Professional Documents
Culture Documents
-1الطبري ،محمد بن جريربن يزيد بن كثير بن غالب اآلملي ،أبو جعفر الطبري (المتوفى3 10 :هـ) ،جامع البيا نفي تأ ويل آ
القر ن
تحقيق أحمد محمد شاكر مؤسسة الرسالةط 1ج 1ص 7 5
فأما اللغة فعلى املفسر معرفة معانيها ومسميات أمسائها وال يلزم ذلك القارئ مث إن
كان ما يتضمنه ألفاظها يوجب العمل دون العلم كفي فيه خرب الواحد واالثنني
واالستشهاد ابلبيت والبيتني وإن كان يوجب العلم أي االعتقاد مل يكف ذلك بل ال
بد أن يستفيض ذلك اللفظ وتكثر شواهده من الشعر.
وأما اإلعراب فما كان اختالفه حميال للمعين وجب على املفسر والقارئ تعلمه ليوصل
املفسر إىل معرفة احلكم ويسلم القارئ من اللحن وإن مل يكن حميال للمعين وجب
تعلمه على القارئ ليسلم من اللحن وال جيب على املفسر لوصوله إىل املقصود بدونه.
وأما ما ال يعلمه إال هللا تعاىل فهو ما جيري جمرى الغيوب كاآلايت اليت تذكر فيها
الساعة والروح واحلروف املقطعة وكل متشابه يف القرآن عند أهل احلق ال مساغ
لالجتهاد يف تفسريه وال طريق إىل ذلك إال ابلتوقيف بنص من القرآن أو احلديث أو
إمجاع األمة على أتويله.
وأما ما يعلمه العلماء ويرجع إىل اجتهادهم فهو الذي يغلب عليه إطالق التأويل
وذلك ابستنباط األحكام وبيان اجململ وختصيص العموم وكل لفظ احتمل معنيني
فصاعدا فهو الذي ال جيوز لغري العلماء االجتهاد فيه اعتمادا على الدالئل والشواهد
دون جمرد الرأي.
اثنيا -تقسيم التفسري ابعتبار مصدره
وقد قسم العلماء التفسري ابعتبار مصدره إىل ثالثة أقسام:
تفسري ابلرواية ويسمى التفسري ابملأثور.
وتفسري ابلدراية ويسمى التفسري ابلرأي.
وتفسري ابإلشارة ويسمى التفسري اإلشاري.
وسوف نقف على تفصيالت تتعلق هبذه األقسام من خالل طرح اجتاهات التأليف
يف التفسري وهو املطلب اآليت.
املطلب الثاين -ألوان التفسري واجتاهاته ابعتبار التصنيف فيه
وهنا سنذكر أنواع التفسري اليت يَُرد إليها التأليف يف التفسري يف سائر العصور بغرض
حتديد مالمح كل لون من ألوان التفسري ،حبيث يكون هذا التحديد مرجعا ترد إليه
الكتب واملؤلفات اليت تندرج حتته ،مما سنتناوله يف تضاعيف الدراسة حني نسرد
الكتب املؤلفة يف كل قرن من القرون اهلجرية.
وسيكون الرتتيب هنا معجميا ألفبائيا
تفسري التابعني:
الت ابعي هو من لقي الص ح ايب مؤمن ا وم ات على اإلس الم ،وقي ل :هو من الزم
الصحايب.
والتابعون ر هم هللا هلم جهد كبري يف التفس ري وري خاف ،ولذا اعترب أكثر العلماء
أن آراءهم يف التفس ري تعترب مص درا من مص ادر التفس ري األثري ،وآرا هم حجة
خاص ة إذا أمجعوا على رأي ،أو كان تفس ريهم فيما ال جمال للرأي فيه ،إذ الغالب
على مثل هذا أن يكونوا قد نقلوه عن الص حابة ،وهم عن رس ول هللا ص لى هللا عليه
وس لم ،بش رط أال يكون هذا التابعي من املعروفني ابألخذ عن أهل الكتاب ،ومل
يعترب مجاعة من العلماء كابن عقيل ،وش عبة ،وأيب حنيفة بتفس ري التابعني على أنه
من التفسري املأثور ،وعدوه كتفسري وريهم0
من أشهر املصنفات يف التفسري املأثور:
جامع البيان عن ويل القرآن للطربي -1
ادرر لوجيز يف تفسري الكتاب العزيز البن عطية -2
تفسري القرآن العظيم للحافظ ابن كثري -3
اجلواهر احلسان يف تفسري القرآن للثعاليب -4
الدر املنثور يف التفسري املأثور للسيوطي -5
ص 7 2
-5بازمول ،عمر محمد ،شرح مقدمة ابن تيمية في أصول التفسير
-6ابن تيمية ،أ د بن عبد احلليم بن عبد السالم ابن تيمية ،مقدمة يف أصول التفسري(لبنان :دار مكتبة احلياة
بريوت ص34
القر ن1 70 /2
-7الزركشي ،البرها ن في علو م آ
تفس ري فقد كفر .قال ابن الص الح :وأان أقول الظن ن يوثق به منهم إذا قال ش ي ا
من ذلك أنه مل يذكره تفسريا وال ذهب به مذهب الشرح للكلمة فإنه لو كان كذلك
كانوا قد س لكوا مس لك الباطنية ،وإ ا ذلك منهم تنظري ملا ورد به القرآن فإن النظري
ي ذكر ابلنظري ومع ذل ك في ا ليتهم مل يتس اهلوا ث ل ذل ك مل ا في ه من اإلهب ام
8 ( )
وااللتباس.
وقال النس في يف عقائده :النص وص على ظواهرها والعدول عنها إىل معان يدعيها
أهل الباطل إحلاد
قال التفتازاف يف شرح العقائد :مسيت املالحدة ابطنية الدعائهم أن النصوص ليست
على ظاهرها بل هلا معان ال يعرفها إال املعلم وقص دهم بذلك نفي الش ريعة ابلكلية
قال :وأما ما يذهب إليه بعض ادققني من أن النص وص على ظواهرها ،ومع ذلك
ففيها إش ارات خفية إىل دقائق تنكش ف ألرابب الس لوك كن التوفيق بينها وبني
الظواهر املرادة ،فهو من كم ال اإل ان وحمض العرف ان ،ومن هن ا يعلم الفرق بني
تفس ري الص وفية املس مى ابلتفس ري اإلش اري وبني تفس ري الباطنية املالحدة ،فالص وفية
ال نعون إرادة الظاهر بل حيض ون عليه ويقولون ال بد منه أوال إذ من ادعى فهم
أس رار القرآن ومل حيكم الظاهر كمن ادعى بلوغ س طح البيت قبل أن جياوز الباب،
وأما الباطنية فإهنم يقولون :إن الظاهر وري مراد أص ال وإ ا املراد الباطن وقص دهم
نفي الشريعة.
وقد نقل السيوطي يف اإلتقان عن ابن عطاء هللا يف لطائف املنن قوله اعلم أن تفسري
هذه الطائفة لكالم هللا وكالم رس وله ابملعاف الغريبة ليس إحالة للظاهرعن ظاهره
ولكن ظاهر اآلية مفهوم منه ما جاءت اآلية له ودلت عليه يف عرف اللس ان وهلم
أفهام ابطنة تفهم عند اآلية واحلديث ملن فتح هللا قلبه ،وقد جاء يف احلديث " لكل
-8ابن الصالح ،المؤلف :عثما ن بن عبد الرحمن ،أبو عمر و ،تقي الدين المعر وف بابن الصالح (المتوفى6 43 :هـ) تحقيق د .موفق
عبد هللا عبد القادر ،مكتبة العلو م والحكم ،عالم الكتب – بير وتط 1ج 1ص 197
تلقي هذه املعاف منهم أن يقول لك ذو جدل 9
آية ظهر وبطن "( ) فال يصدنك عن
ومعارض ة هذا إحالة لكالم هللا وكالم رس وله فليس ذلك حالة وإ ا يكون إحالة لو
قالوا ال معىن ل ية إال هذا وهم يقولون ذلك بل يقررون الظواهر على ظواهرها مرادا
1 0 ( )
هبا موضوعاوا ويفهمون عن هللا ما أهلمهم.
ويف جمموع الفت اوى البن تيمي ة ر ه هللا كالم طي ب وتلخيص للموقف الص حيح
ادايد من هذا النوع من التفسري قد قال فيه:
يحا َوإِ ْن َملْ يَ ُك ْن ُه َو الْ ُمَر ُاد ِابللَّ ْف ِظ َوُه َو
صح ً
"مْن ها ما ي ُكو ُن معنَاه ِ
وتفاس ري الص وفية َ َ َ َ ْ ُ َ
ِ
ك َال َْجيعل تَ ْف ِس رياخم بل َْجيعل ِمن اب ِ الص وفِيَّ ِة .وب عض ذَلِ إش ار ِ
ب ً َْ َ ُ ْ َ ُ َ َ ُ ْ َ َ ُّ ات ْاألَ ْكثَ ُر ِيف َ َ
{ال ََ ُّس هُ َّإال يحةٌ ِع ْل ِميَّةٌ َك َما ِيف قَ ْوله تَ َع َ ِ ِاالعتِبا ِر والْ ِقي ِ ِ ِ
اىل َ ص ح َ اس َوَهذه طَ ِري َقةٌ َ َْ َ َ
ِِ ِ َّيب ص لَّى َّ ِ ِ
ب". اّللُ َعلَْيه َو َس لَّ َم "َال تَ ْد ُخ ُل الْ َم َالئ َكةُ بَْي تًا فيه َك ْل ٌ الْ ُمطَ َّهُرو َن} َوقَ ْول النِ ِت َ
{ال ََ ُّس هُ َّإال الْ ُمطَ َّهُرو َن}[الواقعة ]79:فَ َم َعانِ ِيه َال يَ ْهَت ِدي ِهبَا َّإال َفِإ َذا َكا َن َوَرقُهُ َ
ب فَ الْ َم َع ِاف الَِّيت ُِحتبُّ َه ا ِِ ِ
وب الطَّ اهَرةُ َوإِذَا َك ا َن الْ َملَ ُ
ك َال يَ ْد ُخ ُل بَْي تً ا في ه َك ْل ٌ الْ ُقلُ ُ
وم ِة َوَال تَْن ِزُل الْ َم َالئِ َك ةُ َعلَى ِ ِ ِِ ِ
َخ َال ُق الْك َالب الْ َم ْذ ُم َ الْ َم َالئ َك ةُ َال تَ ْد ُخ ُل قَ ْلبً ا في ه أ ْ
ِ ( )
1 1
َه ُؤَالء"
واحلاص ل أن ابن تيمية ر ه هللا يعترب أن كثريا من إش ارات الص وفية ليس ت تفس ريا
املفس ر ولكن يف أولبها هي من ابب التفس ري ابلقياس أي قياس املعىن مباش را للنص ت
اإلشاري على املعىن الظاهر يف النص.
هذا وقد وضع العلماء لقبول التفسري اإلشاري شروطا أمهها:
-1أال يكون التفسري منافياً لظواهر النظم القرآف.
-2أن يكون له شاهد شرعي يؤيده.