You are on page 1of 128

‫كَنْزُ الْمُسْلِم يف‬

‫فَضْلِ الدَّعوةِ إىل اهلل‬

‫جوتيار بامرني‬
‫بالتعاون مع الفريق العلمي بأكاديمية الصحابة‬
‫‪2‬‬

‫جوتيار بامرن‪١٤٤٢ ،‬هـ‬


‫فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية أثناء النش‬
‫بامرن‪ ،‬جوتيار كن المسلم ف فضل الدعوة إىل هللا‪/‬‬
‫جوتيار بامرن‪ -‬جدة‪١٤٤٢ ،‬ـه ‪ ١٢٨‬ص؛ ‪..‬سم‬
‫‪٩٧٨-٦٠٣-٠٣-٥٦٨٢-٩‬‬
‫‪ -١‬الوعظ و االرشاد أ‪.‬العنوان ‪١٤٤٢/١٦٢٢‬‬
‫ديوي ‪٢١٣‬‬
‫رقم اإليداع‪١٦٢٢ ١٤٤٢ :‬‬
‫ردمك‪٩٧٨-٦٠٣-٠٣-٥٦٨٢-٩ :‬‬
‫﴿حقوق الطبع لكل مسلم ومسلمة﴾‬
‫عن وسائل‬ ‫َّ‬
‫رحم هللا من طبعه أو صوره أو ترجمه أو نشه ر‬
‫التواصل االجتماع المختلفة بدون زيادة أو نقص فجزاه ه‬
‫هللا تعاىل‬ ‫إٍ‬
‫َّ‬ ‫ً َ َ‬ ‫ً‬
‫كثنا‪َ ،‬وث َّبتنا وإياه عىل أْلسالم والسنة‬
‫خنا ر‬‫ر‬
‫ر‬
‫لطلب ملف جاهز لطباعة هذا الكتاب أو النسخ المنجمة إىل‬
‫لغات أخرى أو مادة العرض للدورات عن فضل الدعوة اىل هللا أو‬
‫ر‬
‫االلكنون‪:‬‬ ‫النيد‬
‫التحفنية تواصل مع ر‬
‫ر‬ ‫البطاقات الدعوية‬
‫‪bamarni@gmx.de‬‬
‫الطبعة السادسة رفناير ‪2022‬‬
‫دار القرن الجديد لالعالم والنشر‬
‫‪NEW CENTURY for media and publishing‬‬
‫‪www.n-century.com‬‬
‫‪3‬‬

‫أنت مرشح لتكون أحد الدعاة‬


‫إىل اهلل‬
‫لن يحركك إىل الدعوة إىل هللا تعاىل ش ٌء مثل‬
‫الخن‪ ،‬وقد‬ ‫ر‬ ‫أن تحمل ف قلبك هم نش‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ َّ إ َ‬
‫كبنا من هذا بدليل أنك بدأت‬ ‫حققت جزءا ر‬
‫ٌ‬
‫بقراءة هذا الكتيب؛ فأنت اآلن مرشح ألن‬
‫سل َم عىل‬ ‫ه‬
‫تصبح أحد الدعاة إىل هللا‪ ،‬وأن ي ِ‬
‫ه‬
‫الماليي إذا رأى هللا ف‬ ‫ر‬ ‫يدك اآلالف بل ربما‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫قلبك محبة إرض ِائه واْلرادة القوية ألن تعمل‬
‫هلل‪ ...‬لمن؟ نعم لل‬
‫أي رش ٍف أن تدعو إىل هللا وليس إىل‬ ‫تصور ّ‬‫َّ‬
‫جماعة أو شيخ أو‬‫ٍ‬ ‫نفسك أو إىل حز ٍب أو‬
‫ٌ‬ ‫ُّ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫تجارة‪ ،‬فه تجارة عظيمة مع هللا‪ ،‬وكلها ِرب ح‬ ‫ٍ‬
‫َ‬
‫ال خسارة فيها‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫أوىل األولويات‬
‫بسم هللا والحمدهلل والصالة والسالم عىل‬
‫رسول هللا وبعد‪...‬‬
‫أحد أ ّ‬ ‫ه‬
‫هم المهام وأوىل األولويات ف أيامنا هذه‬
‫ُّ‬ ‫ه‬
‫المتطوعي؛‬
‫ر‬ ‫عدد الدعاة‬ ‫زيادة ِ‬
‫مصلحي‬
‫ر‬ ‫صالحي ليصبحوا‬ ‫ر‬ ‫لدعوة ال‬‫ِ‬ ‫‪.1‬‬
‫(الدعوة اىل الدعوة)‪،‬‬
‫ر‬
‫المسلمي إىل االلنام‪،‬‬ ‫لدعوة‬ ‫‪.2‬‬
‫ر‬ ‫ِ‬
‫مسلمي إىل اْلسالم‪،‬‬ ‫غن ال َّ ر‬ ‫‪ .3‬ودعوة ر‬
‫ه‬ ‫ً ِ ِ ُّ‬
‫ونكون عونا لهذه الثلة‪ ،‬نعطيهم المفاتيح‬
‫ِّ‬
‫والمهارات‪ ،‬ونوف هر لهم الوسائل الدعوية‪.‬‬
‫ّ‬
‫والتوجه إىل‬ ‫الخن‬ ‫وإقبال الشباب عىل‬ ‫ه‬
‫ر‬
‫التائبي بحمد هللا ‪-‬تعاىل‪ -‬ف ازدياد‪،‬‬ ‫ر‬ ‫ئ‬
‫شواط‬
‫ه‬
‫والرغبة ف نرصة الدين والتضحية من أجله‬
‫‪5‬‬

‫الخن الذي مل األرض‬ ‫كل هذا ر‬ ‫موجودة‪ ،‬ومع ّ‬


‫ر‬ ‫َ‬ ‫ّ َّ‬
‫الحقيق‪،‬‬ ‫فضل الدعوة‬ ‫الكثن ال يعرفون‬ ‫ر‬ ‫إل أن‬
‫أنفسهم من تلك المكانة العالية‬ ‫َ‬ ‫ويحرمون‬
‫ومن ذلك الش ِف الرفيع‪.‬‬
‫الصالحي ينشغلون بأنفسهم‬ ‫ر‬ ‫كثن من‬ ‫للسف ر ٌ‬
‫ه‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬
‫نش الدين؛ لذا أحد‬ ‫ويتهربون من مسؤولية ِ‬
‫جعل‬ ‫السع إىل‬ ‫ه‬ ‫ّ‬
‫الكتي ِب‪:‬‬ ‫أهداف هذا‬
‫ِه‬
‫الصالحي ُمصلحي بإذن هللا‪ ،‬وقد آن األوان‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫محاسبة قبل فوات‬ ‫ٍ‬ ‫نقف مع أنفسنا وقفة‬ ‫أن‬
‫األوان‪.‬‬
‫َ‬ ‫ه‬
‫فضائل الدعوة إىل‬ ‫ِ‬ ‫بذكر‬
‫ِ‬ ‫فأحببت شحذ الهمم‬
‫اْلصالح والبيا ِن‬ ‫للعاملي ف مجال‬ ‫ر‬ ‫هللا‪ ،‬وما‬
‫ًِ ً‬ ‫َّ‬
‫بيد‬ ‫مكانة‪ ،‬لعلنا معا يدا ً ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫الخن من‬ ‫ر‬ ‫وتعليم‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ه ُ‬
‫نوقظ النائم ونحفز أنفسنا ونكسب مزيدا من‬
‫َّ‬
‫لعل‬ ‫أمر الدعوة‪،‬‬ ‫كنهم بحقيقة ِ‬ ‫القلوب بتذ ر‬
‫‪6‬‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫العامل أن يزداد همة ونشاطا‪ ،‬سائل الموىل أن‬
‫يحمل هم هذا الدين ويسع إىل‬ ‫ه‬ ‫يجعلنا ممن‬
‫نشه ف اآلفاق عىل المنهج الصحيح‪.‬‬
‫‪1‬‬ ‫ً‬
‫حمل هذه الفكرة‬ ‫ِ‬ ‫وأيضا أرجو إثارتكم عىل‬
‫ه ََ‬ ‫َ إ‬ ‫ٌ ّ ه َ ِّ ه َ‬
‫ومرافقة عدد‬ ‫فن‬ ‫وكل منا يخطط ِلت إعليم وتح ر‬
‫ر ََ‬ ‫َ‬
‫من الشباب ِلت َح ّمل مسؤوليتهم الت تقع عىل‬
‫ى‬ ‫َّ‬
‫كبنٍة ِللت َع هاو ِن َعىل ال ِر ِّن‬ ‫اج ٍة‬‫عاتقهم‪َ ،‬فإ َّن َنا ف َح َ‬
‫ر‬
‫َّ َ‬ ‫ى‬ ‫ِ َّ ىِ ه‬ ‫َّ إ‬
‫الصَل ِح و ِاْلصال ِح‪.‬‬ ‫َوالتق َوى‪َ ،‬والتكات ِف َعىل‬
‫وصىل هللا وسلم عىل نبينا وقدوتنا محمد‪.‬‬
‫جوتيار بامرن‬
‫غفر هللا له ولوالديه‪.‬‬

‫فكرةِإِقناعِإلنفسِوإلآخرينِابلفضلِإلعظميِلدلعوِة‬
‫‪ِ 1‬‬
‫‪7‬‬

‫شرف هذه األمة‬


‫َّ إ َ َ ى‬
‫هللا ‪َ -‬ع َّز‬ ‫جعل الدعوة ِإىل ه ِ‬ ‫الحمدهلل الذي‬
‫إ ه َّ َ َ‬ ‫َ َ َّ َ َ َ َ‬
‫ف ه ِذ ِه األم ِة و ِزينتها ربي األمم‪ ،‬وه‬ ‫وجل‪ -‬ش‬
‫ٌ‬
‫وظيفة أمة محمد ُ ﷺ كلها‪ ،‬فه واجبة عىل‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫ونسا ِئها‪ ،‬فقرائها وأغنيائها خصوصا؛‬ ‫جالها ِ‬ ‫ر‬
‫ُّ‬ ‫ر‬ ‫ِ َّ‬
‫غن المسلم ه الت تحل المشكلة‬ ‫ألن دعوة ر‬
‫الك رنى‪ ،‬مشكلة اْللحاد والشك ف البشية‬
‫َّ‬
‫والظلم‪ ،‬وإذا انحلت هذه المشكلة انحلت‬
‫المشاكل األخرى بسهولة وانتش السالم ف‬
‫البشية‪.‬‬
‫ُ ْ ُ ْ َ ْ َ ُ َّ ُ ْ َ ْ َّ‬
‫اس‬ ‫{كنتم خ َي َ ْأ َم ٍ ْة َأخ ِر َجت ِ ْل ُلن ْ َ ِ‬ ‫‪:‬‬‫ْقال تعاىل‪-‬‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُُ َ‬
‫وف وتنهون ع ِن المنك ِر‬ ‫تأ ُمْر ُون َ ِبالمعر ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ّلل} [آل عمران‪ .]110:‬لو تعرفون‬ ‫وتؤ ِمنون ِبا ِ‬
‫‪8‬‬

‫ً‬
‫حقا فضل الدعوة والداعية عند هللا والمنلة‬
‫خصهم هللا ‪-‬سبحانه‪ -‬بها وماذا‬ ‫الكنى ا رلت َّ‬
‫ر‬
‫ه‬ ‫َإ‬ ‫َّ‬
‫فعة؛‬
‫امة ومن ٍلة ور ٍ‬ ‫أعد لهم من مثو ٍبة وأجر وكر ٍ‬
‫ل رنكتم الدنيا وما فيها‪ ،‬والنطلقتم اليوم قبل‬
‫ََ‬
‫الغد إىل هذه الوظيفة‪ ،‬ولندمتم عىل كل نفس‬ ‫ِ‬
‫غن الدعوة إىل هللا‪.‬‬ ‫ف‬ ‫كم‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ج‬‫َخ َر َ‬
‫ر‬
‫يخرج منك ف غي‬ ‫ُ‬ ‫عرق‬ ‫كل َن َفس َّ‬
‫وكل‬ ‫إن َّ‬ ‫َّ‬
‫ً‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫طاعة هللا سيخرج يوم القيامة حرسة‬
‫ً‬
‫وندامة؛ ألن أيام الدنيا المعدودة القليلة‬
‫ماليي‬
‫ر‬ ‫التافهة ال شء ف الحساب أمام‬
‫السنوات ف اآلخرة ف الجنة أو ف النار‪ ،‬ال‬
‫عي رأت‪،‬‬ ‫ش ُء أمام نعيم الجنة ال رت فيها ما ال ر‬
‫ٌ‬
‫وال أذن سمعت‪ ،‬وال خطر عىل بال أحد‪.‬‬
‫‪9‬‬

‫املعدل العاملي‬
‫ألعداد الدعاة‬
‫أكن من ‪ 8‬مليار إنسان‪ ،‬كم يحتاجون من‬ ‫ر‬
‫‪2‬‬
‫دعاة؟‬
‫يشن تقرير األمم المتحدة إىل أنه من المتوقع‬
‫ر‬
‫ه‬
‫أن يرتفع عدد سكان العالم من سبعة مليارات‬
‫إىل ثمانية مليارات ونصف المليار نسمة‬

‫‪ِ2‬منِمقال‪"ِ:‬همارإتِإدلعاةِيفِإلق ِرنِإحلاديِوإلعرشين"ِلدلكتورِجاملِ‬
‫يوسفِإهلمييلِيفِموقع‪ِ:‬مقالِ‪mqqal.com‬‬
‫‪10‬‬

‫َّ‬
‫بحلول عام ‪2030‬م ‪ ،3‬وأن عدد سكان العالم‬
‫سينمو بمعدل مليار شخص خالل ال ‪ 13‬عاما‬
‫القادمة‪ ،‬وسيصل إىل ‪ 10‬مليارات نسمة‬
‫بحلول عام ‪2050‬م‪.4‬‬
‫إذا كان المعدل العالم‪ :‬طبيب واحد لكل‬
‫ً‬
‫‪ 400‬شخص أو قريبا من ذلك‪ ،5‬وإذا أخذنا‬
‫النسبة نفسها لكل داعية‪ ،‬فهذا يعت أننا‬
‫نحتاج إىل ‪ 20‬مليون داعية عام ‪2030‬م!!‪،‬‬
‫فليست سالمة األجساد ف الدنيا أوىل من‬
‫سالمة األجساد واألرواح ف الدنيا واآلخرة‪.‬‬

‫‪ِ3‬موقعِإلِممِإملتحدةِ‪http://www.un.org‬‬
‫‪https://arabic.rt.comِ4‬‬
‫لاقتصاديةِ‬
‫‪ِ5‬جِري ِدةِ ِ‬
‫‪http://www.aleqt.com/2013/09/29‬‬
‫‪11‬‬

‫قبل أن تكمل القراءة‪:‬‬


‫اكتب كل ما تعرف عن فضل الدعوة إىل هللا‬
‫ُ‬
‫ذاكرتنا‬
‫ِ‬ ‫الهدف من هذا النشاط‪ :‬تنشيط‬
‫وتقو ِيتها عن فضل الدعوة‪ ،‬وكيفية نقل‬
‫هذه الفكرة إىل غينا من خالل محادثات أو‬
‫إلقاء محاضات أو دورات‪.‬‬
‫‪12‬‬

‫‪ -1‬فضل الداعية عند اهلل‬


‫الخن ويقومون بمهمة األنبياء‬ ‫رَ‬ ‫ألنهم ينشون‬
‫خن هذه األمة عىل‬ ‫ه‬ ‫والرسل؛ كان الدعاة هم ر‬
‫ٌ‬
‫اْلطالق‪ ،‬وليس هناك كالم َ أحسن َ من‬
‫ً‬ ‫‪ُ ْ ْ َ :‬‬
‫{و َمن أ َح َسن ق ْول‬ ‫كالمهم‪ ،‬قال هللا تعاىل‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ً َ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ ْ َ َ َ َ‬
‫اّلل َوع ِم َل ص ِالحا وقال ِإن ِن ِمن‬ ‫َ‬
‫ِ ْممن دعا ِإىل ِ‬
‫ي}‪[ ،‬فصلت‪]33 :‬‬ ‫ال ُم ْسلم َ‬
‫ُ ْ ُ ْ َ ْ َ ُ َّ ُ ْ َ ْ َّ‬ ‫ِِ‬
‫اس‬ ‫لن‬ ‫ل‬
‫ِْ ُ ْ َ ِ‬ ‫ت‬ ‫ج‬‫ر‬ ‫خ‬ ‫أ‬ ‫ة‬
‫ٍ‬ ‫م‬ ‫أ‬ ‫ي‬ ‫خ‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫{ك‬ ‫‪:‬‬ ‫تعاىل‬ ‫وقال‬
‫َََْ ْ َ َِ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َُْ ُ َ‬
‫وف وتنهون ع ِن المنك ِر‬ ‫تأ ُمْر ُون َ ِبالمعر ِ‬
‫َ‬
‫اّلل ‪[ ،}...‬آل عمران‪]110 :‬‬ ‫ِ‬ ‫َوت ُؤ ِمنون ِب‬
‫َ َ َ ُ ْ ْ ُ َ‬
‫{وأول ِئك ه ُم ال ُمف ِلحون}[آل عمران‪،]104 :‬‬
‫ولئ َك َس َ ْي َح ُم ُه ُم ا َ ُ‬ ‫ُ َ‬
‫ّلل}‪[.‬التوبة‪]74:‬‬ ‫ِ‬ ‫{أ‬
‫أجرهم مستمرٌّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫ومن تجارتهم الرابحة؛ أن‬
‫ٌ‬ ‫َِ إ َ‬
‫ومثوبتهم دائمة‪ ،‬قال الرسول ﷺ‪" :‬من دعا‬
‫‪13‬‬

‫دى كان له من األجر مثل أجور من‬ ‫إىل ُه ً‬


‫ً‬
‫تبعه ال ينقص ذلك من أجورهم شيئا" رواه‬
‫مسلم‪.‬‬
‫بحاجة إىل أن ال تفوتنا هذه‬ ‫ٍ‬ ‫وهللا نحن‬
‫ٌ َ‬
‫النعمة‪ ،‬فاهلل نارص دينه وال يحتاجنا‪ ،‬فعن‬
‫الداري رض هللا عنه قال‪ :‬قال ﷺ‪:‬‬ ‫َّ‬
‫تميم‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫" َلي ْبلغن هذا األمر ما بلغ الليل والنهار‪ ،‬وال‬
‫رييك هللا بيت َم َدر وال َو َبر َّإّل أدخله ُ‬
‫هللا‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِّ‬
‫هذا الدين‪.6"...‬‬
‫الدعوة إىل هللا تعاىل تعت‪ :‬الدعوة إىل ر ِ‬
‫الخن‬
‫والمعروف واالستقام ِة عىل دين الخالق الذي‬
‫ِ‬
‫ُّ‬ ‫َ‬
‫وحده يستحق العبادة‪ ،‬فهو الخالق الرازق‬

‫‪ِ6‬أخرجهِإلطربإينِيفِمس ندِإلشامينيِرمقِ(‪ِ،2/79ِ)951‬وإحلامكِيفِ‬
‫شطِ‬‫إملس تدركِرمقِ(‪ِ4/477ِ)8326‬وقال‪ِ:‬هذإِحديثِحصيحِعىلِ ِ‬
‫إلش يخنيِ‬
‫‪14‬‬

‫غن‬‫المدبر المالك‪ ،‬والمقصود دعوة ر‬


‫المسلمي من‬
‫ر‬ ‫لمي إىل اْلسالم‪ ،‬ودعوة‬ ‫المس ر‬
‫بغن هللا‬
‫والغافلي والمتعلق ري ر‬
‫ر‬ ‫العصاة‬
‫كنهم بوعد هللا‬ ‫ر‬ ‫وتذ‬ ‫هللا‬ ‫طاعة‬ ‫إىل‬ ‫هم‬ ‫وغن‬
‫ر‬
‫ووعيده وجنته وناره ونش محاسن وجمال‬
‫اْلسالم وقيمه‪.‬‬
‫ِّ‬
‫فهذه الوظيفة من أجل األعمال وأشفها‪ ،‬لما‬
‫فيها من المزايا العديدة والفضائل الحميدة‪،‬‬
‫أكن وثوابها أعظم من‬ ‫وفضل الدعوة إىل هللا ر‬
‫وصف ف كتيبات أو محارصات‬ ‫أن هيذكر أو هي َ‬
‫ودورات‪ ،‬ولكن عىل سبيل التذك رن نتطرق إىل‬
‫بعضها‪:‬‬
‫فدعونا نفكر ونتأمل ف اآليات واألحاديث‬
‫عن فضل الدعوة كأننا نسمعها ألول مرة‪...‬‬
‫‪15‬‬

‫‪ -2‬الدعوة مهمة األنبياء‬


‫والرسل‪7‬‬

‫المقام العظيم للدعوة إىل هللا الذي شف بها‬


‫ه‬
‫هللا‬ ‫المرسلون واألنبياء عليهم السالم‪،‬‬
‫اجتت هذه األمة من ب ري األمم‪،‬‬ ‫ر‬ ‫سبحانه‬
‫َ‬
‫وت َّو َجها ِبتاج األنبياء‪ ،‬وهو الدعوة إىل هللا‪.‬‬

‫فالداع إىل هللا من أتباع إبراهيم ونوح‬


‫وموش وعيىس ومحمد ‪-‬عليهم السالم‪ -‬وهو‬
‫اع ُب ُدوا َ َ‬
‫‪ْ :‬‬ ‫ٌ‬
‫اّلل َما‬ ‫خليفة لهم ف تبليغ رسالتهم {‬
‫َ ُ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ ُ‬
‫والسن عىل‬‫ر‬ ‫لكم ِّمن ِإل َٰ ٍه غ ْ ُيه}‪[ ،‬هود‪]84 :‬‬

‫‪ِ7‬عرشونِدلي ًالِعىلِفضلِإدلعوة‪ِ،‬للش يخِسلطانِبنِعبدِهللاِإلعمر ِي‬


‫‪16‬‬

‫ٌ ه‬
‫منهاجهم‪ ،‬وهذه مرتبة عليا تستحق بذل‬
‫والنفيس للوصول إليها‪.‬‬ ‫َّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الغاىل‬
‫ه‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫‪َ ْ :‬‬
‫اّلل‬
‫ىل ْ {قل هَّ ِذ ِه س ِب ِيىل أدعو إىل ِ‬ ‫قال هللا تعا‬
‫ََ‬ ‫ََ َ‬
‫عىل ب ِص َي ٍة أنا َو َم ِن ات َب َع ِن} [يوسف‪،]108 :‬‬
‫كل من اتبعه ‪-‬عليه‬ ‫"حق عىل ّ‬ ‫ٌّ‬ ‫قال الك رلت‪:‬‬
‫الصالة والسالم‪ -‬أن يدعو إىل ما دعا إليه"‪8.‬‬

‫‪ِ-8‬رويِهذإِإلق ِولِعنِإبنِزيدِوإللكيب‪ِ.‬إنظر‪ِ:‬تفسريِإلطربي‪ِ:‬‬
‫(‪ِ،)13/379‬تفسريِإلبغويِ(‪ِ،)2/518‬إلتفسريإلقميِ(ص‪.ِ)332‬‬
‫‪17‬‬

‫إذن هي أفضل وظيفة‬


‫فهل تتمناها؟‬
‫هل ستتوظف بأعظم وظيفة؟ القرار قرارك‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫إن قلت نعم فقد فزت فوزا عظيما بإذن هللا‪،‬‬
‫فاصن وصابر عليها‪ ،‬لقد شاركت العظماء‬ ‫ر‬
‫بحق‪.‬‬
‫إنها أشف مقامات العبد وأجلها وأفضلها‪ ،‬إنها‬ ‫ه‬
‫مهمة األنبياء والمرسلي‪ ،‬كما قال تعاىل‪َ :‬‬
‫{و َما‬ ‫ر‬
‫ى إ ى َّ ه‬ ‫َّ ه‬ ‫ه‬ ‫ىأ إر َسل َنا م إن َق إبل َك م إن َ‬
‫وح ِإلي ِه أنه ال‬ ‫ول ِإل ن ِ‬
‫ٍ‬ ‫س‬ ‫ر‬ ‫ى َّ ى ِ َ َ ِ ِ‬
‫إهه‬ ‫َ‬
‫ون} [األنبياء‪.]25:‬‬ ‫ِإله ِإل أنا فاعبد ِ‬
‫تفسنه‪:‬‬ ‫ر‬ ‫قال الشيخ السعدي ‪-‬رحمه هللا‪ -‬ف‬
‫فكل الرسل الذين من قبلك مع كتبهم‪ ،‬زبدة‬
‫رسالتهم وأصلها‪ ،‬األمر بعبادة هللا وحده ال‬
‫‪18‬‬

‫شيك له‪ ،‬وبيان أنه اْلله الحق المعبود‪ ،‬وأن‬


‫‪9.‬‬
‫عبادة ما سواه باطلة‬
‫فال شك أن القيام بهذه المهمة فيها شف‬
‫ه‬ ‫َّ‬
‫االتباع وأن الدعوة تعبيد الخلق للخالق‪،‬‬
‫ٌ‬
‫وتقوية لعالقتهم به‪ ،‬وهذا من أحسن األعمال‬
‫وأشفها‪ ،‬وهل كانت وظيفة الرسل إال ذلك؟‬
‫فما هو نصيبك أيها األخ الفاضل أيتها‬
‫األخت الفاضلة من مياث النبوة؟ ماذا‬
‫قدمت لدينك؟‬
‫ً‬
‫وهنيئا لمن كانت حياته ف تحقيق المراد‬
‫الربان‪.‬‬

‫‪ِ-9‬تفسريِإلسعدي‪(ِ:‬ص‪.ِ)521‬‬
‫‪19‬‬

‫‪ -3‬الدعوة أحسن األقوال‬


‫واألعمال‬
‫الدعوة إىل هللا أفضل َ األعمال َ وأحسن‬
‫ْ‬ ‫ً‬ ‫‪ُ ْ ْ َ :‬‬
‫{و َمن أح َسن ق ْوّل ِم َّمن‬ ‫األقوال‪ ،‬قال تعاىل‬
‫َ‬ ‫َ َ َ‬
‫اّلل َو َع ِمل ص ِالحا} [فصلت‪.]33:‬‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫دعا ِإىل ِ‬
‫تفسن هذه‬ ‫ر‬ ‫قال السعدي ‪-‬رحمه هللا‪ -‬ف‬
‫اآلية‪ :‬هذا استفهام بمعت النق المتقرر أي‪ :‬ال‬
‫أحد أحسن قوال‪ .‬أي‪ :‬كالما وطريقة‪ ،‬وحالة‬
‫َّ ْ َ َ َ َ‬
‫الجاهلي‪ ،‬ووعظ‬ ‫ر‬ ‫اّلل} بتعليم‬‫{ ِممن دعا ِإىل ِ‬
‫المبطلي‪،‬‬
‫ر‬ ‫والمعرضي‪ ،‬ومجادلة‬
‫ر‬ ‫الغاف رلي‬
‫باألمر بعبادة هللا‪ ،‬بجميع أنواعها‪ ،‬والحث‬
‫عليها‪ ،‬وتحسينها مهما أمكن‪ ،‬والزجر عما نه‬
‫هللا عنه‪ ،‬وتقبيحه بكل طريق يوجب تركه‪،‬‬
‫خصوصا من هذه الدعوة إىل أصل دين‬ ‫ً‬
‫‪20‬‬

‫بالت ه‬ ‫اْلسالم وتحسينه‪ ،‬ومجادلة أعدائه ر‬


‫أحسن‪ ،‬والنه عما يضاده من الكفر والشك؛‬
‫واألمر بالمعروف‪ ،‬والنه عن المنكر‪ 10.‬قال‬
‫الحسن البرصي عند هذه اآلية‪( :‬هذا حبيب‬
‫خنة هللا‪ ،‬هذا أحب‬ ‫هللا‪ ،‬هذا وىل هللا‪ ،‬هذا ر‬
‫أهل األرض إىل هللا أجاب هللا ف دعوته‪ ،‬ودعا‬
‫الناس إىل ما أجاب هللا فيه من دعوته‪ ،‬وعمل‬
‫ً‬
‫مي‪،‬‬ ‫صالحا ف إجابته‪ ،‬وقال‪ :‬إنت من المسل ر‬
‫هذا خليفة هللا)‪ 11.‬والقول الحسن يحتاج‬
‫ِّ َ‬ ‫ْ ُ َ‬
‫يل َربك‬ ‫ِ‬ ‫اىل حكمة‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ادع ِإ َٰىل َس ِب‬
‫َ‬ ‫َ ُْ‬ ‫َ ْ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ‬
‫حك َم ِة َوال َم ْو ِعظ ِة الح َسن ِة ۖ َوج ِادلهم ِبال ِ رن‬ ‫ِبال ِ َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ َ‬
‫ه أحسن}‪[ .‬النحل‪]125 :‬‬

‫‪ِ-10‬تفسريِإِلسعديِ(‪.)749‬‬
‫‪ِ-11‬تفسريِإلط ِربيِ(‪ِ،)20/429‬تِِفسريِإلقرطيبِ(‪ِ،)15/360‬تفسريِإبنِكثريِ‬
‫(‪.ِ)7/180‬‬
‫‪21‬‬

‫‪ -4‬األجر العظيم والثواب‬


‫اجلزيل‬
‫ومن فضل الدعوة األجر العظيم؛ ألن الداعية‬
‫َّ‬
‫هدى الناس إىل الحق‪ ،‬ودلهم عىل رب هم‬
‫َ‬
‫ومعبودهم سبحانه‪ ،‬وأبعدهم عن أسباب‬
‫يحب ذلك‬ ‫ُّ‬ ‫سخ ِطه وعقابه‪ ،‬وهللا ‪-‬عز وجل‪-‬‬
‫َّ‬ ‫ه‬
‫النت‬ ‫الصحيحي أن ر‬
‫ر‬ ‫ويثيب عليه‪ ،‬وقد جاء ف‬
‫ﷺ قال لعىل رض هللا عنه‪" :‬فوهللا ألن‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫خن لك من هح إم ِر‬ ‫يهدي هللا بك رجل واحدا ر‬
‫َّ‬
‫غن‬ ‫الن َع ِم"‪ ،‬وهذا يشمل بعمومه هداية ر‬
‫المسلم وهداية العاض من المسلم ري‪ ،‬فأين‬
‫الباحث عن المعاىل؟‬
‫‪22‬‬

‫‪ -5‬رمحة اهلل للداعية‬


‫يقول هللا‬ ‫سبب لرحمة هللا تعاىل‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫الدعوة‬
‫ى‬
‫{وال هم إؤمنون َوال همؤمنات ب إعضه إم أ إول َياءه‬
‫ه‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫إ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫تعاىل‪َ :‬‬
‫ِ ى‬ ‫ِ إ َ‬ ‫َِ‬
‫وف َو َين َه إون َع ِن ال همنك ِر‬ ‫ِ‬ ‫َب إعض َيأ هم هرون ِبال َم إع هر‬
‫ون َّ َ‬ ‫َ ه ه َ َّ َ َ ه إ ه َ َّ ى َ َ ه ه َ‬
‫اَّلل‬ ‫وي ِقيمون ُ الصالة ويؤتون الزكاة وي ِطيع‬
‫اّلل} [التوبة‪.]71:‬‬ ‫ََ ه ى ه َْ َ َ َْ َ ُ ُ ُ َ‬
‫ورسوله أول ِئك سيحمهم‬
‫فانظر كيف جعل هللا الرحمة ألولئك الذين‬
‫يحملون هذه الصفات‪.‬‬
‫‪23‬‬

‫‪ -6‬بالدعوة واألمر باملعروف‬


‫والنهي عن املنكر صارت أمتنا‬
‫خري األمم‬
‫ُ ْ ُ ْ َ ْ َ ُ َّ ُ ْ َ ْ َّ‬
‫س‬ ‫وقال َتعاىل ْ‪ْ {َ :‬كنتم خ َي َ ْأ َم ٍ ْة َأخ ِر َجت ِ ْل ُ ْ َ ِ‬
‫ا‬ ‫لن‬
‫وف وتنهون ع ِن المنك ِر‬ ‫ر‬‫َت ْأ ُم ُرون بالمع ُ‬
‫ِ‬
‫َُْ ُ َ ِ َ‬
‫اّلل‪ }...‬سورة آل عمران ‪110‬‬ ‫وتؤ ِمنون ِب ِ‬
‫كثن رحمه هللا‪ :‬فمن اتصف من هذه‬ ‫قال ابن ر‬
‫األمة بهذه الصفات دخل معهم ف هذا الثناء‬
‫عليهم والمدح لهم‪.‬‬
‫قرأ عمر بن الخطاب رض هللا عنه هذه اآلية‬
‫َ َّ ُ‬
‫شه أن يكون من تلك األمة‬ ‫ثم قال‪" :‬من‬
‫فليؤد رشط هللا فيها"‪ .‬ومن لم يتصف بذلك‬
‫ِ‬
‫‪24‬‬

‫أشبه أهل الكتاب الذين ذمهم هللا بقوله‪:‬‬


‫َََ َ ْ َ َ ْ ُ َ َ َُ ُ‬
‫وه َلب ْئ َ‬ ‫َ ُ‬
‫س َما‬ ‫ِ‬ ‫{كانوا ال يتناهون عن منك ٍر فعل‬
‫َ ُ َْ ُ َ‬
‫كانوا يف َعلون} {المائدة‪12ُ .}79ُ :‬‬
‫ُ ْ ُ ْ َ ْ َ َّ ْ َ ْ َّ‬
‫اس}‬‫قال مجاهد‪{ :‬كنتم خي أم ٍة أخ ِرجت ِلل ِ‬
‫ن‬
‫[آل عمران‪ ]110 :‬عىل الشائط المذكورة ف‬
‫اآلية‪ .13‬والشائط المذكورة ف اآلية ه األمر‬
‫بالمعروف والنه عن المنكر واْليمان باهلل‪،‬‬
‫األمة ما أقاموا ذلك‬ ‫وف هذه اآلية مدح هذه ّ‬
‫واتصفوا به‪.‬‬

‫التغين‬
‫ر‬ ‫القرطت‪ :‬فإذا تركوا‬
‫ر‬ ‫قال اْلمام‬
‫َ َ‬
‫وتواطؤوا عىل المنكر زال عنهم اسم المدح‬

‫‪ِ-12‬تفِسريِإبنِكثريِ(‪ِ.)2/103‬‬
‫‪ 13‬إلقرطيب‪ِ،‬إجلامعِلحاكمِإلقرأآنِ‪ِ .4/109‬‬
‫‪25‬‬

‫ً‬ ‫ّ‬
‫ولحقهم اسم الذ ّم‪ ،‬وكان ذلك سببا‬
‫لهال كهم‪14.‬‬
‫‪َّ :‬‬
‫وقال العلماء قدم األمر بالمعروف والنه عن‬
‫المنكر عىل اْليمان؛ ألن اْليمان باهلل قارص‬
‫واآلمر بالمعروف والناه عن‬‫ه‬ ‫عىل من آمن‪،‬‬
‫ّ‬
‫المنكر مؤمن وإيمانه تعدى ذلك فنش ما آمن‬
‫قدم عىل سائر المؤمن ري‪.‬‬ ‫ّ‬
‫َ‬ ‫به‪ ،‬ولذلك‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫تكفن الذنوب أيضا يحصل باألمر‬ ‫ر‬ ‫كما أن‬
‫‪15.‬‬ ‫َّ‬
‫والنه كما ف حديث حذيفة بن اليمان‬

‫‪ 14‬إلقرطيب‪ِ،‬إجلامعِلحاكمِإلقرأآنِ‪ِ 4/173‬‬
‫‪ِ15‬حصيحِإلبخاريِرمقِ‪1435‬‬
‫‪26‬‬

‫الداعية خري‬
‫الناس‬
‫يكف أن الداعية يعيش لإلسالم‬
‫ويحمل عىل عاتقيه أعظم رسالة‬
‫ً‬
‫ليكون بذلك خليفة لألنبياء والرسل‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وليس ممن يعيش حياة فارغة ال‬
‫َ‬
‫دف وال رسالة‪.‬‬ ‫َّ‬
‫هم فيها وال ه‬
‫‪27‬‬

‫‪-7‬الفالح يف الدنيا‬
‫واآلخرة‬
‫ٌ‬ ‫ه‬
‫سبب للفالح ف ُ الدنيا واآلخرة‪،‬‬ ‫الدعوة إىل هللا‬
‫ٌ َْ ُ َ‬ ‫ََْ ُ ْ ْ ُ‬
‫{ولتكن ِمنك ْم أ َّمة يدعون إىل‬ ‫يقول هللا ْتعاىل‪:‬‬
‫َََْ ْ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬
‫وف وينهون ع ِن‬ ‫ِ‬ ‫الخ ْ ِي َويأ ُُم ُرون ِبالمعر‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ْ ْ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ ْ َ‬
‫ال ُمنك ِر َوأ ْول ِئك ه ُم ال ُمف ِلحون} [آل‬
‫عمران‪ .]104:‬وإن قاموا بها أصبحوا من‬
‫لمؤمني‪.‬‬
‫ر‬ ‫المفلحي ومن خواص ا‬ ‫ر‬
‫‪28‬‬

‫‪ -8‬يثبتك اهلل على الدين‬


‫ِّ‬ ‫ى‬ ‫َّ َ‬
‫ين‪،‬‬ ‫الد ُِ‬ ‫ات َعىل‬ ‫أسباب الثب ِ‬ ‫الدعوة إىل هللا من‬
‫نرصكمإ‬ ‫اَّلل َي ه إ‬ ‫رصوا َّ َ‬ ‫يقول هللا تعاىل‪{ :‬إ إن َتن ه ه‬
‫ِ‬
‫كل‬ ‫ت ىأ إق َد َام ُك إم} [محمد‪ .]7:‬فليستبش ُّ‬ ‫َ ه َ ِّ إ‬
‫ويثب‬
‫َ إ َ َ ه ه َّ َ َ‬
‫من سار ف قافلة الدعوة أن يمنحه هللا الثبات‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ه َ‬ ‫ِّ‬ ‫ى‬
‫ين‪َ ،‬والق َّوة ِف الت َم ُّس ِك ِب ِه‪ ،‬وزيادة‬ ‫ِ‬ ‫َعىل الد‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اليقي‪ ،‬واالستقامة‪ ،‬وتنوع‬ ‫ر‬ ‫وكمال‬ ‫اْليمان‪،‬‬
‫ِ‬
‫هللا جزاءً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫األعمال الصالحة‪ ،‬وأن يعزه‬ ‫ُ ِ‬
‫ود ِه الدعوية‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ِلجه ِ‬
‫قال ابن القيم رحمه هللا‪" :‬أن هداية العبد‬
‫لغنه‪ ،‬وتعليمه‪ ،‬ونصحه يفتح له باب‬ ‫ر‬
‫الهداية‪ ،‬ألن الجزاء من جنس العمل‪ ،‬فكلما‬
‫فيصن‬ ‫ر‬ ‫غنه وعلمه هداه هللا وعلمه‪،‬‬ ‫هدى ر‬
‫هاديا مهديا"‬
‫‪29‬‬

‫[رسالة ابن القيم إىل أحد إخوانه]‬


‫َ َ َ‬ ‫ً‬
‫والدعاة أقوى الناس ثباتا عىل م َّر الزمن‪ ،‬وهذا‬
‫ى‬ ‫َ‬ ‫َ إ َ‬
‫ش ٌء ن َر هاه ِف َو ِاق ِعنا ِلل هعل َم ِاء ال ِك َب ِار‪ ،‬واقرأ ف‬
‫ُّ‬
‫أخبار العلماء َوالد َع ِاة كأحمد بن حنبل الذي‬
‫ِّ‬
‫الد َ‬ ‫َ َ‬
‫ين يوم الفتنة‪ ،‬فكانت الثمرة له‬ ‫نرص وخدم‬
‫الصن عىل فتنة‬ ‫ر‬ ‫أن ثبته هللا عىل الدين ومنحه‬
‫السجن والجلد‪ ،‬وهذا شيخ اْلسالم ابن تيمية‬
‫الذي نرص الدين بمؤلفاته ف الرد عىل‬
‫أصحاب ا ِلديانات والمذاهب الباطلة ونرص‬
‫فكانت‬ ‫المجاالت‪ْ َ ْ ،‬‬ ‫العلم ف كافة‬ ‫الدين بنش ِ‬
‫َ‬ ‫‪َُ .‬‬
‫الثمرة َله أن ثبته هللا َلما سجن فهم َ أقوى‬
‫ْ ْ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ ً َ َ َ ِّ ْ ْ َ‬ ‫َّ‬
‫ان َوتغ ر ِي األح َو ِال‬ ‫اس ِّثباتا عىل مر األزم ِ‬ ‫ِ‬ ‫الن‬
‫أشد َ‬ ‫َ‬
‫المواطن‪.‬‬ ‫وف‬
‫‪30‬‬

‫الداعية الرباني الذي يهتم بتربيته اإليمانية‬


‫يتوازن بين العبادة والدعوة وبين العلم‬
‫والعمل والتعليم ويعطي كل جانب حقه‬
‫ومستحقه من الوقت والجهد والمال‬
‫والهتمام‬
‫‪31‬‬

‫‪ -9‬سيتكفل اهلل بصالح‬


‫أمورك‬
‫العاملي ف مجال الدعوة أنك كلما‬‫ر‬ ‫بإجماع‬
‫بذلت ف هذه الدعوة صلحت أمورك الدينية‬
‫والدنيوية‪ ،‬ألنك تعيش هلل ال لنفسك وهذه‬
‫قمة التضحية‪ .‬لذا ستالحظ إن عملت‬
‫مخلصا سهولة الحياة وبساطتها‪ .‬ولعلكم‬ ‫ً‬
‫تذكرون قول زوجة الدكتور السميط (وه ف‬
‫َ‬
‫مكان مخيف ف أفريقيا) تقول يا عبد الرحمن‬
‫هل سعادة أهل الجنة مثل سعادتنا اآلن‪،‬‬
‫َ‬
‫ف َع ِّود أهلك عىل التواضع والبذل لدين هللا‪...‬‬
‫نعم إنها التضحية لل فماذا قدمنا نحن؟‬
‫‪32‬‬

‫‪ -10‬لذة احلياة‬
‫بالدعوة إىل هللا تكسب الراحة القلبية‬

‫هل تجد لذة الحياة؟‬


‫إن لم تجدها فأسرع وألق نفسك في هذه‬
‫الدعوة‪ ،‬ولن تذهب األيام حتى تجد أنسا‬
‫وراحة كبيرة‪ ،‬وستندم على أيام مضت‪.‬‬
‫‪33‬‬

‫‪-11‬النجاة من اخلسران‬
‫الدعاة إلى الله هم الرابحون يوم يخسر الناس‪،‬‬
‫وهم السعداء يوم يشقى الناس‬

‫الدعوة سبب للنجاة من الخشان الذي ذكره‬


‫َّ إ َ َ ى‬ ‫{وال َع إ‬‫هللا تعاىل ف قوله‪َ :‬‬
‫نسان ل ِق‬ ‫رص ِإن ِاْل‬‫ِ‬
‫َّ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ َّ َ َ ه‬ ‫ه إ‬
‫ات‬‫خش ِإل ال ِذين َ آمنوا وع ِملوا الص ِالح ِ‬
‫الص رإ ِن} [العرص]‪.‬‬ ‫اص إوا ب َّ‬ ‫َو َت َوا َص إوا بال َح ِّق َوت َو َ‬
‫لتجد أن هللا نق الخشان عمن َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫آمن‬ ‫فتأمل‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫وعم َل صالحا وقام بنصح الناس وتواض‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫صن‬ ‫ر‬ ‫وال‬ ‫إليه‬ ‫ة‬‫و‬ ‫والدع‬ ‫الحق‬ ‫ب‬ ‫القيام‬ ‫عىل‬ ‫معهم‬
‫عىل ما يكون ف طريقه‪.‬‬
‫‪34‬‬

‫‪ -12‬استمرارية‬
‫حسناتك بعد مماتك‬
‫أكن أسباب زيادة‬ ‫ر‬ ‫الدعوة إىل هللا من‬
‫الحسنات واستمرارها‪ ،‬كما قال ﷺ‪" :‬من دعا‬
‫إىل هدى‪ ،‬كان له من األجر مثل أجور من‬
‫ً‬
‫تبعه‪ ،‬ال ينقص ذلك من أجورهم شيئا"‪.‬‬
‫رواه مسلم (‪(2674‬‬
‫تبق للعبد بعد موته بل وهو نائم‬ ‫فالدعوة ر‬
‫ولك أن تتخيل لو أن عشة انتفعوا بك من‬
‫محارصة ألقيتها أو شيط وزعته عليهم أو كتابا‬
‫أهديتهم إياه‪ ،‬فكم ه الحسنات ال رت تنتش‬
‫وغنهم‪ ،‬وحينما‬ ‫ر‬ ‫لك ربي هؤالء وأقارب هم‬
‫تبق لك هذه الحسنات‬ ‫يفجعك الموت ر‬
‫‪35‬‬

‫لتأتيك وأنت ف رقنك‬


‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫إ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ً َّ إ َ ه ى‬
‫اب‬‫هللاه َط َِريق َسهل الك ِت َّس ِ‬
‫ِإ إ َذا الدعوة ى ِإىل َ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫األ إج ِر‪َ ،‬ي إب رق لك ث َوا هبه ب إعد َم إو ِتك‪ ،‬تأمل أن كل‬
‫ً‬
‫من أصبحت سببا لهدايته كل أعماله الصالحة‬
‫من صلوات وذكر وصوم وصدقة ودعوة ف‬
‫منان حسناتك من‬ ‫منان حسناته ومثلها ف ر‬ ‫ر‬
‫دون أن ينقص من أجوره شء‪ ،‬ما أعظم هذه‬
‫الفضائل وهذه التجارة الرابحة ولكن أين‬
‫المتنافسون؟‬
‫أكن قدر من‬ ‫التاجر الناجح هو الذي يحقق ر‬
‫الرب ح ف أقل ف رنة زمنية‪ ،‬وهكذا المؤمن‬
‫العاقل الذي يبتع الحسنات والدرجات‬
‫العالية ف اآلخرة يسع لنيل ذلك من خالل‬
‫ً‬ ‫ر ه‬
‫ضاعف له أعماله أضعافا‬ ‫الت ت ِ‬ ‫الدعوة إىل هللا‬
‫كث رنة‪.‬‬
‫‪36‬‬

‫واملؤمنون الذين اجتهدوا‬


‫على اآلخرة قسمان‪:‬‬
‫األول‪ :‬من اشتغل بالعبادة فقط‪ ،‬فهذا ينقطع‬
‫عمله بعد موته‪ ،‬وتغلق صحائف عمله‪.‬‬
‫الثان‪ :‬من اشتغل بالعبادة والدعوة إىل هللا‪،‬‬
‫وتعليم شع هللا‪ ،‬واْلحسان إىل الخلق‪.‬‬
‫فهذا بأرفع المنازل‪ ،‬وعمله مستمر‪ ،‬وصحائفه‬
‫ه‬
‫مفتوحة تمل باألجور والحسنات كل يوم‪.‬‬
‫‪37‬‬

‫‪ -13‬سبب حملبة اهلل تعاىل‬


‫سؤال‪:‬‬
‫َ ر َّ‬ ‫َ‬
‫اس إىل هللا؟‬
‫من هو أحب الن ِ‬

‫هللا تعاىل‪ ،‬كما‬ ‫َ َ ٌ َ َ َّ‬


‫الدعوة إىل هللا سبب ِل َمحب ِة ِ‬
‫َ‬ ‫َ ر َّ‬ ‫ه َّ‬
‫اّلل‬
‫اس إىل ِ‬ ‫َّلل ‪" :‬أحب الن ِ‬ ‫َ ْقا َل رسول ا ِ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬
‫الطنان وحسنه األلبان‬ ‫اس" رواه ر‬ ‫ِ‬ ‫أن ىف َعه ْم ِللن‬
‫َّ‬ ‫َّ إ‬ ‫ى‬
‫اس هو هدايتهم إىل الجنة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫فأ إعظ هم النف ِع ِللن‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َإ‬
‫نف هع هه إم ِف ت إص ِحي ِح هم إعتق ِد ِه إم َو ِد ِين ِه إم‪َ ،‬وت إز ِك َي ِة‬
‫إ َإ‬ ‫َ‬
‫ورفع همستوى إيمانهم‪.‬‬ ‫أخال ِق ِهم‬
‫‪38‬‬

‫‪ -14‬واهلل حيب احملسنني‬


‫فالدعوة إحسان بالناس وهللا يقول‪:‬‬
‫ب ْال ُم ْحسن َ‬ ‫ََ‬
‫اّلل ُيح ر‬ ‫َّ‬ ‫ََ ْ ُ‬
‫ي}‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫{وأح ِسنوا ِإن‬
‫{البقرة‪.}195:‬‬
‫بتوفن الطعام لهم فيه من‬
‫ر‬ ‫وإذا كان نفع الناس‬
‫األجور ما فيه‪ ،‬فكيف بإطعام قلوب هم وتغذية‬
‫أرواحهم بزاد اْليمان الذي به حياتهم‬
‫ً‬
‫الحقيقية وتكون سببا لدخوله الجنة؟‬
‫‪39‬‬

‫‪ -15‬سبب إنقاذ الناس‬


‫من النار‬
‫األكن هو إنقاذ الناس من النار‪،‬‬ ‫ر‬ ‫ه ُّم الداعية‬
‫َ‬ ‫ّه‬
‫سيد الدعاة وإمامهم ‪" :‬مثىل‬ ‫وقد قال‬
‫َ ْ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫رجل استوقد نارا‪ ،‬فلما أضاءت ما‬ ‫ٍ‬ ‫كمث ِل‬
‫َّ ر َ‬ ‫حو َلها جعل الفر ُ‬
‫اش وهذه الدواب ال رن ف‬
‫َ ُ‬ ‫ُ َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َّ‬
‫ويغلبنه‬‫يحجزهن َ ُ ِ‬ ‫وجعل‬ ‫يقعن فيها‪،‬‬ ‫الن ِار‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ ْ َ‬
‫فذلك ْم مثىل ومثلكم‪ ،‬أنا‬ ‫فيت ُقحمن فيها‪ .‬قال َّ ِ‬
‫َّ‬
‫هلم عن النار‪َّ ،‬‬ ‫بح َجزكم عن النار‪َّ ،‬‬ ‫ُ‬
‫هلم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫آخذ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫غلبون‪ ،‬تقحمون فيها" متفق‬ ‫عن الن ِار‪ ،‬فت ِ‬
‫عليه واللفظ لمسلم (‪.)2284‬‬
‫‪40‬‬

‫‪ -16‬ثناء اهلل تعاىل واستغفار‬


‫املالئكة للداعية‬
‫تأمل مع‪ :‬الدعوة سبب لثناء هللا تعاىل‬
‫واستغفار المالئكة والمخلوقات‪ ،‬قال ‪" :‬إن‬
‫ر‬
‫وحن‬ ‫حن النملة ف جحرها‬ ‫هللا ومالئكته ر‬
‫ُ‬ ‫ُ ه‬
‫الحوت ف البحر ليصلون عىل معل ِم الناس‬
‫الخي"‪ .‬صحيح الجامع (‪)1834‬‬
‫والصالة من هللا تعت الثناء‪ ،‬ومن المالئكة‬
‫تعت االستغفار لك‪ ،‬فالدعوة إىل هللا جمعت‬
‫المحاسن واألجور والفضائل كلها‪.‬‬
‫َُ ُ‬
‫فوا أسفاه عىل من يف ِّوت عىل نفسه هذه‬
‫ِّ‬
‫النعم‪.‬‬
‫‪41‬‬

‫‪ -17‬الفوز بدعوة النيب‪‬‬


‫َ ُ َ ّ َ‬
‫الدعوة امتثال ألمر رسول هللا‪" :‬بلغوا عن َولو‬
‫آية" {البخاري}‪ ،‬وم َن بلغ سنته ً دعا له بنضارة‬
‫َّ‬ ‫ّض ُ‬ ‫الوجه ف قوله‪ " :‬ن َّ َ‬
‫هللا ْام َرأ َس ِمع ِمنا شيئا‪،‬‬
‫سامع "‪16‬‬ ‫َف َب َل َغ ُه كما َسم َع ُه‪َ ،‬ف ُر َّب ُم َبلغ ْأو ََع من َ‬
‫َ‬
‫ٍِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫النت‪ ‬بالتبليغ‬ ‫ر‬‫َ‬ ‫قال ابن القيم رحمه هللا‪َ ٍ :‬‬
‫"أم‬
‫ً‬ ‫ر‬
‫عنه ولو آية‪ ،‬ودعا لمن بلغ عنه ولو حديثا‪ ،‬وتبليغ‬
‫سنته إىل األمة أفضل من تبليغ السهام إىل نحور‬
‫الكثن من الناس‬ ‫ر‬ ‫العدو‪ ،‬ألن تبليغ السهام يفعله‬
‫وأما تبليغ السي فال يقوم به إال ورثة األنبياء‬
‫وخلفاؤهم ف أممهم‪ ،‬جعلنا هللا منهم بمنه‬
‫وكرمه"‪17.‬‬

‫‪ 16‬أخرجه الترمذي (‪ ،)2657‬وابن ماجه (‪ ،)232‬وأحمد (‪ )4157‬باختالف‬


‫يسير‪.‬‬
‫‪ِ-17‬جالءِإلِفهامِ(‪ِ.)415‬‬
‫‪42‬‬

‫‪ -18‬تنمية علم‬
‫ومهارات الداعية‪:‬‬
‫كما ان الدعوة إىل هللا من أسباب زيادة علم‬
‫الداعية ومهاراته من خالل ممارسته الدعوة‬
‫والمناقشة واْلعداد للحوار مع اآلخرين‪.‬‬

‫من يختار طريق الدعوة كريم بوقته وجهده‬


‫وماله وال يخاف الفقر‬
‫اجلـُوع يُـطرَدُ بالرَغِيـفِ اليـابسِ‪،‬‬
‫فَعَالمَ تَكْثُر حَسْرَتي وَوَساوسي!‬
‫‪43‬‬

‫‪-19‬أجر الصرب على طريق‬


‫الدعوة‬
‫ً‬
‫ال شك أن هذا الطريق ليس معبدا بالورود‬
‫تالف من‬ ‫ر‬ ‫فأبشك باألجر العظيم بسبب ما‬
‫أذى القريب قبل البعيد‪ ،‬قال هللا تعاىل‪:‬‬
‫َ ً‬ ‫َ َّ ً‬ ‫َ َ َ ُ‬
‫َص ََ ُيوا جنة َوح ِريرا}‬ ‫{وجزاه ْم ِب َما‬
‫[االنسان‪.]12:‬‬
‫ٌ‬ ‫ً‬
‫إن كنت صالحا فحسب فلن يؤذيك أحد‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫ولكن إن كنت مصلحا فسيبلغك من أذى‬
‫ُ‬
‫الجاه رلي ما يبلغك‪ ،‬واألجر عىل قدر المشقة‪،‬‬
‫نصب وال‬ ‫َ‬
‫المسلم من‬ ‫ُ‬
‫يصيب‬ ‫قال ﷺ‪" :‬ما‬
‫ٍ‬
‫غم ـ‬ ‫وصب وال هم وال حزن والَّ أذى وال ٍ‬
‫هللا بها من‬ ‫حن ٍ الشوكة يشاكها ـ إال كف َر ُ‬ ‫ر‬
‫خطاياه" رواه البخاري‪.‬‬
‫‪44‬‬

‫قريش أحبوا الرسول ﷺ قبل البعثة‪ ،‬ولما‬


‫ه‬ ‫ً‬
‫الخن ويصحح‬ ‫ينش ر‬ ‫صار بعد بعثته مصلحا‬
‫لمصلح‬ ‫األخطاء آذوه وعادوه وحاربوه؛ ألن ا ُ‬
‫يصطدم بأهوائهم‪ ،‬إذ هيريد أن ينتشلهم من‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫فساد نفوسهم‪ .‬قال أهل العلم‪ُ :‬مصلح واحد‬
‫أحب إىل هللا من آالف الصالحي؛ ألن‬
‫المصلح يحم هللا به أمة‪ ،‬والصالح يكتف‬
‫بحماية نفسه فقط؛ فال يليق بالمسلم‬
‫جي‬ ‫ٌ‬
‫االكتفاء بالصالح دون اإلصالح؛ ألنه ر‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫وسبب لضياع األمة وهالكها‬ ‫وضعف وخذالن‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫ر َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫إذ قال تعاىل‪َ :‬‬
‫{و َما كان َربك ِل ُيه ِلك الق َر َٰى‬
‫ُ ْ ُ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ ْ‬
‫ِبظل ٍم َوأ ْهل َها مص ِلحون}‪ ،‬ولم يقل‪:‬‬
‫صالحون‪ .‬جعلنا هللا وإياكم من المصلح ري‬
‫الصالحي‪.‬‬
‫ر‬
‫ال تخف من التعب ف سبيل الدعوة فأول‬
‫‪45‬‬

‫َّ‬
‫لحظة ف الجنة ستنىس كل العناء‪.‬وبما أن‬
‫رشف الدعوة عظيم؛ فالبد لتلك الميلة‬
‫الرسيفة الكريمة من تضحية وثبات‬‫والمكانة ر‬
‫وصي‪.‬‬
‫َ‬

‫الداعية إذا قام بالدعوة إىل اهلل مرت‬


‫به حالتان‪:‬‬
‫األوىل‪ :‬حالة إقبال الناس عليه‪ ،‬كما حصل‬
‫حي استقبله أهل‬ ‫للنت صىل هللا عليه وسلم ر‬ ‫ر‬
‫المدينة‪ ،‬وفرحوا بقدومه‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬حالة إدبار الناس عنه‪ ،‬كما حصل‬
‫إ‬
‫حي رده زعماء أهل الطائف‪ ،‬وأغ َروا‬ ‫للن رت ﷺ ر‬
‫ر‬
‫به السفهاء والصبيان حت رصبوه بالحجارة‪.‬‬
‫فاهلل عز وجل ال هي إس ِلم أولياءه ألعدائه‪ ،‬ولكنه‬
‫‪46‬‬

‫ً‬
‫ويرن به‬
‫ر‬ ‫يرن الداعية أحيانا‪،‬‬ ‫حكي ًم عليم ر‬
‫أحيانا‪.‬‬
‫وحالة اْلقبال عىل الداعية أشد وأخطر‪ ،‬فقد‬
‫ه‬
‫يدخله الغرور وا هلعجب‪ ،‬وت إع َرض عليه‬
‫المناصب‪ ،‬فيكون عرضة للفتنة بالدنيا‪.‬‬
‫وتلك من مداخل الشيطان لشقة الداعية‬
‫َ‬
‫وش إغله عن الدين بالدنيا واألموال والمناصب‪.‬‬
‫أما حالة اْلدبار واْلعراض عنه فه أحسن‬
‫توجه الداعية إىل‬ ‫وأقوى تربية له؛ إذ بها يزداد ُّ‬
‫ر‬
‫فتأن‬ ‫هللا‪ ،‬واْلقبال عليه‪ ،‬والقرب منه‪،‬‬
‫بسبب ذلك نرصة هللا عز وجل‪ ،‬كما حصل‬
‫للن رت ﷺ لما طرده أهل الطائف‪ ،‬دعا هللا‬
‫يش له دخول‬ ‫بجنيل وملك الجبال‪ ،‬ثم َّ‬ ‫َّ‬
‫فأيده ر‬
‫ً‬
‫مكة عزيزا‪ ،‬ثم أكرمه باْلشاء والمعراج‪ ،‬ثم‬
‫يش له الهجرة إىل المدينة‪ ،‬ثم ظهور اْلسالم‬ ‫َّ‬
‫‪47‬‬

‫ألرض‪.‬‬ ‫تمكي ف ا‬ ‫وال ر‬


‫َ َّ ُ َ ْ ُ رْ َ ُ َ ْ‬ ‫‪َ َ :‬‬
‫قال هللا تعاىل {أح ِسب الناس أن َ ييكوا أن‬
‫َ َّ ُ َ ُ ْ َ ُ َ َ َ ْ َ َّ َ َ‬ ‫َُ ُ‬
‫آمنا َو َه ْم ّل يفتنون‪َ ،‬ولقد فتنا ال ِذ ُين‬ ‫وا‬
‫يق ْ َ‬
‫ول‬
‫َ‬ ‫َُ َ َ‬ ‫َ َ َّ‬
‫ّلل ال ِذين َصدقوا‬ ‫ِمن ق ْب ِل ِه ْم فل َي ْعل َمن ا‬
‫ي} [العنكبوت‪.]3 -2 :‬‬ ‫َو َل َي ْع َل َم َّن ْال َكاذب َ‬
‫ِِ‬
‫الفنة يبتىل هللا‬ ‫ر‬ ‫اليبية‪ :‬وف هذه‬ ‫فية ر‬ ‫ر‬
‫صيه‬ ‫الداعية‪ ،‬ويربيه بما يصلحه‪ ،‬ليمتحن َ‬
‫َّ‬
‫وصدقه‪ ،‬وينشأ عنده االستعداد لتحمل‬
‫الشدائد‪ ،‬ورحمة الخلق‪ ،‬والتسليم الكامل‬
‫فيبتىل بالخ رن والش‪ ،‬والغت والفقر‪،‬‬ ‫للحق‪ ،‬ه‬
‫واألمن والخوف‪.‬‬
‫َّ ِّ َ َ إ إ َ ً‬ ‫إ‬ ‫ََإُ ُ‬
‫قال هللا تعاىل‪{ :‬ونبلوكم ِبالش والخ ر ِن ِفتنة‬
‫َ‬ ‫ى ه‬
‫َو ِإل إي َنا ت إر َج هعون} [األنبياء‪.]35 :‬‬
‫َ‬
‫ىس ٍء ِم َن الخ إو ِف‬ ‫وقال تعاىل‪َ { :‬و ىل َن إب ُل َو َّن ُك إم ب َ إ‬
‫َّ‬ ‫َ إ َ إ َ ِ َ إ َإ ه‬ ‫ََإ‬
‫س َوالث َم َرا ِت‬
‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫األ‬ ‫و‬ ‫ال‬
‫ِ‬ ‫و‬ ‫م‬‫األ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫ص‬ ‫ق‬‫وع ون‬ ‫َ ه‬
‫والج ِ‬
‫‪48‬‬

‫ٌ‬ ‫َ َّ َ َ ى إ‬ ‫َو َب ِّش ا َّ‬


‫ين ِإذا أ َص ُ َابت هه إم هم ِص َيبة‬ ‫لصا ِب ِرين ال ِذ‬
‫ى‬ ‫َ‬ ‫ى‬
‫ول ِئك َعل إي ِه إم‬ ‫أ‬
‫إ َ ه َ‬
‫ون‬ ‫ع‬ ‫اج‬ ‫ر‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ل‬
‫ى‬
‫إ‬ ‫ا‬‫ن‬
‫َّ‬
‫إ‬‫و‬‫َق ُالوا ِ إ َّنا ََّّلل َ‬
‫ولئ َك ههمه‬ ‫َ ى َ ِ ٌ ِ ِ إ ِ َ ِّ إ َ َ إ َ ٌ َ ُ ى‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صلوات ِمن رب ِهم ورحمة وأ ِ‬
‫َ‬
‫ال هم إه َت هدون} [البقرة‪.]157 -155 :‬‬

‫فية ظهور النّضة‪:‬‬ ‫ر‬


‫صن الداعية عىل االبتالء‪ ،‬وقام بالدعوة‬ ‫فإذا ر‬
‫ر‬ ‫ه‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬
‫عي‪ ،‬وكن ِة‬ ‫وقلة الم ر‬ ‫مع شدة األحوال‪ِ ،‬‬
‫المعادين؛ كان هللا معه يؤيده وينرصه‪،‬‬
‫ويستجيب دعاءه‪ ،‬ويدافع عنه‪ ،‬ويحفظه‪،‬‬
‫ويخذل أعداءه‪.‬‬
‫الدعوة عند انصراف الناس عنها أحب إلى‬
‫الله منها عند إقبال الناس عليها ألن غالء‬
‫الثمن دليل على نفاسة السلعة‪" .‬ل يستوي‬
‫منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل"‬
‫‪49‬‬

‫ثمار الدعوة للفرد واألسرة والمجتمع عظيم‬

‫‪ -20‬حتقيق الغاية من خلق اهلل‬


‫للخلق‬
‫الت من أجلها خلق هللا الخلق ه‬ ‫الغاية ر‬
‫عبادته وحده ال شيك له‪ ،‬قال تعاىل‪َ :‬‬
‫{و َما‬
‫ون}‬
‫َُُْ‬ ‫َّ‬ ‫ت ْالج َّن َو ْ َ‬ ‫َ َْ ُ‬
‫اإلنس ِإّل ِليعبد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫خلق‬
‫ِّ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫[الذاريات‪ ،]56 :‬والعبادة‪ :‬اسم جامع لكل ما‬
‫يحبه هللا ويرضاه من األقوال واألعمال‬
‫ٌ‬
‫الظاهرة والباطنة‪ .‬وف الدعوة توضيح وش ٌح‬
‫ٌّ‬
‫لهذه العبادة‪ ،‬وحث للناس عىل ال رنامها وترك‬
‫َّ‬
‫بة‬
‫ما يخالفها‪ ،‬وبيان للجور العظيمة المرت ِ‬
‫عىل القيام بهذه العبادة‪ ،‬وهذا هو المقصود‬
‫األعظم من الدعوة‪.‬‬
‫‪50‬‬

‫‪ -21‬ظهور أجيال اإلميان‬


‫َ‬
‫نسل وأجيال‬ ‫ومن ثمرات الدعوة أنك هت ه‬
‫وقف‬
‫ً‬
‫الكفر‪ ،‬فقبل إسالم الشخص كان كافرا ابن‬
‫كافر ابن كافر إىل آالف السن ري؛ فت رأن أنت‬
‫تغن الحال من خالل دعوتك لهذا الشخص‬ ‫و ر‬
‫السني‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫ه‬
‫فيتغن النسل طوال‬ ‫إىل اْلسالم‪،‬‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫القادمة فيصبح الجيل القادم‪ :‬مسلم ابن‬
‫أي ش ٍف أعظم‬ ‫مسلم ابن مسلم‪ .‬هللا أكن! ُّ‬
‫ر‬
‫أجيال الكفر لتبدأ أج ه‬
‫َ‬ ‫إ‬
‫يال‬ ‫من هذا‪ ،‬أن توقف‬
‫اْليمان باهلل وحده‪ ،‬وعبادته وحده‪18.‬‬

‫‪ِ-18‬إنظر‪ِ:‬إلقوإعدِإلعرشِيفِإلتحفزيِدلع ِوةِغريِإملسلمنيِلولِيدِإلسحيباين‪ِ .‬‬


‫‪51‬‬

‫‪ -22‬تكثري األمة احملمدية‬


‫ً‬
‫ومن ثمراتها أيضا‪ :‬ر‬
‫تكثن األمة المحمدية الذي‬
‫النت ﷺ‪ ،‬وهو أن يكون‬ ‫هو تحقيق ِلما ًتمناه ر‬
‫أكن األنبياء أتباعا كما قال‪" :‬فأرجو أن أك ريهم‬
‫ر‬
‫ً‬
‫تابعا يوم القيامة"‪ .‬رواه البخاري ومسلم‬
‫﴿أن إسالم الواحد على يديك يعني الماليين‬
‫من الناس﴾‬
‫فإن أعمال أوالده وأوالد أوالده ومن أسلم عىل‬
‫منان حسناتك‪ ،‬فلو‬ ‫يده إىل يوم القيامة ف‬
‫ر ى‬ ‫َّ‬
‫حسبت أن لهذا المهتدي ولدين أو ثالثة‪،‬‬
‫وأوالدهم كذلك‪ ،‬يعت بعد كل عشين سنة‬
‫سيضاعف العدد‪ ،‬وبعد مئة سنة سيضاعف‬
‫العدد ‪ ١٠٠٠‬مرة‪...‬‬
‫‪52‬‬

‫َّ‬
‫﴿تأمل﴾‬
‫نفرض أنه مض ‪ ١٠٠‬سنة‪ ،‬يكون العدد‬
‫‪١٠٠٠‬مسلم‪ ،‬ربق منهم ‪ ٥٠٠‬شخص‪ ،‬والبقية‬
‫ماتوا أثناء ال ‪ ١٠٠‬سنة‪ ،‬نأخذ ال ‪٥٠٠‬‬
‫ونضاعفهم ‪ ١٠٠٠‬بعد مئة سنة أخرى‪ ،‬يكون‬
‫مئتي سنة‪ ،‬بعد‬
‫العدد ‪ ٥٠٠‬ألف شخص بعد ر‬
‫‪ ١٠٠‬سنة أخرى يعت ‪ ٣٠٠‬سنة من اليوم‬
‫نأخذ نصف عدد المئة الثانية وهم ‪ ٢٥٠‬ألف‬
‫وترصب هم ف ‪ ١٠٠٠‬تكون النتيجة‬
‫مئتي وخمس ري مليون‬ ‫ر‬ ‫‪٢٥٠،٠٠٠،٠٠٠‬‬
‫شخص‪ ...‬وكيف لو حسبنا المئة الرابعة‬
‫والخامسة و‪..‬و‪..‬‬
‫ال يلزم أن نقول المالي ري بل يكق مليون‬
‫واحد‪ ،‬هذا إذا لم يسلم عىل يد هذا الرجل‬
‫أحد من الناس‬
‫‪53‬‬

‫أما لو أسلم عىل يديه واحد‪ ،‬فتحسب نفس‬


‫الحسبة للمهتدي الجديد‪...‬‬
‫فكيف لو اهتدى عىل يديه ‪ ١٠‬أو‪١٠٠‬‬
‫أو‪ ...١٠٠٠‬هذا كله إذا أسلم واحد عىل يديك‬
‫أو بسببك‪ ،‬كيف لو أسلم كل يوم عندك‬
‫شخص؟‬
‫ً‬
‫هناك داعية أسلم عىل يده ‪ ٧٠٠٠‬شخصا‪،‬‬
‫رجل م ٌّ‬
‫سن ف‬ ‫ٌ‬ ‫وكان سبب إسالم هذا الداعية‬
‫ً‬
‫الرياض أعطاه كتابا‪.‬‬
‫س ف‬ ‫وهناك شخص اهتدى عىل يده قسي ٌ‬
‫أكن من‬ ‫أفريقيا‪ ،‬ثم أسلم عىل يد القسيس ر‬
‫مليون شخص‪...‬‬
‫َّ‬
‫تذكروا أن إسالم الشخص ال يعن أنه واحد‬
‫بل الماليي بإذن هللا‪...‬‬
‫َّ‬ ‫الماليي لو َّ‬
‫سبحوا أو تصدقوا‪ ،‬فلك‬ ‫ر‬ ‫فهؤالء‬
‫‪54‬‬

‫مثل أجورهم من دون أن ينقص من أجورهم‬


‫الماليي إىل‬
‫ر‬ ‫شء‪ ،‬وكل خطوة يخطوها هؤالء‬
‫المسجد لك مثل أجرها‪ ،‬لوحجوا أو صاموا أو‬
‫جاهدوا أو دعوا‪ ،‬أو ساعدوا اآلخرين فلك مثل‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫وعلموا َّ‬ ‫َ َّ‬
‫وربوا وألفوا وأوقفوا‬ ‫أجرهم‪ ،‬لو تعلموا‬
‫ً‬
‫فلك مثله تماما‪...‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫َّ‬
‫المقصود‪ :‬أن كل عمل سواء كان قوليا أو فعليا‬
‫ً‬
‫أو قلبيا فلك مثل أجره‪...‬‬

‫َّ‬
‫إذا َمن هللا عليك وأسلم عىل يديك شخص‬
‫فإن أعمال أوالده وذريته إىل يوم القيامة ف‬
‫موازين حسناتك‪.‬‬
‫بسيطة فإن عددهم يتضاعف بعد‬ ‫ٍ‬ ‫بحسب ٍة‬
‫ر‬
‫‪ 300‬سنة إىل ماليي من البرس الذين كنت‬
‫أنت السبب ف هدايتهم لإلسالم‪.‬‬
‫‪55‬‬

‫تأمل‪ :‬لو لم تكن ً‬


‫سببا ف إسالم‬
‫ذلك الشخص الواحد؛ فإنك‬
‫سوف تخرس كل تلك األعداد‬
‫ر‬
‫الن قد تصل إىل مليون أو‬
‫ر‬
‫أكي‪...‬‬
‫هل هناك خسارة أعظم من‬
‫هذه الخسارة؟‬
‫‪56‬‬

‫‪ -23‬بناء القدوات‬
‫ومن ثمرات الدعوة إقامة مجتمع تتمثل فيه‬
‫صفات المثالية والقدوة قدر اْلمكان‪ ،‬كما‬
‫النت ﷺ‪ ،‬ذلك‬ ‫حصل للرعيل األول ف عرص ر‬
‫العرص الذي هو القدوة لكل عرص بعده إىل‬
‫قيام الساعة‪ ،‬فالناس فيه متآخون متآلفون‬
‫الن والتقوى‪ ،‬قائمون بشائع‬ ‫متعاونون عىل ر‬
‫اْلسالم‪ ،‬متخلقون بأخالقه‪ ،‬متناصحون‬
‫النت ﷺ‪:‬‬‫متعاطفون‪ ،‬كما قال ر‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫"مثل المؤمني ف توادهم وتراحمهم‬
‫وتعاطفهم مثل الجسد‪ ،‬إذا اشتىك منه رشء‬
‫تداَع له سائر الجسد بالسهر والحم"‪19.‬‬

‫‪ِ-19‬فضلِإدلع ِوةِومثرإهتاِمعايلِإدلكتورِأمحدِبنِعيلِسريِإملِباريكِ‪.‬‬
‫‪57‬‬

‫‪ -24‬الدعوة إىل اهلل تزيد اإلميان‬


‫من المعلوم ف مذهب أهل السنة أن اْليمان‬
‫يزيد وينقص‪ ،‬يزيد بالطاعة وينقص‬
‫بالمعصية‪ ،‬وقد جاء ف صحيح مسلم "باب‪:‬‬
‫كون النه عن المنكر من اْليمان وأن اْليمان‬
‫يزيد وينقص وأن األمر بالمعروف والنه عن‬
‫المنكر واجبان"‪ ،‬ثم ساق بعده حديث رأن ذر‬
‫النت ﷺ أنه قال‪" :‬يصبح‬ ‫رض هللا عنه عن ر‬
‫عىل كل ُسالم من أحدكم صدقة‪ ،‬ر‬
‫فكل تسبيح ٍة‬
‫صدقة‪ ،‬وكل تحميدة صدقة‪ ،‬وكل تهليلة‬
‫صدقة‪ ،‬وكل تكبية صدقة‪ ،‬وأمر بالمعروف‬
‫صدقة‪ ،‬ونه عن المنكر صدقة‪ ،‬ويجزئ من‬
‫ذلك ركعتان يركعهما من الضىح"‪.20‬‬

‫‪ِ- 20‬أخرجهِمسمل )‪ِ .ِ(720‬‬


‫‪58‬‬

‫‪ -25‬حياة للقلوب‬
‫ٌ‬
‫وف الدعوة حياة القلوب‪ ،‬ففيها تنشيط‬
‫ه‬ ‫رٌ‬
‫وتذكن للغافل ري‪ ،‬وزيادة إيمان‬ ‫ملي‪،‬‬ ‫للخا ر‬
‫ٌ‬
‫المؤمني‪ ،‬وفيها كبت ألهل األهواء‬ ‫ر‬
‫ٌ‬ ‫ه‬ ‫َّ ٌ‬
‫للعاملي‪ ،‬وتعبها متعة لمن‬ ‫ر‬ ‫المبطلي‪ ،‬ولذة‬‫ر‬ ‫و‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ه‬
‫أصبحت الدعوة هوائه الذي يتنفس به‪،‬‬
‫ً‬ ‫َّ‬
‫يتصب ه‬ ‫كأي عرق‪ ،‬فجم ه‬ ‫وعرقها ليس ّ‬ ‫ه‬
‫ب عرقا‬ ‫يعنا‬ ‫ٍ‬ ‫َّ‬
‫عندما نتجه إىل العمل ف الطرقات وأثناء‬
‫ممارسة الرياضات والفعاليات‪ ،‬أو عندما‬
‫نركب الدواب والمواصالت‪ ،‬أو نطبخ األكالت‬
‫َّ‬
‫وعرق‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫هٍ‬ ‫عرق‬ ‫والمشويات‪ ،‬ولكن شتان ربي‬
‫وتعب وتعب‪ ،‬أعظم ذلك العرق الذي‬ ‫ٍَّ‬
‫ساعات‬ ‫تقف ف سبيل هللا‬ ‫ه‬ ‫ب وأنت‬ ‫يتصب ه‬
‫ٍ‬
‫اتي‬ ‫الس َّياح‪ ،‬أو تحمل كر ر‬ ‫لتوز َع المطويات عىل ُّ‬
‫‪59‬‬

‫الكتيبات‪ ،‬أو أن تتعب وتمرض ف أدغال‬


‫ً‬
‫أفريقيا لتصبح سببا لهداية اآلالف بل‬
‫الماليي‪ .‬لعمري ال تعب وال عرق ر‬
‫أشف وال‬ ‫ر‬
‫أجمل من هذا‪.‬‬

‫ما السؤال الذي هز هذا الكيت لينش دين‬


‫هللا؟ يقول عىل كريسا‪« :‬طرح الشيخ‬
‫السميط سؤاال كان جديدا عىل مسامع‪:‬‬
‫من يتحمل مسؤولية موت هؤالء األفارقة‬
‫وهم عىل الوثنية؟»‪...‬‬
‫ر‬
‫الداعية كريسا أسلم عىل يديه أكي من‬
‫ً‬
‫‪ 32000‬شخصا‪.‬‬
‫أمامك مسؤولية نش رسالة اْلسالم فما أنت‬
‫فاعل؟!‬
‫‪60‬‬

‫‪ -26‬ثبات للحق‬
‫وف القيام بالدعوة إىل هللا تعاىل واستمرارها‬
‫ٌ‬ ‫عىل جميع الوجوه وف ِّ‬
‫كل األحوال ثبات‬
‫ٌ‬ ‫للحق‪ ،‬و ه‬
‫دفع للباطل ونرصة للدين‪ ،‬وبقا ٌء‬
‫للطائفة المنصورة الموعودة بالظهور والغلبة‬
‫خالف الدين الحق من أهل البدع‬‫َ‬ ‫عىل ِّ‬
‫كل من‬
‫كل‬‫والملل وأصحاب الشهوات والشبهات ف ِّ‬
‫ومكان‪ ،‬كما قال الن رت ﷺ ف الحديث‬ ‫ٍ‬ ‫زمان‬
‫ٍ‬
‫فة من أمنر‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫المتفق عليه‪" :‬ال تزال طائ‬
‫يّضهم من خذلهم‬ ‫ّ‬ ‫ظاهرين عىل الحق ال‬
‫أمر هللا وهم كذلك"‪.‬‬ ‫حن ر‬
‫يأن ُ‬ ‫ر‬
‫‪61‬‬

‫‪ -27‬جلب املصاحل ودفع املفاسد‬


‫ٌ‬
‫ودفع‬ ‫وتكثنها‪،‬‬ ‫جلب للمصالح‬ ‫ٌ‬ ‫وف الدعوة‬
‫ر‬
‫للمفاسد وتقليلها ف المجتمعات بقدر‬
‫توقف الفساد والرذيلة‬ ‫ه‬ ‫اْلمكان‪ ،‬فه‬
‫َ‬ ‫ه‬
‫والمخدرات والظلم‪ ،‬وتنش الفضيلة واألمن‬
‫رَ‬
‫التنصن‬ ‫ه‬
‫وتوقف‬ ‫واألمان واْلصالح‪...‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫افات والشك‪،...‬‬ ‫واالنحراف واْللحاد والخر ِ‬
‫ه‬
‫وتنش التوحيد‪.‬‬

‫يقر الفاتيكان وكثي من وسائل االعإلم‬


‫الغربية ومراكز أبحاث أن اإلسالم الديانة‬
‫ً‬ ‫ر‬
‫واألكي انتشارا ف العالم‬ ‫األوىل‬
‫‪62‬‬

‫‪ -28‬حل املشكالت‬
‫الفكرية واالجتماعية‬
‫واالخالقية والسلوكية‬
‫ومنها حل المشكالت المتعلقة بالمجتمعات‬
‫ً‬
‫وكيا ر‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫الت بقاؤها‬ ‫فكريا واجتماعيا وخلقيا وسل‬
‫َّ‬
‫هو من أسباب الدمار والهالك؛ ألن اْلنسان‬
‫إذا سار بعقله وهواه وعزل نفسه عن الوح‬
‫ٌ‬
‫هالك والبد‪.‬‬ ‫السماوي فإنه‬
‫والدعوة ه‪ :‬بيان لطريق النجاة للبش‬
‫ه‬ ‫ً‬
‫خن‪ ،‬وهو‬‫جميعا‪ ،‬ودين هللا هو الهادي إىل كل ر‬
‫لكل أمراض البش الفكرية‬ ‫ِّ‬ ‫الدواء الناجع‬
‫وغنها‪.‬‬
‫والسلوكية ر‬
‫‪63‬‬

‫‪ -29‬والدعوة إىل اهلل تعاىل‬


‫تدفع العذاب عن العباد‬
‫ْ َ‬ ‫ُ َ َ َ َ َ‬
‫قال هللا تعاىل‪﴿ :‬ل ِعن ال ِذين كف ُروا ِمن ب ِن‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ َ َ ََ‬
‫ان د ُ ُاوود َو ِعي ََس اب ِن ُ َم ْري َم‬ ‫يل عىل ِل َس‬ ‫إشائ‬
‫َ‬ ‫ََُْ َ َ‬ ‫َِ َ ِ َ َ َ ْ َ َ‬
‫ِ‬
‫ذ ِلك ِبما عصوا وك َانوا يعتدون‪ ،‬كانوا ّل‬
‫َ ُ‬ ‫وه َلب ْئ َ‬
‫َُ ُ‬ ‫َََ َ َ َ ْ ْ َ‬
‫س َما كانوا‬ ‫ِ‬ ‫يتناه ْون عن ُمنك ٍر فعل‬
‫ْ ُ َ‬
‫َيف َعلون﴾ [المائدة‪.]79 – 78:‬‬
‫‪64‬‬

‫‪ -30‬يف الدعوة إىل اهلل جناة من إثم القول‬


‫ٌ‬ ‫َّ‬
‫سبب ف‬ ‫إن اشتغال اْلنسان ف الدعوة‬
‫عنات اللسان‪،‬‬ ‫سالمته من إثم القول‪ ،‬ومن ر‬
‫ى‬ ‫َ َ‬
‫قال الموىل سبحانه ى وتعاىل‪﴿ :‬ل ى خ رإ َن ِف ك ِث رىن‬
‫وف أ إو‬ ‫َ َ َ إ َ إ‬ ‫إ َ إ َ ه إ َّ َ إ َ‬
‫ِمن َ نجواهم ِإل من أم َر ِبص إدق ٍة أو َ مع هر ٍَ‬
‫َ‬ ‫َ إ َ َّ‬
‫اس َو َم إن َيف َع إ ىل ذ ِلك إاب ِتغ َاء‬ ‫ِ‬ ‫ي الن‬ ‫ِإصَلح ب ر‬
‫إ‬
‫ف نؤتيه أ إج ًرا َعظ ً‬ ‫إ‬ ‫ه‬ ‫َ‬
‫اَّلل ف َس إو َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ‬
‫يما﴾‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ات ِ‬ ‫م إرض ِ‬
‫[النساء‪21]114 :‬‬
‫نفسك إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك‬
‫إ ه َ‬ ‫َّ‬ ‫َإ َ‬
‫{وا إص ِر إن نف َسك َم َع ال ِذي َن َيدعون‬ ‫بالمعصية‪َ .‬‬
‫َ‬ ‫ه‬ ‫َرَّب ههم بال َغ َد ِاة َوال َع ِ ِّ‬
‫ىس هي ِريدون َو إج َه هه} [الكهف‪:‬‬ ‫ِ‬
‫‪.]28‬‬

‫‪"ِ-21‬إلِمرِابملعر ِوفِوإلهني ِعنِإملنكر"ِأ‪ِ.‬دِ‪ِ.‬سلامينِبنِقامسِ‬


‫بنِمحمدِإلعيد‪ِ،‬ش بكةِلالوكةِ‪.‬‬
‫‪65‬‬

‫‪ -31‬الدعوة سبب لصالح حياة‬


‫الناس ومنع فساد اجلاهلني‪:‬‬
‫ه‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َّ‬
‫هللا‪،‬‬
‫ود ِ‬ ‫ِ‬ ‫"مث هل الق ِائ ِم َعىل هحد‬ ‫ت ﷺ‪:‬‬ ‫الن ر ِّ‬
‫ِ‬ ‫قال‬
‫َ ى َ َ َ إ إ ََ ه َى َ َ‬ ‫َو َ‬
‫الوا ِق ِع ِفيها‪ ،‬كمث ِل ى قو ٍم استهموا عىل ىس ِفين ٍة‪،‬‬
‫َ‬ ‫َى َ َ َإ ه ه إ إ َ َ ََإ ه ه إ إ َى‬
‫فأصاب بعض ىهم أعلها وبعضهم أسفلها‪،‬‬
‫الم ِاء َم ُّروا‬ ‫اس َت َق إوا م َن َ‬ ‫ين ف أ إس َفل َها إ َذا إ‬‫ان َّالذ َ‬ ‫َ ى َ‬
‫فك‬
‫ِ‬ ‫ى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ى َ إ َ إ َ ه إ َ َ ُ ‪ :‬ى إ َّ َ َ إ َ‬
‫عىل من فوقهم‪ ،‬فقالوا لو أنا خرقنا ِف ن ِص ِيبنا‬
‫َ ََ َ إ إ ُ ه‬ ‫َ ً ى هإ‬
‫ىخ إرقا َول إم نؤ ِذ َم إن ف إوقنا‪ ،‬ى ف ِإن َي ر هنكو ىه إم َو َما‬
‫َى‬ ‫إ َ ه‬ ‫أ َر هادوا َه ىل ُكوا َجم ً‬
‫يعا‪َ ،‬و ِإن أخذوا عىل أ إي ِدي ِهم‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن َج إوا‪َ ،‬ون َج إوا َج ِميعا"‪.22‬‬
‫ً‬

‫‪ِِ-22‬روإهِإلبخاريِ(‪.ِ)2493‬‬
‫‪66‬‬

‫‪ -32‬الدعوة إىل اهلل تعاىل مطلب‬


‫مهم ملن أراد النجاة لنفسه‪:‬‬
‫‪ َ :‬إ َ ى إ ُ ٌ إ‬
‫﴿و ِإذ قال ىت أ َّمة ِمن هه إم ِل َم‬ ‫قال هللا تعاىل‬
‫اَّلل هم إهل ُك هه إم أ إو هم َع ِّذ هب هه إم َع َذاباً‬
‫ون َق إو ًما َّ ه‬‫َ ُ َ‬
‫ت ِعظ‬
‫ِ‬
‫َ ً َ ُ َ إ َ ً ى َ ِّ ُ إ َ ى َ َّ ه إ َ َّ ه َ‬
‫ش ِديدا قالوا مع ِذرة ِإىل ربكم ولعلهم يتقون﴾‬
‫[األعراف‪]164 :‬‬
‫وغن ذلك من الثمرات كجمع الكلمة‪ ،‬وشحذ‬ ‫ر‬
‫اليقي‪...‬‬
‫ر‬ ‫ز‬ ‫تعزي‬ ‫و‬ ‫االمن‬ ‫ث‬ ‫ب‬‫و‬ ‫لهمة‪،‬‬ ‫ا‬
‫ٌ‬
‫فضائل الدعوة وثمراتها‪،‬‬
‫ِ‬ ‫هذه جملة من‬
‫ْ‬
‫جاءت ف إيجاز واختصار أسأ ُل َ‬
‫هللا العظيم‬ ‫َ ٍ‬ ‫ِ‬
‫أن ينفع بها‪.‬‬
‫‪67‬‬

‫الدعوة غاية عظمى تستحق أن‬


‫نعطيها من نفائس أوقاتنا‬
‫وأموالنا وجهودنا وليس فضالهتا‪،‬‬
‫وهي ترافقنا حتى ندفن‬

‫واهلجرة واجلهاد ما هي إال دفع ألي‬


‫عارض يف سبيل الدعوة إىل اهلل‬
‫‪68‬‬

‫ماذا حنتاج لندعو إىل اهلل؟‬


‫استصحاب النية وتخليصها من‬ ‫✓‬
‫الشوائب ومن حظوظ النفس وطلب الشهرة‬
‫والثناء‪.‬‬
‫ً‬ ‫ر‬
‫أن ننود بالعلم ال ررسَع‪ ،‬خصوصا‬ ‫✓‬
‫العقيدة والمهارات والممارسة‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ه‬
‫أن يكون الداعية قدوة حسنة للناس‬ ‫✓‬
‫سنته وشيرته وصورته وصاحب أفضل‬ ‫ف ر‬
‫أخالق‪.‬‬
‫الصي ف سبيل الدعوة‪ ،‬ومن لوازم‬‫ُ‬ ‫َ‬ ‫✓‬
‫َ‬
‫الصن أن ال يستطيل الطريق‪ ،‬وال يستعجل‬ ‫ر‬
‫النتائج‪.‬‬
‫خذ عىل دعوته ً‬‫َ‬
‫أجرا سوى ما‬ ‫أن ال يأ‬ ‫✓‬
‫ً‬
‫يرجوه من ربه ويكون كريما فبالخيل ال يصلح‬
‫للدعوة‪.‬‬
‫‪69‬‬

‫ليس من مثرات التعريف باإلسالم‬


‫أن يسلم املدعو فحسب‪..‬‬
‫بل هناك ثمار أخرى تتحقق وإن لم‬
‫يسلم‪:‬‬
‫حصول اإلسالم ولو بعد حي‬ ‫✓‬
‫ُ‬
‫ئ‬
‫خاط عن اإلسالم‬ ‫إزالة تص رور‬ ‫✓‬
‫ّ‬
‫تصو ٍر صحيح عن اإلسالم‬ ‫ُ‬
‫بناء‬ ‫✓‬
‫التحييد‬ ‫✓‬
‫النّضة‬ ‫✓‬
‫أداء الواجب ورفع الحرج عن‬ ‫✓‬
‫المسلمي‬
‫إقامة الحجة‬ ‫✓‬
‫‪70‬‬

‫شبهات تعطل الدعوة‬


‫َ‬ ‫قد رين هك البع ه‬
‫ض الدعوة بسبب عدم االستجابة‪،‬‬
‫فال شك أن األنبياء والرسل أكمل الناس ف جانب‬
‫الت بعثهم هللا‬ ‫الدعوة‪ ،‬فه المهمة األساسية ر‬
‫سبحانه وتعاىل من أجلها‪ ،‬ومع ذلك واجهوا من‬
‫ر َّ‬
‫حت أن‬ ‫أقوامهم ما واجهوا من الصد والعناد‪،‬‬
‫بعضهم لم يؤمن له أحد‪ ،‬كما أخ رن بذلك‬
‫األمم فجعل ر ُّ‬ ‫ه‬ ‫ت ع َّ‬ ‫إ‬ ‫المصطق ﷺ‪ :‬ه‬
‫النت‬ ‫ىل‬ ‫"عرض‬
‫والنت ليس معه‬ ‫ر ُّ‬ ‫الرهط‪،‬‬ ‫يمرون معهم َّ‬ ‫والنبيان ُّ‬
‫أحد‪23"...‬‬
‫فالهداية بيد هللا سبحانه وتعاىل كما ف قوله‪:‬‬
‫َ ْ‬ ‫َ ْ َ َ َ ْ َ ُ َ ُ ْ َ َ َّ َ َ َ ْ‬
‫ّلل يه ِدي من‬ ‫﴿ليس عليك هداهم ول ِكن ا‬
‫َ‬
‫َيش ُاء﴾ [البقرة‪.]272 :‬‬

‫‪ 23‬أخرجهِإلبخاريِ(‪ِ ِ.)5705‬‬
‫‪71‬‬

‫ليست العربة باإلستجابة‬


‫إذا تأملنا توجيه رب العالم ري لنبينا وحبيبنا‬
‫محمد ﷺ الذي هو قدوتنا ف الدعوة‪ ،‬وجدنا‬
‫ّ‬ ‫َّ‬
‫أن هللا سبحانه وتعاىل لم هيكلفه باستجابة‬
‫له‪ ،‬إنما كلفه َ بتبليغ الدعوة‪ ،‬ف مثل‬ ‫الناس‬
‫َ َ هُْْ َّ ََ َ َ ُ َ َْ َ ُ‬
‫ولنا البالغ‬ ‫ْق ُوله‪﴿ ُ :‬ف ِإن توليتم ف ِإنما عىل رس ِ‬
‫الم ِبي﴾ [التغابن‪.]12 :‬‬
‫ومما يؤكد أن مهمة الرسول ه البالغ كما ف‬
‫ّ ْ َ ُ‬ ‫ّ ُ‬ ‫َ َ ََ‬
‫ول ِإل ال َبالغ‬‫ْقوله سبحانه‪﴿ :‬وما عىل الرس ِ‬
‫ي﴾ [العنكبوت‪ ]18 :‬وأما الهداية‬ ‫ال ُمب ُ‬
‫ِ‬
‫الحقيقية فه إىل هللا سبحانه وتعاىل كما ف‬
‫‪ْ َ َ َ َّ َ َ ْ ُ َ ُ َ ْ َ َ َ ْ َ :‬‬
‫اّلل يه ِدي‬ ‫قوله ﴿ليس عليك هداهم ول ِكن‬
‫َ‬
‫َم ْن َيش ُاء﴾ [البقرة‪.]272 :‬‬
‫وف أصحاب السبت من بت إشائيل لما‬
‫‪72‬‬

‫﴿ل َم‬
‫أنكرت طائفة عىل الواعظ ري بقولهم‪ِ :‬‬
‫َ ُ َ َ ْ ً َ ُ ُ ْ ُ ُ ْ َ ْ ُ َ ِّ ُ ُ ْ َ َ ً‬
‫ت ِعظون قوما اّلل مه ِلكهم أو معذبهم عذابا‬
‫َ ً‬
‫ش ِديدا﴾ [األعراف‪ ،]164:‬أجاب الواعظون‬
‫َ َ ُ َ َّ ُ َ‬ ‫ِّ ُ‬ ‫ً‬
‫﴿م ْع ِذ َرة إىل َربك ْم َول َعله ْم يتقون﴾‬‫بقولهم‪َ :‬‬
‫[األعراف‪.]164:‬‬
‫تفسنه‪" :‬عىل أن النه عن‬ ‫ر‬ ‫قال القاسم ف‬
‫ُ‬
‫المنكر ال يسقط‪ ،‬ولو علم الم ِنكر عدم‬
‫الفائدة فيه‪ .‬إذ ليس من رشطه حصول‬
‫االمتثال منه‪ .‬ولو لم يكن فيه إال القيام بركن‬
‫عظيم من أركان الدين‪ ،‬والغية عىل حدود‬
‫هللا‪ ،‬واالعتذار إليه تعاىل إذ شدد ف تركه‬
‫لكفاه فائدة"‪.24‬‬

‫‪ِ-24‬حماسنِإلتأويلِ ِ(‪.ِ)5/213‬‬
‫‪73‬‬

‫احلكم على الناس بعدم‬


‫االستجابة حكم خاطئ‪:‬‬
‫من ذا الذي يستطيع الحكم عىل الناس بعدم‬
‫االستجابة؟! وإن قال‪ :‬لقد دعوتهم ر‬
‫مرتي أو‬
‫ً‬
‫أكن من ذلك‪ ،‬فإن االستجابة ربما ال‬ ‫ثالثا أو ر‬
‫تكون إال بعد مرار وتكرار‪ ،‬وزمن طويل‪ .‬فإن‬
‫ََ‬ ‫الدعوة إىل هللا ت ه‬
‫وصن‬
‫ر‬ ‫طويل‬
‫ٍ‬ ‫حتاج إىل نفس‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مدعوين‪ ،‬فإن االستعجال ف النتائج‪،‬‬ ‫عىل ال‬
‫ّ‬
‫المدعوين من اآلفات التر‬ ‫الصن عىل‬ ‫َ‬
‫وعدم‬
‫ر‬
‫بعض الدعاة‪ ،‬ولنا ف رسول هللا‬ ‫ه‬ ‫هيصاب بها‬
‫ً‬
‫ﷺ أسوة حسنة‪ ،‬فقد مكث وقتا يدعو قومه‬
‫حت أظهر هللا‬ ‫إىل هللا ويأمرهم وينهاهم‪ ،‬ر‬
‫المسلمي‪.‬‬ ‫الدين َّ‬
‫وأعز‬
‫ر‬
‫‪74‬‬

‫غري مفهوم االستسالم‬


‫ه َّ‬ ‫أن ي َّ‬‫إ‬
‫ظن الداعية أن‬ ‫مفهوم االستسالم هو‬
‫ه‬
‫تصعب هدايتهم!‬ ‫الناس‬
‫العكس هو الصحيح‬
‫هّ‬
‫ما أسهل دخول الناس ف اْلسالم لو بلغوا‪...‬‬
‫أنت اسع بتبليغ الدين وبأفضل الطرق‬
‫ى‬ ‫ر‬
‫وسنى دخولهم ف اْلسالم بإذن هللا‪.‬‬
‫المهم أن تفكر بالتبليغ وليس عليك هداهم‪.‬‬
‫ً‬
‫اسأل نفسك كم شخصا بلغته اإلسالم‪:‬‬
‫‪ ١٠٠‬شخص ‪ ٢٠٠‬شخص‪ ،‬وكم مرة؟‬
‫عجيب! ثم تشتىك من صعوبة دخول الناس‬
‫اإلسالم!!‬
‫هذه خدعة من الشيطان فكن عىل حذر‬
‫ً‬
‫المحبطي القاعدين‪ ،‬وأدخل‬ ‫ر‬ ‫واحذر أيضا من‬
‫‪75‬‬

‫حت ال تسمعهم‪.‬‬ ‫ف أذنيك القطن ر‬


‫اسأل نفسك كم عدد الذين بلغتهم اْلسالم؟‬
‫ثم احكم‪.‬‬
‫المسلمي‬ ‫غن‬ ‫ً‬ ‫إن َّ‬
‫ر‬ ‫هم الدعوة عموما‪ ،‬ودعوة ر‬
‫خصو ًصا‪ ،‬ينبع أن يحمله كل أحد من‬
‫المسلمي بما يستطيعه من قول أو فعل أو‬ ‫ر‬
‫الكبي والصغي‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫سلوك‪ ،‬ويستوي ف ذلك‬
‫كل بحسبه‬ ‫واألنن‪ ،‬والعالم والعام‪ٌّ ،‬‬ ‫ر‬ ‫والذكر‬
‫ووفق قدرته واستطاعته‪ ،‬وهللا يهدي من‬
‫َّ‬
‫أوالدنا‬ ‫ُ‬ ‫نحث‬ ‫يشاء بفضله ورحمته‪ .‬وينبع أن‬
‫شنا‬ ‫َ‬
‫وزوجاتنا وأخواتنا وأمهاتنا وجميع اف ًراد أ ِ‬
‫بالمشاركة ف التبليغ‪ ،‬وتكليفهم مهاما دعوية‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وتحفنهم ماديا ومعنويا‪.‬‬‫ر‬ ‫ومرافقتهم‬
‫المسلمي‬ ‫غن‬ ‫ُّ‬
‫ر‬ ‫وقد يستجيب المدعو من ر‬
‫صغن ويستنكف آخر من قبولها‬ ‫ر‬ ‫لدعوة من‬
‫ٍ‬
‫‪76‬‬

‫َ‬
‫والتأثن‪ ،‬ويشهد‬
‫ر‬ ‫من داعية يملك قوة اْلقناع‬
‫ه‬
‫المسلمي الجدد ف مدينة‬ ‫ر‬ ‫لذلك ما ذكره أحد‬
‫َّ‬
‫الرياض‪ ،‬وهو يعمل مدرب سباحة‪ ،‬قال‪ :‬إن‬
‫عرسة من‬ ‫طفل ف الثالثة ر‬ ‫ٌ‬ ‫إسالمه‬ ‫َ‬
‫سبب‬
‫ِ‬
‫عمره كان يقوم بتدريبه عىل السباحة‪ ،‬فأحرص‬
‫ً‬ ‫ره‬
‫الصغن عددا من الكتب اْلسالمية‬ ‫له هذا‬
‫ً‬ ‫ر‬
‫المنجمة‪ ،‬كما أهدى له نسخة من ترجمة‬
‫سببا ف‬‫ً‬ ‫معان القرآن الكريم‪ ،‬وكان ذلك‬
‫هدايته إىل اْلسالم‪.‬‬
‫بهذه السهولة المتناهية يدخل الناس ف دين‬
‫هإ‬
‫غن‬ ‫هللا‪ ،‬ويق ِبلون عىل اْلسالم؛ ولذا فإن ر‬
‫لمي اليوم بحاجة ماسة لمن يعرض‬ ‫المس ر‬
‫َ‬ ‫ه‬ ‫ه‬ ‫َ‬
‫عليهم اْلسالم‪ ،‬وما أسهل سبل الدعوة ف‬
‫هذا العرص عىل النفوس الصحيحة‪ ،‬وما‬
‫أشقها عىل النفوس المريضة!‬
‫‪77‬‬

‫وإن غرس الدعوة ف نفوس الصغار بما‬


‫طريق لهدايتهم وسبب‬‫ٌ‬ ‫يستطيعون‬
‫لغنهم لسلوك سبيل‬ ‫ٌ‬
‫وتحفن ر‬‫ر‬ ‫لحصانتهم‪،‬‬
‫الدعوة‪ ،‬وهللا يهدي من يشاء إىل رصاط‬
‫مستقيم‪25.‬‬

‫‪ِ25‬د‪ِ.‬عبدهللاِبنِإبرإهميِإللحيدإنِيفِمقال‪ِ:‬فلنعملِأطفالناِ‬
‫دعوةِغريِإملسلمنيِيفِموقعِلالوك ِة ِ‬
‫‪78‬‬

‫شبهة‪ :‬أن تكون معصوما‬


‫الكثن‪،‬‬
‫ر‬ ‫كم من أناس يحبون أن يقدموا لدينهم‬
‫َّ‬
‫ولكن يظنون أن الداعية واآلمر والناه ينبع‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أن يكون معصوما‪ ،‬فاعل لكل ما يأمر به‪،‬‬
‫ً‬
‫منتهيا عن كل ما ينه عنه‪ ،‬وهذه درجة‬
‫صعبة ال يبلغها إال المرسلون‪ ،‬وبالتاىل ال يأمر‬
‫أحد بمعروف وال ينه أحد عن منكر وال أحد‬
‫المرسلي‪.‬‬
‫ر‬ ‫المسلمي بعد‬
‫ر‬ ‫لغن‬‫عرف اْلسالم ر‬‫هي ِّ‬
‫هذا تلبيس الشيطان فاحذر‪...‬‬
‫ً‬
‫ليس عذرا ما يتعذر به بعض الناس بأنه‬
‫مقرص فكيف يدعو وهو مقرص؟ هذا من‬
‫ُ‬
‫تلبيس إبليس‪ ،‬فلو كان ال يدعو إال الك ّم ل من‬
‫الناس ما دعا بعد األنبياء أحد‪.‬‬
‫نعم قبيح بالداعية أن تخالف أعماله أقواله‪،‬‬
‫‪79‬‬

‫َه ُ َ َ‬ ‫‪ َ :‬ى ُّ َ َّ َ َ ه‬
‫آمنوا ى ِل َم تقولون َما ل‬ ‫قال تعاىل {يا أيها ال ِذين‬
‫َه ُ َ َ‬ ‫َ َّ‬ ‫َإ ُ َ ىه َإً‬
‫اَّلل أن تقولوا ما ل‬ ‫تف َع ُلون ك ر َن مقتا ِعند ِ‬
‫َ‬ ‫َإ‬
‫تف َعلون} [الصف‪ ]3-2:‬ولكن ليس الحل أن‬
‫َ‬
‫يتنىح المسلم عن الدعوة؛ بل الواجب عليه‬
‫االلنام بما يقول ويتوب‬ ‫أن يجاهد نفسه عىل ر‬
‫من الذنوب ويواصل طريق الدعوة‪ ،‬فالدعوة‬
‫ً‬
‫ليس حكرا عىل أحد أو فئة من فئات‬
‫النت صىل هللا عليه‬ ‫المجتمع‪ ،‬فقد قال ر‬
‫وسلم‪" :‬بلغوا عن ولو آية"‪ .‬وهذا األمر عام‬
‫لكل مسلم ومسلمة‪ ،‬وكل بحسبه‪ ،‬فعىل‬
‫غنه‪ ،‬فالدعاة يتفاوتون ف‬ ‫العالم ما ليس عىل ر‬
‫علمهم وقدراتهم ولكن كل بقدر ما يستطيع‪،‬‬
‫فهذا الدين أمانة ف عنق كل مسلم‪ ،‬عىل‬
‫الصالح والطالح‪:‬‬
‫فلم تكن معصية رأن محجن رض هللا عنه‬
‫‪80‬‬

‫ً‬
‫حائل دون نرصة الدين‪ ،‬وكذلك أنت أخ‬
‫ً‬ ‫َْ‬
‫مانعا من الدعوة‬
‫الحبيب ال يكن تق ِصيك ِ‬
‫إىل هللا‪.‬‬
‫‪81‬‬

‫شبهة‪ :‬ليس عندي علم‬


‫يقول بعض الناس أنا ال ينبع ىل أن أدع إىل‬
‫ه‬
‫هللا ألنت لست من أهل العلم الذين هي َس َّوغ‬
‫َّ‬
‫لدي‬ ‫لهم ذلك‪ ،‬وأن ال أستوعب‪ ،‬وليس‬
‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫أسلوب أو ٌ‬
‫علم للدعوة‪ ،‬ورغم ذلك أريد أل‬
‫أحرم نفىس من شع رنة االحتساب والدعوة إىل‬
‫هللا‪.‬‬
‫كثنة تستطيع فعلها؛ مثل توزي ع‬ ‫نقول‪ :‬أمور ر‬
‫وغن‬ ‫ر‬ ‫المسلمي‬
‫ر‬ ‫الوسائل الدعوية عىل‬
‫شت الطرق؛ كالطرق الحديثة من‬ ‫المسلمي وب ر‬
‫ر‬
‫ر‬
‫خالل مواقع انننت‪ ،‬ومواقع التواصل‬
‫االجتماع‪ ،‬والمشاركة ف الطباعة‪ ،‬ونش‬
‫مقاطع للدعاة والعلماء‪ ،‬والمشاركة المادية‪،‬‬
‫بالمسلمي الجدد‬ ‫ر‬ ‫وخدمة الدعاة والعناية‬
‫‪82‬‬

‫وتحفن اآلخرين للدعوة‪ ،‬ويستطيع الجميع‬ ‫ر‬


‫توزي ع كتب ومحارصات أهل العلم‪.‬‬
‫وعىل سبيل المثال‪ :‬إذا رأيت تارك صال ٍة‪ ،‬هل‬
‫تشجيعك له بأداء الصالة إىل علم‬ ‫ه‬ ‫يحتاج‬
‫َّ‬
‫كثن؟ ال‪ ،‬بل يكفيك أن تعرف أن الصالة من‬ ‫ر‬
‫أركان اْلسالم‪ ،‬وال يقوم اْلسالم إال بها‪.‬‬

‫لقد كان بعض صحابة رسول هللا ﷺ بمجرد‬


‫أن يسلموا ويتعلموا من رسول هللا ﷺ األمور‬
‫الرصورية‪ ،‬يأمرهم عليه الصالة والسالم‪،‬‬
‫بدعوة قومهم‪ ،‬وأمرهم ونهيهم‪ ،‬ومن ذلك‬
‫قصة إسالم رأن ذر رض هللا عنه‪ ،‬حيث قال‬
‫ٌ‬
‫له رسول هللا ﷺ‪" :‬فهل أنت ُم َبلغ عن‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫قومك؟ عَس ُ‬
‫هللا أن ينف َعهم بك ويأج َرك‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫يسا فقال‪ :‬ما صنعت؟‬ ‫فأتيت أ َن ً‬
‫ه‬
‫فيهم"‪" ،‬‬
‫‪83‬‬

‫َّ ه‬ ‫ه‬ ‫ه‬ ‫ه‬


‫قلت‪ُ :‬صنعت أن قد أسلمت وصدقت‪".‬‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫فأسلم أن إي ٌ‬
‫َ‬
‫س وأمهما أيضا‪ ،‬ثم قال‪" :‬فاحتملنا‬
‫فأسلم نصفهم‪"...‬‬ ‫َ‬ ‫حت أتينا قومنا غ ً‬
‫فارا‪،‬‬ ‫ر‬
‫مسلم (‪.)2473‬‬
‫فأبو ذر رض هللا عنه لم يمكث عند رسول‬
‫الكثن‪ ،‬بل‬
‫ر‬ ‫حت يتعلم منه الىسء‬ ‫هللا ﷺ ر‬
‫بمجرد إسالمه‪ ،‬وتعلمه األمور الرصورية‪ ،‬تعلم‬
‫منه الصالة والوضوء كما ف الرواية الثانية‪،‬‬
‫دعا أخاه وأمه‪ ،‬ثم دعا قومه بعد أن رجع‬
‫إليهم‪ ،‬وكانت النتيجة أن أسلم نصفهم‪،‬‬
‫والنصف اآلخر أسلم بعد هجرة الرسول ﷺ‬
‫إىل المدينة كما ف تتمة الحديث المذكور‪.‬‬
‫ً‬
‫ومن هذا الباب أيضا قصة مالك بن الحويرث‬
‫ومن معه من الشباب‪ ،‬الذين أمرهم الرسول‬
‫ﷺ أن يرجعوا إىل أهليهم فيعلموهم‬
‫‪84‬‬

‫ّ‬
‫ويأمروهم‪ ،‬كما هيحدث مالك بن الحويرث‬
‫النت ﷺ‬ ‫رض هللا عنه‪ ،‬فيقول‪" :‬أتينا إىل ر‬
‫ونحن شببة متقاربون‪ ،‬فأقمنا عنده عشين‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫يوما وليلة‪ ،‬وكان رسول هللا ﷺ رحيما رفيقا‪،‬‬
‫فل ىما ظن أنا قد اشتهينا أهلنا‪ ،‬أو قد اشتقنا‪،‬‬
‫ى‬
‫فأخنناه‪ ،‬قال‪ :‬ارجعوا‬
‫ر‬ ‫سألنا عمن تركنا بعدنا؟‬
‫إىل أهليكم فأقيموا فيهم وعلموهم‪ ،‬ومروهم‪،‬‬
‫وذكر أشياء أحفظها أو ال أحفظها‪ ،‬وصلوا كما‬
‫رأيتمون أصىل‪ ،‬فإذا حرصت الصالة فليؤذن‬
‫أكنكم"‪ .‬أخرجه‬ ‫لكم أحدكم‪ ،‬وليؤمكم ر‬
‫البخاري‬
‫لو كان ال يدعو إىل هللا إال العلماء وطلبة‬
‫العلم‪ ،‬لتعطل هذا العمل الجليل؛ ألن‬
‫العلماء وطلبة العلم ف المجتمع قليل‪،‬‬
‫سيبف األمر والنه ف المجتمع‬ ‫ر‬ ‫وبالتاىل‬
‫‪85‬‬

‫َ َ‬
‫ودعوة غي المسلمي ف دائرة ض ِّيقة‪.‬‬
‫فالذي ليس لديه علم يدعو الناس إىل اتباع‬
‫الكثنة‬
‫ر‬ ‫الرسل والعلماء باستخدام الوسائل‬
‫المتاحة‪ ،‬كما قالَ ْ هللا عزوجل عن صاحب‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫‪َ َ :‬‬
‫{وج َاء ِمن أق ََص ال َم ِدين ِة َرج ٌل ي ْس ََع‬ ‫يس َ َ‬
‫َ ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ال ياق َو ِم ات ِبعوا المرس ِلي‪ ،‬ات ِبعوا من ّل‬ ‫ْ‬ ‫َق َ‬
‫َُ َ‬ ‫َُ ُ‬
‫َي ْسألك ْم أ ْج ًرا َو ُه ْم ُم ْهتدون} [يس‪.]21-20 :‬‬
‫َ‬ ‫ر ْ َ‬ ‫ُْ‬ ‫ُ‬
‫نرس الخ ْ ِي ِبح ْس ِب َما‬ ‫َوك رل منا يق ِدم عىل‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َْ ُ ْ‬
‫والج ْهد والمال‪.‬‬ ‫العل ٍم والوقت‬ ‫ِعنده ِمن ِ‬
‫‪86‬‬

‫شبهة أن أكثرية الناس‬


‫ضائعون‬
‫قال الفضيل بن عياض رحمه هللا‪" :‬ال‬
‫ُ‬
‫الهدى لقلة أهلها وال ر‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫تغي‬ ‫ت ْست ْو ِحش ط ُرق‬
‫كية الهالكي"‪26.‬‬ ‫ب ر‬

‫َّ‬
‫ما يقوله الداَع إذا لم ُيتبع‪ :‬قال هللا تعاىل‪:‬‬
‫َ إ َ َ َّ إ َ ه إ َ إ َ َّ ه َ ى َ َّ ه َ ى‬
‫اَّلل ل ِإله ِإل ه َو عل إي ِه‬ ‫{ف ِإن تولوا فقل حس ِرت‬
‫ش الع ِظ ِيم} [التوبة‪:‬‬‫َ‬ ‫إ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َّ ه َ ه َ َ ُّ‬
‫توكلت وهو رب العر ِ‬
‫‪.]129‬‬
‫ما يفعله الداَع إذا ضاق صدره‪ :‬قال هللا‬

‫‪ِ-26‬إلدإبِإلرشعيةِالِبنِمفلحِ‪.‬‬
‫‪87‬‬

‫ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ْ َ َ َ َّ َ َ‬
‫تعاىل‪َ { :‬ولق َد ن ْعل ُم أنك ي ِضيق َصد ُرك ِب َما‬
‫َ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ِّ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َُ ُ َ‬
‫يقولون‪ ،‬ف َس ِّبح ِبح ْم ِد َرب ْك َوكن ِمن‬
‫ي‪} .‬‬ ‫اع ُب ْد َر َّب َك َح رَّن َيأت َي َك ْال َيق ُ‬
‫َ َ ْ‬
‫اج ِدين‪ ،‬و‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس ِ‬
‫[الحجر‪.]99-97 :‬‬
‫هسئل سفيان الثوري –رحمه هللا‪ :-‬أيأمر الرجل‬
‫من يعلم أنه ال يقبل منه؟ فقال‪ :‬نعم ليكون‬
‫ذلك معذرة له عند هللا تعاىل"‪.‬‬
‫ً‬
‫وإن لم يسلم الناس فالح ُّل‪ :‬مزيدا من الدعاء‬
‫ومراجعة النفس‪ ،‬واْلتقان ف األداء‪ ،‬وزيادة‬
‫المهارات‪ ،‬واْلرادة‪ ،‬والمثابرة‪ ،‬ورباطة الجأش‪،‬‬
‫وعلو الهمة‪.‬‬
‫‪88‬‬

‫اهلمة العالية‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫من أقوى أسباب النجاح‪ :‬الهمة العالية‪،‬‬
‫وعدم اليأس‪ ،‬وعدم االستسالم‪.‬‬
‫وهناك نوعان من الناس لنى من أيهما أنت‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫األول‪ :‬من هيصيبه ٌ‬
‫وفتور‪ ،‬فتنهار‬ ‫يأس وقنوط‬
‫قواه ويحزن‪ ،‬فهذا النوع هم أصحاب الهمم‬
‫ً‬
‫الضعيفة‪ ،‬فالفشل دائما حليفهم‪.‬‬
‫فشل بادي األمر‬ ‫ٌ‬ ‫والقسم الثان‪ :‬من إذا أصابه‬
‫َّ َ َّ ً‬
‫مرة بل مرات‪ ،‬وزاده هذا الفشل‬ ‫أعاد الكرة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫قوة وإرصارا عىل مواصلة الطريق‪ ،‬يتجاوز كل‬
‫صن‬ ‫العنات‪ ،‬ويحطم كل العقبات بكل‬ ‫ر‬
‫ر‬
‫وعزيمة‪ ،‬هؤالء هم أصحاب الهمم العالية‪.‬‬
‫‪ً َ َ ِّ َ َٰ َ َ :‬‬
‫فيا أح الداعية‪ ،‬تأمل اآلية {كف ِبربك ه ِاديا‬
‫َ‬
‫َون ِص ًيا‪ }.‬الفرقان‪ ،31:‬فالنرص حليفك مادام‬
‫‪89‬‬

‫ه‬ ‫َ‬
‫هللا معك‪ ،‬فهو هاديك ونارصك‪ ،‬ف ِل َم الحزن‬
‫النود والكسل؟ ال تعجز فإياك‬ ‫والضجر؟ ِول َم ر‬
‫النت ﷺ‪:‬‬ ‫وداء العجز فإنه مهلكة‪ ،‬يقول ر‬
‫"احرص عىل ما ينفعك واستعن باهلل وال‬
‫تعجز"‪ .‬وكان ﷺ يتعوذ من العجز والكسل‪،‬‬
‫َّ‬
‫وانظر كيف شن َع هللا عىل الذين رغبوا ف‬
‫الدن ىيا وب هرجها وأعرضوا عن اآلخرة ونعيمها‪،‬‬
‫انف هروا‬ ‫َ ىُه‬ ‫َ ُّ َ َّ َ َ ه َ ى ُ إ َ‬
‫{يا أيها ال ِذين آمن َّوا َ ما لكم ِإذا إ ِ َقيل لك ىم ِ‬
‫ه‬ ‫ه‬ ‫َّ‬
‫ض ۚ أ َر ِضيتم‬ ‫ِ‬ ‫اَّلل اثاقلت إم إىل األ إر‬ ‫يل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِف َس ِب‬
‫ه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫إ‬ ‫إ‬ ‫ُّ‬
‫ِبال َح َي ِاة الدن َيا ِم َن اآل ِخ َر ِة ۚ ف َما َمتاع ال َح َي ِاة‬
‫إ َ َّ َ ٌ َّ َ ه ه َ ِّ إ إُ‬ ‫ُّ إ‬
‫الدن َيا ى ِف اآل ِخر ِة ِإل ق ِليل ِإل ت ِنفروا يعذبكم‬
‫رص ه‬
‫وه‬ ‫يما َو َي إس َت إب ِد إل َق إو ًما َغ رإ َنُك إم َو َل َت ه ُّ‬ ‫َع َذ ًابا أل ً‬
‫ِ‬
‫َ إ ً َ َّ ه َ ى ٰ ُ ِّ َ إ َ ٌ َّ َ ه ه ه َ َ إ‬
‫وه فقد‬ ‫شيئا ۗ واَّلل عىل كل ش ٍء ق ِدير ِإل تنرص‬
‫اَّلل}‪[ .‬التوبة‪ ]38:‬عاىل الهمة ال يقبل‬ ‫رص هه َّ ه‬ ‫َن َ َ‬
‫أن تموت حسناته بموته‪.‬‬
‫‪90‬‬

‫احللم حلية الداعية‬


‫ى‬ ‫َ ى‬ ‫ِّ َ َّ‬ ‫َ َ إ‬
‫اَّلل ِلنت ل هه إم ۖ َول إو‬‫تعاىل‪{َ :‬ف ِب َما رح َم ٍة م َن ِ‬ ‫قال‬
‫إ َ إ َ‬ ‫َ ُّ‬ ‫َ‬ ‫ى‬ ‫ُ َ َ ًّ‬
‫كنت فظا غ ِليظ القل ِب لنفضوا ِمن حو ِ َلك ۖ‬
‫إ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫َ إ ه َ إه إ َ إ َ إ ى‬
‫استغ ِف إر ل هه إم َوش ِاو إره إم ِف األ إم ِر ۖ‬ ‫فاعف عنهم و‬
‫اَّلل هيحبُّ‬ ‫اَّلل ۚ إ َّن َّ َ‬‫َّ‬ ‫َ َ َ َ إ َ َ َ َ َّ إ َ ى‬
‫ِ‬ ‫ف ِإذ َا ِّعزمت فتوكل عىل ِ ِ‬
‫ر‬
‫ي}‪[ .‬آل عمران‪ ]159:‬حت لو كان‬ ‫ال همت َوكل َ‬
‫ً‬ ‫ِر‬
‫خن البش‪ ،‬فلو كان فظا غليظ‬ ‫َ‬ ‫رسول هللا‪ ،‬ر‬
‫القلب لهربوا منه‪.‬‬
‫فالبش مخلوقات عاطفية تجذبهم الكلمة‬
‫ِّ‬
‫الطيبة وينفرهم التوبيخ والتقري ع‪.27‬‬

‫‪ 27‬د‪ .‬عبدالكريم بكار‬


‫‪91‬‬

‫حكم الدعوة‬
‫وقد اختلف العلماء ف وجوب الدعوة إىل هللا‬
‫كفان؟ فمنهم من يرى أنها‬ ‫ئ‬ ‫هل هو عيت أو‬
‫عي عىل كل مسلم ومسلمة‪ ،‬ولديهم‬ ‫فرض ر‬
‫ر‬
‫ادلتهم الت يستدلون بها من القرآن والسنة‬
‫عي واألمم تكالبت‬ ‫وإن لم يكن اليوم فرض ر‬
‫ر‬
‫علينا وعدد من يتصدر للدعوة قليل فمت‬
‫عي؟‬‫تكون فرض ر‬
‫ومنهم من يرى أنها فرض كفاية‪.‬‬
‫الشك أن الدعوة إىل هللا واجبة عىل كل مسلم‬
‫كل بحسب علمه وقدرته‪ ،‬ليكون‬ ‫ومسلمة‪ٌّ ،‬‬
‫الدين كله هلل‪ ،‬وتكون كلمة هللا ه العليا‪.‬‬
‫ً‬
‫فه مسؤولية األمة جميعا‪ ،‬وه كذلك حاجة‬
‫‪92‬‬

‫ً‬
‫األمة جميعا؛ ألن الدعوة من أعظم أسباب‬
‫الهداية‪ ،‬وزيادة اْليمان‪ ،‬ر‬
‫وكنة األعمال‪28.‬‬
‫وبعضهم آثم إن لم يعمل‪ ،‬فكم من طالب‬
‫ُ َ‬
‫ضف عليهم أموال المسلمي وعندهم‬ ‫علم ِ‬
‫ر‬
‫العلم والمهارات ثم ييكوا الدعوة بحجة‬
‫البحث عن الرزق‪ ،‬نعم هم بحاجة إىل‬
‫البحث عن الرزق ولكن ليس كل جهودهم‬
‫وطاقاتهم‪ ،‬فليجعلوا نصف وقتهم ومالهم‬
‫المسلمي والمسلمات لديهم‬
‫ر‬ ‫للدعوة‪ ،‬وكم من‬
‫األموال ويرصفونها ف كل شء إال الدعوة‪.‬‬

‫‪ِ28‬م ِوس ِوعةِإلفقهِإالساليمِللش يخِمحمدِبنِإبرإهميِبنِعبدِهللاِ‬


‫إلت ِوجيري‪.‬‬
‫‪93‬‬

‫تنبيهات‪:‬‬
‫يجب عىل عامة الناس حّض دعوتهم ف‬
‫نطاق األمور الواضحة‪.‬‬
‫دلت نصوص كثية عىل ضورة بقاء الداَع‬
‫يخَس ف حالة‬ ‫وغيه ف دائرة علمه‪ ،‬و ر‬
‫الخروج منها أن يتقول عىل هللا تعاىل‬
‫ورسوله صىل هللا عليه وسلم بغي علم‬
‫‪94‬‬

‫منزلة الدعوة‬
‫عن منلة الدعوة إىل هللا يقول الشيخ محمد‬
‫بن إبراهيم التويجري‪:‬‬
‫الدعوة إىل هللا يتحقق بها مقصود هللا من‬
‫خلقه‪ ،‬وهو عبادة هللا وحده ال شيك له‪.‬‬
‫فالدعوة رأم األعمال‪ ،‬وب ها تحيا الفرائض‬
‫والسي واآلداب‪ ،‬وب ها يحيا الدين كله ف‬
‫العالم كله‪ ،‬فالدعوة إىل هللا أعظم الوظائف‪،‬‬
‫والعبادة أعظم األعمال‪.‬‬

‫ووظيفة الدعوة إىل هللا كوظيفة الملك‪،‬‬


‫وبقية الوظائف كوظيفة َم إن دونه من العمال‬
‫والخدم‪.‬‬
‫وكثن من الناس اشتغل بوظيفة الخدم‪ ،‬وترك‬‫ر‬
‫‪95‬‬

‫والمرسلي من الدعوة إىل هللا‪،‬‬


‫ر‬ ‫وظيفة األنبياء‬
‫واألمر بالمعروف‪ ،‬والنه عن المنكر‪ ،‬والنصح‬
‫لكل مسلم‪.‬‬

‫﴿وهل سمعتم ف تاريـ ــخ اإلنسانية‬


‫كرامة تعادل كرامة الداعية؟﴾‬
‫‪96‬‬

‫هل رأيتم منزلة تضاهي‬


‫منزلة الدعوة؟‬
‫فإذا كان األمر كذلك فانطلقوا – يا شباب –‬
‫ف مضمار الدعوة إىل هللا مخلصي‬
‫صادقي‪ ،‬لتحظوا باألجر والمثوبة‪ ،‬والرفعة‬
‫يك مقتدر‪،‬‬
‫صدق عند مل ٍ‬
‫ٍ‬ ‫والكرامة‪ ،‬ف مقعد‬
‫مع النبيي والصديقي والشهداء والصالحي‬
‫ً‬
‫وحسن أولئك رفيقا !!‬
‫‪97‬‬

‫عقوبة ترك الدعوة إىل اهلل‪:‬‬


‫بعدما ذكرنا فضل االحتساب والعمل‬
‫ّ‬ ‫إ‬
‫الدعوي‪ ،‬البد أن نذك َر أنفسنا بعقوبة‬
‫توعد هللا من‬ ‫وعواقب ترك الدعوة‪ ،‬فقد َّ‬
‫تهاون عن أدائها بالعقاب‪ ،‬فعن حذيفة بن‬
‫هللا ﷺ‪:‬‬ ‫َ‬
‫رسول ِ‬ ‫َ َ ْ ُ ُ َّ‬
‫ض هللا عنه عن‬
‫َْ‬
‫اليمان ر‬
‫َ َ‬
‫وف‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫"و ْال ِذي َّ نف َِس ْ ِب َي ِد ِه َ لت َأمرن َ ِبالمعر َ ِْ‬
‫هللا َأن‬‫ُ‬ ‫َّ‬
‫وشكن‬ ‫المنك ِر أ ْو ل ُ ُي‬ ‫َو َل َتن َه ُون َعن ُ‬
‫َْ ُ َ ُ َ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ َ َ ُِ‬
‫ْ ُ‬ ‫َ ً‬
‫ي ْب َعث عل ْيك ْم ِعقابا ِمنه ث َّم تدعونه فَل‬
‫النمذي‪.‬‬ ‫اب َل ُك ْم"‪ .‬رواه ر‬ ‫ُ ْ َ َ ُ‬
‫يس ت ج‬
‫معلوم أن من موانع استجابة الدعاء أكل‬
‫الحديث َالصحيح‪:‬‬ ‫الحرام ولبسه كما ف‬
‫َّ َ َ َ ْ َ َ ْ َ َ َ ُ ر‬ ‫الر ُج َل ُيط ُ‬
‫"‪َّ ...‬‬
‫يل السفر أشعث أغ َي يمد‬ ‫ِ‬
‫َّ َ ‪ُ ُ َ ْ َ َ ! ِّ َ َ ! ِّ َ َ :‬‬ ‫ََ ْ َ‬
‫يدي ِه إىل السم ِاء يا رب يا رب ومطعمه‬
‫‪98‬‬

‫ُ ِّ‬ ‫َْ ُ َ‬ ‫َ َ ٌ َ َ رْ َ ُ ُ َ‬
‫رسبه ح َر ٌام‪َ ،‬و َملب ُسه ح َر ٌام‪َ ،‬وغذ َي‬ ‫حرام‪ ،‬وم‬
‫َ َ َّ ُ ْ َ َ ُ َ ُ‬ ‫ْ َ‬
‫ِبالح َر ِام‪ ،‬فأن يستجاب له؟‪ "29‬ولكن قليل‬
‫من يعلم ان ترك الدعوة أيضا من موانع‬
‫استجابة الدعاء‪.‬‬
‫ر‬ ‫َّ‬
‫هذا يعت أن العوائق الت تحول دون‬
‫االستجابة لدعائنا‪ :‬ترك األمر بالمعروف‬
‫والنه عن المنكر‪ ،‬كما قال رسول هللا ﷺ‪:‬‬
‫"مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر قبل أن‬
‫تدعوا فال يستجاب لكم"‪ .30‬األمر عظيم يه ُّز‬
‫القلب‪ ،‬فكيف تكون سفينة المجتمع محم َّية‬
‫إ‬
‫من الغرق إن تركوا الذين ف أسفلها ل َيخ ِرقوا ف‬
‫ً‬
‫َّ‬
‫شخصية‪،‬‬ ‫حر َّية‬
‫خرقا بحجة أنها ِّ‬ ‫نصيبهم‬

‫‪َ ِ29‬ر َوإ ُهِم ُْس ٌملِ‪1015‬‬


‫‪ِ- 30‬أخرجهِإالمامِأمحدِيفِإملِسِندِ(‪ِ،)22816‬وإل ِتمذيِ(‪ِ،)2169‬وإبنِماجهِ‬
‫ِ‬ ‫(‪ِ،)4004‬وهذإِلفظِإبنِماجه‪ِ،‬وحس نهِإللباينِيفِحصيحِسننِإبنِماجهِ(‪.)3235‬‬
‫‪99‬‬

‫حينئذ سيهلك كل من عىل ر‬


‫مي السفية‪ ،‬وإذا‬ ‫ِ‬
‫منع الذين ف األعىل الذين ف األسفل ألنها‬
‫َّ‬
‫شخصية؛ حينئ ٍذ سينجوا‬ ‫حر َّية‬
‫ِّ‬ ‫ليست‬
‫الجميع‪.‬‬
‫‪100‬‬

‫الدعوة إىل اهلل أعظم الوظائف‪،‬‬


‫ويف تركها أعظم العقوبات‪.‬‬
‫عقوبات ترك الدعوة ك رثنة‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫‪ -1‬االستبدال‪:‬‬
‫{وإ إن َت َت َو َّل إوا َي إس َت إبد إل َق إوماً‬‫قال هللا تعاىل‪َ :‬‬
‫ِ‬ ‫َ ُ ه َ ُ ه ى َِ ى ُ‬
‫غ رإ َنك إم ث َّم ل َيكونوا أ إمثالك إم} [محمد‪.]38 :‬‬
‫‪ -2‬اللعن والحرمان من رحمة هللا‪:‬‬
‫َ‬ ‫إ‬ ‫ُ َ َّ َ ى َ‬
‫ين كف هروا ِمن ب ِت‬ ‫قال هللا تعاىل‪{ :‬ل ِعن ال ِذ‬
‫يىس إابن َم إر َيمَ‬ ‫ود َوع َ‬ ‫َ ه َ‬ ‫إ َ َ َى‬
‫ان داو‬ ‫يل عىل ِل َس‬ ‫إشائ‬
‫َِ َ ِ َ َ َ إ َ ى ه َ إ َ ه َ ى ه َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ذ ِلك ِبما عصوا وكانوا يعتدون‪ ،‬كانوا ل‬
‫ى ه‬
‫س َما كانوا‬ ‫وه ىلب إئ َ‬ ‫اه إو َن َع إن هم إن ىكر َف َع ُل ه‬
‫َََ َ‬
‫يتن‬
‫ِ‬ ‫َإ َُ َ‬
‫يفعلون} [المائدة‪.]79 -78 :‬‬
‫‪ -3‬العداوة والبغضاء‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َّ َ َ ُ َّ َ‬
‫قال هللا تعاىل‪{ :‬و ِمن ال ِذين قالوا ِإنا نصارى‬
‫‪101‬‬

‫ه ِّ‬ ‫ًّ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ‬ ‫ىَ إ َ‬


‫أ ىخذنا ِميثاق هه إم فن هسوا َحظا ِم َّما ذك هروا ِب ِه‬
‫إ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ إ َ‬
‫فأغ َر إينا َب إين هه هم ال َعد َاوة َوال َبغض َاء إىل َي إو ِم‬
‫َ َ‬ ‫ى ه‬ ‫ف هي َن ِّب هئ هه هم ا َّ ه‬‫الق َي َامة َو َس إو َ‬
‫َّلل ِب َما كانوا َي إصن هعون}‬ ‫ِ ِ‬
‫[المائدة‪.]14 :‬‬
‫‪ -4‬التدمي والهالك‪:‬‬
‫ََ إ َ‬ ‫ه‬ ‫َ ى َّ َ ه َ ه ِّ‬
‫هللا تعاىل‪{ :‬فلما نسوا ما ذكروا ِب ِه ف ُتحنا‬ ‫قال‬
‫َ ه‬ ‫ه‬ ‫َ ى إ إ ى إ َ َ ُ ِّ َ إ َ رَّ َ َ‬
‫ىعلي ِهم أبواب كل ش ٍء حت ِإذا ف ِرحوا ِبما أوتوا‬
‫َ‬ ‫َ َه‬ ‫إًَ َ َ ه‬ ‫َ إ َ ه‬
‫أخذناه إم َبغتة ف ِإذا ه إم هم إب ِل هسون‪ ،‬فق ِط َع د ِاب هر‬
‫ي}‬ ‫ين ىظ ىل هموا َوال َح إم هد ََّّلل َر ِّب ال َع ىالم َ‬ ‫ال َق إوم َّالذ َ‬
‫ِر‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫[األنعام‪.]45 -44 :‬‬
‫‪ -5‬الفرقة والخالف والعذاب ف الدنيا‬
‫واآلخرة‪:‬‬
‫َ َ ُ إ إ ُ إ ُ َّ ٌ َ إ ه َ‬
‫قال هللا تعاىل‪{ :‬ولتكن ِمنكم أمة يدعون إىل‬
‫إ ى‬ ‫إ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وف َو َين َه إون َع ِن ال همنك ِر‬ ‫ِ‬ ‫ال ُخ رإ ِن َو َيأ هم هرون ِبال َم إع هر‬
‫ونوا ىك َّالذ َ‬ ‫َ ى َ ه ه ه إ ه َ ََ َ ُ ه‬
‫ين‬ ‫ِ‬ ‫وأول ِئك هم المف ِلحون‪ ،‬ول تك‬
‫‪102‬‬

‫َ ه‬ ‫ه‬ ‫إ َىه‬ ‫ََ ه‬


‫ت ُف َّرقوا َواختلفوا ِم إن َب إع ِد َما َج َاءه هم ال َب ِّينات‬
‫يم} [آل عمران‪-104 :‬‬ ‫اب َعظ ٌ‬ ‫ولئ َك ىل هه إم َع َذ ٌ‬
‫َ ى‬
‫ِ‬ ‫وأ ِ‬
‫‪.]105‬‬
‫وإذا تركت األمة الدعوة‬
‫أصاهبا ثالث آفات‪:‬‬
‫األوىل‪ :‬العناية بالدنيا‪ ،‬وإهمال اآلخرة‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬رصف األموال واألوقات واألفكار ف‬
‫غ رن مصلحة الدين‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬االقتداء بالكفار ف طريقة الحياة‪،‬‬
‫والتعلم لديهم‪ ،‬لنقل طريقة حياتهم إىل بالد‬
‫المسلمي‪.‬‬
‫ر‬
‫ه‬
‫الخن‬
‫إذا قامت الدعوة إىل هللا فتحت أبواب ر‬
‫كلها‪ ،‬فيدخل اْليمان واألعمال الصالحة ف‬
‫‪103‬‬

‫حياة الناس‪ ،‬وتدخل األخالق الحسنة من‬


‫الصن والعفو واْلحسان والرحمة ف حياتهم‪،‬‬ ‫ر‬
‫ويدخل الكفار ف الدين‪ ،‬ويدخل العصاة ف‬
‫الطاعات‪.‬‬
‫ه‬
‫وإذا لم نقم بالدعوة إىل هللا فتحت أبواب‬
‫خن‪.‬‬‫الش كلها‪ ،‬ودخل كل ش‪ ،‬وخرج كل ر‬
‫وإذا خرج اْليمان والعمل الصالح واألخالق‬
‫الحسنة‪ ،‬دخل مكانها الكفر والعمل الفاسد‪،‬‬
‫واألخالق السيئة‪ ،‬ثم ف النهاية يخرج الناس‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫من دين هللا أفواجا‪ ،‬كما دخلوه أفواجا‪ ،‬سنة‬
‫ً‬
‫تبديل‪.‬‬ ‫هللا ولن تجد لسنة هللا‬

‫فكل مسلم مسؤول وسوف يحاسبه هللا عىل‬


‫العمل االنفرادي‪ ،‬وهو العبادة‪ ،‬وعىل العمل‬
‫االجتماع وهو الدعوة إىل هللا‪ ،‬وسوف يسأل‬
‫‪104‬‬

‫ً‬
‫هللا كل من الداع والمدعو يوم القيامة عما‬
‫كانوا يعملون ف الدنيا‪.‬‬
‫ين ُأ ْرس َل إ َل ْيهمْ‬ ‫‪َ َ َّ َ َ ْ َ َ َ :‬‬
‫قال هللا تعاىل {فلنسألن الذ‬
‫َ َ َ ْ َ َ َّ ْ ُ ْ َ َ َ َ َ ُ ِ َّ َ َ ِ ِ ِ ْ‬
‫ي‪ ،‬فلنق َّصن عل ْي ِه ْم ِب َ ِعل ٍم‬ ‫ولنسألن المرس ِل‬
‫ْ َ ر َ ْ‬ ‫َ َ َْْ ُ َ‬ ‫ُ َّ َ‬
‫َ َو َما كنا غ ِائ ِبي َ‪ ُ ،‬والوزن يوم ِئ ٍذ الحق فمن‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ْ‬ ‫َ َ ُ ْ ْ ُ َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َُ ْ‬
‫ثقلت َم َو ِازينه فأول َِئ ُك ه ُم ال ُمف ِلحون‪َ ،‬و َمن‬
‫ين َخ ِ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ َّ ْ‬
‫رسوا‬ ‫َخفت َم َو ِازينه فأول ِئك ال ِذ‬
‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُْ‬
‫أنف َس ُه ْم ِب َما كانوا ِبآ َي ِاتنا َيظ ِل ُمون} [األعراف‪:‬‬
‫‪.]9 -6‬‬
‫َّ إ إ َ َ ى‬ ‫إ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫رص‪ِ ،‬إن ِاْلنسان ل ِق‬ ‫وقال هللا تعاىل‪{ :‬والع‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ َّ َ َ ه ِ َ َ ُ‬ ‫ه إ‬
‫ات‬ ‫خش‪ِ ،‬إل ال ِذين َ آمنوا وع ِملوا الص ِالح ِ‬
‫الص رإ ِن} [العرص‪-1 :‬‬ ‫اص إوا ب َّ‬ ‫اص إوا بال َح ِّق َوت َو َ‬‫َو َت َو َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪.]3‬‬
‫أصبحت أمتنا ف هذا الزمان أمة مستضعفة‬
‫مستهدفة‪ ،‬تداع عليها األمم‪ ،‬كما تداع‬
‫‪105‬‬

‫المسلمي ف‬
‫ر‬ ‫قصن‬
‫األكلة عىل قصعتها؛ لت ر‬
‫جانب األمر بالمعروف‪ ،‬فبدأ تفىس الجهل‬
‫والمعاض‪.‬‬
‫فمن ذا الذي يرض لنفسه أن ينسلخ من‬
‫والناهي‬
‫ر‬ ‫صفات المؤمن ري اآلمرين بالمعروف‬
‫عن المنكر؟! ال شك أنه ال يوجد مسلم عاقل‬
‫يريد لنفسه هذه الحال‪.‬‬
‫قال ابن القيم رحمه هللا‪" :‬وأي دين وأي خي‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫فيهم؛ يرى محا َ‬
‫رم هللا تنتهك‪ ،‬وحدوده‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫تضيع‪ ،‬ودينه ي ريك‪ ،‬وسنة رسوله ﷺ يرغب‬ ‫ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫عنها‪ ،‬وهو بارد القلب‪ ،‬ساكت اللسان‪،‬‬
‫شيطان أخرس‪ ،‬كما أن المتكلم بالباطل‬
‫شيطان ناطق‪ ،‬وهل بلية الدين إال من‬
‫هؤالء‪ ،‬الذي إذا سلمت لهم مآكلهم‬
‫ورياساتهم فال مباالة بما جرى عىل الدين‪،...‬‬
‫‪106‬‬

‫وهؤالء مع سقوطهم من عي هللا ومقت‬


‫هللا لهم قد ُبلوا ف الدنيا بأعظم َّ‬
‫بلي ٍة تكون‬
‫وهم ال يشعرون؛ وهو موت القلوب‪ ،‬فإن‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫حياته ّ‬
‫غضبه لل‬ ‫أتم كان‬ ‫القلب كلما كانت‬
‫ورسوله أقوى‪ ،‬وانتصاره للدين أكمل"‪31.‬‬
‫خنيتها وتنال عزها وشفها‬ ‫ولن تحقق األمة ر‬
‫وكرامتها وتفوز بفالحها ونجاحها إال إذا قام‬
‫ونساء ٌّ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫كل عىل قدر استطاعته‬ ‫أفرادها رجاال‬
‫الخن‪ ،‬فبالقيام بذلك والمسارعة إليه‪،‬‬ ‫ر‬ ‫بنش‬
‫وإيثار رض هللا عىل الدنيا‪ ،‬والتواض بالحق‪،‬‬
‫والتعاون عليه‪ ،‬كل بحسب حاله ف ذلك‪ ،‬مما‬
‫ً‬
‫خن‪ ،‬ودفع كل‬ ‫يكون سببا لرضاه‪ ،‬وجلب كل ر‬
‫ش‪.‬‬
‫ر‬
‫وباالغنار بالدنيا وزينتها‪ ،‬والغفلة عن هللا‪،‬‬

‫‪ِ-31‬إعالمِإملوقعنيِ(‪.ِ)2/176‬‬
‫‪107‬‬

‫واْلعراض عن األوامر والنواه‪ ،‬يحصل‬


‫الهوان‪ ،‬والذل والعار‪ ،‬ف الدنيا واآلخرة‪،‬‬
‫إ‬
‫ويحصل الهم والغم‪ ،‬وتنع ا رلنكات‪ ،‬وتحل‬
‫النقمات‪.‬‬
‫ورحم هللا من أعان عىل الدين ولو بشطر‬
‫كلمة‪ ،‬وإنما الهالك ف ترك ما يقدر عليه‬
‫العبد من الدعوة لهذا الدين‪.32‬‬
‫انظر إىل حالك‪ ...‬بماذا يشغلك هللا؟ فإن‬
‫استخدمك لدينه فا هثبت فلعل هذا من أسباب‬
‫حبه لك‪ .‬وإن كنت ترصف طاقاتك وأوقاتك‬
‫وأموالك للد نيا فحسب‪ ،‬فسارع إىل محاسبة‬
‫األوان‪ ،‬فال يتقاعس َإال من‬ ‫النفس قبل فوات‬
‫َ َ ْ ََ ُ ْ ُ ُ َ َ َ ر‬
‫كره هللا انبعاثه‪{ :‬ولو أرادوا الخروج ألعدوا‬

‫إلِش يخِإلسعديِرمحهِهللاِ‬ ‫‪32‬‬


‫‪108‬‬

‫َُ ََ َ ُ‬ ‫َ َ َُ‬ ‫َ ُ ُ َّ ً َ َ َٰ‬


‫انب َعاثه ْم فث َّبطه ْم‬
‫َله َعدة ْ ُو ُل ِكن َ َك ِر ْه َ اّلل َ ِ‬
‫و ِقيل اقعدوا مع الق ِاع ِدين} (التوبة‪...)46:‬‬
‫وال تدري لعل تثبيط هللا إياهم عن الدعوة أو‬
‫تقديم خدمات ألهلها لعلمه سبحانه بنفاقهم‬
‫وغشهم لإلسالم وأهله‪ ،‬وأنهم لو شاركوا‬
‫رصوهم ولم ينفعوا‪.‬‬ ‫معهم ُّ‬
‫‪109‬‬

‫سؤال‪ :‬من هو الداعية؟‬


‫ً‬
‫من قدم ابتسامة‪ ،‬او هدية أو كتابا أو علم‬
‫جاهل أو أمر بمعروف ونه عن منكر أو ر‬ ‫ً‬
‫ألق‬
‫ً‬
‫كلمة أو أرسل مقطعا بوسائل التواصل‬
‫االجتماع وكل هذا بنية الدعوة فهو داعية‬
‫َ َ َ ُ َ َُ ُ‬ ‫َ َٰ َ َ ْ ُ َ ُ ْ‬
‫يه من يشاء ۚ واّلل ذو‬ ‫اّلل يؤ ِت ِ‬
‫ْو َ{ذ ِلك ْفضل ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫يم‪[ }.‬الجمعة‪]4:‬‬ ‫الفض ِل الع ِظ ِ‬
‫َّ‬ ‫ِّ ه َ‬
‫ف عن الدعوة ما دام‬ ‫يتوق ه‬ ‫س الف ِط هن ال‬ ‫الكي‬
‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ه‬
‫قلبه ينبض‪ ،‬فإن واجهته عقبة أو عجز عن‬
‫ً‬
‫يلق َّربه‪.‬‬ ‫حت ر‬
‫ثابتا ر‬ ‫وسيلة؛ بحث عن أخرى‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫‪110‬‬

‫نواقض الدعوة‪:‬‬
‫للدعوة إىل هللا آفات منها‪:‬‬
‫الرياء وعدم اإلخالص‪ ،‬وأكل الدنيا بالدين‪،‬‬
‫وبيع كالم هللا ورسوله باألجرة‪ ،‬والدعوة إىل‬
‫النفس وحب الشهرة‪ ،‬والدعوة إىل حمية‬
‫الجاهلية والعصبية؛ كمن يدعو إىل حزب أو‬
‫غنه‪،‬‬‫طائفة أو جماعة وال يقبل الدعوة من ر‬
‫غنه‪.‬‬
‫وهللا أمرنا أن ندعو إليه‪ ،‬وال ندعو إىل ر‬
‫وكل من ترك أصول الدعوة‪ ،‬ودعا عىل هواه‪،‬‬
‫ه‬
‫كثنة منها‪ :‬مدح النفس‪ ،‬والعجب‬ ‫ابتىل بآفات ر‬
‫والكن‪ ،‬والحرص عىل الجاه والمنصب‪،‬‬ ‫ر‬
‫واحتقار اآلخرين‪ ،‬والنظر ف عيوب الدعاة إىل‬
‫هللا‪ ،‬واإلنفاق عىل شهواته‪ ،‬وترك اإلنفاق‬
‫‪111‬‬

‫عىل الدين‪ ،‬وثقلت عليه الفرائض واألعمال‬


‫الصالحة‪ ،‬وتوسع ف المباحات‪ ،‬وهانت عليه‬
‫إضاعة األوقات ف الجدل والشهوات‪.‬‬
‫ََ ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ َ‬
‫قال هللا َ تعاىل‪{ :‬فل َّما ن ُسوا َما ذك ُروا َ ِب ِه فتحنا‬
‫ُ‬ ‫َ َ ْ ْ ْ َ َ ُ ِّ رَ ْ َ َّ َ‬
‫ش ٍء َ ح رن ِإذا ف ِرحوا ِب َما‬ ‫عليهم أبواب كل‬
‫َ ُ ْ ُْ ُ َ‬ ‫ُ ُ ِ َ َ ْ َ ُ ْ ًََْ‬
‫أ َوتوا أخذناهم بغتة ف ِإذا هم مب ِلسون‪،‬‬
‫َْ ْ َ َ َ َ ُ َ ْ َ ْ ُ َ‬ ‫ُ َ َ‬
‫فق ِط ْع َد ِاب ُر القو ِم ال ِذين ظلموا والحمد ِ ِ‬
‫ّلل‬
‫ي} [األنعام‪.]45 -44 :‬‬ ‫َر ِّب ال َعالم َ‬
‫ِ‬
‫قال العالمة صالح الفوزان حفظه هللا‪:‬‬
‫الناس‪ ،‬إذا لم هيمدح ه‬ ‫َّ‬
‫ويشجع ترك‬ ‫"فبعض‬
‫الدعوة‪ .‬وهذا دليل عىل أنه ال يدعو إىل هللا‪،‬‬
‫‪33 .‬‬
‫وإنما يدعو إىل نفسه "‬

‫‪ 33‬إعانةِإملس تفيدِ‪١٣٦‬‬
‫‪112‬‬

‫مراحل الدعوة إىل اهلل‪:‬‬


‫ه‬ ‫َّ‬
‫النت ﷺ بثالث مراحل‪:‬‬
‫مرت دعوة ر‬
‫األوىل‪ :‬مرحلة الن ررس والبالغ‪:‬‬
‫وف هذه المرحلة دعا الن رت ﷺ إىل التوحيد‬
‫واْليمان‪ ،‬وعبادة هللا وحده ال شيك له‪،‬‬
‫وترك عبادة األوثان‪ ،‬وبيان قصص األنبياء مع‬
‫أممهم‪ ،‬وذكر أحوال اليوم اآلخر‪ ،‬وصفة الجنة‬
‫والنار‪ ،‬والدعوة إىل مكارم األخالق‪ ،‬وفضائل‬
‫األعمال‪.‬‬
‫وقد بدأت هذه المرحلة ف مكة‪ ،‬واستمرت‬
‫إىل أن توف الن رت ﷺ ف المدينة‪ ،‬ثم سار عليها‬
‫أصحابه رض هللا عنهم من بعده‪.‬‬
‫‪ َ :‬ى ُّ َ َّ ُّ َّ ى إ َ َ َ َ ً‬
‫قال هللا تعاىل {يا أيها الن ِرت ِإنا أرسلناك شا ِهدا‬
‫شً‬ ‫اَّلل بإ إذ ِن ِه َو ِ َ‬
‫َّ‬ ‫َ ه َ ِّ ً َ َ ً َ َ ً ى‬
‫اجا‬ ‫ومبشا ون ِذيرا‪ ،‬ود ِاعيا ِإىل ِ ِ ِ‬
‫‪113‬‬

‫ه إ َ ى َّ ى ه إ َ َّ َ إ ً‬ ‫ه ً َ َ ِّ‬
‫اَّلل ىفضَل‬‫ش المؤ ِ ىم ِن ري ِبأن لهم ِمن ِ‬ ‫ِ‬ ‫م ِن رنا‪ ،‬وب‬
‫َ‬
‫ي َو َد إع أذا ههمإ‬ ‫ىكب ًنا‪َ ،‬و َل تطع الكافر َ‬
‫ين َوال هم َنافق َ‬ ‫ه‬
‫ِ ِ ًر‬
‫َّ‬ ‫َ َ ِ ر َّ َ ى ِ ِ َّ َ ى ِ َ ِ‬
‫اَّلل َو ِكيَل} [األحزاب‪:‬‬ ‫اَّلل وكق ِب ِ‬ ‫وتوكل عىل ِ‬
‫َ إ‬
‫‪.]48 -45‬‬

‫الثانية‪ :‬مرحلة البناء والتكوين‪:‬‬


‫النت ﷺ بمن أسلم‬ ‫وف هذه المرحلة اعتت ر‬
‫من الصحابة‪ ،‬ورباهم ف دار األرقم بمكة‪،‬‬
‫حت تكون‬ ‫وزكاهم باْليمان ومكارم األخالق‪ ،‬ر‬
‫عندهم االستعداد للعمل بالدين‪ ،‬والدعوة‬
‫إليه‪ ،‬فلما كمل استعدادهم‪ ،‬أذن هللا لهم‬
‫بالهجرة إىل المدينة‪.‬‬
‫ون منَ‬ ‫َ َّ ه َ إ َ َّ ُ َ‬
‫ِ‬ ‫تعاىل‪{ :‬والس ِابقون األول‬ ‫قال هللا‬
‫َ‬ ‫إ‬ ‫إ‬ ‫َ َ إ َ إ َ َ َّ َ َّ َ ه ه‬ ‫هَ‬
‫ان‬
‫اج ِ َّرين إواألنص ِاره وال ِذي إنه ات ىبع َّوه ىم ِب ِإح َّس ٍ‬
‫المه ِ‬
‫اَّلل َعن هه إم َو َرضوا َعنه َوأ َعد ل هه إم َجنا ٍت‬ ‫ض ه‬ ‫َر ِ َ‬
‫‪114‬‬

‫ى ً َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ إ َإ‬ ‫َ‬


‫ت إج ِري ت إحت َها األن َه هار خ ِال ِدي َن ِف َيها أ َبدا ذ ِلك‬
‫يم} [التوبة‪.]100 :‬‬ ‫ال َف إو هز ال َعظ ه‬
‫ِ‬
‫الثالثة‪ :‬مرحلة االستخالف والتمكي‪:‬‬
‫النت ﷺ وأصحابه إىل‬ ‫حي هاجر ر‬ ‫وهذه كانت ر‬
‫المدينة‪ ،‬وف المدينة نزلت األحكام الشعية‬
‫ّ‬ ‫ه‬
‫كم َل إيمان الصحابة‪ ،‬واستعدوا‬ ‫حي ه‬ ‫كلها‪ ،‬ر‬
‫المتثال جميع أوامر هللا ف جميع األحوال‪.‬‬
‫فلما كان فيهم اْليمان والتقوى والعمل‬
‫َّ‬
‫الصالح مكن هللا لهم ف األرض‪ ،‬وقامت‬
‫الخالفة اْلسالمية ف المدينة‪ ،‬وانتش الدين‪،‬‬
‫النت ﷺ بعوثه وأمراءه ف أنحاء األرض‬ ‫وبعث ر‬
‫يدعون إىل هللا‪ ،‬ويحكمون باْلسالم‪ ،‬ثم توفاه‬
‫اَّلل َّالذ َ‬ ‫َ َ َ َّ ه‬
‫ين‬ ‫قال هللا تعاىل‪ :‬ى{وعد َ ِ‬ ‫هللا عز وجل‪.‬‬
‫إُإ َ َ ُ‬
‫إ‬ ‫ه‬ ‫َ إ َ إ َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َه‬
‫ات ليستخ ِلفنهم ِف‬ ‫ِ‬ ‫آمنوا ِمنكم وع ِملوا الص ِالح‬
‫ي‬
‫ِّ‬ ‫ى‬ ‫َ‬
‫ين م إن ق إبله إم َول هي َمك َ َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ى‬
‫َ إ َ إ َ‬ ‫ى‬ ‫إ َإ‬
‫ِِ‬ ‫ض كما استخلف ال ِذ ِ‬ ‫األر ِ‬
‫‪115‬‬

‫ى ِّ ى َّ‬ ‫َ َ ى‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ى‬


‫ل هه إم ِدين هه هم ىال ِذي إارتض ل هه إم َول هي َبدلن هه إم ِم إن‬
‫َ ً‬ ‫َإ َ إ إ إً َإهه َ َ ه إ ُ َ‬
‫شكون ِرن ش إيئا}‬ ‫بع ِد خو ِف ِهم أمنا يعبدون ِت ل ي ِ‬
‫[النور‪.]3455 :‬‬
‫ينقسم جهد الداعية إىل هللا إىل قسمي‪:‬‬
‫األول‪ :‬جهد عىل النفس‪:‬‬
‫ويكون بحمل النفس عىل طاعة هللا‪،‬‬
‫حت‬ ‫ر‬ ‫واالستقامة عىل العبادة‪ ،‬والطاعة‬
‫الممات‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ ُ‬
‫قال هللا تعاىل‪{ :‬وال ِذين جاهدوا ِفينا‬
‫ي}‬ ‫اّلل َل َم َع ْال ُم ْحسن َ‬
‫َل َن ْهد َي َّن ُه ْم ُس ُب َل َنا َوإ َّن َ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫[العنكبوت‪.]69 :‬‬
‫الثان‪ :‬جهد عىل الغي‪ ،‬وهو ثالثة أنواع‪:‬‬
‫‪ -1‬جهد َعىل الكافر ْلعله يهتدي كما قال‬
‫َُ ُ َ َ ُ َ ُ ْ َ ر ْ‬
‫سبحانه‪{ :‬أ ْم يقولون اف ر َياه ب ْل ه َو الحق ِمن‬

‫‪ِ34‬موسوعةِإلفقهِإالساليمِللش يخِمحمدِبنِإبرإهميِبنِعبدِهللاِإلتوجيري‬
‫‪116‬‬

‫ْ َ َ‬ ‫َ ِّ َ ُ ْ َ َ ْ ً َ َ َ ُ ْ ْ َ‬
‫ير ِمن ق ْب ِلك‬ ‫ٍ‬ ‫ذ‬
‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ربك ِلتن ِذر قوما ما أتاهم ِمن‬
‫َُ َ‬ ‫َ َ‬
‫ل َعل ُه ْم َي ْهتدون} [السجدة‪.]3 :‬‬
‫ً‬
‫‪ -2‬جهد عىل العاض ليكون مطيعا‪ ،‬وعىل‬
‫ً‬
‫ليكون‬ ‫الغافل‬ ‫ىل‬ ‫وع‬ ‫‪،‬‬‫ما‬ ‫الجاهل ليكون عال‬
‫َ ْ َ ُ ْ ْ ُ ْ ُ َّ ٌ‬ ‫ً‬
‫ذاكرا‪ ،‬كما قال سبحانه‪{ ْ :‬ولتكن ِمنكم أمة‬
‫وف‬ ‫ْ َ ُْ‬ ‫ََ ُُ َ‬ ‫ْ َ ْ‬ ‫َْ ُ َ‬
‫ون إىل ْ ْال َخ ِي ُ َويأمر ُون ْ ِب ْالمعر َ ِ‬ ‫َََْ ْ َ‬
‫يدع‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫وينهون ع ِن المنك ِر وأول ِئك هم المف ِلحون‪}.‬‬
‫[آل عمران‪.]104 :‬‬
‫ً‬ ‫ه‬
‫‪ -3‬جهد عىل الصالح ليكون مصلحا‪ ،‬وعىل‬
‫ِّ ً‬
‫العالم ليكون معلما‪ ،‬وعىل الذاكر ليكون‬
‫ِّ ً‬
‫مذكرا‪.‬‬
‫‪117‬‬

‫أصناف الدعاة إىل اهلل‪:‬‬


‫القائمون بالدعوة أربعة أقسام‪:‬‬
‫األول‪ِ :‬من الناس َم إن يقوم بالدعوة ألنه تأثر‬
‫بأخالق الدعاة إىل هللا‪ ،‬وإذا حصل له مشكلة‬
‫مع أحد الدعاة ترك الدعوة‪ ،‬وعادى الدعاة‬
‫إىل هللا؛ فهذا رصفه هللا لنقص مقصده‪.‬‬
‫الثان‪ :‬من يقوم بالدعوة ألنه وجد فيها حلَّ‬
‫حسنت‬ ‫ه‬ ‫َ‬
‫وتحقيق رغباته‪ ،‬ولما‬ ‫مشاكله‪،‬‬
‫أحواله‪ ،‬وزادت دنياه‪ ،‬انشغل بذلك عن‬
‫الدعوة إىل هللا؛ فهذا رصفه هللا ألنه دخل ف‬
‫الدعوة بمقصد ناقص‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬من يقوم بالدعوة ألن فيها حسنات‬
‫ً‬
‫وأجورا‪ ،‬فهو يريد تحصيل األجور‪ ،‬فمقصده‬
‫لنفسه فقط‪.‬‬
‫‪118‬‬

‫غن الدعوة أسهل‬ ‫فهذا إذا وجد الحسنات ف ر‬


‫َ‬ ‫وأيش ترك الدعوة إىل هللا‪.‬‬
‫ْ‬
‫الرابع‪ :‬من يقوم بالدعوة إىل هللا ألنها أمر هللا‬
‫الذي أوجبه عىل كل مسلم‪ ،‬فهو يقوم‬
‫بالعبادة ألنها أمر هللا‪ ،‬ويقوم بالدعوة ألنها‬
‫أمر هللا؛ فهذا مقصده كامل‪ ،‬وبسبب فهمه‬
‫ه ه‬
‫ِّ‬
‫ويفرغه لهداية‬ ‫ويعينه‪،‬‬ ‫وكمال نيته هي ّثبته هللا‬
‫البشية‪ ،‬وتنفيذ أوامر هللا‪ ،‬والدعوة إىل هللا‪.‬‬
‫بأشف المنازل وأعالها‪ ،‬وهو خليفة‬ ‫فهذا ر‬
‫النت ‪-‬صىل هللا عليه وسلم‪ -‬ف أمته‪ ،‬نسأل‬ ‫ر‬
‫هللا أن يجعلنا وإياكم من هذا القسم الذين‬
‫هم ورثة األنبياء عليهم الصالة والسالم‪35.‬‬

‫‪ِ35‬موسوعةِإلفقهِإالساليمِللش يخِمحمدِبنِإبرإهميِبنِعبدِهللاِ‬
‫إلتوجيري‪.‬‬
‫‪119‬‬

‫ماذا قدمت لدينك؟‬


‫لو ُسئلت هذا السؤال يوم القيامة‬
‫ما جوابك؟؟‬
‫َّ‬
‫‪:‬‬
‫إن أفضل جواب‪ ،‬أن تقول دعوت الناس‬
‫لمي‪.‬‬
‫إليه‪ ،‬دعوت الناس لتوحيد رب العا ر‬
‫ُّ‬
‫كلنا يود أن يخدم هذا الدين‪ ،‬وأعىل هرم‬
‫وسنحل‬ ‫ال الناس فيه‪ .‬وه أيام ر‬ ‫الخدمة إدخ ه‬
‫وترى تلك المنازل والنعيم العظيم‪ ،‬وأبش‬
‫ّ‬
‫بحب هللا لك‪.‬‬
‫من تريد أن تبدأ وتركب سفينة الدعوة؟‬ ‫ر‬
‫أنا ال أسأل هل تريد أن تبدأ بالدعوة فهذا‬
‫من؟ ّ‬
‫وقرر اآلن وال‬ ‫السؤال ال َيليق بك وإنما ر‬
‫حت ال‬ ‫يؤجل وال هي َس َّوف ر‬
‫تؤجل فالخن ال َّ‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫َ ٌ إَ إ‬ ‫َ‬
‫تخشه إىل األبد‪ .‬الت إس ِويف دمار ِللفكار‬
‫‪120‬‬

‫َ َّ‬
‫والمشاري ع‪ ،‬فلتبدأ بالتد هرج ف منطقك‬
‫تحفنية عن فضل الدعوة‬ ‫ر‬ ‫بمحارصات توعوية‬
‫إىل هللا‪ ،‬ولك االستفادة من محتوى هذا‬
‫الكتاب وعرض البوربوينت ف مراكز مختلفة‬
‫للشباب وخاصة مع طالب الجامعات‪.‬‬
‫اصطفاء النخب من الذين شاركوا ف‬
‫المحارصات لدورات ف فنون الدعوة ربي‬
‫الفينة والفينة‪ ،‬من خالل الدورات‬
‫والمحارصات واألنشطة ا رلنفيهية‪ ،‬وتوسعة‬
‫الفريق التطوع والمتعاو رني للدعوة‪ ،‬وتوزي ع‬
‫المسلمي‪،‬‬
‫ر‬ ‫غن‬
‫المطويات والكتيبات عىل ر‬
‫واالحتكاك بهم‪ ،‬وتطبيق المهارات الدعوية‬
‫عليهم‪ .‬تدريبهم ومتابعة الشباب باستمرار‬
‫ُ‬
‫ات معنوية ومادية‪،‬‬ ‫وتحفن ٍ‬ ‫ر‬ ‫وإعطاءهم مهاما‬
‫كل شهر أو شهرين‬ ‫وإقامة أنشطة ترفيهية َّ‬
‫‪121‬‬

‫لربطهم بالدعوة‪.‬‬
‫وتأمل كالم الدكتور عبد الرحمن السميط –‬
‫رحمه هللا – وهو يقول ‪ :‬ر‬
‫أكن ما يدفعت للبكاء‬
‫عندما أقابل بعض الذين دخلوا اْلسالم وهم‬
‫يبكون عىل آبائهم الذين ماتوا عىل غي‬
‫اإلسالم‪ ،‬ويّضخون فينا‪ :‬أين كنتم يا‬
‫َ‬ ‫مسلمون؟!‬
‫كي من‬ ‫يوميا ‪َ -‬حسب اإلحصائيات‪ -‬أ ر‬
‫ً‬ ‫يموت‬
‫َ‬
‫‪ 100‬ألف إنسان عىل غي دين اإلسالم‪...‬‬
‫ٌ‬
‫وتبليغ الدين لهؤالء أمانة ف أعناقنا‬
‫َُ‬
‫فما الذي تق ِّدمه أمام هذا الواجب العظيم؟‪36‬‬
‫َ‬ ‫"ما ر َ‬
‫أكي من ينتظرنا ف العالم لنوصل إليهم‬
‫جمال ومحاسن اإلسالم ليصبحوا ‪ -‬بإذن هللا‬
‫تعاىل‪ -‬إخواننا ف الدين‪".‬‬

‫‪36‬المصدر ‪www.worldometers.info‬‬
‫‪122‬‬

‫َ‬
‫أخت هل استثمرت ما َوه َبك هللا من‬
‫أح‪ ،‬ر‬
‫َ ََ‬
‫معارف وما رزقك من قدرات ومواهب‬
‫ومهارات ف نش دينك‪ ،‬والتعريف بربك‬
‫ونبيك ﷺ؟ فكر ف هذا السؤال قبل فوات‬
‫األوان وقبل الحشات يوم تبىل الشائر!‬

‫الدعوة إىل هللا‪...‬دأب األنبياء والمرسلي‪..‬‬


‫ادقي‪ ..‬درب‬
‫عمل الموحدين‪ ..‬مبتع الص ر‬
‫المحبي‪ ..‬سعادة‬
‫ر‬ ‫المخلصي‪ ..‬ديدن‬
‫ر‬
‫الخنين‪ ..‬وجوهر هذا‬‫المتوكلي‪ ..‬صحبة ر‬
‫ر‬
‫الدين‪..‬ذلك فضل هللا يؤتيه من يشاء‪ ..‬وهللا‬
‫واسع عليم‬
‫ر ً‬
‫عيا بدينك‪...‬فهل يليق بأهل الباطل أن‬ ‫كن م‬
‫يكونوا أحرص عىل تجارتهم وأدل عىل‬
‫بضاعتهم منك؟‬
‫‪123‬‬

‫المصلح الواحد يكق ْلصالح مجتمع فاسد‪،‬‬


‫لو خلصت هلل نيته‪ ،‬وانشغل بأمر دينه‬
‫ودعوته‪ ،‬وكان ف الناس شفوقا رحيما كشفقة‬
‫محمد بأمته‪.‬‬

‫الداعية بال أخالق كشجرة بال ثمرة‪ ...‬ليس‬


‫له أثر‪ ...‬وأفضل األخالق وقت جهالة‬
‫المدعوين‪...‬وأن الذي يدعو لدين كاإلسالم‬
‫ً‬
‫ال يليق به أن يكون أخالقه عاديا كأخالق‬
‫الجميع‪.‬‬
‫الرسف أن تل رف ربك وغبار السَع‬
‫الرسف كل ر‬
‫ر‬
‫للدين ف أنفك‪...‬وحبه يمأل عليك قلبك‪...‬‬
‫فإن مت عىل ذلك ال تبال إن مت فاتحا‬
‫كأن ذر أو مت مقتوال‬‫كخالد أو مت غريبا َ‬
‫كحمزة‪.‬‬
‫‪124‬‬

‫الدعوة عند انّضاف الناس عنها أحب إىل‬


‫هللا منها عند إقبال الناس عليها ألن غالء‬
‫الثمن دليل عىل نفاسة السلعة‪" .‬ال يستوي‬
‫منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل"‬

‫إذا بدأت بالدعوة س رنى أن الباطل الذي‬


‫يطول أمده ليس لقوة فيه‪ ،‬وإنما لعدم‬
‫صنت‬ ‫محاربته أو لضعف ف محاربيه‪ ،‬وإذا ر‬
‫سنى قوة الحق وطول نفسه‬ ‫ر‬
‫َ َ‬
‫اط َل كان‬ ‫} َو ُق ْل َج َاء ال َح رق َو َز َه َق ال َب ُ َّ َ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫اطل ِإن الب ِ‬
‫ِ‬ ‫َ ُ ً‬
‫‪:‬‬
‫زهوقا{ ]اْلشاء ‪[81‬‬

‫ليس عليك هداهم‬


‫أنت مطالب بالغرس ال الثمرة‬
‫‪125‬‬

‫أسئلة اختبار الحصول عىل شهادة نجاح‬


‫للحقيبة التدريبية لكتاب "كي المسلم ف فضل‬
‫الدعوة"‬
‫السؤال االول‪:‬‬
‫المسلمي‬
‫ر‬ ‫اكتب عن أهمية نش ثقافة الدعوة ربي‬
‫السؤال الثان‪:‬‬
‫كم عدد الدعاة الذين تحتاجهم الدعوة ف سنة‬
‫‪ ٢٠٣٠‬وما هو دورك الذي تسع أن تحققه؟‬
‫السؤال الثالث‪:‬‬
‫اذكر عش نقاط ف فضل الدعوة إىل هللا‬
‫السؤال الرابع‪:‬‬
‫ما ه ثمرات الدعوة إىل هللا؟‬
‫السؤال الخامس‪:‬‬
‫ماه عقوبة ترك الدعوة إىل هللا؟‬
‫السؤال السادس‪:‬‬
‫َ‬
‫البعض الدعوة بسبب بعض الشبهات‪،‬‬ ‫ه‬ ‫قد رينك‬
‫ً‬
‫اذكر ثالثا من هذه الشبهات‪.‬‬
‫‪126‬‬

‫السؤال السابع‪:‬‬
‫مي والمسلمات عن‬ ‫ما ه أسباب عزوف المسل ر‬
‫واجب الدعوة؟‬
‫السؤال الثامن‪:‬‬
‫َّ‬ ‫ه‬
‫مت وكيف َستلق أول محارصة ف فضل الدعوة‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫المسلمي لتبت فكرة‬ ‫ر‬ ‫حفن‬ ‫اىل هللا لتشجيع وت ر‬
‫الدعوة؟‬
‫السؤال التاسع‪:‬‬
‫برأيك ما الذي نحتاجه من أجل أن ندعو إىل هللا؟‬
‫عاش‪:‬‬ ‫السؤال ال ر‬
‫حت وإن‬ ‫هناك أهداف وثمرات للتعريف باالسالم ر‬
‫لم يستجب المدعو‪ ،‬ما ه هذه األهداف؟‬
‫عرس‪:‬‬ ‫السؤال الحادي ر‬
‫للدعوة إىل هللا آفات‪ ،‬اذكر بعضها‬
‫السؤال ى الثان ع ررس‪:‬‬
‫ى إ ى ه َّ إ‬ ‫َّ‬ ‫َ ُّ َّ‬
‫اَّلل وما هو أعظم النف ِع‬‫اس إىل ِ‬ ‫من هو أحب الن ِ‬ ‫َّ‬
‫اس؟‬
‫ِللن ِ‬
‫‪127‬‬

‫املصادر‬
‫القرآن الكريم‬ ‫✓‬
‫صحيح بخاري‬ ‫✓‬
‫صحيح مسلم‬ ‫✓‬
‫اليمذي‬ ‫سي ر‬ ‫✓‬
‫سي النسانئ‬ ‫✓‬
‫التعريف باإلسالم‪ ،‬مفهومه وأساليبه ووسائله‬ ‫✓‬
‫ومنهجيته للشيخ الدكتور عبد هللا الغامدي‬
‫موسوعة الفقه اإلسالم فضيلة الشيخ محمد بن‬ ‫✓‬
‫إبراهيم بن عبد هللا التويجري‬
‫فضل الدعوة وثمراتها‪ ،‬معاىل الدكتور أحمد بن عىل‬ ‫✓‬
‫سي المبارك عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة‬
‫الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء‬
‫كي من ‪ 1000‬فكرة ووسيلة وأسلوب‬ ‫كلــنا دعـ ـ ــاة‪ ،‬أ ر‬ ‫✓‬
‫ف الدعوة إىل هللا تعاىل‪ ،‬إعداد عبد هللا بن أحمد آل‬
‫عالف الغامدي‬
‫العرس ف التحفي لدعوة غي المسلمي‬ ‫ر‬ ‫القواعد‬ ‫✓‬
‫لوليد السحيبان‬
‫االمر بالمعروف والنه عن المنكر‪ ،‬أ‪ .‬د‪ .‬سليمان بن‬ ‫✓‬
‫‪128‬‬

‫قاسم بن محمد العيد‪ ،‬شبكة االلوكة‬


‫د‪ .‬عبدهللا بن إبراهيم اللحيدان ف مقال‪ :‬فلنعلم‬ ‫✓‬
‫أطفالنا دعوة غي المسلمي ف موقع االلوكة‬
‫ً‬ ‫ر‬
‫عرسون دليال عىل فضل الدعوة‪ ،‬للشيخ سلطان بن‬ ‫✓‬
‫عبد هللا العمري‬

‫الدال عىل الخي كفاعله‬


‫ُ َ ْ ٌ ّ َ َٰ ُ َ َ ْ ُ‬
‫ولي ْستفاد ِمنه‬ ‫ّلل تعاىل‬ ‫الكتاب وقف ِ‬ ‫هذا ِ‬
‫أن َت َض َع ُه ف َأ ْقِ َرب َم ْسجد أوْ‬ ‫َٰ ْ‬ ‫َ ْ رَ َ ُ ر َ‬
‫أ كي نحثك عىل‬
‫َ ْ ُ َ ِ ْ ُ ْ ِ ٍْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُْ َ ُ‬
‫طال ٍب أو معل ٍم‪ ،‬وتطلب ِمنهم أن‬ ‫ِ‬ ‫ته ِديه ل‬
‫ََُْ‬ ‫دارسوا َمواض َ‬ ‫َي َت َ‬
‫تاب فيما بينه ْم أو‬ ‫ِ‬ ‫يع ال ِك‬
‫كون ُنوا ًة ِل َم ْن َي ْن رُ ُ‬
‫رس‬
‫رٰ َ َ‬
‫طباعة كمية منه حن ت‬
‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََْ‬ ‫ْ‬
‫يل‬‫ي َك‪ُ .‬و ِلت ُي ِ‬ ‫ك ُف ق َ َ ِ‬ ‫الناف َع الذي ينف ُع‬‫ِ‬ ‫العل َم‬
‫ِ‬
‫ْ ُ‬ ‫َ‬
‫تاب َوغ ْ ِي ِه ِمن كت ٍب ق ِّيم ٍة زوروا‬ ‫ِ ِ‬ ‫الك‬ ‫ا‬‫هذ‬
‫َم ْو ِق َع دار اإلسالم‪:‬‬
‫‪www.islamhouse.com‬‬

You might also like