Professional Documents
Culture Documents
مهارات أم شهادات
مهارات أم شهادات
لقد تغير العالم وتغيرت معه أشياء كثيرة في حياة البشر ولم يعد معه حيازة شهادة
أكاديمية عليا أو تحصيل معارف ضخمة أمرا ذا بال ،ذلك أن قيمة المرء أضحت فيما
يحسنه ،من صنائع قديمة ومعاصرة تقليدية أو تكنولوجية ،تدفع قدما بأرباب العمل أو
الشركات نحو توظيف أشخاص عمليين ال نظريين في قدراتهم وأدائهم.
السؤال الجوهري في هذا السياق هو أن أغلب خريجي الشهادات الجامعية يعملون في
مجاالت ال عالقة لها بتخصصاتهمـ الجامعية حتى ،بل احترفوا العمل بمهارات اكتسبوها
خارج مقاعد الدراسة ،وهنا نطرح جملة من األسئلة حول التناسب بين حجم النفقات
العمومية على الدراسات الجامعية وجدواها في االقتصاد وسوق العمل ،بالمنظور
الحديث ،وهل ستغني المهارات على الشهادات في مجاالت التشغيل؟ ،وهل يكتفي
أرباب العمل بالمهارات دون الشهادات في توظيف العمال؟ ،وإذا كان هذا الحال ،فلماذا
نستمر في تنفيذ نفس النمط التعليمي الجامعي دون تجديد أو تحديث ،بينما تطبق
ألمانيا مثال دمجا بين الدراسات الجامعية والتكوين المهني "األوسبيلدونغ -
"Ausbildungللموازنة بين قوة المهارة و قوة الشهادة ،في اإلدماج بين المعرفة
والعمل!
لقد قام الرئيس األمريكي السابق دونالد ترامب بتوقيع أمر تنفيذي وجه فيها موظفي
األجهزة اإلدارية والحكومية الفدرالية بالتركيز على توظيف أصحاب المهارات ال
الشهادات ،ذلك أن هناك أسبابا شتى فرضت تغيرا جذريا في التعليم و العمل حتى أن
الرجل األغنى في العالم إيلون ماسك ،قال في إحدى تصريحاته أنني ال أوظف في
شركاتي أصحاب الشهادات بل أصحاب المهارات ،بعد أن أضحت المواهب أقوى من
المعارف في حد ذاتها ،وسط انتشار التعليم الذاتي الذي لم يعد حكرا على المؤسسات
التعليمية ،بعد انتشار وسائط نستطيع متابعتها من بيوتنا عبر تطبيقات مثل إدراك "
،"EDRAAKإيديكس ( ،)EDXكورسيرا ( )Courseraوغيرها.
بالمقابل ،أضحى عدد الخريجين الجامعيين ضخما وحاملي الشهادات العليا معتبرا
مقارنة بسوقـ العمل ،فضال عن أن المعارف التي يُحصلها هؤالء هي معارف نظرية
وليست تطبيقية وال تتصل بشكل واقعي بسوق التشغيل خاصة في العلوم اإلنسانية ،لذا
وجب أن نعيد النظر بشكل فاحص في بناء نظام تكوين علمي ومهني يتوافق مع أفق
التخطيط لبناء اقتصاد واقعي ومنتج ،يتم التوازن فيه بين نفقاتـ التكوين المجدية،
واإلدماج في التشغيل بشكل سريع وفعال.