You are on page 1of 60

‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬

:‫امللخص‬
‫هذا البحث يتناول بالدراسة والتحليل األحاديث الواردة يف السحور أثناء األذان الثاين من‬
‫ وتحرير القول‬،‫ ويهدف إلى بيان درجتها من حيث الصحة والضعف‬،‫الفجر أو بعده حتى اإلسفار‬
‫ والمنهج المتبع هو المنهج االستقرائي‬،‫ وبيان مسالك العلماء يف التعامل معها‬،‫يف داللتها‬
،‫ والحكم عليها‬،‫ المتمثل يف استقصاء كل ما ورد يف هذه المسألة من أحاديث‬،‫االستنتاجي النقدي‬
‫ وخلص البحث إلى أن األحاديث المرفوعة التي تبيح‬،‫والوقوف على فهم العلماء وتوجيههم لها‬
‫ والذي عليه عامة العلماء من السلف‬،‫السحور أثناء األذان الثاين كلها ضعيفة ال يصح منها شيء‬
.‫والخلف امتناع السحور مع طلوع الفجر الصادق‬
:‫الكلمات املفتاحية‬
.‫ األكل مع األذان‬،‫ تأخير السحور‬،‫الفجر الصادق‬

Abstract:
This research address by studying and analyzing all Hadiths about the predawn meal (Suhur) with the
Fajr Adhan (Dawn call to prayer) or after it. it aims to identify levels of hadith validity or weakness
and to remove doubts about the significance of these hadiths and paths used by scholars to deal with
those hadiths. The inductive deductive approach was applied, by surveying all hadiths on this issue,
judge them and reviewing the scholars opinions about them. The researcher has concluded that all
hadiths related to this issue are weak hadiths and there is no valid hadiths among them. Refraining
from predawn meal (Suhur) once true Fajr (Dawn) started is generally accepted by predecessors and
the successor scholars.
Keywords:
true fajr (Dawn), delay predawn meal (Suhur), eating while call the prayer (adhan).

3
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪4‬‬

‫محم ٍد خات ِم‬


‫وأتم التسليم على نبينا َّ‬
‫الصالة ُّ‬ ‫ُ‬
‫وأفضل َّ‬ ‫كثيرا طي ًبا مباركًا فيه‪،‬‬
‫الحمدُ هلل حمدً ا ً‬
‫النَّبيين وإمام المرسلين‪ ،‬المبعوث رحم ًة للعالمين‪ ،‬وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫َّأما بعد‪:‬‬
‫جمع األحاديث الواردة يف أحد‬ ‫ِ‬
‫فم ْن أحسن ما ُتصرف له الدراسات الحديثية "المعاصرة"‪:‬‬
‫ُ‬
‫أبواب العلم وتحقيق القول فيها صح ًة وضع ًفا‪ ،‬وخاص ًة األبواب العملية التي لها أثر يف سلوك‬
‫الناس وحياهتم‪.‬‬
‫بالسحور مع أذان الفجر الثاين وبعده مما ك ُثر بين بعض طلبة العلم ومن‬ ‫ُّ‬
‫الرتخص ُّ‬ ‫ولما كان‬
‫يقلدهم من العامة‪ ،‬تمس ًكا بالروايات الواردة يف هذا الباب‪ ،‬ر ُ‬
‫غبت يف جمع هذه المرويات‬
‫ودراستها وتحقيق القول فيها‪ ،‬ليكون المسلم على ب ِّي ٍنة من أمره تجاهها‪.‬‬
‫موضوع البحث‪:‬‬
‫األحاديث الواردة يف الرتخيص للصائم باألكل مع نداء الفجر أو بعده‪.‬‬
‫حدود البحث‪:‬‬
‫يقتصر البحث على دراسة األحاديث التي توهم جواز األكل أثناء األذان الثاين من الفجر من‬
‫والضعف‪ ،‬وبيان موقف العلماء منها سندً ا وداللةً‪.‬‬
‫ُ‬ ‫حيث الصح ُة‬
‫مشكلة البحث‪:‬‬
‫ما يدل عليه ظاهر بعض األحاديث من الرتخيص باألكل مع طلوع الفجر الصادق (األذان‬
‫الثاين)‪ ،‬وتعارض ذلك مع النصوص الصحيحة الصريحة الدالة على االمتناع عن المفطرات‬
‫بطلوع الفجر‪.‬‬
‫أهمية البحث‪:‬‬
‫هتم كل مسلم‪.‬‬ ‫‪-‬تع ُّلقه ٍ‬
‫بباب من أبواب العبادات التي ُّ‬
‫‪-‬حفظ السنة النبوية من أن ُينسب لها ما ليس له أصل ثابت‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪5‬‬

‫أهداف البحث‪:‬‬
‫* جمع األحاديث واآلثار الواردة يف السحور أثناء األذان الثاين من الفجر‪ ،‬وبيان درجتها‬
‫صح ًة وضع ًفا‪.‬‬
‫* تحرير األلفاظ المرفوعة الصحيحة من الشاذة يف هذه المرويات‪.‬‬
‫* بيان موقف العلماء من هذه األحاديث وتوجيهها مع المناقشة والرتجيح‪.‬‬
‫* تحرير القول يف وقت امتناع الصائم عن السحور‪.‬‬
‫منهج البحث‪:‬‬
‫هو المنهج االستقرائي االستنتاجي النقدي المتم ِّثل يف استقصاء ِّ‬
‫كل ما ورد يف هذه المسألة‬
‫من أحاديث وآثار‪ ،‬والحكم عليها‪ ،‬والوقوف على آراء العلماء تجاهها‪.‬‬
‫الدراسات السابقة‪:‬‬
‫ٍ‬
‫خاصة لألحاديث واآلثار الواردة يف هذه المسألة‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫دراسة‬ ‫لم أقف على ٍ‬
‫بحث علمي محكم أو‬
‫ٍ‬
‫باقتضاب يف كتب شروح الحديث وبعض كتب الفقه‪ ،‬وكذا يف بعض‬ ‫إال أن العلماء تعرضوا لها‬
‫الدراسات الفقهية المعاصرة‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫‪« -‬وقت بدء الصيام واإلفطار للصائم» للدكتور سعدي جرب‪ ،‬نشر يف مجلة المنارة للبحوث‬
‫والدراسات‪( ،‬مج‪ ،7‬ع‪2001 ،)2‬م‪.‬‬
‫‪« -‬إشكاليات فلكية وفقهية حول تحديد مواقيت الصالة»‪ ،‬م‪ .‬محمد شوكت عودة‪ ،‬بحث‬
‫مقدم يف مؤتمر اإلمارات الفلكي الثاين‪2010 ،‬م‪.‬‬
‫‪« -‬موعد إمساك الصائم وإفطاره دراسة حديثية فقهية مقارنة»‪ ،‬محمد أبو صعيليك‪ ،‬مجلة‬
‫هدي اإلسالم األردنية‪( ،‬مج‪ ،54‬ع‪2010 ،)7‬م‪.‬‬
‫‪« -‬طلوع الفجر الصادق بين تحديد القرآن وإطالق اللغة»‪ ،‬للدكتور إبراهيم الصبيحي‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪1428‬هـ‪.‬‬
‫ِ‬
‫الصادق»‪ ،‬رائد آل طاهر‪ ،‬منشور على الشبكة‪،‬‬ ‫‪« -‬عون الخالِق يف تحقيق مسألة وقت الفجر‬
‫‪1430‬هـ‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪6‬‬

‫وكل هذه الدراسات اتجهت لبحث المسألة فقه ًّيا‪ ،‬ولم ُتع َن بدراسة المرويات دراس ًة حديثي ًة‬
‫نقديةً‪.‬‬
‫إجراءات البحث‪:‬‬
‫* جمع وتتبع أحاديث السحور أثناء األذان الثاين من الفجر أو بعده حتى اإلسفار‪ ،‬وطرقها‬
‫وألفاظها‪ ،‬وبيان أوجه االتفاق واالختالف بين الرواة‪.‬‬
‫*حديث أبي هريرة هو األصل يف باب السحور مع األذان‪ ،‬وحديث حذيفة هو األصل يف‬
‫باب السحور بعد طلوع الفجر إلى اإلسفار‪ ،‬ولذا جعلتهما األصل يف الدراسة وباقي الروايات‬
‫شواهد لهما‪.‬‬
‫* تخريج األحاديث الواردة يف البحث بذكر من رواها من أصحاب الكتب المعتمدة‪.‬‬
‫*عزو كل قول إلى قائله‪ ،‬والنقل من المصادر األصلية قدر المستطاع‪.‬‬
‫* ال أترجم لألعالم المذكورين يف البحث لصغر حجمه‪.‬‬
‫* ضبط ما ُيشكل من الكلمات‪.‬‬
‫* شرح األلفاظ الغريبة التي تحتاج إلى إيضاح‪.‬‬
‫خطة البحث‪ :‬وقد رأيت تقسيم البحث إلى مقدمة‪ ،‬وتمهيد‪ ،‬وأربعة مباحث‪ ،‬وخاتمة‪.‬‬
‫المقدمة‪ :‬وفيها بيان موضوع البحث ومشكلته وحدوده وأهميته وإجراءاته وخطة البحث‪.‬‬
‫التمهيد‪ :‬السحور‪ :‬معناه‪ ،‬فضله‪ ،‬تأخيره‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬أحاديث السحور مع أذان الفجر‪.‬‬
‫المبحث الثاين‪ :‬أحاديث السحور بعد أذان الفجر حتى اإلسفار‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬آثار الصحابة يف السحور أثناء األذان وبعده حتى اإلسفار‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬حكم السحور مع أذان الفجر وبعده‪.‬‬
‫الخاتمة‪ :‬وفيها أهم النتائج والتوصيات التي توصلت إليها من خالل البحث‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪7‬‬

‫التمهيد‬
‫السحور‪ :‬معناه‪ ،‬فضله‪ ،‬تأخريه‬

‫‪-1‬معنى السحور‪.‬‬

‫اسما لما ُيؤكل ذلك‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫"السحور‪ :‬ما ُيتَسحر به وقت الس َحر من طعا ٍم أو ٍ‬
‫سويق‪ُ ،‬وض َع ً‬ ‫لبن أو‬

‫الوقت‪ ،‬وقد تسحر الرجل ذلك الطعام أي أكله"(‪.)1‬‬

‫نفسه‪ ،‬وأكثر‬
‫اسم ما ُيتسح ُر به من الطعام والشراب‪ ،‬وبالضم‪ :‬المصدر والفعل ُ‬
‫"وهو بالفتح ٌ‬
‫والثواب يف الفعل‬
‫ُ‬ ‫واألجر‬
‫ُ‬ ‫ما يروى بالفتح‪ ،‬وقيل إن الصواب بالضم؛ ألنه بالفتح الطعام‪ ،‬والربك ُة‬

‫ال يف الطعام"(‪.)2‬‬

‫‪-2‬فضل السحور‪.‬‬
‫الس ُح ِ‬ ‫ِ‬
‫ور‬ ‫عن أنس رضي اهلل عنه أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال‪( :‬ت ََس َّح ُروا َفإِ َّن في َّ‬
‫َب َر َك ًة) (‪.)3‬‬

‫"وأجمعوا على أن السحور مندوب إليه"(‪.)4‬‬

‫‪ -3‬تأخير السحور‪.‬‬

‫من هدي النبي صلى اهلل عليه وسلم تأخير السحور جدًّ ا‪ ،‬مع التبكير بصالة الفجر‪.‬‬

‫(‪ )1‬األزهري‪ ،‬هتذيب اللغة (‪.)171/4‬‬


‫(‪ )2‬ابن األثير‪ ،‬النهاية يف غريب الحديث واألثر (‪.)347/2‬‬
‫(‪ )3‬البخاري‪ ،‬الجامع المسند الصحيح (‪ ،)1923‬مسلم بن الحجاج‪ ،‬المسند الصحيح (‪.)1095‬‬
‫(‪ )4‬ابن المنذر‪ ،‬اإلجماع (ص‪.)49‬‬

‫‪7‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪8‬‬

‫عن أنس بن مالك عن زيد بن ثابت رضي اهلل عنه‪ ،‬قال‪" :‬تسحرنا مع رسول اهلل صلى اهلل عليه‬

‫وسلم‪ ،‬ثم قمنا إلى الصالة"‪.‬‬

‫قلت‪ :‬كم كان قدْ ُر ما بينهما؟ قال‪" :‬خمسين آية"(‪.)1‬‬

‫"وفيه الحث على تأخير السحور إلى ُقبيل الفجر"(‪.)2‬‬

‫وعن سهل بن سعد رضي اهلل عنه قال‪" :‬كنت أتسحر يف أهلي‪ ،‬ثم تكون سرعتي أن أدرك‬

‫السجود مع رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم"(‪.)3‬‬

‫فكان رضي اهلل عنه يتسحر يف قومه بني ساعدة‪ ،‬ولقرب سحوره من صالة الفجر وشدة‬

‫تغليس(‪ )4‬رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بالصالة‪ :‬ال يكاد يدرك الصالة يف المسجد النبوي(‪.)5‬‬

‫أسرع الناس‬
‫َ‬ ‫أصحاب محمد صلى اهلل عليه وسلم‬
‫ُ‬ ‫وعن عمرو بن ميمون األَ ْودي قال‪" :‬كان‬

‫إفطارا وأبط َأ ُه ُس ً‬
‫حورا"(‪.)6‬‬ ‫ً‬
‫قال الوزير ابن هبيرة‪" :‬وأجمعوا على استحباب تعجيل الفطر وتأخير السحور"(‪.)7‬‬

‫وقال ابن عبد الرب‪" :‬اآلثار يف تعجيل الفطر وتأخير السحور‪ :...‬متواترة صحاح"(‪.)8‬‬

‫(‪ )1‬البخاري‪ ،‬الجامع المسند الصحيح (‪ ،)575‬مسلم بن الحجاج‪ ،‬المسند الصحيح (‪ )1097‬واللفظ له‪.‬‬
‫(‪ )2‬النووي‪ ،‬شرح صحيح مسلم (‪.)208/7‬‬
‫(‪ )3‬البخاري‪ ،‬الجامع المسند الصحيح (‪.)1920‬‬
‫(‪" )4‬الغلس‪ :‬ظلمة آخر الليل إذا اختلطت بضوء الصباح"‪ ،‬ابن األثير‪ ،‬النهاية يف غريب الحديث واألثر (‪.)377/3‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬ابن حجر‪ ،‬فتح الباري (‪ ،)138/4‬ابن قرقول‪ ،‬مطالع األنوار (‪ ،)479/5‬ابن رجب‪ ،‬فتح الباري (‪ ،)427/4‬والمسافة‬
‫بين مساكن بني ساعدة والمسجد النبوي ترتاوح بين (‪ )10-5‬دقائق‪.‬‬
‫(‪ )6‬عبد الرزاق الصنعاين‪ ،‬المصنف (‪ ،)226/4‬بسند صحيح‪.‬‬
‫(‪ )7‬ابن هبيرة‪ ،‬اختالف األئمة العلماء (‪.)232/1‬‬
‫(‪ )8‬ابن عبد الرب‪ ،‬االستذكار (‪.)177/10‬‬

‫‪8‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪9‬‬

‫املبحث األول‬
‫أحاديث السحور مع أذان الفجر‪.‬‬

‫وفيه مطلبان‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬دراسة وتخريج حديث أبي هريرة‪.‬‬
‫قال اإلمام أحمد يف المسند‪:‬‬
‫حدثنا َر ْو ُح‪ ،‬حدثنا حماد‪ ،‬عن محمد بن عمرو‪ ،‬عن أبي سلمة‪ ،‬عن أبي هريرة‪ ،‬عن النبي صلى‬
‫اج َت ُه ِمنإ ُه)‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫اهلل عليه وسلم قال‪( :‬إِ َذا َس ِم َع َأ َحدُ ك ُُم النِّدَ ا َء َو إ ِ‬
‫اإلنَا ُء َع َلى َيده‪َ :‬ف َال َي َض إع ُه َحتَّى َي إقض َي َح َ‬
‫ثم قال‪ :‬حدثنا روح‪ ،‬حدثنا حماد‪ ،‬عن عمار بن أبي عمار‪ ،‬عن أبي هريرة‪ ،‬عن النبي صلى اهلل‬
‫عليه وسلم مثله‪ ،‬وزاد فيه‪( :‬وكان المؤ ِّذن يؤ ِّذن إذا ب َز َغ الفجر)‪.‬‬
‫وقال أيضًا‪ :‬حدثنا غسان‪ ،‬حدثنا حماد بن سلمة‪ ،‬عن محمد بن عمرو‪ ،‬عن أبي سلمة‪ ،‬عن‬
‫أبي هريرة‪ ،‬عن النبي صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫وعن يونس‪ ،‬عن الحسن‪ ،‬عن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال‪( :‬إِ َذا َس ِم َع َأ َحدُ ك ُُم إاألَ َذ َ‬
‫ان َو إ ِ‬
‫اإلنَا ُء‬
‫َع َلى َي ِد ِه‪َ :‬ف َال َيدَ إع ُه َح َّتى َي إق ِض َي ِمنإ ُه)‪.‬‬
‫ٍ‬
‫أوجه مختلفة‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫أن حماد بن سلمة يرويه على‬ ‫وبه يتبين َّ‬
‫محمد بن عمرو‪ ،‬عن أبي سلمة‪ ،‬عن أبي هريرة‪.‬‬
‫األول‪ :‬عن َّ‬
‫ورواه عن حماد من هذا الوجه‪ :‬روح بن ُعبادة(‪ ،)1‬وغسان بن الربيع(‪ ،)2‬وعبد األعلى بن‬
‫حماد(‪ ،)3‬وعبد الواحد بن غياث(‪ ،)4‬وعفان بن مسلم(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬أحمد بن حنبل‪ ،‬المسند (‪ ،)10629‬الطربي‪ ،‬جامع البيان (‪.)258/3‬‬


‫(‪ )2‬أحمد بن حنبل‪ ،‬المسند (‪.)9474‬‬
‫(‪ )3‬أبو داود السجستاين‪ ،‬السنن (‪ ،)2350‬ومن طريقه‪ :‬الدارقطني‪ ،‬السنن (‪.)114/3‬‬
‫(‪ )4‬الحاكم النيسابوري‪ ،‬المستدرك على الصحيحين (‪ ،)307/1‬البيهقي‪ ،‬الخالفيات (‪.)48/2‬‬
‫(‪ )5‬الحاكم النيسابوري‪ ،‬المستدرك على الصحيحين (‪.)310/1‬‬

‫‪9‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪10‬‬

‫عمار‪ ،‬عن أبي هريرة‪.‬‬


‫عمار بن أبي َّ‬
‫والثاين‪ :‬عن َّ‬
‫ورواه عن حماد من هذا الوجه‪ :‬روح بن عبادة(‪ ،)1‬وعبد الواحد بن غياث(‪.)2‬‬
‫مرسال‪.‬‬
‫ً‬ ‫الثالث‪ :‬عن يونس بن ُعبيد‪ ،‬عن الحسن‪ ،‬عن النبي صلى اهلل عليه وسلم‪،‬‬
‫ورواه عن حماد من هذا الوجه‪ :‬غسان بن الربيع(‪ ،)3‬وعبد الواحد بن غياث(‪.)4‬‬
‫وذكره ابن حزم من ٍ‬
‫وجه راب ٍع معل ًقا موقو ًفا‪ ،‬فقال‪" :‬ومن طريق حماد بن سلمة‪ :‬حدثنا ُحميد‬
‫عن أبي رافع أو غيره عن أبي هريرة‪ :‬أنه سمع النداء واإلناء على يده فقال‪ :‬أحرز ُتها ورب‬
‫الكعبة"(‪.)5‬‬
‫وله وجه خامس‪ ،‬أخرجه البغوي قال‪ :‬حدثنا عبد األعلى‪ ،‬حدثنا حماد بن سلمة‪ ،‬عن هشام‬
‫عن أبيه أنه كان يقول لهم‪" :‬إذا سمع أحدكم النداء واإلناء على يده‪ ،‬فال يضعه حتى يقضي حاجته‬
‫منه"‪ ،‬وكان يأمر بنيه به(‪.)6‬‬
‫جمع من العلماء(‪.)7‬‬
‫ٌ‬ ‫وصحح حديث أبي هريرة‬
‫حماد بن سلمة به واضطرابه فيه‪.‬‬ ‫ضعيف ٌّ‬
‫معل بتفرد َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫حديث‬ ‫واألقرب أنه‬
‫وحماد مع ثقته وإمامته إال أن يف حفظه وضبطه كال ًما‪.‬‬
‫قال ابن سعد‪" :‬وكان حماد بن سلمة ثقةً‪ ،‬كثير الحديث‪ ،‬وربما حدث بالحديث المنكر"(‪.)8‬‬
‫وقال اإلمام مسلم بن الحجاج النيسابوري‪" :‬وحماد ُي َعدُّ عندهم إذا حدث عن غير ثابت ‪-‬‬
‫والجريري‪ ،‬ويحيى بن سعيد‪ ،‬وعمرو بن‬
‫كحديثه عن قتادة‪ ،‬وأيوب‪ ،‬ويونس‪ ،‬وداود بن أبي هند‪ُ ،‬‬

‫(‪ )1‬أحمد بن حنبل‪ ،‬المسند (‪ ،)10630‬الطربي‪ ،‬جامع البيان (‪.)258/3‬‬


‫(‪ )2‬الحاكم النيسابوري‪ ،‬المستدرك على الصحيحين (‪.)307/1‬‬
‫(‪ )3‬أحمد بن حنبل‪ ،‬المسند (‪.)9474‬‬
‫(‪ )4‬البيهقي‪ ،‬الخالفيات (‪.)48/2‬‬
‫(‪ )5‬ابن حزم الظاهري‪ ،‬المحلى باآلثار (‪.)371/4‬‬
‫(‪ )6‬البغوي‪ ،‬الجزء الثاين من حديث حماد بن سلمة‪ ،‬مخطوط‪ ،‬نسخة مصورة من مكتبة شسرتبتي متاحة على النت‪( ،‬ق‪،)4‬‬
‫‪https://www.alukah.net/library/0/68696/‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬الحاكم النيسابوري‪ ،‬المستدرك (‪ ،)307/1‬ابن تيمية‪ ،‬شرح العمدة (‪ ،)526/1‬أحمد شاكر‪ ،‬تعليقه على المحلى‬
‫(‪ ،)232/6‬األلباين‪ ،‬صحيح أبي داود (‪.)2350‬‬
‫(‪ )8‬ابن سعد‪ ،‬الطبقات الكبير (‪.)282/9‬‬

‫‪10‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪11‬‬

‫أثبت عندهم‪ ،‬كـ‪ :‬حماد بن‬


‫وغير حماد يف هؤالء ُ‬
‫كثيرا‪ُ ،‬‬
‫دينار‪ ،‬وأشباههم‪ -‬فإنه يخطىء يف حديثهم ً‬
‫زيد‪ ،‬وعبد الوارث‪ ،‬ويزيد بن زريع‪ ،‬وابن ُعليه"(‪.)1‬‬

‫وقال البيهقي‪" :‬فأما حماد بن سلمة رحمه اهلل فإنه أحدُ أئمة المسلمين‪ ...‬إال أنه لما طعن يف‬
‫مسلم رحمه اهلل فإنه اجتهد يف أمره‬
‫ٌ‬ ‫البخاري االحتجاج بحديثه‪ ،‬وأما‬
‫ُّ‬ ‫الس ِّن ساء حف ُظه‪ ،‬فلذلك َترك‬
‫وأخرج من أحاديثه عن ثابت ما َسمع منه قبل تغ ُّيره‪ ،‬وما سوى حديثه عن ثابت ال يبلغ أكثر من‬
‫اثني عشر حدي ًثا أخرجها يف الشواهد دون االحتجاج به‪.‬‬

‫وإذا كان األمر على هذا‪ :‬فاالحتياط لمن راقب اهلل تعالى أن ال يحتج بما يجد يف أحاديثه مما‬
‫يخالف الثقات"(‪.)2‬‬

‫وقال‪" :‬حماد بن سلمة ساء حفظه يف آخر عمره‪ ،‬فال ُيقبل منه ما يخالفه فيه الحفاظ"(‪.)3‬‬

‫وغيره أثبت منه"(‪.)4‬‬


‫وقال الذهبي‪" :‬حماد بن سلمة إمام ثقة‪ ،‬له أوهام وغرائب‪ُ ،‬‬
‫وخالصة هذا‪ :‬التوقف يف َقبول ما ينفرد به حماد أو يخالف فيه الثقات –يف غير حديث ثابت‪.‬‬
‫ٍ‬
‫مختلفة‪ ،‬ولم‬ ‫ٍ‬
‫أوجه‬ ‫وقد تفرد حماد هبذا الحديث عن أبي هريرة‪ ،‬واضطرب فيه‪ ،‬فرواه على‬
‫يتابعه أحدٌ على ذلك‪.‬‬

‫وهذا االختالف واالضطراب من حماد ال من الرواة عنه‪ ،‬ألن عد ًدا ممن رواه عنه رواه على‬
‫هذه األوجه المختلفة‪.‬‬
‫ِ‬
‫أصحاب الحديث‪ ،‬ذكروا من حديثه حدي ًثا‬ ‫ولذا َحك ََم بنكارته اإلمام النَّسائي‪ ،‬وقال‪" :‬حمقا ُء‬
‫منكرا عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة‪ ،‬عن أبي هريرة‪ :‬إذا سمع أحدكم األذان واإلناء على‬
‫ً‬
‫يده"(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬مسلم بن الحجاج‪ ،‬التمييز (ص‪.)218‬‬


‫(‪ )2‬البيهقي‪ ،‬الخالفيات (‪.)50/2‬‬
‫(‪ )3‬البيهقي‪ ،‬معرفة السنن واآلثار (‪.)213/2‬‬
‫(‪ )4‬الذهبي‪ ،‬المغني يف الضعفاء (‪.)189/1‬‬
‫(‪ )5‬الباجي‪ ،‬التعديل والتجريح لمن خرج له البخاري يف الجامع الصحيح (‪ ،)526/1‬مغلطاي‪ ،‬إكمال هتذيب الكمال (‪.)145/4‬‬

‫‪11‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪12‬‬

‫ثم إن طرقه الثالث المرفوعة فيها نظر‪:‬‬

‫فالطريق األول‪ ،‬فيه محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي‪.‬‬

‫قال ابن أبي خيثمة‪" :‬سمعت يحيى بن معين يقول‪ :‬لم يزل الناس يتقون حديث محمد بن‬

‫رأيه‪،‬‬ ‫عمرو‪ ،‬قيل له‪ :‬وما عل ُة ذلك؟ قال‪ :‬كان محمد بن عمرو يحدث َّ‬
‫مر ًة عن أبي سلمة بالشيء َ‬
‫مر ًة أخرى عن أبي سلمة عن أبي هريرة‪.‬‬
‫ثم ُيحدِّ ث به َّ‬
‫رأيت يف كتاب علي بن المديني‪ :‬سألت يحيى بن سعيد‪ ،‬عن محمد بن عمرو‪ ،‬وكيف هو؟‬

‫قال‪ :‬تريد العفو أو ُت َشدِّ ُد؟‬

‫قلت‪ :‬بل أشدِّ ُد‪ ،‬قال‪ :‬ليس هو ممن تريد"(‪.)1‬‬

‫وقال ابن المديني‪ " :‬كان ثقةً‪ ،‬وكان يحيى بن سعيد ُيض ِّع ُفه َ‬
‫بعض الضعف"(‪.)2‬‬

‫وقال اإلمام أحمد‪" :‬ربما رفع بعض الحديث‪ ،‬وربما قصر به‪ ،‬وهو ُيحتَمل"(‪.)3‬‬

‫وقال ابن سعد‪" :‬وكان كثير الحديث ُيستَضعف"(‪.)4‬‬

‫وقال يعقوب بن شيبة‪" :‬هو وسط وإلى الضعف ما هو"(‪.)5‬‬

‫وقال أبو حاتم‪" :‬صالح الحديث‪ُ ،‬يكتَب حديثه‪ ،‬وهو شيخ"(‪.)6‬‬

‫وذكره ابن حبان يف الثقات وقال‪" :‬وكان يخطئ"(‪.)7‬‬

‫وقال أبو أحمد الحاكم‪" :‬ليس بالحافظ عندهم"(‪.)8‬‬

‫(‪ )1‬ابن أبي خيثمة‪ ،‬التاريخ ‪ -‬السفر الثالث‪.)322/2( -‬‬


‫(‪ )2‬علي بن المديني‪ ،‬سؤاالت ابن أبي شيبة (ص‪.)94‬‬
‫(‪ )3‬أحمد بن حنبل‪ ،‬العلل ومعرفة الرجال ‪-‬رواية المروذي‪( -‬ص‪.)229‬‬
‫(‪ )4‬ابن سعد‪ ،‬الطبقات الكبير (‪.)529/7‬‬
‫(‪ )5‬مغلطاي‪ ،‬إكمال هتذيب الكمال (‪ ،)301/10‬ابن حجر‪ ،‬هتذيب التهذيب (‪.)377/9‬‬
‫(‪ )6‬ابن ابي حاتم‪ ،‬الجرح والتعديل (‪.)31/8‬‬
‫(‪ )7‬ابن حبان‪ ،‬الثقات (‪.)377/7‬‬
‫(‪ )8‬أبو أحمد الحاكم‪ ،‬األسامي والكنى (‪.)296/3‬‬

‫‪12‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪13‬‬

‫صالح‪ ،‬وقد حدث عنه جماعة من‬


‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫حديث‬ ‫وقال ابن َعدي‪" :‬ولمحمد بن عمرو بن علقمة‬
‫الثقات‪ ،‬وكل واحد منهم ينفرد عنه بنسخة‪ ،‬و ُيغرب بعضهم على بعض‪ ،‬وروى عنه مالك غير‬
‫حديث يف الموطأ وغيره‪ ،‬وأرجو أنه ال بأس به"(‪.)1‬‬
‫ٌ‬
‫صدوق له أوهام"‪.‬‬ ‫وقال الذهبي‪" :‬حديثه يف عداد الحسن"(‪ ،)2‬وقال الحافظ يف التقريب‪" :‬‬
‫وحاصل أقوال هؤالء األئمة‪ :‬أنه لم يكن من الحفاظ المتقنين‪ ،‬ولكنه يف مرتبة وسطى‪ ،‬مع‬
‫التحرز من أغالطه وأوهامه وخاصة فيما ينفرد به‪.‬‬
‫بعض أهل الحديث يف قو ٍم من ِجلة أهل العلم وضعفوهم من قِ َبل‬
‫قال الرتمذي‪" :‬وقد تكلم ُ‬
‫حفظهم‪ ،‬ووثقهم آخرون من األئمة بجاللتهم وصدقهم وإن كانوا قد وهموا يف بعض ما رووا"‪،‬‬
‫ثم ذكر من أمثلة هؤالء‪ :‬محمد بن عمرو‪.‬‬
‫غير واحد من‬ ‫ِ‬
‫ثم قال‪" :‬إنما تكلموا فيهم من ق َبل حفظهم وكثرة خطئهم‪ ،‬وقد روى عنهم ُ‬
‫ٍ‬
‫بحديث ولم يتا َبع عليه‪ :‬لم يحتج به"(‪.)3‬‬ ‫األئمة‪ ،‬فإذا انفرد أحدٌ من هؤالء‬
‫رب‬ ‫ٌ‬
‫صدوق‪ ،‬يف حفظه شيء‪ ،‬وحديثه يف مرتبة الحسن‪ ،‬وإذا توبع بمعت ٍ‬ ‫وقال المناوي‪" :‬ومحمدٌ‬
‫ُقبل‪ ،‬وقد يتوقف يف االحتجاج به إذا انفرد بما لم يتابع عليه ويخالف فيه فيكون حديثه شا ًّذا‪ ،‬لكنه‬
‫فضال عن الوضع"(‪.)4‬‬
‫ال ينحط إلى الضعف‪ً ،‬‬
‫والطريق الثاين‪ ،‬أعله أبو حاتم الرازي بالوقف‪.‬‬
‫فقد ذكر له ابنه طريقي محمد بن عمرو وعمار بن أبي عمار‪ ،‬فقال‪" :‬هذان الحديثان ليسا‬
‫بصحيحين؛ أما حديث عمار‪ :‬فعن أبي هريرة موقوف‪ ،‬وعمار ثقة‪ ،‬والحديث اآلخر‪ :‬ليس‬
‫بصحيح"(‪.)5‬‬

‫والطريق الثالث من مرسالت الحسن البصري‪ ،‬وهي ضعيفة‪.‬‬

‫(‪ )1‬ابن عدي‪ ،‬الكامل يف ضعفاء الرجال (‪ ،)287/9‬وينظر‪ :‬ابن خلفون‪ ،‬أسماء شيوخ مالك (ص‪.)232‬‬
‫(‪ )2‬الذهبي‪ ،‬سير أعالم النبالء (‪.)136/6‬‬
‫(‪ )3‬الرتمذي‪ ،‬العلل الصغير (ص‪.)744‬‬
‫(‪ )4‬المناوي‪ ،‬كشف المناهج والتناقيح (‪.)371/5‬‬
‫(‪ )5‬ابن أبي حاتم‪ ،‬علل الحديث (‪.)235/2‬‬

‫‪13‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪14‬‬

‫المطلب الثاين‪ :‬شواهد حديث أبي هريرة‪.‬‬


‫األول‪ :‬حديث جابر بن عبد اهلل‪.‬‬
‫قال اإلمام أحمد‪ :‬حدثنا موسى‪ ،‬حدثنا ابن لهيعة‪ ،‬عن أبي الزبير‪ ،‬قال‪ :‬سألت جابر ًا عن الرجل‬
‫يريد الصيام واإلناء على يده ليشرب منه‪ ،‬فيسمع النداء؟‬
‫قال جابر‪ :‬كنا نُحد ُ‬
‫ث أن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال‪( :‬ليشرب) (‪.)1‬‬
‫ضعيف؛ لتفرد ابن َلهيعة به‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫وهذا سندٌ‬
‫وأكثر أهل العلم ال يقبلون حديث ابن َلهيعة مطلقًا‪.‬‬
‫الجنيد‪ :‬قلت ليحيى‪ :‬فسماع القدماء واآلخرين من ابن لهيعة سواء؟ قال‪" :‬نعم‪ ،‬سواء‬
‫قال ابن ُ‬
‫واحد"(‪.)2‬‬
‫وقال عثمان الدارمي‪ :‬قلت ليحيى بن معين‪ :‬كيف رواية ابن لهيعة‪ ،‬عن أبي الزبير‪ ،‬عن جابر؟‬
‫فقال‪" :‬ابن لهيعة ضعيف الحديث"(‪.)3‬‬
‫وقال أبو زرعة الرازي‪" :‬كان ابن لهيعة ال يضبط‪ ،‬وليس ممن ُيحت َُّج بحديثه"(‪.)4‬‬
‫وقال ابن حبان‪" :‬قد سربت أخبار ابن لهيعة من رواية المتقدمين والمتأخرين عنه‪ ،‬فرأيت‬
‫التخليط يف رواية المتأخرين عنه موجود ًا‪ ،‬وما ال أصل له من رواية المتقدمين كثير ًا‪ ،‬فرجعت إلى‬
‫االعتبار‪ ،‬فرأيته كان ُيد ِّل ُس عن أقوا ٍم ضعفا َء على أقوام رآهم ابن لهيعة ثقات‪ ،‬ف ُألزقت تلك‬
‫الموضوعات به"(‪.)5‬‬
‫وقال ابن عبد الرب‪" :‬وابن لهيعة أكثر أهل العلم ال يقبلون شيئًا من حديثه"(‪.)6‬‬
‫وقال الذهبي‪" :‬العمل على تضعيف حديثه"(‪.)7‬‬

‫(‪ )1‬أحمد بن حنبل‪ ،‬المسند (‪ ،)14755‬وحسنه الهيثمي يف مجمع الزوائد (‪!)200/3‬‬


‫(‪ )2‬يحيى بن معين‪ ،‬سؤاالت ابن الجنيد (ص‪.)385‬‬
‫(‪ )3‬ابن أبي حاتم‪ ،‬الجرح والتعديل (‪.)147 /5‬‬
‫(‪ )4‬ابن أبي حاتم‪ ،‬الجرح والتعديل (‪.)147/5‬‬
‫(‪ )5‬ابن حبان‪ ،‬المجروحين (‪.)505/1‬‬
‫(‪ )6‬ابن عبد الرب‪ ،‬التمهيد (‪.)254/12‬‬
‫(‪ )7‬الذهبي‪ ،‬الكاشف (‪.)590/1‬‬

‫‪14‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪15‬‬

‫الثاين‪ :‬حديث أبي أمامة‪.‬‬


‫رواه الطربي من طريق الحسين بن واقد عن أبي غالب‪ ،‬عن أبي أمامة‪ ،‬قال‪ :‬أقيمت الصالة‬
‫واإلناء يف يد عمر‪ ،‬قال‪ :‬أشرهبا يا رسول اهلل؟ قال‪( :‬نعم)‪ ،‬فشرهبا(‪.)1‬‬
‫وهذا سند ضعيف فيه علتان‪:‬‬
‫األولى‪ :‬أبو غالب‪.‬‬
‫قال الخليلي‪" :‬أبو غالب الذي يروي عن أبي أمامة حديث الخوارج‪ :‬ال ُيعد يف أهل الشام‪،‬‬
‫إنما كان من أهل العراق وارتحل الى الشام‪ ،‬واسمه‪َ :‬ح َزور‪ ،‬ويقال‪ :‬عبد اهلل بن حزور"(‪.)2‬‬
‫قال ابن معين‪" :‬أبو غالب صالح الحديث"(‪.)3‬‬
‫وقال ابن عدي‪ " :‬ولم أر يف أحاديثه حدي ًثا منكرا جدًّ ا‪ ،‬وأرجو أنه ال بأس به"(‪.)4‬‬
‫قال ابن سعد‪" :‬وكان ضعي ًفا‪ ،‬منكر الحديث"(‪.)5‬‬
‫وضعفه النسائي(‪.)6‬‬
‫وقال أبو حاتم‪" :‬ليس بالقوي"(‪.)7‬‬
‫وقال ابن حبان‪" :‬منكر الحديث على قلته‪ ،‬ال يجوز االحتجاج به إال فيما يوافق الثقات"(‪.)8‬‬
‫الثانية‪ :‬الحسين بن واقد‪.‬‬
‫فهو وإن وثقه ابن معين إال أنه ليس من الحفاظ المتقنين‪ ،‬قال فيه أحمد وأبو زرعة وأبو داود‬
‫والنسائي‪ :‬ال بأس به(‪.)9‬‬

‫(‪ )1‬الطربي‪ ،‬جامع البيان (‪.)259/3‬‬


‫(‪ )2‬الخليلي‪ ،‬اإلرشاد (‪.)468/2‬‬
‫(‪ )3‬ابن ابي حاتم‪ ،‬الجرح والتعديل (‪.)316/3‬‬
‫(‪ )4‬ابن عدي‪ ،‬الكامل يف ضعفاء الرجال (‪.)224/4‬‬
‫(‪ )5‬ابن سعد‪ ،‬الطبقات الكبير (‪.)236/9‬‬
‫(‪ )6‬ابن عدي‪ ،‬الكامل يف ضعفاء الرجال (‪.)222/4‬‬
‫(‪ )7‬ابن ابي حاتم‪ ،‬الجرح والتعديل (‪.)316/3‬‬
‫(‪ )8‬ابن حبان‪ ،‬المجروحين (‪ ،)329/7‬وينظر‪ :‬ابن كثير‪ ،‬التكميل (‪.)367/3‬‬
‫(‪ )9‬ينظر‪ :‬ابن حجر‪ ،‬هتذيب التهذيب (‪.)373/2‬‬

‫‪15‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪16‬‬

‫واستنكر اإلمام أحمد بعض حديثه‪ ،‬فقال‪" :‬حسين بن واقد له أشياء مناكير"(‪ ،)1‬وقال عنه‪:‬‬
‫"ليس بذاك"(‪.)2‬‬
‫ٌ‬
‫صدوق‪ ،‬استنكر أحمد بعض حديثه"(‪.)3‬‬ ‫ولذا قال فيه الذهبي‪" :‬‬
‫وقال‪" :‬وثقه ابن معين وغيره‪ ،‬واستنكر أحمد بعض حديثه‪ ،‬وحرك رأسه‪ ،‬كأنه لم يرضه"(‪.)4‬‬
‫وذكره ابن حبان يف الثقات وقال‪" :‬وربما أخطأ يف الروايات"(‪.)5‬‬
‫وحاصل كالمهم أنه صدوق له أوهام ومناكير‪ ،‬فمثله ال يقبل منه ما ينفرد به‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬مرسل الحسن‪.‬‬
‫قال عبد الرزاق الصنعاين‪ :‬عن ابن عيينة‪ ،‬عن إسرائيل أبي موسى‪ ،‬عن الحسن قال‪ :‬قال رجل‪:‬‬
‫يا رسول اهلل أذن المؤذن‪ ،‬واإلناء على يدي‪ ،‬وأنا أريد الصوم؟ قال‪( :‬اشرب) (‪.)6‬‬
‫ٌ‬
‫مرسل‪ ،‬قال اإلمام أحمد‪" :‬وليس يف المرسالت شيء أضعف من مرسالت الحسن‪،‬‬ ‫وهذا‬
‫وعطاء بن أبي رباح‪ ،‬فإهنما يأخذان عن كل أحد"(‪.)7‬‬
‫فح َس ٌن حجة‪ ،‬وما َأرسل من‬
‫وقال ابن سعد‪" :‬ما َأسنَدَ من حديثه وروى عمن سمع منه‪َ :‬‬
‫الحديث‪ :‬فليس بحجة"(‪.)8‬‬
‫والحاصل‪ :‬أن كل األحاديث المرفوعة الواردة يف الرتخيص بالسحور مع أذان الفجر الثاين‬
‫ضعيفة ال يصح منها شيء‪.‬‬

‫(‪ )1‬أحمد بن حنبل‪ ،‬العلل ومعرفة الرجال رواية المروذي (ص‪.)228‬‬


‫(‪ )2‬أحمد بن حنبل‪ ،‬العلل ومعرفة الرجال رواية المروذي (ص‪.)96‬‬
‫(‪ )3‬الذهبي‪ ،‬المغني يف الضعفاء (‪ ،)176/1‬وينظر‪ :‬العقيلي‪ ،‬الضعفاء (‪.)35/2‬‬
‫(‪ )4‬الذهبي‪ ،‬ميزان االعتدال (‪.)549/1‬‬
‫(‪ )5‬ابن حبان‪ ،‬الثقات (‪.)209/6‬‬
‫(‪ )6‬عبد الرزاق الصنعاين‪ ،‬المصنف (‪.)172/4‬‬
‫(‪ )7‬الفسوي‪ ،‬المعرفة والتاريخ (‪ ،)239/3‬وثمة أراء أخرى يف مرسالت الحسن‪ ،‬ينظر‪ :‬ابن رجب‪ ،‬شرح علل الرتمذي‬
‫(‪.)544/1‬‬
‫(‪ )8‬ابن سعد‪ ،‬الطبقات الكبير (‪.)158/9‬‬

‫‪16‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪17‬‬

‫املبحث الثاني‬

‫أحاديث السحور بعد أذان الفجر‪.‬‬

‫وفيه مطلبان‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬حديث حذيفة بن اليمان‪.‬‬

‫قال اإلمام أحمد‪ :‬حدثنا عفان‪ ،‬حدثنا حماد بن سلمة‪ ،‬أخربنا عاصم بن هبدلة‪ ،‬عن ِز ِّر بن‬
‫ُح َبيش قال‪ :‬تسحرت‪ ،‬ثم انطلقت إلى المسجد‪ ،‬فمررت بمنزل حذيفة بن اليمان‪ ،‬فدخلت عليه‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ادن ف ُك ْل"‪ ،‬فقلت‪ :‬إين أريد الصوم‪ ،‬فقال‪" :‬وأنا‬
‫فس ِّخنَت‪ ،‬ثم قال‪ُ " :‬‬ ‫فأمر بلِ ْق َحة(‪ُ )1‬‬
‫فحلبت‪ ،‬وبقدْ ٍر ُ‬
‫أريد الصوم"‪.‬‬

‫فأكلنا وشربنا‪ ،‬ثم أتينا المسجد‪ ،‬فأقيمت الصالة‪ ،‬ثم قال حذيفة‪" :‬هكذا فعل بي رسول اهلل‬
‫صلى اهلل عليه وسلم"‪.‬‬

‫قلت‪ :‬أبعدَ الصبح؟‬

‫الشمس"‪.‬‬
‫ُ‬ ‫أن لم تطل ِع‬
‫غير إ‬
‫قال‪" :‬نعم‪ ،‬هو الصبح َ‬
‫قال‪ :‬وبين بيت حذيفة وبين المسجد كما بين مسجد ثابت وبستان َح ْوط(‪.)2‬‬

‫أيضا‪ ،‬وقال حذيفة‪ " :‬هكذا صنعت مع النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وصنع بي‬
‫وقد قال حماد ً‬
‫النبي صلى اهلل عليه وسلم"(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬وهي الناقة الحلوب‪ ،‬ينظر‪ :‬األزهري‪ ،‬هتذيب اللغة (‪.)34/4‬‬


‫مشهور عندهم‪ ،‬ولم أقف له على ذكر فيما بحثت عنه يف المراجع‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫(‪ )2‬يبدو أنه مع َل ٌم‬
‫(‪ )3‬أحمد بن حنبل‪ ،‬المسند (‪.)23361‬‬

‫‪17‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪18‬‬

‫ٍ‬
‫ساعة تسحرتم‬ ‫أيضا من رواية سفيان‪ ،‬عن عاصم‪ ،‬عن ِز ٍّر قال‪ :‬قلت لحذيفة‪ُّ :‬‬
‫أي‬ ‫ورواه أحمد ً‬

‫الشمس لم تط ُلع"(‪.)1‬‬
‫َ‬ ‫مع رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم؟ قال‪" :‬هو النهار إال أن‬

‫ورواه أحمد من رواية شريك بن عبد اهلل عن عاصم بن أبي النجود‪ ،‬عن ِز ِّر بن ُح َبيش قال‪:‬‬

‫رت مع رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم؟‬


‫قلت‪- :‬يعني لحذيفة‪ :-‬يا أبا عبد اهلل‪ ،‬تسح َ‬

‫قال‪ :‬نعم‪.‬‬

‫قلت‪ :‬أكان الرجل يبصر مواقع َن ْبلِه؟‬

‫الشمس لم تط ُلع"(‪.)2‬‬
‫َ‬ ‫قال‪" :‬نعم‪ ،‬هو النهار إال أن‬

‫رت مع‬
‫ورواه ابن ماجه من رواية أبي بكر بن عياش‪ ،‬عن عاصم‪ ،‬عن زر عن حذيفة قال‪ :‬تسح ُ‬

‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم هو النهار إال أن الشمس لم تطلع(‪.)3‬‬

‫وهذه الروايات مدارها على عاصم بن أبي النَّجود‪ ،‬عن ِز ِّر بن ُح َبيش‪ ،‬عن حذيفة‪.‬‬

‫وهي ضعيفة ألمور‪:‬‬

‫أن عاصم بن أبي الن َُّجود متك َّلم يف حفظه وضبطه‪.‬‬


‫األول‪َّ :‬‬
‫قال ابن سعد‪" :‬وكان عاصم ثقة إال أنه كان كثير الخطأ يف حديثه"(‪.)4‬‬

‫وقال البيهقي‪" :‬صاحبي الصحيح يتوقيان رواية عاصم لسوء حفظه"(‪.)5‬‬

‫وقال الذهبي‪" :‬أحدُ السبعة القراء‪ ،‬هو عاصم بن هبدلة الكويف‪ ،‬مولى بني أسد‪ ،‬ث ْب ٌت يف القراءة‪،‬‬

‫صدوق َي ِه ُم‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫وهو يف الحديث دون الثبت‬

‫(‪ )1‬أحمد بن حنبل‪ ،‬المسند (‪ ،)23400‬وكذا أخرجه من هذا الطريق النسائي يف السنن (‪.)142/4‬‬
‫(‪ )2‬أحمد بن حنبل‪ ،‬المسند (‪.)23442‬‬
‫(‪ )3‬ابن ماجه‪ ،‬السنن (‪.)1695‬‬
‫(‪ )4‬ابن سعد‪ ،‬الطبقات الكبير (‪.)438/8‬‬
‫(‪ )5‬البيهقي‪ ،‬معرفة السنن واآلثار (‪.)296 /3‬‬

‫‪18‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪19‬‬

‫رجال اسمه عاصم إال وجدته رديء الحفظ‪.‬‬


‫قال يحيى القطان‪ :‬ما وجدت ً‬

‫وقال النسائي‪ :‬ليس بحافظ‪ ،‬وقال الدارقطني‪ :‬يف حفظ عاصم شيء‪ ،‬وقال أبو حاتم‪ :‬مح ُّله‬

‫الصدق‪ ،‬وقال ابن ِخراش‪ :‬يف حديثه نُكرة‪.‬‬

‫قلت‪ :‬هو حسن الحديث‪ ،‬وقال أحمد وأبو زرعة‪ :‬ثقة‪.‬‬

‫أصال وانفرا ًدا"(‪.)1‬‬


‫قلت‪ :‬خرج له الشيخان‪ ،‬لكن مقرونًا بغيره‪ ،‬ال ً‬

‫فمن كان يف مثل حاله ال يقبل منه ما ينفرد به‪.‬‬

‫الثاين‪ :‬أن يف روايته عن ِز ِّر اضطرا ًبا‪.‬‬

‫مضطرب‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫قال الحافظ ابن رجب الحنبلي‪" :‬كان حف ُظه سي ًئا‪ ،‬وحديثه خاص ًة عن ِز ٍّر وأبي وائل‬
‫كان يحدِّ ُ‬
‫ث بالحديث تار ًة عن زر‪ ،‬وتار ًة عن أبي وائل‪.‬‬

‫قال حنبل بن إسحاق‪ :‬حدثنا مسدد أبو زيد الواسطي عن حماد بن سلمة قال‪ :‬كان عاصم‬

‫يحدثنا بالحديث الغداة عن زر‪ ،‬وبالعشي عن أبي وائل‪.‬‬

‫قال العجلي‪ :‬عاصم ثقة يف الحديث‪ ،‬لكن ُيختَلف عليه يف حديث زر وأبي وائل"(‪.)2‬‬

‫عاصما ُخولف فيه‪ ،‬فرواه عدد من الثقات عن حذيفة موقو ًفا‪:‬‬


‫ً‬ ‫الثالث‪ :‬أن‬

‫‪-‬فرواه النسائي من طريق شعبة‪ ،‬عن عدي بن ثابت‪ ،‬قال‪ :‬سمعت ِزر بن ُح َبيش‪ ،‬قال‪ :‬تسحرت‬

‫مع حذيفة‪ ،‬ثم خرجنا إلى الصالة‪ ،‬فلما أتينا المسجد صلينا ركعتين‪ ،‬وأقيمت الصالة وليس بينهما‬

‫إال هنيهة(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬الذهبي‪ ،‬ميزان االعتدال (‪.)357/2‬‬


‫(‪ )2‬ابن رجب‪ ،‬شرح علل الرتمذي (‪ ،)233/2‬وينظر‪ :‬العجلي‪ ،‬الثقات (‪ ،)6/2‬ابن عساكر‪ ،‬تاريخ دمشق (‪ ،)240/25‬مقبل‬
‫الوادعي‪ ،‬أحاديث معلة ظاهرها الصحة (ص‪ ،)117‬ماهر الفحل‪ ،‬كشف اإليهام لما تضمنه تحرير التقريب من األوهام‬
‫(ص‪.)420‬‬
‫(‪ )3‬النسائي‪ ،‬السنن (‪.)142/4‬‬

‫‪19‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪20‬‬

‫‪-‬ورواه عبد الرزاق عن إسرائيل‪ ،‬عن عامر بن شقيق‪ ،‬عن شقيق بن سلمة قال‪" :‬انطلقت أنا و‬
‫ِز ُّر بن ُح َبيش إلى حذيفة‪ ،‬وهو يف دار الحارث بن أبي ربيعة‪ ،‬فاستأذنا عليه‪ ،‬فخرج إلينا‪ ،‬ف ُأيت ٍ‬
‫بلبن‪،‬‬
‫زرا فشرب‪ ،‬ثم ناولني‬
‫فقال‪ :‬اشربا‪ ،‬فقلنا إنا نريد الصيام قال‪ :‬وأنا أريد الصيام‪ ،‬فشرب‪ ،‬ثم ناول ًّ‬
‫فشربت‪ ،‬والمؤذن يؤذن يف المسجد قال‪ :‬فلما دخلنا المسجد أقيمت الصالة‪ ،‬وهم ُيغ ِّلسون"(‪.)1‬‬
‫ورويت مثل هذه القصة عن حذيفة من غير طريق ِز ٍّر‪ ،‬وليس فيها شيء مرفوع‪:‬‬
‫‪ -‬روى النسائي من طريق إبراهيم النخعي‪ ،‬عن صلة بن زفر‪ ،‬قال‪" :‬تسحرت مع حذيفة‪ ،‬ثم‬
‫خرجنا إلى المسجد‪ ،‬فصلينا ركعتي الفجر‪ ،‬ثم أقيمت الصالة فصلينا"(‪.)2‬‬
‫‪ -‬وروى ابن أبي شيبة قال‪ :‬حدثنا الفضل بن ُدكين قال‪ :‬حدثنا الوليد بن ُجميع‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا‬
‫أبو الطفيل أنه تسحر يف أهله يف الجبانة‪ ،‬ثم جاء إلى حذيفة وهو يف دار الحارث بن أبي ربيعة‬
‫فوجده‪ ،‬فحلب له ناقة فناوله‪ ،‬فقال‪ :‬إين أريد الصوم‪ ،‬فقال‪ :‬وأنا أريد الصوم‪ ،‬فشرب حذيفة‪ ،‬وأخذ‬
‫بيده فدفع إلى المسجد حين أقيمت الصالة(‪.)3‬‬

‫فهذه الروايات كلها تبين أن القص ًة محفوظ ٌة عن حذيفة‪ ،‬وأن الرفع ٌ‬


‫وهم من عاصم بن أبي‬
‫النجود‪.‬‬
‫قال النسائي‪" :‬ال نعلم أحد ًا رفعه غير عاصم"(‪.)4‬‬
‫وزجاين‪" :‬هذا حديث منكر‪ ،‬وقول عاصم (هو النهار إال أن الشمس لم تطلع) خط ٌأ‬ ‫الج َ‬
‫وقال ُ‬
‫وأثبت من‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أحفظ‬ ‫وعدي‬
‫ٌّ‬ ‫فاحش؛ ألن عد ًّيا عن ِز ِّر بن ُح َبيش بخالف ذلك‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫وهم‬
‫ٌ‬ ‫منه‪ ،‬وهو‬
‫عاصم"(‪.)5‬‬
‫زرا هو الذي تسحر مع‬ ‫ٌ‬
‫فمعلول‪ ،‬وعلته‪ :‬الوقف‪ ،‬وأن ًّ‬ ‫وقال ابن القيم‪" :‬أما حديث حذيفة‬
‫حذيفة"(‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬عبد الرزاق الصنعاين‪ ،‬المصنف (‪.)230/4‬‬


‫(‪ )2‬النسائي‪ ،‬السنن (‪.)142/4‬‬
‫(‪ )3‬ابن أبي شيبة‪ ،‬المصنف (‪.)121/6‬‬
‫(‪ )4‬نقله عنه‪ :‬المزي‪ ،‬تحفة األشراف بمعرفة األطراف (‪.)32/3‬‬
‫(‪ )5‬الجوزقاين‪ ،‬األباطيل والمناكير والصحاح والمشاهير (‪.)133/2‬‬
‫(‪ )6‬ابن قيم الجوزية‪ ،‬هتذيب السنن (ص‪.)1051‬‬

‫‪20‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪21‬‬

‫وأغلب هذه الروايات الموقوفة على حذيفة ال تدل على أنه تسحر بعد طلوع الفجر‪.‬‬

‫المطلب الثاين‪ :‬شواهد حديث حذيفة‪ ،‬وهي خمسة(‪:)1‬‬

‫الحديث األول‪ :‬حديث بالل‪.‬‬

‫قال اإلمام أحمد‪ :‬حدثنا حسين بن محمد‪ ،‬حدثنا إسرائيل‪ ،‬عن أبي إسحاق‪ ،‬عن عبد اهلل بن‬
‫معقل‪ ،‬عن بالل‪ ،‬قال‪ :‬أتيت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ُأ ِ‬
‫وذنه بالصالة وهو يريد الصيام‪،‬‬
‫فشرب‪ ،‬ثم ناولني وخرج إلى الصالة(‪.)2‬‬

‫وكذا أخرجه من رواية يحيى بن آدم‪ ،‬وأبو أحمد الزبيري عن إسرائيل‪ ،‬قري ًبا من معناه(‪.)3‬‬

‫ورواه الطربي والشاشي من طريق يونس بن أبي إسحاق السبيعي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن عبد اهلل‪ ،‬قال‪:‬‬
‫قال بالل‪ :‬أتيت النبي صلى اهلل عليه وسلم أؤذنه بالصالة وهو يريد الصوم‪ ،‬فدعا بإناء فشرب‪ ،‬ثم‬
‫ناولني فشربت‪ ،‬ثم خرج إلى الصالة(‪.)4‬‬

‫وهذا حديث م َع ٌّل باالنقطاع‪ ،‬فعبد اهلل بن معق ٍل لم يدرك بالل بن رباح ولم يسمع منه‪.‬‬

‫قال الشيخ أحمد شاكر‪ " :‬بالل هو ابن رباح مؤذن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬من‬
‫المهاجرين األولين‪ ،‬مات يف طاعون عمواس سنة (‪ )17‬أو (‪ ،)18‬ولم يدركه عبد اهلل بن معقل‬
‫المتوىف سنة (‪ ،)88‬فاإلسناد إليه ضعيف النقطاعه"(‪.)5‬‬

‫أيضا من تدليس أبي إسحاق السبيعي(‪ )6‬حيث لم يصرح بسماعه من عبد اهلل‬
‫وكذا فإنه ُيخشى ً‬
‫بن معقل‪.‬‬

‫(‪ )1‬أكثر هذه الشواهد ال تدل على السحور بعد طلوع الفجر صراحةً‪ ،‬وإنما ذكرهتا ألن بعض أهل العلم من المعاصرين استشهد‬
‫هبا لتقوية أحاديث الباب‪ ،‬ولما فيها من احتمال‪ ،‬وسأنبه على ذلك يف موضعه‪.‬‬
‫(‪ )2‬أحمد بن حنبل‪ ،‬المسند (‪.)23895‬‬
‫(‪ )3‬أحمد بن حنبل‪ ،‬المسند (‪.)23889‬‬
‫(‪ )4‬الطربي‪ ،‬جامع البيان (‪ ،)259/3‬الشاشي‪ ،‬المسند (‪.)368/2‬‬
‫(‪ )5‬الطربي‪ ،‬جامع البيان ‪-‬ط‪ :‬شاكر‪.)528/3( -‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬ابن حبان‪ ،‬الثقات (‪.)177/5‬‬

‫‪21‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪22‬‬

‫ورواه إسرائيل‪ ،‬عن أبي إسحاق‪ ،‬عن معاوية بن قرة عن بالل قال‪ :‬حثثت رسول اهلل صلى اهلل‬
‫عليه وسلم للخروج إلى صالة الغداة‪ ،‬فوجدته يشرب‪ ،‬ثم ناولني فشربت‪ ،‬ثم خرجنا‪ ،‬فأقيمت‬
‫الصالة (‪.)1‬‬
‫أيضا‪.‬‬ ‫ومعاوية بن قرة لم يدرك ً‬
‫بالال ً‬
‫ستحس ُن من رواية أبي إسحاق السبيعي عن‬
‫َ‬ ‫غريب ُي‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫حديث‬ ‫قال الخطيب البغدادي‪" :‬هذا‬
‫بالال"(‪.)2‬‬ ‫ٌ‬
‫إرسال؛ ألن معاوية بن ُقرة لم يلق ً‬ ‫معاوية بن قرة‪ ،‬وفيه‬
‫ورواه اإلمام أحمد من طريق آخر فقال‪ :‬حدثنا وكيع‪ ،‬حدثنا جعفر بن برقان‪ ،‬عن شداد مولى‬
‫عياض بن عامر‪ ،‬عن بالل‪ :‬أنه جاء إلى النبي صلى اهلل عليه وسلم يؤذنه بالصالة‪ ،‬فوجده يتسحر‬
‫يف مسجد بيته(‪.)3‬‬
‫قال يحيى بن معين‪" :‬شداد عن بالل‪ :‬مرسل"(‪.)4‬‬
‫وقال أبو داود‪" :‬شداد مولى عياض لم ُيدرك بال ً‬
‫ال"(‪.)5‬‬
‫وهذه الرواية مع ضعفها‪ ،‬إال أهنا تخلو من محل الشاهد‪.‬‬
‫ثم إن الرواية األولى ليست صريحة يف أن السحور وقع بعد طلوع الفجر‪ ،‬وإنما كان ذلك بعد‬
‫أذان بالل –وهو األذان األول‪ ،-‬وقوله (ثم خرج إلى الصالة) ال يفيد أن خروجه كان بعد السحور‬
‫مباشرة‪ ،‬فإن (ثم) تفيد الرتاخي‪ ،‬كما ال يخفى‪.‬‬
‫الحديث الثاين‪ :‬حديث ابن عمر‪.‬‬
‫قال أبو داود الطيالسي‪ :‬حدثنا قيس‪ ،‬عن زهير بن أبي ثابت األعمى‪ ،‬عن تميم بن عياض‪ ،‬عن‬
‫ابن عمر قال‪ :‬كان علقمة بن ُعالثة عند رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فجاء بالل يؤذنه بالصالة‪،‬‬
‫فقال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬رويدً ا يا بالل يتسحر علقمة)‪ ،‬قال‪ :‬وهو يتسحر برأس(‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬المحاملي‪ ،‬األمالي (ص‪ ،)116‬الشاشي‪ ،‬المسند (‪.)369/2‬‬


‫(‪ )2‬الخطيب البغدادي‪ ،‬تاريخ بغداد (‪.)418/4‬‬
‫(‪ )3‬أحمد بن حنبل‪ ،‬المسند (‪.)330/39‬‬
‫(‪ )4‬ابن أبي خيثمة‪ ،‬التاريخ ‪ -‬السفر الثالث‪.)226/3( -‬‬
‫(‪ )5‬أبو داود السجستاين‪ ،‬السنن (‪.)401/1‬‬
‫(‪ )6‬الطيالسي‪ ،‬المسند (‪.)415/3‬‬

‫‪22‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪23‬‬

‫ورواه عبد بن حميد من طريق يحيى بن عبد الحميد(‪ ،)1‬والبزار من طريق أبي قتيبة سلم بن‬
‫قتيبة(‪ ،)2‬وابن عدي من طريق جبارة بن مغلس(‪ ،)3‬والطرباين من طريق عاصم بن علي(‪)4‬؛ جميعهم‬
‫(يحيى‪ ،‬وأبو قتيبة‪ ،‬وجبارة‪ ،‬وعاصم) عن قيس بن الربيع‪ ،‬عن زهير‪ ،‬عن َت ِميم بن عياض‪ ،‬عن ابن‬
‫عمر‪.‬‬
‫ٌ‬
‫ضعيف‪:‬‬ ‫وهذا سندٌ‬

‫‪-‬تميم بن عياض‪ :‬لم أقف له على ترجمة‪ ،‬ولم أجد يف شيوخ زهير أحدا هبذا االسم‪.‬‬

‫‪-‬قيس بن الربيع الكويف‪ ،‬حسن القول فيه بعض األئمة‪ ،‬وضعفه أكثرهم(‪.)5‬‬
‫ٌ‬
‫صدوق يف نفسه‪ ،‬سيئ الحفظ‪ ،‬كان شعبة يثني عليه‪.‬‬ ‫قال الذهبي‪" :‬أحد أوعية العلم‪،‬‬

‫وقال أبو حاتم‪ :‬محله الصدق‪ ،‬وليس بقوي‪ ،‬وقال يحيى‪ :‬ضعيف‪ ،‬وقال – مر ًة‪ :-‬ال ُيكتب‬

‫حديثه‪.‬‬

‫وقيل ألحمد‪ :‬لم تركوا حديثه؟ قال‪ :‬كان يتشيع‪ ،‬وكان كثير الخطأ‪ ،‬وله أحاديث منكرة‪.‬‬

‫وكان وكيع وعلي بن المديني يضعفانه‪ ،‬وقال النسائي‪ :‬مرتوك‪ ،‬وقال الدارقطني‪ :‬ضعيف"(‪.)6‬‬

‫قال ابن حبان‪" :‬قد سربت أخبار قيس بن الربيع من روايات القدماء والمتأخرين وتتبعتها‪،‬‬
‫فرأيته صدو ًقا مأمونًا حيث كان شابا‪ ،‬فلما كرب ساء حفظه وامتحن بابن ٍ‬
‫سوء‪ ،‬فكان ُيدخل عليه‬ ‫ً‬
‫الحديث فيجيب فيه ثق ًة منه بابنه‪ ،‬فوقع المناكير يف أخباره من ناحية ابنه‪ ،‬فلما غلب المناكير على‬

‫صحيح حديثه ولم يتميز‪ :‬استحق مجانبته عند االحتجاج‪.‬‬

‫(‪ )1‬عبد بن حميد‪ ،‬المسند ‪-‬المنتخب‪.)850( -‬‬


‫(‪ )2‬البزار‪ ،‬المسند (‪.)8/12‬‬
‫(‪ )3‬ابن عدي‪ ،‬الكامل يف ضعفاء الرجال (‪.)623/8‬‬
‫(‪ )4‬الطرباين‪ ،‬المعجم الكبير ‪-‬ط إحياء الرتاث‪.)196/13( -‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬ابن أبي حاتم‪ ،‬الجرح والتعديل (‪ ،)96/7‬العقيلي‪ ،‬الضعفاء (‪ ،)119/5‬ابن حبان‪ ،‬المجروحين (‪ ،)220/15‬ابن‬
‫عدي‪ ،‬الكامل (‪ ،)617/8‬ابن حجر‪ ،‬هتذيب التهذيب (‪.)391/8‬‬
‫(‪ )6‬الذهبي‪ ،‬ميزان االعتدال (‪.)393/3‬‬

‫‪23‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪24‬‬

‫ُّ‬
‫فكل من مدحه من أئمتنا وحث عليه كان ذلك منهم لما نظروا إلى األشياء المستقيمة التي‬

‫حدث هبا من سماعه‪ ،‬وكل من وهاه منهم فكان ذلك لما علموا مما يف حديثه من المناكير التي‬

‫َأدخل عليه ابنه وغيره"(‪.)1‬‬

‫ويقال يف هذا الحديث ما قيل يف سابقه‪ ،‬ليس فيه ما يدل على أن السحور وقع بعد طلوع الفجر‪،‬‬

‫وإنما كان بعد أذان بالل الذي يكون قبل طلوع الفجر‪ ،‬ويحتمل أن يكون قبل أذان بالل األول‪.‬‬

‫قال البزار‪" :‬وهذا الحديث ال نعلمه يروى عن ابن عمر إال من هذا الوجه‪ ،‬وإنما كان بالل‬

‫ُيؤ ِّذ ُن قبل الفجر‪ ،‬فقال له النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬رويدك يفرغ علقمة من سحوره؛ ألن علقمة‬
‫بالال يؤ ِّذن َ‬
‫قبل‬ ‫بالال يؤ ِّذن قبل الفجر فلو أذن ٌ‬
‫بالل امتنع علقم ُة لقلة معرفته بأن ً‬ ‫لم يكن َيعرف أن ً‬

‫الفجر"(‪.)2‬‬

‫سياقات أخرى‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫ولقصة بالل وعلقمة‬

‫‪ -‬فروى عبد الرزاق عن ابن عيينة‪ ،‬عن إسماعيل بن أبي خالد‪ ،‬عن حكيم بن جابر قال‪ :‬جاء‬

‫بالل إلى النبي صلى اهلل عليه وسلم والنبي صلى اهلل عليه وسلم يتسحر‪ ،‬فقال‪ :‬الصال َة يا رسول‬

‫اهلل‪ ،‬قال‪ :‬فثبت كما هو يأكل‪ ،‬ثم أتاه‪ ،‬فقال‪ :‬الصالة‪ ،‬وهو حاله‪ ،‬ثم أتاه الثالثة‪ ،‬فقال‪ :‬الصالة يا‬

‫رسول اهلل‪ ،‬قد واهلل أصبحت‪ ،‬فقال النبي صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬يرحم اهلل ً‬
‫بالال‪ ،‬لوال بالل لرجونا‬

‫أن ُيرخص لنا حتى تطلع الشمس(‪.)4())3‬‬

‫(‪ )1‬ابن حبان‪ ،‬المجروحين (‪.)222/15‬‬


‫(‪ )2‬البزار‪ ،‬المسند (‪.)8/12‬‬
‫(‪ )3‬قال ابن تيمية يف شرح العمدة (‪" :)532/1‬قوله يف الحديث المرسل‪( :‬لوال بالل؛ لرجونا أن يرخص لنا إلى طلوع الشمس)‪:‬‬
‫دليل على أن التحديد بالفجر لم يكن مشروعًا إ ْذ ذاك"‪.‬‬
‫(‪ )4‬عبد الرزاق الصنعاين‪ ،‬المصنف (‪ ،)231/4‬وكذا رواه أبو داود يف المراسيل (ص‪ ،)124 :‬والشاشي يف المسند (‪)373/2‬‬
‫من طرق عن إسماعيل‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪25‬‬

‫وهذا سند رجاله ثقات إال أنه مرسل‪ ،‬فحكيم بن جابر لم يدرك زمان هذه القصة ولم يبين‬

‫ممن سمعها(‪.)1‬‬

‫وقد وصلها بعض الضعفاء‪:‬‬

‫فرواها البزار من طريق سوار بن مصعب عن إسماعيل بن أبي خالد‪ ،‬عن قيس بن أبي حازم‪،‬‬

‫عن علي بن أبي طالب رضي اهلل عنه قال‪ :‬دخل علقمة بن عالثة على النبي صلى اهلل عليه وسلم‬

‫وسلم‪ ،‬فدعا له برأس وجعل يأكل معه‪.‬‬

‫فجاءه بالل فدعاه إلى الصالة‪ ،‬فلم يجب‪ ،‬فرجع فمكث يف المسجد ما شاء اهلل‪ ،‬ثم جاء فقال‪:‬‬

‫الصالة يا رسول اهلل‪ ،‬قد واهلل أصبحت‪.‬‬

‫فقال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬يرحم اهلل بالال‪ ،‬لوال بالل لرجونا أن يرخص لنا ما بيننا‬

‫وبين طلوع الشمس)‪.‬‬

‫فقال علي رضي اهلل عنه‪ :‬لوال أن بالال حلف ألكل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم حتى يقول‬

‫له جربيل ارفع يدك(‪.)2‬‬

‫وهذا سند ضعيف جدًّ ا‪ ،‬سوار بن مصعب الهمداين الكويف‪ ،‬قال عنه اإلمام أحمد‪" :‬مرتوك‬

‫الحديث"‪ ،‬وقال يحيى بن معين‪" :‬كويف ضعيف ليس بشيء"(‪.)3‬‬

‫وقال ال ُبخاري‪" :‬منكر الحديث"(‪ ،)4‬وقال النسائي‪" :‬مرتوك الحديث"(‪ ،)5‬وقال أبو حاتم‬

‫الرازي‪" :‬مرتوك الحديث‪ ،‬ال يكتب حديثه‪ ،‬ذاهب الحديث"(‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬األلباين‪ ،‬سلسلة األحاديث الضعيفة (‪.)6452‬‬


‫(‪ )2‬البزار‪ ،‬المسند (‪.)192/2‬‬
‫(‪ )3‬ابن أبي حاتم‪ ،‬الجرح والتعديل (‪.)271/4‬‬
‫(‪ )4‬ابن عدي‪ ،‬الكامل يف ضعفاء الرجال (‪.)60/6‬‬
‫(‪ )5‬ابن عدي‪ ،‬الكامل يف ضعفاء الرجال (‪.)60/6‬‬
‫(‪ )6‬ابن أبي حاتم‪ ،‬الجرح والتعديل (‪ ،)271/4‬وينظر‪ :‬العقيلي‪ ،‬الضعفاء (‪.)17/3‬‬

‫‪25‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪26‬‬

‫الحديث الثالث‪ :‬حديث أنس‪.‬‬


‫قال اإلمام أحمد‪ :‬حدثنا عبد الرزاق‪ ،‬حدثنا معمر‪ ،‬عن قتادة‪ ،‬عن أنس قال‪ :‬قال لي رسول اهلل‬
‫صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وذلك يف الس َحر‪( :‬يا أنس‪ ،‬إين أريد الصيام‪ ،‬فأطعمني شي ًئا)‪.‬‬
‫قال‪ :‬فجئته بتمر وإناء فيه ماء بعد ما أذن بالل‪ ،‬فقال‪( :‬يا أنس‪ ،‬انظر إنسانًا يأكل معي)‪.‬‬
‫قال‪ :‬فدعوت زيد بن ثابت‪ ،‬فقال‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬إين شربت شربة سويق وأنا أريد الصيام‪.‬‬
‫قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬وأنا أريد الصيام)‪ ،‬فتسحر معه‪ ،‬وصلى ركعتين‪ ،‬ثم خرج‬
‫فأقيمت الصالة(‪.)1‬‬
‫وأخرجه أبو يعلى من رواية حماد بن سلمة عن قتادة‪ ،‬عن أنس‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل‬
‫تمرا وشربنا‬
‫عليه وسلم‪( :‬انظر من ترى يف المسجد)‪ ،‬فنظرت‪ ،‬فإذا زيد بن ثابت‪ ،‬فدعوته‪ ،‬فأكلنا ً‬
‫ما ًء‪ ،‬ثم خرجنا إلى الصالة‪ ،‬فأقيمت الصالة(‪.)2‬‬
‫وهذه الرواية ليس فيها ما يدل صراحة على أن السحور كان بعد طلوع الفجر أو األذان الثاين‪.‬‬
‫ٌ‬
‫محفوظ يف الصحيحين من طريق هشام‬ ‫وسحور زيد بن ثابت مع النبي صلى اهلل عليه وسلم‬
‫الدستوائي‪ ،‬حدثنا قتادة‪ ،‬عن أنس عن زيد بن ثابت رضي اهلل عنه قال‪ :‬تسحرنا مع النبي صلى اهلل‬
‫عليه وسلم‪ ،‬ثم قام إلى الصالة‪ ،‬قلت‪ :‬كم كان بين األذان(‪ )3‬والسحور؟ قال‪" :‬قدر خمسين آية"(‪.)4‬‬
‫ورواه البخاري من طريق سعيد بن أبي عروبة‪ ،‬عن قتادة‪ ،‬عن أنس بن مالك‪ :‬أن نبي اهلل صلى‬
‫اهلل عليه وسلم وزيد بن ثابت تسحرا فلما فرغا من سحورهما‪ ،‬قام نبي اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬
‫إلى الصالة‪ ،‬فصلى‪ ،‬قلنا ألنس‪ :‬كم كان بين فراغهما من سحورهما ودخولهما يف الصالة؟ قال‪:‬‬
‫"قدر ما يقرأ الرجل خمسين آية"(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬أحمد بن حنبل‪ ،‬المسند (‪ ،)334/20‬وهو عند عبد الرزاق الصنعاين يف المصنف (‪ ،)229/4‬وقال الدارقطني يف العلل‬
‫(‪" :)220/6‬ومعمر سيئ الحفظ لحديث قتادة واألعمش"‪ ،‬وقال ابن رجب يف شرح علل الرتمذي (‪ " :)219/2‬كان ُي َضعف‬
‫حديثه عن أهل العراق خاصة"‪.‬‬
‫(‪ )2‬أبو يعلى الموصلي‪ ،‬المسند (‪.)321/5‬‬
‫(‪ )3‬المراد باألذان ههنا‪ :‬اإلقامة‪ ،‬كما بينت ذلك باقي الروايات‪ ،‬قال الحافظ ابن رجب يف الفتح (‪" :)423/4‬وأكثر الروايات تدل‬
‫على أن ذلك قدر ما بين السحور والصالة"‪.‬‬
‫(‪ )4‬البخاري‪ ،‬الجامع المسند الصحيح (‪ ،)1921‬مسلم بن الحجاج‪ ،‬المسند الصحيح (‪.)1097‬‬
‫(‪ )5‬البخاري‪ ،‬الجامع المسند الصحيح (‪.)1134( ،)576‬‬

‫‪26‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪27‬‬

‫وهذا يدل على أن بين فراغهما من السحور وقت يتسع ألذان الفجر الثاين وأداء السنة وإقامة‬
‫الصالة‪.‬‬
‫وله عن أنس طريق ٍ‬
‫ثان‪:‬‬
‫قال البزار‪ :‬حدثنا عبدة بن عبد اهلل أخربنا زيد بن الحباب‪ ،‬حدثنا مطيع بن راشد حدثني توبة‬
‫العنربي‪ :‬أنه سمع أنس بن مالك يقول‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬انظر من يف المسجد‬
‫فادعه) فدخلت ‪-‬يعني المسجد‪ -‬فإذا أبو بكر وعمر رضي اهلل عنهما‪ ،‬فدعوهتما‪ ،‬فأتيته بشيء‬
‫فوضعته بين يديه‪ ،‬فأكل وأكلوا‪ ،‬ثم خرجوا‪ ،‬فصلى هبم رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم صالة‬
‫الغداة‪.‬‬
‫قال البزار‪" :‬وال نعلم أسندَ توب ُة العنربي عن أنس إال هذين الحديثين‪ ،‬وال رواهما عنه إال‬
‫مطيع بن راشد"(‪.)1‬‬
‫و ُمطِيع بن راشد مجهول‪ ،‬تفرد بالرواية عنه زيد بن الحباب‪ ،‬ولم يوثقه أحد‪ ،‬قال عنه الذهبي‪:‬‬
‫"ال يعرف"(‪.)2‬‬
‫الحديث الرابع‪ :‬مرسل يزيد بن أبي زياد‪.‬‬
‫ناسا من ثقيف قدموا‬
‫قال عبد الرزاق‪ :‬عن ابن جريج‪ ،‬عن يزيد بن أبي زياد مولى آل علي‪" :‬أن ً‬
‫على النبي صلى اهلل عليه وسلم فأنزلهم بالمقربة‪ ،‬وذلك يف رمضان‪ ،‬فأرسل النبي صلى اهلل عليه‬
‫وسلم بسحورهم بعد أذان بالل‪ ،‬بعد طلوع الفجر األول‪ ،‬وأسفر جدا فأكلوا‪ ،‬وأكل معهم بالل‪،‬‬
‫ثم صاموا جمي ًعا‪ ،‬ثم أرسل إليهم بالل بفطرهم حين ظنوا أهنا قد غابت الشمس وهم يشكون‪،‬‬
‫فأفطروا وأفطر معهم"(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬البزار‪ ،‬المسند (‪.)17/14‬‬


‫(‪ )2‬الذهبي‪ ،‬ميزان االعتدال (‪ ،)130/4‬وينظر‪ :‬ابن حجر‪ ،‬تقريب التهذيب (ص‪ ،)535‬وأما ما نقله مغلطاي يف إكمال هتذيب‬
‫الكمال (‪ )241/11‬وتبعه عليه الحافظ يف هتذيب التهذيب (‪ )182/10‬عن أبي داود أنه قال‪" :‬أثنى عليه شعبة"‪ ،‬فلم أقف عليه‬
‫يف أي مصدر متقدِّ م‪ ،‬والذي يف سنن أبي داود (‪ )141/1‬قوله‪" :‬قال زيد‪َ :‬دلني ُشعبَة على هذا الشيخ"‪ ،‬فلعل وهما وقع لمغلطاي‬
‫يف نقله هذا النص‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫(‪ )3‬عبد الرزاق الصنعاين‪ ،‬المصنف (‪.)233/4‬‬

‫‪27‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪28‬‬

‫وهذه رواية مرسلة‪ ،‬ويزيد بن أبي زياد‪ :‬ضعيف(‪.)1‬‬

‫وهي صريحة يف أن السحور كان بعد األذان األول‪ ،‬وقوله (وأسفر جدا) كناية عن تأخير‬

‫السحور إلى آخر وقته‪.‬‬

‫الحديث الخامس‪ :‬مرسل عبد الحميد بن عبد الرحمن‪.‬‬

‫أخرجه عبد الرزاق ىف مصنفه قال‪ :‬عن ابن جريج‪ ،‬عن سعيد بن ُج ْمهان‪ ،‬عن عبد الحميد بن‬

‫عبد الرحمن بن زيد‪ :‬أن النبي صلى اهلل عليه وسلم بعث أبا قتادة يف حاجة له‪ ،‬فجاءه بعد ما أسفر‬

‫جدًّ ا يقول‪ :‬بعد الفجر األول‪.‬‬

‫سحورا‪ ،‬فقال‪ :‬أي رسول اهلل‪ ،‬قد أصبحت‪ ،‬فقال‪:‬‬


‫ً‬ ‫فقدم إليه النبي صلى اهلل عليه وسلم‬

‫(تسحروا)‪ ،‬وطبق النبي صلى اهلل عليه وسلم يجيف الباب حتى ال يبين له اإلسفار‪ ،‬فلما فرغ خرج‪،‬‬

‫فوجده قد أسفر جدا‪ ،‬يقول‪" :‬بعد الفجر األول"(‪.)2‬‬

‫وعبد الحميد من صغار التابعين‪ ،‬فهي رواي ٌة مرسلةٌ‪ ،‬ثم إن الرواية صريحة يف أن السحور كان‬

‫بعد الفجر األول‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬ابن أبي حاتم‪ ،‬الجرح والتعديل (‪ ،)265/9‬ابن حبان‪ ،‬المجروحين (‪ ،)450/18‬الذهبي‪ ،‬ميزان االعتدال (‪،)423/4‬‬
‫ابن حجر‪ ،‬هتذيب التهذيب (‪.)329/11‬‬
‫(‪ )2‬عبد الرزاق الصنعاين‪ ،‬المصنف (‪.)233/4‬‬

‫‪28‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪29‬‬

‫املبحث الثالث‬
‫آثار الصحابة يف السحور أثناء األذان وبعده حتى اإلسفار‪.‬‬

‫وفيه خمسة مطالب‪:‬‬


‫المطلب األول‪ :‬أبو بكر الصديق‪.‬‬
‫روي عنه من ثالثة وجوه‪:‬‬
‫األول‪ :‬روى عبد الرزاق عن أيوب‪ ،‬عن أبي قِالبة‪ :‬أن أبا ٍ‬
‫بكر كان يقول‪" :‬أجيفوا(‪ )1‬الباب ال‬
‫يفجؤنا الصبح"(‪.)2‬‬
‫الج ْرمي البصري‪ ،‬ثق ٌة فاض ٌل (‪104‬ه)‪ ،‬لكنه كان كثير‬
‫وأبو قالبة هو عبد اهلل بن زيد َ‬
‫اإلرسال(‪.)3‬‬
‫وأغلب رواياته عن كبار الصحابة مرسلة‪ ،‬إذ لم يدركهم ولم يسمع منهم‪.‬‬
‫وذكر العلماء أنه لم يدرك عمر وال عل ًّيا وال زيد بن ثابت‪ ،‬وأن روايته عنهم مرسلة‪ ،‬فكيف‬
‫بروايته عن أبي بكر؟!(‪ ،)4‬ولذا فهذه الرواية عن أبي بكر ضعيفة‪.‬‬
‫صالح إن‬
‫ٌ‬ ‫أيوب لمحم ٍد حدي ًثا عن أبي قالبة‪ ،‬فقال‪" :‬أبو قالبة ٌ‬
‫رجل‬ ‫ُ‬ ‫وعن ابن عون‪ ،‬قال‪َ :‬ذك ََر‬
‫شاء اهلل‪ ،‬ولكن عمن ذكره أبو قالبة؟!"(‪.)5‬‬

‫(‪" )1‬أجيفوا األبواب‪ ،‬أي‪ :‬أغلقوها"‪ ،‬القاضي عياض‪ ،‬مشارق األنوار على صحاح اآلثار (‪.)165/1‬‬
‫(‪ )2‬عبد الرزاق الصنعاين‪ ،‬المصنف (‪ ،)234/4‬وذكر الحنابلة هذا األثر ضمن استداللهم على أن الشاك له أن يأكل حتى يتبين‬
‫ُ‬
‫والشك تار ًة يكون مع رعايته للفجر؛ فال يدري أطلع الضوء‬ ‫طلوع الفجر‪ ،‬قال شيخ اإلسالم ابن تيمية يف شرح العمدة (‪" :)534/1‬‬
‫ٍ‬
‫محجوب عن الفجر وليس عليه أن يبحث‪ ،‬عن أبي قالبة؛ قال‪ :‬قال أبو‬ ‫أم ال؟ وتار ًة الختالف المخربين به‪ ،‬وتار ًة لكونه يف موض ٍع‬
‫بكر الصديق وهو يتسحر‪."...‬‬
‫(‪ )3‬ابن حجر‪ ،‬تقريب التهذيب (ص‪.)304‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬ابن أبي حاتم‪ ،‬المراسيل (ص‪ ،)110‬العالئي‪ ،‬جامع التحصيل (ص‪ ،)211‬أبو زرعة العراقي‪ ،‬تحفة التحصيل‬
‫(ص‪ ،)176‬الذهبي‪ ،‬الكاشف (‪ ،)554/1‬ابن حجر‪ ،‬هتذيب التهذيب (‪.)225/5‬‬
‫(‪ )5‬البخاري‪ ،‬التاريخ الكبير (‪.)92/5‬‬

‫‪29‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪30‬‬

‫الثاين‪ :‬قال ابن أبي شيبة‪ :‬حدثنا جرير بن عبد الحميد‪ ،‬عن منصور‪ ،‬عن هالل بن يساف‪ ،‬عن‬

‫سالم بن عبيد األشجعي(‪ ،)1‬قال‪ :‬كنت مع أبي بكر‪ ،‬فقال‪" :‬قم فاسرتين من الفجر‪ ،‬ثم َأكَل"(‪.)2‬‬

‫ورواه الدارقطني بسياق أتم من طريق أبي حفص األبار عن منصور عن هالل بن يساف عن‬

‫سالم بن عبيد قال‪ :‬كنت يف ِح ْجر أبي بكر الصديق‪ ،‬فصلى ذات ليلة ما شاء اهلل‪ ،‬ثم قال‪ :‬اخرج‪،‬‬

‫فانظر هل طلع الفجر؟‪ ،‬قال‪ :‬فخرجت ثم رجعت‪ ،‬فقلت‪ :‬قد ارتفع يف السماء أبيض‪ ،‬فصلى ما‬

‫شاء اهلل‪ ،‬ثم قال‪ :‬اخرج‪ ،‬فانظر هل طلع الفجر؟‪ ،‬فخرجت ثم رجعت فقلت‪ :‬لقد اعرتض يف السماء‬

‫أحمر‪ ،‬فقال‪" :‬هيت اآلن فأبلغني سحوري"(‪.)3‬‬

‫ضعيف‪" ،‬هالل بن يساف لم يدرك سالم بن ُعبيد‪ ،‬ولم يره" كما قال أبو عبد اهلل‬
‫ٌ‬ ‫وهذا سندٌ‬

‫الحاكم النيسابوري(‪.)4‬‬

‫بل ثبت يف بعض األحاديث أن بينهما رجلين مجهولين(‪.)5‬‬

‫ويؤكد ذلك ما جاء عن يحيى بن معين‪ ،‬قال الدوري‪ :‬سألت يحيى عن هالل بن يساف لقي‬

‫أحدً ا من أصحاب النبي صلى اهلل عليه وسلم؟ قال‪" :‬يقولون عمران بن حصين"(‪.)6‬‬

‫فلم ُيثبت له السماع من غير عمران‪.‬‬

‫الثالث‪ :‬روى الطربي من طريق أبي إسحاق‪ ،‬عن عبد اهلل بن معقل‪ ،‬عن سالم مولى أبي حذيفة‬
‫واحد يف رمضان‪ ،‬فأتيت ذات ٍ‬
‫ليلة فقلت‪ :‬أال تأكل يا‬ ‫ٍ‬ ‫قال‪ :‬كنت أنا وأبو بكر الصديق فوق سطحٍ‬

‫خليفة رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم؟ فأومأ بيده أن كُف‪ ،‬ثم أتيته مرة أخرى‪ ،‬فقلت له‪ :‬أال تأكل‬

‫(‪" )1‬صحابي من أهل الصفة"‪ .‬تقريب التهذيب (ص‪.)227‬‬


‫(‪ )2‬ابن أبي شيبة‪ ،‬المصنف (‪.)120/6‬‬
‫(‪ )3‬الدارقطني‪ ،‬السنن (‪ )116/3‬وصحح إسناده‪.‬‬
‫(‪ )4‬الحاكم النيسابوري‪ ،‬المستدرك على الصحيحين (‪.)401/4‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬النسائي‪ ،‬السنن الكربى (‪.)96/9‬‬
‫(‪ )6‬ابن معين‪ ،‬التاريخ ‪-‬رواية الدوري‪.)574/3( -‬‬

‫‪30‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪31‬‬

‫يا خليفة رسول اهلل؟ فأومأ بيده أن كف‪ ،‬ثم أتيته مرة أخرى‪ ،‬فقلت‪ :‬أال تأكل يا خليفة رسول اهلل؟‬

‫فنظر إلى الفجر ثم أومأ بيده أن كُف‪.‬‬

‫ثم أتيته فقلت‪ :‬أال تأكل يا خليفة رسول اهلل؟ قال‪ :‬هات غذاءك‪ ،‬قال‪ :‬فأتيته به‪ ،‬فأكل‪ ،‬ثم صلى‬
‫ركعتين‪ ،‬ثم قام إلى الصالة(‪.)1‬‬
‫وهذا سند ضعيف‪ ،‬فعبد اهلل بن َم ْع ِقل المزين‪ ،‬لم يدرك سالم مولى أبي حذيفة‪ ،‬ألنه مات سنة‬
‫(‪88‬هـ)‪ ،‬وسالم قتل باليمامة سنة (‪12‬هـ) يف خالفة أبي بكر‪.‬‬
‫ولذلك تعقب الحافظ ابن حجر يف التهذيب‪ ،‬ما ذكره أصله‪ ،‬فقال‪" :‬وأطلق المؤلف روايته‬
‫عن سالم مولى أبي حذيفة‪ ،‬والظاهر أهنا مرسلة‪ ،‬ألنه ُقتل باليمامة"(‪.)2‬‬
‫وكل هذه الروايات عن الصديق رضي اهلل عنه ‪-‬رغم ضعفها‪ -‬ليس فيها ما يدل صراحة على‬
‫السحور بعد طلوع الفجر‪ ،‬إال األثر الثاين‪ ،‬فظاهره أن السحور كان عند ظهور الشفق األحمر وهذا‬
‫ال يكون إال بعد طلوع الفجر الصادق بمدة‪.‬‬
‫المطلب الثاين‪ :‬علي بن أبي طالب‪.‬‬
‫روي عنه من وجهين‪:‬‬
‫األول‪ :‬روى عبد الرزاق عن ابن عيينة‪ ،‬عن شبيب بن غرقدة‪ ،‬عن حبان بن الحارث‪ ،‬قال‪:‬‬
‫أتيت عل ًّيا وهو م َع ْسكِ ٌر بدير أبي موسى وهو يتسحر‪ ،‬فقال‪ُ :‬‬
‫ادن‪ ،‬قال‪ :‬قلت‪ :‬إين أريد الصيام‪ ،‬قال‪:‬‬
‫وأنا أريد الصيام‪ ،‬فلما فرغ قال للمؤذن‪ :‬أقم الصالة(‪.)3‬‬
‫وهذا األثر يف سنده ضعف‪ ،‬لجهالة حبان بن الحارث راويه عن علي بن أبي طالب‪ ،‬إذ لم يرو‬
‫إال عن علي ولم يرو عنه إال شبيب‪.‬‬

‫قال ابن الرتكماين‪" :‬ابن الحارث هذا ال أدري ما حاله"(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬الطربي‪ ،‬جامع البيان (‪.)255/3‬‬


‫(‪ )2‬ابن حجر‪ ،‬هتذيب التهذيب (‪ ،)41/6‬وينظر‪ :‬حاشية الشيخ أحمد شاكر على تفسير الطربي (‪.)521/3‬‬
‫(‪ )3‬عبد الرزاق الصنعاين‪ ،‬المصنف (‪.)231/4‬‬
‫(‪ )4‬ابن الرتكماين‪ ،‬الجوهر النقي (‪.)454/1‬‬

‫‪31‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪32‬‬

‫وقال األلباين‪ " :‬ورجاله ثقات غير حبان هذا‪ ،‬أورده ابن أبي حاتم هبذه الرواية ولم يذكر فيه‬
‫تعديال‪ ،‬وأما ابن حبان فأورده يف الثقات"(‪.)1‬‬
‫ً‬ ‫جرحا وال‬
‫ً‬
‫ثم إن حبان يحكي ههنا قصة حصلت معه‪ ،‬والقصص يدخلها شيء من اإلجمال واالختصار‬
‫بحسب هدف الراوي وغايته من سياقها‪ ،‬فيركز على ما ُيظهر مراده ويجمل كثيرا من التفاصيل‬
‫التي ال تعنيه(‪.)2‬‬
‫ويؤكد ذلك اختالف سياقات القصة التي ذكرها الرواة عن شبيب‪:‬‬
‫فرواية مؤمل عن سفيان عن شبيب‪ ،‬بلفظ‪" :‬مررت بعلي‪ ،‬وهو يف دار أبي موسى‪ ،‬وهو يتسحر‪،‬‬
‫فلما انتهيت إلى المسجد أقيمت الصالة"(‪.)3‬‬
‫ويف رواية شعبة‪ ،‬عن شبيب قال‪" :‬تسحرنا مع علي‪ ،‬ثم خرجنا وقد أقيمت الصالة‪،‬‬
‫فصلينا"(‪.)4‬‬
‫ويف رواية منصور‪ ،‬عن شبيب بلفظ‪" :‬تسحرنا مع علي‪ ،‬فلما فرغ من السحور أمر المؤذن فأقام‬
‫الصالة"(‪.)5‬‬
‫فالمعنى الذي يؤخذ من مجموع هذه الروايات أن عل ًّيا رضي اهلل عنه أخر السحور جدًّ ا حتى‬
‫فرغ منه مع طلوع الفجر‪ ،‬بحيث إهنم أدوا الصالة بعدها مباشرة‪ ،‬وليس فيه ما يدل صراحة على أن‬
‫السحور كان بعد طلوع الفجر‪.‬‬
‫وقوله يف بعض الروايات‪( :‬أقم الصالة) يحتمل أن يكون المراد به األذان‪ ،‬فاألذان يسمى إقامة‬
‫كما هو معلوم‪.‬‬
‫واستدل اإلمام الشافعي هبذه القصة على جواز إيقاع األذان قبل طلوع الفجر‪ ،‬وأنه "كان يغلس‬
‫بأقصى غاية التغليس"(‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬األلباين‪ ،‬سلسلة األحاديث الصحيحة (‪.)384/3‬‬


‫(‪ )2‬وهذا يقال يف كافة الحوادث المروية عن الصحابة يف هذا الباب‪.‬‬
‫(‪ )3‬الطربي‪ ،‬جامع البيان (‪.)256/3‬‬
‫(‪ )4‬الطربي‪ ،‬جامع البيان (‪.)256/3‬‬
‫(‪ )5‬أبو طاهر المخلص‪ ،‬المخلصيات (‪.)335/2‬‬
‫(‪ )6‬الشافعي‪ ،‬األم (‪.)397/8‬‬

‫‪32‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪33‬‬

‫قال ابن األثير‪" :‬وقوله‪( :‬أقم الصالة) لما فرغ من األكل‪ :‬يحتمل أن يريد به األذان‪ ،‬واألذان‬
‫للصبح قبل الفجر جائز‪ ،‬ويحتمل أنه طلع الفجر عقيب فراغه فأمر باإلقامة‪ ،‬وعلى االحتمال الثاين‬
‫نزله الشافعي رضي اهلل عنه‪ ،‬واستدل به على وقوع األذان قبل الفجر"(‪.)1‬‬

‫فهذا األثر عن علي رضي اهلل عنه يف ثبوته نظر‪ ،‬ويف داللته احتمال‪.‬‬

‫الثاين‪ :‬قال الطربي‪ :‬حدثنا ابن حميد‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا جرير‪ ،‬عن منصور‪ ،‬عن أبي إسحاق‪ ،‬عن‬
‫أبي الس َفر‪ ،‬قال‪ :‬صلى علي بن أبي طالب الفجر‪ ،‬ثم قال‪" :‬هذا حين يتبين الخيط األبيض من‬
‫الخيط األسود من الفجر"(‪.)2‬‬

‫وهذا سند ضعيف لجهالة الواسطة بين أبي السفر وعلي‪.‬‬

‫قال ابن معين‪" :‬أبو السفر لم يلق عل ًّيا"(‪.)3‬‬

‫منصورا‪ ،‬فرواه عن أبي إسحاق‪ ،‬عن ُهبيرة‪ ،‬عن علي‪ ،‬أنه لما صلى الفجر‪،‬‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫إسرائيل‬ ‫وخالف‬
‫قال‪" :‬هذا حين يتبين الخيط األبيض من الخيط األسود من الفجر"(‪.)4‬‬

‫مختلف فيه‪" :‬قال أحمد‪ :‬ال بأس به‪ ،‬وهو أحسن استقامة من غيره‪ ،‬يعني ممن‬
‫ٌ‬ ‫وهبيرة بن َيريم‬
‫ُ‬
‫تفرد بالرواية عنهم‪ :‬أبو إسحاق‪.‬‬

‫وقال َمرةً‪ :‬هو أحب إلينا من الحارث‪...‬وقال النسائي‪ :‬ليس بالقوي‪ ،‬وقال أبو حاتم‪ :‬ال ُي ْحت َُّج‬
‫به‪ ،‬هو َشبِيه بالمجهولين‪.‬‬

‫ضعيف‪ ،‬كان ُيجهز على قتلى صفين‪.‬‬


‫ٌ‬ ‫وقال ابن ِخ َراش‪:‬‬

‫وقال ابن عدي‪ :‬أرجو أنه ال بأس به"(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬ابن األثير‪ ،‬شرح مسند (‪.)347/4‬‬


‫(‪ )2‬الطربي‪ ،‬جامع البيان (‪.)257/3‬‬
‫(‪ )3‬ابن معين‪ ،‬التاريخ ‪ -‬رواية الدوري‪.)370/3( -‬‬
‫(‪ )4‬الطربي‪ ،‬جامع البيان (‪.)254/3‬‬
‫(‪ )5‬ابن كثير‪ ،‬التكميل يف الجرح والتعديل (‪.)454/1‬‬

‫‪33‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪34‬‬

‫"وذكره ابن سعد يف الطبقة األولى وقال‪ :‬كانت منه هفوة أيام المختار‪ ،‬وكان معرو ًفا وليس‬
‫ٌ‬
‫مجهول‪ ،‬وقال النسائي يف الجرح والتعديل‪ :‬أرجو‬ ‫بذاك‪ ،‬وقال الساجي‪ :‬قال يحيى بن معين‪ :‬هو‬
‫ٍ‬
‫حديث منكر"(‪.)1‬‬ ‫أن ال يكون به بأس‪ ،‬ويحيى وعبد الرحمن لم يرتكا حديثه‪ ،‬وقد روى غير‬
‫فإذا نظرنا لالختالف بين منصور وإسرائيل يف إسناده على أبي إسحاق‪ ،‬والكالم يف ُهبيرة‪ ،‬نجد‬
‫أنه ال يمكننا إثبات مثل هذا القول الغريب لعلي بن أبي طالب بمثل هذا اإلسناد المتكلم فيه‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬حذيفة بن اليمان‪.‬‬
‫وروي عنه من وجوه‪:‬‬
‫األول‪ :‬قصته مع ِز ِّر بن ُح َبيش‪ ،‬وسبقت‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬قال الطربي‪ :‬حدثنا هناد وأبو السائب‪ ،‬قاال‪ :‬حدثنا أبو معاوية‪ ،‬عن األعمش‪ ،‬عن‬
‫إبراهيم التيمي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬قال‪" :‬خرجت مع حذيفة‪ ،‬إلى المدائن يف رمضان‪ ،‬فلما طلع الفجر‪ ،‬قال‪:‬‬
‫شارب؟‬ ‫آكل أو‬ ‫هل منكم من ٍ‬
‫أحد ٌ‬
‫ٌ‬
‫قلنا‪ :‬أما ٌ‬
‫رجل يريد أن يصوم فال‪.‬‬
‫قال‪ :‬لكنِّي‪.‬‬
‫قال‪ :‬ثم سرنا حتى استبطأنا الصالة‪ ،‬قال‪ :‬هل منكم أحدٌ يريد أن يتسحر؟‬
‫قال‪ :‬قلنا أما من يريد الصوم فال‪.‬‬
‫قال‪ :‬لكنِّي‪ ،‬ثم نزل فتسحر‪ ،‬ثم صلى"(‪.)2‬‬
‫قال الشيخ أحمد شاكر‪" :‬إسناده صحيح متصل‪ ،‬وقوله‪( :‬لكنِّي) اختصار قوله‪ :‬لكني أريد‬
‫الصوم‪ ،‬مثل ذلك كثير يف كالمهم"(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬ابن حجر‪ ،‬هتذيب التهذيب (‪ ،)24/11‬وينظر‪ :‬ابن سعد‪ ،‬الطبقات الكبير (‪ ،)290/8‬ابن أبي حاتم‪ ،‬الجرح والتعديل‬
‫(‪ ،)109/9‬الذهبي‪ ،‬ميزان االعتدال (‪.)293/4‬‬
‫(‪ )2‬الطربي‪ ،‬جامع البيان (‪.)254/3‬‬
‫(‪ )3‬الطربي‪ ،‬جامع البيان (‪.)518/3‬‬

‫‪34‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪35‬‬

‫ورواه الطربي من طريق أبي بكر بن عياش قال‪ :‬ربما شربت بعد قول المؤذن يعني يف رمضان‬
‫قد قامت الصالة‪ ،‬قال‪ :‬وما رأيت أحدا كان أفعل له من األعمش‪ ،‬وذلك ل ِ َما َس ِم َع‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا‬
‫متس ِّح ٌر الساعة؟ قال‪ :‬ثم‬
‫إبراهيم التيمي‪ ،‬عن أبيه قال‪ " :‬كنا مع حذيفة‪ ،‬نسير ليال‪ ،‬فقال‪ :‬هل منكم َ‬
‫متسح ٌر الساعة؟ قال‪ :‬ثم سار حتى استبطأنا الصالة‪ ،‬قال‪ :‬فنزل‬
‫ِّ‬ ‫سار‪ ،‬ثم قال حذيفة‪ :‬هل منكم‬
‫فتسحر"(‪.)1‬‬
‫فهذه الرواية تفيد أن األعمش فهم من فِ ْعل حذيفة تأخير السحور لما بعد طلوع الفجر‪ ،‬وقد‬
‫يكون األمر كذلك‪ ،‬ويحتمل أن يقال‪ :‬الرواية عن حذيفة ليست صريحة‪ ،‬بل محتملة‪ ،‬واألولى أن‬
‫ُّ‬
‫الظان أن‬ ‫يحمل فعله على تأخير السحور إلى وقت متأخر جدًّ ا يقارب طلوع الفجر بحيث يظن‬
‫وقت السحور انتهى‪.‬‬
‫الح ْف ِ‬
‫ظ(‪.)2‬‬ ‫ثم إن أبا بكر ابن عياش ضعفه بعض األئمة‪ ،‬ونسبه غير واحد إلى كثرة الغلط وسوء ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫المطلب الرابع‪ :‬سعد بن أبي وقاص‪.‬‬
‫عميرا ذا بيتان‪ ،‬أخربه أنه‬
‫ً‬ ‫روى عبد الرزاق عن أبيه همام قال‪ :‬حدثني المنتَشر الوادعي‪ ،‬أن‬
‫تسحر مع سعد بن أبي وقاص بالكوفة يف رمضان‪ ،‬ثم خرج وأنا معه‪ ،‬فأتى المسجد فأقيمت‬
‫الصالة‪.‬‬
‫قال‪ :‬قلت‪ :‬كم بين منزله‪ ،‬وبين المسجد؟‬
‫قال‪" :‬ما بين قرب زياد بن فيروز إلى المسجد األعظم"(‪.)3‬‬
‫وهمام بن نافع الصنعاين‪ ،‬والد عبد الرزاق‪ ،‬قال عنه ابن معين‪ :‬ثقة‪ ،‬وقال العقيلي‪" :‬حديثه غير‬
‫محفوظ"(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬الطربي‪ ،‬جامع البيان (‪.)254/3‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬الذهبي‪ ،‬ميزان االعتدال (‪ ،)499/4‬ابن حجر‪ ،‬هتذيب التهذيب (‪ ،)34/12‬األرناؤوط وآخرون‪ ،‬تحرير تقريب‬
‫التهذيب (‪.)160/4‬‬
‫(‪ )3‬عبد الرزاق الصنعاين‪ ،‬المصنف (‪.)230/4‬‬
‫(‪ )4‬العقيلي‪ ،‬الضعفاء (‪ ،)306/6‬وينظر‪ :‬الذهبي‪ ،‬ميزان االعتدال (‪ ،)308/4‬ابن حجر‪ ،‬هتذيب التهذيب (‪.)67/11‬‬

‫‪35‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪36‬‬

‫"والمنتش ر بن األجدع الهمداين الكويف‪ ،‬أخو مسروق بن األجدع‪ ،‬روى عنه ابنه محمد بن‬
‫المنتشر وابن ابنه إبراهيم بن محمد بن المنتشر"(‪ ،)1‬ولم أقف فيه على جرح أو تعديل‪ ،‬وكذا عمير‬
‫ذا بيتان لم أقف له على ترجمة‪.‬‬
‫وعليه يكون هذا السند ضعي ًفا لجهالة رواته‪.‬‬
‫المطلب الخامس‪ :‬عبد اهلل بن مسعود‪.‬‬
‫ويروى عنه من وجهين‪:‬‬
‫األول‪ :‬روى عبد الرزاق عن أبي سفيان ‪-‬وكيع بن الجراح‪ ،-‬عن مسعر‪ ،‬عن جبلة بن ُسحيم‪،‬‬
‫عن عامر بن مطر الشيباين‪ ،‬عن أبيه قال‪" :‬تسحرنا مع عبد اهلل‪ ،‬ثم خرجنا فأقيمت الصالة"(‪.)2‬‬
‫وعامر بن مطر سكت عنه البخاري وابن أبي حاتم‪ ،‬وذكره ابن حبان يف الثقات(‪.)3‬‬
‫وقال ابن سعد‪" :‬عامر بن مطر الشيباين‪ ،‬روى عن عمر وعبد اهلل وحذيفة‪ ،‬وكان قليل‬
‫الحديث"(‪.)4‬‬
‫ونقل ابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن الحكم بن بشير قوله عنه‪" :‬رجل له شأن يف‬
‫المسلمين"‪.‬‬
‫وهذا ال يفيد توثي ًقا يف الرواية‪.‬‬
‫وهم‪ ،‬فقد رواه ابن أبي شيبة عن أبي‬ ‫ِ‬
‫وأما أبوه فلم أقف له على ترجمة‪ ،‬ولعل ذكره يف السند ٌ‬
‫معاوية‪ ،‬عن أبي إسحاق الشيباين عن جبلة بن سحيم‪ ،‬عن عامر بن مطر‪ ،‬قال‪ :‬أتيت عبد اهلل يف داره‬
‫فأخرج لنا َ‬
‫فضل سحوره فتسحرنا معه‪ ،‬فأقيمت الصالة‪ ،‬فخرجنا فصلينا معه‪.‬‬
‫فجعله عن عامر‪ ،‬ولم يذكر أباه‪.‬‬

‫(‪ )1‬الدارقطني‪ ،‬المؤتلف والمختلف (‪.)2186/4‬‬


‫(‪ )2‬عبد الرزاق الصنعاين‪ ،‬المصنف (‪ )234/4‬ومن طريقه الطرباين يف المعجم الكبير (‪ ،)314/9‬ورواه أبو نعيم يف معرفة‬
‫الصحابة (‪ )2069/4‬من طريق سهل بن زنجلة‪ ،‬حدثنا وكيع‪ ،‬عن مسعر‪ ،‬عن جبلة بن سحيم‪ ،‬عن عامر بن مطر‪ ،‬قال‪ :‬تسحرنا مع‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬ثم قمنا إلى الصالة‪ ،‬وقال‪" :‬كذا قال سهل عن وكيع‪ ،‬ورواه غيره عن وكيع‪ ،‬فقال‪ :‬تسحرنا مع ابن‬
‫مسعود‪ ،‬وهو الصحيح"‪.‬‬
‫(‪ )3‬البخاري‪ ،‬التاريخ الكبير (‪ ،)454/6‬ابن أبي حاتم‪ ،‬الجرح والتعديل (‪ ،)328/6‬ابن حبان‪ ،‬الثقات (‪.)191/5‬‬
‫(‪ )4‬ابن سعد‪ ،‬الطبقات الكبير (‪.)241/8‬‬

‫‪36‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪37‬‬

‫فضال من سحوره‪ ،‬فأكلنا معه‪،‬‬


‫ورواه الطربي عن أبي كُريب عن أبي معاوية بلفظ‪" :‬فأخرج ً‬

‫ثم أقيمت الصالة‪ ،‬فخرجنا فصلينا"(‪.)1‬‬

‫فهذه الرواية مع ما يف سندها من ضعف قصارى ما تفيده تأخير السحور آلخر الوقت‪ ،‬ال كونه‬

‫بعد طلوع الفجر‪.‬‬

‫ورواه الخطيب من رواية أسباط بن محمد‪ ،‬عن أبي إسحاق الشيباين‪ ،‬بلفظ‪" :‬دخلنا على عبد‬

‫اهلل بن مسعود يف رمضان‪ ،‬فدعا بطعام فأكلنا‪ ،‬وفرغنا من سحورنا‪ ،‬ودخلنا المسجد حين أقيمت‬

‫الصالة‪ ،‬فتقدمنا وصلينا"(‪.)2‬‬

‫الثاين‪ :‬قال الطربي‪ :‬حدثنا أبو كريب‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا ابن الصلت‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا إسحاق بن حذيفة‬

‫العطار‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن الرباء‪ ،‬قال‪" :‬تسحرت يف شهر رمضان‪ ،‬ثم خرجت‪ ،‬فأتيت ابن مسعود‪ ،‬فقال‪:‬‬

‫اشرب‪ ،‬فقلت‪ :‬إين قد تسحرت‪ ،‬فقال‪ :‬اشرب‪ ،‬فشربنا‪ ،‬ثم خرجنا‪ ،‬والناس يف الصالة"(‪.)3‬‬

‫قال الشيخ أحمد شاكر‪" :‬هذا إسناد مشكل‪ ،‬ال أدري ما هو؟ فابن الصلت‪ :‬يدور بين اثنين يف‬

‫هذه الطبقة‪ ،‬محمد بن الصلت بن الحجاج األسدي‪ ،‬ومحمد بن الصلت التوزي‪ ،‬فال أدري أيهما‬

‫هو؟ أم هو غيرهما‪.‬‬

‫وإسحاق بن حذيفة العطار‪ ،‬وأبوه‪ :‬لم أجد لهما ترجمة‪ ،‬وال ُذكرا‪ ،‬يف شيء مما بين يدي من‬

‫المراجع‪.‬‬

‫وأخشى أن يكون فيهما معا تحريف‪ ،‬فلئن تركوا ترجمة (إسحاق) ليبعدن أن يرتكوا ترجمة‬

‫أبيه‪ ،‬وهو يف ظاهر هذا اإلسناد تابعي يروي عن صحابي‪ ،‬وهو الرباء بن عازب"(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬الطربي‪ ،‬جامع البيان (‪ ،)255/3‬وينظر تعليق أحمد شاكر يف تحقيقه لجامع البيان (‪.)520/3‬‬
‫(‪ )2‬الخطيب البغدادي‪ ،‬تلخيص المتشابه يف الرسم (‪.)649/2‬‬
‫(‪ )3‬الطربي‪ ،‬جامع البيان (‪.)255/3‬‬
‫(‪ )4‬الطربي‪ ،‬جامع البيان ‪-‬ت‪ :‬شاكر‪.)520/3( -‬‬

‫‪37‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪38‬‬

‫والحاصل‪:‬‬
‫أن اآلثار المروية عن الصحابة يف هذا الباب ال يصح منها إال ما روي عن حذيفة‪ ،‬وهي ‪-‬يف‬
‫غالبها ‪-‬ليست صريحة يف الداللة على السحور بعد طلوع الفجر‪ ،‬بل المراد منها الداللة على تأخير‬
‫السحور جدًّ ا إلى آخر وقته بحيث يقع الفراغ منه ُقبيل دخول الفجر‪ ،‬ويف هذا الباب أخرجها‬
‫العلماء وذكروها‪ ،‬ومنها ما يراد به االستمرار يف األكل مع وجود الشك حتى يتبين له طلوع الفجر‪.‬‬
‫قال ابن كثير‪" :‬وقد روي عن طائفة كثيرة من السلف أهنم تسامحوا يف السحور عند مقاربة‬
‫الفجر‪ ،‬روي مثل هذا عن أبي بكر‪ ،‬وعمر‪ ،‬وعلي‪ ،‬وابن مسعود‪ ،‬وحذيفة‪ ،‬وأبي هريرة‪ ،‬وابن عمر‪،‬‬
‫وابن عباس‪ ،‬وزيد بن ثابت وعن طائفة كثيرة من التابعين"(‪.)1‬‬
‫وما جاء عن حذيفة لم يتابعه عليه أحد من الصحابة‪ ،‬قال شيخ اإلسالم ابن تيمية‪ " :‬استباح‬
‫أبو طلحة أكل ال َب َرد وهو صائم‪ ،‬واستباح حذيفة السحور بعد ظهور الضوء المنتشر حتى قيل هو‬
‫النهار إال أن الشمس لم تطلع‪ ،‬وغيرهما من الصحابة لم يقل بذلك‪ ،‬فوجب الرد إلى الكتاب‬
‫والسنة"(‪.)2‬‬
‫وورد ذلك بنصوص أصرح عن بعض التابعين‪ ،‬منهم‪:‬‬
‫‪-1‬مسلم بن َصبيح(‪ " :)3‬لم يكونوا يعدون الفجر فجركم هذا‪ ،‬إنما كانوا يعدون الفجر الذي‬
‫يمأل البيوت والطرق"(‪.)4‬‬
‫‪-2‬أبو ِم إج َلز‪" :‬الضوء الساطع يف السماء ليس بالصبح‪ ،‬ولكن ذاك الصبح الكذاب‪ ،‬إنما‬
‫الصبح إذا انفضح(‪ )5‬األفق"(‪.)6‬‬
‫‪-3‬األعمش‪" :‬لوال الشهرة لتسحرت بعد الصالة"(‪.)7‬‬
‫‪-4‬أبو بكر بن عياش‪" :‬ربما شربت بعد قول المؤذن يعني يف رمضان قد قامت الصالة(‪.)8‬‬

‫(‪ )1‬ابن كثير‪ ،‬تفسير القرآن العظيم (‪.)514/1‬‬


‫(‪ )2‬ابن تيمية‪ ،‬مجموع الفتاوى (‪ ،)282/1‬وفيه أن شيخ اإلسالم ال يثبت ذلك عن أحد من الصحابة سوى حذيفة‪ ،‬رضي اهلل‬
‫عنهم جمي ًعا‪.‬‬
‫(‪ )3‬هو أبو الضحى مسلم بن صبيح من صغار التابعين‪ ،‬ووهم عدد ممن نقل هذا األثر فنسبه لمسروق بن األجدع‪.‬‬
‫(‪ )4‬ابن أبي شيبة‪ ،‬المصنف (‪ ،)157/6‬وكذا الطربي من طريق أبي معاوية يف جامع البيان (‪.)252/3‬‬
‫الصبح قد استنار وتبين‪ ،‬ينظر‪ :‬الجوهري‪ ،‬الصحاح تاج اللغة (‪ ،)392/1‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب (‪.)3425/5‬‬ ‫(‪ )5‬أي َأن ُّ‬
‫(‪ )6‬الطربي‪ ،‬جامع البيان (‪.)252/3‬‬
‫(‪ )7‬أحمد بن حنبل‪ ،‬العلل ومعرفة الرجال رواية ابنه عبد اهلل (‪.)233/1‬‬
‫(‪ )8‬الطربي‪ ،‬جامع البيان (‪.)254/3‬‬

‫‪38‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪39‬‬

‫املبحث الرابع‪:‬‬
‫حكم السحور مع أذان الفجر وبعده‪.‬‬

‫أوال‪َّ :‬‬
‫دل ظاهر حديث أبي هريرة وما يف معناه على الترخيص للصائم بإكمال سحوره إذا أ َّذن‬ ‫ً‬

‫المؤذن واإلناء يف يده‪.‬‬

‫والقول بظاهره يروى عن عروة بن الزبير‪ ،‬كما سبق نقله عنه يف التخريج‪ ،‬وقال ابن حزم‪" :‬قال‬

‫حماد عن هشام بن عروة‪ :‬كان أبي يفتي هبذا"(‪.)1‬‬

‫وقال به من المعاصــرين الشــيخ محمد ناصــر الدين األلباين‪ ،‬وعد "هذه الصــورة مســتثناة من‬

‫اآلية ﭽ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭼ (‪.)3(" )2‬‬

‫وسبق يف الدراسة أن األحاديث الواردة بالرتخيص للصائم بإكمال سحوره مع أذان الفجر‬

‫كلها ضعيفة ال يثبت منها شيء‪.‬‬

‫ولم يأخذ عامة أهل العلم من السلف والخلف بظاهر هذه األحاديث‪ ،‬ولم يرخصوا للصائم‬

‫باألكل أو الشرب إذا طلع الفجر‪.‬‬

‫بل قالوا‪ :‬إذا طلع الفجر ويف فمه طعا ٌم فإنه يلفظه وال يبتلعه(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬ابن حزم‪ ،‬المحلى باآلثار (‪.)370/4‬‬


‫(‪[ )2‬البقرة‪.]187:‬‬
‫(‪ )3‬األلباين‪ ،‬تمام المنة يف التعليق على فقه السنة (ص‪.)417‬‬
‫(‪ " )4‬فإن طلع الفجر ويف فيه شيء قد أدخله ومضغه‪ :‬لفظه؛ ألن إدخاله فاه ال يصنع شيئا إنما يفطر بإدخاله جوفه" األم للشافعي‬
‫(‪ ،)238/3‬ويف المجموع للنووي (‪" :)311/6‬من طلع الفجر ويف فيه طعام فليلفظه ويتم صومه فإن ابتلعه بعد علمه بالفجر بطل‬
‫صومه وهذا ال خالف فيه"‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪40‬‬

‫ثان ًيا‪ :‬سلك بعض العلماء مسالك يف توجيه حديث أبي هريرة وما يف معناه‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫األول الذي يكون قبل طلوع الفجر‪.‬‬


‫‪-1‬أن المراد بالنداء ههنا‪ :‬األذان َّ‬
‫ٌ‬
‫محمول عند عوا ِّم أهل العلم على أنه صلى اهلل عليه وسلم‬ ‫قال البيهقي‪" :‬وهذا ْ‬
‫إن صح فهو‬

‫َعلِ َم أن المنادي كان ينادي قبل طلوع الفجر‪ ،‬بحيث يقع شربه ُقبيل طلوع الفجر‪ ،‬وقول الراوي‪:‬‬

‫(وكان المؤذنون يؤذنون إذا بزغ) يحتمل أن يكون خربًا منقط ًعا ممن دون أبي هريرة‪ ،‬أو يكون‬

‫خربًا عن األذان الثاين"(‪.)1‬‬

‫‪-2‬أن المراد منه‪ :‬من سمع األذان وهو يشك يف طلوع الفجر‪.‬‬

‫قال الخطابي‪" :‬أو يكون معناه أن يسمع األذان وهو ُّ‬


‫يشك يف الصبح مثل أن تكون السماء‬

‫الفجر قد طلع"(‪.)2‬‬
‫َ‬ ‫ُمتغ ِّي َمة‪ ،‬فال يقع له العلم بأذانه أن‬

‫وقال المناوي‪" :‬وال بد من حمل الحديث على أنه لم يتحقق طلوع الفجر‪ ،‬وال غلب على‬

‫ظنِّه"(‪.)3‬‬

‫أن المقصود من النداء يف الحديث‪ :‬أذان المغرب ال الفجر‪.‬‬


‫‪َّ -3‬‬
‫أي إذا سمع أحدكم نداء المغرب وصادف ذلك أن اإلناء يف يده فليبادر بالفطر منه وال ينتظر‬

‫إلى وضعه(‪.)4‬‬

‫أن الحديث ال تع ُّلق له بالصيام‪ ،‬وإنما يراد به المبادرة إلى الطعام قبل القيام للصالة(‪.)5‬‬
‫‪َّ -4‬‬

‫(‪ )1‬البيهقي‪ ،‬السنن الكبير (‪ ،)468/8‬ومثله يف الخطابي‪ ،‬معالم السنن (‪ ،)106/2‬ابن رسالن‪ ،‬شرح سنن أبي داود (‪.)341/10‬‬
‫(‪ )2‬الخطابي‪ ،‬معالم السنن (‪.)106/2‬‬
‫(‪ )3‬المناوي‪ ،‬كشف المناهج والتناقيح (‪ ،)167/2‬ومثله يف‪ :‬علي القاري‪ ،‬مرقاة المفاتيح (‪ ،)1384/4‬السهارنفوري‪ ،‬بذل‬
‫المجهود (‪.)490/8‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬الطيبي‪ ،‬الكاشف عن حقائق السنن (‪ ،)1586/5‬علي القاري‪ ،‬مرقاة المفاتيح (‪.)1384/4‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬السهارنفوري‪ ،‬بذل المجهود يف حل سنن أبي داود (‪ ،)491/8‬محمود خطاب السبكي‪ ،‬المنهل العذب المورود شرح‬
‫سنن أبي داود (‪.)73/10‬‬

‫‪40‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪41‬‬

‫ت الصالَةُ‪َ :‬فابدَ ءوا بِالع َش ِ‬


‫اء)(‪.)1‬‬ ‫فهو بمعنى الحديث المشهور‪( :‬إِ َذا و ِضع الع َشاء و ُأ ِقيم ِ‬
‫َ‬ ‫إ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ َ َ ُ َ َ‬
‫ضعف وتك ُّل ٍ‬
‫ف‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫وكل هذه التوجيهات ال تخلو من‬
‫ٍ‬
‫حينئذ يباح‬ ‫فال يصلح حمله على األذان األول أو عدم التحقق من طلوع الفجر؛ ألن الصائم‬

‫له السحور أثناء األذان وبعده‪ ،‬وسواء كان اإلناء يف يده أم ال‪.‬‬

‫واضح‬
‫ٌ‬ ‫وحمله على أذان المغرب أو المبادرة للطعام قبل الصالة‪ :‬ال معنى له؛ فسياق الرواية‬

‫َان ا ْل ُم َؤ ِّذ ُن‬


‫(وك َ‬
‫يف الرتخيص باألكل مع وجود المانع ال الدعوة للمبادرة به‪ ،‬كيف ويف الرواية قوله‪َ :‬‬
‫ُي َؤ ِّذ ُن إِ َذا َب َز َغ ا ْل َف ْج ُر) (‪.)2‬‬

‫ولذا فالقول بضعف الرواية وشذوذها هو أقرب األقوال وأسلمها‪.‬‬

‫ثال ًثا‪ :‬ذهب طائفة من التابعين(‪ )3‬إلى أن وقت الصيام ال يبدأ من انبثاق نور الفجر الصادق‪ ،‬بل‬

‫باستنارته وإسفاره‪ ،‬وال يتم ذلك إال بظهور الحمرة التي تعقب بياض الفجر الصادق(‪.)4‬‬

‫قال الحافظ ابن حجر‪" :‬وذهب جماعة من الصحابة ‪-‬وقال به األعمش من التابعين وصاحبه‬

‫أبو بكر بن عياش‪ -‬إلى جواز السحور إلى أن يتضح الفجر‪ ...‬وأن المراد بتبين بياض النهار من‬

‫سواد الليل‪ :‬أن ينتشر البياض يف الطرق والسكك والبيوت"(‪.)5‬‬

‫وعمدة هؤالء‪ :‬أن اهلل علق الحكم بالتبين يف قوله‪ :‬ﭽ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ‬

‫ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭼ‪.‬‬

‫(‪ )1‬البخاري‪ ،‬الجامع المسند الصحيح (‪ ،)671‬مسلم بن الحجاج‪ ،‬المسند الصحيح (‪.)558‬‬
‫(‪ )2‬أحمد بن حنبل‪ ،‬المسند (‪ ،)10629‬الطربي‪ ،‬جامع البيان (‪.)258/3‬‬
‫(‪ )3‬ونصره ابن حزم الظاهري يف المحلى (‪ ،)370/4‬ورشيد رضا تفسير المنار (‪ ،)145/2‬والشيخ تقي الدين الهاللي يف رسالته‬
‫"بيان الفجر الصادق" (ص‪ ،)46‬وجم ٌع من المعاصرين‪.‬‬
‫(‪ )4‬كما يف الحديث الذي رواه أبو داود يف السنن (‪ )2348‬والرتمذي يف السنن (‪ )705‬من حديث قيس بن طلق عن أبيه مرفوعا‪:‬‬
‫(كلوا واشربوا‪ ،‬وال يهيدنكم الساطع المصعد‪ ،‬فكلوا واشربوا حتى يعرتض لكم األحمر)‪ ،‬وسنده ضعيف؛ لجهالة قيس بن طلق‬
‫وتفرده هبذا اللفظ‪.‬‬
‫(‪ )5‬ابن حجر‪ ،‬فتح الباري (‪.)136/4‬‬

‫‪41‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪42‬‬

‫ظاهرا ب ِّينًا لكل من رآه(‪ ،)1‬ودل على‬


‫ً‬ ‫والتبين ال يكون إال بظهور النور وانتشاره بحيث يكون‬

‫ذلك األحاديث المرفوعة وآثار الصحابة التي فيها وقوع السحور بعد طلوع الفجر الصادق‪،‬‬

‫وأصرحها حديث حذيفة‪( :‬هو النهار إال أن الشمس لم تطلع)‪.‬‬

‫راب ًعا‪ :‬تبين من خالل الدراسة أن حديث حذيفة شاذ‪ ،‬والصواب فيه الوقف‪.‬‬

‫ونحى بعض العلماء منحى التأويل لهذا الخرب‪-‬وما كان يف معناه‪ ،-‬وأن المراد به المبالغة يف‬

‫الكناية عن تأخير السحور ال ما يوهم ظاهره من تأخير السحور إلى قرب طلوع الشمس‪.‬‬

‫قال النســــائي‪" :‬فإن كان رفعـ ُه صــــحيحًا‪ ،‬فمعناه‪ :‬أنه قرب النهار كقول اهلل عز وجل‪ :‬ﭽ ﭜ‬

‫ﭝ ﭞ ﭼ معناه‪ :‬إذا قاربن البلوغ؛ وكقول القائل‪ :‬بلغنا المنزل إذا قاربه"(‪.)2‬‬

‫وقال الطربي‪" :‬يحتمل أن يكون معناه هو الصبح لقربه منه‪ ،‬وإن لم يكن هو بعينه‪ ،‬كما تقول‬

‫شبها‪ ،‬وهي تشير إلى غير الذي سمته"(‪.)3‬‬


‫العرب‪ :‬هذا فالن ً‬
‫وكذا قال العالئي إنه "محمول على التجوز والمبالغة يف تقريب السحور من النهار"(‪،)4‬‬

‫"والمراد أنه يف قرب طلوع الفجر حيث يقال إنه النهار‪ ،‬نعم ما كان الفجر طال ًعا"(‪.)5‬‬

‫قال حرب‪ :‬سألته(‪)6‬؛ قلت‪ :‬رجل يأكل بعد طلوع الفجر يف رمضان وهو ال يعلم؟‬

‫قال‪ :‬يعيد يومًا مكانه‪.‬‬

‫(‪ ) 1‬فهم بعض أهل العلم من قولهم إباحة السحور حتى طلوع الشمس‪ ،‬وهم ال يقولون هبذا‪ ،‬قال الحافظ ابن رجب يف الفتح‬
‫(‪" :)425/4‬ومن حكى عنهم أهنم استباحوا األكل حتى تطلع الشمس فقد أخطأ"‪ ،‬وكذا قال الحافظ ابن كثير يف تفسيره‬
‫(‪" :)515/1‬وهذا القول ما أظن أحدً ا من أهل العلم يستقر له قدم عليه‪ ،‬لمخالفته نص القرآن"‪.‬‬
‫(‪ )2‬نقله عنه‪ :‬المزي‪ ،‬تحفة األشراف (‪.)32/3‬‬
‫(‪ )3‬الطربي‪ ،‬جامع البيان (‪.)260/3‬‬
‫(‪ )4‬العالئي‪ ،‬األربعين المغنية (ص‪.)477‬‬
‫(‪ )5‬السندي‪ ،‬حاشية على سنن النسائي (‪.)142/4‬‬
‫(‪ )6‬أي لإلمام أحمد بن حنبل‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪43‬‬

‫قلت‪ :‬فاألحاديث التي رويت يف هذا‪ ،‬وذكرت له حديث حذيفة؟‬


‫قال‪ :‬إنه ليس يف الحديث أن الفجر كان قد طلع"(‪.)1‬‬
‫وقيل‪ :‬هذا كان يف أول األمر ثم نُسخ‪ ،‬ودل على النسخ قول عامة العلماء بخالفه(‪.)2‬‬
‫خامسا‪ :‬ذهب عامة أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من سائر فقهاء األمصار إلى‬
‫ً‬
‫عرضا يف األفق‪ ،‬فبمجرد‬
‫انتهاء وقت السحور بطلوع "الفجر الصادق"‪ ،‬وهو البياض الذي ينتشر ً‬
‫ظهوره يحرم الطعام والشراب على الصائم‪ ،‬كما قال تعالى‪ :‬ﭽ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ‬
‫ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭼ‪.‬‬
‫اض الن ََّه ِ‬
‫ار) كما ثبت ذلك يف السنة النبوية‬ ‫والمراد بالخيط األسود واألبيض ( َس َوا ُد ال َّل إي ِل َو َب َي ُ‬
‫الصحيحة(‪.)3‬‬
‫"ومعنى اآلية حتى يظهر بياض النهار من سواد الليل‪ ،‬وهذا البيان يحصل‪ :‬بطلوع الفجر‬
‫الصادق"(‪.)4‬‬
‫قال الطربي‪" :‬الخيط األبيض من الفجر يتبين عند ابتداء طلوع أوائل الفجر‪ ،‬وقد جعل اهلل‬
‫تعالى ذكره ذلك حدًّ ا لمن لزمه الصوم"(‪.)5‬‬
‫ويف تسمية بياض النهار خي ًطا تنبي ٌه إلى أن أول وقت الفجر يبدأ من أول ظهوره حيث يكون‬
‫رفي ًعا ودقي ًقا جدًّ ا كالخيط(‪ ،)6‬فبمجرد بزوغه يدخل الفجر‪ ،‬وال يشرتط أن يظهر وينتشر نوره ويعم‬
‫األرجاء‪.‬‬

‫(‪ )1‬ابن تيمية‪ ،‬شرح العمدة ‪ -‬كتاب الصيام‪ ،)532/1( -‬ويف (‪" :)533/1‬وقال أحمد يف رواية الميموين يف رجل أخذ يف سحوره‪،‬‬
‫ثم نظر إلى الفجر‪ :‬فإن كان قد أكل بعد طلوعه؛ فعليه القضاء‪ ،‬وإن لم يعلم أنه أكل بعد طلوع الفجر؛ فليس عليه شيء"‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬الخطيب البغدادي‪ ،‬الفقيه والمتفقه (‪ ،)340/1‬الزركشي‪ ،‬البحر المحيط يف أصول الفقه (‪.)288/5‬‬
‫(‪ )3‬البخاري‪ ،‬الجامع المسند الصحيح (‪ )1916‬ومسلم بن الحجاج‪ ،‬المسند الصحيح (‪" ،)1090‬والخيط‪ :‬اللون عند أهل‬
‫اللغة‪ ،‬وبيانه يف حديث عدي‪ :‬سواد الليل وبياض النهار‪ ،‬فخيط الفجر بياض الصبح أول ما يبدو يمتد كالخيط ثم ينتشر" كما قال‬
‫ابن الملقن يف التوضيح لشرح الجامع الصحيح (‪.)111/13‬‬
‫(‪ )4‬ابن حجر‪ ،‬فتح الباري (‪.)134/4‬‬
‫(‪ )5‬الطربي‪ ،‬جامع البيان (‪ ،)261/3‬وينظر‪ :‬ابن كثير‪ ،‬تفسير القرآن العظيم (‪.)512/1‬‬
‫(‪ )6‬وهذا النور األبيض يف أول ظهوره ال يتحقق معه اإلسفار وال الرؤية الواضحة‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪44‬‬

‫قال ابن جرير‪" :‬وليس ذلك هو جميع الفجر‪ ،‬ولكنه إذا تبين لكم أيها المؤمنون من الفجر‬

‫ذلك الخيط األبيض الذي يكون من تحت الليل الذي فوقه سواد الليل‪ ،‬فمن حينئذ فصوموا"(‪.)1‬‬

‫ثم نقل عن ابن زيد قوله‪" :‬ذلك الخيط األبيض هو من الفجر نسبة إليه‪ ،‬وليس الفجر كله‪ ،‬فإذا‬

‫جاء هذا الخيط وهو أوله ‪ :‬فقد حلت الصالة وحرم الطعام‪ ،‬والشراب على الصائم"(‪" ،)2‬وسمي‬

‫الفجر خي ًطا ألن ما يبدو من البياض يرى ممتدًّ ا كالخيط"(‪.)3‬‬

‫"والفجر هو أول بياض النهار الظاهر المستطير يف األفق المستنير المنتشر تسميه العرب‪:‬‬

‫الخيط األبيض"(‪.)4‬‬

‫وقال ابن عطية‪" :‬والخيط استعارة وتشبيه لرقة البياض أوال ورقة السواد الحاف به"(‪.)5‬‬

‫ثم إن يف قوله تعالى‪ :‬ﭽ ﭵ ﭶ ﭷ ﭼ "بصيغة يتفعل‪ ،‬وهو حيث يتكلف الناظر نظره‪ ،‬وكأن‬

‫الطالع‪ ،‬يتكلف الطلوع‪ ،‬ولم يقل‪َ :‬يبين؛ ألن ذلك يكون بعد الوضوح"(‪.)6‬‬

‫ومن قرارات المجمع الفقهي اإلسالمي للرابطة‪" :‬الفجر‪ :‬ويوافق بزوغ أول خيط من النور‬

‫عرضا يف األفق (الفجر الصادق) ويوافق الزاوية (‪ )18‬درجة تحت األفق‬


‫ً‬ ‫األبيض وانتشاره‬

‫الشرقي(‪.)8(")7‬‬

‫(‪ )1‬الطربي‪ ،‬جامع البيان (‪.)261/3‬‬


‫(‪ )2‬الطربي‪ ،‬جامع البيان (‪.)261/3‬‬
‫(‪ )3‬القرطبي‪ ،‬الجامع ألحكام القرآن (‪.)320/2‬‬
‫(‪ )4‬ابن عبد الرب‪ ،‬التمهيد (‪.)335/4‬‬
‫(‪ )5‬ابن عطية‪ ،‬المحرر الوجيز يف تفسير الكتاب العزيز (‪.)245/1‬‬
‫(‪ )6‬البقاعي‪ ،‬نظم الدرر يف تناسب اآليات والسور (‪.)85/3‬‬
‫(‪" )7‬كان المسلمون على مدى أربعة عشر قرنًا مضت يعتمدون يف تحديد وقت صالة الفجر على الرؤية بالعين المجردة حيث لم‬
‫يكن يوجد ما يشوش عليهم رؤية ضوء الفجر‪ ،‬ولكن بعد ظهور الكهرباء وانتشار الضوء الصناعي لم يعد باإلمكان تحديد وقت‬
‫صالة الفجر داخل المدن والقرى‪ ،‬مما اضطر الناس إلى االستعانة بالتقاويم شيئًا فشيئًا حتى أصبح االعتماد عليها يف تحديد‬
‫مواقيت الصالة اعتما ًدا كل ًّيا"‪ .‬أحكام العبادات المرتتبة على طلوع الفجر الثاين (ص‪.)23 :‬‬
‫(‪ )8‬قرارات المجمع الفقهي اإلسالمي للرابطة (ص‪.)200‬‬

‫‪44‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪45‬‬

‫ويدل على ذلك‪ :‬أن النبي صلى اهلل عليه وسلم كان يصلي الفجر بغلس‪ ،‬وهذا يعني أن الظالم‬
‫ال يزال موجودا رغم انشقاق الفجر‪.‬‬

‫قال جابر‪" :‬والصبح كان النبي صلى اهلل عليه وسلم يصليها بغلس"(‪.)1‬‬

‫وعن عائشة رضي اهلل عنها‪" :‬أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم كان يصلي الصبح‬
‫بغلس"(‪.)2‬‬

‫ويف حديث أبي موسى األشعري‪" :‬فأقام الفجر حين انشق الفجر‪ ،‬والنَّاس ال يكا ُد يعرف‬
‫بعضا"(‪.)3‬‬
‫بعضهم ً‬
‫ُ‬

‫بل كان النبي صلى اهلل عليه وسلم ينصرف منها بغلس مع قراءته فيها نحوا من ستين آية‪ ،‬كما‬
‫يف حديث أبي برزة األسلمي قال‪" :‬كان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يقرأ يف الفجر ما بين الستين‬
‫إلى المئة آية"(‪.)4‬‬

‫وهذا كله ُيضعف القول بجواز السحور حتى اإلسفار وظهور النور بين البيوت والسكك‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬دلت السنة الصحيحة على لزوم االمتناع عن السحور عند األذان الثاين للفجر‪.‬‬
‫ً‬
‫وقد ثبت ذلك من حديث ٍ‬
‫عدد من الصحابة‪:‬‬

‫‪-1‬عن عائشة رضي اهلل عنها ‪ :‬أن بالال كان يؤذن بليل‪ ،‬فقال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬
‫( ُك ُلوا َو إاش َر ُبوا َحتَّى ُي َؤ ِّذ َن ا إب ُن أ ِّم َم إكتُومٍ‪َ ،‬فإِ َّن ُه الَ ُي َؤ ِّذ ُن َحتَّى َي إط ُل َع ال َف إج ُر) (‪.)5‬‬

‫‪-2‬وعن عبد اهلل بن عمر رضي اهلل عنه‪ ،‬عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬أنه قال‪( :‬إِ َّن ِب َال ًال‬
‫ُي َؤ ِّذ ُن بِ َل إي ٍل‪َ ،‬ف ُك ُلوا َو إاش َر ُبوا َحتَّى ت إَس َم ُعوا ت إَأ ِذ َ‬
‫ين ا إب ِن ُأ ِّم َم إكتُو ٍم) (‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬البخاري‪ ،‬الجامع المسند الصحيح (‪ )560‬ومسلم بن الحجاج‪ ،‬المسند الصحيح (‪.)646‬‬
‫(‪ )2‬البخاري‪ ،‬الجامع المسند الصحيح (‪.)873‬‬
‫(‪ )3‬مسلم بن الحجاج‪ ،‬المسند الصحيح (‪.)614‬‬
‫(‪ )4‬مسلم بن الحجاج‪ ،‬المسند الصحيح (‪.)461‬‬
‫(‪ )5‬البخاري‪ ،‬الجامع المسند الصحيح (‪.)1918‬‬
‫(‪ )6‬البخاري‪ ،‬الجامع المسند الصحيح (‪ ،)617‬ومسلم بن الحجاج‪ ،‬المسند الصحيح (‪.)1092‬‬

‫‪45‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪46‬‬

‫‪ -3‬عن ابن مسعود رضي اهلل عنه‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪َ ( :‬ال َي إمنَ َع َّن َأ َحدً ا‬
‫ور ِه‪َ ،‬فإِ َّن ُه ُي َؤ ِّذ ُن بِ َل إي ٍل؛ لِ َي إر ِج َع َقائِ َمك إُم َو ُيوقِ َظ نَائِ َمك إُم) (‪.)1‬‬
‫ان بِ َال ٍل ِم إن ُس ُح ِ‬
‫ِمنإك إُم َأ َذ ُ‬

‫‪ -4‬عن سمرة بن جندب رضي اهلل عنه‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪َ ( :‬ال َيغ َُّر َّنك إُم‬
‫يل َهك ََذا‪َ ،‬حتَّى َي إستَطِ َير َهك ََذا) قال‪ :‬يعني‬
‫اض إاألُ ُف ِق ا إل ُم إستَطِ ُ‬
‫ان بِ َال ٍل‪َ ،‬و َال َب َي ُ‬ ‫ِم إن َس ُح ِ‬
‫ورك إُم َأ َذ ُ‬
‫معرتضا(‪.)2‬‬
‫ً‬

‫ففي هذه النصوص الصحيحة أبلغ داللة على انتهاء السحور بطلوع الفجر‪ ،‬وأن سماع األذان‬
‫الثاين مانع من األكل والشرب‪ ،‬ويف قوله صلى اهلل عليه وسلم ( َف ُك ُلوا َو ْاش َر ُبوا َحتى َت ْس َم ُعوا َت ْأ ِذي َن‬
‫ا ْب ِن ُأ ِّم َم ْكتُومٍ) دالل ٌة على أن اإلنسان يمتنع عن األكل والشرب عند سماع األذان‪ ،‬حيث جعل غاية‬
‫االنتهاء من السحور البدء بأذان ابن أم مكتوم‪.‬‬

‫بل قرن بعض الصحابة بين إباحة الصالة وتحريم الطعام على الصائم‪ ،‬فالوقت الذي تباح له‬
‫فيه صالة الفجر يحرم عليه فيه الطعام‪ ،‬والوقت الذي يباح له فيه الطعام يحرم عليه فيه صالة‬
‫الفجر‪.‬‬

‫عن ابن عباس قال‪" :‬الفجر فجران‪ :‬فجر تحرم فيه الصالة ويحل فيه الطعام‪ ،‬وفجر يحرم فيه‬
‫الطعام وتحل فيه الصالة"(‪.)3‬‬

‫الم إحكَم الذي يلزم‬


‫فما دلت عليه اآلية الكريمة واألحاديث النبوية الصحيحة هي الن َُّص ُ‬
‫التمسك به‪ ،‬وال تجوز مخالفته لروايات محتملة‪ ،‬فكيف وقد تبين من خالل البحث أن كل‬
‫الروايات التي يفهم منها الرتخيص باألكل والشرب عند األذان الثاين أو بعده هي روايات ضعيفة‬
‫ال يعول عليها لضعفها وشذوذها‪.‬‬

‫(‪ )1‬البخاري‪ ،‬الجامع المسند الصحيح (‪ ،)621‬مسلم بن الحجاج‪ ،‬المسند الصحيح (‪.)1093‬‬
‫(‪ )2‬مسلم بن الحجاج‪ ،‬المسند الصحيح (‪.)1094‬‬
‫(‪ )3‬الدارقطني‪ ،‬السنن (‪ ،)116/3‬وروي مرفوعًا‪ ،‬واألرجح وقفه على ابن عباس‪ ،‬كما بين ذلك الدارقطني‪ ،‬والبيهقي يف السنن‬
‫الكبير (‪.)63/3‬‬

‫‪46‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪47‬‬

‫ساب ًعا‪ :‬الذي جرى عليه عمل العلماء األخذ بظاهر القرآن واألحاديث الصحيحة من االمتناع‬
‫عن السحور بطلوع الفجر الصادق وعدم التعويل على هذه الروايات‪.‬‬
‫السحور قبل طلوع الفجر‪ ،‬فإذا طلع‬
‫قال اإلمام الشافعي‪" :‬وال أحدَ علمناه يقول هبذا‪ ،‬إنما ُّ‬
‫الفجر‪ :‬حرم الطعام والشراب على الصائم"(‪.)1‬‬
‫نصا وأحاديث عن رسول اهلل صلى‬ ‫وقال الطحاوي‪" :‬فال يجب ُ ٍ‬
‫ترك آية من كتاب اهلل تعالى ًّ‬ ‫ُ‬
‫اهلل عليه وسلم متواترة قد قبلتها األمة وعملت هبا من لدن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم إلى‬
‫ً‬
‫منسوخا بما ذكرناه يف هذا الباب"(‪.)2‬‬ ‫اليوم‪ ،‬إلى حديث قد يجوز أن يكون‬
‫وقال ابن عبد البر‪" :‬السحور ال يكون إال قبل الفجر؛ لقوله (إن ً‬
‫بالال ينادي بليلٍ) ثم منعهم‬
‫من ذلك عند أذان ابن أم مكتوم‪ ،‬وهو إجماع لم يخالف فيه إال األعمش فشذ‪ ،‬ولم يعرج على‬
‫قوله‪ ،‬والنها ر الذي يجب صيامه من طلوع الفجر إلى غروب الشمس على هذا إجماع علماء‬
‫المسلمين"(‪.)3‬‬
‫وقال الحازمي‪ " :‬أجمع أهل العلم على ترك العمل بظاهر هذا الخرب‪ ،‬وقد اختلفوا يف الوقت‬
‫الذي يحرم فيه الطعام والشراب على من يريد الصوم‪ ،‬فذهب عامة علماء األمصار من الصحابة‬
‫والتابعين فمن بعدهم إلى جواز األكل والشرب إلى حين اعرتاض الفجر اآلخر يف األفق"(‪.)4‬‬
‫وقال ابن قدامة‪ " :‬السحور ال يكون إال قبل الفجر‪ ،‬وهذا إجماع لم يخالف فيه إال األعمش‬
‫وحده‪ ،‬فشذ ولم يعرج أحد على قوله"(‪.)5‬‬
‫وقال ابن القيم‪" :‬وذهب الجمهور إلى امتناع السحور بطلوع الفجر‪ ،‬وهو قول األئمة األربعة‪،‬‬
‫وعامة فقهاء األمصار"(‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬الشافعي‪ ،‬األم (‪.)417/8‬‬


‫(‪ )2‬الطحاوي‪ ،‬شرح معاين اآلثار (‪.)54/2‬‬
‫(‪ )3‬ابن عبد الرب‪ ،‬التمهيد (‪.)62/10‬‬
‫(‪ )4‬الحازمي‪ ،‬االعتبار يف الناسخ والمنسوخ من اآلثار (ص‪.)144‬‬
‫(‪ )5‬ابن قدامة‪ ،‬المغني (‪.)325/4‬‬
‫(‪ )6‬ابن قيم الجوزية‪ ،‬هتذيب السنن (ص‪.)1049‬‬

‫‪47‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪48‬‬

‫ثامنًا‪ :‬جل اعتماد أصحاب هذا القول على بعض وقائع األعيان التي حصلت مع النبي صلى‬

‫اهلل عليه وسلم أو بعض أصحابه‪ ،‬ومثل هذه الوقائع التي يحكيها الراوي يدخلها شيء من اإلجمال‬

‫واالختصار بخالف نقل القول الصريح‪.‬‬

‫فقول الراوي ‪-‬مثال‪" :-‬فلما فرغ من سحوره صلى أو قام للصالة"‪ ،‬ال ينبغي أن يفهم منه أن‬

‫الصالة حصلت فور الفراغ من السحور مباشرة‪ ،‬وإنما يختصر الراوي ويجمل ليدل على قرب‬

‫العهد بينهما‪.‬‬

‫ولذا يف صحيح البخاري من حديث أنس "أن نبي اهلل صلى اهلل عليه وسلم وزيد بن ثابت‬

‫رضي اهلل عنه تسحرا‪ ،‬فلما فرغا من سحورهما‪ ،‬قام نبي اهلل صلى اهلل عليه وسلم إلى الصالة‪،‬‬

‫فصلى"‪.‬‬

‫فظاهر هذا أن السحور والبدء بالصالة ال فاصل بينهما‪.‬‬

‫لكن يف تتمة الرواية‪" :‬فقلنا ألنس‪ :‬كم كان بين فراغهما من سحورهما ودخولهما يف الصالة؟‬

‫قال‪ :‬كقدر ما يقرأ الرجل خمسين آية"‪ ،‬وهذا يدل على وجود فاص ٍل بينهما يكفي على األقل ألذان‬

‫الفجر‪.‬‬

‫تاس ًعا‪ :‬مناط المنع من السحور إنما هو طلوع الفجر الصادق‪.‬‬

‫واألذان إنما هو إعالم من المؤذن للناس بطلوع الفجر‪ ،‬وهذا اإلعالم قد يكون مواف ًقا للواقع‪،‬‬
‫أو مخال ًفا له‪ ،‬إما لخطأ من المؤذن أو ٍ‬
‫وهم وقع فيه أو غير ذلك‪.‬‬

‫ولذا فإن الشرع أناط الحكم بطلوع الفجر‪ ،‬وأناطه باألذان –كما يف بعض األحاديث‪ -‬حيث‬

‫يكون مواف ًقا للواقع مخربًا عنه‪.‬‬

‫وعليه فإذا تعارض هذا اإلعالم مع الواقع‪ ،‬فيرجع إلى المناط الحقيقي وهو طلوع الفجر‪ ،‬وال‬

‫يعتد باألذان حيث كان مخال ًفا له‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪49‬‬

‫عن حيان بن عمير قال‪ :‬سئل ا بن عباس عن الرجل يسمع األذان‪ ،‬وعليه ليل‪ ،‬قال‪ :‬فليأكل‪،‬‬
‫قيل‪ :‬وإنه سمع مؤذنا آخر قال‪ :‬شهد أحدهما لصاحبه(‪.)1‬‬
‫ومن تعذر عليه التحقق من طلوع الفجر أو العلم به‪ :‬فال يسعه إال تقليد المؤذن الثقة‪ ،‬فحيث‬
‫شرع يف األذان امتنع من المفطرات‪.‬‬
‫عاشرا‪ :‬لم يعد المؤذنون يف الوقت الحالي كالسابق يؤذنون حسب ما يشاهدون من العالمات‬
‫ً‬
‫الشرعية لمواقيت الصالة‪ ،‬وإنما يؤذنون حسب التقاويم المعتمدة من الجهات المختصة يف ِّ‬
‫كل‬
‫ٍ‬
‫بلد‪.‬‬
‫واستعمال الحساب الفلكي يف أوقات الصالة ال حرج فيه إذا كان مواف ًقا للمشاهدة ال يتقدم‬
‫عليها وال يتأخر عنها(‪.)2‬‬
‫محل ٍ‬
‫نظر وتأم ٍل(‪،)3‬‬ ‫وهذه التقاويم فيما يخص وقت الفجر‪ ،‬منها ما هو دقيق‪ ،‬ومنها ما هو ُّ‬
‫وعليه يقال‪:‬‬
‫‪-‬إذا كان التقويم دقي ًقا ‪ :‬فيجب التقيد وااللتزام به‪ ،‬وهو المعتمد يف اإلمساك عن الطعام‪ ،‬فإذا‬
‫دخل الوقت حسب التقويم فإن اإلنسان يمتنع عن المفطرات‪ ،‬سواء أذن المؤذن قبلها أو بعدها‪،‬‬
‫فالمناط بالتوقيت المحدد ال أذان المؤذن ألن تقدمه أو تأخره قد يكون لخطأ أو وهم أو انشغال‬
‫ونحو ذلك‪.‬‬
‫‪-‬وإذا لم يكن التقويم دقي ًقا‪ ،‬بأن كان متقدمًا عن وقت طلوع الفجر‪ ،‬فال يخلو الشخص من‪:‬‬

‫(‪ )1‬عبد الرزاق الصنعاين‪ ،‬المصنف (‪ ،)173/4‬والمقصود أن أحد المؤذنين شهد على اآلخر بالخطأ‪.‬‬
‫ٍ‬
‫طريق كان‪ :‬لز َم ُه ُحكمه‪ ،‬فلذلك اعترب الحساب المفيد للقطع يف أوقات الصلوات"‪.‬‬ ‫بأي‬ ‫سبب‪ ،‬فمن عَلِ َم الس َ‬
‫بب ِّ‬ ‫ٌ‬ ‫الوقت‬
‫ُ‬ ‫(‪" )2‬‬
‫الفروق للقرايف (‪.)179/2‬‬
‫(‪ ) 3‬شاع يف الوقت الحاضر كالم كثير بين طالب العلم وأهله حول دقة وقت صالة الفجر يف بعض البلدان‪ ،‬وأن التوقيت الموجود‬
‫غير دقيق بل هو سابق للوقت الحقيقي بفارق يصل أحيانا إلى ربع ساعة أو أكثر‪ ،‬وقد تباينت اآلراء يف هذا حتى من المختصين‬
‫ومن الخرباء‪.‬‬
‫ولذا‪ :‬فعامة الناس ال يقدرون على تبين حقيقة األمر‪ ،‬وال يسعهم يف هذا الباب إال تقليد من يثقون بقوله ودينه وأمانته‪ ،‬وأولى ذلك‬
‫بالتقليد التقاويم التي اعتمدها علماء أثبات وجرى عليها عمل المسلمين منذ عقود من الزمن‪.‬‬
‫بعضا ممن تكلم عن أذان الفجر قبل وقته‪ :‬لهم مذهب مخالف لما عليه عامة العلماء يف حقيقة الفجر الصادق‪،‬‬
‫وجدير بالتنبيه؛ أن ً‬
‫حيث يشرتطون لدخول الفجر انتشار البياض بحيث يمأل نوره الطرقات والبيوت‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪50‬‬

‫*أن يكون يف بيئة تتيح له معرفة طلوع الفجر ولديه العلم بعالماته‪ ،‬فيلتزم بذلك‪ ،‬ويمتنع من‬
‫السحور عند تبين طلوع الفجر‪.‬‬
‫متعذرا يف حقه –كما هو حال سائر الناس(‪ -)1‬فيسعه تقليد من يثق بدينه‬
‫ً‬ ‫*أن يكون ذلك‬

‫وعلمه وأمانته يف توقيت الفجر(‪ ،)2‬ويعمل بذلك‪.‬‬

‫ويف الختام‪:‬‬

‫فإن القول الذي تدل عليه النصوص الشرعية الصحيحة وجرى عليه عمل المسلمين يف كافة‬

‫األعصار واألمصار‪ :‬لزوم االمتناع عن السحور عند أول طلو ٍع للفجر الصادق‪ ،‬وكذا عند سماع‬

‫"األذان الثاين" الموافق لطلوع الفجر‪.‬‬

‫خالصا لوجهه الكريم‪ ،‬ناف ًعا للمسلمين‪ ،‬وأن يغفر الزلل‬


‫ً‬ ‫وأسأل اهلل أن يجعل هذا البحث‬

‫ويعفو عن النقص والتقصير والخلل‪.‬‬

‫(‪ )1‬ومعلو ٌم أن رؤية الفجر الصادق من داخل المدن وأسطح البيوت لن ُتؤيت نتيج ًة دقيق ًة ً‬
‫نظرا لتأثير األنوار الكهربائية والتلوثات‬
‫الجوية على صفاء رؤية الفجر الصادق بوضوح‪ ،‬ومراقبة الفجر ال يمكن أن تظهر إال يف ظالم دامس؛ ألنه يبدأ خافتا ثم ينتشر أفقيا‬
‫بالتدريج‪.‬‬
‫قال الشيخ ابن باز يف فتاويه (‪" :.)285/15‬ومعلوم أن من كان داخل المدن التي فيها األنوار الكهربائية ال يستطيع أن يعلم طلوع‬
‫الفجر بعينه وقت طلوع الفجر‪ ،‬ولكن عليه أن يحتاط بالعمل باألذان والتقويمات التي تحدد طلوع الفجر بالساعة والدقيقة"‪.‬‬
‫كل األوقات؛ ألن األصل عدم‬ ‫ِ‬
‫المتأخر يف ِّ‬ ‫صادر عن عارف بعالمات الوقت‪ ،‬فإننا نُقدِّ م‬ ‫(‪" )2‬فإذا اختلف تقويمان وك ٌّل منهما‬
‫ٌ‬
‫كال من التقويمين صادر عن أهلٍ‪ ،‬وقد نص الفقهاء رحمهم اهلل على مثل هذا فقالوا‪ :‬لو قال َلر ُجلين ْار ُقبَا لي‬‫دخول الوقت‪ ،‬مع أن ًّ‬
‫يأكل ويشرب حتى يتفقا بأن يقول الثاين‪ :‬طلع‬ ‫الفجر‪ ،‬وقال الثاين‪ :‬لم يطلع؛ فيأخذ بقول الثاين‪ ،‬فله أن َ‬
‫ُ‬ ‫الفجر‪ ،‬فقال أحدهما‪ :‬طلع‬
‫الفجر‪ ،‬أما إذا كان أحد التقويمين صادر ًا عن أعلم أو أوثق فإنه يقدم"‪ .‬ابن عثيمين‪ ،‬الشرح الممتع على زاد المستقنع (‪.)52/2‬‬

‫‪50‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪51‬‬

‫اخلامتة‬
‫وفيها أهم نتائج البحث والتوصيات‬

‫السحور‪ ،‬والتبكير بصالة الفجر‪.‬‬


‫‪-1‬ثبت يف السنة النبوية الصحيحة‪ :‬استحباب تأخير ُّ‬
‫‪-2‬ورد يف الرتخيص للصائم بإكمال السحور مع أذان الفجر الثاين أربعة أحاديث مرفوعة‪،‬‬

‫وكلها ضعيفة ال يصح منها شيء‪.‬‬

‫اإلنَا ُء َع َلى َي ِد ِه‪:‬‬


‫‪-3‬أشهر هذه األحاديث حديث أبي هريرة مرفو ًعا‪( :‬إِ َذا َس ِم َع َأ َحدُ ك ُُم النِّدَ ا َء َو إ ِ‬

‫اج َت ُه ِمنإ ُه)‪ ،‬وهو ٌّ‬


‫معل بتفرد حماد بن سلمة واضطرابه فيه‪ ،‬وقد أعل‬ ‫ِ‬
‫َف َال َي َض إع ُه َحتَّى َي إقض َي َح َ‬
‫َ‬
‫الحديث أبو حاتم الرازي‪ ،‬وحكم بنكارته النسائي‪.‬‬

‫‪ -4‬حديث أبي هريرة يف الرتخيص للصائم بإكمال سحوره مع أذان الفجر الثاين لم يأخذ به‬

‫عامة العلماء‪ ،‬ورأوه شا ًّذا مخال ًفا للنصوص الشرعية الصحيحة الصريحة‪.‬‬

‫ويف قول النبي صلى اهلل عليه وسلم‪َ ( :‬ف ُك ُلوا َو إاش َر ُبوا َحتَّى ت إَس َم ُعوا ت إَأ ِذ َ‬
‫ين ا إب ِن ُأ ِّم َم إكتُو ٍم) دالل ٌة‬

‫على أن اإلنسان يمتنع عن األكل والشرب عند سماع األذان‪ ،‬حيث جعل غاية االنتهاء من السحور‬

‫البدء بأذان ابن أم مكتوم‪.‬‬

‫‪-5‬ورد يف الترخيص بالسحور بعد طلوع الفجر الصادق إلى اإلسفار ستة أحاديث مرفوعة‪،‬‬

‫وكلها معلولة‪ ،‬وأغلبها محتملة يف داللتها‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪52‬‬

‫‪-6‬أشهر أحاديث السحور بعد الفجر وأصرحها هو حديث حذيفة بن اليمان لما ُسئل عن‬

‫أن الشمس لم تطلع)‪ ،‬وقد أعله‬


‫وقت سحوره مع النبي صلى اهلل عليه وسلم فقال‪( :‬هو النهار إال َّ‬

‫األئمة بالوقف‪ ،‬وأن المحفوظ من رواية الثقات هو سحور ِز ِّر بن ُحبيش مع حذيفة‪.‬‬
‫ٍ‬
‫خمسة من الصحابة‪ ،‬وهم‪( :‬أبو بكر‪ ،‬وعلي‪ ،‬وحذيفة‪،‬‬ ‫‪-7‬روي السحور بعد طلوع الفجر عن‬

‫وسعد‪ ،‬وابن مسعود)‪ ،‬وأغلب الروايات عنهم ليست صريحة‪ ،‬وال يصح منها إال ما جاء عن حذيفة‬

‫رضي اهلل عنه‪.‬‬

‫‪-8‬القول بجواز تأخير السحور إلى ما بعد طلوع الفجر إلى اإلسفار ورد عن حذيفة رضي اهلل‬

‫مهجور‪ ،‬لم يأخذ به عامة العلماء من السلف‬


‫ٌ‬ ‫عنه‪ ،‬وقال به طائفة من التابعين‪ ،‬وهو ٌ‬
‫قول شا ٌّذ‬

‫والخلف‪ ،‬ومخالف للسنة النبوية الصحيحة يف تحريم الطعام والشراب بطلوع الفجر الصادق‪.‬‬

‫معرتضا باألفق‪،‬‬
‫ً‬ ‫‪-9‬الفجر الصادق الذي يبدأ به وقت الصيام هو َّأول البياض الذي يظهر‬

‫ضعيف لم يأخذ به عامة أهل العلم‪.‬‬


‫ٌ‬ ‫والقول بأن المراد به انتشار النور بين البيوت والطرقات ٌ‬
‫قول‬

‫‪ -10‬مناط المنع من السحور‪ :‬طلوع الفجر الصادق‪ ،‬واألذان إنما هو إعالم من المؤذن للناس‬
‫بطلوع الفجر‪ ،‬وهذا اإلعالم قد يكون مواف ًقا للواقع‪ ،‬أو مخال ًفا له‪ ،‬إما لخطأ من المؤذن أو ٍ‬
‫وهم‬

‫أو غير ذلك‪.‬‬

‫‪-11‬استعمال الحساب الفلكي يف أوقات الصالة ال حرج فيه إذا كان مواف ًقا للمشاهدة ال‬

‫يتقدم عليها وال يتأخر عنها‪ ،‬وهذه التقاويم فيما يخص وقت الفجر‪ ،‬منها ما هو دقيق‪ ،‬ومنها ما هو‬
‫محل ٍ‬
‫نظر وتأملٍ‪.‬‬ ‫ُّ‬

‫‪-12‬إذا كان التقويم دقي ًقا يف أذان الفجر‪ :‬فيجب التقيد وااللتزام به‪ ،‬وإذا لم يكن دقي ًقا‪ :‬فمن‬

‫كان يف بيئة تتيح له معرفة طلوع الفجر ولديه العلم بعالماته‪ ،‬فيلتزم بذلك‪ ،‬وإال قلد من يثق بدينه‬

‫‪52‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪53‬‬

‫وعلمه وأمانته‪ ،‬وأولى ذلك بالتقليد‪ :‬التقاويم التي اعتمدها علماء ثقات أثبات وجرى عليها عمل‬

‫المسلمين‪.‬‬

‫ومما يوصي به الباحث‪ :‬أهمية جمع األحاديث واآلثار الواردة يف بيان حقيقة "الفجر الصادق"‬

‫ودراستها دراسة نقدية‪.‬‬

‫واهلل أعلم‬

‫‪53‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪54‬‬

‫فهرس املصادر واملراجع‬

‫‪ .1‬ابن األثير‪ ،‬المبارك بن محمد‪1426 ،‬هـ‪ ،‬الشايف يف شرح مسند الشافعي‪ ،‬ت‪ :‬أحمد بن سليمان‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫الراياض‪ ،‬الرشد‪.‬‬
‫‪ .2‬أحمد ابن حنبل‪1416 ،‬هـ‪ ،‬المسند‪ ،‬ت‪ :‬شعيب األرناؤوط‪ ،‬ط‪ ،1‬بيروت‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪.‬‬
‫‪ .3‬أبو أحمد الحاكم‪1994،‬م‪ ،‬األسامي والكنى‪ ،‬ت‪ :‬يوسف الدخيل‪ ،‬ط‪ ،1‬المدينة‪ ،‬دار الغرباء‪.‬‬
‫‪ .4‬أحمد بن حنبل‪1408 ،‬هـ‪ ،‬العلل ومعرفة الرجال (رواية المروذي)‪ ،‬ت‪ :‬وصى اهلل عباس‪ ،‬ط‪ ،1‬بومباي‬
‫الهند‪ ،‬الدار السلفية‪.‬‬
‫‪ .5‬أحمد بن حنبل‪1422 ،‬هـ‪ ،‬العلل ومعرفة الرجال (رواية عبد اهلل)‪ ،‬ت‪ :‬وصي اهلل عباس‪ ،‬ط‪ ،2‬الرياض‪،‬‬
‫دار الخاين‪.‬‬
‫‪ .6‬األرنؤوط‪ ،‬شعيب‪1417 ،‬هـ‪ ،‬تحرير تقريب التهذيب‪ ،‬ط‪ ،1‬بيروت‪ ،‬الرسالة‪.‬‬
‫‪ .7‬األزهري‪ ،‬محمد بن أحمد‪2001 ،‬م‪ ،‬هتذيب اللغة‪ ،‬ت‪ :‬محمد عوض مرعب‪ ،‬دار إحياء الرتاث‬
‫العربي‪.‬‬
‫‪ .8‬األلباين‪ ،‬محمد ناصر الدين‪1412 ،‬هـ‪ ،‬سلسلة األحاديث الضعيفة‪ ،‬ط‪ ،1‬الرياض‪ ،‬مكتبة المعارف‪.‬‬
‫‪ .9‬األلباين‪ ،‬محمد ناصر الدين‪1415 ،‬ه‪ ،‬سلسلة األحاديث الصحيحة‪ ،‬ط‪ ،1‬الرياض‪ ،‬مكتبة المعارف‪.‬‬
‫األلباين‪ ،‬محمد ناصر الدين‪ ،‬تمام المنة يف التعليق على فقه السنة‪ ،‬دار الراية‪ ،‬ط‪.5‬‬ ‫‪.10‬‬
‫الباجي‪ ،‬سليمان بن خلف‪1406 ،‬هـ‪ ،‬التعديل والتجريح‪ ،‬ت‪ :‬أبو لبابة حسين‪ ،‬ط‪ ،1‬دار‬ ‫‪.11‬‬
‫اللواء‪.‬‬
‫ابن باز‪1423 ،‬هـ‪ ،‬مجموع فتاوى ومقاالت متنوعة‪ ،‬جمع‪ :‬محمد سعد الشويعر‪ ،‬ط‪،3‬‬ ‫‪.12‬‬
‫الرياض‪ ،‬البحوث العلمية واإلفتاء‪.‬‬
‫البخاري‪ ،‬محمد بن إسماعيل‪1422 ،‬هـ‪ ،‬الجامع المسند الصحيح‪ ،‬ت‪ :‬محمد زهير الناصر‪ ،‬ط‪،2‬‬ ‫‪.13‬‬
‫الرياض‪ ،‬دار طويق‪.‬‬
‫البخاري‪ ،‬محمد بن إسماعيل‪ ،‬التاريخ الكبير‪ ،‬حيدرآباد الدكن‪ ،‬دائرة المعارف العثمانية‪.‬‬ ‫‪.14‬‬
‫البزار‪1416 ،‬هـ‪ ،‬المسند‪ ،‬ت‪ :‬محفوظ الرحمن زين اهلل‪ ،‬ط‪ ،1‬المدينة‪ ،‬دار العلوم والحكم‪.‬‬ ‫‪.15‬‬
‫البستي‪ ،‬ابن حبان‪1403 ،‬هـ‪ ،‬الثقات‪ ،‬ط‪ ،1‬حيدرآباد الدكن‪ ،‬دائرة المعارف العثمانية‪.‬‬ ‫‪.16‬‬
‫البستي‪ ،‬ابن حبان‪1414 ،‬هـ‪ ،‬صحيح ابن حبان‪ ،‬ت‪ :‬شعيب األرناؤوط‪ ،‬ط‪ ،2‬بيروت‪ ،‬مؤسسة‬ ‫‪.17‬‬
‫الرسالةـ‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪55‬‬

‫البستي‪ ،‬ابن حبان‪1420 ،‬ه‪ ،‬المجروحين‪ ،‬ت‪ :‬حمدي السلفي‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الصميعي‪.‬‬ ‫‪.18‬‬
‫البقاعي‪ ،‬إبراهيم بن عمر‪ ،‬نظم الدرر يف تناسب اآليات والسور‪ ،‬دار الكتاب اإلسالمي‪.‬‬ ‫‪.19‬‬
‫البيهقي‪ ،‬أحمد بن الحسين‪1405 ،‬هـ‪ ،‬معرفة السنن واآلثار‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد المعطي القلعجي‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫‪.20‬‬
‫دار الوعي‪.‬‬
‫البيهقي‪ ،‬أحمد بن الحسين‪1432 ،‬هـ‪ ،‬السنن الكبير‪ ،‬ت‪ :‬عبد اهلل الرتكي‪ ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ ،‬مكتب‬ ‫‪.21‬‬
‫هجر‪.‬‬
‫البيهقي‪ ،‬أحمد بن الحسين‪1436 ،‬هـ‪ ،‬الخالفيات‪ ،‬تحقيق‪ :‬فريق البحث العلمي بشركة‬ ‫‪.22‬‬
‫الروضة‪ ،‬ط‪ ،1‬الروضة‪.‬‬
‫ابن الرتكماين‪ ،‬علي بن عثمان‪ ،‬الجوهر النقي‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬ ‫‪.23‬‬
‫التِّرمذي‪1998 ،‬م‪ ،‬السنن‪ ،‬تحقيق‪ :‬بشار عواد معروف‪ ،‬ط‪ ،1‬بيروت‪ ،‬دار الغرب‪.‬‬ ‫‪.24‬‬
‫الرتمذي‪ ،‬العلل الصغير‪ ،‬ت‪ :‬أحمد شاكر‪ ،‬دار إحياء الرتاث‪.‬‬ ‫‪.25‬‬
‫تقي الدين الهاللي‪1435 ،‬هـ‪ ،‬بيان الفجر الصادق وامتيازه عن الفجر الكاذب‪ ،‬ت‪ :‬عمر‬ ‫‪.26‬‬
‫الحدوشي‪ ،‬ط‪.1‬‬
‫ابن تيمية‪1417 ،‬هـ‪ ،‬شرح العمدة (كتاب الصيام)‪ ،‬ت‪ :‬زائد النشيري‪ ،‬ط‪ ،1‬دار األنصاري‪.‬‬ ‫‪.27‬‬
‫أبو جعفر الطحاوي‪1414 ،‬هـ‪ ،‬شرح معاين اآلثار‪ ،‬ت‪ :‬محمد زهري النجار‪ ،‬ط‪ ،1‬عالم‬ ‫‪.28‬‬
‫الكتب‪.‬‬
‫الجورقاين‪ ،‬الحسين بن إبراهيم‪1422 ،‬هـ‪ ،‬األباطيل والمناكير‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الرحمن الفريوائي‪،‬‬ ‫‪.29‬‬
‫ط‪ ،4‬الرياض‪ ،‬دار الصميعي‪.‬‬
‫الحازمي‪ ،‬محمد بن موسى‪1359 ،‬ه‪ ،‬االعتبار يف الناسخ والمنسوخ‪ ،‬ط‪ ،2‬حيدر آباد‪ ،‬دائرة‬ ‫‪.30‬‬
‫المعارف العثمانية‪.‬‬
‫الحاكم‪ ،‬محمد بن عبد اهلل‪1417 ،‬هـ‪ ،‬المستدرك على الصحيحين‪ ،‬ت‪ :‬مقبل الوادعي‪ ،‬دار‬ ‫‪.31‬‬
‫الحرمين‪.‬‬
‫ابن خزيمة‪ ،‬محمد بن إسحاق‪1424 ،‬هـ‪ ،‬صحيح ابن خزيمة‪ ،‬ت‪ :‬محمد ماألعظمي‪ ،‬ط‪،3‬‬ ‫‪.32‬‬
‫بيروت‪ ،‬المكتب اإلسالمي‪.‬‬
‫الخطابي‪ ،‬حمد بن محمد‪1352 ،‬هـ‪ ،‬معالم السنن‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد راغب الطباخ‪ ،‬ط‪ ،1‬حلب‪،‬‬ ‫‪.33‬‬
‫المطبعة العلمية‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪56‬‬

‫الخطيب البغدادي‪ ،‬أحمد بن علي‪1422 ،‬هـ‪ ،‬تاريخ بغداد‪ ،‬ت‪ :‬بشار عواد معروف‪ ،‬ط‪ ،1‬بيروت‪،‬‬ ‫‪.34‬‬
‫دار الغرب اإلسالمي‪.‬‬
‫الخطيب البغدادي‪ ،‬أحمد بن علي‪1985 ،‬م‪ ،‬تلخيص المتشابه يف الرسم‪ ،‬ت‪ُ :‬سكينة الشهابي‪،‬‬ ‫‪.35‬‬
‫ط‪ ،1‬دمشق‪ ،‬طالس للدراسات‪.‬‬
‫ابن خلفون األندلسي‪ ،‬محمد بن إسماعيل‪1425 ،‬هـ‪ ،‬أسماء شيوخ مالك‪ ،‬ت‪ :‬رضا بو شامة‪،‬‬ ‫‪.36‬‬
‫ط‪ ،1‬الرياض‪ ،‬أضواء السلف‪.‬‬
‫الخليلي‪ ،‬خليل بن عبد اهلل‪1409 ،‬هـ‪ ،‬اإلرشاد يف معرفة علماء الحديث‪ ،‬ت‪ :‬محمد إدريس‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫‪.37‬‬
‫الرياض‪ ،‬مكتبة الرشد‪.‬‬
‫الدارقطني‪ ،‬علي بن عمر‪ ،‬العلل‪1432 ،‬هـ‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد صالح الدباسي‪ ،‬ط‪ ،3‬مؤسسة الريان‪.‬‬ ‫‪.38‬‬
‫أبو داود السجستاين‪ ،‬سليمان بن األشعث‪1433 ،‬هـ‪ ،‬السنن‪ ،‬تحقيق‪ :‬ش َعيب األرنؤوط‪ ،‬ط‪ ،1‬دار‬ ‫‪.39‬‬
‫الرسالة‪.‬‬
‫أبو داود السحستاين‪ ،‬سليمان بن األشعث‪1418 ،‬هـ‪ ،‬المراسيل‪ ،‬ت‪ :‬شعيب األرناؤوط‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫‪.40‬‬
‫مؤسسة الرسالة‪.‬‬
‫الدراقطني‪ ،‬علي بن عمر‪1406 ،‬هـ‪ ،‬المؤتلف والمختلف‪ ،‬ت‪ :‬موفق عبد القادر‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الغرب‪.‬‬ ‫‪.41‬‬
‫الدراقطني‪ ،‬علي بن عمر‪1424 ،‬هـ‪ ،‬السنن‪ ،‬ت‪ :‬شعيب االرنؤوط‪ ،‬ط‪ ،1‬بيروت‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪.‬‬ ‫‪.42‬‬
‫الذهبي‪ ،‬محمد بن أحمد‪1413 ،‬هـ‪ ،‬الكاشف‪ ،‬ت‪ :‬محمد عوامة‪ ،‬ط‪ ،1‬مؤسسة علوم القرآن‪.‬‬ ‫‪.43‬‬
‫الذهبي‪ ،‬محمد بن أحمد‪1982 ،‬م‪ ،‬سير أعالم النبالء‪ ،‬ت‪ :‬مجموعة محققين‪ ،‬ط‪ ،1‬مؤسسة‬ ‫‪.44‬‬
‫الرسالة‪.‬‬
‫الذهبي‪ ،‬محمد بن أحمد‪ ،‬المغني يف الضعفاء‪ ،‬تحقيق‪ :‬نور الدين عرت‪ ،‬الدوحة‪ ،‬إدارة أحياء الرتاث‬ ‫‪.45‬‬
‫اإلسالمي‪.‬‬
‫الذهبي‪ ،‬محمد بن أحمد‪ ،‬ميزان االعتدال يف نقد الرجال‪ ،‬ت‪ :‬علي البجاوي‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار المعرفة‪.‬‬ ‫‪.46‬‬
‫رابطة العالم اإلسالمي‪ ،‬قرارات المجمع الفقهي اإلسالمي بمكة‪.‬‬ ‫‪.47‬‬
‫الرازي‪ ،‬ابن أبي حاتم‪1371 ،‬هـ‪ ،‬الجرح والتعديل‪ ،‬ط‪ ،1‬دائرة المعارف العثمانية‪.‬‬ ‫‪.48‬‬
‫الرازي‪ ،‬ابن أبي حاتم‪1418 ،‬هـ‪ ،‬المراسيل‪ ،‬ت‪ :‬شكر اهلل قوجاين‪ ،‬ط‪ ،2‬بيروت‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪.‬‬ ‫‪.49‬‬
‫الرازي‪ ،‬ابن أبي حاتم‪1427 ،‬هـ‪ ،‬العلل‪ ،‬ت‪ :‬فريف من الباحثين‪ ،‬ط‪ ،1‬الرياض‪.‬‬ ‫‪.50‬‬
‫ابن رجب الحنبلي‪ ،‬عبد الرحمن بن أحمد‪1996 ،‬م‪ ،‬فتح الباري‪ ،‬ت‪ :‬دار الحرمين‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫‪.51‬‬
‫مكتبة الغرباء‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪57‬‬

‫ابن رجب‪ ،‬عبد الرحمن بن أحمد‪1421 ،‬هـ‪ ،‬شرح علل الرتمذي‪ ،‬ت‪ :‬همام سعيد‪ ،‬ط‪،2‬‬ ‫‪.52‬‬
‫الرياض‪ ،‬الرشد‪.‬‬
‫ابن رسالن‪ ،‬أحمد بن حسين‪1437 ،‬هـ‪ ،‬شرح سنن أبي داود‪ ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ ،‬دار الفالح‪.‬‬ ‫‪.53‬‬
‫أبو زرعة العراقي‪ ،‬تحفة التحصيل يف ذكر رواة المراسيل‪ ،‬ت‪ :‬عبد اهلل نوارة‪ ،‬الرياض‪ ،‬مكتبة الرشد‪.‬‬ ‫‪.54‬‬
‫زهير بن أبي خيثمة‪1427 ،‬هـ‪ ،‬التاريخ ‪-‬السفر الثالث‪ ،-‬ت‪ :‬صالح هالل‪ ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ ،‬الفاروق‬ ‫‪.55‬‬
‫الحديثة‪.‬‬
‫السندي‪ ،‬محمد بن عبد الهادي‪1406 ،‬هـ‪ ،‬حاشية على سنن النسائي‪ ،‬ط‪ ،2‬حلب‪ ،‬مكتب‬ ‫‪.56‬‬
‫المطبوعات اإلسالمية‪.‬‬
‫السهارنفوري‪ ،‬خليل أحمد‪1427 ،‬هـ‪ ،‬بذل المجهود يف حل سنن أبي داود‪ ،‬ط‪ ،1‬بيروت‪ ،‬دار‬ ‫‪.57‬‬
‫الكتب العلمية‪.‬‬
‫الشافعي‪ ،‬محمد بن إدريس‪1422 ،‬هـ‪ ،‬األم‪ ،‬تحقيق‪ :‬رفعت فوزي‪ ،‬ط‪ ،1‬المنصورة‪ ،‬دار‬ ‫‪.58‬‬
‫الوفاء‪.‬‬
‫ابن ابي شيبة‪1427 ،‬هـ‪ ،‬المصنف‪ ،‬ت‪ :‬محمد عوامة‪ ،‬ط‪ ،1‬دار القبلة ومؤسسة علوم القرآن‪.‬‬ ‫‪.59‬‬
‫أبو طاهر المخلص‪1429 ،‬ه‪ ،‬المخلصيات‪ ،‬ت‪ :‬نبيل جرار‪ ،‬ط‪ ،1‬وزارة األوقاف‪ ،‬قطر‪.‬‬ ‫‪.60‬‬
‫الطرباين‪ ،‬المعجم الكبير‪ ،‬تحقيق‪ :‬حمدي السلفي‪ ،‬ط‪ ،2‬مكتبة ابن تيمية‪.‬‬ ‫‪.61‬‬
‫الطربي‪ ،‬محمد بن جرير‪1422 ،‬هـ‪ ،‬جامع البيان‪ ،‬ت‪ :‬مركز هجر‪ ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪.‬‬ ‫‪.62‬‬
‫الطيالسي‪ ،‬سليمان بن داود‪1419 ،‬هـ‪ ،‬المسند‪ ،‬ت‪ :‬محمد الرتكي‪ ،‬ط‪ ،1‬مصر‪ ،‬ط‪ ،1‬دار هجر‪.‬‬ ‫‪.63‬‬
‫الطيبي‪ ،‬الحسين بن عبد اهلل‪1417 ،‬هـ‪ ،‬الكاشف عن حقائق السنن‪ ،‬ت‪ :‬عبد الحميد هنداوي‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫‪.64‬‬
‫مكتبة نزار مصطفى الباز‪.‬‬
‫الظاهري‪ ،‬ابن حزم‪ ،‬المحلى‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد شاكر‪ ،‬دار الرتاث‪.‬‬ ‫‪.65‬‬
‫ابن عبد الرب‪ ،‬يوسف بن عبد اهلل‪1387 ،‬هـ‪ ،‬التمهيد‪ ،‬تحقيق‪ :‬مصطفى العلوي‪ ،‬المغرب‪ ،‬وزارة‬ ‫‪.66‬‬
‫األوقاف‪.‬‬
‫ابن عبد الرب‪ ،‬يوسف بن عبد اهلل‪1414 ،‬ه‪ ،‬االستذكار‪ ،‬ت‪ :‬عبد المعطي قلعجي‪ ،‬ط‪ ،1‬دار قتيبة‪،‬‬ ‫‪.67‬‬
‫دمشق‪.‬‬
‫عبد الرزاق بن همام الصنعاين‪1403 ،‬هـ‪ ،‬المصنف‪ ،‬ت‪ :‬حبيب الرحمن األعظمي‪ ،‬ط‪ ،2‬بيروت‪،‬‬ ‫‪.68‬‬
‫المكتب اإلسالمي‪.‬‬
‫عبد بن حميد‪1423 ،‬هـ‪ ،‬المنتخب من المسند‪ ،‬ت‪ :‬مصطفى العدوي‪ ،‬ط‪ ،2‬دار بلنسية‪.‬‬ ‫‪.69‬‬

‫‪57‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪58‬‬

‫العجلي‪ ،‬أحمد بن عبد اهلل‪1405 ،‬هـ‪ ،‬معرفة الثقات‪ ،‬ت‪ :‬عبد العليم البستوي‪ ،‬ط‪ ،1‬المدينة‬ ‫‪.70‬‬
‫المنورة‪ ،‬مكتبة الدار‪.‬‬
‫ابن عدي‪ ،‬عبد اهلل بن عدي‪1434 ،‬هـ‪ ،‬الكامل يف ضعفاء الرجال‪ ،‬ت‪ :‬مازن السرساوي‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫‪.71‬‬
‫مكتبة الرشد‪.‬‬
‫ابن عساكر‪ ،‬علي بن الحسن‪1419 ،‬هـ‪ ،‬تاريخ مدينة دمشق‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الفكر‪.‬‬ ‫‪.72‬‬
‫العسقالين‪ ،‬ابن حجر‪1379 ،‬هـ‪ ،‬فتح الباري‪ ،‬ت‪ :‬محب الدين الخطيب‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار المعرفة‪.‬‬ ‫‪.73‬‬
‫العسقالين‪ ،‬ابن حجر‪1408 ،‬هـ‪ ،‬تقريب التهذيب‪ ،‬ت‪ :‬محمد عوامة‪ ،‬ط‪ ،2‬بيروت‪ ،‬دار البشائر‪.‬‬ ‫‪.74‬‬
‫العسقالين‪ ،‬ابن حجر‪1326 ،‬هـ‪ ،‬هتذيب التهذيب‪ ،‬حيدرآباد الدكن‪ ،‬دائرة المعارف العثمانية‪.‬‬ ‫‪.75‬‬
‫ابن عطية‪1413 ،‬هـ‪ ،‬المحرر الوجيز يف تفسير الكتاب العزيز‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الكتب العلمية‪.‬‬ ‫‪.76‬‬
‫العقيلي‪2008 ،‬م‪ ،‬الضعفاء‪ ،‬ت‪ :‬مازن السرساوي‪ ،‬ط‪ ،2‬القاهرة‪ ،‬دار ابن عباس‪.‬‬ ‫‪.77‬‬
‫العالئي‪ ،‬خليل بن كيكلدي‪1407 ،‬هـ‪ ،‬جامع التحصيل يف أحكام المراسيل‪ ،‬ت‪ :‬حمدي السلفي‪،‬‬ ‫‪.78‬‬
‫ط‪ ،2‬بيروت‪ ،‬عالم الكتب‪.‬‬
‫العالئي‪ ،‬خليل بن كيكلدي‪1429 ،‬ه‪ ،‬األربعين المغنية بعيون فنوهنا عن المعين‪ ،‬ت‪ :‬مشهور‬ ‫‪.79‬‬
‫حسن‪ ،‬ط‪ ،1‬عمان‪ ،‬الدار األثرية‪.‬‬
‫علي القاري‪1414 ،‬هـ‪ ،‬مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح‪ ،‬ت‪ :‬صدقي العطار‪ ،‬ط‪ ،1‬دار‬ ‫‪.80‬‬
‫الفكر‪.‬‬
‫علي بن المديني‪1404 ،‬هـ‪ ،‬سؤاالت عثمان بن أبي شيبة‪ ،‬ت‪ :‬موفق عبد القادر‪ ،‬ط‪ ،1‬الرياض‪،‬‬ ‫‪.81‬‬
‫المعارف‪.‬‬
‫الغامدي‪ ،‬ناصر بن محمد‪1429 ،‬ه‪ ،‬أحكام العبادات المرتتبة على طلوع الفجر الثاين‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫‪.82‬‬
‫الدمام‪ ،‬دار ابن الجوزي‪.‬‬
‫الفسوي‪ ،‬يعقوب بن سفيان‪1410 ،‬هـ‪ ،‬المعرفة والتاريخ‪ ،‬ت‪ :‬أكرم ضياء العمري‪ ،‬ط‪ ،1‬المدينة‪،‬‬ ‫‪.83‬‬
‫مكتبة الدار‪.‬‬
‫ابن قدامة المقدسي‪1410 ،‬هـ‪ ،‬المغني‪ ،‬ت‪ :‬عبد اهلل الرتكي وعبد الفتاح الحلو‪ ،‬ط‪ 1410 ،2‬دار‬ ‫‪.84‬‬
‫هجر‪.‬‬
‫القرايف‪ ،‬أحمد بن إدريس‪1424 ،‬هـ‪ ،‬الفروق‪ ،‬ت‪ :‬عمر حسن القيام‪ ،‬ط‪ ،1‬بيروت‪ ،‬مؤسسة‬ ‫‪.85‬‬
‫الرسالة‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪59‬‬

‫القرطبي‪1384 ،‬هـ‪ ،‬الجامع ألحكام القرآن‪ ،‬ت‪ :‬حمد الربدوين‪ ،‬ط‪ ،2‬القاهرة‪ ،‬دار الكتب‬ ‫‪.86‬‬
‫المصريةـ‪.‬‬
‫ابن قرقول‪ ،‬مطالع األنوار على صحاح اآلثار‪ ،‬دار الفالح‪ ،‬ط‪1433 ،1‬هـ‪.‬‬ ‫‪.87‬‬
‫ابن قيم الجوزية‪1428 ،‬هـ‪ ،‬هتذيب سنن أبي داود‪ ،‬تحقيق‪ :‬إسماعيل مرحبا‪ ،‬ط‪ ،1‬الرياض‪،‬‬ ‫‪.88‬‬
‫المعارف‪.‬‬
‫ابن كثير‪ ،‬إسماعيل بن عمر‪1420 ،‬هـ‪ ،‬تفسير القرآن العظيم‪ ،‬ت‪ :‬سامي السالمة‪ ،‬ط‪ ،2‬الرياض‪،‬‬ ‫‪.89‬‬
‫دار طيبة‪.‬‬
‫ابن كثير‪ ،‬إسماعيل بن عمر‪2011 ،‬هـ‪ ،‬التكميل يف الجرح والتعديل‪ ،‬ت‪ :‬شادي آل نعمان‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫‪.90‬‬
‫مركز النعمان‪.‬‬
‫ابن ماجه‪1430 ،‬هـ‪ ،‬السنن‪ ،‬تحقيق‪ :‬شعيب األرنؤوط‪ ،‬ط‪ ،1‬بيروت‪ ،‬دار الرسالة العالمية‪.‬‬ ‫‪.91‬‬
‫ماهر الفحل‪1427 ،‬هـ‪ ،‬كشف اإليهام لما تضمنه تحرير التقريب من األوهام‪ ،‬ط‪ ،1‬الرياض‪،‬‬ ‫‪.92‬‬
‫الميمان‪.‬‬
‫المحاملي‪ ،‬الحسين بن إسماعيل‪1427 ،‬هـ‪ ،‬األمالي (رواية ابن مهدي الفارسي)‪ ،‬ت‪ :‬حمدي‬ ‫‪.93‬‬
‫السلفي‪ ،‬ط‪ ،1‬دمشق‪ ،‬النوادر‪.‬‬
‫محمد بن سعد‪1421 ،‬هـ‪ ،‬الطبقات الكبير‪ ،‬ت‪ :‬علي محمد عمر‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتبة الخانجي‪.‬‬ ‫‪.94‬‬
‫محمد بن صالح العثيمين‪1424 ،‬هـ‪ ،‬الشرح الممتع على زاد المستقنع‪ ،‬ط‪ ،1‬دار ابن الجوزي‪.‬‬ ‫‪.95‬‬
‫محمد رشيد رضا‪1342 ،‬ه‪ ،‬تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار)‪ ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ ،‬مطبعة المنار‪.‬‬ ‫‪.96‬‬
‫محمود خطاب السبكي‪1351 ،‬هـ‪ ،‬المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود‪ ،‬ط‪ ،1‬مطبعة‬ ‫‪.97‬‬
‫االستقامة‪.‬‬
‫المزي‪ ،‬عبد الرحمن بن يوسف‪1403 ،‬هـ‪ ،‬تحفة األشراف‪ ،‬ت‪ :‬عبد الصمد شرف الدين‪،‬‬ ‫‪.98‬‬
‫ط‪ ،2‬بيروت‪ ،‬المكتب اإلسالمي‪.‬‬
‫مسلم بن الحجاج‪1374 ،‬هـ‪ ،‬المسند الصحيح‪ ،‬ت‪ :‬فؤاد عبد الباقي‪ ،‬ط‪ ،1‬دار إحياء الكتب‬ ‫‪.99‬‬
‫العربية‪.‬‬
‫‪ .100‬مسلم بن الحجاج‪1410 ،‬هـ‪ ،‬التمييز‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد مصطفى األعظمي‪ ،‬ط‪ ،3‬مكتبة الكوثرـ‪.‬‬
‫‪ .101‬ابن معين‪1399 ،‬هـ‪ ،‬التاريخ (رواية الدوري)‪ ،‬ت‪ :‬أحمد نور سيف‪ ،‬ط‪ ،1‬مكة‪ ،‬مركز البحث‬
‫العلمي‪.‬‬
‫‪ .102‬مغلطاي‪1422 ،‬ه‪ ،‬إكمال هتذيب الكمال‪ ،‬ت‪ :‬عادل بن محمد‪ ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ ،‬الفاروق الحديثة‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫السحور مع أذان الفجر الثاني أو بعده‬
‫‪60‬‬

‫‪ .103‬المناوي‪ ،‬محمد بن إبراهيم‪1425 ،‬هـ‪ ،‬كشف المناهج والتناقيح‪ ،‬ت‪ :‬محمد إسحاق‪ ،‬ط‪ ،1‬الدار‬
‫العربية للموسوعات‪.‬‬
‫‪ .104‬النسائي‪ ،‬أحمد بن شعيب‪1414 ،‬هـ‪ ،‬السنن‪ ،‬ت‪ :‬عبد الفتاح أبو غدة‪ ،‬ط‪ ،4‬مكتب المطبوعات‬
‫اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ .105‬النسائي‪ ،‬أحمد بن شعيب‪1421 ،‬هـ‪ ،‬السنن الكربى‪ ،‬ت‪ :‬حسن عبد المنعم شلبي‪ ،‬ط‪ ،1‬مؤسسة‬
‫الرسالة‪.‬‬
‫‪ .106‬أبو نعيم األصبهاين‪1419 ،‬هـ‪ ،‬معرفة الصحابة‪ ،‬ت‪ :‬عادل العزازي‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الوطن‪.‬‬
‫‪ .107‬النووي‪ ،‬يحيى بن شرف‪1392 ،‬هـ‪ ،‬شرح صحيح مسلم‪ ،‬ط‪ ،2‬بيروت‪ ،‬دار إحياء الرتاث العربي‪.‬‬
‫‪ .108‬النووي‪ ،‬يحيى بن شرف‪ ،‬المجموع شرح المهذب‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد نجيب المطيعي‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار‬
‫الفكر‪.‬‬
‫‪ .109‬ابن هبيرة‪ ،‬يحيى بن هبيرة‪1423 ،‬ه‪ ،‬اختالف األئمة العلماء‪ ،‬ت‪ :‬السيد يوسف أحمد‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫بيروت‪ ،‬دار الكتب العلمية‪.‬‬
‫‪ .110‬الهيثم بن كليب الشاشي‪1410 ،‬هـ‪ ،‬المسند‪ ،‬ت‪ :‬محفوظ الرحمن‪ ،‬ط‪ ،1‬المدينة‪ ،‬مكتبة العلوم‬
‫والحكم‪.‬‬
‫‪ .111‬الهيثمي‪ ،‬علي بن أبي بكر‪ ،‬مجمع الزوائد ومنبع الفوائد‪ ،‬تحقيق‪ :‬حسام الدين القدسي‪ ،‬دار الكتاب‬
‫العربي‪.‬‬
‫‪ .112‬الوادعي‪ ،‬مقبل‪1421 ،‬هـ‪ ،‬أحاديث معلة ظاهرها الصحة‪ ،‬ط‪ ،2‬صنعاء‪ ،‬دار اآلثار‪.‬‬
‫‪ .113‬يحيى بن معين‪ ،‬سؤاالت ابن الجنيد‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد محمد نور سيف‪ ،‬ط‪ ،1‬المدينة‪.‬‬
‫‪ .114‬أبو يعلى الموصلي‪ ،‬أحمد بن علي‪1404 ،‬هـ‪ ،‬المسند‪ ،‬ت‪ :‬حسين أسد‪ ،‬ط‪ ،1‬دمشق‪ ،‬دار المأمون‪.‬‬

‫‪60‬‬

You might also like