  
/  @6 /+ A4.@ <  %  @ /+ Q :
:  N < 5 T P p %AD  .P T= 2P 
M5 @ 3 =n>
=
6 + %AD &4.

/‹+ ŠB
9R /+ !B4 N
80 N :#"Š B
9R /+   N /  > :T 0+ % @ 0+ % @=P
.2!B

$C #2> 3 L K" N

Q ? @5{
2
& & %  @6 /+ e 
M@ #$
e 
.; 3 @u
@" <":/ B>
N Q :  %B
3 n> D d+ %14" p %O"@N K=@ <  U  /" 3 Q : 2 
% " Q : 3 
/  .P 3@ 9>P C A4J5" K A!> !0
h!04@ D m.4>
L K" N /‹+ %B
9R /+   N :  ! T P % 5H
h
$C 3@ $;" < 5 <" H=80 +
.< @  !4  2!B
 5 %2!B

$C #2> 3

%d:+" <  %=" <  %&" < :  O2 3@  


 U  /" 3 Q : /+ &P
:A*B T P M$ %=B  h
 < 

d!40 =B
= 3@ d:+" =" &"

.  


% /:) 
!B 3 gB" p2 % 3
2! 3 5 0
p2 :T P % s2
3  3
% s !
3 
2! |; e 
&. + žP
Š 2
< C :/ B> Š 2
2P :T P
3 
2!BI+ %3 @u
@" + 2P #$
mP=
d. /+ 2P s !
3 
2! <" rH V
mP /+ P
@20+ %  @6 /+ 3 @u
@" 2
< C  %g>2  3 @u
@" s !

mB.
 % j
3@ T B 
mB:0 % s !
3 
2! |; e 
&. + :T P %2

}
$C @ :m 0+ %80
† 3@ 3 @u
@i 2 " m+n+ %O!F

N M

$C 
 :m P %2P s !
3 
2!  T 0> % < 5
; &C" 3@  
$C:
= 0+
.<
=" €) ND e 
> N #$
2
< C M@

9:
K g
/+ #2A@ 3N 8
% 4 S => =A+ %B
/+ P=+ &?
&?
/0
LD :T 0> < : #2A@ 3 3
2! T P
.B
B@ e
2 :#" % 5
H %B
/+ X@ =C 3@ /0
LD

OH 3@ X " " % OH s C <n B


!R /=;D  L" / ‹+ %!i
A>" !5 
$A
3@ … >
3@
=@2P 3>$
3@ Q?i
Q B
xB! 
Q  <D 
O6 ?D /+  045 
%T=Vi
/+ %F
/+ %O20B
/+ %g>2
/+ % 0.
/+  
H @ P{ CS
“> <"  /F! > B
9 R <" =C %;W @n 78" / D p % 0
$C @6 78n+
T=0>  E 4  K> @ s A+ %ML  + <‹+ %A  B
K04> B
&C"  @ K
=A+ %B
/+ P=+ &?
&?
/0
LD T 0> < :T=0> %  
 #2A@ 3 3
2!
X@ 3@ #"Š X@ =C 3@ /0
LD % -
h h B @ B4 %=

$C  4F+ :#" % 4 S =>
OV 2B h 4P M.  y8' <n ž5
2  /
=;D 78" / ‹+ M$ % 5
HŠB
/+
hX@ <=-.4+ =C m" /044+ %M 2>j> N 2P B
/+ MX@ =C 3@ @ + /04 .

" % C=4-.
==   <D >= 
3Bi
" % 

š= " %g>2
/+  i
O2
OV 2B /@=> H   <= >
$ C %=4-. 2P
==   <D Q/ & &!P hN" 
E 4
 +  ;v
A*B !'> % *B
h  *B . > % *B
h  *B B> M
P" 2" m" .

: #2A@ 3
T=0>  =B!4> |
< - E 
$C <‹+ %Q B
3@ B5  %B
3@
h @ @D <= > N %   
= H =C 3@ /0
LD % @ B 5
H % X@ =C 3@ /0
LD
’2> 3@ N %2" & 3 ’2 3@ h @ @D <= > N %5 @ &  ’2 3@ B
/+
.L ) 

Q  2" =CŠ /


C
D 3 &0 @ ML 3@ %B
9R /+ C !;" xB $C
<" F %B
&C" 3@ h  V h? /
C
D < :T P Š  
  ! 
|

% 
Pn+ %ML K A.P=+ Š &!  3 2" K =*.>Š =.
2>
= 3>$
3@ h @=P
%O2>2 =0 C
D A!P B+ %B :
= P } &!  3 2" K /=*. &C An5 :/ B>
Pn+ % 
=" 3@ T  /+  1"  % A!"  &? K /  *.4 /=4l :T 0+
q=+ =j" =@2P A" 9!
 % @=> 2B /=n + %
2"
h B
3@ h J  B5" N  
.  
 - 9 4j @
< :T P %
 >? 3
 L @ A  
/ A 
 |
 !;" 3@
%2
/+  > B
3 :0 @ =C :#" %h 5 3>) U  /" 3 Q : 
+ 2

. A  B


24>

n :/ B> %2>u@ " D &;  


L‹+ %m8
2> Q : < : @" 3 & 5D T P
; + mB4?
:/ B> %/ p †" &" =" d:+" H=5" <  %T=0>   t
2
> A 
/+ %†" %&" %=" %d:+" %H=5" " : A @ E= ; ? /.+ % C 
B
< " 3@ h  <  %  
 ? /+ m E= ; $A+ %K"  V
. 3B!5 h .  h A0+ 0p
h <  %O20
 U8
 3>2


g>2 3 g!> &


 > N #Cj

&
/B 4
% 0.
’2
™+ 
Š #Cj
E A 3 2@ 
$ : 2B5 3 g
T P
=C @ ML T
6 + %„=4@ d ? =C h X>2 Q )B
2B Š 
 6 
 
 $> @ /+ =C %g>2

$4> &B? : <
@ T P %7!8
R K4 g>2
/+ g!>
M$ =C .
R K4 Q==
K =C Q )B
OV 2B B
94 /+ g!> g>2

.  


A0+ n@ /+ g!> /:0 )

/:0 )
3@i
2@ ()
O20
2C
j
2 B
 @{
()
3 &0 80
$C 3@ h !>P
 
 . 3 &0 g OA a‚”c    I /+= #$
< !
Q
=" 9 V
Tn+ % AA.> + % 0.
/+ n@  m '> )@ 3 B
9:> H /+ <  "
m!CL %/' 2  3@ K*
/+ m+8
+ :T P % >D AA.> <" :4> + % A  '
n
$C U 3 g" % A+ "P" A)4+" $;n+ %N=:
  )
 94 
KD
%&
l" EF
 V + :T P %Q )B
 EF
 8B
 A-
OV / 4 H" K4
K "P" m+ :T PŠQ
8
/+ m Š A Q/*45i  
/ 2P=> <" /@H ; @"
p %d)
mBR K4 "P" m? p %.
m8+ m0+ %.
R K4  
Q=
. A4 ! A40 A4A+ %U==
& 
 #2  n
m K4 d)
mBR @ / D
.
 Q )B
 EF
 8B
OV 4 H" 8B
OV &!P g!  "2  
 =A+
%  T
=R 2P>  %  
  B: " %O8 ND A @ =0> N O2
 ? /+ =C
.A 
 A." A > K4 B
AF)> |
<
$ C

0  + % 0.



$4 Šh 5 " H2Š % OF
 " d : <
jS 3 &*+ T P
3@ <=@=0> N + %B
 0.
<
$4> Q )B
2B <=> ..
O8 Q
2 
 K4
.A 
 <=P.4+ %.
OV Q
2 <=B> " %<Lu> K4 A@

9:
/+ @i
! C

 
KV 
T=5 x!P ]] : e ! 3
T P :T P % "  
/ @  3

KV 
T=5 E V" Tn + C : 8i
3@ /B@ ;W E ) mP E  " 5
e 
<" o"! e ! 3
> M h ! > :T 0+ %X =
A‹+ %A @ B4  %5 
<" :/ B> ^[[ A+ 3@ 5  
KV 
T=5 E V" 3@ e 
/+ MD <=? 4>
e 
<" e ! 3
> 3-" %X 5  
KV 
T=5  V %<H=?=@ Q B

}s 3@ O) X X


/+ FV E  m" %MD <=? 4>

B
!R xB 2 + %=
B
!R 3@ AB @ h
X  %z!X A+  00
/+ $C
o"
L‹+ %z!X4
C <= > & %
2A4@
h 3B> N %2A4> h
2" s4> N %9:
/+ 2A4> N
+ 4.> 2 %B
U20
+ T  B !R /+ 2A4?
 2
2 5 3   9 R
&8
] #$  =C + %B
&8 3 +8> K4 %B
 0 3 +8> K4 9 F
/+
%'
/+ =C 2A4>   3@ 3
| > 
$C %S g #$
=C N . 
%S g> .  B
9:> <" %
/04> <" 
K 9?
=
 %T 8'
 3@ $C
z!X> N % 3@ e 
| > <" 3@ &P" + j <‹+ %B
9:> <" 3@ &P" + j <‹+
.&!
M 5 2
2 5 3 )@  9 R

\ >  " e ! 3
8P /+ O!B

9R K >=0
4>j 3 ?
4>  %&4. >  %3X
%2BP
:  T=0> %ML 3 +8> <" H
" #$
# 8i
E )

$C  KD •8>  %B

%MD e 
† 4> 3 %X Q B
 % /  < X    H=?=@   ="  X Q B +
.B
9R 2
2 5 3 e ! 3
 & % @  > 
Tn> &!P" :/ B>Š n
K " m!P" ŠB
s :/ B>Š s
L s4+]] : e ! 3
T=0>
> ž 8
Q  3@ CS /  < X      /" 3@  8
3@ Q B

/+ &?
/v m <‹+ :T P Š5  
KV 
T=5 g>H " A  #> A @
.[[ 5  
KV 
T=5 3@ B5 " / F!> 2
=
g>2

7V M> @ 2
=
24+ %<v
=C  h
@ B
3 >  A  
/ A@ >" /+
A %g>2
94 3@ CS % @ 7V  %g>2 rNW ; + 2> # '!

KV 
T=5 g>H " 3@ r=i

) 4> FV < @ /+ %q /+ >2>" 3 OH=?=@
94   %94 C2  3  +  8
@" %=A5 &  < {
AD &8> 5  

A @ 2
=
< + %z0+ > 
<W0
94 #$
D %5  
KV 
T=5 g>H "
 $;n> <" &?" 3@ h>=R h
.5 D + + %g>2 2   8
3@ <+ 3 <+ <" >
T=5 3@ B5 " / F!> g>2 /+ &?
/v m <‹+]] : e ! 3
T=0> %g>2

$C
25=n+ Š A 
|84 @ /+ =0
mP h t :/ B>Š ht P 2?n+ %5  
KV 

: A+ &? j 
T P /4

=B
 P" 3@ mP /+    q:> +Š   K /t
H
f Y ’p \ Y \ 
\OV 2BI
\ \ \ \ ] 3@\   p \ Y Y Y 3 \ \ Y 
OV \ &!I \
 
Z [ Y 
Y=
Z [ Y Q )BZ Y Z Y 3@
Z Y OA-

Y Y Z [ Y Y <=B*[ Y Y .Z Z Y \ Z YP 3@
Z
/ F!> g>2 /+ &?
/v m <‹+ :T P [ƒ:= 
]3C2BI ] [ Y Z Y U Z \ Z Y Y NY  
 Y?[ A Z [ Z Y Y d
Y ZY
/.   K /t
H 25=n+ :T P 2P 2?n+ %5  
KV 
T=5 3@ B5 "
%5  
KV 
T=5  3
=C % "  
/ [[E
4
/A? K 7>

j+ E !
 q:> N" &?" 3@  8
Q  3@   m K Q
H 25=4>  >
-4 > =C E
4
 /.4+ 7>
/n4+ %Q
H 25=4>   2  -4 > & % @= 3@ -P=>
. "  
/ 2
 g>2 3 n> K4 4 3@ &?
†'> <"

 %3>2
/+ A0+ A
} :5  
KV 
T=5 T P  e ! 3
< M$
0.
/+ Q B
 " 3@ =C & %A  
/  8
Q  3@ h? h   < { &>n4

" %rNW  p


=  % †
='
K A H /4
48P <=B %
E 4 A+ /+ %.4

rNW B" A @ ?+ B
/+ e ! 3
A)P + % !;i
 
/+ &0  rNW O)
. R
 e ! 3
 9! &? j 
C
2C
%Cl  9CL  e ! 3
! &? E=p %3X
/ S E=p  CQ ? 20+
:
E 4  e ! 3
A H+ %™C !
3X

$A / F
3X

$A E=X

$C d!:
= 0+
\ 
/+\
=[@W 3>$
\ \ \ &P[ q6

\ \ \ ‡] \H !B
\ \ \ Z Y /4
\ ] YY>6\ 
\] 

^ O Z
IY Z2
YY Y Y ] /C Y Z Z ‡ 3@ Y  !:

Y Y Y †;" YY Y ] Y 3@
Z Y &PZ[
\ \ 
=I> h8 ;
.
E 4  A+n+ [‚c:r
i
] @ 0Z \
Y Y Y ZY Y Y
\ ]\ ND]\  Z
%T ?
  / [k : Bi
]  \\
[ Z [ 
<D :
= P   
n@ /+ Cl  D p
} =P 3 <=B?4+" %
E 4 3@ Q/)  4" = : e ! 3
A T 0+

3   % #Bi
K5=@ "   :/ B> %T ?
  h  <n <=4> †
='
<i
\ ]\ \ Z 
<D
\ \ :T=0> &? j 
<" @ % “ B

=C [ Z [ Z
[ Y N"Y :T=0>^[k: Bi
]  ND]  Z
Y [ Y   [ [
\\
] /  2    + ^[ˆc: Bi
] 3!5 Z
.<==0>
=
$ C T ?
  YZ Y
Y Y 
[~5"

:&? j 
T=P A  $+ %B :
= P }<=B?4+" %
E 4 3@ Q/)  4" =  4>"":T 0+
\\ Z Y 3@\ h  
C" Y Y
=XBI
[ Y Z +Y :K B T P [”ƒ:O2t 
]!B Z \ Z  [ Z @\ T2
\ Y 
•  f Z Y
LY \ \  >
Z Y Z Y Y h >2C Y Z Y [[ ZY
\ \ h  
&t @ /+ 1'
3@ h @  98 &? j 
<"
 " :T P [‚ƒ:Q  
] AC" Y Z Y 3@
Z YYY
.K :
= P %  &40> R /+

ML e ! 3
#2> K &? j 
C
2C rNW B" A @ ? K4 Cl  ":2C ) +
%3>2
/+ h @ @D < K4 8 &!5 /+ 5
=
2A? T$ %B
9R #$
/ 
 B

5  
KV T=5
<i %
<L‹ C?"  > %O! 
@i
$C >2> K 
o2C
C=?" 3@ ML y0 > N %@ 0
=> KD  & 3@ ?" &X@  < o2C K TH 3@ :T=0>
3J} :T=0> ^{ B 
 3@ M ;
 h
2
 h? M 
#2A> 3J} :T=0> ^{ h J
7>
m + ]] : e ! 3
T=0> ^{ A+ @ 2
3@ ;
 h
2
 h? M 
#2A>
5  
KV 
T=5  3 > :T P %†;
L‹+ %†'> K4 /A? K E
4
/.
" MW K4 /D
] m5" = : e ! 3 I T=0> / 8
Š Mw+ /D
] m5" C }M Q ? @
%N : e ! 3
T=0+ ŠMA? K E
4
7>
/. Mt
H 25=4 /4 KD /n <" T2
m!!n+ %5  
KV 
T=5 3 p2 M" M  g>2 / F %MW <" 1" "
.[[ M @ B5" <"
: e ! 3
T=0> % A  
/ e ! 3
3@ 
@ O2 m8 H2B BP
=
$C
T" /+ B
9R /+ 2A4> <"  U4P
#$
# 8i
E )
:/ B>Š &?
< +]]
Q B
:/ B> Š5  
KV 
T=5 E V" 9CL 2P /
> ML 2B Š A !  >"
&0" < K4.

$C :T=0+ %B
3 / =n> /= e 
4?
 Š 8
3@  ! 

%x++  8
3@ B
> <" e ! 3
K U4P
#$
E )
/ 8
:#" [[/ @
2P W 3 
3@ ML 3@ X " " 3pp " 3>) 3@ X " >=R 3 5 2B e ! 3
o"
ML W+ %B
3 =n> = e 
|4
 % e ! 3
/0  ! 
 8
Q   @
./ @ &0" K4.

$C < :T=0+ %  
h < #$
E )

.’2
P= g>2
9R /+ &V" g>2

$C :!'

$C 90  
T P


T=5  @  2? ]] :T P e ! 3
3 2  # 8i

2! 3 2@ T P
mP /*P" :&P"ŠC2" E ! &Pi m <D % 8i
3@ /

$C 2  5  
KV
[  / <Lu> <" mJ =Š t 0

/
=Li %E !
mPR = /" " " :/ B> %/ <Li
/
] &!0> K4 %/ @ @$4> N K4 % 6" N K4 ML &B+" m @ /  %E !

=4+
+ % C" B A  
/ e ! 3
P= 3@
$C [[ <nR
 U 
2P ) @ d. 
 
KV 
T=5 3 g>H i
 A.
2  3@ %B
2  3@ † 6{ KB> 3 >
%  †' E !
 qR = " @ ž .:
h  |:4> < & % ? 6{ KB> 3 >  %5
[ %  / <Lu> <" mJ = :T=0>
<" 2>> N :/ B> % . 9R M$ /F4" /  %/ <Li
.2 4@ 9B4@ =C †
j
Q/5 =C p2> ?
j@  B>

 
 D Q B

A2V  
 D Q?i
Q B
3@ |
3 %A  
/  8
3 &0 @
j 
T P %  ~28> <" B+ %B

 :" < D & <i %B
!> =C
$C <i %1 
\   \ \ ] N 5
\ \ <=FI \ ] :&?
h !Y ] \ K. ] ND]\ h
2"
Y YY Y 
Y Y <=)'>
Y Z Y Z Y NY [ =)'>
Y Z Y Z Y Y 
Y Y [ ‡ Y![I> 3>$

Y
$!
[ [ YYIY+ [ =4 
Y [ [ Z Y NY e \ ]\ [ ]I[ I‡IY![4Y E 4 Z
\ [ [ 3>$
\ ] Y Y \ [ 
] $;" Z \ Y :T P [‚”:E
ji
]
Y Y Y LD
Y Y 

=" Y q X@
\ \ Y \ \
I \
.[ak:<
 TW] <I Y [ Y4)>
Z Y @Y dJ!+
Y Z Y hPY h p
Y Z Y Y4
 Z \ [ [ Q

Z Y C=Al Y YY

....... 4 > N %e  !> <" E 4 


 W %B

 3@ K 9?
=
<":2C )

> B@ UH @ K  > m@ 8


3 OH !

m@ 8
3 OH ! < :T P % OH ! 3 |
2"  L @ |
3 ML /+ &0 +
U2> Q !:'
3@ 9:;
  0+ % @=>
h <Ln+ % B?
h A  
/ < .5 /" 3 > B@ @
m@ 8
3 OH !  0+ %3
.; =C mP=
ML /+ > B@ <  %  / X> > B@
 
/ > B@ 9*F+ %9:'
+ /+  X+ %2> /+ E
4  "  
/
. "

K !0B  5  


KV 
T=5 B>  3 B@ 3   MD ]] : OH !  T 0+
f K :) @ /+  :
 

N % g 1  =0 <" % C" @i


~6  N" %  Op"

=X+ %3
2
4>"
LD} :5  
KV 
T=5 T P 2P %tN @= 
/+ r '
.[[m!*S <D 5  
KV 
T=5  R ML &B+" n+ { E
4
AC
=+" /+

" m" :T P % " 3 X =" / p2 :T P /


6i
3 :E !

$C /+ |
3 &0 @
% =4.4>  e 
4?
2P %K:5=
O
2  d ? =C  "  
/ L
:T P p % 5" L =" ++ } 4.
3 3 @u
@" MA > " :T 0+ %  |P=+ %&?
  n+
h $." /" m l p % .P K 2  " %$C K R 
4B = }/ ] m" 9P"
. A$.i /
]
jA <" &!P 5  
KV 
T=5 3@ A4B5

.8
K 2
™B> #B

3 
2! /! ?
LD %q P6 /+  @ /+ m :T P % < 5 3 2B5 3  L @ ML 3@
@"
L =C ! 3
2! " > :< D  T 0+ % 2
< C  2P % #B
j>jB
2!
h
@" / 4. žh
; /  
s
j? N :&? #B
T 0+ %KB
 /;" 2P %KB> 3 @u

m - @n / 4. 20+ %KB


/+ 3 @u
@" <" / !;" 
H @ :/ B> % h S  m
3  A" rB  @w+ %3 @u
@" KD =P" <" =C %  h  S m  % @ B5 /+
. 

2>> O
3@ 2
< C &!P" % 4B!4+ :T P % P Š B@ B $;" :/ B>Š B 1B p
. < C D - + % < C > :
 #B
+ U 8+ % .8

./ > M!:T P

:/ B>Š!B 
KD M+: 
: #B
 T P % P + % 2
< C /P+ % .8
q
:T P
Š!B 
KD -

}!B 
T= <=+=:> 3>$
 :/ B> }C  :T P %mB+ 2P:T P

}A8> 3@ : < C T P

}CS AX@ e 
3@  +:T P

.
ND A8> N 1;:T P

m" % . V ; 3 Tn>[ QNuC 3@ 2


 & <" ! 2
< C > 
: #B
T P
}<=  | - + %@ 0
=> A A  Tn s2

.~=@2 h>2 @ =:B>


=B? %d? 2
< C K !+:T P

. < C > M A=P" o;" : #B


T P

./ > &P:T P

T @ m /+ r> 3 | + %  


14+ %  @ /+ r &?
<D 
:T P
3@ K 
 % 2
< C K 
+O ./ !> < C  K*@ p .3

xB /+ A+ .R /4


 %
Q  <D   !

$C 4;" O:B
80
$A % 8
.A 
 A@ C pW Q B
 !;"

3>$
3 
Q B
3@ h B? B> <" > 
B
E -B

Tn5"  4'
/+
<=52
Y [ [ Z Y 4 \ Y Y\ 
<=BI
Y [ ‡ Y [ 4 \
Z [ Z [ 
Y Y E 4 Z Z [ Z [  Y : &? 
T P  <=52> ‡ E 4   <=B>
\ ] \ K. ] ND]\ h
2" \ ] N 5
\ \ <=FI \ ] %[k”:<
 TW]
  Y YY Y 
Y Y <=)'>
Y Z Y Z Y NY [ =)'>
Y Z Y Z Y Y 
Y Y [ ‡ Y![I> 3>$

Y
 P
A
%
h
L h   % B ; h h !P % B+ h h  Mn D A
.[‚”:E
ji
] h ! \
Y
<=A @ 30
3@ %M4 ?  F! @ M4 R 3@ %M48B@ 3   T= @ M4); 3@
 % 
h H6  %
h
L h   Y B ; h !P h B+  h  Mn D A
% 2
9t 8@  
KV %K F
 r .B
 K04
 o2A
Mn D A
%o2C H6  %
h P H6  % 
h H6
.3B?" !V W K 2@ ! =5 2! K s  5 

3
|' E !5" 3@

KD -  3 4 K5n ž> 


<W0
24 => %2
 @  .V 90 =>
. BP


.9 
@ "! 2P & %9 
;W /+ !V" 9 
OH P 20+

.T= A  pW E !5"  )


$A

.  @ +> <" 
K T=  &B %E !5i
9 44+

=
3
T
=" K 


 J5 3@ ."  3@   L=B % D E=4 .F4 B4 2 % 2
<D
N 2 
ND D N <" 2A" %  #H C + &*> 3@ %  &*@ + 
2A> 3@ %  "
] K"YY 3@
Y 
Z Y ND]\ * <=  Y .I
Y [ IY NY T @ [ Y Z IY> N =IY ZY> 8
=> KD   / C;H" hOH A %  M>
%3 B h 
5" % =5 
2! h
2@ <" 2A" %[”Š:Q
B)
] 5 f \ Y 90
f Z Y\
 
KV % .S h h =P % Vh h 
LW %  h h "  74+ %T=0B
  " %28
 U)+
f
.h
X h  5 < ‹ A 3B 4
 !V W K

:2B @"

%  /  {

Tn5" %
=!4

!V + &:@ /"
=
 %&? j 

=0
:
H !
:
=t 5
=n5


>2" Q
h  5" 3 I |  (> 4

=t 5

:=


B! hN X@ !V" 3 V |  (> 4



=n5

!8
 @ ()
s
L T  h  A@ hNL Q
2i
@ 5

0)
< F>  <   3  =
&X
<= >"


98
 3>= 

L  q .
 1>28
4"

;" > #H " 3@ > I) '


T2!4> 3@ E ;

>2B+ 
=5 3@ @" 2=4
+
  ;" <D /=;D


2B5 5
< <D

f ][ I;Y 4[ Z [ :T=0> => > 


<W0
24 => %2
/ 
 .V 90 =>
Z Y \ Z [ @"
m?;" YZ Z
KD -  3 4 %4 K5n ž&@n4 24 90 => ^[aab:<
 TW] e \ ]\
@i
$C m => 4 %t C
h q.
 h B5  <=!
2 => 4 .   - @ BP

Q S=S !V" p %OH P
h OH 5
h => 4 .&
Q XF hQ XS m!V" p %
 e + A A
KS" E 
Q @H %<6 N %A P N p %@ <=@ |" H2  V => 4 .h  !"
 N   
u 3+ 
 !;" e 
3  => 4 . >i
$C At @H 3@
%3
3@ KS=
  5 /+ => &  J  r$0> => 4 .3
 !;" 3 h J
  5 K hN :" e 
+> => 4 .<=CN <=!N <=C 5 3 <=84>  Q
2i

<" =
4 %C " OC6 A ! <=B*> A P" <=40> <=!B> *'
KS=

K U

 ? % h 6 A 0> " %A  B> 2" N 


KS=
  5 /+ 300
T :i

5{
 
? M %2>2? 3@ +    H  #$
U
n [> 2>2? => & 3!V

=0I
[ Y Y @
Y Y C" 5{
<= > % C" . 
 4> %O=B
~ 0V" & /+ E 

\ Z > <"
\ ] \
=[ @uI \
.[:†!
]   [ Z Y ND]\ AI
Z [ Z@

<=
 A 1+ /4
 B
A „) > C2>u> CV > 3@  
=
2 => 4
%< @ < @6 & /+ A 
? A5w@ < @ & /+ At
2A /+ A>jB> 3@ <2> N
%At @2 =
ND B0 1!  % Ai
 H2
Œ C˜ @H q
A h @=> <==>  J 
  &Pi
K &C }

2+ 2" A? K x!P &C }2" A  Tn5 &C :T=0 4
ND Q/) N < @ & /+ h8; t
2A Q @H <=  => 4 } A &> @ &?i % A?i
%
< !5 A + %
ND D N A R %  R N  @=P E V" N 3 .
= Ai
.! " 
C˜ S

 3:+ E
 K H ?i
~=P= o2Vh N h" <=B> N @  @ 2P> => 4
 % 
A;= 
A .R" 2" >  %Pj
CQ" 2" >  % < 4 F+"
.3

" A> 3  %3APw@ ~=@2
mP + @ /t
CN p 2" >

< >D
[ 5D f 3@ 90
E$>
$C &X
90
/+ < <D 2


$C K '


B!4
 % 
 $
3@ M 
H
=
U
j > K4@ :T=0 %n4 4
 3>2
UV  2 ; #! > K4@ } &? 
F ~= 
 ~= '
H
=5 U
j > K4@ }@i

@i < @i
<= > K4@ }3=)
 o 8 
 H=A
>H=! 3@ 3

+ % ~ 0B0

" 2V ^ r=; <H h J:@ =2 %


ND D N <" 2A) <" 5  
KV 2@
%@i

; <=P> 3>$
3 B
3@
e=. /+ o K4 
 <= > N }9P ^
h !>\ YP <= > Z Y K
Y [ Y <" Y Y &P
Z [ :3>2=
<=  0 @ -
/+ 2t 
A <2>
.^[cb:C
D] j> \ ] K
f j\ BY \ 
Y \Y @
Y Y ML Y Y ..^[ƒa:Q
5{
]

&P
Z [ h . 3>+ 
 30+ 
| (<
 TW) (OQ
) (T .i
) O=5 =P /+ / K4@
=> } A V"
L @ .. @i
$C KCH
L @ !
ND D N^[ƒa:Q
5{
] h !>\ YP <= > Z Y K
Y [ Y <" YY

" :T=0> <" ND < {
M> N %O
 K5i
 i
8B> A @  $4 ABP
= - 
.h " L ND   $ @ /  OH=B † 4 O 4@  @6" !
" #2 = 
"

 B" >2>n h
2 h
2@ IPu@ o $
  $ /D

  ? h V=80@ : 2 2 /+ 5{


KD mA
K"

 @ 9B
 >   A+8 2>
 4+V 


=C  2P =
 C
= d@i  E 3@ 
 |; &5  

 B > '8
&B   3 C2@ 'V &t 5 1)@H &5
f 
 & e;  B@ #$C
 + h
S + h !:; m@ P 3A @ O2I


@ 3B
@H n:;" h @=> A5 m!P @ B> 

f  < 3 2n+ /   EF


245

  … @

}CS 20 <=


;n  :TQ 4 T=0 % h j E$

}€ :N
 ;n4
 |'4
3@ D V @ KD V 

}K*@ + 9 
OH P 2P %9 
@ "! 2P & %9 
;W /+ <v
3 

......!< B4

 %Q
2
2 Q
2
y') <"  E !5i
3 g! +

3
|' E !5"

......

2
3 3>2
&8+

2   V N 2


/+ 3>2
&B? :=C <v
3
|'4 
H ! > 9!5 -"
 [ ž 
3 B>)
2B"
L‹+ %)!
E B>) )!
 >[ N :K B %O 
N
.9t 8
3@ & @ &>
$A %j?  V P )!
 %)!
3  )!

8 N 5
 N 1
@" > 6  3>2 o => & 

:#" %2
3 3>2
&8. <H > 3>2

$A 34 
3@ h
X  => i
H
Hj>
Q 5˜ 2" =C C % AnR m <= J> A." C 
&C" <" @ C   :#" % B 
%3>2  2
  OH=B <
i
<W :T=0> %&{
+> 5 t
  '4
/+ F
T2

@ %  @ :<==0> ?
$5 >' <=
 !
$C T=0> r
 @ &? !
ND D N
N 3
3@ X
 !
ND D N % @i
 % M
 % & 
:T=0 %80 80
A! S /+ <= + ML @ %t P 
 %C
H :;
 %@i

$C O=:; <= 2> N <=B>
F4 N T2!4 N /4

 5 .
  <=B*'> N %EF
 q)
3
=0 <= >[ <v

f #" /+ / !> N p %  
K' ž
  3 K' 3@ <"
!}<=F!> 
3>H F+" %MC H

f \ Z 

\ =0 \ \ 3"Y 3@ <=FI \ ]\ \ 


 +"
.[ƒb:O2t 
] <=
Y [ P=> [ ] 3@
[ Z Y h   Y Y Z [ YY
Y [ Y Z Z Y Y Y [ Z!IY> C Z

. 
>jA

@ Q
2

$C <i % R :
 .'4 9!5
 2  @" 4>jC %. 
4>jC =C ;W 9!5
~ )
ML  
/ / &J5[ %€=0
 T
j
 Q .
KD AP 5 ND @" f K z
%E=0
A '  O! 
h !  M" 2 s2 K mC
LD !3 @u
@" > :
20

  0X
3@ #2  % 4Pn5 /n 3P=@
 " #2 K 2P" /i ML &B+" /D]] :T P }+
}84 > | + %  . " <= n+ % 4Pn5 /n 0p >2 =C % 40 1p" / B> @ /.  p
[[

Q
2i
 &;H @ % A m!V" 2P 
 @i
 %@i
K < R
3@ 2" . 
>jA

@ ž
2" f o2 7!V" %. 
>jA  !V" => ND
h ˜
2" jA>[ 3 "  P 3
3@ X
 
KV 2@ A! M$ !;"  A O@ 9  8 [ @" 3@ Š|5Œ >Š "
.5  
KV 2@ #2A m 
Z Y
LD }9  8 [ K4@ 3  %5

T$
e=J  ~ 3@ =
4@n &  OX E !5"  n) 2
 9!5  .' 9!5
OX &@
=  4 &@  %<
=A


. 3@ &C 
•!> @ &C ? 3@ Q
2i
•!> @

4!> xB!
A-> !> h  D % 8
O20
 !4
 %EF   D : .' E !5" 3@
 @" CH KD E C$
7!V" <" EF   E {
&V K4 % .'> ;v
xB!

e2> *B %EF


H /+ B
3 g! !V" %3
E ! 3@ X  C 4>
2 3@ OH A
h f  @ xB!
B)> !
ND D N %EF
H /+ B>)

&" T P
LD y0
= "  <
=A
&V .  EF
 " H 3@ OH A &
LD 5" +>  %/@5D
jA@ C2B @ jA AD 
 %K .> N h
j C!4N ( .) 2i /
8 9N ~!
1 4> Q  P ‰. .$ N /0! N =0B
/A+ %M$  <D O 5n@ C2B @ O 5n@
 R=:'@ 3@ &?" P=4

$C <!4B> %+ /

f 8 9N 3@  $ P P=4  !


!
" .. O  
=? p % AB? 3

f #"
 =0
H + 3 &-@ ‰+

@i
 
=Pi
$C A m:!C !; #"

] %>L &? A @ A4


= %HNi
K KFR EF   D
Tn> %  5 2B 2  20> 
}Ki
3AX@ 3@  4.
 %+ 9N
 =C ž H
 @ :T=0+ }Ki
MX@ @ :E !)
2"
2! 3 2@ H ." > 
K 
=C %EF   ‹ 1:  1t 0 
ND D N %  >H AD
!5{
@" > !

 8
AR &> 3 >  I2@  V  /4@"

 F
2 /

M> <D 
2 /+ 9t$
> N

3
xB H +D

2 =:4
 UV{
/+ xB!
3@ H +{
: 
=C ;n R :
 .' E !5" 3@
C
[ [ AI Y [ \ Z [ 3
Z [ ]\D N"Y * <=8@ Y ]\
= P
[ Z Y D \ Z Y Z /+\
2.I
[ Y …i
[ \ Z [ N A Z [ Y &P
\ Y \ A>2>" K $;i

Y
LD Y
\ Y :T=0> => <=+ A2P ^[acŠaa:O0!
] <B)> \ Y [ \ Z 

K5=@
Y [ &4IZ [ ZPY" /L
[ Y [ [ Z Y N 3 
Z Y Y <2.Z [

ND D N ^[cˆ:+ S] H .Z \ Z Y Z /+\ A->
Y Y Y 
…i
Y \ Z [ <"
Z Y "Z Y  \ Y ‡ > <"
Z [ Y>H T2!I [ Y Y /D‡\ [ ]Y [~2Z
Y[ Z Y r ;" Z YY
 B@ ? m  =:4
5  !@5{
@i
 5u@ yt 8; C" mj4
[ UV{
5 
@
n E*> =:4
5  !
 @ MA4  =:4
5  !/@5{
 B
 B@ ? q" 3@
Y [ \ ] &BI
.^[c:C
D] <= -
[ Y Z Y> 
\ Y Y 

] Y h+ S ] 3!
] Y Y Z Y NY !zt 
… 

K4
] Y AI \ [ !
Z [ [=I[[PY h B?Y AI
Z [ Y Z Y :
T=P s
L %AB!: <=44)4@ <=P.4@ Q
2i
:
H !
@ K %5{
E K h B? <=0.4>  <=B4> AP. @ A  ^[a:)
]
%s
$ n>
$C %
8 3@ ND A QN=
/+ ND Q/ & /+ |4' 3 % $> A>
] \ e \]

=B?
[ Y Y 2P Y ]
<D
Z Y e [ ]
A
[ [ Y T P
Y Y 3>$

Y 35 4@ " 35  %


KD n @ %
$A n> s
L
\ \ ]
;n4
&8+ ^[ak‚:<
 TW] & [ =ZY 
B
Y Z Y [ 
YI[Z!Y
= P Y \ CH

[ Y Y h  >D Z [ Y jY IY+ C=); +


Z [ Z Y Z Y  
Z[Y
. A+5"  j ]  ND @i
jB ] . 3 
 %@ @" 3@ |'4

@i + %T2
  0 
&!0 N &X@[ A" K s C B @ )  Q ? " KD 9CL *B
K= 3@ A @ % 5 ! /+ K4 .I 1 <"  :C2" T=0> %
 L @ B

@" @
0A04
 ;n4
KD CH P %> A
KD 3

H 0+ %
@i
/+ >H P 9V @

 %
2! 2@ C˜ 5" % 4F <= 4> <v
 <=)B> C %=:4
5  =C24

Y [ \ Z Y
= \ \Y E
$ ] [ Y jY IY+ …@ \ \
<=$ > [ Y 
Y "
  Y Y A
Z [ Y Y h @
Y Y [ 
CH

[ Z \ [[P /+ Q
 A @
 Y Y A=I
.^[ab:O0!
]

X'4> P /+ o=A


H o=A
q2V /2> 3@ @=P /+

3
xB  ; O20
|B

3@ X
 2B>  %OH 0
 Q B
 B
!R o2 O20
|B :3
|' E !5" 3@
.T$
 <
=A
@i

=
] %3+   e 
o24P
M$ %A Q
24P hC" QNuC

2+ 7

LD 7
78>[ 3@ 2!
7@ > Q
0
)B@ >

%EF
 q) Q
=!V" %A4@" A >2 3
xB  ; : .' E !5" 3@
.=C ND D N #$

A!+ %A  @" T=5
 

= '+

  ? E
j" KD 3
q.

Q=) :|'4
 ;n4
KD H" /4
E !5i
$C -" 3@ & %E !5i
$C ~ ?
. P{
 %  R=
  @=0
  !8B

mB4?
&A+ % AB+ 5{
Q ? K4 P.@ 44)@ @" EB
<" ŠO=;{
A>"Š <=B
N A2
] A4B? D .N }†j'
" ei
Q
= m mB4?
&C .N }‰>P Q
= m
\ \ …i

Y Z ]Y @Y h B? \ Y Z YZY" =Y %


ND D
Z \ [[P 3I
q)
<
H ^[ˆ‚:T .i
] A=I Y Z Y m." Y \ Z Y Z /+ @Y m0.I Z
Q=) >H 3 2B![ 1>f R 3" <"
"+ %Q
2i
ML < C" % 
$A  EF

3R=
&C" 7!V" K4  P{ 
Q ? p %  R= 
Q ? p % @=0

=J)n+ % !8B

1)B =L %1>:



$C /+ e 
3@ X 2 > T
6 N %E
j"  KD <=P.4> 2
=

:At P T P K4 3R=


3 Bt 
  
 3R=

V f ‡ sH
[ A?" 3@ :+" A?" 3@ @ & K A@2P

:;v
T P

/. 2'
/+ D / 46   2'  mF = / R

] [ !M@ " @ !E > M" @ 


ND D N
KB #$
3R=
AD !} 
K 3R=
20>"
˜ 5 " R %
$A  4> 3@ ;v
 Ti
<= > 3 %&Cn A d  % D
3@ % )!
h h
2! < =  Ž"
 =A+ C *40 & 3@ %
ND D N :=C .  ˜
=C
.h P h
 < = H2
 2 =A+ A*+

\ " d0
 f
'4+

LD 
=5 / E" N 5{
/"

\  S
2
 f 3@ 2
] E$
 ˜ I+ T V=
Q @ |4'> <D

2
=
 0@  P" 3>H  |u> 9 q4.> "

3 @ KD  H" H A


s =
C
  2
9 A
 r='
 3!
 :
H !
.€ :N
 |'4
3@ +

A+ 6S %3  m /4


€ :N
 |B*
E !5" xB Š
2! >Š $C
: =0 A  !B> <"  )
~ :45
/4
>jA

 @ 9B
 >   A+8 2>
 4+V 

3
|'  pW

......

 .
/+ r


}|'4
 ;n4

$C 3 m4 /4
 pv
+ %;n4
 |'4
E !5" +
/+ &X4> % .
/+ r

ML 3 4 %|S =P 3  ! pv
-" @ 
ND D N
H!
/+ C 
xB H + Š2B! @ <=p
2
@Š @
2A
9C
$
 )4
 H {

!CL = %j@ u@ 5i


~ "  V K4 5i
o4
/ 4?

 &; %@5{

O"
. 4?N
& )
3@ E=0
/@2> @ 2?= &+ 
"  4?N
4
j

5{
% B)
h hNF45

2" AF45
%&X
 0
K Q *0 h 4+ h 5 m@2'45

)" C=F45
 % A
A
=A? %OS N % N %3>H N 8 /+ % A@ " A V
=;H  > @ %o> @
$C %O"@
A @ O2
 & rS K @ 345 3@ X " ž TF45

p

@ O"
O=V m@2'45
Š  p

K K4 > 2 O"
m@2'45
%X  X
r2A
d h
LD .N }O=P O"
/+ &C .N }T ? p

/+ &C !Y
< !5 + Š> 2

= %A
S" A ::'@ 104 2
5  O" ) 
 TF45
 %O=P
h N hN ?
.ML /+

\ [  .B %u@ t  3@ X


<  %p 
m + 30!R 3P28+ 3A E$ f ~ "
.€ :N
 |'4
 pW 3@ =C %&'

 $> Q D   d" r


  @" !}T ? > @
=0
3>"

f r

& 0
/+
en K A P"
=*0 . 
 AB
H! <=!C$> => E !)
3@ X
. R :
 .'  pW 3@ p"
 D !}  CH
L @ %S  < *" /+ A*B => % S

  5"
+ @ %/@5{
H 84PN
 -  &B> 3@  B

$C /+ Š
H ! >Š &P
/+ X4 AD }
H ! > 
@i
T
=@" X4 3>" % .' =C2 2B ND =)

.o 8 
H

O2V" m!5 = % At
2" 2  A2V" <D %S " P   A =0  )@ <D
u) @ ML %@i
T
=@n <=F4)> Ai %  5 2B  AN >@"  " 3@ 3

.
=J N ;n4
 |'4


! i
<  
/ ! O=8 @ A >D K .t R &-45


.@ 2t
2)
T=C 3@ S  Tj>  MA? 5{
@" >
< @ & /+ 3
L

2] YYI4[I> %  A@
h hL 7!V" % >
h  h
j>j h  A@ < %<  7!8>  
<" : .'  pW 3@
@ d  &B.> & %&B.> N T=0> %>jA
 |B*
 >'
j@ 7!V" & % @ '> Y Z [ 
.T=0>

! 
T=0 @ M4)+ h P  
<X> =P

OH 5 3@ =4+ % -.  % B:  


|'  i %  t
2" E=P 3@  A

~j
f
C! CHH % ˜
2" }3@ M$  5 %/@ 
 B
 g X
 B  K> @ KD OH P
f
.Cj" A8B 
j = %ALn+ 
K
= C %|B <
=C

&!04@ 3 !04 H+ & &F)


 %@i
 ) A5 " 2! %
=: P e 
dJ>
 @" 3>" ! @" 3@ A8;" @ 
ND D N % .S
h hN @ ?6
h h 4 M> <" 2
=
C
^ % 4@"
QD H A
>
 +  @" 3>" } + 3 @ †'  @" 3>" }3
H! >4

}


A>" 
KD OH= OH=B+ %CS 20 3
|'  pW E !5" xB $C :
H !
S %’
2i
& S f …
f D 3@ 2C ) 
 @ 1: @
$C @ <D !<=

h ] @ O=V
%- h %
KD h" h= OH=B+
h %
KD 
4?  S %@i  Q!
R D
.
8   h
8 %C2  hN :D hN :D %@i
Q
2i h *+ h *+

\
 4@ Ot
H /+ m!V" /4@" >

f 3 @
40
 R"  H D

f gB
-
=Al / >  l f 3

4!
.)  /2' N /4@" >

@24@  4+ 3@ 4@" K K);"

B  o25" #$


  mP"
  9V #$
)
+2> 3

5 + V;D qH V
 30>
 ND

.04 
O=0
#L 3@ 8 
+ 9:

f
2" A
%<
=C |B f Q
3@ A @ +
A
%;n =; f 3@ 3  @ +
A

f & K MD C2@ A=P Cj 3


 5›
.F45" %<=B @ T=P" %>2P Q/
.
=.F
=C D .. .F45 + 

3
|'  )@ T=

2! h
2@ <" 2A" %  M> N 2 
ND D N <" 2A" %3 B
E  2

.h
X h  5 3B 4
 !V W K  
KV % =5

:2B @"

A  K <=


/0 @ K
=4 &-45 %t
jA
  ! 
3
K K
=4 :
H !
@ ^{
=L ND H A
=P s @} 
&!5 /+ H A
A  
T=5  A 3@
‰B 3   4V ?
 + % 
84
3  %O2B  N H2B  &t
i
<=
84

: + #$
%1P2
98B
3@j

$C /+

p"
[ N ?
 N <=XF4
 IA > E

/+ 38
H

-4
[  m8
E
$ /+ A= mI!5 2P Q  C2P /+ e20


f #2>n
=L[  4@" Q " 3@ 3>
&5

)[ 3t ;

B4
[ 2B
[ C
p /+ ˜ @H m @ < F+i
3@ h
H
=5

!'

[ CQ ?  1
&+ ? mB+ @ s+i
 &
&t 5
f q
B
/+ &C  " 3>2
…  jA? &C
I[ [[F
&? 2 [
*

[ f
A oH" &C }e 
m@ P &C } A8  #2A@ <=@  P &C

5i

[ Q i
 &t !0
& h.  
= /+ m)A?" &C

F

[ H
2B45
/+ 9  2P I04B> 3>2
UV 3@  @W

!:8
[   m p
  >D 4 @ S D 1
@" >

$C j /+  H @ } >H   4


L @ h =B h @  
 n5  !
#2> 3 h
2S
}
2B A >H 3 =

=:
 <=
|' <" 2B 3>2

.3@i
T ? 3@ O-4 
|P
=
/C  @ O-4 
|P
=
 %- 2
<D

......} + 3  †B


@

5{
KD PH 8
OH=B

f

=+ %
~)   f
%5{
KD PH V f /+ &X4> 3
3 .'4 †B
<D
OH=
3 ' @ K4@ %
…" /+ 
~   
KD OH=B  ND '+ N %j N %O  N
Z [ Y Y Z Y
== >
.^[‚:2@]   X@" [ [ Y N p Z \ ZY Z Y
==I
Z [Y IZYS h @=IZ YP T2!4>
] [  Z ] Y Y4IY <D
Z \ Y :  
K' ML

>H A
4

Q "  &C :TQ 4  3  % 


3 /A 
 rB  @i
 %>H A
4   
%H A
 %
 N }
&!5 /+ = H
2B45N
K C  &C }H A
9 K
;W 78>[ 3]] :H + |' ;n 3@ & @  &+ %x  gA 2
Q
 $;"
<= > ˜
2" .
&!5 /+ H A  } A" 7V [ Y 
Y ^[[ A" 7V" @ ND @i
$C
f 3 
=*0> <" K)' %
@
u

3>n+ %8B  
=
R D 
=R " % C  )
%=?
K E !)

= %
KD
H= %
KD
.+ }
H ! > .
3>" }EA

H
2B45
K QNuC &C %d)
 N %Q
=A
B &4> N t  t @
 A! S /+  !
%O
 !@ O2C ) †.4@ |" 3pp 3@ X " 4> 9
3@ 9B@ /+ }C2
=A?
=
C
H  3>$
QNuC 3@ 1: 5  !H A
K / :H A
#H @ oH  = 
TQ 4>
ND
=@= + %p 
/A+ %<v
A4 9 5" K  ! /0 3J 
 .= ?n+ dD #H @
.[[ 
L" F OjB
F4
A@ %5{  
j" =P 3]] : ."

 
3 /A 
 rB  @i  4
> P

%&t 5=
 C 
784
Y Z [ %B
!R Q B
T= E !)
|4 %3
 44
94 + %6 A? " %.V /+ h
 @ o" 3@ : ! R" %
ND K)' N  @n  78 
> M!P 3@ 5{
Ku> <" 
 + %OFp K @ & + %3 N 3 4 N %3=J
KD


 45
~
f  3@ @} .. ^ 4 3 T=J@    ~
f    +} :O5i  4A  p !
2!
& 
 %T=J@ Ei
 %T=J@ 2t 0
^{  
t
  
 ND A h  S  !+ %
&!5 /+ /* PH V h @" 2> % >i
$C -B -B A4=J@ i
 %=J@ i
 %T=J@
~
=)
KD A †;
f f 3@ A @ C˜
2" 2>> @ &!5 /+ N %Q/ &  A >H
% At >6" /+ jS
.2'
 30t 
@ A ! *
f %O+ 5

\ i
9R h !B H2" AH2"
LD 52@ i

q

\ i
9R h !B 2+" A2+"
LD 52@ i

q

H ! >  t  
=A!4
%3C O20
B % 9 >6  >2;  8.  )t  A2P h @" 2>
.#2> N @ xB!
 %Q
2
3A V" !

-"
[ !8 + #2 m <D !8@ M4+ #2 N m <‹+

@ &: e > Ei


7!V" %2'
 =A
Nv C  % = /+ H P 3 '
d> N d ? =C 9A4 +  
% 4 /+ ~ *

}B)
[ d @" %E=0
3>" } 
  >2 @" }T=0B
3>"

% 2 j> j 5{


 %2
 B 
 OjB
H" <D A: 3@ 2N %4
> P 3@ 2N
X A@ %#2>i
m : A@  A 
 &
/0 @ q  f "
=
 % 2 ¥=.
 @
<= B:> & %O6 !@ <= 0> N %A=P 3!
Œ> 3>$
<=0+ 
 <=@
 ='
 E Li

5{
K r ' N 
 :
$C T=0 3 %Q
 A @ 5{
 5{  <=B 04> %|'
3@
" % =P Tjj44+  D en
&8>   >D ~jj4> <" Š<=
A>"Š   +=; 20
2B
5
 < %E=V & 3@   4> <N$'
<  i % t
j 3C=
98>
E '+ %
3>H K Q *0
2>> E
ji
=>   . 
<"
=
3  %1>28
 ;
\ 
E=0Z \ Y Y   8i
\ Y 6Y LDZ \ Y  \ Y Y 3@ \ [ \ Y+ 3@\  [Q ? LD
?
Y YZ Y [ [ [ 
mFI Y Y [ Y ZY Z mS
Z [ Z @ &.5"
Y Z Z Y  P=I Z Z Z Z [ Y Z \ ;
\ Y hN
jZ6\
=[j\ Z6[ <= \ Z 
/4I\ Y \ YC * = \ ] \ <=
@ ^[aaŠab:E
ji
] h
2>2 Y Y Y [ @uZ [ Y [Z
M [ Y [^-
  Y ^[-YY
\ Z 
o" 

$C
Y Y
= P
[ Y }
= P
L @ ^[cc:E
ji
] E
Z Y Z <=
Y jY i
Y [ @uZ
[ Y ] Y Y h
; ND   <= @u
3l
.[cc:E
ji
] h  \ Y h  >D\ ND]\ CH
] q2V ] 2
Z Y Y Z [ Y 6Y @Y Y [ =5
[ [ Y Y [ 
Y Y Y Y [ =5
[ [ Y Y [ 
Y Y Y Y @Y

| }  A0B |  }QNuC < >D |  4.


‰B m" 
/;" -
!! " 

] K. \ \ Y Y 3>$
\ ] ] ] }A E
ji
 => A4!P  m
[ 
Y YY h
;
Z Y
= [ YIY>  Z \ ZY
.
Z Y A-F [ Y [ 
H YY
3@\ \ ] Y ZY" }A+ &
L @ CC l 3>$
 ^[cƒ:E
ji
] T 40Z Y Y \ 
3\ \ Z 

Z CC l
Z [ [ Y Y 3>$
Y TjI Y Y Y @uZ [
\ \ \ \ \ \
\ Y 
&C"
 p Z Y Y * h 0>\ Y+ <5n
Z [ YY" Y [ ZY Y <=I \ Y 9

Y [ [40IZ Y h 0>+ [ \ [ [P /+ r$P


Y Z ^ A=I Z \ YY 3@
Y Y Y Y AV V Z E 4 Z \ ZY
f Y &
\ Y Q/ ] < \ Y Y
.[ckŠcˆ:E
ji
] h
>2P Z ‡ [ K Y Y [ 
Y YY Cn:
Y [Y Y  Z Y Y A
=@"
Z Y h " Z [ Y Y Z Y Y C >H
Z [ Y Y Y A"
Z[ Z

=C ‹+ %&R ! = 3@ =


 + %M N ML /+ 9>    ;
2> N N" :
H ! >
f S   
&B>  &+ S  =C >H K @ S" 
 %
3@ Q4
 ~H ; E

 5
/+ @ y % 2V /+ @ /4! %9:
3@ g!'
j ML & 3  %<= -

\
h B? \ ]\ OjBZ
 Y ] \ 
<‹+
] \Y :OjB
9 T  A@ &L .  + %3>+ 
1> % =P
Y
.^[a‚”:Q  
]

K =
j 3  %304 !P B
<" B 
 ‹+ % J
h  

$C T=0 N 
 3
20 3 4.S K j .304
 .V & N %
>
 & hC" 3   <" ."
h @=P 
T2!4> <" 4); j %A5
= N A "  N < @ & /+  O=;D f 3
<2> <=::'> ˜
2" %|'

^ <=.  =A
K " j %  X@"
== > N p S
.3> 
; 
 %< >

2 3@ <= 
" #$  mP" "

f E=p  
84
o2A  3@ & Oj

f
0 
3@ €= T*
3@2@ K@
B 
KD  :'
[ B P <D

 e20
3@   @ 8'
:'+

2 
. > N 
2 > C2 

3@ A & @ +
A
%
@i  & @ +
A
%
@i  & @ +
A

%30+ 
 3@
 O F:
MC" A
%3
 5{
j" A
%<
=C TL € :

3@ M L=B C= /+ A


MB % < P  < @ C  <=+ = h
H=5" h @=> A+ "
f
 " > @2 2 &B?
 % .  Fn+ %Q= 5{
H
" H
" 3@ A
%C
M+ ; 3@ 2A /+ 4>N &B?
 % =@" ON 4t" 7V" %  R" /+ @W A
%3@ i

.3

" > M4 s  !
 s 0


N  % @ Q A.
&B+  $;
u N  %3: @ @ Al @ 34.
3@ M L=B D A

/4
M4 
  % @ Q A.
&B+  $;
u N  % @ Q A.
&B+  $;
u
f & mB5
.3

" > Q/

.<=B 8 @ B> 
 ! " 
 $ % Hj> B K  
 %  $> 

 L

 
.V

H 2P .) 9P K :; N %mB5 <L" N %" 3 N @ A+ % F

B5  

<  C . ACi 
2" @  
.V  L 5  
KV =5  5 
E 4 /+
. 
&C" 3@ <=  & 2
2 5 3  3 y8P  L @ M$

< {
1; 3@ > F

% h R  h
C l h
;W hN" 2
M+ žNjI[ [ 3 @u
sH !B eH.
mB? 
> M 2

%F
h C
=5 
KD <=  
$'4> + ž   8
T i
> ] %  C>
] #$
 2

<" &!P C >D A 5" %A0'> <" &!P A0; %!5 h C


=5
= > + A!5 A &A5
%mB5 <L" N %" Z  3 N @ AH" % ] %C2?=>
h 3" A>" C=!    A.
.[ab:|A 
] N= \ \ \ \ Y :ML q=+ %) 9P K :; N
Y AIY Z Y <=FI
Y [ Z!IY> N A+
Y 3>2 ;
Y
OH A %>2P Q/ & K =C %2
 M
 %  M> N 2 
ND D N <" 2A"
\ Y 3
 2! 3
 2! OH A %8
=> KD   / C;H"
3 +R  K S N 3@ % 4@" ]
Y
@  ‡ ND  
3@ O  
    6=.
/+  :@ N % @  ‡@ *+ 4 3
. 4

@ %3@ B O2P %3 B  


5" % =5 
2! h
2@ <" 2A"
h  h "  74+ %T=0B
  " %28
 
U %3B?" H !B
K  %3  
:h .S h =P h V
— h 
LW
\
=- \ \ \ h @u
 - \\
Z [ =V
[ &!P
Y <= 

[
$C <
Y 2PZ

\ &
)C \
^ < 4!
\ YY6 2@ ] Y Y 
Z [ /+ *
] ;
 

^ m  &R" ]

.h
X h  5 %3B 4
 !V W K  
KV

:2B @"

<"  Š&? jŠ 


<L" = % 
… > 3@  /+   
    +

>" %  Tj 4   
>" % . ^  t
>" < 

$C /+ .> ^ 3@ - 
\ [ Z Y :K B  !5 Ki
J@ /+  $> Š&? jŠ 
<"  ML q=+ %  )F
/ L +
[
^ \ Y Z Y 

\  $ \ [ Z Y YN /\
 

\ Z \ \ YN"Y ..[aƒc:O0!
] <. 
.[c:2
] E=0Z
[ [ [ 
3J: [ Y [ [ Z Y  Z [Z Y
Z [ L"

:3  4B5 2P  $ .4 4 3


+  /+ m!

$C KD mJ? => M K=R !
2! +
\ \ Z 
.Y Y o $

‡ ] \Y  L
.[ƒƒ: >
$
] 3
Y @uZ [ [ Y Z <‹+ Z ‡Y Y
\
YZ \ L[
LD Q 
/+  $4 \ \ \
Y Y Z [ h "H …i
/+ [ L
Y X n+
Z Z YY

K4@
] 3 \ \ \ ] Y
LD \Y
[ <= 
L[ [
H Y 
Y h +
4
[ Y 25 Y H 

h 4
Z Y   
Y Y \ m
] M? [ Y ZYI h 4+— [ >i
sH
u+
Y m.^ \

[ \ " m"
4" 2> Y Z U V f Q H <=
\ Y >Y N" q2V Y [ 
s=2
Y [Z
4YZ IY+HY 2P /!V
œ  Z ‡ T @
Z Y  +  Y Y + !8

Y ‡ &0 +
\
4 Z \[ 
Y Z Y @ M4
Y p] M4+
Y Y h J B

[ s2.> Z Y @Y
LD

4A+
Z Y @ M4
Y Y p
] M4+
Y f Y Y /+ MA+
 F@ Y [ s 0"
Y Y <D
Z

\
Z [Z Y Y Y : K B s ! 1
T=P KD   &04" %o;" O@   
   

4!+"
=C \ \
Y [ ]ND Y DY YN 1Z [ \ Y 
[
K BI
^ Y 
MZ Y [ Y Z [ YN YIZYD\  "
Y Y Y4IY+ * <=B?I Z [ ]Y Y h X!
Y Y 
Z [ Y0; Y ]Y
ZY Y "
.[aaˆŠaaƒ:<= @u
]

… ž? 9:; - @i


=0; & žo25 A 4>  h X! e 
1'>  !
ND D N
.B K < {
 % @ 30."
YZ Y> <" 3n+ T !
 …i
 
 
K
] 1>+ :30>+

=A Q
 q 
 % . &: Z KD  <=@ 
0 + hA? h l j
<" =?=
$C 
 ?"Š E
H Ž@ /+ )  žjt
S ~ !D 
j Q D C ‡ & ž 
$@
3\Y C \ 
3@ h
C l
^ O Z \ Y <=BI
Z [ Y IY Z2
YY Y Y [ Y Z Y> :8P" A OV P A- Š| 8

$C 3@ <= 
Y [ \ Y 
C Y \Y [ A." Y [ \ Y C \ \Y
.[a”:)
] <=05 .Z [ [ MJ" Z [ Y [ Y C n+ [ Y [k:
] <=+ S
Z [ Y YY Y

= Z [ O;v

KV 2 % h >H 5{  % h    3@W ŠA @ 4" <= " <" 
=?"Š ;v
1>.
@"

@n n+ % Z  98 
); &B? % !P /+ 
r=; &B? % ! h — 5  

Y ZY\ Y Y]IY M

MD Y Y Y .S
Z[ YBR" Z \ Y :@
" ~ 5 2  T P %!P

1 !P
 A 3 KA4

Z Y Y Y YB5
\
.[cƒ:O0!
] 8Z
[ Y 

] %<=B?> + D ;W h @=> e  &B? <" K B  !5  C=i


T  3@
@ <=+=>
Y ZYY :1:

T2B 3
 )
…" 3@ <28+ %04
e :0  =!4

[
d"
Y [ \ Y A+
TW] <2 ; \ 

Y C \ \ Z /.+
Z [ 
\ \\
Y Y Y : 
KD <=+j>[ 3>jt + .K[:34
] 3 Z \ Y Z Y\
Y Y 
 n
.[abk:<

=I
Y ZY> : &? 
T=P ML 3!> %<*@ E
$B
/+ A+  
KD <=P > <5 ; <;W
\ Y Y Y 

=P$+ \ Y Z  [. " \ ] ] YY =? H=

Y E
$BZ Z [ Y \ 2BI
[ [ Y   >D Y Z Z Y Z Y AC=? Z ] Y Z 3>$

Z [ [ [ [ H=5
Y @n+ [ [ ^ Y Z Y Y =?
[ [ xI
^ Y Z!IY
Šabˆ:<
 TW] <2 ; Y [ \ Y A+
\ 

Y C \ \ Z /.+
Z [ 
\
Y Y Y AC=?Z [ [ [ [ m*I
\ ] ] Y * <. 
Z — Y Z
3>$

Y @" Y Y [ [ Z Y 4Z [ Z [
.[abk
3@u>  3@ ž< >{
< " 3@  C 3  ;v
=  Q
j
= < >{
 :
/+ O=;{
A>"
. &?   3@u>  

.;v
=  3@u> K4 2! < >D 4> N

  A!>$A4 A4>
2A e=. 
UV{ 7?  E=5" A?  
 AB  
…
%9C4
B. > 3@ e 
3@ %9S4
B. > 3@ e 
3+ %  "
h A! %  "
h At >!
3@ &R !
n> N #$
 &? 
 /+ H ML &  % B@h 3 pN  .4 > 3@ e 
3@
/+ ML &  %o;" O@ YY 4P

Z %O@ C2" ;n %O@ C2" 20 % .; 3@ N >2> 3
. &? 
E 4

] <" &? j 
&*+ 3@
] % AB |V % 
@"  K?
S 3@ A   CH=; 2 "
žC N j N %98 N 9'V N 9B N %H N  N %y0 N yF  N 2 
00 ;v
9 
/+ Š  !5Š Al" p %O 
$C /+ Q 0 & /   
/+ S
%T
=C" (= >0 %=P6  r=; %~j.@ Ž
V %2 84> 9A ž A
$  

.=?=
$C > <" 
Tn %O 
$C /+ B & /  A+ S ž+6 1A

}
H ! >
L   ML

Š  ML % C=8P A > AB KD 3!t)@ q= .A  


KD <= @u
KB
/
] Y 3@
Z Y K>
f
Y Z Y Y YI‡IY 3Y MC
Y Y Y 3@ Y \ Z Y\ :ML & %r=; $  
3 1'
on  Šh *>"
Z Y MAI
.[‚k:T .i
] 9:
\ ‡] 3@ \ Y \ Y 

j
\\ f
Y g!'Z [ Y Y :ML & [c:T .i
] YI‡IY 3Y

....... A @ 2N A L @20@ M :


/+ O=;{
A>" +

 
/+ 9S4

@ %q=)
U.
9 
@ q)
9 
@ Š  <L‹Š .P=+ 
$C 4.P @"
 Pi
 Q @2
< = 3X
+2 %
2  @ 9:4 A h
j. % !C
h N h !S  

C= CH C=8P A >  


KD Š
H ! >Š   hA+ %Q/ &  T
=@i

<D :A 3A!)4@ <=  <"  ž AC" C 3@ rB  % AC" 3@ <=  <" ] ž A rB4 
.U+ 
   !)4

@ ‰B A > /.+ %A 


B" 3>$
@ <=  A  + AD V=
&!
rB
....... @  ‡@ 4 Ki
A5H+  >D 
5" %3> B !'@ @ %5 3 Q
f 

} 
@  

!} 
@ .. 

!}eH.
@ eH.


%H:*@ A %2)@ 8P %j4A  > %iŒ4> = !B 


E % A &X@ N % A :; N
  @ /+ %B O! %O*; A + %? Q  ?6 %OX & %* Op
.240@ M@ 2  <2  ? /+ %A

3" C˜ !+ ž 
= 4 4@
 3@ CŒ@ %Q  3" 304
H !B K B 
C 
AR %*+ 3@  ! 9CL 3@  ! /C ML <= > N |  %Q  & " " &?"
ND D N ž3
 A.05 %<
.j
A
 %C=
 =P 
 uu
C˜ !8 %M

%en!> N B > A;H 3@ % CC l 3@ A R  o> % A R  3@ CC l o>[  !@ A+S !=C


.  ! K .> N %  p K! N %=> N 2'>

} C " + % C " @"

.*+ 3@ q 5 A %9CL 3@ q 5 A ND O 3@ @

.&B
3@ K" %2j
3@ 3n+ C p @"

.&
1t P 3@ q" 3" !
ND D + AP @"

.E:  E:> N 3@ j.4+ % 


 " < 8S" 9t
$ U >
1.8 @"
3@  >D B> <" &? j 
Tn5n+ ž B:0> N   t @ + 9

> O)
&l
. =.S D % C " T- &-4>

} C A" + C A" @"

3@  A" %3 ) O$ ; 3@  A" % BR F4>  3! 3@  A" %35W S Q @ 3@  A"
.K.8@ &

2" T=0> %s=  7:


<" Š
H ! >Š <=B %H=* @ AR
[ %H2@
 ^ ML q=+
Al
280>Š oLi
ND A @ rB @ O  
/+  L[ } :Š5  
KVŠ /!  E
i

f [ Z @ 7R
m!n+ %s=)

$C 2* {[c”:BP
=
] H=* Y f Z Y Y :K B 
T=0  " :T P Š A =
\ 
3@ *+ %&B
3@ K" %2j
3@ 3Z" Op  = & < @
.]@ Y

.E
" 9
=  E " 1t
2 %E= + Š
H ! >Š C˜ @ @"

 4
A
 %<=A4)> @ R  %<'4> @ A + !
ND D + AC"  BR @"
.=+ 
 &!j


\
Z Z Y %>
=0
Q .V /+ *.
 9C$ + A4W @"
!v
M4 &?"

^ %d.i
A4) @ A+
.h
2" A+ 2'> A;H 3@Y :ML q=+ %3i
$

f  E < > U A+


.< !*S S …

<=B> N %
h>A@6 N h  A+ <> N Mt
i
K AC" „ 4> %$
h A+=:P ‡[ 2P
[ mL
.h @5 h @5 hP ND h pn N h
=F A+

/+ =C 3@ A @ % 
K" •!> 3@ A @ ž ?H K  
/+ e 
 %?H t @ A+
.A4B5= O2
 ?H /+
=B4?
3 B
<" = % 
x /+ =C 3@ A @ % 
z5

. j
3@ ™- =C =>  3n % @ 
h 3B" O@ 3
8
3 @ : A
=" B5
.> 8
M K 
j> 3@  >D B> <" 
Tn5n+
 %@
h <=45 Q 
/+ A=R +=@
] Ouu 3@ ;  
/+ 3@u+ : A+ 3@u @ @"
.B 
3@ h*+ % *B
h A*B o> + A*B K r=:> <=C"

A5 ! &B? O 


$C /+ 9C$
 >
A 
] žA5 ! 3 &
Y Y + AC" e ! @"
!e !
s
$ B" %9C$
 >
3@ s C

s
L <= > T ? #" %
ND D + ž2!
 0
O=V K h B? ACn+ A=V @"
N %O$ KD O$ KD O$ 3@ %=P > 2?6 uu *+ 9CL 3@ C 5" A !!!T 

@Y A+ \ ] D %<=!B4> N %<=B!)> N %<=!8 > N %<=J-> N <==>


Y :
$ — q=+ 
$
Y [ ] Y ^ <
2Z
* <2'@ Z \ Z Y Y r=:>
 Y \ A [ [ Y .[ka:r;j
] <2 ; Y [ \ Y A+
\ [ Y 3i

Y 4"
Z Y [ [ Z $I [
\ \YZ Y
^ Y YY d.I[ Zi
A4)
Y \ Y * h
=X[ @] h
uu
Y Z YY
LD \ f \ 3@ en
Y \.[aŠak:BP
=
] 3B@ f Z YY 1> Y \ " f Y Z Y\
m>" [ Z [ AI
Z [ Y4! Z [ Y4IZ>Y"Y
LD
Z Y AI YY Y E
= n
.[cbŠa”:< {
] h
! \ Y h @Z [ Y h B\Y m>"
Y Z YY p
]Y

!
H ! > 3

$C &?" @ %E !)
35 /+ 3pp ’p Q n+ : 
&C" < 5" @"

…i
 \ \ \ Y :<=j> C N A r=; N 
Q "
\ Y @ A+
[ Z Y 
 

[ Y Y ] m@
H
Y Y Y 3>2 ;
Y
.>2" OH B5 /+ [ab:H=C]

&*+" 9:
&*+" =C %O=i +
] C@ @ @" %M + A @" %9C$ + AR )@" @"
.H=B

!
H ! > 3B
=
@ .P  %3B
= + A?
6" @"

C" j @  
&C" KH"

<
LD % 
&C" Kn    + ž  /." O@ =8P @ /+ + AC" KH" @"
T=5 T P :T P  
/ !B 3 OF
3 @ 7V /+ 
=B5
 }M$ C H"
 
T 0+ }j @  
&C" KH" @ :  
 K5=@ Tn5 } :5  
KV 

j 
T=0+ %oŒ@ A" D &'+ %Y 
\ 
&C" &;H"[ @ 2B /n> &? :K B  !5

T=0+ !}A
$;"
$;" A6 @ e 
Tj 2P | !E > :T=0+ . 
&;H
:  &?
Š AB
$;" %A
$;"
$;" %A6 @
$;" 2P | :T=0+ . 
&;H
:&? j
f \ M@
s=@ 3@ M@Y Z [ &X@ M <= > <" K N" :  &? j 
T=0+ ŠoŒ@ A" D &'>
% X@ % X@ % X@ % X@ ML M <‹+ :T P !}M$ K" N |  %E > K :T P } 2

O) M %ML M <‹+ T P %m m E > :2!B



$C T 0+ %@ '
• K4
\ ]
Y Z [ @] d.I
3@ A[ Y /.;"  Z Y BI
[ Y Z Y Y+Y :2 ; A+ m" %M. $ %M  mA4
@ M %  X@"
\ jY ?Y 3" \
.{ [ak:O2
] <=BI
Y [ Y Z Y>
=
[ Y  h f [ Z Y OI] [P
Y Q

%H !B
3 /*0> <" 2B &? j 
<" } : 38
/+ # #$
;v
g>2
/+
% 
E  KD 20>  % 
&;2>   % A @  2P % 
K A?= &!0@ &? K0!>
%/ 5
] /
LW % A> / !)P 20+ % 
3 /A? rV
M4 !E > :T=0+ %|0+
&C :  &? j 
T=0+ %=2> <" &? j 
Q  @ =2+ % A!A C˜ L / P"
S Mn5" N !M? Mj :T P }ML S / n N"  
3 MA? m+V <D m
. 
3 A? =.F



r8+ . 
3 /A? rV + %ML

‡ M4 !E > :T=0+ %o;" O@ 


Tn> p h 4 5 K0!> <" 
Q  @ K0!+
KD / @2P
\ [ " !Ml" @ %s2S" @ HW 3 > M> :
T=0+ % 
E 
N" 1p
=
 H=AB
zB
@ M4:" <D m &C :T P . 
E  KD / @2P M4 !E > :T P }ML S / n
&? j 
@20+ .ML S Mn5" N !M? Mj :T P }ML S / n N" mn5
. 
E  KD

% C=8P o> % C= o+ % 


 74.  p %m > <" 
Q  @ m > %s C K0!+
%HW 3 > M> :
T=0+ . 
/ ;H" M4 !E > :T=0+ % AB o> % A > o>
M4 !E > :T P .ML S / n N" 1p
=
 H=AB
zB " !Ml" @ !s2S" @
N !M? Mj :T P }ML S / n N" M4;H" <D m &C :T P . 
/ ;H"
.
$C . +  
&;2+ Š ‡@
Y @  4Š  
&;H
&? j 
T P %ML S Tn5"

 Š&? jŠ 


 $> %K 4> p %K 4> p %K 4+ #2! > 3
] :  &? j 
T=0+
> h J 2>" N :T P %3
] Y :  T=0> p %/ @i
 :0  K4 C 4> /4
/ @i  h*+ @
m" %M  $ ] %M. mA4
@ M %  X@" O) M %$;" @ M <‹+ :T P !E
:2 ; A+
\ jY ?Y 3" \ \
{ [ak:O2
] <=BI
Y [ Y Z Y>
=
[ Y  h f [ Z Y OI] [P 3@‡ A[ Y /.;"
Y Q
Y Z [ @] d.I
 Z Y BI
[ Y Z Y Y+Y

m5S %H" 3>$


MJ" :T P }j @ C" + :ŠTi
g>2
/+Š K5=@ T=0> }
BI
[ Y Z Y Y+Y :) 9P K :'>  %<L"   %3  + A m4; %#2 A4@

\ jY ?Y 3" \ \
@ !
ND D + ^{ ^[ak:O2
] <=BI Y [ Y Z Y>
=
[ Y  h f [ Z Y OI] [P 3@‡ A[ Y /.;"
Y Q
Y Z [ @] d.I
 Z Y
% 4 > <" Q/ & mB5 /4
4 n !
" @ !
|:" @ !
"
!2  !5

. \ Y =.AI
Y Y 2!B
.C A@ Tj>Y N h t
H [ Z YY =.B>
[ Y 3@
Z Y < !5
Y Y [

:'
#$ :B
3 ? B > N K:'> #$
/:B>

!+ ž
$C 3@ h
2
 h
Qj? " …i
KD Tj" p % t @ A0; => 

1;
\ AD %A 1'

4>

+ @ 0
=> <
L‹+ žAt A A
H A
  A^?
0 B Š|P=
/+ =CŠ dD T :4+ % ? &? 2  3B4
 4
KD 
$C
.M4 
žQ/ & mB5 4 3@ + %=
ML /+ B45
Y Y Y 
 <" 3->
\
.  &B
Y Y % 
3@ dJ>
Z Z  
3@ 
2  @ + 
B> = !


3@ 2P T" *> K4 h


2"  
3@n>  3>+  E
$B
3@ 
2" @ 3@u
B> = !

. 
/+ @
2P"

.C"  
&C" KH"
$C :
/+ /=;D

 
&C" †
6"

}A?
6" @ :<==0   /n

> =
@ %=
3AD % 
&C" †
6" /+ <=.V
=
|8>
L @ !
ND D N :  T=P"
}
H !

3@  + %=- 
uu =Fp %< @ H=A %U .4
 H= H2; 3A %E
" 9
=
% A." A!?  %3A @ O2
=
8; q ] 2PZ ! 
&C"  >= 6 + 3 B #" %B
3 3@ q!
Q/*> %6
LD AA? 35 @ 3@ d)
# % CB A0  A@
=P T R
+ mpH  <D !0
 d)
& 0 /+ Q ) @ &0+ % A?6 m P
LD %m4

LD C > p
!3 8F
1 B4 M l + A <D !3!
pH  M l

% A ‡ 3V /+ A? o>


[ A!8 C2? A- A Q
 3@ AP 5 (@ o> % C2;
1t'

=+" m0: 45N % >
h  …i
 
 
3 @ Π2
&C" K mBR =
.h
!  hA h !

!! " 
  2
 
< !5 !
ND D N :
= 0 mBR =

m: %3 & CS 3 m*Si %…i


 
 
3 @ A r;j4 mBR =
.=0
/
  …i
Al K 3@Y 3@v %= 
Q= d)
d:  d)
Q=

E 0i
 =C2
T=R K H
Hj N % A+ @ 2
3@ ; A5" K Š C ; :#"Š A.8
q 8!
 € '
3@ OA:@ %e . 
 x
 OHN=
 &
3@ O"!@ %N ?h h  ND
8P 2P % A V 9R &>[ N % A p K! N % A ! K .> N %e Hi
t 5 zt F
 T=!

<D % 5
] AD - <D % A?6 o=5 2i 7: N %r:

V P 3A+ ž A?6 K A+R
N dD !P AX:>  %< @i
> S /+ AB@ =C B@ /A+ ž 4-. E S <D % 4 R" C@"
.< ?

Œ@ 6
LD % @=-
h @ h
uu L" Œ@ 4p2   %
h5 !P Œ@ D - 
.h
= +F
 80


6i
KD  !!4
EB

[ [ 3C %< 

'
3C

LD % A  3@ A  
Q " m 
LD O"@  Š
/+ O=;{
A>" >Š  ^l @
<D !0 B
 OR '
O$ + ZR ; <D ! 
O$ > !O 
O$ + A?6  
.T

AX>2+ !~ 5i
O$ + 4

\ \ [ 
j?= Z Y AIY ]Y" ’2

[ ‡ Y [ H
] mp2 /C <D &>  T R <D
3 @u AB? 3@ < !5 ! Cn)" 3@ < !5 ! A2 3@ < !5 ! C=V 3@ < !5
 >D B> <" 
Tn5" % 
… > 3@  /+  >D / B? 3@ < !5 !3PH 8

.......2   
… > 3@  /+

 
Q S

=>Š *B %& <=@ ; ‰+[ ž t F d !~ 5i


O$ + >=
$C m]S <D
% 4 /+ ‰.
)  % 4 2. % 4 KD ;2 Q F

$C $;n> Š 8 m 4

<D @> 2P Q S s C <" K > % 4 /+ >L


KD =2 % 4 3@ 3
 t@ †'
. &? 
KD 94>[ 

mW <D %&!04


3@ KA" Q/ + m!P] <D ! 8i
 ~ 5i
O$ + >=
m]S <D
[ O$ +
/+ 
Cn)" 3>$
 
&C"  >= QNuC %O 
  
 Q F
~  di

.Q )D
h  

] %3V 2
&C" Q  3@ h
= s C 3 
A | 4  3P %3P28 <2 %3V
K=:+ % 2
&C" Q   B 
3@ h*+ % 
&C"  >= 3@ &*+"  
/+ 3 >
]
&C"  >= 3@ &*+" <= 4 
KD mA
O"@N K=R %
 @ 3 C8 m*S O"@N
.Q )D  
/+ 
Cn)" 3>$
 

3@ h
2A)@ |8> =C Š 3B@ 
… >Š /+ 
  #6=
3
@  B@ |P"
\ 
&C" T=;H &'i /D 
 :T=0> %B 
ML &> '4 D K4 % 
&C" B 2C )@
/B!R H > ‰R" H n+ : T=0> %9'V N 98 N 9B N 2   A+ CH=; Y 

\ 5  
KV =5 &? j 
<" N= ML 1>28 3 1*>
.  

N + B 4>  
&C" 3@ &?   !O=;{
A>" > :T=0> %2A)

$C |8> =C D
-

>= @ =C % 
/+ Q/*> q!
LD %) 9P K :; N %mB5 <L" N %" 3
% >2> 3 /4
3@ &?" >= =C
L‹+ 5" ++ :T P % AB@ B 4>  
&C"  >= 3@
}98 M+  @" }H M+  @" !
/ > :T=0 A
LD

}m" 3@   :T=0+ %  A. …B %  A @2; …B


\ jY ?Y 3" \ \
<=BI
Y [ Y Z Y>
=
[ Y  h f [ Z Y OI] [P 3@‡ A[ Y /.;"
Y Q
Y Z [ @] d.I
 Z Y BI
[ Y Z Y Y+Y :3A+ 
T P 3@ " :m P
|B*
[ [ Z /C
LD /n+ % AD > :+ % 
&Ci &$@[  
/+ @ & [ak:O2
]
!} :T=0> 9B4+ %s C >2> 3 m /4
3 = 
3@ Qj? |" 3B!

n+ ž 2
/+ †j"  % 2
&C" Q  3@ " %
2! mV mV / i :m P
.M /. …"

!}/ m" " :T P

./ 
3@ Q
j? %M 
3@ Q
j? .B :m P

LD %=P > 3@ &;; A?


Z /+ % >2>
Z 3 |0 % A> N  N h @  3B" A0 4B+ :T P
. 
/+ R & =V .V A;; 3@ 5 m)@

!}B 

$C B #" !
ND D +

[2
Y Z Y YIYP2V \] 
Y Y #$
\ 2Z
[ Z Y 
: A E=4 @ =C
L‹+ K 
C2 - > A0 4B> =C
K [k:@j
] [2Y Z Y YIYP2V \] 
Y Y #$
\ 2Z
[ Z Y 
K 
K =   E=4 @ :T=0> .[k:@j
]
^ @" [‚:R +] <jZY Y Y 
]Y 9CL" \ ] \ [ 
:o

t
 3@ )>[ %(
3@ 3ZYn+ A. Y Y Z Y #$
 2Z
ZY
ž )@  )@ 3)> <" K 4> p % >2> 3 /) /C % 
/+ 9R & t
 A.
m04
: A T=0+ %/) <" K 4+ :T P %“ ; ~= 3@ B O$ A >= )@ & <i
Š 3B@ 
… > /+ #6=
3
T=0>  Š .V |" <=B!5 AB@ <= + %M4)@ KD
3@ o;"  =+ 
3@  A 
*+ )@ |" 3B! AB@ <=)+ :T P

/+ )@ |" 3B! 3B?> 
$C /+ )@ |" 3B! 3)+ %<
.j

= %=@ N  
/+ H=; 3  %  3A4)@ 3@ h R  =

K*P = %o;i

.>=
$C T . 3@ $ A 2
  m!Vi 2
  /+ m.I
Z Y Y Y

A+ H 3@ @  3n+ :T P %!R t


  
/+ @ &  %='!
KD ML 2B q 4)> p
.  t @ O@  
/+ 4t
 /)  3)+ %  S 3@ ='
3   
B" /4
L" C" 4 j] 3@ > !Q F
3 B5 < V 3@ > Q F
/A4)> p
}O=;{
A>" > Q F
/A4)> => @i
<= > | }@i
<= >
L + Q F
KD /A4)> !Q F

Q  3@ ;W P %P 2


/+ 3 /t
 @u
Q  
3@ 3P 3B4+ :T=0>
.Q )D  
/+ &? j 
3Cn)" /t
 
&C"  >=

 
/+ 3J)"[ /t
 
&C" @" %QNuC   KD 5
 QNuC   KD 5 +
:30+

[ \ ] 3
3:'> +Y  

[ 34> [ \ Y 3
Y Z [Y +Y 
2 '
[

35n!>
Y +  
[ ]
3
[ 3B->
] +  0

[ 3

f †
6" %< 

   < 3 K=R 


f Y \ =P \
[ Y =

[ 3
[

:3A @  
&C"  >= 2
&C" Q  H+

34V
] [ Z [ @ [ \ ] 3
Y Y  t 8
] [ Z] — @  8

[ 34V [ ‡ Y [ 3
[

] ^ Z YY @
32! [ Y \ Y 3
Y 
2 B
[ 34P28
] Z Y Y Y @
Y  P284

[ [ 3
[

.3A !F+ : A  
/ )t  T=0

H=; D %Q F

$A d %& N =+ N % ; N ‰+ N !  
$C 5 3@ >
.B 

$A '.> &  % V P2V OV %en  B %3Bl  @ PD %=@ 

< 8S" 9t
L jA4+ > 
&5> !O 
$C /+ K05=
3 . j] 3@ > 3C 05=@ @"
3C %B 
s
L 3 & + ž 
/+ R =V & .V !)> h =V ’24+  
 "
Q F

$A h R  
&C" K =

K*P = %
$>$
 ;
3A
=Vn 3 F>
.=@  H=; 3  %
= 

< 8Si
9t
L jA h >  &5> e ! 3
T P

<
6i   F  < {
 $ h 
=V" X4+
<
2B
  i
OL
$ /=B4 N ~ 5i
O$ >

YZ Y =C
KH" \ ] Y [ \ YY :@
<
2B
  i  L$
] %B 
s
L m  <L" m ;
Y [ #$
<=2!4"
ZY Z
. 
&C" 3@  >D 
B? % 
&C" 2C )@ 3@ 2A)@
$C[ˆa:O0!
] I Z;Y =C \] \
Y [ #$ 

= ‫=
ى‬+  T ?

<
L @ %|V=

$C 3@
=B5 
=B5 => <=+ 4
d+  %<H !
H  
$A
}
H ! > A @

3pX
$C 4;" K4  " N <W0 4; 3pX 3B
=
3@ >= 3>4i :T P C2"
 4+ /n  
&C"  >= 3@ >= o+  + %= 
!F+ 3>) h B 4'> %4;
:T=0 % A?


Y Y /‡ 3!
\Z 9:'"
Y ‡ [ =
[ 
[ YIY /‡ /X@ [[
\ X
 0
\
\ O8
f & 
\ Y –@

X Z \ [ i
‡ Y0;

.>=
$C T " <" KD <2A4?i 
 :T P %2A4?
 ML & " % C2B  0+

y;" %
2!
Y 2C
6 2  =C %/ 
3@   > Š
 Š /

2
< 5 ="
d. 
Š h t  / 
3@  /+ T=0+ %B 3@  
/+  . / > %
@ q2V %
>= <n Št 
o> +Š m>"+ :T P Š9  2>  9S  ’2 h  "
3@ 2'
/+ M K" "  " !} < 5 " > <= 8
&B.>
$ C @ :m P %/ Q ?
!}  t ;

. A 1 9R 2? žP


h ND C2B   + !
ND D N

 Š U
i
#H  9 V C L /4
 %+B

  m < 5 ="
h   " h   ND E )

$C m>" +:T P %
KD 0>R /+ /P
 E  0+
 :T=0> Š

" 
 $ ND    4> N %
 $> %/8+ /8 + Tj  %<W0
=4+ 9  ž 8@
h "
H KD V %
 3@ B? @2  % F" N n5" N:m0+ :T P % 0
 O8 
} A  4. N OH !B
K MC
] #$
@ ž  Mn5" E )
A>" :  mP :T P . q
B

%9CL 3@ 8P /+ >= Št 


o> +Š m>" /‹+ ž/ 4n5 <D @" ! < 5 " > :T P
hN ? "Y  CB ;@ >=
$C A  %=P > 2?6 3@ < 4+  %*+ 3@ 8P
t ; 3@ 2'
/+ M K" /‹+ ž/!R /+ 
KD 2? — \ :/ T=0 /C %T 
s
$
]
N !
 . AH MC" " AV" K4 <2A4?i ! 4 
K P" !
 
=+ % 
.j 
M •" K4 U "

KD
=A
 %
.

= 4+ %A=.? 3@ 3>2 B
=  
R ] % 
KD  
 L AC ]
] \ Y h BR
@ Y Y Y h +=;
Z Y AI
Z [ ]Y <=2> \ \ Y Y 
3
Y [ Z Y ? *Z \ Y AI
Z [ [=[?[ K+ 4I
Y Y Y Y :A  /+ C 5" /+ 

.h @ P h
25 A <=4!> ^[aˆ:O2
] <=0. Y [ \ [> C
Z [ YIZP6
YY

%3ZY"  

+ 3  %3
 ‡YY MD!
 :T=0> %  2> *> p % 
+ .+ %C2" /n>
. > N   =0+

^ Y Š
H ! >Š
$ C
.
2  @
= Ai ž
KD
2?

 
&C" q=5

}q=5  
/+ &C :<==0   /n 

} >i
$C P
=5" T  | ŠO=;{
A>"Š 
ND D N

3@ <=A> 
 $>[ => K4 
 L 3 A4F" %AV 3 38
mF" P
=5"
<" 
Tn %
ND B> N @ A+ P
=5" %3R )
4@ KD %q
=5i
KD 2? 

/+ Q/5 A  & AP
=5" /+ A  + ž?
h h
H D @i
H> <" %q
=5i
$C T  T2B>
.h? h
H D H> <" 4 n 3  %X  X

}
H ! > q=5 #" 3  q=5 A  
&C"
%B? & <=n+ ž 
&Ci Šh *>"Š q=5 " + 3@ B
=+ %B
=> AP=5
An> p % A <=+ %M
< !X KD uu *+ 9CL 3@ A
H %A!t  <=! +
%A
H /V
= A; /V
= /+ %AC=? /+ /@4+ %M
< !X 3@ $;n4+ %7>

20 
 : >=
3@ A ?6 AC" T=0+ %N ?
h h 
H
H6
2P %AC" KD <=B?+
.hN ? h  HH6
20 2B Š
Š4" :<==0+ %N ?
h h  HH6

1
! 
q=5 9R 3 2
q=5 F" 3@ >  
&C" q=5 % 
&C" q=5 =C
$C
% 
$C &X@ % B4
$C &X@ 3 M? 80 <" s >D s >D %
@ ?  %

KD €
8
K 3@  m]6 @2P  80+ %2

$C &X@ 3 ? 8P < D 3@ 
.@
 + B

Tn . 
9

@ h*+
=
  
2S   
/+ hNj 2? 
KD <=n> 3>$ Š&? jŠ 
2B>[
.B

>Š  
&C" B -" 3@ <D %|V=> N  
B %2!> N  
B %2. > N  
B
#$
B 
-" 3@
$C % 
/+ H ! K  &? 
<
= T= ŠO=;{
A>"
.˜ 5" m520 ? &?
— > 

? KD -   L$4
ML 3@ -" % = >

s>j4> Š&? jŠ 


 M. =8 %2
j>jB
O >6 => %2>j
=> K> =
ML
!
ND D N %sj>

] Y 45

! 
&C" > : 
&C" m" #H > #H 
Mn> =>  
  /+ M. &X@
.  >6 K /+ % >j4>   <D

h B5 :<==0> !=C ND D N  !5 %˜ 5" m520 % ? &? t


j
3@ !
ND D N
% C=Al K <=4+ %A 2" 9t    LD %3>H !@ O >j
KD <=*A > . R
p %
2=@
h A &B?[ #$
M
< !X K s !
7+i
#H
=
KD <=4+ %<=*A >
2P K = @  @  
&Ci   @n> p %98 [+ 5  K B s ! E
@n>
A+ @Š C H" %2?6 3@ %=P > 3@ %= 3@ %uu 3@ %*+ 3@ %9CL 3@ T i

! 
/+ 
B -" @ !
ND D + žM
< !X K ŠQ/H
<D ! 
&C" > :O@ #H 
oH  %A @" A mnR
 %A @ /+
045

LD K4
&0X> " :ŠB 
3@ C " 
= 2PŠ <==0+ %= j [> <" 2>> 
2  h
2=@  
C !+ } C=? x!> " } 
;2> " } 
3 jj> " }2  !5 >6
=@
m520 ? &? !

L‹+ žA5Q
=B++ % 
 mP" = A :5 LD M$
:2
 =8 <H+ %  5 ! 
&C" > :T P %AP=+ 3@ A r" 2P ˜ 5"
T=0>Š A 
M*> p .
 {
 T

L > m  ! %
M @ %
m" A

9F  /= R" 3@ > ! 


&C" > :T=0> p ŠM*> E 3@ h
; 2B
Y N :E
i
2"
  …"
Y  = :T P .  … +  2P  :<==0+ ./=+ ž2>j
=>
$C /> 
./=+ 2>j
=>
$C %
2"
h   z'5" N %/
=   m" %/4 ?  5" 

!
" @ 
ND D N 
 " @ 
ND D N

E
A |) + % D -   L$4 MA? \ " :<==0+ % 
h A …B> :O=;{
A>" >

=P4> N" K*P &? j 


<" N= @ %= 
3@ C )F> %A K4> %9
? &?
\ ] =[ 
:= 3@
=P4N
\ Z Y 
 

ND d
ML /+ 2" K0!> N [‚ƒ:= 
] …i
 YY [ [
.< ?  h  .    %O @   

N6 
2S xB!  $+
$ &B "
$ &B "
$ => /+
$ &B " :
T=0>
.mF @ mF /.F :T P %/ .F " E > :T=0+

f \ > =?  .F


> 
? KD -   
i
<= OP > !O 
M4 ~ 5i
O$ +
$J@=I
Y ZY [ [
\
.[c‚Šcc:@ 0
] Ol  \ \ Y
Y Y AIY ‡Y KDY * O 
Y

}B | +

-" !8 + o2 m <D !8@ M4+ o2 N m <‹+


KV K.:8
T=P 
$C > % 
/+ B 
3@  &? j 
2" @ xB
$C
%" 3 N @ 3 8
#H !B H2":&? j 
T P } : 38
/+  5 
\ Y /.;"
\
3@ Z [ Y Z [ @Y d.I
Z A  Z Y BI
[ Y Z Y +Y :
QP + 4J <D ) 9P K :; N %mB5 <L" N
\ jY ?Y 3" \
AD %K.  eH.
AD %K.   
AD {[ak:O2
] <=BI
Y [ Y Z Y>
=
[ Y  h f [ Z Y OI] [P
Y Q

.K.  K=R

f ] f \ ]
BI Y \ Z /+ @ +
[ ] YYI4IY> A 
$ r V" O@Y 3@ C=)
\ ] /+\ FI \ \ ‰B
\
!>
[ …
[ Z ]X
 A  Y Z \ Y H 
Y Y Z Y Y A@ ; 3

A \] \
[[ @m
Y = 9
2+= 2>j
2=@ =C
Y [ #$
A>H

Y 
‡
> \
[ [ CN=@
[ [ Y AI[ [!R '>[ @2
Y  3!

Y‡ U

[ Y IZ+" 

-" \ Z Y 3@ = A Q " m!


[ .
Z Z >f = 
<D Z 

  3 ~ 5i
O$ > m!I \ Z  8i

Z Y ZP" /C \ Y ] +Y
Y <D O$

[ ] [ =AI
20
\ Y < @6
Y Z Y+ A

\ m
[
$A+ h S  Z Q \ 
9R ;
Y Y Z <D Y
\ +

20I f @[ ‰B \
f Z 0 N 2Pn+
[ [ Z Y> d 3@Y 
$ 
[ — 6 + +
Y Y yF Z Z

BI  \ @Y A+ 3 > 


[ Y Z [> M Tj \ M
Z Y C5n Y 2

Y mP Z <D

'
Y [ Y[6 @ A‹+
A+ Ki
f 
] <2 \ ? K /+
] 6
[

 
= T ?

%t
 q=
<" %t P V.
<"
" %B 

$C <= 8
  :
/+ O=;{
A>" >

)+ %m!8 2P  
" /C
L‹+ i
KD
- + A5Q
=B+ ž 
3X
<"
}
=
L + % AD

C2> %
=+"
6 .+   h p A  3@ d. OL &  A P" CQ @H A
=@"
=@2P
5  
KV < => % AB  
KD 5  
KV K.:8
9S ML /+
.T i
3@ & #" K  
ND Ojt ? *> N
 OB
‰? jA> 3@} :jt
=
/+ X@i
&!5 K 5  
KV /! 
T=0>
 =

$C &!P" 3@ }  

$ &B> 3@ {  
 @ J #4)> 3@ } ..{ 

h >=H 2  h >H @ h J *> N % h t


H  
KD AB+> 24+{  
+ h !4@ h PH V 2>
. AB  
KD 2
r;6 K AB+> DŠ

y0
 %9C$  h V='@ h 8P D  "  
/ 2=
3 2 ; &5> => D 4>""
#$
8P $;" 5n45
 B*;n+ 2 ; D 9CL => % T2 
@H M@ 2 Œ
$C
=> %5  
KV K.:8 5n+Š9C$  K=@Š 9C$  h V='@ <  
:€)
 …. N R …. => %ojF N jF

 @ 9B >   A+8 2> 4+V 

m" ND T$

$A +
 N !TL #" mL 2P A‹+ @i  @ +
!  .@i  @ +
! 
!s2 M !5

:
= P
=B  8
- y0

$C 5  
KV /! 
Q ? => :O=;{
A>" >

KV /! 
 0+ %
$A
=!n+ % Q=5  4> @ 2> @ A @ 2
=
 %9CL 3@ yP
&>H  !
$C 3@ <=!B"} :Š # '!
/+  ŠT 0+ r;j

$C 3 AB+ 5 
< + % &? 
2 
$C 3@ ; &>2 
s
L xB! !
{ @ ;  
/+ L B@ 3 2B5
.......
=B. + AB+>

 
&C" 3@   ="

 
/   =" Š35
 Q !i
2B oX
K EH 3@ ; =CŠ A" =C C

&!5 /+ Q/ &  C"  @ 2P 5  
KV K.:8 h
2 5 < #$
 "
}Ojt ? 3@  
2P
L + %
2  @ 2>>

KD < D & =2> s=2> /=2> =2> 5  
KV 2@ n> => D
=B5

.{
=. 
ND D N
==P} :T=0+  
 P
/+ .  /@> 4+ = 
o> T
j> N 
. e 
xB 3  % 
3@ C$0 > <" 2>>
. 

M" 2A" % $
h M m? @:Š@i

$C /+ -  "  ." }T P
L @Š   =" T=0+
] [ ML &!P %
ND D N <" 2A" 
T=5
.MB> " s2> 2@

#$
 
/   /" 2> /C 5  
KV K.:8
KD 24@
2> T" m +
*F" 3@ 3B  "  
/+ %C 8" AB5 
$;" 3>$
xB B 0 *C
.
H 

}
ND D N T P <" 2B   =" |P &C :O=;{
A>" >

<H 8
Q ? % F 5  
KV K.:8 h
@" 5  ML 2B  P & !
 N
3 % /+ H  9CL " Šj  ŠM=5 T=0> Š/!   #5"[ =>Š 
&!5 3
:T P %+ $C @" :T=05   " <" <= ->
= %
hA e20
m KD &{
H ! " E*
.q2V 20+ T P < <D

g>H "  => žK.:8


@
"  => ž  - 3@ - & /+  <
=  ML m >
. BR" B5 %q2V 20+ T P < <D :T=0 K.:8

™.>  =C 5  


KV K.:8
2  3@ †; & .N }z0+ 1>284  K.4
&A+
3@u
<" %? 9:'
<" %- =J
<" o" Š <W0
3@  >W xB o=5

L @ }3>2

$A 2P
L @ : >2> 3 |0> => 
n5 H  % B4@ /+ 4 /+ H 
.
3>H /+    3>)!
O)B
3@ 45 &;H" 2P H  }3>2

$A &

/n> .   3>)!
O)B
3@ 45 
3>H /+ &;H" 2P @ 0
=> /n> !
ND D +
}M$ K.4
&C % &? 
K0> => 
j@ /+ C

] Y & .N
3@ 3.B*4
o" }9C$> 3>" K‹+ % C$;" p Šh ." 3B"Š 
=@"   K.V
Š<=j>  Š Q +)
x+ => 
ND D N <"
2A 3>$
/
=
o" 3

.
@ ? " :T 0+ %A >H /+
= 4.> <" A /); %<=$> <=.B*4> CW %Q
! 

.K B 
?= AP 4D QNuC Q
 /+ O 4
mB

/+  > ŠU :!


$C /+ 
O2) " !  @ &C" Š  @Š U : /+ T K >
 LD % "  
/ 2V K O 
=  A+ => E*> =C Q *@

> M 5 2i



/ B> .M > 2" M > 2" :  T=0+   1B4> .2" 2" :T=0>
N T= N  D :T=0>  4> /0 4 /+ d? &A+ %o>  q4> =C 9C$> ! T
}  ND O=P

25 KD % |; 3 @" KD A 9CL  @  3@ 9CL 3@ q


" ; $;" 9CL & .N
/ B!" %9CL 3@ q
" d; $C :T PŠh
2" + 
h
25 < @ %  25 hN <" @Š
$C
@ $;n+ % 
KD B@ q  > <" x+  K8B45
i ž + ; N B" :T P } hN
:T P % + 2C
6 =A+ % hN M4:i O2
 P" ND m" = !
 :T P %/P
i
d'

s
$ m d> 0@ > B@   /nI <i ž C >D M4:i 9CL 3@ P" t @ ND m" = !

.C 8" AB5 
$;" 3>$
3@ s
L T X@i

}ML 2  |P &A+

m 2 ND hN 14" T 



$C   =" 1." @ :<==0> <; 
 P <=tjA4
 P
+
2> 3@ Q ? H
3  %   =" J+ > <" 2>> T @2P rB B  :#" 2  T!I
 
KV K.:8
K &>!?  Tj > H
h
=+ /n>  &? 
3@ %
= @W 3>$
3
ND]\:oj B 3@   /" 2  2i @ [a”:&
] oj f \ 3@\ [2Y Z \ 2if Y \ @ :5
Y Z [ B
YZ Z Y YY
.[ca:&
] KI Y Z Y Y Y :   " > s˜
j? @ [cb:&
] Ki

Y Z Y> r= Y Z Y Z \‡Y ?


\ Q F4

Z Y Y Y \Z

Q Pi
q 4D &B? #$
 %2" @  2" #$
 @" #$
 0; #$
}   2 #$
3@
.T i
-" 3@

}
$C 2    =" |P= &A+

$C  .    /" 3 @ /+ 545
= !
 .|P=4> <"  < @ |P= @ !
 N
.|P
=
$C @ ! 3  ;" d @ N d

}  &? j 
2"
L @

K.:8
M$ !;"  %E  3@ & % X
 
E
=" 3@ @ 0
=>   =" @" K2>
.5  
KV

}z0+   =" &C

 >24P
 
=)@ @ K )@
LD "
=@2P 2P hN ? s C <" B o  F &04 
. &? 
<L‹ AD V 
24P

 
/+ ' #4)> U
22
="

4> 3 Š
  # '!
o  Š @=8; 5  
KV K.:8
Q ?
2A K4 @ &'>  % -
h A  ~
j 
2 2
K e 
 %' K / V
4

$A ;W < 4 9  / 8

$A < 4 s C <  %5  
KV K.:8

./ ' 
$C :/ 8

$C T 0+ %s
H{
1 s2>  T
6 N 4

$C %' A 
KD / 8

$C / 4 + 4
9C$+
? ) ./ ' 
$C :F8
4

$C T P
T P  "Š s= )> 4

$C :T P / 8

$C *n+ %5  
KV K.:8

m @ !
T=5 > / ML < @ 
 :T P .  A$;" ' /+ Š5  
KV
.3> B †' h
LD :5  
KV /! 
T P % 4' $;v

3 4!
3> B †; D
$C N
$C  K 24B>  5  
KV /! 
†;
 !5 T2B
3 $;n> i žT2B  h   5  
KV @ h B
= %' 
3> B>
.K B

K |:B> &A+ %? 


 / 8
< 4 /+ '  
L‹+ ž< 
s
L KD &V @2 
.5  
KV 
T=5 ML < @ .N }
  F  + 4

$C

<" 5  


KV /! 
H
n+ ž >2; K 4
~=@H m+$+ / 8 '    +
M ' 
$C :B" :/ 8

$A T 0+ .1
s2>  i ž4

$C 9P  !>
} 
/+ &' q$ A
1
 5  
KV K.:8
KD = )> | LD 9*S mP /+ < / 8
3 
:T P % "  
/ U
22
=" 5
V.
$C &X@ K 4> &? 
/+ <  ! 
.ML M :T P } 
/+ q$B
/" 4

$C A4:" ' 
$C m>4
3J !
T=5 >
' /+ ; N . A B" :T P .  / 4! ' 
$C / B!" :T=0> / 8

$A 1+
C" KD 9CL %  < 4!  ' 
 !+ .5  
KV 
T=5 KD A+ m 
†'+ % A @
=?; + 
3@ C B 2P ! U
22
/" Q " > ! U
22
" > :A+ oH 
/+ q$B  &? 
3@ C B 2P :T=0> A+ @> $;n>  0+ 9R
xB  .R" @

2  ' 3@ h P$ o4
 Q/ & ~  2P C" =C †; %Q/) A @ †' N % 

. &?

<‹+ .N .Q/ #" &B N =8 N /8 N %/. > h P$  


/+  . A4
:T P &A+
/+ p O 
$C /+ B & T$ HNi
T$ T 
T$ % A @ -" T$!5 $C T$ #$

. &?  . 20> ;i

%-  <= @u


A+ / %
2>2
h Q4
<= @u
A+ /4
/4
 ž 2"  B@ /+ †'>
‰4.> 9CL  B
mA4
=> % A?  5  
KV K.:8
  A+  
KD q$B
9 V KD /n> %C20.4>  V" 3  
M /+ =C 5  
KV
" > 
M } :T=0> A? 3 2
7> B++ % t @2 †*@  LD % U
22
/"
.{ 
/+ U
22
/nI <v
&$@ q$ 3@  ! U
22

 !}' ; !}


 ;!} 
h  ; !} U
22
=" ;
L @ !
ND D N
Z Y Y+ Y]Z \ \ ]
3
\ Y Uj
TW] 6 +
Y Y 20I Y Z [ Y 
Y 
&;H" Y \ 6
Z [ 3+
Z Y Y :
 
 …i
A   6 +
.[aƒ:<


†L  
<D OX  X@i
<D!
 }5  
KV K.:8
2A /+ z0+
$C &C
.8P ;W †L= KD   &04" /  %-B

 t
F - 

!}O=;{
A>" > -  @ - 
R /*0> @ 2B 4?6 K A+ &;2> /4
4 /+ †j4> => /+ 3@u> #$
2!B
ML
$C @ d>" ./! 
!
&; > ./! 
!
&; > :#H > H A
#H  LD % 4?6 3@
 B
/A4 4 
KD . 20 9 ? =C †; % ?
6 3@  T" /+ A4 >6 &@ /+
N  
Q ? 3>" 3@ %2?  5" K 3@ :0 m
6 N  
 % t @2 h ?*@ 2>
}:@

r V /+  t
F …i
 Q 
3 4>" 20 :5  
KV K.:8
T=0+
.9 ? =C †; :m P C=n 4?j
=!CL . ?6
=+ ž*+ 9CL 3@

N %" 3 N @ 
2   <v
 o) %9CL 3@ r V /+ &F+ 9 ? =C †;
!4 K4 A!
@ •! 3!
  t
&S s
L ž) 9P K :; N %mB5 <L"
$;n d!40  <D % @
=!4P
#$
 % @
$;" #$
= 
ML !4 %
=B!
#$
1>:

.@
2 
 !'
&C" 3@ <=  N" 
Tn .@
2 
 !'
AD !
=+ = 
ML 3@

.;n4@ 8 /+ ;W †L= KD   &04 5 & %z0+ ML T=0 N

/@ )
@
2P =" A>> &.R 8P

=C Š /@ )
@
2P =" 5
&? %

Qj
/+ O=.8
.V /+ #6=
3

$C  $>
.  )
H 3@ O2 K o 8 
=?  S" : /@ )
@
2P =" T=0> Š @
2P 3
S

=B+2
=B? & @ A @ &
 S"
LD
= => %A@ @" ’=

2?
 S"
LD
= =>
}&B>
L + %3>S V >j

3
& )@ & + 20B #$
 %3

u@ + 20B #$
2
KD 9CL
 
KV < @ #$
 %9t 4 
 =
1:  @ Q
v
+ U: #$
 % A=
! @ K |0> %2
KD @
2P =" 9C$> 2

$C 3@ 1:
 ND h &B> 5
Q  
*Š B
!:; /+ ! 
K e 
/+ #H > 5  
KV K.:8

\ ] \ <= \ Z[ * "


f \Y E
$
f Y Y 3@ \ [ \ Z[I O 
f \ K ^ Y :T=0> h - Q
2 ŠT ?

  Y [ @uI Z  
Z Z [ [ Y &C
Y Y Y Y  H" Z
s4> [a:=4
] hN 0p Y \
.

Y\ Y h + .; \
[ Z ..[aaŠab:|8
] 
&!5 Y
\\
Y [ \ Y [ Y =5
\ ] \ \ /+\ <2C 
[ YY
q i
m" + ž5  
KV K.:8
g>H " 3@ h X>2 N %H A
 >W 3@ >W
3@ A @ %3B
=
3@ >= 3B!5 34 p
2>> 3@ A @ %
2  @ H
"  
KD
.> 

? KD -  ML 3@ -" =C @ 2>>

] <" . /+ &  %e 


KV 4!:; @
2P =" 9:'+
/+ 4  ) j @ 
2   ;2>
LD %P6i
2" /+ 1>:
/+ =C  4 KD h !C
L †; %T .Ri
 Q  
K4 H A

$C
B> i ž / 4. <" 2> AB :/. /+ m0+ :T P ! @
2P " > M 
:T=0 O"@ 
M 
:m 0+ . A H" + :T P .Q  

=0
 2

=0 + % 4+ 9 F
/+ Q  
<"
.<= 8
&B.>
$ C @ ! @
2P " > M 
:m P . A H" + :T P ! @
2P " >
mB5 %! 
K mP @ M @ mB5 ! @
2P " > :m P Q + :T P .m.P=4+ :T P

2  94 " <" / ] @2P" rl
$C %5  
KV K.:8
g>H " 
 >W
@2P" @ 2?"  !
 %#B 3@ < . + :m P } +
L @ :T 0+ !5 /+ 
2C 
3@
H
2 /+ / !4 > <" 
&
— %
&!5 /+ M5. h @  AB?
%3.*
3 C 3@ KS"
.8 
T" =C
$C !
 :T P %Q !  @
2P =" ‰A?n+ % !5 /+ 
2C 

 => A>2  H ? %
$C ND @20 @ 2  => CB O"@
20 <" ž8 
O ) $C
.r=.8
/+ > /0 4! 9CL $;n+ % A>2 @ j" =C  CB ND 2

s
$ LD %P
=
3@ BP=@ /+ 
& 0> <" 2>> < >{
9t 4  1: > / X
=
/+
A+ eF>  A r2C N ~
=)
/+ <=!B>
=
6 N 2   X@" FV &.R %  0> &.:

.r2C #"

.
&!5 /+ 3>2C 
H
2 /+ / 4B? ND   Mn5" ! @
2P " > T=0>

A+ .;n &{
 &'
sn: <" M K);" !/  > :T P

.
&!5 /+ OH A)
/ @ N   Mn5" :T P

.T .Ri
QNuA hN ? @i
/+ &B> 
Tn5" žA
$A ŠO=;{
A>" >Š T .R"

<= " <"  B


$C /+ 2A)45

[ <D :2
 €) M!P" :T=0+ h )C2 @ @
2P =" 204>
 > @
2P =" % B@ 9 + .€)
m!P:T P .3B!5 /+ .)45 Mi 
2  Mt B. 3@
&X@ + O"@
t . + e.
  ‰? !
:T=0> ./!8

$C /+  > O"
M /+
[8 ] <8
] Y [ Z IYYY :
<L‹ jA> N ‰? ž
&!5 /+ => <" 2>> &.:

$C
[ [ Z IY> 3@
Z Y [ 

<  ! @
2P " > :T P %
K <=!0@ C   % 4
H K  h .>H $;".[b:
]
/+ A /@" A5" pp   Mn5" ! @
2P " > :T 0+ Š + @ <=B> N h ?; B@ &>
Mn5" :T P .
/+ A &S=> 2C  AH A @ 2.4 N AB*45 !/  > :T P .
&!5
‰

= P @2  .pp  :n+ :T P. " N :T P .€)
d  N :T P .A5" pp  

:T P / X
$;" p % @
h &40+ 0R" !@
2P " > M 
:T P Ti
$;"
5 ! @
2P " > M 
:T 0+ g X
$;" p %;W h @ &40+ ! @
2P " > M
.e.
K 3@ z0+ 4![ /+ *+ ‰t R A5 Q ? h @ &40+  K@ p ~H=@

 .)> <" K > N :#" %V=


d  N !/  > :  T=P" %Q
 m:0+ : @
2P =" T=0>
/@" :T 0+ }M@" 3@ :T P %/@" :" †'

$C $; ! @
2P " > :T P % &? 
2 
.3.*
! V

Y [ /C QNuC T X@" A @ †'> 5"


<" 
3@ =? /4
5i
/C $C %3 @u
5" Y [ !! " 

.3 @u
5" /+ 5i
$C 3@ X >

$C &X@ + QNuC &X@ + ‰?!! " 


:T=0> %d> Q !  ‰A>  @ ‰C2 +
.8  
)" 8  
)" %
2" Y[
h jA> N 5i

=+ ;
=!B4+ …i
4-. LD = +2> C   =B*> !0

=4.+ = +2
=n>
.
=)C2


e 
Š = 3@  5 / $;n+:T P Š
=)C2> <"Š ML 14> |P=
 : #6=
3
T=0>
| >  %
•!>  " @ ..
$ B %Q
@ B % >=" <Ln4>  B :<==0> <= 2>
.
/ s
! @
2P " > .
/ s
! @
2P " >:T=0> / >H > H  LD Š 
$A

2!
 )
Q " N ž
T=5 1>R
$;" 
1>R
$;" 3>$

Q " C QNuC
.Q i
C QNuC <D %+
'

$;n> #$
5  
KV T=5
<=B!4> 3>$
%<=j> C N A r=; N 
Q "
./=> / ND =C <D o=A
3 1: > N #$
 /=
3

$;n %Q/ - K K0!> N K4 - K 3@  z04+ Q 
3@ Tj  : LD
.Q 
KD

B? %BP=
$C /+ 8 <" <  % !CL @ - +H p :T P .)C2
H
j+ :T P
. A 
/+ A>jB  2=
" 3.*
! V KD  9C$ 
$C †' 

.„ A@ & :T P }jB@ " „ A@":m P 4;" m?'+ E !


mPR m!
KD mJ+ :T P
n t6 20 % J A+ h
LD :m P.2A)45
20 
 #D :T P ./;" 2A)45
h
LD :m P
!4 + FVi
;n t6 <v
 %
2   !4 + ! i
;n t6 %
2   !4 +
.
2   
/+ A @ + %
2 

@ :m P .„ A@ & :T P „ A@ ".jB@" :m P .M 


/+ sQ
j 
3" :T=0+ @" †'4+
./ C L @ M$ :T P .2A " :T P }s
H"

.@B
$C  $  P <" ND @ < +

% - ND 1!> + 



$C m:04 + Q 
3@ :
Q ? …i
4-.  +H <" => :T P
.K B s !  <L‹ 2A D %<v
/ J A+
LD :m P

+ @ m?;" p } +
L @ #2":m P } >D M:" <" / V" #$
†'

$C + :T P
.3); r=V 3@ e ! =C
LD 2P =C
L‹+

}
@" >
$C @ :T P

T=R /0 p % !+ e !



$C $;" p % . 20+ 20

$C $;" &
?
LD < :m P
Tj mPŠ 
mP Q ?
L‹+ %
KD ~*> / !> ! ? K h
2 P h t P 
 $> 
A
:T=0> >2> +> ŠmP=
s
L /n> => {  945n+ ~
H 3@ &C} :K B s ! E

:
&V
= 3@ ND /) N A
%M!5 /+ h
2A :
&V
= 3@ ND /) N
.M!5 /+ h
2A
K :; N %mB5 <L" N " %3 N @  
/+ + Tn5 @ 
 :n+ 
q2V &.R
.) 9P

@ KD V= /4


T i
xB $;n D %ML 2  |P=4 3 %OX Š
Š †L  

.O=;{
A>" > D
=V

 
&C"  .V

.3> B !'@ @ %5 3 Q


f  @ : AB xB
$C %
B5 $C :O=;{
A>" >

:&>! T P p " 3 N @ A+ 1; A0; => 


A0; ! 

B5 ! S 
B5
N " 3 N @ A+
L‹+ %- AD 9C$+Š @ 7V /+  Š AD - + 9CL


A.+ % A;H ND 2" A > N M? Mj !E > :T P ?+ mB5 <L"
- + .&>!? > AD -
p ?
:T P p Š B <" 9>  | 4  
A.Š   
K)'> .2" A;2> N" m); 2P M? Mj !E > :T 0+ H B+    m. /C
L‹+
. 
3@  m.  2" A;2> N"

2P
Z Y :m P ./  . A T P p 
= 4@
  4 
H AB? 
A0; :O=;{
A>" >
.[a:<= @u
] <= \ Z 
7IY Z+Y"
Y [ @uZ
[ Y

}
LD
h AC" C 3+

O j C 3>$
 %<=B@ =F
3 C 3>$
 %<=B ; AV /+ C 3>$
<= @u
AC"
.<= @u
O=5 T"
QP
 %<= +

 
KV K.:8

=B!
 %&B

=V" %2=4

=00+ =5 
~ R" 3@ AC"
h "\Y h 
$ \ \ Y  Z \ Z [ [ =5 \ \ [ 3@
Y Y [ $BI ] Y4IY> 3@
Z ‡ Y[> T=I Y \ Z Y 3@
[ Y ZYi
Z A4
Y Z Y Y  AI Z f ]?Y [ ;2>
Z # ] :>
Y [ Y Y Y 
Z Y Y :5
:
= P !K" 3@ ND  
<=;2> /4@" & } : AC" h !@ 5  
KV T P [ak:74.
]
3@ :T P }Kn> 3@
= P} :ML Kn> < D s C <" <=84> N { }
T=5 > Kn> 3@
.{ K" 20+ / 8 3@  
&;H /  R"
A+ d !P %T=!P A d OHH@ ~2!
<"
= 3 

=" ~2!

=  3@ AC"

<Ln>  ~ Ai ž?" A+ d 6 %1 A+ d &R  %o2C A+ d  %3
 
KV /! 
 %  V" @" K N 5  
KV K.:8
@" K 3   % 
:5  
KV &t 0
=C { H  =A+ @"  d h & 3@} :T=0> 5
.{  2 & }

 
KV K.:8
 5 !
 
@ q2V   V O j
KW O8
 P" 3@ AC"
.5  
KV !;"  { / @ d+ /4 5 3 9S 3@} :5

.{ h 0@ < <D Q



s 3  
x /+ m! 6 "} :Q


=  3@ AC"

.{ h 6 @ < <D E$ 
s 3  
z5 /+ m! 6 "} :E$ 
s 3@ AC"

} AC" 3@

2" T=0> { 0; 3 3  


K" /+ m! 6 "} :AP;" m  3@ AC"
.O;v
 2
#' 1'
3 9CL : |

.[aˆ:O2
] h BR
Y Y Y h +=;
Z Y AI
Z [ ]Y <=2> \ \ Y Y 
3
Y [ Z Y ? *Z \ Y AI
Z [ [=[?[ K+ 4I
Y Y Y Y :&
 P &C" AC"

\ ]
3
TW] e \
\ Y 3+ BZ \\ \ ] \ ] /+\ <=0.
Y [ \ Z [I> 3>$

\ ] AC"
Y Y 
Y ™FZ
Y ZY 
3l Z
Y Y 
Y Q
] *

Y Q
] 
Y
.[a‚:<


< {
2> /A 
 @i
<  % 
3
=A > rB 
@n A."
=$ 3@ AC"
/ O>C /nI 5
% -
h Q
j?  
/+  
&B? %q )
2> 9 4
0>R /+
K)@ m)@
LD %Q B
A T 0> Q
=  
/+ <D ]] :T=0+ %Q
j

$A s $> =>  

<=C 
 rB  <@v
3>" :Q B
$C T=0 % A ? &X@ 3A %|V |" <=B!5 A=
Q
jA45
 %0)@ 3@ =PN  h = %oL" 3@ 2
/+ =0  A h = [[ } 
3
.>'5

} AC" 3@
@  3 @ 3 3@ AC" .=.B
&C" AC" .h
2 2" K <=> N
=  3@ AC"
. >$'+ 3

.  e 
 & 
=V % i

=V % B:

=BR" %

=)+" 3@ AC"

qH 8
!;" 
= A 5 A  3@   & /+  &? 

=!P
 3@ AC"
& M5 %  t ; O@ …i
 Q 
3 @ <" } :5  
KV q28

t ; ML q=+ 3@ %  t ; O@ Q 5 Q 5 & 3 @ %  t ; Q 5
o= \ [ [ @ : 0; 3@ 3t   T   =4@ 
{ 3
 ML q=+ 3@  
Y Z Y 3@
Z <= > Y Y
\ Z Y NY ML \ YZ Y N A5H 5
Y \Y 3@ \ \ f Z Y NY AB
fY Y
\ [ ND]\ pp
Y Z Y AB@
@Y 3>" Y [ ND] IY YX "
Z [ Y Y =C Z KH" Y Z [ [ Y =CY [ ND] ;
Y Z [ [ Y =C
Y
.
$C B)4 <" 9> [k:H 
]
= [Y

.+R 
- 3 9C$ <" 3 > N % 20 B@ % B B@ &? j 

.< >2
2
=
/ < :  44> <
2  44> 
/8B> => e 
xB <D

.m8 3@ - KD -


3  8B
KD -  N

3+
Z Y Y : AB 
6=.4 C= 4S +  
U > m!C ! 

B5 <D N" ! S 
B5 <" N"
Z Y Y+ Y]Z \ \ ]
3 \ Y Uj6

2! + N" !q !
q ! + N" [aƒ:<
 TW] 6 + Y Y 20I Y Z [ Y 
Y 
&;H" Y \Z[
!0B
<‹+ &

=..; %&>=R .
<‹+ H
j

X " %1 !
<‹+ 3.

H2?!
2!

\ \ Z ] \ [ …i

\ ] \
=[ @W 3>$ \ ] …B f   \ f \ Z KDY\
=0 5
[\ Y :H=J
  Y Y ] 2" \ Z Y Z Y Q 

Y \ Z Y Y A
Y [ Z Y ]?
Y Y Z [ ‡Y 3@
Z O.F@ Y Y
\ ] KDY\
==

[ [ Y .[ca:2>2
] -BZ \ \ Y 
&*.Z ] Y Q )>
\ Z Y 
L[ [ 
 [ Y Y 3@
\ \ \ ] &*+
Z Y uIZ [> 
Y \Y 5
[ Z Y ML
\\
[ [Y
Y [ \ Z [  B \ Z 
AI^>Y" h B?
\
.[‚a:= 
] <=.I Z [ ] Y Y <=
Y [@uZ[ Y Y

OH= žT
j
 n:'
ML   T6 n:;" hn:'@ > %9$
s
L   Q 5" 9L" !h !$@ >
/ =H @ MD !HW 3 >} :K B s ! 1
T=0> { <=
=4
3t :'
;} :
KD
p Q 
<  M=L mF = !HW 3 > %/ " N M @ < @ M .S / =?
ž J
h / s) N / 40 p > :; …i
E
0 / 4" = !HW 3 > %M .S / .F45

& mB5 /4


4 n !
" @ !
|:" @ !
" @ {O.F@ A
0 M4i
.  E=4> <" %  " @ &!04> <" Q/
.  94  <D  > m" ND  3@

.{   .S" /.F45 + h B? E=$


.S" "  A 
 &  <=J:'  D #H ! >}

3@ †=" Š   + @ @j4@Š =4


KD ?  3 !
 .
KD 2B  %
.F4 +
=
/+ D E=4> 
.F4> 5  
KV K.:8
< 20 že !
  B:
 Q 

.;n @ !L 3@ 20 @  .S 3@ =C 5  


KV O@ t @ :&P %O@ 3B!5

3 @ O 
<n + %  /8  @
L‹+ %K 
L" /+ <Lu 2
LD H==
<" :
=
p

=A)  80" !}/V B  80" !O  3@ C8P" @ !
ND D N .O8
 <
Li

./0  <= > N" 


Tn ./0 ND
$A C8P
] @!}
j 
 jt
F
Q
 #


:dD H= ? 3@ #2 ? (r=5) <‹+(r=5) 3@


=A!4
 
KD @j D (r=5)  >‹+
:&" r=5 %&" r=5

B K o=5 <= 4 N [ r= /*   "

  1B4 r=


C

 .5i
3@ .5 K 4" D K  /*   "

. A !P 3@ h !>P / @i
3" m S % A V" A0 % A
=" m4+ 2P     n

N !
 7:
3> h
2S T P AH C)

'
A+ Ki
6 @ A‹+ <2  ? K /+

n> d A ‰ K / A@ ; A  K /

2 45 &P  / @i
>V o=A
 &A
OS /+ h C 5 >"

*    "  ? o=5 2B d #$


mP=
H 2P 1+"

4'> 3A
+\\  s
$ K ?  Q/
Q *" 2A)
. > <" Q/ & mB5 /4
4 
Tn5"

.Q/ & mB5 /4


M4  + M4 KD Q
0.
sH ! 3 D A

.h 
.S h
=.  J  h  D < {  6 ? A

… > 3  <"  m!4 2P @ 3+8 @ B?


A
.h  !@ h B? 

$C &B?
A

.M ?

.>2P Q/ & K MD MD 1>:


 > A
.< 
B @ N A

% =.S MD 2!


&C" =? H= %  
&C" =? x! => C=? x A

.>2?  ?{ 

m K)@
LD %  h
=.F@ h B? 

$C &B?
A
%> 
M*+ 3@ Mn D A

.m" ND D N 
m" s8 MB B@

.......3 B
E  2
 %35
K 5 %<=.8>  OjB
E M < !5

2F> &

q 4{ H S @D . q !>{ H S @D :3 p


30>+ KD <=0 @ 
KD C@ /+ e 

. .

. A B@ xB! 3! %30>:


3>$A 7=   !
O 
$C /+

.s
;" s H /+ 2B O  
&!5 !
 %m" 3>H F
#" Š> 
– 0
A>"Š - +

5   
KV /! 

jB@ xB

 J5 3@ ."  3@   L=B % D E=4 .F4 B4 2 % 2
<D
N 2 
ND D N <" 2A" .  #H C + &*> 3@ %  &*@ + 
2A> 3@ %  "
3@ % 4@" 3
 2! 3
 2! OH A %>2P Q/ & K =C 2
 M
 %  M>
%3 B  
5" % =5 
2! h
2@ <" 2A" . 4 3 3 +R  K S N
 
KV.h .S h =P % V
h — h 
LW % 
h h "  74+ %T=0B
  " %28
 U)+
.h
X h  5 %< ‹ A 3B 4
 !V W K

:2B @"

f Y \ d.I \ [ Y Y Y #$

\ ]  
1;
Y Y Y Y O2
 Y f Z Y 3@Z  0;
Z [ [ ]Y
=0I[ ]
e
[ ]
AY ^I>Y" >Y :ŠK B s !Š K=
T=0>
\ Y [ Y #$
\ ] Y 
\ \ \ ] A?6 AIZ @\
< ] <D
Y Y Y 
Y Y Z Y Z Y \ <=Q 
] \  i
 YY
]
=0I[ ]
Y Q 
h Y Y h
X Y hN ? Y \ AI
Y [ Z @ g
Y Y Y Y ZY Y
\  
.[a:Q  
] h !PY Z [ ZY Y

Y [ \ Z [ 4I
TW]<=@ Z [ ZY"Y ND]\ 3=
\\ Y [ 1
] [ [ Y NY  0I ] Y Y 
]
=0I[ ]

=[ @WY 3>$

Y
\ ] AI^>Y" > :K B s ! T=0>
Y Y
\ \ Y ] YYjZ6Y <D
Y=IZY> * -
 Y Q/Z Y  
Y ] \   Z [ ]Y
=0I[ ]
e
[ ]
AIY ^>Y" >Y :K B s ! T=0> .[abc:<

\ Y &
f Z Y 
L f \ &
C
Z [ @Y Y o 5
Y Y [ e Y ]
oIY YY A
Y Y Z Y & ^ [ *
[ Y Y Y mB" Z Y Y Z Y 
] Y B@
Y Z [ ^ [ &C$
[ Y Z Y AIY YI
Z Y Y
.[cŠa:
]2>2  \ Y 

\ ] E
$ ] \ Y Y o 
Y Y Y 3  Y Y[
\

B> <" %


$C /+  >D / B? #$

Tn5" :    
   

\ /D.>2P Q/ & K 9@ 5 D %< 


  /+  >D
:Q @ &t @
Y[
\
Y Z Y =
#H  #H 4
 /;
4

L  KD
#H  U
i 

\
H 
3@ 2"  -BN h
H ? =+

\ 
T=P
#H f & [ 
>H 
\ KD /F8 @ mP
[ Y
\
H >H6
KD E=$
f
3  “ 04
\ 
e .
KD e=.
Y [ "
\
H 8
S ˜
H d+ 
.V
 P [~j
@
LD

\ \ Y Mn
[ o2!I] Y 2P 9) 
#H > A>H @[ o;i 

\ KD  @5 


IZP + K*P 2P
= P
#H YYI4
=> Y [
<" r2AW }& n <" r2AW }> F
@ r2A
@ } 2?"[  } 0;  :O20B
 3>2
O=;D
}44 <" %d! <" %E)

\ ] \ 
m0;
di
 \
Y Z Z Y 3Z [ ZY Y @ Y Y :&t 0
 &? 
OH !B ND 0;[ @ 2  Q 
+ #$
 N
\ \ ][ 
L[ q
6
] ] \ * <\=B:> \ Z Y 2> [ \ [" @ f Z \ 3@\ AI[ Z @\ 2> \ [ Z \ ND]\
34Z
[ Y 
O=0Z [ ] ] =C Y [ Y 
<D [ Z [ <" Y Y q6 Z Z [ \ [" @Y * <2!BI [Y
Y [ Y Z [ N YIZYD\  " \
<=B?I Z [ ]Y Y h X!
YY 
Z [ Y0; Y ]Y 4!+"
ZY Y " Z [ Z Y Y Y :K B s ! &t 0
 %[ƒŠƒk: >
$
]
.[aaˆŠaaƒ:<= @u
] >\ \ Z \ Z Y Z
E
Y 
B ^ Y =C \ \ ^ Y 
MZ
Y [ ND] Y DY N 1Z [ \ Y 
[ 

] K BI
Y Y Y4IY+ *


=@ 
=BC \ \
[ Y Y 
=0;[   i

[  Y Y = 
 @"

 - 
[ T
=C" (=
 )
[ p )
 p  @



=@ V 4+ '@ 3@
=8+ e " \ \
 m 2P )
=

\  |A 

 
[ ¥ 0>" \ \ A\[ " @"\[
LD 3
&Cn

\ Y /R
\ \ Y <"
  \ Y ] Y Y4IY+ &!

Z [ q.I [ \] Y NY [=B! +


Y [ ^
=B!4I [ \] Y h 04@ Y ] Y Y :T 0+ h 04@ 0>h R  
&B?
Z [ Y V
$C
D &5" %  "   %<W0
 Tj" ^[aƒ‚: Bi
] \ \  V \ \\ \ Y
Z [ ] Y  L
Z [ Y !5Y 3
Z
 >v  %
C !
 >v  Q ? 5  
KV h
>$ h
)!@  h
2C  N=5
"2! <" 2> 3 + "2! <" &!P 
jB
$C xB  C %
C -

jB  % !

....... +

> 
<W0
5  
KV T=5 OjB@ -"

 C #$
 % >2>" 3 #$
<W0

$C 5  
KV K.:8
A Q ? OjB@ T"
r
 &]  2B4

Y 3@ %#2C \  M 3@ %34



&! %< @  < + ž 
[

=! 4> <" <2>> 3>$


K 

Y [ 04 žo;i
 >v
B@ Q ? %
0
dJ  
KD
.1>:

 5  2A)> 9t$


KV K.:8
2A K  F †; h 
" <" : 2 @ /+ Š
Š 2"  @{
o
+ 3@ O )
$;n+ 204+ %O  K 2B> 9t$ LD  S @ =C   % F
K 5 
14 @" :Šd{
  4>Š  T=0> %
2B
h  /B0>\ <" 9t$

$C 3@ <= + %9t$

$C
[
.d{
  4> 9tL !/! > :T 0+ ./D
] 
P 5 P6h $;n !}

3@ Q !n  !'> ) 5  


KV 2@ 
T=5 ML 3@ 9" :9t$
T P
.1!5

A &;2+ 5  


KV K.:8
KD A  5  S $;" % . /
i
M> +
5  
KV K.:8
KD &;2 ž2
>
6 3@ >
6 /+ AB*> %2

.B@ ? O8
:e 
/+ oH  <" ND 5  
KV @ < + %!'
!'>

%9t$
@ 48P  $+  0+ %mB5 @ %m>" @ A &P :/
 T 0+ %A e 
4? +
 > K4  
=0 N !2 /. #$
 q2V} :5  
KV K.:8
T 0+
.5  
KV K.:8
2A K
$C &8 20 { d{
~ !

ž30>+ KD A@ @" e 


0 + %5  
KV K.:8
2A K m8 >W $C
. 
 P KD < 40@ < 0>.
 %1>:
9  ;W 1>+ %q2V 3@W 1>+

0
q 0)
pH 

3@ 9:+ % 
= @u >W A>> <" 5  
KV /! 

=n5  @ &C" <" : @ o
|8 y!P /" &!? K |8 %3.8 @  /+ 0
1. + %>W A>> <"  &? 

<" ND A @ < @ }
2 
= @W
=P2V &C }A @ <
L + %  & 0
&!
K
%>H !
&C" KD 9C$ :A @ |8 
T P .2@ " 5 %5
$C :
= P %
=! 
%C=n5 >H !
&C" KD
=!C$+ }3!
K 340+ 1.
2P 
M /+ " &C o
 %4@ 5 :
= 0+ %
M /+ 3!
K 340+ 1.
2P " 2P An C!;n+
!>H !
 O 

 @" A  04 A r$0  A  %>W .  + O8!


mR
LD !+ B

Tn
¦ \ Y Z [ 5\ [ [ >
=BI Z \ Y * 0Z \ IY4IZP
: &? 

4@ Y Y [ \ Z [> >W


 Z
==0I h Y
I
Z Y Y> <D ] Y Z Y [ 

[ Y Y 
1)
 Y ] m YY
.>H !
 O 

] 5 [cŠa:0
]

5  
KV T=5 )
 
!R '@

M 
:T=0+ )
K > < " :gB!> <" &!P 5  
KV 
jB@ 3@
<" : V /+ @ o !
T=5 > M 
:T=0+ 
K > !
T=5 >
" { gB" <" &!P  I / ‡ < h
 i /D!
} :T P 5  
KV /! 

] >
.5  
KV T P 

5  
KV T=5
KD !-
o= 


KV /! 
  :T=0> % O=! 
&tNH /+ B =" C L O;" >w /.4 " %OX  >v

!l € :.

$A H2)@ Š;Š € :. LD %  >2
† ; => 
L †'> 5 
AD 204+ %~=@2
A= m+L 5  
KV K.:8
"  A LD Š
jSŠ
3>2Š 3>FV 3.); / <D !
T=5 > :m 0+Š5  
KVŠ K.:8

3@ :T 0+ .H=" ABi 9CLi / <Ln+ %U !8


$ @ AB"  /
= @" Š3>FV
.H=B 9C$4 A
=$t
:T P !
T=5 > 3 :
= P }
jF
9 V 3@ }!-
9 V
. " :T P }
T=5 > ML 3*> 3@ :
= P

3@ X 3 Q +=


~  =>Š 2AB  Q +
h žAD H  % A.); mB" m!C$+ % C=0Rn+
A0Rn+ ž  !
T=5 > M /C :
= P } A=B!":5  
KV /! 
T=0+ Še 

.5  
KV 
T=5

 5  5  


KV T=5 2A)> 9*

T=5 M" 2A)> K4 3@" N :T=0> %2> /+ B+> %/


i
 /n> 9*
..  >W  >W
T=5 M" 2A" :T=0+ }
T=5 /" 2A)"} :9* 5  
KV /! 
T=0+ .

T=0 2? <W0


=C ž A-" @ % >v
$C @ 3  .OX  OX  >v
.{ 

h ‡ @
rB N % ' Y [ 6=  %  3@u N 1
&!0 N %+ S CN C 5 S + E=P %O2@ ?
.h
 @   N % +B@
h

+ &;2> 3 Al K E=8 @ =C % 


3@ + ;H" % A? K  h = <" = 4>""
 [ Z Y A
N 3" \ Y [ Y Z Y> N E=I
Z [ Y Y AY <=A0.I  [[P A
Z [ Y :|V=

$A
=.V=> <" <=04> C %O2
 O:P
Y [ \ Y 
C
<=+ FZ Y \Y [ &"
[ [ MJ" ^ Y Y C \ Z Y MJ"
Z Y  BIY ZYi
Z [ & Y \Y [ AY \ <=B>
Y [ Y Z Y N <
LW
 Y Z A Y [ \ Z [>
[ Y Y AY \ <8!I
.[ak”:r
i
]


KD C@ /+ e 
T
="

=> |P & %2  Q 


+ #$
 N } >v
$A 5  
KV /! 
K.4
&C
\ Y $"
\
>} :T P %y;
] 
] %oH + ^[ca:Q
B)
] 3 Y \Y IZPYi
Z M
Y YY ) Z Z Y Y :
T=P  Tj
!d 2! /  > % 
3@  ."
$0" !O@ /  > % 
3@  ."
$0" !9B / 

$0"!9:
2! /  > % 
3@  ."
$0" !r @ 2! /  > % 
3@  ."
$0"
M. #$0" !2@ m  R + > % 
3@  ."
$0" ! C /  > % 
3@  ."

=0

$C 2B xB!

2F+ .{ 2" 3 2" / F> N % J
h 
3@   / S" N % 
3@
1= ;v
xB!

2S %jt .
=A+ ž 
3@ . q 4{ A @ xB!

2S %3P KD
.5 '
=A+ % . MA> % .

.O 
<
=  =C
$C % A0=@ " A04B+ % . t !+ %2F> & 

H2 %m" 3>H F


#" -
 %<=  3. 8
#" @ M. | V }m" 30>.
#" 3@ -

....... @ N 3>H S 2" mn+ %s8@ r


 %MBP=@

2=4
@ e 
T
="

  <D %=C ND D N #$


Š   s
{  ž . 1= % . MA 4 3@ 2F+ H S @"
C <v
1'
3 OH2B4@ % CX " @ s)
¥ ." % + 3@ U=. s)
¥ ." ND  +
F 3B4> ND B N |P
=
KH" /+ % 4 3@ &?
†'> %
ND D N <" <2A)>
Y ] \ Y 2!BI
s >D Y ] \ :ML 2B HH> V /+ .. 
=B+
 .. 
=
 .. $; : &? 

[ [ Z Y s >D
†'4+ %2
/+ A=0"  &? 
K A8P /4
 B45N
3>" [ƒ: .
] 3B4 \
[ YZ Y
$C /+ 
2! > 
1
}M. MA M. 1=4+ % 
$C | '4+ 2
3@
\ Y Y [ 
\ ] \ s)>
[ ]
[
n@
 Y Z Y Y Y]Z Z ] 
Y 
 Y ] Y 20I
Z YY+   Z Y [ D] \ :s A‹+ C  <" s >D %¥ .i

Z \ Z [ 3@
I[ Z]:
[ .:'4I \ ] 3@\ ; \ ] \ s)>
Z \ Z [ 3@ \ \ \ ] \ @
f Y Z Y 3@
[Y Z Y Y+ Q 

Y Y ] Y n + Y ]Y Y Y   Z Y Y .. [kc:O2t 
]  8" Z 3 -
Y YY
m6 <‹+ % 
$C 3@ M  8 + [‚a:
] 15 f \ Y < @
f Y /+\ 7>

Y
\ \ \ Z Y "Y
[ ‡  #=AI Z
.
ND D N : C2B &P %
KD 2B+ M @ mBP

&? j 
KD 2B>  % t " /+ " % 4 &C" " % . /+ … %!8 C2" 9V" <D
% A 
 %O
KD 9C$> D %Q .)
2 3@ KD 2B>  %/.)> 3@ KD 2B> 
h +

] " C K" 3@} :5  
KV /! 
T=P 5 
h % H >H !+ %3>L=B)

.{ 5  
KV 2@ K Tj"  . 20+ T=0>  P28+

|> %O   |> %q:  |> %  ND „ &  |+ QNuC 3@ #H F


2F>
  |> N %=C ND D N #$
  |> N  %
  |> %@$  |> % @i 
T=P h 5 4@ " h 5  %  r=
-B /*40> |
 %-B> <" 14> #$
-B

\ 3@} .. { s" " . 20+ 


F | 3@} :T=0> => 5  
KV  .:8@
| [
%{ m8 "   |+ h .  < 3@} .. { 
3@ d+ …>Y  3@ %…+   
KD t

& \
Z  %3
$A …
 %M. 1= <" s >‹+ Š
2! >Š   M |
LD
. &? 

t @ …P @ 9:+ ;W KD 9C$+ % H KD † 4> /t


5D : # '!
/+  =C C
&A+ %.
h   K. :T P %
ND &. 3@ / @ 
 :T P }&. 3@ M &C :  T=0+ % >H
% >H t 
 +2+ .h
2A   K. :T P %
ND 2A 3@ / @ :T P }2C  3@ M
KD !
! %3B@ => /+ 0
$C  H> <" %2=

$A /.> <" K 2
 C$;"
P" 3@ KD AV= A ? Q ? % >H t 
$C ? C" KD 9CL %;v
„R )

/0!+ %s C KD V=  .5 2> + !


& 5 KD Q ? %
2A
h h.   / % C >D
%O. + . %9: 3@ h
H= ž!); $;" g X
=
/+ p %/ X
=
p %Ti
=

 H B <" 2>> % >" pp ;v


„R )
K -4 > s
L % + A;H"  >2
t 
$;" p
<" ND
$C 3@ < @ %  2S " 3l %  ; " 3l .& =
B 
/! :T=0> % 4P
+ %/ Pn+ 4045
/D A
žE > :T P p %!)'
/+ AB  2
 C
2
$;"
p % 2
$C F!+ A
%M /+ m" ND h
2A 2?"  %M /+ m" ND h. 2?"
.!
/+ !)'  K@

+  .
-4 > =C s C
$C A 0> %/ X
„R )
KD !)'
$;n %7>

&5>
N =C %H=B

$C $;n+ %Q/  H=" <" 3@ ; /Ci h !: H=B

$A H=" :T P %2>
/+  >H t   LD H=B
  Q ? % !:
h B> <" 2>> C" KD  9CL % ;
2 @ B>
 &A+ .
 . 
K & = 3@ %
 .   / 3@ %
ND D N :T 0+ % :5
!} 

t !+ 2F> & } :M$ K+ 


F  |> %  K> +    |> f
Z [ 2F> H S
.{ A0=@ " A04B+ .

 !+ Tn5 <D %H 0


 !+ < B45
<D %
 $!+   <D % . q 4{ 2F> ;W H S s
L
./:B

9
[ N 
=" #$
&5 ? 
h HW
Y /] Y[I 3n
] N

9*F>
[ Tn>
[ Z [ 3 HW
Y /Y[I 
u5
Y m  <D 9*F> 

 !> #$

KD n %!8 .. …
@i
3@ … .. =@i
3@ @n 9V" <D
Y \ [ <D % !+ | <D % )
E !5i
N %)
E !5i
9R p %3 8

   |
. A0=@ " A04B+ . t !+ %2F> &  %
>  /+ 2t  %
™. /+ H S =A+ %/

O8
@ e 
T
="

|'+
Y Y Y Y :  T=P >  n % . 1=+ %
=A)
!4> %
=8
s4 2F> ;W H S
\ ]
=BI!I]
 O8
\\ \
>v
/+ T P [ƒ”:>@] h S —Y <=0I
Y Z Y Z Y> r=+
Y Z Y Y 
=A)

YY [ Y Y Y ]
= " [ Y Y |;
 Z Y C2BI
Z Z Y 3@
Z
\ \] \ Y+ :o;i

/+ >H" /S &> [ƒŠ:<= 


]<=C 5 Z \ Y 3
Y [ Y AV Z Y C
Z [ 3>$
Y ‡ Y [ Z &>=I
Y * 38 ZY
/+\  5
Z [ Y Y Y @Y : C O2 3@ m
$ 2
T !? A+ 5 ‡ = % C 3@  A? $B4 % A?
\ [ Y Y
= P
Y ‡ Y [ 
3@
.[‚Šc:p2
] 38Z Y M Z [ Y * 05YYY
A+ /4
B0!
$C ND < @ & KD 2F> %2? 
s4> 9
KD e 
xB 2F>
%
 5 !5 q=+ 3@ &? j 
+ 4C" 3@ %A@ 3  O8
. &?   8

….4 %KB

 
KD  †B> %e20
m KD 5  
KV /!   o>[
hN" 2
+ %B 
3@ *+ %3; ?n d; KD |.' p %OV 3; 
.h R  h
C l %
h;W

:5  
KV ! T=P s
L.. 20+ A  3@ <D N" % A 4+ #H F
2F> ML @
.{ . 20+ A  3@ %O8
A   #$
2AB
}

&: h ?j4@ < <D %†j> N ŠH=B> + 78 > O8


s4> #$
Š =@"  94> . 

N %3. > N %&F> N  @
LD % C C 
m.4;
Ai ž1: N 20B
(.> %  
\ Y Y @ :  .F4> N %’=> N ’> N %3
 0@ /+ 3+2> N %  K8>
‡ \] <
/! Y ]
s @ ;W H S s C[aa‚:=4
]KYZ I[P /" \ [
=
[ Y = \ \ Z Z \
.FI
\ Z Y
=[@W \]
Z Y Y 3
Y ) [ [ Z Y4> Z Y <" Y 3>$

Y Y

<D %
h! h pD 9 
 % - h h
?" . K =+ 2P % 4 /+ A8
2S  %O8

+I
Y Y Z [ <" Y \ Y =I
] <L"
Z Y [ 
f  /+\ : *>"
[[ h T=0> [‚:O0!
] 3B

\\
Y ] @ Y Y
=B
[ Y

Z Y :T=0>  &?
\ ]  L

\ Z \ 3 \ \ \ Z [ N T ? \ Y v

 Y \ * T V \
‡ [ [  \ A+ \ YZ
Z Y I
 Z Y NY O 
Y Y AAI
Z Z Y 2FZ Y [ Y 7!>
[ ‡ Y [ [ 5

[ Z A+
Y  $>
Y [Y
\ \ ] Y Y4IY h @=I> <=+ '> \ \ O8

\ ] Q 4>D \ \ Y \Y
T=0 .[‚kŠ‚ˆ:= 
]  8i
 [ Y Z Y Z Y E=0Z
[ [ [ 
+ 90I
[ ZY Y [ Y Y O Yj
Y Y ]  PD
ž C"  A@ /+ 5  
KV /! 
<= >} :78
/+  A  
/ )t 
%^{ +B N +B> N n + %! " 
5
L‹+ %  3B> % =p P> % B |8'>
 
KV 
T=5 =C %2
KD 9CL Q/ & s4+  &? 
#H @ 
H 
.5

Š5  
KV Š/! 
>˜ /+ E2 ? 3 O5 o Š # '!
/+  Š &t 0
=C
Š :*@ &? K " K4 / 0: + < W 
/ " } :T=0> Š/ 1 Q !i
>˜
% 5" Ž2)> %
2C24+ %O'8  5" •X> =C
L‹+ %O'8  t P ;W ŠH2@
%Ki
O
/+ &B+ X@  &B.> o;" O@ 
$;n> p %<  H=B> 5" 78>
^ p
O8
3  > % *++ <W0
"0> &?

$C :T P }
$C @ !
< !5 :mP :T P
.{=4 

O8
3   %N"
h <W0
x+ 2P O8
s4> #$
 3
@ /8> N #$
<D @"
:9P  < <D g>2

$C &X@ h
2>2A  . %g>2

$C &X@ h  0  .  %  p
h =4 

h "] Y &? :
A B pp}
5 &? %z; 5 A A?6 m  O"@
 %<=C  C @=P
.{ 9>  p U.
K / O8
K /

<" 3@  ; % 
$@
h h V V HW 3
L" „4 <i]] : "  
/ O>C =" T=0>
.[[9> N p U.
K / O8
K / >

K.:8
T=0> M$ %
="
;n O8
K /
=B5
LD A" :30+ 
@ m 
A+ @ <=B> = %.
 Q )B
OV 30+ 
K O8
&0p"} :5  
KV
T ? 1:" p %e 
u+ h? @W p % 04+ O8  @W <" mC 20 %
=!
h = C=i
3@ A+ @ N=} :o;" >
 /+ .{    A= A qn+ 9: 3@ j AB@ /B@
.5  
KV T P  " { ML mB. >$
 Q  

ND  
/+ 3 >  = !
 !} 
s4+ #H F
2F+" !}O8
s4+ #H F
2F+"
%  O=:'
$A M < ND 2
KD C=:' O=:; 3@ + %M4 3@ †' <" =>
% :>
h . X " 
=5  =A+ ?i

$C /+ €+ 3@ 
 %?H A M mB+ %J5 M  /@ \
[
ŠO=;{
A>" >Š h
=A5 .S X " 
=5  =C

. A04B> A > 3@  @ %d. 


1=> 3@  + %H S    H S
$A+

KD 2F+ %9  " %9P  


<"  % &? 
r #$
=C :;v
@"
3@ A > %U
 "
2S  hNj @  
/+  
2B+ %3
 ? @ /8 2

T=5  V AD x  %<=


A+ C 5 Š&P &!P  L  MC Š - !0 @
  2S  hNj @  
/+ M 2B> <" %*.
$A <=*

x > T
6 N %

.m

. 
4
Mn5" /D A
:T=0> @
X
h < j
3 
2! 3 @  3 m p =C C
.2? 5 " 
/ +=4> <" :T P } 
4
+ %O=2
$C 3@ X  ! 4" :˜ " T=0+
! " 
:#H > #H 
5 2PŠ t i T=0+ %EF
OV &!P =

 5  &
%x>@ m" %
 5 !5 q=+ 3@ 
s$ 2P :
= P %2
KD /=
:Š! " 

KD /=
%9?" N p U.
K / O8
K / 5" N :T P %$B@ m"
/+ =;Hn+ %=

 5 /+ =C |8  =@ P" =B K4 A  $;n+ %2

] m!XI
[ 
[ ‡Y [> :2? 5 =C &? j 
K0 žO;i
O2
m 25 @2  K8+ %|8

] &B.I \ \ ] [ 
\ \ Z /+
^ \ [ Y O;v

] &*> \ IZ2
\ 
/+\ m
\ \ X
\ Z Y  \
=[ @W \]
[Q )>
Y Y @Y [ 
[ Y Z Y>Y 3 -

Y Y Y Y ^ O ZYY ] T=0Z Y 3>$

Y
n+ % 
3 O2
 O@ |'4> Š
 ŠVi
  =C C }[ck:C
D]
3 A.' /+ h *B A*B #jB> < Š  
3 .' /+ jB>  V" xB
:
= P Š
Š K !+ %P
=  %M4 + 2P  ? /+ sQ
j 
3" :
= P Š 

/
jB /t " 2"  @ = % >2
$C &C" xB ND / n> +  ? / 4 + :T P }M !> @
<" B> i ž 
$C 
=+ 3@ / ] <=C" B? /t " 
=. 
 % A  >2
&C"
. A0=@ " A04B+ . t !+ 2F> &  } B. > N " B. > &C %"  + 2=
@" % B.  $C


KD O=2
@ e 
T
="

}e=
K"Š  5 z> %   z> % P z+ % . sC{ 2F> ;W H S
> %3

=;D K Š A:> D A QNuC K d }o 8 
K" }H=A
K"
9  ž
 >w –jA4> %
3>2 –jA4> %3  '> % . 1" H S 3@ 
%S B!4> 2P %T KD O=H /C 3  ! C2= /.  A4 > %>? -" /C >?
!T*

=H X " @ %@ 0
=> KD A & 3@ 6 %6=

$C  <= +

B
T ? “ 0D <= > %mP=

$C /+ 
3>2 <'> 3>$
X " @ ŠO=;{
A>" >Š
T=0 3  !QNuC X " @ %e 
&*+ %e 
2  A4C"
20. %e 
- /+ o=04

.3.  A @ -F  @ 3@ %.  
Q=! :A

<" ND q . 
K" %†' <" ND m" /4
=
3@ 4!B? /+ @ †' 2F> C2" B :>
;v
†'> %<=B @ 4B5 @ 94  C2" †'> %BP
=
3 <  LD BP
 /0>
:T=0

E 8i
m  {
 @ E 4 \ ] 94
\ 3@ 1!> 
[ [ Q 

.= N  5 $;n N =0


/
=C %K B s ! 
&?

/+ hX@ Š &? Š 


3>2 >'   .8
H=> %
3>2 ' ;v
2F>
/+ <2> <=BP>
=
6 N 3>$
% 
3 /A 
 rB  @i
T ? %!
T ?
.h P; => & <=P'> QNuC %@i
O   .5

 &? 
KD
H= %
KD <H=B45  " <=B 4 <D  &? 

=0
:QNuA T=0
:&t 0
T P @ ŠO=;{
A>" >Š T=0 3  %CS 3@ <  

$C m >

\
<
2
[ \[ /" =
2! =  4u; / A m

/4
3
- +
= B 3  K0" @ / < A

&P  C A.  h P  H @ &'!  /t :



]
LD

&t  MA? 2! ?2


T P . m" d) A

^ T P

T6 C sCH <D #2? d. > @L O 


<D 6 =@ +

.. #" . 
 >w Q
jA45N
<D

M /+ =
<
L @ } A+ + 
m
L @ } ABP=@ <
L @ % s=! BP <=B
A+ *> %2!
A+ 2!> # V /+ 6 .@ /+ %
O2 /+  >2
3@ <=?'> }BP=

%<=+B /4
E
2
ND AB@ @ %d)
O
 m  .0
 /+ .
<=B:0> %2!
 / $

%2? " dn+ 2? K T !+ T=!  P %/ 


3@  /+ C2" <D K4 ~=
A V"
/+ .
M /+ A=B:0> 4@ = t B!5 %~=
O2 3@  " P" %T=!
3@ *. +
. .0


…=' %K4  4 %g>2  1>:


:0
= B :T=04+ A @ =@ =0 
$C 2B
%Q 0
2  3!?" N % =:
h 9S" QNuC t
0 >" @ :
= P }
= P
L + %<==0>  9B
/+  .8
 H=5 %H24> H24>  
 % 4 V 5  
KV /! 
<= B>
\\
Q ? <" A @ < }A @ <
L @ [ƒ‚: >
$
] <=S R
Y [ Y =I
 Z YP C
Z [ & Z Y Y YY": >i
$C
Z Y 
=V
=I
!5 q=+ 3@ C. 3" %BP=  !;" 5  
KV /! 
KD Q 
3@ !'

\\ \\  "
\ \
Y [j\ AIZ Y4
* <=t Z Y 4
Z [ Z [ =5 Y Y ] \Y &P
[ Y Y  >W Z [ 9BI
[ Y Z YY …=' Y ] \ 3=0I
[ [ Y ] [ D ] [ [ YY AI
Z [ Y4ZYn5Y 3J
Z Y Y :
 5
\ Y Z  [. \
. A0=@ " A04B+ . t !+ 2F> &  [ˆˆŠˆƒ:=4
]  >D Z [ Y \ 2BI Y Z Z Y Y 2P Z Y
$4BI
[ Y Z Y N

% 4JA =2> %   =2> % 0 =2> %


2= KD e 
=2+ % . 14B 2F> ;W
?" 3@ y0 > N ?" &X@  <= + %T *
 
#2A> % 
3 KA > %rB  @n>
 \ Z 
 <=
[ Y@uZ \ Z 
 ..^{ B 
 3@ M ; h
2
 h? M 
#2A> <i} :Q/ ML
[ Y Y [ @uZ [ Y
Y [ \ [ Y O ] <=uI Y [ \[ Y 
\ Y Z Z[ 
3 \ \ Y [ ZY xBI \
<=B:> Y Yj
Y [ Z [>Y O8

Y ] <=0> \ Y <=AI
Y Z Y Z IY>Y rBZ [ f Z Y [Q "
[ Z Y   <@n> Y Z Y A*BI
Z [ [ Z Y
.A." 14 /+
2S %A."
=04" [ka:=4
] [ 
] AI Y \Y [ [ =5
[ [ [ Y Z Y5Y MJ"
]
Y [ Y Y Y 

. A0=@ " A04B+ . t !+ 2F> & 


20 
@ e 
T
="

…4B> %
Q *P 3@ z'4> % A A> % . 1=+ !8 E 8> % H /+ ;W H S s
L
 @  3@u
K0 % ?2
mB+ m!4
@ K4@ 9t 8
<"  @ %
2P K
/+  V{
&B+ % H /+ ML E 8> %3> 8
@ 
<"  @ % > :'
3@ J:;
. >H

\ Y
&B 
<
Z!?[ 3>2
O P   @  ? f & ^ 

…4B> }E >  :T=0> !8 E 8> => % !!


h 20.> => %Ki
@28
28> @2  T=0>
=!X
 &>=  =2> %2'
:> %9
1)> %
Q *P 3@ z'4> % &? 
K
@ >H ; 2P 
LD % !! ; 2P 
L‹+ %T=0> @ K 3@u  t
 %=@i
t -
.< 4!8@ !8

L‹+ Š@
 + B

TnŠ !!

B5 @ } D H  p 3+H[ m 4B5 &C }9CL <D m@ H=B5 &C :O=;{
A>" >
.<=A4)> @ 3 A  & 2P %=!0
/+ <= A@ %H=B> N 9CL #$
%M$

#$
=   
/*0> % ?
h h ! ! ?6  m %|
E ! 3@ E  =C C
%  mj+ % A 3@ …i

’> <" KD O 
$C /+ d. & K K*0> <" 2N
/+ 5{
3@ d
$C %@ h h @   3 !4 mP" %pn %m  D %!8 
&? 
KD =@i
?IZ[> %!8
2  < {
m!X> <n @n> %!8  @n> 5{ + %Q/
.

&@ 
 B

$C  ! %@
h h @  2  d %!P 2  ; 3B*4 mP" } A @ < @
: A T=0>  >i
3@ => /+ AD †; + %/ ! h@ h @  m? HNn m!CL % 
 %2; 3 C2" B@H 7 % >i
3@ h @=> HN" KD †'>  %8P @ " %m "
" %B  /+ V.
 4S
D %AD - N %A!P @ AD †; = 
 %AD †'>
. A  A  & AD ?  C /4

ND D N T=P " %! " %O25

2.4  % A4 KD H  % A4; E R" $;"  B



$C KA4
@ 2B %&@ 
 B
2B
&C :T=0> |4A> | A LD %'
E R" mB?   %36 
Q
j? A %mj? A" ND
.
=!0 +
=J> & %
20+ @
2? @:H> ;W | A
LD }
20+ @
2?

3@u
A>" > M + %H=B> N ŠO=;{
A>" >Š 9C$> #$
%A= KD
=B?+
=J>
.!8
ND E 8

}5  
KV @ <
L @ % @ @D !! 2P =5" 5  
KV 
T=5

$A  5  


KV   @24+ % >2> 3 => 34 
•!> => C
D 

D  %E
/> @ ND T=0 N %/ ! 3B
 %<j> 90
} :T=0> }T=0>
L + %&.:

. 2P =C E


/> @ ND T=0 N %{<=j C
D > MP
.

T=0+ %* D &5 % *4N


  /+ %;i
~j 
/+ A 
<n   o2D D &5
&?n 2  „ &  %K0" @  %$;" @  %944 !84+ C@} : 45" #$
A=5
.K B s ! K0" @  $;" @  %  { K@

 t
<D K4 h @  3B" 20.> !! |5=> ž2! O$+ 
20.> 
 E=0B>
\ ] \ \ /‡XI = "
[ Y Z Y Y 
KDY /jZ 
" Y ] \ T P
[ Y Y [ Z Y D Y Y }= ) N" :T=0 %   @2'
…B D Q ?
.
KD =@i
H@ [ˆ:|5=>] <=BI \ ] 3@\
Y [ Y Z Y N @Y 
Y

. A0=@ " A04B+ . t !+ 2F> & 


j 
)!> 
=B+ %
2  A!4+ !8  E 8> % . 14B 2F+ ;v
@"
Y \Y [ * <=B?
\ Y\D D
Y [ \ Y  \\ \ [ Z4I V"Y
LD \ ] * 3>\ \ 8

Z \ Z Y Y MJ"
A Z ] \ Y ] D] \
= P
[ Y !8@ Z Y Y Y \ 3>$

Y [ AI Y Y ] ) \ ‡ YY &?


Y \Y [ Y  \ Y
<" # '!
7V /+ ^[aƒkŠaƒƒ:O0!
] <24AZ Y [ YZ [ 
C
[ [ MJ" Z \ ‡Y 3@
Y Z Y Y A Z 
=VYY

LD #2  Q
j? 3@ 3@u
#2!B @ :&? j 
T=0>} :T P 5  
KV 
T=5
% 
ND Q
j? 3@  @ ^{  
ND !4
p 2
&C" 3@ Š ; "Š .V m*!P
.O=;{
A>" >  
Q
j
B

:T P .B :
= P ŠM$ " 
Š}#2! 3
4*!P : t T=0> 
<"} : #$@4
2 
s2 :
= P ŠK B s ! " =CŠ }T P
L + :T P .B :
= P }2! O$+ 4*!P"
m =5 % 
/+ h 4 
= 
:T P Š<=B?
 D D  D % 2
:T PŠ ?45

.3> 8
Q
j? =C
$C {  
Q 5 /+ 1+i
/+  F
#2
9 =  =A+ ž2

:A + %
=!4
 %
=4+ 9t 8
=!V" <" A @ < h 5 " :(> 4
  L 20

T=0+ % @2P /+ !84+  v


/n => O %!8 /
&X
ML % j
3 O
%94" !V" :T P .! 
3@ AB:0:
= P .94" !V" :T P %20
:0 :Q !Ri

=B Q !Ri
Q ? %< B4

:T P %  2? KD #45 A" o" H
6 @2 
 ; 3@ h 5n T  : 
= P Š2'@ s C < @Š C 
Q ? % ? :P <2>>
en  !CL" /   @ &0 ! " ; 3@ en :T P %:0
" 2 + %M0 9C$> <"
% !

 >W @ m!5 %/V /+ m;H %n=
LD 3  !
 N }; 3@
.<Q ) @ /?
=B+ +


<" <=B> % <=B)'+ <=8>
= => Š   !P 1B %
#2> 3 |P K4 = 
/+ %  h )F@ z0> %Q @2
rj  % ?
=B:0+ %    <=n+ ŠAC=? &!PY\
%9C$> 
 %9C$ ? %2
 <W /+ < 4!8@ %=+ 2@ 

H d+ -
$C
M 
/+ sQ
j 
3" %M? /+ sQ
j 
3" :  V"  T=0+ % 4)S 3@ 1.>
m <D %m:" 20+ $;" m <D E % h R  h
C l %
h;W hN"  2
:T P % 2@
%
h;W hN" 2
M+ %
2
 h $;" r
Ri
3@ B" / 4:" %m+  20+ m4

\ ] )
Y \  8

3> \ ‡ YY :h R  h
C l %
h;W hN" 2
M+ %
2

h $;" HNi
3@ B" / 4:"
\  Y A Y \Y [ * <=B?
\ Y\ D
Y [ \ Y D \\ \ [ 4Z I V"Y
LD \]

Y Z  Z \ ‡Y 3@
Y Y A Y Y Z \ Z Y Y MJ"
Z 
=V Z ] \ Y ] D]\
= P
[ Y !8@ Z Y Y Y \ 3>$

Y [ AI Y *
.[aƒkŠaƒƒ:O0!
] <24AZ Y [ YZ [ 
C Y \Y [ Y
[ [ MJ"

&.R T 0+ %&.R s C < d


&;H => % M
2! 3 2=
d@ &;2 9C$>
:T 0+ %ML + % ! 
2P 9$ ND  V" @ O E V" 3l" @ : 2= 2=

/!P K4+ m V" 2P ND 


3@ !8@ / !8  /" "

@ .- 4!8@ <‹+ %A K4>  % B



$C /+ 9t 8@ &C" 3 
=X
: 2=
T 0+
. &? 
KD @" …=+ "
=

@ :T P %.'
K =;H" $;n+ % 2=
8P Q
 K" h >2! h?
2?=+
=?'+
}s!; @ M4!8@

/ EjB+  >i
3@ @=>
h mJ? %/ @ h
2 hN @ X " K S" &? 2! /  /+ < @ !
 :T P
m0 %#H
=

$C /+ #2%/ @ %/C" m  % " Q
 m!C$+ %&{
3@ :P
AB)4P + &5 Q ? %9@ N ~
H A d 0 E
;  >2

L‹+ %:0  2 %34
%2A@ /+ T
6 N %O /+ 1B@ FV &.R ND 1!>  %M> @ &  %  S %0 žA
] p :T P %<=B?
 D D  D :mP %#2V KD 4 D m!C$+ :T P
3@ B 2
- + %78> &.:
=8 LD ŠEj #$
:0

$C ND  1!> Š  m0+ %OBi

ND /0 @ %d" N 2 N &C" N T @ N  1!> + % + /+ 


LD %$;" 2P 9t$

L‹+
HR" B!

$C Q
 m0!+ :T P %r '> + B@ 
< 3@ 3  %&{
3@ =
$C
N %2 N %&C" N %T @ N %d" Q
8
/+ m0!+ #8 Kn+ ? / ++ %Hi
s!;i MD mJ? 3  %   h mJ? @ !
 % C MD mJ? %9! N %d" N %8
\] \ ] )
3>$

Y * 3>Y \  8
\ ‡ YY : h
@" 
K*P
LD <=> %
Q *0 <=> h 5 " 
H ! 3@ <"
\ Y\ D
Y [ \ Y D \\ \ [ 4Z I V"Y
LD
.[aƒˆŠaƒƒ:O0!
] <=B?
Z ] \ Y ] D]\
= P
[ Y !8@ Z Y Y Y\
Y [ AI

. A0=@ " A04B+ . t !+ 2F> & 


<= :  <= 8> t " 3@  p: /$A
9>˜L =" %o;" pH  Š *>"
h Š  $ <n en N
 n d. 4> p Š&? jŠ 
2> ?4+ %2
 => /+ A <==> %2
 => /+
:T=0> %/B
EHi
/+ /p

" 3@ m %ML 2B

+2
[ Z [ N m!P" [ 

LD A  +
H"
Y <n mV
[ 20

. f
[  N  & m." C .l" m!)"  

LD

\ Y\ \ /" A>


[ Y Z Y YY N C2
9>
*B*" [ \ [" 34@ ) #2

!2F> & 

H !B
l @ e 
T
="

3!
] Y Y Z Y NY :
T=P h 5  %
H ! - }„ #n . MA> % . MA ;W H S s
L
f \ C;uI
\ \ Y Z Y =I
[ Y ZY Z + y')
<" h 5 4@ [c:C
D] 8i
[ Z Y Z [ [ ‡ Y [> D Y [ \ ] &BI
Y ] \ <= -
[ Y Z Y> 
\ Y Y 

] Y h+ S ]
% F
q=+ =-
O=H +> 
<" h 5 4@ %E  
3 A  d =-
O=H
3i
> => %
3@ 2A 
3@ :P.{ 3 2B = M8i !/? /j} :T=0>
2  2i =
<=+8  N !/? /j }<! 4
3>" }< !
3>"} :T=0> %3>;v

=C 2"  A? ? 6 > 3 {  l =


$C 6 > N !/? /j %-@ 2"
K < = K4 -
Kn> K B  !5 T2B
=C @ K B s ! 
y40> K4 % l
Š A" A!8S n Š  
/Š > B@ KD = )4+ O"@
n 2>6 3 2B5 =C C .+
@24+ % A" m!84S
Mn M mH
20 :T=0+ Š A" A!8F> <" 2B5 &X < @
:T=0> 5  
KV 
T=5 mB5 20+ %ML &B+i m @ !
 :T=0> % =
/" *4+ %T P  " .{ 3
" !5 3@ @ 0
=> P=R …i
3@ ! 2P l 3@}
Kn+ L m <D %s
$+ PH V m <‹+ % A' KD /' % CJ KD #J % A" KD
%o N …i
$C /+ 9C$ % C8 /B> 
Q )> . A" /+ C
H" % C8 

.&
r=? /+ 5 /4
=-
O=2 >H4@ J!
/+ z04+

%
=l %
! %
=FR <" ND A @ < @ }A @ <
L @ 2
< C 2A /+  @
!

3@=- y40> <" &? j 
Q )> => %*.
 9C$  C=8P
=R AD K4 %
! 
&40>
= + %.'
A 
z+ %O 
$C /+ 3@=- 04 > %O 
$C /+
jB
2B ! 4" :T=0> 2 => /+ t " 2"  &;2> %C! 3> %&40> 3@ A @
=-@ O=H !/  > :T P .N :T P }#2 N" :T P %E
4
K 3
/+ m!V" K F

.t  A  
d A   %&
r=? /+ 5

%= N  5 $;n N #$


=0
/
/? > D %3    N % > N =-
3 
3 = 

) > <" <2>> 3>$
K %
H ! K l 2]? ŠO=;{
A>" >Š e 
xB
&? 
KD 2B>  <D 
0
dJ  
Š !5 3 3>H 8
3@ =C LDŠ 
2  + %
H !
.

K 3  Q#? %z:0


K 3  ~  % 
=
K l z5 Q/H :;W | V @"
$A pH     Ln5 % A4P /+ 3 .4> % A40> %   A52> % A+ g!B> 2 %E 

 8i
< : 3@ :t 
h &;H 5  
KV /! 
<"} : @ 7V /+ : 
=

/! 
3@ E40+ ŠB!
~=@H Š = 3@ =@H r$ ?> /n> B! LD Š< 4Š
/ : 8i
3@ K4+ T P }B!

$C 3 :5  
KV /! 
T=0+ 5  
KV
/D  20 % A!B4 AB !}
A @ /4

2
$C /+ 
14 @" :T P %
T=5 > "
.{ M @ /P> @

!}M @  4 <" :4 N /C A-4+" %M 


C'5 A

K   Q +  >i
3@ h @=> Q ? &?

$C %E= 
oP 3@ >P /+ +" ;W &?
9C$> => &  %/ 4
=
/+ Q + %H:+ % @ & n+ 5!

$C K 20 %  5
] =>Š / 
3@  /+ $;n+ %5!

$C 3@ & n < 4!

$C KD H=B>

!P
@ mP
H  => % B:P
h B:P K4 m.5i
K  K)@ %/ =C   : Š !P /+ &? j
> %+F
$C /+ >  P p %#)
2!
$;n+ %…=B!  Q/@ 4
L‹+ % 4 &;2
%O
 s C m2P U !8
OQ D @ %U !8
Q/*> <" H
" p %2!

$A Œ4@
K4
. &? 
K0>  >" pp 2B % 4Pn+  +F
mB4 +

. 4'
3  4'> <" % 4  >D @ B> <" 
Tn
@ #$
< {
-> 3    +!O=;{
A>" > ! l  
=
l :O=;{
A>" >
}&? j 

Š t ! 
E 4 /+ /!C$
 L % ! @ 3 9C ML  L Š8P  < S R :OX X@i

g!  >i
3@ h @=> m?; %80
|; h ;= m !+ &? j 
ND A d 6= Q ?
ND @ < + %80
- @ =)> Ž= 

$A LD %8P /+ †.4> &?

$C Tj + % AP6 3
=>Š Q + %=@2A+ %=@2C
:T P %
$C ND M N 6=B:
= P }Ž= 

$C 3 :T P <"
%
KD A>2> mB++ .S :

$C :
= P }/;= 2C 3@ :m P %2A@ =C
L‹+ ŠQ ?
N !/? /j } : + 3@ K 80

90+ }m" 3>n+ !t S " m <D !E > :m P
.{  l =


$C 6 >

+ @@
h   4B? %/. K -
m@ /D !#H ! >} :ML <=B> -
m >
.{
= -

2>> % 
3  A > %rB  @n> %Q
6=
3@ h
>6 78 > 
KD O 2
3@ &? /n>
ND / V  N D A
:T=0> % >2> ++ %2; K : :+ % =@ 2>> s
L %  
$;u %2> :0 %8P 3@ $;u>  >" 2B %#2; :  2> :0 <" E > Mn5" %m"
:< :
K 94 >  0+ %
2>
h + h
2 h
2>R 3
/+ => % 
=@"

/\!+ \
Z \ / > m  / > > ‰
f [O$ O 
2B d

:/ !> < :


K 94 >

9>P
[ xBf 3@ xB!

Y <] ‹+ h *B M + M*B  @ @


LD

f \ C;uI
.[c:C
D] 8i
\ \ Y Z Y =I
[ Y Z Y Z + y')
[ Z Y Z [ [ ‡ Y [> D Y [ \ ] &BI
Y ]\ <= -
[ Y Z Y> 
\ Y Y 

] Y h+ S ] 3!
] Y Y Z Y NY

%T2B !+ V ; <D %T2B !+   <D %T2B !+   <D %


2"
h -> N % . 14B :2F> ;W
A r=; N %3
3> 3 = 3@  @ K @ 0
=> <=:0
} :T2B !+ 2C  <D
.{ <=j> C N

. A0=@ " A04B+ . t !+ 2F> & 


3>2
=
  i
V @ e 
T
="

&AI
Z Y Y+ : B
 &4 2F> % . 1= 2F> %  :0 2F> }2F> 3>" K‹+ :2F> s
L
\ ] Y \Y [ *  @ "
] AI[ YBY Y 3>$
\ Z Y Z /+\
2.I
[ \ Z [ <" ] Z \ 4
AVn+
Z [ ] Y YY [ 
[ Y MJ" [ ‡ Y [Y …i

Z [ Y Y Z Y
=B:0I Z Y 4=I
Z [ Z Y Y <D Z [Z Y Y
:m P B  m0B Šm!p  Š 

1; } ..[c‚Šcc:2@] C 8" Z [ Y Y Z Y K"
Y Z YY
3@ :P" <" %MV 3@ &V" <" 3 N" :&? j 
T P %B:0
3@ M $t B
 0@
$C
.{ m K :m P }MB:P

 <
$

2
 ž >2
 1B :2F> A*B %
B:P AB:P 3@ %
V 
&V 3+
< {
Q
j? /n> p %K  < >B> %o <w-> %!) < =>  >i
3@ => /+
\ Z Y \ Y  
3>2
=Z \ [ >D]\ ND]\
2!BI
Y [ [ Z Y N"]Y M
Y ^Y K*P
Y Y Y :T=0> 
 M>2
 1B" %  h
=> %8 B5 
&> => % &? 
OH ! @ AP !}[c‚:Q
5{
]h  D \
YZ
i
m C" \ [ %e 
xB 2  Ei
5
S ‡[ %o> N > N 4 > %o> >
$C &>

  Q 2
 %u)
6= %d 
! ND  + %5{
E ! 3@ X = /+
. &? 
2B H=? /+ h !!5  => % A @


KV K.:8
T=0> .3>2
=
z'5 /+ &? j 
z'5 %3>2
=
 /+ 
 <D
q=0 %  s
{
:T P %
T=5 > K:
= P }t ! 
! n  J!" N"} :5 
.{ 3>2
=

f 3@ O=H 3@  % 4@ 3>2


=
O=H %H N ŠO=;{
A>" >Š 3>2
=
O=H
m0" 2

.
;" 2=

$C H 2B5" o;" O=H   %
;" 2=
H

B" A> O6  LD :T P % O8! I M @ 3 d" 2  3@ m?; :   3 < " T=0>


<2Ai 
 %. B" ND 6 ? 2A)> N % O8!
q= > => @ :m0+ :T P %.
}&?

$C @ :T P
=A4
@2  = +2> <=!C$> %Bi
QNuC Q
 O"@  LD %O6 
$C
3+2 ?n45
%O"
M &5 :
= P }<=
3>" }B" ND +2> N &?

$C >  @
.&?

$C

!
@" > : A mP %m?'+ E !
A mPR % A4 m;H K4 O"
Q
 m!C$+ :T P
9 
 %
K8 % . K +@
h < %/ 
D :m P }=
=4 +H #$
&?

$C @

LD :T P %B :mP }OH B
/ 3>2>" ! @" :T P %=

 5  m => % 0=

M>2> /B+
p %=@" <" 2B #2; K M@2P /B p %2=4
 /  0+ O +=
/ *
N :T P p %< @ @ <  :m P %  … + %  
 m@" /D A
:/=P %
KD

L + :T P %B.
mB.+ %/6 ?
2A)> 3+ %/ 8 <=B> A‹+ %/= h
2" #!'
=V mB5 % 4 +H <" 2B 
 :m P }M *> @ :mP :T P %m *+ :T P }’2
.z; 5 N /
] < !*S S % E K m@2P M=2 ! @" >:T=0> |4A>

= %Q/ & ML /+ $ = A!  <" KD † 4 3>2
=
O=H % 4@ 3>2
=
O=H
.ML < A O=2
$C &!5 /+ „ & $ = % ?j
$ = %Q i
$

ND O 5 3@ 1.> N %/V B


 =A
/+ MA @ E  %EB
2  q=0B &X@ ! T6 @
$C 3 | > <" @ 9:> %
KD =2> =" %O$ KD O$ 3@ %o;" O=A O  7:>
!B 
 45n 30B4 %m!
3   |+ % >i
3@ @=>
h :+ #=> <" %/V B

:T=0> %!B 
 45n 1B4> %m!
KD > %  =2>

\ 3@ EP
2B \
f 3@ @ A

[ Y Y …"
Y
=B:P 2P † 

[ K" D 3@ >

#2 3@ 3 > /0 ◌Z $'+ \ Y Y 3 2> N T6 @


$C
[ /00
[

2>\Y  2=>[  e20 \


] 3@ > ! ? f @ &
Y M @ T= ]

.3>i
! ? &)+

.OX ML K X@i


 %H N 2
=
O=H % 4@ 2
=
O=H

 H N 2?  < :T=0> %A 1p" 3>$


O=;{
2" /   %P
=
3@ hX@    L"
<n  >i
M /+ 5 2P Ei

$C <  :T P %m*@ O4+ /+  F h 
 =" <  %O=H
%|l=i 9CL" % F
s" :T 0+ %>P /+ =C %e 
|l=4 
=" 74+ # B
M

K0" <" 3@ / ; %  rV" %|l=" 9CL" <" 2>" ! 4" > :T P " KD 9CL
:45" N 
 :T P .9CL" h
LD T P .M <LW N :T P % C > 3 g
% F
$C Q

r ; 9C$+ :T P  &? 
KD &
z5 /+ A?" A5 ND M / @ 3  %MB @
.# B
M
/+ T=;2 <2+
=4> e 

LD h @ >" /0 %9C$> <" :4> 

 %E !)
3@ =@ @ m!CL %/
? 2"  F
m:n+  >i
3@ => /+ mJ? :T P
++ :T P %m!CL 2P / " / X
=
/+ ND /"
!'>  m!C$+ %O
$C /+ Ln45"
%A  =C KB>  LD %2B |t :
KD
=8>  1>:
/+ C    &? 
KD >2>

=;H $;n+ % C" KD 2" K"
$C %&> N
$C :
= 0+ % |t :
KD 
=!C$+
 LD Š 5
 L" <" 2>" NŠ +B> B> n LD %m!
Q + /+ &;H => %2
 K
.K" M m;H Š
Š #D :T P }98>  " /  > A
E V"":T=0>

ŠŽi

$C T=0>Š    P %O=2
$C  ~2>  " H %2 %pn4+  =;Hn+
/n> %2 E V"  pn OX 3@ / !>:T P %2 8 H> <" 
KD ~*> %/ !> =C
2P ND .
R @ :T=0> .Š&? jŠ 
=2> %/8> H=B> p %    d+ D
N %rB@ 
H 2? %rB@ 
H 2
 %rB@ 
H &? =C .<  h
8 H 
. 5
 L 2>"

Š 1>:
  4 ž t
H
h >2>" /+ AB <" 9> % A!  <" 9> 3>2
=
O=H <" A

O=V %P
=
3@ Š *>"
h Š =V /C %X " X " J
=8
3  % 
KD Š
<L‹
:h *>" E= 
0: @ /+ mp2 :

3
 % @" % 4?6 &? %< *@ ;W /+ =@ / Q ? :T=0> / / > 
C=@ t 

$C 3
AB@ %Q 45
 Q  K i
m  :T P %/
=;H
Q + :T P %&?

$C
% 4?6 Q ? %9 
/+ m.P $;n+ Š3N i
2  3N
3
 % C2 3
Š &?

9CL 3@ h
2
 h  ; $;" i
m@20 :T P % ."
h 3>) # > @ 9C$
3@ $;"
.® t @ #  4P

:&
9 V T P h ." 3>)B
+H => % ."
h 3>)B
+H E 
+2 Q ? @2  :T P
:T P Š6=B
$;"Š M@" $;" #$
 '

$A :T P }Q/ #i :T P %® t @ /0
. :
K  @ C2> 3@ $;" %9CL 3A d jt B

4!n+ %O 


KD m?; A>2> 3 
$;" % A88S m <" ND i
3@ < +
3  % A A 
M <" K ND 8> 3   ?j
 % 2  3@ †'45 AD :m P % 4?6

$C l #" .h ." 3>)B 4?6 /:B> %t  A &'!> A 


%mP
L @ O

3@ mP
L i

!}O=;{
A>" >

%
2"
h m @ !CL m! N 
 :m P % AD  9CL % '
$;" 4?6 4!" @2  :T P
.
M@ + %/. /+ .
$C m40+ %e 
@ 2B
=>  U+" <" o=5 2>" m @

!}O=;{
A>" > QNuC 9C$> 3>" KD

/+ &; %4
/+ &; s C <" K T2>
$C %r" @ Qj?
$C %P
=
3@ =V $C
 &A5 ND 2! 
~ R" @ 
 % 
=:@
h 3N
7!8> %&'

$C UVD 3@ 2+ %=!

.]@ 
3@ h*+ %K B L‹ 4@2; K =0>  =2> h  V h
2


> % @" Al K %
 >" /+ 3.t :
2" r=:> :O=;{
A>" > - 3>2
=
1
/C } A0 A4+" /
" ! 
2! > : 
2!BI T=0+ Š A  
/Š  3 
2!
@ %OHN=
 0R 3@ O2
 0R . A0 A4+" @ %OHN=
 0R 3@ 0R N :T P %/@"
. A0 A4+"

Q
j
  &? 
<L‹ h
 2? h
 =
m:" @ K4@ P !
%3>H !
%
!

.h
2" M -> N %&B
d ? 3@

h @=> $;" p % @ &@


] K4 @2'> 
 |P=+ % 4
h ! 
3@ • ? <" 
&C"  $>
:T P }/  > M @ :T P %O'V KD  Q ? %Q
8
KD  †; %
H Al K  >i
3@
}/  > < {
Q
j?
$C" :T P %M4@2'  0
:45" N %M @ m@ %ML" <" 2>"
<" s + :T P %O'8
M 2  / L + /4P ND m" <D :T P %M4P 3@ 2N :T P
3@ Q
j
< <‹+ .O'8
M 2  /" mL 20 :T P %MLn5 }M " $C <= 
„A5 %< @j
M 245 :T=0> % AX@ /  > M %O'8
M 2  / L + &B
d ?
. A0=@ " A04B+ % . t !+ %2F> &  O'8
M 2  M$> 3@ M 

q=+ ;2> %&? j 


8> % &? 
!+ %  &8> % >2
 ! 2F> ;v

.{ AV  mB:P
LD 3@ &V
=
3  %„+   &V
=
d} : B . 
ML

>H  /+ B@ mB % 


3@ 5  
KV /! 
m;" ’ 
m  Q )
/C C
 h @  3B" 2B % >D /C 2A
/+ m
6 N /C B@ mB % |t :
/+ 2B5 / 
A @ < + %  >2
/+ =C h ! hN=5 7!V" 984
2P 5  
KV K.:8
<n
<" 2> % |t : I 2B5 /  >H  3@ ~ 4@ 3@ $;n @ & jA? % A
 jA? <" ND
.s C KD 9C$ % .0
 /+ .
:0 %5  
KV K.:8
A;" KD 9C$

LD %@i
@" 2> %=
‰>  >2
† ; 5  
KV /! 

LD mV =>
}m" 3@ :T P 5  
KV 
T=5 K T=;2  / <$t
:T=04+ A /04> BI
/ 4B" % 
3@ 5  
KV 
T=5 m;" ’ 
m  Q )
" :m P
. >2B
  >D

% @ s ~=@2  = mPP4+ %5  


KV K.:8
!;" <" ND @ < +
 P %
V  $ %
0
 $ % B
M  $ %=
 $ % A 0  P
! Q  > M hC" : A T=0> p % @ 
h 3B" 2B 4;i Ži
q  %
h  h P  A0 B> % C 0
%d)
3@ A-> p %  @ /+ 5  
KV A> p % A 9> ŠT=0>  "Š
.s C AB 3 % C2 &C" 3 % AC" 3 An> p

<" mJ <D ND %/=@ =


 %/  O 
mJ <D : Q  > T=0> 2B + C'> p
% AC" KD ? <"  4; + Š5  
KV T P  "Š '  mn+ %MCi /B?

V /+ hX@ 5  
KV /! 
E* ž AC" KD H  %jA? @ A jA+
O 
&B? % Al %  @ /+ A?" <" @ < } @ <
L @ % Q )
3   B
. A    B %Q/ & 3 C; % =@ =
 %  

\
} &? 
<=0> 
Y }A 
=B:P %AN ;
=B:P %A A@"
=B:P 3>$
3>n+

. A0=@ " A04B+ . t !+ 2F> &

 $
@ e 
T
="
%  
 Tj 4 % t
. %
 $> % $
 0 KD H S ž< >H S <? e 

 ND
$C &X@ + &? j 
 L 3 …B@ ;W %2  3+ 
 $> %
 )F
3>$
\ \ \ Z \ <=
\ ] \ [
LD \ Z > N 3>$

\
[ Y ] E=I Z ]Y Y Z [2 ]  L\ Y \ :&? j 
T P
Y  L Y Y Y O;v 
Y Y [@uI [ [[P 6n
Y Z Y [ 
Y [
LD Y
Y [ \ ZY Z Y C
.[ƒ:@j
] <)!4> \\ [ 3@\
Y \ H
Z [
LD Z

OH A)
@ e 
T
="

Še 
AH !4> P j
OH A m!V" => Šj
OH A 2A)+ % . MA 2F> H S
 
KV /! 
<"
= @  %e 
9 S <
=  $C %
h6 M 2A" h
6 / 2A

.{  
 9 K4  @ 3@ j
2C  =0> N} :T P 5

q6
@ e 
T
="

#$S %
 )@ %
 B:+ %

q6
3 g!
/+ . MA :2F> ;W
] <D % @ &!0>  T 

$C 3@ q28 <D %
   @ %
 B %
 
Al Q
 .;
@ { h @=> 3B" @ &!04> @ +=? /+ 

0
r$0 &?
<D} : 
KD  h
H
6 <
* 
} :<"
= @ % 5
F =5 =45
 % 
/+ %e 
3@ xB!
• ML
5  
KV K.:8
M$ !;"  { @" &?
7 > <" &X@ C H":!B <=B!5
3 T2 % 5
F /5 %R ]  ] 
 { 6 3pp m5 3@ 2"  CH <"} :!;"
Z \ 
\ \ @
L ] \] ] @ %e 

<D ‡ 3@ Y Y Y [ Y Y Y 

=0I[ ]

=[@W
Y /0 Y 
AIY ^>Y" >Y :&? j 
T=P B5 n
Y 3>$
\\ \ ] 3@\ E \ [ Y Z Y
=B.I Z \Y * 3\ \ Z 4[ Z [
E >
L 3@ [ck”Šck:O0!
] =5 [ Y Y 
Y f Z Y
=Ln+ [ Y Z Y 
Z Y <‹+ Y @u@ [Z
2!B

$A + N " ND   &@ B4
/+ 3 >  = %A."
=0" 3@ 
2 !} =5 

.h
?
6 M$ K.  O=H

)@ %T B:+ ŠOH  /C ŠT


0
3 g!> % . 14B 2F> ;v

. . 14B 2F>
$C % . MA 2F> s
L %T  #$S %T

M 3>" 3@ : n> p %O2


 0 @ & n+  B: S n> Š  
/Š  =" =C C
 <" ND @ < + ! A  3p .C 
/+ A4 A  2P m  A 3@ :T P } B:

$C
<D !
 :T 0+ %=@+ %m?; @  †' H  %& " @ †'> <" 2>> + /+ B!VD
>"} :T=0> 5  
KV 
T=5 mB5 /i ž A4?;i AB@ / ND †' 
.{  K"   + m5 3@ m! 

. A0=@ " A04B+ . t !+ 2F> & 

3
…
" @ e 
T
="

T=P h 5  %A S /+ A4A!> A 4F> ž


H ! K   z+ . MA :2F> s
L
:5  
KV K.:8
T=P [ac:

] h *BIZ Y  *BI
Z [ [ Z Y 94FI
Z YZ Y> NY :K B 

:m0+ C2V AC=? A <=)'> e  3@  .l" A 


=P" K @ / † =>}
T P  " { A
" <= n> %e 
= /+ <=B0> 3>$
QNuC:T P }&>!? > QNuC 3@
.5  
KV

 
A? 3 
H+ 3
…
" 3 H %3
…
" 3 +
2 2F> ;v

.@ 0
=>

. A0=@ " A04B+ . t !+ 2F> & 


KV K.:8
T=P h 5  %> =
 %   e 
3 H +{  . MA 2F> s
L
.{    
&;2> N} :5 

.2  !5 3@ i


 " K ?n+ e 
3 UV› 2F> ;v


Q F
@ e 
T
="

\
3@
Y Y : &? 
@ #$
%3? 
Q F
~  !P /0> % . MA 2F> s
L
Y \Y [ h
jC \ f Z \ F \ ] &!5
\ ZY \ 
\ \ Y 3 ] \ [\ g>2Z
\ \ 
=AZ Y #4)>
E
$
 Y Y A
Z [ Y MJ" [ [ C$'4I
Y Y ]Y>Y  Z Y &* Y Y \ Y Z Y 3@ \ ]

Z Y e

=P" /4@" 3@ 3= } :5  
KV K.:8
T=P >  n  [ˆ:< 0] 3A@  \[
ML @ % A
=n =A
NW ? r6 B
 .{ r6 B
 '
 >
 
<=4>
B* 
=@n %5i
&44 %5i
(.44 = KD ;2 % 
=@" C
2 '
#4)
A % A <8!> N 3" A % A <=A0.> N E=P A %00 A @ Q i
†'+ % = /+
. Bi MJ" % A <=B> N <
LW
%  @2 % !P 3+ % !P ~0> &? j 
  %
 >W  2F> ;v

M@ 2  %<2  ? /+ 3B
=
Q S %Q F

$A d Q S  
;2> %  :>
.240@

. A0=@ " A04B+ . t !+ 2F> & 


&5 %3@n N % 4S
 %2A4?
 2?\! . q 4{
2S 3@ + .O !B
$C /+ T=:>  

.M >H K /!P m!p ! 8i
 E=0
90@ > :T=P 3@ X " % 
K4  !X


A@" 3@ & KD O=H %M O=H &? j 
A@" ! AP !>D . sC{
2S 3@ >
2 
KD 2 %< @{
3@6 /+  
3@ M4!P M. s + /+ H  %
KD 2 :&? j
Y [ \ Z [  B \ Z 
AI^>Y" h B? \
\ 

=C [‚a:= 
] <=.I Z [ ] Y Y <=
Y [@uZ [ Y Y ] KY\D
== [ [ Y :&t 0
=C % h h 
= 

\ \ Y Z Y45 +
Z \ [ [
.FI
A=$ ]
[ Z Y Y 

 L Z [ Y [ ZY"
=l
[ Y Y A.I Y \ Y
=BI
[ YY "Z Y h) + Y \ 3>$

[ Y Y+
LD \]
Y Y :K B s ! &t 0

\ \ Z C˜
[ j? MJ"\ ^ \ [  ] ND]\ E=$
\
Z \ ‡Y 3@
A Y Y Z [ Y Y Y Y [ * <=BI
Z O.F@ Y [ Y Z Y> C
Z [ Y
=BI
[ Y Y+ @Y K
Y Y
8> Z Y Y [ 
Y [ ^ .FI
[ Z Y> 3@
Z YY
\ \ \ \ \
\ Y 3>2 ;Y  AIY ZYi
Z A4 \
B [a‚ˆŠa‚ƒ:<
 TW] 3@ BZ Y Y 
?" [ Z Y B
Y Z Y A+ Y [ Y \ Z Y 3@ \ Z Y 
Z #  ]?YY
N M @ < @ M .S / =? / =H @ MD :HW 3 >} :&t 0
=C %C˜
j? Q
j

/ 4" = HW 3 > %M .S / .F45


p Q 
<  M=L mF = :HW 3 > %/ "
&  2> z!>} .. { O.F@ A
0 M4i J
h / s) N / 40 p % > :; …i
E
0
.{ AF@ 3@ d)
: K4 %&
Q/@ E=4  A   2> z!> % A 
Q/@ E=4
.S" /.F45 + % B?
h E=$
.S" " % A 
 &  <=J:'  D #H ! >} :&t 0
=C
:g>2

$C  D K B s ! !*S 4 m0!5 3@ =C %K B s ! 
=C .{  
% C2 mB % C2 K A
 O"@
/!
3 5  
KV K.:8
KD /!5 Q ?
C2 2? @2  %
$C /@
$C $;n % C2 3 HNi
3 g! % A!P
> 
T=5
/+ C2  R $C <"} :  Vi 5  
KV T=0+ % C2V K 4 $;"
3@ + .{ C2= $C 3@ H !B "  :T P % : N" :4 /C %
 N :
= P } 

.M4 
:Q/ & mB5 4

. q 4D /+ H F O=V

. CL 0{
2S 3@ ž . q !>{
2S 3+ %<H F

2S 2P O=;{
A>" h
;"
. A  >D / B. > <" 
Tn5" %O 
$C A 4;" O=V $C

Ap
2" m Š
-. &>=:
2" ()
pH 
$C ’
2"  LŠ E !)
3@ E 
E !)

$C %  &? j 
B 2P r @ %3Bi
 3pX
3 E  … >
 >2@ /+
% 
 <=  %†j4> <" Š&? jŠ 
Q )> % 6 K " %; en K ND   > @
/.4 5 Š&? jŠ 
KD ?5 Š&? jŠ 
KD H=B5 " †j => "
= l
N :T=0> %

3 g!> 9C$> 4?6 s4> <  %

3 >2> 3 #$
T 
 Q ? <" 2B  V" @ 2
= <" <  %; en K " % 6 K ND / 
3@   "
/+  A 
/+ %Q=
Q P @ &  %
2"
h 
 N /C m %
2"
h 
 m + %.R
.h
H  ND C " rB N C 3@ @ '
mF %P
h ND 
 H  + % 

Š5{
E !
2+" 3>$
ŠQ=
Q P @ 2
= <" ND / 
3@  /+ @ < @

H
" => %A  |'4> <" &? j 
Q )> %'
E K
=B4> <" K
2
=

 %A2? + O>  > A  g" m!C$+:T P A  |'4+ % . 14B> <" &? j
 
] }; en E" N / 
3@   " | :T=P" /  %A+ h ! ML < @
$;" 9CL %B'
+i
/C ž;W ~= 3@  * >2 %;W Q=5 3>P KD 9CL C2>
 X
 
/+ /4 KD mB? :T P %.

$C >˜ 3@ dD /4> :T=0> % B;
[ [ +
~=@H ^{ }  .Sn+ .F4@ 3@ &C} :T=0+ K B s ! E
A+ Tj 4>  5 /+ h
% 
M /+ 
); 3@ AC=? K q
A A." q 4D <2>> 3>$
3Bt :

. 
M /+ /V B
<=B> A.i <=0=
<=V B


6 A

$C A+ +S m;2+ :T P %< 4t  C
L‹+ /4 
 /4?j - m!
m;H :T P
=P=@ ! P B 
=@n >4) ML @ %3
= 2+"  : #$
=>2.
6 A?
LD :T P %o" 45i K0" %6 A
/+ B" &;H":T P .  K4@ " 
% = /+

L‹+ - :T P } 


$C /+ /
] &;2> 3@ :mP %m.; m)CH :T P %74.IZ [> E ! 
!
1
#2
 > M 9 :T=0 %5 P 
- %OH  
-  /D
] -  %OF8
/4 
/C
m0+ :T P %/ /+ m0 } A 3@ } A0:" 3@ :mP  m)C2+ %mB? p :T P
.t  A@" %t  /C
L‹+ AD -

! " 
:#H > #H  LD %~ )
/+ C" m?; %6 A

$C m.P" mB? :T P
Q
2 

$C 5 => Š.
OV Q
2 %-
M /+ 3+ F
3@ X @> Q
2 Š ! "
n= % 

H m;H %m!C$+ :T P %2
KD E C$ /. m 45 + :T P
T 0+ %O8
mA4
 :T P %Q !  .
25 @2  % @{
@ m;H %m4S

? #n %O25  A+ 25 @ 
= 5 !5 :T P }/;" > M !> @ :/!  #$
/! V

jB+ Š  /P> ? #n %O25  A+ 2>  
= 5 !5!
ND D N Š / /PN"
 @ /+ /0 %2
3@ e 
†; % 
h h 
= 2 D 2 % E
= 
:T P %
$C
. t
?  $ % t *+  $ % =L  $ %†'> 

T   : % 8  : 7 V  &@6 K &;2+ % @


H KD 9CL %
2
mP < 
:T P %M @ +" #$
S ?= MD !
:T P  &;2>  LD %7+" + 
KD 2B> <"
MD &5" #$

2
:  T P p % 4 
@ 480 !;" %9 #!; %- #n! <D
%M x!0 =
M@ MD &5>  %E i
E ND A0:" @ 
=+ % A0:" M4 

.rB /4
 
K m"

K8@ KD 9CL & %m!


KD 9CL @  m!
KD 9C$> <" H
" %9CL <Ln45
p
OV mP /+ &@j

$C Tj %O8
KD - q=  %/8> /0 % A+ &B> /4
Ot
2

h - h P= / <D !/;" > :T P }U 4 9C$ " }M @ :T P %/8> @ @"  LD %A-

!}/ /PN" ? #n %B   A+ mB  @ 


= 5 !5 %O8

9C$> %Q )B
OV 2B g>2
r
R" L 4> <" K @6 @ 2
=4> % 4 KD 9C$>
%m @ M4 
:T=0 / ! Ž8 4?j LD m!
KD &;H %
2"
h 4 
o" + %m!
KD
\ #2
 > M 9 : A4 0@ HH>  A > HH4> %Q !
3@ . +
% @j &84> p !
1

V @2  :T P 8B
OV A
=V <" 2B %O!0
KD A <=!C$> % A=F> /n>
%2

$C *>"
h s2=@ :  T=0> n  % C2 /+ AB M4 
$; : @6 T P O!0
KD
: 4 ? K :0 =@H 2
/+ AB* &;H p % >2> 3 4 
$;n+

:04+
[ &
[ U A  C˜ @ 3B
3@ #> #$
d
‫ & @‪%/4 
3+H" N 
 " :3+2
* 3@ ? K " 3>j =8 T P % B@H 3‬‬
‫ ‪.= 
/
" #$
= 
3+H" /‬‬

‫‪.>
=F
 *
/+ < <" 2B >
2A
= " %  <L‹  &? 
KD H m !
$C‬‬

‫‪14B + 
KD 2B  :Šr
ML   %„:'
ML  Š !r5" 3@ > !n:;" 3@ +‬‬
‫"‪. .‬‬


‪. >2A <" %  #2A <" %  o2A
 <" Mn D A‬‬

‫> @‪N A


%M4 R K =P m!p!E=0
90@ > %M >H K =P m!p !E=0
90‬‬
‫‪. @ Q A.
&B+  $;
u‬‬

‫‪.......MD E=" s.F45" %m" ND D N <" 2A" %s2 A


M !5‬‬

‫إياك والتلون‬
‫فإن دين واحد‬

‫لفضيلة الشيخ‪ :‬علي بن عبد الخالق القرني‬


‫حفظه ‬

‫تفريغ‪ :‬أبي الوليد المغربي‬


‫منتدى فرسان السنة‪:::::‬خير الناس أنفعھم للناس‬
‫‪forsanhaq.com‬‬
‫بسم الرحمن الرحيم‬
‫إياك والتلون‬

‫وواضعه‪ ،‬من‬ ‫ِ‬ ‫الحمد ‪ ./‬الحمد ‪ /‬معز الحق ورافعه‪ ،‬ومذل الباطل‬
‫حمدا لمن أسماؤُ ه‬ ‫يھدي فال مضل له‪ ،‬ومن يضلل فال ھادي له‪ً ،‬‬
‫ُكملة‪ ،‬ال إله إال ھو له‪.‬‬ ‫م َ َّ‬
‫اآلالء‬
‫ِ‬ ‫البقاء‪....‬م ً‬
‫ُكافئا ترادف‬ ‫ِ‬ ‫ً‬
‫حمدا دائما كثير‬
‫قدرا‬ ‫ثم الصالة والسالم تترا‪.....‬على أجل العالمين ً‬
‫السلف‬‫ْ‬ ‫الشرف‪....‬وصحبه والتابع ِ ْ‬
‫نعم‬ ‫ْ‬ ‫أفنان دوحة‬
‫ِ‬ ‫وآله‬
‫قمرية على الذرى‬ ‫وھتفت ُ ْ‬
‫ْ‬ ‫ما لمع البرق على أم القرى‪....‬‬
‫}ياأيھا الذين آمنوا اتقوا حق تقاته وال تموتن إال وأنتم مسلمون{‪.‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫األنوف‪ ،‬وشامة الصفوف‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫فيامن أحسبھم ُ َّ‬
‫شم‬
‫أجمعُون ثم ج َُمع‬ ‫جمعا ُء ْ‬ ‫ياقانتون ساجدون ر ُّك ُع‪ْ َ ....‬‬
‫ويامنيبون ّأواھون ومن‪.....‬بكم ُ ْألحق واألھلون‬
‫مني سالم ناطق عن بعض ما‪.....‬في القلب من فرط الھوى إن‬
‫وُ صِّفا‬
‫بانفتاق‬
‫ِ‬ ‫كالصبا مرت بروض‪......‬تالقتھا الكمائم‬ ‫َّ‬ ‫سالم‬
‫ترنم حادي اإلبل بكلماته‪.‬‬ ‫فالسالم عليكم ورحمة وبركاته‪ ،‬ما َّ‬
‫الغير‪ ،‬وجعل فيما يرضيه‬ ‫حماكم من ِ َ‬ ‫حياكم وأحياكم‪ ،‬وحمى ِ‬
‫والفكر‪ ،‬ومنحكم ما ال عين رأت وال أذن سمعت وال خطر‬ ‫آمالكم ِ َ ْ‬
‫سنن‬ ‫على قلب بشر‪ ،‬وأرشدكم لما يُرضيه عنكم وثبتكم على َ َ‬
‫الرشاد‪.‬‬ ‫ِ‬
‫عبد ‪:‬‬
‫ذكر اإلله به تحيا القلوب كما‪....‬تحيا البالد إذا جاءھا المط ُر‬
‫حيث يُذكر ذاك موطنك‪ ،‬انصب خيمتك‪ ،‬واضرب األوتاد‪،‬‬
‫واعقد األطناب‪ ،‬وارتع في الرياض‪ ،‬واكرع من الحياض‪ ،‬وكن‬
‫ذاك الذي يصدق فيه‪:‬‬
‫فصيحا إذا ما كان في ذكر ربه‪....‬وفيما سواه في الورى كان‬
‫أعجما‬
‫جعلني وإياكم من الذاكرين كثيرا‪ ،‬من أعد لھم مغفرة‬
‫وأجرا عظيما‪.‬‬
‫عط ُر‬‫فائح َ ِ‬ ‫أكرم بقوم إله العرش يذكرھم‪....‬عطر َّ‬
‫الثناء عليھم ٌ‬
‫معشر اإلخوة‪:‬‬
‫لقاؤنا الليلة‪ ،‬في ظالل وصية‪ ،‬عنوانھا المدون‪ ،‬إياك والتلون‪.‬‬
‫إنھا وصية نفيسة ما أحوجنا إليھا في عصر من سماته إثارة‬
‫الشبھات‪ ،‬وتھييج الشھوات‪ ،‬ولبس الحق بالباطل مع كثرة فتن‬
‫وانحرافات‪ ،‬إغارة على أحكام استقرت في نفوس الناس من سنين‬
‫َ‬
‫إيمانھم ذئبان جائعان فغدَ ْو في‬ ‫وأعوام‪ ،‬من بني َ ْبلعام‪ ،‬من نھش‬
‫ِعداد األنعام‪.‬مناداة بإسقاط الواجبات َكـالَ تجب في المساجد‬
‫الصالة‪ ،‬واستھانة بالمحرمات‪َ ،‬كـالَ بأس باختالط الشباب بالفتيات‪،‬‬
‫وسماع األغنيات‪.‬‬
‫تھوين للطاعات‪ ،‬وتزھيد في القربات‪ ،‬وإغراء في المحرمات‪،‬‬
‫حور بعد َكور‪ ،‬وضالل بعد ھدى‪.‬‬ ‫تلون وتقلب وتذبذب‪ٌ ْ َ ،‬‬
‫ما كان معروفا باألمس صار عند بعضنا منكرا‪ ،‬وما كان منكرا‬
‫ً‬
‫معروفا‪.‬‬ ‫صار‬
‫تسفيه للعلماء‪ ،‬وتقديم للسفھاء‪ ،‬توثب من ال علم له على الفتيا‪ ،‬في‬
‫وخبث سريرة‪ ،‬ومالك القنوات والصحف ينفخون في‬ ‫سوء سيرة‪ُ ،‬‬
‫روعه ويلمعونه ويقدمونه على أنه ْ‬
‫حبر األمة‪ ،‬وعالم الھداية‪،‬‬
‫فتجرأ الرويبضة بالطامة‪ ،‬وتكلم التافه في أمر العامة‪.‬‬
‫الميس‪....‬وھبت العنز لقرع ْ ِ‬
‫التيس‬ ‫وطاول البق ُل فروع َ ْ ِ‬
‫وصار من ال يساوي نصف خردلة مفتـ‪....‬ـينا ما ربحوا دنيا وال‬
‫دينا‬
‫حادوا عن الحق واتبعوا الھوى‪ ،‬ومن أطاع الھوى ھوى‪.‬‬
‫أعماھم الھوى عن رأية الحق وإن كان أبلجا‪ ،‬وأصمھم عن سماع‬
‫صوته وإن كان عاليا‪ ،‬وأخرصھم عن التكلم به وإن كان مبينا‪،‬‬
‫وكذا الھوى يُعمي ويُصم‪.‬‬
‫الھوى ما الھوى‪:‬‬
‫أساس كل فتنة‪ ،‬وسبب كل بلية‪ ،‬إنه ثالثة أرباع الھوان‪ ،‬بل ھو‬
‫الھوانُ لكن سُرقت نونه‪}.‬ومن أضل ممن اتبع ھواه بغير ھدى من‬
‫ {‪} .‬أرأيت من اتخذ إلھه ھواه{‪.‬‬
‫أبدا على المدى‪.‬‬ ‫والھوى والھدى ال يجتمعان في قلب عبد ً‬
‫كان أحدھم يطوف بالبيت وأطلق نظره في امرأة‪ ،‬وأتبع النظرة‬
‫النظرة‪ ،‬ثم مال لھا يريد الجمع بين الھدى والھوى قائال‪:‬‬
‫واللذات ُتعجبني‪....‬فكيف لي بھوى اللذات والدين‬ ‫ُ‬ ‫أھواھا ِّ ِ‬
‫والدين‬
‫فأجابته إجابة جازمة حازمة قاطعة قائلة‪ :‬دع أحدھما تنل اآلخر‪.‬‬
‫دع الھوى تنل الھدى والعكس بالعكس ال يجتمعان في قلب عبد‬
‫أبدا‪ ،‬حتى يجتمع الظب والحوت‪ ،‬والماء والنار‪ّ ُّ ،‬‬
‫والثريا‬ ‫ً‬
‫وسُھيل‪...‬كيف يلتقيان‪.‬‬
‫ھي شامية إذا ما استقلت‪.....‬وسھيل إذا ما استقل يماني‬
‫صاحب الھوى ال يثبت على حال أبدا‪.‬‬
‫كشاة عائرة بين غنمين إلى ھذه مرة‪ ،‬وإلى تلك أخرى‪ .‬بل كريشة‬
‫ظھرا لبطن‪ ،‬تراه في أقصى اليمين‬ ‫ً‬ ‫في أصل شجرة تقلبھا الريح‬
‫متھورا‪ ،‬وينقلب فجأة فتراه في أقصى الشمال خانعا‬ ‫ً‬ ‫طائشا متعجال‬
‫ذليال جبانا ِ ْ‬
‫رعديدا متلونا‪.‬‬
‫كريشة في مھب الريح ساقطة‪....‬ال تستقر عل حال من القلق‬
‫له ألف وجه بعدما ضاع وجھه‪....‬فلم تدري فيھا أي وجه ُ َ ِّ ُ‬
‫تصدق‬
‫شرا‬ ‫ولذا يقول المقداد رضي عنه‪} :‬ال أقول في رجل ً‬
‫خيرا وال ّ‬
‫حتى أنظر ما يُختم له به‪ ،‬بعد شيئ سمعته من رسول صلى ‬
‫عليه وسلم‪ .‬قيل‪ :‬ما سمعت؟ قال‪ :‬سمعته يقول‪} :‬لقلب ابن آدم أشد‬
‫غليا{‪.‬‬‫القْدر إذا اجتمعت َ ً‬
‫انقالبا من ِ‬
‫لنسيه‪....‬وال القلب إال أنه يتقلب‬
‫وما سمي اإلنسان إال ِ ِ‬
‫إياك والتلون‪.‬‬
‫ھذا أبو مسعود األنصاري يدخل على حذيفة ابن اليمان رضي ‬
‫عنه قائال‪} :‬أوصنا يأبا عبد {‪ .‬يطلب الوصية ممن ھو لھا أھل‪.‬‬
‫فحذيفة صاحب سر رسول الذي ال يعلمه غيره‪ ،‬أسر إليه النبي‬
‫ُعطى السر إال لثقة‪ .‬ولھذا‬‫صلى عليه وسلم أسماء المنافقين وال ي ْ َ‬
‫يوما‪} :‬ناشدتك ‪،‬‬ ‫المحدث الملھم عمر رضي عنه ً‬ ‫َّ‬ ‫قال له‬
‫أعدني رسول في المنافقين‪ .‬قال‪ :‬ال وال أزكي أحدا بعدك{‪ .‬كان‬
‫الناس يسألون عن الخير ويسأل حذيفة عن الشر مخافة أن يدركه‪.‬‬
‫ھو أعلم بكل فتنة كائنة بينه وبين الساعة‪ ،‬حفظ ذالك من رسول ‬
‫صلى عليه وسلم وأدركه ووعاه‪.‬‬
‫قال أبو مسعود‪} :‬أوصنا ياأبا عبد ‪ .‬قال‪ :‬أما جاءك اليقين‪ .‬قال‪:‬‬
‫بلى وربي{‪ ،‬ونقول‪ :‬بلى وربنا‪ ،‬جاءنا كتاب وسنة رسوله صلى‬
‫ عليه وسلم‪ ،‬ما تمسك بھما متمسك فضل أبدا‪.‬‬
‫حق الضاللة أن تعرف‬ ‫قال حذيفة رضي عنه‪} :‬فإن الضاللة َ َّ‬
‫اليوم ما كنت تنكر قبل اليوم‪ ،‬وأن تنكر اليوم ما كنت تعرف قبل‬
‫اليوم‪ ،‬إياك والتلون فإن دين واحد{ إياك والتلون فإن دين ‬
‫واحد‪.‬‬
‫نعم!المسلم الصادق متمسك بدين مھما كانت الضروف‬
‫واألحوال‪ ،‬مصدر تلقيه السنة والكتاب‪ ،‬منھج واحد‪ ،‬ودعوة واحدة‪،‬‬
‫الحالل حالل‪ ،‬والحرام حرام‪ ،‬المعروف معروف‪ ،‬والمنكر منكر‪.‬‬
‫لو جاء من جاء والشمس عن يمينه والقمر عن يساره يشھدان له أن‬
‫الحرام حالل وأن المنكر معروف‪ ،‬قال بفيك الحجر‪ ،‬إني على بينة‬
‫من ربي‪.‬‬
‫الز◌عازع واألھوال والباس‪....‬لو مادت األرض يبقى الشامخ‬‫على َّ ً َ ِ ِ‬
‫الراسي‬
‫معشر اإلخوة‪:‬‬
‫ونحن نعيش ھذا الزمن الذي تعاظمت فيه الفتن‪ ،‬ما أحوجنا إلى‬
‫تذكير أنفسنا وإخواننا ببعض وسائل الثبات على اإليمان‪ ،‬حتى نلقى‬
‫ في أمان واطمئنان‪.‬‬
‫ْ‬
‫ولتجأرن بالقلب واللسان‬ ‫خذھا أخي في غير ما تواني‪ْ ....‬‬
‫يارب ثبتنا على اإليمان‪......‬ونجنا من سبل الشيطان‪.‬‬
‫أوال‪ ،‬الوصية‪:‬‬
‫أخا صالحا واعيا مدركا يعظه‪،‬‬ ‫من قيض له في زمن الفتنة ً‬
‫يذكره يبين له‪ ،‬يثبته ثبت بإذن رب العالمين‪.‬‬
‫فو ما ما ُل الفتى بذخيرة‪.....‬ولكن إخوان الثقات الذخائ ُر‬
‫ھذا دَ ْيدَ نُ أصحاب رسول صلى عليه وسلم‪ ،‬يأتي الرجل‬
‫ولعل عليه مخايل الغضب‪ ،‬يارسول أوصني‪ .‬قال‪} :‬ال‬
‫تغضب{‪ .‬فكرر مرارا‪ .‬قال‪} :‬ال تغضب{‪ .‬قال الرجل‪ :‬ففكرت حين‬
‫قال النبي ما قال‪ ،‬فإذا الغضب يجمع الشر كله‪ .‬انتفع بالوصية‬
‫وحال‪:‬‬
‫ياقلب إن ملت إلى غيرھا‪....‬ما أنت إال في ضالل مبين‬
‫ووعظ رسول صلى عليه وسلم يوما موعظة وجلت منھا‬
‫القلوب‪ ،‬وذرفت منھا العيون‪ ،‬فقال‪} :‬يارسول كأنھا موعظة مودع‬
‫فأوصنا‪ .‬قال‪ :‬أوصيكم بتقوى والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم‬
‫كثيرا‪ ،‬فعليكم بسنتي وسنة‬‫ً‬ ‫ً‬
‫اختالفا‬ ‫عبد‪ ،‬فإنه من يعش منكم فسيرى‬
‫الخلفاء الراشدين المھديين من بعدي‪ ،‬تمسكوا بھا وعضوا عليھا‬
‫بالنواجذ ‪ ،‬وإياكم ومحدثات األمور فإن كل بدعة ضاللة{‪.‬‬
‫ھذا السبيل إلى الثبات‪.....‬وذا الدليل على الھدى‬
‫وذا شيخ أھل السنة‪ ،‬اإلمام أحمد رحمه ‪:‬‬
‫إشراقة الحق في عينيه ساطعة‪....‬وفي مُحياه نور الحق وضا ُء‬
‫ثبت به الدن يوم المحنة‪ ،‬فنصر السنة‪ ،‬وقمع البدعة‪ ،‬وبواصيا‬
‫من يعرف ومن ال يعرف ثبته كما أخبر رحمه ‬
‫للجناح‬
‫ِ‬ ‫ً‬
‫جناحا‬ ‫فكان ثباته للقلب ً‬
‫قلبا‪.....‬وھيبته‬
‫وأنزلنا خارج‬ ‫يقول‪ :‬لما أ ُخرجت إلى الخليفة وصرنا إلى الرحبة‪ُ ،‬‬
‫البيوت مما يلي البرِّ َّية‪ ،‬فعامة من كانوا معي ناموا‪ ،‬وبينا أنا أفكر‬
‫ماذا أقول إذ مددت بصري فإذا شيئ لم أستبنه‪ ،‬فلم يزل يدنوا حتى‬
‫استبان فإذا ھو رجل عليه ثياب األعراب‪ ،‬جعل يتخطى المحامل‬
‫ً‬
‫تعجبا‪ .‬قال‪ :‬أنت‬ ‫ُّ‬
‫فسكت‬ ‫حتى صار إلي وسلم ثم قال‪ :‬أنت أحمد؟‪.‬‬
‫أحمد بن حنبل؟ فبرك على ركبتيه وقال‪ :‬أنت أبو عبد أحمد بن‬
‫حنبل؟ قلت‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬تحب ؟ قلت‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬إن أحببت ‬
‫أحببت لقاءه‪ .‬وأشار إلى عنقه قائال‪ :‬أبشر واصبر إنما ھي ضربة‬
‫ھاھنا وتدخل الجنة‪.‬‬
‫ُعرب‬
‫ِ‬ ‫باقل‪....‬وإذا وعاھا ْ ٌ‬
‫يعرب لم ي‬ ‫قس لديھا في الفصاحة ِ‬ ‫ُ ٌّ‬
‫ثم مضى حتى غاب فلم أره‪.‬‬
‫ضربت بالسياط جعلت أذكر كال األعرابي‬ ‫يقول اإلمام أحمد‪ :‬فلما ُ‬
‫وأنا ُأضرب‪.‬‬
‫َ‬
‫العبق‬ ‫فالطيب إن غاب‪.....‬أبقى بعده‬
‫ويعبر آخر الفرات حتى يأتي اإلمام ويقول‪ :‬ياھذا إنك اليوم رأس‪،‬‬
‫والناس يقتدون بك‪ ،‬و لئن أجبت إلى خلق القرآن ليجيبن خلق‬
‫كثير‪ ،‬البد من الموت‪ ،‬فاتقي وال تجب‪.‬‬
‫شھيدا وإن عشت‬ ‫ً‬ ‫ويأتي الثالث قائال‪ :‬ياأحمد إن يقتلك الحق مت‬
‫ً‬
‫حميدا‪.‬‬ ‫عشت‬
‫فكانت تلك الوصايا تقوية لقلبه كما أخبر رحمه ‪.‬‬
‫ُمرعا‬ ‫ً‬
‫روضا للھدى م ْ ِ‬ ‫ُش النسر أو أمنعا‪....‬وصار‬‫وكان ع َّ‬
‫قائال‪ :‬ياأحمد! إن أعين الناس ممدودة إليك‪،‬‬ ‫ويأتيه الربيع بن نافع ً‬
‫فإن كنت تعلم أنك تقوم المقام الذي تستنقذ فيه نفسك والخلق فيما‬
‫بينك وبين وإال فاجعل القيد الذي في رجلك في رجلي فقم‬
‫فاخرج‪ .‬قال‪ :‬ياھذا! أتظن نفسك أعز علي من نفسي؟!‪ .‬ال أوثرك‬
‫بھذا المقام أبدا‪.‬‬
‫الطود وانھدم انھداما‬ ‫رضوى‪ُ ....‬لدك َّ ْ‬
‫بعزم لو رمى جنبات َ ْ‬
‫أعين إلى آدم بن إياس‪ .‬فيقول آدم‪ :‬إنا ‪ /‬وإنا إليه راجعون!‬ ‫ويأتي َ‬
‫حبسوا أحمد! وقالوا القرآن مخلوق‪ ،‬أعداء اإلسالم‪ .‬إذا لقيت أحمد‬
‫فأقرئه السالم‪ ،‬وقل له‪ :‬اتقي ‪ ،‬وتقرب إلى فيما أنت فيه‪ ،‬وال‬
‫يستفزنك أحد فإنك مشرف على الجنة إن شاء ‪ ،‬وقل له عني‪،‬‬
‫حدثني الليث عن ابن عجالن عن الزناد عن األعرج عن أبي‬
‫ھريرة رضي عنه أن رسول صلى عليه وسلم قال‪} :‬من‬
‫أرادكم على معصية فال تطيعوه{‪ .‬قال األعين‪ :‬فأتيت أحمد في‬
‫السجن فأخبرته بما قال آدم‪ .‬فقال‪ :‬رحم آدم حيا وميتا‪ ،‬لقد نصح‬
‫وأحسن النصيحة‪.‬‬
‫مما‬‫وإذا النصح سار في أمة‪....‬أيقظ الغافي وأحيا الرِّ َ‬
‫وسمت أرواحھا فانطلقت‪......‬ھمما تغزوا السما واألنجما‬
‫وھذا عاصم بن علي‪ ،‬كان في مجلس فيه جماعة من المحدثين‬
‫وأحمد أنذاك يُضرب ويمتحن‪ ،‬فجعل عاصم يقول‪ :‬أال رجل يقوم‬
‫معي لنأتي ھذا الرجل فنكلمه‪ .‬فما يجيبه أحد‪ .‬ثم كرر أخرى فقال‬
‫إبراھيم بن أبي الليث‪:‬أنا أقوم معك‪ .‬فصاح عاصم ُ َّ َّ‬
‫خفي ياغالم فقال‬
‫إبراھيم‪ :‬أبلغ بناتي ألوصيھن وأعھد إليھن‪ .‬فظنوا أنه ذھب يتحنط‬
‫ويتكفن‪ .‬فلما عاد قال‪ :‬إني ذھبت إلى بناتي فبكين‪ ،‬ونكص على‬
‫العقبين‪.‬‬
‫فوقف عاصم ال يجيبه أحد‪ ،‬وبينا ھو كذالك‪ ،‬أتاه كتاب من بنياته‬
‫بواسط‪ :‬ياأبانا بلغنا أنم ھذا الرجل أخذ أحمد وضربه بالسوط ليقول‬
‫بخلق القرآن فأبى‪ ،‬فاتقي ياأبانا وال تجب‪ ،‬فو ألن يأتينا نعيك‬
‫أحب إلينا من أن يأتينا أنك قلت بخلق القرآن‪.‬‬
‫ھذ الورى‬‫وقسمت أسماء ِ‬ ‫فلو جاز حكمي في العالمين‪َّ ....‬‬
‫لسميت بعض النساء الرجال‪....‬وسميت بعض الرجال النسا‬
‫يقول عبد بن اإلمام أحمد‪ :‬كنت كثيرا ما أسمع والدي يقول‪:‬‬
‫رحم أبا الھيثم‪ .‬غفر ألبي الھيثم‪ ،‬عفى عن أبي الھيثم‪.‬‬
‫فقلت ياأبتي‪ ،‬من أبو الھيثم؟ قال‪ :‬يابني‪ .‬في اليوم الذي أخرجت فيه‬
‫للسياط‪ ،‬وعندما مُدت يداي لل ُعقابين إذا أنا بإنسان يجذب ثوبي من‬
‫العيار‪،‬‬
‫ورائي‪ ،‬ويقول لي‪ :‬تعرفني؟ قلت‪ :‬ال‪ .‬قال‪ ،‬أنا أبو الھيثم‪َّ ،‬‬
‫ضربت‬ ‫الطَّرار‪ ،‬مكتوب في ديوان أمير المؤمنين أني ُ‬ ‫اللص‪َّ ،‬‬
‫ثمانية عشر ألف سوط بالتفاريق‪ ،‬وصبرت على ذالك في طاعة‬
‫الشيطان ألجل الدنيا‪ ،‬فاصبر أنت في طاعة الرحمن ألجل الدين‪.‬‬
‫كلمات ُتكتب على الحناجر ولو بالخناجر‪ ،‬فيھا بدائع ما درى أھل‬
‫البالغة ما اسمھن‪.‬‬
‫الوصية ما الوصية‪:‬‬
‫ملئى بعطر وشذى‪.....‬نخلة باسقة في الشجر‬ ‫وردة َ ْ َ‬
‫مثبِّتة‪ ،‬والنصيحة نصيحة‪ ،‬و }الدين النصيحة{‪.‬‬ ‫الوصية َ‬
‫غششة{‪} .‬المؤمن ضعيف‬ ‫نصحة‪ ،‬والمنافقون َ َ َ‬
‫و}المؤمنون َ َ َ‬
‫متضعضع بنفسه‪ ،‬قوي ثابت بإخوانه{‪.‬‬
‫وما المرء إال بإخوانه‪....‬كما تقبض الكف بالمعصم‬
‫ً‬
‫مقطوعة‪....‬وال خير في الساعد األجذم‬ ‫وال خير في الكف‬
‫الوصية الوصية‪:‬‬
‫أھال‪ ،‬واطلبھا من أھلھا مثنى مثنى‪ ،‬وإياك‬ ‫ً‬ ‫إبذلھا إن كنت لھا‬
‫والتلون فإن دين واحد‪.‬‬
‫يارب ثبيتنا على اإليمان‪ ،‬ونجينا من سبُل الشيطان‪.‬‬
‫ثانيا ً‪:‬‬
‫نھدينھم‬ ‫المجاھدة على مخالفة الھوى‪} ،‬والذين جاھدوا فينا ل َ‬
‫سبلنا{‪،‬الھوى داء‪ ،‬ومخالفته دواء‪ ،‬وأفضل الجھاد جھاد الھوى‪.‬‬
‫عقل ُ ُه فقد نجى‬ ‫وآفة العقل الھوى فمن‪........‬على على ھواه َ ْ‬
‫ُنت ليل والھدى فلق‬ ‫بلونا الھدى بعد الھوى فإذا الھوى‪ُ ....‬دج َّ ٌ‬
‫الصبح‪.‬‬ ‫ْ‬
‫يقول ابن القيم رحمه ‪ :‬إذا تأملت السبعة الذين يظلھم في ظله‬
‫يوم ال ظل إال ظله‪ ،‬وجدتھم إنما نالوا ذالك بمخالفة الھوى‪ ،‬فاإلمام‬
‫المؤثر لعبادة على‬ ‫ال يتمكن من العدل إال بمخالفة ھواه‪ ،‬والشاب ْ ِ‬
‫دواعي شبابه لم يتمكن إال بمخالفة ھواه‪ ،‬والرجل الذي قلبه معلق‬
‫بالمسجد حامله على ذالك مخالفة ھواه‪ ،‬والمتصدق الم ُْخفي صدقته‬
‫لم يقدر على ذالك إال بمخالفة ھواه‪ ،‬والذي دعته ذات منصب‬
‫وجمال إنما ثبت بمخالفة ھواه وخوف مواله‪ ،‬والذي ذكر خاليا‬
‫لحرِّ الموقف‬ ‫ففاضت عيناه إنما أوصله لذالك مخالفة ھواه‪ ،‬فلم يكن َ‬
‫جميعا جميع يوم القيامة‪} .‬وأما من خاف‬ ‫ً‬ ‫وعرقه وشدته سبيل عليھم‬
‫مقام ربه ونھى النفس عن الھوى فإن الجنة ھي المأوى{‪ .‬وال يؤمن‬
‫تبعا لما جاء به المصطفى‪.‬‬ ‫أحد حتى يكون ھواه ً‬
‫الشرق‬ ‫شراب الھوى حلو‪....‬ولكنه يورث َّ َ‬
‫إذا أنت لم تعصي الھوى قادك الھوى‪......‬إلى كل ما فيه عليك‬
‫مقا ُل‬
‫فانظر بعين الحق ال عين الھوى‪.....‬فالحق للعين الجلية عاري‬
‫األبرار‬
‫ِ‬ ‫قاد الھوى الفجار فانقادوا له‪....‬وأبت عليه مقادةُ‬
‫خالف الھوى تثبت على الھدى‪ ،‬وإياك والتلون فإن دين واحد‪.‬‬
‫يارب ثبتنا على اإليمان‪......‬ونجنا من سبل الشيطان‬
‫ً‬
‫ثالثا‪:‬‬
‫المعاملة الخالصة الصادقة مع رب العالمين مثبتة على الدين‪،‬‬
‫يقم‬
‫فالنية اجعل لوجه خالصة‪....‬إن البناء بدون األصل لم ِ‬ ‫َ‬
‫من كان فيما بينه وبين في داخل نيته التي ال يطلع عليھا إال ‬
‫صادقا في معاملته مع ثبته وأسعده في الدنيا واآلخرة‪} .‬من عمل‬
‫صالحا من ذكر أو أنثى وھو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينھم‬ ‫ً‬
‫أجرھم بأحسن ما كانوا يعملون{‪.‬‬
‫بصدق مريدا لآلخرة شكر له سعيه وثبته‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫من تعامل مع ‬
‫}ومن أراد اآلخرة وسعى لھا سعيھا وھو مؤمن فأولئك كان سعيھم‬
‫مشكورا{‪ .‬من تعامل مع بصدق وحاله‪} :‬إن صالتي ونسكي‬
‫وحياي ومماتي ‪ /‬رب العالمين{ ثبته وما خذله‪ ،‬من كان يرجو‬
‫لقاء وعمل الصالحات ولم يشرك با‪ /‬ثبته ‪ ،‬المعاملة الصادقة‬
‫مع رابحة مضمونة م َُثب َِّتة مأمونة‪ ،‬في الحديث القدسي‪} :‬أنا عند‬
‫ظن عبدي بي‪ ،‬وأنا معه ما ذكرني‪ ،‬فإن ذكرني في نفسه ذكرته‬
‫في نفسي‪ ،‬وإن ذكرني في مإل ذكرته في مإل خير منھم‪ ،‬وإن‬
‫شبرا تقربت إليه ذراعا‪ ،‬وإن تقرب إلي ذراعا تقربت‬ ‫تقرب إلي ً‬
‫إليه باعا‪ ،‬وإن أتاني يمشي أتيته ھرولة{‪} ،‬وما يلقاھا إال الذين‬
‫صبروا وما يلقاھا إال ذو حظ عظيم{‪.‬‬
‫في السنن ما معناه‪ :‬أن أعرابيا كان في إبله‪ ،‬وھي ْ َ‬
‫أنفسُ ماله‪ ،‬أتاه‬
‫عامل رسول صلى عليه وسلم على الصدقة الواجبة‪ ،‬نظر‬
‫في اإلبل ثم أخبر األعرابي أنه يجب عليه فيھا بنت مخـاض‪- ،‬‬
‫أتمت سنة ومخضت في األخرى‪ ،-‬فاستقلھا األعرابي المتعامل مع‬
‫ واستصغرھا قائال‪ :‬ال و ال أقدمھا ‪ ،/‬ال ظھر فيُركب‪ ،‬وال‬
‫ضرع فيُحلب‪ ،‬ھذه ناقة َك ْوما ُء سمينة‪ ،‬أقدمھا ‪ /‬رب العالمين‪.‬‬
‫بسمات للوصل بعد التجني‪.....‬النحل ترشف منھا رحيقھا‬ ‫ٌ‬ ‫كأنھا‬
‫ُ ِّ‬
‫وتغني‬
‫فقال عامل رسول صلى عليه وسلم‪ :‬ال آخذ إال ما وجب‬
‫عليك بذا ُأمرت‪ .‬فتالح األعرابي والعامل‪ .‬فقال العامل‪ :‬إن رسول‬
‫ صلى اللبه عليه وسلم منك لقريب‪ .‬فأخذ األعرابي ناقته ومضى‬
‫مع العامل إلى رسول صلى عليه وسلم‪ .‬وأخبر العامل نبي‬
‫ بما جرى بينھما‪ ،‬فقال صلى عليه وسلم لألعرابي‪" :‬ذاك‬
‫الذي عليك‪ ،‬فإن تطوعت بخير من ذالك آجرك وقبلناه منك‪.‬‬
‫أطيبة بھا نفسك؟" قال‪ :‬إي و يارسول ! فقال رسول صلى‬ ‫ٌ‬
‫ عليه وسلم للعامل‪" :‬خذھا"‪ .‬ثم التفت إلى األعرابي فقال له‪:‬‬
‫"بارك لك في مالك"‪.‬‬
‫ميدان‬
‫ِ‬ ‫تھتز ِ ً‬
‫بشرا وتھفو رقة وشذا‪....‬تضُوع أنفاسھا في كل‬
‫فعاش األعرابي إلى زمن معاوية‪ ،‬وكان يزكي بعدھا بالعشرات من‬
‫اإلبل‪.‬‬
‫عاج ُل بُشرى‪ ،‬وما عند خير وأبقى‪.‬‬
‫تجارة الدنيا ھي الخاسرة‪......‬طوبى لمن يعمل لآلخرة‬
‫أشعب بن جبير المدني يقول‪ :‬خرجت يوما في أحد أزقة المدينة‬ ‫وذا ْ‬
‫وإذا مناد‪ :‬ياأشعب!قلت لبيك! قال ‪ :‬كم عدد عيالك؟ فأخبرته‪ .‬قال‪:‬‬
‫أمرت أن أجري عليك وعلى عيالك في كل شھر كذا وكذا ما‬ ‫إني ُ ِ ْ‬
‫دمت حيا‪.‬‬
‫ُأمرت! مبني للمجھول‪ .‬قال أشعب‪ :‬فمن أمرك؟ قال‪ :‬ال أخبرك‪.‬‬
‫قال‪ :‬ھذا معروف ُيشكر‪" .‬من أسدى إليكم معروفا فكافئوه"‪ .‬فقال‬
‫الرجل‪ :‬إن الذي أسداه إليك ال يريد شكرك‪.‬‬
‫قال‪ :‬فكان يأتيني في كل شھر ما وعدني به‪ .‬فلما مات خالد بن عبد‬
‫شيعه‬ ‫ بن عمر بن عثمان َ‬
‫حفل الناس في تشييعه‪ ،‬فكنت فيمن َّ‬
‫ضمن جمع كبير‪ ،‬ولعله ممن أحبه ‪ ،‬فوُ ضع له القبول في‬
‫األرض‪" .‬سيجعل لھم الرحمن وُ دا"‪.‬‬
‫فإن ذھب الورد الذكي فإنه‪....‬يزول ويبقى نشره المُتضوِّ ُع‬
‫وإن الفتى ماض وماض طبيبه‪....‬وعائده من بعده والمش ِّي ُع‬
‫ُرجى وھو حي فما‪.....‬من حقه إن مات أن يُفقدا‬ ‫من ال ي َ ّ‬
‫قال‪ :‬وبينا أنا في الجموع‪ ،‬وإذا بصاحبي الذي يأتيني بما وعدني‬
‫يقول‪ :‬ياأشعب؟ قلت لبيك‪ .‬قال‪ :‬أتريد أن تعرف صاحبك الذي كان‬
‫يُجري عليك ما آتيك به؟ قلت‪ :‬إي و ! قال‪ :‬ھو صاحب ھذه‬
‫الجنازة‪.‬‬
‫فاعل الخير من وراء حجاب‪ ،‬خالد بن عبد ‪ .‬فلسان حال أشعب‪:‬‬
‫اللھم إنه قد كفانا مؤونة الدنيا‪ ،‬فاكفه مؤونة اآلخرة‪.‬‬
‫يال ‬
‫معشر اإلخوة‪:‬‬
‫ما أثبت ونعم النفوس التي تسعى للبذل ‪ ،/‬وتتوارى من المال‪،‬‬
‫وحالھا‪" :‬إنما نطعمكم لوجه ال نريد منكم جزاء وال شكورا"‪،‬‬
‫"ومن يفعل ذالك ابتغاء مرضات فسوف نؤتيه أجرا عظيما"‪.‬‬
‫ومثله ما ذكر الشيخ محمد الحمد‪ :‬من أن له جارا زاد عمره على‬
‫التسعين‪ ،‬ذا صالح وتأله وتعلق بالمسجد‪ ،‬يمكث فيه من بعد صالة‬
‫العصر إلى المغرب أو العشاء‪ ،‬وخير الدنيا واآلخرة مرتبط‬
‫بالمسجد‪.‬‬
‫بالروح والرحمة والجواز على‬‫تكفل لمن كان المسجد بيته َّ ْ‬
‫الصراط‪ ،‬إلى رضوان والجنة‪.‬‬
‫عاش ھذا الرجل فترة من عمر في طلب الرزق في الكويت‪ ،‬يعمل‬
‫في البحر مع أصحاب له‪ ،‬ثم عاد لمسقط رأسه ُّ ُ‬
‫الز◌لفي‪ .‬يقول‬
‫الشيخ‪ :‬حدثني ذالك الرجل عام عشرة وأربعمائة وألف للھجرة‬
‫بحادثة حصلت له ومضمونھا‪ :‬في يوم من األيام وقبل ما يزيد على‬
‫أربعين سنة أدخلت الكھرباء إلى الزلفي‪ ،‬قال فذھبت لشركة‬
‫الكھرباء أريد إيصال التيار لبيتي‪ ،‬فقالوا‪ :‬إن رسم إدخالھا مائتا‬
‫‪ .n‬قال فرجعت لمنزلي وأخذت المبلغ وكان الوقت وقت ظھر‪،‬‬
‫فقلت أصلي ثم أذھب إلى الشركة لدفع الرسم‪ ،‬فلما فرغت من‬
‫الصالة وإذا بجواري رجل كبير فقير أعرفه وأعرفه فقره ومسكنته‬
‫وعياله‪ .‬يقول لي‪ :‬ياأبا سعود!‪ .‬و إن األوالد جياع وال يجدون في‬
‫البيت ما يسد جوعتھم‪ .‬فأشفقت عليه وقلت في نفسي أعطيه مائة‪،‬‬
‫وأعطي الشركة مائة وأعدھم باألخرى‪ .‬فأعطيته وفرح ودعى لي‪.‬‬
‫جيبي فلم أجد فيه شيئا‪ ،‬فأدركت‬ ‫ثم خرجت من المسجد وتحسست َ ْ‬
‫أني أعطيت الرجل المائتين على سبيل الخطأ‪ ،‬فصرت في حيرة‬
‫من أمري‪ .‬أأرجع أليه وأقول إنه لم يكن في نيتي إال مائة فرد علي‬
‫مائة؟ مروئتي تأبى! أم أنصرف إلى بيتي وأدع التقديم على الشركة‬
‫حتى تتيسر أموري؟ ثم عزمت على ما ھو خير‪ ،‬وقررت الرجوع‬
‫إلى المنزل وإيثاره بما أعطيته‪ .‬رزق ساقه إليه‪ .‬يُخلف وھو‬
‫خير الرازقين‪ .‬قال‪ :‬ولما رجعت لمنزلي وجدت رجال في انتظاري‬
‫عند باب المنزل‪ ،‬أحاول التعرف عليه من بعد فلم أعرفه‪ ،‬فلما‬
‫اقتربت منه سمعت صوته فإذا ھو صاحب لي كنت أعمل معه في‬
‫البحر بالكويت من تجار القصيم لم أره منذ خمس وعشرين سنة‪،‬‬
‫فعانقته في حرارة وشوق وفرحت به أيما فرح‪ ،‬وألححت عليه‬
‫بالدخول لتناول الغداء‪ ،‬فقل‪ :‬أنا على عجلة من أمري! مررت‬
‫فخطرت ببالي‪ ،‬فدلوني على بيتك فجئتك ألسلم عليك‬ ‫َ‬ ‫بالزلفي‬
‫وأجدد العھد بك وقد حصل‪.‬‬
‫حاولت معه فلم أفلح إال بموافقته على تناول القھوة فحسب‪،‬‬
‫وتجاذبنا الحديث‪ .‬ولما ھم باالنصراف أعطاني ظرفا ھدية‪ ،‬لم‬
‫أنظر فيه منشغال بوداعه‪ ،‬ثم لما غادر عدت ففتحت الظرف‬
‫فوجدت فيه مبلغا قدره ألفان‪ .‬ففرحت بذالك أيما فرح‪ ،‬وسددت‬
‫دھرا‪ ،‬إذ كان يعدل الشيئ‬ ‫رسم الكھرباء‪ ،‬وتمتعت بباقي المبلغ ً‬
‫الكثير أنذاك‪ ،‬والحال‪ :‬وازددت يقينا بأن المعاملة الصادقة مع ‬
‫تجارة رابحة وغير كاسدة‪.‬‬
‫ألم كساد كل بضاعة‪.....‬فھي البضاعة ربحھا مضمونُ‬ ‫فإذا َّ‬
‫المعاملة الصادقة مع مثبتتة باقية ال تضمحل‬
‫النض ُر‪....‬والزيف يفنى ويفنى من له عبدوا‬ ‫ما كان ‪ /‬فھو الخالد َّ ِ‬
‫المعاملة الصادقة المثبتة تقتضى أن توقن أن ينظر إلى ما يقوم‬
‫بقلبك‪" ،‬إن ال ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى‬
‫يرين في قلبك إال ما‬
‫قلوبكم وأعمالكم"‪ .‬إن أردت أن تثبت فال َ َ َ َّ‬
‫يحب‪.‬‬
‫فقد يعبد المرء أھواءه‪....‬فتسطو به في تعال وھيت‬
‫المعاملة الصادقة المثبتة على دين تقتضي أن توقن أن الخلق‬
‫من لدن آدم إلى يومك ھذا إلى قيام الساعة لو وقفوا ورائك ليقدموك‬
‫إلى الجنة َخطوة أو يأخروك عن النار خطوة لعجزوا‪ ،‬وإلن‬
‫أرضيتھم اليوم غضبوا عليك غدا‪ ،‬فرضى الخلق غير مقدور عليه‬
‫أبدا‪.‬‬
‫ضحكت فقالوا‪ :‬أال تحتشم؟ بكيت فقالوا‪ :‬أال تبتسم؟ بسمت فقالوا‪:‬‬
‫يرائي بھا! عبست فقالوا‪ :‬بدا ما كتم! صَمت فقالوا‪ :‬كليل‬
‫حلمت فقالوا‪ :‬صنيع الجبان‪ ،‬ولو‬ ‫الكلم! ُ ُ‬
‫اللسان!نطقت فقالوا‪ :‬كثير َ ِ‬
‫قلت‪ :‬ال! وإمعة حين وافقتھم!‬ ‫شذ إذا ُ‬‫النتقم! يقولون َ‬
‫ْ‬ ‫ً‬
‫مقتدرا‬ ‫كان‬
‫أني مھما أ ُرد‪....‬رضى الناس البد من أن ُأذم‬ ‫فأيقنت َ‬
‫والمختصر الموصل‪" :‬ومن أرضى بسخط الناس رضي ‬
‫عنه وكفاه مؤونة الناس" وليكن حالك ومقالك‪ :‬يارب!‬
‫أال ليت الذي بيني وبينك عامر‪....‬وبيني وبين العاملين خرابُ‬
‫وليتك ترضى واألنام غضابُ‬
‫إذا صح منك الوُ د فالكل ھين‪.....‬وكل الذي فوق التراب ترابُ‬
‫المعاملة الصادقة مع وسيلة ناجحة في الشدة والضراء إلى ‪،‬‬
‫وعظم الخطب‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫إذا اختلطت عليك األمور‪ ،‬والتبس الحق بالباطل‪،‬‬
‫واشتد الكرب‪ .‬فما بينك وبين إال أن تقول كما قال أصحاب‬
‫الغار‪ :‬اللھم إني فعلت كذا يوم كذا‪ ،‬اللھم إن كنت فعلته ابتغاء‬
‫مرضاتك فافرج عني ما أنا فيه‪ .‬تجد أثر تلك الوسيلة َبيِّنا‪.‬‬
‫من تصدر معشر اإلخوة للفتوى واإلرشاد والوعظ والتربية‬
‫واإلصالح بدون ھذه المعاملة‪ ،‬كان أحير وأبله وأضل من ضب‪.‬‬
‫الضب يخرج من جحره كليل البصر‪ ،‬فيجلوه بالتحديق في الشمس‬
‫خبل فال يكاد‬ ‫ساعة‪ ،‬فإذا أبصر مضى حتى إذا بعد عن جحره َ ِ َ‬
‫يھتدي إليه‪ ،‬ولذا ال يحفر جحره إال عند صخرة أو أكمة من أجل‬
‫لعظم حيرته‪.‬‬ ‫أن يعرفه ِ َ‬
‫ُتحي ُر‬ ‫الخرِّ ُ‬
‫يت والم َ ّ‬ ‫قطا‪.....‬وما يستوي ِ‬‫وما ينبغي للضب أن يُرشد َ َ‬
‫ال يُجتنى من ثمار الحنظل العنبُ ‪....‬والبيت يسقط إن لم تثبت‬
‫ُ‬
‫الطنبُ‬
‫فياعبد األبي‪ :‬أخلص القصد طالبا رحمة الواحد العلي‪ ،‬وإياك‬
‫والتلون‪ ،‬فإن دين واحد‪.‬‬
‫يارب ثبتنا على اإليمان‪ ،‬ونجنا من سبل الشيطان‪.‬‬
‫رابعا‪:‬‬
‫مجالسة الصالحين ومجانبة أھل األھواء والضالين‪ ،‬مثبت على‬
‫الدين‪.‬‬
‫"ياأيھا الذين آمنوا اتقوا وكونوا مع الصادقين"‪ .‬ال تجالس إال‬
‫المؤمنين‪ ،‬وال يأكل طعامك غير المتقين‪" .‬األخالء يومئذ بعضھم‬
‫لبعض عدو إال المتقين" ‪ .‬المعاشرة والمجالسة باب إلى المجانسة‪،‬‬
‫من جالس الثابتين ثبت وما تلون‪ ،‬ومن جالس المتلونين تلون‪ ،‬من‬
‫عاشر األخيار اكتسب الخير‪ ،‬ومن عاشر األشرار اكتسب الشر‪،‬‬
‫فيخمد‪ ،‬الرياح إن مرت على الطيب‬ ‫ُ‬ ‫والجمر يوضع في الرماد‬
‫نقلت لنا الطيب‪ ،‬وإن مرت على النتن ‪-‬أجلكم ‪ -‬نقلت النتن‪ .‬مياه‬
‫األنھار عذبة‪ ،‬فإذا دخلت إلى مياه البحار صارت ملحا أجاجا‪،‬‬
‫"والمرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل"‬
‫بأقوام‬
‫ِ‬ ‫يشقى رجال ويشقى آخرون بھم ‪......‬ويسعد أقواما‬
‫حسن السيرة‪ ،‬كثير الحياء‪ ،‬عظيم‬ ‫ھذا الرواندي‪ ،‬كان أول أمره َ َ‬
‫الذكاء‪ ،‬ثم بدأ يالزم الرافضة والمالحدة وأھل األھواء‪ ،‬فإذا المه‬
‫أحد أو عاتبه قال‪ :‬دعني وشأني وعد عن نصحك السمج! إنما أريد‬
‫أن أعرف أقوالھم‪ .‬وفي النھاية صار واحدا منھم‪ ،‬بل صار أجرأ‬
‫على حرمات منھم‪.‬‬
‫ألف كتابا اسمه "الدامغ" ليدمغ به القرآن فدمغه ‪ ،‬وبقي كتاب ‬
‫ينطق بمصير أمثاله‪" .‬ويوم يعض الظالم على يديه يقول ياليتني‬
‫اتخذت مع الرسول سبيال ياويلتا ليتني لم أتخذ فالنا خليال لقد‬
‫أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني"‪.‬‬
‫وللخير أھل يعرفون بھديھم‪.....‬إذا اجتمعت عند الخطوب المجام ُع‬
‫وللشر أھل يعرفون بشكلھم‪....‬تشير إليھم بالفجور األصاب ُع‬
‫والناس أشكال كأجناس الطير‪ ،‬الحمام مع الحمام‪ ،‬والغراب مع‬
‫الغراب‪.‬‬
‫وكل يحن إلى شكله‪.....‬وإن كان من غير جنسه‬
‫ملك الطير مع غراب‬ ‫رأى رجل صقرا وغرابا يطيران معا‪ ،‬فقال َ ِ‬
‫الجيف‪ ،‬البد أن بينھما تشابھا‪ .‬فأتبعھما نظره حتى إذا ما ھبطا على‬
‫األرض ومشيا فإذا كالھما أعرج‪.‬‬
‫للعقرب‬
‫ِ‬ ‫فكل يحن إلى شكله‪......‬كميل الخنافس‬
‫البيئة مؤثرة يامعاشر اإلخوة‪ ،‬والشعائر الظاھرة آسرة‪.‬‬
‫ھذا موظف مرموق في شركة أمريكية كبرى بالرياض‪ ،‬حصل‬
‫على أعلى الشھادات واألوسمة من كبار المسؤولين من شركته‬
‫ببلده لنجاحه في عمله‪ .‬يقول عن نفسه‪ :‬يأسرني سماع األذان وتدفق‬
‫الناس على المساجد وكأنھم يتسابقون إلى مكان يُدفع لھم فيه نقود‬
‫وھدايا ثمينة‪ ،‬ثم يخرجون وھم فرحون مستبشرون يصافح بعضھم‬
‫بعضا بصورة مؤثرة‪ ،‬فأقول في نفسي‪ :‬ياله من نظام رائع‪.‬‬
‫ويتكرر عليه المشھد مرة بعد مرة ليدخل بعدھا في اإلسالم ويعلن‬
‫الشھادة‪ ،‬ويتعلم أحكام اإلسالم في شھرين‪ ،‬ثم يذھب في ركب مع‬
‫إخوانه للعمرة‪ ،‬ولما اعتمر ذھب يزاحم على الصف األول في‬
‫الحرم أمام الكعبة‪ ،‬ويدعو ويتضرع ويبكي ثم يقول لمرافقيه‪ :‬كم‬
‫في ھذ العالم من المحرومين من ھذا الجو اإليماني الروحاني‬
‫العظيم‪ .‬وبينا ھو كذالك يدعو ويبكي في الصف األول وفي بيت ‬
‫وبين يديه‪ ،‬إذ سقط ليلقى ‪" .‬وإنما األعمال بالخواتيم" كما أخبر‬
‫رسول ‪.‬‬
‫نسألك اللھم حسن الخاتمة‪....‬فھي وربي لحظات حاسمة‪.‬‬
‫العشرة مؤثرة‪:‬‬
‫ھذه فتاة نصرانية أسلمت حين عاشرت في مدرستھا فتيات مسلمات‬
‫كن صورة حية متحركة ألخالق اإلسالم‪ ،‬وال عجب! فسلوك‬
‫المسلم رسالة ناطقة ودعوة صامتة‪.‬‬
‫القراءة والبحث مؤثرة معشرة اإلخوة‪:‬‬
‫ھذا شاب في قرى كنائس إفريقيا‪ ،‬كان مسؤوال عن أنشطة الشباب‪،‬‬
‫وثق به القساوسة فطلبوا منه البحث في القرآن عن متناقضات ولو‬
‫على سبيل اللغط والحيلة‪ ،‬فالزم كتاب سنة كاملة‪ ،‬ثم اجتمع بمن‬
‫وثقوا به ليأتيھم بمتناقضات الكتاب لتكون المفاجئة‪ ،‬إذ أعلن في‬
‫اجتماعھم أنه أمضى مع القرآن سنة ما وجد فيه متناقضة‪ ،‬وأنه‬
‫الكتاب الحق الذي ال يأتيه الباطل من بين يديه وال من خلفه‪ ،‬ثم‬
‫أعلن دخوله في اإلسالم بعد ذالك‪.‬‬
‫جبل الجليد تالش حينما‪.....‬رنت الشمس بعينيھا وذاب‬
‫وفي مقابل ھذا فإن الدخول إلى مواقع ُّ َ‬
‫الشبه ولو كان بدعوى الرد‬
‫على الفرق والمذاھب واالطالع والنظر لمن لم يكن مؤھال فتنة‬
‫تخرج منه‪ .‬ولذا‬
‫َ‬ ‫عظمى‪ .‬فالقلب يتشرب الشبھة شيئا فشيئا حتى ال‬
‫يقول حذيفة رضي عنه" إياكم والفتن! ال يشخص لھا أحد‪ ،‬و ‬
‫ما شخص لھا أحد إال نسفته كما ينسف السيل ِّ‬
‫الدَمْن‪ ،‬والسالمة منه‬
‫أن ال تمر بواديھا‪.‬‬
‫سلوك المسلم الحق آسر مؤثر‪:‬‬
‫ھذا ثري غربي يقول عن نفسه‪ :‬لم أشعر بالسعادة يوما ما! وعندي‬
‫موظف مسلم من الھند يعمل بشركتي براتب زھيد‪ ،‬ما دخلت عليه‬
‫إال ورأيته مبتسما‪ .‬قال‪ :‬فجئته يوما وطلبت الجلوس معه وسألته‬
‫عن سبب ابتسامته التي ال تفارقه‪ .‬فقال‪ :‬ألنني مسلم أشھد أن ال إله‬
‫إال وأن محمدا رسول ‪ .‬قلت‪ :‬وھل يعني أن المسلم سعيد‬
‫طوال حياته‪ .‬قال‪ :‬نعم! قلت‪ :‬كيف ذالك؟ قال‪ :‬ألن نبينا صلى ‬
‫عليه وسلم يقول‪" :‬عجبا ألمر المؤمن إن أمره كله خير! إن أصابته‬
‫سراء شكر فكان خيرا له‪ .‬وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له‪،‬‬
‫وليس ذالك ألحد إال للمؤمن"‪ .‬وأمورنا كلھا بين السراء والضراء‪،‬‬
‫فإما شاكرون وإما صابرون‪.‬‬
‫حينھا اشتاق إلى الدخول في اإلسالم‪ ،‬فلما ُلقن الشھادتين انفجر‬
‫باكيا! فتركوه حتى ھدأ وسألوه عن سبب بكائه فقال‪ :‬لما نطقت‬
‫سني الطويلة‪.‬‬
‫الشھادتين دخل صدري فرح وسعادة لم أشعر بھا من ِ َّ‬
‫"أفمن شرح صدره لإلسالم فھو على نور من ربه فويل للقاسية‬
‫قلوبھم من ذكر " ومن ذاق عرف‪ ،‬ومن ح ُِرم انحرف‪ .‬وعاش‬
‫الضياء ومات َ َ‬
‫الحلك‪.‬‬
‫يأكد ھذه المعاني رسول صلى عليه وسلم بقوله‪" :‬السكينة‬
‫َ‬
‫والغلظ والجفاء في الفدادين أھل الوبر"‬ ‫والوقار في أھل الغنم‪،‬‬
‫عاشر أولئك الغنم فاكتسبوا منھا خلقا‪ ،‬وعاشر أولئك اإلبل فاكتسبوا‬
‫منا خلقا‪ ،‬فكيف بمن يعاشر اإلنسان‪.‬‬
‫زعموا فيما يُستطرف ُقدم سائقا للحُوار‪ ،‬ففاجأھم الحُوار وقد‬
‫استبدل الرغاء بالنھيق‪ .‬فحاد حاديه‪:‬‬
‫علمه الشھيق والنھيق‬‫إذا الح َُوا ُر بالحمار ِسيق‪َّ ....‬‬
‫و يقول‪" :‬ومن أصدق من قيال" ‪":‬واصبر نفسك مع الذين‬
‫يدعون ربھم بالغداة والعشي يريدون وجھه وال تعد عيناك عنھم"‬
‫جالس الصالحين‪ ،‬وجانب الضالين وأھل الھوى والمنحرفين‪ ،‬واحد‬
‫مع الصالخين‪.‬‬
‫الرخم‬
‫ِ‬ ‫فال مجالسة األوباش َ ْ‬
‫تج ُم ُل بي‪.....‬كذالك الباز ال يأوي مع‬
‫وإياك والتلون‪ ،‬فإن دين واحد‪.‬‬
‫يارب ثبتنا على اإليمان‪.....‬ونجنا من سبل الشيطاِن‬
‫خامسا‪:‬‬
‫الحذر من فتنة الدنيا مثبت على الھدى‪ ،‬لقد حذر النبي صلى ‬
‫عليه وسلم منھا أيما تحذير‪" :‬فاتقوا الدنيا" وبين ھوانھا على ‬
‫بأذن جدي أسك ميت‪ ،‬وقال‪" :‬للدنيا أھون على من ھذا‬ ‫حين أخذ ٌ ْ‬
‫على أھله" ولھوانھا على ھانت عليه‪ ،‬فأعرض عنھا مستھينا‬
‫مسخ‪ ،‬فكان له من قلبھا الحُب‬ ‫اجتذاب وال ْ ُ‬
‫ٌ‬ ‫بقدرھا‪ ،‬ولم َيثنه منھا‬
‫َّ ُّ‬
‫والطخ‪.‬‬ ‫والھوى‪ ،‬وكان لھا من كفه َّ ْ‬
‫الطر ُح‬
‫أتى عليه ثالثون من بين يوم وليلة‪ ،‬ماله طعام يأكله ذو كبد سوى‬
‫ما يواريه إبط بالل‪ .‬وربط الحجر على بطنه من شدة الجوع‪ .‬ولم‬
‫يشبع وأھله من خبز الشعير حتى لقي ‪ .‬ولما عُرضت عليه‬
‫مفاتيح الخزائن أباھا‪ ،‬ورضي لنفسه وألھله ِعيشة الكفاف‪.‬‬
‫ھش الذباب‬ ‫يھشھا ّ‬ ‫أتته المغريات فمال عنھا‪......‬وراح ُّ‬
‫شعاره‪" :‬مالي وللدنيا"‪" ،‬ال عيش إال عيش اآلخرة"‪ ،‬فلما َعرض‬
‫المشركون عليه دنياھم ليتنازل عن دعوته أفلسوا‪.‬‬
‫نملكك فال نقطع دونك أمرا‪ ،‬ونعطيك حتى تكون أكثرنا ماال‪،‬‬ ‫ُ َ ِّ‬
‫ونزوجك من أجمل النساء عشرا‪.‬‬
‫نزل عليه "حم تنزيل من‬ ‫فما التفت إلى ھذا كله واندفع يتلو ما َّ‬
‫كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون بشيرا‬ ‫الرحمن الرحيم َ‬
‫تشب على مطامعھم سعيرا‪،‬‬ ‫ونذيرا" فكان اآلي صاعقة عليھم ُ ُّ‬
‫وربى أصحابه على ذالك‪ .‬فذا أحدھم رضي عنه وقع في أسر‬
‫القيصر فعرض عليه أن يشاطره ملكه لقاء أن يتنازل عن دينه‪،‬‬
‫فتعجب من تلك العقلية الدنوية الدنية وقال بعقيدة‪.‬‬
‫ذعر‪......‬لما اھتزت مع األجبال‬ ‫لو ھ َُّزت الجبال من ُ ٍ‬
‫و لو أعطيتني ما ملكت وملكت العرب والعجم على أن أرتد عن‬
‫ديني طرفة عين ما ارتضيت!‬
‫حاله‪:‬‬
‫إنه نفسي وروحي والجوا‪....‬ليت شعري دونه ماذا أكون‬
‫ماذا يساوي مُلك القيصر الحقير أمام ملك قال فيه العلي الكبير إنه‬
‫كبير‪" ،‬وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا"‬
‫ُعجل‪....‬كأنك ال تدر بلى سوف تعلم‬ ‫فيابائعا ھذا ببخس م َّ ِ‬
‫فإن كنت تدري فتلك مصيبة‪.....‬وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم‬
‫ُعلم‬ ‫ٌ‬
‫منزل لك ي ُ‬ ‫وإن ضاقت الدنيا عليك بأسرھا‪.....‬ولم يك فيھا‬
‫المخيم‬
‫ُ‬ ‫فحي على جنات عدن فإنھا‪.....‬منازلنا األولى وفيھا‬
‫وذا إقبال! مقيم دولة الباكستان بالكلم والبيان‪ ،‬تعرض عليه الحكومة‬
‫البريطانية وضيفة نائب الملك في إفريقيا الجنوبية‪ ،‬ومن تقاليد‬
‫وتستقبل األجانب‬
‫َ‬ ‫الوظيفة أن تحظر زوجه الحفالت الرسمية‬
‫وتصافحھم‪ ،‬فغضب واشتد وقال ما مضمونه‪ :‬ال أقبل إھانة لديني‬
‫وال مساومة على ِعرضي ولو ُأعطيت ما أعطيت‪.‬‬
‫البھائم‬
‫ِ‬ ‫أال إنني ال أقبل الذل إنني‪....‬رأيت احتمال الذل شأن‬
‫ما ھانت الدنيا في قلب امرئ إال ثبت بإذن المولى‪ ،‬وما عظمت‬
‫الدنيا في قلب عبد فثبت أبدا‪ ،‬بل يدور معھا حيث دارت سكران‬
‫ثمالً‪.‬‬
‫يمينا إذا كانت يمينا وإن تكن‪.....‬يسارا سعى يعدو إليھا من الي ُْسرى‬
‫البرق شرقيا فحن إلى الشرق‪....‬ولو الح غربيا لحن إلى‬ ‫َ‬ ‫رأى‬
‫الغرب‬
‫ھذا النعمان بن محمد فقيه مالكي‪ ،‬نبيل مغربي‪ ،‬كان ذا صحة‬
‫فدخلته حروف العلة‪ .‬لما كانت الدولة للعبيديين في مصر والشام‪،‬‬
‫وفعلوا بالمسلمين األفاعيل ‪-‬عليھم من ما يستحقون‪ -‬نافقھم! ولما‬
‫ولوه القضاء وافقھم‪.‬‬
‫فياليته لم يكن قاضيا‪.....‬وياليتھا كانت القاضية‬
‫ثم ألف في زندقتھم وانحاللھم‪ ،‬ورد على األئمة كمالك والشافعي‬
‫وأبي حنيفة رحمة عليھم‪.‬‬
‫الشواھين‬
‫ِ‬ ‫ً‬
‫شاھينا يصيد به‪....‬وليس يُفلح أصحاب‬ ‫صير الدين‬
‫قد َ َّ َ‬
‫جاءه رجل من قومه من المغرب فقال له‪ :‬ياسيدي! إني أريد‬
‫الدخول في مذھب العبيدية الباطنية‪ .‬قال‪ :‬مايحملك على ذالك؟ قال‪:‬‬
‫َ‬
‫أدخلنا في ھواھم حلواھم! فأنت لماذا‬ ‫الذي حمل سيدي! فقال له‪:‬‬
‫تفعل؟‪.‬‬
‫وصدق صلى عليه وسلم‪" :‬يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا‪،‬‬
‫ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا"‪.‬‬
‫يقول الحسن في عھده‪ :‬ولقد رأيناھم صورا وال عقوال‪ ،‬أجسادا وال‬
‫وذَّبان طمع يغدون بدرھمين ويروحون‬ ‫فراش نار ُ‬
‫َ‬ ‫أحالما‪،‬‬
‫بدرھمين‪ ،‬يبيع أحدھم دينه بثمن العنز‪ .‬ولوال الشعير‪ ،‬ما نھقت‬
‫الحمير‪.‬‬
‫المناصب‬
‫ِ‬ ‫وال يستوي من ھمه وحده‪.....‬ومن ھمه األعلى لنيل‬
‫عجبت لمبتاع الضاللة بالھدى‪.....‬وال المشتري دنياه بالدين أعجبُ‬
‫أخيبُ‬ ‫وأعجب من ھذين من باع دينه‪....‬بدنيا سواه فھو من ْ‬
‫ذين َ‬
‫قصدا‬ ‫يبقين دين لمن‪....‬أضحى له الدينار َ ْ‬
‫ْ‬ ‫ال‬
‫أو كان غاية ھمه‪.....‬وصل ُللبنى أو لسُعدى‬
‫ومع ذا معشر اإلخوة‪ِ" :‬نْعم المال الصالح للعبد الصالح"‬
‫ما نال عثمان مرتبة‪" :‬ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم" إال بالمال‬
‫الصالح‪.‬‬
‫ْ‬
‫فاحقرنھا‬ ‫فاجعلھا وسيلة لرضى المولى‪ ،‬وال تكن لھا عبدا‪ ،‬بل‬
‫تصبحن سيدا‪ ،‬وملكا فيھا وفي اآلخرة‪ .‬وإياك والتلون‪ ،‬فإن دين ‬
‫واحد‪.‬‬
‫يارب ثبتنا على اإليمان‪....‬ونجنا من سبل الشيطان‬
‫سادسا‪:‬‬
‫الحذر من فتنة النساء‪.‬‬
‫فقد حذرنا منھا رسول صلى عليه وسلم يوم قال‪" :‬فاتقوا‬
‫الدنيا واتقوا النساء"‪" ،‬ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من‬
‫النساء"‪.‬‬
‫يصرعن ذا اللب‪.....‬حتى ال حراك به‬
‫ومما يُستطرف ويُستظرف ويستشھد به‪ :‬أن ملكا من ملوك اليمن‬
‫كان مغرما بالقيان والجواري‪ ،‬وله وزير ينھاه عن ذالك ويرى أنه‬
‫ال يقوم الملك بمثل ذالك‪ ،‬فتغير الملك عليھن‪ .‬فقالت جارية لھا عنده‬
‫حظوة‪ :‬ياموالي! ماھذا الصدود غير المعھود؟ قال‪ :‬إن وزيري‬
‫فالنا نھاني عنكن!‪ .‬فقالت‪ :‬ھبني له أيھا الملك وسترى ما أصنع به!‬
‫فدعى وزيره وقال له‪ :‬وھبتك فالنة ملك يمين‪ .‬فقامت تطمعه في‬
‫نفسھا حتى تمكن حبھا من قلبه‪ ،‬فخال بھا فتمنعت وقالت‪ :‬ال تقربُني‬
‫حتى أركبك كما ُتركب الدواب وتمشي بي خطوات‪ .‬وتحت وطأة‬
‫السرج‪ ،‬وجعلت في رأسه‬ ‫الشھوة أجابھا‪ .‬فوضعت على ظھره َّ ْ‬
‫اللجام‪ ،‬وركبته كمال تركب الدواب‪ .‬الرسن بيدھا! ومضى على‬
‫أربع يمشي بھا "يخلق ما يشاء"‪ ،‬وأوعزت إلحدى الجواري أن‬
‫تدعو الملك ليرى وزيره الناصح له‪ ،‬فھجم الملك عليه وھو على‬
‫مه! ما ھذا أيھا الوزير؟ ألم تنھني عن ذالك؟ وھذا‬ ‫تلك الحال‪ :‬م ٍه َ ْ‬
‫حالك؟ فأجاب إجابة استحسنھا الملك‪ .‬من ھذا كنت أخشى عليك‬
‫أيھا الملك!‪.‬‬
‫ُھند بالفتى‪....‬بأشد من ما تفعل الحسناء‬ ‫ما يفعل السيف الم َ َّ ُ‬
‫معشر اإلخوة‪:‬‬
‫يُفتن المرء عن دينه ويتذبذب ويحور من أجل امرأة‪ ،‬والتاريخ‬
‫يشھد‪ .‬ال تقرب َعرف جمر اللھب‪.‬‬
‫حطان‪ ،‬كان من أھل السنة والجماعة‪ ،‬يروي‬ ‫ھذا عمران بن ِ‬
‫الحديث عن عائشة وأبي موسى وابن عباس رضي عنھم‬
‫أجمعين‪ ،‬وكان رجال ذميما وكل خلق حسن‪ ،‬وله ابنة عم‬
‫جميلة‪ ،‬لكنھا َحرورية على مذھب الخوارج‪ ،‬فقال‪ :‬أتزوجھا‬
‫صرفھا عن مذھبھا الباطل‪.‬‬ ‫َ‬ ‫أل‬
‫سيفا من به ُذبح‬ ‫ب عسال فيه منيته‪....‬وكم تقلد ً‬ ‫كم شار ٍ‬
‫حصل خالف ما أراد‪ ،‬إذ فتنته وصرفته عن الحق الذي كان عليه‬
‫إلى باطلھا‪ ،‬فصارا لسانا للخوارج وشاعرا من شعرائھم‪ ،‬ومن‬
‫مجد قاتل علي رضي عن علي قائال‪:‬‬ ‫خذالنه أن َ َّ‬
‫ياضربة من تقي ما أراد بھا‪....‬إال ليبلغ من ذي العرش رضوانا‬
‫فأحسبُه‪......‬أوفى البرية عند ميزانا!‬
‫َ‬ ‫إني ألذكره حينا‬
‫ًّتبا له وتعسا‪.‬‬
‫فرد عليه الفقيه الطبري‪:‬‬
‫ياضربة من شقي ما أراد بھا‪....‬إال ليھدم من ذا الدين بنيان‬
‫إني ألذكره حينا فألعنه‪......‬وألعن الكلب عمران ابن ِ َّ َ‬
‫حطان‬
‫عليك ثم عليه الدھر متصال‪....‬لعائن إسرارا وإعالنا‬
‫فأنتم من كالب النار جاء بھا‪.....‬نص الشريعة برھانا وتبيانا‬ ‫ُ‬
‫"فاتقوا النساء"‪.‬‬
‫وفتن واشتد َ َ ُ‬
‫كلفه‬ ‫يذكر شيخ اإلسالم‪ :‬أن رجال عشق جارية سوداء ُ‬
‫بھا‪ ،‬فلما حضرته الوفاة‪ ،‬قيل له‪ :‬قل ال إله إال ‪ .‬فما زال يردد‪:‬‬
‫الكالب‬
‫ِ‬ ‫أحب لحبھا السودان حتى‪.....‬أحب لحبھا سُود‬
‫حتى مات على ذالك‪.‬‬
‫لحظات حاسمة‬ ‫ٌ‬ ‫نسألك اللھم حسن الخاتمة‪....‬فھي وربي‬
‫يقول ابن القيم رحمة عليه‪ :‬كان النصارى إذا أرادوا أن‬
‫ينصروا أسيرا مسلما عرضوا له امرأة جميلة وأمروھا أن تطمعه‬
‫في نفسھا‪ ،‬حتى إذا تمكن حبھا من قلبه‪ ،‬بذلت له نفسھا بشرط أن‬
‫يدخل في دينھا‪ ،‬فھناك‪" :‬يثبت الذين آمنوا بالقول الثابت"‪.‬‬
‫وقد فتن بعض المسلمين الذين يعيشون في بالد الغرب اليوم‬
‫بالزواج من الكافرات‪ ،‬طمعا في الحصول على جنسيات بالدھم‪ ،‬ثم‬
‫انزلقوا إلى حضيض الكفر والعياذ با‪ ./‬تشترط إحداھن العقد في‬
‫الكنيسة‪ ،‬على ِشرعة الكنيسة‪ ،‬وبمباركة رجال الكنيسة‪ ،‬ثم تتردد‬
‫بعدھا بأوالدھا على الكنيسة لتفسد ِ َ َ‬
‫فطرھم‪" ،‬فأبواه يھودانه أو‬
‫ينصرانه أو يمجسانه"‪.‬‬
‫وينشأ ناشئ الفتيان فينا‪.....‬على ما كان عوده أبوه‬
‫وما دعاة تمكين النساء من اختالطھن بالرجال الذي ھو أصل كل‬
‫بلية وشر‪ ،‬والذين ينبحون اليوم من كل قناة ويقيئون سمومھم في‬
‫كل صفحة‪ ،‬إال دعاة فتنة تتغذى وتعوي من وراء الجدر‪ ،‬فعلى كل‬
‫غيور وذي والية أن يسعى بإحباط ذالك المد التغريبي الفوضوي‬
‫حسب وسعه‪.‬‬
‫فإن خنعت حمات الوكر أضحت‪.....‬نساء الحي تحلف بالطالق‬
‫وليعلم أن معول الباطل معول ضعيف‪ .‬فقد قضى ‪" :‬إن كيد‬
‫وزخرف أقوالھم خداع ساحر‪" ،‬وال يفلح‬ ‫الشيطان كان ضعيفا" ُ‬
‫الساحر"‪ ،‬ومفسدون‪" ،‬و ال يصلح عمل المفسدين"‪ ،‬ولكن ‬
‫ابتالء بأيدي المؤمنين‪" ،‬ذالك ولو يشاء النتصر منھم‬‫ً‬ ‫جعل ذالك‬
‫ولكن ليبلو بعضكم ببعض"‪.‬‬
‫فلوال رجال مؤمنون لھ ُِّدمت‪......‬منائر دين من كل جانب‬
‫"فاتقوا الدنيا واتقوا النساء‪ ،‬فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في‬
‫النساء"‬
‫ً‬
‫ُرضة‪.....‬فذو العجز من َتثنيه عن دينه‬ ‫فال تك ليلى دون دينك ع‬
‫ليلى‬
‫واحد صباحا ومسا‪:‬‬‫اعصي الھوى‪ ،‬واتق النساء‪ُ ْ ،‬‬
‫َ‬
‫بريق الحور‬ ‫يكون‬
‫َ‬ ‫ال كنت إن لم أصم عن كل فاتنة‪......‬حتى‬
‫إفطاري‬
‫وإياك والتلون‪ ،‬فإن دين واحد‪.‬‬
‫يارب ثبتنا على اإليمان‪....‬ونجنا من سبل الشيطان‬
‫سابعا‪:‬‬
‫العمل باألوامر والنواھي في استسالم وحب وانقياد ‪ /‬رب العالمين‬
‫مثبت على الدين‪ ،‬لعموم قول ‪" :‬ولو أنھم فعلوا ما يوعظون به‬
‫لكان خيرا لھم وأشد تثبيتا وإذا آلتينھم من لدنا أجرا عظيما‬
‫ولھديناھم صراطا مستقيما"‪.‬‬
‫ُحدث الملھم العبقري‪ ،‬كان شديد‬ ‫ھذا عمر رضي عنه‪ ،‬الم َ َّ‬
‫غيرة أعني رسول صلى ‬ ‫غيرته أعظم الناس ْ‬ ‫الغيرة‪ ،‬ذكر َ ْ‬
‫عليه وسلم حين قال كما في الصحيح‪" :‬دخلت الجنة البارحة‪،‬‬
‫درة بيضاء بفنائه جارية‪ ،‬فقلت لجبريل‪ :‬لمن‬ ‫فرأيت فيھا قصرا من ّ‬
‫ھذا القصر؟ قال‪ :‬لعمر بن الخطاب‪ ،‬قال‪ :‬فھممت أن أدخله ثم‬
‫ذكرت غيرتك ياعمر فوليت مدبرا" فبكى عمر وقال‪" :‬أفديك بأبي‬
‫وأمي يارسول ! أعليك أغار؟!"‪ .‬ومع ذالك كانت زوجه عاتكة‬
‫كثيرة االختالف إلى مسجد رسول صلى عليه وسلم للصالة‬
‫فيه‪ .‬تستأذنه فيسكت‪" ،‬ألخرجن إال أن تمنعني"‪ .‬فيسكت! ُ‬
‫وتكثر‬
‫الترداد على المسجد لتشھد الصبح والعشاء‪ .‬فقيل لھا‪ :‬أتخرجين وقد‬
‫تعلمين أنه يغار ويكره ما تفعلين؟ قالت‪ :‬فما يمنعه أن يمنعني أو‬
‫ينھاني؟ قالوا‪ :‬يمنعه قول رسول ‪ :‬ال تمنعوا إماء مساجد‬
‫ "‪.‬‬
‫إنه عمر رضي عنه‪ ،‬جبل ال تحركه العواصف وال تھزه‬
‫القواصف‪ ،‬مع شدة غيرته مستسلم منقاد لما نھى عنه رسول ‬
‫وإن خالف ھواه‪ .‬حاله‪:‬‬
‫نفسي فدى رسول ‪.‬‬
‫مت سمعا وطاعة‪......‬وقلت لداع الموت أھال‬ ‫فلو قال لي مت ُّ‬
‫ومرحبا‬
‫وو لن تثبت قدم على اإلسالم إال على قاعدة التسليم ألحكام‬
‫اإلسالم وإن خالفت ھوى النفس واألنام‪" ،‬إنما كان قول المؤمنين‬
‫إذا دعوا إلى ورسوله ليحكم بينھم أن يقولوا سمعنا وأطعنا"‪ ،‬فال‬
‫نتبع القول امتثاال‪" .‬استجيبوا ‪ /‬وللرسول‬ ‫و ال يرجى ثبات إذا لم ُ ْ ِ‬
‫إذا دعاكم لما يحييكم"‪ .‬وإياكم والتلون‪ ،‬فإن دين واحد‪.‬‬
‫يارب ثبتنا على اإليمان‪.....‬ونجنا من سبل الشيطان‬
‫ثامنا‪:‬‬
‫تدبر قصص األنبياء والصالحين من الوحي وتاريخ المسلمين مثبت‬
‫على الدين‪.‬‬
‫قال ‪" :‬وكال نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك‬
‫وجاءك في ھذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين"‪ ،‬ھذا رسول ‬
‫صلى عليه وسلم يقول للمشركين مشيرا إلى الشمس‪" :‬و ما‬
‫أنا بأقدر على أن أدع ما ُبعثت به من أن تستشعلوا منھا شعلة نار"‬
‫زعزع‬
‫َ‬ ‫لو مادت األجبال من تحته‪.....‬أو خرت األفالك ما ُ‬
‫بالتوحيد‪....‬وال يخاف سطوت العبيد‬‫ِ‬ ‫فلم يزل يجھر‬
‫حتى تركنا على البيضاء‪ ،‬ليلھا كنھارھا‪.‬‬
‫فأصبحت سبل الدين الحنيف به‪......‬عوامرا بعد أن كانت أماريتا‬
‫وكان قول إبراھيم عليه السالم حين ألقي في النار‪" :‬حسبي ‬
‫ونعم الوكيل" ولما قال أصحاب موسى‪" :‬إنا لمدركون قال كال إن‬
‫معي ربي سيھدين" وقال ھود لقومه في ثبات دونه الشوامخ‪" :‬إني‬
‫أشھد واشھدوا أني بريئ مما تشركون من دونه فكيدوني جميعا‬
‫ثم ال تنظرون إني توكلت على ربي وربكم"‪ ،‬ولما تبين الحق‬
‫لسحرة فرعون "قالوا آمنا برب ھارون وموسى"‪ ،‬ولما ھددھم‬
‫"فألقطعن أيديكم وأرجلكم من خالف وألصلبنكم في جذوع النخل‬
‫ولتعلمن أينا أشد عذابا وأبقى"‪ ،‬قالوا في ثبات الرواسي‪" :‬لن‬
‫نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض‬
‫إنما تقضي ھذه الحياة الدنيا"‪ ،‬فأصبحوا سحرة‪ ،‬وأمسوا شھداء‬
‫بررة‪" ،‬وذالك فضل يؤتيه من يشاء و ذو الفضل العظيم"‪.‬‬
‫وذالكم شيخ أھل السنة وإمام ھذه األمة في المحنة‪ ،‬أحمد رحمه ‪.‬‬
‫القسورة الرِّ ْئبا ُل‬ ‫ھصمصم َ‬
‫تحذره األبطا ُل‪.....‬كأنه ْ‬ ‫َ َْ َ ٌ‬
‫تداوله ثالثة خلفاء يسلطون عليه من شرق األرض وغربھا‪ ،‬ومعھم‬
‫من العلماء والقضاة والمتكلمين والوزراء واألمراء ماال يحصى‪،‬‬
‫ُجبھم إلى كلمة‪ ،‬وما رجع عن ما جاء به‬ ‫فما كتم وما ترخص ولم ي ِ‬
‫الكتاب والسنة‪ ،‬يناظرونه ثالثة أيام متصلة وھو ثابت على قوله ما‬
‫الجنان مستضيئ بالقرآن‪ ،‬قوي باإليمان‪.‬‬ ‫لحن في كلمة‪ .‬ألن َ‬
‫الجنان‪....‬لتلعثم اللسان وتالش البيان‬ ‫ولو اضطرب اإليمان في َ‬
‫وھل يضيق فسيح األرض عن رجل‪.....‬وقلبه بكتاب متص ُل‬
‫يجادلونه بالباطل‪ ،‬وما ضل قوم بعد ھُدى إال أوتوا الجدل‪ ،‬وم ُِنعوا‬
‫العمل‪ ،‬يقولون‪ " :‬خالق كل شيئ" والقرآن شيئ فھو مخلوق!‬
‫قال‪ :‬إن يقول‪" :‬تدمر كل شيئ بأمر ربھا" فھل دمرت غير ما‬
‫أراد ربھا من عاد‪ ،‬ما دمرت مساكنھم‪ .‬فأفحمھم‪.‬‬
‫قالوا‪" :‬إنا جعلناه قرآنا عربيا" يعني خلقناه قرآنا عربيا!‪ .‬قال‪:‬‬
‫"فجعلھم كعصف مأكول" أمعناھا فخلقھم كعصف مأكول‪ ،‬فأغصھم‬
‫بريقھم‪.‬‬
‫ويقف الخليفة على رأسه‪ :‬يا أحمد؟ إني شفيق عليك كشفقتي على‬
‫ابني! قل لي أدنى كلمة لك فيھا فرج‪ ،‬ألفك قيدك بيدي‪َ ِّ َ ُ ،‬‬
‫وأكثر‬
‫وأنوِّ ه باسمك‪ .‬والمثبطون يقولون‪ :‬إمامك على رأسك قائم‬ ‫أتباعك ُ َ‬
‫أجبه!؟‪ .‬قال‪ :‬إيتوني بشيئ من كتاب وسنة رسوله صلى ‬
‫عليه وسلم‪ .‬فقال الخليفة‪ :‬لعنك !‪ .‬وأمر الجالدين بضربه فكان‬
‫الواحد يضرب بقوته والخليفة يقول‪ :‬أوجع‪ ،‬قطع يدك! حتى‬
‫ُأغمي على اإلمام‪ ،‬ثم َرموا عليه حصيرا وكبوه على وجھه‬
‫وداسوه‪ ،‬فلما أفاق قام يصلي وجراحه تسيل بالدم‪ .‬فقالوا‪ :‬تصلي‬
‫والدم يسيل من بدنك‪.‬‬
‫حسبوا انتقاد الليث أمر ھينا‪.....‬ومن العويص تقنص اآلساد‬
‫قال‪ :‬لقد صلى من ھو خير مني ومنكم عمر وجرحه يثعب دما‪ .‬فما‬
‫أثبت منه قلبا‪.‬‬ ‫كان أحد ْ َ َ‬
‫المناقب‬
‫ِ‬ ‫ً‬
‫صليبة‪.....‬وما كدروا من صفو تلك‬ ‫وما َ َّلينوا منه قناة‬
‫جاءه بعض أصحابه يسھلون عليه الترخص‪ :‬ياإمام‪" .‬إال من أكره‬
‫وقلبه مطمئن باإليمان"‪ .‬قال‪ :‬كيف تصنعوان بحديث خباب‪" :‬لقد‬
‫كان فيمن قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في األرض ويوضع المنشار‬
‫على رأسه فيجعل نصفين‪ ،‬ويمشط بأمشاط الحديد ما يصده ذالك‬
‫عن دينه" فيئسوا منه‪.‬‬
‫المروذي‪ :‬ياأستاذ‪ .‬يقول "وال تقتلوا أنفسكم"‪ .‬قال‪ :‬اخرج‬ ‫يقول ُّ‬
‫فانظر أي شيئ ترى‪ .‬فخرج إلى رحبة دار الخالفة فإذا خلق ال‬
‫يحصيھم إال ‪ ،‬الصحف في أيديھم واألقالم والمحابر في‬
‫أذرعتھم‪ ،‬فقال‪ :‬أي شيئ تعملون؟قالوا‪ :‬ننظر ما يقول أبو عبد ‬
‫فنكتبه!‪ .‬فقال‪ :‬مكانكم اثبتوا‪ .‬فدخل إليه فأخبره‪ ،‬فقال اإلمام‪ :‬أ ُضل‬
‫ھاؤالء؟ أ ُقتل وال أضل ھاؤالء!‪ .‬إذا أجاب العالم تقية‪ ،‬والجاھل‬
‫يجھل فمتى يتبين الحق؟‪.‬‬
‫فلو كان الحديد للينوه‪....‬ولكن كان أشد من الحديد‬
‫ُويطي من أصحاب الشافعي‪ ،‬قدوة في العلم والعمل‪.‬‬ ‫صنونه الب َ ْ‬
‫وذا ِ‬
‫حسن السيرة‬‫أرسل ابن أبي ذؤاد إلى والي مصر أن يمتحنه‪ .‬وكان َ َ‬
‫عند والي مصر‪ .‬فجاءه الوالي وقال‪ :‬ما تقول في القرآن؟ قال‪ :‬كالم‬
‫ منزل غير مخلوق‪ .‬قال الوالي‪ :‬قل فيما بيني وبينك‪ .‬قال‪ :‬إنه‬
‫يقتدي بي مائة ألف ال يدرون ما الخبر‪ ،‬و ال يكون‪ .‬قال الربيع‪:‬‬
‫والغل في عنقه‪ ،‬والقيد في رجليه‪ ،‬وبينھما سلسلة‬ ‫فو لقد رأيته ُ ُّ‬
‫فيھا لبنة تزن أربعين رطال‪ ،‬يزمجر كاألسد ويقول‪ :‬إن خلق‬
‫الخلق بكن‪ .‬فإذا كانت مخلوقة فكأن مخلوقا ُخلِق بمخلوق‪ ،‬كالم ‬
‫منزل غير مخلوق‪ ،‬و إلن أدخلتموني عليه ألصدقنه‪- ،‬يعني‬
‫الواثق‪ -‬وو ألموتن في حديدي ھذا حتى يأتي قوم من بعدي‬
‫يعلمون أنه قد مات في ھذا الشأن قوم في حديدھم‪.‬‬
‫النصدع‬
‫َ‬ ‫ثھالن‬‫شم الشماريخ من َ ْ‬
‫بھدتھا‪َّ ُ .......‬‬
‫لو أن عزمته رامت َ َّ ِ‬
‫ال مساومة‪.‬‬
‫تمت الصفقة‪ ،‬وتحقق البيع‪ ،‬و اشترى‪ ،‬والنفس ال تباع مرتين‪.‬‬
‫بقي في سجنه حتى لقي بحديده‪.‬‬
‫كذاك نفوس ھذا الصِّنف تأبى‪.....‬لغير إلھھا ذل السجود‬
‫فعندھم‪.....‬عز الحياة وعز الموت سيان‬ ‫ُ‬ ‫عافوا التلون في الدنيا‬
‫وذا عبيد الرافضي الملحد الزنديق‪ ،‬يھدد أربعة آالف عالم‬
‫وعابد بالقتل ليردھم عن الترضي عن أصحاب رسول صلى ‬
‫عليه وسلم فاختاروا الموت جميعا‪.‬‬
‫الجان‬
‫ِ‬ ‫ال يصبرون على ضيم يحاوله‪.....‬باغ من اإلنس أو طاغ من‬
‫قبورھم‪.....‬ذرى الشوامخ أو أجوافُ حيتان‬ ‫ُ‬ ‫وال يبالون إن كانت‬
‫وذا الشھيد أبو بكر النابلسي‪ ،‬عليه رحمة العلي‪ ،‬لما قال له جوھر‬
‫قائد العبيديين‪ :‬بلغنا أنك قلت إذا كان مع الرجل عشرة أسھم وجب‬
‫أن يرمي في الروم سھما وفينا تسعة‪ .‬قال‪ :‬ما قلت ھذا! بل قلت إن‬
‫كان معه عشرة وجب أن يرميكم بتسعة ويرمي العاشر فيكم! ألنكم‬
‫غيرتم الملة‪ ،‬وقتلتم الصالحين‪ ،‬وادعيتم األلوھية‪ .‬فضربه وصلبه‬
‫وأمر يھوديا أن يسلخه حيا‪ ،‬فبدأ يسلخه من رأسه وھو يذكر ‪،‬‬
‫حتى إذا بلغ قلبه أشفق اليھودي عليه فوضع السكين في قلبه ليلقى‬
‫ ‪ .‬فرحمة عليه وعلى الظالمين لعنة ‪.‬‬
‫رآه ابن السعساع المصري في ليلته تلك في المنام في أحسن‬
‫صورة وھيأة‪ ،‬فقال‪ :‬ما فعل بك أبا بكر؟ قال‪ :‬حباني خالقي‬
‫بدوام عز‪ ،‬وقربني وأدناني إليه وقال انعم بعيش في جواري‪.‬‬
‫وفي التاريخ الحديث صور لثابتين صابرين ما غيروا وما بدلوا‪.‬‬
‫ھذا المطيعي مفتي الديار المصرية في القرن الماضي‪ ،‬يصدر‬
‫فتوى في مقاطعة المحتل كانت لطمة قاسية بددت كثيرا من‬
‫وتعرض عليه ثروة مُغرية ليتراجع عن فتوى أخرى‪ ،‬فقال‬ ‫أحالمه‪ُ ،‬‬
‫في ثبات واستعالء‪ .‬كلمة تقطر عزا وكرامة وإباء‪ :‬العلم في‬
‫اإلسالم ال يباع‪.‬‬
‫وتزري بالعقود ُّ ُ ّ‬
‫اللؤلئية‬ ‫حالوتھا تخالط كل قلب‪ْ ُ .....‬‬
‫نعم معشر اإلخوة‪.‬‬ ‫ََ‬
‫إذا قام سوق بيع الذمم فإن ذمم المؤمنين الصادقين ال يملك ثمنھا إال‬
‫رب العالمين‪" .‬إن اشترى من المؤمنين"‪ ،‬ومن قبل بنى‬
‫السلطان العثماني بايزيد –الملقب بالصاعقة‪ -‬مسجدا كبيرا جميال‪،‬‬
‫ذا قباب كثيرة‪ ،‬تتوسطھا قبة زجاجية تلتقي تحتھا أشعة الشمس مع‬
‫خيوط الماء من نافورة في منظر ساحر خالب‪ ،‬ولما أتم بناءه ذھب‬
‫ومعه الشيخ الصالح أمير بخارى‪ ،‬ودخل المسجد وطاف في‬
‫أرجائه مُعجبا بفخامته‪ ،‬فرحا بتشييده‪ ،‬وكان ينتظر كلمة ثناء من‬
‫الشيخ الصالح‪ ،‬ولكن الشيخ مشغول بما استفاض من أن السلطان‬
‫يشرب الخمر‪ ،‬فقال بايزيد‪ :‬كيف ترى ياشيخ‪ .‬فكان حاله‪:‬‬
‫أرجِّ ي ال قول غير‪.....‬الحق لي ٌ‬
‫قول وھذا النھج‬ ‫ال ال أخاف وال ُ َ‬
‫نھجي‬
‫وفجرھا قائال‪ :‬مسجد فخم جميل‪ ،‬تنقصه حانة خمر في إحدى‬
‫زواياه يغشاھا السلطان الحين والحين‪ .‬وال أدري ماذا جال بخاطر‬
‫السلطان‪ ،‬وأحسب أن جالل الحق وھيبة العالم الصادق أخذته من‬
‫كل جانب‪ ،‬فسكت صاغرا‪.‬‬
‫كل قريب وبعيد‬ ‫من يخف سلطان ذي العرش المجيد‪....‬خافه ُّ‬
‫عطفا على العلماء الربانيين فھم ركن ركين مثبت على الدين‪،‬‬
‫العلماء األبرار حُمات األوكار‪،‬‬
‫نقضت تنافح عن‪.......‬أوكارھا لم تھب جندا وال‬ ‫َّ‬ ‫إن الصقور إذا‬
‫ثكنا‬
‫العلماء تاج األمة ومنارتھا‪ ،‬ھم روحھا وماء حياتھا‪ ،‬وحين تعصف‬
‫األھواء‪ ،‬وتكثر معاطن البالء‪ ،‬فھم مُالَّحُھا‪،‬‬
‫وإن غاب مالح السفينة وراتمت‪.....‬بھا الريح يوما دبرتھا الضفادع‬
‫تدبرا لقصص األنبياء والعلماء والصالحين‪ .‬وإياك والتلون فإن دين‬
‫ واحد‪.‬‬
‫يارب ثبتنا على اإليمان‪........‬ونجنا من سبل الشيطان‬
‫تاسعا‪:‬‬
‫الثقة بأنك على الحق وأن المستقبل لدين ‪ ،‬مع تعميق التأمل فيما‬
‫أعده للثابتين مثبت على الدين‪ .‬ھذا الرسول يثبت‬
‫المستضعفين حينما أوذا من المشركين بأن المستقبل لھذا الدين‬
‫قائال‪" :‬وليتمن ھذا األمر حتى يسيرا راكب من صنعاء إلى‬
‫حضرموت‪ ،‬ال يخشى إلى والذئب على غنمه‪ ،‬ولكنكم‬
‫تستعجيلون" وحين مرا بآل ياسر وھم يُعذبون‪ ،‬ثبتھم بموعود ‬
‫للصابرين الثابتين‪" :‬صبرا آل ياسر‪ ،‬فإن موعدكم الجنة"‪ .‬وقال‬
‫لألنصار‪" :‬أما إنكم ستلقون بعدي أثرة‪ ،‬فاصبرا حتى تلقوني على‬
‫الحوض"‪.‬‬
‫الثقة با‪ /‬والتشرف بدينه مثبت بإذنه‪.‬‬
‫ھذه طالبة مسلمة جامعية أمريكية ‪ ،‬دكاترتھا متعصبون لباطلھم‪،‬‬
‫يكرھون اإلسالم وما يرمز له من عف ٍة وحياء كحجاب ونقاب‪،‬‬
‫منعوھا من حقوقھا العلمية‪ ،‬وھي متمسكة بدينھا مدافعة عنه‬
‫متشرفة به‪ ،‬إجتمعوا بھا لينقضوا دعائم اإلسالم في قلبھا‪ ،‬فكانت‬
‫شبھھم وأباطيلھم أياما حتى أسكتتھم جميعا‪ ،‬وأرغمتھم على‬ ‫تدفع ُ‬
‫فأعجبوا بثباتھا وإسرارھا على‬ ‫االعتراف بجھلھم وھشاشة باطلھم‪ُ ،‬‬
‫التمسك بدينھا وحجابھا‪ ،‬وتقديم ذالك على كل شيئ في حياتھا مما‬
‫أدى إلى إسالم سبعة من من كانوا يناقشونھا ليشككوھا في دينھا‪.‬‬
‫راموا مغالبة الھدى ِ ِ ْ َ‬
‫ب◌الغيِّ ‪.....‬لكن الھدى َّ‬
‫غالبُ‬
‫ثقة بنصر ‪ ،‬وبأنك على حق ياعبد ‪ ،‬وعودة لكتاب "لنثبت‬
‫به فؤادك" ذا قول ‪ ،‬وذكرا ‪" ،/‬فاثبتوا واذكروا " وال يھولنكم‬
‫الغبار المُثار‪ ،‬فمثيروه سيختنقون به‪ ،‬وتبقى الجبال ھي الجبال‪.‬‬
‫الزمة قرارھا‪....‬وغبار األرض يرتف ُع‬ ‫ً‬ ‫أما ترون جبال األرض‬
‫"فأما الزبد فيذھب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في األرض"‪.‬‬
‫إن شمس النھار تغرب بالليل‪......‬وشمس اإلسالم ليست تغيب‬
‫ُف بدينك! وأبشر! وإياك والتلون‪ ،‬فإن دين ‬ ‫ِْ‬
‫ثق! واثبت! واشر ْ‬
‫واحد‪.‬‬
‫يارب ثبتنا على اإليمان‪....‬ونجنا من سبل الشيطان‬
‫عاشرا‬
‫المبادرة باألعمال الصالحة مثبتة على الدين‪.‬‬
‫"بادروا باألعمال فتنا كقطع الليل المظلم‪ ،‬يصبح الرجل مؤمنا‬
‫ويمسي كافرا"‪ .‬بادروا "ھل تنتظروان إال فقرا منسيا‪ ،‬أو غنى‬
‫مُطغيا‪ ،‬أو مرضا مفسدا‪ ،‬أو ھرما مفندا‪ ،‬أو موتا مجھزا‪ ،‬أو الدجال‬
‫فشر غائب ينتظر‪ ،‬أو الساعة والساعة أدھى وأمر"‪ .‬من ال يدري‬
‫متى يفجأه الموت ينبغي أن يكون مستعدا‪ .‬ال يغترر شاب بشبابه‬
‫فأكثر من يموت الشباب‪" .‬عش ما شئت فإنك ميت‪ ،‬وأحبب من‬
‫شئت فإنك مفارقه‪ ،‬واعمل ما شئت فإنك َ ْ ِ ّ‬
‫مجزي به"‪.‬‬
‫غدا تجتني الغرس‪....‬الذي أنت غارسُ‬
‫اغتنموا فرص الحياة واھتبلوھا‪ ،‬قبل أن تقول نفس‪" :‬ياحسرتا على‬
‫ما فرطت في حنب "‪ .‬وتصيح أخرى‪" :‬فھل إلى مرد من سبيل"‪.‬‬
‫وتتمنى ثالثة‪" :‬ياليتنا نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل"‪ .‬وتجأر‬
‫رابعة‪" :‬رب ارجعون"‪ .‬فال تسمع إال‪" :‬كال"‪.‬‬
‫"سابقوا"‪" ،‬وسارعوا"‪ ،‬و"استبقوا"‪ .‬واستحضروا خاتمة الثابتين‬
‫لتثبتوا‪.‬‬
‫لما حضرت بالالً الوفاة قال‪ :‬وافرحاه! واطرباه! غدا نلقى األحبة‪،‬‬
‫محمدا وحزبه‪.‬‬
‫وطعن حرام رضي عنه فقال‪ :‬أكبر‪ .‬فزت ورب الكعبة!‪.‬‬ ‫ُ‬
‫وجعل أنس يقول‪ :‬لقنوني ال إله إال ! فلم يزل يقولھا حتى قبضه‬
‫ ‪.‬‬
‫وفتح ابن المبارك عينه عند وفاته ثم ضحك وقال‪ :‬لمثل ھذا فليعمل‬
‫العاملون‪.‬‬
‫الشبيلي حين اصطدمت طائرته بالطائر‬ ‫ولقد سمعنا الطيار ُّ‬
‫الكازاخستانية‪ ،‬وواجه الموت في شريط مسجل في برج المراقبة‬
‫في مطار دلھي يردد في ثبات‪ :‬أستغفر ‪ .‬أشھد أن ال إله إال ‪.‬‬
‫بذا لقي ‪ ،‬فعليه رحمة ‪.‬‬
‫"يثبت الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي اآلخرة"‪.‬‬
‫"إن الذين قالوا ربنا ثم استقاموا تتنزل عليھم المالئكة أال تخافوا‬
‫وال تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في‬
‫الحياة الدنيا وفي اآلخرة"‪.‬‬
‫واه‬
‫بادر إذا ما لمحت الخير في عمل‪....‬وخل سوف لعزم خامل ِ‬
‫وإياك والتلون‪ ،‬فإن دين واحد‬
‫يارب ثبتنا على اإليمان‪....‬ونجنا من سبل الشيطان‬
‫حادي عشر‪:‬‬
‫الحذر من التعالم والقول على بال علم مع التواضع في قبول‬
‫الحق واألوبة له مثبة على الدين‪.‬‬
‫بطر الحق ضالل وكبر وتيه‪ ،‬ورائده إبليس يوم قال‪" :‬أنا خير‬
‫منه"‪ .‬وقد قضى ‪" :‬سأصرف عن أياتي الذين يتكبرون في‬
‫األرض بغير الحق وإن يروا كل آية ال يؤمنوا بھا"‪ .‬الرجوع إلى‬
‫الحق خير من التماد في الباطل‪ ،‬وحال الثابت العاقل‪ :‬أرجع إلى‬
‫الحق وأنا صاغر‪ ،‬ألن أكون ذنبا في الحق خير من أن أكون رأسا‬
‫في الباطل‪.‬‬
‫إذا أبديت في العلم رأيا ثم ُبيِّن لك بالدليل القاطع أو الراجح في أن‬
‫ھياب‬‫الحق في غير ما أبديت فاصدع بما استبان لك من الحق غير َّ‬
‫تثبت‪ .‬حالك‪ :‬أخطأت! "وفوق كل ذي علم عليم"‪.‬‬
‫ال تخض فيما ال تعلمه‪" ،‬وال َتْقفُ ما ليس لك به علم"‪ .‬ذاك خلق‬
‫ورثة األنبياء ‪-‬أعني العلماء‪ ،-‬يُسأل أحدھم عن ما ال يعلم فال يجد‬
‫في صدره حرج أن يقول‪ :‬ال أعلم‪.‬‬
‫ھذا مالك رحمه ‪" .‬ليضربن الناس أكباد اإلبل في طلب العلم فال‬
‫يجدون عالما أعلم من عالم المدينة"‪ .‬ومع ذا سأله سائل عن مسألة‬
‫استودعه إياھا أھل المغرب‪ ،‬فقال‪ :‬ما أدري! فقال السائل‪ :‬ياأبا عبد‬
‫ ‪ ،‬تركت خلفي من يقول ليس على وجه األرض أعلم منك‪ .‬فقال‬
‫غير مستوحش‪ :‬إذا رجعت فأخبرھم أني ال أحسن!‪.‬‬
‫وسئل الشعبي عن مسألة فقال‪ :‬ال أدري‪ .‬فقال السائل‪ :‬فبأي شيئ‬
‫تأخذ رزق السلطان‪ .‬قال‪ :‬ألقول فيما ال أدري ال أدري‪.‬‬
‫ما كان لبشر أن يبرئ نفسه من الخطأ ويدعي أنه لم يقل في حياته‬
‫إال صوابا‪.‬‬
‫فليكن شعارك فيما ال تعلم‪ :‬ال أعلم‪ ،‬وعد إلى الحق واقبله من من‬
‫جاء به تثبت وتسلم‪ .‬وإياك والتلون‪ ،‬فإن دين واحد‪.‬‬
‫يارب ثبتنا على اإليمان‪.....‬ونجنا من سبل الشيطان‬
‫أخيرا معشر اإلخوة‪:‬‬
‫واللجأ ُ لمن قلوب العباد بين أصبعين من‬
‫َ‬ ‫الدعاء شدة ورخاء‪،‬‬
‫أصابعه ِّ‬
‫يقلبھا كيف يشاء‪ ،‬ما شيئ يُطمع فيه إال وبيده خزائنه‪ ،‬وما‬
‫مطلب تطلبه بدون عونه‪.‬‬ ‫تعسر مطلب تطلبه مستعينا به‪ ،‬وما تيسر َ َ‬
‫إذا لم يكن عون من للفتى‪.....‬فأول ما يجني عليه اجتھاده‬
‫في كل ركعة من ركعات صالتنا نطلبه تعالى مستعينين به أن‬
‫يھدينا صراطه المستقيم‪ ،‬ويجنبنا طريق المغضوب عليھم‬
‫والضالين‪ ،‬مقدمين لذالك المطلوب العظيم بحمد والثناء عليه‬
‫وتمجيده وتوحيده واالستعانة به‪ .‬فلنطلب ذالك بصد وإخبات لنثبت‬
‫على صراط ‪ ،‬فموعود ‪" :‬ولعبدي ما سأل" بذا أخبر رسول‬
‫ ‪.‬‬
‫ھذا الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن‬
‫إسحاق بن إبراھيم عليھم صلوات وسالم رب العالمين‪ ،‬تتبرج له‬
‫الفتنة في أعلى حللھا‪ ،‬ومن شامخ ُ َ ِ‬
‫قللھا‪.‬‬
‫فھو شاب عزب غريب‪ ،‬خادم في بيت العزيز‪ ،‬المرأة العزيز عليه‬
‫األمر والنھي‪ ،‬وھي ذات منصب وجمال‪ ،‬وزوجھا بعيد عنھا‪ ،‬وھو‬
‫الغيرة‪ ،‬ومع ذا "غلقت األبواب وقالت ھيت لك"‬ ‫مع ذا قليل َ ْ‬
‫فما ضره أن غلقت أبواب األرض لما فتح له أبواب السماء‪،‬‬
‫"قال معاذ " فعصمه ‪.‬‬
‫ومن الذ با‪ /‬في دربه‪.....‬كفاه المھيمن من كل شر‬
‫ھذا سيلي من جنوب إفريقيا‪ .‬يقول‪ :‬كنت قسيسا نشطا للغاية‪ ،‬ولذا‬
‫اختارني الفاتكان ألكون من كبار المنصرين في جنوب إفريقيا‪،‬‬
‫ودعمني باألموال‪ ،‬وكنت أستخدم كل الوسائل للوصول لھدفي‪،‬‬
‫أدفع من تلك األموال مساعدات وھبات وھدايا ً والكنيسة تغدق علي‪،‬‬
‫وفي يوم ما ذھبت لمركز تجاري ألشتري بعض الھدايا التي أخدع‬
‫بھا السذج من الناس‪ ،‬وكانت المفاجئة‪ ،‬بائع الھدايا رجل يلبس‬
‫القلنسوة‪ ،‬تفاوضت معه وعرفت أنه مسلم‪ ،‬وعرف أني قسيس‬
‫فمالبس ذات اللياقة البيضاء دالة علي‪ ،‬وبعد أن اشتريت ما أريد‪،‬‬
‫سألني الشاب المسلم‪ :‬أأنت قسيس؟ قلت‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬من إلھك؟ قلت‬
‫المسيح‪ .‬قال الشاب المسلم‪ :‬إنني أتحداك أن تأتيني بآية واحدة من‬
‫اإلنجيل تقول على لسان المسيح شخصيا أنه قال‪ :‬أنا أو ابن ‬
‫فاعبدوني!‪ .‬قال‪ :‬وقعت كلماته على رأسي كالصاعقة‪ ،‬ولم أستطع‬
‫أن أجيب‪ .‬حاولت أن أعود بذاكرتي إلى كتب األناجيل ألجد جوابا‬
‫وأحرجت‪ ،‬وركبني الھم والغم‪،‬‬ ‫شافيا فلم أجد‪ُ .‬أسقط في يدي‪ُ .‬‬
‫وتركته وھمت على وجھي وبحثت عن إجابة في كتب النصرانية‬
‫فعجزت وھُزمت‪ ،‬ذھبت إلى المجلس الكنسي وطلبت اإلجتماع‬
‫لھذه القضية‪ ،‬وأخبرتھم بما سمعت‪ .‬فھاجموني! خدعك الھندي!‬
‫أضلك الھندي!‪ .‬ويعنون بالھندي المسلم‪ .‬فقلت‪ :‬أجيبوني؟ فلم يجب‬
‫أحد! وفي يوم األحد الذي ألقي فيه درسي في الكنيسة‪ ،‬وقفت أمام‬
‫الناس ألتحدث فلم أستطع‪ ،‬فاسحبت إلى داخل الكنيسة وطلبت من‬
‫صديق لي أن ينوب عني في الموعظة‪ ،‬ألنني منھك منھار محطم‬
‫نفسيا‪.‬‬
‫ذھبت لمنزلي في حلة ذھول وضيق‪ ،‬وفي زاوية من زواياه‬
‫الصغيرة‪ .‬جلست أنتحب! ثم رفعت بصري إلى السماء وأخذت‬
‫أدعو‪ .‬ثم قلت‪ :‬أدعو من؟ ثم توجھت إلى من ھو اإلله الحق وقلت‬
‫في دعائي‪ :‬رب خالقي لقد ُأقفت األبواب في وجھي سوى بابك‪ ،‬فال‬
‫ُكني في حيرتي‬ ‫تحرمني من معرفت الحق‪ .‬يارب يارب! ال تتر َ ِّ‬
‫ألھمني الصواب ودلني على الحقيقة‪ ،‬يارب‪ ،‬يارب‪ .‬فھداه من قلبه‬
‫بيده إلى دين اإلسالم‪ ،‬فأعلن الدخول في دين بعد ذالك‪ ،‬وتسمى‬
‫بإبراھيم‪ ،‬وصار من الدعات إلى اإلسالم بفضل المولى‪.‬‬
‫والليل ولى والظالم تبددا‪.‬‬
‫وفي الحديث القدسي كما أخبر المصطفى‪" :‬ياعبادي كلكم ضال إال‬
‫من ھديته فاستھدوني أھدكم" فاللھم اھدنا‪.‬‬
‫يابن اإلسالم‪ :‬خذ بأسباب الھداية واطلبھا بصدق من من يقول‪:‬‬
‫"إني قريب أجيب"‪ ،‬من قصد باب الكريم ال يخيب‪.‬اقصده واضرع‬
‫إليه‪.‬‬
‫يامقلب القلوب ثبت قلبي على دينك‪ .‬يامصرف القلوب صرف قلبي‬
‫على طاعتك‪ .‬اھدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك‪ ،‬إنك تھدي من‬
‫تشاء إلى صراط مستقيم‪.‬‬
‫العوالم‬
‫ِ‬ ‫أيافالق اإلصباح والحب والنوى‪.....‬وياقسم األرزاق بين‬
‫البھائم‬
‫ِ‬ ‫وياكافل الحيتان في لج بحرھا‪.....‬ويامؤنسا في البر وحش‬
‫عدا وقطر‬‫ويامحصي األوراق والنبت والحصى‪....‬ورمل الفال ًّ‬
‫الغمائم‬
‫ِ‬
‫عاصم‬ ‫ِ‬ ‫الزيغ‪....‬واألھواء ياخير‬‫إليك توسلنا بك اعصم قلوبنا من َّ ْ‬
‫الدعاء الدعاء‪" .‬أعجز الناس من عجز عن الدعاء"‬
‫ادع بالثبات‪ ،‬وإياك والتلون‪ ،‬فإن دين واحد‪.‬‬
‫يارب ثبتنا على اإليمان‪....‬ونجنا من سبل الشيطان‬
‫مختصر القول معشر اإلخوة قول من لنا فيه أسوة‪" :‬تركت فيكم ما‬
‫إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا‪ .‬كتاب وسنتي"‪.‬‬
‫عد إلى الروضة إن الغيث يھمي‪.....‬في روابيھا ويكسوھا جالال‬
‫"إن الضاللة حق الضاللة أن تنكر اليوم ما كنت تعرف قبل اليوم‪،‬‬
‫وأن تعرف اليوم ما كنت تنكر قبل اليوم‪ .‬إياك والتلون فإن دين ‬
‫واحد"‪.‬‬
‫اللھم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه‪ ،‬والباطل باطال وارزقنا‬
‫اجتنابه‪ .‬نعوذ بك اللھم من الحور بعد الكور‪ ،‬والضالل بعد الھدى‪،‬‬
‫ربنا ال تزغ قلوبنا بعد إن ھديتنا وھب لنا من لدنك رحمة إنك أنت‬
‫الوھاب‪.‬‬
‫م َُّن علينا رب بالتثبيت‪......‬عند السؤال ليلة المبيت‬
‫يارب ثبتنا على اإليمان‪.....‬ونجنا من سبل الشيطان‬
‫نسألك اللھم حسن الخاتمة‪....‬فھي وربي لحظات حاسمة‬
‫ونسأل المولى لنا السعادة‪.....‬والفوز عند الموت بالشھادة‬
‫الشاد‪....‬على محمد النبي الھادي‬
‫ِ‬ ‫ثم الصالة ما تغنى‬
‫الصباح‬
‫ِ‬ ‫بالنياح‪.....‬وغرد القمري في‬
‫ِ‬ ‫ما ھتفت ورقاء‬
‫والسالم عليك ورحمة وبركاته‪.‬‬

‫تمت بحمد وفضله‬


‫‪٢٠١٢/٠٩/٢٥‬‬
‫وبعد ‪ ٠٠٠‬أحبتي في ھذه كانت محاضرات الشيخ علي‬
‫القرني حفظه في موضوعات مختلفة ولكن ھذه روابط‬
‫خطبتين لم أجد تفريغھما و ھما ابدأ من جديد‬
‫‪http://www.wasber.com/up/uploads/13540370101.mp3‬‬
‫و خطبة فاستبقوا الخيرات و لن تجدھا اال على ھذا‬
‫الرابط‬
‫‪http://www.wasber.com/up/uploads/13528285601.mp3‬‬

‫وقد نقلتھا من مواقع مختلفة و منھا موقع طريق السلف و‬


‫صيد الفوائد أما محاضراته عن النبي صلى عليه‬
‫وصحبه وسلم و أخالقه و الذب عنه فستكون في كتاب آخر‬
‫بإذن تعالى والسالم عليكم و رحمة و بركاته‪٠٠‬‬
‫محب العلم و العلماء أخوكم أحمد بن علي مرتضى غفر ‬
‫له و لجميع المسلمين آمين‪ ٠٠٠‬الثالثاء ‪ ١٤‬محرم ‪١٤٣١‬‬
‫ھجري و ‪ ٢٧‬نوفمبر ‪٢٠١٢‬‬

You might also like