Professional Documents
Culture Documents
المطلق والمقيد (نسخة معدلة)
المطلق والمقيد (نسخة معدلة)
واألصول
المطلق وال ُمقَيَّد
عند األصوليين من خالل
كتاب المناهج األصولية
لفتحي الد َُّري ِني
قال تعالى:
إلى روح أخي الطاهرة ،رحمة هللا عليه
أهدي ثمرة جهدي إلى " أمي الغالية " ،التي أنارت دربي بنصائحها وكانت
بحرا صافيا يجري بفيض الحب والبسمة ،وزينة حياتي بضياء القمر وشموع
الفرح واألمل ،ومنحتني القوة والعزيمة ،وعلمتني أن الدنيا كفاح وسالحها
العلم والمعرفة لمواصلة الدرب ،أمي الحبيبة منبع العطف والحنان والكرم...
إلى " أبي " الغالي ،الذي كان عونا وسندا لي ،وكان لدعائه المبارك األثر في
تسير سفينة البحث حتى ترسوا على هذه الصورة المتواضعة...
إلى كل " أفراد عائلتي " كبيرا وصغيرا ،أدام هللا محبتكم في قلبي ومحبتي
في قلبكم...
إلى كل " أصدقائي " فقد كانوا بمثابة العضد والسند في سبيل استكمال البحث.
إلى من أضاءوا لي ظلمة الجهل ،وأناروا لي دروب الحياة "أساتذتي األعزاء"
أهدي إليكم بحثي المتواضع
داعيا المولى عز وجل أن يطيل في أعماركم
س ِه﴾ لقمان: شك ُْر فَ ِإنَّ َما يَ ْ
شك ُُر ِلنَ ْف ِ ّللا تَ َعالَىَ ﴿ :و َم ْن يَّ ْ
قَا َل َ ه
.11
ّللا َعلَ ْي هه َو َسلَمَ « :م ْن لَ ْم يَ ْ
شك ُِر صلَى َ ه سو هل َ ه
ّللا َ قَا َل َر ه
ّللا» رواه الترمذي في سننه في كتاب شك ُِر َّ َ اس لَ ْم َي ْالنَّ َ
البر والصلة ،باب ما جاء في الشكر لمن أحسن إليك.
أشكر هللا أوال وقبل كل شيء ،فهو صاحب العطاء والمن،
وأهل للشكر والثناء ،ربنا لك الحمد والشكر كما ينبغي لجالل
وجهك وعظيم سلطانك على ما أنعمت علي من نعم ال
تحصى ،فالحمد هلل على إحسانه ،وأشهد أن ال إله إال هللا وحده
ال شريك له تعظيما لشأنه ،وأشهد أن سيدنا ونبينا محمد عبده
ورسوله ،الداعي إلى رضوانه صلى هللا عليه وعلى آله
وأصحابه وأتباعه وسلم تسليما.
وبعد ،إن االعتراف ألهل العلم بالفضل والمكانة مبدأ من
مبادئ اإلسالم وأخالقه ،إذ أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
يرنَا ».
يرنَا َويُوق ْر َك ِب َ ْس ِمنَّا َم ْن لَ ْم يَ ْر َح ْم َ
ص ِغ َ قال « :لَي َ
لذا ،من الضروري أن أسجل شكري ألستاذي الكريم ،الدكتور
الفاضل " :عبد هللا لخضر " ،الذي شرفني بإشرافه والذي
كرمني بتفضله وقبوله اإلشراف على هذا البحث المتواضع،
والذي غمرني بفضله وكرم أخالقه ،ومهما قلت فلن أستطيع
أن أوفيه حقه ،لذا أضرع إلى هللا تعالى سائال إياه أن يمد في
عمره ،وله مني دوام الدعاء بالبركة في عمله وذريته.
كما أتوجه بجزيل الشكر ووافر التقدير إلى جميع أساتذتي
األفاضل في شعبة الدراسات اإلسالمية ،وأقدم خالص الشكر
وجزيل الثناء إلى إدارة الجامعة – كلية اآلداب والعلوم
اإلنسانية بمكناس – .
وأخيرا أتقدم بالشكر وعظيم االمتنان إلى كل من مد لي يد
العون والمساعدة ،وأسدى لي معروفا حتى تمكنت من إنجاز
هذا البحث فجزاهم هللا جميعا خير الجزاء.
-8-
ضةٌ ش َْر َعيهةٌ ،قَا َل ه
ّللا تَ َعالَى ورة ٌ َح َيا َتيهةٌ َوفَ َري َ
ضر َ َوأ َ ْن َيكونَ ج ْز ًءا َم ْن سلو َكنَا َوأ َ ْخ ََلقَنَا ْال َع َم َليهة ،فَه َو َ
ع َم ًل﴾(َ ،)6وفَي س َن َ ت ِإنَّا ََل نُ ِضي ُع أَجْ َر َم ْن أَحْ َ ِين آ َمنُوا َوع َِملُوا ال َّ
صا ِل َحا ِ فَي َكتَا َب َه ْال َع َزيزِ ﴿ :إ َّن الَّذ َ
ب إِ َذا ع َِم َل أ َ َح ُد ُك ْم اركَ َوتَعَالَى يُ ِح ُّ س ََلم« :إِ َّن َّ َ
َّللا تَبَ َ علَ ْي َه ال ه
ص ََلة َوال ه ش َريفَ َة قَا َل النهبَ ُّ
ي َ سنه َة النهبَ َويه َة ال ه
ال ُّ
ظ ُر ص َو ِر ُك ْم َوأ َ ْم َوا ِل ُك ْم َولَ ِك ْن َي ْن ُ َّللا َلَ يَ ْن ُ
ظ ُر إِلَى ُ س ََلم« :إِ َّن َّ َ
ص ََلة َوال ه ع َم ًل أ َ ْن يُتْ ِق َنهُ»(َ ،)7وقَا َل َ
علَ ْي َه ال ه َ
اس
س َ ير َذ َل َك ْالعَ َم َل َوتَ ْج َوي َد َه َم َع ْ َ
اْل ْح َ إِلَى قُلُوبِ ُك ْم َوأ َ ْع َما ِل ُك ْم»(َ ،)8ك َما يَ ْلزَ م بَ ْذل ْالج ْه َد َو ْال َف ْك َر فَي تَ ْ
ط َو َ
بَم َراقَبَ َة ه
ّللا.
ع َلنَا َمنَ الدَين َما تَ ْح َيا َب َه ال ه
ض َما َئر َوت َ ْست َ َنير َب َه طا َياه ،الهذَي شَر َ ام َه َو َج َزي َل َع َع َلى َإ ْن َع َ َفا ْل َح ْم ُد ِ َّ ِ
لِل َ
يرةٍ ل َق ْوله غ َف َ يرةٍ َوفَ َ
ضا َئ َل َ سا َلفَينَ َو ه
الَل َح َقينَ ،ب َن َع ٍم َك َث َ خرينَ َوأ َ ْن َع َم َ
علَى ال ه صا َئرَ ،خلَقَ ْاْل َ هولَينَ َو ْاْل َ ْال َب َ
الر ْج َعى، صو َها﴾( ،)9ي ْج َزئ كل نَ ْف ٍس َب َما ت َ ْس َعى َو َإلَ ْي َه ْال َمآب َو ُّ َّللا ََل تُحْ ُ ع هز َو َجلَ ﴿:و ِإن تَعُدُّوا ِن ْع َمةَ َّ ِ َ
ت أ َ ْع َما َلنَاَ ،ويَ ْرفَ َع َب َها ش َها َدة أ َ ْرجوا أ َ ْن ي َك َف َر َب َها َ
ع ْن َ
س َيئَا َ يك لَهَ ،شر َ َوأ َ ْش َهد أَن َل َإلَهَ َإ هل ه
ّللا َو ْح َده َل َ
ت َو َكبَيرهَا. ير ْالموبَ َقا َ َد َر َجا َتنَاَ ،وين ََجينَا َب َها َم ْن َ
ص َغ َ
سيَ َدنَا م َح همد ،النه َبي ْالم ْختَار ،خَاتم النهبَ َيينَ ْ ،ال َمبْعوث َر ْح َمة س ََلم ْاْلَت َمان ْاْل َ ْك َم ََل َن َ
علَى َ ص ََلة َوال ه
ث َّم ،ال ه
عتَهْ ،القَائَلَ « :م ْن يُ ِر ِد َّ
َّللاُ َل ْلعَالَ َمينَ َ ،خيْر ْاله َداةَ ْالم ْر َشدَينَ َ ،
سعد َب َه ْديَ َه َم ْن ا ْست َ هن بَسنهتَ َه َوا ْشت َ َر َ
ع َش ْر َ
علَى آ َل َهعلَ ْي َه َو َ صلهى ه
ّللا َ ع ْنه َكانَ َم ْن ْالخَا َس َرينَ ،و َ ض َ ِين»(َ ،)10و َم ْن أَع َْر َ بِ ِه َخي ًْرا يُفَ ِق ْههُ فِي الد ِ
علَى نَ ْه َج َه ْم إَلَى َي ْو َم
ار َ
س َ الطيَ َبينَ ه
الطا َه َرين َوالتهابَعَينَ لَه ْم بَإَ ْح َ
سانَ ،و َم ْن ا ْهت َ َدى بَ َه ْديَ َه ْم و َ ص َحابَ َه ه
َوأ َ ْ
الدَين.
ارة، ساس ْال َح َ
ض َ ي أَ َ
سان ،فَ َه َ ع ُّز َما َيت َ َحلهى َب َه ْ َ
اْل ْن َ اْلس ََْل َميهة ،أ َ َ وم َع ْلم ال ه
ش َري َع َة ْ َ ف ْالعل َ
َو َب ْعد :فَإ َ هن أ َ ْش َر َ
ص َدر أ َ ْم َجا َد ْاْل َممَ ،وع ْن َوان سموهَا َوت َ َف ُّوقَ َها فَي ْال َح َياة ،والهتَي تزَ ُّكوا َب َها النُّفوس َوت َ ْستَنَير َب َها َو َم ْ
ب
ت َج َوا َن َ ع ْ ام َعةٌ َو َما َن َعةَ ،را َ َاملَةٌ َو َج َ
املَةٌ َوش َ ش َري َعة ْ َ
اْلس ََْل َميهة َك َ صائَر َو ْال َج َو َارح َو ْالعقول ،فَال ه ْال َب َ
سا َكنَينَ َ ،و َد َلي ٌل َل ْل َحائَ َرينَ ،
َارا َلل ه ت َب َها َإلَى ْال َحيَاةَ ْاْل ْخ َر َويهة ،فَ َكان ْ
َت َب َح ْم َد ه َ
ّللا َمن ً ْال َحيَاةَ ْالبَش ََريهةَ ،و َ
س َم ْ
ّللا ْال َع َظيم
امئَينَ ،تَدْعوا َإلَى ك َل َخي ٍْر َوترغب َفيهَ ،وتحذر َم ْن ك َل ش ٍَر َوت َ ْن َهى َع ْنهَ ،وقَ ْد تَ َولهى ه َو َريًّا َل ه
لظ َ
-9-
صينَةَ ،ل تَتَزَ عْزَ ع َو َل تَ َميلَ ،و َل َع ْن
س َر َ ذو ْال َج ََل َل َو ْ َ
اْل ْك َر َام َح ْفظ َها ،فَ َج َع َل لَ َها قَ َوا َع َد َم َتينَةَ ،وأس َ
طالوا ْال َعنَا َد ،فَ َكانوا َك َما قَا َل ْاْلَعْشى بْن قَي ٍْس
الس َهامَ ،وأ َ َ ْال َح َ
ق تَض ُّل أ َ ْو ت َ َحيدَ ،و َل َ
طالَ َما ْاْل َ ْع َداء َرموا َب َ
ّللا:-
َيوا َن َه َ -ر َح َمه ه صنا َجة ْال َع َرب فَي د َ
ع ُل(.(11 وأوهى قَ ْرنَه الو ِ فَلَ ْم َي ِض ْرها ْ ص ْخ َرةً َي ْوما ً ليو ِه َنها ناطحٍ َ َ -ك ِ
ص َدر الهذَي َل ي ْنضبَ ،و ْالمعين الهذَي َل ي ْعطبَ ،و َك َما ُه َو َم ْعلُوم أَ هن َم ْن أَه ََم فروعَ َه َذا ْال َع ْل َم ي ْال َم ْ فَ َه َ
ش َرف ،يعلم أ َ َدب ْال َح َو َار، ع َظيم ْالفَائَ َدةََ ،
عا َلي ال ه صو ِل ا ْل ِف ْق ِه ْالفَ ْخ َمَ ،ج َليل ْالقَد َْرَ ،
ْال َج َلي َل ،أ َ َل َوهوِ :ع ْل ُم أ ُ ُ
علَى
ون َ ظ َم ْالفن َ ع ْنهَْ ،لَنهه َم ْن أ َ ْع َ
ش ْر َعيه َةَ ،ي ْستَ َحيل َال ْس َت ْغنَاء َ وم ال ه ث َفي ْالعل َ َي ْحتَاجه ك ُّل َد َار ٍس َو َب َ
اح ٍ
ض َباط الت ه َام َبال ه
ش ْرعَ، يَل َل ْل َع ْق َل َو َحثًّا لَه َم َع َال ْن َ
ت َوأ َ ْن َف َع َها َوأَش ََدهَا ت َ ْش َغ ً
عا َ ط ََلقَ ،و َم ْن أَجل َ
الصنَا َ اْل َْْ
ير َع ْن َد ْاْل َم َم ْاْل ْخ َرى،
ْس َله ن ََظ ٌ وم اللُّ َغ َةَ ،لي َ
اط َبعل َ الص َل َة َو َال ْر َت َب َ
ير فَي َما هدتَ َهَ ،ق َوي َمتَين َ صي ٌل غ ََز ٌ أَ َ
صا َلح
ص َحي َحةٍَ ،و َ علَى أس ٍس َ
س َلي َم ٍة َو َق َوا َع َد َ ش ْر َعيه َة َ فَه َو آلَةٌ َو َم ْفتَا ٌح َلفَ ْه َم ْال َو ْح َيي َْن َوا ْستَ ْن َب َ
اط ْاْل َ ْح َك َام ال ه
ع َلى قَ َوا َع َدهََ ،ولَ ْو َله َل َج َه َل َصل َإلَى النهتَائَج و ْفقَ ال ه
سي َْر َ ع َر َبيٍَ ،ب َوا َس َ
طتَ َه ن َ َص َ
ب كل ن ٍَلفَ ْه َم َوا ْس َتي َعا َ
ّللا:-اْلس ََْلم أ َ ْح َمد بْن تَي َْميَة َ -ر َح َمه ه شيْخ ْ َ
سنهة ،قَا َل َ وص ْال َكتَا َ
ب َوال ُّ النهاس َما ي َراد َم ْنه ْم فَي نص َ
ْل َم َام ْالفَ َقيه َش َهاب
سنَّ ِة"(َ ،)12و َل ْ َ سو ِل ِه بِا ْل ِكتَا ِ
ب َوال ُّ صو ِل ا ْل ِف ْق ِه :أ َ ْن ي ْفقَهَ ُم َراد َّ ِ
َّللا َو َر ُ صو ُد ِم ْن أ ُ ُ
"ا ْل َم ْق ُ
ع ِل ُموا أَنَّهُ لَ ْو ََل أ ُ ُ
صو َل ا ْل ِف ْق ِه لَ ْم يَثْبُتْ ِم ْن ارة؛ ْاْلو َلىَ " :و َما َ الدَين ْال َم ْشهور بَ ْالقَ َرافَي َ -ر َح َمه ه
ّللاَ -عبَ َ
صو َل ا ْل ِف ْق ِه أ َ ْلغَ ْينَا ْاْل َ ِدلَّة ،فَ َل يَ ْبقَى لَنَا ُح ْكم َو ََل
الش َِّريعَ ِة قَ ِليل َو ََل َكثِير" ،الثهانَيَة" :فَ ِإ َذا أ َ ْلغَ ْينَا أ ُ ُ
ّللا -فَي بَ َدايَ َة ْ
خط َب َة َكتَابَ َه بَ َق ْو َل َهَ (" :وبَ ْعد) اْل ْس َن َوي َ -ر َح َمه ه سبَب"(َ ،)13وأ َ َجا َد َوأ َ ْح َ
سن َج َمال الدَين ْ َ َ
اسس ُ صو َل ا ْل ِف ْق ِه ِع ْلم ع َِظيم َقدْرهَُ ،و َبين ش ََرفه َو َف ْخرهِ ،إ ْذ ُه َو َقا ِع َدةُ ْاْلَحْ ك َِام الش َّْر ِعيَّ ِةَ ،وأ َ َ َف ِإ َّن أ ُ ُ
ين َم َعاشًا َوم َعادًا َ ،)14("...و َلب َْن خ َْلدون ذو ْال َم َكانَ َة ْال َع ْل َميه َة ح ا ْل ُم َكلَّ ِف َ اوى ا ْلفَ ْر ِعيَّ ِة الَّتِي ِب َها َ
ص َل ُ ا ْلفَت َ َ
صو َل ا ْل ِف ْق ِهص َل التها َسع َمن ْال َكتَاب ْال َم ْشهور ا ْل ُمقَد َمة" :ا ْعلَ ْم أ َ َّن أ ُ ُ ّللا -قَ ْولَةٌ َفي َب َدا َي َة ْالفَ ْ ْال َعا َل َي َة َ -ر َح َمه ه
ْث ت ُ ْؤ َخذُ وم الش َّْر ِعيَّ ِة َوأ َ َج ِل َها قَد ًْرا َوأ َ ْكثَر َها فَائِ َدةً َو ُه َو النَّ َ
ظ ُر فِي ْاْل َ ِدلَّ ِة الش َّْر ِعيَّ ِة ِم ْن َحي ُ ِم ْن أ َ ْع َ
ظ ِم ا ْلعُلُ ِ
ص ْن َعانَي قَ ْو َلةٌ م َميزَ ة ٌ َوفَ َري َدة ٌ َوبَدَي َعةٌ َو َهيِ " :إ َّن أ ُ ُ
صو َل ا ْل ِف ْق ِه ِم ْن َها ْاْلَحْ كَام َوالتَّآ ِليف"(َ ،)15و َل ْ َ
ْل َمام ال ه
- 10 -
ب النَّ َجا ِةِْ ،لَنَّهُ ِز َما ُم ا ْل ِف ْق ِهَ ،وأ َ ْ
ص ُل ا ْلفُ ُروعَِ ،وم َحكُّ ج ِإلَ ْي ِه َ
طا ِل ُ وم َوأ َ َجل َها َوأ َ ْو َ
س ِع َها ،يَحْ تَا ُ ِم ْن أ َ ْنفَ ِع ا ْلعُلُ ِ
سنَّ ِةَ ،و ُمعَرف ْاْلَحْ ك َِام الش َّْر ِعيَّ ِةَ ،و ُم َحرر ْاْل َ ِدلَّةَ ،وتِ ْبيَان ْاْلَمات،ب َوال ُّ ِينَ ،و َخادِم ا ْل ِكتَا ِ
ا ْل ُمجْ ت َ ِهد َ
ضاتَِ ،وقَائِد النَّ َوا ِ
سخِ ِإ َلى امع شَمل ا ْل ُمتَعَ ِار َ وكَ ،و َج ِ ط ِليعَة ُوضُوحِ ْاْل َ ْق َوا ِل َو ْاْل َ ْفعَا ِل َوالت ُّ ُر ِ َو َ
وم ،)16("... ،فَ َه َذا ْالفَ ُّن يعَ ُّد أَهَم س ِ ب ا ْل ُحدُو ِد َو ُّ
الر ُ اح ُص ِ سو َخاتَِ ،و ُم ْب ِقي َح َقائِق ا ْل َم ْر ِويَّاتَِ ، ا ْل َم ْن ُ
ّللا تَعَالَى الهذَي َهيهأ َ ش ْر َعيه َةَ ،ويَ ْر َجع ْالفَضْل فَي َذ َل َك إَلَى ه َ ط ٍة فَي فَ ْه َم ْاْلَدَله َة َوا ْستَ ْنبَ َ
اط ْاْل َ ْح َك َام ال ه ن ْق َ
سائَ َل َه َذا ْال َع ْل َم صي َل َم َ الطاقَةَ فَي ك َل أَ ْوقَاتَ َه ْم َلتَأ ْ َ
صينَ الهذَينَ بَ َذلوا ْالج ْه َد َوا ْست َ ْف َرغوا ه ْالعلَ َماء ْالم ْخ َل َ
سائَ َل َه َل ي ْم َكن أ َ ْن ي ْف َه َم َك ََل َم ه َ
ّللا ار َع ْل ًما م ْست َ َق ًَّلَ ،والهذَي ْ
يج َهل َب َم َ ص َ صبَ َح َو َ َوت َ ْف َريعَ فرو َع َه َحتهى أَ ْ
ب َه َذا ْال َع ْل َم ْال َف ْخ َم،الرسوخ ْال َع ْل َمي َ َو َل بلوغ َهاَ ،و َم ْن أَه ََم أَب َْوا َ َو َرسو َل َه ﷺ َ ،و َل ي ْم َكن أ َ ْن يَش هم َرا َئ َحةَ ُّ
شأ ْ َن :ا ْل ُم ْطلَق
ث َه َذا ْالبَاب ْاْلصو َلي ْال َع َظ َيم ال ه اظ ،الهذَي يش ََكل ر ْكنًا َم ْن أ َ ْر َكانَ َهَ ،و َم ْن َمبَ َ
اح َ اب ْاْل َ ْلفَ ِ
بَ ُ
وص ْالق ْر َ
آن ش ْر َعيه َة َم ْن نص َ ص َة الهتَي لَ َها َد َللَت َها فَي ا ْستَ ْنبَ َ
اط ْاْل َ ْح َك َام ال ه اظ ْالخَا هَوا ْل ُمقَيَّد ،فَه َو َم ْن ْاْل َ ْلفَ َ
اْلس ََْلم أ َ ْح َمد بْن تَي َْميَة -رحمه هللا" " :-ا ْل ُم ْطلَق َوا ْل ُمقَيَّد" َو ِهي َ
غ ْم َرة شيْخ ْ َسنه َة ،والهذَي قَا َل فَي َه َ
َوال ُّ
ين فِي ِه"( ،)17فَه َو َم ْب َح ٌ
ث سابِ ِح َ علَى َكثِ ٍ
ير ِم ْن ال َّ شتَبَ َهتْ أَ ْن َوا ُ
ع َها َ ت " أُ ُ
صو ِل ا ْل ِف ْق ِه " َوقَ ْد ا ْ ِم ْن َ
غ َم َرا ِ
اك ْالم َرا َد َم ْن َك ََل َم ف َوإَد َْر َ ظفَه ْاْلصو َليُّونَ فَي ْال َك ْش َ ت بَ َه اللُّغَة ْالعَ َربَيهةَ ،وتَن ََاولَه َو َو ه
ت َو ْامت َازَ ْ ات ه َ
س َم ْ
ت اْل ْ
ط ََلق أ َ ْم الت ه ْق َييد؟ ؛ فَ َم ْن َها اله َتي َجا َء ْ سنهة ،ه َْل أ َري َد َب َها ْ َ ْالمت َ َك َلمَ ،و َب َيان َو َم ْع َرفَ َة نصوص ْالق ْر َ
آن َوال ُّ
صيغَ ٍة مقَيه َدة ،فَ َيكون َلك َل َل ْفظٍ َم ْنه َما َمدْلوله ْالخَاص َوأ َ ْح َكامه اله َتيت َب َ صيغَ ٍة م ْ
طلَقَ ٍة َو َم ْن َها اله َتي َجا َء ْ َب َ
ير َر َق َب ٍة اح ٍد َم ْثل قَ ْوله َ
ع هز َو َجلَ ﴿ :فتَحْ ِر ُ ضعٍ َو َ الصي َغتَي َْن َفي ن ٍ
َص َو َم ْو َ علَ ْي َهاَ ،ك َما قَ ْد َيكون ورود َ َيد ُّل َ
"رقَبَة ُم ْؤ ِمنَة" َيكون َه َذا ْال َو ْ
صف وه َو ُّم ْؤ ِمنَ ٍة﴾( ،)18فَلَ ْفظ " َرقَبَة" ه َو ْالم ْ
طلَق ،لَ َك ْن َع ْن َد َما نَقول َ
ت آيَةٌ أ ْخ َرى فَقَيه َدتْ َها طلَق َوه َو " َرقَبَة"(َ ،)19ك َما قَ ْد ن ََجد آيَةً م ْ
طلَقَة ث هم َجا َء ْ اْلي َمان" قَ ْد قي َد بَ َه ْالم ْ
" ِْ
علَى ْالمقَيهد إَ ْن َكانَ ْالح ْكم غي َْرهَا َم ْن ْالقيود ،فَي ْح َمل ْالم ْ
ط َلق َ صفَ ٍة أ َ ْو َ
ع َد ٍد َو َ أ َ ْو َحدَيث فَقَيه َدهَا بَش َْرطٍ أ َ ْو َ
الصي َغتَيْن تَسوغ َح ْم َل أ َ َح َد َه َما
ع ََلقَ ٍة بَيْنَ َ
ي َلب هد َم ْن وجو َد َ ع ْالح ْكم َم ْن أ َ ْج َل َه َو َ
احد؛ أ َ ْ سبَب الهذَي شَر َ
َوال ه
علَى إَ ْ
ط ََل َق َه ط ََلق َوت َ ْق َييد ،فَي ْع َمل بَ ْالم ْ
طلَق َ علَ ْي َه َم ْن إَ ْ
علَى َما َو َر َد َ علَى ْاْلخَرَ ،و َإ هل َع َم َل كل َو َ
اح ٍد َ َ
( - (16مزالق اْلصوليين للعَلمة اْلمام م َح همد بن إسماعيل اْلمير الصنعاني ،تحقيق محمد صباح المنصور ،ط 1425( :1هـ 2004 -م) ،ط 1434( :2هـ
2013 -م) ،مكتبة أهل اْلثر -الكويت.59 ، -
( - )17مجموع الفتاوى لشيخ اْلسَلم أَحْ َمد بْن تَيْمَ يهة ،تحقيق عبد الرحمن م َح همد بن القاسم وساعده ابنه م َح همد ،المصدر نفسه.108 /31 :
( - )18النساء.91 :
( - (19بتصرف عن الدكتورة رقية بنت نصر هللا م َح همد نياز ،كتاب :السنة النبوية المصدر الثاني للتشريع اْلسَلمي ،دار مجمع الملك فهد لطباعة المصحف
الشريف بالمدينة المنورة.35،
- 11 -
ضعٍ آخَرَ ،و ْالمقَيهد َبقَ ْي َد َه َإ ْن لَ ْم َي َر ْد َد َلي ٌل يبْطل قَيْده ويدل على أنه َإ ْن لَ ْم ير ْد م َقيهدًا َب َد َلي ٍل ي َؤ َيده فَي َم ْو َ
سة ،وذلك َم ْن َخ ََل َل ْالكتاب النه َفيس الهذَي ث َو َر ْونَق الد َِرا َ غير معتبر .فَ ُهنَا تَت َ َجلَّى َوت َ ْك ُم ُن أَ َه ِميَّةُ ا ْلبَحْ ِ
امعَ ْالفَ ْهم َو ْ َ
اْل ْف َهام، س َئ َوال ه صلَة َل ْلقَ َ
ار َ اراته ْال َم ْوزونَة بَال ُّ
سهو َل َة َواليسر ،م َح َ تَتَ َميهز أ َ ْلفَاظه َو َك َل َماته َو َعبَ َ
احل س َل ِمي" َل ْلعَ هَل َمة ْاْلصو َلي ه
الر َ الرأْي فِي التَّش ِْريع ْ ِ
اْل ْ َوه َو َكتَاب" :ا ْل َمنَا ِهج ْاْل ُ ُ
صو ِليَّة فِي ِاَلجْ تِ َهاد بِ َّ
اط َبي
ش َ َاط َبي ْالعَ ْ
صر (ق ،)20:الهذَي تَأَث ه َر بَ ْاْلمام ال ه م َح همد فَتْ َحي الد َُّرينَي(-ت1434 :هـ)ْ ،الملَقهب بَش َ
(ت790:هـ) َو َب َكتَابَ َه "ا ْل ُم َوافَقَات".
■ أ َه ِميَّة البحث وأسباب اختياره:
أ :أهمية البحث:
يكتسي هذا البحث أهمية عظيمة ْلنه يتعلق بكتاب هللا تعالى وسنة رسوله ﷺ وكفى بذلك
شرفا.
أن أهمية الموضوع تنبع من أهمية أصول الفقه.
أن مبحث المطلق َو ْالمقَيهد لم يحظ بالتفصيل وتعتريه إشكالت مهمة ،مما يجعل هذا البحث
ذو أهمية وجدير بالدراسة.
أن مبحث المطلق َو ْالمقَيهد من المباحث اْلساسية اْلصيلة في فقه الدليل وفهم النصوص
الشرعية قرآنا وسنة.
أن دراسة صور حمل المطلق على ْالمقَيهد وحصرها من الدراسات والهموم التي يجري
فيها الخَلف ،وتحتاج أن نوليها أهمية في علم أصول الفقه.
ب :أسباب اختيار الموضوع:
︎▪ اْلسباب العامة:
أن باب اْللفاظ من أهم أبواب علم أصول الفقه.
أن هذا الموضوع يعتبر تحصيله واجبا على الطالب الباحث في العلوم الشرعية.
أن مبحث المطلق َو ْالمقَيهد من المواضيع التي تحتاج إلى جهد الباحثين في استقصاء جوانبه
وبحث مسائله ْلجل بيان أقوى.
أن المطلق َو ْالمقَيهد من أهم المباحث التي أدت إلى اختَلف الفقهاء في استنباطاتهم لألحكام
في النصوص الشرعية وخاصة في حمل المطلق على ْالم َقيهد عند اتحاد الحكم ل السبب.
- 12 -
︎▪ اْلسباب الخاصة:
َ ر ْغ َب َتي واهتمامي وولعي بدراسة هذا الموضوع بعد قراءتي لكتاب ذو نفع ل ينتهي
"المناهج اْلصولية" للعَلمة الراحل فتحي الد َُّرينَي -رحمه هللا -الملقب بشاطبي العصر
(ق ،)20:وأشكر أستاذي الكريم " عبد هللا لخضر " الذي وجهني وأحالني على قراءة
هذا الكتاب الثمين.
أن أستفيد وأحقق أكبر قدر من الفائدة العلمية الشرعية الشريفة في صدد هذا الموضوع.
شغفي بعلم أصول الففه العظيم الشأن.
َ ل َقلت وانعدام الدراسات المنجزة حول مبحث "ا ْل ُم ْطلَق َوا ْل ُمقَيَّد" من خَلل كتاب "المناهج
اْلصولية" لفتحي الد َُّري َني.
■ أهداف البحث ومقاصده:
يسعى ويهدف هذا البحث إلى أهداف كثيرة أهمها:
التعريف بالشخصية العلمية الدكتور محمد فتحي الد َُّرينِي وبكتابه "المناهج اْلصولية".
تبيان مدى أهمية مبحث المطلق َو ْالمقَيهد في فهم النصوص الشرعية وتأويلها ،واستنباط
اْلحكام الشرعية الصحيحة التي أرادها وقصدها هللا سبحانه وتعالى.
الوقوف على مفهوم وحقيقة المطلق َو ْالمقَيهد والعناية بكل منهما.
تناول نصوص اْلطَلق والتقييد التي أوردها الد َُّري َني في كتابه ودراستها.
بيان جميع حالت حمل المطلق على المقيد عند الد َُّري َني.
توضيح وإبراز سبب ومنشأ الخَلف الذي وقع بين العلماء اْلصوليين في ضوابط حمل
المطلق على المقيد من خَلل كتاب "المناهج اْلصولية" للد َُّرينَي ،وخاصة في موضع:
اتحاد الحكم في النصين ،واختَلف السبب الذي شرع الحكم من أجله.
حرصت على أن يكون بحثي جديدا ومفيدا ونافعا ،واهتممت كثيرا في عرض ورقاته،
لكي أجعله في أحسن حلة على قدر اْلمكان والمستطاع.
■ إشكاليَّة وصعوبة البحث:
أ :إشكالية البحث:
- 13 -
إن موضوع "المطلق َوا ْل ُمقَيَّد" من المواضيع الهامة التي تطرح عدة تساؤَلت تحتاج حلوَل ،لذا
فإن كل بحث له مشكلته واستفساراته الخاصة به ،التي تدفع الطالب الباحث للدراسة والتحري
وبذل الجهد ،وبحثي هذا يعد كباقي البحوث؛ يحتوي على عدة مشكلت عملت على حلها متوكل
على هللا عز وجل ،التي تتمثل فيما يلي:
من هو الدكتور الراحل فتحي الد َُّري َني؟ وما ولدته ونشأته ومحنته في طلب العلم؟ وما
مسيرته العلمية والعملية؟ وما بعض شيوخه؟ وما هي مؤهَلته وأهم النظريات التي أسسها
وتوسعه في التأليف فيها؟ وما مصنفاته وثناء وآراء العلماء فيه ووفاته؟ وما بعض أقواله
عن اْلمام الشاطبي وكتابه "الموافقات" ؟ وما التعريف بكتابه "المناهج اْلصولية" ؟ وما
بعض طبعاته وأجزائه وصفحاته؟ وما محتوياته؟ وأين تتجلى أهميته؟ وما جهود مؤسسة
الرسالة في العناية به؟ وما بعض الكتب التي تحمل نفس عنوان هذا الكتاب ونحوه؟ وكيف
تناول الدريني مبحث "المطلق َو ْالمقَيهد" من خَلله.
ما تعريف المطلق َو ْالمقَيهد في بعض المعاجم اللغوية؟ وما تعريف المطلق َو ْالمقَيهد اصطَلحا عند
الد َُّري َني وعند من وافقهم وخالفهم من اْلصوليين؟ وما حكم كل واحد منهما؟ وما الفرق والعَلقة
بينهما؟ وما خصائص المطلق عند الد َُّري َني؟
ما هي بعض نصوص اْلطَلق والتقييد التي تناولها الد َُّري َني؟
ما المراد والمقصود بحمل المطلق على المقيد؟ وهل يعتبر ذلك بيان أم نسخ؟ ولماذا يجب حمل
المطلق على المقيد ل العكس؟ وهل يحمل المطلق على المقيد عند اتحاد الحكم؟ أم يعمل بكل
واحد في موضعه؟
ما هي أحوال حمل المطلق على المقيد عند اْلصوليين من خَلل ما ذكره الد َُّرينَي في كتابه؟
ما الصور والحالت التي اتفق واختلف فيها العلماء اْلصوليين في حمل المطلق على المقيد؟
وأيضا في عدم حمله؟ وما خَلصة جميع أحوال حمل المطلق على المقيد؟
ما منشأ الخَلف في الحالت التي اختلف فيها العلماء اْلصوليين في حمل المطلق على المقيد؟
هل جميع حالت حمل المطلق على المقيد تعتبر بيانا؟ ولو اختلف تاريخ ورودهما؟
ب :صعوبات البحث:
- 14 -
إن لكل بحث علمي صعوبات ومعاناة َل يحس بها إَل من خاض غمار البحث وت َ َكبَّ َد وذاق صعوباته،
ومن توكل على هللا تعالى واستعان به في كل حين وسبح باسمه اْلعظم في الرخاء والشدة ،تدللت
له كل الصعوبات ،ومن أبرزها:
صعوبة الحصول على مصادر ومراجع موثوقة المصدر ،التي تناولت الكَلم عن ترجمة
العَلمة الراحل م َح همد فتحي الد َُّري َني ،بل وانعدام حتى الدراسات حوله ،وبعد بحث طويل
وجدت دراسة واحدة لكن لألسف لم أستطع أن أجدها أو أحصل عليها مما جعلني أحزن
لمدة ،وهذه الدراسة بعنوان " :اَلجتهاد المقاصدي عند الد َُّرينِي وتطبيقاته على القضايا
المعاصرة لألستاذ عساف ثابت أحمد عبد الحافظ ".
صعوبة البحث في المعاجم اللغوية.
صعوبة الهتمام بالجانب اْلبداعي في عرض وتنسيق ورقات البحث من غَلفه إلى
فهرستهْ ،لجل مظهر حسن مما يتطلب وقتا كبيرا (شكَل ومضمونا).
صعوبة وضع خطة متوازنة من حيث عدد المطالب التي يتضمنها كل مبحث ،ومن حيث
عدد المباحث التي يتضمنها كل فصل.
صعوبة التعمق في حل بعض الشكالت.
صعوبة التعامل مع الخَلف في بعض اْلشكالت.
صعوبة فهم بعض أقوال العلماء ومقصدهم ،مما يحتاج أن يكون الباحث قويا في اللغة
العربية ومشتقاتها.
■ منهجيَّة وخ َّ
طة البحث:
أ :منهجية البحث:
كما نحتاج إلى منهج في حياتنا اليومية ،نحتاج إليه أيضا في إعداد بحث علمي ،باعتباره من أهم
وأبرز القواعد ،الذي من شأنه أن يساعد الباحث في تمهيد طريق صحيح مبني على أسس وضوابط
وركائز في كتابة بحث علمي دقيق ،واكتشاف حقائق جديدة تعود بالنفع الكثير على اْلمة ،فأهمية
المنهج إذن للدراسة َل تقل عن أهمية الماء للكائن الحي ،إذ به يتمكن الباحث من بث الروح في
كيان بحثه ،وعدم اعتماد المنهج أو عدم السير على خطواته يؤذي إلى الوقوع في الكثير من
- 15 -
اْلخطاء ،وإخراج بحث غير متكامل يسيطر عليه التفكك والبعد عن الدقة ،لذلك قد انتهجت في
بحثي هذا المناهج اَلتية:
المنهج التاريخي :استعملته عند سرد الحديث والكَلم عن الحياة العلمية ،للشيخ الراحل م َح همد
فتحي الد َُّرينَي.
المنهج الوصفي :اعتمدته في الوقوف عند التعريف بمصطلحات الموضوع.
المنهج المقارن :استعملته عند مقابلة رأي العلماء اْلصوليين في مختلف المواضع التي
تخص المطلق والمقيد.
المنهج التحليلي :اعتمدته في تحليل نصوص اْلطَلق والتقييد التي أوردها الد َُّرينَي ،وكذلك
اعتمدت عليه في تحليل حالت حمل المطلق على المقيد عند اْلصوليين من خَلل ما ذكره
الد َُّري َني ،مع توضيح ذلك بأمثلة من الكتاب والسنة.
كل ما سبق ،مع عنايتي باْلمور التالية:
oجعلت اْليات القرآنية بلون خاص ،وبين أقواس مزهرة ،ووضعت عزو اْليات في اْلحالة
على هذا الشكل :اسم السورة :ورقمها.
oخصصت القول النبوي بلون يميزه وخرجته من كتب السنة المعتمدة (بالكتاب والباب).
oعندما أذكر المصدر أو المرجع أشير إلى اسم الكتاب مع اسم مؤلفه ،واسم المحقق إن و َجد،
ثم رقم الطبعة وتاريخها ودار النشر ومكانها ،وإن لم أكتب الطبعة وتاريخها ودار النشر،
فمعنى ذلك أنني لم أجدها.
oوضعت أرقام اْلحالة بلون مخصص لها لتسهيل الرجوع إلى الكتاب الذي أخذت منه
المطلوب.
oبالنسبة للفهارس؛ جعلت كل فهرس مستقل عن اْلخر( :فهرس اْليات القرآنية ،وفهرس
اْلحاديث النبوية ،وفهرس المصادر والمراجع مرتب وفق حروف اْلبجدية ،وفي اْلخير
فهرس الموضوعات).
ب :خطة البحث:
بعد اختيار الموضوع ،وبناء على اْلشكاَلت المطروحة واْلهداف والمقاصد المرجو تحقيقها ،قد
سلكت في هذا البحث خطة رسمتها بعد تحري متواضع ،في إطار منهجية مدروسة وهي على
- 16 -
شكل :مقدمة وفصل تمهيدي ،ثم فصلن وخاتمة ،باْلضافة إلى الفهارس العامة ،وتفصيل هذا
التصميم كاَلتي:
مقدمة:
وتشمل( :أهمية البحث وأسباب اختياره / ،أهداف البحث ومقاصده / ،إشكالية
وصعوبة البحث / ،منهجية وخطة البحث).
الفصل التمهيدي :التعريف بالعلمة فتحي الد َُّرينِي وكتابه "المناهج اْلصولية"
● المبحث اْلول :البطاقة الشخصية للعَلمة اْلصولي فتحي الد َُّرينَي
-المطلب اْلول :ولدته ونشأته ومحنته في طلب العلم
-المطلب الثاني :مسيرته العلمية والعملية وبعض أهم شيوخه
-المطلب الثالث :مؤهَلته وأهم النظريات التي أسسها
-المطلب الرابع :آثاره وثناء وآراء العلماء فيه ووفاته
● المبحث الثاني :تأثر فتحي الد َُّرينَي بفكر اْلمام الشاطبي وكتابه الموافقات
-المطلب اْلول :أقواله عن اْلمام الشاطبي
-المطلب الثاني :أقواله عن كتاب الموافقات
-المطلب الثالث :بعض أقواله المختلفة السياق
● المبحث الثالث :التعريف بكتاب المناهج اْلصولية وبيان أهميته
-المطلب اْلول :تعريف موجز بكتاب المناهج اْلصولية
-المطلب الثاني :أهمية الكتاب وجهود مؤسسة الرسالة في العناية به
الفصل اْلول :حقيقة المطلق والمقيد
● المبحث اْلول :تعريف المطلق والمقيد في بعض معاجم اللغة
-المطلب اْلول :تعريف المطلق في اللغة
-المطلب الثاني :تعريف المقيد في اللغة
- 17 -
● المبحث الثاني :تعريف المطلق والمقيد اصطَلحا عند الدريني وعند من
وافقهم وخالفهم من علماء اْلصول
-المطلب اْلول :تعريف المطلق اصطَلحا عند الدريني وعند من
وافقهم وخالفهم من اْلصوليين
-المطلب الثاني :تعريف المقيد اصطَلحا عند الدريني وعند من
وافقهم وخالفهم من اْلصوليين
● المبحث الثالث :المطلق والمقيد حكمهما والفرق والعَلقة بينهما وخصائص
المطلق عند الدريني
-المطلب اْلول :حكم المطلق والمقيد
-المطلب الثاني :الفرق والعَلقة بين المطلق والمقيد
-المطلب الثالث :الخصائص التي يتميز بها المطلق عند الدريني
● المبحث الرابع :نصوص اْلطَلق والتقييد عند الدريني
-المطلب اْلول :نصوص اْلطَلق عند الدريني
-المطلب الثاني :نصوص التقييد عند الدريني
الفصل الثاني :حمل المطلق على المقيد
● المبحث اْلول :حقيقة حمل المطلق على المقيد عند الدريني
-المطلب اْلول :ما المقصود بحمل المطلق على المقيد؟ وهل ذلك بيان
أم نسخ؟
-المطلب الثاني :لماذا يجب حمل المطلق على المقيد ل العكس؟
-المطلب الثالث :هل يحمل المطلق على المقيد عند اتحاد الحكم؟ أم
يعمل بكل واحد منهما في موضعه؟
● المبحث الثاني :أحوال حمل المطلق على المقيد عند اْلصوليين من خَلل
ما ذكره الدريني
- 18 -
-المطلب اْلول :الحالت المتفق عليها في حمل المطلق على المقيد
عند اْلصوليين
-المطلب الثاني :الحالت المتفق عليها في عدم حمل المطلق على
المقيد عند اْلصوليين
-المطلب الثالث :الحالت المختلف فيها في حمل المطلق على المقيد
عند اْلصوليين ومنشأ الخَلف في ذلك
-المطلب الرابع :خَلصة أحوال حمل المطلق على المقيد عند
اْلصوليين
-المطلب الخامس :هل جميع حالت حمل المطلق على المقيد تعتبر
بيانا؟ ولو اختلف تاريخ ورودهما؟
خاتمة :تشمل استنتاج شمولي لما جاء في البحث ،باْلضافة إلى فهرس
المحتويات ،وهو يضم( :فهرس اْليات القرآنية ،وفهرس اْلحاديث النبوية،
وفهرس المصادر والمراجع مرتب على وفق طريقة الحروف اْلبجدية لسم
الكتاب ،ثم فهرس الموضوعات).
- 19 -
الفصل التمهيدي :التعريف
بالعالمة فتحي الد َُّرينِي
وكتابه "ا ْل َمنَا ِهج ْاْل ُ ُ
صو ِليَّة"
- 20 -
في هذا المبحث اْلول من الفصل التمهيدي ،سيكون الحديث والكالم -إن شاء هللا -في التعريف
بحياة العالم والشيخ والفقيه واْلصولي والسياسي والحقوقي البارع ،اْلستاذ الراحل فتحي الد َُّرينِي،
بدءا بمولده ونشأته ،والصعوبات والتحديات التي واجهها ولقيها وهو في طريقه لطلب العلم ،ثم
مسيرته العلمية والعملية والتدريسية ،وبعض أهم شيوخه ،دون أن ننسى مؤهالته ،وأهم النظريات
التي أسسها وتوسعه في التأليف فيها ،وفي اْلخير مصنفاته ومؤلفاته ،وثناء وآراء العلماء فيه
ووفاته -رحمه هللا.-
ولد العالمة الدكتور واألستاذ الراحل ُم َح َّمد فتحي الد َُّري ِني سنة1343( :هـ) والتي توافق سنة:
(1924م) ،ونشأ في بلد فلسطين المحتلة وبالضبط في مدينة الناصرة( ،)1فهو االبن البكر للمرحوم
الشيخ عبد القادر الد َُّري ِني ،إمام وخطيب الجامع األبيض في الناصرة ،قال الد َُّري ِني -رحمه هللا" :أ َ َنا
يرا علمهُ ا ْل َب ْي َع َو ِ
الش َراء ِل َك ْي ُك ْنتُ فِي ِبيئ َة َال ت ِقيم َو ْزنًا ِل ْل ِع ْلم ،كَانُوا يَقُولُ َ
ون ِل َوا ِلدِي ا ْبنكَ يَد ُْر ُ
س َكثِ ً
يَ ِعيش"(.)2
( - (1الناصرة :إحدى أهم المدن الفلسطينية؛ وهي قريبة جدا من دمشق- .أخذته :من موقع الجزيرة يوم2021-11-01 :م في الساعة ،14:40:وهي موسوعة
إلكترونية إخبارية تختص بالتعريف بالشخصيات والهيئات واألحداث والقضايا والمصطلحات السائدة ،موثوقة المصدر.
( - )2هذه الترجمة مقتطفة ومستخلصة من كالم الشيخ فتحي الد َُّرينِي في برنامج تلفزيوني؛ يهدف إلى توثيق سير علماء األمة ،سجل سنة،)2002/01/01( :
بعنوان :حديث الذكريات؛ تقديم :د .جاسم المطوع ،علماء مبدعون ،يوم2021-10-15 :م في الساعة الثالثة زواال ،من موقع " يوتيوب " ،وهي حلقة نادرة.
- 21 -
أن يكون أ ُ ْستَاذًا ذا شخصية وذا مكانة علمية كبيرة ،فقرر الذهاب إلى مصر ليكمل دراسته ،ولقي
صعوبات في طريقه إليها بسبب جبروت الدولة التي كانت مسيطرة ومحتلة وحاكمة لفلسطين -
انجلترا ، -حيث يصرح الد َُّرينِي بقوله -رحمه هللا- " :-ا ْنجلتِ َرا -؛ َال ت ُ ِري ُد أ َ ْن نَ ْذ َه َ
ب ِإلَى ِمصْر َونَتَعَلَّم
ُون فِي أ َ ْدنَى ا ْل ُم ْ
ست َ َويَات" ،وبعد ُون أ َ ْن نَك َ
ُون َه َذا ،يُ ِريد َ
ت ا ْل َك َمالَ ،ال يُ ِريد َ
ع ْل َيا د ََر َجا ِ َونُ ْ
صبِح فِي ُ
هذه الصعوبات تمكن بإذن هللا ومشيئته وتوفيقه من السفر إلى مصر لمواصلة مسيرته في طلب
العلم.
س فتحي الد َُّرينِي -رحمه هللا -في المدارس التي كانت قائمة في عصره ،وتخرج منها وحصل
َد َر َ
س
على شهادة الثانوية ،وكان في المدينة عالم كبير من علماء اإلسالم اسمه الشيخ " ُم َح َّمد " َد َر َ
اللغة العربية عليه ألنه قوي فيها ،ثم أقام وأسس الد َُّرينِي مدرسة وهو يبلغ من العمر حوالي 15أو
16أو 17سنة وبدون مساعدة أحد ،وتخرج منها طلبة وتالمذة كثيرون ،وكان المجلس اإلسالمي
األعلى في القدس يرسل شخصيات علمية ليروا مدرسته إلى أي حد بلغت ووصلت( ،)4وبعد أن
س في اْلزهر( (5سنة1943( :م (،ولم يكن معه من الشهادات إال الثانوية،
سافر إلى مصر َد َر َ
والتحق بكلية القانون والشريعة التابعة لجامعة األزهر وتخرج منها سنة1947( :م) ،ثم فكر في أن
( - (3نفسه.
( - )4نفسه.
( - (5أنشئ في منتصف القرن الرابع الهجري ،وهو قائم على دراسة العلوم الدينية والعربية ،حفيظ على التراث اإلسالمي ،ومتابع ألداء الرسالة التي بدأت
أولى خطواتها منذ فتحت مصر في العام الحادي والعشرين للهجرة ،وظل محتفظا بمكانته مؤديا دوره العلمي والعملي .كتاب :بيان للناس من األزهر الشريف،
.2-1/1
- 22 -
َيدْرس في الدراسات العليا؛ فكانت هناك ثالث كليات :كلية الشريعة ،وكلية أصول الدين ،وكلية اللغة
العربية ،فالتحق بكلية الشريعة ،وتخرج منها ،ثم قرر أن يدرس اللغة العربية فالتحق بكلية اآلداب
في القاهرة فأخد المرتبة األولى بتفوق سنة1950( :م)؛ وأعطاه الملك الذي كان في ذلك الوقت -
الملك فاروق -شهادة التفوق ،وبعد نيله الدراسات العليا في األدب والدراسات العليا في الشريعة،
وصار الد َُّرينِي َق ِويًّا في اللغة العربية ،التحق بكلية الحقوق وحصل على الدراسات العليا فيها ،وأخذ
أيضا شهادة في سنتين في السياسة ،كما جمع بين السياسة في التشريع والسياسة في القانون ،وهذا
كان له أثر كبير في مؤلفاته ،ونال كذلك شهادة عليا في التربية وعلم النفس من جامعة عين شمس
بالقاهرة سنة1952( :م)َ ،ولَ َّما فُتِ َح مجال علمي أعلى من درجة الدكتوراه في مصرَ ،د َر َ
س فيه لمدة
ثالث سنوات وهو ما يسمونه ب" :ت َخصص ا ْل َمادَّة"( ،)6فأخذ الشهادة بتفوق من رئيس الدولة
السابق -جمال عبد الناصر.(7(-
( - (6يقول فتحي الد َُّرينِي في معنى " تخصص المادة " ؛ أن هناك دكتوراه أولى ودكتوراه عليا ،والعليا هي التي يصطلح عليها ب :تخصص المادة.
( - )7هذه الترجمة مقتطفة ومستخلصة من كالم الشيخ فتحي الد َُّرينِي في برنامج تلفزيوني؛ يهدف إلى توثيق سير علماء األمة ،سجل سنة،)2002/01/01( :
بعنوان :حديث الذكريات؛ تقديم :د .جاسم المطوع ،علماء مبدعون ،يوم2021-10-15 :م في الساعة الثالثة زواال ،من موقع " يوتيوب " ،وهي حلقة نادرة.
( - )8الفتاوى المهمات للشيخ محمود شلتوت ،استخرجها وعلق عليها علي حسن بن علي بن عبد الحميد ْال َحلَبِي األثري ،ط1412( :1هـ 1992 -م) ،دار ابن
الجوزي -المملكة العربية السعودية10-9 ، -
( - )9األعالم لخير الدين الزركلي الدمشقي ،ط ،15دار العلم للماليين -بيروت.173/7 ، -
( - )10البدعة أسبابها ومضارها للشيخ محمود شلتوت ،ضبط وتعليق وتخريج علي حسن علي عبد الحميد ،ط1408( :1هـ 1988 -م) ،مكتبة ابن الجوزي،
-المملكة العربية السعودية.10 ، -
- 23 -
احدًا من أعالم العلماء الذين ناصروا جهود الشيخ األكبر ُم َح َّمد مصطفى
اإلصالح ،و َو ِ
احدًا من العلماء الذين رفضوا عدوان الدولة على استقالل األزهر الشريف
وو ِ
المراغيَ ،
احدًا من أعالم الفكر اإلسالمي و ُكت َّابه ،وأحد ُد َعاة الت َّ ْجدِيد للفكر والت َّ َد ُّخل في شؤونهَ ،
وو ِ
اإلسالمي واالجتهاد في الفقه اإلسالمي ،و ُم ْستَش ً
َارا للمجلس األعلى للشؤون اإلسالمية،
س أيضا علم س -رحمه هللا -علم أصول الفقه ،و َد َّر َ ورئيس مجلة (رسالة اإلسالم) ،و َد َّر َ
مقارنة المذاهب الفقهية لطالب السنة النهائية ،وكان أ ُ ْستَا ًذا للشريعة بكلية دار العلوم -
صنَّفًا(.)11
جامعة القاهرة ، -ومؤلفاته كثيرة بلغة ستة عشر ُم َ
اميًا ُمت َ َم ِكنًا، ع ِلي ا ْل َخ ِفيف (ت1398 :هـ) " ؛ َكانَ فَ ِقي ًها َوقَ ِ
اضيًا َو ُم َح ِ شيْخ َ
العالمة الثالث " :ال َّ
َوأ ُ ْستَاذًا لمادة علم الفرائض والفقه اإلسالمي في مدرسة القضاء الشرعي بمصر ،و ُم ْهت َ ًّما بجانب
التنظير للفقه اإلسالمي ،ومقارنة المذاهب اإلسالمية ،واالجتهاد في القضايا الفقهية المستجدة ،وكان
ُمتَ َم ِتعًا بمكانة علمية مرموقة ،وأخالق حسنة ،وسمات حميدة ،يبدو عليه جالل الفقهاء ،وهيبة القضاء،
فهو طويل الصمت ،جهير الصوت ،كريم النفس ،هادئ الطبع ،شديد الشعور بالمسؤولية ،فهو كاتب
وباحث ،يدعو إلى نبذ الجمود والتعصب المذهبي ،وكان غيورا على سنة رسول هللا ﷺ ،وتصدى
لألمراض االجتماعية ،التي تفشت في المجتمع اإلسالمي ،فهو -رحمه هللا -أصولي محقق بارع ،ذو
رأي صائب ،واختيار موفق ،ونظر دقيق ،وقوي المدارك ،يعرف مقتضى الكالم ومعناه ،وفقيه
متمكن من الفقه متحكم به ،ولغوي مدقق ،صاحب لسان بليغ ،ترسخت عنده الملكة الفقهية حتى
أصبح فقيه النفس ،وكان يجتهد في القضايا المعاصرة ،وتأثر بفكره التشريعي عدد ال يحصى من
التالميذ(.)12
ارة ،ط1437( :1هـ 2016 -م( ،دار البشير للثقافة والعلوم-11-8-6-5 ، ( - )11وسطية اإلسالم للشيخ ُم َح َّمد ُم َح َّمد المدني ،دراسة وتقديم وتعليق ُم َح َّمد ِع َم َ
.14-13-12
( - )12الشيخ علي الخفيف الفقيه المجدد للدكتور ُم َح َّمد عثمان شبير ،ط1423( :1هـ 2002 -م) ،دار القلم -دمشق-46-39-38-37-30-29-18-17-16 ، -
.65-64-52
( - )13المرجع في السيرة النبوية لإلمام ُم َح َّمد أبو زهرة ،سنة الطبع1433( :هـ 2012 -م) ،دار الفكر العربي- ،القاهرة ، -الورقة الثانية من الكتاب.
- 24 -
الفقه اإلسالمي ،أسهم في هذا الميدان بجهود مشكورة ،جمعت بين األصالة والمعاصرة ،وتصدى
لألمراض االجتماعية التي تفشت في المجتمع اإلسالمي ،فبين في أكثر من بحث ومقال موقفه منها،
سا للعلوم اإلسالميةَ ،وأ ُ ْستَاذًا
كما تصدى بكل ما يملك من قوة أعداء الثقافة اإلسالمية ،وكان ُم َد ِر ً
اض ًرا لَبَقًا يطرح القضايا ،ويُبَين وجهة نظر اإلسالم فيها ببصيرة وعمق ،ودقة وحدة ُمتَ َميِ ًزاَ ،و ُم َح ِ
وجرأة ،فهو صاحب ِحس فقهي وملكة فقهية ،يُتقن ِع ْل َم أصول الفقه ،حنفي المذهب ،يفتي به وبالراجح
في المذهبَ ،ويَ ْذكر آراء الفقهاء اآلخرين ،فهو من القالئل الشجعان ،كان ُم ْهت َ ًّما بالتجديد في اإلسالم
عامة ،وبتجديد الفقه اإلسالمي خاصة( ،)14يعيش للمبادئ ويكافح من أجلها ،ويناضل لعقيدة يحيى
فيها ويعيش لها ،يُعلن رأيه ويجمع الناس عليه ،فقد كان فَ ِقي ًها في مقدمة الفقهاء ،مستقل الرأي ال
يخشى في قول الحق لومة الئم(.)15
شيْخ َ
طهَ الدِي َن ِاري (ت1980 :م) " ؛ كان َع ِميدًا لكلية القانون والشريعة العالمة الخامس " :ال َّ
بجامعة األزهر ،وكان هو المشرف على رسالة الدكتوراه لفتحي الد َُّرينِي التي كانت بعنوان" :الحق
ومدى سلطان الدولة في تقييده" ،حيث قال فتحي الد َُّرينِي في إهداء هذه الرسالة" :إلى أ ُ ْ
ستَاذِي
شيْخ َ
طهَ يه ِه ،فَ ِضيلَةُ ال َّ
سدِيد تَ ْو ِج ِ
صادِقَ ع َْونهَ ،و َ ي ِم ْن ِع ْلم ِه َوفَ ْ
ض ِل ِهَ ،و َ ا ْل َج ِليل ،الَّذِي أ َ ْ
س َب َغ عَل َّ
الدِينَ ِاري"(.)16
هؤالء العلماء الذين سبق ذكرهم -رحمهم هللا رحمة واسعة -قال فيهم الشيخ فتحي الد َُّرينِي -رحمه
يرا فِي َو ْقتِنَا َه َذاِْ ،لَنَّ ُه ْم كَانُوا ُم ْخ ِل ِص َ
ين ِل ْل ِع ْلم"(.)17 هللا" :-قل َما ت َ ِج ُد لَ ُه ْم َن ِظ ً
ع ِينَ في كلية الشريعة بدمشق ،والشيء الذي رآه الشيخ غير سليم؛ حيث قال -رحمه
كان الد َُّري ِني قد ُ
ست َ ِطيع أ َ ْن
َارة ك ُِليَّة الش َِّريعَة ،أَنَّكَ َمعَكَ ت ُ َخصص ا ْل َمادَّة َونَحْ ُن َال نَ ْع ِرف َهاَ ،و ِل َذ ِلكَ َال نَ ْ
سأ َ ْلتِنِي إِد َ
هللاَ " :-
وراه فَقَ ْط"(،)18
سا ِوي " ت َخصص ا ْل َمادَّة " ،نَحْ ُن يَت َ َوا َج ُد ِع ْن َدنَا َحد ال ُّد ْكت ُ َ
نُ ْع ِطيكَ ا ْل ُم َرتَّب الَّذِي يُ َ
(ُ - )14م َح َّمد أبو زهرة إمام الفقهاء المعاصرين والمدافع الجريء عن حقائق الدين للدكتور عثمان شبير ،ط1427( :1هـ 2006 -م) ،دار القلم دمشق-5 ،
.128-81-45-21-11-6
( - )15زهرة التفاسير لإلمام الجليل ُم َح َّمد أبو زهرة ،سنة الطبع1433( :هـ 2012 -م) ،دار الفكر العربي -القاهرة.6 ، -
( - )16الحق ومدى سلطان الدولة في تقييده لفتحي الد َُّرينِي ،ط1404( :3هـ 1984 -م) ،مؤسسة الرسالة -بيروت.3 ، -
( - )17هذا القول مقتطف ومستخلص من كالم الشيخ فتحي الد َُّرينِي في برنامج تلفزيوني؛ يهدف إلى توثيق سير علماء األمة ،سجل سنة،)2002/01/01( :
بعنوان :حديث الذكريات؛ تقديم :د .جاسم المطوع ،علماء مبدعون ،يوم2021-10-15 :م في الساعة الثالثة زواال ،من موقع " يوتيوب " ،وهي حلقة نادرة.
( - )18نفسه.
- 25 -
ثم أصبح عميدا للكلية ،ورئيسا لقسم العقائد واألديان فيها حتى بلغ من العمر 60سنة ،ودعي من
قبل الدول العربية اإلسالمية ،وكذا الغربية ،من ذلك:
.1دكتوراه في الفقه اإلسالمي وأصوله – درجة االمتياز بمرتبة الشرف األولى من كلية القانون
والشريعة جامعة األزهر .1965
.2دبلوم العلوم السياسية -دراسات عليا -قسم الدكتوراه كلية الحقوق جامعة األزهر (سنتان
دراسة عليا متخصصة ) .1954
) - (19نفسه.
- 26 -
.3دبلوم في العلوم القانونية (سنتان دراسة عليا متخصصة) من معهد البحوث والدراسات
القانونية التابعة لجامعة الدول العربية القاهرة .1963
.4العالمية مع إجازة في تخصص القضاء الشرعي -كلية القانون والشريعة -جامعة األزهر
(سنتان دراسة عليا متخصصة في األحوال الشخصية) .)20(1951
.5العالمية مع اإلجازة في التدريس -من كلية اللغة العربية -جامعة األزهر (سنتان دراسة عليا
متخصصة في التربية وعلم النفس) .1952
.6دبلوم في التربية وعلم النفس (سنتان دراسة عليا متخصصة) -من كلية التربية -جامعة عين
شمس 1952القاهرة.
.7ليسانس في اآلداب (قسم اللغة العربية) بتفوق -من كلية اآلداب -جامعة األزهر .1950
.8ليسانس في الشريعة -كلية القانون والشريعة -جامعة األزهر .)21(1947
فمن أهم النظريات التي أسسها الد َُّرينِي ،وتوسعه في التأليف فيها ،كاآلتي:
النظرية اْلولى " :نظرية التعسف في استعمال الحق في الفقه اإلسالمي " :استوت هذه النظرية
على أصولها في التشريع اإلسالمي منذ القدم ،وفي فقهه أيضا تفسيرا وتطبيقا ،في شق مذاهبه
الجماعية والفردية على السواء ،فتمت بذلك معاييرها ومؤيداتها ،تأصيال وتفريعا ،تحديدا وضبطا،
نظرا وعمال ،وهذا ،ومن المعلوم أن التشريع الوضعي وفقهه ،لم يعرف أصل هذه النظرية إال في
أوائل هذا القرن العشرين ،وعلى نحو ضيق ومبهم( ،(22حيث قال فتحي الد َُّري ِني -رحمه هللا" :-أَ َّن
ي فِيس َالم َولَ ْم يَ ْهتَدِي إلَ ْي َها ا ْلعَالَم َحتَّى سنة2000( :م) ،بَ ْينَ َما ِه َ أ َ َّول َم ْن َوضع َه ِذ ِه النَّ َظ ِريَّة ْ ِ
اإل ْ
ظ ِريَّة أ َ ْدنَى إلَى
ظ ِريَّة ِْلَنَّ َها نَ َ سعَة ِجدًّاَ ،و َكثِير ِمن الد َُّول ت َ ْف َخر أَنَّ َها َو َ
صلَتْ إلَى َه ِذ ِه النَّ َ س َالم َوا ِ ِْ
اإل ْ
س َالم أ َ َّول دين يَقُوم اإل ْ علَى أ َ َّن ْ ِ
ظ ِريَّة أ َ ْكبَر َد ِليل َ
ش ْيء آ َخرَ ،و ِل َه َذا كَا َنتْ َه ِذ ِه النَّ َ ا ْلعَ ْد ِل ِم ْن َها إلَى أَي ِ َ
اإل َمام َما ِلك أ َ ْغ َرق
ظ ِريَّة فِي ا ْلعَالَ ِم كُلهَ ،و َرأَيْت أ َ َّن ْ ِ ست َ ِطي ُع أ َ َحد أ َ ْن يُ ْن ِك َر َه ِذ ِه النَّ َ
بِا ْلعَ ْد ِل فِي ا ْلعَالَمَ ،و َال يَ ْ
( - (20خصائص التشريع اإلسالمي في السياسة والحكم لفتحي الد َُّرينِي ،ط1434( :2هـ 2013 -م( ،مؤسسة الرسالة -بيروت.7 ،-
( - )21بحوث مقارنة في الفقه اإلسالمي وأصوله لفتحي الد َُّرينِي ،ط1429( :2هـ 2007 -م) ،مؤسسة الرسالة -بيروت.7 ،-
( - )22نظرية التعسف في استعمال الحق في الفقه اإلسالمي لفتحي الد َُّرينِي ،ط1387( :1هـ 1967 -م) ،ط1408( :4هـ 1988 -م) ،مؤسسة الرسالة -
بيروت.7-3 ، -
- 27 -
سع" ،وقال أيضا -رحمه هللاَ " :-ما َرأَيْت أ َ َحدا َكت َ َ
ب فِي َه َذا ا ْل َم ْوضُوع ِبتَعَ ُّمق َوت َ َوسع َك َما فِي َها َوت َ َو َّ
َكتَبت"(.)23
النظرية الثانية " :نظرية مفهوم الحق " :قال الشيخ طه الديناري عميد كلية القانون والشريعة
بجامعة األزهر آنذاك ،المشرف على رسالة الدكتوراه لفتحي الد َُّرينِي ،والتي كانت بعنوان" :الحق
ستَاذ ال ُّد ْكتُور فَتْ ِحي الد َُّرينِي،
ومدى سلطان الدولة في تقييده" َ " :ه َذاَ ،وقَد نَ َهض تِ ْل ِميذنا ا ْل َبارْ ،اْل ُ ْ
س َال ِمي» َو ُهو َمدَار ِ
الص َراع الدَّا ِئم اإل ْ ِبجهد َو ِإ ْخ َالص نادرينِ ،ببَحْ ث فكرة «ا ْل َحق َو َ
طبيعَته فِي ا ْل ِف ْق ِه ْ ِ
طر ُم ْع ِضلَة قَانُونِيَّة س َال ِميَّة فِي أ َ ْخ َ ظر الش َِّريعَة ْ ِ
اإل ْ ا ْليَ ْوم بَيْن الش َّْرق َوا ْلغَ ْرب ،و بَيَّن بجالء ِوجْ َهة نَ َ
سيَّة ع ََرفَ َها ا ْلعَالَم َحتَّى ا ْليَ ْومَ ،وقَ ْد َ
سلَكَ ا ْل ُمؤ َِلف فِي بَحْ ثِ ِه َه َذا َم ْن َه ًجا ِع ْل ِميًّا َجدِيدًا، سيَا ِ
صا ِديَّة َو ِ َو ْ
اقتِ َ
ب ا ْلعَ ِزيز
ستِد َْال ِل بِا ْل ِكتَا ِ س َال ِمي َوقَ َوا ِعدِه ا ْلعَا َّمة ،فَ ْ
ض ًال عَن ِاال ْ صو ِل ا ْل ِف ْق ِه ْ ِ
اإل ْ علَى أ َ َ
ساس ِم ْن أ ُ ُ وأَقَا َمهُ َ
احث -فِي َما
س ِبقْ ِلبَ ِ ص َحابَةَ ،واجْ تِ َهادَات أ َ ِئ َّم ِة ا ْل َم َذا ِه ِ
ب ا ْل ِف ْق ِهيَّة َج ِميعًاَ ،ولَ ْم يَ ْ سنَّ ِة ا ْلمط َهرةَ ،وفقه ال َّ
َوال ُّ
َرأَيْت -أ ْن تَنَ َ
او َل َه َذا ا ْل َم ْوضُوع ال َحيَ ِوي ا ْل َخ ِطير بِ َهذِه ْاْل َ َ
صالَة َوا ْلعُ ْمق"( ،)24حيث توصل الدكتور
فتحي الد َُّرينِي من خالل دراسته المعمقة لهذه النظرية؛ أن الحق يمتاز عن جميع الحقوف ،فما سره؟
ب ِإلَىق َوأ َ ْق َر ُ
س َالم لَهُ َم ْف ُهوم َخاص ِفي ا ْل َح ِ ست َ ِطي ُع أ َ ْن نَقُولِ :إن ْ ِ
اإل ْ فيجيب الد َُّري ِني بقولهُ " :هنَا نَ ْ
ع َلىق آ َخر" ،ويقول عن منهجه في هذه النظرية" :أقمت ْاْل َ ِدلَّة َ ا ْل َعدْل َوا ْل ُمجْ ت َ َمع ِم ْن أَي ِ َم ْف ُهوم ِل ْل َح ِ
س َال ِميَّةَ ،و َه َذا لَ ْم يَك ُْن ِْل َ َحد َلهُ ظ ِريَّة فِي ا ْل َحيَاة ْ ِ
اإل ْ صول الَّتِي قَا َمتْ َ
علَ ْي َها النَّ َ ا ْلقَ َوا ِعد َو ْاْل ُ
سس َو ْاْل ُ
فِي َها يَد"(.(25
( - )23هذه األقوال مقتطفة ومستخلصة من كالم الشيخ فتحي الد َُّرينِي في برنامج تلفزيوني؛ يهدف إلى توثيق سير علماء األمة ،سجل سنة،)2002/01/01( :
بعنوان :حديث الذكريات؛ تقديم :د .جاسم المطوع ،علماء مبدعون ،يوم2021-10-15 :م في الساعة الثالثة زواال ،من موقع " يوتيوب " ،وهي حلقة نادرة.
( - )24الحق ومدى سلطان الدولة في تقييده لفتحي الد َُّرينِي ،المصدر نفسه.7-6 :
( - )25هذه األقوال مقتطفة ومستخلصة من كالم الشيخ فتحي الد َُّرينِي في برنامج تلفزيوني؛ يهدف إلى توثيق سير علماء األمة ،سجل سنة،)2002/01/01( :
بعنوان :حديث الذكريات؛ تقديم :د .جاسم المطوع ،علماء مبدعون ،يوم2021-10-15 :م في الساعة الثالثة زواال ،من موقع " يوتيوب " ،وهي حلقة نادرة.
( - )26نفسه.
- 28 -
أوال :بعض أهم مصنفاته ومؤلفاته (آثاره):
-قال العالمة طه الديناري عميد كلية القانون والشريعة بجامعة األزهر المشرف على رسالة
الدكتوراه لفتحي الد َُّري ِني ،والتي كانت بعنوان" :الحق ومدى سلطان الدولة في تقييده" َ " :و ِم َّما
ستَاذ ال ُّد ْكتُور فَتْ ِحي سالَة ا ْل ِع ْل ِميَّة ا ْل َقيِ َمة أَ َّن ْاْل ْ علَى َه ِذ ِه ِ
الر َ تَبَدى ِلي ِم ْن ِخ َال ِل إِش َْرافِي ال َّدقِيق َ
الرأْيَ ،م ِتي ُن ا ْل ُح َّجةُ ،متَ َو ِق ُد ضة ،أ َ ِصي ُل َّ ي ا ْل َع ِار َ ظر ،قَ ِو ُّ
ق النَّ َ صو ِلي ثَبتَ ،وعَا ِلم َب ِ
احث َد ِقي ُ الد َُّري ِني ،أ ُ ُ
ْق ا ْلعُبُو ِديَّةَ ،وا ْع ِتقَادِي أ َ َّن َه َذا ا ْلبَحْ ث
صفَا َء ا ْل َع ِقي َد ِة ِفي ِصد ِ اص ُع ا ْل َب َيان ،يزين ُك ُّل أُولَ ِئكَ َ الذَّكَاءَ ،ن ِ
س َال ِمي َم ْن َه ًجا َوع ُْمقًا اإل ْ فَ ِريد فِي نَ ْو ِع ِهَ ،ويُ ْعتَبَ ُر فَتْ ًحا َجدِيدًا ِل ْلبُ ُحو ِ
ث ا ْل ِع ْل ِميَّ ِة فِي ا ْل ِف ْق ِه ْ ِ
صالَةً"( ،)30وذكرت مؤسسة الرسالة في مقدمة الطبعة الجديدة؛ ط1434( :2هـ 2013 -م) ، َوأ َ َ
( - )27بحوث مقارنة في الفقه اإلسالمي وأصوله لفتحي الد َُّرينِي ،المصدر نفسه.8 :
( - )28خصائص التشريع اإلسالمي في السياسة والحكم لفتحي الد َُّرينِي ،المصدر نفسه.8 :
( - )29هذا القول مقتطف ومستخلص من كالم الشيخ فتحي الد َُّرينِي في برنامج تلفزيوني؛ يهدف إلى توثيق سير علماء األمة ،سجل سنة،)2002/01/01( :
بعنوان :حديث الذكريات؛ تقديم :د .جاسم المطوع ،علماء مبدعون ،يوم2021-10-15 :م في الساعة الثالثة زواال ،من موقع " يوتيوب " ،وهي حلقة نادرة.
( - )30الحق ومدى سلطان الدولة في تقييده لفتحي الد َُّرينِي ،المصدر نفسه.9 :
- 29 -
اء َه َذا لكتاب خصائص التشريع اإلسالمي في السياسة والحكم لفتحي الد َُّرينِي أنه :أ َ َح ُد أَع َْال ِم ُ
علَ َم ِ
َاط ِبي ا ْلعَصْر؛ ِ ِإلحْ يَائِ ِه ِاالجْ ِت َهاد
صة ،لقب ِبش ِ وف قَد ُْرهُ لَدَى ال َخا َّ
ور لَدَى ا ْلعَا َّمة ،ا ْل َم ْع ُر ُ
ا ْلعَصْر ،ا ْل َم ْغ ُم ُ
علَى ا ْلقَانُون ا ْل َو ْ
ض ِعي(.)31 س َال ِميَ ،و َم ِزيَّته َ اصدِي َوالت َّ ْن ِويه ِب َج َما ِليَّة ا ْل ِف ْقه ْ ِ
اإل ْ ا ْل َمقَ ِ
ثالثا :وفاته:
توفي الدكتور ُم َح َّمد فتحي الد َُّري ِني في األول من يونيو سنة 2013م ،في سوريا عن عمر ناهز
تسعين عاما(.)32
هذا ،وبعد الحديث عن البطاقة الشخصية للعالمة اْلصولي الراحل الدكتور فتحي الد َُّرينِي؛ حيث
حاولت أن أتعمق ولو قليال في شخصيته العلمية الكبيرة ،فبحثت محاوال أن أجمع كل من ترجم له
وعرف به ،فوجدت صعوبة كبيرة في الحصول على مصادر ومراجع موثوقة ،بل وانعدام حتى
الدراسات حوله ،وبعد بحث طويل وجدت دراسة واحدة ،لعلها أن تكون ترجمة له ،لكن لألسف لم
أستطع أن أجدها أو أحصل عليها مما جعلني أحزن؛ وهذه الدراسة بعنوان " :االجتهاد المقاصدي
عند الد َُّرينِي وتطبيقاته على القضايا المعاصرة لألستاذ عساف ثابت أحمد عبد الحافظ " ،لكن
واصلت البحث فبذلت مجهودا ليس بالكثير وليس بالقليل فتمكنت بتوفيق هللا سبحانه وتعالى من
وضع وصياغة ترجمة متوسطة أو ال بأس بها ،والذي ساعدني وبث البسمة في وجهي أثناء
البحث ،حلقة نادرة جدا للشيخ -رحمه هللا -في برنامج تلفزيوني يهدف إلى توثيق سير علماء
اْلمة ،سجل سنة2002( :م) ؛ بعنوان " :حديث الذكريات " ،تقديم الدكتور جاسم المطوع ،علماء
مبدعون ،يوم )2021-10-15( :في الساعة الثالثة زواال من موقع يوتيوب ،وحضر لهذا البرنامج
عدد كثير وافر من الشيوخ منهم - :الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي - ،الشيخ محمود شاكر،
-الشيخ عبد الرحمن حبنكة - ،الشيخ شعيب اْلرناؤوط - ،الشيخ وهبة الزحيلي - ،الشيخ محمد
عمارة - ،الشيخ شاهد البوشيخي - ،الشيخ عوض القرني - ،الشيخ اللغوي تمام حسان - ،الشيخ
( - )31خصائص التشريع اإلسالمي في السياسة والحكم لفتحي الد َُّرينِي ،المصدر نفسه.7 :
( - )32أخذته :من موقع الجزيرة يوم2021-11-18 :م في الساعة12:16:؛ ليال ،وهي موسوعة إلكترونية إخبارية تختص بالتعريف بالشخصيات والهيئات
واألحداث والقضايا والمصطلحات السائدة ،موثوقة المصدر ،المصدر نفسه.
- 30 -
زهير الشاويش - ،الشيخ التهامي الراجي - ،الشيخ المقاصدي أحمد الريسوني ،وغيرهم من
العلماء .وانطالقا مما سبق سيكون الكالم في المبحث الثاني من الفصل التمهيدي -إن شاء هللا-
عن تأثر الشيخ فتحي الد َُّرينِي بفكر اإلمام الشاطبي وكتابه الموافقات ،وذلك بذكر أقواله عنه وعن
كتابه النفيس.
س ُمهُ ا ْل ُم َوافَقَات فِي القول اْلول :يقول فتحي الد َُّرينِي" :أَفَا َدنِي عَا ِلم َكبِير ِمن ْاْل َ ْن َدلُس ،أ َ َ
لف ِكتَابًا ا ْ
َّاط ِبي".
اإل َما ُم الش ِ أُ ُ
صو ِل الش َِّري َع ِة؛ ْ ِ
ط َرقَهُ
صول َك َما َ
اء ْاْل ُ اصد؛ لَ ْم َي ْط ُر ْقهُ أ َ َحد ِم ْن ُ
علَ َم ِ القول الثاني :يقول فتحي الد َُّري ِنيِ " :ع ْلم ا ْل َمقَ ِ
َّاط ِبي".
الش ِ
القول الرابع :يقول فتحي الد َُّري ِنيَ " :لهُ َرأْي لَ ْم أ َ ِج ْدهُ ِع ْن َد ا ْلعُلَ َماء؛ َرأْي آت ِمن ْاْل َ ْن َدلُس َولَي َ
ْس ِمن
سائِر ا ْلعُلَ َماء فِي ْاْل ُ ُ
صول". س َ ا ْلعَ َرب ،فَ ُه َو عَا ِلم َكبِير َل ْم يَأ ْ ِ
ت ِب َه َذا ا ْل ِكتَاب إِ َّال بَ ْع َد أ َ ْن د ََر َ
َّاطبِي"(.)33
اإل َمام الش ِ القول الخامس :يقول فتحي الد َُّرينِي" :أَنَا فِي ُكتُبِي ك ُِل َها أ َ ْعتَ ِم ُد َ
علَى فِ ْك ِر ْ ِ
( - (33هذه األقوال مقتطفة ومستخلصة من كالم الشيخ فتحي الد َُّرينِي في برنامج تلفزيوني؛ يهدف إلى توثيق سير علماء األمة ،سجل سنة،)2002/01/01( :
بعنوان :حديث الذكريات؛ تقديم :د .جاسم المطوع ،علماء مبدعون ،يوم2021-10-15 :م في الساعة الثالثة زواال ،من موقع " يوتيوب " ،وهي حلقة نادرة.
- 31 -
المطلب الثاني :أقواله عن كتاب الموافقات
سنُ َ
ون س َال ِمي ُك َّلهُ ِإ َذا َخ َر َج ِم ْن ُه ْم أنَاس ،يُحْ ِ القول الثاني :يقول فتحي الد َُّري ِني" :أ َ َنا أ َ ْدعُو ا ْل َعا َل َم ْ ِ
اإل ْ
اس ،أ َ ْدعُو ُه ْم أ َ ْن َيقُو ُموا ِب َه ِذ ِه ا ْل َم َه َّمة ا ْل ُكب َْرى ِْل َ َّن لَ ُه ْم أ َ ْج ًرا ع َِظي ًما". سةَ َه َذا ا ْل ِكتَاب َوش َْرحه ِللنَّ ِ
د َِرا َ
ب ِمنِي ْاْل َ ْز َهرط َل َام َعات أ َو َل َها ِد َمشْقَ ،و َ ستُهُ ِفي ِع َّد ِة َج ِالقول الثالث :يقول فتحي الد َُّري ِني" :دَر ْ
ص ا ْل َمادَّة ،فَقَا َل ِليِ :إ َذا ُك ْنتَ تُحْ س ُن ِإلَ ْي َنا أ َ ْن تَش َْر َح ِكت َ َ
اب ا ْل ُم َوافَ َقات َونَحْ ُن علَى ت َ َخ ُّ
ص ِ ِحينَ َما َح َ
صلت َ
ي الَّ ِتي
سالَتُك ِه َ نُ ْع ِطيكَ ْاْلَجْ رَ ،ونَحْ ُن فِي ْاْل َ ْز َهر نَ ْهت َ ُّم ِب َه َذا ا ْل َم ْوضُوع َولَ ِكنَّهُ َ
ص ْعب ِجدًّاَ ،و َه ِذ ِه ِر َ
َجعَ ْلتنَا أ َ ْن نُقَد َِر ْاْلَتْعَاب الَّتِي بَ َذلت فِي َه َذا ا ْل َم ْوضُوع "(.)34
(من خالل هذه األقوال المؤثرة ،وبعد قرأتي لتمهيد كتاب نظرية المقاصد عند اإلمام الشاطبي ألحمد
الريسوني يتبين ويتضح أن كتاب الموافقات موجه للعلماء والفحول والراسخين في العلوم الشرعية
َّ
()35؛ وما يؤكد ذلك ،قولة لإلمام الشاطبي -رحمه هللا -وردت في كتابه الموافقات ،كما وردت في
كتاب نظرية المقاصد ،وفي كتاب اسمه " أهم الكتب التي أثرت في فكر اْلمة في القرنين التاسع
عشر والعشرين ميالدي (الرابع عشر والخامس عشر للهجرة) " لمجموعة من الباحثين ،في
الجزء األول الذي هو بعنوان :محور الفقه والقانون والثقافة اإلسالمية ،مدخل :نحو تفعيل مقاصد
ظر ُم ِفيد أ َ ْو ُم ْ
ست َ ِفيدَ ،حتَّى َيك َ
ُون ريان اظ ِر فِي َه َذا ا ْل ِكتَاب أ َ ْن َي ْن ُ
ظ َر فِي ِه نَ َ س َم ُح ِللنَّ ِ
الشريعةَ ..." :و َال يُ ْ
ِم ْن ِع ْل ِم الش َِّري َع ِة أ ُ ُ
صول َها َوفُ ُروع َهاَ ،م ْنقُول َها َو َم ْعقُول َها .) )36("...
( - )34نفسه.
الريسوني ،تقديم الدكتور طه جابر ال َعلواني ،سنة الطبع:
الريسوني ،كتاب نظرية المقاصد عند اإلمام الشاطبي للدكتور أحمد َّ
( - )35بتصرف عن الدكتور أحمد َّ
(1416هـ 1995 -م) ،المعهد العالمي للفكر اإلسالمي.17 ،
( - )36أهم الكتب التي أثرت في فكر األمة في القرنين التاسع عشر والعشرين ميالدي (الرابع عشر والخامس عشر للهجرة) ،لمجموعة من الباحثين - :د .عبد
الحميد أحمد أبو سليمان مدير المعهد العالمي للفكر اإلسالمي - ،د .رفعت العوضي - ،د .عبد الرحمن النقيب ،وراجعه - :د .زكريا سليمان بيومي - ،د .صالح
عبد السميع عبد الرازق ،دار الكلمة.482/1 ،
- 32 -
س َالمَ ،و َال يُو َج ُد أَ ُّ
ي القول اْلول :يقول فتحي الد َُّرينِي عن علم األصولِ " :ع ْل ُم ْاْل ُ ُ
صول تَفَ َّر َد بِ ِه ْ ِ
اإل ْ
ّللاُ تَعَالَى" .
ع َها َّ س َال ِم أ ُ ُ
صول فِي ا ْلقَ َوانِين الَّتِي شَر َ قَانُون فِي ا ْلعَا ِلم لَهُ أ ُ ُ
صول َك َما ِل ْ ِ
ْل ْ
القول الثاني :يقول فتحي الد َُّري ِني عن القواعد والفروع التي في القرآن الكريم" :ا ْلقُ ْرآن ا ْلك َِريم ُكلُّهُ
س َب ِة ِإلَى َما تَؤُو ُل إِلَ ْي ِه َه ِذ ِه قَ َوا ِعد إِ َّال قَ ِليل ِم ْن ا ْلفُ ُروع كَالنِكَاح؛ ا ْهت َ َّم بِ ْاْل ُ ْ
س َرة ا ْهتِ َما ًما َك ِب ً
يرا بِالنِ ْ
اإل ْرث بِالت َّ ْف ِصيل". علَى ْاْل ُ َّمةَ ،و ْ ِ
س َرة ِم ْن َخيْر َ ْاْل ُ ْ
س َال ِمي دِين عَا َل ِمي َو َال يُو َج ُد َلهُ القول الثالث :يقول فتحي الد َُّري ِني عن الدين اإلسالمي" :الدِي ُن ْ ِ
اإل ْ
نَ ِظير ِفي ا ْل َعالَم".
مالحظة مهمة( :هذه األقوال المستخلصة من كالم الشيخ -رحمه هللا -حرصت فيها كل الحرص
على ما قاله الد َُّري ِني بالضبط وراعيت الدقة في االستخالص ،ولم أتساهل مع هذا األمر حتى ال أقع
في االفتراء).
بعد ذكر أقوال الد َُّرينِي عن اإلمام الشاطبي وكتابه "الموافقات" ،مباشرة بحول هللا عز وجل؛
سيكون الكالم في المبحث الموالي واْلخير من الفصل التمهيدي؛ في التعريف بالكتاب النفيس الذي
يتميز بالسهولة واليسر ،وهو كتاب "المناهج اْلصولية في االجتهاد بالرأي في التشريع اإلسالمي"
لألصولي البارع فتحي الد َُّرينِي ،وذلك بذكر بعض طبعات الكتاب ،وعدد أجزائه وصفحاته
ومحتوياته ،وبعض المصادر التي اعتمدها الد َُّرينِي في مبحث "ا ْل ُم ْطلَق َوا ْل ُم َقيَّد" باعتباره
( - )37هذه األقوال مقتطفة ومستخلصة من كالم الشيخ فتحي الد َُّرينِي في برنامج تلفزيوني؛ يهدف إلى توثيق سير علماء األمة ،سجل سنة،)2002/01/01( :
بعنوان :حديث الذكريات؛ تقديم :د .جاسم المطوع ،علماء مبدعون ،يوم2021-10-15 :م في الساعة الثالثة زواال ،من موقع " يوتيوب " ،وهي حلقة نادرة.
- 33 -
موضوعا لهذا البحث ،وأيضا بيان أهمية الكتاب وجهود مؤسسة الرسالة في العناية به ،مع
اإلشارة لبعض الكتب التي تحمل نفس "عنوان" هذا الكتاب ونحوه.
توطئة:
كتاب "المناهج اْلصولية"؛ ذو المنهج المرتب ،واْلسلوب السهل ،والتحقيق السليم والنظر الدقيق:
- 34 -
وهو مبحث االجتهاد بالرأي ،ومناهج األصوليين في ذلك من حيث استنباط األحكام من النصوص
الواضحة كالنص والظاهر والمفسر والمحكم ،وغير الواضحة كالخفي والمشكل والمجمل والمتشابه
وغير ذلك ،ثم تعرض لمبحث الدالالت واْللفاظُ ،متَخَيِ ًرا في كل ذلك أقوى األدلة وأنقى المسالك،
ضا ألدلة كل مع مناقشة تلك األدلةُ ،م َوض ًحا لكل مسألة في
ار ً
ع ِمبينا مواطن اإلجماع والخالفَ ،
الغالب بمثال؛ لتكون االستفادة من هذا ْال ُم َ
صنَّف قريبة المنال ،ولم يَ ْقت َ ِ
صر على طريقة الحنفية أو
الشافعية في هذا الفن ،بل هو جامع للطريقتين وشارح للمنهجين(.(38
.1كانت طبعته الثانية ،بالشركة المتحدة للتوزيع ،بسوريا (دمشق) ،سنة1405( :هـ 1985 -م)،
وهو في جزء واحد ،وعدد صفحاته حسب هذه الطبعة بلغت ( )732صفحة ،ولم تضع
المؤسسة مقدمة لطبعتها في الكتاب ،ويبدو أن الطبعات األولى لهذا الكتاب "المناهج
األصولية" ،كانت بدمشق ،لما ذكره الد َُّري ِني في أخر هذه الطبعة" :انتهى بحمد هللا وتوفيقه،
(دمشق الجديدة) ،ربيع اْلول سنة1396( :هـ 1976 -م((.(39
.2وكانت طبعته الثالثة (الطبعة الجديدة) ،بمؤسسة الرسالة بلبنان (بيروت) ،سنة1434( :هـ -
2013م) ،وهو في جزء واحد ،وعدد صفحاته حسب هذه الطبعة بلغت ( )568صفحة،
ووضعت المؤسسة مقدمة لطبعتها في الكتاب ،في خمس صفحات.
مقدمة :وتحدث فيها الد َُّري ِني عن االجتهاد بالرأي ،وأن ال حجة في قصره وحصره فيما ال
نص فيه ،بحديث معاذ رضي هللا عنه ،وأنه ال يكون في القطعيات ،ووقف عند صلته بمفهوم
العدل في اإلسالم ،وبين أن المناهج األصولية مشتقة من خصائص اللغة ،ومقاصد التشريع.
ثم جعل كتابه في أربعة فصول ،وهي:
( - )38المناهج األصولية لفتحي الد َُّرينِي ،ط1434( :3هـ 2013 -م) ،مؤسسة الرسالة -بيروت.6-5 ،-
( - )39المناهج األصولية لفتحي الد َُّرينِي ،ط1405( :2هـ 1985 -م) ،الشركة المتحدة للتوزيع ،دمشق.727 ،
- 35 -
صهُ الد َُّرينِي للحديث عن منهج األصوليين في استنباط األحكام من .1الفصل اْلولَ :خ َّ
ص َّ
النصوص الواضحة؛ فشمل هذا الفصل الكالم عن (الظاهر ،والنص ،والمفسر،
والمحكم).
.2الفصل الثاني :أ َ ْف َر َدهُ الد َُّري ِني للحديث عن منهج األصوليين في استنباط األحكام من
النصوص الغير الواضحة؛ فَ َ
ض َّم هذا الفصل الكالم عن (الخفي ،والمشكل ،والمجمل،
والمتشابه ،والتأويل ،والتفسير).
عقَ َدهُ الد َُّري ِني للحديث عن الدالالت؛ فاحتوى هذا الفصل الكالم عن
.3الفصل الثالثَ :
(عبارة النص ،وإشارة النص ،وداللة النص ،وداللة االقتضاء ،ومفهوم المخالفة).
.4الفصل الرابعَ :محضه الد َُّري ِني للحديث عن األلفاظ؛ فضم هذا الفصل الكالم عن (العام
والخاص ،وا ْل ُم ْطلَق َوا ْل ُمقَيَّد ،واألمر والنهي)(.)40
ثالثا :بعض المصادر التي اعتمدها الد َُّري ِني في مبحث "ا ْل ُم ْطلَق َوا ْل ُم َقيَّد" :
• القرآن الكريم.
- 36 -
اإلحكام في أصول األحكام لإلمام علي بن ُم َح َّمد اآلمدي (ت631 :هـ).
إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم األصول للشوكاني (ت1255 :هـ(.
جمع الجوامع في أصول الفقه لإلمام تاج الدين السبكي (ت771 :هـ).
فواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت لإلمام محب هللا عبد الشكور (ت1119 :هـ).
المستصفى لإلمام الغزالي (ت505 :هـ).
مختصر المنتهى لإلمام ابن الحاجب (ت646 :هـ).
تتجلى أهمية كتاب "المناهج اْلصولية" في كونه كتاب أصولي نفيس ومفيد ،والذي يُ َع ُّد من أجود
ما كتب في باب االجتهاد بالرأي ومناهج علماء األصول في ذلك من حيث استنباط األحكام من
النصوص الواضحة وغير الواضحة ،كما يُ َع ُّد من أجود ما كتب في مبحث الدالالت واْللفاظ جامع
في ذلك للطريقتين الحنفية والشافعية ،كما تتجلى أهميته أيضا في كونه كتاب واضح سهل العبارة
حيث نستطيع من خالله أن نفهم كيف يفكر األصولي وما هي أدواته لتحليل النصوص وإعمالها،
كما يمتاز هذا الكتاب بمنهج جيد وبقوة العرض والبيان والدقة في النظر والتحقيق الرصين(.(42
- 37 -
س َع ْ
ت المؤسسة في إعادة طبعه ،والهدف من ذلك وألهمية هذا الكتاب بما تضمنه من بحوث قيمةَ ،
هو إيصال الكتاب المفيد الهادف إلى القارئ الذي يطلبه ويحتاجه في دقة وإتقان ومنهجية ،إضافة
ش ْك ًال َو َم ْ
ض ُمونًا ،واضعة في سبيل ذلك ما تَ َك َّون إلى المظهر الحسن ،محاولة بلوغ الصورة الفضلى َ
لديها من خبرات في هذا المجال على مدى سنوات طويلة ،وإتماما لفائدة الكتاب ،فقد اعتنى مكتب
تحقيق التراث لدى المؤسسة بتخريج أحاديثه معتمدا في ذلك المنهج التالي:
.1إذا كان الحديث في الصحيحين أو أحدهما ،اكتفينا بالتخريج منهما ،مضافا إليها «مسند اإلمام
أحمد» [ط.الرسالة] ،وإنما أضفناه لمن أراد االستزادة والتوسع في التخريج.
.2إذا لم يكن الحديث في الصحيحين أو أحدهما ،أخرجناه من األربعة ،مضافا إليها «مسند
اإلمام أحمد» لنستفيد حكم الحديث من الطبعة المشار إليها ،فإن لم يكن الحديث في «المسند»
فنستفيد حكمه من «صحيح ابن حبان» [ط.الرسالة] ،إن وجد فيه.
.3فإن لم يكن الحديث موجودا في الكتب الستة و«المسند» ،قمنا بتخريجه من بقية كتب السنة.
هذا ،ونسأل هللا العون والتيسير ،والحفظ من الخطأ والزلل ،وأن يجعل عملنا هذا خالص لوجهه
الكريم ،وأن ينفع به واضعه وقارئه وكل من كانت له يد في إخراجه ،والحمد هلل رب العالمين(.)43
ثالثا :بعض الكتب التي تحمل نفس عنوان كتاب "المناهج اْلصولية" لفتحي الد َُّرينِي ونحوه:
المناهج األصولية في االجتهاد بالرأي في التشريع اإلسالمي لعبد الملك عبد الرحمن السعدي
العراقي ،دار النور المبين للدراسات والنشر.
االجتهاد بالرأي في التشريع اإلسالمي لنذير حمادو ،دار ابن حزم.
االجتهاد بالرأي لعبد الوهاب خالف ،مطبعة دار الكتاب العربي مصر في طبعته األولى
سنة1369( :هـ 1950 -م) ،وهو يقع في ( )98صفحة وتضمن هذا الكتاب مقدمة و ُ
ط ُرق
االجتهاد بالرأي؛ ففي المقدمة :بَيَّنَ أن كل واقعة تنزل بالمسلم في أي عصر ،وفي أي مكان،
ومن أي نوع كانت تلك الواقعة البد أن يكون لها حكم شرعي ،وأما ُ
ط ُرق االجتهاد بالرأي
- 38 -
ففصل القول فيها ،وذكر منها :القياس واالستحسان والمصالح المرسلة (االستصالح)،
واالستصحاب(.)44
االجتهاد األصولي عند أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي هللا عنه (دراسة في المنهج
األصولي لالجتهاد بالرأي لدى عمر) للدكتور ُم َح َّمد فؤاد ضاهر( ،أصل هذا الكتاب رسالة
علمية نال بها المؤلف درجة الدكتوراه في أصول الفقه بتقدير ممتاز من جامعة بيروت
اإلسالمية)(.)45
االجتهاد بالرأي في عصر الخالفة الراشدة (دراسة تحليلية في أصول سياسة التشريع
سنوسي( ،أصل هذا الكتاب رسالة
ومقاصده وتاريخه) للدكتور عبد الرحمن بن ُمعمر ال َّ
دكتوراه قدمت إلى كلية الشريعة بالجامعة األردنية ،ونوقشت بقاعة مجمع اللغة العربي
األردني في عمان ،وقد حصل صاحبها على درجة الدكتوراه بامتياز ،ووضع اسمه في سجل
الشرف الذهبي للجامعة)(.)46
االجتهاد بالرأي في مدرسة الحجاز الفقهية لخليفة بابكر الحسن ،مؤسسة الزهراء للنشر
والتوزيع.
( - )44عبد الوهاب خالف الفقيه األصولي المجدد للدكتور ُم َح َّمد شبير ،ط1431( :1هـ 2010 -م) ،دار القلم -دمشق.138-137 ، -
( - )45االجتهاد األصولي عند أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي هللا عنه للدكتور ُم َح َّمد فؤاد ضاهر ،ط1438( :1هـ 2017 -م) ،مبرة اآلل واألصحاب
-الكويت ،-واجهة الغالف.
( - )46االجتهاد بالرأي في عصر الخالفة الراشدة للدكتور عبد الرحمن بن ُمعمر السَّنوسي ،ط1432( :1هـ 2011 -م) ،اإلصدار الحادي والعشرون
بقلم رئيس تحرير مجلة الوعي اإلسالمي.3 ،
- 39 -
الفصل اْلولَ :ح ِقيقَة ا ْل ُم ْطلَق
َوا ْل ُمقَيَّد
- 40 -
بعدما تطرقت في الفصل التمهيدي إلى البطاقة الشخصية للعالمة اْلصولي الراحل الدكتور فتحي
الد َُّرينِي ،والتعريف بكتابه "المناهج اْلصولية في االجتهاد بالرأي في التشريع اإلسالمي"،
سأحاول -مستعينا باهلل ومتوكال عليه -في هذا المبحث اْلول من الفصل اْلول؛ أن أعرف بالمطلق
َوا ْل ُمقَيَّد من الناحية اللغوية ،وذلك بالرجوع ْلبرز المعاجم اللغوية ،والبحث فيها حتى يتبين لنا
المعنى اللغوي لكل من لفظ "ا ْل ُم ْطلَق" ولفظ "ا ْل ُمقَيَّد".
- 41 -
طلَّقَ :ال َّ
حر فِي ِه َو َال قَر"(.)51 ورد في القاموس المحيطَ " :ي ْوم َ
ع ْنهُ ،قَا َل: ي َ ط َلقِ ،إ َذا ُخ ِل َ طا ِلق َو ُم ْط ْلق َو َ ط ِليق َو َ ورد في لسان العربَ " :قا َل ْاألَع َْرا ِبي :يُ َقا ُل ُه َو َ
ان ِإ َذا
س ِ سالَ ،ويُقَا ُل ِل ْ ِ
إل ْن َ ط َال ُق ِب َم ْعنَى الت َّ ْرك َو ْ ِ
اإل ْر َ اإل ْ سا ُل َوح ُّل ْالع ْقدَِ ،ويَ ُك ُ
ون ْ ِ يق الت َّ ْخ ِليَةُ َو ْ ِ
اإل ْر َ َوالت َّ ْ
ط ِل ُ
طلَّقَت طي ِْنَ ،ويُقَا ُل :تَ َ طا أ َ ْو ش َْو َ
ي ش َْو ً ط ْلقًا أ َ ْو َ
طلقَي ِْن أ َ ْ ع َدا ْالفَ َرس َ
ار ُح ًّراَ ،ويُقَا ُلَ : ص َ ي َ ط ِليق ،أ َ ْ أ ُ ْعتَقَ َ
س إِلَى ْالغَايَ ِة"(.)52
ط ْلقًا لَ ْم ت ُ ْحت َ َب ْ
ت َ ْال َخ ْي ُل إِ َذا َم َ
ض ْ
ط َالقًا :ت َ َحرر ِم ْن قَيْد َون َْح ِوهَِ ،و ْال َم ْرأَة ُ
طلُوقًا َو َ
طلقَ ُ اإل ْ
ط َالقَ ، ورد في المعجم الوسيطْ " :ال ُم ْ
طلَق ِم ْن ْ ِ
ت ِإبِلُ ُه ْم َون َْحوهَا فِيص َمتِ ِه ،يُقَا ُلْ :القَ ْو ُم طلقَ ْت ِم ْن ِع ْ الز َواجِ َوخ ََر َج ْ ت ِم ْن قَ ْي ِد َّط َالقًا :ت َ َحلَّلَ ِْم ْن زَ ْو ِج َها َ
سلَ َها إِلَى ْال َم ْر َ
عى أ َ ْو َ
غي ِْرهِ، ط َلقَ ْال َما ِشيَةَ :أ َ ْر َ
ش ْي َء :حلَّهُ َو َح َّر َرهَُ ،و ِم ْنهُ :أ َ ْ اءَ ،وأ َ ْ
طلَقَ ال َّ إل َو ْال َم ِ
ب ْال َك َ ِ
طلَ ِ
َ
ت"(.)54 احبُهُ ِم ْن َج ِميعِ الت َّ َ
ص ُّرفَا ِ ص ِ طلَقَ :ما َال يُقَيَّ ُد بِ َقيْد أ َ ْو شَرطْ ،ال ُم ْ
طلَ ُق الَّذِي َيتَ َم َّك ُن َ ْال ُم ْ
( - )51القاموس المحيط لمجد الدين ُم َح َّمد بن يعقوب الفيروزآبادي ،تحقيق أنس ُم َح َّمد الشامي وزكريا جابر أَحْ َمد ،سنة الطبع1429( :هـ 2008 -م) ،دار
الحديث للنشر والتوزيع -القاهرة -باب الطاء ،مادة( :طلق).1013 ،
( - )52لسان العرب البن منظور ،تحقيق عبد هللا علي الكبير ،و ُم َح َّمد أَحْ َمد حسب هللا ،وهاشم ُم َح َّمد الشاذلي ،طبعة جديدة ،دار المعارف -القاهرة ،-باب الطاء،
مادة( :طلق).2695-2693 ،
( - )53معجم اللغة العربية المعاصرة ِألَحْ َم ْد مختار عمر ،ط1429( :1هـ 2008 -م) ،عالم الكتب -القاهرة -باب الطاء ،مادة( :ط ل ق).1412-1411 ،
( - )54المعجم الوسيط لمجموعة من المؤلفين (إبراهيم أنيس ،عبد الحليم منتصر ،عطية الصوالحيُ ،م َح َّمد خلف هللا أحمد) ،ط1425( :4هـ 2004 -م)،
مجمع اللغة العربية ،مكتبة الشروق الدولية -القاهرة.564-563 ،-
- 42 -
ش ْيءَ ،و ْال ُم ْ
طلَ ُق ِم ْن ْاأل َ ْح َك ِام ضاف ِإلَى َ
غي ُْر ُم ْن َ ي ِب َال قَيْد َو َال وثَاقَ ،و َماء ُم ْ
طلَقَ :
قراح َ ط ْلقًا أ َ ْ
الس ْج ِن َ
ِ
َما ليس فِي ِه ا ْس ِتثْنَاء"(.)55
ار فِي ُك ِل ي ْالقَ ْيدَُ ،و ُه َو َم ْع ُروف ،ث ُ َّم يُ ْستَعَ ُ اح َدةَ ،و ِه َاف َو ْاليَا ُء َوالدَّا ُل َك ِل َمة َو ِ قال ابن فارسْ " :القَ ُ
ع ِة إِد َْرا ِك ِه ش ِم ْن ُ
س ْر َ س ،يُقَالُ :قَيَّ ْدتُهُ أُقَيِ ُدهُ ت َ ْقيِيدًاَ ،ويُقَالُ :فَ َرس قَ ْي ُد ْاأل َ َوابِدِ ،أ َ ْ
ي فَ َكأ َ َّن ْال َو ْح َ ش ْيء ي ُْحبَ ُ
َ
ِب ُم ْن َج ِرد قَ ْي ِد ْاْل َ َوا ِب ِد َه ْي َك ِل. طي ُْر ِفي ُو ْك َنا ِت َها .... لَ َها ُمقَيَّ َدة ،قَا َلَ :وقَ ْد أ َ ْغتَدِي َوال َّ
ون َذ ِل َك ْالقَ ِر ُ
ين ض ُع ْالقَ ْي ِد ِمنَ ْالفَ َر ِس"( ،)56وقال أيضاَ " :والت َّ ْق ِيي ُد أ َ ْن ي ْذ ُك َر ِبقَ ِرين ،فَ َي ُك ُ َو ْال ُمقَيَّدَُ :م ْو ِ
عتِ ِه ،فَإ ِ َذا قَا َل: ش َجا َشبَّ َههُ ِب َليْث فِي َ زَ ائِدًا فِي ْال َم ْعنَىِ ،م ْن َذ ِل َك أ َ ْن َيقُو َل ْالقَائِ ُل" :زَ يْد لَيْث" فَ َه َذا ِإنَّ َما َ
ان الَّذِي ُح ِر َ
ب فَ ِري َ
ستهُ"(.)57 ب" َو ُه َو ْال َغ ْ
ض َب ُ ب" فَقَ ْد زَ ا َد " ْال َح ِر َ
ث ْال َح ِر َ
" ُه َو َكاللَّ ْي ِ
يس فِي ْال ِم ْق َد ِار ،يُقَا ُل ِل ْلفَ َر ِس ْال َج َوا ِد :قَ ْي ُد ْاأل َ َوابِ ِد
ورد في كتاب العين" :قَيَّ َدتُهُ بِ ْالقَ ْي ِد ت َ ْق ِييدًاَ ،و ْالقَ ْي ُدْ :ال ِق ُ
) . (59 لَهُ" ُم َقيد ُه َو َكأَنَّ َما لَ ِحقَهُ َرآه ُ إِ َذا أَ ْ
ي
ش ْكلُهَُ ،و ِك َال ُه َما ضبطهَُ ،و َك َذ ِل َك قَيَّ َد ْال ِكتَاب بِال َّ
ش ْك ِلَ : ورد في لسان العرب" :يُقَا ُل :قَيَّ َد ْال ِع ْل َم بِ ْال ِكتَابَ :
ط َلقَ ،و ْالقيا ُدَ :حبْل
ف ْال ُم ْ
ش ْكلُهَُ ،و ْال ُمقَيَّ ُد ِم ْن الش ْع ِرِ :خ َال ُ
طهُ َو ِإ ْع َجا ُمهُ َو َ علَى ْال َمث َ ِلَ ،وت َ ْق ِيي ُد ْالخ ِ
َط ت َ ْن ِقي ُ َ
ض ُع ْالقَ ْي ِد ِم ْن ِرج ِل ْال َف َر ِس"(.)60 تُقَا ُد ِب ِه الدَّابَّةَُ ،و ْال ُم َقيَّ ُدَ :م ْو ِ
( - )55معجم متن اللغة للعالمة اللغوي أحمد رضا ،سنة الطبع1378( :هـ 1959 -م) ،دار مكتبة الحياة -بيروت ،-مادة( :ط ل ق).625-624/3 ،
( - )56معجم مقاييس البن فارس ،تحقيق عبد السالم ُم َح َّمد هارون ،المصدر نفسه :كتاب الطاء ،مادة( :قيد).44/5 ،
ط َلق َو ْال ُمقَيَّد.200 ،
( - )57الصَّاحِ بِي في فقه اللغة العربية البن فارس ،المصدر نفسه :باب الخطاب ْال ُم ْ
( - )58القاموس المحيط لمجد الدين ُم َح َّمد بن يعقوب الفيروزآبادي ،تحقيق أنس ُم َح َّمد الشامي وزكريا جابر أَحْ َمد ،المصدر نفسه :باب القاف ،مادة( :قيد)،
.1384
( - )59كتاب العين للخليل بن أحمد الفراهيدي ،تحقيق الدكتور عبد الحميد هنداوي ،ط1424( :1هـ 2003 -م) ،دار الكتب العلمية -لبنان ، -باب القاف ،مادة:
(قيد).446/3 ،
( - )60لسان العرب البن منظور ،تحقيق عبد هللا علي الكبير ،المصدر نفسه :باب القاف ،مادة( :قيد).3793-3792 ،
- 43 -
ب /تَقَيَّ َد فِيَ ،يتَقَيَّ ُد تَقَيُّدًا ،فَ ُه َو ُمت َ َق ِيدَ ،و ْال َم ْفعُو ُل
ورد في معجم اللغة العربية المعاصرة" :ت َ َقيَّ َد /تَقَيَّ َد ِ
ُمت َ َقيد ِب ِه ،يُقَا ُل :تَقَيَّ َد ْال َع ْقدُْ ،الت َزَ َم ِب ُ
ش ُروط ُم َعيَّنَة 'تَقَيَّ َد ِب َع ْق ِد َع َمل' ،يُقَا ُل ت َ َقيَّ َد ِب ْاأل َ ْم ِرَ :حافَظ َ
ع َل ْي ِه ِب ِدقَّة
ت/ عاتُهُ 'تَقَيَّ َد بِ ْالقَس ِْم/بِ َوعْد/بِقَ َرار/بِ ْاأل َ ْن ِظ َم ِة/بِ ْاأل َ َو ِام ِر/بِالت َّ ْع ِلي َما ِ علَ ْي ِه ُم َرا َ ب َ يحد َع َّما َي ِج ُ َولَ ْم ِ
سانِ َك قَ ْب َل أَ ْن س َّج َل ا ْس َمهُ ِب َهاَ ،و ِم ْنهَُ :قيد ِل َ امعَ ِةَ : ب فِي ْال َج ِ بِ ْالقَ َوانِ ِ
ين/بِ ُم ْعتَقَ َداتِ ِه الدِي ِنيَّ ِة' ،يُقَا ُل :ت َ َقيَّ َد َّ
الطا ِل ُ
ضبَ َ
ط َهاَ ،ويُقَا ُل :قَيَّدُوا ِن َع َم لك قَ ْلبه بِ ِهَ ،وقَيَّ َد ْال ِف ْك َرة َ فِي ْال ِكتَا ِ
ب أَثْ َبت َ َها َو َ انَ :م َ س ِاإل ْح َ دكَ ،وقيد فُ َالن بِ ْ ِ يُقَيِ َ
ش ُروطَ :ح َّد َدهُ بِ َهاَ ،وفُ َالن َمازَ ا َل اب َر ْق َمهَُ ،وقَيَّ َد ْالعَ ْق َد بِ ُ
س َ ش ْك ِرَ ،وقَيَّدُوا ْال ِع ْل َم بِ ْال ِكتَابَ ِةَ ،وقَيَّ َد ْال ِح َ
ّللا بِال ُّ
َّ ِ
غيْر ْال َم ْو ُ
صولَ ِة، ت ،ت َ ْقيِيد :تَس ِْجيل َو ِإثْبَات فِي َو َر َقة أ َ ْو َد ْفتَر أ َ ْو ِكتَابْ ،القَافِيَةُ ْال ُمقَيَّ َدة َُ :
بِقَ ْي ِد ْال َحيَاةِ :لَ ْم يَ ُم ْ
ع ْن ِإ ْش َباعِ َح َر َك ِة َّ
الر ِوي"(.)61 ي الَّ ِتي لَي َ
ْس ِفي َها َح ْرف لين نَا ِشئ َ أَ ْ
َط :نَقطهُ طهَُ ،و ِم ْنهُ ْالخ ُّ ان َو ْال ِع ْلم ِب ْال ِكتَا ِ
ب :أَثْ َبتَهُ َو َ
ض َب َ س ِ ورد في المعجم الوجيز" :يُقَا ُل :قَيَّ َدهُ ِب ْ
االح َ
س َّج َلهُْ ،ال َق ْي ُدَ :ح َبل َون َْحوه ي ُْج َع ُل فِي رج ِل الدَّابَّ ِة َو َ
غي ِْرهَا َفي ُْم ِس ُك َها، ش ْيء فِي د ْفتَر أ َ ْو َو َرقَةَ :
َوشَكلهَُ ،وال َّ
ض ُع الَّذِي ت ُ َقيَّ ُد فِي ِه الدَّابَّةَُ ،و ْال ِق َيا ُدَ :حبْل يُقَا ُد ِب ِه"(.)62
َو ْال ُمقَيَّ ُدْ :ال َم ْو ِ
ارةِ َو َم ْعنَاه ُ علَى ْاال ْس ِت َع َ ورد في المصباح المنيرْ " :القَ ْي ُدَ :ج ْمعُهُ قُيُود َوأ َ ْقيَادَ ،وقَ ْولُ ُه ْم ِل ْلفَ َر ِس قَ ْي ُد ْاأل َ َوا ِب ِد َ
وش َو َال تَفُوتُهُ فَ ُه َو يَ ْمنَعُ َها ال ِش َرا َد َك َما يَ ْم َنعُ َها ْالقَ ْيدَُ ،وقَيَّدتُهُ ت َ ْقيِيدًا: عد ُِو ِه يُد ِْركُ ْال ُو ُح َ
ع ِة َ
س ْر َ أ َ َّن ْالفَ َر َ
س ِل ُ
ط َوي ُِزي ُل ِاال ْلتِبَ َ
اس"(.)63 َجعلتُ ْالقَ ْي َد فِي ِر ْج ِل ِهَ ،و ِم ْنهُ ت َ ْق ِيي ُد ْاأل َ ْلفَ ِ
اظ ِب َما َي ْم َن ُع ِاال ْختِ َال َ
بعدما تبين لنا المعنى اللغوي لكل من لفظ "ا ْل ُم ْطلَق" و "ا ْل ُم َقيَّد" ،باعتبار هذا البيان اللغوي هو
المنطلق واْلساس ،بل هو المفتاح الذي يجعلنا نمهد الطريق لفهم أصولي مستقيم لقضايا البحث
وإشكاالته التي نحن بصدد حلها والجواب عليها ،فمن خالل ما سبق سيكون الكالم والنقاش في
المبحث الثاني من هذا الفصل اْلول حول تعريف ا ْل ُم ْط َلق َوا ْل ُمقَيَّد في االصطالح اْلصولي عند
الد َُّرينِي ،وعند الذين وافقهم في صياغة وصناعة التعريف ،وكذلك الذين خالفهم من علماء
اْلصول.
( - )61معجم اللغة العربية المعاصرة ألحمد مختار عمر ،المصدر نفسه :باب القاف ،مادة( :ق ي د).1883-1882 ،
( - )62المعجم الوجيز إصدار مجمع اللغة العربية -القاهرة ،-باب القاف ،مادةَ ( :قيَّ َدهُ).522 ،
( - )63المصباح المنير تأليف أحمد بن ُم َح َّمد بن علي الفيومي ،تحقيق الدكتور عبد العظيم الشناوي ،ط ،2دار المعارف -القاهرة ،-كتاب القاف ،مادةْ ( :القَ ْيدُ)،
.521
- 44 -
المبحث الثاني :تعريف ا ْل ُم ْطلَق َوا ْل ُمقَيَّد اصطالحا عند الد َُّرينِي
وعند من وافقهم وخالفهم من علماء اْلصول
أوال :تعريف ا ْل ُم ْطلَق عند العالمة اْلصولي فتحي الد َُّري ِني (ت1434 :هـ):
ثانيا :تعريف ا ْل ُم ْطلَق عند بعض علماء اْلصول الذين وافقهم الد َُّرينِي والذين خالفهم:
"ال ُم ْ
طلَق" في اصطالح العلماء األصوليين بعدة تعاريف متعددة ومختلفة ،دارت حول ف لفظ ْ
ع ِر َ
ُ
مسارين كبيرين ،حيث عبر وقال كل أصولي بالذي يراه مناسب وأقرب لحقيقة المطلق ،ونفرد في
بيان ذلك كل فرقة على حدة:
● الفرقة اْلولى :وهم الذي وافقهم الد َُّرينِي في تعريفهم للمطلق ،حيث يجعلون ْال ُم ْ
طلَق هو النكرة
في سياق اإلثبات كما قال الد َُّري ِني ،فهم يقولون بالترادف بين المطلق والنكرة ،وأن معناه التكليف
- 45 -
بفرد من األفراد الشائعة الموجودة في الخارج ،ومن أشهر وأجود تعاريف هذه الفرقة ما يلي:
علَى شَائِع ِفي اجب ا ْل َما ِل ِكي (ت646 :هـ) ا ْل ُم ْطلَق بِقَ ْو ِل ِه" :ا ْل ُم ْط َل ُ
ق َما َد َّل َ ف ابْن ا ْل َح ِ
• َوع ََّر َ
ِج ْن ِ
س ِه"(.)67
✓ إن تعريف اْلمدي وابن الحاجب للفظ "ا ْل ُم ْطلَق" مال إليه الد َُّرينِي بالدرجة اْلولى ،حيث قال
بعد تعريفه للمطلق" :وهذا التعريف للمطلق الذي ينطبق على النكرة ،هو ما قال به ابن الحاجب
واْلمدي"( ،)68ومن العلماء اْلخرين الذين وافقهم الد َُّرينِي صياغة وصناعة التعريف ،ما يلي:
( - )66اإلحكام في أصول األحكام لعلي بن ُم َح َّمد اآلمدي ،تحقيق عبد الرزاق عفيفي ،ط1424( :1هـ 2003 -م) ،دار الصميعي للنشر والتوزيع ،المملكة
العربية السعودي -الرياض.6-5/3 ،-
( - )67بيان المختصر شرح مختصر المنتهى البن الحاجب ،تأليف محمود بن عبد الرحمن بن أحمد شمس الدين األصفهاني ،تحقيق الدكتور ُم َح َّمد مظهر بقا،
دار التراث اإلسالمي ،المملكة العربية السعودي.349/2 ،
( - )68المناهج األصولية لفتحي الد َُّرينِي ،المصدر نفسه( ،509 :ينظر اإلحالة).
( - )69كتاب الحدود في األصول البن خلف الباجي ،تحقيق نزيه حماد ،مؤسسة الزعبي -بيروت.47 ، -
- 46 -
شعَيْب بْن ال َّد َّهان (ت592 :هـ) ا ْل ُم ْطلَق بِ َق ْو ِل ِه" :ا ْل ُم ْطلَ ُ
ق ع ِلي بْن ُ ف أَبِي ُ
ش َجاع ُم َح َّمد بْن َ • َوع ََّر َ
َاملَة ِل ِج ْن ِس تِ ْلكَ الذَّاتَ ،كقَ ْول َنا: علَى َذات َو ِ
احدَة َال ِبعَ ْينِ َها ،بَ ْل ِبا ْعتِبَ ِار َح ِقيقَة ش ِ ُه َو اللَّ ْف ُ
ظ الَّذِي يَ ُد ُّل َ
َّاملَ ِة ِلك ُِل د ِْر َهمَ ،و ُه َو أ َ ْيضًا ِمن ظ ًرا إِلَى َح ِقيقَ ِة الد ِْر َه ِم الش ِ او ُل د ِْر َه ًما َال ِب َع ْينِ ِه ،نَ َ د ِْر َهم ،فَ ِإنَّهُ يَت َ َن َ
ْاْل َ ْق َوا ِل ا ْلك ُِليَّ ِةَ ،و ُه َو بِا ْل َح ِقيقَ ِة ا ْ
س ُم ا ْل ِج ْن ِس ،لَ ِك َّن ا ْلفُقَ َها َء َك َذا يَ ْع ِرفُونَهُ ،فَيَ ْبقَى ُم ْطلَقًا إِلَى أ َ ْن يُ َقيَّ َد
الصفَ ِة َويَ ْبقَى ُم ْطلَقًا فِي ا ْل َوص ِ
ْف ا ْلقَ َر ِوي"(.(70 ص بِ َه ِذ ِه ِ بِ َوصْف ،فَيُقَال :د ِْر َهم قَ َر ِوي فَيَت َ َخ َّ
ص ُ
( - )70تقويم النظر البن الدهان ،تحقيق الدكتور صالح بن ناصر بن صالح الخزيم ،ط1422( :1هـ 2001 -م) ،مكتبة الرشد -الرياض.93-92/1 ، -
( - )71روضة الناظر البن قدامة المقدسي ،تحقيق ُم َح َّمد مِ رابي ،ط1430( :1هـ 2009 -م) ،مؤسسة الرسالة -بيروت ،لبنان.303/2-1 ، -
( - )72النساء.91 :
( - )73رواه الترمذي في سننه في كتاب النكاح ،باب ما جاء ال نكاح إال بولي.
( - )74شرح مختصر الروضة البن سعيد الطوفي ،تحقيق الدكتور عبد هللا بن عبد المحسن التركي ،ط1419( :2هـ 1998 -م).630/2 ،
( - )75شرح المختصر في أصول الفقه البن اللحام ،شرح الدكتور سعد بن ناصر بن عبد العزيز الشتري ،تحقيق عبد الناصر بن عبد القادر البشبيشي ،ط:1
(1428هـ 2007 -م) ،دار كنوز اشبيليا للنشر والتوزيع ،المملكة العربية السعودية -الرياض.502 ، -
( - )76مختصر التحرير في أصول الفقه البن النجار ،تحقيق ُم َح َّمد مصطفى ُم َح َّمد رمضان ،ط1420( :1هـ 2000 -م) ،مكتبة دار األرقم ،المملكة العربية
السعودية -الرياض.164 ، -
- 47 -
احدَ ،و َخ َر َج ( ِبغَي ِْر ُمعَيَّن) ا ْل َم َع ِار ُ
ف ك ََزيْد َونَحْ ِو ِهَ ،و ِببَاقِي احدًا) أ َ ْلفَا ُ
ظ ْاْل َ ْعدَا ِد ا ْل ُمتَنَاول ِة ِْل َ ْكث َ َر ِم ْن َو ِ َو ِ
احدًا َال ِبعَ ْينِ ِه"(.)77
او ُل َو ِ ب ا ْل ُم َخيَّ ِر فَ ِإ َّن ًّ
كال ِم ْن ُه َما يَتَنَ َ شت َ َر ِك َوا ْل َو ِ
اج ِ ا ْل َح ِد ا ْل ُم ْ
علَى َو ِ
احد َال ِبعَ ْينِ ِه، اح ُد الدَّا ُّل َظ ا ْل َو ِ ف أَئِ َّمةُ آل تَي ِْميَةَ الث َّ َالث فِي ا ْل ُم َ
س َّودَة ا ْل ُم ْطلَق" :اللَّ ْف ُ • َوع ََّر َ
اق
سيَ ِ س َّميَاتهَ ،كدِي َنار َود ِْر َهمَ ،و ِمثَالُهُ فِي َما يَ َق ُع بِ ِه ِاال ْ
ستِد َْال ُل النَّ ِك َرةُ فِي ِ َامل ِل ُم َ بِا ْعتِبَ ِار َم ْعنًى ش ِ
ض ْاْل َ ْم ِر"(.)78 اإلثْبَا ِ
ت َوفِي َم ْع ِر ِ ِْ
َّكور ا ْل َح َن ِفي (ت1119 :هـ) ا ْل ُم ْطلَق عبْد الش ِ احب ش َْرح "مسلم الثُّبُوت" ُم ِحب َّ
ّللا َ ص ِ ف َ • َوع ََّر َ
صص صةُ ِم ْن ْال ِج ْن ِس ْال ُم ْحت َ َم ِل ِل ِح َ
شر" وقال أيضاَ " :و ُه َو ْال ِح َّ علَى فَ ْرد َما ُم ْنت َ ِ بِقَ ْو ِل ِه" :ا ْل ُم ْط َل ُ
ق َما َد َّل َ
وح َد ِة ْال ُم ْب َه َم ِةَ ،و ِفي ْال َج ْمعِ ْال َج َما َعة َم َع قَ ْي ِد ْال ْ
وح َد ِة َو ِاال ْن ِتشَار، صة َم َع قَ ْي ِد ْال ْ
ي ِفي ْال ُم ْف َر ِد ِح َّ َك ِث َ
يرةَ ،و ِه َ
علَى ْالفَ ْر ِد ْال ُم ْنتَ ِش ِر أ َ ْي ً
ضا"(.)79 فَ َد َخ َل ِفي ِه ْال َج ْم ُع ْال ُم ْن َك ُر ِألَنَّهُ َدال َ
● الفرقة الثانية :وهم الذين خالفهم الد َُّرينِي في تعريفهم للمطلق ،حيث يجعلون ا ْل ُم ْ
ط َلق مخالفا
ط َلق في الماهية ،التي للنكرة ،وال يقولون بالترادف بين المطلق والنكرة ،وعليه حصروا مدلول ْال ُم ْ
تعد من المفهومات العقلية التي ال تكليف فيها والتي يكون وجودها وتقديرها في األذهان ،ومن أشهر
وأجود تعاريف هذه الفرقة ما يلي:
ف تَاج الدِين الس ْب ِكي الشَّا ِف ِعي (ت771 :هـ) ا ْل ُم ْط َلق ِبقَ ْو ِل ِه" :ا ْل ُم ْط َلق الدَّا ُّل َ
علَى ا ْل َما ِه َّية ِب َال • ع ََّر َ
فع َّر َ قَيْد"( ،)80وشرح هذا التعريف ا ْل َحافِظ أَبُو ْ
زرعَة ا ْل ِع َراقِي الشَّافِ ِعي (ت826 :هـ) ِبقَ ْو ِل ِهَ " :و َ
علَى ا ْل َما ِهيَّة بِ َال قَيْد" ؛ أي :من غير اعتبار عارض من عوارضهما ،كقولنا: ا ْل ُم ْطلَق بِأَنَّهُ الدَّا ُّل َ
الرجل خير من المرأة ،وقولنا" :بال قيد" مخرج للمعرفة والنكرة ،ألن األول يدل عليهما مع وحدة
معينة كزيد ،والثانية مع وحدة غير معينة كرجل ،وهذا صريح في الفرق بين المطلق والنكرة(.)81
✓ إن تعريف تاج الدين السبكي للفظ ا ْل ُم ْط َلق عارضه الد َُّري ِني ،حيث ذكر أن ما ذهب إليه هو أشبه
( - )77التحبير شرح التحرير في أصول الفقه لعالء الدين المِ ْرداوي الحنبلي ،تحقيق الدكتور عبد الرحمن بن عبد هللا الجبرين ،ط1422( :1هـ 2001 -م)،
مكتبة الرشد -الرياض.2712-2711 ، -
( - )78المسودة في أصول الفقه لثالثة أئمة آل تيمية ،تحقيق ُم َح َّمد محيي الدين عبد الحميد ،سنة الطبع1384( :هـ 1964 -م) ،مطبعة المدني -القاهرة، -
.147
( - )79فواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت لمحب هللا عبد الشكور البهاري ،ضبطه وصححه عبد هللا محمود ُم َح َّمد عمر ،ط1423( :1هـ 2002 -م) ،دار
الكتب العلمية -بيروت.379/1 ، -
( - )80جمع الجوامع في أصول الفقه لتاج الدين السبكي ،تحقيق عبد المنعم خليل إبراهيم ،ط1424( :2هـ 2003 -م) ،دار الكتب العلمية -بيروت.53 ، -
( - )81الغيث الهامع شرح جمع الجوامع للحافظ أبو زرعة ،تحقيق ُم َح َّمد تامر حجازي ،ط1425( :1هـ 2004 -م) ،دار الكتب العلمية -بيروت.341 ، -
- 48 -
بتعريف المناطقة الذين يبحثون عن حقائق اْلشياء ،والمعاني الذهنية الكلية ،أما اْلصوليون؛
يبحثون في "اْلدلة" من حيث ثبوت اْلحكام بها ،أي :في المناهج والقواعد التي يتوصل بها إلى
استنباط اْلحكام من اْلدلة التفصيلية ،ومتعلق اْلحكام إنما هو أفعال أفراد المكلفين ،فكان تعريف
ا ْل ُم ْطلَق بما يدل على النكرة أوثق اتصاال بعملهم ،كابن الحاجب واْلمدي وغيرهم من
اْلصوليين( ،)82ومن العلماء اْلخرين الذين عارضهم الد َُّرينِي صياغة وصناعة التعريف ،ما
يلي:
تد َ
ُون ض ِللذَّا ِ ف ا ْلبَ ْز َد ِوي ا ْل َحنَ ِفي (ت482 :هـ) ا ْل ُم ْط َلق ِبقَ ْو ِل ِه" :ا ْل ُم ْطلَق ُه َو اللَّ ْف ُ
ظ ا ْل ُم ْعت َ ِر ُ • ع ََّر َ
اإلثْ َبات"(.)83
ت َال ِبالنَّ ْفي ِ َو َال ِب ْ ِ
الصفَا ِ ِ
تد َ
ُون ق أَ ْن يَك َ
ُون ُمتَعَ ِرضًا ِللذَّا ِ س َم ْرقَ ْندِي ا ْل َحنَ ِفي (ت539 :هـ) ا ْل ُم ْطلَق بِقَ ْو ِل ِه" :ا ْل ُم ْط َل ُ
ف ال َّ
• َوع ََّر َ
الصفَات"(.)84
ِ
علَى ا ْل َما ِهيَّة شي الشَّافِ ِعي (ت794 :هـ) ا ْل ُم ْط َلق ِبقَ ْو ِل ِه" :ا ْل ُم ْطلَ ُ
ق َما َد َّل َ ف بَدْر الدِين َّ
الز ْر َك ِ • َوع ََّر َ
ي"(.)87
ي ِه َ بِ َال قَيْد ِم ْن َحي ُ
ْث ِه َ
مالحظة مهمة :الد َُّري ِني حينما عرف لفظ "المطلق" في االصطالح اْلصولي ،قد نَ َه َج نفس َنهج
اْلمدي وابن الحاجب وغيرهما من اْلصوليين في صياغة التعريف كما رأينا ،لكن اإلشكال الواقع
( - )82المناهج األصولية لفتحي الد َُّرينِي ،المصدر نفسه( :ينظر اإلحالة).509 ،
( - )83كشف األسرار على أصول ْالبَ ْز َد ِوي لعبد العزيز أحمد بن ُم َح َّمد البخاري.286/2 ،
س َم ْرقَ ْندِي ،تحقيق الدكتور ُم َح َّمد زكي عبد البر ،ط1404( :1هـ 1984 -م) ،مطبعة الدوحة.396 ،
( - )84ميزان األصول في نتائج العقول لِل َّ
( - )85المحصول في علم أصول الفقه لفخر الدين الرازي ،تحقيق الدكتور طه جابر فياض العلواني ،ط1412( :2هـ 1992 -م) ،مؤسسة الرسالة -بيروت،
.314/2
( - )86شرح تنقيح الفصول في اختيار المحصول لشهاب الدين القرافي ،تحقيق مكتب البحوث والدراسات بدار الفكر ،سنة الطبع1424( :هـ 2004 -م)- ،
بيروت.209 ، -
( - )87البحر المحيط للزركشي ،قام بتحريره :الدكتور سليمان األشقر ،وراجعه :الدكتور الستار أبو غدة والدكتور سليمان األشقر ،ط1413( :2هـ 1992 -م)،
دار الصفوة -الغردقة.413/3 ، -
- 49 -
أن تاج الدين السبكي الشافعي انتقد تعريف ابن الحاجب واْلمدي ،وحقيقة كل هذا الحاصل كما
يلي:
علَى ا ْل َوحْ َد ِة قَا َل تَاج الدِين الس ْب ِكي الشَّافِ ِعي (ت771 :هـ)َ " :و َز َ
ع َم ْاْل ِمدِي َوابْن ا ْل َح ِ
اجب د ََاللَتَهُ َ
✓ بناء على ما ذهب إليه الد َُّرينِي في تعريف لفظ "ا ْل ُم ْط َلق" ومن وافقهم كاْلمدي وابن الحاجب
وغيرهم من اْلصوليين ،وبناء على ما أكده اإلمام الشاطبي في كتابه الموافقات ،فإن القول اْلقوى
( - )88جمع الجوامع في أصول الفقه لتاج الدين السبكي ،تحقيق عبد المنعم خليل إبراهيم ،المصدر نفسه.53 :
( - )89الغيث الهامع شرح جمع الجوامع للحافظ أبو زرعة ،تحقيق ُم َح َّمد تامر حجازي ،المصدر نفسه.342-341 :
( - )90الموافقات للشاطبي ،تقديم فضيلة الشيخ بكر بن عبد هللا أبو زيد ،وضبط نصه أبو عبيدة مشهور بن حسين آل سلمان ،ط1417( :1هـ 1997 -م) ،دار
ابن عفان ،المملكة العربية السعودية.383 /3 ،
- 50 -
هو :قول الفرقة اْلولى؛ أن المطلق عندهم معناه التكليف بفرد من اْلفراد الشائعة في جنسها
الموجودة في الخارج ،العتبار هو :أن هذه الداللة هي الموافقة ْلسلوب اْلصوليين والعرب وأهل
اللغة ،كما أن أحكام التكليف ال تقع إال على اْلفراد الموجودة بالخارج التي يمكن توجيه الخطاب
إليها وتكليفها ،وهللا أعلم.
أوال :تعريف ا ْل ُمقَيَّد عند العالمة اْلصولي فتحي الد َُّرينِي (ت1434 :هـ):
َو ِم ْن ِخ َالل كُل َما َذك ََر الد َُّرينِي :أستنتج أن ْال ُم َقيَّد عنده على قسمين:
أحدهماُ :مقَيَّد ِم ْن َو ْجه دُونَ َو ْجهِ ،ب َم ْعنَى ُه َو اللَّ ْفظ الَّذِي قي َد ِم ْن َو ْجه َو ْ
أطلقَ ِم ْن َو ْجه.
- 51 -
اإل ْ
ط َالق ِم ْن ُك ِل َو ْجه. علَى ْ ِ
والثانيُ :م َقيَّد َ
ثانيا :تعريف ا ْل ُمقَيَّد عند بعض علماء اْلصول الذين وافقهم الد َُّرينِي والذين خالفهم:
اختلف األصوليون في تعريفهم ِل ْل ُمقيد ،نظرا الختالفهم في تعريفهم ِل ْل ُم ْ
ط َلق ،وهم على فرقتين:
علَى َما أخر َج ِم ْن شَا ِئع اجب ا ْل َما ِل ِكي (ت646 :هـ) ا ْل ُمقَيَّد بِقَ ْو ِل ِه" :يُ ْطلَ ُ
ق ا ْل ُمقَيَّ ُد َ ف ابْن ا ْل َح ِ
• َوع ََّر َ
ع َل ْي ِه(.)95 علَى َم ْف ُهوم ْال ُم ْ
طلَق ِب َو ْ
صف زَ ائِد َ ِب َوجْ ه ك ََرقَبَة ُم ْؤ ِمنَة" ؛ أ َ ْ
ي َما َد َّل َ
- 52 -
ّللا بْن أَحْ َمد بْن قُدَا َمةَ ا ْل َم ْق ِد ِ
سي ا ْل َح ْنبَ ِلي (ت620 :هـ) ا ْل ُمقَيَّد اإل َما ُم ُم َوفَّق الدِين َ
عبْد َّ ِ ف ِْ • َوع ََّر َ
صوف ِبأ َ ْمر َزائِد َ
علَى ا ْل َح ِقيقَ ِة الش ِ
َّاملَ ِة غي ِْر ُمعَيَّنَ ،م ْو ُِبقَ ْو ِل ِهُ " :ه َو ا ْل ُمت َ َناو ُل ِل ُمعَيَّن ،أ َ ْو َ
ير َرقَبَة ُّم ْؤ ِمنَة فَ َمن لَّ ْم يَ ِج ْد فَ ِصيَا ُم َ
شه َْري ِْن ُمتَتَا ِبعَي ِْن﴾(،)97 ِل ِج ْن ِ
س ِه"( ،)96كقوله تعالىَ ﴿ :وتَحْ ِر ُ
يع ِين أَبِي َّ
الربِ ِ قيد الرقبة باإليمان والصيام بالتتابع ،وما ذكره بْن قُدَا َمةَ ا ْل َم ْق ِد ِ
سي ،وافقه فيه نَجْ ُم الد ِ
او َل ُمعَيَّنًا أَ ْو
ف ا ْل ُمقَيَّد ِبقَ ْو ِل ِه" :ا ْل ُمقَيَّ ُد َما ت َ َن َ
ي (ت716 :هـ) ،حيث ع ََّر َ س ِعيد ال ُّ
طوفِي ا ْل َح ْنبَ ِل ُّ ابْن َ
علَى َح ِقيقَ ِة ِج ْن ِ
س ِه"(.)98 صوفًا بِ َزائِد َ
َم ْو ُ
وحي ا ْل َح ْن َب ِلي ْالمعروف " ِباب ِْن النَّ َّجار" (ت: ف ت َ ِقي الدِين ُم َح َّمد بْن أَحْ َمد بْن َ
ع ْب ِد ا ْل َع ِزيز ا ْلفُت ُ ِ • َوع ََّر َ
علَى َح ِقيقَ ِة ِج ْن ِ
س ِه"(.)99 او َل ُمعَيَّنًا أ َ ْو َم ْو ُ
صوفًا َزائِدًا َ 972هـ) ا ْل ُمقَيَّد بِ َق ْو ِل ِهَ " :وا ْل ُمقَيَّ ُد َما تَنَ َ
● الفرقة الثانية :وهم األصوليون المفرقون بين المطلق والنكرة والقائلون بالماهية ،وخالفهم
الد َُّري ِني في ذلك ،فقد جاءت بعض تعاريفهم ِل ْل ُمقيد كما يلي:
علَى َم ْدلُول ا ْل ُم ْطلَق ف ا ْلبَ ْز َد ِوي ا ْل َحنَ ِفي (ت482 :هـ) ا ْل ُم َقيَّد بِ َق ْو ِل ِه" :ا ْل ُمقَيَّد ُه َو اللَّ ْف ُ
ظ الدَّا ُّل َ • ع ََّر َ
( - )96روضة الناظر البن قدامة المقدسي ،تحقيق ُم َح َّمد مِ رابي ،المصدر نفسه.303/2-1 :
( - )97النساء.92 :
( - )98شرح مختصر الروضة البن سعيد الطوفي ،تحقيق الدكتور عبد هللا بن عبد المحسن التركي ،المصدر نفسه.630/2 :
( - )99مختصر التحرير في أصول الفقه البن النجار ،تحقيق ُم َح َّمد مصطفى ُم َح َّمد رمضان ،المصدر نفسه.164 :
( - )100فواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت لمحب هللا عبد الشكور البهاري ،ضبطه وصححه عبد هللا محمود ُم َح َّمد عمر ،المصدر نفسه.379/1 :
( - )101طلعت الشمس شرح شمس األصول لنور الدين عبد هللا بن حميد السالمي ،تحقيق :عمر حسن القيام ،مكتبة اإلمام السالمية ،والية بدية -سلطنة عمان-
.184-183/1 ،
- 53 -
الر ُج ُل َوأ َ ْنتَ "(.)102
علَى َم ْدلُول ُمعَيَّن ك ََزيْد َو َه َذا َّ ِب ِصفَة َزائِدَة" وقال أيضا" :ا ْل ُمقَيَّ ُد ُه َو اللَّ ْف ُ
ظ الدَّا ُّل َ
صوف ض ِللذَّا ِ
ت ا ْل َم ْو ُ س َم ْرقَ ْندِي ا ْل َحنَ ِفي (ت539 :هـ) ا ْل ُمقَيَّد بِقَ ْو ِل ِه" :ا ْل ُمقَيَّ ُد َما َيتَعَ َّر ُ
ف ال َّ
• َوع ََّر َ
ِب ِصفَة"(.)103
علَى ِت ْلكَ
ظ الدَّا ُّل َ ف فَ ْخر الدِين َّ
الر ِازي الشَّا ِف ِعي (ت606 :هـ) ا ْل ُمقَيَّد ِبقَ ْو ِل ِه" :ا ْل ُمقَ َّيد ُه َو اللَّ ْف ُ • َوع ََّر َ
ا ْل َح ِقيقَ ِة َم َع قَ ْي ِد ا ْل َكثْ َرة"(.)104
ش َهاب الدِين ا ْلقَ َرافِي ا ْل َما ِل ِكي (ت684 :هـ) ا ْل ُمقَيَّد ِب َق ْو ِل ِهُ " :ك ُّل َح ِقيقَة ا ْعت ُ ِب َرتْ ِم ْن َحي ُ
ْث ف ِ
• َوع ََّر َ
غي ِْر َها فَ ِه َ
ي ُمقَيَّدَة" ؛ ومتى زدت على مدلول اللفظة ضافَة إِلَى َ ي فَ ِه َ
ي ُم ْطلَقَةَ ،وإِ ْن ا ْعتُبِ َرتْ ُم َ ي ِه َ
ِه َ
مدلوال آخر بلفظ أو بغير لفظ صار مقيدا كقولك :رقبة مؤمنة ،أو إنسان صالح(.)105
هذا ،وبعد أن تطرقت واستوعبت مناهج بعض اْلصوليين في صياغة وصناعة تعريف "المطلق"
و "المقيد" ،باعتبارها تعاريف أصولية مختلفة ومتفاوتة ،سأقوم في المبحث الثالث الموالي من
هذا الفصل اْلول ،بالحديث عن حكم كل من "المطلق" و "المقيد" ،مع بيان الفرق والعالقة
بينهما ،وأيضا معرفة خصائص "المطلق" التي يتميز بها عن غيره في رأي وتأصيل الد َُّرينِي.
( - )102كشف األسرار على أصول ْالبَ ْز َد ِوي لعبد العزيز أحمد بن ُم َح َّمد البخاري ،المصدر نفسه.286/2 :
س َم ْرقَ ْندِي ،تحقيق الدكتور ُم َح َّمد زكي عبد البر ،المصدر نفسه.396 :
( - )103ميزان األصول في نتائج العقول لِل َّ
( - )104المحصول في علم أصول الفقه لفخر الدين الرازي ،تحقيق الدكتور طه جابر فياض العلواني ،المصدر نفسه.314/2 :
( - )105شرح تنقيح الفصول في اختيار المحصول لشهاب الدين القرافي ،تحقيق مكتب البحوث والدراسات بدار الفكر ،المصدر نفسه.209 :
- 54 -
المبحث الثالث :ا ْل ُم ْطلَق َوا ْل ُمقَيَّد حكمهما والفرق والعالقة
بينهما وخصائص المطلق عند الد َُّري ِني
قال الد َُّرينِي" :إذا ورد اللفظ المطلق في نص تشريعي ،ولم يرد بعينه ُم َقيَّدًا في نص تشريعي آخر،
صا أو داللة ،فإنه يعمل بهذا اللفظ على إطالقه كما ورد دون تغيير أو
أو لم يقم دليل على تقييده نَ ًّ
علَّ َل
تأويل؛ ألنه لفظ خاص يدل على معناه قطعا" ،وأن األصل إجراء المطلق على إطالقهَ ،و َ
يرس ِب َم ْب َدئِيًّا تَحْ ِكي ُمهُ فِي ت َ ْف ِ
ي الَّذِي يَ ِج ُ ق اللُّ َغ ِو ُّ الد َُّر ْينِي َذ ِلكَ فَ َذك ََرَ " :و َه َذا َما يَ ْق ِضي ِب ِه ا ْل َم ْن ِط ُ
ِين يُت َ َوفَّ ْو َن
اال :قوله تعالىَ ﴿ :والَّذ َ ب الد َُّرينِي ِمث َ ً ض َر َ ستِ ْظ َه ً
ارا ِ ِإل َرا َد ِة ا ْل ُمش َِرعِ ِم ْن َها" َو َ وص ،ا ْ ص ِ النُّ ُ
عش ًْرا﴾()106؛ فَ َذك ََر الد َُّرينِي :أن لفظ س ِه َّن أ َ ْربَ َع َة أ َ ْ
ش ُهر َو َ ْن ِبأَنفُ ِ
ون أ َ ْز َوا ًجا َيت َ َربَّص َ
ِمن ُك ْم َويَ َذ ُر َ
"أ َ ْز َوا ًجا" مطلق ،ولم يقم دليل على تقييده " ِبال ُّد ُخول" ،ولم يرد في نص آخر مقيدا ،فيجب العمل
به على إطالقه كما ورد(.)107
قال الد َُّرينِي" :األصل في القيد أنه معتبر في تشريع الحكم ،وعلى هذا ،فال يجب إلغاء القيد إال بدليل،
- 55 -
فإذا ورد لفظ مقيدا في نص تشريعي ،ولم يرد هو بعينه مطلقا في نص آخر وجب حينئذ العمل
بالقيد؛ ألنه معتبر في تشريع الحكم ،إذ يحدد مجال تطبيقه ،أو يحدد مقداره إذا كان من المقدرات،
ب الدُّرنِي َمث َ ًال ِل َذ ِلكَ :قوله عز وجلَ ﴿ :و َربَائِبُ ُك ُم وألن القيد شرط في اقتضاء العلة لحكمها" َو َ
ض َر َ
الالتِي َد َخ ْلتُم ِب ِه َّن فَ ِإن لَّ ْم تَكُونُوا َد َخ ْلتُم ِب ِه َّن فَ َال ُجنَا َ
ح سائِ ُك ُم َّ
وركُم ِمن نِ َ الالتِي فِي ُح ُج ِ َّ
سائِ ُك ُم" أي :زوجاتكم ورد مقيدا بالدخول ،ومفاده؛ أنه ال علَ ْي ُك ْم﴾( ،)109فَ َذك ََر الد َُّرينِي :أن لفظ "نِ َ َ
تحرم بنت الزوجة على زوج أمها ،إال إذا كان قد دخل باألم ،إذا فالقيد معتبر في تشريع الحكم،
ومقتضى هذا ،أن مجرد العقد على األم ال يحرم البنت ،النتفاء القيد( ،)110ونستنتج مما سبق أن
المقيد إذا ورد في نص من النصوص ،ولم يقم دليل على إلغاء القيد عمل به كما ورد(.)111
أوال :الفرق بين لفظ "ا ْل ُم ْطلَق" ولفظ "ا ْل ُمقَيَّد" :
الفرق بين اللفظ "المطلق" واللفظ "المقيد" :أن المطلق هو ما دل على فرد غير مقيد لَ ْف ً
ظا بأي
قيد ،مثل :مصري ،ورجل ،وطائر ،والمقيد هو ما دل على مقيد لَ ْف ً
ظا بأي قيد ،مثل :مصري مسلم،
ورجل رشيد ،وطائر أبيض()112؛ ومعنى ذلك أن المطلق هو لفظ خاص يدل على فرد شائع أو
أفراد على سبيل الشيوع ،ولم يقترن به ما يدل على تقييده بصفة من الصفات ،مثل :عربي ،فارسي،
كتاب ،رقبة ،فإنها كلها ألفاظ وضع كل منها للداللة على فرد شائع في جنسه ،)113(،فالمطلق إذن:
الكلي الذي لم يدخله تقييد( ،)114أما المقيد هو لفظ خاص يدل على فرد شائع أو أفراد على سبيل
- 56 -
الشيوع ،واقترن به ما يدل على التقييد بصفة من الصفات ،مثل :رجل عالم ،كتاب أصول(،)115
فالمقيد إذن :هو الذي دخله تعيين ولو من بعض الوجوه كالشرط ،والصفة وغير ذلك(،)116
وبالتالي المستنتج في الفرق بين المطلق والنكرة :أن المطلق ما دل على الحقيقة بال قيد ،والمقيد ما
دل على الحقيقة بقيد(.)117
اإلطالق والتقييد متالزمان؛ فاإلطالق هو عدم التقييد فيما من شأنه أن يقيد ،فاإلطالق يستلزم التقييد
في اإلمكان ،أي ال يمكن فرض استكشاف اإلطالق وإرادته من كالم المتكلم في مورد ال يصح
التقييد ،فالبد أن يكون القيد دخيال في الغرض الذي أراده الشارع الحكيم وإال فال( ،)118فالمطلق
يفهم على إطالقه ،إال إذا قام دليل على تقييده ،فإن قام الدليل على تقييده كان هذا الدليل صارفا له
عن إطالقه ومبينا المراد منه ( ،)119فالمقيد ما هو إال مطلق قيد بقيد أخرجه عن اإلطالق إلى
التقييد(.)120
ذكر الد َُّرينِي أن "ا ْل ُم ْطلَق" يتميز عن غيره بثالثة خصائص ،وهي كما يلي:
شيُوع" ؛ معنى أنه يدل على وحدة وفرد غير معين منتشر في جنسه ،أي
الخصيصة اْلولى" :ال ُّ
منتشر في الوحدات التي ينطبق عليها معناه ،و َذك ََر الد َُّري ِني :أن لفظ "كتاب" يصدق على أي فرد
من أفراد الكتب المنتشرة في العالم ،ولكنه ال يشملها جميعا ،إذ ال يشمل إال واحدا غير معين(.)121
( - )115الوجيز في أصول الفقه اإلسالمي للدكتور زكي زكي حسين زيدان ،المصدر نفسه.182 :
( - )116نفسه.
( - )117شرح مختصر األصول من علم األصول للعالمة ُم َح َّمد بن صالح العثيمين ،ألبي المنذر محمود بن ُم َح َّمد بن مصطفى المنياوي ،ط1432( :1هـ -
2011م) ،المكتبة الشاملة.60-59 ،
( - )118بتصرف عن الدكتور ُم َح َّمد رضا المظفر ،كتاب أصول الفقه ،ط1410( :2هـ 1990 -م) ،مؤسسة األعلمي للمطبوعات -بيروت.151 ، -
( - )119علم أصول الفقه وخالصة التشريع اإلسالمي لعبد الوهاب خالف ،المصدر نفسه.181 :
( - )120الوجيز في أصول الفقه اإلسالمي للدكتور زكي زكي حسين زيدان ،المصدر نفسه.162 :
( - )121المناهج األصولية لفتحي الد َُّرينِي ،المصدر نفسه.509 :
- 57 -
ش ُمول" ؛ بمعنى أن المطلق ال يشمل جميع ما يصدق عليه معناه دون
ع َد ُم ال ُّ
الخصيصة الثانيةَ " :
حصر ودفعة واحدة ،بل يشمل واحدا فقط ال على التعيين ،غير أن هذا ال ينافي أن يكون المطلق
منطبقا على كل فرد ،ولكن على سبيل البدل والتناوب ال الشمول(.)122
بعدما شرعت في الكالم عن حكم "ا ْل ُم ْط َلق" و "ا ْل ُمقَيَّد" ،والفرق والعالقة التي تكمن بينهما،
وأيضا خصائص هذا ا ْل ُم ْط َلق التي يتميز بها عن غيره في رأي وتأصيل الد َُّري ِني -رحمه هللا، -
سيكون الحديث في المبحث الرابع واْلخير من هذا الفصل اْلول -إن شاء هللا ، -عن نصوص
اإلطالق والتقييد التي أوردها الد َُّرينِي في كتابه "ا ْل َمنَا ِه ُج ْاْل ُ ُ
صو ِليَّة" مع محاولة التعمق في هذه
اْلنواع ودراستها دراسة وافية بالغرض ،وطرح مجموعة من اإلشكاالت العلمية والجواب عليها
من خالل التحري والبحث مع استحضار التأمل والتركيز.
توطئة:
قبل البدء في هذا المطلب البد أن أوضح ما توصلت إليه ،بعد قراءتي لكتاب "ا ْل َم َنا ِه ُج ْاْل ُ ُ
صو ِليَّة"
لفتحي الد َُّرينِي ،وبالضبط متأنيا في مبحث "ا ْل ُم ْطلَق َوا ْل ُمقَيَّد" ،وجدت الد َُّرينِي -رحمه هللا -تناول
- 58 -
نوعا واحدا من نصوص اإلطالق ،فأحببت أن أعمق البحث أكثر في هذا النوع ،فوجدت نوعا ثانيا
يتضمن ثالث إشكاالت تشكل أنواعا ،أما النوع اْلول الذي أورده الد َُّرينِي بشكل غير مباشر ،هو:
علَى ِإ ْط َالقِ َها ِإ ْن لَ ْم ت َ ِر ْد ُمقَيَّ َدةً ِب َد ِليل يُؤَيِ ُد َها فِي َم ْو ِضع آ َخ َر"، وص ا ْل ُم ْطلَقَةُ الَّتِي َو َج َ
ب ا ْلعَ َم ُل َ ص ُ"النُّ ُ
وص ا ْل ُم ْطلَقَةُ الَّتِي قُيِدَتْ بِقَ ْي َدي ِْن
ص ُأما النوع الثاني الذي توصلت إليه بعد تحري متواضع ،هو" :النُّ ُ
اض َع ُم ْخت َ ِلفَة (تَعَ ُّد َد ا ْلقُيُو ِد)" ،اإلشكاالت المطروحة :هل يُجرى المطلق على إطالقه؟أ َ ْو أ َ ْكث َ َر فِي َم َو ِ
أم يقيد بتلك القيود في آن واحد؟؟ أم يقيد بأحدها دون اْلخر؟؟؟ أم ماذا؟؟؟؟ واإلجابة على إشكاالت
وص ا ْل ُم ْطلَقَةُ الَّتِي قُيِدَتْ بِقُيُود
ص ُهذا النوع ،جعلتها في ثالثة أنواع أخرى ،أما اْلول ،هو" :النُّ ُ
وص ا ْل ُم ْطلَ َقةُ
ص ُعلَى ِإ ْط َال ِق ِه" أما الثاني ،فهو" :النُّ ُ امتَنَ َع َوت َ َعذَّ َر الت َّ ْق ِيي ُد فَيُجرى ا ْل ُم ْط َل ُ
ق َ ُمت َ َع ِار َ
ضة َو ْ
وص ا ْل ُم ْطلَ َقةُ الَّ ِتي قُ ِيدَتْ ِبقُيُود ُمتَنَا ِف َية
ص ُ الَّ ِتي قُ ِيدَتْ ِبقُيُود قَ ْد يُ ْم ِك ُن اجْ ِت َما ُ
ع َها" أما الثالث ،فهو" :النُّ ُ
َال يُ ْم ِك ُن اجْ تِ َما ُ
ع َها" ،وهذا النوع جرى فيه الخالف بين العلماء في كيفية وطريقة حمل المطلق
على المقيد ،منهم :أن اْلصل عندهم ال يحمل ويُجرى المطلق على إطالقه وهم الحنفية ،ومنهم:
من يرى أن المطلق يحمل قياسا للقيد الذي به شبه للمطلق ،وتفصيل الكالم عن هذه اْلنواع مع
التمثيل من القرآن والسنة ،كما يلي:
معنى هذا النوع :أن النص الشرعي إذا ورد مطلقا ولم يرد نصا قيده ،وجب العمل به على إطالقه
حتى يرد ما يدل على تقييده بوصف أو شرط أو صفة أو زمان أو مكان وغيرها من القيود التي
اب ِإ َذا َو َر َد
ط َ شي" :ا ْعلَ ْم أ َ َّن ا ْل ِخ َ تصرف عن إطالقه وتحدد من شيوعه في جنسه ،كما قَا َل َّ
الز ْر َك ِ
اب إِ َذاط َ س ْمعَانِي" :ا ْعلَ ْم أ َ َّن ا ْل ِخ َ علَى إِ ْط َالقِ ِه"(َ ،)124وقَا َل َ
ع ْب ُد ا ْل َجبَّار ال َّ ُم ْطلَقًا َال ُمقَيدًا لَهُ ُحم َل َ
علَى إِ ْط َالقِ ِه"( ،)125وقد مثل الد َُّرينِي لهذا النوع بمثالين من الكتاب:
َو َر َد ُم ْطلَقًا َال ت َ ْقيِي َد َلهُ يُحْ َم ُل َ
( - )124البحر المحيط للزركشي ،قام بتحريره :الدكتور سليمان األشقر ،وراجعه :الدكتور الستار أبو غدة والدكتور سليمان األشقر ،المصدر نفسه.416/3 :
( - )125قواطع األدلة في األصول لإلمام عبد الجبار السمعاني ،تحقيق ُم َح َّمد حسن ُم َح َّمد حسن اسماعيل الشافعي ،ط1418( :1هـ 1997 -م) ،دار الكتب
العلمية -بيروت.228/1 ، -
- 59 -
س ِه َّن أ َ ْر َب َعةَ أ َ ْ
ش ُهر ْن ِبأَنفُ ِ
ون أ َ ْز َوا ًجا َيت َ َربَّص َ
ِين يُت َ َوفَّ ْو َن ِمن ُك ْم َو َي َذ ُر َ
= المثال اْلول :قَ ْولُهُ ت َ َعالَىَ ﴿ :والَّذ َ
عش ًْرا﴾()126؛ قَا َل الد َُّري ِني" :فلفظ "أ َ ْز َوا ًجا" مطلق ،ولم يقم دليل على تقييده "بالدخول" ولم يرد
َو َ
في نص آخر مقيدا ،فيجب العمل به على إطالقه كما ورد ،ومقتضى هذا :أن الزوجة التي توفي
عنها زوجها تجب عليها عدة الوفاة مطلقا ،سواء أكان قد دخل بها قبل الوفاة أم ال ،عمال بإطالق
اآلية الكريمة"(.)127
ع ِة َوأ ُ َّمهَاتُ نِ َ
سائِ ُك ْم﴾()128؛ قَا َل ض ْعنَ ُك ْم َوأ َ َخ َواتُكُم ِم َن َّ
الر َ
ضا َ الالتِي أ َ ْر َ
ت َوأ ُ َّم َهات ُ ُك ُم َّ
ْاْلَخِ َوبَنَاتُ ْاْل ُ ْخ ِ
الد َُّرينِي :تدل اآلية الكريمة بعبارتها على تحريم أم الزوجة ُم ْ
طلَقًا دون قيد بالدخول بالزوجة (البنت)،
ومقتضى هذا :أن مجرد العقد على البنت يح ِرم األم ،وال يشترط الدخول بالبنت لتحرم أمها ،ألن
نص اآلية الكريمة جاء مطلقا ( َوأ ُ َّمهَاتُ نِ َ
سائِ ُك ْم) إذ لم يقترن بقيد لفظي زائد مثل" :الالتي دخلتم
المحرم ألمهات الزوجات مقيدا في موضع آخر فوجب إجراؤه على
ِ بهن" ولم يرد هذا النص
إطالقه(.)129
وقد أضفت ثالث أمثلة من الكتاب ،ومثالين من السنة النبوية الشريفة لهذا النوع ،وهي
كما يلي:
ع ِة َوأ ُ َّمهَاتُ نِ َ
سائِ ُك ْم َو َربَائِبُ ُك ُم ضا َالر َ ض ْعنَ ُك ْم َوأ َ َخ َواتُكُم ِم َن َّ
الالتِي أ َ ْر َ
ت َوأ ُ َّم َهات ُ ُك ُم َّ
ْاْلَخِ َوبَنَاتُ ْاْل ُ ْخ ِ
الالتِي َد َخ ْلتُم بِ ِه َّن فَ ِإن لَّ ْم تَكُونُوا َد َخ ْلتُم بِ ِه َّن فَ َال ُجنَا َح َ
علَ ْي ُك ْم َو َح َالئِ ُل سائِ ُك ُم َّوركُم ِمن نِ َ الالتِي فِي ُح ُج ِ َّ
ِين ِم ْن أَص َْال ِب ُك ْم َوأَن تَجْ َمعُوا َبي َْن ْاْل ُ ْختَي ِْن﴾()130؛ في هذه اآلية الكريمة ورد تحريم
أ َ ْبنَائِ ُك ُم الَّذ َ
- 60 -
الجمع بين األختين ُم ْ
طلَقًا ،سواء األختين الشقيقتين أو األختين ألب أو األختين ألم ،وال يجوز تقييد
المطلق بأحد هذه األنواع بغير دليل(.)131
في هذه اآلية الكريمة ورد قضاء صيام رمضان مطلقا ،ولم يقيد بالتتابع كما في كفارة الظهار.
ّللا
سو َل َّ ِ َح َّدثَهُ قَا َل بَايَعْتُ َر ُ ع ْنهُ
ّللاُ َ
ي َّ = المثال الرابعَ :ح َّدثَنَا أَبُو ا ْل ُج َوي ِْريَ ِة أ َ َّن َم ْع َن ب َْن يَ ِزي َد َر ِض َ
َان أ َ ِبي َي ِزي ُد أ َ ْخ َر َج
ِإلَ ْي ِهَ ،وك َ ي فَأ َ ْن َك َح ِني َو َخا َ
ص ْمتُ علَ َّ
ب َ
ط َسلَّ َم أَنَا َوأ َ ِبي َو َجدِي َو َخ َ علَ ْي ِه َو َ صلَّى َّ
ّللاُ َ َ
س ِجدِ ،فَ ِجئْتُ فَأ َ َخ ْذت ُ َها فَأَت َ ْيتُهُ ِب َها َف َقا َل َو َّ ِ
ّللا َما ِإيَّاكَ ض َع َها ِع ْن َد َر ُجل ِفي ا ْل َم ْق ِب َها فَ َو َ
ص َّد ُ َدنَا ِن َ
ير َيت َ َ
سلَّ َم فَقَا َل« :لَكَ َما نَ َويْتَ يَا يَ ِزيدَُ ،ولَكَ َما أ َ َخ ْذتَ يَا علَ ْي ِه َو َ صلَّى َّ
ّللاُ َ ّللا َسو ِل َّ ِ أ َ َر ْدتُ .فَ َخا َ
ص ْمتُهُ ِإلَى َر ُ
َم ْع ُن»()135؛ ما صرح به األئمة :أن في الحديث حذفا البد من تقديره ،فوضعها عند الرجل في
المسجدَ ،وأَذِنَ له أن يتصدق بها على محتاج إليها ِإ ْذنًا ُم ْ
طلَقًا ،وقوله" :فَ ِجئْتُ فَأ َ َخ ْذت ُ َها" ؛ أي من
يﷺ المأذون له في التصدق بها بإذنه ال بطريق االعتداء ،وجاء في قول ابن رشدَ " :ف َم َ
ضى النَّ ِب ُّ
ع َلى
ت َ علَى أَنَّهُ يُ ْع َم ُل ِبا ْل ُم َ
طلَّقَا ِ ث َد ِليل َ ض ِل ْل َو ِكي ِل ِبلَ ْفظ ُم ْطلَق ،فَنَ ِف َد ِف ْعلُهَُ ،و ِفي ا ْل َحدِي ِ اإل ْط َالقَ ِْلَنَّهُ فَ َّو َ
ِْ
ظ ِب ِه"()136 ط َر ِب َبا ِل ِه َف ْر َّد ِم ْن ْاْل َ ْف َرا ِد َل َقيَّ َد اللَّ ْف ُ
ِإ ْط َال ِق َها َو ِإ ْن احْ تم َل أ َ َّن ا ْل ُمتَك َِل َم ا ْل ُم ْط َلقَ َل ْو َخ َ
اركَ َوت َ َعالَى يَا اب َْن آ َد َم أ َ ْن ِفقْ سلَّ َم« :قَا َل َّ
ّللاُ تَبَ َ علَ ْي ِه َو َ صلَّى َّ
ّللاُ َ ّللا َ = المثال الخامس :قَا َل َر ُ
سو ُل َّ ِ
- 61 -
أ ُ ْن ِفقْ َ
علَ ْيكَ »()137؛ بخصوص هذا الحديث الشريف ،جاء في كتاب "التثريب في شرح التقريب"
ص ِب َن ْوع َم ْخ ُ
صوص اإل ْن َف ِ
اق َال يَ ْخت َ ُّ علَى ْ ِ عد َِم ت َ ْق ِيي ِد َها َما َي ْقت َ ِضي أ َ َّن ا ْل َح َّ
ث َ َ " :وفِي ِإ ْط َال ِ
ق النَّفَقَ ِة َو َ
ِم ْن أ َ ْن َواعِ ا ْل َخي ِْر"(.)138
ع َلى
ق َ وص ا ْل ُم ْطلَ َقةُ الَّتِي قُ ِيدَتْ ِبقُيُود ُمت َ َع ِار َ
ضة َوت َ َعذَّ َر الت َّ ْق ِيي ُد فَيُجْ َرى ا ْل ُم ْطلَ ُ ص ُ✓ النوع اْلول" :النُّ ُ
ِإ ْط َالقِ ِه" ،وبعض أمثلة هذا النوع كاْلتي:
- 62 -
القيود تعارضت وتعذر التقييد ،فيُجرى المطلق على إطالقه ،فال يجوز للمرأة أن تسافر أي سفر
كان وإال ومعها ذو َمحْ َرم(.)143
= المثال الثاني :للمسلم إذا أراد أن يعمل عمال من أعماله أن يذكر هللا بأي لفظ من الذكر ،عمال
ّللا أ َ ْق َ
ط ُع»( ،)144وورد سلَّ َمُ « :ك ُّل أ َ ْمر ذِي بَال ال َ يُ ْب َدأ ُ فِي ِه بِ ِذ ْك ِر َّ ِ
علَ ْي ِه َو َ صلَّى َّ
ّللاُ َ ّللا َ بِقَ ْو ِل َّر ُ
سو ُل َّ
تقييد هذا الذكر في هذا النص بالبسملة لما جاء في كتاب" :ا ْلفُتُوحَاتُ َّ
الربَّانِيَّة" ،فصل :اعلم أن
ّللا الحمد مستحب في ابتداء كل أمر ذي بال :وفي روايةُ « :ك ُّل أ َ ْمر ذِي بَال الَ يُ ْب َدأ ُ فِي ِه بِبِ ْ
س ِم َّ ِ
ط ُع» ،وهو حديث حسن( ،)145كما ورد أيضا تقييد الذكر في النص األول المطلق الرحْ َم ِن فَ ُه َو أ َ ْق َ
َّ
سلَّ َمُ « :ك ُّل أ َ ْمر ذِي َبال الَ يُ ْب َدأ ُ ِفي ِه ِب َح ْم ِد َّ ِ
ّللا علَ ْي ِه َو َ صلَّى َّ
ّللاُ َ سو ِل َ ب "الحمد" ِلقَ ْو ِل َّ
الر ُ
ط ُع»( ،)146من خالل هذه النصوص النبوية الشريفة نالحظ :امتناع التقييد لتعارض القيود، أ َ ْق َ
فيُجرى المطلق على إطالقه وهو اْلصل« :ذكر هللا تعالى» ،وهللا أعلم.
وقد بحثت محاوال أجد نصوصا شرعية تتطابق مع هذا النوع ،فتوصلت إلى ما يلي:
( - )143بيان مقتطف ومستخلص من شرح الدكتور عامر بهجت ،في برنامج تلفزيوني بعنوان" :الطريق إلى علم أصول الفقه ( – )23تطبيقات المطلق
والمقيد" ،من موقع" :يوتيوب" ،يوم ، )2022/04/14( :الخامسة مساء.
طع». ( - )144رواه الدارقطني في سننه في كتاب الصالة ،باب قَ ْو ُل النَّبِيُ « :ك ُّل أ َ ْمر ذِي بَال الَ يُ ْب َدأ ُ فِي ِه بِ َح ْم ِد َّ ِ
ّللا أ َ ْق َ
( - )145الفتوحات الربانية البن عالن البكري الصديقي الشافعي ،تحقيق عبد المنعم خليل إبراهيم ،ط1424( :1هـ 2004 -م) ،دار الكتب العلمية -بيروت، -
.197/3
طع». ( - )146رواه الدارقطني في سننه في كتاب الصالة ،باب قَ ْو ُل النَّ ِبيُ « :ك ُّل أ َ ْمر ذِي َبال الَ يُ ْب َدأ ُ فِي ِه ِب َح ْم ِد َّ ِ
ّللا أ َ ْق َ
( - )147المطلق والمقيد وأثرهما في اختالف الفقهاء للدكتور ُم َح َّمد بن حمدي الصاعدي ،ط1428( :2هـ).298 ،
- 63 -
سو َلس َل ْاليُس َْرى ِمثْ َل َذ ِل َك ث ُ َّم قَا َل َرأَيْتُ َر ُ
غ َث َم َّرات ث ُ َّم َ س َل ِر ْجلَهُ ْالي ُْمنَى ِإلَى ْال َك ْع َبي ِْن ثَالَ َ غ َ َرأْ َ
سهُ ث ُ َّم َ
ضأ َسلَّ َمَ « :م ْن ت َ َو َّ
ع َل ْي ِه َو َ صلَّى َّ
ّللاُ َ ّللا َ
سو ُل َّ ِ ضوئِي َه َذا ث ُ َّم قَا َل َر ُ سلَّ َم ت َ َوضَّأ َ ن َْح َو ُو ُ ع َل ْي ِه َو َ صلَّى َّ
ّللاُ َ َّ ِ
ّللا َ
غ ِف َر َلهُ َما تَقَ َّد َم ِم ْن َذ ْن ِب ِه»(،)148 يه َما َن ْف َ
سهُ ُ ِث فِ ِنَحْ َو ُوضُوئِي َه َذا ث ُ َّم قَا َم فَ َر َك َع َر ْكعَتَي ِْن الَ يُ َحد ُ
سهُ) ،ولم يقيد بمقدار معين ،لكن وردت روايات س َح َرأْ َ
ورد في هذه الرواية مسح الرأس مطلقا (ث ُ َّم َم َ
مقيدة لهذا اإلطالق قد يمكن اجتماعها ،وهي كما يلي:
ص ْحبَة -قَا َل قِي َل لَهُ تَ َوضَّأ ْ
َت لَهُ ُ
اري ِ َ -و َكان ْ
ص ِاصم األ َ ْن َ
ع ِ °الرواية اْلولىَ " :ع ْن َ
ع ْب ِد َّ ِ
ّللا ب ِْن زَ ْي ِد ب ِْن َ
سلَ ُه َما ثَالَثًا ث ُ َّم أ َ ْد َخ َل يَ َدهُ عا بِإِنَاء فَأ َ ْكفَأ َ ِم ْن َها َ
علَى يَ َد ْي ِه فَغَ َ سلَّ َم .فَ َد َ
علَ ْي ِه َو َ صلَّى َّ
ّللاُ َ ّللاِ َ
سو ِل َّ
ضو َء َر ُ لَنَا ُو ُ
س َل َو ْج َههُ اح َدة فَفَ َع َل َذ ِل َك ثَالَثًا ث ُ َّم أ َ ْد َخ َل َي َدهُ فَا ْست َ ْخ َر َج َها فَغَ َ
ض َوا ْست َ ْنشَقَ ِم ْن َكف َو ِ ض َم َ فَا ْست َ ْخ َر َج َها فَ َم ْ
س َحس َل َي َد ْي ِه ِإلَى ْال ِم ْرفَقَي ِْن َم َّرتَي ِْن َم َّرتَي ِْن ث ُ َّم أَ ْد َخ َل َي َدهُ فَا ْست َ ْخ َر َج َها فَ َم َ
ثَالَثًا ث ُ َّم أ َ ْد َخ َل َي َدهُ فَا ْست َ ْخ َر َج َها فَغَ َ
صلَّى َّ
ّللاُ ّللا َ سو ِل َّ ِ ضو ُء َر ُ س َل ِر ْجلَ ْي ِه ِإلَى ْال َك ْع َبي ِْن ث ُ َّم قَا َل َه َك َذا َكانَ ُو ُ غ َ ِب َرأْ ِ
س ِه فَأ َ ْقبَ َل ِبيَ َد ْي ِه َوأ َ ْد َب َر ث ُ َّم َ
سلَّ َم"(.)149
علَ ْي ِه َو َ
َ
ِيث َوقَا َل فِي ِه ص ْال َحد َ ع ْم ُرو ب ُْن َي ْح َيى ِب ِمثْ ِل إِ ْسنَا ِد ِه ْم َوا ْقت َ َّ °الرواية الثالثةَ " :ح َّدثَنَا ُو َهيْب َح َّدثَنَا َ
اح َدةً. س َح بِ َرأْ ِ
س ِه فَأ َ ْقبَ َل بِ ِه َوأ َ ْدبَ َر َم َّرةً َو ِ ث غ ََرفَاتَ .و َقا َل أ َ ْي ً
ضا فَ َم َ ض َوا ْستَ ْنشَقَ َوا ْستَ ْنث َ َر ِم ْن ثَالَ ِ فَ َم ْ
ض َم َ
ع ْم ُرو ب ُْن َي ْح َيى َه َذا ْال َحد َ
ِيث علَ َّ
ي َ ي ُو َهيْب َه َذا ْال َحد َ
ِيثَ .وقَا َل ُو َهيْب أ َ ْملَى َ قَا َل بَ ْهز أ َ ْملَى َ
علَ َّ
َم َّرتَي ِْن"(.)151
وجه التقييد :في الرواية األولى المقيدة إلطالق مسح الرأس( :فَأ َ ْق َب َل ِب َي َد ْي ِه َوأ َ ْد َب َر) ،وفي الرواية
ب ِب ِه َما ِإلَى َق َفاهُ ث ُ َّم الثانية المقيدة إلطالق مسح الرأس( :فَأ َ ْقبَ َل ِب ِه َما َوأ َ ْدبَ َر بَ َدأ َ ِب ُمقَد َِّم َرأْ ِ
س ِه ث ُ َّم َذ َه َ
َان الَّذِي بَ َدأ َ ِم ْنهُ) ،وفي الرواية الثالثة المقيدة إلطالق مسح الرأس( :فَ َم َ
س َح َر َّد ُه َما َحتَّى َر َج َع ِإلَى ا ْل َمك ِ
- 64 -
س َح َرأْ َ
سهُ) ،وقد ِب َرأْ ِ
س ِه فَأ َ ْقبَ َل ِب ِه َوأ َ ْدبَ َر َم َّرةً َو ِ
اح َدةً) ؛ فهذه الروايات مقيدة للرواية المطلقة (ث ُ َّم َم َ
يمكن اجتماعها ،وهللا أعلم.
مالحظة مهمة :وهذا المقدار في مسح الرأس هو ما ذهب إليه اإلمام مالك وأحمد ،حيث ورد في
التواليف الفقهية أن المفروض مسح جميع الرأس( ،)152وقال اإلمام الجويني" :فَأ َ َّما ْاْل َ ْك َم ُل،
ضهُ َما ِلك"( ،)153وقال ابن تيمية" :ا ْل َح ْم ُد ِ َّللِ ،ات َّ َفقَ ْاْلَئِ َّمةُ
سحِ سنَّةًَ ،وقَ ْد فَ َر َ
الرأْ ِس بِا ْل َم ْ
اب َّ فَا ْ
ستِيعَ ُ
صلَّى ص ِحي َح ِة َوا ْل َح َ
سنَ ِة ع َْن النَّبِي ِ َ الرأْ ِسَ ،ك َما ثَ َبتَ فِي ْاْل َ َحادِي ِ
ث ال َّ يع َّ سنَّةَ َم ْ
س ُح َج ِم ِ علَى أ َ َّن ال ُّ
ُكلُّ ُه ْم َ
سلَّ َم"(.)154
علَ ْي ِه َو َ
ّللاُ َ
َّ
وص ا ْل ُم ْط َلقَةُ الَّ ِتي قُ ِيدَتْ ِبقُيُود ُمت َنَا ِف َية َال يُ ْم ِك ُن اجْ ِت َما ُ
ع َها" ،هذا النوع ص ُ✓ النوع الثالث" :النُّ ُ
جرى فيه الخالف بين العلماء في كيفية وطريقة تقييد وحمل المطلق على المقيد ،منهم :أن اْلصل
ال يحمل وهم الحنفية ،ومنهم :من يرى أن المطلق يحمل قياسا للقيد الذي به شبه للمطلق ،وتفصيل
الكالم عن كل ذلك مع التمثيل ،كما يلي:
ّللاُ ت َ َعالَى ﴿فَ ِعدَّة ِم ْن أَيَّام أ ُ َخ َر﴾( ،)155فقد ورد في هذه اآلية الكريمة قضاء
= المثال اْلول :قَا َل َّ
صوم رمضان ُم ْ
طلَقًا ،وورد مثله مقيدا بالتتابع في صوم كفارة الظهار ِلقَ ْو ِل ِه ت َ َعالَى﴿ :فَ َمن لَّ ْم َي ِج ْد
فَ ِصيَا ُم َ
شه َْري ِْن ُمتَتَا ِب َعي ِْن﴾( ،)156وورد أيضا مثله مقيدا بالتفريق في صيام التمتع في الحج ِلقَ ْو ِل ِه
في كيفية تقييد المطلق وحمله على المقيد ،أما الحنفية لم يقولوا بالحمل وهو األصل عندهم(،)158
وأما الجمهور اختلفوا في حكم المطلق إذا كان في موضع وقيد مثله في موضعين بتقييدين متنافيين،
( - )152المدونة الكبرى لإلمام مالك بن أنس ،رواية اإلمام سحنون بن سعيد التنوخي عن اإلمام عبد الرحمن بن القاسم العتقي( ،في مسح الرأس)/ .16/1 ،
شرح منتهى اإلرادات للشيخ منصور بن يونس بن إدريس البهوتي ،تحقيق عبد هللا بن عبد المحسن التركي.98/1 ،
( - )153نهاية المطلب في دراية المذهب إلمام الحرمين ،تحقيق الدكتور عبد العظيم محمود الديب ،ط1428( :1هـ 2007 -م).82/1 ،
( - )154مجموع فتاوى شيخ اإلسالم أحمد ابن تيمية ،جمع وترتيب :عبد الرحمن بن ُم َح َّمد بن قاسم ،وساعده ابنه ُم َح َّمد ،وزارة الشؤون اإلسالمية والدعوة
واإلرشاد -السعودية ، -مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف.122/21 ،
( - )155البقرة.183 :
( - )156المجادلة.4 :
( - )157البقرة.195 :
( - )158المناهج األصولية لفتحي الد َُّرينِي ،المصدر نفسه.525 :
- 65 -
نحو تقييد صوم الظهار بالتتابع ،وتقييد صوم التمتع بالتفريق ،وإطالق صوم رمضان( ،)159قال
صو ِل ا ْل ِف ْقه" " :فَ َم ْن َال يَ َرى ت َ ْق ِيي َد ا ْل ُم ْطلَق ِبا ْل ُمقَيَّ ِد أَص ًْال ،فَ ِإنَّهُ َال يُقَ ِي ُد َه َذا صاحب "ا ْل ُم ْعتَ َمد فِي أ ُ ُ
قَ ،و َم ْن َي َرى ان التَّتَابُع َو َال الت َّ ْف ِري ُ ض َشه ِْر َر َم َ اء َ ق ِبأ َ َح ِد الت َّ ْق ِيي َدي ِْن ،فَ َال يجْ عَ ُل ِم ْن ش َْر ِط قَ َ
ض ِ ا ْل ُم ْطلَ ُ
ْس ِبأ َ ْن يُقَيَّ َد بِأ َ َح ِد الت َّ ْقيِي َدي ِْن ،أ َ ْولَى ِم ْن
ت َ ْقيِي َد ا ْل ُم ْطلَق ِبا ْل ُم َقيَّد ِْلَجْ ِل الت َّ ْقيِيدَِ ،ال يَ َرى َذ ِلكَ َها ُهنَاِْ ،لَنَّهُ لَي َ
أ َ ْن يُقَيَّ َد بِ ْاْل َخرَ ،وأَ َّما َم ْن يَ َرى ت َ ْقيِي َدهُ بِا ْل ِقيَاس ،فَ ِإنَّهُ يُقَيَّ ُد ا ْل ُم ْط َلقَ ِبأ َ َح ِد الت َّ ْقيِي َدي ِْنِ ،إ َذا ك َ
َان ا ْل ِق َي ُ
اس
علَى ْاْل ُ َخر"( ،)160معنى ذلك :أن هناك من يرى أن األصل ال يحمل اس َ علَ ْي ِه أ َ ْولَى ِم ْن ا ْل ِقيَ ِ
َ
المطلق على أحد القيدين وهم الحنفية ،كما أنه ال يحمل أيضا على أحد القيدين من طريق اللغة عند
جميع األصوليين خاصة في هذا المثال ،لكن هناك من يقول بحمل المطلق على أحد القيدين المتنافيين
في المثال السابق ،ألنه رأى ذلك قياسا على القيد الذي به شبه بالمطلق ،أما إذا لم يكن بين المطلق
وأحد القيدين شبه يُجرى المطلق على إطالقه ،وهذا في حد ذاته مختلف فيه بين العلماء ،وبخصوص
َان فِي ِج ْنس
ان ُم َقيَّد ِ
ص ِ صو ِل ا ْل ِف ْقه" " :فَ ِإ ْن ك َ
َان ُهنَاكَ نَ َّ مسودَة فِي أ ُ ُ
مسألة القياس هذه ورد في "ا ْل َّ
احد ِم ْن ُه َما ف أَنَّهُ َال يَ ْل َح ُ
ق ِب َو ِ ب ُم ْخت َ ِلفَ ،و ُهنَاكَ نَص ثَا ِلث ُم ْطلَق ِم ْن ا ْل ِج ْن ِس ،فَ َال ِخ َال َسبَ ُ
احدَ ،وال َّ َو ِ
ص ْو ِم ا ْل ُمتْعَ ِة
الظ َه ِار ِبالتَّتَابُ ِعَ ،وفِي َ ص ْو ِم ِ ص َّر َح فِي َ انَ :و َر َد ُم ْط َلقًاَ ،و َ
ض َاء َر َم َ
ض ِ لُغَةًَ ،و َذ ِلكَ َكقَ َ
ف ،قَ ْد ُر ِو َ
ي علَى ا ْل ِخ َال ِ اإل ْلحَاقَ فَ ِإنَّهُ َ سا إِ ْذ ُو ِجدَتْ ِعلَّة تَ ْقت َ ِضي ْ ِ يقَ ،وأ َ َّما إِ ْل َحاقُهُ ِبأ َ َح ِد ِه َما قِيَا ً
بِالت َّ ْف ِر ِ
سا،ُون أ َ َرا َد أ َ َّن ا ْل ُم ْط َلقَ َيت َ َقيَّ ُد بِنَ ْف ِس تَ ْقيِي ِد ا ْل ُمقَيَّدَِ ،ويُحْ ت َ َم ُل أ َ ْن يُ َر َّد إِلَ ْي ِه قِيَا ً
ع َْن َما ِلك َما يُحْ ت َ َم ُل أ َ ْن َيك َ
وزِْ ،ل َ َّن َذ ِلكَ ِزيَادَة ساَ ،وقَا َلتْ :ا ْل َحنَ ِفيَّةَُ :ال يَ ُج ُ علَ ْي ِه قِيَا ً ص َحابِ ِه أَنَّهُ يُحْ َم ُل َ ص ِحي َح ِع ْن َد أ َ ْ َو ذُك َر أ َ َّن ال َّ
سأَلَ ِة ار ا ْل ُج َو ْينِي ا ْل َو ْق َ
ف فِي َم ْ اخت َ َ وز بِا ْل ِقيَ ِ
اسَ ،و ْ سخَ ،والنَّ ْ
س ُخ َال يَ ُج ُ صَ ،و ُه َو نَ ْ
علَى النَّ ِ َ
اس"(.)161 ا ْل ِق َي ِ
ارةُ أ َ ْي َمانِ ُك ْم إِ َذا َحلَ ْفت ُ ْم﴾()162؛ فقد ورد هذا النص ُم ْ
طلَقًا ،وورد مثله مقيدا بالتتابع ث َ َالث َ ِة أَيَّام َذ ِلكَ َكفَّ َ
( - )159المعتمد في أصول الفقه ألبي الحسين ُم َح َّمد بن علي بن الطيب البصري ،تحقيق ُم َح َّمد حميد هللا بتعاون ُم َح َّمد بكر وحسن حنفي ،سنة الطبع1384( :هـ
1964 -م) ،المعهد العلمي للدراسات العربية- ،دمشق.314-313 ، -
( - )160نفسه.
( - )161المسودة في أصول الفقه لثالثة أئمة آل تيمية ،تحقيق ُم َح َّمد محيي الدين عبد الحميد ،المصدر نفسه.146-145 :
( - )162المائدة.91 :
- 66 -
في صوم كفارة الظهار ِلقَ ْو ِل ِه ت َ َعالَى﴿ :فَ َمن لَّ ْم َي ِج ْد فَ ِص َيا ُم َ
شه َْري ِْن ُمتَتَا ِب َعي ِْن﴾( ،)163وورد أيضا
مثله مقيدا بالتفريق في صيام التمتع في الحج ِلقَ ْو ِل ِه ت َ َعالَى ﴿ :فَ ِص َيا ُم ث َ َالث َ ِة أَيَّام ِفي ا ْل َحجِ َو َ
س ْب َعة ِإ َذا
ص َد ِد َه َذا ا ْل ِمثَا ِلَ " :و ِل َه َذا ا ْل ُم ْطلَق ِمثْ َال ِن ُمقَيَّد ِ
َان اضي أ َ ِبي َي ْعلَى ا ْل َح ْن َب ِل ُّ
ي ِب َ َر َج ْعت ُ ْم﴾()164؛ قَا َل ا ْلقَ ِ
الدليل"(.)165
توطئة:
قبل البدء أيضا في هذا المطلب ،البد أن أوضح وأبين ما توصلت إليه ،بعد قراءتي للورقات المتعلقة
بمبحث "ا ْل ُم ْطلَق َوا ْل ُمقَيَّد" من كتاب "ا ْل َمنَا ِه ُج ْاْل ُ ُ
صو ِليَّة" لفتحي الد َُّري ِني -رحمه هللا -وجدت أنه
تناول نوعين من نصوص التقييد ،فعمقت البحث قليال وبالتأمل والتمعن ،توصلت إلى أن النوع
وص ا ْل ُم ْطلَقَةُ الَّتِي َد َّل َد ِليل آ َخ ُر َ
ع َلى ص ُاْلول الذي أورد الد َُّرينِي بشكل غير مباشر ،الذي هو" :النُّ ُ
غي ُْر ُم ْعتَبَر" لكي نحسن علَى أ َ َّن ا ْلقَ ْي َد َ ت َ ْقيِي ِد َها فَ َو َج َ
ب ا ْلعَ َم ُل بِ َذ ِلكَ َو ْاال ْلتِ َزا ُم بِ ِه إِ ْن لَ ْم يَ ِر ْد َد ِليل يَ ُد ُّل َ
في بيانه لعلي أكون على صواب ،أن نجعله على قسمين :أما اْلول ،هو" :إِ َذا أ ُ ْطلَقَ اللَّ ْفظ ِفي
احد" ،أما الثاني ،فهوِ " :إ َذا أ ُ ْط َلقَ اللَّ ْفظ ِفي َم ْو ِضع َوقيَّ َد ِفي
َم ْو ِضع َوقي َد ِفي نَ ْف ِس ا ْل َم ْو ِض ِع ِبقَيْد َو ِ
صوص ا ْل ُمقَيَّدَة َم ْو ِضع آ َخ َر ِبقَيْد َو ِ
احد" ،أما النوع الثاني الذي أورده الد َُّري ِني -رحمه هللا -هو" :النُّ ُ
- 67 -
ِبقَيْد ث ُ َّم َو َر َد َد ِليل أَ ْلغَى َه َذا ا ْلقَ ْيدَ" ،وتفصيل الكالم عن هذه اْلنواع مع التمثيل من القرآن والسنة،
كما يلي:
• القسم اْلولِ " :إذَا أ ُ ْط َلقَ اللَّ ْفظ فِي َم ْو ِضع َوقي َد فِي نَ ْف ِس ا ْل َم ْو ِض ِع ِبقَيْد َو ِ
احد" ،وقد مثل الد َُّرينِي
لهذا القسم بمثال واحد ،من القرآن الكريم ،وهو كما يلي:
سا ِئ ُك ُم) أي :زوجاتكم ،ورد مقيدا بالدخول ،ومفاد هذا :أنه ال
(ن َ ِب ِه َّن فَ َال ُجنَا َح َ
علَ ْي ُك ْم﴾()168؛ فلفظ ِ
تحرم بنت الزوجة على زوج أمها ،إال إذا كان قد دخل باألم ،إذ القيد معتبر في تشريع الحكم،
ومقتضى هذا :أن مجرد العقد على األم ال يحرم البنت(.)169
وقد أضفت ست أمثلة ْلجل بيان أكثر بخصوص هذا القسم؛ أربع أمثلة من القرآن
الكريم ،ومثالين من السنة النبوية الشريفة ،وهي كما يلي:
( - )166البرهان في علوم القرآن للزركشي ،تحقيق ُم َح َّمد أبو الفضل إبراهيم ،ط1404( :2هـ 1984 -م) ،مكتبة دار التراث -القاهرة.15/2 ، -
( - )167اللُ َمع في أصول الفقه للشيرازي ،تحقيق عبد القادر الخطيب الحسني ،ط1434( :2هـ 2013 -م) ،مكتبة نظام يعقوبي الخاصة -البحرين.144 ، -
( - )168النساء.23 :
( - )169المناهج األصولية لفتحي الد َُّرينِي ،المصدر نفسه.513 :
- 68 -
الظ َهار﴿ :فَ َمن لَّ ْم َي ِج ْد فَ ِص َيا ُم َ
شه َْري ِْن ِ = المثال اْلول :قَ ْولُهُ ت َ َعالَى ِفي ِص َي ِام َكفَّ َ
ار ِة
ُمتَتَا ِب َعي ِْن﴾( ،)170في هذه اآلية الكريمة نالحظ أن الصيام قد قيد بالتتابع.
= المثال الثالث :قَ ْولُهُ ت َ َعالَىَ ﴿ :و َمن قَتَلَهُ ِمنكُم ُّمت َ َع ِمدًا فَ َج َزاء ِمثْ ِل َما قَت َ َل ِم َن النَّ َع ِم﴾( ،)172فقوله
تعالىَ ( :و َمن قَتَلَهُ ِمنكُم) ورد ُم ْ
طلَقًا ،وقيده قوله تعالىُّ ( :متَعَ ِمدًا)(.)173
يال﴾( ،)174في ع ِإ َل ْي ِه َ
س ِب ً ست َ َ
طا َ اس ِح ُّج ا ْلبَ ْي ِ
ت َم ِن ا ْ علَى النَّ ِ = المثال الرابع :قَ ْولُهُ تَعَالَىَ ﴿ :و ِ َّ ِ
ّلل َ
اس ِح ُّج ا ْلبَ ْيتِ) ُم ْ
طلَقًا ،وقيده قوله جل وعال في علَى النَّ ِ
هذه اآلية الكريمة ورد قوله عز وجلَ ( :
يال)(.)175 ع ِإلَ ْي ِه َ
سبِ ً ست َ َ
طا َ عالهَ ( :م ِن ا ْ
ض َ
ان سلَّ َمَ « :م ْن َ
صا َم َر َم َ علَ ْي ِه َو َ صلَّى َّ
ّللاُ َ ّللا َ = المثال الخامس :ع َْن أَبِي ُه َري َْرةَ قَا َل :قَا َل َر ُ
سو ُل َّ ِ
ض َ
ان) غ ِف َر لَهُ َما تَقَ َّد َم ِم ْن َذ ْنبِ ِه»( ،)176فقوله عليه الصالة والسالمَ ( :م ْن َ
صا َم َر َم َ سابًا ُ
إِي َمانًا َواحْ تِ َ
ورد ُم ْ
طلَقًا ،وقيده قوله عليه الصالة والسالم( :إِي َمانًا َواحْ ِت َ
سابًا).
- 69 -
• القسم الثاني" :إِ َذا أ ُ ْطلَقَ اللَّ ْفظ فِي َم ْو ِضع َوقي َد فِي َم ْو ِضع آ َخ ُر بِقَيْد َو ِ
احد" ،وقد مثل الد َُّري ِني
لهذا القسم بثالث أمثلة ،وهي كما يلي:
الد َُّرينِي" :تدل اآلية الكريمة بعبارتها على عدم حل الزوجة بعد أن يطلقها زوجها الثالثة راضيا أو
مكرها؛ ألن اآلية الكريمة مطلقة ال تقييد فيها بكون المطلق راضيا" ،وذكر أيضا" :األصل أن
سلَّ َم قَا َل:
علَ ْي ِه َو َ صلَّى َّ
ّللاُ َ ّللا َ
سو َل َّ ِ
المطلق يُجرى على إطالقه لو ال أن قام دليل التقييد ،وهو :أن َر ُ
طالَقَ ِفي ِإ ْغالَق»( ،)180أي في إكراه" ،و قَا َل الد َُّري ِني بخصوص نص التقييد هذاَ " :ال يُقَا ُل:
«الَ َ
علَى
ي َ ي قَ ْط ِعيَ ،و َال يَ ْق َوى ال َّ
ظنِ ُّ ص ا ْلقُ ْرآنِ ُّ صلُ ُح ِللت َّ ْق ِيي ِدِْ ،لَنَّهُ َحدِيث َ
ظنِيَ ،وال َّن ُّ ِإ َّن َه َذا ال َّد ِلي َل َال يَ ْ
ت َ ْق ِيي ِد ا ْل َق ْط ِعيِ"(.)181
(و ِصيَّة) مطلق يشمل القليل والكثير من التركة ،بل يصدق عليها جميعا لو أوصى بها" ،وذكر
َ
أيضا" :األصل أن يُجرى هذا اللفظ على إطالقه لو ال أن ورد من المشرع نفسه دليل على أن المراد
بهذا اإلطالق التقييد بالثلث ،فصرفه عن معناه الذي يدل عليه قطعا ،بالنظر ألصل وضعه اللغوي
ث َك ِبير-أ َ ْو َك ِثيرِ -إنَّكَ أ َ ْن
ث َوالث ُّ ْل ُ
إلى ما دل عليه الدليل من التقييد بالثلث ،وذلك بقوله ﷺ « :الثُّلُ ُ
اس»( ،)183فتبين أن إطالق اآلية ليس ت َ َذ َر َو َرثَت َكَ أ َ ْغنِيَا َء َخيْر ِم ْن أ َ ْن ت َ َذ َر ُه ْم عَالَةً َيت َ َكفَّفُ َ
ون النَّ َ
مرادا للشارع ،بل المراد تقييد الوصية بالثلث"(.)184
- 70 -
طعُوا أ َ ْي ِد َي ُه َما َج َزا ًء ِب َما َك َ
س َبا﴾( ،)185قَا َل س ِارقَةُ فَ ْ
اق َ ق َوال َّ = المثال الثالث :قَ ْولُهُ تَ َعالَىَ ﴿ :وال َّ
س ِار ُ
اق َ
طعُوا) لفظ خاص الد َُّرينِي" :فلفظ (اْليدي) ورد ُم ْ
طلَقًا غير مقيد باأليمان أو الشمائل ،وكلمة (فَ ْ
ط َلقًا أيضا عن تقييد موضعه فدلت السنة على هذا التقييد ،وهو القطع من الرسغ(.)186 ورد ُم ْ
معنى هذا النوع :أن النص الشرعي إذا ورد مقيدا بقيد من القيود ثم ورد دليل آخر يدل على أن القيد
غير معتبر في تشريع الحكم ،وهذا ما يسمى بالتدرج في التشريع ،وهللا أعلم ،وقد مثل ال ُّد َري ِني لهذا
النوع بمثال واحد ،وهو كما يلي:
اف
ض َع َ الربَا َال يَحْ ُر ُم َحتَّى يَ ْبلُ َغ أ َ ْ
ضاهُ أ َ َّن ِ ع ِم َل ِب َه َذا ا ْلقَيْد ،لَك َ
َان ُم ْقت َ َ قَيْد فِي ُح ْك ِم ِه َو ُه َو التَّحْ ِري ُمَ ،ولَ ْو ُ
ص ِل ال َّديْن ،فَ ُه َو َجائِزَ ،ه َذا فِي َحالَ ِة ا ْعتِبَ ِار اف أ َ ْ
ضعَ َ ف ،أَنَّهُ إِ َذا لَ ْم يَ ْبلُ ْغ أَ ْ أَ ْ
ص ِل ال َّدي ِْنَ ،و َم ْف ُهو ُمهُ ا ْل ُم َخا ِل ُ
وس أ َ ْم َوا ِل ُك ْم َال
اء َه َذا ا ْلقَ ْي ِد فِي فقَ ْوله تَعَالَىَ ﴿ :و ِإن ت ُ ْبت ُ ْم فَلَ ُك ْم ُر ُء ُ ا ْلقَ ْيدَِ ،ولَ ِك ْن قَا َم ال َّد ِلي ُل َ
علَى ِإ ْلغَ ِ
الربَا﴾()189؛ َو ُم ْقتَ َ
ضى ون﴾(َ ،)188وفِي قَ ْو ِل ِه تَعَالَىَ ﴿ :وأ َ َح َّل َّ
ّللاُ ا ْلبَ ْي َع َو َح َّر َم ِ ون َو َال ت ُ ْظلَ ُم َ
ت َ ْظ ِل ُم َ
- 71 -
الفصل الثانيَ :ح ْمل ا ْل ُم ْطلَق
علَى ا ْل ُمقَيَّد
َ
- 72 -
-الحمد هلل والشكر هلل -بعد الحديث عن تعريف ا ْل ُم ْط َلق َوا ْل ُم َقيَّد في بعض المعاجم اللغوية ،وكذلك
تعريفهما في اإلصطالح اْلصولي عند الد َُّرينِي وعند من وافقهم وخالفهم من علماء اْلصول ،وبعد
الحديث أيضا عن حكم كل من ا ْل ُم ْط َلق َوا ْل ُم َقيَّد عند الد َُّرينِي ،وبيان الفرق والعالقة بينهما،
اإل ْط َالق
والخصائص التي يتميز بها ا ْل ُم ْط َلق عن غيره في تأصيل الد َُّرينِي ،وبعد أن تناولت نصوص ْ ِ
صو ِليَّةُ" ودراستها ،مع استحضار مجموعة َوالت َّ ْقيِيد التي أوردها الد َُّرينِي في كتابه "ا ْل َم َنا ِه ُج ْاْل ُ ُ
من اإلشكاالت والجواب عليها حسب ما تيسر من الوقت الذي بذلت فيه مجهودا ليس بالكثير وليس
بالقليل ،بعد كل هذه اْلمور التي تطرقت لها في الفصل اْلول ،سأنتقل -بإذن هللا -إلى الفصل الثاني،
حيث سأقوم -متوكال على هللا تعالى -في المبحث اْلول من هذا الفصل الثاني بحل مجموعة من
االشكاالت العلمية (بشكل مختصر) التي قمت بصياغتها ،والمتعلقة خاصة بحقيقة حمل ا ْل ُم ْط َلق
على َوا ْل ُمقَيَّد وهي -1 :ما المقصود بحمل ا ْل ُم ْطلَق على ا ْل ُمقَيَّد؟ وهل يعتبر حمل ا ْل ُم ْطلَق على ا ْل ُمقَ َّيد
بيان أم نسخ؟ -2 ،لماذا يجب حمل ا ْل ُم ْط َلق على ا ْل ُمقَيَّد ال العكس؟ -3 ،هل يحمل ا ْل ُم ْط َلق على
ا ْل ُمقَيَّد عند اتحاد الحكم؟ أم يعمل بكل واحد منهما في موضعه؟؟
المبحث اْلول :حقيقة حمل ا ْل ُم ْطلَق على ا ْل ُمقَيَّد عند الد َُّرينِي
صود بِ َح ْم ِل ا ْل ُم ْطلَق َ
علَى ا ْل ُمقَيَّد؟ : أوالَ :ما ا ْل َم ْق ُ
ير ا ْل ُم ْطلَق
س ُعلَى ا ْل ُمقَيَّد ُه َو" :ت َ ْف ِ شكَالَ ،ذك ََر الد َُّرينِي أ َ َّن ا ْل َم ْق ُ
صود ِب َح ْم ِل ا ْل ُم ْط َلق َ وص َه َذا ْ ِ
اإل ْ ص ِِب ُخ ُ
- 73 -
ارة أ ُ ْخ َرى :ت َ ْقدِي ُم ا ْلعَ َم ِل ِبا ْل ُم َقيَّد ِبا ْعتِبَ ِار ِه بَ َيانًا ِل ْل ُم ْطلَق"( ،)191فَ ْال َح ْم ُل
ِبك َْونِ ِه ُم َرادًا ِب ِه ا ْل ُم َقيَّد ،أَ ْو ِب ِعبَ َ
ضي ِه ال َّد ِلي ُل ْال ُم َقيَّد
علَى َما يَ ْقت َ ِ علَى ْال ُمقَيَّدَ ،م ْعنَاهُ :فَ ْه َم ال َّد ِليل ْال ُم ْ
طلَق لَ ْف ً
ظا َ َم ْعنَاهُْ :الفَ ْه ُمَ ،و َح ْم ُل ْال ُم ْ
طلَق َ
ْث ِإ َذا َو َر َد َما صو ُد ِم ْن ْال ُم َقيَّدَ ،حي ُ ط َلق ُه َو ْال َم ْعنَى ْال َم ْق ُ صو ُد ِم ْن ْال ُم ْ ي ْال َم ْق ُ ون ْال َم ْعنَى ال َّ
ش ْر ِع ُّ لَهَُ ،فيَ ُك ُ
ارة " َح ْم ُل ا ْل ُم ْط َلق علَى ْال ُمقَيَّدَ ،وبِالتَّا ِلي فَ ْال ُم َرا ُد ِب َه ِذ ِه ْال ِعبَ َ
طلَق َ ب َح ْم ُل ْال ُم ْ طلَق َو َج َ علَى ت َ ْق ِيي ِد ْال ُم ْيَ ُد ُّل َ
ْث َوضعه اللُّغَ ِوي ُم ْ
طلَقًاَ ،ولَ ِكنَّهُ وج َد َد ِليل علَى ا ْل ُمقَيَّد" ؛ أ َ َّن ْال ُم ْجت َ ِهد إِ َذا نَ َ
ظ َر فِي ال َّد ِلي ِل فَ َو َج َدهُ ِم ْن َحي ُ َ
علَى َما علَ ْي ِه أ َ ْن يَ ْف َه َم ْال ُم ْ
طلَقَ َ ط َالقَ َذ ِل َك ْال ُم ْ
طلَقَ ،و َج َ
ب َ آخ ََر فِي اللَّ ْف ِظ أ َ ْو فِي لَ ْفظ آخ ََر ُم ْست َ ِقل يُقَيِ ُد إِ ْ
ضي ِه َد ِلي ُل الت َّ ْقيِيد(.)192 يَ ْقت َ ِ
علَى ا ْل ُمقَيَّد َال ا ْلعَ ْكسَ ،و َذ ِلكَ ِْل َ ْم َريْن: َذك ََر الد َُّر ْينِي أَنَّهُ يَ ِج ُ
ب َح ْم ُل ا ْل ُم ْطلَق َ
( - )194نفسه.
- 74 -
°اْلمر الثانيِْ " :ل َ َّن ا ْل ُم ْطلَق ُج ْزء ِم ْن ا ْل ُم َقيَّدَ ،وا ْلعَ َم ُل ِبا ْلك ُِل عَمل ِبا ْل ُج ْزء ،فَك َ
َان ا ْلعَ َم ُل ِبا ْل ُمقَيَّ ِد َ
ع َم ًال
ع َم ًال ِبا ْل ُمقَيَّد ،بَ ْل فِي ِه ِإ ْه َمال لَهُ ،فَنَت َ َج أ َ َّن َح ْم َل ف ا ْلعَ ْك ِس ،فَ ِإ َّن ا ْلعَ َم َل ِبا ْل ُم ْطلَ ِ
ق لَي َ
ْس َ ِبا ْل ُم ْط َلقِ ،ب ِخ َال ِ
علَى ا ْل ُم َقيَّد ِإ ْع َمال ِلل َّد ِليلَيْن"(.)195 ا ْل ُم ْطلَق َ
ور ْاْل ُ ُ
صو ِل ِي َ
ين: ص ُل ِع ْن َد ُج ْم ُه ِ °الرأي اْلول :أ َ َّن َح ْم َل ا ْل ُم ْطلَق َ
علَى ا ْل ُم َقيَّد ُه َو ْاْل َ ْ
وص الش َّْر ِعيَّةُ أ َ ْو ا ْلقَانُو ِن َّيةُ
ص ُ َو ُح َّجت ُ ُه ْم ِفي َذ ِلكَ " :أَن وحدَت ا ْل َم ْن ِطق التَّش ِْري ِعي ت َ ْقت َ ِضي أ َ ْن تَك َ
ُون النُّ ُ
ض َها بَ ْعضًا"(،)196 وص يُ َف ِ
س ُر بَ ْع ُ ص ُ صد َِر ِه؛ ِإ ْذ النُّ ُ
س ُم ِإلَى ُم ْط َلق َو ُم َقيَّدَ ،و َذ ِلكَ لِوحْ َد ِة َم ْ
َو ِحدَّة َال ت َ ْنقَ ِ
ور فِي اعتبراهم ْال ُم ْ
طلَق َم ْح ُم ً
وال صول ا ْل ِف ْق ِه" لمحمد أبو زهرةَ " :و ُح َّجةُ ْال ُج ْم ُه ِ وورد في كتاب "أ ُ ُ
آن ْال َك ِر ِيم ،فَإ ِ َذا َو ْر َدت َك ِل َمة فِي ْالقُ ْر ِ
آن ْالقُ ْر ِ وح َدة ُب ُه َوْ : سبَ ُ
ف ال َّ علَى ْال ُمقَيَّد ِإ َذا ات َّ َح َد ْال ُح ْك ُم َو ْ
اخت َ َل َ َ
ضع ت ُ ْذ َّك ُر فِي ِه ْال َك ِل َمةَُ ،فإ ِ َذا
احد ِفي ُك ِل َم ْو ِ َو ِ ام ِه ،فَ َالبُ َّد أ َ ْن َي ُكونَ ْال ُح ْك ُم
ْال َك ِر ِيم ُم َبيِنَة ُح ْك ًما ِم ْن أَ ْح َك ِ
الرقَبَةُ ُمت َّ ِح َدة ْال ِج ْن ِس َو ْال َو ْ
صف ِفي طلُوب فَ َالبُ َّد أ َ ْن ت َ ُكونَ تِ ْل َك َّ
علَى أ َ َّن ت َ ْح ِريرهَا َم ْ
الرقَبَة َ
َو ْر َدت َك ِل َمة َّ
ت فَ َالبُ َّد أ َ ْن تَ ُكونَ ُم َقيَّ َدة فِي َغي ِْر ِه
عا ِ َت ُم َقيَّ َدة فِي أ َ َح ِد ْال َم ْو ُ
ضو َ آن ْال َك ِر ِيم ،فَإ ِ َذا َكان ْ
وص ْالقُ ْر ِ
ص ِ ُك ِل نُ ُ
آخي ْاأل َ ْح َك ِام َوت َ َجان ِس َها َو ِل َذا قال الشوكانيَ " :ال يَ ْخفَى َ
ع َل ْيكَ بَ ،و ِلت َ ِوح َدةِ َم ْن ِز ِل ْال ِكتَا ِ
وح َدةِ ْال ِعقَابَ ،و ِل ْ
ِل ْ
- 75 -
ب بَ ْينَ ُه َما ِب ِج َه ِة ا ْل َح ْم ِل""( ،)197وهذا صو َل التَّنَا ُ
س ِ أ َ َّن اتِ َحاد ا ْل ُح ْك ِم بَي َْن ا ْل ُم ْطلَ ِ
ق َوا ْل ُم َقيَّ ِد يَ ْقت َ ِضي ُح ُ
الرأي هو رأي :الشافعية والحنابلة وبعض المالكية(.)198
بعد حل اإلشكاالت المطروحة في المبحث السابق ،قد خصصت المبحث الثاني واْلخير من هذا
الفصل الثاني للحديث عن أحوال حمل المطلق على المقيد من خالل ما أورده الد َُّرينِي في كتابه
"ا ْل َمنَا ِه ُج ْاْل ُ ُ
صو ِليَّة" ،حيث سأتناول الحاالت المتفق عليها في حمل وعدم حمل المطلق على
المقيد ،وكذلك الحاالت المختلف فيها في حمل المطلق على المقيد ،مع بيان منشأ الخالف وسببه،
ومحاولة تلخيص كل هذه الصور ووضعها في خطاطة ،وختام البحث سيكون بطرح إشكال والجواب
عليه ،وهو :هل جميع حاالت حمل المطلق على المقيد تعتبر بيانا ،ولو اختلف تاريخ ورودهما؟
( - )197أصول الفقه ل ُم َح َّمد أبو زهرة ،دار الفكر العربي.174-173 :
( - )198الوجيز في أصول الفقه اإلسالمي ل ُم َح َّمد مصطفى الزحيلي ،ط1427( :2هـ 2006 -م) ،دار الخير للنشر والتوزيع- ،دمشق.46 ، -
( - )199المناهج األصولية لفتحي الد َُّرينِي ،المصدر نفسه.515 :
( - )200أصول الفقه ل ُم َح َّمد أبو زهرة ،المصدر نفسه.173 :
- 76 -
المطلب اْلول :الحاالت المتفق عليها في حمل ا ْل ُم ْطلَق َ
ع َلى
ا ْل ُمقَيَّد عند اْلصوليين
ع َلى ا ْل ُمقَيَّد؛ ِْل َ َّن ا ْل ُمقَيَّد فِي ِه ِز َيادَة ُمقَيدَةَ ،و َالق َ علَى َح ْم ِل ا ْل ُم ْط َل ِ ور ِة َص َ اتَّفَقَ ا ْلعُلَ َما ُء فِي َه ِذ ِه ال ُّ
َان ا ْل َج ْم ُع أ َ ْولَىَ ،و ِْلَنَّهُ َال يَ ِص ُّح أ َ ْن
ص ا ْل ُم ْط َلقَ ،و َم ْن ع َِم َل ِبا ْل ُمقَيَّد ع َِم َل ِبا ْل ُم ْطلَق ،فَك َ
تَتَنَافَى َم َع النَّ ِ
ورة ِب ِمثَالَيْن:
ص َب َوا ْل ُح ْكم(َ ،)201و َمث َّ َل الد َُّرينِي ِل َه ِذ ِه ال ُّ ف ا ْل ُم ْط َل ُ
ق َوا ْل ُمقَيَّ ُد َم َع اتِ َحا ِد ال َّ
س َب ِ يَ ْخت َ ِل َ
ير﴾()202؛ قَا َل الد َُّر ْينِي: علَ ْي ُك ُم ا ْل َم ْيتَةُ َوال َّد ُم َولَحْ ُم ا ْل ِخ ِ
نز ِ = المثال اْلول :قَ ْولُهُ تَعَالَىُ ﴿ :ح ِر َمتْ َ
علَى َه َذا فَ ْاْليَةُ تَ ُد ُّل سفُو ًحاَ ،و َغيْر ُمقَيَّد بِك َْونِ ِه َم ْظ "الدَّم" فِي َه ِذ ِه ْاْليَ ِة ا ْلك َِري َم ِة َو َرد ُم ْطلَقًاَ ، "فَلَ ْف ُ
ق سفُوح ،فَا ْل ُم َح َّر ُم ُه َو ُم ْط َل ُ سفُو ًحا أ َ ْم َ
غي َْر َم ْ س َواء أَك َ
َان َم ْ او ِل الد َِّم ُم ْطلَقًا َ يم تَنَ ُ علَى تَحْ ِر ِ
ارتِ َها َ
بِ ِعبَ َ
ي إِلَ َّ
ي ُم َح َّر ًما ي قَ ْولُهُ تَعَالَى﴿ :قُل َّال أ َ ِج ُد فِي َما أ ُ ِ
وح َ الد َِّم ،لَ ِكنَّهُ َو َر َد بِعَ ْي ِن ِه ُم َقيَّدًا فِي آيَة أ ُ ْخ َرىَ ،و ِه َ
نزير﴾()203؛ فَ َه ِذ ِه ْاْليَةُ ا ْلك َِري َمةُ ُون َم ْيتَةً أ َ ْو َد ًما َّم ْ
سفُو ًحا أ َ ْو لَحْ َم ِخ ِ طا ِعم يَ ْط َع ُمهُ إِ َّال أَن يَك َ
علَى َ
َ
( - )201الوجيز في أصول الفقه اإلسالمي ل ُم َح َّمد مصطفى الزحيلي ،المصدر نفسه.43 :
( - )202المائدة.4:
( - )203األنعام.146 :
( - )204المناهج األصولية لفتحي الد َُّرينِي ،المصدر نفسه.517 :
- 77 -
ق الد َِّمِ ،إ ْذ َي ْل َز ُم َذ ِلكَ أ َ ْم َران-1 : او ِل الد َِّم أ َ ْو أ َ ْك ِل ِهَ ،و َال يُ ْم ِك ُن ا ْلقَ ْو ُل ِبتَحْ ِر ِ
يم ُم ْطلَ ِ ئ ع َْن تَنَ ُ
ش ُ ض َر ُر النَّا ِ
ال َّ
يع ا ْل ُح ْكم"(.)205 ص ُل أ َ َّن ا ْلقَ ْي َد ُم ْعتَبَر فِي تَش ِْر َِار ا ْلقَيْدَ :و ْاْل َ ْ ب َر ْفعُه -2 ،أ َ ْو ِإ ْهد ُ التَّنَافِيَ :والتَّنَافِي يَ ِج ُ
ا ْل ِم ْرفَقَي ِْن»()207؛ َذك ََر الد َُّر ْينِي" :أ َ َّن ا ْل َم ْوضُو َ
ع فِي ْاْليَ ِة ا ْلك َِري َم ِة َوا ْل َحدِيث الش َِّريف َو ِ
احدَ ،و ُه َو:
اض َع ُمعَيَّنَة،
ب ِل َم َو ِ ص ِعي ِد ال َّ
طيِ ِ وب ا ْل َم ْ
سحِ بِال َّ احدَ ،و ُه َوُ :و ُج ُ بَيَا ُن ِصفَ ِة التَّيَ ُّم ِم َو َك ْي ِفيَّ ِت ِهَ ،وا ْل ُح ْك ُم َو ِ
ف " ْاْلَيَادِي" َوردتْ ُم ْطلَقَةً فِي ْاْليَة، ارةَ ، ص َال ِة َم َع ا ْل َحا َج ِة إِ َلى ال َّ
ط َه َ احدَ ،و ُه َو :إِ َرا َدةُ ال َّ ب َو ِ سبَ ُ
َوال َّ
ير ِفي ا ْل َع َم ِلِ ،ال ِت َحا ِد ع َلى ا ْل ُم َقيَّدَ ،وتَ ْقدِي ُم َه َذا ْاْل ِخ ِب َح ْم ُل ا ْل ُم ْط َلق َ ص ا ْل َحدِيثَ ،ف َو َج َ َو ُم َقيَّدَة ِفي َن ِ
س ُح ُه َما َج ِميعًا؛ ِْل َ َّن ْ ِ
اإل ْط َالقَ س ُح ا ْل َي َدي ِْن ِإلَى ا ْل ِم ْرفَقَي ِْن فَقَ ْط َال َم ْ
ب َم ْ علَى َه َذا ،فَا ْل َو ِ
اج ُ ب َوا ْل ُح ْكمَ ،و َ
س َب ِ
ال َّ
ُم َراد ِب ِه الت َّ ْق ِييد"(.)208
سابًا ُ
غ ِف َر لَهُ َما تَقَ َّد َم ان إِي َمانًا َواحْ تِ َ
ض َ سلَّمَ « :م ْن َ
صا َم َر َم َ علَ ْي ِه َو َ صلَّى َّ
ّللاُ َ = المثال الثاني :قَ ْولُهُ َ
س َوا ْل ُج ُم َعةُ ِإ َلى ا ْل ُج ُم َع ِة صلَ َواتُ ا ْل َخ ْم ُ
سلَّم« :ال َّعلَ ْي ِه َو َ ّللاُ َ صلَّى َّ ِم ْن َذ ْن ِب ِه» (َ ،) 212م َع قَ ْو ِل ِه َ
ب ا ْل َك َبائِ َر»()213؛ في الحديث الشريف األول: ان ُمك َِف َرات َما َب ْينَ ُه َّن ِإ َذا اجْ ت َ َن َ ضا ُن ِإلَى َر َم َ
ض َ َو َر َم َ
- 78 -
الصيام لم يقيد باجتناب الكبائر ،فينطبق ذلك على من صام ولو لم يجتنب الكبائر ،أما في الحديث
الشريف الثاني :الصيام قيد باجتناب الكبائر ،فيحمل المطلق على المقيد ،ألن الحكم فيهما واحد وهو:
المغفرة والسبب فيهما واحد وهو :الصيام(.)214
س َر ِم َن ا ْلقُ ْر ِ
آن﴾( ،)215في هذه اآلية الكريمة القراءة = المثال الثالث :قَ ْولُهُ ت َ َعالَى﴿ :فَ ْ
اق َر ُءوا َما تَيَ َّ
وردت مطلقة ،حيث أن الفرض هو قراءة ما تيسر دون تعيين( ،)216ووردت هذه اآلية الكريمة
صالَةَ ِل َم ْن لَ ْم يَ ْق َرأْ ِبفَا ِت َح ِة
سلَّم« :الَ َ
علَ ْي ِه َو َ صلَّى َّ
ّللاُ َ سو ِل َ مقيدة بتعين قراءة الفاتحة ِلقَ ْو ِل َّ
الر ُ
ب»()217؛ فالحكم في النصين واحد وهو :وجوب القراءة في الصالة ،والسبب واحد وهو: ا ْل ِكتَا ِ
الصالة ،فاألصل أنه يجب حمل المطلق على المقيد ،وهللا أعلم.
( - )214بيان مستخلص من شرح الدكتور عامر بهجت ،في برنامج تلفزيوني بعنوان" :تمارين أصول الفقه -11المطلق والمقيد "-يوم ،)2022/04/27( :من
موقع "يوتيوب".
( - )215المزمل.18 :
( - )216نيل األوطار للشوكاني ،تحقيق ُم َح َّمد صبحي بن حسن حالق ،دار ابن الجوزي.156/4 ،
ب ق َِرا َءةِ ْالفَاتِ َح ِة فِي ُك ِل َر ْك َعة َو ِإنَّهُ ِإذَا لَ ْم يُحْ س ِِن ْالفَاتِ َحةَ َوالَ أ َ ْم َكنَهُ ت َ َعلُّ ُم َها قَ َرأ َ َما ت َ َيس ََّر لَهُ مِ ْن ( - )217رواه مسلم في صحيحه في كتاب الصالة ،باب ُو ُجو ِ
غي ِْرهَا.
َ
الراحِ َلةِ.
علَى َّ ع َّم ْن الَ يَ ْستَطِ ي ُع الثُّبُوتَ َ ( - )218رواه البخاري في صحيحه في كتاب جزاء الصيد ،باب ْال َحجِ َ
ت. اج ِز لِزَ َمانَة َوه َِرم َونَحْ ِو ِه َما أ َ ْو ل ِْل َم ْو ِ
ع ِن ْال َع ِ
( - )219رواه مسلم في صحيحه في كتاب الحج ،باب ْال َحجِ َ
( - )220رواه الدارقطني في سننه في كتاب الحج ،باب ْال َم َواقِيتِ.
- 79 -
المطلب الثاني :الحاالت المتفق عليها في عدم حمل
ا ْل ُم ْطلَق َ
علَى ا ْل ُم َقيَّد عند اْلصوليين
ْن" :قَا َل الد َُّرينِيَ " :ال يُحْ َم ُل ب فِي النَّ َّ
صي ِ ف ا ْل ُح ْك ُم َوال َّ
سبَ ُ ✓ الصورة اْلولى" :أ َ ْن يَ ْخت َ ِل َ
ط بَ ْينَ ُه َما"(َ ،)221حيْث ضِ ،إ ْذ َال ْ
ارتِ َبا َ ورة ِب ِاالتِفَ ِ
اقِ ،لعَد َِم التَّعَ ُ
ار ِ ص َ علَى ا ْل ُمقَيَّد فِي َه ِذ ِه ال ُّ ا ْل ُم ْطلَ ُ
ق َ
ب َوفِي ا ْل ُح ْك ِم ،فَ َال يُحْ َم ُل اخ ِت َالف فِي ال َّ
س َب ِ ان أ َ َح ُد ُه َما ُم ْطلَق َو ْاْل َخ ُر ُمقَيَّدَ ،ولَ ِك ْن بَ ْينَ ُه َما ْ ِإ َذا َو َر َد نَ َّ
ص ِ
علَى ْاْل َخ ِر قَ ْطعًا(،)222 الص َل ِة َب ْينَ ُه َما ،فَ َال يُحْ َم ُل أ َ َح ُد ُه َما َ
اق ا ْلعُ َل َماءِ ،لعَد َِم ِ
علَى ا ْل ُم َقيَّ ِد ِباتِ َف ِ
ق َ ا ْل ُم ْطلَ ُ
ور ِة بِ ِمثَال َو ِ
احدَ ،و ُه َو َك َما يَ ِلي: ص ََو َمث َّ ُل الد َُّرينِي ِل َه ِذ ِه ال ُّ
طعُوا أَ ْي ِديَ ُه َما﴾(َ ،)223م َع قَ ْولهُ ت َ َعالَى﴿ :يَا أَيُّ َها الَّذ َ
ِين س ِارقَةُ فَ ْ
اق َ ق َوال َّ = قَ ْولهُ ت َ َعالَىَ ﴿ :وال َّ
س ِار ُ
س ِل وب َ
غ ْ وب قَ ْطع ا ْليَدَِ ،وفِي الثَّانِيَةُ :و ُج ُ ا ْل ُح ْك َم فِي ْاْليَتَي ِْن ا ْلك َِري َمتَي ِْن ُم ْخت َ ِلفِْ ،لَنَّهُ فِي ْاْلُولَىُ :و ُج ُ
ع ُم ْخت َ ِلف ِْلَنَّهُ :فِي ْاْلُولَىَ :ج ِري َمةُ ال َّ
س ِرقَ ِة َوبَيَا ُن ُح ْك ِم َها الش َّْر ِعي، قَ ،وا ْل َم ْوضُو ُ ا ْليَ ِد إِلَى ا ْل َم َرافِ ِ
اف َج ِري َم ِةاقتِ َر ُ ب ُم ْخت َ ِلف أ َ ْيضًاِْ ،لَنَّهُ :فِي ْاْلُولَىْ : س َب ُ َوفِي الثَّانِيَة :ا ْل ُوضُو ُء َوبَيَا ُن َك ْي ِفيَّ ِت ِهَ ،وال َّ
ط َب ْي َن ُه َماَ ،ف َال ارة ،فَ َال ْ
ار ِت َبا َ ص َال ِة َم َع ا ْل َحا َج ِة ِإلَى ال َّ
ط َه َ س ِرقَةَ ،و ِفي الثَّا ِن َيةِ :إ َرا َدةُ ا ْل ِق َي ِام ِإلَى ال َّ
ال َّ
ع َلى صو ِل ِيينِْ ( ،لَنَّهُ َو َر َد ِفي ال ُّ
سنَّ ِة َما َي ُد ُّل َ علَى ا ْل ُم َقيَّد ِب ِإجْ َماعِ ْاْل ُ ُ
ب ِل َح ْم ِل ا ْل ُم ْطلَق َ ارض ،فَ َال ُم ِ
وج َ ت َ َع ُ
س ِغ ،فَت َ َقيَّ َد ِب ِه) ،فَيُ ْع َم ُل ِبكُل ِم ْن ُه َما َك َما َو َر َد فِي َم ْو ِض ِع ِه،الر ْ ق ْاْل َ ْيدِي فِي آيَ ِة ال َّ
س ِرقَ ِة ِب ُّ ت َ ْق ِيي ِد ِإ ْط َال ِ
يرهُ"(.)225 علَى ِإ ْط َالقِ ِه َوا ْل ُمقَيَّ ُد َال يَ ُج ُ
وز ت َ ْغ ِي ُ ق َ فَا ْل ُم ْطلَ ُ
- 80 -
وقد أضفت مثال واحدا لهذه الصورة ،وهو كما يلي:
في اآليتين الكريمتين السبب مختلف ،في اآلية األولى :القتل الخطأ ،وفي اآلية الثانية :الحنت باليمين،
والحكم فيهما أيضا مختلف ،في آية القتل :صيام شهرين متتابعين ،وفي آية اليمين :ثالثة أيام ،وورد
الصيام في اآلية األولى مقيدا بالتتابع ،وفي اآلية الثانية :مطلقا عن التتابع ،فال يحمل المطلق على
المقيد ،إال أن الحنفية اشترطوا التتابع في صيام كفارة اليمين بقراءة ابن مسعود الشاذة (فَ ِصيَا ُم
ث َ َالث َ ِة أَيَّام ُمتَتَابِعَات)(.)228
وص َه ِذ ِهص ِ ب" :قَا َل الد َُّرينِي بِ ُخ ُ سبَ ُ ✓ الصورة الثانية " :أ َ ْن يَ ْخت َ ِل َ
ف ا ْل ُح ْك ُم َويَت َّ ِح َد ال َّ
ف فِي ورةِْ ،ل َ َّن ِاال ْختِ َال َ
ص َعلَى ا ْل ُمقَيَّ ِد اتِفَاقًا أ َ ْيضًا فِي َه ِذ ِه ال ُّ ق َ ورةَ " :ال يُحْ َم ُل ا ْل ُم ْطلَ ُ
ص َال ُّ
ب
سبَ ُ ق َوالت َّ ْقيِي ِد"(َ ،)229و َم ْعنَى َذ ِلكَ :أ َ ْن يَك َ
ُون َ اإل ْط َال ِ
فِي ْ ِ ا ْل ُح ْك ِم قَ ْد َيكُونُ ُه َو ا ْل ِعلَّةَ
ا ْل ُح ْك ِم ِفي ا ْل ُمقَيَّ ِد ُمت َّ ِحدَ ،ولَ ِك َّن ا ْل ُح ْك َم ِفي ا ْل ُمقَيَّ ِد ُم ْخت َ ِلف ع َْن
ب
س َب ُ
ق َو َ ا ْل ُح ْك ِم ِفي ا ْل ُم ْط َل ِ
علَى ا ْل ُمقَيَّدَ ،ويُ ْع َم ُل ِبكُل علَى أَنَّهُ َال يُحْ َم ُل ا ْل ُم ْطلَ ُ
ق َ ا ْل ُح ْك ِم فِي ا ْل ُم ْطلَق ،فَاتَّفَقَ أ َ ْكث َ ُر ا ْلعُلَ َم ِ
اء َ
علَى ا ْل َح ْمل( ،)230قَا َل الش َّْوكَانِي َ -ر ِح َمه َّ
ّللا- علَى ِحدَة ،إِ َّال إِ َذا قَا َم َد ِليل آ َخ ُر يَ ُد ُّل َ
ِم ْن ُه َما َ
س َواء كَانَا ُمثْبَتَي ِْن ف فِي أَنَّهُ َال يُحْ َم ُل أ َ َح ُد ُه َما َ
علَى ْاْل َخ ِر بِ َوجْ ه ِم ْن ا ْل ُو ُجوهَ ، " :فَ َال ِخ َال َ
س َببُ َها أ َ ْو ْ
اخت َ َلفَ ،و َق ْد َحكَى ْ ِ
اإلجْ َماع َج َماعَة ِم ْن ا ْل ُم َح ِق ِق َ
ين أ َ ْو َم ْن ِفيين أو ُم ْخت َ ِل َفي ِْن ات َّ َح َد َ
ورة ِب ِمثَال َو ِ
احدَ ،و ُه َو َك َما ص َاجب"(َ ،)231وقَ ْد َمث َّ َل الد ُِّرينِي ِل َه ِذ ِه ال ُّ
آخ ُر ُه ْم ابْن ا ْل َح ِ
ِ
يَ ِلي:
- 81 -
سلُوا ُو ُجو َه ُك ْم َوأ َ ْي ِد َي ُك ْم ِإلَى
ص َال ِة فَا ْغ ِ = قَ ْولهُ ت َ َعالَىَ ﴿ :يا أ َ ُّي َها الَّذ َ
ِين آ َمنُوا ِإ َذا قُ ْمت ُ ْم ِإلَى ال َّ
س ِل ِبا ْل َم ِ
اء، وب ا ْلغ ْ ِم ْنهُ﴾( ،)233قَا َل الد َُّري ِني" :أ َ َّن ا ْل ُح ْك َم ِفي النَّ َّ
صي ِْن ُم ْخت َ ِلفِْ ،لَنَّهُِ :في ْاْل َ َّولُ :و ُج ُ
يه َما ُمت َّ ِحدِْ ،لَنَّهُِ :إ َرا َدةُ ا ْل ِقيَ ِام ِإلَى ال َّ
ص َال ِة َم َع ب فِ ِ
سبَ ُ
بَ ،وال َّ ص ِعي ِد ال َّ
طي ِ سحِ ِبال َّ َوفِي الثَّانِيُ :و ُج ُ
وب ا ْل َم ْ
ارةَ ،و ْاْل َ ْيدِي فِي ْاْل َ َّو ِلُ :مقَيَّدَة ِبا ْل َم َرافِقَ ،و ْاْل َ ْيدِي فِي الثَّانِيُ :م ْطلَقَة ،فَ َال يُحْ َم ُل ا ْل َحا َج ِة ِإلَى ال َّ
ط َه َ
ارض ،فَيُ ْع َم ُل بِكُل ِم ْن ُه َما َك َما َو َرد ،د َ
ُون ت َ ْغيِير ،لَ ِك َّن ا ْل َحنَ ِفيَّة علَى ا ْل ُمقَيَّ ِد إِجْ َماعًاِ ،لعَد َِم الت َّ َع ُ
ق َ ا ْل ُم ْطلَ ُ
َوالشَّافِ ِعيَّة قَ ْد قيدوا ْاْل َ ْيدِي فِي آيَ ِة التَّيَ ُّم ِم بِا ْل َم َرافِق ،بِ َد ِلي ِل َو َر َد فِي ال ُّ
سنَّةَ ،وا ْل َحنَابِ َلة َوا ْل َما ِل ِكيَّة قيدوا
سنَّ ِة أ َ ْيضًا"(.)234
علَى ا ْل َوجْ ِه الَّذِي ث َ َبتَ ِع ْن َد ُه ْم بِال ُّ ْاْل َ ْيدِي بِالر ْ
سغَي ِْن َ
اإل ْط َال ُ
ق َان ْ ِ علَى ا ْل ُمقَيَّ ِد ِع ْن َد ْاْل ُ ُ
صو ِليِين ( َوك َ االتُ ا ْل ُم ْختَلَف فِي َها فِي َح ْم ِل ا ْل ُم ْطلَ ِ
ق َ أوال :ا ْل َح َ
َوالت َّ ْقيِي ُد فِي نَ ْف ِس ا ْل ُح ْكم):
ينصو ِل ِي َ علَى ا ْل ُمقَيَّد ِع ْن َد ْاْل ُ ُق َاالت ا ْل ُم ْختَلَف ِفي َها ِفي َح ْم ِل ا ْل ُم ْطلَ ِ ∆ َذك ََر الد َُّري ِني أ َ َّن ا ْل َح َ
ع ا ْل ُح ْك ُم
ب الَّذِي شُر َ سبَ ُ ف ال َّصي ِْنَ ،ويَ ْخت َ ِل ُي" :أ َ ْن يَت َّ ِح َد ا ْل ُح ْك ُم فِي النَّ َّ احدَةَ ،و ِه َ ورة َو ِ ص َ ُ
ين فِي َه ِذ ِهصو ِليِ َ ور ْاْل ُ ُ
علَى ا ْل ُمقَيَّد ِع ْن َد ُج ْم ُه ِ ق َِم ْن أَجْ ِل ِه" :قَا َل الد َُّرينِي" :يُحْ َم ُل ا ْل ُم ْطلَ ُ
ورة بِ ِمثَالَيْن:
ص َ ورةَ ،و َال يُحْ َم ُل ِع ْن َد ا ْل َحنَ ِفيَّة"(َ ،)235وقَ ْد َمث َّ َل الد َُّرينِي ِل َه ِذ ِه ال ُّ ص َ ال ُّ
طأ ً فَتَحْ ِر ُ
ير َرقَبَة ُّم ْؤ ِم َنة﴾(َ ،)236وقَ ْولُهُ ت َ َعالَى = المثال اْلول :قَ ْولهُ ت َ َعالَىَ ﴿ :و َمن قَت َ َل ُم ْؤ ِمنًا َخ َ
- 82 -
ُون ِل َما قَالُوا فَتَحْ ِر ُ
ير َرقَ َبة ِمن قَ ْب ِل سا ِئ ِه ْم ث ُ َّم َيعُود َ ِين َي َّ
ظ َّه ُر َ
ون ِمن ِن َ الظ َه ِار(َ ﴿ :)237والَّذ َ ِفي َكفَّ َ
ار ِة ِ
ار ِم ْن َّ
الز ْو َج ِة"(.)239 الظ َه ُ ُم ْخت َ ِلف؛ ِْلَنَّهُ :فِي ْاْل َ َّول :ا ْلقَتْ ُل ا ْل َخ َ
طأَ ،وفِي الثَّا ِنيِ :
ي" :أَنَّهُ َما دَا َم ورةِ ،ه َ ص َ علَى ا ْل ُمقَيَّ ِد فِي َه ِذ ِه ال ُّق َب َح ْم ِل ا ْل ُم ْطلَ ِ وج َهةُ نَ َ
ظ ِر الشَّافِ ِعيَّ ِة فِي ُو ُجو ِ ِ :1
وص ا ْل ُم ْخت َ ِلفَ ِة ِإ ْط َالقًا َوت َ ْق ِييدًاص ِ يق بَي َْن النُّ ُ صي ِْن ،فَ َذ ِلكَ كَاف فِي ُو ُجو ِ
ب الت َّ ْوفِ ِ قَ ْد ات َّ َح َد ا ْل ُح ْك ُم فِي النَّ َّ
سق فِي ْاْلَحْ ك َِامَ ،و َال َ
س ِبي َل ِإلَى َذ ِلكَ ِإ َّال د َْفعًا ِللتَّنَافِي؛ ِْل َ َّن ك ََال َم ا ْل ُمش َِرعِ َو ِ
احدَ ،و َم ْن ِطقُهُ التَّش ِْري ِع ُّ
ي ُمت َّ ِ
بِ َح ْم ِل ا ْل ُم ْط َلق َ
علَى ا ْل ُمقَيَّد"(.)240
ورة،
ص َ • مالحظة تخص وجهة نظر الشافعية :الشَّافِ ِعيَّ ِة يُحْ َم ُل ِع ْن َد ُه ْم ا ْل ُم ْط َلق َ
ع َلى ا ْل ُمقَيَّد فِي َه ِذ ِه ال ُّ
يق اللُّغَةَ ،و ِم ْن ُه ْم َم ْن َح َم َل
ط ِر ِ يق ا ْل َح ْمل؛ ِم ْن ُه ْم َم ْن بَنَى ا ْل ُم ْطلَق َ
علَى ا ْل ُمقَيَّد ِم ْن َ اختَلَفُوا فِي َ
ط ِر ِ لَ ِك ْن ْ
علَى ا ْل ُم َقيَّد بِا ْل ِق َياس َو ُه َو قَ ْو ُل ْاْل َ ْكث َ ِر ِم ْن ُه ْم(.)241
ا ْل ُم ْطلَق َ
ي" :أ َ َّن َح ْم َل ور ِةِ ،ه َ ص َ علَى ا ْل ُمقَيَّ ِد فِي َه ِذ ِه ال ُّ ين بِعَد َِم َح ْم ِل ا ْل ُم ْطلَ ِ
ق َ وج َهةُ نَ َ
ظ ِر ا ْل َحنَ ِفيَّة ا ْلقَائِ ِل َ ِ :2
ض فِي َه ِذ ِه ار َ ض ِةَ ،و َال ت َ َع ُوص ا ْل ُمتَعَ ِار َص ِ ض ْرب ِم ْن التَّأ ْ ِوي ِل ت َ ْوفِيقًا بَي َْن النُّ ُ علَى ا ْل ُمقَيَّد َ ا ْل ُم ْطلَق َ
ب فِي كُل ِم ْن ُه َما ُه َو ا ْل ِعلَّةُ فِي سبَ ِ
ف ال َّ اختِ َال ُ ُون ْغي ُْر كَافِيَةِ ،الحْ تِ َما ِل أ َ ْن يَك َ ور ِةَ ،و َوحْ َدةُ ا ْلك ََال ِم َص َال ُّ
ُون ت َ ْغ ِييرِْ ،ل َ َّن َال ِعب َْرةَق َوالت َّ ْقيِيد ،فَيُ ْع َم ُل بِكُل ِم ْن ا ْل ُم ْط َلق َوا ْل ُمقَيَّد فِي َم ْو ِض ِع ِهَ ،ك َما َو َر َد د َ اإل ْط َال ِ
ِْ
اختِ َالف ض بَ ْينَ ُهماَ ،و ِْل َ َّن ْ ار َعلَى ا ْل ُمقَيَّد؛ ِْلَنَّهُ َال تَعَ ُ ق َبِاتِ َحا ِد ا ْل ُح ْك ِم َوحْ َدهُ"( ،)242فَ َال يُحْ َم ُل ا ْل ُم ْطلَ ُ
علَى ا ْلقَا ِت ِل ِل َزجْ ِر ِه ،فَ َي ِج ُ
ب ظ َ ارضَ ،وقَ ْد تَكُونُ ا ْل ِح ْك َمةُ ِفي ا ْلقَتْ ِل ا ْل َخ َ
ط ِأ الت َّ ْغ ِلي ُ ب َي ْم َن ُع ُو ُجو َد الت َّ َع ُس َب ِال َّ
الز ْو ِج َّي ِةَ ،و ِخفَّةُ
علَى َّ ير َوا ْل ِحفَا ُ
ظ َ س ُيف َوالت َّ ْي ِ ير َرقَ َبة ُم ْؤ ِم َنةَ ،وا ْل ِح ْك َمةُ ِفي ِ
الظ َه ِار الت َّ ْخ ِف ُ علَ ْي ِه تَحْ ِر ُ
َ
( - )237عرف الد َُّرينِي الظهار شرعا بقوله :هو تشبيه الرجل امرأته بامرأة محرمة عليه على التأبيد ،أو بجزء منها ،وذلك كقول الزوج لزوجته :أنت علي
كظهر أمي ،كتاب المناهج األصولية ،المصدر نفسه( :ينظر اإلحالة) .522 ،
( - )238المجادلة.3 :
( - )239المناهج األصولية لفتحي الد َُّرينِي ،المصدر نفسه.522 :
( - )240نفسه.
( - )241العُدة في أصول الفقه للقاضي أبي يعلى ،تحقيق الدكتور أحمد بن علي سير المباركي ،المصدر نفسه( :نسخة تضم جميع المجلدات).637/2 ،
( - )242نفسه.
- 83 -
ف ا ْلعُقُو َبا ِ
ت ب َم َع ْ
اختِ َال ِ ظا ِه ُر أ َ ْن ي ْعتِقَ َرقَبَةً ُم ْطلَقَةًَ ،و َه َذا يَت َ َنا َ
س ُ ور َن ِبا ْلقَتْل ،فَيَ ْك ِفي ا ْل ُم َ
س َدتِ ِه ِإ َذا قُ ِ
َم ْف َ
ف ا ْل ِجنَايَاتَِ ،و ُه َو ا ْل َواقِ ُع فِي الش َّْرعِ َوا ْلقَانُونَ ،وا ْل ِح ْك َمة َوا ْل َع ْقل(.)243 ِع ْن َد ْ
اختِ َال ِ
الَّذِي َر َّج َحهُ الد َُّرينِي :حيث قالَ " :ونَحْ ُن نُ َر ِج ُح َرأْ َ
ي الشَّافِ ِعيَّة ُهنَا؛ ِْل َ َّن اتِ َحاد ا ْل ُح ْك ِم فِي النَّ َّ
صي ِْن
ق َوالت َّ ْقيِيد"( ،)244والموجب لذلك :اتحاد الحكم اإل ْط َال ِ
ب الت َّ ْنسِيقَ بَي َْن ا ْل ُح ْك َمي ِْن ا ْل ُمت َّ ِح َدي ِْن فِي ْ ِ
وج ُ
يُ ِ
في النصين ،حتى ال يقع التعارض في األحكام إطالقا وتقييدا ،فيقدم المقيد؛ ألن فيه إعمال الدليلين،
فيحمل المطلق على المقيد في الدليلين السابقين ،ويجب عتق رقبة مؤمنة في كفارة القتل الخطأ
وكفارة الظهار ،ألن اتحاد الحكم في النصين يقتضي حمل المطلق على المقيد ،حتى يتم االنسجام
بين النصوص الواردة في شيء واحد ،ألن القرآن كله كالكلمة الواحدة في بناء بعضه على بعض،
فإذا اشترط اإليمان في كفارة القتل الخطأ ،كان ذلك كالنص على اشتراطه في كفارة الظهار ،وألن
األخذ بالقيد في كفارة الظهار يكون مطبقا للدليل في النصين معا ،فيجب المصير إليه ،وهذا هو قول
الشافعية والحنابلة وبعض المالكية(.)245
( - )243الوجيز في أصول الفقه اإلسالمي ل ُم َح َّمد مصطفى الزحيلي ،المصدر نفسه.46 :
( - )244نفسه.523 :
( - )245الوجيز في أصول الفقه اإلسالمي ل ُم َح َّمد مصطفى الزحيلي ،المصدر نفسه.46 :
( - )246شرح تنقيح الفصول تأليف شهاب الدين القرافي ،دار الفكر العربي -بيروت.210 ، -
( - )247البحر المحيط للزركشي ،قام بتحريره :الدكتور سليمان األشقر ،وراجعه :الدكتور الستار أبو غدة والدكتور سليمان األشقر ،المصدر نفسه.623/3 :
( - )248العُدة في أصول الفقه للقاضي أبي يعلى ،تحقيق الدكتور أحمد بن علي سير المباركي ،المصدر نفسه( :نسخة تضم جميع المجلدات).637/2 ،
- 84 -
ستَش ِْهدُوا ش َِهي َدي ِْن ِمن ِر َجا ِل ُك ْم﴾( ،)249قَا َل
= المثال الثاني :قَ ْولُهُ ت َ َعالَى ِفي آ َي ِة ا ْل ُمدَا َينَ ِةَ ﴿ :وا ْ
يق
ط ِر ِ ص ِب َ يه َما ِصفَةُ ا ْلعَدَالَةَ ،والثَّا ِني :يَ ُد ُّل َ
علَ ْي ِه النَّ ُّ ش َها ِد شَا ِه َدي ِْن تَت َ َوفَّ ُر فِ ِ طوقَ ،و ُه َوُ :و ُج ُ
وب ِإ ْ ا ْل َم ْن ُ
ض َبي َْن َه َذا ا ْل ُح ْكم ار ُ غي ِْر ا ْلعَدْل ،فَ َوقَ َع التَّعَ ُ
ش َهادَة َ
ئ َ وم ا ْل ُم َخالَفَ ِة (أي اْلية اْلولى) ،أَنَّهُ َال يُجْ ِز ُ َم ْف ُه ِ
ب َح ْم ُل ا ْل ُم ْط َلق َ
ع َلى ارض َو َج َ الثَّانِي ا ْلقَيْدَ ،وبَي َْن ا ْل ُح ْكم ا ْل ُم ْطلَق فِي ْاْليَة ْاْلُو َلى ،فَ َر ْفعًا ِل َه َذا التَّعَ ُ
ون بِا ْل َم ْف ُهوم ا ْل ُم َخا ِلف ،حيث
ع ْد َليْن ،لَ ِك َّن ا ْل َح َن ِفيَّةَ :ال َيقُولُ َ ا ْل ُمقَيَّد ِع ْن َد الشَّافِ ِعيَّة ،و َال يَ ُج ُ
وز إِ َّال إِ ْ
ش َها ُد َ
ع ْدلَيْنَ ،و ُه َو َ
سا ِكت احد فَ َق ْطُ ،ه َو ُو ُج ُ
وب إِ ْ
ش َهاد شَا ِه َدي ِْن َ قَالُواَ :ال يُ ْ
ستَفَا ُد ِم ْن آيَة ا ْل ُمدَايَنَ ِة إِ َّال ُح ْكم َو ِ
ص ِلي علَى ا ْلعَد َِم ْاْل َ ْ اإلثْبَات ،بَ ْل ُه َو بَاق َ ض ِلغَي ِْر ا ْلعدُولَ ،ال ِبالنَّ ْفي ِ َو َال ِب ْ ِ غي ِْر ا ْلعدُول ،فَلَ ْم يَتَعَ َّر ْ ع َْن َ
ض َبي َْن َه َذا ار ِ ع ْق ِلي َال ش َْر ِعي ،فَ َال َم َجا َل ِل ْلقَ ْو ِل ِبالت َّ َع ُ ص ِليَّةُ ُح ْكم َ أ َ ْو ا ْل َب َرا َء ِة ْاْل َ ْ
ص ِليَّة؛ َوا ْل َب َرا َءةُ ْاْل َ ْ
ع ْنهُ لَي َ
ْس ُح ْك ًما ق فِي ْاْل َي ِة ْاْلُولَى؛ ِْل َ َّن ا ْل َم ْ
سكُوتَ َ ص ا ْل ُم ْطلَ ِ
ع ْنهَُ ،و َبي َْن النَّ ِ
ت َ ا ْل َم ْ
سكُو ِ
ش َْر ِعيًّا"(.)251
اجع
ورةَ ،ر ِ
ص َين فِي َه ِذ ِه ال ُّ
صو ِل ِي َ علَى أ َ َحد ،أ َ َّن َم ْنشَأ َ ا ْل َ
خالف َو ِاال ْختِ َالف بَي َْن ْاْل ُ ُ َال يَ ْخفَى َ
ستِثْ َم ِار
علَى قَ َوا ِع ِد ِاال ْ علَى فُ ُهومَ ،وبِنَا ًء َ صولَ ،و ِبنَاء َ علَى أ ُ ُ إِلَى ك َْونِ ِه ْم ْ
اختَلَفُوا ِبنَا ًء َ
اط َوأ َ ْخ ِذ ا ْْلَحْ ك َِام
ستِ ْنبَ ِ حجيَّةُ َم ْف ُه ِ
وم ا ْل ُم َخالَفَة" ؛ َه ْل ُه َو َ
صا ِلح ِل ِال ْ ستِ ْنبَاطِ ،م ْن َذ ِلكَ ِ " : َو ِاال ْ
ش ِأ َه َذا ا ْل ِخ َالف َ
علَى ِق ْ
س َمي ِْن: ان َم ْن َ س َط ِت ِه أ َ ْم َال؟ ِ ،ل َذ ِلكَ ِ
شرعت ِفي َب َي ِ الش َّْر ِعيَّ ِة ِب َوا ِ
ورة:
ص َين فِي َه ِذ ِه ال ُّ اال بَي َْن ْاْل ُ ُ
صو ِليِ َ شأ ُ ا ْل ِخ َال ِ
ف اجْ َم ً °القسم اْلولَ :م ْن َ
- 85 -
ض عن ار ُضا ِال ِت َحا ِد ْال ُح ْك ِم فِي ِه َماَ ،يقُو ُل :يُ ْدفَ ُع َه َذا الت َّ َع ُار ًطلَق َو ْال ُمقَيَّد تَ َع ُ :1فَ َم ْن َي َرى أ َ َّن َبيْنَ ْال ُم ْ
ض ْال َما ِل ِكيَّةَ ،حي ُ
ْث شا ِف ِعيَّةُ َو ْال َحنَا ِبلَةُ َو َب ْع ُ ع َلى ْال ُمقَيَّدَ ،و َه َذا ُه َو َما ذه َ
َب ِإلَ ْي ِه ال َّ طلَق َ ق َح ْم ِل ْال ُم ْ
ط ِري َِ
علَى ْال ُمقَيَّ ِد ِفي ِه َما(.)252 ض َب ْي َن ُه َماَ ،في ُْح َم ُل ْال ُم ْ
طلَ ُق َ َي َر ْونَ أ َ َّن ِات َحا َد ْال ُح ْك ِم َي ُك ُ
ون َكا ِفيًا ِل ُو ُجو ِد الت َّ َع ُ
ار ِ
:1أن المطلق هل هو ظاهر في االستغراق أو نص فيه؟ فإن قلنا :ظاهر ،جاز حمل المطلق على
المقيد بالقياس ،وإن قلنا :نص ،فال يسوغ.
:2أن الزيادة على النص نسخ عند الحنفية ،وتخصيص عند الشافعية ،والنسخ ال يجوز بالقياس،
ويجوز التخصيص به.
:3القول بمفهوم المخالفة ،فعند الشافعية يعتبر حجة وصالح لالستنباط ،فلذا حملناه عليه (أي حمل
المطلق على المقيد) ،وأبو حنيفة يدعي أنه ليس بحجة(.)254
( - )252بتصرف عن الدكتور حمد بن حمدي الصاعدي ،بحث :المطلق والمقيد وآثارهما في اختالف الفقهاء ،ط1428( :2هـ) ،المملكة العربية السعودية،
.248
( - )253نفسه:
( - )254البحر المحيط للزركشي ،قام بتحريره :الدكتور سليمان األشقر ،وراجعه :الدكتور الستار أبو غدة والدكتور سليمان األشقر ،المصدر نفسه.424/3 :
- 86 -
ف بَي َْن الشَّافِ ِعيَّ ِة َوا ْل َح َن ِفيَّة ،يَ ْر ِج ُع فِي َواقِ ِع ْاْل َ ْم ِر ِإلَى ِاال ْختِ َال ِ
ف فِي َم ْف ُه ِ
وم َذك ََر الد َُّر ْينِي أ َ َّن أ َ ْ
ص َل ا ْل ِخ َال ِ
ين الدري ِنيوص( ،)256فَبَ َ ص ِ ستِثْ َم ِار النُّ ُ
ت ْاْلَحْ ك َِام َوا ْ ق ِإثْبَا ِ ط ُر ِ ط ِريق ِم ْن ُ ا ْل ُم َخالَ َفة(ِ ،)255با ْعتِبَ ِار ِه َ
سيَّتَيْن:
سا ِ شأ َ َه َذا ا ْل ِخ َالف بَي َْن ا ْل َم ْذ َهبَي ِْن فِي نُ ْق َ
طتَي ِْن أ َ َ َم ْن َ
وص ا ْل ِكتَا ِ
ب ص ِ ير نُ ُ وم ا ْل ُم َخالَفَة َم ْن َه ًجا ِلت َ ْف ِ
س ِ • اْلولى :قَا َل الد َُّرينِي" :أ َ َّن ا ْل َحنَ ِفيَّة َال َي ْعتَد َ
ُون بِ َم ْف ُه ِ
ق الَّذِي َو َر َد فِي ِه ا ْلقَ ْي ُد ِإ َّال طو ُعلَى َه َذا ،فَا ْلقَ ْي ُد فِي اجْ تِ َها ِد ِه ْمَ ،ال َم ْف ُهو َم لَهُ ،فَ َال يَ ُد ُّل ا ْل َم ْن ُ
سنَّةَ ،و َ
َوال ُّ
علَى ُح ْكم آ َخ َر ُم َخا ِلف ِل ْأل َ َّول ِع ْن َد ا ْنتِفَ ِ
اء ع َل ْي ِهَ ،و َال يَ ُد ُّل َ
وص َ ص ُ علَى ُح ْكم َواحدُ ،ه َو :ا ْل ُح ْك ُم ا ْل َم ْن ُ َ
ارض ،فَ َال ارض بَ ْينَهُ َوبَي َْن ا ْل ُم ْطلَقَ ،وإِ َذا ا ْنتَفَى الت َّ َع ُ علَى َه َذا ،فَ َال َيكُو ُن ث َ َّمةَ ت َ َناف أ َ ْو ت َ َع ُ
ا ْلقَيْدَ ،و َ
ب ِإ ْذ ْن ِل َح ْم ِل ا ْل ُم ْط َلق َ
علَى ا ْل ُمقَيَّد"(.)257 وج َ
ُم ِ
• الثانية :قَا َل الد َُّري ِني" :أ َ َّن الشَّا ِف ِعيَّة ( َو َم ْن ت َ ِب َع ُه ْم) ،قَ ْد ا ْعت َ َب ُروا َم ْف ُهو َم ا ْل ُم َخالَفَة ُح َّجةِْ ،ل َ َّن َم ْف ُهو َم
ضى ا ْل َم ْن ِطق التَّش ِْري ِعي(،)258 ع َلى أَنَّهُ ُم ْقت َ َض ًال َ ا ْل ُم َخالَفَة أَصْل لُ َغ ِوي تَثْبُتُ ِب ِه ا ْل َم َعانِي َو ْاْلَحْ كَامَ ،ف ْ
يضه ،فَيَكُو ُن َه َذا اء ا ْل َقيْدَ ،وثُبُو ِ
ت َن ِق ِ علَى َه َذا فَالشَّافِ ِعيَّة ا ْل َق ْي ُد ِع ْن َد ُه ْم يَ ُد ُّل َ
علَى نَ ْفي ِ ا ْل ُح ْك ِم ِع ْن َد ا ْنتِفَ ِ َو َ
ق َو ُمعَ ِارضًا َله؛ ص ا ْل ُم ْط َل ِوق فِي النَّ ِ ط ِ وم ا ْل ُم َخالَ َف ِة ُمنَافِيًا ِل ُح ْك ِم ا ْل َم ْن ُ
يق َم ْف ُه ِ ستَفَا ُد ع َْن َ
ط ِر ِ ا ْل ُح ْك ُم ا ْل ُم ْ
علَى ا ْل ُمقَيَّد َر ْفعًا ِل َه َذا ب َح ْم ُل ا ْل ُم ْط َلق َ يق ا ْل َم ْف ُهوم ،فَ َو َج َ ط ِر ِ ستَفَاد ع َْن َ ِْلَنَّهُ ُح ْكم ش َْر ِعي ُم ْ
التَّعَ ُ
ارض"(.)259
علَى
ق َ ص َح ْمل ا ْل ُم ْطلَ ِ ع ْنهُ َوالت َّ ْف ِصي ُل ِفيهِ ،في َما َي ُخ ُّ ِيث ََب ْع َد ك ُِل َما تَقَدَّم ا ْل َحد ُ
صو ِل ِي َ
ين ين ِم ْن ِخ َال ِل َما َذك ََرهُ الد َُّرينِيَ ،يتَ َب َّي ُن لَنَا أَ َّن ْاْل ُ ُصو ِل ِي َا ْل ُمقَيَّد ِع ْن َد ْاْل ُ ُ
اإل ْط َال ُ
ق َوالت َّ ْق ِيي ُد فِي نَ ْف ِس َان ْ ِ
ث َح َاالت ( َوك َ ف َم َذا ِهبِ ِه ْم ،قَ ْد اتَّفَقُوا َ
علَى ثَ َال ِ بِ ُم ْختَ ِل ِ
( - )255مفهوم المخالفة ،هو :داللة اللفظ على ثبوت نقيض حكم المنطوق لغير المنطوق.
( - )256المناهج األصولية لفتحي الد َُّرينِي ،المصدر نفسه.305 :
( - )257نفسه.524-523 :
( - )258نفسه.336 :
( - )259نفسه.524 :
- 87 -
ع َلى
ق َ ص ْين" يُحْ َم ُل ا ْل ُم ْط َل ُب فِي النَّ َّ ا ْل ُح ْك ِم)؛ ْاْل َ ْولَىِ :ع ْن َد "اتِ َحا ِد ا ْل ُح ْك ِم َوال َّ
سبَ ِ
ص ْين" ف ا ْل ُح ْك ِم فِي النَّ َّ ب َو ْ
اخ ِت َال ِ سبَ ِ
ف ال َّ ا ْل ُمقَيَّد ،الثَّانِيَة َوالثَّا ِلثَةِ :ع ْن َد " ْ
اختِ َال ِ
صو ِل ِي َ
ين ص ْين" اتَّفَقُوا ْاْل ُ ُ ف ا ْل ُح ْك ِم ِفي النَّ َّاخ ِت َال ِب َو ْ س َب َِو َك َذ ِل َك ِع ْن َد " ِات َحا ِد ال َّ
ف َم َذا ِه ِب ِه ْم أَنَّهُ َال يُحْ َم ُل ا ْل ُم ْطلَق َ
علَى ا ْل ُمقَيَّد َها ُه َنا ،لَ ِك َّن الَّذِي َج َرى فِي ِه ِب ُم ْختَ ِل ِ
ص ْين َو ْ
اختِ َال ِ
ف يِ :ع ْن َد "اتِ َحا ِد ا ْل ُح ْك ِم ِفي النَّ َّ ا ْل ِخ َال ُ
ف بَ ْينَ ُه ْمَ ،حا َلة َو ِ
احدَةَ ،و ِه َ
ضب الشَّا ِف ِعيَّةُ َوا ْل َحنَا ِبلَةُ َو َب ْع ُ
ث َذ َه َ س َبب الذي شرع الحكم من أجله" َ ،ح ْي ُ ال َّ
ص ْي ِنات َحا ِد ا ْل ُح ْك ِم فِي النَّ َّ ع ْبد ا ْل َو َّهابِ ،إلَى ِاال ْكتِفَ ِ
اء ِب ِ اضي َ ا ْل َما ِل ِكيَّ ِة َك َما َحكَى ا ْلقَ ِ
ص َّو ُر ض يُتَ َ
ار َيه َما؛ ِْل َ َّن التَّعَ ُ
علَى ا ْل ُمقَيَّد فِ ِ فَقَ ْطِ ،ليَك َ
ُون َذ ِل َك ُم ِ
وجبًا ِل َح ْم ِل ا ْل ُم ْطلَق َ
ورة،
ص َِع ْن َد اتِ َحا ِد ا ْل ُح ْكم ،أَ َّما ا ْل َحنَ ِفيَّة َو َم ْن تَ ِب َع ُه ْم فَلَ ْم يَقُولُوا ِبا ْل َح ْم ِل فِي َه ِذ ِه ال ُّ
اإل ْط َال ُ
ق َان ْ ِ
ضوع ُمتَّ ِحد َوك َ ب" َوكَانَا فِي َم ْو ُ سبَ ِ ان فِي "ا ْل ُح ْك ِم َوال َّ
ص ِ إِ َّال إِ َذا ات َّ َح َد النَّ َّ
ب"س َب ِف أَ ْي ِم ْن "ا ْل ُح ْك ِم َوال َّ بَ ،و ِإ َّال فَ َالِْ ،ل َ َّن ْ
اخ ِت َال َ س َب َِوالت َّ ْق ِيي ُد ِفي ا ْل ُح ْك ِم َال ِفي ال َّ
ق َوالت َّ ْق ِييد ،فَيَ ِج ُ
ب ا ْلعَ َم ُل ِبكُل ِم ْن ا ْل ُم ْطلَق َوا ْل ُمقَيَّد ْل ْط َال ِ قَ ْد يَك ُ
ُون ُه َو ا ْل ُم ْقتَ ِضي ِل ْ ِ
ف ْاْلَصْل؛ فَا ْل ُم ْط َل ُ
ق فِي َم ْو ِض ِع ِه َك َما َو َردَ ،و ِْل َ َّن ا ْل َح ْم َل تَأ ْ ِويل َوتَ ْغيِير َو ُه َو ِخ َال ُ
علَى َم ْعنَا ُه قَ ْطعًاَ ،و ُه َو ُح َّجة ِفي نَ ْف ِ
س ِهَ ،و َبين َوا ْل ُمقَيَّ ُد كُل ِم ْن ُه َما َل ْفظ َخاص َي ُد ُّل َ
ُون ِإ ْذن ِمن وز تَ ْغ ِي ُ
ير ُه د َ علَى َحا ِل ِه َك َما َو َردََ ،و َال يَ ُج ُ فِي َذاتِ ِه ،فَ َي ِج ُ
ب ا ْل َع َم ُل ِب ِه َ
ق عَنسابِ ِث ال َّ سي َطة تُلَ ِخ ُ
ص ُك َّل ا ْل َحدِي ِ س َمت خطا َطة بَ ِ ا ْل ُمش ِْرع(َ ،)260وقَ ْد َر َ
ين ِم ْن ِخ َال ِل َما َذكَره الد َُّرينِي ِفي علَى ا ْل ُمقَيَّد ِع ْن َد ْاْل ُ ُ
صو ِل ِي َ ق َ أَحْ َوا ِل َح ْم ِل ا ْل ُم ْطلَ ِ
صو ِليَّةُ" َ ،و ِه َ
ي كَالتَّا ِلي: ِكتَا ِب ِه "ا ْل َمنَا ِه ُج ْاْل ُ ُ
- 88 -
مطلق:
س ِه ُمج َّردًا ع ْن ظ الدَّال على ف ْرد شا ِئع ِفي ِج ْن ِ هُو اللَّ ْف ُ
شيُو ِع ِها ْلقُيُو ِد اللَّ ْف ِظيَّ ِة الَّتِي تُقلّ ُل ِم ْن ُ
سخِ َوا ْلبَيَان ف أ َ َّو ًال ِع ْن َد ا ْلفَ ْرق بَي َْن النَّ ْ
شكَال ا ْل َم ْط ُروحَ ،البُ َّد أ َ ْن أَقِ َ
علَى َه َذا ِاال ْ قَ ْب َل ِاال َجابَة َ
ّللا" : -أ َ َّن ا ْلبَيَ َ
ان ْث َذك ََر َ -ر ِح َمهُ َّ ق َوا ْل ُمقَيَّ ِد ِع ْن َد الدُّرينِيَ ،حي ُ سأَلَ ِة ا ْل ُم ْطلَ ِ فِي َما يَتَعَلَّ ُ
ق بِ َم ْ
ْث أ َ َّن ا ْل َب َيان
ضا َهاَ ،حي ُ ْس ِفي ِه ِإ ْلغَاء ِ ِإل َرا َد ِة ا ْل ُمش َِرعِ ْاْلَولَى َب ْع َد ا ْ
س ِت ْق َر ِار َهاَ ،وا ْل َع َم ِل ِب ُم ْقت َ َ لَي َ
قار أ َ َّن ِإ َرا َدةَ ا ْل ُمش َِرعِ فِي ا ْل ُمبَين لَ ْم تَتَغَيَّ ْر َم ْنذ بَد ِْء التَّش ِْريع؛ ِْلَنَّ َها ُمت َّ ِحدَة فِي ا ْل ُم ْطلَ ِ ِإ ْظ َه ُ
س ُخُ ،ه َو :إِ ْن َها ُء أ َ ْمر ا ْلعَ َم ِل ِبا ْل ُح ْك ِم ْاْل َ َّو ِل َو ِإثْبَاتُ ا ْلعَ َم ِل َوا ْل ُمقَيَّ ِد ِم ْن أ َ َّو ِل ْاْل َ ْم ِر ،أ َ َّما النَّ ْ
بِا ْل ُح ْك ِم الثَّانِي ا ْل ُمتَأ َ ِخر"(.)261
- 90 -
ب َما َذك ََرهُ الدرينِي: س َبة ِل َرأْي ِ ا ْل َحنَ ِفيَّة قَ ْد َميَّزت فِي ِه َبي َْن ث َ َالثَ ِة أ ُ ُمور َح َ
س َ ِبالنِ ْ
سبَب' ِع ْن َد ا ْل َحنَ ِفيَّة ،يُ ْعتَبَ ُر بَيَانًا ِإ َذا ورة 'اتِ َحا ُد ا ْل ُح ْكم َو ْ
اختِ َالف ال َّ ص َ ا ْل ُم ْطلَق َ
علَى ا ْل ُمقَيَّد فِي َه ِذ ِه ال ُّ
اص َري ِْن فِي َز َم ِن التَّش ِْريع". َو َردا ُم ْقت َ ِرنَيْن ،أ َ ْيُ :متَعَ ِ
جه َل ت َ ِاريخ ُو ُرو ِد ِه َما؛ أ َ ْي َال ي ْعلَ ْم َهل ا ْل ُم ْط َلق َوا ْل ُم َقيَّد َو َردا َمعًا ِفي َو ْقت َو ِ
احد؟ • اْلمر الثانيِ " :إ َذا ِ
َان ُم ْقت َ ِرنَي ِْن ،أَ ْو أ َ ْو تَأ َ َّخ َر أ َ َح ُد ُه َما ع َْن ْاْل َخر؟" َ :ذك ََر الد َُّري ِنيِ " :إ َذا ِ
جه َل الت َّ ِاريخ ،فَلَ ْم ي ْعلَ ْم َما ِإ َذا ك َ
يعَ ،فك َ
َان ار ُه َما ُم ْقت َ ِرنَي ِْن فِي َز َم ِن الت َّش ِْر ِ ق أَ ْو َّ
الال ِحقَ ،ر َّج ُحوا (ا ْل ُم َح ِق ِق َ
ين) ا ْعتِ َب ُ َان أ َ َح ُد ُه َما ُه َو ال َّ
سا ِب ُ ك َ
س َخ َال يَثْبُتُ ِب ِاالحْ ِت َمال".
سخَ ،و َذ ِلكَ ِْ :ل َ َّن النَّ ْ
ا ْل َح ْم ُل فِي ِمثْ ِل َه ِذ ِه ا ْل َحال ِع ْن َد ا ْل َحنَ ِفيَّة ُم َج َّر َد بَيَان َال نَ ْ
• اْلمر الثالثِ " :إ َذا تَأ َ َّخ َر ا ْل ُمقَيَّد ع َْن ا ْل ُم ْط َلق أ َ ْو ا ْلعَ ْكس ،أ َ ْن َيتَأ َ َّخ َر ا ْل ُم ْطلَق ع َْن ا ْل ُمقَيَّد" َ :ذك ََر
سا ِبقًا َو ْاْل َخ ُر َال ِحقًا ،فَ ِإ َّن ا ْل ُمتَأ َ ِخ َر َال َيكُو ُن ُمبَينا َان أ َ َح ُد ُه َما َ
الد َُّرينِي" :أ َ َّما ِإ َذا ع ِل َم الت َّ ِاريخَ ،وك َ
ي ا ْل ُم ْطلَقَ ،وإِ َذا تَأ َ َّخ َر ا ْل ُم ْطلَق ك َ
َان ْث :إِ َذا تَأ َ َّخ َر ا ْل ُمقَيَّد ك َ
َان ُه َو ا ْل ُم َراد َوأ ُ ْل ِغ َ سخ َلهَُ ،حي ُِل ْل ُمتَقَدِم ،بَ ْل نَا ِ
ُه َو ا ْل ُم َرا ُد َوأ ُ ْل ِغ َ
ي ا ْل ُمقَيَّد"(.)265
- 91 -
- 92 -
ضايَاه ْاْل ُ ُ
صو ِليَّة ،بَ ْع َد َه ِذ ِه الرحْ ِلة َاالتِ ِه َوقَ َ
شك َسائِ ِل ِه َو ِإ ْ ّلل الَّذِي َوفَّقَنِي ِ ِإل ْك َما ِل َه َذا ا ْلبَحْ ث َو ِ
حل َم َ ا ْل َح ْم ُد ِ َّ ِ
سأ َ ْخت ُم بَحْ ثِي ِب ِكتَابَ ِة أَ َه ِم النَّتَائِج َوالت َّ ْو ِصيَات الَّتِي يُ ْم ِك ُن ِإي َج ُ
از َها فِي َما َي ِلي: ا ْل ُم َمتِعَةَ ،
-أهم النتائج:
يف ا ْل ُم ْطلَقِ - :االتِ َجاهُ ْاْل َ َّو ُلَ :ذ َهبُوا ِإلَى أ َ َّن ا ْل ُم ْطلَقَ اء ْاْل ُ ُ
صول اتِ َجا َهي ِْن فِي ت َ ْع ِر ِ أ َ َّن ِلعُلَ َم ِ
اب
ص َح ُ ب أَ ْ س ِه َو َه َذا َما ْذ َه َ
ب إِ َل ْي ِه الدُّري ِنيَ ،و َذ َه َ علَى ا ْلفَ ْر ِد الشَّائِ ِع فِي ِج ْن ِ
َم ْوضُوع ِللد ََّال َل ِة َ
ِاالتِ َجا ِه الثَّانِي :إِلَى أ َ َّن ا ْل ُم ْطلَقَ َم ْوضُوع ِللد ََّاللَ ِة َ
علَى ا ْل َما ِهيَّة ،فَنَ َ
ظ ُروا إِلَى َح ِقيقَ ِة ا ْل ُم ْطلَق ِم ْن
الذ ْه ِن فَقَ ْط. َحي ُ
ْث ُو ُجو ُد َها فِي ِ
يف "ا ْل ُم ْط َلق َوا ْل ُمقَيَّد" ِفي اختَلَفُوا ِفي ت َ ْ
ص ِن ِ صو ِل َي ِج ُد أَنَّ ُه ْم ْ
اء ْاْل ُ ُ
علَ َم ِ اظ َر ِفي ُكت ُ ِ
ب ُ أ َ َّن النَّ ِ
ب ْاْل َ ْلفَاظَ ،وجع َل َق ْب َلف "ا ْل ُم ْطلَق َوا ْل ُمقَيَّد" ِفي َبا ِ صن َ ُكت ُ ِب ِه ْم ت َ ْر ِتيبًا َوت َ ْب ِويبًاَ ،والدري ِني قَ ْد َ
ث" :ا ْل َخاص َوا ْل َعام" َ ،وبَ ْع َدهُ َم ْب َحث " ْاْل َ ْمر َوالنَّهْي". َم ْب َحث" :ا ْل ُم ْط َل ِ
ق َوا ْل ُمقَيَّد" هذا َم ْب َح َ
غي ِْر ِه فِي تَأ ْ ِصي ِل الد َُّرينِي :1 :ال ُّ
شيُوع:2 ، أ َ َّن ِم ْن ا ْل َخ َ
صائص الَّتِي َيت َ َميَّ ُز ِب َها ا ْل ُم ْط َلق ع َْن َ
ع َد ُم الت َّ ْخ ِص ِ
يص. ش ُمولَ :3 ،
ع َد ُم ال ُّ
َ
أ َ َّن ا ْل ُم ْطلَق ي ْع َم ُل على ِإ ْط َالقِ ِه َحتَّى يَرد َد ِليل يُقَيِ ُدهَُ ،ويُ ْع َم ُل بِا ْل ُمقَيَّد َم َع َق ْي ِد ِه َحتَّى يرد َد ِليل
يع ا ْل ُح ْكم. علَى أ َ َّن ا ْلقَ ْي َد َ
غي ُْر ُم ْعتَبَر فِي تَش ِْر ِ يَ ُد ُّل َ
وص
ص ُ ق الَّذِي ُه َو" :النُّ ُ اإل ْط َال ِ
وص ْ ِ ص ِاحد ِم ْن نُ ُ َّث ع َْن نَ ْوع َو ِ أ َ َّن الدُّرينِي َ -ر ِح َمهُ َّ
ّللا -ت َ َحد َ
علَى إِ ْط َالقِ َها إِ ْن لَ ْم تَ ِر ْد ُمقَيَّ َدةً بِ َد ِليل يُؤَيِ ُد َها فِي َم ْو ِضع آ َخر" ، ا ْل ُم ْطلَقَةُ الَّتِي َو َج َ
ب ا ْل َع َم ُل َ
وص ا ْل ُم ْطلَقَةُ الَّ ِتي َد َّل َد ِليل آ َخر َ
علَى ص ُ وص الت َّ ْق ِييدْ ،اْل َ َّول" :النُّ ُ ص ِ عي ِْن ِم ْن نُ ُ او َل َن ْو َ
َك َما تَنَ َ
وص ا ْل ُمقَيَّ َدةُ ِبقَيْد
ص ُاحد فِي نَ ْف ِس ا ْل َم ْو ِض ِع أ َ ْو فِي َم ْو ِضع آ َخر" ،الثَّانِي" :النُّ ُ
تَقي ِد َها ِبقَيْد َو ِ
ث ُ َّم َو َر َد َد ِليل أ َ ْلغَى َه َذا ا ْلقَ ْي َد".
ير ا ْل ُم ْطلَق ِبك َْونِ ِه ُم َراد ِب ِه ا ْل ُمقَيَّد؛ أ َ ْي :أ َ ْن
س ُعلَى ا ْل ُم َقيَّ ِد ُه َو :ت َ ْف ِ ق َ أ َ َّن ا ْل َم ْق ُ
صو َد ِب َح ْم ِل ا ْل ُم ْطلَ ِ
علَى َما يَ ْقتَ ِضيه َد ِلي ُل الت َّ ْق ِييد. يُ ْف َه َم ا ْل ُم ْط َلق َ
سا ِكت ع َْن ا ْل َقيْد ،أ َ َّما ا ْل ُمقَيَّد فَنَ ِ
اطق علَى ا ْل ُمقَيَّد َال ا ْلعَ ْكسِْ ،ل َ َّن ا ْل ُم ْطلَقَ َ أَنَّهُ يَ ِج ُ
ب َح ْم ُل ا ْل ُم ْطلَق َ
بِا ْلقَيْد َو ُمبَيِن َلهَ ،و ِلك َْون ا ْل ُم ْطلَق ُج ْزء ِم ْن ا ْل ُمقَيَّد.
- 93 -
ف َم َذا ِه ِب ِه ْم ِع ْن َدِ " :ات َحا ِد ا ْل ُح ْك ِم َوال َّ
س َبب أَنَّهُ يُحْ َم ُل ا ْل ُم ْط َلق َ
علَى ا ْل ُمقَيَّد ِع ْن َد ْاْل ُ ُ
صو ِل ِيين ِب ُم ْخت َ ِل ِ
ع ا ْل ُح ْك ُم ِم ْن أَجْ ِل ِه فِي النَّ َّ
صيْن". الَّذِي شُر َ
ب
سبَ ِ اختِ َال ِ
ف ال َّ ف َم َذا ِه ِب ِه ْم ِع ْن َدْ " :
ين ِب ُم ْخت َ ِل ِ
صو ِليِ َع َلى ا ْل ُمقَيَّد ِع ْن َد ْاْل ُ ُ أَنَّهُ َال يُحْ َم ُل ا ْل ُم ْط َل ُ
ق َ
صيْن" فَيُ ْع َم ُل بِكُل ِم ْن ف ا ْل ُح ْك ِم فِي النَّ َّ ب َو ْ
اختِ َال ِ صيْن" َو ِع ْن َد" :اتِ َحا ِد ال َّ
س َب ِ َوا ْل ُح ْك ِم فِي النَّ َّ
ا ْل ُم ْطلَ ِ
ق َوا ْل ُمقَيَّ ِد فِي َم ْو ِض ِع ِه َك َما َو َرد.
ي" :اتِ َحا ُد علَى ا ْل ُمقَيَّ ِد فِي َحالَة َو ِ
احدَةِ ،ه َ ين فِي َح ْم ِل ا ْل ُم ْطلَ ِ
ق َ صو ِليِ َ أَنَّهُ َج َرى ا ْل ِخ َال ُ
ف بَي َْن ْاْل ُ ُ
ْث َذ َه َب الشَّافِ ِعيَّةُ صيْن" َ ،حي ُ ع ا ْل ُح ْك ُم ِم ْن أَجْ ِل ِه فِي النَّ َّ
ب الَّذِي شر َ س َب ِ ا ْل ُح ْك ِم َو ْ
اختِ َال ُ
ف ال َّ
ات َحا ِد ا ْل ُح ْك ِم ِفي ع ْب ُد ا ْل َو َّهابِ ،إ َلى ِاال ْك ِت َف ِ
اء ِب ِ اضي َض ا ْل َما ِل ِكيَّ ِة َك َما َحكَى ا ْل َق ِ َوا ْل َحنَا ِبلَةَ ،و َب ْع ُ
ع َلى ا ْل ُمقَيَّد ،أ َ َّما ا ْل َحنَ ِفيَّة َو َم ْن ت َ ِب َع ُه ْم لَ ْم َيقُولُوا وجبًا ِل َح ْم ِل ا ْل ُم ْطلَ ِ
ق َ صي ِْن فَقَ ْط ِل َيك َ
ُون َذ ِلكَ ُم ِ النَّ َّ
اإل ْط َال ُ
ق َوالت َّ ْق ِيي ُد فِي ا ْل ُح ْك ِم َال فِي َان ْ ِ
بَ ،وك َ ان فِي ا ْل ُح ْك ِم َوال َّ
سبَ ِ ص ِِبا ْل َح ْم ِل ِإ َّال ِإ َذا ات َّ َح َد النَّ َّ
سبَب.
ال َّ
ورة" :اتِ َحا ُد ص َ علَى ا ْل ُم َقيَّد فِي َه ِذ ِه ال ُّين فِي َح ْم ِل ا ْل ُم ْطلَق َ شأ َ ا ْل ِخ َالف بَي َْن ْاْل ُ ُ
صو ِل ِي َ أ َ َّن َم ْن َ
ور أَب َْر ُز َها:
اجع ِل َمجْ ُموعَة ِم َن ْاْل ُ ُم ِ ع ا ْل ُح ْك ُم ِم ْن أَجْ ِل ِه" َ ،ر ِ
ب الَّذِي ش ُِر َ س َب ِ ا ْل ُح ْك ِم َو ْ
اختِ َال ُ
ف ال َّ
ق َوالمقَيد ُم ْعتَبَر ِع ْن َد اتِ َحا ِد ا ْل ُح ْك ِم فَقَ ْط؟ أ َ ْم َال؟ :فَالشَّافِ ِعيَّةُ ض بَي َْن ا ْل ُم ْطلَ ِ ار َُ :1ه ْل الت َّ َع ُ
ع ْب ُد ا ْل َو َّهاب ،أ َ َّن اتِ َحا َد ا ْل ُح ْكم فَقَ ْط يَكُونُ كَافِيًا
اضي َ ض ا ْل َما ِل ِكيَّ ِة َك َما َحكَى ا ْلقَ ِ
َوا ْل َحنَا ِبلَةَ ،وبَ ْع ُ
ع ْك ِس ا ْل َح َن ِفيَّة َو َم ْن ت َ ِب َع ُه ْمَ ،ال علَى َ علَى ا ْل ُم َقيَّ ِد ِع ْن َد ُه ْم َ
ق َارض ،فَيُحْ َم ُل ا ْل ُم ْط َل ُ ِل ُو ُجو ِد التَّعَ ُ
ق الت َّ َنافِيَ :2 ،ه ْل َم ْف ُهو ُم ب َال يَت َ َحقَّ ُ اختِ َالف ال َّ
سبَ ِ ارضًا ِْل َ َّن َم َع ْ يَ َر ْو َن بَي َْن ا ْل ُم ْطلَق َوا ْل ُم َقيَّد تَعَ ُ
ط ِت ِه أ َ ْم َال؟ ، اط َوأ َ ْخ ِذ ْاْلَحْ ك َِام ِب َوا ِ
س َ ستِ ْن َب ِ ْس ِب ُح َّجة ،أ َ ْيَ :ه ْل ُه َو َ
صا ِلح ِل ِال ْ ا ْل ُم َخالَفَة ُح َّجة أ َ ْم لَي َ
ارض بَي َْن علَى َه َذا َال يَكُو ُن ث َ َّمةَ تَعَ ُ ْس ِب ُح َّجةَ ،و َأَما ا ْل َحنَ ِفيَّةَ :م ْف ُهو ُم ا ْل ُم َخالَفَة ِع ْن َد ُه ْم لَي َ
ع ْك ِس َذ ِلكَ الشَّافِ ِعيَّةُ علَى َوج َب ِإ ْذ ْن ِل ْل َح ْملَ ،و َ
ض َال ُم ِ ار ُ ا ْل ُم ْطلَق َوا ْل ُمقَيَّدَ ،و ِإ َذا ا ْنتَفَى التَّعَ ُ
ع َلى ا ْل ُمقَيَّد َر ْفعًا ِل َه َذا
ب َح ْم َل ا ْل ُم ْط َلق َ غي ُْر ُه ْم ا ْعتَبَ ُروا أ َ َّن َم ْف ُهو َم ا ْل ُم َخالَفَ ِة ُح َّجة ِم َّما يُ ِ
وج ُ َو َ
التَّعَ ُ
ارض.
سخَ ،ولَ ْو ْ
اختَلَ َ
ف ت َ ِاري ُخ ين بَيَان َال نَ ْ ور ْاْل ُ ُ
صو ِل ِي َ يُ ْعتَبَ ُر َح ْم ُل ا ْل ُم ْطلَق َ
علَى ا ْل ُمقَيَّد ِع ْن َد ُج ْم ُه ِ
ُو ُرو ِد ِه َما.
- 94 -
اب ا ْل ُم ْط َل ُ
ق ط ُعلَى ا ْل ُمقَيَّد ِع ْن َد ا ْل َحنَ ِفيَّة َب َيانًا فِي َحالَتَيْنِ :1 :إ َذا َو َر َد ا ْل ِخ َ
يُ ْعت َ َب ُر َح ْم ُل ا ْل ُم ْطلَق َ
احد :2 ،إِ َذا ُج ِه َل ت َ ِاري َخ ُو ُرو ِد ِه َما. اب ا ْل ُمقَيَّ ُد فِي َو ْقت َو ِط ُ َوا ْل ِخ َ
س ًخا َال بَيَانًا ِع ْن َد ا ْل َحنَ ِفيَّة ،إِ َذا تَأ َ َّخ َر ا ْل ُمقَيَّ ُد ع َْن ا ْل ُم ْطلَق ،أ َ ْو يُ ْعتَبَ ُر َح ْم ُل ا ْل ُم ْطلَق َ
علَى ا ْل ُمقَيَّد نَ ْ
ي ا ْل ُم ْط َلق،َان ُه َو ا ْل ُم َراد َوأ ُ ْل ِغ َ ْث إِ َذا تَأ َ َّخ َر ا ْل ُمقَيَّد ك َ
ا ْلعَ ْكس؛ إِ َذا تَأ َ َّخ َر ا ْل ُم ْط َلق عَن ا ْل ُم َقيَّدَ ،حي ُ
َوإِ َذا تَأ َ َّخ َر ا ْل ُم ْطلَق ك َ
َان ُه َو ا ْل ُم َراد َوأ ُ ْل ِغ َ
ي ا ْل ُمقَيَّد.
-أهم التوصيات:
صو ِليين ،أ َ ْن َيت َ َحلَّ ْو َن ِب َم ْن َه ِجيَّة قَ ِويَّة ِفي بُ ُحو ِث ِه ْم،
احثَات ْاْل ُ ُ
ين َوا ْل َب ِ أصي ا ْل َب ِ
اح ِث َ أو ِصي نَ ْف ِ
سي َو ِ
صةً صو ِليَّ ِة عَا َّمةًَ ،وا ْل َع ْقل ْاْل ُ ُ
ج ْاْل ُ ُ
صو ِلي َخا َّ ق ا ْل َمنَا ِه ِ ب ت َ ْن ِظ ِ
ع ُْم ِ
ير س ِت ْوعَا ِْث ت ُ َمكن ِم ْن ا ْ َحي ُ
يم ِبنَائ ُ َها َوتَحْ ِصيلُ َها َو ِإ ْع َمالُ َهاَ ،و ِإد َْراكُ َ
ط ِبيعَ ِة ا ْل َم َفا ِه ِ ْف ت َ َّم ظ ِريَّاتِ ِه َو َكي َ غ َن َصا َ ْف َ َكي َ
صو ِلي َو َذاكَ ْاْل ُ ُ
صو ِلي، ستَن ُد ِإلَ ْي ِه ِع ْن َد َه َذا ْاْل ُ ُ
ين َوا ْل َم َجال الَّذِي ت ْ صو ِل ِي َت ِع ْن َد ْاْل ُ ُ طلَ َحا ِص َ
َوا ْل ُم ْ
ج ع َْن ث َ َالث َو َحدَات :ا ْلوحْ َدةُ ْاْلُولَىَ :و ِه َ
ي َو ِإد َْراك ا ْل َو ِظيفَ ِة الَّتِي يُ َؤدِي َها ا ْل َم ْف ُهومَ ،ال تَكَا ُد ت َ ْخ ُر ُ
ي ُم ْخت َ ِلفَة َو ُمتَفَا ِوتة َك َما َرأ َ ْينَا فِي ت َ ْع ِر ِ
يف غ ِة ا ْل َمفَا ِهيم؛ فَ ِه َ ع ِة َو ِصيَا َ ين فِي ِصنَا َ صو ِليِ َ َمنَا ِه ُج ْاْل ُ ُ
اإلثْ َبات
ْث ْ ِ صو ِلي ،أ َ َّما ا ْلوحْ َدةُ الثَّانِيَةُ :ه َو َم ْن َه ُج ا ْلحجاجِ ِم ْن َحي ُ اإلص ِْط َالحِ ْاْل ُ ُق فِي ْ ِ ا ْل ُم ْطلَ ِ
وم ا ْل ُم َخالَفَة ،أَنَّهُ لَي َ
ْس بِ ُح َّجة ِع ْن َد ا ْل َحنَ ِفيَّة َويُ ْعتَبَ ُر ُح َّجة َوالنَّ ْفي ِل ْل َم َفا ِهيمَ ،ك َما َرأ َ ْينَا فِي َم ْف ُه ِ
ورةَ :ه ْل ص َ ف فِي ُ ش ِأ ا ْل ِخ َال ِ
ب َم ْن َ سبَبًا ِم ْن أ َ ْ
سبَا ِ ش ْي ُء الَّذِي ك َ
َان َ غيْر ِه ْم ،ال َّ ِع ْن َد الشَّافِ ِعيَّ ِة َو َ
صيْن؟ ،أ َ َّما ا ْلوحْ َدةُ ب فِي النَّ َّ سبَ ِ ف ال َّ اختِ َال ِ علَى ا ْل ُم َقيَّد ِع ْن َد اتِ َحا ِد ا ْل ُح ْك ِم َو ْ
ق َ يُحْ َم ُل ا ْل ُم ْط َل ُ
ين َق ْد ْ
اختَلَفُوا ث ا ْل ُم ْطلَق َوا ْل ُمقَيَّد نَ ِج ُد ْاْل ُ ُ
صو ِل ِي َ يف ت َ ْر ِتي ًبا َوت َ ْب ِويبًاَ ،ك َما ِفي َم ْب َح ِص ِن ُالثَّا ِلثَة :الت َّ ْ
فِي ت َ َ
صني ِف ِه فِي ُكت ُ ِب ِهم.
ث ْاْل َ ْلفَاظ فِي ِع ْل ِم أ ُ ُ
صو ِل ا ْل ِف ْقه ث الد ََّاللَة َو َم ْب َح ِ احثَاتْ ،اال ْهتِ َمام ِب َم ْب َح ِ
ين َوا ْلبَ ِ احثِ َ ي ا ْلبَ ِ أُ ِ
وص َ
عد َِم ِإ ْه َما ِل ِه َما ِإ ْذ ِل َذ ِلكَ شَأْن َك ِبير فِي فِ ْق ِه ال َّد ِليل.الفخمَ ،و َ
ج ِإلَى احثَات أ َ ْن يَ ِج َد َم ْوضُوع ا ْل ُم ْطلَق َوا ْل ُمقَيَّد ا ْه ِت َما ًما َك ِب ً
يراِْ ،لَنَّهُ يَحْ تَا ُ ين َوا ْلبَ ِ ي ا ْلبَ ِ
احثِ َ أُ ِ
وص َ
صو ِليَّ ِة فِيهَ ،و ِلت َ ْو ِضيح د ََاللَتِ ِه َما َومعَ َرفَةَ س ِة َو َم ْع ِرفَ ِة ع ُْم ِ
ق ا ْل َمنَا ِهج َاْل ُ ث َوالت َّ َح ِري َوالد َِرا َا ْلبَحْ ِ
ِ
فَ َوائِ ُد ُهما.
- 95 -
طأ فَ ِمنِي َو ِم ْن ص َوابًا فَ ِم ْن ا ْل َم ْولَى ع ََّز َو َجلَ ،و َما ك َ
َان فِيه ا ْل َخ َ َان َاضع ،فَ َما ك َ فَ َه َذا ُه َو بَحْ ثِي ا ْل ُمت َ َو ِ
ّللا لخضر"، ستَاذِي ا ْلك َِريم "عبد َّ س ْب َحا َنهُ َوتَعَالَىَ ،و َم ْن أ ُ ْ ص ْف َح ِم ْن َّ ِ
ّللا ُ طانَ ،وأ َ ْلتَ ِم ُ
س ا ْلعَ ْف َو َوال َّ ش ْي َ
ال َّ
الرشَادَ ،وأ َ ْن يُنَ ِج َينَا س ِبي َل َّ ق ِبأ َ ْم ِرهَ ،وأ َ ْن يعرفَنَا َ تلف فِي ِه ِم ْن ا ْل َح ِاخ َ ّللا تَعَالَى أ َ ْن يَ ْه ِديَنَا ِل َما ْ
سأل َّ َوأ َ ْ
او َز ع َْن صا ِلح أ َ ْع َمالَ َنا َوأ َ ْن يَت َ َج َ
ضاهَ ،وأ َ ْن َيتَقَبَّ َل ِمنَّا َ الظالل َوأَ ْن يُ َوفِقَنَا ِل َما يُ ِحبُّهُ َويَ ْر َ
سبِي َل ا ْلغَي ِ َو ََ
علَى آ ِل ِه
سيِ ِدنَا ُم َح َّمد َو َ
ع َلى َ ب ا ْلعَالَ ِمينَ ،و َ
صلَّى َّ
ّللاُ َ آخ ُر َدع َْوانا ا ْل َح ْم ُد ِ َّ ِ
ّلل َر ِ آمينَ ،و ِيرنَا ِ ... ت َ ْق ِص ِ
سلَّ َم.
َوصَحْ بِ ِه َو َ
- 96 -
الفهارس:
فهرس اآليات القرآنية
فهرس الموضوعات
- 97 -
فهرس اآليات القرآنية
﴿ َولَ َق ْد ك ََّر ْم َنا َب ِني آ َد َم َو َح َم ْلنَاه ْم ِفي ا ْل َب ِر َوا ْلبَحْ ِر َو َر َز ْقنَاهم ِم َن
8 ت{ ﴾...سورة اإلسراء.}70 : ال َّ
ط ِي َبا ِ
8 ﴿ أ َ َّل بِ ِذ ْك ِر َّ ِ
ّللا ت َ ْط َمئِ ُّن ا ْلقلوب﴾ {سورة الرعد.}29 :
- 98 -
ض عَن ِذ ْك ِري فَ ِإ َّن لَه َم ِعيشَةً َ
ضنكًا َونَحْ شره يَ ْو َم ا ْل ِقيَا َم ِة ﴿ َو َم ْن أَع َْر َ
8 أ َ ْع َمى﴾ {سورة طه.}123 :
- 99 -
65 ﴿فَ ِعدَّة ِم ْن أَيَّام أ َخ َر﴾ {سورة البقرة.}183 :
69 الرسو ِل ِإ َّّل ا ْلبَ َلغ ا ْلم ِبين﴾ {سورة النور.}52 : ﴿ َو َما َ
علَى َّ
69 {سورة المائدة: ﴿ َو َمن قَتَلَه ِمنكم ُّمتَعَ ِمدًا فَ َج َزاء ِمثْ ِل َما قَت َ َل ِم َن النَّعَ ِم﴾
.}97
71 ون﴾ {سورة البقرة: ﴿ َو ِإن تبْت ْم فَلَك ْم رءوس أ َ ْم َوا ِلك ْم َّل ت َ ْظ ِلم َ
ون َو َّل ت ْظلَم َ
.}278
71 الربَا﴾ {سورة البقرة.}274 : ﴿ َوأ َ َح َّل َّ
ّللا ا ْلبَ ْي َع َو َح َّر َم ِ
83 سائِ ِه ْم ث َّم يَعودو َن ِل َما قَالوا فَتَحْ ِرير َرقَبَة ِمن قَ ْب ِل ِين يَ َّ
ظ َّهر َ
ون ِمن ِن َ ﴿ َوالَّذ َ
سا﴾ {سورة المجادلة.}3 : أَن يَت َ َما َّ
85 ستَش ِْهدوا ش َِهي َدي ِْن ِمن ِر َجا ِلك ْم﴾ {سورة البقرة.}281 :
﴿ َوا ْ
5 يرنَا»
يرنَا َويُوقر كَب َ س منَّا َمن لَم يَر َحم َ
صغ َ «لَي َ
61 «لَكَ َما َن َويتَ يَا يَزيدَُ ،ولَكَ َما أ َ َخذتَ َيا َمع ُن»
(أ)
oأصول الفقه الذي ال يسع الفقيه جهله للدكتور عياض بن نامي السلمي ،ط1426( :1هـ -
2005م) ،دار التدمرية للنشر والتوزيع ،المملكة العربية السعودية -الرياض.-
oأهم الكتب التي أثرت في فكر األمة في القرنين التاسع عشر والعشرين ميالدي (الرابع عشر
والخامس عسر للهجرة) لمجموعة من الباحثين والمؤلفين - :الدكتور عبد الحميد أحمد أبو
سليمان - ،والدكتور رفعت عوضي - ،والدكتور عبد الرحمن النقيب ،وراجعه - :الدكتور
زكريا سليمان بيومي - ،والدكتور صالح عبد السميع عبد الرزاق ،دار الكلمة.
oاألعالم لخير الدين الزركلي الدمشقي (ت1396 :هـ) ،ط ،15دار العلم للماليين -بيروت.-
oأصول الفقه اإلسالمي للدكتور محمد مصطفى شلبي (ت1997 :م) ،الدار الجامعية للطباعة
والنشر -بيروت.-
oأصول الفقه لمحمد أبو زهرة (ت1394 :هـ) ،دار الفكر العربي.
oآراء العلماء في حمل المطلق على المقيد للدكتور رمضان محمد عيد هتيمي.
oإرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم األصول للشوكاني (ت1250 :هـ) ،دار الطباعة
المنيرية -بمصر.-
oاالجتهاد األصولي عند أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي هللا عنه للدكتور محمد فؤاد
ضاهر ،ط1438( :1هـ 2017 -م) ،مبرة اآلل واألصحاب -الكويت-
oاالجتهاد بالرأي في عصر الخالفة الراشدة للدكتور عبد الرحمن بن معمر السنوسي ،ط:1
(1432هـ 2011 -م) ،اإلصدار الحادي والعشرون بقلم رئيس تحرير مجلة الوعي اإلسالمي.
(ب)
oبرنامج تلفزيوني (حضر له الدكتور محمد فتحي الدريني) يهدف إلى توثيق سير علماء األمة،
سجل سنة2002( :م) ،بعنوان :حديث الذكريات ،تقديم :الدكتور جاسم المطوع ،علماء
مبدعون ،من موقع "يوتيوب" ،وهي حلقة ناذر للشيخ رحمه هللا.
oبيان للناس من األزهر الشريف ،تقديم جماعة من العلماء ،مطبعة المصحف الشريف.
oبحوث مقارنة في الفقه اإلسالمي وأصوله للدكتور فتحي الدريني ،ط1429( :2هـ -
2008م) ،مؤسسة الرسالة -بيروت.-
oالبدعة أسبابها ومضارها للشيخ محمود شلتوت (ت1383 :هـ ) ،ضبط وتعليق وتخريج علي
حسن علي عبد الحميد ،ط1408( :1هـ 1988 -م) ،مكتبة ابن الجوزي ،المملكة العربية
السعودية.
oبيان المختصر شرح مختصر المنتهى في أصول الفقه البن الحاجب (ت646 :هـ) ،تأليف
محمد بن عبد الرحمن بن أحمد شمس الدين األصفهاني (ت749 :هـ) ،تحقيق الدكتور محمد
مظهر بقا ،دار التراث اإلسالمي ،المملكة العربية السعودية.
oالبحر المحيط في أصول الفقه للزركشي (ت794 :هـ) ،قام بتحريره الدكتور سليمان األشقر،
وراجعه :الدكتور الستار أبو غدة والدكتور سليمان األشقر ،ط1413( :2هـ 1992-م) ،دار
الصفوة -بالغردقة.-
(ت)
oتاج العروس من جواهر القاموس للسيد محمد المرتضى الزبيدي (ت1205 :هـ) ،تحقيق عبد
الكريم العزباوي ،ط1410( :2هـ 1990-م) ،دار التراث العربي -الكويت.-
oتقويم النظر في مسائل خالفية ذائعة ونبذ مذهبية نافعة البن الدهان (ت592:هـ) ،تحقيق
الدكتور صالح بن ناصر بن صالح الخزيم ،ط1422( :1هـ 2001 -م) ،مكتبة الرشد -
الرياض.-
oالتحبير شرح التحرير في أصول الفقه لعالء الدين المرداوي (ت825 :هـ) ،تحقيق الدكتور
عبد الرحمن بن عبد هللا الجبرين ،ط1422( :1هـ 2001 -م) ،مكتبة الرشد -الرياض.-
oتقريب الوصول إلى علم األصول البن جزي الكلبي الغرناطي (ت741 :هـ) ،تحقيق ودراسة
وتعليق :الدكتور محمد المختار بن الشيخ محمد األمين الشنقيطي ،ط1423( :2هـ 2002 -م).
oالتمهيد شرح مختصر األصول من علم األصول للعالمة محمد بن صالح العثيمين (ت:
1420هـ) ،تأليف أبي المنذر محمود بن محمد بن مصطفى المنياوي ،ط1432( :1هـ -
2011م) ،المكتبة الشاملة.
(ج)
oالجامع لشعب اإليمان للبيهقي (ت457 :هـ) ،ط1423( :1هـ 2003 -م) ،مكتبة الرشد،
المملكة العربية السعودية -الرياض.-
oجمع الجوامع في أصول الفقه لتاج الدين السبكي (ت771 :هـ) ،علق عليه ووضع حواشيه:
عبد المنعم خليل إبراهيم ،ط1424( :2هـ 2003 -م) ،دار الكتب العلمية -بيروت.-
(ح)
oالحدود في األصول البن خلف الباجي (ت474 :هـ) ،تحقيق نزيه حماد ،مؤسسة الزعبي -
بيروت.-
(خ)
oخصائص التشريع اإلسالمي في السياسة والحكم للدكتور فتحي الدريني ،ط1434( :2هـ -
2013م) ،مؤسسة الرسالة -بيروت.-
(د)
oديوان األعشى بن قيس (ت7 :هـ).
(ر)
oروضة الناظر وجنة المناظر في أصول الفقه على مذهب اإلمام أحمد ابن حنبل البن قدامة
المقدسي (ت620 :هـ) ،تحقيق محمد مرابي ،ط1430( :1هـ 2009 -م) ،مؤسسة الرسالة -
لبنان.-
(ز)
oزهرة التفاسير لإلمام الجليل محمد أبو زهرة (ت1898 :هـ) ،سنة الطبع1433( :هـ -
2012م) ،دار الفكر العربي -القاهرة.-
(س)
oالسنة النبوية المصدر الثاني للتشريع اإلسالمي ومكانتها من حيث االحتجاج والمرتبة والبيان
والعمل للدكتورة رقية بنت نصر هللا نياز ،دار مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف
بالمدينة المنورة.
(ش)
- 108 -
oالشيخ علي الخفيف الفقيه المجدد (ت1398 :هـ) ،للدكتور محمد عثمان شبير ،ط1423( :1هـ
2002 -م) ،دار القلم -دمشق.-
oشرح مختصر الروضة البن سعيد الطوفي (ت716 :هـ) ،تحقيق الدكتور عبد هللا بن عبد
المحسن التركي ،ط1419( :2هـ 1998 -م).
oشرح المختصر في أصول الفقه البن اللحام (ت803 :هـ) ،شرح الدكتور سعد بن ناصر بن
عبد العزيز الشتري ،اعتنى به عبد الناصر بن عبد القادر البشبيشي ،ط1428( :1هـ -
2007م) ،دار كنوز اشبيليا للنشر والتوزيع ،المملكة العربية السعودية -الرياض.-
oشرح تنقيح الفصول في اختيار المحصول لشهاب الدين القرافي (ت684 :هـ) ،طبعة جديدة
منقحة مصححة باعتناء مكتب البحوث والدراسات بدار الفكر ،سنة الطبع1424( :هـ -
2004م)- ،بيروت.-
oشرح منتهى اإلرادات = دقائق أولي النهى لشرح المنتهى للشيخ منصور بن يونس بن إدريس
البهوتي (ت1051 :هـ) ،تحقيق عبد هللا بن عبد المحسن التركي.
oشرح الورقات في أصول الفقه بقلم عبد هللا بن صالح الفوزان ،تقديم :أحمد بن عبد هللا بن
حميد ،ط1417( :3هـ 1996 -م).
oشرح غاية السول إلى علم األصول البن المبرد (ت909 :هـ) ،تحقيق أحمد بن طرقي ،ط:1
(1421هـ 2000 -م) ،دار البشائر اإلسالمية -بيروت.-
(ص)
oصحيح البخاري (ت256 :هـ) – .صحيح مسلم (ت261 :هـ).
oالصاحبي في فقه اللغة العربية ومسائلها وسنن العرب في كالمها ألبي الحسين أحمد بن
فارس زكريا الرازي اللغوي (ت395 :هـ) ،تحقيق الدكتور عمر فاروق الطباع ،ط:1
(1414هـ 1993 -م) ،مكتبة المعارف -بيروت.-
(ط)
oطرح التثريب في شرح التقريب للحافظ الكبير زين الدين أبي الفضل عبد الرحيم بن الحسين
العراقي (ت806 :هـ) ،حققه ابنه أحمد بن عبد الرحيم أبو زرعة (شرحه الحافظ الكبير إلى
باب السهو في الصالة ،وأتم شرحه ابنه الحافظ الصغير ولي الدين أبي زرعة) ،دار إحياء
التراث العربي -بيروت.-
(ع)
oعبد الوهاب خالف الفقيه األصولي المجدد للدكتور محمد شبير ،ط1431( :1هـ -
2010م) ،دار القلم -دمشق.-
oالعين مرتبا على حروف تصنيف الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت170 :هـ) ،تحقيق
الدكتور عبد الحميد هنداوي ،ط1424( :1هـ 2003 -م) ،دار الكتب العلمية -لبنان.-
oعلم أصول الفقه وخالصة التشريع اإلسالمي لعبد الوهاب خالف (ت1375 :هـ) ،دار
الفكر العربي -القاهرة.-
oالعدة في أصول الفقه للقاضي أبي يعلى (ت458 :هـ) ،تحقيق الدكتور أحمد بن علي سير
المباركي ،ط1414( :3هـ 1993 -م) ،المملكة العربية السعودية -الرياض.-
(غ)
oالغيث الهامع شرح جمع الجوامع للحافظ أبو زرعة (ت826 :هـ) ،تحقيق محمد تامر
حجازي ،ط1425( :1هـ 2004 -م) ،دار الكتب العلمية -بيروت.-
(ف)
oالفتاوى المهمات للشيخ محمود شلتوت في العقائد والغيبيات والبدع والمنكرات،
استخرجها وعلق عليها :علي حسن بن علي بن عبد الحميد الحلبي األثري ،ط:1
(1412هـ 1992 -م) ،دار ابن الجوزي المملكة العربية السعودية.
oالفتاوى الفقهية الكبرى للعالمة ابن حجر المكي الهيتمي (ت974 :هـ).
oالفتوحات الربانية على األذكار النواوية البن عالن البكري الصديقي (ت1057 :هـ)،
ضبطه وصححه وخرج آياته :عبد المنعم خليل إبراهيم ،ط1424( :1هـ 2004 -م) ،دار
الكتب العلمية -بيروت.-
(ق)
oالقاموس المحيط لمجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي (ت817 :هـ) ،نسخة منقحة
وعليها تعليقات الشيخ أبو الوفا نصر الهوريني المصري الشافعي (ت1291 :هـ) ،تحقيق:
أنس محمد الشامي وزكريا جابر أحمد ،سنة الطبع1429( :هـ 2008 -م) ،دار الحديث للنشر
والتوزيع -القاهرة.-
oقواطع األدلة في األصول لإلمام عبد الجبار السمعاني (ت489 :هـ) ،تحقيق :محمد حسن
محمد حسن اسماعيل ،ط1418( :1هـ 1997-م) ،دار الكتب العلمية -بيروت.-
(ك)
oكشف األسرار على أصول البزدوي (ت482 :هـ) ،لعبد العزيز أحمد بن محمد البخاري
عالء الدين (ت841 :هـ).
(ل)
oلسان العرب البن منظور (ت711 :هـ) ،تحقيق :عبد هللا علي الكبير ،ومحمد أحمد حسب
هللا ،وهاشم محمد الشاذلي ،طبعة جديدة ،دار المعارف -القاهرة.-
(م)
oمجموع الفتاوى لشيخ اإلسالم أحمد بن تيمية (ت728 :هـ) ،جمع وترتيب :عبد الرحمن بن
محمد بن القاسم ،وساعده ابنه محمد ،دار مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة
المنورة ،المملكة العربية السعودية ،سنة1425( :هـ 2004 -م).
oمقدمة ابن خلدون (ت1404 :م) ،واسم األصلي للكتاب" :العبر وديوان المبتدأ والخبر في
أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان األكبر" ،فضاء الفن والثقافة -
المغرب.-
oمزالق األصوليين وبيان القدر المحتاج إليه من علم األصول للعالمة اإلمام محمد بن إسماعيل
األمير الصنعاني (ت1182 :هـ) ،تحقيق :محمد صباح المنصور ،ط1425( :1هـ -
2004م) ،ط1434( :2هـ 2013 -م) ،مكتبة أهل األثر الكويت.
oالمناهج األصولية في االجتهاد بالرأي في التشريع اإلسالمي للدكتور فتحي الدريني ،ط:3
(1434هـ 2013 -م) ،مؤسسة الرسالة -بيروت ،-ط1405( :2هـ 1985 -م) ،الشركة
المتحدة للتوزيع -دمشق.-
oمحمد أبو زهرة إمام الفقهاء المعاصرين والمدافع الجريء عن حقائق الدين (ت1394 :هـ)،
للدكتور عثمان شبير ،ط1427( :1هـ 2006 -م) ،دار القلم -دمشق-
oالمرجع في السيرة النبوية خاتم النبيين لإلمام محمد أبو زهرة ،سنة الطبع1433( :هـ -
2012م) ،دار الفكر العربي -القاهرة.-
oمعجم مقاييس اللغة ألبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا (ت395 :هـ) ،تحقيق :عبد السالم
محمد هارون ،دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع.
oمعجم اللغة العربية المعاصرة للدكتور أحمد مختار عمر (ت2003 :م) ،ط1429( :1هـ -
2008م) ،عالم الكتب -القاهرة.-
oمعجم متن اللغة (موسوعة لغوية حديثة) للعالمة اللغوي الشيخ أحمد رضا (ت1372 :هـ)،
سنة الطبع1378( :هـ ،)1959 -دار مكتبة الحياة -بيروت.-
oالمصباح المنير تأليف أحمد بن محمد بن علي الفيومي (ت770 :هـ) ،تحقيق :الدكتور عبد
العظيم الشناوي ،ط :2دار المعارف -القاهرة.-
oمختصر التحرير في أصول البن النجار (ت972 :هـ) ،تحقيق :محمد مصطفى رمضان،
ط1420( :1هـ 2000-م) ،مكتبة دار األرقم ،المملكة العربية السعودية -الرياض.-
oالمسودة في أصول الفقه ،تتابع على تصنيفه ثالثة من أئمة آل تيمية -1 :مجد الدين أبو
البركات عبد السالم بن عبد هللا بن الخضر(ت652 :هـ) -2 ،شهاب الدين أبو المحاسن عبد
الحليم بن عبد السالم (ت682 :هـ) -3 ،شيخ اإلسالم تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد
الحليم (ت728 :هـ) ،وجمعها شهاب الدين أبو العباس الفقيه الحنبلي :أحمد بن محمد بن أحمد
بن عبد الغني (ت745 :هـ) ،تحقيق :محمد محيي الدين عبد الحميد ،سنة الطبع1384( :هـ
1964 -م) ،مطبعة المدني -القاهرة.-
oميزان األصول في نتائج العقول للسمرقندي (ت539 :هـ) ،تحقيق الدكتور محمد زكي عبد
البر ،ط1404( :1هـ 1984 -م) ،مطبعة الدوحة.
oالمحصول في علم أصول الفقه لفخر الدين الرازي (ت606 :هـ) ،تحقيق :الدكتور طه جابر
فياض العلواني ،ط1412( :2هـ 1992 -م) ،مؤسسة الرسالة -بيروت-
oالموافقات لإلمام الشاطبي (ت790 :هـ) ،تقديم :فضيلة الشيخ بكر بن عبد هللا أبو زيد ،وضبط
نصه وقدم له وعلق عليه وخرج أحاديثه :أبو عبيدة مشهور بن حسين آل سلمان ،ط:1
(1416هـ 1997 -م) ،دار ابن عفان ،المملكة العربية السعودية.
oالمدونة الكبرى لإلمام مالك بن أنس األصبحي (ت179 :هـ) ،رواية اإلمام سحنون بن سعيد
التنوخي عن اإلمام عبد الرحمن بن القاسم العتقي.
oالمعتمد في أصول الفقه ألبي الحسين محمد بن علي بن الطيب البصري (ت436 :هـ)،
تحقيق :محمد حميد هللا بتعاون محمد بكر وحسن حنفي ،سنة الطبع1384( :هـ 1964 -م)،
المعهد العلمي للدراسات العربية -دمشق.-
oموقع الجزيرة؛ وهي موسوعة إلكترونية إخبارية تختص بالتعريف بالشخصيات والهيئات
واألحداث والقضايا والمصطلحات السائدة ،موثوقة المصدر.
(ن)
oنفائس األصول في شرح المحصول لإلمام الفقيه شهاب الدين أبي العباس أحمد بن إدريس
بن عبد الرحمن الصنهاجي المصري المشهور بالقرافي (ت684 :هـ) ،تحقيق :الشيخ عادل
أحمد عبد الموجود والشيخ علي محمد معوض قرظه ،ط( :1ت1416 :هـ 1995 -م) ،مكتبة
نزار مصطفى الباز.
oنهاية السول في شرح منهاج الوصول في علم أصول الفقه لإلمام جمال الدين عبد الرحيم
اإلسنوي (ت772 :هـ) ،تحقيق عبد القادر محمد علي ،ط1420( :1هـ 1999 -م) ،دار الكتب
العلمية بيروت.-
oنظرية التعسف في استعمال الحق في الفقه اإلسالمي للدكتور محمد فتحي الدريني (ت:
2013م) ،ط1387( :1هـ 1967 -م) ،ط1408( :4هـ 1988 -م) ،مؤسسة الرسالة -
بيروت.-
oنظرية المقاصد عند اإلمام الشاطبي للدكتور أحمد الريسوني ،تقديم :طه جابر العلواني ،سنة
الطبع1416( :هـ 1995 -م) ،المعهد العالمي للفكر اإلسالمي.
oنهاية المطلب في دراية المذهب إلمام الحرمين (ت478 :هـ) ،تحقيق الدكتور عبد العظيم
محمود الديب ،ط1428 ( :1هـ 2007 -م).
(و)
oوسطية اإلسالم للشيخ محمد محمد المدني (ت1388 :هـ) ،دراسة وتقديم وتعليق :الدكتور
محمد عمارة ،ط1437( :1هـ 2016 -م) ،دار البشير للثقافة والعلوم.
oالوجيز في أصول الفقه اإلسالمي (الحكم الشرعي وطرق استنباطه من األدلة) للدكتور زكي
زكي حسين زيدان ،سنة الطبع1427( :هـ 2003 -م) ،جامعة طنطا -مصر.-
oالوجيز في أصول الفقه اإلسالمي (الدالالت ،االجتهاد والتقليد والفتوى ،التعارض .والترجيح)
للدكتور محمد مصطفى الزحيلي ،ط1427( :2هـ 2006 -م) ،دار الخير للنشر والتوزيع -
دمشق.-