‫المحاضرة ‪ : 2‬اإلبداع واالبتكار والمقاوالتية‬

‫مقدمة‪:‬‬

‫لقد انصب اىتمام ادلؤسسة يف ما مضى حول عملية ختفيض التكاليف والتحكم يف قنوات اإلنتاج بغية‬
‫إنتاج منتجات وتقدمي خدمات تتسم جبودة عالية وأسعار مقبولة من طرف ادلستهلك الذي يعترب سيد ادلوقف يف‬
‫سوق تتسم بادلنافسة الشرسة وادلنتجات البديلة‪.‬‬

‫فأمسى من الضروري على ادلؤسسات أن تبدع من أجل البقاء والقدرة على رفع حواجز ادلنافسة ‪,‬ليتسٌت‬
‫اإلبداع ضرورة حتمية للمؤسسة‬ ‫ذلا التوسع يف السوق وحتقيق دديومة مستمرة مقارنة مع ادلنافسُت وعليو ‪,‬أصبح‬
‫الراغبة يف النجاة وتنمية نشاطاهتا خصوصا تلك ادلعتمدة على إسًتاتيجية الًتكيز ‪ ,‬إذ أن اإلبداع يسمح ذلا بتغيَت‬
‫وجهتها إىل وجهة تعتمد على إسًتاتيجية التنويع يف ادلنتجات بسبب األفكار اجلديدة وىكذا يتسٌت ذلا احلصول‬
‫على حصص سوقية أكرب واليت تتطلب إنتاج سلسلة من ادلنتجات اجلديدة جملموعة الفئات ادلستهدفة ‪.‬‬

‫‪1‬‬
 ‫المحاضرة ‪ : 2‬اإلبداع واالبتكار والمقاوالتية‬

‫‪ /1‬ماهية االبداع ‪:‬‬

‫يعترب اإلبداع من األمور اذلامة بالنسبة جلميع ادلؤسسات اليت تسعى لتحقيق االزدىار يف ظل بيئات‬
‫مضطربة متغَتة وتنافسية ‪,‬وقد ازدادت أمهية اإلبداع عند ادلؤسسات يف ظل ازدياد حدة ادلنافسة فيما بينها خاصة‬
‫ادلنافسة الدولية واليت زادت من حاجة ادلؤسسة إىل اإلبداع جتنبا خلطر التقهقر والزوال ‪.‬‬

‫‪ 1-1‬تعريف االبداع ‪:‬‬

‫إن مصطلح اإلبداع من أكثر ادلصطلحات عصرنة ورواجا وانتشارا يف جل اجملاالت وىذا نظرا خلصائصو األخاذة‬
‫مر اإلبداع بعدة تعريفات اختلفت‬ ‫وخملفاتو االجيابية األكيدة على ىاتو اجملاالت والقطاعات يف حد سواء ‪,‬لقد ّ‬
‫من حيث حتديد ادلفهوم الدقيق لو ‪,‬وىذا نتيجة الختالف أراء الكتاب ‪,‬إال أن التصادم ما بُت ىاتو التعريفات ‪,‬مل‬
‫خيلق لو إال ازدياد يف قيمتو وإثراء مفهومو وزيادة جوىر قيمتو ‪,‬وفيما يلي سنقدم أىم التعريفات ‪:‬‬

‫_اإلبداع لغة من ’’بدع’’وبدع أو ابتدعو أي أنشأه على غَت مثال سابق ‪,‬ومن األمور التقليدية أن يتم النظر إىل‬
‫بداية عملية اإلبداع من خالل انطالق شرارة اإلبداع الفردي ‪ ،‬حيث يتم تبٍت فكرة ذكية تتسم باألصالة من‬
‫اإلجراءات‬ ‫جانب صانعي القرار يف ادلؤسسة ‪,‬مث تنفيذىا يف شكل تغيَت جوىري يف ادلنتجات أو ادلمارسات أو‬
‫‪,‬وقد اتفقت معاجم اللغة على أ ّن اإلبداع يعٍت اخًتاع الشئ أو إنشاؤه على غَت مثال سابق ‪.‬‬

‫فتعرف االبداع " على أنّو القدرة على إجياد شئ جديد كحل مشكلة ما أو أداة‬
‫_ ّأما ادلوسوعة الربيطانية اجلديدة ّ‬
‫جديدة أو أثر فٍت أو أسلوب جديد "‬

‫_يرى ‪ Richard Daft‬اإلبداع "على انو القدرة على مجع أو إشراك ادلعلومات بطرق تؤدي إىل أفكار‬
‫"‬
‫جديدة‬

‫جل ادلعارف الفردية والتنظيمية ‪,‬أين يتم مجعها وتوزيعها يف سبيل حتقيق مبدأ‬
‫وعليو فان عملية االبداع تضم ّ‬
‫شفافية ادلعلومات ما بُت األطراف ادلكونة للمؤسسة ‪,‬بغرض حسن استعماذلا يف عملية خلق منتجات وخدمات‬
‫جديدة ‪.‬‬

‫_ اما ‪ Shumpeter‬فقد عرف اإلبداع "على انو طريقة عمل تسمح بتقدمي وخلق االختالف "‬

‫‪2‬‬
 ‫المحاضرة ‪ : 2‬اإلبداع واالبتكار والمقاوالتية‬

‫الفعال الذي يسمح للمؤسسة‬

‫مما سبق ديكن استخالص تعريف شامل لإلبداع وتعريفو على أنو ’’ادليكانيزم ّ‬
‫بالتأقلم مع ادلستجدات ‪,‬وىذا عن طريق القدرة على اكتساب ادلعلومات والتكنولوجيات وبناء األفكار اخلالّقة‬
‫‪,‬من أجل انتاج منتجات تتمتع باجلاذبية والتمييز وبذلك تضمن ادلؤسسة مكانتها يف السوق’’‬

‫‪ 2-1‬خصائص االبداع‪:‬‬

‫تشَت ‪ Marty‬إىل أ ّن اإلبداع ديكن إن يتكون بصفة تلقائية وليس استجابة حلدث معُت وىو يتمتع مبمجوعة من‬
‫اخلصائص ىي كالتايل ‪:‬‬

‫‪_1‬مفاجئ أي غَت متوقع حيث ان عملية اخللق ادلفاجئة ال تسمح بالتحكم يف االداة التحليلية ‪.‬‬

‫‪_2‬يفرض بنوع جديد من الرجل ادلبدع الذي يتمتع مبيزات معينة ‪.‬‬

‫‪_3‬يتطلب خلق جديد للمؤسسات ‪.‬‬

‫‪_4‬حيمل يف طياتو كل من االكتشاف واالخًتاع واالبتكار ‪.‬‬

‫مما سبق يتضح أن لإلبداع خصائص واليت ال ديكن تعميمها على كل ادلؤسسات ألهنا عملية انفرادية تتميز‬
‫بالذاتية واالنفرادية لدى الفرد الواحد أو لدى رلموعة من العمال داخل ادلؤسسة ‪.‬‬

‫‪ /2‬االبداع واالبتكار أي اختالف‪:‬‬

‫اختلفت الرؤى واالجتاىات الفكرية يف حتديد العالقة ما بُت اإلبداع واالبتكار خصوصا يف حتديد احلدود‬
‫الفاصلة ما بُت ىذين العنصرين‪,‬باإلضافة إىل التساؤالت ادلطروحة حول حقيقة وجود الًتابط الكائن أو االنفصال‬
‫ادلطلق بينهما مادام أ ّن االبداع واالبتكار كالمها حالتان فكريتان نابعتان من العقل االنساين ‪,‬ويقول‬
‫‪ JOHNMAN‬أن بعض الكتّاب يعتقدون بأن اإلبداع يعترب سببا يف االبتكار ويرى آخرون أ ّن االبتكار‬
‫يولد أفكار ابداعية ‪,2‬للتوضيح الدقيق نستعرض البيان التايل‪:‬‬

‫‪ ‬االبداع ىو عملية خلق أفكار جديدة االبتكار ىو وضع ىذه االفكار يف اطار التنفيذ ورلال العمل ‪.‬‬
‫‪ ‬االبداع يكون شيء من الشيء االبتكار حيول ىذا الشيء اىل سلع وخدمات ‪.‬‬
‫‪ ‬االبداع ديّهد اىل شيء جديد للظهور االبتكار حيضر شيء الستخدام‪.‬‬

‫‪3‬‬
 ‫المحاضرة ‪ : 2‬اإلبداع واالبتكار والمقاوالتية‬

‫‪ 1-2‬النموذج التفريقي بين االبداع واالبتكار‪:‬‬

‫كل من االبداع واالبتكار ديكن القول أهنما مصطلحان مًتابطان متداخالن ‪,‬وان كانت بعض‬
‫بعد أن استعرضنا ّ‬
‫الدراسات تشَت اىل وجوب التفريق بينهما يف ادلفاىيم وحتديد الفروق من الناحية العملية فقط اذ أننا جندمها‬
‫متالمحُت وىذا ما يشبو النموذج أعاله ‪,‬فالعمليات االبداعية ىي بداية العملية الذىنية اليت يتم ختيلها وادلرتبطة‬
‫بادلستوى الفردي واليت يتم جتسيدىا إال بدخول عامل االبتكار الرتباطو باجلانب العملي لتطبيق ىاتو األفكار‬
‫االبداعية‬

‫‪ 2_2‬الذكاء واإلبداع أي اختالف‪:‬‬

‫يف الكثَت من احلاالت يتم اخللط ما بُت االبداع والذكاء نتيجة للتالحم الشديد فيما بينهما وديكن تبيان أوجو‬
‫الختالف فيما يلي‬

‫الذكاء يعرب عن القدرات الذىنية والفكرية اليت تساعد االنسان على الفهم والتكيف واالستجابة السريعة مع‬
‫ادلواقف اجلديدة اليت تساعد على فهم العالقات والقواعد يف موضوع أو موقف معُت ‪,‬وكذلك تساعد على أداء‬
‫ادلهمات بصورة أفضل مع مواجهة ادلشكالت بنجاح ‪,‬بينما االبداع يتضمن توليد أو خلق أفكار جديدة أو اجياد‬
‫عالقات مل تكن معروفة من قبل أي اجياد شيء مل يكن موجودا من قبل أو تقدمي أفكار مل يتطرق اليها أحد من‬
‫قبل واليت تساىم يف تطوير احلياة وحتسينها‬

‫اذن الذكاء ضروري إلبداع ‪,‬لكن ليس من الضروري أن يكون االذكياء مبدعُت‬

‫‪/3‬شروط االبداع‪:‬‬

‫ان شروط االبداع تتوافق مع رلموعة من العوامل ادلتناسبة مع ادلؤسسة ‪,‬واليت يتم حتليلها على ثالثة مستويات‬
‫‪,‬أوذلما على ادلؤسسة أن ختلق شبكة داخلية وختلق عالقات مع االفراد وىذا يعرف بادلستوى الداخلي ‪,‬مث بعد‬
‫ذلك جيب عليها خلق اطار خاص بالعوامل وىذا ما يعرف بادلستوى التنظيمي ‪,‬ويف االخَت يتم الًتكيز على‬
‫‪1‬‬
‫مس االبداع اجلانب االجتماعي وىو ما يعرف‬
‫‪,‬لقد ّ‬ ‫األفراد الذين لديهم القدرة على حتقيق اخللق احملتمل‬
‫باإلبداع االجتماعي والذي يسمح بتحسُت شروط احلياة ادلتعلقة باحمليط العائلي وسوق العمل ‪,‬ادلذاخيل واألمن‬
‫وىذا كلو مرتبط بالسياسات العامة واالجتماعية جملتمع معُت‬

‫‪4‬‬
 ‫المحاضرة ‪ : 2‬اإلبداع واالبتكار والمقاوالتية‬

‫‪:‬‬
‫_يشمل االبداع العمليات التالية‬

‫‪_1‬البح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــث أي مسح البيئة الداخلية وحتديد الفرص والتهديدات ادلتاحة‬

‫‪_2‬االخت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيار أي حتديد ادلبادئ وأسس اسًتاتيجية يف كيفية تطوير األحسن للمؤسسة ومشاريعها‬

‫‪_3‬التنفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيذ أي تطبيق الفكرة اجلديدة وتنفيذىا يف السوق حبيث تتطلب عملية التنفيذ ما يلي‬

‫_احلصول على ادلوارد الالزمة للقدرة على استغالل ادلعرفة واالبداع على سبيل ادلثال من خالل خلق شيء جديد‬
‫عن طريق البحث والتطوير وأحباث السوق واحلصول على ادلعرفة عن طريق نقل التكنولوجيا والتحالف االسًتاتيجي‬

‫_تنفيذ ادلشروع يف ظل ظروف عدم اليقُت‬

‫_اطالق االبداع واالعتماد عليو كعملية اولية‬

‫_االعتماد على االبداع واستدامة استخدامو يف ادلدى البعيد وإعادة النظر يف النموذج األصلي للفكرة وتعديلو‬

‫‪_4‬التع ـ ـ ـ ــلم أي أن للمؤسسات فرصة للتعلم من التقدم من خالل الدورات حىت تتمكن من بناء قاعدهتا ادلعرفية‬
‫وعلى ىذا األساس ديكن حتسُت الطرف إلدارة ىذه العملية‬

‫_االبداع ىو مصدر للميزة التنافسية ادلستددية‬

‫_حتدد ادلؤسسة ادلعرفة وتعتربىا ميزة تنافسية‬

‫البيئة اخلارجية ادلعقدة وادلتغَتة‬ ‫_جيب ان تتضمن اسًتاتيجية ادلؤسسة اسًتاتيجية االبداع وجيب التعامل مع‬
‫باستمرار مع تزايد حالة عدم التأكد ادلتعلقة بالتطورات احلالية وادلستقبلية للتكنولوجيا واألبعاد االخرى‬

‫_اذلياكل الداخلية واإلجراءات اليت جيب أن تكون يف توازن مستمر مع ادلتطلبات‬

‫‪5‬‬