You are on page 1of 118

‫الدراسات اإلسالمية مسار الفقه‬

‫واألصول‬
‫المطلق وال ُمقَيَّد‬
‫عند األصوليين من خالل‬
‫كتاب المناهج األصولية‬
‫لفتحي الد َُّري ِني‬

‫‪ -‬تحت إشراف فضيلة‬ ‫‪ -‬من إعداد الطالب‪:‬‬


‫الدكتور‪:‬‬ ‫• طارق العرج‬
‫■ عبد هللا لخضر‬ ‫‪M134533681‬‬

‫السنة الجامعية‪1443-•1442 :‬هـ‪2022-2021/‬م‬


‫االستهالل‬
‫قال تعالى‪:‬‬

‫قال تعالى‪:‬‬
‫إلى روح أخي الطاهرة‪ ،‬رحمة هللا عليه‬
‫أهدي ثمرة جهدي إلى " أمي الغالية " ‪ ،‬التي أنارت دربي بنصائحها وكانت‬
‫بحرا صافيا يجري بفيض الحب والبسمة‪ ،‬وزينة حياتي بضياء القمر وشموع‬
‫الفرح واألمل‪ ،‬ومنحتني القوة والعزيمة‪ ،‬وعلمتني أن الدنيا كفاح وسالحها‬
‫العلم والمعرفة لمواصلة الدرب‪ ،‬أمي الحبيبة منبع العطف والحنان والكرم‪...‬‬
‫إلى " أبي " الغالي‪ ،‬الذي كان عونا وسندا لي‪ ،‬وكان لدعائه المبارك األثر في‬
‫تسير سفينة البحث حتى ترسوا على هذه الصورة المتواضعة‪...‬‬
‫إلى كل " أفراد عائلتي " كبيرا وصغيرا‪ ،‬أدام هللا محبتكم في قلبي ومحبتي‬
‫في قلبكم‪...‬‬
‫إلى كل " أصدقائي " فقد كانوا بمثابة العضد والسند في سبيل استكمال البحث‪.‬‬
‫إلى من أضاءوا لي ظلمة الجهل‪ ،‬وأناروا لي دروب الحياة "أساتذتي األعزاء"‬
‫أهدي إليكم بحثي المتواضع‬
‫داعيا المولى عز وجل أن يطيل في أعماركم‬
‫س ِه﴾ لقمان‪:‬‬ ‫شك ُْر فَ ِإنَّ َما يَ ْ‬
‫شك ُُر ِلنَ ْف ِ‬ ‫ّللا تَ َعالَى‪َ ﴿ :‬و َم ْن يَّ ْ‬
‫قَا َل َ ه‬
‫‪.11‬‬
‫ّللا َعلَ ْي هه َو َسلَم‪َ « :‬م ْن لَ ْم يَ ْ‬
‫شك ُِر‬ ‫صلَى َ ه‬ ‫سو هل َ ه‬
‫ّللا َ‬ ‫قَا َل َر ه‬
‫ّللا» رواه الترمذي في سننه في كتاب‬ ‫شك ُِر َّ َ‬ ‫اس لَ ْم َي ْ‬‫النَّ َ‬
‫البر والصلة‪ ،‬باب ما جاء في الشكر لمن أحسن إليك‪.‬‬
‫أشكر هللا أوال وقبل كل شيء‪ ،‬فهو صاحب العطاء والمن‪،‬‬
‫وأهل للشكر والثناء‪ ،‬ربنا لك الحمد والشكر كما ينبغي لجالل‬
‫وجهك وعظيم سلطانك على ما أنعمت علي من نعم ال‬
‫تحصى‪ ،‬فالحمد هلل على إحسانه‪ ،‬وأشهد أن ال إله إال هللا وحده‬
‫ال شريك له تعظيما لشأنه‪ ،‬وأشهد أن سيدنا ونبينا محمد عبده‬
‫ورسوله‪ ،‬الداعي إلى رضوانه صلى هللا عليه وعلى آله‬
‫وأصحابه وأتباعه وسلم تسليما‪.‬‬
‫وبعد‪ ،‬إن االعتراف ألهل العلم بالفضل والمكانة مبدأ من‬
‫مبادئ اإلسالم وأخالقه‪ ،‬إذ أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬
‫يرنَا »‪.‬‬
‫يرنَا َويُوق ْر َك ِب َ‬ ‫ْس ِمنَّا َم ْن لَ ْم يَ ْر َح ْم َ‬
‫ص ِغ َ‬ ‫قال‪ « :‬لَي َ‬
‫لذا‪ ،‬من الضروري أن أسجل شكري ألستاذي الكريم‪ ،‬الدكتور‬
‫الفاضل‪ " :‬عبد هللا لخضر " ‪ ،‬الذي شرفني بإشرافه والذي‬
‫كرمني بتفضله وقبوله اإلشراف على هذا البحث المتواضع‪،‬‬
‫والذي غمرني بفضله وكرم أخالقه‪ ،‬ومهما قلت فلن أستطيع‬
‫أن أوفيه حقه‪ ،‬لذا أضرع إلى هللا تعالى سائال إياه أن يمد في‬
‫عمره‪ ،‬وله مني دوام الدعاء بالبركة في عمله وذريته‪.‬‬
‫كما أتوجه بجزيل الشكر ووافر التقدير إلى جميع أساتذتي‬
‫األفاضل في شعبة الدراسات اإلسالمية‪ ،‬وأقدم خالص الشكر‬
‫وجزيل الثناء إلى إدارة الجامعة – كلية اآلداب والعلوم‬
‫اإلنسانية بمكناس – ‪.‬‬
‫وأخيرا أتقدم بالشكر وعظيم االمتنان إلى كل من مد لي يد‬
‫العون والمساعدة‪ ،‬وأسدى لي معروفا حتى تمكنت من إنجاز‬
‫هذا البحث فجزاهم هللا جميعا خير الجزاء‪.‬‬

‫لكل هؤالء السادة الكرام جزيل الشكر والتقدير‬

‫شك َُر نِ ْع َمتَكَ الَّتِي أَ ْن َع ْمتَ َ‬


‫علَ َّ‬
‫ي‬ ‫ب أَ ْو ِز ْعنِي أَ ْن أَ ْ‬
‫﴿ َر ِ‬
‫ضا ُه َوأَد ِْخ ْل ِني‬ ‫َي َوأَ ْن أَ ْع َم َل َ‬
‫صا ِل ًحا تَ ْر َ‬ ‫علَى َوا ِلد َّ‬‫َو َ‬
‫ين﴾ النمل‪.19 :‬‬ ‫صا ِل ِح َ‬
‫ِب َرحْ َمتِكَ فِي ِعبَا ِدكَ ال َّ‬
‫مقدمة‬
‫َارع‬ ‫ي ْالقَدَير‪ ،‬م ْبدَع ْالبَ َدائَع َوش َ‬ ‫ب ْالعَالَ َمين‪َ ،‬وبَ َه نَ ْستَ َعين‪ْ ،‬العَ َليم ْال َخ َبير‪ْ ،‬العَ َل ُّ‬ ‫ْال َح ْمد َ ه َ‬
‫ّلِل َر َ‬
‫ت َوالنُّور‪َ ،‬وأ َ ْك َرمنَا بَ ْالعَ ْقل‪ْ ،‬المد َْر َك‬ ‫سنَ خ َْلقَه َوت َ ْر َتيبَه‪َ ،‬و َجعَ َل ُّ‬
‫الظل َما َ‬ ‫ش ْيءٍ فَأ َ ْح َ‬‫ش َرائَع‪َ ،‬خلَقَ ك هل َ‬ ‫ال ه‬
‫ت َلقَ ْو َل َه تَعَالَى‪َ ﴿:‬ولَقَ ْد ك ََّر ْم َنا بَنِي آ َد َم‬‫سائَ َر ْال َم ْخلوقَا َ‬
‫علَى َ‬ ‫سنهة‪َ ،‬وفَضهلنَا َو َميهزنَا َ‬ ‫آن َوال ُّ‬ ‫ضايَا ْالق ْر َ‬
‫َلقَ َ‬
‫ير ِم َّم ْن َخلَ ْقنَا ت َ ْف ِض ً‬
‫يل﴾(‪،)1‬‬ ‫ت َوفَ َّ‬
‫ض ْلنَا ُه ْم َ‬
‫علَى َك ِث ٍ‬ ‫َو َح َم ْلنَا ُه ْم ِفي ا ْل َب ِر َوا ْلبَحْ ِر َو َر َز ْقنَا ُهم ِم َن ال َّ‬
‫ط ِي َبا ِ‬
‫اء م َه هم َتنَا فَي ْال َحيَا َة؛‬
‫وحيه َة َما ي َم َكننَا َم ْن أ َ َد َ‬ ‫الطاقَ َة ْالبَ َد َنيه َة َو ُّ‬
‫الر َ‬ ‫ض‪َ ،‬و َو َه ْبنَا َمنَ ه‬ ‫َك َما ا ْستَ ْخلَفنَا فَي ْاْل َ ْر َ‬
‫ي ت َ ْح َقيق ْالعبو َديه َة َ ه َ‬
‫ّلِل ت َ َعالَى‪.‬‬ ‫َو َه َ‬
‫ظ َر فَي ْال َو ْحي َ‬
‫أمرنَا أ َ ْن نَتَأ َ هم َل فَي بَدَيعَ ص ْن َعه‪َ ،‬وأ َ ْن نَتَأ َ هم َل ْال َك ْونَ ْال َم ْخلوق بَعقو َلنَا‪َ ،‬ون ْعمل النه َ‬
‫َوالَّذِي َ‬
‫ْف ُخ ِلقَتْ ❁ َو ِإ َلى‬ ‫ون ِإلَى ْ ِ‬
‫اْل ِب ِل َكي َ‬ ‫ورة َل َق ْو َل َه تَ َعالَى‪ ﴿:‬أَفَ َل َين ُ‬
‫ظ ُر َ‬ ‫ورة َو ْال َم ْنظ َ‬
‫َب َشقه ْي َه‪َ ،‬و َبآ َيا َت َه ْال َمسْط َ‬

‫س ِط َحتْ ﴾(‪َ ،)2‬وقَ ْوله‬


‫ْف ُ‬ ‫ْف نُ ِصبَتْ ❁ َو ِإلَى ْاْل َ ْر ِ‬
‫ض َكي َ‬ ‫ْف ُرفِعَتْ ❁ َو ِإلَى ا ْل ِج َبا ِل َكي َ‬
‫اء َكي َ‬
‫س َم ِ‬
‫ال َّ‬
‫ت ِبأ َ ْم ِر ِه ِإ َّن فِي َذ ِلكَ ََل َيا ٍ‬
‫ت ِلقَ ْو ٍم‬ ‫س َوا ْل َق َم َر َوا ْلنُّ ُجو َم ُم َ‬
‫س َّخ َرا ٍ‬ ‫ت َ َعالَى‪َ ﴿:‬و َ‬
‫س َّخ َر لَ ُك ُم اللَّ ْي َل َوالنَّ َه َ‬
‫ار َوالش َّْم َ‬
‫ث َوالنُّشور‪َ ،‬وفَ ْع َل ْال َخي َْر َونَ ْفعَ النه َ‬
‫اس‪،‬‬ ‫علَى ْال َب ْع َ‬ ‫ع َ‬
‫ظ َمتَه‪ ،‬فَنؤْ َمن بَ َه َوبَقد َْرتَ َه َ‬ ‫يَ ْع ِقلُ َ‬
‫ون﴾(‪َ ،)3‬لند َْر َك َس هر َ‬
‫ضاه فَي ال ُّد ْنيَا َو ْاْل َخ َرة‪.‬‬ ‫ور َو ْاْلفَا َ‬
‫ت َلنَنَا َل َر َ‬ ‫َوتَ َجنُّب ك َل ال ُّ‬
‫شر َ‬
‫الذ ْك َر َوقَ َرا َءةَ ْالق ْر َ‬
‫آن َلقَ ْو َل َه تَعَالَى‪ ﴿:‬أ َ ََل‬ ‫ص ََلةَ َو َ‬
‫وحي َ بَال ه‬
‫الر َ‬
‫ب ُّ‬ ‫أمرنَا أ َ ْن نَ ْع َم َل َ‬
‫علَى ت َ ْغ َذيَ َة ال َجانَ َ‬ ‫َوالَّذِي َ‬
‫ع هز َو َجل‪َ ﴿ :‬و َم ْن أَع َْر َ‬
‫ض‬ ‫يش فَي تَ َواز ٍن م ْستَ َم ٍر َو َدائَ ٍم َلقَ ْو َل َه َ‬ ‫َّللا ت َ ْط َم ِئ ُّن ا ْلقُلُ ُ‬
‫وب﴾(‪َ ،)4‬حتهى َن َع َ‬ ‫بِ ِذ ْك ِر َّ ِ‬
‫عَن ِذ ْك ِري فَ ِإ َّن لَهُ َم ِعيشَةً َ‬
‫ضنكًا َونَحْ ش ُُرهُ َي ْو َم ا ْل ِق َيا َم ِة أ َ ْع َمى﴾(‪ ،)5‬فَن َْحفظ َب َذ َل َك ق هوتنَا َونَ ْ‬
‫صرف َها فَي‬
‫سان‪،‬‬ ‫ص َو ْ َ‬
‫اْل ْح َ‬ ‫اْل ْح َك َام َو ْ َ‬
‫اْل ْخ ََل َ‬ ‫ان َو ْ َ‬ ‫سا َئ َر أ َ ْع َما َلنَا َب ْ َ‬
‫اْلتْقَ َ‬ ‫ضي خَا َلقَنَا‪َ ،‬ك َما أمرنَا أ َ ْي ً‬
‫ضا َبالت ه َح َلي فَي َ‬ ‫َما ي ْر َ‬

‫(‪ - )1‬اْلسراء‪.70 :‬‬


‫(‪ - )2‬الغاشية‪.20 ، 19 ، 18 ، 17 :‬‬
‫(‪ - )3‬النحل‪.12 :‬‬
‫(‪ - )4‬الرعد‪.29 :‬‬
‫(‪ - (5‬طه‪.123 :‬‬

‫‪-8-‬‬
‫ضةٌ ش َْر َعيهةٌ‪ ،‬قَا َل ه‬
‫ّللا تَ َعالَى‬ ‫ورة ٌ َح َيا َتيهةٌ َوفَ َري َ‬
‫ضر َ‬ ‫َوأ َ ْن َيكونَ ج ْز ًءا َم ْن سلو َكنَا َوأ َ ْخ ََلقَنَا ْال َع َم َليهة‪ ،‬فَه َو َ‬
‫ع َم ًل﴾(‪َ ،)6‬وفَي‬ ‫س َن َ‬ ‫ت ِإنَّا ََل نُ ِضي ُع أَجْ َر َم ْن أَحْ َ‬ ‫ِين آ َمنُوا َوع َِملُوا ال َّ‬
‫صا ِل َحا ِ‬ ‫فَي َكتَا َب َه ْال َع َزيز‪ِ ﴿ :‬إ َّن الَّذ َ‬
‫ب إِ َذا ع َِم َل أ َ َح ُد ُك ْم‬ ‫اركَ َوتَعَالَى يُ ِح ُّ‬ ‫س ََلم‪« :‬إِ َّن َّ َ‬
‫َّللا تَبَ َ‬ ‫علَ ْي َه ال ه‬
‫ص ََلة َوال ه‬ ‫ش َريفَ َة قَا َل النهبَ ُّ‬
‫ي َ‬ ‫سنه َة النهبَ َويه َة ال ه‬
‫ال ُّ‬
‫ظ ُر‬ ‫ص َو ِر ُك ْم َوأ َ ْم َوا ِل ُك ْم َولَ ِك ْن َي ْن ُ‬ ‫َّللا َلَ يَ ْن ُ‬
‫ظ ُر إِلَى ُ‬ ‫س ََلم‪« :‬إِ َّن َّ َ‬
‫ص ََلة َوال ه‬ ‫ع َم ًل أ َ ْن يُتْ ِق َنهُ»(‪َ ،)7‬وقَا َل َ‬
‫علَ ْي َه ال ه‬ ‫َ‬
‫اس‬
‫س َ‬ ‫ير َذ َل َك ْالعَ َم َل َوتَ ْج َوي َد َه َم َع ْ َ‬
‫اْل ْح َ‬ ‫إِلَى قُلُوبِ ُك ْم َوأ َ ْع َما ِل ُك ْم»(‪َ ،)8‬ك َما يَ ْلزَ م بَ ْذل ْالج ْه َد َو ْال َف ْك َر فَي تَ ْ‬
‫ط َو َ‬
‫بَم َراقَبَ َة ه‬
‫ّللا‪.‬‬
‫ع َلنَا َمنَ الدَين َما تَ ْح َيا َب َه ال ه‬
‫ض َما َئر َوت َ ْست َ َنير َب َه‬ ‫طا َياه‪ ،‬الهذَي شَر َ‬ ‫ام َه َو َج َزي َل َع َ‬‫ع َلى َإ ْن َع َ‬ ‫َفا ْل َح ْم ُد ِ َّ ِ‬
‫لِل َ‬
‫يرةٍ ل َق ْوله‬ ‫غ َف َ‬ ‫يرةٍ َوفَ َ‬
‫ضا َئ َل َ‬ ‫سا َلفَينَ َو ه‬
‫الَل َح َقين‪َ ،‬ب َن َع ٍم َك َث َ‬ ‫خرينَ َوأ َ ْن َع َم َ‬
‫علَى ال ه‬ ‫صا َئر‪َ ،‬خلَقَ ْاْل َ هولَينَ َو ْاْل َ‬ ‫ْال َب َ‬
‫الر ْج َعى‪،‬‬ ‫صو َها﴾(‪ ،)9‬ي ْج َزئ كل نَ ْف ٍس َب َما ت َ ْس َعى َو َإلَ ْي َه ْال َمآب َو ُّ‬ ‫َّللا ََل تُحْ ُ‬ ‫ع هز َو َجل‪َ ﴿:‬و ِإن تَعُدُّوا ِن ْع َمةَ َّ ِ‬ ‫َ‬
‫ت أ َ ْع َما َلنَا‪َ ،‬ويَ ْرفَ َع َب َها‬ ‫ش َها َدة أ َ ْرجوا أ َ ْن ي َك َف َر َب َها َ‬
‫ع ْن َ‬
‫س َيئَا َ‬ ‫يك لَه‪َ ،‬‬‫شر َ‬ ‫َوأ َ ْش َهد أَن َل َإلَهَ َإ هل ه‬
‫ّللا َو ْح َده َل َ‬
‫ت َو َكبَيرهَا‪.‬‬ ‫ير ْالموبَ َقا َ‬ ‫َد َر َجا َتنَا‪َ ،‬وين ََجينَا َب َها َم ْن َ‬
‫ص َغ َ‬
‫سيَ َدنَا م َح همد‪ ،‬النه َبي ْالم ْختَار‪ ،‬خَاتم النهبَ َيينَ ‪ْ ،‬ال َمبْعوث َر ْح َمة‬ ‫س ََلم ْاْلَت َمان ْاْل َ ْك َم ََل َن َ‬
‫علَى َ‬ ‫ص ََلة َوال ه‬
‫ث َّم‪ ،‬ال ه‬
‫عتَه‪ْ ،‬القَائَل‪َ « :‬م ْن يُ ِر ِد َّ‬
‫َّللاُ‬ ‫َل ْلعَالَ َمينَ ‪َ ،‬خيْر ْاله َداةَ ْالم ْر َشدَينَ ‪َ ،‬‬
‫سعد َب َه ْديَ َه َم ْن ا ْست َ هن بَسنهتَ َه َوا ْشت َ َر َ‬
‫ع َش ْر َ‬
‫علَى آ َل َه‬‫علَ ْي َه َو َ‬ ‫صلهى ه‬
‫ّللا َ‬ ‫ع ْنه َكانَ َم ْن ْالخَا َس َرين‪َ ،‬و َ‬ ‫ض َ‬ ‫ِين»(‪َ ،)10‬و َم ْن أَع َْر َ‬ ‫بِ ِه َخي ًْرا يُفَ ِق ْههُ فِي الد ِ‬
‫علَى نَ ْه َج َه ْم إَلَى َي ْو َم‬
‫ار َ‬
‫س َ‬ ‫الطيَ َبينَ ه‬
‫الطا َه َرين َوالتهابَعَينَ لَه ْم بَإَ ْح َ‬
‫سان‪َ ،‬و َم ْن ا ْهت َ َدى بَ َه ْديَ َه ْم و َ‬ ‫ص َحابَ َه ه‬
‫َوأ َ ْ‬
‫الدَين‪.‬‬
‫ارة‪،‬‬ ‫ساس ْال َح َ‬
‫ض َ‬ ‫ي أَ َ‬
‫سان‪ ،‬فَ َه َ‬ ‫ع ُّز َما َيت َ َحلهى َب َه ْ َ‬
‫اْل ْن َ‬ ‫اْلس ََْل َميهة‪ ،‬أ َ َ‬ ‫وم َع ْلم ال ه‬
‫ش َري َع َة ْ َ‬ ‫ف ْالعل َ‬
‫َو َب ْعد‪ :‬فَإ َ هن أ َ ْش َر َ‬
‫ص َدر أ َ ْم َجا َد ْاْل َمم‪َ ،‬وع ْن َوان سموهَا َوت َ َف ُّوقَ َها فَي ْال َح َياة‪ ،‬والهتَي تزَ ُّكوا َب َها النُّفوس َوت َ ْستَنَير َب َها‬ ‫َو َم ْ‬
‫ب‬
‫ت َج َوا َن َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ام َعةٌ َو َما َن َعة‪َ ،‬را َ‬ ‫َاملَةٌ َو َج َ‬
‫املَةٌ َوش َ‬ ‫ش َري َعة ْ َ‬
‫اْلس ََْل َميهة َك َ‬ ‫صائَر َو ْال َج َو َارح َو ْالعقول‪ ،‬فَال ه‬ ‫ْال َب َ‬
‫سا َكنَينَ ‪َ ،‬و َد َلي ٌل َل ْل َحائَ َرينَ ‪،‬‬
‫َارا َلل ه‬ ‫ت َب َها َإلَى ْال َحيَاةَ ْاْل ْخ َر َويهة‪ ،‬فَ َكان ْ‬
‫َت َب َح ْم َد ه َ‬
‫ّللا َمن ً‬ ‫ْال َحيَاةَ ْالبَش ََريهة‪َ ،‬و َ‬
‫س َم ْ‬
‫ّللا ْال َع َظيم‬
‫امئَينَ ‪ ،‬تَدْعوا َإلَى ك َل َخي ٍْر َوترغب َفيه‪َ ،‬وتحذر َم ْن ك َل ش ٍَر َوت َ ْن َهى َع ْنه‪َ ،‬وقَ ْد تَ َولهى ه‬ ‫َو َريًّا َل ه‬
‫لظ َ‬

‫(‪ - )6‬الكهف‪.30 :‬‬


‫(‪ - )7‬الجامع لشعب اْليمان للبيهقي‪ ،‬ط‪1423( :1‬هـ ‪2003 -‬م)‪ ،‬مكتبة الرشد‪ ،‬المملكة العربية السعودية ‪-‬الرياض‪ ،233/7 ، -‬رواه في الخامس والثَلثون‬
‫من شعب اْليمان وهو باب في اْلمانات وما يجب من أدائها إلى أهلها‪.]4929[ ،‬‬
‫(‪ - )8‬رواه مسلم في صحيحه في كتاب البر والصلة واْلدب‪ ،‬باب تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره ودمه وعرضه وماله‪.‬‬
‫(‪ - (9‬النحل‪.18 :‬‬
‫(‪ - )10‬رواه البخاري في صحيحه في كتاب العلم‪ ،‬باب من يرد هللا به خيرا يفقهه في الدين‪.‬‬

‫‪-9-‬‬
‫صينَة‪َ ،‬ل تَتَزَ عْزَ ع َو َل تَ َميل‪َ ،‬و َل َع ْن‬
‫س َر َ‬ ‫ذو ْال َج ََل َل َو ْ َ‬
‫اْل ْك َر َام َح ْفظ َها‪ ،‬فَ َج َع َل لَ َها قَ َوا َع َد َم َتينَة‪َ ،‬وأس َ‬
‫طالوا ْال َعنَا َد‪ ،‬فَ َكانوا َك َما قَا َل ْاْلَعْشى بْن قَي ٍْس‬
‫الس َهام‪َ ،‬وأ َ َ‬ ‫ْال َح َ‬
‫ق تَض ُّل أ َ ْو ت َ َحيد‪َ ،‬و َل َ‬
‫طالَ َما ْاْل َ ْع َداء َرموا َب َ‬
‫ّللا‪:-‬‬
‫َيوا َن َه ‪َ -‬ر َح َمه ه‬ ‫صنا َجة ْال َع َرب فَي د َ‬
‫ع ُل(‪.(11‬‬ ‫وأوهى قَ ْرنَه الو ِ‬ ‫فَلَ ْم َي ِض ْرها ْ‬ ‫ص ْخ َرةً َي ْوما ً ليو ِه َنها‬ ‫ناطحٍ َ‬ ‫‪َ -‬ك ِ‬
‫ص َدر الهذَي َل ي ْنضب‪َ ،‬و ْالمعين الهذَي َل ي ْعطب‪َ ،‬و َك َما ُه َو َم ْعلُوم أَ هن َم ْن أَه ََم فروعَ َه َذا ْال َع ْل َم‬ ‫ي ْال َم ْ‬ ‫فَ َه َ‬
‫ش َرف‪ ،‬يعلم أ َ َدب ْال َح َو َار‪،‬‬ ‫ع َظيم ْالفَائَ َدةَ‪َ ،‬‬
‫عا َلي ال ه‬ ‫صو ِل ا ْل ِف ْق ِه ْالفَ ْخ َم‪َ ،‬ج َليل ْالقَد َْر‪َ ،‬‬
‫ْال َج َلي َل‪ ،‬أ َ َل َوهو‪ِ :‬ع ْل ُم أ ُ ُ‬
‫علَى‬
‫ون َ‬ ‫ظ َم ْالفن َ‬ ‫ع ْنه‪َْ ،‬لَنهه َم ْن أ َ ْع َ‬
‫ش ْر َعيه َة‪َ ،‬ي ْستَ َحيل َال ْس َت ْغنَاء َ‬ ‫وم ال ه‬ ‫ث َفي ْالعل َ‬ ‫َي ْحتَاجه ك ُّل َد َار ٍس َو َب َ‬
‫اح ٍ‬
‫ض َباط الت ه َام َبال ه‬
‫ش ْرعَ‪،‬‬ ‫يَل َل ْل َع ْق َل َو َحثًّا لَه َم َع َال ْن َ‬
‫ت َوأ َ ْن َف َع َها َوأَش ََدهَا ت َ ْش َغ ً‬
‫عا َ‬ ‫ط ََلق‪َ ،‬و َم ْن أَجل َ‬
‫الصنَا َ‬ ‫اْل ْ‬‫َْ‬
‫ير َع ْن َد ْاْل َم َم ْاْل ْخ َرى‪،‬‬
‫ْس َله ن ََظ ٌ‬ ‫وم اللُّ َغ َة‪َ ،‬لي َ‬
‫اط َبعل َ‬ ‫الص َل َة َو َال ْر َت َب َ‬
‫ير فَي َما هدتَ َه‪َ ،‬ق َوي َمتَين َ‬ ‫صي ٌل غ ََز ٌ‬ ‫أَ َ‬
‫صا َلح‬
‫ص َحي َحةٍ‪َ ،‬و َ‬ ‫علَى أس ٍس َ‬
‫س َلي َم ٍة َو َق َوا َع َد َ‬ ‫ش ْر َعيه َة َ‬ ‫فَه َو آلَةٌ َو َم ْفتَا ٌح َلفَ ْه َم ْال َو ْح َيي َْن َوا ْستَ ْن َب َ‬
‫اط ْاْل َ ْح َك َام ال ه‬
‫ع َلى قَ َوا َع َدهَ‪َ ،‬ولَ ْو َله َل َج َه َل‬ ‫َصل َإلَى النهتَائَج و ْفقَ ال ه‬
‫سي َْر َ‬ ‫ع َر َبيٍ‪َ ،‬ب َوا َس َ‬
‫طتَ َه ن َ‬ ‫َص َ‬
‫ب كل ن ٍ‬‫َلفَ ْه َم َوا ْس َتي َعا َ‬
‫ّللا‪:-‬‬‫اْلس ََْلم أ َ ْح َمد بْن تَي َْميَة ‪َ -‬ر َح َمه ه‬ ‫شيْخ ْ َ‬
‫سنهة‪ ،‬قَا َل َ‬ ‫وص ْال َكتَا َ‬
‫ب َوال ُّ‬ ‫النهاس َما ي َراد َم ْنه ْم فَي نص َ‬
‫ْل َم َام ْالفَ َقيه َش َهاب‬
‫سنَّ ِة"(‪َ ،)12‬و َل ْ َ‬ ‫سو ِل ِه بِا ْل ِكتَا ِ‬
‫ب َوال ُّ‬ ‫صو ِل ا ْل ِف ْق ِه‪ :‬أ َ ْن ي ْفقَهَ ُم َراد َّ ِ‬
‫َّللا َو َر ُ‬ ‫صو ُد ِم ْن أ ُ ُ‬
‫"ا ْل َم ْق ُ‬
‫ع ِل ُموا أَنَّهُ لَ ْو ََل أ ُ ُ‬
‫صو َل ا ْل ِف ْق ِه لَ ْم يَثْبُتْ ِم ْن‬ ‫ارة؛ ْاْلو َلى‪َ " :‬و َما َ‬ ‫الدَين ْال َم ْشهور بَ ْالقَ َرافَي ‪َ -‬ر َح َمه ه‬
‫ّللا‪َ -‬عبَ َ‬
‫صو َل ا ْل ِف ْق ِه أ َ ْلغَ ْينَا ْاْل َ ِدلَّة‪ ،‬فَ َل يَ ْبقَى لَنَا ُح ْكم َو ََل‬
‫الش َِّريعَ ِة قَ ِليل َو ََل َكثِير" ‪ ،‬الثهانَيَة‪" :‬فَ ِإ َذا أ َ ْلغَ ْينَا أ ُ ُ‬
‫ّللا‪ -‬فَي بَ َدايَ َة ْ‬
‫خط َب َة َكتَابَ َه بَ َق ْو َل َه‪َ (" :‬وبَ ْعد)‬ ‫اْل ْس َن َوي ‪َ -‬ر َح َمه ه‬ ‫سبَب"(‪َ ،)13‬وأ َ َجا َد َوأ َ ْح َ‬
‫سن َج َمال الدَين ْ َ‬ ‫َ‬
‫اس‬‫س ُ‬ ‫صو َل ا ْل ِف ْق ِه ِع ْلم ع َِظيم َقدْرهُ‪َ ،‬و َبين ش ََرفه َو َف ْخره‪ِ ،‬إ ْذ ُه َو َقا ِع َدةُ ْاْلَحْ ك َِام الش َّْر ِعيَّ ِة‪َ ،‬وأ َ َ‬ ‫َف ِإ َّن أ ُ ُ‬
‫ين َم َعاشًا َوم َعادًا ‪َ ،)14("...‬و َلب َْن خ َْلدون ذو ْال َم َكانَ َة ْال َع ْل َميه َة‬ ‫ح ا ْل ُم َكلَّ ِف َ‬ ‫اوى ا ْلفَ ْر ِعيَّ ِة الَّتِي ِب َها َ‬
‫ص َل ُ‬ ‫ا ْلفَت َ َ‬
‫صو َل ا ْل ِف ْق ِه‬‫ص َل التها َسع َمن ْال َكتَاب ْال َم ْشهور ا ْل ُمقَد َمة‪" :‬ا ْعلَ ْم أ َ َّن أ ُ ُ‬ ‫ّللا‪ -‬قَ ْولَةٌ َفي َب َدا َي َة ْالفَ ْ‬ ‫ْال َعا َل َي َة ‪َ -‬ر َح َمه ه‬
‫ْث ت ُ ْؤ َخذُ‬ ‫وم الش َّْر ِعيَّ ِة َوأ َ َج ِل َها قَد ًْرا َوأ َ ْكثَر َها فَائِ َدةً َو ُه َو النَّ َ‬
‫ظ ُر فِي ْاْل َ ِدلَّ ِة الش َّْر ِعيَّ ِة ِم ْن َحي ُ‬ ‫ِم ْن أ َ ْع َ‬
‫ظ ِم ا ْلعُلُ ِ‬
‫ص ْن َعانَي قَ ْو َلةٌ م َميزَ ة ٌ َوفَ َري َدة ٌ َوبَدَي َعةٌ َو َهي‪ِ " :‬إ َّن أ ُ ُ‬
‫صو َل ا ْل ِف ْق ِه‬ ‫ِم ْن َها ْاْلَحْ كَام َوالتَّآ ِليف"(‪َ ،)15‬و َل ْ َ‬
‫ْل َمام ال ه‬

‫(‪ - (11‬ديوان اْلعشى بن قيس (ت‪7 :‬هـ ‪629/‬م)‪.‬‬


‫(‪ - (12‬مجموع الفتاوى لشيخ اْلسَلم أحمد بن تيمية‪ ،‬جمع وترتيب‪ :‬عبد الرحمن بن محمد بن القاسم وساعده ابنه م َح همد‪ ،‬سنة الطبع‪1425( :‬هـ ‪2004 -‬م)‪،‬‬
‫دار مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪.497/20 ،‬‬
‫(‪ - (13‬نفائس اْلصول في شرح المحصول لْلمام الفقيه شهاب الدين القرافي‪ ،‬تحقيق الشيخ عادل أحمد عبد الموجود والشيخ علي م َح همد معوض قرظه‪ ،‬ط‪:1‬‬
‫(‪1416‬هـ ‪1995 -‬م)‪ ،‬مكتبة نزار مصطفى الباز‪.100/1 ،‬‬
‫(‪ - (14‬نهاية السول في شرح منهاج الوصول في علم أصول الفقه لْلمام جمال الدين عبد الرحيم اْلسنوي‪ ،‬تحقيق عبد القادر محمد علي‪ ،‬ط‪1420( :1‬هـ ‪-‬‬
‫‪1999‬م)‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪-‬بيروت‪.5/1 ، -‬‬
‫(‪ - )15‬مقدمة ابن خلدون‪ ،‬اعتنى بها سامح دياب أحمد‪ ،‬فضاء الفن والثقافة ‪-‬المغرب‪.496 ، -‬‬

‫‪- 10 -‬‬
‫ب النَّ َجا ِة‪ِْ ،‬لَنَّهُ ِز َما ُم ا ْل ِف ْق ِه‪َ ،‬وأ َ ْ‬
‫ص ُل ا ْلفُ ُروعِ‪َ ،‬وم َحكُّ‬ ‫ج ِإلَ ْي ِه َ‬
‫طا ِل ُ‬ ‫وم َوأ َ َجل َها َوأ َ ْو َ‬
‫س ِع َها‪ ،‬يَحْ تَا ُ‬ ‫ِم ْن أ َ ْنفَ ِع ا ْلعُلُ ِ‬
‫سنَّ ِة‪َ ،‬و ُمعَرف ْاْلَحْ ك َِام الش َّْر ِعيَّ ِة‪َ ،‬و ُم َحرر ْاْل َ ِدلَّة‪َ ،‬وتِ ْبيَان ْاْلَمات‪،‬‬‫ب َوال ُّ‬ ‫ِين‪َ ،‬و َخادِم ا ْل ِكتَا ِ‬
‫ا ْل ُمجْ ت َ ِهد َ‬
‫ضاتِ‪َ ،‬وقَائِد النَّ َوا ِ‬
‫سخِ ِإ َلى‬ ‫امع شَمل ا ْل ُمتَعَ ِار َ‬ ‫وك‪َ ،‬و َج ِ‬ ‫ط ِليعَة ُوضُوحِ ْاْل َ ْق َوا ِل َو ْاْل َ ْفعَا ِل َوالت ُّ ُر ِ‬ ‫َو َ‬
‫وم ‪ ،)16("... ،‬فَ َه َذا ْالفَ ُّن يعَ ُّد أَهَم‬ ‫س ِ‬ ‫ب ا ْل ُحدُو ِد َو ُّ‬
‫الر ُ‬ ‫اح ُ‬‫ص ِ‬ ‫سو َخاتِ‪َ ،‬و ُم ْب ِقي َح َقائِق ا ْل َم ْر ِويَّاتِ‪َ ،‬‬ ‫ا ْل َم ْن ُ‬
‫ّللا تَعَالَى الهذَي َهيهأ َ‬ ‫ش ْر َعيه َة‪َ ،‬ويَ ْر َجع ْالفَضْل فَي َذ َل َك إَلَى ه َ‬ ‫ط ٍة فَي فَ ْه َم ْاْلَدَله َة َوا ْستَ ْنبَ َ‬
‫اط ْاْل َ ْح َك َام ال ه‬ ‫ن ْق َ‬
‫سائَ َل َه َذا ْال َع ْل َم‬ ‫صي َل َم َ‬ ‫الطاقَةَ فَي ك َل أَ ْوقَاتَ َه ْم َلتَأ ْ َ‬
‫صينَ الهذَينَ بَ َذلوا ْالج ْه َد َوا ْست َ ْف َرغوا ه‬ ‫ْالعلَ َماء ْالم ْخ َل َ‬
‫سائَ َل َه َل ي ْم َكن أ َ ْن ي ْف َه َم َك ََل َم ه َ‬
‫ّللا‬ ‫ار َع ْل ًما م ْست َ َق ًَّل‪َ ،‬والهذَي ْ‬
‫يج َهل َب َم َ‬ ‫ص َ‬ ‫صبَ َح َو َ‬ ‫َوت َ ْف َريعَ فرو َع َه َحتهى أَ ْ‬
‫ب َه َذا ْال َع ْل َم ْال َف ْخ َم‪،‬‬‫الرسوخ ْال َع ْل َمي َ َو َل بلوغ َها‪َ ،‬و َم ْن أَه ََم أَب َْوا َ‬ ‫َو َرسو َل َه ﷺ ‪َ ،‬و َل ي ْم َكن أ َ ْن يَش هم َرا َئ َحةَ ُّ‬
‫شأ ْ َن‪ :‬ا ْل ُم ْطلَق‬
‫ث َه َذا ْالبَاب ْاْلصو َلي ْال َع َظ َيم ال ه‬ ‫اظ‪ ،‬الهذَي يش ََكل ر ْكنًا َم ْن أ َ ْر َكانَ َه‪َ ،‬و َم ْن َمبَ َ‬
‫اح َ‬ ‫اب ْاْل َ ْلفَ ِ‬
‫بَ ُ‬
‫وص ْالق ْر َ‬
‫آن‬ ‫ش ْر َعيه َة َم ْن نص َ‬ ‫ص َة الهتَي لَ َها َد َللَت َها فَي ا ْستَ ْنبَ َ‬
‫اط ْاْل َ ْح َك َام ال ه‬ ‫اظ ْالخَا ه‬‫َوا ْل ُمقَيَّد ‪ ،‬فَه َو َم ْن ْاْل َ ْلفَ َ‬
‫اْلس ََْلم أ َ ْح َمد بْن تَي َْميَة ‪-‬رحمه هللا‪" " :-‬ا ْل ُم ْطلَق َوا ْل ُمقَيَّد" َو ِهي َ‬
‫غ ْم َرة‬ ‫شيْخ ْ َ‬‫سنه َة‪ ،‬والهذَي قَا َل فَي َه َ‬
‫َوال ُّ‬
‫ين فِي ِه"(‪ ،)17‬فَه َو َم ْب َح ٌ‬
‫ث‬ ‫سابِ ِح َ‬ ‫علَى َكثِ ٍ‬
‫ير ِم ْن ال َّ‬ ‫شتَبَ َهتْ أَ ْن َوا ُ‬
‫ع َها َ‬ ‫ت " أُ ُ‬
‫صو ِل ا ْل ِف ْق ِه " َوقَ ْد ا ْ‬ ‫ِم ْن َ‬
‫غ َم َرا ِ‬
‫اك ْالم َرا َد َم ْن َك ََل َم‬ ‫ف َوإَد َْر َ‬ ‫ظفَه ْاْلصو َليُّونَ فَي ْال َك ْش َ‬ ‫ت بَ َه اللُّغَة ْالعَ َربَيهة‪َ ،‬وتَن ََاولَه َو َو ه‬
‫ت َو ْامت َازَ ْ‬ ‫ات ه َ‬
‫س َم ْ‬
‫ت‬ ‫اْل ْ‬
‫ط ََلق أ َ ْم الت ه ْق َييد؟ ؛ فَ َم ْن َها اله َتي َجا َء ْ‬ ‫سنهة‪ ،‬ه َْل أ َري َد َب َها ْ َ‬ ‫ْالمت َ َك َلم‪َ ،‬و َب َيان َو َم ْع َرفَ َة نصوص ْالق ْر َ‬
‫آن َوال ُّ‬
‫صيغَ ٍة مقَيه َدة‪ ،‬فَ َيكون َلك َل َل ْفظٍ َم ْنه َما َمدْلوله ْالخَاص َوأ َ ْح َكامه اله َتي‬‫ت َب َ‬ ‫صيغَ ٍة م ْ‬
‫طلَقَ ٍة َو َم ْن َها اله َتي َجا َء ْ‬ ‫َب َ‬
‫ير َر َق َب ٍة‬ ‫اح ٍد َم ْثل قَ ْوله َ‬
‫ع هز َو َجل‪َ ﴿ :‬فتَحْ ِر ُ‬ ‫ضعٍ َو َ‬ ‫الصي َغتَي َْن َفي ن ٍ‬
‫َص َو َم ْو َ‬ ‫علَ ْي َها‪َ ،‬ك َما قَ ْد َيكون ورود َ‬ ‫َيد ُّل َ‬
‫"رقَبَة ُم ْؤ ِمنَة" َيكون َه َذا ْال َو ْ‬
‫صف وه َو‬ ‫ُّم ْؤ ِمنَ ٍة﴾(‪ ،)18‬فَلَ ْفظ " َرقَبَة" ه َو ْالم ْ‬
‫طلَق‪ ،‬لَ َك ْن َع ْن َد َما نَقول َ‬
‫ت آيَةٌ أ ْخ َرى فَقَيه َدتْ َها‬ ‫طلَق َوه َو " َرقَبَة"(‪َ ،)19‬ك َما قَ ْد ن ََجد آيَةً م ْ‬
‫طلَقَة ث هم َجا َء ْ‬ ‫اْلي َمان" قَ ْد قي َد بَ َه ْالم ْ‬
‫" ِْ‬
‫علَى ْالمقَيهد إَ ْن َكانَ ْالح ْكم‬ ‫غي َْرهَا َم ْن ْالقيود‪ ،‬فَي ْح َمل ْالم ْ‬
‫ط َلق َ‬ ‫صفَ ٍة أ َ ْو َ‬
‫ع َد ٍد َو َ‬ ‫أ َ ْو َحدَيث فَقَيه َدهَا بَش َْرطٍ أ َ ْو َ‬
‫الصي َغتَيْن تَسوغ َح ْم َل أ َ َح َد َه َما‬
‫ع ََلقَ ٍة بَيْنَ َ‬
‫ي َلب هد َم ْن وجو َد َ‬ ‫ع ْالح ْكم َم ْن أ َ ْج َل َه َو َ‬
‫احد؛ أ َ ْ‬ ‫سبَب الهذَي شَر َ‬
‫َوال ه‬
‫علَى إَ ْ‬
‫ط ََل َق َه‬ ‫ط ََلق َوت َ ْق َييد‪ ،‬فَي ْع َمل بَ ْالم ْ‬
‫طلَق َ‬ ‫علَ ْي َه َم ْن إَ ْ‬
‫علَى َما َو َر َد َ‬ ‫علَى ْاْلخَر‪َ ،‬و َإ هل َع َم َل كل َو َ‬
‫اح ٍد َ‬ ‫َ‬

‫(‪ - (16‬مزالق اْلصوليين للعَلمة اْلمام م َح همد بن إسماعيل اْلمير الصنعاني‪ ،‬تحقيق محمد صباح المنصور‪ ،‬ط ‪1425( :1‬هـ ‪2004 -‬م)‪ ،‬ط ‪1434( :2‬هـ‬
‫‪2013 -‬م) ‪ ،‬مكتبة أهل اْلثر ‪-‬الكويت‪.59 ، -‬‬
‫(‪ - )17‬مجموع الفتاوى لشيخ اْلسَلم أَحْ َمد بْن تَيْمَ يهة‪ ،‬تحقيق عبد الرحمن م َح همد بن القاسم وساعده ابنه م َح همد‪ ،‬المصدر نفسه‪.108 /31 :‬‬
‫(‪ - )18‬النساء‪.91 :‬‬
‫(‪ - (19‬بتصرف عن الدكتورة رقية بنت نصر هللا م َح همد نياز‪ ،‬كتاب‪ :‬السنة النبوية المصدر الثاني للتشريع اْلسَلمي‪ ،‬دار مجمع الملك فهد لطباعة المصحف‬
‫الشريف بالمدينة المنورة‪.35،‬‬

‫‪- 11 -‬‬
‫ضعٍ آخَر‪َ ،‬و ْالمقَيهد َبقَ ْي َد َه َإ ْن لَ ْم َي َر ْد َد َلي ٌل يبْطل قَيْده ويدل على أنه‬ ‫َإ ْن لَ ْم ير ْد م َقيهدًا َب َد َلي ٍل ي َؤ َيده فَي َم ْو َ‬
‫سة‪ ،‬وذلك َم ْن َخ ََل َل ْالكتاب النه َفيس الهذَي‬ ‫ث َو َر ْونَق الد َِرا َ‬ ‫غير معتبر‪ .‬فَ ُهنَا تَت َ َجلَّى َوت َ ْك ُم ُن أَ َه ِميَّةُ ا ْلبَحْ ِ‬
‫امعَ ْالفَ ْهم َو ْ َ‬
‫اْل ْف َهام‪،‬‬ ‫س َ‬‫ئ َوال ه‬ ‫صلَة َل ْلقَ َ‬
‫ار َ‬ ‫اراته ْال َم ْوزونَة بَال ُّ‬
‫سهو َل َة َواليسر‪ ،‬م َح َ‬ ‫تَتَ َميهز أ َ ْلفَاظه َو َك َل َماته َو َعبَ َ‬
‫احل‬ ‫س َل ِمي" َل ْلعَ هَل َمة ْاْلصو َلي ه‬
‫الر َ‬ ‫الرأْي فِي التَّش ِْريع ْ ِ‬
‫اْل ْ‬ ‫َوه َو َكتَاب‪" :‬ا ْل َمنَا ِهج ْاْل ُ ُ‬
‫صو ِليَّة فِي ِاَلجْ تِ َهاد بِ َّ‬
‫اط َبي‬
‫ش َ‬ ‫َاط َبي ْالعَ ْ‬
‫صر (ق‪ ،)20:‬الهذَي تَأَث ه َر بَ ْاْلمام ال ه‬ ‫م َح همد فَتْ َحي الد َُّرينَي‪(-‬ت‪1434 :‬هـ)‪ْ ،‬الملَقهب بَش َ‬
‫(ت‪790:‬هـ) َو َب َكتَابَ َه "ا ْل ُم َوافَقَات"‪.‬‬
‫■ أ َه ِميَّة البحث وأسباب اختياره‪:‬‬
‫أ‪ :‬أهمية البحث‪:‬‬
‫‪ ‬يكتسي هذا البحث أهمية عظيمة ْلنه يتعلق بكتاب هللا تعالى وسنة رسوله ﷺ وكفى بذلك‬
‫شرفا‪.‬‬
‫‪ ‬أن أهمية الموضوع تنبع من أهمية أصول الفقه‪.‬‬
‫‪ ‬أن مبحث المطلق َو ْالمقَيهد لم يحظ بالتفصيل وتعتريه إشكالت مهمة‪ ،‬مما يجعل هذا البحث‬
‫ذو أهمية وجدير بالدراسة‪.‬‬
‫‪ ‬أن مبحث المطلق َو ْالمقَيهد من المباحث اْلساسية اْلصيلة في فقه الدليل وفهم النصوص‬
‫الشرعية قرآنا وسنة‪.‬‬
‫‪ ‬أن دراسة صور حمل المطلق على ْالمقَيهد وحصرها من الدراسات والهموم التي يجري‬
‫فيها الخَلف‪ ،‬وتحتاج أن نوليها أهمية في علم أصول الفقه‪.‬‬
‫ب‪ :‬أسباب اختيار الموضوع‪:‬‬
‫︎▪ اْلسباب العامة‪:‬‬
‫‪ ‬أن باب اْللفاظ من أهم أبواب علم أصول الفقه‪.‬‬
‫‪ ‬أن هذا الموضوع يعتبر تحصيله واجبا على الطالب الباحث في العلوم الشرعية‪.‬‬
‫‪ ‬أن مبحث المطلق َو ْالمقَيهد من المواضيع التي تحتاج إلى جهد الباحثين في استقصاء جوانبه‬
‫وبحث مسائله ْلجل بيان أقوى‪.‬‬
‫‪ ‬أن المطلق َو ْالمقَيهد من أهم المباحث التي أدت إلى اختَلف الفقهاء في استنباطاتهم لألحكام‬
‫في النصوص الشرعية وخاصة في حمل المطلق على ْالم َقيهد عند اتحاد الحكم ل السبب‪.‬‬

‫‪- 12 -‬‬
‫︎▪ اْلسباب الخاصة‪:‬‬
‫‪َ ‬ر ْغ َب َتي واهتمامي وولعي بدراسة هذا الموضوع بعد قراءتي لكتاب ذو نفع ل ينتهي‬
‫"المناهج اْلصولية" للعَلمة الراحل فتحي الد َُّرينَي ‪-‬رحمه هللا‪ -‬الملقب بشاطبي العصر‬
‫(ق‪ ،)20:‬وأشكر أستاذي الكريم " عبد هللا لخضر " الذي وجهني وأحالني على قراءة‬
‫هذا الكتاب الثمين‪.‬‬
‫‪ ‬أن أستفيد وأحقق أكبر قدر من الفائدة العلمية الشرعية الشريفة في صدد هذا الموضوع‪.‬‬
‫‪ ‬شغفي بعلم أصول الففه العظيم الشأن‪.‬‬
‫‪َ ‬ل َقلت وانعدام الدراسات المنجزة حول مبحث "ا ْل ُم ْطلَق َوا ْل ُمقَيَّد" من خَلل كتاب "المناهج‬
‫اْلصولية" لفتحي الد َُّري َني‪.‬‬
‫■ أهداف البحث ومقاصده‪:‬‬
‫يسعى ويهدف هذا البحث إلى أهداف كثيرة أهمها‪:‬‬
‫‪ ‬التعريف بالشخصية العلمية الدكتور محمد فتحي الد َُّرينِي وبكتابه "المناهج اْلصولية"‪.‬‬
‫‪ ‬تبيان مدى أهمية مبحث المطلق َو ْالمقَيهد في فهم النصوص الشرعية وتأويلها‪ ،‬واستنباط‬
‫اْلحكام الشرعية الصحيحة التي أرادها وقصدها هللا سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫‪ ‬الوقوف على مفهوم وحقيقة المطلق َو ْالمقَيهد والعناية بكل منهما‪.‬‬
‫‪ ‬تناول نصوص اْلطَلق والتقييد التي أوردها الد َُّري َني في كتابه ودراستها‪.‬‬
‫‪ ‬بيان جميع حالت حمل المطلق على المقيد عند الد َُّري َني‪.‬‬
‫‪ ‬توضيح وإبراز سبب ومنشأ الخَلف الذي وقع بين العلماء اْلصوليين في ضوابط حمل‬
‫المطلق على المقيد من خَلل كتاب "المناهج اْلصولية" للد َُّرينَي‪ ،‬وخاصة في موضع‪:‬‬
‫اتحاد الحكم في النصين‪ ،‬واختَلف السبب الذي شرع الحكم من أجله‪.‬‬
‫‪ ‬حرصت على أن يكون بحثي جديدا ومفيدا ونافعا‪ ،‬واهتممت كثيرا في عرض ورقاته‪،‬‬
‫لكي أجعله في أحسن حلة على قدر اْلمكان والمستطاع‪.‬‬
‫■ إشكاليَّة وصعوبة البحث‪:‬‬
‫أ‪ :‬إشكالية البحث‪:‬‬

‫‪- 13 -‬‬
‫إن موضوع "المطلق َوا ْل ُمقَيَّد" من المواضيع الهامة التي تطرح عدة تساؤَلت تحتاج حلوَل‪ ،‬لذا‬
‫فإن كل بحث له مشكلته واستفساراته الخاصة به‪ ،‬التي تدفع الطالب الباحث للدراسة والتحري‬
‫وبذل الجهد‪ ،‬وبحثي هذا يعد كباقي البحوث؛ يحتوي على عدة مشكلت عملت على حلها متوكل‬
‫على هللا عز وجل‪ ،‬التي تتمثل فيما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬من هو الدكتور الراحل فتحي الد َُّري َني؟ وما ولدته ونشأته ومحنته في طلب العلم؟ وما‬
‫مسيرته العلمية والعملية؟ وما بعض شيوخه؟ وما هي مؤهَلته وأهم النظريات التي أسسها‬
‫وتوسعه في التأليف فيها؟ وما مصنفاته وثناء وآراء العلماء فيه ووفاته؟ وما بعض أقواله‬
‫عن اْلمام الشاطبي وكتابه "الموافقات" ؟ وما التعريف بكتابه "المناهج اْلصولية" ؟ وما‬
‫بعض طبعاته وأجزائه وصفحاته؟ وما محتوياته؟ وأين تتجلى أهميته؟ وما جهود مؤسسة‬
‫الرسالة في العناية به؟ وما بعض الكتب التي تحمل نفس عنوان هذا الكتاب ونحوه؟ وكيف‬
‫تناول الدريني مبحث "المطلق َو ْالمقَيهد" من خَلله‪.‬‬
‫‪ ‬ما تعريف المطلق َو ْالمقَيهد في بعض المعاجم اللغوية؟ وما تعريف المطلق َو ْالمقَيهد اصطَلحا عند‬
‫الد َُّري َني وعند من وافقهم وخالفهم من اْلصوليين؟ وما حكم كل واحد منهما؟ وما الفرق والعَلقة‬
‫بينهما؟ وما خصائص المطلق عند الد َُّري َني؟‬
‫‪ ‬ما هي بعض نصوص اْلطَلق والتقييد التي تناولها الد َُّري َني؟‬
‫‪ ‬ما المراد والمقصود بحمل المطلق على المقيد؟ وهل يعتبر ذلك بيان أم نسخ؟ ولماذا يجب حمل‬
‫المطلق على المقيد ل العكس؟ وهل يحمل المطلق على المقيد عند اتحاد الحكم؟ أم يعمل بكل‬
‫واحد في موضعه؟‬
‫‪ ‬ما هي أحوال حمل المطلق على المقيد عند اْلصوليين من خَلل ما ذكره الد َُّرينَي في كتابه؟‬
‫‪ ‬ما الصور والحالت التي اتفق واختلف فيها العلماء اْلصوليين في حمل المطلق على المقيد؟‬
‫وأيضا في عدم حمله؟ وما خَلصة جميع أحوال حمل المطلق على المقيد؟‬
‫‪ ‬ما منشأ الخَلف في الحالت التي اختلف فيها العلماء اْلصوليين في حمل المطلق على المقيد؟‬
‫‪ ‬هل جميع حالت حمل المطلق على المقيد تعتبر بيانا؟ ولو اختلف تاريخ ورودهما؟‬
‫ب‪ :‬صعوبات البحث‪:‬‬

‫‪- 14 -‬‬
‫إن لكل بحث علمي صعوبات ومعاناة َل يحس بها إَل من خاض غمار البحث وت َ َكبَّ َد وذاق صعوباته‪،‬‬
‫ومن توكل على هللا تعالى واستعان به في كل حين وسبح باسمه اْلعظم في الرخاء والشدة‪ ،‬تدللت‬
‫له كل الصعوبات‪ ،‬ومن أبرزها‪:‬‬
‫‪ ‬صعوبة الحصول على مصادر ومراجع موثوقة المصدر‪ ،‬التي تناولت الكَلم عن ترجمة‬
‫العَلمة الراحل م َح همد فتحي الد َُّري َني‪ ،‬بل وانعدام حتى الدراسات حوله‪ ،‬وبعد بحث طويل‬
‫وجدت دراسة واحدة لكن لألسف لم أستطع أن أجدها أو أحصل عليها مما جعلني أحزن‬
‫لمدة‪ ،‬وهذه الدراسة بعنوان‪ " :‬اَلجتهاد المقاصدي عند الد َُّرينِي وتطبيقاته على القضايا‬
‫المعاصرة لألستاذ عساف ثابت أحمد عبد الحافظ "‪.‬‬
‫‪ ‬صعوبة البحث في المعاجم اللغوية‪.‬‬
‫‪ ‬صعوبة الهتمام بالجانب اْلبداعي في عرض وتنسيق ورقات البحث من غَلفه إلى‬
‫فهرسته‪ْ ،‬لجل مظهر حسن مما يتطلب وقتا كبيرا (شكَل ومضمونا)‪.‬‬
‫‪ ‬صعوبة وضع خطة متوازنة من حيث عدد المطالب التي يتضمنها كل مبحث‪ ،‬ومن حيث‬
‫عدد المباحث التي يتضمنها كل فصل‪.‬‬
‫‪ ‬صعوبة التعمق في حل بعض الشكالت‪.‬‬
‫‪ ‬صعوبة التعامل مع الخَلف في بعض اْلشكالت‪.‬‬
‫‪ ‬صعوبة فهم بعض أقوال العلماء ومقصدهم‪ ،‬مما يحتاج أن يكون الباحث قويا في اللغة‬
‫العربية ومشتقاتها‪.‬‬

‫■ منهجيَّة وخ َّ‬
‫طة البحث‪:‬‬
‫أ‪ :‬منهجية البحث‪:‬‬
‫كما نحتاج إلى منهج في حياتنا اليومية‪ ،‬نحتاج إليه أيضا في إعداد بحث علمي‪ ،‬باعتباره من أهم‬
‫وأبرز القواعد‪ ،‬الذي من شأنه أن يساعد الباحث في تمهيد طريق صحيح مبني على أسس وضوابط‬
‫وركائز في كتابة بحث علمي دقيق‪ ،‬واكتشاف حقائق جديدة تعود بالنفع الكثير على اْلمة‪ ،‬فأهمية‬
‫المنهج إذن للدراسة َل تقل عن أهمية الماء للكائن الحي‪ ،‬إذ به يتمكن الباحث من بث الروح في‬
‫كيان بحثه‪ ،‬وعدم اعتماد المنهج أو عدم السير على خطواته يؤذي إلى الوقوع في الكثير من‬

‫‪- 15 -‬‬
‫اْلخطاء‪ ،‬وإخراج بحث غير متكامل يسيطر عليه التفكك والبعد عن الدقة‪ ،‬لذلك قد انتهجت في‬
‫بحثي هذا المناهج اَلتية‪:‬‬
‫‪ ‬المنهج التاريخي‪ :‬استعملته عند سرد الحديث والكَلم عن الحياة العلمية‪ ،‬للشيخ الراحل م َح همد‬
‫فتحي الد َُّرينَي‪.‬‬
‫‪ ‬المنهج الوصفي‪ :‬اعتمدته في الوقوف عند التعريف بمصطلحات الموضوع‪.‬‬
‫‪ ‬المنهج المقارن‪ :‬استعملته عند مقابلة رأي العلماء اْلصوليين في مختلف المواضع التي‬
‫تخص المطلق والمقيد‪.‬‬
‫‪ ‬المنهج التحليلي‪ :‬اعتمدته في تحليل نصوص اْلطَلق والتقييد التي أوردها الد َُّرينَي‪ ،‬وكذلك‬
‫اعتمدت عليه في تحليل حالت حمل المطلق على المقيد عند اْلصوليين من خَلل ما ذكره‬
‫الد َُّري َني‪ ،‬مع توضيح ذلك بأمثلة من الكتاب والسنة‪.‬‬
‫كل ما سبق‪ ،‬مع عنايتي باْلمور التالية‪:‬‬
‫‪ o‬جعلت اْليات القرآنية بلون خاص‪ ،‬وبين أقواس مزهرة‪ ،‬ووضعت عزو اْليات في اْلحالة‬
‫على هذا الشكل‪ :‬اسم السورة‪ :‬ورقمها‪.‬‬
‫‪ o‬خصصت القول النبوي بلون يميزه وخرجته من كتب السنة المعتمدة (بالكتاب والباب)‪.‬‬
‫‪ o‬عندما أذكر المصدر أو المرجع أشير إلى اسم الكتاب مع اسم مؤلفه‪ ،‬واسم المحقق إن و َجد‪،‬‬
‫ثم رقم الطبعة وتاريخها ودار النشر ومكانها‪ ،‬وإن لم أكتب الطبعة وتاريخها ودار النشر‪،‬‬
‫فمعنى ذلك أنني لم أجدها‪.‬‬
‫‪ o‬وضعت أرقام اْلحالة بلون مخصص لها لتسهيل الرجوع إلى الكتاب الذي أخذت منه‬
‫المطلوب‪.‬‬
‫‪ o‬بالنسبة للفهارس؛ جعلت كل فهرس مستقل عن اْلخر‪( :‬فهرس اْليات القرآنية‪ ،‬وفهرس‬
‫اْلحاديث النبوية‪ ،‬وفهرس المصادر والمراجع مرتب وفق حروف اْلبجدية‪ ،‬وفي اْلخير‬
‫فهرس الموضوعات)‪.‬‬
‫ب‪ :‬خطة البحث‪:‬‬
‫بعد اختيار الموضوع‪ ،‬وبناء على اْلشكاَلت المطروحة واْلهداف والمقاصد المرجو تحقيقها‪ ،‬قد‬
‫سلكت في هذا البحث خطة رسمتها بعد تحري متواضع‪ ،‬في إطار منهجية مدروسة وهي على‬

‫‪- 16 -‬‬
‫شكل‪ :‬مقدمة وفصل تمهيدي‪ ،‬ثم فصلن وخاتمة‪ ،‬باْلضافة إلى الفهارس العامة‪ ،‬وتفصيل هذا‬
‫التصميم كاَلتي‪:‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫وتشمل‪( :‬أهمية البحث وأسباب اختياره‪ / ،‬أهداف البحث ومقاصده‪ / ،‬إشكالية‬
‫وصعوبة البحث‪ / ،‬منهجية وخطة البحث)‪.‬‬
‫الفصل التمهيدي‪ :‬التعريف بالعلمة فتحي الد َُّرينِي وكتابه "المناهج اْلصولية"‬
‫● المبحث اْلول‪ :‬البطاقة الشخصية للعَلمة اْلصولي فتحي الد َُّرينَي‬
‫‪ -‬المطلب اْلول‪ :‬ولدته ونشأته ومحنته في طلب العلم‬
‫‪ -‬المطلب الثاني‪ :‬مسيرته العلمية والعملية وبعض أهم شيوخه‬
‫‪ -‬المطلب الثالث‪ :‬مؤهَلته وأهم النظريات التي أسسها‬
‫‪ -‬المطلب الرابع‪ :‬آثاره وثناء وآراء العلماء فيه ووفاته‬
‫● المبحث الثاني‪ :‬تأثر فتحي الد َُّرينَي بفكر اْلمام الشاطبي وكتابه الموافقات‬
‫‪ -‬المطلب اْلول‪ :‬أقواله عن اْلمام الشاطبي‬
‫‪ -‬المطلب الثاني‪ :‬أقواله عن كتاب الموافقات‬
‫‪ -‬المطلب الثالث‪ :‬بعض أقواله المختلفة السياق‬
‫● المبحث الثالث‪ :‬التعريف بكتاب المناهج اْلصولية وبيان أهميته‬
‫‪ -‬المطلب اْلول‪ :‬تعريف موجز بكتاب المناهج اْلصولية‬
‫‪ -‬المطلب الثاني‪ :‬أهمية الكتاب وجهود مؤسسة الرسالة في العناية به‬
‫الفصل اْلول‪ :‬حقيقة المطلق والمقيد‬
‫● المبحث اْلول‪ :‬تعريف المطلق والمقيد في بعض معاجم اللغة‬
‫‪ -‬المطلب اْلول‪ :‬تعريف المطلق في اللغة‬
‫‪ -‬المطلب الثاني‪ :‬تعريف المقيد في اللغة‬

‫‪- 17 -‬‬
‫● المبحث الثاني‪ :‬تعريف المطلق والمقيد اصطَلحا عند الدريني وعند من‬
‫وافقهم وخالفهم من علماء اْلصول‬
‫‪ -‬المطلب اْلول‪ :‬تعريف المطلق اصطَلحا عند الدريني وعند من‬
‫وافقهم وخالفهم من اْلصوليين‬
‫‪ -‬المطلب الثاني‪ :‬تعريف المقيد اصطَلحا عند الدريني وعند من‬
‫وافقهم وخالفهم من اْلصوليين‬
‫● المبحث الثالث‪ :‬المطلق والمقيد حكمهما والفرق والعَلقة بينهما وخصائص‬
‫المطلق عند الدريني‬
‫‪ -‬المطلب اْلول‪ :‬حكم المطلق والمقيد‬
‫‪ -‬المطلب الثاني‪ :‬الفرق والعَلقة بين المطلق والمقيد‬
‫‪ -‬المطلب الثالث‪ :‬الخصائص التي يتميز بها المطلق عند الدريني‬
‫● المبحث الرابع‪ :‬نصوص اْلطَلق والتقييد عند الدريني‬
‫‪ -‬المطلب اْلول‪ :‬نصوص اْلطَلق عند الدريني‬
‫‪ -‬المطلب الثاني‪ :‬نصوص التقييد عند الدريني‬
‫الفصل الثاني‪ :‬حمل المطلق على المقيد‬
‫● المبحث اْلول‪ :‬حقيقة حمل المطلق على المقيد عند الدريني‬
‫‪ -‬المطلب اْلول‪ :‬ما المقصود بحمل المطلق على المقيد؟ وهل ذلك بيان‬
‫أم نسخ؟‬
‫‪ -‬المطلب الثاني‪ :‬لماذا يجب حمل المطلق على المقيد ل العكس؟‬
‫‪ -‬المطلب الثالث‪ :‬هل يحمل المطلق على المقيد عند اتحاد الحكم؟ أم‬
‫يعمل بكل واحد منهما في موضعه؟‬
‫● المبحث الثاني‪ :‬أحوال حمل المطلق على المقيد عند اْلصوليين من خَلل‬
‫ما ذكره الدريني‬
‫‪- 18 -‬‬
‫‪ -‬المطلب اْلول‪ :‬الحالت المتفق عليها في حمل المطلق على المقيد‬
‫عند اْلصوليين‬
‫‪ -‬المطلب الثاني‪ :‬الحالت المتفق عليها في عدم حمل المطلق على‬
‫المقيد عند اْلصوليين‬
‫‪ -‬المطلب الثالث‪ :‬الحالت المختلف فيها في حمل المطلق على المقيد‬
‫عند اْلصوليين ومنشأ الخَلف في ذلك‬
‫‪ -‬المطلب الرابع‪ :‬خَلصة أحوال حمل المطلق على المقيد عند‬
‫اْلصوليين‬
‫‪ -‬المطلب الخامس‪ :‬هل جميع حالت حمل المطلق على المقيد تعتبر‬
‫بيانا؟ ولو اختلف تاريخ ورودهما؟‬
‫خاتمة‪ :‬تشمل استنتاج شمولي لما جاء في البحث‪ ،‬باْلضافة إلى فهرس‬
‫المحتويات‪ ،‬وهو يضم‪( :‬فهرس اْليات القرآنية‪ ،‬وفهرس اْلحاديث النبوية‪،‬‬
‫وفهرس المصادر والمراجع مرتب على وفق طريقة الحروف اْلبجدية لسم‬
‫الكتاب‪ ،‬ثم فهرس الموضوعات)‪.‬‬

‫‪- 19 -‬‬
‫الفصل التمهيدي‪ :‬التعريف‬
‫بالعالمة فتحي الد َُّرينِي‬
‫وكتابه "ا ْل َمنَا ِهج ْاْل ُ ُ‬
‫صو ِليَّة"‬

‫‪- 20 -‬‬
‫في هذا المبحث اْلول من الفصل التمهيدي‪ ،‬سيكون الحديث والكالم ‪-‬إن شاء هللا‪ -‬في التعريف‬
‫بحياة العالم والشيخ والفقيه واْلصولي والسياسي والحقوقي البارع‪ ،‬اْلستاذ الراحل فتحي الد َُّرينِي‪،‬‬
‫بدءا بمولده ونشأته‪ ،‬والصعوبات والتحديات التي واجهها ولقيها وهو في طريقه لطلب العلم‪ ،‬ثم‬
‫مسيرته العلمية والعملية والتدريسية‪ ،‬وبعض أهم شيوخه‪ ،‬دون أن ننسى مؤهالته‪ ،‬وأهم النظريات‬
‫التي أسسها وتوسعه في التأليف فيها‪ ،‬وفي اْلخير مصنفاته ومؤلفاته‪ ،‬وثناء وآراء العلماء فيه‬
‫ووفاته ‪-‬رحمه هللا‪.-‬‬

‫المبحث اْلول‪ :‬البطاقة الشخصية للعالمة اْلصولي فتحي‬


‫الد َُّرينِي‬

‫المطلب اْلول‪ :‬والدته ونشأته ومحنته في طلب العلم‬

‫أوال‪ :‬والدته ونشأته‪:‬‬

‫ولد العالمة الدكتور واألستاذ الراحل ُم َح َّمد فتحي الد َُّري ِني سنة‪1343( :‬هـ) والتي توافق سنة‪:‬‬
‫(‪1924‬م)‪ ،‬ونشأ في بلد فلسطين المحتلة وبالضبط في مدينة الناصرة(‪ ،)1‬فهو االبن البكر للمرحوم‬
‫الشيخ عبد القادر الد َُّري ِني‪ ،‬إمام وخطيب الجامع األبيض في الناصرة‪ ،‬قال الد َُّري ِني ‪-‬رحمه هللا‪" :‬أ َ َنا‬
‫يرا علمهُ ا ْل َب ْي َع َو ِ‬
‫الش َراء ِل َك ْي‬ ‫ُك ْنتُ فِي ِبيئ َة َال ت ِقيم َو ْزنًا ِل ْل ِع ْلم‪ ،‬كَانُوا يَقُولُ َ‬
‫ون ِل َوا ِلدِي ا ْبنكَ يَد ُْر ُ‬
‫س َكثِ ً‬
‫يَ ِعيش"(‪.)2‬‬

‫ثانيا‪ :‬محنته في طلب العلم‪:‬‬

‫ش ْيئًا من المال‪ ،‬دار في ذهنه وفكر‬


‫بعد أن أسس الد َُّري ِني مدرسة وهو في سن مبكرة‪ ،‬وجمع منها َ‬

‫(‪ - (1‬الناصرة‪ :‬إحدى أهم المدن الفلسطينية؛ وهي قريبة جدا من دمشق‪- .‬أخذته‪ :‬من موقع الجزيرة يوم‪2021-11-01 :‬م في الساعة‪ ،14:40:‬وهي موسوعة‬
‫إلكترونية إخبارية تختص بالتعريف بالشخصيات والهيئات واألحداث والقضايا والمصطلحات السائدة‪ ،‬موثوقة المصدر‪.‬‬
‫(‪ - )2‬هذه الترجمة مقتطفة ومستخلصة من كالم الشيخ فتحي الد َُّرينِي في برنامج تلفزيوني؛ يهدف إلى توثيق سير علماء األمة‪ ،‬سجل سنة‪،)2002/01/01( :‬‬
‫بعنوان‪ :‬حديث الذكريات؛ تقديم‪ :‬د‪ .‬جاسم المطوع‪ ،‬علماء مبدعون‪ ،‬يوم‪2021-10-15 :‬م في الساعة الثالثة زواال‪ ،‬من موقع " يوتيوب " ‪ ،‬وهي حلقة نادرة‪.‬‬

‫‪- 21 -‬‬
‫أن يكون أ ُ ْستَاذًا ذا شخصية وذا مكانة علمية كبيرة‪ ،‬فقرر الذهاب إلى مصر ليكمل دراسته‪ ،‬ولقي‬
‫صعوبات في طريقه إليها بسبب جبروت الدولة التي كانت مسيطرة ومحتلة وحاكمة لفلسطين ‪-‬‬
‫انجلترا‪ ، -‬حيث يصرح الد َُّرينِي بقوله ‪-‬رحمه هللا‪- " :-‬ا ْنجلتِ َرا‪ -‬؛ َال ت ُ ِري ُد أ َ ْن نَ ْذ َه َ‬
‫ب ِإلَى ِمصْر َونَتَعَلَّم‬
‫ُون فِي أ َ ْدنَى ا ْل ُم ْ‬
‫ست َ َويَات" ‪ ،‬وبعد‬ ‫ُون أ َ ْن نَك َ‬
‫ُون َه َذا‪ ،‬يُ ِريد َ‬
‫ت ا ْل َك َمال‪َ ،‬ال يُ ِريد َ‬
‫ع ْل َيا د ََر َجا ِ‬ ‫َونُ ْ‬
‫صبِح فِي ُ‬
‫هذه الصعوبات تمكن بإذن هللا ومشيئته وتوفيقه من السفر إلى مصر لمواصلة مسيرته في طلب‬
‫العلم‪.‬‬

‫الطب‪ ،‬فَ َكي َ‬


‫ْف‬ ‫ستَّ َم َّرات ِمن التَّعَب ا ْلبَ َدنِي‪َ ،‬و َه َذا ثَا ِبت بِ ِ‬ ‫الذ ْهنِي أ َ ْكثَر ِ‬ ‫ب ِ‬ ‫يقول فتحي الد َُّرينِي‪" :‬التَّعَ ُ‬
‫ار ِم ْن َها ْاْل َ ْق َوى َوا ْل ُم ْبتَكَر"(‪.)3‬‬ ‫ب َم ْن قَا َل قَ ْبلَهُ َو َي ْ‬
‫ستَ ِفي ُد ِم ْن َها َو َي ْخت َ ُ‬ ‫س َهر َو َيأ ْ ِ‬
‫ت ِب ُكت ُ ِ‬ ‫ا ْل َعالَم الَّذِي َي ْ‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مسيرته العلمية والعملية وبعض أهم‬


‫شيوخه‬

‫أوال‪ :‬مسيرته العلمية‪:‬‬

‫س فتحي الد َُّرينِي ‪-‬رحمه هللا‪ -‬في المدارس التي كانت قائمة في عصره‪ ،‬وتخرج منها وحصل‬
‫َد َر َ‬
‫س‬
‫على شهادة الثانوية‪ ،‬وكان في المدينة عالم كبير من علماء اإلسالم اسمه الشيخ " ُم َح َّمد " َد َر َ‬
‫اللغة العربية عليه ألنه قوي فيها‪ ،‬ثم أقام وأسس الد َُّرينِي مدرسة وهو يبلغ من العمر حوالي ‪ 15‬أو‬
‫‪ 16‬أو ‪ 17‬سنة وبدون مساعدة أحد‪ ،‬وتخرج منها طلبة وتالمذة كثيرون‪ ،‬وكان المجلس اإلسالمي‬
‫األعلى في القدس يرسل شخصيات علمية ليروا مدرسته إلى أي حد بلغت ووصلت(‪ ،)4‬وبعد أن‬
‫س في اْلزهر(‪ (5‬سنة‪1943( :‬م ‪(،‬ولم يكن معه من الشهادات إال الثانوية‪،‬‬
‫سافر إلى مصر َد َر َ‬
‫والتحق بكلية القانون والشريعة التابعة لجامعة األزهر وتخرج منها سنة‪1947( :‬م)‪ ،‬ثم فكر في أن‬

‫(‪ - (3‬نفسه‪.‬‬
‫(‪ - )4‬نفسه‪.‬‬
‫(‪ - (5‬أنشئ في منتصف القرن الرابع الهجري‪ ،‬وهو قائم على دراسة العلوم الدينية والعربية‪ ،‬حفيظ على التراث اإلسالمي‪ ،‬ومتابع ألداء الرسالة التي بدأت‬
‫أولى خطواتها منذ فتحت مصر في العام الحادي والعشرين للهجرة‪ ،‬وظل محتفظا بمكانته مؤديا دوره العلمي والعملي‪ .‬كتاب‪ :‬بيان للناس من األزهر الشريف‪،‬‬
‫‪.2-1/1‬‬

‫‪- 22 -‬‬
‫َيدْرس في الدراسات العليا؛ فكانت هناك ثالث كليات‪ :‬كلية الشريعة‪ ،‬وكلية أصول الدين‪ ،‬وكلية اللغة‬
‫العربية‪ ،‬فالتحق بكلية الشريعة‪ ،‬وتخرج منها‪ ،‬ثم قرر أن يدرس اللغة العربية فالتحق بكلية اآلداب‬
‫في القاهرة فأخد المرتبة األولى بتفوق سنة‪1950( :‬م)؛ وأعطاه الملك الذي كان في ذلك الوقت ‪-‬‬
‫الملك فاروق‪ -‬شهادة التفوق‪ ،‬وبعد نيله الدراسات العليا في األدب والدراسات العليا في الشريعة‪،‬‬
‫وصار الد َُّرينِي َق ِويًّا في اللغة العربية‪ ،‬التحق بكلية الحقوق وحصل على الدراسات العليا فيها‪ ،‬وأخذ‬
‫أيضا شهادة في سنتين في السياسة‪ ،‬كما جمع بين السياسة في التشريع والسياسة في القانون‪ ،‬وهذا‬
‫كان له أثر كبير في مؤلفاته‪ ،‬ونال كذلك شهادة عليا في التربية وعلم النفس من جامعة عين شمس‬
‫بالقاهرة سنة‪1952( :‬م)‪َ ،‬ولَ َّما فُتِ َح مجال علمي أعلى من درجة الدكتوراه في مصر‪َ ،‬د َر َ‬
‫س فيه لمدة‬
‫ثالث سنوات وهو ما يسمونه ب‪" :‬ت َخصص ا ْل َمادَّة"(‪ ،)6‬فأخذ الشهادة بتفوق من رئيس الدولة‬
‫السابق ‪-‬جمال عبد الناصر‪.(7(-‬‬

‫ثانيا‪ :‬بعض أهم شيوخه‪:‬‬

‫ش ْلتُوت (ت‪1383 :‬هـ) " ؛ كان من العلماء البارزين المنشغلين‬


‫شيْخ َمحْ ُمود َ‬
‫العالمة اْلول‪ " :‬ال َّ‬
‫ش ْي ًخا لألزهر سنة‪1958( :‬م)‪ ،‬وداعية إصالح نير الفكرة‪ ،‬قائال بفتح باب االجتهاد‪،‬‬
‫بالفقه والتفسير‪ ،‬و َ‬
‫َسا ِعيًا إلى إصالح األزهر‪ ،‬وكان معروفا بجودة الخطابة‪ ،‬فهو موهوب جهير الصوت(‪ ،)8‬ومن‬
‫أعضاء هيئة كبار العلماء سنة‪1941( :‬م)‪ ،‬وأيضا من أعضاء مجمع اللغة العربية سنة‪:‬‬
‫صنَّفًا‪ ،‬رحمه هللا رحمة واسعة وغفر له ولنا‬
‫(‪1946‬م)(‪ ،)9‬مؤلفاته كثيرة بلغة ستة وعشرين ُم َ‬
‫وللمسلمين(‪.)10‬‬

‫شيْخ ُم َح َّمد ُم َح َّمد ا ْل َم َدنِي (ت‪1388 :‬هـ) " ؛ كان َو ِ‬


‫احدًا من أعالم علماء‬ ‫العالمة الثاني‪ " :‬ال َّ‬
‫مدرسة اإلصالح واإلحياء والت َّ ْجدِيد‪ ،‬التي ت َ َك َّون ْ‬
‫َت من حول ِم ْن َهاج اإلمام ُم َح َّمد عبده في‬

‫(‪ - (6‬يقول فتحي الد َُّرينِي في معنى " تخصص المادة " ؛ أن هناك دكتوراه أولى ودكتوراه عليا‪ ،‬والعليا هي التي يصطلح عليها ب‪ :‬تخصص المادة‪.‬‬
‫(‪ - )7‬هذه الترجمة مقتطفة ومستخلصة من كالم الشيخ فتحي الد َُّرينِي في برنامج تلفزيوني؛ يهدف إلى توثيق سير علماء األمة‪ ،‬سجل سنة‪،)2002/01/01( :‬‬
‫بعنوان‪ :‬حديث الذكريات؛ تقديم‪ :‬د‪ .‬جاسم المطوع‪ ،‬علماء مبدعون‪ ،‬يوم‪2021-10-15 :‬م في الساعة الثالثة زواال‪ ،‬من موقع " يوتيوب " ‪ ،‬وهي حلقة نادرة‪.‬‬
‫(‪ - )8‬الفتاوى المهمات للشيخ محمود شلتوت‪ ،‬استخرجها وعلق عليها علي حسن بن علي بن عبد الحميد ْال َحلَبِي األثري‪ ،‬ط‪1412( :1‬هـ ‪1992 -‬م)‪ ،‬دار ابن‬
‫الجوزي ‪-‬المملكة العربية السعودية‪10-9 ، -‬‬
‫(‪ - )9‬األعالم لخير الدين الزركلي الدمشقي‪ ،‬ط‪ ،15‬دار العلم للماليين ‪-‬بيروت‪.173/7 ، -‬‬
‫(‪ - )10‬البدعة أسبابها ومضارها للشيخ محمود شلتوت‪ ،‬ضبط وتعليق وتخريج علي حسن علي عبد الحميد‪ ،‬ط‪1408( :1‬هـ ‪1988 -‬م)‪ ،‬مكتبة ابن الجوزي‪،‬‬
‫‪-‬المملكة العربية السعودية‪.10 ، -‬‬

‫‪- 23 -‬‬
‫احدًا من أعالم العلماء الذين ناصروا جهود الشيخ األكبر ُم َح َّمد مصطفى‬
‫اإلصالح‪ ،‬و َو ِ‬
‫احدًا من العلماء الذين رفضوا عدوان الدولة على استقالل األزهر الشريف‬
‫وو ِ‬
‫المراغي‪َ ،‬‬
‫احدًا من أعالم الفكر اإلسالمي و ُكت َّابه‪ ،‬وأحد ُد َعاة الت َّ ْجدِيد للفكر‬ ‫والت َّ َد ُّخل في شؤونه‪َ ،‬‬
‫وو ِ‬
‫اإلسالمي واالجتهاد في الفقه اإلسالمي‪ ،‬و ُم ْستَش ً‬
‫َارا للمجلس األعلى للشؤون اإلسالمية‪،‬‬
‫س أيضا علم‬ ‫س ‪-‬رحمه هللا‪ -‬علم أصول الفقه‪ ،‬و َد َّر َ‬ ‫ورئيس مجلة (رسالة اإلسالم)‪ ،‬و َد َّر َ‬
‫مقارنة المذاهب الفقهية لطالب السنة النهائية‪ ،‬وكان أ ُ ْستَا ًذا للشريعة بكلية دار العلوم ‪-‬‬
‫صنَّفًا(‪.)11‬‬
‫جامعة القاهرة‪ ، -‬ومؤلفاته كثيرة بلغة ستة عشر ُم َ‬

‫اميًا ُمت َ َم ِكنًا‪،‬‬ ‫ع ِلي ا ْل َخ ِفيف (ت‪1398 :‬هـ) " ؛ َكانَ فَ ِقي ًها َوقَ ِ‬
‫اضيًا َو ُم َح ِ‬ ‫شيْخ َ‬
‫العالمة الثالث‪ " :‬ال َّ‬
‫َوأ ُ ْستَاذًا لمادة علم الفرائض والفقه اإلسالمي في مدرسة القضاء الشرعي بمصر‪ ،‬و ُم ْهت َ ًّما بجانب‬
‫التنظير للفقه اإلسالمي‪ ،‬ومقارنة المذاهب اإلسالمية‪ ،‬واالجتهاد في القضايا الفقهية المستجدة‪ ،‬وكان‬
‫ُمتَ َم ِتعًا بمكانة علمية مرموقة‪ ،‬وأخالق حسنة‪ ،‬وسمات حميدة‪ ،‬يبدو عليه جالل الفقهاء‪ ،‬وهيبة القضاء‪،‬‬
‫فهو طويل الصمت‪ ،‬جهير الصوت‪ ،‬كريم النفس‪ ،‬هادئ الطبع‪ ،‬شديد الشعور بالمسؤولية‪ ،‬فهو كاتب‬
‫وباحث‪ ،‬يدعو إلى نبذ الجمود والتعصب المذهبي‪ ،‬وكان غيورا على سنة رسول هللا ﷺ ‪ ،‬وتصدى‬
‫لألمراض االجتماعية‪ ،‬التي تفشت في المجتمع اإلسالمي‪ ،‬فهو ‪-‬رحمه هللا‪ -‬أصولي محقق بارع‪ ،‬ذو‬
‫رأي صائب‪ ،‬واختيار موفق‪ ،‬ونظر دقيق‪ ،‬وقوي المدارك‪ ،‬يعرف مقتضى الكالم ومعناه‪ ،‬وفقيه‬
‫متمكن من الفقه متحكم به‪ ،‬ولغوي مدقق‪ ،‬صاحب لسان بليغ‪ ،‬ترسخت عنده الملكة الفقهية حتى‬
‫أصبح فقيه النفس‪ ،‬وكان يجتهد في القضايا المعاصرة‪ ،‬وتأثر بفكره التشريعي عدد ال يحصى من‬
‫التالميذ(‪.)12‬‬

‫شيْخ ُم َح َّمد أَبُو زهرة (ت‪1974 :‬م) "(‪ ) 13‬؛ َكانَ َ‬


‫ش ْي ًخا َو َع ِميدًا للفقهاء‬ ‫العالمة الرابع‪ " :‬ال َّ‬
‫المعاصرين المبدعين‪ ،‬و ُمحدثًا ُمتَ َم ِكنًا‪َ ،‬وعالم من علماء الفكر اإلسالمي المعاصر‪ ،‬ورائد من رواد‬

‫ارة‪ ،‬ط‪1437( :1‬هـ ‪2016 -‬م( ‪ ،‬دار البشير للثقافة والعلوم‪-11-8-6-5 ،‬‬ ‫(‪ - )11‬وسطية اإلسالم للشيخ ُم َح َّمد ُم َح َّمد المدني‪ ،‬دراسة وتقديم وتعليق ُم َح َّمد ِع َم َ‬
‫‪.14-13-12‬‬
‫(‪ - )12‬الشيخ علي الخفيف الفقيه المجدد للدكتور ُم َح َّمد عثمان شبير‪ ،‬ط‪1423( :1‬هـ ‪2002 -‬م) ‪ ،‬دار القلم ‪-‬دمشق‪-46-39-38-37-30-29-18-17-16 ، -‬‬
‫‪.65-64-52‬‬
‫(‪ - )13‬المرجع في السيرة النبوية لإلمام ُم َح َّمد أبو زهرة‪ ،‬سنة الطبع‪1433( :‬هـ ‪2012 -‬م) ‪ ،‬دار الفكر العربي‪- ،‬القاهرة‪ ، -‬الورقة الثانية من الكتاب‪.‬‬

‫‪- 24 -‬‬
‫الفقه اإلسالمي‪ ،‬أسهم في هذا الميدان بجهود مشكورة‪ ،‬جمعت بين األصالة والمعاصرة‪ ،‬وتصدى‬
‫لألمراض االجتماعية التي تفشت في المجتمع اإلسالمي‪ ،‬فبين في أكثر من بحث ومقال موقفه منها‪،‬‬
‫سا للعلوم اإلسالمية‪َ ،‬وأ ُ ْستَاذًا‬
‫كما تصدى بكل ما يملك من قوة أعداء الثقافة اإلسالمية‪ ،‬وكان ُم َد ِر ً‬
‫اض ًرا لَبَقًا يطرح القضايا‪ ،‬ويُبَين وجهة نظر اإلسالم فيها ببصيرة وعمق‪ ،‬ودقة وحدة‬ ‫ُمتَ َميِ ًزا‪َ ،‬و ُم َح ِ‬
‫وجرأة‪ ،‬فهو صاحب ِحس فقهي وملكة فقهية‪ ،‬يُتقن ِع ْل َم أصول الفقه‪ ،‬حنفي المذهب‪ ،‬يفتي به وبالراجح‬
‫في المذهب‪َ ،‬ويَ ْذكر آراء الفقهاء اآلخرين‪ ،‬فهو من القالئل الشجعان‪ ،‬كان ُم ْهت َ ًّما بالتجديد في اإلسالم‬
‫عامة‪ ،‬وبتجديد الفقه اإلسالمي خاصة(‪ ،)14‬يعيش للمبادئ ويكافح من أجلها‪ ،‬ويناضل لعقيدة يحيى‬
‫فيها ويعيش لها‪ ،‬يُعلن رأيه ويجمع الناس عليه‪ ،‬فقد كان فَ ِقي ًها في مقدمة الفقهاء‪ ،‬مستقل الرأي ال‬
‫يخشى في قول الحق لومة الئم(‪.)15‬‬

‫شيْخ َ‬
‫طهَ الدِي َن ِاري (ت‪1980 :‬م) " ؛ كان َع ِميدًا لكلية القانون والشريعة‬ ‫العالمة الخامس‪ " :‬ال َّ‬
‫بجامعة األزهر‪ ،‬وكان هو المشرف على رسالة الدكتوراه لفتحي الد َُّرينِي التي كانت بعنوان‪" :‬الحق‬
‫ومدى سلطان الدولة في تقييده" ‪ ،‬حيث قال فتحي الد َُّرينِي في إهداء هذه الرسالة‪" :‬إلى أ ُ ْ‬
‫ستَاذِي‬
‫شيْخ َ‬
‫طهَ‬ ‫يه ِه‪ ،‬فَ ِضيلَةُ ال َّ‬
‫سدِيد تَ ْو ِج ِ‬
‫صادِقَ ع َْونه‪َ ،‬و َ‬ ‫ي ِم ْن ِع ْلم ِه َوفَ ْ‬
‫ض ِل ِه‪َ ،‬و َ‬ ‫ا ْل َج ِليل‪ ،‬الَّذِي أ َ ْ‬
‫س َب َغ عَل َّ‬
‫الدِينَ ِاري"(‪.)16‬‬

‫هؤالء العلماء الذين سبق ذكرهم ‪-‬رحمهم هللا رحمة واسعة‪ -‬قال فيهم الشيخ فتحي الد َُّرينِي ‪-‬رحمه‬
‫يرا فِي َو ْقتِنَا َه َذا‪ِْ ،‬لَنَّ ُه ْم كَانُوا ُم ْخ ِل ِص َ‬
‫ين ِل ْل ِع ْلم"(‪.)17‬‬ ‫هللا‪" :-‬قل َما ت َ ِج ُد لَ ُه ْم َن ِظ ً‬

‫ثالثا‪ :‬مسيرته العملية‪:‬‬

‫ع ِينَ في كلية الشريعة بدمشق‪ ،‬والشيء الذي رآه الشيخ غير سليم؛ حيث قال ‪-‬رحمه‬
‫كان الد َُّري ِني قد ُ‬
‫ست َ ِطيع أ َ ْن‬
‫َارة ك ُِليَّة الش َِّريعَة‪ ،‬أَنَّكَ َمعَكَ ت ُ َخصص ا ْل َمادَّة َونَحْ ُن َال نَ ْع ِرف َها‪َ ،‬و ِل َذ ِلكَ َال نَ ْ‬
‫سأ َ ْلتِنِي إِد َ‬
‫هللا‪َ " :-‬‬
‫وراه فَقَ ْط"(‪،)18‬‬
‫سا ِوي " ت َخصص ا ْل َمادَّة " ‪ ،‬نَحْ ُن يَت َ َوا َج ُد ِع ْن َدنَا َحد ال ُّد ْكت ُ َ‬
‫نُ ْع ِطيكَ ا ْل ُم َرتَّب الَّذِي يُ َ‬

‫(‪ُ - )14‬م َح َّمد أبو زهرة إمام الفقهاء المعاصرين والمدافع الجريء عن حقائق الدين للدكتور عثمان شبير‪ ،‬ط‪1427( :1‬هـ ‪2006 -‬م) ‪ ،‬دار القلم دمشق‪-5 ،‬‬
‫‪.128-81-45-21-11-6‬‬
‫(‪ - )15‬زهرة التفاسير لإلمام الجليل ُم َح َّمد أبو زهرة‪ ،‬سنة الطبع‪1433( :‬هـ ‪2012 -‬م)‪ ،‬دار الفكر العربي ‪-‬القاهرة‪.6 ، -‬‬
‫(‪ - )16‬الحق ومدى سلطان الدولة في تقييده لفتحي الد َُّرينِي‪ ،‬ط‪1404( :3‬هـ ‪1984 -‬م) ‪ ،‬مؤسسة الرسالة ‪-‬بيروت‪.3 ، -‬‬
‫(‪ - )17‬هذا القول مقتطف ومستخلص من كالم الشيخ فتحي الد َُّرينِي في برنامج تلفزيوني؛ يهدف إلى توثيق سير علماء األمة‪ ،‬سجل سنة‪،)2002/01/01( :‬‬
‫بعنوان‪ :‬حديث الذكريات؛ تقديم‪ :‬د‪ .‬جاسم المطوع‪ ،‬علماء مبدعون‪ ،‬يوم‪2021-10-15 :‬م في الساعة الثالثة زواال‪ ،‬من موقع " يوتيوب " ‪ ،‬وهي حلقة نادرة‪.‬‬
‫(‪ - )18‬نفسه‪.‬‬

‫‪- 25 -‬‬
‫ثم أصبح عميدا للكلية‪ ،‬ورئيسا لقسم العقائد واألديان فيها حتى بلغ من العمر ‪ 60‬سنة‪ ،‬ودعي من‬
‫قبل الدول العربية اإلسالمية‪ ،‬وكذا الغربية‪ ،‬من ذلك‪:‬‬

‫‪ ‬ذهب إلى الجزائر و َد َّر َ‬


‫س فيها مدة خمس سنوات‪.‬‬
‫‪ ‬وذهب إلى ليبيا و َد َّر َ‬
‫س فيها مدة من الزمن‪ ،‬وألقى فيها محاضرات واجتماعات كبيرة جدا‬
‫ذات وزن‪.‬‬
‫‪ ‬وذهب إلى األردن‪ ،‬و َد َّر َ‬
‫س فيها حوالي ‪ 14‬سنة‪.‬‬
‫‪ ‬وذهب إلى ألمانيا‪ ،‬وألقى فيها محاضرات‪.‬‬
‫‪ ‬وذهب إلى أمريكا‪ ،‬بطلب من الدولة لالستقرار‪ ،‬ف َد َّر َ‬
‫س في خمس جامعات‪ ،‬ومناقشات درات‬
‫بينه وبين كبار العلماء في ذلك العصر في نظرية الحق‪ ،‬ونظرية التعسف في استعمال الحق‬
‫في الفقه اإلسالمي‪ ،‬لكن لم يكن الجو هناك يساعده (برد شديد) ولم يعتد عليه لذلك لم يستقر‬
‫هناك‪.‬‬
‫‪ ‬وأسس قسم الدكتوراه في الجامعات األردنية(‪.(19‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬مؤهالته العلمية وأهم النظريات التي أسسها‬

‫أوال‪ :‬مؤهالته العلمية‪:‬‬

‫له من المؤهالت العلمية‪:‬‬

‫‪ .1‬دكتوراه في الفقه اإلسالمي وأصوله – درجة االمتياز بمرتبة الشرف األولى من كلية القانون‬
‫والشريعة جامعة األزهر ‪.1965‬‬
‫‪ .2‬دبلوم العلوم السياسية ‪-‬دراسات عليا‪ -‬قسم الدكتوراه كلية الحقوق جامعة األزهر (سنتان‬
‫دراسة عليا متخصصة ) ‪.1954‬‬

‫)‪ - (19‬نفسه‪.‬‬

‫‪- 26 -‬‬
‫‪ .3‬دبلوم في العلوم القانونية (سنتان دراسة عليا متخصصة) من معهد البحوث والدراسات‬
‫القانونية التابعة لجامعة الدول العربية القاهرة ‪.1963‬‬
‫‪ .4‬العالمية مع إجازة في تخصص القضاء الشرعي ‪-‬كلية القانون والشريعة‪ -‬جامعة األزهر‬
‫(سنتان دراسة عليا متخصصة في األحوال الشخصية) ‪.)20(1951‬‬
‫‪ .5‬العالمية مع اإلجازة في التدريس ‪-‬من كلية اللغة العربية‪ -‬جامعة األزهر (سنتان دراسة عليا‬
‫متخصصة في التربية وعلم النفس) ‪.1952‬‬
‫‪ .6‬دبلوم في التربية وعلم النفس (سنتان دراسة عليا متخصصة) ‪-‬من كلية التربية‪ -‬جامعة عين‬
‫شمس ‪ 1952‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ .7‬ليسانس في اآلداب (قسم اللغة العربية) بتفوق ‪-‬من كلية اآلداب‪ -‬جامعة األزهر ‪.1950‬‬
‫‪ .8‬ليسانس في الشريعة ‪-‬كلية القانون والشريعة‪ -‬جامعة األزهر ‪.)21(1947‬‬

‫ثانيا‪ :‬أهم النظريات التي أسسها‪:‬‬

‫فمن أهم النظريات التي أسسها الد َُّرينِي‪ ،‬وتوسعه في التأليف فيها‪ ،‬كاآلتي‪:‬‬

‫النظرية اْلولى‪ " :‬نظرية التعسف في استعمال الحق في الفقه اإلسالمي " ‪ :‬استوت هذه النظرية‬
‫على أصولها في التشريع اإلسالمي منذ القدم‪ ،‬وفي فقهه أيضا تفسيرا وتطبيقا‪ ،‬في شق مذاهبه‬
‫الجماعية والفردية على السواء‪ ،‬فتمت بذلك معاييرها ومؤيداتها‪ ،‬تأصيال وتفريعا‪ ،‬تحديدا وضبطا‪،‬‬
‫نظرا وعمال‪ ،‬وهذا‪ ،‬ومن المعلوم أن التشريع الوضعي وفقهه‪ ،‬لم يعرف أصل هذه النظرية إال في‬
‫أوائل هذا القرن العشرين‪ ،‬وعلى نحو ضيق ومبهم(‪ ،(22‬حيث قال فتحي الد َُّري ِني ‪-‬رحمه هللا‪" :-‬أَ َّن‬
‫ي فِي‬‫س َالم َولَ ْم يَ ْهتَدِي إلَ ْي َها ا ْلعَالَم َحتَّى سنة‪2000( :‬م) ‪ ،‬بَ ْينَ َما ِه َ‬ ‫أ َ َّول َم ْن َوضع َه ِذ ِه النَّ َظ ِريَّة ْ ِ‬
‫اإل ْ‬
‫ظ ِريَّة أ َ ْدنَى إلَى‬
‫ظ ِريَّة ِْلَنَّ َها نَ َ‬ ‫سعَة ِجدًّا‪َ ،‬و َكثِير ِمن الد َُّول ت َ ْف َخر أَنَّ َها َو َ‬
‫صلَتْ إلَى َه ِذ ِه النَّ َ‬ ‫س َالم َوا ِ‬ ‫ِْ‬
‫اإل ْ‬
‫س َالم أ َ َّول دين يَقُوم‬ ‫اإل ْ‬ ‫علَى أ َ َّن ْ ِ‬
‫ظ ِريَّة أ َ ْكبَر َد ِليل َ‬
‫ش ْيء آ َخر‪َ ،‬و ِل َه َذا كَا َنتْ َه ِذ ِه النَّ َ‬ ‫ا ْلعَ ْد ِل ِم ْن َها إلَى أَي ِ َ‬
‫اإل َمام َما ِلك أ َ ْغ َرق‬
‫ظ ِريَّة فِي ا ْلعَالَ ِم كُله‪َ ،‬و َرأَيْت أ َ َّن ْ ِ‬ ‫ست َ ِطي ُع أ َ َحد أ َ ْن يُ ْن ِك َر َه ِذ ِه النَّ َ‬
‫بِا ْلعَ ْد ِل فِي ا ْلعَالَم‪َ ،‬و َال يَ ْ‬

‫(‪ - (20‬خصائص التشريع اإلسالمي في السياسة والحكم لفتحي الد َُّرينِي‪ ،‬ط‪1434( :2‬هـ ‪2013 -‬م( ‪ ،‬مؤسسة الرسالة ‪-‬بيروت‪.7 ،-‬‬
‫(‪ - )21‬بحوث مقارنة في الفقه اإلسالمي وأصوله لفتحي الد َُّرينِي‪ ،‬ط‪1429( :2‬هـ ‪2007 -‬م) ‪ ،‬مؤسسة الرسالة ‪-‬بيروت‪.7 ،-‬‬
‫(‪ - )22‬نظرية التعسف في استعمال الحق في الفقه اإلسالمي لفتحي الد َُّرينِي‪ ،‬ط‪1387( :1‬هـ ‪1967 -‬م) ‪ ،‬ط‪1408( :4‬هـ ‪1988 -‬م) ‪ ،‬مؤسسة الرسالة ‪-‬‬
‫بيروت‪.7-3 ، -‬‬

‫‪- 27 -‬‬
‫سع" ‪ ،‬وقال أيضا ‪-‬رحمه هللا‪َ " :-‬ما َرأَيْت أ َ َحدا َكت َ َ‬
‫ب فِي َه َذا ا ْل َم ْوضُوع ِبتَعَ ُّمق َوت َ َوسع َك َما‬ ‫فِي َها َوت َ َو َّ‬
‫َكتَبت"(‪.)23‬‬

‫النظرية الثانية‪ " :‬نظرية مفهوم الحق " ‪ :‬قال الشيخ طه الديناري عميد كلية القانون والشريعة‬
‫بجامعة األزهر آنذاك‪ ،‬المشرف على رسالة الدكتوراه لفتحي الد َُّرينِي‪ ،‬والتي كانت بعنوان‪" :‬الحق‬
‫ستَاذ ال ُّد ْكتُور فَتْ ِحي الد َُّرينِي‪،‬‬
‫ومدى سلطان الدولة في تقييده" ‪َ " :‬ه َذا‪َ ،‬وقَد نَ َهض تِ ْل ِميذنا ا ْل َبار‪ْ ،‬اْل ُ ْ‬
‫س َال ِمي» َو ُهو َمدَار ِ‬
‫الص َراع الدَّا ِئم‬ ‫اإل ْ‬ ‫ِبجهد َو ِإ ْخ َالص نادرين‪ِ ،‬ببَحْ ث فكرة «ا ْل َحق َو َ‬
‫طبيعَته فِي ا ْل ِف ْق ِه ْ ِ‬
‫طر ُم ْع ِضلَة قَانُونِيَّة‬ ‫س َال ِميَّة فِي أ َ ْخ َ‬ ‫ظر الش َِّريعَة ْ ِ‬
‫اإل ْ‬ ‫ا ْليَ ْوم بَيْن الش َّْرق َوا ْلغَ ْرب‪ ،‬و بَيَّن بجالء ِوجْ َهة نَ َ‬
‫سيَّة ع ََرفَ َها ا ْلعَالَم َحتَّى ا ْليَ ْوم‪َ ،‬وقَ ْد َ‬
‫سلَكَ ا ْل ُمؤ َِلف فِي بَحْ ثِ ِه َه َذا َم ْن َه ًجا ِع ْل ِميًّا َجدِيدًا‪،‬‬ ‫سيَا ِ‬
‫صا ِديَّة َو ِ‬ ‫َو ْ‬
‫اقتِ َ‬
‫ب ا ْلعَ ِزيز‬
‫ستِد َْال ِل بِا ْل ِكتَا ِ‬ ‫س َال ِمي َوقَ َوا ِعدِه ا ْلعَا َّمة‪ ،‬فَ ْ‬
‫ض ًال عَن ِاال ْ‬ ‫صو ِل ا ْل ِف ْق ِه ْ ِ‬
‫اإل ْ‬ ‫علَى أ َ َ‬
‫ساس ِم ْن أ ُ ُ‬ ‫وأَقَا َمهُ َ‬
‫احث ‪-‬فِي َما‬
‫س ِبقْ ِلبَ ِ‬ ‫ص َحابَة‪َ ،‬واجْ تِ َهادَات أ َ ِئ َّم ِة ا ْل َم َذا ِه ِ‬
‫ب ا ْل ِف ْق ِهيَّة َج ِميعًا‪َ ،‬ولَ ْم يَ ْ‬ ‫سنَّ ِة ا ْلمط َهرة‪َ ،‬وفقه ال َّ‬
‫َوال ُّ‬
‫َرأَيْت‪ -‬أ ْن تَنَ َ‬
‫او َل َه َذا ا ْل َم ْوضُوع ال َحيَ ِوي ا ْل َخ ِطير بِ َهذِه ْاْل َ َ‬
‫صالَة َوا ْلعُ ْمق"(‪ ،)24‬حيث توصل الدكتور‬
‫فتحي الد َُّرينِي من خالل دراسته المعمقة لهذه النظرية؛ أن الحق يمتاز عن جميع الحقوف‪ ،‬فما سره؟‬
‫ب ِإلَى‬‫ق َوأ َ ْق َر ُ‬
‫س َالم لَهُ َم ْف ُهوم َخاص ِفي ا ْل َح ِ‬ ‫ست َ ِطي ُع أ َ ْن نَقُول‪ِ :‬إن ْ ِ‬
‫اإل ْ‬ ‫فيجيب الد َُّري ِني بقوله‪ُ " :‬هنَا نَ ْ‬
‫ع َلى‬‫ق آ َخر" ‪ ،‬ويقول عن منهجه في هذه النظرية‪" :‬أقمت ْاْل َ ِدلَّة َ‬ ‫ا ْل َعدْل َوا ْل ُمجْ ت َ َمع ِم ْن أَي ِ َم ْف ُهوم ِل ْل َح ِ‬
‫س َال ِميَّة‪َ ،‬و َه َذا لَ ْم يَك ُْن ِْل َ َحد َلهُ‬ ‫ظ ِريَّة فِي ا ْل َحيَاة ْ ِ‬
‫اإل ْ‬ ‫صول الَّتِي قَا َمتْ َ‬
‫علَ ْي َها النَّ َ‬ ‫ا ْلقَ َوا ِعد َو ْاْل ُ‬
‫سس َو ْاْل ُ‬
‫فِي َها يَد"(‪.(25‬‬

‫علَى فَ ْر ِعيَّات‪ ،‬تَقُم َ‬


‫علَى قَ َوا ِعد"(‪.)26‬‬ ‫✓ يقول فتحي الد َُّرينِي عن النظرية‪" :‬النَّ َ‬
‫ظ ِريَّة َال تَقُ ْم َ‬

‫المطلب الرابع‪ :‬آثاره وثناء وآراء العلماء فيه ووفاته‬

‫(‪ - )23‬هذه األقوال مقتطفة ومستخلصة من كالم الشيخ فتحي الد َُّرينِي في برنامج تلفزيوني؛ يهدف إلى توثيق سير علماء األمة‪ ،‬سجل سنة‪،)2002/01/01( :‬‬
‫بعنوان‪ :‬حديث الذكريات؛ تقديم‪ :‬د‪ .‬جاسم المطوع‪ ،‬علماء مبدعون‪ ،‬يوم‪2021-10-15 :‬م في الساعة الثالثة زواال‪ ،‬من موقع " يوتيوب " ‪ ،‬وهي حلقة نادرة‪.‬‬
‫(‪ - )24‬الحق ومدى سلطان الدولة في تقييده لفتحي الد َُّرينِي‪ ،‬المصدر نفسه‪.7-6 :‬‬
‫(‪ - )25‬هذه األقوال مقتطفة ومستخلصة من كالم الشيخ فتحي الد َُّرينِي في برنامج تلفزيوني؛ يهدف إلى توثيق سير علماء األمة‪ ،‬سجل سنة‪،)2002/01/01( :‬‬
‫بعنوان‪ :‬حديث الذكريات؛ تقديم‪ :‬د‪ .‬جاسم المطوع‪ ،‬علماء مبدعون‪ ،‬يوم‪2021-10-15 :‬م في الساعة الثالثة زواال‪ ،‬من موقع " يوتيوب " ‪ ،‬وهي حلقة نادرة‪.‬‬
‫(‪ - )26‬نفسه‪.‬‬

‫‪- 28 -‬‬
‫أوال‪ :‬بعض أهم مصنفاته ومؤلفاته (آثاره)‪:‬‬

‫‪ ‬المناهج األصولية في االجتهاد بالرأي في التشريع اإلسالمي‪ ،‬طبع مؤسسة الرسالة‪،‬‬


‫‪.2008‬‬
‫‪ ‬أصول التشريع اإلسالمي‪ ،‬طبع جامعة دمشق‪( .1976 ،‬مقرر على الصف الرابع من‬
‫كلية الحقوق)‪.‬‬
‫‪ ‬الفقه المقارن مع المذاهب‪ ،‬طبع جامعة دمشق ‪.(27(1980‬‬
‫‪ ‬أصول المعامالت في الفقه اإلسالمي‪ ،‬طبع كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬مؤسسة‬
‫األمالي‪.1972 ،‬‬
‫‪ ‬أصول الفقه اإلسالمي‪ ،‬طبع مؤسسة األمالي في جامعة دمشق‪( .1972 ،‬مقرر الصف‬
‫الثاني من كلية الشريعة)(‪.(28‬‬

‫ثانيا‪ :‬ثناء وآراء العلماء فيه‪:‬‬

‫ش ْي ُخ ْاْل َ ْز َهر َمحْ ُمود‬ ‫َان يَقُو ُل ِلي أ ْ‬


‫ستَاذِي َ‬ ‫‪ -‬قال الدكتور الراحل فتحي الد َُّرينِي‪ِ " :‬ع ْن َد َما ُك ْنتُ َ‬
‫طا ِلب‪ ،‬ك َ‬
‫شبِهُ ك ََال َم ا ْلعُلَ َماء"(‪.(29‬‬
‫ش ْلتُوت‪ ،‬ك ََال ُمكَ يُ ْ‬
‫َ‬

‫‪ -‬قال العالمة طه الديناري عميد كلية القانون والشريعة بجامعة األزهر المشرف على رسالة‬
‫الدكتوراه لفتحي الد َُّري ِني‪ ،‬والتي كانت بعنوان‪" :‬الحق ومدى سلطان الدولة في تقييده" ‪َ " :‬و ِم َّما‬
‫ستَاذ ال ُّد ْكتُور فَتْ ِحي‬ ‫سالَة ا ْل ِع ْل ِميَّة ا ْل َقيِ َمة أَ َّن ْاْل ْ‬ ‫علَى َه ِذ ِه ِ‬
‫الر َ‬ ‫تَبَدى ِلي ِم ْن ِخ َال ِل إِش َْرافِي ال َّدقِيق َ‬
‫الرأْي‪َ ،‬م ِتي ُن ا ْل ُح َّجة‪ُ ،‬متَ َو ِق ُد‬ ‫ضة‪ ،‬أ َ ِصي ُل َّ‬ ‫ي ا ْل َع ِار َ‬ ‫ظر‪ ،‬قَ ِو ُّ‬
‫ق النَّ َ‬ ‫صو ِلي ثَبت‪َ ،‬وعَا ِلم َب ِ‬
‫احث َد ِقي ُ‬ ‫الد َُّري ِني‪ ،‬أ ُ ُ‬
‫ْق ا ْلعُبُو ِديَّة‪َ ،‬وا ْع ِتقَادِي أ َ َّن َه َذا ا ْلبَحْ ث‬
‫صفَا َء ا ْل َع ِقي َد ِة ِفي ِصد ِ‬ ‫اص ُع ا ْل َب َيان‪ ،‬يزين ُك ُّل أُولَ ِئكَ َ‬ ‫الذَّكَاء‪َ ،‬ن ِ‬
‫س َال ِمي َم ْن َه ًجا َوع ُْمقًا‬ ‫اإل ْ‬ ‫فَ ِريد فِي نَ ْو ِع ِه‪َ ،‬ويُ ْعتَبَ ُر فَتْ ًحا َجدِيدًا ِل ْلبُ ُحو ِ‬
‫ث ا ْل ِع ْل ِميَّ ِة فِي ا ْل ِف ْق ِه ْ ِ‬
‫صالَةً"(‪ ،)30‬وذكرت مؤسسة الرسالة في مقدمة الطبعة الجديدة؛ ط‪1434( :2‬هـ ‪2013 -‬م) ‪،‬‬ ‫َوأ َ َ‬

‫(‪ - )27‬بحوث مقارنة في الفقه اإلسالمي وأصوله لفتحي الد َُّرينِي‪ ،‬المصدر نفسه‪.8 :‬‬
‫(‪ - )28‬خصائص التشريع اإلسالمي في السياسة والحكم لفتحي الد َُّرينِي‪ ،‬المصدر نفسه‪.8 :‬‬
‫(‪ - )29‬هذا القول مقتطف ومستخلص من كالم الشيخ فتحي الد َُّرينِي في برنامج تلفزيوني؛ يهدف إلى توثيق سير علماء األمة‪ ،‬سجل سنة‪،)2002/01/01( :‬‬
‫بعنوان‪ :‬حديث الذكريات؛ تقديم‪ :‬د‪ .‬جاسم المطوع‪ ،‬علماء مبدعون‪ ،‬يوم‪2021-10-15 :‬م في الساعة الثالثة زواال‪ ،‬من موقع " يوتيوب " ‪ ،‬وهي حلقة نادرة‪.‬‬

‫(‪ - )30‬الحق ومدى سلطان الدولة في تقييده لفتحي الد َُّرينِي‪ ،‬المصدر نفسه‪.9 :‬‬

‫‪- 29 -‬‬
‫اء َه َذا‬ ‫لكتاب خصائص التشريع اإلسالمي في السياسة والحكم لفتحي الد َُّرينِي أنه‪ :‬أ َ َح ُد أَع َْال ِم ُ‬
‫علَ َم ِ‬
‫َاط ِبي ا ْلعَصْر؛ ِ ِإلحْ يَائِ ِه ِاالجْ ِت َهاد‬
‫صة‪ ،‬لقب ِبش ِ‬ ‫وف قَد ُْرهُ لَدَى ال َخا َّ‬
‫ور لَدَى ا ْلعَا َّمة‪ ،‬ا ْل َم ْع ُر ُ‬
‫ا ْلعَصْر‪ ،‬ا ْل َم ْغ ُم ُ‬
‫علَى ا ْلقَانُون ا ْل َو ْ‬
‫ض ِعي(‪.)31‬‬ ‫س َال ِمي‪َ ،‬و َم ِزيَّته َ‬ ‫اصدِي َوالت َّ ْن ِويه ِب َج َما ِليَّة ا ْل ِف ْقه ْ ِ‬
‫اإل ْ‬ ‫ا ْل َمقَ ِ‬

‫ثالثا‪ :‬وفاته‪:‬‬

‫توفي الدكتور ُم َح َّمد فتحي الد َُّري ِني في األول من يونيو سنة ‪2013‬م‪ ،‬في سوريا عن عمر ناهز‬
‫تسعين عاما(‪.)32‬‬

‫● خالصة لما سبق‪ ،‬وإشارة لما سيأتي الحديث عنه‪:‬‬

‫هذا‪ ،‬وبعد الحديث عن البطاقة الشخصية للعالمة اْلصولي الراحل الدكتور فتحي الد َُّرينِي؛ حيث‬
‫حاولت أن أتعمق ولو قليال في شخصيته العلمية الكبيرة‪ ،‬فبحثت محاوال أن أجمع كل من ترجم له‬
‫وعرف به‪ ،‬فوجدت صعوبة كبيرة في الحصول على مصادر ومراجع موثوقة‪ ،‬بل وانعدام حتى‬
‫الدراسات حوله‪ ،‬وبعد بحث طويل وجدت دراسة واحدة‪ ،‬لعلها أن تكون ترجمة له‪ ،‬لكن لألسف لم‬
‫أستطع أن أجدها أو أحصل عليها مما جعلني أحزن؛ وهذه الدراسة بعنوان‪ " :‬االجتهاد المقاصدي‬
‫عند الد َُّرينِي وتطبيقاته على القضايا المعاصرة لألستاذ عساف ثابت أحمد عبد الحافظ " ‪ ،‬لكن‬
‫واصلت البحث فبذلت مجهودا ليس بالكثير وليس بالقليل فتمكنت بتوفيق هللا سبحانه وتعالى من‬
‫وضع وصياغة ترجمة متوسطة أو ال بأس بها‪ ،‬والذي ساعدني وبث البسمة في وجهي أثناء‬
‫البحث‪ ،‬حلقة نادرة جدا للشيخ ‪-‬رحمه هللا‪ -‬في برنامج تلفزيوني يهدف إلى توثيق سير علماء‬
‫اْلمة‪ ،‬سجل سنة‪2002( :‬م) ؛ بعنوان‪ " :‬حديث الذكريات " ‪ ،‬تقديم الدكتور جاسم المطوع‪ ،‬علماء‬
‫مبدعون‪ ،‬يوم‪ )2021-10-15( :‬في الساعة الثالثة زواال من موقع يوتيوب‪ ،‬وحضر لهذا البرنامج‬
‫عدد كثير وافر من الشيوخ منهم‪ - :‬الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي‪ - ،‬الشيخ محمود شاكر‪،‬‬
‫‪ -‬الشيخ عبد الرحمن حبنكة‪ - ،‬الشيخ شعيب اْلرناؤوط‪ - ،‬الشيخ وهبة الزحيلي‪ - ،‬الشيخ محمد‬
‫عمارة‪ - ،‬الشيخ شاهد البوشيخي‪ - ،‬الشيخ عوض القرني‪ - ،‬الشيخ اللغوي تمام حسان‪ - ،‬الشيخ‬

‫(‪ - )31‬خصائص التشريع اإلسالمي في السياسة والحكم لفتحي الد َُّرينِي‪ ،‬المصدر نفسه‪.7 :‬‬
‫(‪ - )32‬أخذته‪ :‬من موقع الجزيرة يوم‪2021-11-18 :‬م في الساعة‪12:16:‬؛ ليال‪ ،‬وهي موسوعة إلكترونية إخبارية تختص بالتعريف بالشخصيات والهيئات‬
‫واألحداث والقضايا والمصطلحات السائدة‪ ،‬موثوقة المصدر‪ ،‬المصدر نفسه‪.‬‬

‫‪- 30 -‬‬
‫زهير الشاويش‪ - ،‬الشيخ التهامي الراجي‪ - ،‬الشيخ المقاصدي أحمد الريسوني‪ ،‬وغيرهم من‬
‫العلماء‪ .‬وانطالقا مما سبق سيكون الكالم في المبحث الثاني من الفصل التمهيدي ‪-‬إن شاء هللا‪-‬‬
‫عن تأثر الشيخ فتحي الد َُّرينِي بفكر اإلمام الشاطبي وكتابه الموافقات‪ ،‬وذلك بذكر أقواله عنه وعن‬
‫كتابه النفيس‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬تأثر فتحي الد َُّرينِي بفكر اإلمام الشاطبي‬


‫وكتابه الموافقات‬

‫المطلب اْلول‪ :‬أقواله عن اإلمام الشاطبي الفقيه اْلصولي‬


‫والمقاصدي النظار‬

‫س ُمهُ ا ْل ُم َوافَقَات فِي‬ ‫القول اْلول‪ :‬يقول فتحي الد َُّرينِي‪" :‬أَفَا َدنِي عَا ِلم َكبِير ِمن ْاْل َ ْن َدلُس‪ ،‬أ َ َ‬
‫لف ِكتَابًا ا ْ‬
‫َّاط ِبي"‪.‬‬
‫اإل َما ُم الش ِ‬ ‫أُ ُ‬
‫صو ِل الش َِّري َع ِة؛ ْ ِ‬

‫ط َرقَهُ‬
‫صول َك َما َ‬
‫اء ْاْل ُ‬ ‫اصد؛ لَ ْم َي ْط ُر ْقهُ أ َ َحد ِم ْن ُ‬
‫علَ َم ِ‬ ‫القول الثاني‪ :‬يقول فتحي الد َُّري ِني‪ِ " :‬ع ْلم ا ْل َمقَ ِ‬
‫َّاط ِبي"‪.‬‬
‫الش ِ‬

‫ْس ِمن‬ ‫ع ْق ِليَّتُهُ ع َِميقَة ِجدًّا َو َجبَّ َ‬


‫ارة‪َ ،‬و ِكتَابُهُ لَي َ‬ ‫َّاط ِبي َ‬ ‫القول الثالث‪ :‬يقول فتحي الد َُّري ِني‪ِ ْ " :‬‬
‫اإل َما ُم الش ِ‬
‫س ْه ِل"‪.‬‬
‫ْس ِمن ال َّ‬‫ستِ َفا َدةُ ِم ْنهُ‪َ ،‬لي َ‬
‫س ْه ِل قِ َرا َءتُهُ َو ْاال ْ‬
‫ال َّ‬

‫القول الرابع‪ :‬يقول فتحي الد َُّري ِني‪َ " :‬لهُ َرأْي لَ ْم أ َ ِج ْدهُ ِع ْن َد ا ْلعُلَ َماء؛ َرأْي آت ِمن ْاْل َ ْن َدلُس َولَي َ‬
‫ْس ِمن‬
‫سائِر ا ْلعُلَ َماء فِي ْاْل ُ ُ‬
‫صول"‪.‬‬ ‫س َ‬ ‫ا ْلعَ َرب‪ ،‬فَ ُه َو عَا ِلم َكبِير َل ْم يَأ ْ ِ‬
‫ت ِب َه َذا ا ْل ِكتَاب إِ َّال بَ ْع َد أ َ ْن د ََر َ‬

‫َّاطبِي"(‪.)33‬‬
‫اإل َمام الش ِ‬ ‫القول الخامس‪ :‬يقول فتحي الد َُّرينِي‪" :‬أَنَا فِي ُكتُبِي ك ُِل َها أ َ ْعتَ ِم ُد َ‬
‫علَى فِ ْك ِر ْ ِ‬

‫(‪ - (33‬هذه األقوال مقتطفة ومستخلصة من كالم الشيخ فتحي الد َُّرينِي في برنامج تلفزيوني؛ يهدف إلى توثيق سير علماء األمة‪ ،‬سجل سنة‪،)2002/01/01( :‬‬
‫بعنوان‪ :‬حديث الذكريات؛ تقديم‪ :‬د‪ .‬جاسم المطوع‪ ،‬علماء مبدعون‪ ،‬يوم‪2021-10-15 :‬م في الساعة الثالثة زواال‪ ،‬من موقع " يوتيوب " ‪ ،‬وهي حلقة نادرة‪.‬‬

‫‪- 31 -‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أقواله عن كتاب الموافقات‬

‫سيَّ َما فِي أ ُ ُ‬


‫صو ِل‬ ‫القول اْلول‪ :‬يقول فتحي الد َُّرينِي‪" :‬د ََرست أ َ ْربَ َع ُم َجلَّدَات بَ َذ َل فِي َها ُج ْهدًا َكبِ ً‬
‫يرا‪َ ،‬و َال ِ‬
‫ع ا ْل َح ِكيم"‪.‬‬ ‫اص ِد الش َّْر ِعيَّ ِة َوا ْلغَ َر ُ‬
‫ض الَّذِي يَ ْر ِمي إِلَ ْي ِه الش َِّار ُ‬ ‫الش َِّريعَ ِة َوا ْل َمقَ ِ‬

‫سنُ َ‬
‫ون‬ ‫س َال ِمي ُك َّلهُ ِإ َذا َخ َر َج ِم ْن ُه ْم أنَاس‪ ،‬يُحْ ِ‬ ‫القول الثاني‪ :‬يقول فتحي الد َُّري ِني‪" :‬أ َ َنا أ َ ْدعُو ا ْل َعا َل َم ْ ِ‬
‫اإل ْ‬
‫اس‪ ،‬أ َ ْدعُو ُه ْم أ َ ْن َيقُو ُموا ِب َه ِذ ِه ا ْل َم َه َّمة ا ْل ُكب َْرى ِْل َ َّن لَ ُه ْم أ َ ْج ًرا ع َِظي ًما"‪.‬‬ ‫سةَ َه َذا ا ْل ِكتَاب َوش َْرحه ِللنَّ ِ‬
‫د َِرا َ‬

‫ب ِمنِي ْاْل َ ْز َهر‬‫ط َل َ‬‫ام َعات أ َو َل َها ِد َمشْق‪َ ،‬و َ‬ ‫ستُهُ ِفي ِع َّد ِة َج ِ‬‫القول الثالث‪ :‬يقول فتحي الد َُّري ِني‪" :‬دَر ْ‬
‫ص ا ْل َمادَّة‪ ،‬فَقَا َل ِلي‪ِ :‬إ َذا ُك ْنتَ تُحْ س ُن ِإلَ ْي َنا أ َ ْن تَش َْر َح ِكت َ َ‬
‫اب ا ْل ُم َوافَ َقات َونَحْ ُن‬ ‫علَى ت َ َخ ُّ‬
‫ص ِ‬ ‫ِحينَ َما َح َ‬
‫صلت َ‬
‫ي الَّ ِتي‬
‫سالَتُك ِه َ‬ ‫نُ ْع ِطيكَ ْاْلَجْ ر‪َ ،‬ونَحْ ُن فِي ْاْل َ ْز َهر نَ ْهت َ ُّم ِب َه َذا ا ْل َم ْوضُوع َولَ ِكنَّهُ َ‬
‫ص ْعب ِجدًّا‪َ ،‬و َه ِذ ِه ِر َ‬
‫َجعَ ْلتنَا أ َ ْن نُقَد َِر ْاْلَتْعَاب الَّتِي بَ َذلت فِي َه َذا ا ْل َم ْوضُوع "(‪.)34‬‬

‫(من خالل هذه األقوال المؤثرة‪ ،‬وبعد قرأتي لتمهيد كتاب نظرية المقاصد عند اإلمام الشاطبي ألحمد‬
‫الريسوني يتبين ويتضح أن كتاب الموافقات موجه للعلماء والفحول والراسخين في العلوم الشرعية‬
‫َّ‬
‫(‪)35‬؛ وما يؤكد ذلك‪ ،‬قولة لإلمام الشاطبي ‪-‬رحمه هللا‪ -‬وردت في كتابه الموافقات‪ ،‬كما وردت في‬
‫كتاب نظرية المقاصد‪ ،‬وفي كتاب اسمه " أهم الكتب التي أثرت في فكر اْلمة في القرنين التاسع‬
‫عشر والعشرين ميالدي (الرابع عشر والخامس عشر للهجرة) " لمجموعة من الباحثين‪ ،‬في‬
‫الجزء األول الذي هو بعنوان‪ :‬محور الفقه والقانون والثقافة اإلسالمية‪ ،‬مدخل‪ :‬نحو تفعيل مقاصد‬
‫ظر ُم ِفيد أ َ ْو ُم ْ‬
‫ست َ ِفيد‪َ ،‬حتَّى َيك َ‬
‫ُون ريان‬ ‫اظ ِر فِي َه َذا ا ْل ِكتَاب أ َ ْن َي ْن ُ‬
‫ظ َر فِي ِه نَ َ‬ ‫س َم ُح ِللنَّ ِ‬
‫الشريعة‪َ ..." :‬و َال يُ ْ‬
‫ِم ْن ِع ْل ِم الش َِّري َع ِة أ ُ ُ‬
‫صول َها َوفُ ُروع َها‪َ ،‬م ْنقُول َها َو َم ْعقُول َها ‪.) )36("...‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬بعض أقواله المختلفة السياق‬

‫(‪ - )34‬نفسه‪.‬‬
‫الريسوني‪ ،‬تقديم الدكتور طه جابر ال َعلواني‪ ،‬سنة الطبع‪:‬‬
‫الريسوني‪ ،‬كتاب نظرية المقاصد عند اإلمام الشاطبي للدكتور أحمد َّ‬
‫(‪ - )35‬بتصرف عن الدكتور أحمد َّ‬
‫(‪1416‬هـ ‪1995 -‬م)‪ ،‬المعهد العالمي للفكر اإلسالمي‪.17 ،‬‬
‫(‪ - )36‬أهم الكتب التي أثرت في فكر األمة في القرنين التاسع عشر والعشرين ميالدي (الرابع عشر والخامس عشر للهجرة)‪ ،‬لمجموعة من الباحثين‪ - :‬د‪ .‬عبد‬
‫الحميد أحمد أبو سليمان مدير المعهد العالمي للفكر اإلسالمي‪ - ،‬د‪ .‬رفعت العوضي‪ - ،‬د‪ .‬عبد الرحمن النقيب‪ ،‬وراجعه‪ - :‬د‪ .‬زكريا سليمان بيومي‪ - ،‬د‪ .‬صالح‬
‫عبد السميع عبد الرازق‪ ،‬دار الكلمة‪.482/1 ،‬‬

‫‪- 32 -‬‬
‫س َالم‪َ ،‬و َال يُو َج ُد أَ ُّ‬
‫ي‬ ‫القول اْلول‪ :‬يقول فتحي الد َُّرينِي عن علم األصول‪ِ " :‬ع ْل ُم ْاْل ُ ُ‬
‫صول تَفَ َّر َد بِ ِه ْ ِ‬
‫اإل ْ‬
‫ّللاُ تَعَالَى" ‪.‬‬
‫ع َها َّ‬ ‫س َال ِم أ ُ ُ‬
‫صول فِي ا ْلقَ َوانِين الَّتِي شَر َ‬ ‫قَانُون فِي ا ْلعَا ِلم لَهُ أ ُ ُ‬
‫صول َك َما ِل ْ ِ‬
‫ْل ْ‬

‫القول الثاني‪ :‬يقول فتحي الد َُّري ِني عن القواعد والفروع التي في القرآن الكريم‪" :‬ا ْلقُ ْرآن ا ْلك َِريم ُكلُّهُ‬
‫س َب ِة ِإلَى َما تَؤُو ُل إِلَ ْي ِه َه ِذ ِه‬ ‫قَ َوا ِعد إِ َّال قَ ِليل ِم ْن ا ْلفُ ُروع كَالنِكَاح؛ ا ْهت َ َّم بِ ْاْل ُ ْ‬
‫س َرة ا ْهتِ َما ًما َك ِب ً‬
‫يرا بِالنِ ْ‬
‫اإل ْرث بِالت َّ ْف ِصيل"‪.‬‬ ‫علَى ْاْل ُ َّمة‪َ ،‬و ْ ِ‬
‫س َرة ِم ْن َخيْر َ‬ ‫ْاْل ُ ْ‬

‫س َال ِمي دِين عَا َل ِمي َو َال يُو َج ُد َلهُ‬ ‫القول الثالث‪ :‬يقول فتحي الد َُّري ِني عن الدين اإلسالمي‪" :‬الدِي ُن ْ ِ‬
‫اإل ْ‬
‫نَ ِظير ِفي ا ْل َعالَم"‪.‬‬

‫ع َد ُم ِخب َْر ِة ْاْل ُ َم ِم ْاْل ُ ْخ َرى‬


‫القول الرابع‪ :‬يقول فتحي الد َُّرينِي عن سبب اتهام األمم األخرى لإلسالم‪َ " :‬‬
‫ْس لَ َها‬
‫س َالم ِباتِ َها َمات لَي َ‬ ‫يراتِ ِه ا ْلعَ ِظي َمة ُه َو الَّذِي يَجْ عَلُ ُه ْم يَت َّ ِه ُم َ‬
‫ون ْ ِ‬
‫اإل ْ‬ ‫س َ‬‫آن ا ْلك َِريم َوت َ ْف ِ‬
‫ِبا ْلقُ ْر ِ‬
‫أَصْل"(‪.)37‬‬

‫مالحظة مهمة‪( :‬هذه األقوال المستخلصة من كالم الشيخ ‪-‬رحمه هللا‪ -‬حرصت فيها كل الحرص‬
‫على ما قاله الد َُّري ِني بالضبط وراعيت الدقة في االستخالص‪ ،‬ولم أتساهل مع هذا األمر حتى ال أقع‬
‫في االفتراء)‪.‬‬

‫● خالصة لما سبق‪ ،‬وإشارة لما سيأتي الحديث عنه‪:‬‬

‫بعد ذكر أقوال الد َُّرينِي عن اإلمام الشاطبي وكتابه "الموافقات" ‪ ،‬مباشرة بحول هللا عز وجل؛‬
‫سيكون الكالم في المبحث الموالي واْلخير من الفصل التمهيدي؛ في التعريف بالكتاب النفيس الذي‬
‫يتميز بالسهولة واليسر‪ ،‬وهو كتاب "المناهج اْلصولية في االجتهاد بالرأي في التشريع اإلسالمي"‬
‫لألصولي البارع فتحي الد َُّرينِي‪ ،‬وذلك بذكر بعض طبعات الكتاب‪ ،‬وعدد أجزائه وصفحاته‬
‫ومحتوياته‪ ،‬وبعض المصادر التي اعتمدها الد َُّرينِي في مبحث "ا ْل ُم ْطلَق َوا ْل ُم َقيَّد" باعتباره‬

‫(‪ - )37‬هذه األقوال مقتطفة ومستخلصة من كالم الشيخ فتحي الد َُّرينِي في برنامج تلفزيوني؛ يهدف إلى توثيق سير علماء األمة‪ ،‬سجل سنة‪،)2002/01/01( :‬‬
‫بعنوان‪ :‬حديث الذكريات؛ تقديم‪ :‬د‪ .‬جاسم المطوع‪ ،‬علماء مبدعون‪ ،‬يوم‪2021-10-15 :‬م في الساعة الثالثة زواال‪ ،‬من موقع " يوتيوب " ‪ ،‬وهي حلقة نادرة‪.‬‬

‫‪- 33 -‬‬
‫موضوعا لهذا البحث‪ ،‬وأيضا بيان أهمية الكتاب وجهود مؤسسة الرسالة في العناية به‪ ،‬مع‬
‫اإلشارة لبعض الكتب التي تحمل نفس "عنوان" هذا الكتاب ونحوه‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬التعريف بكتاب المناهج اْلصولية وبيان‬


‫أهميته‬

‫المطلب اْلول‪ :‬تعريف موجز بكتاب المناهج اْلصولية‬

‫توطئة‪:‬‬

‫كتاب "المناهج اْلصولية"؛ ذو المنهج المرتب‪ ،‬واْلسلوب السهل‪ ،‬والتحقيق السليم والنظر الدقيق‪:‬‬

‫يف في علم أصول الفقه‪ ،‬ذلك أن هذا العلم‬


‫ص ِن ُ‬ ‫فمما اتجهت إليه ِه َم ُم ْال ُم َ‬
‫ص ِنفِينَ في علوم الشريعة الت َّ ْ‬
‫من أجل العلوم؛ إذ به يُتَ َو َّ‬
‫صل إلدراك األحكام الشرعية في العبادات والمعامالت‪ ،‬كما أنه حصن‬
‫ب أقوال أهل األهواء والفتاوى العمياء؛ لذلك كان هذا العلم يُعنى ببحث مصادر‬ ‫حصين يمنع ت َ َ‬
‫س ُّر َ‬
‫وحجيَّت َها ومراتبها في االستدالل بها وشروط هذا االستدالل‪ ،‬ويرسم مناهج االستنباط‪،‬‬
‫ِ‬ ‫األحكام‬
‫ويستخرج القواعد المبنية على ذلك‪ ،‬التي يلتزم بها المجتهد عند تَعرفه على األحكام من أدلتها‪ .‬وكان‬
‫ممن خاض هذا المجال‪ ،‬وأدلى فيه بدلوه بما يمتلكه من قدرة علمية وتأصيل علمي العالمة الدكتور‪:‬‬
‫فتحي الد َُّرينِي‪ ،‬فقد كانت له مصنفات كثيرة في هذا العلم وغيره‪ ،‬وأكثر تلك المصنفات كانت مقررة‬
‫في بعض الجامعات؛ لما امتازت به من منهج جيد مرتب قوي العرض ودقيق النظر وتحقيق سليم‬
‫وأسلوب سهل‪ ،‬وكان من تلك الباقة الرائعة والحلة المتألقة هذا الكتاب‪" :‬المناهج اْلصولية في‬
‫االجتهاد بالرأي في التشريع اإلسالمي" ؛ حيث بين فيه صاحبه مبحثا من أهم مباحث علم األصول‪،‬‬

‫‪- 34 -‬‬
‫وهو مبحث االجتهاد بالرأي‪ ،‬ومناهج األصوليين في ذلك من حيث استنباط األحكام من النصوص‬
‫الواضحة كالنص والظاهر والمفسر والمحكم‪ ،‬وغير الواضحة كالخفي والمشكل والمجمل والمتشابه‬
‫وغير ذلك‪ ،‬ثم تعرض لمبحث الدالالت واْللفاظ‪ُ ،‬متَخَيِ ًرا في كل ذلك أقوى األدلة وأنقى المسالك‪،‬‬
‫ضا ألدلة كل مع مناقشة تلك األدلة‪ُ ،‬م َوض ًحا لكل مسألة في‬
‫ار ً‬
‫ع ِ‬‫مبينا مواطن اإلجماع والخالف‪َ ،‬‬
‫الغالب بمثال؛ لتكون االستفادة من هذا ْال ُم َ‬
‫صنَّف قريبة المنال‪ ،‬ولم يَ ْقت َ ِ‬
‫صر على طريقة الحنفية أو‬
‫الشافعية في هذا الفن‪ ،‬بل هو جامع للطريقتين وشارح للمنهجين(‪.(38‬‬

‫أوال‪ :‬بعض طبعات الكتاب وعدد أجزائه وصفحاته‪:‬‬

‫‪ .1‬كانت طبعته الثانية‪ ،‬بالشركة المتحدة للتوزيع‪ ،‬بسوريا (دمشق)‪ ،‬سنة‪1405( :‬هـ ‪1985 -‬م)‪،‬‬
‫وهو في جزء واحد‪ ،‬وعدد صفحاته حسب هذه الطبعة بلغت (‪ )732‬صفحة‪ ،‬ولم تضع‬
‫المؤسسة مقدمة لطبعتها في الكتاب‪ ،‬ويبدو أن الطبعات األولى لهذا الكتاب "المناهج‬
‫األصولية" ‪ ،‬كانت بدمشق‪ ،‬لما ذكره الد َُّري ِني في أخر هذه الطبعة‪" :‬انتهى بحمد هللا وتوفيقه‪،‬‬
‫(دمشق الجديدة)‪ ،‬ربيع اْلول سنة‪1396( :‬هـ ‪1976 -‬م((‪.(39‬‬
‫‪ .2‬وكانت طبعته الثالثة (الطبعة الجديدة)‪ ،‬بمؤسسة الرسالة بلبنان (بيروت)‪ ،‬سنة‪1434( :‬هـ ‪-‬‬
‫‪2013‬م)‪ ،‬وهو في جزء واحد‪ ،‬وعدد صفحاته حسب هذه الطبعة بلغت (‪ )568‬صفحة‪،‬‬
‫ووضعت المؤسسة مقدمة لطبعتها في الكتاب‪ ،‬في خمس صفحات‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الموضوعات التي عالجها كتاب "المناهج اْلصولية" ‪:‬‬

‫‪ ‬مقدمة‪ :‬وتحدث فيها الد َُّري ِني عن االجتهاد بالرأي‪ ،‬وأن ال حجة في قصره وحصره فيما ال‬
‫نص فيه‪ ،‬بحديث معاذ رضي هللا عنه‪ ،‬وأنه ال يكون في القطعيات‪ ،‬ووقف عند صلته بمفهوم‬
‫العدل في اإلسالم‪ ،‬وبين أن المناهج األصولية مشتقة من خصائص اللغة‪ ،‬ومقاصد التشريع‪.‬‬
‫ثم جعل كتابه في أربعة فصول‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫(‪ - )38‬المناهج األصولية لفتحي الد َُّرينِي‪ ،‬ط‪1434( :3‬هـ ‪2013 -‬م)‪ ،‬مؤسسة الرسالة ‪-‬بيروت‪.6-5 ،-‬‬
‫(‪ - )39‬المناهج األصولية لفتحي الد َُّرينِي‪ ،‬ط‪1405( :2‬هـ ‪1985 -‬م)‪ ،‬الشركة المتحدة للتوزيع‪ ،‬دمشق‪.727 ،‬‬

‫‪- 35 -‬‬
‫صهُ الد َُّرينِي للحديث عن منهج األصوليين في استنباط األحكام من‬ ‫‪ .1‬الفصل اْلول‪َ :‬خ َّ‬
‫ص َّ‬
‫النصوص الواضحة؛ فشمل هذا الفصل الكالم عن (الظاهر‪ ،‬والنص‪ ،‬والمفسر‪،‬‬
‫والمحكم)‪.‬‬
‫‪ .2‬الفصل الثاني‪ :‬أ َ ْف َر َدهُ الد َُّري ِني للحديث عن منهج األصوليين في استنباط األحكام من‬
‫النصوص الغير الواضحة؛ فَ َ‬
‫ض َّم هذا الفصل الكالم عن (الخفي‪ ،‬والمشكل‪ ،‬والمجمل‪،‬‬
‫والمتشابه‪ ،‬والتأويل‪ ،‬والتفسير)‪.‬‬
‫عقَ َدهُ الد َُّري ِني للحديث عن الدالالت؛ فاحتوى هذا الفصل الكالم عن‬
‫‪ .3‬الفصل الثالث‪َ :‬‬
‫(عبارة النص‪ ،‬وإشارة النص‪ ،‬وداللة النص‪ ،‬وداللة االقتضاء‪ ،‬ومفهوم المخالفة)‪.‬‬
‫‪ .4‬الفصل الرابع‪َ :‬محضه الد َُّري ِني للحديث عن األلفاظ؛ فضم هذا الفصل الكالم عن (العام‬
‫والخاص‪ ،‬وا ْل ُم ْطلَق َوا ْل ُمقَيَّد‪ ،‬واألمر والنهي)(‪.)40‬‬

‫ثالثا‪ :‬بعض المصادر التي اعتمدها الد َُّري ِني في مبحث "ا ْل ُم ْطلَق َوا ْل ُم َقيَّد" ‪:‬‬

‫• القرآن الكريم‪.‬‬

‫• ومن كتب الحديث‪:‬‬

‫‪ ‬الجامع الصحيح للبخاري (ت‪256 :‬هـ)‪.‬‬


‫‪ ‬الجامع الصحيح لمسلم (ت‪261 :‬هـ)‪.‬‬
‫‪ ‬سنن أبي داود (ت‪275 :‬هـ)‪.‬‬
‫‪ ‬سنن ابن ماجة (ت‪273 :‬هـ)‪.‬‬
‫‪ ‬سنن الدارقطني (ت‪385 :‬هـ)‪.‬‬
‫‪ ‬مستدرك الحاكم النيسابوري (ت‪405 :‬هـ)‪.‬‬
‫‪ ‬المعجم الكبير للطبراني (ت‪360 :‬هـ)‪.‬‬

‫• ومن كتب اْلصوليين‪:‬‬

‫‪ ‬أصول السرخسي لإلمام أحمد بن أبي سهل السرخسي (ت‪490 :‬هـ)‪.‬‬

‫(‪ - )40‬المناهج األصولية لفتحي الد َُّرينِي‪ ،‬المصدر نفسه‪.‬‬

‫‪- 36 -‬‬
‫‪ ‬اإلحكام في أصول األحكام لإلمام علي بن ُم َح َّمد اآلمدي (ت‪631 :‬هـ)‪.‬‬
‫‪ ‬إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم األصول للشوكاني (ت‪1255 :‬هـ(‪.‬‬
‫‪ ‬جمع الجوامع في أصول الفقه لإلمام تاج الدين السبكي (ت‪771 :‬هـ)‪.‬‬
‫‪ ‬فواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت لإلمام محب هللا عبد الشكور (ت‪1119 :‬هـ)‪.‬‬
‫‪ ‬المستصفى لإلمام الغزالي (ت‪505 :‬هـ)‪.‬‬
‫‪ ‬مختصر المنتهى لإلمام ابن الحاجب (ت‪646 :‬هـ)‪.‬‬

‫• ومن كتب الفقه‪:‬‬

‫‪ ‬المحلى البن حزم الظاهري (ت‪456 :‬هـ)(‪.)41‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أهمية الكتاب وجهود مؤسسة الرسالة في‬


‫العناية به‬

‫أوال‪ :‬أهمية الكتاب‪:‬‬

‫تتجلى أهمية كتاب "المناهج اْلصولية" في كونه كتاب أصولي نفيس ومفيد‪ ،‬والذي يُ َع ُّد من أجود‬
‫ما كتب في باب االجتهاد بالرأي ومناهج علماء األصول في ذلك من حيث استنباط األحكام من‬
‫النصوص الواضحة وغير الواضحة‪ ،‬كما يُ َع ُّد من أجود ما كتب في مبحث الدالالت واْللفاظ جامع‬
‫في ذلك للطريقتين الحنفية والشافعية‪ ،‬كما تتجلى أهميته أيضا في كونه كتاب واضح سهل العبارة‬
‫حيث نستطيع من خالله أن نفهم كيف يفكر األصولي وما هي أدواته لتحليل النصوص وإعمالها‪،‬‬
‫كما يمتاز هذا الكتاب بمنهج جيد وبقوة العرض والبيان والدقة في النظر والتحقيق الرصين(‪.(42‬‬

‫ثانيا‪ :‬جهود مؤسسة الرسالة ومنهجها في العناية بالكتاب‪:‬‬

‫(‪ - )41‬نفسه‪ :‬مبحث المطلق والمقيد‪ ،‬من ‪ 508‬إلى ‪.530‬‬


‫(‪ - )42‬بتصرف عن الدكتور فتحي الد َُّرينِي‪ ،‬كتاب المناهج األصولية‪ ،‬المصدر نفسه‪.6-5 :‬‬

‫‪- 37 -‬‬
‫س َع ْ‬
‫ت المؤسسة في إعادة طبعه‪ ،‬والهدف من ذلك‬ ‫وألهمية هذا الكتاب بما تضمنه من بحوث قيمة‪َ ،‬‬
‫هو إيصال الكتاب المفيد الهادف إلى القارئ الذي يطلبه ويحتاجه في دقة وإتقان ومنهجية‪ ،‬إضافة‬
‫ش ْك ًال َو َم ْ‬
‫ض ُمونًا‪ ،‬واضعة في سبيل ذلك ما تَ َك َّون‬ ‫إلى المظهر الحسن‪ ،‬محاولة بلوغ الصورة الفضلى َ‬

‫لديها من خبرات في هذا المجال على مدى سنوات طويلة‪ ،‬وإتماما لفائدة الكتاب‪ ،‬فقد اعتنى مكتب‬
‫تحقيق التراث لدى المؤسسة بتخريج أحاديثه معتمدا في ذلك المنهج التالي‪:‬‬

‫‪ .1‬إذا كان الحديث في الصحيحين أو أحدهما‪ ،‬اكتفينا بالتخريج منهما‪ ،‬مضافا إليها «مسند اإلمام‬
‫أحمد» [ط‪.‬الرسالة]‪ ،‬وإنما أضفناه لمن أراد االستزادة والتوسع في التخريج‪.‬‬
‫‪ .2‬إذا لم يكن الحديث في الصحيحين أو أحدهما‪ ،‬أخرجناه من األربعة‪ ،‬مضافا إليها «مسند‬
‫اإلمام أحمد» لنستفيد حكم الحديث من الطبعة المشار إليها‪ ،‬فإن لم يكن الحديث في «المسند»‬
‫فنستفيد حكمه من «صحيح ابن حبان» [ط‪.‬الرسالة]‪ ،‬إن وجد فيه‪.‬‬
‫‪ .3‬فإن لم يكن الحديث موجودا في الكتب الستة و«المسند»‪ ،‬قمنا بتخريجه من بقية كتب السنة‪.‬‬

‫هذا‪ ،‬ونسأل هللا العون والتيسير‪ ،‬والحفظ من الخطأ والزلل‪ ،‬وأن يجعل عملنا هذا خالص لوجهه‬
‫الكريم‪ ،‬وأن ينفع به واضعه وقارئه وكل من كانت له يد في إخراجه‪ ،‬والحمد هلل رب العالمين(‪.)43‬‬

‫ثالثا‪ :‬بعض الكتب التي تحمل نفس عنوان كتاب "المناهج اْلصولية" لفتحي الد َُّرينِي ونحوه‪:‬‬

‫‪ ‬المناهج األصولية في االجتهاد بالرأي في التشريع اإلسالمي لعبد الملك عبد الرحمن السعدي‬
‫العراقي‪ ،‬دار النور المبين للدراسات والنشر‪.‬‬
‫‪ ‬االجتهاد بالرأي في التشريع اإلسالمي لنذير حمادو‪ ،‬دار ابن حزم‪.‬‬
‫‪ ‬االجتهاد بالرأي لعبد الوهاب خالف‪ ،‬مطبعة دار الكتاب العربي مصر في طبعته األولى‬
‫سنة‪1369( :‬هـ ‪1950 -‬م)‪ ،‬وهو يقع في (‪ )98‬صفحة وتضمن هذا الكتاب مقدمة و ُ‬
‫ط ُرق‬
‫االجتهاد بالرأي؛ ففي المقدمة‪ :‬بَيَّنَ أن كل واقعة تنزل بالمسلم في أي عصر‪ ،‬وفي أي مكان‪،‬‬
‫ومن أي نوع كانت تلك الواقعة البد أن يكون لها حكم شرعي‪ ،‬وأما ُ‬
‫ط ُرق االجتهاد بالرأي‬

‫(‪ - )43‬المناهج األصولية لفتحي الد َُّرينِي‪ ،‬المصدر نفسه‪.6 :‬‬

‫‪- 38 -‬‬
‫ففصل القول فيها‪ ،‬وذكر منها‪ :‬القياس واالستحسان والمصالح المرسلة (االستصالح)‪،‬‬
‫واالستصحاب(‪.)44‬‬
‫‪ ‬االجتهاد األصولي عند أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي هللا عنه (دراسة في المنهج‬
‫األصولي لالجتهاد بالرأي لدى عمر) للدكتور ُم َح َّمد فؤاد ضاهر‪( ،‬أصل هذا الكتاب رسالة‬
‫علمية نال بها المؤلف درجة الدكتوراه في أصول الفقه بتقدير ممتاز من جامعة بيروت‬
‫اإلسالمية)(‪.)45‬‬
‫‪ ‬االجتهاد بالرأي في عصر الخالفة الراشدة (دراسة تحليلية في أصول سياسة التشريع‬
‫سنوسي‪( ،‬أصل هذا الكتاب رسالة‬
‫ومقاصده وتاريخه) للدكتور عبد الرحمن بن ُمعمر ال َّ‬
‫دكتوراه قدمت إلى كلية الشريعة بالجامعة األردنية‪ ،‬ونوقشت بقاعة مجمع اللغة العربي‬
‫األردني في عمان‪ ،‬وقد حصل صاحبها على درجة الدكتوراه بامتياز‪ ،‬ووضع اسمه في سجل‬
‫الشرف الذهبي للجامعة)(‪.)46‬‬
‫‪ ‬االجتهاد بالرأي في مدرسة الحجاز الفقهية لخليفة بابكر الحسن‪ ،‬مؤسسة الزهراء للنشر‬
‫والتوزيع‪.‬‬

‫(‪ - )44‬عبد الوهاب خالف الفقيه األصولي المجدد للدكتور ُم َح َّمد شبير‪ ،‬ط‪1431( :1‬هـ ‪2010 -‬م)‪ ،‬دار القلم ‪-‬دمشق‪.138-137 ، -‬‬
‫(‪ - )45‬االجتهاد األصولي عند أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي هللا عنه للدكتور ُم َح َّمد فؤاد ضاهر‪ ،‬ط‪1438( :1‬هـ ‪2017 -‬م)‪ ،‬مبرة اآلل واألصحاب‬
‫‪-‬الكويت‪ ،-‬واجهة الغالف‪.‬‬
‫(‪ - )46‬االجتهاد بالرأي في عصر الخالفة الراشدة للدكتور عبد الرحمن بن ُمعمر السَّنوسي‪ ،‬ط‪1432( :1‬هـ ‪2011 -‬م)‪ ،‬اإلصدار الحادي والعشرون‬
‫بقلم رئيس تحرير مجلة الوعي اإلسالمي‪.3 ،‬‬

‫‪- 39 -‬‬
‫الفصل اْلول‪َ :‬ح ِقيقَة ا ْل ُم ْطلَق‬
‫َوا ْل ُمقَيَّد‬

‫‪- 40 -‬‬
‫بعدما تطرقت في الفصل التمهيدي إلى البطاقة الشخصية للعالمة اْلصولي الراحل الدكتور فتحي‬
‫الد َُّرينِي‪ ،‬والتعريف بكتابه "المناهج اْلصولية في االجتهاد بالرأي في التشريع اإلسالمي"‪،‬‬
‫سأحاول ‪-‬مستعينا باهلل ومتوكال عليه‪ -‬في هذا المبحث اْلول من الفصل اْلول؛ أن أعرف بالمطلق‬
‫َوا ْل ُمقَيَّد من الناحية اللغوية‪ ،‬وذلك بالرجوع ْلبرز المعاجم اللغوية‪ ،‬والبحث فيها حتى يتبين لنا‬
‫المعنى اللغوي لكل من لفظ "ا ْل ُم ْطلَق" ولفظ "ا ْل ُمقَيَّد"‪.‬‬

‫المبحث اْلول‪ :‬تعريف ا ْل ُم ْطلَق َوا ْل ُمقَيَّد في بعض معاجم اللغة‬

‫المطلب اْلول‪ :‬تعريف ا ْل ُم ْطلَق في اللغة‬

‫ط َالق‪ِ ،‬ب َم ْعنَى ا َ ْلفَتْح‪ ،‬يُقَال‪ :‬أ َ ْ‬


‫طلَقَ ا َ َّ‬
‫لطا ِئ َر‪ :‬فَت َ َح َباب قَفَ ِ‬
‫ص ِه‪،‬‬ ‫اإل ْ‬ ‫قال الد َُّري ِني‪ْ " :‬ال ُم ْ‬
‫طلَق لُغَةً‪ُ :‬م ْشتَق ِم ْن ْ ِ‬
‫ير‪ :‬فَتح قَيْده َوفَكه‪َ ،‬وخَلَّى َ‬
‫س ِبيلهُ"(‪.)47‬‬ ‫س ِجينَ ‪ :‬فَت َ َح َباب ِس ْج ِن ِه‪َ ،‬وأ َ ْ‬
‫طلَقَ ا َ ْأل َ ِس َ‬ ‫َو ِم ْنهُ أ َ ْ‬
‫طلَقَ ال َّ‬

‫علَى الت َّ ْخ ِل َية َو ِاال ْر َ‬


‫سال‪،‬‬ ‫احد‪َ ،‬و ُه َو َي ُد ُّل َ‬ ‫ص ِحيح ُم َّ‬
‫طرد َو ِ‬ ‫الالم َو ْالقَاف أ َ ْ‬
‫صل َ‬ ‫قال ابن فارس‪َّ " :‬‬
‫الطاء َو َّ‬
‫ش ْي ُء ْال َح َاللُ‪،‬‬
‫الط ْل ُق‪ :‬ال َّ‬ ‫طلَقتُهُ ِإ ْ‬
‫ط َالقًا‪َ ،‬و َّ‬ ‫تر ِج ُع ْالفُ ُروعُ ِإلَ ْي ِه‪ ،‬تَقُو ُل أ َ ْ‬
‫ط ِل ُق ا ْن ِط َالقًا‪ ،‬ث ُ َّم ْ‬
‫الر ُج ُل َي ْن َ‬
‫طلَقَ َّ‬
‫يُقَا ُل ا ْن َ‬
‫طلَّقَ َها زَ ْو ُج َها]‪،‬‬ ‫ط ْلقَي ِْن‪َ ،‬و ْام َرأَة َ‬
‫طا ِلق‪َ [:‬‬ ‫ط ْلقًا أ َ ْو َ‬‫ع َدا ْالفَ َرس َ‬ ‫ب َ‬‫ظر‪َ ،‬و ِم ْن ْالبَا ِ‬‫يح ْ‬ ‫ع ْنهُ فَلَ ْم ْ‬
‫ي َ‬ ‫َكأَنَّهُ قَ ْد ُخ ِل َ‬
‫ط َالق‪َ :‬فأ َ ْن ي ْذك َر‬ ‫اإل ْ‬
‫ت"(‪ ،)48‬وقال أيضا‪ِ ْ " :‬‬ ‫طلَّقت َها فَ َ‬
‫طلَقَ ْ‬ ‫طلَقَت النَّاقَة ِم ْن ِعقَا ِل َها َو َ‬ ‫طا ِلقَة غذًّا‪َ ،‬وأَ ْ‬ ‫َو َ‬
‫ش ْي َء يُ ْش ِبهُ َذ ِل َك"(‪.)49‬‬ ‫ع َدد َو َال َ‬ ‫ص َفة َو َال ش َْرط َو َال زَ َمان َو َال َ‬ ‫ش ْيء بِاس ِْم ِه َال يُ ْق َر ُن بِ ِه ِ‬ ‫ال َّ‬

‫ع ْنهُ ْالقَ ْيدُ‪ ،‬يَقُو ُل أ َ ِبي‬ ‫سق َ‬


‫ط َ‬ ‫سالُ‪َ ،‬و ْال َما ُء ْال ُم ْ‬
‫طلَ ُق‪َ :‬ما َ‬ ‫ط َال ُق‪ْ :‬الح ُّل َو ْ ِ‬
‫اإل ْر َ‬ ‫اإل ْ‬‫ورد في تاج العروس‪ِ ْ " :‬‬
‫علَ ْي َها"(‪.)50‬‬ ‫طلُق‪َ :‬ال قَ ْي َد َ‬
‫طا ِلق َو ُ‬
‫صر‪ :‬نَاقَة َ‬
‫نَ ْ‬

‫(‪ - )47‬المناهج األصولية لفتحي الد َُّرينِي‪ ،‬المصدر نفسه‪.508 :‬‬


‫(‪ - )48‬معجم مقاييس اللغة البن فارس‪ ،‬تحقيق عبد السالم ُم َح َّمد هارون‪ ،‬دار الفكر للنشر والتوزيع‪ ،‬كتاب الطاء‪ ،‬مادة‪( :‬طلق)‪.421-420/3 ،‬‬
‫(‪ - )49‬الصَّاحِ بِي في فقه اللغة العربية البن فارس‪ ،‬تحقيق الدكتور عمر فاروق الطبَّاع‪ ،‬ط‪1414( :1‬هـ ‪1993 -‬م)‪ ،‬مكتبة المعارف ‪-‬بيروت‪ ، -‬باب الخطاب‬
‫ط َلق َو ْال ُمقَيَّد‪.200 ،‬‬
‫ْال ُم ْ‬
‫(‪ - )50‬تاج العروس للسيد ُم َح َّمد المرتضى الزبيدي‪ ،‬تحقيق عبد الكريم العزباوي‪ ،‬ط‪1410( :2‬هـ ‪1990 -‬م)‪ ،‬دار التراث العربي ‪-‬الكويت‪ ،-‬مادة‪( :‬طلق)‪،‬‬
‫‪.102/26‬‬

‫‪- 41 -‬‬
‫طلَّق‪َ :‬ال َّ‬
‫حر فِي ِه َو َال قَر"(‪.)51‬‬ ‫ورد في القاموس المحيط‪َ " :‬ي ْوم َ‬

‫ع ْنهُ‪ ،‬قَا َل‪:‬‬ ‫ي َ‬ ‫ط َلق‪ِ ،‬إ َذا ُخ ِل َ‬ ‫طا ِلق َو ُم ْ‬‫ط ْلق َو َ‬ ‫ط ِليق َو َ‬ ‫ورد في لسان العرب‪َ " :‬قا َل ْاألَع َْرا ِبي‪ :‬يُ َقا ُل ُه َو َ‬
‫ان ِإ َذا‬
‫س ِ‬ ‫سال‪َ ،‬ويُقَا ُل ِل ْ ِ‬
‫إل ْن َ‬ ‫ط َال ُق ِب َم ْعنَى الت َّ ْرك َو ْ ِ‬
‫اإل ْر َ‬ ‫اإل ْ‬ ‫سا ُل َوح ُّل ْالع ْقدِ‪َ ،‬ويَ ُك ُ‬
‫ون ْ ِ‬ ‫يق الت َّ ْخ ِليَةُ َو ْ ِ‬
‫اإل ْر َ‬ ‫َوالت َّ ْ‬
‫ط ِل ُ‬
‫طلَّقَت‬ ‫طي ِْن‪َ ،‬ويُقَا ُل‪ :‬تَ َ‬ ‫طا أ َ ْو ش َْو َ‬
‫ي ش َْو ً‬ ‫ط ْلقًا أ َ ْو َ‬
‫طلقَي ِْن أ َ ْ‬ ‫ع َدا ْالفَ َرس َ‬
‫ار ُح ًّرا‪َ ،‬ويُقَا ُل‪َ :‬‬ ‫ص َ‬ ‫ي َ‬ ‫ط ِليق‪ ،‬أ َ ْ‬ ‫أ ُ ْعتَقَ َ‬
‫س إِلَى ْالغَايَ ِة"(‪.)52‬‬
‫ط ْلقًا لَ ْم ت ُ ْحت َ َب ْ‬
‫ت َ‬ ‫ْال َخ ْي ُل إِ َذا َم َ‬
‫ض ْ‬

‫طلَقَ فِي َما َال يُ َقيَّد ِب َي ْقد أ َ ْو ش َْرط‪،‬‬ ‫من أَ ْ‬


‫طلَق‪ :‬ا ْس ُم َم ْفعُول ْ‬ ‫ورد في معجم اللغة العربية المعاصرة‪ُ " :‬م ْ‬
‫ص َال ِحيَ ِة‪َ :‬م ْمنُوح‬ ‫طلَ ُق ال َّ‬‫غي ُْر ُم ْعت َ َقل‪ ،‬و ُم ْ‬‫س َراحِ‪َ :‬‬ ‫طلَ ُق ال َّ‬ ‫طلَقَة‪ ،‬و ُم ْ‬ ‫طة ُم ْ‬ ‫س ْل َ‬
‫غيْر ُم َقيَّد‪ُ :‬حر َيت َ َمت َّ ُع بِ ُ‬
‫يُقَا ُل َ‬
‫طلَقَ ْال َك َال َم‪َ :‬‬
‫ع َّم َمهُ َولَ ْم يُقَ ِي ْدهُ أ َ ْر َ‬
‫سلَه ُ‬ ‫اء َو ْال َب ْذل‪ ،‬أ َ ْ‬
‫ط ِ‬ ‫ط َها ِل ْل َع َ‬‫طلقَ َي َدهُ ْلل َخي ِْر‪َ :‬ب ْس َ‬ ‫طلَقَة‪ ،‬يُقَا ُل‪َ :‬‬ ‫ص َال ِح َيات ُم ْ‬‫َ‬
‫طلَقَ ِم ْن قُيُو ِد ِه' ‪ ،‬و َماء ُم ْ‬
‫طلَق‪:‬‬ ‫ط ْلقًا 'ا ْن َ‬
‫ار َ‬
‫ص َ‬ ‫طلَقَ ْالعُ ْ‬
‫صف ُ ُ‬
‫ور‪ :‬تَ َح َّر َر َو َ‬ ‫غي ِْر َقيْد أ َ ْو ش َْرط‪ ،‬ويُقَا ُل‪ :‬ا ْن َ‬
‫ِم ْن َ‬
‫ظا ِهر يُغ َِي ُر َل ْونَهُ أ َ ْو ِريحهُ أ َ ْو‬ ‫ش ْيء َ‬
‫علَ ْي ِه َ‬ ‫سة‪َ ،‬و َل ْم َي ْغلِبْ َ‬ ‫طهُ نَ َجا َ‬ ‫ص ِل ِخ ْلقَتِ ِه َولَ ْم تُخَا ِل ْ‬‫علَى أ َ ْ‬‫ي َ‬
‫َما َب ِق َ‬
‫ط َلقَ‬‫ُون ت َ َعثُّر‪ ،‬وأ َ ْ‬
‫ث ِبد ِ‬ ‫ط َلقَ فِي ْال َك َال ِم‪ :‬ت َ َدفَّقَ فِي ْال َحدِي ِ‬
‫غي ِْر ت َ َعثُّر‪َ ،‬وا ْن َ‬‫سانُهُ‪ :‬تَ َكلَّ َم ِم ْن َ‬ ‫طلُقَ ِل َ‬
‫ط ْع َمهُ‪ ،‬و َ‬
‫َ‬
‫س ِبي َلهُ"(‪.)53‬‬ ‫ْاأل َ ِسير‪َ :‬ح َّر َرهُ َوخَلَّى َ‬

‫ط َالقًا‪ :‬ت َ َحرر ِم ْن قَيْد َون َْح ِوهِ‪َ ،‬و ْال َم ْرأَة ُ‬
‫طلُوقًا َو َ‬
‫طلقَ ُ‬ ‫اإل ْ‬
‫ط َالق‪َ ،‬‬ ‫ورد في المعجم الوسيط‪ْ " :‬ال ُم ْ‬
‫طلَق ِم ْن ْ ِ‬
‫ت ِإبِلُ ُه ْم َون َْحوهَا فِي‬‫ص َمتِ ِه‪ ،‬يُقَا ُل‪ْ :‬القَ ْو ُم طلقَ ْ‬‫ت ِم ْن ِع ْ‬ ‫الز َواجِ َوخ ََر َج ْ‬ ‫ت ِم ْن قَ ْي ِد َّ‬‫ط َالقًا‪ :‬ت َ َحلَّلَ ْ‬‫ِم ْن زَ ْو ِج َها َ‬
‫سلَ َها إِلَى ْال َم ْر َ‬
‫عى أ َ ْو َ‬
‫غي ِْرهِ‪،‬‬ ‫ط َلقَ ْال َما ِشيَةَ‪ :‬أ َ ْر َ‬
‫ش ْي َء‪ :‬حلَّهُ َو َح َّر َرهُ‪َ ،‬و ِم ْنهُ‪ :‬أ َ ْ‬ ‫اء‪َ ،‬وأ َ ْ‬
‫طلَقَ ال َّ‬ ‫إل َو ْال َم ِ‬
‫ب ْال َك َ ِ‬
‫طلَ ِ‬
‫َ‬
‫ت"(‪.)54‬‬ ‫احبُهُ ِم ْن َج ِميعِ الت َّ َ‬
‫ص ُّرفَا ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫طلَق‪َ :‬ما َال يُقَيَّ ُد بِ َقيْد أ َ ْو شَرط‪ْ ،‬ال ُم ْ‬
‫طلَ ُق الَّذِي َيتَ َم َّك ُن َ‬ ‫ْال ُم ْ‬

‫ساقَ َها إِلَى ْال َم ِ‬


‫اء فَخَلَّى ُو ُجو َدهَا َوتَر َك َها‬ ‫ورد في معجم متن اللغة‪" :‬يُقَا ُل‪ :‬أ َ ْ‬
‫طلَقَهُ‪َ :‬‬
‫سرحهُ‪َ ،‬و ِم ْنهُ‪ :‬النَّاقَة َ‬
‫غيْر ْال ُمقَيَّد‪ ،‬يُقَا ُل‪ُ :‬ح ِب َ‬
‫س ِفي‬ ‫الط ْل ُق ِم ْن ْ ِ‬
‫اإل ِب ِل‪َ :‬‬ ‫ط ْلق َو َح َرام غ َْلق‪ ،‬و َّ‬
‫عى ل ْيلَتَ ِئذ‪َ ،‬و َيقُولُونَ ‪َ :‬ه َذا َح َالل َ‬
‫ت َ ْر َ‬

‫(‪ - )51‬القاموس المحيط لمجد الدين ُم َح َّمد بن يعقوب الفيروزآبادي‪ ،‬تحقيق أنس ُم َح َّمد الشامي وزكريا جابر أَحْ َمد‪ ،‬سنة الطبع‪1429( :‬هـ ‪2008 -‬م)‪ ،‬دار‬
‫الحديث للنشر والتوزيع ‪-‬القاهرة‪ -‬باب الطاء‪ ،‬مادة‪( :‬طلق)‪.1013 ،‬‬
‫(‪ - )52‬لسان العرب البن منظور‪ ،‬تحقيق عبد هللا علي الكبير‪ ،‬و ُم َح َّمد أَحْ َمد حسب هللا‪ ،‬وهاشم ُم َح َّمد الشاذلي‪ ،‬طبعة جديدة‪ ،‬دار المعارف ‪-‬القاهرة‪ ،-‬باب الطاء‪،‬‬
‫مادة‪( :‬طلق)‪.2695-2693 ،‬‬
‫(‪ - )53‬معجم اللغة العربية المعاصرة ِألَحْ َم ْد مختار عمر‪ ،‬ط‪1429( :1‬هـ ‪2008 -‬م)‪ ،‬عالم الكتب ‪-‬القاهرة‪ -‬باب الطاء‪ ،‬مادة‪( :‬ط ل ق)‪.1412-1411 ،‬‬
‫(‪ - )54‬المعجم الوسيط لمجموعة من المؤلفين (إبراهيم أنيس‪ ،‬عبد الحليم منتصر‪ ،‬عطية الصوالحي‪ُ ،‬م َح َّمد خلف هللا أحمد)‪ ،‬ط‪1425( :4‬هـ ‪2004 -‬م)‪،‬‬
‫مجمع اللغة العربية‪ ،‬مكتبة الشروق الدولية ‪-‬القاهرة‪.564-563 ،-‬‬

‫‪- 42 -‬‬
‫ش ْيء‪َ ،‬و ْال ُم ْ‬
‫طلَ ُق ِم ْن ْاأل َ ْح َك ِام‬ ‫ضاف ِإلَى َ‬
‫غي ُْر ُم ْن َ‬ ‫ي ِب َال قَيْد َو َال وثَاق‪َ ،‬و َماء ُم ْ‬
‫طلَق‪َ :‬‬
‫قراح َ‬ ‫ط ْلقًا أ َ ْ‬
‫الس ْج ِن َ‬
‫ِ‬
‫َما ليس فِي ِه ا ْس ِتثْنَاء"(‪.)55‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تعريف ا ْل ُمقَيَّد في اللغة‬

‫ار فِي ُك ِل‬ ‫ي ْالقَ ْيدُ‪َ ،‬و ُه َو َم ْع ُروف‪ ،‬ث ُ َّم يُ ْستَعَ ُ‬ ‫اح َدة‪َ ،‬و ِه َ‬‫اف َو ْاليَا ُء َوالدَّا ُل َك ِل َمة َو ِ‬ ‫قال ابن فارس‪ْ " :‬القَ ُ‬
‫ع ِة إِد َْرا ِك ِه‬ ‫ش ِم ْن ُ‬
‫س ْر َ‬ ‫س‪ ،‬يُقَالُ‪ :‬قَيَّ ْدتُهُ أُقَيِ ُدهُ ت َ ْقيِيدًا‪َ ،‬ويُقَالُ‪ :‬فَ َرس قَ ْي ُد ْاأل َ َوابِدِ‪ ،‬أ َ ْ‬
‫ي فَ َكأ َ َّن ْال َو ْح َ‬ ‫ش ْيء ي ُْحبَ ُ‬
‫َ‬
‫ِب ُم ْن َج ِرد قَ ْي ِد ْاْل َ َوا ِب ِد َه ْي َك ِل‪.‬‬ ‫طي ُْر ِفي ُو ْك َنا ِت َها ‪....‬‬ ‫لَ َها ُمقَيَّ َدة‪ ،‬قَا َل‪َ :‬وقَ ْد أ َ ْغتَدِي َوال َّ‬
‫ون َذ ِل َك ْالقَ ِر ُ‬
‫ين‬ ‫ض ُع ْالقَ ْي ِد ِمنَ ْالفَ َر ِس"(‪ ،)56‬وقال أيضا‪َ " :‬والت َّ ْق ِيي ُد أ َ ْن ي ْذ ُك َر ِبقَ ِرين‪ ،‬فَ َي ُك ُ‬ ‫َو ْال ُمقَيَّدُ‪َ :‬م ْو ِ‬
‫عتِ ِه‪ ،‬فَإ ِ َذا قَا َل‪:‬‬ ‫ش َجا َ‬‫شبَّ َههُ ِب َليْث فِي َ‬ ‫زَ ائِدًا فِي ْال َم ْعنَى‪ِ ،‬م ْن َذ ِل َك أ َ ْن َيقُو َل ْالقَائِ ُل‪" :‬زَ يْد لَيْث" فَ َه َذا ِإنَّ َما َ‬
‫ان الَّذِي ُح ِر َ‬
‫ب فَ ِري َ‬
‫ستهُ"(‪.)57‬‬ ‫ب" َو ُه َو ْال َغ ْ‬
‫ض َب ُ‬ ‫ب" فَقَ ْد زَ ا َد " ْال َح ِر َ‬
‫ث ْال َح ِر َ‬
‫" ُه َو َكاللَّ ْي ِ‬

‫ير‪ ،‬يُقَا ُل ِل ْلفَ َر ِس‪ :‬قَ ْي ُد‬


‫ق ْالبَ ِع ِ‬ ‫اللثَةُ‪َ ،‬وقَ ْي َد ْالفَ َر ِس‪ِ :‬س َمة ِفي ُ‬
‫عن ُ ِ‬ ‫ورد في القاموس المحيط‪" :‬قَ ْي ُد ْاأل َ ْسن ِ‬
‫َان‪ِ :‬‬
‫ي‪َ :‬منَ َع ِم ْن ْالفَتْ ِك‬
‫اإلي َمانَ ْالفَتْ َك أ َ ْ‬
‫ش ْكلُهُ‪َ ،‬و َقيَّ َد ْ ِ‬ ‫س ْر َعتِ ِه‪َ ،‬وت َ ْق ِيي ُد ْال ِكتَا ِ‬
‫ب‪َ :‬‬ ‫ْاأل َ َوابِ ِد ِألَنَّهُ يَ ْل َح ُق ْال ُو ُح َ‬
‫وش بِ ُ‬
‫سادِ‪َ ،‬و ْالقَ ْي ُد بِ ْال َكس ِْر‪ْ :‬ال َقد ُْر"(‪.)58‬‬ ‫ث ِم ْن ْالفَ َ‬‫بِ ْال ُمؤْ ِم ِن َك َما يَ ْمنَ ُع َذا ْالعَ ْي ِ‬

‫يس فِي ْال ِم ْق َد ِار‪ ،‬يُقَا ُل ِل ْلفَ َر ِس ْال َج َوا ِد‪ :‬قَ ْي ُد ْاأل َ َوابِ ِد‬
‫ورد في كتاب العين‪" :‬قَيَّ َدتُهُ بِ ْالقَ ْي ِد ت َ ْق ِييدًا‪َ ،‬و ْالقَ ْي ُد‪ْ :‬ال ِق ُ‬
‫)‬ ‫‪.‬‬ ‫(‪59‬‬ ‫لَهُ"‬ ‫ُم َقيد‬ ‫ُه َو‬ ‫َكأَنَّ َما‬ ‫لَ ِحقَهُ‬ ‫َرآه ُ‬ ‫إِ َذا‬ ‫أَ ْ‬
‫ي‬
‫ش ْكلُهُ‪َ ،‬و ِك َال ُه َما‬ ‫ضبطهُ‪َ ،‬و َك َذ ِل َك قَيَّ َد ْال ِكتَاب بِال َّ‬
‫ش ْك ِل‪َ :‬‬ ‫ورد في لسان العرب‪" :‬يُقَا ُل‪ :‬قَيَّ َد ْال ِع ْل َم بِ ْال ِكتَاب‪َ :‬‬
‫ط َلق‪َ ،‬و ْالقيا ُد‪َ :‬حبْل‬
‫ف ْال ُم ْ‬
‫ش ْكلُهُ‪َ ،‬و ْال ُمقَيَّ ُد ِم ْن الش ْع ِر‪ِ :‬خ َال ُ‬
‫طهُ َو ِإ ْع َجا ُمهُ َو َ‬ ‫علَى ْال َمث َ ِل‪َ ،‬وت َ ْق ِيي ُد ْالخ ِ‬
‫َط ت َ ْن ِقي ُ‬ ‫َ‬
‫ض ُع ْالقَ ْي ِد ِم ْن ِرج ِل ْال َف َر ِس"(‪.)60‬‬ ‫تُقَا ُد ِب ِه الدَّابَّةُ‪َ ،‬و ْال ُم َقيَّ ُد‪َ :‬م ْو ِ‬

‫(‪ - )55‬معجم متن اللغة للعالمة اللغوي أحمد رضا‪ ،‬سنة الطبع‪1378( :‬هـ ‪1959 -‬م)‪ ،‬دار مكتبة الحياة ‪-‬بيروت‪ ،-‬مادة‪( :‬ط ل ق)‪.625-624/3 ،‬‬
‫(‪ - )56‬معجم مقاييس البن فارس‪ ،‬تحقيق عبد السالم ُم َح َّمد هارون‪ ،‬المصدر نفسه‪ :‬كتاب الطاء‪ ،‬مادة‪( :‬قيد)‪.44/5 ،‬‬
‫ط َلق َو ْال ُمقَيَّد‪.200 ،‬‬
‫(‪ - )57‬الصَّاحِ بِي في فقه اللغة العربية البن فارس‪ ،‬المصدر نفسه‪ :‬باب الخطاب ْال ُم ْ‬
‫(‪ - )58‬القاموس المحيط لمجد الدين ُم َح َّمد بن يعقوب الفيروزآبادي‪ ،‬تحقيق أنس ُم َح َّمد الشامي وزكريا جابر أَحْ َمد‪ ،‬المصدر نفسه‪ :‬باب القاف‪ ،‬مادة‪( :‬قيد)‪،‬‬
‫‪.1384‬‬
‫(‪ - )59‬كتاب العين للخليل بن أحمد الفراهيدي‪ ،‬تحقيق الدكتور عبد الحميد هنداوي‪ ،‬ط‪1424( :1‬هـ ‪2003 -‬م)‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪-‬لبنان‪ ، -‬باب القاف‪ ،‬مادة‪:‬‬
‫(قيد)‪.446/3 ،‬‬
‫(‪ - )60‬لسان العرب البن منظور‪ ،‬تحقيق عبد هللا علي الكبير‪ ،‬المصدر نفسه‪ :‬باب القاف‪ ،‬مادة‪( :‬قيد)‪.3793-3792 ،‬‬

‫‪- 43 -‬‬
‫ب‪ /‬تَقَيَّ َد فِي‪َ ،‬يتَقَيَّ ُد تَقَيُّدًا‪ ،‬فَ ُه َو ُمت َ َق ِيد‪َ ،‬و ْال َم ْفعُو ُل‬
‫ورد في معجم اللغة العربية المعاصرة‪" :‬ت َ َقيَّ َد‪ /‬تَقَيَّ َد ِ‬
‫ُمت َ َقيد ِب ِه‪ ،‬يُقَا ُل‪ :‬تَقَيَّ َد ْال َع ْقدُ‪ْ ،‬الت َزَ َم ِب ُ‬
‫ش ُروط ُم َعيَّنَة 'تَقَيَّ َد ِب َع ْق ِد َع َمل'‪ ،‬يُقَا ُل ت َ َقيَّ َد ِب ْاأل َ ْم ِر‪َ :‬حافَظ َ‬
‫ع َل ْي ِه ِب ِدقَّة‬
‫ت‪/‬‬ ‫عاتُهُ 'تَقَيَّ َد بِ ْالقَس ِْم‪/‬بِ َوعْد‪/‬بِقَ َرار‪/‬بِ ْاأل َ ْن ِظ َم ِة‪/‬بِ ْاأل َ َو ِام ِر‪/‬بِالت َّ ْع ِلي َما ِ‬ ‫علَ ْي ِه ُم َرا َ‬ ‫ب َ‬ ‫يحد َع َّما َي ِج ُ‬ ‫َولَ ْم ِ‬
‫سانِ َك قَ ْب َل أَ ْن‬ ‫س َّج َل ا ْس َمهُ ِب َها‪َ ،‬و ِم ْنهُ‪َ :‬قيد ِل َ‬ ‫امعَ ِة‪َ :‬‬ ‫ب فِي ْال َج ِ‬ ‫بِ ْالقَ َوانِ ِ‬
‫ين‪/‬بِ ُم ْعتَقَ َداتِ ِه الدِي ِنيَّ ِة'‪ ،‬يُقَا ُل‪ :‬ت َ َقيَّ َد َّ‬
‫الطا ِل ُ‬
‫ضبَ َ‬
‫ط َها‪َ ،‬ويُقَا ُل‪ :‬قَيَّدُوا ِن َع َم‬ ‫لك قَ ْلبه بِ ِه‪َ ،‬وقَيَّ َد ْال ِف ْك َرة َ فِي ْال ِكتَا ِ‬
‫ب أَثْ َبت َ َها َو َ‬ ‫ان‪َ :‬م َ‬ ‫س ِ‬‫اإل ْح َ‬ ‫دك‪َ ،‬وقيد فُ َالن بِ ْ ِ‬ ‫يُقَيِ َ‬
‫ش ُروط‪َ :‬ح َّد َدهُ بِ َها‪َ ،‬وفُ َالن َمازَ ا َل‬ ‫اب َر ْق َمهُ‪َ ،‬وقَيَّ َد ْالعَ ْق َد بِ ُ‬
‫س َ‬ ‫ش ْك ِر‪َ ،‬وقَيَّدُوا ْال ِع ْل َم بِ ْال ِكتَابَ ِة‪َ ،‬وقَيَّ َد ْال ِح َ‬
‫ّللا بِال ُّ‬
‫َّ ِ‬
‫غيْر ْال َم ْو ُ‬
‫صولَ ِة‪،‬‬ ‫ت‪ ،‬ت َ ْقيِيد‪ :‬تَس ِْجيل َو ِإثْبَات فِي َو َر َقة أ َ ْو َد ْفتَر أ َ ْو ِكتَاب‪ْ ،‬القَافِيَةُ ْال ُمقَيَّ َدة ُ‪َ :‬‬
‫بِقَ ْي ِد ْال َحيَاةِ‪ :‬لَ ْم يَ ُم ْ‬
‫ع ْن ِإ ْش َباعِ َح َر َك ِة َّ‬
‫الر ِوي"(‪.)61‬‬ ‫ي الَّ ِتي لَي َ‬
‫ْس ِفي َها َح ْرف لين نَا ِشئ َ‬ ‫أَ ْ‬

‫َط‪ :‬نَقطهُ‬ ‫طهُ‪َ ،‬و ِم ْنهُ ْالخ ُّ‬ ‫ان َو ْال ِع ْلم ِب ْال ِكتَا ِ‬
‫ب‪ :‬أَثْ َبتَهُ َو َ‬
‫ض َب َ‬ ‫س ِ‬ ‫ورد في المعجم الوجيز‪" :‬يُقَا ُل‪ :‬قَيَّ َدهُ ِب ْ‬
‫االح َ‬
‫س َّج َلهُ‪ْ ،‬ال َق ْي ُد‪َ :‬ح َبل َون َْحوه ي ُْج َع ُل فِي رج ِل الدَّابَّ ِة َو َ‬
‫غي ِْرهَا َفي ُْم ِس ُك َها‪،‬‬ ‫ش ْيء فِي د ْفتَر أ َ ْو َو َرقَة‪َ :‬‬
‫َوشَكلهُ‪َ ،‬وال َّ‬
‫ض ُع الَّذِي ت ُ َقيَّ ُد فِي ِه الدَّابَّةُ‪َ ،‬و ْال ِق َيا ُد‪َ :‬حبْل يُقَا ُد ِب ِه"(‪.)62‬‬
‫َو ْال ُمقَيَّ ُد‪ْ :‬ال َم ْو ِ‬

‫ارةِ َو َم ْعنَاه ُ‬ ‫علَى ْاال ْس ِت َع َ‬ ‫ورد في المصباح المنير‪ْ " :‬القَ ْي ُد‪َ :‬ج ْمعُهُ قُيُود َوأ َ ْقيَاد‪َ ،‬وقَ ْولُ ُه ْم ِل ْلفَ َر ِس قَ ْي ُد ْاأل َ َوا ِب ِد َ‬
‫وش َو َال تَفُوتُهُ فَ ُه َو يَ ْمنَعُ َها ال ِش َرا َد َك َما يَ ْم َنعُ َها ْالقَ ْيدُ‪َ ،‬وقَيَّدتُهُ ت َ ْقيِيدًا‪:‬‬ ‫عد ُِو ِه يُد ِْركُ ْال ُو ُح َ‬
‫ع ِة َ‬
‫س ْر َ‬ ‫أ َ َّن ْالفَ َر َ‬
‫س ِل ُ‬
‫ط َوي ُِزي ُل ِاال ْلتِبَ َ‬
‫اس"(‪.)63‬‬ ‫َجعلتُ ْالقَ ْي َد فِي ِر ْج ِل ِه‪َ ،‬و ِم ْنهُ ت َ ْق ِيي ُد ْاأل َ ْلفَ ِ‬
‫اظ ِب َما َي ْم َن ُع ِاال ْختِ َال َ‬

‫● خالصة لما سبق‪ ،‬وإشارة لما سيأتي الحديث عنه‪:‬‬

‫بعدما تبين لنا المعنى اللغوي لكل من لفظ "ا ْل ُم ْطلَق" و "ا ْل ُم َقيَّد" ‪ ،‬باعتبار هذا البيان اللغوي هو‬
‫المنطلق واْلساس‪ ،‬بل هو المفتاح الذي يجعلنا نمهد الطريق لفهم أصولي مستقيم لقضايا البحث‬
‫وإشكاالته التي نحن بصدد حلها والجواب عليها‪ ،‬فمن خالل ما سبق سيكون الكالم والنقاش في‬
‫المبحث الثاني من هذا الفصل اْلول حول تعريف ا ْل ُم ْط َلق َوا ْل ُمقَيَّد في االصطالح اْلصولي عند‬
‫الد َُّرينِي‪ ،‬وعند الذين وافقهم في صياغة وصناعة التعريف‪ ،‬وكذلك الذين خالفهم من علماء‬
‫اْلصول‪.‬‬

‫(‪ - )61‬معجم اللغة العربية المعاصرة ألحمد مختار عمر‪ ،‬المصدر نفسه‪ :‬باب القاف‪ ،‬مادة‪( :‬ق ي د)‪.1883-1882 ،‬‬
‫(‪ - )62‬المعجم الوجيز إصدار مجمع اللغة العربية ‪-‬القاهرة‪ ،-‬باب القاف‪ ،‬مادة‪َ ( :‬قيَّ َدهُ)‪.522 ،‬‬
‫(‪ - )63‬المصباح المنير تأليف أحمد بن ُم َح َّمد بن علي الفيومي‪ ،‬تحقيق الدكتور عبد العظيم الشناوي‪ ،‬ط‪ ،2‬دار المعارف ‪-‬القاهرة‪ ،-‬كتاب القاف‪ ،‬مادة‪ْ ( :‬القَ ْيدُ)‪،‬‬
‫‪.521‬‬

‫‪- 44 -‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬تعريف ا ْل ُم ْطلَق َوا ْل ُمقَيَّد اصطالحا عند الد َُّرينِي‬
‫وعند من وافقهم وخالفهم من علماء اْلصول‬

‫المطلب اْلول‪ :‬تعريف ا ْل ُم ْطلَق اصطالحا عند ال ُّد َرينِي وعند‬


‫من وافقهم وخالفهم من اْلصوليين‬

‫أوال‪ :‬تعريف ا ْل ُم ْطلَق عند العالمة اْلصولي فتحي الد َُّري ِني (ت‪1434 :‬هـ)‪:‬‬

‫علَى فَ ْرد شَائِع فِي ِج ْن ِ‬


‫س ِه ُم َج َّردًا ع َْن ا ْلقُيُو ِد اللَّ ْف ِظيَّ ِة‬ ‫ف الد َُّرينِي ا ْل ُم ْطلَق ِبقَ ْو ِل ِه‪ُ " :‬ه َو اللَّ ْف ُ‬
‫ظ الدَّا ُّل َ‬ ‫ع ََّر َ‬
‫شيُو ِع ِه" ‪ ،‬ثم ذكر الد َُّرينِي أن ا ْل ُم ْطلَق هو النكرة في سياق اإلثبات‪ ،‬أي‪ :‬الفرد الشائع‬
‫الَّتِي تُقَل ُل ِم ْن ُ‬
‫ال على التعيين‪ ،‬وأن المقصود بالنَّ ِك َرة‪ :‬ما يدل على الوحدة الشائعة في جنسها دون تعيين‪ ،‬سواء‬
‫أكانت نكرة مفردة‪ ،‬مثل‪ :‬كتاب‪ ،‬رجل‪ ،‬جندي‪ ،‬ولي‪ ،‬شجرة‪ ،‬أم كانت مثناة‪ ،‬مثل‪ :‬كتابين‪ ،‬رجلين‪،‬‬
‫جنديين‪ ،‬أم كانت جمعا شائعا‪ ،‬مثل‪ :‬رجال‪ ،‬كتب‪ ،‬شجر(‪ ،)64‬وأضاف الد َُّري ِني إلى ذلك فقال‪:‬‬
‫"فقولك‪' :‬كتاب' مثال لفظ يصدق على أي فرد من أفراد الكتب المنشرة في العالم‪ ،‬ولكنه ال يشملها‬
‫جميعا‪ ،‬إذ ال يشمل إال واحدا غير معين(‪.)65‬‬

‫ثانيا‪ :‬تعريف ا ْل ُم ْطلَق عند بعض علماء اْلصول الذين وافقهم الد َُّرينِي والذين خالفهم‪:‬‬
‫"ال ُم ْ‬
‫طلَق" في اصطالح العلماء األصوليين بعدة تعاريف متعددة ومختلفة‪ ،‬دارت حول‬ ‫ف لفظ ْ‬
‫ع ِر َ‬
‫ُ‬
‫مسارين كبيرين‪ ،‬حيث عبر وقال كل أصولي بالذي يراه مناسب وأقرب لحقيقة المطلق‪ ،‬ونفرد في‬
‫بيان ذلك كل فرقة على حدة‪:‬‬

‫● الفرقة اْلولى‪ :‬وهم الذي وافقهم الد َُّرينِي في تعريفهم للمطلق‪ ،‬حيث يجعلون ْال ُم ْ‬
‫طلَق هو النكرة‬
‫في سياق اإلثبات كما قال الد َُّري ِني‪ ،‬فهم يقولون بالترادف بين المطلق والنكرة‪ ،‬وأن معناه التكليف‬

‫(‪ - )64‬المناهج األصولية لفتحي الد َُّرينِي‪ ،‬المصدر نفسه‪.509-508 :‬‬


‫(‪ - )65‬نفسه‪( ،509 :‬ينظر اإلحالة)‪.‬‬

‫‪- 45 -‬‬
‫بفرد من األفراد الشائعة الموجودة في الخارج‪ ،‬ومن أشهر وأجود تعاريف هذه الفرقة ما يلي‪:‬‬

‫ي (ت‪631 :‬هـ) ا ْل ُم ْطلَق بِ َق ْو ِل ِه‪ُ " :‬ه َو اللَّ ْف ُ‬


‫ظ‬ ‫ي ث ُ َّم الشَّافِ ِع ُّ‬
‫ع ِلي بْن ُم َح َّمد ْاْل ِمدِي ا ْل َح ْنبَ ِل ُّ‬
‫ف ا ْلعَ َّال َمة َ‬
‫• ع ََّر َ‬
‫علَى َم ْدلُول شَائِع ِفي ِج ْن ِ‬
‫س ِه" ؛ فقولنا‪( :‬لفظ)؛ كالجنس للمطلق وغيره‪ ،‬وقولنا‪( :‬دال)؛ احتراز‬ ‫الدَّال َ‬
‫عن األلفاظ المهملة‪ ،‬وقولنا‪( :‬على مدلول)؛ ليعم الوجود والعدم‪ ،‬وقولنا‪( :‬شائع في جنسه)؛ احتراز‬
‫عن أسماء األعالم وما مدلوله معين أو مستغرق‪ .‬ولآلمدي ‪-‬رحمه هللا‪ -‬تعريف آخر‪" :‬ا ْل ُم ْطلَق‪:‬‬
‫اإلثْ َباتِ" ؛ فقولنا‪( :‬نكرة)؛ احتراز عن أسماء المعارف وما مدلوله واحد‬
‫اق ْ ِ‬ ‫ارة ع َْن النَّ ِك َر ِة فِي ِ‬
‫س َي ِ‬ ‫ِعبَ َ‬
‫معين‪ ،‬أو عام مستغرق‪ ،‬وقولنا‪( :‬في سياق اإلثبات)؛ احتراز عن النكرة في سياق النفي؛ فإنها تعم‬
‫جميع ما هو من جنسها‪ ،‬وتخرج بذلك عن التنكير لداللة اللفظ على االستغراق‪ ،‬وذاك كقولك في‬
‫معرض األمر‪" :‬أعتق رقبة" ‪ ،‬أو مصدر األمر كقوله‪" :‬فتحرير رقبة" ‪ ،‬أو اإلخبار عن المستقبل‬
‫كقوله‪( :‬سأعتق رقبة)‪ ،‬وال يتصور اإلطالق في معرض الخبر المتعلق بالماضي؛ كقوله‪( :‬رأيت‬
‫رجال) ضرورة تعيينه من إسناد الرؤية إليه(‪.)66‬‬

‫علَى شَائِع ِفي‬ ‫اجب ا ْل َما ِل ِكي (ت‪646 :‬هـ) ا ْل ُم ْطلَق بِقَ ْو ِل ِه‪" :‬ا ْل ُم ْط َل ُ‬
‫ق َما َد َّل َ‬ ‫ف ابْن ا ْل َح ِ‬
‫• َوع ََّر َ‬
‫ِج ْن ِ‬
‫س ِه"(‪.)67‬‬

‫✓ إن تعريف اْلمدي وابن الحاجب للفظ "ا ْل ُم ْطلَق" مال إليه الد َُّرينِي بالدرجة اْلولى‪ ،‬حيث قال‬
‫بعد تعريفه للمطلق‪" :‬وهذا التعريف للمطلق الذي ينطبق على النكرة‪ ،‬هو ما قال به ابن الحاجب‬
‫واْلمدي"(‪ ،)68‬ومن العلماء اْلخرين الذين وافقهم الد َُّرينِي صياغة وصناعة التعريف‪ ،‬ما يلي‪:‬‬

‫اجي ْاْل َ ْن َدلُ ِ‬


‫سي ا ْل َما ِل ِكي (ت‪474 :‬هـ) ا ْل ُم ْط َلق‬ ‫اإل َمام ا ْل َحافِظ أ َ ِبي ا ْل َو ِليد ُ‬
‫سلَ ْي َمان بْن َخ َلف ا ْلبَ ِ‬ ‫ف ِْ‬
‫• ع ََّر َ‬
‫ِبقَ ْو ِل ِه‪ُ " :‬ه َو اللَّ ْف ُ‬
‫ظ ا ْل َوا ِق ُع َ‬
‫علَى ِصفَات لَ ْم يُقَيَّ ْد ِب َب ْع ِض َها" ؛ ومعنى ذلك أن يرد اللفظ يتناول مذكورا‬
‫يصح وجوده على صفات متغايرة مختلفة وال يقيد بشيء منها(‪.)69‬‬

‫(‪ - )66‬اإلحكام في أصول األحكام لعلي بن ُم َح َّمد اآلمدي‪ ،‬تحقيق عبد الرزاق عفيفي‪ ،‬ط‪1424( :1‬هـ ‪2003 -‬م)‪ ،‬دار الصميعي للنشر والتوزيع‪ ،‬المملكة‬
‫العربية السعودي ‪-‬الرياض‪.6-5/3 ،-‬‬
‫(‪ - )67‬بيان المختصر شرح مختصر المنتهى البن الحاجب‪ ،‬تأليف محمود بن عبد الرحمن بن أحمد شمس الدين األصفهاني‪ ،‬تحقيق الدكتور ُم َح َّمد مظهر بقا‪،‬‬
‫دار التراث اإلسالمي‪ ،‬المملكة العربية السعودي‪.349/2 ،‬‬
‫(‪ - )68‬المناهج األصولية لفتحي الد َُّرينِي‪ ،‬المصدر نفسه‪( ،509 :‬ينظر اإلحالة)‪.‬‬
‫(‪ - )69‬كتاب الحدود في األصول البن خلف الباجي‪ ،‬تحقيق نزيه حماد‪ ،‬مؤسسة الزعبي ‪-‬بيروت‪.47 ، -‬‬

‫‪- 46 -‬‬
‫شعَيْب بْن ال َّد َّهان (ت‪592 :‬هـ) ا ْل ُم ْطلَق بِ َق ْو ِل ِه‪" :‬ا ْل ُم ْطلَ ُ‬
‫ق‬ ‫ع ِلي بْن ُ‬ ‫ف أَبِي ُ‬
‫ش َجاع ُم َح َّمد بْن َ‬ ‫• َوع ََّر َ‬
‫َاملَة ِل ِج ْن ِس تِ ْلكَ الذَّات‪َ ،‬كقَ ْول َنا‪:‬‬ ‫علَى َذات َو ِ‬
‫احدَة َال ِبعَ ْينِ َها‪ ،‬بَ ْل ِبا ْعتِبَ ِار َح ِقيقَة ش ِ‬ ‫ُه َو اللَّ ْف ُ‬
‫ظ الَّذِي يَ ُد ُّل َ‬
‫َّاملَ ِة ِلك ُِل د ِْر َهم‪َ ،‬و ُه َو أ َ ْيضًا ِمن‬ ‫ظ ًرا إِلَى َح ِقيقَ ِة الد ِْر َه ِم الش ِ‬ ‫او ُل د ِْر َه ًما َال ِب َع ْينِ ِه‪ ،‬نَ َ‬ ‫د ِْر َهم‪ ،‬فَ ِإنَّهُ يَت َ َن َ‬
‫ْاْل َ ْق َوا ِل ا ْلك ُِليَّ ِة‪َ ،‬و ُه َو بِا ْل َح ِقيقَ ِة ا ْ‬
‫س ُم ا ْل ِج ْن ِس‪ ،‬لَ ِك َّن ا ْلفُقَ َها َء َك َذا يَ ْع ِرفُونَهُ‪ ،‬فَيَ ْبقَى ُم ْطلَقًا إِلَى أ َ ْن يُ َقيَّ َد‬
‫الصفَ ِة َويَ ْبقَى ُم ْطلَقًا فِي ا ْل َوص ِ‬
‫ْف ا ْلقَ َر ِوي"(‪.(70‬‬ ‫ص بِ َه ِذ ِه ِ‬ ‫بِ َوصْف‪ ،‬فَيُقَال‪ :‬د ِْر َهم قَ َر ِوي فَيَت َ َخ َّ‬
‫ص ُ‬

‫ّللا بْن أَحْ َمد بْن قُدَا َمةَ ا ْل َم ْق ِد ِ‬


‫سي ا ْل َح ْنبَ ِلي (ت‪620 :‬هـ) ا ْل ُم ْط َلق‬ ‫اإل َما ُم ُم َوفَّق الدِين َ‬
‫عبْد َّ ِ‬ ‫ف ِْ‬
‫• َوع ََّر َ‬
‫س ِه"(‪ ،)71‬وأضاف على‬ ‫َاملَة ِل ِج ْن ِ‬ ‫ِبقَ ْو ِل ِه‪" :‬ا ْل ُم ْط َلق ُه َو ا ْل ُمتَنَاو ُل ِل َو ِ‬
‫احد َال ِبعَ ْينِ ِه ِبا ْعتِبَ ِار َح ِقيقَة ش ِ‬
‫ير َرقَبَة﴾(‪ ،)72‬وقد يكون في الخبر‪،‬‬ ‫ذلك فقال‪ :‬وهي النكرة في سياق األمر‪ ،‬كقوله تعالى‪﴿ :‬فَتَحْ ِر ُ‬
‫كقوله عليه السالم‪« :‬الَ نِكَا َح إِال َّ بِ َو ِلي»(‪ ،)73‬وما ذكره بْن قُدَا َمةَ ا ْل َم ْق ِد ِ‬
‫سي‪ ،‬وافقه فيه نَجْ ُم الدِين‬
‫ف ا ْل ُم ْطلَق ِبقَ ْو ِل ِه‪" :‬ا ْل ُم ْطلَق َما ت َ َن َ‬
‫او َل‬ ‫س ِعيد ال ُّ‬
‫طوفِي ا ْل َح ْنبَ ِلي (ت‪716 :‬هـ)‪ ،‬حيث ع ََّر َ‬ ‫يع ابْن َ‬ ‫أ َ ِبي َّ‬
‫الر ِب ِ‬
‫س ِه"(‪ ،)74‬ونهج نهجهما واقتفى أثرهما أيضا أ َ ِبي‬
‫َاملَة ِل ِج ْن ِ‬ ‫احدًا َ‬
‫غيْر ُم َعيَّن ِبا ْع ِت َب ِار َح ِقيقَة ش ِ‬ ‫َو ِ‬
‫ي ْال َم ْع ُر ُ‬
‫وف "بِاب ِْن اللَّ َّحام" (ت‪803 :‬هـ)‪،‬‬ ‫ي ا ْل َح ْنبَ ِل ُّ‬ ‫ع ِلي ا ْلب ْع ِلي ِ‬
‫الد َم ْ‬
‫ش ِق ُّ‬ ‫ع ِلي ْب ُن ُم َح َّمد بْن َ‬ ‫ا ْل َح َ‬
‫سن َ‬
‫طوفِي" (‪ ،) 75‬وهكذا توالت نفس الصياغة في تعريف لفظ‬ ‫س ِعيد ال ُّ‬ ‫فذكر نفس تعريف "ابْن َ‬
‫وحي ا ْل َح ْنبَ ِلي ْالمعروف " ِباب ِْن النَّ َّجار"‬ ‫"ا ْل ُم ْطلَق" عند ت َ ِقي الدِين ُم َح َّمد بْن أَحْ َمد بْن َ‬
‫ع ْب ِد ا ْلعَ ِزيز ا ْلفُت ُ ِ‬
‫َام َلة‬ ‫احدًا َ‬
‫غيْر ُمعَيَّن بِا ْعتِ َب ِار َح ِقيقَة ش ِ‬ ‫ف ا ْل ُم ْطلَق بِ َق ْو ِل ِه‪" :‬ا ْل ُم ْط َلق َما تَنَ َ‬
‫او َل َو ِ‬ ‫(ت‪972 :‬هـ) فعَ َّر َ‬
‫ِل ِج ْن ِ‬
‫س ِه"(‪ ،)76‬وشرح هذا التعريف الذي سار عليه العلماء األصوليين الحنابلة‪ ،‬العالمة ع ََالء الدِين‬
‫َاك ِمن ا ْل َق ْي ِد‬
‫علَى َم ْعنَى ِاال ْن ِفك ِ‬ ‫ق َمأ ْ ُخوذ ِم ْن َما َّد ِة تَد ُ‬
‫ُور َ‬ ‫الم ْرداوي الحنبلي (ت‪885 :‬هـ) فَقَال‪" :‬ا ْل ُم ْط َل ُ‬
‫ِ‬
‫س ِه؛ فَ َخ َر َج بِقَ ْو ِلنَا ( َما تَنَ َ‬
‫او َل‬ ‫َاملَة ِل ِج ْن ِ‬ ‫احدًا َ‬
‫غيْر ُمعَيَّن بِا ْعتِ َب ِار َح ِقيقَة ش ِ‬ ‫فَ ِل َذ ِلكَ قُ ْلنَا ُه َو َما تَنَ َ‬
‫او َل َو ِ‬

‫(‪ - )70‬تقويم النظر البن الدهان‪ ،‬تحقيق الدكتور صالح بن ناصر بن صالح الخزيم‪ ،‬ط‪1422( :1‬هـ ‪2001 -‬م)‪ ،‬مكتبة الرشد ‪-‬الرياض‪.93-92/1 ، -‬‬
‫(‪ - )71‬روضة الناظر البن قدامة المقدسي‪ ،‬تحقيق ُم َح َّمد مِ رابي‪ ،‬ط‪1430( :1‬هـ ‪2009 -‬م)‪ ،‬مؤسسة الرسالة ‪-‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.303/2-1 ، -‬‬
‫(‪ - )72‬النساء‪.91 :‬‬
‫(‪ - )73‬رواه الترمذي في سننه في كتاب النكاح‪ ،‬باب ما جاء ال نكاح إال بولي‪.‬‬
‫(‪ - )74‬شرح مختصر الروضة البن سعيد الطوفي‪ ،‬تحقيق الدكتور عبد هللا بن عبد المحسن التركي‪ ،‬ط‪1419( :2‬هـ ‪1998 -‬م)‪.630/2 ،‬‬
‫(‪ - )75‬شرح المختصر في أصول الفقه البن اللحام‪ ،‬شرح الدكتور سعد بن ناصر بن عبد العزيز الشتري‪ ،‬تحقيق عبد الناصر بن عبد القادر البشبيشي‪ ،‬ط‪:1‬‬
‫(‪1428‬هـ ‪2007 -‬م)‪ ،‬دار كنوز اشبيليا للنشر والتوزيع‪ ،‬المملكة العربية السعودية ‪-‬الرياض‪.502 ، -‬‬
‫(‪ - )76‬مختصر التحرير في أصول الفقه البن النجار‪ ،‬تحقيق ُم َح َّمد مصطفى ُم َح َّمد رمضان‪ ،‬ط‪1420( :1‬هـ ‪2000 -‬م)‪ ،‬مكتبة دار األرقم‪ ،‬المملكة العربية‬
‫السعودية ‪-‬الرياض‪.164 ، -‬‬

‫‪- 47 -‬‬
‫احد‪َ ،‬و َخ َر َج ( ِبغَي ِْر ُمعَيَّن) ا ْل َم َع ِار ُ‬
‫ف ك ََزيْد َونَحْ ِو ِه‪َ ،‬و ِببَاقِي‬ ‫احدًا) أ َ ْلفَا ُ‬
‫ظ ْاْل َ ْعدَا ِد ا ْل ُمتَنَاول ِة ِْل َ ْكث َ َر ِم ْن َو ِ‬ ‫َو ِ‬
‫احدًا َال ِبعَ ْينِ ِه"(‪.)77‬‬
‫او ُل َو ِ‬ ‫ب ا ْل ُم َخيَّ ِر فَ ِإ َّن ًّ‬
‫كال ِم ْن ُه َما يَتَنَ َ‬ ‫شت َ َر ِك َوا ْل َو ِ‬
‫اج ِ‬ ‫ا ْل َح ِد ا ْل ُم ْ‬

‫علَى َو ِ‬
‫احد َال ِبعَ ْينِ ِه‪،‬‬ ‫اح ُد الدَّا ُّل َ‬‫ظ ا ْل َو ِ‬ ‫ف أَئِ َّمةُ آل تَي ِْميَةَ الث َّ َالث فِي ا ْل ُم َ‬
‫س َّودَة ا ْل ُم ْطلَق‪" :‬اللَّ ْف ُ‬ ‫• َوع ََّر َ‬
‫اق‬
‫سيَ ِ‬ ‫س َّميَاته‪َ ،‬كدِي َنار َود ِْر َهم‪َ ،‬و ِمثَالُهُ فِي َما يَ َق ُع بِ ِه ِاال ْ‬
‫ستِد َْال ُل النَّ ِك َرةُ فِي ِ‬ ‫َامل ِل ُم َ‬ ‫بِا ْعتِبَ ِار َم ْعنًى ش ِ‬
‫ض ْاْل َ ْم ِر"(‪.)78‬‬ ‫اإلثْبَا ِ‬
‫ت َوفِي َم ْع ِر ِ‬ ‫ِْ‬

‫َّكور ا ْل َح َن ِفي (ت‪1119 :‬هـ) ا ْل ُم ْطلَق‬ ‫عبْد الش ِ‬ ‫احب ش َْرح "مسلم الثُّبُوت" ُم ِحب َّ‬
‫ّللا َ‬ ‫ص ِ‬ ‫ف َ‬ ‫• َوع ََّر َ‬
‫صص‬ ‫صةُ ِم ْن ْال ِج ْن ِس ْال ُم ْحت َ َم ِل ِل ِح َ‬
‫شر" وقال أيضا‪َ " :‬و ُه َو ْال ِح َّ‬ ‫علَى فَ ْرد َما ُم ْنت َ ِ‬ ‫بِقَ ْو ِل ِه‪" :‬ا ْل ُم ْط َل ُ‬
‫ق َما َد َّل َ‬
‫وح َد ِة ْال ُم ْب َه َم ِة‪َ ،‬و ِفي ْال َج ْمعِ ْال َج َما َعة َم َع قَ ْي ِد ْال ْ‬
‫وح َد ِة َو ِاال ْن ِتشَار‪،‬‬ ‫صة َم َع قَ ْي ِد ْال ْ‬
‫ي ِفي ْال ُم ْف َر ِد ِح َّ‬ ‫َك ِث َ‬
‫يرة‪َ ،‬و ِه َ‬
‫علَى ْالفَ ْر ِد ْال ُم ْنتَ ِش ِر أ َ ْي ً‬
‫ضا"(‪.)79‬‬ ‫فَ َد َخ َل ِفي ِه ْال َج ْم ُع ْال ُم ْن َك ُر ِألَنَّهُ َدال َ‬
‫● الفرقة الثانية‪ :‬وهم الذين خالفهم الد َُّرينِي في تعريفهم للمطلق‪ ،‬حيث يجعلون ا ْل ُم ْ‬
‫ط َلق مخالفا‬
‫ط َلق في الماهية‪ ،‬التي‬ ‫للنكرة‪ ،‬وال يقولون بالترادف بين المطلق والنكرة‪ ،‬وعليه حصروا مدلول ْال ُم ْ‬
‫تعد من المفهومات العقلية التي ال تكليف فيها والتي يكون وجودها وتقديرها في األذهان‪ ،‬ومن أشهر‬
‫وأجود تعاريف هذه الفرقة ما يلي‪:‬‬

‫ف تَاج الدِين الس ْب ِكي الشَّا ِف ِعي (ت‪771 :‬هـ) ا ْل ُم ْط َلق ِبقَ ْو ِل ِه‪" :‬ا ْل ُم ْط َلق الدَّا ُّل َ‬
‫علَى ا ْل َما ِه َّية ِب َال‬ ‫• ع ََّر َ‬
‫ف‬‫ع َّر َ‬ ‫قَيْد"(‪ ،)80‬وشرح هذا التعريف ا ْل َحافِظ أَبُو ْ‬
‫زرعَة ا ْل ِع َراقِي الشَّافِ ِعي (ت‪826 :‬هـ) ِبقَ ْو ِل ِه‪َ " :‬و َ‬
‫علَى ا ْل َما ِهيَّة بِ َال قَيْد" ؛ أي‪ :‬من غير اعتبار عارض من عوارضهما‪ ،‬كقولنا‪:‬‬ ‫ا ْل ُم ْطلَق بِأَنَّهُ الدَّا ُّل َ‬
‫الرجل خير من المرأة‪ ،‬وقولنا‪" :‬بال قيد" مخرج للمعرفة والنكرة‪ ،‬ألن األول يدل عليهما مع وحدة‬
‫معينة كزيد‪ ،‬والثانية مع وحدة غير معينة كرجل‪ ،‬وهذا صريح في الفرق بين المطلق والنكرة(‪.)81‬‬

‫✓ إن تعريف تاج الدين السبكي للفظ ا ْل ُم ْط َلق عارضه الد َُّري ِني‪ ،‬حيث ذكر أن ما ذهب إليه هو أشبه‬

‫(‪ - )77‬التحبير شرح التحرير في أصول الفقه لعالء الدين المِ ْرداوي الحنبلي‪ ،‬تحقيق الدكتور عبد الرحمن بن عبد هللا الجبرين‪ ،‬ط‪1422( :1‬هـ ‪2001 -‬م)‪،‬‬
‫مكتبة الرشد ‪-‬الرياض‪.2712-2711 ، -‬‬
‫(‪ - )78‬المسودة في أصول الفقه لثالثة أئمة آل تيمية‪ ،‬تحقيق ُم َح َّمد محيي الدين عبد الحميد‪ ،‬سنة الطبع‪1384( :‬هـ ‪1964 -‬م)‪ ،‬مطبعة المدني ‪-‬القاهرة‪، -‬‬
‫‪.147‬‬
‫(‪ - )79‬فواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت لمحب هللا عبد الشكور البهاري‪ ،‬ضبطه وصححه عبد هللا محمود ُم َح َّمد عمر‪ ،‬ط‪1423( :1‬هـ ‪2002 -‬م)‪ ،‬دار‬
‫الكتب العلمية ‪-‬بيروت‪.379/1 ، -‬‬
‫(‪ - )80‬جمع الجوامع في أصول الفقه لتاج الدين السبكي‪ ،‬تحقيق عبد المنعم خليل إبراهيم‪ ،‬ط‪1424( :2‬هـ ‪2003 -‬م)‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪-‬بيروت‪.53 ، -‬‬
‫(‪ - )81‬الغيث الهامع شرح جمع الجوامع للحافظ أبو زرعة‪ ،‬تحقيق ُم َح َّمد تامر حجازي‪ ،‬ط‪1425( :1‬هـ ‪2004 -‬م)‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪-‬بيروت‪.341 ، -‬‬

‫‪- 48 -‬‬
‫بتعريف المناطقة الذين يبحثون عن حقائق اْلشياء‪ ،‬والمعاني الذهنية الكلية‪ ،‬أما اْلصوليون؛‬
‫يبحثون في "اْلدلة" من حيث ثبوت اْلحكام بها‪ ،‬أي‪ :‬في المناهج والقواعد التي يتوصل بها إلى‬
‫استنباط اْلحكام من اْلدلة التفصيلية‪ ،‬ومتعلق اْلحكام إنما هو أفعال أفراد المكلفين‪ ،‬فكان تعريف‬
‫ا ْل ُم ْطلَق بما يدل على النكرة أوثق اتصاال بعملهم‪ ،‬كابن الحاجب واْلمدي وغيرهم من‬
‫اْلصوليين(‪ ،)82‬ومن العلماء اْلخرين الذين عارضهم الد َُّرينِي صياغة وصناعة التعريف‪ ،‬ما‬
‫يلي‪:‬‬

‫تد َ‬
‫ُون‬ ‫ض ِللذَّا ِ‬ ‫ف ا ْلبَ ْز َد ِوي ا ْل َحنَ ِفي (ت‪482 :‬هـ) ا ْل ُم ْط َلق ِبقَ ْو ِل ِه‪" :‬ا ْل ُم ْطلَق ُه َو اللَّ ْف ُ‬
‫ظ ا ْل ُم ْعت َ ِر ُ‬ ‫• ع ََّر َ‬
‫اإلثْ َبات"(‪.)83‬‬
‫ت َال ِبالنَّ ْفي ِ َو َال ِب ْ ِ‬
‫الصفَا ِ‬ ‫ِ‬

‫تد َ‬
‫ُون‬ ‫ق أَ ْن يَك َ‬
‫ُون ُمتَعَ ِرضًا ِللذَّا ِ‬ ‫س َم ْرقَ ْندِي ا ْل َحنَ ِفي (ت‪539 :‬هـ) ا ْل ُم ْطلَق بِقَ ْو ِل ِه‪" :‬ا ْل ُم ْط َل ُ‬
‫ف ال َّ‬
‫• َوع ََّر َ‬
‫الصفَات"(‪.)84‬‬
‫ِ‬

‫علَى ا ْل َح ِقيقَ ِة ِم ْن‬


‫ظ الدَّا ُّل َ‬ ‫ف فَ ْخر الدِين َّ‬
‫الر ِازي الشَّافِ ِعي (ت‪606 :‬هـ) ا ْل ُم ْط َلق بِقَ ْو ِل ِه‪" :‬اللَّ ْف ُ‬ ‫• َوع ََّر َ‬
‫او ِإي َجابًا فَ ُه َو‬ ‫ش ْيء ِم ْن قُيُو ِد تِ ْلكَ ا ْل َح ِقيقَ ِة َ‬
‫س ْلبًا ْ‬ ‫علَى َ‬ ‫غي ِْر أ َ ْن تَك َ‬
‫ُون فِي َها د ََاللَة َ‬ ‫ي ِم ْن َ‬ ‫ْث ِإنَّ َها ِه َ‬
‫ي ِه َ‬ ‫َحي ُ‬
‫ف ا ْل ُم ْط َلق‬ ‫ا ْل ُم ْطلَق"(‪ ،)85‬ووافقه في ذلك ِ‬
‫ش َهاب الدِين ا ْلقَ َرا ِفي ا ْل َما ِل ِكي (ت‪684 :‬هـ)‪ ،‬حيث ع ََّر َ‬
‫ي فَ ِه َ‬
‫ي ُم ْطلَقَة"(‪.)86‬‬ ‫ي ِه َ‬ ‫بِقَ ْو ِل ِه‪ُ " :‬ك ُّل َح ِقيقَة ا ْعت ُ ِب َرتْ ِم ْن َحي ُ‬
‫ْث ِه َ‬

‫علَى ا ْل َما ِهيَّة‬ ‫شي الشَّافِ ِعي (ت‪794 :‬هـ) ا ْل ُم ْط َلق ِبقَ ْو ِل ِه‪" :‬ا ْل ُم ْطلَ ُ‬
‫ق َما َد َّل َ‬ ‫ف بَدْر الدِين َّ‬
‫الز ْر َك ِ‬ ‫• َوع ََّر َ‬
‫ي"(‪.)87‬‬
‫ي ِه َ‬ ‫بِ َال قَيْد ِم ْن َحي ُ‬
‫ْث ِه َ‬

‫مالحظة مهمة‪ :‬الد َُّري ِني حينما عرف لفظ "المطلق" في االصطالح اْلصولي‪ ،‬قد نَ َه َج نفس َنهج‬
‫اْلمدي وابن الحاجب وغيرهما من اْلصوليين في صياغة التعريف كما رأينا‪ ،‬لكن اإلشكال الواقع‬

‫(‪ - )82‬المناهج األصولية لفتحي الد َُّرينِي‪ ،‬المصدر نفسه‪( :‬ينظر اإلحالة)‪.509 ،‬‬
‫(‪ - )83‬كشف األسرار على أصول ْالبَ ْز َد ِوي لعبد العزيز أحمد بن ُم َح َّمد البخاري‪.286/2 ،‬‬
‫س َم ْرقَ ْندِي‪ ،‬تحقيق الدكتور ُم َح َّمد زكي عبد البر‪ ،‬ط‪1404( :1‬هـ ‪1984 -‬م)‪ ،‬مطبعة الدوحة‪.396 ،‬‬
‫(‪ - )84‬ميزان األصول في نتائج العقول لِل َّ‬
‫(‪ - )85‬المحصول في علم أصول الفقه لفخر الدين الرازي‪ ،‬تحقيق الدكتور طه جابر فياض العلواني‪ ،‬ط‪1412( :2‬هـ ‪1992 -‬م)‪ ،‬مؤسسة الرسالة ‪-‬بيروت‪،‬‬
‫‪.314/2‬‬
‫(‪ - )86‬شرح تنقيح الفصول في اختيار المحصول لشهاب الدين القرافي‪ ،‬تحقيق مكتب البحوث والدراسات بدار الفكر‪ ،‬سنة الطبع‪1424( :‬هـ ‪2004 -‬م)‪- ،‬‬
‫بيروت‪.209 ، -‬‬
‫(‪ - )87‬البحر المحيط للزركشي‪ ،‬قام بتحريره‪ :‬الدكتور سليمان األشقر‪ ،‬وراجعه‪ :‬الدكتور الستار أبو غدة والدكتور سليمان األشقر‪ ،‬ط‪1413( :2‬هـ ‪1992 -‬م)‪،‬‬
‫دار الصفوة ‪-‬الغردقة‪.413/3 ، -‬‬

‫‪- 49 -‬‬
‫أن تاج الدين السبكي الشافعي انتقد تعريف ابن الحاجب واْلمدي‪ ،‬وحقيقة كل هذا الحاصل كما‬
‫يلي‪:‬‬

‫علَى ا ْل َوحْ َد ِة‬ ‫قَا َل تَاج الدِين الس ْب ِكي الشَّافِ ِعي (ت‪771 :‬هـ)‪َ " :‬و َز َ‬
‫ع َم ْاْل ِمدِي َوابْن ا ْل َح ِ‬
‫اجب د ََاللَتَهُ َ‬

‫الشَّا ِئ َع ِة ت َ َو َّه َماهُ النَّ ِك َرة"(‪ ،)88‬وقَا َل ا ْل َحا ِفظ أَبُو ْ‬


‫زرعَة ا ْل ِع َرا ِقي الشَّا ِف ِعي (ت‪826 :‬هـ)‪ ،‬في شرح‬
‫ما قاله تاج الدين السبكي عن اْلمدي وابن الحاجب‪َ " :‬وقَ ْو ُل ا ْل ُم َ‬
‫صنِف‪" :‬ت َ َو َّه َماهُ النَّ ِك َرةُ" َم ْمنُوع‪،‬‬
‫ف‪ ،‬فَ ِإ َّن َم ْف ُهو َم ا ْل َما ِهيَّ ِة ِب َال قَيْد‪َ ،‬و َم ْف ُهو ُم َها َم َع قَ ْي ِد‬ ‫ص ِن ُ‬‫صنَعَهُ ا ْل ُم َ‬ ‫صنَعَاهُ ُخيْر ِم َّما َ‬ ‫بَ ْل ت َ َحقَّقَاهُ‪َ ،‬و َما َ‬
‫ق بَ ْينَ ُه َما فِي ت َ ْع ِل ِ‬
‫يق‬ ‫ون َب ْينَ ُه َما ِل َعد َِم ا ْلفَ ْر ِ‬
‫صو ِليُّ َ‬‫علَى أ َ َحد‪َ ،‬ولَ ِك ْن لَ ْم يُفَ ِرقْ ْاْل ُ ُ‬ ‫ا ْل َوحْ َد ِة َال يَ ْخفَى تَغَايُ ُر ُه َما َ‬
‫غي ُْر ُم َعيَّن فِي‬ ‫احد َ‬ ‫ق ا ْل َم ْو ُجو ُد َو ِ‬ ‫ق ِإ َّال ِبا ْل َم ْو ُجو ِد ِفي ا ْل َخ ِارجِ‪َ ،‬وا ْل ُم ْط َل ُ‬ ‫يف‪َ ،‬ف ِإ َّن الت َّ ْك ِل َ‬
‫يف َال َيت َ َعلَّ ُ‬ ‫الت َّ ْك ِل ِ‬
‫ورتُهُ‬ ‫صي ُْر َ‬ ‫ا ْل َخ ِارجِ‪ِْ ،‬ل َ َّن ا ْل ُم ْط َلقَ َال يُو َج ُد ِفي ا ْل َخ ِارجِ ِإ َّال ِفي ِض ْم ِن ْاْل َحاد‪َ ،‬و ُو ُجو ُدهُ ِفي ِض ْم ِن ِه ُه َو َ‬
‫غي َْر ُم َعيَّن‪َ ،‬و َذ ِلكَ ُه َو َم ْف ُهو ُم النَّ ِك َر ِة‪،‬‬
‫احدًا َ‬ ‫صا ِت ِه ِإلَ ْي ِه‪ ،‬فَيَكُو ُن ا ْل ُم ْطلَ ُ‬
‫ق ا ْل َم ْو ُجو ُد َو ِ‬ ‫عيْنه ِبا ْن ِض َم ِام ُم َ‬
‫ش َّخ َ‬ ‫َ‬
‫ف فَ َال ت َ ْك ِل َ‬
‫يف‬ ‫اراتُ ا ْلعَ ْق ِليَّةُ َك َما فَعَلَهُ ا ْل ُم َ‬
‫صنِ ُ‬ ‫يف‪َ ،‬وأ َ َّما ِاال ْعتِبَ َ‬
‫ي ِإنَّ َما يَت َ َكلَّ ُم فِي َما يَ َق ُع ِب ِه الت َّ ْك ِل ُ‬ ‫َو ْاْل ُ ُ‬
‫صو ِل ُّ‬
‫ِب َها‪ِ ،‬إ ْذ َال ُو ُجو َد لَ َها فِي ا ْل َخ ِارج"(‪.)89‬‬

‫ص َمةً ِفي ت َ ِاريخِ ْاْل َ ْن َدلُس‪" :‬أ َ َّن الت َّ ْك ِل َ‬


‫يف ِبا ْل ُم ْط َلق‬ ‫َّاط ِبي ْاْل َ ْن َدلُ ِ‬
‫سي (ت‪790 :‬هـ) الَّذِي ت َ َركَ َب ْ‬ ‫َوقَا َل الش ِ‬
‫يف بِفَ ْرد ِم ْن ْاْل َ ْف َرا ِد ا ْل َم ْو ُجو َد ِة فِي ا ْل َخ ِارج‪،‬‬
‫ْس َم ْعنَاهُ الت َّ ْك ِليف بِأ َ ْمر ِذ ْهنِي‪ ،‬بَ ْل َم ْعنَاهُ الت َّ ْك ِل ُ‬ ‫ِع ْن َد ا ْلعَ َر ِ‬
‫ب لَي َ‬
‫سم‬ ‫علَ ْي ِه اللَّ ْفظ صدقَ ‪َ ،‬و ُه َو ِاال ْ‬‫ْث لَ ْو أ ْطلقَ َ‬ ‫أ َ ْو الَّتِي يَ ِص ُّح ُو ُجو ُد َها فِي ا ْل َخ ِارجِ ُم َ‬
‫طابِقًا ِل َم ْعنَى اللَّ ْف ِظ بِ َحي ُ‬
‫علَ ْي ِه لَ ْفظُ‬
‫ق َ‬ ‫ق ِبفَ ْرد ِم َّما يَ ْ‬
‫ص ُد ُ‬ ‫ب إِيقَاعِ ا ْل ِعتْ ِ‬ ‫النَّ ِك َرةُ ِع ْن َد ا ْلعَ َرب‪ ،‬فَ ِإ َذا قَا َل‪" :‬أ َ ْع ِتقْ َرقَبَةً"؛ فَا ْل ُم َرا ُد َ‬
‫طلَ ُ‬
‫احد ِم ْن ا ْل ِج ْن ِس‪َ ،‬ه َذا ُه َو‬‫غيْر ُم ْختَص بِ َو ِ‬ ‫علَى فَ ْرد ِم ْن ْاْل َ ْف َرا ِد َ‬ ‫الرقَبَ ِة إِ َّال َ‬ ‫الرقَبَ ِة‪ ،‬فَ ِإنَّ َها لَ ْم ت َ َ‬
‫ض ْع لَ ْفظ َّ‬ ‫َّ‬
‫ارهُ ِفي ْاْل َ ْف َرا ِد‬ ‫ف ْ‬
‫اخ ِت َي ُ‬ ‫اص ُل أ َ َّن ْاْل َ ْم َر ِب ِه أ َ ْمر ِب َو ِ‬
‫احد ِم َّما ِفي ا ْل َخ ِارج‪َ ،‬و ِل ْل ُم َكلَّ ِ‬ ‫الَّذِي ت َ ْع ِرفُهُ ا ْل َع َرب‪َ ،‬وا ْل َح ِ‬
‫ا ْل َخ ِار ِجيَّ ِة"(‪.)90‬‬

‫✓ بناء على ما ذهب إليه الد َُّرينِي في تعريف لفظ "ا ْل ُم ْط َلق" ومن وافقهم كاْلمدي وابن الحاجب‬
‫وغيرهم من اْلصوليين‪ ،‬وبناء على ما أكده اإلمام الشاطبي في كتابه الموافقات‪ ،‬فإن القول اْلقوى‬

‫(‪ - )88‬جمع الجوامع في أصول الفقه لتاج الدين السبكي‪ ،‬تحقيق عبد المنعم خليل إبراهيم‪ ،‬المصدر نفسه‪.53 :‬‬
‫(‪ - )89‬الغيث الهامع شرح جمع الجوامع للحافظ أبو زرعة‪ ،‬تحقيق ُم َح َّمد تامر حجازي‪ ،‬المصدر نفسه‪.342-341 :‬‬
‫(‪ - )90‬الموافقات للشاطبي‪ ،‬تقديم فضيلة الشيخ بكر بن عبد هللا أبو زيد‪ ،‬وضبط نصه أبو عبيدة مشهور بن حسين آل سلمان‪ ،‬ط‪1417( :1‬هـ ‪1997 -‬م)‪ ،‬دار‬
‫ابن عفان‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪.383 /3 ،‬‬

‫‪- 50 -‬‬
‫هو‪ :‬قول الفرقة اْلولى؛ أن المطلق عندهم معناه التكليف بفرد من اْلفراد الشائعة في جنسها‬
‫الموجودة في الخارج‪ ،‬العتبار هو‪ :‬أن هذه الداللة هي الموافقة ْلسلوب اْلصوليين والعرب وأهل‬
‫اللغة‪ ،‬كما أن أحكام التكليف ال تقع إال على اْلفراد الموجودة بالخارج التي يمكن توجيه الخطاب‬
‫إليها وتكليفها‪ ،‬وهللا أعلم‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تعريف ا ْل ُمقَيَّد اصطالحا عند الد َُّرينِي وعند‬


‫من وافقهم وخالفهم من اْلصوليين‬

‫أوال‪ :‬تعريف ا ْل ُمقَيَّد عند العالمة اْلصولي فتحي الد َُّرينِي (ت‪1434 :‬هـ)‪:‬‬

‫س ِه ُم ْقتَ ِرن بِقَيْد لَ ْف ِظي َزائِد ُم ْ‬


‫ست َ ِقل‬ ‫علَى شَائِع فِي ِج ْن ِ‬ ‫ف الد َُّرينِي ا ْل ُمقَيَّد بِقَ ْو ِل ِه‪ُ " :‬ه َو اللَّ ْف ُ‬
‫ظ الدَّا ُّل َ‬ ‫ع ََّر َ‬
‫ض َّح الد َُّري ِني َه َذا الت َّ ْع ِريف فَ َذك ََر‪ :‬فإذا قيدت لفظ "كتاب" مثال بقيد‬
‫عهُ" ‪َ ،‬و َو َ‬ ‫ع َْن َم ْعنَا ُه‪ ،‬يُ َقلَّ ُل ُ‬
‫شيُو َ‬
‫لفظي زائد مستقل عن معناه من شرط‪ ،‬أو صفة‪ ،‬أو حال‪ ،‬أو قيد زماني‪ ،‬أو مكاني‪ ،‬فقد قللت من‬
‫شيوعه وانتشاره بهذا القيد بوجه ما‪ ،‬كقولك‪" :‬كتاب تشريع" مثال‪ ،‬ولكنه على الرغم من تقييده‬
‫بوصف التشريع يبقى مطلقا بالنسبة للقيود األخرى‪َ .‬وبَين الد َُّرينِي هذا اْلخير‪( :‬على الرغم من‬
‫تقييده بوصف التشريع يبقى مطلقا بالنسبة للقيود األخرى)‪ ،‬فَ َذك ََر‪ :‬فهو إذن مقيد من وجه‪ ،‬ومطلق‬
‫من وجه آخر‪ ،‬فباعتبار أنه ما زال يدل على أي كتاب تشريع في العالم فهو مطلق‪ ،‬وباعتبار أنه‬
‫موصوف بكونه كتاب تشريع‪ ،‬فقد قللت من شيوعه‪ ،‬فأصبح خاصا بالداللة على فرد شائع في كتب‬
‫التشريع فقط‪ ،‬فهو مقيد‪ ،‬ث ُ َّم ا ْ‬
‫ست َ ْنت َ َج الد َُّرينِي ِم ْن ك ُِل َما َ‬
‫سبَق‪ :‬أن المقيد هو اللفظ الذي يخرج من‬
‫الشيوع بوجه ما (‪.)91‬‬

‫َو ِم ْن ِخ َالل كُل َما َذك ََر الد َُّرينِي‪ :‬أستنتج أن ْال ُم َقيَّد عنده على قسمين‪:‬‬

‫أحدهما‪ُ :‬مقَيَّد ِم ْن َو ْجه دُونَ َو ْجه‪ِ ،‬ب َم ْعنَى ُه َو اللَّ ْفظ الَّذِي قي َد ِم ْن َو ْجه َو ْ‬
‫أطلقَ ِم ْن َو ْجه‪.‬‬

‫(‪ - )91‬المناهج األصولية لفتحي الد َُّرينِي‪ ،‬المصدر نفسه‪.513-512 :‬‬

‫‪- 51 -‬‬
‫اإل ْ‬
‫ط َالق ِم ْن ُك ِل َو ْجه‪.‬‬ ‫علَى ْ ِ‬
‫والثاني‪ُ :‬م َقيَّد َ‬

‫ثانيا‪ :‬تعريف ا ْل ُمقَيَّد عند بعض علماء اْلصول الذين وافقهم الد َُّرينِي والذين خالفهم‪:‬‬
‫اختلف األصوليون في تعريفهم ِل ْل ُمقيد‪ ،‬نظرا الختالفهم في تعريفهم ِل ْل ُم ْ‬
‫ط َلق‪ ،‬وهم على فرقتين‪:‬‬

‫● الفرقة اْلولى‪ :‬وهم األصوليون الذين يقولون بالترادف بين ْال ُم ْ‬


‫ط َلق َوالنَّ ِك َرة‪ ،‬ووافقهم الد َُّرينِي في‬
‫ذلك‪ ،‬فقد جاءت بعض تعاريفهم ِل ْل ُمقيد‪ ،‬كما يلي‪:‬‬

‫اجي ْاْل َ ْن َدلُ ِ‬


‫سي ا ْل َما ِل ِكي (ت‪474 :‬هـ) ا ْل ُمقَيَّد‬ ‫اإل َمام ا ْل َحافِظ أ َ ِبي ا ْل َو ِليد ُ‬
‫سلَ ْي َمان بْن َخ َلف ا ْلبَ ِ‬ ‫ف ِْ‬
‫• ع ََّر َ‬
‫علَى ِصفَات قَ ْد قَيَّ َد ِب َب ْع ِض َها" ؛ ومعنى ذلك أن يكون اللفظ الوارد‬ ‫ِبقَ ْو ِل ِه‪" :‬ا ْل ُم َقيَّد ُه َو اللَّ ْف ُ‬
‫ظ ا ْل َوا ِق ُع َ‬
‫يتناول المذكور الموجود على صفات متغايرة ويقيد ببعضها‪ ،‬فيتميز بذلك مما يخالفه في تلك الصفة‪،‬‬
‫وذلك مثل‪ :‬قوله عز وجل في كفارة القتل‪﴿ :‬فَتَحْ ِر ُ‬
‫ير َر َق َبة ُّم ْؤ ِمنَة﴾(‪ ،)92‬فاسم الرقبة واقع على‬
‫المؤمنة والكافرة‪ ،‬فلما قيده هنا باإليمان كان مقيدا من هذا الوجه(‪.)93‬‬

‫ي (ت‪631 :‬هـ) ا ْل ُمقَيَّد ِبقَ ْو ِل ِه‪ :‬وأما ْال ُمقَيَّد؛‬


‫ي ث ُ َّم الشَّا ِف ِع ُّ‬
‫ع ِلي بْن ُم َح َّمد ْاْل ِمدِي ا ْل َح ْن َب ِل ُّ‬
‫ف ا ْل َع َّال َمة َ‬
‫• ع ََّر َ‬
‫فإنه يطلق باعتبارين‪:‬‬

‫علَى َم ْدلُول ُمعَيَّن؛ ك ََزيْد َوع َْمرو‪َ ،‬و َه َذا َّ‬


‫الر ُج ُل‪َ ،‬ونَحْ ِو ِه"‬ ‫َان ِم ْن ْاْل َ ْلفَ ِ‬
‫اظ الدَّالَّ ِة َ‬ ‫اْلول‪َ " :‬ما ك َ‬

‫ْف َم ْدلُو ِل ِه ا ْل ُم ْط َلق بِ ِصفَة َزائِدَة َ‬


‫علَ ْي ِه؛ َكقَ ْولكَ ‪ :‬دِي َنار‬ ‫علَى َوص ِ‬ ‫َان ِم َن ْاْل َ ْلفَ ِ‬
‫اظ د ًّ‬
‫َاال َ‬ ‫الثاني‪َ " :‬ما ك َ‬
‫ِمص ِْري‪َ ،‬ود ِْر َهم َم ِكي" ‪ ،‬وهذا النوع من ْال ُم َقيَّد؛ وإن كان مطلقا في جنسه من حيث هو دينار مصري‬
‫ودرهم مكي‪ ،‬غير أنه مقيد بالنسبة إلى مطلق الدينار والدرهم؛ فهو مطلق من وجه‪ ،‬ومقيد من‬
‫وجه(‪.)94‬‬

‫علَى َما أخر َج ِم ْن شَا ِئع‬ ‫اجب ا ْل َما ِل ِكي (ت‪646 :‬هـ) ا ْل ُمقَيَّد بِقَ ْو ِل ِه‪" :‬يُ ْطلَ ُ‬
‫ق ا ْل ُمقَيَّ ُد َ‬ ‫ف ابْن ا ْل َح ِ‬
‫• َوع ََّر َ‬
‫ع َل ْي ِه(‪.)95‬‬ ‫علَى َم ْف ُهوم ْال ُم ْ‬
‫طلَق ِب َو ْ‬
‫صف زَ ائِد َ‬ ‫ِب َوجْ ه ك ََرقَبَة ُم ْؤ ِمنَة" ؛ أ َ ْ‬
‫ي َما َد َّل َ‬

‫(‪ - )92‬النساء‪.91 :‬‬


‫(‪ - )93‬كتاب الحدود في األصول البن خلف الباجي‪ ،‬تحقيق نزيه حماد‪ ،‬المصدر نفسه‪.48 :‬‬
‫(‪ - )94‬اإلحكام في أصول األحكام لعلي بن ُم َح َّمد اآلمدي‪ ،‬تحقيق عبد الرزاق عفيفي‪ ،‬المصدر نفسه‪.6/3 :‬‬
‫(‪ - )95‬بيان المختصر شرح مختصر المنتهى البن الحاجب‪ ،‬تأليف محمود بن عبد الرحمن بن أحمد شمس الدين األصفهاني‪ ،‬تحقيق الدكتور ُم َح َّمد مظهر بقا‪،‬‬
‫المصدر نفسه‪.350/2 :‬‬

‫‪- 52 -‬‬
‫ّللا بْن أَحْ َمد بْن قُدَا َمةَ ا ْل َم ْق ِد ِ‬
‫سي ا ْل َح ْنبَ ِلي (ت‪620 :‬هـ) ا ْل ُمقَيَّد‬ ‫اإل َما ُم ُم َوفَّق الدِين َ‬
‫عبْد َّ ِ‬ ‫ف ِْ‬ ‫• َوع ََّر َ‬
‫صوف ِبأ َ ْمر َزائِد َ‬
‫علَى ا ْل َح ِقيقَ ِة الش ِ‬
‫َّاملَ ِة‬ ‫غي ِْر ُمعَيَّن‪َ ،‬م ْو ُ‬‫ِبقَ ْو ِل ِه‪ُ " :‬ه َو ا ْل ُمت َ َناو ُل ِل ُمعَيَّن‪ ،‬أ َ ْو َ‬
‫ير َرقَبَة ُّم ْؤ ِمنَة فَ َمن لَّ ْم يَ ِج ْد فَ ِصيَا ُم َ‬
‫شه َْري ِْن ُمتَتَا ِبعَي ِْن﴾(‪،)97‬‬ ‫ِل ِج ْن ِ‬
‫س ِه"(‪ ،)96‬كقوله تعالى‪َ ﴿ :‬وتَحْ ِر ُ‬
‫يع‬ ‫ِين أَبِي َّ‬
‫الربِ ِ‬ ‫قيد الرقبة باإليمان والصيام بالتتابع‪ ،‬وما ذكره بْن قُدَا َمةَ ا ْل َم ْق ِد ِ‬
‫سي‪ ،‬وافقه فيه نَجْ ُم الد ِ‬
‫او َل ُمعَيَّنًا أَ ْو‬
‫ف ا ْل ُمقَيَّد ِبقَ ْو ِل ِه‪" :‬ا ْل ُمقَيَّ ُد َما ت َ َن َ‬
‫ي (ت‪716 :‬هـ)‪ ،‬حيث ع ََّر َ‬ ‫س ِعيد ال ُّ‬
‫طوفِي ا ْل َح ْنبَ ِل ُّ‬ ‫ابْن َ‬
‫علَى َح ِقيقَ ِة ِج ْن ِ‬
‫س ِه"(‪.)98‬‬ ‫صوفًا بِ َزائِد َ‬
‫َم ْو ُ‬

‫وحي ا ْل َح ْن َب ِلي ْالمعروف " ِباب ِْن النَّ َّجار" (ت‪:‬‬ ‫ف ت َ ِقي الدِين ُم َح َّمد بْن أَحْ َمد بْن َ‬
‫ع ْب ِد ا ْل َع ِزيز ا ْلفُت ُ ِ‬ ‫• َوع ََّر َ‬
‫علَى َح ِقيقَ ِة ِج ْن ِ‬
‫س ِه"(‪.)99‬‬ ‫او َل ُمعَيَّنًا أ َ ْو َم ْو ُ‬
‫صوفًا َزائِدًا َ‬ ‫‪972‬هـ) ا ْل ُمقَيَّد بِ َق ْو ِل ِه‪َ " :‬وا ْل ُمقَيَّ ُد َما تَنَ َ‬

‫َّكور ا ْل َحنَ ِفي (ت‪1119 :‬هـ) ا ْل ُمقَيَّد بِ َق ْو ِل ِه‪:‬‬


‫عبْد الش ِ‬ ‫احب ش َْرح "مسلم الثُّبُوت" ُم ِحب َّ‬
‫ّللا َ‬ ‫ص ِ‬‫ف َ‬
‫• َوع ََّر َ‬
‫أخر َج ع َْن ِاال ْنتِشَار ِب َوجْ ه َما"(‪.)100‬‬
‫"ا ْل ُمقَيَّ ُد َما ْ‬

‫• وورد في ألفية "شمس اْلصول" في تعريف ا ْل ُمقَيَّد‪:‬‬

‫ّللا بْن حميد بْن‬


‫عبْد َّ‬ ‫شيْخ أ َ ْم َج ُد" ‪ ،‬وشرح نُ ُ‬
‫ور الدِين َ‬ ‫ِمثَالُهُ َك َجا َء َ‬ ‫"فَ ِإ ْن يُقَيَّ ْد فَ ُه َو ا ْل ُمقَيَّ ُد‬
‫سا ِل ِمي (ت‪1332 :‬هـ) هذا النظم فقال‪" :‬المقيد فهو ما خرج عن ذلك الشيوع‪ ،‬إما لقيد كجاء شيخ‬
‫ال َّ‬
‫أمجد‪ ،‬فإن لفظ "الشيخ" مطلق لشيوعه في ذلك الجنس‪ ،‬ولصدقه على كل فرد من أفراده‪ ،‬لكن قوله‬
‫"أمجد" ؛ قيد مخرج للفظ "الشيخ" عن ذلك الشيوع(‪.)101‬‬

‫● الفرقة الثانية‪ :‬وهم األصوليون المفرقون بين المطلق والنكرة والقائلون بالماهية‪ ،‬وخالفهم‬
‫الد َُّري ِني في ذلك‪ ،‬فقد جاءت بعض تعاريفهم ِل ْل ُمقيد كما يلي‪:‬‬

‫علَى َم ْدلُول ا ْل ُم ْطلَق‬ ‫ف ا ْلبَ ْز َد ِوي ا ْل َحنَ ِفي (ت‪482 :‬هـ) ا ْل ُم َقيَّد بِ َق ْو ِل ِه‪" :‬ا ْل ُمقَيَّد ُه َو اللَّ ْف ُ‬
‫ظ الدَّا ُّل َ‬ ‫• ع ََّر َ‬

‫(‪ - )96‬روضة الناظر البن قدامة المقدسي‪ ،‬تحقيق ُم َح َّمد مِ رابي‪ ،‬المصدر نفسه‪.303/2-1 :‬‬
‫(‪ - )97‬النساء‪.92 :‬‬
‫(‪ - )98‬شرح مختصر الروضة البن سعيد الطوفي‪ ،‬تحقيق الدكتور عبد هللا بن عبد المحسن التركي‪ ،‬المصدر نفسه‪.630/2 :‬‬
‫(‪ - )99‬مختصر التحرير في أصول الفقه البن النجار‪ ،‬تحقيق ُم َح َّمد مصطفى ُم َح َّمد رمضان‪ ،‬المصدر نفسه‪.164 :‬‬
‫(‪ - )100‬فواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت لمحب هللا عبد الشكور البهاري‪ ،‬ضبطه وصححه عبد هللا محمود ُم َح َّمد عمر‪ ،‬المصدر نفسه‪.379/1 :‬‬
‫(‪ - )101‬طلعت الشمس شرح شمس األصول لنور الدين عبد هللا بن حميد السالمي‪ ،‬تحقيق‪ :‬عمر حسن القيام‪ ،‬مكتبة اإلمام السالمية‪ ،‬والية بدية ‪-‬سلطنة عمان‪-‬‬
‫‪.184-183/1 ،‬‬

‫‪- 53 -‬‬
‫الر ُج ُل َوأ َ ْنتَ "(‪.)102‬‬
‫علَى َم ْدلُول ُمعَيَّن ك ََزيْد َو َه َذا َّ‬ ‫ِب ِصفَة َزائِدَة" وقال أيضا‪" :‬ا ْل ُمقَيَّ ُد ُه َو اللَّ ْف ُ‬
‫ظ الدَّا ُّل َ‬

‫صوف‬ ‫ض ِللذَّا ِ‬
‫ت ا ْل َم ْو ُ‬ ‫س َم ْرقَ ْندِي ا ْل َحنَ ِفي (ت‪539 :‬هـ) ا ْل ُمقَيَّد بِقَ ْو ِل ِه‪" :‬ا ْل ُمقَيَّ ُد َما َيتَعَ َّر ُ‬
‫ف ال َّ‬
‫• َوع ََّر َ‬
‫ِب ِصفَة"(‪.)103‬‬

‫علَى ِت ْلكَ‬
‫ظ الدَّا ُّل َ‬ ‫ف فَ ْخر الدِين َّ‬
‫الر ِازي الشَّا ِف ِعي (ت‪606 :‬هـ) ا ْل ُمقَيَّد ِبقَ ْو ِل ِه‪" :‬ا ْل ُمقَ َّيد ُه َو اللَّ ْف ُ‬ ‫• َوع ََّر َ‬
‫ا ْل َح ِقيقَ ِة َم َع قَ ْي ِد ا ْل َكثْ َرة"(‪.)104‬‬

‫ش َهاب الدِين ا ْلقَ َرافِي ا ْل َما ِل ِكي (ت‪684 :‬هـ) ا ْل ُمقَيَّد ِب َق ْو ِل ِه‪ُ " :‬ك ُّل َح ِقيقَة ا ْعت ُ ِب َرتْ ِم ْن َحي ُ‬
‫ْث‬ ‫ف ِ‬
‫• َوع ََّر َ‬
‫غي ِْر َها فَ ِه َ‬
‫ي ُمقَيَّدَة" ؛ ومتى زدت على مدلول اللفظة‬ ‫ضافَة إِلَى َ‬ ‫ي فَ ِه َ‬
‫ي ُم ْطلَقَة‪َ ،‬وإِ ْن ا ْعتُبِ َرتْ ُم َ‬ ‫ي ِه َ‬
‫ِه َ‬
‫مدلوال آخر بلفظ أو بغير لفظ صار مقيدا كقولك‪ :‬رقبة مؤمنة‪ ،‬أو إنسان صالح(‪.)105‬‬

‫● خالصة لما سبق‪ ،‬وإشارة لما سيأتي الحديث عنه‪:‬‬

‫هذا‪ ،‬وبعد أن تطرقت واستوعبت مناهج بعض اْلصوليين في صياغة وصناعة تعريف "المطلق"‬
‫و "المقيد"‪ ،‬باعتبارها تعاريف أصولية مختلفة ومتفاوتة‪ ،‬سأقوم في المبحث الثالث الموالي من‬
‫هذا الفصل اْلول‪ ،‬بالحديث عن حكم كل من "المطلق" و "المقيد" ‪ ،‬مع بيان الفرق والعالقة‬
‫بينهما‪ ،‬وأيضا معرفة خصائص "المطلق" التي يتميز بها عن غيره في رأي وتأصيل الد َُّرينِي‪.‬‬

‫(‪ - )102‬كشف األسرار على أصول ْالبَ ْز َد ِوي لعبد العزيز أحمد بن ُم َح َّمد البخاري‪ ،‬المصدر نفسه‪.286/2 :‬‬
‫س َم ْرقَ ْندِي‪ ،‬تحقيق الدكتور ُم َح َّمد زكي عبد البر‪ ،‬المصدر نفسه‪.396 :‬‬
‫(‪ - )103‬ميزان األصول في نتائج العقول لِل َّ‬
‫(‪ - )104‬المحصول في علم أصول الفقه لفخر الدين الرازي‪ ،‬تحقيق الدكتور طه جابر فياض العلواني‪ ،‬المصدر نفسه‪.314/2 :‬‬
‫(‪ - )105‬شرح تنقيح الفصول في اختيار المحصول لشهاب الدين القرافي‪ ،‬تحقيق مكتب البحوث والدراسات بدار الفكر‪ ،‬المصدر نفسه‪.209 :‬‬

‫‪- 54 -‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬ا ْل ُم ْطلَق َوا ْل ُمقَيَّد حكمهما والفرق والعالقة‬
‫بينهما وخصائص المطلق عند الد َُّري ِني‬

‫المطلب اْلول‪ :‬حكم المطلق والمقيد عند الد َُّري ِني‬

‫أوال‪ :‬حكم المطلق عند الد َُّرينِي‪:‬‬

‫قال الد َُّرينِي‪" :‬إذا ورد اللفظ المطلق في نص تشريعي‪ ،‬ولم يرد بعينه ُم َقيَّدًا في نص تشريعي آخر‪،‬‬
‫صا أو داللة‪ ،‬فإنه يعمل بهذا اللفظ على إطالقه كما ورد دون تغيير أو‬
‫أو لم يقم دليل على تقييده نَ ًّ‬
‫علَّ َل‬
‫تأويل؛ ألنه لفظ خاص يدل على معناه قطعا" ‪ ،‬وأن األصل إجراء المطلق على إطالقه‪َ ،‬و َ‬
‫ير‬‫س ِ‬‫ب َم ْب َدئِيًّا تَحْ ِكي ُمهُ فِي ت َ ْف ِ‬
‫ي الَّذِي يَ ِج ُ‬ ‫ق اللُّ َغ ِو ُّ‬ ‫الد َُّر ْينِي َذ ِلكَ فَ َذك ََر‪َ " :‬و َه َذا َما يَ ْق ِضي ِب ِه ا ْل َم ْن ِط ُ‬
‫ِين يُت َ َوفَّ ْو َن‬
‫اال‪ :‬قوله تعالى‪َ ﴿ :‬والَّذ َ‬ ‫ب الد َُّرينِي ِمث َ ً‬ ‫ض َر َ‬ ‫ستِ ْظ َه ً‬
‫ارا ِ ِإل َرا َد ِة ا ْل ُمش َِرعِ ِم ْن َها" َو َ‬ ‫وص‪ ،‬ا ْ‬ ‫ص ِ‬ ‫النُّ ُ‬
‫عش ًْرا﴾(‪)106‬؛ فَ َذك ََر الد َُّرينِي‪ :‬أن لفظ‬ ‫س ِه َّن أ َ ْربَ َع َة أ َ ْ‬
‫ش ُهر َو َ‬ ‫ْن ِبأَنفُ ِ‬
‫ون أ َ ْز َوا ًجا َيت َ َربَّص َ‬
‫ِمن ُك ْم َويَ َذ ُر َ‬
‫"أ َ ْز َوا ًجا" مطلق‪ ،‬ولم يقم دليل على تقييده " ِبال ُّد ُخول" ‪ ،‬ولم يرد في نص آخر مقيدا‪ ،‬فيجب العمل‬
‫به على إطالقه كما ورد(‪.)107‬‬

‫َواتَّفَقَ ا ْلعُلَ َماء‪ :‬على أن اللفظ إذا ورد ُم ْ‬


‫طلَقًا في أي نص من النصوص الشرعية‪ ،‬فاألصل العمل به‬
‫على إطالقه دون تغيير أو تأويل‪ ،‬إال إذا ورد دليل دل على تقييده‪ ،‬وصفا كان القيد أم ش َْر ً‬
‫طا‪ ،‬زمانا‬
‫أو مكانا‪ ،‬أم غير ذلك مما يصرفه عن إطالقه أو يحدد من شيوعه في جنسه(‪.)108‬‬

‫ثانيا‪ :‬حكم المقيد عند الد َُّرينِي‪:‬‬

‫قال الد َُّرينِي‪" :‬األصل في القيد أنه معتبر في تشريع الحكم‪ ،‬وعلى هذا‪ ،‬فال يجب إلغاء القيد إال بدليل‪،‬‬

‫(‪ - )106‬البقرة‪.233 :‬‬


‫(‪ - )107‬المناهج األصولية لفتحي الد َُّرينِي‪ ،‬المصدر نفسه‪.511-510 :‬‬
‫(‪ - )108‬آراء العلماء في حمل المطلق على المقيد للدكتور رمضان ُم َح َّمد عيد هتيمي‪.5 ،‬‬

‫‪- 55 -‬‬
‫فإذا ورد لفظ مقيدا في نص تشريعي‪ ،‬ولم يرد هو بعينه مطلقا في نص آخر وجب حينئذ العمل‬
‫بالقيد؛ ألنه معتبر في تشريع الحكم‪ ،‬إذ يحدد مجال تطبيقه‪ ،‬أو يحدد مقداره إذا كان من المقدرات‪،‬‬
‫ب الدُّرنِي َمث َ ًال ِل َذ ِلكَ ‪ :‬قوله عز وجل‪َ ﴿ :‬و َربَائِبُ ُك ُم‬ ‫وألن القيد شرط في اقتضاء العلة لحكمها" َو َ‬
‫ض َر َ‬

‫الالتِي َد َخ ْلتُم ِب ِه َّن فَ ِإن لَّ ْم تَكُونُوا َد َخ ْلتُم ِب ِه َّن فَ َال ُجنَا َ‬
‫ح‬ ‫سائِ ُك ُم َّ‬
‫وركُم ِمن نِ َ‬ ‫الالتِي فِي ُح ُج ِ‬ ‫َّ‬
‫سائِ ُك ُم" أي‪ :‬زوجاتكم ورد مقيدا بالدخول‪ ،‬ومفاده؛ أنه ال‬ ‫علَ ْي ُك ْم﴾(‪ ،)109‬فَ َذك ََر الد َُّرينِي‪ :‬أن لفظ "نِ َ‬ ‫َ‬

‫تحرم بنت الزوجة على زوج أمها‪ ،‬إال إذا كان قد دخل باألم‪ ،‬إذا فالقيد معتبر في تشريع الحكم‪،‬‬
‫ومقتضى هذا‪ ،‬أن مجرد العقد على األم ال يحرم البنت‪ ،‬النتفاء القيد(‪ ،)110‬ونستنتج مما سبق أن‬
‫المقيد إذا ورد في نص من النصوص‪ ،‬ولم يقم دليل على إلغاء القيد عمل به كما ورد(‪.)111‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الفرق والعالقة بين المطلق والمقيد‬

‫أوال‪ :‬الفرق بين لفظ "ا ْل ُم ْطلَق" ولفظ "ا ْل ُمقَيَّد" ‪:‬‬
‫الفرق بين اللفظ "المطلق" واللفظ "المقيد"‪ :‬أن المطلق هو ما دل على فرد غير مقيد لَ ْف ً‬
‫ظا بأي‬
‫قيد‪ ،‬مثل‪ :‬مصري‪ ،‬ورجل‪ ،‬وطائر‪ ،‬والمقيد هو ما دل على مقيد لَ ْف ً‬
‫ظا بأي قيد‪ ،‬مثل‪ :‬مصري مسلم‪،‬‬
‫ورجل رشيد‪ ،‬وطائر أبيض(‪)112‬؛ ومعنى ذلك أن المطلق هو لفظ خاص يدل على فرد شائع أو‬
‫أفراد على سبيل الشيوع‪ ،‬ولم يقترن به ما يدل على تقييده بصفة من الصفات‪ ،‬مثل‪ :‬عربي‪ ،‬فارسي‪،‬‬
‫كتاب‪ ،‬رقبة‪ ،‬فإنها كلها ألفاظ وضع كل منها للداللة على فرد شائع في جنسه‪ ،)113(،‬فالمطلق إذن‪:‬‬
‫الكلي الذي لم يدخله تقييد(‪ ،)114‬أما المقيد هو لفظ خاص يدل على فرد شائع أو أفراد على سبيل‬

‫(‪ - )109‬النساء‪.23 :‬‬


‫(‪ - )110‬المناهج األصولية لفتحي الد َُّرينِي‪ ،‬المصدر نفسه‪.513 :‬‬
‫(‪ - )111‬أصول الفقه اإلسالمي للدكتور ُم َح َّمد مصطفى شلبي‪ ،‬الدار الجامعية للطباعة والنشر‪- ،‬بيروت‪.411 -‬‬
‫(‪ - )112‬علم أصول الفقه وخالصة التشريع اإلسالمي لعبد الوهاب خالف‪ ،‬دار الفكر العربي ‪-‬القاهر‪.181 ، -‬‬
‫(‪ - )113‬الوجيز في أصول الفقه اإلسالمي للدكتور زكي زكي حسين زيدان‪ ،‬سنة الطبع‪1423( :‬هـ ‪2003 -‬م)‪ ،‬جامعة طنطا ‪-‬مصر‪.162 ، -‬‬
‫(‪ - )114‬تقريب الوصول إلى علم األصول البن ُجزي الكلبي الغرناطي المالكي‪ ،‬تحقيق الدكتور ُم َح َّمد المختار بن الشيخ ُم َح َّمد األمين الشنقيطي‪ ،‬ط‪:2‬‬
‫(‪1423‬هـ ‪2002 -‬م)‪.156 ،‬‬

‫‪- 56 -‬‬
‫الشيوع‪ ،‬واقترن به ما يدل على التقييد بصفة من الصفات‪ ،‬مثل‪ :‬رجل عالم‪ ،‬كتاب أصول(‪،)115‬‬
‫فالمقيد إذن‪ :‬هو الذي دخله تعيين ولو من بعض الوجوه كالشرط‪ ،‬والصفة وغير ذلك(‪،)116‬‬
‫وبالتالي المستنتج في الفرق بين المطلق والنكرة‪ :‬أن المطلق ما دل على الحقيقة بال قيد‪ ،‬والمقيد ما‬
‫دل على الحقيقة بقيد(‪.)117‬‬

‫ثانيا‪ :‬العالقة بين المطلق والمقيد‪:‬‬

‫اإلطالق والتقييد متالزمان؛ فاإلطالق هو عدم التقييد فيما من شأنه أن يقيد‪ ،‬فاإلطالق يستلزم التقييد‬
‫في اإلمكان‪ ،‬أي ال يمكن فرض استكشاف اإلطالق وإرادته من كالم المتكلم في مورد ال يصح‬
‫التقييد‪ ،‬فالبد أن يكون القيد دخيال في الغرض الذي أراده الشارع الحكيم وإال فال(‪ ،)118‬فالمطلق‬
‫يفهم على إطالقه‪ ،‬إال إذا قام دليل على تقييده‪ ،‬فإن قام الدليل على تقييده كان هذا الدليل صارفا له‬
‫عن إطالقه ومبينا المراد منه (‪ ،)119‬فالمقيد ما هو إال مطلق قيد بقيد أخرجه عن اإلطالق إلى‬
‫التقييد(‪.)120‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬الخصائص التي يتميز بها المطلق عند‬


‫الد َُّرينِي‬

‫ذكر الد َُّرينِي أن "ا ْل ُم ْطلَق" يتميز عن غيره بثالثة خصائص‪ ،‬وهي كما يلي‪:‬‬

‫شيُوع" ؛ معنى أنه يدل على وحدة وفرد غير معين منتشر في جنسه‪ ،‬أي‬
‫الخصيصة اْلولى‪" :‬ال ُّ‬
‫منتشر في الوحدات التي ينطبق عليها معناه‪ ،‬و َذك ََر الد َُّري ِني‪ :‬أن لفظ "كتاب" يصدق على أي فرد‬
‫من أفراد الكتب المنتشرة في العالم‪ ،‬ولكنه ال يشملها جميعا‪ ،‬إذ ال يشمل إال واحدا غير معين(‪.)121‬‬

‫(‪ - )115‬الوجيز في أصول الفقه اإلسالمي للدكتور زكي زكي حسين زيدان‪ ،‬المصدر نفسه‪.182 :‬‬
‫(‪ - )116‬نفسه‪.‬‬
‫(‪ - )117‬شرح مختصر األصول من علم األصول للعالمة ُم َح َّمد بن صالح العثيمين‪ ،‬ألبي المنذر محمود بن ُم َح َّمد بن مصطفى المنياوي‪ ،‬ط‪1432( :1‬هـ ‪-‬‬
‫‪2011‬م)‪ ،‬المكتبة الشاملة‪.60-59 ،‬‬
‫(‪ - )118‬بتصرف عن الدكتور ُم َح َّمد رضا المظفر‪ ،‬كتاب أصول الفقه‪ ،‬ط‪1410( :2‬هـ ‪1990 -‬م)‪ ،‬مؤسسة األعلمي للمطبوعات ‪-‬بيروت‪.151 ، -‬‬
‫(‪ - )119‬علم أصول الفقه وخالصة التشريع اإلسالمي لعبد الوهاب خالف‪ ،‬المصدر نفسه‪.181 :‬‬
‫(‪ - )120‬الوجيز في أصول الفقه اإلسالمي للدكتور زكي زكي حسين زيدان‪ ،‬المصدر نفسه‪.162 :‬‬
‫(‪ - )121‬المناهج األصولية لفتحي الد َُّرينِي‪ ،‬المصدر نفسه‪.509 :‬‬

‫‪- 57 -‬‬
‫ش ُمول" ؛ بمعنى أن المطلق ال يشمل جميع ما يصدق عليه معناه دون‬
‫ع َد ُم ال ُّ‬
‫الخصيصة الثانية‪َ " :‬‬
‫حصر ودفعة واحدة‪ ،‬بل يشمل واحدا فقط ال على التعيين‪ ،‬غير أن هذا ال ينافي أن يكون المطلق‬
‫منطبقا على كل فرد‪ ،‬ولكن على سبيل البدل والتناوب ال الشمول(‪.)122‬‬

‫ع َد ُم الت َّ ْخ ِصيص" ؛ إذ أن المطلق ال يقترن به قيد يجعله خاصا ببعض ما يصدق‬


‫الخصيصة الثالثة‪َ " :‬‬
‫عليه معناه‪ ،‬دون بعضه اآلخر(‪.)123‬‬

‫● خالصة لما سبق‪ ،‬وإشارة لما سيأتي الحديث عنه‪:‬‬

‫بعدما شرعت في الكالم عن حكم "ا ْل ُم ْط َلق" و "ا ْل ُمقَيَّد" ‪ ،‬والفرق والعالقة التي تكمن بينهما‪،‬‬
‫وأيضا خصائص هذا ا ْل ُم ْط َلق التي يتميز بها عن غيره في رأي وتأصيل الد َُّري ِني ‪-‬رحمه هللا‪، -‬‬
‫سيكون الحديث في المبحث الرابع واْلخير من هذا الفصل اْلول ‪-‬إن شاء هللا‪ ، -‬عن نصوص‬
‫اإلطالق والتقييد التي أوردها الد َُّرينِي في كتابه "ا ْل َمنَا ِه ُج ْاْل ُ ُ‬
‫صو ِليَّة" مع محاولة التعمق في هذه‬
‫اْلنواع ودراستها دراسة وافية بالغرض‪ ،‬وطرح مجموعة من اإلشكاالت العلمية والجواب عليها‬
‫من خالل التحري والبحث مع استحضار التأمل والتركيز‪.‬‬

‫اإل ْط َالق َوالت َّ ْقيِيد عند الد َُّرينِي‬


‫المبحث الرابع‪ :‬نصوص ْ ِ‬

‫المطلب اْلول‪ :‬نصوص اإلطالق عند الد َُّرينِي‬

‫توطئة‪:‬‬

‫قبل البدء في هذا المطلب البد أن أوضح ما توصلت إليه‪ ،‬بعد قراءتي لكتاب "ا ْل َم َنا ِه ُج ْاْل ُ ُ‬
‫صو ِليَّة"‬
‫لفتحي الد َُّرينِي ‪ ،‬وبالضبط متأنيا في مبحث "ا ْل ُم ْطلَق َوا ْل ُمقَيَّد" ‪ ،‬وجدت الد َُّرينِي ‪-‬رحمه هللا‪ -‬تناول‬

‫(‪ - )122‬نفسه‪.510 :‬‬


‫(‪ - )123‬نفسه‪.‬‬

‫‪- 58 -‬‬
‫نوعا واحدا من نصوص اإلطالق‪ ،‬فأحببت أن أعمق البحث أكثر في هذا النوع‪ ،‬فوجدت نوعا ثانيا‬
‫يتضمن ثالث إشكاالت تشكل أنواعا‪ ،‬أما النوع اْلول الذي أورده الد َُّرينِي بشكل غير مباشر‪ ،‬هو‪:‬‬
‫علَى ِإ ْط َالقِ َها ِإ ْن لَ ْم ت َ ِر ْد ُمقَيَّ َدةً ِب َد ِليل يُؤَيِ ُد َها فِي َم ْو ِضع آ َخ َر"‪،‬‬ ‫وص ا ْل ُم ْطلَقَةُ الَّتِي َو َج َ‬
‫ب ا ْلعَ َم ُل َ‬ ‫ص ُ‬‫"النُّ ُ‬
‫وص ا ْل ُم ْطلَقَةُ الَّتِي قُيِدَتْ بِقَ ْي َدي ِْن‬
‫ص ُ‬‫أما النوع الثاني الذي توصلت إليه بعد تحري متواضع‪ ،‬هو‪" :‬النُّ ُ‬
‫اض َع ُم ْخت َ ِلفَة (تَعَ ُّد َد ا ْلقُيُو ِد)" ‪ ،‬اإلشكاالت المطروحة‪ :‬هل يُجرى المطلق على إطالقه؟‬‫أ َ ْو أ َ ْكث َ َر فِي َم َو ِ‬
‫أم يقيد بتلك القيود في آن واحد؟؟ أم يقيد بأحدها دون اْلخر؟؟؟ أم ماذا؟؟؟؟ واإلجابة على إشكاالت‬
‫وص ا ْل ُم ْطلَقَةُ الَّتِي قُيِدَتْ بِقُيُود‬
‫ص ُ‬‫هذا النوع‪ ،‬جعلتها في ثالثة أنواع أخرى‪ ،‬أما اْلول‪ ،‬هو‪" :‬النُّ ُ‬
‫وص ا ْل ُم ْطلَ َقةُ‬
‫ص ُ‬‫علَى ِإ ْط َال ِق ِه" أما الثاني‪ ،‬فهو‪" :‬النُّ ُ‬ ‫امتَنَ َع َوت َ َعذَّ َر الت َّ ْق ِيي ُد فَيُجرى ا ْل ُم ْط َل ُ‬
‫ق َ‬ ‫ُمت َ َع ِار َ‬
‫ضة َو ْ‬
‫وص ا ْل ُم ْطلَ َقةُ الَّ ِتي قُ ِيدَتْ ِبقُيُود ُمتَنَا ِف َية‬
‫ص ُ‬ ‫الَّ ِتي قُ ِيدَتْ ِبقُيُود قَ ْد يُ ْم ِك ُن اجْ ِت َما ُ‬
‫ع َها" أما الثالث‪ ،‬فهو‪" :‬النُّ ُ‬
‫َال يُ ْم ِك ُن اجْ تِ َما ُ‬
‫ع َها" ‪ ،‬وهذا النوع جرى فيه الخالف بين العلماء في كيفية وطريقة حمل المطلق‬
‫على المقيد‪ ،‬منهم‪ :‬أن اْلصل عندهم ال يحمل ويُجرى المطلق على إطالقه وهم الحنفية‪ ،‬ومنهم‪:‬‬
‫من يرى أن المطلق يحمل قياسا للقيد الذي به شبه للمطلق‪ ،‬وتفصيل الكالم عن هذه اْلنواع مع‬
‫التمثيل من القرآن والسنة‪ ،‬كما يلي‪:‬‬

‫وص ا ْل ُم ْطلَقَةُ الَّتِي‬


‫ص ُ‬‫شر هو‪" :‬النُّ ُ‬ ‫ش ْكل َ‬
‫غي ِْر ُم َبا ِ‬ ‫ع ْاْل َ َّو ُل الَّذِي أ َ ْو َردَه الد َُّري ِني ِب َ‬ ‫✓ النَّ ْو ُ‬
‫علَى ِإ ْط َالقِ َها ِإ ْن لَ ْم ت َ ِر ْد ُمقَيَّ َدةً بِ َد ِليل يُ َؤ ِي ُد َها فِي َم ْو ِضع آ َخ َر"‪ ،‬وتفصيل الكالم‬
‫ب ا ْلعَ َم ُل َ‬
‫َو َج َ‬
‫هذا النوع كاْلتي‪:‬‬

‫معنى هذا النوع‪ :‬أن النص الشرعي إذا ورد مطلقا ولم يرد نصا قيده‪ ،‬وجب العمل به على إطالقه‬
‫حتى يرد ما يدل على تقييده بوصف أو شرط أو صفة أو زمان أو مكان وغيرها من القيود التي‬
‫اب ِإ َذا َو َر َد‬
‫ط َ‬ ‫شي‪" :‬ا ْعلَ ْم أ َ َّن ا ْل ِخ َ‬ ‫تصرف عن إطالقه وتحدد من شيوعه في جنسه‪ ،‬كما قَا َل َّ‬
‫الز ْر َك ِ‬
‫اب إِ َذا‬‫ط َ‬ ‫س ْمعَانِي‪" :‬ا ْعلَ ْم أ َ َّن ا ْل ِخ َ‬ ‫علَى إِ ْط َالقِ ِه"(‪َ ،)124‬وقَا َل َ‬
‫ع ْب ُد ا ْل َجبَّار ال َّ‬ ‫ُم ْطلَقًا َال ُمقَيدًا لَهُ ُحم َل َ‬
‫علَى إِ ْط َالقِ ِه"(‪ ،)125‬وقد مثل الد َُّرينِي لهذا النوع بمثالين من الكتاب‪:‬‬
‫َو َر َد ُم ْطلَقًا َال ت َ ْقيِي َد َلهُ يُحْ َم ُل َ‬

‫(‪ - )124‬البحر المحيط للزركشي‪ ،‬قام بتحريره‪ :‬الدكتور سليمان األشقر‪ ،‬وراجعه‪ :‬الدكتور الستار أبو غدة والدكتور سليمان األشقر‪ ،‬المصدر نفسه‪.416/3 :‬‬
‫(‪ - )125‬قواطع األدلة في األصول لإلمام عبد الجبار السمعاني‪ ،‬تحقيق ُم َح َّمد حسن ُم َح َّمد حسن اسماعيل الشافعي‪ ،‬ط‪1418( :1‬هـ ‪1997 -‬م)‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية ‪-‬بيروت‪.228/1 ، -‬‬

‫‪- 59 -‬‬
‫س ِه َّن أ َ ْر َب َعةَ أ َ ْ‬
‫ش ُهر‬ ‫ْن ِبأَنفُ ِ‬
‫ون أ َ ْز َوا ًجا َيت َ َربَّص َ‬
‫ِين يُت َ َوفَّ ْو َن ِمن ُك ْم َو َي َذ ُر َ‬
‫= المثال اْلول‪ :‬قَ ْولُهُ ت َ َعالَى‪َ ﴿ :‬والَّذ َ‬

‫عش ًْرا﴾(‪)126‬؛ قَا َل الد َُّري ِني‪" :‬فلفظ "أ َ ْز َوا ًجا" مطلق‪ ،‬ولم يقم دليل على تقييده "بالدخول" ولم يرد‬
‫َو َ‬

‫في نص آخر مقيدا‪ ،‬فيجب العمل به على إطالقه كما ورد‪ ،‬ومقتضى هذا‪ :‬أن الزوجة التي توفي‬
‫عنها زوجها تجب عليها عدة الوفاة مطلقا‪ ،‬سواء أكان قد دخل بها قبل الوفاة أم ال‪ ،‬عمال بإطالق‬
‫اآلية الكريمة"(‪.)127‬‬

‫االت ُ ُك ْم َوبَنَاتُ‬ ‫ع َل ْي ُك ْم أ ُ َّم َهات ُ ُك ْم َوبَنَات ُ ُك ْم َوأ َ َخ َوات ُ ُك ْم َو َ‬


‫ع َّمات ُ ُك ْم َو َخ َ‬ ‫= المثال الثاني‪ :‬قَ ْولُهُ تَعَالَى‪ُ ﴿ :‬ح ِر َمتْ َ‬

‫ع ِة َوأ ُ َّمهَاتُ نِ َ‬
‫سائِ ُك ْم﴾(‪)128‬؛ قَا َل‬ ‫ض ْعنَ ُك ْم َوأ َ َخ َواتُكُم ِم َن َّ‬
‫الر َ‬
‫ضا َ‬ ‫الالتِي أ َ ْر َ‬
‫ت َوأ ُ َّم َهات ُ ُك ُم َّ‬
‫ْاْلَخِ َوبَنَاتُ ْاْل ُ ْخ ِ‬
‫الد َُّرينِي‪ :‬تدل اآلية الكريمة بعبارتها على تحريم أم الزوجة ُم ْ‬
‫طلَقًا دون قيد بالدخول بالزوجة (البنت)‪،‬‬
‫ومقتضى هذا‪ :‬أن مجرد العقد على البنت يح ِرم األم‪ ،‬وال يشترط الدخول بالبنت لتحرم أمها‪ ،‬ألن‬
‫نص اآلية الكريمة جاء مطلقا ( َوأ ُ َّمهَاتُ نِ َ‬
‫سائِ ُك ْم) إذ لم يقترن بقيد لفظي زائد مثل‪" :‬الالتي دخلتم‬
‫المحرم ألمهات الزوجات مقيدا في موضع آخر فوجب إجراؤه على‬
‫ِ‬ ‫بهن" ولم يرد هذا النص‬
‫إطالقه(‪.)129‬‬

‫وقد أضفت ثالث أمثلة من الكتاب‪ ،‬ومثالين من السنة النبوية الشريفة لهذا النوع‪ ،‬وهي‬
‫كما يلي‪:‬‬

‫االت ُ ُك ْم َو َبنَاتُ‬ ‫علَ ْي ُك ْم أ ُ َّم َهات ُ ُك ْم َوبَ َنات ُ ُك ْم َوأ َ َخ َوات ُ ُك ْم َو َ‬


‫ع َّمات ُ ُك ْم َو َخ َ‬ ‫= المثال اْلول‪ :‬قَ ْولُهُ ت َ َعالَى‪ُ ﴿ :‬ح ِر َمتْ َ‬

‫ع ِة َوأ ُ َّمهَاتُ نِ َ‬
‫سائِ ُك ْم َو َربَائِبُ ُك ُم‬ ‫ضا َ‬‫الر َ‬ ‫ض ْعنَ ُك ْم َوأ َ َخ َواتُكُم ِم َن َّ‬
‫الالتِي أ َ ْر َ‬
‫ت َوأ ُ َّم َهات ُ ُك ُم َّ‬
‫ْاْلَخِ َوبَنَاتُ ْاْل ُ ْخ ِ‬
‫الالتِي َد َخ ْلتُم بِ ِه َّن فَ ِإن لَّ ْم تَكُونُوا َد َخ ْلتُم بِ ِه َّن فَ َال ُجنَا َح َ‬
‫علَ ْي ُك ْم َو َح َالئِ ُل‬ ‫سائِ ُك ُم َّ‬‫وركُم ِمن نِ َ‬ ‫الالتِي فِي ُح ُج ِ‬ ‫َّ‬
‫ِين ِم ْن أَص َْال ِب ُك ْم َوأَن تَجْ َمعُوا َبي َْن ْاْل ُ ْختَي ِْن﴾(‪)130‬؛ في هذه اآلية الكريمة ورد تحريم‬
‫أ َ ْبنَائِ ُك ُم الَّذ َ‬

‫(‪ - )126‬البقرة‪.233 :‬‬


‫(‪ - )127‬المناهج األصولية لفتحي الد َُّرينِي‪ ،‬المصدر نفسه‪.511 :‬‬
‫(‪ - )128‬النساء‪.23 :‬‬
‫(‪ - )129‬المناهج األصولية لفتحي الد َُّرينِي‪ ،‬المصدر نفسه‪.511 :‬‬

‫(‪ - )130‬النساء‪.23 :‬‬

‫‪- 60 -‬‬
‫الجمع بين األختين ُم ْ‬
‫طلَقًا‪ ،‬سواء األختين الشقيقتين أو األختين ألب أو األختين ألم‪ ،‬وال يجوز تقييد‬
‫المطلق بأحد هذه األنواع بغير دليل(‪.)131‬‬

‫ّللا﴾(‪)132‬؛ في هذه اآلية الكريمة ورد التكبير ُم ْ‬


‫طلَقًا‪،‬‬ ‫= المثال الثاني‪ :‬قَ ْولُهُ تَ َعالَى‪َ ﴿ :‬و ِلتُك َِب ُروا َّ َ‬
‫أي في أي وقت وفي أي مكان تكبر هللا تبارك وتعالى‪ ،‬ولم يرد دليل قيده بصفة أو عدد فالمجال‬
‫مفتوح(‪.)133‬‬

‫ِين ِمن قَ ْب ِل ُك ْم‬


‫علَى الَّذ َ‬ ‫علَ ْي ُك ُم ِ‬
‫الص َيا ُم َك َما ُكتِ َ‬
‫ب َ‬ ‫= المثال الثالث‪ :‬قَ ْولُهُ ت َ َعالَى‪﴿ :‬يَا أَيُّ َها الَّذ َ‬
‫ِين آ َمنُوا ُكتِ َ‬
‫ب َ‬

‫سفَر َف ِعدَّة ِم ْن أَيَّام أ ُ َخ َر﴾(‪)134‬؛‬ ‫َان ِمنكُم َّم ِريضًا أ َ ْو َ‬


‫علَى َ‬ ‫ون (‪ )182‬أَيَّا ًما َّم ْعدُودَات فَ َمن ك َ‬
‫لَعَلَّ ُك ْم تَتَّقُ َ‬

‫في هذه اآلية الكريمة ورد قضاء صيام رمضان مطلقا‪ ،‬ولم يقيد بالتتابع كما في كفارة الظهار‪.‬‬

‫ّللا‬
‫سو َل َّ ِ‬ ‫َح َّدثَهُ قَا َل بَايَعْتُ َر ُ‬ ‫ع ْنهُ‬
‫ّللاُ َ‬
‫ي َّ‬ ‫= المثال الرابع‪َ :‬ح َّدثَنَا أَبُو ا ْل ُج َوي ِْريَ ِة أ َ َّن َم ْع َن ب َْن يَ ِزي َد َر ِض َ‬
‫َان أ َ ِبي َي ِزي ُد أ َ ْخ َر َج‬
‫ِإلَ ْي ِه‪َ ،‬وك َ‬ ‫ي فَأ َ ْن َك َح ِني َو َخا َ‬
‫ص ْمتُ‬ ‫علَ َّ‬
‫ب َ‬
‫ط َ‬‫سلَّ َم أَنَا َوأ َ ِبي َو َجدِي َو َخ َ‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى َّ‬
‫ّللاُ َ‬ ‫َ‬
‫س ِجدِ‪ ،‬فَ ِجئْتُ فَأ َ َخ ْذت ُ َها فَأَت َ ْيتُهُ ِب َها َف َقا َل َو َّ ِ‬
‫ّللا َما ِإيَّاكَ‬ ‫ض َع َها ِع ْن َد َر ُجل ِفي ا ْل َم ْ‬‫ق ِب َها فَ َو َ‬
‫ص َّد ُ‬ ‫َدنَا ِن َ‬
‫ير َيت َ َ‬
‫سلَّ َم فَقَا َل‪« :‬لَكَ َما نَ َويْتَ يَا يَ ِزيدُ‪َ ،‬ولَكَ َما أ َ َخ ْذتَ يَا‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى َّ‬
‫ّللاُ َ‬ ‫ّللا َ‬‫سو ِل َّ ِ‬ ‫أ َ َر ْدتُ ‪ .‬فَ َخا َ‬
‫ص ْمتُهُ ِإلَى َر ُ‬
‫َم ْع ُن»(‪)135‬؛ ما صرح به األئمة‪ :‬أن في الحديث حذفا البد من تقديره‪ ،‬فوضعها عند الرجل في‬
‫المسجد‪َ ،‬وأَذِنَ له أن يتصدق بها على محتاج إليها ِإ ْذنًا ُم ْ‬
‫طلَقًا‪ ،‬وقوله‪" :‬فَ ِجئْتُ فَأ َ َخ ْذت ُ َها" ؛ أي من‬
‫يﷺ‬ ‫المأذون له في التصدق بها بإذنه ال بطريق االعتداء‪ ،‬وجاء في قول ابن رشد‪َ " :‬ف َم َ‬
‫ضى النَّ ِب ُّ‬
‫ع َلى‬
‫ت َ‬ ‫علَى أَنَّهُ يُ ْع َم ُل ِبا ْل ُم َ‬
‫طلَّقَا ِ‬ ‫ث َد ِليل َ‬ ‫ض ِل ْل َو ِكي ِل ِبلَ ْفظ ُم ْطلَق‪ ،‬فَنَ ِف َد ِف ْعلُهُ‪َ ،‬و ِفي ا ْل َحدِي ِ‬ ‫اإل ْط َالقَ ِْلَنَّهُ فَ َّو َ‬
‫ِْ‬
‫ظ ِب ِه"(‪)136‬‬ ‫ط َر ِب َبا ِل ِه َف ْر َّد ِم ْن ْاْل َ ْف َرا ِد َل َقيَّ َد اللَّ ْف ُ‬
‫ِإ ْط َال ِق َها َو ِإ ْن احْ تم َل أ َ َّن ا ْل ُمتَك َِل َم ا ْل ُم ْط َلقَ َل ْو َخ َ‬

‫اركَ َوت َ َعالَى يَا اب َْن آ َد َم أ َ ْن ِفقْ‬ ‫سلَّ َم‪« :‬قَا َل َّ‬
‫ّللاُ تَبَ َ‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى َّ‬
‫ّللاُ َ‬ ‫ّللا َ‬ ‫= المثال الخامس‪ :‬قَا َل َر ُ‬
‫سو ُل َّ ِ‬

‫طلَق َو ْال ُم َقيَّد)" ‪ ،‬الدقيقة‪ ،13:50 :‬من موقع‪:‬‬


‫(‪ - )131‬بيان مقتطف ومستخلص من محاضرة في برنامج تلفزيوني‪ ،‬بعنوان‪" :‬الفقه (‪ )2‬دالالت األلفاظ ( ْال ُم ْ‬
‫"يوتيوب" يوم‪ ،)2022/04/12( :‬في الساعة‪ :‬الواحدة ليال‪.‬‬
‫(‪ - )132‬البقرة‪.184 :‬‬
‫(‪ - )133‬بيان مقتطف ومستخلص من شرح الدكتور عثمان الخميس في برنامج تلفزيوني بعنوان‪" :‬ما هو التكبير المطلق والمقيد" من موقع‪" :‬يوتيوب" يوم‪:‬‬
‫(‪ ،)2022/04/14‬في الساعة الثانية ليال‪.‬‬
‫(‪ - )134‬البقرة‪.183-182 :‬‬
‫علَى ا ْبنِ ِه َوه َُو الَ َي ْشعُر‪.‬‬
‫َ‬ ‫د‬
‫َّقَ‬ ‫ص‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ا‬‫َ‬ ‫ذ‬ ‫إ‬
‫ِ‬ ‫باب‬ ‫الزكاة‪،‬‬ ‫كتاب‬ ‫في‬ ‫صحيحه‬ ‫(‪ - )135‬رواه البخاري في‬
‫(‪ - )136‬الفتاوى الفقهية الكبرى للعالمة ابن حجر المكي الهيتمي‪.370/3 ،‬‬

‫‪- 61 -‬‬
‫أ ُ ْن ِفقْ َ‬
‫علَ ْيكَ »(‪)137‬؛ بخصوص هذا الحديث الشريف‪ ،‬جاء في كتاب "التثريب في شرح التقريب"‬
‫ص ِب َن ْوع َم ْخ ُ‬
‫صوص‬ ‫اإل ْن َف ِ‬
‫اق َال يَ ْخت َ ُّ‬ ‫علَى ْ ِ‬ ‫عد َِم ت َ ْق ِيي ِد َها َما َي ْقت َ ِضي أ َ َّن ا ْل َح َّ‬
‫ث َ‬ ‫‪َ " :‬وفِي ِإ ْط َال ِ‬
‫ق النَّفَقَ ِة َو َ‬
‫ِم ْن أ َ ْن َواعِ ا ْل َخي ِْر"(‪.)138‬‬

‫وص ا ْل ُم ْطلَقَةُ الَّ ِتي قُ ِيدَتْ‬


‫ص ُ‬ ‫اضع ُ‬
‫ه َو‪" :‬النُّ ُ‬ ‫ع الثَّا ِني الَّذِي ت َ َو َّ‬
‫صلَتْ ِإلَ ْي ِه َب ْع َد ت َ َح ِري ُمت َ َو ِ‬ ‫النَّ ْو ُ‬
‫اض َع ُم ْخت َ ِلفَة (تَعَ ُّد َد ا ْلقُيُو ِد)" ‪ ،‬اإلشكاالت المطروحة‪ :‬هل يُجرى المطلق على‬ ‫بِقَ ْي َدي ِْن أ َ ْو أ َ ْكث َ َر فِي َم َو ِ‬
‫إطالقه؟ أم يقيد بتلك القيود في آن واحد؟؟ أم يقيد بأحدها دون اْلخر؟؟؟ أم ماذا؟؟؟؟ واإلجابة على‬
‫إشكاالت هذا النوع‪ ،‬جعلتها في ثالثة أنواع أخرى‪ ،‬وهي كما يلي‪:‬‬

‫ع َلى‬
‫ق َ‬ ‫وص ا ْل ُم ْطلَ َقةُ الَّتِي قُ ِيدَتْ ِبقُيُود ُمت َ َع ِار َ‬
‫ضة َوت َ َعذَّ َر الت َّ ْق ِيي ُد فَيُجْ َرى ا ْل ُم ْطلَ ُ‬ ‫ص ُ‬‫✓ النوع اْلول‪" :‬النُّ ُ‬
‫ِإ ْط َالقِ ِه"‪ ،‬وبعض أمثلة هذا النوع كاْلتي‪:‬‬

‫سافِ ِر ا ْل َم ْرأَةُ ِإال َّ َم َع ذِي َمحْ َرم‪َ ،‬والَ يَ ْد ُخ ُل‬


‫سلَّ َم‪« :‬الَ ت ُ َ‬
‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى َّ‬
‫ّللاُ َ‬ ‫ّللا َ‬ ‫= المثال اْلول‪ :‬قَا َل ر ُ‬
‫سو ُل َّ ِ‬
‫طلَقًا ولم يقيد بيوم أو‬ ‫علَ ْي َها َر ُجل إِال َّ َو َمعَ َها َمحْ َرم»(‪ ،)139‬في هذا الحديث الشريف ورد السفر ُم ْ‬ ‫َ‬
‫سلَّ َم قَا َل‪« :‬الَ يَ ِح ُّل‬
‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫ليلة أو غير ذلك‪ ،‬وفي حديث آخر‪ :‬ع َْن أَبِي ُه َري َْرةَ ع َْن النَّبِي ِ َ‬
‫صلَّى َّ‬
‫ّللاُ َ‬
‫يرةَ يَ ْوم إِال َّ َم َع ذِي َمحْ َرم»(‪ ،)140‬وفي هذا الحديث‬ ‫س َ‬ ‫اْلخ ِر ت ُ َ‬
‫سافِ ُر َم ِ‬ ‫ِال ْم َرأَة ت ُ ْؤ ِم ُن بِ َّ ِ‬
‫اّلل َوا ْليَ ْو ِم ِ‬
‫سلَّ َم‬
‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫الشريف قيد السفر بيوم واحد‪ ،‬وفي حديث آخر‪ :‬ع َْن أَبِي ُه َري َْرةَ ع َْن النَّبِي ِ َ‬
‫صلَّى َّ‬
‫ّللاُ َ‬
‫يرةَ يَ ْوم َولَ ْيلَة إِال َّ َم َع ذِي َمحْ َرم‬ ‫س َ‬ ‫اْلخ ِر ت ُ َ‬
‫سا ِف ُر َم ِ‬ ‫ِ‬ ‫قَا َل‪« :‬الَ يَ ِح ُّل ِال ْم َرأَة ت ُ ْؤ ِم ُن ِب َّ ِ‬
‫اّلل َوا ْل َي ْو ِم‬
‫ّللا‬
‫سو ُل َّ ِ‬ ‫علَ ْي َها»(‪ ،)141‬أما في هذا الحديث الشريف قيد السفر بيوم وليلة‪ ،‬وفي حديث آخر‪َ :‬قا َل ر ُ‬ ‫َ‬
‫سافِ ِر ا ْل َم ْرأَةُ َي ْو َمي ِْن ِإال َّ َم َع َها َز ْو ُج َها أ َ ْو ذُو َمحْ َرم»(‪ ،)142‬أما هذا‬
‫سلَّ َم‪« :‬الَ ت ُ َ‬
‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى َّ‬
‫ّللاُ َ‬ ‫َ‬
‫الحديث الشريف قيد السفر فيه بيومين‪ ،‬وبالتالي من خالل هذه النصوص النوية الشريفة نالحظ‪ :‬أن‬

‫ق بِ ْال َخ َلفِ ‪.‬‬


‫ِير ْال ُم ْن ِف ِ‬
‫علَى النَّفَقَ ِة َوت َ ْبش ِ‬ ‫(‪ - )137‬رواه مسلم في صحيحه في كتاب الزكاة‪ ،‬باب ْال َح ِ‬
‫ث َ‬
‫(‪ - )138‬طرح التثريب في شرح التقريب للحافظ الكبير زين الدين أبي الفضل عبد الرحيم بن الحسين العراقي‪ ،‬حققه‪ :‬ابنه أحمد بن عبد الرحيم أبو زرعة‪،‬‬
‫دار إحياء التراث العربي ‪-‬بيروت‪.68/4 ، -‬‬
‫ساءِ ‪.‬‬ ‫(‪ - )139‬رواه البخاري في صحيحه في كتاب جزاء الصيد‪ ،‬باب َحجِ النِ َ‬
‫غي ِْرهِ‪.‬‬‫سف َِر ْال َم ْرأَةِ َم َع َمحْ َرم ِإلَى َحج َو َ‬ ‫(‪ - )140‬رواه مسلم في صحيحه في كتاب الحج باب َ‬
‫(‪ - )141‬نفسه‪.‬‬
‫ت ْال َم ْقد ِِس‪.‬‬‫(‪ - )142‬رواه البخاري في صحيحه في كتاب فضل الصالة‪ ،‬باب َمس ِْج ِد َب ْي ِ‬

‫‪- 62 -‬‬
‫القيود تعارضت وتعذر التقييد‪ ،‬فيُجرى المطلق على إطالقه‪ ،‬فال يجوز للمرأة أن تسافر أي سفر‬
‫كان وإال ومعها ذو َمحْ َرم(‪.)143‬‬

‫= المثال الثاني‪ :‬للمسلم إذا أراد أن يعمل عمال من أعماله أن يذكر هللا بأي لفظ من الذكر‪ ،‬عمال‬
‫ّللا أ َ ْق َ‬
‫ط ُع»(‪ ،)144‬وورد‬ ‫سلَّ َم‪ُ « :‬ك ُّل أ َ ْمر ذِي بَال ال َ يُ ْب َدأ ُ فِي ِه بِ ِذ ْك ِر َّ ِ‬
‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى َّ‬
‫ّللاُ َ‬ ‫ّللا َ‬ ‫بِقَ ْو ِل َّر ُ‬
‫سو ُل َّ‬
‫تقييد هذا الذكر في هذا النص بالبسملة لما جاء في كتاب‪" :‬ا ْلفُتُوحَاتُ َّ‬
‫الربَّانِيَّة" ‪ ،‬فصل‪ :‬اعلم أن‬
‫ّللا‬ ‫الحمد مستحب في ابتداء كل أمر ذي بال‪ :‬وفي رواية‪ُ « :‬ك ُّل أ َ ْمر ذِي بَال الَ يُ ْب َدأ ُ فِي ِه بِبِ ْ‬
‫س ِم َّ ِ‬
‫ط ُع» ‪ ،‬وهو حديث حسن(‪ ،)145‬كما ورد أيضا تقييد الذكر في النص األول المطلق‬ ‫الرحْ َم ِن فَ ُه َو أ َ ْق َ‬
‫َّ‬
‫سلَّ َم‪ُ « :‬ك ُّل أ َ ْمر ذِي َبال الَ يُ ْب َدأ ُ ِفي ِه ِب َح ْم ِد َّ ِ‬
‫ّللا‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى َّ‬
‫ّللاُ َ‬ ‫سو ِل َ‬ ‫ب "الحمد" ِلقَ ْو ِل َّ‬
‫الر ُ‬
‫ط ُع»(‪ ،)146‬من خالل هذه النصوص النبوية الشريفة نالحظ‪ :‬امتناع التقييد لتعارض القيود‪،‬‬ ‫أ َ ْق َ‬
‫فيُجرى المطلق على إطالقه وهو اْلصل‪« :‬ذكر هللا تعالى» ‪ ،‬وهللا أعلم‪.‬‬

‫وص ا ْل ُم ْطلَ َقةُ الَّتِي قُ ِيدَتْ ِبقُيُود قَ ْد يُ ْم ِك ُن اجْ تِ َما ُ‬


‫ع َها" ‪ ،‬وبعض أمثلة هذا‬ ‫ص ُ‬‫✓ النوع الثاني‪" :‬النُّ ُ‬
‫النوع كاْلتي‪:‬‬

‫الرقَبَ ِة بِ ْال ِكتَابَ ِة‬


‫ف َّ‬‫ص ُ‬
‫= المثال اْلول‪ :‬وهو ما جاء في كتاب الدكتور محمد بن حمدي الصاعدي‪َ " ،‬و ْ‬
‫الظ َه ِار بِك َْونِ َها َرقَ َبةً‬ ‫الرقَبَ ِة ا ْل ُم ْطلَقَ ِة فِي َكفَّ َ‬
‫ار ِة ِ‬ ‫ان" ‪ ،‬فذكر‪" :‬لَ ْو َو َر َد نَص بِت َ ْقيِي ِد َّ‬ ‫اإلي َم ِ‬ ‫ص ِف َها بِ ْ ِ‬
‫بَ ْع َد َو ْ‬
‫احد‪،‬‬ ‫ُون ُم ْؤ ِمنَةً َوكَا ِتب فِي آن َو ِ‬ ‫ض َم َع ك َْو ِن َها ُم ْؤ ِم َنةً‪ ،‬إِ ْذ يُ ْم ِك ُن أ َ ْن تَك َ‬ ‫كَاتِبَةً‪ ،‬فَ ِإ َّن َه َذا ا ْلقَ ْي َد َال يَتَعَ َ‬
‫ار ُ‬
‫ان"(‪.)147‬‬ ‫الرقَبَةُ بِقَ ْي ِد ا ْل ِكتَا َب ِة فَ ْ‬
‫ض ًال ع َْن ت َ ْقيِي ِد َها بِقَ ْي ِد ْ ِ‬
‫اإلي َم ِ‬ ‫فَتُقَيَّ ُد َّ‬

‫وقد بحثت محاوال أجد نصوصا شرعية تتطابق مع هذا النوع‪ ،‬فتوصلت إلى ما يلي‪:‬‬

‫عثْ َمانَ بْنَ َعفَّانَ‬


‫ُوء‪ ،‬وهي‪ :‬أ َ َّن ُ‬ ‫الرأْ ِس فِي ا ْل ُوض ِ‬ ‫سحِ َّ‬ ‫َوردتْ ِر َوايَة ع َْن النَّبِي ِ ﷺ ُم ْطلَقَةً فِي ِم ْقد َِار َم ْ‬
‫س َل َو ْج َههُ‬
‫غ َ‬‫ض َوا ْستَ ْنث َ َر ث ُ َّم َ‬ ‫ث َم َّرات ث ُ َّم َم ْ‬
‫ض َم َ‬ ‫ضوء فَتَ َوضَّأ َ فَغَ َ‬
‫س َل َكفَّ ْي ِه ثَالَ َ‬ ‫ع ْنهُ َد َ‬
‫عا ِب َو ُ‬ ‫ّللاُ َ‬
‫ي َّ‬‫ض َ‬
‫َر ِ‬
‫س َل يَ َدهُ ْاليُس َْرى ِمثْ َل َذ ِل َك ث ُ َّم َم َ‬
‫س َح‬ ‫ث َم َّرات ث ُ َّم َ‬
‫غ َ‬ ‫س َل يَ َدهُ ْالي ُْمنَى ِإلَى ْال ِم ْرفَ ِ‬
‫ق ثَالَ َ‬ ‫ث َم َّرات ث ُ َّم َ‬
‫غ َ‬ ‫ثَالَ َ‬

‫(‪ - )143‬بيان مقتطف ومستخلص من شرح الدكتور عامر بهجت‪ ،‬في برنامج تلفزيوني بعنوان‪" :‬الطريق إلى علم أصول الفقه (‪ – )23‬تطبيقات المطلق‬
‫والمقيد" ‪ ،‬من موقع‪" :‬يوتيوب" ‪ ،‬يوم‪ ، )2022/04/14( :‬الخامسة مساء‪.‬‬
‫طع»‪.‬‬ ‫(‪ - )144‬رواه الدارقطني في سننه في كتاب الصالة‪ ،‬باب قَ ْو ُل النَّبِي‪ُ « :‬ك ُّل أ َ ْمر ذِي بَال الَ يُ ْب َدأ ُ فِي ِه بِ َح ْم ِد َّ ِ‬
‫ّللا أ َ ْق َ‬
‫(‪ - )145‬الفتوحات الربانية البن عالن البكري الصديقي الشافعي‪ ،‬تحقيق عبد المنعم خليل إبراهيم‪ ،‬ط‪1424( :1‬هـ ‪2004 -‬م)‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪-‬بيروت‪، -‬‬
‫‪.197/3‬‬
‫طع»‪.‬‬ ‫(‪ - )146‬رواه الدارقطني في سننه في كتاب الصالة‪ ،‬باب قَ ْو ُل النَّ ِبي‪ُ « :‬ك ُّل أ َ ْمر ذِي َبال الَ يُ ْب َدأ ُ فِي ِه ِب َح ْم ِد َّ ِ‬
‫ّللا أ َ ْق َ‬
‫(‪ - )147‬المطلق والمقيد وأثرهما في اختالف الفقهاء للدكتور ُم َح َّمد بن حمدي الصاعدي‪ ،‬ط‪1428( :2‬هـ)‪.298 ،‬‬

‫‪- 63 -‬‬
‫سو َل‬‫س َل ْاليُس َْرى ِمثْ َل َذ ِل َك ث ُ َّم قَا َل َرأَيْتُ َر ُ‬
‫غ َ‬‫ث َم َّرات ث ُ َّم َ‬ ‫س َل ِر ْجلَهُ ْالي ُْمنَى ِإلَى ْال َك ْع َبي ِْن ثَالَ َ‬ ‫غ َ‬ ‫َرأْ َ‬
‫سهُ ث ُ َّم َ‬
‫ضأ َ‬‫سلَّ َم‪َ « :‬م ْن ت َ َو َّ‬
‫ع َل ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى َّ‬
‫ّللاُ َ‬ ‫ّللا َ‬
‫سو ُل َّ ِ‬ ‫ضوئِي َه َذا ث ُ َّم قَا َل َر ُ‬ ‫سلَّ َم ت َ َوضَّأ َ ن َْح َو ُو ُ‬ ‫ع َل ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى َّ‬
‫ّللاُ َ‬ ‫َّ ِ‬
‫ّللا َ‬
‫غ ِف َر َلهُ َما تَقَ َّد َم ِم ْن َذ ْن ِب ِه»(‪،)148‬‬ ‫يه َما َن ْف َ‬
‫سهُ ُ‬ ‫ِث فِ ِ‬‫نَحْ َو ُوضُوئِي َه َذا ث ُ َّم قَا َم فَ َر َك َع َر ْكعَتَي ِْن الَ يُ َحد ُ‬
‫سهُ)‪ ،‬ولم يقيد بمقدار معين‪ ،‬لكن وردت روايات‬ ‫س َح َرأْ َ‬
‫ورد في هذه الرواية مسح الرأس مطلقا (ث ُ َّم َم َ‬
‫مقيدة لهذا اإلطالق قد يمكن اجتماعها‪ ،‬وهي كما يلي‪:‬‬
‫ص ْحبَة‪ -‬قَا َل قِي َل لَهُ تَ َوضَّأ ْ‬
‫َت لَهُ ُ‬
‫اري ِ ‪َ -‬و َكان ْ‬
‫ص ِ‬‫اصم األ َ ْن َ‬
‫ع ِ‬ ‫‪ °‬الرواية اْلولى‪َ " :‬ع ْن َ‬
‫ع ْب ِد َّ ِ‬
‫ّللا ب ِْن زَ ْي ِد ب ِْن َ‬
‫سلَ ُه َما ثَالَثًا ث ُ َّم أ َ ْد َخ َل يَ َدهُ‬ ‫عا بِإِنَاء فَأ َ ْكفَأ َ ِم ْن َها َ‬
‫علَى يَ َد ْي ِه فَغَ َ‬ ‫سلَّ َم‪ .‬فَ َد َ‬
‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى َّ‬
‫ّللاُ َ‬ ‫ّللاِ َ‬
‫سو ِل َّ‬
‫ضو َء َر ُ‬ ‫لَنَا ُو ُ‬
‫س َل َو ْج َههُ‬ ‫اح َدة فَفَ َع َل َذ ِل َك ثَالَثًا ث ُ َّم أ َ ْد َخ َل َي َدهُ فَا ْست َ ْخ َر َج َها فَغَ َ‬
‫ض َوا ْست َ ْنشَقَ ِم ْن َكف َو ِ‬ ‫ض َم َ‬ ‫فَا ْست َ ْخ َر َج َها فَ َم ْ‬
‫س َح‬‫س َل َي َد ْي ِه ِإلَى ْال ِم ْرفَقَي ِْن َم َّرتَي ِْن َم َّرتَي ِْن ث ُ َّم أَ ْد َخ َل َي َدهُ فَا ْست َ ْخ َر َج َها فَ َم َ‬
‫ثَالَثًا ث ُ َّم أ َ ْد َخ َل َي َدهُ فَا ْست َ ْخ َر َج َها فَغَ َ‬
‫صلَّى َّ‬
‫ّللاُ‬ ‫ّللا َ‬ ‫سو ِل َّ ِ‬ ‫ضو ُء َر ُ‬ ‫س َل ِر ْجلَ ْي ِه ِإلَى ْال َك ْع َبي ِْن ث ُ َّم قَا َل َه َك َذا َكانَ ُو ُ‬ ‫غ َ‬ ‫ِب َرأْ ِ‬
‫س ِه فَأ َ ْقبَ َل ِبيَ َد ْي ِه َوأ َ ْد َب َر ث ُ َّم َ‬
‫سلَّ َم"(‪.)149‬‬
‫علَ ْي ِه َو َ‬
‫َ‬

‫ض َوا ْستَ ْنثَ َر‬


‫ض َم َ‬ ‫اإل ْسنَا ِد َوقَا َل َم ْ‬ ‫ع ْم ِرو ب ِْن يَ ْح َيى ِب َه َذا ِ‬ ‫ع ْن َ‬ ‫‪ °‬الرواية الثانية‪َ " :‬ح َّدثَنَا َما ِلكُ ب ُْن أَنَس َ‬
‫ب ِب ِه َما ِإ َلى‬ ‫اح َدة‪َ .‬وزَ ا َد َب ْع َد قَ ْو ِل ِه فَأ َ ْق َب َل ِب ِه َما َوأ َ ْدبَ َر بَ َدأ َ ِب ُمقَد َِّم َرأْ ِ‬
‫س ِه ث ُ َّم َذ َه َ‬ ‫ثَالَثًا‪َ .‬ولَ ْم يَقُ ْل ِم ْن َكف َو ِ‬
‫س َل ِر ْجلَ ْي ِه"(‪.)150‬‬ ‫غ َ‬ ‫َان الَّذِي بَ َدأ َ ِم ْنهُ َو َ‬ ‫قَفَاهُ ث ُ َّم َر َّد ُه َما َحتَّى َر َج َع إِلَى ا ْل َمك ِ‬

‫ِيث َوقَا َل فِي ِه‬ ‫ص ْال َحد َ‬ ‫ع ْم ُرو ب ُْن َي ْح َيى ِب ِمثْ ِل إِ ْسنَا ِد ِه ْم َوا ْقت َ َّ‬‫‪ °‬الرواية الثالثة‪َ " :‬ح َّدثَنَا ُو َهيْب َح َّدثَنَا َ‬
‫اح َدةً‪.‬‬ ‫س َح بِ َرأْ ِ‬
‫س ِه فَأ َ ْقبَ َل بِ ِه َوأ َ ْدبَ َر َم َّرةً َو ِ‬ ‫ث غ ََرفَات‪َ .‬و َقا َل أ َ ْي ً‬
‫ضا فَ َم َ‬ ‫ض َوا ْستَ ْنشَقَ َوا ْستَ ْنث َ َر ِم ْن ثَالَ ِ‬ ‫فَ َم ْ‬
‫ض َم َ‬
‫ع ْم ُرو ب ُْن َي ْح َيى َه َذا ْال َحد َ‬
‫ِيث‬ ‫علَ َّ‬
‫ي َ‬ ‫ي ُو َهيْب َه َذا ْال َحد َ‬
‫ِيث‪َ .‬وقَا َل ُو َهيْب أ َ ْملَى َ‬ ‫قَا َل بَ ْهز أ َ ْملَى َ‬
‫علَ َّ‬
‫َم َّرتَي ِْن"(‪.)151‬‬

‫وجه التقييد‪ :‬في الرواية األولى المقيدة إلطالق مسح الرأس‪( :‬فَأ َ ْق َب َل ِب َي َد ْي ِه َوأ َ ْد َب َر)‪ ،‬وفي الرواية‬
‫ب ِب ِه َما ِإلَى َق َفاهُ ث ُ َّم‬ ‫الثانية المقيدة إلطالق مسح الرأس‪( :‬فَأ َ ْقبَ َل ِب ِه َما َوأ َ ْدبَ َر بَ َدأ َ ِب ُمقَد َِّم َرأْ ِ‬
‫س ِه ث ُ َّم َذ َه َ‬
‫َان الَّذِي بَ َدأ َ ِم ْنهُ)‪ ،‬وفي الرواية الثالثة المقيدة إلطالق مسح الرأس‪( :‬فَ َم َ‬
‫س َح‬ ‫َر َّد ُه َما َحتَّى َر َج َع ِإلَى ا ْل َمك ِ‬

‫صفَ ِة ْال ُوضُوءِ َو َك َما ِلهِ‪.‬‬


‫(‪ - )148‬رواه مسلم في صحيحه في كتاب الطهارة‪ ،‬باب ِ‬
‫س َّل َم‪.‬‬ ‫و‬
‫َ َ‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫ع‬‫َ‬ ‫ّللا‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ى‬ ‫َّ‬ ‫ل‬‫ص‬‫ِ ِ َ‬‫ي‬ ‫ب‬‫َّ‬ ‫ن‬‫ال‬ ‫ض‬
‫ُوءِ‬ ‫و‬‫(‪ - (149‬رواه مسلم في صحيحه في كتاب الطهارة‪ ،‬باب ف ُ‬
‫ِي‬
‫(‪ - )150‬نفسه‪.‬‬
‫(‪ - )151‬نفسه‪.‬‬

‫‪- 64 -‬‬
‫س َح َرأْ َ‬
‫سهُ)‪ ،‬وقد‬ ‫ِب َرأْ ِ‬
‫س ِه فَأ َ ْقبَ َل ِب ِه َوأ َ ْدبَ َر َم َّرةً َو ِ‬
‫اح َدةً) ؛ فهذه الروايات مقيدة للرواية المطلقة (ث ُ َّم َم َ‬
‫يمكن اجتماعها‪ ،‬وهللا أعلم‪.‬‬

‫مالحظة مهمة‪ :‬وهذا المقدار في مسح الرأس هو ما ذهب إليه اإلمام مالك وأحمد‪ ،‬حيث ورد في‬
‫التواليف الفقهية أن المفروض مسح جميع الرأس(‪ ،)152‬وقال اإلمام الجويني‪" :‬فَأ َ َّما ْاْل َ ْك َم ُل‪،‬‬
‫ضهُ َما ِلك"(‪ ،)153‬وقال ابن تيمية‪" :‬ا ْل َح ْم ُد ِ َّللِ‪ ،‬ات َّ َفقَ ْاْلَئِ َّمةُ‬
‫سحِ سنَّةً‪َ ،‬وقَ ْد فَ َر َ‬
‫الرأْ ِس بِا ْل َم ْ‬
‫اب َّ‬ ‫فَا ْ‬
‫ستِيعَ ُ‬
‫صلَّى‬ ‫ص ِحي َح ِة َوا ْل َح َ‬
‫سنَ ِة ع َْن النَّبِي ِ َ‬ ‫الرأْ ِس‪َ ،‬ك َما ثَ َبتَ فِي ْاْل َ َحادِي ِ‬
‫ث ال َّ‬ ‫يع َّ‬ ‫سنَّةَ َم ْ‬
‫س ُح َج ِم ِ‬ ‫علَى أ َ َّن ال ُّ‬
‫ُكلُّ ُه ْم َ‬
‫سلَّ َم"(‪.)154‬‬
‫علَ ْي ِه َو َ‬
‫ّللاُ َ‬
‫َّ‬

‫وص ا ْل ُم ْط َلقَةُ الَّ ِتي قُ ِيدَتْ ِبقُيُود ُمت َنَا ِف َية َال يُ ْم ِك ُن اجْ ِت َما ُ‬
‫ع َها" ‪ ،‬هذا النوع‬ ‫ص ُ‬‫✓ النوع الثالث‪" :‬النُّ ُ‬
‫جرى فيه الخالف بين العلماء في كيفية وطريقة تقييد وحمل المطلق على المقيد‪ ،‬منهم‪ :‬أن اْلصل‬
‫ال يحمل وهم الحنفية‪ ،‬ومنهم‪ :‬من يرى أن المطلق يحمل قياسا للقيد الذي به شبه للمطلق‪ ،‬وتفصيل‬
‫الكالم عن كل ذلك مع التمثيل‪ ،‬كما يلي‪:‬‬

‫ّللاُ ت َ َعالَى ﴿فَ ِعدَّة ِم ْن أَيَّام أ ُ َخ َر﴾(‪ ،)155‬فقد ورد في هذه اآلية الكريمة قضاء‬
‫= المثال اْلول‪ :‬قَا َل َّ‬
‫صوم رمضان ُم ْ‬
‫طلَقًا‪ ،‬وورد مثله مقيدا بالتتابع في صوم كفارة الظهار ِلقَ ْو ِل ِه ت َ َعالَى‪﴿ :‬فَ َمن لَّ ْم َي ِج ْد‬

‫فَ ِصيَا ُم َ‬
‫شه َْري ِْن ُمتَتَا ِب َعي ِْن﴾(‪ ،)156‬وورد أيضا مثله مقيدا بالتفريق في صيام التمتع في الحج ِلقَ ْو ِل ِه‬

‫ت َ َعالَى‪ ﴿ :‬فَ ِصيَا ُم ث َ َالث َ ِة أَيَّام فِي ا ْل َحجِ َو َ‬


‫س ْب َعة ِإ َذا َر َج ْعت ُ ْم﴾(‪)157‬؛ فهنى جرى الخالف بين األصوليين‬

‫في كيفية تقييد المطلق وحمله على المقيد‪ ،‬أما الحنفية لم يقولوا بالحمل وهو األصل عندهم(‪،)158‬‬
‫وأما الجمهور اختلفوا في حكم المطلق إذا كان في موضع وقيد مثله في موضعين بتقييدين متنافيين‪،‬‬

‫(‪ - )152‬المدونة الكبرى لإلمام مالك بن أنس‪ ،‬رواية اإلمام سحنون بن سعيد التنوخي عن اإلمام عبد الرحمن بن القاسم العتقي‪( ،‬في مسح الرأس)‪/ .16/1 ،‬‬
‫شرح منتهى اإلرادات للشيخ منصور بن يونس بن إدريس البهوتي‪ ،‬تحقيق عبد هللا بن عبد المحسن التركي‪.98/1 ،‬‬
‫(‪ - )153‬نهاية المطلب في دراية المذهب إلمام الحرمين‪ ،‬تحقيق الدكتور عبد العظيم محمود الديب‪ ،‬ط‪1428( :1‬هـ ‪2007 -‬م)‪.82/1 ،‬‬
‫(‪ - )154‬مجموع فتاوى شيخ اإلسالم أحمد ابن تيمية‪ ،‬جمع وترتيب‪ :‬عبد الرحمن بن ُم َح َّمد بن قاسم‪ ،‬وساعده ابنه ُم َح َّمد‪ ،‬وزارة الشؤون اإلسالمية والدعوة‬
‫واإلرشاد ‪-‬السعودية‪ ، -‬مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف‪.122/21 ،‬‬
‫(‪ - )155‬البقرة‪.183 :‬‬
‫(‪ - )156‬المجادلة‪.4 :‬‬
‫(‪ - )157‬البقرة‪.195 :‬‬
‫(‪ - )158‬المناهج األصولية لفتحي الد َُّرينِي‪ ،‬المصدر نفسه‪.525 :‬‬

‫‪- 65 -‬‬
‫نحو تقييد صوم الظهار بالتتابع‪ ،‬وتقييد صوم التمتع بالتفريق‪ ،‬وإطالق صوم رمضان(‪ ،)159‬قال‬
‫صو ِل ا ْل ِف ْقه" ‪" :‬فَ َم ْن َال يَ َرى ت َ ْق ِيي َد ا ْل ُم ْطلَق ِبا ْل ُمقَيَّ ِد أَص ًْال‪ ،‬فَ ِإنَّهُ َال يُقَ ِي ُد َه َذا‬ ‫صاحب "ا ْل ُم ْعتَ َمد فِي أ ُ ُ‬
‫ق‪َ ،‬و َم ْن َي َرى‬ ‫ان التَّتَابُع َو َال الت َّ ْف ِري ُ‬ ‫ض َ‬‫شه ِْر َر َم َ‬ ‫اء َ‬ ‫ق ِبأ َ َح ِد الت َّ ْق ِيي َدي ِْن‪ ،‬فَ َال يجْ عَ ُل ِم ْن ش َْر ِط قَ َ‬
‫ض ِ‬ ‫ا ْل ُم ْطلَ ُ‬
‫ْس ِبأ َ ْن يُقَيَّ َد بِأ َ َح ِد الت َّ ْقيِي َدي ِْن‪ ،‬أ َ ْولَى ِم ْن‬
‫ت َ ْقيِي َد ا ْل ُم ْطلَق ِبا ْل ُم َقيَّد ِْلَجْ ِل الت َّ ْقيِيدِ‪َ ،‬ال يَ َرى َذ ِلكَ َها ُهنَا‪ِْ ،‬لَنَّهُ لَي َ‬
‫أ َ ْن يُقَيَّ َد بِ ْاْل َخر‪َ ،‬وأَ َّما َم ْن يَ َرى ت َ ْقيِي َدهُ بِا ْل ِقيَاس‪ ،‬فَ ِإنَّهُ يُقَيَّ ُد ا ْل ُم ْط َلقَ ِبأ َ َح ِد الت َّ ْقيِي َدي ِْن‪ِ ،‬إ َذا ك َ‬
‫َان ا ْل ِق َي ُ‬
‫اس‬
‫علَى ْاْل ُ َخر"(‪ ،)160‬معنى ذلك‪ :‬أن هناك من يرى أن األصل ال يحمل‬ ‫اس َ‬ ‫علَ ْي ِه أ َ ْولَى ِم ْن ا ْل ِقيَ ِ‬
‫َ‬
‫المطلق على أحد القيدين وهم الحنفية‪ ،‬كما أنه ال يحمل أيضا على أحد القيدين من طريق اللغة عند‬
‫جميع األصوليين خاصة في هذا المثال‪ ،‬لكن هناك من يقول بحمل المطلق على أحد القيدين المتنافيين‬
‫في المثال السابق‪ ،‬ألنه رأى ذلك قياسا على القيد الذي به شبه بالمطلق‪ ،‬أما إذا لم يكن بين المطلق‬
‫وأحد القيدين شبه يُجرى المطلق على إطالقه‪ ،‬وهذا في حد ذاته مختلف فيه بين العلماء‪ ،‬وبخصوص‬
‫َان فِي ِج ْنس‬
‫ان ُم َقيَّد ِ‬
‫ص ِ‬ ‫صو ِل ا ْل ِف ْقه" ‪" :‬فَ ِإ ْن ك َ‬
‫َان ُهنَاكَ نَ َّ‬ ‫مسودَة فِي أ ُ ُ‬
‫مسألة القياس هذه ورد في "ا ْل َّ‬
‫احد ِم ْن ُه َما‬ ‫ف أَنَّهُ َال يَ ْل َح ُ‬
‫ق ِب َو ِ‬ ‫ب ُم ْخت َ ِلف‪َ ،‬و ُهنَاكَ نَص ثَا ِلث ُم ْطلَق ِم ْن ا ْل ِج ْن ِس‪ ،‬فَ َال ِخ َال َ‬‫سبَ ُ‬
‫احد‪َ ،‬وال َّ‬ ‫َو ِ‬
‫ص ْو ِم ا ْل ُمتْعَ ِة‬
‫الظ َه ِار ِبالتَّتَابُ ِع‪َ ،‬وفِي َ‬ ‫ص ْو ِم ِ‬ ‫ص َّر َح فِي َ‬ ‫ان‪َ :‬و َر َد ُم ْط َلقًا‪َ ،‬و َ‬
‫ض َ‬‫اء َر َم َ‬
‫ض ِ‬ ‫لُغَةً‪َ ،‬و َذ ِلكَ َكقَ َ‬

‫ف‪ ،‬قَ ْد ُر ِو َ‬
‫ي‬ ‫علَى ا ْل ِخ َال ِ‬ ‫اإل ْلحَاقَ فَ ِإنَّهُ َ‬ ‫سا إِ ْذ ُو ِجدَتْ ِعلَّة تَ ْقت َ ِضي ْ ِ‬ ‫يق‪َ ،‬وأ َ َّما إِ ْل َحاقُهُ ِبأ َ َح ِد ِه َما قِيَا ً‬
‫بِالت َّ ْف ِر ِ‬
‫سا‪،‬‬‫ُون أ َ َرا َد أ َ َّن ا ْل ُم ْط َلقَ َيت َ َقيَّ ُد بِنَ ْف ِس تَ ْقيِي ِد ا ْل ُمقَيَّدِ‪َ ،‬ويُحْ ت َ َم ُل أ َ ْن يُ َر َّد إِلَ ْي ِه قِيَا ً‬
‫ع َْن َما ِلك َما يُحْ ت َ َم ُل أ َ ْن َيك َ‬
‫وز‪ِْ ،‬ل َ َّن َذ ِلكَ ِزيَادَة‬ ‫سا‪َ ،‬وقَا َلتْ ‪ :‬ا ْل َحنَ ِفيَّةُ‪َ :‬ال يَ ُج ُ‬ ‫علَ ْي ِه قِيَا ً‬ ‫ص َحابِ ِه أَنَّهُ يُحْ َم ُل َ‬ ‫ص ِحي َح ِع ْن َد أ َ ْ‬ ‫َو ذُك َر أ َ َّن ال َّ‬
‫سأَلَ ِة‬ ‫ار ا ْل ُج َو ْينِي ا ْل َو ْق َ‬
‫ف فِي َم ْ‬ ‫اخت َ َ‬ ‫وز بِا ْل ِقيَ ِ‬
‫اس‪َ ،‬و ْ‬ ‫سخ‪َ ،‬والنَّ ْ‬
‫س ُخ َال يَ ُج ُ‬ ‫ص‪َ ،‬و ُه َو نَ ْ‬
‫علَى النَّ ِ‬ ‫َ‬
‫اس"(‪.)161‬‬ ‫ا ْل ِق َي ِ‬

‫ين‪﴿ :‬فَ َمن لَّ ْم يَ ِج ْد فَ ِص َيا ُم‬


‫ار ِة ا ْليَ ِم ِ‬
‫ص ْو ِم َكفَّ َ‬ ‫= المثال الثاني‪( :‬يشبه المثال السابق)‪ ،‬قَا َل َّ‬
‫ّللاُ تَعَالَى فِي َ‬

‫ارةُ أ َ ْي َمانِ ُك ْم إِ َذا َحلَ ْفت ُ ْم﴾(‪)162‬؛ فقد ورد هذا النص ُم ْ‬
‫طلَقًا‪ ،‬وورد مثله مقيدا بالتتابع‬ ‫ث َ َالث َ ِة أَيَّام َذ ِلكَ َكفَّ َ‬

‫(‪ - )159‬المعتمد في أصول الفقه ألبي الحسين ُم َح َّمد بن علي بن الطيب البصري‪ ،‬تحقيق ُم َح َّمد حميد هللا بتعاون ُم َح َّمد بكر وحسن حنفي‪ ،‬سنة الطبع‪1384( :‬هـ‬
‫‪1964 -‬م)‪ ،‬المعهد العلمي للدراسات العربية‪- ،‬دمشق‪.314-313 ، -‬‬
‫(‪ - )160‬نفسه‪.‬‬
‫(‪ - )161‬المسودة في أصول الفقه لثالثة أئمة آل تيمية‪ ،‬تحقيق ُم َح َّمد محيي الدين عبد الحميد‪ ،‬المصدر نفسه‪.146-145 :‬‬
‫(‪ - )162‬المائدة‪.91 :‬‬

‫‪- 66 -‬‬
‫في صوم كفارة الظهار ِلقَ ْو ِل ِه ت َ َعالَى‪﴿ :‬فَ َمن لَّ ْم َي ِج ْد فَ ِص َيا ُم َ‬
‫شه َْري ِْن ُمتَتَا ِب َعي ِْن﴾(‪ ،)163‬وورد أيضا‬

‫مثله مقيدا بالتفريق في صيام التمتع في الحج ِلقَ ْو ِل ِه ت َ َعالَى‪ ﴿ :‬فَ ِص َيا ُم ث َ َالث َ ِة أَيَّام ِفي ا ْل َحجِ َو َ‬
‫س ْب َعة ِإ َذا‬

‫ص َد ِد َه َذا ا ْل ِمثَا ِل‪َ " :‬و ِل َه َذا ا ْل ُم ْطلَق ِمثْ َال ِن ُمقَيَّد ِ‬
‫َان‬ ‫اضي أ َ ِبي َي ْعلَى ا ْل َح ْن َب ِل ُّ‬
‫ي ِب َ‬ ‫َر َج ْعت ُ ْم﴾(‪)164‬؛ قَا َل ا ْلقَ ِ‬

‫علَى أ َ َح ِد ِه َما‬ ‫احد ِم ْن ُه َما‪ِْ ،‬لَنَّهُ لَي َ‬


‫ْس َح ْملُهُ َ‬ ‫علَى َو ِ‬ ‫علَى ِإ ْط َالقِ ِه‪َ ،‬و َال َ‬
‫ش ْي َء َ‬ ‫ُم ْخت َ ِلفَان‪ ،‬فَ ِإنَّ َما يُحْ َم ُل ا ْل ُم ْطلَ ُ‬
‫ق َ‬
‫ار ِة ا ْليَ ِم ِ‬
‫ين‬ ‫ب أَ ْ‬
‫ص َحابُنَا التَّتَابُ َع فِي ِصيَ ِام َكفَّ َ‬ ‫علَى ْاْل َخ ِر" ‪َ ،‬و َذك ََر أ َ ْيضًا‪َ " :‬و ِإنَّ َما أ َ ْو َج َ‬ ‫ِبأ َ ْولَى ِم ْن َح ْم ِل ِه َ‬
‫صا ِلح فَقَا َل‪َ :‬وإِ ْن لَ ْم يَك ُْن‬
‫ّللاُ‪َ -‬ه َذا فِي ِر َوايَ ِة َ‬‫علَى ا ْل ُمقَيَّد‪َ ،‬وقَ ْد بَيَّ َن أَحْ َم ُد ‪َ -‬ر ِح َمهُ َّ‬
‫بِ َد ِلي ِل‪َ ،‬ال أَنَّهُ يُحْ َم ُل َ‬
‫ار إِ َلى التَّتَابُ ِع فِي َذ ِلك ِل َه َذا‬
‫ص َ‬‫سعُود؛ أ َ ْي أَنَّهُ َ‬
‫فَ ِصيَا ُم ث َ َالث َ ِة أَيَّام ُمتَتَا ِبعَات فِي قِ َرا َء ِة اب ِْن َم ْ‬

‫الدليل"(‪.)165‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬نصوص التقييد عند الد َُّرينِي‬

‫توطئة‪:‬‬

‫قبل البدء أيضا في هذا المطلب‪ ،‬البد أن أوضح وأبين ما توصلت إليه‪ ،‬بعد قراءتي للورقات المتعلقة‬
‫بمبحث "ا ْل ُم ْطلَق َوا ْل ُمقَيَّد" من كتاب "ا ْل َمنَا ِه ُج ْاْل ُ ُ‬
‫صو ِليَّة" لفتحي الد َُّري ِني ‪-‬رحمه هللا‪ -‬وجدت أنه‬
‫تناول نوعين من نصوص التقييد‪ ،‬فعمقت البحث قليال وبالتأمل والتمعن‪ ،‬توصلت إلى أن النوع‬
‫وص ا ْل ُم ْطلَقَةُ الَّتِي َد َّل َد ِليل آ َخ ُر َ‬
‫ع َلى‬ ‫ص ُ‬‫اْلول الذي أورد الد َُّرينِي بشكل غير مباشر‪ ،‬الذي هو‪" :‬النُّ ُ‬
‫غي ُْر ُم ْعتَبَر" لكي نحسن‬ ‫علَى أ َ َّن ا ْلقَ ْي َد َ‬ ‫ت َ ْقيِي ِد َها فَ َو َج َ‬
‫ب ا ْلعَ َم ُل بِ َذ ِلكَ َو ْاال ْلتِ َزا ُم بِ ِه إِ ْن لَ ْم يَ ِر ْد َد ِليل يَ ُد ُّل َ‬
‫في بيانه لعلي أكون على صواب‪ ،‬أن نجعله على قسمين‪ :‬أما اْلول‪ ،‬هو‪" :‬إِ َذا أ ُ ْطلَقَ اللَّ ْفظ ِفي‬
‫احد" ‪ ،‬أما الثاني‪ ،‬فهو‪ِ " :‬إ َذا أ ُ ْط َلقَ اللَّ ْفظ ِفي َم ْو ِضع َوقيَّ َد ِفي‬
‫َم ْو ِضع َوقي َد ِفي نَ ْف ِس ا ْل َم ْو ِض ِع ِبقَيْد َو ِ‬
‫صوص ا ْل ُمقَيَّدَة‬ ‫َم ْو ِضع آ َخ َر ِبقَيْد َو ِ‬
‫احد" ‪ ،‬أما النوع الثاني الذي أورده الد َُّري ِني ‪-‬رحمه هللا‪ -‬هو‪" :‬النُّ ُ‬

‫(‪ - )163‬المجادلة‪.4 :‬‬


‫(‪ - )164‬البقرة‪.195 :‬‬
‫(‪ - )165‬العُدة في أصول الفقه للقاضي أبي يعلى‪ ،‬تحقيق الدكتور أحمد بن علي سير المباركي‪ ،‬ط‪1414( :3‬هـ ‪1993 -‬م)‪ ،‬المملكة العربية السعودية ‪-‬الرياض‪-‬‬
‫‪( ،‬نسخة تضم جميع المجلدات)‪.637 ،‬‬

‫‪- 67 -‬‬
‫ِبقَيْد ث ُ َّم َو َر َد َد ِليل أَ ْلغَى َه َذا ا ْلقَ ْيدَ" ‪ ،‬وتفصيل الكالم عن هذه اْلنواع مع التمثيل من القرآن والسنة‪،‬‬
‫كما يلي‪:‬‬

‫وص ا ْل ُم ْطلَ َقةُ الَّ ِتي َد َّل َد ِليل‬


‫ص ُ‬‫شر هو‪ :‬النُّ ُ‬
‫غي ِْر ُم َبا ِ‬ ‫ع ْاْل َ َّو ُل الَّذِي أ َ ْو َردَه الد َُّري ِني ِب َ‬
‫ش ْكل َ‬ ‫✓ النَّ ْو ُ‬
‫آ َخ ُر َعلَى تَ ْق ِيي ِد َها فَ َو َج َب ا ْلعَ َم ُل ِب َذ ِلكَ َو ْاال ْلتِ َزا ُم ِب ِه ِإ ْن لَ ْم يَ ِر ْد َد ِليل يَ ُد ُّل َع َلى أَ َّن ا ْلقَ ْي َد َغي ُْر ُم ْعتَبَر" ‪،‬‬
‫وتفصيل الكالم هذا النوع كاْلتي‪:‬‬
‫معنى هذا النوع‪ :‬أن النص الشرعي إذا ورد ُم ْ‬
‫طلَقًا ثم ورد دليل قيده‪ ،‬وجب العمل بالقيد وال يصح‬
‫ش ْيء ِب ِصفَة أ َ ْو ش َْرط ث ُ َّم َو َر َد ُح ْكم‬ ‫ط أ َ َّن َّ َ‬
‫ّللا تَعَالَى ِإ َذا َح َك َم فِي َ‬ ‫ضا ِب ُ‬
‫شي‪َ " :‬وال َّ‬ ‫أن يُهمل‪ ،‬كما قَا َل َّ‬
‫الز ْر َك ِ‬
‫ب ت َ ْق ِيي ُدهُ ِب ِه"(‪َ ،)166‬وقَا َل‬ ‫آ َخ ُر ُم ْطلَقًا نظر؛ فَ ِإ ْن لَ ْم يَك ُْن لَهُ أَصْل يُ َر ُّد ِإلَ ْي ِه ِإ َّال َذ ِلكَ ا ْل ُح ْك ُم ا ْل ُمقَيد َو َج َ‬
‫اب ُم ْطلَقًا َال ُمقَيَّدًا‬
‫ط ُ‬‫ير ِازي‪" :‬فَ ِإ َذا َو َر َد ا ْل ِخ َ‬ ‫الش َ‬‫وزابَادِي ِ‬ ‫ع ِلي ا ْلفَي ُْر َ‬ ‫سحَاقَ ِإب َْرا ِهي ُم ْب ُن َ‬ ‫اإل َما ُم أ َ ِبي ِإ ْ‬
‫ِْ‬
‫علَى إِ ْط َالقِ ِه َوإِ ْن َو َر َد ُمقَيَّدًا َال ُم ْطلَقًا ُح ِم َل َ‬
‫علَى ت َ ْقيِي ِد ِه"(‪ ،)167‬وهذا النوع الذي بين أيدينا‬ ‫ُح ِم َل َ‬
‫قد قسمته إلى قسمين‪:‬‬

‫• القسم اْلول‪ِ " :‬إذَا أ ُ ْط َلقَ اللَّ ْفظ فِي َم ْو ِضع َوقي َد فِي نَ ْف ِس ا ْل َم ْو ِض ِع ِبقَيْد َو ِ‬
‫احد" ‪ ،‬وقد مثل الد َُّرينِي‬
‫لهذا القسم بمثال واحد‪ ،‬من القرآن الكريم‪ ،‬وهو كما يلي‪:‬‬

‫الال ِتي َد َخ ْلتُم ِب ِه َّن فَ ِإن لَّ ْم تَكُونُوا َد َخ ْلتُم‬


‫سا ِئ ُك ُم َّ‬
‫وركُم ِمن ِن َ‬ ‫= قَ ْولُهُ ت َ َعالَى‪َ ﴿ :‬و َر َبا ِئبُ ُك ُم َّ‬
‫الال ِتي ِفي ُح ُج ِ‬

‫سا ِئ ُك ُم) أي‪ :‬زوجاتكم‪ ،‬ورد مقيدا بالدخول‪ ،‬ومفاد هذا‪ :‬أنه ال‬
‫(ن َ‬ ‫ِب ِه َّن فَ َال ُجنَا َح َ‬
‫علَ ْي ُك ْم﴾(‪)168‬؛ فلفظ ِ‬

‫تحرم بنت الزوجة على زوج أمها‪ ،‬إال إذا كان قد دخل باألم‪ ،‬إذ القيد معتبر في تشريع الحكم‪،‬‬
‫ومقتضى هذا‪ :‬أن مجرد العقد على األم ال يحرم البنت(‪.)169‬‬

‫وقد أضفت ست أمثلة ْلجل بيان أكثر بخصوص هذا القسم؛ أربع أمثلة من القرآن‬
‫الكريم‪ ،‬ومثالين من السنة النبوية الشريفة‪ ،‬وهي كما يلي‪:‬‬

‫(‪ - )166‬البرهان في علوم القرآن للزركشي‪ ،‬تحقيق ُم َح َّمد أبو الفضل إبراهيم‪ ،‬ط‪1404( :2‬هـ ‪1984 -‬م)‪ ،‬مكتبة دار التراث ‪-‬القاهرة‪.15/2 ، -‬‬
‫(‪ - )167‬اللُ َمع في أصول الفقه للشيرازي‪ ،‬تحقيق عبد القادر الخطيب الحسني‪ ،‬ط‪1434( :2‬هـ ‪2013 -‬م)‪ ،‬مكتبة نظام يعقوبي الخاصة ‪-‬البحرين‪.144 ، -‬‬
‫(‪ - )168‬النساء‪.23 :‬‬
‫(‪ - )169‬المناهج األصولية لفتحي الد َُّرينِي‪ ،‬المصدر نفسه‪.513 :‬‬

‫‪- 68 -‬‬
‫الظ َهار‪﴿ :‬فَ َمن لَّ ْم َي ِج ْد فَ ِص َيا ُم َ‬
‫شه َْري ِْن‬ ‫ِ‬ ‫= المثال اْلول‪ :‬قَ ْولُهُ ت َ َعالَى ِفي ِص َي ِام َكفَّ َ‬
‫ار ِة‬

‫ُمتَتَا ِب َعي ِْن﴾(‪ ،)170‬في هذه اآلية الكريمة نالحظ أن الصيام قد قيد بالتتابع‪.‬‬

‫سو ِل ِإ َّال ا ْل َب َال ُ‬


‫غ ا ْل ُم ِبي ُن﴾(‪ ،)171‬في هذه اآلية الكريمة‬ ‫= المثال الثاني‪ :‬قَ ْولُهُ تَ َعالَى‪َ ﴿ :‬و َما َ‬
‫علَى َّ‬
‫الر ُ‬
‫غ" ُم ْ‬
‫طلَقًا‪ ،‬لكن قيد بشرط وهو أن يكون مبينا‪.‬‬ ‫ورد لفظ "ا ْلبَ َال ُ‬

‫= المثال الثالث‪ :‬قَ ْولُهُ ت َ َعالَى‪َ ﴿ :‬و َمن قَتَلَهُ ِمنكُم ُّمت َ َع ِمدًا فَ َج َزاء ِمثْ ِل َما قَت َ َل ِم َن النَّ َع ِم﴾(‪ ،)172‬فقوله‬
‫تعالى‪َ ( :‬و َمن قَتَلَهُ ِمنكُم) ورد ُم ْ‬
‫طلَقًا‪ ،‬وقيده قوله تعالى‪ُّ ( :‬متَعَ ِمدًا)(‪.)173‬‬

‫يال﴾(‪ ،)174‬في‬ ‫ع ِإ َل ْي ِه َ‬
‫س ِب ً‬ ‫ست َ َ‬
‫طا َ‬ ‫اس ِح ُّج ا ْلبَ ْي ِ‬
‫ت َم ِن ا ْ‬ ‫علَى النَّ ِ‬ ‫= المثال الرابع‪ :‬قَ ْولُهُ تَعَالَى‪َ ﴿ :‬و ِ َّ ِ‬
‫ّلل َ‬
‫اس ِح ُّج ا ْلبَ ْيتِ) ُم ْ‬
‫طلَقًا‪ ،‬وقيده قوله جل وعال في‬ ‫علَى النَّ ِ‬
‫هذه اآلية الكريمة ورد قوله عز وجل‪َ ( :‬‬
‫يال)(‪.)175‬‬ ‫ع ِإلَ ْي ِه َ‬
‫سبِ ً‬ ‫ست َ َ‬
‫طا َ‬ ‫عاله‪َ ( :‬م ِن ا ْ‬

‫ض َ‬
‫ان‬ ‫سلَّ َم‪َ « :‬م ْن َ‬
‫صا َم َر َم َ‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى َّ‬
‫ّللاُ َ‬ ‫ّللا َ‬ ‫= المثال الخامس‪ :‬ع َْن أَبِي ُه َري َْرةَ قَا َل‪ :‬قَا َل َر ُ‬
‫سو ُل َّ ِ‬
‫ض َ‬
‫ان)‬ ‫غ ِف َر لَهُ َما تَقَ َّد َم ِم ْن َذ ْنبِ ِه»(‪ ،)176‬فقوله عليه الصالة والسالم‪َ ( :‬م ْن َ‬
‫صا َم َر َم َ‬ ‫سابًا ُ‬
‫إِي َمانًا َواحْ تِ َ‬
‫ورد ُم ْ‬
‫طلَقًا‪ ،‬وقيده قوله عليه الصالة والسالم‪( :‬إِي َمانًا َواحْ ِت َ‬
‫سابًا)‪.‬‬

‫ع َل ْي ِه‬ ‫صلَّى َّ‬


‫ّللاُ َ‬ ‫ّللا َ‬ ‫ع ْن ُه َما أ َ َّن َر ُ‬
‫سو َل َّ ِ‬ ‫ّللاُ َ‬
‫ي َّ‬ ‫ع َم َر َر ِض َ‬ ‫ّللا ب ِْن ُ‬ ‫= المثال السادس‪ :‬ع َْن نَافِع ع َْن َ‬
‫ع ْب ِد َّ ِ‬
‫ع»(‪ ،)177‬فقوله عليه‬ ‫شت َ ِر َ‬
‫ط ا ْل ُم ْبتَا ُ‬ ‫ع َن ْخالً قَ ْد أ ُ ِب َرتْ فَث َ َم ُر َها ِل ْلبَائِ ِع‪ِ ،‬إال َّ أ َ ْن يَ ْ‬
‫سلَّ َم قَا َل‪َ « :‬م ْن بَا َ‬
‫َو َ‬
‫الصالة والسالم‪( :‬نَ ْخالً) لفظ مطلق‪ ،‬وقيده قوله علي الصالة والسالم‪( :‬أ ُ ِب َرتْ )(‪.)178‬‬

‫(‪ - )170‬المجادلة‪.4 :‬‬


‫(‪ - )171‬النور‪.52 :‬‬
‫(‪ - )172‬المائدة‪.97 :‬‬
‫(‪ - )173‬بتصرف عن األستاذ عبد هللا بن صالح الفوزان‪ ،‬كتاب‪" :‬شرح الورقات في أصول الفقه"‪ ،‬ط‪1417( :3‬هـ ‪1996 -‬م)‪.70 ،‬‬
‫(‪ - )174‬آل عمران‪.97 :‬‬
‫(‪ - )175‬نفسه‪.‬‬
‫ان‪.‬‬
‫ِ َ ِ‬‫م‬ ‫ي‬‫اإل‬ ‫نَ‬ ‫مِ‬ ‫ًا‬ ‫ب‬‫ا‬ ‫س‬
‫َ‬ ‫ت‬
‫ِ‬ ‫احْ‬ ‫انَ‬ ‫ض‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ر‬ ‫م‬
‫َ ُ َ َ‬ ‫و‬ ‫ْ‬ ‫ص‬ ‫باب‬ ‫اإليمان‪،‬‬ ‫كتاب‬ ‫في‬ ‫صحيحه‬ ‫في‬ ‫البخاري‬ ‫(‪ - )176‬رواه‬
‫ارة‪.‬‬‫ج‬ ‫إ‬
‫ِِ َ َ‬ ‫ب‬ ‫و‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫ة‬‫ع‬‫َ‬ ‫و‬ ‫ر‬
‫ُ‬ ‫ز‬‫ْ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ًا‬‫ض‬ ‫ر‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫و‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ت‬‫ْ‬ ‫ر‬ ‫َِ‬ ‫ب‬‫ُ‬ ‫أ‬ ‫ْ‬
‫د‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫ً‬ ‫ال‬ ‫ْ‬
‫َخ‬ ‫ن‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫ب‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ن‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫باب‬ ‫البيوع‪،‬‬ ‫كتاب‬ ‫في‬ ‫صحيحه‬ ‫في‬ ‫البخاري‬ ‫رواه‬ ‫(‪- )177‬‬
‫(‪ - )178‬بتصرف عن األستاذ عبد هللا بن صالح الفوزان‪ ،‬كتاب‪" :‬شرح الورقات في أصول الفقه"‪ ،‬ط‪1417( :3‬هـ ‪1996 -‬م)‪.70 ،‬‬

‫‪- 69 -‬‬
‫• القسم الثاني‪" :‬إِ َذا أ ُ ْطلَقَ اللَّ ْفظ فِي َم ْو ِضع َوقي َد فِي َم ْو ِضع آ َخ ُر بِقَيْد َو ِ‬
‫احد" ‪ ،‬وقد مثل الد َُّري ِني‬
‫لهذا القسم بثالث أمثلة‪ ،‬وهي كما يلي‪:‬‬

‫طلَّقَ َها فَ َال ت َ ِح ُّل لَهُ ِمن بَ ْع ُد َحتَّى تَن ِك َح َز ْو ًجا َ‬


‫غي َْرهُ﴾(‪ ،)179‬قَا َل‬ ‫= المثال اْلول‪ :‬قَ ْولُهُ ت َ َعالَى‪﴿ :‬فَ ِإن َ‬

‫الد َُّرينِي‪" :‬تدل اآلية الكريمة بعبارتها على عدم حل الزوجة بعد أن يطلقها زوجها الثالثة راضيا أو‬
‫مكرها؛ ألن اآلية الكريمة مطلقة ال تقييد فيها بكون المطلق راضيا" ‪ ،‬وذكر أيضا‪" :‬األصل أن‬
‫سلَّ َم قَا َل‪:‬‬
‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى َّ‬
‫ّللاُ َ‬ ‫ّللا َ‬
‫سو َل َّ ِ‬
‫المطلق يُجرى على إطالقه لو ال أن قام دليل التقييد‪ ،‬وهو‪ :‬أن َر ُ‬
‫طالَقَ ِفي ِإ ْغالَق»(‪ ،)180‬أي في إكراه" ‪ ،‬و قَا َل الد َُّري ِني بخصوص نص التقييد هذا‪َ " :‬ال يُقَا ُل‪:‬‬
‫«الَ َ‬
‫علَى‬
‫ي َ‬ ‫ي قَ ْط ِعي‪َ ،‬و َال يَ ْق َوى ال َّ‬
‫ظنِ ُّ‬ ‫ص ا ْلقُ ْرآنِ ُّ‬ ‫صلُ ُح ِللت َّ ْق ِيي ِد‪ِْ ،‬لَنَّهُ َحدِيث َ‬
‫ظنِي‪َ ،‬وال َّن ُّ‬ ‫ِإ َّن َه َذا ال َّد ِلي َل َال يَ ْ‬
‫ت َ ْق ِيي ِد ا ْل َق ْط ِعيِ"(‪.)181‬‬

‫وصي ِب َها أ َ ْو َديْن﴾(‪)182‬؛ قَا َل الد َُّري ِني‪" :‬فلفظ‬


‫= المثال الثاني‪ :‬قَ ْولُهُ تَ َعالَى‪ِ ﴿ :‬من َب ْع ِد َو ِص َّية يُ ِ‬

‫(و ِصيَّة) مطلق يشمل القليل والكثير من التركة‪ ،‬بل يصدق عليها جميعا لو أوصى بها" ‪ ،‬وذكر‬
‫َ‬
‫أيضا‪" :‬األصل أن يُجرى هذا اللفظ على إطالقه لو ال أن ورد من المشرع نفسه دليل على أن المراد‬
‫بهذا اإلطالق التقييد بالثلث‪ ،‬فصرفه عن معناه الذي يدل عليه قطعا‪ ،‬بالنظر ألصل وضعه اللغوي‬
‫ث َك ِبير‪-‬أ َ ْو َك ِثير‪ِ -‬إنَّكَ أ َ ْن‬
‫ث َوالث ُّ ْل ُ‬
‫إلى ما دل عليه الدليل من التقييد بالثلث‪ ،‬وذلك بقوله ﷺ ‪« :‬الثُّلُ ُ‬
‫اس»(‪ ،)183‬فتبين أن إطالق اآلية ليس‬ ‫ت َ َذ َر َو َرثَت َكَ أ َ ْغنِيَا َء َخيْر ِم ْن أ َ ْن ت َ َذ َر ُه ْم عَالَةً َيت َ َكفَّفُ َ‬
‫ون النَّ َ‬
‫مرادا للشارع‪ ،‬بل المراد تقييد الوصية بالثلث"(‪.)184‬‬

‫(‪ - )179‬البقرة‪.228 :‬‬


‫(‪ - )180‬رواه الدارقطني في سننه في كتاب الطالق والخلع واإليالء‪ ،‬باب الطالق والخلع واإليالء‪.‬‬
‫(‪ - )181‬المناهج األصولية لفتحي الد َُّرينِي‪ ،‬المصدر نفسه‪.511 :‬‬
‫(‪ - )182‬النساء‪.11 :‬‬
‫س ْع َد ابْنَ خ َْولَةَ‪.‬‬ ‫م‬ ‫َّ‬ ‫ل‬‫س‬ ‫و‬
‫ُ َ َ َ َ َ‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫ّللا‬
‫َّ‬ ‫ى‬ ‫َّ‬ ‫ل‬‫ص‬ ‫ي‬
‫ِ ِ َ‬ ‫ب‬‫َّ‬ ‫ن‬‫ال‬ ‫اءِ‬‫َ‬ ‫ث‬‫ر‬‫ِ‬ ‫باب‬ ‫الجنائز‪:‬‬ ‫كتاب‬ ‫في‬ ‫صحيحه‬ ‫في‬ ‫البخاري‬ ‫(‪ - )183‬رواه‬
‫(‪ - )184‬المناهج األصولية لفتحي الد َُّرينِي‪ ،‬المصدر نفسه‪.512 :‬‬

‫‪- 70 -‬‬
‫طعُوا أ َ ْي ِد َي ُه َما َج َزا ًء ِب َما َك َ‬
‫س َبا﴾(‪ ،)185‬قَا َل‬ ‫س ِارقَةُ فَ ْ‬
‫اق َ‬ ‫ق َوال َّ‬ ‫= المثال الثالث‪ :‬قَ ْولُهُ تَ َعالَى‪َ ﴿ :‬وال َّ‬
‫س ِار ُ‬
‫اق َ‬
‫طعُوا) لفظ خاص‬ ‫الد َُّرينِي‪" :‬فلفظ (اْليدي) ورد ُم ْ‬
‫طلَقًا غير مقيد باأليمان أو الشمائل‪ ،‬وكلمة (فَ ْ‬
‫ط َلقًا أيضا عن تقييد موضعه فدلت السنة على هذا التقييد‪ ،‬وهو القطع من الرسغ(‪.)186‬‬ ‫ورد ُم ْ‬

‫صوص ا ْل ُمقَيَّدَة ِبقَيْد ث ُ َّم َو َر َد‬


‫✓ النوع الثاني الذي أورده الد َُّرينِي ‪-‬رحمه هللا‪ -‬هو‪" :‬النُّ ُ‬
‫َد ِليل أ َ ْلغَى َه َذا ا ْل َق ْيدَ" ‪ ،‬وتفصيل الكالم عن هذا النوع كاْلتي‪:‬‬

‫معنى هذا النوع‪ :‬أن النص الشرعي إذا ورد مقيدا بقيد من القيود ثم ورد دليل آخر يدل على أن القيد‬
‫غير معتبر في تشريع الحكم‪ ،‬وهذا ما يسمى بالتدرج في التشريع‪ ،‬وهللا أعلم‪ ،‬وقد مثل ال ُّد َري ِني لهذا‬
‫النوع بمثال واحد‪ ،‬وهو كما يلي‪:‬‬

‫اء َه َذا ا ْلقَ ْيدِ‪َ ،‬وأَنَّهُ لَي َ‬


‫ْس‬ ‫علَى ِإ ْلغَ ِ‬ ‫= قَا َل الد َُّرينِي‪َ " :‬و ِمثَا ُل اللَّ ْف ِظ الَّذِي َو َر َد ُمقَيَّدًا ِب َقيْد‪ ،‬ث ُ َّم َو َر َد ال َّد ِلي ُل َ‬
‫ِين آ َمنُوا َال تَأ ْ ُكلُوا‬
‫يع‪ :‬قَ ْولُهُ ت َ َعالَى‪َ ﴿ :‬يا أَيُّ َها الَّذ َ‬ ‫غي ِْر التَّش ِْر ِ‬ ‫يع ا ْل ُح ْك ِم؛ َب ْل ِلغَ َرض آ َخ َر َ‬ ‫ُم ْعت َ َب ًرا ِفي تَش ِْر ِ‬

‫ع َفةً﴾ قَيْد؛ ِْلَنَّهُ َحال ِم ْن ِ‬


‫الر َبا‪ ،‬فَ ُه َو‬ ‫عفَةً﴾(‪)187‬؛ فقَ ْولُهُ ت َ َعالَى‪﴿ :‬أ َ ْ‬
‫ض َعافًا ُّم َ‬
‫ضا َ‬ ‫الر َبا أ َ ْ‬
‫ض َعافًا ُّم َ‬
‫ضا َ‬ ‫ِ‬

‫اف‬
‫ض َع َ‬ ‫الربَا َال يَحْ ُر ُم َحتَّى يَ ْبلُ َغ أ َ ْ‬
‫ضاهُ أ َ َّن ِ‬ ‫ع ِم َل ِب َه َذا ا ْلقَيْد‪ ،‬لَك َ‬
‫َان ُم ْقت َ َ‬ ‫قَيْد فِي ُح ْك ِم ِه َو ُه َو التَّحْ ِري ُم‪َ ،‬ولَ ْو ُ‬
‫ص ِل ال َّديْن‪ ،‬فَ ُه َو َجائِز‪َ ،‬ه َذا فِي َحالَ ِة ا ْعتِبَ ِار‬ ‫اف أ َ ْ‬
‫ضعَ َ‬ ‫ف‪ ،‬أَنَّهُ إِ َذا لَ ْم يَ ْبلُ ْغ أَ ْ‬ ‫أَ ْ‬
‫ص ِل ال َّدي ِْن‪َ ،‬و َم ْف ُهو ُمهُ ا ْل ُم َخا ِل ُ‬
‫وس أ َ ْم َوا ِل ُك ْم َال‬
‫اء َه َذا ا ْلقَ ْي ِد فِي فقَ ْوله تَعَالَى‪َ ﴿ :‬و ِإن ت ُ ْبت ُ ْم فَلَ ُك ْم ُر ُء ُ‬ ‫ا ْلقَ ْيدِ‪َ ،‬ولَ ِك ْن قَا َم ال َّد ِلي ُل َ‬
‫علَى ِإ ْلغَ ِ‬

‫الربَا﴾(‪)189‬؛ َو ُم ْقتَ َ‬
‫ضى‬ ‫ون﴾(‪َ ،)188‬وفِي قَ ْو ِل ِه تَعَالَى‪َ ﴿ :‬وأ َ َح َّل َّ‬
‫ّللاُ ا ْلبَ ْي َع َو َح َّر َم ِ‬ ‫ون َو َال ت ُ ْظلَ ُم َ‬
‫ت َ ْظ ِل ُم َ‬

‫ي "ا ْلقَ ْي ُد" بِال َّد ِلي ِل‬ ‫يرهُ‪ ،‬فَأ ُ ْل ِغ َ‬


‫الربَا ُمحْ َّرم قَ ِليلُهُ َو َكثِ ُ‬
‫ص َل ِ‬ ‫َه َذا‪ ،‬أَنَّهُ َال يَ ِح ُّل ِللدَّائِ ِن إِ َّال َرأْس َما ِل ِه‪َ ،‬وأ َ َّن أ َ ْ‬
‫علَ ْي َها‬ ‫َان َ‬‫ير ا ْل َحالَ ِة الَّتِي ك َ‬ ‫ع ِب ِه ع َْن إِ َرا َدتِ ِه‪َ ،‬وأ َ َّن ا ْلقَ ْي َد إِنَّ َما قَ َ‬
‫ص َد بِ ِه ُم َج َّر َد ت َ ْ‬
‫ص ِو ِ‬ ‫ص َح ا ْل ُمش ََّر ُ‬‫الَّذِي أ َ ْف َ‬
‫ع ْنهُ‪َ ،‬ال ِلت َ ْقيِي ِد ا ْل ُح ْك ِم‬
‫علَ ْي ِه؛ ِليَت َ َح َّولُوا َ‬ ‫علَي ِْه ْم‪ ،‬بِ ِلفَّتِ ِه ْم إِلَى َواقِ ِع أ َ ْم ِر ِه ْم الَّذِي ُه ْم َ‬ ‫شنِيعًا َ‬ ‫ون‪ ،‬ت َ ْ‬‫ا ْل َجا ِه ِليُّ َ‬
‫ِب ِه‪ ،‬فَا ْل َق ْي ُد ِإ َذ ْن ُم ْلغًى ِبال َّد ِلي ِل"(‪.)190‬‬

‫(‪ - )185‬المائدة‪.40 :‬‬


‫(‪ - )186‬المناهج األصولية لفتحي الد َُّرينِي‪ ،‬المصدر نفسه‪.513 :‬‬
‫(‪ - )187‬آل عمران‪.130 :‬‬
‫(‪ - )188‬البقرة‪.278 :‬‬
‫(‪ - )189‬البقرة‪274 :‬‬
‫(‪ - )190‬المناهج األصولية لفتحي الد َُّرينِي‪ ،‬المصدر نفسه‪.514 :‬‬

‫‪- 71 -‬‬
‫الفصل الثاني‪َ :‬ح ْمل ا ْل ُم ْطلَق‬
‫علَى ا ْل ُمقَيَّد‬
‫َ‬

‫‪- 72 -‬‬
‫‪-‬الحمد هلل والشكر هلل‪ -‬بعد الحديث عن تعريف ا ْل ُم ْط َلق َوا ْل ُم َقيَّد في بعض المعاجم اللغوية‪ ،‬وكذلك‬
‫تعريفهما في اإلصطالح اْلصولي عند الد َُّرينِي وعند من وافقهم وخالفهم من علماء اْلصول‪ ،‬وبعد‬
‫الحديث أيضا عن حكم كل من ا ْل ُم ْط َلق َوا ْل ُم َقيَّد عند الد َُّرينِي‪ ،‬وبيان الفرق والعالقة بينهما‪،‬‬
‫اإل ْط َالق‬
‫والخصائص التي يتميز بها ا ْل ُم ْط َلق عن غيره في تأصيل الد َُّرينِي‪ ،‬وبعد أن تناولت نصوص ْ ِ‬
‫صو ِليَّةُ" ودراستها‪ ،‬مع استحضار مجموعة‬ ‫َوالت َّ ْقيِيد التي أوردها الد َُّرينِي في كتابه "ا ْل َم َنا ِه ُج ْاْل ُ ُ‬
‫من اإلشكاالت والجواب عليها حسب ما تيسر من الوقت الذي بذلت فيه مجهودا ليس بالكثير وليس‬
‫بالقليل‪ ،‬بعد كل هذه اْلمور التي تطرقت لها في الفصل اْلول‪ ،‬سأنتقل ‪-‬بإذن هللا‪ -‬إلى الفصل الثاني‪،‬‬
‫حيث سأقوم ‪-‬متوكال على هللا تعالى‪ -‬في المبحث اْلول من هذا الفصل الثاني بحل مجموعة من‬
‫االشكاالت العلمية (بشكل مختصر) التي قمت بصياغتها‪ ،‬والمتعلقة خاصة بحقيقة حمل ا ْل ُم ْط َلق‬
‫على َوا ْل ُمقَيَّد وهي‪ -1 :‬ما المقصود بحمل ا ْل ُم ْطلَق على ا ْل ُمقَيَّد؟ وهل يعتبر حمل ا ْل ُم ْطلَق على ا ْل ُمقَ َّيد‬
‫بيان أم نسخ؟ ‪ -2 ،‬لماذا يجب حمل ا ْل ُم ْط َلق على ا ْل ُمقَيَّد ال العكس؟ ‪ -3 ،‬هل يحمل ا ْل ُم ْط َلق على‬
‫ا ْل ُمقَيَّد عند اتحاد الحكم؟ أم يعمل بكل واحد منهما في موضعه؟؟‬

‫المبحث اْلول‪ :‬حقيقة حمل ا ْل ُم ْطلَق على ا ْل ُمقَيَّد عند الد َُّرينِي‬

‫المطلب اْلول‪ :‬ما المقصود بحمل ا ْل ُم ْطلَق على ا ْل ُمقَيَّد؟‬


‫وهل يعتبر ذلك بيان أم نسخ؟‬

‫صود بِ َح ْم ِل ا ْل ُم ْطلَق َ‬
‫علَى ا ْل ُمقَيَّد؟ ‪:‬‬ ‫أوال‪َ :‬ما ا ْل َم ْق ُ‬

‫ير ا ْل ُم ْطلَق‬
‫س ُ‬‫علَى ا ْل ُمقَيَّد ُه َو‪" :‬ت َ ْف ِ‬ ‫شكَال‪َ ،‬ذك ََر الد َُّرينِي أ َ َّن ا ْل َم ْق ُ‬
‫صود ِب َح ْم ِل ا ْل ُم ْط َلق َ‬ ‫وص َه َذا ْ ِ‬
‫اإل ْ‬ ‫ص ِ‬‫ِب ُخ ُ‬

‫‪- 73 -‬‬
‫ارة أ ُ ْخ َرى‪ :‬ت َ ْقدِي ُم ا ْلعَ َم ِل ِبا ْل ُم َقيَّد ِبا ْعتِبَ ِار ِه بَ َيانًا ِل ْل ُم ْطلَق"(‪ ،)191‬فَ ْال َح ْم ُل‬
‫ِبك َْونِ ِه ُم َرادًا ِب ِه ا ْل ُم َقيَّد‪ ،‬أَ ْو ِب ِعبَ َ‬
‫ضي ِه ال َّد ِلي ُل ْال ُم َقيَّد‬
‫علَى َما يَ ْقت َ ِ‬ ‫علَى ْال ُمقَيَّد‪َ ،‬م ْعنَاهُ‪ :‬فَ ْه َم ال َّد ِليل ْال ُم ْ‬
‫طلَق لَ ْف ً‬
‫ظا َ‬ ‫َم ْعنَاهُ‪ْ :‬الفَ ْه ُم‪َ ،‬و َح ْم ُل ْال ُم ْ‬
‫طلَق َ‬
‫ْث ِإ َذا َو َر َد َما‬ ‫صو ُد ِم ْن ْال ُم َقيَّد‪َ ،‬حي ُ‬ ‫ط َلق ُه َو ْال َم ْعنَى ْال َم ْق ُ‬ ‫صو ُد ِم ْن ْال ُم ْ‬ ‫ي ْال َم ْق ُ‬ ‫ون ْال َم ْعنَى ال َّ‬
‫ش ْر ِع ُّ‬ ‫لَهُ‪َ ،‬فيَ ُك ُ‬
‫ارة " َح ْم ُل ا ْل ُم ْط َلق‬ ‫علَى ْال ُمقَيَّد‪َ ،‬وبِالتَّا ِلي فَ ْال ُم َرا ُد ِب َه ِذ ِه ْال ِعبَ َ‬
‫طلَق َ‬ ‫ب َح ْم ُل ْال ُم ْ‬ ‫طلَق َو َج َ‬ ‫علَى ت َ ْق ِيي ِد ْال ُم ْ‬‫يَ ُد ُّل َ‬
‫ْث َوضعه اللُّغَ ِوي ُم ْ‬
‫طلَقًا‪َ ،‬ولَ ِكنَّهُ وج َد َد ِليل‬ ‫علَى ا ْل ُمقَيَّد" ؛ أ َ َّن ْال ُم ْجت َ ِهد إِ َذا نَ َ‬
‫ظ َر فِي ال َّد ِلي ِل فَ َو َج َدهُ ِم ْن َحي ُ‬ ‫َ‬
‫علَى َما‬ ‫علَ ْي ِه أ َ ْن يَ ْف َه َم ْال ُم ْ‬
‫طلَقَ َ‬ ‫ط َالقَ َذ ِل َك ْال ُم ْ‬
‫طلَق‪َ ،‬و َج َ‬
‫ب َ‬ ‫آخ ََر فِي اللَّ ْف ِظ أ َ ْو فِي لَ ْفظ آخ ََر ُم ْست َ ِقل يُقَيِ ُد إِ ْ‬
‫ضي ِه َد ِلي ُل الت َّ ْقيِيد(‪.)192‬‬ ‫يَ ْقت َ ِ‬

‫علَى ا ْل ُمقَيَّد بَيَان أ َ ْم نَ ْ‬


‫سخ؟ ‪:‬‬ ‫ثانيا‪َ :‬ه ْل َح َمل ا ْل ُم ْطلَق َ‬

‫ع ِإنَّ َما أ َ َرا َد ِبا ْل ُم ْط َلق ا ْل ُم َقيَّد ُم ْنذُ بَد ِْء‬


‫ذكر الد َُّرينِي في معنى "حمل ا ْل ُم ْط َلق على ا ْل ُمقَيَّد" ‪" :‬أ َ َّن ا ْل ُمش َِر َ‬
‫يه َما‪،‬‬‫علَى َه َذا ا ْل َم ْعنَى فَا ْل َح ْم ُل َبيَان‪ِ ،‬ب َم ْع َنى أ َ َّن ا ْل ُمقَيَّ َد قَ ْد بَيَّ َن أ َ َّن ِإ َرا َدةَ ا ْل ُمش َِرعِ ُمت َّ ِحدَة فِ ِ‬
‫تَش ِْري ِع ِه َما‪َ ،‬و َ‬
‫علَ ْي ِه‬ ‫ِإ ْذ ا ْل ُم ْطلَق ُم َراد ِب ِه ا ْل ُمقَيَّد ُم ْنذُ بَد ِْء تَش ِْري ِع ِه َما‪ ،‬أ َ ْو ِب ِعبَارة أ ُ ْخ َرى‪ :‬ا ْل ُمقَيَّ ُد أ َ َ‬
‫ساس يُ ْبنَى َ‬
‫ا ْل ُم ْط َلق"(‪ ،)193‬من خالل هذا الذي ذكره الد َُّرينِي أرى أنه قال بما ذهب إليه جمهور األصوليين‪،‬‬
‫ْس َن ْ‬
‫سخ" ‪ ،‬وبالضبط ما ذهب إليه الشافعية(‪.)194‬‬ ‫"أ َ َّن َح ْمل ا ْل ُم ْط َلق َ‬
‫علَى ا ْل ُمقَيَّد بَيَان َولَي َ‬

‫المطلب الثاني‪ :‬لماذا يجب حمل ا ْل ُم ْط َلق على ا ْل ُمقَيَّد ال‬


‫العكس؟‬

‫علَى ا ْل ُمقَيَّد َال ا ْلعَ ْكس‪َ ،‬و َذ ِلكَ ِْل َ ْم َريْن‪:‬‬ ‫َذك ََر الد َُّر ْينِي أَنَّهُ يَ ِج ُ‬
‫ب َح ْم ُل ا ْل ُم ْطلَق َ‬

‫اطق ِبا ْل َقيْد َو ُمبَيِن لَهُ‪َ ،‬و َال شَكَّ أَ َّن‬


‫سا ِكت ع َْن ا ْلقَيْد‪َ ،‬وأ َ َّما ا ْل ُمقَيَّد فَنَ ِ‬ ‫‪ °‬اْلمر اْلول‪ْ" :‬ل َ َّن ا ْل ُم ْطلَق َ‬
‫صلُ ُح ِل ْلبَيَان‪ ،‬فَ َو َج َ‬
‫ب ت َ ْقدِي ُم ا ْلعَ َم ِل بِا ْل ُمقَيَّد"‪.‬‬ ‫سا ِكتَ َال يَ ْ‬
‫ال َّ‬

‫(‪ - )191‬المناهج األصولية لفتحي الد َُّرينِي‪ ،‬المصدر نفسه‪.515 :‬‬


‫(‪ - )192‬أصول الفقه الذي ال يسع الفقيه جهله للدكتور عياض السلمي‪ ،‬ط‪1426( :1‬هـ ‪2005 -‬م)‪ ،‬دار التدمرية للنشر والتوزيع‪ ،‬المملكة العربية السعودية ‪-‬‬
‫الرياض‪.368 ، -‬‬
‫(‪ - )193‬المناهج األصولية لفتحي الد َُّرينِي‪ ،‬المصدر نفسه‪.526 :‬‬

‫(‪ - )194‬نفسه‪.‬‬

‫‪- 74 -‬‬
‫‪ °‬اْلمر الثاني‪ِْ " :‬ل َ َّن ا ْل ُم ْطلَق ُج ْزء ِم ْن ا ْل ُم َقيَّد‪َ ،‬وا ْلعَ َم ُل ِبا ْلك ُِل عَمل ِبا ْل ُج ْزء‪ ،‬فَك َ‬
‫َان ا ْلعَ َم ُل ِبا ْل ُمقَيَّ ِد َ‬
‫ع َم ًال‬
‫ع َم ًال ِبا ْل ُمقَيَّد‪ ،‬بَ ْل فِي ِه ِإ ْه َمال لَهُ‪ ،‬فَنَت َ َج أ َ َّن َح ْم َل‬ ‫ف ا ْلعَ ْك ِس‪ ،‬فَ ِإ َّن ا ْلعَ َم َل ِبا ْل ُم ْطلَ ِ‬
‫ق لَي َ‬
‫ْس َ‬ ‫ِبا ْل ُم ْط َلق‪ِ ،‬ب ِخ َال ِ‬
‫علَى ا ْل ُم َقيَّد ِإ ْع َمال ِلل َّد ِليلَيْن"(‪.)195‬‬ ‫ا ْل ُم ْطلَق َ‬

‫المطلب الثالث‪ :‬هل يحمل ا ْل ُم ْطلَق على ا ْل ُمقَيَّد عند اتحاد‬


‫الحكم؟ أم يعمل بكل واحد منهما في موضعه؟‬

‫سيَّي ِْن ِع ْن َد‬ ‫س ُموا ِإلَى َرأْيَي ِْن أ َ َ‬


‫سا ِ‬ ‫ون ا ْنقَ َ‬‫صو ِليُّ َ‬ ‫شكَال‪ ،‬قَا َل الد ِِري ِني أ َ َّن ْاْل ُ ُ‬ ‫وص َه َذا ْ ِ‬
‫اإل ْ‬ ‫ص ِ‬ ‫ِب ُخ ُ‬
‫ع ا ْل ُ‬
‫ح ْك ُم ِم ْن أَجْ ِل ِه‪:‬‬ ‫ب الَّذِي شر َ‬ ‫سبَ ِ‬ ‫اتِ َحا ِد ا ْل ُح ْك ِم َو ْ‬
‫اختِ َال ِ‬
‫ف ال َّ‬

‫ور ْاْل ُ ُ‬
‫صو ِل ِي َ‬
‫ين‪:‬‬ ‫ص ُل ِع ْن َد ُج ْم ُه ِ‬ ‫‪ °‬الرأي اْلول‪ :‬أ َ َّن َح ْم َل ا ْل ُم ْطلَق َ‬
‫علَى ا ْل ُم َقيَّد ُه َو ْاْل َ ْ‬
‫وص الش َّْر ِعيَّةُ أ َ ْو ا ْلقَانُو ِن َّيةُ‬
‫ص ُ‬ ‫َو ُح َّجت ُ ُه ْم ِفي َذ ِلكَ ‪" :‬أَن وحدَت ا ْل َم ْن ِطق التَّش ِْري ِعي ت َ ْقت َ ِضي أ َ ْن تَك َ‬
‫ُون النُّ ُ‬
‫ض َها بَ ْعضًا"(‪،)196‬‬ ‫وص يُ َف ِ‬
‫س ُر بَ ْع ُ‬ ‫ص ُ‬ ‫صد َِر ِه؛ ِإ ْذ النُّ ُ‬
‫س ُم ِإلَى ُم ْط َلق َو ُم َقيَّد‪َ ،‬و َذ ِلكَ لِوحْ َد ِة َم ْ‬
‫َو ِحدَّة َال ت َ ْنقَ ِ‬
‫ور فِي اعتبراهم ْال ُم ْ‬
‫طلَق َم ْح ُم ً‬
‫وال‬ ‫صول ا ْل ِف ْق ِه" لمحمد أبو زهرة‪َ " :‬و ُح َّجةُ ْال ُج ْم ُه ِ‬ ‫وورد في كتاب "أ ُ ُ‬
‫آن ْال َك ِر ِيم‪ ،‬فَإ ِ َذا َو ْر َدت َك ِل َمة فِي ْالقُ ْر ِ‬
‫آن‬ ‫ْالقُ ْر ِ‬ ‫وح َدة ُ‬‫ب ُه َو‪ْ :‬‬ ‫سبَ ُ‬
‫ف ال َّ‬ ‫علَى ْال ُمقَيَّد ِإ َذا ات َّ َح َد ْال ُح ْك ُم َو ْ‬
‫اخت َ َل َ‬ ‫َ‬
‫ضع ت ُ ْذ َّك ُر فِي ِه ْال َك ِل َمةُ‪َ ،‬فإ ِ َذا‬
‫احد ِفي ُك ِل َم ْو ِ‬ ‫َو ِ‬ ‫ام ِه‪ ،‬فَ َالبُ َّد أ َ ْن َي ُكونَ ْال ُح ْك ُم‬
‫ْال َك ِر ِيم ُم َبيِنَة ُح ْك ًما ِم ْن أَ ْح َك ِ‬
‫الرقَبَةُ ُمت َّ ِح َدة ْال ِج ْن ِس َو ْال َو ْ‬
‫صف ِفي‬ ‫طلُوب فَ َالبُ َّد أ َ ْن ت َ ُكونَ تِ ْل َك َّ‬
‫علَى أ َ َّن ت َ ْح ِريرهَا َم ْ‬
‫الرقَبَة َ‬
‫َو ْر َدت َك ِل َمة َّ‬
‫ت فَ َالبُ َّد أ َ ْن تَ ُكونَ ُم َقيَّ َدة فِي َغي ِْر ِه‬
‫عا ِ‬ ‫َت ُم َقيَّ َدة فِي أ َ َح ِد ْال َم ْو ُ‬
‫ضو َ‬ ‫آن ْال َك ِر ِيم‪ ،‬فَإ ِ َذا َكان ْ‬
‫وص ْالقُ ْر ِ‬
‫ص ِ‬ ‫ُك ِل نُ ُ‬
‫آخي ْاأل َ ْح َك ِام َوت َ َجان ِس َها َو ِل َذا قال الشوكاني‪َ " :‬ال يَ ْخفَى َ‬
‫ع َل ْيكَ‬ ‫ب‪َ ،‬و ِلت َ ِ‬‫وح َدةِ َم ْن ِز ِل ْال ِكتَا ِ‬
‫وح َدةِ ْال ِعقَاب‪َ ،‬و ِل ْ‬
‫ِل ْ‬

‫(‪ - )195‬المناهج األصولية لفتحي الد َُّرينِي‪ ،‬المصدر نفسه‪.519 :‬‬


‫(‪ - )196‬المصدر نفسه‪.515 :‬‬

‫‪- 75 -‬‬
‫ب بَ ْينَ ُه َما ِب ِج َه ِة ا ْل َح ْم ِل""(‪ ،)197‬وهذا‬ ‫صو َل التَّنَا ُ‬
‫س ِ‬ ‫أ َ َّن اتِ َحاد ا ْل ُح ْك ِم بَي َْن ا ْل ُم ْطلَ ِ‬
‫ق َوا ْل ُم َقيَّ ِد يَ ْقت َ ِضي ُح ُ‬
‫الرأي هو رأي‪ :‬الشافعية والحنابلة وبعض المالكية(‪.)198‬‬

‫ع َلى ا ْل ُمقَيَّد ِع ْن َد ا ْل َحنَ ِفيَّ ِة‪:‬‬ ‫ع َد ُم َح ْم ِل ا ْل ُم ْط َل ِ‬


‫ق َ‬ ‫‪ °‬الرأي الثاني‪ :‬أ َ َّن ْاْل َ ْ‬
‫ص َل َ‬

‫علَى َذ ِلكَ ‪،‬‬


‫س ِه َو ُح َّجة فِي َذاتِ ِه إِ َّال ِإ َذا قَا َم ال َّد ِلي ُل َ‬
‫َامل بِ َن ْف ِ‬ ‫َو ُح َّجت ُ ُه ْم فِي َذ ِلكَ ‪" :‬أ َ َّن ْاْل َ ْ‬
‫ص َل ُك ُّل نَص ع ِ‬
‫صول ا ْل ِف ْق ِه" لمحمد أبو زهرة‪:‬‬ ‫ُون إِ ْذ ِن ا ْل ُمش ِْرعِ"(‪ ،)199‬وورد في كتاب "أ ُ ُ‬ ‫ضيِيق د َ‬ ‫َوالت َّ ْقيِي ُد ت َ ْ‬
‫ب ُه َو‪ :‬أ َ َّن النُّ ُ‬
‫صوص‬ ‫سبَ ُ‬
‫ف ال َّ‬ ‫علَى ْال ُمقَيَّد إِ َذا ات َّ َح َد ْال ُح ْك ُم َو ْ‬
‫اختَلَ َ‬ ‫" َو ُح َّجةُ ْال َحنَ ِفيَّة فِي َم ْن ِع ِه ْم َح ْم َل ْال ُم ْ‬
‫طلَق َ‬
‫ت اللَّ ْف ِظ أ َ ْو ْال َحدِي ِ‬
‫ث‬ ‫ش ْر ِعيَّة ُح َّجة فِي َذاتِ َها‪ ،‬فَ ُك ُّل نَص ُح َّجة قَا ِئ َمة بِ َذا ِت َها‪َ ،‬وت َ ْقيِي ُدهُ ِم ْن َ‬
‫غي ِْر َد ِليل ِم ْن َذا ِ‬ ‫ال َّ‬
‫ضي ِات َحاد الت َّ ِ‬
‫اريخ ِفي النُّ ُزو ِل‬ ‫ع‪َ ،‬و َف ْوقَ َذ ِل َك فَإ ِ ْن حم َل َي ْقت َ ِ‬ ‫ض ِييق ِم ْن َ َ‬ ‫ضو ِع ِه ت َ ْ‬
‫غي ِْر أ ْم ِر الش َِّار ِ‬ ‫ِفي َم ْو ُ‬
‫ت الَّ ِتي َور َدت‬
‫ع ْن ْاآل َيا ِ‬
‫ان نُ ُزو ِل َها َ‬
‫ف زَ َم ُ‬ ‫طلَق‪َ ،‬و ْاآل َياتُ الَّ ِتي َور َدت ُم ْ‬
‫ط َلقَة َي ْخت َ ِل ُ‬ ‫يرا ِل ْل ُم ْ‬
‫ِل َي ُكونَ ْال ُمقَيَّ ُد ت َ ْف ِس ً‬
‫ْف ت ُ َقيَّد ِب َما َيأ ْ ِتي َب ْع َد ُو ُجو ِدهَا"(‪.)200‬‬ ‫ون ْال ُم ْ‬
‫طلَقَةُ أ َ ْس َبق نُ ُز ً‬
‫وال فَ َكي َ‬ ‫ُمقَيَّ َدة‪َ ،‬وقَ ْد تَ ُك ُ‬

‫● خالصة لما سبق‪ ،‬وإشارة لما سيأتي الحديث عنه‪:‬‬

‫بعد حل اإلشكاالت المطروحة في المبحث السابق‪ ،‬قد خصصت المبحث الثاني واْلخير من هذا‬
‫الفصل الثاني للحديث عن أحوال حمل المطلق على المقيد من خالل ما أورده الد َُّرينِي في كتابه‬
‫"ا ْل َمنَا ِه ُج ْاْل ُ ُ‬
‫صو ِليَّة" ‪ ،‬حيث سأتناول الحاالت المتفق عليها في حمل وعدم حمل المطلق على‬
‫المقيد‪ ،‬وكذلك الحاالت المختلف فيها في حمل المطلق على المقيد‪ ،‬مع بيان منشأ الخالف وسببه‪،‬‬
‫ومحاولة تلخيص كل هذه الصور ووضعها في خطاطة‪ ،‬وختام البحث سيكون بطرح إشكال والجواب‬
‫عليه‪ ،‬وهو‪ :‬هل جميع حاالت حمل المطلق على المقيد تعتبر بيانا‪ ،‬ولو اختلف تاريخ ورودهما؟‬

‫علَى ا ْل ُمقَيَّد عند‬‫المبحث الثاني‪ :‬أحوال حمل ا ْل ُم ْطلَق َ‬


‫اْلصوليين من خالل ما ذكره الد َُّري ِني‬

‫(‪ - )197‬أصول الفقه ل ُم َح َّمد أبو زهرة‪ ،‬دار الفكر العربي‪.174-173 :‬‬
‫(‪ - )198‬الوجيز في أصول الفقه اإلسالمي ل ُم َح َّمد مصطفى الزحيلي‪ ،‬ط‪1427( :2‬هـ ‪2006 -‬م)‪ ،‬دار الخير للنشر والتوزيع‪- ،‬دمشق‪.46 ، -‬‬
‫(‪ - )199‬المناهج األصولية لفتحي الد َُّرينِي‪ ،‬المصدر نفسه‪.515 :‬‬
‫(‪ - )200‬أصول الفقه ل ُم َح َّمد أبو زهرة‪ ،‬المصدر نفسه‪.173 :‬‬

‫‪- 76 -‬‬
‫المطلب اْلول‪ :‬الحاالت المتفق عليها في حمل ا ْل ُم ْطلَق َ‬
‫ع َلى‬
‫ا ْل ُمقَيَّد عند اْلصوليين‬

‫علَى ا ْل ُمقَيَّد ِع ْن َد ْاْل ُ ُ‬


‫صو ِل ِي َ‬
‫ين‬ ‫ق َ‬ ‫علَ ْي َها ِفي َح ْم ِل ا ْل ُم ْطلَ ِ‬ ‫∆ َذك ََر الد َُّرينِي أ َ َّن ا ْل َح َ‬
‫االت ا ْل ُمتَّفَق َ‬
‫ب‬ ‫ي‪" :‬أ َ ْن يَت َّ ِح َد ا ْل ُح ْك ُم َوال َّ‬
‫سبَ ُ‬ ‫احدَة‪َ ،‬و ِه َ‬ ‫ورة َو ِ‬ ‫ص َ‬ ‫اإل ْط َال ُ‬
‫ق َوالت َّ ْقيِي ُد فِي نَ ْف ِس ا ْل ُح ْك ِم) ُ‬ ‫َان ْ ِ‬
‫( َوك َ‬
‫ع ا ْل ُح ْك ُم ِم ْن أَجْ ِل ِه" ‪:‬‬
‫الَّذِي شر َ‬

‫ع َلى ا ْل ُمقَيَّد؛ ِْل َ َّن ا ْل ُمقَيَّد فِي ِه ِز َيادَة ُمقَيدَة‪َ ،‬و َال‬‫ق َ‬ ‫علَى َح ْم ِل ا ْل ُم ْط َل ِ‬ ‫ور ِة َ‬‫ص َ‬ ‫اتَّفَقَ ا ْلعُلَ َما ُء فِي َه ِذ ِه ال ُّ‬
‫َان ا ْل َج ْم ُع أ َ ْولَى‪َ ،‬و ِْلَنَّهُ َال يَ ِص ُّح أ َ ْن‬
‫ص ا ْل ُم ْط َلق‪َ ،‬و َم ْن ع َِم َل ِبا ْل ُمقَيَّد ع َِم َل ِبا ْل ُم ْطلَق‪ ،‬فَك َ‬
‫تَتَنَافَى َم َع النَّ ِ‬
‫ورة ِب ِمثَالَيْن‪:‬‬
‫ص َ‬‫ب َوا ْل ُح ْكم(‪َ ،)201‬و َمث َّ َل الد َُّرينِي ِل َه ِذ ِه ال ُّ‬ ‫ف ا ْل ُم ْط َل ُ‬
‫ق َوا ْل ُمقَيَّ ُد َم َع اتِ َحا ِد ال َّ‬
‫س َب ِ‬ ‫يَ ْخت َ ِل َ‬

‫ير﴾(‪)202‬؛ قَا َل الد َُّر ْينِي‪:‬‬ ‫علَ ْي ُك ُم ا ْل َم ْيتَةُ َوال َّد ُم َولَحْ ُم ا ْل ِخ ِ‬
‫نز ِ‬ ‫= المثال اْلول‪ :‬قَ ْولُهُ تَعَالَى‪ُ ﴿ :‬ح ِر َمتْ َ‬

‫علَى َه َذا فَ ْاْليَةُ تَ ُد ُّل‬ ‫سفُو ًحا‪َ ،‬و َ‬‫غيْر ُمقَيَّد بِك َْونِ ِه َم ْ‬‫ظ "الدَّم" فِي َه ِذ ِه ْاْليَ ِة ا ْلك َِري َم ِة َو َرد ُم ْطلَقًا‪َ ،‬‬ ‫"فَلَ ْف ُ‬
‫ق‬ ‫سفُوح‪ ،‬فَا ْل ُم َح َّر ُم ُه َو ُم ْط َل ُ‬ ‫سفُو ًحا أ َ ْم َ‬
‫غي َْر َم ْ‬ ‫س َواء أَك َ‬
‫َان َم ْ‬ ‫او ِل الد َِّم ُم ْطلَقًا َ‬ ‫يم تَنَ ُ‬ ‫علَى تَحْ ِر ِ‬
‫ارتِ َها َ‬
‫بِ ِعبَ َ‬
‫ي إِلَ َّ‬
‫ي ُم َح َّر ًما‬ ‫ي قَ ْولُهُ تَعَالَى‪﴿ :‬قُل َّال أ َ ِج ُد فِي َما أ ُ ِ‬
‫وح َ‬ ‫الد َِّم‪ ،‬لَ ِكنَّهُ َو َر َد بِعَ ْي ِن ِه ُم َقيَّدًا فِي آيَة أ ُ ْخ َرى‪َ ،‬و ِه َ‬
‫نزير﴾(‪)203‬؛ فَ َه ِذ ِه ْاْليَةُ ا ْلك َِري َمةُ‬ ‫ُون َم ْيتَةً أ َ ْو َد ًما َّم ْ‬
‫سفُو ًحا أ َ ْو لَحْ َم ِخ ِ‬ ‫طا ِعم يَ ْط َع ُمهُ إِ َّال أَن يَك َ‬
‫علَى َ‬
‫َ‬

‫سفُوح كَا ْل َكبِ ِد َو ِ‬


‫الط َحا ِل‪،‬‬ ‫صةً‪ ،‬أَ َّما َ‬
‫غي ُْر ا ْل َم ْ‬ ‫ح َخا َّ‬ ‫ارتِ َها أ َ َّن ا ْل ُمحْ َّرم تَنَ ُ‬
‫اولهُ إِنَّ َما ُه َو ال َّد ُم ا ْل َم ْ‬
‫سفُو ُ‬ ‫ت َ ُد ُّل بِ ِعبَ َ‬
‫سفُوح‪،‬‬ ‫ض ِفي الد َِّم ا ْل َم ْ‬ ‫وم ا ْلقَيْد‪ ،‬فَ َوقَ َع الت َّ َع ُ‬
‫ار ُ‬ ‫وق فَغَي ُْر ُم َح َّرم‪َ ،‬‬
‫ع َم ًال ِب َم ْف ُه ِ‬ ‫أ َ ْو الد َِّم ا ْل َبا ِقي ِفي اللَّحْ ِم َوا ْلعُ ُر ِ‬
‫او ِل الد َِّم ُمقَيَّدًا‬ ‫علَى ت َ َن ُ‬
‫صور َ‬ ‫فَ ْاْل َيةُ ْاْلُولَى ِب ِإ ْط َال ِق َها تَ َح ِر ُمهُ‪َ ،‬وأَ َّما الثَّا ِن َية فَ َال ت ُ َح ِر ُمهُ‪ِ ،‬إ ْذ التَّحْ ِري ُم َم ْق ُ‬
‫احد فَقَا َل‪:‬‬
‫صي ِْن َو ِ‬‫ب فِي النَّ َّ‬ ‫س َواه"(‪ ،)204‬ث ُ َّم بَيَّ َن الد َُّر ْينِي أ َ َّن ا ْل ُح ْك َم َوال َّ‬
‫س َب َ‬ ‫سفُو ًحا د َ‬
‫ُون ِ‬ ‫ِبك َْونِ ِه َم ْ‬
‫احد َو ُه َو‬
‫ب َو ِ‬‫سبَ ُ‬
‫او ُل الد َِّم‪َ ،‬وال َّ‬ ‫احد ُه َو ت َ َن ُ‬‫ع َو ِ‬ ‫احد َو ُه َو التَّحْ ِري ُم‪َ ،‬وا ْل َم ْوضُو ُ‬ ‫"فَا ْل ُح ْك ُم فِي النَّ َّ‬
‫صي ِْن َو ِ‬

‫(‪ - )201‬الوجيز في أصول الفقه اإلسالمي ل ُم َح َّمد مصطفى الزحيلي‪ ،‬المصدر نفسه‪.43 :‬‬
‫(‪ - )202‬المائدة‪.4:‬‬
‫(‪ - )203‬األنعام‪.146 :‬‬
‫(‪ - )204‬المناهج األصولية لفتحي الد َُّرينِي‪ ،‬المصدر نفسه‪.517 :‬‬

‫‪- 77 -‬‬
‫ق الد َِّم‪ِ ،‬إ ْذ َي ْل َز ُم َذ ِلكَ أ َ ْم َران‪-1 :‬‬ ‫او ِل الد َِّم أ َ ْو أ َ ْك ِل ِه‪َ ،‬و َال يُ ْم ِك ُن ا ْلقَ ْو ُل ِبتَحْ ِر ِ‬
‫يم ُم ْطلَ ِ‬ ‫ئ ع َْن تَنَ ُ‬
‫ش ُ‬ ‫ض َر ُر النَّا ِ‬
‫ال َّ‬
‫يع ا ْل ُح ْكم"(‪.)205‬‬ ‫ص ُل أ َ َّن ا ْلقَ ْي َد ُم ْعتَبَر فِي تَش ِْر ِ‬‫َار ا ْلقَيْد‪َ :‬و ْاْل َ ْ‬ ‫ب َر ْفعُه‪ -2 ،‬أ َ ْو ِإ ْهد ُ‬ ‫التَّنَافِي‪َ :‬والتَّنَافِي يَ ِج ُ‬

‫س ُحوا ِب ُو ُجو ِه ُك ْم َوأ َ ْيدِيكُم‬ ‫ط ِيبًا فَ ْ‬


‫ام َ‬ ‫= المثال الثاني‪ :‬قَ ْولُهُ تَعَالَى‪﴿ :‬فَلَ ْم ت َ ِجدُوا َما ًء فَتَيَ َّم ُموا َ‬
‫ص ِعيدًا َ‬

‫ض ْربَة ِل ْليَ َدي ِْن ِإلَى‬


‫ض ْربَة ِل ْل َوجْ ِه َو َ‬ ‫سلَّم‪« :‬الت َّ َي ُّم ُم َ‬
‫ض ْربَت َ ِ‬
‫ان َ‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫ِم ْنهُ﴾(‪َ ،)206‬وقَ ْولُهُ َ‬
‫صلَّى َّ‬
‫ّللاُ َ‬

‫ا ْل ِم ْرفَقَي ِْن»(‪)207‬؛ َذك ََر الد َُّر ْينِي‪" :‬أ َ َّن ا ْل َم ْوضُو َ‬
‫ع فِي ْاْليَ ِة ا ْلك َِري َم ِة َوا ْل َحدِيث الش َِّريف َو ِ‬
‫احد‪َ ،‬و ُه َو‪:‬‬
‫اض َع ُمعَيَّنَة‪،‬‬
‫ب ِل َم َو ِ‬ ‫ص ِعي ِد ال َّ‬
‫طيِ ِ‬ ‫وب ا ْل َم ْ‬
‫سحِ بِال َّ‬ ‫احد‪َ ،‬و ُه َو‪ُ :‬و ُج ُ‬ ‫بَيَا ُن ِصفَ ِة التَّيَ ُّم ِم َو َك ْي ِفيَّ ِت ِه‪َ ،‬وا ْل ُح ْك ُم َو ِ‬
‫ف " ْاْلَيَادِي" َوردتْ ُم ْطلَقَةً فِي ْاْليَة‪،‬‬ ‫ارة‪َ ،‬‬ ‫ص َال ِة َم َع ا ْل َحا َج ِة إِ َلى ال َّ‬
‫ط َه َ‬ ‫احد‪َ ،‬و ُه َو‪ :‬إِ َرا َدةُ ال َّ‬ ‫ب َو ِ‬ ‫سبَ ُ‬
‫َوال َّ‬
‫ير ِفي ا ْل َع َم ِل‪ِ ،‬ال ِت َحا ِد‬ ‫ع َلى ا ْل ُم َقيَّد‪َ ،‬وتَ ْقدِي ُم َه َذا ْاْل ِخ ِ‬‫ب َح ْم ُل ا ْل ُم ْط َلق َ‬ ‫ص ا ْل َحدِيث‪َ ،‬ف َو َج َ‬ ‫َو ُم َقيَّدَة ِفي َن ِ‬
‫س ُح ُه َما َج ِميعًا؛ ِْل َ َّن ْ ِ‬
‫اإل ْط َالقَ‬ ‫س ُح ا ْل َي َدي ِْن ِإلَى ا ْل ِم ْرفَقَي ِْن فَقَ ْط َال َم ْ‬
‫ب َم ْ‬ ‫علَى َه َذا‪ ،‬فَا ْل َو ِ‬
‫اج ُ‬ ‫ب َوا ْل ُح ْكم‪َ ،‬و َ‬
‫س َب ِ‬
‫ال َّ‬
‫ُم َراد ِب ِه الت َّ ْق ِييد"(‪.)208‬‬

‫وقد أضفت أربع أمثلة لهذه الصورة‪ ،‬وهي كما يلي‪:‬‬

‫ي أ َ َح ُد ُك ْم إِلَى ا ْل َو ِلي َم ِة فَ ْليُ ِج ْب»(‪َ ،)209‬م َع‬


‫سلَّم‪« :‬إِ َذا ُد ِع َ‬
‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى َّ‬
‫ّللاُ َ‬ ‫= المثال اْلول‪ :‬قَ ْولُهُ َ‬
‫ي أ َ َح ُد ُك ْم إِلَى َو ِلي َم ِة ع ُْرس فَ ْليُ ِج ْب»(‪ ،)210‬في الحديثين‬ ‫سلَّم‪« :‬إِ َذا ُد ِع َ‬‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫قَ ْو ِل ِه َ‬
‫صلَّى َّ‬
‫ّللاُ َ‬
‫الشريفين الحكم والسبب واحد‪ ،‬فيحمل المطلق وهو‪" :‬إجابة الدعوة إلى الوليمة مطلقا" على المقيد‬
‫"وليمة عرس"(‪.)211‬‬

‫سابًا ُ‬
‫غ ِف َر لَهُ َما تَقَ َّد َم‬ ‫ان إِي َمانًا َواحْ تِ َ‬
‫ض َ‬ ‫سلَّم‪َ « :‬م ْن َ‬
‫صا َم َر َم َ‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى َّ‬
‫ّللاُ َ‬ ‫= المثال الثاني‪ :‬قَ ْولُهُ َ‬
‫س َوا ْل ُج ُم َعةُ ِإ َلى ا ْل ُج ُم َع ِة‬ ‫صلَ َواتُ ا ْل َخ ْم ُ‬
‫سلَّم‪« :‬ال َّ‬‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫ّللاُ َ‬ ‫صلَّى َّ‬ ‫ِم ْن َذ ْن ِب ِه» (‪َ ،) 212‬م َع قَ ْو ِل ِه َ‬
‫ب ا ْل َك َبائِ َر»(‪)213‬؛ في الحديث الشريف األول‪:‬‬ ‫ان ُمك َِف َرات َما َب ْينَ ُه َّن ِإ َذا اجْ ت َ َن َ‬ ‫ضا ُن ِإلَى َر َم َ‬
‫ض َ‬ ‫َو َر َم َ‬

‫(‪ - )205‬المناهج األصولية لفتحي الد َُّرينِي‪ ،‬المصدر نفسه‪.518 :‬‬


‫(‪ - )206‬المائدة‪.6 :‬‬
‫(‪ - )207‬رواه الدارقطني في سننه في كتاب الطهارة‪ ،‬باب التَّيَ ُّم ِم‪.‬‬
‫(‪ - )208‬المناهج األصولية لفتحي الد َُّرينِي‪ ،‬المصدر نفسه‪.518 :‬‬
‫(‪ - )209‬رواه مسلم في صحيحه في كتاب النكاح‪ ،‬باب األ َ ْم ِر ِبإ ِ َجابَ ِة الدَّاعِي ِإلَى َدع َْوة‪.‬‬
‫(‪ - )210‬نفسه‪.‬‬
‫(‪ - )211‬بيان مستخلص من شرح الدكتور عامر بهجت‪ ،‬في برنامج تلفزيوني بعنوان‪" :‬تمارين أصول الفقه ‪ -11‬المطلق والمقيد‪ "-‬يوم‪ ،)2022/04/27( :‬من‬
‫موقع "يوتيوب"‪.‬‬
‫ان‪.‬‬ ‫م‬
‫ِ َ ِ‬ ‫ي‬ ‫اإل‬ ‫نَ‬ ‫مِ‬ ‫ًا‬ ‫ب‬‫ا‬ ‫س‬
‫َ‬ ‫ت‬
‫ِ‬ ‫احْ‬ ‫انَ‬‫ض‬ ‫م‬ ‫ر‬ ‫م‬
‫َْ ُ َ َ َ‬ ‫و‬ ‫ص‬ ‫باب‬ ‫اإليمان‪،‬‬ ‫كتاب‬ ‫في‬ ‫صحيحه‬ ‫في‬ ‫البخاري‬ ‫(‪ - )212‬رواه‬
‫ت ْال َك َبائِ ُر‪.‬‬
‫ضانَ ُمكَف َِرات ِل َما َب ْينَ ُه َّن َما اجْ تُنِ َب ِ‬ ‫م‬ ‫ر‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫إ‬ ‫انُ‬‫ض‬‫م‬
‫ُ َ َ َ َ َ ِ َ َ َ‬‫ر‬ ‫و‬ ‫ة‬
‫ِ‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ج‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ال‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫إ‬ ‫ُ‬ ‫ة‬‫ع‬
‫ْ ُ َ ُ َ ِ‬‫م‬ ‫ج‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ال‬ ‫و‬ ‫س‬ ‫َم‬‫خ‬ ‫ْ‬
‫ال‬ ‫اتُ‬ ‫و‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫ص‬‫َّ‬ ‫ال‬ ‫باب‬ ‫الطهارة‪،‬‬ ‫كتاب‬ ‫في‬ ‫صحيحه‬ ‫في‬ ‫مسلم‬ ‫(‪ - )213‬رواه‬

‫‪- 78 -‬‬
‫الصيام لم يقيد باجتناب الكبائر‪ ،‬فينطبق ذلك على من صام ولو لم يجتنب الكبائر‪ ،‬أما في الحديث‬
‫الشريف الثاني‪ :‬الصيام قيد باجتناب الكبائر‪ ،‬فيحمل المطلق على المقيد‪ ،‬ألن الحكم فيهما واحد وهو‪:‬‬
‫المغفرة والسبب فيهما واحد وهو‪ :‬الصيام(‪.)214‬‬

‫س َر ِم َن ا ْلقُ ْر ِ‬
‫آن﴾(‪ ،)215‬في هذه اآلية الكريمة القراءة‬ ‫= المثال الثالث‪ :‬قَ ْولُهُ ت َ َعالَى‪﴿ :‬فَ ْ‬
‫اق َر ُءوا َما تَيَ َّ‬

‫وردت مطلقة‪ ،‬حيث أن الفرض هو قراءة ما تيسر دون تعيين(‪ ،)216‬ووردت هذه اآلية الكريمة‬
‫صالَةَ ِل َم ْن لَ ْم يَ ْق َرأْ ِبفَا ِت َح ِة‬
‫سلَّم‪« :‬الَ َ‬
‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى َّ‬
‫ّللاُ َ‬ ‫سو ِل َ‬ ‫مقيدة بتعين قراءة الفاتحة ِلقَ ْو ِل َّ‬
‫الر ُ‬
‫ب»(‪)217‬؛ فالحكم في النصين واحد وهو‪ :‬وجوب القراءة في الصالة‪ ،‬والسبب واحد وهو‪:‬‬ ‫ا ْل ِكتَا ِ‬
‫الصالة‪ ،‬فاألصل أنه يجب حمل المطلق على المقيد‪ ،‬وهللا أعلم‪.‬‬

‫ام َرأَة ِم ْن َخثْ َع َم‪ ،‬عَا َم َح َّج ِة ا ْل َودَاعِ‪،‬‬


‫ت ْ‬ ‫ع ْن ُه َما قَا َل َجا َء ِ‬
‫ّللاُ َ‬ ‫ي َّ‬
‫عبَّاس َر ِض َ‬ ‫= المثال الرابع‪ :‬ع َِن اب ِْن َ‬
‫ست َ ِطي ُع أ َ ْن‬
‫يرا‪ ،‬الَ َي ْ‬ ‫علَى ِع َبا ِد ِه ِفي ا ْل َحجِ أَد َْركَتْ أ َ ِبي َ‬
‫ش ْي ًخا َك ِب ً‬ ‫ضةَ َّ ِ‬
‫ّللا َ‬ ‫ّللا ِإ َّن فَ ِري َ‬ ‫قَالَتْ َيا َر ُ‬
‫سو َل َّ ِ‬
‫ع ْنهُ قَا َل‪« :‬نَ َع ْم»(‪ ،)218‬وفي رواية أخرى قَا َل‬ ‫ع ْنهُ أ َ ْن أ َ ُح َّج َ‬
‫احلَ ِة فَ َه ْل يَ ْق ِضي َ‬ ‫علَى َّ‬
‫الر ِ‬ ‫ي َ‬ ‫ست َ ِو َ‬
‫يَ ْ‬
‫ع ْنهُ»(‪ ،)219‬في هذه الرواية وغيرها ورد الحج عن الغير‬ ‫سلَّ َم‪« :‬فَ ُح ِجي َ‬
‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى َّ‬
‫ّللاُ َ‬ ‫النَّ ِب ُّ‬
‫ي َ‬
‫طلَقًا سواء كان حج أوال على نفسه أم ال‪ ،‬لكن وردت عدة روايات تقيد هذا اإلطالق "ا ْل َح ُّج ع َْن‬ ‫ُم ْ‬
‫صلَّى‬ ‫ّللا َ‬
‫سو َل َّ ِ‬ ‫عبَّاس أ َ َّن َر ُ‬
‫س ِه أ َ َّو ًال" ‪ ،‬كما في الرواية‪ :‬ع َِن اب ِْن َ‬ ‫ا ْلغَي ِْر ُم ْطلَقًا" بقيد "أ َ ْن َي ُح َّج ع َْن نَ ْف ِ‬
‫سلَّ َم‪َ « :‬م ْن‬
‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلَّى َّ‬
‫ّللاُ َ‬ ‫ي َ‬ ‫شب ُْر َمةَ فَقَا َل لَهُ النَّبِ ُّ‬
‫س ِم َع َر ُجالً يَقُو ُل لَبَّ ْيكَ ع َْن ُ‬ ‫سلَّ َم َ‬
‫علَ ْي ِه َو َ‬
‫ّللاُ َ‬
‫َّ‬
‫شب ُْر َمةُ»‪ .‬قَا َل أَخ ِلي‪ .‬قَا َل‪َ « :‬ه ْل َحجَجْ تَ »‪ .‬قَا َل الَ‪ .‬قَا َل‪ُ « :‬ح َّج ع َْن نَ ْف ِ‬
‫سكَ ث ُ َّم احْ ُج ْج ع َْن‬ ‫ُ‬
‫ج ع َْن ا ْلغَي ِْر" والسبب‬ ‫َ‬
‫شب ُْر َمة»(‪)220‬؛ في نص اإلطالق ونص التقييد الحكم واحد وهو‪َ " :‬ج َواز ا ْل َح ِ‬ ‫ُ‬
‫واحد وهو‪" :‬ا ْل َح ُّج ع َْن ا ْلغَي ِْر" ‪ ،‬فيحمل المطلق على المقيد‪ ،‬وهللا أعلم‪.‬‬

‫(‪ - )214‬بيان مستخلص من شرح الدكتور عامر بهجت‪ ،‬في برنامج تلفزيوني بعنوان‪" :‬تمارين أصول الفقه ‪ -11‬المطلق والمقيد‪ "-‬يوم‪ ،)2022/04/27( :‬من‬
‫موقع "يوتيوب"‪.‬‬
‫(‪ - )215‬المزمل‪.18 :‬‬
‫(‪ - )216‬نيل األوطار للشوكاني‪ ،‬تحقيق ُم َح َّمد صبحي بن حسن حالق‪ ،‬دار ابن الجوزي‪.156/4 ،‬‬
‫ب ق َِرا َءةِ ْالفَاتِ َح ِة فِي ُك ِل َر ْك َعة َو ِإنَّهُ ِإذَا لَ ْم يُحْ س ِِن ْالفَاتِ َحةَ َوالَ أ َ ْم َكنَهُ ت َ َعلُّ ُم َها قَ َرأ َ َما ت َ َيس ََّر لَهُ مِ ْن‬ ‫(‪ - )217‬رواه مسلم في صحيحه في كتاب الصالة‪ ،‬باب ُو ُجو ِ‬
‫غي ِْرهَا‪.‬‬
‫َ‬
‫الراحِ َلةِ‪.‬‬
‫علَى َّ‬ ‫ع َّم ْن الَ يَ ْستَطِ ي ُع الثُّبُوتَ َ‬ ‫(‪ - )218‬رواه البخاري في صحيحه في كتاب جزاء الصيد‪ ،‬باب ْال َحجِ َ‬
‫ت‪.‬‬ ‫اج ِز لِزَ َمانَة َوه َِرم َونَحْ ِو ِه َما أ َ ْو ل ِْل َم ْو ِ‬
‫ع ِن ْال َع ِ‬
‫(‪ - )219‬رواه مسلم في صحيحه في كتاب الحج‪ ،‬باب ْال َحجِ َ‬
‫(‪ - )220‬رواه الدارقطني في سننه في كتاب الحج‪ ،‬باب ْال َم َواقِيتِ‪.‬‬

‫‪- 79 -‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الحاالت المتفق عليها في عدم حمل‬
‫ا ْل ُم ْطلَق َ‬
‫علَى ا ْل ُم َقيَّد عند اْلصوليين‬

‫عد َِم َح ْم ِل ا ْل ُم ْطلَق َ‬


‫علَى ا ْل ُم َقيَّد ِع ْن َد‬ ‫علَ ْي َها ِفي َ‬ ‫االت ا ْل ُمتَّفَق َ‬ ‫∆ َذك ََر الد َُّرينِي أ َ َّن ا ْل َح َ‬
‫ق َوالت َّ ْقيِي ُد فِي نَ ْف ِس ا ْل ُح ْكم) َحالَتَان‪:‬‬‫اإل ْط َال ُ‬
‫َان ْ ِ‬
‫ين ( َوك َ‬ ‫ْاْل ُ ُ‬
‫صو ِل ِي َ‬

‫ْن" ‪ :‬قَا َل الد َُّرينِي‪َ " :‬ال يُحْ َم ُل‬ ‫ب فِي النَّ َّ‬
‫صي ِ‬ ‫ف ا ْل ُح ْك ُم َوال َّ‬
‫سبَ ُ‬ ‫✓ الصورة اْلولى‪" :‬أ َ ْن يَ ْخت َ ِل َ‬
‫ط بَ ْينَ ُه َما"(‪َ ،)221‬حيْث‬ ‫ض‪ِ ،‬إ ْذ َال ْ‬
‫ارتِ َبا َ‬ ‫ورة ِب ِاالتِفَ ِ‬
‫اق‪ِ ،‬لعَد َِم التَّعَ ُ‬
‫ار ِ‬ ‫ص َ‬ ‫علَى ا ْل ُمقَيَّد فِي َه ِذ ِه ال ُّ‬ ‫ا ْل ُم ْطلَ ُ‬
‫ق َ‬
‫ب َوفِي ا ْل ُح ْك ِم‪ ،‬فَ َال يُحْ َم ُل‬ ‫اخ ِت َالف فِي ال َّ‬
‫س َب ِ‬ ‫ان أ َ َح ُد ُه َما ُم ْطلَق َو ْاْل َخ ُر ُمقَيَّد‪َ ،‬ولَ ِك ْن بَ ْينَ ُه َما ْ‬ ‫ِإ َذا َو َر َد نَ َّ‬
‫ص ِ‬
‫علَى ْاْل َخ ِر قَ ْطعًا(‪،)222‬‬ ‫الص َل ِة َب ْينَ ُه َما‪ ،‬فَ َال يُحْ َم ُل أ َ َح ُد ُه َما َ‬
‫اق ا ْلعُ َل َماء‪ِ ،‬لعَد َِم ِ‬
‫علَى ا ْل ُم َقيَّ ِد ِباتِ َف ِ‬
‫ق َ‬ ‫ا ْل ُم ْطلَ ُ‬
‫ور ِة بِ ِمثَال َو ِ‬
‫احد‪َ ،‬و ُه َو َك َما يَ ِلي‪:‬‬ ‫ص َ‬‫َو َمث َّ ُل الد َُّرينِي ِل َه ِذ ِه ال ُّ‬

‫طعُوا أَ ْي ِديَ ُه َما﴾(‪َ ،)223‬م َع قَ ْولهُ ت َ َعالَى‪﴿ :‬يَا أَيُّ َها الَّذ َ‬
‫ِين‬ ‫س ِارقَةُ فَ ْ‬
‫اق َ‬ ‫ق َوال َّ‬ ‫= قَ ْولهُ ت َ َعالَى‪َ ﴿ :‬وال َّ‬
‫س ِار ُ‬

‫ق﴾(‪)224‬؛ قَا َل الد َُّرينِي‪" :‬أ َ َّن‬


‫سلُوا ُو ُجو َه ُك ْم َوأ َ ْي ِديَ ُك ْم ِإلَى ا ْل َم َرافِ ِ‬
‫ص َال ِة فَا ْغ ِ‬
‫آ َمنُوا ِإ َذا قُ ْمت ُ ْم ِإلَى ال َّ‬

‫س ِل‬ ‫وب َ‬
‫غ ْ‬ ‫وب قَ ْطع ا ْليَدِ‪َ ،‬وفِي الثَّانِيَة‪ُ :‬و ُج ُ‬ ‫ا ْل ُح ْك َم فِي ْاْليَتَي ِْن ا ْلك َِري َمتَي ِْن ُم ْخت َ ِلف‪ِْ ،‬لَنَّهُ فِي ْاْلُولَى‪ُ :‬و ُج ُ‬
‫ع ُم ْخت َ ِلف ِْلَنَّهُ‪ :‬فِي ْاْلُولَى‪َ :‬ج ِري َمةُ ال َّ‬
‫س ِرقَ ِة َوبَيَا ُن ُح ْك ِم َها الش َّْر ِعي‪،‬‬ ‫ق‪َ ،‬وا ْل َم ْوضُو ُ‬ ‫ا ْليَ ِد إِلَى ا ْل َم َرافِ ِ‬
‫اف َج ِري َم ِة‬‫اقتِ َر ُ‬ ‫ب ُم ْخت َ ِلف أ َ ْيضًا‪ِْ ،‬لَنَّهُ‪ :‬فِي ْاْلُولَى‪ْ :‬‬ ‫س َب ُ‬ ‫َوفِي الثَّانِيَة‪ :‬ا ْل ُوضُو ُء َوبَيَا ُن َك ْي ِفيَّ ِت ِه‪َ ،‬وال َّ‬
‫ط َب ْي َن ُه َما‪َ ،‬ف َال‬ ‫ارة‪ ،‬فَ َال ْ‬
‫ار ِت َبا َ‬ ‫ص َال ِة َم َع ا ْل َحا َج ِة ِإلَى ال َّ‬
‫ط َه َ‬ ‫س ِرقَة‪َ ،‬و ِفي الثَّا ِن َية‪ِ :‬إ َرا َدةُ ا ْل ِق َي ِام ِإلَى ال َّ‬
‫ال َّ‬
‫ع َلى‬ ‫صو ِل ِيين‪ِْ ( ،‬لَنَّهُ َو َر َد ِفي ال ُّ‬
‫سنَّ ِة َما َي ُد ُّل َ‬ ‫علَى ا ْل ُم َقيَّد ِب ِإجْ َماعِ ْاْل ُ ُ‬
‫ب ِل َح ْم ِل ا ْل ُم ْطلَق َ‬ ‫ارض‪ ،‬فَ َال ُم ِ‬
‫وج َ‬ ‫ت َ َع ُ‬
‫س ِغ‪ ،‬فَت َ َقيَّ َد ِب ِه)‪ ،‬فَيُ ْع َم ُل ِبكُل ِم ْن ُه َما َك َما َو َر َد فِي َم ْو ِض ِع ِه‪،‬‬‫الر ْ‬ ‫ق ْاْل َ ْيدِي فِي آيَ ِة ال َّ‬
‫س ِرقَ ِة ِب ُّ‬ ‫ت َ ْق ِيي ِد ِإ ْط َال ِ‬
‫يرهُ"(‪.)225‬‬ ‫علَى ِإ ْط َالقِ ِه َوا ْل ُمقَيَّ ُد َال يَ ُج ُ‬
‫وز ت َ ْغ ِي ُ‬ ‫ق َ‬ ‫فَا ْل ُم ْطلَ ُ‬

‫(‪ - )221‬المناهج األصولية لفتحي الد َُّرينِي‪ ،‬المصدر نفسه‪.519 :‬‬


‫(‪ - )222‬الوجيز في أصول الفقه اإلسالمي ل ُم َح َّمد مصطفى الزحيلي‪ ،‬المصدر نفسه‪.44 :‬‬
‫(‪ - )223‬المائدة‪.40 :‬‬
‫(‪ - )224‬المائدة‪.7 :‬‬
‫(‪ - )225‬المناهج األصولية لفتحي الد َُّرينِي‪ ،‬المصدر نفسه‪.520-519 :‬‬

‫‪- 80 -‬‬
‫وقد أضفت مثال واحدا لهذه الصورة‪ ،‬وهو كما يلي‪:‬‬

‫شه َْري ِْن ُمتَتَا ِب َعي ِْن ت َ ْو َبةً ِم َن َّ ِ‬


‫ّللا﴾(‪،)226‬‬ ‫طأ‪﴿ :‬فَ َمن لَّ ْم َي ِج ْد فَ ِص َيا ُم َ‬ ‫= قَ ْولُهُ ت َ َعالَى ِفي َكفَّ َ‬
‫ار ِة ا ْلقَتْ ِل ا ْل َخ َ‬

‫ارةُ أ َ ْي َمانِ ُك ْم ِإ َذا َحلَ ْفت ُ ْم﴾(‪)227‬؛‬


‫ين‪﴿ :‬فَ َمن لَّ ْم َي ِج ْد فَ ِص َيا ُم ث َ َالث َ ِة أ َ َّيام َذ ِلكَ َكفَّ َ‬ ‫َوقَ ْولُهُ ت َ َعالَى فِي َكفَّ َ‬
‫ار ِة ا ْل َي ِم ِ‬

‫في اآليتين الكريمتين السبب مختلف‪ ،‬في اآلية األولى‪ :‬القتل الخطأ‪ ،‬وفي اآلية الثانية‪ :‬الحنت باليمين‪،‬‬
‫والحكم فيهما أيضا مختلف‪ ،‬في آية القتل‪ :‬صيام شهرين متتابعين‪ ،‬وفي آية اليمين‪ :‬ثالثة أيام‪ ،‬وورد‬
‫الصيام في اآلية األولى مقيدا بالتتابع‪ ،‬وفي اآلية الثانية‪ :‬مطلقا عن التتابع‪ ،‬فال يحمل المطلق على‬
‫المقيد‪ ،‬إال أن الحنفية اشترطوا التتابع في صيام كفارة اليمين بقراءة ابن مسعود الشاذة (فَ ِصيَا ُم‬
‫ث َ َالث َ ِة أَيَّام ُمتَتَابِعَات)(‪.)228‬‬

‫وص َه ِذ ِه‬‫ص ِ‬ ‫ب" ‪ :‬قَا َل الد َُّرينِي بِ ُخ ُ‬ ‫سبَ ُ‬ ‫✓ الصورة الثانية‪ " :‬أ َ ْن يَ ْخت َ ِل َ‬
‫ف ا ْل ُح ْك ُم َويَت َّ ِح َد ال َّ‬
‫ف فِي‬ ‫ورة‪ِْ ،‬ل َ َّن ِاال ْختِ َال َ‬
‫ص َ‬‫علَى ا ْل ُمقَيَّ ِد اتِفَاقًا أ َ ْيضًا فِي َه ِذ ِه ال ُّ‬ ‫ق َ‬ ‫ورة‪َ " :‬ال يُحْ َم ُل ا ْل ُم ْطلَ ُ‬
‫ص َ‬‫ال ُّ‬
‫ب‬
‫سبَ ُ‬ ‫ق َوالت َّ ْقيِي ِد"(‪َ ،)229‬و َم ْعنَى َذ ِلكَ ‪ :‬أ َ ْن يَك َ‬
‫ُون َ‬ ‫اإل ْط َال ِ‬
‫فِي ْ ِ‬ ‫ا ْل ُح ْك ِم قَ ْد َيكُونُ ُه َو ا ْل ِعلَّةَ‬
‫ا ْل ُح ْك ِم ِفي ا ْل ُمقَيَّ ِد ُمت َّ ِحد‪َ ،‬ولَ ِك َّن ا ْل ُح ْك َم ِفي ا ْل ُمقَيَّ ِد ُم ْخت َ ِلف ع َْن‬
‫ب‬
‫س َب ُ‬
‫ق َو َ‬ ‫ا ْل ُح ْك ِم ِفي ا ْل ُم ْط َل ِ‬
‫علَى ا ْل ُمقَيَّد‪َ ،‬ويُ ْع َم ُل ِبكُل‬ ‫علَى أَنَّهُ َال يُحْ َم ُل ا ْل ُم ْطلَ ُ‬
‫ق َ‬ ‫ا ْل ُح ْك ِم فِي ا ْل ُم ْطلَق‪ ،‬فَاتَّفَقَ أ َ ْكث َ ُر ا ْلعُلَ َم ِ‬
‫اء َ‬
‫علَى ا ْل َح ْمل(‪ ،)230‬قَا َل الش َّْوكَانِي ‪َ -‬ر ِح َمه َّ‬
‫ّللا‪-‬‬ ‫علَى ِحدَة‪ ،‬إِ َّال إِ َذا قَا َم َد ِليل آ َخ ُر يَ ُد ُّل َ‬
‫ِم ْن ُه َما َ‬
‫س َواء كَانَا ُمثْبَتَي ِْن‬ ‫ف فِي أَنَّهُ َال يُحْ َم ُل أ َ َح ُد ُه َما َ‬
‫علَى ْاْل َخ ِر بِ َوجْ ه ِم ْن ا ْل ُو ُجوه‪َ ،‬‬ ‫‪" :‬فَ َال ِخ َال َ‬
‫س َببُ َها أ َ ْو ْ‬
‫اخت َ َلف‪َ ،‬و َق ْد َحكَى ْ ِ‬
‫اإلجْ َماع َج َماعَة ِم ْن ا ْل ُم َح ِق ِق َ‬
‫ين‬ ‫أ َ ْو َم ْن ِفيين أو ُم ْخت َ ِل َفي ِْن ات َّ َح َد َ‬
‫ورة ِب ِمثَال َو ِ‬
‫احد‪َ ،‬و ُه َو َك َما‬ ‫ص َ‬‫اجب"(‪َ ،)231‬وقَ ْد َمث َّ َل الد ُِّرينِي ِل َه ِذ ِه ال ُّ‬
‫آخ ُر ُه ْم ابْن ا ْل َح ِ‬
‫ِ‬
‫يَ ِلي‪:‬‬

‫(‪ - )226‬النساء‪.91 :‬‬


‫(‪ - )227‬المائدة‪.91 :‬‬
‫(‪ - )228‬الوجيز في أصول الفقه اإلسالمي ل ُم َح َّمد مصطفى الزحيلي‪ ،‬المصدر نفسه‪.45-44 :‬‬
‫(‪ - )229‬المناهج األصولية لفتحي الد َُّرينِي‪ ،‬المصدر نفسه‪.520 :‬‬
‫(‪ - )230‬الوجيز في أصول الفقه اإلسالمي ل ُم َح َّمد مصطفى الزحيلي‪ ،‬المصدر نفسه‪.45 :‬‬
‫(‪ - )231‬إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم األصول لإلمام الشوكاني‪ ،‬دار الطباعة المنيرية ‪-‬بمصر‪.146 ، -‬‬

‫‪- 81 -‬‬
‫سلُوا ُو ُجو َه ُك ْم َوأ َ ْي ِد َي ُك ْم ِإلَى‬
‫ص َال ِة فَا ْغ ِ‬ ‫= قَ ْولهُ ت َ َعالَى‪َ ﴿ :‬يا أ َ ُّي َها الَّذ َ‬
‫ِين آ َمنُوا ِإ َذا قُ ْمت ُ ْم ِإلَى ال َّ‬

‫س ُحوا ِب ُو ُجو ِه ُك ْم َوأ َ ْيدِيكُم‬ ‫ط ِيبًا فَ ْ‬


‫ام َ‬ ‫ق﴾(‪ ،)232‬وقَ ْولهُ ت َ َعا َلى‪﴿ :‬فَلَ ْم ت َ ِجدُوا َما ًء فَت َ َي َّم ُموا َ‬
‫ص ِعيدًا َ‬ ‫ا ْل َم َرا ِف ِ‬

‫س ِل ِبا ْل َم ِ‬
‫اء‪،‬‬ ‫وب ا ْلغ ْ‬ ‫ِم ْنهُ﴾(‪ ،)233‬قَا َل الد َُّري ِني‪" :‬أ َ َّن ا ْل ُح ْك َم ِفي النَّ َّ‬
‫صي ِْن ُم ْخت َ ِلف‪ِْ ،‬لَنَّهُ‪ِ :‬في ْاْل َ َّول‪ُ :‬و ُج ُ‬

‫يه َما ُمت َّ ِحد‪ِْ ،‬لَنَّهُ‪ِ :‬إ َرا َدةُ ا ْل ِقيَ ِام ِإلَى ال َّ‬
‫ص َال ِة َم َع‬ ‫ب فِ ِ‬
‫سبَ ُ‬
‫ب‪َ ،‬وال َّ‬ ‫ص ِعي ِد ال َّ‬
‫طي ِ‬ ‫سحِ ِبال َّ‬ ‫َوفِي الثَّانِي‪ُ :‬و ُج ُ‬
‫وب ا ْل َم ْ‬
‫ارة‪َ ،‬و ْاْل َ ْيدِي فِي ْاْل َ َّو ِل‪ُ :‬مقَيَّدَة ِبا ْل َم َرافِق‪َ ،‬و ْاْل َ ْيدِي فِي الثَّانِي‪ُ :‬م ْطلَقَة‪ ،‬فَ َال يُحْ َم ُل‬ ‫ا ْل َحا َج ِة ِإلَى ال َّ‬
‫ط َه َ‬
‫ارض‪ ،‬فَيُ ْع َم ُل بِكُل ِم ْن ُه َما َك َما َو َرد‪ ،‬د َ‬
‫ُون ت َ ْغيِير‪ ،‬لَ ِك َّن ا ْل َحنَ ِفيَّة‬ ‫علَى ا ْل ُمقَيَّ ِد إِجْ َماعًا‪ِ ،‬لعَد َِم الت َّ َع ُ‬
‫ق َ‬ ‫ا ْل ُم ْطلَ ُ‬
‫َوالشَّافِ ِعيَّة قَ ْد قيدوا ْاْل َ ْيدِي فِي آيَ ِة التَّيَ ُّم ِم بِا ْل َم َرافِق‪ ،‬بِ َد ِلي ِل َو َر َد فِي ال ُّ‬
‫سنَّة‪َ ،‬وا ْل َحنَابِ َلة َوا ْل َما ِل ِكيَّة قيدوا‬
‫سنَّ ِة أ َ ْيضًا"(‪.)234‬‬
‫علَى ا ْل َوجْ ِه الَّذِي ث َ َبتَ ِع ْن َد ُه ْم بِال ُّ‬ ‫ْاْل َ ْيدِي بِالر ْ‬
‫سغَي ِْن َ‬

‫المطلب الثالث‪ :‬الحاالت المختلف فيها في حمل ا ْل ُم ْطلَق‬


‫علَى ا ْل ُمقَيَّد عند اْلصوليين ومنشأ الخالف في ذلك‬
‫َ‬

‫اإل ْط َال ُ‬
‫ق‬ ‫َان ْ ِ‬ ‫علَى ا ْل ُمقَيَّ ِد ِع ْن َد ْاْل ُ ُ‬
‫صو ِليِين ( َوك َ‬ ‫االتُ ا ْل ُم ْختَلَف فِي َها فِي َح ْم ِل ا ْل ُم ْطلَ ِ‬
‫ق َ‬ ‫أوال‪ :‬ا ْل َح َ‬
‫َوالت َّ ْقيِي ُد فِي نَ ْف ِس ا ْل ُح ْكم)‪:‬‬

‫ين‬‫صو ِل ِي َ‬ ‫علَى ا ْل ُمقَيَّد ِع ْن َد ْاْل ُ ُ‬‫ق َ‬‫االت ا ْل ُم ْختَلَف ِفي َها ِفي َح ْم ِل ا ْل ُم ْطلَ ِ‬ ‫∆ َذك ََر الد َُّري ِني أ َ َّن ا ْل َح َ‬
‫ع ا ْل ُح ْك ُم‬
‫ب الَّذِي شُر َ‬ ‫سبَ ُ‬ ‫ف ال َّ‬‫صي ِْن‪َ ،‬ويَ ْخت َ ِل ُ‬‫ي‪" :‬أ َ ْن يَت َّ ِح َد ا ْل ُح ْك ُم فِي النَّ َّ‬ ‫احدَة‪َ ،‬و ِه َ‬ ‫ورة َو ِ‬ ‫ص َ‬ ‫ُ‬
‫ين فِي َه ِذ ِه‬‫صو ِليِ َ‬ ‫ور ْاْل ُ ُ‬
‫علَى ا ْل ُمقَيَّد ِع ْن َد ُج ْم ُه ِ‬ ‫ق َ‬‫ِم ْن أَجْ ِل ِه" ‪ :‬قَا َل الد َُّرينِي‪" :‬يُحْ َم ُل ا ْل ُم ْطلَ ُ‬
‫ورة بِ ِمثَالَيْن‪:‬‬
‫ص َ‬ ‫ورة‪َ ،‬و َال يُحْ َم ُل ِع ْن َد ا ْل َحنَ ِفيَّة"(‪َ ،)235‬وقَ ْد َمث َّ َل الد َُّرينِي ِل َه ِذ ِه ال ُّ‬ ‫ص َ‬ ‫ال ُّ‬

‫طأ ً فَتَحْ ِر ُ‬
‫ير َرقَبَة ُّم ْؤ ِم َنة﴾(‪َ ،)236‬وقَ ْولُهُ ت َ َعالَى‬ ‫= المثال اْلول‪ :‬قَ ْولهُ ت َ َعالَى‪َ ﴿ :‬و َمن قَت َ َل ُم ْؤ ِمنًا َخ َ‬

‫(‪ - )232‬المائدة‪.7 :‬‬


‫(‪ - )233‬المائدة‪.7 :‬‬
‫(‪ - )234‬المناهج األصولية لفتحي الد َُّرينِي‪ ،‬المصدر نفسه‪.521-520 :‬‬
‫(‪ - )235‬نفسه‪.521 :‬‬
‫(‪ - )236‬النساء‪.91 :‬‬

‫‪- 82 -‬‬
‫ُون ِل َما قَالُوا فَتَحْ ِر ُ‬
‫ير َرقَ َبة ِمن قَ ْب ِل‬ ‫سا ِئ ِه ْم ث ُ َّم َيعُود َ‬ ‫ِين َي َّ‬
‫ظ َّه ُر َ‬
‫ون ِمن ِن َ‬ ‫الظ َه ِار(‪َ ﴿ :)237‬والَّذ َ‬ ‫ِفي َكفَّ َ‬
‫ار ِة ِ‬

‫ب‬ ‫وب التَّحْ ِرير‪َ ،‬وال َّ‬


‫س َب ُ‬ ‫سا﴾(‪)238‬؛ قَا َل الد َُّري ِني‪" :‬أ َ َّن ا ْل ُح ْك َم ِفي النَّ َّ‬
‫صي ِْن ُمت َّ ِحد‪َ ،‬و ُه َو ُو ُج ُ‬ ‫أَن َيت َ َما َّ‬

‫ار ِم ْن َّ‬
‫الز ْو َج ِة"(‪.)239‬‬ ‫الظ َه ُ‬ ‫ُم ْخت َ ِلف؛ ِْلَنَّهُ‪ :‬فِي ْاْل َ َّول‪ :‬ا ْلقَتْ ُل ا ْل َخ َ‬
‫طأ‪َ ،‬وفِي الثَّا ِني‪ِ :‬‬

‫وص ْاْليَت َي ِْن‪َ ،‬و ِج َهة نَ َظ ِر الشَّافِ ِعيَّ ِة فِي ُو ُجو ِ‬


‫ب َح ْم ِل‬ ‫ص ِ‬ ‫ور ِة َو ِب ُخ ُ‬ ‫ص َ‬ ‫وص َه ِذ ِه ال ُّ‬
‫ص ِ‬ ‫ث ُ َّم َذك ََر الد َُّرينِي ِب ُخ ُ‬
‫ين بِعَد َِم ا ْل َح ْم ِل‪َ ،‬و َذ ِلكَ َك َما َي ِلي‪:‬‬ ‫علَى ا ْل ُم َقيَّد‪َ ،‬و َك َذ ِلكَ وجْ َهة نَ َ‬
‫ظ ِر ا ْل َحنَ ِفيَّة ا ْلقَائِ ِل َ‬ ‫ا ْل ُم ْطلَ ِ‬
‫ق َ‬

‫ي‪" :‬أَنَّهُ َما دَا َم‬ ‫ورة‪ِ ،‬ه َ‬ ‫ص َ‬ ‫علَى ا ْل ُمقَيَّ ِد فِي َه ِذ ِه ال ُّ‬‫ق َ‬‫ب َح ْم ِل ا ْل ُم ْطلَ ِ‬ ‫وج َهةُ نَ َ‬
‫ظ ِر الشَّافِ ِعيَّ ِة فِي ُو ُجو ِ‬ ‫‪ِ :1‬‬
‫وص ا ْل ُم ْخت َ ِلفَ ِة ِإ ْط َالقًا َوت َ ْق ِييدًا‬‫ص ِ‬ ‫يق بَي َْن النُّ ُ‬ ‫صي ِْن‪ ،‬فَ َذ ِلكَ كَاف فِي ُو ُجو ِ‬
‫ب الت َّ ْوفِ ِ‬ ‫قَ ْد ات َّ َح َد ا ْل ُح ْك ُم فِي النَّ َّ‬
‫سق فِي ْاْلَحْ ك َِام‪َ ،‬و َال َ‬
‫س ِبي َل ِإلَى َذ ِلكَ ِإ َّال‬ ‫د َْفعًا ِللتَّنَافِي؛ ِْل َ َّن ك ََال َم ا ْل ُمش َِرعِ َو ِ‬
‫احد‪َ ،‬و َم ْن ِطقُهُ التَّش ِْري ِع ُّ‬
‫ي ُمت َّ ِ‬
‫بِ َح ْم ِل ا ْل ُم ْط َلق َ‬
‫علَى ا ْل ُمقَيَّد"(‪.)240‬‬

‫ورة‪،‬‬
‫ص َ‬ ‫• مالحظة تخص وجهة نظر الشافعية‪ :‬الشَّافِ ِعيَّ ِة يُحْ َم ُل ِع ْن َد ُه ْم ا ْل ُم ْط َلق َ‬
‫ع َلى ا ْل ُمقَيَّد فِي َه ِذ ِه ال ُّ‬
‫يق اللُّغَة‪َ ،‬و ِم ْن ُه ْم َم ْن َح َم َل‬
‫ط ِر ِ‬ ‫يق ا ْل َح ْمل؛ ِم ْن ُه ْم َم ْن بَنَى ا ْل ُم ْطلَق َ‬
‫علَى ا ْل ُمقَيَّد ِم ْن َ‬ ‫اختَلَفُوا فِي َ‬
‫ط ِر ِ‬ ‫لَ ِك ْن ْ‬
‫علَى ا ْل ُم َقيَّد بِا ْل ِق َياس َو ُه َو قَ ْو ُل ْاْل َ ْكث َ ِر ِم ْن ُه ْم(‪.)241‬‬
‫ا ْل ُم ْطلَق َ‬

‫ي‪" :‬أ َ َّن َح ْم َل‬ ‫ور ِة‪ِ ،‬ه َ‬ ‫ص َ‬ ‫علَى ا ْل ُمقَيَّ ِد فِي َه ِذ ِه ال ُّ‬ ‫ين بِعَد َِم َح ْم ِل ا ْل ُم ْطلَ ِ‬
‫ق َ‬ ‫وج َهةُ نَ َ‬
‫ظ ِر ا ْل َحنَ ِفيَّة ا ْلقَائِ ِل َ‬ ‫‪ِ :2‬‬
‫ض فِي َه ِذ ِه‬ ‫ار َ‬ ‫ض ِة‪َ ،‬و َال ت َ َع ُ‬‫وص ا ْل ُمتَعَ ِار َ‬‫ص ِ‬ ‫ض ْرب ِم ْن التَّأ ْ ِوي ِل ت َ ْوفِيقًا بَي َْن النُّ ُ‬ ‫علَى ا ْل ُمقَيَّد َ‬ ‫ا ْل ُم ْطلَق َ‬
‫ب فِي كُل ِم ْن ُه َما ُه َو ا ْل ِعلَّةُ فِي‬ ‫سبَ ِ‬
‫ف ال َّ‬ ‫اختِ َال ُ‬ ‫ُون ْ‬‫غي ُْر كَافِيَة‪ِ ،‬الحْ تِ َما ِل أ َ ْن يَك َ‬ ‫ور ِة‪َ ،‬و َوحْ َدةُ ا ْلك ََال ِم َ‬‫ص َ‬‫ال ُّ‬
‫ُون ت َ ْغ ِيير‪ِْ ،‬ل َ َّن َال ِعب َْرةَ‬‫ق َوالت َّ ْقيِيد‪ ،‬فَيُ ْع َم ُل بِكُل ِم ْن ا ْل ُم ْط َلق َوا ْل ُمقَيَّد فِي َم ْو ِض ِع ِه‪َ ،‬ك َما َو َر َد د َ‬ ‫اإل ْط َال ِ‬
‫ِْ‬
‫اختِ َالف‬ ‫ض بَ ْينَ ُهما‪َ ،‬و ِْل َ َّن ْ‬ ‫ار َ‬‫علَى ا ْل ُمقَيَّد؛ ِْلَنَّهُ َال تَعَ ُ‬ ‫ق َ‬‫بِاتِ َحا ِد ا ْل ُح ْك ِم َوحْ َدهُ"(‪ ،)242‬فَ َال يُحْ َم ُل ا ْل ُم ْطلَ ُ‬
‫علَى ا ْلقَا ِت ِل ِل َزجْ ِر ِه‪ ،‬فَ َي ِج ُ‬
‫ب‬ ‫ظ َ‬ ‫ارض‪َ ،‬وقَ ْد تَكُونُ ا ْل ِح ْك َمةُ ِفي ا ْلقَتْ ِل ا ْل َخ َ‬
‫ط ِأ الت َّ ْغ ِلي ُ‬ ‫ب َي ْم َن ُع ُو ُجو َد الت َّ َع ُ‬‫س َب ِ‬‫ال َّ‬
‫الز ْو ِج َّي ِة‪َ ،‬و ِخفَّةُ‬
‫علَى َّ‬ ‫ير َوا ْل ِحفَا ُ‬
‫ظ َ‬ ‫س ُ‬‫يف َوالت َّ ْي ِ‬ ‫ير َرقَ َبة ُم ْؤ ِم َنة‪َ ،‬وا ْل ِح ْك َمةُ ِفي ِ‬
‫الظ َه ِار الت َّ ْخ ِف ُ‬ ‫علَ ْي ِه تَحْ ِر ُ‬
‫َ‬

‫(‪ - )237‬عرف الد َُّرينِي الظهار شرعا بقوله‪ :‬هو تشبيه الرجل امرأته بامرأة محرمة عليه على التأبيد‪ ،‬أو بجزء منها‪ ،‬وذلك كقول الزوج لزوجته‪ :‬أنت علي‬
‫كظهر أمي‪ ،‬كتاب المناهج األصولية‪ ،‬المصدر نفسه‪( :‬ينظر اإلحالة) ‪.522 ،‬‬
‫(‪ - )238‬المجادلة‪.3 :‬‬
‫(‪ - )239‬المناهج األصولية لفتحي الد َُّرينِي‪ ،‬المصدر نفسه‪.522 :‬‬
‫(‪ - )240‬نفسه‪.‬‬
‫(‪ - )241‬العُدة في أصول الفقه للقاضي أبي يعلى‪ ،‬تحقيق الدكتور أحمد بن علي سير المباركي‪ ،‬المصدر نفسه‪( :‬نسخة تضم جميع المجلدات)‪.637/2 ،‬‬
‫(‪ - )242‬نفسه‪.‬‬

‫‪- 83 -‬‬
‫ف ا ْلعُقُو َبا ِ‬
‫ت‬ ‫ب َم َع ْ‬
‫اختِ َال ِ‬ ‫ظا ِه ُر أ َ ْن ي ْعتِقَ َرقَبَةً ُم ْطلَقَةً‪َ ،‬و َه َذا يَت َ َنا َ‬
‫س ُ‬ ‫ور َن ِبا ْلقَتْل‪ ،‬فَيَ ْك ِفي ا ْل ُم َ‬
‫س َدتِ ِه ِإ َذا قُ ِ‬
‫َم ْف َ‬
‫ف ا ْل ِجنَايَاتِ‪َ ،‬و ُه َو ا ْل َواقِ ُع فِي الش َّْرعِ َوا ْلقَانُون‪َ ،‬وا ْل ِح ْك َمة َوا ْل َع ْقل(‪.)243‬‬ ‫ِع ْن َد ْ‬
‫اختِ َال ِ‬

‫الَّذِي َر َّج َحهُ الد َُّرينِي‪ :‬حيث قال‪َ " :‬ونَحْ ُن نُ َر ِج ُح َرأْ َ‬
‫ي الشَّافِ ِعيَّة ُهنَا؛ ِْل َ َّن اتِ َحاد ا ْل ُح ْك ِم فِي النَّ َّ‬
‫صي ِْن‬
‫ق َوالت َّ ْقيِيد"(‪ ،)244‬والموجب لذلك‪ :‬اتحاد الحكم‬ ‫اإل ْط َال ِ‬
‫ب الت َّ ْنسِيقَ بَي َْن ا ْل ُح ْك َمي ِْن ا ْل ُمت َّ ِح َدي ِْن فِي ْ ِ‬
‫وج ُ‬
‫يُ ِ‬
‫في النصين‪ ،‬حتى ال يقع التعارض في األحكام إطالقا وتقييدا‪ ،‬فيقدم المقيد؛ ألن فيه إعمال الدليلين‪،‬‬
‫فيحمل المطلق على المقيد في الدليلين السابقين‪ ،‬ويجب عتق رقبة مؤمنة في كفارة القتل الخطأ‬
‫وكفارة الظهار‪ ،‬ألن اتحاد الحكم في النصين يقتضي حمل المطلق على المقيد‪ ،‬حتى يتم االنسجام‬
‫بين النصوص الواردة في شيء واحد‪ ،‬ألن القرآن كله كالكلمة الواحدة في بناء بعضه على بعض‪،‬‬
‫فإذا اشترط اإليمان في كفارة القتل الخطأ‪ ،‬كان ذلك كالنص على اشتراطه في كفارة الظهار‪ ،‬وألن‬
‫األخذ بالقيد في كفارة الظهار يكون مطبقا للدليل في النصين معا‪ ،‬فيجب المصير إليه‪ ،‬وهذا هو قول‬
‫الشافعية والحنابلة وبعض المالكية(‪.)245‬‬

‫ورة "أ َ ْن يَت َّ ِح َد ا ْل ُح ْك ُم‬


‫ص َ‬‫وص َه ِذ ِه ال ُّ‬
‫ص ِ‬‫ضفَتْ و َّج َهت نَ َظ َر ا ْل َما ِل ِكيَّة َوا ْل َحنَابِلَة‪ ،‬بِ ُخ ُ‬‫َوقَ ْد أ َ ْ‬
‫س َبب" ‪،‬وذلك كما يلي‪:‬‬ ‫ف ال َّ‬‫َو َي ْخت َ ِل َ‬

‫ص ع َْن‬ ‫اإلفَا َد ِة َو ِكتَا ِ‬


‫ب ا ْل ُملَ َّخ ِ‬ ‫ب ِْ‬ ‫ب فِي ِكتَا ِ‬ ‫ع ْب ُد ا ْل َو َّها ِ‬ ‫ظ ِر ا ْل َما ِل ِكيَّة‪ :‬فَاَلَّذِي َحكَاهُ ا ْلقَ ِ‬
‫اضي َ‬ ‫وج َهةُ نَ َ‬‫‪ِ :1‬‬
‫يط أَنَّهُ‪َ " :‬ال يُحْ َم ُل‬‫ص َحابِنَا"(‪َ ،)246‬و َو َر َد أ َ ْيضًا فِي ا ْلبَحْ ِر ا ْل ُم ِح ِ‬ ‫ع َد ُم ا ْل َح ْم ِل إِ َّال ا ْلقَ ِلي َل ِم ْن أ َ ْ‬
‫ب‪َ " :‬‬ ‫ا ْل َم ْذ َه ِ‬
‫اس َو َال ِم ْن ِج َه ِة اللَّ ْف ِظ ِع ْن َد أ َ ْكث َ ِر ا ْل َما ِل ِكيَّة"(‪.)247‬‬
‫علَ ْي ِه أَص ًْال َال ِم ْن ِج َه ِة ا ْل ِقيَ ِ‬
‫َ‬

‫يق‬ ‫علَى ا ْل ُمقَيَّ ِد ِم ْن َ‬


‫ط ِر ِ‬ ‫ق َ‬ ‫ور فِي ا ْل َم ْذ َه ِ‬
‫ب أ َ ْن يُ ْبنَى ا ْل ُم ْط َل ُ‬ ‫ش ُه ُ‬ ‫‪َ :2‬و ِج َهةُ نَ َ‬
‫ظ ِر ا ْل َحنَابِ َلة‪" :‬فَا ْل َم ْ‬
‫اللُّ َغة"(‪.)248‬‬

‫(‪ - )243‬الوجيز في أصول الفقه اإلسالمي ل ُم َح َّمد مصطفى الزحيلي‪ ،‬المصدر نفسه‪.46 :‬‬
‫(‪ - )244‬نفسه‪.523 :‬‬
‫(‪ - )245‬الوجيز في أصول الفقه اإلسالمي ل ُم َح َّمد مصطفى الزحيلي‪ ،‬المصدر نفسه‪.46 :‬‬
‫(‪ - )246‬شرح تنقيح الفصول تأليف شهاب الدين القرافي‪ ،‬دار الفكر العربي ‪-‬بيروت‪.210 ، -‬‬
‫(‪ - )247‬البحر المحيط للزركشي‪ ،‬قام بتحريره‪ :‬الدكتور سليمان األشقر‪ ،‬وراجعه‪ :‬الدكتور الستار أبو غدة والدكتور سليمان األشقر‪ ،‬المصدر نفسه‪.623/3 :‬‬
‫(‪ - )248‬العُدة في أصول الفقه للقاضي أبي يعلى‪ ،‬تحقيق الدكتور أحمد بن علي سير المباركي‪ ،‬المصدر نفسه‪( :‬نسخة تضم جميع المجلدات)‪.637/2 ،‬‬

‫‪- 84 -‬‬
‫ستَش ِْهدُوا ش َِهي َدي ِْن ِمن ِر َجا ِل ُك ْم﴾(‪ ،)249‬قَا َل‬
‫= المثال الثاني‪ :‬قَ ْولُهُ ت َ َعالَى ِفي آ َي ِة ا ْل ُمدَا َينَ ِة‪َ ﴿ :‬وا ْ‬

‫ْل ْط َالق‪،‬‬ ‫ع ْدلَيْن‪ِ ،‬ل ْ ِ‬


‫غيْر َ‬‫ع ْدلَي ِْن كَانَا أ َ ْم َ‬
‫ئ أَي شَا ِه َديْن‪َ ،‬‬‫وص َه ِذ ِه ْاْليَ ِة ا ْلك َِري َمة‪" :‬يُجْ ِز ُ‬
‫ص ِ‬‫الد َُّرينِي ِب ُخ ُ‬
‫علَى ُح ْك َميْن‪ :‬أ َ َح ُد ُه َما‬ ‫عدْل ِمن ُك ْم﴾(‪ ،)250‬فَ َي ُد ُّل َ‬ ‫أ َ َّما قَ ْولُهُ ت َ َعالَى فِي ا ْل ُم َرا َج َعة‪َ ﴿ :‬وأَش ِْهدُوا َذ َو ْي َ‬

‫يق‬
‫ط ِر ِ‬ ‫ص ِب َ‬ ‫يه َما ِصفَةُ ا ْلعَدَالَة‪َ ،‬والثَّا ِني‪ :‬يَ ُد ُّل َ‬
‫علَ ْي ِه النَّ ُّ‬ ‫ش َها ِد شَا ِه َدي ِْن تَت َ َوفَّ ُر فِ ِ‬ ‫طوق‪َ ،‬و ُه َو‪ُ :‬و ُج ُ‬
‫وب ِإ ْ‬ ‫ا ْل َم ْن ُ‬
‫ض َبي َْن َه َذا ا ْل ُح ْكم‬ ‫ار ُ‬ ‫غي ِْر ا ْلعَدْل‪ ،‬فَ َوقَ َع التَّعَ ُ‬
‫ش َهادَة َ‬
‫ئ َ‬ ‫وم ا ْل ُم َخالَفَ ِة (أي اْلية اْلولى)‪ ،‬أَنَّهُ َال يُجْ ِز ُ‬ ‫َم ْف ُه ِ‬
‫ب َح ْم ُل ا ْل ُم ْط َلق َ‬
‫ع َلى‬ ‫ارض َو َج َ‬ ‫الثَّانِي ا ْلقَيْد‪َ ،‬وبَي َْن ا ْل ُح ْكم ا ْل ُم ْطلَق فِي ْاْليَة ْاْلُو َلى‪ ،‬فَ َر ْفعًا ِل َه َذا التَّعَ ُ‬
‫ون بِا ْل َم ْف ُهوم ا ْل ُم َخا ِلف‪ ،‬حيث‬
‫ع ْد َليْن‪ ،‬لَ ِك َّن ا ْل َح َن ِفيَّة‪َ :‬ال َيقُولُ َ‬ ‫ا ْل ُمقَيَّد ِع ْن َد الشَّافِ ِعيَّة‪ ،‬و َال يَ ُج ُ‬
‫وز إِ َّال إِ ْ‬
‫ش َها ُد َ‬
‫ع ْدلَيْن‪َ ،‬و ُه َو َ‬
‫سا ِكت‬ ‫احد فَ َق ْط‪ُ ،‬ه َو ُو ُج ُ‬
‫وب إِ ْ‬
‫ش َهاد شَا ِه َدي ِْن َ‬ ‫قَالُوا‪َ :‬ال يُ ْ‬
‫ستَفَا ُد ِم ْن آيَة ا ْل ُمدَايَنَ ِة إِ َّال ُح ْكم َو ِ‬
‫ص ِلي‬ ‫علَى ا ْلعَد َِم ْاْل َ ْ‬ ‫اإلثْبَات‪ ،‬بَ ْل ُه َو بَاق َ‬ ‫ض ِلغَي ِْر ا ْلعدُول‪َ ،‬ال ِبالنَّ ْفي ِ َو َال ِب ْ ِ‬ ‫غي ِْر ا ْلعدُول‪ ،‬فَلَ ْم يَتَعَ َّر ْ‬ ‫ع َْن َ‬
‫ض َبي َْن َه َذا‬ ‫ار ِ‬ ‫ع ْق ِلي َال ش َْر ِعي‪ ،‬فَ َال َم َجا َل ِل ْلقَ ْو ِل ِبالت َّ َع ُ‬ ‫ص ِليَّةُ ُح ْكم َ‬ ‫أ َ ْو ا ْل َب َرا َء ِة ْاْل َ ْ‬
‫ص ِليَّة؛ َوا ْل َب َرا َءةُ ْاْل َ ْ‬
‫ع ْنهُ لَي َ‬
‫ْس ُح ْك ًما‬ ‫ق فِي ْاْل َي ِة ْاْلُولَى؛ ِْل َ َّن ا ْل َم ْ‬
‫سكُوتَ َ‬ ‫ص ا ْل ُم ْطلَ ِ‬
‫ع ْنهُ‪َ ،‬و َبي َْن النَّ ِ‬
‫ت َ‬ ‫ا ْل َم ْ‬
‫سكُو ِ‬
‫ش َْر ِعيًّا"(‪.)251‬‬

‫ورة "أ َ ْن يَت َّ ِحد ا ْل ُح ْك ُم فِي النَّ َّ‬


‫صي ِْن‪،‬‬ ‫ص َ‬‫ين فِي َه ِذ ِه ال ُّ‬ ‫صو ِليِ َ‬ ‫ثانيا‪َ :‬م ْنشَأ ا ْل ِخ َالف بَي َْن ْاْل ُ ُ‬
‫ع ا ْل ُح ْك ُم ِم ْن أَجْ ِل ِه" ‪:‬‬
‫ب الَّذِي ش ُِر َ‬
‫س َب ُ‬
‫ف ال َّ‬ ‫َو َي ْخت َ ِل ُ‬

‫اجع‬
‫ورة‪َ ،‬ر ِ‬
‫ص َ‬‫ين فِي َه ِذ ِه ال ُّ‬
‫صو ِل ِي َ‬ ‫علَى أ َ َحد‪ ،‬أ َ َّن َم ْنشَأ َ ا ْل َ‬
‫خالف َو ِاال ْختِ َالف بَي َْن ْاْل ُ ُ‬ ‫َال يَ ْخفَى َ‬
‫ستِثْ َم ِار‬
‫علَى قَ َوا ِع ِد ِاال ْ‬ ‫علَى فُ ُهوم‪َ ،‬وبِنَا ًء َ‬ ‫صول‪َ ،‬و ِبنَاء َ‬ ‫علَى أ ُ ُ‬ ‫إِلَى ك َْونِ ِه ْم ْ‬
‫اختَلَفُوا ِبنَا ًء َ‬
‫اط َوأ َ ْخ ِذ ا ْْلَحْ ك َِام‬
‫ستِ ْنبَ ِ‬ ‫حجيَّةُ َم ْف ُه ِ‬
‫وم ا ْل ُم َخالَفَة" ؛ َه ْل ُه َو َ‬
‫صا ِلح ِل ِال ْ‬ ‫ستِ ْنبَاط‪ِ ،‬م ْن َذ ِلكَ ‪ِ " :‬‬ ‫َو ِاال ْ‬
‫ش ِأ َه َذا ا ْل ِخ َالف َ‬
‫علَى ِق ْ‬
‫س َمي ِْن‪:‬‬ ‫ان َم ْن َ‬ ‫س َط ِت ِه أ َ ْم َال؟ ‪ِ ،‬ل َذ ِلكَ ِ‬
‫شرعت ِفي َب َي ِ‬ ‫الش َّْر ِعيَّ ِة ِب َوا ِ‬

‫ورة‪:‬‬
‫ص َ‬‫ين فِي َه ِذ ِه ال ُّ‬ ‫اال بَي َْن ْاْل ُ ُ‬
‫صو ِليِ َ‬ ‫شأ ُ ا ْل ِخ َال ِ‬
‫ف اجْ َم ً‬ ‫‪ °‬القسم اْلول‪َ :‬م ْن َ‬

‫(‪ - )249‬البقرة‪.281 :‬‬


‫(‪ - )250‬الطالق‪.2 :‬‬
‫(‪ - )251‬المناهج األصولية لفتحي الد َُّرينِي‪ ،‬المصدر نفسه‪.524 :‬‬

‫‪- 85 -‬‬
‫ض عن‬ ‫ار ُ‬‫ضا ِال ِت َحا ِد ْال ُح ْك ِم فِي ِه َما‪َ ،‬يقُو ُل‪ :‬يُ ْدفَ ُع َه َذا الت َّ َع ُ‬‫ار ً‬‫طلَق َو ْال ُمقَيَّد تَ َع ُ‬‫‪ :1‬فَ َم ْن َي َرى أ َ َّن َبيْنَ ْال ُم ْ‬
‫ض ْال َما ِل ِكيَّة‪َ ،‬حي ُ‬
‫ْث‬ ‫شا ِف ِعيَّةُ َو ْال َحنَا ِبلَةُ َو َب ْع ُ‬ ‫ع َلى ْال ُمقَيَّد‪َ ،‬و َه َذا ُه َو َما ذه َ‬
‫َب ِإلَ ْي ِه ال َّ‬ ‫طلَق َ‬ ‫ق َح ْم ِل ْال ُم ْ‬
‫ط ِري ِ‬‫َ‬
‫علَى ْال ُمقَيَّ ِد ِفي ِه َما(‪.)252‬‬ ‫ض َب ْي َن ُه َما‪َ ،‬في ُْح َم ُل ْال ُم ْ‬
‫طلَ ُق َ‬ ‫َي َر ْونَ أ َ َّن ِات َحا َد ْال ُح ْك ِم َي ُك ُ‬
‫ون َكا ِفيًا ِل ُو ُجو ِد الت َّ َع ُ‬
‫ار ِ‬

‫علَى ْال ُمقَيَّ ِد ُهنَا؛‬


‫ق َ‬ ‫ب ِفي ِه َما َيقُو ُل‪ِ :‬ب َم ْنع َح ْم ِل ْال ُم ْ‬
‫طلَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫س َب ِ‬ ‫ضا‪ِ ،‬ال ْخ ِت َال ِ‬
‫ف ال َّ‬ ‫‪َ :2‬و َم ْن َال َي َرى أ َ َّن َب ْينَ ُه َما ت َ َع ُ‬
‫ار ً‬
‫ب َال‬ ‫سبَ ِ‬
‫ف ال َّ‬ ‫اختِ َال ِ‬ ‫ق َو ْال ُم َقيَّد‪َ ،‬و َم َع ْ‬ ‫علَى ْال ُمقَيَّد ُو ُجود التَّنَافِي َبيْنَ ْال ُم ْ‬
‫طلَ ِ‬ ‫طلَق َ‬ ‫ِأل َ َّن ِم ْن ش َْر ِط َح ْم ِل ْال ُم ْ‬
‫علَى إِ ْ‬
‫ط َالقِ ِه‪،‬‬ ‫طلَ ُق يُ ْع َم ُل َ‬ ‫ضع الَّذِي َو َر َد فِي ِه‪ ،‬فَ ْال ُم ْ‬ ‫ْ‬ ‫طلَ ِ ْ‬ ‫يَتَ َحقَّ ُق التَّنَافِي َفيُ ْع َم ُل ِب ُكل ِم ْن ْال ُم ْ‬
‫ق َوال ُم َقيَّ ِد فِي ال َم ْو ِ ِ‬
‫ق أ َ ْو ْال ُمقَيَّد‪َ ،‬و َه َذا‬ ‫َارجِ اللَّ ْف ِظ ْال ُم ْ‬
‫ط َل ِ‬ ‫ع ْن َذ ِل َك ِم ْن خ ِ‬‫ف َ‬ ‫ار ُ‬ ‫َو ْال ُمقَيَّ ُد يُع َم ُل ِب ِه َم َع َق ْيدِه‪َ ،‬حتَّى َيرد ال َّد ِلي ُل ال َّ‬
‫ص ِ‬
‫َب ْال َحنَ ِفيَّة(‪.)253‬‬ ‫ُه َو َم ْذه ُ‬

‫سأ َ َلة يُ ْلت َ َفتُ ِإلَى أ ُ ُمور‪:‬‬ ‫ف فِي أ َ ْ‬


‫ص ِل َه ِذ ِه ا ْل َم ْ‬ ‫شي‪َ :‬وا ْعلَ ْم أَ َّن ا ْل ِخ َال َ‬ ‫َوقَا َل َّ‬
‫الز ْر َك ِ‬

‫‪ :1‬أن المطلق هل هو ظاهر في االستغراق أو نص فيه؟ فإن قلنا‪ :‬ظاهر‪ ،‬جاز حمل المطلق على‬
‫المقيد بالقياس‪ ،‬وإن قلنا‪ :‬نص‪ ،‬فال يسوغ‪.‬‬

‫‪ :2‬أن الزيادة على النص نسخ عند الحنفية‪ ،‬وتخصيص عند الشافعية‪ ،‬والنسخ ال يجوز بالقياس‪،‬‬
‫ويجوز التخصيص به‪.‬‬

‫‪ :3‬القول بمفهوم المخالفة‪ ،‬فعند الشافعية يعتبر حجة وصالح لالستنباط‪ ،‬فلذا حملناه عليه (أي حمل‬
‫المطلق على المقيد)‪ ،‬وأبو حنيفة يدعي أنه ليس بحجة(‪.)254‬‬

‫ورة‪ِ ،‬م ْن ِخ َال ِل َما َذك ََرهُ‬


‫ص َ‬‫صةً بَي َْن الشَّافِ ِعيَّة َوا ْل َحنَ ِفيَّة فِي َه ِذ ِه ال ُّ‬
‫شأ ُ ا ْل ِخ َالف َخا َّ‬
‫‪ °‬القسم الثاني‪َ :‬م ْن َ‬
‫الد َُّرينِي‪:‬‬

‫(‪ - )252‬بتصرف عن الدكتور حمد بن حمدي الصاعدي‪ ،‬بحث‪ :‬المطلق والمقيد وآثارهما في اختالف الفقهاء‪ ،‬ط‪1428( :2‬هـ)‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪،‬‬
‫‪.248‬‬
‫(‪ - )253‬نفسه‪:‬‬
‫(‪ - )254‬البحر المحيط للزركشي‪ ،‬قام بتحريره‪ :‬الدكتور سليمان األشقر‪ ،‬وراجعه‪ :‬الدكتور الستار أبو غدة والدكتور سليمان األشقر‪ ،‬المصدر نفسه‪.424/3 :‬‬

‫‪- 86 -‬‬
‫ف بَي َْن الشَّافِ ِعيَّ ِة َوا ْل َح َن ِفيَّة‪ ،‬يَ ْر ِج ُع فِي َواقِ ِع ْاْل َ ْم ِر ِإلَى ِاال ْختِ َال ِ‬
‫ف فِي َم ْف ُه ِ‬
‫وم‬ ‫َذك ََر الد َُّر ْينِي أ َ َّن أ َ ْ‬
‫ص َل ا ْل ِخ َال ِ‬
‫ين الدري ِني‬‫وص(‪ ،)256‬فَبَ َ‬ ‫ص ِ‬ ‫ستِثْ َم ِار النُّ ُ‬
‫ت ْاْلَحْ ك َِام َوا ْ‬ ‫ق ِإثْبَا ِ‬ ‫ط ُر ِ‬ ‫ط ِريق ِم ْن ُ‬ ‫ا ْل ُم َخالَ َفة(‪ِ ،)255‬با ْعتِبَ ِار ِه َ‬
‫سيَّتَيْن‪:‬‬
‫سا ِ‬ ‫شأ َ َه َذا ا ْل ِخ َالف بَي َْن ا ْل َم ْذ َهبَي ِْن فِي نُ ْق َ‬
‫طتَي ِْن أ َ َ‬ ‫َم ْن َ‬

‫وص ا ْل ِكتَا ِ‬
‫ب‬ ‫ص ِ‬ ‫ير نُ ُ‬ ‫وم ا ْل ُم َخالَفَة َم ْن َه ًجا ِلت َ ْف ِ‬
‫س ِ‬ ‫• اْلولى‪ :‬قَا َل الد َُّرينِي‪" :‬أ َ َّن ا ْل َحنَ ِفيَّة َال َي ْعتَد َ‬
‫ُون بِ َم ْف ُه ِ‬
‫ق الَّذِي َو َر َد فِي ِه ا ْلقَ ْي ُد ِإ َّال‬ ‫طو ُ‬‫علَى َه َذا‪ ،‬فَا ْلقَ ْي ُد فِي اجْ تِ َها ِد ِه ْم‪َ ،‬ال َم ْف ُهو َم لَهُ‪ ،‬فَ َال يَ ُد ُّل ا ْل َم ْن ُ‬
‫سنَّة‪َ ،‬و َ‬
‫َوال ُّ‬
‫علَى ُح ْكم آ َخ َر ُم َخا ِلف ِل ْأل َ َّول ِع ْن َد ا ْنتِفَ ِ‬
‫اء‬ ‫ع َل ْي ِه‪َ ،‬و َال يَ ُد ُّل َ‬
‫وص َ‬ ‫ص ُ‬ ‫علَى ُح ْكم َواحد‪ُ ،‬ه َو‪ :‬ا ْل ُح ْك ُم ا ْل َم ْن ُ‬ ‫َ‬
‫ارض‪ ،‬فَ َال‬ ‫ارض بَ ْينَهُ َوبَي َْن ا ْل ُم ْطلَق‪َ ،‬وإِ َذا ا ْنتَفَى الت َّ َع ُ‬ ‫علَى َه َذا‪ ،‬فَ َال َيكُو ُن ث َ َّمةَ ت َ َناف أ َ ْو ت َ َع ُ‬
‫ا ْلقَيْد‪َ ،‬و َ‬
‫ب ِإ ْذ ْن ِل َح ْم ِل ا ْل ُم ْط َلق َ‬
‫علَى ا ْل ُمقَيَّد"(‪.)257‬‬ ‫وج َ‬
‫ُم ِ‬

‫• الثانية‪ :‬قَا َل الد َُّري ِني‪" :‬أ َ َّن الشَّا ِف ِعيَّة ( َو َم ْن ت َ ِب َع ُه ْم) ‪ ،‬قَ ْد ا ْعت َ َب ُروا َم ْف ُهو َم ا ْل ُم َخالَفَة ُح َّجة‪ِْ ،‬ل َ َّن َم ْف ُهو َم‬
‫ضى ا ْل َم ْن ِطق التَّش ِْري ِعي(‪،)258‬‬ ‫ع َلى أَنَّهُ ُم ْقت َ َ‬‫ض ًال َ‬ ‫ا ْل ُم َخالَفَة أَصْل لُ َغ ِوي تَثْبُتُ ِب ِه ا ْل َم َعانِي َو ْاْلَحْ كَام‪َ ،‬ف ْ‬
‫يضه‪ ،‬فَيَكُو ُن َه َذا‬ ‫اء ا ْل َقيْد‪َ ،‬وثُبُو ِ‬
‫ت َن ِق ِ‬ ‫علَى َه َذا فَالشَّافِ ِعيَّة ا ْل َق ْي ُد ِع ْن َد ُه ْم يَ ُد ُّل َ‬
‫علَى نَ ْفي ِ ا ْل ُح ْك ِم ِع ْن َد ا ْنتِفَ ِ‬ ‫َو َ‬
‫ق َو ُمعَ ِارضًا َله؛‬ ‫ص ا ْل ُم ْط َل ِ‬‫وق فِي النَّ ِ‬ ‫ط ِ‬ ‫وم ا ْل ُم َخالَ َف ِة ُمنَافِيًا ِل ُح ْك ِم ا ْل َم ْن ُ‬
‫يق َم ْف ُه ِ‬ ‫ستَفَا ُد ع َْن َ‬
‫ط ِر ِ‬ ‫ا ْل ُح ْك ُم ا ْل ُم ْ‬
‫علَى ا ْل ُمقَيَّد َر ْفعًا ِل َه َذا‬ ‫ب َح ْم ُل ا ْل ُم ْط َلق َ‬ ‫يق ا ْل َم ْف ُهوم‪ ،‬فَ َو َج َ‬ ‫ط ِر ِ‬ ‫ستَفَاد ع َْن َ‬ ‫ِْلَنَّهُ ُح ْكم ش َْر ِعي ُم ْ‬
‫التَّعَ ُ‬
‫ارض"(‪.)259‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬خالصة أحوال حمل ا ْل ُم ْطلَق َ‬


‫علَى ا ْل ُمقَيَّد‬
‫عند اْلصوليين‬

‫علَى‬
‫ق َ‬ ‫ص َح ْمل ا ْل ُم ْطلَ ِ‬ ‫ع ْنهُ َوالت َّ ْف ِصي ُل ِفيه‪ِ ،‬في َما َي ُخ ُّ‬ ‫ِيث َ‬‫َب ْع َد ك ُِل َما تَقَدَّم ا ْل َحد ُ‬
‫صو ِل ِي َ‬
‫ين‬ ‫ين ِم ْن ِخ َال ِل َما َذك ََرهُ الد َُّرينِي‪َ ،‬يتَ َب َّي ُن لَنَا أَ َّن ْاْل ُ ُ‬‫صو ِل ِي َ‬‫ا ْل ُمقَيَّد ِع ْن َد ْاْل ُ ُ‬
‫اإل ْط َال ُ‬
‫ق َوالت َّ ْق ِيي ُد فِي نَ ْف ِس‬ ‫َان ْ ِ‬
‫ث َح َاالت ( َوك َ‬ ‫ف َم َذا ِهبِ ِه ْم‪ ،‬قَ ْد اتَّفَقُوا َ‬
‫علَى ثَ َال ِ‬ ‫بِ ُم ْختَ ِل ِ‬

‫(‪ - )255‬مفهوم المخالفة‪ ،‬هو‪ :‬داللة اللفظ على ثبوت نقيض حكم المنطوق لغير المنطوق‪.‬‬
‫(‪ - )256‬المناهج األصولية لفتحي الد َُّرينِي‪ ،‬المصدر نفسه‪.305 :‬‬
‫(‪ - )257‬نفسه‪.524-523 :‬‬
‫(‪ - )258‬نفسه‪.336 :‬‬
‫(‪ - )259‬نفسه‪.524 :‬‬

‫‪- 87 -‬‬
‫ع َلى‬
‫ق َ‬ ‫ص ْين" يُحْ َم ُل ا ْل ُم ْط َل ُ‬‫ب فِي النَّ َّ‬ ‫ا ْل ُح ْك ِم)؛ ْاْل َ ْولَى‪ِ :‬ع ْن َد "اتِ َحا ِد ا ْل ُح ْك ِم َوال َّ‬
‫سبَ ِ‬
‫ص ْين"‬ ‫ف ا ْل ُح ْك ِم فِي النَّ َّ‬ ‫ب َو ْ‬
‫اخ ِت َال ِ‬ ‫سبَ ِ‬
‫ف ال َّ‬ ‫ا ْل ُمقَيَّد‪ ،‬الثَّانِيَة َوالثَّا ِلثَة‪ِ :‬ع ْن َد " ْ‬
‫اختِ َال ِ‬
‫صو ِل ِي َ‬
‫ين‬ ‫ص ْين" اتَّفَقُوا ْاْل ُ ُ‬ ‫ف ا ْل ُح ْك ِم ِفي النَّ َّ‬‫اخ ِت َال ِ‬‫ب َو ْ‬ ‫س َب ِ‬‫َو َك َذ ِل َك ِع ْن َد " ِات َحا ِد ال َّ‬
‫ف َم َذا ِه ِب ِه ْم أَنَّهُ َال يُحْ َم ُل ا ْل ُم ْطلَق َ‬
‫علَى ا ْل ُمقَيَّد َها ُه َنا‪ ،‬لَ ِك َّن الَّذِي َج َرى فِي ِه‬ ‫ِب ُم ْختَ ِل ِ‬
‫ص ْين َو ْ‬
‫اختِ َال ِ‬
‫ف‬ ‫ي‪ِ :‬ع ْن َد "اتِ َحا ِد ا ْل ُح ْك ِم ِفي النَّ َّ‬ ‫ا ْل ِخ َال ُ‬
‫ف بَ ْينَ ُه ْم‪َ ،‬حا َلة َو ِ‬
‫احدَة‪َ ،‬و ِه َ‬
‫ض‬‫ب الشَّا ِف ِعيَّةُ َوا ْل َحنَا ِبلَةُ َو َب ْع ُ‬
‫ث َذ َه َ‬ ‫س َبب الذي شرع الحكم من أجله" ‪َ ،‬ح ْي ُ‬ ‫ال َّ‬
‫ص ْي ِن‬‫ات َحا ِد ا ْل ُح ْك ِم فِي النَّ َّ‬ ‫ع ْبد ا ْل َو َّهاب‪ِ ،‬إلَى ِاال ْكتِفَ ِ‬
‫اء ِب ِ‬ ‫اضي َ‬ ‫ا ْل َما ِل ِكيَّ ِة َك َما َحكَى ا ْلقَ ِ‬
‫ص َّو ُر‬ ‫ض يُتَ َ‬
‫ار َ‬‫يه َما؛ ِْل َ َّن التَّعَ ُ‬
‫علَى ا ْل ُمقَيَّد فِ ِ‬ ‫فَقَ ْط‪ِ ،‬ليَك َ‬
‫ُون َذ ِل َك ُم ِ‬
‫وجبًا ِل َح ْم ِل ا ْل ُم ْطلَق َ‬
‫ورة‪،‬‬
‫ص َ‬‫ِع ْن َد اتِ َحا ِد ا ْل ُح ْكم‪ ،‬أَ َّما ا ْل َحنَ ِفيَّة َو َم ْن تَ ِب َع ُه ْم فَلَ ْم يَقُولُوا ِبا ْل َح ْم ِل فِي َه ِذ ِه ال ُّ‬
‫اإل ْط َال ُ‬
‫ق‬ ‫َان ْ ِ‬
‫ضوع ُمتَّ ِحد َوك َ‬ ‫ب" َوكَانَا فِي َم ْو ُ‬ ‫سبَ ِ‬ ‫ان فِي "ا ْل ُح ْك ِم َوال َّ‬
‫ص ِ‬ ‫إِ َّال إِ َذا ات َّ َح َد النَّ َّ‬
‫ب"‬‫س َب ِ‬‫ف أَ ْي ِم ْن "ا ْل ُح ْك ِم َوال َّ‬ ‫ب‪َ ،‬و ِإ َّال فَ َال‪ِْ ،‬ل َ َّن ْ‬
‫اخ ِت َال َ‬ ‫س َب ِ‬‫َوالت َّ ْق ِيي ُد ِفي ا ْل ُح ْك ِم َال ِفي ال َّ‬
‫ق َوالت َّ ْق ِييد‪ ،‬فَيَ ِج ُ‬
‫ب ا ْلعَ َم ُل ِبكُل ِم ْن ا ْل ُم ْطلَق َوا ْل ُمقَيَّد‬ ‫ْل ْط َال ِ‬ ‫قَ ْد يَك ُ‬
‫ُون ُه َو ا ْل ُم ْقتَ ِضي ِل ْ ِ‬
‫ف ْاْلَصْل؛ فَا ْل ُم ْط َل ُ‬
‫ق‬ ‫فِي َم ْو ِض ِع ِه َك َما َو َرد‪َ ،‬و ِْل َ َّن ا ْل َح ْم َل تَأ ْ ِويل َوتَ ْغيِير َو ُه َو ِخ َال ُ‬
‫علَى َم ْعنَا ُه قَ ْطعًا‪َ ،‬و ُه َو ُح َّجة ِفي نَ ْف ِ‬
‫س ِه‪َ ،‬و َبين‬ ‫َوا ْل ُمقَيَّ ُد كُل ِم ْن ُه َما َل ْفظ َخاص َي ُد ُّل َ‬
‫ُون ِإ ْذن ِمن‬ ‫وز تَ ْغ ِي ُ‬
‫ير ُه د َ‬ ‫علَى َحا ِل ِه َك َما َو َردَ‪َ ،‬و َال يَ ُج ُ‬ ‫فِي َذاتِ ِه‪ ،‬فَ َي ِج ُ‬
‫ب ا ْل َع َم ُل ِب ِه َ‬
‫ق عَن‬‫سابِ ِ‬‫ث ال َّ‬ ‫سي َطة تُلَ ِخ ُ‬
‫ص ُك َّل ا ْل َحدِي ِ‬ ‫س َمت خطا َطة بَ ِ‬ ‫ا ْل ُمش ِْرع(‪َ ،)260‬وقَ ْد َر َ‬
‫ين ِم ْن ِخ َال ِل َما َذكَره الد َُّرينِي ِفي‬ ‫علَى ا ْل ُمقَيَّد ِع ْن َد ْاْل ُ ُ‬
‫صو ِل ِي َ‬ ‫ق َ‬ ‫أَحْ َوا ِل َح ْم ِل ا ْل ُم ْطلَ ِ‬
‫صو ِليَّةُ" ‪َ ،‬و ِه َ‬
‫ي كَالتَّا ِلي‪:‬‬ ‫ِكتَا ِب ِه "ا ْل َمنَا ِه ُج ْاْل ُ ُ‬

‫(‪ - )260‬المناهج األصولية لفتحي الد َُّرينِي‪ ،‬المصدر نفسه‪.525 :‬‬

‫‪- 88 -‬‬
‫مطلق‪:‬‬
‫س ِه ُمج َّردًا ع ْن‬ ‫ظ الدَّال على ف ْرد شا ِئع ِفي ِج ْن ِ‬ ‫هُو اللَّ ْف ُ‬
‫شيُو ِع ِه‬‫ا ْلقُيُو ِد اللَّ ْف ِظيَّ ِة الَّتِي تُقلّ ُل ِم ْن ُ‬

‫‪ -1‬عند اتحاد الحكم والسبب في‬


‫النصين‪ :‬يقيد‪ /‬ويحمل عليه‪.‬‬
‫‪ -‬باتفاق األصوليين ‪-‬‬
‫مقيد‪:‬‬
‫‪ -2‬عند اختالف الحكم واختالف‬
‫السبب في النصين‪ :‬ال يقيد‪ /‬وال‬ ‫هُو اللَّ ْف ُ‬
‫ظ الدَّال‬
‫يحمل عليه‪.‬‬
‫على شائِع فِي‬ ‫اللفظ‬
‫‪ -‬باتفاق األصوليين ‪-‬‬
‫س ِه ُم ْقت ِرن بِقيْد‬
‫ِج ْن ِ‬
‫‪ -3‬عند اختالف الحكم واتحاد‬ ‫ل ْف ِظي زائِد ُم ْ‬
‫ست ِق ّل‬
‫السبب في النصين‪ :‬ال يقيد‪ /‬وال‬
‫يحمل عليه‪.‬‬ ‫ع ْن م ْعنا ُه‪ ،‬يُق ّل ُل‬
‫‪ -‬باتفاق األصوليين ‪-‬‬ ‫شيُوعهُ‬ ‫ُ‬
‫‪ -4‬عند اتحاد الحكم واختالف‬
‫السبب في النصين‪ :‬يقيد‪ ،‬ال يقيد‪/‬‬
‫يحمل عليه‪ ،‬ال يحمل عليه‪.‬‬
‫• يحمل المطلق على المقيد في هذه الصورة‪:‬‬
‫أ‪ :‬عند أكثر الشافعية عن طريق القياس وبعضهم عن‬
‫طريق اللغة‪.‬‬
‫ب‪ :‬وعند الحنابلة وهو المشهور في المذهب‪.‬‬
‫ت‪ :‬وعند بعض المالكية‪ ،‬كما حكى القاضي عبد‬
‫الوهاب‪.‬‬
‫• ال يحمل المطلق على المقيد في هذه الصورة‪:‬‬
‫أ‪ :‬عند الحنفية‪.‬‬
‫ب‪ :‬وعند أكثر المالكية‪ ،‬كما حكى القاضي عبد الوهاب‪.‬‬
‫المطلب الخامس‪ :‬هل جميع حاالت حمل ا ْل ُم ْطلَق َ‬
‫علَى ا ْل ُمقَيَّد عند‬
‫اْلصوليين تعتبر بيانا؟ ولو اختلف تاريخ ورودهما؟‬

‫سخِ َوا ْلبَيَان‬ ‫ف أ َ َّو ًال ِع ْن َد ا ْلفَ ْرق بَي َْن النَّ ْ‬
‫شكَال ا ْل َم ْط ُروح‪َ ،‬البُ َّد أ َ ْن أَقِ َ‬
‫علَى َه َذا ِاال ْ‬ ‫قَ ْب َل ِاال َجابَة َ‬
‫ّللا‪" : -‬أ َ َّن ا ْلبَيَ َ‬
‫ان‬ ‫ْث َذك ََر ‪َ -‬ر ِح َمهُ َّ‬ ‫ق َوا ْل ُمقَيَّ ِد ِع ْن َد الدُّرينِي‪َ ،‬حي ُ‬ ‫سأَلَ ِة ا ْل ُم ْطلَ ِ‬ ‫فِي َما يَتَعَلَّ ُ‬
‫ق بِ َم ْ‬
‫ْث أ َ َّن ا ْل َب َيان‬
‫ضا َها‪َ ،‬حي ُ‬ ‫ْس ِفي ِه ِإ ْلغَاء ِ ِإل َرا َد ِة ا ْل ُمش َِرعِ ْاْلَولَى َب ْع َد ا ْ‬
‫س ِت ْق َر ِار َها‪َ ،‬وا ْل َع َم ِل ِب ُم ْقت َ َ‬ ‫لَي َ‬
‫ق‬‫ار أ َ َّن ِإ َرا َدةَ ا ْل ُمش َِرعِ فِي ا ْل ُمبَين لَ ْم تَتَغَيَّ ْر َم ْنذ بَد ِْء التَّش ِْريع؛ ِْلَنَّ َها ُمت َّ ِحدَة فِي ا ْل ُم ْطلَ ِ‬ ‫ِإ ْظ َه ُ‬
‫س ُخ‪ُ ،‬ه َو‪ :‬إِ ْن َها ُء أ َ ْمر ا ْلعَ َم ِل ِبا ْل ُح ْك ِم ْاْل َ َّو ِل َو ِإثْبَاتُ ا ْلعَ َم ِل‬ ‫َوا ْل ُمقَيَّ ِد ِم ْن أ َ َّو ِل ْاْل َ ْم ِر‪ ،‬أ َ َّما النَّ ْ‬
‫بِا ْل ُح ْك ِم الثَّانِي ا ْل ُمتَأ َ ِخر"(‪.)261‬‬

‫علَى َرأْ َييْن‪:‬‬ ‫ون ْ‬


‫اختَلَفُوا َ‬ ‫شكَال‪َ ،‬ذك ََر الدُّرينِي أ َ َّن ْاْل ُ ُ‬
‫صو ِليُّ َ‬ ‫وص َه َذا ْ ِ‬
‫اإل ْ‬ ‫ص ِ‬‫‪ِ °‬ب ُخ ُ‬

‫• الرأي اْلول‪ :‬الشافعية ومن تبعهم‪:‬‬

‫س َواء أَكَانَا ُم ْقت َ ِرنَي ِْن‬


‫سخ‪َ ،‬‬ ‫قَا َل الد َُّرينِي‪" :‬أ َ َّن َح ْمل ا ْل ُم ْطلَق َ‬
‫علَى ا ْل ُمقَيَّد فِي اجْ تِ َها ِد ِه ْم ُم َج َّر ُد بَيَان َال َن ْ‬
‫ع أ َ َرا َد‬‫ض َبيَان أ َ َّن الش َِّار َ‬
‫سابِقًا َو ْاْل َخ ُر َال ِحقًا‪ ،‬أ َ ْو ا ْلعَ ْكس‪ ،‬فَا ْل َح ْم ُل َمحْ ُ‬‫َان أ َ َح ُد ُه َما َ‬
‫الز َم ِن‪ ،‬أ َ ْم ك َ‬
‫فِي َّ‬
‫وص َها‬
‫ص ِ‬‫ق َبي َْن نُ ُ‬ ‫س َقة‪ ،‬يُنَ ِ‬
‫س ُ‬ ‫ِبا ْل ُم ْط َلق ا ْل ُمقَيَّد‪َ ،‬و ُح َّجت ُ ُه ْم ِفي َذ ِلكَ ‪ :‬أ َ َّن التَّش ِْريع وحْ دَة ُمتَك ِ‬
‫َاملَة ُمتَنَا ِ‬
‫ُور ِه َما أ َ ْو ُو ُرو ِد ِه َما"(‪،)262‬‬
‫صد ِ‬ ‫علَى أَي ِ َحال ك َ‬
‫َان ت َ ِاري ُخ ُ‬ ‫احد َ‬ ‫ا ْل ُم ْطلَقَة َوا ْل ُمقَيَّدَة َم ْن ِطق تَش ِْري ِعي َو ِ‬
‫ْث قَا َل ا ْب ُن ا ْل ُمبرد‪َ " :‬و ْاْل َ ْ‬
‫ش َه ُر ِع ْن َد ا ْلعُلَ َماء‬ ‫ين‪َ ،‬حي ُ‬ ‫ور ْاْل ُ ُ‬
‫صو ِل ِي َ‬ ‫الرأْي ِ ُه َو َرأْ ُ‬
‫ي ُج ْم ُه ِ‬ ‫َو َما َو َر َد فِي َهذا َّ‬
‫اجب‪" :‬يَكُونُ ا ْل ُم َقيَّ ُد َبيَانًا ِل ْل ُم ْط َلق َال نَ ْ‬
‫س ًخا‬ ‫أ َ َّن ا ْل ُمقَيَّد بَيَان ِل ْل ُم ْطلَق َال نَ ْ‬
‫سخ لَهُ"(‪َ ،)263‬وقَا َل ابْن ا ْل َح ِ‬
‫س َواء تَقَ َّد َم ا ْل ُم ْط َلق أَ ْو تَأ َ َّخر"(‪.)264‬‬
‫لَهُ َ‬

‫‪ °‬الرأي الثاني‪ :‬الحنفية‪:‬‬

‫(‪ - )261‬المناهج األصولية لفتحي الد َُّرينِي‪ ،‬المصدر نفسه‪.527 :‬‬


‫(‪ - )262‬نفسه‪.527-526 :‬‬
‫(‪ - )263‬شرح غاية السول إلى علم األصول البن المبرد‪ ،‬تحقيق أحمد بن طرقي‪ ،‬ط‪1421( :1‬هـ ‪2000 -‬م)‪ ،‬دار البشائر اإلسالمية ‪-‬بيروت‪.351 ، -‬‬
‫(‪ - )264‬بيان المختصر شرح مختصر المنتهى البن الحاجب‪ ،‬تأليف محمود بن عبد الرحمن بن أحمد شمس الدين األصفهاني‪ ،‬تحقيق الدكتور ُم َح َّمد مظهر‬
‫بقا‪ ،‬المصدر نفسه‪.352/2 :‬‬

‫‪- 90 -‬‬
‫ب َما َذك ََرهُ الدرينِي‪:‬‬ ‫س َبة ِل َرأْي ِ ا ْل َحنَ ِفيَّة قَ ْد َميَّزت فِي ِه َبي َْن ث َ َالثَ ِة أ ُ ُمور َح َ‬
‫س َ‬ ‫ِبالنِ ْ‬

‫احد"‪َ :‬ذك ََر الد َُّرينِي‪" :‬أ َ َّن َح ْم َل‬


‫اب ا ْل ُمقَيَّ ُد فِي َو ْقت َو ِ‬
‫ط ُ‬ ‫اب ا ْل ُم ْطلَ ُ‬
‫ق َوا ْل ِخ َ‬ ‫ط ُ‬‫• اْلمر اْلول‪ِ " :‬إ َذا َو َر َد ا ْل ِخ َ‬

‫سبَب' ِع ْن َد ا ْل َحنَ ِفيَّة‪ ،‬يُ ْعتَبَ ُر بَيَانًا ِإ َذا‬ ‫ورة 'اتِ َحا ُد ا ْل ُح ْكم َو ْ‬
‫اختِ َالف ال َّ‬ ‫ص َ‬ ‫ا ْل ُم ْطلَق َ‬
‫علَى ا ْل ُمقَيَّد فِي َه ِذ ِه ال ُّ‬
‫اص َري ِْن فِي َز َم ِن التَّش ِْريع"‪.‬‬ ‫َو َردا ُم ْقت َ ِرنَيْن‪ ،‬أ َ ْي‪ُ :‬متَعَ ِ‬

‫جه َل ت َ ِاريخ ُو ُرو ِد ِه َما؛ أ َ ْي َال ي ْعلَ ْم َهل ا ْل ُم ْط َلق َوا ْل ُم َقيَّد َو َردا َمعًا ِفي َو ْقت َو ِ‬
‫احد؟‬ ‫• اْلمر الثاني‪ِ " :‬إ َذا ِ‬
‫َان ُم ْقت َ ِرنَي ِْن‪ ،‬أَ ْو‬ ‫أ َ ْو تَأ َ َّخ َر أ َ َح ُد ُه َما ع َْن ْاْل َخر؟" ‪َ :‬ذك ََر الد َُّري ِني‪ِ " :‬إ َذا ِ‬
‫جه َل الت َّ ِاريخ‪ ،‬فَلَ ْم ي ْعلَ ْم َما ِإ َذا ك َ‬
‫يع‪َ ،‬فك َ‬
‫َان‬ ‫ار ُه َما ُم ْقت َ ِرنَي ِْن فِي َز َم ِن الت َّش ِْر ِ‬ ‫ق أَ ْو َّ‬
‫الال ِحق‪َ ،‬ر َّج ُحوا (ا ْل ُم َح ِق ِق َ‬
‫ين) ا ْعتِ َب ُ‬ ‫َان أ َ َح ُد ُه َما ُه َو ال َّ‬
‫سا ِب ُ‬ ‫ك َ‬
‫س َخ َال يَثْبُتُ ِب ِاالحْ ِت َمال"‪.‬‬
‫سخ‪َ ،‬و َذ ِلكَ ‪ِْ :‬ل َ َّن النَّ ْ‬
‫ا ْل َح ْم ُل فِي ِمثْ ِل َه ِذ ِه ا ْل َحال ِع ْن َد ا ْل َحنَ ِفيَّة ُم َج َّر َد بَيَان َال نَ ْ‬

‫• اْلمر الثالث‪ِ " :‬إ َذا تَأ َ َّخ َر ا ْل ُمقَيَّد ع َْن ا ْل ُم ْط َلق أ َ ْو ا ْلعَ ْكس‪ ،‬أ َ ْن َيتَأ َ َّخ َر ا ْل ُم ْطلَق ع َْن ا ْل ُمقَيَّد" ‪َ :‬ذك ََر‬
‫سا ِبقًا َو ْاْل َخ ُر َال ِحقًا‪ ،‬فَ ِإ َّن ا ْل ُمتَأ َ ِخ َر َال َيكُو ُن ُمبَينا‬ ‫َان أ َ َح ُد ُه َما َ‬
‫الد َُّرينِي‪" :‬أ َ َّما ِإ َذا ع ِل َم الت َّ ِاريخ‪َ ،‬وك َ‬
‫ي ا ْل ُم ْطلَق‪َ ،‬وإِ َذا تَأ َ َّخ َر ا ْل ُم ْطلَق ك َ‬
‫َان‬ ‫ْث‪ :‬إِ َذا تَأ َ َّخ َر ا ْل ُمقَيَّد ك َ‬
‫َان ُه َو ا ْل ُم َراد َوأ ُ ْل ِغ َ‬ ‫سخ َلهُ‪َ ،‬حي ُ‬‫ِل ْل ُمتَقَدِم‪ ،‬بَ ْل نَا ِ‬
‫ُه َو ا ْل ُم َرا ُد َوأ ُ ْل ِغ َ‬
‫ي ا ْل ُمقَيَّد"(‪.)265‬‬

‫(‪ - )265‬المناهج األصولية لفتحي الد َُّرينِي‪ ،‬المصدر نفسه‪.528-527 :‬‬

‫‪- 91 -‬‬
- 92 -
‫ضايَاه ْاْل ُ ُ‬
‫صو ِليَّة‪ ،‬بَ ْع َد َه ِذ ِه الرحْ ِلة‬ ‫َاالتِ ِه َوقَ َ‬
‫شك َ‬‫سائِ ِل ِه َو ِإ ْ‬ ‫ّلل الَّذِي َوفَّقَنِي ِ ِإل ْك َما ِل َه َذا ا ْلبَحْ ث َو ِ‬
‫حل َم َ‬ ‫ا ْل َح ْم ُد ِ َّ ِ‬
‫سأ َ ْخت ُم بَحْ ثِي ِب ِكتَابَ ِة أَ َه ِم النَّتَائِج َوالت َّ ْو ِصيَات الَّتِي يُ ْم ِك ُن ِإي َج ُ‬
‫از َها فِي َما َي ِلي‪:‬‬ ‫ا ْل ُم َمتِعَة‪َ ،‬‬

‫‪ -‬أهم النتائج‪:‬‬

‫يف ا ْل ُم ْطلَق‪ِ - :‬االتِ َجاهُ ْاْل َ َّو ُل‪َ :‬ذ َهبُوا ِإلَى أ َ َّن ا ْل ُم ْطلَقَ‬ ‫اء ْاْل ُ ُ‬
‫صول اتِ َجا َهي ِْن فِي ت َ ْع ِر ِ‬ ‫‪ ‬أ َ َّن ِلعُلَ َم ِ‬
‫اب‬
‫ص َح ُ‬ ‫ب أَ ْ‬ ‫س ِه َو َه َذا َما ْذ َه َ‬
‫ب إِ َل ْي ِه الدُّري ِني‪َ ،‬و َذ َه َ‬ ‫علَى ا ْلفَ ْر ِد الشَّائِ ِع فِي ِج ْن ِ‬
‫َم ْوضُوع ِللد ََّال َل ِة َ‬
‫ِاالتِ َجا ِه الثَّانِي‪ :‬إِلَى أ َ َّن ا ْل ُم ْطلَقَ َم ْوضُوع ِللد ََّاللَ ِة َ‬
‫علَى ا ْل َما ِهيَّة‪ ،‬فَنَ َ‬
‫ظ ُروا إِلَى َح ِقيقَ ِة ا ْل ُم ْطلَق ِم ْن‬
‫الذ ْه ِن فَقَ ْط‪.‬‬ ‫َحي ُ‬
‫ْث ُو ُجو ُد َها فِي ِ‬
‫يف "ا ْل ُم ْط َلق َوا ْل ُمقَيَّد" ِفي‬ ‫اختَلَفُوا ِفي ت َ ْ‬
‫ص ِن ِ‬ ‫صو ِل َي ِج ُد أَنَّ ُه ْم ْ‬
‫اء ْاْل ُ ُ‬
‫علَ َم ِ‬ ‫اظ َر ِفي ُكت ُ ِ‬
‫ب ُ‬ ‫‪ ‬أ َ َّن النَّ ِ‬
‫ب ْاْل َ ْلفَاظ‪َ ،‬وجع َل َق ْب َل‬‫ف "ا ْل ُم ْطلَق َوا ْل ُمقَيَّد" ِفي َبا ِ‬ ‫صن َ‬ ‫ُكت ُ ِب ِه ْم ت َ ْر ِتيبًا َوت َ ْب ِويبًا‪َ ،‬والدري ِني قَ ْد َ‬
‫ث‪" :‬ا ْل َخاص َوا ْل َعام" ‪َ ،‬وبَ ْع َدهُ َم ْب َحث " ْاْل َ ْمر َوالنَّهْي"‪.‬‬ ‫َم ْب َحث‪" :‬ا ْل ُم ْط َل ِ‬
‫ق َوا ْل ُمقَيَّد" هذا َم ْب َح َ‬
‫غي ِْر ِه فِي تَأ ْ ِصي ِل الد َُّرينِي‪ :1 :‬ال ُّ‬
‫شيُوع‪:2 ،‬‬ ‫‪ ‬أ َ َّن ِم ْن ا ْل َخ َ‬
‫صائص الَّتِي َيت َ َميَّ ُز ِب َها ا ْل ُم ْط َلق ع َْن َ‬

‫ع َد ُم الت َّ ْخ ِص ِ‬
‫يص‪.‬‬ ‫ش ُمول‪َ :3 ،‬‬
‫ع َد ُم ال ُّ‬
‫َ‬
‫‪ ‬أ َ َّن ا ْل ُم ْطلَق ي ْع َم ُل على ِإ ْط َالقِ ِه َحتَّى يَرد َد ِليل يُقَيِ ُدهُ‪َ ،‬ويُ ْع َم ُل بِا ْل ُمقَيَّد َم َع َق ْي ِد ِه َحتَّى يرد َد ِليل‬
‫يع ا ْل ُح ْكم‪.‬‬ ‫علَى أ َ َّن ا ْلقَ ْي َد َ‬
‫غي ُْر ُم ْعتَبَر فِي تَش ِْر ِ‬ ‫يَ ُد ُّل َ‬
‫وص‬
‫ص ُ‬ ‫ق الَّذِي ُه َو‪" :‬النُّ ُ‬ ‫اإل ْط َال ِ‬
‫وص ْ ِ‬ ‫ص ِ‬‫احد ِم ْن نُ ُ‬ ‫َّث ع َْن نَ ْوع َو ِ‬ ‫‪ ‬أ َ َّن الدُّرينِي ‪َ -‬ر ِح َمهُ َّ‬
‫ّللا‪ -‬ت َ َحد َ‬
‫علَى إِ ْط َالقِ َها إِ ْن لَ ْم تَ ِر ْد ُمقَيَّ َدةً بِ َد ِليل يُؤَيِ ُد َها فِي َم ْو ِضع آ َخر" ‪،‬‬ ‫ا ْل ُم ْطلَقَةُ الَّتِي َو َج َ‬
‫ب ا ْل َع َم ُل َ‬
‫وص ا ْل ُم ْطلَقَةُ الَّ ِتي َد َّل َد ِليل آ َخر َ‬
‫علَى‬ ‫ص ُ‬ ‫وص الت َّ ْق ِييد‪ْ ،‬اْل َ َّول‪" :‬النُّ ُ‬ ‫ص ِ‬ ‫عي ِْن ِم ْن نُ ُ‬ ‫او َل َن ْو َ‬
‫َك َما تَنَ َ‬
‫وص ا ْل ُمقَيَّ َدةُ ِبقَيْد‬
‫ص ُ‬‫احد فِي نَ ْف ِس ا ْل َم ْو ِض ِع أ َ ْو فِي َم ْو ِضع آ َخر" ‪ ،‬الثَّانِي‪" :‬النُّ ُ‬
‫تَقي ِد َها ِبقَيْد َو ِ‬
‫ث ُ َّم َو َر َد َد ِليل أ َ ْلغَى َه َذا ا ْلقَ ْي َد"‪.‬‬
‫ير ا ْل ُم ْطلَق ِبك َْونِ ِه ُم َراد ِب ِه ا ْل ُمقَيَّد؛ أ َ ْي‪ :‬أ َ ْن‬
‫س ُ‬‫علَى ا ْل ُم َقيَّ ِد ُه َو‪ :‬ت َ ْف ِ‬ ‫ق َ‬ ‫‪ ‬أ َ َّن ا ْل َم ْق ُ‬
‫صو َد ِب َح ْم ِل ا ْل ُم ْطلَ ِ‬
‫علَى َما يَ ْقتَ ِضيه َد ِلي ُل الت َّ ْق ِييد‪.‬‬ ‫يُ ْف َه َم ا ْل ُم ْط َلق َ‬
‫سا ِكت ع َْن ا ْل َقيْد‪ ،‬أ َ َّما ا ْل ُمقَيَّد فَنَ ِ‬
‫اطق‬ ‫علَى ا ْل ُمقَيَّد َال ا ْلعَ ْكس‪ِْ ،‬ل َ َّن ا ْل ُم ْطلَقَ َ‬ ‫‪ ‬أَنَّهُ يَ ِج ُ‬
‫ب َح ْم ُل ا ْل ُم ْطلَق َ‬
‫بِا ْلقَيْد َو ُمبَيِن َله‪َ ،‬و ِلك َْون ا ْل ُم ْطلَق ُج ْزء ِم ْن ا ْل ُمقَيَّد‪.‬‬

‫‪- 93 -‬‬
‫ف َم َذا ِه ِب ِه ْم ِع ْن َد‪ِ " :‬ات َحا ِد ا ْل ُح ْك ِم َوال َّ‬
‫س َبب‬ ‫‪ ‬أَنَّهُ يُحْ َم ُل ا ْل ُم ْط َلق َ‬
‫علَى ا ْل ُمقَيَّد ِع ْن َد ْاْل ُ ُ‬
‫صو ِل ِيين ِب ُم ْخت َ ِل ِ‬
‫ع ا ْل ُح ْك ُم ِم ْن أَجْ ِل ِه فِي النَّ َّ‬
‫صيْن"‪.‬‬ ‫الَّذِي شُر َ‬
‫ب‬
‫سبَ ِ‬ ‫اختِ َال ِ‬
‫ف ال َّ‬ ‫ف َم َذا ِه ِب ِه ْم ِع ْن َد‪ْ " :‬‬
‫ين ِب ُم ْخت َ ِل ِ‬
‫صو ِليِ َ‬‫ع َلى ا ْل ُمقَيَّد ِع ْن َد ْاْل ُ ُ‬ ‫‪ ‬أَنَّهُ َال يُحْ َم ُل ا ْل ُم ْط َل ُ‬
‫ق َ‬
‫صيْن" فَيُ ْع َم ُل بِكُل ِم ْن‬ ‫ف ا ْل ُح ْك ِم فِي النَّ َّ‬ ‫ب َو ْ‬
‫اختِ َال ِ‬ ‫صيْن" َو ِع ْن َد‪" :‬اتِ َحا ِد ال َّ‬
‫س َب ِ‬ ‫َوا ْل ُح ْك ِم فِي النَّ َّ‬
‫ا ْل ُم ْطلَ ِ‬
‫ق َوا ْل ُمقَيَّ ِد فِي َم ْو ِض ِع ِه َك َما َو َرد‪.‬‬
‫ي‪" :‬اتِ َحا ُد‬ ‫علَى ا ْل ُمقَيَّ ِد فِي َحالَة َو ِ‬
‫احدَة‪ِ ،‬ه َ‬ ‫ين فِي َح ْم ِل ا ْل ُم ْطلَ ِ‬
‫ق َ‬ ‫صو ِليِ َ‬ ‫‪ ‬أَنَّهُ َج َرى ا ْل ِخ َال ُ‬
‫ف بَي َْن ْاْل ُ ُ‬
‫ْث َذ َه َب الشَّافِ ِعيَّةُ‬ ‫صيْن" ‪َ ،‬حي ُ‬ ‫ع ا ْل ُح ْك ُم ِم ْن أَجْ ِل ِه فِي النَّ َّ‬
‫ب الَّذِي شر َ‬ ‫س َب ِ‬ ‫ا ْل ُح ْك ِم َو ْ‬
‫اختِ َال ُ‬
‫ف ال َّ‬
‫ات َحا ِد ا ْل ُح ْك ِم ِفي‬ ‫ع ْب ُد ا ْل َو َّهاب‪ِ ،‬إ َلى ِاال ْك ِت َف ِ‬
‫اء ِب ِ‬ ‫اضي َ‬‫ض ا ْل َما ِل ِكيَّ ِة َك َما َحكَى ا ْل َق ِ‬ ‫َوا ْل َحنَا ِبلَة‪َ ،‬و َب ْع ُ‬
‫ع َلى ا ْل ُمقَيَّد‪ ،‬أ َ َّما ا ْل َحنَ ِفيَّة َو َم ْن ت َ ِب َع ُه ْم لَ ْم َيقُولُوا‬ ‫وجبًا ِل َح ْم ِل ا ْل ُم ْطلَ ِ‬
‫ق َ‬ ‫صي ِْن فَقَ ْط ِل َيك َ‬
‫ُون َذ ِلكَ ُم ِ‬ ‫النَّ َّ‬
‫اإل ْط َال ُ‬
‫ق َوالت َّ ْق ِيي ُد فِي ا ْل ُح ْك ِم َال فِي‬ ‫َان ْ ِ‬
‫ب‪َ ،‬وك َ‬ ‫ان فِي ا ْل ُح ْك ِم َوال َّ‬
‫سبَ ِ‬ ‫ص ِ‬‫ِبا ْل َح ْم ِل ِإ َّال ِإ َذا ات َّ َح َد النَّ َّ‬
‫سبَب‪.‬‬
‫ال َّ‬
‫ورة‪" :‬اتِ َحا ُد‬ ‫ص َ‬ ‫علَى ا ْل ُم َقيَّد فِي َه ِذ ِه ال ُّ‬‫ين فِي َح ْم ِل ا ْل ُم ْطلَق َ‬ ‫شأ َ ا ْل ِخ َالف بَي َْن ْاْل ُ ُ‬
‫صو ِل ِي َ‬ ‫‪ ‬أ َ َّن َم ْن َ‬
‫ور أَب َْر ُز َها‪:‬‬
‫اجع ِل َمجْ ُموعَة ِم َن ْاْل ُ ُم ِ‬ ‫ع ا ْل ُح ْك ُم ِم ْن أَجْ ِل ِه" ‪َ ،‬ر ِ‬
‫ب الَّذِي ش ُِر َ‬ ‫س َب ِ‬ ‫ا ْل ُح ْك ِم َو ْ‬
‫اختِ َال ُ‬
‫ف ال َّ‬
‫ق َوالمقَيد ُم ْعتَبَر ِع ْن َد اتِ َحا ِد ا ْل ُح ْك ِم فَقَ ْط؟ أ َ ْم َال؟ ‪ :‬فَالشَّافِ ِعيَّةُ‬ ‫ض بَي َْن ا ْل ُم ْطلَ ِ‬ ‫ار ُ‬‫‪َ :1‬ه ْل الت َّ َع ُ‬
‫ع ْب ُد ا ْل َو َّهاب‪ ،‬أ َ َّن اتِ َحا َد ا ْل ُح ْكم فَقَ ْط يَكُونُ كَافِيًا‬
‫اضي َ‬ ‫ض ا ْل َما ِل ِكيَّ ِة َك َما َحكَى ا ْلقَ ِ‬
‫َوا ْل َحنَا ِبلَة‪َ ،‬وبَ ْع ُ‬
‫ع ْك ِس ا ْل َح َن ِفيَّة َو َم ْن ت َ ِب َع ُه ْم‪َ ،‬ال‬ ‫علَى َ‬ ‫علَى ا ْل ُم َقيَّ ِد ِع ْن َد ُه ْم َ‬
‫ق َ‬‫ارض‪ ،‬فَيُحْ َم ُل ا ْل ُم ْط َل ُ‬ ‫ِل ُو ُجو ِد التَّعَ ُ‬
‫ق الت َّ َنافِي‪َ :2 ،‬ه ْل َم ْف ُهو ُم‬ ‫ب َال يَت َ َحقَّ ُ‬ ‫اختِ َالف ال َّ‬
‫سبَ ِ‬ ‫ارضًا ِْل َ َّن َم َع ْ‬ ‫يَ َر ْو َن بَي َْن ا ْل ُم ْطلَق َوا ْل ُم َقيَّد تَعَ ُ‬
‫ط ِت ِه أ َ ْم َال؟ ‪،‬‬ ‫اط َوأ َ ْخ ِذ ْاْلَحْ ك َِام ِب َوا ِ‬
‫س َ‬ ‫ستِ ْن َب ِ‬ ‫ْس ِب ُح َّجة‪ ،‬أ َ ْي‪َ :‬ه ْل ُه َو َ‬
‫صا ِلح ِل ِال ْ‬ ‫ا ْل ُم َخالَفَة ُح َّجة أ َ ْم لَي َ‬
‫ارض بَي َْن‬ ‫علَى َه َذا َال يَكُو ُن ث َ َّمةَ تَعَ ُ‬ ‫ْس ِب ُح َّجة‪َ ،‬و َ‬‫أَما ا ْل َحنَ ِفيَّة‪َ :‬م ْف ُهو ُم ا ْل ُم َخالَفَة ِع ْن َد ُه ْم لَي َ‬
‫ع ْك ِس َذ ِلكَ الشَّافِ ِعيَّةُ‬ ‫علَى َ‬‫وج َب ِإ ْذ ْن ِل ْل َح ْمل‪َ ،‬و َ‬
‫ض َال ُم ِ‬ ‫ار ُ‬ ‫ا ْل ُم ْطلَق َوا ْل ُمقَيَّد‪َ ،‬و ِإ َذا ا ْنتَفَى التَّعَ ُ‬
‫ع َلى ا ْل ُمقَيَّد َر ْفعًا ِل َه َذا‬
‫ب َح ْم َل ا ْل ُم ْط َلق َ‬ ‫غي ُْر ُه ْم ا ْعتَبَ ُروا أ َ َّن َم ْف ُهو َم ا ْل ُم َخالَفَ ِة ُح َّجة ِم َّما يُ ِ‬
‫وج ُ‬ ‫َو َ‬
‫التَّعَ ُ‬
‫ارض‪.‬‬
‫سخ‪َ ،‬ولَ ْو ْ‬
‫اختَلَ َ‬
‫ف ت َ ِاري ُخ‬ ‫ين بَيَان َال نَ ْ‬ ‫ور ْاْل ُ ُ‬
‫صو ِل ِي َ‬ ‫‪ ‬يُ ْعتَبَ ُر َح ْم ُل ا ْل ُم ْطلَق َ‬
‫علَى ا ْل ُمقَيَّد ِع ْن َد ُج ْم ُه ِ‬
‫ُو ُرو ِد ِه َما‪.‬‬

‫‪- 94 -‬‬
‫اب ا ْل ُم ْط َل ُ‬
‫ق‬ ‫ط ُ‬‫علَى ا ْل ُمقَيَّد ِع ْن َد ا ْل َحنَ ِفيَّة َب َيانًا فِي َحالَتَيْن‪ِ :1 :‬إ َذا َو َر َد ا ْل ِخ َ‬
‫‪ ‬يُ ْعت َ َب ُر َح ْم ُل ا ْل ُم ْطلَق َ‬
‫احد‪ :2 ،‬إِ َذا ُج ِه َل ت َ ِاري َخ ُو ُرو ِد ِه َما‪.‬‬ ‫اب ا ْل ُمقَيَّ ُد فِي َو ْقت َو ِ‬‫ط ُ‬ ‫َوا ْل ِخ َ‬
‫س ًخا َال بَيَانًا ِع ْن َد ا ْل َحنَ ِفيَّة‪ ،‬إِ َذا تَأ َ َّخ َر ا ْل ُمقَيَّ ُد ع َْن ا ْل ُم ْطلَق‪ ،‬أ َ ْو‬ ‫‪ ‬يُ ْعتَبَ ُر َح ْم ُل ا ْل ُم ْطلَق َ‬
‫علَى ا ْل ُمقَيَّد نَ ْ‬
‫ي ا ْل ُم ْط َلق‪،‬‬‫َان ُه َو ا ْل ُم َراد َوأ ُ ْل ِغ َ‬ ‫ْث إِ َذا تَأ َ َّخ َر ا ْل ُمقَيَّد ك َ‬
‫ا ْلعَ ْكس؛ إِ َذا تَأ َ َّخ َر ا ْل ُم ْط َلق عَن ا ْل ُم َقيَّد‪َ ،‬حي ُ‬
‫َوإِ َذا تَأ َ َّخ َر ا ْل ُم ْطلَق ك َ‬
‫َان ُه َو ا ْل ُم َراد َوأ ُ ْل ِغ َ‬
‫ي ا ْل ُمقَيَّد‪.‬‬

‫‪ -‬أهم التوصيات‪:‬‬

‫صو ِليين‪ ،‬أ َ ْن َيت َ َحلَّ ْو َن ِب َم ْن َه ِجيَّة قَ ِويَّة ِفي بُ ُحو ِث ِه ْم‪،‬‬
‫احثَات ْاْل ُ ُ‬
‫ين َوا ْل َب ِ‬ ‫أصي ا ْل َب ِ‬
‫اح ِث َ‬ ‫‪ ‬أو ِصي نَ ْف ِ‬
‫سي َو ِ‬
‫صةً‬ ‫صو ِليَّ ِة عَا َّمةً‪َ ،‬وا ْل َع ْقل ْاْل ُ ُ‬
‫ج ْاْل ُ ُ‬
‫صو ِلي َخا َّ‬ ‫ق ا ْل َمنَا ِه ِ‬ ‫ب ت َ ْن ِظ ِ‬
‫ع ُْم ِ‬
‫ير‬ ‫س ِت ْوعَا ِ‬‫ْث ت ُ َمكن ِم ْن ا ْ‬ ‫َحي ُ‬
‫يم‬ ‫ِبنَائ ُ َها َوتَحْ ِصيلُ َها َو ِإ ْع َمالُ َها‪َ ،‬و ِإد َْراكُ َ‬
‫ط ِبيعَ ِة ا ْل َم َفا ِه ِ‬ ‫ْف ت َ َّم‬ ‫ظ ِريَّاتِ ِه َو َكي َ‬ ‫غ َن َ‬‫صا َ‬ ‫ْف َ‬ ‫َكي َ‬
‫صو ِلي َو َذاكَ ْاْل ُ ُ‬
‫صو ِلي‪،‬‬ ‫ستَن ُد ِإلَ ْي ِه ِع ْن َد َه َذا ْاْل ُ ُ‬
‫ين َوا ْل َم َجال الَّذِي ت ْ‬ ‫صو ِل ِي َ‬‫ت ِع ْن َد ْاْل ُ ُ‬ ‫طلَ َحا ِ‬‫ص َ‬
‫َوا ْل ُم ْ‬
‫ج ع َْن ث َ َالث َو َحدَات‪ :‬ا ْلوحْ َدةُ ْاْلُولَى‪َ :‬و ِه َ‬
‫ي‬ ‫َو ِإد َْراك ا ْل َو ِظيفَ ِة الَّتِي يُ َؤدِي َها ا ْل َم ْف ُهوم‪َ ،‬ال تَكَا ُد ت َ ْخ ُر ُ‬
‫ي ُم ْخت َ ِلفَة َو ُمتَفَا ِوتة َك َما َرأ َ ْينَا فِي ت َ ْع ِر ِ‬
‫يف‬ ‫غ ِة ا ْل َمفَا ِهيم؛ فَ ِه َ‬ ‫ع ِة َو ِصيَا َ‬ ‫ين فِي ِصنَا َ‬ ‫صو ِليِ َ‬ ‫َمنَا ِه ُج ْاْل ُ ُ‬
‫اإلثْ َبات‬
‫ْث ْ ِ‬ ‫صو ِلي‪ ،‬أ َ َّما ا ْلوحْ َدةُ الثَّانِيَة‪ُ :‬ه َو َم ْن َه ُج ا ْلحجاجِ ِم ْن َحي ُ‬ ‫اإلص ِْط َالحِ ْاْل ُ ُ‬‫ق فِي ْ ِ‬ ‫ا ْل ُم ْطلَ ِ‬
‫وم ا ْل ُم َخالَفَة‪ ،‬أَنَّهُ لَي َ‬
‫ْس بِ ُح َّجة ِع ْن َد ا ْل َحنَ ِفيَّة َويُ ْعتَبَ ُر ُح َّجة‬ ‫َوالنَّ ْفي ِل ْل َم َفا ِهيم‪َ ،‬ك َما َرأ َ ْينَا فِي َم ْف ُه ِ‬
‫ورة‪َ :‬ه ْل‬ ‫ص َ‬ ‫ف فِي ُ‬ ‫ش ِأ ا ْل ِخ َال ِ‬
‫ب َم ْن َ‬ ‫سبَبًا ِم ْن أ َ ْ‬
‫سبَا ِ‬ ‫ش ْي ُء الَّذِي ك َ‬
‫َان َ‬ ‫غيْر ِه ْم‪ ،‬ال َّ‬ ‫ِع ْن َد الشَّافِ ِعيَّ ِة َو َ‬
‫صيْن؟ ‪ ،‬أ َ َّما ا ْلوحْ َدةُ‬ ‫ب فِي النَّ َّ‬ ‫سبَ ِ‬ ‫ف ال َّ‬ ‫اختِ َال ِ‬ ‫علَى ا ْل ُم َقيَّد ِع ْن َد اتِ َحا ِد ا ْل ُح ْك ِم َو ْ‬
‫ق َ‬ ‫يُحْ َم ُل ا ْل ُم ْط َل ُ‬
‫ين َق ْد ْ‬
‫اختَلَفُوا‬ ‫ث ا ْل ُم ْطلَق َوا ْل ُمقَيَّد نَ ِج ُد ْاْل ُ ُ‬
‫صو ِل ِي َ‬ ‫يف ت َ ْر ِتي ًبا َوت َ ْب ِويبًا‪َ ،‬ك َما ِفي َم ْب َح ِ‬‫ص ِن ُ‬‫الثَّا ِلثَة‪ :‬الت َّ ْ‬
‫فِي ت َ َ‬
‫صني ِف ِه فِي ُكت ُ ِب ِهم‪.‬‬
‫ث ْاْل َ ْلفَاظ فِي ِع ْل ِم أ ُ ُ‬
‫صو ِل ا ْل ِف ْقه‬ ‫ث الد ََّاللَة َو َم ْب َح ِ‬ ‫احثَات‪ْ ،‬اال ْهتِ َمام ِب َم ْب َح ِ‬
‫ين َوا ْلبَ ِ‬ ‫احثِ َ‬ ‫ي ا ْلبَ ِ‬ ‫‪ ‬أُ ِ‬
‫وص َ‬
‫عد َِم ِإ ْه َما ِل ِه َما ِإ ْذ ِل َذ ِلكَ شَأْن َك ِبير فِي فِ ْق ِه ال َّد ِليل‪.‬‬‫الفخم‪َ ،‬و َ‬
‫ج ِإلَى‬ ‫احثَات أ َ ْن يَ ِج َد َم ْوضُوع ا ْل ُم ْطلَق َوا ْل ُمقَيَّد ا ْه ِت َما ًما َك ِب ً‬
‫يرا‪ِْ ،‬لَنَّهُ يَحْ تَا ُ‬ ‫ين َوا ْلبَ ِ‬ ‫ي ا ْلبَ ِ‬
‫احثِ َ‬ ‫‪ ‬أُ ِ‬
‫وص َ‬
‫صو ِليَّ ِة فِيه‪َ ،‬و ِلت َ ْو ِضيح د ََاللَتِ ِه َما َومعَ َرفَةَ‬ ‫س ِة َو َم ْع ِرفَ ِة ع ُْم ِ‬
‫ق ا ْل َمنَا ِهج َاْل ُ‬ ‫ث َوالت َّ َح ِري َوالد َِرا َ‬‫ا ْلبَحْ ِ‬
‫ِ‬
‫فَ َوائِ ُد ُهما‪.‬‬

‫‪- 95 -‬‬
‫طأ فَ ِمنِي َو ِم ْن‬ ‫ص َوابًا فَ ِم ْن ا ْل َم ْولَى ع ََّز َو َجل‪َ ،‬و َما ك َ‬
‫َان فِيه ا ْل َخ َ‬ ‫َان َ‬‫اضع‪ ،‬فَ َما ك َ‬ ‫فَ َه َذا ُه َو بَحْ ثِي ا ْل ُمت َ َو ِ‬
‫ّللا لخضر"‪،‬‬ ‫ستَاذِي ا ْلك َِريم "عبد َّ‬ ‫س ْب َحا َنهُ َوتَعَالَى‪َ ،‬و َم ْن أ ُ ْ‬ ‫ص ْف َح ِم ْن َّ ِ‬
‫ّللا ُ‬ ‫طان‪َ ،‬وأ َ ْلتَ ِم ُ‬
‫س ا ْلعَ ْف َو َوال َّ‬ ‫ش ْي َ‬
‫ال َّ‬
‫الرشَاد‪َ ،‬وأ َ ْن يُنَ ِج َينَا‬ ‫س ِبي َل َّ‬ ‫ق ِبأ َ ْم ِره‪َ ،‬وأ َ ْن يعرفَنَا َ‬ ‫تلف فِي ِه ِم ْن ا ْل َح ِ‬‫اخ َ‬ ‫ّللا تَعَالَى أ َ ْن يَ ْه ِديَنَا ِل َما ْ‬
‫سأل َّ‬ ‫َوأ َ ْ‬
‫او َز ع َْن‬ ‫صا ِلح أ َ ْع َمالَ َنا َوأ َ ْن يَت َ َج َ‬
‫ضاه‪َ ،‬وأ َ ْن َيتَقَبَّ َل ِمنَّا َ‬ ‫الظالل َوأَ ْن يُ َوفِقَنَا ِل َما يُ ِحبُّهُ َويَ ْر َ‬
‫سبِي َل ا ْلغَي ِ َو َ‬‫َ‬
‫علَى آ ِل ِه‬
‫سيِ ِدنَا ُم َح َّمد َو َ‬
‫ع َلى َ‬ ‫ب ا ْلعَالَ ِمين‪َ ،‬و َ‬
‫صلَّى َّ‬
‫ّللاُ َ‬ ‫آخ ُر َدع َْوانا ا ْل َح ْم ُد ِ َّ ِ‬
‫ّلل َر ِ‬ ‫آمين‪َ ،‬و ِ‬‫يرنَا ‪ِ ...‬‬ ‫ت َ ْق ِص ِ‬
‫سلَّ َم‪.‬‬
‫َوصَحْ بِ ِه َو َ‬

‫‪- 96 -‬‬
‫الفهارس‪:‬‬
‫‪ ‬فهرس اآليات القرآنية‬

‫‪ ‬فهرس األحاديث النبوية الشريفة‬

‫‪ ‬فهرس المصادر والمراجع‬

‫‪ ‬فهرس الموضوعات‬

‫‪- 97 -‬‬
‫فهرس اآليات القرآنية‬

‫الصفحة‬ ‫اآلية ورقمها‬


‫ط َّهرون‪﴾...‬‬ ‫سه ِإ َّّل ا ْلم َ‬‫﴿ ِإنَّه َلق ْرآن ك َِريم ❁ ِفي ِكتَاب َّم ْكنون ❁ َّّل َي َم ُّ‬
‫‪3‬‬ ‫{سورة الواقعة‪.}82-81-80 :‬‬
‫ّللا‬ ‫ص ِدعًا ِم ْن َخ ْ‬
‫ش َي ِة َّ ِ‬ ‫علَى َج َبل لَّ َرأ َ ْيت َه َخا ِ‬
‫شعًا ُّمت َ َ‬ ‫آن َ‬ ‫﴿لَ ْو أ َ َ‬
‫نز ْلنَا َه َذا ا ْلق ْر َ‬
‫‪3‬‬ ‫َو ِت ْلكَ ‪{ ﴾...‬سورة الحشر‪.}21 :‬‬

‫‪5‬‬ ‫﴿ َو َمن يَشْك ْر فَ ِإنَّ َما يَشْكر ِلنَ ْف ِ‬


‫س ِه﴾ {سورة لقمان‪.}11:‬‬

‫علَى َوا ِلد َّ‬


‫َي‪﴾...‬‬ ‫ي َو َ‬ ‫ب أ َ ْو ِز ْع ِني أ َ ْن أَشْك َر ِن ْع َمت َكَ الَّ ِتي أ َ ْن َع ْمتَ َ‬
‫علَ َّ‬ ‫﴿ َر ِ‬
‫‪6‬‬ ‫{سورة النمل‪.}19 :‬‬

‫﴿ َولَ َق ْد ك ََّر ْم َنا َب ِني آ َد َم َو َح َم ْلنَاه ْم ِفي ا ْل َب ِر َوا ْلبَحْ ِر َو َر َز ْقنَاهم ِم َن‬
‫‪8‬‬ ‫ت‪{ ﴾...‬سورة اإلسراء‪.}70 :‬‬ ‫ال َّ‬
‫ط ِي َبا ِ‬

‫‪8‬‬ ‫ْف رفِعَت‪﴾...‬‬


‫اء َكي َ‬ ‫ْف خ ِلقَتْ ❁ َو ِإلَى ال َّ‬
‫س َم ِ‬ ‫اْلبِ ِل َكي َ‬ ‫﴿ أَفَ َل يَنظر َ‬
‫ون إِلَى ْ ِ‬
‫{سورة الغاشية‪.}17،18،19،20 :‬‬

‫‪8‬‬ ‫س َوا ْلقَ َم َر َوا ْلنُّجو َم م َ‬


‫س َّخ َرات‪﴾...‬‬ ‫﴿ َو َ‬
‫س َّخ َر لَكم اللَّ ْي َل َوالنَّ َه َ‬
‫ار َوالش َّْم َ‬
‫{سورة النحل‪.}12 :‬‬

‫‪8‬‬ ‫﴿ أ َ َّل بِ ِذ ْك ِر َّ ِ‬
‫ّللا ت َ ْط َمئِ ُّن ا ْلقلوب﴾ {سورة الرعد‪.}29 :‬‬

‫‪- 98 -‬‬
‫ض عَن ِذ ْك ِري فَ ِإ َّن لَه َم ِعيشَةً َ‬
‫ضنكًا َونَحْ شره يَ ْو َم ا ْل ِقيَا َم ِة‬ ‫﴿ َو َم ْن أَع َْر َ‬
‫‪8‬‬ ‫أ َ ْع َمى﴾ {سورة طه‪.}123 :‬‬

‫ع َم ًل﴾‬ ‫ت إِنَّا َّل ن ِضيع أَجْ َر َم ْن أَحْ َ‬


‫س َن َ‬ ‫صا ِل َحا ِ‬ ‫﴿إِ َّن الَّذ َ‬
‫ِين آ َمنوا َوع َِملوا ال َّ‬
‫‪9‬‬ ‫{سورة الكهف‪.}30 :‬‬

‫‪9‬‬ ‫﴿ َوإِن تَعدُّوا نِ ْع َمةَ َّ ِ‬


‫ّللا َّل تحْ صو َها﴾ {سورة النحل‪.}18 :‬‬

‫‪11‬‬ ‫﴿فَتَحْ ِرير َرقَبَة ُّم ْؤ ِمنَة﴾ {سورة النساء‪.}91 :‬‬

‫‪47‬‬ ‫﴿فَتَحْ ِرير َرقَ َبة﴾ {سورة النساء‪.}91 :‬‬

‫‪52‬‬ ‫﴿فَتَحْ ِرير َرقَبَة ُّم ْؤ ِمنَة﴾ {سورة النساء‪.}91 :‬‬

‫‪53‬‬ ‫﴿ َوتَحْ ِرير َرقَبَة ُّم ْؤ ِمنَة فَ َمن لَّ ْم يَ ِج ْد فَ ِصيَام َ‬


‫شه َْري ِْن متَتَا ِب َعي ِْن﴾ {سورة‬
‫النساء‪}91 :‬‬

‫‪55‬‬ ‫س ِه َّن أ َ ْر َب َعةَ أ َشْهر‬


‫ْن ِبأَنف ِ‬
‫ون أ َ ْز َوا ًجا َيت َ َربَّص َ‬
‫ِين يت َ َوفَّ ْو َن ِمنك ْم َو َي َذر َ‬
‫﴿ َوالَّذ َ‬
‫عش ًْرا﴾ {سورة البقرة‪.}233 :‬‬ ‫َو َ‬
‫‪56‬‬ ‫اللتِي َد َخ ْلتم بِ ِه َّن فَ ِإن لَّ ْم تَكونوا‬
‫سائِكم َّ‬
‫وركم ِمن نِ َ‬ ‫﴿ َو َربَائِبكم َّ‬
‫اللتِي فِي حج ِ‬
‫َد َخ ْلتم بِ ِه َّن فَ َل جنَا َح َ‬
‫علَيْك ْم﴾ {سورة النساء‪.}23 :‬‬
‫‪60‬‬ ‫س ِه َّن أ َ ْربَعَةَ أ َشْهر‬
‫ْن بِأَنف ِ‬
‫ون أ َ ْز َوا ًجا يَت َ َربَّص َ‬
‫ِين يت َ َوفَّ ْو َن ِمنك ْم َويَ َذر َ‬
‫﴿ َوالَّذ َ‬
‫عش ًْرا﴾ {سورة البقرة‪.}233 :‬‬ ‫َو َ‬
‫‪60‬‬ ‫اّلتك ْم َوبَ َنات ْاْلَخِ‬ ‫علَيْك ْم أ َّم َهاتك ْم َوبَنَاتك ْم َوأ َ َخ َواتك ْم َو َ‬
‫ع َّماتك ْم َو َخ َ‬ ‫﴿ح ِر َمتْ َ‬
‫ت‪{ ﴾...‬سورة النساء‪.}23 :‬‬ ‫َوبَنَات ْاْل ْخ ِ‬
‫‪61‬‬ ‫ّللا﴾ {سورة البقرة‪.}184 :‬‬ ‫﴿ َو ِلتك َِبروا َّ َ‬
‫‪61‬‬ ‫ِين ِمن قَ ْب ِلك ْم‬
‫علَى الَّذ َ‬ ‫ع َليْكم ِ‬
‫الص َيام َك َما ك ِت َ‬
‫ب َ‬ ‫ب َ‬ ‫﴿يَا أَيُّ َها الَّذ َ‬
‫ِين آ َمنوا ك ِت َ‬
‫ون‪{ ﴾...‬سورة البقرة‪.}183-182 :‬‬ ‫َلعَلَّك ْم تَتَّق َ‬

‫‪- 99 -‬‬
‫‪65‬‬ ‫﴿فَ ِعدَّة ِم ْن أَيَّام أ َخ َر﴾ {سورة البقرة‪.}183 :‬‬

‫‪65‬‬ ‫﴿فَ َمن لَّ ْم يَ ِج ْد فَ ِصيَام َ‬


‫شه َْري ِْن متَتَا ِب َعي ِْن﴾ {سورة المجادلة‪.}4 :‬‬

‫‪65‬‬ ‫﴿فَ ِصيَام ث َ َلث َ ِة أَيَّام فِي ا ْل َحجِ َو َ‬


‫س ْبعَة إِ َذا َر َج ْعت ْم﴾ {سورة البقرة‪.}195 :‬‬

‫‪66‬‬ ‫ارة أ َ ْي َمانِك ْم ِإ َذا َحلَ ْفت ْم﴾ {سورة‬


‫﴿فَ َمن لَّ ْم يَ ِج ْد فَ ِصيَام ثَ َلث َ ِة أَيَّام َذ ِلكَ َكفَّ َ‬
‫المائدة‪.}91 :‬‬
‫‪67‬‬ ‫﴿فَ َمن لَّ ْم يَ ِج ْد فَ ِصيَام َ‬
‫شه َْري ِْن متَتَابِ َعي ِْن﴾ {سورة المجادلة‪.}4 :‬‬

‫﴿فَ ِصيَام ث َ َلث َ ِة أَيَّام فِي ا ْل َحجِ َو َ‬


‫س ْبعَة إِ َذا َر َج ْعت ْم﴾ {سورة البقرة‪.}195 :‬‬
‫‪67‬‬
‫‪68‬‬ ‫اللتِي َد َخ ْلتم ِب ِه َّن فَ ِإن لَّ ْم‬
‫سائِكم َّ‬
‫وركم ِمن نِ َ‬ ‫﴿ َو َربَائِبكم َّ‬
‫اللتِي فِي حج ِ‬
‫تَكونوا‪{ ﴾...‬سورة النساء‪.}23 :‬‬
‫‪69‬‬ ‫﴿فَ َمن لَّ ْم يَ ِج ْد فَ ِصيَام َ‬
‫شه َْري ِْن متَتَا ِب َعي ِْن﴾ {سورة المجادلة‪.}4 :‬‬

‫‪69‬‬ ‫الرسو ِل ِإ َّّل ا ْلبَ َلغ ا ْلم ِبين﴾ {سورة النور‪.}52 :‬‬ ‫﴿ َو َما َ‬
‫علَى َّ‬

‫‪69‬‬ ‫{سورة المائدة‪:‬‬ ‫﴿ َو َمن قَتَلَه ِمنكم ُّمتَعَ ِمدًا فَ َج َزاء ِمثْ ِل َما قَت َ َل ِم َن النَّعَ ِم﴾‬
‫‪.}97‬‬

‫‪69‬‬ ‫يل﴾ {سورة آل عمران‪:‬‬ ‫ع ِإلَ ْي ِه َ‬


‫سبِ ً‬ ‫ست َ َ‬
‫طا َ‬ ‫اس ِح ُّج ا ْلبَ ْي ِ‬
‫ت َم ِن ا ْ‬ ‫علَى النَّ ِ‬ ‫﴿ َو ِ َّ ِ‬
‫لِل َ‬
‫‪.}97‬‬
‫‪70‬‬ ‫طلَّقَ َها فَ َل ت َ ِح ُّل َله ِمن بَ ْعد َحتَّى تَن ِك َح َز ْو ًجا َ‬
‫غي َْره﴾ {سورة البقرة‪:‬‬ ‫﴿فَ ِإن َ‬
‫‪.}228‬‬

‫‪70‬‬ ‫وصي بِ َها أ َ ْو َديْن﴾ {سورة النساء‪.}11 :‬‬


‫﴿ ِمن بَ ْع ِد َو ِصيَّة ي ِ‬

‫‪- 100 -‬‬


‫‪71‬‬ ‫طعوا أ َ ْي ِديَه َما َج َزا ًء ِب َما َك َ‬
‫سبَا﴾ {سورة المائدة‪:‬‬ ‫س ِارقَة فَ ْ‬
‫اق َ‬ ‫﴿ َوال َّ‬
‫س ِارق َوال َّ‬
‫‪.}40‬‬

‫عفَةً﴾ {سورة آل عمران‪:‬‬ ‫ضعَافًا ُّم َ‬


‫ضا َ‬ ‫ِين آ َمنوا َّل تَأْكلوا ِ‬
‫الربَا أ َ ْ‬ ‫﴿يَا أَيُّ َها الَّذ َ‬
‫‪71‬‬ ‫‪.}130‬‬

‫‪71‬‬ ‫ون﴾ {سورة البقرة‪:‬‬ ‫﴿ َو ِإن تبْت ْم فَلَك ْم رءوس أ َ ْم َوا ِلك ْم َّل ت َ ْظ ِلم َ‬
‫ون َو َّل ت ْظلَم َ‬
‫‪.}278‬‬
‫‪71‬‬ ‫الربَا﴾ {سورة البقرة‪.}274 :‬‬ ‫﴿ َوأ َ َح َّل َّ‬
‫ّللا ا ْلبَ ْي َع َو َح َّر َم ِ‬

‫‪77‬‬ ‫علَيْكم ا ْل َم ْيتَة َوالدَّم َولَحْ م ا ْل ِخن ِز ِ‬


‫ير﴾ {سورة المائدة‪.}4 :‬‬ ‫﴿ح ِر َمتْ َ‬

‫‪77‬‬ ‫ون َم ْيتَةً‬


‫طا ِعم يَ ْطعَمه إِ َّّل أَن يَك َ‬
‫علَى َ‬ ‫ي إِلَ َّ‬
‫ي م َح َّر ًما َ‬ ‫﴿قل َّّل أ َ ِجد فِي َما أ ِ‬
‫وح َ‬
‫نزير﴾ {سورة األنعام‪.}146 :‬‬ ‫سفو ًحا أ َ ْو لَحْ َم ِخ ِ‬
‫أ َ ْو َد ًما َّم ْ‬
‫‪78‬‬ ‫سحوا ِبوجو ِهك ْم َوأ َ ْيدِيكم ِم ْنه﴾‬ ‫ط ِيبًا فَ ْ‬
‫ام َ‬ ‫﴿فَلَ ْم ت َ ِجدوا َما ًء فَتَيَ َّمموا َ‬
‫ص ِعيدًا َ‬
‫{سورة المائدة‪.}6 :‬‬
‫‪79‬‬ ‫آن﴾ {سورة المزمل‪.}18 :‬‬ ‫س َر ِم َن ا ْلق ْر ِ‬ ‫﴿ َف ْ‬
‫اق َرءوا َما ت َ َي َّ‬

‫‪80‬‬ ‫طعوا أ َ ْي ِديَه َما﴾ {سورة المائدة‪.}40 :‬‬ ‫س ِارقَة فَ ْ‬


‫اق َ‬ ‫﴿ َوال َّ‬
‫س ِارق َوال َّ‬

‫‪80‬‬ ‫سلوا وجو َهك ْم َوأ َ ْي ِديَك ْم ِإ َلى‬


‫ص َل ِة فَا ْغ ِ‬ ‫﴿يَا أَيُّ َها الَّذ َ‬
‫ِين آ َمنوا ِإ َذا ق ْمت ْم ِإلَى ال َّ‬
‫ق﴾ {سورة المائدة‪.}7 :‬‬ ‫ا ْل َم َرافِ ِ‬
‫‪81‬‬ ‫{سورة النساء‪:‬‬ ‫شه َْري ِْن متَتَا ِب َعي ِْن ت َ ْو َبةً ِم َن َّ ِ‬
‫ّللا﴾‬ ‫﴿فَ َمن لَّ ْم يَ ِج ْد فَ ِصيَام َ‬
‫‪.}91‬‬

‫‪81‬‬ ‫ارة أ َ ْي َمانِك ْم ِإ َذا َحلَ ْفت ْم﴾ {سورة‬


‫﴿فَ َمن لَّ ْم يَ ِج ْد فَ ِصيَام ثَ َلث َ ِة أَيَّام َذ ِلكَ َكفَّ َ‬
‫المائدة‪.}91 :‬‬

‫‪82‬‬ ‫سلوا وجو َهك ْم َوأ َ ْي ِديَك ْم ِإ َلى‬


‫ص َل ِة فَا ْغ ِ‬ ‫﴿يَا أَيُّ َها الَّذ َ‬
‫ِين آ َمنوا إِ َذا ق ْمت ْم ِإلَى ال َّ‬
‫ق﴾ {سورة المائدة‪.}7 :‬‬ ‫ا ْل َم َرافِ ِ‬

‫‪- 101 -‬‬


‫‪82‬‬ ‫سحوا ِبوجو ِهك ْم َوأَ ْيدِيكم ِم ْنه﴾‬
‫طيِبًا فَا ْم َ‬ ‫﴿فَلَ ْم ت َ ِجدوا َما ًء فَت َ َي َّمموا َ‬
‫ص ِعيدًا َ‬
‫{سورة المائدة‪.}7 :‬‬
‫‪82‬‬ ‫طأ ً فَتَحْ ِرير َر َقبَة ُّم ْؤ ِمنَة﴾ {سورة النساء‪.}91 :‬‬‫﴿ َو َمن َقت َ َل م ْؤ ِمنًا َخ َ‬

‫‪83‬‬ ‫سائِ ِه ْم ث َّم يَعودو َن ِل َما قَالوا فَتَحْ ِرير َرقَبَة ِمن قَ ْب ِل‬ ‫ِين يَ َّ‬
‫ظ َّهر َ‬
‫ون ِمن ِن َ‬ ‫﴿ َوالَّذ َ‬
‫سا﴾ {سورة المجادلة‪.}3 :‬‬ ‫أَن يَت َ َما َّ‬
‫‪85‬‬ ‫ستَش ِْهدوا ش َِهي َدي ِْن ِمن ِر َجا ِلك ْم﴾ {سورة البقرة‪.}281 :‬‬
‫﴿ َوا ْ‬

‫‪85‬‬ ‫﴿ َوأَش ِْهدوا َذ َو ْي َ‬


‫عدْل ِمنك ْم﴾ {سورة الطالق‪.}2 :‬‬

‫‪- 102 -‬‬


‫فهرس األحاديث النبوية الشريفة‬

‫الصفحة‬ ‫متن الحديث‬


‫‪5‬‬ ‫اس لَم يَشكُر َّ َ‬
‫ّللا»‬ ‫« َمن لَم يَشكُر النَّ َ‬

‫‪5‬‬ ‫يرنَا»‬
‫يرنَا َويُوقر كَب َ‬ ‫س منَّا َمن لَم يَر َحم َ‬
‫صغ َ‬ ‫«لَي َ‬

‫‪9‬‬ ‫ع َم اًل أَن يُتقنَهُ»‬


‫ب إ َذا عَم َل أ َ َح ُدكُم َ‬‫اركَ َوتَعَالَى يُح ُّ‬
‫ّللا ت َ َب َ‬
‫«إ َّن َّ َ‬
‫‪9‬‬ ‫ص َوركُم َوأَم َوالكُم َو َلكن يَن ُ‬
‫ظ ُر إلَى قُلُوبكُم‬ ‫ظ ُر إلَى ُ‬ ‫ّللا لَ يَن ُ‬ ‫«إ َّن َّ َ‬
‫َوأَع َمالكُم»‬
‫‪9‬‬ ‫ّللاُ به َخي ارا يُ َفقههُ في الدين»‬ ‫« َمن يُرد َّ‬

‫‪47‬‬ ‫«لَ نكَا َح إل َّ ب َولي»‬

‫‪61‬‬ ‫«لَكَ َما َن َويتَ يَا يَزيدُ‪َ ،‬ولَكَ َما أ َ َخذتَ َيا َمع ُن»‬

‫‪61‬‬ ‫اركَ َوتَعَالَى َيا اب َن آ َد َم أَنفق أُنفق َ‬


‫علَيكَ »‬ ‫«قَا َل َّ‬
‫ّللاُ تَبَ َ‬

‫‪62‬‬ ‫سافر ال َمرأَةُ إل َّ َم َع ذي َمح َرم‪َ ،‬ولَ يَد ُخ ُل َ‬


‫علَي َها َر ُجل إل َّ َو َمعَ َها‬ ‫«ل َ ت ُ َ‬
‫َمح َرم»‬
‫‪62‬‬ ‫يرةَ يَوم إل َّ َم َع ذي‬ ‫ساف ُر َمس َ‬ ‫«لَ يَح ُّل لم َرأَة تُؤم ُن ب َّ‬
‫اّلل َواليَوم اآلخر ت ُ َ‬
‫َمح َرم‬
‫‪62‬‬ ‫يرةَ يَوم َولَيلَة إلَّ‬ ‫اّلل َواليَوم اآلخر ت ُ َ‬
‫ساف ُر َمس َ‬ ‫«لَ يَح ُّل لم َرأَة تُؤم ُن ب َّ‬
‫علَي َها»‬
‫َم َع ذي َمح َرم َ‬
‫‪62‬‬ ‫سافر ال َمرأَةُ َيو َمين إل َّ َم َع َها َزو ُج َها أَو ذُو َمح َرم»‬‫«ل َ ت ُ َ‬

‫‪- 103 -‬‬


‫‪63‬‬ ‫ّللا أَق َ‬
‫ط ُع»‬ ‫« ُك ُّل أَمر ذي بَال لَ يُب َدأ ُ فيه بذكر َّ‬

‫‪63‬‬ ‫الرح َمن فَ ُه َو أَق َ‬


‫ط ُع»‬ ‫« ُك ُّل أَمر ذي بَال لَ يُب َدأ ُ فيه ببسم َّ‬
‫ّللا َّ‬
‫‪63‬‬ ‫ّللا أَق َ‬
‫ط ُع»‬ ‫« ُك ُّل أَمر ذي بَال لَ يُب َدأ ُ فيه ب َحمد َّ‬

‫‪64‬‬ ‫ث فيه َما نَف َ‬


‫سهُ‬ ‫ضأ َ نَح َو ُوضُوئي َه َذا ث ُ َّم قَا َم فَ َر َك َع َركعَتَين لَ يُ َحد ُ‬ ‫« َمن ت َ َو َّ‬
‫غف َر لَهُ َما تَقَ َّد َم من َذنبه»‬‫ُ‬
‫‪69‬‬ ‫غف َر لَهُ َما ت َ َق َّد َم من َذنبه»‬
‫ساباا ُ‬ ‫ان إي َماناا َواحت َ‬ ‫ض َ‬
‫صا َم َر َم َ‬ ‫« َمن َ‬
‫‪69‬‬ ‫ع»‬ ‫ع نَخًلا قَد أُب َرت فَث َ َم ُر َها لل َبائع‪ ،‬إل َّ أَن َيشتَر َ‬
‫ط ال ُمبتَا ُ‬ ‫« َمن َبا َ‬

‫‪70‬‬ ‫طًلَقَ في إغًلَق»‬ ‫«ل َ َ‬


‫‪70‬‬ ‫ث كَبير‪-‬أَو كَثير‪ -‬إنَّكَ أَن ت َ َذ َر َو َرثَتَكَ أَغن َيا َء َخير من أَن‬ ‫ث َوالثُّل ُ‬ ‫«الثُّلُ ُ‬
‫ت َ َذ َر ُهم عَالَةا َيت َ َكفَّفُ َ‬
‫ون النَّ َ‬
‫اس»‬
‫‪78‬‬ ‫ضربَة لليَدَين إ َلى المرفَقَين»‬ ‫ضربَة لل َوجه َو َ‬ ‫ضربَتَان َ‬ ‫«التَّيَ ُّم ُم َ‬
‫‪78‬‬ ‫ي أ َ َح ُدكُم إلَى ال َولي َمة فَليُجب»‬
‫«إ َذا دُع َ‬

‫‪78‬‬ ‫ي أ َ َح ُدكُم إلَى َولي َمة عُرس فَليُجب»‬


‫«إ َذا دُع َ‬
‫‪78‬‬ ‫غف َر لَهُ َما ت َ َق َّد َم من َذنبه»‬
‫ساباا ُ‬
‫ان إي َماناا َواحت َ‬
‫ض َ‬‫صا َم َر َم َ‬
‫« َمن َ‬
‫‪78‬‬ ‫ض َ‬
‫ان ُمكَف َرات‬ ‫س َوال ُج ُمعَةُ إلَى ال ُج ُمعَة َو َر َم َ‬
‫ضا ُن إلَى َر َم َ‬ ‫صلَ َواتُ ال َخم ُ‬ ‫«ال َّ‬
‫ب ال َك َبائ َر»‬‫َما بَينَ ُه َّن إ َذا اجتَنَ َ‬
‫‪89‬‬ ‫صًلَةَ ل َمن لَم يَق َرأ بفَات َحة الكتَاب»‬ ‫«ل َ َ‬
‫‪89‬‬ ‫«فَ ُحجي عَنهُ»‬
‫‪89‬‬ ‫« ُح َّج عَن نَفسكَ ث ُ َّم اح ُجج عَن شُب ُر َمةَ»‬

‫‪- 104 -‬‬


‫فهرس المصادر والمراجع‬

‫‪ ‬القرآن الكريم برواية ورش عن نافع‪.‬‬

‫(أ)‬
‫‪ o‬أصول الفقه الذي ال يسع الفقيه جهله للدكتور عياض بن نامي السلمي‪ ،‬ط‪1426( :1‬هـ ‪-‬‬
‫‪2005‬م)‪ ،‬دار التدمرية للنشر والتوزيع‪ ،‬المملكة العربية السعودية ‪-‬الرياض‪.-‬‬

‫‪ o‬أهم الكتب التي أثرت في فكر األمة في القرنين التاسع عشر والعشرين ميالدي (الرابع عشر‬
‫والخامس عسر للهجرة) لمجموعة من الباحثين والمؤلفين‪ - :‬الدكتور عبد الحميد أحمد أبو‬
‫سليمان‪ - ،‬والدكتور رفعت عوضي‪ - ،‬والدكتور عبد الرحمن النقيب‪ ،‬وراجعه‪ - :‬الدكتور‬
‫زكريا سليمان بيومي‪ - ،‬والدكتور صالح عبد السميع عبد الرزاق‪ ،‬دار الكلمة‪.‬‬

‫‪ o‬األعالم لخير الدين الزركلي الدمشقي (ت‪1396 :‬هـ)‪ ،‬ط ‪ ،15‬دار العلم للماليين ‪-‬بيروت‪.-‬‬

‫‪ o‬أصول الفقه اإلسالمي للدكتور محمد مصطفى شلبي (ت‪1997 :‬م)‪ ،‬الدار الجامعية للطباعة‬
‫والنشر ‪-‬بيروت‪.-‬‬

‫‪ o‬أصول الفقه لمحمد أبو زهرة (ت‪1394 :‬هـ)‪ ،‬دار الفكر العربي‪.‬‬

‫‪ o‬آراء العلماء في حمل المطلق على المقيد للدكتور رمضان محمد عيد هتيمي‪.‬‬

‫‪ o‬إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم األصول للشوكاني (ت‪1250 :‬هـ)‪ ،‬دار الطباعة‬
‫المنيرية ‪-‬بمصر‪.-‬‬

‫‪- 105 -‬‬


‫‪ o‬اإلحكام في أصول األحكام لعلي بن محمد األمدي (ت‪631 :‬هـ)‪ ،‬علق عليه عبد الرازق‬
‫عفيفي‪ ،‬ط‪1424( :1‬هـ ‪2003 -‬م)‪ ،‬دار الصميعي للنشر والتوزيع‪ ،‬المملكة العربية السعودية‬
‫‪-‬الرياض‪.-‬‬

‫‪ o‬االجتهاد األصولي عند أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي هللا عنه للدكتور محمد فؤاد‬
‫ضاهر‪ ،‬ط‪1438( :1‬هـ ‪2017 -‬م)‪ ،‬مبرة اآلل واألصحاب ‪-‬الكويت‪-‬‬

‫‪ o‬االجتهاد بالرأي في عصر الخالفة الراشدة للدكتور عبد الرحمن بن معمر السنوسي‪ ،‬ط‪:1‬‬
‫(‪1432‬هـ ‪2011 -‬م)‪ ،‬اإلصدار الحادي والعشرون بقلم رئيس تحرير مجلة الوعي اإلسالمي‪.‬‬

‫(ب)‬
‫‪ o‬برنامج تلفزيوني (حضر له الدكتور محمد فتحي الدريني) يهدف إلى توثيق سير علماء األمة‪،‬‬
‫سجل سنة‪2002( :‬م)‪ ،‬بعنوان‪ :‬حديث الذكريات‪ ،‬تقديم‪ :‬الدكتور جاسم المطوع‪ ،‬علماء‬
‫مبدعون‪ ،‬من موقع "يوتيوب"‪ ،‬وهي حلقة ناذر للشيخ رحمه هللا‪.‬‬

‫‪ o‬بيان للناس من األزهر الشريف‪ ،‬تقديم جماعة من العلماء‪ ،‬مطبعة المصحف الشريف‪.‬‬

‫‪ o‬بحوث مقارنة في الفقه اإلسالمي وأصوله للدكتور فتحي الدريني‪ ،‬ط‪1429( :2‬هـ ‪-‬‬
‫‪2008‬م)‪ ،‬مؤسسة الرسالة ‪-‬بيروت‪.-‬‬

‫‪ o‬البدعة أسبابها ومضارها للشيخ محمود شلتوت (ت‪1383 :‬هـ )‪ ،‬ضبط وتعليق وتخريج علي‬
‫حسن علي عبد الحميد‪ ،‬ط‪1408( :1‬هـ ‪1988 -‬م)‪ ،‬مكتبة ابن الجوزي‪ ،‬المملكة العربية‬
‫السعودية‪.‬‬

‫‪ o‬بيان المختصر شرح مختصر المنتهى في أصول الفقه البن الحاجب (ت‪646 :‬هـ)‪ ،‬تأليف‬
‫محمد بن عبد الرحمن بن أحمد شمس الدين األصفهاني (ت‪749 :‬هـ)‪ ،‬تحقيق الدكتور محمد‬
‫مظهر بقا‪ ،‬دار التراث اإلسالمي‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪.‬‬

‫‪ o‬البحر المحيط في أصول الفقه للزركشي (ت‪794 :‬هـ)‪ ،‬قام بتحريره الدكتور سليمان األشقر‪،‬‬
‫وراجعه‪ :‬الدكتور الستار أبو غدة والدكتور سليمان األشقر‪ ،‬ط‪1413( :2‬هـ ‪1992-‬م)‪ ،‬دار‬
‫الصفوة ‪-‬بالغردقة‪.-‬‬

‫‪- 106 -‬‬


‫‪ o‬البرهان في علوم القرآن للزركشي (ت‪794 :‬هـ)‪ ،‬تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم‪ ،‬ط‪:2‬‬
‫(‪1304‬هـ ‪1984 -‬م)‪ ،‬مكتبة التراث ‪-‬القاهرة‪.-‬‬

‫(ت)‬
‫‪ o‬تاج العروس من جواهر القاموس للسيد محمد المرتضى الزبيدي (ت‪1205 :‬هـ)‪ ،‬تحقيق عبد‬
‫الكريم العزباوي‪ ،‬ط‪1410( :2‬هـ ‪1990-‬م)‪ ،‬دار التراث العربي ‪-‬الكويت‪.-‬‬

‫‪ o‬تقويم النظر في مسائل خالفية ذائعة ونبذ مذهبية نافعة البن الدهان (ت‪592:‬هـ)‪ ،‬تحقيق‬
‫الدكتور صالح بن ناصر بن صالح الخزيم‪ ،‬ط‪1422( :1‬هـ ‪2001 -‬م)‪ ،‬مكتبة الرشد ‪-‬‬
‫الرياض‪.-‬‬

‫‪ o‬التحبير شرح التحرير في أصول الفقه لعالء الدين المرداوي (ت‪825 :‬هـ)‪ ،‬تحقيق الدكتور‬
‫عبد الرحمن بن عبد هللا الجبرين‪ ،‬ط‪1422( :1‬هـ ‪2001 -‬م)‪ ،‬مكتبة الرشد ‪-‬الرياض‪.-‬‬

‫‪ o‬تقريب الوصول إلى علم األصول البن جزي الكلبي الغرناطي (ت‪741 :‬هـ)‪ ،‬تحقيق ودراسة‬
‫وتعليق‪ :‬الدكتور محمد المختار بن الشيخ محمد األمين الشنقيطي‪ ،‬ط‪1423( :2‬هـ ‪2002 -‬م)‪.‬‬

‫‪ o‬التمهيد شرح مختصر األصول من علم األصول للعالمة محمد بن صالح العثيمين (ت‪:‬‬
‫‪1420‬هـ)‪ ،‬تأليف أبي المنذر محمود بن محمد بن مصطفى المنياوي‪ ،‬ط‪1432( :1‬هـ ‪-‬‬
‫‪2011‬م)‪ ،‬المكتبة الشاملة‪.‬‬

‫(ج)‬
‫‪ o‬الجامع لشعب اإليمان للبيهقي (ت‪457 :‬هـ)‪ ،‬ط‪1423( :1‬هـ ‪2003 -‬م)‪ ،‬مكتبة الرشد‪،‬‬
‫المملكة العربية السعودية ‪-‬الرياض‪.-‬‬

‫‪ o‬جمع الجوامع في أصول الفقه لتاج الدين السبكي (ت‪771 :‬هـ)‪ ،‬علق عليه ووضع حواشيه‪:‬‬
‫عبد المنعم خليل إبراهيم‪ ،‬ط‪1424( :2‬هـ ‪2003 -‬م)‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪-‬بيروت‪.-‬‬
‫(ح)‬

‫‪- 107 -‬‬


‫‪ o‬الحق ومدى سلطان الدولة في تقييده للعالمة فتحي الدريني (ت‪2013 :‬م)‪ ،‬ط‪1404( :3‬هـ‬
‫‪1984 -‬م)‪ ،‬مؤسسة الرسالة ‪-‬بيروت‪.-‬‬

‫‪ o‬الحدود في األصول البن خلف الباجي (ت‪474 :‬هـ)‪ ،‬تحقيق نزيه حماد‪ ،‬مؤسسة الزعبي ‪-‬‬
‫بيروت‪.-‬‬
‫(خ)‬
‫‪ o‬خصائص التشريع اإلسالمي في السياسة والحكم للدكتور فتحي الدريني‪ ،‬ط‪1434( :2‬هـ ‪-‬‬
‫‪2013‬م)‪ ،‬مؤسسة الرسالة ‪-‬بيروت‪.-‬‬

‫(د)‬
‫‪ o‬ديوان األعشى بن قيس (ت‪7 :‬هـ)‪.‬‬

‫(ر)‬
‫‪ o‬روضة الناظر وجنة المناظر في أصول الفقه على مذهب اإلمام أحمد ابن حنبل البن قدامة‬
‫المقدسي (ت‪620 :‬هـ)‪ ،‬تحقيق محمد مرابي‪ ،‬ط‪1430( :1‬هـ ‪2009 -‬م)‪ ،‬مؤسسة الرسالة ‪-‬‬
‫لبنان‪.-‬‬

‫(ز)‬
‫‪ o‬زهرة التفاسير لإلمام الجليل محمد أبو زهرة (ت‪1898 :‬هـ)‪ ،‬سنة الطبع‪1433( :‬هـ ‪-‬‬
‫‪2012‬م)‪ ،‬دار الفكر العربي ‪-‬القاهرة‪.-‬‬

‫(س)‬
‫‪ o‬السنة النبوية المصدر الثاني للتشريع اإلسالمي ومكانتها من حيث االحتجاج والمرتبة والبيان‬
‫والعمل للدكتورة رقية بنت نصر هللا نياز‪ ،‬دار مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف‬
‫بالمدينة المنورة‪.‬‬

‫‪ o‬سنن الترمذي (ت‪279 :‬هـ)‪ – .‬سنن الدارقطني (‪385‬هـ)‪.‬‬

‫(ش)‬
‫‪- 108 -‬‬
‫‪ o‬الشيخ علي الخفيف الفقيه المجدد (ت‪1398 :‬هـ)‪ ،‬للدكتور محمد عثمان شبير‪ ،‬ط‪1423( :1‬هـ‬
‫‪2002 -‬م)‪ ،‬دار القلم ‪-‬دمشق‪.-‬‬

‫‪ o‬شرح مختصر الروضة البن سعيد الطوفي (ت‪716 :‬هـ)‪ ،‬تحقيق الدكتور عبد هللا بن عبد‬
‫المحسن التركي‪ ،‬ط‪1419( :2‬هـ ‪1998 -‬م)‪.‬‬

‫‪ o‬شرح المختصر في أصول الفقه البن اللحام (ت‪803 :‬هـ)‪ ،‬شرح الدكتور سعد بن ناصر بن‬
‫عبد العزيز الشتري‪ ،‬اعتنى به عبد الناصر بن عبد القادر البشبيشي‪ ،‬ط‪1428( :1‬هـ ‪-‬‬
‫‪2007‬م)‪ ،‬دار كنوز اشبيليا للنشر والتوزيع‪ ،‬المملكة العربية السعودية ‪-‬الرياض‪.-‬‬

‫‪ o‬شرح تنقيح الفصول في اختيار المحصول لشهاب الدين القرافي (ت‪684 :‬هـ)‪ ،‬طبعة جديدة‬
‫منقحة مصححة باعتناء مكتب البحوث والدراسات بدار الفكر‪ ،‬سنة الطبع‪1424( :‬هـ ‪-‬‬
‫‪2004‬م)‪- ،‬بيروت‪.-‬‬

‫‪ o‬شرح منتهى اإلرادات = دقائق أولي النهى لشرح المنتهى للشيخ منصور بن يونس بن إدريس‬
‫البهوتي (ت‪1051 :‬هـ)‪ ،‬تحقيق عبد هللا بن عبد المحسن التركي‪.‬‬

‫‪ o‬شرح الورقات في أصول الفقه بقلم عبد هللا بن صالح الفوزان‪ ،‬تقديم‪ :‬أحمد بن عبد هللا بن‬
‫حميد‪ ،‬ط‪1417( :3‬هـ ‪1996 -‬م)‪.‬‬

‫‪ o‬شرح غاية السول إلى علم األصول البن المبرد (ت‪909 :‬هـ)‪ ،‬تحقيق أحمد بن طرقي‪ ،‬ط‪:1‬‬
‫(‪1421‬هـ ‪2000 -‬م)‪ ،‬دار البشائر اإلسالمية ‪-‬بيروت‪.-‬‬

‫(ص)‬
‫‪ o‬صحيح البخاري (ت‪256 :‬هـ)‪ – .‬صحيح مسلم (ت‪261 :‬هـ)‪.‬‬

‫‪ o‬الصاحبي في فقه اللغة العربية ومسائلها وسنن العرب في كالمها ألبي الحسين أحمد بن‬
‫فارس زكريا الرازي اللغوي (ت‪395 :‬هـ)‪ ،‬تحقيق الدكتور عمر فاروق الطباع‪ ،‬ط‪:1‬‬
‫(‪1414‬هـ ‪1993 -‬م)‪ ،‬مكتبة المعارف ‪-‬بيروت‪.-‬‬

‫(ط)‬

‫‪- 109 -‬‬


‫‪ o‬طلعت الشمس شرح شمس األصول تأليف العالمة المحقق نور الدين عبد هللا بن حميد السالمي‬
‫(ت‪1332 :‬هـ)‪ ،‬تحقيق عمر حسن القيام‪ ،‬مكتبة اإلمام السالمية والية بدية ‪-‬سلطنة عمان‪.-‬‬

‫‪ o‬طرح التثريب في شرح التقريب للحافظ الكبير زين الدين أبي الفضل عبد الرحيم بن الحسين‬
‫العراقي (ت‪806 :‬هـ)‪ ،‬حققه ابنه أحمد بن عبد الرحيم أبو زرعة (شرحه الحافظ الكبير إلى‬
‫باب السهو في الصالة‪ ،‬وأتم شرحه ابنه الحافظ الصغير ولي الدين أبي زرعة)‪ ،‬دار إحياء‬
‫التراث العربي ‪-‬بيروت‪.-‬‬

‫(ع)‬
‫‪ o‬عبد الوهاب خالف الفقيه األصولي المجدد للدكتور محمد شبير‪ ،‬ط‪1431( :1‬هـ ‪-‬‬
‫‪2010‬م)‪ ،‬دار القلم ‪-‬دمشق‪.-‬‬

‫‪ o‬العين مرتبا على حروف تصنيف الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت‪170 :‬هـ)‪ ،‬تحقيق‬
‫الدكتور عبد الحميد هنداوي‪ ،‬ط‪1424( :1‬هـ ‪2003 -‬م)‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪-‬لبنان‪.-‬‬

‫‪ o‬علم أصول الفقه وخالصة التشريع اإلسالمي لعبد الوهاب خالف (ت‪1375 :‬هـ)‪ ،‬دار‬
‫الفكر العربي ‪-‬القاهرة‪.-‬‬
‫‪ o‬العدة في أصول الفقه للقاضي أبي يعلى (ت‪458 :‬هـ)‪ ،‬تحقيق الدكتور أحمد بن علي سير‬
‫المباركي‪ ،‬ط‪1414( :3‬هـ ‪1993 -‬م)‪ ،‬المملكة العربية السعودية ‪-‬الرياض‪.-‬‬

‫(غ)‬
‫‪ o‬الغيث الهامع شرح جمع الجوامع للحافظ أبو زرعة (ت‪826 :‬هـ)‪ ،‬تحقيق محمد تامر‬
‫حجازي‪ ،‬ط‪1425( :1‬هـ ‪2004 -‬م)‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪-‬بيروت‪.-‬‬

‫(ف)‬
‫‪ o‬الفتاوى المهمات للشيخ محمود شلتوت في العقائد والغيبيات والبدع والمنكرات‪،‬‬
‫استخرجها وعلق عليها‪ :‬علي حسن بن علي بن عبد الحميد الحلبي األثري‪ ،‬ط‪:1‬‬
‫(‪1412‬هـ ‪1992 -‬م)‪ ،‬دار ابن الجوزي المملكة العربية السعودية‪.‬‬

‫‪- 110 -‬‬


‫‪ o‬فواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت لمحب هللا عبد الشكور البهاري (ت‪1119 :‬هـ)‪،‬‬
‫ضبطه وصححه‪ :‬عبد هللا محمود محمد عمر‪ ،‬ط‪1423( :1‬هـ ‪2002 -‬م)‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية ‪-‬بيروت‪.-‬‬

‫‪ o‬الفتاوى الفقهية الكبرى للعالمة ابن حجر المكي الهيتمي (ت‪974 :‬هـ)‪.‬‬

‫‪ o‬الفتوحات الربانية على األذكار النواوية البن عالن البكري الصديقي (ت‪1057 :‬هـ)‪،‬‬
‫ضبطه وصححه وخرج آياته‪ :‬عبد المنعم خليل إبراهيم‪ ،‬ط‪1424( :1‬هـ ‪2004 -‬م)‪ ،‬دار‬
‫الكتب العلمية ‪-‬بيروت‪.-‬‬

‫(ق)‬
‫‪ o‬القاموس المحيط لمجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي (ت‪817 :‬هـ)‪ ،‬نسخة منقحة‬
‫وعليها تعليقات الشيخ أبو الوفا نصر الهوريني المصري الشافعي (ت‪1291 :‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫أنس محمد الشامي وزكريا جابر أحمد‪ ،‬سنة الطبع‪1429( :‬هـ ‪2008 -‬م)‪ ،‬دار الحديث للنشر‬
‫والتوزيع ‪-‬القاهرة‪.-‬‬

‫‪ o‬قواطع األدلة في األصول لإلمام عبد الجبار السمعاني (ت‪489 :‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد حسن‬
‫محمد حسن اسماعيل‪ ،‬ط‪1418( :1‬هـ ‪1997-‬م)‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪-‬بيروت‪.-‬‬

‫(ك)‬
‫‪ o‬كشف األسرار على أصول البزدوي (ت‪482 :‬هـ)‪ ،‬لعبد العزيز أحمد بن محمد البخاري‬
‫عالء الدين (ت‪841 :‬هـ)‪.‬‬

‫(ل)‬
‫‪ o‬لسان العرب البن منظور (ت‪711 :‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد هللا علي الكبير‪ ،‬ومحمد أحمد حسب‬
‫هللا‪ ،‬وهاشم محمد الشاذلي‪ ،‬طبعة جديدة‪ ،‬دار المعارف ‪-‬القاهرة‪.-‬‬

‫‪- 111 -‬‬


‫‪ o‬اللمع في أصول الفقه لإلمام أبي إسحاق إبراهيم بن علي الفيروزآبادي الشيرازي (ت‪:‬‬
‫‪476‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد القادر الخطيب الحسني‪ ،‬ط‪1434( :2‬هـ ‪2013 -‬م)‪ ،‬مكتبة نظام‬
‫يعقوبي الخاصة ‪-‬البحرين‪.-‬‬

‫(م)‬
‫‪ o‬مجموع الفتاوى لشيخ اإلسالم أحمد بن تيمية (ت‪728 :‬هـ)‪ ،‬جمع وترتيب‪ :‬عبد الرحمن بن‬
‫محمد بن القاسم‪ ،‬وساعده ابنه محمد‪ ،‬دار مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة‬
‫المنورة‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪ ،‬سنة‪1425( :‬هـ ‪2004 -‬م)‪.‬‬

‫‪ o‬مقدمة ابن خلدون (ت‪1404 :‬م)‪ ،‬واسم األصلي للكتاب‪" :‬العبر وديوان المبتدأ والخبر في‬
‫أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان األكبر"‪ ،‬فضاء الفن والثقافة ‪-‬‬
‫المغرب‪.-‬‬

‫‪ o‬مزالق األصوليين وبيان القدر المحتاج إليه من علم األصول للعالمة اإلمام محمد بن إسماعيل‬
‫األمير الصنعاني (ت‪1182 :‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد صباح المنصور‪ ،‬ط‪1425( :1‬هـ ‪-‬‬
‫‪2004‬م)‪ ،‬ط‪1434( :2‬هـ ‪2013 -‬م)‪ ،‬مكتبة أهل األثر الكويت‪.‬‬

‫‪ o‬المناهج األصولية في االجتهاد بالرأي في التشريع اإلسالمي للدكتور فتحي الدريني‪ ،‬ط‪:3‬‬
‫(‪1434‬هـ ‪2013 -‬م)‪ ،‬مؤسسة الرسالة ‪-‬بيروت‪ ،-‬ط‪1405( :2‬هـ ‪1985 -‬م)‪ ،‬الشركة‬
‫المتحدة للتوزيع ‪-‬دمشق‪.-‬‬

‫‪ o‬محمد أبو زهرة إمام الفقهاء المعاصرين والمدافع الجريء عن حقائق الدين (ت‪1394 :‬هـ)‪،‬‬
‫للدكتور عثمان شبير‪ ،‬ط‪1427( :1‬هـ ‪2006 -‬م)‪ ،‬دار القلم ‪-‬دمشق‪-‬‬

‫‪ o‬المرجع في السيرة النبوية خاتم النبيين لإلمام محمد أبو زهرة‪ ،‬سنة الطبع‪1433( :‬هـ ‪-‬‬
‫‪2012‬م)‪ ،‬دار الفكر العربي ‪-‬القاهرة‪.-‬‬

‫‪ o‬معجم مقاييس اللغة ألبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا (ت‪395 :‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد السالم‬
‫محمد هارون‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع‪.‬‬

‫‪ o‬معجم اللغة العربية المعاصرة للدكتور أحمد مختار عمر (ت‪2003 :‬م)‪ ،‬ط‪1429( :1‬هـ ‪-‬‬
‫‪2008‬م)‪ ،‬عالم الكتب ‪-‬القاهرة‪.-‬‬

‫‪- 112 -‬‬


‫‪ o‬المعجم الوسيط لمجموعة من المؤلفين‪ - :‬إبراهيم أنيس‪ - ،‬عبد الحليم منتصر‪ - ،‬عطية‬
‫الصوالحي‪ - ،‬محمد خلف هللا أحمد‪ ،‬ط‪1425( :4‬هـ ‪2004 -‬م)‪ ،‬مجمع اللغة العربية‪ ،‬مكتبة‬
‫الشروق الدولية ‪-‬القاهرة‪.-‬‬

‫‪ o‬معجم متن اللغة (موسوعة لغوية حديثة) للعالمة اللغوي الشيخ أحمد رضا (ت‪1372 :‬هـ)‪،‬‬
‫سنة الطبع‪1378( :‬هـ ‪ ،)1959 -‬دار مكتبة الحياة ‪-‬بيروت‪.-‬‬

‫‪ o‬المعجم الوجيز إصدار مجمع اللغة العربية ‪-‬القاهرة‪.-‬‬

‫‪ o‬المصباح المنير تأليف أحمد بن محمد بن علي الفيومي (ت‪770 :‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬الدكتور عبد‬
‫العظيم الشناوي‪ ،‬ط‪ :2‬دار المعارف ‪-‬القاهرة‪.-‬‬

‫‪ o‬مختصر التحرير في أصول البن النجار (ت‪972 :‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد مصطفى رمضان‪،‬‬
‫ط‪1420( :1‬هـ ‪2000-‬م)‪ ،‬مكتبة دار األرقم‪ ،‬المملكة العربية السعودية ‪-‬الرياض‪.-‬‬

‫‪ o‬المسودة في أصول الفقه‪ ،‬تتابع على تصنيفه ثالثة من أئمة آل تيمية‪ -1 :‬مجد الدين أبو‬
‫البركات عبد السالم بن عبد هللا بن الخضر(ت‪652 :‬هـ)‪ -2 ،‬شهاب الدين أبو المحاسن عبد‬
‫الحليم بن عبد السالم (ت‪682 :‬هـ)‪ -3 ،‬شيخ اإلسالم تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد‬
‫الحليم (ت‪728 :‬هـ)‪ ،‬وجمعها شهاب الدين أبو العباس الفقيه الحنبلي‪ :‬أحمد بن محمد بن أحمد‬
‫بن عبد الغني (ت‪745 :‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد محيي الدين عبد الحميد‪ ،‬سنة الطبع‪1384( :‬هـ‬
‫‪1964 -‬م)‪ ،‬مطبعة المدني ‪-‬القاهرة‪.-‬‬

‫‪ o‬ميزان األصول في نتائج العقول للسمرقندي (ت‪539 :‬هـ)‪ ،‬تحقيق الدكتور محمد زكي عبد‬
‫البر‪ ،‬ط‪1404( :1‬هـ ‪1984 -‬م)‪ ،‬مطبعة الدوحة‪.‬‬

‫‪ o‬المحصول في علم أصول الفقه لفخر الدين الرازي (ت‪606 :‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬الدكتور طه جابر‬
‫فياض العلواني‪ ،‬ط‪1412( :2‬هـ ‪1992 -‬م)‪ ،‬مؤسسة الرسالة ‪-‬بيروت‪-‬‬

‫‪ o‬الموافقات لإلمام الشاطبي (ت‪790 :‬هـ)‪ ،‬تقديم‪ :‬فضيلة الشيخ بكر بن عبد هللا أبو زيد‪ ،‬وضبط‬
‫نصه وقدم له وعلق عليه وخرج أحاديثه‪ :‬أبو عبيدة مشهور بن حسين آل سلمان‪ ،‬ط‪:1‬‬
‫(‪1416‬هـ ‪1997 -‬م)‪ ،‬دار ابن عفان‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪.‬‬

‫‪- 113 -‬‬


‫‪ o‬المطلق والمقيد وأثرهما في اختالف للدكتور محمد بن حمدي الصاعدي‪ ،‬ط‪1428( :2‬هـ)‪،‬‬
‫المملكة العربية السعودية‪.‬‬

‫‪ o‬المدونة الكبرى لإلمام مالك بن أنس األصبحي (ت‪179 :‬هـ)‪ ،‬رواية اإلمام سحنون بن سعيد‬
‫التنوخي عن اإلمام عبد الرحمن بن القاسم العتقي‪.‬‬

‫‪ o‬المعتمد في أصول الفقه ألبي الحسين محمد بن علي بن الطيب البصري (ت‪436 :‬هـ)‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬محمد حميد هللا بتعاون محمد بكر وحسن حنفي‪ ،‬سنة الطبع‪1384( :‬هـ ‪1964 -‬م)‪،‬‬
‫المعهد العلمي للدراسات العربية ‪-‬دمشق‪.-‬‬

‫‪ o‬موقع الجزيرة؛ وهي موسوعة إلكترونية إخبارية تختص بالتعريف بالشخصيات والهيئات‬
‫واألحداث والقضايا والمصطلحات السائدة‪ ،‬موثوقة المصدر‪.‬‬

‫(ن)‬
‫‪ o‬نفائس األصول في شرح المحصول لإلمام الفقيه شهاب الدين أبي العباس أحمد بن إدريس‬
‫بن عبد الرحمن الصنهاجي المصري المشهور بالقرافي (ت‪684 :‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬الشيخ عادل‬
‫أحمد عبد الموجود والشيخ علي محمد معوض قرظه‪ ،‬ط‪( :1‬ت‪1416 :‬هـ ‪1995 -‬م)‪ ،‬مكتبة‬
‫نزار مصطفى الباز‪.‬‬

‫‪ o‬نهاية السول في شرح منهاج الوصول في علم أصول الفقه لإلمام جمال الدين عبد الرحيم‬
‫اإلسنوي (ت‪772 :‬هـ)‪ ،‬تحقيق عبد القادر محمد علي‪ ،‬ط‪1420( :1‬هـ ‪1999 -‬م)‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية بيروت‪.-‬‬

‫‪ o‬نظرية التعسف في استعمال الحق في الفقه اإلسالمي للدكتور محمد فتحي الدريني (ت‪:‬‬
‫‪2013‬م)‪ ،‬ط‪1387( :1‬هـ ‪1967 -‬م)‪ ،‬ط‪1408( :4‬هـ ‪1988 -‬م)‪ ،‬مؤسسة الرسالة ‪-‬‬
‫بيروت‪.-‬‬

‫‪ o‬نظرية المقاصد عند اإلمام الشاطبي للدكتور أحمد الريسوني‪ ،‬تقديم‪ :‬طه جابر العلواني‪ ،‬سنة‬
‫الطبع‪1416( :‬هـ ‪1995 -‬م)‪ ،‬المعهد العالمي للفكر اإلسالمي‪.‬‬

‫‪ o‬نهاية المطلب في دراية المذهب إلمام الحرمين (ت‪478 :‬هـ)‪ ،‬تحقيق الدكتور عبد العظيم‬
‫محمود الديب‪ ،‬ط‪1428 ( :1‬هـ ‪2007 -‬م)‪.‬‬

‫‪- 114 -‬‬


‫‪ o‬نيل األوطار للشوكاني (ت‪1250 :‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد صبحي بن حسن حالق‪ ،‬دار ابن‬
‫الجوزي‪.‬‬

‫(و)‬
‫‪ o‬وسطية اإلسالم للشيخ محمد محمد المدني (ت‪1388 :‬هـ)‪ ،‬دراسة وتقديم وتعليق‪ :‬الدكتور‬
‫محمد عمارة‪ ،‬ط‪1437( :1‬هـ ‪2016 -‬م)‪ ،‬دار البشير للثقافة والعلوم‪.‬‬

‫‪ o‬الوجيز في أصول الفقه اإلسالمي (الحكم الشرعي وطرق استنباطه من األدلة) للدكتور زكي‬
‫زكي حسين زيدان‪ ،‬سنة الطبع‪1427( :‬هـ ‪2003 -‬م)‪ ،‬جامعة طنطا ‪-‬مصر‪.-‬‬

‫‪ o‬الوجيز في أصول الفقه اإلسالمي (الدالالت‪ ،‬االجتهاد والتقليد والفتوى‪ ،‬التعارض‪ .‬والترجيح)‬
‫للدكتور محمد مصطفى الزحيلي‪ ،‬ط‪1427( :2‬هـ ‪2006 -‬م)‪ ،‬دار الخير للنشر والتوزيع ‪-‬‬
‫دمشق‪.-‬‬

‫‪- 115 -‬‬


‫فهرس الموضوعات‬
‫مقدمة‪8....................................................................................................‬‬
‫الفصل التمهيدي‪ :‬التعريف بالعلمة فتحي الدريني وكتابه المناهج اْلصولية‪20......................‬‬
‫المبحث اْلول‪ :‬البطاقة الشخصية للعلمة اْلصولي فتحي الدريني‪21..................................‬‬
‫المطلب اْلول‪ :‬وَلدته ونشأته ومحنته في طلب العلم‪21................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مسيرته العلمية والعملية وبعض أهم شيوخه‪22.......................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬مؤهلته العلمية وأهم النظريات التي أسسها…‪26....................................‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬آثاره وثناء وآراء العلماء فيه ووفاته‪28...............................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬تأثر فتحي الدريني بفكر اْلمام الشاطبي وكتابه الموافقات‪31.........................‬‬
‫المطلب اْلول‪ :‬أقواله عن اْلمام الشاطبي‪31............................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أقواله عن كتاب الموافقات‪32...........................................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬بعض أقواله المختلفة السياق…‪32....................................................‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬التعريف بكتاب المناهج اْلصولية وبيان أهميته‪34....................................‬‬
‫المطلب اْلول‪ :‬تعريف موجز بكتاب المناهج اْلصولية‪34..............................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أهمية الكتاب وجهود مؤسسة الرسالة في العناية به‪37...............................‬‬
‫الفصل اْلول‪ :‬حقيقة المطلق والمقيد‪40.................................................................‬‬
‫المبحث اْلول‪ :‬تعريف المطلق والمقيد في بعض معاجم اللغة‪41.......................................‬‬
‫المطلب اْلول‪ :‬تعريف المطلق في اللغة‪41..............................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تعريف المقيد في اللغة‪43...............................................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬تعريف المطلق والمقيد اصطلحا عند الدريني وعند من وافقهم وخالفهم من علماء‬
‫اْلصول‪45.................................................................................................‬‬
‫المطلب اْلول‪ :‬تعريف المطلق اصطلحا عند الدريني وعند من وافقهم وخالفهم من علماء‬
‫اْلصول‪45.................................................................................................‬‬

‫‪- 116 -‬‬


‫المطلب الثاني‪ :‬تعريف المقيد اصطلحا عند الدريني وعند من وافقهم وخالفهم من علماء‬
‫اْلصول‪51.................................................................................................‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬المطلق والمقيد حكمهما والفرق والعلقة بينهما وخصائص المطلق عند‬
‫الدريني‪55.................................................................................................‬‬
‫المطلب اْلول‪ :‬حكم المطلق والمقيد عند الدريني‪55....................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الفرق والعلقة بين المطلق والمقيد‪56.................................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬الخصائص التي يتميز بها المطلق عند الدريني‪47.....................................‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬نصوص اْلطلق والتقييد عند الدريني‪58..............................................‬‬
‫المطلب اْلول‪ :‬نصوص اْلطلق عند الدريني‪57........................................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬نصوص التقييد عند الدريني‪67.........................................................‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬حمل المطلق على المقيد‪72..............................................................‬‬
‫المبحث اْلول‪ :‬حقيقة حمل المطلق على المقيد عند الدريني‪73........................................‬‬
‫المطلب اْلول‪ :‬ما المقصود بحمل المطلق على المقيد؟ وهل يعتبر ذلك بيان أم نسخ؟‪73..............‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬لماذا يجب حمل المطلق على المقيد َل العكس؟‪74.....................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬هل يحمل المطلق على المقيد عند اتحاد الحكم؟ أم يعمل بكل واحد منهما في‬
‫موضعه؟‪75...............................................................................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أحوال حمل المطلق على المقيد عند اْلصوليين من خلل ما ذكره الدريني‪76........‬‬
‫المطلب اْلول‪ :‬الحاَلت المتفق عليها في حمل المطلق على المقيد عند اْلصوليين‪77................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الحاَلت المتفق عليها في عدم حمل المطلق على المقيد عند اْلصوليين‪80..........‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬الحاَلت المختلف فيها في حمل المطلق على المقيد عند اْلصوليين ومنشأ الخلف‬
‫في ذلك‪82.................................................................................................‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬خلصة أحوال حمل المطلق على المقيد عند اْلصوليين‪87............................‬‬
‫المطلب الخامس‪ :‬هل جميع حاَلت حمل المطلق على المقيد عند اْلصوليين تعتبر بيانا؟ ولو اختلف‬
‫تاريخ ورودهما؟‪90.......................................................................................‬‬
‫خاتمة‪92.................................................................................................:‬‬

‫‪- 117 -‬‬


‫فهرس اَليات القرآنية‪98.................................................................................‬‬
‫فهرس اْلحاديث النبوية الشريفة‪103...................................................................‬‬
‫فهرس المصادر والمراجع‪105..........................................................................‬‬

‫‪- 118 -‬‬

You might also like