You are on page 1of 144

‫الجزائر ‪3‬‬ ‫جامعة‬

‫كلية العلوم االقتصادية‪ ،‬والعلوم التجارية وعلوم التسيير‬

‫‪ -‬قسم علوم التسيير ‪-‬‬

‫قسم العلوم‬
‫االقتصادية‬
‫مطبوعة في علوم التسيير موجهة لطلبة السنة األولى ماستر‬
‫تخصص إدارة األعمال‬

‫العنوان‪:‬‬

‫دروس في التسيير العمومي‬


‫‪-‬المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫من إعداد األستاذ‪:‬‬

‫د‪.‬بوقالشي عماد‬

‫‪2019/2018‬‬ ‫السنة الجامعية‪:‬‬


‫‪I‬‬

‫قـــائمة المحتويــات‬
‫الصفحة‬ ‫املوض ــوع‬
‫‪I‬‬ ‫قائمة احملتوايت‬
‫‪1‬‬ ‫مقدمة‬
‫محاور المطبوعة‬
‫‪3‬‬ ‫احملور األول‪ :‬مفهوم اخلدمة وخصائصها‬
‫‪3‬‬ ‫‪ -1‬مفهوم اخلدمة‬
‫‪4‬‬ ‫‪ -2‬خصائص اخلدمة‬
‫‪7‬‬ ‫احملور الثاين‪ :‬اخلدمة العمومية؛ داللة يف املفهوم‬
‫‪7‬‬ ‫‪-1‬مفهوم اخلدمة العمومية‬
‫‪9‬‬ ‫‪-2‬أنواع اخلدمة العمومية‬
‫‪15‬‬ ‫احملور الثالث‪ :‬خصائص اخلدمات العمومية‬
‫‪18‬‬ ‫‪-1‬املصلحة العمومية‬
‫‪26‬‬ ‫‪ -2‬االستقاللية اجتاه السوق‬
‫‪29‬‬ ‫‪ -3‬وجود اآلاثر اخلارجية‬
‫‪31‬‬ ‫احملور الرابع‪ :‬التسيري العمومي؛ مقاربة مفامهية‬
‫‪31‬‬ ‫‪ -1‬مفهوم التسيري ومستوايته‬
‫‪37‬‬ ‫‪ -2‬املنظور العلمي للتسيري العمومي‬
‫‪41‬‬ ‫احملور اخلامس‪ :‬جمال تطبيق التسيري العمومي‬
‫‪41‬‬ ‫‪-1‬اجملال األول‪ :‬القطاع العمومي‬
‫‪46‬‬ ‫‪-2‬اجملال الثاين‪ :‬الوظيفة العمومية أو اخلدمة املدنية‬
‫‪49‬‬ ‫‪-3‬اجملال الثالث‪ :‬اخلدمة العمومية‬
‫‪55‬‬ ‫احملور السادس‪ :‬املنظور العالئقي للتسيري العمومي‬
‫‪55‬‬ ‫‪-1‬العالقة بني التسيري العمومي والعلوم األخرى‬
‫‪57‬‬ ‫‪-2‬التسيري العمومي وعالقته ابلتسيري اخلاص‬
‫‪66‬‬ ‫احملور السابع‪ :‬التسيري العمومي؛ أمهيته وعناصره وإلتزماته‬
‫‪66‬‬ ‫‪-1‬أمهية التسيري العمومي‬
‫‪68‬‬ ‫‪-2‬عناصر التسيري العمومي‬
‫‪69‬‬ ‫‪-3‬التزامات التسيري العمومي‬
‫‪71‬‬ ‫احملور الثامن‪ :‬التسيري العمومي؛ أمناط وأساليب إدارة اخلدمة العمومية‬
‫‪72‬‬ ‫‪-1‬إشكالية أمناط التسيري العمومي‬
‫‪73‬‬ ‫‪ -2‬أساليب إدارة اخلدمة العمومية‬
‫‪75‬‬ ‫احملور التاسع‪ :‬بوادر ظهور مفهوم التسيري العمومي اجلديد‬
‫‪75‬‬ ‫‪-1‬مراحل تطور مفهوم التسيري العمومي‬
‫‪78‬‬ ‫‪-2‬التسيري العمومي اجلديد؛ صياغة جديدة ملفهوم متداول‬
‫‪86‬‬ ‫احملور العاشر‪ :‬التسيري العمومي اجلديد‪ ،‬قراءة يف األسباب واملبادئ‬
‫‪88‬‬ ‫‪-1‬أسباب ظهور التسيري العمومي اجلديد‬
‫‪94‬‬ ‫‪ -2‬مبادئ التسيري العمومي اجلديد‬
‫‪96‬‬ ‫احملور احلادي عشر‪ :‬مناذج من التسيري العمومي ومقارابت إصالح القطاع العمومي‬
‫‪97‬‬ ‫‪-1‬االجتاهات احلديثة يف جمال إصالح اإلدارة العمومية‬
‫‪100‬‬ ‫‪ -2‬مناذج التسيري العمومي اجلديد‬
‫‪120‬‬ ‫‪-3‬اسرتاتيجيات التسيري العمومي اجلديد (احلديث)‬
‫‪130‬‬ ‫اخلامتة‬
‫‪131‬‬ ‫قائمة املراجع‬
‫‪1‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫مقدمة‬

‫تسيير القط ــاع العمومي‪ -‬مثـل تسيير القط ــاع الخــاص‪ -‬قادر على التكيف مع روح العصر وإعادة‬
‫اخـتراع نفسه من حين آلخر‪ .‬وإذا كانت الحكومة مطالبة بالتطور في كــل وقت‪ ،‬فإنها أحوج ما تكون إلى إعــادة‬
‫تشـكيل نفسـها واخـتراع حكومـة جديـدة فـي هــذا الوقــت بــالذات‪ .‬فاأللفية الثانية للميالد انتهت منذ أعـوام‪-‬حوالي‬
‫عقدين من الزمن ‪ -‬وأوروبـا الشرقية تحررت‪ ،‬واالتحاد السوفيتي أصبح تاريخا‪ ،‬والحـرب البـاردة قـد انتـهت‪،‬‬
‫وأوروبـا الغربي ــة قــد توحـدت اقتصاديـا‪ ،‬وأصبحـت آسـيا القلـب الن ــابض لالقتصــاد العــالمي‪ .‬وتحــول محــور‬
‫الص ارعـ ــات العالمية من السياسة إلى االقتصـاد‪ ،‬وكذلـك تحولـت التحالفـات والتكتـالت مـن عسـكرية إلـى‬
‫اقتصاديــة‪ .‬واليــوم أصبح التسيير العمومي علــى مفـ ـترق طـرق‪ ،‬بسـبب الدخول في عصـر مـا بعـد الصناعــة أي‬
‫عصر المعلومات‪.‬‬

‫وفي ذات السياق‪ ،‬تضاربت األفكار حول مفهوم التسيير العمومي‪ ،‬فهناك من يرى أن التسيير العمومي‬
‫هي دراسة التركيب وأشكال المنظمات العمومية (= الحكومية) واإلجراءات اإلدارية لحل المشاكل وفقا لبعض‬
‫المقاييس التي تتعلق بزيادة الكفاءة اإلنتاجية‪ ،‬وهناك فئة أخرى ترى أن التسيير العمومي عنصر يدخل في‬
‫التفاعالت الحكومية‪ ،‬ويهدف إلى وصف دور البيروقراطية في عالقاتها مع باقي المنظمات الرسمية واإلجتماعية‬
‫في ضوء مبادئ معينة يرتكز عليها النظام السياسي‪ ،‬وفئة ثالثة ترى أنه دراسة تحليلية لسلوك الفرد الموظف‬
‫داخل الدائرة العاملة‪ ،‬وفئة رابعة تنظر إليه على أساس أنه دراسة مجالية تقتصر على تحليل المحيط وتأثيره في‬
‫العالقات الديناميكية بين الدائرة العاملة‪ ،‬والمجتمع الكبير الذي توجد فيه‪.‬‬

‫وبين هذا وذاك وأمام هذه االختالفات‪ ،‬كان لزاما علينا توضيح هذا المفهوم في هذه المطبوعة الموسومة‬
‫بعنوان دروس في التسيير العمومي‪ .‬وهذا ليس لشيء سوى لتقديم المعارف التسييرية األساسية في علم التسيير‬
‫خاصة في مجال التسيير العمومي للعاملين أو الموظفين في القطاع العمومي بمفهومه الواسع أي الموظفين في‬
‫حاسما‪ .‬وهذا تماشيا والتطور السريع لقطاع األعمال‬
‫ً‬ ‫اإلدارات العمومية والمؤسسات التي يكون تأثير الدولة عليها‬
‫الخاص والعمومي‪ ،‬كما أن الطالب الجامعي هو األخر‪ ،‬ومهما كان تخصصه‪ ،‬سواء كان من طلبة كلية العلوم‬
‫االقتصادية‪ ،‬والعلوم التجارية وعلوم التسيير أو من خارجها‪ ،‬ال بد أن يتعرف على مفاهيم التسيير وأساسياته‬
‫ومجاالته (الخاص والعمومي)‪.‬‬

‫ولقد جاءت هذه المطبوعة كجهد متواضع‪ ،‬مرتكزة على أهم النقاط المرتبطة بمفهوم التسيير العمومي‪،‬‬
‫وكيف يمكن للفاعلين ‪-‬ذوي العالقة باألنشطة الحكومية والقطاع العمومي وكذا بتقديم الخدمات العمومية‬
‫واالستفادة منها‪ -‬من التعامل مع التطورات العالمية المتسارعة في مجال التسيير العمومي وتنمية معارفهم في‬
‫‪2‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫ذات المجال‪ .‬فالمطبوعة مصممة باألساس لتغطية متطلبات المقرر اإللزامي لطلبة السنة األولى ماستر في‬
‫علوم التسيير تخصص إدارة األعمال‪ ،‬وغالبا ما يحمل اسم "التسيير العمومي" كمقياس ضمن عروض التكوين‪،‬‬
‫ولكن يمكن أن تستخدم هذه المطبوعة كمرجع قيم للمدراء الممارسين والموظفين ولغير المتخصصين في علم‬
‫التسيير وكذا لألكاديميين والدارسين والممارسين في حقل التسيير العمومي‪.‬‬

‫وبهدف إلمام الطلبة بهذا المقياس وتسهيل فهمهم له‪ ،‬إرتأينا وضع مطبوعة دروس في التسيير العمومي‬
‫بين أيديهم بغرض تخفيف الصعوبات التي يواجهونها في استيعاب هذا المقياس وفهم أفضل لمحتوياته‪ ،‬كما أن‬
‫هذه المطبوعة هي عبارة عن سلسلة من الدروس في التسيير العمومي موجهة باألخص لطلبة السنة األولى‬
‫ماستر في علوم التسيير تخصص إدارة األعمال‪ ،‬نقدم من خاللها دروس مبسطة ومختصرة وسهلة الفهم مدعمة‬
‫بالعديد من األمثلة‪.‬‬

‫وسعيا منا إلى تقديم ما هو مقرر دراسته في مقياس التسيير العمومي ‪-‬لطلبة السنة األولى ماستر في‬
‫علوم التسيير تخصص إدارة األعمال‪ -‬قمنا بتقسيم محتوى هذه المطبوعة إلى محاور عدة تتالئم ومناهج تدريس‬
‫هذا المقياس محاولين بذلك اشتمالها على كل ما تقرر رسميا به‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬تقع هذه المطبوعة في إحدى عشر محو ار‪ ،‬تكفل المحور األول بإعطاء نظرة عامة حول مفهوم‬
‫الخدمة وخصائصها‪ ،‬وجاء المحور الثاني يحمل عنوان الخدمة العمومية؛ داللة في المفهوم‪ ،‬كما عمل المحور‬
‫الثالث على إبراز أهم خصائص الخدمات العمومية‪ ،‬وفي المقابل تضمن المحور الرابع المقاربة المفاهمية‬
‫للتسيير العمومي من خالل الوقوف عند مفهوم التسيير ومستوياته وكذا المنظور العلمي للتسيير العمومي‪ ،‬أما‬
‫المحور الخامس فقد ركز على مجال تطبيق التسيير العمومي‪ ،‬واشتمل المحور السادس على المنظور العالئقي‬
‫للتسيير العمومي‪ ،‬في حين تناول المحور السابع أهمية وعناصر وإلتزمات التسيير العمومي‪ .‬ثم تم التوقف عند‬
‫إشكالية أنماط التسيير العمومي وأساليب إدارة الخدمة العمومية في المحور الثامن من المطبوعة‪ ،‬لينتقل بنا‬
‫المحور التاسع إلى بوادر ظهور مفهوم التسيير العمومي الجديد‪ ،‬مرو ار بقراءة في األسباب والمبادئ المتعلقة‬
‫بالتسيير العمومي الجديد في محورها العاشر‪ ،‬واختتمت المطبوعة بالمحور الحادي عشر الذي تناول نماذج‬
‫من التسيير العمومي ومقاربات إصالح القطاع العمومي‪.‬‬

‫وختاما أسأل هللا أن ينفعنا بما علمنا وأن يعلمنا ما ينفعنا وأن يجعل العلم حجة لنا ال حجة علينا‪ ،‬وأن‬
‫يرزقنا الهدى والتقى والعفاف والغنى‪ ،‬وأال يكلنا إال أنفسنا طرفة عين؛ فهو حسبنا ونعم الوكيل‪.‬‬
‫‪3‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫المحور األول‪ :‬مفهوم الخدمة وخصائصها‬


‫يمكن أن يخضع مفهوم الخدمات الجماعية ‪ Collective services‬لتفسيرات كثيرة على غرار المفاهيم‬
‫أو"خدمات للجمهور ‪Services for‬‬ ‫األخرى المعروفة في هذا السياق مثل "الخدمات العمومية ‪،"Public services‬‬
‫‪ "the public‬أو"خدمات المصلحة العمومية ‪ ،"General interest services‬أو"الخدمات للسكان ‪Services to the‬‬

‫‪ ،"population‬أو" خدمات المرافق العمومية (المنفعة العمومية) ‪ " Public utility services‬أو " خدمات المنفعة‬
‫االجتماعية ‪." Social utility services‬‬
‫لهذا‪ ،‬ومن أجل فهم مضمون الخدمات العمومية كان من الضروري القيام بتحليل أولي للمفهوم العام‬
‫"للخدمات ‪ "Services‬وخصائصها‪ ،‬قبل الحديث عن داللة مفهوم "الخدمات العمومية"‪.‬‬

‫‪ -1‬مفهوم الخدمة‬
‫توجد العديد من المفاهيم المتعلقة بمفهوم الخدمة‪ ،‬فأصل هذا األخير مشتق من الكلمة الالتينية‬
‫سارفيتيوم ‪ Servitium‬والذي يشير إلى حالة العبيد ‪ Condition of a slave‬وإجبارية الخدمة ‪Obligation to‬‬

‫‪ serve‬وهذا في العصور القديمة‪.1‬إذ يعني ضمنا من أصل الكلمة أنها متعدد األبعاد‪ .‬وبالمعنى االقتصادي‪ ،‬فهم‬
‫هذا المفهوم يرتبط ارتباطا وثيقا بتطور مكانته داخل السياسات االقتصادية والتهيئة اإلقليمية‪ ،‬على مدى السنوات‬
‫الماضية‪.‬‬
‫كما يمكن اإلشارة بأنه منذ سنة ‪ 1930‬حدث تحول في االقتصاد باتجاهه نحو المحتوى الخدمي أكثر‬
‫فأكثر وبمزيد من االهتمام‪ ،‬وألول مرة أطلق مصطلح القطاع الثالث ‪ Tertiary sector‬على قطاع الخدمات من‬
‫قبل العديد من الكتاب والمفكرين االقتصاديين‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬ظهرت عدة تعاريف لمفهوم الخدمة باختالف المفكرين والباحثين‪ ،‬ومن ضمن تلك التعاريف التي‬
‫يمكن تقديمها في هذا المجال ما يلي‪:‬‬

‫▪ يعرفها قاموس العلوم االقتصادية على أنها " منتج غير مادي نتيجة نشاط إنتاجي‪ ،‬وهي مرتبطة أيضا‬
‫بسلعة وال يمكن تخزينها‪ ،‬أي أن هناك تزامن بين عملية إنتاجها واستهالكها "‪.2‬‬
‫يشير هذا التعريف إلى الجانب غير الملموس للخدمة‪ ،‬كما يؤكد ارتباط الخدمة بإنتاج مادي(سلعة)‪ ،‬وال‬
‫يمكن تخزينها أيضا‪ ،‬وتالزم إنتاجها واستهالكها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Catherine TANVET et autres, Les services collectifs demain en Bretagne: une étude prospective-région Bretagne,‬‬
‫‪Conseil économique, social et environnemental de Bretagne, Bretagne, 2013, P: 23.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Alain BEITONE et autres, Dictionnaire des sciences économiques, 2éme édition, Armand colin, Paris, 2008, p: 435.‬‬
‫‪4‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫▪ يعرفها فيليب كوتلر ‪ Philip KOTLER‬بأنها " نشاط أو إنجاز مرتبطة بعملية تبادلية يقدمها طرف ما‬
‫لطرف آخر‪ ،‬وتكون أساسا غير ملموسة‪ ،‬وال ينتج عنها أية ملكية‪ ،‬وأن إنتاجها أو تقديمها قد يكون‬
‫مرتبط بمنتج مادي أو ال يكون "‪.1‬‬
‫يوضع هذا التعريف مقارنة بالتعريف األول على عدم تَ َملك الخدمة‪ ،‬باإلضافة إلى أنه ليس من‬
‫الضروري ارتباطها بمنتج مادي‪.‬‬

‫▪ تعرفها جمعية التسويق األمريكية ‪ AMA‬بأنها " النشاطات أو المنافع التي تعرض للبيع أو التي‬
‫تعرض الرتباطها بسلعة معينة "‪.2‬‬

‫هذا التعريف لم يميز بصورة كافية بين السلعة والخدمة وركز على إمكانية ارتباط الخدمة بسلعة معينة‪،‬‬
‫ومن عدم ارتباطها‪.‬‬

‫وعلى ضوء ما سبق‪ ،‬يمكن القول أن الخدمة هي " عبارة عن أنشطة غير ملموسة‪ ،‬تحدث من خالل‬
‫عملية تبادلية للمنافع بين طرفين‪ ،‬وقد تكون هذه العملية مقترنة بمنتج مادي أو ال تكون‪ ،‬مع عدم إمكانية‬
‫نقل ملكيتها‪ ،‬وفنائها السريع‪ ،‬وتزامن إنتاجها واستهالكها في نفس الوقت "‪.‬‬

‫‪ -2‬خصائص الخدمة‬
‫المنتَج ‪ Product‬في فحواه السلعة والفكرة وكذلك الخدمة‪ ،‬وهذه األخيرة لها عدة خصائص‬
‫يضم مفهوم ُ‬
‫تميزها عن السلعة والفكرة على حد سواء‪ .‬وتأسيسا أيضا على التعاريف السابقة الذكر‪ ،‬وعلى العديد من‬
‫الدراسات واألبحاث‪ ،‬يمكن تحديد الخصائص األساسية للخدمات فيما يلي‪:‬‬
‫▪ الالملموسية ‪ :Intangibility‬تتسم كل الخدمات بأنها غير ملموسة‪ ،3‬أي من الصعب تذوقها أو‬
‫اإلحساس بها أو رؤيتها‪ ،‬أو شمها أو سماعها قبل شرائها‪ ،‬فاالتجاهات واآلراء حولها يتم عن طريق‬
‫البحث عنها قبل الحصول عليها‪ ،‬وتك ار ار الشراء قد يعتمد على الخبرة السابقة‪ ،‬وعليه يمكن تقسيم مفهوم‬
‫الالملوسية إلى‪:‬‬
‫✓ خدمات تتميز بعدم الملموسية الكاملة (كخدمات األمن والحماية والمتاحف)؛‬
‫✓ خدمات تعطي قيمة مضافة للمنتج الملموس أو المادي (كخدمات التأمين وعقود الصيانة)؛‬

‫‪1‬‬
‫‪Philip KOTLER, Marketing management, 13ème édition, pearson éducation, Paris, 2009, p: 452.‬‬
‫‪‬‬
‫‪American Marketing Association‬‬
‫‪ 2‬هاني حامد الضمور‪ ،‬تسويق الخدمات‪ ،‬ط‪ ،4 :‬دار وائل للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،2008 ،‬ص‪.20 :‬‬
‫كوني مولد وآخرون‪ ،‬إدارة جودة الخدمة في الضيافة والسياحة ووقت الفراغ‪ ،‬ترجمة سرور على إبراهيم سرور وآخرون‪ ،‬دار‬ ‫‪3‬‬

‫المريخ للنشر‪ ،‬الرياض‪ ،2007 ،‬ص‪.44 :‬‬


‫‪5‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫✓ خدمات تعمل على توفير منتج ملموس أو مادي (كالخدمات المالية والتبرعات الخيرية)‪.‬‬
‫هذه االختالفات في الالملموسية يمكن اإلطالع عليها في الجدول الموالي‪:‬‬

‫الجدول رقم‪01 :‬‬


‫تصنيف درجة الالملموسية‬

‫خدمات المستهلك‬ ‫خدمات المنتج‬ ‫درجة الالملموسية‬


‫المتحف‪ ،‬وكالء التوظيف‪ ،‬أماكن‬ ‫▪‬ ‫الخدمات التي تتصف‬ ‫▪‬
‫األمن والحماية‪ ،‬أنظمة‬ ‫▪‬
‫الترفيه‪ ،‬التعليم‪ ،‬خدمات النقل والسفر‪،‬‬ ‫بالالملموسية بشكل كامل‬
‫االتصاالت‪ ،‬التمويل‪.‬‬
‫المزادات العلنية‪.‬‬ ‫وأساسي‪.‬‬

‫التأمين‪ ،‬عقود الصيانة‪،‬‬ ‫▪‬


‫خدمات التنظيف والتصليح‪ ،‬التأمين‪،‬‬ ‫▪‬ ‫الخدمات التي تعطي قيمة‬ ‫▪‬
‫االستشارات الهندسية واإلعالنات‪،‬‬
‫العناية الشخصية‪.‬‬ ‫مضافة للمنتج الملموس‪.‬‬
‫وتصميم العبوات واألغلفة‪.‬‬

‫متاجر التجزئة‪ ،‬الخدمات البريدية‪،‬‬ ‫▪‬ ‫متاجر الجملة‪ ،‬وكالء النقل‪،‬‬ ‫▪‬ ‫الخدمات التي توفر منتجات‬ ‫▪‬
‫التبرعات الخيرية‪.‬‬ ‫البنوك‪.‬‬ ‫ملموسة‪.‬‬

‫المصدر‪ :‬هاني حامد الضمور‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.23 :‬‬

‫هذا التقسيم للخدمات مشابه لفكرة أخرى‪ ،‬والتي تشير إلى أن المنتج الملموس والخدمات تشكالن وحدة‬
‫متكاملة‪ ،‬إذ إن معظم المنتجات التجارية تقع بين السلع الخالصة والخدمات الخالصة‪ ،‬والقليل من تلك‬
‫المنتجات التي يمكن تصنيفها على أنها سلع خالصة ‪ Pure Goods‬أو خدمات خالصة ‪.Pure Services‬‬
‫بالمنِتج وأخرى خاصة بالمستهلك‪.‬‬
‫كما يظهر هذا التقسيم أنه توجد خدمات خاصة ُ‬
‫ويرى البعض أن الالملموسية هي الصفة المهمة التي تميز السلع عن الخدمات‪ ،‬والالملموسية تشمل كل‬
‫من الالملموسية الواضحة (أي التي ال يمكن لمسها من قبل المستهلك) والالملموسية الذهنية (أي التي‬
‫من الصعب على المستهلك أس رها ذهنيا)‪ ،‬وأن هاتين الصفتين مسؤولتان عن بعض الخصائص التي‬
‫تميز السلعة عن الخدمة وهي‪:‬‬
‫✓ الخدمات غير قابلة للمس؛‬
‫✓ صعوبة وضع معايير نمطية دقيقة للخدمات؛‬
‫✓ تسويق الخدمات ال تتضمن عملية انفصال الملكية؛‬
‫✓ عملية اإلنتاج واالستهالك غير قابلة للفصل (التالزم)؛‬
‫✓ ال يوجد تخزين أو عملية جرد للخدمة؛‬
‫‪6‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫✓ اختالف أدوار الوسطاء في تسويق الخدمات عن دورهم في تسويق السلع؛‬


‫✓ العميل جزء من عملية اإلنتاج‪ ،‬وبالتالي إما أن يذهب مقدم الخدمة للعميل أو يأتي العميل‬
‫لموقع مقدم الخدمة‪.‬‬
‫▪ التالزمية ‪ :Inseparability‬تعني التالزمية درجة االرتباط بين الخدمة ذاتها وبين من يتولى تقديمها‪،‬‬
‫حيث أن أداء خدمة معينة تتزامن ولحظة استهالكها‪ ،‬فهي ليست مثل حالة المنتج الملموس‪ ،‬الذي ينتج‬
‫ويخزن ثم يسوق ضمن أنشطة منفصلة‪ ،1‬فالخدمات تنتج وتستهلك في نفس الوقت‪ ،‬أي لحظة إنتاجها‪.‬‬
‫▪ عدم التجانس في المخرجات ‪ :Inconsistency‬يتعذر إيجاد معايير نمطية لإلنتاج في حالة الخدمات‪،‬‬
‫وهذا مادامت الخدمات تعتمد على مهارة وأسلوب وكفاءة مقدميها؛ ومكان وزمان تقديمها‪ ،‬مما يعطيها‬
‫ميزة عدم التجانس في مخرجات عملية إنتاج الخدمة‪ ،‬وأحيانا يكون عدم التجانس في المخرجات ناتج‬
‫عن‪:‬‬
‫✓ إشراك العميل في إنتاج الخدمة باحتياجاته الخاصة والمميزة‪2‬؛‬
‫✓ اختالف مهارات وقدرات المنتج في إنتاج ذات الخدمة؛‬
‫✓ عنصر الخطأ في إنتاج الخدمات يكون بدرجة أكبر من حال إنتاج المنتج الملموس‪.‬‬
‫▪ فناء الخدمة ‪ :Perishability‬تعتبر الخدمة ذات طبيعة غير قابلة للتخزين وذلك لعدم ملموسيتها‪ ،‬أي‬
‫أن زيادة درجة الالملموسية تزيد من درجة فناء الخدمة‪ ،‬وبالتالي ال يمكن حفظ الخدمة على شكل‬
‫مخزون‪ ،‬وهذا ما يجعل من تكاليف التخزين ال توجد نسبيا أو بشكل كامل في المؤسسات الخدمية‪.3‬‬
‫فالخدمة تستهلك وقت إنتاجها وبالتالي عدم إمكانية تخزينها‪ ،4‬وهذا ما يجعل األمر صعب بالنسبة‬
‫للمؤسسات الخدمية في حالة حدوث تقلبات في الطلب‪ ،‬لهذا عليها بتغيير األسعار (أسعار خاصة‬
‫بمواسم معينة‪ ،‬بفئات عمرية معينة‪ ،‬بمناسبات دينية أو وطنية‪ ...‬الخ)‪.‬‬
‫▪ الملكية ‪ :Ownership‬تمثل عدم انتقال الملكية في الخدمات خاصية واضحة‪ ،‬وبعبارة أخرى عدم تملك‬
‫الخدمة يعني إمكانية االنتفاع بها ال التمتع بحق امتالكها عند الحصول عليها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Philip KOTLER, op.cit, p: 459.‬‬
‫‪.27‬‬ ‫هاني حامد الضمور‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ 3‬نور الدين بوعنـ ان‪ ،‬جودة الخدمات وأثرهاا علار ر اا العماالء‪ ،‬مـذكرة مقدمـة لنيـل شـهادة الماجسـتير فـي علـوم التسـيير‪ ،‬تخصـص‬
‫‪.60‬‬ ‫تسويق‪ ،‬جامعة محمد بوضياف المسيلة‪ ،2007 ،‬ص‪:‬‬
‫‪ 4‬عبد القادر بريش‪ ،‬جودة الخدمات المصرفية كمدخل لزيادة القدرة التنافسية للبناو ‪ ،‬مجلـة اقتصـاديات شـمال إفريقيـا‪ ،‬العـدد‪،03 :‬‬
‫‪.254‬‬ ‫بدون سنة‪ ،‬ص‪:‬‬
‫‪7‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫▪ اشت ار العميل ‪ :Customer Involvement‬هناك العديد من الخدمات التي تتسم بوجود درجة عالية من‬
‫االتصال والتفاعل بين مقدمي الخدمة والعمالء‪ ،‬بحيث يعتبر متلقي الخدمة أحد المدخالت الرئيسية‬
‫لنظام إنتاج الخدمات‪ ،‬وهو في نفس الوقت أحد المخرجات الرئيسية‪ ‬ولكن بعد تغيير حالته‪.1‬‬
‫ومما سبق‪ ،‬يتضح أن معظم الخدمات يرتبط تقديمها بشخصية متلقيها ويصعب الفصل بينهما‪.‬‬

‫المحور الثاني‪ :‬الخدمة العمومية؛ داللة في المفهوم‬

‫ترتبط الخدمة العمومية بمفهوم الدولة التي تساهم بشكل أو بآخر في توفيرها‪ ،‬ومن هذا المنطلق يرتبط‬
‫تعريف وتنوع الخدمات العمومية بالنظام والسياسات العمومية التي تنتهجها الدولة‪ ،‬والتي تحدد نطاق ومجال تلك‬
‫الخدمات العمومية‪.‬‬

‫‪ -1‬مفهوم الخدمة العمومية‬


‫يسعى المناقشين لمفهوم الخدمة العمومية إلضفاء طابع منهجي ونظامي لهذا المفهوم‪ .‬ولكن ليس تحت‬
‫شعار الخدمة العمومية‪ .‬إذ يبدو أن مفهوم الخدمة العمومية على هذا النحو هو اجتهاد قضائي إداري‪ ،‬والذي‬
‫يؤخذ في الغالب من قبل ليون دوجي ‪ Léon DUGUIT‬في البناء الفكري واإليديولوجي لنظرية الدولة‪ ،‬ومدرسة‬
‫بوردو في البناء العلمي للقانون اإلداري‪.‬‬
‫وعموما‪ ،‬يحمل تعبير الخدمة العمومية حقائق قانونية ومؤسسية وإيديولوجية‪ .‬هذا‪ ،‬ووفقا لجاك شوفالييه‬
‫‪ Jacques CHEVALLIER‬فالخدمة العمومية "عبارة عن مفهوم معقد‪ ،‬والذي يجمع أو يخلط بين الحقيقي‬
‫(الواقع) والمعتقدات‪ ،‬الملحومة (من اللحام) بفعل اسمنت القانون"‪.2‬‬
‫يطغى على هذا التعريف‪ ،‬الصبغة القانونية على مفهوم الخدمة العمومية‪ ،‬ومن دون تحديد الحقل‬
‫القانوني الذي يحكم ويضبط هذا النشاط‪.‬‬
‫ومن ثم‪ ،‬ال توجد تعاريف تجتمع حول مفهوم واضح ومحدد للخدمة العمومية ‪ ،Public Service‬إال أن‬
‫أغلب التعاريف ترتبط بالمصلحة العمومية أو بالسياسة العمومية المؤطرة قانونا‪ ،‬ومن بين هذه التعاريف يتم‬
‫ذكر‪:‬‬

‫تظهــر هــذه الخاصــية بشــكل واضــح عنــدما يكــون العميــل يأخــذ صــفة المـريض‪ ،‬أيــن يعتبــر كأحــد مــدخالت وأيضــا كأحــد مخرجــات‬ ‫‪‬‬

‫نظام إنتاج الخدمات الصحية وهذا بعد تغيير حالته المرضية‪.‬‬


‫مريـزق عــدمان‪ ،‬واقااع جااودة الخاادمات فااي المصسسااات الصااحية‪ :‬دراسااة حالااة المصسسااات الصااحية بااالجزائر العاصاامة‪ ،‬أطروحــة‬ ‫‪1‬‬

‫مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه في علوم التسيير‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،2008 ،‬ص‪.19 :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Catherine TANVET et autres, Op.cit, P: 34.‬‬
‫‪8‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫▪ الخدمة العمومية هي " عبارة عن نشاط يخدم المصلحة العمومية والتي تتكفـل به اإلدارات العموميـة "‪.1‬‬
‫هذا التعريف يحمل في طياته معنيين مختلفين ومتناقضين‪:‬‬
‫✓ المعنر المقيد ‪ :Restrictive‬إدارة نشاط معين من طرف اإلدارات العمومية ال يعني في كل‬
‫األحوال أنه مستوحاة من المصلحة العمومية‪ ،‬وال تمثل تلك اإلدارات دائما صفات نشاط الخدمة‬
‫العمومية؛‬
‫✓ المعنر الواسع ‪ :Extensive‬ال يمكن ربط دائما توفير الخدمة العمومية باإلدارات العمومية‪،‬‬
‫حيث أنه في الواقع يمكن للخواص ضمان إدارة هذه الخدمة العمومية خارج إطار القانون العام‬
‫الذي يحكم سير عمل اإلدارات العمومية‪.‬‬

‫▪ تعرف الخدمة العمومية وفقا للقانون اإلداري الفرنسي بأنها " تلك التي تعد تقليديا خدمة فنية‪ ،‬تزود‬
‫بصورة دائمة بواسطة مؤسسة عمومية كاستجابة لحاجة عمومية‪ ،‬ويتطلب توفيرها أن يحترم القائمون‬
‫على إدارتها مبادئ المساواة واالستم اررية والمالئمة لتحقيق المصلحة العمومية "‪.2‬‬
‫يوضح هذا التعريف الشروط والمبادئ التي يجب توفرها في الخدمة المقدمة من طرف مؤسسة عمومية‬
‫والتي تسمح بأن ترقى تلك الخدمة المقدمة إلى العمومية‪.‬‬

‫▪ الخدمة العمومية هي " نشاط ذات مصلحة عمومية يتحقق بواسطة شخص معنوي عمومي (مؤسسة‬
‫عمومية)‪ ،‬أو تحت رقابته بواسطة شخص معنوي خاص(مؤسسة خاصة) " ‪.3‬‬
‫يبين هذا التعريف على إمكانية الخواص ‪ -‬أي المؤسسات الخاصة ‪ -‬الخوض في توفير الخدمة‬
‫العمومية‪ ،‬وهذا تحت مراقبة الشخص المعنوي العمومي‪.‬‬

‫وعلى ضوء ماسبق‪ ،‬يمكن اعتبار الخدمة العمومية بأنها " محصلة كل نشاط عمومي هدفه تلبية‬
‫حاجات المواطنين سواء من طرف مصسسات القطاع العمومي أو مصسسات القطاع الخاص؛ وهذا في إطار‬
‫تحقيق المصلحة العمومية‪ ،‬كما يسير هذا النشاط بصورة مباشرة أو غير مباشرة من طرف السلطات العمومية‬
‫لضمان تحقيق المساواة واالستمرارية والمالئمة في تقديم ذلك النشاط أي الخدمات العمومية المكرسة قانونا"‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Jacques CHEVALLIER, Essai sur la notion juridique de service public, sur le site, http://www. U-picardie.fr /labo/‬‬
‫‪curapp/ revues / Consulté le: 17-12-2014, à 09:05.‬‬
‫‪.29‬‬ ‫‪ 2‬المرسي السيد حجازي‪ ،‬اقتصاديات المشروعات العامة‪ :‬النظرية والتطبيق‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2004 ،‬ص‪:‬‬
‫درسة مقارنة‪ ،‬ط‪ ،1 :‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪،2009 ،‬‬
‫وليد حيدر جابر‪ ،‬التفويض في إدارة واستثمار المرافق العامة‪ :‬ا‬ ‫‪3‬‬

‫‪.196‬‬ ‫ص‪:‬‬
‫‪9‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫‪ -2‬أنواع الخدمة العمومية‬


‫‪Huge heterogeneous and‬‬ ‫قطاع الخدمات العمومية هو " تجمع واسع غير متجانس ومتنوع "‬
‫‪ "multifaceted‬ومع ذلك‪ ،‬يمكن التمييز بينها من خالل الوقوف على التصنيف التالي المرتكز على معيارين‬

‫هما‪ :‬المعيار القانوني والمعيار االقتصادي‪ 1‬وهناك من يضيف المعيار التسويقي‪.‬‬


‫‪-1-2‬المعيار القانوني‪ :‬اليوم أي نشاط يمكن أن يعتبر خدمة عمومية إذا ما تم تأهيله من قبل المشرعين‬
‫(قوانين)‪ ،‬أو بطريقة عفوية (عرفيا)‪ ،‬وهو كل نشاط توفرت فيه الشروط الثالثة الموالية‪:2‬‬
‫▪ يؤدي مهام المصلحة العمومية؛‬
‫▪ يخضع لمراقبة القوة العمومية؛‬
‫▪ نشاط من صالحيات السلطة العمومية التي تخول لألشخاص الطبيعيين أو المعنويين‪ ،‬خواصا كانوا أو‬
‫عموميين القيام بنشاط الخدمة العمومية؛ وقبلها هي التي تحدد ما إذا كان النشاط خدمة عمومية أم ال‪.‬‬

‫إذ يمكن في هذا الصدد‪ ،‬إدراج هذا التقسيم للخدمات العمومية كما يلي‪:3‬‬
‫▪ خدمات ضرورية لبقاء المجتمع وسالمته وتََقد ِم ِه مثل الخدمات التعليمية والصحية‪ ،‬وهي خدمات يتعين‬
‫على الدولة أن توفرها مهما ارتفعت تكلفتها؛‬
‫▪ الخدمات الضرورية ألفراد المجتمع باختالف توزيعهم على أرض الدولة الواحدة‪ ،‬وباختالف فئات‬
‫المجتمع وطبقاته (خدمات ال يمكن االستغناء عنها مثل خدمات النقل العمومي واإلنارة والمياه‪،‬‬
‫والغاز‪ ...‬وغيرها)‪ ،‬وما يالحظ على هذا النوع من الخدمات أنها لم تعد حك ار على الدولة وأنها صارت‬
‫قابلة للتقديم من قبل الخواص‪ ،‬وتتم إدارتها على أسس تجارية‪ ،‬حيث تطبق عليها معايير الربح؛‬
‫▪ خدمات ذات منفعة اجتماعية أو ثقافية يستفيد منها أفراد المجتمع‪ ،‬فهي خدمات يستفيد منها بعض‬
‫شرائح المجتمع ولكن يعم نفعها المجتمع ككل‪ ،‬لذلك يتعين على السلطات تشجيعهم على اإلقبال عليها‪،‬‬
‫ومن بين هذه الخدمات يتم ذكر خدمات المكتبات العمومية‪ ،‬والمتاحف‪ ،‬والمتنزهات العمومية‪ ...‬وغيرها؛‬
‫▪ خدمات ذات طبيعة اجتماعية‪ ،‬والتي يمكن لألفراد أن يؤدوها بأنفسهم عن طريق إمكانياتهم الخاصة‪ ،‬إال‬

‫أن القصور في تأدية هذا النوع من الخدمات على أكمل وجه؛ قد ُي َع ِر ُ‬


‫ض سالمة المجتمع وأمنه وصحة‬

‫‪1‬‬
‫‪Omar HEMISSI, Déterminants, leviers et supports de conduite du processus de changement organisationnel:‬‬
‫‪Cas d’un établissement de service public "Algérie poste", thèse en vue de l’obtention du titre de docteur en science‬‬
‫‪de gestion, Ecole supérieure de commerce , Alger, Mars 2014, PP :206-207.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Catherine TANVET et Autres, Op.cit, PP: 35-36.‬‬
‫عبد المطلب عبد الحميد‪ ،‬التمويل المحلي ( والتنمية المحلية)‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2001 ،‬ص ص‪.63-62 :‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪10‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫أفراده للخطر‪ ،‬وهو ما يستدعي تدخل السلطات العمومية في أداء وتوفير هذه الخدمات‪ ،‬ومن بين هذه‬
‫الخدمات خدمات اإلسكان؛‬
‫▪ خ دمات رأسمالية مكلفة‪ ،‬ال تقتصر منفعتها على الجيل الحالي وإنما تمتد إلى األجيال القادمة‪ ،‬مثل بناء‬
‫المدارس والمستشفيات والجامعات وغيرها‪.‬‬

‫كما يمكن إدراج هذه الخدمات العمومية ضمن تقسيم أخر يأخذ بعين االعتبار طبيعة الخدمات المقدمة‬
‫على النحو الموالي‪:‬‬

‫▪ خدمات عمومية مرتبطة بسيادة الدولة‪ :‬وهي خدمات مرتبطة أساسا بالدور التقليدي للدولة‪ ،‬وذلك في‬
‫مجال العدالة‪ ،‬األمن‪ ،‬الدفاع الوطني‪ ،‬والمالية العمومية؛‬
‫▪ خدمات عمومية ذات الطابع االجتماعي والثقافي‪ :‬وهي الخدمات التي تشمل التعليم‪ ،‬الصحة‪،‬‬
‫والمساعدات االجتماعية؛‬
‫▪ خدمات عمومية ذات الطابع االقتصادي والتجاري‪ :‬ظهرت هذه الخدمات مع التطور الملحوظ لدور‬
‫الدولة في الحياة االقتصادية‪ ،‬وفي تحقيق رفاهية األفراد في مجال احتياجاتهم األساسية في ميدان النقل‪،‬‬
‫االتصاالت والطاقة‪ ...‬وغيرها‪.‬‬

‫‪-2-2‬المعيار االقتصادي‪ :‬هذا المعيار يأخذ بعين االعتبار الجانب االقتصادي في تصنيف الخدمات العمومية‪،‬‬
‫ومن أجل التمييز بين األصناف المختلفة للخدمات العمومية؛ يمكن استعمال في ذلك أربعة متغيرات وهي‪:‬‬
‫▪ صنف أو طبيعة الخدمة العمومية المقدمة‪ :‬تقسم على هذا األساس إلى خدمة عمومية فردية أو خدمة‬
‫عمومية جماعية؛‬
‫▪ نوع استهال الخدمة العمومية‪ :‬تصنف إلى خدمة عمومية إجبارية أو خدمة عمومية اختيارية؛‬
‫▪ طريقة الحصول علر الخدمة العمومية و‪/‬أو من حيث طريقة تحمل تكلفة الخدمة العمومية‪ :‬وذلك من‬
‫خالل الحصول على الخدمة العمومية بمقابل أو دون مقابل وكذا طريقة تمويل الخدمة العمومية والتي‬
‫تتم عن طريق الضرائب أو بإيرادات مقبوضة من المستعملين (المستفيدين) أو بواسطة طريقة مختلطة‪.‬‬
‫وعليه‪،‬أمكن تقديم التصنيف الموالي‪:‬‬
‫✓ خدمة عمومية مجانية‪ :‬تقدم دون مقابل‪ ،‬تتحمل تكلفتها كليا الخزينة العمومية للدولة مثال‬
‫حمالت التلقيح‪ ،‬األمن العمومي‪ ،‬اإلنارة العمومية ‪...‬الخ؛‬
‫مثال الكهرباء‬ ‫✓ خدمة عمومية بمقابل‪ :‬يتحمل تكلفتها كليا وبشكل مباشر المستفيد منها‬
‫المنزلية‪ ،‬الهاتف العمومي‪ ،‬الماء الشروب ‪...‬الخ؛‬
‫‪11‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫✓ خدمة عمومية مدعمة‪ :‬يتحمل تكلفتها جزئيا المستفيد منها والباقي دعم حكومي لها مثال النقل‬
‫العمومي‪ ،‬السكن‪ ،‬السلع اإلستهالكية األساسية كمادة الحليب والخبز ‪ ...‬الخ‪.‬‬
‫وقد ُمِث َل هذا التصنيف للخدمة العمومية حسب الجدول أدناه‪.‬‬
‫الجدول رقم‪02 :‬‬
‫التصنيف االقتصادي للخدمة العمومية‬

‫طريقة تمويلها‬ ‫طريقة الحصول عليها‬ ‫نوع االستهال‬ ‫صنف الخدمة العمومية‬

‫ممولة بإيرادات مقبوضة من‬


‫كهرباء‪ ،‬هاتف‬
‫المستفيدين‬
‫خدمات عمومية‬
‫مدفوعة‬ ‫نقل جماعي‪،‬‬
‫تمويل مختلط‬ ‫استهالك اختياري‬ ‫خدمات عمومية فردية‬ ‫مطاعم مدرسية‪،‬‬
‫مسابح البلدية‪.‬‬

‫متاحف‪.‬‬

‫مدارس‪ ،‬تلقيح‪.‬‬
‫خدمات عمومية‬
‫تمويل عن طريق الضرائب‬
‫مجانية‬ ‫دفاع وطني‪،‬‬
‫خدمات عمومية‬
‫استهالك إجباري‬ ‫إضاءة الطرقات‪،‬‬
‫جماعية‬
‫إشارات الطرق‪.‬‬

‫المصدر‪ :‬شريفة رفاع‪ ،‬نحو إدماج مفهوم األداء في الخدمة العمومية في الدول النامية‪ :‬نحو تسيير عمومي جديد وفق نظرية‬
‫اإلدارة الحديثة‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكتو اره في علوم التسيير‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،2008 ،‬ص‪( .15 :‬بتصرف من الباحث)‪.‬‬

‫كما يتوقف الباحث في قراءته للجدول السابق وتحليله للمعطيات التي جاء بها عند محطات ثالث آخذا‬
‫المعيار التسويقي كمعيار آخر في تصنيف الخدمات العمومية؛ وذلك على النحو التالي‪:‬‬
‫▪ في أعلى الجدول الخدمات العمومية الفردية هي عبارة عن خدمات عمومية سوقية‪ ،‬واستهالكها إ ًذا‬
‫اختياري؛ وحق الحصول عليها يغطي إجمالي تكلفة الخدمة المقدمة كاالستفادة من الكهرباء واالتصاالت‬
‫الهاتفية؛ فهي تأخذ تقريبا العالقة الموالية‪:‬‬
‫‪12‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫الشكل رقم‪01 :‬‬


‫عالقات العمالء‪ :‬القطاع الخاص‬

‫‪Direct Payment‬‬ ‫الدفع املباشر‬

‫العميل‪Customer‬‬ ‫‪Provider‬‬ ‫املزود‬

‫اخلدمة ‪Service‬‬

‫‪Source: Peter C. HUMPHREYS, Improving public service delivery, First published by institute of public‬‬
‫‪administration, Dublin, Ireland, 1998, P: 11.‬‬

‫فيما يتعلق بتوفير الخدمات العمومية‪ ،‬والعالقات مع العمالء غالبا ما تكون أكثر تعقيدا وغير مباشرة‪ ،‬ال‬
‫يتم الدفع عادة مباشرة لخدمة تلقت؛ وهكذا تضعف سيطرة العمالء وينحصر اختيار العمالء الذي يصبح محدود‬
‫جدا في الوضعية االحتكارية هذا من جهة‪ ،‬أما من وجهة نظر مزودي أو مقدمي الخدمة ففي كثير من األحيان‪،‬‬
‫القدرة على الدفع ليس محددا رئيسا للطلب تبعا للسوق‪.‬‬
‫ض ٌّم صنف بسيط من الخدمة العمومية ويحمل خصائص متعاكسة للصنف‬
‫▪ أما أسفل الجدول فهو َي ُ‬
‫المتواجد في أعلى الجدول‪ ،‬ففي األسفل جاءت الخدمات العمومية الجماعية وهي خدمات عمومية غير‬
‫سوقية‪ ،‬يكون الحصول عليها مجاني‪ ،‬وإنتاجها يمول بواسطة أموال عمومية مغذاة من قبل الضرائب‬
‫(أنظر الشكل رقم‪ ،)02 :‬أما التكاليف الناتجة عن عزوف بعض األفراد على استهالكها تكون مرتفعة‬
‫جدا‪ ،‬فأولئك الذين ال يرغبون في استهالكها ليس لهم خيار إال مغادرة تراب البلدية أو اإلقليم‪ .‬فالدفاع‬
‫الوطني عن اإلقليم‪ ،‬إضاءة طرقات المدينة وإشارة المرور من األمثلة الحية على ذلك‪ ،‬فهذا الصنف من‬
‫الخدمة العمومية يتمثل في تلك الخدمات المقدمة والمفروضة من قبل السلطات العمومية على كل‬
‫مواطن في الوطن أي أنها تتصف بعدم الرفض أو إجبارية االستهالك ‪( Non-rejectable‬أو على كل‬
‫سكان الجماعات المحلية في حالة الخدمات العمومية المحلية)؛‬
‫‪13‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫الشكل رقم‪02 :‬‬


‫عالقات العمالء؛ الخدمة العمومية‬

‫‪Source: Peter C. Humphreys, Op.cit, P: 11.‬‬

‫▪ في حين حمل وسط الجدول العديد من األصناف الوسيطية للخدمات العمومية‪ ،‬فالدولة يمكن أن تقرر‬
‫جعل الحصول على بعض الخدمات العمومية الفردية مجانا كالتمدرس مثال؛ وذلك بهدف تطبيق سياسة‬
‫عدم التهميش من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى يمكن للدولة أن تقرر دعما جزئيا للخدمات العمومية الفردية‬
‫بمقابل‪ ،‬كما هو عليه الشأن بالنقل العمومي (كالنقل بالقطارات)‪ ،‬حيث تكون إيرادات بيع التذاكر ال‬
‫تغطي إال جزءا من تكلفة الخدمة المقدمة‪ ،‬والشيء نفسه بالنسبة لبعض المطاعم المدرسية أو مسابح‬
‫البلدية التي تكون مدعومة جزئيا من ميزانية الجماعات المحلية‪.‬‬
‫وفي األخير‪ ،‬يمكن أن تستعمل الدولة سلطتها من أجل فرض استهالك بعض الخدمات العمومية الفردية‬
‫كحالة المدرسة الجزائرية مثال‪ ،‬إذ أن التمدرس فيها إجباري حتى ِس ِن السادسة عشرة‪ .‬لذلك‪ ،‬جاء الشكل الموالي‬
‫ليقف عند منتجو السلع غير السوقية وأسباب إنتاجها‪.‬‬
‫‪14‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫الشكل رقم‪03 :‬‬


‫منتجو السلع غير السوقية وأسباب إنتاجها‬

‫إنتاج السلع غري السوقية‬


‫إنتاجها جماين أو أقل من تكلفة إنتاجها‬

‫ملاذا؟‬ ‫من؟‬

‫‪-1‬ضمان اخلدمات االقتصادية بسبب إخفاق السوق يف توفريها‬ ‫‪-1‬املؤسسات غري الرحبية املوجهة خلدمة العائالت‬
‫ألمن‪ ،‬العدالة؛‬ ‫‪-‬‬
‫التكفل بتوفري السلع غري القابلة للتجزئة‪.‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-2‬اإلدارات العمومية‪:‬‬
‫‪-2‬املسامهة يف التنمية االجتماعية‪:‬‬ ‫اإلدارات املركزية كالدولة والوزارات واجلامعات‬ ‫‪-‬‬
‫الدور‬
‫التعليم والعالج الطيب للجميع؛‬ ‫‪-‬‬ ‫اجلماعات احمللية الوالايت والبلدايت‬ ‫‪-‬‬
‫التضامن‪.‬‬ ‫‪-‬‬ ‫إدارات الضمان االجتماعي‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -3‬تعزيز االنسجام االجتماعي واإلقليمي من أجل جاذبية‬
‫االقتصاد‪ ،‬وحتسني الظروف االقتصادية وتعزيز النمو‬

‫‪Source: Les trois fonctions économiques la production et le système productif, Sur le site: http://www‬‬
‫‪.the.file.free.fr/1er...3506/83506TGPA0007_03.pdf, Consulté le: 06-05-2015, à 23:32.‬‬
‫ينصب الشكل السابق تركيزه أساسا على اإلجابة عن سؤالين ينهي بهما إشكال من ينتج السلع غير‬
‫السوقية وأسباب إنتاجها‪ .‬وألجل ذلك؛ كانت القوة العمومية من الناحية االقتصادية المصطلح العام الذي يجمع‬
‫بين كل السلطات العمومية والهادفة لضمان الخدمات االقتصادية بسبب إخفاق السوق في توفيرها والمساهمة في‬
‫التنمية االجتماعية وتعزيز االنسجام االجتماعي واإلقليمي من أجل جاذبية االقتصاد‪ ،‬وتحسين الظروف‬
‫االقتصادية وتعزيز النمو‪ .‬ففي فرنسا‪ ،‬القوة العمومية يناظرها اإلدارات العمومية ‪ ،APU ‬التي يتم تمويلها عن‬

‫طريق االقتطاعات الضريبية والعمل من أجل تحقيق المصلحة العمومية‪ .‬ويمكن التمييز في هذا الصدد بين‪:1‬‬
‫‪ :ODAC‬وتشمل الدولة واألجهزة المركزية األخرى‬ ‫→‬
‫▪ الدولة ومختلف الهيئات اإلدارات المركزية‬

‫(الو ازرات والجامعات على سبيل المثال)‪ .‬تؤدي هذه اإلدارات العمومية عملها على المستوى الوطني؛‬

‫‪‬‬
‫‪En français: Les administrations publiques.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪Régulations‬‬ ‫‪et‬‬ ‫‪déséquilibres‬‬ ‫‪macroéconomiques,‬‬ ‫‪Sur‬‬ ‫‪le‬‬ ‫‪site:‬‬ ‫‪http://www.academie-en-‬‬
‫‪ligne.fr/Ressources/7/SE11/AL7SE11TEPA0013-Sequence-05.pdf, Consulté le:29-04-2015. à 18 :40.‬‬
‫→‬
‫‪En français: l’état et les organismes divers d’administration centrale.‬‬
‫‪15‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫▪ اإلدارات العمومية المحلية ‪ :APUL ‬الجماعات المحلية (األقاليم والبلديات) وجميع الهيئات العمومية‬
‫التي تدار محليا (المدارس‪ ،‬والمتوسطات والثانويات العمومية على سبيل المثال)؛‬
‫▪ إدارات الضمان االجتماعي ‪ :ASSO ‬جميع نظم التأمين االجتماعي والمؤسسات التي لها عالقة مع‬

‫عملها (مثل المستشفيات العمومية)‪.‬‬


‫ودور هذه القوة العمومية كان وما يزال منصبا أساسا على إنتاج أو السهر على توفير الخدمات‬
‫‪1‬‬
‫العمومية لألسباب المذكورة أنفا‪ ،‬كما يضاف إلى ذلك من أسباب لتدير الدولة الخدمات العمومية مايلي‪:‬‬
‫▪ إخفاق السوق في ضمان المساواة بين المواطنين عند تلبية بعض احتياجاتهم‪ :‬األمن الداخلي والخارجي‪،‬‬
‫وحماية البيئة‪ ،‬والتماسك االجتماعي واإلقليمي والحريات األساسية مثل الحق في التعليم؛‬
‫▪ الخدمة العمومية تستجيب بشكل أفضل لمفهوم المصلحة العمومية‪ ،‬وتساهم في التماسك االجتماعي‬
‫واإلقليمي‪ ،‬كما تسمح بتحسين المستوى المعيشي االقتصادي واالجتماعي؛‬
‫▪ تساهم الخدمات العمومية في إعطاء جاذبية أفضل لألقاليم‪ ،‬وذلك بتكوين الثروة من خالل األنشطة‬
‫اإلنتاجية الجديدة والنمو االقتصادي وفرص العمل‪.‬‬

‫المحور الثالث‪ :‬خصائص الخدمات العمومية‬

‫جتمع الخدمة العمومية كل األنشطة االقتصادية المحققة للمصلحة العمومية والمدارة من طرف الدولة‬

‫(االتصاالت‪ ،‬الطاقة والنقل)‪ .2‬وقبل الحديث عن خصائص تلك الخدمة‪ ،‬يتعين الفصل والتمييز بينها وبين‬
‫الخدمة الخاصة ومن ثم الوصول إلى ما تتميز به الخدمات العمومية مهما تنوعت وبشكل عام‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬يتم الوقوف على تصنيف الخدمات العمومية وتمييزها عن الخدمات الخاصة من خالل الجدول‬
‫التالي‪:‬‬

‫‪‬‬
‫‪En français: Les administrations publiques locales.‬‬
‫‪‬‬
‫‪En français: Les administrations de sécurité sociale.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪Les trois fonctions économiques la production et le système productif, Op.cit.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Ibid.‬‬
‫‪16‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫الجدول رقم‪03 :‬‬


‫مصفوفة التمييز بين الخدمات الخاصة والعمومية‬
‫اإلقصاء عن طريق األسعار‬

‫عدم اإلقصاء ‪Non-excludable‬‬ ‫اإلقصاء ‪Excludable‬‬

‫➔‬
‫خدمات عمومية مختلطة أو مشتركة خالصة‬ ‫‪‬‬
‫السلع السوقية أو خدمات خاصة‬ ‫التنافس ‪Rival‬‬
‫االستهالك‬
‫‪‬‬
‫خدمات عمومية خالصة‬ ‫➢‬
‫خدمات عمومية مختلطة أو جماعية‬ ‫عدم التنافس ‪Non- Rival‬‬

‫‪Source: Introduction aux finance publique 2008-2009 : L’état et les biens collectifs, Sur‬‬ ‫‪le‬‬
‫‪site :https://www.unifr.ch/finpub/assets/files/Etudes/Bachelor/IFP1/SA2008/ChapitresSA2008/Chapitre1_SA08.pdf‬‬ ‫‪,‬‬
‫‪Consulté le: 25-04-2015. à 20 :27.‬‬
‫يتميز اقتصاد السوق بوجود سلع أو خدمات خاصة تخضع لمبدأين هما التنافس واإلقصاء فمبدأ التنافس‬
‫يفرض عدم استفادة شخصين من نفس السلعة (ما يستهلك من فرد معين ال يمكن أن يستهلك من فرد أخر) أما‬
‫مبدأ اإلقصاء فيفرض أنه ال يمكن للفرد االستفادة من سلعة ما إال إذا دفع ثمنها (الذي ال يدفع ال يستهلك)‪،‬‬
‫وفي اقتصاد السوق يوجد سلعة ال يمكن أن يطبق عليها مبدأ التنافس أو مبدأ اإلقصاء‪ .‬هذه السلع تشكل‬
‫مصدر اختالل األسواق وتسمى بالسلع العمومية‪.‬‬
‫فالسلع العمومية تتميز عن السلع الخاصة من حيث قاعدة المعايير االقتصادية (التنافس واإلقصاء)‪.‬‬
‫وعليه فالسلعة العمومية الخالصة هي تلك السلع والخدمات التي يحصل عليها الفرد بمجرد وجوده في المجتمع‬
‫ولذا يصعب تسيرها في السوق والتي يطلق عليها البعض بالخدمات الجماعية الخالصة مثل‪ :‬األمن والدفاع‬
‫والقضاء ومن خصائصها‪ :‬االستهالك الجماعي أي خاضعة لمبدأ عدم االستبعاد وكذلك االستهالك غير‬
‫التنافسي‪ ‬والمعروف أيضا بعدم التناقص أو التضاؤل باالستهالك ‪ .Non-diminishability‬كما يطلق عليه أيضا‬
‫ظاهرة االشتراك في االستهالك‪ ،‬وهذا يعني أن المنفعة التي يستمدها أحد األفراد من استهالك أحد الخدمات‬
‫العمومية ال يؤثر على المنافع التي يتمتع بها اآلخرون‪ ،‬ومن ثم فإذا كانت الخدمة متاحة ألحد المستهلكين فإنها‬

‫‪‬‬
‫] ‪Private services. [En français: Services privés‬‬
‫➔‬
‫‪Quasi public services or Merit public services or Mixte public services or Pure common goods. [En français: Biens en‬‬
‫]‪commun ou Bien commun pur‬‬
‫➢‬
‫‪Quasi public services or Merit public services or Mixte public services or Collective goods or Club goods or Low -‬‬
‫]‪Congestion goods. [En français: Biens de club ou Biens publics mixtes ou Bien collectif‬‬
‫‪‬‬
‫]‪Social public services or Pure public services. [En français: Biens publics purs‬‬
‫‪‬هذه الخاصية تفسر بطريقتين‪ ،‬األولى أن كل مستهلك يحصل على نفس القدر من المنافع‪ ،‬والثانية هي أن إضافة مستهلك آخر‬
‫أو إضافي ال يؤثر على استهالك اآلخرين‪ ،‬والنتائج االقتصادية المترتبة على مبدأ عدم التنافس هو أن التكلفة الحدية من أجل‬
‫خدمة فرد إضافي مساوية للصفر‪ ،‬مما يجعل نظام السوق يعجز عن تلبية هذه الخدمات‪.‬‬
‫‪17‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫سوف تكون متاحة لبقية المستهلكين وبنفس المقدار (ودون تحمل المجتمع لنفقات إضافية) ‪ .1‬مثال المنارة‬
‫الموضوعة عند مدخل الميناء‪ ،‬يستفيد منها جميع البحارة فإذا استفاد منها أحدهم ال يمنع اآلخرين من االستفادة‬
‫منها في نفس الوقت‪ .‬وتسمى أيضا بالسلع غير القابلة للتجزئة ‪ Indivisible goods‬والتي تتكفل الدولة بإنتاجها‪.‬‬
‫كما أن هناك صنف أخر من السلع يتميز بالخاصتين السابقتين هما التنافس واإلقصاء لكن تعتبر سلع‬
‫عمومية؛ وهذا لكونها تتميز باآلثار الخارجية‪ .‬فعادة ترتبط بمبدأ عدم التقاسم أو التنافس في االستهالك وحتى‬
‫اإلنتاج للخدمات ومن المؤكد أن عدد ها محدود‪.‬‬
‫ومن هذا المنطلق‪ ،‬هناك خدمات مختلطة أو شبه عمومية تلغي حالة الخدمات العمومية الصافية‬
‫والخدمات الخاصة على النحو التالي‪:‬‬
‫▪ خدمات عمومية مختلطة أو جماعية‪ :‬خدمات مختلطة تلغي حالة الخدمات العمومية الخالصة أو‬
‫الصافية التي ال يتم احترام أحد خصوصياتها وفي الحاالت األكثر شيوعا يمكن أن تتم عملية اإلقصاء‬
‫من خالل استخدام السعر مثل‪ :‬المسرح‪ ،‬القنوات التلفزيونية المشفرة‪ ،‬والتكنولوجيا المحمية‬
‫بشهادات(الملكية الفكرية)ـ وكذا الطرق السيارة أو السريعة التي يجب دفع مبالغ من أجل استخدامها وهذا‬
‫في الحاالت التي تتضمن إلزامية االستعمال ويمكن أن يترتب عنها ازدحام‪ .‬والتي تسمى على إثرها‬
‫بالسلع المنخفضة االزدحام أو االكتظاظ ‪Low-Congestion goods‬؛‬
‫▪ خدمات عمومية مختلطة أو مشتركة خالصة‪ :‬يمكن ذكر في هذا الصدد بعض األمثلة على غرار‪:‬‬
‫فضاء حضري‪ ،‬السكينة‪ ،‬الهواء النقي‪ ،‬مقاعد المتواجدة في الحدائق العمومية والمواقف المجانية‬
‫للسيارات‪ ،‬السمك في البحر‪ .‬والسلع الخاصة كذلك يمكن في بعض الحاالت أن تصنف ضمن الخدمات‬
‫العمومية وتسمى بسلع أو خدمات تحت الوصاية➢‪ Goods and Services under the trusteeship‬فنظ ار‬
‫ألهمية هذه المنتجات تٌليها المصالح العمومية أهمية خاصة ويمكن أن تؤدي بها إلى الوصاية على‬
‫االستهالك أو اإلنتاج مثل ‪ :‬المخدرات والمهدئات التي يحتفظ بها لالستخدام الطبي‪.‬‬
‫فبتنوع معايير تصنيف الخدمات العمومية وبتنوعها بين ما هو ذو طابع إداري‪ ،‬وبين ما هو ذو طابع‬
‫صناعي وتجاري وغيرها من األنواع‪ ،‬تبقى في النهاية حاملة لصفتين أو طابعين أساسين هما الطابع الخدمي‬
‫والعمومي‪ ،‬وأمام هذا التنوع هناك خطوط مشتركة مميزة للخدمة العمومية تظهر في‪:‬‬

‫‪ 1‬أحمد عالش وآخرون‪ ،‬ماهية المرفق العام والخدمات العمومية‪ ،‬الملتقى الوطني حول إصالح الخدمة العمومية وتأهيل المرفق‬
‫‪18-17‬‬ ‫الواقع‪ ،‬التحديات واآلفاق‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية والعلوم التجارية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة البليدة ‪ ،2‬يومي‬ ‫العام‪:‬‬
‫ديسمبر‪ ،2014‬ص‪.07 :‬‬
‫➢‬
‫‪En français: Les biens et services sous la tutelle.‬‬
‫‪18‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫‪ -1‬المصلحة العمومية ‪The public interest‬‬

‫تتواجد الخدمة العمومية كمفهوم في قلب تصميم وبناء أية دولة؛ خاصة في الديمقراطيات الغربية‬
‫الحديثة‪ .‬ولكن من الصعب اقتراح تعريف تصوري يلم بالموضوع بصفة جيدة‪ .‬وفي الواقع‪ ،‬خالل القرن التاسع‬
‫عشر‪ ،‬وخاصة في القرن العشرين‪ ،‬حاولت العديد من البلدان تشكيل تدريجيا مذهب التدخل العمومي المرتكز‬
‫عل ى حول مفهومين رئيسين هما الخدمة العمومية والمصلحة العمومية فالدول الفرونكوفونية كفرنسا اتبعت طريقا‬
‫مختلفا عن الذي اختارته الدول األنجلوسكسونية على غرار الواليات المتحدة األمريكية وبريطانيا العظمى‪ .‬فهذه‬
‫األخيرة ناد ار ما تستعمل مصطلح "الخدمة العمومية ‪ "The public service‬بل تفضل عليه مصطلح "المصلحة‬

‫"‪ .1‬على عكس فرنسا التي تستعمل‬ ‫‪The public utility‬‬ ‫العمومية ‪ "The public interest‬أو "المرفق العمومي‬

‫المصطلحين الفرنسيين ‪ L'intérêt général‬أو ‪ L’utilité publique‬أي المصلحة العامة أو المنفعة العمومية؛ و ‪Le‬‬

‫‪ service public‬أي الخدمة العمومية‪.‬‬


‫‪The public‬‬ ‫إلى جانب ذلك‪ ،‬إذا ما كان مفرد مصطلح الخدمات العمومية أي الخدمة العمومية‬
‫‪The‬‬ ‫‪ service‬يشير إلى التفكير في دور الدولة‪ ،‬فإن جمع مصطلح المصلحة العمومية أو المرفق العمومي‬
‫‪ public utilities‬يسمح بالحديث بوضوح عن خدمات محددة ومعرفة بصفة جيدة‪ .‬وهذا مثلما جاء به الشكل‬
‫الموالي‪:‬‬

‫الشكل رقم‪04 :‬‬


‫خدمات المصلحة العمومية‬ ‫خدمات املصلحة العمومية‬

‫خدمات اجتماعية ذات املصلحة‬


‫العمومية‬

‫خدمات املصلحة العمومية غري‬ ‫خدمات املصلحة االقتصادية‬


‫االقتصادية‬ ‫العمومية‬

‫‪Source: Catherine TANVET et Autres, Op.cit, P: 33.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Eric GEORGE, Service public de la télévision et marchandisation de la communication, Sur le site :‬‬
‫‪http://aix1.uottawa.ca/~egeorge/textes_enligne/marchandisation_tele.pdf, Consulté le: 12-06-2015, à 18:08.‬‬
‫‪19‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫يتناول الشكل السابق خدمات المصلحة العمومية➔‪ ،SGI‬وهو المفهوم المحدد من قبل المفوضية‬

‫األوروبية كالخدمات‪ ،‬سواء االقتصادية وغير االقتصادية منها‪ ،‬والتي تصنفها السلطات العمومية بأنها تحقق‬
‫المصلحة العمومية وتخضع اللتزامات خاصة بالخدمة العمومية‪ .‬هذا المفهوم محدد وخاص في لغة الجماعة‬
‫والمجتمع‪ ،‬وقد استخدم ألول مرة رسميا من طرف المفوضية األوروبية في سنة ‪ 1996‬وال يزال هذا المفهوم‬
‫يتطور إلى يومنا هذا‪ .‬وتناول الشكل السابق أيضا أهم أنواع خدمات المصلحة العمومية كما يلي‪:‬‬
‫▪ خدمات املصلحة االقتصادية العمومية ‪ :SIEG‬تم تبني هذا المفهوم رسميا في سنة ‪ 1957‬في معاهدة‬

‫روما‪ .‬ووفقا للمفوضية األوروبية " هناك اتفاق واسع على أن هذا المفهوم يشير إلى الخدمات ذات‬
‫الطابع االقتصادي التي تكون الدول األعضاء أو الجماعات خاضعة اللتزامات خاصة بالخدمة‬
‫العمومية محددة بموجب معيار المصلحة العمومية وهذا ضمن الممارسة العملية المجتمعية‪ .‬فمفهوم‬
‫خدمات المصلحة االقتصادية العمومية بالتالي يغطي عمليا بعض الخدمات التي تقدمها أكبر‬
‫الصناعات الشبكية مثل النقل‪ ،‬والخدمات البريدية‪ ،‬والطاقة واالتصاالت‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ويمتد هذا المصطلح‬
‫أيضا إلى أي نشاط اقتصادي آخر يخضع اللتزامات الخدمة العمومية‪ " .‬تمثل هذه الخدمات فئة فرعية‬
‫من خدمات المصلحة العمومية‪ .‬كما وضعت المفوضية األوروبية مفهوم "الخدمة الشاملة ‪Universal‬‬

‫‪ " service‬لفرض على مقدمي الخدمات ضرورة االلتزام بتقديم خدمات محددة وبشروط خاصة ومحددة‪،‬‬

‫بما في ذلك تغطية إقليمية كاملة وبأسعار معقولة‪ .‬فالخدمة الشاملة هي مفهوم ديناميكي يوفر الحد‬
‫األدنى من الحقوق والواجبات‪ ،‬وينبغي أن يتم تحديثها بانتظام في كل قطاع على حدى‪ .‬كما أنها ال‬
‫تشكل فئة من الخدمات بحد ذاتها؛‬
‫▪ الخدمات االجتماعية ذات المصلحة العمومية ‪ :SSIG‬اعتمد هذا المفهوم في سنة ‪ 2003‬من قبل‬

‫المفوضية األوروبية‪ ،‬مستهدفة ضمان التماسك االجتماعي‪ ،‬وتحسين الظروف المعيشية للسكان دون أي‬
‫شكل من أشكال التمييز‪" .‬واحدة من الخصائص األساسية للخدمات االجتماعية ذات المصلحة العمومية‬
‫تكمن في تجسيد التضامن الجماعي في أرض الواقع محاولة بذلك التخلص من جميع حاالت الحرمان‬
‫االجتماعي والتي يمكن أن تحفظ أمن وسالمة األفراد‪.‬‬
‫وفي مداخالت لسنة ‪ ،2006‬حددت المفوضية األوروبية نوعان رئيسان من الخدمات االجتماعية ذات‬

‫المصلحة العمومية‪:‬‬

‫➔‬
‫‪En français: Les Services d’intérêt général.‬‬
‫‪‬‬
‫‪En français: Les Services d’intérêt économique général.‬‬
‫‪‬‬
‫‪En français: Les Services sociaux d’intérêt général.‬‬
‫‪20‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫✓ أوال األنظمة القانونية واألنظمة التكميلية للحماية االجتماعية الموجودة في أشكال مختلفة من‬
‫التنظيم (مشتركة أو مهنية)‪ ،‬والتي تغطي المخاطر الرئيسة في الحياة‪ ،‬مثل تلك المتعلقة‬
‫بالصحة والشيخوخة والحوادث المهنية‪ ،‬والبطالة‪ ،‬والتقاعد والعجز؛‬
‫✓ ثانيا كل الخدمات األخرى المقدمة مباشرة إلى الشخص مثل تقديم المساعدات االجتماعية‬
‫وتقديم الخدمات في مجال التوظيف والتكوين‪ ،‬والسكن االجتماعي أو الرعاية الصحية الطويلة‬
‫األجل‪ .‬ويتم تنظيم هذه الخدمات بشكل عام على المستوى المحلي والتي تعتمد بشكل كبير على‬
‫مستوى التمويل العمومي‪.‬‬
‫▪ خدمات المصلحة العمومية غير االقتصادية →‪ :SNIEG‬قدم التعبير األخير في قانون الجماعات سنة‬
‫‪ 2006‬ويظهر في البروتوكول رقم ‪ 26‬الملحق بمعاهدة لشبونة‪ :‬وتمثل هذه الخدمات جزء من خدمات‬
‫المصلحة العمومية غير الخاضعة لقانون الجماعات وقانون المنافسة والسوق الداخلية‪ ،‬بل تندرج في‬
‫إطار صالحيات الدولة التقليدية‪ .‬على غرار ضبط والمراقبة المجال الجوي وفرض الرقابة على التلوث‬
‫البحري‪ ،‬وخدمات التعليم العمومي‪.‬‬

‫فرغم االختالف في استعمال المفاهيم إال أنه يمكن القول بأن الخدمة العمومية والمصلحة العمومية لهما‬
‫مدلول واحد أحيانا‪ .‬وأحيانا أخرى يكمالن بعضهما البعض فال يمكن الحديث عن أحدهما دون األخر‪ .‬فاألول‬
‫وسيلة لتحقق الثاني والثاني هو الهدف الذي يطمح إليه األول ويراعي تحقيقه‪.‬‬

‫كما أصبح مفهوم المصلحة العمومية مفهوما مطاطا وهو يعني جميع األنشطة التي لها انعكاس على‬
‫حياة المجتمع‪ ،‬وبهذا أصبح األفراد يطالبون بإشباع حاجات عمومية لم يكونوا في السابق يطالبون بها مثل النقل‬
‫والكهرباء والتعليم‪ ...‬الخ‪.‬‬
‫وعلى هذا األساس‪ ،‬ترتبط فكرة المصلحة العمومية بالتطورات االقتصادية والسياسية للمجتمع‪ ،‬فهي‬
‫تتفاعل مع التحوالت االجتماعية وتشكل اإلطار الذي يحدد مشروعية أعمال الدولة ويميز الخدمات العمومية عن‬
‫غيرها من الخدمات‪ .‬لذا أمكن ذلك من تصنيف المصلحة العمومية إلى ثالثة أنواع‪:1‬‬
‫▪ المصلحة العمومية الوطنية ‪ :The national public interest‬تتحقق هذه المصلحة العمومية عند‬
‫م مارسة النشاط المتصل بوظائف الدولة األساسية‪ ،‬كالنشاط الدبلوماسي واألمن الداخلي والخارجي‪ ،‬كما‬

‫→‬
‫‪En français: Les Services non économiques d’intérêt général.‬‬
‫‪.28‬‬ ‫مروان محي الدين القطب‪ ،‬طرق خصخصة المرافق العامة‪ ،‬ط‪ ،01 :‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،2009 ،‬ص‪:‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪21‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫أن بعض األنشطة تحقق المصلحة الوطنية وال تدخل في إطار الوظائف األساسية للدولة‪ ،‬وهي األنشطة‬
‫التي تشبع الحاجات األساسية لألفراد كخدمات البريد وتوزيع الكهرباء؛‬
‫▪ المصلحة العمومية اإلرادية ‪ :The voluntary public interest‬وهي المصلحة العمومية التي ال‬

‫تتطابق مع المصلحة الوطنية‪ ،‬إال أن السلطة العمومية تعتبرها مصلحة عمومية بإرادتها الصريحة‬
‫وتسعى إلى تحقيقها‪ ،‬كإنشاء أجهزة مختصة بمكافحته البطالة مثال؛‬
‫▪ المصلحة العمومية المستحدثة ‪ :The new public interest‬ترتبط هذه المصلحة العمومية بالميدان‬
‫االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬حيث كانت ممارسة النشاط المرتبط بهذا الميدان حك ار على أشخاص القانون‬
‫الخاص؛ إال أن األزمات االقتصادية واالجتماعية أدت إلى ظهور مصالح عمومية جديدة‪ ،‬حملت الدولة‬
‫مهمة التدخل لتحقيقها مع عدم اإلفراط في ذلك (أي في تحقيق تلك المصالح العمومية الجديدة)؛ حفاظا‬
‫على الحرية االقتصادية‪.‬‬

‫ولكي يرقى نشاط الخدمة العمومية لمستوى المصلحة العمومية يتطلب خضوعه للمبادئ الموضوعة من‬
‫طرف ‪ Louis ROLLAND‬والتي تندرج ضمن قوانين ٌسميت باسمه " قوانين روالند ‪ ،1"Rolland’s Laws‬أو ما‬
‫يسمى بقوانين الخدمة العمومية "‪ "Laws of public service‬والتي أعطت هوية لمفهوم الخدمة العمومية‬

‫‪ ،Identification of public service‬وهذه القوانين أو المبادئ هي‪:‬‬

‫▪ مبدأ االستمرارية ‪ :The principle of continuity‬تقوم المؤسسات واإلدارات العمومية بتوفير خدمات‬
‫أساسية للمواطنين وتؤمن حاجات عمومية جوهرية في حياتهم‪ ،‬مثال التزويد بالمياه الصالحة للشرب‬
‫النظافة‪ ،‬الغاز‪ ،‬النقل‪...،‬الخ‪ .‬ونظ ار لضرورة هذه الخدمات ودوريتها وحاجة المرتفقين التزود بها‪ ،‬يجب‬
‫أن يكون توفير الخدمات العمومية منتظما (غير متقطع) ومستمر دون انقطاع أو توقف‪ ،‬وأي توقف‬
‫ولو لمدة قصيرة سيشكل خلال ومساسا بفكرة الخدمة العمومية‪ .‬لذلك أجمع العديد من فقهاء القانون‬
‫على ضرورة هذا المبدأ وجعله أول المبادئ األساسية التي تقوم عليها الخدمات العمومية‪ ،‬ونظ ار ألهمية‬
‫هذا المبدأ وضرورة ضمانه من طرف الدولة‪ ،‬فقد تم تكريسه دستوريا في الجزائر من خالل المادة ‪ 76‬من‬
‫دستور ‪1996‬؛ حيث نصت أن رئيس الجمهورية يسهر على استم اررية الدولة والعمل على توفير الشروط‬

‫‪1‬‬
‫‪Pierre ESPLUGAS, Le service public, Edition DALLOZ, Paris, 1998, P: 29.‬‬
‫‪22‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫الالزمة للسير العادي للمؤسسات‪ .‬وهذا ما تضمنه نص اليمين الدستورية الواجب تأديته من طرف‬
‫الرئيس المنتخب حديثا على رأس الجمهورية الجزائرية‪.1‬‬
‫وقد استقر القضاء في فرنسا ومصر على أن هذا المبدأ يفرض نفسه في النظام للخدمة العمومية دون‬
‫حاجة ألن ينص عليه تشريعيا‪ ،2‬كما انه قد استخدم في إنشاء وتفسير العديد من نظريات القانون‬
‫اإلداري‪ ،‬ومن هذه النظريات والمبادئ ما يلي‪:‬‬
‫✓ تحريم اإل راب‪ :‬تثير استم اررية الخدمة العمومية قضية في نظر المستفيدين من الخدمات‬
‫العمومية وهي "هل ُيس َمح بإضراب مقدمي الخدمات العمومية" وهذا نظ ار لخطورة اإلضراب‬
‫على سير تلك الخدمات‪ .‬فأغلبية الدول تحرمه لضمان دوام سير الخدمات العمومية على عكس‬
‫اإلضراب الذي يقصد به فقهيا على أنه "اتفاق عدد من العمال أو الموظفين على االمتناع عن‬
‫العمل الواجب عليهم بمقتضى القوانين واللوائح أو عقد العمل‪ ،‬مع التمسك بمزايا الوظيفة‬
‫العمومية"‪ .3‬فامتناع العاملين عن تأدية واجبات وظائفهم بصفة مؤقتة؛ إنما هو من أجل‬
‫الحصول على بعض المطالب على حساب استم اررية الخدمة العمومية‪ .‬كما يمكن أن يطرح في‬
‫هذا الصدد قضية االستفادة من العطل مهما كانت نوعها وبشكل جماعي؛‬
‫✓ قواعد تنظيم االستقالة‪ :‬يقصد باالستقالة انتهاء الخدمة‪ ،‬لذا فهي تخضع لقواعد تنظيمية بهدف‬
‫ضمان عدم تعطيل العمل واإلخالل بالسير الحسن للخدمة العمومية؛‬
‫✓ نظرية الموظف الفعلي‪ :‬الموظف الفعلي هو ذلك الموظف الذي يمارس وظيفة دون عالقة‬
‫قانونية تربطه بها‪ ،‬حيث تعتبر تصرفاته باطلة مثل الموظف الذي لم يصدر قرار تعينه أو‬
‫صدر وكان معيبا؛‬
‫✓ نظرية الظروف الطارئة‪ :‬مقتضى هذه النظرية أنه إذا طرأت أثناء تنفيذ العقد اإلداري ظروف لم‬
‫تكن في الحسبان وقت إبرامه‪ ،‬وال دخل ألي من طرفي العقد في إحداثها تجعل تمثيل هذا العقد‬

‫الدستور الجزائري لسنة ‪ ،1996‬على الخط‪ ،http://www.elmouwatin.dz/IMG/pdf/constitution_algerienne._ar_.pdf :‬تاريخ‬ ‫‪1‬‬

‫‪.09:42‬‬ ‫االطالع‪ ،2018-06-21 :‬على الساعة‬


‫‪-01-16‬‬ ‫مبدأ المساواة أمام المرافق العامة‪ ،‬على الخط‪ ،http://dspace.univ-biskra.dz:8080/jspui/bitstream:‬تاريخ االطالع‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪.21:47‬‬ ‫‪ ،2016‬على الساعة‬


‫‪ 3‬سامر أحمد موسى‪ ،‬إ راب العاملين في المرافق العامة‪ :‬دراسة في النظام القانوني الفلسطيني والفرنسي والجزائري‪ ،‬ص‪،12 :‬‬
‫على الخط‪ ،http://previous.eastlaws.com/Uploads/Morafaat/19.pdf :‬تاريخ االطالع‪ ،2018-06-01 :‬على‬
‫الساعة‪.22:41‬‬
‫‪23‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫متعذ ار ومرهقا لدرجة تؤدي إلى اختالل التوازن المالي للعقد يمكن للمتعاقد أن يطلب من اإلدارة‬
‫المساهمة معه في تحمل هذه األعباء الجديدة غير المتوقعة‪ ،‬وهذا لتمكين المتعاقد من‬
‫االستمرار في تنفيذ التزاماته‪ ،‬وبتالي ضمان استم اررية الخدمة العمومية التي تتصل به بانتظام‬
‫وباضطراد؛‬
‫✓ تحريم الحجز علر أموال اإلدارات العمومية‪ :‬ال يجوز الحجز على أموال اإلدارات العمومية‬
‫للوفاء بما قد يكون مستحقا عليها من ديون‪ ،‬وذلك حتى ال تحرم هذه اإلدارات من األموال‬
‫الالزمة لمواصلة نشاطها دون انقطاع‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬يعني هذا المبدأ ضمان استم اررية الخدمة العمومية بصورة ٌم َؤ َس َسة وبدون انقطاع ومهما كانت‬
‫الظروف‪ .‬مدعومة بعدة قوانين منظمة لسير عمل المؤسسات المقدمة لمثل هذه الخدمات‪ ،‬ومنظمة أيضا لسير‬
‫عمل عمالها‪.‬‬
‫▪ مبدأ المساواة ‪ :The principle of equality‬مضمون هذا المبدأ هو أنه ينبغي أن يحصل جميع أفراد‬
‫المجتمع على الخدمة العمومية دون استثناء‪ ،‬أي أن هذا المبدأ ُي َحِيد الخدمة العمومية ويتضمن ضرورة‬
‫توفيرها بدون عوائق‪ ،‬وإتاحتها لجميع أفراد المجتمع دون استثناء وبصورة عادلة‪ .‬حيث أن مبدأ المساواة‬
‫يشمل مستعملي الخدمات العمومية كما يشمل أعوان الخدمة العمومية‪1‬حيث يرى البعض أن هذا المبدأ‬
‫يشمل فئتين هما ‪:2‬‬
‫✓ مساواة المستعملين‪ :‬يعني ذلك أن تقدم الخدمة العمومية في نفس الشروط والظروف أمام كافة‬
‫المستعملين بال تمييز‪ ،‬فليس هناك مصلحة عمومية إن لم تكن هناك استجابة لمختلف‬
‫الرغبات‪ ،‬وكافة أصناف الحاجات بال فوارق أو تمييز‪ .‬فأول استعمال لمصطلح المساواة كان‬
‫محدودا‪ ،‬حيث كان يدعو فقط إلى ضرورة تقديم نفس الخدمة لكل فرد‪ ،‬وكانت دراسة حاجات‬
‫مختلف وضعيات المستعملين غير ضرورية؛ ألنه كان من غير الالئق اقتراح خدمات متنوعة‬
‫حسب وضعية كل مستعمل‪.‬‬
‫بعد ذلك صار باإلمكان تطبيق قاعدة المساواة بصفة أكثر شمولية‪ ،‬إذ أضحت مختلف‬
‫الوضعيات الممكن أن يتواجد فيها المستعملون تؤخذ بعين االعتبار من قبل القائمين بتوفير‬
‫‪1‬‬
‫‪Hatem DEBIH, Le service public: notions essentielles, Faculté de droit & de sciences politiques, Université de‬‬
‫‪Msila, Sur le site: http://virtuelcampus.univ-msila.dz/facdroitsp/wp-content/uploads/2016/11/Droit-administratif-‬‬
‫‪Doc2.pdf, Consulté le: 30-10-2016, à 00:10.‬‬
‫‪ 2‬عبد القادر براينيس‪ ،‬التسويق في مصسسات الخادمات العمومياة‪ :‬دراساة حالاة المصسساات الصاحية باالجزائر العاصامة‪ ،‬أطروحـة‬
‫مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه في العلوم االقتصادية‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية والعلوم التجارية وعلوم التسـيير‪ ،‬جامعـة الج ازئـر‪،2007 ،‬‬
‫‪.122-121‬‬ ‫ص ص‪:‬‬
‫‪24‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫الخدمات العمومية‪ ،‬وذلك لتكييف عرضها مع وضعياتهم‪ .‬وأمكن بعد ذلك‪ " ،‬المرور من مفهوم‬
‫الخدمة المصداة هي نفسها للجميع؛ إلر مفهوم الخدمة المصداة هي مصدر المساواة "؛‬
‫✓ مساواة غير المستعملين‪ :‬يعني مبدأ المساواة هنا المعالجة على قدم المساواة ليس فقط‬
‫المستعملين‪ ،‬ولكن أيضا كل أصناف الجمهور الذين لهم عالقة بنشاط مقدمي الخدمة العمومية‪،‬‬
‫ومن هنا عوضت قاعدة مساواة المستعملين بقاعدة أكثر شمولية وهي "مبدأ المساواة الذي يمس‬
‫سير الخدمات العمومية"‪ ،‬حيث يعني ذلك كل من لهم صلة بالخدمة العمومية (األشخاص‬
‫الذين يجدون أنفسهم في اتصال مع مقدمي الخدمة العمومية دون أن يكون لهم صفة المستعمل‬
‫كالموردين)‪.‬‬
‫▪ مبدأ التكييف ‪ :The principle of adaptation‬يسمى أيضا بمبدأ المالئمة‪ ‬أو التطور‪ ،‬إذ يراعي هذا‬

‫المبدأ ضرورة امتثال الخدمة العمومية للتطورات الحاصلة في الحاجات الجماعية وفي المصلحة‬
‫العمومية‪ ،1‬بمعنى ضرورة تكييف الخدمة العمومية وانسجامها مع حاجات أفراد المجتمع‪.‬‬
‫وفي نفس السياق‪ ،‬ظهر هذا المبدأ األخير كنتيجة طبيعية لمبدأ االستم اررية‪ ،‬ألنه يقوم على فكرة أن‬
‫جودة الخدمة يجب أن تكون مضمونة في الوقت المناسب‪ .‬والخدمات المقدمة للجمهور ينبغي دائما أن‬
‫تتكيف مع احتياجاتهم‪ .‬وهذا يعني أن الخدمات العمومية تخضع عمليا إلى "قانون التطور ‪"Law of‬‬
‫‪ progress‬من أجل ضمان تحسين تلك الخدمات بشكل مستمر‪.2‬‬

‫وفي ذات السياق‪ ،‬يسمح هذا المبدأ بتكييف محتوى الخدمة العمومية مع التطور االجتماعي والتقدم‬
‫التقني والتكنولوجي من جهة؛ واحتياجات المستفيدين من جهة أخرى على غرار إدخال البطاقات البيومترية في‬
‫الحالة المدنية ومعالجة العمليات الجارية الحسابية بالنظم المعلوماتية الحديثة‪ ،‬وتحديث وسائل النقل الجماعي‬
‫‪...‬إلخ‪.‬‬
‫كما تبقى هذه المبادئ الثالثة أساسية رغم التطور الذي تعرفه الخدمات العمومية‪ ،‬في حين هناك من‬
‫يضيف لها مبدأ المجانية و‪/‬أو مبدأ الحي ادية‪ ،‬ولكن تطبيق هذه المبادئ يتقلص أحيانا ويتغير معناه عند تدخل‬
‫أطراف أخرى في إدارة الخدمة العمومية‪.‬‬
‫▪ مبدأ المجانية ‪ :The principle of free of charge‬يعني تقديم خدمات عمومية دون مقابل؛‬

‫‪‬‬ ‫‪En français: La mutabilité ou l'adaptabilité.‬‬


‫‪1‬‬
‫‪Pierre ESPLUGAS, Op.cit, P: 38.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Anne GIRAUDON, La notion de service public, Mémoire d'étude, École nationale supérieure des sciences de‬‬
‫‪l'information et des bibliothèques, France, janvier 2010, P: 20.‬‬
‫‪25‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫▪ مبدأ الحيادية ‪ :The principle of neutrality‬يعني أن يشتغل مقدمو الخدمة العمومية بتحقيق‬

‫المصلحة العمومية فقط‪ ،‬دون أية اعتبارات أخرى‪.‬‬

‫ولكن هذين المبدأين ال يمكن أخذهما كمبدأين مستقلين عن المبادئ الثالثة السالفة الذكر‪ ،‬وال يأخذان‬
‫أيضا بعين االعتبار؛ ألن الحيادية ما هي إال أثر المساواة‪ ،‬إذ أن من أهم شروط المساواة " مبدأ الحيادية "‪ ،‬أما‬
‫في ما يخص بمبدأ المجانية‪ ،‬فال يمكن أن تكون كل الخدمات مجانية؛ ألن بعضها يقتضي تحصيل بعض‬
‫الموارد لضمان استم ارريتها‪ ،‬أو حتى في شكل مساهمات رمزية من طرف أفراد المجتمع‪ .‬لذلك ذهب البعض إلى‬
‫إضافة لفظة "نسبية" إلى مبدأ المجانية ليصبح المبدأ يطلق عليه بـ مبدأ المجانية النسبية‪.‬‬

‫في المقابل‪ ،‬هناك من يزيد ويضيف مبادئ أخرى عن تلك المذكورة آنفا تعزي از لقيم تستمد منها إدارة‬
‫الخدمة العمومية شرعيتها على غرار‪:1‬‬

‫▪ مبدأ الشمولية‪ :‬إنطالقا من مفهوم الخدمة العمومية كونها خدمة أساسية يكون حق االستفادة منها‬
‫مكفوال لكل المواطنين‪ ،‬ألنها تعتبر ضرورية في أغلب األحيان‪ ،‬ومن ثم فإن هذه الخدمة ينبغي أن تكون‬
‫في متناول جميع المواطنين‪ ،‬والسماح لهم بالوصول إليها بشروط مواتية لقدراتهم ومستويات معيشتهم؛‬
‫▪ مبدأ الفعالية‪ :‬الخدمة العمومية هي كل األنشطة التي تثبت فيها عجز السوق في التصحيح الذي‬
‫يحصل في حاالت االستغالل غير المتوازن بين مناطق الوطن ( خلق الفوارق الجهوية )‪ ،‬فتوفير بعض‬
‫الخدمات العمومية الجوارية‪ ،‬في مجال النقل والكهرباء والغاز واالتصاالت والتعليم والصحة واألمن وشق‬
‫الطرق في المناطق ذات الكثافة السكانية الضعيفة‪ ،‬يسهم في خلق التوازن الجهوي والحفاظ على مزاولة‬
‫النشاطات االقتصادية خارج التجمعات السكانية الكبرى‪ ،‬وعليه فإن مثل هذه الخدمات تجعل تهيئة‬
‫وتنمية هذه المناطق أكثر فعالية؛‬
‫▪ مبدأ التضامن‪ :‬الخدمة العمومية ما هي إال تعبي ار عن التضامن االجتماعي بين المواطنين تتولى الدولة‬
‫قيادته وتجسيده ميدانيا‪ ،‬من خالل محاربة ظاهرة الفقر والحرمان‪ ،‬بالمساهمة في تقليص الفوارق بين‬
‫المواطنين بسبب الدخل أو اإلعاقة الصحية والمادية‪ ،‬لذا فالخدمة العمومية تصنف مهامها إلى ثالثة‬
‫أصناف وفق معيار التضامن االجتماعي والمتمثلة في‪:‬‬

‫نور الدين شـنوفي ‪ ،‬المناجمنت العمومي‪ ،‬علـى الخـط‪ ،http://ouarsenis.com/vb//attachment.php?attachmentid=9718 :‬تـاريخ‬ ‫‪1‬‬

‫‪.23:12‬‬ ‫االطالع‪ ،2017-06-05 :‬على الساعة‬


‫‪26‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫✓ مهام تهدف إلى جعل الخدمة العمومية مادية ومالية في متناول المواطنين المهددين بالفقر‬
‫والتهميش ( الفئات المعوزة)؛‬
‫✓ مهام تهدف إلى المحافظة على االنسجام االجتماعي والشعور بالمواطنة؛‬
‫✓ مهام تهدف إلى المساهمة في تشجيع االستعمال الفعال والعادل للموارد المشتركة‪.‬‬
‫▪ مبدأ االحتكار الطبيعي‪ :‬يتفق العديد من الباحثين على أن االحتكار منبوذ اقتصاديا وعرفيا وحتى‬
‫شرعيا‪ ،‬وقد يرى البعض اآلخر أن االحتكار يجلب في حاالت‪ ،‬تحسينا في الكفاءة االقتصادية‪ .‬كما أن‬
‫هناك أنشطة يرغب في كونها احتكارية‪ ،‬ويطلق على هذا النوع من االحتكار في كتب االقتصاد‬
‫"االحتكار الطبيعي ‪ "Natural monopoly‬وهذا االحتكار يتميز بـ‪:‬‬
‫✓ إما بانخفاض تكلفة إنتاج الوحدة الواحدة عند إسناد اإلنتاج إلى مؤسسة واحدة‪ ،‬وأشهر مثال‬
‫مؤسسة الكهرباء؛‬
‫✓ وإما بكون طبيعة إنتاج عدد من المنتجات تجعل إنتاجها عن طريق مؤسسة واحدة أكثر كفاءة‬
‫اقتصاديا بأن‬
‫ً‬ ‫من إنتاجها بواسطة عدة مؤسسات‪ ،‬مثل خدمات النقل العمومي‪ .‬فهو إذا يتميز‬
‫التكلفة الكلية لمنتج واحد فيه تكون أقل من مجموع التكاليف الكلية لو تعدد المنتجون‪.1‬‬
‫فالمبرر االقتصادي الذي يؤكده جميع من يبحثون الموضوع هو أن هذه الخدمات تتطلب تكاليف‬
‫تأسيس باهظة مثل تمديدات المياه والكهرباء لمختلف المناطق والبيوت ووصلها بالشبكة العامة‪ .‬وهذه‬
‫التكاليف الباهظة سوف تتكرر لو تعددت المؤسسات‪( .‬فلو أني وجاري اشتركنا في مؤسستي كهرباء‬
‫مختلفتين تعمالن في مدينة واحدة فكل من هاتين المؤسستين تتحمل تلك التكاليف التأسيسية الباهظة‬
‫حتى توصل إحداهما تمديدات الكهرباء لي واألخرى لجاري‪ .‬بينما لو انفردت مؤسسة واحدة بتقديم‬
‫الخدمة لجميع الناس لما لزمها تحمل هذه التكاليف التأسيسية إال مرة واحدة)‪ .‬إ ًذا‪ ،‬تخفيف هذه التكاليف‬
‫طبيعيا"‪.‬‬
‫ً‬ ‫"احتكار‬
‫ًا‬ ‫كثير ما يسمي االقتصاديون هذه النوع من االحتكارات‬
‫هو المبرر االقتصادي‪ .‬ولذلك ًا‬
‫وقد يتقاطع مع هذا الطرح مفهوم االحتكار في القطاع العمومي‪ ،‬إذ أن الحكومة هي التي تحدد األسعار‬
‫في هذه الحالة تبعاً لمعايير خاصة‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬قد تعمد الدولة لخفض األسعار لتأمين المنتوج‬
‫للمستهلكين الذين ال يستطيعون شراء المنتوج بأسعار مرتفعة تحقيقا للمصلحة العمومية‪ .‬مستعملة ما‬
‫يسمى باالحتكار القانوني وذلك عندما يكون قرار االحتكار صاد اًر عبر قانون من جهات حكومية أو‬
‫جهات مراقبة لألسواق لمنع المنافسة؛ وذلك ألهداف متعددة كاألمن فمثال هناك في أوروبا نوع من‬

‫محمد أنس الزرقا‪ ،‬األسواق غير التنافسية المعاصرة بين الفقه والتحليل االقتصادي‪ ،‬مجلة جامعة الملك عبد العزيز‪ :‬االقتصاد‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،2006‬ص‪.21:‬‬ ‫اإلسالمي‪ ،‬المجلد‪ ،19 :‬العدد‪ ،02 :‬العربية السعودية‪،‬‬


‫‪27‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫االحتكار في سلع األسلحة منعا لتعدد مؤسسات السالح غير محلية وذلك للحفاظ على األمن أو إلدارة‬
‫ثروات إستراتيجية‪ .‬كما يمكن تأكيد هذا الطرح في النقاط التي ستأتي فيما يلي مباشرة‪.‬‬
‫‪ -2‬االستقاللية اتجاه السوق ‪The autonomy from the market or The demarchandisation‬‬

‫يقابل االستقاللية اتجاه السوق في الخدمات العمومية المراقبة العمومية األقل أو األكثر شمولية‪ ،‬لذلك‬
‫يتم توضيح هذه الخاصية من خالل التطرق إلى كل من غياب منطق السوق في تقديم الخدمات العمومية‪ ،‬وكذا‬
‫حضور الرقابة العمومية لضبط قطاع الخدمات العمومية‪.‬‬
‫▪ غياب منطق السوق‪ :‬تتميز الخدمات العمومية المقدمة من طرف الهيئات العمومية بالمجانية عموما أو‬
‫بسعر يؤول الربح فيه إلى الصفر فقد يدفع المستفيد مبلغ رمزي في صورة رسم أو ضريبة في أغلب‬
‫األحيان‪ ،‬حيث يتم الحصول على الخدمة العمومية دون توفر خاصية التبادل المباشر الذي تتميز به‬
‫النشاطات االقتصادية األخرى كبيع السلع‪ ،‬أو الخدمات المقدمة من طرف القطاع الخاص )أين يتم دفع‬
‫الثمن بشكل مباشر) ‪.1‬‬
‫وفي هذا الصدد‪ ،‬ينبغي التمييز بين الخدمات العمومية ذات الطابع اإلداري من جهة‪ ،‬وبين الخدمات‬
‫العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري من جهة أخرى‪ .2‬فالخدمات العمومية ذات الطابع اإلداري‬
‫‪ Administrative nature‬في الحقيقة ليس لها سوق؛ ألنها ليس لها ما تبيع بالمعنى الحقيقي‪ ،‬إذن ال‬
‫يوجد هناك تبادل بين مستعملي ومقدمي الخدمة العمومية‪ ،‬ولذلك فقرار التعامل مع الخدمة العمومية‬
‫ذات الطابع اإلداري ليس في حال من األحوال قرار الشراء‪.‬‬
‫أما فيما يخص الخدمات العموميـة ذات الطابع للصناعي والتجاري ‪Industrial and Commercial‬‬

‫‪ ،nature‬فرغم كونها تتمتع بعالقة سوقية مع مستعمليها الذين يعتبرون حسب المنطق التسويقي "زبائن"‪،‬‬
‫إال أنها في بعض الحاالت ترضخ ألوامر السلطات العمومية بتوفير الخدمة العمومية بشروط معينة ال‬
‫يتدخل في تحديدها السوق‪ ،‬وهذا كله من أجل ضمان استم اررية الخدمة العمومية وتحقيق المصلحة‬
‫العمومية والتي هي فوق كل اعتبار‪ .‬وهذا ما يعبر صراح ًة على محدودية سلطة السوق بالنسبة لقطاع‬
‫الخدمات العمومية‪.‬‬

‫حمزة العرابي وآخرون‪ ،‬األسس النظرية للخدمة العمومية‪ ،‬الملتقى الوطني حول إصالح الخدمة العمومية وتأهيل المرفق العام –‬ ‫‪1‬‬

‫الواقع‪ ،‬التحديات واآلفاق‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية والعلوم التجارية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة البليدة ‪ ،2‬يومي ‪ 18-17‬ديسمبر ‪،2014‬‬
‫‪.11‬‬ ‫ص‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫‪François TROGER, Services publics: Faire ou déléguer ?, Librairie vuibert, Paris, 1995, PP: 9-10.‬‬
‫‪28‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫▪ حضور المراقبة العمومية‪ :‬تخضع أنشطة الهيئات العمومية ومن ثم الخدمة العمومية إلى رقابة متعددة‬
‫األطراف منها الوصايا المباشرة‪ ،‬هيئات الدولة فضال عن المجتمع المدني على أساس أنها الممول‬
‫األساس والفعلي لنشاط هذه المرافق‪ ،‬ومع تعدد هذه األطراف التي تتميز أهدافها أحيانا بالتعارض فإنه‬
‫كثي ار ما تكون هذه الرقابة فعالة أحيانا وفاشلة أحيانا أخرى حسب الهدف منها وحسب مصلحة كل‬
‫طرف‪.‬‬
‫ومن ثم‪ ،‬فمحدودية سلطة السوق هي معوضة من طرف زيادة حضور السلطات العمومية في توجيهها‬
‫وضبطها لقطاع الخدمات العمومية‪ ،‬خاصة الخدمات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري التي‬
‫هي في الحقيقة تخضع لقواعد السوق (قانون العرض والطلب في تحديد األسعار)‪.1‬‬
‫وعليه‪ ،‬فأي خلل في تقديم الخدمة العمومية من شأنه أن ُي ِخ َّل بالمصلحة العمومية‪ ،‬لذلك يقتضي تدخل‬
‫السلطات العمومية من أجل المحافظة على استم اررية وتكييف الخدمة العمومية مع الحاجات المتزايدة‬
‫ألفراد المجتمع‪ ،‬وضمان المساواة في تقديمها لهم‪ .‬والمثال التالي الخاص بالمجتمع الفرنسي يظهر ذلك‪:‬‬

‫الشكل رقم‪05 :‬‬


‫اخلدمات العمومية بني سلطة السوق وحضور السلطات العمومية‬

‫المصدر‪ :‬ياقوتة بودوشن‪ ،‬دور جودة الخدمة اإللكترونية العمومية في بناء حكومة إلكترونية ناجحة‪ -‬تجارب بعض دول عربية‪،‬‬
‫الملتقى الوطني حول إصالح الخدمة العمومية وتأهيل المرفق العام – الواقع‪ ،‬التحديات واآلفاق‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية والعلوم‬
‫‪.05-04‬‬ ‫التجارية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة البليدة ‪ ،2‬يومي ‪ 18-17‬ديسمبر ‪ ،2014‬ص ص‪:‬‬

‫‪.128‬‬ ‫عبد القادر براينيس‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪:‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪29‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫يعمل الشكل السابق على إظهار موقع الخدمات العمومية في ظل اإلحداثيات (المراقبة العمومية‪،‬‬
‫ومراقبة السوق) معبرة عن عالقة عكسية تجمع متغيراتها‪ .‬فاإلحداثيات التي تشير إلى أكبر قيمة للمراقبة‬
‫العمومية مع اتجاه مراقبة السوق نحو االنعدام أو غياب منطق السوق؛ تجعل القارئ يتوقف عند الخدمة‬
‫العمومية الصرفة كالدفاع الوطني الفرنسي في هذه الحالة‪ .‬والعكس صحيح إذ يجد القارئ نفسه أمام الخدمة‬
‫الخاصة في ح ال ما انعكست قيم اإلحداثيات السالفة الذكر ليتوقف عند مؤسسة رونو كأحسن مثال عن ذلك‪.‬‬
‫في حين تتوسط الخدمات المختلطة المنحنى فتميل تارة نحو العمومية أكثر وتارة أخرى نحو الخاصة أكثر‪.‬‬

‫‪-3‬وجود اآلثار الخارجية ‪:The externalities or The external effects‬‬

‫طبقاً للنظرية االقتصادية فإن ميزة نظام التبادل السوقي تتأكد في حال تحقق االنسجام بـين الرفاهية‬
‫الفردية والرفاهية االجتماعية‪ ،‬إذ يقوم األفراد بإنتاج وتبادل السلع بهدف الحصول على المنافع المترتبة على‬
‫السلع محل التبادل‪ .‬وعندما تتأثر فقط األطـراف المـشتركة فـي عمليـة التبادل‪ ،‬فإن اإلنتاج والتبادل الحر يخدمان‬
‫الرفاهية االجتماعية‪ .‬كما تؤدي سالسة التفاعالت بين قوى العرض والطلب في ظل أوضاع المنافسة إلى‬
‫الكفاءة االقتصادية‪ ،‬إذا ما تم استخدام كـل الموارد والمنتجات بموافقة مالكيها فقط‪ ،‬وأن كل متخذ قرار يتحمل‬
‫تكلفة الفرصة البديلة ألي استخدام (أو سوء استخدام) للموارد النادرة‪.1‬‬
‫ففي مثل هذه الظروف تعمل اليد الخفية ‪ Invisible hand‬عملها في تحقيق التوافق بـين المصالح‬
‫الشخصية والمصلحة العمومية‪ .‬فالتأثيرات الخارجية تحصل عندما تؤثر عمليات اإلنتاج والتبادل في رفاهية‬
‫اآلخرين بدون موافقتهم أو إرادتهم‪.‬‬
‫وفي ذات السياق‪ ،‬تتسم الخدمات العمومية بظاهرة وجود اآلثار الخارجية سواء في جانب اإلنتاج أو‬
‫جانب االستهالك‪ ،‬كما يمكن أن تكون سالبة أو موجبة‪ .‬فإذا كان التأثير علـى رفاهيـة األفـراد ‪-‬من دون موافقتهم‬
‫‪ -‬سلبياً‪ ،‬فإن التأثيرات في هذه الحالـة توصـف بالتكـاليف الخارجيـة ‪ ،External costs‬ومثال ذلك مصنع للحديد‬
‫والصلب ينفث غازات وأبخرة تلوث الهـواء فيـؤدي ذلك إلى فرض تكاليف خارجية على الساكنين قرب هذا‬
‫المصنع والذين يفضلون هـواءاً نقيـاً‪ .‬أمـا إذا كانت اآلثار الخارجية تؤدي إلى تحسين رفاهية األفراد المتأثرين من‬
‫دون اختيارهم‪ ،‬فإنهـا توصـف بالمنافع الخارجية ‪ ،External benefits‬ومثال ذلك حديقة للورود الجميلة ينـشئها‬
‫فـرد معين فيستمتع بمنظرها وعطرها أفراد آخرون‪.‬‬

‫طالب عبد صالح‪ ،‬اقتصاد السوق‪ :‬بحث في أصوله وأسباب تجدد الدعوة إليه والدور المتغير للدولة في ظله‪ ،‬مجلة العلوم‬ ‫‪1‬‬

‫االقتصادية واإلدارية‪ ،‬المجلد‪ ،13 :‬العدد‪ ،48 :‬جامعة بغداد‪ ،‬العراق‪ ،2007 ،‬ص‪.166 :‬‬
‫‪30‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫وفي حال وجود اآلثار الخارجية التي تنجم عنها تكاليف أو منافع فإن األسعار السوقية ال ترسل‬
‫اإلشارات الصحيحة والمالئمة إلى كل من المنتجين والمستهلكين‪ .‬ومن هنا ينشأ فشل السوق‪.‬‬
‫ولذات السبب‪ ،‬تنبع اآلثار الخارجية من الحاالت التقليدية إلختالالت األسواق‪ .‬ولتصحيح هذه‬
‫اإلختالالت يمكن اللجوء لنوعين من المداخل ‪ :‬إدخال اآلثار الخارجية التي تستهدف العودة للحل التجاري أو‬
‫اللجوء للتدخل العمومي‪.‬‬
‫▪ إدخال اآلثار الخارجية ‪ :The internalization of externalities‬إدخال اآلثار الخارجية حيث يتم في‬

‫البداية إنشاء وحدات اقتصادية بحجم كاف حتى تكون نتائج كل الوحدات تظهر بداخل نفس المؤسسة‪.‬‬
‫فإذا كان النحل واألزهار لهما نفس المالك فمشكل اآلثار الخارجية يصبح داخليا‪ .‬ويمكن كذلك تحقيق‬
‫إدخال اآلثار الخارجية حسب نظرية كوس ‪ Coase Theorem‬سنة ‪ .1960‬فبالنسبة لهذه األخيرة وجود‬
‫تكاليف اجتماعية يمكن أن تخفف ‪ Palliate‬من طرف السوق عند إنشاء حقوق ملكية‪ .‬ففي حالة تلويث‬
‫النهر يظهر المشكل مادام أن النهر ليس ملكا ألحد‪ .‬فإذا قامت المدبغة القائمة بالتلويث وكذلك قام‬
‫الصيادين بالتلويث وكان لهم حقوق الملكية على النهر يمكنهم التفاوض فيما بينهم في شاكلة التنازل‬
‫التعاوني أو المتبادل ‪ Mutual Renunciation‬عن حقوقهم والتوصل إلى توازن طوعي أو مرغوم بوجود‬
‫تكاليف اجتماعية مبدئيا غير معوضة‪.‬‬
‫ففتح أشباه األسواق ‪ Quasi-Markets‬كحل مقترح من طرف نظرية كوس ال يمكنه تجنب الصعوبات‬
‫العملية أو التطبيقية ‪.‬فهناك أربع أصناف من العوائق يجب تجنبها ‪ :‬المعلومات "المطبقة " بين األعوان‬
‫المعنية السيما فيما يتعلق بدوال المنفعة (المداخيل) والتكاليف الخاصة واالجتماعية‪ ،‬درجة الدقة الكافية‬
‫لحقوق الملكية التي تسمح للمتضررين من الحصول على حقوقهم‪ ،‬تكاليف المعامالت وتكاليف الرقابة‬
‫المتعلقة بوجود أسواق حقوق الملكية‪ ،‬ظهور مشكل المسافر غير الشرعي ‪ Clandestin Passenger‬في‬
‫حالة اآلثار الخارجية المتعلقة بالمنتجات العمومية‪ .‬فاللجوء للحل التجاري (السوق) لتصحيح اآلثار‬
‫الخارجية تصوريا مقبول ‪ Conceptually Conceivable‬لكن يظهر أنه صعب التجسيد‪.‬‬
‫▪ التدخل العمومي‪ :‬التدخل العمومي ألجل تصحيح المشكل المطروح بوجود آثار خارجية تم التطرق إليه‬
‫من منظور بيغوفي ‪ Pigovian‬ألنه يسمح بتقديم أسس منطقية لتدخل الدولة في‬ ‫‪1920‬‬ ‫منذ سنوات‬
‫اقتصاد السوق‪ .‬وهناك أربع طرق لتدخل الدولة تم تصورها‪:‬‬
‫✓ النوع األول للتدخل يتعلق بالضريبية البيغوفية ‪ Pigovian tax‬نسبة ألثر بيغو وهي في األدبيات‬
‫"ملوث ‪َ – Polluter‬دافع ‪ ."Payer‬فبوجود آثار خارجية سلبية يفرض إنشاء ضريبة‬
‫الحالية مبدأ ُ‬
‫‪31‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫(أو غرامة) تصحيحية‪ 1‬على غرار الضريبة البيئية‪ ،‬والتي يمكن من خاللها بالعودة للتوازن‬
‫المثالي باريتو ‪ Optimal equilibrium pareto‬مادام أن الضريبة المفروضة تغطي الفارق بين‬
‫التكاليف الخاصة والتكاليف االجتماعية أو الفارق بين الربح االجتماعي؛‬
‫✓ النوع الثاني للتدخل مشابه لألول بوجود نفس النوع من اآلثار ويتعلق باإلعانة التصحيحية‬
‫‪ .Corrective subsidization‬في هذه الحالة يتم منح إعانة للمؤسسة الملوثة مثال حتى تتمكن‬

‫من إزالة التلوث؛ وبالتالي السماح بالرجوع لوضع التوازن لكن بآثار توزيعية خاصة‪:‬‬
‫فاالمؤسسات والمستهلكين يربحون من خالل العملية (ألن اإلنتاج معتبر واألسعار غير مرتفعة)‬
‫لكن المساهمين ‪-‬ليس بالضرورة نفس المؤسسات أو المستفدين من العملية‪ -‬يتحملون وزن‬
‫اإلعانة‪ .‬قجزء أو حصة من هذا التدخل يتم توجيهه نحو إعانة المتضررين من التلوث لكي‬
‫يسمح لهم بالتنقل خارج منطقة التلوث أو لمساهمتهم في إزالة التلوث؛‬
‫✓ النوع الثالث من التدخل يتعلق بوضع تشريعات تنظيمية ‪ Regulatory legislation‬تحدد الكمية‬
‫القصوى القابلة لإلنتاج‪ ،‬وبالتالي يتعارض مع اللجوء للسوق ‪ ،Marketization‬حيث يمكن أن‬
‫ما لم يكن هناك تكاليف مراقبة وأن‬ ‫‪Pigovian Tax‬‬ ‫تؤدي إلى حل مماثل للضريبية البيغوفية‬
‫السلطات العمومية تعلم كل المزايا والتكاليف للمشكل المطروح؛‬
‫✓ النوع الرابع من التدخل يختلف عن السابق ويتضمن تحديد الكميات المنتجة من طرف‬
‫السلطات العمومية وبعدها عرض حقوق االستغالل في المزاد العلني بين المؤسسات‪ .‬إذ يتعلق‬
‫األمر بحل يقود لوضع قيود لدخول السوق؛ ما يمكن أن يطرح مشكل االنجاز الفعلي لوضعية‬
‫تنافسية بين المؤسسات مع ذلك يمكن تحقيق ميزة الحصول على كمية مثلى لإلنجاز والتلوث‪.‬‬
‫المحور الرابع‪ :‬التسيير العمومي؛ مقاربة مفاهمية‬
‫يقترن تقديم الخدمات العمومية وتوفيرها وجوب تدخل الدولة لضمان ذلك‪ ،‬والحرص على استم ارريتها‬
‫وتكييفها وضمان المساواة عند تقديمها‪ ،‬فأوجدت لذلك الدولة هيئات تسهر على تحقيق المصلحة العمومية ضمن‬
‫ظروف بيئية داخلية وخارجية تؤثر على أداء وظائفها‪.‬‬

‫وعلى هذا األساس‪ ،‬صار من الضروري البحث عن نظام تسييري يقدم خدمات عمومية ترقى إلى‬
‫تطلعات المواطنين ودائما في إطار المصلحة العمومية‪ .‬وعليه‪ ،‬يتم التطرق في هذا الجزء إلى مفهوم التسيير‬
‫ومستوياته‪ ،‬وكذا التوقف عند المنظور العلمي للتسيير العمومي‪.‬‬

‫‪ 1‬حسن الحاج‪ ،‬ﺍﻗتصاﺩياﺕ البيئة‪ ،‬سلسلة دورية‪ ،‬ﺍلﻌﺩﺩ‪ ،26 :‬ﺍلمعهﺩ ﺍلﻌﺭبي للتخطيط‪ ،‬الﻜﻭيت‪ ،‬فيفري ‪ ،2004‬ص‪.09 :‬‬
‫‪‬‬
‫‪En français: La subvention correctrice.‬‬
‫‪32‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫‪ -1‬مفهوم التسيير ومستوياته‬

‫مصطلح التسيير (أو التدبير أو التصرف) ‪ La gestion‬ومصطلح اإلدارة ‪ L'administration‬هما‬


‫مصطلحان متقاربان حسب ما تضمنه المعجم ‪ Le lexique‬المعد من طرف األستاذ كبات ‪ CAPET‬فكلمة " إدارة‬
‫" ‪ L'administration‬أصلها التيني تتكون من مقطعين اثنين (‪ )Ad + minister‬والتي يقابلها في اللغة اإلنجليزية‬
‫(‪ )To + serve‬أي يخدم أو هي لمساعدة الشخص الذي يعمل بجانب اآلخر‪ .‬لكن األستاذ هنري فايول ‪Henry‬‬

‫( ‪Henry FAYOL a une conception moins‬‬ ‫‪ FAYOL‬لديه تصور أقل تبعية لإلدارة ‪L'administration‬‬

‫ورَق َب‪.‬‬ ‫‪ ،)subordonnée de l'administration‬إذ عرفها في خمسة أفعال تَنَّبأَ ون َّ‬


‫ظ َم وَن َس َق وَق َاد َا‬ ‫َ َ‬
‫‪To manage is to forcast and plan, to organize, to command, to coordinate, and to control.‬‬
‫أي " أن تدير هو أن تتنبأ وتخطط وتنظم وتصدر األوامر وتنسق وتراقب"‪ ،‬وهذه هي الوظائف اإلدارية‬
‫المتعارف عليها‪.‬‬
‫بينما يرجع البعض االخر مصطلح التسيير ‪ La gestion‬إلى أصلها الالتيني ‪ genere‬أي يحمل معنى‬
‫التصرف ‪ ،genere = porter dans le sens d'agir‬فالتسيير هو إكتشاف المشاكل المطروحة‪ ،‬وتحويل المعلومات‪،‬‬
‫اتخاذ الق اررات‪ ،‬تنفيذ تلك الق اررات‪ ،‬والكل يعمل على متابعة تحقيق األهداف المسطرة‪.‬‬

‫فالعملية التسييرية إنما هي‪:1‬‬

‫▪ إكتشاف المشاكل وتحديد األهداف؛‬


‫▪ البحث وايجاد الحلول الممكنة؛‬
‫▪ االختيار بين الحلول الممكنة وضع األهداف؛‬
‫▪ التنفيذ‪ ،‬أي االستثمار والتنظيم؛‬
‫متابعة عملية التنفيذ ومقارنة النتائج مع التوقعات ‪. Confrontation des résultats aux prévisions‬‬ ‫▪‬

‫وعليه مصطلح التسيير ‪ La gestion‬هو مصطلح حديث مقارنة بمصطلح اإلدارة المقابلة للكلمة الفرنسية‬
‫‪L'administration‬‬

‫أما في ما يتعلق بمصطلح االدارة (المديرية) ‪ La direction‬أو حوكمة المؤسسات تتضمن تحديد‬
‫األهداف‪ ،‬وتحديد الخطوط العريضة للتنظيم ومتابعة النتائج‪ .‬لذا نجد أن كل من التسيير ‪ La gestion‬واإلدارة‬
‫‪ L'administration‬يندرجان تحت مصطلح المديرية ‪ La direction‬وحوكمة المؤسسات‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Mourad BEN Turkia, Le management public, C.R.E.A, Tunis, 1992, P: 30.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Ibid.‬‬
‫‪33‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫‪La direction ou le gouvernement de l'entreprise consiste en l'indication des buts, la fixation‬‬


‫‪des grandes lignes de l'organisation et la surveillance des résultats. la gestion et l'administration se‬‬
‫‪situent dans le cadre de la direction.‬‬
‫بينما مصطلح المانجمنت أو إدارة األعمال أو كما يكتفي البعض بمصطلح اإلدارة‪ ‬كترجمة للمصطلح‬
‫‪ Management‬ذو األصول األمريكية "‪ "Manage" ،"Manager‬والمشتق أيضا من اللغة االيطالية‬
‫"‪ ،"Maneggiere‬والتي تعني الطريقة التي يتم بها إطالق اللعبة أو المركب أو التهيئة أو التطوير ‪La manière‬‬

‫‪.dont on a tiré manège, aménager‬‬

‫أما الرؤية الفرنسية لمصطلح ‪ Le management‬فيمثلها االستاذ ‪ Littré‬من خالل وصفه لكلمة الفرنسية‬
‫‪1‬‬
‫القديمة "‪ " Le ménagement‬على أنها "فن القيادة والتوجيه والتعامل"‬
‫‪"Un vieux mot fraçais le ménagement se définit par le Littré comme " L'art de conduire,‬‬
‫"‪de diriger, de manier‬‬

‫كما استخدم شيلدون ‪ Sheldon‬في كتابه "فلسفة اإلدارة" المصطلحين االنجليزيين السابقين بمستويين‬
‫مختلفين‪:2‬‬
‫▪ مصطلح ‪ Administration‬بمعنى اإلدارة العليا؛‬
‫▪ مصطلح ‪ Management‬بمعنى اإلدارة التنفيذية‪.‬‬

‫ثم تناول دور كل منهما في أن اإلدارة التنفيذية هي التي تختص بتنفيذ السياسة ضمن الحدود التي‬
‫صممتها اإلدارة العليا باستخدام التنظيم للوصول إلى الغرض المطلوب‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬أرجع العديد من علماء اإلدارة والمشتغلون بها بشأن االختالف في تحديد مفهوم هذه العملية إلى‬
‫العديد من األسباب والتي من أبرزها‪:‬‬
‫▪ إن علم اإلدارة باعتباره علما اجتماعيا يتسم بما تتسم به سائر العلوم االجتماعية بعدم التحديد‬
‫واالنضباط؛‬
‫▪ إن االهتمام باإلدارة كعلم قد بدأ دراسته في وقت متأخر عن سائر العلوم االجتماعية األخرى؛‬
‫▪ أنها علم تطبيقي أكثر منه نظري؛‬

‫‪.Management‬‬ ‫‪ ‬كلمة " إدارة " في اللغة العربية تستخدم ترجمة لكلمة ‪ Administration‬وأحياناً أخرى لكلمة‬
‫‪1‬‬
‫‪Mourad BEN Turkia, Op.Cit, P: 31.‬‬
‫الخط‪:‬‬ ‫على‬ ‫‪،04‬‬ ‫ص‪:‬‬ ‫التعليمية‪،‬‬ ‫باإلدارة‬ ‫وعالقتها‬ ‫العامة‬ ‫‪2‬االدارة‬
‫‪ ،www.uobabylon.edu.iq/eprints/pubdoc_11_25117_913.doc‬تاريخ االطالع‪ ،2018-06-01 :‬على الساعة ‪.00 :01‬‬

‫‪1.‬‬
‫‪2.‬‬
‫‪34‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫▪ أنها علم يعتمد في مفاهيمه على كثير من العلوم األخرى مثل علم النفس وعلم االجتماع والعلوم‬
‫الرياضية؛‬
‫▪ إن علم اإلدارة يتعلق بعملية حية‪ ،‬ومعقدة تتشابك وتمتزج في كثير من األحيان؛‬
‫▪ إن علم اإلدارة علم شامل واسع النطاق؛ إذ يمتد ليشمل تحقيق سائر األهداف اإلنسانية ويتصل بكافة‬
‫نواحي الحياة الفردية واالجتماعية؛‬
‫▪ وجود أكثر من مدرسة أو اتجاه في مجال اإلدارة لكل منها مفهومها ومنهجها الخاص‪ ،‬األمر الذي ترتب‬
‫عليه إعطاء مفاهيم ومسميات مختلفة لإلدارة‪.‬‬

‫وأيا كانت األسباب التي أدت بمفكري التسيير (=أو االدارة) إلى تبرير عدم االتفاق حول وضع تعريف‬
‫موحد له فإن ذلك لم يمنع البعض من محاولة وضع تعريف لمفهومه ومدلوله‪ .‬وكنتيجة لذلك‪ ،‬تم تجميع تلك‬
‫المحاوالت في مقاربتين على النحو التالي‪:‬‬
‫‪-1-1‬المقاربة األولر‪ :‬جمعت التعاريف التي إرتكز فيها المفكرون على تحليل العمل اإلداري أو التسييري الذي‬
‫يقوم به المديرون أو المسيرين إلى وظائف ومهام محددة وبنوا على ذلك تعريفاتهم على غرار‪:‬‬
‫▪ ما تم ذكره آنفا على لسان األستاذ هنري فايول ‪ Henri FAYOL‬والذي عرف الفعل ٌيسير أو يدير بأنه‬
‫يتنبأ ويخطط وينظم ويصدر األوامر وينسق ويراقب"‪ ،‬وهذه هي الوظائف اإلدارية المتعارف عليها‪.‬في‬
‫ورَق َب؛‬
‫ون َس َق وَق َاد َا‬ ‫خمسة أفعال تَنَّبأَ َّ‬
‫ونظ َم َ‬
‫َ َ‬
‫‪To manage is to forcast and plan, to organize, to command, to coordinate, and to control.‬‬
‫▪ عرف فريديريك تايلور ‪ Fredrick TAYLOR‬التسيير في كتابه ادارة الورشة الصادر سنة ‪َّ ، 1930‬‬
‫بأنه‪:‬‬
‫"المعرفة الدقيقة لما تريد من األفراد عمله‪ ،‬ثم التاكد من أنهم يقومون بعمله بأحسن طريقة وأرخصها"‪.1‬‬
‫وهذا التعريف َرَّك َز على عملية اإلعداد والتخطيط وتحديد األهداف ثُ َّم التوجيه والرقابة‪ .‬كما َّ‬
‫وضح‬
‫عبر اآلخرين‪ ،‬والثانية َّ‬
‫أن الكفاءة في أداء هذه األعمال‬ ‫التعريف نقطتين هامتين‪ :‬األولى َّ‬
‫أن األعمال تتم َ‬
‫أقل التكاليف؛‬ ‫ضرورية‪ ،‬وعبر عن معيار الكفاءة بأحسن طر ٍ‬
‫يقة لألداء و َّ‬ ‫َ‬

‫‪http://iefpedia.com/arab/wp-‬‬ ‫الخط‪:‬‬ ‫على‬ ‫االدارة‪،‬‬ ‫علم‬ ‫إلر‬ ‫مدخل‬ ‫‪1‬‬

‫‪content/uploads/2010/01/%D9%85%D8%AF%D8%AE%D9%84 -%D8%A5%D9%84%D9%89-‬‬
‫تاريخ‬ ‫‪،%D8%B9%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AF%D8%A7%D8%B1%D8%A9.pdf‬‬
‫الساعة ‪.20:53‬‬ ‫االطالع‪ ،2018 -06-01 :‬على‬
‫‪35‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫بأنه القوة المفكرة َّالتي تُحلِل وتصف وتُخطط وتُحفز وتُقيم وتُراقب االستخدام األمثل‬
‫▪ وعرفها جلوفر َّ‬
‫ٍ‬
‫معروف‪.1‬‬ ‫حدٍد‬ ‫لتحقيق ٍ‬
‫هدف ُم َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المادية الالزمة‬ ‫ارد البشر ِ‬
‫ية و‬ ‫للمو ِ‬

‫‪-2-1‬المقاربة الثانية‪ :‬إرتكزت هذه المقاربة على طبيعة اإلدارة أو التسيير‪ ،‬التي عمل بعض المفكرين على‬
‫هذا الجانب لوضع تعاريفهم‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬تم جمع بعضها على شاكلة‪:2‬‬
‫▪ فمنهم من عرفه بأنه "الوظيفة العامة التي تهتم من أجل أن تصل مؤسسة ما إلى األهداف التي وجدت‬
‫من أجلها عن طريق االستخدام األمثل للموارد البشرية والمادية والمالية"؛‬
‫ـاك َم ــن َع ـ َّـرف التس ــيير َّ‬
‫بأن ــه "عملي ــة تعظ ــيم للمس ــاهمات البشـ ـرية والمادي ــة والمالي ــة لتحقي ــق أه ــداف‬ ‫▪ وهن ـ َ‬
‫‪Management is the process of optimizing human, material, and financial‬‬ ‫المنظمــة"‪.‬‬
‫‪contributions for the achievement of organizational goals‬؛‬
‫▪ أما األستاذ جالدن فإنه يعرف التسيير بأنه " تنظيم العالقات بين األفراد"؛‬
‫▪ كما يعرفه األستاذ ‪ G.P.Bergeron‬بأنه "العملية التي بواسطتها تخطط نظم تدبير وتراقب موارد المؤسسة‬
‫للوصول إلى أهداف معينة"؛‬
‫▪ ويعرف أيضا بأنه" طريقة عقالنية يتم بواسطتها التنسيق بين الموارد البشرية والمادية والمالية نحو تحقيق‬
‫أهداف معينة‪ ،‬هذه الطريقة تترجم في عملية تتضمن تخطيط‪ ،‬تنظيم‪ ،‬إدارة‪ ،‬وارتكاب النشاطات بطريقة‬
‫تؤدي إلى مردود أفضل"؛‬
‫▪ بينما يعرفه ‪ K.G.Terry‬بأنه ""تحقيق األهداف بواسطة األشخاص اآلخرين"‪.‬‬
‫إذ يضيف أخرون لمفهوم التسيير معنى " الخدمة " أي خدمة اآلخرين من خالل مجهودات بشرية‬
‫لتحقيق أهداف محددة‪3‬؛‬

‫الخط‪:‬‬ ‫على‬ ‫وأهميتها‪،‬‬ ‫اإلدارة‬ ‫تعريف‬ ‫العامري‪،‬‬ ‫شيبان‬ ‫علي‬ ‫بن‬ ‫محمد‬ ‫‪1‬‬

‫‪https://sst5.com/Article/1216/76/%D8%AA%D8%B9%D8%B1%D9%8A%D9%81 -‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AF%D8%A7%D8%B1%D8%A9-‬‬
‫‪ ،%D9%88%D8%A3%D9%87%D9%85%D9%8A%D8%AA%D9%87%D8%A7-..-‬تاريخ االطالع‪ ،2018-06-01 :‬على‬
‫الساعة ‪.23:34‬‬

‫عبد العزيز عقاقبة‪ ،‬تسيير السياسة العمرانية في الجزائر‪-‬مدينة باتنة نموذجا‪ ،‬مذكرة ماجستير في العلوم السياسية‪ ،‬تخصص‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫سياسات عامة وحكومات مقارنة‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة الحاج لخضر باتنة‪ ،2010-2009 ،‬ص‪.27 :‬‬
‫فيصل أحمد عابد شعبي‪ ،‬اإلدارة العامة في العهد النبوي‪ :‬المفهوم والنشأة والمهام‪ ،‬مجلة جامعة الملك عبد العزيز‪ :‬االقتصاد‬ ‫‪3‬‬

‫واإلدارة‪ ،‬العدد‪ ،1 :‬جدة‪ ،2004 ،‬ص‪.28 :‬‬


‫‪36‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫فمن خالل هذه التعاريف يمكن التوصل إلى تعريف إجرائي للتسيير والقول أنه" تلك المجموعة من‬
‫العمليات المنسقة والمتكاملة التي تمثل التخطيط‪ ،‬التنظيم‪ ،‬التوجيه والرقابة‪ ،‬أي تحديد األهداف وتنسيق جهود‬
‫األشخاص لبلوغها‪.‬‬
‫كما أن البعض يحاول أن يميز بين مفهوم التسيير واالدارة من خالل أن التسيير هو ترجمة للكلمة‬
‫الفرنسية ‪ ،La gestion‬والذي يرتبط أساسا بالقدرة على إيجاد الطرق التقنية لمعالجة المشاكل والوصول إلى حلول‬
‫كمية " مشاكل مغلقة "‪ ،‬واتخاذ مجموعة من الق اررات المتناسقة في بيئة ثابتة‪ ،‬فهو يعني التفكير العمودي "‬
‫البحث عن حلول وإجابات عن الس ؤال كيف؟ " بمعنى االتجاه أساسا إلى المهام‪ ،‬واالهتمام بالبحث عن المالئمة‬
‫بين الموارد واألهداف المسطرة عن طريق االستخدام األمثل لهذه الموارد‪.‬‬
‫أما اإلدارة ‪ Management‬فهي ترتبط أساسا باإلبداع‪ ،‬وبالخروج عن القواعد واإلجراءات‪ ،‬وتجاوز العقبات‬
‫وإيجاد حلول للمشاكل مع قلة المعلومات المتعلقة بها " مشاكل مفتوحة "‪ ،‬وتتعلق بالجوانب النوعية‪ ،‬الحدسية‬
‫وحتى العاطفية‪ ،‬فهي تعني التفكير العرضي " الكشف عن المشاكل الحقيقية واإلجابة خاصة على السؤال لماذا‬
‫؟ للوصول إلى حلول أصيلة "‪ ،‬وكيفية استخدام الطرق التقنية في االتجاه األحسن‪ ،‬واالهتمام بإيجاد سبل تأقلم‬
‫المؤسسة مع بيئتها الديناميكية والتوجه أساسا إلى النتائج‪ .‬لكن في هذه الدراسة يتم التعامل مع هذين‬
‫المصطلحين على أنهما يؤديان معنى واحد وذلك بحسب السياق الذي جاءت به في الدراسة وتجنبا لاللتباس‪،‬‬
‫مع العلم أن هناك العديد من مرادفاتها المترجمة عربيا على غرار التدبير وإدارة األعمال‪.‬‬
‫وبناءا على ماسبق‪ ،‬أمكن التمييز بين مستويين من التسيير على مستوى المؤسسي‪:‬‬
‫▪ تسيير كلي ‪ Macro-Management‬ويهدف إلى تسيير الوحدة (مستوى جماعي)؛‬
‫الم َسَّير (مستوى مابين‬ ‫ِ‬
‫الم َسير و ٌ‬
‫▪ تسيير جزئي ‪ Micro-Management‬يهدف إلى تسيير العالقات بين ٌ‬
‫األشخاص(‪.‬‬
‫ويمكن تمثيل هذين المستويين في الجدول التالي‪:‬‬
‫‪37‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫الجدول رقم‪04 :‬‬


‫مستويات التسيير بالمصسسة‬
‫تحديد‬
‫رقابة‬ ‫تنسيق وتنشيط‬ ‫تهيئة الوسائل‬ ‫تنظيم‬
‫األهداف‬
‫‪-‬إيصال داخلي‬ ‫‪-‬وضع الميزانية‬
‫‪-‬تقويم النتائج‬ ‫‪-‬توزيع المهام‬ ‫‪-‬اإلستراتجية‬ ‫‪-‬تسيير كلي‬
‫‪-‬تحديث أساليب‬ ‫‪-‬التخصيص المالي‬
‫‪-‬قيادة النشاطات‬ ‫‪-‬تنسيق‬ ‫‪-‬مشروع الوحدة‬ ‫‪-‬قيادة الوحدة‬
‫العمل‬ ‫حسب األولويات‬
‫‪-‬تسيير جزئي‬
‫‪-‬تقدير تابعة‪/‬مساعدة‬ ‫‪-‬محادثات شخصية‬ ‫‪-‬تحديد الوظيفة‬
‫‪-‬شروط ووسائل العمل‬ ‫‪-‬األهداف الشخصية‬ ‫مسير‪-‬‬
‫‪-‬عالقات ّ‬
‫‪-‬جزاء‪/‬ثواب‬ ‫‪-‬تحفيز‬ ‫‪-‬تفويض‬
‫مسير‬
‫ّ‬
‫المصدر‪ :‬عبد العزيز عقاقبة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.22 :‬‬
‫يوضح الجدول أعاله الفرق بين التسيير الكلي الجماعي والتسيير الجزئي‪ ،‬ويختلف األول عن الثاني من‬
‫حيث الهدف والتنظيم وتهيئة الوسائل والتنسيق والرقابة ويظهر ذلك في ارتكاز التسيير الكلي على اإلستراتيجية‬
‫عند تحديد األهداف بينما تحدد أهداف شخصية في التسيير الجزئي‪ ،‬وتوزع المهام حسبما يقتضيه التنسيق في‬
‫التسيير الكلي بينما يعتمد التسيير الجزئي على التفويض حسبما تحدده الوظيفة‪ ،‬كما يتم في األول وضع‬
‫الميزانية حسب األولويات بينما يراعى في الثاني التخصيص المالي حسب شروط ووسائل العمل‬
‫إن مبرر وجود التسيير وأجهزته هو تحقيق األهداف وخلق المنافع وينطبق نفس األمر على اإلدارة‬
‫العامة والمؤسسات العمومية في خلق المنافع االجتماعية وخدمة المرتفقين‪ .‬فالتسيير هو عملية تحويل واستغالل‬
‫الموارد المادية والبشرية المتاحة للمنظمة للحصول على السلع والخدمات والفوائض‪.‬‬
‫إن التنظيم نظام حركي مفتوح والمسيرون فيه يتأثرون بشكل مستمر بالبيئة التي تحيط بهم‪ ،‬ويؤثرون‬
‫بدورهم فيها وهو يتألف من دوائر وأقسام وخاليا ومجموعات وأفراد مختلفين‪ ،‬هذه كلها تعتبر أنظمة جزئية تعتمد‬
‫على بعضها البعض وتتفاعل فيما بينها‪.‬‬
‫وتنعكس أثار هذا التفاعل على مخرجات التنظيم وكفاءته‪ ،‬لذا البد للمسير أن يكون على دراية بكيفية‬
‫تفاعل النظام مع البيئة وتفاعل األجزاء فيما بينها‪.‬‬
‫‪-2‬المنظور العلمي للتسيير العمومي‬

‫ض اإللمام بتركيبة مصطلح " التسيير العمومي"‪ ،‬والذي‬ ‫قبل التطرق إلى مفهوم التسيير العمومي‪ُ ،‬يفتَ َر ُ‬
‫يتكون من كلمة "تسيير" وكلمة "عمومي"‪ ،‬وبما أنه تم التطرق إلى مضمون كلمة التسيير آنفا‪ ،‬فإنه بقي لنا تناول‬
‫كلمة عمومي ‪ Public‬التي بالرغم من بساطة الكلمة وكثرة استعمالها إال أنها تختلف في معناها اللغوي عن‬
‫المعنى المقصود بها في الدراسات اإلدارية‪ ،‬ففي اللغة العربية يقصد بالعمومي خالف الخاص أو الخصوصي‪،‬‬
‫‪38‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫والخاص هو النخبة بينما العمومي هو الشعب أو العوام‪ ،‬حيث يمكن تحديد كلمة عمومية وذلك باستنادها إلى‬
‫كل ما هو عمومي أو نشاط تقوم به الحكومة‪ ،‬والمراد بذلك أن نشاط الحكومة في المجال اإلداري إنما يرجع‬
‫مردوده إلى الشعب عامة‪.‬‬

‫فكلمة عمومي (عمومية) يقصد بها حكومي (حكومية)‪ ،‬والتسيير العمومي إنما هو تسيير حكومي وهذا‬
‫تميي از للتسيير العمومي عن أنواع التسييرات األخرى كتسيير منظمات األعمال وتسيير المنظمات الدولية‪.1‬‬

‫وتبعا لذلك‪ ،‬وضعت عدة تعاريف للتسيير العمومي من قبل عدة مفكرين وكتاب‪ ،‬واتصفت هذه التعاريف‬
‫بالتباين؛ لكونها بِنيت على تَوجه ٍ‬
‫ات إيديولوجية ووجهات نظر مختلفة للتسيير العمومي‪.‬‬ ‫َ َ‬ ‫َُ‬
‫وعليه‪ ،‬يمكن تصنيف هذه التعاريف ضمن ثالثة اتجاهات‪ ،‬أََّو ُل هذه االتجاهات يربط بين التسيير‬
‫العمومي والسياسة العمومية‪ ،‬وثانيها يربط التسيير العمومي بالنشاط اإلداري‪ ،‬واالتجاه األخير يربط بين التسيير‬
‫العمومي واألجهزة اإلدارية‪.‬‬

‫‪–1-2‬االتجاه األول‪ :‬الربط بين التسيير العمومي والسياسة العمومية‬


‫وتبعا لذلك يمكن ذكر بعض التعاريف‬
‫يربط هذا االتجاه بين التسيير العمومي والسياسات العمومية‪ً ،‬‬
‫التي تصب في هذا االتجاه على النحو الموالي‪:‬‬

‫▪ يعـرف التسيير العمومي على أنه "مرحلـة في دورة صنـع السياسـات العموميـة ( ‪The public‬‬

‫‪ ،)administration is a phase in the public policy making cycle‬حيث أن صناعة السياسات‬


‫أبدا‪ ،‬فالحكومة تحـاول معالجـة المشاكـل العموميـة ‪ Public Problems‬من خالل‬
‫العمومية ال ينتهي ً‬
‫السياسة العمومية‪ ،‬وهذه األخيرة يتم التكفل بها من خالل تسيير عمومي"‪2‬؛‬
‫▪ يعرف التسيير العمومي على أنه " تطبيق المنهج العلمي في حل المشاكل العمومية وهي عملية تنفيذ‬
‫الق اررات السياسية "‪3‬؛‬
‫▪ عرفه جون ففنز وروبرت برسثاس بأنه " تنسيق المجهودات الفردية والجماعية لتنفيذ السياسة العمومية"‪4‬؛‬

‫عبد العزيز صالح بن حبتور‪ ،‬اإلدارة العامة المقارنة‪ ،‬ط‪ ،01 :‬دار المسيرة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،2009 ،‬ص‪.44 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫‪Defining public administration, Online, http://www.apubb.ro/documents/liviu-radu/def, Seen on: December 20th,‬‬
‫‪2014, at 11:01.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Ayanle Ali Hired, Online, http://www.allwariye.com/maqaalo/Ayanle/bub1, Seen on: December 20th, 2010. at 11:01‬‬
‫مبااادئ اإلدارة العاماة‪ ،‬علـى الخـط‪ ، ashamsan.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=79025&Lng=AR&fn...doc :‬تـاريخ اإلطــالع‪:‬‬ ‫‪4‬‬

‫الساعة ‪.15:30‬‬ ‫‪ ،2018-06-15‬على‬


‫‪39‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫▪ يعرف التسيير العمومي على أنه " جميع العمليات التي يكون الغرض منها تنفيذ السياسة العمومية"‪.1‬‬

‫من خالل هذه التعاريف يتضح أن " السياسات العمومية والتسيير العمومي وجهان لعملة واحدة‪ ،‬واحد‬
‫يقرر واآلخر ينفذ "‪ ،‬إال أن هذه التعاريف تعتبر ناقصة وغير شاملة ألنها اهتمت فقط بهدف التسيير العمومي‬
‫وهو تنفيذ السياسة العمومية‪ ،‬وأغفلت الجانب العضوي للتسيير العمومي وما يميزه عن باقي التسييرات األخرى‪.‬‬

‫‪-2-2‬االتجاه الثاني‪ :‬الربط بين التسيير العمومي والنشاط اإلداري‬


‫ص هذا االتجاه إلى ضرورة الربط بين التسيير العمومي والنشاط اإلداري‪ ،‬فيرى أنصاره أن التسيير‬
‫َيخلُ ُ‬
‫العمومي يعرف على أنه‪:‬‬

‫▪ "تسيير وتنفيذ مجموعة كاملة من أنشطة الحكومة‪ ،‬والتي تتناول تنفيذ القوانين واللوائح والق اررات الصادرة‬
‫عن الحكومة من أجل توفير الخدمة العمومية "‪2‬؛‬
‫▪ " توجيه الجهود البشرية من خالل التخطيط والتنظيم والتنسيق والرقابة وغيرها من العمليات اإلدارية؛‬
‫لممارسة األنشطة الحكومية بما يحقق أهداف المجتمع "‪3‬؛‬
‫▪ " النشاط اإلداري الذي تقوم به الدولة لتحقيق المصلحة العمومية للمجتمع "‪.4‬‬

‫تميزت هذه التعاريف بالربط بين التسيير العمومي والنشاط اإلداري وتحقيقه ألهداف المجتمع‪ ،‬إال أنها‬
‫أهملت أيضا على غرار االتجاه األول الجانب العضوي للتسيير العمومي‪ ،‬وهو الجهاز اإلداري المخول له القيام‬
‫بهذا النشاط‪.‬‬

‫‪-3-2‬االتجاه الثالث‪ :‬الربط بين التسيير العمومي واألجهزة اإلدارية‬


‫ُي َرِكز هذا االتجاه على الجهاز اإلداري المخول له تنفيذ السياسات العمومية‪ ،‬ومن ثم تحقيق المصلحة‬
‫العمومية للمجتمع‪ ،‬إذ يمكن ذكر في هذا الصدد التعاريف الموالية‪:‬‬

‫مصطفى أبو زيد فهمي وآخرون‪ ،‬اإلدارة العامة‪ ،‬دار الجامعية الجديدة للنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2003 ،‬ص‪.13 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫‪United nations committe of experts on public administration, Definition of basic concepts and terminologies in‬‬
‫‪governance and public administration, New York, 2006, P: 05.‬‬
‫الخـط‪،http://www.rsscrs.info/vb/downloads.php?do=file&id=662 ،‬‬ ‫هاني عرب‪ ،‬اإلدارة العامة‪ :‬مبادئ اإلدارة العاماة‪ ،‬علـى‬ ‫‪3‬‬

‫الساعة ‪.11:11‬‬ ‫تاريخ اإلطالع‪ ،2010-12-25 :‬على‬


‫‪ 4‬محمد قاسم القريوتي‪ ،‬دور اإلدارة العامة في التنمية بين اإلسالم والنظم المعاصرة األخرى (دراسة مقارنة)‪ ،‬مجلة جامعة الملك‬
‫‪.247‬‬ ‫عبد العزيز‪ :‬االقتصاد واإلدارة‪ ،‬جدة‪ ،1989 ،‬ص‪:‬‬
‫‪40‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫▪ يعرف التسيير العمومي على أنه " مجموع األشخاص المعنوية العمومية‪1" ‬؛‬
‫▪ كما يعرف التسيير العمومي على أنه " قطاع مؤسسي يمثل مجموع الوحدات المؤسسية المقيمة‪ ،‬والتي‬
‫وظيفتها االقتصادية األساسية توفير الخدمات غير المسوقة بشكل مجاني أو شبه مجاني للمجموع‬
‫(تعليم‪ ،‬أمن داخلي وخارجي‪ ،‬عدالة)‪ .‬وإعادة توزيع المداخيل والثروات الوطنية (عن طريق الضرائب‪،‬‬
‫الرسوم‪ ،‬والمساعدات)‪ .‬ويشمل هذا القطاع اإلدارات المركزية (الو ازرات)‪ ،‬اإلدارات المحلية‪ ،‬إدارات‬
‫الضمان االجتماعي‪ ،‬المؤسسات االجتماعية لخدمة العائالت (نقابات‪ ،‬جمعيات رياضية) "‪.2‬‬

‫يمكن القول من خالل هذه التعاريف‪ ،‬والتي تمثل االتجاه الثالث أن التسيير العمومي لديه جانب عضوي‬
‫يتمثل في األجهزة اإلدارية للدولة (اإلدارة المركزية‪ ،‬اإلدارات المحلية‪ ،‬إدارة الضمان االجتماعي‪ ،‬والمؤسسات‬
‫االجتماعية لخدمة العائالت)‪ ،‬والتي تؤدي بدورها جميع األنشطة الحكومية المنوطة بها على كافة المستويات‪.‬‬

‫وإذا كانت التعاريف السابقة كلها ال تجتمع حول مدلول واحد للتسيير العمومي لتركيزها على أحد‬
‫الجوانب المتعلقة بالتسيير العمومي دون األخر ( إما الجانب العضوي أو الجانب الموضوعي أو هدف التسيير‬
‫العمومي)‪ ،‬فإنه يمكن وضع تعريف شامل للتسيير العمومي والذي يتضمن العناصر الثالثة الموالية‪:‬‬

‫▪ هدف التسيير العمومي‪ ،‬وهو تنفيذ السياسة العمومية؛‬


‫▪ الجانب الموضوعي للتسيير العمومي‪ ،‬أي العملية اإلدارية " النشاط اإلداري"؛‬
‫▪ الجانب العضوي للتسيير العمومي‪ ،‬أي الجهاز اإلداري الذي يقوم بالعمليات اإلدارية‪.‬‬

‫ومن هذا المنطلق‪ ،‬يمكن تعريف التسيير العمومي على أنه " مجموع األشخاص المعنوية العمومية‬
‫(الجهاز اإلداري) المكلفة بتنفيذ العمليات اإلدارية المنوطة بها‪ ،‬تحقيقا للسياسة العمومية التي تستهدفها‬
‫الحكومة "‪.‬‬

‫ولذلك‪ ،‬فإن للتسيير العمومي من الناحية النظرية خصائص تتصف بها‪ ،‬ومن ضمنها ما يلي‪:‬‬

‫▪ فهو تسيير "جماهري" بمعنى أنه يستهدف خدمة أبناء الشعب‪ ،‬والعمل اإلداري ما هو إال وسيلة لتوفير‬
‫الخدمة العمومية وضمان وصولها على نحو سليم إلى الجماهير؛‬

‫‪ ‬يقصد باألشخاص المعنوية العمومية‪ :‬الدولة (مجتمع سياسي منظم‪ ،‬ذو حدود جغرافية محدد المعالم‪ ،‬لها السيادة الكاملة بحكم‬
‫دستورها المنظم لشؤون مواطنيها)‪ ،‬اإلدارة المحلية (تقسيم إقليمي ألرض الدولة‪ ،‬فهي أجزاء الدولة)‪ ،‬الهيئات العمومية (تحدد على‬
‫أساس الفكرة الوظيفية إلدارة أفضل للمرافق العمومية‪ ،‬وهي ليست دولة أو إدارة محلية)‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪Jean-Marc PEYRICAL, Droit Administratif, 2ème édition, Montchrestien, Paris, 2000, P: 15.‬‬
‫قادة أقاسم وآخرون‪ ،‬المحاسبة الوطنية‪ :‬نظام الحسابات االقتصادية الجزائرية‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪،2002 ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫ص‪.33 :‬‬
‫‪41‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫▪ وهو تسيير "الرفاهية" بمعنى أن التسيير العمومي مكلف بتنفيذ بعض المهام المتعلقة بتهيئة الرخاء‬
‫وا لعمل على خدمة المواطنين وإسعادهم‪ ،‬وذلك عن طريق مباشرة كافة األنشطة والقيام باإلجراءات‬
‫الكفيلة بتنفيذ هذه المهام؛‬
‫▪ وهو تسيير "الخدمة العمومية" وذلك نظ ار لقيامها بتقديم الخدمات العمومية لكافة المواطنين بوصفها حقا‬
‫ال بوصفها إحسانا؛‬
‫▪ وهو تسيير "التنمية المستدامة " وذلك لسعيه وراء تحقيق التنمية االقتصادية واالجتماعية مع الحفاظ على‬
‫حق األجيال القادمة باالنتفاع من خيرات هذه التنمية؛‬
‫▪ وهو تسيير "ديمقراطي" فأغلب اإلدارات العمومية تأخذ اآلن بالديمقراطية في اختيار ممثلي الشعب في‬
‫مجالس اإلدارات الالمركزية خصوصا المحلية منها‪.‬‬
‫ومنهم من يزيد على ذلك خصائص أخرى فهو‪:‬‬
‫▪ عبارة عن تسيير تأملي أو واعي‪ ،‬بمعنى وجوب التفكير في األهداف التي من الواجب تحقيقها‪ ،‬وهذه‬
‫األهداف البد وأن تلقى دعما من البيئة لكون الهدف النهائي هو شرعية التصرف العمومي؛‬
‫▪ عبارة عن تسيير عالقات‪ ،‬أي تقديم خدمات عالئقية مرتبطة بالثقة أكثر من أي شيء آخر‪ ،‬األمر الذي‬
‫يوحي بأن هدف التسيير العمومي هو تسيير عالقة ثقة مع المستخدمين بخصوص الخدمات المقدمة‬
‫أي ضمان تسويق العالقات للخدمات العمومية‪1‬؛‬
‫▪ عبارة عن تسيير سلطوي أو مستخدم لسلطة واضحة‪ ،‬يحتاج إلى تسيير سياسي يجسد السلطة ويعكس‬
‫البرامج السياسية‪ 2‬على مجمل شرائح المواطنين‪ ،‬لهذا يجب األخذ بعين االعتبار تنظيماتهم وأسلوب‬
‫تحركهم؛‬
‫▪ أيضا هو عبارة عن تسيير مستخدم لسياسة اتصال تعمل على المراقبة والتأكد من أن الشرعية التي‬
‫يبحث عنها التنظيم مجسدة فعالً‪.‬‬

‫المحور الخامس‪ :‬مجال تطبيق التسيير العمومي‬


‫جاء مفهوم التسيير العمومي نتيجة أزمة ترسيم الحدود بين القطاع العمومي والخاص وأزمة شرعية‬
‫المؤسسات الكبيرة‪ ،‬الخاصة والعمومية‪ .‬فالتسيير العمومي قبل كل شيء هو موضوع للدراسة‪ ،‬وهو يعنى بتسيير‬

‫‪ 1‬إسماعيل شريف‪ ،‬أساسيات حول التسيير العمومي‪ ،‬منشورات دار قرطبة‪ ،‬باب الزوار‪ ،‬الجزائر‪ ،2015 ،‬ص‪.186 :‬‬
‫المرجع نفسه‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪42‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫الحياة أو الشأن العمومي‪ ،The public sphere‬الذي بدوره يشمل ثالثة مجاالت‪ :1‬القطاع العمومي ‪The public‬‬

‫‪.The public service‬‬ ‫‪sector‬؛ والوظيفة العمومية أو الخدمة المدنية‪The civil servicecs‬؛ والخدمة العمومية‬
‫‪The public sector‬‬ ‫‪-1‬المجال األول‪ :‬القطاع العمومي‬
‫يشتمل القطاع العمومي على اإلدارات العمومية والمؤسسات العمومية‪ .2‬فاألولى تتكفل بخدمات ذات‬
‫المصلحة العمومية ويتم تمويلها من قبل الضرائب و‪/‬أو االشتراكات اإللزامية‪ .‬وتشمل الحكومات المركزية‬
‫والحكومات المحلية ومؤسسات الضمان االجتماعي‪ .‬والثانية أي المؤسسات العمومية‪ ،‬غالبا ما تأخذ شكل‬
‫المؤسسات الصناعية والتجارية العمومية‪ ،‬والتي تستمد معظم دخلها من السوق من خالل بيع السلع والخدمات‬
‫التي تنتجها‪.‬‬

‫في ذات السياق‪ ،‬يشمل القطاع العمومي جميع األنشطة االقتصادية واالجتماعية التي تتكفل بها‬
‫اإلدارات العموم ية والمؤسسات العمومية والهيئات العمومية للضمان االجتماعي (الصناديق الوطنية)‪ .‬بل هو‬
‫"جميع المؤسسات‪ ،‬والهياكل والمرافق واإلمكانيات والموارد التي وفرتها أجهزة الدولة لضمان مهمة إدارة الشأن‬
‫العمومي‪".‬‬
‫وعليه‪ ،‬يتشكل القطاع العمومي من ثالثة عناصر‪:‬‬
‫▪ اإلدارات العمومية التي تتكفل بكل األنشطة ذات المصلحة العمومية (الو ازرات والجماعات المحلية‬
‫والمرافق والمكاتب والمؤسسات التي يتم تمويل ميزانيتها من اإليرادات العمومية للدولة)؛‬
‫▪ المؤسسات العمومية‪ ،‬وهي التي يكون الشخص العمومي يملك أغلبية رأس المال فيها‪ ،‬كما أن خياراتها‬
‫قد تختلف عن خيارات مؤسسات القطاع الخاص‪ .‬كما أن نمط عملها يقترب كثي ار لنمط عمل‬
‫المؤسسات الخاصة؛‬
‫▪ المؤسسات العمومية اإلدارية المكلفة بالضمان االجتماعي (نقدا مواطن)‪ ،‬الذين يتحملون إدارة السياسات‬
‫االجتماعية الكبرى لألمة‪.‬‬
‫كما يمكن تعريف القطاع العمومي على أنه المجال الذي تغطيه المالية العمومية ‪The Public Finances‬‬

‫على غرار‪:‬‬
‫قطاع الدولة أو الحكومي ‪ The State Sector‬؛‬ ‫▪‬

‫‪1‬‬
‫‪Les‬‬ ‫‪Domaines‬‬ ‫‪De‬‬ ‫‪La‬‬ ‫‪Sphère‬‬ ‫‪Publique,‬‬ ‫‪Sur‬‬ ‫‪le‬‬ ‫‪site:‬‬ ‫‪http://www.esc-‬‬
‫‪alger.dz/contribution%20ensgnt/hemissi/SUPPORT-DE-COURS-DOMAINES-DE-LA-SPHERE-PUBLIQUE.pdf,‬‬
‫‪Consulté le: 16-02-2016, à 22:17.‬‬
‫‪cs‬‬
‫‪En français: La fonction publique.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪L'ACTION‬‬ ‫‪ECONOMIQUE‬‬ ‫‪ET‬‬ ‫‪SOCIALE‬‬ ‫‪DE‬‬ ‫‪L'ETAT,‬‬ ‫‪Sur‬‬ ‫‪le‬‬ ‫‪site :‬‬
‫‪https://sesmassena.sharepoint.com/Documents/CHAP%204%20-%2046%20-%20Les%20fondements%20‬‬
‫‪de%20l'action%20de%20l'Etat%20(Cours%20-%202010-2011).pdf, Consulté le :31-01-2016, à 21 :43.‬‬
‫‪43‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫قطاع الجماعات المحلية أو القطاع الالمركزي ‪ The Collectivist Sector or Decentralized Sector‬؛‬ ‫▪‬
‫القطاع العمومي الصناعي والتجاري ‪The Industrial & Commercial Public Sector‬؛‬ ‫▪‬
‫قطاع الحماية أو التأمينات االجتماعية ‪. The Social Protection Sector‬‬ ‫▪‬
‫وتغطي المالية العمومية مساحة واسعة من تمويل هذا القطاع بحجم األموال يفوق من ‪ ٪50‬من نفقات‬
‫وإيرادات الدولة‪ .‬فالمالية العمومية والتمويل الخاص لذلك متساوية تقريبا في العديد من الدول‬
‫في حين يمثل القطاع العمومي مجموعة الوحدات من قطاع األعمال التي تدار من قبل الحكومة والتي‬
‫يمكن أن تدار من قبل القطاع الخاص‪ ،‬وتقوم المؤسسات العمومية بإنتاج السلع والخدمات وتقديمها إلى‬
‫الجمهور باألسعار اإلدارية‪.1‬‬
‫كما يعرف كذلك على أنه "تلك القطاعات التي تخضع للسيطرة الكاملة للدولة‪ ،‬وفي هذا الحالة يتم‬
‫النظر إلى الدولة بوصفة وحدة اقتصادية تقوم بأنشطة اقتصادية مناظرة ألنشطة القطاع الخاص‪ ،‬غير أن هذه‬
‫األنشطة االقتصادية العمومية تشكل جزءا ال يتج أز من الخطط والبرامج االقتصادية للدولة"‪.2‬‬
‫وهكذا‪ ،‬يتألف القطاع العمومي من جميع الوحدات المؤسسية المقيمة التي تسيطر‪ ‬عليها الوحدات‬

‫الحكومية‪ ‬المقيمة بصورة مباشرة أو غير مباشرة‪ ،‬أي جميع وحدات قطاع الحكومة العامة(الحكومة المركزية‬

‫والوالئية والمحلية (=البلدية))‪ ،‬والمؤسسات العمومية المقيمة‪.3‬‬

‫خليل خميس‪ ،‬مساهمة القطاع العام والقطاع الخاص في التنمية الوطنية في الجزائر‪ ،‬مجلة الباحث‪ ،‬العدد ‪،09:‬جامعة ورقلة‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.204‬‬ ‫‪ ،2011‬ص‪:‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.205 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫المراد بالسيطرة هنا القدرة على تحديد السياسة العامة للمؤسسة‪ .‬ويشير مصطلح "السياسة العامة للمؤسسة"‪ ،‬بمعناه الواسع‪ ،‬إلى‬ ‫‪‬‬

‫أهم السياسات المالية والتشغيلية المتعلقة باألهداف االستراتيجية للمؤسسة ِ‬


‫كمنتج سوقي‪.‬‬
‫‪ ‬هي وحدات مؤسسية تتمتع بسلطة تشريعية أو قضائية أو تنفيذية على وحدات مؤسسية أخرى في مجال معين؛ وتتحمل مسؤولية‬
‫توفير السلع والخدمات للمجتمع أو لفرادى األسر المعيشية على أساس غير سوقي؛ وتؤدي مدفوعات التحويالت إلعادة توزيع‬
‫الدخل والثروة؛ وتقوم بتمويل أنشطتها أساسا عن طريق الضرائب ومصادر الدخل األخرى من وحدات في قطاعات االقتصاد‬
‫األخرى‪.‬‬
‫‪.06‬‬ ‫إحصاءات دين القطاع العام‪ :‬مرشد لمعديها ومستخدميها‪ ،‬منشورات صندوق النقد الدولي‪ ،‬ط‪ ،02 :‬واشنطن‪ ،2013 ،‬ص‪:‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪44‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫في حين يعرف معجم مصطلحات التسيير العمومي القطاع العمومي على أنه " مجموع األنشطة‬
‫االقتصادية واالجتماعية المحققة تحت الرقابة الكلية أو الجزئية للدولة والجماعات المحلية بما يعني ملكية كلية‬
‫أو جزئية لها‪ ،‬وهو ما يتعارض مع القطاع الخاص"‪.1‬‬
‫كما يمكن أن ينظر للقطاع العمومي من خالل الجدول الالحق‪:‬‬
‫الجدول رقم‪05 :‬‬
‫مفهوم القطاع العمومي‬
‫مفهوم القطاع العمومي‬ ‫المعيار‬

‫‪-‬اإلدارات العمومية؛‬
‫‪-‬مؤسسات الضمان االجتماعي؛‬ ‫قائمة المنظمات المشكلة‬
‫‪ -‬مؤسسات الرعاية الصحية أو المعاشات التقاعدية المهنية)؛‬ ‫للقطاع العمومي‬
‫‪-‬المؤسسات العمومية‪.‬‬

‫‪-‬ق ارر السوق؛‬


‫طريقة اتخاذ القرارات‬
‫‪-‬قرار سياسي (إشكالية الدور االقتصادي للدولة)‪.‬‬

‫‪-‬عمومي ‪ : Public‬اقتصاد جماعي ‪Collectivist Economy‬؛‬


‫‪-‬خاص ‪ : Private‬اقتصاد السوق‪Market Economy‬؛‬ ‫ملكية وسائل اإلنتاج‬
‫‪-‬التوليفة ‪( Combination‬عمومي –خاص)‪ :‬اقتصاد مختلط‪.Mixed Economy‬‬
‫المصدر‪ :‬من إعداد الباحث باالعتماد على‪:‬‬
‫‪Source: Introduction aux finance publique 2008-2009 :L’ Etat et les Biens Collectifs, Sur le site:‬‬
‫‪https://www.unifr.ch/finpub/assets/files/Etudes/Bachelor/IFP1/SA2008/ChapitresSA2008/Chapitre1_SA08.pdf,‬‬
‫‪consulté le: 25-04-2015, à 23:19.‬‬

‫يحاول الجدول أعاله أن يجمع قدر االمكان مفهوم القطاع العمومي وفق العديد من المعايير على‬
‫غرار‪:‬‬
‫‪-1-1‬حسب تعداد المنظمات المشكلة للقطاع العمومي‪ :‬جاءت قائمة المنظمات المشكلة للقطاع العمومي كما‬
‫يلي‪:‬‬
‫▪ اإلدارات العمومية‪ :‬وطنية‪ ،‬وسيطة (مقاطعة أو اقليم‪ ،)Provincial, Regional or Cantonal ،‬ومحلية؛‬

‫▪ مؤسسات الضمان االجتماعي؛‬


‫▪ مؤسسات الرعاية الصحية أو المعاشات التقاعدية المهنية)؛‬

‫علي زيان محند واعمر وآخرون‪ ،‬معجم مصطلحات التسيير العمومي‪ ،‬ط‪ ،01 :‬دار االعصار العلمي للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫األردن‪ ،2018 ،‬ص‪.21 :‬‬


‫‪45‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫▪ المؤسسات العمومية التي تستند في تطبيق سياساتها التسعيرية (التعريفات ‪ )Tariffs‬واالستثمار على أن‬

‫تٌحيد المبادئ التجارية في ذلك على غرار مكاتب البريد‪ .‬كما يجب استثناء المؤسسات التي تمتلك الدولة‬
‫فيها معظم رأس مالها مع تسييرها على أساس تجاري‪.‬‬
‫فهو بذلك يستثني التعريف الذي يعتبر المؤسسات العمومية مؤسسات مملوكة من طرف الدولة والتي‬
‫تنتج سلعا وخدمات سوقية مستهدفة تحقيق الربح والتي قد يكون لها أيضا مهمة "الخدمة العمومية"‪ .‬وكان العديد‬
‫من هذه المؤسسات منذ فترة طويلة محتكرة "االحتكارات العمومية ‪ ،"Public Monopolies‬أي أنها هي الوحيدة‬
‫في السوق (‪ EDF‬لتوفير الكهرباء‪ GDF ،‬لتوفير الغاز ل ـ‪ SNCF‬السكك الحديدية‪ ،‬والمشاركة في الخدمة البريدية‬
‫‪ .)...‬لكن االتحاد األوروبي وضع تدريجيا هذه االحتكارات في نطاق السوق الحرة‪ ،‬حيث صارت المؤسسات‬
‫العمومية تواجه على نحو متزايد منافسة من طرف مؤسسات القطاع الخاص‪.‬‬
‫كما تهدف المؤسسات العمومية من خالل نشاطها االقتصادي إلى تحقيق مصلحة المجتمع وخيره وليس‬
‫هناك أهمية كبيرة للربح (فربما تربح وربما تخسر أيضا)‪ ،‬وإنما تعمل من أجل تحقيق أقصى ما يمكن من‬
‫األهداف العمومية بمعنى تحقيق أقصى إنتاج أو تحقيق نصيبها المحدد في الخطة الوطنية؛ ومن خالل ذلك‬
‫يمكن أن تحقق الربح‪ .‬فالربح‪ ،‬في المؤسسات العامة‪ ،‬ال يكون دائما هدفا بحد ذاته‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬تتصف المؤسسات العمومية في النظام االشتراكي في كثير من األحيان بالضخامة والتمركز‬
‫‪ .Centerlization‬بحيث نجد في الصناعة الواحدة مؤسسة عمومية واحدة تسيطر على كل مرافق هذه الصناعة‪.‬‬
‫غير أن الهدف المتوفى من وجود المؤسسات‬ ‫‪Monopolicts‬‬ ‫مما يدعو البعض إلى تسميتها بالمؤسسات المحتكرة‬
‫العمومية تسميتها العمومية يختلف عنه في المؤسسات الرأسمالية‪ ،1‬فأسباب االحتكار في النظام الرأسمالي هو‬
‫للسيطرة على األسواق من اجل تحقيق أكبر ما يمكن من األرباح‪ .‬أما أسباب االحتكار في النظام االشتراكي‬
‫فيعود إلى تحقيق وفورات الحجم ‪ Economies Of Scale‬التي ال تتحقق إال إذا كانت المؤسسة ذي حجم كبير‪.‬‬
‫كما أن المؤسسة الرأسمالية المحتكرة تحاول تحقيق مصالحها الخاصة حتى وان تعارض ذلك مع‬
‫المصلحة العمومية‪ .‬كتخفيض اإلنتاج من اجل رفع السعر‪ ،‬آو طرد قسم من العمال من اجل تخفيض التكاليف‪،‬‬
‫‪ ...‬الخ‪ .‬أما المؤسسات العمومية فهي تحاول تحقيق وتنفيذ ما تحدده الخطة المرسومة أي تحقيق أقصى إنتاج‬
‫لتأمين حاجة المجتمع التي تختص بإنتاجها‪ .‬هذا فضال عن أن مردودية االحتكار في المؤسسات الرأسمالية‬
‫تعود إلى أصحابها فقط‪.‬‬

‫عمر صخري‪ ،‬اقتصاد المصسسة‪ ،‬ط‪ ،06 :‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،2008 ،‬ص‪.29 :‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪46‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫معين‪ ،‬يعطيها حق مزاولة‬ ‫‪Decree‬‬ ‫أو مرسوم‬ ‫‪Law‬‬ ‫وهذا ويتم إنشاء المؤسسات العامة بموجب قانون‬
‫نشاطات اقتصادية محددة تحت شروط محددة‪ .‬والقوانين أو المراسيم التي تنشئ المؤسسات العمومية‬
‫تختلف من بلد إلى أخر بل تختلف حتى في داخل البلد الواحد نفسه‪ ،‬وهذا ليس فقط ما تعلق بنصوصها‬
‫اإلدارية ولكن أيضا ما تعلق بطبيعة نصوصها بالنسبة للسلع التي تنتجها أو الخدمة التي تقدمها‪ ،‬وما‬
‫إذا كانت هذه السلع أو الخدمات تقدم بالتكلفة أو مقابل ربح أو ‪...‬‬
‫‪-2-1‬حسب طريقة اتخاذ الق اررات‪ :‬حاول هذا المعيار أن يجمع طريقة اتخاذ الق اررات في القطاع العمومي على‬
‫النحو الموالي‪:‬‬
‫▪ قرار السوق‪ ،‬هو عملية المركزية (تالقي منحنى العرض والطلب في سعر التوازن)‬
‫▪ القرار السياسي‪ ،‬وهي تعبر عن مطلب سياسي من خالل المؤسسات الديمقراطية (البرامج السياسية‬
‫والبرامج االنتخابية‪ ،‬والمبادرة‪ ،‬االستفتاء‪ ،‬والتصويت‪ ،‬وغيرها)‪ .‬فالعرض هو حقيقة ما يقوم به البرلمان‬
‫وما تحدثه البيروقراطية‪ .‬بينما السعر (الضرائب) ضمني في هذا النسق فهو ليس له عالقة بالطلب‪،‬‬
‫ولكن يتبع له بما أن مجموعة من ق اررات اإلنفاق يجب أن تمول من الموارد الضريبية‪.‬‬
‫ويجب أن يضاف إلى ذلك مشكلة الدولة المنظمة أو الضابطة مقابل الدولة المنتجة‪ :‬جميع الق اررات‬
‫"السياسية" المتعلقة بالقطاع العمومي ال تترجم بالضرورة إلى بند في الميزانية العمومية ونفقة عمومية بشكل‬
‫فعلي‪ .‬فعدد من الق اررات تنتمي إلى النهج أو االقتراب "الضابط"‪ .‬وفي هذه الحالة‪ ،‬فإن الدولة ال تتدخل بالقواعد‬
‫والمعايير أو معايير المراقبة‪ .‬وهذا ما قد يؤدي إلى التحكم في التكاليف اإلدارية المباشرة بشكل كبيرة‪ ،‬كما هو‬
‫مبين في األمثلة التالية اثنين‪:‬‬
‫✓ لجنة المنافسة المكلفة بالتأمين عن انتهاكات وتجاوزات ذوي المراكز المهيمنة‪ ،‬واالحتكارات‬
‫‪ ،Monopolies‬واحتكار القلة ‪ ،Oligopolies‬والتكتالت االحتكارية ‪ cartels‬التي ستحدث في‬

‫السوق‪ .‬فالعواقب االقتصادية للق اررات على القطاع السوقي تتجاوز قانون التكاليف اإلدارية‬
‫الوحيدة لعملها؛‬
‫✓ معايير ضد االنبعاثات المترتبة عن السيارات التي يتحمل تكاليفها مباشرة أصحاب السيارات‬
‫(المحفز ‪+ The Catalyst‬ضوابط مكافحة التلوث ‪.) Anti-Pollution Controls‬‬
‫وكذلك هناك مجموعة من أنشطة الحياة اليومية تتأثر بالدولة الضابطة من دون اإلنفاق ضمن الميزانية‬
‫العمومية للدولة‪.‬‬
‫‪47‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫‪-3-1‬حسب ملكية وسائل اإلنتاج‪ :‬تطرق كل من روزن ‪ Rosen‬وقاير ‪ Gayer‬سنة ‪ 2008‬في عملهم الذي طرح‬

‫إشكالية القطاع العمومي ضد ما يقدمه القطاع الخاص ‪ Public Versus Private Provision‬وكذا اإلنتاج‬
‫العمومي ضد اإلنتاج الخواص ‪ . Public Versus Private Production‬ومنه أمكن ذكر الحاالت التالية لملكية‬
‫وسائل اإلنتاج‪:‬‬
‫▪ العمومي‪ :Public‬اقتصاد جماعي‪Collectivist Economy‬؛‬
‫▪ الخاص‪ :Private‬اقتصاد السوق‪Market Economy‬؛‬
‫التوليفة ‪ Combination‬عمومي –خاص‪ :‬اقتصاد مختلط ‪.Mixed Economy‬‬ ‫▪‬

‫ومع ذلك‪ ،‬فإن الحدود بين القطاعين العمومي والخاص غير واضحة نسبيا‪ ،‬إذ أن بعض المؤسسات‬
‫الخاصة لديها مهام الخدمة العمومية (توزيع المياه‪ ،‬والنقل العمومي‪ ،‬وجمع النفايات ‪ .)...‬وعالوة على ذلك‪ ،‬قد‬
‫تقدم المؤسسات الخاصة خدمات منافسة للخدمات التي تقدمها المؤسسات أو اإلدارات العمومية(المدارس‬
‫الخاصة والمستشفيات الخاصة والشرطة خاصة ‪.)...‬‬

‫وأخيرا‪ ،‬يمكن للمؤسسات العمومية أن تنتج سلع أو خدمات ال عالقة لها بالخدمة العمومية (المتفجرات‪،‬‬
‫واأللعاب‪ ،‬وخدمات التأمين ‪.)...‬كما يمكن لإلدارات الخاصة إنتاج خدمات غير سوقية على غرار المنظمات‬
‫غير الحكومية‪ ،‬والنقابات‪ ،‬وكذا الجمعيات التي ال تهدف لتحقيق االرباح‪.‬‬

‫‪-2‬المجال الثاني‪ :‬الوظيفة العمومية أو الخدمة المدنية ‪The civil service‬‬

‫تختلف الوظيفة العمومية والمفاهيم التي تقوم عليها باختالف اإليديولوجية أو الفلسفة السياسية التي‬
‫تنتهجها الدولة‪ ،‬أهدافها وطبيعتها‪ .‬ولكن ذلك ال يمنع من قيام قدر من التماثل في موقع ومعالم الوظيفة العمومية‬
‫ومكانتها في بنية الكيان التنظيمي للدولة وفي أهمية دور الوظيفة والموظف العمومي وأن الخالف ربما ينحصر‬
‫ويكمن في درجة تغليب أهمية كل عنصر من عناصر الوظيفة العمومية تبعا الختالف فلسفة نظام الحكم‬
‫بالدولة‪ ،‬وكذا اختالف الظروف السياسية واإلدارية والتاريخية الخاصة بكل دولة‪.‬‬
‫تعني الوظيفة العمومية بمفهومها الواسع مجموعة من األشخاص العاملين تحت تصرف السلطة العامة‬
‫من اجل تحقيق خدمات عمومية‪ ،‬وبهذا المعنى يدخل في مفهوم الوظيفة العمومية كل أشخاص اإلدارة العمومية‬
‫‪48‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫الذين تربطهم بها شروط قانونية‪ ،‬أما بمفهومها الضيق فال يقصد بالوظيفة العمومية إال األشخاص الذين‬
‫يخضعون إلى قانون الوظيفة العمومية أي الموظفون العموميون‪.1‬‬
‫يراد بالوظيفة العمومية‪ ،‬بناءا على معناها الشكلي‪ ،‬مجموعة القواعد القانونية المنظمة للحياة الوظيفية‬
‫للموظف العمومي‪ ،‬منذ دخوله للخدمة وحتى خروجه منها‪ ،‬وبناءا على معناها الموضوعي‪ ،‬فهي تعبر عن‬
‫مجموعة من المهام واالختصاصات التي يقوم بها شخص معين إذا توافرت فيه بعض الشروط الضرورية لتولي‬
‫أعباء هذه الوظيفة‪.2‬‬
‫بالرغم من اختالف المعنيين في تعريف الوظيفة العمومية‪ ،‬حيث يغلب على األول الجانب القانوني في‬
‫حين يغلب على الثاني الجانب اإلداري‪ ،‬فإن هذا ال يعني وجود تعارض بينهما‪ ،‬فالتعريف الراجح هو الذي‬
‫يجمع المعنيين السابقين‪.‬‬
‫وهذا ما تأكد بصدور األمر رقم ‪ 03-06‬المتضمن القانون األساسي العام للوظيفة العمومية الذي حاول‬
‫من خالله المشرع الجزائري المزج بين المذهبين الشكلي والموضوعي في تحديد مفهوم الوظيفة العمومية‬
‫والموظف العمومي‪ ،‬آخذا بنظام السلك الوظيفي وهذا طبقا لما نصت عليه المادة ‪ 04‬من هذا األمر والتي جاء‬
‫نصها كما يلي‪" :‬يعتبر موظفا كل عون عين في وظيفة عمومية ورسم في رتبته في السلم اإلداري‪.3‬‬
‫يقود التطرق إلى طبيعة أنظمة الوظيفة العمومية إلى الحديث عن نوعين أساسين هما‪ :‬الوظيفة العمومية‬
‫ذات البنية المفتوحة ‪ Open system‬والوظيفة العمومية ذات البنية المغلقة ‪ .4Closed system‬إذ تعتبر الوظيفة‬
‫العمومية ذات البنية المفتوحة كنظام للتشغيل وكعالقة تعاقدية‪ ،‬تلتزم بمبدأ التأقيت‪ ،‬لها قابلية للتدفق المستمر‬
‫والتحول بين باقي قطاعات الشغل األخرى‪ ،‬لها مرونة في تسيير الموظفين‪ ،‬دورها يقتصر على تحديد مواصفات‬
‫الوظيفة وكفاءات شاغلها‪ .‬فالموظفون العموميون في من خالل هذه البنية‪ ،‬يوجدون في عالقة حرة مع اإلدارة‬
‫المستخدمة لهم‪ ،‬نتيجة عدم وجود فرق بين الوظيفة العمومية والقطاع الخاص‪ ،‬لذا كل الموظفين يخضعون‬

‫رقية بوطويل‪ ،‬التوجه نحو االختيار القائم علر أساس الكفاءات للتوظيف في الوظيفة العمومية‪:‬دراسة ممارسات دولية‪ ،‬مجلة‬ ‫‪1‬‬

‫المؤسسة‪ ،‬العدد‪ ،04 :‬جامعة الجزائر ‪ ،3‬الجزائر‪ ،2015 ،‬ص‪.157 :‬‬


‫‪ 2‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ 3‬األمر رقم ‪03 -06‬المصرخ في‪ 19‬جمادى ال ّثانية عام ‪ 1427‬الموافق لا ‪ 15‬يوليو سنة ‪ 2006‬المتضمن القانون األساسي العام‬
‫‪1427‬‬ ‫للوظيفة العمومية‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬العدد‪ ،46 :‬الجزائر‪ 20 ،‬جمادى الثانية عام‬
‫الموافق لـ ‪ 16‬يوليو سنة ‪ ،2006‬ص‪.04 :‬‬
‫موالي لحسن بن فرحات‪ ،‬إدارة الكفاءات ودورها في عصرنة الوظيفة العمومية في الجزائر‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير‬ ‫‪4‬‬

‫في العلوم القانونية‪ ،‬تخصص قانون إداري وإدارة عامة‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة الحاج لخضر‪ ،‬باتنة‪ ،2012 ،‬ص‪:‬‬
‫‪.08‬‬
‫‪49‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫للقانون العام ‪ .Common law‬أما في البنية المغلقة‪ ،‬تعتمد الوظيفة العمومية على نظام المهنة الدائمة التي تتسم‬
‫بصفة الدوام واالستقرار‪ ،‬حيث ينخرط فيها الموظفون الذين تتوافر فيهم الشروط المطلوبة لتقلدها‪ ،‬ويظلون‬
‫يتدرجون في مدارجها‪ ،‬ويربطون حياتهم بها‪ ،‬ويتمتعون بمزاياها حتى تنتهي خدمتهم‪ .‬وتعد هذه المهنة ذات طابع‬
‫مميز وتخضع لقانون متميز‪ ،‬ومستقل كلية عن القانون الخاص‪ ،‬وعليه مصير الموظف العمومي ال يرتبط‬
‫بوظيفة قارة‪ ،‬بل يمكن لإلدارة االستفادة من خدماته في أي وظيفة أخرى‪ ،‬بحكم أن عالقة الموظف باإلدارة هي‬
‫عالقة تنظيمية قانونية أساسية ‪.Statutory and Regulatory‬‬

‫إن الفرق األساس بين بنيتي الوظيفة العمومية هو أن البنية المفتوحة‪ ،‬تجعل منها نظاما للتشغيل ال‬
‫يختلف في مجراه عن النظام المطبق على العاملين في القطاع الخاص‪ ،‬أما البنية المغلقة تجعل منها نظاما‬
‫لمهنة دائمة‪ .‬لذلك‪ ،‬تبنى الوظيفة العمومية في الجزائر على مبدأين أساسيين وهما مبدآ المساواة والجدارة أمام‬
‫الوظيفة العمومية‪:‬‬
‫▪ مبدأ المساواة أمام الوظيفة العمومية‪ :‬لقد تبنت الجزائر وكغيرها من الدول المساواة كمبدأ أساسي تقوم‬
‫عليه وظيفتها العمومية‪ ،‬وذلك من أجل منح الفرصة لجميع المواطنين لخدمة الدولة واالستفادة من مزايا‬
‫الوظيفة العمومية هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى حتى تتمكن اإلدارة العمومية الجزائرية من االستفادة‬
‫من الكفاءات البشرية الموجودة في المجتمع الجزائري‪ ،‬وعلى هذا األساس عملت الجزائر على تجسيد‬
‫هذا المبدأ من خالل النص عليه في مختلف دساتيرها‪ ،‬وكذا في مختلف القوانين المنظمة للوظيفة‬
‫على‪ " :‬تشغيل كل‬ ‫‪1976‬‬ ‫العمومية الجزائرية‪ ،‬وفي هذا الصدد نص الميثاق الوطني الصادر سنة‬
‫المواطنين القادرين على العمل ضروري لبناء البلد‪ ،‬وهو مطلب من مطالب االشتراكية"‪ ،‬وفي مجال‬
‫المساواة بين الجنسين نص الميثاق الوطني على‪ " :‬وانطالًقا من مبدأ المساواة بين الجنسين فإن‬
‫االشت اركية التي تعترف بالمكانة األساسية للمرأة ‪ ...‬تشجعها على أن تشتغل‪ ،‬ألن في ذلك مصلحة‬
‫للمجتمع "‪.‬‬
‫وأكد بعد ذلك دستور ‪ 1976‬على مبدأ المساواة في المادتين ‪ 41‬و‪ 42‬منه كما أشار نفس الدستور في‬
‫مادته ‪ 42‬إلى تمتع المرأة بكل الحقوق الممنوحة للرجل فسمح لها بذلك أن تشارك جنبا إلى جنب مع‬
‫أخيها الرجل في بناء الوطن‪ .‬بعدها عمل دستور ‪ 1996‬هو اآلخر على تكريس مبدأ المساواة في تقلد‬
‫الوظائف العمومية‪ ،‬حيث نص في مادته ‪ 51‬على‪ " :‬يتساوى جميع المواطنين في تقلد المهام والوظائف‬
‫‪50‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫في الدولة دون أية شروط أخرى غير الشروط التي يحددها القانون" وهذا ما أكده التعديل األخير‬
‫للدستور لسنة ‪ 2016‬في مادته ‪ 63‬التي حافظت على نفس الصياغة‪.1‬‬
‫مع العلم أيض ا أن مبدأ المساواة ال يقتصر فقط على المساواة في االلتحاق بالوظيفة العمومية وانما أيضا‬
‫المساواة بين الموظفين في الحقوق (التعويض‪ ،‬العطل بأنواعها‪ ،‬الترقية‪،‬التكوين‪ )...‬والواجبات (االلتزام‬
‫بأداء الخدمة‪ ،‬الطاعة الرئاسية‪ ،‬المحافظة على السر المهني‪ ،)...‬وكذا المساواة في التعامل معهم وعدم‬
‫التمييز بينهم من حيث الجنس‪ ،‬أو اللون‪ ،‬أو النسب‪ ،‬أو المكانة االجتماعية‪.‬‬
‫▪ مبدأ الكفاءة في الوظيفة العمومية‪ :‬لقد كان مبدأ الكفاءة يسير جنبا إلى جنب مع مبدأ المساواة فمن‬
‫خالل تبني الحكومة الجزائرية لمبدأ الكفاءة وجعله أحد الركائز التي تقوم عليها الوظيفة العمومية سعت‬
‫إلى النهوض بمستوى أداء منظماتها وإداراتها العمومية وهذا ما يظهر بشكل واضح من خالل األساليب‬
‫التي اعتمدت عليها الجزائر في اختيار موظفيها وذلك منذ صدور أول قانون منظم للوظيفة العمومية‬
‫والى غاية صدور آخر قانون في هذا الشأن‪ ،‬ففي هذا الصدد عددت المادة ‪ 26‬من األمر رقم ‪،133-66‬‬
‫المادة ‪ 34‬من المرسوم رقم ‪ ،59-85‬والمادة ‪ 80‬من األمر رقم ‪ 03-06‬على طرق االلتحاق بالوظيفة‬
‫العمومية والمبنية على نظام المسابقة‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 80‬من األمر رقم ‪ 03-06‬على ما يلي‪ " :‬يتم‬
‫االلتحاق بالوظيفة العمومية عن طريق‪:2‬‬
‫✓ المسابقة على أساس االختبارات؛‬
‫✓ المسابقة على أساس الشهادات بالنسبة لبعض أسالك الموظفين؛‬
‫✓ الفحص المهني؛‬
‫✓ ال ـتــوظ ـيـف الم ـبــاشــر مـن بــين الم ـتــرشـ ـحــين الــذين تـابـعـوا تـكـويـنا مـتـخـصـصـا منـصـوصـا عـلـيه‬
‫في الـقـوانين األساسية لدى مؤسسات التكوين المؤهلة‪.‬‬

‫‪ 1‬دستور الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬العدد‪ ،14 :‬الجزائر‪،‬‬
‫‪ 07‬مارس سنة ‪ ،2016‬ص‪.13 :‬‬
‫األمر رقم ‪ 03-06‬المصرخ في‪ 19‬جمادى ال ّثانية عام ‪ 1427‬الموافق لا ‪ 15‬يوليو سنة ‪ 2006‬المتضمن القانون األساسي العام‬ ‫‪2‬‬

‫للوظيفة العمومية‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.09 :‬‬


‫‪51‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫‪-3‬المجال الثالث‪ :‬الخدمة العمومية ‪The public service‬‬

‫تعد الخدمة العمومية من بين المجاالت التي يشملها منطق التسيير العمومي ‪-‬والتي تم معالجتها آنفا‪-‬‬
‫‪1‬‬
‫‪Public services are defined as‬‬ ‫فهي تعرف على أنها تلك الخدمات التي أساسا أو كليا‪ ،‬تمولها الضرائب‬
‫‪.those services which are mainly, or completely, funded by taxation‬‬
‫فهي بذلك خدمة المصلحة العمومية‪ ،‬سوقية أو غير سوقية‪ ،‬تحددها الدولة‪ ،‬والتي يمكن أن توفرها‬
‫مؤسسة عمومية (الكهرباء)‪ ،‬و‪/‬أو مؤسسة خاصة (الماء) و‪/‬أو إدارة عمومية (إنارة الشوارع)‪ .‬تلتزم الخدمة‬
‫العمومية بثالثة مبادئ‪ :‬المساواة ‪ ،Equality‬عدم التمييز ‪( No discrimination‬والبعض يعوضها بمبدأ التكييف)‪،‬‬
‫ررية ‪.Continuity‬‬
‫واالستم ا‬
‫ومع ذلك‪ ،‬فمنطق التسيير العمومي تجاوز هذه المجاالت الثالث ليشمل حياة الجمعيات وكل المؤسسات‬
‫التي تعمل بشكل وثيق مع السلطات العمومية؛ وكذا جميع المؤسسات المعنية بتحقيق المصلحة العمومية بشكل‬
‫أوسع‪.2‬‬
‫كما يجب اإلشارة إلى أن التسيير العمومي عبارة عن منهج علمي ثري‪ ،‬شامل ومعقد ال يخص فقط‬
‫مجال التسيير الحكومي أو الحكومات وكذا اإلدارات الحكومية المحلية والمركزية‪ ،‬بل يمكن تطبيق أسس علم‬
‫التسيير العمومي على مستوى مؤسسات خاصة تتوفر فيها بعض الخصائص التي تسمح بذلك‪ .‬إذ قد تنجز‬
‫مؤسسات حكومية عمومية خدمة معينة في بلد ما‪ ،‬في حين تنجز من طرف مؤسسات خاصة في بلد أخر‬
‫والعكس صحيح‪ ،‬إال أن الدراسات أثبتت أن معظم الخدمات األساسية هي عمومية (حكومية ) بالدرجة األولى‬
‫في الدول ذات توجه ليبرالي‪ ،‬ويرجع ذلك إما إلى طبيعة المنتج التي تجعل بالضرورة اإلنتاج حكومياً‪ ،‬أو التفسير‬
‫يكمن في الجانب التاريخي والسياسي بخصوص نمط إنتاج وتوزيع الموارد والخدمات‪.‬‬
‫وتلخيصا لما سبق‪ ،‬يشتمل التسيير العمومي على معنيين أحدهما ضيق واألخر واسع؛ فالمعنى الضيق‬
‫هو التسيير المطبق بمؤسسات القطاع العمومي‪ .‬أما التسيير العمومي بالمعنى الواسع أو التسيير الكلي ‪Macro-‬‬

‫‪ Management‬يمكن أن يمتد نطاق تطبيقه إلى القطاع الخاص‪ .‬فمكانته اإلستراتيجية لدى أفراد المجتمع‬
‫وإضفاء الشرعية على تصرفات المؤسسات الكبيرة جعاله حقال متميزا‪.‬‬
‫لذلك‪ ،‬أصبح اليوم التسيير العمومي يجد تطبيقاته في القطاع العمومي والخاص على السواء‪ ،‬مع بعض‬
‫االختالفات البسيطة كونه يعتمد على العديد من العلوم ( السياسة‪ ،‬القانون‪ ،‬اإلقتصاد‪ ،‬اإلجتماع‪...،‬إلخ) إلنجاز‬

‫‪1‬‬
‫‪Peter C. Humphreys, Op.cit, P:06 .‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Omar HEMISSI, Le Management Public : Une Nouvelle Discipline, Sur le site : http://www.esc-‬‬
‫‪alger.dz/contribution%20ensgnt/hemissi/management-public-cours-hemissi-esc-alger.pdf, Consulté le: 16-02-2016, à‬‬
‫‪21:52.‬‬
‫‪52‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫المهام‪ ،‬إلى جانب اعتمادها على مبادئ علوم التسيير األساسية ( التخطيط‪ ،‬التنظيم‪ ،‬توجيه‪ ،‬الرقابة‪...‬إلخ)‬
‫فتسيير المنظمات العمومية اإلنتاجية منها والخدمية تعمل ضمن إطار بيئي يتميز بوجود‪:‬‬
‫▪ ارتباط وثيق بين المنظمات العمومية والبناء السياسي والدستوري للدولة؛‬
‫▪ تأثير مختلف الفعاليات والقوى السياسية على عمل هذه المنظمات العمومية؛‬
‫▪ كبر حجم المنظمات العمومية؛‬
‫▪ تنوع نطاق أنشطة المنظمات العمومية‪.‬‬
‫إن هذا التميز ينعكس على األسلوب والنمط الذي تمارس به المنظمات العمومية أنشطتها‪ ،‬ويكون لها‬
‫األثر النسبي على مستوى رفاهية المجتمع‪.‬‬
‫حيث يرى الكثير من الباحثين في مجال التسيير‪ ،‬أن عملية التمييز بين مجال تطبيق التسيير في‬
‫القطاعين العمومي والخاص هي في طريقها نحو الزوال نتيجة التطورات التي تحدث في المحيط االقتصادي‬
‫واالجتماعي والسياسي من ارتفاع مستويات الندرة والضغوط السياسية واالجتماعية‪ ،‬وما يترتب عن ذلك من زيادة‬
‫الوعي االجتماعي والنفوذ وقوة ال أري العام في المجتمعات قد أثر ذلك على ممارسات كل من المنظمات‬
‫العمومية والخاصة على السواء‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬يتطلب عمل المنظمات العمومية اإللمام بالظروف البيئية سواء أكانت سياسة أو اجتماعية أو‬
‫اقتصادية؛ ألنها تجتمع كلها كمدخالت للتأثير على ق ارراتها‪ ،‬والتي من شأنها أن تؤثر على أداء الخدمة‬
‫العمومية هي األخرى‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يمكن تقسيم المتغيرات البيئية لتسيير تلك المنظمات من حيث نوعية التأثير فيها‬
‫إلى متغيرات بيئية غير مباشرة وأخرى مباشرة‪.‬‬

‫▪ أوال‪ :‬المتغيرات البيئية غير المباشرة‪ :‬تتمثل المتغيرات البيئية المؤثرة في المنظمات العمومية بطريقة‬
‫غير مباشرة في كل من المتغيرات السياسية واالجتماعية واالقتصادية والتاريخية‪ ،‬إضافة إلى المتغيرات‬
‫الثقافية‪ .‬والتي يمكن إبرازها في الشكل الموالي‪:‬‬
‫‪53‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫الشكل رقم‪06 :‬‬


‫المتغيرات البيئية غير المباشر المصثرة في المنظمات العمومية‬

‫المتغيرات السياسية‬

‫(السلطات التنفيذية والتشريعية‬


‫سلع‬
‫والقضائية)‬

‫خدمات‬
‫تسيير المنظمات‬ ‫المتغيرات االجتماعية‬
‫العمومية‬
‫المواطنون في‬
‫توعية‬
‫المدن أو األقاليم‬ ‫‪ -‬تنفيذ السياسات‬
‫المتغيرات االقتصادية‬
‫تطوير‬
‫‪ -‬متابعة الق اررات‬

‫المتغيرات التاريخية‬

‫المتغيرات الثقافية‬

‫‪.58‬‬ ‫المصدر‪ :‬موفق حديد محمد‪ ،‬إدارة األعمال الحكومية‪ ،‬ط‪ ،01:‬دار المناهج للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،2002 ،‬ص‪:‬‬
‫‪54‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫يوضح الشكل السابق مجموعة من المتغيرات البيئية ذات التأثير غير المباشر على سير عمل‬
‫المنظمات العمومية‪ ،‬والتي يمكن توضيح تأثير كل متغير على حدى كما يلي‪:‬‬
‫✓ المتغيرات السياسية‪ :‬يظهر تأثير هذه المتغيرات على المؤسسات واإلدارات العمومية من خالل‬
‫نظام الحكم‪ 1‬في الدولة‪ ،‬كما أن االستقرار السياسي يؤثر هو األخر في التسيير العمومي‬
‫وفعاليته‪ ،‬فإذا شعر المواطنون بأن المؤسسات واإلدارات العمومية ال تقدم لهم الخدمات‬
‫المطلوبة‪ ،‬فإن استجابتهم لها ومقدار انتمائهم يضعف‪ ،‬وروحهم المعنوية تنخفض‪ ،‬وتزول الثقة‬
‫بينها وبينهم‪ ،‬وإذا كانت المؤسسات واإلدارات العمومية غير منظمة بطريقة رشيدة أو ال تتبع‬
‫التوجيهات السياسية للبالد‪ ،‬فإن خطط التنمية تصبح غير فعالة وبالتالي تصير عديمة الجدوى؛‬
‫✓ المتغيرات االجتماعية‪ :‬تشمل هذه المتغيرات العادات والتقاليد والنظم االجتماعية والقيم السائدة‬
‫في المجتمع‪ ،‬والتي تنعكس على أداء المؤسسات واإلدارات العمومية وتؤثر على مدى فعاليتها‪،‬‬
‫فالنظام التسييري يستمد قيمه السلوكية من مجموع القيم السائدة في المجتمع الذي يوجد فيه‪ ،‬لذا‬
‫فإن قدرة هذا النظام على تحقيق أهدافه تستند إلى نوعية القيم التاريخية واألخالقية التي يسير‬
‫عليها أفراد المجتمع‪ ،2‬فإن كان المجتمع يسير وفق سلوكيات سليمة؛ فإن هذا ينعكس باإليجاب‬
‫على عمل المؤسسات واإلدارات العمومية‪ ،‬أما كل ما خالف ذلك فهذا سيضر بالمصلحة‬
‫العمومية؛‬
‫✓ المتغيرات االقتصادية‪ :‬تشتمل هذه المتغيرات على الموارد والتسهيالت التي تمتلكها المؤسسات‬
‫واإلدارات العمومية‪ ،‬فاألسس االقتصادية للمجتمع تؤثر على عملها‪ ،‬حيث يالحظ أن التقدم‬
‫االقتصادي يساعد على تحقيق التقدم اإلداري(التسييري) الذي بدوره يؤدي إلى التقدم‬
‫االقتصادي‪ ،3‬وبذلك تصبح عملية التنمية اإلدارية(التسييرية) والتنمية االقتصادية متالزمة‪،‬‬
‫لدرجة أن تحقيق أهداف خطة التنمية يحتاج إلى وجود جهاز تسييري فعال؛‬
‫✓ المتغيرات التاريخية‪ :‬يعكس النظام التسييري في أي مجتمع‪ ،‬التراكم الحضاري الناتج عن‬
‫الظروف التاريخية والضغوط الداخلية والخارجية التي مر بها المجتمع‪ ،4‬والتي تؤثر إلى حد‬
‫كبير في األنظمة التسييرية وتورثه نماذج تسييرية وتنظيمية قوية أو ضعيفة‪ ،‬فضعف التكوين‬

‫‪ 1‬علي شريف‪ ،‬إدارة المنظمات الحكومية‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2003 ،‬ص‪.159 :‬‬
‫‪ 2‬موفق حديد محمد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.59 :‬‬
‫‪.22‬‬ ‫‪ 3‬محمد الصيرفي‪ ،‬إدارة األعمال الحكومية‪ ،‬ط‪ ،01 :‬مؤسسة حورس الدولية للنشر والتوزيع‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2005 ،‬ص‪:‬‬
‫‪.60‬‬ ‫‪ 4‬موفق حديد محمد‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪:‬‬
‫‪55‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫العلمي والفني للموظفين ونقص المهارات وكثرة اللوائح والتعليمات وتعددها‪ ،‬كل ذلك يؤدي إلى‬
‫نتائج سلبية ومن ثم ينتشر التقصير بين أجزاء الجهاز التسييري وعدم القدرة على تحقيق‬
‫األهداف العمومية؛‬
‫✓ المتغيرات الثقافية‪ :‬تحظى المتغيرات الثقافية بأهمية كبيرة لما لها من تأثير واضح على‬
‫المؤسسات واإلدارات العمومية‪ ،‬فكلما ارتفع مستوى التعليم والثقافة والخبرات نتج عنه موارد‬
‫بشرية مؤهلة لتولي الوظائف في تلك المؤسسات واإلدارات‪ ،‬ومن ثم يتولد عنه جهاز تسييري‬
‫يمتاز بالقدرة على إنجاز المهام الموكلة إليه بكفاءة وفعالية‪ ،‬ومواكبته للتطورات التكنولوجية‬
‫المساعدة في إنجاز األنشطة التسييرية‪.‬‬
‫▪ ثانيا‪ :‬المتغيرات البيئية المباشرة‪ :‬تُ َم ِارس هذه المتغيرات تأثيرها على عمل المؤسسات واإلدارات‬
‫العمومية من خالل الرقابة والمتابعة الدقيقة والتفصيلية ألعمال السلطة التنفيذية المتمثلة في اإلدارات‬
‫المركزية والمحلية‪ ،‬وأكثر هذه المتغيرات تأثي ار عليها يوضحها الشكل الموالي‪:‬‬
‫الشكل رقم‪07 :‬‬
‫المتغيرات البيئية المباشرة المصثرة في المنظمات العمومية‬

‫السلطة التشريعية‬ ‫السلطة القضائية‬


‫‪ -‬البرلمان‪( -‬ممثلي الشعب)‬

‫السلطة التنفيذية‬
‫األحزاب السياسية‬

‫الصحافة‬
‫اإلدارة المركزية‬
‫جماعات المصالح‬
‫والضغط‬

‫عمالء المصالح‬

‫اإلدارة المحلية‬ ‫الحكومية‬

‫المصدر‪ :‬محمد الصيرفي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.25 :‬‬


‫‪56‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫يوضح الشكل السابق المتغيرات البيئية المباشرة‪ ،‬وهي في شكل جماعات منظمة وتشتمل على‪:1‬‬

‫▪ األحزاب السياسية ‪ :Political Parties‬الحزب السياسي هو تنظيم سياسي له صفة العمومية والدوام وله‬
‫برنامج يسعى بمقتضاه للوصول إلى السلطة‪ .‬كما يضم الحزب السياسي مجموعة من األفراد يحملون‬
‫أفكار متشابهة حول سياسات عمومية معينة‪ ،‬ويحاولون تبني وتطبيق هذه األفكار في ممارسة األعمال‬
‫الحكومية‪ ،‬حيث تقع مكانة األحزاب السياسية في السيطرة على المؤسسات واإلدارات العمومية وتمثيل‬
‫المواطنين على مستوى السلطة التشريعية الوطنية أو المجالس الشعبية المحلية (الوالئية والبلدية)‪ ،‬إذ‬
‫يقوم هؤالء باإلشراف على األنشطة التسييرية‪ ،‬مؤدية بذلك إلى تحقيق رقابة سياسية وشعبية (من خالل‬
‫ممثلي الشعب) على المؤسسات واإلدارات العمومية؛‬
‫▪ جماعات الضغط ‪ :Pressure Groups‬وهي مجموعات منظمة من المواطنين الذين يحاولون التأثير‬
‫على عمل المؤسسات واإلدارات العمومية بشكل أو بأخر‪ ،‬لترجيح أفكارهم ومحاولة إفشال أو إنجاح‬
‫تشريعات معينة‪ ،‬أو المطالبة بتطبيق قوانين معينة‪ ،‬وهؤالء الجماعات يختلفون عن األحزاب السياسية‬
‫من حيث أنهم ال يقومون بتعيين مرشحين عنهم‪ ،‬وأنهم أكثر ائتالفا من األحزاب السياسية؛‬
‫▪ جماعات المصالح ‪ :Interest Parties‬ويمكن ذكر بعض الجماعات التي تعمل تحت اسم جماعات‬
‫المصالح على غرار إتحاد الصناعات والتنظيمات العمالية‪ ،‬وجمعية األطباء‪ ،‬والمجموعات الدينية‬
‫وغيرهم‪ ،‬وقد تختلف وجهات نظر التسيير العمومي من المعارضة إلى المساومة أو الموافقة على‬
‫مقترحات أصحاب المصالح؛‬
‫▪ عمالء المصالح الحكومية ‪ :Clients‬تعرف المصلحة الحكومية بأنها ما يريده المواطنون وكيف تقوم‬
‫المصلحة بتنفيذ رغباتهم‪ ،‬فمستخدمي الطرق وغيرهم‪ ،‬هم من بين عمالء المصالح الحكومية‪ ،‬و ِم َّمن لهم‬
‫أيضا عالقة بالخدمات المقدمة من طرف المؤسسات واإلدارات العمومية‪ ،‬وهنا يالحظ أن العادات‬
‫والتقاليد تلعب دو ار هاما في تحديد فعالية هذه الجماعات من حيث‪:‬‬
‫✓ وجود أو غياب حرية الرأي والتعبير في المجتمع؛‬
‫✓ الدور الذي تقوم به وسائل تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت؛‬
‫✓ مدى حيادية المؤسسات واإلدارات العمومية في حل النزاعات‪.‬‬

‫كما تعتبر المتغيرات البيئية الدولية وظاهرة العولمة في المجال التسييري واالقتصادي أيضا متغيرات‬
‫تؤثر بشكل أو بآخر على عمل المؤسسات واإلدارات العمومية‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك هناك البيئة الداخلية لتلك‬

‫‪.63-62‬‬ ‫موفق حديد محمد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص‪:‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪57‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫كبير هي األخرى‪ ،‬والمتمثلة في اإلمكانيات والظروف والتنظيمات‬


‫دور تأثيرًيا ًا‬
‫المؤسسات واإلدارات والتي تلعب ًا‬
‫التي تعمل فيها‪ ،‬والتي يمكن لتلك المؤسسات واإلدارات مراقبتها والتحكم فيها على غرار المناخ التنظيمي‬
‫والموارد البشرية فيها‪.‬‬

‫المحور السادس‪ :‬المنظور العالئقي للتسيير العمومي‬


‫يتداخل نشاط التسيير العمومي مع األنشطة األخرى والمفاهيم والعلوم والتطبيقات المتصلة بالنشاط‬
‫الحكومي‪ ،‬وما يترتب عليه من اعتبارات سياسية وقانونية‪ ،‬وقبل التطرق إلى العالقة التي تربط التسيير العمومي‬
‫بالتسيير الخاص‪ .‬كان علينا التعريج قبل كل شيء على عالقته ببعض العلوم األخرى التي أثرت بشكل أو بأخر‬
‫في التسيير العمومي‪.‬‬
‫‪ -1‬العالقة بين التسيير العمومي والعلوم األخرى‬

‫من خالل ما تم تناوله سابقا من تعاريف التسيير العمومي‪ ،‬يظهر جليا بأن علم التسيير العمومي ‪-‬الذي‬
‫يؤكد األستاذ بريزاس سنة ‪ 1975‬بأنه علم وفن وضع وتنفيذ السياسة العمومية‪ -‬له عالقة ارتباط مع علوم أخرى‬
‫على غرار‪:‬‬

‫▪ العالقة مع علم السياسة‪ :‬إن األهداف العامة ورسم الخطوط العريضة للسياسات والخطط األساسية‬
‫والمحافظة على القيم االجتماعية تتم عن طريق السياسة العامة للدولة‪ .‬والتسيير العمومي يقوم بعملية‬
‫التنفيذ‪ .‬لذلك فإن علم التسيير يعتمد على علم السياسة اعتماداً كبي اًر ويشارك في عملية اتخاذ الق اررات‬
‫وإبداء الرأي والمشورة والتوصيات ورفعها إلى الجهاز السياسي‪.‬‬
‫وهذا إذا ما تم النظر إلى تطور العالقة بين التسيير العمومي والسياسة والتي مرت من مرحلة تبعية‬
‫التسيير العمومي وخضوعه للسياسة‪ ،‬الى مرحلة فصل السياسة عن التسيير العمومي‪ ،‬فإلى مرحلة التكامل‬
‫والترابط بين السياسة و التسيير العمومي والتوازن فيما بينهما‪.1‬‬

‫▪ العالقة مع القانون اإلداري‪ :‬يعتبر القانون اإلداري مجموعة من القواعد القانونية الملزمة والمتعلقة‬
‫بتنظيم المصالح العمومية (اإلدارات والمؤسسات العمومية) ونشاطها وعالقة تلك المصالح باألشخاص‪.‬‬
‫لذا فالقانون اإلداري يوضح األنظمة والقواعد التي تنظم اإلدارات العمومية من ناحية تأسيسها وتنظيمها‬

‫السعودية‪ ،‬على الخط‪:‬‬ ‫يـاسـر الـهـبـول وآخرون‪ ،‬بااحاااااااااااااااااااااااااااث في اإلدارة الاااعاااماااة‪ ،‬جامعة اإلمام محمد بن سعود‪ ،‬المملكة العربية‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،https://faculty.psau.edu.sa/filedownload/doc-8-doc-0b6e39d73bf91651ad76349e38‬تاريخ االطالع‪،2018-06-01 :‬‬


‫على الساعة ‪.11:50‬‬
‫‪58‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫ونشاطها كما يحدد الطرق والوسائل واألساليب واإلجراءات التي تمارسها تلك اإلدارة العمومية على‬
‫نشاطها‪ .‬إال أن التسيير العمومي ليست جزًء من القانون اإلداري‪.‬‬
‫فالتسيير العمومي شديد الصلة بالقانون على اعتبار أن عمله يجب أن يكون دائماً متوافقاً مع مضمونه‬
‫ومنسجماً مع أحكامه‪ ،‬وإال تعرضت أعمالها لعدم الشرعية مع ما يستتبع ذلك من إلغاء لهذه األعمال أو‬
‫التعويض عن الضرر الناشئ عن عدم شرعيته‪.‬‬
‫وقد بدأ التسيير العمومي يدرس كعلم من خالل العلوم السياسية ثم سلك مسلكاً قانونياً فأصبح يدرس من‬
‫خالل القانون‪ ،‬إلى أن أصبح علماً قائماً بذاته له قواعده وخصائصه المميزة‪ .‬وتعود صلة التسيير العمومي‬
‫والقانون اإلداري إلى أن كليهما يتخذ من اإلدارة مجاالً لدراسته‪ ،‬ومع الفارق األساسي في أن األول يركز على‬
‫النواحي الفنية التنفيذية من اإلدارة في حين أن الثاني يهتم بالنواحي القانونية منها‪.1‬‬

‫▪ العالقة مع علم االجتماع‪ :‬يهتم علم االجتماع بدراسة المجتمع والمجتمعات لمعرفة القواعد والتقاليد التي‬
‫تحكم العالقات بين األفراد داخل المنظمة بشكل عام؛ لكون تلك الجماعات تؤثر على تفكير التسيير‬
‫العمومي وسياسته وبرامجه ونشاطه بشكل كبير‪.‬‬

‫▪ العالقة مع علم النفس‪ :‬يركز علم النفس على العنصر اإلنساني فيدرس الفرد وانطباعاته‪ ،‬مشاعره‪،‬‬
‫مفاهيمه الشخصية‪ ،‬الدوافع‪ ،‬اإلدراك‪ ،‬سيكولوجية النمو‪ ،‬القيم واالتجاهات‪ ،‬العوامل البيئية والوراثية وأثرها‬
‫في نمو الفرد وسلوكه‪ ،‬هذه هي مفردات علم النفس‪ .‬فاألنماط السلوكية لها دور أساسي على سلوك الفرد‬
‫وإنتاجيته داخل المنظمة بشكل عام والمنظمة العمومية بشكل خاص‪.‬‬
‫▪ العالقة مع علم االقتصاد‪ :‬الصلة وثيقة بين النظام االقتصادي والنظام اإلداري فاإلمكانيات االقتصادية‬
‫ووفرتها تؤثر في اختيار الموظفين األكفاء وتحديد رواتبهم واالستعانة بالخبرة األجنبية والتكنولوجيا‬
‫الحديثة‪ .‬وأما قلة اإلمكانات االقتصادية فتجعل من الجهاز اإلداري جها اًز ضعيفاً بشرياً وفنياً ومادياً‪،‬‬
‫فكلما زادت الدولة من اعتمادها على القطاع العمومي كتأمين الشركات والمؤسسات‪ ،‬كلما زادت عالقة‬
‫التسيير العمومي باالقتصاد على اعتبار أن التسيير العمومي يصبح ملزم بوضع الخطط الوطنية بتنفيذ‬
‫برامج التنمية االقتصادية وتحسين الدخل الوطني‪.2‬‬

‫كما أن التسيير العمومي الجديد يمارس نشاطات ذات طابع اقتصادي مثل تحديد مصادر اإليرادات‬
‫وأوجه اإلنفاق والحسابات الختامية والرقابة المالية‪.‬‬

‫‪ 1‬يـاسـر الـهـبـول وآخرون‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪.‬‬


‫المرجع نفسه‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪59‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫يستخدم التسيير العمومي وكذلك التسيير الخاص‬ ‫▪ العالقة مع تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت‪:‬‬
‫المعلومات عند قيامه بجميع وظائفه التسييرية من تخطيط وتنظيم ورقابة وتنسيق واتخاذ ق اررات‪ .‬حيث‬
‫أن عملية اتخاذ الق اررات تعد أحد عناصر العملية التسييرية التي تختص بمواجهة المشاكل لذلك فهناك‬
‫عالقة بين تلك العملية وتوفر المعلومات والبيانات خاصة في عصر تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت‪.‬‬

‫وهناك من يرجع األصول العلمية للتسيير العمومي باعتباره كعلم وفن إلى مجموعة مكونات علمية‬
‫أهمها‪:1‬‬
‫▪ القانون العمومي؛‬
‫▪ العلوم السياسية واإلدارية؛‬
‫▪ علم إجتماع المنظمات؛‬
‫▪ علوم التسيير؛‬
‫▪ اإلقتصاد العمومي‪.‬‬
‫فالشخص الممارس للتسيير العمومي ينبغي عليه اإللمام بهذه العلوم‪ ،‬ذات الصلة بمجال التسيير‬
‫العمومي الجديد‪.‬‬
‫‪-2‬التسيري العمومي وعالقته ابلتسيري اخلاص‬
‫هناك اختالف في الرأي ما بين المفكرين والمهتمين بمجال التسيير خصوصا ما إذا كان التسيير‬
‫العمومي يختلف عن التسيير الخاص‪ ،‬ومن هذا المنطلق ظهر اتجاهان؛ أحدهما يرى أن هناك اختالفات مميزة‬
‫بين التسيير العمومي والتسيير الخاص‪ ،‬واالتجاه اآلخر يرى بأنه ال توجد فروق أو حدود فاصلة بين التسييرين‪.‬‬
‫‪-1-2‬االتجاه األول‪ :‬يرى أنصاره أن هناك خصائص يتميز به التسيير العمومي ويجعله مختلفا عن التسيير‬
‫الخاص؛ وهذا ما يجعل من الصعب التعامل مع هذين النوعين من التسيير بنفس األسس واألساليب العلميـة‬
‫مستندين في ذلك إلى عدة فروقات قام الجدول الموالي بجمع أهمها‪:‬‬

‫‪ 1‬نور الدين شنوفي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪.‬‬


‫‪60‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫الجدول رقم‪06 :‬‬


‫جوانب التفرقة بين التسيير العمومي والتسيير الخاص‬
‫التسيير الخاص‬ ‫التسيير العمومي‬ ‫معيار التفرقة‬
‫تحقيق ربح‬ ‫تحقيق المصلحة العمومية من خالل تقديم خدمات عمومية‬ ‫الهدف‬
‫أصغر‬ ‫عادة كبيرة‬ ‫الحجم‬
‫األشخاص المعنوي الخاصة ويحكمها القانون الخاص‬ ‫األشخاص المعنوي العمومية ويحكمها القانون العام‬ ‫الصبغة الرسمية‬
‫ومجال التطبيق‬
‫السياسة الخاصة لمجلس اإلدارة وفي إطار المنافسة وفي‬ ‫السياسة العمومية للدولة أي يمارس في ظل التطبيقات القانونية وفي‬ ‫إطار وبيئة العمل‬
‫حدود القانون‬ ‫حدود السياسة العمومية‪.‬‬
‫خاضع بشكل كبيرة على المعايير االقتصادية ألن هدفه‬ ‫خاضع في الغالب للمناقشات والمداوالت‪ ،‬المتبادلة بقصد تحقيق‬ ‫اتخاذ القرار‬
‫الرئيس هو تحقيق الربح‪ ،‬باإلضافة إلى أخذه بعين االعتبار‬ ‫اتفاق شامل حول تحقيق هدف معين‪ .‬وذلك لوجود اعتبارات سياسية‬
‫للقوى التنافسية وإرضاء العمالء قبل اتخاذ أي قرار‬
‫‪‬‬
‫واجتماعية واقتصادية‬
‫المساهمون‬ ‫الدولة ممثلة في أجهزتها الرقابية‬ ‫الجهة الرقابية‬
‫هناك عدد كبير جدا من مقاييس األداء الخاص مقارنة‬ ‫هناك عدد قليل جدا من مقاييس األداء‪ ،‬بسبب الطابع الجماعي‬ ‫مقياس األداء‬
‫بنظيره العمومي‪ .‬على غرار مقدار الربح والخسارة التي‬ ‫للعديد من الق اررات العمومية على وجه الخصوص وعدم وجود‬
‫يحددهما الفرق بين اإليرادات والتكاليف‪ .‬كما يمكن الحكم‬ ‫عناصر قابلة للقياس كالربح‪ .‬لذلك من الصعب مقارنة إيراداته‬
‫على اإلنتاج واإلدارة والعمال حسب مقاييس الكفاءة‬ ‫وتكاليفه لكونه في الغ الب يسهر على تقديم خدمات عمومية مجانية‬
‫أو شبه مجانية ال يعود لها بإيرادات كبيرة‪ ،‬تحقيقا للمصلحة‬
‫وبعيدا عن منطق الربح‪ .‬لذلك يكون التركيز أكثر على‬
‫ً‬ ‫العمومية؛‬
‫مدى توفر جودة الخدمة المقدمة‬
‫غير مهتمة برفاهية المتعاملين معها والمستفيدين من إنتاجها‬ ‫مهتمة برفاهية مواطنيها تعطى األولية للمصلحة العمومية للمجتمع‬ ‫درجة ونطاق‬
‫إال بقدر ما يحقق لها من سمعة وربحية‬ ‫عن المصلحة الخاصة‬ ‫االهتمام‬
‫عمالء ومنافسون محدودين في العدد لكل مؤسسة‪ ،‬سوق‬ ‫عدد غير محدود من المواطنين (من دافعي الضرائب ومن‬ ‫طبيعة الزبائن‬
‫خلفي تشتري منه وسوق أمامي تبيع له‬ ‫المستفيدين من الخدمات العمومية)‬
‫تحكمه قواعد مسؤولية لن تكون أكثر من كونها مسؤولية‬ ‫تحكمه قواعد مسؤولية متعددة منها اإلدارية والسياسية والقضائية‬ ‫قواعد المسصولية‬
‫مهنية اجتماعية وأخالقية‬

‫المصدر‪ :‬من إعداد الباحث اعتمادا على‪:‬‬


‫‪-‬نور الدين شنوفي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪.‬‬
‫‪-‬زيد منير عبوي وآخرون‪ ،‬مدخل إلر اإلدارة العامة بين النظرية والتطبيق‪ ،‬ط‪ ،01 :‬دار الشروق للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪،2006 ،‬‬
‫‪.25-24‬‬ ‫ص ص‪:‬‬
‫‪-Hayat BEN SAID, Gestion du changement dans l’administration publique en vue de sa modernisation : études‬‬
‫‪de cas canadiens et leçons pour le Maroc, Mémoire présenté en vue de l’obtention du grade de maître ès maîtrise‬‬
‫‪sciences,‬‬ ‫‪Sciences‬‬ ‫‪de‬‬ ‫‪la‬‬ ‫‪gestion,‬‬ ‫‪Ecole‬‬ ‫‪des‬‬ ‫‪hautes‬‬ ‫‪études‬‬ ‫‪commerciales‬‬
‫‪affiliée à l’université de Montréal, Canada, Avril 2000, P: 12.‬‬

‫يقصد بالقوى التنافسية‪ ،‬القوى الخمس التي تحكم مستقبل المؤسسة ضمن المنافسة القطاعية (الصناعة)‪ ،‬وهذه القوى الخمس‬ ‫‪‬‬

‫حددها مايكل بورتر ‪ Michael PORTER‬كما يلي‪ :‬المنافسون الجدد‪ ،‬قدرة الزبائن التفاوضية‪ ،‬قدرة الموردين التفاوضية‪ ،‬المنتجات‬
‫البديلة‪ ،‬المتنافسون في نفس القطاع‪.‬‬
‫‪61‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫هناك من يوضح ويزيد على ما جاء به الجدول السابق من اختالف بين التسييرين نظرتين هما‪:‬‬
‫‪-1-1-2‬النظرة األولر‪ :‬أن هناك اختالفاً من حيث الدرجة وليس من حيث الجوهر األساسي؛ والذي شمل‪:‬‬
‫▪ الهدف‪ :‬يهدف التسيير العمومي إلى تقديم خدمة أو تحقيق مصلحة عمومية ألفراد المجتمع من خالل‬
‫النشاط الذي يقوم به‪ .‬أما التسيير الخاص فيهدف إلى تحقيق عائد اقتصادي على شكل ربح؛‬
‫▪ المستفيدين‪ :‬المستفيدون في التسيير العمومي هم أفراد المجتمع أو الغالبية العظمى منهم‪ .‬أما‬
‫المستفيدون في التسيير الخاص فهم شريحة معينة تتألف من صاحب العمل‪ ،‬المساهمين‪ ،‬العمالء؛‬
‫▪ المنافسة‪ :‬المشروعات العمومية تعمل في ظل ظروف احتكارية حيث أن لكل إدارة مجال ونشاط محدد‪،‬‬
‫وهناك تنسيق وتكامل بين تلك األنشطة‪ .‬أما في المشروعات الخاصة فتسود المنافسة الحرة حيث‬
‫تتصف المؤسسات الخاصة بالجرأة‪ ،‬والمخاطرة‪ ،‬وتحين الفرص‪ ،‬مما يؤدي إلى التطور السريع واالبتكار‬
‫واإلبداع؛‬
‫▪ دوام الوظيفة‪ :‬الوظيفة في المنظمات العمومية توصف بأنها دائمة وال يمكن االستغناء عنها فهي تحقق‬
‫ما يعرف باألمن أو االستقرار الوظيفي‪ .‬أما في المنظمات الخاصة فيمكن إلغاؤها أو االستغناء عن‬
‫شاغلها؛‬
‫▪ المساواة‪ :‬إن قاعدة المساواة تسود بين العاملين في القطاع العمومي حيث يوجد نظام موحد ومطبق‬
‫على جميع العاملين‪ .‬أما في القطاع الخاص فإن لكل مؤسسة نظام خاص بها يحتكم إلى ظروف‬
‫المؤسسة االقتصادية واحتياجاتها من القوى العاملة‪.‬‬
‫‪-2-1-2‬النظرة الثانية‪ :‬أن هناك اختالفاً جوهرياً وعميقاً بين التسييرين‪ ،‬ومن نقاط االختالف بينهما ما يلي‪:‬‬
‫▪ معايير اتخاذ الق اررات ودرجة الرشد‪ :‬ففي المنظمات العمومية يتم اتخاذ الق اررات بعد مناقشات ومداوالت‬
‫بقصد الوصول إلى اتفاق شامل حول تحقيق هدف معين؛ والسبب في ذلك يرجع إلى اعتبارات سياسية‪،‬‬
‫واقتصادية‪ ،‬واجتماعية يجب أخذها في االعتبار‪ .‬أما في المنظمات الخاصة فإن عملية اتخاذ الق اررات‬
‫تعتمد على االعتبارات الموضوعية‪ ،‬واالقتصادية؛‬
‫▪ أساليب وطرق التقييم‪ :‬يتوقف الحكم على نجاح أو فشل القطاع الخاص على معايير اقتصادية بحتة‬
‫تتمثل في تحقيق حد أدنى من المدخالت وحد أعلى من المخرجات حيث أن الفرق بينهما يمثل الربح‪.‬‬
‫أما القطاع العمومي فال يمكن استخدام المعيار السابق لقياس األداء لعدم وجود صلة بين اإليرادات التي‬
‫تحققت والنفقات التي صرفت؛‬
‫‪62‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫▪ المسصولية‪ :‬إن المؤسسات واإلدارات العمومية تكون مسؤولة مسؤولية عامة أمام جهات متعددة مثل‬
‫السلطة التنفيذية‪ ،‬األجهزة الرقابية‪ ،‬والجمهور بوجه عام‪ .‬بينما المؤسسات الخاصة تكون مسؤولة‬
‫مسؤولية أمام اإلدارة العليا فقط؛‬
‫▪ األساس المالي‪ :‬يتم التركيز هنا على‪:‬‬
‫✓ مصادر اإليرادات‪ :‬ففي القطاع العمومي تكون الضرائب‪ ،‬القروض‪ ،‬أمالك الدولة‪ ،‬اإلصدار‬
‫النقدي‪ ،‬الرسوم أهم مصادر اإليرادات‪ .‬أما في القطاع الخاص فإن مصادر اإليرادات هي‬
‫االستثمارات؛‬
‫✓ أوجه اإلنفاق‪ :‬في القطاع العمومي يكون اإلنفاق في مجال الصحة‪ ،‬التعليم‪ ،‬المواصالت‪،‬‬
‫الدفاع‪ ،‬األمن‪ .‬أما في القطاع الخاص فإنه يكون بحد أدنى من اإلنفاق على المدخالت (الموارد‬
‫البشرية‪ ،‬المادية‪ ،‬المالية)؛‬
‫✓ إعداد الميزانية‪ :‬في القطاع العمومي يكون إعداد الميزانية عن طريق جهات متعددة داخل‬
‫اإلدارة وخارجها لذلك تحتاج إلى وقت طويل‪ .‬أما في القطاع الخاص فتتم عن طريق وحدة‬
‫معينة داخل المنظمة لذلك تستغرق فترة زمنية أقل‪.‬‬
‫جعل ارتكاز التسيير العمومي في تعريفه على المجال الذي تتعامل معها المؤسسات العمومية ‪-‬وكذا‬
‫ارتباط تحديد إطار تطبيقه بعدة خلفيات‪ -‬من التسيير العمومي مجاال متميزا؛ مما يجعل أيضا من الصعب أن‬
‫التعامل مع المؤسسات العمومية والمؤسسات الخاصة بنفس األسس واألساليب العلمية ضمن هذه‬ ‫يتم‬
‫المجاالت‪.‬‬
‫هــذا األمر أيضا‪ ،‬يجعل من التسيير العمومي مجاال مستقال للمعرفة‪ ،‬له مناهجه ومفاهيمه ونظرياته‬
‫وحدوده في علوم التسيير‪ ،‬وهذا ما يقصد به بالظروف البيئية التي تحيط بعمل المؤسسات العمومية‪ .‬فالمشكالت‬
‫التي تعالجها هذه األخيرة قي ظل توفيرها للخدمات العمومية؛ تنعكس على األسـلوب والنمط الذي تمارس به تلك‬
‫المؤسسات أنشطتها ومنه األدوات العلمية المستعملة‪.‬‬
‫‪-2-2‬االتجاه الثاني‪ :‬يرى أنصاره بأنه ال توجد فروق أو حدود فاصلة بين التسييرين‪ .‬فهو يعاكس االتجاه‬
‫األول ومنه فإطار تطبيق التسيير العمومي ال يكتسب صفة التمييز؛ بل إن مبادئ علوم التسيير األساسية واحدة‬
‫وذات أصل واحد وال توجد فروق جوهرية بين تطبيق علم التسيير في جميع المؤسسات سواء كانت عمومية أو‬
‫خاصة‪ ،‬فأي عمل جماعي يحتاج إلى التخطيط‪ ،‬والتنظيم‪ ،‬والتوجيه‪ ،‬والرقابة وهي العمليات التسييرية لعلم‬
‫التسيير‪.‬‬
‫‪63‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫فإذا جاز القول حسب رأي البعض إن ثمة فرقاً بين الهدف والغايات في المؤسسات العمومية عن‬
‫تلك في المؤسسات الخاصة‪ ،‬فإن دعاة عدم التفرقة بين تسيير المؤسسات العمومية وتسيير المؤسسات الخاصة‪،‬‬
‫ال يرون الفرق بين طبيعة العملية اإلدارية وال فارقا في طبيعة النشاط وال يرون أن أمو اًر تصلح بذاتها ألن تكون‬
‫موضوعا لهذا النشاط وال تصلح لغيره‪ ،1‬مع التأكيد أن العديد من التبريرات التي يقدمها اتجاه تمييز التسيير‬
‫العمومي المطبق في المؤسسات العمومية عن التسيير المطبق في المؤسسات الخاصة قد تالشت مع تطور‬
‫المحيط االقتصادي واالجتماعي حسب رأي هذا االتجاه‪ ،‬وهذا لكون‪:‬‬
‫▪ الغرض األساس لبقاء المؤسسات هو قدرتها على تلبية رغبات معينة من سلع والخدمات وإشباعها‪ ،‬أما‬
‫هدف الربح فما هو إال نتيجة لفشل العمليات المنظمة أو نجاحها‪ .2‬ومع تغير المحيط االقتصادي‬
‫واالجتماعي وازدياد الضغوط ومستويات الندرة أصبح من الضروري أن تسعى المنظمات الحكومية هي‬
‫األخرى إلى تحقيق إيرادات وحتى أرباح حتى تضمن لنفسها االستم اررية؛‬
‫وبناءا عليه‪ ،‬فإن هدف التسيير العمومي والخاص هو إنتاج سلع وخدمات إلشباع حاجات الزبائن والتي‬
‫ً‬
‫تحظى برضاه‪ ،‬ومن ثم انتقال تسيير منظمات األعمال من سعيها إلى تحقيق أهداف اقتصادية تقليدية‬
‫– هدف الربح – إلى االهتمام بالمسؤولية االجتماعية ‪ Social responsibility‬اتجاه األطراف التي تتعامل‬
‫معهم واتجاه المجتمع ومنه أصبح هدف تحقيق رفاهية المجتمع ال يقتصر على المؤسسات العمومية‬
‫فقط‪. .‬يضاف إلى سعي كل من التسيير العمومي والخاص إلى تحقيق أهدافهما بأعلى درجة من الكفاءة‬
‫والفعالية‪3‬؛‬
‫▪ صفة االحتكار التي يعتمد عليها أنصار تمايز تسيير المؤسسات العمومية‪ ،‬لم تعد مقتصرة على‬
‫التنظيمات العمومية‪ ،‬إذ العديد من المؤسسات الخاصة تعمل في ظل الحجم الكبير مثلها مثل اإلدارات‬
‫العمومية وتتمتع بهيكل إداري ووظيفي ضخم‪ ،4‬نتيجة لظروف معينة كتمايز منتجاتها‪ ،‬وعدم وجود‬
‫منافسين جديين في الميدان‪ ،‬ونظ ار لألسبقية في اإلبداع والتفوق التكنولوجي‪...‬الخ‪ ،‬أصبحت محتكرة‬
‫للسوق ومنه تمتلك موارد معتبرة في بعض األحيان تفوق موارد دولة بأكملها هذا من جانب‪ .‬ومن جانب‬
‫آخر فالكثير من التنظيمات الحكومية أصبحت تنافس المؤسسات الخاصة ومنه مفهوم المنافسة بالشكل‬
‫الذي قدمه االقتصاديون األوائل لم يعد له واقع فعلي في التطبيق؛‬

‫‪1‬محمد السعيد عبد الفتاح وآخرون‪ ،‬اإلدارة العامة‪ :‬المبادئ والتطبيق‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬مصر‪ ،2003 ،‬ص‪.40 :‬‬
‫‪ 2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.40 :‬‬
‫‪ 3‬ثابت عبد الرحمان إدريس‪ ،‬المدخل الحديث في اإلدارة العامة‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2001 ،‬ص‪.39 :‬‬
‫‪.39‬‬ ‫المرجع نفسه‪ ،‬ص‪:‬‬ ‫‪4‬‬
‫‪64‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫▪ زيادة الوعي والنفوذ وقوة الرأي العام في المجتمعات‪ ،‬قد أثرت على ممارسات كل من المؤسسات‬
‫الخاصة والعمومية على السواء بحيث أصبح توفير المعلومات وعرضها ضرورة ملحة إذا ما أراد تنظيم‬
‫ما إعطاء صورة صادقة عن نشاطه ومنه الحصول على ثقة األعوان والشرعية المطلوبة‪.1‬‬
‫ومن بين ال كتاب المساندين لرأي عدم وجود اختالف كبير بين التسييرين العمومي والخاص منهم‬
‫‪ Murray EGUN‬مرتك از في ذلك على األسس التالية‪:2‬‬
‫تشابه التركيبة األساسية للمنظمات العمومية والخاصة على حد سواء؛‬ ‫▪‬
‫تشابه عملية التسيير مهما كانت البيئية المحيطة بالمنظمة؛‬ ‫▪‬
‫اختصار االختالفات بين القطاعين العمومي والخاص في األهداف والنظام القانوني‪.‬‬ ‫▪‬
‫كما يرى األستاذان "‪ "Burland & Lanfer‬أن التسيير العمومي يمكن أن يطبق في المنظمات سواء‬
‫كانت عمومية أو خاصة من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى فإن كال المفهومين يرتكز على مفهوم التسيير‪ ،‬أي الوظيفة‬
‫العامة التي تهتم بوصول منظمة ما إلى األهداف التي وجدت من أجلها عن طريق االستخدام األمثل للموارد‬
‫البشرية والمادية‪ .‬في حين يرى " أثير جرارد ‪ "Ethier Grard‬أن عمل المسيرين العموميين ال يختلف عن عمل‬
‫المسيرين الخواص‪ ،‬فكالهما يرجع إلى مفهوم التسيير الذي يركز على الوظائف التي حددها هنري فايول‬
‫والمعروفة بالعملية التسييرية‪ ،‬التي تركز على التخطيط‪ ،‬التنظيم‪ ،‬التوجيه‪ ،‬اتخاذ الق اررات‪ ،‬الرقابة‪ ،‬ومجموعة‬
‫األدوار التي حددها "هنري"‪" ،‬متنزبرغ" والمتمثلة في األدوار العالئقية واألدوار اإلعالمية واألدوار التقريرية‪.‬‬
‫إذا‪ ،‬فكالهما يعتمد على العقالنية التسييرية‪ ،‬فالسلطة هي سلطة المسيرين والغاية هي الفعالية والكفاءة‬
‫للوصول إلى النتائج‪.‬‬

‫‪.40‬‬ ‫‪ 1‬محمد السعيد عبد الفتاح وآخرون‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪:‬‬
‫عبد العزيز عقاقبة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.40 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪‬والتي كونها لوثر جوليك من أوائل رؤوس الموضوعات التي يتكون منها علم التسيير‪ .‬هذه الكلمة تجمع فروع هذا العلم وهي‬
‫‪:POSDCORB‬‬
‫‪Planing‬‬ ‫✓ تخطيط =‬
‫‪Organizing‬‬ ‫✓ تنظيم =‬
‫‪Staffing‬‬ ‫✓ توظيف =‬
‫= ‪Directing‬‬ ‫✓ توجيه‬
‫‪Coordination‬‬ ‫✓ تنسيق =‬
‫✓ تبليغ = ‪( Reporting‬بدالً من االتصال ‪)Communicating‬‬
‫‪Budgeting‬‬ ‫✓ تمويل =‬
‫‪65‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫في حين يحاول البعض أن يقدم الفروق بين التسييرين العمومي والخاص في شكل مقارنة يجمعها‬
‫الجدول الموالي الذي يقف عند مستويات االختالف بين التسيير في القطاع العمومي والقطاع الخاص‪.‬‬
‫الجدول رقم‪07 :‬‬
‫مستويات االختالف بين التسيير في القطاع العمومي والقطاع الخاص‬

‫مجال المقارنة‬ ‫قاعدة المقارنة‬

‫طبيعة النشاط‬ ‫نهاية وهدف النشاط‬ ‫مجال القوى‬ ‫إطار سير العمل‬

‫خصوصية مقارنة بالقطاع الخاص‬ ‫نشاط مجتمعي‬ ‫إنتاج من المجتمع‬ ‫النظام السياسي‬ ‫دولة القانون‬
‫القطاع‬
‫متطلبات التسيير مقارنة بمتطلبات‬ ‫العمومي‬
‫نظرة اجتماعية‬ ‫خدمة عمومية‬ ‫المركزية‬ ‫الشرعية والعدل‬
‫تسيير القطاع الخاص‬

‫خصوصية مقارنة بالقطاع العمومي‬ ‫نشاط فاعل اجتماعي‬ ‫الربح‬ ‫المحيط االقتصادي‬ ‫السوق‬
‫القطاع‬
‫متطلبات التسيير مقارنة بمتطلبات‬ ‫الخاص‬
‫إرضاء الزبون‬ ‫المردودية‬ ‫المنافسة‬ ‫المنفعة‬
‫تسيير القطاع العمومي‬

‫المصدر‪ :‬عبد العزيز عقاقبة‪ ،‬مرجع سيق ذكره‪ ،‬ص‪.42 :‬‬

‫ٌيعبر الجدول أعاله عن الفوارق الموجودة بين التسيير في القطاع العمومي والقطاع الخاص‪ ،‬وهي على‬
‫مستويات‪:‬‬

‫▪ مستوى خصوصية كل قطاع؛‬


‫▪ مقومات متطلبات التسيير كل قطاع‪.‬‬
‫وهذه ما هي إال ظروف تؤكدها المدرسة التقليدية في مواجهة المدرسة الحديثة‪ ،‬التي تنفي هذه الفروق‬
‫استنادا إلى وحدة نظرية التسيير في كل منهما‪ .‬غير أن كال الفريقين غالى في الرأي واستقر الرأي الراجح الذي‬
‫يستند إلى حقائق ال تقبل المنازعة على أن هناك اختالف جذري بين التسييرين من حيث الغاية والنظام القانوني‪،‬‬
‫الذي يؤدي إلى اختالف في طبيعة السلطة والمسؤولية في كل منهما‪.‬‬
‫فاالختالف في المجال بالنسبة للقطاع العمومي (إشباع الحاجات العمومية)‪ ،‬أما القطاع الخاص (تحقيق‬
‫الربح)‪ ،‬أي مجال أقل‪ .‬في المقابل توجد نقاط تشابه بين القطاعين وتتمثل في‪:‬‬
‫▪ تطبيق بعض مبادئ التسيير الخاص في التسيير العمومي بعد تطويرها؛‬
‫▪ وجود قدر من التأثير والتفاعل المتبادل بين كل من التسييرين باعتبارهما فرعين لعلم واحد هو علم‬
‫التسيير‪.‬‬
‫ولكن‪ ،‬هذا التشابه بين التسييرين والتأثير المتبادل بينهما ال يؤديان إلى القول بوحدة التسييرين‪.‬‬
‫‪66‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫وفــي ذات الســياق‪ ،‬يقــف ‪ Rainey et al‬ســنة ‪ ،1976‬عنــد ثــالث عناصــر أساســية للتفريــق بــين منظمــات‬
‫القطاع العمومي والخاص‪:‬‬
‫▪ العنصر األول‪ :‬البيئة الخارجية؛ وتتمثل عناصر البيئة الخارجية في ما يلي‪:1‬‬
‫✓ أوالً‪ :‬أن منظمات القطاع العمومي أقل تعرض لعوامل و غوط السوق‪ .‬ونتيجة لذلك تضعف‬
‫الحوافز لتقليل التكاليف‪ .‬وفقا لـ ‪ Pirie‬سنة ‪ 1989‬فتكاليف التشغيل في القطاع العمومي أعلى‬
‫منها في القطاع الخاص ولكن كفاءتها أقل عند مقارنتها مع منظمات القطاع الخاص والتي‬
‫تعمل في نفس القطاع‪ .‬وهذا بطبيعة األمر يعزى وفقا لـ ‪ Pirie‬لعدد من األسباب‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫‪ ‬أن منظمات القطاع العمومي تتجه لتوظيف أعداد ضخمة من العاملين؛‬
‫‪ ‬يغلب على عملية اتخاذ القرار في منظمات القطاع العمومي الطابع السياسي بدالً من‬
‫الطابع االقتصادي؛‬
‫‪ ‬غياب عنصر اإلبداع والمرونة في بيئة عمل القطاع العمومي‪.‬‬
‫وفي ظل عملية االحتكار الكامل التي ينعم بها القطاع العمومي أدى به لزيادة حدة المشاكل‬
‫التي يعانى منها ذلك القطاع‪ .‬وبما أن معظم منظمات القطاع العمومي أنشئت في المقام األول‬
‫لتحقيق أهداف اجتماعية وسياسية بدال من أهداف اقتصادية أو تجارية؛ فقد أدى ذلك لعدم‬
‫وضوح األهداف التي تسعى لتحقيقها‪ ،‬باإلضافة للصعوبات التي تواجهها والى تتعلق بصعوبة‬
‫وضع معايير محددة لقياس أدائها وفعاليتها‪ .‬هذا ويرى ‪ Prier‬أن غياب المنافسة أدى لغياب‬
‫الحوافز لتقليل تكاليف التشغيل والجودة في الخدمة‪.‬‬
‫✓ ثانياً‪ :‬نظ اًر ألن القطاع العمومي أقل تعر اً آللية السوق فقد أدى ذلك لضعف االهتمام‬
‫بتحقيق الفعالية‪ .‬وقد جادل كل من ‪ Beasley & Littlechild‬سنة ‪1992‬على أهمية عنصر‬
‫الملكية؛ وذلك لتركيز القطاع الخاص واتجاهه لتحقيق الربح واالهتمام باحتياجات ومتطلبات‬
‫العمالء‪ .‬لذا فإن الخوصصة قد تحقق منافع للمستهلكين وذلك عن طريق تحسين جودة‬
‫الخدمات وتقليل السعر‪.‬‬

‫التخصيص وإدارة التغيير‪ :‬التحديات التي تواجه المصسسات العامة في المملكة العربية السعودية‪ ،‬على‬ ‫‪1‬‬

‫الخط‪:‬‬
‫‪http://faculty.ksu.edu.sa/salotaibi/DocLib/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AE%D8%B5%D9%8 A%D8%B5%20‬‬
‫‪%D9%88%D8%A7%D8%AF%D8%A7%D8%B1%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%BA%D9%8A%‬‬
‫‪.11:21‬‬ ‫‪ ،D9%8A%D8%B1.doc‬تاريخ االطالع‪ ،2018-06-10 :‬على الساعة‬
‫‪67‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫ااعف‬ ‫✓ ثالث ااً‪ :‬أن القطاااع العمااومي أكثاار عر ااة لظنظمااة والق اوانين الصااارمة ممااا يااصدى إلاار‬
‫استقاللية المديرين في عملية اتخاذ القرار‪ .‬ويدعوا المؤيدون للخوصصـ ة أن يتمتـع التسـيير فـي‬
‫القطاع العمومي باستقاللية اتخاذ القرار الذي سيؤدى لرفع مستوى الفعاليـة واألداء‪ .‬لـذا قـد يـؤدي‬
‫االتجــاه للخوصصـ ة إلعطــاء مــديري القطــاع العمــومي مزيــد مــن االســتقاللية لتســيير مؤسســاتهم‬
‫وذلك عن طريق إطالق أيديهم وتقليل عملية تدخل السياسة في أعمالهم‪.‬‬
‫✓ رابعاً‪ :‬أن القطاع العمومي أكثر تعر اً للضغوط الخارجية‪ .‬خاصة ما تتعلق بالتدخل السياسي‪،‬‬
‫إذ يجادل المدافعون عن الخوصصة أن درجة التدخل السياسي في عمل القطاع العمومي‬
‫ستخف حدتها في ظل االتجاه نحو الملكية الفردية(الخاصة)‪ .‬باإلضافة لذلك في ظل الملكية‬
‫الفردية يفترض أن يتقاضى المديرين التنفيذيين رواتب ومكافآت أعلى‪ ،‬وستربط الحوافز باألداء‬
‫حسب ‪ Moore‬سنة ‪ .1992‬أما فيما يتعلق بالرقابة واالشراف‪ ،‬ستؤدي الخوصصة إلحالل‬
‫إشراف أصحاب المصالح محل اإلشراف الذي يمارسه البيروقراطيون الحكوميون‪ ،‬وأهواء‬
‫أصحاب المصالح سيفرضون الربحية التجارية باعتبارها الهدف الرئيس للمؤسسة حسب & ‪Nells‬‬

‫‪ Kikeri‬سنة ‪.1989‬‬
‫▪ العنصر الثاني يتعلق بالبيئة الداخلية‪ .‬وتتمثل عناصر البيئة الداخلية في ما يلي‪:1‬‬
‫✓ يتعرض العاملين في القطاع العمومي لتدقيق األجهزة المختصة وكذلك العامة؛‬
‫✓ العاملون في القطاع العمومي أكثر عرضة لتوقعات المجتمع وذلك لطبيعة عملهم وهي تقديم‬
‫الخدمة العمومية‪.‬‬
‫▪ العنصر الثالث يتعلق بالهيكل التنظيمي والعمليات التسييرية الداخلياة للقطااع العماومي‪ .‬ويـدور الجـدل‬
‫حول عدد من النقاط األساسية‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫✓ أن القطاع العمومي موجه لتحقيق أهداف متعددة ومعايير أداء غير واضحة ويصعب تحقيق‬
‫توازن لتحقيق تلك األهداف‪ .‬وقد الحظ ‪ Aharoni‬سنة ‪ 1981‬أن غياب األهداف الواضحة‬
‫للقطاع العمومي يشكل قاعدة أساسية التي تميز االستقاللية اإلدارية بين القطاع العمومي‬
‫والخاص؛‬
‫✓ أن المديرين في القطاع العمومي أقل استقاللية في اتخاذ القرار والمرونة؛‬
‫✓ أن المديرين في القطاع العمومي أكثر عرضة للتدخل السياسي في أعمالهم؛‬

‫التخصيص وإدارة التغيير‪ :‬التحديات التي تواجه المصسسات العامة في المملكة العربية السعودية‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪68‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫✓ أن المديرين في القطاع العمومي أقل إبداعا وابتكا اًر من نظرائهم في القطاع الخاص‪.‬‬
‫وعلى ضوء ما سبق‪ ،‬يمكن القول أن هناك خصائص يجتمع حولهما التسييرين‪ ،‬في حين أنه كلما أمكن‬
‫مقارنة التسيير العمومي بالتسيير الخاص‪ ،‬فإن االنطباع السريع يميل إلى أن كل واحدة منها يختلف عن اآلخر‪،‬‬
‫أو كل واحد منه على نقيض لآلخر‪ ،‬ويتعلق بمجال منفصل ومتميز من النشاط‪ ،‬والذي من شأنه تكريس‬
‫كثير مما يحدث في التسيير الخاص يوجد له‬‫استقاللية كل من التسييرين وعدم ارتباطهما‪ ،‬إال أنه في الواقع ًا‬
‫مثيل في التسيير العمومي‪ ،‬وهذا ما ال يقف حجرة عثرة أمام االستفادة من تجارب َّ‬
‫النجاَ ِح والفشل لكل منهما‪،‬‬
‫فيتبنى إحدى التسييرين التجارب الناجحة وأساليبها ويتجنب التجارب الفاشلة وأساليبها‪.‬‬

‫المحور السابع‪ :‬التسيير العمومي؛ أهميته وعناصره وإلتزماته‬

‫ألقي على عاتق المؤسسات واإلدارات العمومية عدة مهام على غرار تنفيذ السياسة العمومية‪ ،‬وتحقيق‬
‫الرفاهية االجتماعية‪ ،‬وتقديم خدمات عمومية‪ ،‬وزيادة كفاءة الحكومة‪ ،‬كل هذا يزيد من أهمية التسيير العمومي‪.‬‬
‫وما يجعله كذلك‪ ،‬هو أنه البد وأن تتوفر عناصر بشرية ومادية؛ باإلضافة إلى العنصر القانوني الذي يسهل من‬
‫مهمة تلك المؤسسات واإلدارات العمومية‪.‬‬

‫‪ -1‬أهمية التسيير العمومي‬


‫تتوزع سلطات الدولة الحديثة أساسا بين ثالث سلطات‪ :‬تشريعية وتنفيذية وقضائية‪ ،‬والواضح أن الدور‬
‫الذي تلعبه كل واحدة منها يمكن استخالصه من اسمها‪ ،‬فالتشريعية تختص بسن القوانين‪ ،‬والتنفيذية تعنى بتنفيذ‬
‫هذه القوانين والعمل وفق ما جاءت بها‪ ،‬والقضائية تسعى إلى حل النزاعات باختالف أنواعها وإضفاء دولة‬
‫القانون‪.‬‬

‫فالسلطة التنفيذية هي عصب التنظيم الدستوري‪ ،‬فهي التي تضمن تنفيذ القوانين وترجمتها إلى واقع‬
‫ملموس‪ ،‬إ ذ أن أهمية الدور الذي تلعبه السلطة التنفيذية ومن وراءها المؤسسات واإلدارات العمومية في تزايد‬
‫مستمر وذلك لالعتبارات الموالية‪:‬‬

‫▪ تزايد وظائف الدولة‪ :‬صار تزايد وظائف الدولة واتساع مجال نشاطها ضرورة‪ ،‬بعدها غدت الدولة على‬
‫عاتقها حل مشاكل المجتمع في حاضره ومستقبله من جميع النواحي؛ التي من شأنها رفع مستوى معيشة‬
‫المواطن‪ ،‬وقد أدى هذا التزايد في وظائف الدولة إلى تزايد أهمية تلك المؤسسات واإلدارات العمومية‬
‫كأداة لتنفيذ سياساتها‪ ،1‬وهذا بعد أن كانت وظيفة الدولة تنحصر في الحفاظ على األمن الداخلي‬

‫‪.13‬‬ ‫‪ 1‬محمد سعيد عبد الفتاح وآخرون‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪:‬‬
‫‪69‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫والخارجي‪ ،‬وهو الشيء الذي جعل عالقتها مع مواطنيها عالقة استثنائية‪ ،‬حيث يقتضي عليهم – أي‬
‫المواطنين ‪ -‬حينها توفير حاجاتهم الضرورية بأنفسهم‪.‬‬

‫▪ تعقد الوظيفة اإلدارية‪ :‬إضافة إلى المهام الجديدة التي أخذتها الدولة على عاتقها حديثا‪ ،‬تعقدت وظائفها‬
‫واتسع نطاقها‪ ،‬فلم تعد األعمال التي تؤديها المؤسسات واإلدارات العمومية مماثلة لتلك التي كانت‬
‫تؤديها في الماضي‪ ،‬فقد أدى نمو دور الدولة على هذا النحو إلى زيادة عدد اإلدارات المركزية‬
‫(الو ازرات) وتشعب فروع كل إدارة مركزية‪ ،‬ووصل عدد الموظفين فيها إلى أرقام كبيرة‪ ،‬وصار من‬
‫الضروري ترتيب العمل في هذه اإلدارات العمومية سواء المركزية منها أو الالمركزية وتنظيم العالقات‬
‫بينها وداخل كل واحدة منها‪.‬‬
‫وقد أدى تضخم الجهاز اإلداري وتعقده في الدولة إلى ظهور المزيد من الدراسات واألبحاث التي تنظر‬
‫في ذلك‪ ،‬فنشأت الهيئات المتخصصة في األبحاث اإلدارية‪ ،‬خاصة تلك التي يطلق عليها هيئات‬
‫"التنظيم وطرق العمل ‪ ،"Organization and Methods‬وظهر هذا النوع من الهيئات في الواليات المتحدة‬
‫األمريكية في البداية‪ ،‬وانتشر بعد ذلك في الدول األوربية وفي مختلف بلدان العالم‪ ،‬وهذا من أجل‬
‫تحسين طرق تسيير المؤسسات واإلدارات العمومية وزيادة كفاءتها‪.1‬‬
‫▪ ركيزة المجتمعات الحديثة‪ :‬صارت المؤسسات واإلدارات العمومية أحد ركائز تطور المجتمعات‪ ،‬وبات‬
‫من الثابت أن التسيير الجيد مع إمكانيات مادية متواضعة؛ يمكن أن يؤدي إلى نتائج أفضل من تلك‬
‫التي يؤدي إليها تسيير سيئ يتصرف في إمكانيات أكبر‪ ،‬فكم من مجهودات تهدر وأموال تبذر بسبب‬
‫سوء التسيير في الدول المتخلفة‪.2‬‬

‫كما أنها تتضح جليا أهمية المؤسسات واإلدارات العمومية في كنف النظام‪ ،‬أي أنها تمثل القاعدة الثانية‬
‫إلى جانب الحكومة في تشكيل السلطة التنفيذية‪ ،‬كما تمثل صورة الدولة بالنسبة للمواطن‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫المساهمة في رسم السياسات العمومية وتنفيذها‪ ،‬ذلك أي هي فعال المحرك للسلطة التنفيذية‪.‬‬

‫فالتسيير العمومي إنما يستمد أهميته باعتباره‪:‬‬


‫▪ الركيزة األساسية للدولة الحديثة بعد أن أصبحت "دولة خدمات"؛‬
‫▪ يقوم برسم السياسة العمومية بدقة؛‬

‫ماجد راغب الحلو‪ ،‬علم اإلدارة العامة ومبادئ الشريعة اإلسالمية‪ ،‬دار الجامعية الجديدة للنشر والتوزيع‪ ،‬اإلسكندرية‪،2004 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.13‬‬ ‫ص‪:‬‬
‫‪ 2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.14 :‬‬
‫‪70‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫▪ ينفذ السياسات‪ ،‬ويقدم الخدمات في أقصر وقت وبأقل تكلفة عن طريق األجهزة التنفيذية‪.‬‬
‫ومن ثم‪ ،‬يعتمد نجاح أي منظمة على وجود تسيير كفئ قادر على التطوير والتجديد واإلبداع ليواكب‬
‫متطلبات المجتمع والبيئة الخارجية للمنظمة‪.‬‬
‫‪ -2‬عناصر التسيير العمومي‬
‫يقوم تسيير المؤسسات واإلدارات العمومية بتنفيذ السياسة العمومية للدولة وترتكز في ذلك على عنصرين‬
‫أساسين هما‪:‬‬

‫▪ العنصر البشري‪ :‬يشمل العنصر البشري كل الموظفين بالمؤسسات واإلدارات العمومية‪ ،‬والذين‬
‫يخضعون لنظام قانوني متميز ومختلف عن النظام القانوني الساري على عمال القطاع الخاص‪ ،‬أي أن‬
‫العنصر البشري يعد أحد عناصر تََقد ِم المؤسسات واإلدارات العمومية وحسن اضطالعها بأعبائها الثقيلة‬
‫ومهامها المتنوعة‪ ،‬فالوقوف على أفضل قواعد التسيير‪ ،‬واستخدام أحسن اإلمكانيات‪ ،‬ال يمكن أن يؤدي‬
‫حقيقة إلى حسن سير المؤسسات واإلدارات العمومية وانتظام أعمالها‪ ،‬ما لم يكن الموظفون فيها ذات‬
‫كفاءة عالية وتكوين سليم‪.1‬‬

‫ويتعين على الموظفين بالمؤسسات واإلدارات العمومية مراعاة ثالثة اعتبارات أساسية وهي‪:2‬‬

‫✓ الحاسة السياسة‪ :‬أي ربط سياسة التنفيذ بأهداف السياسة العمومية المقررة؛‬
‫✓ الصالح العام‪ :‬أي العمل لصالح المجتمع أو مجموع المواطنين أو الدولة؛‬
‫✓ العالقات العامة‪ :‬بمعنى اعتبار الموظف حلقة وصل بين المواطنين والمؤسسات واإلدارات‬
‫العمومية وسفي ار لها إلى المواطنين‪.‬‬
‫▪ العنصر المادي‪ :‬إذا كانت المؤسسات واإلدارات العمومية تقوم على موظفيها الذين يتولون إنجاز‬
‫أعمالها المختلفة‪ ،‬فإنها البد وأن تستخدم كذلك من الماديات ما يمكنها من النهوض بمهامها‪ ،‬سواء‬
‫تمثلت هذه الماديات قي عقارات أو منقوالت‪ ،‬وسواء أكانت متكررة االستعمال كاألثاث واآلالت‪ ،‬أم مواد‬
‫استهالكية كاألوراق ومستلزمات المكاتب‪.3‬‬

‫‪.229‬‬ ‫‪ 1‬ماجد راغب الحلو‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪:‬‬


‫عمر حوتية وآخرون‪ ،‬االتجاهات الحديثة لتحقيق األداء المتميز في المنظمات الحكومية‪ ،‬المؤتمر العلمي الدولي حول األداء‬ ‫‪2‬‬

‫‪.250‬‬ ‫المتميز للمنظمات والحكومات‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم االقتصادية‪ ،‬جامعة ورقلة‪ 09-08 ،‬مارس ‪ ،2005‬ص‪:‬‬
‫‪.285‬‬ ‫‪ 3‬ماجد راغب الحلو‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪:‬‬
‫‪71‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫كما يمثل العنصر المادي كل ما يدخل في نطاق األموال العمومية‪ ،‬أو األمالك الوطنية‪ ،‬وهنا يبرز دور‬
‫الميزانية العمومية في تحريك عجلة المؤسسات واإلدارات العمومية‪ ،‬ويمكن القول أنه ال مؤسسات وال‬
‫إدارات عمومية بدون قاعدة مالية تتبعها في كل عملياتها‪.‬‬

‫ويضيف بعض المفكرين " العنصر القانوني " إلى العنصرين السابقين البشري والمادي‪ ،‬والذي يتمثل في‬
‫السلطات والقدرات التي تخولها النصوص القانونية لألجهزة اإلدارية من أجل استعمالها في ممارسة نشاطها‬
‫اإلداري‪ ،‬حيث أنه من غير الممكن قيام أي مؤسسة وإدارة عمومية في نطاق دولة ما دون وجود هيكل قانوني‬
‫محكم‪ ،‬يحدد الصالحيات والسلطات‪ ،‬ويبرز الحدود‪ ،‬ويلزم الواجبات‪ ،‬ويسلط العقوبات‪ ...‬الخ‪.‬‬

‫‪-3‬التزامات التسيير العمومي‬

‫أدى األخذ باألفكار الداعية إلى تدخل الدولة اقتصاديا واجتماعيا‪ ،‬باإلضافة إلى شيوع النظام الديمقراطي‬
‫في أغلب المجتمعات المعاصرة‪ ،‬إلى إلقاء الكثير من األعباء على عاتق اإلدارة العمومية؛ ويرجع السبب في‬
‫ذلك إلى أن هذه األخيرة‪ ،‬هي التي تتولى مهمة تنفيذ السياسة العمومية في شتى المجاالت‪ .‬وهو ما ساعد على‬
‫امتداد النشاط اإلداري واتساع نطاقه‪ ،‬مستهدفا بذلك إشباع الحاجات العمومية االقتصادية واالجتماعية والثقافية‬
‫والصحية‪ ،‬وهي حاجات تنمو وتتجدد باستمرار‪.‬‬
‫وعلى هذا األساس‪ ،‬تم وضع التزامات اقتصادية واجتماعية وثقافية وصحية ينبغي على اإلدارات‬
‫العمومية الوفاء بها‪ ،‬وهو ما قررته دساتير أغلب الدول‪ ،‬ومن بين هذه االلتزامات‪:1‬‬
‫▪ االلتزام الكامل بمبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين جميعا في مجاالت العمل والخدمات وسائر الحقوق؛‬
‫▪ تنظيم االقتصاد بناءا على خطط مدروسة؛‬
‫▪ النهوض بمستوى المعيشة ودعم األسرة‪ ،‬وحماية األمومة والطفولة‪ ،‬وتوفير خدمات التأمين‪ ،‬وإعانة‬
‫المواطنين في حاالت الشيخوخة والمرض والبطالة والعجز عن العمل؛‬
‫▪ االلتزام بتوفير العمل ونشر التعليم مجانا‪ ،‬عالوة على التزام اإلدارة العمومية بمعاملة المواطنين معاملة‬
‫عادلة‪ ،‬وتوفير الرعاية الصحية لهم عن طريق إنشاء شتى أنواع المستشفيات‪.‬‬
‫ويمكن أيضا تصنيف التزامات اإلدارة العمومية إلى‪:‬‬
‫▪ التزامات إزاء المواطنين‪ :‬صارت التزامات اإلدارة العمومية في الوقت الحاضر‪ ،‬تتمثل بشكل خاص في‬
‫تهيئة الرخاء والرفاهية والعمل على خدمة المواطنين وإسعادهم‪ ،‬وذلك عن طريق مباشرة كافة اإلجراءات‬
‫واألنشطة التي تكفل تنفيذ هذه االلتزامات ووضعها حيز التطبيق؛‬

‫‪ 1‬حسين عثمان محمد عثمان‪ ،‬أصول علم اإلدارة العامة‪ ،‬ط‪ ،01 :‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،2007 ،‬ص‪.135 :‬‬
‫‪72‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫▪ التزامات إزاء الموظفين‪ :‬تتمثل هذه االلتزامات في الئحة حقوق الموظف على اإلدارة العمومية والئحة‬
‫واجبات الموظف تجاه اإلدارة العمومية التي يعمل فيها‪ ،‬فيمكن لإلدارة العمومية تلبية حاجات أفراد‬
‫المجتمع مع العناية بموظفيها‪ ،‬والذين يسعون بدورهم لتحقيق هذا الهدف‪ ،‬أي هناك دور فعال للمورد‬
‫البشري في هذه العملية‪.‬‬
‫كما أن عملية التسيير العمومي ينبغي أن تؤدى في إطار يلزم المرفق العمومي من مؤسسات وإدارات‬
‫عمومية بإحترام مجموعة اإللتزامات التالية‪:1‬‬
‫▪ تتخذ المصسسات واإلدارات العمومية ق ارراتها في إطار القانون؛‬
‫▪ احترام حقوق اإلنسان ومبدأ الشرع‪:‬‬
‫✓ يجب أن تحترم المؤسسات واإلدارات العمومية حقوق اإلنسان السيما كرامة األشخاص‬
‫وسالمتهم؛‬
‫✓ تُ َّ‬
‫قدم خدمات المرفق العمومي طبقا للقوانين والنظم الوطنية‪.‬‬
‫▪ االستفادة من خدمات المرفق العمومي‪:‬‬
‫✓ تنظم المؤسسات واإلدارات العمومية المرفق العمومي بطريقة تضمن لمستعمليه الحصول على‬
‫خدمات مناسبة وميسرة؛‬
‫✓ يجب تكريس مبدأ المساواة في الحصول على خدمات المرفق العمومي وعدم التمييز بين‬
‫المستعملين في القوانين والنظم الوطنية للدولة؛‬
‫✓ تسهر المؤسسات واإلدارات العمومية على توفير شروط تسيير عمومي جواري تسمح بتوفير‬
‫خدمات مالئمة وميسرة لمختلف الفئات السكانية؛‬
‫✓ تضع المؤسسات واإلدارات العمومية آليات مساهمة واستشارة المجتمع المدني قصد التكفل‬
‫بخدمات المرفق العمومي‪.‬‬

‫نور الدين شنوفي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪73‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫▪ الحصول علر المعلومات‪:‬‬


‫✓ تضع المؤسسات واإلدارات العمومية في متناول مستعملي المرفق العمومي‪ ،‬بواسطة كل‬
‫الوسائل المالئمة‪ ،‬كل المعلومات الضرورية حول اإلجراءات والشكليات المتصلة بخدمات‬
‫المرفق العمومي؛‬
‫✓ تعلم المؤسسات واإلدارات العمومية المواطن بكل قرار يعنيه وتبين األسباب وظروف الطعن‬
‫المتاحة له في حالة النزاع؛‬
‫✓ تنشئ المؤسسات واإلدارات العمومية أو تدعم هياكل استقبال وإعالم مستعملي المرفق العمومي‬
‫قصد تسهيل الحصول على الخدمات العمومية وتسجل آراءهم ومقترحاتهم وشكاويهم؛‬
‫صمم الوثائق اإلدارية العمومية الموجهة لمستعملي المرفق العمومي في لغة سهلة ومفهومة‪.‬‬
‫✓ تُ َّ‬
‫▪ خدمات فعالة وذات جودة عالية‪:‬‬
‫✓ تضمن المؤسسات واإلدارات العمومية خدمات ذات جودة عالية مع االستخدام األمثل للموارد‬
‫المتاحة؛‬
‫✓ تسهر المؤسسات واإلدارات العمومية على إقامة آليات مناسبة تسمح بالقيام بتقييم دوري‬
‫لمردودية المرفق العمومي ولنوعية الخدمات المقدمة للجمهور؛‬
‫✓ يتعين على المؤسسات واإلدارات العمومية تحديد آجال تنفيذ خدمات المرفق العمومي والسهر‬
‫على احترامها؛‬
‫✓ تسهر المؤسسات واإلدارات العمومية على تكييف خدماتها مع تطور احتياجات المجتمع‬
‫ومستعملي المرفق العمومي؛‬
‫✓ تتخذ المؤسسات واإلدارات العمومية اإلجراءات الالزمة إلرساء الثقة بين األعوان العموميين‬
‫ومستعملي المرفق العمومي والحفاظ عليها‪.‬‬
‫▪ عصرنة المرفق العمومي من مصسسات وإدارات عمومية‪:‬‬
‫✓ تسهر المؤسسات واإلدارات العمومية على إدخال تقنيات مبتكرة ومالئمة في أداء خدماتها؛‬
‫✓ تشجع المؤسسات واإلدارات العمومية على استعمال التقنيات الحديثة السيما تكنولوجيا‬
‫المعلومات واالتصاالت قصد تحسين خدماتها؛‬
‫✓ تقوم المؤسسات واإلدارات العمومية بإقامة شباك وحيد‪ ،‬إذا كان ذلك يتماشى وطبيعة الخدمات‬
‫التي توفرها؛‬
‫‪74‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫✓ تعمل المؤسسات واإلدارات العمومية على تبسيط اإلجراءات وتخفيف الشكليات المتعلقة‬
‫بالخدمات‪.‬‬
‫المحور الثامن‪ :‬التسيير العمومي؛ أنماط وأساليب إدارة الخدمة العمومية‬
‫يمثل التسيير العمومي العمل الحكومي باعتباره أداة تنفيذ السياسات العمومية للدولة‪ ،‬فهي تتعامل دائما‬
‫على أساس شخص عمومي وليس خاص‪ ،‬ويحكم التسيير العمومي القانون العام ويعمل الموظف العمومي‬
‫بصفته الرسمية وليس بصفته الشخصية‪ ،‬ويخضع التسيير العمومي لسلطة الدولة ولمؤسساتها الرسمية‪ ،‬ويعمل‬
‫ضمن السياسة العمومية للدولة التي يحددها القانون مستهدفا إدارة وتوفير خدمة عمومية راقية وذات جودة‬
‫عالية‪.‬‬
‫‪-1‬إشكالية أنماط التسيير العمومي‬
‫بعد استعراض االختالفات المتواجدة في مضمون التسيير في القطاع العمومي والقطاع الخاص‪ ،‬يتم‬
‫االنتقال بالقارئ إلى أنماط عملية التسيير في المؤسسات العمومية‪ .‬والتي تتواجد حاليا في ثالث أنماط من‬
‫التسيير مطبقة على مستواها على غرار‪:1‬‬
‫‪-1-1‬التسيير الكالسيكي أو ما يسمر بالتسيير وحيد البعد‬
‫هو نمط من التسيير‪ ،‬يتطلب إعطاء تبرير استخدام الموارد المسموح بها في إطار الميزانية‪ .‬تستخدم‬
‫تقنيات المتابعة الموازناتية أداةً لتسيير المؤسسات العمومية والعمل على احترام العالقة‪ :‬القرض المسموح به هو‬
‫عبارة عن القرض المعطى (ثابت) مخفض بااللتزامات‪ ،‬األمر الذي يمكن أن ينجم عنه انحراف إيجابي أو سلبي‬
‫في االلتزامات أو في النفقات‪ .‬ويسمى هذا النوع من التسيير بالتسيير بالوسائل ويخص العديد من المؤسسات‬
‫العمومية والتي تعتمد في تسييرها على األوامر الصرف السلمية‪.‬‬
‫وهذا النوع من التسيير يحتوي على العديد من العيوب منها حالة عدم الحصول على الوسائل الضرورية‬
‫ومنه عدم إمكانية تحقيق األهداف‪ ،‬وحالة الحصول على موارد مالية أكبر من االحتياج الموجود وتواجد‬
‫استهالك إضافي وغير عقالني نظ اًر للتخوف من التخفيض في فترات الميزانية المستقبلية‪ .‬فإن كان هذا النمط‬
‫من التسيير مقبوالً نظ ار لظروف معينة إال أن من جانب مراقبة التسيير بمفهومه الشامل غير مفيد نظ ار لكون‬

‫مسؤوليات التسيير غير كاملة‪ ،‬كما أن هذا النمط من التسيير ينشأ على مستوى مختلف المسيرين سلوكاً‬
‫اقتصادياً غير إيجابي وغير محفز‪ ،‬باإلضافة آلثاره السلبية في خزينة الدولة حيث يتعدد تواجد ما يسمى "بواقي‬

‫‪.226-225‬‬ ‫‪ 1‬شريفة رفاع‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص‪:‬‬


‫‪75‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫التسديد" والتحميل غير المنضبط للمصاريف على الدورات االستغاللية األخرى‪ .‬وبناء عليه في هذه الحالة قبل‬
‫أن يكون هناك مشكل مراقبة التسيير هناك مشكل عملية التسيير بالدرجة األولى‪.‬‬
‫‪-2-1‬التسيير ثنائي البعد‬
‫هو تسيير خاص للميزانية الخاصة بالدولة‪ ،‬الجماعات المحلية‪ ،‬واإلدارات العمومية‪ .‬فحواه أن أي اقتراح‬
‫لمصروف أو استهالك إضافي‪ ،‬يجب أن يتبعه بالمقابل اقتراح لمدخالت إضافية أو تخفيض لنفقات أخرى إجراء‬
‫مقاصة©؛ األمر الذي يسمح بإستعمال ما يسمى بالميزانية المرنة‪ .‬فمستوى المدخالت والمخرجات في تغيير‬
‫مستمر والمتعلق مثال‪ :‬بعدد السكان التابعين للبلدية‪ ،‬وعدد األسرة التي تم استعمالها في المستشفى الحكومي‪،‬‬
‫ومستوى الرسوم الخاصة بالمهن‪.‬كل هذه العناصر تحدد مستوى الوسائل المتاحة‪ .‬مع اإلشارة أن هذا النمط من‬
‫التسيير يستدعي مصداقية الميزانية‪ .‬بمعنى المصداقية في التنبؤ والمرونة في الق اررات فأي تخفيض في‬
‫المصادر التمويلية خالل السنة يجب أن يتبعه تخفيض في االستعماالت لمصادر مدروسة وبشكل مرن‪ ،‬األمر‬
‫الذي يتطلب توفر ما يسمى بسياسات الميزانية‪ .‬كما يطبق هذا النمط من التسيير في المؤسسات الحكومية‬
‫المستقلة ماليا حيث تلجأ هذه األخيرة الستعمال اإلقراض إلنشاء التوازن‪.‬‬
‫‪-3-1‬التسيير ثالثي البعد‬
‫في إطار هذا النمط من التسيير‪ ،‬يعد النشاط بعد أساسياً ومحورياً مثله مثل النفقات واإليرادات‪ ،‬إذ يعمل‬
‫النشاط على تفسيرهما وتبريرهما وتسهيل إمكانية قياسهما حيث يتم تقييم النتائج بشكل مسبق‪ .‬فعملية التسيير هنا‬
‫ليست مجرد عملية مصاحبة إلنجاز المهام بل هي مجموعة من المراحل منسقة ومنسجمة‪ ،‬تحتوي على أهداف‬
‫كمية ومخططة تعمل على توجيه المهام‪ .‬األمر الذي ينشأ ديناميكية حقيقية في الق اررات ويعيد المي ازنية إلطارها‬
‫الصحيح أي أداة مالية مترجمة لمخطط اإلنجاز‪ .‬مضمون هذا النمط من التسيير هو المضمون الذي يحتوي‬
‫عليه ويعمل به مثلث مراقبة التسيير‪.‬‬
‫‪ -2‬أساليب إدارة الخدمة العمومية‬
‫ولتجاوز إشكالية أنماط التسيير في إدارة الخدمة العمومية‪ ،‬ظهر للوجود العديد من أساليب التسيير‬
‫العمومي على غرار‪:‬‬

‫©‬
‫‪En français: La compensation.‬‬
‫‪76‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫▪ إدارة الخدمات العمومية من طرف أشخاص القانون العمومي‬


‫يندرج في هذا اإلطار مايلي‪:‬‬
‫✓ اإلدارة المباشرة أو الحكم المباشر ‪ :The direct rule dr‬تأخذ الجماعات المحلية على عاتقها‬

‫نشاط الخدمة العمومية‪ ،‬هذا النموذج يطبق من أجل توفير الخدمات العمومية األساسية (العدل‬
‫والدفاع والصحة‪ ،‬والتعليم‪ ،‬والحالة المدنية‪ ،‬والصرف الصحي‪ ،‬الخ)؛‬
‫✓ المصسسة العمومية ‪ :The public establishment‬وهي تعد بمثابة شخص معنوي خاضع‬

‫للقانون العمومي ذات مهام خاصة ويتمتع باالستقالل اإلداري والمالي‪ .‬وهو أيضا يخضع‬
‫إلشراف ووصاية السلطات العمومية‪ .‬أو هي وسيلة مثالية لتدخل السلطات العمومية في إدارة‬
‫العديد من الخدمات العمومية‪ ،‬وخاصة ذات الطابع االقتصادي؛‬
‫‪:The state services managed so autonomous‬‬ ‫✓ مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة‬
‫هو نموذج يجمع بين اإلدارة المباشرة والمؤسسة العمومية ومن دون شخصية معنوية‪.‬‬
‫▪ إدارة الخدمات العمومية من طرف أشخاص القانون الخاص‬
‫ينصب ضمن هذا الطرح خيار المقاولة العمومية ‪ ،The public entrepreneurship‬وهي تشمل كل من‪:‬‬
‫‪ :The state-owned companies‬هي مؤسسات ذات رأسمال‬ ‫‪‬‬
‫✓ المصسسات المملوكة للدولة‬

‫مملوك للدولة والتي تخضع أو تحكمها نفس القوانين التي تحكم سير مؤسسات الخاصة‪ .‬وهناك‬
‫العديدة من هذه المؤسسات التي تم إنشاؤها في مختلف القطاعات الصناعية والتجارية تعزي از‬
‫لتنمية االقتصاد الوطني؛‬
‫✓ مصسسات االقتصاد المختلط ‪ :The mixed economy companies‬تتميز هذه المؤسسات‬

‫بامتالك جزء من رأسمالها من قبل السلطات العمومية والباقي للخواص‪ .‬كما أن هذه المؤسسات‬
‫تخضع للقانون التجاري‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن السلطات العمومية عادة ما تحتفظ بامتيازات هامة؛‬
‫✓ المصسسات الخاصة المديرة للخدمات العمومية‪ :‬وهي تضطلع بإدارة خدمة عمومية تحت إذن‬
‫قانوني ورقابة الدولة‪.‬‬

‫‪dr‬‬
‫‪En français : La directe regie.‬‬
‫‪ ‬هناك عدة مرادفات لهذا المصطلح على غرار‪:‬‬
‫‪A state-owned enterprise, State-owned entity, State enterprise, Publicly owned corporation, Government business‬‬
‫‪enterprise, Crown corporation, Government-owned corporation, Commercial government agency, Public sector‬‬
‫‪undertaking, or Parastatal.‬‬
‫‪77‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫▪ تفويض إدارة الخدمات العمومية؛ مصطلح جديد لعالقات قديمة‬


‫✓ عقد البناء والتشغيل والتحويل أو ونقل الملكية ‪ B.0.T‬كوجه لتفويض إدارة الخدمات العمومية‪.‬‬
‫✓ التفويض كأسلوب مستحدث إلدارة الخدمات العمومية؛‬
‫‪C‬‬
‫وعقد‬ ‫تفويض إدارة الخدمات العمومية« هو مصطلح واسع يظم مجموعة من العقود أهمها‪ :‬عقد االمتياز‬
‫وعقد مشاطرة االستغالل‪ri‬؛‬ ‫‪cg‬‬
‫االستئجار‪ A‬وعقد اإلنابة أو التسيير‬
‫✓ الشراكة بين القطاع العمومي والخاص‪.‬‬
‫المحور التاسع‪ :‬بوادر ظهور مفهوم التسيير العمومي الجديد‬

‫اتسمت السنوات الماضية بتطورات وتحديات عديدة كان لها تأثيرات مباشرة على التسيير العمومي‪.‬‬
‫ولكي يتمكن القطاع العمومي من مواجهة تلك التغيرات االقتصادية والتكنولوجية والبيئية‪ ،‬ينبغي االستفادة من‬
‫التطورات الحديثة في التسيير وتجارب الدول األخرى في كيفية التعامل مع مثل هذه التغيرات والتطورات‪.‬‬
‫وكذا ضرورة إحداث تغييرات جذرية في أسلوب التسيير في المؤسسات العمومية وكيفية تقديمها‬
‫للخدمات‪ ،‬وهذا ما عجل في تبني مفهوم جديد لإلصالح اإلداري يتالءم والتغيرات التي يمر بها الجهاز‬
‫الحكومي‪.‬‬

‫جاء هذا العقد اختصا ار لـ ‪ ،Build-Operate-Transfer‬مع التنويه بوجود عقود أخرى تشابه عقد ‪ B.O.T‬وهي على سبيل المثال ال‬ ‫‪‬‬

‫الحصر‪:‬‬
‫▪ عقد ‪Build Own and Operate :B.O.O‬؛ البناء ‪ /‬التملك ‪ /‬التشغيل بدون التعهد بالتحويل للحكومة‪.‬‬
‫▪ عقد ‪Build, Operate And Renewal of Concession :B.O.R‬؛ البناء ‪ /‬التشغيل ‪ /‬تجديد االمتياز‪.‬‬
‫▪ عقد ‪Build, Lease and Trandfer :B.L.T‬؛ البناء ‪ /‬التأجير التمويلي ‪ /‬التحويل‪.‬‬
‫▪ عقد ‪ Build, Rent and Transfer :B.R.T‬؛ البناء ‪ /‬اإليجار ‪ /‬والتحويل‪.‬‬
‫▪ عقد ‪ Build, Transfer and Operate :B.T.O‬؛ البناء ‪ /‬التحويل والتشغيل‪.‬‬
‫▪ عقد‪ Design, Build Finance and Operate:D.B.F.O‬؛ التصميم ‪ /‬البناء ‪ /‬التمويل ‪ /‬التشغيل‪.‬‬
‫▪ عقد‪Design, Construct Mange and Finance :D.C.M.F‬؛ التصميم ‪ /‬اإلنشاء ‪ /‬اإلدارة ‪ /‬التمويل‪.‬‬
‫▪ عقد ‪ Build Own,Operate and Transfer :BOOT‬؛ في هذا النوع يمتلك المستثمر المشروع لفترة معينة ثم يتم تحويله للدولة‪.‬‬
‫▪ عقد ‪ Modernize Own,Operate and Transfer :MOOT‬؛ التحديث ‪ /‬التملك التشغيل ‪ /‬التحويل‪.‬‬
‫▪ عقد ‪ Rehabilitate, Own and Operate :ROO‬؛ التجديد ‪ /‬التملك ‪ /‬التشغيل‪.‬‬
‫« تسمى أيضا باتفاقية تفويض الخدمة العمومية ترجمة للمصطلح الفرنسي ‪ La convention de délégation de service public‬أو‬
‫اتفاقية التسيير المفوض ‪ La convention de gestion déléguée‬أو عقد الخدمة العمومية ‪.Le contrat de service public‬‬
‫‪C‬‬
‫‪En français: La concession.‬‬
‫‪A‬‬
‫‪En français: L‘ affermage.‬‬
‫‪cg‬‬
‫‪En français: Le contrat de gérance.‬‬
‫‪ri‬‬
‫‪En français: La régie intéressée.‬‬
‫‪78‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫‪ -1‬مراحل تطور مفهوم التسيير العمومي‬


‫وضعت عدة أطر لتصنيف وتحليل المناهج المختلفة للتسيير العمومي وإصالحات القطاع العمومي في‬
‫البلدان الصناعية المتقدمة‪ .‬وكانت ترتكز أكثر على االنتقال من"التسيير العمومي القديم أو الكالسيكي ‪The old‬‬

‫‪ "public administration‬إلى "التسيير العمومي الجديد ‪ "The new public management‬ما بين سنة ‪1980‬‬

‫وسنة ‪ .1990‬ومنذ سنة ‪ 2000‬كان هناك اتجاه واضح نحو نموذج ناشئ ومختلف ‪The emerging model‬‬

‫‪ variously‬يطلق عليه "الخدمة العمومية الجديدة" ‪ ،The new public service‬أو "الحوكمة العمومية الجديدة‬

‫‪ "The new public governance‬أو "ما بعد التسيير العمومي الجديد ‪"The post-new public management‬‬

‫وعليه‪ ،‬مر تطور مفهوم التسيير العمومي بمراحل اتسمت بصفات عديدة أكد عليها رواد الفكر اإلداري‬
‫الذين واكبوا وعايشوا تلك المراحل‪ ،‬ومن ثم يمكن تلخيص هذه األخيرة في الجدول الموالي‪:‬‬
‫‪79‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫اجلدول رقم‪08 :‬‬


‫مراحل تطور مفهوم التسيري العمومي‬
‫السمات األساسية للمرحلة‬ ‫رواد المرحلة‬ ‫المرحلة‬
‫التأكيد على دور التفكير والتنظيم بالنسبة للنظام السياسي والنظام اإلداري السليم‪ .‬االهتمام بالظاهرة اإلدارية‪ .‬تحديد‬ ‫أفالطون‬
‫الوظيفة الحكومية والتدريب على أعمال الحكومة لتولي الوظائف السياسية واإلدارية للدولة‪.‬‬ ‫ما قبل الوالدة‪ :‬الطبيعة‬
‫دور الدولة في بقاء اإلنسان واستم ارريته‪ .‬ربط عملية اتخاذ القرار بالمصلحة العمومية (البرلمان)‪.‬‬ ‫أرسطو‬ ‫المعنوية‪ ،‬القضايا‬
‫اعتبار اإلداري الكفء ذلك الشخص المتمكن في السياسة‪ .‬إنصاف الموظف الحكومي بالقوة والسلطة خدمة للمصلحة‬ ‫ميكيافيلي‬ ‫السياسية وتنظيم اإلدارة‬
‫العمومية‪.‬‬ ‫العمومية‬
‫إنشاء مناصب األستاذية في الجامعات للبحث في مجال الضرائب واإلحصاء واإلدارة‪.‬‬ ‫فريديريك ويليام األول‬
‫التسيير العمومي يتشكل من عدة حقول معرفية متكاملة (االجتماع‪ ،‬والسياسة والقانون اإلداري والمالية العمومية)‪.‬‬ ‫لورنس فون ستين (اوربا‪،‬‬ ‫المرحلة األولر‪ :‬التسيير‬
‫التسيير العمومي يقوده التطبيق ويشكل فيه النظرية األساس‪ .‬ضرورة تبني الطرق العلمية في التسيير العمومي‪.‬‬ ‫‪)1855‬‬ ‫العمومي‪ ،‬شكل من‬
‫الفصل بين السياسة (صاحب القرار) والتسيير العمومي (منفذ القرار) للحد من الفساد اإلداري‪ .‬االهتمام بالحكومة من‬ ‫ودرو ويلسون ( الو‪.‬م‪.‬أ‪،‬‬ ‫القانون اإلداري‪ ،‬ومحاولة‬
‫منظور تجاري (الصلة بين التسيير العمومي والمشروعات الخاصة)‪ .‬القيام بالتحليل المقارن بين المنظمات السياسية‬ ‫‪)1887‬‬ ‫الفصل بين التسيير‬
‫والخاصة‪ .‬تدريب وقياس جودة موظفي الخدمة العمومية‪.‬‬ ‫العمومي والسياسة‬
‫النموذج البيروقراطي للتنظيم (الشكل الهرمي‪ ،‬نظام اللوائح‪ ،‬التصرف الرسمي‪ ،‬التعيين على أساس المؤهالت الفنية‪،‬‬ ‫ماكس فيبر (ألمانيا‪،‬‬
‫ونظام الترقية على أساس الكفاءة واألقدمية)‪ .‬الربط بين النموذج البيروقراطي للتنظيم والسعي لتحقيق أقصى درجات‬ ‫‪)1915-1905‬‬
‫الكفاءة‪.‬‬
‫أسلوب أداء العمال لزيادة الكفاءة اإلنتاجية‪ .‬إحالل األسلوب العلمي في اإلدارة‪.‬‬ ‫تايلور‪ ،‬جيلبرت (الو‪.‬م‪.‬أ‪،‬‬ ‫المرحلة الثانية‪ :‬التسيير‬
‫‪)1911‬‬ ‫العمومي محل التنظيم‬
‫المبادئ العلمية التي تطبق في جميع المجاالت اإلدارية‪ .‬تحديد وظائف اإلدارة والمدير ووظائف المنظمات خاصة‬ ‫فايول (فرنسا‪)1916 ،‬‬ ‫البيروقراطي‪ ،‬واإلدارة‬
‫كانت أم حكومية‪.‬‬ ‫العلمية‪ ،‬وتحليل السلو‬
‫أهمية الجوانب النفسية واالجتماعية‪ .‬دور التنظيم غير الرسمي‪.‬‬ ‫مايو‪ ،‬وفولييت (الو‪.‬م‪.‬أ‬ ‫االجتماعي والفردي‪،‬‬
‫‪)1963-1945‬‬ ‫والضبط الوظيفي‬
‫وجود "نظرية إدارة شاملة" مابين القطاع الخاص والقطاع العمومي‪ .‬االهتمام بإدارة األفراد‪ ،‬والقانون اإلداري‪ ،‬ونظم‬ ‫كيوليك‪ ،‬هوايت‪ ،‬برنارد‬
‫الرواتب والضبط اإلداري والتقاعد‪ .‬تحديد وظائف الرؤساء‪ ،‬وفكرة قبول السلطة‪ ،‬ووضوح االتصال بين مختلف‬ ‫(الو‪.‬م‪.‬ا‪)1926 ،‬‬
‫المستويات اإلدارية‪.‬‬
‫دراسة مواضيع جديدة مثل (إدارة شؤون الموظفين‪ ،‬والميزانية والمالية العمومية‪ ،‬والتحليل التنظيمي‪ ،‬واإلدارة المحلية‪.‬‬ ‫سايمون‪ ،‬والدو‪ ،‬موشر‪،‬‬
‫دراسة عملية الفصل بين السلطات والمسؤولية اإلدارية‪.‬‬ ‫ايبليباي‪ ،‬ويلدافسكي‪،‬‬ ‫المرحلة الثالثة‪ :‬التسيير‬
‫‪1945‬‬ ‫العمومي واالهتمام بجوانب‬
‫التركيز على النواحي الوظيفية التي يتضمنها اصطالح ‪ .POSDCORB‬تأسيس لجنة "هوفر ‪ "Hoover‬لتقديم خدمات‬ ‫دروكر‪ ،‬دال‪ ،‬كونتر‬ ‫العمليات اإلدارية‬
‫استشارية للحكومة في جميع المستويات‪.‬‬ ‫(الو‪.‬م‪.‬أ‪ ،‬بعد ‪)1945‬‬
‫أهمية استخدام إبداع القطاع الخاص‪ ،‬والموارد‪ ،‬واألفكار التنظيمية من أجل تحسين أداء القطاع العمومي‪ .‬اعتبار‬ ‫اوسبورن‪ ،‬جبلر (الو‪.‬م‪.‬ا‪،‬‬
‫المواطنين مستهلكين أكثر مما هم مواطنون‪ ،‬وأن المستهلكين هم بمثابة مستخدم نهائي للحكومة أكثر من كونهم جزءا‬ ‫نهاية الثمانينيات‪،‬‬ ‫المرحلة الرابعة‪ :‬نموذج‬
‫من عملي ة رسم السياسة وصنعها‪ .‬ركز النموذج على الفرد كوحدة في االقتصاد أكثر مما هو وحدة في المنظومة‬ ‫التسعينات)‬ ‫التسيير العمومي الجديد‬
‫الديمقراطية‪.‬‬
‫التركيز على األفراد ومعاملتهم كمواطنين أكثر من كونهم زبائن‪ .‬منح المواطنين دو ار أساسيا للمشاركة في الحكومة من‬ ‫جانيت‪ ،‬دانهارد (ا الو‪.‬م‪.‬أ‪،‬‬ ‫المرحلة الخامسة‪ :‬نموذج‬
‫خالل عملية تنفيذ السياسة‪.‬‬ ‫بداية القرن ‪)21‬‬ ‫الخدمة العمومية الجديدة‬

‫المصدر‪ :‬رابح مرواني‪ ،‬نظم المعلومات الحديثة ودورها في رفع من أداء اإلدارة العمومية ‪-‬دراسة حالة الوكالة الوالئية للصندوق‬
‫الوطني للضمان االجتماعي للعمال األجراء بالبليدة‪ ،‬مذكرة ماجستير في علوم التسيير تخصص تسيير عمومي‪ ،‬كلية العلوم‬
‫االقتصادية والعلوم التجارية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،2012 ،3‬ص ص‪.07-06 :‬‬
‫‪80‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫بعد القراءة األولية لما جاء به الجدول السابق يتضح جليا أن مفهوم التسيير العمومي هو مفهوم‬
‫ديناميكي فباللغة الرياضية هو دالة تابعة للزمن‪ .‬وأن هذا المفهوم يستهدف خالل مراحل تطوره على العموم‬
‫تحسين أداء القطاع العمومي وإيجاد كل السبل واآلليات الكفيلة بذلك‪.‬‬
‫وفي نفس السياق‪ ،‬يعتبر تطور التسيير العمومي الجديد (‪ New public Management )NPM‬خالل‬
‫السنوات األخيرة واحدة من أكثر االتجاهات الدولية المعاصرة الالفتة للنظر في المؤسسات واإلدارات العمومية‪،‬‬
‫حيث هيمن التسيير العمومي الجديد على فكرة اإلصالح اإلداري في العديد من دول العالم‪ ،‬وقد عرفت الدول‬
‫األنجلوسكسونية خاصة‪ ،‬عدة إصالحات لتكييف إدارتها مع هذا التوجه الحديث حيث تَ َّم‪:1‬‬

‫▪ إنشاء الوكالة اإلدارية في بريطانيا؛‬


‫▪ مراجعة قوانين الوظيف العمومي في عدة دول‪ ،‬وحذف تسمية " موظف " ألعوان الدولة في الدنمارك مع‬
‫تقريب ظروف عملهم لظروف زمالئهم في القطاع الخاص في كل من هولندا‪ ،‬ايطاليا والسويد؛‬
‫▪ تعديل سياسات األجور‪ ،‬تقرير مبدأ الالمركزية‪ ،‬إدراج مصطلحات األداء المتميز واستعمال تقنيات تقييم‬
‫األداء؛‬
‫▪ ابتكار عقود العمل لإلطارات السامية‪ ،‬عقود بمدة محدودة‪ :‬بريطانيا ‪ 05‬سنوات‪ ،‬هولندا ‪ 07‬سنوات‪،‬‬
‫بلجيكا ‪ 06‬سنوات‪ ،‬مع التقييم كل سنتين‪ .‬وعقد بـ ‪ 05‬سنوات قابل للتمديد ‪ 03‬سنوات مرة واحدة في‬
‫نيوزيلندا‪ ،‬هذه العقود مست على سبيل المثال ‪ 3300‬موظف سامي في بريطانيا؛‬
‫▪ فتح الوظيف العمومي على األجانب ( األوروبيين ) في بريطانيا؛‬
‫▪ تبني الالمركزية في معظم هذه الدول؛‬
‫▪ التحويل الكلي لبعض الوظائف كوظيفة الرواتب واألجور وتسيير المعلوماتية إلى القطاع الخاص في‬
‫الدنمارك‪ ،‬وقد مس هذا اإلجراء جزئيا استراليا‪ ،‬نيوزلندا‪ ،‬كندا وسنغافورة‪.‬‬

‫هذه اإلجراءات مست تقريبا كل الدول الصناعية منذ بداية الحركة الجديدة في بريطانيا في بداية‬
‫الثمانينات‪ ،‬إذ تم تطبيقه في كل من نيوزيلندا وأستراليا وهولندا والسويد والواليات األمريكية وكندا‪.‬‬

‫عماد الدين سليم‪ ،‬مراقبة التسيير في الجماعات المحلية‪ :‬محاولة لعرض سيرورة مراقبة التسيير في بلدية الجزائر الوسطر‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في علوم التسيير‪ ،‬تخصص تسيير المنظمات‪ ،‬جامعة بومرداس‪ ،2007 ،‬ص‪.09 :‬‬
‫‪81‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫‪-2‬التسيير العمومي الجديد؛ صياغة جديدة لمفهوم متداول‬


‫يمكن القول أن مصطلح التسيير العمومي الجديد ‪ The new public management‬هو مصطلح جديد‬
‫لكنه يتناول مفاهيم قديمة‪ ،‬تصب كلها في خانة اإلصالح اإلداري‪ ،‬أحدهما فوقي ‪ ،From above‬واآلخر ذاتي‬
‫‪ ، From within‬والذاتي هو الوجه الثاني لعملية اإلدارة‪ ،‬حيث أن وجهها األول هو التنفيذ والوجه الثاني هو‬
‫التطوير‪ ،‬وكل مدير سواء في القطاع الخاص أو القطاع العمومي يسعى بشكل طبيعي نحو التطور‪ ،‬أما إذا تم‬
‫الحديث عن اإلصالح الفوقي فهذا هو مصطلح ‪ The new public management‬بعينه الذي يسعى للقيام‬
‫بإجراءات أو تغييرات جذرية في وظائف الحكومة وهنا يطرح السؤال التالي‪ :‬هل يمكن أن يتم إدخال تغييرات‬
‫جذرية في وظائف الجهاز اإلداري دون تغيير في وظائف الحكومة؟ بالطبع اإلجابة بالنفي‪ .‬ومن هنا يتضح أن‬
‫‪The new public‬‬ ‫مفهوم اإلصالح الفوقي والذي ساد في الستينيات من القرن العشرين يماثل مفهوم‬
‫‪.management‬‬
‫ومن الواضح أيضا أن هناك تعبيرات حديثة في علم التسيير تعطي المعنى القديم كما في مفهوم التسيير‬
‫العمومي الجديد‪ .‬إذ أن مفهوم التسيير العمومي الجديد يشبه ستة مفاهيم معروفة في اإلدارة هي‪ :‬التنمية اإلدارية‬
‫الشاملة‪ ،‬اإلصالح اإلداري الشامل‪ ،‬دولة الرفاه ‪ ،Welfare state‬إعادة الهيكلة ‪ ،Re-structuring‬الثورة اإلدارية‪،‬‬
‫االتفاق أو السياسة الجديدة ‪ .New deal‬وكل هذه المفاهيم ظهرت في مراحل زمنية مختلفة تعبي ار عن توجهات‬
‫إلدخال تغييرات جذرية في وظائف الحكومة وأساليب اإلدارة‪.‬‬
‫وقد أخذ أيضا مفهوم التسيير العمومي الجديد أسماء مختلفة‪ ‬في العديد من دول العالم‪ ،‬وإن اختلفت‬
‫المسميات إال أنها اتفقت جميعها على أن ه ذا المفهوم عبارة عن حركة شاملة لتنظيم اإلدارة العمومية وذلك‬
‫لتغيير العالقة القائمة بين الحكومة والمجتمع‪.1‬‬
‫ومن هذا المنطلق‪ ،‬يمكن الوقوف على عدة تعاريف للتسيير العمومي الجديد إذ يعرفه المعجم السويسري‬
‫للسياسة االجتماعية‪ D‬بأنه‪" :‬إتجاه عام لتسيير المؤسسات العمومية تعود أولى معالم ظهوره إلى بداية التسعينات‬

‫من بين األسماء المرادفة لمفهوم التسيير العمومي الجديد(=المناجمنت العمومي) (‪ ) Hood, 1991‬هي‪ :‬إعادة اختراع الحكومة‬ ‫‪‬‬

‫‪The post-bureaucratic‬‬ ‫‪ ،)Osborne and Gaebler, 1992(The re-inventing government‬أو نموذج ما بعد البيروقراطية‬
‫‪The public management based on the market‬‬ ‫‪ ،)Barzelay, 1992( paradigm‬أو التسيير العمومي المبني على نظام السوق‬
‫‪The management of market-based‬‬ ‫‪ )Lan, and Rosenbloom, 1992( system‬أو تسيير الخدمة العمومية المبني على السوق‬
‫‪La nouvelle gestion de l’administration‬‬ ‫‪ public service‬أو التسيير الجديد لإلدارات العمومية ترجمة للمصطلح الفرنسي‬
‫الجديدة ‪.La nouvelle administration publique‬‬ ‫‪ ،publique‬أو اإلدارة العمومية‬
‫‪-28‬‬ ‫‪ 1‬اإلدارة العامة احلديثة واإلصالح اإلداري‪ ،‬على اخلط‪ ،http://www.cba.ksu.edu.sa/member/file/research/e :‬اتريخ اإلطالع‪:‬‬
‫‪ ،2017-05‬على الساعة ‪.00:11‬‬
‫‪D‬‬
‫‪En français: Le dictionnaire suisse de politique sociale.‬‬
‫‪82‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫في الدول األنجلوسكسونية"‪ ،1‬وانتشر الحقا في معظم دول منظمة التعاون والتنمية االقتصادية وعلى عكس‬
‫التسيير العمومي التقليدي الذي يستمد مبادئه من العلوم اإلدارية والقانونية‪ ،‬فإن أفكار ومعالم التسيير العمومي‬
‫الجديد م ستوحاة من العلوم االقتصادية ومن سياسات التسيير في القطاع الخاص بهدف تحسين ومعالجة‬
‫االختالالت التي ميزت التسيير العمومي التقليدي‪ ،‬والتي من بينها البيروقراطية وكذا محاولة االرتقاء باإلدارات‬
‫العمومية إلى مستوى الكفاءة والفعالية‪.‬‬
‫كما تعرفه لجنة اإلدارة العامة التابعة لمنظمة التعاون االقتصادي والتنمية بأنه "نموذج جديد يقوم على‬
‫نشر ثقافة تحسين األداء في القطاع العمومي وتقليل المركزية‪ ،‬ويدعو هذا النموذج إلى"‪:2‬‬
‫▪ تركيز االهتمام على النتائج من منظور الكفاءة والفعالية وجودة الخدمة؛‬
‫▪ استبدال البنى التقليدية والتسلسل الهرمي والمركزية بأنظمة وهياكل المركزية‪ ،‬أين تكون الخيارات المالية‬
‫المتعلقة بتقديم الخدمة العمومية أقرب ما يكون للمواطن‪ ،‬الذي له حق إبداء الرأي مع جميع الشركاء‬
‫أصحاب المصلحة؛‬
‫▪ منح المسيرين نوع من الحرية في تحديد بدائل التسيير المباشر للخدمة العمومية‪ ،‬ووضع أنظمة تسيير‬
‫تسمح بتحسين مردودية السياسات المعتمدة؛‬
‫▪ زيادة االهتمام بكفاءة الخدمات المقدمة من طرف المنظمات العمومية من خالل وضع أهداف خاصة‬
‫باإلنتاجية وتبني مفهوم المنافسة؛‬
‫▪ تعزيز القدرة اإلستراتيجية للحكومة المركزية لتوجيه تطور الدولة بمختلف أجهزتها‪ ،‬وتمكينها من‬
‫االستجابة بصورة منهجية وسريعة وبأقل تكلفة للتغيرات التي قد تحدث على مختلف المستويات‪.‬‬
‫تجمع األدبيات االقتصادية المتناولة لموضوع تحديث اإلدارات العمومية‪ ،‬على أن المفهوم الجديد‬
‫للتسيير العمومي الذي كرسته التجارب الميدانية لبعض الدول في بداية الثمانينات على رأسها بريطانيا‪ -‬ثم‬
‫توالت على تطبيقه الدول االنجلوساكسونية األخرى كنيوزيلندا وكندا‪ ،‬وسويس ار‪ -‬يقوم على محاكاة قواعد تسيير‬
‫المنظمات االقتصادية الخاصة وآليات السوق وإسقاطها على منظمات القطاع العمومي لتحسين مستوى أدائها‬
‫من خالل أنماط التسيير‪.‬‬
‫كما أن التسيير العمومي الجديد هو "نظام جديد للحوكمة‪ ،‬والذي يتبع النهج الكالسيكي الجديد‬
‫للدولة ‪ .Neo-classical approach of the State‬لذلك يجب أن يكون االقتصاد منظم وفقا لقواعد السوق‪ ،‬وليس‬

‫‪1‬‬
‫‪Nouvelle gestion publique, Dictionnaire suisse de politique sociale, Sur le site: http://www.socialinfo.ch/cgi-‬‬
‫‪bin/dicoposso/show.cfm?id=530, Consulté le: 28-05-2017, à 23:16.‬‬
‫ليلى بن عيسى‪ ،‬الحكم الراشد أحد مقومات التسيير العمومي الجديد‪ ،‬مجلة أبحاث اقتصادية وإدارية‪ ،‬العدد‪ ،14 :‬كلية العلوم‬ ‫‪2‬‬

‫االقتصادية والعلوم التجارية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة محمد خيضر‪ ،‬بسكرة‪ ،‬ديسمبر‪ ،2013‬ص‪.191 :‬‬
‫‪83‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫من قبل الدولة الذي ٌيتبع بتطبيق أساليب التسيير الخصوصي أو أساليب إدارية للقطاع الخاص جاعال مؤسسات‬
‫القطاع العمومي فعالة في السوق‪ .‬وعموما‪ ،‬فإن التسيير العمومي الجديد ليس فقط تطبيق األساليب اإلدارية‬
‫للقطاع الخاص ‪ Private management techniques‬في القطاع العمومي"‪ .1‬فالفكرة المركزية وراء التسيير‬
‫العمومي الجديد تفرض أن األساليب والتقنيات المستعملة في مجال األعمال يمكن أن تستخدم في القطاع‬
‫العمومي‪ ،‬مستهدف ًة تحسيناً في أدائه‪.2‬‬
‫في حين‪ ،‬حاول العديد من العلماء والكتاب إعطاء مفهوما جديدا لتسيير المنظمات العمومية‪ ،‬يعتمد على‬
‫عقالنية تسييرية وإقصاء العقالنية القانونية التقليدية‪ ،‬التي ترتكز على التسيير العمومي التقليدي واألطر الفلسفية‬
‫واألخالقية‪ ،‬التي تنهل منها ردود فعلها وتدخالتها‪ .‬وقد أعطى للتسيير العمومي الجديد عـدة تعاريف منها‪:3‬‬
‫▪ عرفه األستاذ "جاك شوفالي ‪ " Jacques CHEVALLIER‬سنة ‪ 1997‬بأنه " يهدف أساسا إلى تحسين‬
‫نوع وجودة الخدمة عن طريق استخدام تقنيات جديدة في التسيير وتخفيض البعض من‬
‫صالبة التنظيم‪ ،‬وتلين نظام االتصال مع البيئية الخارجية؛‬
‫▪ كما عرفه األستاذ " أبسولو بريجيل لوسي ‪ " Abessolo Brigelle lucie‬سنة ‪ 1995‬بأنه "استيراد للتقنيات‬
‫القادمة من القطاع الخاص الخاصة بالتسيير العمومي كما يمثل وسيلة للتحكم في السياسات‪ ،‬أي‬
‫ضمان التحديد والقيادة في الظروف االقتصادية المثالية"؛‬
‫▪ ويعرفه األستاذ "أبليرت داموس ‪ "Ablert Damus‬سنة ‪ 1996‬بأنه " ذلك المجال الذي يتصف عموما‬
‫بعقالنية من نوع تسيري‪ ،‬والتي هي في عالقة توتر مع العقالنية القانونية التي يتصف بها التسيير‬
‫العمومي التقليدي‪ ،‬والعقالنية التسييرية هي في األساس مستوحاة من القطاع الخاص‪ ،‬وهي ال تقصى‬
‫العقالنية القانونية بل هناك توافق بين العقالنيتين وكل واحدة مستوحاة من األخرى‪ ،‬وهذا التوتر هو ميزة‬
‫من مميزات تسيير المنظمات العمومية"؛‬
‫▪ ويعرف التسيير العمومي الجديد أيضا بأنه "تطبيق وتنفيذ مجموع عمليات القيادة والرقابة للمنظمات‬
‫العمومية‪ ،‬الذي يهدف إلى تحسين فعالية وكفاءة هذه المنظمات العمومية في إطار المؤهالت التي‬
‫تتمتع بها"‪ ،‬وهناك من اعتبر التسيير العمومي الجديد ما هو إال إدخال تقنيات التسيير الخاصة في‬
‫التسيير العمومي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Thomas ALGUAZIL et Autres, Le new public management en question, Support de cours en contrôle de gestion‬‬
‫‪des administrations publiques, Université de Poitiers, France, Année universitaire 2009-2010, P: 07.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Lode DE WAELE and Others, Defining And Operationalizing Hybridty Within Public Organizations: An‬‬
‫‪alternative‬‬ ‫‪explanatory‬‬ ‫‪model,‬‬ ‫‪IRSPM‬‬ ‫‪2015,‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪MARCH‬‬ ‫–‬ ‫‪1‬‬ ‫‪APRIL‬‬ ‫‪2015,‬‬ ‫‪Online:‬‬
‫‪http://irspm2015.com/sppa/index.php/irspm/IRSPM2015/paper/viewFile/1177/371, Seen on: 03-11-2015, at 23:06.‬‬
‫‪ 3‬عبد العزيز عقاقبة‪ ،‬مرجع سيق ذكره‪ ،‬ص‪.36 :‬‬
‫‪84‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫أما األستاذ "أدريان بايات ‪ " Adrien PAYETTE‬فإنه يضع تعريف للتسيير العمومي الجديد يجمع فيه‬
‫بين العناصر التالية‪:1‬‬
‫▪ أنه يقوم أساسا على المناجمنت (التسيير) واإلدخال واالعتماد الكلي على قيم التسيير وخياراته الفكرية‬
‫وطرقه وأنواعه وتأثيراته؛‬
‫▪ يقوم التسيير العمومي الجديد أساسا على محاولة التوفيق بين مختلف العقالنيات التي يقوم عليها‬
‫التسيير العمومي‪:‬‬
‫✓ عقالنية قانونية؛‬
‫✓ عقالنية سياسية؛‬
‫✓ عقالنية تسييرية‪.‬‬
‫فالتسيير العمومي الجديد هو تغيير للذهنيات القديمة التي سيطرت على قيم التسيير العمومي‪،‬‬
‫واستبدالها بقيم وتطبيقات جديدة من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى فالتسيير العمومي الجديد هو محاولة التوفيق‬
‫بين الصراعات القائمة بين العقالنيات التي تميز التسيير العمومي؛‬
‫▪ أنه صعب التحديد إذ يختص بتسيير المنظمات العمومية من جهة‪ ،‬وما تمتاز به من سياقية منهجية‬
‫وظروف بيئية وثقافية وتنظيمية‪ ،‬ويرتكز على مفهوم التسيير من جهة أخرى‪ ،‬والذي هو تسيير من نوع‬
‫خاص؛‬
‫▪ يقع في إشكالية التناقض بين الفعالية والكفاءة المنتظرين من تسيير أية منظمة والتدخل السياسي‪ ،‬لذا‬
‫يجب أن يحتوي هذا التناقض للتوفيق بين المجالين‪.‬‬
‫فالتسيير هو اختيار وترتيب وتنظيم واستخدام الموارد في وحدة عمل محددة في إطار أهداف ورهانات‬
‫خاصة بالمنظمة‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فالتسيير العمومي الجديد ‪ -‬الذي يهتم أساسا بعمليات التخطيط‪ ،‬التنظيم‪ ،‬التنسيق‬
‫الرقابة‪ -‬يرتكز على الممارسات والتقنيات التسييرية في إطار التوجيهات السياسية العامة‪ .‬هذا المفهوم ال يقصي‬
‫العقالنية القانونية البيروقراطية التي اتصف بها التسيير العمومي الجديد‪ .‬ألن هذا األخير كما سبق وأن عرفه‬
‫يقوم على التوفيق بين العقالنيات المختلفة التي يقوم عليها التسيير‬ ‫"أدريان بايات ‪"Adrien PAYETTE‬‬
‫العمومي‪.‬‬

‫‪ 1‬عبد العزيز عقاقبة‪ ،‬مرجع سيق ذكره‪ ،‬ص‪.37 :‬‬


‫‪85‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫وقدم األستاذ " ‪ " Pierre De CELLE‬مقتربا يوضح فيه المفهوم الحقيقي للتسيير العمومي الجديد الذي‬
‫تميز بعقالنية تسييرية تعكس العقالنية القانونية التي يتميز بها التسيير العمومي التقليدي‪ .‬إن مقترب التسيير‬
‫العمومي الجديد يركز أساسا على‪:1‬‬
‫▪ سير عمل المنظمات العمومية؛‬
‫▪ وضع السياسات العمومية وتقديم خدمات ذات جودة وبأقل التكاليف؛‬
‫▪ البحث عن خيارات وتنمية الموارد التي تضمن وضع السياسات العمومية؛‬
‫▪ تطبيق مختلف التقنيات التسييرية والمناهج التنظيمية‪ ،‬لهذه الموارد وخاصة ما يتعلق بالتخطيط واتخاذ‬
‫القرار وتقييم النتائج وتحسن الفعالية التطبيقية؛‬
‫▪ األدوار والمسؤوليات األولية للمسيرين؛‬
‫▪ تفهم بيئة التسيير الداخلية والخارجية الخاصة بالمنظمات العمومية؛‬
‫▪ اكتساب وتنمية المهارات والكفاءات في ظل التكوين المتواصل؛‬
‫▪ تفهم األهداف المسطرة من طرف الدولة والشروط المحددة لتدخالتها؛‬
‫▪ إعداد السياسات العمومية؛‬
‫▪ تحليل وتطبيق قواعد وإجراءات وسبل تنفيذ هذه السياسات العمومية؛‬
‫▪ األدوار والمسؤوليات الرسمية للمسؤولين؛‬
‫▪ التطبيق واالستعانة بالمهارات المتخصصة في ميادين نشاط المنظمات العمومية؛‬
‫▪ اكتساب معلومات ومعارف قريبة من واقع عمل المنظمات العمومية‪.‬‬
‫فهذا المقترب الذي يعود لألستاذ " ‪ " DE CELLE‬يحاول التركيز على أهم الوظائف األساسية المرتبطة‬
‫بالتسيير‪ ،‬لكن حسب تطبيقاتها في مجال المنظمات العمومية‪ ،‬مع األخذ بعين االعتبار األطر التنظيمية والثقافية‬
‫والبيئة لهذه األخيرة‪.‬‬
‫وفي ذات النسق‪ ،‬يأخذ مقترب التسيير العمومي الجديد عدة مظاهر‪:‬‬
‫▪ أنه رهان على األشخاص حسب قول األستاذ "‪"DE CELLE‬؛ رهان على معارفهم واستخدام هذه‬
‫المعارف على طريق الفهم الجيد للبيئة والمنظمة من أجل التصرف فيها‪ ،‬وجعل األولى تتكيف بصورة‬
‫جيدة وايجابية مع الثانية فالمسيرون يستخدمون تقنيات ومبادئ تسييرية تنظم بدل أن يكونوا موضوعا‬
‫لقواعد محددة مسبقا؛‬

‫‪ 1‬عبد العزيز عقاقبة‪ ،‬مرجع سيق ذكره‪ ،‬ص‪.38 :‬‬


‫‪86‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫▪ استخدام التقنيات الجديدة للتصرف في المنظمة بطريقة فعالة؛‬


‫▪ إن األشخاص‪ ،‬في ظل تطبيقهم لهذه التقنيات‪ ،‬هم في وضعية مسؤولياتية أي االنتقال من مسؤولية‬
‫نظامية ‪ ، Titulaire‬إلى مسؤولية تسييرية ‪.Manageriele‬‬
‫فهذه المظاهر الثالثة‪ ،‬هي التي تحدد معالم العقالنية التسييرية التي يتصف بها التسيير العمومي‬ ‫▪‬
‫الجديد‪ ،‬أين يكون األشخاص في مركز النشاط التسييري وليسوا خاضعين لقواعد تتغلب على‬
‫األشخاص‪ .‬فالتسيير العمومي الجديد يهتم بمجموع المسارات واإلجراءات التي تتعلق بتخطيط وتنظيم‬
‫وتنشيط ورقابة المنظمات العمومية‪ ،‬من أجل تنمية أدائها العام وقيادة تطورها في ظل احترام مكانتها‬
‫ورهاناتها الخاصة‪.‬‬
‫استكماالً لما سبق‪ ،‬يقدم الجدول الموالي ملخص عن مفاهيم التسيير العمومي الجديد كما وردت عند‬
‫مجموعة من المؤلفين‪.‬‬
87 -‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‬

09 :‫الجدول رقم‬
‫مفاهيم التسيير العمومي الجديد كما وردت عند أهم المصلفين‬

‫ دونليفي وهود‬،1991 HOOD ‫هود‬ 1993 ،POLLITT ‫بوليت‬ FARLIE ET ‫فاريل وآخرون‬ ;1994،BORLINS ‫بورلينس‬ ‫أزبورن وغايبلر‬
1994 DUNLEAVY & HOOD 1994‫و‬ 1996 ،AL ، COMMONWEALTH‫الكومنولث‬ OSBORNE & GAEBLER
1992.
.1996
‫التدريب العملي على التسيير‬ ‫ال مركزية السلطة اإلدارية في تقديم‬ :‫ فك الترابط التنظيمي‬،‫الالمركزية‬ ،)‫زيادة االستقاللية (تعزيز الحكم الذاتي‬ ‫ الترويج ألشكال‬:‫ال مركزية الحكومة‬
hands-on professional .‫المحترف‬ decentralizing ‫الخدمات العمومية‬ ،‫أشكال جديدة لحوكمة المؤسسات‬ .‫خاصة من رقابات الوكالة المركزية‬ .‫ وأقل مستويات التنظيم‬،‫أكثر مرونة‬
management management authority within .‫االنتقال إلى نمط المجالس اإلدارية‬ increased autonomy, particularly from decentralized government:
public services central agency controls promoting more flexible, less
decentralization; organizational layered forms of organization
unbundling; new forms of
corporate governance; move to
board of directors mode
‫التحول إلى تجزئة الوحدات إلى نماذج شبه‬ ‫تفكيك وحدة البيروقراطية التقليدية‬ ‫الفصل بين اإلستراتيجية األساسية‬ ‫تحفيز الحكومة على التوجيه ال التنفيذ‬
shift to .‫تعاقدية أو شبه سوقية‬ ‫المتجانسة إلى وكاالت منفصلة‬ ‫العامة وكل ما يحيط بالجوانب التنفيذية‬ steering catalytic government:
not rowing
disaggregation of units into quasi- breaking up traditional .)‫(مستقلة‬ .‫الكبرى‬
contractual or quasi-market forms
monolithic bureaucracies into split between strategic core and
separate agencies large operational periphery
،‫التحول إلى زيادة المنافسة والتموين المختلط‬ ‫إدخال آليات السوق وشبه السوق‬ ‫وضع وتطوير أشباه األسواق كآليات‬ ‫ والموقف المنفتح حول‬،‫تقبل المنافسة‬ ‫ قد‬:‫المنافسة داخل القطاع العمومي‬
،‫العالقات التعاقدية في القطاع العمومي‬ .)‫لتعزيز المنافسة (تشجيعها‬ ‫لتخصيص الموارد داخل القطاع‬ ‫األنشطة العامة التي ينبغي أن يقوم بها‬ ‫يكون فيما بين الجمهور أو بين العديد‬
‫انفتاح وظيفة الممولين(الموفرين) على‬ introducing market and quasi- elaborate and develop .‫العمومي‬ ‫القطاع العمومي في مواجهة القطاع‬ competition .‫من موفري الخدمات‬
market type mechanisms to foster
.‫المنافسة‬ competition quasi-markets as mechanisms for receptiveness to competition .‫الخاص‬ within public services: may be
allocating resources within the intra-public or with a variety of
shift to greater competition and mixed public sector and an open-minded attitude about alternative providers
provision, contracting relationship in which public activities should be
the public sector; opening up provider performed by the public sector as
roles to competition opposed to the private sector
‫التأكيد على نمط القطاع الخاص في‬ ‫الفصل الواضح بين وظيفة المشتري‬ ‫الفصل بين التمويل العمومي وتوفير‬ ‫انشاء تعاون بين القطاعين العمومي‬ ‫التسيير والتحفيز على أساس‬
stress on private .‫الممارسات اإلدارية‬ clearer separation .‫والموفر‬ split between public .‫خدمة مستقلة‬ creating synergy between the .‫والخاص‬ .rules ‫ ال القواعد‬mission ‫المهمة‬
sector styles of management practice between purchaser and provider funding and independent service public and private sectors driven by mission not rules
function provision
greater .‫زيادة التركيز على رقابة المخرجات‬ ‫التأكيد على الجودة واالستجابة‬ ‫التأكيد على استجابة مقدم الخدمة‬ ‫توفير خدمات عالية الجودة يقدرها‬ ‫خدمة العمالء‬
emphasis on output controls stress on quality, .‫للعمالء‬ .‫ اهتمام أكثر بجودة الخدمة‬،‫للعمالء‬ .‫المواطنون؛ مستخدمي الخدمة كعمالء‬ customer-driven.
responsiveness to customers stress on provider responsiveness providing high-quality services that
to consumers; major concern with citizens value; service users as
service quality customers
.‫ ومقاييس لألداء‬،‫معايير صريحة‬ ‫أهداف األداء توضع من طرف‬ ‫استخدام أساليب أكثر شفافية لمراجعة‬ ‫قياس المنظمات واألفراد ومكافأتهم‬/‫تقييم‬ ‫ التمويل على‬:‫إدارة حكومية بالنتائج‬
explicit standards and measures of performance .‫المدرين‬/‫المسيرين‬ more transparent methods .‫األداء‬ .‫على أهداف األداء مجتمعة‬ .‫أساس المخرجات ال المدخالت‬
performance
targets for managers to review performance organizations and individuals result-oriented government:
measured and rewarded on the funding outputs not inputs
performance targets met
‫التأكيد على المزيد من االنضباط والتقشف‬ .‫ مسقفة‬/ ‫ميزانيات ثابتة‬ ‫ مقابل‬value ‫االهتمام كثر بالقيمة‬ ‫توفير الموارد البشرية والتكنولوجية التي‬ ‫ الكسب بدالً من‬:‫حكومة ريادة األعمال‬
‫ إعادة صياغة‬،‫في استخدام الموارد‬ capping/fixed budgets strong .‫المال ومكاسب الكفاءة‬ .‫يحتاجها المسيرون لتحقيق أهداف أدائهم‬ enterprising government: .‫اإلنفاق‬
.‫الميزانيات لتكون شفافة من حيث المحاسبة‬ concern with value-for money provision of human and technological earning not spending
and efficiency gains resources that managers need to meet
stress on greater discipline and their performance targets
parsimony in resource use; reworking
budgets to be transparent in
accounting terms
.‫تغييـر عالقـات العمـل‬ )‫التخفيض من العمالة (التقليص‬ ‫ التغيير‬:‫حكومة مسيرة بعوامل السوق‬
changing employment relations downsizing .‫من خالل االستفادة من السوق‬
market oriented government:
leveraging change through the
market
deregulation of .‫تحريـر ســوق العمـل‬ ‫ الوقاية بدل‬:‫العمل االستباقي للحكومة‬
the labour market anticipatory .‫من العالج‬
government: prevention rather
than cure

:‫ من إعداد الباحث إعتمادا على‬:‫المصدر‬


-Cesar da S. ALEXANDRE, An idiographic analysis of new public management/ leadership and traditional public
management/ leadership, Dissertation presented for the Degree of Doctor Technologiae in Public Management in the
Faculty of Business at the Cape Peninsula University of Technology, Cape Town, South Africa March 2007, PP: 48-49.
‫ مجلة أداء‬،‫ مقاربة التسيير العمومي الجديد كآلية لتدعيم وتعزيز تنافسية وكفاءة المنظمات الحكومية‬،‫طــارق عشــور‬-
.115 :‫ ص‬،2012 ،‫ ورقلة‬،‫ جامعة قاصدي مرباح‬،01:‫ العدد‬،‫المؤسسات الجزائرية‬
‫‪88‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫أظهرت معطيات الجدول أعاله‪ ،‬أنه ال يوجد اتفاق كامل حول مفهوم التسيير العمومي الجديد ومكوناته‬
‫رغم أن هناك العديد من النقاط المشتركة‪ .‬مع ذلك‪ ،‬تم وضع جدول أعمال مشترك لجميع المؤلفين في كيفية‬
‫جعل الحكومة أكثر فعالية وتجاوباً مع مطالب المواطنين‪ ،‬أساسها نموذج جديد يضمن تقسيم المؤسسات‬
‫البيروقراطية الكبيرة إلى مؤسسات صغيرة مندمجة أو مركبة‪ ،‬والتركيز على المخرجات بدالً من المدخالت‪ ،‬وكذا‬
‫إعطاء قيمة ألموال دافعي الضرائب‪ ،‬وانتقال السلطة (اتخاذ القرار) إلى نقطة تقديم الخدمة‪ ،‬والمرونة‪،‬‬
‫واالستجابة للعمالء وإدخال المنافسة للخدمة العمومية‪ ،‬وكذا تعزيز الشفافية والمساءلة‪ .‬فكانت األداة المستخدمة‬
‫من قبل العديد من البلدان للتقليل أو التقليص من تدخل الحكومة‪.‬‬
‫َفٌينظر بالتالي‪ ،‬للتسيير العمومي الجديد في كونه وعاء فكر إداري أو كنظام فكر إيديولوجي أساسه‬
‫األفكار المتولدة في القطاع الخاص‪ ،‬والتي تستهدف إصالح القطاع العمومي‪ .‬فهو إذاً تعبير مختصر يستخدمه‬
‫العلماء والمتخصصين لإلشارة إلى موضوعات متميزة ألساليب وأنماط تسيير الخدمة العمومية‪ ،‬والتي طفت على‬
‫السطح خالل العقدين الماضيين‪ ،‬السيما في المملكة المتحدة واستراليا ونيوزيلندا‪.‬‬
‫إضافة إلى ذلك‪ ،‬يمكن معالجة العديد من األنشطة التي تدخل ضمن مجال التسيير العمومي الجديد‬
‫وتجميعها وتصنيفها بحسب الوظيفة كما يظهره الجدول الموالي‪:‬‬
‫‪89‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫الجدول رقم‪10 :‬‬


‫من مجال التسيير العمومي الجديد‬ ‫تصنيف األنشطة‬
‫‪.Management by results‬‬ ‫• التسيير بالنتائج‬
‫• االعتماد على التخطيط االستراتيجي ‪.Establishment of strategic planning‬‬
‫)‪..Privatization of public enterprises, outsourcing (doing -doing‬‬ ‫• خوصصة المؤسسات العمومية واالستعانة بمصادر خارجية(التعاقد الخارجي)‬
‫• إقامة شراكة بين القطاعين العمومي والخاص ‪.Establishment of public / private partnerships‬‬ ‫الوظيفة‬
‫(التنفيذية) )‪.. Separation of political functions (design) and administrative (implementation‬‬ ‫• الفصل بين الوظائف السياسية (التصميم) واإلدارية‬ ‫اإلسرتاتيجية‬
‫‪.Deconcentration and / or decentralization‬‬ ‫• عدم التركيز و‪/‬أو الالمركزية‬ ‫‪Strategic‬‬
‫‪Function‬‬
‫الخدمات) ‪Use NITC (intranet helps break down barriers‬‬ ‫• استخدام تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت الحديثة داخلياً (يمكن لالنترنت مثالً إزالة حواجز وعوائق‬
‫)‪..between services‬‬
‫• تعميم التقييم ( ثقافة األداء) )‪. Generalization of evaluation (culture of performance‬‬
‫• تبسيط االجراءات اإلدارية ‪.Simplification of administrative formalities‬‬
‫‪.Reduced deficits‬‬ ‫• تخفيض العجز‬
‫المي َزَنة على أساس البرنامج‬ ‫الوظيفة املالية‬
‫‪.Budgeting by program‬‬
‫• َ‬ ‫‪Finance‬‬
‫• المزيد من الشفافية في الحسابات (على سبيل المثال عن طريق إنشاء نظام المحاسبة التحليلية لمقارنة النتائج المتوقعة‪ .‬وتسمح المحاسبة التحليلية كذلك‬ ‫‪Function‬‬
‫‪Greater transparency of accounting (for example by‬‬ ‫بإظهار التكاليف المباشرة وغير المباشرة والمخفية بالنسبة للتجهيز أو بالنسبة لشؤون السياسة وإدارة الدولة‬
‫‪.)setting up cost accounting to compare results with forecasts‬‬

‫‪Development of public marketing (consultations,‬‬ ‫الوظيفة التسويقية • تطوير وتنمية التسويق العمومي عن طريق المشاورات‪ ،‬التحقيقات‪ ،‬استطالعات الرأي‪...‬الخ‪.‬‬
‫‪).investigations, surveys, Opinion polls, etc‬‬
‫‪Marketing‬‬
‫)‪. Use NITC externally (for better communication‬‬ ‫• استخدام تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت الحديثة خارجياً (من اجل تواصل واتصال أفضل)‬ ‫‪Function‬‬
‫• تخفيض العمالة ‪.Downsizing‬‬ ‫وظيفة املوارد‬
‫‪Accountability and motivation of civil servants (individualisation of‬‬ ‫• المساءلة وتحفيز الموظفين ( الطابع الفردي لألجر‪ ،‬المكافآت على أساس األداء‪)...‬‬ ‫البشرية‬
‫)‪.remuneration, performance bonuses, etc‬‬ ‫‪Human‬‬
‫‪Resources‬‬
‫• تطوير ـوتنمية المشاركة ‪.Development of participation‬‬ ‫‪Function‬‬
‫المصدر‪ :‬من إعداد الباحث إعتمادا على‪:‬‬
‫‪-Éric GUILLOT, Dynamiques du management et nouvelle gestion publique : Quels enseignements pour le‬‬
‫‪management‬‬ ‫‪du‬‬ ‫‪secteur‬‬ ‫‪éducatif?,‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪juin‬‬ ‫‪2010,‬‬ ‫‪P:‬‬ ‫‪13,‬‬ ‫‪Sur‬‬ ‫‪le‬‬ ‫‪site:‬‬
‫‪http://www.esen.education.fr/fileadmin/user_upload/Modules/Ressources/Conferences/flash/10-11/guillot/medias/‬‬
‫‪guillot_e_ngp_diapo.pdf, Consulté le: 28-05-2017, à 23:26.‬‬
‫‪ -‬طــارق عشــور‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.113 :‬‬

‫وعلى ضوء ما سبق‪ ،‬مفهوم التسيير العمومي الجديد تطور ومازال يتطور من حيث الصياغة والمدلول‬
‫وحتى األهداف وغيرها من النقاط‪.‬‬

‫المحور العاشر‪ :‬التسيير العمومي الجديد‪ ،‬قراءة في األسباب والمبادئ‬

‫قبل النظر في أسباب التسيير العمومي الجديد ومبادئه‪ ،‬وفيما إذا كان التسيير العمومي الجديد هو‬
‫استجابة كافية للتغير في دور الدولة ومهامها العصرية‪ ،‬يجب تقديم وصف موجز عن األسس النظرية ومتطلبات‬
‫التسيير العمومي الجديد‪ .‬حيث تجدر اإلشارة أن هذه األخيرة قد أُدركت تاريخياً وبدرجات متفاوتة وفي أوقات‬
‫ومناطق مختلفة‪ ،‬والتي ستناقش من خالل ما يراه ‪ Gernod GRUENING‬حول وجود سبعة تيارات نظرية ‪Seven‬‬

‫‪ theoretical currents‬غذت فكرة ظهور مفهوم التسيير العمومي الجديد على شاكلة‪:‬‬
‫‪90‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫▪ العلوم اإلدارية الكالسيكية؛‬


‫▪ العلوم اإلدارية النيوكالسيكية ‪ -‬مستوحاة من أعمال سيمون؛‬
‫▪ اقتصاد االختيار العمومي ‪Public-choice economy‬؛‬
‫▪ االقتصاد المؤسساتي الجديد (نظريات الوكالة وتكاليف المعامالت)؛‬
‫▪ علم اإلداري الجديد (بما في ذلك الدستوري ‪ Constitutionalism‬والمجتمعي ‪)Communitarianism‬؛‬
‫▪ تحليل السياسات العمومية؛‬
‫▪ والتسيير العمومي ‪ -‬العقالني والعضوي‪.‬‬

‫إذ تساهم هذه التيارات النظرية بدرجات متفاوتة في بلورة واكتمال فكرة التسيير العمومي الجديد‪ ،‬والتي‬
‫وضعت أهم األسس النظرية ومتطلبات التسيير العمومي الجديد؛ والتي هي في نفس الوقت تعبر عن خصائص‬
‫هذا التسيير والتي يمكن تقسيمها إلى نوعين وذلك حسب درجة التوافق عليها‪:‬‬
‫▪ خصائص المتقق عليها بال منازع ‪ : The Undisputed characteristics‬وهي الخصائص التي تم‬

‫تحديدها من قبل معظم المراقبين والمالحظين ‪ Identified By Most Observers‬على غرار‪ :‬تخفيضات‬
‫الميزانية أو ترشيد الميزانية‪ ،‬الخوصصة‪ ،‬الفصل بين التموين أو التقديم واإلنتاج‪ ،‬التعاقد الخارجي أو‬
‫على غرار ما قد اقترحه‬ ‫المستَخدم والقسيمات‬
‫‪User Charges & Vouchers‬‬
‫التأثيرات الخارجية‪ ،‬رسوم ُ‬
‫ميلتون فريدمان ‪ Milton FRIEDMAN‬والذي يعرف بنظام الكوبونات أو البطاقات التعليمية ‪The‬‬

‫‪ education coupon system‬أو نظام القسيمة التعليمية ‪ The education voucher system‬أو كما يسميه‬
‫البعض العمل بالوصوالت‪ ،‬توجيه العمالء‪ ،‬المنافسة‪ ،‬مرونة التسيير‪ ،‬الفصل بين السياسة واإلدارة‪،‬‬
‫مراقبة األداء‪ ،‬الالمركزية‪ ،‬قياس األداء‪ ،‬التحسين المحاسبي والتسيير المالي‪ ،‬مراجعة األداء‪ ،‬اإلدارة‬
‫والتخطيط االستراتيجي‪ ،‬التحول في أساليب اإلدارة الدينامكية‪ ،‬إدارة الموارد البشرية‪ ،‬استخدام تكنولوجيا‬
‫المعلومات واالتصاالت؛‬
‫▪ خصائص قابلة للنقاش والمتنازع عليها ‪ :The Debatable attributes‬وهي تلك الخصائص التي تم‬

‫تحديدها من قبل البعض‪ ،‬ولكن ليس كل المراقبين والمالحظين ‪Identified by some, but not all,‬‬

‫‪ ،observers‬وتتمثل في كل الخصائص أو األسس محذوف منها الخصائص المتقق عليها‪.‬‬


‫‪91‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫ينطوي تنفيذ التسيير العمومي الجديد على العديد من اإلجراءات‪ .‬وقد حاول ثالثة مؤلفين تصنيف كل‬
‫من هذه اإلجراءات‪ .‬ووفقا لكريستوفر كروبر هود ‪ ،Christopher Cropper HOOD‬يتميز التسيير العمومي‬

‫الجديد بسبع خصائص هي‪:1‬‬


‫▪ تفكيك أو تقسيم المؤسسات العمومية إلى وحدات "مقاوالتية"؛‬
‫▪ التشجيع على زيادة المنافسة في المؤسسات العمومية‪ ،‬كما هو الحال مع القطاع الخاص؛‬
‫▪ استخدام األساليب اإلدارية للقطاع الخاص؛‬
‫▪ البحث المنهجي للتكلفة األقل؛‬
‫▪ المركزية السلطة؛‬
‫▪ األهمية المتزايدة الممنوحة لمعايير قياس األداء؛‬
‫▪ مراقبة المؤسسات العمومية من خالل قياس أهداف اإلنتاج‪.‬‬
‫‪-1‬أسباب ظهور التسيير العمومي الجديد‬
‫األسباب التي أدت إلى ظهور التسيير العمومي الجديد عديدة ومتعددة‪ .‬ويمكن أن تكون رغبة الدول في‬
‫إدارة أكثر تماسكا وانسجاما كرد على القطاع العمومي غير الفعال ‪( Inefficient public sector‬في حالة اليابان‪،‬‬
‫على سبيل المثال)‪ ،‬أو الرغبة في أن تكون جزءا من اإليديولوجية الليبرالية الجديدة (كالمملكة المتحدة‬
‫ونيوزيلندا)‪ ،‬أو كأداة للتغلب على األزمات المالية (كما هو الحال في كندا وغيرها)‪ ،‬أو المتصاص تداعيات‬
‫األزمة االقتصادية والسياسية (حالة إيطاليا)‪ ،‬أو الحاجة إلى التغيير أو كذلك من أجل عملية المحاكاة للنماذج‬
‫الناجحة (وخاصة بالنسبة لإلدارات المحلية)‪.2‬‬
‫أيا من هذه األسباب ال تفسر لوحدها ظهور التسيير العمومي الجديد‪ ،‬حتى لو كانت األزمات المالية من‬
‫أكثر العوامل الرئيسة التي أدت إلى ظهوره‪ .‬ففي الواقع‪ ،‬التسيير العمومي الجديد ناتج من الضغوط الداخلية في‬
‫القطاع العمومي أكثر منها خارجية‪.‬‬
‫كما يمكن إرجاع ظهور التسيير العمومي الجديد على غرار بروز النموذج التقليدي للتسيير العمومي‬
‫تحت تساؤالت واستفهامات الباحثين‪ ،‬السياسيين والبيروقراط حول‪ :‬ما الذي من شأنه أن يجعل الحكومة أكثر‬
‫كفاءة وفعالية؟ وعليه‪ ،‬تٌِوجت الفترة ما بين سنتي ‪ 1960‬و‪ 1970‬بالعديد من الدراسات األكاديمية التي تناولت‬
‫تعزيز قدرات الحكومة من خالل سياسة المبادرات‪ .‬إذ في هذا الشأن‪ ،‬برز تيارين رئيسين‪ ،‬واحد منهما قاده‬
‫االقتصاديون‪ ،‬واآلخر كان أساسه المعرفة اإلدارية أو التسييرية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Thomas ALGUAZIL et Autres, Op.cit, P: 08.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Ludovic BERTHIER et Autres, Le Nouveau Management Public: Avantages et Limites, Sur le site:‬‬
‫‪http://webs.unice.fr/recemap/contenurevue/Articles/Revue_Recemap13_Amar_Berthier.pdf, Consulté le: 05-03-2016, à‬‬
‫‪23:10.‬‬
‫‪92‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫ومن ثم‪ ،‬يمكن أن ينظر إلى التسيير العمومي الجديد بأنه "تزاوج بين أفكار اثنين من التيارات المختلفة‬
‫‪ .1"Marriage of two different streams of ideas‬الزوج األول هو "االقتصاد المؤسساتي الجديد ‪The new‬‬

‫‪ "institutional economics‬حيث قام االقتصاديون بإدخال المنطق االقتصادي في عمليات الحكومة‪ .‬أما الزوج‬
‫اآلخر فهو عبارة عن مجموعة من الموجات المتتالية من األعمال ‪ Business‬من نوع "االدارياتية‬
‫‪ "The managerialism‬في القطاع العمومي وفي تقاليد حركة اإلدارة العلمية الدولية‪ .‬إذ حاول المسيرون إدخال‬

‫تقنيات الخبرة المهنية التسييرية للقطاع الخاص في القطاع العمومي؛ فظهرت بذلك العديد من مذاهب اإلصالح‬
‫على أساس هذين االتجاهين‪.‬‬
‫‪The new institutional economics‬‬ ‫‪ -1-1‬االقتصاد املؤسسايت اجلديد‬
‫يتبنى االقتصاد المؤسساتي الجديد هو اآلخر أفكار نظرية االختيار العمومي‪The public choice theory‬‬

‫(المؤسسات في القطاع السياسي‪/‬العمومي ‪ )Institutions in the political/public sector‬والتي يعتبرها البعض‬


‫على أنها هي التي مهدت لظهور ما بات يعرف بالتسيير العمومي الجديد واعتباره ثمرة االختيار العمومي‬
‫والخوصصة‪ .2‬فهذا التعريف غير مكتمل ليتم إرجاع ظهور مفهوم التسيير العمومي الجديد إلى تأثيرات أفكار‬
‫نظريات أخرى تبناها مفهوم االقتصاد المؤسساتي الجديد على غرار نظرية تكاليف المعامالت ‪The transaction‬‬
‫‪.cost theory‬‬
‫وكذا نظرية الوكالة ‪ The agency theory‬أو ما يطلق عليها بنظرية الوكيل الرئيس ‪Principal-agent‬‬

‫‪( theory‬المؤسسات في األسواق‪ )Institutions in the markets‬والتي عالجت مشكلة الخطر األخالقي ‪problem‬‬

‫‪ Moral hazard & Principal-agent‬أو الخطر المعنوي الذي تطرقت إليها نظرية الوكالة من خالل العالقة‬
‫وكيل‪-‬موكل؛ وهو المشكل الذي غالبا ما يظهر بعد إبرام العقد أو هو نتيجة لسلوك انتهازي بعدي لعدم تماثل‬
‫المعلومات ‪.Information Asymmetry‬‬

‫‪ .‬كما أن نظرية نيسكانن المتعلقة بالبيروقراطية سنة‪ Niskanen’s theory of bureaucracy 1971‬هي‬
‫المعلم األكثر تأثي ار في هذا التطور‪ .‬وساعدت حركة االقتصاد المؤسساتي الجديد في إنشاء مجموعة من مذاهب‬
‫اإلصالح اإلداري المبنية على أفكار التنافسية‪ ،‬واختيارات المستخدم والشفافية والتركيز الوثيق بشأن الهياكل‬
‫المحفزة‪ .‬هذه النظريات تختلف كثي ار عن األفكار التقليدية للتسيير مع التركيز على التسلسل الهرمي المنظم‬
‫والقضاء على االزدواجية أو التداخل في السلطات‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Kurt PROMBERGER, New Public Management –An Introduction from the UK Perspective, Working paper,‬‬
‫‪University of Innsbruck, Austria, 2003, P: 05.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Elisa CHELLE, Les manuels du " new public management " : La production académique d’une science de‬‬
‫‪gouvernement, 21 ST world congress of political science, Santiago de Chile, 2009, P :04.‬‬
‫‪93‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫‪The Managerialism‬‬ ‫‪-2-1‬االدارياتية‬


‫جاءت االدارياتية تعبي ار عن االتجاهين ‪-‬إعادة إختراع الحكومة والالبيروقراطية؛ والحوكمة‪ -‬اللذين سادا‬
‫مدرسة التسيير العمومي الجديد‪ .‬ويستند هذا النموذج إلى عدة عناصر أبرزها ‪-‬الكفاءة االقتصادية كقيمة‬
‫أساسية توجه عمل المديرين وق ارراتهم؛ بما يعني السعي للوصول إلى أكبر حد ممكن من المخرجات بأقل قدر‬
‫ممكن من المدخالت‪.‬‬
‫ويعبر هذا النموذج عن السيادة التي تحققت لعلم إدارة األعمال‪ ،‬وهو ما يالحظ بقوة في الجامعات‬
‫واألكاديميات األجنبية وحتى العربية من انتشار أقسام إدارة األعمال في مختلف كليات التجارة وأكاديميات‬
‫اإلدارة‪ ،‬بينما تتضاءل أقسام التسيير العمومي إلى أدنى حد؛‬
‫وبشكل عام‪ ،‬يعبر التسيير العمومي الجديد عن حكومة صغيرة وعن خوصصة وظائف الحكومة‪ ،‬لكي‬
‫تتحسن الخدمات من خالل المنافسة والمقارنة المرجعية بأفضل الممارسات‪ ،‬وحتى يتحسن باستمرار نظام الحكم‬
‫وإدارة شئون المجتمع ويتعزز التوجه نحو إرضاء الزبون‪ ،‬ويتم التحول من التنظيم الهرمي الهيراركي‬
‫‪( Hierarchical organization‬التسلسل الهرمي) إلى التنظيم البسيط‪.‬‬
‫ويالحظ أن هذين االتجاهين إعادة اختراع الحكومة والالبيروقراطية؛ والحوكمة اتسما باتساق كبير في‬
‫محاولة التقريب بين التسيير العمومي والتسيير الخاص بدرجة ما؛ مما أدى إلى إفراز نموذج االدارياتية الذي يعد‬
‫في الواقع تطبيق فكر وممارسات التسيير الخاص في القطاع العمومي‪.1‬‬
‫إذاً فهو تعزيز لما تم ذكره آنفا من أن االدارياتية عبارة عن مجموعة من الموجات المتتالية من األعمال‬
‫‪ Business‬في القطاع العمومي‪ ،‬وهذا ما ساعد على إنشاء مجموعة من مذاهب اإلصالح على أساس األفكار‬
‫والتي تتطلب سلطة تقديرية ‪Discretionary‬‬ ‫المستمدة من خبرة "اإلدارة المحترفة ‪،"Professional management‬‬
‫‪ power‬عالية لتحقيق النتائج "حرية التسيير ‪ "Free to manage‬وفرض أداء تنظيمي أفضل من خالل تطوير‬
‫الثقافات المناسبة والقياس الفعال للمخرجات التنظيمية‪.‬‬
‫هاتين الخلفيتين تشيران أيضا إلى تنافس مقاربتين في التسيير العمومي الجديد؛ مقاربة إعطاء المسيرين‬
‫المزيد من المرونة‪ ،‬إذ يعتبرهم النظام اإلداري عقبة أمام اإلدارة الجيدة للقطاع العمومي (إطالق حرية المديرين‬
‫في اإلدارة أو "ترك المسير ٌي َسِير‪ ،"Letting the manager manage‬االدارياتية)‪ ،‬في حين يتم عرض‬
‫البيروقراطيين للمساءلة من أجل تحقيق نتائج أفضل‪ ،‬كما أنهم يسعون إلى تحقيق أقصى منفعة‪ ،‬لذا يحتاجون‬

‫الخط‪:‬‬ ‫على‬ ‫الجديدة‪،‬‬ ‫العامة‬ ‫اإلدارة‬ ‫مدرسة‬ ‫الدقن‪،‬‬ ‫السيد‬ ‫أحمد‬ ‫‪1‬‬

‫‪/.../http://kenanaonline.com/files‬موقع‪20%‬االدارة‪20%‬العامة‪....20%‬الحوكمة‪ ،docx.‬تاريخ االطالع‪ ،2016-02-09 :‬على الساعة‬


‫‪.18:56‬‬
‫‪94‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫إلى الحوافز للقيام بالعمل المناسب ("صناعة ٌمسير ٌي َسِير‪ ،"Making The Managers Manage‬االختيار‬

‫العمومي)‬
‫وقد كان وراء تبني االدارياتية في التسيير العمومي نفس القوى التي أثرت في إدارة القطاع الخاص‪ ،‬أال‬
‫‪In terms of the‬‬ ‫وهي زيادة التركيز على االقتصاد والكفاءة (من حيث العالقة بين اإليرادات والنفقات‬
‫‪ – relationship between revenues and expenditure‬فعل الكثير بالقليل ‪ )Doing more with less‬من ناحية‪،‬‬

‫وزيادة االهتمام بجودة المنتجات والخدمات‪ ،‬من ناحية أخرى‪ .‬فاالدارياتية إذن هي تجسيد ممارسات إدارة القطاع‬
‫الخاص في القطاع العمومي‪.‬‬
‫كما ترى اإلدارياتية أن تطبيقات ومبادئ تسيير القطاع الخاص من شأنه أن يحل الكثير من المشاكل‬
‫البيروقراطية للقطاع العمومي‪ .‬فهم يعتقدون أن التسويق ‪ Commercialization‬مثالً‪ ،‬يؤدي إلى التغيير في ثقافة‬
‫وقيم ومهارات المديرين‪ ،‬بالتالي تحسين في أداء المؤسسات العمومية‪ .‬ففلسفة المسيرين تستمد قوتها من أعمال‬
‫كل من بيتر وآخرون ‪ Tom Peters & others‬في منشورهم " البحث عن التميز ‪ ،" Search of excellence‬والذي‬
‫أظهر أن أفضل تسيير للمؤسسات األمريكية كان يعتمد على الهياكل العضوية لإلدارة اإلنسانية وأساليبها‪ ،‬وكذا‬
‫إلى بيئة ثقافية داعمة‪ .‬فالمديرون ‪ Managerialists‬يؤكدون على االنتقال من النموذج البيروقراطي ( التسلسل‬
‫الهرمي والرقابة) إلى نموذج ما بعد البيروقراطية ‪( Post-bureaucratic paradigm‬الدعم واالبتكار)‪ .‬بمعنى‪ ،‬أن‬
‫التسيير العمومي الجديد يدفع بالدولة نحو اإلدارياتية‪. 1‬‬

‫وبإيجاز‪ ،‬يمكن أن ٌيعبر عن تطور بروز مفهوم التسيير العمومي الجديد بمرحلتين‪:‬‬
‫▪ المرحلة األولى من إصالح الحكومة في سياق االنتقال إلى اقتصاد السوق الحرة الذي بدأ في جميع‬
‫أنحاء العالم في الثمانينيات من القرن العشرين وتسارع في سنة ‪ 1989‬مع سقوط جدار برلين؛‬
‫أما المرحلة الثانية من حركة اإلصالح الحكومي (العالمية) فبدأت مع التسعينيات من نفس القرن إذ‬ ‫▪‬
‫ركزت – وبصورة أقل‪ -‬على الخوصصة واهتمت بشكل كبير باإلصالح اإلداري لجوهر وظائف الدولة‪.‬‬
‫وفي هذه المرحلة أيضا أخذت الدول بتقليص حجم بيروقراطية حكوماتها‪ ،‬سعياً منها لجعلها أكثر كفاءة‬
‫وحداثة وأكثر استجابة للمواطن‪.‬‬
‫كما ينظر إلى أزمة شرعية‪ 2‬التصرف العمومي وحدوده‪ ،‬كأحد أسباب وجوب تبني مفهوم التسيير‬
‫العمومي الجديد‪ .‬حيث صارت الق اررات التي يتم اتخاذها على مستوى القطاع العمومي‪ -‬وخاصة على مستوى‬

‫طــارق عشــور‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.111 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫‪Philippe HUSSENOT, La gestion publique par objectifs: des ambitions a la pratique, Les éditions d’organisation,‬‬
‫‪Paris, 1983, P: 35.‬‬
‫‪95‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫اإلدارات العمومية ‪ -‬تفتقد بشكل تدريجي للشرعية المطلوبة ‪ .Legitimacy‬فأزمة الشرعية التي يعاني منها‬
‫التسيير العمومي التقليدي إنما هي نابعة من أزمة مختلف اللغات التي يستخدمها‪ :‬القانون‪ ،‬االقتصاد الجزئي‪،‬‬
‫االقتصاد الكلي‪ ،‬لهذا ظهرت مؤخ ار لٌغتان لسد الفراغ المتواجد وهما لغة العلوم االجتماعية واللغة اإلدارية أو‬
‫التسييرية ‪.Managérial‬‬

‫ففي المرحلة األولى كانت اللغة المستخدمة ضمن التسيير العمومي التقليدي يغلب عليها الطابع‬
‫القانوني‪ ،‬وبفعل تخلي الدولة عن دورها (الدولة الحارسة) وتعويضها بالدور آخر (دولة الرفاه)‪ ،‬أصبحت اللغة‬
‫االقتصادية هي الغالبة وهذا باستخدام نظريات االقتصاد الجزئي ونظريات االقتصاد الكلي‪ ،‬السيما التحليل‬
‫الكينزي‪ .‬ولكن سرعان ما شهدت اللغات الثالث المذكورة‪-‬القانون‪ ،‬االقتصاد الجزئي‪ ،‬االقتصاد الكلي‪ -‬أزمات‬
‫شرعية في القطاع العمومي‪ .‬تم التراجع التدريجي عن القيم التي كان التسيير العمومي يستمد منها شرعيته‪ .‬ومن‬
‫أهم مظاهر هذه األزمة‪:‬‬
‫▪ الهوة بين المواطنين واإلدارة العمومية؛‬
‫▪ اإلدارة العمومية‪ :‬إدارة أزمات ال إدارة خدمات عمومية؛‬
‫▪ اإلدارة العمومية‪ :‬إدارة غير فعالة ومرتشية؛‬
‫▪ اإلدارة العمومية‪ :‬إدارة انطوائية جامدة ؛‬
‫▪ اإلدارة العمومية‪ :‬إدارة خاصة ال عمومية؛‬
‫▪ اإلدارة العمومية‪ :‬محركها موارد بشرية رديئة‪.‬‬
‫ومنه فمحاولة تجاوز هذه األزمة يقتضي تقبل البيئة ألهداف التسيير العمومي‪ ،‬وهذا ما يستدعي تغليب‬
‫الجانب التسييري ‪ Managerial‬على الجانب القانوني الذي يطغى على التسيير العمومي‪ ،‬حيث يبحث الجانب‬
‫التسييري عن الشرعية التي يحتاج إليها القطاع العمومي وهذا ضمن اإلستراتجية الشاملة ألية دولة‪.‬‬

‫ف إلى األسباب السابقة ‪-‬ظهور االقتصاد المؤسساتي الجديد واإلدارياتية وكذا أزمة شرعية‬
‫ضا ُ‬
‫وي َ‬
‫ُ‬
‫التصرف العمومي‪ -‬التي ساهمت في ظهور التسيير العمومي الجديد األسباب الموالية‪:1‬‬
‫▪ ضرورة توجيه دور الدولة في الحياة االقتصادية إلى التركيز أكثر على جانب العرض؛‬
‫▪ االقتناع التام بتفوق السوق على أي نظام ضبطي آخر؛‬

‫عبد المليك مزهودة وآخرون‪ ،‬التسيير اإلستراتيجي في السياق العمومي مبرراته وأهمية وبعض مظاهر ممارسته بالمديرية‬ ‫‪1‬‬

‫الجهوية للصندوق الوطني للسكن بسكرة ‪ ،‬الملتقى الدولي حول تسيير وتمويل الجماعات المحلية في ضوء التحوالت االقتصادية‪،‬‬
‫‪.09‬‬ ‫كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة الحاج لخضر‪ ،‬باتنة‪ ،‬الجزائرـ ديسمبر ‪ ،2004‬ص‪:‬‬
‫‪96‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫عموما؛‬
‫ً‬ ‫▪ الحلول الجاهزة التي يقترحها مكاتب االستشارة والخبراء في مجال التسيير‬
‫▪ المشاكل والنقائص المسجلة في جل الدول في مجال الخدمات العمومية؛‬
‫▪ ضرورة االهتمام بالنتائج في نشاط الدولة وباألخص النتائج المالية‪.‬‬
‫ومن هذا المنطلق‪ ،‬دعا الليبراليون الجدد إلى ضرورة البحث عن كيفية إدراج األسواق أو أشباه األسواق‬
‫داخل هيئات الدولة الحمائية‪ ،‬على النحو الذي يجعل الخدمة العمومية سوقا يمكن أن يستثمر فيها القطاع‬
‫الخاص‪ ،‬وبالشكل الذي يدعم الفعالية في تقديمها؛ ألن ذلك سيجعلها تصبح محل منافسة وبالتالي تصير العالقة‬
‫بين المستفيد من الخدمة العمومية ومقدميها شبيهة إلى حد ما بكيفية تطبيق فلسفة الزبون أوالً وأخي ار في‬
‫منظمات األعمال‪.‬‬
‫وسعيا إلى تحقيق أداء متميز لإلدارات العمومية‪ ،‬يقتضي ذلك توفير شروط أساسية لضمان تطبيق‬
‫ً‬
‫طرق التسيير العمومي الجديد والحفاظ عليه‪ ،‬وهذه الشروط هي‪:1‬‬
‫▪ دولة القانون ‪ :State of law‬يشير هذا المصطلح إلى تطبيق القانون على أرض الواقع أكثر منه إلى‬

‫كثرة القوانين وتعددها ‪-‬كما تشهده العديد من الدول النامية على غرار الدول العربية من وجود ترسانة‬
‫من القوانين دون تفعيل العديد منها‪ -‬كما يشير هذا المصطلح إلى الوضع االجتماعي والسياسي للبلد‬
‫‪ The socio-political condition of a country‬أين حقوق اإلنسان ومبادئ الديمقراطية قائمة على‬
‫الفصل بين السلطات (التنفيذية والتشريعية والقضائية) والمحترمة باستمرار‪ .‬حيث أنه في الواقع بدون‬
‫حرية االقتراح والطعن‪ ،‬فإنه ال توجد إمكانية التطور أو التغيير أو البناء‪ .‬في حين أن الحرية واإلبداع‬
‫هي جزء أساسي من أساليب التسيير ذات الصلة‪.‬‬
‫▪ تبني مفهوم الحوكمة الرشيدة ‪ :Good governance‬ينظر إلى فكرة الحوكمة الرشيدة هنا بالمنظور‬
‫فأي أسلوب للتسيير وبغض النظر‬
‫العملي‪ ،‬وهي تشير ببساطة إلى تسيير شفاف لموارد ووسائل الدولة‪ٌ ،‬‬
‫عن األداء ال يمكن أن يعطي نتائج مرضية في إطار الحكم السيئ‪ ،‬وهذا حتى من دون الحاجة إلى‬
‫الحديث عن النتائج‪ ،‬كما يمكن توقع في إطار الحكم السيئ أن معظم الطرق الممكنة للتسيير ال يمكن‬
‫تنفيذها‪ .‬فمفهوم الحوكمة أصبح من الشمولية بحيث توجد ستة توجهات واستخدامات متكاملة للمفهوم‬
‫تعبر عن حاالت توسيع وإغناء للمفهوم وهي‪: 2‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Valentin K. DOVONON, Methode de La Nouvelle Gestion Publique: Responsabilité, Accessibilité, Productivité,‬‬
‫‪Résultat et Clients, Etc…, Sur le site : http://www.focusintl.com/071-unpan002329.pdf, Consulté le : 30-03-2016, à‬‬
‫‪23 :00.‬‬
‫طاهر محسن منصور الغالبي وآخرون‪ ،‬المعرفة مدخل لتعزيز منهج الحاكمية في المنظمات العربية‪ ،‬المؤتمر العلمي الدولي‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،2005‬ص‪.11:‬‬ ‫الخامس بعنوان "اقتصاد المعرفة والتنمية االقتصادية‪ ،‬جامعة الزيتونة األردنية‪ ،‬األردن‪ 27-25 ،‬أفريل‬
‫‪97‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫✓ اتجاه الحد من التدخل الحكومي وضغط النفقات للتعبير عن دولة الحد األدنى ‪The minimal‬‬

‫‪ ،state‬هذا يعني زيادة المساحة المخصصة آلليات السوق والتنافس في االقتصاد؛‬

‫✓ اتجاه التركيز على منظمات األعمال الخاصة وبالذات على استخدام مفهوم حوكمة المؤسسات‬
‫‪ ،Corporate governance‬وهذا االتجاه يركز على أدوار ومطالب المساهمين ‪.Stakeholders‬‬
‫وفي هذا اإلطار تعرض ‪ ،Wheelen and Hunger‬إلى الحوكمة التي يجسدها دور مجلس‬
‫اإلدارة واإلدارة العليا للمؤسسة وتشير إلى العالقات بين ثالثة أطراف أساسية هم المساهمون‬
‫(رأس المال)‪ ،‬والخبرة (اإلدارة) والعاملون (العمل)‪ ،‬لغرض تحديد االتجاه واألداء في المؤسسة‪.‬‬
‫ان هذا االتجاه الثاني ينطلق إلى آفاق أرحب بكون هذه العالقات تظم مختلف أصحاب‬
‫المصالح وليس المساهمين فقط؛‬
‫✓ االتجاه الذي يتم التعبير عنه بالتسيير العمومي الجديد ‪ New public management‬وهنا يحاول‬
‫إدخال أساليب جديدة في اإلدارة مثل التمكين‪ ،‬والمعرفة والثقافة الشاملة والقيم اإلبداعية وطرق‬
‫قياس األداء الحديث وغيرها؛‬
‫✓ االتجاه الذي يربط بين الحوكمة ومنظومة القيم الديمقراطية‪ ،‬حيث الشرعية والنظام المساءلة‬
‫والمنافسة وتشجيع القطاع الخاص والالمركزية وتعظيم دور منظمات المجتمع المدني في الرقابة‬
‫والمساءلة؛‬
‫✓ االتجاه الذي يركز على التفاعل الرسمي وغير الرسمي لمجموع المؤثرين في بيئة العمل‪ ،‬وهنا‬
‫فإن الدولة ليست الفاعل الوحيد بل فاعل من بين الفاعلين في صنع السياسات العمومية؛‬
‫✓ االتجاه الذي يركز على إدارة مجموعة الشبكات المنظمة في عدد من األجهزة والمؤسسات‪،‬‬
‫حيث هذا المفهوم أوسع وأشمل من مجرد الحديث عن الحكومة أو الحديث عن األعمال‬
‫والقطاع الخاص‪.‬‬
‫‪ -2‬مبادئ التسيير العمومي الجديد‬

‫تسيير القط ــاع العمومي‪ -‬مثـل تسيير القط ــاع الخــاص‪ -‬قادر على التكيف مع روح العصر وإعادة‬
‫اخـتراع نفسه من حين آلخر‪ .‬وإذا كانت الحكومة مطالبة بالتطور في كــل وقت‪ ،‬فإنها أحوج ما تكون إلى إعــادة‬
‫تشـكيل نفسـها واخـتراع حكومـة جديـدة فـي هــذا الوقــت بــالذات ‪ .‬فاأللفية الثانية للميالد انتهت منذ أعـوام‪-‬حوالي‬
‫عقد ونصف العقد من الزمن ‪ -‬وأوروبـا الشرقية تحررت‪ ،‬واالتحاد السوفيتي أصبح تاريخا‪ ،‬والحـرب البـاردة قـد‬
‫انتـهت‪ ،‬وأوروبـا الغربي ــة قــد توحـدت اقتصاديـا‪ ،‬وأصبحـت آسـيا القلـب الن ــابض لالقتصــاد العــالمي‪ .‬وتحــول‬
‫‪98‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫محــور الص ارعـ ــات العالمية من السياسة إلى االقتصـاد‪ ،‬وكذلـك تحولـت التحالفـات والتكتـالت مـن عسـكرية إلـى‬
‫اقتصاديــة‪ .‬واليــوم أصبحــت التسيير العمومي علــى مف ــترق طـرق‪ ،‬بسـبب الدخول في عصـر مـا بعـد الصناعــة‬
‫أي عصر المعلومات‪.‬‬
‫وتنطلـق فكـرة إعـادة اخـتراع حكوم ــة جديــدة أو التسيير العمومي الجديد مــن المبادئ التالية ‪:1‬‬
‫▪ أن الحكومة ليست ش ار البد منـه كمـا يتصـور الكثيرون‪ ،‬فــهي ضروريـة وهامـة لكـل المجتمعـات‬
‫المتحضرة؛‬
‫▪ أن حكومــات عصــر الصناعــة بمركزيت ــها وبيروقراطيتها والتي تعمل بطرق روتينية متشابهة‪ ،‬ال ترقى‬
‫إلى مستوى التحديات والمتغيرات الس ـريعة التي تواكب عصر المعلومات؛‬
‫▪ أن العـاملين فـي الحكومـة ليسـوا ه ــم أســاس المشكلة المتمثلة في تراجع اإلنتاج والخدمات‪ ،‬ولكن النظام‬
‫اإلداري هو السبب ألن كثيرين ممن يفشلون في تسيير القط ــاع العمومي‪ ،‬ينجحون في القطاع الخاص؛‬
‫▪ أن المشكالت التي يواجهها القطاع العمومي فـي العصر الحاضر‪ ،‬ليست بسبب التسيير الليبرالي وال‬
‫بسبب التسيير المحافظ‪ .‬بل بسبب افتقاد ذلك التسيير للفعالية؛‬
‫▪ أن نجاح أي حكومة في مسعاها للتطــور‪ ،‬ال يتـأتى إال مـن خـالل هدفـها األسـمى والمتمث ــل فــي العدالة‬
‫وتكافؤ الفرص‪.‬‬
‫والحكومة المعنية هنا ليست هي الحكومة المركزية‪ ،‬بل تشمل الحكومة المركزية والحكومات المحليـة‪.‬‬
‫فالحكومـة ال يمكـن أن تتكون من فرد وأن تتمثل في شـخص‪ .‬فـهناك دائمـا آالف المؤسسات الحكوميــة فــي‬
‫األقـ ــاليم واألحي ــاء والمناطق‪ ،‬وهناك حكومات القطاعات المختلفة التي تدير مرافق المواصــالت والميـاه والطاقـة‬
‫والصحـة والتعليم وغيرها‪ .‬وأمام هذا الطرح يلخص الجدول الالحق أهم مبادئ التسيير العمومي الجديد‪.‬‬

‫ديفيد أسبورن وآخرون‪ ،‬إعادة اخاتراع الحكومة‪:‬كيف تعمل روح المبادرة علر إحياء القطاع العام؟‪ ،‬خالصات كتب المدير‬ ‫‪1‬‬

‫ورجل األعمال‪ ،‬العدد‪ ،06 :‬إصدار الشــركة العربية لإلعالم العلمي (شعاع)‪ ،‬القاهرة‪ .1994 ،‬ص‪.02:‬‬
‫‪99‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫الجدول رقم‪11 :‬‬


‫أهم مبادئ التسيير العمومي الجديد‬

‫الهدف‬ ‫آلية التنسيق‬ ‫أشكال التنظيم‬


‫‪Target‬‬ ‫‪Coordination mechanism‬‬ ‫‪Organizational forms‬‬

‫‪Customers‬‬ ‫العميل‬ ‫‪Prices‬‬ ‫األسعار‬ ‫‪Decentralization‬‬ ‫الالمركزية‬

‫‪Incentivization‬‬ ‫التحفيز‬ ‫التجزئة‪Disaggregation‬‬

‫المنافسة ‪Competition‬‬ ‫السوق ‪Market‬‬

‫‪Source: Antonio CORDELLA, A Public Value Perspective for ICT Enabled Public Sector Reforms: A theoretical‬‬
‫‪reflection, Online: http://www.antoniocordella.com/media/GIQrevisedFINAL.pdf, Seen on: 07-06-2015, at 21:02.‬‬

‫كما أن هناك ثالث توجهات كبرى البد أن تكون واضحة في إطار تبني مفهوم التسيير العمومي‬
‫الجديد‪:1‬‬
‫▪ وضع اإلدارات العمومية في حالة تنافسية؛‬
‫▪ إعادة تنظيم الخدمات العمومية؛‬
‫▪ إحداث تغييرات في كيفية تسيير ميزانية الدولة على ضوء تعميم ثقافة حسن األداء‪.‬‬
‫وينظر باحثون إلى حركة التسيير العمومي الجديد على أنها تعبير عن الكيفية التي يتم بها تطبيق‬
‫أساليب إدارة األعمال المعنية بإدارة القطاع الخاص في اإلدارات العمومية المعنية بإدارة الخدمات العمومية‪،‬‬
‫ويتحدثون عن أن التسيير العمومي الجديد يقوم على أربعة مبادئ أو عناصر رئيسة وهي‪:2‬‬
‫▪ شبه سوق ‪ :Quasi-Market‬أي حالة تماثل السوق بما يحكمه من آليات التكلفة والعائد؛‬
‫▪ الالمركزية ‪ :Decentralization‬ما يؤدي إلى تقليل البيروقراطية (أو التخلص منها كما يتحدث البعض)؛‬
‫▪ الجودة ‪ :Quality‬أي التوجه نحو تحقيق الجودة وقياس جودة أداء اإلدارات العمومية؛‬
‫▪ الزبونية ‪ :Consumerism‬أي التوجه نحو المستهلك والتركيز على إرضائه‪.‬‬

‫فبعد أن كان هناك فصل بين القطاع العمومي والقطاع الخاص في أسلوب ومجاالت العمل طالب‬
‫أنصار التسيير العمومي الجديد باالستعانة بالقطاع الخاص بل ونقل أسلوب إدارته إلى المنظمات العمومية‪،‬‬
‫حتى يتحقق إصالح وكفاءة ورشادة وربحية المنظمات العمومية‪ ،‬وكذا استعادة التكلفة ورسوم االنتفاع والتعاقد‬
‫الخارجي وآليات السوق‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Thomas LAMARCHE et Autres, Manager ou servir, Edition Syllepse, Paris, 2011, P : 36.‬‬
‫‪ 2‬أحمد السيد الدقن‪ ،‬مدرسة اإلدارة العامة الجديدة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪.‬‬
‫‪100‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫المحور الحادي عشر‪ :‬نماذج من التسيير العمومي ومقاربات إصالح القطاع العمومي‬
‫ٌيعبر اإلصالح اإلداري عن التغي ـرات المستمرة والمخططة والشاملة في األجهزة الحكومية في المجاالت‬
‫اإلدارية المتعددة بقصد تحقيق أهداف التنمية االقتصادية واالجتماعية هذا من جهة‪ .‬ومن جهة أخرى تعاني منها‬
‫إستراتيجية اإلصالح اإلداري في معظم الدول وخاصة العربية منها من العديد من المشكالت وجوانب القصور‬
‫على غرار‪:‬‬
‫▪ أن جهود اإلصالح في الدول العربية تركز على بناء الهياكل واألنظمة الرسمية؛‬
‫▪ عدم اعتماد أسلوب المشاركة في عملية التطوير والتغيير؛‬
‫▪ االهتمام بالجوانب الفنية واإلجرائية‪ ،‬وإهمال الجوانب السلوكية والبيئية وذلك من خالل التركيز على‬
‫تطبيق " األساليب العلمية" لإلدارة؛‬
‫▪ قصور اإلستراتيجية المجتمعية للتنمية السياسية وبطء التطوير الديمقراطي‪.‬‬
‫وإذا ما سلمنا بضرورة تغيير أسلوب التسيير التقليدي للجهاز الحكومي‪ ،‬فإن السؤال الذي يطرح نفسه‬
‫هو‪ :‬ما أسلوب اإلصالح البديل؟ وعليه‪ ،‬سنحاول إلقاء الضوء على االتجاهات الحديثة في مجال إصالح اإلدارة‬
‫العمومية‪ ،‬ثم التطرق إلى التسيير العمومي الجديد ونماذجه باعتباره إطار معاصر لإلصالح اإلداري ثم الوقوف‬
‫على استراتيجيات ذلك التسيير‪.‬‬
‫‪-1‬االتجاهات الحديثة في مجال إصالح اإلدارة العمومية‬
‫من بين االتجاهات الحديثة في مجال إصالح اإلدارة العمومية يتم الوقوف عند أهمها من خالل‪:‬‬
‫‪-1-1‬إصالح اإلدارة العمومية واألهداف اإلنمائية لظلفية‬
‫عناصرها‬ ‫أحد‬ ‫الحكومية‬ ‫اإلدارة‬ ‫تُعد‬ ‫الرشيدة‪ ،‬التي‬ ‫األلفية بالحوكمة‬ ‫يعترف إعالن‬
‫الرئيسة‪ ،‬بوصفها وسيلة لتحقيق أهداف إعالن األلفية‪ .‬ويرتبط الدعم المقدم لتحديث المؤسسات التابعة للدولة‬
‫بتحقيق األهداف اإلنمائية لأللفية بعدة طرق ‪:1‬‬
‫▪ أوال‪ :‬تحرير الكثير من الموارد في الدول الفقيرة من أجل استخدامها طبقا لألهداف اإلنمائية لأللفية وذلك‬
‫في حالة زيادة كفاءة اإلدارة الحكومية؛‬
‫▪ ثانيا‪ :‬عن طريق زيادة الشفافية واستئصال الفساد‪ ،‬يقل توجيه الموارد النادرة للدول الفقيرة بعيدا عن‬
‫تحقيق األهداف اإلنمائية لأللفية؛‬

‫الخط‪:‬‬ ‫على‬ ‫اإلنمائي‪،‬‬ ‫المتحدة‬ ‫األمم‬ ‫برنامج‬ ‫تطبيقية‪،‬‬ ‫مذكرة‬ ‫الحكومية‪،‬‬ ‫اإلدارة‬ ‫إصالح‬ ‫‪1‬‬

‫الساعة‪.23:31‬‬ ‫‪ ،http://pogar.org/LocalUser/.../un/.../pubadminreform -practicenote-04a.do‬تاريخ االطالع‪ ،2015-11-02 :‬على‬


‫‪101‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫▪ ثالثا‪ :‬وجود إدارة حكومية تفي باحتياجات المواطنين‪ ،‬ال سيما النساء والفئات المهمشة‪ ،‬يعد أم ار أساسيا‬
‫لضمان استم اررية هذه اإلنجازات داخل نطاق األهداف اإلنمائية لأللفية؛‬
‫▪ وأخيرا‪ :‬زيادة خضوع المؤسسات التابعة للدولة للمساءلة يعد ملمحا أساسيا لالستراتيجيات الحكومات من‬
‫أجل سد الفجوة الديمقراطية؛ ومن ثم تعد أم ار جوهريا لتحقيق األهداف اإلنمائية لأللفية داخل اإلطار‬
‫العام إلعالن األلفية‪.‬‬
‫‪-2-1‬المنهج القائم علر الحقوق لتحقيق التنمية‬
‫مع ظهور مفهوم الحوكمة في اآلونة األخيرة واقتران ممارسة الحريات الديمقراطية بالتنمية البشرية‬
‫المستدامة‪ ،‬احتل دور المؤسسات التابعة للدولة في تقديم الخدمات وحماية الحقوق والحريات مكانا بار از بشكل‬
‫أكبر في فكر التنمية ‪.‬وربما يفسر ذلك أيضا‪ ،‬زيادة التركيز خالل العقد الماضي على مكافحة الفساد والشفافية‪.‬‬
‫ولم يكن تركيز البرنامج اإلنمائي على اإلدارة العمومية مستلهما فحسب من االلتزام بالمنهج القائم على‬
‫الحقوق لتحقيق التنمية‪ ،‬وإنما كان أيضا نابعا من ذلك االلتزام‪:‬‬
‫▪ أوال‪ :‬يعد الحق في التنمية من المفاهيم األساسية إلعالن األلفية‪ ،‬وتعتبر اإلدارة الرشيدة للحكم الضمان‬
‫األساسي لتحقيق هذا الحق؛‬
‫▪ ثانيا‪ :‬ال يمكن تحقيق العناصر األساسية للمنهج القائم على حقوق اإلنسان إال بمساعدة إدارة عمومية‬
‫فعالة ضمن هيئات أخرى‪ .‬وفيما يلي هذه العناصر األساسية‪:‬‬
‫✓ المشاركة والشفافية في عملية صنع القرار‪ :‬تعد المشاركة في كل مراحل عملية التنمية‬
‫حق‪ ،‬وتعتبر الدولة واألطراف الفاعلة األخرى ملزمة بخلق بيئة مواتية لتحقيق مشاركة كل‬
‫المنتفعين؛‬
‫✓ عدم التمييز‪ :‬يعد اإلنصاف والمساواة في كافة الحقوق من المكونات الرئيسية لتحقيق‬
‫التنمية والحد من الفقر؛‬
‫✓ التمكين‪ :‬ينبغي تمكين الناس من ممارسة حقوقهم اإلنسانية من خالل استخدام‬
‫أدوات مثل اإلجراءات القانونية والسياسية؛‬
‫العمومية‬ ‫المؤسسات‬ ‫خضوع‬ ‫ينبغي‬ ‫الفاعلة‪:‬‬ ‫✓ مساءلة األطراف‬
‫والخاصة واألطراف الفاعلة للمساءلة أمام الناس‪ ،‬السيما الفقراء منهم‪ ،‬وذلك من أجل تعزيز‬
‫حقوق اإلنسان وحمايتها والوفاء بها‪ ،‬ويجب تحميل تلك الجهات المسئولية إذا لم يتم إنفاذ هذه‬
‫الحقوق‪.‬‬
‫‪102‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫وأخيرا‪ ،‬بما أن المنهج القائم على الحريات ال يسعى فقط لتنمية قدرات أصحاب الحقوق‬
‫للمطالبة بها وممارستها‪ ،‬وإنما يسعى أيضا لتنمية قدرات المكلفين بالواجبات لكي يفوا بالتزامات حقوق‬
‫اإلنسان‪ ،‬فإن ذلك يزيد من الضغط على اإلدارة الحكومية بأن تضع الفقراء والفئات المهمشة في بؤرة‬
‫اهتمام االستراتيجيات الخاصة بالسياسة والتنمية‪.‬‬
‫‪-3-1‬العولمة‬
‫ركزت الضغوط الناتجة عن العولمة االهتمام بشكل أكبر على القطاع العمومي‪ .‬وعلى الرغم من أن‬
‫العولمة من الممكن أن تساعد على توحيد الناس‪ ،‬إال أنها أظهرت القدرة على تهميش الكثيرين منهم‪ .‬وللتغلب‬
‫على ذلك‪ ،‬فإن األمر يتطلب وجود مناهج لإلدارة الرشيدة للحكم تشمل الشفافية والمساءلة ومشاركة المنتفعين‬
‫في المناقشات السياسية‪ ،‬باإلضافة إلى وجود حكومة تستغل كل مواردها بكفاءة لتساعد مواطنيها في‬
‫مجال التنافس في السوق العالمية‪ ،‬وتقليل الفجوة بين أغني سكان العالم وأفقرهم‪ .‬فالعولمة ال تؤدي فحسب إلى‬
‫زيادة الحاجة إلى وجود جهات دولية وإقليمية قوية إلجراء الحوار‪ ،‬وعملية صنع القرار العالمية‪ ،‬وإنفاذ االتفاقيات‬
‫والقواعد الدولية‪ ،‬وإنما من شأنها أيضا أن تعزز الضغوط من أجل وجود حكومات قومية قوية مؤهلة لتحقيق‬
‫االندماج والتفاوض في بيئة عالمية‪ ،‬وقادرة على مواجهة القوى العالمية التي أهملت بعض مطالب الدول النامية‪،‬‬
‫وباألخص الدول األقل تقدما‪ ،‬والتحديات التي تواجهها‪.‬‬
‫‪ -4-1‬الالمركزية‬
‫في كثير من الدول‪ ،‬يوفر أسلوب الالمركزية السياق الذي يتم فيه بحث اإلجراءات التصحيحية إلصالح‬
‫اإلدارة الحكومية ‪.‬ومن السلبيات الرئيسية للعديد من المبادرات الخاصة بتطبيق أسلوب الالمركزية‪ ،‬ضعف القدرة‬
‫اإلدارية لإلدارة الحكومية على المستويات المحلية‪ ،‬وعدم إتاحة قنوات لمساءلة هذه اإلدارة يستطيع الشعب‬
‫اللجوء إليها ‪ .‬ولكي تنجح الحكومة الالمركزية البد من جود مركز يتيح لها ذلك‪ ،‬ومن ثم يجب تركيز االهتمام‪،‬‬
‫على سبيل المثال‪ ،‬على ‪:‬آليات تحويل األموال؛ آليات تهدف لضمان وضع الموازنات والخطط على المستوى‬
‫المحلي مستلهمة من الموازنات والخطط الموضوعة على المستوى القومي وتكون جزءا من هذه الموازنات‬
‫والخطط؛ نظم للمتابعة والرقابة مرتبطة بالميزانية؛ نظم مالئمة للموارد البشرية‪.‬‬
‫‪103‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫كما يرجع االهتمام المتزايد بإصالح اإلدارة العمومية في البلدان النامية إلى ثالثة اتجاهات فكرية رئيسة‬
‫‪1‬‬
‫هي‪:‬‬
‫▪ التسيير العمومي الجديد ‪ :The new public management‬بدأ العديد من البلدان األنجلوسكسونية‬

‫(المملكة المتحدة ونيوزيلندا وأستراليا والواليات المتحدة وكندا) في وقت مبكر من سنوات الثمانينات من‬
‫القرن العشرين في تنفيذ برامج إصالحية على نطاق واسع‪ ،‬والتي قدمت نماذج وتجارب يمكن أن تطبق‬
‫في البلدان النامية‪ .‬على غرار التسيير العمومي الجديد الذي يسعى لتقليص دور الدولة من خالل‬
‫تطبيق مبادئ إدارة القطاع الخاص في المؤسسات العمومية‪ .‬واعتبر النشر المتحمس لهذا النموذج في‬
‫‪Colonize‬‬ ‫البلدان النامية من قبل البعض بأنها محاولة جديدة الستعمار أو لربط إدارة التنمية‬
‫‪ development administration‬مع إتباع نهج غربي موحد إلصالح اإلدارة العمومية‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن‬
‫لغة التسيير العمومي الجديد‪ ،‬ومبادئ التركيز على العميل‪ ،‬والالمركزية‪ ،‬والفصل بين صنع السياسة‬
‫وتنفيذها‪ ،‬واالستعانة بالشركاء من القطاع الخاص لتقديم خدمات عمومية تواصل توجيه التفكير الحالي‬
‫وتركيزه على إصالح اإلدارة العمومية؛‬
‫‪The structural adjustment‬‬ ‫▪ إصالحات التعديل الهيكلي أو اإلصالحات الهيكلية التوفيقية‬
‫‪ :reforms‬في منتصف سنوات الثمانينات من القرن العشرين‪ ،‬ركزت الجهود المبذولة إلصالح اإلدارة‬

‫العمومية في البلدان النامية‪ ،‬بدعم ومساعدة المؤسسات المالية الدولية‪ ،‬على خفض التكاليف اإلجمالية‬
‫للحكومة‪ ،‬وذلك أساسا من خالل خوصصة المؤسسات االقتصادية المملوكة للدولة وخفض فاتورة‬
‫األجور؛ لتحقق الحكومة بذلك أدنى مستويات اإلنفاق وبصفة مستدامة وكذا تحرير الموارد من أجل‬
‫تدر بعوائد أكبر لالقتصاد الكلي‪ .‬غير أن معظم إصالحات القطاع العمومي‬ ‫استخدامات أخرى‬
‫المدعومة من خالل برامج التعديل الهيكلي واجهت مقاومة كبيرة (ويرجع هذا بشكل كبير إلى أن القطاع‬
‫العمومي في العديد من البلدان هو المصدر الرئيس للعمالة الرسمية)‪ ،‬وناد ار ما كان تنفيذها يلقى‬
‫نجاحا؛‬
‫▪ االنتقال من التخطيط المركزي إلر اقتصاد السوق‪ ،‬ومن أنظمة الحزب الواحد إلر ديمقراطيات التعددية‬
‫الحزبية® ‪ :‬أدى سقوط االتحاد السوفياتي إلى اقتناع حكومات البلدان االشتراكية سابقا بضرورة تغيير‬
‫نموذج اقتصادها والتوجه نحو التمسك أكثر بمبادئ السوق الذي غالبا ما يرتبط ذلك بإصالحات‬

‫‪1‬‬
‫‪Public‬‬ ‫‪Administration‬‬ ‫‪Reform:‬‬ ‫‪Practice‬‬ ‫‪Note,‬‬ ‫‪Online:‬‬
‫‪http://www.undp.org/content/dam/aplaws/publication/en/publications/democratic-governance/dg-publications-for-‬‬
‫‪website/public-administration-reform-practice-note-/PARPN_English.pdf, Seen on:23-09-2015, at 11:10.‬‬
‫®‬
‫‪The transition from central planning to market economy, and from single party systems to multi-party democracies.‬‬
‫‪104‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫سياسية‪ .‬إذ في سنوات التسعينات‪ ،‬بدأ عدد كبير من االقتصاديات‪ ،‬السيما في أوروبا الوسطى والشرقية‬
‫(وأيضا في بلدان جنوب شرق آسيا) تنتهج هذا التحول‪ .‬وهذا يعني ضمنيا إعادة توجيه نظام التسيير‬
‫العمومي‪.‬‬

‫‪ -2‬مناذج التسيري العمومي اجلديد‬


‫يعتبر التسيير العمومي الجديد المستنبط من القطاع الخاص‪ ،‬شكال أو "فلسفة " تسيير " ما بعد‬
‫البيروقراطية" المتبناة بشكل تدريجي منذ سنوات الثمانينات بنوع من االختالف في الحماس من جميع دول‬
‫الصناعية وكذا التابعة لـ ‪ ،OCDE‬التي تريد التحديث في إدارتها للخدمات العمومية‪ .‬أما التسيير العمومي‬
‫الجديد المستخدم آلليات السوق‪ ،‬هي نتيجة إعادة النظر في قضية تدخل الدولة في االقتصاد‪ ،‬إذ اعتبر هذا‬
‫التدخل مكلفا جدا واعتبرت األزمات المالية العمومية في الديمقراطيات الليبرالية في سنوات الثمانينات والتسعينات‬
‫إحدى محركات هذه اإلصالحات‪.‬‬
‫كما يعتبر تطور التسيير العمومي الجديد خالل السنوات القليلة الماضية من القرن العشرين واحد من‬
‫أكثر االتجاهات الدولية المعاصرة الالفتة للنظر في مجال التسيير العمومي‪ ،‬فقد هيمن التسيير العمومي الجديد‬
‫على أجندة اإلصالح اإلداري في العديد من دول العالم‪ .‬رافقه محاولة العديد من األكاديميين والباحثين للتعرف‬
‫على خصائص التسيير العمومي الجديد‪ .‬وعليه‪ ،‬فقد حدد ‪ Kernaghan & Charih‬سنة ‪ 1997‬ثالثة عناصر أو‬
‫نماذج للتسيير العمومي الجديد(الحديث) موضحا في الشكل الموالي‪:‬‬

‫الشكل رقم‪08 :‬‬


‫نماذج التسيير العمومي الجديد‬

‫المصدر‪ :‬جمال عبد هللا محمد‪ ،‬إدارة التغيير والتطوير التنظيمي‪ ،‬دار المعتز للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة االولى‪ ،‬عمان‪ ،‬االردن‪،‬‬
‫‪.84‬‬ ‫‪ ،2014‬ص‪:‬‬
‫‪105‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫‪-1-2‬تغيير في آلية الحكومة‬

‫يقدم التسيير العمومي الحديث منطق جديد لقيادة المنظمات وحوكمة القطاع العمومي‪ ،‬ويرتبط ذلك مع‬
‫تغيير أساسي في العوامل المستخدمة لتقييم أعمال اإلدارات العمومية‪ ،‬وليس االنتقال بها من الفعالية إلى‬
‫الكفاءة‪.‬‬
‫فعلى مستوى الممارسة العملية‪ ،‬يتم الضغط على جدول أعمال التسيير العمومي الحديث بوصفها عملية‬
‫مثالية لإلنشاء أو بناء "دولة رشيقة ‪ " Slim State‬مع "حكومة رشيقة ‪ " Slim Government‬من خالل "إدارة‬
‫رشيقة‪ ." Slim Management‬فالعديد من السياسات والمبادئ التوجيهية التي يقدمها التسيير العمومي الحديث‬
‫ترتكز على فكرة واضحة عن طبيعة المشاكل التي تواجهها اإلدارة العمومية والحلول الالزمة‪ .‬فالملل أو الضجر‬
‫البيروقراطي ومستوى عال من ‪ Interdependences‬االعتماد أو الترابط المتبادل غير الضروري بين المنظمات‬
‫العمومية يؤثر تأثي ار عميقا في كفاءة أدائها‪ .‬وكرد فعل على ذلك‪ ،‬يقترح التسيير العمومي الحديث حلوال تنظيمية‬
‫بديلة والتي ترتبط مع األهداف الجديدة التي سيتم التركيز عليها‪.‬‬
‫وصف أوزبورن ‪ Osborne‬وقايبلر ‪ Gaebler‬هذه النقلة من الحكومة البيروقراطية إلى "حكومة ريادة‬
‫األعمال" ”‪ “entrepreneurial government‬بالنوعية‪ ،‬حيث كما هو مقترح من قبل إدارة كلينتون‪ ،‬فمن الضروري‬
‫"جعل الحكومة تعمل على نحو أفضل وبتكاليف أقل" من أجل "إدارة حكومية تشبه إدارة األعمال‪“to make a "1‬‬

‫”‪ .government that works better and costs less” in order to “run government like businesses‬تستند‬
‫"حكومة ريادة األعمال" على تغيير جذري في الممارسات اإلدارية والحلول التنظيمية واألهداف المراد تحقيقها‬
‫بشكل مثالي‪ ،‬وذلك من خالل تشجيع المنافسة بين مقدمي الخدمات العمومية‪ ،‬وقياس أداء المؤسسات العمومية‬
‫بارتكازها على المخرجات (النتائج) وليس على المدخالت‪ ،‬ومعتب ار المواطنين عمالء‪ ،‬وتفضيل آليات السوق‬
‫على اآلليات البيروقراطية‪.‬‬
‫للعمالء عبر إبراز‬
‫فالفكرة الرئيسية خلف اإلدارة الرشيقة ‪ lean‬تتمحور حول تعظيم القيمة المقدمة ُ‬
‫مصادر الهدر في اإلجراءات والقضاء عليها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Antonio CORDELLA, Op.cit.‬‬
106 -‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‬

12 :‫الجدول رقم‬
‫ تسعة نتائج ممكنة‬:‫كيف تعمل الحكومة وماذا يكلفها ذلك‬
How Government Works and What It Costs: Nine Possible Outcomes

‫مستوى التكلفة‬

1 2 3
Worked Better, Cost Less Worked Better, Cost Worked Better, Cost
Did Better With Less The Same More
(‘Dream’ Outcome) Did Better With The Same Did Better With MorE
‫أفضل عمل أقل تكلفة‬ ‫أفضل عمل وتكلفة كذلك متوسطة‬ ‫أفضل عمل تكلفة أكبر‬
4 5 6
Worked the same, Worked the same, cost Worked the same,
cost less the same cost more
Did the same with less No change Did the same with more
‫عمل متوسط أقل تكلفة‬ ‫عمل متوسط تكلفة متوسطة‬ ‫عمل متوسط تكلفة أكبر‬
7 8 9
‫مستوى اجلودة‬ Worked worse, cost Worked worse, cost Worked worse, cost more
less the same Did worse with more
Did worse with less Did worse with the same (‘Nightmare’ outcome)
‫عمل رديء أقل تكلفة‬ ‫عمل رديء تكلفة متوسطة‬ ‫عمل رديء تكلفة أكبر‬
Source: Christopher HOOD and others, A Government that Worked Better and Cost Less?: Evaluating Three
Decades of Reform and Change in UK Central Government, Oxford University Press, United Kingdom, 2015, p: 13.

‫ففي إطار التسيير العمومي الجديد تطمح الحكومات للوصول إلى أفضل عمل وبأقل تكلفة آخذة في‬
‫ ويمكن‬Worked better, cost less 1 ‫الحسبان معياري الجودة والتكلفة وهو ما يشار إليه في الجدول أعاله بالرقم‬
‫ في المقابل يمكن أن يتميز عمل الحكومات بالرداءة مع‬.Dream outcome ‫تسميته بالحلم المبتغى تحقيقه‬
‫ بالنسبة للحكومات التي تحاول جاهدة الخروج منه‬Nightmare outcome ‫تكاليف أكبر وهو ما يشكل كابوس‬
.‫والتخلص من األرق الذي يحدثه لها‬
‫‪107‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫الشكل رقم‪09 :‬‬


‫مضامين تغيير في آلية الحكومة‬

‫إعادة هيكلة اإلدارات العمومية‬

‫إنشاء وحدات لتقديم الخدمات العمومية‬

‫الالمركزية في السلطة والمسصولية‬ ‫تغيري يف‬


‫الفصل بين السياسة وتقديم الخدمات العمومية‬
‫آلية‬
‫االتجاه نحو آلية السوق‬

‫االستخدام الكفء للموارد‬ ‫احلكومة‬


‫تحسين الجودة‬

‫المشاركة‬

‫ميثاق للمواطن‬

‫المصدر‪ :‬من إعداد الباحث اعتمادا على‪:‬‬


‫‪ http://faculty.ksu.edu.sa/.../‬االدارة‬ ‫‪-‬سعد العتيبي‪ ،‬اإلدارة العامة الحديثة كمدخل معاصر لإلصالح اإلداري‪ ،‬على الخط‪:‬‬
‫‪%20‬العامة‪%20‬الحديثة‪%20‬كمدخل‪20%‬معاصر‪ ،....ppt2%‬تاريخ االطالع‪ ،2015-04- 28 :‬على الساعة ‪.21:38‬‬
‫فالتسيير العمومي الجديد يشمل تغيير في البناء الهيكلي للحكومة‪ ،‬وتتضمن إعادة الهيكلة لألقسام‬
‫واإلدارات‪ ،‬إنشاء وحدات لتقديم الخدمة‪ ،‬الالمركزية في السلطة والمسؤولية من خالل أعطاء الصالحيات‬
‫للمستويات اإلدارية الدنيا‪ ،‬والفصل بين السياسة وتقديم الخدمات حسب االستاذ ‪ Hood‬سنة ‪ .1991‬وينادي‬
‫التسيير العمومي الجديد كذلك إلى تغيير الثقافة التنظيمية‪ ،‬تحسين الجودة‪ ،‬االستجابة للعمالء‪ ،‬وممارسة‬
‫المشاركة اإلدارية‪ ،‬االتجاه نحو آلية السوق‪ ،‬واستخدام الموارد بأسلوب يتميز بالكفاءة والفعالية حسب ‪Obsorne‬‬

‫‪ and Gaebler‬سنة ‪.1992‬‬

‫وقد اتجهت العديد من دول العالم ومنها المملكة المتحدة‪ ،‬وكندا واستراليا ونيوزيلندة للتركيز على‬
‫االستخدام الكفؤ واألمثل للمدخالت المستخدمة في تقديم الخدمات بما قد يؤدي إلى ترشيد وتقليل النفقات‪ .‬ففي‬
‫حالة المملكة المتحدة جاءت اإلصالحات تحت مسمى"‪ "financial Management Initiative‬وذلك لرفع مستوى‬
‫الكفاءة اإلدارية‪.‬‬

‫وفي مجال الالمركزية وإعطاء صالحيات أكبر للمستويات اإلدارية الدنيا‪ ،‬اتجهت المملكة المتحدة‬
‫إلصالح اداري يعرف بمسمى برنامج الخطوات التالية "‪ ."Next Step Program‬وقد بوشر بتطبيق برنامج‬
‫‪108‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫الخطوات التالية في سنة ‪ ،1988‬ويهدف لتقليل التحكم المركزي في ما يتعلق بالرقابة اإلدارية والمالية وإعطاء‬
‫المزيد من المسؤوليات والصالحيات للعاملين في المستويات اإلدارية الدنيا‪ .‬وفى خطوة أكثر تقدماً في مجال‬
‫الالمركزية اتجهت المملكة المتحدة إلنشاء وكاالت تنفيذية وذلك لتحقيق أهداف محددة‪.‬‬

‫وفى مجال طبيعة دور اإلدارة العمومية وعالقتها بالمواطنين‪ ،‬فقد تبنت العديد من الدول أشكاالً معينة‬
‫لميثاق المواطن‪ ،‬كميثاق مستخدمي الخدمات في بلجيكا‪ ،‬وميثاق مستخدمي الخدمات العمومية في فرنسا‪،‬‬
‫وميثاق جودة الخدمة العمومية في البرتغال‪ ،‬وميثاق المواطن في المملكة المتحدة‪ ،‬وتهدف تلك المواثيق لتحسين‬
‫الخدمات العمومية بالنسبة للمواطنين وتزويدهم بخيارات متعددة وإمدادهم بالمعلومات المتعلقة بالخدمات‪.‬‬

‫لذلك‪ ،‬فالتغيير في آلية عمل الحكومة جاءت نتيجة للمشاكل التي كانت ترافق توفير وتقديم الخدمات‬
‫العمومية‪ ،‬فهي إ ًذا ما هي إال تحصيل حاصل لعملية إصالح الخدمة العمومية والتي سيتم اإلشارة إلى مشاكل‬
‫ومقاربات إصالحها في الجدول الموالي‪:‬‬

‫الجدول رقم‪13 :‬‬


‫إصالح الخدمة العمومية‪ ،‬المشاكل والمقاربات‬
‫‪Public service reform problems and approaches‬‬

‫‪MAIN‬‬ ‫فترة العمل الرئيسة‬ ‫المقاربة ‪APPROACH‬‬ ‫المشاكل ‪PROBLEMS‬‬


‫‪ACTION PERIOD‬‬

‫التسيير العمومي الويبرياني وبناء القدرات أو‬ ‫كيف يمكننا أن نضع الحكومة على قدم الكفاءة وبصورة منظمة؟‬
‫ما بعد اإلستقالل‬
‫الكفاءات ‪“Weberian” public‬‬ ‫‪How can we put government on an orderly efficient‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪Post-independence‬‬
‫‪administration and capacity-building‬‬ ‫?‪footing‬‬
‫كيف يمكن للحكومة الوصول واالقتراب أكثر من القاعدة‬
‫‪1970‬إلى يومنا هذا‬ ‫الالمركزية‬
‫الشعبية؟ ‪How can we get government closer to the‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪1970s to present‬‬ ‫‪Decentralization‬‬
‫?‪grassroots‬‬
‫‪1990‬‬ ‫‪ 1980‬و‬ ‫إصالح منظومة التوظيف واألجور‬ ‫كيف يمكن جعل عمل الحكومة أكثر يسرا؟‬ ‫‪3‬‬
‫‪1980s and 1990s‬‬ ‫‪Pay and employment reform‬‬ ‫?‪How can we make government more affordable‬‬
‫كيف يمكن أن نجعل أداء الحكومة أفضل مع الوفاء بتحقيق‬
‫‪ 1990‬إلى يومنا هذا‬ ‫التسيير العمومي الجديد‬
‫‪ 4‬أهدافنا الرئيسية؟ ‪How can we make government perform‬‬
‫‪1990s to present‬‬ ‫‪New Public Management‬‬
‫?‪better and deliver on our key objectives‬‬
‫‪ 1990‬إلى يومنا هذا‬ ‫النزاهة واإلصالحات المتعلقة بمكافحة الفساد‬ ‫كيف يمكن جعل الحكومة أكثر مصداقية؟‬
‫‪5‬‬
‫‪1990s to present‬‬ ‫‪Integrity and anti-corruption reforms‬‬ ‫?‪How can we make government more honest‬‬
‫كيف يمكن جعل الحكومة أكثر استجابة للمواطنين؟‬
‫أواخر‪1990‬إلى يومنا هذا‬ ‫اإلصالحات من األسفل إلى األعلى‬
‫‪How can we make government more‬‬ ‫‪6‬‬
‫‪Late 1990s to present‬‬ ‫‪“Bottom-up” reforms‬‬
‫?‪responsive to citizens‬‬
‫‪Source: Mark ROBINSON, From Old Public Administration to the New Public Service‬‬
‫‪Implications for Public Sector Reform in Developing Countries, Global Centre for Public Service Excellence,‬‬
‫‪UNDP, Singapore, 2015, p: 05.‬‬
‫‪109‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫وفي ذات السياق‪ ،‬هناك العديد من الحلول الشائعة ‪-‬التي يطلقها مجموعة من المنظرين أو بعض‬
‫األطراف الفاعلة‪ -‬بخصوص تطوير عمل الحكومة؛ في ظل تبني مفهوم التسيير العمومي الجديد‪ ،‬والتي تسمى‬
‫بالخرافات الخمس إلعادة اختراع الحكومة ‪:1‬‬
‫▪ حل الليبراليين‪ :‬ترى الفئــات المتحـررة أنـه يمكن تطوير الحكومة بزيادة األموال الموجهة لها‪ ،‬وتوسـيع‬
‫دائـرة نشـاطها‪ .‬لكـن الحقيقـة أن إغ ــداق مزيد من األموال على نظام متحجر ومطالبته بأداء مزيد من‬
‫المهام لن يحقق سوى المزيد من الخسائر والنتائج السلبية؛‬
‫▪ حل المحااافظين‪ :‬تـرى الفئـات المحافظـة أن الحل هو التقشف في ما يتعلق باإلنفاق الحكومي‪ ،‬مع‬
‫تقليص دائ ـرة نشـاطها‪ .‬والحقيقـة أن منـع التمويـل الالزم عن نظام تخصص في الهدر سنوات طويلة‪ ،‬قد‬
‫يكون فــي مصلحـة دافعـي الض ارئـب‪ .‬لكنـه لـن يؤدي إلى تطوير أداء القطاع الحكومي؛‬
‫▪ حل المستثمرين‪ :‬ويرى أصحابه أنه يمكـن تطويـر القطـاع الحكومـي بإدارتـه بنفـس الطريقــة التي يدار‬
‫بها القطاع الخاص‪ .‬صحيح أن األساليب واألفكار اإلدارية تتشابه مهما اختلفـت البيئـة التـي تطبــق‬
‫داخلــها‪ ،‬إال أن القطــاع الحكومــي يتم ــيز بخصوصية‪ ،‬تجعل من الصعب علينا االحتكام إلــى اعتبارات‬
‫الربحية فقط؛‬
‫▪ حل الموظفين‪ :‬يــرون أنـه يمكـن للموظفـين الحكومييـن تطويـر أداء القطـاع الحكوم ــي إذا مــا زادت‬
‫رواتبهم وحوافزهــم‪ .‬لكـن المسـألة تسـتدعي تغيير الثقافة وتوجيــه الجـهود نحـو غايـة محوريـة وتحقيـق‬
‫بعـض النتـائج أكثر ممـا تسـتدعي تعديــل كشوف المرتبات؛‬
‫▪ حل المواطنين‪ :‬يعتقد عامــة النـاس أنـه يمكـن إعادة اختراع الحكومة بتغيير األفراد العاملين بها‪ ،‬وتعييـن‬
‫أصحـاب الكف ــاءة فقــط‪ .‬ولكــن المشــكلة الحقيقيـة ليس ــت فــي األف ـراد وإنمــا فــي النظــام البيروقراطي الذي‬
‫يكبلهم‪.‬‬
‫وهذا لم يمنع من توجيه انتقادات لمدرسة التسيير العمومي الجديد خاصة التجاه إعادة االختراع الحكومة‬
‫والالبيروقراطية من حيث أنه قد حوى متناقضات‪2‬؛ حيث بوصي اتجاه إعادة االختراع والالبيروقراطية باستخدام‬
‫المنافسة بين الوحدات الحكومية لتحسين مستوى الجودة بينما يوصي أيضا بعدم تضخم األجهزة الحكومية‬
‫ويعتبره مؤش ار على االختالل الوظيفي‪ ،‬كما يفضل اتجاه إعادة االختراع الحكومة القطاع الخاص كوسيلة لتحقيق‬
‫األهداف العمومية‪ ،‬بينما يطالب القطاع العمومي بأن يحقق األرباح ويتبنى توجها استثماريا‪.‬‬

‫ديفيد أسبورن وأخرون‪ ،‬إبعاد شبح البيروقراطية‪ :‬خمس استراتيجيات إلعادة اختراع الحكومة‪ ،‬خالصات كتب المدير ورجل‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،1997‬ص‪.02:‬‬ ‫األعمال‪ ،‬العدد‪ ،18 :‬إصدار الشــركة العربية لإلعالم العلمي (شعاع)‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ 2‬أحمد السيد الدقن‪ ،‬مدرسة اإلدارة العامة الجديدة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪.‬‬
‫‪110‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫هذا باإلضافة إلى أنه من غير المنطقي أن تقوم المؤسسات واإلدارات العمومية بمنافسة القطاع‬
‫الخاص‪ ،‬ألن تلك المؤسسات واإلدارات االعمومية هي التي تقوم بتنظيم نشاط القطاع الخاص ومراقبته والحكم‬
‫عليه بالعقوبات في المخالفات‪ ،‬فكيف يتأتى لإلدارات العمومية أن تقوم مع هذه المهام بمنافسة القطاع الخاص‪.‬‬
‫فلو حدث ذلك‪ ،‬سنكون كما لو كنا في مباراة يقوم أحد األشخاص باللعب في المباراة وفي نفس الوقت يقوم مقام‬
‫حكم المباراة؛ األمر الذي يشكل تداخال وتناقضا في األدوار؛ وبالتالي ال يعد منطقيا‪ .‬ومن ثم يمكن التسليم بعدم‬
‫سالمة عدد من األسس التي تقوم عليها مدرسة التسيير العمومي الجديد‪.‬‬
‫وعلى ضوء ذلك‪ ،‬بدأ الحديث عن ما يسمى بحكومة المستقبل؛ إذ كتــب مارســيل بروســت ‪Marcel‬‬

‫‪ Proust‬م ـرة يقـ ــول‪" :‬رحلاااة االكتشااف الحقيقياة ليسات هاي البحاااث عاان أرض جديادة وعان مصاادر جديادة‪،‬‬
‫بال هاي النظااار إلاار األمور بعيون جديدة ‪"The real voyage of discovery consists, not in seeking new‬‬

‫"‪ .landscapes, but" in having new eyes.‬هذا القول موجـه إلـى أولئـك الذين ينظرون إلى التسيير العمومي‬
‫أو اإلدارة الحكومية علــى أنـها شيء ثـابت ال يتغ ــير مــع أن هــذا غــير صحيــح علــى اإلطالق‪ .‬في وقت مــا مـن‬
‫األوقـات كانت الحكومـة األمريكية‪ ،‬كغيرها من الحكومــات‪ ،‬تحتكـر صناعـة السالح‪.‬‬

‫أما اليوم فســيكون مـن المضحـك أن تتخلـى المؤسسات الكبرى في أمريكا وفرنسا وبريطانيا عـن صناعة‬
‫السالح لصالح الحكومة‪ .‬ولم يكن متوقعا في الماضي أن تتولى الحكومة االهتمام بــالفقراء بـل إن مفـهوم الرعايـة‬
‫االجتماعيـة لـم يكـن معروفـا حت ــى اخترعـه بسـمارك سنة ‪ .1870‬أمـا اليـوم ف ــإن الحكومـات ال تكتفـي باالهتمـام‬
‫ب ــالفقراء‪ ،‬بــل إنــها تصـرف علـى الرعايـة الصحيـة‪ ،‬وتدف ــع معاشــات التقـاعد لكـل مواطـن‪ .‬فـي المـاضي لـم يفكـر‬
‫أحــد ‪-‬مجـرد التفكـير‪-‬فـي أن تتولـى الحكوم ــة مكافحــة الحرائق‪ .‬واليوم ال توجد دولــة متحضـرة فـي العـالم بدون‬
‫إدارة للدفاع المدني واإلطفــاء (الحماية المدنية)‪ .‬وهـذا يعنـي أن الحكومة تتغير‪ .‬وأن واجباتها تتطور‪ .‬وأن اإلدارة‬
‫الحكوميـة – مثـل إدارة القط ــاع الخــاص ‪ -‬قادرة على التكيف مع روح العصر وإعادة اخـتراع نفسها من حين‬
‫ألخر‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد‪ ،‬وبناءا على ما سبق‪ ،‬أمكن من طرح السؤال الموالي‪ :‬هل انتهر دور اإلدارة الحكومية‬
‫أو التسيير العمومي؟ فقبــل بضــع ســنوات طــرح غــالف مجلــة ت ــايم األمريكية السؤال التالي‪ :‬هل ماتت‬
‫الحكومة؟ ويعتقد الناس اآلن أن اإلجابة يمكن أن تكون في بعض دول العالم‪ :‬نعم‪ .‬فما هو سبب الجزم بهذا؟‬
‫السبب ليس هو ما تريد أن تعمله الحكومة‪ ،‬بــل ما هـي الطرق التي تعمل بها‪ .‬فهي تخطط وتنفذ الكثــير‬
‫مـن الخطط‪ ،‬ولكن بدون فعاليــة‪ .‬فالحكومـة تعيـد تنظيـم التعليم‪ ،‬وتصرف مليارات الدوالرات‪ ،‬ولكن التعليم يزداد‬
‫‪111‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫سوءا يوما بعد يوم‪ .‬وتفرض الحكومة قوانيـن لحماية البيئة‪ ،‬وتكثف برامجها في هذا المجال‪ ،‬ولكن الماء والهواء‬
‫والغذاء يصبح أكثر تلوثا‪.‬‬
‫كذلـك تصبـح نظـم الرعايـة الصحيـة بـدون رقاب ــة‪ ،‬وترتفع معدالت الجريمة وتكتظ الســجون بـالنزالء‪ .‬على‬
‫الرغم مــن ارتفـاع معـدالت اإلنفـاق الحكومـي وارتفـاع مسـتوى الدخـل وانخفـاض نس ــبة األميــة‪ ،‬وتبقى الحكومات‬
‫تطرح على نفسها نفس السؤال‪ :‬هل نقلل النفقات أم نزيد الضرائب؟‬
‫وألجل ذلك ظهرت بعد الحلول التي لم تعلن موت الحكومة بعد وحتى ولو ما زالت تعاني إال أن العديد‬
‫من الباحثين –على غرار ما ذهب إليه كل من أوسبورن وجايبلر ‪ )1992( Osborne and Gaebler‬في عملهما‬
‫"إعادة اختراع الحكومة ‘‪ ’Reinventing Government‬على المبادئ الخاصة بجعل الحكومية حكومة ريادة‬
‫‪1‬‬
‫لم يلغ دور اإلدارة الحكومية(التسيير العمومي)كليا بل‬ ‫األعمال ‪- making government entrepreneurial‬‬
‫حاولوا إعطاء نفس جديد لها‪ .‬وعليه ظهرت العديد من المفاهيم الحديثة والمتصلة باالدارة الحكومية؛ محاولة‬
‫بذلك تكييفها مع الواقع الحقيقي واالستفادة من انجازات القطاع الخاص على غرار المفاهيم التالية‪:2‬‬
‫▪ الحكومة الشركة ‪ :‬إذ يرى معظم قادة العمل الحكومي أنــه ال توجـد سـوى طريقتين ال ثالث لهما‬
‫للخالص من األداء الضعيف‪ :‬إما فرض ض ارئــب جديدة أو خفض اإلنفاق‪ .‬ويتجــاهلون الخيـار الثـالث‬
‫الذي يؤمن بإمكانيــة الحصـول علـى خدمـات أفضـل بنفس مخصصات اإلنفاق الحالي‪ .‬ومثل الحكومة‬
‫في هذا كمثل الرجـل ذي الـوزن ال ازئـد‪ ،‬فـهو البـد مـن خفـض وزنـه بممارسـة الرياض ــة واالقتصــاد فــي‬
‫الطعام‪ ،‬فيلجأ إلى شفط الدهــون بطـرق صناعيـة‪ ،‬أو إلى قطع أصابعه وخلع حذائه‪.‬‬
‫إن خفض الوزن وممارسة الرياضة هما السبيل لرفع لياقة الحكومة وزيادة فعاليتها‪ .‬وهذا ال يمنع‬
‫الحكومة من أن تملك المراكب وأن تسيرها أيضا‪ ،‬ولكن عليها أن تترك مهمة التجديف لغيرها‪.‬‬
‫والحكومات التي تستطيع الفصل بين التحريك (اإلدارة) والتجديف )التشغيل( يمكنها االســتفادة من كفاءة‬
‫وفعالية القطاع الخاص ومن مشــاركة القطـاع الثالث (القطاع الخيري والتطوعي)‪ ،‬كما تعتبر الخوصصة‬
‫أحد الحلول الفعالة لزيادة إنتاجية القطاعين العمومي والخاص‪ .‬ويعمل القطاعان هنــا فـي تعاون وتنسيق‬
‫متكاملين وال يمكن ألحدهما أن يلغي اآلخـر تمامـا‪ .‬إذ يبقـى علـى التسيير العمومي (اإلدارة الحكوميـة)‬
‫رسـم السياسات وتحريك المراكب‪ ،‬في حين يقــوم القطـاع الخاص بتشغيلها وتسريعها‪.‬‬
‫كما تعمل هذه اإلدارة الحكومية على مساندة الجهود غير الحكومية لتقديم الخدمات‪ ،‬من خالل منظمات‬
‫المجتمع (المجتمع ‪ ..‬مدير !!) ألنها‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Rasim AKPINAR, Public Administration Reforms In The Context Of The New Public Management: The‬‬
‫‪Romanian And Turkish Cases, Journal of Yasar University, 25(7), 2012, p: 4158.‬‬
‫‪.07‬‬ ‫ص‪02:‬‬ ‫ديفيد أسبورن وآخرون‪ ،‬إعادة اخاتراع الحكومة‪:‬كيف تعمل روح المبادرة علر إحياء القطاع العام؟‪ ،‬ص‬ ‫‪2‬‬

‫)بتصرف من الباحث(‬
‫‪112‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫✓ أكثر التزاما تجاه مواطنها؛‬


‫✓ أكثر معرفة بمشكالتها المحلية؛‬
‫✓ المؤسسات الحكومية التي تعتمد على المــهنيين قـد تقدم الخدمات ولكنها ال تقدم الرعاية؛‬
‫✓ المنظمات المحلية أكثر مرونة وأكثر فعالية؛‬
‫✓ ال تنظـر الجمعيـات المحليـة إلـى المشـكالت علــى أنـها حـاالت مرضي ــة‪ .‬ولذلــك فــهي تنــاقش‬
‫القيــم؛‬
‫✓ كما تعتمد الهيئات المحلية فـي حـل المشـكالت وتقديــم الخدم ــات عل ــى قـ ــدرات ومساهمات‬
‫مريديها (أشخاص أقوياء يراهنون على كل شيء)‪.‬‬
‫إذ من بين النماذج العملية التي جميعها ال تعتمد على الجهاز الحكومي إال بالمساندة والتشجيع مايلي‪:‬‬
‫✓ أدخل لي براون عندمــا عي ـ ــن قائد الشرطة هيوستن بوالية تكساس األمريكية التي كانت تشتهر‬
‫بالعنف والعنصرية أسـلوب بولي ــس األحيــاء فأنشأ ‪ 20‬مرك از صغي ار ال تقتصر مهامها على‬
‫معاقبــة المجرميــن‪ ،‬ب ــل تتقص ــى أسـباب الجريم ــة والوقايــة منها؛‬
‫✓ وفـي شـيكاغو تـدار كـل مدرسـة عمومية بمجلــس إدارة مكون من ستة من اآلباء‪ ،‬ولهم مطلق‬
‫الحرية؛ كما اسـتحدثت والي ــة اركانســس برنامجــا لتعليــم األطفال في المنــازل خـالل فـترة مـا قبـل‬
‫المدرسـة (التحضيري)؛ وتقوم بتدريب األمهات على تعليم أبنائهم؛‬
‫✓ كما تتولـى واليـة ماساشـوتس التدريـب التحويل ــي للعمـال الذيـن يتعطلـون بســبب تس ـريحهم أو‬
‫غلــق مصانعهم؛ وفـي سـان فرانسيسـكو تتولـى مجـالس األحيــاء الفصل في المنازعات اليومية‬
‫التي يمكن أن تتحـول إلى عنف؛ وهناك العديد مــن مشـروعات التمريـض ورعايـة األطفال من‬
‫أبناء األمهات العامالت‪.‬‬
‫▪ حكومة منافسة ‪: Competitive Government, Injecting Competition into Service Delivery‬‬
‫المطلوب من الحكومات أن تكون قادرة على المنافســة ليـس فقـط بينـها وبين القطاع الخاص‪ ،‬بل‬
‫والمنافسة أيضا مع القطاع العمومي‪ .‬وليـس الـهدف مـن ذلـك هـو المفاضل ــة بيــن القطـاع الخـاص‬
‫والعـمومي‪ ،‬بـل إن الـهدف األه ــم هــو منافسة االحتكــار أينمـا وجـد وللمنافسة مزايا عديدة منها‪:‬‬
‫✓ تخفيض التكاليف؛‬
‫✓ ترغــم المحتكريـ ــن عل ــى االستجابة لطلبات العمالء؛‬
‫✓ تشجع على التطوير واالبتكار واإلبداع؛‬
‫✓ تنشئ الغيرة وترفــع الـروح المعنوية لموظفي الحكومة‪.‬‬
‫‪113‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫والمنافسـة يج ــب أن تخطــط وتــدار‪ ،‬ألن األس ـواق غ ــير المحكومة وغير المنظمــة قـد تؤدي إلى اإلض ـ ارر‬
‫بالعدالـة االجتماعية‪ .‬إذ يحدث هذا بصفة خاصة في قطاع الخدمات الصحية‪ ،‬عندما ال تقدم‬
‫االســتثمارات شــيئاً للطبقــات الفقـ ــيرة أو ال تعن ــى باإلسعافات األولية وضحايا الحوادث‪ .‬ومن النماذج‬
‫الموجودة تقرر أن ‪ %27‬من خدمات المحليات في الواليات المتحــدة تعــرض للمنافســة بيــن القطــاعين‬
‫العـمومي والخاص‪ ،‬أو المنافسة بين القطاع العـمومي والعـمومي‪ .‬فبـالرغم مـن أن المـدارس العـمومية فـي‬
‫أمريكـا هــي احتكـار حكومـي ال مجـال للمنافسـة فيـها‪ ،‬فـإن هــذا االحتكار آخذ في التالشي منذ سنة‬
‫‪ .1988‬إذ قــامت ثمانيـة واليـات مقتديـة بواليـة مينس ــوتا بإعطــاء التالميــذ الخيــار فــي االلتحــاق بـ ــالمدارس‬
‫الت ــي يرغبونها بدال من تحديد أقرب مدرسة إلى البيت‪ .‬في حين والية فيرمونت تسمح للطالب بالحصول‬
‫علــى أذون دفــع الســتخدامها فــي االلتحــاق بـ ــالمدارس الخاصة‪ .‬وقد كونت والية مينســوتا جماعـات مـن‬
‫مختلف الفئات وجماعــات د ارسـية لتقصـي الحقـائق عن المستويات التعليمية للمدارس‪ ،‬وإعطاء الطالب‬
‫حرية اختيار المدارس العـمومية والكليات؛‬
‫▪ حكومة ذات رسالة‪:Mission-Driven Government, Transforming Rule-Driven Organizations‬‬
‫الحكومــات الموجهــة برســالة أكـ ــثر كف ــاءة م ــن الحكومـات الت ــي تعمــل بموجــب اللوائــح والنظــم الجامدة‪،‬‬
‫وهي أكثر فعالية ومرونة‪ .‬ويتطلب تحويل المنظمــات العمومية (الحكوميـة) إلـى منظمـات ذات رسـالة‪،‬‬
‫إ ازلـة الصـدأ الم ــتراكم علــى هيكلــها كصدأ العالق بجسم سفينة قديمــة‪ .‬كثي ار ما يحـدث أن تعيد الحكومة‬
‫طــالء هيكلـها مـرات عديـدة بـدون إزالة طبقــات الصـدأ القديمـة‪ .‬والمطلـوب إ ازلـة كـل أثـار الصـدأ‬
‫واالكتفـاء بطــالء واحــد علــى أســاس نظيف‪ .‬كمـا يتطلـب هـذا التحـول ميزانيـة مرنـة ال ميزانيــة جـامدة‪.‬‬
‫ميزانيـة يمكـن أن تتج ــاوب مــع الظــروف المتغيرة‪ .‬ومثل هذه الميزانية يمكن أن توفر مالييـن من‬
‫الدوالرات التــي تضيـع فـي العمليـات الروتينيـة لمراجعة االلتزام بكل بند على حده‪.‬‬
‫ويعتبر قانون الخدمة المدنية األمريكــي الـذي صـدر سنة ‪ 1883‬حجـر عـثرة فـي س ــبيل تطويــر األداء‬
‫العمومي (الحكومي)‪ ،‬ويصفه بعضهم على أنه كابوس ألنــه يسلب المديرين حق اختيار أكفأ العناصر‬
‫وتوفــير الحوافـز للمجديــن‪ .‬ومــن الطريــف مــا يحــدث فــي س ــان فرانسيسكو عندما يتساوى موظفان عند‬
‫التعيين في جميع المسوغات‪ ،‬حيث يتم اختيار مــن يكـون رقمـه التسلسلي فـي التـأمين االجتم ــاعي أكــبر‬
‫مــن رقــم المرشح اآلخر‪.‬‬
‫وهناك مثل شائع يقول‪" :‬إن موظفي الحكومة كالدبابيس التي ليس لها رؤوس‪ ،‬حيث يمكن غرسها‬
‫وال يمكن نزعها "‪ .‬وذلك كناية عن صعوبة فصــل الموظـف الحكومـي‪ .‬ويقضـي معظـم الموظفيـن‬
‫الفيدرالييـن ف ــي أمريكــا أوقاتـهم فـي قـراءة الج ارئـد والمجـالت أو التخطيــط للقيام برحــالت أو بيـع وشـراء‬
‫األسـهم‪ .‬وقـد كشـف تحقيـق صحفـي أن مـا بي ــن ‪ % 25‬إلــى ‪ % 50‬مــن الموظفين ال يعملون شيئا‪.‬‬
‫لقد انتهى زمن تعدد األهداف ويجب أن تخــدم كـل منظمة غرضا أو هدفا واحدا محددا‪ .‬ألن المنظمــات‬
‫المتعددة األهداف عادة ما تكون مصابة باالنفصام‪ .‬ومن الرساالت الناجحة في تحديد أهدافها‪ :‬الرسالة‬
‫‪114‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫المكتوبة لو ازرة الدفاع األمريكية وتطلق عليها "مبادئ المؤسسات المتميزة" وجاء فيها أهدافنا–عمالؤنا–‬
‫اإلدارة من أجــل التمـيز واإلصرار على االحتفاظ بالتميز–تدعيــم االتجـاه نحو المؤسسات المتميزة‪.‬‬
‫غـير أن االتجـاه نحـو الحكوم ــات والــهيئات ذات الرسـاالت تقـف دونـه األنمـاط الحاليـة فـي التفكــير‪.‬‬
‫فالكثير من المسؤولين الحكومييــن مولعـون بالسـيطرة من خالل القيــود والبنـود والتعليمـات التفصيليـة‪ .‬ثـم‬
‫هنـاك عـامل فق ــدان الثقــة بيــن واضعــي األنظمــة والمنفذين‪.‬‬
‫▪ إدارة حكومية بالنتائج ‪:Results-Oriented Government, Funding Outcomes, Not Inputs‬‬
‫بالتركيز على النتائج تقل الحاجة إلــى البيروقراطيـة والروتين‪ .‬فنظام بنود الصرف الجامدة‪ ،‬عالوة على‬
‫أنـه معـوق فإنـه ال يشـجع الـهيئات الحكوميـة عل ــى االهتمام بأهدافها األساسية‪ .‬فقـد نجحـت الحكومـة‬
‫اإلقليميـة(المحلية) ف ــي صــن فــالي بكاليفورنيا في إلغاء نظـام البنـود واسـتعاضت عنـه بتحديد األهداف‪،‬‬
‫ومن أمثلتها‪:‬‬
‫✓ تحويل الطريقة من المرتبــة ب إلـى المرتبـة أ في مدة محددة؛‬
‫✓ تقليل عدد حـوادث الطـرق بالنسبة لكل مليون نسمة مـن السكان؛‬
‫✓ تقليل عدد األفراد ممــن هـم تحت خط الفقر؛‬
‫✓ زيـادة عـدد األطفـال الذيــن يحصلون على معونات‪.‬‬
‫ويقـوم هـذا األسـلوب علــى عدد من المبادئ‪:‬‬

‫✓ إذا لـم تـدرك النج ــاح فلــن تفوز؛‬


‫✓ وإذا لم تكافئ النجاح فلربما تكافئ الفشل؛‬
‫✓ ولـن تـرى النجـاح م ــا لــم تتعلم منه؛‬
‫✓ وإذا لــم تــدرك الفش ــل‪ ،‬ال يمكنك تجنبه؛‬
‫✓ إذا أمكنــك إثبــات النت ــائج يمكنـ ــك الحصـ ــول عل ـ ــى مؤازرة الجمهور‪.‬‬
‫يرتبـط بـهذا المفـهوم تطويـر العديـد م ــن األســاليب الحكوميـة‪ .‬كمنـح حوافـز لتحقيـق أهـداف أقـل مم ــا‬
‫يجـب‪ ،‬واسـتحداث نظـم لمكاف ــأة الفــرق بــدال مــن األفـراد‪ ،‬والتحـول إلـى إدارة النتـائج وإدارة الجــودة‬
‫الشاملة‪ ،‬وغيرها من أساليب التطوير‪.‬‬
‫‪Customer-Driven Government, Meeting the Needs of the‬‬ ‫▪ حكومات يسيرها عمالؤها‬
‫‪ : Customer, Not the Bureaucracy:‬القليل من موظفي الحكومة يســتخدمون كلمـة عميـل أو زبون‪،‬‬
‫والعديد من المصالح الحكوميــة ال تعـرف بـالضبط مـن هـم عمالؤهـا‪ .‬ويعـترف بذلـك ب ــوب ســتون مــن‬
‫و ازرة الدفـ ــاع األمريكي ــة بقول ــه‪" :‬مشـروعات الدفـاع المتمـيزة" كنـا نعتقـد فـي بــادئ األمر أن عميلنا هو‬
‫وزير الدفاع‪ ،‬أو الكونجـرس أو دافع الضرائب األمريكي‪ .‬ثـم اكتشـفنا أننـا يجـب أن نقدم خدماتنا للجنود‪.‬‬
‫وألن العديد من الـهيئات الحكومية ال تحصل على مواردها مباشرة من عمالئها فإنها ال تراهم وأحيانــا‬
‫ال تعرفهم‪ ،‬لذلك كان لزاما على الـهيئات الحكوميـة التقـرب م ــن عمالئها واالستماع لهم من خالل العديد‬
‫‪115‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫مــن وسـائل االتصـال على غرار اس ــتطالعات ال ـرأي‪ ،‬المتابعــة‪ ،‬االتصـ ــال المباش ــر‪ ،‬تقارير االتصال‪،‬‬
‫مجــالس العمـالء‪ ،‬مجموعـات التركـيز‪ ،‬المقــابالت االستطالعية‪ ،‬البريد اإللكتروني‪ ،‬خدمـات تدري ــب‬
‫العمــالء‪ ،‬رجــل االتصــال‪ ،‬صنــاديق االقت ارح ــات والشكاوي‪.‬‬
‫ولعل أفضــل طريقـة للوصول إلـى هيئات حكومية يسيرها العمالء هي وضـع العميال فاي المكاان‬
‫السااائق‪ ،‬ذلـك ألن مقدم ــي الخدمــات عندمــا يكونــون فــي مكــان الســائق فـ ــهم يسيرون وفق أهوائـهم‪.‬‬
‫ولكـن علـى العكـس عندمـا يكـون العم ــالء فــي مكـان القيـادة ف ــهم الذيــن يحــددون الهدف وطرق الوصــول‬
‫إليـه‪ ،‬ويتـم ذلـك عندمـا تتوفـر لـهم الحريـة فــي اختيار الخدمات العمومية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فميزة النظم المسيرة‬
‫بالعميل أنها تحقق نتائج هامة حيث‪:‬‬
‫✓ ترغـم مقدمـي الخدمـات العمومية علـى تقديـم مزيـداً من االهتمام بالعمالء؛‬
‫✓ تحصن الخدمات العمومية من االختيار السياسي؛‬
‫✓ تؤدي إلى االبتكار والتطوير؛‬
‫✓ توسع من مجال االختيار؛‬
‫✓ تـؤدي إلـى خفـض التكـاليف‪ ،‬وإلـى المزيـد مــن العدالة والمساواة؛‬
‫✓ تؤدي إلى معاملة العميل كصديق وال تحجب عنــه الحقائق‪.‬‬
‫‪Enterprising Government, Earning Rather than‬‬ ‫▪ حكومة أعمال تكسب أكثر مما تنفق‬
‫‪ :Spending‬يمكـن للـهيئات الحكوميـة التـي تعمـل بعقليـة رجــال األعمال كأن تحقق إي ـرادات تفـوق‬
‫نفقاتـها إذا أمكنـها استثمار ما لديها من موارد‪ .‬ويتطلب التحول إلى حكومة األعمال ما يلي‪:‬‬
‫✓ جعـل الموظـف العمومي (الحكومـي) يفكـر بطريقـة رج ــل األعمال؛‬
‫✓ اسـتحداث حوافـز ماليـة‪ ،‬ومخصصـات متغــيرة لمواجهـة فـرص االسـتثمار وإقامـة م اركـز ربــح‬
‫وتحديد التكاليف الحقيقية للخدمات العمومية‪.‬‬
‫كما تصبـح الديـون الحكوميـة فـي كثـير م ــن األحيــان مصدر تكاليف باهظــة للشـعوب‪ .‬فالحكومـة التـي‬
‫تستدين تشبه المؤسسة التـي تسـتدين‪ .‬تبـدأ بـالعمل لصالح غيرها وتركز تفكيرها على طريقــة سـداد الديون‬
‫وليــس علـى التخطيـط وعـدم التـورط فـي ديون جديدة‪.‬‬
‫▪ حكومة بعيدة النظر ‪ : Anticipatory Government, Prevention Rather than Cure‬وهـي حكومـة‬
‫تطلـع إلـى المسـتقبل بوعـي وبعيــون مفتوحة‪ .‬وهذه عملية صعبة في ظل المناخ السياسي المتغــير‬

‫فعلي سبيل المثال‪ :‬كلــف أولمبيـاد مونتريـال بكنـدا سنة ‪ 1985‬مليار دوالر‪ .‬ولكن لجنة أولمبيـاد لـوس أنجلس نجحت في عدم‬ ‫‪‬‬

‫تحميــل الخ ازنـة األمريكيـة دوال ار واحدا‪ ،‬بل حققت أرباحــا بلغـت ‪ 225‬مليـون دوالرا‪ .‬وكذا قامت بلدية مدينة ميلووكي بتحويل ‪ 60‬ألف‬
‫طــن من مخلفات الصــرف الصحـي إلـى أسـمدة تحقـق دخال يزيد على ‪ 7.5‬مليون دوالر سنويا‪ .‬كما تبيـع مدينـة شـيكاغو الس ــيارات‬
‫الخــردة إلــى متعهد مقابل ‪ 2‬مليون دوالر سنويا‪ .‬باالضافة إلى استحداث سانت لويس نظام تسجيل تقارير الشرطة صوتيا بدال من‬
‫التقارير الكتابية‪ ،‬وتتولى هذه العمليــة مؤسسة خاصـة تحقـق ربحـا مـن خالل بيـع التسجيالت‪.‬‬
‫‪116‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫والســائد فــي عـ ــالم الي ــوم؛ ألن س ــرعة المتغـيرات مـن حولنـا ال تفسـح مج ــاال للتغيــير وال تحفز القادة على‬
‫التعامل مع المستقبل‪ .‬وهناك دائما ثالثة أنواع من الناس‪:‬‬
‫✓ من يصنعون األشياء؛‬
‫✓ ومن يراقبون صنع األشياء؛‬
‫✓ ومـن ال يعرفـون مـا يصنـع ومـا يج ــري لــهذه األشياء‪.‬‬
‫لذلك‪ ،‬فإن لجــان المسـتقبل مـن الوسـائل الهامـة التـي بدأت تنتهجــها بعـض الحكومـات المركزيـة وبعـض‬
‫الحكومـات المحلية‪ .‬وتتطلب النظرة البعيدة ما يلي‪:‬‬
‫✓ التخطيط اإلستراتيجي؛‬
‫✓ الميزانيات طويلة المدى؛‬
‫✓ مخصصات الطوارئ‪.‬‬
‫▪ حكومة غير مركزية ‪Decentralized Government, from Hierarchy to Participation and‬‬

‫‪ :Teamwork‬منذ خمسين سنة من القرن العشرين لم تكن الهيئات المركزية موجــودة‪ .‬وكانت وسائل‬
‫االتصال أولية وبطيئة والقوى العاملة جاهلة‪ ،‬ولم يكـن هنـاك بـد مـن تجميـع خدمـات كـل قطـاع ف ــي‬
‫مكــان واحــد لتيســير الحصــول علــى المعلومات وتوصيــل األوامـر‪ ،‬وكـان الوقـت يسـمح بذلك‪.‬‬
‫أما اآلن فالمعلومات ال حدود لها‪ ،‬وطــرق االتصـال سريعة والقوى العاملة متعلمة‪ ،‬ولم يعــد هنـاك وقـت‬
‫لتمريـر المعلومـات بيـن مسـتويات متعـددة‪ .‬ولذل ــك صارت الالمركزية ضرورة عصريــة‪ .‬لذلـك يمكـن‬
‫اعتبار اإلدارة الحكومية الوسطى نوعا من اإلسفنج الذي يمتص األفكــار المتجهـة مـن أسـفل إلـى أعلـى‬
‫واألفكار المتجهة من أعلى إلــى أسـفل‪ .‬ولـهذا تعمـل بعـض المؤسسـات علـى تقليـص حجـم ونف ــوذ هــذه‬
‫اإلدارة‪.‬‬
‫▪ حكومة مسيرة بعوامل السوق ‪Market-Oriented Government, Leveraging Change through‬‬

‫‪ :the Market‬منذ انهيار النظام الشيوعي بدأ االتجاه نحو االهتمــام بعوامل السوق‪ ،‬لما لها من مزايا‬
‫تفوق م ازيـا اآلليـة اإلداريـة‪ ،‬فـهي تـؤدي إلـى الالمركزيـة والمنافس ــة‪ .‬وتتيـح للنـاس حريـة االختي ــار واتخــاذ‬
‫الق ـ اررات‪ ،‬وتربط األداء بالنتائج‪ .‬وفي مقدمة مهام الحكومات الموجهة بآليــات السـوق إعادة هيكلة‬
‫السوق؛ بتحريك المؤسسات التــي تعمـل فيها‪ .‬وإعمــال الحوافـز فـي توجيهـها‪ ،‬والعمـل علـى إنشاء‬
‫مؤسسات تمأل الف ارغـات الشـاغرة‪ ،‬واسـتخدام االستثمار الحكومي في هيكلة الســوق‪ ،‬والتحكـم فـي الطلــب‬
‫باســتخدام الض ارئــب ورســوم االس ــتخدام واالستهالك‪ .‬وإقامة البنية األساسية‪ ،‬وســن القوانيـن التي تتالءم‬
‫مع احتياجات السوق‪.‬‬
‫‪117‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫والحقيقة أنه ال توجد سوق حرة تماما‪ ،‬إذ كنــا نقصـد بذلك سوق خالية مــن التدخـل الحكومـي‪ .‬ألن جميـع‬
‫األس ـواق المشــروعة‪ ،‬تشـ ــكل هياكل ــها بواس ــطة التشـريعات والنظـم‪ .‬والسـوق الوحيـدة الحـ ـرة هــي السوق‬
‫السوداء‪ .‬والحرية المطلقة تعني الفوضى‪.‬‬
‫وألجل ذلك‪ ،‬ظهرت الحاجة إلى األسواق الذكية وهي أسواق يعتمد فيــها البـائعون والمشـترون علـى توفـر‬
‫المعلومـات التـي تسـاعد علـى ترش ــيد إنفــاق المسـتهلكين والمسـتثمرين معـا‪ .‬وآليــة الســوق مــع أهميتها‬
‫تشكل نصف المعادلــة‪ ،‬ونصفـها الثـاني هـو المجتمعـات التـي تكمـل فعاليـة هـذه اآلليـة‪ .‬وعندمــا تتحرك‬
‫الحكومات في اتجاه نظام السوق فإن كال من األسواق والمجتمعات تحتاج إلــى تهنئـة؛ ألنـه اتجـاه نحو‬
‫اليمين واليسار في وقت واحد‪.‬‬
‫وتصـف وس ــائل اإلعــالم مــن يعــانقون األس ـواق بالمح ــافظين والذي ـ ــن يسـ ــاندون المجتمعـ ــات بالليــبراليين‪.‬‬
‫مــع أن هــذه األفكــار ال تمــت إل ــى الليبراليـة وال إلـى المحافظـة بصلـة‪ ،‬وكل ــها توجــه أفكار الحكومة‬
‫وطرق عملها‪.‬‬
‫▪ الخوصصة ‪ :Privatization‬لكي تتم عملية إعادة اختراع الحكومة بنجاح‪ ،‬نحتاج إلى منهجية علمية‬
‫وإطار تحليلي‪ .‬وقد صدر في سنة ‪ 1987‬كتاب بعنوان الخوصصة‪ :‬نحو حكومـة أفضـل ‪Privatization:‬‬
‫‪ The Key to Better Government.‬لمؤلفـه إي‪.‬أس‪.‬سـافاس ‪ E.S. SAVAS‬وعلـى الرغـم م ــن حماس‬
‫(سافاس) للقطاع الخاص‪ ،‬إال أنه يفـرق بيـن وظيفـة الحكومـة األساسـية‪ ،‬وهـي توفـير المنتجــات‬
‫والخدمـات للنـاس‪ ،‬وبيـن تحديـد القطـاع األكفـأ ف ــي إنتاج المواد وتقديم الخدمات‪ .‬وبذلك يعتبر (سافاس)‬
‫من أنصار الخوصصة البراجماتيين‪.‬‬
‫ويقسم سافاس المنتجات إلى أربع فئات‪ :‬منتجــات خاصة ‪/‬منتجات خاضعة للرسوم ‪/‬منتجات عامــة ‪/‬‬
‫منتجـات مشـتركة‪ .‬ثـم ينـاقش عش ــر بدائــل لتقديــم الخدمـات وهـي‪:‬‬
‫✓ خدمـات حكومي ــة صرفــة؛‬
‫✓ خدمات تقدمها الحكومة بمقابل؛‬
‫✓ خدمات اإلدارات الحكومية ببعضــها؛‬
‫✓ العقـود؛‬
‫✓ الـتراخيص؛‬
‫✓ المن ــح؛‬

‫‪ ‬المذهب العملي أو فلسفة الذرائع أو العم ِ‬


‫النيَّة أو البراغماتية (باإلنجليزية‪ )Pragmatism :‬هو مذهب فلسفي سياسي يعتبر‬ ‫ََ‬
‫نجاح العمل المعيار الوحيد للحقيقة؛ رابطا بين التطبيق والنظرية‪ ،‬حيث أن النظرية يتم استخراجها عبر التطبيق‪ ،‬نشأت هذه‬
‫المدرسة في الواليات المتحدة في أواخر سنة ‪ .1878‬والبراغماتية اسم مشتق من اللفظ اليوناني ‪ -‬براغما ‪ -‬ومعناه العمل‪.‬‬
‫‪118‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫✓ الضمان ــات؛‬
‫✓ نظ ــم الس ـ ــوق؛‬
‫✓ الخدمات التطوعية؛‬
‫✓ الخدمات الذاتية‪.‬‬
‫كما ركز آخرون على عنصر الملكية؛ أي من خالل بيع األصول االقتصادية المملوكة للدولة والتنازل‬
‫عنها كلياً أو جزئياً‪ .‬وقد أطلق على ذلك مصطلح الخوصصة من أعلى ‪(Privatization From Above,‬‬
‫)‪ ،PFA‬ومصطلح الخوصصة الهيكلية‪ ،‬ومصطلح التصرفية‪ .‬ويقابل المصطلح السابق ما يعرف‬
‫بالخوصصة من أسفل )‪ (Privatization From Blow, PFB‬أو الخوصصة التلقائية‪ ،‬وتشير إلى إنشاء‬
‫مشروعات جديدة ذات ملكية خاصة في مقابل رفع الدعم والحماية عن القطاع العمومي وتركه للمنافسة‪،‬‬
‫األمر الذى سينتهي بتقويض هذا القطاع (هدمه وزواله) إذا لم يصمد أمام المنافسة‪.‬‬

‫كما يمكن إضافة في هذا الصدد المفهوم الموالي‪:‬‬


‫▪ حكومات مبتكرة (االبتكار الحكومي)‪ :‬يقع االبتكار الحكومي‪ ‬في قلب منظومة التسيير العمومي الجيد‪،‬‬
‫وال يقتصر على استخدام التكنولوجيا‪ .‬فهو يتلخص في التزام الحكومات الرائدة بعملية التطوير المستمر‬
‫وإيجاد طرق لتحسين الحياة اليومية للمواطنين كتطوير الوضع الصحي‪ ،‬وتقدم قطاع التعليم‪ ،‬ما يعزز‬
‫الثقة في الحكومات‪ .‬وعليه تم تحديد االتجاهات الناشئة الجديدة لممارسات القطاع العمومي التي أثبتت‬
‫كفاءتها كالتالي‪:1‬‬
‫✓ التحول الجذري للعمليات‪ :‬تكييف المعارف والتقنيات في العمليات الحالية للتوصل إلى‬
‫منهجيات جديدة ومبتكرة للتعامل مع التحديات؛‬
‫✓ البنية التحتية المرنة‪ :‬إقامة بنية تحتية مرنة ومتعددة األغراض وقادرة على االستجابة للتحديات‬
‫بسرعة؛‬
‫✓ التطوير المستوحر من األنماط السلوكية‪ :‬االستفادة من أنماط السلوك البشري بغرض تطوير‬
‫السياسات والبرامج الحكومية وزيادة فعاليتها؛‬

‫‪‬ابتكارات حكومية من حول العالم‪ :‬الجرذان المستكشفة بالموزمبيق وتنزانيا‪ ،‬مطارات طائرات بدون طيار برواندا‪ ،‬الحدائق العامة‬
‫الصغيرة بمكسيكو سيتي‪ ،‬المكسيك‪ ،‬واجهات المباني المنقية للهواء‪ ،‬بمكسيكو سيتي بالمكسيك‪ ،‬االستعداد لمواجهة الكوارث‬
‫واألزمات بالواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬تدوير النفايات اإللكترونية بالصين‪ ،‬مختبر الصحة االفتراضي باإلمارات العربية المتحدة‪،‬‬
‫منصة ابتكارات المرضى بالبرتغال‪ ،‬التمويل الجماعي للمشروعات العمومية بالمملكة المتحدة‪ ،‬منصة البيانات المفتوحة بالب ارزيل‪،‬‬
‫المرصد اإلعالمي األوروبي باالتحاد األوروبي‪.‬‬
‫ابتكارات الحكومات الخالقة‪ :‬ابتكارات حكومية من حول العالم‪ ،‬القمة العالمية للحكومات‪ ،‬مركز محمد بن راشد لالبتكار‬ ‫‪1‬‬

‫الحكومي‪ ،‬اإلمارات العربية المتحدة‪ ،‬فيفري ‪ ،2016‬ص‪.04:‬‬


‫‪119‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫✓ االبتكار في استخدام التكنولوجيا‪ :‬توظيف التقنيات الموجودة والمبادئ العلمية لمواجهة‬


‫التحديات الجديدة؛‬
‫✓ الذكاء الجماعي‪ :‬االستفادة من المدخالت واألفكار من مختلف فئات المجتمع في عمليات‬
‫اتخاذ القرار وصناعة القرارات الجماعية؛‬
‫✓ الكفاءة الناتجة عن البيانات‪ :‬إتاحة البيانات للجمهور وتسهيل استخدامها في مختلف‬
‫التطبيقات الحكومية والمدنية‪.‬‬

‫‪-2-2‬التغيير في أسلوب اإلدارة‬

‫يشمل التغيير في اإلدارة من خالل العناصر التالية الموضحة في الشكل الموالي‪:‬‬

‫الشكل رقم‪10 :‬‬


‫التغيير في أسلوب اإلدارة‬

‫المصدر‪ :‬من إعداد الباحث اعتمادا على‪:‬‬

‫‪-‬سعد العتيبي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪.‬‬

‫يرى كل من ‪ Bale and Dale‬سنة ‪ 1998‬أن التغيير في اإلدارة يشمل العناصر التالية‪:‬‬
‫▪ تبنى القطاع العمومي لممارسات اإلدارة المطبقة في القطاع الخاص والتي تتضمن استخدام نموذج‬
‫التميز‪ ،‬إعادة الهندسة‪ ،‬إدارة الجودة الشاملة‪ ،‬القيمة مقابل النقود‪ ،‬قياس األداء والحوافز‪ ،‬خدمة العمالء‪،‬‬
‫الربحية‪ ،‬وتقليل العمالة؛‬
‫▪ التركيز على الكفاءة والفعالية؛‬
‫▪ االنتقال من التحكم في المدخالت واإلجراءات واألنظمة باتجاه قياس المخرجات؛‬
‫▪ تفضيل الملكية الخاصة‪ ،‬أسلوب التعاقد للخدمات العمومية‪ ،‬واتباع أسلوب المنافسة لتقديم الخدمات؛‬
‫‪120‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫▪ تفويض الصالحيات والسلطات للمستويات اإلدارية الدنيا‪.‬‬

‫‪-3-2‬تقليص دور الدولة‬


‫يعمل الشكل الالحق على جمع الممارسات التي تؤدي إلى تقليص دور الدولة‪:‬‬

‫الشكل رقم‪11 :‬‬


‫تقليص دور الدولة‬

‫المصدر‪ :‬من إعداد الباحث اعتمادا على‪:‬‬


‫‪-‬سعد العتيبي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪.‬‬

‫يالحظ من خالل الشكل أعاله أن عملية تقليص دور الدولة وفقاً لمفهوم التسيير العمومي الجديد يشمل‬
‫على االتجاه نحو الخوصصة‪ ،‬وبرامج تخفيض الميزانية‪ ،‬وتشغيل الخدمات بأسلوب تجارى‪ ،‬تخفيف أو رفع‬
‫القيود (‪ )Deregulation‬الحكومية على القطاعات االقتصادية‪.‬‬

‫وفي ذات الصدد‪ ،‬حدد األستاذ ‪ Hood‬سنة ‪ 1991‬سبعة مبادئ متداخلة تظهر في معظم المناقشات‬
‫حول التسيير العمومي الجديد والمشكلة لمجموعة من السمات المميزة لذلك التسيير على غرار‪:1‬‬

‫▪ التدريب العملي على التسيير المحترف في القطاع العمومي ‪Hands-on professional management’ in‬‬

‫‪the public sector‬؛‬


‫▪ وضع معايير واضحة لقياس األداء ‪Explicit standards and measures of performance‬؛‬

‫▪ التأكيد الكبير أو التركيز على رقابة المخرجات (األداء) ‪Greater emphasise on output control‬؛‬

‫‪1‬‬
‫‪Mia VABØ, New Public Management The Neoliberal Way of Governance, Working papers; n: 4, National‬‬
‫‪Laboratory, The University of Iceland Social Science Institute, 2009, P :03.‬‬
‫‪121‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫▪ تجزئة فعاليات القطاع العمومي وتحويلها إلى هيئات أو وحدات عمومية ‪Shift to disaggregation of‬‬

‫‪units in the public sector‬؛‬


‫▪ التوجه نحو منافسة أكبر في القطاع العمومي(تشجيع المنافسة) ‪Shift to greater competition in‬‬
‫‪public sector‬؛‬
‫▪ التأكيد على تبنى أساليب القطاع الخاص في الممارسات اإلدارية ‪Stress on private sector styles of‬‬

‫‪ management practice‬؛‬
‫والترشيد في استغالل الموارد ‪Stress on greater discipline and‬‬ ‫▪ التأكيد على مزيد من االنضباط‬
‫‪.parsimony in resource use‬‬
‫فالقاعدة األساسية للتسيير العمومي الجديد ترتكز على تبنى نظام السوق كإطار للعالقة بين اإلدارة‬
‫والسياسة‪ .‬وقد تأثر التسيير العمومي الجديد بدرجة كبيرة بنظرية االختيار العمومي‪ ،‬ونظرية األصيل والوكيل‪،‬‬
‫ونظرية تحويل التكلفة االقتصادية بحسب األستاذ ‪ Kaboolian‬سنة ‪ .1998‬ويمكن النظر للتسيير العمومي الجديد‬
‫كنموذج معياري لتسيير القطاع العمومي ويتضمن العديد من المكونات المترابطة مع بعضها‪ ،‬وقد برز هذا‬
‫النموذج لالستجابة للحقائق االقتصادية واالجتماعية التي واجهت الحكومات في مختلف دول العالم خالل‬
‫العقدين الماضيين بحسب االستاذ ‪ Borins‬سنة ‪ 1995‬ويمكن تلخيص تلك الحقائق فيما يلي‪:1‬‬

‫▪ أن القطاع العمومي يتسم بكبر الحجم وضخامة التكاليف؛‬


‫▪ الحاجة لالستفادة من تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت لتحسين الكفاءة؛‬
‫▪ االحتياجات المتزايدة للمواطنين للحصول على خدمة تتميز بالجودة؛‬
‫▪ التحول من االقتصاد القائم على التخطيط المركزي إلى االقتصاد الحر القائم على نظام السوق‪.‬‬
‫وهنالك أيضا مسوغات فكرية وعملية للتسيير العمومي الجديد نشئت من خالل االتجاه الجديد للخدمة‬
‫العمومية والتي تأثرت بشكل واضح باالطار المعياري للخدمة العمومية حيث التركيز على قيم الكفاءة والفعالية‪.‬‬
‫ولكن مع التغيرات المتسارعة التي تمر على القطاع العمومي‪ ،‬كان البد من إدخال مفاهيم تتالءم وتلك التغيرات‪،‬‬
‫والتي وفقاً لـ ‪ Denhardtand and Denhardtand‬سنة ‪ 2000‬البد أن تتضمن القيم والمعتقدات التالية‪:2‬‬

‫▪ الخدمة بدل من إدارة الدفة‪ ،‬فالموظفين العموميين البد أن يقدموا الخدمة للمواطنين ويحققوا مطالبهم بدالً‬
‫من محاولة التحكم وإدارة المجتمع؛‬

‫‪.8 7‬‬ ‫جمال عبد هللا محمد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.88-87‬‬ ‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ص‪:‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪122‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫▪ جعل الخدمة العمومية الهدف النهائي‪ ،‬إذ يجب أن يسهم المديرين العموميين في بناء وحدة تعاونية‬
‫مشتركة لخدمة المصلحة العمومية والتي يمكن أن تساهم في بناء مصالح ومسؤوليات مشتركة؛‬
‫▪ التفكير بأسلوب إستراتيجي‪ ،‬فالبرامج واألهداف التي تسعى لتحقيق احتياجات المواطنين يمكن تحقيقها‬
‫وبطريقة مبتكرة تتميز بالفعالية من خالل جهد جماعي تعاوني؛‬
‫▪ خدمة المواطنين وليس العمالء‪،‬إذ يجب على الموظفين العموميين ليس فقط االهتمام واالستجابة‬
‫لمطالب العمالء ولكن االهتمام بناء عالقة يسودها الثقة والتعاون مع المواطنين؛‬
‫▪ المساءلة‪ ،‬فالمساءلة ليست مسألة بسيطة‪ ،‬فالموظفين العموميين ال يجب مساءلتهم فقط وفقاً لنظام‬
‫السوق؛ ولكن البد أن يتم مساءلتهم طبقاً لألنظمة والقوانين وقيم المجتمع والمعايير المهنية؛‬
‫▪ إعطاء االهتمام باألفراد وتقديرهم وعدم التركيز فقط على اإلنتاجية‪ ،‬فالمنظمات العمومية يمكن أن تنجح‬
‫في تحقيق أهدافها إذا قامت بإدارة مشاريعها من خالل األسلوب التعاوني والقيادة المشتركة المعتمدة‬
‫على أسلوب المشاركة واحترام وتقدير األفراد؛‬
‫▪ تقدير المواطنين والخدمة العمومية وإعطائهم األولية في تلك الخدمة‪ ،‬ووضع مصالح المواطنين قبل‬
‫مصالح المستثمر‪.‬‬
‫وقد تم تطبيق سمات التسيير العمومي الجديد التي تم التطرق لها في العديد من دول العالم؛ نظ اًر ألن‬
‫العديد من دول العالم تستخدم إجراءات اإلصالح اإلداري إلعادة النظر في دورها في المجتمع وعالقتها مع‬
‫المواطنين‪ .‬وقد لخص األستاذ ‪ kettle‬سنة ‪ 2000‬تلك اإلجراءات في ست عناصر جوهرية‪:‬‬

‫▪ اإلنتاجية؛ كيف يمكن للحكومة تقديم خدمات إضافية وبأقل التكاليف المالية؟‬
‫▪ التسويق؛ كيف يمكن للحكومة استخدام حوافز وأسلوب السوق وذلك الستئصال األمراض البيروقراطية؟‬
‫▪ االتجاه نحو الخدمة؛ كيف يمكن للحكومة أن تكون على اتصال أفضل بالمواطنين وذلك لجعل‬
‫الخدمات العمومية أكثر استجابة لمطالبهم؟‬
‫▪ الالمركزية؛ كيف يمكن للحكومة أن تجعل البرامج والخدمات العمومية أكثر كفاءة من خالل تحويل إدارة‬
‫تلك الخدمات إلى أسلوب المركزي؟‬
‫▪ السياسة العمومية؛ كيف يمكن للحكومة من تحسين قدراتها في إدارة ومتابعة السياسة العمومية؟‬
‫▪ المساءلة عن النتائج؛ كيف يمكن للحكومة تحسين قدرتها للوفاء بالتزاماتها؟‬
‫وتلك الخصائص والسمات تقترح وبشكل واف أن اإلتجاه نحو التسيير العمومي الجديد يركز وبصورة‬
‫استثنائية على المشاكل التي تتعلق بالتعامل مع اإلدارة الحكومية‪ .‬فالمحافظة على اإلدارة الحكومية من خالل‬
‫‪123‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫اإلبداع في اإلصالح اإلداري‪ ،‬والتي تستلهم أهدافها من أسس ومبادى التسيير العمومي الجديد تشكل الهدف‬
‫األساسي للثورة العالمية في مجال التسيير العمومي‪ .‬فالتسيير العمومي الجديد يمثل تحوالً في عالقة القطاع‬
‫الحكومي مع كل من الحكومة والمجتمع بدالً من أن تكون فقط عملية إصالح بحسب األستاذ ‪ Hughes‬سنة‬
‫‪.1998‬‬

‫‪-3‬استراتيجيات التسيير العمومي الجديد (الحديث)‬


‫اســتطاعت العديد من الدول تحويـل حكومـاتها من جهاز إداري فضفاض إلى آلية مرنة وفعالــة ومبتكـرة‪،‬‬
‫تضع نصب عينيــها خدمـة العمـالء‪ ،‬وتعمـل علـى تحسـين جودة خدماتها وق ارراتها‪ .‬فلقد تحقق لــهم ذلـك مـن‬
‫خـالل فهمـهم العميـق للمرتكـزات واألسس الخمســة التـي يقـوم عليـها أي نظـام بـيروقراطي ضخم‪ ،‬وهي‪ :‬الغاية‬
‫والحوافز وتحديد المسصولية وهياكل الساالطة والثقافة‪ .‬تغيير هذه المرتكزات الخمســة‪ ،‬سـوف تـزول البيروقراطية‪،‬‬
‫مهما كانت متضخمة أو معقدة‪.‬‬
‫ولتغيير المرتك ـزات الخمسـة السـابقة‪ ،‬يسـتعين مـن ٌيعيـدون اخـتراع حكوماتـهم بخمـس اس ــتراتيجيات تقــدم‬
‫مجتمعــة صيغة مفصلة إلزالة شبح البيروقراطية‪ ،‬وهي مبينة في الشكل الموالي‪:‬‬
‫الشكل رقم‪12 :‬‬
‫استراتيجيات التسيير العمومي الجديد (الحديث)‬

‫المصدر‪ :‬من إعداد الباحث وباالعتماد على‪:‬‬


‫ديفيد أسبورن وأخرون‪ ،‬إبعاد شبح البروقراطية‪ :‬خمس استراتيجيات إلعادة اختراع الحكومة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪.‬‬
‫‪124‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫يحاول الشكل أعاله أن يظهر ويجمع استراتيجيات التسيير العمومي الجديد في إطار واحد‪:‬‬
‫▪ االستراتيجية المحورية التي توضح الغايــة الحقيقيـة مـن وجود الحكومة؛‬
‫▪ اسـتراتيجية (التبعـات) الت ــي تطور نظاما للحوافز واألداء؛‬
‫▪ استراتيجية العميل التي تؤدي إلــى تحمــل المسـ ــئولية تج ــاه العمالء؛‬
‫▪ استراتيجية التحكم التــي تعيـد هيكلـة النظ ــام اإلداري وتلغــي المركزية؛‬
‫▪ اس ــتراتيجية الثقاف ــة الت ـ ــي تســتهدف عــادات وسـ ــلوكيات موظفي الحكومة‪.‬‬
‫وقبـل اسـتعراض االســتراتيجيات الخمس‪ ،‬يجب إدراك أن إعاادة اخاااتراع الحكومااة ليساات عملية سهلة‬
‫المنال‪ ،‬وأنااها ليسات مسااتحيلة أيضااا‪ .‬ولكنــها تبق ــى تحديــا عظيمــا علــى الحكوم ــات المتطلعـة لخ ــوض غمــار‬
‫القــرن الحادي والعشرين أن تواجهــه كـل يوم‪ .‬وفيما يلي هذه االستراتيجيات‪:1‬‬

‫‪-1-3‬اإلستراتيجية المحوريااة؛ و اح غاياة الحكومة‪ :‬تسمى استراتيجية توضيح الغرض باإلستراتيجية‬


‫الم حوري ـ ـ ــة أو اإلستراتيجية الجوهريـ ــة ألن ــها تتع ــامل م ــع ال ــدور األساسـ ــي للحكومـة وهـو‪ :‬التوجيـه والقي ــادة‬
‫ووضع السياسات التي تنشئ رؤية مستقبلية بعيدة المدى‪.‬‬
‫وعلــى العكــس مــن ذلــك‪ ،‬فـ ــإن االســتراتيجيات األربــع األخ ــرى تتعلق بــالتنفيذ والمتابعـة‪ .‬أي أنـها‬
‫تركز علـى الكيفيـة التـي تســتطيع المنظمات العمومية تحقيق أهدافها مـن خاللـها‪ ،‬وليـ ـس علــى مــا إذا كانت تلك‬
‫األهداف مقبولة أم ال‪ ،‬أو مشروعة أم ال‪.‬‬
‫ال تستطيع المنظمة التي ال تعــرف هدفـها أو الغايـة من وجودها تأدية عملــها علـى الوجـه األكمـل‪ .‬لـذا‬
‫فإن الخطوة األولى في ســحق البيروقراطيـة هـي أن تحـدد الحكومـة هدفـها بدقـة وأن تركز جـل جـهودها علـى ذلــك‬
‫الهدف‪ .‬وتســتخدم االسـتراتيجية المحوريـة للوصـول إلـى درجة التركيز المطلوبة من خالل ثالث مداخل‪:‬‬

‫ديفيد أسبورن وأخرون‪ ،‬إبعاد شبح البروقراطية‪ :‬خمس استراتيجيات إلعادة اختراع الحكومة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪( .‬بتصرف من‬ ‫‪1‬‬

‫الباحث)‪.‬‬
‫‪125‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫▪ المدخل األول؛ إفساح المجال‪( ‬و وح الغاية)‪ :‬أي التخلص كليا من الوظائف التي ال تخدم هدفـا‬
‫مشـروعا أو محـددا أو تفوض القطاع الخاص بتنفيذها‪ .‬مع العلم أن للهيئات الحكومية أربع وظائف‬
‫أساسية‪ :‬تحديد السياسات‪ ،‬وتقديم الخدمات العمومية‪ ،‬وصياغة األنظمة والقوانين‪ ،‬وكذا تطبيق تلك‬
‫األنظمة في واق ع حياة المواطنين‪ .‬إذ أن وظيفـة وضـع وإقـرار السياسـات ه ــي وظيفـة توجيهيـة وقياديـة‪.‬‬
‫فـهي تح ــدد اتجـاه السـفينة وتضعـها علـى الطري ــق الصحيــح‪ .‬أمــا بقيــة الوظــائف ف ــهي تنفيذيــة تســاعد‬
‫الســفينة علــى بلـ ــوغ مأربها؛‬
‫▪ المدخال الثااني؛ الفصال بيان التوجياااه والتنفيااذ (و ااوح الدور)‪ :‬الفصل بيــن التوجيـه ‪Steering‬‬

‫(التخطيــط) والتجدي ــف ‪( Rowing‬التنفيــذ)‪ .‬وهــذا يعنـ ــي أن المدخل الثاني فـي االسـتراتيجية المحورية‬
‫يفصل بين توجيه دفة السفينة وبيـن دفعـها لتسـير وتكم ــل رحلتــها‪ .‬حيث تحــدد عمليـ ــة الفصـ ــل الـ ــدور‬
‫الواض ـ ــح والمستقبلي لكل هيئة حكومية وتساعدها على تحقيق رسالتها‪ .‬بمعنى فص ــل اإلدارات والهيئات‬

‫أشهر طرق إفساح المجال هي بيع مؤسس ـ ــات الخدم ـ ــات مث ـ ـ ــل االتصاالت والنقــل‪ ،‬أو خوصصة القطاع العمومي بهدف زيــادة‬ ‫‪‬‬

‫فعاليتـه‪ .‬وتنطـ ــوي الخوصصة عل ـ ــى مخـاطرة سياسـية ألنـها تــهم آالف الموظفين الحكوميين‪ .‬فإذا ما بدأت الخوصصة ‪ ،‬فيجب أن‬
‫تتم مــن خـالل نظـام مؤسسـي متفـاعل ومتكـامل‪ ،‬وأن تتـم بالتدريج وعلــى م ارحـل متعاقبـة تسـمح باسـتيعاب األيـدي العاملة في‬
‫األجهزة الرسمية‪ .‬وفي هذا الصدد تقـوم الحكوم ــة البريطانيــة مثــال‪ ،‬بإعــادة تقييــم موقــف مؤسساتها كل خمــس سـنوات‪ .‬خـالل عمليـة‬
‫التقييـم هـذه‪ ،‬والتي تسبق اتخاذ قرار بشأن كل منظمة على حدة‪ ،‬يطلــب من كل مؤسسة أن تجيب على سلسلة من األسئلة‪ ،‬منها‪:‬‬
‫هل هناك حاجة ألداء هذا العمل؟‬ ‫▪‬
‫إذا كان العمل هاما‪ ،‬هل يجــب أن تؤديه الحكومة بالضرورة؟‬ ‫▪‬
‫إذا كـان ال بـ د للحكومـة م ــن أداء العمل‪ ،‬هل بإمكانها أن تعـهد بتنفيـذه لمقاول أو مؤسسة؟‬ ‫▪‬
‫وليست الخوصصة هي الطريق الوحيد إلفساح المجــال‪ .‬هنـاك أيضـا التخويـل والالمركزيــة‪ ،‬أي نقـ ــل الصالحي ــات‬
‫والوظـ ـائف ومســئوليات التنفيــذ إلـ ــى المستويات األدنى في اإلدارة الحكوميــة وتخويلـها باإلنجـاز والمتابعـة‪ .‬وهنــاك أيضا الخوصصة‬
‫الظاهرية أو ما يمكن أن نسـميه "شـبه الخوصصة"‪ ،‬حي ـث تحتفظ الحكومة بملكية األعمال‪ ،‬وتعــهد للقطـاع الخـاص بمـهام التنفيـذ‬
‫وخدم ــة عمالئها‪.‬‬
‫‪‬في المملكة المتحدة مثال‪ ،‬كان كبار موظفي الدولة يضعون السياســات ويقدمــون المشــورة للـ ــوزراء المس ــئولين‪ ،‬ويتخلـون ع ــن‬
‫تقديــم الخدمــات وأداء الوظــائف الســهلة للمســتويات الوظيفيــة األدنــى‪ ،‬دون أن يمنح ـوا مدي ــري الوسط سلطات اتخاذ الق اررات‪.‬‬
‫فكانت النتيجة أداء ضعيفا وإنتاجيـة متذبذبـة‪ .‬لـم يكـن كبـار الموظفيـن فـي بريطانيــا يمانعون فــي تحسـين الخدمـات العامـة‪ ،‬ولكـن‬
‫المشـكلة أن المديرين العاملين في الميدان ومواجهة الجمهور لم يكونوا يملكون سلطة التحسين تلك‪ .‬كما عمل فريق مارجريت ثاتشر‬
‫‪ ،Margaret THATCHER‬رئيسة وزراء بريطاني ـ ــا ع ـ ــن حسـ ـ ــب المحــافظين‪ ،‬والتــي ســبقت ج ــون ميجـر‪ ،‬عمـل ذلـك الفريـق الس ــاعي‬
‫إل ــى إعـ ــادة اخ ـ ــتراع الحكومـ ــة البريطانية على كسر النظام المشـار إليه سالفا‪ .‬حيث تـم فصـل وظ ـ ــائف الخدم ـ ــات واألعمـ ـ ــال‬
‫اإلجرائي ــة الس ــهلة عـ ــن اإلدارات الكـبرى التـي رعـت تل ــك الوظــائف وطورت ـ ــها‪ .‬فاإلدارات التنفيذيـ ـ ــة الجديدة سميت الوكاالت أو‬
‫الــهيئات التنفيذية‪ ،‬وتوالها مديرون يتمتعون بسلطات ومســئوليات اتخـاذ القـرار فكانت النتيجة أن لـم يعـد يعمـل فـي اإلدارات‬
‫المحوريــة الت ــي تص ــوغ السياسـات سـوى نسـبة ضئيلـة مــن موظفـي الحكومـة‪ ،‬وتحـول غالبي ــة الموظفين العامين (‪ %75‬تقريبا)‬
‫للعمل في وظائف مسـتقلة ال عالقـة لها بوضع تلك السياسات‪.‬‬
‫‪126‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫الم َو ِج َهة‪ ،‬وبين الهيئات الرسمية التي تتولـى‬


‫الحكومية التــي تتول ــى وض ــع السياس ـ ــات‪ ،‬أي اإلدارات ُ‬
‫التنفي ــذ وتقدي ـ ــم الخدمـ ــات‪ ،‬أي إدارات التنفيـذ والمتابعـة‪ .‬والــهدف مــن هــذا الفصــل هــو مسـ ــاعدة‬
‫المنظمات العمومية المختلفة على تحقيق هدف محدد‪.‬‬
‫▪ المدخل الثالث؛ تحسين غرض الحكومة (و وح االتجااه)‪ :‬تعزيـ ــز وتحسـ ــين غ ـ ــرض الحكومــة‪ .‬أي‬
‫تحديـ ــد اتجاه ــها المسـتقبلي‪ ،‬والـذي يشـمل أهدافــها واستراتيجياتها‪ .‬فالفصل بيــن التوجيـه والتنفيـذ يسـاعد‬
‫علـى صياغـة نظـام يعمـل فيـه كبـار موظفـ ــي الدولـ ــة علـ ــى وض ـ ــع السياسـات‪ ،‬بينمـا يرك ــز المديــرون‬
‫عل ــى تقدي ــم الخدم ــات ومتابعـ ــة األعمال اليومية‪ .‬ولكن ينبغي اإلبقاء علـى الصلـة قائمـة بيـن‬
‫المســتويين‪ :‬يجب أن تساهم األعمال اليوميــة فـي تحقيق الرؤيــة طويلـة المـدى وبلـوغ الغايــات التــي‬
‫تســتهدفها سياس ــات الحكوم ــة‪ .‬فالمدخ ــل الث ــالث فـ ــي اإلستراتيجية المحوريـة يصنـع هــذه الرؤيـة‪ ،‬ويوضـح‬
‫النـهج الـذي ال بــد للحكومة من أن تنتهجه‪.‬‬
‫‪ -2-3‬اساااتراتيجية التبعااات؛ حاادد حوافااز المبادرين‪ :‬كثي ار ما يعزو أو ٌيرجع السياسيون والمتشــائمون ضعـف‬
‫أداء الحكوم ــة إلــى الموظفيــن ويتهمونــهم بالكسـ ــل وقص ــر النظ ــر وانعـدام الخيـال‪ .‬إال أن اللـوم يقـع فـ ـي الحقيقـ ــة‬
‫علـ ــى النظـ ــم الحكومي ـ ــة البيروقراطيـة التـي ال تقـدم أيـة حوافــز لموظفي ــها ليقلبـ ـ ـوا هـ ــذه الصـ ــورة المتش ــائمة‪.‬‬
‫فلم ــاذا يج ــهد موظف ـ ــو الحكومة أنفسهم وينهمكون فــي اإلبـداع واالبتكـار فـي الوقـت الـذي يعـاقب فيـه المجددون‬
‫ويكافئ فيه المقلــدون؟ ولمـاذا يكـافح الموظفـون لتحسـين األداء وه ــم يحصلـون علـى نفـس المرتبـات بغــض النظر‬
‫عن النتائج التي يحققونها؟‬
‫المتـهم الكبـير ف ــي هــذه المعادلــة هــو االحتكار الحكومي‪ .‬فالهيئات الحكوميــة وموظفوهــا ال يجـ ــدون م ــا‬
‫يحفزه ــم لتحسين األداء ألنهم ال يواجهون مشكلة فقدان عمالئهم أو نقصان رواتبهم‪ .‬فإذا مــا أردنــا تحفــيز‬
‫موظفــي الحكومـ ــة والمنظمـات التـي يعملـون لـها ليكون ـوا مب ــادرين ويعملـ ـوا ب ــروح القط ـ ــاع الخاص‪ ،‬يجب أن‬
‫نحاسبهم على تبعــات أدائهم‪ ،‬سواء كان هذا الحساب ســلبيا أو إيجابيا‪ .‬هذا يعني تحديــد معـايير األداء لهم‬
‫ومكافأتهم على اإلبـداع ومعاقبتـهم علــى التقصـ ــير‪ .‬فعندم ــا يواج ــهون مخـاطر فقـدان وظائفـهم أو خوصــصة‬

‫‪‬فـي مدينـة (صنـي فيـل) األمريكيــة‪ ،‬على سبيل المثا ل‪ ،‬بذلت إدارة المدينة جهودا مضنية لقياس كفاءة وفعالية الخدمات المقدمة‬
‫للمواطنين‪ .‬لكنها لم تساعد مجلـس المدينـة المحلـي علـى النظـر فيمـا إذا ك ــانت تلــك الخدمات هي األفضل لتحقيق أهداف المدينة ‪.‬‬
‫بالمقابل قامت قيادات اإلدارة المحليــة بتطويـر نظـام جديـد للعمــل مبنــى علــى أســاس النتااائج المحوريااة ‪ . Core Results‬يحدد‬
‫هذا النظام اإلنجازات التــي ال بـد للمدنيـة من تحقيقها على المدى البعيد‪ .‬وعلى كــل إدارة محليـة أن تنظـر فـي برامجـها وتتـأكد مـن‬
‫أن أنشـطتها تقـدم الحلــول المثلى لتحقيق النتائج المحوريــة المطلوبـة‪ ،‬وبحيـث ال يتـم اسـتحداث ب ارمـج جديــدة قبــل تحديــد النتــائج‬
‫المحوريــة المستهدفة منــها‪ .‬سـاعد هـذا المدخـل إدارة مدينـة (صنـي فيل) علــى التـأكد مـن أن إدارتاها لان تكتفاي باأداء العمال‬
‫بطريقة صحيحة‪ ،‬بل ستصدي العمل الصحيح أيضا‪.‬‬
‫‪127‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫مؤسساتهم‪ ،‬فلن يجدوا أمامهم من ســبيل سـوى العمـل بج ــد وفعاليــة‪ .‬ويمكننــا تحميل الهيئات الحكومية تبعات‬
‫أعمالها من خالل‪:‬‬
‫▪ المدخل األول؛ اإلدارة بأسلوب القطاع الخاص‪ :‬إذا كانت الهيئات الحكومية تصنع منتجات أو تقدم‬
‫خدمــات يمكن بيعها للعمالء‪ ،‬فإنه يمكن تنظيمها وإدارتها كما تنظــم مؤسسات القطاع الخاص‪ .‬ألن‬
‫إجبار الهيئات العامة على المنافسة والنجاة بجلدها في األسواق الحرة يعتبر دافعا قويــا لتحسـين أدائـها‬
‫وإعادة هيكلة نفسها‪‬؛‬
‫▪ المدخل الثاني؛ المنافسة الموجهة‪ :‬أحيانـا ال تسـتطيع بعـض المنظمــات العمومية أو الحكوميـة‬
‫تحصيـل إيـ ـرادات مقــابل خدماتها‪ .‬فبعض األنشطة الحكوميــة مثل حماية البيئـة وإدارة المتنزهـات‬
‫وخدمات الدفاع المدني واألمن العـمومي يصعــب تقديمــها للعمــالء بمق ــابل‪ .‬فالحـل فـي مث ــل هــذه‬
‫الحــاالت هــو المنافسة الموجهة التي تجبر الهيئات العامة على التنـافس علـى الوظـائف فيما بينها‪.‬‬
‫ففـي مدينـة فينكـس‪ ،‬تتنـافس الــهيئات العامـة مـع المؤسسات المقـاوالتية ف ــي الحصول علــى عقـود جمـع‬
‫القمامـة‪ .‬فـي البداي ــة خســرت البلديــة بضــع مناقصـات أم ــام منافســة المقــاولين الشرسة‪ .‬وبعــد كفـاح‬
‫مريـر وجـهاد طويــل لتقديــم خدمــات ذات ج ــودة عاليـة وتك ــاليف منخفضــة‪ ،‬كســبت البلديـة المناقصـات‬
‫الخمـس فـي كــل أحياء المدينة‪ .‬فبالنسبة للوظائف التي ال يمكن طرح عطاءاتــها للمنافسـ ــة‪ ،‬مث ــل جم ــع‬
‫الض ارئـب وخدم ــات األمــن الع ـمومي‪ ،‬يمكن إنشاء نوع من المنافسة النفسـية أو السـلوكية فـي األداء‪،‬‬
‫م ــن خــالل المقارنة وتسجيل النتائج وإعالنــها‪ .‬فيمكـن مثـال المقارنـة وإعطاء جوائز عينية ومكافآت‬
‫معنويــة للهيئـة أو المنظمـة التي تحقق أفضل النتائج في تطبيق األنظمة وااللتزام بها؛‬
‫▪ المدخل الثالث؛ إدارة األداء‪ :‬الخيار األخير في تحميل الهيئات الحكومية تبعات أعمالــها هو إدارة‬
‫األداء‪ .‬فإدارة األداء تؤسس حوافز مالية ومعنوية لرفــع األداء‪ .‬هــذه الحوافــز تـ ــتراوح بي ــن العمـ ـوالت‬
‫والمكافآت وخطابات الشــكر والترقيـات‪ .‬صحيـح أن هـذه الحوافز أقل إثارة ودافعية من المنافسة‬
‫الموجهة‪ ،‬ألنها تقدم الجزرة دون التلويح بالعصا‪ ،‬لكنها تعتبر حاف از قويا إذا ما اقترنت بالتدريب‬
‫السلوكي الفعــال ووجـهت إلـى المديريـن األكثر نضجا وتقدي ار للمسؤولية‪.‬‬

‫في أستراليا مثال‪ ،‬قسم خبراء الخصخصــة وإعـادة الهيكلـة ستين بالمائة (‪ )%60‬من قطاع الخدمــات اإلداريـة الـذي بلـغ حجـم‬ ‫‪‬‬

‫أعماله أكثر من مليــار دوالر أسـترالي‪ ،‬قسـموه إلـى ثالثـة عشر مشروعا ربحيا مسـتقال‪ ،‬وألغـو احتكارهـا للخدمـات وأجبروها على‬
‫التنافس في السوق مع المؤسسات الخاصـة ‪ .‬وفي مرحلة الحقة حررت هذه القطاعات تماما لتعتمد كلية على إيراداتها التي‬
‫تحصلها مقــابل خدمـة عمالئـها‪ .‬بذلـك اسـتطاعت وحـدات قطـاع الخدمــات تلــك تحويــل عجــز ميزانيته الذي بلغ مائة مليــون دوالر‬
‫سنة‪.1991‬‬ ‫سنة ‪ 1988‬إلـى أربـاح زادت ع ــن خمسـة وأربعيـن مليـون دوالر‬
‫‪128‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫‪ -3-3‬إستراتيجية العميل؛ دع المواطنين يوجهون الدفة‪ :‬في معظم المجتمعات‪ ،‬تقع مسئولية محاسبة الهيئات‬
‫العامة في أيدي الموظفين المنتخبيـن وواضعـي السياسـات الذيـن يحددون مهام تلك الهيئات ويمولون عملياتها‪.‬‬
‫اســتراتيجية العميل تضع سلطة محاسبة المؤسسات العمومية في أيــدي واضعي السياسات وأيدي العمالء الذين‬
‫تتولى خدمتهم فــي نفس الوقت‪ .‬هذه االستراتيجية تجــبر الوكاالت الحكوميـة على إرضاء العمالء أو فقدانهم‪.‬‬
‫وهي لذلك معول أساســي في تغيير الخدمات العمومية وتحسينها‪.‬‬
‫تضيــف اســتراتيجية العميــل بعــدا جديــدا السـ ــتراتيجية التبعات‪ .‬فاستراتيجية التبعات تقــدم حوافـز للـهيئات‬
‫العمومية لتحسين األداء‪ ،‬إما بدفعها إلى المنافسة رغم أنــف القـائمين عليـها‪ ،‬وإمـا بتقديـر إنجا ازت ــها الكبــيرة ماديــا‬
‫ومعنويــا‪ .‬أما اسـتراتيجية العميـل أيضـا تقـدم مثـل هـذه الحوافـز‪ ،‬لكنــها تضع مقاييس الفعاليــة فـي يـد العميـل‬
‫وتحددهـا بنـاء علـى رضاه أو عدم رضاه‪ .‬وعليه‪ ،‬هناك ثالثة مداخل لتوظيف استراتيجية العميـل فـي إجبـار‬
‫الهيئات الحكومية على التغيير‪:‬‬
‫▪ المدخل األول؛ الخيار للعميل‪ :‬ويعني إطالق حرية الجمهور في اختيار الجهات الحكومية التـي‬
‫يتعـاملون معـها‪ .‬أنصـار حري ــة اختيــار المــدارس يريدون إطــالق العنـان لآلبـاء فـي اختيـار المـدارس التـي‬
‫يرسـلون إليـها أبنـاءهم بغـض النظـر عـن المنطق ــة التــي يقطنونها‪ .‬هذا االختيار يجبر المــدارس علـى‬
‫التنـافس فـي سـبيل اجتـذاب أكـبر عـدد مـن الطـالب‪ .‬فتك ــون النتيجــة تحسين الخدمات التعليمية واألنشطة‬
‫الترفيهية‪ .‬ألن مـا حـدث فـي العـادة هـو زيـادة ع ــدد الطــالب عــن استيعاب المدارس‪ ،‬بحيث أن إقبــال‬
‫الطـالب علـى مدرسـة دون أخـرى ال يمـيز المدرس ــة المرغوبــة مــن المدرســة المرفوضة‪ ،‬فجميع المدارس‬
‫تظل مكتظة بالطالب في كــل األحـوال‪ .‬فـي هـذه الحالـة يصبـح اختيـار العميـل مج ــرد مؤشـر ضعيـف‬
‫علـى التغيـير‪ ،‬وذلـك لغي ــاب المؤش ـرات السلبية التي يمكن قياسها نتيجة هذا االختيار؛‬
‫▪ المدخل الثاني؛ التنافس علر العميل‪ :‬المدخل الثاني الستراتيجية العميــل‪ ،‬هـو الخيـار التنافسـي‪ ،‬الذي‬
‫يقدم بعض المؤشرات المالية للمعادلة‪ :‬إذا فقدت المنظمة الحكومياة عمالءهاا فإناها تفقاد بعاض‬
‫إيراداتها‪ .‬ففي والية مينيسوتا‪ ،‬يطبـق نظـام حريـة اختيـار المـدارس بحيث تنتقــل المخصصـات الحكوميـة‬
‫لتعليـم األبنـاء معـهم عندما ينقلهم آباؤهم إلى المدرســة بمنطقـة تعليميـة أخـرى‪ ،‬مما يسبب انخفاض‬
‫مخصصات المدارس التــي يقـل عليـها اإلقبال بينما ترتفع تلك المخصصات للمدارس التــي يـزداد عليها‬
‫اإلقبال‪.‬‬
‫نجح هذا النظام لدرجة أنه عندما طبــق فعليـا سنة ‪ ،1989‬تنافست المدارس الجتذاب الطالب إليها‬
‫مـن خـالل طـرح ب ارمـج تعليميـة جديـدة ومجموعـات تقوي ــة بعــد الد ارســة وبرامج لتخطيط مستقبل الطالب‬
‫وب ارمــج لمكافـأة الطـالب؛‬
‫‪129‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫▪ المدخل الثالث؛ توكيد العميل للجودة‪ :‬مـن المداخـل األخـرى الت ــي تدفــع المنظمــات العمومية‬
‫للتركيز على العميل‪ ،‬مدخل الجودة بنظ ـرة العميـل (توكيـد العميل للجودة)‪ .‬يتم في هذا المدخــل وضـع‬
‫معـايير لجـودة الخدمة المقدمة ثم مكافأة المنظمات التي تصل ألفضل هذه لمعايير‪.‬‬
‫يتشـابه هـذا المدخــل مــع مدخــل "إدارة األداء"‪ ،‬الفــارق الوحيد أنه فــي حالـة مدخـل توكيـد العميـل للجـودة‪،‬‬
‫يكـون الطرف الرئيس في المعادلــة هـم العمـالء وليـس واضعـو السياسـات‪.‬‬
‫اااع مزيداً من السلطة أسفل الهرم اإلداري‪ :‬في التسلســل الـهرمي‬ ‫‪-4-3‬إستراتيجية الضباط والتحكام؛‬
‫التقليـدي للتنظيـم الحكومـي تتدفــق الســلطة مــن أعلــى ألسفل‪ .‬فالذي يحدث هو أن المواطنين ينتخبون نوابا عنهم‬
‫ثـم يشـرف هـؤالء الن ـواب علـ ــى سياس ــات المنظم ــات العمومية‪ ،‬التي يديرها‪ .‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬الموظفون‬
‫الحكوميون‪ .‬هؤالء الموظفون هم الذين يقدمون الخدمات للمواطنين‪.‬‬
‫العجيـب أنـه عندمـا يحـدث أي تقصـير في تقديم هذه الخدمة من قبل الموظفين الحكومييـن ف ــإن‬
‫المواطنيــن يتجــهون لنواب الشعب ويعطونهم القوة الالزمــة لتصحيـح هـذه األخطـاء‪ .‬ولااام يخطاار ببال أحد أن‬
‫يعطي الموظااف الحكوماي أية قوة لتحسين الخدمااة التاي يقدماها بنفسه للمواطن‪ ،‬رغم أن في هذه الطريقة‬
‫وف ار كبي ار فاي االتصاااالت واإلجااراءات والوقاات‪ .‬فالمعتــاد أن يكتف ــي الموظفون الحكوميون بإطاعة األوامر‬
‫واستجواب النـواب لهم وتشريعاتهم‪ ،‬وهو ما قــد يـؤدي إلـى خصومـات أكـثر ممـا يؤدي لمميزات‪.‬‬
‫الهدف من اســتراتيجية الضبـط والتحكـم هـو اسـتبدال هـذا النظام البيروقراطي بآخر أكثر فعالية‪.‬‬
‫▪ المدخل األول؛ تمكين المنظمة‪ :‬يتمثل المدخل األول لتنفيذ استراتيجية الضبط والتحكــم فـي إرخــاء‬
‫قبضــة وســيطرة الن ـواب المنتخبيـ ــن واإلدارات المركزيــة‪ ،‬مــن ناحيــة‪ .‬وتعزيــز اســتقاللية المنظم ــات‬
‫العمومية من ناحية أخرى‪ .‬فعلى سبيل المثال تتسلم معظم المنظمـات العمومية قيـوداً محددة تحدد أوجه‬
‫الصــرف مـن موازناتـها‪ ،‬بحيـث يتحـدد طبقاً لكل بند التمويل المسموح به‪ .‬في أستراليا مثال‪ ،‬منــح‬
‫المشـرع اعتبـا اًر مـن سنة ‪ 1988‬المنظمـات العمومية‪ ،‬الحق في تخطيط موازنتها وتعديلها كما يتراءى‬
‫لــها‪ ،‬علـى أن يكون ذلك داخل نطاق الموازنــة المخصصـة لـها‪ ،‬بـدالً من وضع قيود علــى تحديـد أوجـه‬
‫صـرف كل بنـد‪ .‬بـهذه الطريقة حصلت المنظمات العمومية علــى قـدر كبـير مـن االستقاللية والحرية؛‬
‫▪ المدخل الثاني؛ تمكين الموظفين‪ :‬المدخل الثاني لتغيير النظام الهرمي للضبط والتحكــم بعـد تمكين‬
‫المنظمات العمومية‪ ،‬هـو تمكيـن الموظفيـن‪ .‬وهـو يعنــي منــح الموظفيــن القــدرة علــى اتخــاذ القـ ـ اررات‪،‬‬
‫واالسـتجابة للعمـالء‪ ،‬والمبـادرة لحـل المشـكالت بطريقــة مباشرة‪ ،‬دون الرجوع للمركز؛‬
‫▪ المدخل الثالث؛ تمكين المجتمع‪ :‬بدالً من إلقاء جميع المشكالت علــى كاهل المنظمـات العمومية‪،‬‬
‫يمكــن منح المجتمع الســلطة الكافيـة ليحـل مشاكله بنفسه‪ ،‬ويدير منظماتــه كمـا يرى‪ .‬فالمؤسسـات‬
‫‪130‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫االجتماعيـة مث ــال هــي إحدى الــهيئات التـي يمكـن تمكينـها لحــل المشــكالت‪ .‬إذ يمكــن تمكيـ ــن أعضاء‬
‫هــذه المؤسسـات الذيـن هـم عـادة مـن المواطنيـن العـاديين مــن توجي ــه وضب ــط س ـ ــير اإلدارات المحلية‪.‬‬
‫ففي والية شــيكاغو‪ ،‬علـى سـبيل المثـال‪ ،‬تـم نقـل ســلطة إدارة أكثر من ‪ 600‬مدرسة حكوميــة ليـد مجلـس‬
‫واحـد مكـون مـن مواطنيــن منتخبين‪ ،‬بحيث يكون لهم الحق فــي تخصيص جــزء مـن الميزانيـة كمـا‬
‫يرون‪ ،‬باإلضافة لحق تعيين مديري المدارس‪.‬‬
‫‪-5-3‬اساتراتيجية الثقافاااة؛ تخلااص ماان السلوكيات واألفكار البالية‪ :‬االستراتيجية األخيرة إلعادة اخــتراع‬
‫الحكومـة هـي تغيـير الثقافة بما تضمــه مـن قيـم ونمـاذج سـلوكية ومفـاهيم ثابتـة تحكـم المنظمـات وتوجـه س ــلوك‬
‫الموظفيــن الحكومييــن‪ .‬الهدف من عمليـة التغيـير هـو تحويـل الثقافـة التـي طالمـا كافأت الجمود والتحجر إلى‬
‫ثقافة تحث على االبتكار وتبث روح المبادرة على غرار القطاع الخاص‪.‬‬
‫لم يقص د أحـد متعمـدا أن يصنـع "ثقافـة بيروقراطيـة" مـع سبق اإلصرار والترصد‪ .‬كل ما هنالك أنها‬
‫تكونت بتراكم األحداث واألوضاع التي تتكرر كـل يـوم داخـل المنظمـة‪ .‬لقد أدت خبرات العاملين بالحكومــة إلـى‬
‫ترسـيخ مجموعـة من القيم االنفعالية ‪ -‬توقعات‪ ،‬ومخاوف‪ ،‬وآمال‪ ،‬وأحــالم ‪ -‬وإلى ترسيب مجموعة من األفكــار‬
‫المحـددة عـن المنظمـة الحكومية‪.‬‬
‫بحكـم العـادة بـدأ الموظفـون بعرقلـة التغيـيرات وإعاقتــها‪ ،‬وأصبحوا ملتزمين‪ ،‬دون إدراك واضح منهم‪ ،‬ببقاء‬
‫الوضع على ما هو عليــه‪ ،‬فصـارت الحكومـة مجـرد بيروقراطيـة جامدة‪ .‬لتغيـير هـذه الثقافـة علي ــك أن تعــرض‬
‫األف ـراد لخــبرات وتفاعالت وأفكار جديدة‪.‬‬
‫قد يكون تطبيق االستراتيجيات األربــع األولـى (المحـور‪ -‬التبعات ‪ -‬العميل ‪ -‬الضبط) بدايـة قويـة‬
‫لوضـع الموظفيـن داخل خبرات وتفاعالت وأفكار جديدة‪ ،‬لكنها ليســت كافيـة في حد ذاتـها‪ .‬فالبـد مـن مبـادرات‬
‫أخـرى لتثبيـت الثقافـة الجديدة‪.‬‬
‫▪ المدخل األول؛ غير عاداتهم‪ :‬المدخل األول لتغيير الثقافة هو تعريض الموظفين لخبرات جديـدة‪ .‬إذ‬
‫أن واحـدة مـن أفضـل أسـاليب تغي ــير ثقافــة الموظفيــن هــي استمرار تنقلهم داخل الفـروع واإلدارات‬
‫المختلفـة‪ .‬والطلـب منهم أ ن يتعاملوا مع المنظمة من وجهة نظـر العميـل‪ .‬ومـا هي الفائدة التي كانت‬
‫ستعود عليهم؟ وما هي أفضل طرق تحقيقها للعميل؟ فالنظر للنظام من منظار العميل‪ ،‬يزعزع األفكار‬
‫والعادات المستقرة؛‬

‫تنقــالت‬ ‫حركـة‬ ‫فــي‬ ‫مســتمرة‬ ‫بصفــة‬ ‫معاوني ــه‬ ‫فرجينيـا‪،‬‬ ‫بواليــة‬ ‫هـامبتون‬ ‫بلديـة‬ ‫رئيـس‬ ‫أونيـل‪،‬‬ ‫بـوب‬ ‫‪‬يضـع‬
‫وظيفية‪ ،‬ويعرضهم لمزيد من الضغـوط ليضمـن تفـهم كـل منهم لطريقة عمل وحدات البلدية من الداخــل‪ .‬وكثـي ار مـا تسكب حركة‬
‫التنقالت تلك‪ ،‬الموظفين خبرات جديدة‪.‬‬
‫‪131‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫▪ المدخل الثاني؛ خاطب قلوبهم‪ :‬عادة ما تمتد جذور ثقافة المنظمــة داخـل أذهـان الموظفين‪ ،‬وتسيطر‬
‫عليهم دون وعي منهم‪ .‬أما فــي كهف البيروقراطيـة المظلم تســيطر علـى بعـض الموظفين فكـرة الثبـات‪،‬‬
‫بينمـا ينبري آخرون لمعاداة التغيير وينسحب غيرهم ليلعبوا دور الضحية‪ ،‬التي تستسلم‪ ،‬مع قليل من‬
‫اللوم والعتاب‪ ،‬لكل مــا يمليه عليها أعداء التغيــير وأنصـار "هكـذا نحـن ‪ .‬وهكـذا سنبقى"‪ .‬ولكي تغير‬
‫ثقافــة هـذه الفئـات عليـك أن تخـاطب قلوبهم‪.‬‬
‫يمكنـك اسـتخدام وسـائل متنوعـة‪ ،‬لتفعـل ذلـك‪ .‬يمكنــك أن تطور بيئة العمل‪ ،‬وتشــجع االبتكـار والتغيـير ‪-‬‬
‫حتـى ولـو فشل‪ .-‬كما يمكنك توطيد أواصر التعاون بين فــرق العمـل‪ .‬المهم هو أن ال تكتفي بتغيير‬
‫الثقافة القديمة‪ ،‬بل رسخ ثقافــة جديدة مكانها؛‬
‫▪ المدخل الثالث؛ استحوذ علر عقولهم‪ :‬هنا ننتقل من العاطفة إلى العقل‪ .‬حاول أن تضع في عقول‬
‫الموظفين صورة واضحة عــن منظمتـهم فـي ثوبـها الجديـد‪ :‬غايتها ‪ -‬قيمها ‪ -‬أهدافها – قواعدها‪ .‬إذ‬
‫استطاعت بلدية هامبتون في هذا الشأن‪ ،‬تحفيز موظفيها حيـن تبنــت شــعار‪" :‬أن نجعــل هــامبتون أفضــل‬
‫مدينــة ف ــي فرجينيا"‪ .‬هذا الشعار‪ ،‬الذي يظهر في كل مكان بهامبتون حتــى علـى شيكات رواتــب‬
‫العـاملين‪ ،‬أصبـح باعثـا قويـا يشـجع علـى العمل والتعاون والمبادرة‪ .‬وهذا الشعار هو ما جعل إدارة‬
‫األشـغال العامـة تعمـل ألسـابيع علـى إنشـاء حديقـة جديــدة بالبلدة نيابة عن إدارة الحدائق التي لــم تكـن‬
‫تملـك التمويـل الالزم‪ .‬ففي النهاية‪ ،‬تجعــل الحدائـق المدينـة مكانـا أفضـل للحياة المعاصرة‪.‬‬
‫‪132‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫الخاتمة‬
‫استعرضت هذه المطبوعة مفهوم التسيير العمومي بغرض استخالص الدروس التي يمكن أن يستفيد‬
‫منها القطاع العمومي‪ .‬وقد تبين أن المفهوم التقليدي للتسيير العمومي لم يعد قاد اًر للتعامل مع المتطلبات‬
‫المتسارعة للدولة الحديثة‪ .‬ويعني ذلك أن العديد من دول العالم أخذت في التخلي عن األسلوب البيروقراطي‬
‫التقليدي لتسيير المنظمات العمومية لصالح التسيير العمومي الجديد‪ ،‬لذا يتوجب علينا االستفادة من تلك المفاهيم‬
‫التسييرية (اإلدارية) وتجارب الدول في هذا المجال‪.‬‬
‫ومن هذا المنطلق‪ ،‬فقد ركزت المطبوعة على إلقاء الضوء على أهم المحاور التي قد يتناولها مقياس‬
‫التسيير العمومي دون أن نفوت فرصة التطرق إلى أهم المستجدات التي طرأت على مواضيع االصالح االداري‬
‫في القطاع العمومي عالميا على غرار مفهوم التسيير العمومي الجديد‪ ،‬وذلك لمحاولة إيصال وعرض هذا‬
‫المفهوم الجديد للطلبة الذين تستهدفهم هذه المطبوعة بالدرجة االولى وكذا العاملين في القطاع العمومي‪.‬‬
‫فالضرورة تقتضي على أي جهاز الحكومي تبنى ممارسات التسيير العمومي الجديد بما يتالءم وتطلعات الدولة‬
‫إلصالح جهازها الحكومي‪.‬‬
‫ونحن هنا ال ندعوا إلى نقل تلك المفاهيم كما هي ولكن لالستفادة قدر اإلمكان من األساليب‬
‫والممارسات الحديثة بما يتالءم وظروفنا السياسية واالقتصادية واالجتماعية‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬ونأمل أن يستفيد القراء من محتويات هذه المطبوعة على غرار استيعابهم للمفاهيم األساسية في‬
‫مجال التسيير العمومي‪ ،‬على أن نزودهم _ قريبا إن شاء هللا _ بمزيد من األعمال في هذا الجانب‪.‬‬
‫‪133‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫قااااااااااااااااائااااااااماة المراجااع‬

‫أوال‪ -‬قائمة المراجع العربية‬


‫‪I‬ـ الكتااب‪:‬‬
‫‪ .1‬إدريس ثابت عبد الرحمان‪ ،‬المدخل الحديث في اإلدارة العامة‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪.2001 ،‬‬
‫‪ .2‬أسـبورن ديفيـد وأخـرون‪ ،‬إبعااد شابح البيروقراطياة‪ :‬خماس اساتراتيجيات إلعاادة اختاراع الحكوماة‪ ،‬خالصـات كتـب المـدير‬
‫ورجل األعمال‪ ،‬العدد‪ ،18 :‬إصدار الشــركة العربية لإلعالم العلمي (شعاع)‪ ،‬القاهرة‪.1997 ،‬‬
‫‪ .3‬أســبورن ديفيــد وآخــرون‪ ،‬إعااادة اخاااتراع الحكومااة‪:‬كيف تعماال روح المبااادرة علاار إحياااء القطاااع العااام؟‪ ،‬خالصــات كتــب‬
‫المدير ورجل األعمال‪ ،‬العدد‪ ،06 :‬إصدار الشــركة العربية لإلعالم العلمي (شعاع)‪ ،‬القاهرة‪.1994 ،‬‬
‫‪ .4‬أقاســم قــادة وآخــرون‪ ،‬المحاساابة الوطنيااة‪ :‬نظااام الحسااابات االقتصااادية الجزائريااة‪ ،‬ديـوان المطبوعــات الجامعيــة‪ ،‬الج ازئــر‪،‬‬
‫‪.2002‬‬
‫‪ .5‬بن حبتور عبد العزيز صالح‪ ،‬اإلدارة العامة المقارنة‪ ،‬ط‪ ،01 :‬دار المسيرة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪.2009 ،‬‬
‫‪ .6‬جــابر وليــد حي ــدر‪ ،‬التفاااويض فااي إدارة واساااتثمار المرافاااق العاماااة‪ :‬دراسااة مقارناااة‪ ،‬ط‪ ،1 :‬منش ــورات الحلبــي الحقوقي ــة‪،‬‬
‫بيروت‪.2009 ،‬‬
‫‪ .7‬حجازي المرسي السيد‪ ،‬اقتصاديات المشروعات العامة‪ :‬النظرية والتطبيق‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪.2004 ،‬‬
‫‪ .8‬الحلــو ماجــد ارغــب‪ ،‬علاام اإلدارة العامااة ومبا ادئ الشااريعة اإلسااالمية‪ ،‬دار الجامعيــة الجديــدة للنشــر والتوزيــع‪ ،‬اإلســكندرية‪،‬‬
‫‪.2004‬‬
‫‪ .9‬شريف إسماعيل‪ ،‬أساسيات حول التسيير العمومي‪ ،‬منشورات دار قرطبة‪ ،‬باب الزوار‪ ،‬الجزائر‪.2015 ،‬‬
‫‪ .10‬شريف علي‪ ،‬إدارة المنظمات الحكومية‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪.2003 ،‬‬
‫‪ .11‬صخري عمر‪ ،‬اقتصاد المصسسة‪ ،‬ط‪ ،06 :‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.2008 ،‬‬
‫‪ .12‬الصيرفي محمد‪ ،‬إدارة األعمال الحكومية‪ ،‬ط‪ ،01 :‬مؤسسة حورس الدولية للنشر والتوزيع‪ ،‬اإلسكندرية‪.2005 ،‬‬
‫‪ .13‬الضمور هاني حامد‪ ،‬تسويق الخدمات‪ ،‬ط‪ ،4 :‬دار وائل للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪.2008 ،‬‬
‫‪ .14‬عبد الحميد عبد المطلب‪ ،‬التمويل المحلي ( والتنمية المحلية)‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪.2001 ،‬‬
‫‪ .15‬عبد الفتاح محمد السعيد وآخرون‪ ،‬اإلدارة العامة‪ :‬المبادئ والتطبيق‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬مصر‪.2003 ،‬‬
‫‪ .16‬عبوي زيد منير وآخرون‪ ،‬مدخل إلر اإلدارة العامة بين النظرية والتطبياق‪ ،‬ط‪ ،01 :‬دار الشـروق للنشـر والتوزيـ ع‪ ،‬عمـان‪،‬‬
‫‪.2006‬‬
‫‪ .17‬عثمان حسين عثمان محمد‪ ،‬أصول علم اإلدارة العامة‪ ،‬ط‪ ،01 :‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪،2007 ،‬‬
‫‪ .18‬فهمي مصطفى أبو زيد وآخرون‪ ،‬اإلدارة العامة‪ ،‬دار الجامعية الجديدة للنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪.2003 ،‬‬
‫‪ .19‬القطب مروان محي الدين‪ ،‬طرق خصخصة المرافق العامة‪ ،‬ط‪ ،01 :‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪.2009 ،‬‬
‫‪ .20‬محمــد جم ــال عبــد هللا‪ ،‬إدارة التغييااار والتطاااوير التنظيماااي‪ ،‬دار المعتــز للنش ــر والتوزي ــع‪ ،‬الطبعــة األول ــى‪ ،‬عم ــان‪ ،‬األردن‪،‬‬
‫‪.2014‬‬
‫‪ .21‬محمد موفق حديد‪ ،‬إدارة األعمال الحكومية‪ ،‬ط‪ ،01:‬دار المناهج للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪.2002 ،‬‬
‫‪ .22‬محند واعمر علي زيـان وآخـرون‪ ،‬معجام مصاطلحات التسايير العماومي‪ ،‬ط‪ ،01 :‬دار االعصـار العلمـي للنشـر والتوزيـع‪،‬‬
‫عمان‪ ،‬األردن‪.2018 ،‬‬
‫‪134‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫‪ .23‬مولد كوني وآخرون‪ ،‬إدارة جودة الخدمة في الضيافة والسياحة ووقت الفراغ‪ ،‬ترجمة سرور على إبـراهيم سـرور وآخـرون‪،‬‬
‫دار المريخ للنشر‪ ،‬الرياض‪.2007 ،‬‬

‫‪II‬ـ الجرائد الرسمية‪:‬‬


‫‪ .24‬األمر رقم ‪03 -06‬المصرخ فاي‪ 19‬جماادى ال ّثانياة عاام ‪ 1427‬الموافاق لا ا ‪ 15‬يولياو سانة ‪ 2006‬المتضامن القاانون‬
‫األساسي العاام للوظيفاة العمومياة‪ ،‬الجريـدة الرسـمية للجمهوريـة الجزائريـة الديمقراطيـة الشـعبية‪ ،‬العـدد‪ ،46 :‬الج ازئـر‪20 ،‬‬
‫جمادى الثانية عام ‪ 1427‬الموافق لـ ‪ 16‬يوليو سنة ‪.2006‬‬
‫‪ .25‬دستور الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬العـدد‪،14 :‬‬
‫الجزائر‪ 07 ،‬مارس سنة ‪.2016‬‬

‫‪III‬ـ النادوات والمصتمرات والملتقيات‪:‬‬

‫‪ .26‬بودوشن ياقوتة‪ ،‬دور جودة الخدمة اإللكترونية العمومية في بناء حكوماة إلكترونياة ناجحاة‪-‬تجاارب بعاض دول عربياة‪،‬‬
‫الملتقى الوطني حول إصالح الخدمة العمومية وتأهيل المرفـق العـام – الواقـع‪ ،‬التحـديات واآلفـاق‪ ،‬كليـة العلـوم االقتصـادية‬
‫والعلوم التجارية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة البليدة ‪ ،2‬يومي ‪ 18-17‬ديسمبر ‪.2014‬‬
‫‪ .27‬حوتية عمر وآخرون‪ ،‬االتجاهات الحديثة لتحقيق األداء المتميز فاي المنظماات الحكومياة‪ ،‬المـؤتمر العلمـي الـدولي حـول‬
‫األداء المتميز للمنظمات والحكومات‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم االقتصادية‪ ،‬جامعة ورقلة‪ 09-08 ،‬مارس ‪.2005‬‬
‫‪ .28‬العرابي حمزة وآخرون‪ ،‬األسس النظرية للخدمة العمومية‪ ،‬الملتقى الوطني حول إصالح الخدمة العموميـة وتأهيـل المرفـق‬
‫العام – الواقع‪ ،‬التحديات واآلفاق‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية والعلـوم التجاريـة وعلـوم التسـيير‪ ،‬جامعـة البليـدة ‪ ،2‬يـومي ‪-17‬‬
‫‪ 18‬ديسمبر ‪.2014‬‬
‫‪ .29‬عالش أحمد وآخرون‪ ،‬ماهية المرفق العام والخادمات العمومياة‪ ،‬الملتقـى الـوطني حـول إصـالح الخدمـة العموميـة وتأهيـل‬
‫المرفق العام‪ :‬الواقع‪ ،‬التحديات واآلفاق‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية والعلوم التجارية وعلوم التسـيير‪ ،‬جامعـة البليـدة ‪ ،2‬يـومي‬
‫‪ 18-17‬ديسمبر‪.2014‬‬
‫‪ .30‬الغالبي طاهر محسن منصور وآخـرون‪ ،‬المعرفاة مادخل لتعزياز مانهج الحاكمياة فاي المنظماات العربياة‪ ،‬المـؤتمر العلمـي‬
‫الدولي الخامس بعنوان "اقتصاد المعرفة والتنمية االقتصادية‪ ،‬جامعة الزيتونة األردنية‪ ،‬األردن‪ 27-25 ،‬أفريل ‪.2005‬‬
‫‪ .31‬مزهــودة عبــد المليــك وآخــرون‪ ،‬التساايير اإلسااتراتيجي فااي السااياق العمااومي مبرراتااه وأهميااة وبعااض مظاااهر ممارسااته‬
‫بالمديرياة الجهويااة للصااندوق الااوطني للساكن بسااكرة‪ ،‬الملتقــى الـدولي حــول تسـيير وتمويــل الجماعـات المحليــة فـي ضــوء‬
‫التحوالت االقتصادية‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة الحاج لخضر‪ ،‬باتنة‪ ،‬الجزائرـ ديسمبر ‪.2004‬‬

‫‪IV‬ـ المذكرات واألطروحات غير المنشورة‪:‬‬


‫‪ .32‬براينيس عبد القادر‪ ،‬التساويق فاي مصسساات الخادمات العمومياة‪ :‬دراساة حالاة المصسساات الصاحية باالجزائر العاصامة‪،‬‬
‫أطروحــة مقدمــة لنيــل ش ــهادة الــدكتوراه فــي العلــوم االقتص ــادية‪ ،‬كليــة العلــوم االقتصــادية والعل ــوم التجاريــة وعلــوم التس ــيير‪،‬‬
‫جامعة الجزائر‪.2007 ،‬‬
‫‪ .33‬بن فرحات مـوالي لحسـن‪ ،‬إدارة الكفااءات ودورهاا فاي عصارنة الوظيفاة العمومياة فاي الجزائار‪ ،‬مـذكرة مقدمـة لنيـل شـهادة‬
‫الماجستير في العلوم القانونية‪ ،‬تخصص قانون إداري وإدارة عامة‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعـة الحـاج لخضـر‪،‬‬
‫باتنة‪.2012 ،‬‬
‫‪135‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫‪ .34‬بوعنــان نــور الــدين‪ ،‬جااودة الخاادمات وأثرهااا علاار ر ااا العمااالء‪ ،‬مــذكرة مقدمــة لنيــل شــهادة الماجســتير فــي علــوم التســيير‪،‬‬
‫تخصص تسويق‪ ،‬جامعة محمد بوضياف المسيلة‪.2007 ،‬‬
‫‪ .35‬رفاع شريفة‪ ،‬نحو إدماج مفهوم األداء في الخدمة العمومية في الادول النامياة‪ :‬نحاو تسايير عماومي جدياد وفاق نظرياة‬
‫اإلدارة الحديثة‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكتو اره في علوم التسيير‪ ،‬جامعة الجزائر‪.2008 ،‬‬
‫‪ .36‬عــدمان مريــزق‪ ،‬واقااع جااودة الخاادمات فااي المصسسااات الصااحية‪ :‬دراسااة حالااة المصسسااات الصااحية بااالجزائر العاصاامة‪،‬‬
‫أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه في علوم التسيير‪ ،‬جامعة الجزائر‪.2008 ،‬‬
‫‪ .37‬عقاقبـة عبـد العزيـز‪ ،‬تسايير السياساة العمرانياة فاي الجزائاار‪-‬مديناة باتناة نموذجاا‪ ،‬مـذكرة ماجسـتير فـي العلـوم السياســية‪،‬‬
‫تخصص‪ :‬سياسات عامة وحكومات مقارنة‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة الحاج لخضر باتنة‪.2010-2009 ،‬‬
‫‪ .38‬مرواني اربـح‪ ،‬نظم المعلومات الحديثة ودورها في رفع من أداء اإلدارة العمومية ‪-‬دراسة حالة الوكالة الوالئية للصندوق‬
‫الوطني للضامان االجتمااعي للعماال األجاراء بالبليادة‪ ،‬مـذكرة ماجسـتير فـي علـوم التسـيير تخصـص تسـيير عمـومي‪ ،‬كليـة‬
‫العلوم االقتصادية والعلوم التجارية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة الجزائر‪.2012 ،3‬‬

‫‪V‬ـ المقاالت في المجالت والنشرات والدوريات‪:‬‬


‫‪ .39‬بـريش عبــد القــادر‪ ،‬جااودة الخاادمات المصاارفية كماادخل لزيااادة القاادرة التنافسااية للبنااو ‪ ،‬مجلــة اقتصــاديات شــمال إفريقيــا‪،‬‬
‫العدد‪ ،03 :‬بدون سنة‪.‬‬
‫‪ .40‬بن عيسى ليلى‪ ،‬الحكم الراشد أحد مقومات التسيير العمومي الجديد‪ ،‬مجلة أبحـاث اقتصـادية وإداريـة‪ ،‬العـدد‪ ،14 :‬كليـة‬
‫العلوم االقتصادية والعلوم التجارية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة محمد خيضر‪ ،‬بسكرة‪ ،‬ديسمبر‪.2013‬‬
‫‪ .41‬بوطويل رقية‪ ،‬التوجه نحو االختيار القائم علر أساس الكفاءات للتوظيف في الوظيفة العمومية‪:‬دراسة ممارسات دولية‪،‬‬
‫مجلة المؤسسة‪ ،‬العدد‪ ،04 :‬جامعة الجزائر ‪ ،3‬الجزائر‪.2015 ،‬‬
‫‪ .42‬الحاج حسن‪ ،‬ﺍﻗتصاﺩياﺕ البيئة‪ ،‬سلسلة دورية‪ ،‬ﺍلﻌﺩﺩ‪ ،26 :‬ﺍلمعهﺩ ﺍلﻌﺭبي للتخطيط‪ ،‬الﻜﻭيت‪ ،‬فيفري ‪.2004‬‬
‫‪ .43‬خمــيس خليــل‪ ،‬مساااهمة القطاااع العااام والقطاااع الخاااص فا ي التنميااة الوطنيااة فااي الجزائاار‪ ،‬مجلــة الباحــث‪ ،‬العــدد‪،09 :‬‬
‫جامعة ورقلة‪.2011 ،‬‬
‫‪ .44‬الزرقا محمد أنـس‪ ،‬األسواق غيار التنافساية المعاصارة باين الفقاه والتحليال االقتصاادي‪ ،‬مجلـة جامعـة الملـك عبـد العزيـز‪:‬‬
‫االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬المجلد‪ ،19 :‬العدد‪ ،02 :‬العربية السعودية‪.2006 ،‬‬
‫‪ .45‬شـعبي فيصـل أحمـد عابـد‪ ،‬اإلدارة العاماة فاي العهاد النبااوي‪ :‬المفهاوم والنشاأة والمهاام‪ ،‬مجلـة جامعـة الملـك عبـد العزيــز‪:‬‬
‫االقتصاد واإلدارة‪ ،‬العدد‪ ،1 :‬جدة‪.2004 ،‬‬
‫‪ .46‬عبد صالح طالب‪ ،‬اقتصاد السوق‪ :‬بحث في أصوله وأساباب تجادد الادعوة إلياه والادور المتغيار للدولاة فاي ظلاه‪ ،‬مجلـة‬
‫العلوم االقتصادية واإلدارية‪ ،‬المجلد‪ ،13 :‬العدد‪ ،48 :‬جامعة بغداد‪ ،‬العراق‪.2007 ،‬‬
‫‪ .47‬عشــور طـــارق‪ ،‬مقاربة التسيير العمومي الجديد كآلية لتادعيم وتعزياز تنافساية وكفااءة المنظماات الحكومياة‪ ،‬مجلـة أداء‬
‫المؤسسات الجزائرية‪ ،‬العدد‪ ،01:‬جامعة قاصدي مرباح‪ ،‬ورقلة‪.2012 ،‬‬
‫‪ .48‬القريوتي محمد قاسم‪ ،‬دور اإلدارة العامة في التنمية بين اإلسالم والنظم المعاصرة األخرى (دراسة مقارنة)‪ ،‬مجلـة جامعـة‬
‫الملك عبد العزيز‪ :‬االقتصاد واإلدارة‪ ،‬جدة‪.1989 ،‬‬

‫‪VI‬ـ المواقع اإللكترونية المستخدمة‪:‬‬


‫‪ .49‬اإلدارة العام ـ ــة احلديث ـ ــة واإلص ـ ــالح اإلداري‪ ،‬عل ى ىىى اخل ى ىىط‪ ،http://www.cba.ksu.edu.sa/member/file/research/e :‬اتري ى ىىخ‬
‫اإلطالع‪ ،2017-05-28 :‬على الساعة ‪.00:11‬‬
‫‪136‬‬ ‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‪-‬‬

‫‪ .50‬االدارة العامة وعالقتها باإلدارة التعليمية‪ ،‬على الخط‪،www.uobabylon.edu.iq/eprints/pubdoc_11_25117_913.doc :‬‬


‫تاريخ االطالع‪ ،2018-06-01:‬على الساعة ‪.00:01‬‬
‫‪ .51‬إصاااااااااااااااالح اإلدارة الحكومياااااااااااااااة ‪ ،‬م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذكرة تطبيقي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‪ ،‬برن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــامج األم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم المتح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدة اإلنم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــائي‪ ،‬عل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى الخ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــط‪:‬‬
‫‪ ،http://pogar.org/LocalUser/.../un/.../pubadminreform -practicenote-04a.do‬ت ـ ـ ــاريخ االط ـ ـ ــالع‪ ،2015-11-02 :‬عل ـ ـ ــى‬
‫الساعة‪.23:31‬‬
‫الخط‪:‬‬ ‫على‬ ‫وأهميتها‪،‬‬ ‫اإلدارة‬ ‫تعريف‬ ‫محمد‪،‬‬ ‫العامري‬ ‫شيبان‬ ‫علي‬ ‫‪ .52‬بن‬
‫‪https://sst5.com/Article/1216/76/%D8%AA%D8%B9%D8%B1%D9%8A%D9%81 -‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AF%D8%A7%D8%B1%D8%A9-‬‬
‫‪-06-01‬‬ ‫‪ ،%D9%88%D8%A3%D9%87%D9%85%D9%8A%D8%AA%D9%87%D8%A7 -..-‬تاريخ االطالع‪:‬‬
‫‪ ،2018‬على الساعة ‪.23:34‬‬
‫‪ .53‬التخصااااايص وإدارة التغييااااار‪ :‬التحاااااديات التاااااي تواجاااااه المصسساااااات العاماااااة فاااااي المملكاااااة العربياااااة الساااااعودية‪ ،‬عل ـ ــى‬
‫الخـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــط‪:‬‬
‫‪http://faculty.ksu.edu.sa/salotaibi/DocLib/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AE%D8%B5%D9%8A%D8%‬‬
‫‪B5%20%D9%88%D8%A7%D8%AF%D8%A7%D8%B1%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%‬‬
‫‪.11:21‬‬ ‫‪ ،BA%D9%8A%D9%8A%D8%B1.doc‬تاريخ االطالع‪ ،2018-06-10 :‬على الساعة‬
‫الخـط‪،http://www.elmouwatin.dz/IMG/pdf/constitution_algerienne._ar_.pdf :‬‬ ‫‪ .54‬الدستور الجزائري لسنة ‪ ،1996‬علـى‬
‫‪.09:42‬‬ ‫تاريخ االطالع‪ ،2018-06-21 :‬على الساعة‬
‫‪ .55‬ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدقن أحم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد الس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيد‪ ،‬مدرساااااااااااااااااااااااااااة اإلدارة العاماااااااااااااااااااااااااااة الجديااااااااااااااااااااااااااادة‪ ،‬عل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى الخ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــط‪:‬‬
‫‪/.../http://kenanaonline.com/files‬موقععع‪20%‬االدارة‪20%‬العامععة‪....20%‬الحوكمععة‪ ،docx.‬تــاريخ االطــالع‪ ،2016-02-09 :‬علــى‬
‫الساعة ‪.18:56‬‬
‫‪ .56‬سامر أحمد موسـى‪ ،‬إ راب العااملين فاي المرافاق العاماة‪ :‬دراساة فاي النظاام القاانوني الفلساطيني والفرنساي والجزائاري‪،‬‬
‫عل ـ ـ ـ ـ ــى الخ ـ ـ ـ ـ ــط‪ ،http://previous.eastlaws.com/Uploads/Morafaat/19.pdf :‬ت ـ ـ ـ ـ ــاريخ االط ـ ـ ـ ـ ــالع‪ ،2018-06-01 :‬عل ـ ـ ـ ـ ــى‬
‫الساعة‪.22:41‬‬
‫‪ .57‬شنوفي نور الدين‪ ،‬المناجمنت العمومي‪ ،‬على الخـط‪،http://ouarsenis.com/vb//attachment.php?attachmentid=9718 :‬‬
‫‪.23:12‬‬ ‫تاريخ االطالع‪ ،2017-06-05 :‬على الساعة‬
‫‪http://faculty.ksu.edu.sa/.../‬االدارة‬ ‫‪ .58‬العتيبي سعد‪ ،‬اإلدارة العامة الحديثاة كمادخل معاصار لإلصاالح اإلداري‪ ،‬علـى الخـط‪:‬‬
‫‪%20‬العامة‪%20‬الحديثة‪%20‬كمدخل‪20%‬معاصر‪ ،....ppt2%‬تاريخ االطالع‪ ،2015-04- 28 :‬على الساعة ‪.21:38‬‬
‫‪ .59‬عـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرب هـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاني‪ ،‬اإلدارة العامااااااااااااااااااااااااااااااة‪ :‬مبااااااااااااااااااااااااااااااادئ اإلدارة العامااااااااااااااااااااااااااااااة‪ ،‬علـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى الخـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــط‪،‬‬
‫الساعة ‪.11:11‬‬ ‫‪ ،http://www.rsscrs.info/vb/downloads.php?do=file&id=662‬تاريخ اإلطالع‪ ،2010-12-25 :‬على‬
‫‪ .60‬مبااااااادئ اإلدارة العامااااااة‪ ،‬علـ ـ ــى الخـ ـ ــط‪ ،ashamsan.kau.edu.sa/GetFile.aspx?id=79025&Lng=AR&fn...doc :‬تـ ـ ــاريخ‬
‫اإلطالع‪ ،2018-06-15 :‬على الساعة ‪.15:30‬‬
‫‪ .61‬مباادأ المساااواة أمااام المرافااق العامااة‪ ،‬علــى الخــط‪ ،http://dspace.univ-biskra.dz:8080/jspui/bitstream:‬تــاريخ االطــالع‪:‬‬
‫‪.21:47‬‬ ‫‪ ،2016-01-16‬على الساعة‬
‫‪ .62‬الـهـبـول يـاسـر وآخرون‪ ،‬بااحاااااااااااااااااااااااااااث فاي اإلدارة الاااعاااماا اة‪ ،‬جامعـة اإلمـام محمـد بـن سـعود‪ ،‬المملكـة العربيـة السـعودية‪،‬‬
‫علـ ــى الخـ ــط‪ ،https://faculty.psau.edu.sa/filedownload/doc-8-doc-0b6e39d73bf91651ad76349e38 :‬تـ ــاريخ االطـ ــالع‪:‬‬
‫‪ ،2018-06-01‬على الساعة ‪.11:50‬‬
137 -‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‬

:‫ـ مراجع أخرى‬VII


‫ مركـز محمـد بـن ارشـد لالبتكـار‬،‫ القمة العالمية للحكومـات‬،‫ ابتكارات حكومية من حول العالم‬:‫ ابتكارات الحكومات الخالقة‬.63
.2016 ‫ فيفري‬،‫ اإلمارات العربية المتحدة‬،‫الحكومي‬
.2013 ،‫ واشنطن‬،02 :‫ ط‬،‫ منشورات صندوق النقد الدولي‬،‫ مرشد لمعديها ومستخدميها‬:‫ إحصاءات دين القطاع العام‬.64

‫ قائمة المراجع الفرنسية‬-‫ثانيا‬

I.Livres:

1. BEN Turkia Mourad , Le management public, C.R.E.A, Tunis, 1992.


2. C.HUMPHREYS Peter, Improving public service delivery, First published by institute of public
administration, Dublin, Ireland, 1998 .
3. ESPLUGAS Pierre, Le service public, Edition DALLOZ, Paris, 1998 .
4. HUSSENOT Philippe, La gestion publique par objectifs: des ambitions a la pratique, Les
éditions d’organisation, Paris, 1983.
5. KOTLER Philip, Marketing management, 13ème édition, pearson éducation, Paris, 2009.
6. PEYRICAL Jean-Marc, Droit Administratif, 2ème édition, Montchrestien, Paris, 2000.
7. TANVET Catherine et autres, Les services collectifs demain en Bretagne: une étude prospective-
région Bretagne, Conseil économique, social et environnemental de Bretagne, Bretagne, 2013.
8. Thomas LAMARCHE et Autres, Manager ou servir, Edition Syllepse, Paris, 2011.
9. TROGER François, Services publics: Faire ou déléguer ?, Librairie vuibert, Paris, 1995.

II.Dictionnaires:

10. BEITONE Alain et autres, Dictionnaire des sciences économiques, 2éme édition, Armand colin,
Paris, 2008.

III.Mémoires et Thèses:

11. BEN SAID Hayat, Gestion du changement dans l’administration publique en vue de sa
modernisation : études de cas canadiens et leçons pour le Maroc, Mémoire présenté en vue de
l’obtention du grade de maître ès maîtrise sciences, Sciences de la gestion, Ecole des hautes études
commercialesaffiliée à l’université de Montréal, Canada, Avril 2000.
12. GIRAUDON Anne, La notion de service public, Mémoire d'étude, École nationale supérieure des
sciences de l'information et des bibliothèques, France, janvier 2010 .
13. HEMISSI Omar, Déterminants, leviers et supports de conduite du processus de changement
organisationnel: Cas d’un établissement de service public "Algérie poste", thèse en vue de
l’obtention du titre de docteur en science de gestion, Ecole supérieure de commerce , Alger, Mars
2014.
IV. Sites web:

14. BERTHIER Ludovic et Autres, Le Nouveau Management Public: Avantages et Limites, Sur le
site: http://webs.unice.fr/recemap/contenurevue/Articles/Revue_Recemap13_Amar_Berthier.pdf,
Consulté le: 05-03-2016, à 23:10.
138 -‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‬

15. CHEVALLIER Jacques, Essai sur la notion juridique de service public, Sur le site, http://www.
U-picardie.fr /labo/ curapp/ revues / Consulté le: 17-12-2014, à 09:05.
16. DEBIH Hatem, Le service public: notions essentielles, Faculté de droit & de sciences politiques,
Université de Msila, Sur le site: http://virtuelcampus.univ-msila.dz/facdroitsp/wp-
content/uploads/2016/11/Droit-administratif-Doc2.pdf, Consulté le: 30-10-2016, à 00:10.
17. GEORGE Eric, Service public de la télévision et marchandisation de la communication, Sur le
site : http://aix1.uottawa.ca/~egeorge/textes_enligne/marchandisation_tele.pdf, Consulté le: 12-06-
2015, à 18:08.
18. GUILLOT Éric, Dynamiques du management et nouvelle gestion publique : Quels
enseignements pour le management du secteur éducatif?, 9 juin 2010, P: 13, Sur le site:
http://www.esen.education.fr/fileadmin/user_upload/Modules/Ressources/Conferences/flash/10-
11/guillot/medias/ guillot_e_ngp_diapo.pdf, Consulté le: 28-05-2017, à 23:26.
19. HEMISSI Omar, Le Management Public : Une Nouvelle Discipline, Sur le site : http://www.esc-
alger.dz/contribution%20ensgnt/hemissi/management-public-cours-hemissi-esc-alger.pdf, Consulté
le: 16-02-2016, à 21:52.
20. Introduction aux finance publique 2008-2009 : L’état et les biens collectifs, Sur le
site :https://www.unifr.ch/finpub/assets/files/Etudes/Bachelor/IFP1/SA2008/ChapitresSA2008/Chapi
tre1_SA08.pdf , Consulté le: 25-04-2015. à 20 :27.
21. Introduction aux finance publique 2008-2009 :L’ Etat et les Biens Collectifs, Sur le site:
https://www.unifr.ch/finpub/assets/files/Etudes/Bachelor/IFP1/SA2008/ChapitresSA2008/Chap
itre1_SA08.pdf , consulté le: 25-04-2015, à 23:19.
22. K. DOVONON Valentin, Methode de La Nouvelle Gestion Publique: Responsabilité,
Accessibilité, Productivité, Résultat et Clients, Etc…, Sur le site : http://www.focusintl.com/071-
unpan002329.pdf, Consulté le : 30-03-2016, à 23 :00.
23. L'ACTION ECONOMIQUE ET SOCIALE DE L'ETAT, Sur le site :
https://sesmassena.sharepoint.com/Documents/CHAP%204%20-%2046%20-
%20Les%20fondements%20 de%20l'action%20de%20l'Etat%20(Cours%20-%202010-2011).pdf,
Consulté le :31-01-2016, à 21 :43.
24. Les Domaines De La Sphère Publique, Sur le site: http://www.esc-
alger.dz/contribution%20ensgnt/hemissi/SUPPORT-DE-COURS-DOMAINES-DE-LA-SPHERE-
PUBLIQUE.pdf, Consulté le: 16-02-2016, à 22:17.
25. Les trois fonctions économiques la production et le système productif, Sur le site: http://www
.the.file.free.fr/1er...3506/83506TGPA0007_03.pdf, Consulté le: 06-05-2015, à 23:32.
26. Nouvelle gestion publique, Dictionnaire suisse de politique sociale, Sur le site:
http://www.socialinfo.ch/cgi-bin/dicoposso/show.cfm?id=530, Consulté le: 28-05-2017, à 23:16.
27. Régulations et déséquilibres macroéconomiques, Sur le site: http://www.academie-en-
ligne.fr/Ressources/7/SE11/AL7SE11TEPA0013-Sequence-05.pdf, Consulté le:29-04-2015. à
18 :40.

V. Les autres ouvrages:

28. ALGUAZIL Thomas et Autres, Le new public management en question, Support de cours en
contrôle de gestion des administrations publiques, Université de Poitiers, France, Année universitaire
2009-2010.
139 -‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‬

‫ قائمة المراجع اإلنجليزية‬-‫ثالثا‬


I. Books:

1. ROBINSON Mark, From Old Public Administration to the New Public Service
Implications for Public Sector Reform in Developing Countries, Global Centre for Public Service
Excellence, UNDP, Singapore, 2015.
II. Memoirs & Thesis:

2. S. ALEXANDRE Cesar da, An idiographic analysis of new public management/ leadership and
traditional public management/ leadership, Dissertation presented for the Degree of Doctor
Technologiae in Public Management in the Faculty of Business at the Cape Peninsula University of
Technology, Cape Town, South Africa March 2007.
III. Seminars, conferences & Forums:

3. C. Humphreys Peter, Improving Public Service Delivery, First published by Institute of Public
Administration, Dublin, Ireland, 1998.
4. CHELLE Elisa, Les manuels du " new public management " : La production académique d’une
science de gouvernement, 21 ST world congress of political science, Santiago de Chile, .2009.
5. PROMBERGER Kurt, New Public Management –An Introduction from the UK Perspective,
Working paper, University of Innsbruck, Austria, 2003.
6. VABØ Mia, New Public Management The Neoliberal Way of Governance, Working papers; n: 4,
National Laboratory, The University of Iceland Social Science Institute, 2009.
IV. Articles in magazines:

7. Rasim AKPINAR, Public Administration Reforms In The Context Of The New Public Management: The
Romanian And Turkish Cases, Journal of Yasar University, 25(7), 2012.

V. Web sites:

8. CORDELLA Antonio, A Public Value Perspective for ICT Enabled Public Sector Reforms: A
theoretical reflection, Online: http://www.antoniocordella.com/media/GIQrevisedFINAL.pdf, Seen
on: 07-06-2015, at 21:02.
9. DE WAELE Lode and Others, Defining And Operationalizing Hybridty Within Public
Organizations: An alternative explanatory model, IRSPM 2015, 30 MARCH – 1 APRIL 2015,
Online: http://irspm2015.com/sppa/index.php/irspm/IRSPM2015/paper/viewFile/1177/371, Seen on:
03-11-2015, at 23:06.
10. Defining public administration, Online, http://www.apubb.ro/documents/liviu-radu/def, Seen on:
December 20th, 2014, at 11:01.
11. Hired Ayanle Ali, Online, http://www.allwariye.com/maqaalo/Ayanle/bub1, Seen on: December
20th, 2010. at 11:01.
12. Public Administration Reform: Practice Note, Online:
http://www.undp.org/content/dam/aplaws/publication/en/publications/democratic-governance/dg-
publications-for-website/public-administration-reform-practice-note-/PARPN_English.pdf, Seen
on:23-09-2015, at 11:10.
140 -‫دروس في التسيير العمومي –المانجمنت العمومي‬

VI. Other References:

13. HOOD Christopher and others, A Government that Worked Better and Cost Less?: Evaluating
Three Decades of Reform and Change in UK Central Government, Oxford University Press, United
Kingdom, 2015.
14. United nations committe of experts on public administration, Definition of basic concepts and
terminologies in governance and public administration, New York, 2006.

You might also like