You are on page 1of 40

See discussions, stats, and author profiles for this publication at: https://www.researchgate.

net/publication/331645925

‫أﺳﺒﺎب اﻟﻐﻠﻮ واﻟﺘﻄﺮف ﻋﻨﺪ اﻟﺸﺒﺎب وﺳﺒﻞ ﻣﻌﺎﻟﺠﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ واﻟﺴﻨﺔ اﻟﻨﺒﻮﻳﺔ‬

Research · August 2017

CITATIONS READS
0 4,662

1 author:

‫ ﻋﺒﺪه أﺣﻤﺪ ﻓﻀﻞ اﻟﺴﻴﺪ اﻟﻌﻠﻮم واﻟﺪراﺳﺎت اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺑﺮﻣﺎح‬.‫د‬


‫ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻤﺠﻤﻌﺔ اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ‬
3 PUBLICATIONS   0 CITATIONS   

SEE PROFILE

Some of the authors of this publication are also working on these related projects:

‫ ﺗﺄﻟﻴﻒ ﻛﺘﺎب ﻓﻲ اﺣﺎدﻳﺚ اﻷﺣﻜﺎم‬View project

‫ ﺑﺤﻮث ﻣﻨﺸﻮرة‬View project

All content following this page was uploaded by ‫ ﻋﺒﺪه أﺣﻤﺪ ﻓﻀﻞ اﻟﺴﻴﺪ اﻟﻌﻠﻮم واﻟﺪراﺳﺎت اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺑﺮﻣﺎح‬.‫ د‬on 11 March 2019.

The user has requested enhancement of the downloaded file.


‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬

‫أسباب الغلو والتطرف عند الشباب وسبل معالجتها من خالل القرآن‬


‫الكريم والسنة النبوية‬

‫أعده‪:‬‬
‫د‪ /‬عبده أحمد فضل السيد فضل هللا‬
‫أستاذ مساعد في كلية العلوم والدراسات اإلنسانية‬
‫بجامعة المجمعة‬

‫‪1439‬هـ ‪2017 -‬م‬

‫‪0‬‬
‫املقدمة‬

‫احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬والصالة والسالم على أشرف املرسلني‪ ،‬سيدان حممد وعلى آله وصحبه أمجعني‪،‬‬

‫وبعد‪:‬‬

‫فمما ال شك فيه أن الغلو والتطرف انتشر يف اجملتمع املسلم؛ السيما بني الشباب حىت أصبح‬

‫مطعنا يف اإلسالم من قبل أعدائه الذين ال جيدون شيئا يقدح يف اإلسالم إال أوردوه‪ ،‬فأصبحوا يصفون‬

‫أهل اإلسالم ابلتطرف‪ ،‬وأن دينهم اإلسالمي يدعو له وحيث عليه‪ ،‬وما علموا أن اإلسالم دين الوسطية‬

‫واالعتدال‪ ،‬وأن الغلو والتطرف بعيد كل البعد عن اإلسالم وخصائصه‪.‬‬

‫وأن اإلسالم دين الوسطية‪ ،‬بني الغلو والتقصري‪ ،‬قال هللا تعاىل‪:‬ﭽﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭼ(‪،)1‬‬

‫قال اجلصاص‪ :‬قال أهل اللغة‪ :‬الوسط العدل(‪ ،)2‬وهو الذي بني املقصر والغايل"(‪.)3‬‬

‫وهو خطاب جلميع األمة‪ ،‬أوهلا وآخرها‪ ،‬من كان منهم موجودا يف وقت نزول اآلية‪ ،‬ومن أييت بعدهم‪،‬‬

‫وقد حذر النيب‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬من الغلو‪ ،‬وأنكر على عثمان بن مظعون التزامه قيام الليل‬

‫وصيام النهار‪ ،‬واجتناب النساء‪ ،‬وقال له‪" :‬أرغبت عن سنيت"‪ ،‬فقال‪ :‬بل سنتك أطلب‪ ،‬قال‪" :‬فإين‬

‫أانم وأصلي‪ ،‬وأصوم وأفطر‪ ،‬وأنكح النساء‪ ،‬فاتق هللا اي عثمان فإن ألهلك عليك حقا وإن لضيفك‬

‫عليك حقا‪ ،‬وإن لنفسك عليك حقا‪ ،‬فصم وأفطر ِ‬


‫وصل ومن(‪.")4‬‬

‫‪ .1‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية ‪.143‬‬


‫‪ .2‬الفروق اللغوية ص ‪ ،308‬أتليف‪ :‬أبو هالل احلسن بن عبد هللا بن سهل بن سعيد بن حيىي بن مهران العسكري‪،‬‬
‫حتقيق‪ :‬حممد إبراهيم سليم‪ ،‬الناشر‪ :‬دار العلم والثقافة – القاهرة‪ ،‬بدون اتريخ ‪.‬‬
‫‪ .3‬أحكام القرآن ‪ ،180/1‬أتليف‪ :‬أمحد بن علي املكىن أبيب بكر الرازي اجلصاص احلنفي‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد الصادق‬
‫قمحاوى‪ ،‬الناشر‪ :‬دار احياء الرتاث العرىب ـ بريوت ‪1405‬هـ‪.‬‬
‫‪ .4‬سنن أيب داود ‪ 5‬كتاب التطوع ‪ 28‬ابب ما يؤمر به من القصد يف الصالة ‪ 520/2‬حديث رقم ‪ ،1369‬أتليف‪:‬‬
‫أبو داود سليمان بن األشعث السجستاين‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الرسالة العاملية – بريوت‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1430‬ه ‪2009 -‬م‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫وسأتناول يف حبثي هذا أسباب الغلو والتطرف عند الشباب وسبل معاجلتها من خالل القرآن الكرمي‬

‫والسنة النبوية من خالل أربعة مباحث‪ ،‬وذلك كما أييت‪:‬‬

‫املبحث األول‪ :‬تعريف الغلو والتطرف لغة واصطالحا‪ ،‬وفيه مخسة مطالب‪:‬‬

‫املطلب األول‪ :‬تعريف الغلو لغة‪.‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬تعريف الغلو اصطالحا‪.‬‬

‫املطالب الثالث‪ :‬تعريف التطرف لغة‪.‬‬

‫املطلب الرابع‪ :‬تعريف التطرف اصطالحا‬

‫املطلب اخلام ‪ :‬العالقة بني الغلو والتطرف‪.‬‬

‫املبحث الثاين‪ :‬بعض أسباب الغلو والتطرف‪ ،‬وفيه أربعة مطالب‪:‬‬

‫املطلب األول‪ :‬اجلهل بكتاب هللا عز وجل‪.‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬اجلهل بسنة النيب صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬اجلهل مبنهج السلف الصاحل‬

‫املطلب الرابع‪ :‬االبتعاد عن الوسطية‪.‬‬

‫املبحث الثالث‪ :‬اآلاثر املرتتبة على الغلو والتطرف‪ ،‬وفيه ثالثة مطالب‪:‬‬

‫املطلب األول‪ :‬تكفري أهل اإلسالم‪.‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬التنفري من اإلسالم‪.‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬وصف اإلسالم مبا ال يليق من أعدائه‪.‬‬

‫املبحث الرابع‪ :‬عالج مشكلة الغلو والتطرف‪ ،‬وفيه ثالثة مطالب‪:‬‬

‫املطلب األول‪ :‬التمسك ابلكتاب والسنة على فهم السلف الصاحل‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬تلقي العلم عن العلماء الرابنيني‪.‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬اختاذ القرون األوىل املفضلة قدوة للشباب‪.‬‬

‫مث أحلقت البحث خبامتة‪ ،‬ذكرت فيها أهم نتائجه ‪.‬‬

‫وهللا ‪ -‬تعاىل ‪ -‬أسأل أن ينفع به‪ ،‬وصلى هللا وسلم على نبينا حممد وعلى آله وصحبه‪ ،‬واحلمد هلل رب‬

‫العاملني‪.‬‬

‫املبحث األول‪ :‬تعريف الغلو والتطرف لغة واصطالحاً‪ ،‬وفيه ثالثة مطالب‪:‬‬

‫املطلب األول‪ :‬تعريف الغلو لغةً‪:‬‬

‫تدور األحرف األصلية هلذه الكلمة ومشتقاهتا على معىن واحد‪ ،‬يدل على‪ :‬جماوزة احلد والقدر‪.‬‬

‫قال ابن فارس‪-‬رمحه هللا تعاىل‪ :-‬الغني والالم واحلرف املعتل‪ :‬أصل صحيح يدل على ارتفاع وجماوزة‬

‫قدر‪ ،‬يقال ‪ :‬غال السعر يغلو غالء‪ ،‬وذلك ارتفاعه‪ ،‬وغال الرجل يف األمر غلوا إذا جاوز حده(‪.)1‬‬

‫وقال اجلوهري يف الصحاح ‪ :‬غال يف األمر يغلو غلوا‪ ،‬أي جاوز فيه احلد(‪.)2‬‬

‫وقال ابن منظور يف لسان العرب‪ :‬غال يف الدين واألمر يغلو غلوا‪ :‬جاوز حده(‪.)3‬‬

‫غال و َغلِ ّي ضد الرخص‪ ،‬وغال يف األمر غلوا جاوز‬


‫وقال الفريوز آابدري يف القاموس‪ :‬غال غالء فهو ٍ‬

‫ح ّده(‪.)4‬‬

‫‪ .1‬معجم مقايي اللغة ‪ ،387/4‬أتليف‪ :‬أبو احلسني أمحد بن فارس بن زكراي‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد السالم حممد هارون‪،‬‬
‫الناشر‪ :‬دار الفكر‪ -‬بريوت ‪1399‬هـ ‪1979 -‬م‪.‬‬
‫‪ .2‬الصحاح يف اللغة ‪ ،248/6‬أتليف‪ :‬أبو نصر إمساعيل بن محاد اجلوهري‪ ،‬حتقيق‪ :‬أمحد عبد الغفور عطار‪ ،‬الناشر‪:‬‬
‫دار العلم للماليني‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1399‬ه ‪1979 -‬م ‪.‬‬
‫‪ .3‬لسان العرب ‪ ،131/15‬حملمد بن مكرم بن منظور األفريقي املصري‪ ،‬الناشر‪ :‬دار صادر‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة األوىل‪.‬‬
‫‪ .4‬القاموس احمليط ‪ ،700/1‬أتليف‪ :‬حممد يعقوب الفريوز آابدي ـ‪ ،‬دار اجليل‪ ،‬بريوت‪ ،‬بدون رقم طبعة‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬تعريف الغلو اصطالحاً‪:‬‬

‫لقد بني العلماء معىن الغلو يف الدين‪ ،‬ومن ذلك ما قاله النووي‪":‬الغلو هو الزايدة على ما يطلب‬

‫شرعا(‪.")1‬‬

‫وقال ابن حجر‪ :‬هو املبالغة يف الشيء‪ ،‬والتشديد فيه بتجاوز احلد‪ ،‬وفيه معىن التعمق(‪.")2‬‬

‫وقال املناوي‪ :‬الغلو جتاوز احلد(‪.)3‬‬

‫وقال شيخ اإلسالم ابن تيمية رمحه هللا تعاىل‪":‬الغلو‪ :‬جماوزة احلد أبن يزاد يف الشيء يف محده أو ذمه على‬

‫ما يستحق وحنو ذلك(‪.")4‬‬

‫املطالب الثالث‪ :‬تعريف التطرف لغة‪:‬‬

‫قال ابن فارس‪ :‬الطاء والراء والفاء أصالن‪ ،‬فاألول يدل على حد الشيء وحرفه‪ ،‬والثاين‪ :‬يدل على حركة‬

‫فيه(‪.)5‬‬

‫وطرف الشيء يف اللغة ما يقرب من هنايته‪ ،‬وقيل‪ :‬ما زاد عن النصف‪.‬‬

‫قال اجلصاص‪ :‬طرف الشيء إما أن يكون ابتداءه وهنايته ‪ ،‬ويبعد أن يكون ما قرب من الوسط طرفا(‪.)6‬‬

‫‪ .1‬الفواكه الدواين ‪ ،363/1‬أتليف‪ :‬أمحد بن غنيم بن سامل النفراوي‪ ،‬حتقيق‪ :‬رضاء فرحات‪ ،‬الناشر‪:‬مكتبة الثقافة‬
‫الدينية‪ ،‬بدون رقم طبعة‪.‬‬
‫‪ .2‬فتح الباري بشرح صحيح البخاري‪ ،301/12‬أتليف‪ :‬أمحد بن علي بن حجر العسقالين‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد العزيز بن‬
‫عبد هللا بن ابز‪ ،‬الناشر‪:‬دار الفكر ‪ -‬بريوت‪ ،‬بدون رقم طبعة‪.‬‬
‫‪ .3‬التوقيف على مهمات التعاريف ‪ ،540/1‬أتليف‪ :‬حممد عبد الرؤوف املناوي‪ ،‬حتقيق‪ :‬د‪.‬حمممد رضوان الداية‪،‬‬
‫الناشر‪:‬دار الفكر ‪ -‬بريوت‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1410‬هـ‪.‬‬
‫‪ .4‬اقتضاء الصراط املستقيم ملخالفة أصحاب اجلحيم ‪ ،328/1‬أتليف‪ :‬تقي الدين أبو العباس أمحد بن عبد احلليم بن‬
‫تيمية احلراين‪ ،‬حتقيق‪ :‬د‪ .‬انصر عبد الكرمي العقل‪ ،‬حممد عبد القادر عطا ومصطفى عبد القادر عطا‪ ،‬الناشر‪ :‬مكتبة‬
‫الرشد– الرايض‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1404‬ه‪.‬‬
‫‪ .5‬معجم مقايي اللغة ‪.447/3‬‬
‫‪ .6‬أحكام القرآن ‪.250/3‬‬

‫‪4‬‬
‫املطلب الرابع‪ :‬تعريف التطرف اصطالحاً ‪:‬‬

‫لقد أطلق العلماء قدميا كلمة املتطرف على املخالف للشرع‪ ،‬والتطرف على القول املخالف للشرع‪ ،‬وعلى‬

‫الفعل املخالف للشرع‪.‬‬

‫ومن األول ما قاله ابن تيمية‪ ":‬وكثريا ما قد يغلط بعض املتطرفني من الفقهاء يف مثل هذا املقام‪ ،‬فإنه‬

‫يسأل عن شرط واقف‪ ،‬أو ميني حالف‪ ،‬وحنو ذلك‪ ،‬فريى أول الكالم مطلقا أو عاما‪ ،‬وقد قيد يف آخره‪،‬‬

‫فتارة جيعل هذا من ابب تعارض الدليلني‪ ،‬وحيكم عليهما ابألحكام املعروفة للدالئل املتعارضة من‬

‫التكافؤ والرتجيح‪ ،‬واترة يرى أن هذا الكالم متناقض الختالف آخره وأوله‪ ،‬واترة يتلدد تلدد املتحري(‪.")1‬‬

‫املطلب اخلام ‪ :‬العالقة بني الغلو والتطرف‪:‬‬

‫الغلو ‪ -‬يف احلقيقة ‪ -‬أعلى مراتب اإلفراط يف اجلملة‪ ،‬فالغلو يف الكفن مثال‪ :‬هو املغاالة يف مثنه واإلفراط‬

‫فيه ‪.‬‬

‫أخص من التطرف؛ إذ إن التطرف هو جماوزة احل ِّد‪ ،‬والبعد عن التوسط واالعتدال إفراطا أو‬
‫ّ‬ ‫والغلو‬

‫تفريطا‪ ،‬أو بعبارة أخرى‪ :‬سلبا أو إجيااب ‪ ،‬زايدة أو نقصا‪ ،‬سواء كان غلوا أم ال ‪ ،‬إذ العبة ببلوغ طريف‬

‫األمر‪ ،‬وهو الغلو يف قول القائل ‪:‬‬


‫(‪)2‬‬
‫ذميم‬
‫تغل يف شيء من األمر واقتصد ‪ ...‬كال طريف قصد األمور ُ‬
‫ال ُ‬

‫‪ .1‬الفتاوى الكبى ‪ ،301/4‬أتليف‪ :‬تقي الدين أبو العباس أمحد بن عبد احلليم بن تيمية‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد عبدا لقادر‬
‫عطا ومصطفى عبد القادر عطا‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية – بريوت‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1408‬هـ ‪1987 -‬م‪.‬‬
‫‪ .2‬ذكر صاحب قري الضيف أن البيت أليب سليمان حممد بن أمحد بن إبراهيم اخلطايب‪ ،‬انظر قرى الضيف ‪،485/4‬‬
‫أتليف‪ :‬عبد هللا بن حممد بن عبيد بن سفيان بن قي ‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد هللا بن محد املنصور‪ ،‬الناشر‪ :‬أضواء السلف‪،‬‬
‫الرايض‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1997‬م‪ ،‬وخزانة األدب ولب لباب لسان العرب ‪ ،106/2‬أتليف‪ :‬عبد القادر بن عمر‬
‫البغدادي‪ ،‬حتقيق حممد نبيل طريفي‪/‬اميل بديع اليعقوب‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت ‪1998‬م‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫فالغلو أخص من التطرف ابعتبار جماوزة احلد الطبيعي يف الزايدة والنقص‪ ،‬يف حال النقص يسمى‬

‫غلوا إذا ابلغ يف النقص‪ ،‬فيقال‪ :‬غال يف النقص‪ ،‬كما يف قول اليهود جفاء يف حق املسيح ابن مرمي‬

‫عليهما الصالة والسالم‪ ،‬وكذلك يف الزايدة إذا ابلغ فيها كقول النصارى يف املسيح ابن مرمي غلوا ‪.‬‬

‫فقط‬ ‫والتطرف‪ :‬االحنياز إىل طريف األمر‪ ،‬فيشمل الغلو‪ ،‬لكن الغلو أخص منه يف الزايدة واجملاوزة‪ ،‬لي‬

‫مبجرد البعد عن الوسط إىل األطراف ‪.‬‬


‫أو مبعىن آخر‪ :‬كل غلو فهو تطرف‪ ،‬ولي كل ٍ‬
‫تطرف غلوا (‪.)1‬‬

‫املبحث الثاين‪ :‬بعض أسباب الغلو والتطرف‪ ،‬وفيه أربعة مطالب‪:‬‬

‫املطلب األول‪ :‬اجلهل بكتاب هللا عز وجل‪:‬‬

‫لقد أنزل هللا تعاىل القرآن الكرمي هداية للبشرية‪ ،‬وشفاء ملا يف الصدور‪ ،‬وقد تضافرت األدلة على‬

‫بيان ما يف الكتاب العزيز من اهلدى واحلق‪ ،‬وما يف اإلعراض عنه من الضالل والزيغ‪ ،‬ومن هذه االدلة‪:‬‬

‫‪ ‬قوله تعاىل‪ :‬ﭽ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ * ﯳ‬

‫ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﭼ (‪ ،)2‬قال‬

‫ابن عباس رضي هللا عنهما يف تفسري اآليتني‪":‬تضمن هللا ملن قرأ القرآن واتبع ما فيه ان ال يضل يف‬

‫الدنيا‪ ،‬وال يشقى يف اآلخرة(‪.")3‬‬

‫‪ .1‬اجلذور التارخيية حلقيقة الغلو والتطرف واإلرهاب والعنف ص ‪ ،16‬أتليف‪ :‬علي بن عبد العزيز بن علي الشبل‪.‬‬
‫‪ .2‬سورة طه ‪ ،‬اآليتان ‪.123،124‬‬
‫‪ .3‬جامع البيان يف أتويل القرآن ‪ ،389/18‬أتليف‪ :‬حممد بن جرير بن يزيد‪ ،‬أبو جعفر الطبي‪ ،‬حتقيق‪:‬‬
‫أمحد حممد شاكر‪ ،‬الناشر‪ :‬مؤسسة الرسالة –بريوت‪ ،‬الطبعة األوىل ‪ 1420‬هـ ‪ 2000 -‬م‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫‪ ‬قوله تعاىل‪:‬ﭽﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ‬

‫ﭯﭼ(‪ ،)1‬فأمر إبتباع القرآن وحذر من اتباع اولياء من دونه‪ ،‬فذلك ٍ‬


‫مفض إىل الضالل‬

‫واهلالك‪.‬‬

‫‪ ‬قوله تعاىل‪ :‬ﭽ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ* ﮩ ﮪ‬

‫ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ* ﯙ ﯚ‬

‫ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ‬

‫ﯪﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ‬

‫ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﭼ(‪ ،))2‬قال شيخ اإلسالم ابن تيمية –رمحه هللا‪":‬ذكر‬

‫سبحانه وتعاىل أنه جيزي الصادف عن آايته مطلقا –سواء كان مكذاب أو مل يكن‪ -‬سوء‬

‫العذاب مبا كانوا يصدفون‪ ،‬يبني ذلك أن كل من مل يقر مبا جاء به الرسول – صلى هللا عليه‬

‫وسلم‪ -‬فهو كافر سواء اعتقد كذبه أو استكب عن اإلميان به‪ ،‬أو أعرض عنه اتباعا ملا يهواهأ‬

‫أو اراتب فيما جاء به‪ ،‬فكل مكذب مبا جاء به فهو كافر‪ ،‬وقد يكون كافرا من ال يكذبه إذا مل‬

‫‪ .1‬سورة األعراف‪ ،‬اآلية ‪.3‬‬


‫‪ .2‬سورة األنعام‪ ،‬اآلايت ‪.157-155‬‬

‫‪7‬‬
‫يؤمن به‪ ،‬وهلذا أخب هللا يف غري موضع من كتابه ابلضالل والعذاب ملن ترك اتباع ما أنزله‪ ،‬وإن‬

‫كان له نظر وجدل يف عقليات وأمور غيري ذلك‪ ،‬وجعل ذلك من نعوت الكفار واملنافقني(‪.")1‬‬

‫بل إن املفرط يف اتباع القرآن أيمث بتفريطه بعك من اجتهد فإنه مأجور غري مأزور‪ ،‬يقول شيخ‬

‫اإلسالم ابن تيمية – رمحه هللا‪":-‬فمن كان خطؤه لتفريطه فيما جيب عليه من اتباع القرآن واإلميان مثال‪،‬‬

‫أو لتعديه حدود هللا بسلوك السبل اليت هنى عنها‪ ،‬أو إلتباع هواه بغري هدى من هللا‪ ،‬فهو الظامل لنفسه‬

‫وهو من أهل الوعيد‪ ،‬خبالف اجملتهد يف طاعة هللا ورسوله ابطنا وظاهرا‪ ،‬الذي يطلب احلق ابجتهاده كما‬

‫أمره هللا ورسوله‪ ،‬فهذا مغفور له خطؤه(‪.")2‬‬

‫إن القرآن الكرمي هو عمدة امللة‪ ،‬وكلية الشريعة‪ ،‬وينبوع احلكمة‪ ،‬وال طريق إىل هللا –عز وجل‪ -‬سواه‪،‬‬

‫وال جناة ألحد بغريه ‪ ،‬وهذا كله ال حيتاج إىل تقرير واستدالل عليه‪ ،‬ألنه معلوم من دين األمة ابلضرورة‪،‬‬

‫وإذا كان كذلك لزم من رام االطالع على كليات الشريعة‪ ،‬وطمع يف ادراك مقاصدها أن يتخذه مسريه‬

‫وأنسيه‪ ،‬على مر الليايل واألايم‪ ،‬نظرا وعمال ال اقتصارا على أحدمها(‪.")3‬‬

‫وحىت ميكن االستفادة من هذا الكتاب من تفهمه وتدبره وتعقله لقوله تعاىل‪ :‬ﭽﭻ ﭼ ﭽﭾ‬

‫ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﭼ(‪ ،")4‬قال اإلمام الطبي‪-‬رمحه هللا‪" :-‬أفال‬

‫‪ .1‬درء تعارض العقل والنقل ‪ ،56/1‬أتليف‪ :‬تقي الدين أمحد بن عبد السالم بن عبد احلليم بن تيمية‪،‬‬
‫حتقيق‪ :‬عبد اللطيف عبد الرمحن‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية ‪ -‬بريوت ‪1417 -‬هـ ‪1997 -‬م‪.‬‬
‫‪ .2‬جمموع الفتاوى ‪ ،317/3‬أتليف‪ :‬تقي الدين أمحد بن عبد السالم بن عبد احلليم بن تيمية‪ ،‬حتقيق‪:‬‬
‫أنور الباز‪ ،‬عامر اجلزار‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الوفاء‪ -‬بريوت‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪1426‬هـ ‪2005 -‬م‪.‬‬
‫‪ .3‬املوافقات ‪ ،144/4‬أتليف‪ :‬إبراهيم بن موسى بن حممد اللخمي الشاطيب‪ ،‬حتقيق‪ :‬أبو عبيدة مشهور‬
‫ابن حسن‪ ،‬الناشر‪ :‬دار ابن عفان‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1417‬هـ ‪1997 -‬م‪.‬‬
‫‪ .4‬سورة النساء‪ ،‬اآلية ‪.82‬‬

‫‪8‬‬
‫حجة هللا عليهم يف طاعتك واتباع أمرك‪،‬‬
‫يتدبر املبيتون غري الذي تقول هلم‪ ،‬اي حممد كتاب هللا‪ ،‬فيعلموا ّ‬
‫وأن الذي أتيتهم به من التنزيل من عند رهبم‪ ،‬التِّساق معانيه‪ ،‬وائتالف أحكامه‪ ،‬وأتييد بعضه بعضا‬

‫ابلتصديق‪ ،‬وشهادة بعضه لبعض ابلتحقيق‪ ،‬فإن ذلك لو كان من عند غري هللا الختلفت أحكامه‪،‬‬

‫وتناقضت معانيه‪ ،‬وأابن بعضه عن فساد بعض(‪.")1‬‬

‫وقوله‪ :‬ﭽ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺﭼ(‪ ،)2‬وقوله‪ :‬ﭽ ﮑ‬

‫ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﭼ (‪ ،)3‬وهذا التدبر والتأمل ينتج منه فهم الكتاب العزيز‪،‬‬

‫وذلك ابلرجوع يف تفسريه ألهل العلم الذين بينوا معانيه وعدم كتمانه بعد أن أخذ هللا منهم امليثاق على‬

‫ذلك فقال‪ :‬ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬

‫ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭼ(‪ ،)4‬وتبيني العلماء للكتاب يكون‬

‫إبظهار الناس عليه‪ ،‬وتعليمهم نصوصه وتفسريها هلم‪ ،‬وذلك حلاجة الناس للتفسري الصحيح ال سيما إذا‬

‫استشكلت اآلايت وصعب فهمها حىت ال تفهم على غري وجهها‪.‬‬

‫وال تعين حاجة الناس إىل تفسري القرآن أنه خمالف لصريح العقل واحل ‪ ،‬وال ميكن ادراكه‪ ،‬قال شيخ‬

‫اإلسالم ابن تيمية‪ -‬رمحه هللا‪" :‬قد يشكل على كثري من الناس نصوص ال يفهموهنا فتكون مشكلة‬

‫إال‬ ‫ابلنسبة إليهم لعجز فهمهم عن معانيها وال جيوز أن يكون يف القرآن ما خيالف صريح العقل واحل‬

‫ويف القرآن بيان معناه فإن القرآن جعله هللا شفاء ملا يف الصدور وبياان للناس فال جيوز أن يكون خبالف‬

‫‪ .1‬جامع البيان ‪.567/8‬‬


‫‪ .2‬سورة ص‪ ،‬اآلية ‪.29‬‬
‫‪ .3‬سورة حممد‪ ،‬اآلية ‪.24‬‬
‫‪ .4‬سورة ال عمران‪ ،‬اآلية ‪.187‬‬

‫‪9‬‬
‫ذلك ؛ لكن قد ختفى آاثر الرسالة يف بعض األمكنة واألزمنة حىت ال يعرفون ما جاء به الرسول صلى هللا‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ يصريون يف جاهلية‬ ‫عليه وسلم‪ ،‬إما أن ال يعرفوا اللفظ وإما أن يعرفوا اللفظ وال يعرفوا معناه‬

‫بسبب عدم نور النبوة (‪. ")1‬‬

‫ابألهواء‪ ،‬وإمنا يفسر ابلطرق اليت بينها أهل العلم‪،‬‬ ‫لذلك ينبغي أن نعلم أن تفسري كتاب هللا لي‬

‫وأحسن هذه الطرق هي‪:‬‬

‫ا‪ /‬تفسري القرآن ابلقرآن‪:‬‬

‫وال بد ملن يعرتض لتفسري كتاب هللا تعاىل أن ينظر ىف القرآن أوال‪ ،‬فيجمع ما تكرر منه ىف موضوع‬

‫موجزا‪ ،‬ومبا جاء ُمبيَّنا‬


‫واحد‪ ،‬ويقابل اآلايت بعضها ببعض‪ ،‬ليستعني مبا جاء مسهبَا على معرفة ما جاء َ‬
‫فسر القرآن‬
‫على فهم ما جاء ُجم ْمال‪ ،‬وليحمل املطْلَق على املقيَّد‪ ،‬والعام على اخلاص‪ ،‬وهبذا يكون قد َّ‬
‫ُ‬
‫ابلقرآن‪ ،‬وفهم مراد هللا مبا جاء عن هللا‪ ،‬وهذه مرحلة ال جيوز ألحد مهما كان أن يعرض عنها‪،‬‬

‫ويتخطاها إىل مرحلة أخرى‪ ،‬ألن صاحب الكالم أدرى مبعاىن كالمه‪ ،‬وأعرف به من غريه‪.‬وعلى هذا‪،‬‬

‫موجزا ىف القرآن مبا جاء ىف موضع آخر ُم ْس َهبا‪ ،‬وذلك‬


‫فمن تفسري القرآن ابلقرآن‪ :‬أن يُشرح ما جاء َ‬
‫مطولة ىف موضع آخر‪ ،‬وكقصة‬
‫كقصة آدم وإبلي ‪ ،‬جاءت خمتصرة ىف بعض املواضع‪ ،‬وجاءت ُم ْس َهبة َّ‬

‫فصلة ىف موضع آخر‪.‬‬


‫وجزة ىف بعض املواضع‪ ،‬وجاءت ُم ْسهبَة ُم َّ‬
‫موسى وفرعون‪ ،‬جاءت ُم َ‬

‫املبني لِيُ َّ‬


‫فسر به‪ ،‬وأمثلة ذلك كثرية ىف القرآن‪ ،‬فمن‬ ‫اجململ على َّ‬
‫ومن تفسري القرآن ابلقرآن‪ :‬أن ُحيمل َ‬

‫ذلك تفسري قوله تعاىل ىف سورة غافر‪ :‬ﭽ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﭼ(‪،)2‬‬

‫عجل ىف الدنيا‪ ،‬لقوله تعاىل ىف آخر هذه السورة‪ :‬ﭽ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ‬


‫أبنه العذاب األدىن امل َّ‬
‫ُ‬

‫جمموع الفتاوى ‪.307/17‬‬ ‫‪.1‬‬


‫‪ .2‬سورة غافر‪ ،‬اآلية ‪.28‬‬

‫‪10‬‬
‫ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﭼ(‪ ،)1‬ومنه تفسري قوله تعاىل ىف سورة النساء‪ :‬ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ‬

‫ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭼ(‪ )2‬أبهل الكتاب‬

‫لقوله تعاىل ىف السورة نفسها‪:‬ﭽ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ‬

‫ﰂ ﰃ ﰄﭼ }‪ ،‬ومنه قوله تعاىل ىف سورة البقرة‪ :‬ﭽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂﭼ ‪َّ ،‬‬


‫فسرهتا‬ ‫(‪)4‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫اآلية [‪ ]23‬من سورة األعراف‪:‬ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬

‫ﭜﭼ(‪ ،)5‬ومنه قوله تعاىل ىف سورة األنعام‪ :‬ﭽ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ‬

‫فسرهتا آية‪ :‬ﭽ ﭝ ﭞ ﭟ ﭼ(‪ ،)7‬اآلية [‪ ]23‬من سورة القيامة‪ ،‬ومنه قوله تعاىل ىف‬
‫َّ‬
‫(‪)6‬‬
‫ﭪﭼ‬

‫سورة املائدة آية [‪:]1‬ﭽ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ‬

‫ﮗ ﭼ(‪ ،)8‬فسرهتا آية ﭽ ﭑ ﭒ ﭓﭼ(‪ ،)9‬اآلية [‪ ]3‬من السورة نفسها‪.‬‬

‫ومن تفسري القرآن ابلقرآن محل املطْلق على املقيَّد‪ ،‬والعام على اخلاص‪ ،‬فمن األول‪ :‬ما نقله الغزاىل عن‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫َّل له أبية‬
‫أكثر الشافعية من محل املُطْلَق على املُقيَّد ىف صورة اختالف احلكمني عند احتاد السبب‪ ،‬ومث َ‬

‫‪ .1‬سورة غافر‪ ،‬اآلية ‪.77‬‬


‫‪ .2‬سورة النساء‪ ،‬اآلية ‪.27‬‬
‫‪ .3‬سورة النساء‪ ،‬اآلية ‪.44‬‬
‫‪ .4‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية ‪.37‬‬
‫‪ .5‬سورة األعراف‪ ،‬اآلية ‪.23‬‬
‫‪ .6‬سورة األنعام‪ ،‬اآلية ‪.103‬‬
‫‪ .7‬سورة القيامة‪ ،‬اآلية ‪.23‬‬
‫‪ .8‬سورة املائدة‪ ،‬اآلية ‪.1‬‬
‫‪ .9‬سورة املائدة‪ ،‬اآلية ‪.3‬‬

‫‪11‬‬
‫الوضوء والتيمم‪ ،‬فإن األيدى ُمقيَّدة ىف الوضوء ابلغاية ىف قوله تعاىل ىف سورة املائدة آية [‪ :]6‬ﭽ ﭑ‬

‫ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭼ (‪ ،)1‬ومطلقة‬

‫ىف التيمم ىف قوله تعاىل ىف اآلية نفسها‪ :‬ﭽ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀﭼ(‪ ،)4‬فقيدت‬

‫ىف التيمم ابملرافق أيضا‪ ،‬ومن أمثلته أيضا عند بعض العلماء‪ :‬آية الظَ َهار مع آية القتل‪ ،‬ففى كفَّارة‬

‫الظَ َهار يقول هللا تعاىل ىف سورة اجملادلة آية [‪ :]3‬ﭽ ﮈ ﮉﭼ(‪ ،)2‬وىف كفَّارة القتل‪ ،‬يقول ىف‬

‫فيحمل املطلق ىف اآلية على املقيَّد ىف‬


‫ُ‬ ‫سورة النساء آية [‪:]93‬ﭽ ﭱ ﭲ ﭳﭼ(‪،)3‬‬
‫ُ‬
‫اآلية الثانية‪ ،‬مبجرد ورود اللفظ املقيد من غري حاجة إىل جامع عند هذا البعض من العلماء‪.‬‬

‫ومن الثاىن‪ :‬نفى اخلُلَّة والشفاعة على جهة العموم ىف قوله تعاىل‪ :‬ﭽ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ‬

‫ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝﮞ ﮟ ﮠ ﮡﭼ(‪ ،)4‬وقد‬

‫استثىن هللا املتقني من نفى اخللة ىف قوله‪ :‬ﭽﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ‬

‫ﮢﭼ(‪ ،)5‬واستثىن ما أذن فيه من الشفاعة بقوله‪ :‬ﭽ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ‬

‫ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗﭼ(‪ ،)6‬ومثل قوله تعاىل‪ :‬ﭽ ﭰ ﭱ‬

‫‪ .1‬سورة املائدة‪ ،‬اآلية ‪.6‬‬


‫‪ .2‬سورة اجملادلة‪ ،‬اآلية ‪.3‬‬
‫‪ .3‬سورة النساء‪ ،‬اآلية ‪.93‬‬
‫‪ .4‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية ‪.254‬‬
‫‪ .5‬سورة الزخرف‪ ،‬اآلية ‪.67‬‬
‫‪ .6‬سورة النجم‪ ،‬اآلية ‪.26‬‬

‫‪12‬‬
‫ص مبثل قوله‪ :‬ﭽﯽ ﯾ ﯿ ﰀ‬ ‫ﭲ ﭳ ﭴ ﭼ ‪ ،‬فإن ما فيها من عموم ُ‬
‫خص ِّ‬
‫(‪)1‬‬

‫ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﭼ (‪ ،)2‬ومن تفسري القرآن ابلقرآن‪ :‬اجلمع بني ما يُتوهم أنه‬

‫خمتلف‪ ،‬كخلق آدم من تراب ىف بعض اآلايت‪ ،‬ومن طني ىف غريها‪ ،‬ومن محأ مسنون‪ ،‬ومن صلصال‪،‬‬

‫فإن هذا ذكر لألطوار الىت َمَّر هبا آدم من مبدأ خلقه إىل نفخ الروح فيه‪ ،‬إىل غري ذلك(‪.)3‬‬

‫‪ /2‬تفسري القرآن ابلسنة‪:‬‬

‫لقد نص هللا –عز وجل‪ -‬يف كتابه العزيز على أن النيب –صلى هللا عليه وسلم‪ -‬مبني للناس ما نزل‬

‫إليهم‪ ،‬وأن هللا كما أنزل عليه القرآن أوحى إليه بيانه يقول سبحانه‪ :‬ﭽﭥ ﭦ ﭧ ﭨ‬

‫ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﭼ(‪ ،)4‬ويقول انصا على أن السنة وحي‪:‬ﭽ ﭛ ﭜ ﭝ‬

‫ﭞ* ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭼ(‪.)5‬‬

‫فإن مل يوجد تفسري للقرآن يف القرآن‪ ،‬فليبحث عما ثبت وصح يف السنة‪ ،‬واألحاديث؛ فإهنا شارحة‬

‫للقرآن‪ ،‬ومبينة له‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﭽﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ‬

‫ﭮﭼ(‪.)6‬‬

‫‪ .1‬سورة النساء‪ ،‬اآلية ‪.123‬‬


‫‪ .2‬سورة الشورى‪ ،‬اآلية ‪.30‬‬
‫‪ .3‬التفسري واملفسرون ‪ ،3/2‬أتليف‪ :‬الدكتور حممد حسني الذهىب‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الشروق‪ ،‬القاهرة‬
‫‪1401‬هـ ‪1981 -‬م‪.‬‬
‫‪ .4‬سورة النحل‪ ،‬اآلية ‪.144‬‬
‫‪ .5‬سورة النجم‪ ،‬اآليتان ‪.4-3‬‬
‫‪ .6‬سورة النحل‪ ،‬اآلية ‪.44‬‬

‫‪13‬‬
‫وقال تعاىل‪ :‬ﭽ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ‬

‫ﭫ ﭼ(‪ ،)1‬وعن املقدام بن معد يكرب‪-‬رضي هللا عنه‪ :-‬أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬

‫قال‪":‬أال إنين أوتيت الكتاب ومثله معه؛ أال يوشك رجل شبعان متكئ على أريكته يقول‪ :‬عليكم هبذا‬

‫الق رآن‪ ،‬فما وجدمت فيه من حالل فأحلوه‪ ،‬وما وجدمت فيه من حرام فحرموه؛ أال ال حيل لكم احلمار‬

‫األهلي‪ ،‬وال أكل ذي انب من السباع‪ ،‬وال لقطة معاهد َّإال أن يستغىن عنها صاحبها‪ ،‬ومن نزل بقوم‬

‫فعليهم أن يقروه‪ ،‬فإن مل يقروه فعليه أن يعقبهم مبثل قراه(‪.")2‬‬

‫قال اإلمام اخلطايب‪-‬رمحه هللا‪: -‬قوله‪":‬أوتيت الكتاب ومثله معه"وجهني‪ :‬أحدمها‪ :‬أن معناه‪ :‬أنه أويت من‬

‫الوحي الباطن غري املتلو مثل ما أعطي من الظاهر املتلو(‪.)3‬‬

‫والثاين‪ :‬أنه أويت الكتاب وحيا يُتلَى‪ ،‬وأوتى من البيان مثله‪ ،‬أي أذن له أن يبني ما يف الكتاب‪ ،‬فيعمم‬

‫املتلو من‬
‫وخيص‪ ،‬ويزيد عليه‪ ،‬ويشرح ما يف الكتاب‪ ،‬فيكون يف وجوب العمل به‪ ،‬ولزوم قبوله كالظاهر ّ‬
‫القرآن‪.‬‬

‫وقوله ‪":‬يوشك رجل‪ "....‬حيذر هبذا القول من خمالفة السنن اليت سنها مما لي له يف القرآن ذكر‪ ،‬على‬

‫ما ذهبت إليه اخلوارج والروافض؛ فإهنم متثلوا بظاهر القرآن‪ ،‬وتركوا السنن اليت قد ضمنت بيان الكتاب‪،‬‬

‫فتحريوا‪ ،‬وضلوا(‪.)4‬‬

‫‪ .1‬سورة اجلمعة‪ ،‬اآلية ‪.2‬‬


‫‪ .2‬سنن أيب داود ‪ 41‬كتاب السنة ‪ 6‬ابب يف لزوم السنة ‪ 328/4‬حديث رقم ‪.4606‬‬
‫‪ .3‬معامل السنن ‪ ،298/4‬أتليف‪ :‬أبو سليمان أمحد بن حممد اخلطايب البسيت‪ ،‬الناشر‪ :‬املطبعة العلمية‪ -‬حلب‪ ،‬الطبعة‬
‫األوىل ‪1351‬هـ ‪1932 -‬م‪.‬‬
‫‪ .4‬اجلامع ألحكام القرآن ‪ ،38/1‬أتليف‪ :‬أبو عبد هللا حممد بن أمحد بن أيب بكر بن فرح األنصاري اخلزرجي مش‬
‫الدين القرطيب‪ ،‬حتقيق‪ :‬مسري البخاري‪ ،‬الناشر‪ :‬دار عامل الكتب‪ ،‬الرايض ‪ 1423‬هـ‪ 2003 /‬م‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫ويف حديث معاذ حني بعثه رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إىل اليمن قال له‪":‬مب حتكم؟ قال‪ :‬بكتاب‬

‫هللا‪ ،‬قال‪ :‬فإن مل جتد؟‪ ،‬قال‪ :‬بسنة رسول هللا‪ ،‬قال‪ :‬فإن مل جتد؟" قال‪ :‬أجتهد رأي وال آلو(‪ ،)1‬فضرب‬

‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يف صدره وقال‪ :‬احلمد هلل الذي وفق رسول رسول هللا ملا يرضي رسول‬

‫هللا(‪.")2‬‬

‫وروى ابن املبارك عن الصحايب اجلليل عمران بن حصني أنه قال لرجل سأله عن أشياء وطلب منه أن‬

‫جييبه ابلقرآن‪":‬إنك رجل أمحق‪ ،‬أجتد الظهر يف كتاب هللا أربعا ال جيهر فيها ابلقراءة‪ ،‬مث عدد عليه‬

‫الصالة والزكاة وحنو هذا ‪ ،‬مث قال ‪ :‬أجتده يف كتاب هللا مفسرا؟! إن كتاب هللا أهبم هذا‪ ،‬وإن السنة تفسر‬

‫هذا(‪ ،)3‬وقال مكحول‪ :‬القرآن أحوج إىل السنة من السنة إىل القرآن(‪ ،)4‬وقال اإلمام أمحد بن‬

‫حنبل‪":‬إن السنة تفسر الكتاب وتبينه(‪.")5‬‬

‫‪ /3‬تفسري القرآن أبقوال الصحابة‪:‬‬


‫ٍ‬
‫وحينئذ إذا مل جند التفسري يف القرآن وال يف السنة رجعنا يف ذلك إىل أقوال الصحابة؛ فإهنم أدرى‬

‫بذلك ملا شاهدوه من القرآن واألحوال اليت اختصوا هبا؛ وملا هلم من الفهم التام والعلم الصحيح والعمل‬

‫الصاحل؛ ال سيما علماؤهم وكباؤهم كاألئمة األربعة اخللفاء الراشدين واألئمة املهديني‪ ،‬كعبد هللا ابن‬

‫مسعود‪ -‬رضي هللا عنه‪ -‬الذي قال‪ ":‬والذي ال إله غريه ما نزلت آية من كتاب هللا إال وأان أعلم فيمن‬

‫‪ .1‬سنن أيب داود ‪ 25‬كتاب األقضية ‪ 11‬ابب اجتهاد الرأي يف القضاء ‪ ،330/3‬حديث رقم ‪.3594‬‬
‫‪ .2‬أي ال أقصر‪ ،‬معجم مقايي اللغة ‪.128/1‬‬
‫‪ .3‬جامع بيان العلم وفضله ‪ ،368/2‬أتليف أيب عمر يوسف بن عبد هللا النمري القرطيب‪،‬حتقيق‪ :‬أبو عبد الرمحن فواز‬
‫أمحد زمريل‪،‬الناشر‪ :‬مؤسسة الراين‪،‬الطبعة األوىل ‪ 2003-1424‬هـ‪.‬‬
‫‪ .4‬اإلابنة عن شريعة الفرقة الناجية وجمانبة الفرق املذمومة ‪ ،253/1‬أتليف‪ :‬أبو عبد هللا عبيد هللا بن حممد بن بطة‬
‫العكبي احلنبلي‪ ،‬حتقيق‪ :‬عثمان عبد هللا آدم األثيويب وآخرون‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الراية – الرايض‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1415‬هـ ‪،‬‬
‫‪1994‬م‪.‬‬
‫‪ .5‬األمساء والصفات ‪ ،362/1‬أتليف‪ :‬أمحد بن احلسني أبو بكر البيهقي‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد هللا بن حممد احلاشدي‪،‬‬
‫الناشر‪ :‬مكتبة السوادي‪ ،‬جدة‪ ،‬الطبعة األوىل‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫نزلت وأين نزلت ولو أعلم مكان أحد أعلم بكتاب هللا مين تناوله املطااي ألتيته(‪ ،")1‬ومنهم احلب البحر‪:‬‬

‫عبد هللا بن عباس‪ -‬رضي هللا عنه‪ -‬ابن عم رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وترمجان القرآن‪ ،‬ببكة دعاء‬

‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم له حيث قال‪ :‬اللهم فقهه يف الدين وعلمه التأويل(‪ ،")2‬والذي قال فيه‬

‫ابن مسعود‪ -‬رضي هللا عنه‪":-‬نعم ترمجان القرآن ابن عباس(‪ ،")3‬وقال األعمش عن أيب وائل‪":‬استخلف‬

‫علي‪ -‬رضي هللا عنه‪ -‬عبد هللا بن عباس على املوسم فخطب الناس فقرأ يف خطبته سورة البقرة ‪ -‬ويف‬

‫رواية سورة النور ‪ -‬ففسرها تفسريا لو مسعته الروم والرتك والديلم ألسلموا(‪.")4‬‬

‫وألن الصحابة أدرى ابلقرآن ملا هلم من الفهم التام والعلم الصحيح والعمل الصاحل ؛ ال سيما علماؤهم‬

‫وكباؤهم كاألئمة األربعة اخللفاء الراشدين واألئمة املهديني(‪.")5‬‬

‫واالعتماد على بيان الصحابة للقرآن من وجهني‪:‬‬

‫أ‪ /‬معرفتهم ابللسان العريب الذي نزل به القرآن‪ ،‬فإهنم عرب فصحاء مل تتغري ألسنتهم‪ ،‬ومل تنزل عن رتبتها‬

‫العلياء فصاحتهم‪ ،‬فهم أقدر على فهم كتاب هللا والسنة من غريهم‪ ،‬فإذا جاء عنهم قول أو عمل واقع‬

‫موقع البيان صح اعتماده من هذه اجلهة‪.‬‬

‫‪ .1‬مناهل العرفان يف علوم القرآن ‪ ،18/2‬أتليف‪ :‬حممد عبد العظيم الزرقاين‪ ،‬الناشر‪ :‬مطبعة عيسى البايب احلليب‬
‫وشركاه‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ -‬مباحث يف علوم القرآن‪ 354/1‬أتليف‪ :‬مناع القطان‪ ،‬الناشر‪ :‬مكتبة املعارف للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫الطبعة الثالثة ‪1421‬هـ ‪2000 -‬م‬
‫‪ .2‬مسند اإلمام أمحد ‪ ،266/1‬أتليف‪:‬أمحد بن حممد بن حنبل‪ ،‬حتقيق‪ :‬شعيب األرنؤوط‪ ،‬الناشر‪ :‬مؤسسة قرطبة‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬بدون رقم طبعة‪.‬‬
‫‪ .3‬مباحث يف علوم القرآن ‪.391/1‬‬
‫‪ .4‬التفسري واملفسرون ‪.14/2‬‬
‫‪ .5‬جمموع الفتاوى ‪.364/13‬‬

‫‪16‬‬
‫ب‪ /‬مباشرهتم للوقائع والنوازل‪ ،‬وتنزيل الوحي ابلكتاب و السنة فهم هبذا أقعد يف فهم القرائن احلالية‪،‬‬

‫وأعرف أبسباب التنزيل‪ ،‬ويدركون ما ال يدركه غريهم‪ ،‬ألن الشاهد يرى ما ال يرى الغائب منهمن فقد‬

‫رأوا عني املقصود‪ ،‬وذلك أعلى درجات فهم اخلطاب(‪.")1‬‬

‫‪ /4‬تفسري القرآن أبقوال التابعني‪:‬‬

‫إذا مل جند التفسري يف القرآن وال يف السنة وال عن الصحابة فقد رجع كثري من األئمة يف ذلك إىل أقوال‬

‫التابعني؛ ألهنم تلقوا التفسري عن الصحابة‪ ،‬فكانوا أعلم األمة بعد الصحابة بتفسري القرآن الكرمي ومن‬

‫هوالء التابعني جماهد بن جب فإنه كان آية يف التفسري‪ ،‬وكان يقول عن نفسه‪ :‬عرضت املصحف على‬

‫ابن عباس ثالث عرضات من فاحتته إىل خامتته أوقفه عند كل آية منه وأسأله عنها(‪.")2‬‬

‫قال شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪-‬رمحه هللا‪ ":-‬من عدل عن مذاهب الصحابة‪ ،‬والتابعني‪ ،‬وتفسريهم‬

‫إىل ما خيالف ذلك كان خمطئا يف ذلك‪ ،‬بل مبتدعا‪ ،‬وإن كان جمتهدا مغفورا له خطؤه‪ ،‬فاملقصود بيان‬

‫طرق العلم‪ ،‬وأدلته‪ ،‬وطرق الصواب‪ ،‬وحنن نعلم أن القرآن قرأه الصحابة‪ ،‬والتابعون‪ ،‬واتبعوهم‪ ،‬وأهنم كانوا‬

‫أعلم بتفسريه‪ ،‬ومعان يه‪ ،‬كما أهنم أعلم ابحلق الذي بعث هللا به رسوله صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فمن خالف‪،‬‬

‫وفسر القرآن خبالف تفسريهم فقد أخطأ يف الدليل واملدلول مجيعا(‪.")3‬‬

‫وقد كان عدم فهم الكتاب العزيز سببا يف احنراف أقوام من املبتدعة؛ فقوم صرفوا داللته عن معانيه‬

‫إىل ٍ‬
‫معان أخرى‪ ،‬واعتمدوا على العقل يف تفسري القرآن الكرمي‪ ،‬وقوم جعلوا للقرآن ظاهرا وابطنا ولبسوا‬

‫على عوام الناس بذلك‪ ،‬وآخرون اعتمدوا على يف تفسري القرآن على الرأي اجملرد واألهواء والظنون‪.‬‬

‫‪ .1‬املوافقات للشاطيب ‪ – 338/3‬مشكلة الغلو يف الدين يف العصر احلاضر ‪ 78/1‬أتليف عبد الرمحن بن حممد‬
‫اللوحيي‪ ،‬الناشر‪ :‬الطبعة األوىل ‪1419‬هـ ‪1998 -‬م‪.‬‬
‫‪ .2‬حلية األولياء وطبقات األصفياء ‪ ،280/3‬أتليف‪ :‬أبو نعيم أمحد بن عبد هللا األصفهاين‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الكتاب‬
‫العريب‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة الرابعة ‪1405‬هـ ‪.‬‬
‫‪ .3‬جمموع الفتاوى ‪.361/13‬‬

‫‪17‬‬
‫وما أحنرف اخلوارج يف القدمي إال بسبب جهلهم ابلقرآن وعدم فقههم له‪ ،‬فقد النيب –صلى هللا‬

‫عليه وسلم‪ -‬يف وصفهم‪":‬يقرأون القرآن ال جياوز حناجرهم(‪ ،")1‬أي أهنم أيخذون أنفسهم بقراءة القرآن‬

‫وإقرائه ولكنهم ال يتفقهون فيه‪ ،‬وال يعرفون مقاصده(‪.")2‬‬

‫قال اإلمام الشاطيب –رمحه هللا‪ ":-‬أال ترى أن اخلوارج كيف خرجوا عن الدين كما خيرج السهم من‬

‫الصيد املرمى الن رسول هللا‪ -‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬وصفهم ابهنم يقرأون القرآن ال جياوز تراقيهم يعىن ‪-‬‬

‫وهللا اعلم ‪ -‬أهنم ال يتفقهون به حىت يصل إىل قلوهبم الن الفهم راجع إىل القلب فإذا مل يصل إىل القلب‬

‫مل حيصل فيه فهم على حال وإمنا يقف عند حمل األصوات واحلروف فقط وهو الذي يشرتك فيه من يفهم‬

‫ومن ال يفهم(‪. ")3‬‬

‫وما نراه اليوم يف اجملتمعات املعاصرة من الغلو والتطرف إال بسبب سوء الفهم لكتاب هللا‪ -‬عز‬

‫وجل‪.-‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬اجلهل بسنة النيب صلى هللا عليه وسلم‪:‬‬

‫أمر هللا عز وجل أهل اإلميان عند االختالف والتنازع الرجوع إىل كتاب هللا‪ -‬عز وجل‪ -‬وسنة رسوله‪-‬‬

‫صلى هللا عليه وسلم‪ -‬فقال‪ :‬ﭽ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ‬

‫‪ .1‬صحيح البخاري ‪ 65‬كتاب املناقب ‪ 22‬ابب عالمات النبوة يف اإلسالم ‪ 25/8‬حديث رقم ‪ ، 3414‬وصحيح‬
‫مسلم ‪12‬كتاب الزكاة ‪ 47‬ابب ذكر اخلوارج وصفاهتم ‪ 741/2‬حديث رقم ‪.1064‬‬
‫‪ .2‬فتح الباري ‪.193/12‬‬
‫‪ .3‬االعتصام ‪ 182/2‬أتليف‪ :‬أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطيب‪ ،‬دار النشر‪ :‬املكتبة التجارية الكبى‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫بدون رقم طبعة‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮﭼ(‪ )1‬قال اإلمام ابن كثري – رمحه‬

‫هللا‪":-‬وهذا أمر من هللا‪ ،‬عز وجل‪ ،‬أبن كل شيء تنازع الناس فيه من أصول الدين وفروعه أن يرد التنازع‬

‫يف ذلك إىل الكتاب والسنة(‪.")2‬‬

‫وينبغي عند الرجوع إىل سنة النيب –صلى هللا عليه وسلم‪ -‬التثبت من صحتها‪ ،‬والتثبت من نقل‬

‫األخبار الشرعية ألهنا خب عن هللا تعاىل ورسوله‪ -‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬ولي كذب عليهما ككذب‬

‫على أحد سوامها‪ ،‬لذلك جاءت األحاديث حتذر من الكذب على النيب‪ -‬صلى هللا عليه وسلم‪-‬‬

‫كقوله‪":‬إن كذاب علي لي ككذب على أحد من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار (‪.")3‬‬

‫علي متعمدا فليتبوأ مقعده من‬


‫ككذب على أحد‪ ،‬من كذب َ‬ ‫علي لي‬
‫وكقوله‪":‬إن كذاب َ‬
‫النار(‪ ،")4‬وغريها من األحاديث‪.‬‬

‫وخيشى على من روى األحاديث من غري تثبت أن يؤمث‪ ،‬فيكون من الكذابني يف احلديث ويستحق‬

‫الوعيد املذكور‪.‬‬

‫وللسالمة من ذلك البد من التثبت‪ ،‬والتأكد من صحة تلك األحاديث‪ ،‬ابلنظر إىل رجال السند‬

‫والتأكد من عدالتهم‪ ،‬ألن اإلسناد من الدين كما قال اإلمام ابن املبارك‪ -‬رمحه هللا‪":-‬اإلسناد من الدين‪،‬‬

‫لو ال اإلسناد لقال من شاء ما شاء(‪.")5‬‬

‫‪ .1‬سورة النساء‪ ،‬اآلية ‪.65‬‬


‫‪ .2‬تفسري القرآن العظيم ‪ ،345/2‬أتليف‪ :‬أبو الفداء إمساعيل بن عمر بن كثري القرشي الدمشقي‪ ،‬حتقيق‪ :‬سامي بن‬
‫حممد سالمة‪ ،‬الناشر‪ :‬دار طيبة للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة‪ :‬الثانية ‪1420‬هـ ‪ 1999 -‬م‪.‬‬
‫‪ .3‬صحيح البخاري ‪ 3‬كتاب العلم ‪ 38‬ابب إمث من كذب على النيب‪ -‬صلى هللا عليه وسلم‪ 52/1 -‬حديث رقم‬
‫‪ ،38‬وصحيح مسلم يف املقدمة ‪ 2‬ابب تغليظ الكذب على النيب‪ -‬صلى هللا عليه وسلم‪ 910/1 -‬حديث رقم ‪.3‬‬
‫‪ .4‬صحيح البخاري ‪ 29‬كتاب اجلنائز ‪ 33‬ابب ما يكره من النياحة على امليت ‪ 434/1‬حديث رقم ‪،1229‬‬
‫وصحيح مسلم يف املقدمة ‪ 2‬ابب تغليظ الكذب على رسول هللا‪ -‬صلى هللا عليه وسلم‪ 10/1 -‬حديث رقم ‪.4‬‬
‫‪ .5‬صحيح مسلم يف املقدمة ‪ 5‬ابب بيان أن اإلسناد من الدين ‪.12/1‬‬

‫‪19‬‬
‫وكذلك البد من أن تفهم هذه األحاديث الفهم الرشيد‪ ،‬ومعرفة مراد الشارع منها‪ ،‬وذلك مبعرفة اللغة‬

‫اليت تكلم هبا النيب‪ -‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬ومعرفة مراده من تلك األلفاظ‪ ،‬قال شيخ اإلسالم ابن تيمية‬

‫–رمحه هللا‪ ":-‬ينبغي أن يقصد إذا ذكر لفظ من القرآن واحلديث أن يذكر نظائر ذلك اللفظ؛ ماذا عىن‬

‫هبا هللا ورسوله فيعرف بذلك لغة القرآن واحلديث وسنة هللا ورسوله اليت خياطب هبا عباده(‪.")1‬‬

‫كما أنه ينبغي إذا أراد االستدالل أن يستدل ابألحاديث اليت هي نص يف املسألة‪ ،‬وأن ال يلجأ‬

‫للرأي فإن أصحاب الرأي هم أعداء السنن‪ ،‬لذلك حذر منهم أمري املؤمنني عمر بن اخلطاب –رضي هللا‬

‫عنه‪ -‬بقوله‪":‬إايكم وأصحاب الرأي‪ ،‬فإن أصحاب الرأي أعداء السنن أعيتهم األحاديث أن حيفظوها‪،‬‬

‫فقالوا ابلرأي فضلوا وأضلوا(‪ ،")2‬لذلك جند أن املتأمل يف احنراف املنحرفني وغلوهم وتطرفهم من أسبابه‬

‫االستدالل ابألحاديث الضعيفة بل واملوضوعة‪ ،‬أو هي أحاديث صحيحة ولكن مل يفهموها فهم رشيد‪،‬‬

‫أو أخذوا ابلري املذموم الذي حذر منه أمري املؤمنني عمر بن اخلطاب‪ -‬رضي هللا عنه‪.‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬اجلهل مبنهج السلف الصاحل‪:‬‬

‫واملراد مبنهج السلف كما قال اإلمام السفاريين‪ -‬رمحه هللا‪ "-‬ما كان عليه الصحابة الكرام ‪ -‬رضوان هللا‬

‫عليهم ‪ -‬وأعيان التابعني هلم إبحسان وأتباعهم وأئمة الدين ممن شهد له ابإلمامة ‪ ،‬وعرف عظم شأنه يف‬

‫الدين ‪ ،‬وتلقى الناس كالمهم خلف عن سلف ‪ ،‬دون من رمي ببدعة ‪ ،‬أو شهر بلقب غري مرضي مثل‬

‫اخلوارج والروافض والقدرية واملرجئة واجلبية واجلهمية واملعتزلة والكرامية ‪ ،‬وحنو هؤالء(‪.")3‬‬

‫‪ .1‬جمموع الفتاوى ‪.115/7‬‬


‫‪ .2‬سنن الدارقطين ‪ 22‬كتاب النوادر ‪ 146/4‬حديث رقم ‪ ،12‬أتليف‪ :‬علي بن عمر أبو احلسن الدارقطين البغدادي‪،‬‬
‫حتقيق ‪ :‬السيد عبد هللا هاشم مياين املدين‪ ،‬الناشر‪ :‬دار املعرفة – بريوت ‪1386‬هـ ‪1966 -‬م‪.‬‬
‫‪ .3‬لوامع األنوار البهية وسواطع األسرار األثرية لشرح الدرة املضية يف عقد الفرقة املرضية ‪ ،20/1‬أتليف‪ :‬مش الدين‪،‬‬
‫أبو العون حممد بن أمحد بن سامل السفاريين احلنبلي‪ ،‬الناشر‪ :‬مؤسسة اخلافقني ومكتبتها – دمشق‪ ،‬الطبعة‪ :‬الثانية ‪-‬‬
‫‪ 1402‬هـ ‪1982 -‬م‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫وهوآلء هم القرون املفضلة الذين شهد له النيب‪ -‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬ابخلريية كما جاء يف حديث‬

‫عبد هللا بن مسعود‪ -‬رضي هللا عنه‪":-‬خري الناس قرين‪ ،‬مث الذين يلوهنم‪ ،‬مث الذين يلوهنم‪ ،‬مث جييء قوم‬

‫تسبق شهادة احدهم ميينه‪ ،‬وميينه شهادته(‪ ،")1‬والنصوص من كتاب هللا‪ -‬عز وجل‪ -‬وسنة رسوله‪-‬‬

‫صلى هللا عليه وسلم‪ -‬اليت تدل على فضلهم كثرية‪ ،‬وما نراه من غلو واحنراف من أسبابه ابتعاد الناس‬

‫عن منهج السلف الصاحل ر‪ -‬رمحهم هللا‪.-‬‬

‫املطلب الرابع‪ :‬االبتعاد عن الوسطية‪:‬‬

‫إن من نعمة هللا على هذه األمة وتشريفه هلا أن جعلها أمة وسطا خيارا عدوال فقال‪ :‬ﭽﭪ‬

‫ﭫ ﭬ ﭭﭼ(‪ ،)2‬فهي خري األمم اليت أخرجت للناس وقد وصفها املويل عز وجل وشهد هلا‬

‫بذلك فقال تعاىل‪ :‬ﭽ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ‬

‫ﭧ ﭨ ﭩﭼ (‪.)3‬‬

‫مث اصطفى هللا سبحانه وتعاىل هلا رسوال من خيارها وأوسطها نسبا ومكانة فبعثه فيها نبيا رسوال‪:‬‬

‫ﭽﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ‬

‫ﯘ ﯙ ﯚﭼ (‪.)4‬‬

‫‪ .1‬صحيح البخاري ‪ 66‬كتاب فضائل أصحاب النيب صلى هللا عليه وسلم ‪ 1‬ابب فضائل أصحاب النيب صلى هللا‬
‫عليه وسلم ‪ 1335/3‬حديث رقم ‪ ،3451‬وصحيح مسلم ‪ 44‬كتاب فضائل الصحابة رضي هللا تعاىل عنهم ‪ 52‬ابب‬
‫فضل الصحابة مث الذين يلوهنم مث الذين يلوهنم ‪ 1962/4‬حديث رقم‪.2533‬‬
‫‪ .2‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية ‪.143‬‬
‫‪ .3‬سورة آل عمران‪ ،‬اآلية‪.110‬‬
‫‪ .4‬سورة التوبة‪ ،‬اآلية ‪.128‬‬

‫‪21‬‬
‫وأنزل عليها أشرف كتبه وجعله مهيمنا على الكتب قبله شامال خلري ما جاءت به‪ :‬ﭽ ﭿ ﮀ‬

‫ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﭼ(‪ ،)1‬فبهذا الرسول الكرمي‪،‬‬

‫وهذا القرآن العظيم‪ ،‬شرفت هذه األمة‪ ،‬ومبتابعتهم واالهتداء هبديهما كانت خري األمم وأوسطها وأعدهلا‪.‬‬

‫وكان أسعد هذه األمة إبتباعهما وأحرصهم على هديهما قوال وعمال واعتقادا أصحاب رسول هللا ‪-‬‬

‫صلى هللا عليه وسلم‪ -‬مث اتبعوهم‪ ،‬مث التابعون هلم إبحسان من القرون الثالثة املفضلة اليت شهد هلا النيب‬

‫‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬ابخلرية يف قوله‪":‬خري أميت قرين مث الذين يلوهنم‪ ،‬مث الذين يلوهنم(‪.")2‬‬

‫فهؤالء هم خيار األمة مث يلحق هبم كل من كان على مثل ما كانوا عليه من اهلدى والتمسك بكتاب‬

‫هللا وسنة رسوله ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬يف كل زمان ومكان فهؤالء مجيعا خيار هذه األمة وأوسطها‬

‫وأعدهلا‪.‬‬

‫وأنه ينبغي على شباب األمة اليوم السري على ما كان عليه سلفهم الصاحل من وسطية وعدم االبتعاد‬

‫عن منهج االعتدال والتوسط الذي رمسه القرآن الكرمي ومارسه يف احلياة سيد املرسلني‪ ،‬ولكن املتدبر يف‬

‫الواقع الذي تعيشه األمة اليوم يري فرقا شاسعا يف أهدافها واختالفا يف منطلقاهتا وغاايهتا ويف مشارهبا‪،‬‬

‫يرى اإلفراط والتفريط والغلو واجلفاء واإلسراف والتقتري يف عموم األمة‪ ،‬وما ذلك إال البتعادهم عن هذه‬

‫الوسطية اليت كان عليها الرعيل األول من القرون املفضلة(‪.)3‬‬

‫املبحث الثالث‪ :‬اآلاثر املرتتبة على الغلو والتطرف‪ ،‬وفيه ثالثة مطالب‪:‬‬

‫‪ .1‬سورة املائدة‪ ،‬اآلية ‪.48‬‬


‫‪ .2‬تقدم خترجيه ص ‪.21‬‬
‫‪ .3‬الوسطية يف القرآن الكرمي ص‪ ،3‬أتليف‪ :‬الدكتور علي حممد الصاليب‪ ،‬الناشر‪ :‬دار املعرفة‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬بدون رقم‬
‫طبعة‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫املطلب األول‪ :‬تكفري أهل اإلسالم‪:‬‬

‫إن احلكم ابلكفر ال يثبت ابلعقل وال ابلذوق ألنه حكم شرعي‪ ،‬واحلكم الشرعي البد له من دليل‬

‫وحجة‪ ،‬وقد وردت أحاديث فيها الزجر والتحذير من تكفري املسلم منها‪:‬‬

‫‪ /1‬قوله صلى هللا عليه وسلم‪":‬إذا قال الرجل ألخيه اي كافر فقد ابء به أحدمها(‪.")1‬‬

‫‪ /2‬قوله صلى هللا عليه وسلم‪":‬من حلف بغري ملة اإلسالم فهو كما قال قال ومن قتل نفسه بشيء‬

‫عذب به يف انر جهنم ولعن املؤمن كقتله ومن رمى مؤمنا بكفر فهو كقتله(‪.")2‬‬

‫قال شيخ اإلسالم ابن تيمية‪-‬رمحه هللا‪":-‬ولي ألحد أن يكفر أحدا من املسلمني وإن أخطأ وغلط‬

‫حىت تقام عليه احلجة وتبني له احملجة ومن ثبت إسالمه بيقني مل يزل ذلك عنه ابلشك ؛ بل ال يزول إال‬

‫بعد إقامة احلجة وإزالة الشبهة(‪.")3‬‬

‫ومما يالحظ أن نزعة الغلو والتشدد تنشأ عنها ظواهر التكفري والعنف‪ ،‬وهذا ما ينبغي أن يبتعد‬

‫دل الكتاب والسنة على كفره‬


‫عنه الشباب ألن حكم التكفري إىل هللا ورسوله‪ ،‬وال جيز أن نك ّفر إال َم ْن ّ‬

‫داللة واضحة‪ ،‬فال يكفي يف ذلك جمرد الشبهة والظن؛ ملا يرتتب على ذلك من األحكام اخلطرية‪.‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬التنفري من اإلسالم‪:‬‬

‫‪ .1‬صحيح البخاري ‪ 81‬كتاب األدب ‪ 73‬ابب من أكفر أخاه بغري أتويل فهو كما قال ‪ 2263/5‬حديث رقم‬
‫‪.5752‬‬
‫‪ .2‬صحيح البخاري ‪ 86‬كتاب اإلميان والنذور ‪ 6‬ابب من أكفر أخاه بغري أتويل فهو كما قال ‪ 2263/5‬حديث رقم‬
‫‪.6276‬‬
‫‪ .3‬جمموع الفتاوى ‪.466/12‬‬

‫‪23‬‬
‫إن الدين اإلسالمي يدعو إىل عدم التنفري ‪ ،‬فهو دين السماحة واليسر‪ ،‬وهذا ما أختلف به عما‬

‫سواه من األداين‪ ،‬لذلك كان النيب‪ -‬صلى هللا عليه وسلم إذا بعث أصحابه‪ -‬رضي هللا عنهم‪ -‬يقول‬

‫هلم‪":‬يسروا وال تعسروا‪ ،‬وبشروا وال تنفروا(‪ ،")1‬ألهنم دعاة للدين‪ ،‬ال منفرين وال صادين عنه‪ ،‬وألن الدين‬

‫اإلسالمي دينا متسقا مع الفطرة البشرية‪ ،‬ما علينا إال ان حنسن عرضه حىت ال نعطي صورة سيئة هلذا‬

‫الدين‪.‬‬

‫وينبغي أن نعلم أن أفعال الناس املنتسبني إىل الدين تنسب إىل الدين ذاته‪ ،‬فإن غال امرؤ يف دينه‬

‫فشدد على نفسه وعلى الناس‪ ،‬وجار يف احلكم على اخللق‪ ،‬نسب الناس ذلك إىل الدين‪ ،‬فصار فعله‬

‫ذريعة للقدح يف الدين(‪.)2‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬وصف اإلسالم مبا ال يليق من أعدائه‪:‬‬

‫إن الغلو املعاصر شوه الدين مبا يفعله الغالة من أفعال أصبحت متكئا لذم الدين والقدح فيه‪ ،‬فنفر‬

‫الناس منه‪ ،‬وفتح األبواب للطعن فيه‪.‬‬

‫كما أن الصراع بني احلق والباطل قدمي قدم ِّ‬


‫احلق‪ ،‬فيحاول أهل الباطل اهتام أهل احلق‪ ،‬وتشكيكهم‬

‫به‪ ،‬حىت يرتكوه قال تعاىل‪ :‬ﭽ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗ ﮘ‬

‫‪ .1‬صحيح البخاري ‪ 3‬كتاب العلم ‪ 11‬ابب ما كان النيب صلى هللا عليه وسلم يتخوهلم ابملوعظة والعلم كي ال ينفروا‬
‫‪ 37/1‬حديث رقم ‪.69‬‬
‫‪ .2‬انظر‪ :‬مشكلة الغلو يف الدين يف العصر احلاضر ‪ 693/32‬بتصرف‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥﮦ‬

‫ﮧ ﮨ ﮩﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﭼ(‪.)1‬‬

‫وهذا التقرير الصادق من العليم اخلبري يكشف عن اإلصرار اخلبيث على الشر؛ وعلى فتنة املسلمني‬

‫عن دينهم؛ بوصفها اهلدف الثابت املستقر ألعدائهم‪ ،‬وهو اهلدف الذي ال يتغري ألعداء اجلماعة املسلمة‬

‫يف كل أرض ويف كل جيل‪.‬‬

‫إن وجود اإلسالم يف األرض هو بذاته غيظ ورعب ألعداء هذا الدين ؛ وألعداء اجلماعة املسلمة‬

‫يف كل حني إن اإلسالم بذاته يؤذيهم ويغيظهم وخييفهم‪ ،‬فهو من القوة ومن املتانة حبيث خيشاه كل‬

‫مبطل ‪ ،‬ويرهبه كل ابغ‪ ،‬ويكرهه كل مفسد‪ ،‬إن ه حرب بذاته ومبا فيه من حق أبلج‪ ،‬ومن منهج قومي‪،‬‬

‫ومن نظام سليم‪ ،‬إنه هبذا كله حرب على الباطل والبغي والفساد‪ ،‬ومن مث ال يطيقه املبطلون البغاة‬

‫املفسدون‪ ،‬ومن مث يرصدون ألهله ليفتنوهم عنه‪ ،‬ويردوهم كفارا يف صورة من صور الكفر الكثرية(‪.)2‬‬

‫املبحث الرابع‪ :‬عالج مشكلة الغلو والتطرف‪ ،‬وفيه أربعة مطالب‪:‬‬

‫املطلب األول‪ :‬التمسك ابلكتاب والسنة على فهم السلف الصاحل‪:‬‬

‫إن القرآن الكرمي هو حبل هللا املتني والذكر احلكيم والصراط املستقيم‪ ،‬من عمل به أجر‪ ،‬ومن حكم به‬

‫عدل‪ ،‬ومن دعا إليه هدى إىل صراط مستقيم‪ ،‬ال تشبع منه العلماء‪ ،‬وال تلتب به األلسن‪ ،‬وال تزيغ به‬

‫األهواء‪ ،‬ومن تركه واتبع غري سبيل املؤمنني واله هللا ما توىل وأصاله جهنم وساءت مصريا‪.‬‬

‫‪ .1‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية ‪.217‬‬


‫‪ .2‬ىف ظالل القرآن ‪ ،227/1‬اتليف‪ :‬سيد قطب إبراهيم‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الشروق‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة الرابعة ‪1409‬هـ ‪-‬‬
‫‪1989‬م‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫وقد جعله هللا سبحانه وتعاىل كتاب هداية للبشر‪ ،‬وجاءت النصوص دالة على وجوب االعتصام‬

‫ابلكتاب والسنة‪ ،‬وطاعة هللا عز وجل ورسوله صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬ومن تلك النصوص‪:‬‬

‫‪ /1‬قوله تعاىل‪ :‬ﭽ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ‬

‫ﮄﭼ(‪.)1‬‬

‫‪ /2‬قوله تعاىل‪ :‬ﭽ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ‬

‫ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒﭼ (‪.)2‬‬

‫‪ /3‬قوله صلى هلل عليه وسلم‪":‬خلفت فيكم شيئني لن تضلوا بعدمها كتاب هللا وسنيت ولن يفرتقا حىت‬

‫يردا على احلوض(‪. ")3‬‬

‫‪ /4‬قوله صلى هلل عليه وسلم‪":‬أوصيكم بتقوى هللا والسمع والطاعة ‪.")4( ...‬‬

‫‪ /5‬قوله صلى هلل عليه وسلم‪":‬فإن خري احلديث كتاب هللا ‪.")5( ...‬‬

‫‪ /6‬قوله صلى هلل عليه وسلم‪":‬أال إين أوتيت القران ومثله معه ‪...‬فحرموه (‪ ،")6‬قال اإلمام اخلطايب‪:‬‬

‫حيذر بذلك خمالفة السنن اليت سنها رسول هللا صلى هللا عليه وسلم مما لي له يف القرآن ذكر على ما‬

‫‪ .1‬سورة املائدة‪ ،‬اآلية ‪.92‬‬


‫‪ .2‬سورة النساء‪ ،‬اآلية ‪.59‬‬
‫‪ .3‬سنن الرتمذي ‪ 50‬كتاب املناقب ‪ 32‬ابب مناقب أهل النيب صلى هللا عليه وسلم ‪ 582/5‬حديث رقم ‪،3788‬‬
‫أتليف‪ :‬حممد بن عيسى أبو عيسى الرتمذي السلمي‪ ،‬حتقيق‪ :‬أمحد حممد شاكر وآخرون‪ ،‬الناشر‪ :‬دار إحياء الرتاث‬
‫العريب‪ ،‬بريوت‪.‬‬
‫‪ .4‬سنن أيب داود ‪ 41‬كتاب السنة ‪ 6‬ابب يف لزوم السنة ‪ 582/5‬حديث رقم ‪.149‬‬
‫‪ .5‬صحيح مسلم ‪ 7‬كتاب اجلمعة ‪ 14‬ابب ختفيف الصالة واخلطبة ‪ 592/2‬حديث رقم ‪. 867‬‬
‫‪ .6‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية ‪.217‬‬

‫‪26‬‬
‫ضمنت بيان الكتاب‬
‫ذهبت إليه اخلوارج والروافض‪ ،‬فإهنم تعلقوا بظاهر القرآن وتركوا السنن اليت قد ُ‬

‫فتحريوا وضلوا (‪.")1‬‬

‫فال يفرق بينهما‪ ،‬ومن فعل ذلك فهو يريد ابطال الشريعة كما قال اإلمام ابن بطة‪ -‬رمحه هللا‪-‬‬

‫"وليعلم املؤمنون من أهل العقل والعلم أن قوما يريدون إبطال الشريعة ودروس آاثر العلم والسنة‪ ،‬فهم‬

‫ميوهون على من قل علمه وضعف قلبه أبهنم يدعون إىل كتاب هللا ويعملون به‪ ،‬وهم من كتاب هللا‬

‫يهربون وعنه يدبرون ‪ ،‬وله خيالفون وذلك أهنم إذا مسعوا سنة رويت عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬

‫رواها األكابر عن األكابر ونقلها أهل العدالة واألمانة‪ ،‬ومن كان موضع القدوة واألمانة وأمجع أئمة‬

‫املسلمني على صحتها أو حكم فقهاؤهم هبا‪ ،‬عارضوا تلك السنة ابخلالف عليها وتلقوها ابلرد هلا‪ ،‬وقالوا‬

‫ملن رواها عندهم‪ :‬جتد هذا يف كتاب هللا؟ وهل نزل هذا يف القرآن؟ وأتوين آبية من كتاب هللا حىت أصدق‬

‫هبذا(‪.")2‬‬

‫وينبغي أن نعلم أن االعتصام ابملتاب والسنة على فهم السلف الصاحل حيقق النجاة ألمة من كل‬

‫شر واحنراف‪ ،‬إذ الشرور منبعها االعراض عن كتاب هللا عز وجل وسنة رسوله‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪،‬‬

‫والسالمة تتحقق بلزومهما‪ ،‬قال شيخ االسالم ابن تيمية‪-‬رمحه هللا‪ ":‬وكل من دعا إىل شيء من الدين‬

‫بال أصل من كتاب هللا وسنة رسوله فقد دعا إىل بدعة وضاللة واإلنسان يف نظره مع نفسه ومناظرته‬

‫لغريه إذا اعتصم ابلكتاب والسنة هداه هللا إىل صراطه املستقيم فإن الشريعة مثل سفينة نوح عليه السالم‬

‫من ركبها جنا ومن ختلف عنها غرق(‪.")3‬‬

‫‪ .1‬مسند أمحد ‪.130/4‬‬


‫‪ .2‬اإلابنة عن شريعة الفرقة الناجية وجمانبة الفرق املذمومة ‪.223/1‬‬
‫‪ .3‬درء تعارض العقل والنقل ‪.234/1‬‬

‫‪27‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬تلقي العلم عن العلماء الرابنيني‪:‬‬

‫إن هللا عز وجل‪ ،‬اختص من خلقه من أحب ‪ ،‬فهداهم لإلميان‪ ،‬مث اختص من سائر املؤمنني من‬

‫أحب ‪ ،‬فتفضل عليهم‪ ،‬فعلمهم الكتاب واحلكمة وفقههم يف الدين‪ ،‬وعلمهم التأويل وفضلهم على سائر‬

‫املؤمنني‪ ،‬وذلك يف كل زمان وأوان‪ ،‬رفعهم ابلعلم وزينهم ابحللم‪ ،‬هبم يعرف احلالل من احلرام‪ ،‬واحلق من‬

‫الباطل‪ ،‬والضار من النافع‪ ،‬واحلسن من القبيح‪ ،‬حياهتم غنيمة‪ ،‬وموهتم مصيبة‪ ،‬يذكرون الغافل‪ ،‬ويعلمون‬

‫اجلاهل‪ ،‬وهم سراج العباد‪ ،‬ومنار البالد‪ ،‬وقوام األمة‪ ،‬وينابيع احلكمة‪ ،‬مثلهم يف األرض كمثل النجوم يف‬

‫السماء‪ ،‬يهتدى هبا يف ظلمات الب والبحر‪ ،‬إذا انطمست النجوم حتريوا‪ ،‬وإذا أسفر عنها الظالم أبصروا‬

‫(‪.)1‬‬

‫لذلك من تلقى العلم عنهم سلم‪ ،‬ومن تركهم غرم‪ ،‬واملتلقي عن غريهم يقع يف االحنراف‪ ،‬وما نراه‬

‫اليوم من الغلو والتطرف يف أوساط الشباب إال بسبب االبتعاد عنهم‪ ،‬واألخذ من بنات األفكار أو‬

‫علماء اهل الزيغ والضالل‪ ،‬فإن عاد الناس لألخذ عنهم غوروا منابع الغلو وقطعوا موارده‪ ،‬وعصمهم هللا‬

‫من االحنراف‪.‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬اختاذ القرون األوىل املفضلة قدوة للشباب‪:‬‬

‫اَّلل‬
‫مما ال شك فيه أن الرسول ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬هو القدوة يف الدين‪ ،‬مث أصحابه ‪ -‬رضي َّ‬

‫اَّلل تعاىل زكاهم؛ وألن الرسول صلى هللا عليه وسلم رابهم‪ ،‬وتويف وهو عنهم ر ٍ‬
‫اض‪،‬‬ ‫عنهم أمجعني ‪ -‬ألن َّ‬

‫اآلجِّر ُّ‬
‫ي البغدادي‪ ،‬حتقيق‪ :‬إمساعيل‬ ‫‪ .1‬أخالق العلماء لآلجري ص‪ ،96‬أتليف‪ :‬أبو بكر حممد بن احلسني بن عبد هللا ُ‬
‫ابن حممد األنصاري وعبد هللا بن عبد اللطيف آل الشيخ‪ ،‬الناشر‪ :‬الناشر‪ :‬رائسة إدارات البحوث العلمية واإلفتاء‬
‫والدعوة واإلرشاد ابململكة العربية السعودية ‪ ،‬الطبعة‪1398 :‬هـ ‪1978 -‬م‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫وهم محلة الدين علما وعمال‪ ،‬فقد نقلوا لنا القرآن وسنة النيب صلى هللا عليه وسلم وعملوا مبقتضامها‪ ،‬ومل‬

‫تظهر فيهم األهواء والبدع واحملداثت يف الدين‪.‬‬

‫مث السلف الصاحل من‪ :‬التابعني واتبعيهم‪ ،‬وأئمة اهلدى يف القرون الثالثة الفاضلة‪ ،‬هم القدوة بعد‬

‫الصحابة؛ ألهنم كانوا على منهاج النبوة وسبيل الصحابة مل يغريوا ومل يبدلوا قال اإلمام األوزاعي –رمحه‬

‫هللا‪":-‬عليك آباثر َم ْن سلف‪ ،‬وإن رفضك الناس‪ ،‬وإايك وآراء الرجال‪ ،‬وإن زخرفوه لك ابلقول‪ ،‬فإن‬

‫األمر ينجلي وأنت على طريق مستقيم(‪.")1‬‬

‫وما أحسن قول عبد هللا بن مسعود رضي هللا عنه‪ ،‬حيث قال‪ :‬من كان منكم مستنا فليسنت مبن قد‬

‫مات‪ ،‬فإن احلي ال تؤمن عليه الفتنة‪ ،‬أولئك أصحاب حممد صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬كانوا أفضل هذه‬

‫األمة‪ ،‬أبرها قلواب‪ ،‬وأعمقها علما وأقلها تكلفا‪ ،‬قوم اختارهم هللا لصحبة نبيه وإقامة دينه‪ ،‬فاعرفوا هلم‬

‫فضلهم‪ ،‬واتبعوهم يف آاثرهم‪ ،‬ومتسكوا مبا استطعتم من أخالقهم ودينهم‪ ،‬فإهنم كانوا على اهلدى‬

‫املستقيم(‪.)2‬‬

‫‪ .1‬ذم التأويل ص‪ ،34‬أتليف‪ :‬عبد هللا بن أمحد بن قدامة املقدسي أبو حممد‪ ،‬حتقيق‪ :‬بدر بن عبد هللا البدر‪ ،‬الناشر‪:‬‬
‫الدار السلفية – الكويت‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1406‬هـ‪.‬‬
‫علي بن حممد ابن أيب العز احلنفي‪ ،‬حتقيق ‪ :‬أمحد‬
‫‪ .2‬شرح العقيدة الطحاوية ص‪ ،376‬أتليف‪ :‬حممد بن عالء الدين ّ‬
‫شاكر‪ ،‬الناشر‪ :‬وزارة الشؤون اإلسالمية واألوقاف والدعوة واإلرشاد‪ ،‬بدون رقم طبعة‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫اخلامتة‬

‫خامتة البحث‪:‬‬

‫توصلت من خالل هذا البحث إىل العديد من النتائج‪ ،‬أمهها ما أييت ‪:‬‬

‫‪ -‬إن اجلهل بكتاب هللا عز وجل وبسنة رسوله صلى هللا عليه وسلم من أسباب الغلو عند الشباب‪.‬‬

‫‪ -‬إن اجلهل مبنهج السلف الصاحل واالبتعاد عن الوسطية كذلك من أسباب الغلو عند الشباب‪.‬‬

‫‪ -‬إن الغلو سبب من أسباب تكفري املسلمني‪.‬‬

‫‪ -‬وأنه سبب للتنفري عن اإلسالم‪.‬‬

‫‪ -‬وأنه سبب لوصف اإلسلم مبا ال يليق من أعدائه‪.‬‬

‫‪ -‬إن هنالك عالقة وثيقة بني الغلو والتطرف‪.‬‬

‫هذا وصلى هللا وسلم على نبينا حممد وعلى آله وصحبه‪ ،‬واحلمد هلل رب العاملني‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫النتائج والتوصيات‬

‫وختمت البحث بذكر النتائج والتوصيات ‪ ،‬وهي ‪:‬‬

‫أ ‪ -‬النتائج‬

‫‪ -1‬إن هذه املشكلة – الغلو والتطرف ‪ -‬مشكلة كبرية وخطرية‪ ،‬جيب أن تتضافر مجيع اجلهود للكشف‬

‫عنها ودراستها بغية الوصول إىل حلول انجعة هلا ‪.‬‬

‫‪ -2‬العالج الشايف والبلسم الناجع للغلو والتطرف هو التمسك بكتاب هللا عز وجل وبسنة رسوله صلى‬

‫هللا عليه وسلم على هنج سلفنا الصاحل‪.‬‬

‫‪ -3‬ينبغي ان يُهتم ابلشباب املسلم ويُرىب على أخذ العلم من أفواه العلماء الرابنيني‪.‬‬

‫‪ -4‬حث الشباب على الوسطية ألنه من نعم هللا على هذه األمة أن جعلها أمة وسطا‪ ،‬خيارا عدوال‪،‬‬

‫واصطفى هلا أفضل رسله حممدا صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫‪ -5‬حث الشباب على أن يكونوا قدوة لغريهم‪.‬‬

‫ب ‪ -‬التوصيات‬

‫‪ -1‬االهتمام ابلشباب واجللوس معهم ومناصحتهم‪.‬‬

‫‪ -2‬االهتمام ابلعلم الشرعي ونشره بني الشباب على فهم سلفنا الصاحل ‪.‬‬

‫‪ -3‬جيب على العلماء ان يكونوا قدوة حسنة للشباب وان يبينوا هلم الطريق الصحيح القومي‪.‬‬

‫‪ -4‬اقامة الدورات العلمية اليت تبني منهج السلف الصاحل يف التكفري‪.‬‬

‫‪ -5‬االكثار من املؤمترات اليت تناقش هذه الظاهرة‪-‬الغلو والتطرف‪ -‬ووضع احللول للحد من انتشارها يف‬

‫اجملتمعات املسلمة‪.‬‬

‫‪ -6‬نشر الوعي اإلسالمي بني الشباب املسلم‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫الفهارس‬

‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬
‫‪1‬‬ ‫املقدمة‬

‫‪3‬‬ ‫املبحث األول‪ :‬تعريف الغلو والتطرف لغة واصطالحا‪.‬‬

‫‪3‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬تعريف الغلو لغة‬

‫‪4‬‬ ‫املطلب الثاين‪ :‬تعريف الغلو اصطالحا‬

‫‪4‬‬ ‫املطالب الثالث‪ :‬تعريف التطرف لغة‬

‫‪5‬‬ ‫املطلب الرابع‪ :‬تعريف التطرف اصطالحا‬

‫‪5‬‬ ‫املطلب اخلام ‪ :‬العالقة بني الغلو والتطرف‬

‫‪6‬‬ ‫املبحث الثاين‪ :‬أسباب الغلو والتطرف‬

‫‪6‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬اجلهل بكتاب هللا عز وجل‬

‫‪18‬‬ ‫املطلب الثاين‪ :‬اجلهل بسنة النيب صلى هللا عليه وسلم‬

‫‪20‬‬ ‫املطلب الثالث‪ :‬اجلهل مبنهج السلف الصاحل‬

‫‪21‬‬ ‫املطلب الرابع‪ :‬االبتعاد عن الوسطية‬

‫‪23‬‬ ‫املبحث الثالث‪ :‬اآلاثر املرتتبة على الغلو والتطرف‬

‫‪23‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬تكفري أهل اإلسالم‬

‫‪24‬‬ ‫املطلب الثاين‪ :‬التنفري من اإلسالم‬

‫‪24‬‬ ‫املطلب الثالث‪ :‬وصف اإلسالم مبا ال يليق من أعدائه‬

‫‪25‬‬ ‫املبحث الرابع‪ :‬عالج مشكلة الغلو والتطرف‪ ،‬وفيه أربعة مطالب‬

‫‪25‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬التمسك ابلكتاب والسنة على فهم السلف الصاحل‬

‫‪32‬‬
‫‪28‬‬ ‫املطلب الثاين‪ :‬تلقي العلم عن العلماء الرابنيني‬

‫‪28‬‬ ‫املطلب الثالث‪ :‬اختاذ القرون املفضلة قدوة للشباب‬

‫‪30‬‬ ‫اخلامتة‬

‫‪31‬‬ ‫النتائج والتوصيات‬

‫‪32‬‬ ‫الفهارس‬

‫‪34‬‬ ‫املصادر واملراجع‬

‫‪33‬‬
‫املصادر واملراجع‬

‫ابن بطة‪ :‬عبيد هللا بن حممد بن بطة العكبي احلنبلي‪ ،‬أبو عبد هللا‪ :‬اإلابنة عن شريعة الفرقة الناجية‬

‫وجمانبة الفرق املذمومة‪ ،‬حتقيق‪ :‬عثمان عبد هللا آدم األثيويب وآخرون‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الراية – الرايض‪،‬‬

‫الطبعة الثانية ‪1415‬هـ ‪1994 ،‬م‪.‬‬

‫ابن تيمية‪ :‬تقي الدين أبو العباس أمحد بن عبد احلليم بن تيمية احلراين‪ :‬اقتضاء الصراط املستقيم ملخالفة‬

‫أصحاب اجلحيم‪ ،‬حتقيق‪ :‬د‪ .‬انصر عبد الكرمي العقل‪ ،‬حممد عبد القادر عطا ومصطفى عبد القادر‬

‫عطا‪ ،‬الناشر‪ :‬مكتبة الرشد– الرايض‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1404‬ه‪.‬‬

‫ابن تيمية‪ :‬تقي الدين أمحد بن عبد السالم بن عبد احلليم‪ :‬الفتاوى الكبى‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد عبدا لقادر‬

‫عطا ومصطفى عبد القادر عطا‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية – بريوت‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1408‬هـ ‪-‬‬

‫‪1987‬م‪.‬‬

‫ابن تيمية‪ :‬تقي الدين أمحد بن عبد السالم بن عبد احلليم‪ :‬الفتاوى‪ ،‬حتقيق‪ :‬أنور الباز‪ ،‬عامر اجلزار‪،‬‬

‫الناشر‪ :‬دار الوفاء‪ -‬بريوت‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪1426‬هـ ‪2005 -‬م‪.‬‬

‫ابن تيمية‪ :‬تقي الدين أمحد بن عبد السالم بن عبد احلليم‪ :‬درء تعارض العقل والنقل‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد‬

‫اللطيف عبد الرمحن‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية ‪ -‬بريوت ‪1417 -‬هـ ‪1997 -‬م‪.‬‬

‫ابن جرير الطربي‪ :‬حممد بن جرير بن يزيد‪ ،‬أبو جعفر‪ :‬جامع البيان يف أتويل القرآن‪ ،‬حتقيق‪ :‬أمحد حممد‬

‫شاكر‪ ،‬الناشر‪ :‬مؤسسة الرسالة ‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة األوىل ‪ 1420‬هـ ‪ 2000 -‬م‪.‬‬

‫ابن حجر العسقالين‪ :‬أمحد بن علي بن حجر‪ ،‬فتح الباري بشرح صحيح البخاري‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد العزيز‬

‫ابن عبد هللا بن ابز‪ ،‬الناشر‪:‬دار الفكر ‪ -‬بريوت‪ ،‬بدون رقم طبعة‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫ابن عبد الرب‪ :‬يوسف بن عبد هللا النمري القرطيب‪ ،‬أبو عمر‪ :‬جامع بيان العلم وفضله‪،‬حتقيق‪ :‬أبو عبد‬

‫الرمحن فواز أمحد زمريل‪،‬الناشر‪ :‬مؤسسة الراين‪،‬الطبعة األوىل ‪ 2003-1424‬هـ‪.‬‬

‫ابن فارس‪ :‬أمحد بن فارس بن زكراي‪ ،‬أبو احلسني‪ :‬معجم مقايي اللغة‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد السالم حممد‬

‫هارون‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الفكر‪ -‬بريوت ‪1399‬هـ ‪1979 -‬م‪.‬‬

‫ابن قدامة املقدسي‪ :‬عبد هللا بن أمحد بن قدامة املقدسي أبو حممد‪ :‬ذم التأويل‪ ،‬حتقيق‪ :‬بدر بن عبد‬

‫هللا البدر‪ ،‬الناشر‪ :‬الدار السلفية – الكويت‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1406‬هـ‪.‬‬

‫ابن كثري‪ :‬إمساعيل بن عمر بن كثري القرشي الدمشقي‪ ،‬أبو الفداء‪ :‬تفسري القرآن العظيم‪ ،‬حتقيق‪ :‬سامي‬

‫ابن حممد سالمة‪ ،‬الناشر‪ :‬دار طيبة للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة‪ :‬الثانية ‪1420‬هـ ‪ 1999 -‬م‪.‬‬

‫ابن منظور‪ :‬حممد بن مكرم األفريقي املصري‪ :‬لسان العرب‪ ،‬الناشر‪ :‬دار صادر‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة األوىل‪.‬‬

‫أبو داود السجستاين‪ :‬سليمان بن األشعث‪ :‬سنن أيب داود‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الرسالة العاملية ي – بريوت‪،‬‬

‫الطبعة األوىل ‪1430‬هـ ‪2009 -‬م‪.‬‬

‫أبو نعيم‪ :‬أمحد بن عبد هللا األصفهاين‪ :‬حلية األولياء وطبقات األصفياء‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الكتاب العريب‪،‬‬

‫بريوت‪ ،‬الطبعة الرابعة ‪1405‬هـ ‪.‬‬

‫أبو هالل‪ :‬احلسن بن عبد هللا بن سهل بن سعيد بن حيىي بن مهران العسكري‪ ،‬الفروق اللغوية‪ ،‬حتقيق‪:‬‬

‫حممد إبراهيم سليم‪ ،‬الناشر‪ :‬دار العلم والثقافة – القاهرة‪ ،‬بدون رقم طبعة ‪.‬‬

‫اآلج ِّري‪ :‬أبو بكر حممد بن احلسني بن عبد هللا البغدادي‪ :‬أخالق العلماء‪ ،‬حتقيق‪ :‬إمساعيل بن حممد‬
‫ُ‬
‫األنصاري وعبد هللا بن عبد اللطيف آل الشيخ‪ ،‬الناشر‪ :‬الناشر‪ :‬رائسة إدارات البحوث العلمية واإلفتاء‬

‫والدعوة واإلرشاد ابململكة العربية السعودية ‪ ،‬الطبعة‪1398 :‬هـ ‪1978 -‬م‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫أمحد بن غنيم بن سامل النفراوي‪ :‬الفواكه الدواين‪ ،‬حتقيق‪ :‬رضاء فرحات‪ ،‬الناشر‪:‬مكتبة الثقافة الدينية‪،‬‬

‫بدون رقم طبعة‪.‬‬

‫أمحد بن حممد بن حنبل‪ :‬مسند اإلمام أمحد‪ ،‬حتقيق‪ :‬شعيب األرنؤوط‪ ،‬الناشر‪ :‬مؤسسة قرطبة‪ ،‬القاهرة‪،‬‬

‫بدون رقم طبعة‬

‫البيهقي‪ :‬أمحد بن احلسني أبو بكر‪ :‬األمساء والصفات‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد هللا بن حممد احلاشدي‪ ،‬الناشر‪:‬‬

‫مكتبة السوادي‪ ،‬جدة‪ ،‬الطبعة األوىل‪.‬‬

‫الرتمذي‪ :‬حممد بن عيسى أبو عيسى‪ :‬سنن الرتمذي‪ ،‬حتقيق‪ :‬أمحد حممد شاكر وآخرون‪ ،‬الناشر‪ :‬دار‬

‫إحياء الرتاث العريب‪ ،‬بريوت‪.‬‬

‫اجلصاص‪ :‬أمحد بن علي املكىن أبيب بكر الرازي اجلصاص احلنفي‪ :‬أحكام القرآن‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد الصادق‬

‫قمحاوى‪ ،‬الناشر‪ :‬دار احياء الرتاث العرىب ـ بريوت ‪1405‬هـ‪.‬‬

‫اجلوهري‪ :‬أبو نصر إمساعيل بن محاد‪ :‬الصحاح يف اللغة‪ ،‬حتقيق‪ :‬أمحد عبد الغفور عطار‪ ،‬الناشر‪ :‬دار‬

‫العلم للماليني‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1399‬ه ‪1979 -‬م ‪.‬‬

‫اخلطايب‪ :‬أمحد بن حممد اخلطايب البسيت‪ ،‬أبو سليمان‪ :‬معامل السنن‪ ،‬الناشر‪ :‬املطبعة العلمية‪ -‬حلب‪،‬‬

‫الطبعة األوىل ‪1351‬هـ ‪1932 -‬م‪.‬‬

‫الدارقطين‪ :‬علي بن عمر أبو احلسن البغدادي‪ :‬سنن الدارقطين‪ ،‬حتقيق ‪ :‬السيد عبد هللا هاشم مياين‬

‫املدين‪ ،‬الناشر‪ :‬دار املعرفة – بريوت ‪1386‬هـ ‪1966 -‬م‪.‬‬

‫الزرقاين‪ :‬حممد عبد العظيم الزرقاين‪ :‬مناهل العرفان يف علوم القرآن‪ ،‬الناشر‪ :‬مطبعة عيسى البايب احلليب‬

‫وشركاه‪ ،‬الطبعة الثالثة‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫سيد قطب‪ :‬ىف ظالل القرآن‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الشروق‪ ،‬القاهرة ‪1401‬هـ ‪1981 -‬م‪.‬‬

‫الشاطيب‪ :‬إبراهيم بن موسى الشاطيب‪ ،‬أبو اسحاق‪ :‬االعتصام‪ ،‬دار النشر‪ :‬املكتبة التجارية الكبى‪،‬‬

‫مصر‪ ،‬بدون رقم طبعة‪.‬‬

‫الشاطيب‪ :‬إبراهيم بن موسى بن حممد أبو اسحاق‪ :‬املوافقات‪ ،‬حتقيق‪ :‬أبو عبيدة مشهور بن حسن‪،‬‬

‫الناشر‪ :‬دار ابن عفان‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1417‬هـ ‪1997 -‬م‪.‬‬

‫عبد الرمحن بن حممد اللوحيي‪ :‬مشكلة الغلو يف الدين يف العصر احلاضر‪ ،‬الناشر‪ :‬الطبعة األوىل‬

‫‪1419‬هـ ‪1998 -‬م‪.‬‬

‫عبد القادر بن عمر البغدادي‪ :‬خزانة األدب ولب لباب لسان العرب‪ ،‬حتقيق حممد نبيل طريفي‪/‬اميل‬

‫بديع اليعقوب‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت ‪1998‬م‪.‬‬

‫عبد هللا بن حممد بن عبيد بن سفيان بن قي ‪ :‬قري الضيف‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد هللا بن محد املنصور‪،‬‬

‫الناشر‪ :‬أضواء السلف‪ ،‬الرايض‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1997‬م‪.‬‬

‫علي بن عبد العزيز بن علي الشبل‪ ،‬اجلذور التارخيية حلقيقة الغلو والتطرف واإلرهاب والعنف‪.‬‬

‫علي حممد الصاليب‪ :‬الوسطية يف القرآن الكرمي‪ ،‬الناشر‪ :‬دار املعرفة‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬بدون رقم طبعة‪.‬‬

‫الفريوز آابدي‪ :‬حممد يعقوب‪ ،‬القاموس احمليط‪ ،‬دار اجليل‪ ،‬بريوت‪ ،‬بدون رقم طبعة‪.‬‬

‫الدين‪ ،‬أبو عبد هللا‪ :‬اجلامع‬ ‫القرطيب‪ :‬حممد بن أمحد بن أيب بكر بن فرح األنصاري اخلزرجي مش‬

‫ألحكام القرآن‪ ،‬حتقيق‪ :‬مسري البخاري‪ ،‬الناشر‪ :‬دار عامل الكتب‪ ،‬الرايض ‪ 1423‬هـ‪ 2003 /‬م‪.‬‬

‫حممد بن أمحد بن سامل السفاريين احلنبلي‪ ،‬مش الدين‪ ،‬أبو العون‪ :‬لوامع األنوار البهية وسواطع األسرار‬

‫األثرية لشرح الدرة املضية يف عقد الفرقة املرضية‪ ،‬الناشر‪ :‬مؤسسة اخلافقني ومكتبتها – دمشق‪ ،‬الطبعة‪:‬‬

‫الثانية ‪ 1402 -‬هـ ‪1982 -‬م‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫حممد بن عالء الدين علي بن حممد ابن أيب العز احلنفي‪ :‬شرح العقيدة الطحاوية‪ ،‬حتقيق ‪ :‬أمحد‬

‫شاكر‪ ،‬الناشر‪ :‬وزارة الشؤون اإلسالمية واألوقاف والدعوة واإلرشاد‪ ،‬بدون رقم طبعة‪.‬‬

‫حممد حسني الذهىب‪ :‬التفسري واملفسرون‪ ،‬الناشر‪ :‬مكتبة وهبة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة الرابعة ‪1409‬هـ‪-‬‬

‫‪1989‬م‪.‬‬

‫مناع القطان‪ :‬مباحث يف علوم القرآن‪ ،‬الناشر‪ :‬مكتبة املعارف للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪1421‬هـ ‪-‬‬

‫‪2000‬م‬

‫املناوي‪ :‬حممد عبد الرؤوف املناوي‪ :‬التوقيف على مهمات التعاريف‪ ،‬حتقيق‪ :‬د‪.‬حمممد رضوان الداية‪،‬‬

‫الناشر‪:‬دار الفكر ‪ -‬بريوت‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1410‬هـ‪.‬‬

‫‪38‬‬

‫‪View publication stats‬‬

You might also like