You are on page 1of 26

‫ﺳﻠﻄﺔ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺍﻟﻤﺪﻧﻲ ﻓﻲ ﺗﻘﺪﻳﺮ ﺍﻟﻤﺴؤﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﻟﻠﻤﻮﺛﻖ ﻭﺍﻟﻌﺪﻝ ‪:‬‬ ‫ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ‪:‬‬

‫ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻣﻘﺎﺭﻧﺔ‬
‫ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ‪ -‬ﺳﻠﺴﻠﺔ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ‬ ‫ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ‪:‬‬
‫ﻣﺤﻤﺪ ﺃﻭﺯﻳﺎﻥ‬ ‫ﺍﻟﻨﺎﺷﺮ‪:‬‬
‫ﺍﻟﻤﻄﺮﻱ‪ ،‬ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ‬ ‫ﺍﻟﻤؤﻟﻒ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ‪:‬‬
‫ﺍﻹﺻﺪﺍﺭ‪58‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺠﻠﺪ‪/‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪:‬‬
‫ﻧﻌﻢ‬ ‫ﻣﺤﻜﻤﺔ‪:‬‬

‫�سلطة القا�ضي املدين يف تقدير‬


‫‪2018‬‬ ‫ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻱ‪:‬‬
‫‪105 - 129‬‬ ‫ﺍﻟﺼﻔﺤﺎﺕ‪:‬‬
‫‪868890‬‬ ‫ﺭﻗﻢ ‪:MD‬‬

‫امل�س�ؤولية املدنية للموثق والعدل‬ ‫ﺑﺤﻮﺙ ﻭﻣﻘﺎﻻﺕ‬


‫‪IslamicInfo‬‬
‫ﻧﻮﻉ ﺍﻟﻤﺤﺘﻮﻯ‪:‬‬
‫ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ‪:‬‬

‫‪ -‬درا�سة مقارنة ‪-‬‬


‫‪http://search.mandumah.com/Record/868890‬‬
‫ﻗﻮﺍﻧﻴﻦ ﻭﺗﺸﺮﻳﻌﺎﺕ‬ ‫ﻣﻮﺍﺿﻴﻊ‪:‬‬
‫ﺭﺍﺑﻂ‪:‬‬
‫حممد علي املطري‬
‫باحث يف القانون اخلا�ص‬
‫كلية العلوم القانونية واالقت�صادية‬
‫واالجتماعية بفا�س‬
‫جامعة �سيدي حممد بن عبد اهلل‬

‫© ‪ 2020‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪ .‬ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬


‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ‬
‫ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬

‫‪��������� ��������� ���� ��������� �� ��� �������� �������.indd 105‬‬ ‫‪26/12/17 14:37‬‬
‫�سلطة القا�ضي املدين يف تقدير‬
‫امل�س�ؤولية املدنية للموثق والعدل‬
‫‪ -‬درا�سة مقارنة ‪-‬‬
‫حممد علي املطري‬
‫باحث يف القانون اخلا�ص‬
‫كلية العلوم القانونية واالقت�صادية‬
‫واالجتماعية بفا�س‬
‫جامعة �سيدي حممد بن عبد اهلل‬

‫‪��������� ��������� ���� ��������� �� ��� �������� �������.indd 105‬‬ ‫‪26/12/17 14:37‬‬
��������� ��������� ���� ��������� �� ��� �������� �������.indd 106 26/12/17 14:37
‫مقدمة‬
‫قد ينبني املحرر التوثيقي على خط�أ مهني ارتكبه املوثق �أو العدل �أثناء‬
‫قيامه بعمله التوثيقي‪ ،‬مما ي�ؤدي ذلك اخلط�أ �إلى �ضرر للمتعاقدين �أو �أحدهما �أو‬
‫الغري‪ ،‬وبناء على ذلك ف�إن املوثق �أو العدل يتحمل امل�س�ؤولية املدنية نتيجة لإخالالته‬
‫و�أخطائه املهنية‪ ،‬وعلى املت�ضرر اللجوء �إلى الق�ضاء لطلب التعوي�ض‪.‬‬
‫وقد ا�ستعمل فقهاء ال�شريعة م�صطلح ال�ضمان تعبريا عن االلتزام بتعوي�ض‬
‫الأطراف �أو الغري عما �أ�صابهم من �أ�ضرار ب�شرط �أن يكون هذا ال�ضرر حمقق ًا‬
‫ومبا�شر ًا‪ ،‬وله عالقة �سببية باخلط�أ‪.1‬‬
‫وقد ورد �أ�صل و�أ�سا�س امل�س�ؤولية املدنية يف قوله تعالى‪َ } :‬يا �أَ ُّي َها ا َّلذِ َ‬
‫ين‬
‫�آَ َم ُنوا �أَ ْو ُفوا بِا ْل ُعقُ ودِ { ‪.2‬‬
‫كما يعترب حديث ر�سول اهلل ‪ r‬بقوله «ال �ضرر وال �ضرار»‪ 3‬القاعدة العامة التي‬
‫حتكم ال�ضمان والذي ا�شتق منها الفقهاء املجتهدون العديد من القواعد الفرعية‬
‫منها‪« :‬ال�ضرر يرفع بقدر الإمكان» و»ال�ضرر يزال» و»الغرم بالغنم» و»اخلراج‬
‫بال�ضمان»‪.4‬‬
‫وبذلك يعترب ال�ضمان يف الفقه الإ�سالمي مرادف ملا يطلق عليه بامل�س�ؤولية‬
‫املدنية يف القانون الو�ضعي‪.‬‬
‫‪ - 1‬عبد احلميد �أخريف‪ :‬نظرية ال�ضمان ‪ -‬حماولة يف ت�أ�صيل نظرية امل�س�ؤولية املدنية يف الفقه الإ�سالمي‪ ،‬ر�سالة لنيل‬
‫دبلوم الدرا�سات العليا املعمقة يف القانون اخلا�ص‪ ،‬نوق�شت بكلية احلقوق بفا�س‪� ،‬سنة ‪� ،1994 -1993‬ص‪.177 .‬‬
‫‪� - 2‬سورة املائدة من الآية ‪.1‬‬
‫‪ - 3‬الإمام مالك‪ :‬املوط�أ‪ ،‬دار الر�شاد احلديثة‪ ،‬ط ‪� ،1989‬ص‪.489 .‬‬
‫‪ - 4‬وهبة الزحيلي‪ :‬نظرية ال�ضمان �أو �أحكام امل�س�ؤولية املدنية واجلنائية يف الفقه الإ�سالمي‪ ،‬درا�سة مقارنة‪ ،‬دار الفكر‪،‬‬
‫دم�شق‪ ،‬ط ‪ 1402‬هـ‪1982 -‬م‪� ،‬ص‪.215 -213 .‬‬

‫‪��������� ��������� ���� ��������� �� ��� �������� �������.indd 107‬‬ ‫‪26/12/17 14:37‬‬
‫حممد علي املطري‬ ‫‪108‬‬

‫وتتمثل �أهمية درا�سة �سلطة القا�ضي املدين يف تقدير امل�س�ؤولية املدنية للموثق‬
‫والعدل لغر�ض �إبراز م�س�ؤولية العدول واملوثقني ومتابعتهم مدني ًا عن الأخطاء‬
‫املهنية املرتكبة خالل ممار�ستهم للعملية التوثيقية‪ ،‬والتي من �ش�أنها �أن مت�س‬
‫ب�سالمة املحررات التوثيقية‪ ،‬وحماية الثقة املو�ضوعة فيها من طرف املتعاقدين‪،‬‬
‫وكذلك حتقيق الأمن التعاقدي لدى الأطراف املتعاقدة‪.‬‬
‫و�إذا كان للقا�ضي املدين �سلطة تكييف امل�س�ؤولية املدنية للموثق والعدل‬
‫وحتديد طبيعتها القانونية بالوقوف على ماهيتها ودرا�سة الوقائع املادية واملعنوية‬
‫املرتتبة عليها و�إعطائها الو�صف القانوين املنا�سب‪ ،‬فان له �أي�ض ًا �سلطة تقديرية يف‬
‫حتديد مقدار التعوي�ض الناجت عن ال�ضرر الذي �سببه املوثق �أو العدل للمتعاقدين‬
‫�أو الغري‪.‬‬
‫فما مدى �سلطة القا�ضي املدين يف تقدير امل�س�ؤولية املدنية للموثق والعدل ؟‬
‫من خالل هذا الت�سا�ؤل ارت�أيت تق�سيم املو�ضوع �إلى مطلبني‪:‬‬
‫املطلب الأول‪� :‬أحكام امل�س�ؤولية املدنية للموثق والعدل‬
‫املطلب الثاين‪� :‬سلطة القا�ضي املدين يف تقدير التعوي�ض املرتتب عن امل�س�ؤولية املدنية‬
‫المطلب الأول‪� :‬أحكام الم�س�ؤولية المدنية للموثق والعدل‬
‫ال �شك �أن امل�س�ؤولية املدنية للموثق والعدل تتطلب منا معرفة �أ�سا�سها القانوين‬
‫(الفقرة الأولى) قبل التطرق �إلى طبيعتها القانونية (الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة الأولى‪ :‬الأ�سا�س القانوين للم�س�ؤولية املدنية للموثق والعدل‬
‫مل ين�ص امل�شرع املغربي واليمني على تعريف خا�ص للم�س�ؤولية املدنية‪ ،‬ولكن‬
‫عرفها بع�ض فقهاء القانون ب�أنها اجلزاء املرتتب عن الإخالالت �أو الأخطاء املهنية‬
‫التي ارتكبها املوثق �أو العدل مبنا�سبة القيام بعمله مما �أدى �إلى حدوث �ضرر‬
‫للمتعاقدين �أو �أحدهما �أو الغري‪.5‬‬
‫‪ - 5‬حممد بن حم‪ ،:‬مفهوم امل�س�ؤولية املدنية للموثق ومفهوم اخلط�أ املهني املوجب لها‪ ،‬مقال من�شور يف �سل�سلة دفاتر‬

‫‪��������� ��������� ���� ��������� �� ��� �������� �������.indd 108‬‬ ‫‪26/12/17 14:37‬‬
‫‪109‬‬ ‫�سلطة القا�ضي املدين يف تقدير امل�س�ؤولية املدنية للموثق والعدل ‪ -‬درا�سة مقارنة‬

‫ويعترب الأ�سا�س القانوين للم�س�ؤولية املدنية للموثقني والعدول ت�أ�صي ًال قانوني ًا‬
‫ميكننا من خالله ا�ستعرا�ض خمتلف املقت�ضيات التي يتعني الإملام بها ملحاولة �إيجاد‬
‫نظام متكامل لهذا النوع من امل�س�ؤولية‪.‬‬
‫ف�أحكام امل�س�ؤولية املدنية للموثق والعدل تخ�ضع من حيث تطبيقاتها للقواعد‬
‫العامة للقانون املدين‪ ،‬كما �أنها تخ�ضع �أي�ض ًا للقواعد اخلا�صة املن�صو�ص عليها يف‬
‫قانون مهنة التوثيق الع�صري وقانون خطة العدالة املغربي‪.‬‬
‫وبالرجوع �إلى القواعد العامة للم�س�ؤولية املدنية املن�صو�ص عليها يف ق‪.‬ل‪.‬ع‬
‫املغربي والقانون املدين اليمني جند �أنهما حددا �أ�سا�س امل�س�ؤولية املدنية يف املواد‬
‫‪ ،78 ،77‬من ق‪.‬ل‪.‬ق املغربي‪ ،‬واملادة ‪ 304‬من القانون املدين اليمني‪ ،‬حيث ن�ص‬
‫الف�صل ‪ 77‬من ق‪.‬ل‪.‬ق املغربي على �أن‪« :‬كل فعل ارتكبه الإن�سان عن بينة واختيار‪،‬‬
‫ومن غري �أن ي�سمح له به القانون‪ ،‬ف�أحدث �ضرر ًا مادي ًا �أو معنوي ًا للغري‪� ،‬ألزم مرتكبه‬
‫بتعوي�ض هذا ال�ضرر‪� ،‬إذا ثبت �أن ذلك الفعل هو ال�سبب املبا�شر يف ح�صول ال�ضرر»‪.‬‬
‫بينما ن�ص الف�صل ‪ 78‬من نف�س القانون على �أن‪« :‬كل �شخ�ص م�س�ؤول عن‬
‫ال�ضرر املعنوي �أو املادي الذي �أحدثه‪ ،‬ال بفعله فقط ولكن بخطئه �أي�ض ًا‪ ،‬وذلك‬
‫عندما يثبت �أن هذا اخلط�أ هو ال�سبب املبا�شر يف ذلك ال�ضرر»‪.‬‬
‫ون�صت املادة ‪ 304‬من القانون املدين اليمني على �أن‪« :‬كل فعل �أو ترك غري‬
‫م�شروع �سوا ًء كان نا�شئ ًا عن عمد �أو �شبه عمد �أو خط�أ �إذا �سبب للغري �ضرر ًا‪ ،‬يلزم‬
‫من ارتكبه بتعوي�ض الغري عن ال�ضرر الذي �أ�صابه وال يخل ذلك بالعقوبات املقررة‬
‫للجرائم طبق ًا للقوانني النافذة»‪.‬‬
‫ومن خالل هذه املقت�ضيات يتجلى لنا �أنها ت�سري على املوثق والعدل يف‬
‫ممار�سة مهامهم على اعتبار �أن م�س�ؤولية املوثق �أو العدل �أو الأمني ال�شرعي تعترب‬
‫�ضرب ًا من �ضروب امل�س�ؤولية املدنية ب�شكل يجعله م�س�ؤو ًال عن كل �ضرر قد ي�صيب �أحد‬
‫حمكمة النق�ض‪ ،‬العدد‪ 20‬ل�سنة ‪� ، 2012‬ص‪.186 .‬‬

‫‪��������� ��������� ���� ��������� �� ��� �������� �������.indd 109‬‬ ‫‪26/12/17 14:37‬‬
‫حممد علي املطري‬ ‫‪110‬‬

‫�أطراف العقد ‪-‬زبنائه‪� -‬أو الغري ب�شرط توافر ال�شروط القانونية لقيام امل�س�ؤولية‬
‫املدنية‪.‬‬
‫وبا�ستقراء القواعد اخلا�صة للم�س�ؤولية املدنية للموثق والعدل املن�صو�ص‬
‫عليها يف قانون مهنة التوثيق وقانون خطة العدالة جند �أن امل�شرع املغربي قد حدد‬
‫الأ�سا�س القانوين للم�س�ؤولية املدنية للموثق والعدل‪ ،‬حيث ن�صت املادة ‪ 26‬من قانون‬
‫مهنة التوثيق املغربي على �أن‪« :‬املوثق يتحمل م�س�ؤولية الأ�ضرار الناجتة عن �أخطائه‬
‫املهنية والأخطاء املهنية للمتمرنني لديه و�أجرائه وفق قواعد امل�س�ؤولية املدنية»‪.‬‬
‫‪33‬‬ ‫كما �أن قانون خطة العدالة املغربي �أ�شار �إلى هذه امل�س�ؤولية يف املادة‬
‫والتي ن�صت على �أنه‪« :‬تكتب ال�شهادة حتت م�س�ؤولية العدلني يف وثيقة واحدة دون‬
‫انقطاع �أو بيا�ض �أو ب�شر �أو �إ�صالح �أو �إقحام �أو �إحلاق �أو ت�شطيب �أو ا�ستعمال حرف‬
‫�إ�ضراب»‪.‬‬
‫كما ن�صت الفقرة الثالثة من املادة ‪ 9‬من املر�سوم التطبيقي خلطة العدالة‬
‫على �أنه‪« :‬ي�شارك العدل املتمرن حتت م�س�ؤولية العدلني يف ن�شاط املكتب غري �أنه ال‬
‫يجوز له �أن يتلقى الإ�شهاد»‪.‬‬
‫�أما قانون التوثيق اليمني فانه مل يتطرق �إلى امل�س�ؤولية املدنية للموثق �أو‬
‫الأمني ال�شرعي بن�ص خا�ص و�صريح‪� ،‬إال �أن القانون قد حدد وب�شكل وا�ضح املهام‬
‫وااللتزامات امللقاة على عاتق املوثق العام والأمني ال�شرعي والتي تتجلى يف مراعاة‬
‫القواعد وال�ضوابط املحددة قانون ًا لتحرير الوثيقة وتوثيقها‪ ،‬وبالتايل فان �أي‬
‫تق�صري �أو �إهمال �أو خط�أ مهني يتطرق له املوثق �أو الأمني ال�شرعي يكون �سبب ًا يف‬
‫حدوث �أ�ضرار مادية �أو معنوية للأطراف �أو الغري فان على املوثق �أو الأمني ال�شرعي‬
‫حتمل امل�س�ؤولية املدنية لذلك‪ ،‬وعلى املت�ضرر املطالبة بالتعوي�ض‪.‬‬
‫وم�س�ؤولية املوثق �أو العدل ال تنتج عن فعله ال�شخ�صي فقط‪ ،‬بل متتد كذلك �إلى‬
‫فعل معاونيه‪ ،‬وهذا ما �أكده �أي�ض ًا ق‪.‬ل‪.‬ع املغربي حيث ن�ص الف�صل ‪ 85‬الفقرة الأولى‬
‫منه على �أن‪« :‬ال�شخ�ص ال يكون م�س�ؤو ًال عن ال�ضرر الذي يحدثه بفعله فح�سب‪ ،‬لكن‬

‫‪��������� ��������� ���� ��������� �� ��� �������� �������.indd 110‬‬ ‫‪26/12/17 14:37‬‬
‫‪111‬‬ ‫�سلطة القا�ضي املدين يف تقدير امل�س�ؤولية املدنية للموثق والعدل ‪ -‬درا�سة مقارنة‬

‫يكون م�س�ؤو ًال �أي�ض ًا عن ال�ضرر الذي يحدثه الأ�شخا�ص الذين هم يف عهدته»‪ ،‬وهذا‬
‫ما عرب عنه امل�شرع اليمني وامل�صري مب�س�ؤولية املتبوع عن �أعمال التابع‪.6‬‬
‫و�إذا كان املوثق �أو العدل يتحمل م�س�ؤولية �أخطائه املهنية التي يرتتب عنها‬
‫الإ�ضرار ب�أطراف العقد �أو �أحدهما �أو الغري‪ ،‬ف�إن جمرد امتناع املوثق عن القيام‬
‫بواجبه بدون �سبب م�شروع ي�ؤدي ذلك �إلى قيام امل�س�ؤولية املدنية‪� ،‬شريطة �أن يكون‬
‫هذا االمتناع قد �أحدث �ضرر ًا لأحد الأطراف �أو الغري‪.7‬‬
‫وكذلك احلال بالن�سبة للعدول‪ ،‬ف�إن امتناع العدل عن القيام مبهامه وواجبه‬
‫كونه يقوم ب�أداء خدمة عامة‪ ،‬ف�إنه يتحمل م�س�ؤولية الأ�ضرار الناجتة عن امتناعه‬
‫للقيام مبا يوجبه العقد‪.8‬‬
‫هذا ما يتعلق بامل�س�ؤولية املدنية للموثق �أو العدل املرتتبة عن خطئه ال�شخ�صي‬
‫و�أخطاء املتمرنني لديه‪.‬‬
‫�أما ما يتعلق بامل�س�ؤولية الت�شاركية والتي من خاللها قد يعمل املوثق �أو العدل‬
‫يف �إطار عقد م�شاركة مع موثق �آخر �أو �أكرث والذي ن�ص عليها قانون مهنة التوثيق‬
‫املغربي يف املادة ‪ 59‬بقوله‪« :‬ميكن ملوثقني �أو �أكرث �إبرام عقد م�شاركة يف الو�سائل‬
‫الالزمة ملمار�سة مهنتهم و�إدارة وت�سيري املكتب �إذا كانوا معينني يف نف�س الدائرة‬
‫الرتابية للمحكمة اال�ستئنافية»‪.‬‬
‫فمن خالل هذه املادة يتبني �أن عقد ال�شراكة بني املوثقني يقف عند حدوث‬
‫الو�سائل الالزمة ملمار�سة مهنتهم و�إدارة وت�سيري املكتب فقط وال متتد �إلى العملية‬
‫التوثيقية املتمثلة يف حترير العقود وتوثيقها‪ ،‬وبالتايل ف�إن كل موثق ي�س�أل �شخ�صي ًا‬
‫‪ - 6‬ن�صت املادة ‪ 313‬من القانون املدين اليمني على انه‪« :‬يكون املتبوع م�س�ؤو ًال عن ال�ضرر الذي يحدثه تابعه بعمل غري‬
‫م�شروع �أمره به ‪ ،»....‬كما ن�صت الفقرة الأولى من املادة ‪ 174‬من القانون املدين امل�صري على �أنه‪« :‬يكون املتبوع‬
‫م�س�ؤو ًال عن ال�ضرر الذي �أحدثه تابعه بعمله غري امل�شروع متى كان واقع ًا منه يف حالة ت�أدية وظيفته �أو ب�سببها»‪.‬‬
‫‪ - 7‬تن�ص املادة ‪ 29‬من قانون مهنة التوثيق املغربي على �أنه‪�« :‬إذا امتنع املوثق عن القيام بواجبه بدون �سبب م�شروع حتمل‬
‫م�س�ؤولية ال�ضرر املرتتب عن هذا االمتناع»‪ ،‬امل�شرع املغربي يف قانون خطة العدالة وكذلك امل�شرع اليمني يف قانون‬
‫التوثيق مل يتطرقا �إلى هذه احلالة بن�ص �صريح ولكن ارجعا ذلك �إلى القواعد العامة للم�س�ؤولية املدنية يف القانون‬
‫املدين‪.‬‬
‫‪ - 8‬وهذا ا�ستنادا �إلى القاعدة العامة التي ن�ص عليها الف�صل ‪ 737‬من ق‪.‬ل‪.‬ع املغربي والذي جاء فيه‪« :‬من يلتزم باجناز‬
‫عمل �أو ب�أداء خدمة ي�س�أل‪ ،‬لي�س فقط عن فعله ولكن �أي�ضا عن �إهماله ورعونته وعدم مهارته»‪.‬‬

‫‪��������� ��������� ���� ��������� �� ��� �������� �������.indd 111‬‬ ‫‪26/12/17 14:37‬‬
‫حممد علي املطري‬ ‫‪112‬‬

‫عن �أخطائه املهنية وال متتد هذه امل�س�ؤولية �إلى املوثق الآخر الذي يرتبط به بعقد‬
‫ال�شراكة وهذا ما ن�صت عليه املادة ‪ 62‬من قانون مهنة التوثيق املغربي‪.9‬‬
‫�أما امل�شرع اليمني فقد حمل املت�شاركني يف اخلط�أ املهني امل�س�ؤولية املدنية‬
‫الت�شاركية فيما بينهم بالت�ساوي �أو بح�سب ت�أثري عمل كل واحد منهم لل�ضرر الناجت‬
‫عن اخلط�أ‪ ،‬حيث ن�صت املادة ‪ 310‬من القانون املدين اليمني على �أنه‪� »:‬إذا تعدد‬
‫امل�س�ؤولون عن عمل �ضار تكون امل�س�ؤولية فيما بينهم بالت�ساوي �إال �إذا عني القا�ضي‬
‫ن�صيب كل منهم يف التعوي�ض بح�سب ت�أثري عمل كل واحد منهم‪ ،‬و�إذا كانوا متواطئني‬
‫على الفعل كانوا مت�ضامنني يف امل�س�ؤولية»‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الطبيعة القانونية للم�س�ؤولية املدنية للموثق �أو العدل‬
‫بالرغم من �أن امل�شرع املغربي حدد �أ�سا�س امل�س�ؤولية املدنية للموثق والعدل‬
‫يف القانون ‪ 32.09‬املنظم ملهنة التوثيق‪ ،‬وقانون خطة العدالة‪� ،‬إال �أنه مل يحدد‬
‫طبيعة هذه امل�س�ؤولية‪ ،‬كما �أن فقهاء القانون اختلفوا يف حتديد الطبيعة القانونية‬
‫للم�س�ؤولية املدنية للموثق �أو العدل فمنهم من يرى �أنها م�س�ؤولية عقدية‪ ،‬والآخر‬
‫يرى �أنها م�س�ؤولية تق�صريية‪.‬‬
‫فالر�أي الذي يقول ب�أن م�س�ؤولية املوثق �أو العدل املدنية هي م�س�ؤولية عقدية‬
‫ا�ستند �إلى �أن عالقة الزبون باملوثق �أو العدل تدخل يف �إطار الإيجاب والقبول بني‬
‫املوثق �أو العدل و�أطراف العقد‪ ،‬باعتبار �أن جلوء الأطراف �إلى املوثق �أو العدل‬
‫لإ�ضفاء ال�صبغة الر�سمية على عقد من العقود هو مبنا�سبة قبول من الأطراف‬
‫و�إيجاب من املوثق �أو العدل‪.10‬‬
‫وبالتايل ف�إن العالقة بينهما هي عالقة تعاقدية‪ ،‬وهذا ما ذهبت �إليه املحكمة‬
‫االبتدائية يف الرباط‪ ،‬حيث ورد يف مقت�ضيات احلكم ال�صادر منها‪« :‬وحيث يهدف‬
‫الطلب �إلى احلكم على املدعى عليه ‪ -‬املوثق ‪ -‬ب�إرجاعه للمدعي ‪ -‬امل�شرتي ‪ -‬مبلغ‬
‫‪ - 9‬ن�صت الفقرة الأولى من املادة ‪ 62‬من قانون مهنة التوثيق املغربي على �أنه‪« :‬ي�س�أل كل موثق مت�شارك م�س�ؤولية‬
‫�شخ�صية عن العقود واملحررات التي ينجزها �أو يتلقاها»‪.‬‬
‫‪ - 10‬حممد بن حم‪ ،‬مفهوم امل�س�ؤولية املدنية للموثق ‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‪.188 .‬‬

‫‪��������� ��������� ���� ��������� �� ��� �������� �������.indd 112‬‬ ‫‪26/12/17 14:37‬‬
‫‪113‬‬ ‫�سلطة القا�ضي املدين يف تقدير امل�س�ؤولية املدنية للموثق والعدل ‪ -‬درا�سة مقارنة‬

‫وقدره (‪ 55,000,00‬درهم) الذي ت�سلمه منه و�أدائه تعوي�ض ًا عن ال�ضرر الذي حلقه‪،‬‬
‫واحلكم على �صندوق مال ال�ضمان املايل بالأداء ب�صفته كفي ًال للموثقني‪ .... ،‬وحيث‬
‫�أن العالقة التعاقدية ثابتة بني الطرفني مبقت�ضاها �أ�شرف املدعى عليه ‪ -‬املوثق ‪-‬‬
‫على كتابة وعد بالبيع‪ ،‬وت�سليم �أثره ‪ 155000.00‬درهم دون �إمتام العقد النهائي‪....،‬‬
‫وحيث دفع الوكيل الق�ضائي للمحكمة ب�أن املوثق م�س�ؤول م�س�ؤولية �شخ�صية عن‬
‫اخلط�أ الذي ارتكبه ‪ ،‬وال ميكن مطالبة �صندوق ال�ضمان املايل للموثقني باحللول‬
‫حمله»‪.11‬‬
‫�أما االجتاه الثاين فريى �أن م�س�ؤولية املوثق والعدل املدنية هي م�س�ؤولية‬
‫تق�صريية‪ ،‬وقد ا�ستمد نظريته هذه من مقت�ضيات قانوين مهنة التوثيق وخطة‬
‫العدالة املغربي وقانون التوثيق اليمني اللذان حددا ب�شكل وا�ضح املهام وااللتزامات‬
‫امللقاة على عاتق كل من العدل واملوثق وكذا الأمني ال�شرعي‪ ،‬والتي تتجلى �أهمها يف‬
‫مراعاة القواعد وال�ضوابط املحددة قانون ًا لتلقي ال�شهادات وحتريرها واملحافظة‬
‫على ال�سر املهني‪ ،‬وكذلك واجب الن�صح بالن�سبة للأطراف وغري ذلك‪ ،12‬فهذه‬
‫االلتزامات القانونية ال ميكن االتفاق على خمالفتها‪.‬‬
‫كما ا�ستند هذا الر�أي ‪ -‬االجتاه ‪� -‬إلى �أن �أ�سا�س امل�س�ؤولية التق�صريية تقوم‬
‫على فكرة اخلط�أ التي ن�ص عليها الف�صالن ‪ 78,77‬من ق‪.‬ل‪.‬ق املغربي واملادة ‪304‬‬
‫من القانون املدين اليمني ‪.‬‬
‫فمجرد وقوع اخلط�أ وترتب على ذلك �ضرر بالطرف املت�ضرر‪ ،‬بحيث يكون‬
‫بينهما عالقة �سببية‪ ،‬حينئذ ي�ستحق املت�ضرر التعوي�ض عن الأ�ضرار املادية واملعنوية‬
‫التي حلقته‪.13‬‬
‫‪ - 11‬حكم �صادر عن املحكمة االبتدائية بالرباط رقم ‪ 360‬بتاريخ ‪ 2000/5/04‬ملف رقم ‪� 99/44/1‬أ�شارت �إليه لبنى‬
‫الوزاين‪ :‬امل�س�ؤولية الت�أديبية للموثق على �ضوء العمل الق�ضائي‪ ،‬دار ال�سالم للطباعة‪ ،‬الرباط‪ ،‬ط‪� ،2011‬ص‪.8.‬‬
‫‪ - 12‬عالل حمدا�ش‪ ،‬التوثيق بني الفقه املالكي والتقنني املغربي ‪ ،‬ر�سالة دكتوراه نوق�شت يف كلية ال�شريعة‪ ،‬جامعة القرويني‬
‫�سابق ًا‪ ،‬فا�س‪ ،‬املغرب‪ ،‬للعام الدرا�سي ‪2010/2009‬م‪� ،‬ص‪.189 .‬‬
‫‪ - 13‬عالل حمدا�ش‪ ،‬نف�س املرجع ‪� ،‬ص‪.197 .‬‬

‫‪��������� ��������� ���� ��������� �� ��� �������� �������.indd 113‬‬ ‫‪26/12/17 14:37‬‬
‫حممد علي املطري‬ ‫‪114‬‬

‫واملالحظ �أن االجتاهني مل ينظرا لطبيعة امل�س�ؤولية املدنية للموثق والعدل‬


‫ب�شكل �شامل وكامل‪ ،‬فاالجتاه الذي يرى �أن م�س�ؤولية املوثق املدنية هي م�س�ؤولية‬
‫عقدية ر�أى املو�ضوع من زاوية واحدة وهي اخلط�أ الذي ي�صيب �أطراف العقد �أو‬
‫�أحدهما دون الغري‪ ،‬بينما االجتاه الآخر ر�أى عمل املوثق �أو العدل من زاوية �أن‬
‫املت�ضرر من خط�أ املوثق هو الغري‪.‬‬
‫واحلقيقة �أن خط�أ املوثق �أو العدل قد ي�صيب �أطراف العقد �أو �أحدهما وقد‬
‫ي�صيب الغري الذي ال عالقة له بالعملية التوثيقية‪ ،‬وهذا ما �أ�شار �إليه قانون ‪32.09‬‬
‫املنظم ملهنة التوثيق املغربي‪ ،‬حيث م َّيز بني امل�س�ؤولية املدنية للموثق نتيجة �أخطائه‬
‫جتاه �أطراف العقد‪ ،‬وم�س�ؤوليته املدنية جتاه الغري‪ ،‬فن�صت املادة ‪ 28‬من نف�س‬
‫القانون على �أنه‪« :‬ي�س�أل املوثق مدني ًا �إذا ق�ضت املحكمة ببطالن عقد �أجنزه ب�سبب‬
‫خطئه املهني ونتج عن هذا البطالن �ضرر لأحد الأطراف»‪.‬‬
‫�أما املادة ‪ 26‬من القانون املذكور فقد جاءت عامة‪ ،‬حيث ن�صت على �أنه‪:‬‬
‫«يتحمل املوثق م�س�ؤولية الأ�ضرار املرتتبة عن �أخطائه املهنية والأخطاء املهنية‬
‫للمتمرنني لديه و�أجرائه وفق قواعد امل�س�ؤولية املدنية»‪.‬‬
‫وبالتايل يعترب املوثق م�س�ؤو ًال م�س�ؤولية �شخ�صية عن كل �ضرر ي�صيب الغري‬
‫نتيجة خط�أ ارتكبه �أثناء عمله التوثيقي �أو الأ�شخا�ص املتمرنني لديه‪ ،‬وبذلك تكون‬
‫امل�س�ؤولية املدنية للموثق والعدل ذات طبيعة عقدية عندما يكون املت�ضرر من خط�أ‬
‫املوثق طريف العقد �أو �أحدهما‪ ،‬وتكون م�س�ؤوليته ذات طبيعة تق�صريية عندما يكون‬
‫املت�ضرر من خطئه الغري الذي ال عالقة له بالعملية التوثيقية‪.14‬‬
‫هذا ما يتعلق بالطبيعة القانونية مل�س�ؤولية املوثق والعدل املدنية‪ ،‬فما هي‬
‫�شروط و�آثار امل�س�ؤولية املدنية للموثق والعدل؟‬
‫‪ - 14‬قانون خطة العدالة املغربي وقانون التوثيق اليمني مل يتطرقا �إلى تو�ضيح للم�س�ؤولية املدنية العقدية والتق�صريية‬
‫كما تطرق لها قانون مهنة التوثيق املغربي و�إمنا ا�سندا ذلك �إلى القواعد العامة للقانون املدين واجتهادات الفقه‬
‫القانوين‪.‬‬

‫‪��������� ��������� ���� ��������� �� ��� �������� �������.indd 114‬‬ ‫‪26/12/17 14:37‬‬
‫‪115‬‬ ‫�سلطة القا�ضي املدين يف تقدير امل�س�ؤولية املدنية للموثق والعدل ‪ -‬درا�سة مقارنة‬

‫المطلب الثاني‪� :‬سلطة القا�ضي المدني في تقدير التعوي�ض المترتب‬


‫عن الم�س�ؤولية المدنية‬
‫�إن امل�س�ؤولية املدنية للموثق والعدل ال تتحقق �إال �إذا توفرت �شروطها القانونية‬
‫طبق ًا لأحكام وقواعد القانون املدين والقوانني اخلا�صة بالتوثيق واملتمثلة يف اخلط�أ‬
‫وال�ضرر والعالقة ال�سببية بينهما (الفقرة الأولى)‪ ،‬فمتى تبني للقا�ضي املدين قيام‬
‫�شروط امل�س�ؤولية املدنية للموثق والعدل حكم بالتعوي�ض ويكون له �سلطة مطلقة يف‬
‫حتديد الطريقة التي يتم بها التعوي�ض (الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة الأولى‪� :‬رشوط امل�س�ؤولية املدنية للموثق والعدل‬
‫ا�شرتط امل�شرع املغربي واليمني لقيام امل�س�ؤولية املدنية �أن يرتكب العدل �أو‬
‫املوثق خط�أ‪� ،‬سواء كان هذا اخلط�أ عقدي ًا يف مواجهة املتعاقدين �أو تق�صريي ًا يف‬
‫مواجهة الغري‪ ،‬وال بد �أن ينجم عن هذا اخلط�أ �ضرر‪ ،‬و�أن تكون هناك عالقة �سببية‬
‫بينهما وهذا ما �سنتناوله يف الآتي‪:‬‬
‫�أوال‪ -‬اخلط�أ‪:‬‬
‫مل يعرف امل�شرع اليمني اخلط�أ خالف ًا ملا فعله امل�شرع املغربي الذي عرف‬
‫اخلط�أ ب�أنه‪ »:‬ترك ما كان يجب فعله �أو فعل ما كان يجب الإم�ساك عنه وذلك من‬
‫غري ق�صد لإحداث ال�ضرر»‪.15‬‬
‫وهكذا عرفه بع�ض فقهاء القانون ب�صفة عامة ب�أنه �إخالل �شخ�ص بالتزام‬
‫قانوين مع �إدراكه لهذا الإخالل‪ ،‬مما �أحدث �ضرر ًا مادي ًا �أو معنوي ًا للغري‪.16‬‬
‫‪ - 15‬الفقرة الثالثة من املادة ‪ 78‬من ظهري الإلتزامات والعقود املغربي‪.‬‬
‫‪ - 16‬م�أمون الكزبري‪ :‬نظرية االلتزامات يف �ضوء قانون االلتزامات والعقود املغربي‪ ،‬مطابع دار القلم‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫الطبعة الثالثة‪1394 ،‬ه‪1974/‬م‪ ،‬اجلزء الأول‪� ،‬ص‪.374.‬‬

‫‪��������� ��������� ���� ��������� �� ��� �������� �������.indd 115‬‬ ‫‪26/12/17 14:37‬‬
‫حممد علي املطري‬ ‫‪116‬‬

‫�أما اخلط�أ التوثيقي فهو كل �إخالل بالتزام قانوين ارتكبه املوثق �أو العدل‬
‫�أثناء عمله التوثيقي و�أحدث �ضرر ًا لأطراف العقد �أو �أحدهما �أو الغري‪.17‬‬
‫ومن خالل التعريف الأخري منيز بني نوعني من اخلط�أ وهما‪ :‬اخلط�أ امل�ضر‬
‫ب�أطراف العقد وهو املرتتب على امل�س�ؤولية العقدية للموثق التي ن�صت عليه املادة‬
‫‪ 28‬من قانون مهنة التوثيق املغربي والتي ا�شرتطت يف اخلط�أ وجوب احلكم ببطالن‬
‫العقد‪ ،‬و�أن يرتتب على هذا البطالن �ضررا لأحد �أطراف العقد‪.18‬‬
‫واخلط�أ امل�ضر بالغري املرتتب عن امل�س�ؤولية التق�صريية للموثق �أو العدل والتي‬
‫ن�صت عليه املادة ‪ 29‬من قانون مهنة التوثيق املغربي ب�صيغة عامة حيث مل ت�شرتط‬
‫بطالن العقد لقيام م�س�ؤولية املوثق عند االمتناع عن القيام بواجبه بدون �سبب‬
‫م�شروع و�إمنا اكتفت با�شرتاط ح�صول ال�ضرر فقط‪ .19‬ف�إذا امتنع املوثق عن �أداء‬
‫واجبه بدون �سبب م�شروع و�أحدث �ضرر ًا لأحد �أطراف العقد �أو الغري ف�إن م�س�ؤوليته‬
‫املدنية تكون قائمة‪.‬‬
‫ومن التطبيقات الواقعة على اخلط�أ العقدي عدم �إ�سداء الن�صح لأطراف‬
‫العقد من طرف املوثق �أو العدل‪ ،‬فهذا االلتزام من االلتزامات الأدبية التي حتولت‬
‫�إلى واجبات قانونية‪.‬‬
‫فاملوثق والعدل مطالبان ب�إ�سداء الن�صح للزبون ولو مل يطلبه هذا الأخري‪.‬‬
‫فمهام املوثق والعدل ال تنح�صر يف حترير العقود والت�صرفات و�إ�ضفاء‬
‫الر�سمية عليها بل تتجاوز ذلك �إلى تقدمي الن�صح والإر�شاد للمتعاقدين �أثناء‬
‫‪ - 17‬حممد بن حم‪ :‬مفهوم امل�س�ؤولية املدنية للموثق ‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‪.191.‬‬
‫‪ - 18‬تن�ص املادة ‪ 28‬من قانون مهنة التوثيق املغربي على انه‪«:‬ي�س�أل املوثق مدني ًا اذا ق�ضت املحكمة ببطالن عقد �أجنزه‬
‫ب�سبب خطئه املهني ‪ ،‬ونتج عن هذا البطالن �ضرر لأحد الأطراف»‪.‬‬
‫‪ - 19‬تن�ص املادة ‪ 29‬من قانون مهنة التوثيق املغربي على �أنه‪�« :‬إذا امتنع املوثق عن القيام بواجبه بدون �سبب م�شروع‬
‫حتمل م�س�ؤولية ال�ضرر املرتتب عن هذا االمتناع»‪.‬‬

‫‪��������� ��������� ���� ��������� �� ��� �������� �������.indd 116‬‬ ‫‪26/12/17 14:37‬‬
‫‪117‬‬ ‫�سلطة القا�ضي املدين يف تقدير امل�س�ؤولية املدنية للموثق والعدل ‪ -‬درا�سة مقارنة‬

‫العملية التوثيقية التعاقدية‪ ،‬وهذا ما ن�صت عليه املادة ‪ 37‬من قانون مهنة التوثيق‬
‫املغربي حيث �ألزمت املوثق بتقدمي الن�صح والإر�شاد للأطراف املتعاقدة‪.20‬‬
‫�أما قانون ‪ 16.03‬املنظم خلطة العدالة املغربي وقانون التوثيق اليمني فلم‬
‫ي�شريا �إلى واجب �إ�سداء الن�صح للأطراف املتعاقدة‪ ،‬ومع ذلك ف�إن املوثق �أو العدل‬
‫يكون م�س�ؤو ًال عن عدم تقدمي الن�صح لزبنائه و�إن مل يرد بذلك ن�ص خا�ص‪ ،‬كون‬
‫ذلك واجب تفر�ضه طبيعة مهنة التوثيق و�أعرافها و�أخالقيات املهنة‪.‬‬
‫وبالن�سبة للخط�أ التق�صريي فيقوم يف حالة �إخالل املوثق �أو العدل بواجب‬
‫قانوين‪ ،‬كواجب �إف�شاء ال�سر املهني حيث ن�صت املادة ‪ 24‬من القانون ‪ 32.09‬املتعلق‬
‫مبهنة التوثيق املغربي على االلتزام بعدم �إف�شاء �سر املهنة والذي ميكن �أن ي�سبب‬
‫�ضرر ًا لأطراف العقد �أو الغري‪ ،‬حيث جاء فيها‪« :‬يلزم املوثق باملحافظة على ال�سر‬
‫املهني‪ ،‬ما عدا �إذا ن�ص القانون على خالف ذلك ويقع نف�س االلتزام على املتمرنني‬
‫و�أجرائه»‪.‬‬
‫كما ن�صت املادة ‪ 2‬من قانون ‪ 16.03‬املنظم خلطة العدالة على �أنه‪« :‬يتعني على‬
‫كل عدل التحلي بالأمانة والوقار واحلفاظ على �شرف املهنة و�أ�سرار املتعاقدين»‪.‬‬
‫وبناء على ذلك يكون املوثق والعدل قد ارتكبا خط�أ تق�صريي ًا يف حالة �إف�شاء‬
‫ال�سر املهني‪.‬‬
‫امل�شرع اليمني مل ين�ص �صراحة يف قانون التوثيق على �أن يتحلى املوثق �أو‬
‫الأمني ال�شرعي بالأمانة والوقار واحلفاظ على �شرف املهنة و�أ�سرار املتعاقدين‬
‫وهذا نق�ص يف الت�شريع ويجب تداركه كون ذلك من ال�صفات ال�ضرورية التي يجب‬
‫�أن يت�صف بها املوثق �أو الأمني ال�شرعي ملمار�سة مهنة التوثيق‪.‬‬
‫‪ - 20‬تن�ص الفقرة الثانية من املادة ‪ 37‬من قانون مهنة التوثيق املغربي على �أنه‪« :‬يجب على املوثق �إ�سداء الن�صح‬
‫للأطراف‪ ،‬كما يجب عليه �أن يبني لهم ما يعلمه بخ�صو�ص مو�ضوع عقودهم‪ ،‬وان يو�ضح لهم الأبعاد والآثار التي قد‬
‫ترتتب عن العقود التي يتلقاها»‪.‬‬

‫‪��������� ��������� ���� ��������� �� ��� �������� �������.indd 117‬‬ ‫‪26/12/17 14:37‬‬
‫حممد علي املطري‬ ‫‪118‬‬

‫واخلط�أ املهني للموثق �أو العدل هو خط�أ مفرت�ض يقع على عاتقهما عبء‬
‫الإثبات بعدم ارتكاب اخلط�أ‪ ،‬وال ميكن دفع امل�س�ؤولية عن اخلط�أ باالدعاء ب�أنه بذل‬
‫كل ما بو�سعه لتفادي اخلط�أ‪ ،‬كما ال ميكن االحتجاج بعدم معرفة �أو جهل بع�ض‬
‫�أ�صول علم التوثيق وقواعده وتقنينه لتفادي حتمل تبعات �أخطائه‪ ،‬فامل�شرع املغربي‬
‫حمله كل ما ي�ضمنه يف املحررات التوثيقية من ت�صريحات وبيانات يعلم خمالفتها‬
‫للحقيقة‪� ،‬أو كان ب�إمكانه معرفتها �أو العلم بها‪.21‬‬
‫وي�ستوي يف ذلك �أن يكون اخلط�أ يف اجلانب العلمي �أو يف اجلانب التقني –‬
‫الفني‪ -‬فاملوثق �أو العدل يجب �أن يكون على دراية ومعرفة كافية يف فهم الن�صو�ص‬
‫القانونية و�أ�صول علم التوثيق وقواعده‪ ،‬وكذلك �أن يكون لديه اخلربة والتقنية‬
‫اخلا�صة يف طريقة �صياغة وحترير العقود وبيان �أركانها و�شروطها بكل و�ضوح‬
‫ودقة‪ ،‬وطريقته اخلا�صة يف �إبداء الن�صح للأطراف‪ ،‬فهذه الأمور تتطلب من املوثق‬
‫مهارة وكفاءة عالية لتحقيقها‪.22‬‬
‫و�أخطاء املوثق �أو العدل املهنية متعددة ومتنوعة‪� ،‬إال �أنه من خالل ا�ستقراء‬
‫ن�صو�ص قانون خطة العدالة املغربي وقانون التوثيق اليمني جند �أنهما مل يقوما‬
‫بح�صر وحتديد الأخطاء الذي قد يرتكبها العدول �أو الأمناء جتاه �أطراف العقد �أو‬
‫الغري‪ ،‬و�إمنا جل�أ �إلى و�ضع �صياغة عامة تدخل �ضمنها كل �إخالل العدل �أو الأمني‬
‫ال�شرعي بااللتزامات امللقاة على عاتقهما‪ ،‬وهذا بخالف قانون مهنة التوثيق‬
‫املغربي الذي حدد هذه الأخطاء على �سبيل احل�صر يف املادة ‪ 49‬والذي جاء فيها‪»:‬‬
‫يكون باط ًال كل عقد مت تلقيه وفقا لل�شكل الر�سمي و�أجنز خالف ًا لأحكام املواد‬
‫‪ ،40 ،39 ،37 ،32 ،31 ،30‬من هذا القانون ‪ ...‬وت�سري نف�س املقت�ضيات �إذا تلقى‬
‫موثق عقد خارج مكتبه خالف ًا ملقت�ضيات املادة ‪� 12‬أو �إذا تلقاه موثق موقوف �أو‬
‫معزول‪ ،‬وت�صرح املحكمة بالبطالن بناء على طلب كل من له م�صلحة �أو النيابة‬
‫العامة‪ ،‬وميكن �إثارة بطالن العقود التي مل تراع فيها �أحكام املادتني ‪ 46 ,38‬من‬
‫هذا القانون قبل �أي دفاع يف جوهر الق�ضية من طرف �أي معني‪»...‬‬
‫‪ - 21‬تن�ص املادة ‪ 27‬من قانون مهنة التوثيق املغربي على �أنه‪« :‬يتحمل املوثق م�س�ؤولية كل ما ي�ضمنه يف العقود واملحررات‬
‫من ت�صريحات وبيانات يعلم خمالفتها للحقيقة �أو كان ب�إمكانه معرفتها �أو العلم بها»‪.‬‬
‫‪ - 22‬حممد بن حم‪ ،‬مفهوم امل�س�ؤولية املدنية للموثق ‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‪.192 .‬‬

‫‪��������� ��������� ���� ��������� �� ��� �������� �������.indd 118‬‬ ‫‪26/12/17 14:37‬‬
‫‪119‬‬ ‫�سلطة القا�ضي املدين يف تقدير امل�س�ؤولية املدنية للموثق والعدل ‪ -‬درا�سة مقارنة‬

‫ومن خالل هذه املادة يتبني �أن امل�شرع املغربي م َّيز بني حالتني‪:‬‬
‫‪ -‬حالة الأخطاء امل�ؤدية للبطالن التي ال ميكن للمحكمة �أن ت�صرح‬
‫به �إال بناء على طلب كل من له م�صلحة �أو النيابة العامة‪ ،‬وهي احلاالت‬
‫املن�صو�ص عليها يف املواد ‪ 12 ،40 ،39 ،37 ،32 ،31 ،30‬من قانون مهنة‬
‫التوثيق املغربي‪.23‬‬
‫‪ -‬حالة الأخطاء التي ال ميكن �إثارة بطالن العقود ب�ش�أنها �إال قبل �أي‬
‫دفاع يف جوهر الق�ضية‪ ،‬وميكن �إثارة ذلك من طرف �أي معني‪ ،‬وهي احلاالت‬
‫املن�صو�ص عليها باملادتني ‪ 46 ،38‬من نف�س القانون‪.24‬‬
‫ثانيا‪ -‬ال�ضرر‪:‬‬
‫ال يكفي لقيام امل�س�ؤولية املدنية بنوعيها العقدية والتق�صريية توفر ركن‬
‫اخلط�أ‪ ،‬بل ينبغي �أن يرتتب عن اخلط�أ �ضرر ًا‪ ،‬ف�إن مل يكن ثمة �ضرر فال م�س�ؤولية‪.25‬‬
‫وامل�شرع اليمني مل يعرف ال�ضرر خالف ًا ملا فعله امل�شرع املغربي الذي عرف‬
‫ال�ضرر يف جمال املعامالت ب�صفة عامة يف الف�صل ‪ 264‬من ق‪.‬ل‪.‬ع والذي جاء فيه‪:‬‬
‫‪� - 23‬أخطاء هذه احلالة تتمثل يف‪:‬‬
‫‪� -‬إذا تلقى املوثق عقدا وكانت له �أو لزوجه م�صلحة �شخ�صية �أو وجدت م�صاهرة �أو قرابة للموثق الفرد �أو املوثقني‬
‫امل�شاركني له يف مكتب واحد (م ‪.)31 ،30‬‬
‫‪� -‬أن يكون �شاهدا يف العقود التي يتلقاها املوثق زوجه �أو �أحد �أقاربه وكذلك املتمرنون مبكتبه و�أجرا�ؤه (م ‪.)32‬‬
‫‪ -‬عدم التحقق من هوية الأطراف كاملة (الفقرة الأولى من املادة ‪.)37‬‬
‫‪ -‬عدم �إ�سداء الن�صح لأطراف العقد (الفقرة الثانية من املادة ‪.)37‬‬
‫‪ -‬عدم التقيد ب�أحكام ال�شهادة وال�شروط الواجب توافرها يف ال�شاهد على املحرر (م ‪.)39‬‬
‫‪ -‬عدم ت�ضمني ما يفيد قراءة املوثق مل�ضمون العقد على الأطراف (م ‪.)40‬‬
‫‪ -‬تلقي العقد خارج مكتب املوثق (م ‪.)12‬‬
‫يف هذه احلالة ال ميكن للمحكمة �أن ت�صرح ببطالن العقد �إال بناء على طلب من له م�صلحة �أو النيابة العامة‪.‬‬
‫‪� - 24‬أخطاء هذه احلالة تتمثل يف‪:‬‬
‫‪ -‬عدم اال�ستعانة برتجمان عند وجود �صعوبة يف التلقي (م ‪.)38‬‬
‫‪ -‬عدم �إحلاق العقد بالوثائق التي ا�ستند عليها املوثق لإبرامه و�أن تكون هذه الوثائق م�ؤ�شر عليها ومذيلة بتوقيع‬
‫املوثق والأطراف �إن اقت�ضى الأمر (م ‪.)46‬‬
‫‪ - 25‬عز الدين الدنا�صوري ‪ -‬وعبد احلميد ال�شواربي‪ :‬امل�س�ؤولية املدنية يف �ضوء الفقه والق�ضاء‪ ،‬د‪.‬م‪.‬ط ‪ ،‬طبعة ‪،1988‬‬
‫�ص‪.157 .‬‬

‫‪��������� ��������� ���� ��������� �� ��� �������� �������.indd 119‬‬ ‫‪26/12/17 14:37‬‬
‫حممد علي املطري‬ ‫‪120‬‬

‫«ال�ضرر هو ما حلق الدائن من خ�سارة حقيقية وما فاته من ك�سب متى كانا ناجتني‬
‫مبا�شرة عن عدم الوفاء بااللتزام»‪.‬‬
‫كما عرف فقهاء القانون ال�ضرر املوجب للتعوي�ض ب�أنه اخل�سارة التي تلحق‬
‫بال�شخ�ص نتيجة امل�سا�س بحق من حقوقه �أو م�صلحة م�شروعة له‪� ،‬سواء كان ذلك‬
‫احلق �أو امل�صلحة متعلقة ب�سالمة ج�سمه �أو ماله �أو حريته �أو �شرفه �أو اعتباره‪.26‬‬
‫�أما بالن�سبة لل�ضرر الناجت عن العملية التوثيقية فيمكن تعريفه ب�أنه اخل�سارة‬
‫التي تلحق بالأطراف �أو �أحدهما �أو الغري نتيجة لإخالل املوثق �أو العدل بالتزاماته‪.‬‬
‫وال�ضرر �إما �أن يكون مادي ًا ي�صيب ال�شخ�ص يف ج�سمه �أو ماله وقد يكون‬
‫معنوي ًا ي�صيب ال�شخ�ص يف كرامته �أو عاطفته‪ ،‬وك ًال من ال�ضررين يجب التعوي�ض‪،‬‬
‫وهذا ما ن�ص عليه الف�صل ‪ 78‬من ق‪.‬ل‪.‬ع بقوله‪« :‬كل �شخ�ص م�س�ؤول عن ال�ضرر‬
‫املعنوي �أو املادي الذي �أحدثه‪ ،‬ال بفعله فقط‪ ،‬ولكن بخطئه �أي�ض ًا‪ ،‬وذلك عندما‬
‫يثبت �أن هذا اخلط�أ هو ال�سبب املبا�شر يف ذلك ال�ضرر»‪ ،‬كما �أ�شارت �إلى ذلك‬
‫املادة ‪ 352‬من القانون املدين اليمني حيث ن�صت على انه‪« :‬وي�شمل التعوي�ض ال�ضرر‬
‫املادي وال�ضرر الأدبي �أي�ض ًا ‪»....‬‬
‫فالزبون املت�ضرر من خط�أ املوثق �أو العدل عند �إخالله بالتزامـه يكون له احلق‬
‫يف املطالبة بالتعوي�ض عن ال�ضرر الذي �أ�صابه‪ ،‬ب�شرط �أن يكون ال�ضرر حمقق ًا ب�أن‬
‫يكون قد وقع فع ًال �أو �سيقع حتما يف امل�ستقبل‪ ،‬و�أن يكون خط�أ املوثق �أو العدل هو‬
‫ال�سبب املبا�شر لذلك ال�ضرر‪ ،‬ويكون على املت�ضرر عبء �إثبات ال�ضرر الذي حلقه‬
‫بكافة و�سائل الإثبات‪ ،27‬وملحكمة املو�ضوع �سلطة التحقق من وجود ال�ضرر وتقديره‪.28‬‬
‫ثالثا‪ -‬العالقة ال�سببية‪:‬‬
‫ال يكفي لقيام امل�س�ؤولية املدنية �أن يكون هناك خط�أ و�ضرر‪ ،‬بل ال بد من قيام‬
‫عالقة �سببية بينهما‪ ،‬ف�إن انتفت هذه العالقة انعدمت امل�س�ؤولية‪.‬‬
‫‪� - 26‬سليمان مرق�س‪ :‬امل�س�ؤولية املدنية يف تقنيات البالد العربية‪ ،‬دار النه�ضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ ،1985‬مج‪� ،1‬ص‪.27 .‬‬
‫‪ - 27‬عز الدين الدنا�صوري ‪ -‬وعبد احلميد ال�شواربي‪ ،‬امل�س�ؤولية املدنية يف �ضوء الفقه والق�ضاء‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‪.157 .‬‬
‫‪ - 28‬املختار احمد العطار‪ ،‬الو�سيط يف القانون املدين‪ ،‬م�صادر االلتزام‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة‪ ،‬الدار البي�ضاء‪،‬‬
‫طبعة ‪ 2002‬م‪� ،‬ص‪.288 .‬‬

‫‪��������� ��������� ���� ��������� �� ��� �������� �������.indd 120‬‬ ‫‪26/12/17 14:37‬‬
‫‪121‬‬ ‫�سلطة القا�ضي املدين يف تقدير امل�س�ؤولية املدنية للموثق والعدل ‪ -‬درا�سة مقارنة‬

‫فتوافر عالقة ال�سببية بني اخلط�أ وال�ضرر يعني �ضرورة ترتب ال�ضرر على‬
‫اخلط�أ مبا�شرة‪ ،‬فقد جاء يف قرار املجل�س الأعلى �أنه «ال جمال للحكم بالتعوي�ض �إذا‬
‫كان الفعل املن�سوب لل�شخ�ص لي�س �سبب ًا مبا�شر ًا لوقوع ال�ضرر»‪.29‬‬
‫وبناء على ذلك ف�إن خط�أ العدل �أو املوثق ال يرتب م�س�ؤوليته �إال �إذا �أحدث‬
‫�ضرر ًا مبا�شر ًا للمت�ضرر‪� ،‬سواء كان اخلط�أ عقدي �أو تق�صريي ويخ�ضع ذلك لقواعد‬
‫امل�س�ؤولية املدنية املن�صو�ص عليها يف ق‪.‬ل‪.‬ع املغربي والقانون املدين اليمني‪.‬‬
‫�أما يف قانون مهنة التوثيق املغربي ف�إن الأمر يختلف تبع ًا الختالف �صفة‬
‫امل�ضرور‪ ،‬ففي حالة ما �إذا كان اخلط�أ التق�صريي قد �أ�ضر بالغري الذي لي�س طرف ًا‬
‫يف العقد ف�إن ال�ضرر يكون نا�شئ ًا عن اخلط�أ مبا�شرة ويخ�ضع للقواعد العامة طبق ًا‬
‫ملقت�ضيات املادة ‪ 26‬من نف�س القانون‪.30‬‬
‫�أما يف احلالة التي يكون فيها اخلط�أ العقدي قد �أ�ضر باملتعاقدين �أو �أحدهما‬
‫ف�إن ال�ضرر هنا ال يكون ناجتا عن اخلط�أ مبا�شرة‪ ،‬بل يكون ناجت ًا عن بطالن العقد‪،‬‬
‫وهو ال�شرط الذي �أ�ضافه امل�شرع املغربي لقيام امل�س�ؤولية املدنية للموثق‪ ،‬حيث ن�صت‬
‫املادة ‪ 28‬من نف�س القانون على �أن‪« :‬املوثق ي�س�أل مدني ًا �إذا ق�ضت املحكمة ببطالن‬
‫عقد �أجنزه ب�سبب خطئه املهني‪ ،‬ونتج عن هذا البطالن �ضرر لأحد الأطراف»‪.‬‬
‫وبالتايل ف�إن خط�أ املوثق �أدى �إلى �صدور حكم ق�ضائي ببطالن العقد‪ ،‬وهذا‬
‫البطالن �أحدث �ضرر ًا لأطراف العقد �أو �أحدهما‪ ،‬ولي�س للغري‪.‬‬
‫ويف هذه احلالة يكون ال�ضرر ناجت عن بطالن العقد ولي�س عن اخلط�أ مبا�شرة‬
‫كما هو احلال يف اخلط�أ التق�صريي‪.‬‬
‫وقد ا�ستثنى امل�شرع املغربي من �شرط البطالن حالة امتناع املوثق عن القيام‬
‫بواجبه بدون �سبب م�شروع مما نتج عن ذلك �ضرر للأطراف‪ ،‬حيث �أ�سندها من‬
‫‪ - 29‬قرار املجل�س الأعلى عدد ‪ 1104‬بتاريخ ‪� 11‬أبريل ‪ ،1962‬جملة الق�ضاء والقانون‪ ،‬عدد ‪� ،53 -52‬ص‪.89.‬‬
‫‪ - 30‬تن�ص الفقرة الأولى املادة ‪ 26‬من قانون مهنة التوثيق على �أنه‪« :‬يتحمل املوثق م�س�ؤولية الأ�ضرار املرتتبة عن �أخطائه‬
‫املهنية‪ ،‬والأخطاء املهنية للمتمرنني لديه‪ ،‬و�إجرائه‪ ،‬وفق قواعد امل�س�ؤولية املدنية»‪.‬‬

‫‪��������� ��������� ���� ��������� �� ��� �������� �������.indd 121‬‬ ‫‪26/12/17 14:37‬‬
‫حممد علي املطري‬ ‫‪122‬‬

‫حيث ال�ضرر وامل�س�ؤولية املدنية لأحكام املادة ‪ 26‬من نف�س القانون وقواعد امل�س�ؤولية‬
‫املدنية‪.31‬‬
‫واخلط�أ قد ي�ؤدي �إلى بطالن العقد كلي ًا �أو جزئي ًا‪ ،‬فالبطالن الكلي ينتج عن‬
‫الأخطاء املن�صو�ص عليها باملادة ‪ 49‬من قانون مهنة التوثيق املغربي‪� ،32‬أما البطالن‬
‫اجلزئي فهو الذي ن�صت عليه الفقرة الأخرية من املادة ‪ 43‬من قانون مهنة التوثيق‬
‫املغربي حيث جاء فيها‪« :‬يف حالة وجود �صفحات غري م�ؤ�شر عليها من طرف املوثق‬
‫�أو غري موقعة من الأطراف على العقد ف�إن البطالن ال يلحق �إال هذه ال�صفحات»‪.‬‬
‫وحمكمة املو�ضوع يف هذه احلالة لها �سلطة تقدير مدى ت�أثري هذا البطالن �أو‬
‫اخلط�أ‪ ،‬ومدى ال�ضرر الذي �أ�صاب املتعاقدين �أو الغري وتقدير التعوي�ضات امل�ستحقة‬
‫للمت�ضررين‪ ،33‬وعلى املت�ضرر عبء �إثبات ال�سببية بني اخلط�أ وال�ضرر �أو البطالن وال�ضرر‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪� :‬سلطة القا�ضي املدين يف تقدير التعوي�ض‬
‫�إن املت�ضرر من خط�أ املوثق �أو العدل له احلق يف رفع دعوى امل�س�ؤولية املدنية‬
‫ملواجهتهما �أمام املحكمة املخت�صة وذلك بطلب التعوي�ض نتيجة ال�ضرر الذي‬
‫�أ�صابه جراء خط�أ املوثق �أو العدل‪ ،‬وتخ�ضع دعوى امل�س�ؤولية املدنية املتعلقة باملوثق‬
‫والعدل يف جمملها للقواعد العامة الواردة يف قانون امل�سطرة املدنية املغربي وقانون‬
‫املرافعات اليمني‪ ،‬وهذا ما نتطرق �إليه يف الآتي‪:‬‬
‫�أوال‪ :‬دعوى امل�س�ؤولية املدنية للموثق �أو العدل‪:‬‬
‫مل يعرف امل�شرع املغربي الدعوى كما عرفها امل�شرع اليمني حيت ن�صت املادة‬
‫‪ 70‬من قانون املرافعات اليمني على �أن‪« :‬الدعوى هي الو�سيلة ال�شرعية والقانونية‬
‫‪ - 31‬حممد بن حم‪ ،‬مفهوم امل�س�ؤولية املدنية للموثق ‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‪.196 .‬‬
‫‪ - 32‬تن�ص الفقرة الأولى والثانية من املادة ‪ 49‬من قانون مهنة التوثيق املغربي على انه‪« :‬يكون باط ًال كل عقد مت تلقيه‬
‫وفق ًا لل�شكل الر�سمي و�أجنز خالف ًا لأحكام املواد ‪ ،40 ،39 ،37 ،32 ،31 ،30‬من هذا القانون �إذا كان غري مذيل‬
‫بتوقيع كافة الأطراف‪ ......‬وت�سري نف�س املقت�ضيات �إذا تلقى موثق عقد خارج مكتبه خالف ًا ملقت�ضيات املادة ‪� 12‬أو‬
‫�إذا تلقاه موثق موقوف �أو معزول»‪.‬‬
‫‪ - 33‬خمتار �أحمد العطار‪ :‬حماية املت�ضرر من خالل العالقة ال�سببية بني اخلط�أ وال�ضرر‪ ،‬مقال من�شور يف جملة الأمالك‪،‬‬
‫العدد ‪ 3‬ل�سنة ‪� ،2007‬ص‪.6 .‬‬

‫‪��������� ��������� ���� ��������� �� ��� �������� �������.indd 122‬‬ ‫‪26/12/17 14:37‬‬
‫‪123‬‬ ‫�سلطة القا�ضي املدين يف تقدير امل�س�ؤولية املدنية للموثق والعدل ‪ -‬درا�سة مقارنة‬

‫لكل ذي ادعاء �أو دفاع يرفعه �إلى القا�ضي للف�صل فيه وفق ًا للقواعد ال�شرعية‬
‫والقانونية»‪.‬‬
‫والأ�صل يف املنازعات املدنية ب�صفة عامة ومن �ضمنها دعوى امل�س�ؤولية املدنية‬
‫�أن ترفع �أمام املحكمة املدنية وفق القواعد العامة لقانون امل�سطرة املدنية املغربي‬
‫وقانون املرافعات اليمني والقوانني اخلا�صة الأخرى عند االقت�ضاء‪.‬‬
‫وال تختلف القواعد املتبعة لتحريك دعوى امل�س�ؤولية املدنية بالن�سبة للموثق‬
‫�أو العدل عن تلك التي وردت يف قانون امل�سطرة املدنية املغربي وقانون املرافعات‬
‫اليمني ‪ ،‬فاملدعي العادي يف دعوى امل�س�ؤولية هو املت�ضرر �أو خلفه وكل من حل حمله‬
‫يف حقوقه مبقت�ضى عقد �أو ن�ص قانوين‪ ،‬واملدعى عليه هو كل �شخ�ص م�س�ؤول عن‬
‫ال�ضرر ويدخل يف ذلك املوثق �أو العدل‪ ،34‬ويف حالة وفاته ينتقل االلتزام بالتعوي�ض‬
‫�إلى تركته طبق ًا ملا قرره الف�صل ‪ 105‬من ق‪.‬ل‪.‬ع املغربي واملادة ‪ 358‬من القانون‬
‫املدين اليمني‪.35‬‬
‫وهناك حالتني لإقامة دعوى امل�س�ؤولية على املوثق �أو العدل‪:‬‬
‫احلالة الأولى‪ :‬دعوى امل�س�ؤولية املدنية الأ�صلية‪ :‬وتقام هذه الدعوى على املوثق‬
‫�أو العدل �أمام املحكمة االبتدائية كونها تخت�ص باحلكم يف جميع الدعاوى التي مل‬
‫ين�ص امل�شرع النظر فيها �إلى حمكمة �أخرى‪ ،‬ويقع احلكم يف هذه الدعوى من قبل‬
‫املحكمة االبتدائية �إما ابتدائي ًا �أو قاب ًال لال�ستئناف وفق قانون امل�سطرة املدنية‪.36‬‬
‫‪ - 34‬عالل حمدا�ش‪ ،‬التوثيق بني الفقه املالكي والتقنني املغربي ‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‪.220 .‬‬
‫‪ - 35‬ين�ص الف�صل ‪ 105‬من ق‪.‬ل‪.‬ع املغربي على‪« :‬يف اجلرمية و�شبه اجلرمية‪ ،‬تكون الرتكة ملزمة نف�س التزامات املوروث»‬
‫‪ ،‬وباملقابل ن�صت املادة ‪ 358‬من القانون املدين اليمني على �أن‪�« :‬أموال املدين جميعها �ضامنة للوفاء بديونه ‪»...‬‬
‫‪ - 36‬ين�ص الف�صل ‪ 18‬من ق‪.‬م‪.‬م املغربي على �أنه‪ »:‬تخت�ص املحاكم االبتدائية ـ مع االخت�صا�صات اخلا�صة املخ َّولة �إلى‬
‫�أق�سام ق�ضاء القرب ‪ -‬بالنظر يف جميع الق�ضايا املدنية وق�ضايا الأ�سرة والتجارية والإدارية واالجتماعية ابتدائيا‬
‫وانتهائيا �أو ابتدائيا مع حفظ حق اال�ستئناف»‪ ،‬ون�صت الفقرة الأولى من املادة ‪ 89‬من القانون املدين اليمني على �أن‪:‬‬
‫«تخت�ص املحاكم االبتدائية باحلكم ابتدائيا يف جميع الدعاوي التي ترفع �إليها �أيا كانت قيمتها �أو نوعها»‪ .‬واملالحظ‬
‫�أن املادة ‪ 89‬مل حتدد ما �إذا كان احلكم االبتدائي حكما نهائيا �أو قابال لال�ستئناف ومع ذلك فالواقع يطبق ما ن�ص‬
‫عليه امل�شرع املغربي يف الف�صل ‪ 18‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪.‬‬

‫‪��������� ��������� ���� ��������� �� ��� �������� �������.indd 123‬‬ ‫‪26/12/17 14:37‬‬
‫حممد علي املطري‬ ‫‪124‬‬

‫وينعقد االخت�صا�ص املكاين لرفع الدعوى املدنية ملحكمة املوطن احلقيقي‬


‫�أو املختار للمدعى عليه ‪ -‬املوثق �أو العدل ‪ -‬يف حالة �إذا كان اخلط�أ املرتكب من‬
‫قبل العدلني �أو املوثق هو خط�أ عقدي‪ ،‬مبعنى �أن يكون املت�ضرر هو �أحد الأطراف‬
‫املتعاقدة‪.37‬‬
‫�أما �إذا كان اخلط�أ تق�صريي ًا‪� ،‬أو �أن املت�ضرر �شخ�ص من الغري ال تربطه �أية‬
‫عالقة تعاقدية مع العدلني �أو املوثق ف�إن االخت�صا�ص ينعقد ملحكمة املحل الذي وقع‬
‫فيه الفعل امل�سبب لل�ضرر‪� ،‬أو �أمام حمكمة موطن املدعى عليه ‪ -‬املوثق �أو العدل ‪-‬‬
‫باختيار املدعي ‪ -‬ال�شخ�ص املت�ضرر ‪.38-‬‬
‫احلالة الثانية‪ :‬دعوى امل�س�ؤولية املدنية التبعية‪ :‬ميكن للمت�ضرر �أن يرفع‬
‫دعوى تبعية يطالب فيها بالتعوي�ض �أمام املحكمة اجلنائية عندما ي�شكل اخلط�أ‬
‫الذي ت�سبب فيه العدل �أو املوثق جرمية كالتزوير �أو �إف�شاء ال�سر املهني للزبون‪،‬‬
‫وذلك طبق ًا ملقت�ضيات املادة ‪ 9‬من ق‪.‬م‪.‬ج املغربي‪ ،39‬التي تق�ضي ب�أن الدعوى املدنية‬
‫ميكن �أن تقام �ضد مرتكبي اجلرمية �أمام املحكمة اجلنائية‪.40‬‬
‫ويتخذ اخلط�أ يف الدعوى املدنية التبعية �صورة اجلرمية‪ ،‬وهذا يعني �أن م�صدر‬
‫ال�ضرر هو اجلرمية وهو ما ن�صت عليه املادة ‪ 7‬من ق‪.‬م‪.‬ج املغربي بقولها‪« :‬يرجع‬
‫‪ - 37‬ين�ص الف�صل ‪ 27‬من ق‪.‬م‪.‬م املغربي على �أنه‪« :‬يكون االخت�صا�ص املحلي ملحكمة املوطن احلقيقي �أو املختار للمدعى‬
‫عليه»‪ ،‬كما ن�صت املادة ‪ 92‬من القانون املدين اليمني على �أنه‪« :‬يكون االخت�صا�ص بح�سب املكان للمحكمة التي يقع‬
‫يف دائرتها موطن اخل�صم املدعى عليه �أو حمل �إقامته امل�ؤقتة ما مل ين�ص القانون على خالف ذلك ‪.»....‬‬
‫‪ - 38‬تن�ص الفقرة ‪ 5‬من الف�صل ‪ 28‬من ق‪.‬م‪.‬م املغربي على �أنه‪ »:‬تقام الدعاوي �أمام املحاكم التالية‪:‬‬
‫يف دعاوي التعوي�ض �أمام حمكمة املحل الذي وقع فيه الفعل امل�سبب لل�ضرر �أو �أمام حمكمة موطن املدعى عليه‬
‫باختيار املدعي»‪ ،‬مل ين�ص ال�شرع اليمني على دعاوي خا�صة بالتعوي�ض‪ ،‬ولكن ميكن الرجوع �إلى املحاكم االبتدائية‬
‫التي يتواجد فيها موطن املدعى عليه والتي تخت�ص بالنظر يف جميع الدعاوي التي ترفع �إليها‪ ،‬انظر ن�ص الفقرة‬
‫الأولى من املادة ‪ 89‬من القانون املدين اليمني املذكورة �سابق ًا‪.‬‬
‫‪ - 39‬الظهري ال�شريف رقم ‪ 1.02.255‬بتاريخ ‪ 25‬رجب ‪1423‬ه املوافق ‪ 3‬اكتوبر ‪2002‬م بتنفيذ القانون رقم ‪ 22.01‬املتعلق‬
‫بامل�سطرة اجلنائية‪ ،‬اجلريدة الر�سمية املغربية‪ ،‬عدد ‪ 5078‬بتاريخ ‪ 27‬ذي القعدة ‪1423‬ه املوافق ‪ 30‬يناير ‪2003‬م‪،‬‬
‫�ص‪.315.‬‬
‫‪ - 40‬تن�ص املادة ‪ 9‬من ق‪.‬م‪.‬ج املغربي على �أنه‪« :‬ميكن �إقامة الدعوى املدنية والدعوى العمومية يف �آن واحد �أمام املحكمة‬
‫الزجرية املحالة �إليها الدعوى العمومية» ‪ ،‬و�أي�ض ًا ن�صت املادة ‪ 24‬من قانون الإجراءات اجلزائية اليمني على �أنه‪:‬‬
‫«يعترب املجني عليه �أو املدعي باحلق ال�شخ�صي �أو املدعي باحلق املدين خ�صم ًا من�ضم ًا للنيابة العامة يف الدعوى‬
‫اجلزائية ومدعي ًا يف الدعوى املدنية املرتبطة بها �إذا كانت له طلبات ما»‪.‬‬

‫‪��������� ��������� ���� ��������� �� ��� �������� �������.indd 124‬‬ ‫‪26/12/17 14:37‬‬
‫‪125‬‬ ‫�سلطة القا�ضي املدين يف تقدير امل�س�ؤولية املدنية للموثق والعدل ‪ -‬درا�سة مقارنة‬

‫احلق يف �إقامة الدعوى املدنية للتعوي�ض عن ال�ضرر الناجت عن جناية �أو جنحة �أو‬
‫خمالفة‪ ،‬لكل من تعر�ض �شخ�صي ًا ل�ضرر ج�سماين �أو مادي �أو معنوي ت�سببت فيه‬
‫اجلرمية مبا�شرة»‪ ،‬كما ن�صت املادة ‪ 2‬من ق‪.‬م‪.‬ج املغربي على �أنه‪« :‬يرتتب عن‬
‫كل جرمية احلق يف �إقامة دعوى عمومية لتطبيق العقوبات واحلق يف �إقامة دعوى‬
‫مدنية للمطالبة بالتعوي�ض عن ال�ضرر الذي ت�سببت فيه اجلرمية»‪.‬‬

‫وتختلف الدعوى املدنية التبعية التي تخت�ص بها املحاكم الزجرية عن الدعوى‬
‫املدنية الأ�صلية التي يخت�ص بها الق�ضاء املدين هو �أن الفعل ال�ضار يعترب جرمية‬
‫يعاقب عليها القانون يف الدعوى التبعية بينما الفعل ال�ضار يف الدعوى املدنية‬
‫الأ�صلية ال يرقى �إلى �صفة اجلرمية‪ ،‬و�إمنا يدخل يف �إطار العمل املدين ال�ضار الذي‬
‫تنظره املحاكم املدنية‪.‬‬
‫ف�إذا ارتكب املوثق �أو العدل جرمية تزوير يف املحرر التوثيقي �أو �إف�شاء ال�سر‬
‫املهني ف�إنه يرتتب على ذلك �ضرر ًا لأطراف العقد �أو الغري‪ ،‬وعلى املت�ضرر ممار�سة‬
‫الدعوى املدنية التابعة �ضد العدل �أو املوثق لطلب التعوي�ض �أمام الق�ضاء اجلنائي‬
‫ب�شرط �أن يكون ال�ضرر حمقق ًا و�أن يكون اخلط�أ له �صفة اجلرمية و�أن تتوفر �أركان‬
‫اجلرمية النا�شئ عنها ال�ضرر‪.41‬‬
‫وميكن �أن يتحلل املوثق �أو العدل �أو الأمني ال�شرعي من امل�س�ؤولية املدنية �إذا‬
‫�أثبت �أن القوة القاهرة �أو احلادث الفجائي �أو خط�أ املت�ضرر �أو خط�أ الغري هو ال�سبب‬
‫املبا�شر لل�ضرر الناجت‪.42‬‬
‫‪ - 41‬جاء يف قرار حمكمة النق�ض عدد ‪� 247‬س ‪ 3‬بتاريخ ‪« 1960/2/22‬ال يجوز ملحكمة زجرية �أن حتكم بالتعوي�ض عن‬
‫ال�ضرر الالحق باملطالب باحلق املدين �إال �إذا ثبت لديها اجلرمية النا�شئ عنها �ضرر بجميع عنا�صرها»‪� .‬أ�شار �إليه‬
‫احلبيب بيهي‪� :‬شرح قانون امل�سطرة اجلنائية اجلديد‪ ،‬دار القلم‪ ،‬الرباط‪ ،‬ط‪ ،2006‬ج‪� ،2‬ص‪.148 .‬‬
‫‪ - 42‬ن�ص الف�صل ‪ 268‬من ق‪.‬ل‪.‬ع املغربي على �أنه‪ »:‬ال حمل لأي تعوي�ض �إذا �أثبت املدين �أن عدم الوفاء بااللتزام �أو‬
‫الت�أخري فيه نا�شئ عن �سبب ال ميكن �أن يعزى �إليه‪ ،‬كالقوة القاهرة �أو احلادث الفجائي �أو مطل الدائن»‪ ،‬وتقابل هذا‬
‫الف�صل املادة ‪ 306‬من القانون املدين اليمني حيث ن�صت على �أنه‪�« :‬إذا اثبت ال�شخ�صان ال�ضرر قد ن�ش�أ عن �سبب‬
‫�أجنبي ال يد له فيه كحادث مفاجئ �أو قوة قاهرة �أو خط�أ من امل�ضرور‪� ،‬أو خط�أ من الغري فانه يكون غري ملزم بتعوي�ض‬
‫هذا ال�ضرر ما مل يوجد ن�ص �أو اتفاق يق�ضي بغري ذلك»‪.‬‬

‫‪��������� ��������� ���� ��������� �� ��� �������� �������.indd 125‬‬ ‫‪26/12/17 14:37‬‬
‫حممد علي املطري‬ ‫‪126‬‬

‫ويجب على املت�ضرر من اخلط�أ �أو اجلرمية التي �صدرت عن املوثق �أو العدل‬
‫�أن يطالب بالتعوي�ض قبل انق�ضاء دعوى التعوي�ض بالتقادم‪.‬‬
‫حيث حدد امل�شرع املغربي مدة التقادم للدعوى النا�شئة عن امل�س�ؤولية العقدية‬
‫جتاه الأطراف مب�ضي ‪� 15‬سنة‪.43‬‬
‫�أما امل�س�ؤولية التق�صريية التي تن�ش�أ عن م�س�ؤولية املوثق �أو العدل املدنية جتاه‬
‫الغري الذي لي�س طرف ًا يف العقد ف�إن مدة التقادم حتدد مب�ضي خم�س �سنوات ابتداء‬
‫من وقت علم املت�ضرر بال�ضرر‪.44‬‬
‫�أما امل�شرع اليمني فقد حدد مدة التقادم للدعاوي النا�شئة عن امل�س�ؤولية‬
‫العقدية جتاه الأطراف مب�ضي خم�س وع�شرين �سنة‪ ،45‬بينما حدد مدة التقادم‬
‫للدعاوي النا�شئة عن امل�س�ؤولية التق�صريية مب�ضي ثالث �سنوات‪.46‬‬
‫ثانيا‪ :‬تقدير التعوي�ض الناجت عن ال�ضرر‪:‬‬
‫مل يعرف امل�شرع املغربي واليمني التعوي�ض‪ ،‬ولكن عرفه بع�ض فقهاء القانون‬
‫ب�أنه‪ :‬املقابل الواجب دفعه من قبل �شخ�ص نتيجة لفعل �ضار �أو �إخالل بالتزام ما‪،‬‬
‫�أو هو اجلزاء الواجب تنفيذه على �شخ�ص لإ�صالح ما نتج عن فعل �ضار �أو امتناع‬
‫عن الوفاء بالتزام ما‪.47‬‬
‫‪ - 43‬ين�ص الف�صل ‪ 387‬من ق‪.‬ل‪.‬ع املغربي على �أن‪« :‬كل الدعاوي النا�شئة عن االلتزام تتقادم بخم�س ع�شرة �سنة‪،‬‬
‫‪. ».....‬‬
‫‪ - 44‬ين�ص الف�صل ‪ 106‬من ق‪.‬ل‪.‬ع املغربي على‪�« :‬أن دعوى التعوي�ض من جراء جرمية �أو �شبه جرمية تتقادم مب�ضي‬
‫خم�س �سنوات تبتدئ من الوقت الذي بلغ فيه �إلى علم الفريق املت�ضرر ال�ضرر ومن هو امل�س�ؤول عنه ‪.»...‬‬
‫‪ - 45‬تن�ص املادة ‪ 202‬من القانون املدين اليمني على �أنه‪�« :‬إذا مل يتم�سك احد ببطالن العقد الباطل �أ�صال ومل حتكم‬
‫املحكمة ببطالنه وبقي املتعاقدان عليه ملدة خم�س وع�شرين �سنة مع عدم املانع وكان حمله ماال �أو منفعة فال ت�سمع‬
‫الدعوى ببطالنه ما مل يكن العقد حمرما �شرعا»‪.‬‬
‫‪ - 46‬تن�ص املادة ‪ 200‬من القانون املدين اليمني على �أنه‪« :‬ال ت�سمع الدعوى بطلب �إبطال العقد �أو نق�ضه بعد م�ضي ثالث‬
‫�سنوات مع عدم وجود مانع �أو جهل ب�سبب البطالن‪ ،‬وتبد�أ املدة بالن�سبة لل�صغري من يوم بلوغه ر�شيدا وبالن�سبة‬
‫لناق�ص الأهلية غري ال�صغري من يوم زوال �سبب ذلك‪ ،‬ويف حالتي الغلط والتدلي�س (التغرير) من اليوم الذي‬
‫ينك�شف فيه»‪.‬‬
‫‪ - 47‬عالل حمدا�ش‪ ،‬التوثيق بني الفقه املالكي والتقنني املغربي ‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‪.229 .‬‬

‫‪��������� ��������� ���� ��������� �� ��� �������� �������.indd 126‬‬ ‫‪26/12/17 14:37‬‬
‫‪127‬‬ ‫�سلطة القا�ضي املدين يف تقدير امل�س�ؤولية املدنية للموثق والعدل ‪ -‬درا�سة مقارنة‬

‫وبالرجوع �إلى قانوين خطة العدالة ومهنة التوثيق املغربي جند �أن امل�شرع مل‬
‫يتحدث فيهما عن التعوي�ض من حيث �شروط ا�ستحقاقه وانق�ضائه �إلى غري ذلك ما‬
‫عدا ما ن�ص عليه قانون مهنة التوثيق املغربي بخ�صو�ص �صندوق �ضمان املوثقني‪،‬‬
‫وبالتايل ف�إن التعوي�ض امل�ستحق نتيجة م�س�ؤولية املوثق �أو العدل يخ�ضع لأحكام‬
‫القواعد العامة يف القانون املدين‪ ،‬من حيث �شروط ا�ستحقاقه وانق�ضائه‪.‬‬
‫�أما تقدير قيمة التعوي�ض فيخ�ضع ل�سلطة املحكمة التقديرية ‪ -‬القا�ضي‬
‫املدين ‪ -‬بح�سب حجم ال�ضرر احلا�صل‪.48‬‬
‫و�سلطة القا�ضي املدين يف تقدير التعوي�ض ال تخ�ضع لرقابة املجل�س الأعلى‬
‫�إال من حيث العنا�صر املكونة لل�ضرر وتكييفها‪ ،‬جاء يف قرار للمجل�س الأعلى‪« :‬يقدر‬
‫التعوي�ض على �أ�سا�س ما حلق املت�ضرر من خ�سارة وما فاته من ك�سب‪ ،‬وعلى املحكمة‬
‫�أن تربز ما اعتمدته منها من تقدير التعوي�ض حتى يتمكن املجل�س الأعلى من ب�سط‬
‫رقابته ب�ش�أن حقيقة ال�ضرر الذي حلق املدعي»‪.49‬‬
‫ونظر ًا لأهمية املهام وااللتزامات التي تقع على عاتق املوثق �أو العدل جتاه‬
‫الأطراف املتعاقدة‪ ،‬والأخطاء املهنية التي قد يرتكبها �أثناء مزاولة مهامه‪ ،‬فقد‬
‫دفع بامل�شرع املغربي �إلى املبادرة بالتن�صي�ص على الت�أمني يف �إطار امل�س�ؤولية املهنية‬
‫للموثق و�إن�شاء �صندوق املوثقني بهدف حماية املوثق و�ضمان �أداء املبالغ املحكوم بها‬
‫لفائدة الأطراف املت�ضررة يف حالة ع�سر املوثق �أو تابعه الذي ي�ساعده يف خمتلف‬
‫�إجراءات التوثيق عند عدم كفاية املبالغ امل�ؤدى من طرف �شركة الت�أمني للتعوي�ض‬
‫عن ال�ضرر �أو عند انعدام الت�أمني وهذا ما ن�صت عليه املادة ‪ 94‬من قانون مهنة‬
‫التوثيق املغربي‪.50‬‬
‫‪ - 48‬حممد بن حم‪ ،‬مفهوم امل�س�ؤولية املدنية للموثق ‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‪.198 .‬‬
‫‪ - 49‬قرار رقم ‪� 2749‬صادر بتاريخ ‪ 20‬نونرب ‪ ،1985‬من�شور يف جملة ق�ضاء املجل�س الأعلى عدد‪ 39‬نونرب ‪� ،1989‬ص‪102‬‬
‫‪ - 50‬تن�ص الفقرة ‪ 5‬من املادة ‪ 94‬من قانون مهنة التوثيق املغربي على �أنه‪ »:‬يهدف ال�صندوق �إلى �ضمان �أداء املبالغ‬
‫املحكوم بها لفائدة الأطراف املت�ضررة يف حالة ع�سر املوثق �أو نائبه وعدم كفاية املبلغ امل�ؤدى من طرف �شركة‬
‫الت�أمني للتعوي�ض عن ال�ضرر �أو عند انعدام الت�أمني»‪.‬‬

‫‪��������� ��������� ���� ��������� �� ��� �������� �������.indd 127‬‬ ‫‪26/12/17 14:37‬‬
‫حممد علي املطري‬ ‫‪128‬‬

‫وي�شرتط لتحلل املوثق من امل�س�ؤولية املدنية �أن يثبت ما ين�ص عليه الف�صل‬
‫‪ 88‬من ق‪.‬ل‪.‬ع املغربي‪ ،51‬و�أن يثبت حالة الع�سر التي مير بها وعدم قدرته على �أداء‬
‫املبالغ املحكوم بها‪.‬‬
‫وترفع دعوى ال�ضمان �ضد �صندوق �ضمان املوثقني املن�صو�ص عليها باملادة‬
‫‪ 94‬من قانون مهنة التوثيق املغربي قبل م�ضي فرتة التقادم واملحددة مب�ضي خم�س‬
‫�سنوات ابتداء من يوم الت�صريح بثبوت م�س�ؤولية املوثق �أو نائبه بحكم نهائي‪.52‬‬
‫�أما القانون ‪ 16.03‬املنظم خلطة العدالة املغربي وقانون التوثيق اليمني‬
‫ف�إنهما مل ي�شريا �إلى م�س�ألة ت�أمني العدل �أو الأمني ال�شرعي عن م�س�ؤوليته املدنية‬
‫كما هو احلال بالن�سبة للموثق‪� ،‬إال �أن املادة ‪ 70‬من قانون خطة العدالة املغربي‬
‫ن�صت على �أن‪« :‬املكتب التنفيذي من مهامه القيام ب�إبرام عقود الت�أمني واالحتياط‬
‫االجتماعي �أو التقاعد اخلا�صة باملهنة»‪.‬‬
‫وامل�شرع املغربي يف هذه املادة مل يحدد طبيعة الت�أمني هل هو اختياري �أم‬
‫�إجباري وبالتايل كان عليه �أن ين�ص �صراحة على وجوب ت�أمني العدل عن م�س�ؤوليته‬
‫املدنية قبل مزاولته ملهامه مقارنة مبا قام به يف قانون مهنة التوثيق‪.‬‬
‫ختام ًا نقول �إن امل�شرع املغربي يف القانون ‪ 32.09‬املتعلق بتنظيم مهنة التوثيق‬
‫والقانون ‪ 16.03‬املنظم خلطة العدالة وكذا امل�شرع اليمني يف قانون التوثيق قد و�ضعا‬
‫على عاتق املوثق والعدل والأمني ال�شرعي جمموعة من املهام وااللتزامات التي ال بد‬
‫من تنفيذها على الوجه الأكمل ويف حالة الإخالل بهذه االلتزامات ف�إنهم معر�ضون‬
‫للم�س�ؤولية املدنية‪ ،‬وعلى املت�ضرر من �أخطاء املوثقني والعدول والأمناء اللجوء �إلى‬
‫‪ - 51‬تن�ص املادة ‪ 88‬من ق‪.‬ل‪.‬ع املغربي على �أنه‪ »:‬كل �شخ�ص ي�س�أل عن ال�ضرر احلا�صل من الأ�شياء التي يف حرا�سته �إذا‬
‫تبني �أن هذه الأ�شياء هي ال�سبب املبا�شر لل�ضرر وذلك ما مل يثبت‪:‬‬
‫‪� - 1‬أنه فعل ما كان �ضروري ًا ملنع ال�ضرر‪.‬‬
‫‪� - 2‬أن ال�ضرر يرجع �إما حلادث فجائي �أو لقوة قاهرة‪� ،‬أو خلط�أ املت�ضرر‪.‬‬
‫‪ - 52‬تن�ص املادة ‪ 95‬من قانون مهنة التوثيق املغربي على �أنه‪« :‬تتقادم دعاوي ال�ضمان مبرور خم�س �سنوات على يوم‬
‫الت�صريح بثبوت م�س�ؤولية املوثق �أو نائبه بحكم نهائي»‪.‬‬

‫‪��������� ��������� ���� ��������� �� ��� �������� �������.indd 128‬‬ ‫‪26/12/17 14:37‬‬
‫‪129‬‬ ‫�سلطة القا�ضي املدين يف تقدير امل�س�ؤولية املدنية للموثق والعدل ‪ -‬درا�سة مقارنة‬

‫الق�ضاء برفع دعوى طلب التعوي�ض عن الأ�ضرار الناجتة عن �أخطاء املوثق �أو العدل‬
‫وذلك �أمام املحكمة املخت�صة بذلك‪.‬‬
‫والأ�صل يف املنازعات املدنية ب�صفة عامة ومن �ضمنها دعوى امل�س�ؤولية‬
‫املدنية ‪ -‬دعوى التعوي�ض ‪� -‬أن ترفع �أمام املحكمة املدنية لدى القا�ضي املدين‪ ،‬وفق‬
‫القواعد العامة لقانون امل�سطرة املدنية املغربي وقانون املرافعات اليمني والقوانني‬
‫اخلا�صة الأخرى عند االقت�ضاء‪.‬‬
‫ويكون للقا�ضي املدين ال�سلطة التقديرية يف حتديد قيمة التعوي�ض وتقدير‬
‫حجم ال�ضرر احلا�صل‪ ،‬وهذه ال�سلطة ال تخ�ضع لرقابة املجل�س الأعلى �إال من حيث‬
‫العنا�صر املكونة لل�ضرر وتكييفها‪.‬‬
‫وقد �أح�سن امل�شرع املغربي ‪ -‬قانون مهنة التوثيق ‪� -‬صنع ًا عند التن�صي�ص‬
‫على �إن�شاء �صندوق للموثقني بهدف حماية املوثق و�ضمان �أداء املبالغ املحكوم بها‬
‫لفائدة الأطراف املت�ضررة يف حالة ع�سر املوثق �أو عدم كفاية املبالغ امل�ؤدى من‬
‫طرف �شركة الت�أمني للتعوي�ض عن ال�ضرر �أو عند انعدام الت�أمني‪ ،‬ب�شرط �أن يثبت‬
‫املوثق حالة الع�سر التي مير بها وعدم قدرته على �أداء املبالغ املحكوم بها‪ ،‬وهذا من‬
‫ن�أمل من امل�شرع املغربي بالن�سبة لقانون خطة العدالة �أن ين�ص �صراحة على وجوب‬
‫ت�أمني العدل عن م�س�ؤوليته املدنية قبل مزاولته ملهامه مقارنة مبا قام به يف قانون‬
‫مهنة التوثيق‪ ،‬وكذلك الأمر بالن�سبة للم�شرع اليمني يف قانون التوثيق‪.‬‬

‫‪��������� ��������� ���� ��������� �� ��� �������� �������.indd 129‬‬ ‫‪26/12/17 14:37‬‬
‫)‪Powered by TCPDF (www.tcpdf.org‬‬

You might also like