You are on page 1of 7

‫الحاجة لتعديل قانون مالية سنة ‪2020‬‬

‫ايت الشيخ محمد كريم‬


‫طالب باحث بسلك الدكتوراه‬
‫فريق البحث في حسن األداء اإلداري والمالي‬
‫كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ـ السويسي ـ‬
‫حظي فيروس كورونا المستجد كوفيد‪ ،19-‬بنقاش جد واسع بين الباحثين في المجال‬
‫القانوني‪ ،‬حيث هناك من ذهب وبحث في تأثير الفيروس على المعامالت والتعاقدات‪ .1‬إال‬
‫أننا ارتأينا أن نساهم في إغناء هذا النقاش عبر تخصيص هذا العمل المتواضع للبحث في‬
‫دراسة اآلثار المترتبة للفيروس على قانون مالية سنة ‪ ،22020‬وحاجته إلى تعديل‪ ،‬ومن‬
‫المفيد التذكير أن أخر مناسبة لتعديل قانون مالية السنة تعود لسنة ‪.1983‬‬
‫صحيح أن الحكومة تتوفر على ما يكفي من الوسائل التنظيمية للخروج عن الترخيص‬
‫البرلماني‪ ،‬دون الحاجة لتعديل قانون مالية‪ ،‬ونخص بالذكر هنا‪ ،‬إقدام الحكومة (بواسطة‬
‫مراسيم) على فتح اعتمادات إضافية‪ ،‬أو إحداث حسابات خصوصية لم يتوقع قانون مالية‬
‫سنة مبالغها وتخصيصها‪ ،3‬وقد شهدت األيام القليلة الماضية هذا األمر من خالل إقدام‬
‫الحكومة طبقا لتوجيهات الملكية على إحداث حساب مرصد ألمور خصوصية يحمل اسم"‬
‫الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا ـ كوفيد ‪19‬ـ"‪.4‬‬
‫لكننا من خالل هذا العمل سنركز على المبررات العملية التي قد تدفع الحكومة لتعديل‬
‫قانون مالية سنة ‪ ،2020‬األمر الذي يضعنا أمام اإلشكالية الرئيسية التالية‪ :‬ما مدى حاجة‬
‫الحكومة لتعديل قانون مالية سنة ‪2020‬؟‬
‫من أجل اإلجابة عن هذه اإلشكالية الرئيسة‪ ،‬سنحاول بداية الوقوف على المبررات‬
‫العملية لتعديل قانون مالية سنة ‪ ،2020‬ونخص بالذكر هنا ضرورة مراجعة الفرضيات‬
‫الماكرو اقتصادية التي بني على أساسها قانون مالية سنة ‪ 2020‬باعتبار صدق الفرضيات‬
‫صورة من صور مبدأ الصدقية (أوال)‪ ،‬ثم بعد ذلك سنذكر بالمسطرة المتبعة من أجل تعديل‬
‫قانون مالية السنة (ثانيا)‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Mohamed khadraoui, le coronavirus contamine aussi les contrats, l’économiste, édition n 5721, le‬‬
‫‪18/03/2020.‬‬
‫‪2‬قانون المالية رقم ‪ 70.19‬للسنة المالية ‪ ،2020‬المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6838‬مكرر‪ ،‬بتاريخ ‪ 17‬ربيع األخر ‪ 14( 1441‬دجنبر‬
‫‪ ،)2019‬ص‪.11087.‬‬
‫‪3‬أنظر المادتين ‪ 26‬و‪ 60‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 130.13‬المتعلق بقانون المالية‪.‬‬
‫‪4‬مرسوم رقم ‪ 2.20.269‬المتعلق بإحداث حساب مرصد ألمور خصوصية يحمل اسم الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا ـ كوفيد ‪19‬‬
‫ـ‪ ،‬الصادر بتاريخ ‪ 21‬رجب ‪ 16( 1441‬مارس ‪ ،)2020‬المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6865‬مكرر‪ ،‬الصادر بتاريخ ‪ 22‬رجب ‪17( 1441‬‬
‫مارس ‪ ،)2020‬ص‪.1540.‬‬
‫أوال‪ :‬مبررات تعديل قانون مالية سنة ‪2020‬‬
‫يتم إعداد قانون مالية سنة استنادا إلى مجموعة من الفرضيات االقتصادية والمالية‪،‬‬
‫والتي يعتبر ال محيد عنها لتحقيق أهداف البرمجة الميزانياتية لثالث سنوات‪ ،5‬وتحديد‬
‫الرصيد المتوقع للميزانية‪ ،6‬ويشترط في هذه الفرضيات أن تكون واقعية ومبررة‪.‬‬
‫هكذا‪ ،‬بني قانون مالية سنة ‪ 2020‬على مجموعة من الفرضيات‪ ،‬في مقدمتها توقع‬
‫محصول زراعي من الحبوب يقدر ب ‪ 70‬مليون قنطار‪ ،‬ومتوسط سعر غاز البوتان‬
‫ب‪ 350‬دوالر أمريكي للطن‪ ،‬ومعدل نمو بنسبة ‪ ،%3.7‬ومعدل عجر الميزانية يقدر ب‬
‫‪.7%3.5‬‬
‫كما كان يتوقع كذلك تحسن استهالك األسر ب ‪ %3,5‬عوض ‪ %3,3‬سنة ‪،2019‬‬
‫نتيجة التأثيرات اإليجابية المرتقبة للموسم الفالحي ‪ ،2020-2019‬وكذا التحسن المتوقع‬
‫للمداخيل الواردة من باقي العالم‪.8‬‬
‫على مستوى الميزان التجاري‪ ،‬كان يتوقع انتعاش صادرات السلع والخدمات بنسبة‬
‫نمو تناهز ب ‪ ،% 6.4‬حيث سيتم دعم هذه الدينامية من طرف قطاعات ذات قيمة مضافة‬
‫عالية نذكر منها على سبيل المثال ال الحصر‪ ،9‬صناعة السيارات والطيران‬
‫واإللكترونيك‪.10‬‬
‫أما بخصوص الواردات فقد كان يتوقع تحقيق نمو مضطرد على مستوى واردات‬
‫السلع والخدمات بنسبة ‪ %5.2‬سنة ‪.112020‬‬
‫لكن إبان تنفيذ قانون مالية سنة ‪ 2020‬طرأت مجموعة من المتغيرات التي قد تعجل‬
‫بتعديل قانون مالية سنة‪ ،‬وتعتبر سنة ‪ 1983‬أخر سنة مالية عرف فيها المغرب‪ ،‬إقدام‬
‫الحكومة على تعديل قانون مالية السنة‪.‬‬

‫‪ 5‬جاء في الفقرة الثانية من المادة الخامسة من القانون التنظيمي ‪ 130.13‬ما يلي‪« :‬تهدف هذه البرمجة على الخصوص إلى تحديد تطور مجموع‬
‫موارد وتكاليف الدولة على مدة ثالث سنوات اعتمادا على فرضيات اقتصادية ومالية واقعية ومبررة‪».‬‬
‫‪ 6‬نصت المادة التاسعة من القانون التنظيمي ‪ 130.13‬على ما يلي‪ « :‬يحدد رصيد الميزانية المتوقع على الخصوص بناء على الفرضيات التي تم‬
‫على أساسها إعداد مشروع قانون مالية السنة‪».‬‬
‫‪ 7‬مذكرة تقديم مشروع قانون المالية لسنة ‪ ،2020‬ص‪.2.‬‬
‫‪8‬الميزانية االقتصادية التوقعية لسنة ‪ ،2020‬المندوبية السامية لتخطيط‪ ،‬ص‪.16.‬‬
‫‪ 9‬صادرات الفوسفاط ومشتقاته نموذجا؛ صادرات الخدمات‪ :‬نموذج خدمات السفر‪.‬‬
‫‪ 10‬التقرير االقتصادي والمالي المرفق بمشروع قانون مالية سنة ‪ ،2020‬ص‪.89.‬‬
‫‪ 11‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.89.‬‬
‫حيث أكد المندوب السامي للتخطيط‪ ،‬أن تداعيات الجفاف وفيروس كورونا سيكون‬
‫لهما وقع جد سلبي على االقتصاد الوطني‪ ،‬حيث في هذا الصدد يتوقع أال تتعدى نسبة نمو‬
‫هذه السنة ‪ ،%2‬وهي نسبة النمو األقل خالل عشرين (‪ )20‬سنة الماضية‪.12‬‬
‫وفي نفس االتجاه توقع بنك المغرب‪ ،‬تحقيق نسبة نمو في حدود ‪ ،%2.3‬وذلك نظرا‬
‫لتأثير المزدوج للظروف المناخية غير المالئمة‪ ،‬وانتشار فيروس كورنا على الصعيد‬
‫الدولي‪.13‬‬
‫أمام هذه التغيرات اتجهت مجموعة من الدول إلى تعديل قوانين مالية السنة‪ ،‬من بين‬
‫هذه الدول نجد الجمهورية الفرنسية‪ ،‬حيث يأتي هذا التعديل من أجل دعم االقتصاد نتيجة‬
‫األضرار السلبية التي تسبب بها فيروس كورونا المستجد كوفيد‪ ،19-‬عبر ضمان الدولة‬
‫للقروض الممنوحة للمقاوالت من قبل البنوك في حدود ‪ 300‬مليار أورو‪ ،‬إضافة إلى‬
‫إحداث حساب خصوصي بهدف تعويض المقاوالت الصغيرة جدا ‪ TPE‬نتيجة األضرار‬
‫التي لحقتها بسبب الفيروس‪.‬كما سيتم كذلك مراجعة الفرضيات االقتصادية والمالية‪ ،‬لتصبح‬
‫نسبة النمو المتوقع تحقيقها نتيجة األضرار التي سببها الفيروس لالقتصاد ‪ ،%-1‬ونسبة‬
‫عجز ‪.14%3.9‬‬
‫مما ال شك فيه أن فيروس كورونا والجفاف سيكون لهما تأثير مزدوج على االقتصاد‬
‫الوطني‪ ،‬بداية سنأخذ نموذج تأثير الجفاف على القطاع الفالحي‪ ،‬حيث يساهم هذا القطاع في‬
‫‪ %14‬من الناتج المحلي اإلجمالي‪ ،15‬وأمام تأثير الجفاف قد يتم التخلي عن عدد مهم من‬
‫العاملين بهذا القطاع‪ ،‬وبالتالي ترتفع نسبة البطالة‪ ،‬األمر الذي سيؤثر ال محالة على القدرة‬
‫االستهالكية للعائالت التي فقدت عملها بهذا القطاع الحيوي‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫‪Khadija masmoudi, sécheresse, coronavirus: alerte sur la croissance, l’économiste, édition 5717, 12/03/2020.‬‬
‫‪13‬‬
‫‪Communique de presse, réunion de du conseil de BANK AL-MAGHRIB, p.2.‬‬
‫‪ 14‬للمزيد من المعلومات المرجو استعمال الرابط التالي‪https://www.gouvernement.fr/conseil-des-ministres/2020-03- :‬‬
‫‪18/loi-de-finances-rectificative-pour-2020‬‬
‫‪15‬‬
‫‪Agriculture en chiffre 2018, ministre de l’agriculture, de la pêche maritime de développement rurale et des‬‬
‫‪eaux et forêts, p.3.‬‬
‫أما بخصوص تأثير فيروس كورنا‪ ،‬سنأخذ نموذج القطاع السياحي‪ ،‬حيث يساهم هذا‬
‫القطاع الحيوي ب ‪ %11‬من الناتج اإلجمالي‪ ،‬إضافة إلى المساهمة في توفير ‪548.000‬‬
‫منصب شغل مباشر‪ ،‬أي ‪ % 5‬من مجموع اليد العاملة‪ ،‬وأمام قرار تعليق الرحالت الجوية‪،‬‬
‫سيجد هذا القطاع نفسه متأثرا‪ ،‬وستتراجع عائداته‪ ،‬كما يتوقع كذلك تراجع العملة الصعبة‬
‫التي يتم توفيرها عبر هذا القطاع‪ ،‬فمثال خالل سنة ‪ 2017‬ساهم هذا القطاع في توفير‬
‫حوالي ‪ %19‬من العملة الصعبة‪.16‬‬
‫هكذا‪ ،‬أمام التأثير المزدوج للجفاف وفيروس كورونا‪ ،‬تظهر الحاجة لتعديل قانون‬
‫مالية سنة ‪ ،2020‬تعديل يأتي ليس فقط من أجل مراجعة الفرضيات الماكرو االقتصادية‬
‫التي بني عليها قانون مالية سنة‪ ،‬بل كذلك من أجل استيعاب عمليات جديدة لم يتوقع قانون‬
‫مالية سنة ‪ 2020‬مبالغها وتخصيصها‪ ،‬تدابير تهدف باألساس إلى تقليص من حدة‬
‫األضرار التي ستلحق االقتصاد الوطني‪.‬‬
‫في نظرنا‪ ،‬باإلضافة إلى ما سبق ذكره من مبررات عملية محركة لمطلب تعديل‬
‫قانون مالية سنة‪ ،‬نضيف أن هذا التعديل يأتي كذلك من أجل الحفاظ على صدقية قانون‬
‫المالية‪ ،‬الذي يعتبر من المبادئ األساسية التي تقوم عليها المالية العمومية‪ ،‬مبدأ تم‬
‫االعتراف به أول مرة من طرف القضاء الدستوري المغربي سنة ‪ 2013‬عندما بت في‬
‫دستورية مشروع قانون مالية سنة ‪ ،172014‬حيث اعتد القضاء الدستوري بصدق‬
‫التقديرات الذي ال يعدو كونه جزءا ومكونا من مكونات مبدأ الصدقية‪.18‬‬
‫رغم السمة التوقعية لقانون المالية‪ ،‬إال أن توقع ليس عملية تخمينية‪ ،‬فمنهجية بناء‬
‫معالم قانون المالية تحكمها ثالث محددات‪ ،‬تتمثل في صحة وصدق المعطيات المقدمة في‬
‫شكل توقعات‪ ،‬ارتباطها بالواقع االقتصادي واالجتماعي وقابليتها للتبرير‪ ،‬وأخير اعتماد‬
‫التوقعات على فرضيات اقتصادية ومالية‪ ،‬وقد سبق أن عرفت فرنسا حالة طعن في‬
‫دستورية قانون مالية سنة بالنظر للفرضيات الماكرو االقتصادية التي بني عليها‪.19‬‬

‫‪ 16‬للمزيد من المعلومات يمكن استعمال الرابط التالي‪https://www.tourisme.gov.ma/fr/tourisme-en-chiffres/chiffres-cles :‬‬


‫‪17‬القرار رقم ‪ ،2013/931‬الصادر عن المجلس الدستوري‪ ،‬بتاريخ ‪ 26‬صفر ‪ 30( 1435‬دجنبر ‪.)2013‬‬
‫‪ 18‬د‪.‬سي محمد البقالي‪ ،‬الكتلة الدستورية للمالية العمومية‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة ـ الرباط ـ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،2019‬ص‪.58.‬‬
‫‪ 19‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.168.‬‬
‫بناء على ما سبق تظهر لنا الحاجة لوضع قانون مالي تعديلي‪ ،‬مبني على فرضيات‬
‫ماكرو اقتصادية جديدة تراعي الظروف التي يمر منها المغرب‪ ،‬وبالتالي مراجعة األحكام‬
‫المتعلقة بتوازن الموارد والتكاليف‪.‬‬
‫إذا كان قانون مالية سنة ‪ 2020‬قد توقع‪ ،‬تحصيل مداخيل ضريبية تقدر ب ‪233‬‬
‫مليار درهم‪ ،20‬فأمام الظروف التي يعيشها االقتصاد المغربي‪ ،‬وجب إعادة النظر في هذا‬
‫رقم رغم أننا نعلم أن المداخيل الواردة في قانون مالية سنة تبقى ذو طبيعة تقديرية‪ ،‬عكس‬
‫النفقات التي تكون ذو طبيعة تحديدية‪ ،‬األمر الذي يستلزم تعديل قانون مالية سنة ‪،2020‬‬
‫من أجل استيعاب نفقات جديدة لم يتوقع قانون مالية سنة مبالغها وتخصيصها‪ ،‬نفقات تهدف‬
‫باألساس إلى‪:‬‬
‫‪ ‬تأهيل المنظومة الصحية بالبالد؛‬
‫‪ ‬دعم االقتصاد الوطني لمواجهة اآلثار السلبية للجفاف وفيروس كورونا؛‬
‫‪ ‬الحفاظ على مناصب الشغل والتخفيف من التداعيات االجتماعية للجفاف وفيروس‬
‫كورونا‪.‬‬
‫إذا أبرزنا بشكل جلي مبررات تحريك مطلب تعديل قانون مالية‪ ،‬فماذا عن المسطرة‬
‫المتعبة في تعديل قانون مالية سنة في ظل القانون التنظيمي الحالي‪.‬‬

‫‪20‬المادة ‪ 42‬من قانون المالية رقم ‪ 70.19‬للسنة المالية ‪.2020‬‬


‫ثانيا‪ :‬مسطرة تعديل قانون المالية‪:‬‬
‫إن قانون المالية ليس كباقي القوانين فهو الفعل القانوني واالقتصادي واالجتماعي‬
‫األكثر أهمية الذي يتخذه البرلمان كل سنة‪ ،‬لذلك أبى المشرع الدستوري إال أن يميز قانون‬
‫المالية عن غيره من القوانين العادية‪ ،‬وأن يضفي عليه خصوصية متميزة عن غيره من‬
‫القوانين العادية‪ ،‬سواء من حيث شكل تقديمه وبنيته وأجال صياغته أو من حيث مضمونه‬
‫ونطاق تطبيقه واآلثار المترتبة عنه‪.21‬‬

‫عالقة بموضوعنا القانون المالي المعدل‪ ،‬تظهر خصوصية هذا الصنف من القوانين‬
‫المالية مقارنة بباقي القوانين العادية‪ ،‬من خالل ما تضمنته المادة الرابعة من القانون‬
‫التنظيمي ‪ 130.13‬المتعلق بقانون المالية «ال يمكن أن تغير خالل السنة أحكام قانون‬
‫المالية للسنة إال بقوانين المالية المعدلة»‪.‬‬

‫هكذا‪ ،‬يبدو قانون المالية محصنا ال تطاله كل المبادرات التعديلية‪ ،‬فتعديل قانون المالية‬
‫السنوي ال يكون إال عبر مشروع قانون مالي تعديلي‪ ،‬أي قانون من نفس المستوى‪ ،‬ووفق‬
‫نفس الميكانيزمات التمفصلية للمؤسسات‪.22‬‬

‫من خالل ما سبق يتضح أن تقديم والتصويت على قانون المالية المعدل يتم وفق نفس‬
‫الكيفيات التي يقدم ويصوت بها على قانون مالية سنة‪ ،23‬أي أن الحكومة هي من تكون‬
‫صاحبة المبادرة في تعديل قانون المالية‪ ،‬وال يمكن أن يحيل تعديل قانون المالية من طرف‬
‫البرلمان‪.‬‬

‫وقد نظمت مسطرة التصويت على قانون المالية المعدل بموجب المادة ‪ 51‬من القانون‬
‫التنظيمي ‪ 130.13‬المتعلق بقانون المالية‪ ،‬حيث يصوت البرلمان بغرفتيه على مشروع‬

‫‪ 21‬د‪.‬سي محمد البقالي‪ ،‬الكتلة الدستورية للمالية العمومية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.154.‬‬
‫‪ 22‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.157.‬‬
‫‪23‬هذا األمر تم التأكيد عليه بموجب المادة ‪ 57‬من القانون التنظيمي ‪ 130.13‬المتعلق بقانون المالية «تقدم قوانين المالية المعدلة ويتم التصويت‬
‫عليها وفق نف س الكيفية التي يقدم ويصوت بها على قانون المالية للسنة‪ ،‬مع مراعاة أحكام المادة ‪ 51‬أعاله»‪.‬‬
‫قانون المالية المعدل في أجل ال يتعدى ‪ 15‬يوم الموالية إليداعه من طرف الحكومة لدى‬
‫مكتب مجلس النواب‪ ،‬وتوزع المدة المذكورة وفق الطريقة التالية‪:‬‬

‫‪ ‬يبت مجلس النواب في مشروع قانون المعدل داخل أجل ثمانية (‪ )8‬أيام الموالية لتاريخ‬
‫إيداعه (القراءة األولى)؛‬
‫‪ ‬يبت مجلس المستشارين في المشروع دخل أجل أربعة (‪ )4‬أيام الموالية لعرضه عليه؛‬
‫‪ ‬يقوم مجلس النواب بدراسة التعديالت المصوت عليها من طرف مجلس المستشارين‬
‫ويعود له البت النهائي في مشروع قانون المالية المعدل في أجل ال يتعدى ثالثة (‪)3‬‬
‫أيام‪.‬‬

‫ختاما‪ ،‬قد حاولنا إبراز مدى تجاوز الفرضيات التي بني عليها قانون مالية سنة‬
‫‪ ،2020‬األمر الذي يعجل بوضع قانون مالي تعديلي مبني على فرضيات تعكس واقع‬
‫الظرفية االقتصادية والمالية التي تعيشها البالد نتيجة اآلثار المترتبة عن الجفاف وفيروس‬
‫كورونا‪.‬‬

‫في نهاية المطاف‪ ،‬تبقى الحكومة وحدها هي صاحبة االختصاص الحصري في تحريك‬
‫هذه المسطرة‪ ،‬من عدمها‪ .‬حيث تتوفر الحكومة على ما يكفي من الوسائل التنظيمية‬
‫للخروج عن الترخيص البرلماني دون الحاجة لتعديل قانون مالية السنة‪ ،‬وفيهذا الصدد‬
‫نذكر بتصريح رئيس الحكومة يوم السبت ‪ 14‬مارس ‪ 2020‬الذي أكد أن إمكانية تعديل‬
‫قانون مالية السنة تبقى مسألة واردة‪.‬‬

You might also like