You are on page 1of 4

‫محاضرات في مقياس ‪ :‬الدراسات المؤسسة في علم اإلجتماع من إعداد ‪ :‬د‪ .

‬بن يمينة رقية‬

‫‪-‬دراسة التناقض األمريكي "لجورنار ميردال ‪"Gunnar Myrdal‬‬

‫تمهيد‪:‬‬

‫يعترب الواقع االجتماعي اؼبرآة العاكسة للبٌت و الًتكيبات اإلجتماعية‪ ،‬فإذا ربدثنا عن اجملتمع األمريكي‬
‫مثبل يظهر لنا على أنو يبتلك توازف اجتماعي حبكم شعاره األخوة‪ ،‬العدؿ ‪ ،‬اؼبساواة‪ ،‬و لكنو يف‬
‫الداخل وبمل العديد من الصراعات و التناقضات حبكم التعدد اإلثٍت اؼبوجود بو‪ ،‬ىذا ما يعرب عن‬
‫أزمة اجتماعية يبكن أف تكوف حاجزا أو عائقا أماـ ربقيق العدالة اإلجتماعية‪ ،‬لذا عبأ ساسة ىذا‬
‫اجملتمع إىل البحث العلمي لفهم جذور ىذه األزمة‪ ،‬ومن بُت ىؤالء العلماء الذين مت االستنجاد هبم‬
‫نذكر جونار مَتداؿ الذي حلل األزمة األمريكية يف شقيها الثقايف واالقتصادي‪.‬‬
‫‪ -1‬نبذة عن حياة جونار ميردال)‪: (Gunnar Myrdal‬‬

‫‪ 6‬ديسمرب ‪ 1898‬وتويف يف‬ ‫" اقتصادي سويدي من مواليد جوستاؼ البرشيو ولد يف السويد يف‬
‫سنة ‪ ، 1987‬زبرج من كلية اغبقوؽ من جامعة ستوكهومل عاـ ‪ 1923‬وبدأ فبارسة القانوف مع‬
‫مواصلة دراستو يف اعبامعة‪ .‬حصل على درجة الدكتوراه يف االقتصاد يف عاـ ‪ 1927‬حيث عمل يف‬
‫االقتصاد السياسي من ‪ 1925‬إىل ‪ 1929‬ودرس فًتات يف أؼبانيا وبريطانيا‪.‬‬
‫كانت رحلتو األوىل إىل الواليات اؼبتحدة األمريكية يف ‪ 1930-1929‬لزمالة روكفلر وخبلؿ ىذه‬
‫الفًتة صدر أوؿ كتاب لو عن "التأثَت السياسي يف تطور النظرية االقتصادية" مث عاد إىل أوروبا وعمل‬
‫أستاذا مساعدا يف اؼبعهد العايل للدراسات الدولية يف جنيف بسويسرا‪ .‬يف عاـ ‪ 1933‬شغل وظيفة‬
‫أستاذ كرسي "ارس يَتتا" يف االقتصاد السياسي واؼبالية العامة يف جامعة ستوكهومل‪ ,‬باإلضافة إىل‬
‫األنشطة التعليمية وكاف ناشطا يف السياسة السويدية وانتخب عضوا يف ؾبلس الشيوخ يف عاـ‬
‫‪1934‬و عضوا يف اغبزب الديبقراطي االجتماعي يف ‪.1938‬‬
‫عاد إىل السويد عاـ ‪ 1942‬وأعيد انتخابو جمللس الشيوخ السويدية وعمل عضو يف ؾبلس إدارة‬
‫‪ )1947-1945‬مث وزيرا‬ ‫البنك السويدي وكاف رئيسا للجنة زبطيط ما بعد اغبرب يف الفًتة (‬

‫‪50‬‬
‫محاضرات في مقياس ‪ :‬الدراسات المؤسسة في علم اإلجتماع من إعداد ‪ :‬د‪ .‬بن يمينة رقية‬

‫األمم اؼبتحدة االقتصادية ألوروبا يف‬ ‫للتجارة يف السويد‪ ،‬مث شغل منصب األمُت التنفيذي للجنة‬
‫‪ ,1957‬و اذبو بعد ىذا مباشرة إىل دراسة شاملة عن االذباىات والسياسات االقتصادية يف بلداف‬
‫‪ 1961‬عمل يف‬ ‫جنوب آسيا يف القرف العشرين وحبث يف الفقر وربدي الفقر يف العامل ومن عاـ‬
‫برنامج مكافحة الفقر‪ ،‬مث عاد إىل السويد وشغل وظيفة أستاذ االقتصاد الدويل يف جامعة ستوكهومل‬
‫وأصبح رئيس ؾبلس إدارة معهد ستوكهومل الدويل لبحوث السبلـ و أصبح رئيس ؾبلس إدارة معهد‬
‫أمريكا البلتينية يف ستوكهومل ويف الفًتة( ‪ )1974-1973‬كاف زميل وباحث زائر يف مركز دراسة‬
‫اؼبؤسسات الديبقراطية يف سانتا باربرا بواليو كاليفورنيا‪ ،‬وىف الفًتة( ‪ )1975-1974‬كاف أستاذا زائرا‬
‫يف جامعة نيويورؾ‪ ،‬حصل سنة ‪ 1974‬على جائزة نوبل يف االقتصاد‪.‬‬
‫حصل مَتداؿ على أكثر من ثبلثُت درجة فخرية بدءا من جامعة ىارفارد ‪ 1938‬وقد تلقى العديد‬
‫من اعبوائز كاف آخرىا جائزة مالينوفسكي من صبعية االنثروبولوجيا التطبيقية وكاف عضو يف األكاديبية‬
‫الربيطانية واألكاديبية األمريكية للفنوف والعلوـ وكاف عضوا يف األكاديبية السويدية اؼبلكية للعلوـ وزميل‬
‫يف صبعية االقتصاد وعضو شرؼ الرابطة االقتصادية األمريكية"(‪.) Gilles. D, 1991,195‬‬
‫‪-2‬إشكالية الدراسة‪:‬‬

‫ما ىي ـبتلف اعبوانب اإلجتماعية لوضع الزنوج؟ و ما ىو أساس األزمة بُت الزنوج و البيض يف‬
‫أمريكا؟‬
‫‪-3‬مكان و زمن الدراسة‪:‬‬

‫أجريت ىذه الدراسة من عاـ ‪ 1938‬إىل غاية ‪ ،1940‬و قد صممت لتكوف دراسة شاملة عن‬
‫الزنوج األمريكيُت دببادرة من مؤسسة كارتيجي‪ ،‬و قد اختَت مَتداؿ القباز ىذه الدراسة كونو ينتمي‬
‫إىل بلد قلما قبد فيو السود و ليس ؽبا تاريخ يف التدخل االستعماري(السويد)‪ ،‬أما مكاف الدراسة‬
‫فكاف يف الواليات اؼبتحدة األمريكية و خاصة اعبنوب منها"(العيد‪.‬ح‪.)32 ،2017-2016،‬‬

‫‪51‬‬
‫محاضرات في مقياس ‪ :‬الدراسات المؤسسة في علم اإلجتماع من إعداد ‪ :‬د‪ .‬بن يمينة رقية‬

‫‪-4‬تقنية الدراسة و منهجها‪:‬‬

‫استخدـ مَتداؿ اؼبنهج الكيفي من خبلؿ وصف الوضعية االقتصادية و اإلجتماعية للزنوج‪ ،‬كم قارف‬
‫بُت األوضاع اؼبعيشية و اإلجتماعية للبيض و السود‪ ،‬حيث مت كتابة ثبلث ؾبلدات عن اعبوانب‬
‫اإلجتماعية لوضع الزنوج و اتسع ؾباؿ ىذا البحث ليضم تارىبهم‪ ،‬أصوؽبم‪ ،‬تركيبتهم‪ ،‬خصائصهم‬
‫الفيزيقية‪.‬‬

‫استخدـ مَتداؿ اؼببلحظة بقوة باإلضافة إىل تاريخ اغبالة النفسي و ربليل الصور النمطية ‪ ،‬اختبارات‬
‫الذكاء واختبارات الشخصية و كذا اؼبقاببلت‪.‬‬

‫‪-5‬نتائج الدراسة‪:‬‬

‫"‪ -‬مشكلة الزنوج األمريكيُت ىي مشكلة تنشئة اجتماعية للبيض‪ ،‬إذ أف ىؤالء غرست فيهم ثقافة‬
‫االختبلؼ والدونية للسود‪.‬‬

‫‪ -‬ترتبط األزمة األمريكية بأزمة أخبلقية بامتياز‪ ،‬أي الصراع بُت تقييمو األخبلقي على ـبتلف‬
‫مستويات الوعي والتعميم"(اعبوىري‪.‬ـ‪.)2009،328،‬‬

‫‪ -‬التعارض بُت القيم اؼبتعارؼ عليها يف أمريكا(تعاليم أخبلقية ذات طبيعة قومية مسيحية) و القيم‬
‫الشخصية لكل فرد أمريكي(اغبقد العرقي و االقتصادي و االجتماعي) فبا يعمق من فجوة األزمة‬
‫األمريكية‪.‬‬

‫‪ -‬ترتبط مشكلة الزنوج باؼبعتقدات و السلوكيات اليت ينتهجها األغلبية البيض‪.‬‬

‫‪ -‬ىجرة الزنوج اعبنوبيُت إىل اؼبدف الشمالية‪ ،‬مع الدور اؽباـ الذي يقوـ بو الشرطة البيض يف ترسيخ‬
‫ىذه القيم‪.‬‬

‫‪ -‬وجود مشاعر عدوانية مكبوتة ينادي هبا البيض‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫محاضرات في مقياس ‪ :‬الدراسات المؤسسة في علم اإلجتماع من إعداد ‪ :‬د‪ .‬بن يمينة رقية‬

‫‪ -‬رغبة الزنوج يف العزلة الذاتية على ربقيق التكامل مع البيض‪.‬‬

‫‪ -‬رفض البيض فكرة االندماج االجتماعي(الزواج‪ -‬العمل) مع السود و التساوي يف الفرص‬


‫اإلجتماعية‪.‬‬

‫‪ " -‬النظاـ الًتاتيب للتمييز العنصري عند الرجل األبيض أي األنبية النسبية اؼبلتصقة بكل مبط من‬
‫أمباط التمييز العنصري من جانب البيض"(اعبوىري‪.‬ـ‪.)2009،329،‬‬

‫‪ -‬اغبرماف من حق التصويت و كل ما ىو مرتبط باعبوانب السياسية‪.‬‬

‫‪ -‬التمييز االقتصادي‪ ،‬إذ أف البيض يعيشوف يف أحياء و السود يف أحياء مغايرة يسودىا الفقر و‬
‫اؼبظاىر اؼبتدنية‪ ،‬فبتلكات ؿبدودة‪ ،‬دخل ضعيف و غَت منتظم‪ ،‬البطالة‪...‬‬

‫‪ -‬التصاعد أو الًتاكم‪ :‬و ىو اآللية اليت تبقي الزنوج يف نفس وضعياهتم اإلجتماعية حيث يقوؿ‬
‫مَتداؿ" إف تعصب البيض يبقي الزنوج يف وضع متدف من حيث مستويات اؼبعيشة‪ ،‬الصحة‪ ،‬التعليم‪،‬‬
‫اآلداب اإلجتماعية‪ ،‬العادات األخبلقية‪ ،‬و ىذا الوضع اؼبتدين يدعم بدوره تعصب الزنوج‬
‫ضدىم"(اعبوىري‪.‬ـ‪.)2009،329،‬‬

‫ملخص‪:‬‬

‫يبكن القوؿ يف ختاـ ىذه احملاضرة أف الدراسة ال زبلو من األحكاـ القيمية الذاتية و االبتعاد نوعا ما‬
‫عن اؼبوضوعية فبا هبعل الدراسة تتعرض للنقد الشديد من طرؼ علماء االجتماع‪ ،‬ىذا ما مل ينكره‬
‫مَتداؿ نفسو إذ يقوؿ" كبن نفًتض أنو من مصلحة الزنوج األمريكيُت كأفراد و كجماعة أف يندؾبوا‬
‫اندماجا تاما يف الثقافة األمريكية‪ ،‬و أف يكتسبوا السمات اليت تعتز هبا الغالبية‬
‫البيضاء"(اعبوىري‪.‬ـ‪،)2009،330،‬كما ركز مَتداؿ على أف األزمة األمريكية لن ربل إال من خبلؿ‬
‫توعية البيض بالعيش بسبلـ مع السود و تقبلهم مع ضرورة ربسُت أوضاع السود حىت يبلقوا قبوال‬
‫اجتماعيا من البيض‪.‬‬

‫‪53‬‬

You might also like