‫مفهوم التعلم لدى البنائيين‪:‬‬

‫التعلم من المنظور البنائية يعنى التكيفات الحادثة في المنظومات المعرفية الوظيفية للفرد‪ ،‬والتي تحدث لمعادلة التناقضات‬
‫الناتجة من تفاعله مع معطيات العلم التجريبي‪.‬‬
‫التصور البنائي الكتساب المعرفة عند "بياجيه"‪:‬‬
‫إن إيضاح المسألة التصور البنائي الكتساب المعرفة عند "بياجيه"‪ ،‬يتطلب أن نعرض ألبرز المفاهيم في فكر "بياجيه" ذات العالقة‬
‫بهذه المسألة باعتبار أن عرض هذه المفاهيم يكون خلفية واجبة لفهم هذه المسألة‪.‬‬
‫المفاهيم األساسية في التعلم المعرفي عند "بياجيه"‪:‬‬
‫أوال‪ :‬أنواع المعرفة‪.‬‬
‫يميز "بياجيه" بين نوعين من المعرفة‪:‬‬
‫المعرفة الشكلية هي المعرفة التي تشير إلى معرفة المثيرات بمعناها الحرفي‪.‬‬
‫المعرفة اإلجرائية هي المعرفة التي تنطوي على التوصل إلى االستدالل في أي مستوى من المستويات‬
‫المعرفة اإلجرائية تهتم بالكيفية التي تتغير بها األشياء من حالتها السابقة إلى حالتها الحالية أما المعرفة الشكلية فتهتم‬
‫باألشياء في حالتها الساكنة في لحظة زمنية معينة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬التكيف‬
‫ثالثا‪ :‬التراكيب المعرفية‬
‫إن مفهوم التعلم عند "بياجيه" مرتبط أساسا بمفهوم التراكيب المعرفية فالتعلم المعرفي ما هو إال نمو أو تعديل في التراكيب المعرفية‪.‬‬
‫يرى "بياجيه" أن اإلنسان يتكيف(بيولوجيا) مع البيئة فإنه يستخدم عددا من التراكيب الجسدية مثل‪ :‬األسنان والمعدة‪ ،‬إذ يستخدم‬
‫األسنان مثال لتفتيت الطعام ويستخدم المعدة لهضم بعض المواد الغذائية‪ .‬وبالمثل يرى "بياجيه" أن التكيف العقلي أو المعرفي يقتضي‬
‫وجود مجموعة من التراكيب المعرفية أو العقلية داخل عقل اإلنسان‪.‬‬
‫وتختلف التراكيب المعرفية عن التراكيب الجسدية في أن التراكيب المعرفية ال يمكن مالحظتها مباشرة‪ ،‬وإنما نستدل عليها من سلوك‬
‫اإلنسان‪ .‬وهي تشبه بذلك الجاذبية األرضية‪ ،‬فنحن ال نستطيع أن نالحظ الجاذبية األرضية ولكننا يمكن أن نستدل عليها من سقوط‬
‫بعض األجسام المادية تجاه األرض‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬التنظيم الذاتي‬
‫يرى "بياجيه" أن هذا العامل يعد أهم العوامل المسؤولة عن التعلم المعرفي للطفل‪ ،‬إذ يلعب دورا رئيسا في النمو أو التعديل المستمر‬
‫في التراكيب المعرفية‪.‬‬
‫يفترض بياجيه أن هناك عمليتين أساسيتين تحدثان أثناء عملية التنظيم الذاتي هما‪:‬‬
‫التمثل‪ :‬وهو عملية عقلية مسؤولة عن استقبال المعلومات من البيئة ووضعها في تراكيب معرفية موجودة عند الفرد‪.‬‬
‫المواءمة‪ :‬وهي عملية عقلية مسؤولة عن التعديل هذه البنيات المعرفية لتناسب ما يستجد من مثيرات‪.‬‬
‫التمثل والمواءمة عمليتان مكملتان لبعضهما البعض‪ ،‬ونتيجتهما تصحيح البنيات المعرفية وإثراؤها وجعلها أكثر قدرة على التعميم‬
‫وتكوين المفاهيم‪.‬‬
 ‫لدي الطفل تراكيب جاهزة‬
‫الستيعاب الموضوع‬
‫المعرفي فيتم عندئذ عملية‬
‫المماثلة بنجاح‬

‫قابل الطفل موضوعا‬ ‫يحاول استيعاب الموضوع‬

‫المعرفي باستدعاء التراكيب‬ ‫الطفل في حالة‬
‫معرفيا غريبا في البيئة‬ ‫تكييف‬ ‫اتزان معرفي‬
‫المعرفية الموجودة لديه‬
‫ذات العالقة بهذا الموضوع‬

‫الطفل يتوائم خالل‬

‫ليس لدى الطفل‬ ‫الطفل في حالة‬ ‫تعديل التراكيب‬
‫تراكيب معرفية‬ ‫عدم اتزان معرفي‬ ‫المعرفية بتطوير‬
‫تراكيب جديدة‬

‫مجمل تصور بياجيه البنائي عن التعلم المعرفي‪:‬‬

‫التعلم المعرفي عند بياجيه هو بالدرجة األولى عملية تنظيم ذاتية للتراكيب المعرفية للفرد تستهدف مساعدته على التكيف‪ ،‬بمعنى أن‬
‫الكائن الحي يسعى للتعلم من أجل التكيف مع الضغوط المعرفية الممارسة على خبرة الفرد خالل تفاعله مع المعطيات العالم‬
‫التجريبي‪ .‬وتؤدي هذه الضغوط غالبا إلى حالة من االضطرابات أو التناقضات في التراكيب المعرفية لدى الفرد‪ ،‬ومن ثم يحاول الفرد‬
‫من خالل عملية التنظيم الذاتي (أو الموازنة) بما تشمله من عمليتي التمثل والمواءمة استعادة حالة التوازن المعرفي ومن ثم تحقيق‬
‫التكيف مع هذه الضغوط المعرفية على سبيل المثال‪ :‬الطفلة تتنبأ بأن الماء الذي في كأس قصيرة عريضة سيصل إلى نفس االرتفاع‬
‫إذا ما صب في كأس أخرى طويلة ضيقة‪ .‬وعندما تالحظ الطفلة أن المستوى الماء في الكأس الثانية أعلى منه في الكأس األول فإنها‬
‫قد تصاب باالنزعاج‪ .‬وهذا ما نسميه باالضطراب أو الصراع بين ما هو متوقع وما نشاهده أمام ناظرينا‪.‬‬
‫ويمثل هذا االضطراب ضغطا معرفيا على هذه الطفلة‪ ،‬ومن ثم تنطلق بعض التنظيمات من أجل العمل على تخفيف حدة‬
‫االضطرابات كأن تعيد الطفلة صب الماء في الكأس العريضة ربما لتتأكد من انها لم تكن مخطئة في نظرتها إلى مستوي الماء‬
‫األصلي‪ ،‬وفي نهاية األمر ومن خالل أنماط أخرى من التنظيمات‪ ،‬فإن الطفلة تبدأ بفهم السبب الذي يجعل مستوى الماء في الكأس‬
‫الطويلة الضيقة أعلى منه في الكأس القصيرة المتسعة‪ ،‬ومن ثم تستعيد توازنها المعرفي أي التكيف مع حالة الضغط المعرفي الذي قد‬
‫تعرضت له‪.‬‬
 ‫دور المعلم في التعليم البنائي‪:‬‬
‫في حين أن كثيرا من المعلمين يرون أن البنائية طريقة مثلى‪ ،‬ونظريًة رائعـة يـتعلم بها الطالب دائما‪ ،‬ومعظمهم يعتقدون‬
‫أن قد حيل بيـنهم وبـين التـدريس وفـق النظريـة البنائية بسبب مجموعة من المناهج التعليمية الجامـدة‪ ،‬والـروتين اإلداري الـذي قـد ال‬
‫يساندهم في ترجمة هذه األفكار إلى واقع حي ملموس‪.‬‬
‫في حين نجد أن بعض المعلمين ال يزالون يقاومون مثل هذه النظريـات‪ ،‬ممارسـين لنظريات سلوكية تقليدية‪ ،‬ويعزو ذلك‬
‫ألسباب منها) جابر‪:)2006:‬‬

‫االلتزام بمدخلهم التدريسي الحالي الذي اعتادوه‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫االهتمام بتعلم الطالب وتحقيق النتائج‬ ‫‪‬‬
‫االهتمام بضبط حجرة الدراسة‬ ‫‪‬‬
‫وربما يرجع السبب في الحقيقة إلى أن المعلمين أنفسهم لم يتعلمـوا في مثـل هـذه المواقف ولم يدربوا كذلك على التدريس بمثل‬
‫ُ‬
‫النظريات‪.‬‬ ‫هذه‬
‫وإن البنائيــة في أصــلها نظريــة في الــتعلم وليســت في نظريــة في التعلــيم أو التــدريس‪ ،‬وبالتالي لم تقدم استراتيجيات معينة‪ ،‬إال‬
‫أنها قدمت) معايير (للتدريس الفعـال (زيتـون‪)2007 ،‬‬
‫وإنا لمعلم البنائي يتطلب منه القيـام بـأدوار مطلوبـة في اسـتراتيجيات التـدريس (تنفيذا واختيارا (ومن هذه األدوار) زيتون‪:)2007:‬‬
‫توفير بيئة صفية تفاعلية‪.‬‬ ‫‪)1‬‬
‫تصميم والمتعلمين لالستقصائية‪ ،‬وممارسات تنطلق من فكر البنائيـة ومعاييرهـا في التدريس الفعال ومنها‪:‬‬ ‫‪)2‬‬
‫‪ ‬التركيز على التعلم أكثر من التعليم‪.‬‬
‫‪ ‬التركيز على نشاط المتعلم العقلي والجسمي كتطبيق فعلي‪.‬‬
‫‪ ‬ممارسة المتعلمين لالستقصاء العلمي لحل المشكالت‪.‬‬
‫‪ ‬بناء مهارات التعلم المريحة‪ ،‬لدى المتعلم‪.‬‬
‫‪ ‬توفير مواقف تعليمية مريحة‪ ،‬يكون الطالب فيهـا قـادرين عـلى الـتعلم مـن خالل األنشطة والتعاون‪.‬‬
‫‪ ‬إثارة اهتمام المتعلمين‪ ،‬وتشجيع المشاركة وتبادل األفكار وتوجيهها‪.‬‬
‫‪ ‬التفاعل مع المتعلمين لتشجيعهم على التفاعالت االجتماعية‪.‬‬
‫‪ ‬تنوع أنشطة التعلم في تشجيع التفكير‪.‬‬
‫‪ ‬توظيف أنشطة التعلم والنمو الذاتي في ميدان أسـاليب البحـث والـتعلم مـن أجل مزيد من التعلم‪.‬‬
‫‪ ‬التركيز على المستويات العليا من التفكير‪ ،‬والفهم القائم على التأمل والتحليـل والنقد بدال ً من التركيز على الحفظ‬
‫واستظهار المعلومات‪.‬‬
‫‪ ‬تقبل فشل الطالب واعتباره جزءا من بيئة التعلم البنائي وممارساته‪.‬‬
‫توفير بيئـة تعلميـه‪ ،‬وممارسـات تعلميـه تعليميـة تنمـي مهـارات عقليـة وفرديـة واجتماعية‪.‬‬ ‫‪)3‬‬
‫توظيف الخبرات السابقة للمتعلمين في المواقف التعليمية التعلمية الجديدة‪.‬‬ ‫‪)4‬‬
‫التعرف على خصائص المتعلمين‪ ،‬وتوفير خـبرات مثـل‪ :‬أنشـطة ومهـمات ومواقـف تعلميه تتفق مع الخصائص وتطورهـا‬ ‫‪)5‬‬
‫بشـكل يجعلهـا أكـثر مالئمـة لبنـاء مواقـف تعلميه جديدة‪.‬‬
‫استخدام استراتيجيات وأساليب وأدوات تقـويم تلعـب دورهـا في التعلـيم البنـائي‪ ،‬ولهذا يجب أال يستخدم التقويم كأداة‬ ‫‪)6‬‬
‫مساءلة‪.‬‬
‫دور المتعلم في التعليم البنائي‪:‬‬
‫أن التعليم البنائي يركـز عـلى الـتعلم باعتبـاره عمليـة ويشـجع ويقبـل اسـتقاللية المــتعلم ومبادراتــه‪ ،‬وينظــر إليــه‬
‫ككــائن حــي لــه إرادة وغــرض وغايــة‪ ،‬ويشــجع البحث واالستقصاء والتحري‪ ،‬ويدعم التعلم التعاوني‪ ،‬ويأخـذ بعـين‬
‫االعتبـار معتقـدات وافتراضات واتجاهات ومعـارف المـتعلم السـابقة‪ ،‬ويتطلـب تزويـد المتعلمـين بـالفرص الكافية لبناء‬
‫المعارف وفهمهـا‪ ،‬فـإن ذلـك كلـه يتطلـب مـن المـتعلم دورا بنائيـا مميـزاً ونشطا في نفس الوقت في عملية التعلم وهنـاك‬
‫ثالثـة أدوار مميـزة للمـتعل ًم)زيتـون‪:)2007،‬‬
‫المتعلم النشط‪ :‬فالمعرفة والفهم يكتسبان بنشاط‪ ،‬والمتعلم يناقش ويحاور‪ ،‬ويضع فرضيات تنبؤية‪ ،‬ويسـتقصي‬ ‫‪.1‬‬
‫ويتحـرى‪ ،‬ويأخـذ مختلـف وجهـات النظـر بـدال ً مـن السماع أو القراءة‪ ،‬أو القيام باألعمال الروتينية التقليدية‬
‫المتعلم االجتماعي‪ :‬فالمتعلم ال يبدأ المعرفة بشـكل فـردي فحسـب‪ ،‬وإنمـا بشـكل اجتماعي عن طريق الحوار‬ ‫‪.2‬‬
‫والمناقشة والتفاوض االجتماعي مع اآلخرين‪.‬إن الفهم يعني اإلبداع واالختراع‪.‬‬
 ‫حيث إن دور المتعلم البنائي يمكن تقسيمه إلى قسمين‪ ،‬عـلى النحـو اآلتي(‪:)alim:2007‬‬

‫الجانب النظري‪ :‬يتميز دور المتعلم داخل الفصل الدراسي بما يأتي‪:‬‬ ‫‪.1‬‬
‫مناقشة مشكلة مرتبطة بالمنهج المعد مسبقا ًداخل الفصل‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫المتعلم فعال بدوره داخل الفصل البنائي عن طريق مناقشة أفكاره ومشكالته دون تدخل المعلم‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫للمتعلم حرية اإلجابة في داخل الفصل البنائي فال تعتبر هناك إجابات صحيحة أو خاطئة‪ ،‬ولكن يتم صياغة أفكاره عن‬ ‫‪‬‬
‫طريق النقاش والتفاوض االجتماعي‪.‬‬
‫المتعلم يستطيع تقويم أفكاره ومفاهيمه عن طريق مقارنتها بأفكار اآلخرين وزمالءه‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫المتعلم يستطيع صياغة معرفته وبناءها عن طريق مقارنتهـا بـالمفهوم العـام لآلخرين‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الجانب التطبيقي‪ :‬يتميز دور المتعلم في المعامل خارج الفصل الدراسي بما يأتي‪:‬‬ ‫‪.2‬‬
‫المتعلم يطبق المعلومات التي اكتسبها في الجانب النظري‪ ،‬ويكـون بـذلك قـد حقق عامل التفكير والعمل‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫المتعلم يقوم بحـل المشـكالت التـي تواجهـه بمفـرده‪ ،‬ومـن ثـم عرضـها عـلى المعلم‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫المتعلم يصل إلى حل نهائي للمشكلة‪ ،‬ويكتشف أن هناك دائما أكـثر مـن حـ ًل ألي مشكلة دون حفظ حل وحيد للمشكلة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫وأن المـتعلم في الصـف البنـائي لـه سـت خصـائص‪ ،‬وهـي) ‪:)Brooks & Brooks,1993‬‬

‫المتعلم يفكر بمفرده ليكون فكرة عن موضوع الدرسّ ‪.‬‬

‫المتعلم يقوم بتبادل أفكاره مع اآلخرين ليكون فكرة جماعية‪ّ.‬‬
‫المتعلم يربط بين أفكاره وخبراته السابقة بموضوع الدرس‪.‬‬
‫المتعلمون يكونون أسئلة ويفكرون بصورة جماعية أثناء الدرس‪.‬‬
‫المتعلم يقوم أفكاره النهائية عن الدرس ويتشارك مع اآلخرين أثناء الدرسّ ‪.‬‬
‫المتعلم يقوم في النهاية ببلورة الفكرة عن المشكلة ويقوم بمراجعتها مع المعلم‪.‬‬