You are on page 1of 2

‫تدبير اإلداري الجيد بين المحاسبة والمسؤولية‪ .

‬رضوان أزهري‬

‫المبحث األول‪: ‬تدبير اإلداري الجيد بين المحاسبة والمسؤولية‪.‬‬


‫المطلب" األول‪:‬المسؤولية والمحاسبة" من خالل دستور ‪2011‬‬
‫المطلب" الثاني‪:‬انعكاسات التدبير اإلداري المسؤول على جودة الخدمات‬
‫المبحث الثاني‪:‬التدبير اإلداري الديمقراطي" في ظل دسترة مجموعة من الهيئات"‬
‫المطلب" األو ل‪:‬التدبير اإلداري في ظل دسترة هيئات" ومؤسسات الحكامة الجيدة‬
‫المطلب" الثاني‪:‬ضمانات الحكامة الجيدة ومدى انعكساتها على التدبير االداري الحديث‬

‫لقد أعطى دستور ‪، 2011‬إشارات واضحة على أنه يشكل قطيعة مع كل الممارسات التي كانت تسقم جسم اإلدارة المغربية مند فجر‬
‫االستقالل‪،‬حيث تمت صياغته انطالقا من مجموعة من المرتكزات الهدف منها القطع مع سياسة الماضي‪ ،‬من خالل هدا المبحث سوف‬
‫نحاول أن نتطرق إلى تجليات المسؤولية والمحاسبة في الدستور الجديد من خالل(المطلب األول)‪،‬والنتائج المترتب عن تحمل المسؤولية‬
‫المتجسدة أساسا في جودة الخدمات في(المطلب الثاني)‬

‫المطلب األول‪:‬المسؤولية والمحاسبة من خالل دستور ‪2011‬‬


‫إن الهدف األساسي لوجود المرافق العمومية هو خدمة الصالح العام‪ ،‬إال أن هده الخدمة قد تعترضها بعض الصعوبات الرتباطها‬
‫بالمسؤولية‪،‬لدلك فقد نص دستور ‪،2011‬في مجموعة من فصوله على مسألة تحمل المسؤولية من طرف القيمين على اإلدارة‬
‫العمومية‪،‬حيث نص الدستور المغربي لسنة ‪ ،2011‬في فصله ‪،154‬على أن المرافق العمومية يجب أن تخضع لمعايير الجودة والشفافية‬
‫والمحاسبة وربطها بالمسؤولية‪،‬على اعتبار أن هده المرافق تقوم بأداء وظيفتها بواسطة أشخاص طبيعيين وهو ما يحتم تحلي هده‬
‫األشخاص بالمسؤولية أمام اإلدارة من جهة‪،‬وأمام المر تفيقين من جهة أخرى‪،‬وقد عمل الدستور الجديد بإحاطة هده المسؤولية بمجموعة‬
‫من القواعد والضوابط‪،‬حيث نص في فصله ‪ 155‬أن أعوان المرافق العمومية يمارسون وظائفهم وفق مبادئ احترام القانون والحياد‬
‫والشفافية والنزاهة والمصلحة العامة‪.‬‬

‫كما أعطى دستور ‪، 2011‬إشارات واضحة عندما نص على دسترة مجموعة من المؤسسات ألول مرة‪،‬والرقي بأخرى إلى مصاف‬
‫المؤسسات الدستورية وإعطائها مجموعة من الصالحيات حتى تتمكن من القيام بمهامها على أكمل وجه‪،‬وهكذا فقد تم تغيير األمرين‬
‫بالصرف على مستوى الجهات واألقاليم‪،‬فبعدما كان الوالي على مستوى الجهة أميرا بالصرف أصبح بموجب الدستور الجديد رئيس‬
‫مجلس الجهة هو األمير بالصرف‪،‬بينما أصبح رئيس المجلس اإلقليمي أمير بالصرف عوض العامل‪،‬وتم أيضا تعديل نمط اختيار ممثلي‬
‫الجهة‪،‬فبعدما كان اختيار ممثلي الجهات يتم بطريقة غير مباشرة أصبح اليوم بموجب دستور ‪،2011‬أمر اختيارهم بيد المواطنين في‬
‫انتخابات شفافة ونزيهة‪،‬هدا التغيير باإلضافة الى امكانية تقديم المرتفيقين لمالحظاتهم وتظلماتهم لإلدارة من شأنه أن يساهم في تحديث‬
‫وتخليق االدارة في عالقاتها بالمواطنين‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪:‬انعكاسات" التدبير" اإلداري المسؤول على جودة الخدمات‬

‫إن تحمل المسؤولية كما نص عليها دستور ‪، 2011‬وربطها بالمحاسبة كشكل من أشكال التأديب اإلداري والدي تمارسه الهيئات المختصة‬
‫سواء كانت هده الهيئات قضائية أو كانت اإلدارة الوصية في عالقتها بموظفيها‪،‬هده العالقة التي يحكمها القانون‪،‬والدستور باعتباره أسمى‬
‫قانون وضعي ينظم الحياة العامة ألي بلد وبالتالي الحياة اإلدارية‪،‬فقد نص في فصله ‪ 154‬على مسألة الجودة وربطها بباقي المبادئ التي‬
‫تقوم عليها الحكامة الجيدة‪،‬حيث من شأن ممارسة التدبير اإلداري بشكل مسؤول‪،‬والتحلي بالشفافية في انجاز الوظائف والمهام‬
‫المسندة‪،‬باإلضافة الى السهر على تطبيق القانون بشكل عادل‪ ،‬وعدم التمييز بين المواطنين في تقديم الخدمات على أساس معين‪،‬سواء كان‬
‫اجتماعيا او اقتصاديا أو قبليا أو سياسيا‪،‬من شأنه أن تكون له انعكاسات كبيرة على جودة الخدمات التي تقدمها اإلدارة للمواطنين‪،‬مما‬
‫سوف يجعل أمر تأسيس تجربة مغربية فريدة من نوعها في المجال اإلداري‪،‬أمرا حتميا‪،‬باإلضافة إلى أن الدستور الجديد قد تطرق لمسألة‬
‫التكنولوجية باعتبارها مجاال مهما يجب أخده بعين االعتبار لما له من انعكاسات مهمة على عمل اإلدارة الداخلي وفي عالقتها بتقديم‬
‫الخدمات للموطنين‪،‬فالتكنولوجية اليوم أصبحت جزء ال يتجزأ من عمل اإلدارة اليومي‪،‬لما تتيحه من إمكانيات هائلة في مجال نقل وحفظ‬
‫المعلومات ومعالجتها وتسريع وثيرة العمل‪،‬الشئ‪ q‬الذي يساعد على تبسيط المساطر اإلدارية أكثر وهو ما لم يكن ممكنا في ظل اعتماد‬
‫الوسائل التقليدية‪،‬وبالتالي تبقى مسألة جودة الخدمات المقدمة مثار تساؤل‪،‬في حين أن دستور ‪،2011‬جعل من مسألة الجودة رهانا‬
‫حقيقيا‪،‬وأحاط تحقيق الجودة بمجموعة من اآلليات‪،‬فاحين جعل من المنتخبين أميرين بالصرف فان دلك لم يأتي بمحض الصدفة‪،‬بل إن‬
‫دلك يشكل تجسيدا حقيقيا لسياسة تشاركية جعلها المشرع المغربي من خالل دستور ‪،2011‬إحدى أولوياته‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪:‬التدبير اإلداري الديمقراطي" في ظل دسترة مجموعة من الهيئات"‬

‫لقد عرف التدبير اإلداري في ظل دسترة هيئات ومؤسسات الحكامة الجيدة مجموعة من المستجدات همت في جوهرها العمل على تحديث‬
‫آليات اإلدارة العمومية وجعلها تستجيب للرهانات التي تفرضها الظرفية الحالية‪،‬لكي تكون إدارة منفتحة في ظل زمن العولمة‪،‬حيث نصت‬
‫الدستور الجديد على مجموعة من الضمانات لتحقيق هدا الهدف‪.‬‬

‫المطلب األول‪:‬التدبير اإلداري في ظل دسترة هيئات" ومؤسسات" الحكامة الجيدة‬


‫لقد عمل الدستور الجديد على إحداث مجموعة من المؤسسات والهيئات الدستورية وتحديث هيئات ومؤسسات كانت موجودة في ظل‬
‫دستور ‪، 1996‬حيث عمل على إلغاء ديوان المظالم وتعويضه بمؤسسة الوسيط التي تعمل على إنصاف المواطنين في عالقتهم باإلدارة‬
‫العمومية‪،‬كما تم االرتقاء بالمجلس االستشاري لحقوق االنسان الى المجلس الوطني لحقوق اإلنسان‪،‬حيث كان دوره دورا استشاريا فيما‬
‫اصب حدوه في ظل الدستور الجديد دورا تقريريا‪،‬كما تمت دسترة هيئة المناصفة والتي تقطع مع كل أشكال التمييز ما بين الرجل‬
‫المرأة‪،‬باإلضافة إلى دسترة مجلس المنافسة كهيئة مستقلة مكلفة في إطار تنظيم منافسة حرة ومشروعة لضمان الشفافية واإلنصاف في‬
‫العالقات االقتصادية‪،‬وقد تمت أيضا دسترة الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‪،‬التي تصهر على حماية مصالح‬
‫المواطنين وتمنع كل األشكال التي من شأنها أن تخل بمبادئ الشفافية والمصداقية التي يجب أن تسود دخل اإلدارة العمومية‪.‬‬
‫وبمقتضيات الفصل ‪ 165‬تتولى الهئية العليا لالتصال السمعي البصري السهر على احترام التعبير ألتعددي لتيارات الرأي والفكر والحق‬
‫في المعلومة في ميدان السمعي البصري ودلك في إطار احترام القيم الحضرية األساسية وقوانين المملكة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪:‬ضمانات" الحكامة الجيدة ومدى انعكساتها على التدبير" االداري الحديث‬

‫لقد جاء دستور ‪، 2011‬بمجموعة من الضمانات من أجل تدعيم القيم الديمقراطية وترسيخ دولة القانون‪،‬التي شكلت الهدف األساسي لكل‬
‫السياسات التي نهجها المغرب مند حصوله على االستقالل‪،‬بإقامة دولة الحكامة الديمقراطية في إطار سيادة القانون واحترام حقوق‬
‫اإلنسان كتعبير عن الفلسفة العامة التي أسسها من أجل إحداث التغيير المنشود والحد من االختالالت وسوء التدبير الذي تعاني منه‬
‫مؤسسات الدولة‪،‬وعليه فقد نص دستور ‪ 2011‬على مبدأ الديمقراطية كخيار استراتيجي لتحقيق التنمية في مجال التدبير اإلداري‬
‫باعتبارها إحدى ركائز الدولة الحديثة‪ ،‬ومبادئ الحكامة الرشيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة باعتبارهما الطريق الوحيد إلحداث التغيير‬
‫العميق ألساليب التدبير اإلداري القائم على إرســـاء ثقافــة التدبـير المرتكـز على النتائــج و الفعاليــة‪ ،‬واعتماد مقاربة تشاركية متجددة‬
‫تشكل قطيعة مع المنهجيات التقليدية طبعت تاريخ االدارة المغربية‪،‬كما تم التنصيص على مجموعة من المبادئ منها مبدأ خضوع‬
‫اإلدارات العمومية ومرافق الدولة والجماعات الترابية في تدبيرها اإلداري للمبادئ الديمقراطية والعقالنية واألخالقية‪،‬واعتبار االستحقاق‬
‫في ولوج الوظائف العمومية شرطا أساسيا لتوفير كفاءات مؤهلة تستجيب لمتطلبات الدولة الحديثة‪،‬كما أن مسألة التوزيع المنصف‬
‫للمرافق العمومية على عموم التراب الوطني تكتسي أهمية كبرى في خلق دينامية إدارية حقيقية تساعد اإلدارة والمرتفقين معا على‬
‫اختصار المسافات واالقتصاد في اإلمكانيات على الرغم من أن دلك يحتاج استثمارات مهمة‪.‬‬

You might also like