You are on page 1of 312

‫ت�أليف‬

‫�أ‪ .‬د‪ .‬حم�سن حممد �صالح‬

‫طبعة مزيدة ومنقحة‬

‫مركز الزيتونة‬
‫للدرا�سات واال�ست�شارات‬
‫بريوت ‪ -‬لبنان‬
‫‪The Palestine Issue: Historical Background and‬‬
‫‪Contemporary Developments‬‬
‫‪By:‬‬
‫‪Prof. Dr. Mohsen Mohammad Saleh‬‬

‫حقوق الطبع حمفوظة للم�ؤلف ©‬


‫طبعة مزيدة ومنقحة‬
‫‪2022‬م – ‪1443‬هـ‬
‫بريوت – لبنان‬

‫‪ISBN 978-614-494-018-1‬‬

‫ُينع ن�سخ �أو ا�ستعمال �أي جزء من هذا الكتاب ب�أي و�سيلة ت�صويرية �أو �إلكرتونية �أو ميكانيكية مبا‬
‫يف ذلك الت�سجيل الفوتوغرايف‪ ،‬والت�سجيل على �أ�رشطة �أو �أقرا�ص مدجمة �أو �أي و�سيلة ن�رش �أخرى‬
‫خطي من امل�ؤلف‪.‬‬‫�أو حفظ املعلومات وا�سرتجاعها دون �إذن ّ‬

‫(الآراء الواردة يف الكتاب ال ُت ّ‬


‫عب بال�رضورة عن وجهة نظر مركز الزيتونة للدرا�سات واال�ست�شارات)‬

‫مركز الزيتونة للدرا�سات واال�ست�شارات‬


‫تلفون‪+ 961 1 80 36 44 :‬‬
‫تلفاك�س‪+ 961 1 80 36 43 :‬‬
‫�ص‪.‬ب‪ ،14-5034 :.‬بريوت ‪ -‬لبنان‬
‫بريد �إلكرتوين‪info@alzaytouna.net :‬‬
‫املوقع‪www.alzaytouna.net :‬‬

‫�إخراج‬
‫مروة غالييني‬

‫ت�صميم الغالف‬
‫ربيع معروف مراد‬

‫طباعة‬
‫‪35 dots Dar El Kotob s.a.l +961 25 813753‬‬
‫فهر�س املحتويات‬

‫فهر�س املحتويات‬
‫فهر�س املحتويات ‪3...........................................................................‬‬
‫املقدمة ‪7........................................................................................‬‬

‫الف�صل الأول‪ :‬خلفيات الق�ضية الفل�سطينية حتى �سنة ‪)43–9(.................. 1918‬‬


‫مقدمة ‪11....................................................................................‬‬
‫�أوالً‪ :‬فل�سطني ‪12............................................................................‬‬
‫ثانياً‪ :‬فل�سطني يف الأديان ال�سماوية ‪13...................................................‬‬
‫ثالثاً‪ :‬فل�سطني عرب التاريخ ‪17............................................................‬‬
‫رابعاً‪ :‬فل�سطني يف العهد الإ�سالمي ‪20....................................................‬‬
‫خام�ساً‪ :‬املـزاعـم الديـنـيـة والتـاريخيـة لليهـود فـي فل�ســطيـن ‪25........................‬‬
‫�ساد�ساً‪ :‬خلفيـات ظهــور الق�ضيـة الفل�سـطينيـة فـي التـاريخ احلديث ‪27................‬‬
‫�سابعاً‪ :‬التطور ال�سيا�سي للق�ضية الفل�سطينية حتى �سنة ‪30.................... 1914‬‬
‫ثامناً‪ :‬ق�ضيـة فل�سـطني فـي احلـرب العـامليـة الأولـى ‪35.................. 1918-1914‬‬

‫الف�صل الثاين‪ :‬فل�سطني حتت االحتالل الربيطاين ‪)75–45(............... 1948-1918‬‬


‫مقدمة ‪47...................................................................................‬‬
‫�أوالً‪ :‬تطور امل�رشوع ال�صهيوين ‪48.......................................................‬‬
‫ثانياً‪ :‬ظهور احلركة الوطنية الفل�سطينية ‪50.............................................‬‬
‫ثالثاً‪ :‬الثورة الفل�سطينية الكربى ‪57...................................... 1939-1936‬‬
‫رابعاً‪ :‬التطورات ال�سيا�سية ‪61............................................ 1947-1939‬‬
‫خام�ساً‪ :‬حرب ‪ 1948‬وانعكا�ساتها ‪68....................................................‬‬

‫الف�صل الثالث‪ :‬ق�ضية فل�سطني ‪)92–77(................................... 1967-1949‬‬


‫مقدمة ‪79...................................................................................‬‬
‫�أوالً‪ :‬البالد العربية وفل�سطني ‪79..........................................................‬‬

‫‪3‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫ثانياً‪ :‬العمل الوطني الفل�سطيني ‪81......................................................‬‬


‫ثالثاً‪ :‬ن�ش�أة حركة فتح ‪85.................................................................‬‬
‫رابعاً‪� :‬إن�شاء منظمة التحرير الفل�سطينية (م‪.‬ت‪.‬ف) ‪88.................................‬‬
‫خام�ساً‪ :‬حرب حزيران‪ /‬يونيو ‪ 1967‬وانعكا�ساتها ‪89.................................‬‬

‫الف�صل الرابع‪ :‬ق�ضية فل�سطني ‪)108–93(.................................. 1987-1967‬‬


‫مقدمة ‪95...................................................................................‬‬
‫�أوالً‪ :‬بروز الهوية الفل�سطينية ‪95.........................................................‬‬
‫ثانياً‪ :‬الكفاح الفل�سطيني امل�سلّح ‪97......................................................‬‬
‫ثالثاً‪ :‬البالد العربية وق�ضية فل�سطني ‪102...............................................‬‬
‫رابعاً‪ :‬بروز التيار الإ�سالمي الفل�سطيني ‪106...........................................‬‬

‫الف�صل اخلام�س‪ :‬ق�ضية فل�سطني ‪)129–109(............................. 2000-1987‬‬


‫مقدمة ‪111..................................................................................‬‬
‫�أوالً‪ :‬االنتفا�ضة املباركة ‪111...............................................................‬‬
‫ثانياً‪ :‬ن�ش�أة حركة حما�س ‪113............................................................‬‬
‫ثالثاً‪ :‬م‪.‬ت‪.‬ف‪ :‬من الكفاح امل�سـلّح �إىل الت�سوية ال�سلمية ‪117............................‬‬
‫رابعاً‪ :‬ال�سلطة الفل�سطينية ‪125...........................................................‬‬
‫خام�ساً‪ :‬الكيان الإ�رسائيلي ‪127..........................................................‬‬

‫الف�صل ال�ساد�س‪ :‬ق�ضية فل�سطني ‪)202–131(............................. 2011-2000‬‬


‫مقدمة ‪133..................................................................................‬‬
‫�أوالً‪ :‬العدوان واملقاومة ‪134...............................................................‬‬
‫ثانياً‪ :‬الو�ضع الداخلي الفل�سطيني ‪145..................................................‬‬
‫ثالثاً‪ :‬م�سار مفاو�ضات الت�سوية ال�سلمية ‪181...........................................‬‬
‫رابعاً‪ :‬اجلدار العازل ‪191.................................................................‬‬
‫خام�ساً‪ :‬الكيان الإ�رسائيلي ‪195..........................................................‬‬

‫‪4‬‬
‫فهر�س املحتويات‬

‫الف�صل ال�سابع‪ :‬ق�ضية فل�سطني ‪)276–203(............................... 2021–2012‬‬


‫مقدمة ‪205..................................................................................‬‬

‫�أوالً‪ :‬ال�شعب الفل�سطيني ‪206................................................................‬‬


‫ثانياً‪ :‬العدوان واملقاومة ‪210............................................. 2021–2012‬‬
‫ثالثاً‪ :‬الو�ضع الداخلي الفل�سطيني ‪222....................................................‬‬
‫رابعاً‪ :‬م�سار الت�سوية ال�سلمية ‪241....................................... 2021–2012‬‬
‫خام�ساً‪ :‬القد�س والو�ضع احلايل ‪246.......................................................‬‬
‫�ساد�ساً‪ :‬الكيان الإ�رسائيلي ‪255.......................................... 2021–2012‬‬

‫اخلامتة ‪277...................................................................................‬‬
‫فهر�ست ‪281....................................................................................‬‬

‫‪5‬‬
‫املقدمة‬

‫املقدمة‬
‫رب العاملني‪ ،‬وال�صالة وال�سالم على �سيد املر�سلني‪ ،‬وعلى �آله و�صحبه‬
‫احلمد هلل ّ‬
‫�أجمعني‪.‬‬
‫حتاول هذه الدرا�سة تقدمي ر�ؤية عامة للق�ضية الفل�سطينية من خالل َتت ُّبع مفا�صل‬
‫�س على القارئ ا�ستيعاب ال�صورة‬ ‫ال�سياق التاريخي للق�ضية؛ لأن هذا ال�سياق ُييَ ِّ‬
‫ال�شاملة والعوامل املتداخلة املتعلقة بالق�ضية‪ ،‬يف �أي مرحلة من املراحل‪ ،‬ويف ترتيب‬
‫منطقي‪ ،‬و�صوالً �إىل املرحلة احلالية‪ .‬وكان من املمكن التعريف بالق�ضية الفل�سطينية من‬
‫خالل تق�سيمها �إىل موا�ضيع (الأر�ض‪ ،‬ال�شعب‪ ،‬العدو‪ ،‬املقاومة‪� ...‬إلخ)‪ ،‬لكننا وجدنا �أن‬
‫هذا التق�سيم‪ ،‬على مزاياه‪ ،‬ي�صعب التعامل معه يف الدرا�سات املخت�رصة‪ ،‬ويقدم ال�صورة‬
‫العامة لكل مو�ضوع‪ ،‬دون �أن يقدمها جلميع املوا�ضيع يف �سياق واحد‪.‬‬
‫هذه الدرا�سة تخاطب �أولئك الذين يرغبون يف احل�صول على فكرة عامة عن ق�ضية‬
‫فل�سطني‪ ،‬وتغ ّطي حاجة �أولئك الذين ال يجدون وقتا ً للدرا�سات التف�صيلية املتخ�ص�صة‪.‬‬
‫غري �أن التاريخ القريب والواقع املعا�رص‪ ،‬قد عولج ببع�ض التف�صيل‪ ،‬ليت�سنّى للقارئ �أن‬
‫يجد �إجابة للعديد من الأحداث واملتغريات والتعقيدات التي جتري من حوله‪.‬‬
‫وبالطبع‪ ،‬فقد ُكتبت هذه الدرا�سة من خالل ر�ؤية ت�ؤمن بحق �أبناء فل�سطني يف‬
‫�أر�ضهم‪ ،‬و�أن فل�سطني �أر�ض عربية �إ�سالمية‪ .‬وقد �صيغت هذه الدرا�سة ب�صيغة علمية‬
‫�أكادميية موثقة‪ ،‬وجاءت ‪-‬قدر الإمكان‪ -‬مكتوبة بلغة �سهلة‪ ،‬حافل ًة باملعلومات‪ ،‬املح َّدثة‬
‫حتى �صيف ‪ ،2021‬بعيدة عن اخلطاب العاطفي الإن�شائي‪.‬‬
‫وي�أتي الكتاب حتديثا ً وتنقيحا ً لن�سخته الأ�صلية التي �صدرت �سنة ‪ 2002‬بعنوان‬
‫“الق�ضية الفل�سطينية‪ :‬خلفياتها وتطوراتها حتى �سنة ‪ ،”2001‬والتي طبعت يف م�رص‬
‫والكويت وماليزيا‪ ،‬وثحديثا ً وتنقيحا ً للن�سخة التي �صدرت �سنة ‪ ،2012‬والتي طبعت‬
‫يف بريوت‪ .‬وقد �أ�ضيف �إىل هذه الطبعة اجلديدة ف�صل �سابع غ ّطى الفرتة ‪.2021–2012‬‬
‫ن�س�أل اهلل �سبحانه �أن يكون هذا العمل خال�صا ً لوجهه الكرمي‬
‫�أ‪ .‬د‪ .‬حم�سن حممد �صالح‬
‫متوز‪ /‬يوليو ‪2021‬‬

‫‪7‬‬
‫الف�صل الأول‬

‫خلفيات الق�ضية الفل�سطينية‬


‫حتى �سنة ‪1918‬‬
‫خلفيات الق�ضية الفل�سطينية حتى �سنة ‪1918‬‬

‫خلفيات الق�ضية الفل�سطينية حتى �سنة ‪1918‬‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫ثالثة جوانب جتعل الق�ضية الفل�سطينية الق�ضية الأبرز التي �شغلت‪ ،‬وما تزال ت�شغل‪،‬‬
‫العامل العربي والإ�سالمي‪:‬‬
‫اجلانب الأول‪ :‬طبيعة الأر�ض بقد�سيتها وبركتها‪ ,‬ومركزيتها يف قلوب العرب‬
‫وامل�سلمني؛ ومكانتها لدى �أتباع الديانات ال�سماوية‪ .‬وموقع الأر�ض اال�سرتاتيجي يف قلب‬
‫العامل العربي وقلب العامل الإ�سالمي‪.‬‬
‫واجلانب الثاين‪ :‬طبيعة العدو بادعاءاته العقائدية والتاريخية‪ ،‬وبروحه الإحاللية‬
‫التو�سعية‪ ،‬التي ت�سعى لطرد �شعب فل�سطني‪ ،‬و�إلغاء حقوقه الأ�صيلة يف �أر�ضه ومقد�ساته‪.‬‬
‫واجلانب الثالث‪ :‬طبيعة التحالف الغربي ‪ -‬ال�صهيوين الذي هدف �أ�سا�سا ً �إىل متزيق‬
‫الأمة الإ�سالمية‪ ،‬و�إ�ضعافها و�إبقائها مفككة الأو�صال‪ ،‬تدور يف فلك التبعية للقوى‬
‫الكربى‪.‬‬
‫ولذلك ميثل التحدي اليهودي ال�صهيوين‪ ،‬الذي انزرع يف فل�سطني‪ ،‬قلب العامل‬
‫الإ�سالمي‪ ،‬ب�أ�شكاله الع�سكرية وال�سيا�سية واحل�ضارية‪� ،‬أبرز التحديات التي تواجه‬
‫الأمة امل�سلمة‪ ،‬و�سعيها نحو التحرر والوحدة والنه�ضة‪ ،‬ال�سرتداد مكانتها وريادتها بني‬
‫الأمم‪.‬‬
‫ولي�س بخاف ٍ�أن هذه الق�ضية مل تكن يوما ً ق�ضية الفل�سطينيني وحدهم؛ لأن �إن�شاء‬
‫الكيان اليهودي ‪ -‬ال�صهيوين على �أر�ض فل�سطني مل يكن �إال مركزا ً متقدما ً لتنفيذ هذا‬
‫الربنامج الغربي ‪ -‬ال�صهيوين‪ .‬و�سواء التقى ذلك مع �أهداف �أخرى من ح ّل م�شكلة‬
‫اليهود يف �أوروبا‪� ،‬أم التعاطف الديني مع رغباتهم‪ ،‬ف�إن احلقيقة ال�صارخة تك�شف مدى‬
‫الظلم الذي يرتكبه الغرب يف تهجري �شعب فل�سطني وتدمري كيانه‪ ،‬وتعري�ض العامل‬
‫العربي والإ�سالمي للخطر‪ ،‬واال�ستقرار العاملي لالنفجار‪ ،‬يف �سبيل حتقيق �أهدافهم‬
‫تلك‪ ،‬يف عامل ٍيزعمون فيه دعوتهم لل�سالم العاملي وحقوق الإن�سان‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫�أو ًال‪ :‬فل�سطني‪:‬‬


‫يطلق ا�سم فل�سطني على الق�سم اجلنوبي الغربي لبالد ال�شام‪ ،‬وهي الأر�ض الواقعة‬
‫غربي �آ�سيا‪ ،‬على ال�ساحل ال�رشقي للبحر املتو�سط‪ .‬ولفل�سطني موقع ا�سرتاتيجي مهم‪،‬‬
‫�إذ تُع ُّد �صلة الو�صل بني قارتي �آ�سيا و�إفريقيا‪ ،‬ونقطة التقاء جناحي العامل الإ�سالمي‪.‬‬
‫وقد �سكن الإن�سان �أر�ض فل�سطني منذ ع�صور موغلة يف القدم‪ ،‬كما تدل احلفريات‬
‫الوىل يف التحول من الرعي �إىل‬ ‫والآثار‪ ،‬و�شهدت �أر�ضها مراحل التطور الإن�ساين أُ‬
‫الزراعة‪ ،‬كما �أن �أول مدينة جرى ت�شييدها يف التاريخ هي مدينة “�أريحا” الواقعة �شمال‬
‫�رشقي فل�سطني وذلك نحو �سنة ‪ 8000‬ق‪.‬م ح�سبما يذكر علماء الآثار‪.‬‬
‫و�أقدم ا�سم معروف لهذه الأر�ض هو “�أر�ض كنعان”؛ لأن �أول �شعب �سكن هذه‬
‫الأر�ض ومعروف لدينا تاريخيا ً هم “الكنعانيون”‪ ،‬الذين قدموا من جزيرة العرب نحو‬
‫‪ 2500‬ق‪.‬م‪ .‬وا�سم فل�سطني هو ا�سم م�شتق من ا�سم �أقوام بحرية‪ ،‬لعلها جاءت من غرب‬
‫�آ�سيا ال�صغرى ومناطق بحر �إيجة نحو القرن الثاين ع�رش ق‪.‬م‪ ،‬وورد ا�سمها يف النقو�ش‬
‫امل�رصية با�سم “ب ل �س ت”‪ ،‬ورمبا �أ�ضيفت النون بعد ذلك للجمع‪ ،‬وقد �سكنوا املناطق‬
‫ال�ساحلية‪ ،‬واندجموا بالكنعانيني ب�رسعة‪ ،‬فلم يبقَ لهم �أثر مميز �سوى �أنهم �أعطوا‬
‫الأر�ض ا�سمهم‪.1‬‬
‫�أما �أر�ض فل�سطني بحدودها اجلغرافية املتعارف عليها فلم تتح ّدد بدقة �إال يف �أيام‬
‫االحتالل الربيطاين لفل�سطني‪ ،‬وخ�صو�صا ً خالل الفرتة ‪ .1923 -1920‬وقد ظلت‬
‫تعب ب�شكل عام‬ ‫حدود �أر�ض فل�سطني ت�ضيق وتت�سع عرب التاريخ‪ ،‬غري �أنها ظلت ِّ‬
‫عن الأر�ض الواقعة بني البحر املتو�سط وبني البحر امليت ونهر الأردن‪ .‬ويف العهد‬
‫الإ�سالمي ُق�سمت بالد ال�شام �إىل “�أجناد”‪ ،‬وكان جند فل�سطني ميتد من رفح على‬
‫اللجون التي تقع على بعد ‪ 18‬كم �شمايل غرب مدينة‬ ‫احلدود مع �سيناء امل�رصية �إىل ُّ‬
‫جنني‪ .‬و�أيا ً كانت التق�سيمات يف العهود الإ�سالمية املختلفة‪ ،‬ف�إن فل�سطني ظلت جزءا ً‬
‫لتغي �شيئا ً من‬‫من بالد ال�شام‪ ،‬ومل تكن مثل هذه التق�سيمات تو�سيعا ً �أو ت�ضييقا ً ّ‬
‫حقيقة �شعور �أبنائها ب�أنهم �أبناء �أمة م�سلمة واحدة‪ ،‬و�أن والءهم للحكم ال يهتز‬
‫ما دام م�سلما ً حقاً‪ .‬وعلى �أي حال‪ ،‬ف�إن م�ساحة فل�سطني تبلغ ‪ 27,009‬كم ‪ 2‬وفق‬
‫التق�سيمات املعا�رصة ‪.2‬‬

‫‪12‬‬
‫خلفيات الق�ضية الفل�سطينية حتى �سنة ‪1918‬‬

‫وتتمتع فل�سطني مبناخ معتدل هو مناخ البحر‬


‫املتو�سط‪ ،‬وهو مناخ ي�شجع على اال�ستقرار‬
‫والإنتاج‪ .‬وميكن �أن تق�سم فل�سطني �إىل ثالثة‬
‫قطاعات رئي�سية‪ ،‬هي ال�سهل ال�ساحلي واملرتفعات‬
‫اجلبلية الو�سطى والأخدود الأردين‪ .‬وال�سهل‬
‫ال�ساحلي منطقة تركز غالب الفل�سطينيني‪ ،‬حيث‬
‫املوانئ ومراكز التجارة والن�شاط االقت�صادي‬
‫والزراعي‪ .‬وت�شمل املرتفعات اجلبلية الو�سطى‬
‫جبال اجلليل ونابل�س واخلليل وه�ضبة النقب‪،‬‬
‫و�أعلى جبالها ارتفاعا ً هو جبل اجلرمق �شمال‬
‫فل�سطني الذي يبلغ ارتفاعه ‪� 1,207‬أمتار‪ .‬وقد‬
‫�سكن يف هذه املرتفعات الفالح الفل�سطيني‬
‫منذ �آالف ال�سنني وزرعها باحلبوب والفواكه‬
‫واخل�ضار‪ ،‬ورعى املا�شية‪� .‬أما الأخدود الأردين‪،‬‬
‫حيث يجري نهر الأردن لي�صب يف البحر امليت‪،‬‬
‫فهو ُيع ُّد �أكرث املناطق انخفا�ضا ً عن م�ستوى �سطح‬
‫البحر من �أي مكان �آخر على وجه الأر�ض‪ ،‬حيث‬
‫ي�صل االنخفا�ض �إىل نحو ‪ 400‬مرت حتت �سطح‬
‫البحر‪ ،‬وهي مناطق تتميز بحرارتها طوال العام‪،‬‬
‫وت�شتهر بزراعتها للنخيل واملوز واخل�رضوات‪.‬‬
‫• جغرافية فل�سطني‬

‫ثاني ًا‪ :‬فل�سطني يف الأديان ال�سماوية‪:‬‬


‫لفل�سطني �أهمية خا�صة لدى �أتباع خمتلف الديانات ال�سماوية (الإ�سالم والن�رصانية‬
‫واليهودية)‪ ،‬والذين ي�ش ّكلون نحو ‪ %55‬من �سكان العامل‪.‬‬

‫‪ .1‬مكانة فل�سطني الإ�سالمية‪:‬‬


‫لأر�ض فل�سطني مكانة عظيمة يف نفو�س امل�سلمني فهي‪:‬‬
‫ • �أر�ض مقد�سة بن�ص القر�آن الكرمي ﭽﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓﭼ‪.3‬‬

‫‪13‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫ • �أر�ض مباركة بن�ص القر�آن الكرمي ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ‬


‫ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭼ‪ ،4‬وقوله تعاىل‪ :‬ﭽﯥ ﯦ ﯧ‬
‫ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮﯯﭼ‪.5‬‬
‫ • وفيها امل�سجد الأق�صى املبارك‪� ،‬أول قبلة للم�سلمني‪ ،‬وثالث امل�ساجد مكانة يف الإ�سالم‬
‫و ُي�سنُّ �ش ّد الرحال �إليه‪ ،‬وال�صالة فيه تعدل ‪� 500‬صالة عما �سواه من امل�ساجد‪ ،‬قال‬
‫ر�سول اهلل [‪“ :‬ال ت�شد الرحال �إال �إىل ثالثة م�ساجد‪ :‬امل�سجد احلرام وم�سجدي‬
‫هذا وامل�سجد الأق�صى”‪ ،6‬وقال \‪“ :‬ال�صالة يف امل�سجد احلرام مبائة �ألف �صالة‪،‬‬
‫وال�صالة يف م�سجدي ب�ألف �صالة‪ ،‬وال�صالة يف بيت املقد�س بخم�سمائة �صالة”‪.7‬‬
‫ • وفل�سطني �أر�ض الأنبياء ومبعثهم‪ ،‬عليهم ال�سالم‪ ،‬فعلى �أر�ضها عا�ش �إبراهيم ولوط‬
‫و�إ�سماعيل و�إ�سحق ويعقوب ويو�سف وداود و�سليمان و�صالح وزكريا ويحيى‬
‫وعي�سى عليهم ال�سالم ممن ورد ذكرهم يف القر�آن‪ ،‬كما زارها حممد [‪ .‬وعا�ش على‬
‫�أر�ضها العديد من �أنبياء بني �إ�رسائيل‪ ،‬ممن مل يرد ذكرهم يف القر�آن‪ ،‬عندما كانت‬
‫ت�سو�سهم الأنبياء‪ ،‬وممن ورد ذكرهم يف احلديث ال�صحيح يو�شع \‪.‬‬
‫ • وفل�سطني �أر�ض الإ�رساء‪ ،‬فقد اختار اهلل �سبحانه امل�سجد الأق�صى ليكون م�رسى‬
‫ر�سول اهلل [ من امل�سجد احلرام �إىل امل�سجد الأق�صى‪ ،‬ومنه كان معراجه �إىل ال�سماء‪،‬‬
‫رشف اهلل �سبحانه هذا امل�سجد و�أر�ض فل�سطني ت�رشيفا ً عظيماً‪ .‬وهناك يف امل�سجد‬ ‫ف� َّ‬
‫الأق�صى جمع �سبحانه الأنبياء حيث �أ ّمهم ر�سول اهلل يف ال�صالة‪ ،‬داللة على ا�ستمرار‬
‫ر�سالة التوحيد التي جاء بها الأنبياء‪ ،‬وعلى انتقال مرياث الأنبياء والإمامة و�أعباء‬
‫الر�سالة �إىل الأمة الإ�سالمية‪.‬‬
‫ • ويف احلديث ال�صحيح �أن بيت املقد�س هي “�أر�ض املح�رش واملن�رش”‪.8‬‬
‫ • وبالد ال�شام‪ ،‬وفل�سطني جزء منها‪ ،‬هي عقر دار الإ�سالم وقت ا�شتداد املحن والفنت‪،‬‬
‫كما يف احلديث ال�صحيح “عقر دار الإ�سالم بال�شام”‪ ،9‬و“�أال �إن الإميان �إذا وقعت الفنت‬
‫بال�شام”‪.10‬‬
‫ • واملقيم املحت�سب يف هذه الأر�ض كاملجاهد واملرابط يف �سبيل اهلل لقوله [‪�“ :‬أهل ال�شام‬
‫و�أزواجهم وذرياتهم وعبيدهم و�إما�ؤهم �إىل منتهى اجلزيرة مرابطون يف �سبيل اهلل‪ ،‬فمن‬
‫احتل مدينة من املدائن فهو يف رباط‪ ،‬ومن احتل منها ثغرا ً من الثغور فهو يف جهاد”‪.11‬‬
‫ • والطائفة املن�صورة الثابتة على احلق �إىل يوم القيامة ت�سكن يف ال�شام وخ�صو�صا ً بيت‬
‫املقد�س و�أكناف بيت املقد�س‪.12‬‬

‫‪14‬‬
‫خلفيات الق�ضية الفل�سطينية حتى �سنة ‪1918‬‬

‫وعلى ذلك‪ ،‬فال غرو �أن تتعلق قلوب امل�سلمني و�أفئدتهم بهذه الأر�ض املباركة املقد�سة‬
‫ويفدونها بدمائهم و�أرواحهم‪.‬‬

‫‪ .2‬مكانة فل�سطني لدى امل�سيحيني‪:‬‬


‫ت�سمى فل�سطني عند امل�سيحيني بالديار املقد�سة‪� ،‬إذ بح�سب الإميان امل�سيحي‪ ،‬ولد‬
‫فيها ي�سوع امل�سيح وحواريوه‪ ،‬وعا�شوا فيها‪ .‬وحدثت معظم الأحداث املذكورة يف العهد‬
‫اجلديد والعديد من الأحداث املذكورة يف العهد القدمي‪ .‬وح�سب الرتاث امل�سيحي انطلقت‬
‫الب�شارة امل�سيحية من �شمايل فل�سطني وو�سطها‪ ،‬وانت�رشت يف �أنحاء العامل‪.‬‬
‫حتتوي فل�سطني على العديد من الأماكن املقد�سة للم�سيحيني وعلى ر�أ�سها مدينة‬
‫بيت حلم‪ ،‬م�سقط ر�أ�س امل�سيح حيث كني�سة املهد؛ ومدينة النا�رصة حيث ترعرع امل�سيح؛‬
‫ومدينة القد�س‪ ،‬حيث قام امل�سيح بدعوته‪� ،‬إىل �أن خطى خطواته الأخرية على طريق‬
‫مت (ح�سب الإميان امل�سيحي) “�صلبه ودفنه”‪ .‬وي�ؤمن امل�سيحيون بوجود‬ ‫الآالم‪ ،‬ومن ثم ّ‬
‫“قرب امل�سيح” يف كني�سة القيامة يف القد�س‪ ،‬التي ُتعد �إحدى �أهم الكنائ�س يف العامل‪ .‬ويقد�س‬
‫امل�سيحيون �أماكن خمتلفة يف اجلليل‪ ،‬وخ�صو�صا ً حول بحرية طربيا وعلى �ضفة نهر‬
‫الأردن‪ .‬ومل تت�ضاءل �أهمية هذه املدينة كمدينة مق َّد�سة �إال بعد �سنة ‪590‬م‪ ،‬حني �أ�صبح‬

‫‪15‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫عر�ش البابا جريجوري الأول هو مركز ال�سلطة امل�سيحية‪ ،‬و�أ�صبحت لروما احلظوة على‬
‫القد�س‪ .‬و�أ�صبح �أ�سقف القد�س يحتل املرتبة اخلام�سة يف ال�سل�سة الهرمية لهيئة الكهنوت‬
‫الكاثوليكية‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬بقيت فل�سطني (الأر�ض املق َّد�سة) عميق ًة يف حياة امل�سيحيّني‬
‫وخيالهم ب�شكل عام‪.‬‬

‫‪ .3‬مكانة فل�سطني لدى اليهود‪:13‬‬


‫ت�شغل القد�س (“�أور�شليم” يف امل�صطلح الديني) مكانا ً مركزيا ً يف الوجدان اليهودي‪.‬‬
‫فبعد �أن ا�ستوىل عليها داود عليه ال�سالم‪ُ ،‬نقل �إليها تابوت العهد ثم بنى �سليمان عليه‬
‫ال�سالم فيها الهيكل‪ .‬و ُيطلَق على املدينة ا�سم “�صهيون” يف املوروث الديني اليهودي‪.‬‬
‫وهي ت�ضم �أي�ضا ً جبل �صهيون وقرب داود وحائط املبكى (احلائط الغربي للم�سجد‬
‫الأق�صى)‪ .‬وقد �أ�صبحت املدينة مركزا ً للدين اليهودي يتَّجه �إليها اليهود ويذكرونها يف‬
‫�صلواتهم‪ ،‬وخ�صو�صا ً يف االحتفال بعيد الف�صح حيث يرددون‪“ :‬نلتقي يف العام القادم‬
‫يف �أور�شليم”‪.‬‬
‫وقد �أحاط الت�رشيع والرتاث اليهودي مدينة القد�س بكثري من القوانني والأ�ساطري‪.‬‬
‫�سة العامل‪ ،‬وال ي�ضاهيها يف ُح�سنها مدينة �أخرى‪ ،‬و�أن الإله خلق‬
‫وي�صفها التلمود ب�أنها ُ َّ‬
‫و�ص ِّورت �أور�شليم يف الدين‬
‫�أور�شليم عند خلقه العامل‪ ،‬و�أنه �أقام خيمة االجتماع فيها‪ُ .‬‬
‫اليهودي ك�أنها املكان الذي �سيفي�ض فيه اخلري من ال�سماء‪ ،‬ومنها يو َّزع على بقية العامل‪.‬‬
‫وهي بذلك تكون “ال�شخيناه” �أو امللكوت الذي �سيحكم العامل‪ .‬وحتيط التالل بالقد�س‬
‫حتى ال ت�صل �إليها “قوى الظالم”‪ ،‬ويقوم على حرا�ستها مالئكة ال�شخيناه‪ .‬وح�سب‬
‫اليهودية‪ ،‬ف�إن �أور�شليم ال يف�صلها �أي فا�صل عن الإله‪ ،‬وت�صعد كل �أدعية جماعة‬
‫ي�رسائيل من خاللها‪ .‬كما �أن �أور�شليم‪ ،‬باعتبارها امللكوت‪ ،‬تلعب دورا ً مهما ً يف عملية‬
‫الإ�صالح (تيقون)‪� ،‬إذ �ستعلو جدرانها وتقرتب من العر�ش الإلهي؛ وبهذا‪ ،‬يعود التوازن‬
‫للعامل‪ ،‬ولعامل التجليات (�سفريوت)‪ .‬والقد�س �إحدى مدن فل�سطني الأربع املق َّد�سة‪،‬‬
‫بح�سب اليهودية‪ ،‬التي يجب �أال تنقطع فيها ال�صالة (�إ�ضافة �إىل اخلليل و�صفد وطربية)‪.‬‬
‫ومع هذا ُت ِّرم اليهودية احلاخامية العودة �إىل فل�سطني (�إرت�س ي�رسائيل) ومن َث َّم‬
‫القد�س‪� ،‬إال يف �آخر الأيام؛ وتربطها بظهور “امل�سيّا ‪� ”Messiah‬أو “املا�شيح ‪”Mashiah‬‬
‫املنتظر‪ .‬وقد حاولت اليهودية الإ�صالحية �أن تخ ِّفف من اجلانب القومي يف اليهودية ب�أن‬
‫ُت ِّول فكرة اللقاء يف القد�س �إىل فكرة معنوية‪ ،‬ال ينبني عليها برنامج عملي على الأر�ض‪،‬‬

‫‪16‬‬
‫خلفيات الق�ضية الفل�سطينية حتى �سنة ‪1918‬‬

‫وت�شبه �أفكار الع�رص الذهبي واحللم بال�سعادة والفردو�س لدى اليهود‪ .‬ولكن احلركة‬
‫ف�ست ال�شعار الديني تف�سريا ً حرفيا ً وحولته �إىل �شعار �سيا�سي؛ و َدعت‬‫ال�صهيونية َّ‬
‫ال�صهيونية الدينية �إىل جتميع اليهود يف فل�سطني‪ ،‬ت�سهيالً وتعجيالً بظهور “املا�شيح”‪،‬‬
‫وحتى يتم توفري اجلهد والوقت عليه يف جمعهم من بقاع الأر�ض؛ يف الوقت الذي ع َّدت‬
‫فيه ِف َرق يهودية �أخرى ذلك هرطقة دينية‪ ،‬وتدخالً ب�رشيا ً ملحاولة فر�ض �إرادة الرب‪ .‬ويف‬
‫�إطار الفهم ال�سيا�سي ال�صهيوين‪ ،‬قامت جماعات يهودية بتغيري ال�صلوات‪ ،‬وا�ستبدلوا‬
‫بال�صيغة التقليدية يف الدعاء �صيغة جديدة تقول‪ :‬يف العام القادم “نعيد بناء” �أور�شليم‪.‬‬

‫ثالث ًا‪ :‬فل�سطني عرب التاريخ‪:‬‬


‫هناك �آثار ت�شري �إىل �أن الإن�سان �سكن فل�سطني منذ الع�رص احلجري القدمي‬
‫( ‪� 500‬ألف ‪� 14 -‬ألف ق‪.‬م)‪ ،‬كما ي�شري الع�رص احلجري الو�سيط (‪� 14‬ألف ‪� 8 -‬آالف ق‪.‬م)‬
‫�إىل وجود �أ�شكال حياة ح�ضارية متثلت مبا يعرف باحل�ضارة النطوفية‪ .‬وعندما قدم‬
‫الكنعانيون من جزيرة العرب (نحو ‪ 2500‬ق‪.‬م) كانت هجرتهم وا�سعة بحيث �أ�صبحوا‬
‫ال�سكان الأ�سا�سيني للبالد‪ ،‬وقد �أن�ش�أوا ما ال يقل عن مئتي مدينة وقرية يف فل�سطني‪،‬‬
‫مثل مدن بي�سان وع�سقالن وعكا وحيفا واخلليل و�أ�سدود وبئر ال�سبع وبيت حلم‪.14‬‬
‫ويرى ثقات امل�ؤرخني �أن معظم �أهل فل�سطني احلاليني‪ ،‬وخ�صو�صا ً القرويني‪ ،‬هم‬
‫من �أن�سال القبائل الكنعانية والعمورية والفل�سطينية‪ ،‬ومن القبائل العربية التي‬
‫ا�ستقرت يف فل�سطني قبل الفتح الإ�سالمي وبعده‪ ،‬حيث اندمج اجلميع يف ن�سيج واحد‪،‬‬
‫يجمعهم الإ�سالم واللغة العربية‪� ،‬إذ �أ�سلموا وا�ستعربوا حتت احلكم الإ�سالمي طوال‬
‫ثالثة ع�رش قرناً‪.‬‬
‫كان قدوم �إبراهيم \ �إىل فل�سطني (نحو ‪ 1900‬ق‪.‬م) �إ�رشاقة لنور التوحيد يف هذه‬
‫الأر�ض املباركة‪ ،‬وقد عا�رص حاكم القد�س “ملكي �صادق” الذي كان على ما يبدو موحدا ً‬
‫و�صديقا ً له‪ .‬وكان لأبي الأنبياء �إبراهيم دوره يف ن�رش ر�سالة التوحيد‪ ،‬ويبدو �أنه مل‬
‫يجد عنتا ً �أو عنا ًء من �أهل فل�سطني‪ ،‬ومل ي�ضطر لرتكها ب�سبب دينه �أو دعوته‪ ،‬فظل‬
‫م�ستقرا ً فيها‪ ،‬ويتنقل ُ‬
‫بح ّرية حيث ي�شاء �إىل �أن توفاه اهلل يف املدينة التي حملت ا�سمه‬
‫“اخلليل”‪ .‬وقد �سار على دربه �أبنا�ؤه الأنبياء من بعده �إ�سماعيل‪ ،‬الذي ا�ستقر يف مكة‪،‬‬
‫و�إ�سحق وابنه يعقوب اللذين ا�ستقرا يف فل�سطني‪ .‬وكان ليعقوب \ اثنا ع�رش ابنا ً هم‬

‫‪17‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫الأ�سباط املعروفون ببني �إ�رسائيل (و�إ�رسائيل هو لقب ليعقوب \) وقد هاجروا �إىل‬
‫م�رص وا�ستقروا فيها‪ ،‬حيث عانوا من ا�ضطهاد الفراعنة ب�ضعة قرون‪ .‬و�أر�سل اهلل لهم‬
‫مو�سى \ (يف القرن الـ ‪ 13‬ق‪.‬م) لينقذهم من فرعون وطغيانه‪ ،‬و�أهلك اهلل فرعون وجنوده‪،‬‬
‫غري �أن بني �إ�رسائيل يف ذلك الزمان كانوا قد ُطبعوا على الذ ِّل واجلنب‪ ،‬فرف�ضوا الذهاب �إىل‬
‫الأر�ض املقد�سة قائلني ملو�سى‪ :‬ﭽﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭼ‪.15‬‬
‫وتويف مو�سى \ قبل �أن يدخل فل�سطني‪ ،‬وعندما ن�ش�أ جيل جديد �صلب من‬
‫بني �إ�رسائيل بعد �أربعني �سنة من التيه‪ ،‬قادهم يو�شع بن نون \ (نحو ‪ 1190‬ق‪.‬م)‬
‫حيث عرب بهم نهر الأردن‪ ،‬وا�ستطاع حتقيق بع�ض ال�سيطرة لبني �إ�رسائيل يف اجلزء‬
‫ال�شمايل ال�رشقي من فل�سطني‪ .‬وملدة ‪� 150‬سنة تالية �سادت النكبات والفو�ضى واخلالفات‬
‫واالنحالل اخللقي والديني بني بني �إ�رسائيل‪ .‬ومل يتح�سن حالهم �إال بقدوم طالوت ملكا ً‬
‫عليهم‪ ،‬والذي ا�ستطاع االنت�صار على �أعدائه‪.‬‬
‫وكان ظهور داود \ الذي خلف طالوت �إيذانا ً ببدء مرحلة جديدة لنور التوحيد‬
‫يف الأر�ض املباركة‪ ،‬حيث �آتاه اهلل امللك (نحو ‪ 1004‬ق‪.‬م) وقد وا�صل حربه �ض ّد الأقوام‬
‫الكافرة على الأر�ض املقد�سة‪ ،‬حيث �أخ�ضعها وا�ستطاع نقل عا�صمته �إىل القد�س‬
‫�سنة ‪ 995‬ق‪.‬م‪ ،‬و�سيطر على معظم فل�سطني‪ ،‬با�ستثناء معظم املناطق ال�ساحلية التي مل‬
‫تخ�ضع له‪ .‬وا�ستمر يف حكمه \ حتى �سنة ‪ 963‬ق‪.‬م عندما خلفه ابنه �سليمان \‬
‫ّ‬
‫و�سخر‬ ‫(‪ 923-963‬ق‪.‬م) حيث �شهدت فل�سطني حركة بناء وعمران وازدهار �ضخمة‪،‬‬
‫اهلل له الريح واجلنّ‪ ،‬و�أعطاه ملكا ً ال ينبغي لأحد من بعده‪ .‬وكان حكم داود و�سليمان هو‬
‫الع�رص الذهبي‪ ،‬الذي ُحكمت فيه فل�سطني نحو ثمانني عاماً‪ ،‬حتت راية الإميان والتوحيد‬
‫قبل الفتح الإ�سالمي لها‪.‬‬
‫وبعد وفاة �سليمان انق�سمت مملكته �إىل دولتني منف�صلتني متعاديتني يف كثري من‬
‫الأحيان‪ ،‬فن�ش�أت مملكة “�إ�رسائيل” �شمال فل�سطني خالل الفرتة ‪ 721-923‬ق‪.‬م‪ ،‬التي‬
‫�سمتها دائرة املعارف الربيطانية ازدراء “اململكة الذيلية”‪ ،‬حيث �ضعفت وف�سد حكامها‪،‬‬
‫وانتهى �أمرها ب�سيطرة الآ�شوريني بقيادة �رسجون الثاين عليها‪ ،‬وتدمريها ونقل �سكانها‬
‫من بني �إ�رسائيل �إىل ح ّران واخلابور وكرد�ستان وفار�س‪ ،‬و�أحلوا مكانهم جماعات من‬
‫الآراميني‪ ،‬ومل يبق بعد ذلك �أثر لأ�سباط بني �إ�رسائيل الع�رشة الذين �ش َّكلوا هذه الدولة‪.‬‬
‫�أما مملكة “يهودا” فا�ستمرت خالل الفرتة ‪ 586-923‬ق‪.‬م‪ ،‬وكانت عا�صمتها القد�س‪،‬‬

‫‪18‬‬
‫خلفيات الق�ضية الفل�سطينية حتى �سنة ‪1918‬‬

‫وقد اعرتتها عوامل ال�ضعف والوقوع حتت النفوذ اخلارجي فرتات طويلة‪ ،‬فقد‬
‫هزمها ودخل عا�صمتها �شي�شق فرعون م�رص (�أواخر القرن العا�رش ق‪.‬م)‪ ،‬وفعل مثله‬
‫الفل�سطينيون يف عهد يهورام (‪ 842-849‬ق‪.‬م)‪ ،‬وا�ضطرت لدفع اجلزية للآ�شوريني‪،...‬‬
‫ثم �إنها �سقطت �أخريا ً بيد البابليني بقيادة نبوخذ َّ‬
‫ن�ص الذي خ َّرب القد�س‪ ،‬ود َّمر الهيكل‪،‬‬
‫و�سبى نحو ‪� 40‬ألفا ً من اليهود‪ ،‬وبذلك �سقطت مملكتهم �سنة ‪ 586‬ق‪.‬م‪.‬‬
‫وت�شري التوراة �إىل �آثام بني �إ�رسائيل التي ا�ستحقوا ب�سببها دمار ملكهم‪ ،‬فتذكر‬
‫على ل�سان �أ�شعيا‪ ،‬وهو �أحد �أنبيائهم‪“ :‬ويل للأمة اخلاطئة‪ ،‬ال�شعب الثقيل الآثم‪،‬‬
‫رش‪� ،‬أوالد مف�سدون تركوا الرب‪ ،‬وا�ستهانوا بقدو�س �إ�رسائيل‪ ،‬ارتدوا‬‫ن�سل فاعلي ال� ّ‬
‫�إىل وراء” �سفر �أ�شعيا‪ ،‬الإ�صحاح الأول‪ ،‬وتقول التوراة‪“ :‬والأر�ض تدن�ست حتت‬
‫غيوا الفري�ضة‪ ،‬نكثوا العهد الأبدي” �سفر �أ�شعيا‪،‬‬‫�سكانها لأنهم تع ّدوا ال�رشائع‪ّ ،‬‬
‫الإ�صحاح ‪.24‬‬
‫وهكذا فلم َت ُطل مملكة بني �إ�رسائيل يف فل�سطني �أكرث من �أربعة قرون حكموا يف معظم‬
‫الوقت بع�ضا ً من �أر�ضها‪ ،‬وكان حكمهم غالب الوقت �ضعيفا ً مفككاً‪ ،‬وخ�ضع �أحيانا ً لنفوذ‬
‫وهيمنة دول قوية جماورة‪ .‬ويف الوقت نف�سه ظ ّل �أبناء فل�سطني من الكنعانيني وغريهم يف‬
‫�أر�ضهم‪ ،‬ومل يهجروها �أو يرحتلوا عنها‪.‬‬
‫وقد �سمح الإمرباطور الفار�سي قور�ش ‪ Cyrus‬لليهود بالعودة �إىل فل�سطني‪ ،‬فعادت‬
‫قلّة منهم‪ ،‬عا�شت �إىل جانب �أبناء فل�سطني‪ ،‬ومتتعت منطقة القد�س بنوع من احلكم الذاتي‬
‫حتت ال�سلطة الفار�سية التي ا�ستمرت خالل الفرتة ‪ 332-539‬ق‪.‬م‪ .‬وتال ذلك ع�رص‬
‫ال�سيطرة الهللينية الإغريقية على فل�سطني خالل الفرتة ‪ 63-332‬ق‪.‬م‪ ،‬وا�ستمر يدير‬
‫�ش�ؤون اليهود “الكاهن الأكرب”‪ ،‬وا�ستطاع اليهود حتقيق حكم ذاتي منذ �سنة ‪ 164‬ق‪.‬م‬
‫�أخذ ي�ضيق ويت�سع‪ ،‬وتزداد مظاهر ا�ستقالله وت�ضعف ح�سب �رصاع القوى الكربى يف‬
‫ذلك الوقت على فل�سطني (الرومان‪ ،‬البطاملة‪ ،‬ال�سلوقيني‪.)...‬‬
‫وقد متكن الرومان من ال�سيطرة على فل�سطني �سنة ‪ 63‬ق‪.‬م‪ ،‬و�أخ�ضعوها حلكمهم‬
‫املبا�رش منذ ال�سنة ال�ساد�سة امليالدية حيث �ألغوا احلكم الذاتي اليهودي يف منطقة القد�س‪.‬‬
‫وقد ثار اليهود خالل الفرتة ‪70-66‬م لكن القائد الع�سكري الروماين تيتو�س ‪Titus‬‬
‫�أخمد ثورتهم ود ّمر الهيكل‪ ،‬ثم ثار اليهود مرة �أخرى و�أخرية خالل الفرتة ‪135-132‬م‬
‫لكن القائد الروماين جوليو�س �سيفرو�س ‪ Julius Severus‬احتل القد�س ودمرها‪،‬‬

‫‪19‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫و�أقام الإمرباطور الروماين هادريان ‪ Hadrian‬مدينة جديدة فوق خرائبها �سماها‬


‫�إيليا كابيتولينا ‪ Aelia Capitolina‬حيث ُعرفت بعد ذلك با�سم �إيلياء‪ ،‬وهو ا�سم هادريان‬
‫الأول‪ .‬وحظر على اليهود دخول القد�س نحو مئتي �سنة تالية‪ ،16‬وندرت �أعدادهم ن�سبة‬
‫�إىل ال�سكان طوال ‪ 18‬قرنا ً تالية‪ .‬بينما ظ ّل �أهل البالد الأ�صليني من كنعانيني ومن اختلط‬
‫بهم من قبائل العرب‪ ،‬م�ستقرين يف البالد قبل قدوم بني �إ�رسائيل ويف �أثناء وجودهم‪،‬‬
‫وظلوا م�ستمرين كذلك بعدهم �إىل �أيامنا هذه‪.‬‬
‫وقد تولت الدولة البيزنطية (دولة الروم) الق�سم ال�رشقي من الدولة الرومانية منذ‬
‫‪394‬م‪ ،‬وا�ستمرت يف الهيمنة على فل�سطني‪ ،‬عدا فرتات �ضئيلة من النفوذ الفار�سي‪ ،‬حتى‬
‫جاء الفتح الإ�سالمي لفل�سطني �سنة ‪15‬هـ‪636/‬م‪.‬‬

‫رابع ًا‪ :‬فل�سطني يف العهد ا إل�سالمي‪:‬‬


‫قبل �أن تت�شكل الدولة الإ�سالمية يف املدينة املنورة‪ ،‬كانت �أنظار القلّة امل�ست�ضعفة‬
‫من امل�سلمني يف مكة تتجه �إىل امل�سجد الأق�صى وبيت املقد�س يف فل�سطني‪� .‬إذ �إن معجزة‬
‫الإ�رساء متت من امل�سجد احلرام �إىل امل�سجد الأق�صى‪ .‬وكان امل�سجد الأق�صى هو القبلة‬
‫الأوىل للم�سلمني يف ال�صالة‪ .‬وقد كان فتح خيرب وفدك ( ‪7‬هـ)‪ ،‬وغزوتا م�ؤتة ( ‪8‬هـ)‪،‬‬
‫وتبوك ( ‪9‬هـ)‪ ،‬وحملة �أ�سامة بن زيد ] ( ‪11‬هـ) مقدمة لتطلع امل�سلمني �إىل بالد‬
‫ال�شام‪.‬‬
‫�أما فتح فل�سطني فكانت �أبرز املعارك التي �أدت �إىل فتحها هي معركة �أجنادين‬
‫بقيادة خالد بن الوليد ] يف ‪ 27‬جمادى الأوىل ‪13‬هـ ‪ 30 -‬متوز‪ /‬يوليو ‪634‬م قرب‬
‫بيت جربين التي قتل فيها نحو ثالثة �آالف من الروم‪ ،‬ومعركة فحل ‪ -‬بي�سان يف‬
‫‪ 28‬ذي القعدة ‪13‬هـ ‪ 23 -‬كانون الثاين‪ /‬يناير ‪635‬م والتي كان ميدانها غربي نهر الأردن‬
‫�إىل اجلنوب من بي�سان‪� .‬أما املعركة الفا�صلة فكانت معركة الريموك �شمايل الأردن‬
‫ُ‬
‫جي�ش امل�سلمني‪ ،‬املكون‬ ‫يف ‪ 5‬رجب ‪15‬هـ ‪� 12 -‬آب‪� /‬أغ�سط�س ‪636‬م والتي واجه فيها‬
‫من ‪� 36‬ألفا ً بقيادة �أبي عبيدة بن اجلراح وخالد بن الوليد ]‪ ،‬جي�ش الروم البالغ‬
‫‪� 200‬ألف‪ .‬وقد حلَّت كارثة كربى يف الروم ق َّدرها بع�ض امل�ؤرخني بنحو ‪� 130‬ألف‬
‫قتيل‪ .‬وقد �أدت هذه املعركة �إىل فتح بالد ال�شام‪ .‬وجاء عمر بن اخلطاب ] بنف�سه‬
‫ال�ستالم مفاتيح بيت املقد�س‪ ،‬بعد �أن حا�رصها امل�سلمون ب�ضعة �أ�شهر‪ ،‬ورغب‬

‫‪20‬‬
‫خلفيات الق�ضية الفل�سطينية حتى �سنة ‪1918‬‬

‫�أهلها يف ال�صلح �رشط �أن يتوىل عمر ] العقد بنف�سه‪ .‬وهي املدينة الوحيدة يف عهد‬
‫الرا�شدين التي توىل خليفة بنف�سه ا�ستالم مفاتيحها‪ ،‬وقد �شارك عمر يف الفتح نحو‬
‫�أربعة �آالف من ال�صحابة‪ ،‬و�ص َدح �صوت بالل بن رباح فيها بالأذان‪ ،‬بعد �أن كان‬
‫امتنع عن ذلك منذ وفاة النبي [ ‪ .17‬وقد كتب عمر بن اخلطاب لأهل القد�س عهداً‪،‬‬
‫ا�شتهر با�سم “العهدة العمرية” ‪ ،18‬وجاء فيه‪:‬‬
‫ب�سم اهلل الرحمن الرحيم‪ .‬هذا ما �أعطى عبد اهلل عمر �أمري امل�ؤمنني �أهل �إيلياء‬
‫من الأمان‪� ،‬أعطاهم �أمانا ً لأنف�سهم و�أموالهم ولكنائ�سهم و�صلبانهم و�سقيمها‬
‫وبريئها و�سائر ملتها‪� ،‬أنه ال ت�سكن كنائ�سهم وال تهدم‪ ،‬وال ينتق�ص منها وال من‬
‫حيِّزِها وال من �صليبهم‪ ،‬وال من �شيء من �أموالهم‪ ،‬وال يكرهون على دينهم‪ ،‬وال‬
‫ي�ضار �أحد منهم‪ ،‬وال ي�سكن ب�إيلياء معهم �أحد من اليهود‪.‬‬
‫وعلى �أهل �إيلياء �أن يعطوا اجلزية كما يعطي �أهل املدائن‪ .‬وعليهم �أن يخرجوا‬
‫منها الروم والل�صو�ص‪ ،‬فمن خرج منهم ف�إنه �آمن على نف�سه وماله حتى يبلغوا‬
‫م�أمنهم‪ ،‬ومن �أقام منهم فهو �آمن وله مثل ما على �أهل �إيلياء من اجلزية‪...‬‬
‫وعلى ما يف هذا الكتاب عهد اهلل وذمة ر�سوله وذمة اخللفاء وذمة امل�ؤمنني �إذا‬
‫�أعطوا الذي عليهم من اجلزية‪.‬‬
‫�شهد على ذلك خالد بن الوليد‪ ،‬وعمرو بن العا�ص‪ ،‬وعبد الرحمن بن عوف‪،‬‬
‫ومعاوية بن �أبي �سفيان‪ ،‬وكتب وح�رض �سنة ‪15‬هـ‪.‬‬
‫ويعك�س هذا الن�ص مدى الت�سامح الديني عند امل�سلمني‪ ،‬يف عامل كان ي�سوده‬
‫مت فتح القد�س على الأرجح يف ربيع الآخر‬‫التع�صب الأعمى والإكراه على الدين‪ .‬وقد ّ‬
‫‪16‬هـ ‪� -‬أيار‪ /‬مايو ‪637‬م‪ .‬وكانت قي�سارية �آخر مدينة تفتح يف فل�سطني يف �شوال ‪19‬هـ ‪-‬‬
‫ت�رشين الأول‪� /‬أكتوبر ‪640‬م‪ ،‬وكانت ميناء ومدينة عامرة قوية‪� ،‬سعى الروم لالحتفاظ‬
‫بها قدر ا�ستطاعتهم‪.‬‬
‫وح�سب التق�سيمات الإدارية �أ�صبحت فل�سطني “جندا ً” من “�أجناد” ال�شام الذي‬
‫توزع على �أربعة �أجناد يف عهد الرا�شدين‪ ،‬و�أ�صبحت خم�سا ً يف عهد الدولة الأموية‪.‬‬
‫وقد ظلت فل�سطني جزءا ً �أ�صيالً يف الدولة الإ�سالمية ومتفاعالً مع تطوراتها ال�سيا�سية‬
‫تغي الدول والأ�رس احلاكمة لي�ؤثر على حقيقة �أن �أهل فل�سطني‬ ‫واحل�ضارية‪ .‬ومل يكن ُّ‬
‫عرب م�سلمون موالون لدولة الإ�سالم وحكم الإ�سالم‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫وقد ا�ستمر حكم الرا�شدين حتى �سنة‬


‫‪41‬هـ‪661/‬م‪ ،‬ثم تبعه حكم بني �أمية حتى‬
‫‪132‬هـ‪750/‬م‪ ،‬ثم العبا�سيون‪ ،‬الذين ا�ستمر‬
‫حكمهم املبا�رش على فل�سطني �إىل �أن بد�أ‬
‫يعاين من ال�ضعف والتفكك‪ ،‬مع انتهاء‬
‫الع�رص العبا�سي الأول مبقتل اخلليفة‬
‫العبا�سي املتوكل �سنة ‪247‬هـ‪861/‬م‬
‫مما �أعطى الفر�صة للوالة �إىل �أن ي�شكلوا‬
‫لأنف�سهم �سلطات حملية وراثية‪ ،‬كما‬
‫حدث مع العائلة الطولونية التي حكمت‬
‫م�رص و�ض َّمت فل�سطني �إليها خالل الفرتة‬
‫‪292-264‬هـ �أي ‪905-878‬م‪ ،‬وقد حذا‬
‫الأخ�شيديون حذو الطولونيني عندما‬
‫حكموا م�رص‪ ،‬ف�ضموها �إىل نفوذهم خالل‬
‫الفرتة ‪358-323‬هـ �أي ‪969-935‬م‪ .‬وقد‬
‫حكم الطولونيون والأخ�شيديون حتت‬
‫الظل الإ�سمي للدولة العبا�سية‪.‬‬
‫ويف ‪358‬هـ متكن الفاطميون‪ ،‬الذين‬
‫ينتمون �إىل املذهب الإ�سماعيلي‪ ،‬من‬
‫ال�سيطرة على فل�سطني‪ ،‬وخا�ضوا �رصاعات‬
‫مع الثورات املحلية ومع القرامطة والأتراك‬
‫ال�سالجقة لل�سيطرة على فل�سطني‪ .‬ث ّم �إن ال�سالجقة متكنوا يف ‪464‬هـ‪1071/‬م من ال�سيطرة‬
‫على معظم فل�سطني‪ .‬لكن ال�رصاع عاد ليحتدم بني ال�سالجقة �أنف�سهم وبينهم وبني‬
‫الفاطميني‪ ،‬وقد مت ّكن الفاطميون من ال�سيطرة على �صور �سنة ‪1097‬م وبيت املقد�س يف‬
‫�شباط‪ /‬فرباير ‪1098‬م‪ .‬وقد كان هذا ال�رصاع يف غمرة احلملة ال�صليبية الأوىل التي بد�أت‬
‫طالئعها يف الو�صول �إىل بالد ال�شام‪ .‬وقام الفاطميون مبرا�سلة ال�صليبيني‪ ،‬عار�ضني‬
‫عليهم التعاون يف قتال ال�سالجقة‪ ،‬مقابل �أن يكون الق�سم ال�شمايل من بالد ال�شام‬
‫لل�صليبيني وفل�سطني للفاطميني‪.19‬‬

‫‪22‬‬
‫خلفيات الق�ضية الفل�سطينية حتى �سنة ‪1918‬‬

‫ولي�س من منهجنا يف هذه الدرا�سة �أن نتحدث عن تف�صيالت احلروب ال�صليبية‪.20‬‬


‫ولكننا نذكر �أن ال�صليبيني متكنوا من احتالل فل�سطني‪ ،‬و�سيطروا على القد�س‬
‫‪492‬هـ‪1099/‬م بعد �أن خا�ضوا يف بحر من دماء امل�سلمني‪ ،‬وقتلوا منهم يف القد�س‬
‫نحو ‪� 70‬ألفاً‪ .‬لكن الأمة امل�سلمة كانت ما تزال متلك الكثري من القوة واحليوية وكانت‬
‫�أرقى ح�ضاريا ً وعلميا ً من ال�صليبيني الأوروبيني‪ ،‬على الرغم من ما كانت تعانيه من‬
‫ت�رشذم و�رصاع �سيا�سي وحروب داخلية‪ .‬فقد ظهر �أبطال جماهدون �أنهكوا ال�صليبيني‬
‫طيلة فرتة حكمهم‪ ،‬من �أمثال �أق�سنقر الرب�سقي (‪520-508‬هـ)‪ ،‬وعماد الدين زنكي‬
‫( ‪540 -521‬هـ) الذي �أ�سقط �إمارة الرها ال�صليبية‪ ،‬وابنه نور الدين حممود‬
‫( ‪569-541‬هـ �أي ‪1174-1146‬م)‪ ،‬الذي ق َّدم منوذجا ً فذا ً للقيادة امل�سلمة‪ ،‬وتبنى‬
‫م�رشوعا ً نه�ضويا ً ح�ضاريا ً موازيا ً مل�رشوع التحرير الذي �شغله طيلة حكمه‪ ،‬فتمكن‬
‫من توحيد القوى الإ�سالمية بقيادته يف بالد ال�شام‪ ،‬ثم �ض َّم م�رص �إىل حكمه‪ ،‬و�أ�سقط‬
‫اخلالفة الفاطمية فيها على يد واليه هناك �صالح الدين الأيوبي‪ ،‬ومتكن من حترير‬
‫نحو خم�سني مدينة وقلعة من ال�صليبيني‪� .‬إال �أنه تويف رحمه اهلل بعد �أن ا�ستكمل تثبيت‬
‫فكي الكما�شة (م�رص وال�شام) على عنق ال�صليبيني‪.‬‬
‫رفع �صالح الدين الأيوبي راية اجلهاد بعد نور الدين خالل الفرتة ‪589-569‬هـ �أي‬
‫‪1193-1174‬م‪ ،‬و�أعاد توحيد ال�شام وم�رص حتت قيادته‪ ،‬وخا�ض معركة حطني مع‬
‫ال�صليبيني يف ‪ 24‬ربيع الآخر ‪583‬هـ �أي ‪ 4‬متوز‪ /‬يوليو ‪1187‬م وهي معركة فا�صلة يف‬
‫التاريخ �أدت �إىل حتطيم الوجود ال�صليبي وفتح بيت املقد�س يف ‪ 27‬رجب ‪583‬هـ �أي‬
‫‪ 2‬ت�رشين الأول‪� /‬أكتوبر ‪1187‬م‪� ،‬أي بعد نحو ‪ 88‬عاما ً من احلكم ال�صليبي‪ .‬وقد تابع‬
‫ال�صليبيون حمالتهم ومتكنوا من ال�سيطرة على �رشيط �ساحلي بني يافا و�صور‪ ،‬كما‬
‫�سيطروا مرة �أخرى على القد�س (ب�سبب ال�رصاعات الداخلية يف الدولة الأيوبية) معظم‬
‫الفرتة بني ‪642-626‬هـ �أي ‪1244-1229‬م �إىل �أن عادت نهائيا ً �إىل حظرية الإ�سالم‪،‬‬
‫وا�ستمرت كذلك حتى االحتالل الربيطاين لفل�سطني �سنة ‪1917‬م‪.‬‬
‫ُ‬
‫املماليك الدولة الأيوبية �سنة ‪648‬هـ‪1250/‬م وواجهوا الزحف املغويل‬ ‫وقد خلف‬
‫على �أر�ض فل�سطني يف معركة عني جالوت ‪ 25‬رم�ضان ‪658‬هـ �أي ‪� 6‬أيلول‪� /‬سبتمرب‬
‫‪1260‬م بقيادة قطز (حممود بن ممدود) والتي تع ُّد من املعارك الفا�صلة يف التاريخ‪ .‬ثم‬
‫تابع املماليك م�رشوع حترير فل�سطني وبالد ال�شام من بقايا ال�صليبيني‪ ،‬فقام الظاهر‬
‫بيرب�س بجهد كبري يف ذلك‪ ،‬حيث ا�سرتد العديد من املناطق يف فل�سطني وال�شام ثم تابعه‬

‫‪23‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫�سيف الدين قالوون‪ ،‬ثم ابنه الأ�رشف خليل بن قالوون‪ ،‬الذي ّ‬


‫مت على يديه �إنهاء الوجود‬
‫ال�صليبي يف بالد ال�شام ب�إ�سقاطه مملكة عكا ال�صليبية‪� .‬إذ ح ّرر عكا يف ‪ 17‬جمادى الأوىل‬
‫‪690‬هـ �أي ‪� 18‬أيار‪ /‬مايو ‪1291‬م‪ ،‬وا�ستوىل بعد ذلك ب�رسعة على �صيدا و�صور وحيفا‬
‫وعتليت‪ .‬لتعود ال�سيطرة الكاملة على فل�سطني وال�شام من جديد حلكم الإ�سالم‪.‬‬
‫وعندما �ضعف �ش�أن املماليك قام العثمانيون بال�سيطرة على فل�سطني وباقي بالد‬
‫ال�شام (�سورية والأردن ولبنان) �سنة ‪1516‬م‪ ،‬و�سيطروا على م�رص واحلجاز واليمن‬
‫وو�سعوا �سيطرتهم خالل ن�صف القرن التايل لت�شمل معظم‬ ‫َّ‬ ‫واجلزائر يف ال�سنة التالية‪،‬‬
‫العامل العربي‪ ،‬مبا يف ذلك العراق و�رشق اجلزيرة العربية‪ ،‬وليبيا وتون�س‪ .‬وقد ا�ستمر‬
‫حكمهم لفل�سطني حتى نهاية احلرب العاملية الأوىل �سنة ‪1918‬م‪.‬‬
‫اكت�سبت فل�سطني طابعها الإ�سالمي‪ ،‬منذ الفتح العمري‪ ،‬ودخل �أهلها يف دين اهلل‬
‫�أفواجاً‪ ،‬وتعربوا وتعربت لغتهم بامتزاجهم مع القبائل العربية القادمة من اجلزيرة‬
‫العربية حتت لواء احل�ضارة الإ�سالمية‪ .‬ومل تكن فرتة احلروب ال�صليبية لت�ؤثر كثريا ً‬
‫على هوية الأر�ض وال�سكان‪� ،‬إذ �صمد الفل�سطينيون يف �أر�ضهم‪ ،‬بينما كان ال�صليبيون يف‬
‫�أحيان كثرية يف و�ضع دفاعي ُمنهك‪.‬‬
‫وعلى �أي حال‪ ،‬ف�إن احلكم الإ�سالمي لفل�سطني ا�ستمر نحو ‪� 1,200‬سنة حتى ‪1917‬م‪،‬‬
‫وهي �أطول فرتة تاريخية مقارنة ب�أي حكم �آخر‪ ،‬كان احلكم فيها م�سلماً‪ ،‬وال�شعب‬
‫م�سلماً‪ ،‬وغطى احلكم ك َّل فل�سطني ولي�س بع�ضها‪ ،‬كما �رضب امل�سلمون املثل الأعلى يف‬
‫الت�سامح الديني وحرية الأديان‪ ،‬فكانوا خري من خدم الأر�ض املقد�سة‪ ،‬وحمى حرمتها‪.‬‬
‫وا�ستقرارهم يف‬ ‫وقد تر�سخ الإ�سالم يف فل�سطني بقدوم عدد من ال�صحابة‬
‫فل�سطني ون�رشهم للإ�سالم فيها‪ ،‬وكان منهم‪ :‬عبادة بن ال�صامت‪ ،‬و�شداد بن �أو�س‪،‬‬
‫و�أ�سامة بن زيد بن حارثة‪ ،‬وواثلة بن الأ�سقع‪ ،‬وفريوز الديلمي‪ ،‬ودحية الكلبي‪،‬‬
‫وعبد الرحمن بن غنم الأ�شعري‪ ،‬وعلقمة بن جمزر الكناين‪ ،‬و�أو�س بن ال�صامت‪،‬‬
‫وم�سعود بن �أو�س بن زيد‪ ،‬وزنباع بن روح‪ ،‬و�أبو ريحانة �شمعون الأن�صاري‪،‬‬
‫بي بن �أم حرام الأن�صاري‪،‬‬ ‫و�سويد بن زيد‪ ،‬وذو الأ�صابع التميمي‪ ،‬و�أبو �أُ ّ‬
‫و�أنيف بن ملة اجلذامي‪ ،‬و�أبو رويحة الفزعي‪ ...‬وغريهم من ال�صحابة الذين عا�شوا‬
‫يف فل�سطني و ُدفنوا يف ثراها‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫خلفيات الق�ضية الفل�سطينية حتى �سنة ‪1918‬‬

‫ومن التابعني من �أبناء فل�سطني رجاء بن حيوة الكندي من مواليد بي�سان‪ ،‬وهو الذي‬
‫�أ�شار على �سليمان بن عبد امللك بتولية عمر بن عبد العزيز اخلالفة‪ .‬ومن التابعني �أي�ضا ً‬
‫عبادة بن ن�سي الكندي‪ ،‬وروح بن زنباع‪ ،‬وممن �سكن فل�سطني �أو زارها من التابعني‬
‫مالك بن دينار‪ ،‬والأوزاعي‪ ،‬وهانئ بن كلثوم‪ ،‬وحميد بن عبد اهلل اللخمي‪ ،‬و�سفيان‬
‫الثوري‪ ،‬وابن �شهاب الزهري‪.‬‬
‫ومن كبار الأئمة والفقهاء الذين ولدوا يف فل�سطني الإمام ال�شافعي الذي ولد يف مدينة‬
‫غزة‪ ،‬وممن عا�شوا يف فل�سطني �أو زاروها من الأئمة �إبراهيم بن �أدهم‪ ،‬والليث بن �سعد‪،‬‬
‫و�أبو بكر حممد الطرطو�شي‪ ،‬و�أبو بكر اجلرجاين‪ ،‬وابن قدامة املقد�سي‪.‬‬
‫و�إىل فل�سطني ينت�سب فاحت الأندل�س القائد مو�سى بن ن�صري اللخمي‪ ،‬كما ينت�سب �إليها‬
‫عبد احلميد بن يحيى رئي�س فن الكتابة و�سيّد الإن�شاء والدواوين يف ع�رصه‪ ،‬وينت�سب‬
‫�إليها �أي�ضا ً �أول علماء الكيمياء الكبار يف التاريخ الإ�سالمي خالد بن يزيد الأموي‪ .‬وال‬
‫يت�سع املجال لال�ستطراد‪ ،‬فقد كانت الأر�ض املقد�سة مركزا ً للح�ضارة الإ�سالمية‪،‬‬
‫ومهوى لأفئدة امل�سلمني‪ ،‬و�شارك �أبنا�ؤها بفعالية يف بناء �رصح الأمة الإ�سالمية ال�شامل‬
‫ويف االرتقاء بنه�ضتها‪.21‬‬

‫خام�س ًا‪ :‬املـزاعـم الديـنـيـة والتـاريخيـة لليهـود فـي‬


‫فل�ســطيـن‪:‬‬
‫جتدر الإ�شارة �إىل �أن يهود هذا الزمان يبنون احتاللهم لفل�سطني على مزاعم دينية‬
‫وتاريخية‪ ،‬في ّدعون �أن اهلل �سبحانه وعدهم هذه الأر�ض‪ ،‬وي�شريون �إىل ارتباطهم‬
‫التاريخي بها‪ ،‬بحكمهم �إياها زمناً‪ ،‬وبتواجدهم على �أر�ضها‪ ،‬وارتباطهم النف�سي‬
‫والروحي بها‪ ،‬وقد�سيتها عندهم‪ .‬ونحن ن�ؤمن �أن لليهود حريتهم الدينية‪ ،‬ولي�س من حقّ‬
‫�أحد �أن يكرههم على تغيري عقائدهم‪ ،‬ولكن لي�س من حقهم �أن يلزموا الآخرين بعقيدتهم‪.‬‬
‫كما �أنه لي�س من حقهم �أن ي�رشدوا �شعبا ً من دياره‪ ،‬ويغت�صبوا �أر�ضه و�أمالكه ومقد�ساته‬
‫حتت دعاواهم الدينية‪.‬‬
‫�أما امل�سلمون فال يرون لليهود حقا ً يف هذه الأر�ض‪ ،‬فمن ناحية دينية‪ ،‬ف�إن هذه الأر�ض‬
‫�أعطيت لبني �إ�رسائيل عندما رفعوا راية التوحيد‪ ،‬وا�ستقاموا عليها‪ ،‬حتت قيادة ر�سلهم‬

‫‪25‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫و�صاحليهم‪ .‬ولكنهم انحرفوا وب ّدلوا وقتلوا �أنبياءهم‪ ،‬وعاثوا يف الأر�ض ف�سادا ً بعد‬
‫ذلك‪ ،‬ففقدوا تلك ال�رشعية‪ .‬وامل�سلمون ي�ؤمنون �أنهم الورثة احلقيقيون لراية التوحيد‪،‬‬
‫و�أنهم االمتداد احلقيقي الوحيد لأمة التوحيد ودعوة الر�سل‪ ،‬و�أن دعوة الإ�سالم هي‬
‫امتداد وا�ستمرار لدعوة �إبراهيم و�إ�سحق ويعقوب و�إ�سماعيل ومو�سى وداود و�سليمان‬
‫وعي�سى‪ ...‬عليهم ال�سالم‪ .‬فامل�سلمون الآن هم �أحق النا�س بهذا املرياث بعد �أن انحرف‬
‫الآخرون‪ .‬وامل�س�ألة غري مرتبطة باجلن�س والن�سل والقومية‪ ،‬و�إمنا مرتبطة باتباع املنهج‪،‬‬
‫وعلى هذا فنحن امل�سلمني ن�ؤمن �أن ر�صيد الأنبياء هو ر�صيدنا‪ ،‬وجتربتهم هي جتربتنا‪،‬‬
‫وتاريخهم هو تاريخنا‪ ،‬وال�رشعية التي �أعطاها اهلل للأنبياء واتباعهم يف حكم الأر�ض‬
‫املقد�سة هي داللة على �رشعيتنا وحقنا يف هذه الأر�ض وحكمها‪ .‬قال تعاىل‪ :‬ﭽﮱ ﯓ‬
‫ﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢ‬
‫ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪﯫ ﯬ ﯭ ﯮﭼ‪ ،22‬وقال تعاىل‪:‬‬
‫ﭽﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ‬
‫ﯖﭼ‪ ،23‬وقال تعاىل‪ :‬ﭽﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰﮱ‬
‫ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﭼ‪ .24‬وهكذا ف�إن اهلل �أخرب �إبراهيم \ �أن‬
‫الإمامة والقيادة ال ينالها الظاملون من ن�سله وذريته‪ ،‬لأن الأمر مرتبط باال�ستقامة على‬
‫منهج اهلل‪ ،‬ولو كان الأمر مرتبطا ً بالتنا�سل فال ينبغي لبني �إ�رسائيل �أن يق�رصوه على‬
‫�أنف�سـهم‪ ،‬وال�سـتحق �إ�سـماعيـل \ ون�سـلـه هذا الــوعد الـذي �أُعطي لإبراهيم‪ ،‬وال�ستحقه‬
‫العرب املنت�سبون �إىل �إ�سماعيل جد العرب العدنانية‪ ،‬ومنهم قري�ش و�سيدها حممد [‪.‬‬
‫�أما من الناحية التاريخية‪ ،‬ف�إن حكم بني �إ�رسائيل لفل�سطني كان فرتة �ضئيلة ومل‬
‫تتجاوز الأربعة قرون على �أجزاء من فل�سطني‪ ،‬ولي�س كلها‪� .‬أما احلكم الإ�سالمي فقد‬
‫ا�ستمر نحو ‪ 12‬قرنا ً (‪1917-636‬م) قطعته لفرتة �ضئيلة فرتة احلروب ال�صليبية‪.‬‬
‫و�إذا كان معظم اليهود قد غادر فل�سطني‪ ،‬وانقطعت �صلتهم الفعلية بها مدة ‪ 18‬قرناً‪،‬‬
‫منذ ‪135‬م وحتى القرن الع�رشين‪ ،‬ف�إن �أهل فل�سطني الأ�صليني مل يغادروها طوال‬
‫الأربعة �آالف وخم�سمائة �سنة املا�ضية‪� ،‬إىل �أن ُطرد عدد كبري منهم ق�رسا ً على يد‬
‫الع�صابات ال�صهيونية �سنة ‪1948‬م‪ ،‬وما زالوا �إىل الآن يجاهدون ال�سرتداد �أر�ضهم دون‬
‫�أن يتنازلوا عنها‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫خلفيات الق�ضية الفل�سطينية حتى �سنة ‪1918‬‬

‫ثم �إن �أكرث من ‪ %80‬من يهود هذا الزمان‪ ،‬ح�سب‬


‫بع�ض الباحثني والعلماء اليهود �أنف�سهم وعلى ر�أ�سهم‬
‫�آرثر كو�ستلر ‪� Arthur Koestler‬صاحب كتاب القبيلة‬
‫الثالثة ع�رش ‪The Thirteenth Tribe: The Khazar‬‬
‫‪( Empire & Its Heritage‬و�إىل جانبه �أ‪ .‬ن‪ .‬بوالك‬
‫‪ ,A. N. Polak‬وك‪ .‬ل‪ .‬بروك ‪ ،K. L. Brook‬و�س‪� .‬ساند‬
‫ميتّون �إىل بني �إ�رسائيل‬
‫‪ ،S. Sand‬و�إ‪� .‬إلياك ‪ ،)E. Eliak‬ال ُ‬
‫• �آرثر كو�ستلر‬ ‫وال �إىل فل�سطني ب�أي �صلة ن�سب �أو تاريخ‪ ،‬لأن معظم‬
‫اليهود املعا�رصين هم من يهود “اخلزر” الذين ترجع �أ�صولهم �إىل قبائل ترتية ‪ -‬تركية‬
‫قدمية ا�ستوطنت منطقة �شمال القوقاز (جنوب رو�سيا) وتهودت يف القرن الثامن‬
‫امليالدي بقيادة ملكها بوالن ‪� Bulan‬سنة ‪740‬م‪ ،‬وعندما �سقط ملكهم انت�رشوا يف‬
‫رو�سيا و�رشق �أوروبا‪ ،‬وهم ما يعرف الآن باليهود الأ�شكناز‪ ،25‬ف�إن كان لهم ثمة حقّ يف‬
‫العودة فليعودوا �إىل جنوب رو�سيا!!‬

‫�ساد�س ًا‪ :‬خلفيـات ظهــور الق�ضيـة الفل�سـطينيـة فـي‬


‫التـاريخ احلديث‪:‬‬
‫كما �أ�رشنا �سابقاً‪َ ،‬ف َق َد اليهود �صلتهم بفل�سطني عمليا ً مدة ‪ 1,800‬عام‪ ،‬ومل يكن‬
‫لديهم �سوى العاطفة الدينية‪ ،‬التي رف�ض �أحبارهم وحاخاماتهم وقادتهم حتويلها‬
‫�إىل برنامج عملي؛ لأنهم كانوا ي�ؤمنون �أنهم ا�ستحقوا تدمري دولتهم و�شتاتهم ب�سبب‬
‫خطاياهم‪ ،‬و�أن عليهم انتظار امل�سيح املخلِّ�ص اخلا�ص بهم “املا�شيح” �أو “امل�سيّا”‪،‬‬
‫وعند ذلك يجوز لهم اال�ستقرار يف فل�سطني و�إقامة كيانهم‪.‬‬
‫على �أن عددا ً من التغريات املهمة حدثت يف التاريخ الأوروبي احلديث‪ ،‬انعك�ست‬
‫بدورها على اليهود و�إن�شاء امل�رشوع ال�صهيوين‪ .‬فمنذ القرن ال�ساد�س ع�رش امليالدي‬
‫ظهرت حركة الإ�صالح الديني “احلركة الربوت�ستانتية” ‪Protestant Reformation‬‬
‫”‪ “Protestantism‬التي رك َّزت على الإميان بالعهد القدمي “التوراة”‪ ،‬ونظرت لليهود‬
‫وفق ر�ؤية توراتية ب�أنهم “�أهل فل�سطني” امل�رشدين يف الأر�ض‪ ،‬و�آمن الكثري من‬

‫‪27‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫الربوت�ستانت بنبوءة العهد الألفي ال�سعيد‪ ،‬ب�أن اليهود �سيُجمعون من جديد يف فل�سطني‪،‬‬
‫ا�ستعدادا ً لعودة امل�سيح املنتظر الذي �سيقوم بتن�صريهم‪ ،‬ثم يقودهم يف معركة �آرجمدون‬
‫‪ ،Armageddon‬حيث ينت�رص على �أعدائه‪ ،‬ليبد�أ بعد ذلك عهد ميتد �ألف �سنة من ال�سعادة‪.‬‬
‫وقد �شكل �أتباع الكنائ�س الربوت�ستانتية �أغلبية �سكان بريطانيا والواليات املتحدة وهولندا‬
‫ونحو ن�صف �سكان �أملانيا‪ .‬وهكذا ظهرت “ال�صهيونية غري اليهودية” خ�صو�صا ً و�سط‬
‫ه�ؤالء الربوت�ستانت‪ ،‬الذين دعموا امل�رشوع ال�صهيوين بناء على خلفية دينية‪.26‬‬
‫ومن جهة �أخرى ف�إن �أوروبا‪ ،‬خ�صو�صا ً يف القرن التا�سع ع�رش‪� ،‬شهدت حتوالت‬
‫�سيا�سية مهمة‪ ،‬فمنذ الثورة الفرن�سية على احلكم امللكي �سنة ‪1789‬م �أخذت تت�شكل‬
‫الدولة الأوروبية احلديثة‪ ،‬وانت�رشت الفكرة القومية وامل�شاعر الوطنية‪ ،‬و ّ‬
‫مت‬
‫مت “حترير”‬‫�إن�شاء �أنظمة علمانية ف�صلت الدين عن الدولة وه ّم�شت دور الكني�سة‪ .‬و ّ‬
‫اليهود‪ ،‬و�إعطا�ؤهم كافة حقوق املواطنة‪ ،‬خ�صو�صا ً يف �أوروبا الغربية‪ ،‬مما �سهل على‬
‫اليهود اخرتاق هذه املجتمعات والأنظمة‪ ،‬واالرتقاء مبكانتهم ال�سيا�سية واالقت�صادية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬وحتقيق م�ستويات �أعلى من النفوذ يف دوائر ال�سيا�سة واالقت�صاد‬
‫والإعالم‪.‬‬
‫ويف املقابل‪ ،‬ف�إن الدولة القومية وامل�شاعر الوطنية يف رو�سيا و�أوروبا ال�رشقية قد‬
‫�أخذت منحى �آخر‪ ،‬حيث كان يتواجد غالبية يهود العامل‪� .‬إذ قاوم يهود رو�سيا عمليات‬
‫الدمج والتحديث الرو�سية‪ ،‬التي متيزت بالفوقية والق�رس والإرهاب‪ .‬وزادت م�شاركة‬
‫الكثري من اليهود يف احلركات الثورية الي�سارية من عداء احلكومة القي�رصية الرو�سية‬
‫لهم‪ ،‬وانفجرت العداوة �ضدهم ب�شكل مك�شوف �إثر اغتيال قي�رص رو�سيا �ألك�سندر الثاين‬
‫‪� Alexander II‬سنة ‪1881‬م‪ ،‬والذي اتهم به اليهود‪ .‬وبد�أت موجة من الإجراءات العنيفة‬
‫القا�سية �ضدهم �سميت بـ“الال �سامية ‪� ،”anti-Semitism‬أي العداء لليهود لكونهم‬
‫يهودا ً ينتمون �إىل العن�رص ال�سامي‪ ،‬وقد �أدى ذلك �إىل ن�شوء “امل�شكلة اليهودية”‪27‬؛‬
‫�إذ �إن ماليني اليهود يف رو�سيا �أخذوا يبحثون عن فر�صة للخال�ص مما هم فيه‪ ،‬وبد�أت‬
‫�أعداد هائلة منهم يف الهجرة �إىل �أوروبا الغربية و�أمريكا ال�شمالية واجلنوبية‪ .‬وكانت هذه‬
‫فر�صة احلركة ال�صهيونية للظهور والدعوة �إىل ح ّل امل�شكلة اليهودية‪ ،‬ب�إن�شاء كيان �آمن‬
‫م�ستقل لليهود يف فل�سطني‪ .‬وتعاطف الكثري من الأوروبيني والأمريكان مع هذه الدعوة‪،‬‬
‫�سواء خللفياتهم الدينية‪� ،‬أم تخل�صا ً من �أعباء التدفق اليهودي على �أر�ضهم‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫خلفيات الق�ضية الفل�سطينية حتى �سنة ‪1918‬‬

‫و�أ�سهم �ضعف الدولة العثمانية‪ ،‬التي كانت فل�سطني حتت حكمها خالل الفرتة‬
‫‪1917-1516‬م‪ ،‬و�س ْع ُي الدول الغربية لتقا�سم �أرا�ضيها‪� ،‬إىل بروز �أجواء عملية �أف�ضل‬
‫لت�أ�سي�س امل�رشوع ال�صهيوين‪� .‬إذ كانت هناك رغبة غربية مبلئ الفراغ الذي �سينتج عن‬
‫�سقوط الدولة العثمانية‪ ،‬ومنع نهو�ض قوة �إ�سالمية كربى َت ْخلُف العثمانيني‪.‬‬
‫وقد ظهرت يف ذلك الوقت فكرة �إن�شاء دولة حاجزة �رشقي قناة ال�سوي�س وغربي‬
‫بالد ال�شام‪ ،‬يف �أواخر القرن التا�سع ع�رش‪ ،‬بحيث يتم غر�س كيان غريب يف قلب العامل‬
‫الإ�سالمي‪ ،‬يف�صل جناحه الآ�سيوي عن جناحه الإفريقي‪ ،‬ومينع وحدته‪ ،‬وي�ضمن‬
‫�ضعفه وتفككه‪� ،‬إذ �إن ا�ستمرار مثل هذا الكيان مرتبط مبدى �ضعف من حوله‪.‬‬
‫و�سي�سعى هذا الكيان بالتايل ل�رضب �أي منو ح�ضاري قوي يف املنطقة‪ ،‬و�سي�شغل‬
‫العامل الإ�سالمي مب�شكلة طويلة معقدة ت�ستنزف طاقته وجهوده‪ ،‬وتبقيه �إىل �أبعد مدى‬
‫ممكن يف فلك التبعية وال�ضعف واحلاجة للعامل الغربي‪ ،‬كما تبقيه م�صدرا ً للمواد اخلام‬
‫و�سوقا ً للمنتجات الغربية‪ .‬وكما �أن هذا الكيان �سيكون بحاجة �إىل دعم الغرب ل�ضمان‬
‫ا�ستمراره‪ ،‬ف�إن الغرب كذلك �سيكون بحاجة �إليه ل�ضمان �ضعف العامل الإ�سالمي‬
‫وتفككه وتبعيته‪ .‬وبذلك ين�ش�أ بينهما حتالف ال ينف�صم‪ .‬وهنا تكمن �أهمية �أن يفهم‬
‫موجه �ض ّد كل م�سلم و�آماله يف الوحدة والنه�ضة والتقدم‬
‫ّ‬ ‫امل�سلمون �أن هذا امل�رشوع‬
‫ولي�س �ض ّد الفل�سطينيني وحدهم‪.‬‬
‫لقد عا�ش الغرب قرونا ً طويلة من ال�رصاع مع امل�سلمني‪ ،‬كانت فيه اليد الطوىل‬
‫للم�سلمني نحو ‪ 11‬قرناً‪ ،‬وما كانت لتنتهي دولة م�سلمة حتى حتل مكانها دولة م�سلمة‬
‫جتدد احليوية يف هذه الأمة‪ ،‬وحتفظ عزتها وكرامتها‪ ،‬فكانت دول الرا�شدين‪ ،‬والأمويني‪،‬‬
‫والعبا�سيني‪ ،‬واملماليك‪ ،‬والعثمانيني الذين خلفوا املماليك ومتكنوا من فتح معظم �أوروبا‬
‫ال�رشقية‪ ،‬ومن توحيد العامل العربي حتت رايتهم فكانوا ح�صنا ً عظيما ً للإ�سالم قرون‬
‫عديدة‪ .‬غري �أن �ضعف الدولة العثمانية خ�صو�صا ً يف القرن التا�سع ع�رش و�أوائل القرن‬
‫الع�رشين جعل الأوروبيني يفكرون بطريقة ت�ضمن �أال تقوم بعد ذلك للعامل الإ�سالمي‬
‫قائمة‪ ،‬و�أال حتل حمل العثمانيني دولة م�سلمة جديدة‪ ،‬تبعث احليوية والنه�ضة فيهم‪،‬‬
‫فكانت فكرة الدولة احلاجزة‪ ،‬التي توافقت مع فكرة ح ّل امل�شكلة اليهودية‪ ،‬ومع فكرة‬
‫حماية اجلناح ال�رشقي لقناة ال�سوي�س‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫�سابع ًا‪ :‬التطور ال�سيا�سي للق�ضية الفل�سطينية حتى‬


‫�سنة ‪:1914‬‬
‫لفتت حملة نابليون بونابرت ‪Napoleon‬‬
‫‪� Bonaparte‬إىل م�رص‪ ،‬التي احتلها ب�سهولة‬
‫يف متوز‪ /‬يوليو ‪ ،1798‬الأنظار �إىل مدى �ضعف‬
‫الدولة العثمانية‪ ،‬وفتحت �شهية اال�ستعمار‬
‫الأوروبي القت�سام تركة هذه الدولة‪.‬‬
‫وقد ن ّفذ نابليون حمل ًة على فل�سطني يف‬
‫�شباط‪ /‬فرباير ‪ ،1799‬فاحتل جنوب فل�سطني‬
‫وو�سطها ب�رسعة‪ ،‬ويف ‪ 1799/3/6‬احت َّل يافا‪،‬‬
‫• نابليون بونابرت‬
‫حيث ارتكب الفرن�سيون فيها مذبحة وح�شية‬
‫بقتل �ألفني من حاميتها بعد ا�ست�سالمها‪ ،‬لأن‬
‫نابليون مل يكن يرغب يف حتمل تكاليف �إطعامهم وحرا�ستهم‪ .‬وبد�أ ح�صار الفرن�سيني‬
‫لعكا يف ‪� 18‬آذار‪ /‬مار�س؛ غري �أنهم ف�شلوا �أمام �أ�سوار عكا و�صمود حاميتها و�أهلها‪ ،‬ولذلك‬
‫‪28‬‬
‫عرفت عكا بـ“قاهرة نابليون”‪ .‬وان�سحب الفرن�سيون �إىل م�رص يف ‪.1799/5/20‬‬
‫ت�شري بع�ض املراجع �أن نابليون كان �أول زعيم �سيا�سي �أوروبي ي�صدر دعوة ر�سمية‬
‫لليهود لتحقيق �آمالهم‪ ،‬و�إقامة كيانهم على �أر�ض فل�سطني‪ ،‬و�أنه قد ن�رش دعوته هذه يف‬
‫‪ 1799/4/20‬يف �أثناء ح�صاره لعكا‪ .29‬غري �أنه على ما يبدو ال يوجد علميا ً ووثائقيا ً ما‬
‫ُيثبت ذلك‪.‬‬
‫ومل تكن الأهمية اخلا�صة مل�رص وبالد ال�شام لتغيب عن �أعني الربيطانيني الذين‬
‫كانوا القوة الكربى الأوىل يف العامل‪ ،‬فافتتحت بريطانيا قن�صلية لها يف القد�س �سنة‬
‫‪ .1838‬ويف �أول ر�سالة لنائب القن�صل يف القد�س‪ ،‬طلبت اخلارجية الربيطانية منه‬
‫توفري احلماية لليهود‪ ،‬حتى و�إن كانوا غري بريطانيني‪ ،‬ولذلك ظلت هذه القن�صلية‬
‫مركزا ً للدفاع عن م�صالح اليهود حتى ن�شوب احلرب العاملية الأوىل �سنة ‪.301914‬‬
‫مت للربيطانيني ال�سيطرة على قرب�ص �سنة ‪ ،1878‬وم�رص �سنة ‪،1882‬‬ ‫وعندما ّ‬
‫�أ�صبحت الدولة اال�ستعمارية الوحيدة التي لها قواعد �رشقي البحر املتو�سط‪.‬‬
‫وبالإ�ضافة �إىل اخللفيات الدينية والتاريخية‪� ،‬أ�صبحت تنظر �إىل فل�سطني يف �ضوء‬

‫‪30‬‬
‫خلفيات الق�ضية الفل�سطينية حتى �سنة ‪1918‬‬

‫التناف�س اال�ستعماري على املنطقة‪ ،‬ويف �ضوء حاجتها حلماية اجلناح ال�رشقي لقناة‬
‫ال�سوي�س التي �أ�صبحت ال�رشيان احليوي للموا�صالت الربيطانية خ�صو�صا ً �إىل‬
‫الهند‪ .‬وعندما ت�أ�س�س امل�رشوع ال�صهيوين‪ ،‬وظهرت فكرة الدولة احلاجزة‪ ،‬ف�إنها‬
‫كانت تخدم بال �ش ّك‪ ،‬خمتلف الدوافع واخللفيات‬
‫الدينية واحل�ضارية وال�سيا�سية واال�سرتاتيجية‪.‬‬
‫و�أ�صبحت تتخذ �أبعادا ً عملية‬
‫ميكن تنفيذها يف �ضوء التدهور‬
‫العثماين املت�سارع‪.‬‬
‫ومل تكن �أ�صداء الدعوات التي‬
‫• �إ�سحاق نيوتن‬
‫�أطلقها اليهود وال�صهاينة غري‬
‫اليهود لـ“العودة” �إىل فل�سطني‬
‫• جان جاك رو�سو‬
‫لت�أخذ �أبعادا ً جدية قبل نهايات‬
‫القرن التا�سع ع�رش‪ .‬فقد ظهرت‬
‫بواكري هذه الدعوات يف القرن‬
‫ال�ساد�س ع�رش‪ ،‬مرورا ً ب�أول‬
‫كتاب �صدر حول هذا املو�ضوع‬
‫• جوزيف بري�ستلي‬
‫بقلم املحامي الربيطاين هرني‬
‫فن�ش ‪� Henry Finch‬سنة‬
‫‪ 1621‬بعنوان “البعث العاملي • زيف هري�ش كالي�رش‬
‫الكبري �أو عودة اليهود”‪ ،‬كما‬
‫ظهرت يف كتابات ودعوات‬
‫الن�صارى �أمثال �إ�سحاق نيوتن‬
‫‪،(1727-1643) Isaac Newton‬‬
‫• يهودا القايل‬ ‫وجان جاك رو�سو ‪Jean-Jacques‬‬
‫‪،( 1778 - 1712 ) Rousseau‬‬
‫• موزي�س ه�س‬ ‫وجوزيف بري�ستلي ‪Joseph‬‬
‫)‪،(1804-1733‬‬ ‫‪Priestley‬‬
‫و�شافت�سربي ‪ ،Shaftesbury‬ولورن�س �أوليفانت ‪.Laurence Oliphant‬‬

‫‪31‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫وظهرت كذلك دعوات اليهود �أمثال �شبتاي ت�سفي ‪،(1676-1626) Shabbetai Tzvi‬‬
‫وزيف هري�ش كالي�رش ‪ ،(1874-1795) Zvi Hirsch Kalischer‬ويهودا القايل‬
‫‪ ،( 1878 - 1798) Judah Alkalai‬وموزي�س ه�س ‪(1875-1812) Moses Hess‬‬
‫وغريهم‪ .31‬غري �أن قدوم اليهود ظ ّل مرتبطا ً بالعاطفة الدينية التقليدية يف زيارة الأماكن‬
‫املقد�سة‪� ،‬أو ال�سكن بجوارها‪ ،‬كما ارتبط مب�شاريع ا�ستيطانية “خريية”‪ ،‬ومل ي�أخذ طابع‬
‫الربنامج ال�سيا�سي املنظم املك�شوف‪ .‬فقد كان عدد اليهود يف فل�سطني �سنة ‪ 1799‬نحو‬
‫‪� 5‬آالف‪ ،32‬ويف �سنة ‪ 1876‬بلغ ‪� 13‬ألفا ً و‪ 920‬يهوديا ً‪.33‬‬

‫• امل�ؤمتر ال�صهيوين الأول‪1897 ،‬‬

‫�أخذت الهجرة اليهودية تتخذ طابعا ً �أكرث تنظيما ً وكثافة منذ �سنة ‪� 1882‬إثر ت�صاعد‬
‫“امل�شكلة اليهودية” يف رو�سيا‪ ،‬وقامت ال�سلطات العثمانية بعدد من الإجراءات ملنع‬
‫اال�ستيطان اليهودي يف فل�سطني‪ ،‬وقامت �سنة ‪ 1887‬بف�صل �سنجق القد�س عن والية‬
‫�سورية‪ ،‬وو�ضعته مبا�رشة حتت �إ�رشاف احلكومة املركزية (الباب العايل) لإعطاء رعاية‬
‫واهتمام �أكرب لهذه املنطقة‪ .34‬وبالرغم من �أن عدد اليهود الذين تركوا بلدانهم الأ�صلية‪،‬‬
‫خ�صو�صا ً رو�سيا و�رشقي �أوروبا‪ ،‬بلغ نحو مليونني و‪� 367‬ألف �شخ�ص خالل الفرتة‬
‫‪� ،1914-1881‬إال �أن عدد من ا�ستطاع الهجرة منهم �إىل فل�سطني بلغ نحو ‪� 55‬ألفاً‪� ،‬أي ما‬
‫ن�سبته ‪ ،%2.32‬بينما هاجرت الأغلبية ال�ساحقة �إىل الواليات املتحدة و�أوروبا الغربية‬
‫و�أمريكا اجلنوبية‪ .35‬وهذا يدل على جناح ن�سبي لل�سلطات العثمانية يف احلد من الهجرة‬
‫اليهودية �إىل فل�سطني‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫خلفيات الق�ضية الفل�سطينية حتى �سنة ‪1918‬‬

‫وقد كان �إن�شاء املنظمة ال�صهيونية العاملية‬


‫)‪World Zionist Organization (WZO‬‬
‫وانعقاد م�ؤمترها الأول يف بال ب�سوي�رسا‬
‫يف ‪ 1897/8/31-29‬بزعامة ثيودور‬
‫هرتزل ‪ Theodor Herzl‬فاحتة العمل‬
‫ال�صهيوين ال�سيا�سي امل�ؤ�س�سي املنظم‪،‬‬
‫لت�أ�سي�س الدولة اليهودية على �أر�ض‬
‫فل�سطني‪ .‬وقد حر�ص هرتزل على‬
‫حتقيق امل�رشوع ال�صهيوين من خالل‬
‫االت�صاالت الديبلوما�سية‪ ،‬وحماولة‬
‫ت�شجيع القوى الكربى‪ ،‬وخ�صو�صا ً‬
‫بريطانيا‪ ،‬على تبنّي هذا امل�رشوع‪ ،‬يف‬
‫�ضوء امل�صالح والفوائد التي ميكن �أن‬
‫يجنيها الغرب اال�ستعماري ال�صليبي‪،‬‬
‫وقد حاول هرتزل عبثا ً �إقناع الدولة‬
‫العثمانية ببيعه فل�سطني و�إعطاء اليهود حكما ً‬
‫• ال�سلطان عبد احلميد الثاين‬
‫ذاتيا ً فيها حتت ال�سيادة العثمانية‪ ،‬وفتح �أبواب‬
‫�س احلاجة �إليها‪� ،‬إال‬
‫الهجرة اليهودية �إليها مقابل عرو�ض مغرية‪ ،‬كانت الدولة العثمانية يف �أ َم ِّ‬
‫�أن ال�سلطان عبد احلميد الثاين ( ‪ )1909 -1876‬وقف �سدا ً منيعا ً �ض ّد رغبات اليهود‪ ،‬ور َّد‬
‫على من نقل اقرتاح هرتزل �إليه قائالً‪:‬‬
‫�أن�صحه �أال ي�سري �أبدا ً يف هذا الأمر‪ .‬ال �أقدر �أن �أبيع ولو قدما ً واحدا ً من البالد؛‬
‫لأنها لي�ست يل بل ل�شعبي‪ .‬ولقد ح�صل �شعبي على هذه الإمرباطورية ب�إراقة‬
‫دمائهم‪ ،‬وقد غذوها فيما بعد بدمائهم‪ ،‬و�سوف نغطيها بدمائنا قبل �أن ن�سمح لأحد‬
‫باغت�صابها منا‪ ...‬ليحتفظ اليهود بباليينهم‪ ،‬ف�إذا ق�سمت الإمرباطورية‪ ،‬فقد‬
‫يح�صل اليهود على فل�سطني دون مقابل‪� ،‬إمنا لن تق�سم �إال على جثثنا‪ ،‬ولن �أقبل‬
‫بت�رشيحنا ل ِّأي غر�ض كان‪.36‬‬

‫‪33‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫وقد �شارك اليهود بفعالية يف �إ�سقاط ال�سلطان عبد احلميد من من�صبه‪ ،‬من خالل‬
‫انبثاثهم ونفوذهم الكبري يف جمعية تركيا الفتاة وذراعها جلنة االحتاد والرتقي‪ ،‬والتي‬
‫قامت باالنقالب الع�سكري عليه‪ ،‬و�إجباره على التنازل عن العر�ش‪ ،‬وتعمدت �إر�سال �أحد‬
‫زعمائها‪ ،‬وهو �إميانويل قره �صو ‪( Emmanuel Carasso‬وهو زعيم يهودي �صهيوين‬
‫ما�سوين) �ضمن الوفد الذي �أبلغ ال�سلطان عبد احلميد بقرار عزله‪ .‬وكان قره �صو هذا‬
‫قد حاول الت�أثري على ال�سلطان عبد احلميد لإ�سكان اليهود يف فل�سطني‪ ،‬فقام بطرده‪.37‬‬
‫وقد ا�ستمتع اليهود بنفوذ كبري حتت حكم االحتاد والرتقي خالل الفرتة ‪،1914-1909‬‬
‫فبينما كان لليهود ثالثة وزراء من �أ�صل ‪ 13‬وزيرا ً يف حكومة االحتاد والرتقي التي‬
‫ت�شكلت �سنة ‪ ،1913‬كان للعرب الذين يزيد عددهم عن ن�صف ال�سكان وزير واحد‪.38‬‬

‫“امل�ساحة!! من نهر م�رص �إىل نهر‬


‫الفرات‪ ،‬نريد فرتة انتقالية يف ظ ّل م�ؤ�س�ساتنا‬
‫اخلا�صة‪ ،‬وحاكما ً يهوديا ً خالل هذه الفرتة‪.‬‬
‫وما �أن ي�صبح ال�سكان اليهود يف منطقة ما‬
‫ثلثي �سكانها حتى ت�صبح الإدارة اليهودية‬
‫�سارية املفعول على ال�صعيد ال�سيا�سي”‪.‬‬

‫> ثيودور هرتزل‪ ،‬م�ؤ�س�س‬ ‫ ‬


‫ورئي�س املنظمة ال�صهيونية‬
‫العاملية‪ ،‬نقالً عن‪� :‬أ�سعد زروق‪،‬‬
‫�إ�رسائيل الكربى‪� ،‬ص ‪.89–87‬‬

‫وقد كان لأبناء فل�سطني ن�شاط مبكر يف مواجهة امل�رشوع ال�صهيوين‪ ،‬وكانت �أوىل‬
‫اال�صطدامات امل�سلحة بني الفالحني الفل�سطينيني وامل�ستوطنني ال�صهاينة �سنة ‪،1886‬‬
‫وقاموا بتقدمي العرائ�ض لل�سلطات العثمانية‪ ،‬كما ن�شطت ال�صحف يف تبيان اخلطر‬

‫‪34‬‬
‫خلفيات الق�ضية الفل�سطينية حتى �سنة ‪1918‬‬

‫ال�صهيوين مثل جريدتي الكرمل وفل�سطني‪ .‬وكان لل�شيخ حممد ر�شيد ر�ضا امل�صلح‬
‫الإ�سالمي “اللبناين” املقيم يف م�رص من خالل جملة املنار دور رائد يف ذلك‪ .‬كما برز‬
‫من رجاالت فل�سطني يو�سف �ضيا اخلالدي و�سليمان التاجي الفاروقي و�إ�سعاف‬
‫الن�شا�شيبي‪ ...‬ممن حتدثوا عن اخلطر ال�صهيوين‪ .‬وكانت �سيا�سات “الترتيك” واملحاباة‬
‫لل�صهيونية التي مار�ستها حكومة االحتاد والرتقي باعثا ً رئي�سيا ً لأبناء فل�سطني والعرب‬
‫لالن�ضمام للجمعيات العربية‪ ،‬التي �أخذت تطالب بالإ�صالح �ضمن الدولة العثمانية‪ ،‬مثل‬
‫حزب الال مركزية والعربية الفتاة وغريها‪.39‬‬

‫• يو�سف �ضيا اخلالدي‬ ‫• �إ�سعاف الن�شا�شيبي‬

‫ثامن ًا‪ :‬ق�ضيـة فل�سـطني فـي احلـرب العـامليـة الأولـى‬


‫‪:1918–1914‬‬
‫ومع بداية احلرب العاملية الأوىل �سنة ‪1914‬‬
‫كان قد بلغ عدد اليهود يف فل�سطني نحو ‪� 80‬ألفاً‪،‬‬
‫غري �أن موقف اليهود املمالئ لربيطانيا وحلفائها‬
‫�ض ّد الدولة العثمانية قد جعل العثمانيني ي�ضيقون‬
‫عليهم فرتة احلرب (‪ ،)1918-1914‬فانخف�ض‬
‫عددهم مع نهايتها �إىل نحو ‪� 55‬ألفاً‪.‬‬

‫• حاييم وايزمان‬

‫‪35‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫وقد كانت احلرب العاملية الأوىل خطرا ً هائالً على اجلميع‪ ،‬لكنها مثلت يف الوقت نف�سه‬
‫فر�صة �أمام كل طرف لالنتفاع من نتائجها يف حالة االنت�صار‪ ،‬فن�شط �سوق املفاو�ضات‬
‫واالت�صاالت ال�رسية واملعاهدات لرتتيبات ما بعد احلرب‪ .‬وعلى الرغم من �أن املنظمة‬
‫ال�صهيونية العاملية عانت م�ؤقتا ً من حالة من الت�شتت ب�سبب وجود الكثري من قياداتها‬
‫يف �أملانيا‪� ،‬إال �أن حاييم وايزمان ‪ Chaim Weizmann‬ا�ستطاع �إعادة ترتيب �أوراقها‪،‬‬
‫وقيادتها عمليا ً من خالل مركزه يف بريطانيا‪� .‬أما بريطانيا فقد �سعت �إىل �ضمان نفوذها‬
‫يف بالد ال�شام والعراق من خالل ال�سري يف ثالثة اجتاهات متعار�ضة مت�ضاربة‪ ،‬ومل تبا ِل‬
‫بهذا التعار�ض كثريا ً يف �سبيل حتقيق �أهدافها واالنت�صار يف احلرب‪.‬‬
‫كان االجتاه الأول التفاو�ض مع‬
‫ال�رشيف ح�سني بن علي �أمري احلجاز‪,‬‬
‫فيما ُعرف مبرا�سـالت ح�سني – مكماهون‬
‫‪Hussein-McMahon Correspondence‬‬
‫متوز‪ /‬يوليو ‪� - 1915‬آذار‪ /‬مار�س ‪،1916‬‬
‫لدفعه لإعالن الثورة العربية على العثمانيني‬
‫مقابل وعود با�ستقالل معظم املناطق العربية‬
‫يف جزيرة العرب وبالد ال�شام والعراق حتت‬
‫زعامته‪ .‬وكان الكثري من رجاالت العرب قد‬ ‫• ال�رشيف ح�سني بن علي‬
‫�أ�صيبوا بالإحباط ج ّراء �سيا�سات االحتاد‬
‫والرتقي‪ ،‬التي �أفقدت الدولة العثمانية م�صداقيتها الإ�سالمية‪ ،‬كما غ�ضبوا لقيام جمال‬
‫با�شا ال�صغري وايل �سورية بتعليق العديد من القيادات العربية على �أعواد امل�شانق‬
‫يف �أيار‪ /‬مايو ‪ ،1915‬بالرغم من �أن زعامات اجلمعيات العربية كانت قد �أعلنت يف بداية‬
‫احلرب تنا�سي خالفاتها مع العثمانيني‪ ،‬والوقوف �إىل جانبها يف حماربة “الكفار”‪.‬‬
‫وقد تعمدت بريطانيا �سيا�سة عدم الو�ضوح يف حتديد التزاماتها‪ ،‬و�ضغط ال�رشيف‬
‫ح�سني على بريطانيا لتكون �أكرث حتديداً‪ ،‬خ�صو�صا ً فيما يتعلق بحدود الدولة العربية‬
‫املقرتحة‪ ،‬ف�أر�سلت بريطانيا يف ‪ 1915/10/24‬عددا ً من التحفظات على احلدود‪،‬‬
‫كمطالبتها بعدم �ض ّم �إقلي َمي مر�سني و�أ�ضنة‪ ،‬وكذلك املناطق التي تقع �إىل الغرب من‬
‫�سناجق حلب وحم�ص وحماة ودم�شق‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل ا�ستمرار ا�ستعمارها جلنوب اليمن‬
‫و�إمارات اخلليج العربي‪ ،‬ومطالبتها بو�ضع �إداري خا�ص جلنوب العراق يكفل امل�صالح‬

‫‪36‬‬
‫خلفيات الق�ضية الفل�سطينية حتى �سنة ‪1918‬‬

‫الربيطانية‪ .‬وبالرغم من �أن ال�رشيف ح�سني كان يفهم �أنه ال ي�ستطيع تغيري �شيء بالن�سبة‬
‫للبلدان العربية امل�ستع َمرة‪ ،‬كما عرب عن ا�ستعداده ملناق�شة امل�صالح الربيطانية يف جنوب‬
‫العراق‪� ،‬إال �أنه �أ�رص على عروبة املناطق غربي مناطق حلب وحم�ص ودم�شق (وهو ما‬
‫مت االتفاق على �رضورة امل�سارعة يف‬ ‫فهم �أن املق�صود منها ما يعرف الآن بلبنان)‪ .‬وقد ّ‬
‫�إعالن الثورة على �أن تتم مناق�شة الأمور املعلقة بعد انتهاء احلرب‪ .‬فقام ال�رشيف ح�سني‬
‫ب�إعالن الثورة يف احلجاز يف ‪ 1916/6/10‬وحتالف علنا ً مع الربيطانيني‪ ،‬و�أيدته يف ذلك‬
‫اجلمعيات العربية‪ ،‬التي كان لها نفوذ قوي خ�صو�صا ً يف بالد ال�شام‪ ،‬كالعربية الفتاة‬
‫والال مركزية والعهد‪.‬‬
‫�أما االجتاه الربيطاين الثاين فكان التفاو�ض مع فرن�سا (ان�ضمت بعد ذلك رو�سيا‬
‫للمفاو�ضات) ب�ش�أن م�ستقبل العراق وبالد ال�شام‪ .‬وقد ّ‬
‫مت االتفاق فيما يعرف باتفاقية‬
‫�سايك�س‪-‬بيكو ‪ Sykes-Picot Agreement‬يف �أيار‪ /‬مايو ‪ 1916‬على �إعطاء الربيطانيني‬
‫معظم العراق (مقارنة بحدوده احلالية) و�رشقي الأردن ومنطقة حيفا يف فل�سطني‪� ،‬أما‬
‫لبنان و�سورية فتو�ضعان حتت اال�ستعمار الفرن�سي‪ .‬ونظرا ً لرغبة كافة الأطراف يف‬
‫ا�ستعمار فل�سطني فقد ا ُتفق على �أن تو�ضع حتت �إ�رشاف دويل‪.‬‬
‫وكان االجتاه الربيطاين الثالث هو التفاو�ض مع‬
‫املنظمة ال�صهيونية العاملية حول م�ستقبل فل�سطني‪.‬‬
‫وقد دفعهم �إىل ذلك حاجتهم املا�سة ال�ستخدام النفوذ‬
‫اليهودي يف الواليات املتحدة لدفعها للم�شاركة يف احلرب‬
‫�إىل جانب بريطانيا وحلفائها (وهذا ما حدث فعالً يف‬
‫�آذار‪ /‬مار�س ‪ ،)1917‬بالإ�ضافة �إىل وجود النفوذ اليهودي‬
‫ال�صهيوين يف بريطانيا ويف احلكومة الربيطانية نف�سها‪،‬‬
‫من خالل وزير الداخلية اليهودي ال�صهيوين هربرت‬
‫�صمويل ‪ ،Herbert Samuel‬والن�صارى املت�صهينني‬
‫مثل رئي�س الوزراء لويد جورج ‪،Lloyd George‬‬
‫• هربرت �صمويل‬
‫ووزير اخلارجية �آرثر جيم�س بلفور ‪Arthur James‬‬
‫‪ .Balfour‬هذا بالإ�ضافة �إىل ما �أ�رشنا �إليه �سابقا ً من دوافع وخلفيات دينية و�سيا�سية‬
‫وا�سرتاتيجية‪ . ...‬وكانت النتيجة �صدور ت�رصيح بلفور الذي ا�شتهر بـ“وعد بلفور” يف‬

‫‪37‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫‪ 1917/11/2‬بتعهد بريطانيا ب�إن�شاء وطن قومي لليهود يف فل�سطني‪ .‬وقد كان هذا من‬
‫�أغرب الوعود يف التاريخ الإن�ساين‪ ،‬فبالإ�ضافة �إىل تعار�ضه مع املعاهدات الأخرى‪ ،‬فقد‬
‫جتاوز ب�صلف وغرور رغبات و�أماين �أ�صحاب البالد ال�رشعيني‪ ،‬وتعهد �أن يعطي �أر�ضا ً‬
‫ال ميلكها‪ ،‬بل ومل يكن قد احتلها بعد‪� ،‬إىل �أنا�س ال ي�ستحقونها‪ ،‬وكان ذلك يف ذروة احلديث‬
‫عن ال�رشف الربيطاين‪ ،‬والدفاع عن القيم واملبادئ‪.‬‬

‫جورج بيكو •‬

‫• مارك �سايك�س‬

‫مرتجم عن الأ�صل‪ ،‬اجلمعية الفل�سطينية الأكادميية لل�ش�ؤون الدولية ‪ - PASSIA‬القد�س‪.‬‬


‫• خريطة اتفاقية �سايك�س ‪ -‬بيكو‬

‫‪38‬‬
‫خلفيات الق�ضية الفل�سطينية حتى �سنة ‪1918‬‬

‫طي‬
‫ّ‬ ‫مل تبقَ اتفاقية �سايك�س‪-‬بيكو‬
‫الكتمان‪� ،‬إذ قام الرو�س بك�شفها بعد �أن‬
‫ا�ستطاعت الثورة ال�شيوعية الق�ضاء على‬
‫احلكم القي�رصي يف رو�سيا يف ت�رشين الأول ‪/‬‬
‫�أكتوبر ‪ ،1917‬و �أعلنت ان�سحابها من احلرب‪.‬‬
‫كما عرف النا�س مبكر ا ً بوعد بلفور الذي مل‬
‫يعد �رسا ً‪ ،‬بعد �أن و�صل لل�صحافة يف البالد‬
‫العربية‪ ،‬م�رص بالتحديد‪ ،‬بعد �أقل من �أ�سبوع‬
‫من �صدوره‪ .‬وقد كان ذلك �صدمة كبرية‬
‫• وعد بلفور‬
‫للثورة العربية‪� ،‬إذ مل يتخيل الثوار �أبد ا ً هذه‬
‫الدرجة من اخلداع الربيطاين‪ ،‬ولذلك رف�ض جنود الثورة العربية اال�ستمرار ما مل‬
‫تو�ضح الأمور‪ ،‬ف�أر�سلت بريطانيا �إمعانا ً يف الت�ضليل �أحد مبعوثيها‪ ،‬ديفيد هوجارث‬
‫‪ ،David Hogarth‬يف كانون الثاين‪ /‬يناير ‪ 1918‬لطم�أنة ال�رشيف ح�سني‪ ،‬حيث‬
‫حمل ت�رصيحا ً بريطانيا ً ب�أن الهجرة اليهودية لفل�سطني لن تتعار�ض مع م�صالح‬
‫ال�سكان ال�سيا�سية واالقت�صادية‪ .‬ومن جهة �أخرى‪ ،‬حمل الت�رصيح الربيطاين‬
‫�إىل القياديني ال�سوريني ال�سبعة يف حزيران‪ /‬يونيو ‪ 1918‬ت�أكيدات وا�ضحة على‬
‫�أن الأر�ض التي يحتلها الربيطانيون (جنوب فل�سطني وجنوب العراق) �سوف‬
‫حتكم وفق رغبات ال�سكان‪ ،‬با لإ�ضافة �إىل املوافقة على ا�ستقالل ما كان ما يزال‬
‫حتت ال�سيادة العثمانية من �شمال فل�سطني و�رشقي الأردن و�سورية ولبنان‬
‫و�شمال العراق‪ .‬وعندما انتهت احلرب العاملية �صدر الت�رصيح الإجنلو‪-‬فرن�سي‬
‫يف ‪ 1918/11/7‬بت�أكيد التعهدات للعرب الذين كانوا حتت احلكم العثماين يف احلرية‬
‫واال�ستقالل ‪.40‬‬

‫‪39‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫“بالن�سبة لفل�سطني‪ ،‬نحن ال نقرتح حتى جمرد‬


‫ا�ست�شارة رغبات ال�سكان احلاليني للبلد‪� ...‬إن‬
‫القوى الكربى الأربع ملتزمة بدعم ال�صهيونية‪.‬‬
‫و�سواء �أكانت ال�صهيونية على حقّ �أو باطل‪،‬‬
‫ح�سنة �أو �سيئة‪ ،‬ف�إنها عميقة اجلذور يف التقاليد‪،‬‬
‫ويف احتياجات احلا�رض‪ ،‬و�آفاق امل�ستقبل‪ .‬و�أعظم‬
‫بكثري من ظالمات ورغبات ‪� 700‬ألف عربي‬
‫ي�سكنون الآن يف هذا‬
‫البلد القدمي”‪.‬‬
‫• �آرثر جيم�س بلفور‬

‫> من مذكرة وزير اخلارجية الربيطاين بلفور �إىل‬


‫اللورد كريزون ‪ ،Lord Curzon‬يف ‪،1919/8/11‬‬
‫واملحفوظة يف الأر�شيف الوطني الربيطاين‬
‫‪.F.O. 371/4183‬‬
‫اللورد كريزون •‬

‫‪40‬‬
‫خلفيات الق�ضية الفل�سطينية حتى �سنة ‪1918‬‬

‫هوام�ش الف�صل الأول‬


‫ ‪ 1‬ملزيد من التف�صيل حول تاريخ فل�سطني القدمي‪ ،‬انظر مثالً‪ :‬حممد �أديب العامري‪ ،‬عروبة فل�سطني يف التاريخ‬
‫(�صيدا ‪ -‬بريوت‪ :‬املكتبة الع�رصية‪)1972 ،‬؛ واملو�سوعة الفل�سطينية‪� ،‬إ�رشاف �أحمد املرع�شلي (دم�شق‪ :‬هيئة‬
‫املو�سوعة الفل�سطينية‪ ،)1984 ،‬ج ‪� ،1‬ص ‪ ،37‬وج ‪� ،3‬ص ‪ ،279-273‬وج ‪� ،4‬ص ‪.174‬‬
‫‪ 2‬انظر‪ :‬املو�سوعة الفل�سطينية‪ ،‬ج ‪� ،1‬ص ‪.129-117‬‬
‫ ‪� 3‬سورة املائدة‪.21 :‬‬
‫ ‪� 4‬سورة الإ�رساء‪.1 :‬‬
‫ ‪� 5‬سورة الأنبياء‪.81 :‬‬
‫ ‪ 6‬رواه البخاري وم�سلم وابن ماجه و�أبو داود‪.‬‬
‫ ‪ 7‬حديث ح�سن‪ ،‬رواه الطرباين‪.‬‬
‫ ‪ 8‬حديث �صحيح‪ ،‬رواه الإمام �أحمد يف م�سنده‪ ،‬وابن ماجه يف �سننه‪.‬‬
‫ ‪ 9‬حديث �صحيح‪ ،‬رواه الطرباين‪.‬‬
‫‪ 10‬حديث �صحيح‪� ،‬أخرجه احلاكم‪ ،‬و�أبو نعيم يف احللية‪.‬‬ ‫ ‬
‫‪ 11‬رواه الطرباين‪ ،‬وقال الهيثمي فيه �أرط�أه بن املنذر‪ ،‬وبقية رجاله ثقات‪.‬‬
‫‪ 12‬ورد حديث رواه الإمام �أحمد بهذا املعنى‪ .‬ون�صه “ال تزال طائفة من �أمتي على احلق ظاهرين‪ ،‬لعدوهم‬ ‫ ‬
‫قاهرين‪ ،‬ال ي�رضهم من خالفهم �إال ما �أ�صابهم من لأواء حتى ي�أتيهم �أمر اهلل وهم كذلك‪ ،‬قالوا يا ر�سول اهلل‪:‬‬
‫و�أين هم؟ قال‪ :‬ببيت املقد�س و�أكناف بيت املقد�س”‪ ،‬ورجاله ثقات �إال مهدي بن جعفر الرملي‪ ،‬فقد وثقه‬
‫ابن حبان ويحيى بن معني‪ ،‬و�ض ّعفه البخاري‪.‬‬
‫‪ 13‬انظر‪ :‬الق ــد�س‪ :‬مكانتهــا فـي الوجــدان الدين ــي الي ــهودي‪ ،‬يف عبد الوهاب امل�سريي‪ ،‬مو�سوعة اليهود‬
‫واليهودية وال�صهيونية‪ ،‬املجلد الرابع (دار الأمل‪ ،)2018 ،‬انظر‪:‬‬
‫‪http://www.elmessiri.com/encyclopedia/JEWISH/ENCYCLOPID/MG4/GZ1/BA07/MD23.HTM‬‬
‫‪ 14‬انظر‪ :‬املو�سوعة الفل�سطينية‪ ،‬ج ‪� ،3‬ص ‪ ،279-271‬و‪.670-666‬‬
‫‪� 15‬سورة املائدة‪.24 :‬‬‫ ‬
‫ حول تاريخ بني �إ�رسائيل القدمي امل�شار �إليه يف الفقرات ال�سابقة‪ ،‬انظر مثالً‪ :‬ظفر الإ�سالم خان‪ ،‬تاريخ‬ ‫‪16‬‬

‫فل�سطني القدمي ‪1220‬ق‪.‬م ‪1359 -‬م‪ :‬منذ �أول غزو يهودي حتى �آخر غزو �صليبي‪ ،‬ط ‪( 4‬بريوت‪:‬‬
‫دار النفائ�س‪)1984 ،‬؛ واملو�سوعة الفل�سطينية‪ ،‬ج ‪� ،1‬ص ‪ ،238‬وج ‪� ،3‬ص ‪ ،186-184‬و‪ ،268-266‬وج ‪،4‬‬
‫�ص ‪.218-216‬‬
‫ً‬
‫‪ 17‬حول فتح فل�سطني وبالد ال�شام‪ ،‬انظر مثال‪ :‬الأزدي‪ ،‬تاريخ فتوح ال�شام‪ ،‬حتقيق عبد املنعم عبد اهلل عامر‬ ‫ ‬
‫(القاهرة‪ :‬م�ؤ�س�سة �سجل العرب‪)1970 ،‬؛ و�أحمد عادل كمال‪ ،‬الطريق �إىل دم�شق (بريوت‪ :‬دار النفائ�س‪،‬‬
‫‪)1980‬؛ وحم�سن حممد �صالح‪ ،‬الطريق �إىل القد�س‪ ،‬ط ‪( 3‬لندن‪ :‬فل�سطني امل�سلمة‪� ،)1998 ،‬ص ‪.77-49‬‬
‫ن�ص العهدة العمرية يف‪ :‬حممد بن جرير الطربي‪ ،‬تاريخ الر�سل وامللوك‪ ،‬حتقيق حممد �أبو الف�ضل‬ ‫‪ 18‬انظر ّ‬
‫�إبراهيم (القاهرة‪ :‬دار املعارف‪ ،)1969 ،‬ج ‪� ،3‬ص ‪.418‬‬
‫ً‬
‫‪ 19‬حول فل�سطني يف عهد الرا�شدين والأمويني والعبا�سيني والفاطميني والأيوبيني‪ ،‬انظر مثال‪ :‬املو�سوعة‬ ‫ ‬
‫الفل�سطينية‪ ،‬ج ‪� ،3‬ص ‪ ،266-242‬و‪.428-426‬‬
‫‪ 20‬ناق�شنا يف كتابنا الطريق �إىل القد�س يف الف�صل الثالث بالتف�صيل جهاد امل�سلمني لتحرير فل�سطني من ال�صليبيني‬
‫ ‬
‫والتتار‪ ،‬انظر‪ :‬الطريق �إىل القد�س‪� ،‬ص ‪.128-89‬‬

‫‪41‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫‪ 21‬حول ال�صحابة والتابعني ورجال الإ�سالم الذين عا�شوا يف فل�سطني‪ ،‬انظر مثالً‪� :‬ضياء الدين حممد املقد�سي‪،‬‬ ‫ ‬
‫ف�ضائل بيت املقد�س‪ ،‬حتقيق حممد مطيع حافظ‪� ،‬سل�سلة ف�ضائل ال�شام رقم ‪( 2‬دم�شق‪ :‬دار الفكر‪،)1985 ،‬‬
‫�ص ‪92-90‬؛ وم�صطفى مراد الدباغ‪ ،‬القبائل العربية و�سالئلها يف بالدنا فل�سطني (بريوت‪ :‬دار الطليعة‪،‬‬
‫‪� ،)1979‬ص ‪ ،48-47‬و‪ ،113-111‬و‪ ،140-138‬و‪188‬؛ وم�صطفى مراد الدباغ‪ ،‬من هنا وهناك (بريوت‪:‬‬
‫امل�ؤ�س�سة العربية للدرا�سات والن�رش‪� ،)1986 ،‬ص ‪ ،83-80‬و‪.112‬‬
‫‪� 22‬سورة �آل عمران‪.68-67 :‬‬
‫‪� 23‬سورة البقرة‪.132 :‬‬
‫ ‬
‫ �سورة البقرة‪.124 :‬‬‫‪24‬‬

‫ً‬
‫‪ 25‬حول يهود اخلزر‪ ،‬انظر مثال‪� :‬أ�سماء فاعور‪ ،‬فل�سطني واملزاعم اليهودية (بريوت‪ :‬دار الأمة‪،)1995 ،‬‬
‫�ص ‪.241-235‬‬
‫‪ 26‬حول هذا املو�ضوع‪ ,‬انظر‪ :‬ريجينا ال�رشيف‪ ،‬ال�صهيونية غري اليهودية جذورها يف التاريخ الغربي‪ ،‬ترجمة‬ ‫ ‬
‫�أحمد عبد اهلل عبد العزيز‪� ،‬سل�سلة عامل املعرفة رقم ‪( 96‬الكويت‪ :‬املجل�س الوطني للثقافة والفنون والآداب‪،‬‬
‫كانون الأول‪ /‬دي�سمرب ‪.)1985‬‬
‫‪ 27‬حول هذا املو�ضوع‪ ,‬انظر‪ :‬عبد الوهاب امل�سريي‪ ،‬ا لأيديولوجية ال�صهيونية‪� ،‬سل�سلة عامل املعرفة‬ ‫ ‬
‫رقم ‪( 61-60‬الكويت‪ :‬املجل�س الوطني للثقافة والفنون والآداب‪ ،‬كانون الأول‪ /‬دي�سمرب ‪ – 1982‬كانون الثاين‪/‬‬
‫يناير ‪ ،)1983‬ج ‪� ،1‬ص ‪116-89‬؛ و�أ�سعد عبد الرحمن‪ ،‬املنظمة ال�صهيونية العاملية ‪( 1982-1882‬بريوت‪:‬‬
‫امل�ؤ�س�سة العربية للدرا�سات والن�رش‪� ،)1990 ،‬ص ‪.26-23‬‬
‫‪ 28‬عبد الكرمي رافق‪ ،‬فل�سطني يف عهد العثمانيني (‪ :)2‬من مطلع القرن الثالث ع�رش الهجري‪ /‬التا�سع ع�رش امليالدي‬
‫�إىل العام ‪1326‬هـ‪1918 /‬م‪ ،‬يف‪ :‬املو�سوعة الفل�سطينية‪ ،‬الق�سم الثاين (بريوت‪ :‬هيئة املو�سوعة الفل�سطينية‪،‬‬
‫‪ ،)1990‬املجلد الثاين‪� ،‬ص ‪.854‬‬
‫‪ 29‬انظر مثالً‪ :‬ريجينا ال�رشيف‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪110-106‬؛ واملو�سوعة الفل�سطينية‪ ،‬ج ‪� ،2‬ص ‪.279‬‬
‫‪Albert H. Hyamson, Palestine Under the Mandate 1920–1948 (Great Britain: Methuen, 1950), p. 7. 30‬‬ ‫ ‬
‫‪ 31‬انظر‪ :‬ريجينا ال�رشيف‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪81-79‬؛ و�أ�سعد عبد الرحمن‪ ،‬املنظمة ال�صهيونية العاملية‪،‬‬
‫�ص ‪.30-27‬‬
‫‪ 32‬ح�سان حالق‪ ،‬موقف الدولة العثمانية من احلركة ال�صهيونية ‪ ،1909-1897‬ط ‪( 2‬بريوت‪ :‬الدار اجلامعية‬ ‫ ‬
‫للطباعة والن�رش‪� ،)1980 ،‬ص ‪.84-82‬‬
‫‪� 33‬سمري �أيوب‪ ،‬وثائق �أ�سا�سية يف ال�رصاع العربي ال�صهيوين (بريوت‪ :‬دار احلداثة للطباعة الن�رش‪،)1984 ،‬‬ ‫ ‬
‫ج ‪� ،1‬ص ‪.280‬‬
‫‪ 34‬انظر‪ :‬ح�سان حالق‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪ .105-101‬‬
‫‪ 35‬انظر‪ :‬وليم فهمي‪ ،‬الهجرة اليهودية �إىل فل�سطني (م�رص‪ :‬الهيئة امل�رصية العامة للكتاب‪،)1974 ،‬‬
‫�ص ‪ .36‬وقد قدَّرت مراجع �أخرى عدد املهاجرين اليهود �إىل فل�سطني خالل الفرتة ‪ 1914 -1882‬بنحو‬
‫‪� 70 -55‬ألفاً‪ ،‬انظر مثالً‪� :‬صربي جري�س و�أحمد خليفة (حمرران)‪ ،‬دليل �إ�رسائيل العام (بريوت‪ :‬م�ؤ�س�سة‬
‫الدرا�سات الفل�سطينية‪� ،)1996 ،‬ص ‪.40‬‬
‫‪� 36‬سمري �أيوب‪ ،‬مرجع �سابق‪ ،‬ج ‪� ،1‬ص ‪.128‬‬ ‫ ‬
‫ انظر‪� :‬صالح �أبو ي�صري‪ ،‬جهاد �شعب فل�سطني خالل ن�صف قرن (بريوت‪ :‬دار الفتح‪� ،)1970 ،‬ص ‪.33‬‬ ‫‪37‬‬

‫‪ 38‬عجاج نويه�ض‪ ،‬رجال من فل�سطني (بريوت‪ :‬من�شورات فل�سطني املحتلة‪� ،)1980 ،‬ص ‪.327-326‬‬ ‫ ‬
‫ حول هذا املو�ضوع‪ ,‬انظر‪ :‬عبد الوهاب الكيايل‪ ،‬تاريخ فل�سطني احلديث‪ ،‬ط ‪( 9‬بريوت‪ :‬امل�ؤ�س�سة العربية‬ ‫‪39‬‬

‫للدرا�سات والن�رش‪� ،)1985 ،‬ص ‪.67-37‬‬

‫‪42‬‬
‫خلفيات الق�ضية الفل�سطينية حتى �سنة ‪1918‬‬

‫‪ 40‬حول املفاو�ضات والوعود الربيطانية مع ال�رشيف ح�سني‪ ،‬والفرن�سيني‪ ،‬واملنظمة ال�صهيونية العاملية‪ ،‬انظر‪:‬‬ ‫ ‬
‫املرجع نف�سه‪� ،‬ص ‪84-72‬؛ وتقرير اللجنة امللكية‪ :‬الكتاب الأبي�ض رقم ‪ ،5479‬الن�سخة العربية الر�سمية‪،‬‬
‫�إ�صدار حكومة االنتداب الربيطاين يف فل�سطني (القد�س‪� ،)1937 :‬ص ‪( 31-23‬ا�شتهر هذا التقرير با�سم تقرير‬
‫بيل)‪ .‬وانظر �أي�ضاً‪:‬‬
‫‪George Antonius, The Arab Awaking (London: Hamish Hamilton, 1955), pp. 260–272.‬‬

‫‪43‬‬
‫الف�صل الثاين‬

‫فل�سطني حتت االحتالل الربيطاين‬


‫‪1948–1918‬‬
‫فل�سطني حتت االحتالل الربيطاين ‪1948–1918‬‬

‫فل�سطني حتت االحتالل الربيطاين ‪1948–1918‬‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫�أمت الربيطانيون احتالل جنوب فل�سطني وو�سطها‬
‫يف كانون الأول‪ /‬دي�سمرب ‪ ،1917‬واحتلوا القد�س يف‬
‫‪ .1917/12/9‬وخطب قائد اجلي�ش الربيطاين اللنبي‬
‫‪ Allenby‬يف القد�س حمتفالً بانت�صاره قائالً‪“ :‬والآن‬
‫انتهت احلروب ال�صليبية”‪ ،1‬وك�أن حملتهم على فل�سطني‬
‫كانت �آخر حملة �صليبية‪ ،‬وك�أن احلروب ال�صليبية مل‬
‫تتوقف منذ �أن �شنها الأوروبيون قبل ذلك ب�أكرث من ‪800‬‬
‫�سنة‪ .‬ويف �أيلول‪� /‬سبتمرب ‪ 1918‬احتل الربيطانيون �شمال‬
‫• �إدموند اللنبي‬
‫فل�سطني‪ ،‬كما احتلوا يف �أيلول‪� /‬سبتمرب ‪ -‬ت�رشين الأول‪/‬‬
‫�أكتوبر ‪� 1918‬رشق الأردن و�سورية ولبنان‪ .‬ومنذ ذلك الوقت فتحت بريطانيا بالقوة‬
‫م�رشوع التهويد املنظم لأر�ض فل�سطني‪ ،‬وا�ستطاعت بريطانيا بعد ذلك �إقناع فرن�سا‬
‫بالتخلي عن م�رشوع تدويل فل�سطني كما يف ن�صو�ص �سايك�س‪-‬بيكو‪ ،‬مقابل رفع‬
‫بريطانيا لدعمها للحكومة العربية التي ن�ش�أت يف دم�شق بزعامة في�صل بن ال�رشيف‬
‫ح�سني‪ ،‬حتى تتمكن فرن�سا من احتالل �سورية‪.‬‬
‫و َّفرت بريطانيا لنف�سها غطا ًء دوليا ً با�ست�صدار قرار من ع�صبة الأمم يف ‪1922/7/24‬‬
‫مت ت�ضمني وعد بلفور يف �ص ّك االنتداب‪ ،‬بحيث �أ�صبح التزاما ً‬‫بانتدابها على فل�سطني‪ ،‬و ّ‬
‫ر�سميا ً معتمدا ً دولياً‪ .‬غري �أن فكرة االنتداب التي ابتدعتها ع�صبة الأمم‪ ،‬كانت قائمة على‬
‫�أ�سا�س م�ساعدة ال�شعوب املنتدبة و�إعدادها لنَيل ا�ستقاللها‪ .‬وقد ت�ضمن �ص ّك االنتداب‬
‫نف�سه على فل�سطني م�س�ؤولية الدولة املنتدبة (بريطانيا) يف االرتقاء مب�ؤ�س�سات احلكم‬
‫املحلي‪ ،‬و�صيانة احلقوق املدنية والدينية جلميع �سكان فل�سطني‪ .‬وهذا يعني �أال يقف‬
‫وعد بلفور يف نهاية الأمر عائقا ً يف وجه �أبناء فل�سطني �ض ّد االرتقاء مب�ؤ�س�ساتهم و�إقامة‬
‫دولتهم‪ .‬وكان تنفيذ وعد بلفور يعني عمليا ً الإ�رضار مب�صالح �أهل فل�سطني وحقوقهم‪،‬‬
‫وتعطيل بناء م�ؤ�س�ساتهم الد�ستورية باجتاه �إقامة دولتهم‪ .‬وقد ف�ضلت بريطانيا دائما ً‬
‫التزام ال�شق املتعلق بوعد بلفور‪ ،‬و�أ�ص َّمت �آذانها ومل حترتم ال�شق املتعلق بحقوق �أبناء‬

‫‪47‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫فل�سطني العرب الذين كانوا ميثلون نحو ‪ 2%92‬من ال�سكان عند بداية االحتالل‪ .‬ورمبا‬
‫�أرادت بريطانيا من �إيجاد ن�صو�ص متعلقة بحقوق الفل�سطينيني �إظهار نف�سها مبظهر‬
‫احلكم العادل بني الطرفني العربي واليهودي‪ ،‬وت�شجيع الفل�سطينيني على املطالبة‬
‫بحقوقهم وفق �أ�ساليب مدنية “د�ستورية”‪ ،‬وعدم �إغالق كافة املنافذ �أمامهم‪ ،‬بحيث‬
‫ال ي�صلون �إىل درجة االنفجار والثورة ب�رسعة‪ ،‬يف الوقت الذي تقوم فيه بالت�سويف‬
‫واملماطلة‪ ،‬ريثما يتم لها تر�سيخ الوطن القومي‬
‫اليهودي يف فل�سطني‪.‬‬
‫و�ضعت بريطانيا فل�سطني حتت احلكم الع�سكري‬
‫حتى نهاية حزيران‪ /‬يونيو ‪ ،1920‬ثم حولتها �إىل احلكم‬
‫املدين‪ ،‬وعيَّنت اليهودي ال�صهيوين هربرت �صمويل‬
‫�أ ّول “مندوب �سام ٍ” لها على فل�سطني (‪)1925-1920‬‬
‫حيث �رشع يف تنفيذ امل�رشوع ال�صهيوين ميدانيا ً على‬
‫الأر�ض‪ .‬وتابع املندوبون “ال�سامون” امل�سرية نف�سها‪،‬‬
‫• �آرثر واكهوب‬
‫غري �أن �أكرثهم �سوءا ً ودها ًء وجناحا ً يف التنفيذ كان‬
‫�آرثر واكهوب ‪ (1938-1931) Arthur Wauchope‬حيث و�صل امل�رشوع ال�صهيوين‬
‫يف عهده �إىل درجات خطرية‪.‬‬

‫�أو ًال‪ :‬تطور امل�شروع ال�صهيوين‪:‬‬


‫وعلى �أي حال‪ ،‬فقد عا�شت فل�سطني حتت االحتالل الربيطاين م�ؤامرة رهيبة‪،‬‬
‫وح ْكم �أنف�سهم‪ ،‬و ُو�ضعوا‬‫فحرم �أهل فل�سطني من بناء م�ؤ�س�ساتهم الد�ستورية ُ‬ ‫ُ‬
‫حتت احلكم الربيطاين املبا�رش‪ ،‬و�أُعطي املندوبون ال�سامون �صالحيات مطلقة‪.‬‬
‫و�ضيَّقت بريطانيا على الفل�سطينيني �سبل العي�ش وك�سب الرزق‪ ،‬و�شجعت الف�ساد‪،‬‬
‫و�سعت لتعميق االنق�سامات العائلية والطائفية و�إ�شغال �أبناء فل�سطني ببع�ضهم‪.‬‬
‫ويف املقابل �شجعت الهجرة اليهودية‪ ،‬فزاد عدد اليهود من ‪� 55‬ألفا ً ( ‪ %8‬من ال�سكان)‬
‫�سنة ‪� 1918‬إىل ‪� 646‬ألفا ً ( ‪ %31.7‬من ال�سكان) �سنة ‪ .1948‬وبالرغم من اجلهود‬
‫اليهودية ‪ -‬الربيطانية امل�ضنية للح�صول على الأر�ض‪� ،‬إال �أن اليهود مل يتمكنوا‬
‫من احل�صول �سوى على نحو ‪ %6‬من فل�سطني بحلول ‪ ،1948‬كان معظمها �إما‬

‫‪48‬‬
‫فل�سطني حتت االحتالل الربيطاين ‪1948–1918‬‬

‫�أرا�ض ٍ حكومية‪� ،‬أو �أرا�ضٍ باعها �إقطاعيون غري فل�سطينيني كانوا يقيمون يف لبنان‬
‫و�سورية وغريها‪ ،‬وقد بنى اليهود على هذه الأرا�ضي ‪ 291‬م�ستعمرة‪.‬‬
‫ويف الوقت الذي كانت ال�سلطات الربيطانية ت�سعى حثيثا ً لنزع �أ�سلحة الفل�سطينيني‪،‬‬
‫وتقتل �أحيانا ً من يحوز �سالحا ً نارياً‪ ،‬بل وت�سجن ل�سنوات من ميلك ر�صا�صات �أو‬
‫رسا ً ت�سليح اليهود لأنف�سهم‪،‬‬
‫غ�ضت الطرف‪ ،‬بل و�شجعت � ّ‬ ‫خنجرا ً �أو �سكينا ً طويالً‪ ،‬ف�إنها ّ‬
‫وت�شكيلهم قوات ع�سكرية وتدريبها‪ ،‬بلغ عددها مع اندالع حرب ‪� 1948‬أكرث من‬
‫‪� 70‬ألف مقاتل (‪� 64‬ألف مقاتل من الهاجاناه ‪ ،Haganah‬و‪� 5‬آالف من الإرجون‬
‫‪ ،Irgun‬و�ألفني من �شترين ‪ ...Stern‬وغريها)‪ ،‬وهو عدد يبلغ �أكرث من ثالثة �أ�ضعاف‬
‫اجليو�ش العربية ال�سبعة عندما دخلت يف حرب ‪ !!1948‬و�أ�س�س اليهود الوكالة‬
‫اليهودية ‪� Jewish Agency‬سنة ‪ ،1929‬والتي تولت �ش�ؤون اليهود يف فل�سطني‪،‬‬
‫و�أ�صبحت �أ�شبه بدولة داخل دولة ملا متتعت به من �صالحيات وا�سعة‪ .‬و�أقام اليهود‬
‫م�ؤ�س�سات اقت�صادية واجتماعية وتعليمية �ضخمة‪� ،‬شكلَّت بنية حتتية قوية للدولة‬
‫اليهودية القادمة‪ ،‬فت�أ�س�س احتاد العمال (اله�ستدروت ‪ )Histadrut‬وافتتحت اجلامعة‬
‫العربية بالقد�س �سنة ‪ .3...1925‬وهكذا‪ ،‬ف�إن الظلم والقهر واملحاباة كان ال�سمة الأبرز‬
‫لال�ستعمار الربيطاين لفل�سطني‪.‬‬

‫• جنود الهاجاناه‪1948 ،‬‬

‫‪49‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫ثاني ًا‪ :‬ظهور احلركة الوطنية الفل�سطينية‪:‬‬


‫وبالرغم من حالة الإنهاك التي خرج بها الفل�سطينيون من احلرب العاملية الأوىل‪،‬‬
‫وبالرغم من وقوع البالد العربية من حولهم‪ ،‬والعامل الإ�سالمي ب�شكل عام‪ ،‬حتت‬
‫�سطوة اال�ستعمار ونفوذه‪ ،‬وبالرغم من �ضعف �إمكاناتهم املادية‪ ،‬وانعدام �أدوات ال�ضغط‬
‫والنفوذ ال�سيا�سي لديهم‪ ،‬مقارنة مبا حظي به امل�رشوع ال�صهيوين من دعم يهودي‬
‫عاملي‪ ،‬ومن رعاية القوى العظمى له‪ ،‬بالرغم من ذلك كله‪ ،‬ف�إن التم�سك بحقهم الكامل‬
‫يف فل�سطني‪ ،‬والإ�رصار على ا�ستقاللهم مهما كلّف الثمن‪ ،‬كانت ال�سمة الأبرز لن�شاطهم‬
‫ال�سيا�سي اجلهادي طوال فرتة االحتالل الربيطاين‪ .‬وقد متحور الن�شاط ال�سيا�سي‬
‫الفل�سطيني حول مطالب حمددة �أبرزها‪:‬‬
‫ • �إلغاء وعد بلفور ملا يت�ضمنه من ظلم و�إجحاف بحقوق الأغلبية ال�ساحقة من ال�سكان‪.‬‬
‫• �إيقاف الهجرة اليهودية‪.‬‬
‫• وقف بيع الأرا�ضي لليهود‪.‬‬
‫• �إقامة حكومة وطنية فل�سطينية منتخبة عرب برملان (جمل�س ت�رشيعي) ميثل الإرادة‬
‫احلقيقية احلرة لل�سكان‪.‬‬
‫• الدخول يف مفاو�ضات مع الربيطانيني لعقد معاهدة‪ ،‬ت�ؤدي يف النهاية �إىل ا�ستقالل‬
‫فل�سطني‪.‬‬
‫وعلى هذه الأ�س�س ن�ش�أت احلركة الوطنية‬
‫الفل�سطينية‪ ،‬و�أقام الفل�سطينيون م�ؤمترهم الأول‬
‫(امل�ؤمتر العربي الفل�سطيني ‪)1919/2/10-1/27‬‬
‫يف القد�س‪ ،‬فرف�ض تق�سيم بالد ال�شام وفق امل�صالح‬
‫اال�ستعمارية‪ ،‬وع َّد فل�سطني جزءا ً من �سورية (بالد‬
‫ال�شام)‪ ،‬وطالب با�ستقالل �سورية �ضمن الوحدة‬
‫العربية‪ ،‬وت�شكيل حكومة وطنية متار�س احلكم يف‬
‫فل�سطني‪ ،‬وقد عقد الفل�سطينيون �سبعة م�ؤمترات‬
‫من هذا النوع حتى �سنة ‪ .1928‬وبرز يف قيادة‬ ‫• مو�سى كاظم احل�سيني‬
‫احلركة الوطنية رئي�س اللجنة التنفيذية للم�ؤمتر الفل�سطيني مو�سى كاظم احل�سيني الذي‬
‫ا�ستمر يف الزعامة الر�سمية للحركة الوطنية حتى وفاته يف �آذار‪ /‬مار�س ‪ .1934‬غري �أنه من‬

‫‪50‬‬
‫فل�سطني حتت االحتالل الربيطاين ‪1948–1918‬‬

‫الناحية الفعلية برز ا�سم احلاج �أمني احل�سيني‪،‬‬


‫الذي �أ�صبح مفتي القد�س �سنة ‪ ،1921‬ورئي�س‬
‫املجل�س الإ�سالمي ال�رشعي الأعلى منذ ت�أ�سي�سه‬
‫�سنة ‪ ،1922‬والذي غدا �أهم قلعة للحركة الوطنية‬
‫والقوة الدافعة خلفها‪ .‬وبوفاة مو�سى كاظم‬
‫احل�سيني‪� ،‬أ�صبح احلاج �أمني زعيم فل�سطني‬
‫دون منازع حتى نهاية اال�ستعمار الربيطاين‬
‫�سنة ‪.1948‬‬
‫• احلاج �أمني احل�سيني‬

‫احلركة الوطنية الفل�سطينية ‪:1929-1918‬‬


‫ركزت احلركة الوطنية الفل�سطينية خ�صو�صا ً خالل الفرتة ‪ 1929-1918‬على‬
‫املقاومة ال�سلمية للم�رشوع ال�صهيوين‪ ،‬وحماولة �إقناع بريطانيا بالعدول عن وعد بلفور‪،‬‬
‫وقد كان ما يزال لديها بقايا �أم ٍل يف ذلك‪ ،‬خ�صو�صا ً و�أن الربيطانيني كانوا حلفاء ال�رشيف‬
‫ح�سني خالل احلرب العاملية الأوىل‪ ،‬كما �أن امل�رشوع ال�صهيوين مل يكن قد حقق بعد � ّأي‬
‫نتائج عملية ذات �أبعاد خطرية على الو�ضع يف فل�سطني‪ .‬هذا‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل �أن القيادة‬
‫الفل�سطينية مل تكن ترى �أن الفل�سطينيني ميلكون الو�سائل البديلة املكافئة التي متكنهم‬
‫من فر�ض �إرادتهم على الربيطانيني‪ .‬كما �أن القيادة نف�سها مل تكن متلك العزمية والإرادة‬
‫والتما�سك لتحدي الربيطانيني بو�سائل �أكرث عنفاً‪ .‬ولعبت قلة اخلربة ال�سيا�سية‪ ،‬والتناف�س‬
‫العائلي على القيادة (احل�سينية والن�شا�شيبية)‪ ،‬والذي �أ�سهم الربيطانيون يف ت�أجيجه‪،‬‬
‫دورها يف �إ�ضعاف احلركة الوطنية الفل�سطينية‪ .‬غري �أن‬
‫هذا مل ي�ؤثر ب�شكل عام على املوقف املبدئي الفل�سطيني‬
‫من امل�رشوع ال�صهيوين واال�ستعمار الربيطاين‪ ،‬ومن‬
‫املطالب ال�سيا�سية العامة للحركة الوطنية‪.‬‬
‫ومن الناحية ال�سيا�سية‪� ،‬أر�سلت القيادة الفل�سطينية‬
‫وفدها الأول �إىل لندن يف متوز‪ /‬يوليو ‪ ،1921‬الذي‬
‫التقى وزير امل�ستعمرات ون�ستون ت�رش�شل ‪Winston‬‬
‫• ون�ستون ت�رش�شل‬
‫‪ Churchill‬وعددا ً من امل�س�ؤولني‪ ،‬لكن جهوده مل تلقَ‬

‫‪51‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫�آذانا ً �صاغية من احلكومة الربيطانية‪ ،‬و�إن كان جنح يف دفع جمل�س اللوردات الربيطاين‬
‫ب�إ�صدار قرار برف�ض وعد بلفور‪ .‬ومن جهة �أخرى‪� ،‬أف�شل الفل�سطينيون حماولة بريطانية‬
‫لت�شكيل جمل�س ت�رشيعي يف فل�سطني �سنة ‪ 1923‬منزوع ال�صالحية الفعلية‪ ،‬وال ميثل‬
‫ب�شكل �صحيح �سكان فل�سطني‪ .‬ولقيت زيارة بلفور لفل�سطني �سنة ‪ 1925‬احتجاجات‬
‫عامة‪ ،‬ومتت مقاطعته‪ ،‬و ُنفذ �إ�رضاب �شمل كل فل�سطني‪ .‬ويف امل�ؤمتر الفل�سطيني اخلام�س‬
‫الذي �أقيم يف ‪ 1922/8/25-22‬و�ضع امل�ؤمترون ميثاقا ً وطنيا ً �أق�سموا اليمني التايل على‬
‫االلتزام به‪“ :‬نحن ممثلي ال�شعب العربي الفل�سطيني يف امل�ؤمتر العربي الفل�سطيني‬
‫اخلام�س املعقود يف نابل�س‪ ،‬نتعهد �أمام اهلل والتاريخ وال�شعب على �أن ن�ستمر يف جهودنا‬
‫الرامية �إىل ا�ستقالل بالدنا‪ ،‬وحتقيق الوحدة العربية بجميع الو�سائل امل�رشوعة‪ ،‬و�سوف‬
‫ال نقبل ب�إقامة وطن قومي يهودي �أو هجرة يهودية”‪.4‬‬
‫عبت ب�شكل قوي عن‬ ‫وخالل الفرتة نف�سها (‪ )1929-1918‬وقعت ثالث ثورات ّ‬
‫وجهت غ�ضبها �ض ّد اليهود‪،‬‬ ‫الغ�ضب ال�شعبي العارم من امل�رشوع ال�صهيوين‪ ،‬غري �أنها َّ‬
‫وحاولت جتنب الربيطانيني (ب�سبب العوامل امل�شار �إليها �سابقاً)‪ ،‬لكن الدور الأ�سا�سي يف‬
‫قمع هذه الثورات كان للربيطانيني‪ .‬فكانت ثورة مو�سم النبي مو�سى يف ‪1920/4/10-4‬‬
‫يف القد�س التي �أدت �إىل مقتل خم�سة يهود وجرح ‪� 211‬آخرين‪ ،‬ومقتل ‪ 4‬عرب وجرح‬
‫‪� 24‬آخرين؛ وثورة يافا يف ‪ 1921/5/15-1‬التي اندلعت يف يافا‪ ،‬و�شملت �أجزاء من �شمال‬
‫فل�سطني‪ ،‬و �أدت �إىل مقتل ‪ 47‬وجرح ‪ 146‬يهوديا ً‪ ،‬بينما قتل ‪ 48‬وجرح ‪ 73‬عربياً؛‬
‫وثورة الرباق التي ت�صاعدت �أحداثها منذ ‪� 15‬آب‪� /‬أغ�سط�س وا�ستمرت حتى ‪،1929/9/2‬‬
‫وقد خا�ضها امل�سلمون دفاعا ً عن حائط الرباق (احلائط الغربي للم�سجد الأق�صى املبارك)‬
‫�ض ّد االعتداءات اليهودية‪ ،‬وانت�رشت الثورة يف كافة �أرجاء فل�سطني‪ ،‬و�أدت �إىل مقتل ‪133‬‬
‫وجرح ‪ 339‬يهودياً‪ ،‬وقتل ‪ 116‬عربيا ً وجرح ‪� 232‬آخرين‪ .‬ويف الثورات الثالث حدثت‬
‫معظم �إ�صابات اليهود على �أيدي العرب‪� ،‬أما معظم �إ�صابات العرب فوقعت على �أيدي‬
‫القوات الربيطانية وال�رشطة‪ .‬وقد كان للحاج �أمني احل�سيني مفتي القد�س دور �أ�سا�سي‬
‫رسي يف ثورة مو�سم النبي مو�سى وثورة الرباق‪� .‬أما القيادة ال�سيا�سية الر�سمية‬ ‫� ِّ‬
‫و�س َعت �إىل تهدئة م�شاعر الغ�ضب‬ ‫الفل�سطينية فقد ظلت متم�سكة بالأ�ساليب ال�سلمية‪ ،‬بل َ‬
‫وا�ستيعابها‪ .‬ومن املهم الإ�شارة �إىل �أن الثورات الثالث قد اتخذت طابعا ً �إ�سالميا ً �أ�سهم يف‬
‫ت�أجيج امل�شاعر الوطنية وتفجريها �ض ّد امل�رشوع ال�صهيوين‪.5‬‬

‫‪52‬‬
‫فل�سطني حتت االحتالل الربيطاين ‪1948–1918‬‬

‫احلركة الوطنية الفل�سطينية ‪:1939-1929‬‬


‫كانت ثورة الرباق �سنة ‪ 1929‬فاحتة لعقد ت�صاعدت فيه املقاومة اجلهادية العنيفة‬
‫للم�رشوع ال�صهيوين ولال�ستعمار الربيطاين على ح ّد �سواء‪ ،‬وقد و�صلت ذروتها يف‬
‫الثورة الفل�سطينية الكربى ( ‪ .)1939 -1936‬فقد �أخذت تتكر�س خطورة امل�رشوع‬
‫اليهودي ‪ -‬ال�صهيوين خ�صو�صا ً �إثر هجرة �أكرث من ‪� 152‬ألف يهودي خالل الفرتة‬
‫‪ ،1935-1930‬مما �ضاعف عدد اليهود الذين كان عددهم يف منت�صف �سنة ‪ 1929‬نحو‬
‫‪� 156‬ألفاً‪ ،‬وكان الكثري من املهاجرين اجلدد من �أملانيا‪ ،‬من رجال الأعمال و�أ�صحاب الأموال‬
‫والتجارة ومن العلماء املتخ�ص�صني‪ .‬كما متكن اليهود يف الفرتة نف�سها (‪ )1935-1930‬من‬
‫اال�ستيالء على ‪� 229‬ألف دومن من الأرا�ضي الفل�سطينية‪ .‬وه ّرب اليهود كميات �ضخمة‬
‫من الأ�سلحة ُك�شفت حالتان منها يف ‪ ،1930/3/15‬ويف ‪.61935/10/16‬‬
‫ومتيز الن�صف الأول من الثالثينيات بازدياد الن�شاط ال�سيا�سي والتفاعل الوطني‬
‫مع الأحداث‪ ،‬وتوجيه العداء ب�شكل مبا�رش ووا�سع �ض ّد ال�سلطات الربيطانية باعتبارها‬
‫“�أ�صل الداء‪ ،‬و�أ�سا�س كل بالء”‪ .‬وت�شكلت يف هذه الفرتة الأحزاب الفل�سطينية‪ ،‬وكان‬
‫“حزب اال�ستقالل” �أولها ظهورا ً يف �آب‪� /‬أغ�سط�س ‪ ،1932‬و�أ�سهم ب�شكل كبري يف توجيه‬
‫�ض ُعف منذ منت�صف ‪� .1933‬أما “احلزب العربي الفل�سطيني”‬ ‫العداء �ض ّد بريطانيا‪ ،‬لكنه َ‬
‫الذي ظهر يف �آذار‪ /‬مار�س ‪ 1935‬فقد �أ�صبح احلزب ال�شعبي الأول‪ ،‬وحظي بدعم املفتي‬
‫(احلاج �أمني) وبدعم اجلماهري‪ ،7‬ون�شطت يف الفرتة نف�سها جمعيات ال�شبان امل�سلمني‪،‬‬
‫واحلركات الك�شفية‪ .‬ون�ش�أت وتطورت تنظيمات �رسية ع�سكرية جهادية مثل حركة‬
‫“اجلهادية” بقيادة عز الدين الق�سام‪ ،‬و“منظمة اجلهاد املقد�س” بقيادة عبد القادر‬
‫رسي للحاج �أمني)‪ ،‬كما ظهرت جمموعات ثورية �أ�صغر دخلت‬ ‫احل�سيني (والإ�رشاف ال� ِّ‬
‫يف �صدامات مبكرة مع ال�سلطة مثل “الكف الأخ�رض”‪.‬‬
‫لقد َف َق َد الفل�سطينيون يف هذه الفرتة �أملهم يف احل�صول على حقوقهم بالو�سائل‬
‫ال�سلمية والقانونية‪ ،‬وعلَّق احلاج �أمني احل�سيني على تلك املرحلة قائالً‪“ :‬كنا ما نزال‬
‫حتى �سنة ‪ 1932‬على �شيء من الأمل‪ ،‬ولكنه زال مع الزمن‪ ،‬كل عذابنا‪ ...‬كل �آالمنا‬
‫كانت ُتع ُّد بعناية‪ ،‬مل يكن �أمامنا غري ال�شهادة”‪ .8‬و�أ�شارت مذكرة ملدير ق�سم املخابرات‬
‫يف �رشطة فل�سطني �إىل �أن “ال�شعور املتزايد بال�سخط �ض ّد االنتداب الربيطاين والإدارة‬
‫�أ�صبح �سائدا ً و�سط كل الطبقات‪ ،...‬و�أن العرب‪ ،‬الذين �أَ ِملوا ب�أن بريطانيا �سوف حتقق‬
‫لهم العدل‪ ،‬قد �أ�صيبوا بالي�أ�س”‪.9‬‬

‫‪53‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫وقد �أ�سهم يف تكري�س القناعات املعادية‬


‫لربيطانيا وانت�شارها ف�شل مهمة الوفد العربي‬
‫الفل�سطيني �إىل لندن برئا�سة مو�سى كاظم‬
‫احل�سيني يف ربيع ‪ ،1930‬وعدم تنفيذ تو�صيات‬
‫جون هوب �سمب�سون ‪John Hope Simpson‬‬
‫خبري الإ�سكان والأرا�ضي‪ ،‬الذي كلفته احلكومة‬
‫الربيطانية بدرا�سة الو�ضع يف فل�سطني‪ ،‬والذي‬
‫ا�ستنتج بعد درا�سة دقيقة �أنه ال توجد �أرا�ض‬
‫ٍ�إ�ضافية ميكن �إعطا�ؤها للمهاجرين اليهود‪،‬‬ ‫• جون هوب �سمب�سون‬

‫و�أو�صى بخف�ض الهجرة اليهودية �أو وقفها‪ .10‬وزاد من تفاقم الو�ضع نكو�ص احلكومة‬
‫الربيطانية عن تنفيذ توجهاتها التي �أعلنتها يف “الكتاب الأبي�ض ‪ ”White Paper‬يف‬
‫ت�رشين الأول‪� /‬أكتوبر ‪ 1930‬الذي وعد ب�ضبط الهجرة اليهودية‪ ،‬ثم �إ�صدارها “الكتاب‬
‫الأ�سود ‪ ”Black Paper‬يف �شباط‪ /‬فرباير ‪ 1931‬الذي �أكد التزامات بريطانيا جتاه‬
‫امل�رشوع ال�صهيوين‪ ،‬وم�سح عمليا ً ما جاء يف الكتاب الأبي�ض‪.11‬‬
‫وا�ستطاع �أبناء فل�سطني يف تلك الفرتة �أن يجددوا البُعد العربي والإ�سالمي لق�ضية‬
‫ن�شطوه‪ .‬فنقلت التقارير يف �أيار‪ /‬مايو ‪ 1931‬وجود خمطط ثوري جهادي‬ ‫فل�سطني و ُي ِّ‬
‫ي�ستهدف �إنقاذ البالد العربية وخ�صو�صا ً فل�سطني و�سورية‪ ،‬و�أن الأمري �شكيب‬
‫�أر�سالن (وهو �إ�سالمي لبناين) كان زعيم هذه احلركة‪ ،‬وي�شرتك معه يف املخطط احلاج‬
‫�أمني احل�سيني و�شوكت علي الزعيم الهندي املعروف‪ ،‬وكان على ات�صال بزعماء‬
‫احلركات العربية يف اجلزيرة العربية والعراق وال�شام وم�رص‪ .‬لكن املخطط مل ُيكتب‬
‫له النجاح‪ .12‬ويف ‪ 1931/12/17-7‬انعقد يف القد�س امل�ؤمتر الإ�سالمي العام برئا�سة‬
‫احلاج �أمني احل�سيني‪ ،‬وبح�ضور مندوبني عن ‪ 22‬بلداً‪ ،‬وتكر�س فيه البعد الإ�سالمي‬
‫لق�ضية فل�سطني‪ ،‬التي �أ�صبحت ه ّما ً مركزيا ً للعامل الإ�سالمي‪ ،‬وح�رضه علماء‬
‫و�شخ�صيات �إ�سالمية كربى مثل ال�شيخ حممد ر�شيد ر�ضا‪ ،‬واملفكر الهندي ال�شاعر‬
‫حممد �إقبال‪ ،‬والزعيم الهندي �شوكت علي‪ ،‬والزعيم التون�سي عبد العزيز الثعالبي‪،‬‬
‫ورئي�س وزراء �إيران ال�سابق �ضياء الدين الطبطبائي‪ ،‬والزعيم ال�سوري �شكري‬
‫القوتلي‪ ... ،‬وغريهم‪ .‬و�صدرت العديد من القرارات العملية ك�إن�شاء جامعة �إ�سالمية‪،‬‬
‫وت�أ�سي�س �رشكة لإنقاذ الأرا�ضي‪ ،‬وت�شكيل جلان لفل�سطني يف خمتلف البلدان‪،13...‬‬

‫‪54‬‬
‫فل�سطني حتت االحتالل الربيطاين ‪1948–1918‬‬

‫• �شوكت علي‬ ‫• حممد �إقبال‬ ‫• حممد ر�شيد ر�ضا‬

‫• �شكري القوتلي‬ ‫• �ضياء الدين الطبطبائي‬ ‫• عبد العزيز الثعالبي‬

‫‪55‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫لكن وقوع معظم بلدان العامل الإ�سالمي حتت اال�ستعمار‪ ،‬و�إ�رصار الربيطانيني على‬
‫�إف�شال �أي من امل�شاريع العملية �أدى �إىل تعطيل العمل مبعظم هذه القرارات‪ .‬وتزايد دور‬
‫علماء امل�سلمني الفل�سطينيني بانعقاد م�ؤمترهم الأول يف ‪ ،1935/1/25‬و�إ�صدارهم فتوى‬
‫بتحرمي بيع الأر�ض لليهود‪ ،‬وتكفري من يرتكب ذلك‪ ،‬ثم قيامهم بحملة توعية كربى يف‬
‫فل�سطني‪.14‬‬
‫ومن جهة �أخرى‪ ،‬ف�إن املقاومة اجلهادية متثلت يف البداية يف منظمة الكف الأخ�رض‪،‬‬
‫التي ظهرت �إثر ثورة الرباق يف �شمال فل�سطني بزعامة �أحمد طاف�ش‪ ،‬وقامت بعمليات‬
‫�ض ّد اليهود والربيطانيني‪ ،‬لكن احلملة الربيطانية املكثفة �ضدها �أدت �إىل الق�ضاء عليها يف‬
‫�شباط‪ /‬فرباير ‪ ،1930‬والقب�ض على زعيمها‪.15‬‬
‫ويف ت�رشين الأول‪� /‬أكتوبر ‪1933‬‬
‫�ص ّعدت القيادة ال�سيا�سية الفل�سطينية‬
‫معار�ضتها‪ ،‬و�أقامت مظاهرتني كبريتني‬
‫يف القد�س يف ‪ ،10/13‬ويف يافا يف ‪،10/27‬‬
‫�شارك فيها الزعماء ب�أنف�سهم‪ ،‬وانطلقت‬
‫املظاهرة الأوىل من امل�سجد الأق�صى‪� ،‬أما‬
‫الثانية فانطلقت بعد �صالة اجلمعة من‬
‫يافا‪ ،‬و�أ�رضبت فل�سطني يف هذين اليومني‪،‬‬
‫وحاولت ال�سلطات منع املظاهرات بالقوة‪،‬‬
‫مما �أدى �إىل مقتل ‪ 35‬وجرح ‪ 255‬عربياً‪.‬‬
‫وقد ات�سعت املظاهرات وزادت عنفا ً يف‬
‫حيفا والقد�س ونابل�س وبئر ال�سبع واللد‬
‫وغريها؛ مما �أدى ل�سقوط املزيد من‬
‫• االحتالل يقمع املظاهرات يف �أحداث‬
‫ال�ضحايا‪ ،‬و�أ�رضبت فل�سطني مدة �سبعة‬
‫�أيام‪ .‬واعتقلت ال�سلطات الربيطانية ‪12‬‬
‫ت�رشين الأول‪� /‬أكتوبر ‪1933‬‬
‫زعيما ً فل�سطينياً‪ ،‬بينهم ثالثة من �أع�ضاء‬
‫اللجنة التنفيذية‪ ،‬و�أ�صيب مو�سى كاظم احل�سيني يف �أثناء مظاهرة يافا بكدمات �أغمي‬
‫عليه على �إثرها‪ ،‬و ُذكر �أنه تويف يف �آذار‪ /‬مار�س ‪ 1934‬مت�أثرا ً بهذه الإ�صابة‪ ،‬وهو يف الـ ‪81‬‬
‫من عمره‪.16‬‬

‫‪56‬‬
‫فل�سطني حتت االحتالل الربيطاين ‪1948–1918‬‬

‫�أما حركة اجلهادية فقد �أ�س�سها ال�شيخ‬


‫عز الدين الق�سام‪ ،‬وتعود بجذورها �إىل‬
‫�سنة ‪ .1925‬وهي حركة �رسية جهادية‪،‬‬
‫اتخذت الإ�سالم منهجاً‪ ،‬وكان �شعارها‬
‫“هذا جهاد‪ ،‬ن�رص �أو ا�ست�شهاد” وانت�رشت‬
‫يف �شمال فل�سطني‪ ،‬خ�صو�صا ً بني العمال‬
‫والفالحني‪ ،‬و�أمكن لها تنظيم ‪ 200‬رجل‪،‬‬
‫رسا ً‬
‫بالإ�ضافة �إىل ‪ 800‬من الأن�صار‪ .‬وقامت � ّ‬
‫بامل�شاركة اجلهادية يف ثورة الرباق‪ ،‬ثم نفذت‬
‫بع�ض العمليات خالل الن�صف الأول من‬ ‫• ال�شيخ عز الدين الق�سام‬
‫الثالثينيات‪ ،‬لكنها �أعلنت عن نف�سها ونزلت‬
‫�إىل امليدان يف ت�رشين الثاين‪ /‬نوفمرب ‪ ،1935‬وا�ست�شهد ال�شيخ الق�سام واثنان من رفاقه‬
‫يف �أول مواجهة مع ال�رشطة يف معركة �أحرا�ش يعبد يف‬
‫‪ .1935/11/20‬ومل تكن هذه نهاية احلركة‪ ،‬فقد توىل‬
‫القيادة ال�شيخ فرحان ال�سعدي‪ .‬وكان لها دور رائد‬
‫عظيم يف الثورة الكربى (‪.17)1939-1936‬‬
‫�أما منظمة اجلهاد املقد�س فقد ا�صطبغت ب�صبغة‬
‫�إ�سالمية وطنية‪ ،‬ولقيت رعاية احلاج �أمني‪ ،‬وتركز‬
‫تنظيمها يف القد�س‪ ،‬بقيادة عبد القادر احل�سيني‪ ،‬وو�صل‬
‫عدد �أفرادها �سنة ‪� 1935‬إىل ‪ 400‬ع�ضو‪ .18‬و�شاركت يف‬
‫• عبد القادر احل�سيني‬
‫الثورة الكربى يف قيادة العمل يف مناطق القد�س واخلليل‪.‬‬

‫ثالث ًا‪ :‬الثورة الفل�سطينية الكربى ‪:1939–1936‬‬


‫كانت الثورة الكربى من �أعظم الثورات يف تاريخ فل�سطني احلديث واملعا�رص‪ .‬وقد‬
‫تفجرت يف ‪ 1936/4/15‬على يد جمموعة ق�سامية بقيادة ال�شيخ فرحان ال�سعدي‪ ،‬قامت‬
‫بقتل اثنني من اليهود‪ .‬ثم تفاعلت الأحداث‪ ،‬وح�صلت ردود فعل غا�ضبة متبادلة بني‬
‫العرب واليهود‪ ،‬و�أعلن �أبناء فل�سطني الإ�رضاب العام يف ‪ 20‬ني�سان‪� /‬أبريل‪ ،‬و ّ‬
‫مت توحيد‬

‫‪57‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫الأحزاب العربية‪ ،‬وت�شكيل اللجنة‬


‫العربية العليا (التي توىل رئا�ستها‬
‫احلاج �أمني احل�سيني بنف�سه)‬
‫يف ‪ 25‬ني�سان‪� /‬أبريل‪ ،‬وقامت‬
‫اللجنة بالإعالن عن الإ�رصار‬
‫على اال�ستمرار يف الإ�رضاب‬
‫حتى حتقيق املطالب الفل�سطينية‬
‫يف �إن�شاء حكومة فل�سطينية‬
‫• الثورة الفل�سطينية ‪1939-1936‬‬
‫م�س�ؤولة �أمام برملان منتخب‪،‬‬
‫ووقف الهجرة اليهودية‪ ،‬ومنع‬
‫بيع الأرا�ضي لليهود‪ .‬وا�ستمر‬
‫الإ�رضاب ‪ 178‬يوما ً (نحو �ستة‬
‫�أ�شهر) ليكون �أطول �إ�رضاب يف‬
‫التاريخ يقوم به �شعب ب�أكمله‪.‬‬
‫ورافق الإ�رضاب ثورة عارمة‬
‫ع ّمت كل فل�سطني‪ ،‬ومل تتوقف‬
‫املرحلة الأوىل من الثورة �إال يف‬
‫‪ ،1936/10/12‬بناء على نداء‬
‫• اللجنة العربية العليا‬
‫ملوك و�أمراء العرب‪ ،‬وتهيئة‬
‫لقدوم جلنة حتقيق ملكية بريطانية (جلنة بيل ‪ )Peel Commission‬لتدر�س الو�ضع‬
‫وتقدم تو�صياتها‪ .‬وقد �صدرت تو�صيات هذه اللجنة يف مطلع متوز‪ /‬يوليو ‪،1937‬‬
‫واقرتحت تق�سيم فل�سطني بني العرب واليهود‪ .‬وقد �أدى ذلك �إىل ت�أجيج م�شاعر الثورة‬
‫من جديد‪ ،‬وكانت عالمة بدئها الفا�صلة اغتيال الق�ساميني للحاكم الربيطاين لواء اجلليل‬
‫لوي�س �أندروز ‪ Louis Andrews‬يف ‪ .1937/9/26‬وقامت ال�سلطات الربيطانية ب�إجراءات‬
‫قمعية هائلة‪ ،‬وحلَّت املجل�س الإ�سالمي الأعلى واللجنة العربية العليا واللجان القومية‪،‬‬
‫وحاولت اعتقال احلاج �أمني الذي متكن من الهرب �إىل لبنان يف منت�صف ت�رشين الأول‪/‬‬
‫�أكتوبر ‪ ،1937‬حيث توىل قيادة الثورة من هناك‪ ،‬لكنها جنحت يف اعتقال �أربعة من �أع�ضاء‬
‫اللجنة العربية العليا‪ ،‬و�أبعدتهم �إىل جزر �سي�شل ‪.Seychelles‬‬

‫‪58‬‬
‫فل�سطني حتت االحتالل الربيطاين ‪1948–1918‬‬

‫• م�رشوع جلنة بيل ‪1937‬‬ ‫وقد و�صلت الثورة �إىل قمتها يف �صيف ‪،1938‬‬
‫وجنح الثوار يف ال�سيطرة على الريف الفل�سطيني‬
‫و ُقراه‪ ،‬ومتكنوا من احتالل عدد من املدن لفرتات‬
‫حمدودة‪ ،‬وانهارت ال�سلطة املدنية الربيطانية‪ .‬ولو‬
‫�أن الأمر اقت�رص فقط على مواجهة بني �شعب حمتل‬
‫و�سلطة م�ستع ِمرة‪ ،‬لرمبا �أدى الأمر �إىل ان�سحابها‬
‫و�إعطاء ال�شعب حقوقه‪ .‬ولكن وجود الطرف‬
‫اليهودي ‪ -‬ال�صهيوين ونفوذه‪ ،‬وطبيعة م�رشوعه‪،‬‬
‫كانت ت�ضغط دائما ً ملزيد من املكابرة والعناد عند‬
‫الربيطانيني‪ .‬وقد ا�ضطرت ال�سلطات الربيطانية‬
‫�إىل �إر�سال تعزيزات ع�سكرية �ضخمة‪ ،‬يقودها‬
‫�أف�ضل قادة بريطانيا الع�سكريني �أمثال ديل ‪،Dill‬‬
‫وويفل ‪ ،Wavell‬وهيننج ‪ ،Haining‬ومونتجمري‬
‫‪ .Montgomery‬وقامت ب�إعادة احتالل فل�سطني‬
‫قرية قرية‪ ،‬م�ستخدمة كل و�سائل التنكيل والدمار‪،‬‬
‫و�أحدث ما تو�صلت �إليه �أكرب قوة عظمى يف‬
‫ذلك الزمان‪ .‬وا�ست�شهد كثري من قادة الثورة‬
‫�أمثال فرحان ال�سعدي‪ ،‬وحممد ال�صالح احلمد‪،‬‬
‫وعبد الرحيم احلاج حممد‪ ،‬ويو�سف �أبو درة‪.19‬‬
‫مرتجم عن الأ�صل‪ ،‬اجلمعية الفل�سطينية الأكادميية‬ ‫ولذلك فقد عانت الثورة من حالة من الرتاجع‬
‫لل�ش�ؤون الدولية ‪ -‬القد�س‪.‬‬

‫• يو�سف �أبو درة‬ ‫• حممد ال�صالح احلمد‬ ‫• فرحان ال�سعدي‬

‫‪59‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫وال�ضعف خ�صو�صا ً منذ ني�سان‪� /‬أبريل ‪ .1939‬غري �أن جذوة الثورة ا�ستمرت‬
‫باالنطفاء التدريجي حتى �أواخر �سنة ‪ .1939‬وح�سب الإح�صائيات الربيطانية‬
‫ف�إن جمموع العمليات التي قام بها الثوار خالل فرتة ‪ 1939-1936‬كانت كما يلي‪:20‬‬
‫‪1939‬‬ ‫‪1938‬‬ ‫‪1937‬‬ ‫‪1936‬‬ ‫ال�سنة‬
‫‪952‬‬ ‫‪4,969‬‬ ‫‪598‬‬ ‫‪4,076‬‬ ‫جمموع العمليات‬

‫ذكرت امل�صادر الربيطانية �أنه ُقتل يف املرحلة الأوىل من الثورة من اليهود ‪ 80‬وجرح‬
‫‪ ،288‬وقتل من اجلي�ش وال�رشطة الربيطانية ‪ 35‬وجرح ‪ ،164‬فيما قتل من العرب‬
‫‪ 193‬وجرح ‪ .803‬وح�سب حممد عزة دروزة ف�إن عدد قتلى العرب زاد عن ‪ 750‬وعدد‬
‫اجلرحى زاد عن ‪� .1,500‬أما يف املرحلة الثانية فح�سب دروزة ف�إن �إ�صابات اليهود كانت‬
‫نحو ‪ ،1,500‬ربعهم �إن مل يكن ثلثهم من القتلى‪ ،‬وهو قريب من الإح�صائيات الر�سمية‬
‫اليهودية‪ ،‬و َق َّدر الإ�صابات يف اجلي�ش وال�رشطة الربيطانية بـ ‪ 1,800‬قتيل وجريح‪ ،‬بينما‬
‫َق َّدر قتلى العرب بـ ‪� 3‬آالف وجرحاهم بـ ‪� 7‬آالف‪.21‬‬

‫• عبد الرحيم احلاج حممد يقود فريقا ً من املجاهدين؛‬


‫ويف الزاوية العليا �صورة �شخ�صية له‬

‫• تفجري قطار يف �أحد عمليات‬


‫املجاهدين يف ثورة‬
‫‪1939-1936‬‬

‫‪60‬‬
‫فل�سطني حتت االحتالل الربيطاين ‪1948–1918‬‬

‫ومن جهة �أخرى‪ ،‬حاولت بريطانيا �إيجاد خمرج �سيا�سي‪ ،‬بينما كانت تقوم ب�سحق‬
‫الثورة‪ ،‬فقامت ب�إلغاء م�رشوع تق�سيم فل�سطني‪ ،‬و�أفرجت عن معتقلي �سي�شل‪ ،‬ودعت �إىل‬
‫م�ؤمتر املائدة امل�ستديرة يف لندن‪ ،‬بحيث حت�رضه وفود متثل الفل�سطينيني واليهود وعددا ً‬
‫من البالد العربية‪ .‬وقد ف�شل امل�ؤمتر الذي انعقد يف �شباط‪ /‬فرباير ‪ ،1939‬يف الو�صول �إىل‬
‫نتيجة حمددة‪ .‬وهذا م ّهد الطريق �أمام الربيطانيني ليعلنوا وحدهم احلل الذي يرت�أونه‪،‬‬
‫والذين قالوا �إنهم �سينفذونه بغ�ض النظر عن ر�ضى الطرفني‪ .‬ف�أ�صدرت احلكومة‬
‫الربيطانية الكتاب الأبي�ض يف �أيار‪ /‬مايو ‪ ،1939‬الذي �ش ّكل �إىل ح ّد ما ن�رصا ً �سيا�سيا ً‬
‫للفل�سطينيني‪ ،‬فقد �أقرت بريطانيا ب�شكل حا�سم �أنه لي�س من �سيا�ستها �أن ت�صبح فل�سطني‬
‫دولة يهودية‪ ،‬و�أن ما تريده هو دولة فل�سطينية م�ستقلة‪ ،‬يقت�سم فيها العرب واليهود‬
‫ال�سلطة احلكومية‪ .‬و�أعلنت بريطانيا �سعيها �إىل �إن�شاء دولة فل�سطينية خالل ع�رش‬
‫�سنوات‪ ،‬و�أن الهجرة اليهودية يف ال�سنوات اخلم�س القادمة لن تزيد عن ‪� 75‬ألفاً‪ ،‬وبعد‬
‫ذلك ُتنع �إال ب�إذن من العرب‪ ،‬وقررت حظر بيع الأرا�ضي يف بع�ض مناطق فل�سطني‪،‬‬
‫بينما يكون مقيدا ً يف مناطق �أخرى‪ .‬ومل توافق معظم القيادة الفل�سطينية على امل�رشوع‬
‫الربيطاين؛ ل�ش ِّكها �أ�سا�سا ً يف الوعود والنوايا الربيطانية‪ ،‬ولأنه ربط ا�ستقالل فل�سطني‬
‫مبوافقة اليهود وتعاونهم‪ ،‬كما �أنه مل َي ِعد ب�إ�صدار عفو عام عن الثوار‪� ،‬أو امل�صاحلة مع‬
‫زعيم فل�سطني احلاج �أمني‪ .‬وفوق ذلك ف�إن الفل�سطينيني ر�أوا �أنه لي�س من احلكمة املوافقة‬
‫رصة على‬‫املبكرة على امل�رشوع الذي يت�ضمن بع�ض التنازالت‪ ،‬وما دامت بريطانيا م� ّ‬
‫تنفيذه على �أي حال‪ ،‬ف�إن الزمن كفيل بك�شف مدى جديتها‪ .‬كما عار�ض اليهود بقوة‬
‫وعنف امل�رشوع الربيطاين‪.22‬‬

‫رابع ًا‪ :‬التطورات ال�سيا�سية ‪:1947-1939‬‬


‫وخالل الفرتة ‪ 1945-1939‬وقعت احلرب العاملية الثانية‪ ،‬ودخل الفل�سطينيون تلك‬
‫الفرتة وقد �أنهكت قواهم‪ ،‬وت�شتت قيادتهم ال�سيا�سية نتيجة الثورة‪ ،‬وا�ضطر احلاج �أمني‬
‫�أن يهرب �إىل العراق يف ت�رشين الأول‪� /‬أكتوبر ‪ ،1939‬ثم هرب �إىل �إيران وتركيا ثم �إىل‬
‫�أملانيا التي و�صلها يف ت�رشين الثاين‪ /‬نوفمرب ‪ ،1941‬بعد �أن �سقط احلكم الوطني املعادي‬
‫لربيطانيا يف العراق‪ ،‬الذي كان للحاج �أمني دور رئي�سي يف �إقامته‪ .‬وهناك مل يجد ُب ّدا ً من‬

‫‪61‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫التعاون مع الأملان �أعداء الإجنليز‪ ،‬يف �سبيل َنيْل العرب حلقوقهم‪ ،‬و ّ‬
‫مت �إعداد م�سودة‬
‫ت�رصيح ت�ضمن تقدمي دولتي املحور (�أملانيا و�إيطاليا) كل م�ساعدة ممكنة للبلدان العربية‬
‫التي حتتلها وت�سيطر عليها بريطانيا‪ ،‬واالعرتاف با�ستقاللها‪ ،‬وامل�ساعدة يف الق�ضاء على‬
‫رصوا على عدم �إ�صدار الت�رصيح �إال بعد‬
‫فكرة الوطن القومي اليهودي‪ .‬غري �أن الأملان �أ� ُّ‬
‫و�صول القوات الأملانية �إىل منطقة القوقاز‪.‬‬

‫يف لقاء �رسي مع ال�سفري ال�سوفييتي‬


‫يف لندن �إيفان ماي�سكي ‪Ivan Maisky‬‬
‫يف �شباط‪ /‬فرباير ‪ ،1941‬عر�ض رئي�س‬
‫احلركة ال�صهيونية حاييم وايزمان‬
‫‪ Chaim Weizmann‬تهجري مليون‬
‫فل�سطيني من �أر�ضهم من �أجل �إح�ضار‬
‫‪ 5-4‬ماليني يهودي من �رشق �أوروبا‬ ‫�إيفان ماي�سكي‬ ‫حاييم وايزمان‬
‫ً‬
‫مكانهم‪ ،‬و�أر�سل ال�سفري تقريرا بذلك‪،‬‬
‫حفظته اخلارجية الرو�سية يف �أر�شيفها‪� ،‬إىل �أن ك�شفته جريدة يديعوت �أحرونوت‬
‫‪ Yedioth Ahronoth‬الإ�رسائيلية يف �أيار‪ /‬مايو ‪ ،1993‬ون�رشته جريدة القد�س‪،‬‬
‫وكذلك الر�أي الأردنية يف ‪.1993/5/29‬‬

‫وعلى �أي حال‪ ،‬ف�إن احلاج �أمني ا�ستفاد عمليا ً من وجوده هناك يف ال�سعي لتكوين‬
‫جي�ش عربي مد َّرب على يد الأملان من اجلن�سيات العربية‪ ،‬وقد تدرب بالفعل مئات‬
‫ال�شبان العرب �ضمن هذا اجلي�ش الذي �أعلن ر�سميا ً عن �إن�شائه يف ‪ ،1943/11/2‬وم َّده‬
‫وخبِّئ يف ليبيا نحو ‪� 30‬ألف قطعة‬ ‫الأملان بالكثري من الأ�سلحة اخلفيفة والذخائر‪ُ ،‬‬
‫�سالح ال�ستخدامها م�ستقبالً‪ .23‬لكن انت�صار الربيطانيني وحلفائهم يف احلرب‪،‬‬
‫و�ضع الفل�سطينيني وقيادتهم يف حالٍ �أكرث �صعوبة‪ .‬وقب�ض الفرن�سيون على احلاج‬
‫�أمني‪ ،‬لكنه ما لبث �أن ا�ستطاع الهرب يف حزيران‪ /‬يونيو ‪ ،1946‬وو�صل فج�أة �إىل‬
‫م�رص‪ ،‬وع َّمت فل�سطني الأفراح “ف�أقيمت الزينات يف طول البالد وعر�ضها‪ ،‬وت�ألفت‬
‫دل على ال�شعبية الهائلة التي ما زال‬ ‫املواكب‪ ،‬و�شمل النا�س �رسور عظيم” ‪ 24‬مما َّ‬
‫املفتي يتمتع بها‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫فل�سطني حتت االحتالل الربيطاين ‪1948–1918‬‬

‫وت�ألفت الهيئة العربية العليا لفل�سطني يف ‪ 1946/6/12‬بقرار من جامعة الدول‬


‫العربية‪ ،‬وعندما عاد احلاج �أمني توىل رئا�ستها‪ ،‬و�أ�صبحت الهيئة الر�سمية املمثلة‬
‫للفل�سطينيني‪ .‬لكن م�شاكل احلاج �أمني مع حكومتي الأردن والعراق �أ�ضعفت قدرته على‬
‫العمل واملناورة‪ ،‬هذا بالإ�ضافة �إىل وجوده يف م�رص التي كانت ما تزال حتت بع�ض �أ�شكال‬
‫النفوذ الربيطاين‪.‬‬
‫ومن جهة �أخرى‪ ،‬ا�ستغلت احلركة ال�صهيونية ما حدث لليهود خالل احلرب العاملية‬
‫الثانية ا�ستغالالً كبرياً‪ ،‬و�سعوا �إىل املبالغة وتهويل ما حدث لهم يف �أملانيا و�أوروبا‬
‫ال�رشقية‪ ،‬ك�سبا ً للعواطف والأن�صار‪ ،‬م�ؤكدين �أنه ال يوجد‬
‫مكان �آمن حلمايتهم‪ ،‬و�أنه ال بديل لنجاتهم �سوى �إقامة‬
‫وطنهم القومي يف فل�سطني‪ .‬وح َّولت احلركة ال�صهيونية‬
‫مركز تركيزها �إىل القوة العظمى ال�صاعدة الواليات املتحدة‪،‬‬
‫خ�صو�صا ً منذ م�ؤمتر بلتمور ‪� Biltmore‬سنة ‪،1942‬‬
‫وح�صلوا على دعم احلزبني اجلمهوري والدميوقراطي‬
‫ب�إلغاء الكتاب الربيطاين الأبي�ض يف �أيار‪ /‬مايو ‪.1939‬‬
‫• هاري ترومان‬
‫وعندما �صعد هاري ترومان ‪ Harry Truman‬ل�سدة‬
‫احلكم �أظهر عطفا ً �أكرب على ال�صهيونية‪ ،‬وطلب يف‬
‫‪ 1945/8/31‬من كليمنت �أتلي ‪ Clement Attlee‬رئي�س‬
‫وزراء بريطانيا �إدخال ‪� 100‬ألف يهودي �إىل فل�سطني‪.‬‬
‫و�سعى اليهود �إىل جتهيز �أنف�سهم ع�سكرياً‪ ،‬و�شارك‬
‫‪� 26‬ألفا ً من يهود فل�سطني يف الوحدات اليهودية يف اجلي�ش‬
‫الربيطاين خالل احلرب العاملية‪ ،‬وكان معظمهم �أع�ضاء يف‬
‫منظمة الهاجاناه‪ ،‬حيث ا�ستفادوا خربة ع�سكرية‪ ،‬جعلتهم‬
‫• كليمنت �أتلي‬
‫نواة الدولة اليهودية املنتظرة‪ .‬وهاجر �إىل فل�سطني خالل‬
‫الفرتة ‪ 1945-1939‬نحو ‪� 92‬ألف يهودي‪ ،‬كما مت َّكن ‪� 61‬ألفا ً �آخرين من الهجرة خالل‬
‫الفرتة ‪ ،1948-1946‬وحاز اليهود خالل الفرتة ‪ 1947-1939‬على نحو ‪� 270‬ألف دومن‬
‫من الأرا�ضي‪ ،‬و�أن�ش�أوا ‪ 73‬م�ستعمرة جديدة خالل الفرتة ‪ .1948-1940‬ويف ج ّو من‬
‫ال�ضغط اليهودي ‪ -‬الأمريكي‪ ،‬وال�ضعف العربي‪ ،‬قام الربيطانيون بالتخلي ر�سميا ً عن‬

‫‪63‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫الكتاب الأبي�ض يف البيان الذي �أ�صدره وزير اخلارجية‬


‫ارن�ست بيفن ‪ Ernest Bevin‬يف ‪ .1945/11/13‬ودعا‬
‫البيان �أي�ضا ً �إىل ت�شكيل جلنة �إجنلو‪�-‬أمريكية للتحقيق‬
‫يف ق�ضية فل�سطني‪ ،‬وتقدمي تو�صياتها‪ ،‬مما �أدخل‬
‫الأمريكان ب�شكل مبا�رش يف الق�ضية‪ ،‬وقد �أو�صت اللجنة‬
‫�سنة ‪ 1946‬بهجرة ‪� 100‬ألف يهودي‪ ،‬وبحرية انتقال‬
‫• ارن�ست بيفن‬
‫الأرا�ضي وبيعها لليهود‪.25‬‬
‫رف�ضت اجلماعات ال�صهيونية يف فل�سطني الكتاب الأبي�ض الربيطاين وبد�أت حملة‬
‫هجمات على االنتداب الربيطاين واملدنيني العرب‪ .‬لكنها باملقابل مل يكن �أمام احلركة‬
‫ال�صهيونية خيار �سوى الوقوف مع الربيطانيني �ض ّد �أملانيا النازية يف احلرب العاملية‬
‫الثانية التي اندلعت يف �أيلول‪� /‬سبتمرب ‪ .1939‬وقد �أعلن رئي�س الوكالة اليهودية ديفيد‬
‫بن جوريون ‪�“ David Ben-Gurion‬سنحارب الكتاب الأبي�ض كما لو مل تكن هناك‬
‫حرب‪ ،‬و�سنخو�ض احلرب كما لو مل يكن هناك كتاب �أبي�ض”‪.‬‬
‫ويف ‪� ،1944/2/1‬أعلن التنظيم ال�صهيوين املت�شدد �إرجون الثورة على االنتداب‬
‫الربيطاين‪ ،‬وقد بلغ الإرهاب ال�صهيوين ذروته عندما نفذ الإرجون هجوما ً يف‬
‫‪ 1946/7/22‬على املقر الإداري الربيطاين لفل�سطني الذي كان يقع يف فندق امللك داود يف‬
‫القد�س‪� .‬أ�سفر عن الهجوم مقتل ‪� 91‬شخ�صا ً و�أ�صيب ‪ 46‬بجروح‪ .‬وكان من بني القتلى‬
‫‪ 21‬م�س�ؤوالً حكوميا ً من الدرجة الأوىل‪ 41 ،‬عربياً‪ ،‬و‪ 28‬بريطانياً‪ ،‬و‪ 17‬يهودياً‪ .‬وقد كان‬
‫قائد الإرجون مناحيم بيجن ‪ ،Menachem Begin‬الذي �أ�صبح فيما بعد رئي�س وزراء‬
‫“�إ�رسائيل”‪ ،‬وح�صل على جائزة نوبل لل�سالم ‪� Nobel Peace Prize‬سنة ‪.1979‬‬
‫وب�شكل عام‪ ،‬مل يتخذ الربيطانيون �إجراءات حقيقية �صارمة ملواجهة املنظمات‬
‫الإرهابية ال�صهيونية‪ ،‬مقارنة بتلك احلمالت الوح�شية التي اتخذوها �ض ّد الثورات‬
‫الفل�سطينية‪.‬‬
‫واتخذت ق�ضية فل�سطني ُبعدا ً دوليا ً عندما طلبت بريطانيا من الأمم املتحدة يف‬
‫‪� 1947/4/2‬إدراج الق�ضية �ضمن جدول �أعمالها‪ .‬ثم ت�شكلت جلنة حتقيق دولية خا�صة‬

‫‪64‬‬
‫فل�سطني حتت االحتالل الربيطاين ‪1948–1918‬‬

‫بفل�سطني (ان�سكوب ‪ )UNSCOP‬لدرا�سة الو�ضع وتقدمي تقرير عنه‪ .‬وقد انتهت من‬
‫ون�صت تو�صياتها املتحيزة على‪:‬‬
‫و�ضع تقريرها يف ‪ّ ،1947/8/31‬‬
‫• �إنهاء االنتداب الربيطاين على فل�سطني‪.‬‬
‫• تق�سيم فل�سطني �إىل دولتني م�ستقلتني عربية ويهودية‪ ،‬مع و�ضع القد�س حتت و�صاية‬
‫دولية‪.26‬‬
‫ويف م�ؤمتر �صوفر يف ‪ ،1947/9/6‬وعاليه يف ‪ ،1947/10/15-7‬قررت الدول العربية‬
‫مقاومة اقرتاحات اللجنة الدولية‪ ،‬وتقدمي املعونة من رجال و�سالح لأهل فل�سطني‪،‬‬
‫واتخاذ “احتياطات ع�سكرية”‪ ،‬وتنظيم العمل الع�سكري‪.‬‬

‫“�إن مطالبة ال�صهاينة بدولة يهودية كان يتعار�ض‬


‫ب�شكل تام مع كل مبادئ القانون الدويل والتاريخ‬
‫احلديث”‪.‬‬
‫> ناحوم جولدمان‪ ،‬رئي�س املنظمة ال�صهيونية العاملية‬
‫‪ 1968–1956‬يف مقاله‪:‬‬
‫‪Nahum Goldman, “The Psychology of Middle East‬‬
‫‪Peace,” Foreign Affairs magazine, October 1975,‬‬
‫‪pp. 113–114.‬‬

‫ويف ‪� 1947/11/29‬أ�صدرت اجلمعية العامة للأمم املتحدة ‪UN General Assembly‬‬


‫)‪ (GA‬قرارها امل�ش�ؤوم رقم ‪ 181‬بتق�سيم فل�سطني �إىل دولتني عربية ويهودية‪ ،‬وحاز‬
‫�أغلبية الثلثني ب�ضغط �أمريكي ودعم رو�سي قوي‪ .‬و�أعطى القرار ‪ %54.7‬من �أر�ض‬
‫فل�سطني للدولة اليهودية (‪ 14,400‬كم‪ ،)2‬و‪ %44.8‬للدولة العربية (‪ 11,780‬كم‪ )2‬ونحو‬
‫‪ %0.5‬ملنطقة القد�س‪.‬‬
‫ومل تكن القوى الكربى متلك �أغلبية الثلثني‪ ،‬وكاد يف يوم ‪ 26‬ت�رشين الثاين‪ /‬نوفمرب �أن‬
‫مت ل�سقط م�رشوع التق�سيم‪ ،‬لكن رئي�س اجلمعية مندوب الربازيل‬ ‫يحدث ت�صويت‪ ،‬ولو ّ‬
‫� َّأجل اجلل�سة‪ .‬وقام اليهود والأمريكان بحملة حممومة جنحت مبختلف الو�سائل يف زيادة‬
‫الأ�صوات امل�ؤيدة‪ ،‬فقد ا�ستلمت زوجات ممثلي �أمريكا الالتينية هدايا كثرية معظمها‬

‫‪65‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫�أملا�س ومعاطف َف ْرو ثمينة‪.‬‬


‫و�أَ َمرت حكومة هايتي‪ ،‬التي كانت‬
‫قد �صوتت �ض ّد التق�سيم‪ ،‬مندوبها‬
‫بالت�صويت معه‪ ،‬بعد �أن وعدتها‬
‫�أمريكا بامل�ساعدة االقت�صادية‪.‬‬
‫وا�ستخدم رجل الأعمال الأمريكي‬
‫روبرت ناثان ‪Robert Nathan‬‬
‫نفوذه االقت�صادي ل�رشاء �صوت‬
‫جواتيماال‪ ،‬وه ّددت �رشكة‬
‫فاير�ستون ليبرييا اقت�صاديا ً‬
‫�إن مل تتحول من االمتناع �إىل‬
‫الت�أييد‪ ،‬وتعر�ضت الفليبني‬
‫ل�ضغوط �شديدة‪ ،‬وتدخل رئي�س‬
‫جمهوريتها‪ ،‬ف�أمر مندوبه‬
‫باملوافقة على القرار‪ .‬ووفق‬
‫مت تقرير‬‫هذه الألعاب القذرة ّ‬
‫م�صري �أحد �أقد�س و�أطهر البقع يف‬
‫الأر�ض‪ُ .‬ترى ما هو املنطق يف �أن‬
‫يتقرر م�صري �شعب م�سلم و�أر�ض‬
‫مقد�سة بناء على �أن زوجة فالن من �أمريكا الالتينية ح�صلت على طقم �أملا�س �أو معطف‬
‫فرو!! �أو لأن ليبرييا تخ�شى نفوذ �رشكة �أمريكية!! ويف يوم ‪ 1947/11/29‬فاز قرار‬
‫التق�سيم ب�أغلبية ‪ 33‬مقابل ‪ 13‬وامتناع ‪.10‬‬
‫وال ب ّد من الإ�شارة هنا �إىل �أن قرارات اجلمعية العامة لي�ست قرارات ملزمة‪،‬‬
‫حتى �ضمن مواثيق الأمم املتحدة نف�سها‪ .‬والقرار نف�سه خمالف للأ�سا�س الذي‬
‫قامت عليه الأمم املتحدة من حقوق ال�شعوب يف احلرية وتقرير م�صريها بنف�سها‪.‬‬
‫ثم �إن �شعب فل�سطني املعنِ ّي �أ�سا�سا ً با لأمر مل تتم ا�ست�شارته وال ا�ستفتا�ؤه‪ .‬هذا‪،‬‬
‫با لإ�ضافة �إىل الظلم الفا�ضح الذي ت�ضمنته تف�صيالت القرار من �إعطاء نحو ‪%55‬‬

‫‪66‬‬
‫فل�سطني حتت االحتالل الربيطاين ‪1948–1918‬‬

‫من �أر�ض فل�سطني لأقلية يهودية دخيلة مهاجرة متثل ‪ %31. 7‬من ال�سكان وال‬
‫متلك �أكرث من ‪ %6‬من الأر�ض‪.‬‬

‫تطور �أعداد ال�سكان يف فل�سطني حتت االحتالل الربيطاين‬

‫اليهود‬ ‫العرب‬
‫ال�سنة‬
‫الن�سبة (‪)%‬‬ ‫العدد‬ ‫الن�سبة (‪)%‬‬ ‫العدد‬

‫‪8.4‬‬ ‫‪55,000‬‬ ‫‪91.6‬‬ ‫‪600,000‬‬ ‫‪1918‬‬

‫‪31.7‬‬ ‫‪646,000‬‬ ‫‪68.3‬‬ ‫‪1,390,000‬‬ ‫‪1948‬‬

‫تطور ن�سبة ملكية الأرا�ضي يف فل�سطني حتت االحتالل الربيطاين‬

‫اليهود (‪)%‬‬ ‫العرب (‪)%‬‬ ‫ال�سنة‬

‫‪2‬‬ ‫‪98‬‬ ‫‪1918‬‬

‫‪6‬‬ ‫‪94‬‬ ‫‪1948‬‬

‫“�أريد عددا ً قليالً من اليهود الأمريكيني امل�شهورين‪،‬‬


‫خ�صو�صا ً �أولئك الذين �أحرتمهم‪ .‬والذين علموين كل �شيء‪،‬‬
‫�أريدهم �أن يقفوا ويقولوا لنرتك الكذب على العامل وعلى‬
‫�أنف�سنا‪ ،‬لقد �رسقنا فل�سطني‪ ،‬لقد �رسقناها‪ .‬حتى لو �أعطينا‬
‫الفل�سطينيني حكما ً ذاتياً‪� ،‬أو تقرير م�صري‪� ،‬أو ال�ضفة الغربية‪،‬‬
‫�أو دولة فل�سطينية‪ ،‬ف�إننا ال زلنا ن�رسق معظم �أر�ضهم‪ ،‬فلنبد�أ‬
‫على الأقل بقول احلقيقة”‪.‬‬
‫> الكاتب اليهودي رون ديفيد ‪ ،Ron David‬كتاب العرب‬
‫و�إ�رسائيل للمبتدئني ‪،1993 ،Arabs & Israel for Beginners‬‬
‫�ص ‪.210‬‬

‫‪67‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫خام�س ًا‪ :‬حرب ‪ 1948‬وانعكا�ساتها‪:‬‬


‫وقد اندلعت احلرب َف ْور �صدور قرار التق�سيم‪ ،‬وحتمل �أبناء فل�سطني �أعباءها يف‬
‫الأ�شهر ال�ستة الأوىل‪ ،‬مب�ساعدة عدد حمدود من املتطوعني‪� ،‬إذ رف�ضت الدول العربية‬
‫�إر�سال جيو�شها �إىل �أن تخرج بريطانيا‬
‫يف ‪ .1948/5/15‬و�ش ّكل الفل�سطينيون‬
‫جي�ش اجلهاد املقد�س بقيادة عبد القادر‬
‫احل�سيني‪ ،‬كما �ش ّكلت اجلامعة العربية‬
‫“جي�ش الإنقاذ” من متطوعي البالد‬
‫العربية والإ�سالمية‪ .‬وقد عانى �أبناء‬
‫فل�سطني من هزالة الدعم العربي‬
‫بال�سالح والعتاد لدرجة م�أ�ساوية‪،‬‬
‫ومع ذلك متكنوا من �إثارة قلق اليهود‬
‫ورعبهم فرتة طويلة‪ ،‬وو�صل الأمر‬
‫بالواليات املتحدة للتفكري اجلدي‬
‫بالرتاجع عن فكرة التق�سيم يف �آذار‪/‬‬
‫مار�س ‪ .1948‬وحتى دخول اجليو�ش‬
‫العربية‪ ،‬متكن الفل�سطينيون من‬
‫املحافظة على نحو ‪ %80‬من �أر�ض‬
‫فل�سطني بالرغم من النق�ص املريع يف‬
‫كل �شيء قيا�سا ً باليهود‪ ،‬وبالرغم من‬
‫تعاون الربيطانيني‪ ،‬يف �أثناء ان�سحابهم‪،‬‬
‫مع اليهود‪.‬‬
‫وقد مثّل دخول اجليو�ش العربية ال�سبعة ق�صة م�أ�ساة �أخرى‪ ،‬فلم يزد عدد مقاتليها‬
‫جمتمعة عن ‪� 24‬ألفا ً مقابل �أكرث من ‪� 70‬ألف يهودي‪ ،‬وعانت من �ضعف التن�سيق بينها‪،‬‬
‫وجهلها بالأر�ض‪ ،‬ومن �أ�سلحتها القدمية والفا�سدة‪ ،‬و�شغل بع�ضها �أنف�سهم بنزع‬
‫�أ�سلحة الفل�سطينيني بدالً من ت�سليحهم‪ ،‬كما عانى بع�ضها من �سوء قياداته‪ ،‬بالإ�ضافة‬
‫�إىل �أن �أحد هذه اجليو�ش كان بني �ضباطه اخلم�سني الكبار ‪ 45‬بريطانياً‪ .‬وبالإ�ضافة �إىل‬

‫‪68‬‬
‫فل�سطني حتت االحتالل الربيطاين ‪1948–1918‬‬

‫اال�ستقالل احلديث لبع�ض الدول العربية‪ ،‬وقلة خربة جيو�شها‪ ،‬ف�إن بع�ض هذه الدول‬
‫كان ما يزال عمليا ً حتت النفوذ اال�ستعماري الربيطاين‪ .27‬واجلدول التايل يو�ضح ميزان‬
‫القوة الع�سكرية العددية بني الطرفني العربي وال�صهيوين‪:‬‬

‫القوات اليهودية‬ ‫القوات العربية‬


‫(بالألف)‬ ‫(بالألف)‬

‫مرحلة ما قبل دخول اجليو�ش العربية‬


‫‪60‬‬ ‫‪12‬‬
‫(كانون الأول‪ /‬دي�سمرب ‪� - 1947‬أيار‪ /‬مايو ‪)1948‬‬

‫‪67‬‬ ‫‪21‬‬ ‫املرحلة الأوىل من القتال (عند دخول اجليو�ش العربية)‬

‫‪106‬‬ ‫‪40‬‬ ‫املرحلة الثانية من القتال (عند نهايات احلرب)‬

‫لقد كانت حما�سة �أبناء فل�سطني و�أبناء ال�شعوب العربية والإ�سالمية هائلة نحو اجلهاد‬
‫والبذل والت�ضحية‪ ،‬ولكن القيادات ال�سيا�سية واجليو�ش كانت عامل �إحباط وف�شل كبري‪.‬‬
‫وعلى �سبيل املثال فقد �شارك الإخوان امل�سلمون‬
‫يف م�رص بجهود كبرية لإنقاذ فل�سطني‪ ،‬وتطوع‬
‫ال�شهيد ح�سن البنا يف ت�رشين الأول‪� /‬أكتوبر‬
‫‪ 1947‬بدماء ع�رشة �آالف من الإخوان كدفعة �أوىل‬
‫للمعركة‪ .‬لكن احلكومة امل�رصية �ضيّقت اخلناق‬
‫عليهم‪ ،‬ومنعتهم من ال�سفر �إال ب�شكل حمدود جداً‪.‬‬
‫ومع ذلك ف�إن املئات الذين ا�ستطاعوا امل�شاركة يف‬
‫املعارك‪ ،‬وقاموا فيها ب�أدوار بطولية‪ ،‬كان م�صريهم‬
‫مت ح ُّل‬
‫االعتقال وال�سجن قبل عودتهم �إىل م�رص‪ ،‬و ّ‬
‫جماعة الإخوان امل�سلمني قبل �أن تنتهي املعارك‬
‫يف كانون الأول‪ /‬دي�سمرب ‪ ،1948‬وقامت‬
‫املخابرات امل�رصية باغتيال ح�سن‬
‫البنا نف�سه يف ‪ ،1949/2/11‬قبيل‬
‫توقيعها اتفاقية الهدنة مع الكيان‬

‫‪69‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫ال�صهيوين‪ .‬كما �شارك الإخوان امل�سلمون من الأردن و�سورية والعراق ليمثلوا �صورة‬
‫و�ضيئة لالندفاع ال�شعبي للت�ضحية واجلهاد‪ .‬وهذا ال يقلل من قيمة البطوالت التي‬
‫قدمها الآخرون‪� ،‬أمثال رجال اجلهاد املقد�س‪ .‬هذا با لإ�ضافة �إىل م�شاركة الكثري من‬
‫العرب يف جي�ش الإنقاذ‪ ،‬بل وم�شاركة نحو ‪ 250‬بو�سنيا ً يف هذه احلرب دفاعا ً عن‬
‫فل�سطني‪ .‬وكان من امل�شاهد التي �آملت �أبناء فل�سطني �أن تقوم بع�ض اجليو�ش العربية بنزع‬
‫�أ�سلحة الفل�سطينيني بدالً من ت�سليحهم!! كما كان من امل�شاهد التي �آملت اجلندي العربي‬
‫�أن ي�سلّم �أ�سلحة قدمية �أو فا�سدة تنفجر �أحيانا ً يف وجهه عندما ي�ستخدمها!!‬
‫�أعلنت احلركة ال�صهيونية “دولة �إ�رسائيل” يف م�ساء ‪ ،1948/5/14‬ومتكنت مع‬
‫نهاية احلرب من هزمية اجليو�ش العربية‪ ،‬ومن اال�ستيالء على نحو ‪ %77‬من �أر�ض‬
‫فل�سطني‪� .‬أما من الناحية الفل�سطينية‪ ،‬فقد كانت الهيئة العربية العليا قد قررت‬
‫�إن�شاء حكومة فل�سطينية مللء الفراغ الناجت عن ان�سحاب بريطانيا من فل�سطني‪،‬‬
‫و�سعت لإقناع احلكومات العربية بذلك خالل �أ�شهر �آذار‪ /‬مار�س‪ ،‬وني�سان‪� /‬أبريل‬
‫والن�صف الأول من �أيار‪ /‬مايو ‪ ،1948‬ولكن دون جدوى‪ .‬ويف ‪ 1948/9/23‬قامت‬

‫• ديفيد بن جوريون يقر�أ �إعالن قيام “دولة �إ�رسائيل”‬

‫‪70‬‬
‫فل�سطني حتت االحتالل الربيطاين ‪1948–1918‬‬

‫الهيئة ب�إعالن “حكومة عموم فل�سطني”‬


‫يف غزة برئا�سة �أحمد حلمي عبد الباقي‪ .‬وقد‬
‫�أق ّرت احلكومات العربية (ما عدا الأردن)‬
‫ذلك واعرتفت باحلكومة‪ .‬وت�أكيدا ً ل�رشعيتها‪،‬‬
‫قامت حكومة عموم فل�سطني والهيئة العربية‬
‫العليا بالدعوة �إىل جمل�س وطني فل�سطيني يف‬
‫غزة يف ‪ 1948/10/1‬برئا�سة احلاج �أمني‪ .‬وقد‬
‫�أعلن امل�ؤمتر ا�ستقالل فل�سطني‪ ،‬و�إقامة دولة‬
‫حرة دميوقراطية ذات �سيادة‪ ،‬بحدودها الدولية‬
‫املتعارف عليها يف �أثناء االحتالل الربيطاين‪.‬‬
‫ومنح املجل�س الثقة حلكومة عموم فل�سطني‬ ‫• �أحمد حلمي عبد الباقي‬
‫املكونة من ع�رشة وزراء برئا�سة �أحمد حلمي‬ ‫رئي�س حكومة عموم فل�سطني‬
‫عبد الباقي‪.28‬‬
‫وعندما حاولت حكومة عموم فل�سطني ممار�سة �صالحياتها يف قطاع غزة‪ ،‬تدخلت‬
‫ال�سلطات امل�رصية‪ ،‬فنقلت احلاج �أمني احل�سيني بالقوة �إىل القاهرة‪ ،‬و�أجربت عددا ً من‬
‫�أع�ضاء املجل�س الوطني على مغادرة غزة �إىل القاهرة‪ .‬ثم ما لبثت �أن �أكرهت رئي�س‬
‫حكومة عموم فل�سطني و�أع�ضائها على االنتقال �إىل م�رص‪ .‬ورف�ضت احلكومات العربية‬
‫مت ح ّل قوات اجلهاد‬
‫االعرتاف باجلوازات التي �أ�صدرتها حكومة عموم فل�سطني‪ ،‬كما ّ‬
‫املقد�س التابعة للهيئة العربية العليا و�إنهائها‪ ،‬وقامت ال�سلطات امل�رصية بتعيني حاكم‬
‫�إداري على “املناطق اخلا�ضعة لرقابة القوات امل�رصية”‪� ،‬أي قطاع غزة‪.29‬‬
‫وكان من النتائج املبا�رشة حلرب ‪ 1948‬قيام الع�صابات اليهودية ‪ -‬ال�صهيونية‬
‫(�شد بالقوة نحو ‪� 800‬ألف‬ ‫بت�رشيد نحو ‪ %58‬من ال�شعب الفل�سطيني من �أر�ضهم ُ ِّ‬
‫من �أ�صل مليون و‪� 390‬ألفاً) �إىل خارج الأر�ض التي �أقام اليهود عليها كيانهم‪ ،‬بينما‬
‫رشدوا ‪� 30‬ألفا ً �آخرين �إىل مناطق �أخرى يف داخل الأر�ض املحتلة نف�سها‪ .‬ود َّمر ال�صهاينة‬
‫� َّ‬
‫نحو ‪ 400‬قرية كانت قائمة قبل احلرب‪ ،‬وارتكبوا ‪ 34‬جمزرة خالل حرب ‪ 1948‬مبدنيني‬
‫فل�سطينيني يف �أثناء عملية التهجري‪ ،‬وكان من �أ�شهرها مذبحة دير يا�سني يف ‪1948/4/9‬‬
‫التي اعرتف ال�صهاينة �أنف�سهم بقتلهم وذبحهم لـ ‪ 254‬رجالً وامر�أة وطفالً‪.30‬‬

‫‪71‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫مل يقت�رص الإرهاب ال�صهيوين على‬


‫الفل�سطينيني‪ ،‬فعلى �سبيل املثال‪ ،‬اغتالت‬
‫الع�صابة ال�صهيونية املت�شددة ليحي‬
‫(�شترين) الكونت فولك برنادوت ‪Folke‬‬
‫‪ ،Bernadotte‬الديبلوما�سي ال�سويدي‬
‫والو�سيط الدويل للأمم املتحدة يف حرب‬
‫‪ ،1948‬والذي اغتيل يف ‪ 1948/9/17‬يف �أثناء‬
‫�أداء مهامه الر�سمية‪� .‬أما الذي كان م�س�ؤوالً‬
‫عن قرار اغتياله فهو زعيم حزب ليحي‬
‫�إ�سحاق �شامري ‪ Yitzhak Shamir‬الذي‬
‫• تهجري الفل�سطينيني �سنة ‪1948‬‬
‫�أ�صبح فيما بعد رئي�س وزراء “�إ�رسائيل”‪.‬‬
‫وقد اعتقلت �سلطات االحتالل الإ�رسائيلي‬
‫املتهمني‪ ،‬لكنه متّ االدعاء عليهم النتمائهم �إىل جماعة �إرهابية (ولي�س االغتيال)‪ ،‬و ّ‬
‫مت‬
‫الإفراج عنهم بعد �أ�سبوعني‪!!31‬‬
‫لقد مزقت حرب ‪ 1948‬الن�سيج االجتماعي واالقت�صادي لل�شعب الفل�سطيني‪ ،‬الذي‬
‫وجد نف�سه م�رشدا ً يف العراء‪ ،‬بعد �أن ا�ستقر يف بالده طوال �أربع �آالف وخم�سمئة �سنة‬
‫ما�ضية‪ .‬وكان على هذا ال�شعب امل�سلم �أن ُيذبح و ُيدمر ليدفع ثمن حماقات الأوروبيني‬
‫جتاه اليهود‪ ،‬وكان عليه �أن ُيطرد تنفيذا ً لرغبات قوى اال�ستكبار الدولية املتعاطفة مع‬
‫احلركة ال�صهيونية‪ ،‬ومل يكن ال�صهاينة الذين بنَ ْوا كيانهم على بحر من دماء الفل�سطينيني‬
‫و�آالمهم ومعاناتهم لي�شعروا‬
‫بالإثم �أو وخز ال�ضمري‪ ،‬وكان‬
‫�أوىل بهم �أن ي�ست�شعروا معاناة‬
‫الآخرين‪ ،‬ب�سبب ما ي َّدعونه من‬
‫الظلم الذي حاق باليهود‪ ،‬والذي‬
‫�أقاموا الدنيا ومل يقعدوها ب�سببه‪،‬‬
‫ومل يكونوا قد �ضمدوا جراحهم‬
‫بعد من مذابح الأملان‪ ،‬ومن‬
‫• مذبحة دير يا�سني‬

‫‪72‬‬
‫فل�سطني حتت االحتالل الربيطاين ‪1948–1918‬‬

‫“ال �سامية” الرو�س‪ .‬ويعرتف‬


‫مو�شيه ديان ‪ Moshe Dayan‬الذي‬
‫توىل منا�صب رئا�سة �أركان اجلي�ش‬
‫الإ�رسائيلي ووزارة الدفاع ووزارة‬
‫اخلارجية‪ ،‬وكان عاملا ً بالآثار‪� ،‬أنه‬
‫“لي�ست هناك قرية يهودية واحدة يف‬
‫• تهجري الفـل�سطـينيني �سنة ‪1948‬‬
‫هذه البالد مل يتم بنا�ؤها فوق موقع‬
‫لقرية عربية”‪� .32‬إنه الإجرام املنظم مع �سبق الإ�رصار والرت�صد‪ ،‬ومل ي�شفع للكيان‬
‫ال�صهيوين �أن الأمم املتحدة اتخذت �أكرث من ‪ 120‬قرارا ً حتى الآن بعودة الالجئني �إىل‬
‫�أر�ضهم‪ ،‬والذي و�صل عددهم �إىل نحو �ستة ماليني و‪� 250‬ألفا ً من �أبناء فل�سطني املحتلة‬
‫‪ ،1948‬يف �سنة ‪ ،2011‬بالإ�ضافة �إىل �أكرث من مليون �آخرين من �أبناء ال�ضفة والقطاع‬
‫حمرومون من العودة �إليهما‪.‬‬

‫“يجب �أن يكون وا�ضحا ً فيما بيننا �أنه ال مكان يف‬


‫هذا البلد ل�شعبني‪ .‬فبعد �أن يتم نقل العرب‪� ،‬ستكون‬
‫البلد وا�سعة مبا يكفي لنا‪� .‬إن احلل الوحيد هو �أن تكون‬
‫�أر�ض �إ�رسائيل‪� ،‬أو على الأقل اجلزء الغربي منها [يعني‬
‫فل�سطني] دون عرب‪ ...‬لي�س هناك ح ٌل �آخر‪.‬‬
‫�إن الفكرة ال�صهيونية جاءت جوابا ً للم�شكلة اليهودية‬
‫يف �أر�ض �إ�رسائيل؛ �إن التفريغ الكامل للبلد من كل غري‬
‫اليهود وت�سليمها لل�شعب اليهودي هو احلل”‪.‬‬
‫• يو�سف ويتز‬
‫> يو�سف ويتز ‪ Yosef Weitz‬مدير ق�سم اال�ستيطان (الأر�ض)‬
‫يف ال�صندوق القومي اليهودي ‪ ،Jewish National Fund‬ح�سبما كتب يف مذكراته يف ‪1940/12/20‬‬
‫و‪ ،1941/3/20‬واملحفوظة يف الأر�شيف ال�صهيوين املركزي (‪ )CZA‬حتت رقم ‪ .A246/7‬نقالً‬
‫عن‪:‬‬
‫‪Nur Masalha, The Expulsion of the Palestinians (USA: Institute for Palestine‬‬
‫‪Studies, 1993), pp. 131–132.‬‬

‫‪73‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫هوام�ش الف�صل الثاين‬


‫ ‪� 1‬أميل الغوري‪ ،‬فل�سطني عرب �ستني عاما ً (بريوت‪ :‬دار النهار للن�رش‪� ،)1972 ،‬ص ‪.30-28‬‬
‫ ‪ 2‬كان عدد العرب نحو ‪� 610‬آالف واليهود نحو ‪� 55-50‬ألفاً‪.‬‬
‫‪ 3‬ملزيد من التف�صيل حول تطور امل�رشوع ال�صهيوين‪ ،‬انظر مثالً‪ :‬حممد �سالمة النحال‪� ،‬سيا�سة االنتداب‬
‫الربيطاين حول �أرا�ضي فل�سطني العربية‪ ،‬ط ‪( 2‬بريوت‪ :‬من�شورات فل�سطني املحتلة‪)1981 ،‬؛ وحرب‬
‫فل�سطني ‪( 1948-1947‬الرواية الإ�رسائيلية الر�سمية) ترجمة �أحمد خليفة (قرب�ص‪ :‬م�ؤ�س�سة الدرا�سات‬
‫الفل�سطينية‪� ،)1984 ،‬ص ‪ ،18‬و‪26‬؛ و�صالح �أبو ي�صري‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪485-465‬؛ وحممد عبد الر�ؤوف‬
‫�سليم‪ ،‬ن�شاط الوكالة اليهودية لفل�سطني‪ :‬منذ �إن�شائها وحتى قيام دولة �إ�رسائيل ‪( 1948-1922‬بريوت‪:‬‬
‫امل�ؤ�س�سة العربية للدرا�سات والن�رش‪.)1982 ،‬‬
‫ ‪ 4‬حول ما �سبق‪ ,‬انظر‪ :‬عبد الوهاب الكيايل‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪ ،105-104‬و‪.198-134‬‬
‫ ‪ 5‬حول هذه الثورات الثالث‪ ,‬انظر‪ :‬حم�سن حممد �صالح‪ ،‬التيار الإ�سالمي يف فل�سطني و�أثره يف حركة اجلهاد‬
‫‪( 1948-1917‬الكويت‪ :‬مكتبة الفالح‪� ،)1988 ،‬ص ‪.191-165‬‬
‫‪ 6‬انظر‪ :‬تقرير بيل‪� ،‬ص ‪266‬؛ وانظر �أي�ضاً‪:‬‬
‫‪Palestine Government, A Survey of Palestine, prepared in Dec. 1945 & Jan. 1946 (Jerusalem:‬‬
‫‪Government Printer, 1946), vol. 1, pp. 141, 185 and 224.‬‬
‫‪ 7‬انظر‪ :‬بيان احلوت‪ ،‬القيادات وامل�ؤ�س�سات ال�سيا�سية يف فل�سطني ‪( 1948-1917‬بريوت‪ :‬م�ؤ�س�سة الدرا�سات‬
‫الفل�سطينية‪� ،)1981 ،‬ص ‪314-301‬؛ وكامل خلة‪ ،‬فل�سطني واالنتداب الربيطاين ‪( 1939-1922‬طرابل�س‬
‫(ليبيا)‪ :‬املن�ش�أة العامة للن�رش والتوزيع والإعالن‪� ،)1982 ،‬ص ‪.521-517‬‬
‫ ‪ 8‬زهري املارديني‪� ،‬ألف يوم مع احلاج �أمني احل�سيني (بريوت‪ :‬د‪.‬ن‪� ،)1980 ،‬ص ‪.77‬‬
‫ ‪Appreciation of Arab Feeling as Affecting Palestine, Memorandum by H.R. Rice Submitted to the 9‬‬
‫‪Chief Secretary, Government of Palestine, 8/9/1933, Secret, Colonial Office (C.O.) 733/257/11.‬‬
‫ ‬
‫‪Palestine: Report on Immigration, Land Settlement and Development, by Sir J.H. Simpson, 10‬‬
‫‪1930, Cmd. 3686 (London: His Majesty Stationary Office, 1930), pp. 141–153.‬‬
‫‪ 11‬ا�شتهر الكتاب الأبي�ض با�سم كتاب با�سفيلد الأبي�ض ‪� ،Passfield White Paper‬أما الكتاب الأ�سود فهو ر�سالة‬
‫رئي�س الوزراء الربيطاين ماكدونالد ‪� R. MacDonald‬إىل حاييم وايزمان رئي�س املنظمة ال�صهيونية العاملية‪،‬‬
‫وقر�أها يف جمل�س العموم الربيطاين يف ‪.1931/2/13‬‬
‫‪ 12‬عبد الوهاب الكيايل‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.229‬‬
‫‪ 13‬انظر‪ :‬بيان احلوت‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪ ،216‬و‪ ،247-246‬و‪.873-872‬‬
‫‪ 14‬املرجع نف�سه‪� ،‬ص ‪295-294‬؛ ووثائق احلركة الوطنية الفل�سطينية ‪ :1939-1918‬من �أوراق �أكرم زعيرت‪،‬‬ ‫ ‬
‫�أعدتها للن�رش بيان احلوت‪ ،‬ط ‪( 2‬بريوت‪ :‬م�ؤ�س�سة الدرا�سات الفل�سطينية‪� ،)1984 ،‬ص ‪.391-381‬‬
‫‪ 15‬انظر‪ :‬حم�سن حممد �صالح‪ ،‬القوات الع�سكرية وال�رشطة يف فل�سطني ‪( 1939-1917‬ع ّمان‪ :‬دار النفائ�س‪،‬‬
‫‪� ،)1996‬ص ‪.408-405‬‬
‫‪ 16‬املرجع نف�سه‪� ،‬ص ‪.418-408‬‬ ‫ ‬
‫‪ 17‬انظر بالتف�صيل حول هذه احلركة يف‪ :‬حم�سن حممد �صالح‪ ،‬التيار الإ�سالمي يف فل�سطني‪� ،‬ص ‪.327-229‬‬
‫‪ 18‬انظر‪� :‬أميل الغوري‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.235-232‬‬

‫‪74‬‬
‫فل�سطني حتت االحتالل الربيطاين ‪1948–1918‬‬

‫‪ 19‬حول الثورة الكربى‪ ،‬انظر‪ :‬عبد الوهاب الكيايل‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪300-260‬؛ وحم�سن حممد �صالح‪ ،‬القوات‬
‫الع�سكرية وال�رشطة يف فل�سطني‪� ،‬ص ‪.618-437‬‬
‫‪ 20‬انظر‪ :‬يو�سف رجب الر�ضيعي‪ ،‬ثورة ‪ 1936‬يف فل�سطني‪ :‬درا�سة ع�سكرية (بريوت‪ :‬م�ؤ�س�سة الأبحاث‬
‫العربية‪� ،)1982 ،‬ص ‪ ،62-61‬و‪ ،69‬و‪ ،73‬و‪.78‬‬
‫‪ 21‬حممد عزة دروزة‪ ،‬فل�سطني وجهاد الفل�سطينيني (القاهرة‪ :‬دار الكتاب العربي‪� ،)1959 ،‬ص ‪ ،43‬و‪.220‬‬
‫‪ 22‬انظر‪ :‬عبد الوهاب الكيايل‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪302-300‬؛ وكامل خلة‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.743-733‬‬
‫‪ 23‬انظر‪ :‬فالح خالد علي‪ ،‬فل�سطني واالنتداب الربيطاين ‪( 1948 -1939‬بريوت‪ :‬امل�ؤ�س�سة العربية‬
‫للدرا�سات والن�رش‪� ،)1980 ،‬ص ‪111 -107‬؛ وزهري املارديني‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪ ،162 -157‬و ‪،171‬‬
‫و ‪ ،202 -200‬و ‪ ،241‬و ‪.243‬‬
‫‪ 24‬خليل ال�سكاكيني‪ ،‬كذا �أنا يا دنيا‪ ،‬ط ‪[( 2‬دم�شق]‪ :‬االحتاد العام للكتاب وال�صحفيني الفل�سطينيني‪،)1982 ،‬‬
‫�ص ‪.367‬‬
‫‪ 25‬حول هذه الفقرة‪ ،‬انظر‪ :‬فالح علي‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪ ،141‬و‪ ،181‬و‪ ،197-195‬و‪205-203‬؛ وحرب‬ ‫ ‬
‫فل�سطني ‪( 1948-1947‬الرواية الإ�رسائيلية الر�سمية)‪� ،‬ص ‪ ،26‬و‪.87‬‬
‫‪ 26‬فالح علي‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.250-248‬‬
‫‪ 27‬حول حالة اجليو�ش العربية و�سلوكها يف حرب ‪ ،1948‬انظر مثالً‪ :‬عارف العارف‪ ،‬النكبة‪ :‬نكبة بيت املقد�س‬ ‫ ‬
‫والفردو�س املفقود ‪�( 1951-1947‬صيدا‪-‬بريوت‪ :‬املكتبة الع�رصية‪ ،)1954 ،‬ج ‪� ،2‬ص ‪ ،342‬وج ‪،6‬‬
‫�ص ‪225‬؛ وحممد عزة دروزة‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪ .89-80‬كما حتدث عن ذلك ب�إ�سهاب‪� :‬صالح �أبو ي�صري يف‬
‫كتابه جهاد �شعب فل�سطني‪.‬‬
‫‪ 28‬ح�سني �أبو النمل‪ ،‬قطاع غزة ‪ :1967-1948‬تطورات اقت�صادية و�سيا�سية واجتماعية وع�سكرية (بريوت‪:‬‬
‫مركز الأبحاث (م‪.‬ت‪.‬ف)‪� ،)1979 ،‬ص ‪.23-22‬‬
‫‪ 29‬انظر‪ :‬املو�سوعة الفل�سطينية‪ ،‬ج ‪� ،2‬ص ‪ ،344 -342‬وج ‪� ،4‬ص ‪ ،379 -377‬و ‪561 -556‬؛ وح�سني‬
‫�أبو النمل‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.25‬‬
‫‪ 30‬انظر‪� :‬إبراهيم �أبو جابر‪“ ،‬املجتمع العربي يف �إ�رسائيل‪ ”،‬يف جواد احلمد (حمرر)‪ ،‬املدخل �إىل الق�ضية‬
‫الفل�سطينية‪� ،‬سل�سلة درا�سات رقم ‪( 21‬ع ّمان‪ :‬مركز درا�سات ال�رشق الأو�سط‪� ،)1997 ،‬ص ‪427‬؛ وانظر‬
‫�أي�ضاً‪:‬‬
‫‪Salman Abu Sitta, Palestinian Right to Return (London: The Palestinian Return Center, 1999),‬‬
‫‪pp. 16 and 27.‬‬
‫ ‬
‫‪Louis Farshee, Folke Bernadotte and the first Middle East roadmap, site of The Palestinian 31‬‬
‫‪Initiative for the Promotion of Global Dialogue and Democracy (MIFTAH), 12/9/2003,‬‬
‫‪http://www.miftah.org/Display.cfm?DocId=2416&CategoryId=5; As for the fact they were‬‬
‫‪released two weeks later, Kati Marton noted “…not one of the hit team would ever spend a‬‬
‫‪night in jail or face a court of justice” in Kati Marrton, Death in Jerusalem : The Assassination‬‬
‫‪By Jewish Extremists of the First Arab/Israeli Peacemaker (New York: Pantheon Books, 1994),‬‬
‫‪p. 151.‬‬
‫‪ 32‬كليفورد رايت‪ ،‬حقائق و�أباطيل يف ال�رصاع العربي ا لإ�رسائيلي‪ ،‬ترجمة عبد اهلل عريقات وعبد اهلل‬
‫عيَّاد (ع ّمان‪ :‬دار النا�رص‪� ،)1992 ،‬ص ‪ ،85‬نقالً عن جريدة اجلارديان ‪ The Guardian‬الربيطانية يف‬
‫عدد ‪.1973/11/14‬‬

‫‪75‬‬
‫الف�صل الثالث‬

‫قـ�ضـيـــة فـل�ســـطـيـن‬
‫‪1967–1949‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪1967–1949‬‬

‫ق�ضية فل�سطني ‪1967–1949‬‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫كان ال�شعور باملرارة واملهانة هو ال�شعور ال�سائد لدى �أبناء فل�سطني بل والعرب‬
‫وامل�سلمني نتيجة حرب ‪ ،1948‬ووجد �شعب فل�سطني نف�سه م�شتتا ً مقتلعا ً من �أر�ضه‬
‫للمرة الأوىل‪ ،‬وحتت حكم �أنظمة خمتلفة‪ ،‬تفاوتت يف �إعطائه درجات من احلرية وحقوقه‬
‫املدنية‪ ،‬و�إمكانات تنظيم نف�سه يف م�ؤ�س�سات �سيا�سية وجهادية‪� ،‬سعيا ً لتحرير �أر�ضه‪.‬‬
‫غري �أن �شعب فل�سطني‪ ،‬مبا ُعرف عنه من حيوية‪ ،‬تعامل ب�إيجابية عالية مع الو�ضع‪،‬‬
‫وحاول التكيف مع �أو�ضاعه ال�صعبة‪ .‬فمثالً مل مت�ض ِ �سوى �سنوات قليلة حتى كان‬
‫�شعب فل�سطني هو الأكرث تعلما ً مقارنة بكل البالد العربية‪� ،‬إذ كانت عملية التعليم �أحد‬
‫و�سائل التعوي�ض والإعداد ملواجهة امل�ستقبل وحتدياته‪.‬‬

‫�أو ًال‪ :‬البالد العربية وفل�سطني‪:‬‬


‫وقد �شهدت هذه املرحلة انح�سار اال�ستعمار عن معظم بلدان العامل العربي‬
‫و الإ�سالمي‪ ،‬غري �أن الأنظمة “امل�ستقلة” التي حلت مكانه‪ ،‬ا�ستخدمت الن�سق‬
‫الغربي للحكم‪ ،‬فاتخذت �صبغات علمانية‪ ،‬ذات م�ضامني ليربالية �أو ا�شرتاكية‬
‫�أو حمافظة‪� ،‬أو وقعت حتت احلكم الع�سكري‪ .‬وقد �سعى كل نظام‪ ،‬عمليا ً‪� ،‬إىل‬
‫تر�سيخ نفوذه والهوية الوطنية القطرية بد الً من ال�سعي نحو الوحدة‪ ،‬مما كر�س‬
‫حالة التجزئة والتمزق التي تعاين منها الأمة‪ .‬ومع ذلك بقي اخلطاب القومي‬
‫و�شعاراته هي ال�سائدة يف ال�ساحة العربية‪ .‬وقد علّق الفل�سطينيون �آمالهم يف هذه‬
‫املرحلة على “قومية املعركة”‪ ،‬وعلى الأنظمة العربية‪ ،‬وخ�صو�صا ً م�رص بزعامة‬
‫جمال عبد النا�رص‪.‬‬
‫رباق “الوحدة طريق التحرير”‪ ،‬الذي بقدر ما كرث احلديث عنه‪،‬‬
‫وكان �شعار املرحلة ال ّ‬
‫بقدر ما تر�سخت حالة الإحباط يف النهاية جتاه حتقيقه‪ ،‬خ�صو�صا ً بعد ف�شل الوحدة‬
‫امل�رصية ‪ -‬ال�سورية خالل الفرتة ‪ ،1961-1958‬وبعد �أن انك�شفت حالة “�إفال�س”‬

‫‪79‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫رموزه �إثر كارثة حرب ‪ ،1967‬الذين افتقدوا املنهجية ال�صحيحة واجلدية والإ�رصار‬
‫الالزمني‪ ،‬فال حققوا وحد ًة وال حتريراً‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل ت�ضييع باقي فل�سطني و�سيناء‬
‫واجلوالن‪ .‬و�شهدت هذه الفرتة مدا ً قوميا ً وي�سارياً‪ ،‬وانح�سارا ً للتيار الإ�سالمي �سيا�سيا ً‬
‫و�شعبيا ً وجهادياً‪ ،‬خ�صو�صا ً بعد احلملة ال�رش�سة املنظمة التي قادها عبد النا�رص‬
‫و�أن�صاره �ض ّد هذا التيار‪.‬‬
‫وعلى �أي حال‪ ،‬ف�إن حالة العداء الر�سمي �ض ّد الكيان ال�صهيوين ا�ستمرت طوال هذه‬
‫املرحلة‪ ،‬لكن اخلط البياين للأنظمة العربية اجته عمليا ً نحو تر�سيخ الواقع‪ ،‬ولي�س �إىل‬
‫تغيريه‪� ،‬أو بعبارة �أخرى اجته نحو “الت�سوية” ولي�س نحو “التحرير” لأ�سباب ذاتية‬
‫ومو�ضوعية‪ ،‬جعلتهم ي�ست�شعرون حالة عجز حقيقي‪ ،‬فان�شغلوا بدغدغة عواطف‬
‫اجلماهري الوا�سعة‪ ،‬التي كانت ترتقب �ساعة املعركة‪ ،‬بينما كان الكيان ال�صهيوين‬
‫“الغ�ض” ي�شتد ويزداد قوة ور�سوخاً‪.‬‬
‫ّ‬
‫مت تبني املقاومة الفل�سطينية غالبا ً لأ�سباب تكتيكية مرحلية‪ ،‬ولي�س �ضمن‬
‫ولذلك‪ّ ،‬‬
‫خطط ا�سرتاتيجية �شاملة‪ .‬و�سارت �سيا�سات دول املواجهة مع املقاومة الفل�سطينية‬
‫�ضمن خطني‪:‬‬
‫الأول‪� :‬ضمان �أمن النظام وبقائه‪ ،‬وعدم تعري�ضه ملخاطر االنتقام ال�صهيوين‪،‬‬
‫وب�شكل �آخر عدم ك�شف مدى �ضعف النظام يف �ساحة املواجهة‪ ،‬وبالتايل �ضبط العمل‬
‫الفدائي الفل�سطيني‪ ،‬وو�ضعه حتت ال�سيطرة ما �أمكن‪ ،‬ومنعه من ا�ستخدام احلدود‬
‫للقيام بعمليات م�سلحة‪ .‬وهي ال�سيا�سة العامة التي درجت عليها كل دول الطوق‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬ال�سماح املرحلي التكتيكي بتواجد املقاومة امل�سلحة على �أر�ضها‪ ،‬حتقيقا ً‬
‫ملكا�سب �سيا�سية �شعبية‪� ،‬أو جتنبا ً ال�ضطرابات داخلية‪ ،‬وتنفي�سا ً عن غ�ضب اجلماهري‪.‬‬
‫ولذلك بقيت حدود دول املواجهة مع العدو مغلقة حمرمة على العمل الفدائي الفل�سطيني‪،‬‬
‫مع ا�ستثناءات حمدودة فر�ضتها ظروف معينة‪ ،‬وكان �أهم هذه اال�ستثناءات جنوب لبنان‬
‫الذي ت�شكلت فيه قاعدة مقاومة قوية بعد حرب ‪ ،1967‬وا�ستمرت حتى ‪ ،1982‬لي�س‬
‫ب�سبب رغبة النظام احلاكم‪ ،‬و�إمنا ب�سبب �ضعفه‪ ،‬وقوة الثورة وقاعدة ت�أييدها الوا�سعة‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪1967–1949‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬العمل الوطني الفل�سطيني‪:‬‬


‫ويف املرحلة التي نحن ب�صددها جند �أن ال�سلوك ال�شعبي الفل�سطيني ات�سم مبا يلي‪:‬‬
‫• حماولة ا�ستيعاب ال�صدمة‪ ،‬والتكيّف مع الواقع اجلديد‪ ،‬والرتكيز على التعليم و�سبل‬
‫االعتماد على النف�س‪.‬‬
‫• االنتماء �إىل التنظيمات والأحزاب ذات الطبيعة القومية (النا�رصيون‪ ،‬البعث‪)...‬‬
‫وال�شيوعية والي�سارية (احلزب ال�شيوعي‪ ،‬القوميون العرب‪ ،)...‬والإ�سالمية (يف‬
‫الن�صف الأول من املرحلة‪ :‬الإخوان امل�سلمون‪ ،‬حزب التحرير‪.)...‬‬
‫• بدايات ت�ش ُّكل الهوية الوطنية الفل�سطينية‪ ،‬التي مل ت�ستطع �أن تربز كثريا ً يف ظ ّل املد‬
‫القومي والي�ساري (ن�ش�أة حركة فتح‪ ،‬ومنظمة التحرير الفل�سطينية)‪.‬‬
‫• هجرة الكثري من �أبناء فل�سطني طلبا ً للرزق �إىل ال�ضفة ال�رشقية من نهر الأردن‪ ،‬و�إىل‬
‫بلدان اخلليج العربي وخ�صو�صا ً ال�سعودية والكويت‪.‬‬
‫• االنف�ضا�ض ال�شعبي التدريجي عن احلاج �أمني احل�سيني‪.‬‬
‫وقد �أكملت احلكومة الأردنية �سيطرتها الد�ستورية على ال�ضفة الغربية‪ ،‬وهي معظم‬
‫ما تبقى من فل�سطني (‪ 5,878‬كم‪� 2‬أي ‪ %21.77‬من م�ساحة فل�سطني)‪ ،‬بعد �أن انعقدت‬
‫بت�شجيعها م�ؤمترات ح�رضها وجهاء فل�سطينيون م�ؤيدون للأردن‪ ،‬ودعت للوحدة‬
‫مع الأردن‪ .‬فانعقد م�ؤمتر يف ع َّمان يف ‪( 1948/10/1‬بالتوازي مع م�ؤمتر غزة) برئا�سة‬
‫ال�شيخ �سليمان التاجي الفاروقي‪ ،‬ف َّو�ض امللك عبد اهلل تفوي�ضا ً تاما ً يف �أن يتحدث با�سم‬
‫عرب فل�سطني‪ .1‬وانعقد يف �أريحا م�ؤمتر يف ‪ 1948/12/1‬برئا�سة حممد علي اجلعربي رئي�س‬
‫مت الإعالن فيه عن وحدة الأرا�ضي الأردنية والفل�سطينية‪ ،‬ومبايعة امللك‬ ‫بلدية اخلليل‪ّ ،‬‬
‫عبد اهلل ملكا ً على فل�سطني‪ .‬فقامت احلكومة الأردنية ب�إ�صدار بيان تقول فيه �إنها “ ُتق ّدر رغبة‬
‫�سكان فل�سطني‪ ،‬ومتفقة معها”‪ .‬واجتمع جمل�س الأمة الأردين يف ‪ ،1948/12/13‬حيث �أيد‬
‫م�ؤمتر �أريحا وموقف احلكومة الأردنية‪ ،‬واتخذ قرارا ً باملبادرة �إىل تنفيذ توحيد ال�ضفتني‪.‬‬
‫ويف �آخر كانون الأول‪ /‬دي�سمرب من العام نف�سه‪ ،‬انعقد م�ؤمت ٌر ٌ‬
‫ثالث يف رام اهلل وراب ٌع يف‬
‫نابل�س‪ ،‬وقد �أيدا قرارات م�ؤمتر �أريحا‪ .‬وقد �أثار موقف الأردن معار�ضة �شديدة يف الأو�ساط‬
‫العربية والفل�سطينية الر�سمية وال�شعبية‪ ،‬غري �أن �سيطرة القوات الأردنية على معظم ما‬
‫تبقى من فل�سطني (ال�ضفة الغربية) م ّكنها من منع حكومة عموم فل�سطني من ممار�سة‬

‫‪81‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫�صالحياتها‪ ،‬وقامت احلكومة الأردنية بعدد من �إجراءات الوحدة خالل �سنة ‪ ،1949‬ويف‬
‫كانون الأول‪ /‬دي�سمرب ‪� 1949‬صدرت �إرادة ملكية ب�أن كل املقيمني يف ال�ضفتني قد حازوا‬
‫اجلن�سية الأردنية‪ ،‬كما �صدرت �إرادة ملكية �أخرى ب�إجراء انتخابات يف ‪ 1950/4/20‬منا�صفة‬
‫بني ال�ضفتني‪ .‬ويف ‪ 1950/4/24‬الت�أم �أول جمل�س نيابي متثيلي لكال ال�ضفتني‪ ،‬حيث وافق‬
‫على الوحدة االندماجية بني ال�ضفة الغربية و�رشقي الأردن‪.2‬‬
‫ويف الوقت نف�سه و�ضعت احلكومة امل�رصية يدها على قطاع غزة (‪ 363‬كم‪� 2‬أي‬
‫‪ %1.34‬من م�ساحة فل�سطني) وقامت ب�إدارته‪ .‬و ُمنع احلاج �أمني ورفاقه يف الهيئة العربية‬
‫العليا ويف حكومة عموم فل�سطني من العي�ش �أو العمل ال�سيا�سي يف‬
‫ال�ضفة الغربية �أو القطاع‪ .‬وبقيت حكومة عموم فل�سطني قائمة‬
‫يف م�رص‪ ،‬دون �أن ت�ستطيع القيام ب�أي من الأعمال املنوطة بها‪.‬‬
‫وفر�ضت ال�سلطات امل�رصية ح�صارا ً على دار الهيئة العربية‬
‫العليا يف القاهرة‪ ،‬وو�ضعت احلاج �أمني حتت رقابة ُم�ش َّددة‪،‬‬
‫حرمته من حرية العمل والتنقل‪ .‬وهكذا‪ ،‬عانت الهيئة‬
‫العربية العليا وحكومة عموم فل�سطني من‬
‫احل�صار والتجاهل والت�ضييق‪ .‬حتى‬
‫انتهى �أي ت�أثري عملي لهما على الواقع‬
‫الفل�سطيني‪ .‬ووجد احلاج �أمني نف�سه‬
‫�أ�شبه بالرهينة لدى م�رص‪ ،‬فا�ضطر �إىل‬
‫مغادرتها �إىل لبنان يف �سنة ‪ 1958‬بعد‬
‫�أن ذاق مرارة العزل واحل�صار‪ ،‬كما‬ ‫• احلاج �أمني احل�سيني‬
‫وجدت “هيئته” و“حكومته” نف�سيهما‬
‫تت�ضاءالن وتنزويان �إىل �أن انح�رصتا يف �شقة �أو اثنتني يف بنايات القاهرة!! وحت ّول دور‬
‫رئي�س حكومة عموم فل�سطني منذ �سنة ‪� 1952‬إىل جمرد مندوب لفل�سطني لدى اجلامعة‬
‫العربية‪ .‬وهكذا‪� ،‬أفل جنم احلاج �أمني بالتدريج‪ .‬و�سواء ا�ستمتع احلاج �أمني ب�شعبية‬
‫وا�سعة حتى منت�صف اخلم�سينيات �أم ال‪ ،‬و�سواء ح ّمله البع�ض م�س�ؤولي ًة عن �ضياع‬
‫فل�سطني �أم ال‪ ،‬ف�إن الرجل كان م�شهودا ً له بال�صالبة والإخال�ص‪ ،‬وكان الرمز الأول‬
‫للعمل الوطني �أكرث من ثالثني عاماً‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪1967–1949‬‬

‫من الناحية ال�شعبية‪ ،‬كان للإخوان امل�سلمني ق�صب ال�سبق و�سط قطاعات الفل�سطينيني‬
‫خالل الفرتة ‪� 1954-1949‬سواء يف ال�ضفة �أم يف القطاع‪ ،‬ملا حققوه من �سمعة جهادية يف‬
‫حرب ‪ ،1948‬وملا طرحوه من برامج �إ�سالمية وطنية‪ ،‬حيث نعموا بحرية ن�سبية يف م�رص‬
‫حتى �سنة ‪ ،1954‬وب�أجواء مواتية يف الأردن‪ .‬كما �أ�صبح حزب “التحرير الإ�سالمي”‬
‫ظاهرة ال ي�ستهان بها خ�صو�صا ً يف الأردن يف منت�صف اخلم�سينيات‪ ،‬حيث ركز على‬
‫العمل ال�سيا�سي و�إقامة اخلالفة الإ�سالمية‪ .‬ومثَّل ال�شيوعيون حتديا ً �شعبيا ً للتيار‬
‫الإ�سالمي‪ ،‬خ�صو�صا ً يف القطاعات الطالبية واملهنية‪ ،‬مبا طرحه من �شعارات ب ّراقة‬
‫حول معاناة اجلماهري‪ ،‬واتهام الأنظمة باخليانة والعمالة‪� . ...‬إال �أن هذا التيار والتيارات‬
‫القومية والي�سارية الأخرى مل تكن لتقوى على مناف�سة الإ�سالميني‪� ،‬إال بعد �أن �س ّدد‬
‫عبد النا�رص �رضبته القا�سية للإخوان‪ ،‬و�أخذ يالحقهم‪ ،‬وا�ستخدم �إعالمه القوي يف‬
‫ت�شويه �صورتهم‪ .‬ف�أ�صبح التوجه العام لدى الإخوان والإ�سالميني عموما ً هو املحافظة‬
‫على النف�س‪ ،‬واالنكفاء على الذات بانتظار ظروف �أف�ضل‪ .‬وكانت �أحد مناذج قوة‬
‫الإ�سالميني رابطة طلبة فل�سطني يف م�رص التي كان يفوز بها الإ�سالميون �أو من يدعمونه‬
‫حتى �سنة ‪ ،1957‬والتي ر�أ�سها يا�رس عرفات عندما كان طالبا ً مق ّربا ً من الإخوان‪.‬‬
‫واتخذت املقاومة الفل�سطينية يف هذه املرحلة �أ�شكاالً ب�سيطة حمدودة الت�أثري‪ ،‬فكرثت‬
‫يف الن�صف الأول من اخلم�سينيات عمليات اخرتاق احلدود ال�سرتجاع ممتلكات للعائالت‬
‫امل�رشدة‪� ،‬أو لتوجيه �رضبات انتقامية للعدو‪ .‬ويف قطاع غزة �أن�ش�أ الإخوان امل�سلمون‬
‫تنظيما ً �رسيا ً ذا طبيعة ع�سكرية‪ ،‬قام بعدد من العمليات بالتن�سيق مع بدو النقب‪،‬‬
‫وا�ستفادوا من وجود ال�ضابط الإخواين يف اجلي�ش امل�رصي عبد املنعم عبد الر�ؤوف يف‬
‫القطاع �إثر جناح الثورة امل�رصية‪ ،‬ف�س ّهل لهم �سبل التدريب الع�سكري‪ .‬وكانت عملية‬
‫“البا�ص” يف ‪� 1954/3/17‬أحد �أ�شهر العمليات التي ُتظهر بع�ض امل�ؤ�رشات �أن البدو نفذوها‬
‫بالتن�سيق مع الإخوان‪ ،‬و�أدت �إىل مقتل ‪� 11‬إ�رسائيليا ً قرب بئر ال�سبع بجانب م�ستعمرة‬
‫معاليه �أكربيم ‪.3Maʻale Akrabim‬‬
‫وقد ات�سمت ردود الفعل ال�صهيونية على عمليات املقاومة بالعنف والغطر�سة‪� ،‬سواء‬
‫يف ال�ضفة �أم القطاع‪ ،‬فوقعت مثالً مذبحة قبية يف ‪ 1953/10/15-14‬حيث ا�ست�شهد‬
‫‪� 67‬شخ�صا ً‪ .4‬ويف ‪ 1955/2/28‬ارتكبت القوات ال�صهيونية مذبحة غزة التي �أدت �إىل‬
‫ا�ست�شهاد ‪ 39‬وجرح ‪� 33‬شخ�صاً‪ ،‬مما دفع �أهل القطاع �إىل االنتفا�ضة واملطالبة بالقتال‪،‬‬

‫‪83‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫فوافقت القيادة امل�رصية على العمل الفدائي‬


‫الفل�سطيني‪ ،‬و�أوكلت املهمة �إىل ال�ضابط امل�رصي‬
‫م�صطفى حافظ‪ ،‬الذي �أح�سن �أداء واجبه‪ .‬وتدفق‬
‫الآالف للتطوع‪ ،‬غري �أنه ّ‬
‫مت انتقاء العنا�رص ذات‬
‫اخلربات القتالية واملعرفة بالأر�ض‪ ،‬وزاد عدد‬
‫الفدائيني العاملني عن �ألف‪ ،‬وقاموا بعمليات‬
‫يومية خاطفة‪ ،‬و�أحيانا بعمليات كبرية وا�سعة‪.‬‬
‫وقد ن�شط هذا العمل بدءا ً من �شهر �أيلول‪� /‬سبتمرب‬
‫‪ 1955‬وحتى ت�رشين الأول‪� /‬أكتوبر ‪ .1956‬غري‬
‫• م�صطفى حافظ‬
‫�أن م�صطفى حافظ ا�ست�شهد يف ‪1956/7/11‬‬
‫نتيجة انفجار طرد ملغوم‪� ،‬أر�سله له رجال املو�ساد الإ�رسائيلي عن طريق عميل مزدوج‪.5‬‬
‫وح�سب ت�رصيح �أدىل به ديفيد بن جوريون رئي�س الوزراء الإ�رسائيلي يف الكني�ست‬
‫‪ Knesset‬يف �آذار‪ /‬مار�س ‪ 1956‬ف�إن عدد الإ�صابات الإ�رسائيلية ب�سبب احلوادث‬
‫احلدودية �سنة ‪ 1951‬بلغ ‪� 137‬إ�صابة‪ ،‬ويف �سنة ‪ 1952‬بلغ ‪� 147‬إ�صابة‪ ،‬و�سنة ‪ 1953‬بلغ‬
‫‪� 162‬إ�صابة‪ ،‬و�سنة ‪ 1954‬بلغ ‪� 180‬إ�صابة‪ ،‬و�سنة ‪ 1955‬بلغ ‪� 258‬إ�صابة‪� .6‬أما ح�سني‬
‫�أبو النمل فينقل �إح�صائية تذكر �أن عدد قتلى الإ�رسائيليني‪ ،‬منذ توقيع وقف �إطالق النار‬
‫يف �آذار‪ /‬مار�س ‪ 1949‬وحتى حرب اجتياح القطاع و�سيناء يف �آخر ت�رشين الأول‪� /‬أكتوبر‬
‫‪ ،1956‬قد بلغ ‪ 1,176‬قتيالً‪.7‬‬
‫ويف ‪ 1956/10/29‬بد�أ العدوان‬
‫الثالثي (الإ�رسائيلي ‪ -‬الربيطاين ‪-‬‬
‫الفرن�سي) على م�رص‪ .‬وكانت رغبة‬
‫ال�صهاينة يف تدمري العمل الفدائي‬
‫الفل�سطيني يف القطاع‪ ،‬و�سعيهم لفتح‬
‫خطوط املالحة ل�سفنهم يف البحر‬
‫الأحمر‪� ،‬سواء بفتح قناة ال�سوي�س‪،‬‬
‫• العدوان الثالثي‪1956 ،‬‬
‫�أم بفك احل�صار عن ميناء �إيالت‪،‬‬
‫بالإ�ضافة �إىل نواياهم التو�سعية هي �أبرز العوامل التي دفعتهم ل�شن هذه احلملة‪.‬‬
‫وقد توافق ذلك مع النوايا اال�ستعمارية الربيطانية يف الرغبة با�ستمرار ال�سيطرة على‬

‫‪84‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪1967–1949‬‬

‫قناة ال�سوي�س‪ .‬كما توافق ذلك مع‬


‫الرغبة الفرن�سية يف توجيه �رضبة‬
‫مل�رص‪ ،‬لأنها كانت تدعم الثورة‬
‫اجلزائرية‪ .‬وقد �أدى ذلك كله �إىل‬
‫احتالل ال�صهاينة لقطاع غزة‬
‫و�سيناء‪ ،‬و�شاركت بريطانيا وفرن�سا‬
‫يف �رضب املطارات امل�رصية واحتالل‬
‫موانئها‪ .‬وكان االحتالل ال�صهيوين‬
‫�رسيعا ً وحا�سماً‪ ،‬بدرجة ك�شفت‬
‫�ضعف اجلي�ش امل�رصي‪ ،‬وتق�صري‬
‫قيادته ال�سيا�سية‪ .‬غري �أن الإعالم‬
‫امل�رصي ركز على �صمود القيادة‬
‫امل�رصية يف وجه التنازالت‪ ،‬وا�ستفاد‬
‫من ا�ضطرار القوات الإ�رسائيلية‬
‫• العدوان الثالثي‪1956 ،‬‬ ‫والربيطانية والفرن�سية لالن�سحاب‬
‫يف ‪ 1957/3/6‬حتت ال�ضغط‬
‫الأمريكي‪ ،‬فعاد الألق من جديد �إىل �شخ�ص عبد النا�رص‪ .‬وقد توقف العمل الفدائي عن‬
‫طريق قطاع غزة �إثر العدوان الثالثي‪ ،‬وبعد قرار م�رص �إغالق احلدود يف وجه الفدائيني‪.‬‬

‫ثالث ًا‪ :‬ن�ش�أة حركة فتح‪:‬‬


‫ويف تلك الفرتة‪ ،‬فر�ضت حالة الت�ضييق واملطاردة املفرو�ضة على التيار الإ�سالمي‪،‬‬
‫خ�صو�صا ً يف م�رص والقطاع‪ ،‬ت�سا�ؤالت ٍ �أمام �شباب الإخوان امل�سلمني الفل�سطينيني‬
‫املتحم�سني‪ ،‬الذين �أخذوا يت�ساءلون عن و�سائل العمل املمكنة لتحرير فل�سطني‪ .‬وبالرغم‬
‫من �أن التيار العام و�سطهم كان يدعو �إىل الرت ّيث‪ ،‬والرتكيز على اجلوانب الرتبوية‬
‫والإميانية‪� ،‬إال �أن تيارا ً �آخر �أخذ يتجه للقيام بعمل منظم م�سلح‪ ،‬ال يتخذ �أ�شكاالً �إ�سالمية‬
‫مك�شوفة‪ ،‬و�إمنا يتبنى �أطرا ً وطنية متكنه من جتنيد قطاعات �أو�سع من ال�شباب‪ ،‬وال‬
‫جتعله عر�ضة لعداء الأنظمة ومالحقاتها‪ .‬وكانت جتربة الثورة اجلزائرية يف تلك الفرتة‬

‫‪85‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫�أحد احلوافز املهمة لهذا العمل‪ .‬وكانت هذه هي‬


‫البذور الأوىل لن�ش�أة حركة فتح (حركة حترير‬
‫فل�سطني‪ ،‬وفيما بعد حركة التحرير الوطني‬
‫الفل�سطيني) �سنة ‪ 1957‬يف الكويت‪ ،‬برئا�سة‬
‫يا�رس عرفات‪ ،‬والتي خرجت �أ�سا�سا ً من �أح�ضان‬
‫الإخوان امل�سلمني‪ ،‬وبالذات من �أبناء قطاع غزة‪.‬‬
‫وكان خليل الوزير (�أبو جهاد) الذي �أ�صبح‬
‫الرجل الثاين يف فتح طوال ثالثني عاماً‪ ،‬قد ق َّدم‬
‫اقرتاحا ً بذلك �إىل قيادة الإخوان يف القطاع فلم‬
‫• يا�رس عرفات‬
‫ي�ستجيبوا له‪ ،‬غري �أن هذا مل مينع �أن ين�ضم لفتح‬
‫عند ن�ش�أتها عدد ال ب�أ�س به من ذوي املكانة واالحرتام بني الإخوان �أمثال �سعيد املزين‪،‬‬
‫وغالب الوزير‪ ،‬و�سليم الزعنون‪ ،‬و�صالح خلف‪ ،‬و�أ�سعد ال�صفطاوي‪ ،‬وحممد يو�سف‬
‫النجار‪ ،‬وكمال عدوان‪ ،‬ورفيق النت�شة‪،‬‬
‫وعبد الفتاح حمود‪ ،‬ويو�سف عمرية‬
‫حيث تولوا منا�صب قيادية عالية يف‬
‫احلركة‪ .‬غري �أن فتح‪ ،‬التي ظلت تركز يف‬
‫جتنيدها على العنا�رص الإخوانية حتى‬
‫�سنة ‪ ،1963‬انفتحت �أكرث على خمتلف‬
‫• خليل الوزير ويا�رس عرفات‬
‫التيارات وقطاعات ال�شعب الأخرى‪،‬‬
‫خ�صو�صا ً بعد �أن �أ�صدرت قيادة الإخوان يف القطاع �أوامرها بالتمايز �إما مع فتح و�إما‬
‫مع الإخوان‪ .8‬و�أخذت فتح ت�صطبغ ب�صبغة وطنية علمانية �ش ّكلت هويتها العامة �إىل وقتنا‬
‫هذا‪ .‬و�شكلت فتح جناحها الع�سكري “العا�صفة”‪ ،‬وقامت ب�أوىل عملياتها الع�سكرية يف‬
‫مطلع �سنة ‪ ،1965‬ومتكنت من �ش ّن نحو ‪ 200‬عملية ع�سكرية منذ ذلك الوقت وحتى‬
‫حرب حزيران‪ /‬يونيو ‪.91967‬‬
‫�أما حركة القوميني العرب فقد كان معظم �أع�ضائها امل�ؤ�س�سني من الفل�سطينيني‬
‫الدار�سني يف اجلامعة الأمريكية ببريوت يف منت�صف اخلم�سينيات من القرن الع�رشين‪،‬‬
‫وكان من �أبرزهم جورج حب�ش‪ .‬ورفعت �شعار الوحدة القومية وحترير فل�سطني‪،‬‬

‫‪86‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪1967–1949‬‬

‫و�أيدت ال�سيا�سات النا�رصية‪ .‬و�ش ّكلت جلنة فل�سطني يف �سنة ‪ .1958‬وبعد ف�شل جتربة‬
‫الوحدة امل�رصية ‪ -‬ال�سورية‪� ،‬أخذت تتبنى الفكر اال�شرتاكي والعمل ال�شعبي‪ ،‬ويف �أيار ‪/‬‬
‫مايو ‪� 1964‬شكلت “اجلبهة القومية لتحرير فل�سطني” وجناحها الع�سكري �شباب‬
‫الث�أر‪ ،‬الذي �أخذ ميار�س العمل الفدائي منذ ت�رشين الثاين‪ /‬نوفمرب ‪ .1964‬ويف �سنة‬
‫‪ 1966‬تبنت احلركة املارك�سية طريقا ً لعملها ‪ .10‬وهي التي �أن�ش�أت يف كانون الأول ‪/‬‬
‫دي�سمرب ‪“ 1967‬اجلبهة ال�شعبية لتحرير فل�سطني” بالتحالف مع قوى �أخرى‪.‬‬

‫• �سليم الزعنون‬ ‫• �صالح خلف‬

‫• كمال عدوان‬ ‫• حممد يو�سف النجار‬ ‫• عبد الفتاح حمود‬

‫• �سعيد املزين‬ ‫• رفيق النت�شة‬


‫‪87‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫رابع ًا‪� :‬إن�شاء منظمة التحرير الفل�سطينية (م‪.‬ت‪.‬ف)‪:‬‬


‫ومن جهة �أخرى‪ ،‬كانت الأنظمة العربية ت�شعر مبا متوج به ال�ساحة الفل�سطينية من‬
‫�أن�شطة �رسية وحركات وتنظيمات‪ .‬وكان الرئي�س عبد النا�رص يرغب �أال يفلت الزمام من‬
‫يده‪ ،‬خ�صو�صا ً يف ظروف اخلالفات بني الأنظمة العربية‪ ،...‬ف�أ�صبح هناك اجتاه يريد‬
‫ا�ستيعاب الفل�سطينيني يف كيان ر�سمي معتمد‪ ،‬ي�سهل التحكم فيه‪ .‬ويف �سنة ‪ 1959‬اتخذ‬
‫جمل�س اجلامعة العربية قرارا ً دعا �إىل �إعادة تنظيم ال�شعب الفل�سطيني‪ ،‬و�إبرازه كيانا ً‬
‫موحدا ً بوا�سطة ممثلني يختارهم ال�شعب‪ .‬لكن ذلك ظ ّل عر�ضة للت�أجيل والت�سويف‪،‬‬
‫حتى وفاة �أحمد حلمي عبد الباقي‪ ،‬ممثل حكومة عموم فل�سطني لدى اجلامعة العربية‬
‫يف �سنة ‪.1963‬‬
‫مت اختيار �أحمد ال�شقريي‬ ‫وبدعم من عبد النا�رص‪ّ ،‬‬
‫ممثالً لفل�سطني مكان عبد الباقي‪ ،‬و ُكلّف بدرا�سة الق�ضية‬
‫الفل�سطينية و�سبل حتريكها وتن�شيطها‪ .‬وعندما انعقد‬
‫م�ؤمتر القمة العربي الأول يف القاهرة يف ‪،1964/1/13‬‬
‫تقرر تكليف ال�شقريي باالت�صال بالدول الأع�ضاء‬
‫وال�شعب الفل�سطيني‪“ ،‬بغية الو�صول �إىل القواعد ال�سليمة‬
‫لتنظيم ال�شعب الفل�سطيني‪ ،‬ومتكينه من القيام بدوره‬
‫يف حترير وطنه‪ ،‬وتقرير م�صريه”‪ .‬ومل يقم ال�شقريي‬
‫بتقدمي تقرير للجامعة حول ال�سبل املقرتحة؛ لقناعته ب�أنه‬
‫• �أحمد ال�شقريي‬
‫�سيكون عر�ضة ملزيد من املدار�سة والت�أجيل‪ ،‬فقرر و�ضع‬
‫البالد العربية �أمام الأمر الواقع‪ .‬فقام‪ ،‬بدعم م�رصي‪ ،‬ب�إن�شاء منظمة التحرير الفل�سطينية‬
‫(م‪.‬ت‪.‬ف)‪ ،‬حيث انعقد املجل�س الوطني الفل�سطيني الأول يف القد�س يف ‪1964/5/28‬‬
‫بح�ضور ‪ 422‬ممثالً للفل�سطينيني‪ ،‬وبرعاية امللك ح�سني ملك الأردن‪ .‬و�أعلن ميالد‬
‫املنظمة ر�سمياً‪ ،‬و�صودق على امليثاق القومي الفل�سطيني الذي �أكد على الكفاح امل�سلح‬
‫لتحرير كل فل�سطني‪ ،‬وعدم التنازل عن �أي جزء منها‪ ،‬وانتُخب �أحمد ال�شقريي رئي�سا ً‬
‫للمنظمة‪ .‬وقد قررت م‪.‬ت‪.‬ف ت�شكيل جي�ش التحرير الفل�سطيني‪ ،‬كما قامت بعدد من‬
‫اجلهود التعبوية والإعالمية‪ .‬ورحب الفل�سطينيون ب�شكل عام ب�إن�شاء م‪.‬ت‪.‬ف باعتبارها‬
‫متثيالً للكيانية الفل�سطينية والهوية الوطنية التي جرى تغييبها �سابقاً‪ .‬و�إن كان البع�ض‬
‫مثل حركة فتح قد �شكك يف خلفيات �إن�شائها‪ ،‬وقدرتها على القيام بواجباتها‪.11‬‬

‫‪88‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪1967–1949‬‬

‫• املجل�س الوطني الفل�سطيني الأول يف القد�س‪1964 ،‬‬

‫خام�س ًا‪ :‬حرب حزيران‪ /‬يونيو ‪ 1967‬وانعكا�ساتها‪:‬‬


‫ويف ‪ 1967/6/5‬اندلعت احلرب العربية ‪ -‬الإ�رسائيلية‪ ،‬بعد حالة من الت�صعيد املتبادل‪،‬‬
‫قامت فيه م�رص ب�إغالق م�ضائق تريان يف البحر الأحمر‪ ،‬وطلبت من مراقبي الأمم‬
‫املتحدة على حدودها املغادرة‪ ،‬و�أعلنت البالد العربية ا�ستعدادها ملعركة امل�صري وحترير‬
‫فل�سطني‪ .‬لكن القوات الإ�رسائيلية قامت يف �صباح ‪ 5‬حزيران‪ /‬يونيو بتدمري الطريان‬
‫يف املطارات امل�رصية والأردنية وال�سورية‪ ،‬ويف غ�ضون �ستة �أيام كان الأمر قد انتهى‬
‫بكارثة عربية جديدة‪ ،‬فاحتل ال�صهاينة باقي فل�سطني (ال�ضفة الغربية ‪ 5,878‬كم‪،2‬‬
‫وقطاع غزة ‪ 363‬كم‪ )2‬و�صحراء �سيناء امل�رصية ‪ 61,198‬كم‪ ،2‬ومرتفعات اجلوالن‬
‫ال�سورية ‪ 1,150‬كم‪.2‬‬
‫وبح�سب الروايات ال�شعبية الفل�سطينية‪،‬‬
‫فقد دخل اجلنود اليهود بيت املقد�س‬
‫ّ‬
‫“حط‬ ‫وامل�سجد الأق�صى وهم يهزجون‬
‫ول وراح”‪،‬‬‫امل�شم�ش عالتفاح‪ ...‬دين حممد َّ‬
‫و“حممد مات‪ ...‬خلَّف بنات” وي�رصخون‬
‫“يا لثارات خيرب‪ .”...‬و�صحت اجلماهري‬
‫العربية والإ�سالمية على هول كارثة مل تدر‬
‫• جنود �إ�رسائيليون يحتفلون باحتالل القد�س‬ ‫بخلدها‪ ،‬واكت�شفوا مدى الزيف واخلداع‬

‫‪89‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫والأوهام التي غذتهم بها الأنظمة العربية طوال الـ ‪� 19‬سنة ال�سابقة‪ .‬فقد ّ‬
‫مت تدمري �أ�سلحة‬
‫الطريان امل�رصية وال�سورية والأردنية‪ ،‬وهي ما تزال قابع ًة يف مدرجاتها‪ .‬و ّ‬
‫مت تدمري‬
‫‪ %80‬من �أعتدة اجلي�ش امل�رصي‪ .‬وا�ست�شهد نحو ‪� 10‬آالف مقاتل م�رصي و‪ 6,094‬مقاتالً‬
‫�أردنيا ً و�ألف مقاتل �سوري‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل اجلرحى‪.‬‬

‫• �آليات م�رصية مدمرة‬


‫يف حرب ‪1967‬‬

‫وكان من نتائج هذه احلرب ت�رشيد‬


‫‪� 330‬ألف فل�سطيني �آخرين‪ ،‬وخفوت‬
‫جنم جمال عبد النا�رص‪ ،‬و�ضعف الثقة‬
‫بالأنظمة العربية‪ ،‬و�سعي الفل�سطينيني‬
‫�إىل �أخذ زمام املبادرة ب�أيديهم‪ ،‬ومنو‬
‫احلركة الوطنية الفل�سطينية �أكرث و�أكرث‪.‬‬
‫غري �أن �أحد �أبرز النتائج امل�ؤ�سفة هو �أن‬
‫تركيز الأنظمة العربية‪ ،‬بل وم‪.‬ت‪.‬ف‬
‫فيما بعد‪ ،‬قد �صار على ا�ستعادة الأر�ض‬
‫املحتلة ‪( 1967‬ال�ضفة والقطاع) �أي ‪%23‬‬
‫من �أر�ض فل�سطني‪ ،‬واال�ستعداد ال�ضمني‬
‫للتنازل عن الأر�ض املحتلة �سنة ‪،1948‬‬
‫• وزير الدفاع الإ�رسائيلي مو�شيه ديان‬ ‫والتي قامت كل هذه احلروب واملنظمات‬
‫(و�سط ال�صورة) يدخل القد�س بعد احتاللها‬ ‫�أ�سا�سا ً لتحريرها‪.‬‬
‫�سنة ‪1967‬‬

‫‪90‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪1967–1949‬‬

‫نتائج حرب حزيران‪ /‬يونيو ‪1967‬‬

‫مرتجم عن الأ�صل‪ ،‬اجلمعية الفل�سطينية الأكادميية لل�ش�ؤون الدولية ‪ -‬القد�س‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫هوام�ش الف�صل الثالث‬


‫ ‪� 1‬أ�سعد عبد الرحمن‪ ،‬منظمة التحرير الفل�سطينية (نيقو�سيا‪ :‬مركز الأبحاث (م‪.‬ت‪.‬ف)‪� ،)1985 ،‬ص ‪.33‬‬
‫‪ 2‬انظر‪ :‬املو�سوعة الفل�سطينية‪ ،‬ج ‪� ،4‬ص ‪379-377‬؛ و�أ�سعد عبد الرحمن‪ ،‬منظمة التحرير الفل�سطينية‪،‬‬
‫�ص ‪.34‬‬
‫ ‪See Public Record Office (The National Archives), Kew Gardens, London, Files: Foreign Office 3‬‬
‫‪(F.O.) 371/111077, 111098–111100.‬‬
‫ ‪ 4‬املو�سوعة الفل�سطينية‪ ،‬ج ‪� ،3‬ص ‪.504-502‬‬
‫‪ 5‬املرجع نف�سه‪ ،‬ج ‪� ،3‬ص ‪398-393‬؛ وح�سني �أبو النمل‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.123-101‬‬
‫ ‬
‫‪Dispatch, British Embassy, Tel Aviv, to Lloyd, London, 10/3/1956, F.O. 371/121773. 6‬‬
‫ ‪ 7‬ح�سني �أبو النمل‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.66‬‬
‫‪ 8‬انظر‪ :‬عبد اهلل �أبو عزة‪ ،‬مع احلركة الإ�سالمية يف الدول العربية (الكويت‪ :‬دار القلم‪� ،)1986 ،‬ص ‪96-71‬؛‬
‫وحم�سن حممد �صالح‪ ،‬الطريق �إىل القد�س‪� ،‬ص ‪.163-160‬‬
‫‪� 9‬صالح خلف‪ ،‬فل�سطني بال هوية‪ ،‬ط ‪( 2‬ع ّمان‪ :‬دار اجلليل للن�رش‪� ،)1996 ،‬ص ‪.83-75‬‬
‫‪ 10‬فوزي تيم‪“ ،‬القوى ال�سيا�سية الفل�سطينية‪ ”،‬يف جواد احلمد (حمرر)‪ ،‬املدخل �إىل الق�ضية الفل�سطينية‪،‬‬
‫�سل�سلة درا�سات رقم ‪( 21‬ع ّمان‪ :‬مركز درا�سات ال�رشق الأو�سط‪� ،)1997 ،‬ص ‪.358-357‬‬
‫‪ 11‬حول م‪.‬ت‪.‬ف‪ ،‬انظر‪� :‬أ�سعد عبد الرحمن‪ ،‬منظمة التحرير الفل�سطينية؛ واملو�سوعة الفل�سطينية‪ ،‬ج ‪،4‬‬ ‫ ‬
‫�ص ‪.325-313‬‬

‫‪92‬‬
‫الف�صل الرابع‬

‫قـ�ضـيـــة فـل�ســـطـيـن‬
‫‪1987–1967‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪1987–1967‬‬

‫ق�ضية فل�سطني ‪1987–1967‬‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫تتميز الفرتة ‪ 1987-1967‬بربوز الهوية الوطنية الفل�سطينية‪ ،‬وبقيادة الف�صائل‬
‫الفل�سطينية ملنظمة التحرير الفل�سطينية‪ ،‬وبنجاح املنظمة يف حتقيق االعرتاف بها كممثل‬
‫�رشعي وحيد لل�شعب الفل�سطيني‪ ،‬وحت�صيل مقعد لها كمراقب يف الأمم املتحدة‪.‬‬
‫وهي فرتة تتميز �أي�ضا ً برتاجع البعد العربي للق�ضية الفل�سطينية‪ ،‬و�إغالق حدود‬
‫دول الطوق يف وجه العمل الفدائي الفل�سطيني‪ ،‬وانتهاء حقبة احلروب العربية الر�سمية‬
‫مع “�إ�رسائيل”‪ ،‬ودخول م�رص يف ت�سوية �سلمية مع “�إ�رسائيل”‪.‬‬
‫وترافق خروج املقاومة الفل�سطينية من الأردن‪ ،‬وغرقها يف م�ستنقع احلرب الأهلية‬
‫يف لبنان‪ ،‬ثم �إخراجها من لبنان �سنة ‪ 1982‬مع ميول متزايدة لدى القيادة الفل�سطينية‬
‫للعمل ال�سيا�سي‪ ،‬واحللول املرحلية‪ ،‬و�إقامة الدولة الفل�سطينية على � ّأي جزء يتم حتريره‬
‫من فل�سطني‪.‬‬
‫ويف الوقت نف�سه �شهدت هذه الفرتة ت�صاعد التيار الإ�سالمي الفل�سطيني يف داخل‬
‫فل�سطني وخارجها‪ ،‬حيث �أ�صبح ي�شكل قوة �شعبية ال ي�ستهان بها‪ ،‬ظهرت معاملها يف‬
‫امل�ساجد واملدار�س واجلامعات والنقابات وم�ؤ�س�سات العمل اخلريي؛ كما ظهرت الأنوية‬
‫الأوىل للعمل الع�سكري الإ�سالمي املقاوم‪.‬‬

‫�أو ًال‪ :‬بروز الهوية الفل�سطينية‪:‬‬


‫�أحدثت حرب ‪ُ 1967‬جرحا ً غائرا ً يف الكرامة العربية‪ ،‬فحاولت الأنظمة العربية‬
‫ا�ستيعاب ال�صدمة وا�ستعادة ثقة اجلماهري بها‪ ،‬واجتمع الزعماء العرب يف اخلرطوم يف‬
‫‪ 1967/9/1-8/29‬معلنني �أن ال �صلح وال مفاو�ضات وال اعرتاف بالكيان الإ�رسائيلي‪،‬‬
‫وتعهدت الدول العربية بدعم دول الطوق لإعادة بناء قواتها امل�سلحة‪ .‬ودخلت م�رص‬
‫و�سورية يف حرب ا�ستنزاف مع الكيان الإ�رسائيلي‪ ،‬خ�صو�صا ً يف الفرتة من �آب‪� /‬أغ�سط�س‬
‫‪� 1968‬إىل �آب‪� /‬أغ�سط�س ‪� ،1970‬أ�سهمت �إىل ح ّد ما يف �إعادة الثقة ورفع املعنويات لدى‬
‫اجلي�شني امل�رصي وال�سوري‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫وقد ا�ضطرت الأنظمة العربية تفاديا ً ملوجات ال�سخط ال�شعبي‪ ،‬وجتاوزا ً حلالة‬
‫الإحباط الناجتة عن حرب ‪� ،1967‬إىل �إف�ساح املجال للعمل الفدائي الفل�سطيني‪ ،‬الذي‬
‫ا�ستطاع �أن يبني قواعد قوية ووا�سعة يف الأردن ولبنان‪ .‬وا�ستطاعت التنظيمات‬
‫الفدائية الفل�سطينية بقيادة فتح الو�صول �إىل قيادة م‪.‬ت‪.‬ف التي �أ�صبحت برئا�سة‬
‫يا�رس عرفات منذ �شباط‪ /‬فرباير ‪ .1969‬وبرز خط الكفاح ال�شعبي امل�سلح وحرب‬
‫الع�صابات‪ ،‬واكت�سبت ال�شخ�صية الوطنية الفل�سطينية زخما ً كبرياً‪ .‬ومتكنت م‪.‬ت‪.‬ف‬
‫يف م�ؤمتر الزعماء العرب يف الرباط يف ت�رشين الأول‪� /‬أكتوبر ‪ 1974‬من احل�صول‬
‫من الدول العربية على االعرتاف بها ممثالً �رشعيا ً وحيدا ً لل�شعب الفل�سطيني‪ .‬ويف‬
‫ال�شهر التايل حققت انت�صارا ً �سيا�سياً‪،‬‬
‫عندما ُدعي يا�رس عرفات لإلقاء خطابه‬
‫يف مقر الأمم املتحدة بنيويورك‪ ،‬و ّ‬
‫مت‬
‫قبول م‪.‬ت‪.‬ف ع�ضوا ً مراقباً‪ .‬ومل تعد‬
‫الأمم املتحدة تتعامل مع ق�ضية فل�سطني‬
‫كق�ضية الجئني فقط‪ ،‬كما حدث طوال‬
‫الع�رشين �سنة املا�ضية‪ ،‬و�إمنا �أخذت منذ‬ ‫• يا�رس عرفات يف الأمم املتحدة‪1974 ،‬‬
‫‪ 1969/12/10‬تعرتف بوجود ال�شعب الفل�سطيني‪ ،‬و�أ�صدرت قرارات يف ال�سبعينيات‬
‫ت�ؤيد حقّ �شعب فل�سطني يف تقرير م�صريه‪ ،‬بل واتخاذ كافة ال�سبل امل�رشوعة لنيل‬
‫حقوقه‪ ،‬ومنها الكفاح امل�سلح‪.‬‬
‫ومنذ �سنة ‪ 1974‬عادت ق�ضية فل�سطني لتدرج بندا ً م�ستقالً على جدول �أعمال الأمم‬
‫املتحدة لأول مرة منذ الأربعينيات‪ .‬وكان �أحد �أهم القرارات املتخذة القرار رقم ‪3236‬‬
‫ال�صادر يف ‪ ،1975/11/22‬ويحمل عنوان قرار حقوق ال�شعب الفل�سطيني‪ ،‬وفيه ي�ؤيد‬
‫حقه يف تقرير م�صريه دون تدخل خارجي‪ ،‬وحقه يف اال�ستقالل وال�سيادة الوطنيني‪،‬‬
‫وحقه يف العودة �إىل �أر�ضه‪ ،‬وحقه يف ا�ستعادة حقوقه بكل الو�سائل‪ ،‬وفقا ً ملقا�صد ميثاق‬
‫الأمم املتحدة ومبادئه‪ .‬ثم توالت قرارات “ال�رشعية” الدولية امل�ؤيدة للحق الفل�سطيني‪،‬‬
‫ووجد ال�صهاينة �أنف�سهم يف حالة ح�صار �سيا�سي‪ ،‬خ�صو�صا ً �أن الأمم املتحدة �أخذت‬
‫منذ �سنة ‪ 1975‬تتخذ قرارات تع ّد ال�صهيونية �شكالً من �أ�شكال التفرقة العن�رصية‪.‬‬
‫غري �أن الواليات املتحدة كانت دائما ً على ا�ستعداد للوقوف بجانب الكيان ال�صهيوين‪،‬‬
‫ونق�ض �أي قرارات دولية ملزمة عرب ا�ستخدامها حقّ النق�ض “الفيتو ‪.1”Veto‬‬

‫‪96‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪1987–1967‬‬

‫وهكذا ف�إن الكفاح امل�سلح �أجرب العامل على �سماع �صوت �أبناء فل�سطني‪ ،‬وفر�ض عليهم‬
‫احرتامه‪ .‬لكن ال�رضبات التي تلقتها املقاومة الفل�سطينية‪ ،‬وال�ضعف والتمزق العربي‬
‫والإ�سالمي‪ ،‬قلّال من �إمكانات اال�ستفادة اجلدية من الدعم الدويل‪.‬‬
‫و�إذا كان خط املكا�سب الفل�سطينية ال�سيا�سية قد ت�صاعد على ال�ساحة العربية‬
‫والدولية يف هذه املرحلة‪ ،‬ف�إن خط العمل الفدائي الفل�سطيني امل�سلح‪ ،‬وخط الدعم العربي‬
‫الفاعل‪ ،‬اللذين �شهدا �صعودا ً يف البداية‪ ،‬ما لبثا �أن تراجعا وانح�رسا �إىل م�ستويات متدنية‪،‬‬
‫يف الن�صف الثاين من هذه املرحلة‪ ،‬بحيث �أ ّثر �سلبا ً على املكا�سب ال�سيا�سية نف�سها‪.‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬الكفاح الفل�سطيني امل�س ّلح‪:‬‬


‫كانت الفرتة ‪ 1970-1967‬هي الفرتة الذهبية للعمل الفدائي الفل�سطيني حيث كانت‬
‫حدود الأردن مع فل�سطني املحتلة (‪ 360‬كم) ومع لبنان (‪ 79‬كم) مفتوحة للعمليات‬
‫الفدائية‪ .‬وكانت معركة الكرامة يف ‪ 1968/3/21‬التي وقف فيها الفدائيون الفل�سطينيون‬
‫والقوات الأردنية يف مواجهة القوات‬
‫الإ�رسائيلية‪ ،‬وكبَّدوها خ�سائر فادحة‪،‬‬
‫ن�رصا ً معنويا ً وماديا ً للمقاومة‬
‫الفل�سطينية‪ .‬فاندفع ع�رشات الآالف‬
‫للتطوع للقتال‪ ،‬وقد تطور العمل الفدائي‬
‫الفل�سطيني من ‪ 12‬عملية �شهريا ً‬
‫�سنة ‪� ،1967‬إىل ‪ 52‬عملية �شهريا ً‬
‫• يا�رس عرفات بعد معركة الكرامة‬

‫�سنة ‪� ،1968‬إىل ‪ 199‬عملية �شهريا ً �سنة‬


‫‪� ،1969‬إىل ‪ 279‬عملية �شهريا ً يف الأ�شهر‬
‫الأوىل من �سنة ‪.21970‬‬
‫لكن ال�صدامات العنيفة التي‬
‫حدثت بني اجلي�ش الأردين واملقاومة‬
‫الفل�سطينية يف �أيلول‪� /‬سبتمرب ‪1970‬‬
‫• امللك ح�سني على ظهر دبابة �إ�رسائيلية‬
‫ويف متوز‪ /‬يوليو ‪� 1971‬أدت �إىل �إخراج‬ ‫مدمرة بعد معركة الكرامة‬

‫‪97‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫العمل الفدائي الفل�سطيني من الأردن‪ ،‬وحرمان املقاومة من �أهم �ساحاتها‪ .‬غري �أن‬
‫تر�سخ قاعدة نفوذها يف لبنان‪ ،‬لكنها ا�ضطرت خلو�ض‬
‫املقاومة الفل�سطينية ا�ستطاعت �أن ّ‬
‫�رصاع عنيف مع اجلي�ش اللبناين‬
‫لتحقيق ذلك‪ ،‬وانتزعت اتفاق القاهرة يف‬
‫ت�رشين الثاين‪ /‬نوفمرب ‪ ،1969‬الذي‬
‫يخ ّولها حقّ العمل امل�سلح عرب لبنان‪.‬‬
‫ث ّم ما لبثت �أن وجدت نف�سها تدخل يف‬
‫م�ستنقع احلرب الأهلية اللبنانية‪ ،‬حيث‬
‫ا�ستهدف التحالف الكتائبي املاروين‪،‬‬
‫الذي �أ�شعل فتيل احلرب يف ‪،1975/4/13‬‬
‫التواجد الفل�سطيني �أ�سا�ساً‪ .‬وقد‬ ‫فجر احلرب‬‫• حادث با�ص عني الرمانة الذي َّ‬
‫الأهلية اللبنانية �سنة ‪1975‬‬
‫ا�ستنزف هذا كثريا ً من طاقات املقاومة‬
‫الفل�سطينية ودماء �أبنائها‪ ،‬وم�صادر دعمها‪ ،‬و�أ�ضعف قدرتها على الرتكيز �ض ّد العدو‬
‫ال�صهيوين حتى نهاية املرحلة التي نحن ب�صددها‪ .‬وتعدت هذه املعاناة �إىل معارك‬
‫وحروب مع �أطراف حليفة �سابقة مثل حركة “�أمل” ال�شيعية‪ ،‬التي قامت بح�صار مرير‬
‫للمخيمات الفل�سطينية لأكرث من �سنتني (‪ .)1987-1985‬وفوق ذلك ف�إن م�رص و�سورية‬
‫�أغلقتا حدودهما يف وجه املقاومة الفل�سطينية‪،‬‬
‫وهذا جعل العمل الفدائي الفل�سطيني من اخلارج‬
‫باجتاه فل�سطني �أ�شبه بامل�ستحيل‪.‬‬
‫ومن جهة �أخرى‪ ،‬ف�إن الكيان ال�صهيوين‬
‫ا�ستخدم �أ�ساليب االنتقام ال�رش�سة من املناطق‬
‫التي ت�ؤوي العمل الفدائي‪� ،‬سواء يف الأردن �أم‬
‫يف لبنان‪ ،‬وبالغ يف االنتقام من املدنيني الأبرياء‪،‬‬
‫ويف تدمري البنية التحتية من م�صانع وج�سور‬
‫وحمطات كهرباء وحما�صيل زراعية وغريها‪ .‬ويف‬
‫لبنان قام ال�صهاينة بحمالت مكثفة على منطقة‬
‫العرقوب خالل الفرتة ‪ ،1972-1970‬واغتالوا‬
‫• مكان اغتيال كمال نا�رص‪1973 ،‬‬ ‫ثالثة من قادة م‪.‬ت‪.‬ف يف ‪ ،1973/4/10‬هم‬

‫‪98‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪1987–1967‬‬

‫حممد يو�سف النجار وكمال عدوان وكمال نا�رص‪ ،‬وقاموا بحملة اجتياح وا�سعة للجنوب‬
‫اللبناين يف �آذار‪ /‬مار�س ‪ ،1978‬جنحوا على �إثرها يف �إن�شاء حزام �أمني لهم داخل احلدود‬
‫اللبنانية بقيادة �سعد حداد‪ ،‬الذي قاد‬
‫جي�ش لبنان اجلنوبي العميل لل�صهاينة‪.‬‬
‫ويف معركة ال�شقيف يف ‪1980/8/19‬‬
‫حققت املقاومة الفل�سطينية جناحا ً كبريا ً‬
‫�ض ّد الهجوم ال�صهيوين‪ .‬عندما متكنت‬
‫من �ص ّد هجوم �إ�رسائيلي يبلغ ‪15‬‬
‫�ضعف عددها‪ ،‬وقد تكبد العدو خ�سائر‬
‫كبرية �أجربته على االن�سحاب‪ .3‬ويف‬
‫الفرتة ‪ 1981/7/24-10‬قامت الطائرات‬
‫واملدافع الإ�رسائيلية بق�صف وح�شي‬
‫متوا�صل للمدن والقرى وقواعد‬
‫الفدائيني يف منطقة النبطية‪� ،‬شملت‬
‫‪ 46‬مدينة وقرية مما �أدى ال�ست�شهاد‬
‫• احلزام الأمني يف جنوب لبنان (الذي ت�شكل‬ ‫‪ 150‬وجرح ‪� 600‬آخرين‪ .‬وقد ردت‬
‫بقيادة �سعد حداد �أ�سفل ميني اخلريطة)‬ ‫املقاومة الفل�سطينية بق�صف مدفعي‬
‫و�صاروخي على نحو ‪ 30‬قاعدة‬
‫ع�سكرية وم�ستعمرة وبلدة �إ�رسائيلية �شمال فل�سطني املحتلة‪.‬‬
‫وكان اجتياح اجلي�ش ال�صهيوين للبنان يف �صيف ‪ 1982‬هو الأ�ضخم والأعنف‪ ،‬وقد‬
‫متكن من اجتياح اجلنوب ب�سهولة و�رسعة ن�سبية‪ ،‬غري �أنه توقف عند �أ�سوار بريوت‬
‫نحو ثمانني يوماً‪ ،‬حيث واجهته املقاومة‬
‫الفل�سطينية وحلفا�ؤها مبقاومة عنيفة‪،‬‬
‫وت�ضحيات كبرية‪ ،‬يف الوقت الذي كان‬
‫العامل العربي والإ�سالمي والدويل يقف‬
‫موقف املتفرج‪ .‬بد�أ االجتياح الإ�رسائيلي‬
‫للبنان يف ‪ 1982/6/4‬وا�شرتك فيه‬
‫• االجتياح الإ�رسائيلي للبنان‪1982 ،‬‬ ‫نحو ‪� 125‬ألف جندي (من �أ�صل‬

‫‪99‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫‪� 170‬ألفا ً هم قوام اجلي�ش الإ�رسائيلي العامل)‬


‫ت�ساندهم ‪ 1,600‬دبابة‪ .‬ويف يوم ‪ 9‬حزيران‪ /‬يونيو‬
‫كانت قد و�صلت �إىل م�شارف بريوت‪ ،‬حيث ا�ستمرت‬
‫معركة بريوت ‪ 65‬يوما ً (‪ .)1982/8/12-6/9‬وقد‬
‫ا�ضطرت القوات الإ�رسائيلية للموافقة على وقف �إطالق‬
‫النار يف ‪ ،1982/8/12‬بعد �أن ف�شلت يف احتالل بريوت‬
‫• طائرة �إ�رسائيلية تق�صف بريوت الغربية‪ .‬غري �أن القوات الإ�رسائيلية حققت �أهدافها‬
‫�سنة ‪1982‬‬
‫ب�شكل عام‪� ،‬إذ اقت�ضت الرتتيبات خروج املقاومة‬
‫الفل�سطينية وقيادة م‪.‬ت‪.‬ف من لبنان‪،‬‬
‫مما �أدى �إىل خروج نحو ‪� 11‬ألف فل�سطيني‬
‫مقاتل‪ ،‬حيث توجهوا �إىل مع�سكرات يف‬
‫�سورية والعراق وتون�س واليمن (ال�شمايل‬
‫واجلنوبي) واجلزائر وال�سودان‪.‬‬
‫ومل حترتم القوات الإ�رسائيلية تعهداتها‪،‬‬
‫• خروج املقاومة الفل�سطينية من لبنان‬ ‫فقد اقتحمت بريوت الغربية بعد �أ�سبوعني‬
‫من خروج املقاومة الفل�سطينية‪ ،‬و�أ�رشفت بنف�سها على تنفيذ القوات االنعزالية امل�سيحية‬
‫املتع�صبة ملذبحة �صربا و�شاتيال يف ‪ 1982/9/18-16‬والتي �أدت �إىل ا�ست�شهاد نحو ‪3,500‬‬
‫فل�سطيني ولبناين من املدنيني الأطفال والن�ساء وال�شيوخ‪.‬‬
‫�أَ ّدت حرب ‪� 1982‬إىل ا�ست�شهاد وجرح نحو ‪� 55‬ألف فل�سطيني ولبناين‪ ،‬وبالرغم‬
‫من �أن املقاتل الفل�سطيني �أثبت �شجاعته وكفاءته‪ ،‬وبالرغم من �أن ال�صهاينة ف�شلوا يف‬
‫�سحق الفدائيني وقيادتهم‪� ،‬إال �أنهم جنحوا يف تدمري معظم البنية التحتية للعمل الفدائي‬

‫• مذبحة �صربا و�شاتيال‪1982 ،‬‬

‫‪100‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪1987–1967‬‬

‫• منفذو عملية �سافوي �سنة ‪1975‬‬

‫الفل�سطيني‪ ،‬بحيث مل تعد ت�شكل خطرا ً جادا ً على الكيان ال�صهيوين‪ ،‬ووجدت م‪.‬ت‪.‬ف‬
‫نف�سها بعيدة عن فل�سطني‪ ،‬حمرومة من العمل الع�سكري يف دول الطوق‪.4‬‬
‫ونتيجة ملا �سبق‪ ،‬ف�إن معدل العمليات الفدائية من اخلارج قد انخف�ض يف ال�سبعينيات‪،‬‬
‫مت تنفيذ عدد من العمليات‬‫وتراجع �إىل حدود متوا�ضعة جدا ً يف الثمانينيات‪ .‬غري �أنه ّ‬
‫النوعية التي جتدر الإ�شارة �إليها‪،‬‬
‫مثل عملية �سافوي ‪Savoy Attack‬‬
‫التي نفذتها حركة فتح يف تل �أبيب يف‬
‫‪ ،1975/3/6‬و�أدت �إىل مقتل نحو ‪100‬‬
‫�إ�رسائيلي‪ ،‬وعملية كمال عدوان التي‬
‫نفذتها فتح �أي�ضا ً يف ‪ ،1978/3/11‬التي‬
‫• عملية اختطاف الطائرات وتدمريها التي‬
‫قامت بها اجلبهة ال�شعبية �سنة ‪1970‬‬
‫�أدت �إىل مقتل ‪ 37‬وجرح ‪� 82‬إ�رسائيلياً‪.‬‬
‫وبرزت اجلبهة ال�شعبية لتحرير‬
‫فل�سطني يف جمال اختطاف الطائرات‬
‫خ�صو�صا ً �سنة ‪ ،1970‬ويف الهجوم على‬
‫• منفذو عملية اخلال�صة �سنة ‪1974‬‬
‫مطار اللد يف ‪ ،1972/5/30‬مما �أدى �إىل‬
‫مقتل ‪ 31‬وجرح ‪� 80‬آخرين‪ .‬ونفذت اجلبهة ال�شعبية ‪ -‬القيادة العامة عملية اخلال�صة يف‬
‫‪ 1974/4/11‬مما �أدى �إىل مقتل ‪� 18‬إ�رسائيليا ً وجرح ‪� 15‬آخرين‪ ،5‬كما نفذت اجلبهة نف�سها‬
‫عملية الطائرة ال�رشاعية يف ت�رشين الثاين‪ /‬نوفمرب ‪ .1987‬ونفذت اجلبهة الدميوقراطية‬

‫‪101‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫عمليات مهمة مثل عملية تر�شيحا يف ‪ 1974/5/15‬التي �أدت �إىل مقتل ‪� 27‬إ�رسائيليا ً‬
‫وجرح الكثري‪ ،‬وعمليات بي�سان وطربيا وعني زيف والقد�س‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬فمنذ �سنة ‪� 1982‬أدى الإنهاك الع�سكري ملنظمة التحرير الفل�سطينية �إىل‬
‫ا�ست�ضعاف �سيا�سي‪ ،‬وك�سب �أن�صار تيار “الواقعية” فيها دفعات جديدة باجتاه تبنّي‬
‫غي من خطابها ال�سيا�سي منذ فرتة‬ ‫احللول ال�سلمية‪ .‬واحلقيقة �أن م‪.‬ت‪.‬ف بد�أت ُت ِّ‬
‫مبكرة‪ ،‬فدعت يف �أواخر ال�ستينيات �إىل �إقامة الدولة العلمانية الدميوقراطية التي ت�ضم‬
‫الفل�سطينيني واليهود‪ ،‬متنازلة عن �رضورة عودة املهاجرين اليهود �إىل بالدهم‪ .‬ثم تبنّت‬
‫يف املجل�س الوطني الثاين ع�رش يف ‪ 1974/6/8-1‬برنامج النقاط الع�رش ‪ ،‬الذي يف�سح املجال‬
‫للعمل ال�سيا�سي ك�أحد و�سائل حترير فل�سطني‪ ،‬بعد �أن كان الكفاح امل�سلح هو الطريق‬
‫الوحيد لتحريرها‪ ،‬كما يف�سح املجال للحلول املرحلية ولإقامة الدولة الفل�سطينية على �أي‬
‫جزء من فل�سطني يتم حتريره (�أو ا�سرتجاعه بطرق �أخرى)‪ .‬وكانت موافقة م‪.‬ت‪.‬ف على‬
‫م�رشوع الت�سوية العربي (م�رشوع فا�س) �سنة ‪ 1982‬تنازالً كبرياً‪� ،‬إذ ت�ضمن اعرتافا ً‬
‫�ضمنيا ً بالكيان ال�صهيوين وما اغت�صبه من معظم �أرا�ضي فل�سطني �سنة ‪ ،1948‬عندما‬
‫وافقت على حقّ جميع دول املنطقة يف العي�ش ب�سالم (مبا فيها الكيان ال�صهيوين)‪ ،‬كما‬
‫وافقت على الدخول يف مفاو�ضات لتحقيق الت�سوية‪ .6‬وواجهت م‪.‬ت‪.‬ف �سنوات عجافا ً‬
‫خالل الفرتة ‪ 1987-1983‬انعك�ست على �شكل تراجع ٍ يف الأداء الن�ضايل امل�سلح‪ ،‬ويف‬
‫الت�أثري والفاعلية ال�سيا�سية حتى يف الو�سط العربي نف�سه‪.‬‬

‫ثالث ًا‪ :‬البالد العربية وق�ضية فل�سطني‪:‬‬


‫�أما من ناحية البالد العربية‪ ،‬ف�إن تر�سيخ الهوية الوطنية الفل�سطينية ومتثيل م‪.‬ت‪.‬ف‬
‫�صب‪ ،‬عملياً‪ ،‬يف �إزاحة �أثقال امل�س�ؤولية جتاه الق�ضية‬
‫َّ‬ ‫ال�رشعي الوحيد للفل�سطينيني قد‬
‫عن �أكتافها‪ ،‬وحتميلها للفل�سطينيني وحدهم‪ .‬وخفتت �أ�صوات “قومية املعركة” لتنح�رص‬
‫يف الإطار الفل�سطيني ال�ضيِّق‪ ،‬الذي كان عليه �أن يواجه �أعتى قوى العامل‪ .‬و�أخذت مع‬
‫الزمن‪ ،‬خ�صو�صا ً بعد ‪ ،1973‬م�س�ؤولية البلدان العربية تنح�رص يف الدعم ال�سيا�سي‬
‫واالقت�صادي‪ ،‬بل �إن الدعم االقت�صادي نف�سه �أخذ ي�ضعف منذ الثمانينيات‪ ،‬بعد �أن‬
‫�سعت كل دولة �إىل تقدمي �أولوياتها املحلية‪ ،‬وبعد �أن ان�شغلت الدول النفطية مب�شاكلها‬
‫الناجتة عن انخفا�ض �أ�سعار النفط‪ .‬ومل ت�سلم م‪.‬ت‪.‬ف من م�شاكل مع عدد من الأنظمة‬

‫‪102‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪1987–1967‬‬

‫العربية‪ ،‬جعلتها �أعجز عن القيام مبهامها‪ ،‬فم�شاكلها مع ال�ساحة الأو�سع والأهم الأردن‬
‫غطت حقبة ال�سبعينيات‪ ،‬وم�شاكلها مع لبنان مل تهد�أ طوال املرحلة‪ ،‬وم�شاكلها مع‬
‫�سورية ا�ستعرت �سنة ‪ ،1976‬ثم عادت للت�صاعد منذ �سنة ‪ 1983‬وما تاله‪ ،‬عندما ُطرد‬
‫يا�رس عرفات من دم�شق‪ ،‬ومتت حماولة الق�ضاء على تواجد �أن�صاره يف �شمال لبنان‪،‬‬
‫وخ�صو�صا ً خميمي نهر البارد والبداوي يف العام نف�سه‪ .‬هذا بالإ�ضافة �إىل حالة العداء‬
‫مع �أكرب قوة عربية م�رص (خ�صو�صا ً يف الفرتة ‪ )1983-1977‬بعد دخولها يف م�رشوع‬
‫الت�سوية ال�سلمية‪ ،‬وتوقيعها اتفاق كامب‬
‫ديفيد ‪ .Camp David Accord‬بينما‬
‫ان�شغل العراق بحربه مع �إيران يف الفرتة‬
‫‪ 1988-1980‬ليفقد كثريا ً من فاعليته‬
‫على ال�ساحة‪. ...‬‬
‫لقد كان املوقف العربي يف بداية‬
‫• عبور اجلي�ش امل�رصي قناة ال�سوي�س يف حرب‬
‫هذه املرحلة مت�صلباً‪ ،‬من خالل‬
‫�أكتوبر ‪1973‬‬

‫الءات م�ؤمتر اخلرطوم �سنة ‪،1967‬‬


‫ومن خالل دخول م�رص و�سورية يف‬
‫حرب ا�ستنزاف مع “�إ�رسائيل”‪ .‬ويف‬
‫‪ 6‬ت�رشين الأول‪� /‬أكتوبر ‪ 1973‬اندلعت‬
‫احلرب العربية الإ�رسائيلية (حرب‬
‫�أكتوبر‪ /‬رم�ضان) �شاركت فيها �سورية‬
‫وم�رص �ض ّد ال�صهاينة‪ ،‬وحقق الطرفان‬
‫• رفع العلم امل�رصي يف حرب �أكتوبر ‪1973‬‬

‫العربيان يف البداية بع�ض النجاحات‪.‬‬


‫ومتكن امل�رصيون من الزحف نحو اجلناح‬
‫ال�رشقي لقناة ال�سوي�س والتوغل داخل‬
‫�سيناء‪ ،‬كما متكن ال�سوريون من التوغل‬
‫داخل اجلوالن‪ .‬لكن ما لبث ال�صهاينة‪،‬‬
‫م�ستفيدين من ج�رس جوي من الدعم‬ ‫• �أريل �شارون متوجها ً نحو ثغرة الدفر�سوار‬
‫يف حرب �أكتوبر ‪1973‬‬
‫‪103‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫الأمريكي‪� ،‬أن �أخذوا زمام املبادرة‪،‬‬


‫ف�أحدثوا اخرتاقا ً يف اجلهة الغربية‬
‫لقناة ال�سوي�س (ثغرة الدفر�سوار)‪،‬‬
‫كما ا�ستعادوا ما فقدوه يف اجلوالن‪،‬‬
‫واحتلوا ‪ 39‬قرية �سورية جديدة‬
‫(ما عرف بجيب �سع�سع)‪ .‬غري �أنه‬
‫ُذكر �أن موافقة م�رص على قرار جمل�س‬
‫الأمن ‪ UN Security Council‬بوقف‬
‫احلرب يف ‪ 22‬ت�رشين الأول‪� /‬أكتوبر‬
‫قد فاج أ� ال�سوريني‪ ،‬مما ا�ضطرهم‬
‫لإيقاف احلرب‪ .‬وبعد ذلك ا�ست�ؤنفت‬
‫حرب ا�ستنزاف ا�ستمرت نحو‬
‫‪ 80‬يوما ً (‪ ،)1974/5/31-3/13‬حيث‬
‫توقفت حني ّ‬
‫مت التوقيع على اتفاقية‬
‫ف�صل القوات‪.7‬‬ ‫• نتائج حرب �أكتوبر ‪1973‬‬
‫ن�صت على‬‫وعقدت م�رص اتفاقية ف ّك اال�شتباك مع الكيان الإ�رسائيلي يف ‪ّ 1974/1/18‬‬
‫ان�سحاب القوات الإ�رسائيلية من غربي القناة �إىل م�سافة تبعد ‪ 30-20‬كم من �رشقي قناة‬
‫ال�سوي�س‪ ،‬واحتفاظ م�رص بقوات حمدودة يف الأرا�ضي التي ا�سرتجعتها �رشقي القناة‬
‫(بعمق ‪ 12-8‬كم)‪ .‬ويف ‪ 1974/2/21‬كانت القوات الإ�رسائيلية قد ان�سحبت من غربي‬
‫القناة “ثغرة الدفر�سوار”‪ .‬و ُعقدت اتفاقية ف�صل القوات بني �سورية والكيان الإ�رسائيلي‬
‫يف ‪ ،1974/5/31‬وبناء عليها‪ ،‬ان�سحبت القوات الإ�رسائيلية من جيب �سع�سع (‪ 551‬كم‪،)2‬‬
‫الذي احتلته يف حرب ‪ ،1973‬ومن مدينة القنيطرة وبع�ض ما حولها‪ ،‬والتي احتلتها �سنة‬
‫‪ 112( 1967‬كم‪.8)2‬‬
‫واعتُرب التح�سن الن�سبي يف الأداء العربي‪ ،‬وخ�سائر ال�صهاينة اجل�سيمة يف حرب‬
‫ت�رشين الأول‪� /‬أكتوبر ك�رسا ً لأ�سطورة اجلي�ش ال�صهيوين الذي ال ُيقهر‪ ،‬وا�ستعادة‬
‫للمعنويات والثقة التي �أهينت يف حرب ‪ .1967‬و ّ‬
‫مت ت�صوير حرب ت�رشين الأول‪� /‬أكتوبر‬
‫عربيا ً باعتبارها ن�رصا ً م�ؤزراً‪ ،‬وظهرت قيادتا �سورية وم�رص مبظهر الأبطال‪ .‬غري‬
‫�أن الرئي�س امل�رصي ال�سادات ا�ستخدم هذه احلرب لتحريك الو�ضع باجتاه الت�سوية‪،‬‬

‫‪104‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪1987–1967‬‬

‫وا�ستفاد منها بحيث ال يو�ضع بعد ذلك مو�ضع االتهام �أو التق�صري‪ ،‬حيث �إنه “بطل‬
‫�أكتوبر”‪ ،‬وحيث �إن م�رص “�أ ّدت ما عليها” جتاه فل�سطني‪ .‬فقام ال�سادات بزيارة الكيان‬
‫ال�صهيوين يف ت�رشين الثاين‪ /‬نوفمرب ‪،1977‬‬
‫وو ّقع اتفاقية كامب ديفيد يف �أيلول‪� /‬سبتمرب‬
‫‪ ،1978‬التي ُتدخل م�رص يف �سالم مع‬
‫الكيان ال�صهيوين‪ ،‬و ُتوقف حالة ال�رصاع‬
‫بينهما‪ ،‬بينما ت�سرتجع م�رص �شبه جزيرة‬
‫• زيارة ال�سادات للكيان ال�صهيوين‪1977 ،‬‬ ‫�سيناء‪ .‬وبذلك خ�رست الق�ضية الفل�سطينية‬
‫�أهم طرف فاعل يف ال�رصاع �ض ّد ال�صهاينة‪،‬‬
‫مما �أ�ضعف م�ستقبالً من �إمكانات � ّأي مواجهات ع�سكرية �شاملة �ض ّد “�إ�رسائيل”‪.‬‬
‫ورمبا كان من املفيد �أن ن�شري �إىل �أنه �إثر حادثة �إحراق امل�سجد الأق�صى ّ‬
‫مت �إن�شاء‬
‫منظمة امل�ؤمتر الإ�سالمي �سنة ‪ ،1969‬والذي �شكل بادرة �أمل لتوحيد جهود امل�سلمني‬
‫لدعم ق�ضية فل�سطني‪ .‬وقد قامت هذه‬
‫املنظمة بعقد الكثري من االجتماعات‪،‬‬
‫و�أ�صدرت ع�رشات القرارات بدعم ق�ضية‬
‫فل�سطني �سيا�سيا ً وماليا ً وع�سكريا ً و�إعالن‬
‫اجلهاد‪ . ...‬غري �أن قراراتها بقيت حربا ً على‬
‫ورق‪ ،‬لأنها افتقرت �إىل � ّأي �آلية حقيقية ملزمة‬
‫لتنفيذ القرارات‪ .‬ويبدو �أن العديد من بلدان‬
‫• توقيع اتفاقية كامب ديفيد‪1978 ،‬‬
‫العامل الإ�سالمي قد ا�ستخدمت منرب هذه‬
‫املنظمة لـ“تفريغ” م�شاعر �شعوبها املت�شوقة للوحدة وحترير املقد�سات‪ ،‬بدالً من ال�سري‬
‫يف � ّأي برامج عملية ذات فاعلية على �أر�ض الواقع‪ .‬بل �إن بع�ض البلدان الإ�سالمية بقي‬
‫على عالقته بالكيان ال�صهيوين مثل تركيا‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل �أن بلدان العامل الإ�سالمي �أجمع‬
‫ح ّملت الطرف الفل�سطيني امل�س�ؤولية الأ�سا�سية باعتباره “املمثل ال�رشعي والوحيد”‪،‬‬
‫واكتفى �أغلبها بالتمنيات‪( ...‬هذا �إن مل ي�ضع العقبات!!)‪ .‬مما �أدى حل�رص دائرة ال�رصاع‬
‫يف �إطار ُق ْطري فل�سطيني‪ ،‬وعزل البعدين العربي والإ�سالمي عمليا ً عن هذه الدائرة‪ .‬وقد‬
‫�أثرت النزاعات بني امل�سلمني �أنف�سهم �سلبا ً على دور العامل الإ�سالمي‪ ،‬كاحلرب العراقية‬
‫الإيرانية يف الفرتة ‪ 1988-1980‬التي ا�ستنزفت طاقات البلدين وثرواتهما‪.‬‬

‫‪105‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫رابع ًا‪ :‬بروز التيار الإ�سالمي الفل�سطيني‪:‬‬


‫ومن اجلدير بالذكر �أن الظاهرة الإ�سالمية و�سط الفل�سطينيني �أخذت ت�ستعيد‬
‫حيويتها يف هذه املرحلة‪ ،‬وتزايد االجتاه نحو الإ�سالم‪ ،‬بعد �أن ر�أت اجلماهري ف�شل‬
‫الأيديولوجيات القومية والعلمانية والي�سارية يف ح ّل الق�ضية‪ .‬وكانت م�شاركة الإخوان‬
‫امل�سلمني يف العمل الفدائي الفل�سطيني يف الفرتة ‪ 1970-1968‬عرب ما عرف بـ“مع�سكرات‬
‫ال�شيوخ” يف الأردن بالتن�سيق مع حركة فتح‪� ،‬أحد مظاهر احليوية املبكرة‪ ،‬حيث عملوا‬
‫حتت غطاء حركة فتح مع احتفاظهم با�ستقاللية �إدارية داخلية‪ .‬وقد ّ‬
‫مت تدريب نحو ‪300‬‬
‫رجل توزعوا على �سبع قواعد فدائية‪ .‬وعلى الرغم من حمدودية �إمكاناتهم وم�شاركتهم‬
‫فقد قدموا مناذج متميزة يف عمليات قوية كاحلزام الأخ�رض يف ‪ ،1969/8/31‬ودير يا�سني‬
‫يف ‪ ،1969/9/14‬وا�ست�شهد منهم ‪ 13‬رجالً‪.9‬‬
‫ويف �سنة ‪ُ 1980‬ك�شف تنظيم “�أ�رسة‬
‫اجلهاد” يف الأر�ض املحتلة ‪ ،1948‬واعتُ ِقل‬
‫نحو �ستني من �أع�ضائه‪ ،‬بعد �أن قام بعدد‬
‫من العمليات‪.‬‬
‫وظهرت بوادر ت�أ�سي�س اجلهاز‬
‫الع�سكري للإخوان عندما �أر�سلت القيادة‬
‫املركزية بع�ض كوادرها �سنة ‪1980‬‬
‫للتدريب الع�سكري يف اخلارج‪ .‬وقام‬
‫ال�شيخ �أحمد يا�سني‪ ،‬بت�أ�سي�س اجلهاز‬
‫الع�سكري يف القطاع‪ ،‬وقاده يف مراحله‬
‫الأوىل عبد الرحمن متراز ثم �صالح‬
‫�شحادة‪ .‬بيد �أن انك�شاف �أمر التنظيم‬
‫الع�سكري �أدى �إىل �رضبه �سنة ‪،1984‬‬
‫و ُقب�ض على ال�شيخ �أحمد يا�سني وعدد‬ ‫• ال�شيخ �أحمد يا�سني‬
‫من رفاقه‪ .‬وقد �أعيد ترميم اجلهاز و�إعادة‬
‫ت�شكيالت‬
‫ُ‬ ‫بنائه من جديد �سنة ‪ 1986‬حتت ا�سم “املجاهدون الفل�سطينيون”‪ ،‬وبد�أت‬
‫اجلها ِز العم َل قبل انتفا�ضة ‪ .1987‬وت�أ�س�س اجلهاز الأمني للإخوان يف قطاع غزة (جمد)‬

‫‪106‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪1987–1967‬‬

‫�سنة ‪ ،1981‬كجزء من العمل الع�سكري و�أعيد بنا�ؤه وتو�سيعه �سنة ‪ .1985‬ويف �صيف‬
‫�سنة ‪ 1985‬اتخذت قيادة الإخوان امل�سلمني قرارا ً با�ستغالل � ّأي �أحداث لال�شرتاك يف‬
‫املواجهة �ض ّد االحتالل‪� ،‬أي قبل �سنتني من بدء االنتفا�ضة‪.‬‬
‫وقد ت�شكلت حركة اجلهاد الإ�سالمي يف‬
‫فل�سطني �سنة ‪ ،1980‬بقيادة الدكتور فتحي‬
‫ال�شقاقي‪ ،‬وكان �أع�ضا�ؤها امل�ؤ�س�سون �أفرادا ً‬
‫�سابقني يف الإخوان امل�سلمني‪ ،‬ون�شطت يف القيام‬
‫بعدد من العمليات‪ .‬وقام تنظيم �رسايا اجلهاد‬
‫(الذي اندمج مع اجلهاد الإ�سالمي) بتنفيذ عملية‬
‫باب املغاربة يف ‪ ،1986/10/16‬والتي �أوقعت‬
‫نحو ثمانني �إ�صابة يف اجلنود الإ�رسائيليني‪.‬‬

‫• د‪ .‬فتحي ال�شقاقي‬ ‫وب�شكل عام ظ َّل العمل الإ�سالمي اجلهادي‬


‫حمدودا ً متوا�ضعا ً طيلة هذه الفرتة قيا�سا ً‬
‫باملنظمات الفل�سطينية الأخرى وخ�صو�صا ً فتح‪ ،‬ولكنه كان يف الوقت نف�سه �إرها�صا ً‬
‫ملرحلة قادمة يلعب فيها دورا ً �أ�سا�سياً‪ .‬وكان املك�سب الأبرز للتيار الإ�سالمي هو ات�ساع‬
‫�شعبيته وتناميها خ�صو�صا ً منذ منت�صف ال�سبعينيات �سواء داخل فل�سطني املحتلة �أم‬
‫يف الأردن والكويت ولبنان وغريها‪ .‬و�أخذ الإ�سالميون يفوزون يف االنتخابات الطالبية‬
‫منذ �أواخر ال�سبعينيات كما يف جامعة النجاح يف نابل�س‪ ،‬وجامعة غزة الإ�سالمية‬
‫وغريهما‪ ،‬ويف جامعات الأردن‪ ،‬كما �أخذوا يف االنت�شار وال�سيطرة على النقابات املهنية‪.‬‬
‫وبرز التيار الإ�سالمي الفل�سطيني ب�شكل قوي يف جامعة الكويت‪ ،‬حيث �أ�س�س خالد‬
‫م�شعل وعدد من رفاقه “قائمة احلق الإ�سالمية” �سنة ‪ ،1977‬ثم �أ�س�سوا (بعد تخ ّرجه)‬
‫“الرابطة الإ�سالمية لطلبة فل�سطني” �سنة ‪ .1980‬وجنح الإ�سالميون الفل�سطينيون يف‬
‫ميادين العمل اخلريي واالجتماعي والتعليمي مما مكنهم من ت�أ�سي�س قاعدة وا�سعة‬
‫�صلبة‪ ،‬بحيث �أ�صبح التيار الإ�سالمي (الإخوان امل�سلمون حتديداً) هو املناف�س الأول‬
‫للتيار العلماين الذي متثله فتح والذي ي�سيطر على م‪.‬ت‪.‬ف‪.10‬‬

‫‪107‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫هوام�ش الف�صل الرابع‬


‫‪ 1‬حول الق�ضية الفل�سطينية يف الأمم املتحدة‪ ،‬انظر مثالً‪ :‬املو�سوعة الفل�سطينية‪ ،‬ج ‪� ،1‬ص ‪،362-360‬‬
‫و‪ ،563-552‬وج ‪� ،2‬ص ‪.260‬‬
‫ ‪� 2‬صالح خلف‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.98-96‬‬
‫ ‪ 3‬املو�سوعة الفل�سطينية‪ ،‬ج ‪� ،2‬ص ‪.641-638‬‬
‫ ‪ 4‬ح�سب امل�صادر الإ�رسائيلية ف�إن خ�سائر م‪.‬ت‪.‬ف حتى منت�صف متوز‪ /‬يوليو ‪ 1982‬كانت �ألف �شهيد‬
‫و�ستة �آالف �أ�سري‪ ،‬وخ�رست �سورية ‪� 370‬شهيدا ً و�ألف جريح و‪� 250‬أ�سرياً‪ ،‬كما خ�رست �سورية‬
‫‪ 400-350‬دبابة‪ ،‬و‪ 86‬طائرة مقاتلة‪ ،‬وخم�س طائرات مروحية‪ ،‬و‪ 19‬من�صة �إطالق �صواريخ‪ ،‬وخ�رس الكيان‬
‫الإ�رسائيلي ‪ 40-35‬دبابة‪ ،‬وطائرة حربية واحدة‪ ،‬وطائرتي مروحية‪ ،‬و‪ 300‬قتيل‪ ،‬و‪ 1,600‬جريح‪ .‬انظر‪:‬‬
‫‪Chaim Herzog, The Arab-Israeli Wars: War & Peace in the Middle East (New York & London:‬‬
‫‪Random House, 1982), p. 353.‬‬
‫ ‪ 5‬حول هذه العمليات‪ ،‬انظر‪ :‬املو�سوعة الفل�سطينية‪ ،‬ج ‪� ،2‬ص ‪ ،314-313‬و‪ ،567‬وج ‪� ،3‬ص ‪ ،662-661‬وج ‪،4‬‬
‫�ص ‪.42‬‬
‫ً‬
‫‪ 6‬حول م�شاريع الت�سوية‪ ،‬انظر مثال‪ :‬منري الهور وطارق العي�سى‪ ،‬م�شاريع الت�سوية للق�ضية الفل�سطينية‬
‫‪ ،1985-1947‬ط ‪( 2‬ع ّمان‪ :‬دار اجلليل للن�رش‪.)1986 ،‬‬
‫‪ 7‬حول احلرب على اجلبهة ال�سورية‪ ،‬انظر‪ :‬هيثم الكيالين‪ ،‬اال�سرتاتيجيات الع�سكرية للحروب العربية‬
‫الإ�رسائيلية (بريوت‪ :‬مركز درا�سات الوحدة العربية‪� ،)1991 ،‬ص ‪372-368‬؛ واملو�سوعة الفل�سطينية‪،‬‬
‫ج ‪� ،2‬ص ‪191-188‬؛ وحممد بن عبد الغني النواوي‪ ،‬ر�ؤية �إ�سالمية يف ال�رصاع العربي الإ�رسائيلي (د‪.‬م‪ :‬د‪.‬ن‪،‬‬
‫‪ ،)1983‬ج ‪� ،1‬ص ‪452‬؛ وانظر‪:‬‬
‫‪Chaim Herzog, op. cit., pp. 285–307.‬‬
‫ ‪ 8‬هيثم الكيالين‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.452-448‬‬
‫‪ 9‬انظر‪ :‬حم�سن حممد �صالح‪ ،‬الطريق �إىل القد�س‪� ،‬ص ‪.198-196‬‬
‫‪ 10‬حول التيار الإ�سالمي يف هذه الفرتة‪ ،‬انظر‪ :‬املرجع نف�سه‪� ،‬ص ‪.170-164‬‬
‫ ‬

‫‪108‬‬
‫الف�صل اخلام�س‬

‫قـ�ضـيـــة فـل�ســـطـيـن‬
‫‪2000–1987‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2000–1987‬‬

‫ق�ضية فل�سطني ‪2000–1987‬‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫بقدر ما جتلت قدرات ال�شعب الفل�سطيني‪ ،‬يف هذه املرحلة‪ ،‬على الت�ضحية والعطاء‪،‬‬
‫بقدر ما كانت احل�صيلة ال�سيا�سية خميبة للآمال‪ .‬وبقدر ما تلألأت �أنوار االنتفا�ضة‬
‫املباركة معربة عن �أ�صالة �شعب مقهور‪ ،‬يواجه �أطفاله ون�سا�ؤه دبابات ال�صهاينة‬
‫باحلجارة‪ ،‬والأرواح املتطلعة �إىل احلرية وال�شهادة‪ ،‬بقدر ما زكمت الأنوف اتفاقيات‬
‫�أو�سلو ‪ Oslo Accords‬وممار�سات ال�سلطة الفل�سطينية �ض ّد �أبناء �شعبها وجماهديها‪.‬‬
‫وباخت�صار ف�إن �أبرز معامل هذه املرحلة‪:‬‬
‫• اندالع االنتفا�ضة املباركة (‪ ،)1993-1987‬وبروز التيار الإ�سالمي املجاهد‪.‬‬
‫• اتفاقيات �أو�سلو بني م‪.‬ت‪.‬ف وال�صهاينة �سنة ‪ ،1993‬والتنازالت املريعة عن حقوق‬
‫�شعب فل�سطني‪.‬‬
‫• �ضعف وتفكك و�رصاع داخلي عربي ‪ -‬عربي �إثر ا�ستيالء العراق على الكويت‪ ،‬وما‬
‫تبع ذلك من حرب ومعاناة وعداوات‪.‬‬
‫ • توقيع الأردن اتفاقية ت�سوية مع الكيان ال�صهيوين‪.‬‬
‫• انهيار االحتاد ال�سوفييتي وتفككه‪ ،‬وانهيار منظومة الدول اال�شرتاكية يف �رشقي‬
‫�أوروبا‪ ،‬والهجرة اليهودية الهائلة منها �إىل الكيان ال�صهيوين‪ ،‬وا�ستفراد �أمريكا‬
‫بال�سيطرة العاملية‪.‬‬

‫�أو ًال‪ :‬االنتفا�ضة املباركة‪:‬‬


‫حدثت �رشارة االنتفا�ضة املباركة يف يوم ‪� ،1987/12/9‬إثر ا�ست�شهاد �أربعة ع ّمال‬
‫فل�سطينيني يف حادث ده�س متعمد يف اليوم الذي �سبقه‪ .‬وقد قررت احلركة الإ�سالمية‬
‫منذ تلك الليلة امل�شاركة يف االنتفا�ضة وتوجيهها‪ ،‬فبد�أت برتتيبها املظاهرات العارمة بعد‬
‫�صالة فجر ‪ 9‬كانون الأول‪ /‬دي�سمرب من م�سجد خميم جباليا‪ ،‬و�سقط ال�شهيد حامت‬
‫�أبو �سي�س‪ ،‬ثم �سقط ال�شهيد رائد �شحادة يف مظاهرة �أخرى قرب م�ست�شفى ال�شفاء‪.‬‬
‫وتواىل �سقوط ال�شهداء‪ ،‬وات�سعت املظاهرات لتعم �أرجاء ال�ضفة والقطاع‪ ،‬ولي�شارك فيها‬
‫كافة �أبناء ال�شعب‪ .‬ومتيزت هذه االنتفا�ضة ب�أربعة مظاهر‪:‬‬

‫‪111‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫�أن �أهل “الداخل” املحتل (ال�ضفة والقطاع)‬ ‫‪ .1‬‬


‫�أخذوا زمام املبادرة الن�ضالية اجلهادية‪ ،‬بعد‬
‫�أن كانت بيد العمل من “اخلارج”‪.‬‬
‫�أن التيار الإ�سالمي �شارك بقوة وعنف‬ ‫‪ .2‬‬
‫وفاعلية‪ ،‬وبرز على �ساحة املواجهة بحج ٍم‬
‫منظ ٍم م�ؤثر‪.‬‬
‫�أنها �شملت كافة قطاعات ال�شعب الفل�سطيني‬ ‫‪ .3‬‬
‫واجتاهاته وفئاته ال ُع ْمرية‪.‬‬
‫�أنها ات�سمت باجلر�أة‪ ،‬والت�ضحية‪ ،‬وامل�شاركة‬ ‫‪ .4‬‬
‫الوا�سعة للأطفال والفتيان والن�ساء‪ ،‬وباملظاهر‬
‫النبيلة من �إيثار وتعاون و�شهامة‪ ،‬وبالق�ضاء‬
‫على مظاهر العمالة والف�ساد‪.‬‬
‫ومتيزت املرحلة الأوىل من االنتفا�ضة‬
‫باملواجهات ال�شعبية الوا�سعة والإ�رضابات‪،‬‬
‫واملظاهرات‪ ،‬ومقاطعة الإدارة املدنية‬
‫ال�صهيونية‪ ،‬وتنظيف املجتمع من العمالء‬
‫ومروجي الف�ساد واملخدرات‪ .‬وبعد نحو �أربع‬
‫�سنوات �أخذت تربز املرحلة الثانية‪ ،‬التي �شهدت‬
‫تنامي العمليات امل�سلحة �ض ّد ال�صهاينة‪ ،‬مع‬
‫• م�شاهد من االنتفا�ضة املباركة‬ ‫تراجع الأن�شطة اجلماهريية الوا�سعة‪ .‬وقد ع َّدت‬
‫�سنة ‪1987‬‬
‫حركة فتح وحلفا�ؤها يف م‪.‬ت‪.‬ف اتفاقية �أو�سلو‬
‫(�أيلول‪� /‬سبتمرب ‪ )1993‬نهاية لالنتفا�ضة‪،‬‬
‫ف�أوقفت فاعلياتها‪� ،‬أما اجلهات الأخرى وخ�صو�صا ً حما�س واجلهاد الإ�سالمي فقد‬
‫ا�ستمرتا يف فعالياتهما‪ ،‬بل و�ص ّعدتا من عملياتهما اجلهادية‪ .‬غري �أن ت�شكيل ال�سلطة‬
‫الفل�سطينية يف الأر�ض املحتلة (�أيار‪ /‬مايو ‪� )1994‬أفقد االنتفا�ضة كثريا ً من وهجها‪،‬‬
‫كما �أفقدها امل�شاركة ال�شعبية اجلماهريية اليومية‪ ،‬فاقت�رص الأمر ب�شكل �أكرب على‬
‫�أع�ضاء احلركات والتنظيمات‪.‬‬

‫‪112‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2000–1987‬‬

‫وعلى �أي حال‪ ،‬ف�إن ال�سنوات ال�ست لالنتفا�ضة (كانون الأول‪ /‬دي�سمرب ‪- 1987‬‬
‫كانون الأول‪ /‬دي�سمرب ‪ )1993‬ح�سب �إح�صائية �أعدتها م‪.‬ت‪.‬ف قد �شهدت ا�ست�شهاد‬
‫‪ 1,540‬فل�سطينياً‪ ،‬وبلغ عدد اجلرحى ‪� 130‬ألفاً‪ ،‬كما اعتقل نحو ‪� 116‬ألفا ً ملد ٍد خمتلفة‪.1‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬ن�ش�أة حركة حما�س‪:‬‬


‫تالزم �إن�شاء حركة املقاومة الإ�سالمية “حما�س” مع بداية االنتفا�ضة‪ ،‬و�أ�صدرت‬
‫بيانها الأول يف ‪ ،1987/12/14‬واعتُربت من �أكرث الأطراف فاعلية‪� ،‬إن مل تكن �أبرزها‪.‬‬
‫جناح للإخوان امل�سلمني وامتدا ٌد لهم‪ ،‬وذكرت يف‬
‫ٌ‬ ‫وقد ع َّرفت حما�س نف�سها ب�أنها‬
‫ميثاقها �أنها “تعترب الإ�سالم منهجها‪ ،‬منه ت�ستمد �أفكارها ومفاهيمها وت�صوراتها‪،‬‬
‫و�إليه حتتكم‪ ،‬ومنه ت�سرت�شد خطاها”‪ .‬وهدفت �إىل حترير فل�سطني‪ ،‬و�إقامة دولة‬
‫الإ�سالم على �أر�ضها‪ ،‬ودعت �إىل تربية متكاملة للأجيال لتحقيق الغايات املرجوة‪.‬‬
‫وقد ا�ستطاعت حما�س �أن حتقق �شعبية وا�سعة‪ ،‬فكان م�ؤيدوها‪ ،‬وما يزالون‪،‬‬
‫يحققون من ثلث �إىل ن�صف الأ�صوات عادة يف االنتخابات الطالبية والنقابات املهنية‪،‬‬
‫كما يف جامعات النجاح وغزة واخلليل وبريزيت والقد�س‪ ،‬ونقابات املهند�سني والأطباء‬
‫وال�صيادلة واملحامني واملعلمني‪ ،‬وغرف التجارة‪ .‬ويف مقابلة �صحفية للدكتور ه�شام‬
‫�رشابي املعروف مبيوله العلمانية قال �إن حما�س هي ال�شكل اجلديد للمقاومة‪ ،‬و�أنها‬
‫“جنحت حتى الآن فيما عجزت عنه م‪.‬ت‪.‬ف وف�صائلها خالل �أكرث من ربع قرن يف‬
‫ا�ستنباط �أ�شكال جديدة لتنظيم ال�شعب الفل�سطيني‪ ،‬ومتكينه من ال�رصاع الع�سكري‬
‫الفعال با�ستقالل عن كل عون خارجي”‪.2‬‬
‫وترى حما�س �أنه يف مثل هذه الظروف من العلو ال�صهيوين‪ ،‬والت�آمر الدويل‪ ،‬وال�ضعف‬
‫ال�سيا�سي الفل�سطيني‪ ،‬والتمزق والت�رشذم العربي والإ�سالمي‪ ،‬ف�إن عملها ال ي�ستهدف‬
‫حترير فل�سطني عاجالً ومبا�رشة‪ ،‬و�إمنا يتعامل معها كمعركة تتداولها الأجيال‪ ،‬ويف هذه‬
‫الأجواء ف�إنها ت�سعى �إىل جتاوز املرحلة باملحافظة على احلق و�إبقاء جذوة اجلهاد‪ .‬وقد‬
‫�أمكن لها مواجهة التحديات من خالل نوعية الرجال الذين قدمتهم وامل�ستعدين للت�ضحية‬
‫واال�ست�شهاد‪ ،‬حتى �إن املحللني الإ�رسائيليني يعرتفون �أن “حما�س قد �صكت مناذج جديدة‬
‫للإن�سان الفل�سطيني وهم اال�ست�شهاديون اجلدد”‪ ،‬و�أ�شار �أحد خرباء ال�صهاينة �إىل ما‬
‫تتمتع به حما�س من ديناميكية ومبادرة‪ .‬كما اعرتف اجلرنال �أوري �ساغي ‪Uri Sagi‬‬

‫‪113‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫رئي�س �شعبة اال�ستخبارات الع�سكرية ال�سابق ب�أن لدى حما�س �أ�ساليب عمل متطورة‪،‬‬
‫وم�ستوى عال ٍمن ال�رسية‪ ،‬و�أنها تنفذ عمليات بارزة وقا�سية‪ .‬وقد ا�ستطاعت حما�س �أن‬
‫تتمتع بحيوية مكنتها من تبديل عدد من الأجيال القيادية يف وقت ق�صري‪ .‬فكلما ك�شفت �أو‬
‫ا�ست�شهدت �أو �سجنت قيادتها‪ ،‬ظهر من يحل مكانها ويوا�صل العمل‪.‬‬
‫كان اجلهاز الع�سكري حلما�س “املجاهدون الفل�سطينيون” خالل االنتفا�ضة‬
‫املباركة بقيادة ال�شيخ �صالح �شحادة‪ ،‬قد متكن من خطف وقتل الرقيب ال�صهيوين �آيف‬
‫�سا�سبورت�س ‪ Avi Sasportas‬يف ‪ ،1989/2/3‬واجلندي �إيالن �سعدون ‪Ilan Saʻadon‬‬
‫�ضب هذا اجلناح‬ ‫يف ‪ ،1989/5/3‬لكن �رسعان ما ُ‬
‫الع�سكري يف �أيار‪ /‬مايو ‪� 1989‬إثر احلملة ال�رش�سة‬
‫التي قادتها �سلطات االحتالل‪ .‬ثم �شكلت حما�س‬
‫جناحها الع�سكري احلايل “كتائب عز الدين الق�سام”‬
‫يف �أيار‪ /‬مايو ‪ 1990‬الذي ح ّل حمل “املجاهدون‬
‫الفل�سطينيون”‪.‬‬
‫• �إيالن �سعدون و�آيف �سا�سبورت�س‬

‫ويف ‪ 1992/12/13‬قامت حما�س‬


‫باختطاف اجلندي ن�سيم توليدانو ‪Nissim‬‬
‫‪ Toledano‬واملطالبة يف مقابل الإفراج عنه‬
‫بالإفراج عن ال�شيخ �أحمد يا�سني‪ ،‬وعلى‬
‫�إثر رف�ض رئي�س وزراء العدو �إ�سحق‬
‫• مبعدو مرج الزهور‬ ‫رابني ‪ Yitzhak Rabin‬التجاوب مع‬
‫مطالبها قامت احلركة بت�صفية اجلندي‪،‬‬
‫وهو ما دفع رابني للإعالن يف الكني�ست‬
‫عن احلرب ال�شاملة على حركة حما�س؛‬
‫فتم اعتقال ‪ 1,300‬من �أن�صار حما�س‪ ،‬كما‬
‫�أقدمت ال�سلطات الإ�رسائيلية على �أكرب‬
‫عملية تهجري و�إبعاد بعد حرب ‪،1967‬‬
‫عندما قامت ب�إبعاد ‪ 415‬غالبيتهم ال�ساحقة‬
‫• عبد العزيز الرنتي�سي وعزيز الدويك يف‬ ‫(نحو ‪ )380‬من القيادات الإ�سالمية املدنية‬
‫مرج الزهور‬

‫‪114‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2000–1987‬‬

‫املح�سوبة على حما�س‪ .‬غري �أن رف�ض املبعدين للإبعاد و�صمودهم يف “مرج الزهور”‬
‫على احلدود مع لبنان‪� ،‬أك�سبهم املعركة الإعالمية الدولية �ض ّد االحتالل‪ ،‬وو�سع دائرة‬
‫االهتمام بحركة حما�س‪ ،‬وزاد من �شعبيتها‪ ،‬مما ا�ضطر ال�سلطات الإ�رسائيلية �إىل املوافقة‬
‫على العودة التدريجية للمبعدين‪ ،‬والتي اكتملت بعد عام من الإبعاد‪.3‬‬
‫وح�سب درا�سة لغ�سان دوعر‪ ،‬فقد نفذت حما�س �سنة ‪ 1993‬ما جمموعه ‪ 138‬عملية‪،‬‬
‫خ�رس جراءها الكيان الإ�رسائيلي ح�سبما �أعلن بنف�سه ‪ 79‬قتيالً و‪ 220‬جريحا ً‪.4‬‬
‫وبالرغم من �أن دخول‬
‫م‪.‬ت‪.‬ف يف ت�سوية مع الكيان‬
‫ال�صهيوين‪ ،‬وتوليها احلكم‬
‫الذاتي يف املناطق ال�سكانية‬
‫يف ال�ضفة والقطاع (منذ �سنة‬
‫‪ )1994‬جعل العمل اجلهادي‬
‫�أمرا ً يكاد يكون م�ستحيالً‪،‬‬
‫�إال �أن الفرتة ‪1998-1994‬‬
‫• مذبحة احلرم الإبراهيمي (التي نفذها باروخ‬
‫جولد�شتاين على ي�سار ال�صورة)‬
‫�شهدت تطورا ً نوعيا ً يف‬
‫الع ـم ـل ـيــات وخــ�ص ــو�ص ـا ً‬
‫اال�ست�شهادية منها‪ .‬ومن ذلك ر ُّدها على مذبحة احلرم الإبراهيمي يف ‪1994/2/25‬‬
‫بخم�س عمليات عنيفة‪� ،‬أدت �إىل قتل ما جمموعه‬
‫‪� 39‬إ�رسائيليا ً وجرح ‪� 158‬آخرين‪ .‬وردها‬
‫على ا�ست�شهاد يحيى عيا�ش‪ ،‬الذي اغتيل يف‬
‫‪( 1996/1/5‬والذي كان مهند�سا ً لعمليات �أدت‬
‫لقتل ‪� 70‬إ�رسائيليا ً وجرح ‪� 340‬آخرين)‪ ،‬بعدة‬
‫عمليات يف الفرتة ‪ ،1996/3/3-2/25‬مما �أ�سفر‬
‫عن قتل ‪� 45‬إ�رسائيليا ً وجرح ‪� 113‬آخرين ح�سب‬
‫امل�صادر الإ�رسائيلية‪ .‬وقد هزت هذه العمليات‬
‫الكيان ال�صهيوين‪ ،‬وا�ستدعت عقد م�ؤمتر دويل‬
‫مب�شاركة الدول الكربى ملا �أ�سموه “حماربة‬
‫• املهند�س يحيى عيا�ش‬

‫‪115‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫الإرهاب”‪ .‬و�شعرت �أن م�رشوعها ال�سلمي �أ�صبح يف “مهب الريح” على ح ّد تعبري القيادي‬
‫الفل�سطيني �صائب عريقات‪ .‬وقام ال�صهاينة وال�سلطة الفل�سطينية‪ ،‬وبالتعاون املبا�رش مع‬
‫�أمريكا‪ ،‬وبا�ستخدام كافة التقنيات الأمنية‪ ،‬بحملة �شعواء ا�ستهدفت اجتثاث كل ما له �صلة‬
‫بالتيار الإ�سالمي احلركي‬
‫املقاوم يف فل�سطني‪.‬‬
‫وم ّرت حما�س واجلهاد‬
‫الإ�سالمي‪ ،‬مبرحلة من‬
‫�أق�سى املراحل‪ ،‬وعانت‬
‫من �رضبات قا�سية‪.‬‬
‫ومتكنت ال�سلطة من تفكيك‬
‫• حمي الدين ال�رشيف وعماد وعادل عو�ض اهلل‬
‫معظم ‪� ،‬إن مل يكن كافة‪،‬‬
‫خاليا املقاومة‪ .‬ومل يتم تنفيذ �سوى عمليات حمدودة جدا ً للمقاومة حتى �سنة ‪،2000‬‬
‫بينما ا�ست�شهد عدد من رموز العمل الع�سكري املقاوم �أمثال حمي الدين ال�رشيف وعماد‬
‫عو�ض اهلل وعادل عو�ض اهلل‪.‬‬
‫وعانت حما�س من ال�ضغوط واملحاربة يف اخلارج‪،‬‬
‫فكان اعتقال مو�سى �أبو مرزوق يف �أمريكا (متوز‪/‬‬
‫يوليو ‪� - 1995‬أيار‪ /‬مايو ‪ )1997‬وحماولة اغتيال خالد‬
‫م�شعل يف ‪ ،1997/9/25‬و�إغالق مكاتب احلركة يف الأردن‬
‫يف �آخر �آب‪� /‬أغ�سط�س ‪ ،1999‬و�إبعاد �أربعة من قادتها من‬
‫الأردن (بعد �سجنهم �أكرث من �شهرين ون�صف) �إىل قطر يف‬
‫• مو�سى �أبو مرزوق‬
‫ت�رشين الثاين‪ /‬نوفمرب ‪.1999‬‬
‫وبالرغم من التن�سيق ال�صهيوين –‬
‫ال�سلطوي الفل�سطيني – الدويل الجتثاث‬
‫هذه احلركة �إال �أن �أن�صارها ظلوا يفوزون يف‬
‫االنتخابات الطالبية والنقابية‪ ،‬وظلّت حما�س‬
‫تتمتع بثقل �شعبي كبري يف الداخل واخلارج‪.5‬‬
‫ومن جهة �أخرى‪ ،‬ف�إن حركة اجلهاد‬
‫الإ�سالمي قامت بعدد من العمليات النوعية‬ ‫• حماولة اغتيال خالد م�شعل‬

‫‪116‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2000–1987‬‬

‫واال�ست�شهادية مثل عمليات نت�سارمي ‪ Netzarim‬يف ت�رشين الثاين‪ /‬نوفمرب ‪،1994‬‬


‫وبيت ليد يف كانون الثاين‪ /‬يناير ‪ ،1995‬وتل �أبيب يف �آذار‪ /‬مار�س ‪ .1996‬وهي تتعر�ض‬
‫لنف�س ما تتعر�ض له حما�س من �ضغوط ومطاردة‪ .‬وقد ا�ست�شهد قائدها فتحي ال�شقاقي‬
‫يف عملية نفذها املو�ساد الإ�رسائيلي يف ‪ .1995/10/26‬وت�شري االنتخابات الطالبية �إىل‬
‫متتع هذه احلركة بنحو ‪ %5-3‬من �أ�صوات الناخبني‪.‬‬

‫ثالث ًا‪ :‬م‪.‬ت‪.‬ف‪ :‬مــن الكفــاح امل�ســ ّلح �إلــى الت�ســوية‬


‫ال�سلمية‪:‬‬
‫عانت م‪.‬ت‪.‬ف من ا�ست�ضعاف �سيا�سي �إثر املحاوالت املتوالية الجتثاثها ع�سكرياً‪،‬‬
‫وو�صلت حالة تهمي�شها مدى كبريا ً يف م�ؤمتر القمة العربي يف ع ّمان يف ت�رشين الأول‪/‬‬
‫�أكتوبر ‪ .1987‬وعندما اندلعت االنتفا�ضة املباركة ع ّدتها م‪.‬ت‪.‬ف رافعة �سيا�سية لها‪،‬‬
‫فحاولت ا�ستثمارها ب�شكل مبكر‪ .‬فقامت بت�شكيل القيادة الوطنية املوحدة لالنتفا�ضة‬
‫(بعد �شهر من اندالعها)‪ ،‬و�شاركت الف�صائل الفل�سطينية وخ�صو�صا ً فتح بفعالية يف‬
‫االنتفا�ضة‪ .‬ور َّد الكيان ال�صهيوين باغتياله لأبي جهاد رحمه اهلل (الرجل الثاين يف م‪.‬ت‪.‬ف‬
‫ويف فتح) يف تون�س يف ‪ ،1988/4/16‬وذلك �ضمن حملته ال�رش�سة لقمع االنتفا�ضة‪ .‬وقد‬
‫ا�ستفادت م‪.‬ت‪.‬ف من قيام الأردن ِبف ّك روابطه الإدارية والقانونية مع ال�ضفة الغربية يف‬
‫‪ ،1988/7/31‬لت�ؤكد متثيلها الر�سمي الوحيد لأهل ال�ضفة الغربية‪ ،‬ولتخو�ض ما �أ�سمته‬
‫“هجوم ال�سالم الفل�سطيني”‪.‬‬
‫ويف املجل�س الوطني الفل�سطيني التا�سع ع�رش (‪ )1988/11/15-12‬والذي يتبع‬
‫مت و�ضع برنامج فل�سطيني قائم على االعرتاف بقرار الأمم املتحدة رقم ‪181‬‬ ‫م‪.‬ت‪.‬ف ّ‬
‫ل�سنة ‪ 1947‬والقا�ضي بتق�سيم فل�سطني لدولتني عربية ويهودية‪ .‬واعرتفت م‪.‬ت‪.‬ف‬
‫لأول مرة بقرار ‪ 242‬ال�صادر عن جمل�س الأمن يف ت�رشين الثاين‪ /‬نوفمرب ‪ .1967‬ودعت‬
‫�إىل ت�سوية �سيا�سية من خالل م�ؤمتر دويل‪ .‬وحتى “يتجرع” الفل�سطينيون كل هذه‬
‫“املرارات” فقد �أعلن املجل�س “ا�ستقالل فل�سطني”‪ .‬ولقد لقي هذا الإعالن ترحيبا ً دوليا ً‬
‫وا�سعاً‪ ،‬حيث اعرتفت بهذه الدولة �أكرث من مئة دولة خالل ب�ضعة �أ�شهر‪ .‬وبالرغم‬
‫من �أن الواليات املتحدة ودول �أوروبا الغربية مل تعرتف بها‪ ،‬وبالرغم من �أنها عمليا ً‬

‫‪117‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫كانت “�أمالً” مل يقم بعد على �أر�ض الواقع‪� ،‬إال �أن ذلك �أعاد حتريك الق�ضية دولياً‪ ،‬و�أعاد‬
‫ملنظمة التحرير الفل�سطينية ح�ضورها ال�سيا�سي‪ ،‬بعد �أن ر�ضيت لنف�سها “بتقزمي”‬
‫مطالبها و“ق�صق�صة” براجمها الن�ضالية‪.‬‬

‫• املجل�س الوطني الفل�سطيني الـ ‪ 19‬يف اجلزائر‪1988 ،‬‬

‫ويف �أواخر الثمانينيات و�أوائل الت�سعينيات حدثت تغريات على امل�ستوى العربي‬
‫والدويل �أ�ضعفت كثريا ً املوقف الفل�سطيني والعربي‪ .‬فقد حدث مزيد من ال�ضعف‬
‫والتفكك يف ال�ساحة العربية‪ ،‬خ�صو�صا ً �إثر االجتياح العراقي للكويت يف ‪ 1990/8/2‬وما‬
‫نتج عنه من عداء بني البالد العربية‪ ،‬وا�ستنزاف املوارد والرثوات العربية‪ ،‬وتدمري البنية‬
‫الع�سكرية للعراق‪ ،‬وتهجري وهجرة مئات الآالف من الفل�سطينيني من الكويت يف �أثناء‬
‫االجتياح العراقي‪ ،‬وبعد ان�سحابه منها‪ ،‬وما تاله من حجب الدعم عن م‪.‬ت‪.‬ف‪ ...‬وب�شكل‬
‫عام ف�إن هذا االجتياح وما ا�ستتبعه من “حرب اخلليج” ونتائجها‪ ،‬كان له �آثار كارثية‬
‫على ق�ضية فل�سطني‪.‬‬
‫�أما يف الإطار الدويل‪ ،‬فقد �شهدت هذه الفرتة انهيار االحتاد ال�سوفييتي وتفككه‪،‬‬
‫وكذلك كتلة الدول اال�شرتاكية‪ ،‬وحتولها من حالة املناف�سة والعداء مع �أمريكا وحلفائها‬
‫�إىل حالة من التوافق و“اال�سرت�ضاء”‪ ،‬يف �ضوء التحول نحو الر�أ�سمالية والدميوقراطية‬

‫‪118‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2000–1987‬‬

‫الغربية‪ ،‬واحلاجة �إىل امل�ساعدات االقت�صادية من الغرب‪ .‬وقد �أ�سهم ذلك يف اختالل‬
‫التوازن ال�سيا�سي الدويل‪ ،‬الذي كان ي�ستفيد منه اجلانب الفل�سطيني والعربي �إىل ح ّد ما‪،‬‬
‫عندما كانت هناك حالة من التنافر واال�ستقطاب ت�سمح مبجالٍ للمناورة‪.‬‬
‫وهكذا برزت الواليات املتحدة كقوة وحيدة �أوىل يف العامل‪،‬‬
‫خ�صو�صا ً بعد حرب اخلليج يف �أوائل �سنة ‪ .1991‬وزاد الو�ضع‬
‫�سوءا ً تزايد النفوذ اليهودي ال�صهيوين فيها‪ ،‬حتى �إنه ّ‬
‫عي يف‬
‫�إدارة الرئي�س الأمريكي بيل كلينتون‬
‫‪ Bill Clinton‬وزراء يهود يف منا�صب‬
‫ح�سا�سة‪ ،‬مثل وزيرة اخلارجية مادلني‬
‫• بيل كلينتون‬ ‫�أولربايت ‪،Madeleine Albright‬‬
‫ووزير املالية روبرت روبني ‪Robert‬‬
‫‪ ،Rubin‬ووزير الدفاع وليم كوهني‬
‫• دان جيلكمان‬
‫‪ ،William Cohen‬ووزير الزراعة‬
‫دان جيلكمان ‪.Dan Glickman‬‬
‫هذا بالإ�ضافة �إىل وجود �سبعة يهود‬
‫من �أ�صل �أحد ع�رش يف جمل�س الأمن‬
‫• روبرت روبني‬ ‫القومي‪ ،‬ورئا�سة اليهودي �آالن‬
‫‪Alan‬‬ ‫جرين�سبان ‪Greenspan‬‬
‫• �آالن جرين�سبان‬ ‫ملجل�س االحتياط الفيدرايل الأمريكي‬
‫(البنك املركزي)‪ ،‬واليهودي جورج‬
‫تينيت ‪ George Tenet‬لوكالة‬
‫املخابرات املركزية ‪ CIA‬وغريها‪.‬‬

‫• وليم كوهني‬ ‫وقد ا�ستثمرت الواليات املتحدة‬


‫ذلك يف فر�ض هيمنتها و�إدارتها‬
‫وت�صوراتها لنظام عاملي جديد‪ ،‬كما‬
‫• جورج تينيت‬
‫�سعت لإغالق امللف الفل�سطيني مبا‬
‫يخدم م�صالح حليفها اال�سرتاتيجي “�إ�رسائيل”‪ .‬بينما قطف الكيان الإ�رسائيلي ثمارا ً‬
‫غالية نتيجة انهيار االحتاد ال�سوفييتي والدول اال�شرتاكية‪ ،‬ف�أعادت هذه الدول عالقاتها‬

‫‪119‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫الديبلوما�سية معها‪ ،‬كما فتحت �أبواب الهجرة اليهودية �إىل‬


‫فل�سطني املحتلة‪ ،‬خ�صو�صا ً من االحتاد ال�سوفييتي‪ ،‬وقد‬
‫احتفل الكيان ال�صهيوين يف ‪ 2000/5/7‬بقدوم املهاجر رقم‬
‫مليون منذ بداية موجة الهجرة من االحتاد ال�سوفيتيي يف‬
‫�أيلول‪� /‬سبتمرب ‪ ،1989‬وقام رئي�س الوزراء با�ستقباله بنف�سه‪.6‬‬
‫و�شملت موجة الهجرة هذه نحو ‪� 92‬ألف عامل متخ�ص�ص يف‬
‫�شتى املجاالت‪ ،7‬بينهم عدة �آالف متخ�ص�صون يف ال�صناعات‬
‫النووية‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل الكثري من الكفاءات الع�سكرية العالية‪،‬‬
‫• مهاجرون يهود‬
‫مما زاد من خطورة الكيان الإ�رسائيلي وم�رشوعه يف املنطقة‪.‬‬
‫ويف هذه الأجواء املثالية لأمريكا و“�إ�رسائيل”‪ ،‬جنحت‬
‫الواليات املتحدة يف ج ّر البالد العربية �إىل م�ؤمتر ال�سالم‬
‫العربي الإ�رسائيلي يف مدريد يف ت�رشين الأول‪� /‬أكتوبر‬
‫‪ ،1991‬تلته مفاو�ضات عربية �إ�رسائيلية مبا�رشة‪ .‬ومل‬
‫تنفع نحو �سنتني من املفاو�ضات بني اجلانب الفل�سطيني‬
‫واجلانب الإ�رسائيلي يف ك�رس الت�صلب ال�صهيوين‪ .‬وقد‬
‫جاءت املفاج�أة عندما �أُعلن عن اتفاق �أو�سلو بني الطرفني‪،‬‬
‫• حيدر عبد ال�شايف‬
‫حيث ُك�شف النقاب عن مفاو�ضات �رسية كانت جتري بني‬
‫الطرفني منذ ‪ 1993/1/20‬من وراء ظهر الوفد الفل�سطيني الر�سمي املفاو�ض (برئا�سة‬
‫حيدر عبد ال�شايف)‪ ،‬ومن دون علم معظم قادة م‪.‬ت‪.‬ف‪ .‬وقد و ّقع االتفاق بالأحرف الأوىل‬
‫مت التوقيع عليه ر�سميا ً يف ‪ 1993/9/13‬يف وا�شنطن‬ ‫يف ‪ 1993/8/19‬يف �أو�سلو بالرنويج‪ ،‬و ّ‬
‫برعاية الرئي�س الأمريكي بيل كلينتون‪،‬‬
‫وح�ضور يا�رس عرفات ورئي�س الوزراء‬
‫الإ�رسائيلي �إ�سحق رابني‪ ،‬ووقعه عن‬
‫اجلانب الفل�سطيني حممود عبا�س‪ ،‬وعن‬
‫اجلانب الإ�رسائيلي وزير اخلارجية‬
‫�شمعون برييز ‪ ،Shimon Peres‬كما‬
‫و ّقعه وزيرا خارجية �أمريكا ورو�سيا‬
‫• توقيع اتفاقية �أو�سلو‪1993 ،‬‬ ‫ك�شاهدين‪.‬‬

‫‪120‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2000–1987‬‬

‫وقد ات�سم اتفاق �أو�سلو‪ ،8‬الذي قامت على �أ�سا�سه ال�سلطة الفل�سطينية‪ ،‬باملرحلية‪.‬‬
‫�إذ ت�ضمن حكما ً ذاتيا ً يف قطاع غزة و�أريحا �أوالً على �أن يغطي مناطق فل�سطينية �أو�سع‬
‫يف مراحل تالية خ�صو�صا ً تلك امل�أهولة بال�سكان‪ ،‬وت�شمل �صالحيات ال�سلطة التعليم‪،‬‬
‫وال�صحة‪ ،‬وال�ش�ؤون االجتماعية‪ ،‬وال�رضائب املبا�رشة‪ ،‬وال�سياحة‪ .‬بينما جتري املفاو�ضات‬
‫حول الق�ضايا احل�سا�سة والو�ضع النهائي بعد �سنتني من بدء احلكم الذاتي‪ .‬على �أن‬
‫ال�سلوك ال�صهيوين ات�سم باملماطلة والت�سويف والتعجيز‪ ،‬بحيث م َّر �إعطاء ال�صالحيات‬
‫للفل�سطينيني بكثري من التعقيدات التي عادة ما كان جوهرها مطالبة “ال�سلطة” بالنجاح‬
‫يف “االختبار” الإ�رسائيلي يف �رضب حما�س وحركات املقاومة‪ ،‬وتقدمي ال�سلطة ملزيد من‬
‫التنازالت‪.‬‬
‫مت عقد عدة اتفاقيات تف�صيلية تالية‪ ،‬فكان اتفاق القاهرة يف ‪ ،1994/5/4‬واتفاق‬ ‫و ّ‬
‫طابا يف ‪ ،1995/9/28‬مرورا ً باتفاقية واي ريفر بالنتي�شن ‪Wye River Plantation‬‬
‫‪ Agreement‬يف ‪ ،1998/10/23‬ومذكرة �رشم ال�شيخ يف ‪ .1999/9/4‬ووزعت مناطق‬
‫احلكم الذاتي �إىل مناطق (�أ) و(ب)‪ .‬وحتى �سنة ‪ 2000‬مل تكن ال�سلطة ت�سيطر �سوى على‬
‫‪ %18‬من �أرا�ضي ال�ضفة حتت بند (�أ) حيث �سيطرتها الأمنية والإدارية‪ ،‬ونحو ‪ %22‬من‬
‫�أرا�ضي ال�ضفة حتت بند (ب) حيث ت�سيطر �إداريا ً بينما يكون الإ�رشاف الأمني م�شرتكا ً‬
‫مع ال�صهاينة‪.‬‬
‫انق�سم ال�شعب الفل�سطيني يف مواقفه من اتفاقيات �أو�سلو وعملية ال�سالم‪ .‬فقد كانت‬
‫حركة فتح العمود الفقري لدعم االتفاق‪ ،‬ت�ؤيدها بع�ض الف�صائل الفل�سطينية ال�صغرية‬
‫مثل االحتاد الدميقراطي الفل�سطيني (فدا)‪� ،‬إذ ر�أوا يف هذا االتفاق �أف�ضل طريقة عملية‬
‫ال�ستعادة ال�ضفة الغربية وقطاع غزة و�إقامة الدولة الفل�سطينية امل�ستقلة‪ .‬من ناحية‬
‫�أخرى‪ ،‬كانت هناك معار�ضة �شديدة التفاقية ال�سالم بني الف�صائل الإ�سالمية والي�سارية‬
‫والوطنية‪ ،‬وبالتايل ت�ش ّكل “حتالف الف�صائل الع�رش”‪ ،‬و�أبرز قواه حركة حما�س‪ ،‬وحركة‬
‫اجلهاد الإ�سالمي‪ ،‬واجلبهة ال�شعبية‪ ،‬واجلبهة الدميوقراطية لتحرير فل�سطني �إىل جانب‬
‫�ستة ف�صائل �أخرى‪ .‬عالوة على ذلك‪ ،‬لقد عار�ض العديد من قادة فتح اتفاقيات �أو�سلو‪،‬‬
‫مبا يف ذلك فاروق القدومي‪ ،‬وخالد احل�سن‪ ،‬وحممد جهاد‪ ،‬وحممد غنيم‪� ،‬إلخ‪.‬‬

‫‪121‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫وب�شكل عام‪ ،‬ف�إن �أبرز االنتقادات واملالحظات على اتفاق �أو�سلو ميكن تلخي�صها‬
‫فيما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬ق�ضية فل�سطني ق�ضية كل امل�سلمني ولي�ست ق�ضية الفل�سطينيني وحدهم‪ ،‬وهي‬
‫معركة تتوارثها الأجيال‪ ،‬وال يجوز جليل �أن ير�ضخ �أو يتنازل فيغمط حقّ الأجيال‬
‫التالية‪ .‬وقد �أجمع علماء امل�سلمني الثقات على عدم جواز هذه الت�سوية بال�شكل الذي‬
‫متت فيه‪ ،‬ودعوا �إىل وجوب اجلهاد لتحرير الأر�ض املباركة‪.‬‬
‫‪ .2‬تفردت قيادة م‪.‬ت‪.‬ف باملوافقة على االتفاق واالتفاقات التي تلته‪ ،‬ومل ترجع حتى‬
‫�إىل ال�شعب الفل�سطيني نف�سه‪ ،‬الذي توجد فيه تيارات وا�سعة معرت�ضة على هذه‬
‫الت�سويات‪.‬‬
‫‪ .3‬اعرتفت قيادة م‪.‬ت‪.‬ف “بحق �إ�رسائيل يف الوجود”‪ ،‬وب�رشعية احتاللها لـ ‪ %77‬من‬
‫�أر�ض فل�سطني املحتلة �سنة ‪ ،1948‬والتي ال جتري عليها � ّأي مفاو�ضات‪.‬‬
‫مت ت�أجيلها �إىل مرحلة املفاو�ضات النهائية‪،‬‬‫‪ .4‬مل يتم التعر�ض لأخطر الق�ضايا حيث ّ‬
‫ولأن م‪.‬ت‪.‬ف تعهدت بعدم اللجوء �إىل القوة �إطالقاً‪ ،‬فقد �أ�صبح الأمر مرتبطا ً مبدى‬
‫“الكرم ال�صهيوين” الذي ميلك عنا�رص القوة و�أوراق اللعبة‪ ،‬وهذه الق�ضايا‪:‬‬
‫�أ‪ .‬م�ستقبل مدينة القد�س‪.‬‬
‫ب‪ .‬م�ستقبل الالجئني الفل�سطينيني‪.‬‬
‫ج‪ .‬م�ستقبل امل�ستعمرات ال�صهيونية يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‪.‬‬
‫د‪ .‬م�ساحة الدولة الفل�سطينية املوعودة‪ ،‬و�سيادتها على �أر�ضها‪.‬‬
‫‪ .5‬ال تت�ضمن م�س�ؤوليات ال�سلطة الفل�سطينية الأمن اخلارجي واحلدود‪ ،‬وال ي�ستطيع‬
‫�أحد دخول مناطق ال�سلطة دون �إذن �إ�رسائيلي‪ .‬وال يجوز لل�سلطة ت�شكيل جي�ش‪،‬‬
‫والأ�سلحة تدخل ب�إذن �إ�رسائيلي‪.‬‬
‫‪ .6‬للكيان ال�صهيوين حقّ النق�ض “الفيتو” على � ّأي ت�رشيعات ت�صدرها ال�سلطة خالل‬
‫املرحلة االنتقالية‪.‬‬
‫‪ .7‬ال يوجد يف االتفاقيات �إ�شارة �إىل حقّ الفل�سطينيني يف تقرير امل�صري‪� ،‬أو �إقامة دولتهم‬
‫امل�ستقلة‪ ،‬وال ت�شري االتفاقيات �إىل ال�ضفة والقطاع ك�أر�ض ٍحمتلة‪ ،‬مما يعزز االعتقاد‬
‫ب�أنها �أرا�ض ٍمتنازع عليها‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2000–1987‬‬

‫• اتفاق غزة و�أريحا �أوال ً‬

‫‪123‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫مرتجم عن الأ�صل‪ ،‬م�ؤ�س�سة �سالم ال�رشق الأو�سط ‪.FMEP‬‬

‫• مناطق احلكم الذاتي الفل�سطيني (مذكرة �رشم ال�شيخ‪)1999 ،‬‬

‫‪124‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2000–1987‬‬

‫‪ .8‬يف الوقت الذي تعهدت فيه م‪.‬ت‪.‬ف (ال�سلطة الفل�سطينية) بعدم اللجوء �إطالقا ً‬
‫للمقاومة امل�سلحة �ض ّد الكيان ال�صهيوين‪ ،‬وبحل كافة م�شاكلها بالطرق ال�سلمية‪،‬‬
‫ف�إنها يف الوقت نف�سه �أ�صبحت م�ضطرة‪ ،‬يف �ضوء تعهداتها ال�سلمية‪ ،‬لقمع و�سحق‬
‫� ّأي مقاومة م�سلحة �ض ّد الكيان ال�صهيوين‪ ،‬وحماربة �أبناء �شعبها الذين يقومون‬
‫بذلك‪ .‬ووجدت نف�سها‪ ،‬عملياً‪� ،‬أداة حلماية “الأمن الإ�رسائيلي” يف مناطقها‪ ،‬وقامت‬
‫بحمالت اعتقال وا�سعة و�رش�سة �إثباتا ً “حل�سن نواياها”‪ ،‬وحر�صا ً على “ال�سالم”‬
‫مع “�إ�رسائيل”‪.‬‬
‫لقد كان الكاتب الفل�سطيني املعروف �إدوارد �سعيد دقيقا ً �إىل ح ّد كبري عندما قال‬
‫�إن عرفات “و َّرط �شعبه مب�صيدة ال خمرج منها”‪ ،9‬بينما قال املفكر الفل�سطيني‬
‫ه�شام �رشابي �إن القيادة الفل�سطينية “ال تعرف كيف ي�ؤخذ القرار‪ ،‬وكيف يتم تقرير‬
‫امل�صري”‪.10‬‬

‫رابع ًا‪ :‬ال�سلطة الفل�سطينية‪:‬‬


‫بد�أ دخول ال�رشطة الفل�سطينية قطاع غزة يف ‪ ،1994/5/18‬و�أدى �أع�ضاء احلكم الذاتي‬
‫اليمني الد�ستورية �أمام يا�رس عرفات يف �أريحا يوم ‪ .1994/7/5‬وقد �صدقت الكثري من‬
‫التخوفات حول الت�سوية و�أداء ال�سلطة املحتمل‪ .‬فلأن اتفاقات احلكم الذاتي م�ؤقتة‪،‬‬
‫ولأن ت�سليم الأر�ض لل�سلطة يتم “بالقطارة” جرعة‪ ...‬جرعة‪ ،‬ولأن حتقيق � ّأي تقدم‬
‫بات مرهونا ً بر�ضى الطرف الإ�رسائيلي‪ ،‬فقد وجدت ال�سلطة الفل�سطينية نف�سها “حتت‬
‫رحمة” الطرف الآخر‪ ،‬و�أ�صبحت م�ضطرة لال�ستجابة ل�ضغوطه‪ ،‬يف �سبيل احل�صول‬
‫على � ّأي حقوق مهما كانت �ضئيلة‪ .‬وقد �سعى ال�صهاينة �إىل املماطلة والت�سويف لتحقيق‬
‫تنازالت جديدة‪ ،‬كما ربطوا بني � ّأي تقدم يف الت�سوية وبني �سحق ال�سلطة الفل�سطينية‬
‫للمعار�ضة امل�سلحة‪ .‬وجنح الكيان ال�صهيوين يف و�ضع حما�س واجلهاد الإ�سالمي‬
‫واملعار�ضة الفل�سطينية كعائق ٍيف الطريق‪ ،‬على ال�سلطة �أن تد ّكه وتقمعه حتى ت�صل �إىل‬
‫ما حت�سبه �أهدافا ً وطنية فل�سطينية‪.‬‬
‫وبالفعل‪ ،‬فبعد �سنوات من اتفاقات �أو�سلو‪ ،‬ا�ستمرت املماطالت الإ�رسائيلية‪ ،‬ومل‬
‫ُت�سم الق�ضايا اجلوهرية‪ ،‬التي كان يجب �أن حت�سم ح�سب االتفاق �سنة ‪ .1998‬و�صارت‬
‫مراكز �سيطرة ال�سلطة الفل�سطينية الفعلية هي يف املناطق امل�أهولة بال�سكان‪ ،‬والتي كان‬

‫‪125‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫ال�صهاينة يرغبون منذ زمن طويل ب�إيكال جميع “املهام القذرة” فيها‪ ،‬من مالحقات‬
‫�أمنية‪ ،‬و�رضائب‪ ،‬و�أعمال بلدية‪� ،...‬إىل من ينوب عنهم بذلك‪ ،‬حتى ي�صبح ا�ستعمارهم‬
‫ا�ستعمارا ً “نظيفا ً”‪.‬‬
‫وت�ضخم اجلانب الأمني لدى ال�سلطة الفل�سطينية ليقوم بدوره املطلوب‪ ،‬فبلغ‬
‫عدد ال�رشطة الفل�سطينية نحو ‪� 40‬ألفاً‪ ،‬لي�شكل �أعلى ن�سبة �رشطة يف العامل مقارنة‬
‫بعدد ال�سكان‪ .‬و�شكلت ال�سلطة ثمانية �أجهزة �أمنية خمتلفة‪ ،‬تعاملت دون هوادة مع‬
‫املعار�ضة الفل�سطينية‪ ،‬ون�سقت ب�شكل مبا�رش مك�شوف مع الأجهزة الأمنية الإ�رسائيلية‬
‫والأمريكية‪ .‬وت�ضخمت ميزانية الأمن ومكتب الرئي�س عرفات لت�صبح يف �سنة ‪2000‬‬
‫نحو ‪ %70‬من جمموع ميزانية ال�سلطة‪.11‬‬
‫وقد كان ذلك على ح�ساب احلالة االقت�صادية‪ ،‬وعلى ح�ساب م�ؤ�س�سات التعليم‬
‫واحلريات ال�سيا�سية وامل�ؤ�س�سات االجتماعية‪ .‬ففي ني�سان‪� /‬أبريل ‪ 2000‬و�صفت‬
‫�شخ�صيات فل�سطينية بارزة ومنظمات حقوق �إن�سان اتفاق �أو�سلو ب�أنه مبثابة كارثة‬
‫اقت�صادية و�سيا�سية للفل�سطينيني‪ ،‬ودعت عرفات يف وثيقة ن�رشت يف وا�شنطن �إىل‬
‫اال�ستقالة‪ .‬وقالت الوثيقة �إن ن�صيب الفرد الفل�سطيني من الدخل انخف�ض بن�سبة ‪،%30‬‬
‫و�أن معدل البطالة ت�ضاعف ثالث مرات يف ال�ضفة والقطاع منذ ‪.121993‬‬
‫وعانت ال�سلطة من الف�ساد الإداري واملح�سوبية التي تف�شت ب�رسعة يف �أجهزتها‪.‬‬
‫حتى �إن �أحد كبار قادة فتح نف�سها “حممد جهاد” مل يتورع عن القول �إن عرفات قد‬
‫�أحاط نف�سه بثلة من الل�صو�ص واملبتزين‪ .13‬ونقل عن �شخ�صية �أخرى قولها “العربدات‬
‫متار�س ب�شكل يومي يف ال�شارع‪ ،...‬واحلديث عن االنحالل والر�شوة واملح�سوبية‬
‫يزكم الأنوف”‪ .14‬ويف �أيار‪ /‬مايو ‪� 1997‬صدر تقرير جلنة املراقبة يف املجل�س الت�رشيعي‬
‫الفل�سطيني التابع ل�سلطة احلكم الذاتي م�ؤكدا ً �أن الف�ساد املايل يف �أجهزة ال�سلطة‬
‫وال�رسقات قد طالت ‪ 326‬مليون دوالر �أمريكي‪ ،‬وهو مبلغ هائل‪ ،‬وهو ما �أمكن ك�شفه‪،‬‬
‫بالن�سبة �إىل ميزانية ال�سلطة التي كانت بحدود مليار و‪ 500‬مليون دوالر‪ .‬وقد �ص ّوت‬
‫املجل�س الت�رشيعي بحجب الثقة عن حكومة عرفات ( ‪� 56‬صوتا ً مقابل �صوت واحد)‬
‫ب�سبب ذلك‪ .‬ويف ت�رشين الثاين‪ /‬نوفمرب ‪ 1999‬و ّقع ع�رشون مفكرا ً و�شخ�صية فل�سطينية‬
‫بارزة حتت حكم ال�سلطة وثيقة “الع�رشين” التي اتهمت ال�سلطة بالف�ساد واملح�سوبية‬
‫وال�شللية وقمع احلريات‪ ...‬وغري ذلك‪ .‬وقد و�صف ه�شام �رشابي الو�ضع قائالً‪�“ :‬إن‬

‫‪126‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2000–1987‬‬

‫ال�سلطة الفل�سطينية برتكيبها احلايل ال متثل ال�شعب الفل�سطيني‪� ،...‬إنها عاجزة عن‬
‫�إحداث �أي تغيري يف الو�ضع الذي يعي�شه ال�شعب الفل�سطيني‪ ،‬وهي نف�سها �أحد �أ�سباب‬
‫تفاقم و�ضعه امل�أ�ساوي”‪.15‬‬
‫ومن جهة �أخرى‪ ،‬فقد عانت املعار�ضة من قمع ال�سلطة الأمني‪ ،‬ومن احلمالت‬
‫امل�ستمرة الجتثاثها‪ .‬وللقارئ �أن يت�صور �أن ال�سلطة �شنّت يف ال�سنة الأوىل من عمرها‬
‫‪ 12‬حملة اعتقال‪ .‬ويف قطاع غزة الذي ال تتجاوز م�ساحته ‪ 363‬كم‪ 2‬كان يتبع ال�سلطة‬
‫‪ 24‬مركز توقيف واعتقال‪ .‬ويف �شهر واحد مثالً (‪ )1995/5/9-4/19‬داهمت ال�سلطة‬
‫‪ 57‬م�سجدا ً ‪ 138‬مرة‪ ،‬يف �إطار قمعها لالجتاه الإ�سالمي‪ .16‬وتوالت احلمالت الأمنية بعد‬
‫كل عملية جهادية‪ ،‬وكان �أ�شدها حملة �آذار‪ /‬مار�س ‪� 1996‬إثر العمليات اال�ست�شهادية التي‬
‫نفذتها حما�س انتقاما ً ال�ست�شهاد يحيى عيا�ش‪ .‬ومل تنجح حماوالت احلوار بني ال�سلطة‬
‫وحما�س‪ ،‬وحدث �أكرث من مرة �أن تعتقل ال�سلطة حماوريها وتع ِّذب عددا ًمنهم �أمثال ح�سن‬
‫يو�سف وجمال �سليم وغريهم‪ .‬وقد جنح التن�سيق الأمني ال�صهيوين ‪ -‬الفل�سطيني ‪-‬‬
‫الأمريكي يف �إحباط الكثري من العمليات اجلهادية‪ ،‬ويف القب�ض على كثري من املجاهدين‪.‬‬
‫ويف كانون الثاين‪ /‬يناير ‪� 1997‬أعلنت منظمات حقوق الإن�سان �أن هناك ‪ 1,600‬معتقل‬
‫فل�سطيني يف �سجون ال�سلطة الفل�سطينية بينهم ‪ 700‬دون تهم �أو حماكمة‪.17‬‬

‫خام�س ًا‪ :‬الكيان الإ�سرائيلي‪:‬‬


‫خالل ‪ 52‬عاما ً من �إن�شائه (‪ )2000-1948‬متكن الكيان ال�صهيوين من ا�ستقدام نحو‬
‫مليونني و‪� 900‬ألف مهاجر يهودي‪ ،‬وتزايد عدد اليهود يف فل�سطني املحتلة من ‪� 650‬ألفا ً‬
‫�سنة ‪� 1948‬إىل �أربعة ماليني و‪� 947‬ألفا ً يف نهاية �سنة ‪� ،2000‬أي نحو ‪ %38‬من يهود‬
‫العامل‪.18‬‬
‫وا�ستطاع الكيان ال�صهيوين �أن يتجاوز عزلته الدولية‪ ،‬فمع انحالل االحتاد‬
‫ال�سوفييتي والأنظمة ال�شيوعية “هرولت” رو�سيا ودول �أوروبا ال�رشقية باجتاه فتح‬
‫�سفاراتها وتعزيز عالقاتها ال�سيا�سية واالقت�صادية مع الدولة ال�صهيونية‪ .‬ومع ال�ضعف‬
‫العربي والإ�سالمي �إثر احتالل الكويت وحرب اخلليج (‪ ،)1991-1990‬وتوقيع م‪.‬ت‪.‬ف‬
‫التفاقيات �أو�سلو‪ ،‬قامت الأردن بعقد اتفاق ت�سوية �سلمية مع الكيان ال�صهيوين‪ ،‬وتبعتها‬
‫عدد من الدول العربية بتبادل فتح مكاتب متثيل جتاري ورعاية م�صالح (قطر‪ُ ،‬عمان‪،‬‬

‫‪127‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫تون�س‪ ،)...‬وقامت �أكرث من خم�سني دولة �أخرى يف العامل بفتح عالقات ديبلوما�سية‬
‫واقت�صادية مع الكيان ال�صهيوين‪.‬‬
‫ومع تراجع م�رشوع التحرير واحلروب العربية‪ ،‬ومع تويل ال�سلطة الوطنية‬
‫الفل�سطينية يف ال�ضفة والقطاع مهام قمع املعار�ضة امل�سلحة للكيان ال�صهيوين‪،‬‬
‫ا�ستمتع الكيان بحالة من اال�ستقرار الن�سبي‪ ،‬م ّكنته من م�ضاعفة منوه االقت�صادي‪.‬‬
‫فقد متكن من م�ضاعفة الناجت املحلي الإجمايل من ‪ 15‬مليار و‪ 300‬مليون دوالر‬
‫�أمريكي �سنة ‪� 1983‬إىل ‪ 105‬مليارات و‪ 400‬مليون دوالر �سنة ‪� 2000‬أي بنحو‬
‫�سبعة �أ�ضعاف (‪ ،)%689‬ومل يعد حتت رحمة امل�ساعدات الأمريكية والهبات اخلارجية‬
‫التي كانت ت�شكل �سنة ‪ 1983‬نحوا ً من ‪ %25‬من دخله القومي‪ ،‬ف�أ�صبحت ال ت�شكل �أكرث‬
‫من ‪ ،%3‬و�إن ظلت مبالغ امل�ساعدات والهبات نف�سها دون تغيري (نحو �أربعة مليارات‬
‫دوالر �سنوياً)‪ .‬وارتفع معدل الدخل ال�سنوي للفرد يف الكيان ال�صهيوين �إىل ‪18,300‬‬
‫دوالر �أمريكي �سنة ‪ 2000‬لي�شكل �أحد �أعلى ال ُّدخول يف العامل‪.‬‬

‫‪128‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2000–1987‬‬

‫هوام�ش الف�صل اخلام�س‬


‫ ‪ 1‬جريدة �صوت ال�شعب‪ ،‬ع ّمان‪.1993/12/8 ،‬‬
‫ ‪ 2‬جريدة احلياة‪ ،‬لندن‪.1995/3/5 ،‬‬
‫‪ 3‬انظر �أعداد جملة فل�سطني امل�سلمة‪ ،‬لندن‪ ،‬التي غطت عملية الإبعاد و �أخبار املبعدين بالتف�صيل طوال‬
‫�سنة ‪.1993‬‬
‫‪ 4‬انظر‪ :‬غ�سان دوعر‪ ،‬موعد مع ال�شاباك‪ :‬درا�سة يف الن�شاط الع�سكري حلركة حما�س وكتائب عز الدين‬
‫الق�سام خالل عام ‪( 1993‬لندن‪ :‬فل�سطني امل�سلمة‪.)1995 ،‬‬
‫ ‪ 5‬حول حما�س‪ ،‬انظر‪ :‬حم�سن حممد �صالح‪ ،‬الطريق �إىل القد�س‪� ،‬ص ‪205-183‬؛ وخالد احلروب‪ ،‬حما�س‬
‫(بريوت‪ :‬م�ؤ�س�سة الدرا�سات االفل�سطينية‪.)1997 ،‬‬
‫ ‪ 6‬جريدة اخلليج‪ ،‬ال�شارقة (الإمارات)‪.2000/5/8 ،‬‬
‫ ‪ 7‬اخلليج‪ ،2000/1/25 ،‬وح�سب امل�صدر نف�سه يوجد يف الكيان ال�صهيوين ع�رشة �آالف عامل نووي‪.‬‬
‫ ‪ 8‬حول اتفاق �أو�سلو وما تاله‪ ،‬انظر‪ :‬عماد يو�سف و�آخرون‪ ،‬االنعكا�سات ال�سيا�سية التفاق احلكم الذاتي‬
‫الفل�سطيني (ع ّمان‪ :‬مركز درا�سات ال�رشق الأو�سط‪)1995 ،‬؛ ومنري �شفيق‪� ،‬أو�سلو “‪ ”1‬و“‪ :”2‬امل�سار وامل�آل‬
‫(لندن‪ :‬فل�سطني امل�سلمة‪)1997 ،‬؛ وحم�سن حممد �صالح‪ ،‬الطريق �إىل القد�س‪� ،‬ص ‪.182-174‬‬
‫ ‪ 9‬احلياة‪.1995/8/12 ،‬‬
‫‪ 10‬احلياة‪.1995/3/5 ،‬‬
‫ ‬
‫‪ 11‬ح�سبما تناقلته الأخبار يف ‪ ،2000/3/1‬انظر‪ :‬موقع املركز الفل�سطيني للإعالم‪ ،2000/3/2 ،‬يف‪:‬‬
‫ ‬
‫‪https://www.palinfo.com‬‬
‫‪ 12‬اخلليج‪.2000/4/16 ،‬‬‫ ‬
‫ جريدة ال�سيا�سة‪ ،‬الكويت‪.1995/4/27 ،‬‬ ‫‪13‬‬

‫‪ 14‬جريدة ال�رشق الأو�سط‪ ،‬لندن‪.1995/3/22 ،‬‬


‫‪ 15‬ت�رصيح ه�شام �رشابي يف‪ :‬احلياة‪.1995/3/5 ،‬‬‫ ‬
‫ داود �سليمان‪ ،‬ال�سلطة الوطنية الفل�سطينية يف عام ‪( 1995-1994‬ع ّمان‪ :‬مركز درا�سات ال�رشق الأو�سط‪،‬‬ ‫‪16‬‬

‫‪� ،)1995‬ص ‪.135‬‬


‫‪Palestine Facts 1997, site of Palestinian Academic Society for the Study of International Affairs 17‬‬ ‫ ‬
‫‪(PASSIA), http://www.passia.org/palestine_facts/chronology/1997.htm‬‬
‫‪ 18‬حول الهجرة اليهودية و�أعداد اليهود‪ ،‬انظر‪:‬‬
‫ ‬
‫‪Central Bureau of Statistics (CBS), Statistical Abstract of Israel 2010, no. 61, table 4.2,‬‬
‫‪http://www1.cbs.gov.il/shnaton61/st04_02.pdf‬‬
‫وانظر‪ :‬عمران �أبو �صبيح‪ ،‬الهجرة اليهودية حقائق و�أرقام‪( 1990 -1882 :‬ع ّمان‪ :‬دار اجلليل للن�رش‪،‬‬
‫‪.)1991‬‬

‫‪129‬‬
‫الف�صل ال�ساد�س‬

‫قـ�ضـيـــة فـل�ســـطـيـن‬
‫‪2011–2000‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2011–2000‬‬

‫ق�ضية فل�سطني ‪2011–2000‬‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫طبع العقد الأول من القرن احلادي والع�رشين ق�ضية فل�سطني بطابع خمتلف‪� ،‬إذ‬
‫برزت العديد من العوامل واملتغريات التي �أ َّثرت يف م�سارها‪ ،‬ولكن دون �أن ي�ؤدي ذلك �إىل‬
‫نتائج حا�سمة؛ وكان من �أبرز الأحداث واملتغريات‪:‬‬
‫• اندالع انتفا�ضة الأق�صى (‪ )2005-2000‬التي هزت �أركان الأمن واالقت�صاد‬
‫الإ�رسائيلي‪ ،‬و�أبرزت بقوة مت�سك ال�شعب الفل�سطيني بحقوقه و�أر�ضه ومقد�ساته‪.‬‬
‫ • �صعود حما�س كالعب رئي�سي يف ال�ساحة الفل�سطينية‪ ،‬بعد �أن لعبت دورا ً �أ�سا�سيا ً يف‬
‫انتفا�ضة الأق�صى‪ ،‬وفازت يف االنتخابات الت�رشيعية‪ ،‬و�شكلت احلكومة الفل�سطينية‬
‫العا�رشة‪ ،‬وقامت بال�سيطرة على قطاع غزة‪ ،‬و�ص َّدت بنجاح العدوان الإ�رسائيلي على‬
‫القطاع‪ ،‬واحتفظت ب�شعبية كبرية يف داخل فل�سطني وخارجها‪.‬‬
‫• حالة االنق�سام الفل�سطيني‪ ،‬وال�رصاع بني حركتي فتح وحما�س‪ ،‬واالنق�سام اجلغرايف‬
‫وتعطل م‪.‬ت‪.‬ف وم�ؤ�س�ساتها‪.‬‬‫ُّ‬ ‫يف �إدارة ال�سلطة بني رام اهلل وغزة‪،‬‬
‫• اجتاه املجتمع الإ�رسائيلي نحو مزيد من التطرف الديني واليميني‪ ،‬مع �ضعف‬
‫االجتاهات الي�سارية وتفككها‪.‬‬
‫ • و�صول م�سار الت�سوية �إىل طريق م�سدود‪ ،‬بعد الإ�رصار الإ�رسائيلي على اال�ستمرار‬
‫يف اال�ستيطان يف ال�ضفة الغربية‪ ،‬بالرغم من قيام ال�سلطة الفل�سطينية بكافة التزاماتها‬
‫املرتتبة عليها يف خريطة الطريق‪.‬‬
‫• �إ�شغال الواليات املتحدة للعامل مبا ي�سمى “احلرب على الإرهاب”‪ ،‬واحتاللها‬
‫لأفغان�ستان والعراق‪ ،‬مع ف�شلها يف فر�ض ر�ؤيتها حول ال�رشق الأو�سط‪� ،‬أو يف ح ّل‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‪.‬‬
‫• التغريات والثورات التي �شهدها العامل العربي منذ �سنة ‪ ،2011‬وجناح الثورة يف م�رص‬
‫تعب عن �إرادة �شعوبها‪ ،‬وانفتاح املجال �أمام‬ ‫وتون�س‪...‬؛ واالجتاه نحو قيام �أنظمة ّ‬
‫ت�ش ُّكل ف�ضاءات ا�سرتاتيجية جديدة حميطة بالكيان الإ�رسائيلي �أو قريبة منه‪� ،‬أكرث‬

‫‪133‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫ت�أييدا ً لتيارات املقاومة‪ .‬واختالل املنظومة التقليدية ملا يعرف مبحور دول “االعتدال”‬
‫التي كانت تتخذ �سيا�سات مت�ساوقة مع ال�سيا�سة الأمريكية يف املنطقة‪.‬‬
‫• �صعود تركيا كالعب مهم يف ال�سيا�سة الإقليمية‪ ،‬مع ميل تركي متزايد لدعم الق�ضية‬
‫الفل�سطينية‪ ،‬واالبتعاد عن “�إ�رسائيل”‪.‬‬

‫�أو ًال‪ :‬العدوان واملقاومة‪:‬‬


‫‪ .1‬انتفا�ضة الأق�صى‪:‬‬
‫اندلعت انتفا�ضة الأق�صى يف ‪� ،2000/9/29‬إثر زيارة �أريل �شارون ‪Ariel Sharon‬‬
‫زعيم حزب الليكود ‪ Likud Party‬اال�ستفزازية �إىل حرم امل�سجد الأق�صى يف ‪.2000/9/28‬‬
‫وكان وا�ضحا ً �أن ثمة مباركة وت�أييدا ً من رئي�س‬
‫احلكومة ال�صهيونية �إيهود باراك ‪Ehud Barak‬‬
‫للزيارة حيث زوده بـ ‪ 600‬جندي ملرافقته‪ ،‬وا�ستنفر‬
‫�أكرث من �ألف جندي و�رشطي يف القد�س و�أحيائها‪.‬‬
‫و�صمم امل�سلمون على الدفاع عن الأق�صى‪ ،‬حيث‬
‫�سقط يف املواجهات الأوىل خم�سة �شهداء‪ ،‬وجرح �أكرث‬
‫من مئة‪ .‬وكانت عنا�رص ا�شتعال الو�ضع جاهزة‪،‬‬
‫فقد و�صلت مفاو�ضات الت�سوية ال�سلمية �إىل طريق‬
‫م�سدود‪ ،‬وت�أكدت الأطماع ال�صهيونية يف القد�س‬
‫• �شارون يعتدي على حرمة‬
‫وامل�سجد الأق�صى‪ ،‬وا�ستمر ال�صهاينة يف م�صادرة‬
‫امل�سجد الأق�صى �سنة ‪2000‬‬
‫الأرا�ضي وتو�سيع امل�ستعمرات‪.‬‬
‫وبدا لباراك �أن “احلل الوحيد الذي الح يف الأفق كان دفع الو�ضع �إىل االنفجار”‪ ،‬كما‬
‫قال بنف�سه يف اجتماع �رسي يف ‪ .12000/10/25‬ولعله �أراد �إظهار مزيد من الت�صلب‪،‬‬
‫وحتقيق مزيد من ال�شعبية و�سط املجتمع ال�صهيوين‪ ،‬وا�ستثمار ذلك يف وقف عملية‬
‫الت�سوية �أو �إدخالها يف �أزمات متتالية‪ ،‬ليت�سنى حتقيق مزيد من ال�ضغط على ال�سلطة‬
‫الفل�سطينية‪ ،‬التي �أثبتت ال�سنوات املا�ضية قابليتها للتنازل والرتاجع‪ ،‬وتخفي�ض �سقف‬
‫مطالبها‪.‬‬

‫‪134‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2011–2000‬‬

‫و�أفرزت االنتفا�ضة عددا ً من احلقائق وامل�ؤ�رشات �أهمها‪:‬‬


‫‪� . 1‬إن الأمة الإ�سالمية ما تزال حية‪ ،‬بالرغم من اجلراح التي �أثخنتها‪ ،‬و�أن روح املقاومة‬
‫وال�صمود واال�ستعداد للبذل والت�ضحية مل تخمد‪ .‬فقد خرجت املظاهرات بع�رشات‬
‫الآالف بل مبئات الآالف يف بلدان العامل الإ�سالمي‪ ،‬من الرباط يف �أق�صى املغرب‬
‫وحتى جاكرتا يف �أق�صى امل�رشق الإ�سالمي‪ ،‬كلها تهتف للأق�صى والقد�س وفل�سطني‪،‬‬
‫وتطالب باجلهاد‪ ،‬وتقدم ما لديها من تربعات ودعم‪ .‬فكانت حلظات رائعة من �أخوة‬
‫الإ�سالم ووحدة الأمة‪ .‬وظهرت جتليات الإمكانات الكربى لهذه الأمة لتحقيق الن�رص‬
‫لو �سلكت طريق اجلهاد‪.‬‬
‫‪� . 2‬إن ق�ضية فل�سطني ق�ضية جتمع امل�سلمني وتوحدهم‪ ،‬بل وتكون �سببا ً يف جتاوز‬
‫خالفاتهم والرتكيز على العدو ال�صهيوين امل�شرتك‪ .‬و�أن هذه الق�ضية غدت الق�ضية‬
‫املركزية للعامل الإ�سالمي‪ ،‬فال ق�ضية جتمعهم كهذه الق�ضية‪ ،‬وال عدو يجتمعون‬
‫�ضده كهذا العدو‪.‬‬
‫‪ .3‬وجهت االنتفا�ضة �رضبة قا�سية مل�رشوع الت�سوية ال�سلمية والتطبيع مع العدو‪ ،‬وبرز‬
‫اخليار اجلهادي كخيار �أمثل‪.‬‬
‫‪� . 4‬إن هذه االنتفا�ضة انعك�ست على طريقة تفكري النا�س و�أ�سلوب حياتهم اليومي‪،‬‬
‫فا�شتد العداء للم�رشوع ال�صهيوين‪ ،‬وا�شتد العداء �ض ّد �أمريكا‪ ،‬وتكر�ست الروح‬
‫اجلهادية وروح التكافل‪ ،‬وجتاوبت اجلماهري مع دعوات مقاطعة الب�ضائع الأمريكية‬
‫غي املاليني من �أ�سلوب طعامهم و�رشابهم اليومي‪ ،‬ومن لبا�سهم‬
‫والإ�رسائيلية‪ ،‬حتى ّ‬
‫وو�سائل تنقلهم وات�صاالتهم وترفيههم‪ ،‬فكانت مدر�سة تربوية اجتماعية �شعبية‪،‬‬
‫رمبا احتاجت حركات الإ�صالح �سنوات للو�صول �إىل مثل نتائجها‪ .‬بل وا�ضطرت‬
‫ال�رشكات الأجنبية الأمريكية لإنزال �إعالنات عدم العالقة بالكيان ال�صهيوين‪ ،‬بل‬
‫والتربع ل�ضحايا االنتفا�ضة‪ ،‬كما حدث مع مطاعم مكدونالدز التي تربعت بريال‬
‫�سعودي لكل وجبة طعام‪ ،‬لعالج جرحى االنتفا�ضة‪.2‬‬
‫‪ . 5‬برزت �أهمية الإعالم ودوره يف التعبئة‪� ،‬إذ متكن امل�سلمون من ك�رس الطوق الإعالمي‬
‫الغربي املت�صهني‪ ،‬من خالل الف�ضائيات العربية‪ ،‬وخدمات الإنرتنت والربيد‬
‫الإلكرتوين‪ ،‬وخ�صو�صا ً يف املراحل الأوىل من االنتفا�ضة‪.‬‬

‫‪135‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫ومن جهة �أخرى‪ ،‬فقد متيزت هذه االنتفا�ضة بامل�شاركة ال�شعبية الوا�سعة يف كل‬
‫�أرجاء فل�سطني املحتلة‪ ،‬ومب�شاركة كافة التيارات الفل�سطينية‪ .‬كما متيزت يف الوقت‬
‫نف�سه‪ ،‬ب�شدة القمع ال�صهيوين الذي متادى يف قتل الأطفال والأبرياء وا�ستخدام الأ�سلحة‬
‫املحرمة دولياً‪ ،‬وانك�شفت �سوءات �أدعياء ال�سالم “ال�صهاينة” الذين تباروا يف �سحق‬
‫االنتفا�ضة املباركة‪.‬‬
‫وقد �شهدت �سنة ‪ُ 2005‬خفوت موجة انتفا�ضة الأق�صى‪ ،‬وكان ذلك نتيجة الأو�ضاع‬
‫التي تلَت وفاة يا�رس عرفات‪ ،‬وانتخاب حممود عبا�س رئي�سا ً لل�سلطة‪ ،‬وب�سبب ان�شغال‬
‫الفل�سطينيني يف ال�ضفة والقطاع يف االنتخابات البلدية ويف التح�ضري لالنتخابات‬
‫الت�رشيعية‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل �إعالن الف�صائل الفل�سطينية يف ‪ 2005/1/22‬التهدئة من‬
‫جانب واحد‪ ،‬ث ّم �إعالن وقف �إطالق النار بني ال�سلطة و“�إ�رسائيل” يف ‪� 8‬شباط‪ /‬فرباير‪.‬‬
‫وخالل الفرتة من ‪ 2000/9/28‬حتى ‪ 2005/12/31‬بلغ عدد ال�شهداء ‪4,242‬‬
‫�شهيداً‪ ،‬بينهم ‪ 793‬طفالً‪ ،‬و‪� 270‬شهيدة‪ .‬وقامت ال�سلطات بعمليات اغتيال وت�صفية‬
‫ج�سدية ميدانية لـ ‪ 376‬مواطناً‪ ،‬وا�ست�شهد ب�سبب الإعاقة على احلواجز الإ�رسائيلية‬
‫‪ 140‬مري�ضا ً ما بني طفل و�سيدة و�شيخ م�سن من مر�ضى القلب والكلى وال�رسطان‪.‬‬
‫وخفوت‬‫وبلغ عدد اجلرحى ‪ 46,068‬جريحا ً‪ .3‬وبالرغم من �إعالن التهدئة الفل�سطينية ُ‬
‫االنتفا�ضة‪� ،‬إال �أن �أعداد ال�سجناء زادت‪ ،‬فبعد �أن كانت هناك نحو ‪ 7,800‬يف مطلع ‪2005‬‬
‫ارتفع عددهم �إىل نحو ‪� 9,200‬سجينا ً يف نهاية ال�سنة نف�سها‪ .‬و ّ‬
‫مت اعتقال ‪ 3,495‬فل�سطيني‬
‫خالل �سنة ‪ 2005‬ظ ّل منهم ‪ 1,600‬حمجوزين خلف الق�ضبان‪.4‬‬
‫ويف انتفا�ضة الأق�صى ُو�ضع يا�رس‬
‫عرفات حتت ح�صار قا�س ٍ يف مقره يف‬
‫رام اهلل لنحو �سنتني ون�صف‪ ،‬وتويف يف ظروف‬
‫مريبة يف ‪ .2004/11/11‬كما ا�ست�شهد عدد‬
‫من قادة حما�س الكبار �أمثال جمال �سليم‬
‫وجمال من�صور يف ‪ ،2001/7/31‬و�صالح‬
‫�شحادة يف ‪ ،2002/7/22‬و�إ�سماعيل �أبو �شنب‬ ‫• يا�رس عرفات ي�سافر للعالج يف فرن�سا‬
‫�سنة ‪2004‬‬
‫يف ‪ .2003/8/21‬وتلقت حما�س �إحدى �أق�سى‬
‫ال�رضبات با�ست�شهاد زعيمها الروحي وم�ؤ�س�سها ال�شيخ �أحمد يا�سني يف ‪،2004/3/22‬‬

‫‪136‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2011–2000‬‬

‫ثم تبعه ا�ست�شهاد عبد العزيز الرنتي�سي يف ‪ .2004/4/17‬وبلغ عدد �شهداء كتائب الق�سام‬
‫‪� 604‬شهداء خالل انتفا�ضة الأق�صى (‪ – 2000/9/28‬نهاية ‪ .)2005‬كما ا�ست�شهد‬
‫�أبو علي م�صطفى الأمني العام للجبهة ال�شعبية لتحرير فل�سطني يف عملية اغتيال‬
‫�صهيونية يف ‪.2001/8/27‬‬

‫• �أبو علي م�صطفى‬ ‫• جمال من�صور‬ ‫• جمال �سليم‬

‫• �صالح �شحادة‬ ‫• �إ�سماعيل �أبو �شنب‬

‫• ال�شيخ �أحمد يا�سني �إىل الي�سار وبجانبه �صورة ملكان‬ ‫• عبد العزيز الرنتي�سي‬
‫ا�ست�شهاده‪ ،‬ويظهر فيه �آثار دمه وبقايا كر�سيه املتحرك‬

‫‪137‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫وبلغ عدد املنازل التي دمرت ب�شكل كلي‬


‫وجزئي ‪ 71,470‬منزالً‪ ،‬وعدد م�ؤ�س�سات الرتبية‬
‫والتعليم التي تعر�ضت للق�صف ‪ 316‬مدر�سة‬
‫ومديرية ومكاتب تربية وتعليم وجامعة‪ ،‬كما‬
‫مت حتويل ‪ 43‬مدر�سة �إىل ثكنات ع�سكرية‪.‬‬ ‫ّ‬
‫وقام الإ�رسائيليون باقتالع وتدمري مليون‬ ‫• تدمري املنازل‬
‫و‪� 355‬ألف �شجرة‪ .‬وبلغت ن�سبة العاطلني عن‬
‫العمل ‪� %28.4‬سنة ‪� ،2005‬أما ن�سبة الفقر يف‬
‫الأرا�ضي الفل�سطينية‪ ،‬جراء الإغالق واحل�صار‬
‫الإ�رسائيلي حتى نهاية �سنة ‪ ،2004‬فبلغت ‪%42‬‬
‫بواقع ‪ %63.2‬يف قطاع غزة‪ ،‬و‪ %31.2‬يف ال�ضفة‬
‫الغربية‪ .‬وت�شري التقديرات �إىل �أن االقت�صاد‬ ‫• تدمري امل�ؤ�س�سات التعليمية‬
‫الفل�سطيني (النا�شئ املنهك) قد خ�رس منذ اندالع‬
‫االنتفا�ضة وحتى ‪ 2005/9/29‬نحو ‪ 15‬مليارا ً‬
‫و‪ 600‬مليون دوالر‪.5‬‬
‫وقد �شاركت الف�صائل الفل�سطينية كافة‬
‫يف العمليات الع�سكرية‪ .‬وح�سب التقديرات‬
‫الإ�رسائيلية فقد ن ّفذت املقاومة الفل�سطينية‬
‫• اقتالع الأ�شجار‬
‫‪ 22,406‬عمليات يف الفرتة من ‪2000/9/29‬‬
‫وحتى ‪ .62005/7/24‬ومتيزت حركة حما�س بدورها البارز وبعملياتها اال�ست�شهادية‬
‫التي �أحدثت دويا ً هائالً‪ ،‬وزعزعت الأمن يف الكيان الإ�رسائيلي حيث نفذ معظمها يف‬
‫فل�سطني املحتلة �سنة ‪ .1948‬وحتى ‪ 2005/12/1‬حدثت ‪ 135‬عملية ا�ست�شهادية‪ ،‬نفذت‬
‫حما�س منها ‪ 61‬عملية‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل عمليات كثرية نفذتها كتائب �شهداء الأق�صى‬
‫واجلهاد الإ�سالمي‪.7...‬‬
‫وركزت كتائب �شهداء الأق�صى على عمليات �إطالق الر�صا�ص �ض ّد امل�ستوطنني‬
‫وقوات االحتالل يف ال�ضفة والقطاع‪ .‬وكان حلركة اجلهاد الإ�سالمي دورها املتميز من‬
‫خالل جمموعة من العمليات القوية امل�ؤثرة‪ ،‬كما نفذت اجلبهتان ال�شعبية والدميوقراطية‬
‫عددا ً من العمليات‪ .‬ومن العمليات التي ت�ستحق الإ�شارة عملية اغتيال وزير ال�سياحة‬

‫‪138‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2011–2000‬‬

‫الإ�رسائيلي رحبعام زئيفي ‪ Rehavam Zeʼevi‬يف‬


‫‪ ،2001/10/17‬وهو جرنال �سابق يف اجلي�ش‪ ،‬ومن‬
‫�أ�شد ال�صهاينة تطرفاً‪ .‬وقد نفذت اجلبهة ال�شعبية هذه‬
‫العملية انتقاما ً الغتيال �أمينها العام �أبو علي م�صطفى‪.‬‬
‫لكن العمليات اال�ست�شهادية على قلتها الن�سبية كانت‬
‫الأكرث �أثراً‪ .‬وينبغي الإ�شارة �إىل �أن كثريا ً من الإ�صابات‬
‫يف �صفوف “املدنيني” الإ�رسائيليني هي يف احلقيقة‬
‫�إ�صابات يف جنود احتياط‪� ،‬إذ �إن كل اليهود تقريبا ً يف‬
‫• رحبعام زئيفي‬ ‫فل�سطني املحتلة فوق �سن الـ ‪ 18‬يخ�ضعون للتدريب‬
‫الع�سكري الإجباري‪� ،‬سواء كانوا من الرجال �أم الن�ساء‪� .‬أما الأغلبية الكربى لل�شهداء‬
‫الفل�سطينيني فهي من املدنيني‪ .‬وي�شري تقرير جهاز الأمن العام الإ�رسائيلي (ال�شاباك)‬
‫)‪( Israel Security Agency–ISA (Shabak‬املخابرات الإ�رسائيلية) �إىل مقتل ‪1,513‬‬
‫�إ�رسائيليا ً وجرح ‪� 3,380‬آخرين منذ بدء االنتفا�ضة وحتى متوز‪ /‬يوليو ‪.82005‬‬
‫وقد عانى الكيان ال�صهيوين من تدهور و�ضعه االقت�صادي‪ ،‬والذي كان ي�شهد ازدهارا ً‬
‫كبريا ً قبل بدء االنتفا�ضة‪ .‬فقد تع ّطلت ال�سياحة تقريبا ً يف ال�سنتني الأوليني لالنتفا�ضة‪،‬‬
‫وهي التي متثل ثاين �أكرث م�صدر للدخل‪ .‬وارتفع عدد الإ�رسائيليني حتت خط الفقر �إىل‬
‫نحو ‪ %22‬يف �آخر �سنة ‪ ،2004‬ح�سب تقرير ن�رشته م�ؤ�س�سة الت�أمني الوطني احلكومية‪،‬‬
‫ذكر �إن عددهم بلغ مليونا ً و‪� 534‬ألفا ً‪.9‬‬
‫وح�سب تقرير ر�سمي �صادر عن دائرة الإح�صاء املركزية الإ�رسائيلية ف�إن �سنة‬
‫‪ 2002‬كانت الأ�سو�أ من الناحية االقت�صادية يف تاريخ الكيان ال�صهيوين منذ خم�سني عاما ً‬
‫(‪ .)2003-1953‬وذكر التقرير �أن الناجت املحلي الإجمايل تراجع بن�سبة ‪� %1‬سنة ‪،2002‬‬
‫ا�ستمرارا ً النخفا�ض بن�سبة ‪� %0.9‬سنة ‪ 2001‬مقارنة بارتفاع ‪� %7.4‬سنة ‪.102000‬‬
‫وانخف�ض املعدل ال�سنوي ملعدل ناجت الفرد بنحو ثالثة �آالف دوالر (من ‪18,600‬‬
‫دوالر �سنة ‪� 2000‬إىل ‪ 15,600‬دوالر �سنة ‪ .)2002‬وح�سب تقرير الق�سم االقت�صادي‬
‫يف احتاد امل�ستقلني (الهاف ‪ )Lahav‬فقد �أغلق يف �سنة ‪ 2002‬نحو ‪� 50‬ألف متجر‪ ،‬كما‬
‫يتوقع �إغالق ع�رشات الآالف من امل�شاريع التجارية واملتو�سطة �سنة ‪ .112003‬وح�سب‬
‫بع�ض التقديرات ف�إن جمموع اخل�سائر االقت�صادية الإ�رسائيلية خالل ال�سنتني الأوليني‬
‫لالنتفا�ضة بلغت نحو ثمانية مليارات دوالر �أي نحو ‪ 11‬مليون دوالر يومياً‪.‬‬

‫‪139‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫وهكذا ف�إن الفرق اجلوهري الذي �أحدثته االنتفا�ضة هو �أن ال�شعب الفل�سطيني مل‬
‫يعد اجلهة الوحيدة التي تدفع ثمن االحتالل والغطر�سة ال�صهيونية من �شهداء وجرحى‬
‫ودمار‪ ،‬و�إمنا �أ�صبح الكيان الإ�رسائيلي يدفع غاليا ً ثمن احتالله وظلمه‪.‬‬
‫لقد �أحدثت هذه االنتفا�ضة هزة عميقة يف الكيان ال�صهيوين‪ ،‬و�أ�صابته يف �صميم‬
‫القاعدتني اللتني بنى عليهما وجوده املادي‪ ،‬وهما الأمن واالزدهار االقت�صادي‪ .‬و�أخذ‬
‫ع�رشات الآالف من اليهود يحزمون حقائبهم ويغادرون الكيان ال�صهيوين �إىل �أوروبا‬
‫و�أمريكا و�أ�سرتاليا‪ ،‬و�أظهرت ا�ستطالعات الر�أي العام �أن �أكرث من ‪ %25‬من اليهود‬
‫يف فل�سطني يفكرون جديا ً يف املغادرة وترك البالد‪ .‬و�أظهر ا�ستطالع �أجرته جريدة‬
‫اجلريوزاليم بو�ست الإ�رسائيلية ‪ The Jerusalem Post‬يوم ‪� 2002/11/29‬أن ‪%69‬‬
‫من الإ�رسائيليني يعي�شون حالة اخلوف من التعر�ض لإ�صابات �أو املوت ب�سبب العمليات‬
‫اال�ست�شهادية‪ .12‬ويف املقابل‪ ،‬ف�إنه على الرغم من ق�سوة املعاناة الفل�سطينية فقد �أظهر‬
‫ا�ستطالع للر�أي ن�رش يف ‪� 2002/12/18‬أن ‪ %80‬من الفل�سطينيني ي�ؤيدون ا�ستمرار‬
‫االنتفا�ضة‪ ،‬و�أن ‪ %63‬ي�ؤيدون العمليات اال�ست�شهادية‪.13‬‬

‫‪ .2‬العدوان واملقاومة ‪:2011-2006‬‬


‫تابعت “�إ�رسائيل” عدوانها يف الفرتة ‪ ،2011-2006‬كما تابعت الف�صائل الفل�سطينية‬
‫مقاومتها‪ ،‬و�إن بوترية و�أ�شكال خمتلفة‪ .‬وكان من �أبرز مالمح هذه الفرتة‪:‬‬
‫• �رضب املقاومة الفل�سطينية وتفكيك معظم خالياها يف ال�ضفة الغربية‪ ،‬ب�سبب التعاون‬
‫ال�شامل واملنهجي بني ال�سلطة الفل�سطينية يف رام اهلل وبني االحتالل الإ�رسائيلي‪.‬‬
‫• تطور املقاومة الفل�سطينية يف قطاع غزة‪ ،‬برعاية احلكومة التي تقودها حما�س‪،‬‬
‫ومتكنها من جتنيد الآالف من عنا�رص املقاومة‪ ،‬ومن تهريب الأ�سلحة‪ ،‬ومن تطوير‬
‫�إمكاناتها ال�صاروخية و�إن ب�شكل حمدود مقارنة ب�إمكانات العدو‪ ،‬وبحالة احل�صار‬
‫اخلانق التي تعي�شها‪.‬‬
‫• االعتماد ب�شكل كبري على �إطالق ال�صواريخ يف عمليات املقاومة‪ ،‬خ�صو�صا ً من‬
‫وخفوت ظاهرة العمليات اال�ست�شهادية التي طبعت انتفا�ضة الأق�صى‪.‬‬ ‫قطاع غزة‪ُ ،‬‬
‫مت �إطالق نحو ‪� 5,765‬صاروخا ً و ‪ 3,758‬قذيفة من القطاع خالل الفرتة‬ ‫�إذ ّ‬
‫‪ 2010-2006‬مبا يف ذلك نحو ‪� 742‬صاروخا ً وقذيفة �أطلقت خالل العدوان على غزة‬
‫يف العام ‪ ،142009/2008‬بينما مل تنفذ‪ ،‬بح�سب اعرتاف ال�شاباك‪� ،‬سوى ثمانية عمليات‬

‫‪140‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2011–2000‬‬

‫ا�ست�شهادية �أدت �إىل مقتل ‪� 19‬إ�رسائيليا ً‪.15‬‬


‫وبالرغم من كرثة ال�صواريخ �إال �أن ت�أثريها‬
‫كان حمدوداً‪ ،‬لأنها كانت يف معظم الأحيان‬
‫عدمية الدقة وق�صرية املدى وذات ح�شوة‬
‫متفجرة خفيفة‪ .‬وبح�سب الإح�صاءات‬
‫الإ�رسائيلية فقد قتل ‪� 17‬إ�رسائيليا ً وجرح‬
‫• �إطالق ال�صواريخ‬
‫‪� 1,150‬آخرين خالل الفرتة ‪2009-2006‬‬
‫نتيجة �إطالق هذه ال�صواريخ والقذائف مبا يف ذلك خم�سة قتلى يف �أثناء العدوان على‬
‫غزة �سنة ‪ .2009‬ومع ذلك فقد كان ت�أثريها املعنوي كبرياً‪ ،‬لأنها و�ضعت نحو مليون‬
‫�إ�رسائيلي‪ ،‬يف املنطقة القريبة من قطاع غزة‪ ،‬يف دائرة اخلوف واال�ستهداف‪.16‬‬
‫• العدوان الإ�رسائيلي على لبنان يف �صيف ‪ ،2006‬وعلى قطاع غزة �أواخر ‪ 2008‬و�أوائل‬
‫‪.2009‬‬
‫ويف الفرتة ‪ 2010-2006‬ا�ست�شهد من الفل�سطينيني ‪ ،3,293‬وجرح ‪� 12,054‬آخرين‪،‬‬
‫وكان من بني اجلرحى �سنة ‪ 2010‬عدد من املت�ضامنني الدوليني‪� .‬أما الإ�رسائيليون فقد ُقتل‬
‫منهم يف الفرتة نف�سها ‪ ،105‬وجرح ‪� 1,573‬آخرين‪ .17‬ومن خالل مقارنة ب�سيطة‪ ،‬يت�ضح‬
‫حجم املعاناة واملجازر التي يتعر�ض لها الفل�سطينيون ب�سبب الآلة الع�سكرية الإ�رسائيلية‬
‫املتفوقة واملتغطر�سة‪ ،‬يف الوقت الذي يقاوم فيه الفل�سطينيون ب�إمكاناتهم الب�سيطة‪ .‬كما‬
‫يعك�س ذلك حالة االنق�سام الفل�سطيني التي جعلت طرفا ً فل�سطينيا ً يقوم بتعطيل و�رضب‬
‫العمل املقاوم يف ال�ضفة الغربية يف معظم الفرتة؛ بينما مل يكن هناك احتكاك مبا�رش مع‬
‫قوات االحتالل وامل�ستوطنني يف قطاع غزة‪ ،‬ب�سبب ان�سحاب الإ�رسائيليني منه‪.‬‬
‫تركزت احلمالت الع�سكرية الإ�رسائيلية‬
‫يف هذه الفرتة على قطاع غزة‪ ،‬بهدف‬
‫�إ�سقاط حكومة حما�س‪ ،‬و�رضب املقاومة‪،‬‬
‫و�إ�سكات �صواريخها‪ .‬وكان من �أبرز‬
‫احلمالت عملية “�أمطار ال�صيف” التي‬
‫ا�ستمرت يف الفرتة ‪،2006/10/31-6/26‬‬
‫والتي جاءت بعد قيام حما�س‪ ،‬بالتعاون مع‬
‫• عملية �أمطار ال�صيف‬

‫‪141‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫جلان املقاومة ال�شعبية وجي�ش الإ�سالم‪ ،‬بعملية “الوهم املتبدد” التي �أدت �إىل �أ�رس اجلندي‬
‫الإ�رسائيلي جلعاد �شاليط ‪ .Gilad Shalit‬وقد �أدت عملية “�أمطار ال�صيف” �إىل ا�ست�شهاد‬
‫‪ 400‬فل�سطيني وجرح ‪� 1,852‬آخرين‪ .‬كما نفذت “�إ�رسائيل” حملة “غيوم اخلريف” يف‬
‫ت�رشين الثاين‪ /‬نوفمرب ‪ ،2006‬التي �أدت �إىل ا�ست�شهاد ‪ 105‬فل�سطينيني وجرح ‪353‬‬
‫�آخرين؛ وحملة “ال�شتاء ال�ساخن” يف ‪ ،2008/3/3-2/27‬والتي �أدت ال�ست�شهاد ‪107‬‬
‫فل�سطينيني‪ .‬وبالت�أكيد ف�إن مثل هذه احلمالت كانت ُتواجه مبقاومة بطولية‪ ،‬و�إن كانت‬
‫غري متكافئة‪ ،‬من املقاومة الفل�سطينية‪.18‬‬
‫�أما �أ�ش ُّد احلمالت الإ�رسائيلية �رشا�سة وات�ساعاً‪ ،‬فكانت العدوان الإ�رسائيلي‬
‫ال�شامل على قطاع غزة يف الفرتة ‪ ،2009/1/18-2008/12/27‬والتي ُعرفت با�سم‬
‫“الر�صا�ص امل�صبوب”‪ ،‬و�سمتها املقاومة “معركة الفرقان”‪ .‬وقد واجهت �آلة احلرب‬
‫الإ�رسائيلية املدمرة �صمودا ً بطوليا ً ومقاومة عنيفة من قبل حما�س وباقي قوى‬
‫املقاومة‪ ،‬فف�شلت القوات الإ�رسائيلية يف النهاية يف احتالل القطاع‪ ،‬ويف ك�رس قوى‬
‫املقاومة‪ ،‬ويف �إ�سقاط احلكومة التي تقودها حما�س‪ ،‬فا�ضطرت �إىل االن�سحاب غري‬
‫امل�رشوط من قطاع غزة‪ .‬وقد �أعطى ذلك دفعا ً معنويا ً كبريا ً لقوى املقاومة‪ ،‬وم�ساندة‬
‫فل�سطينية وعربية و�إ�سالمية ودولية وا�سعة لها‪ .‬وقد ا�ست�شهد يف العدوان الإ�رسائيلي‬
‫‪ 1,334‬فل�سطينياً‪ ،‬بينهم ‪ 417‬طفالً و‪ 108‬ن�ساء‪ ،‬وجرح ‪� 5,450‬آخرين‪ ،‬كما ّ‬
‫مت تدمري‬

‫• العدوان الإ�رسائيلي على قطاع غزة‪2009/2008 ,‬‬

‫‪142‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2011–2000‬‬

‫‪ 5,356‬منزالً وت�رضر �أكرث‬


‫من ‪� 16‬ألف منزل �آخر ب�شكل‬
‫جزئي‪� .‬أما “�إ�رسائيل” فلم‬
‫تعرتف �إال مبقتل ‪� 9‬إ�رسائيليني‪،‬‬
‫ونحو ‪ 185‬جريحاً؛ بينما ق َّدرت‬
‫قوى املقاومة �أنها قتلت نحو ‪80‬‬
‫�إ�رسائيليا ً خالل هذا العدوان‪.19‬‬
‫وكانت �أو�ضاع الأ�رسى‬
‫• من �ضحايا العدوان الإ�رسائيلي على قطاع غزة‬
‫واملعتقلني يف �سجون االحتالل‬
‫‪2009/2008‬‬
‫�أحد �أكرب مظاهر املعاناة‬
‫الفل�سطينية‪ .‬ومل تتوقف حمالت االعتقال حتى بعد وقف انتفا�ضة الأق�صى؛ وتزايد‬
‫عدد املعتقلني لي�صل يف نهاية �سنة ‪ 2007‬ما جمموعه‬
‫‪ 11,550‬معتقالً‪ ،‬منهم ‪ 10,485‬من ال�ضفة الغربية‪،‬‬
‫و‪ 860‬من قطاع غزة‪ ،‬و‪ 140‬من فل�سطني املحتلة �سنة‬
‫‪ ،1948‬وع�رشات املعتقلني العرب‪ .‬ويف تلك ال�سنة‬
‫و�صل عدد النواب والوزراء الأ�رسى ‪ ،52‬منهم ‪47‬‬
‫نائبا ً عن املجل�س الت�رشيعي‪ ،‬ينتمي ‪ 42‬منهم �إىل قائمة‬
‫التغيري والإ�صالح (حما�س)‪ ،‬و�أربعة من حركة فتح‪،‬‬
‫• �إ�رصار على االنت�صار بالرغم‬
‫وثالثة اعتقلوا قبل االنتخابات الت�رشيعية‪ ،‬بالإ�ضافة‬
‫من االعتقال‬
‫�إىل �أحمد �سعدات الأمني العام للجبهة ال�شعبية‪.20‬‬
‫ويف مطلع �سنة ‪ 2011‬كان ما يزال يف‬
‫�سجون االحتالل نحو �سبعة �آالف �أ�سري‪،‬‬
‫مع الإ�شارة �إىل �أن حمالت االعتقال‬
‫هي حمالت م�ستمرة‪ ،‬غري �أنه يجري‬
‫�إطالق �رساح امل�سجونني يف �أحيان عديدة‬
‫بعد ب�ضعة �أ�شهر‪ ،‬ولكنهم �رسعان‬
‫ما ي�ستبدلون ب�آخرين؛ فقد �شهدت‬
‫• �أحمد �سعدات‬

‫‪143‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫�سنة ‪ 2007‬اعتقال نحو ‪7,500‬‬


‫فل�سطيني‪ ،‬مقارنة بنحو ‪� 5,800‬سنة‬
‫‪ ،2008‬ونحو ‪� 5,100‬سنة ‪،2009‬‬
‫ونحو ‪� 4,200‬سنة ‪ .2010‬ولعل‬
‫الإح�صائيات تدل على تراجع حدة‬
‫املقاومة‪ ،‬ب�سبب تزايد فعالية التعاون‬
‫الأمني بني حكومة �سالم فيا�ض يف‬
‫• �أ�رسى فل�سطينيون يف �سجون االحتالل‬
‫رام اهلل وبني االحتالل الإ�رسائيلي‪.‬‬
‫وخالل هذه الفرتة‪� ،‬شنّت القوات الإ�رسائيلية عدوانا ً �شامالً على لبنان‪،‬‬
‫ا�ستهدف بالذات جنوب لبنان وال�ضاحية اجلنوبية لبريوت‪ ،‬ا�ستمر ‪ 33‬يوما ً يف‬
‫الفرتة ‪2006/8/14-7/12‬؛ وقد ووجهت مبقاومة بطولية من قبل حزب اهلل وباقي‬
‫قوى املقاومة‪ ،‬مما �أدى الندحار القوات الإ�رسائيلية‪ ،‬وف�شلها يف حتقيق �أهدافها‪ .‬وقد‬
‫مت تهجري نحو‬ ‫�أدت احلرب �إىل ا�ست�شهاد ‪ 1,400‬لبناين وجرح ‪� 3,700‬آخرين‪ ،‬و ّ‬
‫‪� 937‬ألفا ً ب�شكل م�ؤقت‪ ،‬وحدث دمار كبري يف البنى التحتية‪ ،‬فلحقت �أ�رضار بنحو‬
‫‪� 7‬آالف منزل‪ ،‬و‪ 145‬ج�رساً‪ .‬و ُق ِّدرت اخل�سائر الإ�رسائيلية بنحو ‪ 400‬قتيل‪ ،‬و‪1,187‬‬
‫جريحاً‪ ،‬وت�رضر نحو ‪� 11‬ألف منزل نتيجة �سقوط ‪� 3,204‬صواريخ كاتيو�شا‪ ،‬كما �أعلن‬
‫حزب اهلل �أنه متكن من تدمري ‪ 120‬دبابة مريكافا‪ ،‬و‪ 30‬مدرعة وبارجتني بحريتني‬
‫و‪ 5‬مروحيات‪.21‬‬

‫• العدوان الإ�رسائيلي على لبنان‪2006 ،‬‬

‫‪144‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2011–2000‬‬

‫وبالرغم من انتهاء انتفا�ضة الأق�صى‪ ،‬والأو�ضاع اال�ستثنائية التي ت�شهدها ال�ضفة‬


‫الغربية‪ ،‬وح�صار غزة‪ ،‬ف�إن املقاومات البطولية التي �شهدتها تلك الفرتة‪ ،‬وتطويرها‬
‫لإمكاناتها الت�سليحية وخ�صو�صا ً يف جمال ال�صواريخ‪ ،‬ي�ؤكد �أن روح اجلهاد ما تزال‬
‫قوية يف هذه الأمة‪ ،‬و�أن قوى املقاومة‪ ،‬وخ�صو�صا ً الإ�سالمية‪ ،‬قادرة على تقدمي “�إن�سان”‬
‫جديد يت�سم ب�صموده وجر�أته وت�ضحيته‪ ،‬وقدرته على الإبداع‪ ،‬و�إنزال اخل�سائر يف‬
‫العدو‪.‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬الو�ضع الداخلي الفل�سطيني‪:‬‬


‫كان من �أبرز �سمات الو�ضع الداخلي التي ميَّزت العقد الأول من القرن‬
‫احلادي والع�رشين‪� :‬صعود حركة حما�س‪ ،‬وجناحها يف االنتخابات الت�رشيعية‪،‬‬
‫و�سيطرتها على قطاع غزة‪ ،‬ووفاة �أبي عمار وحلول �أبي مازن مكانه‪ ،‬وارتباك م�سرية‬
‫وتعطل عمل م‪.‬ت‪.‬ف وم�ؤ�س�ساتها‪ ،‬وتراجع‬ ‫ُّ‬ ‫حركة فتح‪ ،‬وحالة االنق�سام الفل�سطيني‪،‬‬
‫الي�سار الفل�سطيني‪ .‬و�إذا كان املزاج العام الفل�سطيني قد ان�شغل يف ال�سنوات اخلم�س‬
‫الأوىل من العقد باملقاومة وتفعيل انتفا�ضة الأق�صى ودعمها‪ ،‬فقد ان�شغل يف ال�سنوات‬
‫التالية برتتيبات البيت الداخلي الفل�سطيني وامل�صاحلة الوطنية‪ ،‬وف ّك احل�صار‪.‬‬

‫‪ .1‬م�سار ال�سلطة الفل�سطينية‪:‬‬


‫�أعادت انتفا�ضة الأق�صى للعمل املقاوم وهجه و�أَلَ َقه‪ .‬وبينما كانت القب�ضة الأمنية‬
‫لل�سلطة الفل�سطينية ت�ضعف‪ ،‬كانت تزداد م�ساحة العمل املقاوم‪ ،‬وتن�ضم �إليه كافة فئات‬
‫ال�شعب الفل�سطيني وف�صائله مبا فيها حركة فتح‪ .‬وقد ا�ستفادت حركة حما�س وقوى‬
‫املقاومة من تلك الظروف يف �إعادة ترتيب بنيتها الداخلية‪.‬‬
‫ولذلك‪ ،‬ترافقت انتفا�ضة الأق�صى مع �صعود �شعبية حركة حما�س‪ .‬وهو �صعود‬
‫ترافق مع قوة الدور املقاوم حلما�س ومتيّزه‪ ،‬ومع تراجع �شعبية فتح وقيادة‬
‫ال�سلطة نتيجة �سوء الإدارة والف�ساد الذي طبع عمل ال�سلطة يف الفرتة ال�سابقة‪ .‬ومع‬
‫تعر�ض مناطق ال�سلطة لالحتالل الإ�رسائيلي‪ ،‬وتدمري مراكزها ومقار �رشطتها‪،‬‬
‫وح�صار �أبي عمار‪ ،‬منذ �آذار‪ /‬مار�س ‪ 2002‬وحتى قبيل وفاته يف ‪ ،2004/11/11‬فقد‬
‫اجتهت ال�سلطة لال�ستجابة لل�ضغوط الإ�رسائيلية الأمريكية‪ ،‬من خالل املوافقة على‬

‫‪145‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫م�رشوع “خريطة الطريق”‪ ،‬الذي طرحه جورج بو�ش االبن ‪،George W. Bush‬‬
‫والقيام بـ“�إ�صالح ال�سلطة” وفق الت�صور الأمريكي‪ ،‬والذي يت�ضمن ا�ستحداث‬
‫من�صب رئي�س الوزراء‪ ،‬و�إعطائه عددا ً من ال�صالحيات لتقلي�ص �صالحيات الرئي�س‬
‫عرفات‪ ،‬ودمج الأجهزة الأمنية الت�سعة يف ثالثة �أجهزة؛ بالإ�ضافة �إىل عدد من‬
‫الإ�صالحات الإدارية واملالية‪.‬‬
‫وقد توىل حممود عبا�س رئا�سة الوزراء يف الفرتة ‪ ،2003/9/6-4/29‬وجنح يف عقد‬
‫تهدئة يف الفرتة ‪ ،2003/8/21-6/29‬حيث انهارت �إثر اغتيال القوات الإ�رسائيلية للقيادي‬
‫يف حما�س �إ�سماعيل �أبو �شنب يف ‪ .2003/8/21‬وقد واجه عبا�س عددا ً من ال�صعوبات يف‬
‫تعامله مع الرئي�س عرفات ومع الف�صائل ومع الإ�رسائيليني مما �أدى �إىل ا�ستقالته‪ .‬وقد‬
‫توىل مكانه �أحمد قريع (�أبو عالء)‪ ،‬الذي �ش ّكل الوزارات الفل�سطينية ال�سابعة والثامنة‬
‫والتا�سعة‪ ،‬والتي غطت الفرتة ‪ ،2006/3/27-2003/10/5‬وتوىل وزارة املالية فيها �سالم‬
‫فيا�ض‪.‬‬
‫عانت االنتفا�ضة �سنة ‪ 2004‬من الإنهاك ب�سبب‬
‫�شح الإمكانيات‪،‬‬
‫وح�شية االحتالل الإ�رسائيلي وب�سبب ّ‬
‫و�ضعف الدعم العربي والإ�سالمي والدويل‪ .‬ويف �صيف‬
‫‪ 2004‬ح ّرك القيادي يف فتح حممد دحالن املئات من‬
‫�أن�صاره يف مظاهرات واحتجاجات ا�ستهدفت الرئي�س‬
‫عرفات بحجة املطالبة بالإ�صالح‪ ،‬ولقيت االحتجاجات‬
‫• �أحمد قريع‬ ‫دعما ً من عدد من قيادات فتح خ�صو�صا ً يف قطاع‬
‫غزة‪ ،‬كما لقيت دعما ً وا�ضحا ً من الأمريكيني واالحتاد‬
‫الأوروبي‪ .‬وقد �أثري على هذه املظاهرات عالمات‬
‫ا�ستفهام كثرية متعلقة بتوقيتها و�أهدافها احلقيقية‬
‫وطبيعة مثرييها وال�شخ�ص امل�ستهدف؛ كما �أثريت‬
‫عالمات ا�ستفهام عن عدم اعرتا�ض �أو �سكوت حممود‬
‫عبا�س عليها‪ .‬وبعد ذلك بنحو �شهر‪� ،‬أ�صيب عرفات‬
‫مبر�ض غام�ض‪ ،‬ا�ستدعى �إر�ساله للعالج يف باري�س‪،‬‬
‫غري �أنه تويف هناك يف ‪ ،2004/11/11‬و�سط العديد من‬
‫• حممد دحالن‬
‫‪146‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2011–2000‬‬

‫الت�سا�ؤالت حول ال�سبب احلقيقي لوفاته‪ .‬و ّ‬


‫مت نقل‬
‫جثمانه �إىل القاهرة ثم رام اهلل حيث دفن هناك‪.‬‬
‫لقد هيمن عرفات على ال�ساحة ال�سيا�سية الفل�سطينية‬
‫طوال ‪ 35‬عاماً‪ ،‬وتوىل رئا�سة فتح‪ ،‬ورئا�سة م‪.‬ت‪.‬ف‪،‬‬
‫ورئا�سة ال�سلطة الفل�سطينية‪ ،‬ورئا�سة دولة فل�سطني‪،‬‬
‫بالإ�ضافة �إىل من�صب القائد الأعلى للقوات الفل�سطينية‪.‬‬
‫وكان عرفات مركبا ً من ال�سيا�سي الرباجماتي‪ ،‬ومن‬
‫• روحي فتوح‬ ‫ج�سد لآمال �شعب فل�سطني‪ ،‬و�إن مل ُي�سلّم العديد من‬ ‫امل ُ ِّ‬
‫الفل�سطينيني والف�صائل الفل�سطينية بقيادته‪ .22‬غري‬
‫�أنه لقي مزيدا ً من ال�شعبية والتقدير يف �أثناء �صموده يف‬
‫احل�صار قبل وفاته رحمه اهلل‪.‬‬
‫توىل رئي�س املجل�س الت�رشيعي روحي فتوح رئا�سة‬
‫ال�سلطة م�ؤقتاً‪ ،‬بح�سب النظام الأ�سا�سي‪ ،‬مكان يا�رس‬
‫عرفات‪ .‬ويف ‪ 2005/1/9‬جرت انتخابات الرئا�سة‬
‫الفل�سطينية‪ ،‬التي قاطعتها حركتا حما�س واجلهاد‬
‫الإ�سالمي‪ .‬وقد �شارك يف االنتخابات ‪ %65‬ممن يحق‬
‫لهم الت�صويت‪ ،‬وفاز حممود عبا�س‪ ،‬مر�شح فتح‪،‬‬
‫• �إعالن فوز حممود عبا�س يف‬ ‫بن�سبة ‪ %62‬من عدد املقرتعني؛ بينما ح�صل املر�شح‬
‫االنتخابات الرئا�سية‬ ‫الي�ساري م�صطفى الربغوثي على نحو ‪ %20‬من‬
‫الأ�صوات‪ .‬وقد توىل عبا�س �أي�ضا ً رئا�سة فتح‪ ،‬كما توىل‬
‫رئا�سة م‪.‬ت‪.‬ف‪.‬‬
‫ويف �أجواء من التهدئة التي جنح عبا�س يف تثبيتها‬
‫بالتوافق مع الف�صائل الفل�سطينية‪ ،‬ويف �أجواء اتفاق‬
‫القاهرة الذي و ّقعه الفل�سطينيون يف ‪ُ 2005/3/17‬طويت‬
‫عمليا ً �صفحة االنتفا�ضة‪ ،‬وان�شغل الفل�سطينيون‬
‫برتتيب البيت الفل�سطيني‪ ،‬خ�صو�صا ً يف تنفيذ‬
‫ا�ستحقاقات االنتخابات البلدية والت�رشيعية لل�سلطة‬
‫• م�صطفى الربغوثي‬ ‫الفل�سطينية‪.‬‬

‫‪147‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫مت يف �أيلول‪� /‬سبتمرب ‪ ،2005‬انت�صارا ً‬


‫وكان االن�سحاب الإ�رسائيلي من قطاع غزة الذي ّ‬
‫كبريا ً لقوى املقاومة‪ ،‬ونك�سة مل�سار الت�سوية ال�سلمية؛ حيث مل يكن خافيا ً الثمن ال�سيا�سي‬
‫والب�رشي الذي يدفعه الإ�رسائيليون نتيجة العمل املقاوم‪ ،‬كما �أن االن�سحاب جاء �أحادي‬
‫اجلانب ودون تفاو�ض �أو تن�سيق مع ال�سلطة‪ ،‬وك�أن عملية ال�سالم الفل�سطيني ‪-‬‬
‫الإ�رسائيلي قد انتهت‪ ،‬وال وجود لها‪.23‬‬
‫جرت االنتخابات البلدية على �أربع مراحل‪ ،‬وقد ظهرت فيها �شعبية حما�س على نحو‬
‫وا�ضح �أقلق قيادة فتح وال�سلطة الفل�سطينية‪ .‬ولكن مل يكن من ال�سهل حتديد النتائج‬
‫بدقة‪ ،‬خ�صو�صا ً و�أن كثريا ً من مر�شحي حما�س خا�ضوا االنتخابات كم�ستقلني لأ�سباب‬
‫�أمنية �أو اجتماعية‪ .‬وب�شكل عام فقد تقدمت حما�س على فتح يف عدد الأ�صوات‪ ،‬ويف‬
‫البلديات الكبرية؛ بينما تقدمت فتح على حما�س يف عدد املقاعد‪ ،‬ويف البلديات ال�صغرية‪.‬‬
‫وكان من الالفت للنظر فوز حما�س بنحو ‪ %74‬من �أ�صوات مدينة نابل�س‪ ،‬وعدم �إجراء‬
‫قيادة ال�سلطة االنتخابات يف بلديتي اخلليل وغزة وهما من املعاقل القوية حلما�س‪ .‬وقد‬
‫ح�صلت فتح‪ ،‬وفق بع�ض التقديرات‪ ،‬على ‪ 1,164‬مقعدا ً مقابل ‪ 862‬مقعدا ً حلما�س‪ ،‬بينما‬
‫ح�صلت التنظيمات الأخرى وامل�ستقلون على ‪ 701‬مقعداً‪ .‬وح�صلت حما�س على ن�صف‬
‫الأ�صوات يف املرحلتني الأوىل والرابعة و‪ %33.7‬يف املرحلة الثانية‪ ،‬و‪ %26‬يف املرحلة‬
‫الثالثة؛ بينما ح�صلت فتح على ‪ %32‬يف املرحلة الأوىل‪ ،‬و‪ %40‬يف الثانية‪ ،‬و‪ %53.7‬يف‬
‫الثالثة‪ ،‬و‪ %30‬يف الرابعة‪.24‬‬
‫ويف �أجواء من عدم اليقني واخلالفات الداخلية يف فتح‪ ،‬قام عبا�س بت�أجيل االنتخابات‬
‫الت�رشيعية من متوز‪ /‬يوليو ‪� 2005‬إىل ‪ 25‬كانون الثاين‪ /‬يناير ‪ ،2006‬ومل تت�أكد‬
‫االنتخابات �إال بعد �أن جتاوزت فتح خالفاتها‪ ،‬ووحدت القائمة الر�سمية التي �أعلنتها مع‬
‫قائمة “امل�ستقبل” التي �أعلنها حممد دحالن‪ ،‬بالتوافق مع مروان الربغوثي‪ ،‬وجربيل‬
‫الرجوب‪ ،‬وعدد كبري من قيادات فتح ال�شابة‪ .‬كما مل تكن االنتخابات لتتم لوال حالة‬
‫االطمئنان الناجتة عن ا�ستطالعات الر�أي التي مل تكن تعطي حما�س �سوى نحو ‪ %25‬من‬
‫الأ�صوات �أو املقاعد؛ مقابل نحو ‪ %40-38‬لفتح‪ .‬وقد كان عبا�س بحاجة ما�سة لت�أكيد‬
‫�رشعية رئا�سته لكل ال�شعب الفل�سطيني‪ ،‬من خالل �إدخال حما�س كمعار�ضة “حتت‬
‫ال�سيطرة” يف �إطار “ال�رشعية الفل�سطينية”؛ بحيث ميكنه امل�ضي يف م�سار الت�سوية ب�شكل‬
‫�أكرث قوة و�أكرث متثيالً‪ .‬وهذا ما جعل الطرف الأمريكي يدعم العملية االنتخابية‪ ،‬كما‬
‫حظيت بعدم ممانعة �إ�رسائيلية‪ ،‬و�إن كان الإ�رسائيليون قد �أبدوا تخوفاتهم‪.‬‬

‫‪148‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2011–2000‬‬

‫• فوز حما�س يف االنتخابات الت�رشيعية‬

‫وقد حتققت املفاج�أة للجميع (مبا يف ذلك عدد كبري من قواعد حما�س وقياداتها) بفوز‬
‫حما�س بـ ‪ 74‬مقعدا ً من �أ�صل مقاعد املجل�س الت�رشيعي الـ ‪ ،132‬كما فاز �أربعة مر�شحني‬
‫م�ستقلني على قوائم حما�س؛ بينما فازت فتح بـ ‪ 45‬مقعداً‪ ،‬وح�صلت اجلبهة ال�شعبية‬
‫على ‪ 3‬مقاعد‪ ،‬وائتالف اجلبهة الدميوقراطية وحزب ال�شعب وفدا على مقعدين‪ ،‬وقائمة‬
‫فل�سطني امل�ستقلة برئا�سة م�صطفى الربغوثي على مقعدين‪ ،‬وقائمة الطريق الثالث‬
‫برئا�سة �سالم فيا�ض على مقعدين‪.‬‬
‫�سعت حما�س �إىل ت�شكيل حكومة وحدة وطنية‪ ،‬لكنها مل تنجح يف ذلك‪ ،‬فا�ضطرت‬
‫لت�شكيل احلكومة بنف�سها‪ .‬ويف �أجواء من ال�صدمة واالرتباك والإحباط التي عا�شتها‬
‫قيادة فتح وال�سلطة‪ ،‬التي وجدت �إىل جانبها �رشيكا ً مفرو�ضا ً من ال�شعب‪ ،‬ولكنه غري‬
‫مرحب به‪ ،‬قامت بعدد من الإجراءات ا�ستهدفت حما�رصة حما�س و�إ�ضعاف حكومتها‬
‫و�إف�شالها؛ على الرغم من �إعالنها عن قبول نتائج االنتخابات واحرتامها للدميوقراطية‬
‫الفل�سطينية‪ .‬وكان من �أبرز هذه الإجراءات‪:‬‬
‫• عقد جل�سة للمجل�س الت�رشيعي ال�سابق‪ ،‬الذي كانت تتمتع فيه فتح بالأكرثية‪،‬‬
‫بعد ظهور نتائج االنتخابات بنحو �أ�سبوعني‪ ،‬و�أخذ عدد من القرارات والتعديالت‬
‫الد�ستورية (بخالف الأعراف القانونية والربملانية) ا�ستهدفت تعزيز �سلطات الرئي�س‪،‬‬
‫و�إ�ضعاف احلكومة واملجل�س املنتخب ف�أعطت للرئي�س �سلطة مطلقة يف ت�شكيل املحكمة‬
‫الد�ستورية‪ ،‬و�أعطته ال�سلطة على ديوان املوظفني‪ .‬و�صادق املجل�س املنتهية واليته‬
‫على مر�سوم رئا�سي يق�ضي بتعيني �أمني عام للمجل�س الت�رشيعي ليحل حمل �أمني �رس‬
‫املجل�س الذي يجب �أن يكون نائبا ً من املجل�س‪ .‬وهو ما �سمته حما�س “انقالبا ً �أبي�ض‪،‬‬
‫وف�سادا ً د�ستوريا ً”‪.‬‬

‫‪149‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫• �أ�صدر الرئي�س عبا�س مر�سوما ً ي�ضع كل الأجهزة الإعالمية التابعة لل�سلطة حتت‬
‫�إ�رشافه املبا�رش‪.‬‬
‫• �أ�صدر عبا�س مر�سوما ً بت�أ�سي�س هيئة خا�صة لإدارة املعابر احلدودية برئا�سة �صائب‬
‫عريقات‪.‬‬
‫• �أ�صدر عبا�س مر�سوما ً بتعيني ر�شيد �أبو �شباك‪ ،‬مديرا ً‬
‫للأمن الداخلي‪ ،‬وم�رشفا ً على الأمن الوقائي والدفاع املدين‬
‫وال�رشطة‪ ،‬وهي الأجهزة التي كانت تتبع وزارة الداخلية‪.‬‬
‫• كما ُع ِّي عبا�س �سليمان ِحلِّ�س مديرا ً للأمن الوطني‪.‬‬
‫• قام الرئي�س عبا�س بتحويل م�س�ؤولية متابعة ال�سفارات‬
‫الفل�سطينية يف اخلارج من وزارة خارجية ال�سلطة �إىل‬
‫• ر�شيد �أبو �شباك‬
‫م‪.‬ت‪.‬ف‪.‬‬
‫• قام الرئي�س عبا�س با�ستبعاد جميع وزراء احلكومة‪ ،‬مبا يف ذلك وزير اخلارجية‪ ،‬من‬
‫جوالته اخلارجية ومقابالته‪ ،‬ومباحثاته مع امل�س�ؤولني العرب والأجانب‪.‬‬
‫كان هذا تد�شينا ً من قيادة فتح ملعركة نزع �صالحيات حكومة حما�س‪ ،‬ومعركة‬
‫�إف�شالها حتى قبل �أن تبد�أ عملها‪ .‬وكانت �سيطرة حركة فتح التامة على كافة الأجهزة‬
‫الأمنية‪ ،‬وعلى اجلهاز الإداري البريوقراطي لل�سلطة ووزاراتها وم�ؤ�س�ساتها‪ ،‬عائقا ً‬
‫حقيقيا ً كبريا ً �أمام حكومة حما�س (بالرغم من الكفاءات املتميزة لوزرائها) التي كان عليها‬
‫التعامل مع الكثري من القيادات الأمنية والإدارية التي كانت تتعمد التعويق والتعطيل‬
‫والإف�شال‪.‬‬
‫ومن جهة �أخرى‪ ،‬واجهت حكومة حما�س �صعوبات بالغة يف �إدارة الو�ضع حتت‬
‫االحتالل‪ ،‬ويف التعامل مع القوى العربية والدولية الفاعلة‪ .‬فقد بد�أ ح�صار �سيا�سي‬
‫واقت�صادي �إ�رسائيلي ودويل خانق‪ ،‬فتم وقف امل�ساعدات التي ت�أتي لل�سلطة والتي ت�شكل‬
‫�أكرث من ن�صف ميزانيتها‪ ،‬كما رف�ضت “�إ�رسائيل” ت�سليم عائدات ال�رضائب التي جتنيها‬
‫مت وقف التحويالت البنكية حل�سابات‬‫ل�صالح ال�سلطة‪ ،‬والتي ت�شكل نحو ثلث ميزانيتها‪ ،‬و ّ‬
‫مت فر�ض ما ي�سمى �رشوط الرباعية الدولية ‪( Quartet‬الواليات املتحدة‪،‬‬ ‫ال�سلطة‪ .‬و ّ‬
‫واالحتاد الأوروبي‪ ،‬ورو�سيا‪ ،‬والأمم املتحدة) على التعامل مع حما�س وحكومتها‪ ،‬حيث‬

‫‪150‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2011–2000‬‬

‫ا�شرتطت اعرتاف حما�س بـ“�إ�رسائيل”‪ ،‬ونبذ حما�س لـ“الإرهاب” ووقفها للمقاومة‬


‫امل�سلحة‪ ،‬وموافقتها على كافة االتفاقيات التي وقعتها م‪.‬ت‪.‬ف؛ وهي �رشوط تعجيزية‬
‫تعني �أن تفقد حما�س هويتها‪ ،‬و�أن تخرج من جلدها‪.‬‬
‫وجدت حكومة حما�س نف�سها �أمام خزينة خاوية‪،‬‬
‫وتعاين فوق ذلك من ديون تبلغ مليارا ً و‪ 772‬مليون‬
‫دوالر‪ .25‬بينما �أخذت قوى املعار�ضة (وخ�صو�صا ً‬
‫فتح) ت�ؤجج املظاهرات واالعت�صامات والإ�رضابات‬
‫املطالبة بالرواتب‪ .‬ومل تتعاون الأجهزة الأمنية مع‬
‫• �سعيد �صيام‬ ‫وزير الداخلية �سعيد �صيام بال�شكل املنا�سب‪ ،‬حيث‬

‫ُنزعت منه �سلطاته املفرت�ضة‬


‫عليها‪ ،‬يف الوقت الذي تزايد‬
‫فيه الفلتان الأمني خ�صو�صا ً‬
‫يف قطاع غزة‪ .‬وقد ا�ضطر ذلك‬
‫وزير الداخلية لت�شكيل “القوة‬
‫التنفيذية” من عنا�رص موالية‬
‫من حما�س وقوى املقاومة‬
‫ذات العالقات اجليدة معها‪.26‬‬
‫نزاع‬
‫ٍ‬ ‫وقد �أدخل ذلك ال�سلطة يف‬ ‫• القوة التنفيذية‬
‫جديد حول ال�صالحيات‪ ،‬كما‬
‫قام الرئي�س عبا�س بت�شكيل قوة‬
‫�أمنية با�سم “احلر�س الرئا�سي”‬
‫بعد ت�شكيل القوة التنفيذية‬
‫ب�أيام‪27‬؛ بينما �أقدمت �أمريكا‬
‫على تخ�صي�ص مبلغ ‪ 86‬مليون‬
‫و‪� 400‬ألف دوالر لدعم قوات‬
‫احلر�س الرئا�سي‪.28‬‬
‫• احلر�س الرئا�سي‬

‫‪151‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫وعلى خلفية �رصاع ال�صالحيات‪،‬‬


‫والتظاهرات والتظاهرات امل�ضادة‪ ،‬واحلمالت‬
‫الإعالمية‪ ،‬بدا �أن هناك عمالً حثيثا ً لدفع‬
‫حركة فتح و�أجنحتها امل�سلحة �إىل �ساحة‬
‫ال�رصاع �ض ّد حما�س واحلكومة‪ .‬وحت َّول‬
‫التحري�ض ال�سيا�سي بالتدريج �إىل حوادث‬
‫�إطالق نار وا�شتباكات م�سلحة‪ .‬وكان اغتيال‬
‫عبد الكرمي القوقا‪ ،‬الأمني العام للجان املقاومة‬ ‫• عبد الكرمي القوقا‬

‫ال�شعبية‪ ،‬املقربة من حما�س‪ ،‬يف ‪،2006/3/31‬‬


‫عالمة فارقة يف التحول �إىل لغة ال�سالح‪ ،‬حيث اتهمت اللجان حممد دحالن بال�ضلوع يف‬
‫االغتيال‪ .‬وتبع ذلك اغتيال حممد الترت يف ‪� ،2006/5/16‬أحد قيادات حما�س الع�سكرية‪،‬‬
‫وح�سني العوجة يف ‪ 2006/7/6‬وهو من القيادات ال�سيا�سية حلما�س‪ .‬وتتابعت‬
‫اال�شتباكات لتح�صد يف الفرتة ‪ 2006/11/30 -1 /1‬ما جمموعه ‪ 41‬فل�سطينيا ً ُقتلوا‬
‫على خلفيات �سيا�سية‪ ،‬منهم �أربعون يف قطاع غزة وحده‪� .‬أما الفلتان الأمني ب�شكل عام‪،‬‬
‫فقد ح�صد ‪ 260‬قتيالً و‪ 1,239‬جريحا ً يف �سنة ‪.292006‬‬
‫َفتَ َح توافق الف�صائل الفل�سطينية مبا فيها فتح وحما�س على “وثيقة الوفاق الوطني”‬
‫�أو ما عرف بوثيقة الأ�رسى‪ ،‬يف حزيران‪ /‬يونيو ‪ ،2006‬الباب �أمام ت�شكيل حكومة وحدة‬
‫وطنية‪ .‬وا�ستعدت حما�س للتقليل من ن�صيبها املفرت�ض يف احلكومة‪ ،‬والتخلي عن من�صب‬
‫رئي�س الوزراء‪ ،‬وعدم تر�شيح قيادات من ال�صف الأول للحكومة‪ .‬ولكن ات�ضح فيما بعد‬
‫�أن الأمر مرتبط ب�رشوط الرباعية‪ ،‬وبال�ضغوط الإ�رسائيلية والأمريكية والأوروبية‪،‬‬
‫ولي�س فقط بح�ص�ص و�صالحيات كل طرف يف داخل احلكومة‪ .‬وقد �أ�سهم يف زيادة‬
‫التوتر وتعقيد الأو�ضاع �إعالن الرئي�س عبا�س عدة مرات (يف ‪ ،2006/5/21‬و‪،2006/9/27‬‬
‫و‪ ،2006/12/16‬و‪ ،)2007/1/19‬عن �إجراء انتخابات رئا�سية وت�رشيعية مبكرة‪ ،‬حيث‬
‫ر�أت حما�س �أن عبا�س ال ميلك ال�صالحيات الد�ستورية حلل املجل�س الت�رشيعي‪ ،‬و�أن‬
‫دعوته ُتثل التفافا ً على العملية الدميوقراطية‪.‬‬
‫ومن جهة �أخرى‪ ،‬فقد ازداد تعقيد و�ضع ال�سلطة‪ ،‬تنفيذ عملية “الوهم املتبدد” التي‬
‫�أدت �إىل �أ�رس جلعاد �شاليط‪ .‬وقد تبع ذلك قيام “�إ�رسائيل” بحملة اعتقاالت فورية وا�سعة‬
‫�شملت ‪ 64‬من وزراء حما�س وقادتها ونوابها يف املجل�س الت�رشيعي‪ .‬ثم تو�سعت حملة‬

‫‪152‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2011–2000‬‬

‫• عملية الوهم املتبدد‪ ،‬وتظهر دبابة املريكافا املد ّمرة‬ ‫• جلعاد �شاليط‬

‫االعتقاالت واحلمالت الع�سكرية‪ ،‬مما �أدى �إىل تعطيل عمل املجل�س الت�رشيعي‪ ،‬وعمل‬
‫حكومة حما�س يف ال�ضفة الغربية‪ .‬واعتبارا ً من ‪ ،2006/6/26‬وعلى مدى خم�سة �أ�شهر‬
‫تقريبا ً نفذت “�إ�رسائيل” عمليتي “�أمطار ال�صيف” و“غيوم اخلريف” يف قطاع غزة مما‬
‫�أدى ال�ست�شهاد نحو ‪ 505‬فل�سطينيني‪ ،‬وجرح ‪� 2,205‬آخرين‪ .‬ومع نهاية �سنة ‪2006‬‬
‫كانت “�إ�رسائيل” قد اعتقلت ‪ 5,671‬فل�سطينياً‪ ،‬وكان ما يزال هناك يف ال�سجن ثالثني‬
‫ع�ضوا ً من حما�س يف املجل�س الت�رشيعي‪ ،‬و�أربعة من وزراء حكومة �إ�سماعيل هنية‪.30‬‬
‫ت�صاعدت حدة االحتقان واال�شتباكات بني فتح وحما�س وم�ؤيديهما يف �أوائل �سنة‬
‫‪ ،2007‬فقامت ال�سعودية بالدعوة �إىل حوار بني الطرفني‪ ،‬انتهى �إىل ما يعرف باتفاق مكة‪،‬‬
‫يف ‪ 2007/2/7‬والذي تلقاه الفل�سطينيون ب�سعادة و�رسور كبريين‪ .‬وقد �أ�س�س االتفاق‬
‫لت�شكيل حكومة وحدة‬
‫وطنية برئا�سة �إ�سماعيل‬
‫مت ت�شكيلها‬ ‫هنية؛ والتي ّ‬
‫فعالً (‪ 9‬من حما�س‪ ،‬و‪ 6‬من‬
‫فتح‪ ،‬و‪ 4‬من باقي الف�صائل‪،‬‬
‫و‪ 5‬من امل�ستقلني)‪ ،‬وحازت‬
‫ثقة املجل�س الت�رشيعي يف‬
‫‪ .2007/3/17‬غري �أن الرئي�س‬
‫عي حممد دحالن‬ ‫عبا�س ّ‬
‫• ت�شكيل حكومة وحدة وطنية برئا�سة �إ�سماعيل هنية‬
‫يف ‪ 2007/3/2‬م�ست�شارا ً له‬

‫‪153‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫ل�ش�ؤون الأمن القومي كما عينه �أمينا ً ل�رس جمل�س الأمن القومي‪ ،‬وهو ما �أعطى دحالن‬
‫نفوذا ً وا�سعا ً على الأجهزة الأمنية‪ ،‬بخالف القانون الأ�سا�سي الفل�سطيني‪ .‬وقد �أثار هذا‬
‫التعيني �أول م�شكلة يف �إطار عمل احلكومة لأنه �سعى حلجب �صالحياتها عن الأجهزة‬
‫الأمنية‪ ،‬و�إبقائها بيد الرئا�سة‪.‬‬
‫عادت الأزمة الداخلية الفل�سطينية للت�صاعد‪ ،‬بعد �أن‬
‫ف�شل وزير الداخلية امل�ستقل اجلديد هاين القوا�سمي‪ ،‬يف‬
‫ممار�سة �صالحياته �أو �إحداث �أي من الإ�صالحات الأمنية‪،‬‬
‫فقدم ا�ستقالته ُم�سببا ً �إياها ب�أن ر�شيد �أبو �شباك (املقرب‬
‫من دحالن) يهيمن على الأجهزة الأمنية التابعة للداخلية‪،‬‬
‫ومينع وزير الداخلية من االت�صال بقادة هذه الأجهزة‪ ،‬و�أن‬
‫الرئا�سة الفل�سطينية �سلبت وزير الداخلية �صالحياته املالية‬
‫والإدارية‪.31‬‬ ‫• هاين القوا�سمي‬

‫‪� .2‬سيطرة حما�س على قطاع غزة‪ ،‬و�سيطرة فتح على ال�سلطة يف‬
‫ال�ضفة الغربية‪:‬‬
‫�أ�شار م�سار الأحداث �إىل �أن فتح وحما�س تتجهان‬
‫نحو ال�صدام‪ ،‬فقد تبني وجود خطط و�ضغوط �أمريكية –‬
‫�إ�رسائيلية ت�ستهدف �إ�سقاط حكومة الوحدة الوطنية‪ ،‬كما‬
‫تبني وجود طرف فل�سطيني حم�سوب على فتح م�ستعد‬
‫للتجاوب مع املخططات الأمريكية‪ .‬فقد تتاىل ظهور �أخبار‬
‫ت ؤ� ِّكد ا�ستمرار خطط كيث دايتون ‪ Keith Dayton‬التي‬
‫• كيث دايتون‬ ‫ا�ستهدفت ت�سليح قوات حر�س الرئا�سة الفل�سطينية‬
‫وتدريبها‪ ،‬بهدف �إعدادهم ملواجهات حمتملة مع حما�س يف قطاع غزة‪ .32‬وكان يجري‬
‫احلديث عن جتهيز ‪� 15‬ألف فرد من رجال الأمن يتبعون عبا�س ويدينون بالوالء ملحمد‬
‫دحالن‪ ،‬بحيث يتمكنون من “ردع حما�س”‪ .33‬و�أ�شارت التقارير �إىل �أن دايتون �أك َّد يف‬
‫جل�سة ا�ستماع يف جلنة ال�رشق الأو�سط بالكوجنر�س ‪ Congress‬الأمريكي يف �أواخر‬
‫�أيار‪ /‬مايو ‪ 2007‬ب�أن “الأو�ضاع �ستنفجر قريبا ً وبال رحمة يف قطاع غزة”‪.34‬‬
‫ومل تبد ِالرئا�سة الفل�سطينية والتيار الأمني املتنفذ يف فتح تعاونا ً حقيقيا ً يف جمال‬
‫�ضبط الأجهزة الأمنية وتنظيمها‪ .‬وقام التيار املتنفذ يف فتح مبجموعة من الإجراءات‬

‫‪154‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2011–2000‬‬

‫رسب من خطط �أمريكية‪ .‬ومن ذلك تو�سيع حر�س‬ ‫امليدانية تتوافق ب�شكل كبري مع ما ت� َّ‬
‫الرئا�سة‪ ،‬وعمل احلواجز الأمنية‪ ،‬وكرثة عمليات اخلطف واالغتيال املن�سوبة للعنا�رص‬
‫املوالية للرئي�س عبا�س ودحالن‪ ،‬خ�صو�صا ً يف منت�صف �أيار‪ /‬مايو ‪2007‬؛ حيث حتدثت‬
‫م�صادر من حما�س عن اغتيال ‪ 22‬من عنا�رصها يف �أ�سبوع واحد على يد الأجهزة‬
‫الأمنية‪.35‬‬
‫خا�ضت حما�س ما �أ�سمته معركة احل�سم مع “التيار االنقالبي العميل يف فتح”‪ ،‬ويف‬
‫الفرتة ‪ 2007/6/14-11‬متكنت من ال�سيطرة على قطاع غزة‪ .‬وت�شري �إح�صاءات املركز‬
‫الفل�سطيني حلقوق الإن�سان‪� ،‬إىل �أنه قد �سقط جراء �أحداث احل�سم الع�سكري ‪ 161‬قتيالً‬
‫خالل الفرتة ‪ ،2007/6/16 -7‬ومن بني ه�ؤالء ‪ 43‬مدنياً‪ ،‬و ‪� 91‬شخ�صا ً من عنا�رص‬
‫حركة فتح والأجهزة الأمنية التابعة لها‪ ،‬و‪� 27‬شخ�صا ً من حركة حما�س وكتائب الق�سام‬
‫والقوة التنفيذية‪.36‬‬

‫• ووجهت حما�س بحالة فلتان �أمني بعد فوزها يف االنتخابات‬

‫‪155‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫وقد دافعت حما�س عما قامت به ب�أنه كان ا�ضطرارا ً ولي�س اختيارياً‪ ،‬و�أنها مل ت�ستهدف‬
‫�إالّ فئة معينة حم�سوبة على فتح؛ و�أنها مل تق�صد يف البداية ال�سيطرة على القطاع‪ ،‬ولكن‬
‫الأمور “تدحرجت” �إىل �أن و�صلت �إىل ذلك احل ّد؛ و�أنها مل تكن تخطط لل�سيطرة على املربع‬
‫الأمني ومقر الرئا�سة‪ ،‬ولكن قيام الأجهزة الأمنية ب�إخالئها‪ ،‬وتعر�ضها للنهب وال�رسقة‬
‫من قبل النا�س‪ ،‬ا�ضطرها للقيام بهذه اخلطوة‪ .‬وجاء يف التو�ضيحات �أن ال�سيطرة على‬
‫مواقع الأجهزة الأمنية جاءت من �أجل قطع الطريق على ما و�صفتها بـ“الفئة املت�صهينة‬
‫التي تت�سرت ببع�ض الأجهزة”‪.37‬‬
‫مل تخ ُل عملية احل�سم �أو ما عرف باالنقالب من ممار�سات �سلبية �أ�ساءت �إىل �صورة‬
‫حما�س؛ فقد نقلت و�سائل الإعالم وال�شبكات الإخبارية عملية �إعدام �سميح املدهون‬
‫فجة وم�سيئة‪ .‬كما نقلت �صور �إجبار �ضباط الأمن الفل�سطيني على اخلروج‬ ‫ب�صورة َّ‬
‫ب�صدور عارية‪ ،‬وغري ذلك من النماذج التي قامت الو�سائل الإعالمية املح�سوبة على‬
‫حما�س بن�رشها‪ ،‬وهو ما خدم خ�صومها ب�شكل كبري‪ ،‬وق َّدم لهم �أدوات ا�ستخدموها‬
‫ب�شكل فاعل للتحري�ض �ض ّد حما�س‪ .‬وقد اعرتف العديد من قيادات حما�س بوجود هذه‬
‫املمار�سات اخلاطئة‪ ،‬و�أعلنوا رف�ضهم لها‪ ،‬غري �أنهم قدموها يف �سياق التحري�ض الهائل‬
‫املتبادل بني فتح وحما�س‪.‬‬
‫رف�ضت حما�س �أن ت�سمي ما قامت به انقالباً؛ لأن الذي اتخذ القرار هو رئي�س‬
‫الوزراء‪ ،‬وهو نف�سه يتوىل من�صب وزير الداخلية يف حكومة الوحدة الوطنية‪ ،‬وهو‬
‫مدعوم من جمل�س ت�رشيعي منتخب ميثل غالبية الأع�ضاء‪ .‬كما �أن حما�س ظلت على‬
‫اعرتافها بالرئي�س عبا�س و�رشعيته‪ ،‬ودعته �إىل التفاهم واحلوار دون �رشوط م�سبقة‪.‬‬
‫وبغ�ض النظر عن تعريف ما قامت به حما�س �إن كان “ح�سما ً” �أو “انقالبا ً”‪ ،‬ف�إن نتائجه‬
‫ِّ‬
‫كانت كبرية على ال�ساحة الفل�سطينية‪ ،‬وكان من �أبرزها‪:‬‬
‫• لأول مرة يحدث �إىل جانب ال�رشخ ال�سيا�سي انق�سام جغرايف‪ ،‬فيجد �أبناء قطاع غزة‬
‫�أنف�سـهم حتـت �سـيطرة حمـا�س وحكومتهـا املُقالة؛ بينما جتد ال�ضفة الغربية نف�سها‬
‫حتت �سيطرة فتح والرئا�سة الفل�سطينية وحكومة الطوارئ‪.‬‬
‫ • تظهر الأحداث مدى قوة ت�أثري العوامل اخلارجية يف العمل الوطني الفل�سطيني‪.‬‬
‫• �أ�رضت الأحداث ب�شكل كبري ب�صورة امل�رشوع الوطني الفل�سطيني‪ ،‬وب�صورة‬
‫برناجمها املقاوم‪ ،‬و�أحدثت حالة من اال�ستياء والنفور والإحباط يف �أو�ساط اجلماهري‬
‫العربية والإ�سالمية‪ ،‬ويف الأو�ساط العاملية الداعمة للحقّ الفل�سطيني‪.‬‬

‫‪156‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2011–2000‬‬

‫• تعاملت الرئا�سة الفل�سطينية مع �سيطرة حما�س على القطاع كفر�صة لإ�سقاط حكومة‬
‫الوحدة الوطنية و�إن�شاء حكومة طوارئ موالية (حتى و�إن كان ذلك خمالفا ً للقانون‬
‫الأ�سا�سي) يف ال�ضفة الغربية‪ .‬وا�ستفادت من تغييب دور املجل�س الت�رشيعي‪ ،‬الذي‬
‫ت�سيطر عليه حما�س‪ ،‬يف �إ�صدار مرا�سيم رئا�سية ت�أخذ قوة القانون‪ .‬وقد م�ضت‬
‫املرا�سيم والإجراءات الرئا�سية وحكومة الطوارئ بعيدا ً يف الت�ضييق على حما�س‬
‫واالعتداء على عنا�رصها يف ال�ضفة الغربية و�إغالق م�ؤ�س�ساتها‪ ،‬وحماولة تفكيك‬
‫بنيتها التنظيمية والع�سكرية‪ ،‬يف الوقت الذي طورت الرئا�سة واحلكومة يف ال�ضفة من‬
‫تن�سيقها الأمني مع االحتالل الإ�رسائيلي‪ .‬وقد �أفادت م�صادر حما�س يف ال�ضفة �أن‬
‫حما�س تعر�ضت لـ ‪ 1,007‬اعتداءات يف الفرتة ‪ 2007/8/31-6/11‬من عنا�رص الأجهزة‬
‫الأمنية ومن عنا�رص فتح‪ ،‬وقد �شملت ‪ 639‬عملية اعتقال واختطاف‪ ،‬و‪ 36‬عملية‬
‫�إطالق نار‪ ،‬و‪ 175‬اعتداء على م�ؤ�س�سات وجمعيات‪ ،‬مبا يف ذلك دور قر�آن‪ ،‬وجمعيات‬
‫خريية‪ ،‬وم�ؤ�س�سات �إعالمية ومكاتب �صحفية‪ ،‬ومدار�س وريا�ض �أطفال‪ ،‬كما حدث‬
‫‪ 156‬اعتداء على ممتلكات خا�صة ب�أبناء حما�س ومنا�رصيها‪.38‬‬
‫ويف املقابل‪� ،‬أحكمت حما�س وحكومتها املقالة ال�سيطرة على قطاع غزة‪ ،‬وتعاملت ب�شدة‬
‫مع �أن�صار فتح‪ ،‬الذين كانت ترى يف ممار�سات عدد منهم تهديدا ً للأمن واال�ستقرار يف‬
‫القطاع‪ .‬غري �أنه مل تتوفر �إح�صائيات حمددة عن حجم التجاوزات القانونية يف القطاع‪.‬‬
‫و�إن كان ك ٌّل من ال�سلطتني يف ال�ضفة والقطاع قد تعر�ضتا لنقد م�ؤ�س�سات حقوق‬
‫الإن�سان‪.‬‬
‫• وجدت الرئا�سة الفل�سطينية نف�سها طليقة يف غياب ال�رشاكة مع حما�س‪ ،‬ويف غياب‬
‫املجل�س الت�رشيعي‪ ،‬فم�ضت ب�شكل حثيث يف م�رشوع الت�سوية ويف املفاو�ضات مع‬
‫اجلانب الإ�رسائيلي‪ ،‬وبوجود الرعاية والدعم الأمريكي والغربي والعربي‪.‬‬
‫• عانى قطاع غزة من ح�صار خانق ومتوا�صل‪ ،‬ومن اعتداءات �إ�رسائيلية متوا�صلة‪،‬‬
‫و�أ�سهم للأ�سف بع�ض عنا�رص ال�سلطة يف التحري�ض على حما�س‪ ،‬بهدف �إ�سقاط‬
‫حكومتها و�إف�شال جتربتها‪.‬‬
‫ • �أدت عملية احل�سم �إىل ُخفوت ظاهرة الفلتان الأمني يف قطاع غزة‪ ،‬و�إىل تراجع حدة‬
‫ال�صدامات الف�صائلية والعائلية‪ .‬وهو ما ي�شري �إىل �أن حما�س جنحت ن�سبيا ً يف �إ�ضعاف‬
‫هذه الظاهرة وال�سيطرة عليها؛ كما �أن ذلك يرجح مقولة حما�س حول امل�س�ؤولية‬
‫الكبرية لتيار �أمني حمدد‪ ،‬حم�سوب على فتح‪ ،‬عن ظاهرة الفلتان الأمني‪ .‬وح�سب‬

‫‪157‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫�إح�صائيات مركز امليزان حلقوق الإن�سان‪ ،‬ف�إن عدد قتلى ظاهرة الفلتان الأمني يف‬
‫الأ�شهر ال�ستة الأوىل من �سنة ‪ 2007‬قد بلغ ‪ 422‬قتيالً و‪ 1,946‬جريحاً‪� ،‬أما ال�شهور‬
‫ال�ستة الأخرية من �سنة ‪ ،2007‬والتي تلت �سيطرة حما�س على القطاع‪ ،‬ف�إن عدد �ضحايا‬
‫الفلتان الأمني بلغ نحو ‪ 60‬قتيالً و‪ 425‬جريحا ً‪ .39‬وعلى الرغم من احلالة ال�صعبة التي‬
‫يعي�شها القطاع‪ ،‬ف�إن الأ�شهر الثالثة الأوىل من �سنة ‪ 2008‬مل ت�شهد �سقوط قتلى يف‬
‫�رصاعات بني فتح وحما�س‪ ،‬وبدا �أن الو�ضع حتت ال�سيطرة‪.‬‬
‫ • كان من الوا�ضح �أن قرار احل�سم قد اتخذته حما�س ب�شكل ميداين يف قطاع غزة‪ ،‬ومل‬
‫يكن قرارا ً مركزياً‪.‬‬
‫• كان من الوا�ضح �أن معظم العنا�رص يف الأجهزة الأمنية مل تكن ترى �أن املعركة مع‬
‫حما�س هي معركتها‪ ،‬و�إمنا معركة تيار معني يف الأجهزة ويف فتح‪ .‬ولو �أن هذه الأجهزة‬
‫التي تتكون من نحو ‪� 55‬ألف عن�رص يف قطاع غزة ع َّدت املعركة معركتها‪ ،‬لرمبا كان من‬
‫ال�صعب جدا ً على حما�س ح�سم املعركة ل�صاحلها‪ .‬وي�ؤكد تقرير �أعده املكتب الع�سكري‬
‫حلركة فتح يف غزة‪ ،‬حول �أ�سباب االنهيار ال�رسيع للأجهزة الأمنية‪ ،‬وجود قناعة لدى‬
‫عدد كبري من منت�سبي الأجهزة ب�أنهم كانوا يدافعون عن م�رشوع تيار واحد متنفذ يف‬
‫ال�سلطة وحركة فتح‪.‬‬

‫‪ .3‬حكومة �سالم فيا�ض‪:‬‬


‫بعد �سيطرة حما�س على قطاع غزة يف ‪2007/6/14‬؛ �سعى الرئي�س الفل�سطيني‬
‫حممود عبا�س �إىل �إخراج حما�س من ال�رشعية الفل�سطينية‪ ،‬و�إىل جتاوز املجل�س‬
‫الت�رشيعي الذي متتلك غالبية �أع�ضائه‪ ،‬فلج أ� �إىل غطاء م‪.‬ت‪.‬ف لي�ستند ب�إجراءاته‬
‫الرئا�سية �إليها؛ على الرغم من �أن املنظمة هي مرجعية لل�سلطة يف ال�ش�ؤون الكربى‪،‬‬
‫ولي�ست �أداة تنفيذية �أو ت�رشيعية �ضمن �إطار ال�سلطة‪ ،‬فعقدت اللجنة التنفيذية ملنظمة‬
‫رصف‬‫التحرير اجتماعا ً طارئا ً يف ‪ 2007/6/14‬و�أقرت عدة تو�صيات‪ ،‬و�ضعتها حتت ت� ّ‬
‫الرئي�س عبا�س‪:‬‬
‫• �إقالة حكومة �إ�سماعيل هنية‪.‬‬
‫• �إعالن حالة الطوارئ‪.‬‬
‫• ت�شكيل حكومة �إنفاذ حالة الطوارئ‪.‬‬
‫• �إجراء انتخابات مبكرة‪.40‬‬

‫‪158‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2011–2000‬‬

‫عبا�س �سالم فيا�ض‬‫ُ‬ ‫وكلّف‬


‫بت�شكيل حكومة �إنفاذ حالة الطوارئ‬
‫(حكومة طوارئ)‪ ،‬ومت ّكن فيا�ض‬
‫من ت�شكيلها يف ‪ ،2007/6/17‬ثم‬
‫حتولت بعد نحو �شهر �إىل حكومة‬
‫ت�سيري �أعمال؛ بالرغم من �أن النظام‬
‫الأ�سا�سي الفل�سطيني (الد�ستور)‬
‫• فيا�ض ُي�ش ِّكل حكومة طوارئ‬
‫يتيح للرئا�سة �إعالن حالة الطوارئ‬
‫فقط‪ ،‬دون �أن يتيح لها ت�شكيل حكومة طوارئ‪ ،‬كما �أن النظام الأ�سا�سي يحول احلكومة‬
‫القائمة يف ذلك الوقت (حكومة �إ�سماعيل هنية) �إىل حكومة ت�سيري �أعمال‪ .‬وحتى لو‬
‫�سلمنا جدالً ب�رشعية حكومة فيا�ض‪ ،‬ف�إن الد�ستور الفل�سطيني يلزمها بنيل ثقة املجل�س‬
‫الت�رشيعي وهو ما مل حت�صل عليه مطلقاً‪ .‬ومن الناحية العملية فقد ر�ضي فيا�ض �أن يكون‬
‫املحدد الفاعل والأ�سا�سي يف بقائه‪ ،‬من الناحية الفل�سطينية‪ ،‬هو تعطيل املجل�س الت�رشيعي‬
‫وحرمانه من �أداء مهامه‪ .‬وكان من املثري لال�ستغراب �أن تقوم هذه احلكومة التي يفرت�ض‬
‫�أن متثل �إرادة ال�شعب‪ ،‬مبحاربة اجلهة التي تعرب عن �إرادة غالبيته واملخولة بتمثيله!‬
‫قام الرئي�س عبا�س وحكومة فيا�ض ب�إعادة �صياغة القوانني االقت�صادية‬
‫واالجتماعية والأمنية‪ ،‬م�ستفيدين من تغييب ال�سلطة الت�رشيعية املعار�ضة‬
‫لإجراءاتهم‪ .‬وخالل الفرتة من حزيران‪ /‬يونيو ‪ 2007‬وحتى حزيران‪ /‬يونيو ‪،2008‬‬
‫�أ�صدر الرئي�س عبا�س وحكومة رام اهلل ‪ 406‬مرا�سيم غطت تقريبا ً كل جوانب احلياة‬
‫والنظام ال�سيا�سي والقانوين‪ .41‬وقد فتح هذا املجال التهام الرئا�سة وحكومة ت�سيري‬
‫الأعمال برئا�سة فيا�ض ب�أنهم يف الوقت الذي يتهمون فيه حما�س باالنقالب يف غزة‬
‫واخلروج على ال�رشعية‪ ،‬ف�إنهم �أنف�سهم ينقلبون على ال�رشعية الت�رشيعية‪ ،‬ويقومون‬
‫مبحاربة ممثليها واجتثاثهم‪.‬‬
‫وقد �أقدمت حكومة فيا�ض على ح ّل جميع جلان الزكاة يف ال�ضفة الغربية‪ ،‬بحجة �أنها‬
‫م�صدر مايل حلركة حما�س ‪ .42‬و�أ�صدرت حما�س يف ‪� 2008/11/12‬إح�صائية بـ ‪616‬‬
‫معتقالً �سيا�سيا ً من �أبنائها لدى ال�سلطة‪ ،‬وقالت �إن حاالت االعتقال ال�سيا�سي لأفرادها‬
‫يف ال�ضفة بلغت ‪ 2,921‬حالة اعتقال‪ ،‬يف الفرتة من ‪ 2007/6/10‬وحتى ‪.432008/11/11‬‬

‫‪159‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫فيا�ض مل يكن حم َّل اعرتا�ض حما�س وعدد من ف�صائل املعار�ضة الفل�سطينية فقط‪،‬‬
‫و�إمنا كان حم َّل اعرتا�ض الكثري من كوادر فتح وقياداتها‪ ،‬والتي كانت حتتج عليه بقوة‬
‫لكنها ت�ضطر لل�سكوت على م�ض�ض ب�سبب �إ�رصار عبا�س (والإ�رسائيليني والأمريكان‬
‫عليه)‪ .‬وخالل دورة املجل�س الثوري الـ ‪ 25‬حلركة فتح (‪ )2008/5/26‬تعر�ض فيا�ض‬
‫لهجوم عنيف‪ ،‬و�شبهه البع�ض ببول برامير ‪� Paul Bremer‬أول حاكم �أمريكي للعراق‪،‬‬
‫ور�أى �آخرون حكومته حكومة �أمريكية مفرو�ضة على الفل�سطينيني‪ .‬وعندما �ش ّكل‬
‫فيا�ض حكومته يف ‪ ،2009/5/19‬واجه معار�ضة من كتلة فتح الربملانية‪ ،‬التي �ضغط‬
‫عليها عبا�س لل�سكوت‪.‬‬
‫�أحال فيا�ض املئات من الكوادر الوطنية (مبا فيها الكثري من العنا�رص الفتحاوية)‬
‫يف الأجهزة الأمنية �إىل التقاعد‪ ،‬وفتح املجال �أمام اخلرباء‬
‫الأمريكيني وخ�صو�صا ً كيث دايتون ومن بعده مايكل مولر‬
‫‪ ،Michael Moeller‬لإعداد الأجهزة الأمنية مبا يتوافق‬
‫وا�ستحقاقات الت�سوية ومالحقة قوى املقاومة‪ .‬ويف عهد‬
‫فيا�ض و�صل التعاون الأمني مع “�إ�رسائيل” �إىل قمته‪ ،‬من‬
‫تبادل معلومات‪ ،‬وك�شف �شبكات املقاومة والقب�ض على‬
‫رجالها‪ ،‬وقمع املظاهرات‪ ،‬ومنع االحتكاك بالإ�رسائيليني‪،‬‬
‫و�إعادة �إ�رسائيليني دخلوا �إىل مناطق ال�سلطة‪.‬‬ ‫• مايكل مولر‬

‫و�سعت ال�سلطة حتت قيادة فيا�ض �إىل جتنيد عنا�رص �رشطة على �أ�سا�س الوالء‪ ،‬ولي�س‬
‫بال�رضورة على �أ�سا�س الروح الوطنية‪ .‬وكانت النتيجة عدة كتائب جرى �إعدادها ب�إ�رشاف‬
‫دايتون‪ ،‬وكان يتم احلديث عنها بح�سب جريدة ه�آرت�س ‪( Haaretz‬ني�سان‪� /‬أبريل ‪)2008‬‬
‫على �أنهم “�أبناء دايتون”‪ .‬وبح�سب‬
‫امل�صادر الإ�رسائيلية فقد و�صل‬
‫التن�سيق مع ال�سلطة الفل�سطينية �إىل‬
‫م�ستويات غري م�سبوقة‪� ،‬إىل درجة‬
‫جعلت ال�شاباك يعلن يف �سنة ‪2010‬‬
‫لأول مرة منذ �أكرث من ع�رشين‬
‫عاما ً عن خلو قائمته من املطلوبني‬
‫• جتنيد كتائب جديدة من ال�رشطة الفل�سطينية‬
‫الفل�سطينيني‪ .‬وقد ك�شفت احلكومة‬

‫‪160‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2011–2000‬‬

‫الإ�رسائيلية يف تقريرها املقدم �إىل “جلنة ارتباط الدول املانحة” يف بروك�سل‪ ،‬والذي ُن�رش‬
‫يف ‪� 2011/4/13‬أنه يف �سنة ‪ 2010‬قامت �أجهزة االحتالل بـ ‪ 2,968‬عملية م�شرتكة مع‬
‫قوات الأمن الفل�سطينية يف ال�ضفة الغربية‪ ،‬كما عقدت ‪ 686‬اجتماعا ً م�شرتكا ً معها‪.44‬‬
‫�أما اجلانب االقت�صادي الذي يفخر فيا�ض ب�أدائه فقد جرى ت�ضخيمه ب�أكرث مما‬
‫ي�ستحق‪ .‬وهو اقت�صاد يبقى �أ�سري االحتالل‪ ،‬و�أ�سري احل�صار‪ ،‬و�أ�سري امل�ساعدات‬
‫الأجنبية‪ .‬فقد ارتفع الناجت املحلي الإجمايل حتت حكومة فيا�ض من نحو ‪ 4‬مليارات‬
‫و‪ 600‬مليون �إىل ‪ 6‬مليارات و‪ 800‬مليون دوالر تقريبا ً يف الفرتة ‪ ،2012-2007‬مقارنة‬
‫بارتفاع الناجت املحلي الإ�رسائيلي من ‪ 166‬مليارا ً �إىل ‪ 241‬مليار دوالر للفرتة نف�سها‪.‬‬
‫وبعبارة �أخرى‪ ،‬ف�إن ن�صيب الفرد الفل�سطيني من الناجت املحلي الإجمايل ارتفع من‬
‫‪ 1,303‬دوالرا ً �إىل ‪ 1,679‬دوالرا ً يف الفرتة ‪� 2012-2007‬أي زاد خالل حكم فيا�ض‬
‫مببلغ ‪ 376‬دوالرا ً يف خم�س �سنوات مبعدل ‪ 75‬دوالرا ً �سنوياً؛ بينما زاد دخل الفرد‬
‫الإ�رسائيلي ال�سنوي للفرتة نف�سها من ‪ 23,000‬دوالر �إىل ‪ 30,400‬دوالر �أي مبعدل‬
‫زيادة مقداره ‪ 1,480‬دوالر �سنوياً‪ .‬وتهيمن “�إ�رسائيل” على التجارة اخلارجية‬
‫لل�سلطة يف ال�ضفة الغربية‪� ،‬إذ �إن نحو ‪ %70‬من واردات ال�سلطة يف رام اهلل ت�أتي من‬
‫“�إ�رسائيل”‪ ،‬كما �أن �أكرث من ‪ %85‬من �صادراتها تذهب �إىل “�إ�رسائيل”‪� .‬أما البطالة‬
‫فو�صلت ن�سبتها يف �أواخر �سنة ‪� 2012‬إىل نحو ‪ %18.3‬يف ال�ضفة الغربية‪.45‬‬
‫مت ت�صميمه بحيث يكون حتت رحمة‬ ‫�إن م�شكلة اقت�صاد ال�سلطة الفل�سطينية �أنه ّ‬
‫االحتالل الإ�رسائيلي‪ ،‬وحتت رحمة ا�ستحقاقات عملية الت�سوية‪ ،‬لي�صبح ال�ضغط‬
‫االقت�صادي نوعا ً من االبتزاز ال�سيا�سي‪� .‬إن نحو ‪ %55-50‬من ميزانية ال�سلطة ت�أتي من‬
‫م�ساعدات الدول املانحة‪ ،‬ونحو ثلث امليزانية ي�أتي من م�ستحقات ال�رضائب الفل�سطينية‬
‫التي تقوم “�إ�رسائيل” بتح�صيلها‪ .‬وعند ذلك ت�أتي “�إ�رسائيل” واجلهات الأجنبية‬
‫لتفر�ض على الفل�سطينيني طبيعة النظام وطبيعة ال�شخ�ص الذي ي�ستلم هذه الأموال‪،‬‬
‫وطريقة التعامل معها‪ .‬وهنا ف�إن الأمر لي�س مرتبطا ً بالكفاءة وال�شفافية فقط‪ ،‬و�إمنا‬
‫بالأداء ال�سيا�سي والأمني‪.‬‬
‫حكومة فيا�ض التي كانت تقول �إنها تنفق �أكرث من مئة مليون دوالر �شهريا ً على قطاع‬
‫غزة‪ ،‬كانت تقدم �صورة منقو�صة عن احلقيقة‪ .‬فال�صحيح �أن مبلغا ً �ضخما ً كان يذهب‬
‫للموظفني الذين ال يذهبون للعمل‪ ،‬فمنذ االنق�سام الفل�سطيني وال�سلطة يف رام اهلل تدفع‬
‫الرواتب ملن يجل�س يف بيته‪ ،‬وتوقف الرواتب عمن يذهب �إىل العمل �إال �ضمن ا�ستثناءات‬

‫‪161‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫حمددة كال�صحة والتعليم‪ .‬فكانت حكومة فيا�ض تنفق على نحو ‪� 60‬ألف موظف (من‬
‫�أ�صل ‪� 78‬ألفاً) �رشط �أن يبقوا يف بيوتهم‪ ،‬وه�ؤالء كانوا يح�صلون على ‪ %86‬من الرواتب‬
‫التي حتولها ال�سلطة يف رام اهلل �إىل القطاع‪ .‬ومبعنى �آخر‪ ،‬ف�إن الأموال املر�سلة �إىل غزة‬
‫ا�ستخدمها فيا�ض (ومن خلفه قيادة ال�سلطة) يف التوظيف ال�سيا�سي؛ و�أوجدت و�ضعا ً‬
‫�شاذا ً كانت نتيجته مكاف�أة املتغيب امل�ستنكف عن العمل‪ ،‬ومعاقبة �أولئك الذين التزموا‬
‫ب�أعمالهم وخدمة �شعبهم‪.‬‬
‫�سعى فيا�ض عندما �شكل حكومته اجلديدة يف ‪� ،2009/5/19‬إىل “�إقامة م�ؤ�س�سات‬
‫الدولة امل�ستقلة” خالل عامني‪ .46‬وت�ضمنت اخلطة �إقامة م�شاريع �سيادية‪ ،‬مثل مطار‬
‫و�سكة حديد و�إن�شاء بنية حتتية �أ�سا�سية‪ ،‬وت�أمني موارد الطاقة واملياه‪ ،‬وحت�سني‬
‫الإ�سكان والتعليم والزراعة‪ ،‬وت�شجيع اال�ستثمار‪ ،‬وحت�سني �أداء الأجهزة الأمنية‪،‬‬
‫بالإ�ضافة �إىل بناء امل�ست�شفيات والعيادات ال�صحية وغريها‪ .47‬و�أراد فيا�ض من خالل‬
‫تطبيق خطته �أن يكون عملياً‪ ،‬باال�ستفادة قدر الإمكان من الظروف املتاحة‪ ،‬وبال�سعي‬
‫ل�صناعة احلقائق على الأر�ض‪ ،‬التي تدعم بناء الدولة الفل�سطينية‪� ،‬أو على الأقل تدعم‬
‫�صمود ال�شعب الفل�سطيني يف �أر�ضه‪ .‬غري �أنه كان ُيواجه بطرف �إ�رسائيلي مع ِّوق‬
‫ومراوغ‪ ،‬وميكن �أن يدمر الإجنازات من خالل �إجراءاته القا�سية املعتادة‪ ،‬ويجعل ما‬
‫يقوم به فيا�ض �ضئيالً مقارنة مبا يقوم به الإ�رسائيلي ب�شكل حثيث‪ ،‬من م�شاريع تهويد‬
‫وا�سعة يف القد�س وباقي ال�ضفة الغربية‪ ،‬بينما “ي�ستمتع” بقيام ال�سلطة بالتزاماتها يف‬
‫قمع تيارات املقاومة‪ ،‬ودون �أن متلك هذه ال�سلطة � ّأي �أوراق �ضغط حقيقية على اجلانب‬
‫الإ�رسائيلي‪.‬‬
‫ُ‬
‫ك�شف �إجنازاتها يف �أداء‬ ‫وخالل �أربع �سنوات من عمر حكومة �سالم فيا�ض‪ ،‬كان‬
‫اال�ستحقاقات الإ�رسائيلية‪� ،‬أكرب من ك�شف �إجنازاتها يف �أداء اال�ستحقاقات الوطنية‪.‬‬
‫وقد وفرت �سيا�سات فيا�ض هدوءا ً �أمنياً‪ ،‬غري �أنه كان هدوءا ً مربوطا ً ب�رضب م�رشوع‬
‫املقاومة‪ ،‬وب�رضب �أحد �أهم عنا�رص قوة املجتمع الفل�سطيني يف وجه االحتالل‪ ،‬وبالتايل‬
‫كان هدوءا ً يغري االحتالل مبزيد من اال�ستمرار يف احتالله‪.‬‬
‫كما وفرت �سيا�سات فيا�ض حت�سنا ً اقت�صاديا ً ن�سبياً‪ ،‬غري �أنه كان يف جوهره مرتبطا ً‬
‫بتربعات الدول املانحة ودعمها‪ ،‬دون �أن يحقق عملية تنمية حقيقية‪ ،‬بينما ظ ّل االحتالل‬
‫مي�سك بخناق م�صادر الإنتاج وعمليات اال�سترياد والت�صدير وحتويل الأموال‪ ،‬وتابع‬
‫ا�ستخدامها ك�أدوات ابتزاز �سيا�سي واقت�صادي لتحقيق مكا�سب جديدة‪.‬‬

‫‪162‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2011–2000‬‬

‫‪ .4‬حكومة ت�سيري الأعمال (احلكومة املقالة) يف غزة‪:‬‬


‫ظلّت حكومة هنية تع ُّد نف�سها حكومة ت�سيري الأعمال ال�رشعية بعد �إقالة حممود‬
‫عبا�س لها بح�سب الد�ستور الفل�سطيني‪ .‬وعلى الرغم من ان�سحاب وزراء فتح وباقي‬
‫الف�صائل وامل�ستقلني منها‪ ،‬وبقاء وزراء حما�س فقط‪� ،‬إال �أنها ا�ستمرت يف ت�سيري الأعمال‬
‫من خالل الوزراء املتبقني املوجودين يف القطاع‪ .‬ويف �أواخر حزيران‪ /‬يونيو ‪� 2008‬أ�صدر‬
‫�إ�سماعيل هنية قرارا ً بتعيني حممد ع�سقول وزيرا ً للرتبية‪ ،‬و�أ�سامة العي�سوي وزيرا ً‬
‫للنقل واملوا�صالت‪ ،‬وطالب �أبو �شعر وزيرا ً للأوقاف‪ ،‬و�أحمد الكرد وزيرا ً لل�ش�ؤون‬
‫االجتماعية‪ ،‬و�أحمد �شويدح وزيرا ً للعدل‪ ،‬وثبَّت �سعيد �صيام وزيرا ً للداخلية‪ ،48‬الذي‬
‫ا�ست�شهد اغتياالً يف العدوان الإ�رسائيلي على القطاع فيما بعد‪ .‬وقد �سعت حكومة هنية‬
‫�أكرث من مرة �إىل تو�سيع ت�شكيلتها الوزارية‪ ،‬بالعر�ض على عدد من الف�صائل اال�شرتاك‬
‫فيها‪ ،‬وهو م�سعى ظ ّل م�ستمرا ً حتى �أوائل �سنة ‪ 2011‬لكنها مل تنجح يف ذلك‪.‬‬
‫وجدت حكومة ت�سيري الأعمال يف غزة (�أو ما ُعرف باحلكومة املقالة) نف�سها ت�سبح‬
‫عك�س التيار يف بيئة عربية منق�سمة على نف�سها‪ ،‬وبيئة دولية معادية �أو خما�صمة �أو‬
‫ال مبالية‪ .‬وكان جناح هذه احلكومة بقيادة �إ�سماعيل هنية يتمثل يف قدرتها على البقاء‬

‫• طالب �أبو �شعر‬ ‫• �أ�سامة العي�سوي‬ ‫• حممد ع�سقول‬

‫• �أحمد �شويدح‬ ‫• �أحمد الكرد‬

‫‪163‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫يف ظروف تكاد تكون م�ستحيلة‪ .‬لكن القدرة على البقاء دفعت فاتورتها ح�صارا ً خانقا ً‬
‫لأكرث من مليون ون�صف املليون فل�سطيني‪ ،‬ودمارا ً يف البنية التحتية‪ ،‬وان�شغاالً بتوفري‬
‫الوقود ولقمة اخلبز وحبة الدواء‪ .‬غري �أنها مل تكن متلك خيارات كثرية‪ ،‬فقد كان �سقوطها‬
‫يعني بالن�سبة لها العودة للفلتان الأمني‪ ،‬واجتثاث حما�س وبرنامج املقاومة من القطاع‪،‬‬
‫وك�رس �إرادة ال�شعب الفل�سطيني يف التغيري‪ ،‬وعودة برامج �أو�سلو وخريطة الطريق‬
‫و�أنابولي�س ‪ Annapolis‬بكل �سلبياتها ومفا�سدها وا�ستحقاقاتها‪ .‬ور�أت �أن �صمودها‬
‫خيها بني “اخلبز والكرامة”‪،‬‬‫ي�ستحق العناء‪ ،‬و�أنها �إذا �أُجربت على خو�ض معركة ُت ِّ‬
‫ف�إنها �ستختار الكرامة‪.‬‬
‫ولقد �أدى احل�صار على قطاع غزة �إىل‬
‫�آثار كارثية يف االقت�صاد‪ ،‬خ�صو�صا ً مع‬
‫قيام �سلطات االحتالل الإ�رسائيلية ب�إلغاء‬
‫الرمز اجلمركي اخلا�ص بالقطاع يف‬
‫‪ ،2007/6/21‬مما يعني �إنهاء التعامالت‬
‫التجارية وكافة الوكاالت والعالمات‬
‫التجارية مب�ستوردي وم�صدري القطاع‪.‬‬
‫وقد عانى قطاع غزة من �إغالق ‪ %95‬من‬
‫املن�ش�آت ال�صناعية‪� ،‬أي ما يقارب ‪3,700‬‬
‫مت تعليق‬ ‫م�صنع من �أ�صل ‪3,900‬؛ كما ّ‬ ‫• من معاناة احل�صار على غزة‬

‫تنفيذ م�شاريع بناء وبنية حتتية بقيمة ‪ 370‬مليون دوالر نتيجة عدم توافر مواد البناء‪.‬‬
‫وتدهور القطاع ال�صحي ب�سبب النق�ص احلاد يف الأدوية وامل�ستلزمات واملعدات الطبية؛‬
‫مت ت�رسيح �أكرث من ‪� 75‬ألف عامل كانوا يعملون يف القطاع اخلا�ص؛ وتوقف الت�صدير‬ ‫و ّ‬
‫مت تعطيل نحو ‪ %90‬من قطاع النقل التجاري؛ وت�أثر القطاع التعليمي ب�سبب‬ ‫الزراعي؛ و ّ‬
‫النق�ص يف الكتب والقرطا�سية واملطبوعات‪ .49‬وو�صلت ن�سبة الفقر يف قطاع غزة �إىل �أكرث‬
‫من ‪ ،%80‬وارتفعت معدالت البطالة �إىل ‪ .50%60‬وكان هناك نحو ‪ %60‬من �سكان القطاع‬
‫ال تتوفر لهم الإمدادات املائية الكافية‪ ،‬وتقت�رص املياه ال�صاحلة لل�رشب يف حدود ‪%10‬‬
‫فقط من جملة االحتياجات‪ .51‬كما �أن �أكرث من ‪ %80‬من الالجئني يف القطاع يعتمدون‬
‫على م�ساعدات وكالة الأمم املتحدة لإغاثة وت�شغيل الالجئني الفل�سطينيني يف ال�رشق‬
‫الأدنى (الأونروا) ‪United Nations Relief and Works Agency for Palestine‬‬
‫)‪.Refugees in the Near East (UNRWA‬‬

‫‪164‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2011–2000‬‬

‫وقد متكنت حكومة هنية من �إحكام �سيطرتها‬


‫على القطاع‪ ،‬وف�شلت االجتياحات واحل�صار‬
‫والفلتان الأمني يف �إ�سقاطها‪ .‬وحافظت على‬
‫�شعبية ال ب�أ�س بها بني �أبناء القطاع يف وجه‬
‫معار�ضة قوية‪ ،‬خ�صو�صا ً من حركة فتح التي‬
‫�أعادت ترتيب �صفوفها‪ .‬ومثلت الأنفاق على‬
‫احلدود امل�رصية‪ ،‬التي زادت من ‪ 24‬نفقا ً �إىل‬
‫�أكرث من ‪ 500‬نفق‪ ،‬حالً جزئيا ً لتوفري بع�ض‬
‫االحتياجات ال�رضورية‪ ،‬حيث غطت نحو ‪%50‬‬
‫من “واردات” القطاع‪ .‬وتابعت احلكومة توفري‬
‫• �أحد الأنفاق على احلدود امل�رصية‬ ‫غطاء حلركات املقاومة‪ ،‬وا�ستمر نقل و“تهريب”‬
‫الأ�سلحة �إىل القطاع وت�صنيع ما ميكن ت�صنيعه‪ .‬غري �أن املربع الذي وجدت احلكومة‬
‫نف�سها فيه جعل فعل حما�س وفعل تيار املقاومة فعالً دفاعيا ً يف جوهره‪ ،‬كما �أن الأداء‬
‫احلكومي ارتبط ب�ضبط الأمن وتوفري االحتياجات ال�رضورية ومكافحة الف�ساد‪ ،‬دون‬
‫�أن تتاح له ظروف القيام بعملية تنموية حقيقية �أو تطوير اقت�صادي‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل ت�أجيل‬
‫العديد من اجلوانب املرتبطة بربامج الأ�سلمة‪ ،‬وتطبيق ال�رشيعة التي يتبناها فكر حما�س‪.‬‬
‫وعلى الرغم من �أن �سيا�سة الرئا�سة واحلكومة يف رام اهلل مع الوظائف العمومية �أدت‬
‫�إىل �إ�ضعاف قطاع العمل احلكومي يف قطاع غزة‪� ،‬إال �أنه يظهر �أن حكومة هنية متكنت من‬
‫التكيّف مع الو�ضع‪ ،‬فا�ستطاعت توفري الرواتب لأكرث من ‪� 18‬ألف موظف ممن يعملون‬
‫معها‪ ،52‬وغطت احل ّد الأدنى من حاجتها للوظائف‪ ،‬فبلغ مثالً عدد منت�سبي الأجهزة‬
‫الأمنية ‪ 13,600‬بعد �أن كان ‪ .5356,000‬وملأت العديد من ال�شواغر مبن ي�ؤيد خطها‬
‫ال�سيا�سي �أو يتوافق مع برناجمها‪� ،‬أو يتقبل العمل يف ظ ّل الو�ضع القائم يف القطاع‪ ،‬كما‬
‫ا�ستعانت بكتائب الق�سام ل�ضبط الأمن عند احلاجة‪ .‬وهو ما فتح املجال التهامها واتهام‬
‫حما�س بتنفيع من ي�ؤيدهما‪ ،‬و�إعطاء العمل احلكومي يف القطاع وجها ً حزبياً‪.‬‬
‫وقد جنحت حكومة هنية يف تفكيك املربعات الأمنية لعدد من العائالت القوية واملتنفذة‬
‫يف القطاع كما حدث مع عائلة بكر يف ‪ 2007/6/13‬يف خميم ال�شاطئ‪ ،‬وعائلة حلّ�س يف‬
‫‪ ،2008/8/2‬يف حي ال�شجاعية‪ ،‬وعائلة دغم�ش يف ‪ 2008/9/15‬يف حي ال�صربة و�سط‬

‫‪165‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫مدينة غزة‪ .54‬ومتكنت حكومة هنية يف نهاية �صيف ‪ 2008‬من جتاوز �إ�رضاب وا�سع قام‬
‫به املدر�سون والأطباء يف القطاع‪ ،‬ونفذته حركة فتح وم�ؤيدوها‪� ،‬إ�ضافة �إىل من يتبنى‬
‫ق�ضاياهم املطلبية‪ .‬كما نظمت عملية �أمنية يف ‪� ،2009/8/15‬ضد تنظيم “جند �أن�صار اهلل”‬
‫يف رفح جنوب قطاع غزة‪ ،‬والتي �أ�سفرت عن �سقوط ‪ 28‬قتيالً‪ ،‬من بينهم زعيم التنظيم‬
‫ال�شيخ عبد اللطيف مو�سى‪ ،‬ونحو ‪ 130‬جريحاً‪ُ ،‬بعيد �إعالن زعيم التنظيم عن �إقامة‬
‫“�إمارة �إ�سالمية”‪ .55‬وبذلك تكون حكومة هنية قد �أحكمت �سيطرتها على القطاع‪ ،‬وهو‬
‫ما �أو�صل الكثري من معار�ضيها �إىل ا�ستنتاج �صعوبة‪� ،‬إن مل يكن ا�ستحالة‪� ،‬إ�سقاطها �أو‬
‫تغيريها من الداخل‪.‬‬
‫�صمدت حكومة هنية يف مواجهة احلرب الإ�رسائيلية على قطاع غزة (‪-2008/12/27‬‬
‫‪ ،)2009/1/18‬ومتكنت مع تيارات املقاومة التي تقودها حما�س من �إف�شال الهجوم‬
‫الإ�رسائيلي‪ ،‬و�إجبار القوات الإ�رسائيلية على االن�سحاب الكامل من القطاع‪ .‬وا�ستطاعت‬
‫ا�ستيعاب �صدمة احلرب ب�رسعة‪ ،‬وتابعت �إدارتها و�سيطرتها على الأو�ضاع يف القطاع‪،‬‬
‫ومل حتدث الفو�ضى �أو الفلتان الأمني الذي كان يراهن عليه البع�ض‪ .‬وقد مثَّل �صمود‬
‫املقاومة وب�سالتها رافعة �شعبية و�سيا�سية و�إعالمية كبرية للحكومة املُقالة وحلما�س‪،‬‬
‫و�أوجد حالة من الإحباط لدى �أعداء حما�س وخ�صومها‪ .‬وقد �ش َّكل ذلك دافعا ً للم�ضي يف‬
‫احلوار الوطني لتحقيق امل�صاحلة الفل�سطينية‪.‬‬
‫كان الدمار الذي �أ�صاب قطاع غزة نتيجة احلرب عليه كبرياً‪ ،‬حيث بلغ عدد املباين‬
‫املدمرة ب�شكل كلي ‪ 5,350‬مبنى‪ ،‬بينما ُد ِّمر ب�شكل جزئي �أكرث من ‪� 16‬ألف مبنى‪ ،‬وقد‬
‫�شمل التدمري �أغلب مقرات الوزارات وامل�ؤ�س�سات الر�سمية والأمنية‪ .‬غري �أن حكومة هنية‬
‫تابعت تقدمي خدماتها مبا�رشة بعد احلرب يف مقار بديلة‪ .‬قدرت احلكومة املُقالة كلفة‬
‫�إعادة �إعمار ما دمره االحتالل بنحو مليارين و‪ 215‬مليون دوالر‪ ،‬ومت�سكت بالإ�رشاف‬
‫على الإعمار‪ ،‬ورف�ضت �أي �إ�رشاف مبا�رش حلكومة فيا�ض يف رام اهلل على الإعمار‪.56‬‬
‫لكنها مل متانع �أن تقوم اجلهات املانحة بتنفيذ عملية الإعمار بنف�سها �أو من خالل اجلهات‬
‫وال�رشكات التي تثق بها‪ ،‬غري �أن ذلك كله مل ي�شفع للحكومة‪ ،‬على الرغم من �أنها هي‬
‫رصت اجلهات املانحة على التعامل مع الرئي�س‬ ‫التي تدير كافة الأمور على الأر�ض‪ .‬و�أ� ّ‬
‫عبا�س وحكومة فيا�ض‪ ،‬كما راعت ال�رشوط واالعتبارات الإ�رسائيلية؛ وهو ما عنى عمليا ً‬
‫ا�ستمرار احل�صار والدمار‪ ،‬وعدم القدرة على �إي�صال امل�ساعدات وتنفيذ امل�شاريع‪.‬‬

‫‪166‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2011–2000‬‬

‫‪ .5‬منظمة التحرير الفل�سطينية‪:‬‬


‫على الرغم من �أن منظمة التحرير هي التي �أن�ش�أت ال�سلطة الفل�سطينية و�أعطتها الغطاء‬
‫وال�رشعية؛ �إال �أن ال�سلطة �أخذت بالت�ضخم‪ ،‬بينما �أخذت م‪.‬ت‪.‬ف باالنزواء والرتاجع‪،‬‬
‫لتبدو مع الزمن وك�أنها �أداة من �أدوات ال�سلطة‪ .‬وو�ضعت املنظمة يف “غرفة الإنعا�ش”‬
‫بعد �أن ُه ِّم�شت و�أُفرغت م�ؤ�س�ساتها من حمتواها‪ ،‬لتكون ِ‬
‫“ختما ً” تت ّم العودة لها عند‬
‫احلاجة لتوفري غطاء �أو لتمرير قرار‪ .‬وعلى الرغم من انتهاء املدة القانونية املفرت�ضة‬
‫للمجل�س الوطني الفل�سطيني وللجنة التنفيذية واملجل�س املركزي منذ �سنة ‪ ،1999‬فقد‬
‫ا�ستمرت اللجنة التنفيذية‪ ،‬وكذلك املجل�س املركزي باالنعقاد‪ ،‬حيث ا�ستفادت منهما قيادة‬
‫املنظمة (وهي نف�سها قيادة ال�سلطة وفتح) يف دعم �رشعية موقفها القانوين وال�سيا�سي‪،‬‬
‫خ�صو�صا ً يف دعم حكومتها يف رام اهلل‪ ،‬ويف مواجهة حما�س وحكومتها يف غزة‪ .‬وكان‬
‫�سعي قيادة املنطقة لل�سيطرة على عدد من امللفات‪ ،‬يف �إطار �رصاع ال�صالحيات‪ ،‬بعد فوز‬
‫حما�س يف االنتخابات �سنة ‪ ،2006‬و�سعيها �إىل �إخراج حركة حما�س من �إطار “ال�رشعية‬
‫الفل�سطينية”‪ ،‬بعد �سيطرة حما�س على قطاع غزة �سنة ‪ ،2007‬قد ا�ستوجب بالن�سبة �إليها‬
‫�رضورة جتاهل املجل�س الت�رشيعي الفل�سطيني وجتاوزه‪ ،‬ب�سبب متتع حما�س بالأغلبية‬
‫املطلقة لأع�ضائه‪ .‬وكان ال ب ّد لرئا�سة ال�سلطة من مرجعية ت�ضفي �صفة ال�رشعية على‬
‫قراراتها‪ ،‬فلج�أت �إىل م‪.‬ت‪.‬ف‪ .‬وفج�أة �أ�صبحت م�ؤ�س�ساتها (وحتديدا ً اللجنة التنفيذية‬
‫واملجل�س املركزي)‪ ،‬جتتمع وتبحث وتقرر يف �ش�ؤون ال�سلطة الفل�سطينية اليومية‪،‬‬
‫بالرغم من خمالفة ذلك للنظام الأ�سا�سي لل�سلطة‪� ،‬إذ �إن املنظمة هي ح�سب ما هو متفق‬
‫عليه‪ ،‬مرجعية لل�سلطة يف ال�ش�ؤون الكربى‪ ،‬ولي�ست �أداة تنفيذية �أو ت�رشيعية �ضمن �إطار‬
‫ال�سلطة‪ .‬وكان هذا نوعا ً من التفعيل االنتقائي مل�ؤ�س�سات منقو�صة ال�رشعية ومنتهية‬
‫ال�صالحية‪ ،‬وهي ح�سب اتفاقات �سابقة بني القوى الفل�سطينية تنتظر �إعادة ت�شكيلها‬
‫وانتخابها‪.‬‬
‫وكان املجل�س الوطني الفل�سطيني قد عقد ع�رشين دورة منذ ت�أ�سي�س املنظمة �سنة‬
‫ين�ص على انعقاد دورة واحدة‬‫‪ 1964‬وحتى �سنة ‪ ،1991‬بخالف النظام الأ�سا�سي الذي ّ‬
‫�سنوياً‪ .‬ومل تنعقد يف ال�سنوات الع�رشين التالية (حتى �سنة ‪� )2011‬سوى دورة واحدة!!‬
‫�أي �أن املجل�س َف َقد فعليا ً دوره الت�رشيعي والرقابي (خ�صو�صا ً منذ اتفاقية �أو�سلو‬
‫�سنة ‪ ،)1993‬وجرى عزله وتهمي�شه عن �صناعة القرار الوطني الفل�سطيني‪.‬‬
‫ثم �إن تلك الدورة التي ُعقدت يف ني�سان‪� /‬أبريل ‪ ،1996‬مل تنعقد �إال حتت ال�ضغوط‬

‫‪167‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫الأمريكية – الإ�رسائيلية لإلغاء بنود امليثاق الوطني املعادية لـ“�إ�رسائيل” وال�صهيونية‪.‬‬


‫وهي دورة قام يا�رس عرفات ب�إ�ضافة �أكرث من ‪ 450‬ا�سما ً جديدا ً لها‪ ،‬بحيث �أ�صبح عدد‬
‫الأع�ضاء الذين جرى اعتمادهم حل�ضور جل�سة �إلغاء امليثاق �أكرث من ‪ 850‬ع�ضوا ً دون‬
‫علم رئي�س املجل�س �سليم الزعنون‪ ،‬ودون �أخذ موافقته‪� ،‬أو دون �إحالة الأ�سماء اجلديدة‬
‫على جلان املجل�س الوطني‪.57‬‬
‫�إن من حقّ املرء �أن يت�ساءل عن حقيقة الطريقة التي يتم بها اختيار ممثلي ال�شعب‬
‫الفل�سطيني يف املجل�س؟ وملاذا ما يزال مقت�رصا ً على جزء من ال�شعب الفل�سطيني‪ ،‬بينما يتم‬
‫ا�ستبعاد �أو تهمي�ش قطاع وا�سع من ال�شعب الفل�سطيني‪ ،‬وخ�صو�صا ً من م�ؤيدي التيار‬
‫الإ�سالمي كحما�س واجلهاد الإ�سالمي؟ وعن ال�سبب يف ت�شكيل جمل�س وطني فل�سطيني‬
‫يزيد عدد �أع�ضائه عن عدد �أع�ضاء املجل�س الوطني لل�صني‪� ،‬أو جمل�س النواب الهندي‪� ،‬أو‬
‫أم�س احلاجة �إىل الفاعلية واملرونة‬
‫الكوجنر�س الأمريكي‪..‬؟!! يف الوقت الذي يكون فيه يف � ّ‬
‫والقدرة على االجتماع و�رسعة اتخاذ القرار‪.‬‬
‫كان من الوا�ضح �أن تفعيل م‪.‬ت‪.‬ف تفعيالً حقيقياً‪ ،‬و�إعادة بناء م�ؤ�س�ساتها‪ ،‬مرتبط‬
‫مبلف الإ�صالح الفل�سطيني ال�شامل‪ ،‬و�إعادة ترتيب البيت الفل�سطيني‪ ،‬وهو �أم ٌر ما كان‬
‫ليت ّم دون حوار بني فتح وحما�س وبقية الف�صائل‪ ،‬ودون الو�صول �إىل توافق وبرنامج‬
‫وطني م�شرتك‪ .‬وقد تعرث ملف �إ�صالح املنظمة‪ ،‬على الرغم من �أنه كان نقطة جوهرية‬
‫يف اتفاق القاهرة يف �آذار‪ /‬مار�س ‪ ،2005‬ب�سبب وجود خماوف لدى �أطراف فل�سطينية‬
‫وعربية ودولية من �إمكانية هيمنة حما�س على املنظمة‪ ،‬بعد �أن فازت يف انتخابات املجل�س‬
‫الت�رشيعي الفل�سطيني يف ال�ضفة والقطاع �أوائل �سنة ‪ .2006‬وعلى الرغم من ت�ضمني‬
‫وثيقة الوفاق الوطني �سنة ‪ ،2006‬واتفاق مكة �سنة ‪ ،2007‬مواد متعلقة بتفعيل املنظمة‬
‫و�إ�صالحها‪� ،‬إال �أنه مل ت�ؤخذ � ّأي خطوات جادة يف هذا الإطار‪ .‬وبالت�أكيد‪ ،‬ف�إن �رصاع فتح‬
‫وحما�س على ال�رشعية �سنة ‪ 2007‬كان �سببا ً يف تع ّطل عملية الإ�صالح‪ ،‬لكنه ال ينبغي‬
‫و�ضع اللوم كله على ذلك؛ ف�إ�ضعاف املنظمة وتهمي�شها كان ظاهرة �أ�سا�سية مرتبطة‬
‫مب�سار الت�سوية واتفاق �أو�سلو‪ ،‬ومرتبطة بطريقة القيادة الفل�سطينية يف القيادة الفردية‬
‫والبعد عن العمل امل�ؤ�س�سي‪.‬‬
‫وخالل �سنة ‪ 2005‬كان هناك توافق فل�سطيني و�شبه �إجماع على �أن يكون عدد‬
‫�أع�ضاء املجل�س الوطني يف حدود ‪ 300‬ع�ضو بحيث يكون ن�صفهم من ال�ضفة والقطاع‬
‫والن�صف الثاين من ال�شتات (اخلارج)‪ .‬غري �أن فوز حما�س ب�أغلبية كبرية �صدم التيار‬

‫‪168‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2011–2000‬‬

‫الرئي�سي الذي يقود م‪.‬ت‪.‬ف وي�سيطر على املجل�س الوطني (تيار فتح)؛ وهو ما جعل‬
‫الزعنون ُيقدم على ت�رصيحات غريبة ومفاجئة‪ ،‬وخمالفة متاما ً ملا �سبق �أن �أعلنه بنف�سه‪.‬‬
‫فقد تر�أ�س يف ‪ 2006/2/4‬اجتماعا ً مب�شاركة �أكرث من مئة �شخ�صية من �أع�ضاء املجل�س‬
‫الوطني وكوادر حركة فتح يف الأردن‪ ،‬و�شدد الزعنون �أنه “�سيدافع عن كل ع�ضو فيه‪،‬‬
‫امل�س ب�أع�ضائه لأي �سبب كان‪ ،‬ال من حيث العدد‪ ،‬وال من‬ ‫ولن ي�سمح حتت �أي ظرف ّ‬
‫حيث الرتكيبة”‪ .‬وقال‪�“ :‬سنحافظ على املجل�س الوطني كما هو عليه الآن‪ ،‬و�سوف �أدافع‬
‫رصح الزعنون يف افتتاح �أعمال‬ ‫عن “الوطني” حتى �آخر قطرة دم يف ج�سدي”‪ .58‬و� ّ‬
‫املجل�س الت�رشيعي الفل�سطيني يف ‪� 2006/2/16‬أن �أع�ضاء املجل�س الت�رشيعي الـ ‪132‬‬
‫�سيت ّم �إ�ضافتهم �إىل �أع�ضاء املجل�س الوطني البالغ ‪ 783‬ع�ضواً!! وهي خطوة �أقل ما يقال‬
‫فيها �أنها تف�سد �أجواء انطالقة حقيقية نحو �إ�صالح م‪.‬ت‪.‬ف وم�ؤ�س�ساتها‪ .‬وهو ما يعني‬
‫�أن الأع�ضاء املنتخبني �سي�ضيعون يف بحر الأع�ضاء املعينني!!‬
‫�سعى عبا�س �إىل تقوية نفوذه يف م‪.‬ت‪.‬ف‪ ،‬ولكن دون �إحداث �إ�صالحات حقيقية يف‬
‫بنيتها وم�ؤ�س�ساتها‪ .‬ف�أ�صدر قرارا ً يف ‪ 2006/11/9‬بتعيني �أحد املقربني منه‪ ،‬يا�رس‬
‫عبد ربه‪� ،‬أمينا ً ل�رس اللجنة التنفيذية‪ ،‬وقرر يف ‪� 2006/12/18‬إغالق مقر الدائرة ال�سيا�سية‬
‫للمنظمة يف ع ّمان‪ ،‬وهو ما اعترب �رضبة لغرميه فاروق القدومي رئي�س الدائرة ال�سيا�سية‪،‬‬
‫و�أحد قادة فتح التاريخيني‪ ،‬الذي انح�رص عمله بذلك يف الإ�رشاف على مقر دائرته يف‬
‫تون�س‪ .‬و�أعطى املجل�س املركزي واللجنة التنفيذية الرئي�س عبا�س الغطاء الذي يحتاجه‬
‫(بغ�ض النظر عن مدى �صحته القانونية والد�ستورية) يف ت�شكيل حكومة �إنفاذ حالة‬
‫الطوارئ يف رام اهلل‪ ،‬ويف حتويلها �إىل حكومة ت�سيري �أعمال‪ ،‬ويف نزع ال�رشعية عن حكومة‬
‫�إ�سماعيل هنية‪ ،‬ويف جمموعة كبرية من املرا�سيم والإجراءات املرتبطة مبحاربة واجتثاث‬
‫حما�س وقوى املقاومة وم�ؤ�س�ساتها يف ال�ضفة الغربية‪ ،‬ويف الدعوة النتخابات رئا�سية‬
‫وت�رشيعية مبكرة‪ ،‬ويف دعم م�سار الت�سوية‬
‫ال�سلمية والعملية التفاو�ضية‪ ،‬ويف انتخابه‬
‫رئي�سا ً لدولة فل�سطني يف ‪ ،2008/11/23‬ويف‬
‫متديد فرتة واليته الرئا�سية التي انتهت يف‬
‫‪.2009/1/9‬‬
‫ومل ينتظر عبا�س نتائج حوار القاهرة‬
‫الذي كان يجري مع حما�س‪ ،‬ف�سعى يف‬
‫• عبا�س والزعنون خالل افتتاح االجتماع‬
‫الطارئ للمجل�س الوطني‪2009 ،‬‬
‫‪169‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫�صيف ‪� 2009‬إىل عقد جل�سة طارئة للمجل�س الوطني الفل�سطيني (الذي انتهى عمره‬
‫االفرتا�ضي) يف ‪ 2009/8/25‬يف مقر الرئا�سة برام اهلل النتخاب �ستة �أع�ضاء يف اللجنة‬
‫التنفيذية‪ ،‬يحلّون مكان �ستة من �أع�ضائها املتوفني‪ ،‬بعد �أن‬
‫واجهت اللجنة م�شكلة عدم اكتمال الن�صاب‪ .‬وانعقد املجل�س‬
‫بح�ضور ‪ 325‬ع�ضوا ً من �أ�صل ما يزيد عن ‪ 700‬ع�ضو‪،‬‬
‫مت التوافق على انتخاب‬ ‫م�سجلني يف ع�ضوية جمل�س ‪ .1996‬و ّ‬
‫�أربعة �أع�ضاء بالتزكية هم �صائب عريقات عن حركة فتح‪،‬‬
‫و�أحمد جمدالين عن جبهة الن�ضال ال�شعبي‪ ،‬وحنا عمرية‬
‫• �صائب عريقات‬
‫عن حزب ال�شعب‪ ،‬و�صالح ر�أفت عن فدا‪� .‬أما املقعدان‬
‫الباقيان ففاز فيهما �أحمد قريع من فتح‪ ،‬وحنان ع�رشاوي‬
‫( ُم�ستقلة)‪.‬‬
‫وقد �أثار انعقاد املجل�س يف رام اهلل ت�سا�ؤالت حول احلرية‬
‫التي يتمتع بها حتت االحتالل‪ ،‬وحول مدى قدرته على‬
‫متثيل ال�شعب الفل�سطيني يف الداخل واخلارج‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل‬
‫امل�شكالت املرتبطة بانتهاء �صالحياته و�صالحيات �أع�ضائه‪.‬‬ ‫• �أحمد جمدالين‬
‫و�أثريت من جهة �أخرى م�س�ألة وجود يا�رس عبد ربه يف‬
‫اللجنة التنفيذية ممثالً حلزب فدا‪ ،‬الذي ا�ستقال منه منذ عدة‬
‫�سنوات‪ ،‬ومل يعد ممثالً له‪ ،‬بينما دخل �صالح ر�أفت ممثالً‬
‫جديدا ً له‪ .‬مع العلم �أن هذا الف�صيل مع ف�صيلني �آخرين حتالفا‬
‫معه (الدميوقراطية وحزب ال�شعب) مل ي�ستطيعوا احل�صول‬
‫جمتمعني على �أكرث من مقعدين يف املجل�س الت�رشيعي؛ ولكن‬
‫• حنا عمرية‬
‫�أ�صبح لهم �أربعة مقاعد يف اللجنة التنفيذية‪� ،‬إذا ما احت�سب‬
‫عبد ربه من بينهم‪.59‬‬
‫ومن جهة �أخرى‪ ،‬ف�إن ورقة امل�صاحلة الوطنية (الورقة‬
‫امل�رصية) التي ّ‬
‫مت االحتفال بتوقيعها يف القاهرة بني فتح‬
‫وحما�س وباقي الف�صائل الفل�سطينية يف ‪ ،2011/5/4‬ت�ؤكد‬
‫على تفعيل م‪.‬ت‪.‬ف وتطويرها‪ ،‬وعلى ت�شكيل جمل�س وطني‬
‫• �صالح ر�أفت‬

‫‪170‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2011–2000‬‬

‫جديد‪ ،‬ي�ضمن متثيالً وا�سعا ً يف الداخل واخلارج‪ .‬كما جرى التوافق على �أن تتم انتخابات‬
‫املجل�س بالتزامن مع انتخابات املجل�س الت�رشيعي يف ال�ضفة والقطاع‪.‬‬

‫‪ .6‬م�سار امل�صاحلة الوطنية‪:‬‬


‫منذ اندالع انتفا�ضة الأق�صى‪� ،‬أدخل ت�صاع ُد نفوذ ِحما�س ٍال�سلط َة يف �أزمة �سيا�سية‬
‫جديدة‪ ،‬ت�ضاف �إىل �أزماتها الأخرى املتعددة‪ .‬ووجدت ال�سلطة نف�سها يف حالة جتاذب‬
‫هائل بني مطرقة ال�ضغوط الإ�رسائيلية الأمريكية الأوروبية املطالِبة بوقف االنتفا�ضة‬
‫وتقدمي املزيد من التنازالت‪ ،‬وبني �سندان املقاومة الإ�سالمية والوطنية املطالبة بتبني‬
‫برنامج وطني على �أ�سا�س ت�صعيد االنتفا�ضة لإجبار الكيان الإ�رسائيلي على االن�سحاب‪.‬‬
‫كان من الوا�ضح �أن ال�سلطة غري قادرة على اتخاذ قرارات حا�سمة وفاعلة على‬
‫الأر�ض‪ ،‬دون الرجوع للتيار املقاوم وخ�صو�صا ً حما�س‪ .‬وكان عرفات قد ج ّرب �أكرث‬
‫من م ّرة �إعالن توقف االنتفا�ضة‪ ،‬لكنها كانت ت�ستمر وتت�سع‪ ،‬مما �أفقده و�أفقد ال�سلطة‬
‫الكثري من الهيبة‪ .‬واعرتافا ً بهذا الواقع‪ ،‬اجتهت الأنظار �إىل الدعوة �إىل حوار فل�سطيني ‪-‬‬
‫فل�سطيني كان جوهره بالن�سبة لل�سلطة وم�رص (التي دخلت بقوة على هذا اخلط) �إيقاف‬
‫االنتفا�ضة �أو �إعالن هدنة‪� ،‬سعيا ً ال�ستمرار املفاو�ضات مع “�إ�رسائيل”‪ .‬وقد ا�ستفادت‬
‫م�رص من حجمها العربي الكبري وعالقاتها املتميزة مع ال�سلطة و“�إ�رسائيل” و�أمريكا‪،‬‬
‫بالإ�ضافة �إىل انفتاحها على املعار�ضة الفل�سطينية‪ ،‬يف الدعوة لهذه احلوارات‪ ،‬فانعقدت يف‬
‫القاهرة �أهم هذه املفاو�ضات يف ‪ 2002/11/13-10‬بني فتح وحما�س‪ ،‬وانعقدت مب�شاركة‬
‫كافة الف�صائل الفل�سطينية يف ‪ ،2003/1/28-24‬ويف ‪ .2003/12/7-4‬ورمبا �أ�سهمت‬
‫هذه احلوارات يف تقريب وجهات النظر‪ ،‬ولكن ال�سلطة ف�شلت يف احل�صول على ما تريد‬
‫�سوى الهدنة التي �أعلنتها الف�صائل ملدة ثالثة �أ�شهر‪ ،‬لكنها ا�ستمرت ‪ 52‬يوما ً فقط‬
‫(‪.)2003/8/21-6/29‬‬
‫ويف �أوائل �سنة ‪ 2005‬دخل الفل�سطينيون يف �أجواء جديدة متيل للتهدئة‪ ،‬ولرتتيب‬
‫البيت الفل�سطيني‪ ،‬فعقدت الف�صائل الفل�سطينية يف الفرتة ‪ 2005/3/17-15‬مباحثات‬
‫مكثفة انتهت بـ“اتفاق القاهرة”‪ ،‬الذي �أكد على الثوابت الفل�سطينية‪ ،‬مبا يف ذلك �إقامة‬
‫دولة فل�سطينية عا�صمتها القد�س‪ ،‬وعلى حقّ العودة‪ ،‬و�أعلن عن فرتة تهدئة ت�ستمر حتى‬

‫‪171‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫نهاية العام‪� ،‬رشط وقف “�إ�رسائيل” العتداءاتها و�إطالق �رساح الأ�رسى‪ ،‬و ّ‬
‫مت االتفاق‬
‫على �إجراء االنتخابات الت�رشيعية الفل�سطينية‪ ،‬وا�ستمرار عملية الإ�صالح يف �أجهزة‬
‫ال�سلطة‪ ،‬وعلى �إعادة تنظيم م‪.‬ت‪.‬ف وفق �أ�س�س يتم الرتا�ضي عليها‪ ،‬وبحيث ت�ضم كافة‬
‫الف�صائل الفل�سطينية‪.‬‬
‫وقد جرت االنتخابات البلدية والت�رشيعية الفل�سطينية ب�شكل عام يف �أجواء �شفافة‬
‫ودميوقراطية‪ ،‬عك�ست �إىل ح ّد كبري موازين القوى على ال�ساحة الفل�سطينية‪ .‬غري �أن‬
‫ال�سلوك العام لقيادة املنظمة (وهي نف�سها قيادة ال�سلطة وقيادة فتح) متثّل يف �أنها بالرغم‬
‫من رغبتها يف �إ�رشاك كافة القوى الفل�سطينية يف امل�ؤ�س�سات الت�رشيعية والتنفيذية‪� ،‬إال �أنها‬
‫كانت تريد �أي�ضا ً اال�ستمرار يف اال�ستحواذ على القيادة وعلى عملية �صناعة القرار‪ ،‬ويف‬
‫الهيمنة على امل�ؤ�س�سات وخ�صو�صا ً ال�سيا�سية والأمنية‪ .‬كما كانت يف كثري من الأحيان‬
‫تريد �أن تنفذ من اتفاقياتها‪ ،‬مع الف�صائل الفل�سطينية‪ ،‬ما تريد‪ ،‬وبال�شكل الذي تريد‪ .‬فبعد‬
‫اتفاق القاهرة مل تقم ب�أي �شيء ذي بال يتعلق ب�إعادة تنظيم م‪.‬ت‪.‬ف‪ ،‬وعندما وجدت �أن‬
‫اجتاه االنتخابات البلدية ال يخدمها كثريا ً عطلت �إجراء االنتخابات يف اخلليل وغزة‪� .‬أما‬
‫عندما فوجئت بفوز حما�س يف انتخابات املجل�س الت�رشيعي‪ ،‬فقد قامت مبجموعة من‬
‫الإجراءات‪ ،‬التي �سبق الإ�شارة �إليها‪ ،‬ا�ستهدفت م�صادرة عدد من ال�صالحيات املهمة‬
‫واحليوية للمجل�س الت�رشيعي واحلكومة الفل�سطينية‪ ،‬وعرقلة عملها‪ ،‬بغر�ض �إف�شال‬
‫حما�س و�إ�سقاط حكومتها‪ ،‬وال�سعي ب�أ�رسع ما ميكن لعمل انتخابات ت�رشيعية جديدة‪،‬‬
‫حتاول من خاللها فتح �ضمان فوزها فيها‪ .‬وباخت�صار ف�إن قيادة فتح‪ ،‬بعد نحو �أربعني‬
‫عاما ً يف االنفراد بالقيادة‪ ،‬مل تكن متعودة وال راغبة يف تداول حقيقي لل�سلطة‪ ،‬خ�صو�صا ً‬
‫مع �أطراف تخالفها يف الأيديولوجيا ويف ا�سرتاتيجيات العمل و�أولوياته‪ ،‬كما يف حالة‬
‫التيار الإ�سالمي‪.‬‬
‫كان الو�ضع الداخلي الفل�سطيني وما زال �أمام ر�ؤيتني خمتلفتني وم�سارين‬
‫متعار�ضني يف التعامل مع �أولويات العمل الوطني وثوابته‪ ،‬وطريقة �إدارة ال�رصاع مع‬
‫االحتالل‪ ،‬وم�ساري املقاومة والت�سوية‪ ،‬ويف التكيّف مع ال�رشعيات العربية والدولية‪.‬‬
‫ولذلك‪ ،‬فمن الظلم تب�سيط االختالف بني فتح وحما�س‪ ،‬وبني حكومتي رام اهلل وغزة‪،‬‬
‫يف كونه جمرد �رصاع على ال�سلطة‪ .‬فال ميكن تف�سري �صمود حما�س يف وجه احل�صار‪،‬‬
‫ويف وجه العدوان الإ�رسائيلي على القطاع‪ ،‬و�إغالق م�ؤ�س�ساتها‪ ،‬و�سجن ممثليها‬

‫‪172‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2011–2000‬‬

‫يف املجل�س الت�رشيعي‪ ،‬ومطاردة �أن�صارها يف ال�ضفة‪ ...‬مبجرد الرغبة بو�ضع �أف�ضل يف‬
‫حكم ال�سلطة‪ .‬كما ال ميكن فهم �إ�رصار فتح على اعرتاف حما�س باالتفاقات التي وقعتها‬
‫م‪.‬ت‪.‬ف‪ ،‬و�أن تت�شكل حكومة يلتزم برناجمها ال�سيا�سي بربنامج املنظمة و�رشوط‬
‫الرباعية؛ �إال دفعا ً باجتاه برنامج �سيا�سي يت�ضمن االعرتاف بـ“�إ�رسائيل”‪ ،‬والتنازل عن‬
‫معظم فل�سطني التاريخية املحتلة �سنة ‪ ،1948‬ووقف العمل املقاوم‪ .‬ولذلك عانى احلوار‬
‫الفل�سطيني من ثالث �أزمات �أ�سا�سية‪:‬‬
‫• �أزمة حتديد م�سار العمل الوطني الفل�سطيني‪ ،‬مبا يف ذلك ثوابته و�أولوياته‪ ،‬وطرق‬
‫�إدارة ال�رصاع‪ ،‬وبرناجمه ال�سيا�سي‪� .‬إذ �إن هناك حالة �ش ّد بني م�سار �أيديولوجي‬
‫�إ�سالمي مقاوم‪ ،‬متطلع للتغيري وفر�ض معادالت جديدة لإدارة ال�رصاع‪ ،‬وبني م�سار‬
‫وطني براجماتي‪ ،‬متكيّف مع الواقعية العربية والإمكانات الآنية‪.‬‬
‫• �أزمة الثقة التي تع ّمقت نتيجة االنق�سام ال�سيا�سي والفلتان الأمني‪ ،‬و�سيطرة حما�س‬
‫على قطاع غزة‪ ،‬وقيام ال�سلطة يف ال�ضفة الغربية بالتعاون مع االحتالل مبطاردة‬
‫حما�س وحماولة اجتثاثها‪ ،‬وب�سبب احلمالت الإعالمية والأمنية املتبادلة بني الطرفني‪.‬‬
‫• �أزمة ال�ضغوط وال�رشوط اخلارجية‪� ،‬إذ ا�ستخدمت �رشوط الرباعية واملعايري‬
‫ك�سيف ُم�سلّط على عملية احلوار‪ ،‬و�إن ا�ستخدمت �صياغات‬ ‫الأمريكية والإ�رسائيلية َ‬
‫خمتلفة وخمففة‪ .‬فـ“االلتزام باالتفاقات التي وقعتها املنظمة”‪ ،‬و“ت�شكيل حكومة تف ّك‬
‫تعب عن املعاين نف�سها ب�شكل �أو ب�آخر‪ .‬كما مل تتوقف‬ ‫احل�صار”‪ ...‬كانت �صياغات ّ‬
‫التهديدات الأمريكية بوقف م�سار الت�سوية‪ ،‬وبقطع امل�ساعدات‪ ،‬والعودة حل�صار‬
‫ال�ضفة‪� ...‬إذا �شاركت حما�س يف حكومة ال ت�ستجيب ل�رشوط الرباعية‪ .‬ومل يكن لدى‬
‫الواليات املتحدة مانع من حتقيق امل�صاحلة الفل�سطينية‪ ،‬طاملا �أنها �ستكون ذات م�سار‬
‫واحد باجتاه فوز فتح يف االنتخابات‪ ،‬و�إعادة �سيطرتها على قطاع غزة‪ ،‬واحتواء‬
‫حما�س �أو تهمي�شها ونزع �رشعيتها ال�شعبية‪� .‬أما �أي م�سار �آخر ف�سيعني بقاء احل�صار‬
‫والأزمة وت�شديدهما‪.‬‬
‫ومع حالة �رصاع ال�صالحيات والتعطيل واحل�صار التي �أخذت ت�شهدها ال�ساحة‬
‫الفل�سطينية‪� ،‬إثر فوز حما�س وت�شكيلها للحكومة العا�رشة‪ ،‬ظهرت “وثيقة الأ�رسى”‪،‬‬
‫التي وقعتها قيادات �أ�سرية يف �سجون االحتالل من خمتلف الف�صائل مبا يف ذلك فتح‬
‫وحما�س واجلهاد الإ�سالمي‪.60‬‬

‫‪173‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫وت�ؤكد الوثيقة على معاين الوحدة الوطنية‪ ،‬والتداول ال�سلمي لل�سلطة‪ ،‬والتعاون‬
‫والتكامل بني م�ؤ�س�سة الرئا�سة واحلكومة واملجل�س الت�رشيعي والق�ضاء‪ ،‬وعلى ت�شكيل‬
‫حكومة وحدة وطنية‪ ،‬وعلى امل�ضي يف �إ�صالح ال�سلطة وم‪.‬ت‪.‬ف‪ ،‬وعلى احلق يف‬
‫املقاومة مع ال�سعي لت�شكيل جبهة مقاومة موحدة‪ ،‬وت�شكيل مرجعية �سيا�سية موحدة‬
‫لها‪ .‬و�أكدت الوثيقة على حقّ ال�شعب الفل�سطيني “يف �إقامة دولته امل�ستقلة وعا�صمتها‬
‫القد�س ال�رشيف على جميع الأرا�ضي املحتلة عام ‪ ،1967‬و�ضمان حقّ العودة لالجئني‪،‬‬
‫وحترير جميع الأ�رسى واملعتقلني م�ستندين يف ذلك �إىل حقّ �شعبنا التاريخي يف �أر�ض‬
‫الآباء والأجداد‪ ،‬و�إىل ميثاق الأمم املتحدة‪ ،‬والقانون الدويل‪ ،‬وما كفلته ال�رشعية الدولية”‪.‬‬
‫ووافقت الوثيقة يف البند الثالث على تبني العمل التفاو�ضي والديبلوما�سي �إىل جانب‬
‫العمل املقاوم‪ ،‬وقالت يف البند ال�سابع �إن �إدارة املفاو�ضات هي من �صالحيات م‪.‬ت‪.‬ف‪،‬‬
‫ورئي�س ال�سلطة “على قاعدة التم�سك بالأهداف الوطنية الفل�سطينية‪ ،‬وحتقيقها‪ ،‬على �أن‬
‫يتم عر�ض �أي اتفاق م�صريي على املجل�س الوطني الفل�سطيني اجلديد للت�صديق عليه �أو‬
‫�إجراء ا�ستفتاء عام حيثما �أمكن”‪.‬‬
‫حتفظ مندوب اجلهاد الإ�سالمي على البند ال�سابع املتعلق باملفاو�ضات‪ ،‬بينما �أ�صدر‬
‫�أ�رسى حما�س يف �سجون نفحة وع�سقالن وال�سبع والنقب وعوفر وجمدو بيانا ً قالوا‬
‫فيه �إن الوثيقة ال تعرب عن حقيقة مواقفهم‪ ،‬و�أن لديهم رف�ضا ً �رصيحا ً لعدد من الق�ضايا‬
‫الواردة‪ ،‬كما �أن لديهم حتفظات على بنود �أخرى‪.61‬‬
‫وجدت الوثيقة ترحيبا ً من الرئي�س عبا�س ومن اللجنة التنفيذية للمنظمة‪ ،‬لأن هناك‬
‫ن�صو�صا ً يحتمل تف�سريها �إعطاء الغطاء للعملية التفاو�ضية التي تقودها املنظمة ورئا�سة‬
‫ال�سلطة‪ ،‬كما تركز على �إقامة الدولة الفل�سطينية على الأر�ض املحتلة �سنة ‪ ،1967‬دون‬
‫�أن تنفي �أو تثبت �إن كان ذلك �أمرا ً نهائياً‪ ،‬ودون �أن تنفي �أو تثبت احلق يف حترير الأر�ض‬
‫املحتلة �سنة ‪ ،1948‬كما �أنها ُتيل �إقرار نتائج العملية التفاو�ضية على املجل�س الوطني‬
‫اجلديد �أو اال�ستفتاء‪ ،‬مع �أن موقف حما�س الأ�سا�سي �أن الثوابت ال ُي�ستَفتَى وال ُي�صوت‬
‫عليها‪ .‬ولذلك‪ ،‬قال عبا�س يف م�ؤمتر احلوار الوطني الذي دعا �إليه املجل�س الت�رشيعي‪،‬‬
‫وانعقد يف غزة ورام اهلل يومي ‪� ،2006/5/26–25‬إنه �سيطرح الوثيقة على ا�ستفتاء �شعبي‪،‬‬
‫�إذا مل يتم التو�صل �إىل اتفاق خالل ع�رشة �أيام‪.62‬‬

‫‪174‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2011–2000‬‬

‫• م�ؤمتر احلوار الوطني‪2006 ،‬‬


‫حركة حما�س‪ ،‬من الناحية الر�سمية‪ ،‬ر�أت يف الوثيقة قاعدة �صاحلة للنقا�ش‪ ،‬لكنها‬
‫رف�ضت اعتمادها كما هي‪ ،‬كما رف�ضت اال�ستفتاء عليها‪ .‬وبعد حوارات مطولة �صدرت‬
‫الوثيقة ب�شكلها املعدل يف ‪ ،2006/6/28‬مع االحتفاظ مبعظم ن�صو�صها‪ ،‬و�إبقاء نوع‬
‫من الغمو�ض املحتمل لت�أويالت خمتلفة‪ ،‬ميكن �أن ت�ستند �إليها فتح وحما�س وباقي‬
‫الف�صائل‪ .‬وظلت البنود املتعلقة بالعملية التفاو�ضية‪ ،‬مع �إ�ضافة يف البند الرابع‬
‫�أن التحرك ال�سيا�سي الفل�سطيني ال�شامل يجب �أن يتم مبا يحفظ حقوق ال�شعب‬
‫الفل�سطيني وثوابته‪.‬‬
‫وبالرغمممابداتنازالًمنحما�سفيمايتعلقب�إدارةاملنظمةوالرئا�سةالفل�سطينيةللعملية‬
‫التفاو�ضية‪� ،‬إال �أن م�شاورات ت�شكيل حكومة الوحدة الوطنية عانت من التعرث مع ا�ستمرار‬
‫الفلتان الأمني‪ ،‬ومع ت�شديد احل�صار الإ�رسائيلي والدويل‪ ،‬ومع احلملة الإ�رسائيلية على‬
‫حما�س وقوى املقاومة �إثر عملية �أ�رس جلعاد �شاليط‪ .‬ويف هذه الأجواء دعا ملك ال�سعودية‬
‫عبد اهلل بن عبد العزيز يف ‪2007/1/29‬‬
‫حلوار بني فتح وحما�س يف مكة‬
‫املكرمة‪ .‬ولقيت الدعوة ترحيبا ً من‬
‫الطرفني‪ ،‬حيث انعقدت اجتماعات‬
‫مكثفة يف الفرتة ‪،2007/2/8-6‬‬
‫انتهت �إىل “اتفاق مكة” بني فتح‬
‫وحما�س‪ ،‬وهو اتفاق �أكد على حرمة‬
‫• اتفاق مكة‪2007 ،‬‬ ‫الدم الفل�سطيني‪ ،‬وعلى االتفاق على‬

‫‪175‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫ت�شكيل حكومة وحدة وطنية فل�سطينية‪ ،‬وعلى امل�ضي ُقدما ً يف �إجراءات تطوير و�إ�صالح‬
‫م‪.‬ت‪.‬ف؛ كما �أكد على مبد�أ ال�رشاكة ال�سيا�سية‪ ،‬وقاعدة التعددية ال�سيا�سية‪.63‬‬
‫ن�ص تلتزم فيه احلكومة التي �سي�شكلها �إ�سماعيل هنية بكتاب‬ ‫وورد يف االتفاق ٌ‬
‫التكليف املوجه من رئي�س ال�سلطة فيما يتعلق بـ“حماية امل�صالح الوطنية العليا‬
‫لل�شعب الفل�سطيني‪ ،‬و�صون حقوقه‪ ،‬واحلفاظ على مكت�سباته وتطويرها‪ ،‬والعمل‬
‫على حتقيق الأهداف الوطنية‪ ،‬كما �أقرتها قرارات املجال�س الوطنية‪ ،‬ومواد القانون‬
‫الأ�سا�سي‪ ،‬ووثيقة الوفاق الوطني‪ ،‬وقرارات القمم العربية”‪ .‬و�أنه “على �أ�سا�س ذلك‬
‫حترتم احلكومة قرارات ال�رشعية الدولية‪ ،‬واالتفاقات التي وقعتها منظمة التحرير‬
‫الفل�سطينية”؛ وهو ما جاء فعالً يف برنامج احلكومة‪ .64‬وقد ر�أى عديدون �أن ا�ستخدام‬
‫ال�سلطة كلمة “حترتم” يعرب عن تنازل جديد من حما�س؛ بينما ر�أت حما�س �أن هذه‬
‫الكلمة‪ ،‬و�إن كانت تعطي طم�أنة للآخرين‪� ،‬إال �أنها ال حتمل تنازالً‪ ،‬كما ال حتمل م�ضمونا ً‬
‫قانونياً؛ و�أنها ا�ضطرت لذلك يف �سبيل حقن الدماء‪ ،‬و�إنهاء االنق�سام‪ ،‬ومواجهة‬
‫احل�صار‪ .‬كما ا�ضطرت حما�س للرد على الرجل الثاين يف القاعدة �أمين الظواهري الذي‬
‫اتهمها بالتنازل‪ ،‬ف�أكدت على �أن “فل�سطني هي �أر�ض وقف �إ�سالمي‪ .‬وال ميلك كائنٌ‬
‫من كان �أن يتنازل عن �أي �شرب منها”‪ ،‬و�أن حما�س حركة “جهادية ومقاومة‪ ،‬و�ستبقى‬
‫كذلك ما دام هناك �شرب واحد من فل�سطني حمتالً”‪.65‬‬
‫مل يع�ش اتفاق مكة �سوى ثالثة �أ�شهر‪ ،‬فبالرغم من ت�شكيل هنية حلكومة وحدة‬
‫وطنية‪ ،‬حازت ثقة املجل�س الت�رشيعي‪� ،‬إال �أن هذه الفرتة حفلت بالفلتان الأمني‪،‬‬
‫وحماوالت الإف�شال الإ�رسائيلية الأمريكية‪ ،‬ومن تيار معروف يف حركة فتح‪ .‬وقد �أدى‬
‫ذلك �إىل �رصاع مك�شوف بني فتح وحما�س‪ ،‬نتج عنه �سيطرة حما�س على قطاع غزة‪.‬‬
‫ٌ‬
‫انف�صال جغرايف‪ ،‬وت�شكيل‬ ‫وبذلك �أ�ضيف �إىل النزاع ال�سيا�سي‪ ،‬والنزاع على ال�صالحيات‪،‬‬
‫حلكومتني يف رام اهلل وغزة‪ ،‬وجدار من الدم‪ ،‬ومزيد من حواجز انعدام الثقة‪ ،‬وهو ما ع َّقد‬
‫�إمكانات التفاهم و�إمكانات التعامل بروح ح�ضارية وم�ؤ�س�سية‪.‬‬
‫ر�أى الرئي�س عبا�س وم�ؤيدوه �أن حما�س قامت بـ“انقالب دموي �أ�سود”‪ ،‬و�أنه ال‬
‫�سبيل للتفاهم معها �إال �إذا عادت عن انقالبها‪ ،‬و�أعلنت التزامها بـ“ال�رشعية” الفل�سطينية‬
‫والعربية والدولية‪ .‬و�أعلن يف خطاب له �أمام املجل�س املركزي للمنظمة يف ‪2007/7/18‬‬
‫انتهاء اتفاق القاهرة املعلن يف ‪ ،2005/3/17‬واتهم حما�س مبحاولة اغتياله‪ ،‬كما دعا �إىل‬
‫انتخابات رئا�سية وت�رشيعية مبكرة على �أ�سا�س القائمة الن�سبية‪ .‬وبالطبع ف�إن فكرة‬

‫‪176‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2011–2000‬‬

‫القائمة الن�سبية تلقى ترحيبا ً من الف�صائل والأحزاب ال�صغرية (وخ�صو�صا ً الي�سارية)‬


‫لأنها �ستحولها من �أحزاب ذات ت�أثري هام�شي يف �صناعة القرار الفل�سطيني‪� ،‬إىل �أن تكون‬
‫“بي�ضة القبّان” وذات ت�أثري حا�سم‪ ،‬خ�صو�صا ً يف �ضوء حالة اال�ستقطاب احلاد بني فتح‬
‫وحما�س‪ .‬كما زاد عبا�س ت�شددا ً عندما �سعى لفر�ض �رشط على كل من ير�شح نف�سه‬
‫للمجل�س الت�رشيعي ب�أن يلتزم م�سبقا ً باملوقف ال�سيا�سي الذي تعرب عنه م‪.‬ت‪.‬ف (قبل‬
‫�إعادة تنظيمها و�إ�صالحها‪ ،‬و�إدخال حما�س واجلهاد وقوى املقاومة الأخرى فيها)‪ .‬وهو‬
‫ما يعني عمليا ً ا�ستبعاد حما�س من العملية ال�سيا�سية‪ ،‬والق�ضاء على � ّأي فر�ص للتفاهم‪.66‬‬
‫مت ب�أمر رئي�س وزراء‬ ‫�أما حما�س فر�أت فيما قامت به فعالً م�رشوعا ً ا�ضطرت �إليه‪ ،‬و ّ‬
‫ال�سلطة‪ ،‬وهو نف�سه الذي كان يقوم ب�أعمال وزير الداخلية‪ ،‬مدعوما ً ب�أغلبية املجل�س‬
‫الت�رشيعي‪ ،‬يف مواجهة عملية فلتان �أمني مربمج‪ ،‬حتميه القوى الأمنية يف ال�سلطة‪ ،‬التي‬
‫ترف�ض االن�صياع لتعليمات حكومتها؛ كما ر�أت �أن حكومة ت�سيري الأعمال بقيادة هنية هي‬
‫احلكومة ال�رشعية وفق القانون الأ�سا�سي الفل�سطيني‪ ،‬و�أن ت�شكيل احلكومة يف رام اهلل كان‬
‫انقالبا ًعلى هذا القانون‪ .‬ومل متانع حما�س من احلوار‪ ،‬ولكن دون �رشوط م�سبقة‪ .‬ورف�ضت‬
‫حما�س القفز عن �رشعية املجل�س الت�رشيعي و�رشعية احلكومة‪ ،‬والرتكيز فقط على �رشعية‬
‫الرئا�سة؛ كما رف�ضت ا�ستخدام م�ؤ�س�سات م‪.‬ت‪.‬ف يف غري �صالحياتها‪ ،‬بغر�ض جتاوز‬
‫امل�ؤ�س�سات الت�رشيعية لل�سلطة؛ ودعت �إىل عالج عاجل للملف الأمني‪ ،‬و�إعادة بناء الأجهزة‬
‫الأمنية على �أ�س�س وطنية ومهنية وتنظيفها من الفا�سدين والعنا�رص امل�شبوهة‪.67‬‬
‫كانت الف�صائل الفل�سطينية‪ ،‬خ�صو�صا ً املن�ضوية حتت م‪.‬ت‪.‬ف‪� ،‬أكرث و�ضوحا ً يف‬
‫انتقاداتها القوية لـ“انقالب” حما�س‪ ،‬و�أكرث تفهما ً لإجراءات عبا�س يف ال�ضفة الغربية‪،‬‬
‫وكان نقدها باهتا ً ملجموعة املرا�سيم التي �أ�صدرها عبا�س‪ ،‬وللإجراءات الأمنية القا�سية‬
‫التي اتخذها‪ .‬مع مالحظة �أن هذه الف�صائل‪ ،‬وخ�صو�صا ً الي�سارية‪ ،‬كانت �أقرب �إىل املوقف‬
‫ال�سيا�سي حلركة حما�س يف نقد م�سار الت�سوية ال�سلمية الذي اختطه عبا�س‪.‬‬
‫قدمت اجلبهة الدميوقراطية مبادرة للم�صاحلة الوطنية ت�ستند �إىل �أربع نقاط‪:‬‬
‫• تراجع حما�س عن انقالبها‪.‬‬
‫ • ت�شكيل حكومة انتقالية‪ ،‬تر�أ�سها �شخ�صية م�ستقلة‪ ،‬تهيئ الأجواء النتخابات جديدة‪.‬‬
‫ • تعديل نظام االنتخابات العامة باعتماد نظام التمثيل الن�سبي‪.‬‬
‫• تفعيل م‪.‬ت‪.‬ف وتطويرها‪.68‬‬
‫لكن مبادرتها مل تلقَ �آذانا ً �صاغية‪ .‬وقد توالت اجلهود الفل�سطينية والعربية‬

‫‪177‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫والإ�سالمية للإ�صالح بني فتح‬


‫وحما�س‪ ،‬وكان من �أبرزها املبادرة‬
‫اليمنية‪ ،‬التي انتهت ب�إعالن‬
‫�صنعاء يف ‪2008/3/23‬؛ غري �أن‬
‫هذا الإعالن وعزام الأحمد‪ ،‬الذي‬
‫وقع عن فتح‪ ،‬تعر�ضا لنقد ٍعنيف‬
‫من م�ست�شاري الرئي�س عبا�س‪،‬‬
‫مما �أدى �إىل تعطيل �إمكانية البناء‬ ‫• لقاء فتح وحما�س ملناق�شة املبادرة اليمنية‬

‫ن�ص على‬ ‫على الإعالن‪ ،‬الذي ّ‬


‫موافقة فتح وحما�س على املبادرة اليمنية ك�إطار ال�ستئناف احلوار بني احلركتني‪ ،‬للعودة‬
‫بالأو�ضاع الفل�سطينية �إىل ما كانت عليه قبل �أحداث غزة‪ .‬ومال عبا�س لر�أي م�ست�شاريه‪،‬‬
‫حيث اعترب املبادرة اليمنية �إطارا ً للتنفيذ ولي�س �إطارا ً للحوار‪.‬‬
‫كما حاول الرئي�س ال�سنغايل عبد اهلل واد‪ ،‬بو�صفه رئي�سا ً للقمة يف منظمة امل�ؤمتر‬
‫الإ�سالمي‪ ،‬حتقيق امل�صاحلة يف حزيران‪ /‬يونيو‬
‫‪ ،2008‬حيث التقى وفدان من حما�س وفتح يف داكار‬
‫حتت رعايته‪ ،‬ولكن دون التو�صل �إىل �أي نتائج‬
‫عملية‪.‬‬
‫ويف ‪ 2008/6/5‬عاد الرئي�س عبا�س للدعوة‬
‫للحوار بلغة �إيجابية ت�صاحلية‪ ،‬كما دعا لقيام م�رص‬
‫• عبد اهلل واد‬ ‫برعاية احلوار‪ .‬ورحبت م�رص وحما�س بذلك‪،‬‬
‫و�سعت م�رص للتح�ضري للحوار مب�شاركة ‪14‬‬
‫ف�صيالً فل�سطينياً‪ ،‬و�أعدت م�سودة لورقة امل�صاحلة‪ .‬غري �أن �أجواء احلوار ت�سممت ب�سبب‬
‫ا�ستمرار حملة االعتقاالت يف ال�ضفة الغربية لأع�ضاء حما�س‪ ،‬وب�سبب ال�شكل الذي �ستتم‬
‫به املحادثات‪ ،‬والذي ال يوحي باجلدية‪ ،‬حيث �أبلغ امل�رصيون حما�س �أن عبا�س �سيجل�س‬
‫على املن�صة يف حفل االفتتاح �إىل جانب عدد من امل�س�ؤولني العرب‪ ،‬و�أنه �سيغادر القاعة‬
‫بعد �إلقاء امل�س�ؤولني كلماتهم‪ .‬غري �أن حما�س طلبت �أن يح�رض عبا�س جميع جل�سات‬
‫احلوار باعتباره رئي�س فتح‪ ،‬وطرفا ً �أ�سا�سيا ً يف اخلالف‪ ،‬ولي�س راعيا ً للم�ؤمتر‪ ،‬كما كانت‬
‫هناك �شكوك ب�أن عبا�س يريد امل�ؤمتر لإعطاء نف�سه �رشعية التجديد كرئي�س لل�سلطة‬

‫‪178‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2011–2000‬‬

‫الفل�سطينية‪ ،‬مع اقرتاب موعد انتهاء فرتته الرئا�سية‪ .‬ولذلك رف�ضت حما�س وثالثة‬
‫ف�صائل �أخرى هي اجلهاد الإ�سالمي واجلبهة ال�شعبية ‪ -‬القيادة العامة‪ ،‬وال�صاعقة‬
‫ح�ضور لقاء القاهرة‪ ،‬مما �أدى �إىل �إلغائه؛ وهو ما �أثار غ�ضب احلكومة امل�رصية‪.‬‬
‫�أعطى ال�صمود البطويل لقطاع غزة يف وجه العدوان الإ�رسائيلي يف الفرتة‬
‫‪ ،2009/1/18-2008/12/27‬وت�صاعد �شعبية حما�س‪ ،‬و�شعور خ�صومها و�أعدائها‬
‫ب�صعوبة‪� ،‬إن مل يكن ا�ستحالة‪� ،‬إ�سقاطها دفعة كبرية للعودة للحوار الوطني‪ .‬وقد �أُ طلقت‬
‫جل�سات احلوار برعاية م�رصية بلقاءات بني فتح وحما�س يومي ‪،2009/2/25-24‬‬
‫تبعتها م�شاركة باقي الف�صائل يف ‪ ،2009/2/26‬وت�شكلت خم�س جلان ملعاجلة ق�ضايا‪:‬‬
‫�ست‬
‫م‪.‬ت‪.‬ف‪ ،‬واالنتخابات‪ ،‬والأمن‪ ،‬واحلكومة االنتقالية‪ ،‬وامل�صاحلة الوطنية‪ .‬و ُعقدت ّ‬
‫جل�سات حوار كان �آخرها يف ‪2009/6/30-28‬؛ وظهر �أن تقدما ً كبريا ً حتقق يف م�سارات‬
‫عديدة‪ .‬غري �أن ق�ضية املعتقلني ال�سيا�سيني خ�صو�صا ً يف ال�ضفة الغربية‪ ،‬ظلت تلقي ظالالً‬
‫قامتة على �أجواء املحادثات‪ .‬ومع طول �أمد املفاو�ضات‪ ،‬وازدياد احل�صار اخلانق على‬
‫قطاع غزة‪ ،‬وتراجع الألق الذي متتعت به حما�س بعد احلرب على غزة‪ ،‬وانفتاح �آمال‬
‫لدى رئا�سة ال�سلطة بحدوث اخرتاق يف م�سار املفاو�ضات بعد تويل باراك �أوباما ‪Barack‬‬
‫‪ Obama‬للرئا�سة الأمريكية‪ ،‬مل تعد فتح يف عجلة من �أمرها وزادت من ت�صليب مواقفها‪.‬‬
‫ويف الوقت الذي ركزت فيه حما�س على �أن يكون اتفاق امل�صاحلة �شامالً‪ ،‬ويتم �ضمان‬
‫تنفيذه على الأر�ض ب�شكل ٍ متواز ٍ‪ ،‬فقد ركزت فتح على ت�شكيل حكومة توافق وطني‬
‫تكون م�ؤهلة لف ّك احل�صار (غري معرت�ض عليها من “�إ�رسائيل” واملجتمع الدويل)‪ ،‬وعلى‬
‫عمل االنتخابات الرئا�سية والت�رشيعية‪.‬‬
‫ق ّدمت م�رص ن�صا ً نهائيا ً مقرتحا ً التفاق امل�صاحلة‪ ،‬مكونا ً من نحو ‪ 4,100‬كلمة يف‬
‫‪� 22‬صفحة‪ ،‬وطلبت من فتح وحما�س توقيعها قبل ‪ .2010/10/15‬ويف �أجواء ف�ضيحة‬
‫جولد�ستون ‪� Goldstone‬سارعت فتح للموافقة‪� ،‬أما حما�س فطلبت مهلة ملراجعة الن�ص‪.‬‬
‫وقد تلخ�صت الورقة امل�رصية يف‪:‬‬
‫• الت�أكيد على تفعيل وتطوير م‪.‬ت‪.‬ف‪.‬‬
‫• ت�شكيل �إطار قيادي م�ؤقت حتى انتخاب املجل�س الوطني اجلديد‪ ،‬ي�أخذ قراراته‬
‫بالتوافق‪.‬‬
‫• �إجراء االنتخابات الرئا�سية والت�رشيعية واملجل�س الوطني ب�شكل متزامن يف يوم‬

‫‪179‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫واحد‪ .‬وجتري انتخابات املجل�س الوطني على �أ�سا�س التمثيل الن�سبي الكامل يف‬
‫الداخل واخلارج؛ بينما جتري انتخابات املجل�س الت�رشيعي على ‪ %75‬للقوائم‪ ،‬و‪%25‬‬
‫للدوائر‪ ،‬وتكون ن�سبة احل�سم ‪.%2‬‬
‫ • تكون الأجهزة الأمنية مهنية وغري ف�صائلية‪ ،‬وتت�شكل جلنة �أمنية عليا‪ُ ،‬ي�صدر الرئي�س‬
‫الفل�سطيني مر�سوما ً بها‪ ،‬تتكون من �ضباط مهنيني بالتوافق‪ ،‬ومتار�س عملها حتت‬
‫�إ�رشاف م�رصي وعربي ملتابعة وتنفيذ اتفاقية الوفاق الوطني يف ال�ضفة والقطاع‪.‬‬
‫• ح ّل جميع االنتهاكات التي جنمت عن الفلتان واالنق�سام بالطرق ال�رشعية والقانونية‪.‬‬
‫• �إطالق �رساح جميع املعتقلني ال�سيا�سيني يف ال�ضفة والقطاع‪.‬‬
‫لعبت �أزمة الثقة واخلربة التاريخية ال�سابقة دورها يف �إ�رصار حما�س على تدقيق‬
‫الن�صو�ص وتثبيت عبارات‪ ،‬ترى �أنّ نزعها �أو تغيريها ميكن �أن ي�ستخدم خمرجا ً‬
‫للتن�صل �أو الرتاجع عن االلتزامات‪ .‬وق ّدمت حما�س عددا ً من التعديالت التي �أ� ّ‬
‫رصت على‬
‫الن�ص‪ ،‬والتي تلخ�صت يف‪:‬‬
‫ت�ضمينها يف ّ‬
‫• �إ�ضافة جملة “تعترب هذه املهام �أعاله غري قابلة للتعطيل باعتبارها �إجماعا ً وطنيا ً ّ‬
‫مت‬
‫التوافق عليه”‪ ،‬وذلك يف احلديث عن مهام الإطار القيادي امل�ؤقت للمنظمة‪.‬‬
‫لتن�ص على “ت�شكيل جلنة االنتخابات‬ ‫ّ‬ ‫• تعديل الفقرة اخلا�صة بلجنة االنتخابات‬
‫بالتوافق الوطني‪ ،‬وي�صدر الرئي�س مر�سوما ً بذلك”‪.‬‬
‫ن�ص ّ‬
‫يو�ضح ب�أن ت�شكيل اللجنة الأمنية العليا “يت ّم التوافق عليه”‪.‬‬ ‫• املطالبة ب�إ�ضافة ّ‬
‫ن�ص “يت ّم �إعادة وهيكلة الأجهزة الأمنية الفل�سطينية مب�ساعدة م�رصية‬ ‫• تعديل ّ‬
‫عربية‪ ،”...‬وذلك ب�إ�ضافة كلمة “بناء” بعد كلمة “�إعادة”‪.69‬‬
‫غري �أن احلكومة امل�رصية وحركة فتح رف�ضتا فتح الورقة للنقا�ش‪� ،‬أو �إدخال � ّأي‬
‫عث الذي مل تنفع معه‬ ‫تعديالت عليها‪ .‬وهكذا‪ ،‬ظ ّل م�رشوع امل�صاحلة يواجه حالة من التّ ُّ‬
‫حماوالت فل�سطينية من جهات مثل اجلبهة ال�شعبية‪ ،‬ومن �شخ�صيات م�ستقلة مثل منيب‬
‫امل�رصي ويا�رس الوادية‪ ...‬للو�صول �إىل حلول منا�سبة‪ ،‬كما ح�صلت حماوالت قطرية‬
‫و�سعودية و�سودانية وليبية وتركية للتو�سط‪ ،‬ولكنها مل ت�ؤ ِّد �إىل نتيجة‪.‬‬
‫�شهد امللف اخرتاقا ً جديدا ً بعد لقاء م�شعل يف مكة مع رئي�س املخابرات امل�رصية‬
‫عمر �سليمان‪ ،‬الذي قال �إنه ال ميانع �أن تتفق حركتا فتح وحما�س على تفاهمات تراعي‬
‫حتفظات حما�س على الورقة امل�رصية‪ .70‬وانعقدت جل�سة حوار يف دم�شق يف ‪،2010/9/24‬‬

‫‪180‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2011–2000‬‬

‫حيث ّ‬
‫مت خاللها اال�ستجابة ملعظم مالحظات حما�س‪ ،‬ما عدا اجلانب الأمني‪ .‬والتقى وفدا‬
‫احلركتني يف دم�شق مرة �أخرى يف ‪ ،2010/11/9‬دون الو�صول للنتيجة املرجوة‪.‬‬
‫�أ�سهمت التغريات التي ي�شهدها العامل العربي منذ مطلع �سنة ‪ ،2011‬يف تزايد‬
‫ال�ضغوط باجتاه امل�صاحلة الفل�سطينية‪ .‬وكان توقيع فتح وحما�س على اتفاق امل�صاحلة‬
‫يف القاهرة يف ‪ ،2011/5/3‬بعد اال�ستجابة ملالحظات حما�س وبعد ف ّك العقدة الأمنية‪،‬‬
‫منعطفا ً مهما ً يف م�سار الوحدة الوطنية‪ .‬غري �أن حجم التحديات التي �سيواجهها الطرفان‬
‫لإجناح امل�صاحلة ما زال هائالً؛ فالطرفان بحاجة �إىل برنامج حقيقي لبناء الثقة بينهما‪،‬‬
‫و�إىل التعامل بجدية وحزم مع عنا�رص الفتنة الداخلية وامل�ستفيدين من االنق�سام؛ وكذلك‬
‫منع التدخل اخلارجي‪ ،‬وخ�صو�صا ً الإ�رسائيلي والأمريكي‪ ،‬لإف�شال هذا االتفاق‪.‬‬

‫ثالث ًا‪ :‬م�سار مفاو�ضات الت�سوية ال�سلمية‪:‬‬


‫قامت اال�سرتاتيجية التفاو�ضية الإ�رسائيلية على �أ�سا�س “�إدارة ال�رصاع” ولي�س على‬
‫�أ�سا�س “حل ال�رصاع”‪ .‬وهي ت�سعى �إىل �إ�ضعاف اخل�صم بكل الطرق‪� ،‬إىل �أن يقبل باخليار‬
‫الوحيد املتاح �إ�رسائيلياً‪ ،‬وهو ما يف�رس �إطالة عملية التفاو�ض‪ .‬وقد جنح الإ�رسائيليون‬
‫منذ توقيع اتفاق �أو�سلو يف �أيلول‪� /‬سبتمرب ‪ 1993‬يف تثبيت مقولة �إ�سحق رابني �أن “ال‬
‫مواعيد مقد�سة”‪ ،71‬والتي �أ�صبحت عنوانا ً لل�سيا�سة الإ�رسائيلية و�أحد �أ�ساليبها يف‬
‫ال�ضغط واالبتزاز‪.‬‬
‫وعندما عاد حزب العمل ‪ Labor Party‬بقيادة �إيهود باراك للحكم بعد ثالث �سنوات‬
‫من حكم الليكود ‪� ،1999-1996‬أعلن رغبته يف الو�صول �إىل ت�سوية نهائية‪ ،‬لكنه قدم‬
‫برناجما ً �سيا�سيا ً مبنيا ً على “الالءات اخلم�س”‪:72‬‬
‫ال لإعادة القد�س ال�رشقية للفل�سطينيني‪ ،‬والقد�س عا�صمة �أبدية موحدة لـ“�إ�رسائيل”‪.‬‬ ‫‪. 1‬‬
‫ال لعودة “�إ�رسائيل” �إىل حدود ما قبل حرب ‪.1967‬‬ ‫‪ .2‬‬
‫ال لعودة الالجئني الفل�سطينيني‪.‬‬ ‫‪ .3‬‬
‫ال لإزالة امل�ستعمرات اليهودية يف ال�ضفة والقطاع‪.‬‬ ‫‪ .4‬‬
‫ال لوجود جي�ش عربي يف ال�ضفة الغربية (مبعنى �أن تكون الدولة الفل�سطينية دون‬ ‫‪ .5‬‬
‫جي�ش وغري مكتملة ال�سيادة)‪.‬‬

‫‪181‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫ويف �صيف �سنة ‪ ،2000‬ذهب الطرفان‬


‫الفل�سطيني والإ�رسائيلي �إىل كامب ديفيد‬
‫بدعوة من الرئي�س الأمريكي كلينتون‪،‬‬
‫حيث عقدت مفاو�ضات ماراثونية يف الفرتة‬
‫‪ 2000/7/25-12‬للو�صول �إىل ت�سوية‬
‫نهائية‪ .‬ويظهر �أن مو�ضوع احلدود والكتل‬
‫اال�ستيطانية كانا من الأمور التي ميكن‬
‫التفاهم عليها (�أكرث من ‪ %90‬من ال�ضفة‬
‫• اجتماعات كامب ديفيد‪2000 ،‬‬
‫وكل القطاع‪ ،‬مع تبادل يف الأر�ض‪ ،‬وبقاء‬
‫الكتل اال�ستيطانية)‪ ،‬غري �أن مو�ضوعي القد�س وعودة الالجئني بقيا دومنا ح ّل؛ مما �أدى‬
‫�إىل انهيار املفاو�ضات‪ ،‬واندالع انتفا�ضة الأق�صى بعد ذلك ب�شهرين‪.‬‬
‫وحتول املزاج الإ�رسائيلي نحو مزيد من التطرف‪،‬‬
‫وا�ضطر باراك لال�ستقالة يف ‪ ،2000/12/9‬وفاز �أريل‬
‫�شارون يف االنتخابات العامة يف ‪� 2001/2/6‬ض ّد مناف�سه‬
‫باراك ب�أغلبية تاريخية‪ ،‬وبفارق يزيد عن ‪ ،%25‬مما �أكد‬
‫عودة التيار الليكودي املت�شدد �إىل ال�صدارة من جديد‪.‬‬
‫• �أريل �شارون‬ ‫مل ي�ستطع �شارون �أن يوفر الأمن للإ�رسائيليني وي�سحق‬
‫االنتفا�ضة يف مئة يوم كما وعد‪ ،‬وحاول �أن يج ّر العجلة �إىل الوراء و�أن يفر�ض الواقع الذي‬
‫يريد‪ .‬ومل يكن �شارون ي�ؤمن بالت�سوية‪ ،‬فقد كان قد �ص ّوت �ض ّد اتفاقية كامب ديفيد‬
‫مع م�رص‪ ،‬كما �ص ّوت �ض ّد اتفاق �أو�سلو‪ ،‬وحت ّفظ على اتفاق الت�سوية مع الأردن‪ .‬و�أعلن‬
‫مرارا ً �أن اتفاق �أو�سلو قد مات‪ .‬وعندما جاء �شارون لل�سلطة كان م�رشوعه يف جوهره‬
‫م�رشوعا ً �أمنياً‪ ،‬وهو مل يعر�ض �سوى حكم ذاتي للفل�سطينيني على ‪ %45-40‬من ال�ضفة‬
‫الغربية‪ ،‬كما رف�ض الدخول يف �أي مباحثات قبل توقف االنتفا�ضة‪ .‬وقد ا�ستمر �شارون‬
‫يف احلكم حتى مطلع �سنة ‪ ،2006‬و�شهدت مرحلته تعطل م�سار الت�سوية‪ ،‬وان�شغال‬
‫“�إ�رسائيل” بقمع االنتفا�ضة‪ ،‬وحماولة �إيجاد حلول بديلة‪.‬‬

‫‪182‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2011–2000‬‬

‫‪ .1‬مبادرة جنيف‪:‬‬
‫وبينما كان الفل�سطينيون من�شغلون باالنتفا�ضة‪ ،‬كانت جتري مفاو�ضات �رسية‬
‫ا�ستمرت �سنتني بني جمموعة مقربة من الرئا�سة الفل�سطينية وفتح‪ ،‬وجمموعة �إ�رسائيلية‬
‫مقربة من �أو�ساط الي�سار والو�سط الإ�رسائيلي‪ ،‬وقد نتج عنها يف �أواخر �سنة ‪ 2003‬ما‬
‫عرف بـ“مبادرة جنيف ‪ ”Geneva Accord‬حلل النزاع الفل�سطيني الإ�رسائيلي‪ .‬وهي‬
‫اتفاقية غري ر�سمية تدعو �إىل‪:‬‬
‫• دولة فل�سطينية تكون وطنا ً لل�شعب الفل�سطيني‪ ،‬و�أن يعرتف الفل�سطينيون بحق‬
‫“ال�شعب اليهودي” يف دولتهم “�إ�رسائيل” كوطن قومي لهم‪.‬‬
‫• تكون الدولة الفل�سطينية منزوعة ال�سالح‪ ،‬وت�شمل ال�ضفة الغربية وقطاع غزة مع‬
‫تعديالت حدودية بحيث ُت�ضم الكتل اال�ستيطانية والأحياء اليهودية يف القد�س �إىل‬
‫“�إ�رسائيل”‪ ،‬ويف املقابل �ست�سلم “�إ�رسائيل” من “�أر�ضها” امل�ساحة نف�سها التي �أخذتها‬
‫من ال�ضفة‪ ،‬و�ستكون الأر�ض بالنوعية نف�سها‪ ،‬وتو َّقع �أ�صحاب املبادرة �أن تكون‬
‫م�ساحة الأر�ض ‪ %3-2‬من ال�ضفة الغربية‪.‬‬
‫• �ستكون الأحياء العربية يف القد�س عا�صمة لدولة فل�سطني وحتت �سيادتها‪ .‬ولن يكون‬
‫هناك حفريات �أو بناء يف امل�سجد الأق�صى‪� ،‬أو ما ي�سميه اليهود “جبل املعبد” دون‬
‫موافقة الطرفني‪ .‬واعتربت املبادرة احلي اليهودي يف القد�س وحائط الرباق واملقربة‬
‫اليهودية يف جبل الزيتون حتت ال�سيادة الإ�رسائيلية‪.‬‬
‫• �أعطت املبادرة لالجئني حقّ العودة للدولة الفل�سطينية‪ ،‬لكنها مل تعطهم احلق يف العودة‬
‫�إىل �أر�ضهم الأ�صلية املحتلة �سنة ‪�“ 1948‬إ�رسائيل”‪ ،‬وجعلت قبول عودتهم �أمرا ً �سياديا ً‬
‫�إ�رسائيلياً‪ .‬و�أعطت لالجئني حقّ التعوي�ض عن معاناة اللجوء وعن فقدان �أمالكهم‪.‬‬
‫ • وافقت املبادرة على عمل ترتيبات �أمنية �صارمة يف مناطق الدولة الفل�سطينية‪ ،‬تعمل‬
‫على منع � ّأي �أعمال “�إرهابية” �ض ّد “�إ�رسائيل”‪ ،‬و�أجازت �إقامة حمطتي �إنذار مبكر‬
‫لـ“�إ�رسائيل” يف �شمال وو�سط ال�ضفة الغربية‪ ،‬كما �أجازت ا�ستخدام �سالح اجلو‬
‫الإ�رسائيلي للمجال اجلوي الفل�سطيني‪.‬‬
‫• ت�رشف على معابر احلدود الدولية لفل�سطني طواقم م�شرتكة من قوة �أمن فل�سطينية‬
‫وقوة �أمن متعددة اجلن�سيات‪ ،‬وحتتفظ “�إ�رسائيل” بح�ضور غري منظور للعني على‬
‫مدى ثالثني �شهرا ً‪.73‬‬

‫‪183‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫• نبيل ق�سي�س‬ ‫• ه�شام عبد الرازق‬ ‫• يا�رس عبد ربه‬

‫• حممد احلوراين‬ ‫• قدورة فار�س‬

‫وعلى الرغم من �أن هذه املبادرة غري ر�سمية‪� ،‬إال �أنها تبدو مهمة للغاية يف بيان املدى‬
‫الذي ميكن �أن ت�صل �إليه القيادة الفل�سطينية يف �شكل الدولة املرتقبة‪ .‬فال�شخ�صيات‬
‫الفل�سطينية امل�شاركة ذات طبيعة ر�سمية وجزء رئي�سي من عملية �صناعة القرار ومنهم‬
‫العديد من الوزراء والقيادات؛ �أمثال يا�رس عبد ربه‪� ،‬أمني �رس اللجنة التنفيذية للمنظمة‪،‬‬
‫ووزير الإعالم والثقافة ال�سابق‪ ،‬وه�شام عبد الرازق وزير �ش�ؤون الأ�رسى‪ ،‬ونبيل‬
‫ق�سي�س وزير التخطيط ال�سابق‪ ،‬وغيث العمري امل�ست�شار ال�سيا�سي ملحمود عبا�س‪،‬‬ ‫ّ‬
‫وهناك �أي�ضا ً قدورة فار�س‪ ،‬وحممد احلوراين‪ ،‬وزهري منا�رصة‪ ...‬من قيادات‬
‫ورموز فتح‪� .‬أما ال�شخ�صيات الإ�رسائيلية فتنتمي للمعار�ضة الإ�رسائيلية وال متلك دورا ً‬
‫مماثالً يف �صناعة القرار الإ�رسائيلي؛ ومن �أبرزها يو�سي بيلني ‪ ،Yossi Beilin‬ويو�سي‬
‫�رسيد ‪ ،Yossi Sarid‬و�آمنون �شاحاك ‪ ،Amnon Shahak‬وعمرام مت�سناع ‪Amram‬‬
‫‪ ،Mitzna‬و�أبراهام بورغ ‪.Avraham Burg‬‬

‫‪184‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2011–2000‬‬

‫• يو�سي بيلني‬ ‫• يو�سي �رسيد‬ ‫• �آمنون �شاحاك‬

‫• عمرام مت�سناع‬ ‫• �أبراهام بورغ‬

‫‪ .2‬املبادرة العربية‪:‬‬
‫�أما يف اجلانب العربي‪ ،‬فقد ظلت قرارات قمم الر�ؤ�ساء العرب واجلامعة العربية حتكم‬
‫جممل الر�ؤية العربية‪ ،‬وظلت بنود م�رشوع ال�سالم يف فا�س ‪ 1982‬ب�إقامة دولة فل�سطينية‬
‫م�ستقلة على الأر�ض املحتلة �سنة ‪ ،1967‬وعودة الالجئني‪ ،‬وحقّ جميع دول املنطقة يف‬
‫العي�ش ب�سالم �ضمن حدود �آمنة؛ تع ّد موجها ً عاما ً للم�سار العربي‪.‬‬
‫ويف �سنة ‪ 2002‬حلّت املبادرة ال�سعودية التي جرى تبنيها يف م�ؤمتر القمة العربية‬
‫ببريوت يف ‪ ،2002/3/28-27‬مكان م�رشوع فا�س‪ ،‬و�أ�صبحت هي املرجعية املعتمدة‬
‫للر�ؤية العربية للت�سوية‪ ،‬وهي ال تختلف يف جوهرها عن �سابقاتها يف �إقامة الدولة‬
‫الفل�سطينية امل�ستقلة على ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‪ ،‬وعودة الالجئني‪ ،‬غري �أنها تتحدث‬
‫ب�شكل �رصيح عن االعرتاف والتطبيع العربي ال�شامل مع “�إ�رسائيل” يف حال موافقتها‬
‫على الت�سوية‪.74‬‬

‫‪185‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫‪ .3‬خريطة الطريق‪:‬‬
‫بدا �أن هناك مك�سبا ً �سيا�سيا ً فل�سطينيا ً جديدا ً عندما �صدر قرار جمل�س الأمن الدويل‬
‫رقم ‪ 1397‬يف ‪ 2002/3/12‬الذي �أو�ضح فيه املجل�س لأول مرة ر�ؤيته مل�ستقبل ال�رصاع‬
‫بقيام دولة فل�سطينية م�ستقلة تتعاي�ش �إىل جانب “�إ�رسائيل”‪.75‬‬
‫ويف ‪ 2002/6/24‬ق ّدم جورج بو�ش االبن ر�ؤيته‬
‫للت�سوية النهائية داعيا ً �إىل الدخول يف مفاو�ضات‬
‫ت�ؤدي �إىل �إقامة دولة فل�سطينية م�ستقلة ودميوقراطية‬
‫قادرة على احلياة وتعي�ش جنبا ً �إىل جنب ب�أمن و�سالم‬
‫مت تبني‬‫مع “�إ�رسائيل” وجريانها الآخرين‪ .76‬وقد ّ‬
‫هذه الر�ؤية من قبل االحتاد الأوروبي ورو�سيا‬
‫والأمم املتحدة �إ�ضافة �إىل �أمريكا (الرباعية الدولية)‪،‬‬
‫مت تعديلها ب�شكلها النهائي يف ني�سان‪� /‬أبريل ‪2003‬‬ ‫و ّ‬
‫فيما �أ�صبح ُيعرف مب�رشوع خريطة الطريق‪.77‬‬ ‫• جورج بو�ش‬

‫تكمن �أهمية خريطة الطريق يف �أنها �أول التزام �أمريكي معلن ب�إقامة الدولة الفل�سطينية‬
‫و�ضمن مدى زمني حمدد ال يتجاوز نهاية �سنة ‪ .2005‬وهي مق�سمة �إىل ثالث مراحل‪،‬‬
‫وقائمة على برنـامج بنـاء ثقة بني الطـرفني‪ ،‬وم�سـتغرقة متـامـا ً يف توفري كافة ال�ضمانات‬
‫الأمنية لـ“�إ�رسائيل”‪ ،‬فيما تفر�ض على ال�سلطة الفل�سطينية وقف االنتفا�ضة والقيام‬
‫بعملية �إ�صالح �سيا�سية و�إدارية و�أمنية واقت�صادية �شاملة‪ .‬وخريطة الطريق مليئة‬
‫بالثغرات‪� ،‬إذ على الرغم من �أنها تدعو حلل الق�ضايا النهائية لكنها ال تق ّدم ت�صورا ً‬
‫عن حلها وترتك ذلك للمفاو�ضات‪ ،‬وال تلزم املفاو�ض الإ�رسائيلي ب�شيء‪ ،‬بينما ترتك‬
‫املفاو�ض الفل�سطيني حتت رحمته‪ .‬ومن الناحية العملية فما ان�شغلت �أمريكا بتطبيقه هو‬
‫االلتزامات الفل�سطينية‪ ،‬لكن الإ�رسائيليني مل يطبقوا التزاماتهم حتى فيما يتعلق باملرحلة‬
‫الأوىل من خريطة الطريق املتعلقة بوقف اال�ستيطان‪.‬‬
‫مل تقدم خريطة الطريق ت�صورا ً نهائيا ً متعلقا ً بالق�ضايا اجلوهرية (القد�س‪ ،‬الالجئون‪،‬‬
‫اال�ستيطان‪ ،‬احلدود‪ ،‬ال�سيادة‪ ،)...‬ومل تقدم من جهة ثانية � ّأي �آلية حقيقية تلزم الطرف‬
‫الإ�رسائيلي بتنفيذ التزاماته‪ ،‬كما �أنها من جهة ثالثة ان�شغلت بكيفية �ضمان �أمن القوة‬
‫التي تقوم باحتالل الأر�ض واغت�صابها‪ ،‬بدالً من توفري الأمن ل�ضحايا االحتالل‪.‬‬

‫‪186‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2011–2000‬‬

‫يف ‪� 2003/5/25‬أق ّرت احلكومة الإ�رسائيلية مبدئيا ً خريطة الطريق‪ ،‬مع و�ضع ‪14‬‬
‫حتفظا ً عليها‪� ،‬أفرغتها عمليا ً من حمتواها‪ .‬و�أبدى الأمريكيون تفهمهم للتحفظات‬
‫الإ�رسائيلية‪ .‬وقد ت�ضمنت التحفظات الإ�رسائيلية �إنهاء االنتفا�ضة‪ ،‬و�إعادة ت�شكيل‬
‫الأجهزة الأمنية لتقوم بجهود حقيقية‪ ،‬وفق املعايري الإ�رسائيلية‪ ،‬ملنع “العنف”‪ ،‬كما‬
‫�أن على ال�سلطة االنتهاء من تفكيك املنظمات “الإرهابية” (حما�س واجلهاد الإ�سالمي‬
‫وكتائب �شهداء الأق�صى‪ ...‬وغريها) وتدمري بنيتها التحتية‪ ،‬وجمع الأ�سلحة غري‬
‫القانونية‪ ،‬ومنع تهريبها‪ ،‬ووقف � ّأي دعوات حتري�ضية‪ ،‬قبل البدء باملرحلة الثانية من‬
‫خريطة الطريق‪ .‬كان هذا هو التحفظ الأول فقط‪ ،‬وهو يكفي لتعطيل خريطة الطريق‬
‫ل�سنوات‪ ،‬كما يقدم م�رشوع حرب �أهلية بني الفل�سطينيني‪� .‬أما التحفظات الأخرى‪ ،‬فقد‬
‫ا�شرتطت قيادة فل�سطينية جديدة‪ ،‬و�ألغت القيمة الزمنية خلريطة الطريق‪ ،‬وا�ستبعدت‬
‫مرجعية املبادرة ال�سعودية‪ ،‬وقرار جمل�س الأمن ‪ 1397‬الداعي لإقامة دولة فل�سطينية‪،‬‬
‫بالإ�ضافة �إىل ا�شرتاطها �أن يعلن الفل�سطينيون حقّ “�إ�رسائيل” يف الوجود كـ“دولة‬
‫يهودية”‪ ،‬و�أن يتخلوا عن حقّ العودة �إىل فل�سطني املحتلة �سنة ‪.1948‬‬
‫قامت ال�سلطة الفل�سطينية من جهتها بتوحيد الأجهزة الأمنية يف ثالثة �أجهزة‪،‬‬
‫وا�ستحدثت من�صب رئي�س الوزراء الذي تواله حممود عبا�س �أوالً ثم تاله �أحمد قريع‪،‬‬
‫وبعد وفاة يا�رس عرفات‪ ،‬انتخب الفل�سطينيون يف ال�ضفة والقطاع يوم ‪2005/1/9‬‬
‫حممود عبا�س رئي�سا ً لل�سلطة‪ .‬وقامت ال�سلطة ب�إجراء العديد من التعديالت احلكومية‬
‫وخ�صو�صا ً يف اجلوانب املالية واالقت�صادية لت�أكيد ال�شفافية‪ .‬ومتكنت ال�سلطة من �إقناع‬
‫الف�صائل الفل�سطينية ب�إعالن التهدئة من جانب ٍ واحد يف ‪ ،2005/1/22‬ث ّم �إعالن وقف‬
‫�إطالق النار بني ال�سلطة و“�إ�رسائيل” يف ‪� 8‬شباط‪ /‬فرباير‪.‬‬
‫ويف يوم ‪ 2005/6/21‬التقى �شارون‬
‫بعبا�س يف القد�س‪ ،‬وبالرغم من اعرتاف‬
‫�شارون بتحقيق تق ّدم على ال�صعيد‬
‫الأمني والتهدئة �إال �أنه مل يرى ذلك كافياً‪.‬‬
‫ونقلت امل�صادر الإ�رسائيلية عن عبا�س‬
‫قوله ل�شارون “ينبغي �أن نعمل �سوياً‪.‬‬
‫ك ّل �صاروخ يطلق باجتاهكم ك�أنه يطلق‬
‫• لقاء �شارون ‪ -‬عبا�س‬
‫باجتاهي‪ .‬و�أنا �أريد �أن �أفعل ولكن قدراتي‬

‫‪187‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫حمدودة”‪ .‬وقال “�إن و�ضعه �صعب و�أن �إ�رسائيل تطلب الكثري من ال�سلطة‪ ،‬يف حني �أن‬
‫غالبية العمليات �ض ّدها تنطلق من مناطق حتت ال�سيطرة الإ�رسائيلية”‪.78‬‬

‫‪ .4‬الف�صل �أحادي اجلانب‪:‬‬


‫تقوم فكرة الف�صل �أحادي اجلانب على �أ�سا�س �أن تفر�ض “�إ�رسائيل” ال�شكل النهائي‬
‫حلدودها وللت�سوية‪ ،‬باملحافظة على �أكرب م�ساحة من الأر�ض‪ ،‬والتخل�ص من �أكرب قدر من‬
‫الفل�سطينيني‪ ،‬ودون �أن ت�ضطر لدفع ا�ستحقاقات باهظة‪ ،‬مرتبطة بالقد�س �أو الالجئني‬
‫�أو تفكيك امل�ستعمرات يف ال�ضفة الغربية؛ وبحيث يبدو الأمر يف نهاية املطاف م�شكلة‬
‫حدودية بني الفل�سطينيني والإ�رسائيليني‪ ،‬ميكن �أن متوت مع الزمن‪ .‬وقد هيمنت فكرة‬
‫الف�صل �أحادي اجلانب على الر�ؤية ال�سيا�سية الإ�رسائيلية خالل الفرتة ‪.2006–2003‬‬
‫ويف ‪� 2003/12/18‬أعلن �شارون تبنيه للفكرة‪ ،‬وبعد نحو �شهرين قدم خطته‬
‫للف�صل مت�ضمنة االن�سحاب من قطاع غزة مع حرا�ستها ومراقبتها حلدوده اخلارجية‪،‬‬
‫و�سيطرتها على جماله اجلوي‪ .‬وهذا يعني من الناحية العملية حتويل غزة �إىل �سجن‬
‫كبري‪ ،‬كما ُيبقي القطاع وفق القانون الدويل منطقة حتت االحتالل الإ�رسائيلي‪ .‬وت�ضمنت‬
‫خطة الف�صل يف ال�ضفة الغربية االحتفاظ ب�ست كتل ا�ستيطانية‪� ،‬إ�ضافة �إىل �رشقي القد�س‬
‫وما حولها من م�ستعمرات‪.79‬‬
‫القت خطة الف�صل �أحادي اجلانب دعما ً �أمريكيا ً يف امل�ؤمتر ال�صحفي امل�شرتك بني‬
‫بو�ش و�شارون يف وا�شنطن يف ‪ .2004/4/14‬وجرى جتزئة تنفيذ اخلطة بحيث تبد�أ‬
‫باالن�سحاب من قطاع غزة و�أربع م�ستعمرات منعزلة يف ال�ضفة الغربية‪.‬‬
‫كان النتفا�ضة الأق�صى دورها الرئي�سي يف دفع الإ�رسائيليني �إىل االن�سحاب من‬
‫عبء �أمني واقت�صادي كبري‪ .80‬كانت حماية نحو ثمانية �آالف‬ ‫قطاع غزة بعد �أن حت ّول �إىل ٍ‬
‫م�ستوطن يف القطاع عملية مكلفة ومرهقة‪ ،‬وت�ستدعي ن�رش �آالف اجلنود حلماية الب�ؤر‬
‫اال�ستيطانية يف بحر من مليون و‪� 400‬ألف فل�سطيني‪ .‬بيد �أن احلكومة الإ�رسائيلية �سعت‬
‫�إىل توظيف ان�سحابها يف حتقيق �أكرب قدر ممكن من املكا�سب ال�سيا�سية واملادية‪ .‬فهي‬
‫�ستتخل�ص من العبء ال�سكاين الهائل الذي ميثله قطاع غزة والذي ال ميكن �ض ُّمه يف �أي‬
‫م�رشوع ي�ستهدف احلفاظ على الهوية اليهودية للدولة‪ .‬وبالإ�ضافة �إىل �أن �إعادة انت�شار‬
‫اجلي�ش الإ�رسائيلي تكفل �إنهاء االحتكاك الفعلي ب�سكان القطاع وتخفي�ض احتمال‬

‫‪188‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2011–2000‬‬

‫ربر عملياتها الع�سكرية‪،‬‬ ‫تع ّر�ضه للهجمات‪ ،‬ف�إنها �سعت �إىل �إفقاد املقاومة يف القطاع م ّ‬
‫يف نظر املجتمع الدويل على الأقل‪ .‬كما �سعت احلكومة الإ�رسائيلية �إىل االلتفاف على‬
‫م�رشوع خريطة الطريق‪ ،‬واال�ستفراد بال�ضفة الغربية لتنفيذ خمططات تهويد القد�س‬
‫وجدار الف�صل العن�رصي وم�صادرة الأرا�ضي و�إبقاء التجمعات اال�ستيطانية يف � ّأي‬
‫حت�سن �صورتها و�أن تقدم نف�سها‬ ‫ّ‬ ‫ت�سوية �سيا�سية قادمة‪ .‬ومن جهة �أخرى حاولت �أن‬
‫حمب لل�سالم ويقدم تنازالت “م�ؤملة” يف �سبيله‪.‬‬‫ٍّ‬ ‫�إىل املجتمع الدويل كطرف‬
‫بد�أ االن�سحاب الإ�رسائيلي من القطاع يف منت�صف �آب‪� /‬أغ�سط�س ‪ ،2005‬و ّ‬
‫مت �إنها�ؤه‬
‫يف ‪ ،2005/9/11‬و�أعلنت “�إ�رسائيل” انتهاء احتاللها للقطاع من جانب واحد‪ ،‬فيما �أبقت‬
‫�سيطرتها على احلدود واملنافذ الربية والبحرية واجلوية‪ .‬ويف ‪ 2005/11/15‬تو�صلت‬
‫�إىل اتفاق مع ال�سلطة الفل�سطينية حول �إدارة املعابر‪ ،‬بوجود �إ�رشاف �أوروبي وتثبيت‬
‫كامريات مراقبة تبثُّ للطرف الإ�رسائيلي ب�شكل مبا�رش كل ما يجري‪ ،‬مع حقّ “�إ�رسائيل”‬
‫يبت الأوروبيون يف �أمره خالل‬
‫يف االعرتا�ض على دخول وخروج من ت�شتبه به‪ ،‬حيث ُّ‬
‫�ست �ساعات من احتجازه‪ .81‬وقد احتفلت ال�سلطة بافتتاح املعرب يف ‪.2005/11/25‬‬
‫ّ‬
‫مل تطل حما�سة احلكومة الإ�رسائيلية خلطة الف�صل‪� ،‬إذ بد�أ االحباط يدب ب�شكل �رسيع‬
‫جتاهها يف الن�صف الثاين من �سنة ‪2006‬؛ و�أخذت ترتاجع عن �سلّم �أولويات احلكومة‪،‬‬
‫حتى ُو�ضعت على ال َّرف‪ ،‬وكان �أبرز �أ�سباب ذلك‪:82‬‬
‫• فوز حما�س يف االنتخابات‪ ،‬وت�شكيل حكومتها‪ ،‬والف�شل يف �إ�سقاطها‪ ،‬واخلوف من‬
‫اعتبار االن�سحاب انت�صارا ً حلما�س‪ ،‬وتثبيتا ً لنفوذها على الأر�ض‪.‬‬
‫ • ف�شل الهجوم الإ�رسائيلي على لبنان وحزب اهلل يف �صيف ‪ ،2006‬وتزايد القناعات ب�أن‬
‫االن�سحاب من اجلنوب اللبناين �سنة ‪ 2000‬زاد من قوة حزب اهلل ومن قدرات املقاومة‪،‬‬
‫مما زاد من خماوف تكرار هذا ال�سيناريو يف ال�ضفة الغربية‪.‬‬
‫ • تراجع �شعبية �إيهود �أوملرت ‪ Ehud Olmert‬وحزب كادميا ‪ ،Kadima Party‬مما‬
‫�أ�ضعف قدرة �أوملرت على املناورة واحلركة‪.‬‬
‫• ظهور قناعات ب�رضورة دعم حممود عبا�س ورئا�سة ال�سلطة‪ ،‬والتن�سيق معه يف‬
‫مواجهة حما�س‪.‬‬
‫• ان�شغال الداخل الإ�رسائيلي بف�ضائح الف�ساد‪ ،‬وملفات التحقيق يف احلرب على لبنان‪.‬‬

‫‪189‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫• ظهور �صعوبات عملية �أمنية واقت�صادية وقانونية عند درا�سة تطبيقات اخلطة على‬
‫الأر�ض‪ .‬وهو ما �أ�شارت �إليه “جلنة التجميع” التي در�ست االن�سحاب �أحادي اجلانب‬
‫وقدمت تقريرها يف منت�صف �آب‪� /‬أغ�سط�س ‪.832006‬‬

‫‪ .5‬العودة �إىل خيار الدولة الفل�سطينية من خالل التفاو�ض‪:‬‬


‫�أربك فوز حما�س يف االنتخابات القيادتني الفل�سطينية والإ�رسائيلية‪ ،‬كما �أربك م�سار‬
‫الت�سوية ال�سلمية‪ ،‬وان�شغل اجلميع مبحاوالت �إ�سقاط حما�س �أو تطويعها‪ .‬وعندما‬
‫�شكل الرئي�س عبا�س حكومة الطوارىء برئا�سة �سالم فيا�ض يف رام اهلل �إثر �سيطرة‬
‫حما�س على قطاع غزة يف حزيران‪ /‬يونيو ‪ ،2007‬فتحت “�إ�رسائيل” جماالت التعاون‬
‫وخ�صو�صا ً الأمنية مع احلكومة يف رام اهلل‪ .‬وعاد احلديث عن حتريك م�سار الت�سوية‬
‫الذي تكلل مب�ؤمتر �أنابولي�س لل�سالم ‪ Annapolis Conference‬يف الواليات املتحدة يف‬
‫‪.2007/11/27‬‬
‫ومل يكن ثمة جديد يف جوهر الأفكار الإ�رسائيلية التي ظلت تتحدث عما هو �أكرث من‬
‫حكم ذاتي و�أقل من دولة م�ستقلة‪ .‬وظهر عدد من املقرتحات لقيادات �إ�رسائيلية حم�سوبة‬
‫ب�شكل �أ�سا�سي على حزب كادميا الذي ا�ستمر يف احلكم حتى �شباط‪ /‬فرباير ‪�( 2009‬إيهود‬
‫�أوملرت‪ ،‬ت�سيبي ليفني ‪� ،Tzipi Livni‬شمعون برييز‪ ،‬حاييم رامون ‪)...Haim Ramon‬‬
‫تدعو �إىل ان�سحاب من نحو ‪ %90‬من ال�ضفة الغربية مع بقاء الكتل اال�ستيطانية‪ ،‬و�إجراء‬
‫عملية تبادل للأرا�ضي لتعوي�ض الفل�سطينيني ما �سيفقدونه ب�سبب امل�ستعمرات‪.‬‬
‫و�شهدت �سنة ‪ 2009‬عودة اليمني املتطرف بقيادة الليكود للحكم‪ ،‬والذي كان ما يزال‬
‫يعتقد �أنه بالإمكان “ع�رص” الفل�سطينيني �أكرث لتحقيق املزيد من التنازالت‪ .‬وعلى الرغم‬
‫من ن�شاط الواليات املتحدة حتت حكم �أوباما يف حتريك عملية الت�سوية �إال �أنها ف�شلت‬
‫يف فر�ض �أب�سط ا�ستحقاقات خريطة الطريق‪ ،‬وهو الوقف الإ�رسائيلي التام لال�ستيطان‪.‬‬
‫ولذلك‪ ،‬تعطل م�سار املفاو�ضات طوال �سنة ‪ ،2009‬كما ات�سم بالتعرث يف �سنة ‪.2010‬‬
‫فعلى الرغم من اجلهود التي ُبذلت ال�ستئناف املفاو�ضات‪ ،‬والتي �أدت �إىل االتفاق على‬
‫مفاو�ضات غري مبا�رشة‪ ،‬ثم مفاو�ضات مبا�رشة‪ ،‬مقابل �إعالن “�إ�رسائيل” جتميدا ً م�ؤقتا ً‬
‫لال�ستيطان ملدة ع�رشة �أ�شهر‪� ،‬إال �أن تلك اجلهود انهارت يف �ضوء رف�ض �إ�رسائيلي قاطع‬
‫لتمديد فرتة التجميد‪ ،‬التي انتهت يف ‪.2010/9/26‬‬

‫‪190‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2011–2000‬‬

‫جعلت الثورات العربية التي �أخذت تظهر وتتو�سع منذ مطلع �سنة ‪ 2011‬م�سار‬
‫الت�سوية �أكرث �صعوبة و�أبعد مناالً‪ ،‬فقد �سقطت �أكرب الأنظمة العربية الداعمة لهذا امل�سار‬
‫(م�رص)‪ ،‬وعانت ال�سيا�سة الإ�رسائيلية والأمريكية من و�ضع قلق ومرتبك؛ ومال الكيان‬
‫الإ�رسائيلي التخاذ مزيد من الإجراءات الأمنية‪ ،‬وتقوية البنية الع�سكرية‪ .‬كما تزايد‬
‫الطرح الإ�رسائيلي لفكرة الدولة امل�ؤقتة‪ ،‬مبا يعني التوافق على حدود م�ؤقتة وت�أجيل‬
‫باقي ق�ضايا احلل النهائي‪ .‬كما عاد‪ ،‬من جهة �أخرى‪ ،‬طرح فكرة االن�سحاب �أحادي‬
‫اجلانب‪.‬‬

‫‪ .6‬خيار الدولة الواحدة‪:‬‬


‫�أما خيار الدولة الواحدة ثنائية القومية‪ ،‬فهو و�إن مل يتبنه املفاو�ض الفل�سطيني‪ ،‬ف�إنه‬
‫�أ�صبح ي�أخذ حيزا ً متزايدا ً من االهتمام يف الو�سط الفل�سطيني‪ ،‬بعد حالة الإحباط ال�سائدة‬
‫من �إمكانية ح ّل الدولتني‪ .‬ويظهر �أن مثقفني وقيادات فل�سطينية حم�سوبة على فتح �أخذت‬
‫تتحدث عن خيار الدولة الواحدة‪� ،‬إما كو�سيلة لل�ضغط والتهديد على اجلانب الإ�رسائيلي‪،‬‬
‫�أو كخيار حقيقي وحيد للخروج من الأزمة‪ ،‬و�إنهاء ال�رصاع العربي الإ�رسائيلي‪.‬‬
‫وعندما قاد �أحمد قريع املفاو�ضات‪ ،‬بعد �أنابولي�س‪ ،‬مل ي�ستبعد �أن ي�صبح الفل�سطينيون‬
‫جزءا ً من دولة ذات قوميتني مع الإ�رسائيليني يف �أر�ض فل�سطني التاريخية‪ ،‬يف حديث له‬
‫مع �أع�ضاء من حركة فتح يف اجتماع مغلق‪ ،‬بح�سب ما نقلت وكالة رويرتز ‪ Reuters‬يف‬
‫‪ .2008/8/11‬كما �أن �صائب عريقات‪ ،‬كبري املفاو�ضني الفل�سطينيني‪ ،‬اقرتح يف ت�رشين‬
‫الثاين‪ /‬نوفمرب ‪ 2009‬تبني ح ّل الدولة الواحدة‪� ،‬إذا مل يتوقف الإ�رسائيليون عن البناء يف‬
‫امل�ستعمرات‪.84‬‬

‫رابع ًا‪ :‬اجلدار العازل‪:‬‬


‫تعك�س عملية �إن�شاء جدار الف�صل العن�رصي‪ ،‬الذي تقوم “�إ�رسائيل” ببنائه حول‬
‫ال�ضفة الغربية‪ ،‬جانبا ً من العقلية االنعزالية اليهودية ال�صهيونية‪ ،‬التي ف�ضلت �أن تعي�ش‬
‫لقرون طويلة يف �أحياء خا�صة م�سورة بجدران عالية يف مناطق �أوروبا فيما يعرف‬
‫بالأحياء اليهودية “اجليتو ‪ ،”ghetto‬و�أن تتعامل مع الآخرين من خلف اجلدران‪ .‬كما‬
‫ُتذكر ب�سيا�سات الف�صل العن�رصي التي تبناها نظام البِي�ض �سابقا ً يف جنوب �إفريقيا‪.‬‬

‫‪191‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫وهذا ال يبعد كثريا ً عن طبيعة الكيان ال�صهيوين الذي �ش ّكل لنف�سه ج�سما ً غريبا ً حماطا ً‬
‫بـ“جدران” دينية و�سيا�سية وثقافية ولغوية عن املنطقة التي حوله‪ ،‬ووجد نف�سه معزوالً‬
‫يف �أجواء معادية‪ .‬وهو اعرتاف �ضمني منه �أنه مل ينجح يف �أن يكون كيانا ً مقبوالً يف املنطقة‪.‬‬
‫وكانت احلكومة الإ�رسائيلية قد قامت بعمل �سياج حول قطاع غزة �إثر اندالع‬
‫االنتفا�ضة الأوىل �سنة ‪ ،1987‬كما �أن �إ�سحق رابني فاز يف االنتخابات �سنة ‪ 1992‬على‬
‫�أ�سا�س �شعار “نحن هنا وهم هناك”‪.‬‬
‫وقد �صادقت احلكومة الإ�رسائيلية على �إقامة جدار عازل يف ال�ضفة الغربية يف ني�سان‪/‬‬
‫�أبريل ‪ ،2002‬وقد بد�أ العمل فيه يف ‪ .2002/6/16‬وقد تو�سع الطول املعتمد للجدار من‬
‫‪ 734‬كم يف حزيران‪ /‬يونيو ‪� 2006‬إىل ‪ 770‬كم يف �سنة ‪ ،2007‬و ّ‬
‫مت �ض ّم م�ستعمرة معاليه‬
‫�ضعف‬ ‫�أدوميم ‪� Maʻale Adummim‬رشقي القد�س �إليه‪� ،‬أي �أن طوله �أ�صبح �أكرث من ِ‬
‫طول اخلط الأخ�رض (حدود ال�ضفة الغربية مع الأرا�ضي املحتلة �سنة ‪ )1948‬والتي تبلغ‬
‫مت بناء نحو ‪ 502‬كم‪ .‬و�أ�صبحت م�ساحة‬ ‫‪ 320‬كم فقط‪ .‬وحتى نهاية �سنة ‪ 2008‬كان قد ّ‬
‫الأرا�ضي املعزولة خلف اجلدار ‪ 733‬كم‪� 2‬أي نحو ‪ %12.5‬من م�ساحة ال�ضفة الغربية‪.85‬‬

‫• جانب من م�سار اجلدار العازل‬

‫‪192‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2011–2000‬‬

‫و�إذا ما ّ‬
‫مت بناء اجلدار بال�شكل املخطط‬
‫له ف�إنه �سيُلحق �أ�رضار ا ً مبا�رشة‬
‫بنحو ‪� 680‬ألف فل�سطيني‪ ،‬و�سيجد نحو‬
‫‪� 250‬ألف فل�سطيني �أنف�سهم حم�صورين‬
‫بني اجلدار العازل وبني اخلط الأخ�رض‪،‬‬
‫بينما �سيجد ‪� 330‬ألف فل�سطيني �أنف�سهم‬
‫مف�صولني باجلدار عن �أرا�ضيهم‬
‫ومزروعاتهم و�أماكن عملهم‪ ،‬و�ستعاين‬
‫‪ 101‬قرية ومدينة وجتمع �سكاين من‬
‫اجلدار‪ ،‬و�ستجد ‪ 19‬منها نف�سها �إىل‬
‫الغرب من اجلدار حمرومة من التوا�صل‬
‫• من معاناة الفل�سطينيني ب�سبب اجلدار‬ ‫ال�سكاين مع باقي �أجزاء ال�ضفة‬
‫العازل‬ ‫الغربية‪ .‬كما �ستجد ‪ 53‬قرية وبلدة‬
‫نف�سها حماطة باجلدار من ثالث جهات‪ .‬و�سي�سعى اجلدار �إىل �أن ي�ضم �إليه �أكرب قدر من‬
‫امل�ستعمرات الإ�رسائيلية يف ال�ضفة الغربية‪ ،‬متثل معظم م�ستوطني ال�ضفة الغربية‪.‬‬
‫وحتاول ال�سلطات الإ�رسائيلية ت�سويق اجلدار باعتباره جمرد �سياج حاجز ‪،Fence‬‬
‫ولكن املتتبع للجدار يف خمططاته وكثري من �أماكن بنائه‪ ،‬يجد نف�سه �أمام خط ع�سكري‬
‫معقد‪� ،‬إذ ي�شمل م�رشوع اجلدار خطا ً من الأ�سالك ال�شائكة اللولبية‪ ،‬يتلوه خندق بعر�ض‬
‫�أربعة �أمتار وعمق خم�سة �أمتار‪ ،‬ثم �شارع م�سفلت بعر�ض ‪ 12‬مرتاً‪ ،‬يليه �شارع مغطى‬
‫بالرمل الناعم بعر�ض �أربعة �أمتار‪ ،‬ثم يتلوه جدار �إ�سمنتي مرتفع ي�صل �إىل ثمانية �أمتار‪،‬‬
‫وعلى اجلدار �سياج معدين �إلكرتوين وكامريات مراقبة و�أ�ضواء كا�شفة‪ ،‬كما �أن هناك‬
‫�أبراج مراقبة ع�سكرية على اجلدار‪.86‬‬
‫و�أ�صدرت حمكمة العدل الدولية )‪International Court of Justice (ICJ‬‬
‫يف ‪ 2004/7/9‬ر�أيها اال�ست�شاري غري امللزم ب�ش�أن اجلدار‪ ،‬فاعتربته غري �رشعي وخمالفا ً‬
‫للقانون الدويل‪ ،‬وطالبت “�إ�رسائيل” بوقف بنائه‪ ،‬وطالبت بتعوي�ض كل املت�رضرين‬
‫الفل�سطينيني‪ .‬وقالت املحكمة �إن اجلدار يعوق حقّ الفل�سطينيني يف تقرير م�صريهم‪ ،‬و�أن‬
‫بناءه ُيع ُّد �ض ّما ً فعليا ً للأر�ض‪ ،‬كما ع َّدت امل�ستعمرات الإ�رسائيلية انتهاكا ً للقانون الدويل‪.‬‬

‫‪193‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫‪194‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2011–2000‬‬

‫خام�س ًا‪ :‬الكيان الإ�سرائيلي‪:‬‬


‫دخل الكيان الإ�رسائيلي العقد الثاين من القرن احلادي والع�رشين وهو ما يزال يتمتع‬
‫بقوة ع�سكرية وتكنولوجية متقدمة قيا�سا ً مبحيطه العربي‪ ،‬كما يتمتع بدعم ونفوذ‬
‫دويل‪ ،‬خ�صو�صاً من الواليات املتحدة‪ ،‬جعله حتى الآن دولة “فوق القانون”‪ ،‬ال ُتطبَّق‬
‫عليها القوانني والقرارات الدولية‪.‬‬
‫كان من �أبرز املظاهر التي ات�صف بها امل�شهد الإ�رسائيلي الداخلي‪:‬‬
‫• تزايد نفوذ التيارات اليمينية؛ مبا يف ذلك الليكود و“�إ�رسائيل بيتنا ‪”Yisrael Beiteinu‬؛‬
‫وحتى حزب كادميا ف�إن �أعدادا ً كبرية من قياداته و�أع�ضائه ذات خلفيات ليكودية‬
‫وميينية‪.‬‬
‫• تزايد نفوذ التيارات الدينية‪ ،‬وخ�صو�صا ً احلركية املنظمة منها‪ ،‬وقد �شمل ذلك زيادة‬
‫ن�سبة املنتمني �إليها يف و�سط �ضباط اجلي�ش الإ�رسائيلي من نحو ‪ %7‬قبل نحو ثالثني‬
‫عاما ً �إىل نحو ‪ %40‬حاليا ً (‪.)2011‬‬
‫• تراجع نفوذ الي�سار الإ�رسائيلي وتفتته‪ ،‬مبا يف ذلك حزب العمل الإ�رسائيلي الذي ظ ّل‬
‫على مدى ‪ 55‬عاما ً عمود ال�سيا�سة الإ�رسائيلية‪� ،‬أو واحدا ً من اثنني من �أعمدتها‪ .‬لكنه‬
‫تراجع يف انتخابات �سنة ‪ 2009‬للمركز الرابع‪ ،‬ثم عانى من التفتت �سنة ‪ 2011‬بخروج‬
‫رئي�سه �إيهود باراك منه مع بع�ض نوابه يف الكني�ست وت�شكيلهم حلزب “اال�ستقالل”‪.‬‬
‫• تزايد الف�ساد يف املجتمع الإ�رسائيلي يف الو�سط ال�شعبي وحتى يف القيادة ال�سيا�سية؛‬
‫وكان من �أمثلة ذلك توجيه تهم بالف�ساد �إىل رئي�سي الوزراء �أريل �شارون و�إيهود‬
‫�أوملرت‪ ،‬ورئي�س الدولة مو�شيه كت�ساف ‪ ،Moshe Katsav‬ونائب رئي�س الوزراء‬
‫حاييم رامون‪ ،‬ورئي�س �أركان اجلي�ش الإ�رسائيلي دان حالوت�س ‪...Dan Halutz‬‬
‫وغريهم‪ .‬وقد زاد انت�شار قيم املنفعة واللذة والأنانية‪ ،‬وال�شذوذ اجلن�سي‪ ،‬والتف�سخ‬
‫الأ�رسي؛ وقد انعك�س ذلك على تزايد ن�سب االنتحار‪ ،‬والهروب من اجلي�ش‪ ...‬وغريها‪.‬‬
‫• تراجع الهجرة اليهودية �إىل “�إ�رسائيل” �إىل ما دون ‪� 17‬ألفا ً �سنوياً‪ ،‬مع تزايد الهجرة‬
‫العك�سية من “�إ�رسائيل” �إىل نحو ‪� 15–10‬ألفا ً �سنويا ً‪ ،87‬مع وجود م�ؤ�رشات �إىل �أن هناك‬
‫نحو ‪� 700‬ألف �إ�رسائيلي يقيمون يف اخلارج‪.88‬‬

‫‪195‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫• تزايد ال�سلوك العن�رصي �ض ّد املواطنني الفل�سطينيني يف الأر�ض املحتلة �سنة ‪،1948‬‬


‫�سواء كان ذلك يف ال�سلوك ال�شعبي �أم يف ممار�سات احلكومات الإ�رسائيلية‪� ،‬أم يف �س ّن‬
‫القوانني والت�رشيعات‪.‬‬
‫من الناحية ال�سكانية‪ ،‬كان يقيم يف فل�سطني املحتلة (الأر�ض املحتلة �سنة ‪،1948‬‬
‫والأر�ض املحتلة �سنة ‪ 5 )1967‬ماليني و‪� 900‬ألف يهودي يف نهاية �سنة ‪ ،2011‬مقابل‬
‫‪ 5‬ماليني و‪� 600‬ألف فل�سطيني‪.89‬‬
‫على امل�ستوى االقت�صادي‪ ،‬و�صل الناجت املحلي الإ�رسائيلي �سنة ‪� 2011‬إىل نحو‬
‫‪ 243‬مليار دوالر‪ ،‬كما و�صل معدل دخل الفرد �إىل ‪ 31,300‬دوالر‪ ،‬وهو معدل دخل‬
‫ي�ضارع املعدالت يف �أوروبا والدول املتقدمة‪ .‬وبلغت ال�صادرات الإ�رسائيلية �سنة‬
‫‪ 2011‬ما جمموعه ‪ 67‬مليار و‪ 260‬مليون دوالر‪� ،‬أما جمموع الواردات فبلغ ‪ 73‬مليارا ً‬
‫و‪ 540‬مليون دوالر‪ .‬وت�شكل ال�سلع ال�صناعية نحو ‪ %78.5‬من ال�صادرات الإ�رسائيلية‪.‬‬
‫ومنذ �سنوات طويلة‪ ،‬ما تزال الواليات املتحدة ت�شكل ال�رشيك التجاري الأول للكيان‬
‫الإ�رسائيلي‪ ،‬الذي ُي�ص ّدر لها نحو ثلث �صادراته‪ .‬وبالرغم من كونه دولة غنية ومتقدمة‪،‬‬
‫�إال �أن الكيان الإ�رسائيلي ما يزال يتلقى دعما ً �أمريكيا ً �سنويا ً بلغ �سنة ‪ 2011‬ما جمموعه‬
‫‪ 3‬مليارات و‪ 29‬مليون دوالر‪ .‬وبذلك ما تلقته “�إ�رسائيل” من دعم �أمريكي خالل‬
‫الفرتة ‪ ،2011-1949‬بلغ ما جمموعه ‪ 112‬مليار و‪ 31‬مليون دوالر‪.90‬‬
‫ويعود جانب من االزدهار االقت�صادي الإ�رسائيلي �إىل ُخفوت االنتفا�ضة الفل�سطينية‬
‫وتراجع عمليات املقاومة‪ ،‬و�إىل “هدوء” اجلبهات العربية‪ ،‬مع حت�سن العالقات ال�سيا�سية‬
‫واالقت�صادية خ�صو�صا ً مع م�رص والأردن‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل االخرتاقات ال�سيا�سية‬
‫واالقت�صادية التي حققها ال�صهاينة خ�صو�صا ً مع ال�صني والهند ورو�سيا ودول �أوروبا‬
‫ال�رشقية‪.‬‬
‫�أما من الناحية الع�سكرية‪ ،‬فما زال الكيان الإ�رسائيلي ينفق ب�شكل هائل على هذا‬
‫اجلانب‪ .‬وقد بلغت موازنته الع�سكرية ل�سنة ‪ 2011‬نحو ‪ 15‬مليار دوالر‪ .‬و ُتعد امليزانية‬
‫الع�سكرية الإ�رسائيلية من �أعلى امليزانيات يف العامل قيا�سا ً بالناجت املحلي �أو بعدد ال�سكان؛‬
‫بينما يبلغ معدل الإنفاق الع�سكري الإ�رسائيلي ال�سنوي على الفرد الواحد نحو �ألفي‬
‫دوالر‪ ،‬ف�إنه يبلغ مثالً ‪ 46‬دوالر يف م�رص‪ ،‬و ‪ 88‬دوالر يف �سورية‪ ،‬و ‪ 211‬دوالرا ً‬

‫‪196‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2011–2000‬‬

‫يف الأردن‪ .‬ويبلغ عدد اجلي�ش الإ�رسائيلي املتفرغ ‪� 178‬ألف جندي‪ ،‬بينما تبلغ قوات‬
‫االحتياط ‪� 427‬ألفاً‪ .‬ويتميز اجلي�ش الإ�رسائيلي بقدرات قتالية عالية‪ ،‬وبح�صوله على‬
‫فر�ص تدريبية متقدمة‪ ،‬كما يتميز بح�صوله على �أف�ضل الأ�سلحة املتقدمة �سواء من تلك‬
‫التي تنتجها امل�صانع الع�سكرية الإ�رسائيلية‪� ،‬أم تلك التي ت�أتيه من الواليات املتحدة ومن‬
‫الدول الغربية‪ .‬ولدى “�إ�رسائيل” نحو مئتي ر�أ�س نووي‪ ،‬وهي ُت�صنّع كافة �أنواع الأجهزة‬
‫الإلكرتونية الع�سكرية‪ ،‬و�أجهزة الت�شوي�ش‪ ،‬و�أنظمة توجيه ال�صواريخ‪ ،‬ومتكنت من‬
‫ت�صنيع طائرة كفري ‪ Kfir‬املقاتلة‪ ،‬و�صاروخ حيت�س (ال�سهم) ‪Arrow (Hetz) System‬‬
‫امل�ضاد لل�صواريخ‪ ،‬كما متكنت من �صناعة دبابة املريكافا ‪ Merkava‬التي تعد من �أقوى‬
‫الدبابات يف العامل‪ .‬و ُتعد “�إ�رسائيل” �ضمن �أكرب خم�س دول م�صدرة لل�سالح يف العامل؛ �إذ‬
‫�صدرت ما قيمته ‪ 7‬مليارات و‪ 200‬مليون دوالر �سنة ‪.912010‬‬
‫وبالرغم من الإمكانات الهائلة التي يتمتع بها اجلي�ش الإ�رسائيلي‪ ،‬ف�إنه ف�شل يف عدوانه‬
‫على لبنان يف حرب متوز‪ /‬يوليو ‪ ،2006‬كما ف�شل يف عدوانه على قطاع غزة يف نهاية �سنة‬
‫‪ 2008‬وبداية �سنة ‪ .2009‬ويف الوقت الذي ترتاجع فيه نوعية اجلندي الإ�رسائيلي‪ ،‬وتكرث‬
‫يف �أو�ساط اجلي�ش امل�شاكل النف�سية والف�ساد والتهرب من اجلندية‪ ،‬ف�إن نوعية رجال‬
‫املقاومة تزداد حت�سناً‪ ،‬وهي �أكرث ا�ستعدادا ً على ال�صمود والت�ضحية‪.‬‬

‫‪197‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫هوام�ش الف�صل ال�ساد�س‬


‫ ‪ 1‬اخلليج‪.2000/11/10 ،‬‬
‫‪ 2‬لقراءة العديد من النماذج والتقارير‪ ،‬ميكن مراجعة التقارير املن�شورة يف الإنرتنت خالل �شه َري ت�رشين الأول‪/‬‬
‫�أكتوبر وكانون الأول‪ /‬دي�سمرب ‪ 2000‬يف املركز الفل�سطيني للإعالم وموقع �إ�سالم �أون الين‪.‬‬
‫ ‪ 3‬مركز الإح�صاء الوطني الفل�سطيني‪ ،2005/12/9 ،‬انظر‪:‬‬
‫‪http://www.pnic.gov.ps/arabic/quds/arabic/viol/quds_viol_12-2005.html‬؛ ووكالة وفا‪،2016/3/10 ،‬‬
‫انظر‪http://www.wafa.ps/ar_page.aspx?id=ZUxLYKa75037158273aZUxLYK :‬‬
‫ ‪ 4‬تقرير وزارة �ش�ؤون الأ�رسى واملحررين ل�سنة ‪ ،2005‬انظر‪:‬‬
‫‪www.pnic.gov.ps/arabic/social/prisoners/2005.html‬؛ وبح�سب مركز املعلومات الإ�رسائيلي حلقوق‬
‫الإن�سان يف الأرا�ضي املحتلة (بت�سيلم) نقالً عن م�صادر الأمن واجلي�ش الإ�رسائيلي‪ ،‬ف�إن املعتقلني كانوا ‪7,838‬‬
‫يف مطلع �سنة ‪ ،2005‬وو�صل العدد �إىل ‪ 8,238‬معتقالً يف مطلع �سنة ‪ .2006‬انظر‪:‬‬
‫‪www.btselem.org/arabic/statistics/detainees‬‬
‫ ‪ 5‬مركز املعلومات الوطني الفل�سطيني‪ ،‬انظر‪:‬‬
‫‪http://www.pnic.gov.ps/arabic/quds/arabic/losses/28-9-2005.html‬‬
‫ ‪ 6‬موقع اجلي�ش الإ�رسائيلي‪ ،‬انظر‪http://www1.idf.il/SIP_STORAGE/DOVER/files/9/21829.doc :‬‬
‫ ‪ 7‬موقع اجلي�ش الإ�رسائيلي‪ ،‬انظر‪http://www1.idf.il/SIP_STORAGE/DOVER/files/6/31646.doc :‬‬
‫ ‪ 8‬ن�رشت التقرير جريدة معاريف ون�رشت ترجمته جريدة ال�سفري‪ ،‬بريوت‪.2005/7/15 ،‬‬
‫ ‪ 9‬موقع عرب ‪ ،2005/8/8 ،48‬انظر‪http://www.arabs48.com/display.x?cid=16&sid=66&id=30295 :‬‬
‫‪ 10‬دائرة الإح�صاء املركزية الإ�رسائيلية‪ ،‬انظر‪www.cbs.gov.il :‬؛ وانظر‪ :‬وكالة قد�س بر�س �إنرتنا�شيونال‬
‫للأنباء‪ ،‬ن�رشة بانوراما‪.2003/1/2 ،‬‬
‫‪ 11‬قد�س بر�س‪ ،‬ن�رشة بانوراما‪.2003/1/3 ،‬‬‫ ‬
‫ً‬
‫ نقال عن‪British Broadcasting Corporation (BBC), 30/11/2002, http://news.bbc.co.uk :‬‬ ‫‪12‬‬

‫‪ 13‬اخلليج‪.2003/2/18 ،‬‬ ‫ ‬
‫‪See Israel Security Agency, “2010 Annual Summary: Data and Trends in Terrorism,” 14‬‬ ‫ ‬
‫‪www.shabak.gov.il/SiteCollectionImages/english/TerrorInfo/reports/2010summary2-en.pdf‬‬
‫‪� 15‬ستة من هذه العمليات نفذت يف �سنة ‪ ،2006‬وواحدة �سنة ‪ ،2007‬وواحدة �سنة ‪ ،2008‬انظر‪:‬‬
‫ ‬
‫‪Israel Security Agency, Analysis of Attacks in the Last Decade, Suicide Attacks,‬‬
‫‪http://www.shabak.gov.il/SiteCollectionImages/english/TerrorInfo/decade/SuicideAttacks.pdf‬‬
‫‪Israel Security Agency, Analysis of Attacks in the Last Decade, Mortar Shell launching attacks,‬‬ ‫ ‬
‫‪16‬‬

‫‪http://www.shabak.gov.il/English/EnTerrorData/decade/Mortar/Pages/default.aspx‬‬
‫‪ 17‬حم�سن حممد �صالح (حمرر)‪ ،‬التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ل�سنة ‪( 2010‬بريوت‪ :‬مركز الزيتونة‬ ‫ ‬
‫للدرا�سات واال�ست�شارات‪� ،)2011 ،‬ص ‪.91‬‬
‫‪ 18‬حول هذه احلمالت‪ ،‬انظر‪ :‬حم�سن حممد �صالح (حمرر)‪ ،‬التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ل�سنة ‪2006‬‬
‫(بريوت‪ :‬مركز الزيتونة للدرا�سات واال�ست�شارات‪� ،)2007 ،‬ص ‪91‬؛ وحم�سن حممد �صالح (حمرر)‪ ،‬التقرير‬
‫اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ل�سنة ‪( 2008‬بريوت‪ :‬مركز الزيتونة للدرا�سات واال�ست�شارات‪،)2009 ،‬‬
‫�ص ‪.100‬‬

‫‪198‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2011–2000‬‬

‫‪ 19‬حول العدوان على غزة‪ ،‬انظر‪ :‬التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ل�سنة ‪� ،2008‬ص ‪102-100‬؛ وحم�سن‬
‫حممد �صالح (حمرر)‪ ،‬التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ل�سنة ‪( 2009‬بريوت‪ :‬مركز الزيتونة للدرا�سات‬
‫واال�ست�شارات‪� ،)2010 ،‬ص ‪105‬؛ وعبد احلميد الكيايل (حمرر)‪ ،‬درا�سات يف العدوان الإ�رسائيلي على قطاع‬
‫غزة‪ :‬عملية الر�صا�ص امل�صبوب‪ /‬معركة الفرقان (بريوت‪ :‬مركز الزيتونة للدرا�سات واال�ست�شارات‪،‬‬
‫‪.)2009‬‬
‫‪ 20‬حم�سن حممد �صالح (حمرر)‪ ،‬التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ل�سنة ‪( 2007‬بريوت‪ :‬مركز الزيتونة‬ ‫ ‬
‫للدرا�سات واال�ست�شارات‪� ،)2008 ،‬ص ‪.99-98‬‬
‫‪ 21‬التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ل�سنة ‪� ،2006‬ص ‪.131-129‬‬ ‫ ‬
‫‪ 22‬حم�سن حممد �صالح وب�شري نافع (حمرران)‪ ،‬التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ل�سنة ‪( 2005‬بريوت‪ :‬مركز‬
‫الزيتونة للدرا�سات واال�ست�شارات‪� ،)2006 ،‬ص ‪.27‬‬
‫‪ 23‬انظر‪ :‬املرجع نف�سه‪� ،‬ص ‪.32‬‬
‫‪ 24‬انظر‪ :‬املرجع نف�سه‪� ،‬ص ‪.38-36‬‬
‫‪ 25‬جريدة الغد‪ ،‬ع ّمان‪.2006/8/31 ،‬‬
‫‪ 26‬جريدة الأيام‪ ،‬رام اهلل‪ ،‬واحلياة‪.2006/4/21 ،‬‬
‫‪ 27‬احلياة‪.2006/4/27 ،‬‬ ‫ ‬
‫‪ 28‬وكالة رويرتز للأنباء‪ ,2007/1/5 ،‬انظر‪http://ara.reuters.com :‬‬ ‫ ‬
‫ التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ل�سنة ‪� ،2006‬ص ‪.39-37‬‬ ‫‪29‬‬

‫‪ 30‬انظر‪ :‬املرجع نف�سه‪� ،‬ص ‪.92-91‬‬


‫‪ 31‬جريدة الوطن‪� ،‬أبها (ال�سعودية)‪.2007/4/24 ،‬‬
‫‪ 32‬حول خطط دايتون‪ ،‬انظر‪ :‬رويرتز‪2007/1/5 ،‬؛ وانظر �أي�ضاً‪:‬‬ ‫ ‬
‫‪Haaretz newspaper, 31/10/2007.‬‬
‫ ‬
‫‪David Rose, The Gaza Bombshell, VANITY FAIR magazine, April 2008, 33‬‬
‫‪http://www.vanityfair.com/politics/features/2008/04/gaza200804‬‬
‫‪ 34‬عرب ‪ ،2007/6/15 ،48‬مرتجمة عن جريدة دي يوجنا فلت ‪� ،De Junge Welt‬أملانيا‪ ،‬انظر‪:‬‬
‫‪http://www.jungewelt.de/2007/06-14/020.php?sstr=dayton‬‬
‫‪ 35‬املركز الفل�سطيني للإعالم‪ ،2007/5/20 ،‬انظر‪http://www.palestine-info.info/ar :‬‬
‫‪ 36‬املركز الفل�سطيني حلقوق الإن�سان‪� ،‬صفحات �سوداء يف غياب العدالة‪ :‬تقرير حول الأحداث الدامية التي‬
‫�شهدها قطاع غزة خالل الفرتة ‪ 14-7‬يونيو ‪ ،2007‬غزة‪� ،‬ص ‪.85-81‬‬
‫‪ 37‬ال�رشق الأو�سط‪.2007/6/14 ،‬‬ ‫ ‬
‫‪ 38‬حول �إجراءات ال�سلطة �ض ّد حما�س يف ال�ضفة الغربية‪ ،‬انظر‪ :‬املكتب الإعالمي حلركة املقاومة الإ�سالمية‬‫ ‬
‫(حما�س)‪ ،‬اعتداءات فتح والأجهزة الأمنية الفل�سطينية بحق حركة “حما�س” يف ال�ضفة املحتلة‪ ،‬املركز‬
‫الفل�سطيني للإعالم‪ ،2007/9/4 ،‬يف‪http://www.palestine-info.info/ar/default.aspx?xyz= :‬؛ وتقرير‬
‫�صادر عن حركة حما�س‪ ،‬اعتداءات فتح والأجهزة الأمنية الفل�سطينية بحقّ حركة املقاومة الإ�سالمية‬
‫“حما�س” يف ال�ضفة املحتلة خالل �شهر رم�ضان املبارك‪.2007/10/17 ،‬‬
‫‪ 39‬وكالة الأنباء الفل�سطينية (وفا)‪ ،2008/1/13 ،‬انظر‪http://arabic.wafa.ps/arabic/ :‬؛ ومركز امليزان حلقوق‬
‫الإن�سان‪ ،‬انظر‪http://www.mezan.org/site_ar/insecurity/insecurity_statistics.php :‬‬
‫‪ 40‬احلياة‪.2007/6/15 ،‬‬‫ ‬

‫‪199‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫‪ 41‬ال�سفري‪.2008/8/30 ،‬‬
‫ ‬
‫‪ 42‬املركز الفل�سطيني للإعالم‪2007/10/17 ،‬؛ وجريدة االحتاد‪� ،‬أبو ظبي (الإمارات)‪ ،‬وال�رشق الأو�سط‪،‬‬ ‫ ‬
‫‪2007/10/19‬؛ وانظر �أي�ضاً‪ :‬ال�رشق الأو�سط‪ ،‬واخلليج‪.2007/12/4 ،‬‬
‫‪ 43‬مركز البيان للإعالم‪ ،2008/11/13 ،‬يف‪:‬‬
‫ ‬
‫‪http://www.albian.ps/ar/portal/01942ed0-9740-47f1-beef-0577d59f78d3.aspx‬‬
‫‪See “Measures Taken by Israel in Support of Developing the Palestinian Economy and 44‬‬‫ ‬
‫‪Socio-Economic Structure,” Report of the Government of Israel to the Ad Hoc Liaison‬‬
‫‪Committee (AHLC), Brussels, 13/4/2011, Israel Ministry of Foreign Affairs website,‬‬
‫‪http://www.mfa.gov.il/mfa/foreignpolicy/peace/humanitarian/pages/israel_report_ahlc-‬‬
‫‪april_2011.aspx#‬‬
‫‪ 45‬حول املعلومات يف هذه الفقرة انظر‪ :‬اجلهاز املركزي للإح�صاء الفل�سطيني‪ ،‬التقرير ال�صحفي للتقديرات‬
‫الأولية للح�سابات القومية الربعية (الربع الرابع ‪( )2012‬رام اهلل‪ :‬اجلهاز املركزي للإح�صاء الفل�سطيني‪،‬‬
‫‪ ،)2012‬يف‪https://www.pcbs.gov.ps/portals/_pcbs/PressRelease/Press_Ar_QNAQ42012A.pdf :‬؛‬
‫واجلهاز املركزي للإح�صاء الفل�سطيني‪� ،‬إح�صاءات التجارة اخلارجية املر�صودة ‪ -‬ال�سلع واخلدمات‪،‬‬
‫‪ :2011‬نتائج �أ�سا�سية (رام اهلل‪ :‬اجلهاز املركزي للإح�صاء الفل�سطيني‪ ،‬كانون الأول‪ /‬دي�سمرب ‪ ،)2012‬يف‪:‬‬
‫‪https://www.pcbs.gov.ps/Downloads/book1938.pdf‬؛ واجلهاز املركزي للإح�صاء الفل�سطيني‪ ،‬م�سح‬
‫القوى العاملة‪ :‬دورة (ت�رشين �أول – كانون �أول‪ )2012 ،‬الربع الرابع ‪( 2012‬رام اهلل‪ :‬اجلهاز املركزي‬
‫للإح�صاء الفل�سطيني‪ ،)2013/2/21 ،‬يف‪https://www.pcbs.gov.ps/portals/_pcbs/PressRelease/ :‬‬
‫‪Press_Ar_LFSQ42012A.pdf‬؛ وانظر �أي�ضاً‪:‬‬
‫‪CBS, http://www1.cbs.gov.il/hodaot2013n/08_13_058t11.pdf‬؛‬
‫‪and http://www1.cbs.gov.il/hodaot2013n/08_13_058t1.pdf‬‬
‫‪ 46‬احلياة‪.2009/6/23 ،‬‬‫ ‬
‫‪ 47‬انظر‪ :‬رويرتز‪2009/8/24 ،‬؛ واحلياة‪.2009/8/26 ،‬‬
‫‪ 48‬اخلليج‪.2008/6/5 ،‬‬‫ ‬
‫‪ 49‬ماهر تي�سري الطباع‪“ ،‬قطاع غزة على حافة االنهيار التام‪ ،‬الغرفة التجارية الفل�سطينية‪� ”،‬آذار‪ /‬مار�س ‪2008‬؛‬
‫ ‬
‫واللجنة ال�شعبية ملواجهة احل�صار‪ ،2008/11/25 ،‬انظر‪:‬‬
‫‪http://www.freegaza.ps/index.php?scid=100&id=1445&extra=news&type=55‬‬
‫‪ 50‬وكالة وفا‪.2009/9/17 ،‬‬
‫ ‬
‫ التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ل�سنة ‪� ،2010‬ص ‪.382‬‬ ‫‪51‬‬

‫‪ 52‬احلياة‪.2008/2/6 ،‬‬
‫ ‬
‫‪ 53‬اخلليج‪.2008/6/24 ،‬‬‫ ‬
‫‪ 54‬حول تفكيك املربعات الأمنية للعائالت‪ ،‬انظر‪ :‬اخلليج‪2007/6/14 ،‬؛ وقد�س بر�س‪2008/8/2 ،‬؛ والأيام‪،‬‬
‫رام اهلل‪ ،‬وعرب ‪2008/8/3 ،48‬؛ واحلياة‪.2008/9/17 ،‬‬
‫‪ 55‬احلياة‪.2009/8/16 ،‬‬
‫ ‬
‫‪ 56‬احلياة‪.2009/1/22 ،‬‬
‫ ‬
‫‪ 57‬جريدة الد�ستور‪ ،‬ع ّمان‪.2005/8/3 ،‬‬
‫‪ 58‬الد�ستور‪.2006/2/6 ،‬‬
‫ ‬
‫ انظر‪ :‬اخلليج‪.2009/8/29 ،‬‬ ‫‪59‬‬

‫‪200‬‬
2011–2000 ‫ق�ضية فل�سطني‬

‫ مركز‬:‫ (بريوت‬2006 ‫ الوثائق الفل�سطينية ل�سنة‬،)‫ حم�سن حممد �صالح ووائل �سعد (حمرران‬:‫ انظر‬60
.364 ‫ �ص‬،)2008 ،‫الزيتونة للدرا�سات واال�ست�شارات‬
.436‫ و‬368 ‫ �ص‬،‫ املرجع نف�سه‬61
.432 ‫ �ص‬،‫ املرجع نف�سه‬62
‫ مركز الزيتونة‬:‫ (بريوت‬2007 ‫ الوثائق الفل�سطينية ل�سنة‬،)‫ حم�سن حممد �صالح ووائل �سعد (حمرران‬63
.122 ‫ �ص‬،)2009 ،‫للدرا�سات واال�ست�شارات‬
.170 ‫ �ص‬،‫ املرجع نف�سه‬64
.164 ‫ �ص‬،‫ املرجع نف�سه‬65
.2007/9/3 ،‫ لندن‬،‫ وجريدة القد�س العربي‬،‫ رام اهلل‬،‫ جريدة احلياة اجلديدة‬:‫ انظر‬66
.2007/7/22 ،‫ واحلياة‬،‫ قطر‬،‫ جريدة الوطن‬،‫ لقاء خالد م�شعل مع ال�صحفيني يف الدوحة‬:ً‫ انظر مثال‬67
.2007/7/4 ،48 ‫ عرب‬68
‫؛ وال�رشق‬2009/10/19-18 ،‫نت‬.‫ موقع اجلزيرة‬:‫ انظر‬،‫ حول مالحظات حما�س على الورقة امل�رصية‬69
.2009/10/26 ،‫؛ واحلياة‬2009/10/23 ،‫ الدوحة‬،‫؛ وجريدة ال�رشق‬2009/10/20 ،‫الأو�سط‬
.2010/10/6 ،‫ احلياة‬70
The New York Times newspaper, 14/12/1993, 71
http://www.nytimes.com/1993/12/14/world/israel-sees-new-delays-to-palestinian-self-rule.html

The Jerusalem Post newspaper, 19/5/2000. See also Israel Ministry of Foreign Affairs, 72
19/5/2000, http://mfa.gov.il/MFA/MFA-Archive/2000/Pages/Israel-s%20Peace%20Policy%20
-%20 Barak%20Article%20in%20JPost%20-%20M.aspx
http://www.geneva-accord.org/mainmenu/Arabic :‫ انظر‬،‫ لالطالع على الن�ص الكامل ملبادرة جنيف‬73

،)2003 ،‫ فجر �أولوجن‬:‫ درا�سات منهجية يف الق�ضية الفل�سطينية (ماليزيا‬،‫ حم�سن حممد �صالح‬:‫ انظر‬74
.494-493 ‫�ص‬
http://www.un.org/arabic/sc/resoldeci.html :‫ انظر‬،1397 ‫ لالطالع على ن�ص القرار رقم‬75

:‫ انظر ن�ص الكلمة الكاملة جلورج بو�ش يف‬
76

The Guardian newspaper, London, 25/6/2002,


http://www.guardian.co.uk/world/2002/jun/25/israel.usa

A Performance-Based Roadmap to a Permanent Two-State Solution to the Israeli-Palestinian 77
Conflict, 30/4/2003, the Avalon Project, Lillian Goldman Law Library, Yale Law School,
http://avalon.law.yale.edu/21st_century/roadmap.asp
.2005/6/22 ،‫ ال�سفري‬:‫؛ ومقال حلمي مو�سى يف‬2005/6/22 ،‫ رام اهلل‬،‫ الأيام‬78

Address by Prime Minister Ariel Sharon at the Fourth Herzliya Conference, 18/12/2003, 79

Israel Ministry of Foreign Affairs, http://www.mfa.gov.il/MFA/PressRoom/2003/Pages/


Address%20by%20PM%20Ariel%20Sharon%20at%20the%20Fourth%20Herzliya.aspx; and
The Disengagement Plan - General Outline, 18/4/2004, Israel Ministry of Foreign Affairs,
http://www.mfa.gov.il/MFA/ ForeignPolicy/Peace/MFADocuments/Pages/Disengagement%20
Plan%20-%20General%20 Outline.aspx
.2005/8/12 ،48 ‫ عرب‬:‫ انظر‬.2005/8/12 ‫ اعرتف �شارون بذلك يف مقابلته جلريدة يديعوت �أحرونوت يف‬80

201
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

:‫ يف‬،‫ اتفاقية املعابر‬،‫ وزراة ال�ش�ؤون اخلارجية‬،‫ ال�سلطة الوطنية الفل�سطينية‬:‫ن�ص االتفاق يف‬
ّ ‫ انظر‬81
http://www.mofa-gov.ps/ar/index.php?p=documents
.100 ‫ �ص‬،2006 ‫ التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ل�سنة‬:‫ انظر‬82
.2006/8/15 ،48 ‫ عرب‬:‫ انظر‬،‫ حول التقرير‬83
.2010/1/23 ،‫؛ ووكالة معا الإخبارية‬2009/11/5 ،‫ احلياة‬:‫ انظر‬
84

The Applied Research Institute-Jerusalem (ARIJ), “Six Years After the International Court of 85
Justice Advisory Opinion on the Legal Consequences of the Construction of the Wall in the
Occupied Palestinian Territories,” site of Project of Monitoring the Israeli Colonization Activities
(POICA), 9/7/2010, http://www.poica.org/editor/case_studies/view.php?recordID=2596
‫ كتبت الع�رشات من التقارير والدرا�سات حول اجلدار العازل واملعلومات الواردة يف الن�ص م�أخوذة من م�صادر‬86
‫ التنقيب عن فل�سطني بعد “جدار‬:‫ ت�سبيح ال�سماء الأخرية‬،‫ بيرت الغركوي�ست‬:‫ ومما جتدر الإ�شارة �إليه‬،‫عديدة‬
،58 ‫ العدد‬،‫ بريوت‬،‫ م�ؤ�س�سة الدرا�سات الفل�سطينية‬،‫ جملة الدرا�سات الفل�سطينية‬،‫الف�صل” الإ�رسائيلي‬
:‫ يف‬،‫ بت�سيلم‬،‫ يف منطقة القد�س‬،‫ اجلدار الفا�صل‬:‫؛ وانظر‬58-28 ‫ �ص‬،2004 ‫ربيع‬
:‫؛ وانظر‬http://www.btselem.org/arabic/separation_barrier/jerusalem
The Israeli Information Center for Human Rights in the Occupied Territories (B’TSELEM) and
Planners for Planning Rights (Bimkom), “Under the Guise of Security Routing the Separation
Barrier to Enable the Expansion of Israeli Settlements in the West Bank,” December 2005,
http://www.btselem.org/sites/default/files/publication/200512_under_the_guise_of_security_
eng.pdf
‫ التقرير اال�سرتاتيجي‬،)‫ حم�سن حممد �صالح (حمرر‬:‫ انظر‬،‫ ملزيد من املعلومات حول الهجرة اليهودية‬87
.76–75 ‫ �ص‬،)2012 ،‫ مركز الزيتونة للدرا�سات واال�ست�شارات‬:‫ (بريوت‬2011 ‫الفل�سطيني ل�سنة‬
:ً‫ وانظر �أي�ضا‬.2006/10/17 ،48 ‫؛ وعرب‬2006/10/7 ،‫ اخلليج‬:‫ انظر‬88
Yogev Karasenty and Shmuel Rosner, What Million Missing Israelis?, Foreign Policy website,
28/7/2011, http://mideast.foreignpolicy.com/posts/2011/07/28/what_million_missing_israelis
.311‫ و‬74 ‫ �ص‬،2011 ‫ التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ل�سنة‬89

.84-74 ‫ �ص‬،‫ املرجع نف�سه‬90
The Jerusalem Post, 16/6/2011, http://www.jpost.com/Defense/Article.aspx?id=225183 91

202
‫الف�صل ال�سابع‬

‫ق�ضـيـــة فل�سـطيـــن‬
‫‪2021–2012‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2021–2012‬‬

‫ق�ضية فل�سطني ‪2021–2012‬‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫ات�سمت الفرتة ‪ 2021-2012‬بعدد من ال�سمات واملتغريات كان �أبرزها‪:‬‬
‫· ت�صاعد قوة حما�س واملقاومة الفل�سطينية يف قطاع غزة‪ ،‬وجناحها يف تطوير قدراتها‬
‫القتالية‪ ،‬ويف خو�ض ثالث معارك بطولية كبرية يف ‪ 2012‬و‪ 2014‬و‪� 2021‬ض ّد العدو‬
‫ال�صهيوين‪ ،‬وو�ضع كافة مناطق االحتالل ال�صهيوين يف مرمى �صواريخ املقاومة‪.‬‬
‫· مزيد من اجلنوح ال�صهيوين نحو اليمني الديني والقومي املتطرف‪ ،‬وتعزيز مظاهر‬
‫“يهودية” الدولة‪ ،‬وتفعيل برامج التهويد واال�ستيطان خ�صو�صا ً يف القد�س وباقي‬
‫ال�ضفة الغربية‪ .‬وال�شعور مبزيد من اال�ستقرار والتقدم االقت�صادي‪ ،‬بالرغم من‬
‫تنامي مظاهر التفكك االجتماعي واالختالف الديني والعرقي‪.‬‬
‫· تعرث م�سار الت�سوية ال�سلمية‪ ،‬بالرغم من حماوالت نفخ الروح فيه‪ ،‬وو�صوله �إىل‬
‫حائط م�سدود‪ ،‬مع ف�شل “حل الدولتني”‪ ،‬وف�شل خطة ترامب؛ وا�ستخدام اجلانب‬
‫الإ�رسائيلي لهذا امل�سار غطاء للتهويد واال�ستيطان؛ ولالخرتاق التطبيعي يف املنطقة‪،‬‬
‫وملزيد من “ال�رشعنة” يف البيئة الدولية‪.‬‬
‫· ف�شل ال�سلطة الفل�سطينية‪ ،‬وانك�شافها ب�شكل غري م�سبوق ك�سلطة وظيفية تخدم‬
‫�أغرا�ض االحتالل �أكرث مما تخدم ال�شعب الفل�سطيني؛ مع ا�ستمرار حالة ال�ضعف‬
‫والرتدي وانهيار امل�ؤ�س�سات التي ت�شهدها منظمة التحرير الفل�سطينية‪.‬‬
‫مت توقيعها‪ ،‬وثبوت عدم‬ ‫· تعرث م�سار امل�صاحلة الفل�سطينية‪ ،‬وعدم �إنفاذ االتفاقات التي ّ‬
‫جدية قيادة ال�سلطة (قيادة املنظمة وفتح) يف ربيع ‪ 2021‬يف �إنفاذ برنامج امل�صاحلة؛‬
‫وا�ستكمال اال�ستحقاقات االنتخابية؛ و�إعادة بناء امل�ؤ�س�سات الفل�سطينية‪.‬‬
‫· تراجع البيئة العربية وزيادة �ضعفها وتفككها‪ ،‬نتيجة املوجة املرتدة التي ا�ستهدفت‬
‫“الربيع العربي”‪ ،‬وحالة ال�رصاع والنزيف الداخلي الذي �شهدته عدد من الدول‬
‫العربية؛ ونتيجة موجة التطبيع التي �أدخلت ر�سميا ً �أربع دول عربية (الإمارات‪،‬‬
‫والبحرين‪ ،‬وال�سودان‪ ،‬واملغرب) يف عالقات مع الكيان ال�صهيوين‪ ،‬وتراجع فل�سطني‬
‫يف الأجندة الر�سمية العربية‪.‬‬

‫‪205‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫· ا�ستمرار البيئة الدولية املتعاطفة يف �أغلبها مع احلق الفل�سطيني‪ ،‬ولكنها عاجزة عن‬
‫تطبيق قراراتها ب�سبب الهيمنة الأمريكية والقوى الكربى التي توفر الغطاء للكيان‬
‫ال�صهيوين‪ ،‬وجتعله “دولة فوق القانون”‪ .‬مع حدوث مكا�سب �أحيانا ً وانتكا�سات يف‬
‫�أحيان �أخرى على م�ستوى الدول امل�ؤيدة لفل�سطني كما حدث يف �أمريكا اجلنوبية؛ غري‬
‫�أن امل�سار ال�شعبي الدويل ا�ستمر يف اجتاهه العام املت�صاعد ولو ببطء يف م�ساندة احلق‬
‫الفل�سطيني‪ ،‬ويف زيادة النظرة ال�سلبية للكيان الإ�رسائيلي‪.‬‬

‫�أو ًال‪ :‬ال�شعب الفل�سطيني‪:‬‬


‫ُت�شري التقديرات املتوفرة �إىل �أن عدد الفل�سطينيني يف العامل بلغ يف نهاية �سنة ‪2020‬‬
‫(مطلع ‪ )2021‬نحو ‪ 13‬مليون و‪� 682‬ألف ن�سمة؛ ن�صفهم تقريباً‪� ،‬أي‬
‫‪ 6‬ماليني و‪� 884‬ألف ن�سمة (‪ ،)%50.3‬يعي�شون يف ال�شتات‪.‬‬
‫والن�صف الباقي‪� ،‬أي ‪ 6‬ماليني و‪� 798‬ألف‬
‫ن�سمة (‪ )%49.7‬يقيمون يف فل�سطني التاريخية‪،‬‬
‫ويتوزعون على نحو مليون و‪� 634‬ألف‬
‫ن�سمة يف الأرا�ضي املحتلة �سنة ‪،1948‬‬
‫ونحو ‪ 5‬ماليني و‪� 164‬ألف ن�سمة يف �أرا�ضي‬
‫�سنة ‪ ،1967‬منهم ‪ 3‬ماليني و‪� 87‬ألف يف ال�ضفة‬
‫الغربية (‪ ،)%59.8‬ومليونان و‪� 77‬ألف‬
‫يف قطاع غزة (‪.1)%40.2‬‬
‫�أما يف الأردن‪ ،‬فيُق ّدر عدد الفل�سطينيني يف نهاية �سنة ‪ 2020‬بنحو‬
‫‪ 4‬ماليني و‪� 393‬ألف ن�سمة‪ ،2‬ي�ش ّكلون نحو ‪ %32.1‬من الفل�سطينيني يف العامل (نحو‬
‫‪ %63.8‬من فل�سطينيي ال�شتات)‪ ،‬وغالبيتهم العظمى يحملون اجلن�سية الأردنية‪.‬‬
‫ويق ّدر عدد الفل�سطينيني يف بقية الدول العربية بنحو مليون و‪� 752‬ألف ن�سمة‪،‬‬
‫ي�شكلون ما ن�سبته ‪ %12.8‬من جمموع الفل�سطينيني يف العامل‪ ،‬يرتكز معظمهم يف‬
‫الدول العربية املجاورة‪� ،‬أي يف لبنان و�سورية‪ ،‬وم�رص‪ ،‬ودول اخلليج العربي‪.‬‬
‫ويق ّدر عدد الفل�سطينيني يف الدول الأجنبية بنحو ‪� 738‬ألف ن�سمة‪ ،‬ي�شكلون ما ن�سبته‬

‫‪206‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2021–2012‬‬

‫‪ %5.4‬من جمموع الفل�سطينيني يف العامل‪ ،‬يرتكز معظمهم يف الواليات املتحدة‬


‫الأمريكية‪ ،‬و�أمريكا اجلنوبية‪ ،‬وكندا‪ ،‬وبريطانيا‪ ،‬وباقي دول االحتاد الأوروبي‪.‬‬
‫وجتدر الإ�شارة �إىل �أن هذه الأعداد هي �أعداد تقديرية‪ ،‬خ�صو�صا ً خارج فل�سطني‬
‫حيث ي�صعب عمل �إح�صاءات دقيقة لهم‪ .3‬ومن اجلدير بالذكر �أن بع�ض التقديرات‬
‫ت�شري �إىل وجود �أكرث من ‪� 600‬ألف فل�سطيني يف �أمريكا اجلنوبية‪ ،‬من بينهم‬
‫نحو ‪� 300‬ألف يف ت�شيلي وحدها‪.‬‬
‫وجتدر الإ�شارة �إىل �أن �أكرث من ‪ %75‬من فل�سطينيي اخلارج يقيمون يف البلدان‬
‫املحيطة بفل�سطني املحتلة (الأردن‪ ،‬و�سورية‪ ،‬ولبنان)‪ ،‬مما يدل على �أن الفل�سطينيني‬
‫ما زالوا ملت�صقني وقريبني من �أر�ضهم‪ ،‬ويتطلعون لعودتهم حتى بعد نحو ‪ 72‬عاما ً‬
‫على نكبة فل�سطني ‪1948‬؛ و�أن عودتهم م�س�ألة عملية وممكنة‪ .‬وهو االرتباط نف�سه‬
‫الذي ي�شمل الفل�سطينيني يف باقي �أرجاء العامل‪ ،‬والذي تظهر مالحمه يف م�ؤ�س�سات‬
‫العودة و�أن�شطة وفعاليات اجلاليات الفل�سطينية يف البالد العربية‪ ،‬و�أوروبا‪ ،‬و�آ�سيا‪،‬‬
‫والأمريكيتني‪ ،‬و�أ�سرتاليا‪.‬‬
‫وما زال الالجئون ي�شكلون �أكرث من ثلثي عدد الفل�سطينيني يف العامل‪ ،‬فبالإ�ضافة‬
‫�إىل نحو ‪ 6‬ماليني و‪� 884‬ألف فل�سطيني يف اخلارج‪ ،‬هناك نحو مليونني و‪� 238‬ألف‬
‫الجئ من �أبناء فل�سطني املحتلة ‪ 1948‬يقيمون يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‪،‬‬
‫بالإ�ضافة �إىل نحو ‪� 150‬ألف الجئ طردوا من �أر�ضهم‪ ،‬لكنهم ما زالوا مقيمني يف‬
‫فل�سطني املحتلة �سنة ‪1948‬؛ وبالتايل ف�إن جمموع الالجئني الفل�سطينيني ُيق َّدر بنحو‬
‫‪ 9‬ماليني و‪� 271‬ألف الجئ‪� ،‬أي نحو ‪ %67.8‬من جمموع ال�شعب الفل�سطيني وذلك‬
‫ل�سنة ‪2020‬؛ وبالرغم من �أن هذا الرقم يحتمل بع�ض التكرار حيث يوجد فل�سطينيون‬
‫يف اخلارج يحملون الهوية الفل�سطينية لأبناء الداخل‪� ،‬إال �أن هام�ش الفرق يبقى حمدوداً‪.‬‬
‫�أما �أعداد الالجئني امل�سجلني يف �سجالت وكالة الأونروا‪ ،‬فبلغ يف مطلع �سنة ‪2019‬‬
‫نحو ‪ 6‬ماليني و‪� 172‬ألف ن�سمة‪ .‬مع الت�أكيد على �أن هناك الكثري من الالجئني الذين مل‬
‫ي�سجلوا �أنف�سهم لدى الأونروا‪ ،‬لعدم حاجتهم خلدماتها‪� ،‬أو لعدم وجودهم يف �أماكن‬
‫عملها كبلدان اخلليج و�أوروبا و�أمريكا‪.4‬‬

‫‪207‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫�أعداد الالجئني الفل�سطينيني يف العامل ح�سب تقديرات �سنة ‪2020‬‬


‫‪5‬‬
‫(بالألف ن�سمة)‬

‫ال�ضفة الغربية قطاع غزة “�إ�رسائيل”* الدول العربية الدول الأجنبية املجموع‬ ‫البلد‬

‫‪9,271‬‬ ‫‪738‬‬ ‫‪6,145‬‬ ‫‪150‬‬ ‫‪1,423‬‬ ‫‪815‬‬ ‫العدد‬


‫مالحظة‪ :‬الأعداد يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة باالعتماد على الن�سب املئوية التي ن�رشها اجلهاز املركزي‬
‫للإح�صاء الفل�سطيني (‪ %26.3‬من �إجمايل �سكان ال�ضفة الجئون‪ ،‬و‪ %66.1‬من �سكان القطاع)‪.‬‬
‫* عدد تقريبي‪.‬‬

‫· تهجري الفل�سطينيني يف حرب ‪1948‬‬

‫وبلغ معدل النمو ال�سكاين يف ال�ضفة والقطاع ‪ %2.5‬يف منت�صف �سنة ‪2020‬‬
‫(‪ %2.2‬يف ال�ضفة و‪ %2.9‬يف القطاع)‪ .‬وبح�سب الإح�صائيات املعدلة للجهاز‬
‫املركزي للإح�صاء الفل�سطيني‪ ،‬فمن املتوقع �أن يت�ساوى عدد ال�سكان الفل�سطينيني‬
‫واليهود يف فل�سطني التاريخية مع نهاية �سنة ‪ ،2022‬حيث �سيبلغ عدد كل منهم نحو‬
‫‪ 7‬ماليني و‪� 100‬ألف تقريبا ً‪ .6‬وهو ما يثري قلق الإ�رسائيليني‪ ،‬يف الوقت الذي تتزايد فيه‬

‫‪208‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2021–2012‬‬

‫الدعوات يف �أو�ساطهم لطرد الفل�سطينيني‪� ،‬أو ملا ي�سمى التبادل ال�سكاين‪� ،‬أو لالن�سحاب‬
‫�أحادي اجلانب من مناطق الكثافة ال�سكانية الفل�سطينية يف ال�ضفة الغربية‪.‬‬
‫عدد الفل�سطينيني واليهود املقدَّر يف فل�سطني التاريخية‬
‫‪7‬‬
‫‪( 2027–2020‬بالألف ن�سمة)‬
‫عدد اليهود‬ ‫عدد الفل�سطينيني‬ ‫ال�سنة‬

‫‪6,880‬‬ ‫‪6,800‬‬ ‫‪2020‬‬

‫‪6,990‬‬ ‫‪6,960‬‬ ‫‪2021‬‬

‫‪7,100‬‬ ‫‪7,130‬‬ ‫‪2022‬‬

‫‪7,220‬‬ ‫‪7,310‬‬ ‫‪2023‬‬

‫‪7,330‬‬ ‫‪7,480‬‬ ‫‪2024‬‬

‫‪7,450‬‬ ‫‪7,660‬‬ ‫‪2025‬‬

‫‪7,570‬‬ ‫‪7,850‬‬ ‫‪2026‬‬

‫‪7,690‬‬ ‫‪8,040‬‬ ‫‪2027‬‬

‫عدد الفل�سطينيني واليهود املقدَّر يف فل�سطني التاريخية ‪( 2027–2020‬بالألف ن�سمة)‬

‫‪209‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫ثاني ًا‪ :‬العدوان واملقاومة ‪:2021–2012‬‬


‫تابع االحتالل الإ�رسائيلي عدوانه‬
‫و�إجراءاته القمعية �ض ّد ال�شعب الفل�سطيني‬
‫خالل هذه الفرتة؛ غري �أن ال�شعب وا�صل‬
‫مقاومته لالحتالل‪ ،‬بكافة �أ�شكالها ال�شعبية‬
‫وامل�سلحة‪ .‬وبالرغم من معاناة املقاومة‬
‫يف ال�ضفة الغربية من التن�سيق الأمني بني‬
‫ال�سلطة الفل�سطينية واالحتالل الإ�رسائيلي‪،‬‬
‫�إال �أنها ا�ستمرت يف �إطار العمليات الفردية‪،‬‬
‫مع ا�ستمرار املواجهات االنتفا�ضية اليومية‪،‬‬
‫ومواجهة �إجراءات قوات االحتالل وتوغالتها واعتقاالتها‪� .‬أما يف قطاع غزة‪ ،‬فقد ط ّورت‬
‫قوى املقاومة قدراتها القتالية وامليدانية‪ ،‬كما طورت �أداء غرفة العمليات امل�شرتكة‪،‬‬
‫وخا�ضت ثالث معارك كبرية‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل الكثري من املواجهات‪� ،‬أثبتت فيها كفاءة وقوة‬
‫ردعية عالية‪ .‬وقد مثَّلت م�سريات العودة �شكالً جديدا ً من �أ�شكال الإبداع الفل�سطيني يف‬
‫العمل ال�شعبي املقاوم‪.‬‬
‫�أما بالن�سبة لعمليات املقاومة خالل �سنتي ‪ ،2020-2019‬فقد �سجل جهاز ال�شاباك‬
‫الإ�رسائيلي ‪ 2,682‬عملية مقاومة يف �سنة ‪ 2019‬مقابل ‪ 1,524‬عملية ُ�سجلت خالل‬
‫�سنة ‪ 2020‬يف ال�ضفة الغربية مبا فيها �رشقي القد�س‪ ،‬وقطاع غزة‪ ،‬وداخل الأرا�ضي‬
‫الفل�سطينية املحتلة �سنة ‪ .1948‬وقد �سجل ال�شاباك ‪ 1,050‬عملية مقاومة يف ال�ضفة‬
‫الغربية (ما عدا �رشقي القد�س) يف �سنة‬
‫‪ 2019‬مقابل ‪ 912‬عملية ُ�سجلت خالل‬
‫�سنة ‪ ،2020‬و�سجل ‪ 250‬عملية يف‬
‫�رشقي القد�س والأرا�ضي الفل�سطينية‬
‫املحتلة �سنة ‪ 1948‬يف �سنة ‪ 2019‬مقابل‬
‫‪ 336‬عملية ُ�سجلت خالل �سنة ‪،2020‬‬
‫ويف قطاع غزة �سجل ال�شاباك ‪1,380‬‬
‫عملية يف �سنة ‪ 2019‬مقابل ‪ 276‬عملية‬

‫‪210‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2021–2012‬‬

‫ُ�سجلت خالل �سنة ‪ .2020‬وجتدر الإ�شارة �إىل �أن معظم العمليات التي �سجلت خالل‬
‫ال�سنتني يف ال�ضفة كانت ر�شق حجارة وزجاجات حارقة‪.8‬‬
‫وبلغ التن�سيق الأمني يف ال�ضفة الغربية مراحل متقدمة‪ ،‬و�أعلنت الأجهزة الأمنية‬
‫الإ�رسائيلية عن �إحباط الكثري من عمليات املقاومة الفل�سطينية خالل تلك الفرتة‪،‬‬
‫والك�شف عن خاليا للمقاومة‪ ،‬بالتن�سيق مع الأجهزة الأمنية الفل�سطينية‪ .‬و�أ�شارت‬
‫م�صادر �أمنية وع�سكرية �إ�رسائيلية عديدة‪ ،‬كان من �أبرزها رئي�س هيئة الأركان العامة‬
‫للجي�ش الإ�رسائيلي غادي �آيزنكوت ‪� ،Gadi Eisenkot‬إىل �أن التن�سيق الأمني يحول‬
‫دون عودة حركة حما�س لعملياتها بال�ضفة‪ .9‬وعلى �سبيل املثال‪ ،‬فقد قال رئي�س جهاز‬
‫ال�شاباك نداف �أرغمان ‪� ،Nadav Argaman‬أمام جلنة اخلارجية والأمن يف الكني�ست‬
‫يف ‪�“ 2018/11/6‬أحبطنا ‪ 480‬هجوما ً منذ بداية �سنة ‪ ،2018‬واعتقلنا �أع�ضاء ‪ 219‬خلية‬
‫تابعة حلما�س‪ ،‬و�أحبطنا ‪ 590‬عملية كان �سينفذها �أفراد”‪ .10‬وب�شكل عام‪ ،‬ف�إن الأجهزة‬
‫الأمنية الفل�سطينية حتبط ما معدله ‪ %40‬من عمليات املقاومة يف ال�ضفة الغربية‪.11‬‬

‫ال�شهداء واجلرحى‪:‬‬
‫ا�ست�شهد خالل الفرتة ‪ 2020-2012‬ما جمموعه ‪ 3,477‬فل�سطينياً‪ ،‬بينما جرح‬
‫‪ 75,274‬فل�سطيني‪ .‬ويف املقابل‪ ،‬اعرتف ال�صهاينة مبقتل ‪� 195‬إ�رسائيلي‪ ،‬وبجرح ‪1,401‬‬
‫�إ�رسائيلي‪.12‬‬

‫· جنازة ال�شاب �إبراهيم �أبو يعقوب الذي ُق ِت َل بر�صا�ص االحتالل يف حمافظة �سلفيت‬
‫يف ال�ضفة الغربية‪2020/7/10 ،‬‬

‫‪211‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫وا�ست�شهد يف �سنة ‪ 2019‬ما جمموع ُه ‪ 149‬فل�سطينياً‪ ،‬بينهم ‪ 33‬طفالً‪ ،‬و‪� 12‬سيدة؛‬


‫بينما ا�ست�شهد يف �سنة ‪ 2020‬ما جمموعه ‪ 43‬فل�سطينياً‪ ،‬بينهم ‪� 9‬أطفال‪ ،‬و‪� 3‬سيدات‪،‬‬
‫بر�صا�ص قوات االحتالل وامل�ستوطنني يف كل من قطاع غزة وال�ضفة الغربية‪ .‬وقد �أُ�صيب‬
‫وجرح ‪ 15,287‬فل�سطينيا ً يف �سنة ‪ ،2019‬بينما ُجرح ‪ 1,650‬فل�سطيني يف �سنة ‪.2020‬‬‫ُ‬
‫ويف املقابل �سجل جهاز ال�شاباك مقتل ‪� 9‬إ�رسائيليني يف �سنة ‪ ،2019‬بينما �سجل اجلهاز‬
‫نف�سه مقتل ‪� 3‬إ�رسائيليني خالل �سنة ‪ 2020‬نتيجة عمليات نفذها فل�سطينيون‪ .‬كما ُجرح‬
‫‪� 65‬إ�رسائيليا ً يف �سنة ‪ ،2019‬وذلك مقابل ‪ 46‬يف �سنة ‪.2020‬‬

‫القتلى واجلرحى الفل�سطينيون والإ�رسائيليون يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‬


‫‪2020–2016‬‬

‫اجلرحى‬ ‫القتلى‬
‫ال�سنة‬
‫الإ�رسائيليون‬ ‫الفل�سطينيون‬ ‫الإ�رسائيليون‬ ‫الفل�سطينيون‬
‫‪170‬‬ ‫‪3,230‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪134‬‬ ‫‪2016‬‬
‫‪66‬‬ ‫‪8,300‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪94‬‬ ‫‪2017‬‬
‫‪77‬‬ ‫‪31,603‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪314‬‬ ‫‪2018‬‬
‫‪65‬‬ ‫‪15,287‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪149‬‬ ‫‪2019‬‬
‫‪46‬‬ ‫‪1,650‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪43‬‬ ‫‪2020‬‬

‫الأ�رسى‪:‬‬
‫ُتع ّد �سنتا ‪ ،2020-2019‬ا�ستمرارا ً ملعاناة الأ�رسى يف �سجون االحتالل‪ .‬حيث‬
‫ري يف كانون‪ ‬الأول‪ /‬دي�سمرب‬ ‫و�صل عدد الأ�رسى يف �سجون االحتالل �إىل ‪� 4,400‬أ�س ٍ‬
‫‪ ،2020‬بينهم ‪� 41‬أ�سرية و‪ 170‬طفالً‪ ،‬و‪ 8‬نواب يف املجل�س الت�رشيعي الفل�سطيني‪.‬‬
‫وبلغ عدد الأ�رسى من ال�ضفة الغربية ‪ ،4,075‬بينهم ‪ 310‬من �رشقي القد�س‪ ،‬وبلغ‬
‫عدد �أ�رسى قطاع غزة ‪ ،255‬فيما بلغ عدد �أ�رسى فل�سطينيي ‪ 1948‬ما جمموعه‬
‫‪� 70‬أ�سرياً‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل ع�رشات املعتقلني العرب من جن�سيات خمتلفة‪ .‬ومن بني الأ�رسى‬
‫‪� 380‬أ�سريا ً ُ‬
‫�صنفوا على �أنهم �إ ّما معتقلون �إداريون �أو موقوفون بانتظار املحاكمة‪� ،‬أو َمن‬
‫تَع ُّدهم �سلطات االحتالل “مقاتلني غري �رشعيني”‪.‬‬

‫‪212‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2021–2012‬‬

‫‪13‬‬
‫الأ�رسى واملعتقلون يف �سجون االحتالل ‪2020-2016‬‬

‫حمكومون مدى‬ ‫املجموع الكلي‬


‫الن�ساء‪  ‬الأطفال‪ ‬‬ ‫ال�ضفة الغربية*‪  ‬قطاع غزة‪ ‬‬ ‫ال�سنة‪ ‬‬
‫احلياة‪ ‬‬ ‫للمعتقلني‪ ‬‬

‫‪ 300‬‬ ‫‪ 53‬‬ ‫‪ 459‬‬ ‫‪ 350‬‬ ‫‪ 6,080‬‬ ‫‪ 6,500‬‬ ‫‪ 2016‬‬


‫‪ 330‬‬ ‫‪ 59‬‬ ‫‪ 525‬‬ ‫‪ 320‬‬ ‫‪ 5,729‬‬ ‫‪ 6,119‬‬ ‫‪ 2017‬‬
‫‪ 215‬‬ ‫‪ 53‬‬ ‫‪ 540‬‬ ‫‪ 298‬‬ ‫‪ 5,082‬‬ ‫‪ 5,450‬‬ ‫‪ 2018‬‬
‫‪ 180‬‬ ‫‪ 41‬‬ ‫‪ 541‬‬ ‫‪ 296‬‬ ‫‪ 4,634‬‬ ‫‪ 5,000‬‬ ‫‪ 2019‬‬
‫‪170‬‬ ‫‪41‬‬ ‫‪543‬‬ ‫‪255‬‬ ‫‪4,075‬‬ ‫‪4,400‬‬ ‫‪2020‬‬
‫* �أعداد تقريبية وفق �إح�صائيات‪ ‬م�ؤ�س�سة ال�ضمري لرعاية الأ�سري وحقوق الإن�سان‪ .‬‬

‫العدوان الإ�رسائيلي على قطاع غزة‪ :‬معركة “حجارة ال�سجيل” ‪:142012‬‬


‫هاجم اجلي�ش الإ�رسائيلي قطاع‬
‫غزة يف العملية التي �أطلق عليها “عمود‬
‫ال�سحاب”‪ ،‬بينما �أطلقت عليها املقاومة‬
‫الفل�سطينية “حجارة ال�سجيل” خالل الفرتة‬
‫‪ ،2012/11/21-14‬وهو ما �أدى �إىل ‪191‬‬
‫�شهيدا ً و‪ 1,526‬جريحاً‪ ،‬غالبيتهم من‬
‫الأطفال والن�ساء وامل�سنني‪ .‬وهاجم اجلي�ش‬
‫الإ�رسائيلي خالل �أيام العدوان نحو‬
‫‪ 1,500‬هدف يف القطاع‪ ،‬من بينها مقرات‬
‫· �إطالق �صواريخ املقاومة يف غزة نحو‬ ‫حكومية‪ ،‬و�أنفاقاً‪ ،‬ومن�صات �صواريخ‪،‬‬
‫“�إ�رسائيل” يف معركة حجارة ال�سجيل‬ ‫ومنازل‪ ،‬ونا�شطني بارزين‪ ،‬وخمازن �أ�سلحة‪.‬‬
‫وقد �أدت عملية حجارة ال�سجيل‪ ،‬ح�سب معطيات ال�شاباك‪� ،‬إىل مقتل ‪� 6‬إ�رسائيليني‪،‬‬
‫من بينهم جنديان‪ ،‬بينما بلغ عدد اجلرحى ‪� 232‬إ�رسائيلياً‪ .‬كما �سقط على “�إ�رسائيل”‬
‫نحو ‪� 1,731‬صاروخا ً من قطاع غزة‪ ،‬ا�ستهدف م�ستعمرات اجلنوب املحيطة بالقطاع‪،‬‬
‫بالإ�ضافة �إىل تل �أبيب والقد�س‪ .‬ووفقا ً حل�سابات �رشكة العلوم االقت�صادية‪،‬‬
‫والتي �أجرتها يف ‪ ،2012/11/17‬ف�إن تكلفة عملية حجارة ال�سجيل و�صلت �إىل‬
‫مليار و‪ 100‬مليون �شيكل (‪ 278‬مليون و‪� 300‬ألف دوالر) يف �أ�سبوع‪.‬‬

‫‪213‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫العدوان الإ�رسائيلي على قطاع غزة‪ :‬معركة “الع�صف امل�أكول” ‪:152014‬‬


‫تعر�ض قطاع غزة �إىل عدوان �إ�رسائيلي وا�سع خالل الفرتة ‪ ،2014/8/26-7/7‬ا�ستمر‬
‫‪ 51‬يوماً‪� .‬أطلقت “�إ�رسائيل” على هذا العدوان عملية “اجلرف ال�صامد” و�أطلقت عليه‬
‫املقاومة الفل�سطينية معركة “الع�صف امل�أكول”‪ .‬وكان وا�ضحا ً �أن اجلي�ش الإ�رسائيلي‬
‫مار�س �سيا�سة االنتقام من املدنيني يف قطاع غزة ب�شكل كبري؛ ومتثلت ال�صورة الأبرز‬
‫لذلك يف عمليات قتل جماعي ل�سكانٍ ع ّزل يف بيوتهم‪.‬‬
‫وقد �أظهر الأداء البطويل للمقاومة‬
‫خالل ‪ 51‬يوما ً من احلرب‪ ،‬قدرتها‬
‫(وحتديدا ً حما�س) على تطوير �أنظمة‬
‫�صواريخها‪ ،‬فازداد مداها �إىل نحو‬
‫‪ 120‬كم‪ ،‬لت�صل يف هذه املعركة �إىل ك ّل‬
‫التجمعات ال�صهيونية يف فل�سطني‬
‫املحتلة‪ .‬كما متكنت املقاومة من اخرتاق‬
‫اجلانب الإ�رسائيلي برا ً وبحرا ً وجواً‪،‬‬
‫· �صواريخ املقاومة يف معركة الع�صف امل�أكول‬ ‫وقدمت املقاومة مفاج�آت جديدة متميزة‬
‫كالطائرات من دون طيار‪...‬؛ وحافظت‬
‫قيادة العمل يف قطاع غزة على منظومة القيادة وال�سيطرة‪ ،‬ومل تتعر�ض لل�رضب �أو‬
‫التعطيل‪ .‬و َو َق َع الطرف الإ�رسائيلي يف حالة “عمى ا�ستخباري” على الأر�ض‪ ،‬مما‬
‫�أ�ضعف بنك �أهداف الإ�رسائيليني املحتملة‪ .‬كما حققت املقاومة حالة التفاف و�إجماع‬
‫�شعبي وا�سع‪ ،‬بالرغم من ال�رضبات العنيفة الب�شعة التي وجهتها القوات الإ�رسائيلية‬
‫للمناطق املدنية‪.‬‬
‫وت�شري الإح�صائية التي �أعدها املر�صد الأورومتو�سطي �إىل �أن عدد ال�ضحايا الإجمايل‬
‫بلغ ‪� 2,147‬شهيداً‪ ،‬منهم ‪ 530‬طفالً‪ ،‬و‪ 302‬امر�أة‪ .‬وبلغ عدد اجلرحى ‪ 10,870‬جريحاً‪،‬‬
‫منهم ‪� 3,303‬أطفال‪ ،‬و‪ 2,101‬امر�أة‪ .‬وهاجم اجلي�ش الإ�رسائيلي خالل �أيام العدوان نحو‬
‫‪ 5,263‬هدفا ً يف القطاع‪ .‬كما �أدى العدوان �إىل تدمري ‪ 17,123‬منزالً‪ ،‬منها ‪ 2,465‬منزالً‬
‫ُد ِّمرت ب�شكل كلي‪ ،‬و‪ 14,667‬منزالً ُد ِّمرت ب�شكل جزئي‪� ،‬إ�ضافة �إىل ‪ 39,500‬من املنازل‬
‫حلقت بها �أ�رضار‪.‬‬

‫‪214‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2021–2012‬‬

‫· دمار يف الأبنية ال�سكنية يف قطاع غزة جراء الق�صف الإ�رسائيلي يف معركة الع�صف امل�أكول‬

‫وق َّدر وكيل وزارة االقت�صاد الفل�سطينية تي�سري عمرو يف ‪� 2014/8/28‬أن‬


‫�إجمايل اخل�سائر التي تعر�ض لها قطاع غزة خالل �أيام العدوان ترتاوح بني‬
‫‪ 7‬مليارات و‪ 500‬مليون و‪ 8‬مليارات دوالر “�شاملة اخل�سائر املبا�رشة وغري املبا�رشة”‪.‬‬
‫وقد �أدت معركة الع�صف امل�أكول‪ ،‬ح�سب معطيات ال�شاباك‪� ،‬إىل مقتل ‪� 73‬إ�رسائيلياً‪،‬‬
‫من بينهم ‪ 67‬جندياً‪ ،‬بينما بلغ عدد اجلرحى ‪� 312‬إ�رسائيلياً‪ .‬كما �سقط على “�إ�رسائيل”‬
‫(فل�سطني املحتلة ‪ )1948‬نحو ‪� 4,692‬صاروخا ً من قطاع غزة‪ ،‬ا�ستهدفت م�ستعمرات‬
‫اجلنوب املحيطة بالقطاع‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل تل �أبيب‪ ،‬والقد�س‪ ،‬وحيفا‪ ،‬واخل�ضرية وغريها‪.‬‬
‫وق ّدرت م�صادر �إ�رسائيلية الأ�رضار االقت�صادية املبا�رشة وغري املبا�رشة للحرب‬
‫بـ ‪ 12‬مليار �شيكل (نحو ‪ 3‬مليارات و‪ 70‬مليون دوالر)‪.‬‬

‫انتفا�ضة القد�س ‪:162017-2015‬‬


‫�ش ّكلت انتفا�ضة القد�س واحدة من �أهم التطورات التي �أقلقت االحتالل منذ اندالعها‬
‫هب فيها ال�شعب الفل�سطيني خ�صو�صا ً يف منطقة‬
‫يف ت�رشين الأول‪� /‬أكتوبر ‪2015‬؛ والتي ّ‬
‫خط �أحمر ال ميكن‬‫القد�س‪ ،‬ليوجه للمحتل ر�سالة ب�أن امل�سجد الأق�صى واملقد�سات ّ‬
‫تخطيه‪.‬‬
‫وات�سمت انتفا�ضة القد�س بعمليات املقاومة املبنية على املبادرة الفردية‪ ،‬ال �سيّما‬
‫عمليات الطعن والدع�س‪ ،‬التي �أبدع الفل�سطيني يف �إيجاد و�سائلها‪ ،‬وبالدور البارز‬
‫لل�شباب‪ .‬ومع انق�ضاء عامني على بدايتها‪ ،‬و�صل عدد العمليات التي ُنفذت �ض ّد االحتالل‬
‫�إىل ‪ 3,719‬عملية يف ال�ضفة الغربية مبا فيها �رشقي القد�س‪ ،‬ويف قطاع غزة‪ ،‬وداخل‬
‫الأرا�ضي الفل�سطينية املحتلة �سنة ‪ .1948‬وقد �أ�سفرت عمليات املقاومة عن مقتل‬

‫‪215‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫‪� 57‬إ�رسائيلياً‪ ،‬و�إ�صابة ‪� 416‬آخرين‪ ،‬وذلك ح�سب معطيات جهاز ال�شاباك الإ�رسائيلي‪.‬‬
‫وجتدر الإ�شارة �إىل �أن معظم العمليات التي ُ�سجلت خالل تلك الفرتة يف ال�ضفة كانت‬
‫ر�شق حجارة وزجاجات حارقة‪.‬‬
‫وقد قامت �سلطات االحتالل‬
‫بانتهاكات ج�سيمة �شملت كافة مناحي‬
‫احلياة للمواطن الفل�سطيني‪ ،‬بالإ�ضافة‬
‫�إىل ارتكاب الإعدامات امليدانية اليومية‬
‫بحقّ ال�شبان والأطفال والفتيات على‬
‫احلواجز‪ ،‬وعمليات االعتقال وترويع‬
‫املواطنني‪ ،‬وم�صادرة الأرا�ضي‪ ،‬وهدم‬
‫· ا�ست�شهاد فل�سطينيان يف منطقة تل الرميدة يف‬ ‫املنازل‪ ،‬وت�رشيد مئات املواطنني‪.‬‬
‫مدينة اخلليل بر�صا�ص االحتالل‪2016/3/24 ،‬‬
‫وذكرت درا�سة �إح�صائية �أعدها مركز‬
‫عبد اهلل احلوراين للدرا�سات والتوثيق‪،‬‬
‫التابع ملنظمة التحرير الفل�سطينية‪،‬‬
‫مبنا�سبة مرور عامني على انطالق‬
‫االنتفا�ضة يف ت�رشين الأول‪� /‬أكتوبر‬
‫‪ ،2015‬و�أ�صدرها يف ‪� ،2017/10/6‬أن‬
‫جممل عدد �شهداء انتفا�ضة القد�س بلغ‬
‫‪� 347‬شهيداً‪ ،‬بينهم ‪ 79‬طفالً و‪ 17‬امر�أة‪.‬‬
‫· متظاهرون فل�سطينيون يف القد�س‬
‫ه َّبة باب الأ�سباط ‪:172017‬‬
‫�إثر عملية فدائية يف ‪ ،2017/7/14‬عند باب الأ�سباط بامل�سجد الأق�صى املبارك �أدت �إىل‬
‫قتل اثنني من جنود االحتالل املتمركزين عند الباب‪ ،‬وا�ست�شهاد املنفذين؛ قامت �سلطات‬
‫االحتالل الإ�رسائيلي بو�ضع بوابات �إلكرتونية كا�شفة للمعادن على مداخل امل�سجد‬
‫الأق�صى‪ ،‬وبتثبيت كامريات خارجه ملراقبة الو�ضع فيه‪ ،‬و�سيطرت على مفاتيح الغرف‬
‫واملكاتب التي كانت ت�شغلها الأوقاف؛ وقامت بت�شديد القيود على الطرق امل�ؤدية �إىل‬
‫الأق�صى‪.‬‬
‫�أدرك ال�شعب الفل�سطيني وقياداته من العلماء يف القد�س‪ ،‬خطورة الإجراءات‬
‫الإ�رسائيلية التي هدفت لفر�ض �إدارتها الأمنية املبا�رشة على الأق�صى‪ ،‬وتقلي�ص دور‬

‫‪216‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2021–2012‬‬

‫الأوقاف ب�شكل وا�سع‪ ،‬فرف�ضوا الدخول من تلك البوابات‪ ،‬ورف�ضوا ال�صالة يف الأق�صى‬
‫�إال بعد عودة الو�ضع �إىل ما كان عليه قبل ‪ 14‬متوز‪ /‬يوليو متاماً‪ ،‬وتابعوا هبتهم ال�شعبية‬
‫التي لقيت ت�ضامنا �شعبيا ً فل�سطينيا وعربيا ً و�إ�سالميا ً وا�سعاً‪.‬‬

‫· بوابات �إلكرتونية �إ�رسائيلية من�صوبة على مداخل امل�سجد الأق�صى‬

‫وبعد ع�رشة �أيام‪ ،‬ا�ضطرت �سلطات االحتالل الإ�رسائيلي �إىل تفكيك البوابات‬
‫الإلكرتونية‪ ،‬ويف ‪ ،2017/7/27‬ا�ضطرت �إىل �إزالة املمرات واجل�سور احلديدية‪ ،‬ثم‬
‫�سمحت بفتح باب املطهرة لتكون جميع �أبواب امل�سجد الأق�صى قد عادت �إىل ما كانت‬
‫عليه قبل ‪.2017/7/14‬‬
‫من جهة �أخرى‪� ،‬أظهر تقرير �صادر عن مركز عبد اهلل احلوراين للدرا�سات والتوثيق‬
‫التابع ملنظمة التحرير الفل�سطينية ارتقاء ع�رشين �شهيداً‪ ،‬خالل متوز‪ /‬يوليو ‪ ،2017‬من‬
‫بينهم ‪ 15‬ب�سبب �أحداث امل�سجد الأق�صى‪ ،‬و�إ�صابة وجرح �أكرث من ‪ 1,400‬فل�سطيني‪،‬‬
‫بالإ�ضافة �إىل قيام �سلطات االحتالل باعتقال �أكرث من ‪ 600‬فل�سطيني يف كل من ال�ضفة‬
‫الغربية مبا فيها القد�س‪ ،‬وقطاع غزة‪ ،‬وكانت �أغلب الإ�صابات واالعتقاالت يف مدينة‬
‫القد�س‪ .‬ويف املقابل‪� ،‬سجل ال�شاباك ‪ 222‬عملية مقاومة يف متوز‪ /‬يوليو ‪ 2017‬مقابل‬
‫‪ 94‬عملية ُ�سجلت خالل حزيران‪ /‬يونيو ‪ 2017‬يف ال�ضفة الغربية مبا فيها �رشقي‬
‫القد�س‪ ،‬وقطاع غزة‪ ،‬وداخل الأرا�ضي الفل�سطينية املحتلة �سنة ‪ ،1948‬و�أ�سفرت عمليات‬
‫املقاومة عن مقتل ‪� 5‬إ�رسائيليني‪ ،‬و�إ�صابة ‪� 7‬آخرين‪ ،‬وذلك ح�سب معطيات جهاز ال�شاباك‬
‫الإ�رسائيلي‪.‬‬

‫‪217‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫ه َّبة باب الرحمة ‪:182019‬‬


‫يف �سنة ‪� ،2003‬أغلقت �سلطات االحتالل باب الرحمة‪ .‬وقد بد�أت الهبّة بعدما اكت�شف‬
‫امل�صلون يف امل�سجد الأق�صى �أن �رشطة االحتالل و�ضعت قفالً على البوابة م�ساء‬
‫‪� ،2019/2/17‬إثر اجتماع جمل�س الأوقاف اجلديد يف املبنى‪ ،‬و�أداء �صالة ّ‬
‫الظهر فيه‪ .‬يف‬
‫اليوم التايل‪� ،‬أ ّدت جماهري القد�س �صالة الظهر يف منطقة باب الرحمة‪ ،‬وخلع ّ‬
‫ال�شبان‬
‫البوابة وا�شتبكوا مع قوات االحتالل‪ ،‬وحت ّولت املنطقة �إىل نقطة جت ّمع ورباط و�صالة‪،‬‬
‫مما ح ّولها �إىل ميدان مواجهة‪ .‬وت ّوج امل�شهد بفتح باب الرحمة ودخول �أبناء القد�س منه‬
‫ل ّول مرة منذ �أغلقته �رشطة االحتالل �سنة ‪  .2003‬‬
‫يف ‪ ،2019/2/22‬أ‬

‫· فل�سطينيون ي�ؤدون ال�صالة يف م�صلى باب الرحمة يف امل�سجد الأق�صى‬

‫م�سريات العودة وك�رس احل�صار ‪:192019-2018‬‬


‫يف �إبداع جديد يف �أ�ساليب مقاومة االحتالل‪ ،‬طرحت جمموعات فل�سطينية‪ ،‬على‬
‫و�سائل التوا�صل االجتماعي‪ ،‬يف كانون الثاين‪ /‬يناير ‪ ،2018‬فكرة تنظيم م�سريات‬
‫جماهرية يف قطاع غزة وال�ضفة الغربية وال�شتات الفل�سطيني ب�شكل متزامن‪ ،‬تهدف �إىل‬
‫حتقيق عودة الالجئني الفل�سطينيني فعلياً‪ ،‬وب�شكل �سلمي‪ ،‬وحتت العلم الفل�سطيني‪،‬‬
‫�إىل �أر�ضهم وبيوتهم التي �أُخرجوا منها يف حرب ‪ ،1948‬وح ّددوا يوم الأر�ض تاريخا ً‬
‫النطالق هذه امل�سريات‪.‬‬
‫وت�شكلت اللجنة التن�سيقية العليا مل�سرية العودة الكربى؛ و�أكدت على �أنها حالة‬
‫جماهريية غري ف�صائلية‪ ،‬ت�ستهدف التح�شيد الوا�سع لالجئني‪ ،‬والتقدم التدريجي‬
‫باجتاه احلدود‪ .‬غري �أن ان�ضمام الف�صائل الفل�سطينية يف قطاع غزة مل�رشوع‬
‫مت بعد ذلك ت�شكيل �إطار جديد هو‬‫امل�سرية يف ‪� 2018/3/17‬أعطاها ُبعدا ً مقاوماً‪ ،‬و ّ‬

‫‪218‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2021–2012‬‬

‫“الهيئة الوطنية العليا مل�سرية العودة وك�رس احل�صار”؛ لي�ضيف ُبعدا ً حمليا ً ب�إ�ضافة هدف‬
‫ك�رس احل�صار �إىل ا�سمها‪ .‬وكانت البداية يوم اجلمعة يف ‪ ،2018/3/30‬حيث لقيت جتاوبا ً‬
‫وا�سعاً‪ .‬و�ش ّكلت م�سريات العودة واحدة من �أهم التطورات التي �أقلقت االحتالل؛ وبدت‬
‫�سلطات االحتالل عاجزة �أمامها‪ ،‬على الرغم من الإجراءات وال�سيا�سات التي تتبعها‪ .‬ويف‬
‫قطاع غزة اتخذت الفكرة �شكالً عملياً‪ ،‬حيث البيئة احلا�ضنة للمقاومة‪ ،‬وحيث املعاناة من‬
‫احل�صار‪ ،‬وحيث �إن معظم �أبناء القطاع هم من الالجئني‪.‬‬
‫مت تنفيذ ‪ 86‬م�سرية عودة‪ .‬وق َّدم ال�شعب الفل�سطيني منوذجا ً‬
‫وحتى نهاية ‪ّ ،2019‬‬
‫بطوليا ً يف م�سرياته‪ ،‬ومواجهته للعدو‪ ،‬واقتحام مواقعه‪ ،‬و�إر�ساله طائراته الورقية‬
‫جل َمع‪ ،‬لت�صل ذروتها يف ‪،2018/5/14‬‬‫وبالوناته احلارقة للم�ستعمرات‪ .‬وتوالت �أيام ا ُ‬
‫يوم االحتفال الأمريكي بنقل ال�سفارة الأمريكية من تل �أبيب �إىل القد�س‪ ،‬حيث ق َّدم قطاع‬
‫غزة يف ذلك اليوم ‪� 58‬شهيداً‪ ،‬و‪ 2,771‬جريحاً‪.‬‬
‫و�أفاد مركز امليزان حلقوق الإن�سان‪ ،‬يف ‪� ،2019/12/20‬أن قوات االحتالل قتلت‬
‫‪ 364‬فل�سطينيا ً يف قطاع غزة منذ انطالق م�سريات العودة الكربى‪ .‬و�أ�شار املركز �إىل‬
‫�أن ‪ 19,173‬فل�سطينياً؛ بينهم ‪ 4,987‬طفالً و‪� 864‬سيدة‪� ،‬أ�صيبوا خالل م�شاركتهم يف‬
‫فعاليات م�سريات العودة‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل �إ�صابة الآالف باالختناق‪.‬‬

‫· �شاب فل�سطيني م�شارك يف م�سريات‬


‫العودة بقطاع غزة‪2018/10/22 ،‬‬

‫‪219‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫متيزت م�سريات العودة بالإقبال اجلماهريي الوا�سع‪ ،‬خ�صو�صا ً يف قطاع غزة‪،‬‬


‫وعبت ب�شكل �صادق وقوي عن مت�سك ال�شعب‬ ‫وتفاعل كافة ال�رشائح االجتماعية‪َّ .‬‬
‫الفل�سطيني بحقّ العودة‪ ،‬وجتلت فيها الوحدة الوطنية يف امل�سريات‪ ،‬ومتيَّزت بالإبداع‪� ،‬إذ‬
‫ترافقت معها فعاليات �إبداعية‪ ،‬كالطائرات الورقية والبالونات والإرباك الليلي؛ وجنحت‬
‫يف �إجبار الأطراف امل�شاركة يف ح�صار قطاع غزة على تخفيفه‪.‬‬

‫معركة �سيف القد�س ‪:202021‬‬


‫هب �أهل القد�س يف مواجهة حماوالت‬ ‫َّ‬
‫ال�صهاينة م�صادرة حي ال�شيخ جراح‪،‬‬
‫وال�سعي ال�صهيوين الد�ؤوب لتهويد‬
‫امل�سجد الأق�صى والقد�س‪ ،‬وت�صاعدت‬
‫املواجهات يف الع�رش الأواخر من رم�ضان‬
‫‪1442‬هـ (�أوائل �أيار‪ /‬مايو ‪ .)2021‬وقد‬
‫· جنود االحتالل يطلقون قنابل �صوتية‬ ‫قررت قيادة حما�س يف غزة االنت�صار‬
‫ودخانية على امل�صلني يف امل�سجد الأق�صى‪،‬‬
‫للقد�س و�أهلها‪ ،‬ف�أطلقت �صواريخها على‬
‫�أيار‪ /‬مايو ‪2021‬‬
‫الكيان ال�صهيوين بعد �أن رف�ض الرتاجع‬
‫عن �إجراءاته يف ال�شيخ جراح والأق�صى‪ .‬وات�سعت دائرة املعركة‪ ،‬التي �سمتها املقاومة‬
‫“�سيف القد�س” و�أ�سماها ال�صهاينة “حار�س الأ�سوار”‪ ،‬لت�ستمر على مدى ‪ 11‬يوما ً‬
‫‪.2021/5/21-10‬‬
‫ولأول مرة فر�ضت حما�س وقوى‬
‫املقاومة يف غزة معادلة جديدة تربط‬
‫بينها وبني القد�س‪ ،‬ونابت عن ال�شعب‬
‫الفل�سطيني والأمة العربية والإ�سالمية‬
‫يف الدفاع عن الأق�صى واملقد�سات‪،‬‬
‫بالرغم مما تعانيه غزة من ح�صار‬
‫ومن ُ�ش ٍّح يف الإمكانات‪ .‬وبالرغم من‬
‫العدوان ال�صهيوين ال�رش�س املدمر · مبانٍ مدمرة يف غزة جراء الق�صف الإ�رسائيلي‬
‫يف معركة �سيف القد�س‬ ‫على قطاع غزة‪ ،‬ف�إن املقاومة جنحت يف‬

‫‪220‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2021–2012‬‬

‫مواجهة العدوان‪ ،‬ويف تطوير �أدائها الع�سكري الرادع‪ ،‬وغطى مدى �صواريخها الذي‬
‫و�صل �إىل ‪ 250‬كم‪ ،‬ك َّل الأماكن التي ي�سيطر عليها الكيان‪ ،‬ومتكنت ال�صواريخ التي‬
‫ات�سمت مبزيد من الدقة والقدرة التفجريية من اخرتاق القبة احلديدية ‪،Iron Dome‬‬
‫و�رضب املدن والتجمعات ال�صهيونية‪ ،‬مما ا�ضطر ماليني الإ�رسائيليني للذهاب �إىل‬
‫املالجئ‪ ،‬كما توقفت حركة القطارات بني و�سط الكيان وجنوبه‪ ،‬و ّ‬
‫مت تعليق الطريان‬
‫مبطار بن جوريون‪.‬‬
‫وات�سمت هذه املعركة بت�صعيد‬
‫االنتفا�ضة ال�شعبية يف القد�س وباقي‬
‫ال�ضفة الغربية وفل�سطني املحتلة ‪،1948‬‬
‫كما ات�سمت بتفاعل �شعبي كبري يف اخلارج‬
‫فل�سطينيا ً وعربيا ً و�إ�سالميا ً ودولياً؛‬
‫وخرجت املظاهرات ال�ضخمة يف كافة‬
‫�أرجاء العامل مبا يف ذلك �أوروبا و�أمريكا‬
‫وتوحد · ع�رشات الآالف يتظاهرون و�سط لندن دعما ً‬
‫َّ‬ ‫منددة بالعدوان ال�صهيوين‪.‬‬
‫للفل�سطينيني‪� ،‬أيار‪ /‬مايو ‪2021‬‬ ‫ال�شعب الفل�سطيني خلف املقاومة‪ ،‬يف‬
‫الوقت الذي انعزلت فيه قيادة ال�سلطة واملنظمة �سيا�سيا ً و�شعبياً‪ ،‬وثبت ف�شل م�سار‬
‫الت�سوية ال�سلمية‪ .‬وقد اعرتف �سيا�سيون وع�سكريون و�أمنيون و�إعالميون �صهاينة‬
‫كبار ب�أن حما�س وقوى املقاومة فازت يف هذه املواجهة‪ ،‬وب�أن “�إ�رسائيل” خرجت خا�رسة‪.‬‬
‫�أدى العدوان ال�صهيوين الذي تركز‬
‫على املدنيني واملباين ال�سكنية واملن�ش�آت‬
‫العامة‪� ،‬إىل ا�ست�شهاد ‪� 260‬شهيدا ً يف قطاع‬
‫غزة‪ ،‬بينهم ‪ 66‬طفالً‪ ،‬و‪ 40‬امر�أة‪ ،‬و‪17‬‬
‫ُم�سنّاً‪ ،‬و�إ�صابة ‪ 1,948‬بجراح؛ بينما‬
‫ا�ست�شهد يف ال�ضفة الغربية ‪� 29‬شهيداً‪،‬‬
‫· �سيارات حمرتقة يف بلدة حولون بالقرب من‬
‫و�أ�صيب نحو ‪ 6,300‬بجراح؛ وا�ست�شهد‬
‫اثنان من فل�سطينيي ‪ 1948‬وجرح تل �أبيب‪ ،‬جراء �إطالق �صواريخ املقاومة من غزة‬
‫كثريون‪ .‬ود َّمر ال�صهاينة نحو ‪1,800‬‬

‫‪221‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫وحدة �سكنية يف قطاع غزة‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل �إ�صابة �آالف الوحدات الأخرى ب�أ�رضار‪ .‬ويف‬
‫الطرف الإ�رسائيلي قتل ‪ ،13‬وجرح نحو ‪� 330‬آخرين‪ ،‬كما �أ�صيبت الكثري من املباين‬
‫ب�أ�رضار‪ ،‬وق َّدم �إ�رسائيليون ‪ 3,424‬طلب تعوي�ض عن �أ�رضار حلقت مبمتلكاتهم‬
‫وم�ساكنهم‪ ،‬بينها ‪ 1,724‬طلبا ً متعلقا ً ب�سياراتهم وو�سائل تنقلهم‪ .‬وخ�رس االقت�صاد‬
‫الإ�رسائيلي نحو مليونني و‪� 140‬ألف دوالر‪.‬‬

‫ثالث ًا‪ :‬الو�ضع الداخلي الفل�سطيني‪:‬‬


‫امل�سار العام‪:‬‬
‫ا�ستمرت �أزمة امل�رشوع الوطني يف حتديد اجتاهاته وم�ساراته و�أولوياته‪ ،‬خ�صو�صا ً‬
‫يف التعار�ض بني م�سا َري الت�سوية ال�سلمية واملقاومة امل�سلحة‪ .‬وظ ّل الو�ضع الفل�سطيني‬
‫يعاين من “االنق�سام”‪ ،‬وعدم تنفيذ برنامج امل�صاحلة‪ ،‬وعدم ترتيب البيت الداخلي‬
‫الفل�سطيني‪ .‬وبالرغم من اجلهود العديدة التي ُبذلت لتحقيق امل�صاحلة �إال �أن �إنفاذها على‬
‫بالتعطل والتعرث‪ .‬كما يزيد من �صعوبة الأمر حالة عدم الثقة بني فتح‬ ‫ّ‬ ‫الأر�ض ظ ّل يت�سم‬
‫وحما�س؛ وت�أثري التغريات الإقليمية والبيئة الدولية يف ح�سابات �أطراف االنق�سام‪ ،‬باجتاه‬
‫عدم ا�ستعجال “دفع �أثمان” امل�صاحلة بانتظار ح�صول ظروف �أف�ضل لأي منهما‪ .‬ثم �إن‬
‫وجود �سلطتني مب�سا َرين خمتلفني يف رام اهلل وغزة‪ ،‬يعك�س �أجواءه ال�سلبية على العمل‬
‫الوطني يف فل�سطني املحتلة �سنة ‪ .1967‬وما يزال االحتالل الإ�رسائيلي يف ال�ضفة الغربية‬
‫واحل�صار الإ�رسائيلي لقطاع غزة‪ ،‬قادرا ً على تعطيل امل�صاحلة يف الداخل الفل�سطيني �إذا‬
‫مل تتوافق مع م�صاحله‪ ،‬من خالل تعطيل عمل احلكومة واالنتخابات‪ ،‬و�إف�شال �إ�صالح‬
‫الأجهزة الأمنية يف ال�ضفة الغربية‪.‬‬
‫ومن �أبرز �أوجه الأزمة �أن امل�ؤ�س�سة الر�سمية الفل�سطينية (منظمة التحرير‬
‫الفل�سطينية) ظلَّت تعاين من الرتهل والرتدي و“املوت ال�رسيري”؛ ومن العجز عن‬
‫ا�ستيعاب كافة مكونات وقوى ال�شعب الفل�سطيني‪ ،‬وف�شلت يف تفعيل م�ؤ�س�ساتها وتفعيل‬
‫دور فل�سطينيي الداخل واخلارج؛ بل‪ ،‬ومن ت�ضا�ؤل دورها وحجمها �إىل ما هو �أقرب �إىل‬
‫دائرة من دوائر ال�سلطة الفل�سطينية‪ .‬ويف الوقت نف�سه‪ ،‬بدت الآفاق �أكرث قتامة وانغالقا ً‬

‫‪222‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2021–2012‬‬

‫�أمام ال�سلطة الفل�سطينية يف التح ّول باجتاه م�رشوع “الدولة”؛ وعانت من حالة من‬
‫الت�آكل‪ ،‬ومن �سعي االحتالل الإ�رسائيلي �إىل تفريغها من م�ضمونها الوطني‪ ،‬وتكري�س‬
‫دورها الوظيفي يف خدمته‪ .‬وبالتايل‪ ،‬ف�إن الو�ضع الكارثي يف امل�ؤ�س�سات التمثيلية‬
‫والقيادية الفل�سطينية‪� ،‬أدى �إىل �إهدار طاقات ال�شعب الفل�سطيني‪ ،‬و�إ�ضعاف قدرته على‬
‫امل�ضي يف م�رشوع التحرير؛ يف الوقت الذي يقوم فيه االحتالل مبزيد من �إجراءات التهويد‬
‫واال�ستيطان وبناء احلقائق على الأر�ض‪.‬‬
‫وقد انعك�ست الثورات والتغريات يف العامل العربي على الو�ضع الداخلي الفل�سطيني‪،‬‬
‫ففي �سنتي ‪( 2013-2012‬وخ�صو�صا ً الـ ‪� 18‬شهرا ً الأوىل منها) راهنت القوى امل�ؤيدة‬
‫مل�سار املقاومة‪ ،‬وخ�صو�صا ً القوى الإ�سالمية‪ ،‬على جناح هذه الثورات وعلى �صعود ما‬
‫يعرف بـ“الإ�سالم ال�سيا�سي”‪ .‬غري �أن االنقالب الع�سكري يف م�رص‪ ،‬واحل�صار اخلانق‬
‫لقطاع غزة‪� ،‬ألقى بظالل �سلبية على التيار الإ�سالمي الفل�سطيني‪ .‬وقد تعززت هذه‬
‫ال�صورة بات�ساع الهجمة على التيار الإ�سالمي احلركي يف كل الدول التي ت�شهد ثورات‬
‫�أو تغريات‪ ،‬وحتى يف الدول التي تخ�شى من هذه الثورات‪ .‬وقد دفع هذا قيادة ال�سلطة‬
‫يف رام اهلل ( قيادة فتح) �إىل عدم ا�ستعجال م�سار امل�صاحلة الداخلية الفل�سطينية �إال وفق‬
‫�رشوط دخول حما�س “بيت الطاعة” باعتبارها الطرف الأ�ضعف‪ .‬غري �أن م�سار الت�سوية‬
‫ال�سلمية الذي انتهى �إىل الف�شل‪ ،‬والأزمات البنيوية وال�سيا�سية واالقت�صادية التي تعاين‬
‫منها ال�سلطة الفل�سطينية‪ ،‬فر�ضت على الفل�سطينيني العودة �إىل م�سار امل�صاحلة‪ ،‬الذي‬
‫�شهد موجات �صعود وهبوط يف العقد الثاين من القرن احلادي والع�رشين؛ يف ظ ّل غياب‬
‫وحد‪ ،‬ويف ظ ّل �إ�رصار ف�صيل فل�سطيني (فتح) على ا�ستمراره يف‬ ‫برنامج �سيا�سي ُم َّ‬
‫الهيمنة على امل�ؤ�س�سات الر�سمية و�صناعة القرار الفل�سطيني‪.‬‬

‫م�سار امل�صاحلة الفل�سطينية‪:‬‬


‫يف ‪ 2012/2/6‬قام خالد م�شعل رئي�س املكتب ال�سيا�سي حلما�س والرئي�س عبا�س‬
‫ن�ص على ت�شكيل حكومة‬
‫بتوقيع �إعالن الدوحة برعاية مبا�رشة من �أمري قطر‪ ،‬حيث ّ‬
‫توافق وطني ير�أ�سها الرئي�س عبا�س‪ ،‬وعلى تفعيل الإطار القيادي ملنظمة التحرير‬
‫الفل�سطينية‪ .21‬غري �أن عبا�س مل ُي َ�شكل حكومة التوافق على مدى العامني التاليني‪ ،‬ومل‬

‫‪223‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫تفلح احلوارات الثنائية التي جرت برعاية م�رصية حتى منت�صف ال�سنة التالية يف �إنزاله‬
‫منزل التنفيذ‪ ،‬و�سط اتهامات متبادلة بني الطرفني بتحمل م�س�ؤولية تعطيل امل�صاحلة‪.‬‬

‫· خالد م�شعل وحممود عبا�س يو ِّقعان على �إعالن الدوحة بح�ضور �أمري قطر‬

‫وبالتايل‪ ،‬وا�صلت حكومة الطوارئ يف ال�ضفة الغربية برئا�سة �سالم فيا�ض خالل‬
‫�سنتي ‪ 2013-2012‬عملها‪ ،‬غري �أن �شدة االعرتا�ضات واالنتقادات ال�صادرة عن قيادة‬
‫فتح ال�ستمرار تر�ؤ�س فيا�ض للحكومة‪ ،‬وحماولة فيا�ض اال�ستفادة من موقعه وعالقاته‪،‬‬
‫وما لديه من نفوذ مايل و�إداري‪ ،‬لت�شكيل كتلة من امل�ؤيدين له‪ ،‬دفعت عبا�س لقبول‬
‫ا�ستقالته يف ‪ ،2013/4/14‬وتكليف رامي احلمد اهلل بدالً عنه‪.22‬‬

‫· رامي احلمد اهلل خالل �أدائه اليمني القانونية �أمام الرئي�س حممود عبا�س‬

‫‪224‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2021–2012‬‬

‫�أما يف قطاع غزة فقد ا�ستمرت حكومة �إ�سماعيل هنية مبواجهة جمموعة كبرية من‬
‫التحديات‪� ،‬أبرزها التحدي االقت�صادي نتيجة للح�صار املفرو�ض على القطاع‪� ،‬إىل جانب‬
‫العدوان الع�سكري الإ�رسائيلي‪ ،‬كما تبادلت االتهامات مع حكومة رام اهلل بالت�سبب‬
‫بزيادة معاناة القطاع‪ ،‬وت�شويه �صورة حما�س‪.‬‬
‫ويف الن�صف الثاين من �سنة ‪ 2013‬قامت حكومة هنية بعدد من املبادرات يف اجتاه‬
‫امل�صاحلة الفل�سطينية‪ ،‬والتي لقيت جتاوبا ً من قيادة فتح‪ ،‬حيث ّ‬
‫مت التو�صل �إىل اتفاق‬
‫جديد يف ‪ 2014/4/23‬بتفعيل امل�صاحلة و�إنهاء االنق�سام‪ ،‬فيما عرف بـ“�إعالن ال�شاطئ”‪،‬‬
‫حيث قررت حما�س طواعية ت�سليم �إدارة قطاع غزة �إىل حكومة توافق وطني‪ .‬وقد توىل‬
‫رامي احلمد اهلل رئي�س وزراء ال�سلطة يف رام اهلل‪ ،‬واملق ّرب من حركة فتح‪ ،‬ت�شكيل هذه‬
‫احلكومة‪ ،‬التي بد�أت مهامها يف ‪ ،232014/6/2‬غري �أن هذه احلكومة تعرثت ومل تتمكن‬
‫من ا�ستالم مهامها يف قطاع غزة‪ ،‬نتيجة رف�ضها تثبيت املوظفني الذين عينتهم حكومة‬
‫هنية املقالة التي كانت تدير القطاع‪ ،‬وبالتايل عدم �إعطائهم رواتبهم‪ .‬كما ا�ستمر التعرث‬
‫ب�سبب مطالبة حكومة التوافق حلما�س بت�سليم �إدارة املعابر (مبا فيها معرب رفح)‬
‫للحكومة‪ ،‬قبل �أن حت َّل احلكومة متاما ً م�شكلة املوظفني الذين َعلّقت رواتبهم‪ .‬ولذلك‪،‬‬
‫فعلى الرغم من �إر�سال احلكومة �أكرث من وفد �إىل غزة‪� ،‬إال �أنها مل تنجح يف ا�ستالم‬
‫�إدارة القطاع؛ ويف الوقت نف�سه‪ ،‬فقد �أجرى احلمد اهلل تعديالً وزاريا ً متجاهالً التوافق‬
‫مع حما�س عليه‪.‬‬
‫ومل تخ ُل هذه الفرتة من اتهامات عبا�س وقيادات فتحاوية حلما�س ب�إقامة “حكومة‬
‫ظ ّل” يف القطاع‪ ،‬و“جتارة احلروب”‪ ،‬وال�سعي لإقامة �إمارة يف �سيناء‪ ،‬و�إجراء ات�صاالت‬
‫�رسية مع “�إ�رسائيل” �سعيا ً لف�صل قطاع غزة‪ .‬كما �أيدت قيادات فتحاوية الإجراءات‬
‫امل�رصية على احلدود مع القطاع وتدمري الأنفاق‪� .‬أما حما�س التي نفت االتهامات بقوة‪،‬‬
‫فقد ا�ستهجنت حمالت الدعاية والتحري�ض �ضدها‪ ،‬واتهمت عبا�س وقيادات فتحاوية‬
‫بعدم اجلدية يف امل�صاحلة‪ ،‬وال�سعي لإخ�ضاع حما�س‪ ،‬والتعامل مع غزة كـ“قرية نائية”‪،‬‬
‫وبالتن�سيق الأمني مع العدو‪ ،‬وبتحري�ض النظام امل�رصي عليها؛ وبالتباط�ؤ والتعطيل يف‬
‫ملف �إعادة �إعمار قطاع غزة وفك احل�صار‪.‬‬

‫‪225‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫وخالل هذه الفرتة ا�ستمر تعطيل رئي�س املنظمة وال�سلطة حممود عبا�س للمجل�س‬
‫الت�رشيعي الفل�سطيني الذي تهيمن عليه حما�س؛ ومل ي�س َع لأخذ �رشعية حلكومته التي‬
‫يدع الجتماع “الإطار القيادي امل�ؤقت” الذي‬ ‫ير�أ�سها رامي احلمد اهلل من املجل�س؛ ومل ُ‬
‫يجمع كافة القوى الفل�سطينية �إال نادرا ً ويف �إطار �شكلي فاقد لل�صالحية والفعالية‪.‬‬
‫نزاع مع املجل�س الت�رشيعي وحما�س عندما �أمر ب�إن�شاء‬ ‫ٍ‬ ‫ودخل عبا�س فوق ذلك يف‬
‫املحكمة الد�ستورية يف ني�سان‪� /‬أبريل ‪ ،2016‬وهو ما ع َّدته حما�س كارثة وطنية‪ ،‬وخرقا ً‬
‫د�ستوريا ً‪ ،24‬وا�ستخدم �صالحياته التي منحته �إياها املحكمة الد�ستورية يف رفع احل�صانة‬
‫عن خم�سة من خ�صومه ال�سيا�سيني (املح�سوبني على حممد دحالن) من �أع�ضاء املجل�س‬
‫الت�رشيعي‪ ،‬بحجة �إحالتهم للمحاكمة‪.25‬‬
‫تتابعت خالل �سنة ‪ 2016‬لقاءات فتح‬
‫وحما�س‪ ،‬خ�صو�صا ً يف الدوحة‪ ،‬ملحاولة‬
‫�إنفاذ اتفاق امل�صاحلة املو ّقع منذ �أيار‪ /‬مايو‬
‫‪ .2011‬ويف ت�رشين الأول‪� /‬أكتوبر ‪2016‬‬
‫�أعلن رم�ضان �شلَّح الأمني العام حلركة‬
‫اجلهاد الإ�سالمي مبادرة من ع�رش نقاط‬
‫تدعو �إىل �إنهاء االنق�سام‪ ،‬و َع ْق ِد حوار‬
‫للقوى الفل�سطينية ي�ؤدي �إىل تبني برنامج‬
‫· رم�ضان �شلّح‬
‫وطني جديد‪ ،‬على �أ�سا�س �إلغاء اتفاق �أو�سلو‪،‬‬
‫و�سحب االعرتاف بـ“�إ�رسائيل”‪ ،‬و�إعادة بناء منظمة التحرير‪ ،‬و�إعطاء الأولوية لربنامج‬
‫املقاومة‪ .26‬وبالرغم من ترحيب حما�س وعدد من الف�صائل باملبادرة‪� ،‬إال �أن حركة فتح‬
‫تعاملت معها على �أ�سا�س �أنها مبادرة غري واقعية‪.27‬‬
‫وقد ازدادت ح ّدة االنق�سام الفل�سطيني عندما �أعلنت حما�س عن ت�شكيل جلنة‬
‫لإدارة القطاع يف �أواخر �آذار‪ /‬مار�س ‪ ،2017‬بحجة ا�ستنكاف حكومة رام اهلل عن القيام‬
‫مبهامها‪ .28‬وقد تعاملت قيادة ال�سلطة وفتح ب�شكل حاد مع الأمر‪ ،‬و�أعلنت فتح يف‬
‫‪� 2017/4/26‬أنها اتخذت قرارا ً ا�سرتاتيجيا ً باتباع “كل ال�سبل” لإنهاء “االنق�سام” وفق‬
‫تعريفها له‪ .29‬وبد�أت رئا�سة ال�سلطة وحكومتها باتخاذ جمموعة من الإجراءات القا�سية‬

‫‪226‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2021–2012‬‬

‫كان من بينها خ�صم رواتب ع�رشات الآالف من املوظفني التابعني لها يف القطاع‪ ،‬و�إحالة‬
‫الآالف �إىل التقاعد املبكر‪ ،‬ووقف التحويالت الطبية للمر�ضى‪ ،‬والتوقف عن تغطية‬
‫فاتورة الكهرباء الواردة من االحتالل الإ�رسائيلي‪ .30‬وقد كان لذلك �آثار كارثية على‬
‫القطاع‪ ،‬الذي يعاين �أ�سا�سا ً من �أو�ضاع كارثية‪ ،‬بعد ع�رش �سنوات من احل�صار‪ ،‬وبعد‬
‫خو�ضه ثالث حروب مدمرة مع قوات االحتالل‪.‬‬
‫�أما حما�س ف�أكدت من طرفها على �أن امل�صاحلة “قرار ا�سرتاتيجي” ال رجعة عنه‪،‬‬
‫واتهمت فتح وقيادة ال�سلطة مبحاولة تهمي�شها‪ ،‬ومبحاولة تطويع قطاع غزة وفق‬
‫معايري اتفاق �أو�سلو‪ .‬ويف الوقت نف�سه قامت قيادة حما�س‪ ،‬التي وجدت نف�سها حتت‬
‫�ضغط مايل هائل وح�صار خانق‪ ،‬مبجموعة من املبادرات باجتاه تفعيل امل�صاحلة وف ّك‬
‫خط الو�ساطة يف حتريك العجلة‪ .‬ويف‬ ‫احل�صار‪ ،‬و�أ�سهم دخول الطرف امل�رصي على ّ‬
‫‪ 2017/9/17‬قامت حما�س بحل اللجنة الإدارية‪ ،‬ودعت حكومة احلمد اهلل ال�ستالم‬
‫مهامها‪ ،31‬ويف ‪ 2017/10/2‬و�صل احلمد اهلل مع �أع�ضاء حكومته �إىل غزة ال�ستالم‬
‫مت توقيع اتفاق بني فتح وحما�س يف القاهرة‪ ،‬يق�ضي ب�أن‬ ‫املهام‪ .32‬ويف ‪ّ 2017/10/12‬‬
‫تتم �إجراءات متكني احلكومة من ا�ستالم مهامها بحلول كانون الأول‪ /‬دي�سمرب ‪،2017‬‬
‫وت�شكيل جلنة �إدارية وقانونية ملعاجلة مو�ضوع ا�ستيعاب املوظفني املدنيني الذين عينتهم‬
‫حكومة هنية ال�سابقة‪ ،‬وت�شكيل جلنة �أمنية عليا حلل ق�ضية املوظفني الع�سكريني‪.33‬‬
‫وبالرغم من ا�ستالم احلكومة للمعابر يف ‪ 2017/11/1‬و�إعالن حما�س عن تعاونها الكامل‬
‫لتمكني احلكومة‪� ،‬إال �أنّ قيادة ال�سلطة يف رام اهلل (فتح) مل ترفع بدورها العقوبات‪ ،‬ومل‬
‫حت ّل ق�ضية الـ ‪� 22‬ألف موظف املعينني يف القطاع؛ وربطت رفع العقوبات بانتظار املزيد‬
‫من الإجراءات‪ ،‬وظلّت حكومة احلمد اهلل وقيادات فتحاوية تتحدث عن تقدم ٍ جزئي‬
‫بطيء‪ ،‬وتتع ّذر بعدم �سيطرتها على الأمن؛ كما �أن بع�ض قيادات فتح حاولت فتح ملف‬
‫املقاومة يف القطاع و�رضورة ال�سيطرة عليه‪ .34‬ومل ينفع لقاء الف�صائل الفل�سطينية يف‬
‫القاهرة يف ‪ ،352017/11/21‬وال لقاء فتح وحما�س بعده بع�رشة �أيام يف ت�رسيع �إنفاذ‬
‫برنامج امل�صاحلة‪ ،‬الذي دخل �سنة ‪ 2018‬وهو ما يزال يعاين من التعرث‪.‬‬

‫‪227‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫ويف الوقت الذي �أعطى املوقف الوطني‬


‫املوحد �أواخر ‪ 2017‬الراف�ض العرتاف الرئي�س‬ ‫ّ‬
‫الأمريكي دونالد ترامب ‪Donald Trump‬‬
‫بالقد�س عا�صمة لـ“�إ�رسائيل” وقراره بنقل‬
‫�سفارة بالده من تل �أبيب �إىل القد�س‪ ،‬املزيد من‬
‫الأمل ب�إمكانية توحيد ال�صف الوطني‪ ،‬ملواجهة‬
‫التحديات املتعاظمة‪ ،‬وال �سيّما مع عودة‬
‫· دونالد ترامب‬ ‫التن�سيق املعلن بني الرئي�س عبا�س وقيادات عليا‬
‫يف حركة حما�س‪ ،‬ف�إنّ املوقف �رسيعا ً ما عاد �إىل حاله‪ ،‬لتنتك�س العالقات الوطنية بر ّمتها‬
‫مع وقوع تفجري يف غزة يف �آذار‪ /‬مار�س ‪ 2018‬ا�ستهدف موكب رئي�س حكومة الوفاق‬
‫الوطني ب�صحبة مدير املخابرات الفل�سطينية‪� ،36‬أ�شارت فيه حتقيقات ال�سلطات يف غزة‬
‫ب�أ�صابع االتهام �إىل املخابرات يف رام اهلل‪ ،‬للتذرع با�ستمرار العقوبات وال�ضغوطات‪37‬؛‬
‫بينما �سارعت �أجهزة ال�سلطة يف رام اهلل وفتح باتهام حما�س بامل�س�ؤولية‪.38‬‬
‫احتلّت م�س�ألة “التمكني” حلكومة الوفاق الوطني خ�صو�صا ً يف �سنة ‪� 2018‬صدارة‬
‫ال�سجال الداخلي بني فتح وحما�س‪ ،‬وذلك حتت عنوان التمكني الكامل وال�شامل للحكومة‬
‫يف امللفات كلّها‪ ،‬مبا يف ذلك ملف ال�سالح‪ ،‬الذي كان يجري احلديث عنه �رصاحة �أو مواربة‪،‬‬
‫بني حني و�آخر‪ .‬وعلى �ضوء �أنّ ال�سلطة الفل�سطينية مل تتق ّدم بخطوات جديدة نحو قطاع‬
‫غزة‪ ،‬ترفع فيها من العقوبات �أو تخ ّفف منها‪� ،‬أو تعالج فيها واحد من �أهم ملفات الإ�شكال‬
‫مت�سكت باجلباية‬
‫بني احلركتني‪ ،‬وهو ملف موظفي حكومة قطاع غزة‪ ،‬ف�إنّ حما�س ّ‬
‫ال�رضيبية الداخلية لدفع رواتب موظفي حكومتها وت�سيري �إدارتها يف غزة‪ .39‬غري �أن‬
‫حركة فتح مت�سكت مبوقفها املطالب بالتمكني للحكومة مبا ي�شمل ب�سط ال�سيطرة على‬
‫الأر�ض‪ ،‬والأمن‪ ،‬والق�ضاء‪ ،‬واملعابر‪ ،‬واجلباية الداخلية‪ ،‬ومبا يت�ضمن عودة الوزراء‬
‫مما يعني رف�ضها لوجود املوظفني‬ ‫ور�ؤ�ساء الهيئات وال�سلطات وامل�ؤ�س�سات العاملة‪ّ ،‬‬
‫الكبار من حكومة قطاع غزة يف مرافق عملهم‪.40‬‬

‫‪228‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2021–2012‬‬

‫وبالرغم من امل�ساحة التي احتلتها م�س�ألة التمكني حلكومة الوفاق الوطني‪ ،‬فقد �أقال‬
‫الرئي�س عبا�س هذه احلكومة‪ ،‬وكلّف يف ‪ 2019/3/10‬ولأول مرة منذ االنق�سام الفل�سطيني‪،‬‬
‫قياديا ً يف حركة فتح هو ع�ضو جلنتها املركزية حممد ا�شتية بت�شكيل احلكومة‪ ،41‬يف‬
‫خطوة كانت من جملة خطوات ك ّر�ست ف ّك الروابط ال�سيا�سية والقانونية بني ال�ضفة‬
‫الغربية وقطاع غزة‪ ،‬و�أف�ضت �إىل مزيد من االنق�سام‪ .‬فقد انعك�س ت�شكيل هذه احلكومة‬
‫بال�سلب على م�شاريع الي�سار الفل�سطيني لتوحيد نف�سه‪ ،‬وفتحت التناق�ضات مرة �أخرى‬
‫داخل بع�ض قوى الي�سار‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل ك�شفها عن خالفات داخل فتح نف�سها‪ .‬وبينما‬
‫مل ُتعلن حكومة ا�شتية عن برنامج تف�صيلي‪ ،‬ف إ� ّنها �أعلنت عن مالمح برنامج م�ؤقت‪ ،‬من‬
‫�ضمنه العمل على �إجراء انتخابات ت�رشيعية بح�سب كتاب التكليف من الرئي�س عبا�س‪.‬‬
‫خم�ص�صات ال�شهداء والأ�رسى‬‫ّ‬ ‫وواجهت �أزمة مالية خانقة‪ ،‬بعد اقتطاع االحتالل لقيمة‬
‫من الأموال ال�رضيبية التي جتبيها ل�صالح ال�سلطة‪ ،‬وبالرغم من رف�ض ال�سلطة ا�ستالم‬
‫�أموال ال�رضيبة منقو�صة‪ ،‬فقد عادت وا�ستلمتها يف تراجع وا�ضح عن قرارها‪.‬‬

‫· حكومة حممد ا�شتية يف �صورة مع الرئي�س حممود عبا�س بعد �أداء اليمني القانونية‪،‬‬
‫يف مقر الرئا�سة‪2019/4/13 ،‬‬

‫يف كانون الأول‪ /‬دي�سمرب ‪ُ ،2018‬ح ّل املجل�س الت�رشيعي بقرار من املحكمة‬


‫الد�ستورية‪ ،42‬فيما بدا للكثريين �أنّ عبا�س وقيادة فتح دفعتها يف هذا االجتاه‪ .‬وميكن‬
‫القول �إنّ هذا الإجراء ع ّزز الإجراءات التي تدفع باجتاه االنف�صال القانوين وال�سيا�سي‬
‫إقليمي ال�سلطة الفل�سطينية‪ .‬وقد رف�ضت معظم القوى الفل�سطينية الوازنة القرار‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫بني �‬
‫وحت ّفظت عليه قوى �أخرى‪ ،‬ومل ي�ؤيده �سوى حركة فتح‪ ،‬وبع�ض القوى الهام�شية يف‬
‫الو�سط ال�سيا�سي الفل�سطيني‪ .‬و�أثار القرار جدالً قانونيا ً م�ؤ�س�سا ً �أوالً على املوقف من‬
‫�رشعية املحكمة الد�ستورية نف�سها‪ ،‬ثم على م�ضامني قرار املحكمة‪ ،‬واالنحياز ال�سيا�سي‬

‫‪229‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫الذي تت�ضمنه‪ .‬وقد �أجمعت امل�ؤ�س�سات احلقوقية على املوقف امل�ش ّكك يف �رشعية املحكمة‬
‫الد�ستورية‪ ،‬وامل�ش ّكك يف �صحة قرارها القا�ضي بح ّل املجل�س الت�رشيعي‪.‬‬
‫مل يرتك اخلطاب ال�سيا�سي للرئي�س الفل�سطيني حممود عبا�س جماالً لل�شك يف كون‬
‫تغطت بالقانون‪ .‬وبعد �سبعة �شهور من ح ّل املجل�س الت�رشيعي‪ ،‬ح ّل‬ ‫اخلطوة �سيا�سية ّ‬
‫الرئي�س الفل�سطيني جمل�س الق�ضاء الأعلى‪ ،43‬لتخلو ال�ساحة من �أي �سلطة موازية‬
‫لل�سلطة الفل�سطينية‪ ،‬ولينفتح املجال ال�ستخدام الق�ضاء يف اخل�صومات الداخلية‪ ،‬ويف‬
‫تعزيز الهيمنة الأمنية على املجتمع الفل�سطيني‪ .‬وقد �أ ّدت هذه الأجواء �إىل ا�ستمرار بيئة‬
‫االنق�سام خالل �سنة ‪ 2019‬و�إىل مزيد من التوتر واخلالف بني فتح وحما�س‪ ،‬و�إىل مزيد‬
‫من ال�سلوك ال�سلطوي والأمني للقيادة يف رام اهلل‪ ،‬و�إىل �سحب �سلطة رام اهلل موظفيها من‬
‫معابر قطاع غزة‪.‬‬
‫من جهة �أخرى‪ ،‬ح�صل �إجماع فل�سطيني �ض ّد �صفقة ترامب “ال�سالم من �أجل‬
‫االزدهار‪ :‬ر�ؤية لتح�سني حياة ال�شعبني الفل�سطيني والإ�رسائيلي ‪Peace to Prosperity:‬‬
‫‪( ”A Vision to Improve the Lives of the Palestinian and Israeli People‬التي‬
‫�أعلنت تفا�صيلها ر�سميا ً يف ‪ ،)2020/1/28‬و�ض ّد املحاوالت ال�صهيونية الأمريكية لت�صفية‬
‫ق�ضية فل�سطني‪ ،‬و�ض ّد حماوالت عزلها عن حميطها العربي والإ�سالمي من خالل برامج‬
‫إحباط قيادة فتح وال�سلطة الفل�سطينية يف رام اهلل بعد �أن �سقط‬ ‫ُ‬ ‫أ�صاب ال‬
‫َ‬ ‫التطبيع‪ .‬كما �‬
‫رهانها على م�سار الت�سوية‪ ،‬وعلى حتويل ال�سلطة �إىل دولة حقيقية ذات �سيادة‪ ،‬وبعد �أن‬
‫مت تكري�س دور ال�سلطة ك�أداة يف خدمة االحتالل ومرتهنة �إىل �إرادته؛ وبعد �أن ّ‬
‫مت جتاهلها‬ ‫ّ‬
‫وجتاوزها يف حماولة فر�ض الر�ؤية الأمريكية ال�صهيونية على م�سار “ح ّل” الق�ضية‪.‬‬
‫ولذلك‪ ،‬ا�ضط ّرت قيادة ال�سلطة يف رام اهلل بعد كثري من الرتدد يف ‪ 2020/5/19‬لإعالن‬
‫جتميد العمل باتفاق �أو�سلو وملحقاته‪ ،‬ووقف التن�سيق الأمني مع االحتالل‪ .‬ومع ذلك‬
‫رصت على االلتزام بالت�سوية ال�سلمية وبـ“ال�رشعية الدولية”‪ ،‬ورف�ضت �أن تكون‬ ‫فقد �أ� ّ‬
‫مناطق ال�سلطة منطلقا ً للعمل املقاوم امل�سلح �ض ّد االحتالل‪.44‬‬
‫ويف �ضوء توا�صل قيادات من حما�س بقيادات من فتح للدفع باجتاه ت�صليب املوقف‬
‫الفل�سطيني �ض ّد �صفقة ترامب وم�شاريع ال�ضم الإ�رسائيلي‪ ،‬ف�إن الو�ضع املت�أزم لل�سلطة‬
‫دفع قيادة فتح باجتاه تليني مواقفها‪ ،‬وت�سليم جربيل الرجوب ملف امل�صاحلة وملف‬
‫مواجهة ال�ضم‪ ،‬مما �أوجد بيئة �أف�ضل للحوار بني فتح وحما�س‪.‬‬

‫‪230‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2021–2012‬‬

‫وقد لقيت جهود امل�صاحلة زخما ً بعد عقد م�ؤمتر �صحفي م�شرتك ل�صالح العاروري‬
‫نائب رئي�س حركة حما�س مع جربيل الرجوب �أمني �رس اللجنة املركزية حلركة فتح يف‬
‫متوز‪ /‬يوليو ‪ ،452020‬ثم بلقاء الأمناء العامني للف�صائل الفل�سطينية يف ‪،462020/9/3‬‬
‫موحدة‬
‫ّ‬ ‫والتوافق على تفعيل املقاومة ال�شعبية كخيار �أن�سب للمرحلة‪ ،‬وت�شكيل قيادة‬
‫لها يف ال�ضفة الغربية‪ ،‬وتفعيل م�سار امل�صاحلة الوطنية و�إنهاء االنق�سام‪ ،‬وتطوير‬
‫منظمة التحرير الفل�سطينية وتفعيلها‪ ،‬بحيث ت�شمل جميع الفل�سطينيني وجميع‬
‫الف�صائل‪ ،‬على �أُ�س�س دميوقراطية و�شعبية‪ ،‬وعلى �أ�سا�س التمثيل الن�سبي‪.47‬‬

‫· م�ؤمتر �صحفي ل�صالح العاروري وجربيل الرجوب‪ ،‬متوز‪ /‬يوليو ‪2020‬‬

‫وقد تتابعت اللقاءات واالت�صاالت بني فتح وحما�س لبلورة خريطة عمل لإنفاذ‬
‫التوافقات على الأر�ض‪ ،‬وفق جدول زمني والتزامات وا�ضحة‪ ،‬و�إ�رشاك باقي الف�صائل‬
‫تعثت بعد لقاء القاهرة يف منت�صف‬ ‫الفل�سطينية يف امل�سار‪ .‬غري �أن هذه اللقاءات ّ‬
‫ت�رشين الثاين‪ /‬نوفمرب‪ ،48‬نظرا ً لإ�رصار حما�س على �رشط تزامن االنتخابات املتعلقة‬
‫باملجل�س الت�رشيعي واملجل�س الوطني ورئا�سة ال�سلطة الفل�سطينية‪ ،‬باعتباره �أمرا ً متفقا ً‬
‫عليه يف اتفاق امل�صاحلة �سنة ‪2011‬؛ ثم ب�سبب �إعالن القيادي يف ال�سلطة ويف فتح ح�سني‬
‫ال�شيخ يف ‪ 2020/11/17‬ا�ستئناف العالقة والتن�سيق الأمني مع االحتالل الإ�رسائيلي‪.49‬‬
‫�شهد م�سار امل�صاحلة انفراجا ً كبريا ً يف كانون الثاين‪ /‬يناير ‪ 2021‬بعد �أن تنازلت‬
‫حما�س عن �رشط التزامن‪ ،‬وعلى ت�أجيل االتفاق على الربنامج ال�سيا�سي؛ وت�أجيل‬

‫‪231‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫معاجلة ا�ستحقاقات االنق�سام ال�سيا�سي‪ ،‬كما كانت قد �سكتت عن ح ّل املجل�س‬


‫الت�رشيعي‪ ،‬و�سكتت عن ا�ستئناف ال�سلطة للتن�سيق الأمني؛ وبالتايل �ألغت �أي ذرائع‬
‫�أمام حممود عبا�س وقيادة فتح‪ ،‬و�أ�صبحت الرتتيبات وفق “مقا�س” ال�سلطة يف‬
‫رام اهلل‪ .‬و�أعلنت حما�س �أنها ح�صلت على �ضمانات من دول عربية و�إ�سالمية بنزاهة‬
‫االنتخابات وم�ضيّها �إىل نهايتها‪ .50‬وبالتايل‪� ،‬أ�صدر عبا�س مر�سوم االنتخابات يف‬
‫كانون الثاين‪ /‬يناير ‪ 2021‬الذي ت�ضمن عقد االنتخابات املجل�س الت�رشيعي يف‬
‫‪ 2021/5/22‬وانتخابات رئا�سة ال�سلطة يف ‪ 2021/7/31‬وت�شكيل املجل�س الوطني يف‬
‫‪.512021/8/31‬‬
‫وقد كان هناك �إقبال كبري يف ال�ضفة والقطاع على ت�سجيل الناخبني فاق الـ ‪،52%93‬‬
‫مت قبول �أوراقها‪ ،‬حيث �شملت جميع الف�صائل الفل�سطينية والكثري‬‫وت�شكلت ‪ 36‬قائمة ّ‬
‫من القوائم امل�ستقلة‪ .53‬وقبيل انطالق احلمالت االنتخابية يف ال�ضفة الغربية وقطاع غزة‪،‬‬
‫قامت قيادة ال�سلطة (قيادة املنظمة وفتح) يف ‪ 2021/4/29‬بتعطيل العملية االنتخابية‪،‬‬
‫و�إعالن ت�أجيلها �إىل �أجل غري م�سمى‪ ،‬مبا ت�سبب بحالة �سخط �شعبي وا�سع‪.54‬‬
‫وقد �سبق �أن ظهرت م�ؤ�رشات على احتمال اتخاذ هذا القرار‪ ،‬حيث كان وا�ضحا ً‬
‫�أن املربر الذي �سي�ستخدم لتربيره هو التذرع برف�ض االحتالل الإ�رسائيلي �إجراء‬
‫االنتخابات يف القد�س‪ .‬لكن يف حقيقة الأمر كان وا�ضحا ً للجميع �أن �أبرز الدوافع التي‬
‫وقفت وراء قرار تعطيل االنتخابات هي اخل�شية من نتائجها‪ ،‬مع تزايد امل�ؤ�رشات على‬
‫فوز حما�س؛ واحتدام اخلالفات داخل �صفوف حركة فتح‪ ،‬ونزولها يف ثالث قوائم‬
‫�أ�سا�سية‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل عدد من القوائم‬
‫ال�صغرية املح�سوبة عليها‪ .‬وخ�شية‬
‫مرجحة ملوقع‬
‫حممود عبا�س من خ�سارة ّ‬
‫الرئا�سة‪ ،‬ب�سبب �إ�رصار مروان الربغوثي‬
‫على الرت�شح لالنتخابات الرئا�سية‪،‬‬
‫وتخوفات الواليات املتحدة و“�إ�رسائيل”‬
‫وعدد من الدول العربية من االحتماالت‬
‫القوية لتق ّدم حركة حما�س يف االنتخابات‪،‬‬
‫وتقدميها الن�صائح وممار�سة ال�ضغوط‬
‫· مروان الربغوثي‬ ‫على عبا�س لت�أجيل االنتخابات‪.‬‬

‫‪232‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2021–2012‬‬

‫وقد تر ّتب على قرار تعطيل االنتخابات عزل ال�سلطة وقيادتها �سيا�سياً‪ ،‬وفقدانها‬
‫الثقة وامل�صداقية‪ ،‬وتراجع �شعبية فتح عبا�س‪ ،‬ورف�ض معظم الف�صائل والقوى والنخب‬
‫الفل�سطينية مربرات ال�سلطة لتعطيل االنتخابات؛ وعودة التوتر والت�أزم للعالقات الداخلية‬
‫الفل�سطينية؛ وظهور قيادة فتح �سببا ً رئي�سيا ً يف االنق�سام الفل�سطيني؛ و�إ�ضعاف موقف‬
‫عبا�س وال�سلطة لدى الأطراف العربية والدولية‪ ،‬ب�سبب هربه من ا�ستحقاق االنتخابات‪،‬‬
‫وته ّربه من نتائجها املحتملة؛ وبالتايل �إ�ضعاف �رشعيته عمليا ً يف عيونها‪.‬‬
‫ويف �ضوء تعطيل االنتخابات‪ ،‬ويف �ضوء معركة “�سيف القد�س” التي قادتها حما�س‬
‫باقتدار بعد ذلك ب�أيام‪ ،‬حدث تق ّدم كبري يف مكانة حما�س واملقاومة فل�سطينيا ً وعربيا ً‬
‫و�إقليميا ً ودولياً‪ ،‬وزاد وزنها لدى الأ�صدقاء واخل�صوم واملحايدين‪ ،‬كما برزت قناعة‬
‫�إقليمية ودولية ب�رضورة االنفتاح عليها والتوا�صل معها يف �أي ترتيبات �سيا�سية‬
‫م�ستقبلية لتحقيق اال�ستقرار الإقليمي‪ .‬كما �أن املعركة عززت وحدة ال�شعب الفل�سطيني‬
‫جغرافيا ً (ال�ضفة‪ ،‬قطاع غزة‪ ،‬فل�سطني املحتلة ‪ ،48‬ال�شتات)‪ ،‬حيث �شاركت كل �ساحات‬
‫الثقل الفل�سطيني يف م�رشوع مواجهة االحتالل‪ ،‬ويف الوقوف خلف املقاومة‪.‬‬

‫االنتخابات املحلية البلدية‪:‬‬


‫�شهدت �سنة ‪� 2012‬إجراء االنتخابات املحلية البلدية يف ال�ضفة الغربية حيث اعتمدت‬
‫جلـنة االنتخابات املركزية يف ال�ضفة نتائج االنتخابات التي بلغت ن�سبة االقرتاع فيها‬
‫‪ .55%55‬وبدت نتائج االنتخابات املحلية باهتة وفاترة بحكم �إعالن قوى املقاومة‪ ،‬ويف‬
‫مقدمتها حركة حما�س‪ ،‬عن مقاطعتها وعدم امل�شاركة فيها‪ ،‬تر�شيحا ً واقرتاعاً‪ ،‬مما‬
‫نزع طابع املناف�سة اجلادة عنها‪ .56‬وبالرغم من فوز فتح يف معظم البلديات‪� ،‬إال �أن هذه‬
‫عبت عن حالة االنق�سام الفتحاوي الداخلي‪ ،‬حيث فازت �شخ�صيات وقوائم‬ ‫االنتخابات َّ‬
‫مف�صولة من احلركة على القوائم الر�سمية لفتح‪ ،‬كما يف مدينة نابل�س ‪.‬‬
‫‪57‬‬

‫�أ�سهمت جتربة االنتخابات املحلية البلدية التي دعت حكومة رام اهلل �إىل عقدها يف‬
‫‪ ،2016/10/8‬يف ت�أجيج النزاع الداخلي الفل�سطيني‪ ،‬بدالً من �أن تكون عين ًة اختبارية ناجحة‬
‫م�شجعة باجتاه تطبيق برنامج امل�صاحلة‪� .‬إذ �إن معظم القوى الفل�سطينية (مبا فيها فتح‬
‫ٌ‬
‫ك�شف �أويل وجود ‪ 787‬قائمة يف ال�ضفة‬ ‫وحما�س) قررت امل�شاركة يف االنتخابات‪ .‬و�أظهر‬
‫الغربية و‪ 87‬قائمة يف غزة‪ .58‬ويف الوقت الذي �أخذت تظهر فيه توقعات بفوز حما�س يف املدن‬
‫الرئي�سية يف ال�ضفة‪ ،‬ظهرت حتذيرات �إ�رسائيلية من �أن حما�س قد تعزز ت�أثريها ال�سيا�سي‪.‬‬

‫‪233‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫ويف هذه الأجواء القلقة رفعت جهات فتحاوية طعونا ً �إىل حمكمة العدل العليا برام اهلل‬
‫(التي يح�سبها كثريون على فتح) بعدم د�ستورية االنتخابات يف قطاع غزة‪ ،‬باعتبار �أن‬
‫الق�ضاء وال�سلطة يف القطاع فاقدة لل�رشعية‪ .59‬وقد كان ذلك يف �إثر تقدمي جهات حم�سوبة‬
‫على حما�س يف القطاع طعونا ً يف قوائم انتخابية؛ قبلت اللجنة املركزية لالنتخابات‬
‫منها �أربعة طعون‪ ،‬ثالثة من بينها لقوائم فتحاوية‪ .60‬وقد قررت املحكمة العليا ت�أجيل‬
‫االنتخابات و�إجراءها يف ال�ضفة وا�ستثناء قطاع غزة‪ ،‬وهو ما دفع حما�س واجلبهة ال�شعبية‬
‫واجلهاد الإ�سالمي ملقاطعة االنتخابات‪ ،‬التي جرت يف ‪ .2017/5/13‬حيث فاز امل�ستقلون‬
‫بـ ‪ %65‬من املقاعد‪ ،‬فيما فازت القوائم احلزبية بـ ‪ %35‬فقط؛ وهو ما عك�س �ضعف �أداء فتح‬
‫حتى يف غيبة الف�صائل الرئي�سية املناف�سة‪.61‬‬

‫التن�سيق الأمني ل�سلطة رام اهلل مع االحتالل‪:‬‬


‫ا�ستمرت ال�سلطة يف رام اهلل بالتن�سيق الأمني مع االحتالل معظم الفرتة ‪2021-2012‬‬
‫املجل�سني الوطني واملركزي بوقفه‪،‬‬
‫َ‬ ‫(�إال من فرتات انقطاع حمدودة) بالرغم من قرارات‬
‫و�شبه الإجماع الفل�سطيني الف�صائلي وال�شعبي على وقفه �أي�ضاً‪ .‬ويبدو �أن قيادة ال�سلطة‬
‫تدرك �أن جانبا ً �أ�سا�سيا ً جلوهر وجودها بالن�سبة لـ“�إ�رسائيل” مرتهن بالتن�سيق الأمني؛‬
‫كما تدرك الإجراءات القا�سية التي تنتظرها لو فعلت ذلك‪ .‬وهو تن�سيق مل يرتك �آثاره‬
‫ال�سلبية على قوى املقاومة‪ ،‬وعلى العالقات الف�صائلية فح�سب‪ ،‬بل �إنه �أحدث �رشوخا ً‬
‫بالغة يف البنية النف�سية واملجتمعية الفل�سطينية‪.‬‬
‫وقد كان ملف التن�سيق الأمني بني الأجهزة الأمنية يف رام اهلل وبني �سلطات االحتالل‬
‫�أحد �أبرز نقاط االختالف الفل�سطينية؛ فقد �صدرت دعوات وا�سعة ومتكررة من القوى‬
‫والفعاليات الفل�سطينية‪ ،‬خ�صو�صا ً حما�س واجلهاد الإ�سالمي واجلبهة ال�شعبية بوقف‬
‫رصا على ا�ستمراره‪ ،‬حتى بعد قرار املجل�س‬‫هذا التن�سيق‪ .‬غري �أن عبا�س وقيادة ال�سلطة �أ� َّ‬
‫املركزي ملنظمة التحرير يف ‪ 2015/3/5‬بوقف التن�سيق الأمني‪ ،‬و�إعادة النظر يف �سائر‬
‫االتفاقيات مع االحتالل‪62‬؛ حيث تعامل معها عبا�س باعتبارها جمرد تو�صية ال ُتنفذ‬
‫عب القادة الأمنيون وامل�س�ؤولون الإ�رسائيليون‬ ‫�إال مبر�سوم رئا�سي ي�صدر عنه‪ .‬وقد ّ‬
‫عن ارتياحهم لأداء ال�سلطة الأمني‪ ،‬وتن�سيقها معهم �ض ّد قوى املقاومة‪ ،‬خ�صو�صا ً و�أن‬
‫الأمن الفل�سطيني جنح يف �إحباط الكثري من عمليات املقاومة والقب�ض على خالياها‪ ،‬كما‬
‫عمل ب�شكل فعال على احتواء و�إطفاء انتفا�ضة القد�س‪ .‬ولعل اعرتاف ماجد فرج‪ ،‬مدير‬

‫‪234‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2021–2012‬‬

‫املخابرات الفل�سطينية‪ ،‬ب�إحباط نحو مئتي هجوم �ض ّد �إ�رسائيليني يف الأ�شهر الثالث‬


‫الأوىل النتفا�ضة القد�س (ت�رشين الأول‪� /‬أكتوبر ‪ -‬كانون الأول‪ /‬دي�سمرب ‪ ،)2015‬والذي‬
‫لقي حالة ا�ستنكار فل�سطيني وا�سعة‪ ،‬يدل على املدى الذي و�صل �إليه هذا التن�سيق‪.63‬‬
‫وقد ا�ضطرت قيادة ال�سلطة لوقف التن�سيق م�ؤقتا ً �أيام هبّة باب الأ�سباط يف القد�س يف‬
‫متوز‪ /‬يوليو ‪ ،2017‬غري �أنها عادت تدريجيا ً للتن�سيق بعد هدوء الأو�ضاع‪.64‬‬
‫وتكررت الت�رصيحات الإ�رسائيلية يف �سنتي ‪ 2019-2018‬حول �أهمية دور ال�سلطة يف‬
‫خدمة الأمن الإ�رسائيلي‪ ،‬ومنع �أجهزة ال�سلطة الأمنية لنحو ‪ %40‬من العمليات املوجهة‬
‫�ض ّد االحتالل‪ ،65‬و�إ�سهامها يف احتواء الهبّات التي �شهدتها ال�ضفة الغربية‪ .‬كما ا�ستمر‬
‫الدعم الأمريكي للأجهزة الأمنية الفل�سطينية‪ ،‬بالرغم من قطع الواليات املتحدة دعمها‬
‫عن ال�سلطة الفل�سطينية‪ ،‬هذا بالإ�ضافة �إىل اللقاءات التن�سيقية املعلنة‪ ،‬ويف م�ستويات عليا‪.‬‬
‫وكما �أ�رشنا �سابقاً‪ ،‬ف�إن قيادة ال�سلطة يف رام اهلل قامت يف �ضوء مواجهة �صفقة ترامب‬
‫يف ‪ 2020/5/23‬بوقف التن�سيق الأمني مع االحتالل؛ غري �أنها عادت يف ‪� 2020/11/17‬إىل‬
‫ا�ستئناف هذا التن�سيق من جديد‪.‬‬

‫منظمة التحرير الفل�سطينية‪:‬‬


‫طوال الفرتة ‪� 2021-2012‬سعى حممود عبا�س لتجنّب دعوة الإطار القيادي امل�ؤقت‬
‫لالجتماع؛ كما مل تقم قيادة منظمة التحرير الفل�سطينية ب�أي �إجراء حقيقي ال�ستيعاب‬
‫القوى الفل�سطينية‪ ،‬خ�صو�صا ً تلك التي متلك ح�ضورا ً �شعبيا ً وا�سعا ً كحما�س واجلهاد‬
‫الإ�سالمي‪ ،‬يف �أطر املنظمة؛ كما مل يتم اتخاذ �أي �إجراءات ج ّدية باجتاه تفعيل منظمة‬
‫التحرير و�إعادة بناء م�ؤ�س�ساتها‪ .‬بينما قوبلت عملية ا�ستقالة عبا�س وعدد من �أع�ضاء‬
‫اللجنة التنفيذية من ع�ضويتها يف �آب‪� /‬أغ�سط�س ‪ ،2015‬والدعوة لعقد اجتماع للمجل�س‬
‫الوطني بت�شكيله القدمي ويف الداخل الفل�سطيني الواقع حتت االحتالل‪ ،‬برف�ض وا�سع‬
‫من حما�س واجلهاد و�أطراف من املنظمة نف�سها‪ ،‬باعتبار ذلك التفافا ً على ا�ستحقاقات‬
‫امل�صاحلة‪ ،‬وحتركا ً يهدف لتكوين جلنة تنفيذية تتوافق مع �أجندات رئا�سة املنظمة‬
‫وال�سلطة‪ .‬وقد �أدى ذلك �إىل ت�أجيل عقد هذا املجل�س‪.66‬‬
‫وب�شكل يتعار�ض مع التوافق الفل�سطيني الذي ّ‬
‫مت يف بريوت يف �أوائل ‪ 2017‬على عقد‬
‫رص عبا�س وقيادة فتح على الدعوة لعقد دورة عادية‬
‫املجل�س الوطني الفل�سطيني؛ فقد �أ� َّ‬

‫‪235‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫للمجل�س حتت االحتالل يف رام اهلل يف �أواخر ني�سان‪� /‬أبريل ‪2018‬؛ مما �أدى �إىل مقاطعة‬
‫حما�س واجلهاد الإ�سالمي واجلبهة ال�شعبية لهذا املجل�س‪ ،‬بدعوى خمالفتها ملا اتفق عليه‬
‫وطنيا ً من قبل‪ .67‬وقد خالف الرئي�س عبا�س بالفعل وعده‪ ،‬الذي قطع به‪ ،‬بعد قرارات‬
‫ترامب بخ�صو�ص القد�س‪ ،‬ب�أن تكون الدورة دورة طارئة‪ .‬وقد ازداد ال�رشخ الوطني‪،‬‬
‫مع عقد دورات املجل�س املركزي؛ حيث قاطعته حما�س واجلهاد الإ�سالمي‪ ،‬واجلبهة‬
‫ال�شعبية‪ .‬وات�سعت املقاطعة يف الدورة الثالثني للمجل�س املركزي املنعقدة يف رام اهلل يف‬
‫‪ 2018/10/29-28‬لت�شمل �أي�ضا ً اجلبهة الدميوقراطية واملبادرة الوطنية‪ ،‬ولتجد فتح‬
‫نف�سها معزولة بعيدا ً عن معظم الف�صائل الفل�سطينية الوازنة‪.68‬‬
‫�أف�ضت دورة املجل�س الوطني املنعقدة يف (‪� )2018/5/3-4/30‬إىل انتخاب الرئي�س عبا�س‬
‫رئي�سا ً لفل�سطني‪ ،‬وتوافق امل�شاركني على جلنة تنفيذية جديدة‪ ،‬وانتخاب الرئي�س عبا�س‬
‫رئي�سا ً لها‪ ،‬وتوافقهم �أي�ضا ً على ‪ 35‬ع�ضوا ً جديدا ً للمجل�س املركزي ملنظمة التحرير‪.69‬‬
‫وهو الأمر الذي يعني تكري�س هيمنة حركة فتح‪ ،‬ونخبة ال�سلطة على منظمة التحرير‪،‬‬
‫وبالتايل قطع الطريق على بقية القوى الوطنية‪ ،‬وا�ستخدام املنظمة �سيا�سيا ً يف اخلالفات‬
‫الداخلية‪ ،‬ويف ترتيبات ما بعد الرئي�س عبا�س‪ .‬و�أما القرارات ال�سيا�سية ملجمل تلك اجلل�سات‬
‫بخ�صو�ص ال�رصاع مع االحتالل‪ ،‬ك�إعادة النظر يف التزامات ال�سلطة الفل�سطينية ومنظمة‬
‫التحرير جتاه االتفاقات امل َو ّقعة مع االحتالل‪ ،‬مبا ي�شمل وقف التن�سيق الأمني‪ ،‬واالنفكاك‬
‫االقت�صادي عنه‪ ،‬وتفعيل املقاومة ال�شعبية‪ ،70‬فلم ُين ّفد منها �شيء‪ ،‬حتى بعد �أن �أعلن عبا�س‬
‫عن ت�شكيله جلنة لإنفاذ القرارات؛ مما عك�س انطباعا ً وا�سعا ً بعدم جدية تلك القرارات‪ ،‬و�أ ّنها‬
‫حم�ض مناورات �إعالمية‪ ،‬تهدف �إىل تعبئة الفراغ ال�سيا�سي باخلطابة ال�سيا�سية‪ .‬كما �أنّ‬
‫القرارات التي �أعلنت عنها قيادة املنظمة (قيادة ال�سلطة وفتح) بعد انف�ضا�ض املجل�س بنحو‬
‫�سنتني يف مواجهة �صفقة ترامب‪ ،‬قد اتخذت طابعا ًتكتيكيا ًم�ؤقتاً‪� ،‬رسعان ما تراجعت عنها‪.‬‬

‫الأو�ضاع الداخلية للف�صائل الفل�سطينية‪:‬‬


‫�شهد الو�ضع الفتحاوي الداخلي بروزا ً للخالفات‬
‫خ�صو�صا ً بني تيار الرئي�س عبا�س وتيار حممد دحالن‬
‫القيادي املف�صول من احلركة‪ .‬حيث وا�صل دحالن‪،‬‬
‫م�ستفيدا ً من الدعم الإماراتي‪ ،‬ومن عالقاته اجليدة مع‬
‫النظام امل�رصي بعد االنقالب على مر�سي‪ ،‬ومن �شبكة‬
‫· حممد دحالن‬

‫‪236‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2021–2012‬‬

‫عالقاته الفتحاوية الوا�سعة‪ ،‬هجومه على عبا�س؛ غري �أن عبا�س واجهه بحملة �إعالمية‬
‫عنيفة‪ ،‬كما تبادل عبا�س ودحالن االتهامات ب�ش�أن امل�س�ؤولية عن ا�ست�شهاد يا�رس عرفات‪،‬‬
‫الذي �أ�شارت �أبحاث خرباء �سوي�رسيني �إىل تعر�ضه لن�سبة عالية من ال�س ّم الإ�شعاعي من‬
‫مادة البولونيوم‪ .‬كما ظهرت اخلالفات ب�شكل �أو�ضح �إثر الإعالن عن انتخابات املجل�س‬
‫الت�رشيعي لل�سلطة يف ربيع ‪ ،2021‬حيث حتالف مروان الربغوثي مع نا�رص القدوة يف‬
‫قائمة م�ستقلة عن فتح “الر�سمية”‪ ،‬بينما �أ�رص الربغوثي على مناف�سة عبا�س على موقع‬
‫رئا�سة ال�سلطة‪ .‬هذا بالإ�ضافة �إىل نزول تيار دحالن يف قائمة خا�صة‪.‬‬
‫وقد عقدت فتح م�ؤمترها ال�سابع يف رام اهلل يف ‪ 2016/12/4-11/29‬مب�شاركة‬
‫‪ 1,400‬ع�ضو‪ ،‬حيث �أعيد انتخاب عبا�س رئي�سا ً لفتح‪ ،‬واحتفظ ‪ 12‬ع�ضوا ً مبنا�صبهم يف‬
‫اللجنة املركزية من �أ�صل ‪ 18‬منتخبا ً حيث ان�ضم �إليهم ‪� 6‬أع�ضاء جدد‪ .‬كما ّ‬
‫مت انتخاب ‪80‬‬
‫ع�ضوا ً يف املجل�س الثوري لفتح‪ .‬وقد مت ّكن تيار الرئي�س عبا�س من ال�سيطرة على مفا�صل‬
‫حركة فتح‪ ،‬ومن �إق�صاء �أن�صار حممد دحالن‪.‬‬

‫· امل�ؤمتر العام ال�سابع حلركة فتح يف رام اهلل‪2016/11/29 ،‬‬

‫‪237‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫�أما حما�س‪ ،‬فقد تابعت �إيقاعها وتداولها‬


‫ال�شوري املنتظم بالرغم من‬ ‫ُّ‬ ‫االنتخابي‬
‫ال�صعوبات اللوج�ستية؛ ف�أجرت انتخاباتها‬
‫الداخلية �أواخر ‪ 2012‬ويف الن�صف الأول‬
‫من ‪ .2013‬وكان م�شعل �أعلن مطلع ‪2012‬‬
‫نيته عدم الرت�شح لرئا�سة املكتب ال�سيا�سي‬
‫حلما�س‪ ،‬غري �أنه حتت ال�ضغط الداخلي‬
‫ا�ضطر للرتاجع‪ .‬ويف ‪� 2013/4/2‬أعلنت حما�س‬
‫يف بيان ر�سمي عن قيام جمل�س‬
‫ال�شورى العام التابع للحركة‬
‫بتجديد الثقة مل�شعل كرئي�س للمكتب‬
‫ال�سيا�سي لوالية تنظيمية جديدة‪.‬‬
‫· خالد م�شعل‬
‫ويف الن�صف الأول من �سنة ‪2017‬‬
‫عقدت حما�س �سل�سلة عملياتها االنتخابية‪ ،‬وتوىل قيادة مكتبها يف غزة يحيى ال�سنوار‪،‬‬
‫وتول ماهر �صالح قيادة مكتبها يف اخلارج‪ ،‬وتوىل �صالح العاروري قيادة مكتب ال�ضفة‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ثم انتخب الحقا ً نائبا ً لرئي�س احلركة؛ بينما انتخب جمل�س ال�شورى العام �إ�سماعيل هنية‬
‫خلفا ً خلالد م�شعل يف ‪.2017/5/6‬‬

‫· يحيى ال�سنوار‬ ‫· �صالح العاروري‬ ‫· ماهر �صالح‬

‫‪238‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2021–2012‬‬

‫وكانت حما�س قبيل تنحي م�شعل قد �أعلنت عن‬


‫عبت ح�سبما ذكرت‬ ‫وثيقتها ال�سيا�سية‪ ،‬التي َّ‬
‫حما�س عن “روح التجدد والتطور واالنفتاح‬
‫لديها‪ ،‬مع املحافظة على الثوابت”‪ .‬وقد‬
‫�صيغت الوثيقة بلغة �سيا�سية حمرتفة‪ ،‬تتميز‬
‫بالواقعية واملرونة‪ ،‬وت�ؤكد فيها حما�س هويتها‬
‫الإ�سالمية الفل�سطينية الوطنية‪ ،‬وعدم التنازل‬
‫عن �أي جزء من فل�سطني‪ ،‬وعدم االعرتاف‬
‫بـ“�إ�رسائيل”؛ غري �أنها ال متانع‬
‫يف االلتقاء مع القوى الوطنية على‬
‫برنامج الدولة الفل�سطينية كاملة‬
‫ال�سيادة على فل�سطني املحتلة‬
‫�سنة ‪.711967‬‬
‫ويف الن�صف الأول من �سنة ‪ 2021‬عقدت حما�س انتخاباتها الداخلية‪ ،‬و�أعيد انتخاب‬
‫وتول خالد م�شعل قيادة مكتبها يف اخلارج‪ ،‬وتوىل‬ ‫ّ‬ ‫يحيى ال�سنوار لقيادة مكتبها يف غزة‪،‬‬
‫�صالح العاروري قيادة مكتب ال�ضفة‪ .‬ويف مطلع �آب‪� /‬أغ�سط�س ‪ ،2021‬انتخب جمل�س‬
‫ال�شورى العام حلركة حما�س �إ�سماعيل هنية رئي�سا ً للحركة و�صالح العاروري نائبا ً له‪،‬‬
‫كما ا�ستكمل انتخاب باقي �أع�ضاء قيادة احلركة‪.‬‬
‫�أما اجلبهة ال�شعبية فعقدت م�ؤمترها ال�سابع يف كانون الأول‪ /‬دي�سمرب ‪ ،2013‬حيث‬
‫انتخبت هيئاتها القيادية‪ ،‬وجدد امل�ؤمتر العام للجبهة ال�شعبية لتحرير فل�سطني‪ ،‬انتخاب‬
‫الأ�سري �أحمد �سعدات �أمينا ً عاما ً للجبهة‪ ،‬وانتخب �أبو �أحمد ف�ؤاد نائبا ً للأمني العام خلفا ً‬
‫لعبد الرحيم ملوح‪.72‬‬
‫كما �أعلنت اجلبهة الدميوقراطية لتحرير فل�سطني ر�سمياً‪ ،‬يف ‪ ،2018/7/28‬عن اختتام‬
‫�أعمال م�ؤمترها الوطني العام ال�سابع بانتخاب جلنة مركزية جديدة‪ ،‬انتخبت بدورها‬
‫مكتبا ً �سيا�سيا ً جديدا ً برئا�سة الأمني العام نايف حوامتة‪.73‬‬

‫‪239‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫ويف �ضوء دخول الأمني العام حلركة اجلهاد الإ�سالمي رم�ضان عبد اهلل �شلح يف‬
‫غيبوبة �سنة ‪ ،2017‬فقد قامت احلركة يف ‪ ،2018/9/28‬بانتخاب الأ�ستاذ زياد النخالة‬
‫�أمينا ً عاما ً للحركة خلفا ً له‪ ،‬كما انتخبت حممد الهندي نائبا ً للأمني العام‪ .‬ومت انتخاب‬
‫‪� 9‬أع�ضاء علنيني للمكتب ال�سيا�سي‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل عدد �آخر مل تعلن �أ�سما�ؤهم‪ .74‬وقد تويف‬
‫رم�ضان �شلح رحمه اهلل يف ‪.2020/6/6‬‬
‫و�أعاد االحتاد الدميقراطي الفل�سطيني (فدا)‪ ،‬يف ‪ ،2019/11/9‬يف م�ؤمتره الرابع‬
‫انتخاب �صالح ر�أفت �أمينا ً عاما ً للحزب‪ .75‬كما �أعادت اللجنة املركزية جلبهة الن�ضال‬
‫ال�شعبي‪ ،‬غداة انتهاء �أعمال امل�ؤمتر الثاين ع�رش يف حزيران‪ /‬يونيو ‪ ،2021‬انتخاب �أحمد‬
‫جمدالين �أمينا ً عاما ً لها‪.76‬‬

‫· �أحمد جمدالين‬ ‫· نايف حوامتة‬ ‫· �أبو �أحمد ف�ؤاد‬

‫· �صالح ر�أفت‬ ‫· زياد النخالة‬ ‫· حممد الهندي‬

‫‪240‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2021–2012‬‬

‫وقد �أظهر اخلط العام لنتائج ا�ستطالعات الر�أي التي يجريها املركز الفل�سطيني‬
‫للبحوث ال�سيا�سية وامل�سحية خالل هذه الفرتة (‪ ،)2021-2012‬يف ال�ضفة والقطاع‬
‫ا�ستمرار حالة اال�ستقطاب يف ال�شارع الفل�سطيني‪� ،‬إذ ح�صلت فتح وحما�س على �أكرث‬
‫من ثلثي الأ�صوات‪ ،‬بنحو ثلث الأ�صوات لكل منهما‪ ،‬مع هام�ش �صعود وهبوط لأي‬
‫من الطرفني بح�سب تطور الأحداث‪ ،‬بينما ح�صلت الف�صائل الأخرى جمتمعة على نحو‬
‫‪ .%10‬كما �أظهرت تراجعا ً يف �شعبية الرئي�س عبا�س‪ ،‬حيث ظهر يف ا�ستطالعات عديدة �أن‬
‫�إ�سماعيل هنية مر�شح حما�س �سيفوز عليه يف انتخابات رئا�سة ال�سلطة؛ غري �أن الأ�سري‬
‫مروان الربغوثي لديه فر�ص �أعلى منهما للفوز يف حال نزوله االنتخابات‪ .‬كما عك�ست‬
‫اال�ستطالعات حالة �إحباط متزايدة جتاه اتفاقيات �أو�سلو وجتاه �أداء ال�سلطة يف رام اهلل؛‬
‫ورف�ضت الأغلبية تن�سيق ال�سلطة الأمني مع االحتالل؛ كما رف�ضت �أغلبية �ساحقة قرار‬
‫حل املجل�س الت�رشيعي‪.77‬‬

‫رابع ًا‪ :‬م�سار الت�سوية ال�سلمية ‪:2021–2012‬‬


‫ات�سم م�سار الت�سوية يف العقد الثاين من القرن احلادي والع�رشين با�ستمرار‬
‫حالة اجلمود والتّعرث‪ ،‬وتراجع اهتمام �إدارة �أوباما با�ستئناف املفاو�ضات‪ ،‬يف �ضوء‬
‫ا�ستمرار الرف�ض الإ�رسائيلي للمطالب الفل�سطينية للعودة للمفاو�ضات‪ ،‬واملتمثلة‬
‫بتجميد اال�ستيطان وقبول حدود �سنة ‪ 1967‬كمرجعية للتفاو�ض ب�ش�أن حدود الدولة‬
‫الفل�سطينية املوعودة‪ .‬هذا الرف�ض دفع قيادة منظمة التحرير الفل�سطينية وال�سلطة يف‬
‫رام اهلل �إىل اللجوء لبدائل �أخرى‪ ،‬حيث ح�صلت على مقعد لفل�سطني يف الأمم املتحدة ب�صفة‬
‫دولة غري ع�ضو يف ‪ ،2012/11/29‬حيث �ص َّوت ل�صاحلها ‪ 138‬دولة‪.‬‬
‫غري �أن املفاو�ضات الفل�سطينية الإ�رسائيلية ا�ست�ؤنفت يف وا�شنطن يف نهاية متوز‪/‬‬
‫يوليو ‪ ،2013‬وفق ال�رشوط الإ�رسائيلية‪ ،‬من دون تلبية � ّأي من ال�رشوط‪ ،‬التي �أكدت عليها‬
‫قيادة منظمة التحرير طوال ثالثة �أعوام‪ ،‬وفر�ض اجلانب الإ�رسائيلي �أجندته يف الرتكيز‬
‫على اجلانب الأمني‪ .‬وقد �أظهر الطرف الأمريكي انحيازا ً �أكرب للجانب الإ�رسائيلي‪،‬‬
‫وامتنع عن ممار�سة � ّأي �ضغوط عليه‪ .‬ومل تفلح جهود ت�سعة �أ�شهر من التفاو�ض يف‬
‫الو�صول �إىل � ّأي نتائج‪ ،‬ليتعرث م�سار الت�سوية من جديد‪.‬‬

‫‪241‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫ومن جهة �أخرى‪ ،‬ف�إن قيادة منظمة التحرير �أ�رصت على التم�سك مب�سار الت�سوية‬
‫ال�سلمية بالرغم من و�صولها �إىل حائط م�سدود‪ .‬ويف ظ ّل حالة الإحباط التي ت�شعر بها‪،‬‬
‫فقد ه َّدد حممود عبا�س بت�سليم مفاتيح ال�سلطة‪ ،‬واال�ستقالة‪ ،‬و�إعادة النظر يف العالقة مع‬
‫االحتالل‪ ،‬واتخاذ قرارات بوقف التن�سيق الأمني‪ ،‬و�إلغاء اتفاقية باري�س االقت�صادية‪،‬‬
‫والتلويح ب�سحب االعرتاف بـ“�إ�رسائيل”‪ ،‬واللجوء للمنظمات الدولية ملحا�سبة االحتالل‪.‬‬
‫وقد تعامل الطرف الإ�رسائيلي مع هذه التهديدات على �أنها جمرد تكتيكات‪ ،‬تفتقد وجود‬
‫نية حقيقية لتنفيذها‪.‬‬

‫· �صائب عريقات وت�سيبي ليفني عقب م�ؤمتر �صحفي يف وا�شنطن بح�ضور‬


‫جون كريي‪2013/7/30 ،‬‬

‫وقد ف�شلت املبادرة الفرن�سية التي جمعت فرن�سا لأجلها ع�رشين من وزراء‬
‫اخلارجية وممثلي الدول يف حزيران‪ /‬يونيو ‪ ،2016‬والتي حاولت من خاللها الت�أكيد على‬
‫ح ّل الدولتني‪ ،‬وتثبيت مواعيد نهائية للتفاو�ض‪ ،‬كما مل ينجح اجتماع “باري�س لل�سالم”‬
‫يف كانون الثاين‪ /‬يناير ‪ 2017‬ب�سبب املقاطعة الإ�رسائيلية له‪ ،‬وب�سبب الدور الأمريكي‬
‫املع ّطل‪ .‬وف�شلت �أي�ضاً‪ ،‬يف �إطار حماوالت دفع م�سار الت�سوية‪ ،‬مبادرات رو�سية‬
‫و�صينية‪ ...‬وغريها‪.‬‬
‫ومع ا�ستالم دونالد ترامب للرئا�سة الأمريكية‪ ،‬متاهت �إدارته مع اليمني ال�صهيوين‪،‬‬
‫وانتقلت �إىل ما ي�شبه ال�رشاكة الكاملة مع االحتالل واال�ستعمار اال�ستيطاين والعن�رصية‪.‬‬

‫‪242‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2021–2012‬‬

‫وتخلى ترامب عن املوقف الأمريكي بقيام دولة فل�سطينية‪ ،‬وب�أن ال�ضفة والقطاع �أرا�ض ٍ‬
‫حمتلة‪ ،‬و�أن اال�ستيطان غري �رشعي‪ .‬و�أخذ ترامب يتحدث عن �رضورة تغيري قواعد‬
‫اللعبة كلياً‪ ،‬وا�ستبدال مرجعية القانون الدويل وقرارات ال�رشعية الدولية التي ت�ضمنت‬
‫احلد الأدنى من احلقوق الفل�سطينية (حقّ تقرير امل�صري الذي ي�شمل �إقامة دولة فل�سطينية‬
‫على الأرا�ضي املحتلة �سنة ‪ ،1967‬وحقّ التعوي�ض والعودة لالجئني من الديار التي هجروا‬
‫منها)؛ حيث دعا �إىل اعتماد مرجعية جديدة ت�ستند �أ�سا�سا ً �إىل الوقائع واحلقائق التي �أقامها‬
‫ويقيمها االحتالل على الأر�ض‪.‬‬
‫وتلقى م�سار الت�سوية �رضبة قا�صمة عندما قررت الواليات املتحدة يف ‪2017/12/6‬‬
‫االعرتاف بالقد�س عا�صمة لـ“�إ�رسائيل”‪ ،‬ونقلت �سفارتها فعالً للقد�س يف ‪،2018/5/14‬‬
‫كما �أق ّر الكني�ست الإ�رسائيلي قانونا ً ب�إخراج القد�س من العملية التفاو�ضية‪ .‬وقررت‬
‫�إدارة ترامب �إغالق مكتب منظمة التحرير يف وا�شنطن‪ ،‬ثم طالبت بحل وكالة الأونروا‪،‬‬
‫وتغيري تعريف الالجئ‪ ،‬بحيث ينح�رص بالذين ولدوا يف فل�سطني من دون �أوالدهم‬
‫و�أحفادهم‪ .‬وقطعت وا�شنطن الدعم عن ال�سلطة الفل�سطينية‪ ،‬ما عدا امل�ساعدات الأمنية‪،‬‬
‫وطالبت باالعرتاف بـ“�إ�رسائيل” كـ“دولة لل�شعب اليهودي”‪ ،‬ومل تتعامل الإدارة‬
‫الأمريكية مع الأرا�ضي املحتلة �سنة ‪ 1967‬باعتبارها �أرا�ض ٍ حمتلة‪ .‬ويف �أواخر ‪2019‬‬
‫قررت اعتبار اال�ستيطان يف ال�ضفة الغربية �رشعيا ً وقانونياً‪ ،‬وغري خمالف للقانون‬
‫الدويل‪.‬‬
‫�أما ما يعرف بـ“�صفقة القرن” �أو “�صفقة ترامب”‪ ،‬فقد ّ‬
‫مت الإعالن عنها يف‬
‫‪2020/1/28‬؛ بعد �أن ا�ستمرت “الت�رسيبات” حولها طيلة ثالثة �أعوام‪ .‬وقد جاءت‬
‫يف ‪� 181‬صفحة‪ ،‬وحتتوي على ‪ 22‬ق�سماً‪ ،‬و‪ 4‬مالحق‪ ،‬من بينها خريطتان تو�ضحان‬
‫جغرافية “�إ�رسائيل” والدولة الفل�سطينية املفرت�ضة وتوزيع امل�ستوطنات‪ .‬وتلخ�صت‬
‫بنود الوثيقة يف �إن�شاء كيان فل�سطيني حتت الهيمنة ال�صهيونية‪ ،‬يف ال�ضفة الغربية‬
‫وقطاع غزة‪ ،‬ميكن ت�سميته جتاوزا ً “دولة”؛ بحيث يكون منزوع ال�سالح متاماً‪ ،‬وتكون‬
‫عا�صمة الكيان يف ال�ضواحي املجاورة ل�رشقي القد�س‪ ،‬ويتم ا�ستقطاع امل�ستوطنات‬
‫الإ�رسائيلية يف ال�ضفة الغربية‪ ،‬و�ضمها لـ“�إ�رسائيل”‪ .‬ويخ�ضع نهر الأردن لل�سيادة‬
‫الإ�رسائيلية‪ ،‬كما تبقى املياه الإقليمية لغزة حتت ال�سيطرة الإ�رسائيلية؛ ويتم دمج �سكان‬

‫‪243‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫قرى املثلث الفل�سطيني يف فل�سطني املحتلة ‪ 1948‬مع الكيان الفل�سطيني‪ ،‬وتبقى معابر‬
‫“الدولة الفل�سطينية” خا�ضعة للرقابة الإ�رسائيلية‪ .‬ويتم تو�سيع قطاع غزة من خالل‬
‫مناطق جماورة يف �صحراء النقب‪ ،‬يف مقابل الأر�ض امل�صادرة من ال�ضفة الغربية‪ .‬وعلى‬
‫“الدولة الفل�سطينية” الإقرار بـ“يهودية الدولة الإ�رسائيلية”‪.‬‬

‫· الإعالن عن خطة ترامب “�صفقة القرن”‪2020/1/28 ،‬‬

‫هدفت �صفقة ترامب يف جوهرها �إىل‪:‬‬


‫‪ .1‬حتقيق التطبيع الإ�رسائيلي مع البلدان العربية‪ ،‬وبناء العالقات مع الدول العربية‬
‫مع جتاوز الطرف الفل�سطيني‪ ،‬ليُ�ستخدم ذلك يف ال�ضغط عليهم لقبول ال�رشوط‬
‫والإمالءات الإ�رسائيلية‪.‬‬
‫‪ .2‬حتقيق ما ُي�سمى “ال�سالم االقت�صادي”؛ من خالل التعامل مع ق�ضية فل�سطني‬
‫كق�ضية �إن�سانية حتل بتح�سني �أو�ضاع الفل�سطينيني االقت�صادية‪ ،‬ولي�س بو�صفهم‬
‫�شعبا ً حتت االحتالل‪ ،‬وين�شد التحرير‪.‬‬
‫‪� .3‬إنهاء ح ّل الدولتني‪ ،‬و�إعطاء فل�سطينيي ال�ضفة والقطاع حكما ً ذاتيا ً (يحمل ا�سم‬
‫دولة) منزوع ال�سالح‪ ،‬حتت الهيمنة الإ�رسائيلية؛ مع حتويل ال�ضفة �إىل كانتونات‬
‫ممزقة حماطة بالكيان الإ�رسائيلي من كل اجلهات‪ ،‬وجتريد قطاع غزة من �سالحه‪،‬‬
‫ومواجهة حما�س لتطويعها‪.‬‬

‫‪244‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2021–2012‬‬

‫‪� .4‬شطب حقّ العودة لالجئني الفل�سطينيني‪ ،‬وفر�ض ال�سيادة الكاملة على القد�س‪ ،‬و�ض ّم‬
‫مناطق الأغوار و�ض ّم امل�ستوطنات‪.‬‬
‫‪ .5‬تغيري بو�صلة ال�رصاع؛ ب�إدخال “�إ�رسائيل” يف حتالفات يف املنطقة �ض ّد ما ي�سمى‬
‫“الإرهاب”‪ ،‬و“الإ�سالم ال�سيا�سي”‪ ،‬و�إيران‪ ،‬و�إ�شغال املنطقة ب�رصاعات طائفية‬
‫وعرقية‪.‬‬
‫وبالرغم من ت�صاعد ال�ضغط على الفل�سطينيني لفر�ض “ال�صفقة” عليهم‪ ،‬غري �أنهم‬
‫احتدوا �ضدها‪ ،‬وانتهى عهد ترامب دون �أن يتمكن من �إنفاذها‪ .‬غري �أن �سنة ‪2020‬‬
‫�شهدت اجنرار بع�ض الأنظمة العربية مل�سار الت�سوية ال�سلمية‪ ،‬وهي الإمارات والبحرين‬
‫وال�سودان واملغرب‪ ،‬ودخولها يف حظرية التطبيع مع الكيان ال�صهيوين‪ ،‬مما مثَّل انتكا�سة‬
‫كبرية لأمتنا العربية وامل�سلمة‪.‬‬
‫ومع انتهاء عهد ترامب‪ ،‬وفوز‬
‫بايدن باالنتخابات الأمريكية‪،‬‬
‫تراجع ال�ضغط الأمريكي ب�ش�أن‬
‫“�صفقة ترامب”‪ ،‬و�إن كان جوهر‬
‫ال�سيا�سة الأمريكية الداعم والراعي‬
‫يتغي‪.‬‬
‫للكيان ال�صهيوين مل ّ‬

‫· خريطة فل�سطني امل�ستقبلية وفق “�صفقة القرن”‬

‫‪245‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫خام�س ًا‪ :‬القد�س والو�ضع احلايل‪:‬‬


‫القد�س م�س�ألة مركزية يف الفكر اليهودي‬
‫ال�صهيوين؛ ملا متثله من �أبعاد دينية‬
‫وتاريخية‪ .‬وكان قرار التق�سيم ال�صادر‬
‫عن اجلمعية العامة للأمم املتحدة رقم‬
‫‪ 181‬يف �سنة ‪ ،1947‬والقا�ضي بتق�سيم‬
‫فل�سطني �إىل دولتني عربية ويهودية‪ ،‬قد‬
‫خا�صا ً بحيث تكون‬
‫ّ‬ ‫�أعطى القد�س و�ضعا ً‬
‫حتت ال�سيادة الدولية‪ .‬ولكن ال�صهاينة‬
‫احتلوا غربي القد�س �سنة ‪،1948‬‬
‫وقاموا بطرد ‪� 60‬ألفا ً من �سكانها العرب‪.‬‬
‫وميلك الفل�سطينيون نحو ‪ %88.7‬من‬
‫جممل م�ساحة القد�س الغربية‪ ،‬والتي قام ال�صهاينة بتهويدها‪ ،‬وبناء �أحياء �سكنية‬
‫يهودية فوق �أرا�ضيها‪ ،‬و�أرا�ضي القرى العربية امل�صادرة حولها‪ ،‬مثل قرية لفتا‬
‫التي ُبني عليها الربملان الإ�رسائيلي (الكني�ست) وعدد من الوزارات‪ ،‬وقرى عني كارم‬
‫ودير يا�سني واملاحلة وغريها‪.78‬‬
‫ويف �سنة ‪� 1967‬أكملت “�إ�رسائيل” احتاللها ل�رشقي القد�س الذي كان حتت ال�سيطرة‬
‫الأردنية‪ ،‬والذي ُيع ّد جزءا ً من ال�ضفة الغربية‪ .‬ومنذ ذلك الوقت بد�أت حملة تهويد‬
‫حممومة ل�رشقي القد�س‪ ،‬ف�أعلن عن توحيد �شطري القد�س حتت الإدارة الإ�رسائيلية‬
‫يف ‪ ،1967/6/27‬ثم �أعلن ر�سميا ً يف ‪� 1980/7/30‬أن القد�س عا�صمة �أبدية موحدة للكيان‬
‫الإ�رسائيلي‪.79‬‬

‫‪246‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2021–2012‬‬

‫وقد قام الكيان الإ�رسائيلي بتو�سيع نطاق بلدية القد�س تدريجياً؛ ليتمكن من �ض ّم‬
‫مناطق �أخرى من ال�ضفة الغربية نهائيا ً �إىل كيانه‪ ،‬وليقوم بعملية تهويد القد�س على نطاق‬
‫مربمج وا�سع‪ .‬فعندما احتلت “�إ�رسائيل” القد�س �سنة ‪ 1967‬كانت م�ساحة �رشقي القد�س‬
‫‪2‬‬
‫‪ 6.5‬كم‪ 2‬وم�ساحة غربي القد�س ‪ 24‬كم‪ ،2‬فقامت بتو�سيع نطاق البلدية �إىل ‪ 104‬كم‬
‫اقتطعتها من �أرا�ض ٍ تابعة لـ ‪ 28‬قرية فل�سطينية يف حميط مدينة القد�س‪ ،‬ويقع معظمها‬
‫�رشقي املدينة �أي يف ال�ضفة الغربية‪ .‬ثم تابعت “�إ�رسائيل” تو�سيع حدود بلدية القد�س‬
‫‪2‬‬
‫خالل �سبعينيات وثمانينيات القرن الع�رشين حتى و�صلت �إىل ‪ 126‬كم‪2‬؛ يقع ‪ 72‬كم‬
‫منها �رشقي القد�س‪ ،‬بينما يقع ‪ 54‬كم‪ 2‬غربي املدينة‪.‬‬
‫وي�سكن القد�س ب�شقيها الغربي وال�رشقي نحو ‪� 936‬ألفاً‪ ،‬ح�سب تقديرات �سنة ‪2019‬‬
‫من بينهم ‪� 577.6‬ألف يهودي (‪ ،)%61.7‬ي�سكن نحو ‪� 227‬ألفا ً منهم �رشقي القد�س؛ بينما‬
‫هناك ‪� 359‬ألف عربي (‪ )%38.3‬كلهم تقريبا ً ي�سكنون �رشقي القد�س‪ ،‬ما عدا نحو ‪� 5‬آالف‬
‫ي�سكنون ال�شطر الغربي‪ .80‬وقد ف�شل االحتالل الإ�رسائيلي‪ ،‬بالرغم من كل الإجراءات‬
‫القا�سية التي يتخذها‪ ،‬حتى الآن يف تنفيذ خمططه ال�ساعي لتخفي�ض ن�سبة العرب �إىل نحو‬
‫‪ %22‬فقط‪ .‬غري �أن الإح�صائيات تظهر تراجع �أعداد امل�سيحيني يف مدينة القد�س �إىل نحو‬
‫‪� 10‬آالف �أي ما ن�سبته ‪ %1‬من �سكان القد�س‪.‬‬
‫�صادرت دولة االحتالل معظم �أرا�ضي �رشقي القد�س‪ ،‬فبُنيت عليها امل�ستوطنات‬
‫التي �أحاطتها من كل جانب‪ ،‬وحرمت الفل�سطينيني من حقّ البناء على معظم �أرا�ضي‬
‫تبق �سوى ‪� 9‬آالف دومن فقط (من �أ�صل ‪� 72‬ألفاً) خم�ص�صة لأغرا�ض البناء‬
‫القد�س‪ ،‬ومل ِ‬
‫�أي ما يعادل ‪ %12.5‬من م�ساحة �رشقي القد�س �أو ‪ %7.25‬من م�ساحة بلدية القد�س التي‬
‫فر�ضها االحتالل‪.‬‬
‫ويف ‪ 1967/6/11‬قامت القوات الإ�رسائيلية بطرد �سكان حي املغاربة‪ ،‬بعد توجيه‬
‫�إنذار باخلروج لدقائق قليلة‪ ،‬وتبع ذلك تدمري ملنازل احلي البالغة ‪ 135‬منزالً مقابل‬
‫حائط الرباق‪ ،‬ومعظمها �أمالك �أوقاف �إ�سالمية‪ .‬وجرى ت�سويته بالأر�ض ليكون �ساحة‬
‫ي�ستخدمها اليهود لأغرا�ض عبادتهم‪ .‬وقامت ال�سلطات الإ�رسائيلية بال�سيطرة على‬
‫حي ال�رشف �أو ما يعرف باحلي اليهودي يف البلدة القدمية يف القد�س‪� .‬إذ �أ�صدرت يف‬
‫‪� 1968/4/18‬أمرا ً مب�صادرة ‪ 116‬دومنا ً ت�شمل ذلك احلي‪ ،‬و�شارع باب ال�سل�سلة‪ ،‬وهي‬
‫البا�شورة‪ ،‬وحي املغاربة‪ .‬وكانت ت�ضم خم�سة م�ساجد‪ ،‬وزاويتني‪ ،‬و�أربع مدار�س‪،‬‬

‫‪247‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫و�سوقا ً �أثرياً‪ ،‬و‪ 700‬مبنى‪ ،‬كان اليهود ميلكون منها قبل حرب ‪ 1948‬ما جمموعه‬
‫‪ 105‬مبانٍ‪� ،‬أما ما كان ميلكه العرب فكان ‪ 595‬مبنى‪.‬‬
‫وقد با�رشت ال�سلطات الإ�رسائيلية ب�إن�شاء �أوىل امل�ستوطنات الإ�رسائيلية �رشقي‬
‫القد�س وهي م�ستوطنة رامات �إ�شكول ‪ ،Ramat Eshkol‬منذ ‪1968‬؛ ثم تابعت �إن�شاء‬
‫امل�ستوطنات ب�شكل مت�سارع‪ .‬ويف نطاق بلدية �رشقي القد�س‪� ،‬أن�ش�أت طوقا ً من ‪ 11‬حيا ً‬
‫يهودياً‪ .‬كما �أن�ش�أت طوقا ً �آخر‪� ،‬أكرث ات�ساعاً‪ ،‬حول القد�س من ‪ 17‬م�ستوطنة يهودية‬
‫حماولة قطع القد�س عن حميطها العربي الإ�سالمي‪ ،‬وبالتايل قطع الطريق عن �أي ت�سوية‬
‫�سلمية ميكن �أن تعيد �رشقي القد�س للفل�سطينيني‪.81‬‬
‫�أما جدار الف�صل العن�رصي‪ ،‬الذي يتم �إن�شا�ؤه ف�إنه يحيط بالقد�س‪ ،‬هادفا ً �إىل عزلها‬
‫عن حميطها العربي والإ�سالمي‪ .‬وميتد م�ساره حول �رشقي القد�س على نحو ‪ 200‬كم‪.‬‬
‫وبح�سب التقارير ف�إن �أكرث من ‪� 230‬ألف فل�سطيني من �أبناء منطقة القد�س �سيت�أثرون‬
‫�سلبا ً ب�إقامة اجلدار‪ .‬ثم �إن ا�ستكمال هذا الطوق اخلطري على القد�س عزل ‪ 617‬موقعا ً‬
‫مقد�سا ً و�أثرا ً ح�ضاريا ً عن حميطها العربي والإ�سالمي‪.‬‬
‫يهودي دائم‬
‫ّ‬ ‫ومن جهة �أخرى‪� ،‬سعت ال�سلطات الإ�رسائيلية �إىل حتقيق وجود‬
‫اليهودي على البلدة القدمية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ومبا�رش يف امل�سجد الأق�صى وحميطه‪ ،‬لإ�ضفاء الطابع‬
‫وت�سهيل عمليات اقتحام امل�سجد وتوفري غطاء لأعمال احلفريات‪ .‬كما �سمحت ال�سلطات‬
‫الإ�رسائيلية ببناء الكن�س عند �أ�سوار امل�سجد ككني�س املدر�سة التنكز ّية‪ ،‬و�أ�سفل منه‬
‫ككني�سي خيمة �إ�سحاق ‪Tent of Isaac‬‬
‫ّ‬ ‫كقنطرة ويل�سون ‪ ،Wilson’s Arch‬ويف حميطه‬
‫‪ Synagogue‬وكني�س هورفا ‪. Hurva Synagogue‬‬
‫وبد�أ اليهود ال�صهاينة حملة حممومة من احلفريات حتت امل�سجد الأق�صى واملنطقة‬
‫التي حوله‪ ،‬مر ّكزين على املنطقة الغربية واجلنوبية للم�سجد‪ ،‬ونتج عن هذه احلفريات‬
‫ت�صدع عدد من الأبنية منها اجلامع العثماين‪ ،‬ورباط الكرد‪ ،‬واملدر�سة اجلوهرية‪،‬‬
‫واملدر�سة املنجكية‪ .‬ومنذ �سنة ‪ 1967‬مرت احلفريات بع�رش مراحل‪ ،‬كانت تتم بن�شاط‬
‫ولكن بهدوء وتكتم‪ ،‬وبلغت احلفريات مراحل خطرية عندما �أخذوا يفرغون الأتربة‬
‫وال�صخور من حتت امل�سجد الأق�صى وقبة ال�صخرة‪ ،‬م�ستخدمني املواد الكيماوية‬
‫لتذويب ال�صخور‪ ،‬مما يجعل الأق�صى حتت خطر االنهيار يف �أي حلظة‪ ،‬ب�سبب � ّأي‬
‫عا�صفة قوية �أو زلزال خفيف‪ .‬و�صادرت ال�سلطات الإ�رسائيلية الكثري من امل�ساجد‬

‫‪248‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2021–2012‬‬

‫واملباين التاريخية الإ�سالمية وهدمتها‪ ،‬فقامت مثالً يف ‪ 1969/6/20-14‬بهدم ‪ 31‬مبنى‬


‫�إ�سالميا ً تاريخيا ً و�رشدت �سكانها‪ .‬كما زاد عدد احلفريات والأنفاق �أ�سفل امل�سجد ويف‬
‫حميطه �إىل ‪ 47‬حفرية بحلول ‪� ،2012/8/21‬أدت �إىل عدد من االنهيارات والت�شققات داخل‬
‫امل�سجد ويف حميطه‪.‬‬

‫· احلفريات ال�صهيونية حتت امل�سجد الأق�صى‬

‫�أما االعتداءات على امل�سجد الأق�صى‪ ،‬فقد جرى ‪ 40‬اعتدا ًء خالل الفرتة ‪،1990-1967‬‬
‫ومل تنفع الت�سوية ال�سلمية واتفاقات �أو�سلو يف وقف االعتداءات‪ ،‬فتم ت�سجيل ‪ 72‬اعتدا ًء‬
‫خالل الفرتة ‪ ،1998-1993‬مما ي�شري �إىل ازدياد احلملة ال�رش�سة �ض ّد �أحد �أقد�س مقد�سات‬
‫امل�سلمني‪ .‬وكان من �أبرز االعتداءات عملية �إحراق امل�سجد الأق�صى يف ‪ 1969/8/21‬التي‬
‫اتهم فيها م�سيحي متع�صب يدعى ديني�س مايكل روهان ‪.Denis Michael Rohan‬‬
‫وجرت حماوالت لن�سف امل�سجد الأق�صى يف ‪ ،1980/5/1‬ويف كانون الثاين‪ /‬يناير‪ ،‬و�آب‪/‬‬
‫�أغ�سط�س‪ ،‬وكانون الأول‪ /‬دي�سمرب ‪ .1984‬ويف ‪ 1989/10/17‬قامت جماعة يهودية‬
‫بو�ضع حجر الأ�سا�س لبناء الهيكل اليهودي الثالث قرب مدخل امل�سجد الأق�صى‪.82‬‬
‫وتزايد عدد االقتحامات للم�سجد بحماية من �رشطة االحتالل ليبلغ ‪ 34‬اقتحاما ً خالل‬
‫الفرتة ‪.2011/8/21-2010/8/22‬‬
‫ويقوم �أبناء القد�س وفل�سطني بال�سهر على حماية الأق�صى بالرغم مما يعانونه من‬
‫احتالل وقهر‪ ،‬وهم يهبّون دوما ً للدفاع عن حرمته ب�أج�سادهم وحجارتهم‪ ،‬بعد �أن‬
‫فقدوا الن�صري العربي والإ�سالمي‪ .‬فلم تخل �أي حماولة اعتداء يهودية من قيام امل�سلمني‬

‫‪249‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫بالت�صدي لها حتى لو �أ ّدى ذلك �إىل ارتكاب جمازر بحقهم‪ ،‬كما حدث يف ‪ 1990/10/8‬عندما‬
‫ا�ست�شهد ‪ 34‬وجرح ‪� 115‬آخرون‪ ،‬حني حاولت جماعة يهودية و�ضع حجر �أ�سا�س الهيكل‬
‫داخل امل�سجد الأق�صى‪ .‬وكما حدث يف ‪� 1996/9/27-25‬إثر انتفا�ضة الغ�ضب التي قامت‬
‫ب�سبب افتتاح اليهود لنفق حتت اجلدار الغربي للم�سجد الأق�صى‪ ،‬مما �أدى ال�ست�شهاد‬
‫‪ 62‬فل�سطينياً‪ ،‬وجرح ‪� 1,600‬آخرين‪.83‬‬
‫لقد �صدرت ع�رشات القرارات الدولية عن الأمم املتحدة وجمل�س الأمن الدويل‬
‫‪ UN Security Council‬برف�ض �ض ّم الكيان الإ�رسائيلي ل�رشقي القد�س‪ ،‬ورف�ض � ّأي‬
‫تغي من واقع القد�س واعتبار ذلك الغياً‪ ،‬ور�أت هذه‬ ‫�إجراءات مادية �أو �إدارية �أو قانونية ّ‬
‫القرارات �أنّ الكيان الإ�رسائيلي قوة احتالل يجب �أن تخرج من القد�س (ومن ال�ضفة الغربية‬
‫وقطاع غزة ككل)‪ .‬وقد �صدر �أول هذه القرارات يف ‪ 1967/7/4‬عن اجلمعية العامة للأمم‬
‫املتحدة حتت رقم ‪ .2253‬وظلت القرارات تتواىل �إىل �أن �ض ّم الكيان الإ�رسائيلي القد�س‬
‫ر�سميا ً �إليه‪ ،‬فاتخذت اجلمعية العامة للأمم املتحدة قرار “د �إ ط ‪ ”2/7‬يف ‪1980/7/29‬‬
‫بغالبية ‪� 112‬صوتا ً مقابل ‪� 7‬أ�صوات وامتناع ‪ ،24‬يدعو ال�صهاينة �إىل االن�سحاب الكامل‬
‫ودون �رشوط من جميع الأرا�ضي العربية املحتلة مبا فيها القد�س‪ .‬واتخذ جمل�س الأمن‬
‫يف ‪ 1980/8/20‬بغالبية ‪� 14‬صوتا ً �ض ّد ال �شيء وامتناع الواليات املتحدة عن الت�صويت‬
‫قرارا ً ب�إعالن بطالن الإجراءات التي اتخذها الكيان الإ�رسائيلي لتغيري و�ضع القد�س‪،‬‬
‫م�ؤكدا ً �رضورة �إنهاء االحتالل الإ�رسائيلي‪ .‬وا�ستمرت القرارات يف ال�صدور �إىل الآن‪ ،‬غري‬
‫�أنها و�إن كانت تعرتف بحقوق الفل�سطينيني‪� ،‬إال �أنها تفتقر اجل ّدية والآلية الالزمة لإرغام‬
‫الكيان الإ�رسائيلي على احرتام القرارات الدولية‪.84‬‬

‫تطور الأو�ضاع يف الفرتة ‪:2021-2011‬‬


‫ر َّكز اال�ستيطان يف القد�س خالل الفرتة ‪ 2021-2011‬على تعزيز احل�ضور اليهودي‬
‫يف مركز القد�س‪ ،‬وتعزيز عزل القد�س عن ال�ضفة الغربية‪ ،‬وذلك بتعزيز البناء اال�ستيطاين‬
‫يف حميط القد�س‪ ،‬وحتويل القد�س �إىل مركز عمراين مل�ستوطني باقي ال�ضفة الغربية‪،‬‬
‫يعتمدون عليه يف اخلدمات وترتبط به خطوط ال�شوارع واملوا�صالت العامة‪ .‬وقد �سعى‬
‫ال�صهاينة �إىل اال�ستفادة الق�صوى من الغطاء ال�سيا�سي الذي و َّفره قرار الرئي�س الأمريكي‬

‫‪250‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2021–2012‬‬

‫دونالد ترامب يف ‪ 2017/12/6‬باالعرتاف بالقد�س عا�صمة لـ“�إ�رسائيل”‪ ،‬ونقل ال�سفارة‬


‫الأمريكية �إليها‪85‬؛ وذلك بت�رسيع م�سارات التهويد‪ ،‬وحماولة تو�سيع دائرة “ال�رشعنة”‬
‫ال�سيا�سية الحتاللهم للقد�س‪ .‬وقد قابل ذلك حتركات �شعبية مقد�سية �أ�سا�ساً‪ ،‬وحتركات‬
‫فل�سطينية وعربية و�إ�سالمية �أقل ح�ضورا ً ملواجهة هذه املحاوالت‪ ،‬ومنعها من التحقق‪.‬‬
‫وحتى الآن (‪ )2021‬ف�شل الإ�رسائيليون والأمريكان يف توفري غطاء دويل لإجراءاتهما؛‬
‫لكن املخاطر الكبرية ما تزال حتيق بالقد�س وم�ستقبلها‪.‬‬
‫تزايد الن�شاط اليهودي ال�صهيوين يف هذه الفرتة لتحقيق تق�سيم دائم للم�سجد‬
‫الأق�صى بني امل�سلمني واليهود‪ ،‬على م�ستوى اجلمعيات اليهودية وامل�ستوى الر�سمي‬
‫على ح ٍّد �سواء‪ ،‬وباتت االقتحامات اجلماعية للم�سجد‪� ،‬أكرب حجما ً وتنظيما ً ونوعية‪ ،‬كما‬
‫زادت الت�سهيالت والرعاية املقدمة لها من قبل �سلطات االحتالل‪ ،‬يف الوقت الذي �شددت‬
‫فيه تلك ال�سلطات قيودها على حماوالت امل�صلني يف امل�سجد واملرابطني فيه مواجهة تلك‬
‫االقتحامات‪� ،‬إىل ح ّد اعتقال كل من يعلو �صوته بالتكبري يف وجه املجموعات املقتحمة‪،‬‬
‫واعتماد �أ�سلوب �إبعاد امل�صلني عن امل�سجد لفرتات متفاوتة‪ ،‬وت�شديد الرقابة على رواده‬
‫واملرابطني فيه من طالب م�صاطب العلم وغريهم‪.‬‬
‫يف الوقت نف�سه‪ ،‬اتخذت �سلطات االحتالل جمموعة من الإجراءات لتخفيف القيود‬
‫التي كانت مفرو�ضة على دخول اليهود �إىل امل�سجد الأق�صى‪ ،‬حيث ّ‬
‫مت ال�سماح للع�سكريني‬
‫الإ�رسائيليني بدخول امل�سجد بز ّيهم الع�سكري‪ ،‬وهو �أمر كان ممنوعا ً يف ال�سابق‪،‬‬
‫وال�سماح ب�إقامة حفالت زفاف يهودية داخله‪ ،‬وعدم �إخ�ضاع املتدينني اليهود لإجراءات‬
‫تفتي�ش ورقابة �صارمة عند دخولهم �إليه‪.‬‬
‫وقد �سار العدوان على الأق�صى يف ثالثة اجتاهات متوازية‪ :‬الأول م�سار التق�سيم‬
‫الزماين واالقتحامات‪ ،‬مع الرتكيز على فر�ض �أداء الطقو�س التلمودية العلنية داخل‬
‫الأق�صى ب�شك ٍل تدريجي؛ والثاين م�سار تفريغ دور الأوقاف الأردنية يف الإ�رشاف على‬
‫املقد�سات من م�ضمونه‪ ،‬وكان من �أمثلته يف مطلع ‪ 2019‬قيام ال�صهاينة ب�سلب �صالحية‬
‫ترميم اجلدار اجلنوبي الغربي للأق�صى من اخلارج من الأوقاف‪ ،‬لتنفذ بلدية االحتالل‬
‫ترميما ً يف الأق�صى لأول مرة يف تاريخه منذ احتالله‪ ،‬وقيامهم يف ت�رشين الأول‪� /‬أكتوبر‬
‫‪ 2019‬مبنع احلرا�س من مواكبة املقتحمني ال�صهاينة خالل الأعياد �أو من ت�صويرهم‪.‬‬
‫�أما امل�سار الثالث فهو م�سار التق�سيم املكاين والذي حاول ا�ستهداف باب الرحمة من‬

‫‪251‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫اجلهتني الداخلية واخلارجية عند املقربة التاريخية املجاورة له‪ .‬غري �أن املقد�سيني متكنوا‬
‫بعد عدد من املواجهات مع االحتالل من فتح م�صلى باب الرحمة يف امل�سجد الأق�صى يف‬
‫‪ 2019/2/22‬بعد ‪ 16‬عاما ً من �إغالقه‪.86‬‬

‫· م�صلى باب الرحمة‬

‫وقد �صادق الكني�ست الإ�رسائيلي على قانون منع الأذان يف �آذار‪ /‬مار�س ‪ ،2017‬الذي‬
‫مينع رفع الأذان يف م�ساجد فل�سطني املحتلة �سنة ‪ 1948‬مبا فيها القد�س‪ ،‬عرب مكربات‬
‫ال�صوت من ال�ساعة ‪ 11‬م�ساء حتى ‪� 7‬صباحا ً‪ .87‬و�شهدت �سنة ‪ 2017‬حماولة االحتالل‬
‫لفر�ض �أمر واقع جديد يف امل�سجد الأق�صى من خالل ن�صب كامريات مراقبة وبوابات‬
‫فهب املقد�سيون �ضده فيما ُعرِف بـ“هبّة باب الأ�سباط”‬‫�إلكرتونية يف ‪َّ ،882017/7/14‬‬
‫وجنحوا بعد �أ�سبوعني من الغ�ضب واالعت�صامات �أمام بوابات امل�سجد الأق�صى يف �إجبار‬
‫�سلطات االحتالل على الرتاجع‪.‬‬
‫وقد �سعى ال�صهاينة ل�رضب رموز الوجود الفل�سطيني يف القد�س‪ ،‬ف�أغلقوا مقر‬
‫مديرية الرتبية والتعليم يف القد�س واملركز ال�صحي العربي‪ ،‬ونفذوا عمليات هدم كربى يف‬
‫خميم �شعفاط ووادي احلم�ص والعيزرية‪ ،‬و�أقروا حزمة من م�رشوعات التهويد اخلطرية‬
‫مثل قطار القد�س الهوائي ‪ Jerusalem Cable Car‬يف حميط البلدة القدمية‪ ،‬وم�رشوع‬
‫م�ستوطنة كربى جديدة يف مكان مطار قلنديا �شماالً‪ .‬غري �أنهم ا�ضطروا لإعالن ت�أجيل‬
‫هدم جتمع اخلان الأحمر �رشقي القد�س يف ‪ 2018/10/20‬بعد خم�سة �أ�شهر من املواجهات‬
‫وال�ضغوط الفل�سطينية والدولية‪.89‬‬

‫‪252‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2021–2012‬‬

‫وقد �شكلت جماعات “املعبد” (التي تخطط لال�ستيالء على الأق�صى) “االئتالف من‬
‫�أجل املعبد”‪ ،‬الذي بد�أ ن�شاطه الفعال يف ‪ ،902013/3/21‬مب�شاركة ‪ 19‬م�ؤ�س�سة م�سجلة‬
‫ر�سميا ً‪ .91‬و�أ�صبح هناك توافق بني خمتلف الأطياف ال�صهيونية لتطبيق خطة “القد�س‬
‫القدمية” املعروفة با�سم “كيدم يرو�شالمي ‪ ،”Kedem Yerushalayim‬ب�ش�أن القيام‬
‫ب�إن�شاءات يف حميط امل�سجد الأق�صى‪ ،‬وبالذات يف املنطقة املحيطة بحائط الرباق؛ وقد‬
‫�أُقر يف ‪ 2012/2/13‬خمطط بناء امل�رشوع الأهم والأكرب يف “خطة القد�س القدمية”‪ ،‬الذي‬
‫ُيعرف بـ“مركز ال ِق َدم ‪ .92”Kedem Center‬وجاءت انتخابات الكني�ست يف �آذار‪ /‬مار�س‬
‫‪ ،2015‬واحلكومة التي ت�شكلت على �أ�سا�سها يف �أيار‪ /‬مايو ‪ 2015‬لتمنح جماعات “املعبد”‬
‫(التي تخطط لال�ستيالء على الأق�صى) ت�أثريا ً �سيا�سيا ً �أكرب؛ �إذ ح�صلوا على ثماين حقائب‬
‫وزارية‪ ،‬منها حقيبة اال�ستيطان وحقيبة �ش�ؤون القد�س‪ ،‬وح�صلوا على مقعد ٍ يف احلكومة‬
‫امل�صغرة “كابينت ‪ ،93”Cabinet‬وهو النفوذ ال�سيا�سي الأكرب الذي يعرفونه يف تاريخ‬
‫“�إ�رسائيل” منذ ت�أ�سي�سها‪ .‬وهو نفوذ ظ ّل قويا ً وم�ستمرا ً بدرجات متفاوتة حتى الآن‬
‫(‪.)2021‬‬
‫وتوا�صلت احلفريات والأنفاق �أ�سفل امل�سجد الأق�صى ويف حميطه‪ ،‬غري �أنه يف العقد‬
‫الثاين من القرن احلادي والع�رشين ان�صب الرتكيز الأ�سا�سي على ت�أهيل تلك احلفريات‬
‫وربطها ببع�ضها البع�ض‪ ،‬وجتهيز البنية التحتية الالزمة ال�ستقبال الزائرين فيها‪،‬‬
‫متهيدا ً الفتتاحها �أمام الزائرين‪ ،‬لت�ش ِّكل مدينة �سياحية متكاملة حتت الأر�ض‪ .‬وقد كان‬
‫مت افتتاحها خالل �سنة ‪ 2011‬النفق الوا�صل بني “مدينة داود ‪City of‬‬ ‫�أبرز الأنفاق التي ّ‬
‫‪ ”David‬يف �سلوان جنوبا ً و�شبكة �أنفاق احلائط الغربي �شماالً‪ ،‬والذي ي�شكل الطريق‬
‫الهريوديان ‪ Herodian road‬مقطعا ً منه‪.94‬‬
‫وقد �شهدت هذه الفرتة ارتفاعا ً كبريا ً لعدد مقتحمي امل�سجد الأق�صى من املتطرفني‬
‫اليهود‪ ،‬فمثالً بلغ عددهم ‪ 14,806‬يف �سنة ‪ ،2016‬حيث زادت ن�سبتهم ‪ %28‬عن �سنة‬
‫‪ .2015‬بينما و�صل عدد امل�ستوطنني الذين اقتحموا امل�سجد �سنة ‪� 2017‬إىل ‪25,630‬‬
‫م�ستوطناً‪ ،‬بن�سبة زيادة ‪ %73‬عن �سنة ‪ ،2016‬وقد فتحت قوات االحتالل امل�سجد �أمام‬
‫هذه االقتحامات ‪ 232‬يوماً‪ .‬هذا بالإ�ضافة �إىل وقوع ‪ 900‬اعتداء على امل�سجد الأق�صى‬
‫وعلى امل�صلني خالل �سنة ‪� .2017‬أما يف �سنة ‪ 2020‬فقد بلغ عدد امل�ستوطنني الذين‬
‫اقتحموا امل�سجد ‪ 18,526‬م�ستوطنا ً‪.95‬‬

‫‪253‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫وبالإ�ضافة �إىل االعتداءات على امل�سجد الأق�صى‪ ،‬تركزت اعتداءات االحتالل على‬
‫مت تدمري �أكرث من مئة قرب فيها‬‫املقد�سات الإ�سالمية يف القد�س على مقربة م�أمن اهلل‪ ،‬التي ّ‬
‫بحماية من �رشطة االحتالل‪ ،‬ل�صالح م�رشوع �إقامة “مركز الكرامة الإن�سانية ‪ -‬الت�سامح‬
‫‪ .”Center for Human Dignity-Museum of Tolerance‬وقد ك�شفت م�ؤ�س�سة‬
‫الأق�صى يف ‪ 2013/3/19‬عن ع�رش خمططات تهويدية للمقربة‪ ،‬تبتلع بالكامل‬
‫م�ساحة الـ ‪ 25‬دومنا ً املتبقية منها‪ .96‬وتع ّر�ضت مقربة م�أمن اهلل خالل �سنتي‬
‫‪ 2015-2014‬ال�ستمرار الق�ضم التدريجي حيث مل يبقَ من م�ساحتها �إالّ �أقل من الع�رش‪.‬‬
‫كما ّ‬
‫مت �إغالق مقربة الرحمة �أمام الدفن يف �أيلول‪� /‬سبتمرب ‪.2015‬‬
‫وكما الحظنا‪ ،‬فقد تابع �أبناء القد�س وفل�سطني �صمودهم البطويل ودفاعهم‬
‫عن الأق�صى واملقد�سات؛ وقد جتلى ذلك يف الفرتة امل�شار �إليها يف انتفا�ضة القد�س‬
‫‪ ،2017-2015‬وهبّة باب الأ�سباط ‪ ،2017‬وهبّة باب الرحمة ‪ ،2019‬ومواجهات الدفاع‬
‫عن الأق�صى وحي ال�شيخ جراح‪ ،‬التي ترافقت معها معركة �سيف القد�س ‪2021‬؛ والتي‬
‫مت احلديث عنها يف مو�ضع �آخر من هذا الكتاب (ال�صفحات ‪.)222-220‬‬ ‫ّ‬

‫‪254‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2021–2012‬‬

‫�ساد�س ًا‪ :‬الكيان ا إل�سرائيلي ‪:2021–2012‬‬


‫بقدر ما كان لدى املجتمع ال�صهيوين ما يكفي من �أ�سباب للقلق خالل الفرتة‬
‫‪ 2021-2012‬نتيجة الثورات والتغريات يف العامل العربي‪ ،‬ونتيجة ت�صاعد قوة‬
‫املقاومة وجناحها يف مواجهة عدوانه على قطاع غزة‪ ،‬ونتيجة ُّ‬
‫تعث م�سار الت�سوية‬
‫ال�سلمية؛ فقد كان لديه ما يزيد عن الق ْد ِر نف�سه من �أ�سباب االرتياح‪ ،‬نتيجة املوجة‬
‫امل�ضادة التي �أف�شلت معظم الثورات العربية‪ ،‬و�أدخلت عددا ً من بلدان املنطقة يف حاالت‬
‫انهيار وحروب �أهلية‪ ،‬ونتيجة ت�صاعد برامج التهويد يف القد�س وال�ضفة الغربية‪،‬‬
‫ُّ‬
‫وتعث‬ ‫وتكري�س الدور الوظيفي لل�سلطة الفل�سطينية يف خدمة االحتالل الإ�رسائيلي‪،‬‬
‫م�سار امل�صاحلة الفل�سطينية؛ ونتيجة جناح ال�صهاينة يف �إقامة عالقات ر�سمية‬
‫والتطبيع مع عدد من الدول العربية‪ ،‬خ�صو�صا ً �سنة ‪ 2020‬وهي الإمارات‪ ،‬والبحرين‪،‬‬
‫وال�سودان‪ ،‬واملغرب‪ .‬هذا‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل متتع الكيان ال�صهيوين مب�ستويات اقت�صادية‬
‫وع�سكرية متقدمة قيا�سا ً بكل بلدان املنطقة‪.‬‬
‫�شهدت ال�ساحة الإ�رسائيلية يف الفرتة‬
‫‪ 2021-2012‬مزيدا ً من اجلنوح نحو اليمني‬
‫املت�شدد والتطرف الديني‪ ،‬حيث وا�صلت قوى‬
‫اليمني الهيمنة على امل�شهد ال�سيا�سي‪ ،‬بينما ا�ستمر‬
‫تراجع الأحزاب الي�سارية‪ .‬وقاد الليكود امل�شهد‬
‫ال�سيا�سي الإ�رسائيلي‪ ،‬وتوىل بنيامني نتنياهو‬
‫‪ Benjamin Netanyahu‬رئا�سة الوزارة يف الفرتة‬
‫· بنيامني نتنياهو‬
‫‪ ،2021–2009‬لي�صبح �صاحب �أطول فرتة حكم يف‬
‫تاريخ الكيان ال�صهيوين‪.‬‬
‫وقد ا�ستمرت احلالة ال�سيا�سية الإ�رسائيلية على �سلوكها املعتاد يف عقد‬
‫التحالفات وف ّكها‪ ،‬ويف ن�شوء �أحزاب جديدة واندثار �أخرى‪ .‬فمع انف�ضا�ض حتالف‬
‫الليكود و“�إ�رسائيل بيتنا”‪ ،‬ظهر حتالف املع�سكر ال�صهيوين بني العمل واحلركة‬
‫)‪ ،The Movement (Hatnuah‬وكما اندثر حزب كادميا‪ ،‬فقد اندثر حزب احلركة‬
‫الحقاً‪ .‬وظهرت �أحزاب جديدة �أمثال ُكلُّنا ‪ ,Kulanu‬وي�ش عتيد ‪Yesh Atid‬‬
‫)‪ ,(There is a Future‬والبيت اليهودي ‪ ,Jewish Home‬و�أزرق �أبي�ض‬

‫‪255‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫‪ Blue and White Party‬وغريها‪ .‬وحافظت �أحزاب �أخرى على ن�سب تواجدها ا�ستنادا ً‬
‫�إىل قواعدها التقليدية مثل حزب �شا�س ‪ Shas‬امل�ستند لليهود ال�رشقيني‪� ،‬أو حزب‬
‫“�إ�رسائيل بيتنا” امل�ستند لليهود الرو�س‪.‬‬
‫وقد �أقر الكني�ست يف ‪ 2014/3/11‬قانون رفع ن�سبة احل�سم يف االنتخابات الربملانية من‬
‫‪� %2‬إىل ‪� ،%3.25‬سعيا ً للتخل�ص من الأحزاب ال�صغرية‪ ،‬ومن الوجود الفل�سطيني العربي‬
‫يف الكني�ست‪ ،‬غري �أن الأحزاب العربية دخلت يف حتالفات �أبقت على وجودها املعتاد يف‬
‫الكني�ست‪ ،‬وحافظت على معدل ‪ 15-11‬مقعداً‪ .‬ومن الناحية العملية‪ ،‬زادت قوتها نتيجة‬
‫�شعورها باخلطر‪ ،‬كما زادت حظوظها يف عدد املقاعد عندما توحدت يف قائمة واحدة‪.‬‬
‫وللمرة الأوىل يف تاريخ الكيان الإ�رسائيلي جرت انتخابات الكني�ست لأربع مرات‬
‫متتالية خالل ثالث �سنوات ‪ .2021-2019‬حيث ف�شل احلزبان الكبريان الليكود‬
‫و�أزرق �أبي�ض يف امل ّرتني الأوليني يف ت�شكيل حكومة حتظى بالأغلبية يف الكني�ست‪ ،‬ويف‬
‫احلالة الثالثة جنحا يف ت�شكيل حكومة ائتالفية فيما بينهما؛ غري �أنها انهارت بعد ب�ضعة‬
‫�أ�شهر‪ ،‬ويف االنتخابات الرابعة التي جرت يف �آذار‪ /‬مار�س ‪ 2021‬ف�شل الليكود يف ت�شكيل‬
‫احلكومة‪ ،‬بينما جنح ائتالف ه�ش بني حز َبي ي�ش عتيد برئا�سة يائري لبيد‪Yair Lapid ‬‬
‫وميينا ‪ Yamina‬برئا�سة نفتايل بينيت ‪ Naftali Bennett‬و�أحزاب �أخرى من ت�شكيل‬
‫احلكومة يف حزيران‪ /‬يونيو ‪ ،2021‬حيث جمعتها الرغبة يف التخل�ص من نتنياهو وامللف‬
‫االقت�صادي‪ .‬وما زال النظام ال�سيا�سي الإ�رسائيلي يعاين حالة من الال ا�ستقرار؛ غري �أن‬
‫توحد املنظومة ال�صهيونية بكافة �أحزابها وتياراتها يف امل�صالح العليا‬
‫ذلك ال مينع من ّ‬
‫والق�ضايا الكربى‪.‬‬

‫· نفتايل بينيت‬ ‫· يائري لبيد‬

‫‪256‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2021–2012‬‬

‫‪97‬‬
‫نتائج انتخابات الكني�ست الـ ‪ 24‬مقارنة بالكني�ست الـ ‪23‬‬

‫الكني�ست الـ ‪23‬‬ ‫الكني�ست الـ ‪24‬‬


‫(‪)2020/3/2‬‬ ‫(‪)2021/3/23‬‬
‫*‬
‫ا�سم القائمة‬
‫عدد‬ ‫عدد الأ�صوات‬ ‫عدد‬ ‫عدد الأ�صوات‬
‫املقاعد‬ ‫ال�صاحلة‬ ‫املقاعد‬ ‫ال�صاحلة‬
‫‪36‬‬ ‫‪1,352,449‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪1,066,892‬‬ ‫الليكود‬
‫–‬ ‫–‬ ‫‪17‬‬ ‫‪614,112‬‬ ‫ي�ش عتيد‬
‫‪9‬‬ ‫‪352,853‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪316,008‬‬ ‫�شا�س‬
‫‪33‬‬ ‫‪1,220,381‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪292,257‬‬ ‫**‬
‫�أزرق �أبي�ض‬
‫‪6‬‬ ‫‪240,689‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪273,836‬‬ ‫ميينا‬
‫–‬ ‫–‬ ‫‪7‬‬ ‫‪268,767‬‬ ‫العمل‬
‫‪7‬‬ ‫‪274,437‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪248,391‬‬ ‫يهود التوراة (يهدوت هتوراة)‬
‫‪7‬‬ ‫‪263,365‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪248,370‬‬ ‫”�إ�رسائيل بيتنا“‬
‫–‬ ‫–‬ ‫‪6‬‬ ‫‪225,641‬‬ ‫ال�صهيونية الدينية‬
‫القائمة امل�شرتكة‬
‫‪15‬‬ ‫‪581,507‬‬ ‫–‬ ‫–‬ ‫(املوحدة‪ ،‬وحدا�ش‪ ،‬والتجمع‪،‬‬
‫والتغيري)‬

‫–‬ ‫–‬ ‫‪6‬‬ ‫‪212,583‬‬ ‫القائمة امل�شرتكة‬


‫(حدا�ش‪ ،‬والتجمع‪ ،‬والتغيري)‬
‫–‬ ‫–‬ ‫‪6‬‬ ‫‪209,161‬‬ ‫�أمل جديد‬
‫–‬ ‫–‬ ‫‪6‬‬ ‫‪202,218‬‬ ‫مريت�س ‪Meretz‬‬
‫–‬ ‫–‬ ‫‪4‬‬ ‫‪167,064‬‬ ‫القائمة العربية املوحدة‬
‫‪7‬‬ ‫‪267,480‬‬ ‫–‬ ‫–‬ ‫العمل ‪ -‬جي�رش ‪ -‬مريت�س‬
‫‪6,453,255‬‬ ‫‪6,578,084‬‬ ‫عدد الذين يحق لهم االقرتاع‬
‫‪4,553,161‬‬ ‫‪4,410,052‬‬ ‫جمموع الأ�صوات ال�صاحلة‬

‫ * هناك بع�ض االخت�صار يف �أ�سماء القوائم والأحزاب وحتالفاتها‪ ،‬ملحاولة جتنّب تعقيد اجلدول‪.‬‬
‫** قام حزب ي�ش عتيد بح ّل نف�سه ر�سميا ً قبيل انتخابات ني�سان‪� /‬أبريل ‪ ،2019‬و�أعلن ان�ضمامه �إىل حزب‬
‫�أزرق �أبي�ض‪ ،‬ثم انف�صل مرة �أخرى ونزل ب�شكل م�ستقل يف انتخابات �آذار‪ /‬مار�س ‪.2021‬‬

‫‪257‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫نتائج انتخابات الكني�ست الـ ‪ 24‬يف ‪2021/3/23‬‬

‫نتائج انتخابات الكني�ست الـ ‪ 23‬يف ‪2020/3/2‬‬

‫ت�صب يف‬
‫ّ‬ ‫مت طرح عدة قوانني عن�رصية ومناق�شتها‪ ،‬وهي‬ ‫من جهة �أخرى‪ ،‬فقد ّ‬
‫تكري�س “يهودية �إ�رسائيل”‪ .‬وازدادت املالحقات والت�ضييقات املوجهة �ض ّد فل�سطينيي‬
‫‪ 1948‬ب�شكل ملحوظ‪ .‬وكان �أبرزها قرار �إخراج احلركة الإ�سالمية بقيادة ال�شيخ رائد‬
‫�صالح عن القانون �سنة ‪ ،2015‬وحظر كافة ن�شاطاتها‪ ،‬مبا يف ذلك ‪ 19‬جمعية وم�ؤ�س�سة‬
‫تابعة لها‪.‬‬

‫‪258‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2021–2012‬‬

‫ويف �أجواء ترعى فيها احلكومة الإ�رسائيلية “الروح اليهودية” ب�شكل عن�رصي على‬
‫خلفيات قومية �أو دينية �أو تراثية‪� ،‬سعت وزيرة “العدل” �أيليت �شاكيد ‪Ayelet Shaked‬‬
‫لإعداد جمموعة قوانني تربز هوية “�إ�رسائيل” وجوهرها الرتاثي اليهودي‪ .‬وبعد �أن‬
‫و�صلت م�س�ألة القومية اليهودية” �أو “يهودية الدولة” �إىل الكني�ست عدة مرات‪� ،‬صادقت‬
‫اللجنة الوزارية للت�رشيع يف الكني�ست �سنة ‪ 2017‬على م�رشوع قانون القومية؛ ومفاده‬
‫�أن حقّ تقرير امل�صري يف “�إ�رسائيل” يقت�رص فقط على “ال�شعب اليهودي”‪ ،‬و�أن اللغة‬
‫العربية هي اللغة الر�سمية‪ ،‬مع �سحب العربية كلغة ر�سمية‪ ،‬مبعنى �أنه يعطي مزايا‬
‫خا�صة لليهود‪ ،‬مبا يجعله قانونا ً عن�رصياً‪ .‬و ّ‬
‫مت �إقرار الكني�ست لقانون “القومية اليهودية‬
‫‪ ”The Nation State basic law‬يف ‪ ،2018/7/19‬واتخذ �صفة قوانني الأ�سا�س املماثلة‬
‫للقوانني الد�ستورية‪.‬‬
‫ويف �شباط‪ /‬فرباير ‪� 2017‬أعطى الكني�ست الغطاء القانوين مل�صادرة الأرا�ضي‬
‫الفل�سطينية اخلا�صة‪ ،‬وبالتايل �رشعنة الب�ؤر اال�ستيطانية‪ .‬و�صادق الكني�ست بالقراءة‬
‫التمهيدية على قانون منع رفع الأذان عرب مكربات ال�صوت يف ‪ .2017/3/8‬كما �أقر‬
‫الكني�ست يف ‪ 2017/4/5‬قانونا ً ي�سمح بت�رسيع عمليات هدم املنازل العربية بذريعة البناء‬
‫غري املرخ�ص دون الرجوع �إىل الإجراءات الق�ضائية‪ .‬كما مت ت�رشيع قانون “الإق�صاء”‬
‫يف متوز‪ /‬يوليو ‪ 2017‬الذي ي�سمح ب�إلغاء الع�ضوية من الكني�ست ملن ُتوجه له ُتهم‬
‫بالتحري�ض على العنف‪ ،‬والكفاح امل�سلح �ض ّد “�إ�رسائيل”‪.‬‬
‫وبالإ�ضافة �إىل ما �سبق‪ ،‬فقد �سعت جهات �إ�رسائيلية لل�ضغط لفر�ض “الن�شيد الوطني‬
‫الإ�رسائيلي” (الهاتكفا ‪ )Hatikvah‬على املدار�س العربية يف فل�سطني املحتلة ‪1948‬؛ كما‬
‫�صدرت فتاوى عن حاخامات كبار جتيز قتل الفل�سطينيني الذي يحملون �أدوات حادة‬
‫(كال�سكاكني)‪.‬‬
‫وقد الحقت اتهامات الف�ساد عددا ً من �أبرز �أع�ضاء النخبة الإ�رسائيلية �أمثال مو�شيه‬
‫كت�ساف الذي كان رئي�سا ً لـ“�إ�رسائيل” يف الفرتة ‪ ،2007-2000‬والذي ُحكم عليه‬
‫بال�سجن �سبع �سنني ق�ضى منها خم�سا ً (‪ )2016-2011‬على خلفيه �إدانته بتهم‬
‫االغت�صاب والتحر�ش اجلن�سي‪ .‬ورئي�س الوزراء الأ�سبق �إيهود �أوملرت )‪،(2008-2006‬‬
‫وحكم عليه بال�سجن ‪� 19‬شهرا ً بتهمة االحتيال وخيانة الأمانة وعرقلة �سري العدالة‪،‬‬ ‫ُ‬

‫‪259‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫كما �أُدين �أوملرت يف �سنتي ‪ 2012‬و‪ 2015‬ب�أخذ الرِ�شا‪ .‬ويواجه رئي�س الوزراء ال�سابق‬
‫بنيامني نتنياهو اتهامات بالف�ساد‪ ،‬اتخذت �شكالً ر�سميا ً يف ت�رشين الثاين‪ /‬نوفمرب ‪،2019‬‬
‫مما ميثِّل عن�رص قلق وتهديد مل�ستقبل نتنياهو ال�سيا�سي‪.‬‬

‫امل�ؤ�رشات ال�سكانية‪:‬‬
‫ق ّدرت دائرة الإح�صاء املركزية الإ�رسائيلية عدد �سكان “�إ�رسائيل” يف‬
‫نهاية �سنة ‪ 2020‬بنحو ‪ 9‬ماليني و‪� 294‬ألف ن�سمة‪ ،‬بينهم ‪ 6‬ماليني و‪� 871‬ألف‬
‫يهودي‪� ،‬أي ما ن�سبته ‪ %74‬من ال�سكان‪� .‬أما عدد ال�سكان العرب‪ ،‬ومن �ضمنهم‬
‫�سكان �رشقي القد�س واجلوالن‪ ،‬فقدرته الدائرة �سنة ‪ 2020‬بنحو مليون و‪� 958‬ألف‪،‬‬
‫�أي ما ن�سبته ‪ %21.1‬من ال�سكان‪ .‬و�إذا ما ا�ستثنينا عدد �سكان �رشقي القد�س‬
‫(‪� 368‬ألفا ً تقريبا ً‪ )98‬واجلوالن (‪� 25‬ألفا ً تقريباً)‪ ،‬ف�إن عدد ما يعرف بفل�سطينيي‬
‫‪�( 1948‬أي الأرا�ضي الفل�سطينية املحتلة �سنة ‪ )1948‬ي�صبح نحو مليون و‪� 565‬ألف‬
‫�سنة ‪� ،2020‬أي نحو ‪ %16.8‬من ال�سكان‪ .‬ويف �سنة ‪ 2019‬بلغ معدل النمو ال�سكاين بني‬
‫اليهود ‪ ،%1.6‬بينما بلغ يف الو�سط العربي ‪.%2.2‬‬
‫‪99‬‬
‫�أعداد ال�سكان يف “�إ�رسائيل” ‪2021-2018‬‬

‫العرب (مبن فيهم �سكان �رشقي‬


‫�آخرون‬ ‫اليهود‬ ‫�إجمايل‬ ‫ال�سنة‬
‫القد�س واجلوالن(‬

‫‪424,900‬‬ ‫‪1,878,400‬‬ ‫‪6,664,300 8,967,600‬‬ ‫‪2018‬‬

‫‪448,300‬‬ ‫‪1,919,000‬‬ ‫‪6,773,200 9,140,500‬‬ ‫‪2019‬‬

‫‪464,900‬‬ ‫‪1,957,700‬‬ ‫‪6,870,900 9,293,500‬‬ ‫‪2020‬‬

‫‪468,520‬‬ ‫‪1,965,860‬‬ ‫‪6,893,880 9,328,260‬‬ ‫*‬


‫‪2021‬‬

‫* �أعداد �سنة ‪ 2021‬هي بناء على معدل الأ�شهر اخلم�س الأوىل من ال�سنة ح�سب �أرقام دائرة الإح�صاء املركزية‬
‫الإ�رسائيلية‪.‬‬

‫‪260‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2021–2012‬‬

‫�أعداد ال�سكان يف “�إ�رسائيل” ‪2021-2019‬‬

‫وقد َقدِم �إىل “�إ�رسائيل” ‪ 33,247‬مهاجرا ً و‪ 19,676‬مهاجرا ً يف �سنتي ‪2019‬‬


‫و‪ 2020‬على التوايل‪ .‬و ُتظهر هذه الأرقام ا�ستقرارا ً ن�سبيا ً يف معدل الهجرة يف الفرتة‬
‫‪ ،2020-2012‬غري �أنها تظل معدالت �ضئيلة مقارنة بالعقد الأخري من القرن الع�رشين؛‬
‫بعد ا�ستنفاد اخلزانات الب�رشية اليهودية امل�ستعدة للهجرة الوا�سعة‪ ،‬واقت�صار معظم‬
‫يهود اخلارج على بلدان متقدمة يف �أمريكا ال�شمالية و�أوروبا‪ ،‬التي ال يجد يهودها حافزا ً‬
‫لهجرتها على نح ٍو وا�سع‪.‬‬
‫‪100‬‬
‫�أعداد املهاجرين اليهود �إىل “�إ�رسائيل” ‪2020–1990‬‬

‫‪2009–2005 2004–2000 1999–1995 1994–1990‬‬ ‫ال�سنة‬

‫‪86,859‬‬ ‫‪182,208‬‬ ‫‪346,997‬‬ ‫‪609,322‬‬ ‫العدد‬

‫املجموع الكلي‬ ‫‪2020‬‬ ‫‪2019–2015 2014–2010‬‬ ‫ال�سنة‬

‫‪1,478,831‬‬ ‫‪19,676‬‬ ‫‪142,640‬‬ ‫‪91,129‬‬ ‫العدد‬

‫وي�شري الر�سم البياين التايل �إىل تطور �أعداد املهاجرين اليهود �إىل “�إ�رسائيل” لكل‬
‫خم�س �سنوات يف الفرتة ‪ ،2019-1990‬ما عدا �سنة ‪.2020‬‬

‫‪261‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫�أعداد املهاجرين اليهود �إىل “�إ�رسائيل” ‪2020–1990‬‬

‫ومن جهة �أخرى‪ُ ،‬يق ّدر عدد اليهود يف العامل بـ ‪ 14‬مليون و‪� 707‬آالف ن�سمة‬
‫�سنة ‪ ،2019‬يعي�ش ‪ %81.2‬منهم يف الواليات املتحدة و“�إ�رسائيل”‪ .101‬يف الوقت‬
‫نف�سه‪ ،‬ا�ستمرت ظاهرة توقف منو عدد يهود العامل‪ ،‬منذ نحو خم�سني عاماً‪ ،‬با�ستثناء‬
‫“�إ�رسائيل”‪ ،‬وذلك نتيجة تدين ن�سبة النمو الطبيعي‪ ،‬وترك الدين اليهودي‪ ،‬وانت�شار‬
‫الزواج املختلط؛ وتف�شي الثقافة الغربية املرتبطة باملنفعة واللذة والأنانية‪.‬‬

‫امل�ؤ�رشات االقت�صادية‪:‬‬
‫تعي�ش “�إ�رسائيل” حالة اقت�صادية متقدمة مقارنة مب�ستويات احلياة والبيئات‬
‫االقت�صادية يف �أوروبا؛ ومقارنة بدول ال�رشق الأو�سط‪ .‬وهي حالة تعي�ش على ح�ساب‬
‫ال�شعب الفل�سطيني و�أر�ضه وثرواته الطبيعية‪ ،‬وت�ستفيد من الدعم الأمريكي ومن النفوذ‬
‫يف العامل الغربي؛ كما ت�ستفيد من غياب املخاطر الر�سمية العربية ومن التطبيع مع العديد‬
‫من البلدان العربية‪.‬‬
‫وقد بلغ الناجت املحلي الإجمايل الإ�رسائيلي ل�سنة ‪ 2020‬ما جمموعه ‪ 1,386.8‬مليار‬
‫�شيكل (نحو ‪ 404‬مليارات دوالر) مقارنة بـ ‪ 1,406.7‬مليار �شيكل (نحو ‪ 395‬مليار‬
‫دوالر) �سنة ‪ ،2019‬وبانخفا�ض مقداره ‪ ،%1.4‬وهو انخفا�ض مرتبط �أ�سا�سا ً بانت�شار‬
‫جائحة كورونا ‪ COVID-19‬وانعكا�ساته على االقت�صاد الإ�رسائيلي والعاملي‪ .‬وبلغ‬

‫‪262‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2021–2012‬‬

‫معدل دخل الفرد الإ�رسائيلي ‪� 150,474‬شيكل (‪ 43,784‬دوالر) �سنة ‪ ،2020‬مقارنة‬


‫بـ ‪� 155,437‬شيكل (‪ 43,609‬دوالر) �سنة ‪.1022019‬‬
‫وبلغت امل�رصوفات العامة للحكومة الإ�رسائيلية ل�سنة ‪ 2019‬نحو ‪ 554.7‬مليار‬
‫�شيكل (‪ 155.6‬مليار دوالر)‪ ،‬مقارنة بـ ‪ 506.87‬مليار �شيكل (نحو ‪ 140.9‬مليار‬
‫دوالر) �سنة ‪� .2018‬أما امل�رصوفات العامة املعدلة مليزانية �سنة ‪ 2019‬فكانت‬
‫‪ 572.345‬مليار �شيكل (نحو ‪ 160.6‬مليار دوالر)‪ .‬بينما بلغت �إيراداتها العامة‬
‫‪ 512.1‬مليار �شيكل ل�سنة ‪( 2019‬نحو ‪ 143.7‬مليار دوالر)‪ ،‬مقارنة بـ ‪ 468.5‬مليار‬
‫�شيكل �سنة ‪( 2018‬نحو ‪ 130.2‬مليار دوالر)‪� .‬أما الإيرادات العامة املعدلة مليزانية‬
‫�سنة ‪ 2019‬فكانت ‪ 503.66‬مليار �شيكل (نحو ‪ 142‬مليار دوالر)‪ .103‬وانخف�ضت قيمة‬
‫ال�صادرات الإ�رسائيلية بالدوالر بن�سبة ‪ ،%14.3‬والواردات الإ�رسائيلية بن�سبة ‪%10‬‬
‫�سنة ‪.1042020‬‬

‫�إجمايل ال�صادرات والواردات الإ�رسائيلية ‪ 2020-2017‬ح�سب الأ�سعار اجلارية‬


‫‪105‬‬
‫(باملليون دوالر)‬

‫‪2020‬‬ ‫‪2019‬‬ ‫‪2018‬‬ ‫‪2017‬‬ ‫ال�سنة‬

‫‪50,154.1‬‬ ‫‪58,508.1‬‬ ‫‪61,951.4‬‬ ‫‪61,151.5‬‬ ‫ال�صادرات‬

‫‪69,270.3‬‬ ‫‪76,784.9‬‬ ‫‪76,610.7‬‬ ‫‪69,144.7‬‬ ‫الواردات‬

‫وظلت الواليات املتحدة ال�رشيك التجاري الأول لـ“�إ�رسائيل”‪ ،‬حيث بلغت ال�صادرات‬
‫الإ�رسائيلية �إليها ل�سنة ‪ 2020‬نحو ‪ 13.132‬مليار دوالر (‪ %26.2‬من جممل ال�صادرات‬
‫الإ�رسائيلية)‪� ،‬أما الواردات الإ�رسائيلية منها فبلغت نحو ‪ 8.05‬مليارات دوالر (‪%11.6‬‬
‫من جممل الواردات الإ�رسائيلية)‪ .‬ويف ال�سنة نف�سها‪ ،‬احتلت ال�صني موقع ثاين �أكرب‬
‫�رشيك جتاري لـ“�إ�رسائيل”‪ ،‬بينما تقدمت �أملانيا �إىل املركز الثالث‪ ،‬وتراجعت بريطانيا‬
‫�إىل املركز الرابع‪.‬‬

‫‪263‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫ال�صادرات والواردات الإ�رسائيلية مع دول خمتارة ل�سنتي ‪2020–2019‬‬


‫‪106‬‬
‫ح�سب الأ�سعار اجلارية (باملليون دوالر)‬
‫حجم التبادل التجاري ال�صادرات الإ�رسائيلية �إىل‪ :‬الواردات الإ�رسائيلية من‪:‬‬
‫البلدان‬
‫‪2019‬‬ ‫‪2020‬‬ ‫‪2019‬‬ ‫‪2020‬‬ ‫‪2019‬‬ ‫‪2020‬‬
‫الواليات املتحدة ‪11,688.1 8,049.5 15,964.2 13,132.3 27,652.3 21,181.8‬‬
‫‪6,798.3‬‬ ‫‪7,669.7‬‬ ‫‪4,422.1‬‬ ‫‪4,240.5 11,220.4 11,910.2‬‬ ‫ال�صني‬
‫‪5,631.4‬‬ ‫‪5,230.4‬‬ ‫‪1,671.8‬‬ ‫‪1,681.1‬‬ ‫‪7,303.2‬‬ ‫‪6,911.5‬‬ ‫�أملانيا‬
‫‪3,034.9‬‬ ‫‪2,968.7‬‬ ‫‪4,992.4‬‬ ‫‪3,712.7‬‬ ‫‪8,027.3‬‬ ‫‪6,681.4‬‬ ‫بريطانيا‬
‫‪5,625.7‬‬ ‫‪5,226.7‬‬ ‫‪1,085.4‬‬ ‫‪445.2‬‬ ‫‪6,711.1‬‬ ‫‪5,671.9‬‬ ‫�سوي�رسا‬
‫‪2,897.7‬‬ ‫‪2,902.1‬‬ ‫‪2,176.2‬‬ ‫‪2,462.8‬‬ ‫‪5,073.9‬‬ ‫‪5,364.9‬‬ ‫هولندا‬
‫‪3,208‬‬ ‫‪3,498‬‬ ‫‪1,757.6‬‬ ‫‪1,430.8‬‬ ‫‪4,965.6‬‬ ‫‪4,928.8‬‬ ‫تركيا‬
‫‪3,597.3‬‬ ‫‪3,066.1‬‬ ‫‪1,636.9‬‬ ‫‪1,458.3‬‬ ‫‪5,234.2‬‬ ‫‪4,524.4‬‬ ‫بلجيكا‬
‫‪2,806.1‬‬ ‫‪2,683.5‬‬ ‫‪949.5‬‬ ‫‪786.7‬‬ ‫‪3,755.6‬‬ ‫‪3,470.2‬‬ ‫�إيطاليا‬
‫‪2,075.9‬‬ ‫‪2,136.3‬‬ ‫‪1,542.6‬‬ ‫‪1,153.7‬‬ ‫‪3,618.5‬‬ ‫‪3,290‬‬ ‫فرن�سا‬
‫‪29,421.5 25,839.3 22,309.4‬‬ ‫‪19,650 51,730.9 45,489.3‬‬ ‫بلدان �أخرى‬
‫املجموع العام ‪76,784.9 69,270.3 58,508.1 50,154.1 135,293 119,424.4‬‬

‫ال�صادرات الإ�رسائيلية �إىل دول خمتارة ‪( 2020‬باملليون دوالر)‬

‫‪264‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2021–2012‬‬

‫الواردات الإ�رسائيلية من دول خمتارة ‪( 2020‬باملليون دوالر)‬

‫وعلى الرغم من �أن “�إ�رسائيل” ُتع ُّد من الدول الغنية واملتقدمة‪� ،‬إال �أنها ما تزال‬
‫تتلقى دعما ً �أمريكيا ً بلغ معدله ال�سنوي منذ ‪ 1979‬وحتى ‪ 2017‬نحو ‪ 3.1‬مليارات‬
‫دوالر‪ .‬غري �أنه ارتفع منذ �سنة ‪ 2018‬ليبلغ ‪ 3.8‬مليار �سنوياً‪ ،‬ومن بينها ‪ 3.3‬مليارات‬
‫دوالر على �شكل منحة ع�سكرية؛ وبذلك يبلغ ما تلقته “�إ�رسائيل” من دعم �أمريكي يف‬
‫الفرتة ‪ 2020-1949‬ما جمموعه ‪ 142.09‬مليار دوالر‪.‬‬

‫امل�ساعدات الأمريكية لـ“�إ�رسائيل” ‪( 2020–1949‬باملليون دوالر)‬


‫‪107‬‬

‫‪1998–1989 1988–1979 1978–1969 1968–1959 1958–1949‬‬ ‫الفرتة‬


‫‪31,551.9‬‬ ‫‪29,933.9‬‬ ‫‪11,426.5‬‬ ‫‪727.8‬‬ ‫‪599.6‬‬ ‫جمموع امل�ساعدات‬

‫املجموع‬ ‫‪2020‬‬ ‫‪2019‬‬ ‫‪2018–2009 2008–1999‬‬ ‫الفرتة‬


‫‪142,092.3‬‬ ‫‪3,800‬‬ ‫‪3,800‬‬ ‫‪30,877.9‬‬ ‫جمموع امل�ساعدات ‪29,374.7‬‬

‫امل�ؤ�رشات الع�سكرية‪:‬‬
‫ويف اجلانب الع�سكري ازدادت املخاوف الإ�رسائيلية من امل�ستقبل خالل �سنتي ‪2012‬‬
‫و‪ 2013‬بفعل تطورات “الربيع العربي”‪ ،‬التي حملت خماطر �أكرب مع ظهور �أنظمة تعرب‬
‫عن �إرادة �شعوبها؛ بالتوازي مع ت�صاعد تهديد منظمات املقاومة‪ ،‬التي �أ�صبحت متتلك‬
‫قدرات ع�سكرية متزايدة ن�سبياً‪� ،‬إ�ضافة �إىل تزايد تهديد احلرب الإلكرتونية‪ ،‬التي �صنّفها‬
‫اجلي�ش الإ�رسائيلي ك�ساحة “قتال خام�سة”‪ ،‬ت�ضاف لل�ساحات الربية والبحرية واجلوية‬
‫والف�ضاء‪� .‬إال �أن املوجة املرتدة‪ ،‬وغرق الأنظمة يف م�شاكلها و�رصاعاتها الداخلية‪� ،‬أعطى‬
‫�شعورا ً باالرتياح لدى الع�سكريني ال�صهاينة‪.‬‬

‫‪265‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫وبالرغم من التقديرات الع�سكرية الإ�رسائيلية التي ت�شعر باالطمئنان �إىل التفوق‬


‫النوعي الإ�رسائيلي على القوى واجليو�ش الر�سمية يف املنطقة‪ ،‬وعدم وجود حتديات‬
‫حقيقية من الأنظمة العربية‪ ،‬ف�إن امل�ؤ�س�سة الع�سكرية الإ�رسائيلية �أعطت تقديرات يف‬
‫ال�سنوات التالية بتزايد املخاطر التي يواجهها الكيان الإ�رسائيلي‪� ،‬سواء من جهة غزة‬
‫�أم من اجلبهة ال�شمالية (�سورية ولبنان)؛ خ�صو�صا ً ب�سبب تطور قدرات املقاومة‬
‫ال�صاروخية‪ ،‬و“ال�سيربانية ‪ ،”Cyber attack‬و�إمكانات ا�ستخدام الطائرات امل�سرية‪...‬‬
‫وقد عربت التقارير والنقا�شات يف م�ؤمترات هرت�سليا ‪ Herzliya Conference‬عن هذه‬
‫املخاوف‪ .‬ولذلك‪ ،‬فقد تكر�س عن�رص “الدفاع” كبعد مهم يف ا�سرتاتيجية الأمن القومي‬
‫الإ�رسائيلي‪.‬‬
‫وتركز اال�سرتاتيجية الع�سكرية الإ�رسائيلية‪ ،‬على الإبقاء على حالة الردع يف‬
‫كافة اجلبهات‪ ،‬كما تقوم على مبد�أ “كي الوعي” لدى “العدو”‪ ،‬عرب التلويح بالتدمري‬
‫ال�شامل للبنى التحتية �سواء يف لبنان �أم يف قطاع غزة‪ .‬وبح�سب التقديرات اال�سرتاتيجية‬
‫الإ�رسائيلية تتمثل املخاطر اخلارجية يف �إيران وحزب اهلل وحما�س؛ ويف الوقت نف�سه‪،‬‬
‫جتد نف�سها يف بيئة ر�سمية عربية متعاونة �أمنياً‪� ،‬أو ال حتمل خماطر حقيقية عليها‪.‬‬
‫وبعد انتهاء خطة جدعون متعددة ال�سنوات‬
‫‪ ،(2020-2016) Gideon Plan‬التي و�ضعها رئي�س‬
‫الأركان ال�سابق غادي �آيزنكوت‪ ،‬تبنى اجلي�ش‬
‫الإ�رسائيلي خطة العمل الع�سكرية اجلديدة متعددة‬
‫ال�سنوات التي بلورها رئي�س هيئة الأركان �أفيف كوخايف‬
‫‪ ،Aviv Kochavi‬و�أطلق عليها‬
‫ا�سم (زخم �أو قوة دافعة)‬
‫لتح َّل‬ ‫‪،”Tnufa‬‬ ‫“تنوفاه‬
‫مكان خطة جدعون‪ ،‬ويرتكز‬
‫معيار الن�رص يف هذه اخلطة‬
‫على �إحداث خ�سائر ب�رشية كبرية‬
‫يف �صفوف “العدو”‪.‬‬
‫· �أفيف كوخايف‬

‫‪266‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2021–2012‬‬

‫وقد متت امل�صادقة الإ�رسائيلية على تقلي�ص اخلدمة الع�سكرية الإلزامية �أربعة‬
‫�أ�شهر‪ ،‬لت�صبح ‪� 32‬شهرا ً بدالً من ‪� 36‬شهراً‪ .‬وتابعت “�إ�رسائيل” تطوير املنظومات‬
‫امل�ضادة لل�صواريخ‪ ،‬وخ�صو�صا ً ال�سهم‪ ،‬والقبة احلديدية‪ ،‬والع�صا ال�سحرية‬
‫‪ ،Magic Wand‬ونظام الليزر “درع ال�سماء” �أو �سكاي �شيلد ‪.SkyShield‬‬
‫بلغ عدد �أفراد اجلي�ش الإ�رسائيلي يف �سنة ‪ 2021‬نحو ‪� 635‬ألف جندي‪ ،‬بينهم‬
‫‪� 170‬ألف جندي يف اخلدمة الفعلية‪ ،‬و‪� 465‬ألف جندي يف االحتياط‪108‬؛ وهو احتياط ف َّعال‬
‫قادر على �أن ين�ضم للخدمة والقتال خالل �أربعة �أيام فقط‪ .‬وقد لوحظ يف اجلي�ش تزايد‬
‫نفوذ التيار اليميني املتدين حتى يف الرتب العليا‪.‬‬
‫وقد بلغت امليزانية الع�سكرية الإ�رسائيلية نحو ‪ 20.17‬مليار دوالر ل�سنة ‪،2018‬‬
‫وهي امليزانية ذاتها بالدوالر تقريبا ً ل�سنة ‪1092019‬؛ وال يبعد املعدل العام للميزانية‬
‫الع�سكرية يف ال�سنوات التالية عن ذلك‪ .‬وجتدر الإ�شارة هنا �إىل �أن جزءا ً كبريا ً من مردود‬
‫املبيعات الع�سكرية الإ�رسائيلية ال�سنوية بات يدخل‪ ،‬منذ �سنوات‪� ،‬إىل ميزانية الدفاع‬
‫من غري �أن ُيعلن عنها‪ .‬مبعنى �أن ال�رصف الفعلي للميزانية الع�سكرية‪ ،‬قد يزيد بنحو‬
‫مليارين �إىل �أربعة مليارات دوالر عن امليزانية املعلنة؛ مع احتمال وجود بنود �رسية‬
‫�أخرى لل�رصف غري معلن عنها‪.‬‬
‫�أما �صادرات الأ�سلحة الإ�رسائيلية فقد و�صلت �إىل ‪ 8.3‬مليار دوالر يف �سنة ‪،2020‬‬
‫وكان معظمها �إىل منطقة �آ�سيا واملحيط الهادئ‪ ،‬وهو ثاين �أعلى رقم مبيعات على الإطالق‬
‫بعد �سنة ‪ ،2017‬حيث بلغت �صادرات الأ�سلحة ‪ 9.2‬مليار دوالر‪ .110‬وتعد “�إ�رسائيل”‬
‫�إحدى �أكرب م�صدري ال�سالح يف العامل؛ حيث تراوحت مرتبتها بني ال�ساد�سة �إىل الثامنة‬
‫عامليا ً يف العقد الثاين من القرن احلادي والع�رشين‪ .‬بينما ترفعها بع�ض التقديرات غري‬
‫الر�سمية �إىل املرتبة الرابعة �أحيانا ً (وفق تقديرات �سنة ‪ 2015‬مثالً)‪ ،‬خ�صو�صا ً عند‬
‫الو�ضع بعني االعتبار جتارة ال�سالح اخلفية التي متار�سها “�إ�رسائيل”‪.111‬‬
‫وبالرغم من الإمكانات الهائلة التي يتمتع بها اجلي�ش الإ�رسائيلي‪ ،‬ف�إنه ف�شل يف عدوانه‬
‫ال�سجيل” ‪ ،2012‬ويف معركة “الع�صف امل�أكول” ‪،2014‬‬ ‫على قطاع غزة يف معركة “حجارة ّ‬
‫ويف معركة “�سيف القد�س” ‪ ،2021‬وقدمت حما�س وقوى املقاومة �أداء بطولياً‪� ،‬أف�شل‬
‫ردع ال ُي�ستهان بها‪ ،‬بالرغم من حمدودية الإمكانات‪،‬‬ ‫اخلطط الإ�رسائيلية‪ ،‬و�ش ّكل حالة ٍ‬
‫وجعل كافة مناطق التواجد ال�صهيوين يف جمال �رضبات �صواريخ املقاومة‪.‬‬

‫‪267‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫الو�ضع اال�سرتاتيجي‪:‬‬
‫دخل الكيان ال�صهيوين العقد الثالث من القرن احلادي والع�رشين وهو ي�شعر‬
‫بحالة من الزهو والعلو الكبري‪ ،‬ل�شعوره بالو�صول �إىل �أف�ضل حاالته اال�سرتاتيجية منذ‬
‫ت�أ�سي�سه؛ وتتلخ�ص �أبرز منجزاته اال�سرتاتيجية �أنه‪:‬‬
‫‪� .1‬أ�صبح التجمع الأكرب ليهود العامل‪ ،‬وهو هدف �صهيوين مركزي‪ ،‬حيث يحوي نحو‬
‫‪ %47‬من يهود العامل‪.‬‬
‫‪ .2‬يتمتع بو�ضع ع�سكري متفوق مقارنة بالبالد العربية ودول ال�رشق الأو�سط‪،‬‬
‫وت�سليح نووي متقدم‪ ،‬وي�صنف جي�شه الآن �ضمن �أقوى جيو�ش العامل‪.‬‬
‫‪ .3‬يتمتع بو�ضع اقت�صادي متقدم يوازي �أقرانه يف الغرب الأوروبي‪ ،‬وهو ما م ّكنه من‬
‫�إيجاد بيئة جاذبة لال�ستيطان اليهودي‪.‬‬
‫‪ .4‬يتمتع بتفوق �صناعي وعلمي وتكنولوجي يف املجاالت ال�صناعية والتكنولوجية‬
‫املتقدمة ‪ ،Hi-Tech‬وهو ُيع ُّد من بني البلدان الأوىل يف العامل يف هذه املجاالت‪.‬‬
‫‪ .5‬يتمتع بدعم دويل ونفوذ عاملي غري م�سبوق‪ ،‬حيث متكن الكيان الإ�رسائيلي من فر�ض‬
‫نف�سه (بدعم غربي �أمريكي) يف البيئة الدولية‪ ،‬وعزز من دائرة “�رشعيته” وعالقاته‬
‫ال�سيا�سية خ�صو�صا ً بعد اتفاقيات �أو�سلو وم�سار الت�سوية العربي الفل�سطيني معه‪.‬‬
‫‪ . 6‬جنح يف �إدارة م�سار الت�سوية ال�سلمية ويف توظيف اتفاقيات الت�سوية‪ ،‬وخ�صو�صا ً‬
‫اتفاقيات �أو�سلو مع اجلانب الفل�سطيني‪ ،‬ل�صاحله‪ .‬فقامت ع�رشات الدول بعمل‬
‫عالقات �سيا�سية مع “�إ�رسائيل”‪ ،‬ومت ّكنت “�إ�رسائيل” من حتييد القوى العربية‬
‫الأ�سا�سية من دائرة ال�رصاع‪ ،‬كما مت ّكنت من حتييد جزء كبري من القوى الفل�سطينية‬
‫التي التزمت مب�سار الت�سوية‪.‬‬
‫‪ .7‬جنح يف تقزمي امل�رشوع الوطني الفل�سطيني وحتويل ال�سلطة الفل�سطينية �إىل �أداة‬
‫وظيفية‪ .‬‬
‫‪ .8‬جنح يف اخرتاق البيئة العربية والإ�سالمية‪ ،‬وخ�صو�صا ً فيما يتعلق بالعالقات‬
‫الر�سمية املعلنة وغري املعلنة مع البلدان العربية والإ�سالمية‪.‬‬

‫‪268‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2021–2012‬‬

‫يف املقابل‪ ،‬يتعر�ض الكيان الإ�رسائيلي �إىل عدد من التحديات واملخاطر‪ ،‬التي ميكن �أن‬
‫تتطور �إىل “تهديد وجودي” يف امل�ستقبل الو�سيط والبعيد‪� ،‬أبرزها‪:‬‬
‫‪� .1‬صمود ال�شعب الفل�سطيني على �أر�ضه وتنامي �أعداد الفل�سطينيني يف فل�سطني‬
‫التاريخية‪ ،‬لدرجة تتجاوز �أعداد اليهود‪ .‬‬
‫‪ .2‬تنامي قوة املقاومة الفل�سطينية‪ ،‬خ�صو�صا ً يف قطاع غزة‪ ،‬و�أداءها الع�سكري البطويل‪،‬‬
‫وتهديد �صواريخها لكافة مناطق التواجد ال�صهيوين‪ .‬‬
‫‪ .3‬ا�ستمرار البيئة ال�شعبية العربية والإ�سالمية املعادية لـ“�إ�رسائيل”‪ ،‬ورف�ض ال�شعوب‬
‫للتطبيع معها‪.‬‬
‫‪� .4‬أزمة م�سار الت�سوية ال�سلمية‪ ،‬وو�صوله �إىل طريق م�سدود‪ ،‬وتراجع قدرة ال�صهاينة‬
‫على ا�ستخدامه غطاء ل�سيا�ساتهم ولربامج التهويد واال�ستيطان؛ وعودة بروز‬
‫املقاومة امل�سلحة كطريق �صحيح لتحرير فل�سطني‪  .‬‬
‫‪ .5‬ا�ستمرار املخاطر اخلارجية على الكيان الإ�رسائيلي‪ ،‬مبا يف ذلك احتماالت عودة‬
‫موجة جديدة من الثورات يف املنطقة‪ ،‬و�إمكانية ت�صاعد قوى املقاومة يف املحيط‬
‫اجلغرايف لفل�سطني‪ ،‬و“اخلطر الإيراين”‪.‬‬
‫‪� .6‬أزمات املجتمع ال�صهيوين‪ :‬فثمة �رشوخا ً دينية واجتماعية يف البيئة ال�صهيونية‬
‫ميكن �أن تت�سع‪ .‬وثمة فروقات حقيقية متعلقة بالأ�صول ال�رشقية والغربية لليهود‪،‬‬
‫وباالنتماء وااللتزام الديني �أو العلماين‪ .‬بالإ�ضافة �إىل تف�شي مظاهر الف�ساد‬
‫واالنحالل والرغبة يف حياة الرفاهية واملتعة‪ ،‬وتراجع نوعية “املقاتل” الإ�رسائيلي‪،‬‬
‫واندثار “جيل الت�أ�سي�س”‪.‬‬
‫‪ .7‬حمافظة فل�سطينيي اخلارج على هويتهم الوطنية‪ ،‬وبقاء �أكرث من ثالثة �أرباع‬
‫فل�سطينيي اخلارج مقيمني يف البيئة اال�سرتاتيجية املحيطة بفل�سطني املحتلة‪،‬‬
‫وا�ستمرار تطلعهم للعودة والتحرير‪ ،‬وبالتايل بقاء ق�ضية فل�سطني حيّ ًة يف نفو�س‬
‫ال�شعب الفل�سطيني‪.‬‬
‫‪ .8‬بالرغم من النفوذ الإ�رسائيلي الدويل الوا�سع‪� ،‬إال �أن ثمة‪ ‬اجتاهات �شعبية متزايدة‬
‫على م�ستوى عاملي تتعاطف مع احلق الفل�سطيني‪ ،‬ويزداد ال�شعور العاملي بال�ضيق‬
‫من “�إ�رسائيل” باعتبارها “دولة” ت�ضع نف�سها فوق القانون‪ .‬مع ت�صاعد �أن�شطة‬
‫مقاطعة “�إ�رسائيل” وب�ضائعها على م�ستوى عاملي‪.‬‬

‫‪269‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫وب�شكل عام‪ ،‬ف�إن امل�رشوع ال�صهيوين يحمل بذور �أزماته يف ذاته؛ فلن يبقى‬
‫الإ�رسائيليون �أقوياء �إىل الأبد‪ ،‬كما لن يبقى �أ�صحاب احلق �ضعفاء �إىل الأبد‪ .‬كما �أنه يف‬
‫حالة �أي تغيري يف الأنظمة العربية املحيطة بفل�سطني �إىل �أنظمة وطنية و�إ�سالمية داعمة‬
‫للق�ضية الفل�سطينية و ُمتبنِّية للمقاومة امل�سلحة‪ ،‬قد ي�ؤدي �إىل حتول خطري يف الف�ضاء‬
‫اال�سرتاتيجي املحيط بفل�سطني ل�صالح قوى املقاومة‪ ،‬ورمبا �إىل تغيري يف موازين القوى‬
‫على امل�ستوى املتو�سط والبعيد‪ .‬ومن ناحية �أخرى‪ ،‬ال توجد �ضمانات على بقاء الدعم‬
‫الأمريكي الغربي غري امل�رشوط �إىل ما ال نهاية؛ خ�صو�صا ً �إذا متكنت البالد العربية‬
‫والإ�سالمية من توظيف �شبكة امل�صالح الغربية ال�ضخمة يف املنطقة ل�صاحلها‪.‬‬

‫· مفاعل دميونا النووي الإ�رسائيلي‬

‫�إ�رسائيليون من �أ�صل �إثيوبي ·‬


‫يتظاهرون �ض ّد العن�رصية‬
‫يف تل �أبيب‪2015/5/18 ،‬‬

‫‪270‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2021–2012‬‬

‫هوام�ش الف�صل ال�سابع‬


‫‪ 1‬انظر‪ :‬اجلهاز املركزي للإح�صاء الفل�سطيني‪ ،‬الفل�سطينيون يف نهاية عام ‪( 2020‬رام اهلل‪ :‬اجلهاز املركزي‬
‫للإح�صاء الفل�سطيني‪ ،‬كانون الأول‪ /‬دي�سمرب ‪ ،)2020‬يف‪:‬‬
‫‪https://www.pcbs.gov.ps/Downloads/book2546.pdf‬‬
‫مت تقديره باالعتماد على �أرقام اجلهاز املركزي للإح�صاء‬ ‫ ‪ 2‬بالن�سبة لعدد الفل�سطينيني يف الأردن‪ ،‬فقد ّ‬
‫الفل�سطيني �سنة ‪ ،2009‬حيث بلغ عددهم ‪ ،3,240,473‬وباالعتماد على معدالت النمو ال�سنوي ال�صادرة عن‬
‫دائرة الإح�صاءات العامة الأردنية ل�سنة ‪ 2020‬والتي تقدر بـ ‪ .%2.4‬انظر‪http://dosweb.dos.gov.jo/ar :‬‬
‫‪ 3‬انظر‪ :‬اجلهاز املركزي للإح�صاء الفل�سطيني‪ ،‬الفل�سطينيون يف نهاية عام ‪.2020‬‬
‫ ‪ 4‬موقع وكالة الأمم املتحدة لإغاثة وت�شغيل الالجئني الفل�سطينيني يف ال�رشق الأدنى (الأونروا)‪ ،‬الأونروا‬
‫با لأرقام‪ ،2019/2/1 ،2019 -2018 ،‬انظر‪https://www.unrwa.org/sites/default/files/content/ :‬‬
‫‪resources/unrwa_in_figures_2019_ara_sep_2019_final1.pdf‬‬
‫‪ 5‬انظر‪ :‬اجلهاز املركزي للإح�صاء الفل�سطيني‪ ،‬الفل�سطينيون يف نهاية عام ‪.2020‬‬
‫‪ 6‬انظر‪ :‬املرجع نف�سه‪.‬‬
‫‪ 7‬انظر‪ :‬املرجع نف�سه‪.‬‬
‫‪ 8‬للمزيد ميكن مراجعة التقارير ال�شهرية جلهاز الأمن العام الإ�رسائيلي (ال�شاباك) باللغة العربية‪ ،‬انظر‪:‬‬
‫‪https://www.shabak.gov.il/arabic/publications/Pages/monthlyreports.aspx‬؛ وباللغة الإجنليزية‪ ،‬انظر‪:‬‬
‫‪https://www.shabak.gov.il/english/publications/Pages/monthlyreports.aspx‬‬
‫‪ 9‬للمزيد انظر‪ :‬وكالة �شهاب للأنباء‪ ،2018/1/27 ،‬انظر‪https://shehabnews.com :‬؛ وال�رشق الأو�سط‪،‬‬
‫‪2018/1/28‬؛ وعرب ‪2018/9/2 ،48‬؛ وموقع مكان ‪ -‬هيئة البث الإ�رسائيلي‪ .2018/12/17 ،‬كما ميكن م�شاهدة‬
‫فيديو لعبا�س عن التن�سيق الأمني على موقع في�سبوك‪ ،‬انظر‪https://www.facebook.com/ShehabAgency. :‬‬
‫‪MainPage/videos/293870234669332‬؛ وانظر �أي�ضاً‪:‬‬
‫‪site of Ynetnews, 2/9/2018.‬‬
‫‪The Jerusalem Post, 6/11/2018, https://www.jpost.com/Arab-Israeli-Conflict/Shin-Bet-head- 10‬‬ ‫ ‬
‫‪We-thwarted-480-terror-attacks-in-past-year-571165‬‬
‫‪ 11‬قد�س بر�س‪.2018/5/3 ،‬‬ ‫ ‬
‫‪ 12‬بالن�سبة لل�شهداء واجلرحى الفل�سطينيني لل�سنوات ‪ ،2019-2016‬انظر‪ :‬حم�سن حممد �صالح (حمرر)‪،‬‬
‫التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪( 2015-2014‬بريوت‪ :‬مركز الزيتونة للدرا�سات واال�ست�شارات‪،)2016 ،‬‬
‫�ص ‪110‬؛ وحم�سن حممد �صالح (حمرر)‪ ،‬التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪( 2017-2016‬بريوت‪ :‬مركز‬
‫الزيتونة للدرا�سات واال�ست�شارات‪� ،)2018 ،‬ص ‪216‬؛ وحم�سن حممد �صالح (حمرر)‪ ،‬التقرير اال�سرتاتيجي‬
‫الفل�سطيني ‪( 2019-2018‬بريوت‪ :‬مركز الزيتونة للدرا�سات واال�ست�شارات‪� ،)2020 ،‬ص ‪207‬؛ وال�شهداء‬
‫واجلرحى الفل�سطينيني ل�سنة ‪ ،2020‬انظر‪� 43 :2020 :‬شهيدا ً واالحتالل يهدم نحو �ألف مبنى وي�ستويل على‬
‫�آالف الدومنات‪ ،‬عرب ‪.2021/1/4 ،48‬‬
‫مت ا�ستخال�ص الأرقام بناء على تقارير ال�شاباك خالل الفرتة‬‫�أما بالن�سبة للقتلى واجلرحى الإ�رسائيليني فقد ّ‬
‫‪ ،2020-2012‬انظر‪ :‬التقارير ال�شهرية جلهاز ال�شاباك باللغة العربية‪ ،‬يف‪https://www.shabak.gov.il/ :‬‬
‫‪arabic/publications/Pages/monthlyreports.aspx‬؛ وباللغة الإجنليزية‪ ،‬يف‪:‬‬
‫‪https://www.shabak.gov.il/english/publications/Pages/monthlyreports.aspx‬‬
‫‪ 13‬انظر �إح�صائيات الأ�رسى الفل�سطينيني يف ال�سجون الإ�رسائيلية‪ ،‬كانون الثاين‪ /‬يناير لل�سنوات‬
‫‪ ،2020-2016‬موقع م�ؤ�س�سة ال�ضمري لرعاية الأ�سري وحقوق الإن�سان‪ ،‬يف‪:‬‬
‫‪http://www.addameer.org/ar/statistics‬‬

‫‪271‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫‪ 14‬حول معركة حجارة ال�سجيل‪ ،‬انظر‪ :‬حم�سن حممد �صالح (حمرر)‪ ،‬التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني‬ ‫ ‬
‫ل�سنتي ‪( 2013-2012‬بريوت‪ :‬مركز الزيتونة للدرا�سات واال�ست�شارات‪� ،)2014 ،‬ص ‪.100‬‬
‫‪ 15‬حول معركة الع�صف امل�أكول‪ ،‬انظر‪ :‬حم�سن حممد �صالح‪ ،‬التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ل�سنتي‬ ‫ ‬
‫‪� ،2015-2014‬ص ‪.117-116‬‬
‫‪ 16‬حول انتفا�ضة القد�س ‪ ،2017-2015‬انظر‪ :‬حم�سن حممد �صالح‪ ،‬التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ل�سنتي‬
‫‪� ،2017-2016‬ص ‪.211-209‬‬
‫‪ 17‬حول هبَّ ة باب الأ�سباط‪ ،‬انظر‪ :‬حم�سن حممد �صالح‪ ،‬املرجع نف�سه‪� ،‬ص ‪.214-211‬‬
‫‪ 18‬حول هبَّة باب الرحمة‪ ،‬انظر‪ :‬حم�سن حممد �صالح‪ ،‬التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ل�سنتي ‪،2019-2018‬‬ ‫ ‬
‫�ص ‪.138-136‬‬
‫‪ 19‬حول م�سريات العودة وك�رس احل�صار‪ ،‬انظر‪ :‬حم�سن حممد �صالح‪ ،‬املرجع نف�سه‪� ،‬ص ‪.200-199‬‬ ‫ ‬
‫ حول معركة �سيف القد�س ‪ ،2021‬انظر‪ :‬حم�سن حممد �صالح وبا�سم جالل القا�سم (حمرران)‪ ،‬معركة “�سيف‬ ‫‪20‬‬

‫القد�س” وتداعياتها فل�سطينيا ً و�إ�رسائيليا ً وعربيا ً ودوليا ً ‪� 21-10‬أيار‪ /‬مايو ‪ ،2021‬ملف معلومات ‪28‬‬
‫(بريوت‪ :‬مركز الزيتونة للدرا�سات واال�ست�شارات‪.)2021 ،‬‬
‫‪ 21‬اجلزيرة‪.‬نت‪.2012/2/6 ،‬‬
‫‪ 22‬الأيام‪.2013/4/14 ،‬‬
‫ ‬
‫‪ 23‬وكالة الر�أي الفل�سطينية للإعالم‪ ،2014/4/23 ،‬انظر‪http://www.alray.ps/ar :‬؛ وموقع فل�سطني �أون الين‪،‬‬ ‫ ‬
‫‪ ،2014/5/20‬انظر‪http://www.felesteen.ps :‬؛ ووفا‪.2014/6/2 ،‬‬
‫‪ 24‬وفا‪2016/4/3 ،‬؛ وجريدة القد�س‪ ،‬القد�س‪.2016/4/5 ،‬‬
‫‪ 25‬الأيام‪ ،‬وفل�سطني �أون الين‪.2016/12/13 ،‬‬ ‫ ‬
‫‪ 26‬احلياة‪.2016/10/22 ،‬‬‫ ‬
‫‪ 27‬موقع م�ؤ�س�سة القد�س للثقافة والرتاث‪ ،2016/10/22 ،‬انظر‪http://www.alqudslana.org :‬؛ وموقع �رسايا‬
‫القد�س‪ ،2016/10/24-22 ،‬انظر‪https://www.saraya.ps :‬‬
‫‪ 28‬فل�سطني �أون الين‪.2017/3/21 ،‬‬
‫ ‬
‫ القد�س‪.2017/4/27 ،‬‬ ‫‪29‬‬

‫‪ 30‬املركز الفل�سطيني للإعالم‪2016/5/7 ،‬؛ وموقع حركة حما�س‪ 13 ،‬و‪2017/4/30‬؛ ووكالة �سما الإخبارية‪،‬‬
‫‪ ،2017/5/31‬انظر‪http://www.samanews.com/ar :‬؛ وكالة الر�أي الفل�سطينية للإعالم‪2017/6/10 ،‬؛‬
‫واحلياة‪ ،‬والأيام‪.2017/7/5 ،‬‬
‫‪ 31‬للمزيد انظر‪ :‬القد�س‪2017/9/15 ،‬؛ وموقع حركة حما�س‪2017/9/17 ،‬؛ ورويرتز‪.2017/10/4 ،‬‬
‫‪ 32‬احلياة‪2017/10/3 ،‬؛ ووفا‪ 2 ،‬و‪.2017/10/3‬‬ ‫ ‬
‫‪ 33‬موقع حركة حما�س‪ ،‬ووفا‪.2017/10/12 ،‬‬ ‫ ‬
‫ انظر‪ :‬حم�سن حممد �صالح‪ ،‬التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪� ،2017-2016‬ص ‪.52-51‬‬ ‫‪34‬‬

‫‪ 35‬اجلزيرة‪.‬نت‪.2017/11/22 ،‬‬
‫‪ 36‬قد�س بر�س‪.2018/3/29 ،‬‬
‫‪ 37‬اجلزيرة‪.‬نت‪.2018/4/28 ،‬‬
‫‪ 38‬وفا‪2018/3/19 ،‬؛ وموقع ‪ 24‬الإخباري‪ ،2018/3/13 ،‬انظر‪https://24.ae :‬؛ ووفا‪2018/3/13 ،‬؛ وموقع منظمة‬
‫التحرير الفل�سطينية‪ ,2018/3/13 ،‬انظر‪http://www.plo.ps :‬‬
‫‪ 39‬املركز الفل�سطيني للإعالم‪.2018/3/2 ،‬‬

‫‪272‬‬
‫ق�ضية فل�سطني ‪2021–2012‬‬

‫‪ 40‬اجلزيرة‪.‬نت‪2017/11/26 ،‬؛ ومقابلة �أجراها تلفزيون فل�سطني مع الرئي�س حممود عبا�س يف‬
‫‪ ،2018/10/23‬موقع اليوتيوب‪2018/10/24 ،‬؛ ومقابلة مع ح�سني ال�شيخ ع�ضو اللجنة املركزية‬
‫حلركة فتح‪ ،‬برنامج امللف اليوم‪ ،‬تلفزيون فل�سطني‪ ،‬موقع اليوتيوب‪ ،2017/10/16 ،‬انظر‪:‬‬
‫‪https://www.youtube.com/watch?v=gmWP_EPeXeU‬؛ وموقع �شبكة راية الإعالمية‪،2018/8/2 ،‬‬
‫انظر‪https://www.raya.ps :‬‬
‫‪ 41‬الرئي�س يكلف حممد ا�شتية بت�شكيل حكومة جديدة‪ ،‬وفا‪ ،2019/3/10 ،‬انظر‪:‬‬
‫‪http://www.wafa.ps/ar_page.aspx?id=5so7yca851049918576a5so7yc‬‬
‫‪ 42‬ن�ص قرار املحكمة الد�ستورية ب�ش�أن حل الت�رشيعي و�إجراء االنتخابات‪ ،‬وفا‪ ،2018/12/24 ،‬انظر‪:‬‬
‫ ‬
‫‪http://www.wafa.ps/ar_page.aspx?id=2cP5dxa844831164474a2cP5dx‬‬
‫‪� 43‬صحيفة العربي اجلديد‪ ،‬لندن‪ ،2019/7/18 ،‬انظر‪http://www.alaraby.co.uk/portal :‬‬
‫‪ 44‬وفا‪.2020/5/19 ،‬‬
‫‪ 45‬وكالة الأنا�ضول للأنباء‪ ،2020/7/2 ،‬انظر‪http://aa.com.tr/ar :‬‬
‫ ‬
‫ وفا‪.2020/9/3 ،‬‬‫‪46‬‬

‫‪ 47‬عربي ‪.2020/9/3 ،21‬‬


‫‪ 48‬عربي ‪2020/11/24 ،21‬؛ وال�رشق الأو�سط‪.2020/11/25 ،‬‬
‫‪ 49‬عرب ‪.2020/11/17 ،48‬‬
‫‪ 50‬اجلزيرة‪.‬نت‪.2021/1/4 ،‬‬
‫‪ 51‬اجلزيرة‪.‬نت‪.2021/1/15 ،‬‬
‫‪ 52‬ال�رشق الأو�سط‪.2021/2/18 ،‬‬‫ ‬
‫‪ 53‬الأنا�ضول للأنباء‪.2021/4/1 ،‬‬
‫‪ 54‬عربي ‪.2021/4/29 ،21‬‬
‫‪ 55‬الأيام‪.2012/10/22 ،‬‬
‫ ‬
‫‪ 56‬الأنا�ضول للأنباء‪.2012/9/3 ،‬‬
‫‪ 57‬موقع �شبكة الإعالم العربية (حميط)‪ ،2012/10/23 ،‬انظر‪http://moheet.com :‬؛ وموقع الكا�شف نيوز‪،‬‬ ‫ ‬
‫‪ ،2012/10/27‬انظر‪http://elkashif.net :‬‬
‫‪ 58‬القد�س العربي‪.2016/8/30 ،‬‬‫ ‬
‫‪ 59‬وكالة فل�سطني اليوم‪ ،2016/9/5 ،‬انظر‪http://paltoday.ps/ar :‬‬
‫ ‬
‫‪ 60‬فل�سطني اليوم‪2017/9/5 ،‬؛ وانظر �أي�ضاً‪ :‬احلياة اجلديدة‪.2017/9/8 ،‬‬
‫ ‬
‫‪ 61‬جلنة االنتخابات املركزية ‪ -‬فل�سطني والعربي اجلديد‪2017/5/14 ،‬؛ واحلياة‪.2017/5/15 ،‬‬ ‫ ‬
‫‪ 62‬املركز الفل�سطيني للإعالم‪2015/3/6 ،‬؛ احلياة اجلديدة‪.2015/3/7 ،‬‬
‫‪Keeping ISIS Out of Palestine, site of Defense News, 18/1/2016, http://www.defensenews.com/ 63‬‬ ‫ ‬
‫‪story/defense/international/mideast-africa/2016/01/18/keeping-isis-out-palestine/78939962‬‬
‫‪ 64‬م�س�ؤولون‪ :‬وقف التن�سيق الأمني ال زال م�ستمرا ً ب�أمر من الرئي�س عبا�س وا�ستئنافه ب�رشوط‪� ،‬سما‪،‬‬ ‫ ‬
‫‪.2017/7/29‬‬
‫‪ 65‬قد�س بر�س‪.2018/5/3 ،‬‬
‫‪ 66‬موقع حركة املقاومة الإ�سالمية (حما�س)‪ ،2015/9/2 ،‬انظر‪http://hamas.ps/ar/post/3430/ :‬؛‬
‫واجلزيرة‪.‬نت‪2015/9/8 ،‬؛ ومعا‪ ،2015/9/3 ،‬انظر‪https://www.maannews.net/default.aspx :‬‬
‫‪ 67‬دورات املجل�س الوطني الفل�سطيني‪ ،‬وفا‪ ،‬انظر‪http://info.wafa.ps/ar_page.aspx?id=3763 :‬؛ ون�ص‬
‫كلمة رئي�س املكتب ال�سيا�سي �إ�سماعيل هنية حول عقد املجل�س الوطني بدون توافق‪ ،‬موقع حركة حما�س‪،‬‬
‫‪ ،2018/4/30‬انظر‪http://hamas.ps/ar/post/9077 :‬؛ ومقابلة مع داود �شهاب القيادي يف اجلهاد الإ�سالمي‪،‬‬
‫قناة الغد الف�ضائية‪ ،‬يوتيوب‪2018/4/28 ،‬؛ و بيان �صادر عن اجلبهة ال�شعبية لتحرير فل�سطني حول �أ�سباب‬
‫عدم م�شاركتها يف دورة املجل�س الوطني‪ ،‬موقع اجلبهة ال�شعبية لتحرير فل�سطني‪ ،2018/4/28 ،‬انظر‪:‬‬
‫‪https://pflp.ps/post/17053‬‬

‫‪273‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫‪ 68‬بيان �صادر عن اجلبهة ال�شعبية لتحرير فل�سطني مبنا�سبة عقد دورة املجل�س املركزي‪ ،‬موقع اجلبهة ال�شعبية‬
‫لتحرير فل�سطني‪ ،2018/8/15 ،‬انظر‪https://pflp.ps/post/17591 :‬؛ وبيان �صحفي تعقيبا ً على انعقاد املجل�س‬
‫املركزي االنف�صايل غداً‪ ،‬موقع حركة حما�س‪ ،2018/10/27 ،‬انظر‪https://hamas.ps/ar/post/9818 :‬‬
‫‪ 69‬وفا‪.2018/5/4 ،‬‬
‫‪ 70‬قرارات املجل�س الوطني الفل�سطيني ‪ -‬الدورة الثالثة والع�رشون‪ ،‬وفا‪ ،‬انظر‪:‬‬
‫ ‬
‫‪http://info.wafa.ps/ar_page.aspx?id=rzWgnya27479012616arzWgny‬‬
‫‪ 71‬موقع حركة حما�س‪.2017/5/1 ،‬‬ ‫ ‬
‫‪ 72‬موقع �أمد للإعالم‪ ،2013/12/10 ،‬انظر‪https://www.amad.ps/ar :‬؛ والقد�س‪ ،2014/1/17 ،‬انظر‪:‬‬ ‫ ‬
‫‪http://www.alquds.com/news/article/view/id/483736‬‬
‫‪ 73‬املركز الفل�سطيني للإعالم‪ ،2018/7/29 ،‬انظر‪https://www.palinfo.com/241461 :‬‬
‫‪ 74‬معا‪2018/9/27 ،‬؛ وبيان‪� :‬إعالن نتائج االنتخابات الداخلية حلركة اجلهاد الإ�سالمي يف فل�سطني‪ ،‬موقع حركة‬
‫اجلهاد الإ�سالمي يف فل�سطني‪ ،2018/9/28 ،‬انظر‪https://jehad.ps//post/344 :‬؛ و�صحيفة الأخبار‪ ،‬بريوت‪،‬‬
‫‪.2018/9/28‬‬
‫‪ 75‬املكتب الإعالمي لالحتاد الدميقراطي الفل�سطيني (فدا)‪.2019/11/9 ،‬‬
‫‪ 76‬معا‪.2021/6/29 ،‬‬
‫‪ 77‬حول هذه اال�ستطالعات‪ ،‬انظر موقع املركز الفل�سطيني للبحوث ال�سيا�سية وامل�سحية‪ ،‬يف‪:‬‬
‫ ‬
‫‪https://www.pcpsr.org/ar‬‬
‫‪ 78‬انظر‪ :‬رفيق النت�شة و�إ�سماعيل ياغي‪ ،‬تاريخ مدينة القد�س‪� ،‬ص ‪94‬؛ وهرني كنت‪ ،‬فل�سطني يف �ضوء احلق‬
‫والعدل‪� ،‬ص ‪.45‬‬
‫‪ 79‬انظر‪ :‬املو�سوعة الفل�سطينية‪ ،‬ج ‪� ،3‬ص ‪.522‬‬
‫‪See Maya Choshen and Michal Korach, Jerusalem: Facts and Trends 2021 (Jerusalem: The 80‬‬ ‫ ‬
‫‪Jerusalem Institute for Policy Research, 2021),‬‬
‫‪https://jerusaleminstitute.org.il/en/publications/jerusalem-facts-and-trends-2021/‬‬
‫‪ 81‬حول هذه الفرتة عن تهويد القد�س انظر‪ :‬املو�سوعة الفل�سطينية‪ ،‬ج ‪� ،3‬ص ‪527-521‬؛ و�إبراهيم �أبو جابر‪،‬‬
‫ ‬
‫“ق�ضية القد�س وم�ستقبلها‪� ”،‬ص ‪568-544‬؛ والد�ستور‪.1997/6/18 ،‬‬
‫‪ 82‬هناك الكثري من امل�صادر التي حتدثت عن عمليات تهويد منطقة الأق�صى واحلفريات حتته واالعتداءات‬
‫عليه‪ ،‬انظر حول الفقرتني ال�سابقتني مثالً يف‪� :‬إبراهيم �أبو جابر‪“ ،‬ق�ضية القد�س وم�ستقبلها‪”،‬‬
‫�ص ‪568-564‬؛ واملو�سوعة الفل�سطينية‪ ،‬ج ‪� ،3‬ص‪533-523‬؛ والأخبار اليومية مثالً يف‪ :‬اخلليج‪،‬‬
‫‪ ،2000/2/13‬و‪ ،2000/7/27‬و‪ ،2000/9/9‬و‪ 8‬و‪2001/1/17‬؛ واملركز الفل�سطيني للإعالم‪،2000/3/23 ،‬‬
‫و‪ 2‬و‪.2000/4/6‬‬
‫‪BBC, 3/12/1999, http://news.bbc.co.uk/2/hi/south_asia/548443.stm 83‬‬ ‫ ‬
‫غطت اجلرائد اليومية تلك الأحداث‪ ،‬انظر الأخبار يف الأيام التالية للأحداث مثالً يف‪ :‬جريدتي الر�أي والد�ستور‪.‬‬
‫‪ 84‬حول القد�س يف الأمم املتحدة انظر مثالً‪ :‬املو�سوعة الفل�سطينية‪ ،‬ج ‪� ،3‬ص ‪.553-548‬‬ ‫ ‬
‫‪ 85‬اجلزيرة‪.‬نت‪2017/12/6 ،‬؛ وموقع هيئة الإذاعة الربيطانية (بي بي �سي)‪ ،2017/12/6 ،‬يف‪:‬‬
‫‪https://www.bbc.com/arabic/middleeast-42259399‬‬
‫‪ 86‬انظر‪ :‬حم�سن حممد �صالح‪ ،‬التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪� ،2019-2018‬ص ‪.154-135‬‬
‫‪ 87‬انظر‪ :‬بي بي �سي‪ ،2017/3/8 ،‬يف‪https://www.bbc.com/arabic/middleeast-39207478 :‬؛ وموقع‬
‫�سي �أن �أن بالعربية‪ ،2017/3/8 ،‬يف‪:‬‬
‫‪https://arabic.cnn.com/middle-east/2017/03/08/israel-limit-mosques-calls-prayer‬‬
‫‪ 88‬اجلزيرة‪.‬نت‪.2017/7/26 ،‬‬
‫‪Haaretz, 20/10/2018, https://www.haaretz.com/israel-news/.premium-israel-to-put-off- 89‬‬ ‫ ‬
‫‪evacuation-of-contested-west-bank-village-khan-al-ahamar-until-fur-1.6574803‬‬

‫‪274‬‬
2021–2012 ‫ق�ضية فل�سطني‬

.2013/3/21 ،‫ املركز الفل�سطيني للإعالم‬90


.2013/6/10 ،‫ م�ؤ�س�سة الأق�صى للوقف والرتاث‬:‫ انظر‬91
.2012/2/14 ،‫ م�ؤ�س�سة الأق�صى للوقف والرتاث‬92
.272 ‫ �ص‬،2015-2014 ‫ التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني‬،‫ حم�سن حممد �صالح‬:‫ انظر‬93
‫ تقرير توثيقي ير�صد االعتداءات على‬:‫ عني على الأق�صى‬،‫ عبد اهلل ابحي�ص وزياد احل�سن ومرمي عيتاين‬94
.11 ‫ �ص‬،)2011 ،‫ م�ؤ�س�سة القد�س الدولية‬:‫ (بريوت‬2011/8/21-2010/8/22 ‫امل�سجد الأق�صى يف الفرتة بني‬
‫ قراءة يف م�سار‬:2020 ‫ تقرير حال القد�س ال�سنوي‬،‫ م�ؤ�س�سة القد�س الدولية‬،‫ ق�سم الأبحاث واملعلومات‬95
:‫ يف‬،)2021 ،‫ م�ؤ�س�سة القد�س الدولية‬:‫الأحداث وامل�آالت (بريوت‬
https://alquds-city.com/userfiles/all/Hal_Alquds_2020.pdf
.2013/3/19 ،‫ م�ؤ�س�سة الأق�صى للوقف والرتاث‬96

Elections for the Knesset, site of The Knesset, 97

https://main.knesset.gov.il/EN/mk/Pages/Elections.aspx
2019 ‫ ت�شري الإح�صائيات الإ�رسائيلية الر�سمية �إىل �أن عدد املواطنني العرب يف �رشقي القد�س بلغ يف نهاية �سنة‬98
‫ ف�إن عددهم يبلغ يف‬%2.6 ‫ وبناء على الزيادة ال�سكانية ال�سنوية يف الو�سط العربي التي تبلغ‬،ً ‫ �ألفا‬358.8 ‫نحو‬
:‫ انظر‬.ً ‫ �ألفا‬368 ‫ نحو‬2020 ‫نهاية �سنة‬
CBS, Statistical Abstract of Israel 2020, no. 71, table 2.14,
https://www.cbs.gov.il/he/publications/doclib/2020/2.shnatonpopulation/st02_14.pdf
See CBS, https://www.cbs.gov.il/he/publications/doclib/2021/yarhon0621/b1.pdf 99
For 1990–1996, see CBS, http://www1.cbs.gov.il/hodaot2013n/21_13_050t1.pdf 100
As for 1996–2021, see CBS,
https://www.cbs.gov.il/he/publications/doclib/2021/yarhon0721/e2.pdf
Sergio DellaPergola, “World Jewish Population, 2019,” in Arnold Dashefsky and Ira M. 101
Sheskin (eds.), The American Jewish Year Book, 2019 (Switzerland: Springer, 2019),
vol. 119, pp. 263–353, https://www.jewishdatabank.org/content/upload/bjdb/2019_World_
Jewish_Population_(AJYB,_DellaPergola)_DataBank_Final.pdf
See CBS, https://www.cbs.gov.il/he/publications/doclib/2021/yarhon0721/f1.pdf 102
3.4367‫ و‬،2019 ‫ كمعدل ل�سنة‬3.5643 ‫مت اعتماد �سعر �رصف الدوالر مقابل ال�شيكل الإ�رسائيلي بـ‬ ّ :‫مالحظة‬
.‫ وفق معطيات بنك “�إ�رسائيل” املركزي‬،2020 ‫كمعدل ل�سنة‬
See CBS, https://www.cbs.gov.il/he/publications/doclib/2020/25shnatongeneralgovern 103
mentsector/st25_04x.pdf; and https://www.cbs.gov.il/he/publications/doclib/2020/25.
shnatongeneralgovernmentsector/st25_03x.pdf
‫ وفق‬،2018 ‫ كمعدل ل�سنة‬3.597 ‫مت اعتماد �سعر �رصف الدوالر مقابل ال�شيكل الإ�رسائيلي بـ‬ ّ :‫مالحظة‬
.‫معطيات بنك “�إ�رسائيل” املركزي‬
See CBS, https://www.cbs.gov.il/he/publications/doclib/2021/yarhon0721/h8.pdf 104
For 2017–2018, see CBS, https://www.cbs.gov.il/he/publications/doclib/2020/yarhon0120/h8.pdf 105
For 2019–2020, see CBS, https://www.cbs.gov.il/he/publications/doclib/2021/yarhon0721/h8.pdf
CBS, https://www.cbs.gov.il/he/publications/doclib/2021/yarhon0721/h8.pdf 106
‫ التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني‬،‫ حم�سن حممد �صالح‬:‫ انظر‬،2018-1949 ‫ بالن�سبة لل�سنوات‬107
:‫ انظر‬،2020-2019 ‫ �أما بالن�سبة ل�سنتي‬.257-256 ‫ �ص‬،2019-2018
Jeremy M. Sharp, “U.S. Foreign Aid to Israel,” Congressional Research Services (CRS),
16/11/2020, https://fas.org/sgp/crs/mideast/RL33222.pdf
2021 Israel Military Strength, site of Globalfirepower.com, 108

https://www.globalfirepower.com/country-military-strength-detail.php?country_id=israel

275
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

See CBS, https://www.cbs.gov.il/he/publications/doclib/2020/25.shnatongeneralgovernment 109


sector/st25_04x.pdf
The Times of Israel, 1/6/2021, https://www.timesofisrael.com/israels-military-exports-hit-8-3- 110
billion-in-2020-second-highest-ever-total
:‫ يف‬،2015/9/9 ،‫ موقع �سبوتنيك عربي‬،‫ العامل اخلفي لتجارة ال�سالح الإ�رسائيلية‬:ً‫ انظر مثال‬111
https://arabic.sputniknews.com/opinion/201509091015551834

276
‫اخلامتة‬

‫اخلامتة‬
‫�أر�ض فل�سطني �أر�ض مقد�سة مباركة‪ ،‬وهي �أر�ض عربية م�سلمة �ضحى �أبنا�ؤها‬
‫ت�ضحيات ج�ساما ً يف �سبيل املحافظة عليها ويف �سبيل حتريرها‪ ،‬غري �أن امل�رشوع‬
‫ال�صهيوين املدعوم بالقوى الكربى كان �أكرب من طاقاتهم و�إمكاناتهم‪.‬‬
‫�إن املقاومة الفل�سطينية املعا�رصة (م‪.‬ت‪.‬ف‪ ،‬والعمل الفدائي الفل�سطيني) التي تولت‬
‫قيادة ال�ساحة الفل�سطينية‪ ،‬قد قدمت هي الأخرى ت�ضحيات كبرية‪ ،‬وكر�ست الهوية‬
‫الوطنية الفل�سطينية‪ ،‬ولقيت اعرتاف معظم دول العامل‪ ،‬غري �أنها عانت من جوانب‬
‫�أ�ضعفت �أداءها وقدرتها على حتقيق �أهدافها‪ ،‬ومن ذلك‪:‬‬
‫‪� .1‬إ�شكالية املنهج‪ :‬حيث متيز خطها ب�أنه خط علماين‪ ،‬راوح بني دوائر الوطنية والقومية‬
‫والي�سارية‪ .‬ومل ي�ستند �إىل املنهج الإ�سالمي الأقدر على ا�ستنها�ض طاقات الأمة‬
‫وتوحيدها وجتنيدها �ض ّد ال�صهيونية وحلفائها‪ .‬وظ ّل منهج م‪.‬ت‪.‬ف ينزع دائما ً‬
‫لال�ستجابة لل�ضغوط “ومتطلبات املرحلة”‪ ،‬وال�سعي للبقاء يف دائرة ال�ضوء‪ ،‬حتى‬
‫ولو على ح�ساب املبادئ والثوابت واحلقوق الأ�سا�سية لل�شعب الفل�سطيني‪ .‬مما‬
‫�أدى �إىل “تقزمي” املطالب ال�سيا�سية الفل�سطينية مع الزمن‪ . ...‬فمن حترير فل�سطني‬
‫و�إخراج الغا�صبني‪� ،‬إىل الدولة الدميوقراطية التي ت�شمل العرب وال�صهاينة املعتدين‪،‬‬
‫�إىل القبول “بحقّ ” ال�صهاينة يف ‪ %77‬من �أر�ض فل�سطني‪� ،‬إىل املوافقة على حكم ذاتي‬
‫يف ال�ضفة والقطاع ح�سب اتفاق �أو�سلو‪. ...‬‬
‫‪� .2‬إ�شكالية القيادة‪ :‬افتقدت القيادة ال�سيا�سية الفل�سطينية التجان�س‪ ،‬وعانت من تباين‬
‫�أهدافها‪ ،‬ومراعاة �أطراف عربية ودولية على ح�ساب �أولويات الق�ضية‪ .‬ومل حترتم‬
‫القيادة العمل امل�ؤ�س�سي‪ .‬ومتكن زعيم فتح واملنظمة من جمع ك ّل ال�صالحيات‬
‫املمكنة بيده‪ ،‬و�أم�سك بع�صبي القرار ال�سيا�سي والإنفاق املايل‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل التح ُّكم‬
‫بالأجهزة الأمنية والع�سكرية‪ ،‬مما جعل العمل الفل�سطيني مرتبطا ً مببادرة “الزعيم”‬
‫ال�شلل واملح�سوبيات‪ ،‬وتفكيك البناء الداخلي للثورة‬ ‫وقراره‪ .‬وقد �أ�سهم ذلك يف منو ِّ‬
‫الفل�سطينية‪ ،‬وخروج الكثري من الكفاءات والقيادات وحتييدها‪.‬‬
‫‪� .3‬إ�شكالية امل�ؤ�س�سات‪� :‬أ�ضعف �أداء القيادة الفل�سطينية العمل امل�ؤ�س�سي الفل�سطيني‪،‬‬
‫فقد �أُفرغ املجل�س الوطني الفل�سطيني من حمتواه‪ ،‬ومل يتمكن من �أداء دوره يف املراقبة‬

‫‪277‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫واملحا�سبة‪ ،‬وتراجع دور منظمة التحرير التي ُو�ضعت يف “غرفة الإنعا�ش”‪ .‬و�أغلقت‬
‫قيادة املنظمة وال�سلطة الباب يف وجه م�شاركة حقيقية فاعلة لقوى �أ�سا�سية يف ال�ساحة‬
‫الفل�سطينية مثل حما�س واجلهاد الإ�سالمي‪ ،‬ومبا يعك�س �أوزانها ال�شعبية‪ .‬كما مت‬
‫ا�ستبعاد فل�سطينيي ال�شتات عن ممار�سة �أدوار متثيلية وفعالة يف العمل امل�ؤ�س�سي‬
‫الر�سمي الفل�سطيني‪ .‬يف الوقت نف�سه‪ ،‬ت�ضخم دور ال�سلطة الفل�سطينية التي وجدت‬
‫نف�سها هي الأخرى مرتهنة للقرارات وال�ضغوط الإ�رسائيلية الأمريكية‪ .‬كما �ضعفت‬
‫�أو اندثرت �أدوار م�ؤ�س�سات مهمة يف املنظمة كال�صندوق القومي ومركز الأبحاث‪،‬‬
‫وم�ؤ�س�سات رعاية ال�شهداء‪ ،‬و�صامد‪ ،‬ودائرة التخطيط‪ . ...‬ومع الزمن انح�رصت‬
‫دائرة العمل الفل�سطيني يف حفنة من النا�س‪ ،‬جعلوا لأنف�سهم حقّ تقرير م�صري ق�ضية‬
‫هي �أخطر ق�ضية تواجه العامل العربي والإ�سالمي يف الواقع املعا�رص‪.‬‬
‫‪� .4‬أ ّدى ان�ضمام منظمة التحرير �إىل م�سار الت�سوية ال�سلمية واتفاقات �أو�سلو �إىل تكري�س‬
‫حالة من االنق�سام الفل�سطيني بني م�سار الت�سوية وم�سار املقاومة؛ و�إىل قيام �أجهزة‬
‫ال�سلطة الفل�سطينية مبطاردة العمل املقاوم‪ .‬وهو ما �أدى �إىل �إ�ضعاف اجلبهة الداخلية‬
‫الفل�سطينية‪ ،‬كما �أف�سح املجال للعدو ال�صهيوين لال�ستفادة من غطاء الت�سوية يف‬
‫تكري�س احتالله وتهويد الأر�ض والإن�سان‪.‬‬
‫‪ .5‬تعر�ضت عملية �صناعة “القرار الوطني الفل�سطيني امل�ستقل” �إىل �أزمة كبرية‪ ،‬بغياب‬
‫ف�صائل كبرية عن البنية امل�ؤ�س�سية الر�سمية الت�رشيعية والتنفيذية؛ وب�إ�رصار قيادة‬
‫املنظمة على عقد اجتماعاتها‪ ،‬واجتماعات املجل�س الوطني واملجل�س املركزي‪ ،‬حتت‬
‫االحتالل‪.‬‬
‫‪ .6‬عانت الثورة الفل�سطينية ب�شدة من �أ�شقائها العرب “الألداء”‪ ،‬وا�ستنزفت دماء‬
‫وجهودا ً هائلة يف �رصاعها مع الأنظمة التي حاولت “تروي�ضها”‪ ،‬و�ضبطها �أو التحدث‬
‫با�سمها �أو القفز فوقها‪ . ...‬وقد �أ�سهم ذلك يف �إ�ضعاف هذه الثورة‪ ،‬وتبديد طاقاتها‪،‬‬
‫ومنعها من العمل امل�سلح من اخلارج‪ ،‬وبالتايل ح�رص ن�شاطها يف دائرة “املمكن‬
‫ال�سيا�سي”‪.‬‬
‫من جهة �أُخرى‪ ،‬قام التيار الإ�سالمي‪ ،‬الذي ميثل نب�ض هذه الأمة‪ ،‬و�أملها القادم‬
‫ب�إذن اهلل‪ ،‬ب�أدوار جهادية ال ُتن َكر يف مواجهة امل�رشوع ال�صهيوين والقوى اال�ستعمارية‪.‬‬
‫لكنه عانى من حماوالت �سحق واقتالع وت�شويه وحتييد‪ ،‬فل�سطينيا ً وعربيا ً ودولياً‪ .‬غري‬
‫�أنه مطالب يف الوقت نف�سه بـ‪:‬‬

‫‪278‬‬
‫اخلامتة‬

‫‪ .1‬التحدي ُد الدقيق لر�ؤيته املنهجية‪ ،‬املرحلية وبعيدة املدى‪ ،‬لكيفية مواجهة التحدي‬
‫ال�صهيوين وحترير فل�سطني؛ وح�س ُن قراءة الواقع وتعقيداته وتداخالته املحلية‬
‫والإقليمية والدولية‪ ،‬وتقدمي ر�ؤى وحلول واقعية‪ ،‬قادرة على ا�ستلهام النموذج‬
‫الإ�سالمي وا�ستنها�ض اجلماهري‪.‬‬
‫‪ .2‬تو�سيع دائرة ال�رصاع والتفاعل مع ق�ضية فل�سطني‪ ،‬بحيث تتكامل الدائرة الفل�سطينية‬
‫مع الدائرة العربية والدائرة الإ�سالمية والدائرة الإن�سانية‪ ،‬وبحيث تتفاعل هذه‬
‫الدوائر ب�شكل �إيجابي ومتنا�سق‪ .‬مع ال�سعي لتوفري الأدوات والو�سائل املكافئة‬
‫لتحقيق ذلك‪.‬‬
‫‪ .3‬تطوير م�ؤ�س�ساته التنظيمية وال�شورية‪ ،‬وكفاءات قياداته‪ ،‬واال�ستفادة ب�شكل �أف�ضل‬
‫من كفاءات الأمة وطاقاتها‪ ،‬وحتقيق عملية توريث �سل�سة و�سليمة للأجيال القيادية‬
‫احلالية والقادمة‪.‬‬
‫‪ .4‬بذل املزيد من اجلهود حل�شد دعم املجتمع الدويل والهيئات الدولية ودعم ال�شعوب‬
‫من خمتلف الديانات والأعراق واجلن�سيات‪ ،‬من حمبي ال�سالم واحلرية والعدالة‪.‬‬
‫‪ .5‬االلت�صاق �أكرث بهموم اجلماهري‪ ،‬والتعبري عن معاناتها وخدمتها‪ ،‬والتغلغل يف‬
‫�أو�ساطها‪ ،‬وحتويل ه ّم مواجهة امل�رشوع ال�صهيوين �إىل ه ّم جماهريي يومي‪.‬‬
‫‪ .6‬الإبقاء على جذوة املقاومة واجلهاد‪ ،‬و�صوت احلق الذي ال يتنازل عن فل�سطني مهما‬
‫كانت الت�ضحيات‪.‬‬
‫�إن �أهل فل�سطني وامل�سلمني متيقنون من ن�رص اهلل‪ ،‬ومن اقتالع امل�رشوع اليهودي‬
‫ال�صهيوين مهما طال الزمن‪ ،‬فهذا وعد اهلل �سبحانه يف فواحت �سورة الإ�رساء‪ :‬ﭽﯗ‬
‫ﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢ‬
‫ﯣ ﯤ ﯥ ﯦﭼ‪ ،‬وهو ب�رشى نبيه [ يف احلديث الذي رواه م�سلم و�أحمد عن‬
‫�أبي هريرة ] �أن ر�سول اهلل [ قال‪“ :‬ال تقوم ال�ساعة حتى يقاتل امل�سلمون اليهود‪،‬‬
‫فيقتلهم امل�سلمون‪ ،‬حتى يختبئ اليهودي من وراء احلجر وال�شجر‪ ،‬فيقول احلجر �أو‬
‫ال�شجر‪ :‬يا م�سلم يا عبد اهلل‪ ،‬هذا يهودي خلفي‪ ،‬فتعال فاقتله‪� ،‬إال الغرقد ف�إنه من �شجر‬
‫اليهود”‪ .‬وهو �سنَّة اهلل �سبحانه يف ال�رصاع بني احلق والباطل‪ .‬وهو ح�صيلة جهاد‬
‫�أ�صحاب احلق يف مواجهة �أي م�رشوع يقوم على الظلم والغ�صب والقهر‪ ،‬وي�سري عك�س‬
‫حركة التاريخ‪.‬‬

‫‪279‬‬
‫فهر�ست‬

‫فهر�ست‬

‫اتفاق القاهرة (‪227 ،)2017‬‬ ‫(�أ)‬


‫اتفاق كامب ديفيد (‪182 ,105 ,103 ،)1978‬‬
‫�آ�سيا‪267 ,207 ,12 ،‬‬
‫اتفاق مكة (‪176–175 ,168 ,153 ،)2007‬‬
‫�آيزنكوت‪ ،‬غادي‪266 ,211 ،‬‬
‫اتفاقيات �أو�سلو‪,122–120 ,112–111 ،‬‬
‫�إبراهيم (عليه ال�سالم)‪26 ,17 ,14 ،‬‬
‫‪,168–167‬‬ ‫‪,164‬‬ ‫‪,127–125‬‬
‫�أبو �أحمد‪ ،‬ف�ؤاد‪239 ،‬‬
‫‪,241 ,230 ,227–226 ,182–181‬‬
‫�أبو درة‪ ،‬يو�سف‪59 ،‬‬
‫‪268 ,249‬‬
‫�أبو �سي�س‪ ،‬حامت‪111 ،‬‬
‫اتفاقية باري�س االقت�صادية‪242 ،‬‬
‫�أبو �شباك‪ ,‬ر�شيد‪154 ,150 ،‬‬
‫اتفاقية �سايك�س‪-‬بيكو (‪47 ,39 ,37 ،)1916‬‬
‫�أبو �شعر‪ ،‬طالب‪163 ،‬‬
‫اتفاقية واي ريفر بالنتي�شن (‪,121 ،)1998‬‬
‫�أبو �شنب‪� ،‬إ�سماعيل‪146 ,136 ،‬‬
‫‪125‬‬
‫�أبو علي‪ ،‬م�صطفى‪139 ,137 ،‬‬
‫�أتلي‪ ،‬كليمنت‪63 ،‬‬
‫�أبو مرزوق‪ ،‬مو�سى‪116 ،‬‬
‫االجتياح العراقي للكويت (‪118 ،)1990‬‬
‫�أبو النمل‪ ،‬ح�سني‪84 ،‬‬
‫الأجهزة الأمنية الفل�سطينية‪ /‬املخابرات‬
‫�أبي �سفيان‪ ،‬معاوية بن‪21 ،‬‬
‫‪,146‬‬ ‫‪,126‬‬ ‫الغربية)‪،‬‬ ‫(ال�ضفة‬
‫االحتاد الأوروبي‪207 ,186 ,150 ,146 ،‬‬
‫‪,160 ,158 ,156–154 ,151–150‬‬
‫االحتاد الدميقراطي الفل�سطيني (فدا)‪,121 ،‬‬
‫‪,211 ,187 ,180 ,177 ,165 ,162‬‬
‫‪240 ,170 ,149‬‬
‫‪235–234 ,228 ,222‬‬
‫االحتاد ال�سوفييتي‪127 ,120–118 ,111 ،‬‬
‫الإخوان امل�سلمون‪,86–85 ,83 ,81 ,70–69 ،‬‬
‫احتاد العمال (اله�ستدروت)‪49 ،‬‬
‫‪113 ,107–106‬‬
‫احتاد امل�ستقلني (الهاف)‪139 ،‬‬
‫�أدهم‪� ،‬إبراهيم بن‪25 ،‬‬
‫اتفاق طابا (‪121 ،)1995‬‬
‫الأردن‪,71–70 ,47 ,39 ,37 ,24 ,20 ،‬‬
‫اتفاق القاهرة (‪98 ،)1969‬‬
‫‪,107–106 ,103 ,98–95 ,88 ,83–81‬‬
‫اتفاق القاهرة (‪121 ،)1994‬‬
‫‪,182 ,169 ,127 ,117–116 ,111‬‬
‫اتفاق القاهرة (‪,172–171 ,168 ,147 ،)2005‬‬
‫‪207–206 ,197–196‬‬
‫‪176‬‬
‫‪ -‬احلكومة الأردنية‪82–81 ,63 ،‬‬
‫اتفاق القاهرة (‪231 ,226 ,181 ،)2011‬‬

‫‪281‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫الأمم املتحدة‪,96–95 ,89 ,73–72 ,66 ,64 ،‬‬ ‫جمل�س الأمة الأردين‪81 ،‬‬ ‫‪ -‬‬
‫‪250 ,241 ,186 ,174 ,150 ,117‬‬ ‫نهر الأردن‪243 ,81 ,20 ,18 ,15 ,13–12 ،‬‬ ‫ ‪-‬‬
‫‪ -‬اجلمعية العامة للأمم املتحدة‪,66–65 ،‬‬ ‫�أر�سالن‪� ،‬شكيب‪54 ،‬‬
‫‪250 ,246‬‬ ‫�أرغمان‪ ،‬نداف‪211 ،‬‬
‫‪ -‬جمل�س الأمن الدويل‪,117 ,104 ،‬‬ ‫�أريحا‪125 ,121 ,81 ,12 ،‬‬
‫‪250 ,187–186‬‬ ‫�أ�سرتاليا‪207 ,140 ،‬‬
‫‪ -‬وكالة الأمم املتحدة لإغاثة وت�شغيل‬ ‫�إ�سحق (عليه ال�سالم)‪26 ,17 ,14 ،‬‬
‫الالجئني الفل�سطينيني يف ال�رشق الأدنى‬ ‫�أ�سدود‪17 ،‬‬
‫(الأونروا)‪243 ,207 ,164 ،‬‬ ‫الأ�سقع‪ ،‬واثلة بن‪24 ،‬‬
‫الأموي‪ ،‬خالد بن يزيد‪25 ،‬‬ ‫�إ�سماعيل (عليه ال�سالم)‪26 ,17 ,14 ،‬‬
‫انتفا�ضة الأق�صى (‪,140–133 ،)2005-2000‬‬ ‫ا�شتية‪ ،‬حممد‪229 ،‬‬
‫‪,183–182 ,171 ,147–145 ,143‬‬ ‫الأ�شعري‪ ،‬عبد الرحمن بن غنم‪24 ،‬‬
‫‪188–186‬‬ ‫�أ�شعيا‪19 ،‬‬
‫‪,216–215‬‬ ‫(‪،)2015‬‬ ‫القد�س‬ ‫انتفا�ضة‬ ‫الأ�شكناز‪27 ،‬‬
‫‪254 ,235–234‬‬ ‫�إعالن الدوحة (‪223 ،)2012‬‬
‫االنتفا�ضة املباركة (‪,107–106 ،)1993-1987‬‬ ‫�إفريقيا‪12 ،‬‬
‫‪192 ,117 ,114–111‬‬ ‫�أفغان�ستان‪133 ،‬‬
‫النخالة‪ ،‬زياد‪240 ،‬‬ ‫�إقبال‪ ،‬حممد‪54 ،‬‬
‫�أندروز‪ ،‬لوي�س‪58 ،‬‬ ‫�أملانيا‪264–263 ,64–61 ,53 ,36 ,28 ،‬‬
‫الأندل�س‪25 ،‬‬ ‫الإمارات العربية املتحدة‪255 ,245 ,205 ،‬‬

‫الأن�صاري‪� ،‬أبو �أُ ّ‬


‫بي بن �أم حرام‪24 ،‬‬ ‫الإمام ال�شافعي‪25 ،‬‬
‫الأن�صاري‪� ،‬شمعون (�أبو ريحانة)‪24 ،‬‬ ‫�أمريكا اجلنوبية‪207–206 ,32 ,28 ،‬‬
‫�أوباما‪ ،‬باراك‪241 ,190 ,179 ،‬‬ ‫�أمريكا ال�شمالية‪261 ,28 ،‬‬
‫�أوروبا‪,127 ,117 ,111 ,63 ,32 ,29–27 ,11 ،‬‬ ‫�أمريكا الالتينية‪66–65 ،‬‬
‫‪–261 ,221 ,207 ,196 ,191 ,140‬‬ ‫�أمريكا‪ /‬الواليات املتحدة الأمريكية‪,32 ,28 ،‬‬
‫‪262‬‬ ‫‪,120–116 ,111 ,96 ,68 ,63 ,37‬‬
‫الأوزاعي (الإمام)‪25 ،‬‬ ‫‪,173 ,171 ,151–150 ,140 ,135 ,133‬‬
‫�أو�س‪� ،‬شداد بن‪24 ،‬‬ ‫‪,232 ,221 ,207 ,197–195 ,190 ,186‬‬
‫�أولربايت‪ ،‬مادلني‪119 ،‬‬ ‫‪264–262 ,250 ,243 ,235‬‬
‫�أوملرت‪� ،‬إيهود‪260–259 ,195 ,190–189 ،‬‬

‫‪282‬‬
‫فهر�ست‬

‫بيجن‪ ،‬مناحيم‪64 ،‬‬ ‫�أوليفانت‪ ،‬لورن�س‪31 ،‬‬


‫بريوت‪235 ,185 ,144 ,100–99 ,86 ،‬‬ ‫�إيران‪266 ,245 ,103 ,61 ,54 ،‬‬
‫برييز‪� ،‬شمعون‪190 ,120 ،‬‬ ‫�إيطاليا‪264 ,62 ،‬‬
‫بي�سان‪102 ,25 ,20 ,17 ،‬‬ ‫الأيوبي‪� ،‬صالح الدين‪23 ،‬‬
‫بيفن‪ ,‬ارن�ست‪64 ،‬‬
‫بيلني‪ ،‬يو�سي‪184 ،‬‬ ‫(ب)‬
‫بينيت‪ ،‬نفتايل‪256 ،‬‬ ‫بئر ال�سبع‪83 ,56 ,17 ،‬‬
‫باب ال�سل�سلة (القد�س)‪247 ،‬‬
‫(ت)‬
‫باراك‪� ،‬إيهود‪195 ,182–181 ,134 ،‬‬
‫الترت‪ ،‬حممد‪152 ،‬‬ ‫باري�س‪146 ،‬‬
‫حتالف الف�صائل الع�رش‪121 ،‬‬ ‫البا�شورة (القد�س)‪247 ،‬‬
‫ترامب‪ ،‬دونالد‪,245 ,243–242 ,236 ,228 ،‬‬ ‫بال (�سوي�رسا)‪33 ،‬‬
‫‪251‬‬ ‫بايدن‪ ،‬جو‪245 ،‬‬
‫تركيا‪264 ,134 ,105 ,61 ،‬‬ ‫البحرين‪255 ,245 ,205 ،‬‬
‫ت�سفي‪� ،‬شبتاي‪32 ،‬‬ ‫الرب�سقي‪� ،‬أق�سنقر‪23 ،‬‬
‫ت�رش�شل‪ ،‬ون�ستون‪51 ،‬‬ ‫الربغوثي‪ ،‬مروان‪241 ,237 ,232 ,148 ،‬‬
‫ت�شيلي‪207 ،‬‬ ‫الربغوثي‪ ،‬م�صطفى‪149 ,147 ،‬‬
‫تل �أبيب‪228 ,219 ,215 ,213 ,117 ,101 ،‬‬ ‫برنادوت‪ ،‬فولك‪72 ،‬‬
‫متراز‪ ،‬عبد الرحمن‪106 ،‬‬ ‫بري�ستلي‪ ،‬جوزيف‪31 ،‬‬
‫التميمي‪ ،‬ذو الأ�صابع‪24 ،‬‬ ‫بريطانيا‪,51 ,48–47 ,39–35 ,33 ,30 ,28 ،‬‬
‫تنظيم �أ�رسة اجلهاد‪106 ،‬‬ ‫‪,85 ,70 ,68 ,64–61 ,59 ,54–53‬‬
‫توليدانو‪ ،‬ن�سيم‪114 ،‬‬ ‫‪264–263 ,207‬‬
‫تون�س‪169 ,133 ,128 ,117 ,100 ,24 ،‬‬ ‫‪ -‬احلكومة الربيطانية‪61 ,54 ,52 ,37 ،‬‬
‫تريان (م�ضيق)‪89 ،‬‬ ‫بلجيكا‪264 ،‬‬
‫تينيت‪ ،‬جورج‪119 ،‬‬ ‫بلفور‪� ،‬آرثر جيم�س‪52 ,37 ،‬‬
‫بن جوريون‪ ،‬ديفيد‪84 ,64 ،‬‬
‫(ث)‬ ‫البنا‪ ،‬ح�سن‪69 ،‬‬

‫الثعالبي‪ ،‬عبد العزيز‪54 ،‬‬ ‫بو�ش‪ ،‬جورج (االبن)‪186 ,146 ،‬‬

‫ثغرة الدفر�سوار‪104 ،‬‬ ‫بونابرت‪ ،‬نابليون‪30 ،‬‬


‫بيت حلم‪17 ,15 ،‬‬

‫‪283‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫جمعية العربية الفتاة‪37 ,35 ،‬‬ ‫ثورة الرباق (‪57–56 ,53–52 ،)1929‬‬
‫جمعية العهد‪37 ،‬‬ ‫الثورة الفل�سطينية الكربى (‪،)1939-1936‬‬
‫جنوب �إفريقيا‪191 ،‬‬ ‫‪61–57 ,53‬‬
‫جنني‪12 ،‬‬ ‫ثورة مو�سم النبي مو�سى (‪52 ،)1920‬‬
‫جهاد‪ ،‬حممد‪126 ,121 ،‬‬ ‫الثوري‪� ،‬سفيان‪25 ،‬‬
‫جهاز الأمن العام الإ�رسائيلي (ال�شاباك)‪،‬‬
‫‪217–215 ,213–210 ,160 ,140–139‬‬ ‫(ج)‬
‫اجلهاز الأمني (جمد)‪106 ،‬‬ ‫جاكرتا‪135 ،‬‬
‫جواتيماال‪66 ،‬‬ ‫جامعة الدول العربية‪185 ,88 ,82 ,68 ,63 ،‬‬
‫جورج‪ ،‬لويد‪37 ،‬‬ ‫جبهة الن�ضال ال�شعبي‪240 ،‬‬
‫اجلوالن‪260 ,104–103 ,89 ,80 ،‬‬ ‫اجلبهة الدميقراطية لل�سالم وامل�ساواة‬
‫اجلي�ش الإ�رسائيلي‪ /‬قوات االحتالل‪,69 ،‬‬ ‫(حدا�ش)‪257 ،‬‬
‫‪,100–99 ,97 ,89 ,85 ,83 ,73‬‬ ‫اجلبهة الدميوقراطية لتحرير فل�سطني‪,101 ،‬‬
‫‪,142–141‬‬ ‫‪,139–138‬‬ ‫‪,104‬‬ ‫‪239 ,236 ,177 ,170 ,149 ,138 ,121‬‬
‫‪,197 ,195 ,188 ,148 ,146 ,144‬‬ ‫اجلبهة ال�شعبية لتحرير فل�سطني‪,101 ,87 ،‬‬
‫‪,247 ,227 ,219–218 ,214–210‬‬ ‫‪,180 ,149 ,143 ,139–137 ,121‬‬
‫‪267–265 ,253‬‬ ‫‪239 ,236 ,234‬‬
‫جي�ش الإنقاذ‪70 ,68 ،‬‬ ‫اجلبهة ال�شعبية لتحرير فل�سطني ‪ -‬القيادة‬
‫جي�ش اجلهاد املقد�س‪71–70 ,68 ,57 ,53 ،‬‬ ‫العامة‪179 ,101 ،‬‬
‫جيلكمان‪ ،‬دان‪119 ،‬‬ ‫اجلبهة القومية لتحرير فل�سطني‪87 ،‬‬
‫اجلذامي‪� ،‬أنيف بن ملة‪24 ،‬‬
‫(ح)‬
‫اجلراح‪� ،‬أبو عبيدة بن‪20 ،‬‬
‫حارثة‪� ،‬أ�سامة بن زيد بن‪24 ،‬‬ ‫اجلرجاين‪� ،‬أبو بكر‪25 ،‬‬
‫حافظ‪ ،‬م�صطفى‪84 ،‬‬ ‫جرين�سبان‪� ،‬آالن‪119 ،‬‬
‫حب�ش‪ ،‬جورج‪86 ،‬‬ ‫اجلزائر‪100 ,24 ،‬‬
‫احلجاز‪37–36 ,24 ،‬‬ ‫جزر �سي�شل‪58 ،‬‬
‫حداد‪� ،‬سعد‪99 ،‬‬ ‫اجلعربي‪ ،‬حممد علي‪81 ،‬‬
‫حرب ‪ /1948‬النكبة‪,72–71 ,69–68 ,49 ،‬‬ ‫اجلليل‪58 ,13 ،‬‬
‫‪248 ,218 ,207 ,83 ,79‬‬ ‫جمعية االحتاد والرتقي‪36–34 ،‬‬
‫حرب ‪ /1956‬العدوان الثالثي‪85–84 ،‬‬ ‫جمعية تركيا الفتاة‪34 ،‬‬

‫‪284‬‬
‫فهر�ست‬

‫‪,163 ,160 ,158–145 ,143 ,133‬‬ ‫حرب �أكتوبر (‪104–103 ،)1973‬‬


‫‪,184–183 ,181–175 ,173–165‬‬ ‫احلرب الأهلية يف لبنان (‪98 ،)1975‬‬
‫‪241 ,237–222 ,205 ,191‬‬ ‫حرب حزيران‪ /‬يونيو ‪,86 ,80 ،1967‬‬
‫‪ -‬كتائب �شهداء الأق�صى‪187 ,138 ،‬‬ ‫‪181 ,114 ,104 ,96–95 ,90–89‬‬
‫‪ -‬اللجنة املركزية‪237 ,231 ،‬‬ ‫حرب اخلليج الأوىل (‪105 ،)1980‬‬
‫‪ -‬املجل�س الثوري‪237 ,160 ،‬‬ ‫حرب اخلليج الثانية (‪127 ,119–118 ،)1991‬‬
‫حركة القوميني العرب‪86 ،‬‬ ‫احلرب العاملية الأوىل (‪,30 ,24 ،)1914‬‬
‫حركة املبادرة الوطنية الفل�سطينية‪236 ،‬‬ ‫‪51–50 ,39 ,37–35‬‬
‫حزب �أزرق �أبي�ض‪257–255 ،‬‬ ‫احلرب العاملية الثانية (‪64–61 ،)1939‬‬
‫حزب اال�ستقالل (فل�سطني)‪53 ،‬‬ ‫حرب لبنان‪ /‬االجتياح الإ�رسائيلي (‪،)1982‬‬
‫حزب اال�ستقالل اليهودي‪195 ،‬‬ ‫‪100–99‬‬
‫حزب “�إ�رسائيل بيتنا”‪257–255 ,195 ،‬‬ ‫حرب لبنان (متوز ‪197 ،)2006‬‬
‫حزب اهلل (لبنان)‪266 ,189 ,144 ،‬‬ ‫حركة الإ�صالح الديني‪27 ،‬‬
‫حزب �أمل جديد‪257 ،‬‬ ‫حركة �أمل (لبنان)‪98 ،‬‬
‫حزب البيت اليهودي‪255 ،‬‬ ‫حركة اجلهاد الإ�سالمي‪,116 ,112 ,107 ،‬‬
‫حزب التحرير الإ�سالمي‪83 ,81 ،‬‬ ‫‪,168 ,147 ,138 ,125 ,121‬‬
‫حزب جي�رش‪257 ،‬‬ ‫‪,226 ,187 ,179 ,177 ,174–173‬‬
‫حزب احلركة‪255 ،‬‬ ‫‪240 ,236–234‬‬
‫حزب �شا�س‪257–256 ،‬‬ ‫حركة اجلهادية‪57 ,53 ،‬‬
‫حزب ال�شعب (فل�سطني)‪170 ,149 ،‬‬ ‫حركة حما�س‪,133 ,127 ,125 ,121 ,117–112 ،‬‬
‫احلزب العربي الفل�سطيني‪53 ،‬‬ ‫‪,160–145 ,143–140 ,138 ,136‬‬
‫حزب العمل‪257 ,255 ,195 ,181 ،‬‬ ‫‪,205 ,190–189 ,187 ,181–163‬‬
‫حزب كادميا‪255 ,195 ,190–189 ،‬‬ ‫‪,228–225 ,223–220 ,214 ,211‬‬
‫حزب ُكلُّنا‪255 ،‬‬ ‫‪,244 ,241 ,239–238 ,236–230‬‬
‫حزب الالمركزية‪37 ,35 ،‬‬ ‫‪267–266‬‬
‫حزب الليكود‪,195 ,190 ,181 ,134 ،‬‬ ‫‪ -‬كتائب عز الدين الق�سام‪,155 ,137 ,114 ،‬‬
‫‪257–255‬‬ ‫‪165‬‬
‫حزب مريت�س‪257 ،‬‬ ‫‪ -‬جمل�س ال�شورى العام‪239–238 ،‬‬
‫حزب ي�ش عتيد‪257–255 ،‬‬ ‫حركة فتح‪,101 ,96 ,88 ,86–85 ,81 ،‬‬
‫حزب ميينا‪257–256 ،‬‬ ‫‪,126 ,121 ,117 ,112 ,107–106‬‬

‫‪285‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫حوامتة‪ ،‬نايف‪239 ،‬‬ ‫حزب يهود التوراة (يهدوت هتوراة)‪257 ،‬‬


‫احلوراين‪ ،‬حممد‪184 ،‬‬ ‫احل�سن‪ ،‬خالد‪121 ،‬‬
‫حيفا‪215 ,56 ,37 ,24 ,17 ،‬‬ ‫احل�سني (ملك الأردن)‪88 ،‬‬
‫احل�سني‪ ،‬عبد اهلل الأول بن (ملك الأردن)‪81 ،‬‬
‫(خ)‬ ‫احل�سني‪ ،‬في�صل بن (ملك العراق)‪47 ،‬‬

‫اخلالدي‪ ،‬يو�سف �ضيا‪35 ،‬‬ ‫احل�سيني‪ ،‬احلاج �أمني‪,58–57 ,54–51 ،‬‬


‫اخلرطوم‪95 ،‬‬ ‫‪82–81 ,71 ,63–61‬‬

‫خريطة الطريق‪,187–186 ,164 ,146 ,133 ،‬‬ ‫احل�سيني‪ ،‬عبد القادر‪68 ,57 ,53 ،‬‬

‫‪190–189‬‬ ‫احل�سيني‪ ،‬مو�سى كاظم‪56 ,54 ,51–50 ،‬‬

‫اخلطاب‪ ،‬عمر بن‪21–20 ،‬‬ ‫احلكومة الإ�رسائيلية‪ /‬حكومة االحتالل‪,134 ،‬‬


‫خلف‪� ،‬صالح‪86 ،‬‬ ‫‪,256 ,253 ,192 ,189–187 ,160‬‬
‫اخلليل‪172 ,148 ,81 ,57 ,17–16 ,13 ،‬‬ ‫‪263 ,259‬‬
‫‪ -‬املجل�س الوزاري امل�صغر لل�ش�ؤون‬
‫(د)‬ ‫ال�سيا�سية والأمنية (كابينت)‪253 ،‬‬

‫داود (عليه ال�سالم)‪26 ,18 ,16 ,14 ،‬‬ ‫حكومة ال�سلطة الفل�سطينية (عام)‪126 ،‬‬

‫دحالن‪ ،‬حممد‪,226 ,155–152 ,148 ,146 ،‬‬ ‫‪ -‬حكومة حما�س‪,142–140 ,133 ،‬‬
‫‪237–236‬‬ ‫‪153–149‬‬

‫دروزة‪ ،‬حممد عزة‪60 ،‬‬ ‫‪ -‬حكومة رام اهلل‪,159–157 ,144 ،‬‬


‫دم�شق‪181 ,103 ,47 ,37 ،‬‬ ‫‪,177–176 ,169 ,166–165 ,162–161‬‬
‫الدوحة‪226 ،‬‬ ‫‪233 ,229 ,227–224 ,190‬‬

‫دوعر‪ ،‬غ�سان‪115 ،‬‬ ‫‪ -‬حكومة غزة‪,166–165 ,163 ,140 ،‬‬


‫ديان‪ ،‬مو�شيه‪73 ،‬‬ ‫‪228–227 ,225 ,177–176 ,169‬‬

‫دير يا�سني‪246 ,106 ,71 ،‬‬ ‫‪ -‬حكومة الوحدة الوطنية (‪،)2007‬‬


‫الديلمي‪ ،‬فريوز‪24 ،‬‬ ‫‪159–156 ,154–153‬‬

‫دينار‪ ،‬مالك بن‪25 ،‬‬ ‫حكومة عموم فل�سطني‪88 ,82–81 ,71 ،‬‬
‫حكومة هايتي‪66 ،‬‬
‫(ر)‬ ‫حِ لِّ�س‪� ،‬سليمان‪150 ،‬‬
‫احلمد‪ ،‬حممد ال�صالح‪59 ،‬‬
‫رابني‪� ،‬إ�سحق‪192 ,181 ,120 ,114 ،‬‬
‫احلمد اهلل‪ ،‬رامي‪227–224 ،‬‬
‫ر�أفت‪� ،‬صالح‪240 ,170 ،‬‬
‫حمود‪ ،‬عبد الفتاح‪86 ،‬‬

‫‪286‬‬
‫فهر�ست‬

‫(�س)‬ ‫رام اهلل‪,147 ,144 ,140 ,136 ,133 ,81 ،‬‬


‫‪,1 6 7 –1 6 5 ,1 6 2 –1 6 1 ,1 5 9‬‬
‫ال�سادات‪� ،‬أنور‪105–104 ،‬‬
‫‪,177–176 ,174 ,172 ,170–169‬‬
‫�سا�سبورت�س‪� ،‬آيف‪114 ،‬‬
‫‪,228–227 ,225 ,223–222 ,190‬‬
‫�ساغي‪� ،‬أوري‪113 ،‬‬
‫‪241 ,237–234 ,232 ,230‬‬
‫�رسجون الثاين‪18 ،‬‬
‫رامون‪ ،‬حاييم‪195 ,190 ،‬‬
‫�رسيد‪ ،‬يو�سي‪184 ،‬‬
‫رباح‪ ،‬بالل بن‪21 ،‬‬
‫�سعد‪ ،‬الليث بن‪25 ،‬‬
‫الرباط‪135 ,96 ،‬‬
‫�سعدات‪� ،‬أحمد‪239 ,143 ،‬‬
‫الرباعية‪186 ,173 ,152 ,150 ،‬‬
‫�سعدون‪� ،‬إيالن‪114 ،‬‬
‫الرجوب‪ ،‬جربيل‪231–230 ,148 ،‬‬
‫ال�سعدي‪ ،‬فرحان‪59 ,57 ،‬‬
‫ر�ضا‪ ،‬حممد ر�شيد‪54 ,35 ،‬‬
‫ال�سعودية‪187 ,185 ,175 ,153 ,81 ،‬‬
‫رفح‪166 ,12 ،‬‬
‫�سعيد‪� ،‬إدوارد‪125 ،‬‬
‫الرنتي�سي‪ ،‬عبد العزيز‪137 ،‬‬
‫�سليم‪ ،‬جمال‪136 ,127 ،‬‬
‫روبني‪ ،‬روبرت‪119 ،‬‬
‫�سليمان (عليه ال�سالم)‪26 ,18 ,16 ,14 ،‬‬
‫روح‪ ،‬زنباع بن‪24 ،‬‬
‫�سليمان‪ ،‬عمر‪180 ،‬‬
‫رو�سو‪ ،‬جان جاك‪31 ،‬‬
‫�سمب�سون‪ ،‬جون هوب‪54 ،‬‬
‫رو�سيا‪,150 ,127 ,120 ,39 ,37 ,32 ,28–27 ،‬‬
‫ال�سنوار‪ ،‬يحيى‪239–238 ،‬‬
‫‪196 ,186‬‬
‫ال�سودان‪255 ,245 ,205 ,100 ،‬‬
‫روهان‪ ،‬ديني�س مايكل‪249 ،‬‬
‫�سورية‪,50–49 ,47 ,39 ,37–36 ,32 ,24 ،‬‬
‫‪,104–103 ,100 ,98 ,95 ,70 ,54‬‬ ‫(ز)‬
‫‪266 ,207–206 ,196‬‬
‫زئيفي‪ ،‬رحبعام‪139 ،‬‬
‫�سوي�رسا‪264 ,33 ،‬‬
‫الزعنون‪� ،‬سليم‪169–168 ,86 ،‬‬
‫�سي�شل‪61 ,58 ،‬‬
‫زكريا (عليه ال�سالم)‪14 ،‬‬
‫�سيفرو�س‪ ,‬جوليو�س‪19 ،‬‬
‫زنباع‪ ،‬روح بن‪25 ،‬‬
‫�سيناء‪225 ,105 ,103 ,89 ,85–84 ,80 ,12 ،‬‬
‫زنكي‪ ،‬عماد الدين‪23 ،‬‬

‫(�ش)‬ ‫الزهري‪ ،‬ابن �شهاب‪25 ،‬‬


‫زيد‪� ,‬أ�سامة بن‪20 ،‬‬
‫�شارون‪� ،‬أريل‪195 ,188–187 ,182 ,134 ،‬‬
‫زيد‪� ،‬سويد بن‪24 ،‬‬
‫�شاكيد‪� ،‬أيليت‪259 ،‬‬
‫زيد‪ ،‬م�سعود بن �أو�س بن‪24 ،‬‬

‫‪287‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫(ط)‬ ‫�شاليط‪ ،‬جلعاد‪175 ,152 ,142 ،‬‬


‫�شامري‪ ،‬ا�سحاق‪72 ،‬‬
‫طاف�ش‪� ،‬أحمد‪56 ،‬‬
‫�شترين‪72 ,49 ،‬‬
‫طربيا‪102 ,16 ،‬‬
‫�شحادة‪ ،‬رائد‪111 ،‬‬
‫الطبطبائي‪� ،‬ضياء الدين‪54 ،‬‬
‫�شحادة‪� ،‬صالح‪136 ,114 ,106 ،‬‬
‫الطرطو�شي‪� ،‬أبو بكر حممد‪25 ،‬‬
‫�رشابي‪ ،‬ه�شام‪126–125 ,113 ،‬‬

‫(ظ)‬ ‫ال�رشيف‪ ،‬حمي الدين‪116 ،‬‬


‫ال�شقاقي‪ ،‬فتحي‪117 ,107 ،‬‬
‫الظاهر بيرب�س‪23 ،‬‬
‫ال�شقريي‪� ،‬أحمد‪88 ،‬‬
‫الظواهري‪� ،‬أمين‪176 ،‬‬
‫�شلَّح‪ ،‬رم�ضان‪240 ,226 ،‬‬
‫ال�شيخ‪ ،‬ح�سني‪231 ،‬‬
‫(ع)‬
‫�شي�شق (فرعون م�رص)‪19 ،‬‬
‫العاروري‪� ،‬صالح‪239–238 ,231 ،‬‬
‫العا�ص‪ ،‬عمرو بن‪21 ،‬‬ ‫(�ص)‬
‫عبا�س‪ ،‬حممود (�أبو مازن)‪,136 ,120 ،‬‬
‫�صادق‪ ،‬ملكي‪17 ،‬‬
‫‪,160–158 ,156–150 ,148–145‬‬
‫�صالح (عليه ال�سالم)‪14 ،‬‬
‫‪,178–176 ,174 ,169 ,166 ,163‬‬
‫ال�صامت‪� ،‬أو�س بن‪24 ،‬‬
‫‪,226–223 ,190–189 ,187 ,184‬‬
‫ال�صامت‪ ،‬عبادة بن‪24 ،‬‬
‫‪242–241 ,237–232 ,230–228‬‬
‫ال�صغري‪ ،‬جمال با�شا‪36 ،‬‬
‫عبد الباقي‪� ،‬أحمد حلمي‪88 ,71 ،‬‬
‫ال�صفطاوي‪� ،‬أ�سعد‪86 ،‬‬
‫عبد احلميد الثاين (ال�سلطان)‪34–33 ،‬‬
‫�صفقة القرن‪ /‬خطة ترامب (‪,205 ،)2020‬‬
‫عبد الر�ؤوف‪ ،‬عبد املنعم‪83 ،‬‬
‫‪245–243 ,236–235 ,230‬‬
‫عبد ال�شايف‪ ،‬حيدر‪120 ،‬‬
‫�صالح‪ ،‬رائد‪258 ،‬‬
‫عبد العزيز‪ ،‬عبد اهلل بن (ملك ال�سعودية)‪175 ،‬‬
‫�صالح‪ ،‬ماهر‪238 ،‬‬
‫عبد العزيز‪ ،‬عمر بن‪25 ،‬‬
‫�صمويل‪ ،‬هربرت‪48 ,37 ،‬‬
‫عبد امللك‪� ،‬سليمان بن‪25 ،‬‬
‫�صور‪24–22 ،‬‬
‫عبد النا�رص‪ ،‬جمال‪90 ,88 ,85 ,83 ,80–79 ،‬‬
‫�صيام‪� ،‬سعيد‪163 ,151 ،‬‬
‫عدوان‪ ،‬كمال‪101 ,99 ,86 ،‬‬
‫ال�صني‪264–263 ,196 ,168 ،‬‬
‫العراق‪,70 ,63 ,61 ,54 ,39 ,37–36 ,24 ،‬‬
‫‪160 ,133 ,118 ,111 ,103 ,100‬‬

‫‪288‬‬
‫فهر�ست‬

‫عي�سى (عليه ال�سالم)‪26 ,14 ،‬‬ ‫عرفات‪ ،‬يا�رس (�أبو ع ّمار)‪,103 ,96 ,86 ,83 ،‬‬
‫العي�سوي‪� ،‬أ�سامة‪163 ،‬‬ ‫‪,147–145 ,136 ,126–125 ,120‬‬
‫‪237 ,187 ,171 ,168‬‬
‫(غ)‬ ‫عريقات‪� ،‬صائب‪191 ,170 ,150 ,116 ،‬‬

‫غنيم‪ ،‬حممد‪121 ،‬‬ ‫ع�سقالن‪174 ,17 ،‬‬


‫ع�سقول‪ ،‬حممد‪163 ،‬‬
‫(ف)‬ ‫ع�صبة الأمم‪47 ،‬‬

‫فار�س‪ ،‬قدورة‪184 ،‬‬ ‫عكا‪30 ,24 ,17 ،‬‬

‫الفاروقي‪� ،‬سليمان التاجي‪81 ,35 ،‬‬ ‫علي‪ ،‬ح�سني بن (ملك احلجاز)‪,39 ,37–36 ،‬‬
‫فرج‪ ،‬ماجد‪234 ،‬‬ ‫‪51‬‬

‫فرن�سا‪264 ,242 ,85 ,47 ,37 ،‬‬ ‫علي‪� ،‬شوكت‪54 ،‬‬

‫الفزعي‪� ،‬أبو رويحة‪24 ،‬‬ ‫ُعمان‪127 ،‬‬

‫الفليبني‪66 ،‬‬ ‫تي�سري‪215 ،‬‬ ‫عمرو‪،‬‬


‫فن�ش‪ ،‬هرني‪31 ،‬‬ ‫العمري‪ ،‬غيث‪184 ،‬‬

‫فيا�ض‪� ،‬سالم‪,190 ,162–159 ,149 ,146 ،‬‬ ‫عملية �أمطار ال�صيف (‪153 ,142–141 ،)2006‬‬

‫‪224‬‬ ‫عملية احلزام الأخ�رض (‪106 ،)1969‬‬


‫عملية �سافوي (‪101 ،)1975‬‬
‫(ق)‬ ‫عملية ال�شتاء ال�ساخن (‪142 ،)2008‬‬
‫عملية غيوم اخلريف (‪153 ,142 ،)2006‬‬
‫القائمة العربية املوحدة‪257 ،‬‬
‫عملية نت�سارمي (‪117 ،)1994‬‬
‫القايل‪ ،‬يهودا‪32 ،‬‬
‫عملية الوهم املتبدد (‪152 ,142 ،)2006‬‬
‫القاهرة‪,179 ,171–169 ,147 ,88 ,82 ,71 ،‬‬
‫ع ّمان‪169 ,117 ,81 ،‬‬
‫‪231 ,227 ,181‬‬
‫عمرية‪ ،‬حنا‪170 ،‬‬
‫قرب�ص‪30 ،‬‬
‫عمرية‪ ،‬يو�سف‪86 ،‬‬
‫القد�س‪,54 ,52–49 ,47 ,32 ,30 ,23–14 ،‬‬
‫العوجة‪ ،‬ح�سني‪152 ،‬‬
‫‪,102 ,89–88 ,65–64 ,57–56‬‬
‫عو�ض اهلل‪ ،‬عادل‪116 ،‬‬
‫‪,174 ,171 ,162 ,135–134 ,122‬‬
‫عو�ض اهلل‪ ،‬عماد‪116 ،‬‬
‫‪,205 ,192 ,189–186 ,183–181‬‬
‫عوف‪ ،‬عبد الرحمن بن‪21 ،‬‬
‫‪,228 ,221–215 ,213–212 ,210‬‬
‫عيا�ش‪ ،‬يحيى‪127 ,115 ،‬‬
‫‪,255–245 ,243 ,236–235 ,232‬‬
‫‪260‬‬

‫‪289‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫كوخايف‪� ،‬أفيف‪266 ،‬‬ ‫القدوة‪ ،‬نا�رص‪237 ،‬‬


‫كو�ستلر‪� ،‬آرثر‪27 ،‬‬ ‫القدومي‪ ،‬فاروق‪169 ,121 ،‬‬
‫كوهني‪ ،‬وليم‪119 ،‬‬ ‫قره �صو‪� ،‬إميانويل‪34 ،‬‬
‫الكويت‪127 ,118 ,111 ,107 ,86 ,81 ,7 ،‬‬ ‫قريع‪� ،‬أحمد (�أبو عالء)‪191 ,187 ,170 ,146 ،‬‬
‫الق�سام‪ ،‬عز الدين‪57 ,53 ،‬‬
‫(ل)‬ ‫ق�سي�س‪ ،‬نبيل‪184 ،‬‬
‫ّ‬
‫لبنان‪,82 ,80 ,58 ,49 ,47 ,39 ,37 ,24 ،‬‬ ‫قطر‪223 ,127 ,116 ،‬‬

‫‪,144 ,141 ,115 ,107 ,103 ,100–95‬‬ ‫قطز (حممود بن ممدود)‪23 ،‬‬

‫‪266 ,207–206 ,197 ,189‬‬ ‫قالوون‪ ،‬خليل بن‪24 ،‬‬

‫لبيد‪ ،‬يائري‪256 ،‬‬ ‫قالوون‪� ،‬سيف الدين‪24 ،‬‬

‫جلان املقاومة ال�شعبية‪152 ,142 ،‬‬ ‫قناة ال�سوي�س‪104–103 ,85–84 ,31 ,29 ،‬‬

‫جلنة بيل‪58 ،‬‬ ‫القنيطرة‪104 ،‬‬

‫اللجنة العربية العليا‪58 ،‬‬ ‫القوتلي‪� ،‬شكري‪54 ،‬‬

‫اللخمي‪ ،‬حميد بن عبد اهلل‪25 ،‬‬ ‫القوقا‪ ،‬عبد الكرمي‪152 ،‬‬

‫اللخمي‪ ،‬مو�سى بن ن�صري‪25 ،‬‬ ‫القوقاز‪62 ,27 ،‬‬

‫اللنبي‪� ،‬إدموند‪47 ،‬‬


‫(ك)‬
‫لندن‪61 ,54 ,51 ،‬‬
‫لوط (عليه ال�سالم)‪14 ،‬‬ ‫كالي�رش‪ ،‬زيف هري�ش‪32 ،‬‬
‫ليبيا‪62 ,24 ،‬‬ ‫كت�ساف‪ ،‬مو�شيه‪259 ,195 ،‬‬
‫ليبرييا‪66 ،‬‬ ‫الكرد‪� ،‬أحمد‪163 ،‬‬
‫الكلبي‪ ،‬دحية‪24 ،‬‬
‫(م)‬ ‫كلثوم‪ ،‬هانئ بن‪25 ،‬‬

‫مبادرة جنيف‪184 ,183 ،‬‬ ‫كلينتون‪ ،‬بيل‪182 ,120–119 ،‬‬

‫مت�سناع‪ ،‬عمرام‪184 ،‬‬ ‫الكناين‪ ،‬علقمة بن جمزر‪24 ،‬‬

‫املتوكل (اخلليفة العبا�سي)‪22 ،‬‬ ‫كندا‪207 ،‬‬

‫املجاهدون الفل�سطينيون (اجلهاز الع�سكري)‪،‬‬ ‫الكندي‪ ،‬رجاء بن حيوة‪25 ،‬‬

‫‪114 ,106‬‬ ‫الكندي‪ ،‬عبادة بن ن�سي‪25 ،‬‬

‫جمدالين‪� ،‬أحمد‪240 ,170 ،‬‬ ‫الكني�ست‪ /‬الربملان الإ�رسائيلي‪,114 ,84 ،‬‬


‫املجل�س الإ�سالمي ال�رشعي الأعلى‪58 ,51 ،‬‬ ‫‪,253–252 ,246 ,243 ,211 ,195‬‬
‫‪259 ,257–256‬‬

‫‪290‬‬
‫فهر�ست‬

‫م�شعل‪ ،‬خالد‪239–238 ,223 ,180 ,116 ,107 ،‬‬ ‫املجل�س الت�رشيعي الفل�سطيني‪,143 ,126 ،‬‬
‫م�رص‪,54 ,39 ,35 ,30 ,24–22 ,19–18 ،‬‬ ‫‪,159–156 ,153–152 ,149 ,147‬‬
‫‪,89 ,85–82 ,79 ,71 ,69 ,63–62‬‬ ‫‪,212 ,180 ,177–176 ,174–167‬‬
‫‪,171 ,133 ,105–103 ,98 ,95‬‬ ‫‪241 ,237 ,232–229 ,226‬‬
‫‪,206 ,196 ,191 ,182 ,179–178‬‬ ‫حممد (�صلى اهلل عليه و�سلم)‪89 ,26 ,14 ،‬‬
‫‪223‬‬ ‫حممد‪ ،‬عبد الرحيم احلاج‪59 ،‬‬
‫‪ -‬احلكومة امل�رصية‪180–179 ,82 ,69 ،‬‬ ‫حممود‪ ،‬نور الدين‪23 ،‬‬
‫معرب رفح‪225 ،‬‬ ‫مدريد‪120 ،‬‬
‫معركة �آرجمدون‪28 ،‬‬ ‫املدينة املنورة‪20 ،‬‬
‫معركة �أجنادين (‪634‬م)‪20 ،‬‬ ‫مذبحة احلرم الإبراهيمي (‪115 ،)1994‬‬
‫معركة �أحرا�ش يعبد (‪57 ،)1935‬‬ ‫مذبحة �صربا و�شاتيال (‪100 ،)1982‬‬
‫معركة حجارة ال�سجيل (‪,213 ,205 ،)2012‬‬ ‫مذبحة غزة (‪83 ،)1955‬‬
‫‪267‬‬ ‫مذبحة قبية (‪83 ،)1953‬‬
‫معركة حطني (‪1187‬م)‪23 ،‬‬ ‫مذكرة �رشم ال�شيخ (‪121 ،)1999‬‬
‫معركة �سيف القد�س (‪,233 ,220 ,205 ،)2021‬‬ ‫مرج الزهور‪115 ،‬‬
‫‪267 ,254‬‬ ‫مر�سي‪ ،‬حممد‪236 ،‬‬
‫معركة ال�شقيف (‪99 ،)1980‬‬ ‫املزين‪� ،‬سعيد‪86 ،‬‬
‫معركة الع�صف امل�أكول (‪,205 ،)2014‬‬ ‫امل�سجد الأق�صى‪,89 ,56 ,52 ,20 ,16 ,14 ،‬‬
‫‪267 ,215–214‬‬ ‫‪,218–215 ,183 ,135–134 ,105‬‬
‫معركة عني جالوت (‪1260‬م)‪23 ،‬‬ ‫‪254–248 ,220‬‬
‫معركة فحل ‪ -‬بي�سان (‪635‬م)‪20 ،‬‬ ‫‪ -‬باب الأ�سباط‪216 ،‬‬
‫معركة الكرامة (‪97 ،)1968‬‬ ‫‪ -‬باب الرحمة‪252–251 ,218 ،‬‬
‫معركة الريموك (‪636‬م)‪20 ،‬‬ ‫‪ -‬باب املطهرة‪217 ،‬‬
‫مع�سكرات ال�شيوخ‪106 ،‬‬ ‫‪ -‬باب املغاربة‪107 ،‬‬
‫املغرب‪255 ,245 ,205 ،‬‬ ‫‪ -‬حائط الرباق‪253 ,247 ,183 ,52 ،‬‬
‫مقربة الرحمة‪254 ،‬‬ ‫امل�سجد احلرام‪20 ,14 ،‬‬
‫مقربة م�أمن اهلل‪254 ،‬‬ ‫م�سريات العودة الكربى (قطاع غزة)‪,210 ،‬‬
‫املقد�سي‪ ،‬ابن قدامة‪25 ،‬‬ ‫‪220–218‬‬
‫ملوح‪ ،‬عبد الرحيم‪239 ،‬‬ ‫م�رشوع فا�س (‪185 ,102 ،)1982‬‬
‫ممدود‪ ،‬حممود بن‪23 ،‬‬

‫‪291‬‬
‫الق�ضية الفل�سطينية‬

‫نتنياهو‪ ،‬بنيامني‪260 ,256–255 ،‬‬ ‫من�صور‪ ،‬جمال‪136 ،‬‬


‫النجار‪ ،‬حممد يو�سف‪99 ,86 ،‬‬ ‫منظمة التحرير الفل�سطينية (م‪.‬ت‪.‬ف)‪,81 ،‬‬
‫الرنويج‪120 ،‬‬ ‫‪,102–100 ,98 ,96–95 ,90 ,88‬‬
‫الن�شا�شيبي‪� ،‬إ�سعاف‪35 ،‬‬ ‫‪,118–117 ,115 ,113–111 ,107‬‬
‫النقب‪244 ,174 ,83 ,13 ،‬‬ ‫‪,145 ,133 ,127 ,125 ,122 ,120‬‬
‫نون‪ ،‬يو�شع بن‪18 ,14 ،‬‬ ‫‪,170–167 ,158 ,151–150 ,147‬‬
‫نيوتن‪� ،‬إ�سحاق‪31 ،‬‬ ‫‪,205 ,179 ,177–176 ,174–172‬‬
‫نيويورك‪96 ،‬‬ ‫‪,226‬‬ ‫‪,223–222‬‬ ‫‪,217–216‬‬
‫‪243–241 ,236–235 ,232–231‬‬
‫(هـ)‬ ‫‪ -‬جي�ش التحرير الفل�سطيني‪88 ،‬‬

‫الهاجاناه‪63 ,49 ،‬‬ ‫‪ -‬اللجنة التنفيذية‪,170–169 ,167 ,158 ،‬‬


‫هبَّة باب الأ�سباط‪ /‬هبّة يوليو (‪,216 ،)2017‬‬ ‫‪235 ,184 ,174‬‬

‫‪254 ,252 ,235‬‬ ‫‪ -‬املجل�س املركزي الفل�سطيني‪,169 ,167 ،‬‬


‫هبَّة باب الرحمة‪ /‬هبّة فرباير (‪,218 ،)2019‬‬ ‫‪236 ,234 ,176‬‬

‫‪254‬‬ ‫‪ -‬املجل�س الوطني الفل�سطيني‪,102 ,88 ،‬‬


‫هرتزل‪ ،‬ثيودور‪33 ،‬‬ ‫‪–231 ,180–179 ,174 ,171–167 ,117‬‬
‫ه�س‪ ،‬موزي�س‪32 ،‬‬ ‫‪236–234 ,232‬‬

‫الهند‪196 ,31 ،‬‬ ‫املنظمة ال�صهيونية العاملية‪37–36 ,33 ،‬‬

‫الهندي‪ ،‬حممد‪240 ،‬‬ ‫منظمة الكف الأخ�رض‪56 ,53 ،‬‬

‫هنية‪� ،‬إ�سماعيل‪,177–176 ,163 ,153 ،‬‬ ‫منظمة امل�ؤمتر الإ�سالمي‪178 ,105 ،‬‬

‫‪241 ,239–238‬‬ ‫مو�سى (عليه ال�سالم)‪26 ,18 ،‬‬

‫هوجارث‪ ،‬ديفيد‪39 ،‬‬ ‫مو�سى‪ ،‬عبد اللطيف‪166 ،‬‬

‫هولندا‪264 ,28 ،‬‬ ‫املو�ساد‪117 ,84 ،‬‬

‫الهيئة العربية العليا لفل�سطني‪82 ,71–70 ,63 ،‬‬


‫(ن)‬
‫(و)‬ ‫نابل�س‪233 ,148 ,107 ,81 ,56 ,52 ,13 ،‬‬

‫وا�شنطن‪243 ,241 ,188 ,126 ,120 ،‬‬ ‫ناثان‪ ،‬روبرت‪66 ،‬‬

‫واكهوب‪� ،‬آرثر‪48 ،‬‬ ‫نا�رص‪ ،‬كمال‪99 ،‬‬

‫وايزمان‪ ،‬حاييم‪36 ،‬‬ ‫ن�ص‪19 ،‬‬


‫نبوخذ ّ‬
‫النت�شة‪ ،‬رفيق‪86 ،‬‬

‫‪292‬‬
‫فهر�ست‬

‫وثيقة الع�رشين (‪126 ،)1999‬‬


‫وثيقة الوفاق الوطني‪ /‬وثيقة الأ�رسى (‪،)2006‬‬
‫‪180 ,176–173 ,168 ,152‬‬
‫الوزير‪ ،‬خليل (�أبو جهاد)‪117 ,86 ،‬‬
‫الوزير‪ ،‬غالب‪86 ،‬‬
‫وعد بلفور‪52–50 ,47 ,39 ,37 ،‬‬
‫الوكالة اليهودية‪64 ,49 ،‬‬
‫الوليد‪ ,‬خالد بن‪21–20 ،‬‬

‫(ي)‬
‫يا�سني‪� ،‬أحمد‪136 ,114 ,106 ،‬‬
‫يافا‪56 ,52 ,30 ,23 ،‬‬
‫يحيى (عليه ال�سالم)‪14 ،‬‬
‫يحيى‪ ،‬عبد احلميد بن‪25 ،‬‬
‫يعقوب (عليه ال�سالم)‪26 ,18–17 ,14 ،‬‬
‫اليمن‪100 ,36 ,24 ،‬‬
‫يهورام‪19 ،‬‬
‫يو�سف (عليه ال�سالم)‪14 ،‬‬
‫يو�سف‪ ،‬ح�سن‪127 ،‬‬

‫‪293‬‬
‫�إ�صدارات مركز الزيتونة للدرا�سات واال�ست�شارات‬
‫�أو ًال‪ :‬الإ�صدارات باللغة العربية‪:‬‬
‫�سل�سلة التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني‪:‬‬
‫‪ .1‬ب�شري نافع وحم�سن حممد �صالح‪ ،‬حمرران‪ ،‬التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني‬
‫ل�سنة ‪.2006 ،2005‬‬
‫‪ .2‬حم�سن حممد �صالح‪ ،‬حمرر‪ ،‬التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ل�سنة ‪.2007 ،2006‬‬
‫‪ .3‬حم�سن حممد �صالح‪ ،‬حمرر‪ ،‬التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ل�سنة ‪.2008 ،2007‬‬
‫‪ .4‬حم�سن حممد �صالح‪ ،‬حمرر‪ ،‬التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ل�سنة ‪.2009 ،2008‬‬
‫‪ .5‬حم�سن حممد �صالح‪ ،‬حمرر‪ ،‬التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ل�سنة ‪.2010 ،2009‬‬
‫‪ .6‬حم�سن حممد �صالح‪ ،‬حمرر‪ ،‬التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ل�سنة ‪.2011 ،2010‬‬
‫‪ .7‬حم�سن حممد �صالح‪ ،‬حمرر‪ ،‬التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ل�سنة ‪.2012 ،2011‬‬
‫‪ .8‬حم�سن حممد �صالح‪ ،‬حمرر‪ ،‬التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪.2014 ،2013–2012‬‬
‫‪ .9‬حم�سن حممد �صالح‪ ،‬حمرر‪ ،‬التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪.2016 ،2015–2014‬‬
‫‪ .10‬حم�سن حممد �صالح‪ ،‬حمرر‪ ،‬التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪.2018 ،2017–2016‬‬
‫‪ .11‬حم�سن حممد �صالح‪ ،‬حمرر‪ ،‬التقرير اال�سرتاتيجي الفل�سطيني ‪،2019–2018‬‬
‫‪.2020‬‬

‫�سل�سلة الوثائق الفل�سطينية‪:‬‬


‫حم�سن حممد �صالح ووائل �سعد‪ ،‬حمرران‪ ،‬خمتارات من الوثائق الفل�سطينية‬ ‫‪ .12‬‬
‫ل�سنة ‪.2006 ،2005‬‬
‫حم�سن حممد �صالح ووائل �سعد‪ ،‬حمرران‪ ،‬الوثائق الفل�سطينية ل�سنة ‪،2006‬‬ ‫‪ .13‬‬
‫‪.2008‬‬
‫حم�سن حممد �صالح ووائل �سعد‪ ،‬حمرران‪ ،‬الوثائق الفل�سطينية ل�سنة ‪،2007‬‬ ‫‪ .14‬‬
‫‪.2009‬‬
‫حم�سن حممد �صالح ووائل �سعد وعبد احلميد فخري الكيايل‪ ،‬حمررون‪ ،‬الوثائق‬ ‫‪ .15‬‬
‫الفل�سطينية ل�سنة ‪.2011 ،2008‬‬
‫حم�سن حممد �صالح ووائل �سعد‪ ،‬حمرران‪ ،‬الوثائق الفل�سطينية ل�سنة ‪،2009‬‬ ‫‪ .16‬‬
‫‪.2012‬‬

‫‪295‬‬
‫‪ . 17‬حم�سن حممد �صالح ووائل �سعد‪ ،‬حمرران‪ ،‬الوثائق الفل�سطينية ل�سنة ‪،2010‬‬
‫‪.2015‬‬
‫‪ . 18‬حم�سن حممد �صالح ووائل �سعد‪ ،‬حمرران‪ ،‬الوثائق الفل�سطينية ل�سنة ‪،2011‬‬
‫‪.2017‬‬

‫�سل�سلة اليوميات الفل�سطينية‪:‬‬


‫حم�سن حممد �صالح‪� ،‬إ�رشاف وحترير‪ ،‬اليوميات الفل�سطينية ل�سنة ‪،2014‬‬ ‫‪ .19‬‬
‫‪.2015‬‬
‫حم�سن حممد �صالح‪� ،‬إ�رشاف وحترير‪ ،‬اليوميات الفل�سطينية ل�سنة ‪،2015‬‬ ‫‪ .20‬‬
‫‪.2016‬‬
‫حم�سن حممد �صالح‪ ،‬وربيع حممد الدنان‪ ،‬ووائل عبد اهلل وهبة‪� ،‬إعداد وحترير‪،‬‬ ‫‪ .21‬‬
‫اليوميات الفل�سطينية ل�سنة ‪.2017 ،2016‬‬
‫حم�سن حممد �صالح‪ ،‬وربيع حممد الدنان‪ ،‬ووائل عبد اهلل وهبة‪� ،‬إعداد وحترير‪،‬‬ ‫‪ .22‬‬
‫اليوميات الفل�سطينية ل�سنة ‪.2018 ،2017‬‬
‫حم�سن حممد �صالح‪ ،‬وربيع حممد الدنان‪ ،‬ووائل عبد اهلل وهبة‪� ،‬إعداد وحترير‪،‬‬ ‫‪ .23‬‬
‫اليوميات الفل�سطينية ل�سنة ‪.2019 ،2018‬‬
‫حم�سن حممد �صالح‪ ،‬وربيع حممد الدنان‪ ،‬ووائل عبد اهلل وهبة‪� ،‬إعداد وحترير‪،‬‬ ‫‪ .24‬‬
‫اليوميات الفل�سطينية ل�سنة ‪.2020 ،2019‬‬
‫حم�سن حممد �صالح‪ ،‬وربيع حممد الدنان‪ ،‬ووائل عبد اهلل وهبة‪� ،‬إعداد وحترير‪،‬‬ ‫‪ .25‬‬
‫اليوميات الفل�سطينية ل�سنة ‪.2021 ،2020‬‬

‫�سل�سلة �أول�ست �إن�ساناً‪:‬‬


‫عبا�س �إ�سماعيل‪ ،‬عن�رصية �إ�رسائيل‪ :‬فل�سطينيو ‪ 48‬منوذجا ً‪� ،‬سل�سلة �أول�ست‬ ‫‪ .26‬‬
‫�إن�ساناً؟ (‪.2008 ،)1‬‬
‫ح�سن ابحي�ص و�سامي ال�صالحات ومرمي عيتاين‪ ،‬معاناة املر�أة الفل�سطينية‬ ‫‪ .27‬‬
‫حتت االحتالل الإ�رسائيلي‪� ،‬سل�سلة �أول�ست �إن�ساناً؟ (‪.2008 ،)2‬‬
‫�أحمد احليلة ومرمي عيتاين‪ ،‬معاناة الطفل الفل�سطيني حتت االحتالل الإ�رسائيلي‪،‬‬ ‫‪ .28‬‬
‫�سل�سلة �أول�ست �إن�ساناً؟ (‪ ،2008 ،)3‬ط ‪.2009 ،2‬‬
‫فرا�س �أبو هالل‪ ،‬معاناة الأ�سري الفل�سطيني يف �سجون االحتالل الإ�رسائيلي‪،‬‬ ‫‪ .29‬‬
‫�سل�سلة �أول�ست �إن�ساناً؟ (‪ ،2009 ،)4‬ط ‪.2010 ،2‬‬

‫‪296‬‬
‫يا�رس علي‪ ،‬املجازر الإ�رسائيلية بحق ال�شعب الفل�سطيني‪� ،‬سل�سلة �أول�ست‬ ‫‪ .30‬‬
‫�إن�ساناً؟ (‪.2009 ،)5‬‬
‫مرمي عيتاين ومعني منّاع‪ ،‬معاناة الالجئ الفل�سطيني‪� ،‬سل�سلة �أول�ست‬ ‫‪ .31‬‬
‫�إن�ساناً؟ (‪.2010 ،)6‬‬
‫حم�سن حممد �صالح‪ ،‬معاناة القد�س واملقد�سات حتت االحتالل الإ�رسائيلي‪،‬‬ ‫‪ .32‬‬
‫�سل�سلة �أول�ست �إن�ساناً؟ (‪.2011 ،)7‬‬
‫ح�سن ابحي�ص وخالد عايد‪ ،‬اجلدار العازل يف ال�ضفة الغربية‪� ،‬سل�سلة �أول�ست‬ ‫‪ .33‬‬
‫�إن�ساناً؟ (‪.2010 ،)8‬‬
‫حياة الددا‪ ،‬معاناة الطالب الفل�سطيني حتت االحتالل الإ�رسائيلي‪� ،‬سل�سلة‬ ‫‪ .34‬‬
‫�أول�ست �إن�ساناً؟ (‪.2015 ،)9‬‬
‫وو�ضاح عيد‪ ،‬معاناة العامل الفل�سطيني حتت‬ ‫ّ‬ ‫مرمي عيتاين و�أمني �أبو وردة‬ ‫‪ .35‬‬
‫االحتالل الإ�رسائيلي‪� ،‬سل�سلة �أول�ست �إن�ساناً؟ (‪.2011 ،)10‬‬
‫فاطمة عيتاين وعاطف دغل�س‪ ،‬معاناة املري�ض الفل�سطيني حتت االحتالل‬ ‫‪ .36‬‬
‫الإ�رسائيلي‪� ،‬سل�سلة �أول�ست �إن�ساناً؟ (‪.2011 ،)11‬‬
‫فاطمة عيتاين ونظام عطايا‪ ،‬معاناة البيئة والفالح الفل�سطيني حتت االحتالل‬ ‫‪ .37‬‬
‫الإ�رسائيلي‪� ،‬سل�سلة �أول�ست �إن�ساناً؟ (‪.2013 ،)12‬‬
‫فاطمة عيتاين وحممد داود‪ ،‬معاناة الفل�سطينيني من احلواجز الإ�رسائيلية يف‬ ‫‪ .38‬‬
‫ال�ضفة الغربية‪� ،‬سل�سلة �أول�ست �إن�ساناً؟ (‪.2015 ،)13‬‬

‫�سل�سلة تقرير معلومات‪:‬‬


‫ق�سم الأر�شيف واملعلومات‪ ،‬مركز الزيتونة‪ ،‬معاناة قطاع غزة حتت احل�صار‬ ‫‪ .39‬‬
‫الإ�رسائيلي‪� ،‬سل�سلة تقرير معلومات (‪.2008 ،)1‬‬
‫ق�سم الأر�شيف واملعلومات‪ ،‬مركز الزيتونة‪ ،‬معابر قطاع غزة‪� :‬رشيان حياة �أم‬ ‫‪ .40‬‬
‫�أداة ح�صار‪� ،‬سل�سلة تقرير معلومات (‪.2008 ،)2‬‬
‫ق�سم الأر�شيف واملعلومات‪ ،‬مركز الزيتونة‪� ،‬أثر ال�صواريخ الفل�سطينية يف‬ ‫‪ .41‬‬
‫ال�رصاع مع االحتالل الإ�رسائيلي‪� ،‬سل�سلة تقرير معلومات (‪.2008 ،)3‬‬
‫ق�سم الأر�شيف واملعلومات‪ ،‬مركز الزيتونة‪ ،‬م�سار املفاو�ضات الفل�سطينية‬ ‫‪ .42‬‬
‫الإ�رسائيلية ما بني “�أنابولي�س” والقمة العربية يف دم�شق (خريف ‪– 2007‬‬
‫ربيع ‪� ،)2008‬سل�سلة تقرير معلومات (‪.2008 ،)4‬‬

‫‪297‬‬
‫ق�سم الأر�شيف واملعلومات‪ ،‬مركز الزيتونة‪ ،‬الف�ساد يف الطبقة ال�سيا�سية‬ ‫‪ .43‬‬
‫الإ�رسائيلية‪� ،‬سل�سلة تقرير معلومات (‪.2008 ،)5‬‬
‫ق�سم الأر�شيف واملعلومات‪ ،‬مركز الزيتونة‪ ،‬الرثوة املائية يف ال�ضفة الغربية‬ ‫‪ .44‬‬
‫وقطاع غزة بني احلاجة الفل�سطينية واالنتهاكات الإ�رسائيلية‪� ،‬سل�سلة تقرير‬
‫معلومات (‪.2008 ،)6‬‬
‫ق�سم الأر�شيف واملعلومات‪ ،‬مركز الزيتونة‪ ،‬م�رص وحما�س‪� ،‬سل�سلة تقرير‬ ‫‪ .45‬‬
‫معلومات (‪.2009 ،)7‬‬
‫ق�سم الأر�شيف واملعلومات‪ ،‬مركز الزيتونة‪ ،‬العدوان الإ�رسائيلي على قطاع غزة‬ ‫‪ .46‬‬
‫(‪� ،)2009/1/18-2008/12/27‬سل�سلة تقرير معلومات (‪.2009 ،)8‬‬
‫ق�سم الأر�شيف واملعلومات‪ ،‬مركز الزيتونة‪ ،‬حزب كادميا‪� ،‬سل�سلة تقرير‬ ‫‪ .47‬‬
‫معلومات (‪.2009 ،)9‬‬
‫ق�سم الأر�شيف واملعلومات‪ ،‬مركز الزيتونة‪ ،‬الرتان�سفري (طرد الفل�سطينيني) يف‬ ‫‪ .48‬‬
‫الفكر واملمار�سات الإ�رسائيلية‪� ،‬سل�سلة تقرير معلومات (‪.2009 ،)10‬‬
‫ق�سم الأر�شيف واملعلومات‪ ،‬مركز الزيتونة‪ ،‬امللف الأمني بني ال�سلطة الفل�سطينية‬ ‫‪ .49‬‬
‫و�إ�رسائيل‪� ،‬سل�سلة تقرير معلومات (‪.2009 ،)11‬‬
‫ق�سم الأر�شيف واملعلومات‪ ،‬مركز الزيتونة‪ ،‬الالجئون الفل�سطينيون يف العراق‪،‬‬ ‫‪ .50‬‬
‫�سل�سلة تقرير معلومات (‪.2009 ،)12‬‬
‫ق�سم الأر�شيف واملعلومات‪ ،‬مركز الزيتونة‪� ،‬أزمة خميم نهر البارد‪� ،‬سل�سلة تقرير‬ ‫‪ .51‬‬
‫معلومات (‪.2010 ،)13‬‬
‫ق�سم الأر�شيف واملعلومات‪ ،‬مركز الزيتونة‪ ،‬املجل�س الت�رشيعي الفل�سطيني يف‬ ‫‪ .52‬‬
‫ال�ضفة الغربية وقطاع غزة ‪� ،2010-1996‬سل�سلة تقرير معلومات (‪.2010 ،)14‬‬
‫ق�سم الأر�شيف واملعلومات‪ ،‬مركز الزيتونة‪ ،‬الأونروا‪ :‬برامج العمل وتقييم الأداء‪،‬‬ ‫‪ .53‬‬
‫�سل�سلة تقرير معلومات (‪.2010 ،)15‬‬
‫ق�سم الأر�شيف واملعلومات‪ ،‬مركز الزيتونة‪ ،‬دور االحتاد الأوروبي يف م�سار‬ ‫‪ .54‬‬
‫الت�سوية ال�سلمية للق�ضية الفل�سطينية‪� ،‬سل�سلة تقرير معلومات (‪.2010 ،)16‬‬
‫ق�سم الأر�شيف واملعلومات‪ ،‬مركز الزيتونة‪ ،‬تركيا والق�ضية الفل�سطينية‪� ،‬سل�سلة‬ ‫‪ .55‬‬
‫تقرير معلومات (‪.2010 ،)17‬‬
‫ق�سم الأر�شيف واملعلومات‪ ،‬مركز الزيتونة‪� ،‬إ�شكالية �إعطاء الالجئني‬ ‫‪ .56‬‬
‫الفل�سطينيني يف لبنان حقوقهم املدنية‪� ،‬سل�سلة تقرير معلومات (‪.2011 ،)18‬‬

‫‪298‬‬
‫ق�سم الأر�شيف واملعلومات‪ ،‬مركز الزيتونة‪ ،‬حزب العمل الإ�رسائيلي‪� ،‬سل�سلة‬ ‫‪ .57‬‬
‫تقرير معلومات (‪.2011 ،)19‬‬
‫ق�سم الأر�شيف واملعلومات‪ ،‬مركز الزيتونة‪ ،‬قوافل ك�رس احل�صار عن قطاع غزة‪،‬‬ ‫‪ .58‬‬
‫�سل�سلة تقرير معلومات (‪.2011 ،)20‬‬
‫ق�سم الأر�شيف واملعلومات‪ ،‬مركز الزيتونة‪ ،‬اال�ستيطان الإ�رسائيلي يف ال�ضفة‬ ‫‪ .59‬‬
‫الغربية ‪� ،2011-1993‬سل�سلة تقرير معلومات (‪.2012 ،)21‬‬
‫ق�سم الأر�شيف واملعلومات‪ ،‬مركز الزيتونة‪� ،‬شاليط‪ :‬من عملية “الوهم املتبدد”‬ ‫‪ .60‬‬
‫�إىل �صفقة “وفاء الأحرار”‪� ،‬سل�سلة تقرير معلومات (‪.2012 ،)22‬‬
‫ق�سم الأر�شيف واملعلومات‪ ،‬مركز الزيتونة‪ ،‬املوقف الإ�رسائيلي من ثورة‬ ‫‪ .61‬‬
‫‪ 25‬يناير امل�رصية‪� ،‬سل�سلة تقرير معلومات (‪.2012 ،)23‬‬
‫ق�سم الأر�شيف واملعلومات‪ ،‬مركز الزيتونة‪ ،‬اجلي�ش الإ�رسائيلي ‪،2012-2000‬‬ ‫‪ .62‬‬
‫�سل�سلة تقرير معلومات (‪.2013 ،)24‬‬
‫ق�سم الأر�شيف واملعلومات‪ ،‬مركز الزيتونة‪ ،‬الأحزاب العربية يف فل�سطني‬ ‫‪ .63‬‬
‫املحتلة ‪� ،1948‬سل�سلة تقرير معلومات (‪.2014 ،)25‬‬
‫ق�سم الأر�شيف واملعلومات‪ ،‬مركز الزيتونة‪ ،‬املقاومة ال�شعبية يف فل�سطني‪،‬‬ ‫‪ .64‬‬
‫�سل�سلة تقرير معلومات (‪.2014 ،)26‬‬
‫ق�سم الأر�شيف واملعلومات‪ ،‬مركز الزيتونة‪ ،‬م�رص وقطاع غزة منذ ثورة ‪ 25‬يناير‬ ‫‪ .65‬‬
‫‪ 2011‬وحتى �صيف ‪� ،2014‬سل�سلة تقرير معلومات (‪.2015 ،)27‬‬
‫ق�سم الأر�شيف واملعلومات‪ ،‬مركز الزيتونة‪ ،‬واقع الالجئني الفل�سطينيني يف‬ ‫‪ .66‬‬
‫�سورية ‪� ،2015-2011‬سل�سلة تقرير معلومات (‪.2015 ،)28‬‬

‫�سل�سلة ملف معلومات‪:‬‬


‫‪ . 67‬ق�سم الأر�شيف واملعلومات‪ ،‬مركز الزيتونة‪ ،‬املوقف الإ�رسائيلي من الأحداث‬
‫والتغريات يف م�رص يف عام‪ :‬منت�صف يونيو ‪ – 2013‬منت�صف يوليو ‪ ،2014‬ملف‬
‫معلومات ‪.2014 ،21‬‬
‫‪ . 68‬ق�سم الأر�شيف واملعلومات‪ ،‬مركز الزيتونة‪ ،‬العدوان الإ�رسائيلي على قطاع غزة‪:‬‬
‫عملية “الع�صف امل�أكول” – عملية “اجلرف ال�صامد” ‪،2014/8/26-2014/7/7‬‬
‫ملف معلومات ‪.2015 ،22‬‬

‫‪299‬‬
‫ق�سم الأر�شيف واملعلومات‪ ،‬مركز الزيتونة‪ ،‬وثيقة حما�س ال�سيا�سية‪ :‬املواقف‬ ‫‪ .69‬‬
‫وردود الأفعال‪ ،‬ملف معلومات ‪.2017 ،23‬‬
‫ق�سم الأر�شيف واملعلومات‪ ،‬مركز الزيتونة‪� ،‬أزمة الأونروا ‪ ،2018-2016‬ملف‬ ‫‪ .70‬‬
‫معلومات ‪.2018 ،24‬‬
‫ق�سم الأر�شيف واملعلومات‪ ،‬مركز الزيتونة‪ ،‬قانون الدولة القومية اليهودية‬ ‫‪ .71‬‬
‫‪ ،2018‬ملف معلومات ‪.2018 ،25‬‬
‫ق�سم الأر�شيف واملعلومات‪ ،‬مركز الزيتونة‪ ،‬انعكا�س جائحة كورونا على‬ ‫‪ .72‬‬
‫الو�ضعَ ني الفل�سطيني والإ�رسائيلي‪ ،‬ملف معلومات ‪.2020 ،26‬‬
‫ق�سم الأر�شيف واملعلومات‪ ،‬مركز الزيتونة‪ ،‬تطور التطبيع العربي الإ�رسائيلي‬ ‫‪ .73‬‬
‫و�أثره على الق�ضية الفل�سطينية ‪ ،2020/10/26-2018/1/1‬ملف معلومات ‪،27‬‬
‫‪.2020‬‬
‫ق�سم الأر�شيف واملعلومات‪ ،‬مركز الزيتونة‪ ،‬معركة “�سيف القد�س” وتداعياتها‬ ‫‪ .74‬‬
‫فل�سطينيا ً و�إ�رسائيليا ً وعربيا ً ودوليا ً (‪� 21-10‬أيار‪ /‬مايو ‪ ،)2021‬ملف‬
‫معلومات ‪.2021 ،28‬‬
‫ق�سم الأر�شيف واملعلومات‪ ،‬مركز الزيتونة‪ ،‬تطور ملف امل�صاحلة واالنتخابات‬ ‫‪ .75‬‬
‫الفل�سطينية ‪� 1‬أيار‪ /‬مايو ‪� 30 – 2020‬أيلول‪� /‬سبتمرب ‪ ،2021‬ملف معلومات ‪،29‬‬
‫‪.2021‬‬
‫�سل�سلة درا�سات علم َّية حم َّكمة‪:‬‬
‫�صابر رم�ضان‪ ،‬درا�سة علم َّية حم َّكمة (‪ :)1‬دور احلركة الطالبية الفل�سطينية يف‬ ‫‪ .76‬‬
‫التحرر الوطني‪ :‬الفر�ص واملعيقات‪.2016 ،‬‬
‫�أ�رشف بدر‪ ،‬درا�سة علم َّية حم َّكمة (‪ :)2‬ال�صهيونية والغرب‪ :‬من اال�ست�رشاق‬ ‫‪ .77‬‬
‫�إىل الإ�سالموفوبيا‪.2016 ،‬‬
‫�صابر رم�ضان‪ ،‬درا�سة علم َّية حم َّكمة (‪ :)3‬حراك املعلمني املوحد يف ال�ضفة‬ ‫‪ .78‬‬
‫الغربية‪ :‬الواقع‪ ،‬والديناميات‪ ،‬و�آفاق امل�ستقبل‪.2017 ،‬‬
‫وائل عبد احلميد املبحوح‪ ،‬درا�سة علم َّية حم َّكمة (‪ :)4‬حما�س بني امليثاق‬ ‫‪ .79‬‬
‫والوثيقة‪ :‬قراءة يف الثابت واملتغري‪.2017 ،‬‬

‫‪300‬‬
‫حنني مراد‪ ،‬درا�سة علم َّية حم َّكمة (‪ :)5‬هجرة الالجئني الفل�سطينيني من‬ ‫‪ .80‬‬
‫خميمات �سورية خالل النزاع امل�سلح (‪ :)2016–2011‬درا�سة ا�ستطالعية‬
‫لأو�ضاع فل�سطينيي �سورية‪ ،‬املهاجرين �إىل �أوروبا‪.2017 ،‬‬
‫حمدي �أحمد علي ح�سني‪ ،‬و�أ�رشف عثمان بدر‪ ،‬درا�سة علم َّية حم َّكمة (‪:)6‬‬ ‫‪ .81‬‬
‫تداعيات حرب �سنة ‪ 1967‬على امل�رشوع الوطني الفل�سطيني‪.2017،‬‬
‫وائل عبد احلميد املبحوح‪ ،‬درا�سة علم َّية حم َّكمة (‪ :)7‬تداعيات العدوان‬ ‫‪ .82‬‬
‫الإ�رسائيلي على لبنان �سنة ‪ 1982‬على ال�سلوك ال�سيا�سي ملنظمة التحرير‬
‫الفل�سطينية‪ ،‬و�صوال ً �إىل اتفاق �أو�سلو ‪ :1993‬درا�سة حتليلية‪.2018 ،‬‬
‫وائل عبد احلميد املبحوح‪ ،‬درا�سة علم َّية حم َّكمة (‪ :)8‬املقاومة ال�شعبية‬ ‫‪ .83‬‬
‫الفل�سطينية خيار الواقع �أم ا�سرتاتيجية وطنية؟‪ :‬م�سريات العودة الكربى‬
‫منوذجا ً‪.2018 ،‬‬
‫�أ�رشف بدر‪ ،‬درا�سة علم َّية حم َّكمة (‪ :)9‬ال�سلطة الفل�سطينية‪� :‬أزمة �رشعية‬ ‫‪ .84‬‬
‫�أم م�رشوعية‪.2018 ،‬‬
‫م�أمون كيوان‪ ،‬درا�سة علم َّية حم َّكمة (‪ :)10‬ح�صاد العملية الت�رشيعية للكني�ست‬ ‫‪ .85‬‬
‫الع�رشين‪ :‬القوانني وم�شاريع القوانني ‪.2019 ،2019-2015‬‬
‫فاطمة عيتاين‪ ،‬درا�سة علم َّية حم َّكمة (‪ :)11‬الوحدة الإ�رسائيلية ‪ 8200‬ودورها‬ ‫‪ .86‬‬
‫يف خدمة التكنولوجيا التج�س�سية الإ�رسائيلية‪.2019 ،‬‬
‫با�سم القا�سم‪ ،‬درا�سة علم َّية حم َّكمة (‪ :)12‬اال�سرتاتيجية الإ�رسائيلية جتاه‬ ‫‪ .87‬‬
‫الأزمة ال�سورية ‪.2019 ،2018-2011‬‬
‫�أ�رشف بدر‪ ،‬درا�سة علم َّية حم َّكمة (‪ :)13‬النظام الأبوي يف ال�سلطة الفل�سطينية‪،‬‬ ‫‪ .88‬‬
‫‪.2021‬‬
‫�أ�رشف بدر‪ ،‬درا�سة علم َّية حم َّكمة (‪ :)14‬تقلي�ص ال�رصاع والتحول من “ال�ضم‬ ‫‪ .89‬‬
‫الزاحف” �إىل “االنف�صال الزاحف” يف منظومة اال�ستعمار اال�ستيطاين ال�صهيوين‬
‫بال�ضفة الغربية‪.2021 ،‬‬

‫كتب عامة‪:‬‬
‫‪ .90‬وائل �سعد‪ ،‬احل�صار‪ :‬درا�سة حول ح�صار ال�شعب الفل�سطيني وحماوالت‬
‫�إ�سقاط حكومة حما�س‪.2006 ،‬‬

‫‪301‬‬
‫‪ .91‬حممد عارف زكاء اهلل‪ ،‬الدين وال�سيا�سة يف �أمريكا‪� :‬صعود امل�سيحيني الإجنيليني‬
‫و�أثرهم‪ ،‬ترجمة �أمل عيتاين‪.2007 ،‬‬
‫‪� .92‬أحمد �سعيد نوفل‪ ،‬دور �إ�رسائيل يف تفتيت الوطن العربي‪ ،2007 ،‬ط ‪.2010 ،2‬‬
‫‪ .93‬حم�سن حممد �صالح‪ ،‬حمرر‪ ،‬منظمة التحرير الفل�سطينية‪ :‬تقييم التجربة‬
‫و�إعادة البناء‪.2007 ،‬‬
‫‪ .94‬حم�سن حممد �صالح‪ ،‬حمرر‪ ،‬قراءات نقدية يف جتربة حما�س وحكومتها‬
‫‪.2007 ،2007-2006‬‬
‫‪ .95‬خالد وليد حممود‪� ،‬آفاق الأمن الإ�رسائيلي‪ :‬الواقع وامل�ستقبل‪.2007 ،‬‬
‫‪ .96‬ح�سن ابحي�ص ووائل �سعد‪ ،‬التطورات الأمنية يف ال�سلطة الفل�سطينية‬
‫‪ ،2007-2006‬ملف الأمن يف ال�سلطة الفل�سطينية (‪.2008 ،)1‬‬
‫‪ .97‬حم�سن حممد �صالح‪ ،‬حمرر‪� ،‬رصاع الإرادات‪ :‬ال�سلوك الأمني لفتح وحما�س‬
‫والأطراف املعنية ‪ ،2007-2006‬ملف الأمن يف ال�سلطة الفل�سطينية (‪.2008 ،)2‬‬
‫‪ .98‬مرمي عيتاين‪� ،‬رصاع ال�صالحيات بني فتح وحما�س يف �إدارة ال�سلطة الفل�سطينية‬
‫‪.2008 ،2007-2006‬‬
‫‪ .99‬جنوى ح�ساوي‪ ،‬حقوق الالجئني الفل�سطينيني بني ال�رشعية الدولية‬
‫واملفاو�ضات الفل�سطينية – الإ�رسائيلية‪.2008 ،‬‬
‫‪ .100‬حم�سن حممد �صالح‪ ،‬حمرر‪� ،‬أو�ضاع الالجئني الفل�سطينيني يف لبنان‪،2008 ،‬‬
‫ط ‪.2012 ،2‬‬
‫‪� .101‬إبراهيم غو�شة‪ ،‬املئذنة احلمراء‪ ،2008 ،‬ط ‪.2015 ،2‬‬
‫‪ .102‬عدنان �أبو عامر‪ ،‬مرتجم‪ ،‬درو�س م�ستخل�صة من حرب لبنان الثانية‬
‫(متوز ‪ :)2006‬تقرير جلنة اخلارجية والأمن يف الكني�ست الإ�رسائيلي‪.2008 ،‬‬
‫‪ .103‬عدنان �أبو عامر‪ ،‬ثغرات يف جدار اجلي�ش الإ�رسائيلي‪.2009 ،‬‬
‫‪ .104‬ق�صي �أحمد حامد‪ ،‬الواليات املتحدة والتحول الدميوقراطي يف فل�سطني‪.2009 ،‬‬
‫‪� .105‬أمل عيتاين وعبد القادر علي ومعني منّاع‪ ،‬اجلماعة الإ�سالمية يف لبنان منذ‬
‫الن�ش�أة حتى ‪.2009 ،1975‬‬
‫‪� .106‬سمر جودت الربغوثي‪� ،‬سمات النخبة ال�سيا�سية الفل�سطينية قبل وبعد قيام‬
‫ال�سلطة الوطنية الفل�سطينية‪.2009 ،‬‬
‫‪ .107‬عبد احلميد الكيايل‪ ،‬حمرر‪ ،‬درا�سات يف العدوان الإ�رسائيلي على قطاع غزة‪:‬‬
‫عملية الر�صا�ص امل�صبوب‪ /‬معركة الفرقان‪.2009 ،‬‬

‫‪302‬‬
‫‪ .108‬عدنان �أبو عامر‪ ،‬مرتجم‪ ،‬قراءات �إ�رسائيلية ا�سرتاتيجية‪ :‬التقدير اال�سرتاتيجي‬
‫ال�صادر عن معهد �أبحاث الأمن القومي الإ�رسائيلي‪.2009 ،‬‬
‫‪� .109‬سامح خليل الوادية‪ ،‬امل�س�ؤولية الدولية عن جرائم احلرب الإ�رسائيلية‪.2009 ،‬‬
‫‪ .110‬حممد عي�سى �صاحلية‪ ،‬مدينة القد�س‪ :‬ال�سكان والأر�ض (العرب واليهود)‬
‫‪1368-1275‬هـ‪1948-1858 /‬م‪.2009 ،‬‬
‫‪ .111‬ر�أفت فهد مرة‪ ،‬احلركات والقوى الإ�سالمية يف املجتمع الفل�سطيني يف لبنان‪:‬‬
‫الن�ش�أة – الأهداف – الإجنازات‪.2010 ،‬‬
‫‪� .112‬سامي ال�صالحات‪ ،‬فل�سطني‪ :‬درا�سات من منظور مقا�صد ال�رشيعة الإ�سالمية‪،‬‬
‫ط‪ّ (2‬‬
‫مت الن�رش بالتعاون مع م�ؤ�س�سة فل�سطني للثقافة)‪.2010 ،‬‬
‫‪ .113‬حم�سن حممد �صالح‪ ،‬حمرر‪ ،‬درا�سات يف الرتاث الثقايف ملدينة القد�س‪.2010 ،‬‬
‫‪ .114‬مـ�أمون كـيوان‪ ،‬فل�سطينيون يف وطنهم ال دولتهم‪.2010 ،‬‬
‫‪ .115‬حم�سن حممد �صالح‪ ،‬حقائق وثوابت يف الق�ضية الفل�سطينية‪ :‬ر�ؤية �إ�سالمية‪،‬‬
‫‪ ،2010‬طبعة مزيدة ومنقحة وم�صورة‪.2020 ،‬‬
‫‪ .116‬عبد الرحمن حممد علي‪ ،‬حمرر‪� ،‬إ�رسائيل والقانون الدويل‪.2011 ،‬‬
‫‪ .117‬كرمي اجلندي‪� ،‬صناعة القرار الإ�رسائيلي‪ :‬الآليات والعنا�رص امل�ؤثرة‪ ،‬ترجمة‬
‫�أمل عيتاين‪.2011 ،‬‬
‫‪ .118‬و�سام �أبي عي�سى‪ ،‬املوقف الرو�سي جتاه حركة حما�س‪.2011 ،2010-2006 :‬‬
‫‪� .119‬سامي حممد ال�صالحات‪ ،‬الأوقاف الإ�سالمية يف فل�سطني ودورها يف مواجهة‬
‫االحتالل الإ�رسائيلي‪.2011 ،‬‬
‫‪ .120‬نادية �سعد الدين‪ ،‬حق عودة الالجئني الفل�سطينيني بني حل الدولتني ويهودية‬
‫الدولة‪.2011 ،‬‬
‫‪ .121‬عامر خليل �أحمد عامر‪ ،‬ال�سيا�سة اخلارجية الإ�رسائيلية جتاه �إفريقيا‪ :‬ال�سودان‬
‫منوذجا ً‪.2011 ،‬‬
‫‪� .122‬إبراهيم �أبو جابر و�آخرون‪ ،‬الداخل الفل�سطيني ويهودية الدولة‪.2011 ،‬‬
‫‪ .123‬عبد الرحمن حممد علي‪ ،‬اجلرائم الإ�رسائيلية خالل العدوان على قطاع غزة‪:‬‬
‫درا�سة قانونية‪.2011 ،‬‬
‫‪ .124‬نائل �إ�سماعيل رم�ضان‪� ،‬أحكام الأ�رسى يف �سجون االحتالل الإ�رسائيلي‪ :‬درا�سة‬
‫فقهية مقارنة‪.2012 ،‬‬

‫‪303‬‬
‫‪ .125‬ح�سني حممد البوريني‪ ،‬مرج الزهور‪ :‬حمطة يف تاريخ احلركة الإ�سالمية يف‬
‫فل�سطني‪.2012 ،‬‬
‫‪ .126‬غ�سان حممد دوعر‪ ،‬امل�ستوطنون ال�صهاينة يف ال�ضفة الغربية‪ :‬االعتداء على‬
‫الأر�ض والإن�سان‪.2012 ،‬‬
‫‪ .127‬دالل باج�س‪ ،‬احلركة الطالبية الإ�سالمية يف فل�سطني‪ :‬الكتلة الإ�سالمية منوذجا ً‪،‬‬
‫‪.2012‬‬
‫‪ .128‬وائل عبد احلميد املبحوح‪ ،‬املعار�ضة يف الفكر ال�سيا�سي حلركة املقاومة‬
‫الإ�سالمية (حما�س) ‪ :2006-1994‬درا�سة حتليلية‪.2012 ،‬‬
‫‪ .129‬حم�سن حممد �صالح‪ ،‬حمرر‪� ،‬أزمة امل�رشوع الوطني الفل�سطيني والآفاق‬
‫املحتملة‪.2013 ،‬‬
‫‪ .130‬بالل حممد‪ ،‬حمرر‪� ،‬إىل املواجهة‪ :‬ذكريات د‪ .‬عدنان م�سودي عن الإخوان‬
‫امل�سلمني يف ال�ضفة الغربية وت�أ�سي�س حما�س‪.2013 ،‬‬
‫‪� .131‬أحمد جواد الوادية‪ ،‬ال�سيا�سة اخلارجية الأمريكية جتاه الق�ضية الفل�سطينية‬
‫‪.2013 ،2011-2001‬‬
‫‪ .132‬نا�رص عبد اهلل عبد اجلواد‪ ،‬الدميوقراطية الزائفة واحل�صانة امل�سلوبة‪ :‬زفرات‬
‫نائب عن ال�ضفة الغربية يف املجل�س الت�رشيعي الفل�سطيني‪.2013 ،‬‬
‫‪ .133‬حم�سن حممد �صالح‪ ،‬الطريق �إىل القد�س‪ :‬درا�سة تاريخية يف ر�صيد التجربة‬
‫الإ�سالمية على �أر�ض فل�سطني منذ ع�صور الأنبياء وحتى �أواخر القرن‬
‫الع�رشين‪ ،‬ط ‪.2014 ،5‬‬
‫‪ .134‬عبد اهلل عيا�ش‪ ،‬جي�ش التحرير الفل�سطيني وقوات التحرير ال�شعبية ودورهما‬
‫يف مقاومة االحتالل الإ�رسائيلي ‪.2014 ،1973-1964‬‬
‫‪ .135‬حم�سن حممد �صالح‪ ،‬مدخل �إىل ق�ضية الالجئني الفل�سطينيني ( ّ‬
‫مت الن�رش بالتعاون‬
‫مع �أكادميية درا�سات الالجئني)‪.2014 ،‬‬
‫‪ .136‬حم�سن حممد �صالح‪ ،‬حمرر‪ ،‬حركة املقاومة الإ�سالمية (حما�س)‪ :‬درا�سات يف‬
‫الفكر والتجربة‪ ،2014 ،‬ط ‪.2015 ،2‬‬
‫‪ .137‬حم�سن حممد �صالح‪ ،‬حمرر‪ ،‬منظمة التحرير الفل�سطينية واملجل�س الوطني‬
‫الفل�سطيني‪ :‬تعريف ‪ -‬وثائق ‪ -‬قرارات‪ ،2007 ،‬ط ‪.2014 ،2‬‬
‫‪ .138‬ماهر ربحي منر عبيد‪ ،‬البناء التنظيمي والف�صائلي للأ�رسى الفل�سطينيني يف‬
‫�سجن النقب‪.2014 ،‬‬

‫‪304‬‬
‫‪ .139‬حم�سن حممد �صالح‪ ،‬حمرر‪ ،‬قطاع غزة‪ :‬التنمية والإعمار يف مواجهة احل�صار‬
‫والدمار‪.2014 ،‬‬
‫‪ .140‬حم�سن حممد �صالح‪ ،‬حمرر‪ ،‬ال�سلطة الوطنية الفل�سطينية‪ :‬درا�سات يف التجربة‬
‫والأداء ‪.2015 ،2013-1994‬‬
‫‪ .141‬عطا حممد زهرة‪ ،‬الربنامج النووي الإيراين‪.2015 ،‬‬
‫‪ .142‬با�سم القا�سم‪� ،‬صواريخ املقاومة يف غزة‪� :‬سالح الردع الفل�سطيني‪.2015 ،‬‬
‫‪ .143‬رائد نعريات و�سليمان ب�شارات‪ ،‬النظام ال�سيا�سي الفل�سطيني‪� :‬إ�شكاليات‬
‫الإ�صالح و�آليات التفعيل‪.2016 ،‬‬
‫‪ .144‬رامي حممود خري�س‪ ،‬اخلطاب ال�صحفي الفل�سطيني جتاه املقاومة‬
‫الفل�سطينية‪ :‬درا�سة حتليلية وميدانية مقارنة‪.2016 ،‬‬
‫‪ .145‬فرحان مو�سى علقم‪ ،‬النزاع على ال�سيادة يف فل�سطني يف ظ ّل اتفاقيات �أو�سلو‪:‬‬
‫املخزون املائي يف ال�ضفة الغربية منوذجا ً‪.2016 ،‬‬
‫‪ .146‬خلود ر�شاد امل�رصي‪ ،‬الن�سوية الإ�سالمية ودورها يف التنمية ال�سيا�سية يف‬
‫فل�سطني‪.2016 ،‬‬
‫‪ .147‬با�سم القا�سم وربيع الدنان‪ ،‬م�رص بني عهدين‪ :‬مر�سي وال�سي�سي‪ :‬درا�سة‬
‫مقارنة‪ )1( ،‬التغريات الد�ستورية واالنتخابات‪.2016 ،‬‬
‫‪ .148‬با�سم القا�سم وربيع الدنان‪ ،‬م�رص بني عهدين‪ :‬مر�سي وال�سي�سي‪ :‬درا�سة‬
‫مقارنة‪ )2( ،‬الأحزاب والقوى ال�سيا�سية‪.2016 ،‬‬
‫‪ .149‬با�سم جالل القا�سم‪ ،‬م�رص بني عهدين‪ :‬مر�سي وال�سي�سي‪ :‬درا�سة مقارنة‪)3( ،‬‬
‫الأداء االقت�صادي‪.2016 ،‬‬
‫‪ .149‬با�سم جالل القا�سم‪ ،‬م�رص بني عهدين‪ :‬مر�سي وال�سي�سي‪ :‬درا�سة مقارنة‪)4( ،‬‬
‫الأداء الأمني والق�ضائي‪.2016 ،‬‬
‫‪ .151‬ربيع حممد الدنان‪ ،‬م�رص بني عهدين‪ :‬مر�سي وال�سي�سي‪ :‬درا�سة مقارنة‪)5( ،‬‬
‫الأداء الإعالمي‪.2016 ،‬‬
‫‪ .152‬ربيع حممد الدنان‪ ،‬م�رص بني عهدين‪ :‬مر�سي وال�سي�سي‪ :‬درا�سة مقارنة‪)6( ،‬‬
‫ال�سيا�سة اخلارجية‪.2016 ،‬‬
‫مت جمع الكتب ال�ستة ال�سابقة يف جملد بعنوان م�رص بني عهدين‪ :‬مر�سي‬‫· مالحظة‪ّ :‬‬
‫وال�سي�سي‪ :‬درا�سة مقارنة‪ ،‬و�صدر عن املركز يف ‪.2016‬‬

‫‪305‬‬
‫‪� .153‬أحمد حامد البيتاوي‪ ،‬العمالء واجلوا�سي�س الفل�سطينيون‪ :‬عني �إ�رسائيل‬
‫الثالثة‪.2016 ،‬‬
‫‪ .154‬عدنان �أبو عامر‪ ،‬منظومة الأمن الإ�رسائيلي والثورات العربية‪.2016 ،‬‬
‫‪� .155‬أ�رشف عثمان بدر‪� ،‬إ�رسائيل وحما�س‪ :‬جدلية التدافع والتوا�صل والتفاو�ض‬
‫‪.2016 ،2014-1987‬‬
‫‪� .156‬أمل عيتاين ورنا �سعادة وفاطمة عيتاين‪ ،‬مع ّدون‪ ،‬حم�سن حممد �صالح‪ ،‬حمرر‪،‬‬
‫اجلماعة الإ�سالمية يف لبنان ‪.2017 ،2000-1975‬‬
‫‪ .157‬بالل حممد �شل�ش‪ ،‬حمرر‪� ،‬سيدي عمر‪ :‬ذكريات ال�شيخ حممد �أبو طري يف املقاومة‬
‫وثالثة وثالثني عاما ً من االعتقال‪.2017 ،‬‬
‫‪� .158‬أحمد خالد الزعرتي‪ ،‬العالقات الرتكية الإ�رسائيلية ‪.2017 ،2016-2002‬‬
‫‪ .159‬خالد �إبراهيم �أبو عرفة‪ ،‬املقاومة الفل�سطينية لالحتالل الإ�رسائيلي يف بيت‬
‫املقد�س ‪.2017 ،2015-1987‬‬
‫‪� .160‬سعيد طالل الده�شان‪ ،‬كيف نقا�ضي �إ�رسائيل؟‪ :‬املقا�ضاة الدولية لإ�رسائيل‬
‫وقادتها على جرائمهم بحق الفل�سطينيني‪.2017 ،‬‬
‫‪ .161‬قتيبة وليد غامن‪ ،‬الأ�صولية الدينية يف اجلي�ش الإ�رسائيلي‪ :‬الأ�سباب والتداعيات‬
‫على “الدميوقراطية يف �إ�رسائيل” ‪.2018 ،2014-1995‬‬
‫‪ .162‬وائل خالد �أبو هالل‪ ،‬حوارات يف تاريخ احلركة الإ�سالمية يف فل�سطني املحتلة‬
‫�سنة ‪ 1948‬مع ال�شيخ رائد �صالح‪.2018 ،‬‬
‫‪ .163‬عبد احلكيم حنيني‪ ،‬منهجية حركة حما�س يف العالقات اخلارجية‪� :‬سورية‬
‫منوذجا ً ‪.2018 ،2015-2000‬‬
‫‪ .164‬غ�سان حممد دوعر‪ ،‬قواعد ال�شيوخ‪ :‬مقاومة الإخوان امل�سلمني �ضد امل�رشوع‬
‫ال�صهيوين ‪.2018 ،1970-1968‬‬
‫‪ .165‬حممد �أكرم بلعاوي وح�سان عمران‪ ،‬تفكيك اخلطاب املوايل لإ�رسائيل‪ :‬الهند‬
‫منوذجا ً‪.2019 ،‬‬
‫‪ .166‬عزام عبد ال�ستار �شعث‪ ،‬توجهات النخبة ال�سيا�سية الفل�سطينية نحو ال�رصاع‬
‫العربي ‪ -‬الإ�رسائيلي (درا�سة حتليلية ميدانية)‪.2019 ،‬‬
‫‪� .167‬شاكر اجلوهري‪ ،‬د‪ .‬مو�سى �أبو مرزوق‪ :‬م�شوار حياة‪ :‬ذكريات اللجوء والغربة‬
‫و�سنوات الن�ضال‪.2019 ،‬‬

‫‪306‬‬
‫‪� .168‬أحمد مبارك اخلالدي و�أني�س فوزي قا�سم‪ ،‬ر�أي ا�ست�شاري يف حل املجل�س‬
‫الت�رشيعي الفل�سطيني‪.2019 ،‬‬
‫‪� .169‬شادي �سمري عوي�ضة‪ ،‬ا�ستغالل الغاز الطبيعي يف حو�ض �رشق البحر املتو�سط‬
‫وعالقته بالنفوذ الإ�رسائيلي يف املنطقة‪.2019 ،‬‬
‫‪ .170‬حم�سن حممد �صالح‪ ،‬الإخوان امل�سلمون الفل�سطينيون‪ :‬التنظيم الفل�سطيني –‬
‫قطاع غزة ‪.2020 ،1967-1949‬‬
‫‪� .171‬إميان �أبو اخلري‪ ،‬اعتداءات االحتالل الإ�رسائيلي على املر�أة يف الأرا�ضي‬
‫الفل�سطينية املحتلة ‪.2020 ،)2019-1967( 1967‬‬
‫‪ .172‬بالل يا�سني‪ ،‬د‪ .‬مو�سى �أبو مرزوق‪ :‬يف العمق‪ :‬قراءة يف الفكر احلركي وال�سيا�سي‬
‫لأول رئي�س مكتب �سيا�سي حلركة حما�س ‪.2020 ،2017-1997‬‬
‫‪� .173‬سعيد حممد ب�شارات‪ ،‬دور تيارات ال�صهيونية الدينية يف احلياة ال�سيا�سية يف‬
‫�إ�رسائيل ‪.2021 ،2019-2000‬‬
‫‪� .174‬شريين طارق عي�ساوي‪ ،‬امل�س�ؤولية اجلنائية الفردية عن االنتهاكات اجل�سيمة‬
‫بحق الأ�رسى واملعتقلني الفل�سطينيني مبوجب القانون الدويل العام‪.2021 ،‬‬
‫‪ .175‬حم�سن حممد �صالح‪ ،‬الق�ضية الفل�سطينية‪ :‬خلفياتها التاريخية وتطوراتها‬
‫املعا�رصة‪ ،2012 ،‬طبعة مزيدة ومنقحة‪.2022 ،‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬الإ�صدارات باللغة الإجنليزية‪:‬‬


‫‪The Palestine Strategic Report Series:‬‬

‫‪176. Mohsen Mohammad Saleh and Basheer M. Nafi, editors, The‬‬


‫‪Palestinian Strategic Report 2005, 2007.‬‬
‫‪177. Mohsen Mohammad Saleh, editor, The Palestinian Strategic Report‬‬
‫‪2006, 2010.‬‬
‫‪178. Mohsen Mohammad Saleh, editor, The Palestinian Strategic Report‬‬
‫‪2007, 2010.‬‬
‫‪179. Mohsen Mohammad Saleh, editor, The Palestinian Strategic Report‬‬
‫‪2008, 2010.‬‬
‫‪180. Mohsen Mohammad Saleh, editor, The Palestinian Strategic Report‬‬
‫‪2009/10, 2011.‬‬

‫‪307‬‬
181. Mohsen Mohammad Saleh, editor, The Palestinian Strategic Report
2010/11, 2012.
182. Mohsen Mohammad Saleh, editor, The Palestinian Strategic Report
2011/12, 2013.
183. Mohsen Mohammad Saleh, editor, The Palestinian Strategic Report
2012–2013, 2015.
184. Mohsen Mohammad Saleh, editor, The Palestinian Strategic Report
2014–2015, 2016.
185. Mohsen Mohammad Saleh, editor, The Palestine Strategic Report
2016–2017, 2018.
186. Mohsen Mohammad Saleh, editor, The Palestine Strategic Report
2018–2019, 2021.

Am I Not a Human? Book Series:


187. Abbas Ismail, The Israeli Racism: Palestinians in Israel: A Case
Study, Book Series: Am I Not a Human? (1), translated by Aladdin
Assaiqeli, 2009.
188. Hasan Ibhais, Mariam Itani and Sami al-Salahat, The Suffering of
the Palestinian Woman Under the Israeli Occupation, Book Series:
Am I Not a Human? (2), translated by Iman Itani, 2010.
189. Ahmad el-Helah and Mariam Itani, The Suffering of the Palestinian
Child Under the Israeli Occupation, Book Series: Am I Not
a Human? (3), translated by Iman Itani, 2010.
190. Firas Abu Hilal, The Suffering of the Palestinian Prisoners
& Detainees Under the Israeli Occupation, Book Series: Am I Not
a Human? (4), translated by Baraah Darazi, 2011.
191. Mariam Itani and Mo‘in Manna‘, The Suffering of the Palestinian
Refugee, Book Series: Am I Not a Human? (6), translated by Salma
al-Houry, 2010.
192. Mohsen Mohammad Saleh, The Suffering of Jerusalem and the
Holy Sites Under the Israeli Occupation, Book Series: Am I Not a
Human? (7), translated by Salma al-Houry (published in collaboration
with al-Quds International Institution (QII)), 2012.

308
193. Hasan Ibhais and Khaled ‘Ayed, The Separation Wall in the West
Bank, Book Series: Am I Not a Human? (8), translated by Baraah
Darazi, 2013.
194. Hayat Dada, The Suffering of the Palestinian Student Under the
Israeli Occupation, Book Series: Am I Not a Human? (9), translated
by Salma al-Houry, 2017.
195. Mariam Itani, Amin Abu Wardeh and Waddah Eid, The Suffering of
the Palestinian Worker Under the Israeli Occupation, Book Series:
Am I Not a Human? (10), translated by Salma al-Houry, 2014.
196. Fatima Itani and Atef Daghlas, The Suffering of the Palestinian
Patient Under the Israeli Occupation, Book Series: Am I Not
a Human? (11), translated by Mohammed Ibrahim El-Jadili and Saja
Abed Rabo El-Shami, 2012.
197. Fatima Itani and Nitham ʻAtaya, The Suffering of Palestinian
Environment and Farmer Under the Israeli Occupation, Book Series:
Am I Not a Human? (12), translated by Salma al-Houry, 2016.
198. Fatima Itani and Mohammed Dawood, The Suffering of Palestinians
From Israeli Roadblocks in the West Bank, Book Series: Am I Not
a Human? (13), translated by Salma al-Houry, 2018.

Non-Serial Publications:
199. Muhammad Arif Zakaullah, Religion and Politics in America:
The Rise of Christian Evangelists and Their Impact, 2007.
200. Mohsen Mohammad Saleh and Ziad al-Hasan, The Political Views
of the Palestinian Refugees in Lebanon as Reflected in May 2006,
2009.
201. Ishtiaq Hossain and Mohsen Mohammad Saleh, American Foreign
Policy & the Muslim World, 2009.
202. Ibrahim Ghusheh, The Red Minaret: Memoirs of Ibrahim Ghusheh
(Ex-Spokesman of Hamas), 2013.
203. Mohsen Mohammad Saleh, The Palestinian Issue: Historical
Background & Contemporary Developments, 2014.

309
204. Mohsen Mohammad Saleh, editor, Gaza Strip: Development and
Construction in the Face of Siege and Destruction, 2014. (electronic
book)
205. Muslim Imran Abu Umar, Egypt, Syria and the War on Gaza:
A Study on the Egyptian and Syrian Foreign Policy Responses to the
2008/2009 Gaza War, 2015.
206. Mohsen Mohammad Saleh, editor, Islamic Resistance Movement
(Hamas): Studies of Thought & Experience, 2017.
207. Karim El-Gendy, The Process of Israeli Decision Making:
Mechanisms, Forces and Influences, 2nd ed., 2019.
208. Mohsen Mohammad Saleh, Introduction to the Issue of Palestinian
Refugees, 2019.
209. Mohsen Mohammad Saleh, editor, The Palestinian National
Authority: Studies of the Experience and Performance 1994–2013,
2019.
210. Mohsen Mohammad Saleh, Basic Facts on The Palestine Issue,
2021. (Updated and Illustrated Version)
211. Mohsen Mohammad Saleh, The Palestinian Muslim Brothers:
Al-Tanzim al-Filastini – Gaza Strip 1949–1967, 2021.

310

You might also like