‫اختلفت اآلراء حول موقع ومكان الكهف الذي ارتبط بقصة الفتية المؤمنين المذكورة في القرآن الكريم‬

‫ضمن سورة الكهف‪ ،‬وقد أشارت بعض االكتشافات األثرية في العقود الماضية لبعض الكهوف التي تم‬
‫اكتشافها? بالقرب من عمان باألردن أو أفسوس بآسيا الصغرى? أو حتى في اسكتلندا‪ ،‬وقد? رجحت بعض‬
‫األدلة التاريخية واألثرية وكذلك انطباق آية طلوع الشمس وغروبها أن الكهف الموجود? بجنوب عمان في‬
‫األردن أن يكون هو الكهف المذكور في القرآن الكريم‪.‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪  ‬ففي عام ‪ 1963‬قامت دائرة اآلثار العامة األردنية بحفريات أثرية تحت إشراف? المرحوم رفيق? وفا‬
‫الدجاني في منطقة تسمى "سحاب"‪ ،‬وتقع على بعد حوالي ‪ 13‬كم جنوب شرق العاصمة األردنية عمان‪،‬‬
‫وقد? استدل علماء اآلثار والتاريخ بعدة أدلة ترجح بقوة أن يكون هذا الكهف هو الذي جاء ذكره في القرآن‬
‫الكريم‪ ،‬وهذه األدلة هي‪:‬‬

‫أ‪ -‬الدليل التاريخي?‪ :‬من األدلة التاريخية التي يذكرها رجال اآلثار أن العديد من الصحابة و قادة الجيوش‬
‫اإلسالمية قد ذكروا? أن موقع? الكهف الذي يوجد به أصحاب الكهف موجود? بجبل الرقيم‪ ‬باألردن حيث‬
‫زاروا? هذا الموقع وعرفوه‪ ،‬و منهم الصحابي عبادة بن الصامت الذي مر‪ ‬على الكهف في زمن عمر بن‬
‫الخطاب وأيضا معاوية بن أبى سفيان‪ ،‬وكذلك حبيب بن مسلمة وابن عباس قد دخلوا هذا الكهف ورأوا‬
‫عظام أصحاب الكهف (‪.)8‬‬

‫ب‪-‬الدليل األثري‪ :‬تم العثور على بناء أثرى بنى فوق الكهف وهو الذي أشير إليه في قوله تعالى‪" :‬فقالوا‬
‫ابنوا عليهم بنيانا ربهم أعلم بهم‪ ،‬قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا"‪ ،‬فقد أثبتت الحفريات‬
‫عن وجود? بنيان فوق? هذا الكهف كان معبدا (كنيسة) ثم تحول إلى مسجد في العصر اإلسالمي‪ ،‬ويوجد‬
‫بقايا سبعة أعمدة مصنوعة من األحجار غير مكتملة االرتفاع ومخروطة على شكل دائري‪ ،‬كما يوجد بقايا‬
‫محراب نصف دائري يقع فوق باب الكهف تماما‪ ،‬وبين األعمدة الباقية بالمسجد? بئر مملوءة بالماء وهى‬
‫البئر التي كان يتم استخدامها? في الوضوء‪ ،‬وقد? أتيح لمقدم البحث أن يرى هذا المسجد خالل الزيارة‬
‫الميدانية للكهف‪ ،‬شكل (‪.)1‬‬
‫‪  ‬‬
‫وقد? تم ترميم المسجد أكثر من مرة وفقا لما هو مدون على األحجار التي وجدت بداخله‪ ،‬وهى تشير إلى‬
‫تجديد تم عام ‪ 117‬هجرية ثم عام ‪ 277‬هجرية‪ ،‬ثم أعيد التجديد مرة أخرى‪ ‬عام ‪ 900‬هجرية مما يدل‬
‫على اهتمام المسلمين األوائل بهذا المسجد القتناعهم بأنه المذكور في القرآن الكريم‪ ،‬ومما يؤكد االهتمام‬
‫بهذا الموقع وجود مسجد آخر يقع بالجهة القبلية من الكهف ومازال منبر هذا المسجد قائما? إلى اليوم وهو‬
‫مكون من ثالث درجات ضخمة من األحجار? على يمين المحراب‪ ،‬شكل (‪ ،)2‬وقد عثر بالمسجد? على‬
‫بالطة تفيد بأن الخليفة الموفق? العباسي‪ ‬قد أمر بتجديده‪.‬‬
‫‪  ‬‬
‫كما تم العثور? على ثمانية قبور بنيت بالصخر أربعة منها يضمها قبو يقع على يمين الداخل للكهف‬
‫واألربع? األخرى تقع في قبو? على يسار? الداخل للكهف والمرجح أنها القبور التي دفن فيها الفتية التي ورد‬
‫ذكرهم في القرآن‪ ،‬شكل (‪ ،)3‬وفي المنطقة الواقعة بين القبوين في الجزء األول من الكهف تم العثور على‬
‫جمجة لكلب وبفكه ناب واحد وأربعة أضراس‪ ،‬ويوجد بالكهف دوالب زجاجي يحتوي? على جمجمة الكلب‬
‫الى جانب بعض قطع من النقود التي كانوا يستعملونها? ومجموعة من األساور? والخواتم والخرز? وبعض‬
‫األواني الفخارية‪ ،‬شكل (‪.)4‬‬
‫ج‪ -‬الدليل الجيولوجي?‪ :‬يؤكد المهندس الجيولوجي ناظم? الكيالني من خالل فحوصاته المختبرية على أن‬
‫تربة الكهف ومنطقة الرقيم تساعدان على صيانة الجسم‪ ،‬ويذكر? أن‪ ‬هذه‪ ‬التربة تتكون‪ ‬من‪ ‬الكربوهيدرات‬
‫والكالسيوم والمغنسيوم? إضافة الى حفريات النباتات والحيوانات المشبعة بالراديوم‪ ،‬وهذه المواد توجد‪ ‬في‬
‫معادن اليورانيوم? والثوريوم المشعة والتي من خصائصها إنتاج‬
‫‪ ‬‬

‫شكل (‪ :)1‬بقايا المسجد األثري الموجود? فوق الكهف‬

‫‪        ‬شكل (‪ :)3‬القبو الشرقى? بالكه‬ ‫‪   ‬شكل (‪ :)2‬بقايا المسجد األثرى الموجود? أمام الكهف‬
 ‫شكل (‪ :)4‬الدوالب الزجاجي الموجود بالقبو الشمالي ويحتوى? على جمجمة الكلب(‪.)10‬‬

‫أشعة "ألفا" و"بيتا" و"جاما"‪ ،‬وهذه األنواع من األشعة ذات تأثير? كبير في تعقيم اللحوم والنباتات‬
‫والمحافظة عليها وتحول دون تفسخها‪ ،‬ويعتقد الكيالنى بأن وجود هذا النوع من التربة بعناصرها?‬
‫وأمالحها? ربما يكون (ومعها أشعة الشمس المتناوبة) الوسيلة التي حفظت أجساد فتية اإليمان أكثر من‬
‫ثالثة قرون دون أن تؤثر فيهم? عوامل الهواء والتربة‪.‬‬
‫د‪ -‬أدلة أخرى‪ :‬وتتمثل في أن الكهوف? األخرى التي تم اإلشارة إليها على أنها هي التي جاء ذكرها في‬
‫سورة الكهف ال ينطبق عليها آية طلوع الشمس وغروبها‪ ،‬وهو ما أكده الدكتور? عبد العزيز كامل الذي‬
‫زار كهف الرقيم باألردن مرتين وتأكد من انطباق حركة الشمس في طلوعها وغروبها? وعالقة أشعتها‬
‫بالكهف‪ ،‬كما درس من قبل عددا من الكهوف? التي نسب إليها أهل الكهف وأهمها في أفسوس? وطوروس‬
‫واستبعدها ألنها ذات فتحات ال تتفق في سقوط الشمس عليها مع ما جاء في اآليات الكريمة(‪ ،)11‬وهو ما‬
‫توصل إليه خبير اآلثار األردني "محمد تيسير طبيان" بناء على دراسة استمرت ألكثر من عشر سنوات‪،‬‬
‫كما أن كثير من المتخصصين‪ ‬و المهتمين الذين زاروا? كهف أفسوس? ينفون أن يكون هو الكهف المعنى‬
‫لبعده عن عاصمة اإلمبراطورية الرومانية (حوالي ‪450‬كم عن أفسوس)‪ ،‬وحتى لو كانت مدينة أزمير هي‬
‫مقر الحاكم الروماني ومنطلق? الفتية المؤمنين فإنها أيضا بعيدة و اليمكن للفتية أن يبتعدوا? كل هذه المسافة‬
‫عن أزمير?(‪.)12‬‬