You are on page 1of 3

‫الدرس الرابع‪ :‬مساهمات العلوم األخرى في السلوك التنظيمي‬

‫أن السلوك اإلنساني مثل بقية الظواهر األخرى يمكن إخضاعه للمنهج العملي في البحث‪ ،‬مع التسليم بأن‬
‫طرائق وأساليب وضوابط البحث في الدراسات اإلنسانية واالجتماعية يمكن أن تختلف عن تلك المطبقة في‬
‫العلوم الطبيعية‪ ،‬لكن مع تشابه المسلمات‪.‬‬

‫والن المسلمة هي عبارة عن حقائق واضحة بذاتها أو بديهيات ال تحتاج إلى أن يقوم دليالً عليها ‪.‬‬

‫فإن البحوث اإلنسانية واالجتماعية تقوم على مسلمتين رئيستين‪:‬‬

‫‪ .1‬مسلمة انتظام السلوك اإلنساني واالجتماعي‪.‬‬

‫‪ .2‬مسلمة قابلية الظواهر السلوكية للقياس والرصد العلمي والتجريبي ‪.‬‬

‫واألساس الضروري لتطبيق البحث العلمي في هذا الميدان التسليم بأن ظواهر السلوك اإلنساني واالجتماعي‬
‫ليست ظواهر عشوائية فال تتحرك وتتغير من الصدفة البحتة‪ ،‬ولكن تنتظم في نسق يتكون من مسارات‬
‫وعالقات قابلة للدراسة‪ ،‬كما أن السلوك اإلنساني تحكمه أسباب وعالقات وقوانين كامنة في طبيعة الظواهر‬
‫ذاتها‪ ،‬ومهمة الباحث العلمي هنا اكتشاف هذه األسباب والعالقات والقوانين‪ ،‬ثم أن السلوك اإلنساني ال‬
‫يعتبر سلوك فردي‪ ،‬وانما يمكن تعميمه‪ ،‬فاألشخاص المتشابهون في الخصائص ممكن أن يكون سلوكهم‬
‫واحد‪ .‬وان كان هناك اختالف فاالختالف يكون في الخصائص‪ ،‬أو اختالف في ظروف البيئة أو كليهما‬
‫معاً ‪ .‬وان كان سائد لقرون طويلة بأن القيام بدراسات تجريبية على السلوك مستحيل‪ ،‬وهذه االستحالة مردها‬
‫إلى أن هذه الظاهرة غير ممكنة القياس أو أنه ال يمكن للعقل والوعي اإلنساني أن يرصد شواهدها أو‬
‫عواملها أو أن يحيط بها علماً‪.‬‬

‫إال أن البحوث التي أجريت في مختلف ميادين العلوم اإلنسانية واالجتماعية أكدت أن الظواهر السلوكية‬
‫تنتظم في نسق يمكن قياس متغيراته ويمكن التعرف على عالقاته‪.‬‬

‫وبالتالي بإمكاننا القول أن هناك صعوبات في قياس الظواهر والمتغيرات المتعلقة بسلوك األفراد والجماعات‬
‫ولكنها ليست مستحيلة ‪ ،‬وانما فقط تحتاج إلى تحسين وصقل أساليب وأدوات القياس والرصد والتحليل ‪.‬‬
‫والشكل الموالي يظهر أنواع القياس التجريبي للظواهر السلوكية‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫شكل رقم (‪ :)3‬أنواع القياس التجريبي للظواهر السلوكية‬

‫أنواع القياس التجريبي‬


‫للظواهر السلوكية‬

‫قياس غير مباشر‬ ‫قياس مباشر‬

‫ويتم من خالل رصد خصائص وتغيرات‬ ‫ويتم من خالل رصد خصائص وتغيرات‬
‫السلوك محل الدراسة من خالل وسيط‪.‬‬ ‫السلوك محل الدراسة دون وسيط‪ .‬مثل‬
‫مثل قياس اتجاهاته النفسية أو إدراكه لخصائص‬ ‫قياس انتظام الفرد بالعمل من خالل قياس‬
‫عمله من خالل سؤاله عن شعوره وانطباعاته‪.‬‬ ‫معدالت غيابه وتأخيره في العمل‪.‬‬

‫المصدر من اعداد‪ :‬بركة بالغماس أستاذة بجامعة الجزائر‪ ،3‬كلية العلوم االقتصادية والعلوم التجارية وعلوم التسيير‪،‬‬
‫الجزائر‪.‬‬

‫وجدير بالذكر أن دراسات العنصر البشري في المنظمات لم تعد حك اًر على علم النفس الصناعي بل‬
‫شارك في بلورتها فروع عديدة من العلوم االجتماعية (علم النفس – علم االجتماع – علم االقتصاد –‬
‫النفسي االجتماعي‪.)...‬‬

‫بل إن مساهمات العلوم األخرى في مجال السلوك التنظيمي ان كانت على مستوى الفرد أو التحليل الجزئي‬
‫كعلم النفس أو على مستوى التحليل الكلي كدراسة المجموعات والمنظمات‪ ،‬فقد ساهمت فيها بقية العلوم‪،‬‬
‫كعلم النفس وعلم االجتماع وعلم النفس االجتماعي والسياسة واالقتصاد واالنتربولوجيا‪.‬‬

‫‪ ‬علم النفس‪ :‬قائم على المنهج التجريبي‪ ،‬يدرس علم الفرد وما هي محددات سلوكه ويعتبر األساس‬
‫في المنظمة‪.‬‬
‫‪ ‬علم االجتماع‪ :‬قائم على المنهج الميداني‪ ،‬أثر في تنمية المعرفة الخاصة بالسلوك الجماعي‬
‫والعمليات االجتماعية لجماعات العمل‬

‫‪2‬‬
‫‪ ‬علم النفس االجتماعي‪ :‬يعتبر هذا النوع جديدا نسبيا حيث يحاول دراسة السلوك بين‬
‫األفراد فبينما علم النفس وعلم االجتماع يحاوالن تفسير السلوك الفردي واالجتماعي على التوالي‪،‬‬
‫نجد أن علم النفس االجتماعي يحاول تفسير كيف ولماذا يتصرف األفراد في نشاطات‬
‫المجموعات‪ ،‬إن احد المجاالت الرئيسية التي حظيت باهتمام علماء النفس االجتماعي هو مفهوم‬
‫التغيير‪ ،‬وكيفية إحداث التغيير والتخفيف من عوامل مقاومة التغيير‪ ،‬كذلك يهتم هذا النوع من العلوم‬
‫بقياس وفهم وتغيير االتجاهات واالتصاالت وكيفية إشباع االحتياجات الفردية عن طريق أنشطة‬
‫المجموعات‪.‬‬
‫‪ ‬علم االقتصاد‪ :‬قائم على منهج التحليل اإلحصائي‪ ،‬أثر في قياس سلوك االنتماء للعمل واالنتظام‬
‫فيه‪.‬‬
‫‪-‬علم االنثروبولوجيا‪ :‬يدرس هذا العلم المجتمعات وخصوصا البدائية منها لمعرفة اإلنسان‬
‫ونشاطاته‪ ،‬فالطريقة التي نتصرف بها في وظيفة الثقافة ننتمي إليها‪ ،‬والفرق في طريقة التفكير‬
‫والسلوك بين األوروبي والعربي وسكان القرية والمدينة هي ضمن اهتمام هذا الفرع من العلوم‪.‬‬
‫‪ -‬علم السياسة‪ :‬ساهم علم السياسة في محاولة معرفة السلوك اإلنساني في التنظيم من خالل‬
‫دراسة سلوك الفرد والمجموعات في البيئة السياسية‪ ،‬ومن المواضيع المحددة هو دراسة الصراعات‬
‫والقوة وكيفية استخدامها لتحقيق مصالح شخصية وحزبية‪.‬‬
‫‪ ‬اال أنه ما يجدر االشارة اليه هو العالقة التكاملية بين هذه العلوم وما تقدمه لبعضها من أدوات‬
‫وأساليب المعالجة والتحليل‪.‬‬

‫‪3‬‬

You might also like