Professional Documents
Culture Documents
عقد الائتمان الايجاري
عقد الائتمان الايجاري
المقدمة
نظرا لما تكتسبه التجارة من أهمية كبرى تخدم اقتصاد الدول فتطوير هذا المجال يعد الهدف
األول وطنيا ودوليا لتشجيع االستثمار ،ولمسايرة التطورات السريعة لما تتميز به التجارة
من خاصتي السرعة واال ئتمان .والبحث عن منابع التمويل يعد الهاجس األول الذي يؤرق
بال الكثير من الطامحين إلى إنشاء مشاريع استثمارية جديدة ،أو توسيع مشاريع أخرى
قائمة ، 1ولقد ظلت المدخرات الشخصية والقروض منذ أمد بعيد المنفذ الوحيد المتاح أمام
أصحاب المشاريع ،غير أنه ومع التطور التكنولوجي المتسارع واحتدام المنافسة كان من
الالزم تطوير تقنيات جديدة ومبتكرة للتمويل من شأنها تحقيق تمويل المشروع االستثماري
بشكل كامل من طرف المؤسسة المالية .هذا فضال عن تسارع وثيرة االختراعات العملية
يستوجب تجديد وسائل اإلنتاج القائمة لمواجهة مشاكل التمويل هاته ،تم ابتكار وسيلة تمويل
جديدة تعرف باسم االئتمان أإليجاري.
ولقد ظهر عقد االئتمان أإليجاري Leasingعلى عكس ما يروج في بعض المؤلفات الفقهية
على أنه من ابتكار الحضارة األمريكية بل أن هناك من يرجع مصدره التاريخي إلى نظام
االئتمان الذي كان معروفا في القانون الروماني ،والذي بمقتضاه يشترط المقترض على
المقرض أن ينقل إلى ملكية الشيء لضمان الوفاء. 2أما في الواليات المتحدة األمريكية فقد
ظهر حوالي سنة ، 1952ثم انتقل إلى أروبا في الستينيات حيث عرف انتشارا واسعا
خاصة في فرنسا التي أسست سنة Loca 1652قبل أن يتدخل المشرع الفرنسي بتنظيميه
بموجب قانون 1966/7/6وما تاله من قوانين.3
عبد السالم الوهابي عقد االئتمان أإليجاري للمنقول في القانون المغربي الندوة الرابعة للعمل القضائي والبنكي ،الطبعة االولى يناير ،2004ص 1
.1
2العربي مياد ،عقود اإلدعان دار مقارتنة الطبعة األولى ص 77-76
3عبدالسالم الوهاني ،م س ،ص .326
1
أما في الدول النامية فقد ظهرت مجموعة من الشركات التي تقوم بهذا النشاط في كل من
كوريا الجنوبية وماليزيا والفلبين وأندنونيسيا والتيالند ولإلشارة فإن إقبال الدول النامية على
هذا النوع من االئتمان كان كبيرا لدرجة أنه في سنة 1976وصل عدد الشركات التي
تزاول هذا النشاط في هونغ كونغ وحدها إحدى وعشرون شركة وفي سنغفورة ثالثة عشر
شركة كما عرفت مجموعة من الدول اإلفريقية والعربية ميالد شركات من هذا النوع. 4
أما في المغرب فإن عقد االئتمان أإليجاري قد ظهر منذ سنة 1965بتأسيس أول شركة
تحت اسم ماروك ليزينغ Maroc leasingثم أعقبتها في الظهور شركات أخرى بلغ
عددها إلى حدود سنة 1994سبع شركات.5
غير أن هذا االزدهار الذي عرفه قطاع االئتمان أإليجاري لم يواكبه أي تدخل تشريعي
لتنظيم هذا العقد بالرغم من توقيع المغرب على معاهدة روما والتي ألزمت الدول الموقعة
عليها بتوحيد تشريعاتها في الميدان التجاري ،إلى جانب اتفاقية اوطاوا المتعلقة باالئتمان
أإليجاري الدولي ،وإقراره بشرعية وجوده ابتدءا من قانون المالية التعديلي لسنة 1973
وبالظهائر الصادرة في 1973/8/13المكونة لمدونة االستثمار إال انه كان من الضروري
االنتظار إلى حين صدور مدونة التجارة ليتدخل المشرع لتنظيم أحكامه بمقتضى الفصول
من 431إلى 442بعد أن كان قد أعطى له تعريفا في الفصل الثاني من الظهير
1993/7/6المتعلق بنشاط مؤسسات االئتمان ومراقبتها.
أهمية الموضوع:
إن دراسة موضوع االئتمان أإليجاري تنبع من األهمية التي يطرحها هذا الموضوع سواء
من الناحية العملية أو النظرية.
ف من الناحية النظرية فالفقه اليوم أجمع على نعت هذه المؤسسة القانونية بأنها إيجار
كعقد،وائتمان كعملية ،لكن النصوص القانونية خرجت عن هذا المنحى ويتضح ذلك من
خالل الطريقة التي اعتمدت في تنظيمها تشريعيا حيث نجد أن مدونة التجارة خصصت له
12مادة لتنظم بشكل مقتضب وقليل عدة جوانب تمس بشكل مباشر العملية العقدية واآلثار
المترتبة عنها ،لكونها عقد تجاريا يخضع لمقتضيات العقود التجارية.
أما من الناحية العملية فإن ظهور هذا النوع من الخدمات ساهم بشكل كبير في دعم
األنشطة الصناعية ،كما أنه زاد من النشاط التسويقي لآلالت والمعدات والسلع كما أدى إلى
الرفع من حركة المدفوعات بين الموردين والمستثمرين لهذه المعدات ،كما أعطى وساعد
على إمكانية بدء المقاوالت بأقل اإلمكانيات الممكنة ومن تحسين قدرتها على النمو لتصبح
4محمد برادة غزيول :عقد االئتمان اإليجاري على المنقوالت بين الفقه والقضاء الطبعة األولى ،1998 – 1419ص .33
5الشركات السبعة هي :ماروك ليزينغ ومغرب باي ،ووفاباي ،وانترليزيتغ وسوحلس واونيباي و دياك ليزينغ.
2
مقاوالت متوسطة أو كبيرة .وعقد االئتمان أإليجاري عموما هو وسيلة ناجعة لتمويل
المشاريع الصناعية التجارية واالقتصادية.
ومن هنا يمكننا طرح اإلشكالية التالية:
إلى أي حد نجح المشرع المغربي في وضع إطار قانوني ينظم عقد االئتمان
أإليجاري
انطالقا من هذه اإلشكالية ومن أجل توضيح األحكام العامة لعقد االئتمان أإليجاري ينبغي
تبني منهجية قانونية تحليلية مقارنة تسمح لنا باإلحاطة بمختلف عناصر عقد االئتمان
أإليجاري ولتحقيق هذا المبتغى ارتأينا اعتماد هذا التصميم:
المبحث األول :ماهية عقد االئتمان أإليجاري
المبحث الثاني :أثار عقد أإليجاري
الئحة فك الرموز
ف :الفصل
م :المادة
3
المبحث األول :ماهية عقد االئتمان أإليجاري
كما أشرنا في التقديم فعقد االئتمان أإليجاري من العقود التجارية الحديثة التي نظمها المشرع
المغربي في الكتاب الرابع من مدونة التجارة ،وسنقف في هذا المبحث عند مدلول عقد االئتمان
( المطلب األول ) على أن نتطرق إلى شروط و مراحل عقد االئتمان أإليجاري ( المطلب الثاني
)
عرفت المادة 431من مدونة التجارة عقد االئتمان أإليجاري للمنقول بأنه “كل عملية إكراء
السلع التجهيزية أو المعدات أو اآلالت التي تمكن المكتري كيفما كان تكييف تلك العمليات من أن
يتملك في تاريخ يحدده مع المالك كل أو بعض السلع المكتراة لقاء ثمن متفق عليه يراعى فيه
جزء على األقل من المبالغ المدفوعة على سبيل الكراء” ( االئتمان أإليجاري للمنقول(.
و أضافت نفس المادة أن االئتمان أإليجاري هو كل عملية لكراء العقارات المعدة لغرض مهني تم
شراؤها من طرف المالك أو بنائها لحسابه ،إذ كان من شأن هذه العملية كيفما كان تكييفها أن
4
تمكن المكتري من أن يصير مالكا لكل أو بعض األموال المكراة على أبعد تقدير عند انصرام
أجل الكراء ( االئتمان أإليجاري العقاري(.
فعقد االئتمان أإليجاري تبعا لتعريف المشرع المغربي هو عقد موجه إلى المهنيين في إطار
ممارسة نشاطهم ،ويشكل عملية قانونية مركبة 6تتداخل فيها ثالثة عقود ،وهي عقد البيع أو
التوريد وعقد الكراء والوعد بالبيع من جانب واحد .وتهم ثالثة أشخاص ،األولى هي مؤسسة
االئتمان التي تقوم بشراء المنقول المخصص للكراء والثاني هو البائع لها ،والثالث هو المكتري
منها ،وتتم عن طريق قيام األولى بشراء معدات وآالت ،أو تجهيزات ،من الثاني قصد إكرائها
للثالث الذي يقوم هو باختيارها تبعا لحاجيات مقاولته ،وذلك لمدة محددة مقابل أدائه ألقساط
دورية على أن يكون له في نهاية المدة الحق في تملك تلك التجهيزات بعد أداء الثمن المتفق عليه
سلفا يراعى في تقديره جزء على األقل مما تم دفعه من مبالغ على سبيل الكراء.7
وأول ما يمكن مالحظته على هدا التنظيم القانوني هو انه جاء ترجمة وفية للقوانين الفرنسية
األولى التي نظمت عملية االئتمان التجاري سنة ,1996ما يعيب المسالة ليس هو األخذ عن
المشرع الفرنسي لكن العيب أن مدونة التجارة أخدت عن المشرع الفرنسي القديم دون أن تأخذ
بعين االعتبار التعديالت التي جاءت بعده. 8
مؤاخذات المادة 431من مدونة التجارة أنها وإن أشارت إلى إمكانية تملك الشيء المكتري ” في
تاريخ يحدده مع المالك كل أو بعض السلع المكراة لقاء ثمن متفق عليه الخ…” فإنها لم تحدد
اآلثار التي تترتب عن امتناع شركة االئتمان أإليجاري عن وعدها ،بتحويل الشيء المكترى إلى
ملكية المكتري في الوقت الذي يعرب فيه هذا األخير عن رغبته في ذلك .ومن بين المفارقات
التي تطرحها المادة 431من مدونة التجارة أيضا ،أنها أعطت للمكتري حق تملك كل أو بعض
هذا الشيء ،لقاء ثمن متفق عليه وإذا كان تملك الكل ال يطرح إشكاال ،فإن تملك البعض يناقض
فكرة الربح الذي تهدف إليه هذه المؤسسات االئتمانية ،إضافة إلى أن تجزئة الشيء المكري من
شأنه أن يضر بمصالح المؤسسة مقدمة االئتمان ،ويؤدي بالتالي إلى خلط بين مفهوم اإليجار
التقليدي واالئتمان أإليجاري.
والمالحظ كذلك أن المشرع المغربي في هذه المادة حصر نطاق عملية االئتمان أإليجاري للمنقول
في السلع التجهيزية أو المعدات أو اآلالت الشيء الذي جعل بعض الفقه9يتساءل عن مصير
–6المختار بكور ،قراءة اتفاقيات المعهد الدولي لتوحيد القانون الخاص االيجاري الدولي ،المجلة المغربية لقانون واقتصاد التنمية ،عدد – 34
1994ص .107
7عبد السالم الوهابي ،عقد االئتمان اإليجاري للمنقول في القانون المغربي ،الندوة الرابعة للعمل القضائي والبنكي ،سلسلة الندوات واأليام الدراسية،
الطبعة األولى ،2004ص .363
8رياض فخري,عقد االئتمان أإليجاري بين مدونة التجارة والقانون المنظم لمؤسسات أالئتمان,مجلة الحقوق المغربية,العدد السادس,السنة
الثالثة,اكتوبر2008ص92
9المختار بكور ،العقود التجارية الجديدة في مدونة التج ارة :حالة االئتمان اإليجاري ،المدونة الجديدة لتجارة ،أشغال اليوم الدراسي الذي نظمه
المركز المغربي للدراسات القانونية ،الرباط 5يوليوز 1996ص .52
5
المعدات واآلالت المرتبطة بعقار أو التي رصدت لخدمة ،بحيث تصبح بمقتضى القواعد العامة
عقارات بالتخصيص :فهل ستخضع لعمليات االئتمان أإليجاري للمنقول أم لعملية االئتمان
أإليجاري للعقار.
كذلك هذه المادة اقتبست التعريف الوارد في المادة 8من ظهير 1993المتعلق بمؤسسات
االئتمان و الهيئات المعتبرة في حكمها هذا القانون تم نسخه بمقتضيات القانون 103.12و لم يتم
تحيين هذه المادة
وما يمكن مالحظته أيضا هو أن المشرع المغربي أخد بدوره من خالل تعريفه لالئتمان اإليجاري
من المشرع الفرنسي قاعدة أن االئتمان االيجاري يعطي للمستأجر في نهاية مدة خيار شراء
األصول محل اإليجار سواء كانت األصول عبارة عن أموال منقولة فيكتسب ملكية األصل بسعر
مخفض تدخل في تقديره المبالغ التي دفعها المستأجر مدة اإليجار وهذا ما يتضح من خالل المادة
األولى من القانون الفرنسي ( 2يوليوز 1966المعدل بقانون شتنبر )1967بتعريفه لعملية
التأجير التمويلي بأنها كل عمليات تأجير المعدات واآلالت الالزمة لمزاولة حرفة أو صناعة –
والتي يتم شراؤها إلعادة تأجيرها بواسطة مشروعات أي مقاوالت تظل مالكة لها وذلك عندما
تخول هذه العمليات للمستأجر الحق في تملك كل أو جزء من األشياء محل اإليجار مقابل ثمن
يتفق عليه طرفي عقد االئتمان أإليجاري مع مراعاة ما تم دفعه من وجيبة مقابل مدة العقد وطيلة
هذه المدة.10
أما النظام األمريكي في الوقت الراهن فانه يعرف طريقتين لالئتمان أإليجاري احدهما يسمى
« » financialleaseوالثانية « .» operating lease
والطريقة األولى أقرب إلى النظام الذي يعرفه حاليا كل من التشريع الفرنسي والتشريع
المغربي ،بحيث تتخلله إمكانية شراء الشيء المؤجر من طرف المستأجر والطريقة الثانية ،ال
يعطى فيها للمستأجر في نهاية مدة عقد خيار شراء اآلالت أو المعدات محل العقدة ،وإنما يلتزم
المستأجر بإعادة األصول المستأجرة إلى المؤجر الذي من حقه وهو مالكها .أن يبيعها أو يعيد
تأجيرها سواء للمستأجر القديم أو لشخص آخر غيره.11
ثانيا– خصائص عقد االئتمان أإليجاري
بناء على ما سبق وللقول بوجود عقد ائتمان إيجاري ينطبق عليه التعريف التشريعي ويخضع
ألحكامه البد أن تتوفر فيه الخصائص التالية:
– 10ومن المالحظ أن هذا النص قد أخذ من الفصل األول من القانون 66 – 455الفرنسي الصادر ب 2يوليوز 1966وقد جاء بالشكل التالي:
«les opérations de crédit-bail visées par la présente loi sont:
*le opération de location de bains d’équipement on de matériel d’outillage achetées en vue de cette location par
de entreprises qui demeurent propriétaires lorsque ces opérations quelque soit leur qualifications, donnent au
locataire la possibilité d’acquérir tout onpartie des biens loués, moyennant un prix convenu tenant, au moins
»pour partie, des versements effectues à titre de loyer .
–11محمد الكشبور “االئتمان اإليجاري … مجلة المحامون،ـ للبيئة المحامين بأسفي عدد ،1998 ،6ص .170
6
أ – االئتمان أإليجاري عقد شكلي :خصه المشرع بالتنظيم و ذلك وفقا لمقتضيات مدونة التجارة.
ب –يسبق عملية اإليجار ،عملية شراء المنقوالت من طرف مؤسسة االئتمان سواء تم هذا
الشراء من شخص ثالث وهو الشكل الغالب أم من المستأجر نفسه فيما يطلق عليه « lease
» bookأو تأجير تمويلي الالحق على هذا األساس إذا المكري نفسه هو المنتج للسلعة فإن هذه
العملية ال تكيف بأنها عقد ائتمان إيجاري وفقا للمدلول التشريعي12
ج – تتطلب عملية االئتمان اإليجاري تدخل ثالثة أطراف (الطابع الثالثي) خالفا للقواعد العامة
التي تتطلب االقتصار على طرفين13:
– 3البائع (المورد).
تعتمد شركات االئتمان أإليجاري للمنقوالت بالمغرب عدة تسميات لنعت الشرركة الممولرة :فمنهرا
مررن يسررتعمل “مصررطلح المررؤجر” ،14ومنهررا مررن يسررتعمل مصررطلح “المكررري” 15أو “مؤسسررة
القرض والتأجير”…
وعلى أي فإن اختالف هذه التسميات يرجع إلى الطبيعة المعقدة شيئا ما للدور الذي تقروم بره هرذه
الشررركات والمتمثررل فرري شررراء المنقررول الررذي يررتم اختيرراره مررن طرررف المسررتأجر تررم كرائرره لرره أو
استرداده أو بيعره عنرد انتهراء مردة العقرد .ونظررا لمرا يتطلبره عقرد االئتمران أإليجراري مرن رؤوس
أموال كبيرة ،فإن األفراد لم يلجا إلى مزاولته ،وإنمرا تشرهد السراحة العمليرة تأسريس شرركات لهرذا
الغرض.
وكما هرو الشرأن بالنسربة لشرركة االئتمران أإليجراري فرإن للمشرروعات المسرتفيدة مرن هرذه العمليرة
تسرررميات متعررررددة فررري العقررررود النموذجيرررة الترررري تعتمررردها شررررركات التمويرررل فمنهررررا مرررن ينعترررره
“بالمستفيد” ،16ومنها من ينعته “بالمستأجر”17ومنها مرن ينعتره برالمكتري… .لكرن مختلرف هرذه
– 12لم تعرف مدونة التجارة االئتمان أإليجاري الالحق أو المرتد Cension bailأو ، back leasوقد أوردت النشرة الصادرة عن وزير
االقتصاد المالية الفرنسي بتاريخ 30يونيو 1968تعريفا له حيث عرفته بأنه ذلك االتفاق الذي بموجبه تقوم شركة االئتمان أإليجاري بشراء أصل
سبق للمستفيد الحصول عليه على أن نقرر له على الفور االنتفاع به بموجب عقد تأجير تمويلي ” .محمد برادة غزيول مرجع سابق ،ص .22
7
التسميات ال تعبر عن الدور الحقيقي أو الموقع الفعلي الرذي يحتلره فري عمليرة االئتمران أإليجراري
والذي هو بعيد عن ذلك المتوفر في المستأجر العادي وفق للقواعد العامة .والواقع أنه منذ دخرول
االئتمرران أإليجرراري للمغرررب مررس مجمرروع الميررادين االقتصررادية ،بحيررث اسررتفادت منرره تقريبررا كررل
المشرروعات التجاريررة التري تمكنررت بهرذه الطريقررة للحصرول مررا تحتراج إليرره مرن التجهيررزات الترري
تدخل ضمن مفهوم األموال المنقولة و العقارات.
ويذهب األستاذ محمد على مكوار18في منح الطرف الثالث في عملية االئتمان أإليجاري تسرمية
البائع – “المورد” وذلك تمييزا له عن البائع الخاضع في تصررفاته للقواعرد العامرة ،وكرذا إلبرراز
الطابع المميز لعمليات التوريد في االئتمان أإليجاري عكس ما هو عليه األمر في القواعد العامرة
الخاصة بعقد البيع ،ذلك أن المنقول في هذه العملية االئتمانية يسرلم مباشررة إلرى المسرتأجر ولريس
إلى المشتري (شركة االئتمان أإليجاري) في المكان الذي سيستعمل فيره ولريس فري مكران تحريرر
العقد .كما أن هناك استثناء آخر للقواعد العامة ،يتمثل في كون البائع – المورد ال يررد ذكرره فري
مختلف العقود الجاري بها العمل كطرف في العقد كما هو الشأن بالنسبة للمؤجر والمستأجر.
د – يجب تضمين العقد لوعد من جانب واحد بالبيع بموجبه يلتزم الطرف المكري بنقل ملكية
األشياء المؤجرة للمكتري في نهاية مدة العقد ،إذا ما أبدى هذا األخير رغبته في ذلك بحيث
يكون لمكتري خيار الشراء عند نهاية المدة إن شاء رفعه وأصبح مالكا للتجهيزات بعد أداء
الثمن المتفق عليه سلفا.
ه – أن يراعى في تقدير المبلغ سلفا ،والذي يتعين على المكتري أدائه ألعمال خيار شراء جزء
على األقل من قيمة المبالغ المدفوعة على سبيل الكراء ،وهو ما يجعل هذا المبلغ والذي يطلق
عليه تسمية القيمة المتبقية زهيدا وال يتناسب مع القيمة الحقيقية للتجهيزات في السوق علما بأن
للمكتري في نهاية مدة اإليجار غير قابلة للتغيير ثالثة اختيارات أولهما تملك المنقوالت بعد أدائه
للمبلغ المتبقي وثانيهما إعادة استئجار المعدات لفترة أخرى وثالثهما إعادة المعدات لمؤسسة
االئتمان.
و – يجب أن تتوفر في المكري صفة مؤسسة االئتمان ومن تم فال يمكن لغير البنوك وشركات
التمويل أن تمارس هذا النشاط بشكل اعتيادي ،ومن تم فإذا قام أي شخص بممارسة هذا النشاط
بشكل اعتيادي فإن مصير العقد الذي يبرمه هو البطالن.19
.Soclease – Maroc et maghereb BAIL – 17أوردته جميله جوالي مرجع سابق ص .22
18
– Med Ali mekouar « : le contrat de crédit – bail sans la pratique marocaine » Revue juridique, Economique
et social RABAT n°2 – 1977 p.55.
8
الفقرة الثانية :طبيعة عقد االئتمان أإليجاري ومقارنته ببعض العقود المشابهة.
أوال– طبيعة عقد االئتمان أإليجاري .
لقد أثارت طبيعة هذا العقد جدال كبيرا لدى الباحثين ،إال أن المشرع المغربي مثله في ذلك مثل
نظيره الفرنسي كيفه بأنه عقد كراء يؤدي وظيفة خاصة وأساسية ذات طبيعة ائتمانية ،ويترتب
منطقيا على هذا التكييف أن عقد اإليجار يخضع فيما لم يرد بشأنه نص خاص للقواعد العامة
التي تحكم عقد الكراء والتي نظمها المشرع المغربي من خالل مقتضيات الفصول من 627إلى
( 699مع إدخال الغايتين) من قانون االلتزامات والعقود بالقدر الذي ال يتعارض بطبيعة الحال
مع وظيفته التجارية االئتمانية طبقا لمقتضيات المادة الثانية من المدونة التجارية الجديدة.20
وحتى يؤدي االئتمان وظيفته االئتمانية ،فهو يرتبط بالضرورة بعقد بيع ،ذلك أن مؤسسة
االئتمان أإليجاري تشتري من المورد األصول محل العقد بقصد تأجيرها إلى زبونها .فهناك
إذن ارتباط الزم وضروري بين عقد الشراء ،وعقد االئتمان أإليجاري حيث يشترك العقدان في
محل واحد ما دام أن األصول محل الشراء هي نفسها التي تؤجر في إطار عقد االئتمان
أإليجاري على أن هذا العقد األخير يتضمن من بين شروطه وعدا بالبيع.21
يقول األستاذ شامبو ،Champaudإن التحليل النظري لعقد االئتمان أإليجاري يظهر احتوائه
على خمس تقنيات أساسية على األقل تجتمع في عملية تعاقد واحدة وهي:
أ – وعد متبادل بين مؤسسة االئتمان أإليجاري والمقاولة باإليجار ،في مرحلة تكوين العقد.
ب – تفويض المشروع ،أي المقاولة في اختيار اآلالت والمعدات محل عقد االئتمان أإليجاري،
وتحديد أوصافها وأثمانها ،وموردها.
ه – عقد بيع متى أعلن المستأجر عن رغبته هذه في ذلك بعد انتهاء عقد اإليجار مباشرة.22
.Champaud de leasing, j.C.. 1965/1965 n°26/36 – 22تنص المادة الثانية على ما يلي ” :يفصل في المسائل التجارية بمقتضى قوانين
وأعراف وعادات التجارة أو بمقتضى القانون المدني ،ما لم يتعارض قواعده مع المبادئ األساسية للقانون التجاري
9
ثانيا – مقارنة عقد االئتمان أإليجاري مع بعض العقود المشابهة
إن عقد االئتمان أإليجاري يشبه إلى حد ما بعض العقود ،من ذلك مثال :
-عقد البيع أإليجاري أو إيجار البيع Location – venteفي كونهما ينتهيان إلى بيع في نهاية
المدة لكن عقد االئتمان أإليجاري يعطي للمكتري الحق في أن يصبح مالكا فيما بعد بمحض
اختياره ،في حين أن عقد اإليجار البيعي أو كراء البيع يحول المكتري إلزاميا إلى مالك ،كما
يختلف عنه أيضا في كون العقد األول تكون فيه مؤسسة االئتمان أإليجاري المكرية للشيء
المكترى وتقوم بشرائه خصيصا لهدا الغرض ,أما العقد الثاني فيكون المكري مالكا أصال
للشيء ،ومن هنا يمكن أن تكون األشياء المكتراة محل االئتمان أإليجاري مملوكة لنفس المكري.
-كمررا أن مررا يميررز عقررد االئتمرران أإليجرراري عررن عقررد البيررع هررو أن العقررد األول يقتصررر فرري أغلررب
األحيان على أموال وعتاد التجهيز للمقاوالت التي تعرف انطالقة جيردة ،وألغرراض صرناعية أو
تجاريررة ،بينمررا العقررد الثرراني يكررون عررام التطبيررق ،وال يقتصررر علررى أمرروال معينررة ،علررى أن أهررم
اختالف برين العقردين ،يكمرن فري كرون مؤسسرة االئتمران أإليجراري تظرل مالكرة للشريء طيلرة مردة
الكراء ويمكنها أن تسترده من المكتري ،إذا أخل بأداء الكراء ،أو تعرض للتصفية القضائية ،فري
حين أن األمر خالف ذلك في عقد البيع.
-ومن بين العقود التي تشبه عقد االئتمان أإليجاري ،ما يعرف بعقد التأجير التشغيلي أو الكراء
العادي المعروف في المصطلحات األنجلو أمريكية بعقد Rentingحيث يتم بمقتضى هذا العقد
إكراء األصول للقيام بعمل محددة ،ثم يقوم المكري باسترجاع األصول التي أكراها ليكرر
العملية بعد ذلك مع مكتري آخر .فهذا النوع األخير من التأجير ما هو إال عملية تجارية أكثر
منها عملية مالية ويتميز هذا النوع من التأجير عن غيره في كونه ال يسمح باستهالك رأسمال
المستثمر من قبل المؤجر ألن فترة التعاقد تغطي جزءا من العمل االفتراضي لألصل ،وال يوجد
خيار الشراء للمستأجر في نهاية مدة العقد.
عند تنظيم المشرع المغربي لعقد االئتمان أإليجاري لم يقرف عنرد الشرروط العامرة،مكتفيا باإلشرارة إلرى أن
عدم ذكر الشروط التي من شأنها أن تفضي إلى فسرخ العقرد أو تجديرده بطلرب مرن المكترري ،مرن شرأنه أن
يفضي إلى بطالن هذا لألخير ،من جهة ،ومن جهرة أخررى نجرده قرد ألمرح إلرى جرواز اشرتماله علرى كيفيرة
التسوية الودية للنزاعات التي يمكن أن تنشأ بين المتعاقدين ،ومن خالل هذه الفقرة سنتطرق إلرى الشرروط
العامة الموضوعية منها و الشكلية.
10
أوال :الشروط العامة لعقد االئتمان أإليجاري
الشروط الموضوعية أ)
يجب أن يكون موجود وإال يكون معيبا بعيب من عيوب الرضى كاإلكراه و التدليس و الغبن
األهلية )2
بالنسبة للمؤجر يجب أن يكون مرخص له من طرف وزير المالية نظرا لما يتطلبه هذا النوع من العمليرات
من أموال ضخمة.
أما بالنسبة للمستأجر فيتوجرب أن يتروفر علرى األهليرة القانونيرة الالزمرة لمباشررة التصررفات القانونيرة ،أمرا
كان شخصا معنويا فيجب أن يمثلره شخصرا طبيعيرا يتمترع بالصرالحيات الالزمرة إلبررام العقرود وفرق النظرام
القررانوني الررذي يخضررع لرره الشررخص المعنرروي المسررتأجر فيكفرري أن يتمتررع بأهليررة األداء الن فيكفرري أن يتمتررع
بأهليررة األداء الن االلتزامررات الناتجررة عررن عقررد االئتمرران أإليجرراري تنسررحب إلررى ذمررة الشررخص المعنرروي
المستأجر األصلي.
المحل )3
يقع عقد االئتمان أإليجاري على األموال المنقولة والعقارية ،ويجب أن تكون هذه األموال المشتراة بغررض
تأجيرها.
السبب )4
فيما يخص السبب فهو الذي من أجله يقوم المستأجر بالتزام عقد االئتمان أإليجاري و يجب أن يكون
مشروعا وغير مخالف للنظام العام.
الشروط الشكلية ب)
يعتبر عقد االئتمان أإليجاري من العقود الرضائية ،لكن من خالل المادة 442من مدونة التجارة اشترط
المشرع المغربي شهر عقد االئتمان أإليجاري ،ونتيجة لذلك فالكتابة ضرورة ألنه ال يمكن تصور شهر
بدون كتابة ،ولذلك سنتطرق فيما يخص شروط الشكلية شرطي الكتابة و الشهر.
الكتابة )1
من خالل المادة 433من مدونة التجارة التي نصت على تضمين عقود االئتمان أإليجاري تحت طائلة
البطالن الشروط التي يمكن فيها فسخ هذه العقود أ ,تجديدها ويستفاد من ذلك وجوب العقد مكتوب لكي،
وكذلك إلتمام عملية الشهر من اجل تدوين حقوق التزامات األطراف.
الشهر )2
11
خصص المشرع المغربي سبعة سواء مرن أالثنري عشررة لعمليرة الشرهر ،ويرتم شرهر االئتمران اإليجرار بنراءا
على طلب مؤسسة االئتمان في سجل مفتوح لهذه الغاية بكتابة ضبط التي تمسك السرجل التجراري مرع العلرم
أنره يجرب أن يشرهر إلرى تعرديل يمرس المعلومرات المقيرردة وتكرون كتابرة المختصرة هري تلرك التري يكرون فيهررا
المكري بسجل بصفة رئيسية بالسجل الممسوك من طرفها.23
و الغايرة مررن الشرهر هرري حمايرة الرردائنين و الغيرار ،و بتررالي فرال يمكررن أن يواجهروا بعقررد ائتمران إيجرراري لررم
يشهر ما لرم يثبرت صراحبه اإلدعراء أن الردائنين أو األغيرار علرى علرم بالعقرد و مضرمونه طبقرا لمرا جراء فري
المادة 440من مدونة التجارة ،وتتقادم التقييردات سرواء األصرلية أو المعدلرة بمررور بمررور خمرس سرنوات
من تاريخ إجرائها ،فعلى مؤسسة االئتمان أن تقوم بتجديد تلك التقييدات كل خمس سنوات لضرمان حقوقهرا
وهذا ما جاءت به المادة 438من مدونة التجارة .ويتم التشطيب على التقييدات من السجل الخاص إما بناء
على اتفاق األطراف و إدالئهم بهذا االتفاق لكاتب الضبط الماسك لسرجل التجراري أو بنراء علرى حكرم حرائز
قوة الشريء المقضري بره ،ويمكرن ألي شرخص أن يطلرب نسرخة أو مسرتخرجا مرن حراالت التقييردات و علرى
كاتب الضبط أن يسلمها له ،عالوة على ذلرك يفررض عقرد االئتمران علرى المسرتأجر أن يقروم بوضرع لوحرة
ظاهرة بشكل بارز على المعدات تشير أنها في ملكية المؤجر وذلك طيلة مدة الكراء.24
ثانيا :الشروط الخاصة لعقد االئتمان أإليجاري
تجدر اإلشارة هنا إلرى أن مدونرة التجرارة لرم تشرر إلرى نروع الشرروط التري يجرب أن يتضرمنها عقرد اإليجرار
االئتماني ،بل وقفت على أن عدم ذكر الشروط التي يمكن فيها فسخ هذا العقد أو تجديده بطلب مرن المتعاقرد
المكتري ،من شأنه أن يؤدي إلى بطالن العقد 25وعدم ورود الشروط في المدونة ،يفهم منه تررك المشررع
الحرية المطلقة لطرقي العقد في تحديد شروطه ،في إطار القانون مع عدم مخالفة النظام العام.
وبالنظر غلرى مجموعرة مرن العقرود النموذجيرة لمؤسسرات االئتمران أإليجراري سرواء المغربيرة أو الفرنسرية،
ورتأينا من باب الفائدة إعطاء فكرة عنها فيما يلي:
شروط ذات صلة بمؤسسة االئتمان أ)
تعهد مؤسسة االئتمان بشراء ما يحتاج له المستعمل و بالمواصفات التي طلبهرا ،إضرافة إلرى ذلرك تنصريص
في العقد على حماية حقوق ملكيتها ،وبتالي يكون لمؤسسة االئتمان الحق في المراقبة في أي وقت26
شروط ذات صلة بالمستفيد ب)
تنطوي بنود عقد االئتمان أإليجاري أيضا على شروط تخص المستفيد من الشيء المكترى ،نذكر منها
التزامه بضرورة شهر العقد ،وعدم توقفه عن أداء الوجيبة الكرائية في األجل المتفق عليه ،وفي المقابل يخول
المستفيد حق استعمال أحد الخيارات الثالثة وفق ما تم ذكره سابقا ،أي شراء الشيء ،أو رده إلى مؤسسة
االئتمان في نهاية عقد الكراء ،أو تجديد هذا األخير27.
12
الفقرة الثانية :مراحل إبرام عقد االئتمان أإليجاري
يمر عقد االئتمان أإليجاري بثالث مراحل أساسية البد منها لتكامل العقد و صحته ،وسنحاول تفسيرها
بالتطرق إلى كل مرحلة على حدة:
أ) المرحلة األولى
و التي يقوم فيها طالب االئتمان باالتصال بالمورد أو الممرول أو المنرتج قصرد تزويرده بالسرلع التجهيزيرة أو
المعدات أو اآلالت التي يحتاج إليها في مقاولته و يحدد معه المواصفات التقنية التي يرغب في توفرهرا فري
مررا سرريقوم باقتنائرره و يتفررق معرره علررى أجررل التسررليم و الررثمن .وكأنرره سيشررتري مررا ذكررر مررن مالرره الخ راص و
لفائدته ،في حين أن مؤسسة االئتمان أإليجاري في اختياره هذا وتنتظرر نترائج هرذه المفاوضرة لتقريرر قبرول
أو رفض التمويل.
ب) المرحلة الثانية
وتنحصر العالقة في هذه المرحلرة برين المسرتفيد و مؤسسرة االئتمران أإليجراري حيرث يتصرل بهرا و يعررض
عليهرا مرا يرغرب فيره مرن السررلع أو التجهيرزات و بعرد المناقشرة يرتم تهيرري ملرف يتضرمن فري أغلرب األحيرران
نوعين من المعلومات ،معلومات تنصب على التجهيزات المراد اقتنائها من طررف الطالرب و مردى المزايرا
التي يمكنه أن يحصل عليها من هذه العملية ،المعلومات الثانيرة تنصرب علرى شرخص الطالرب مرن مؤهالتره
المالية و مراجعة بنكية و قانونه المالي ،وتصميم التمويل و الحسابات الواجرب عليره تقرديمها عرن السرنوات
الثالث األخيرة لميزانيته ،للتأكد من جدوى العملية المطلوبة ،فإذا رفض طلبه ال يسرأل فري مواجهرة البرائع،
أما إذا وافقت فيبرم العقد بعد إطالع كل الطرفين على الشروط المضمنة به والتري هري فري غالرب األحيران
لفائدة المؤسسة مقدمة االئتمان.
المرحلة الثالثة ت)
و التي تنصب حول تنفيذ العقد بتوجيه مؤسسة االئتمان أإليجاري وصل طلب إلى الممول ،تبدي فيه رغبتها
في الشراء و تضمنه تسليم اآلالت إلى المستفيد بوصفه وكيال عنها ،وبمجرد توصل هذا األخير بوصل الطلب
يجب عليه إرسال التجهيزات للمستعمل الذي يوقع على محضر التسليم بوصولها إليه إلى جانب الممول ،وكذا
التأكد من جودتها و مطابقتها للمواصفات لمطلوبة وأن يخبر شركة االئتمان أإليجاري بذلك ،وتوجه الفاتورة
من طرف الممول إلى مؤسسة االئتمان أإليجاري التي تقوم بتحويل الثمن لحساب الممول دفعة واحدة أو على
أقساط تبعا لبنود العقد ،أما إذا تعلق األمر ببضائع أجنبية فإن المستفيد أو المستعمل هو الذي يتكلف بأداء
صوائر اإلجراءات الجمركية و اإلدارية ونقلها ،وترجع إليه من طرف المؤسسة التي تم الشراء في اسمها بعد
أن يدلي لها بالوثائق المثبتة لذلك.
13
معرض حديثنا في ( المطلب األول ) على أن نخصص ( الطلب الثاني ) لألحكام المتعلقة
بانقضاء عقد االئتمان أإليجاري.
إن اآلثار القانونية لعقد االئتمان أإليجاري تظهر في حقوق والتزامات الطرفين ومع الغير.
الفقرة األولى :إلتزامات مؤسسة االئتمان أإليجاري.
إذا رجعنا إلى القواعد العامة لعقد الكراء ،29فان المكري أي مؤسسة االئتمان أإليجاري يلتزم
بالتزامين اثنين ،وهما تسليم الشيء المكتري ،وضمان االنتفاع به ،باإلضافة إلى احترام خيار
الشراء بالنسبة للمكتري المستفيد من هذا النوع من الكراء ،وذلك في نهاية العقد.
أوال :أاللتزام بالتسليم
القاعدة في قانون االلتزامات والعقود تقول إن تسليم الشيء المؤجر يقع على عاتق المكري،
وبالتالي يجب أن تكون مؤسسة االئتمان أإليجاري هي الملزمة بتسليم ما تم اكتراؤه ،غير أن
عقود الليزينغ تنص على أن التسليم يقع على عاتق البائع ،حيث إن هذا األخير يسلم محل العقد
للمستفيد بشكل مباشر بالرغم من عدم وجود أية عالقة قانونية مباشرة بينهما ،وهذا التسليم
المباشر تبرره مصلحة جميع األطراف .فبهذه الطريقة يتم تفادي ضياع الوقت ،ويتم التأكد من
مطابقة الشيء المكتري للطلب والمواصفات التقنية المفترضة من طرف المستفيد بدال من أن
تستلمه شركة االئتمان التي ال تعنيها المسائل التقنية ،وتظل بعيدة عما قد يدور من إشكاالت
بمناسبة التسليم مقتصرة على دورها التمويلي البحث ،السيما وان المكتري هو من يختار السلعة
أو التجهيزات وغيرها.
والمستأجر حينما يستلم السلعة محل العقد من البائع فانه يفعل ذلك لحسابه الخاص كمكتري من
جانب ،وباعتباره وكيال للمشتري (مؤسسة االئتمان) من جانب آخر وهذه الوكالة التي يطلق
عليها الوكالة التبعية ،تشتمل إلى جانب القيام باإلجراءات اإلدارية الالزمة االنتفاع بالشيء
المكتري ،كما ويتم إثبات حصول التسليم ومطابقته لورقة الطلب وخلو المنقول من العيوب
الظاهرة بواسطة محضر تسليم يوقعه كل من المستفيد والبائع ،وعلى إثره تقوم شركة االئتمان
بعد توصلها بالمحضر المذكور بأداء الثمن مرة واحدة على أقساط متتابعة .
28رياض فخري ،اآلليات القانونية المميزة اعقد التاجير التمويلي ،دراسة تحليلية ،رسالة دون تاريخ ومكان النشر ص.3
29مقتضيات عقد االئتمان االيجاري المنصوص عليها بالقانون 15.95و القانون .103.12
14
ثانيا:أاللتزام بالضمان
طبقا للفصل 643من ظهير االلتزامات والعقود فإن الضمان الذي يلتزم به المكري للمكتري هو:
أوال االنتفاع بالشيء المكتري وحيازته بال معارض.
ثانيا استحقاق الشيء بدون عيوب تشوبه.
وإعمال هذا النص في حالة االئتمان أإليجاري يفضي إلى منح المستفيد في حالة وجود عيب في
الشيء المؤجر حق الرجوع على مؤسسة االئتمان أإليجاري من اجل ضمان العيب ،لكن الواقع
غير ذلك تماما ،بحيث يتضمن عقد االئتمان أإليجاري بندا يشترط إعفاء مؤسسة االئتمان بصفة
مطلقة من االلتزام بضمان العيوب ،مقابل نقل حقوقها في دعوى الرجوع بالضمان على البائع
للمكتري.
ثالثا :لاللتزام بخيار الشراء:30
تكمن ميزة عقد االئتمان أإليجاري على غيره من عقود الكراء األخرى ،في تمكين شركة التأجير
للمستأجر من أن يتملك في نهاية العقد المنقول المكترى ،بحيث له الحق في خيار الشراء،
فالشركة ملزمة ومنذ البداية بوعد (من جانبها فقط) بالبيع على خالف المكتري الذي هو غير
ملزم بإعمال خيار الشراء ،فبعد نهاية مدة اإليجار له ثالث خيارات:
-رفع خيار الشراء أي يمكنه االمتناع عن شراء الشيء المكترى.
-تمديد عقد الكراء.
-إرجاع الشيء المكترى إلى الشركة.
30هاني محمد دويدار ،االرض كموضوع للتمويل أإليجاري ،دار الجامعة الجديدة للنشر االسكندرية ،1999ص.143
31محمد حسين منصور ،اانظرية العامة لالئتمان ،دار الجامعة الجديدة للنشر ،االسكندرية ،2001ص.39
32محل العقد قد يكون منقوال أو عقارا.
15
تاريخ وضع الشيء المؤجر رهن إشارته حتى نهاية مدة العقد ،األمر الذي تترتب علية المسؤولية
الكلية عن األضرار التي تلحق بالغير وذلك طبقا لمسؤولية حارس الشيء المنصوص عليها في
الفصل 88من قانون االلتزامات والعقود ،كما يترتب عليه أيضا المسؤولية عن األضرار التي قد
تلحق بالشيء المؤجر وتؤدي إلى هالكه ،لذلك فان عقود االئتمان أإليجاري تنص على ضرورة
اكتتاب المستفيد لعقد تامين يغطي المسؤولية المدنية ويغطي كذلك إخطار السرقة والحريق.
وفي حالة حدوث أضرار بالمعدات فان شركة التأجير هي المستفيدة من التامين ،غير أن عقود
االئتمان أإليجار ي تميز بين حالة الهالك الجزئي والهالك الكلي ،ففي حالة الهالك الجزئي فانه
يجب على المكتري أما إصالح المعدات أو العمل على استبدالها وفق اختيار مؤسسة االئتمان،
وعلى ضوء ذلك تقوم المؤسسة بتمكين المستفيد من المبالغ التي توصلت بها من شركة التأمين و
في حالة عدم الكفاية فان المستفيد هو الذي يتحمل الفرق.
أما في حالة الهالك الكلي فيكون للمستفيد الخيار بين استبدال المعدات بأخرى مماثلة لها على
نفقته ويستمر العقد بنفس الشروط وإما بفسخ العقد مقابل أداء المستفيد لمبلغ يساوي قيمة الكراء
المتبقية إلى نهاية العقد ،على أن يصبح مالكا لحطام المعدات.
ثالثا:عالقة المستفيد 33بالمورد أو الممول
وتطرح في هذه العالقة استفسار حول المستعمل في تحركه ضد الممول ،حيث ال يدخل المستفيد
في هذه العالقة إال للتأكد من مواصفات الشيء المسلم في الوقت المتفق عليه ،إال انه قد يتحرك
ضد البائع إذا اخل بالتزاماته ويطالبه بفسخ عقد البيع .ففسر البعض هذه العالقة على أنها عقد
وكالة ،حيث تتضمن مؤسسة االئتمان أإليجاري في العقد شرطا يعفيها من الضمان وتحوله إلى
المكتري الذي يمكنه أن يقاضى المورد اعتماد على هذه الوكالة الصادرة عن المؤسسة.
وهذه الوكالة ال تستدعي قبولها من الممول ،وبالتالي يمكن أن نقول ؟أن هذه النظرية هي نظرية
معيبة لعدم شمولها مرحلة ما قبل التعاقد ،ولكون هذه الوكالة تعطي للمستفيد الصالحيات للتحرك
ضد البائع ،والتي قد تشكل خطورة بالنسبة لمؤسسة االئتمان أإليجاري.
رابعا :عالقة المستفيد بالغير
إن أثار عقد االئتمان أإليجاري ال تسري على أطرافه فقط بل تشمل حتى الغير الذين يتعاملون مع
المستفيد .حيث نص المشرع المغربي في المادة 436من مدونة التجارة على ضرورة شهر عقد
االئتمان أإليجاري المعرفة الغير بوجوده ،حيث كل العقود التي تتضمن خصائص االئتمان
وتتعلق بنشاط تجاري بصفة اعتيادية آو بصفة عرضية تستلزم اإلشهار وذلك حسب المادة 436
من مدونة التجارة ،إال أن المشرع لم يحدد تاريخا معينا إلجراء هذا اإلشهار .ويشار في سجل
اإلشهار هذا إلى أطراف العقد والمبلغ المالي موضوع االئتمان التجاري بهدف إعالم الجمهور
بالوضعية القانونية لمحل العقد م ع إمكانية الحصول على شهادات تثبت ذلك ،وهذا ما نصت علية
المادة 439من مدونة التجارة ،وتكون لهذه البيانات المسجلة الحجية القطعية .كما أن القيد في
السجل المخصص للعملية ال يتم إال بالمكان المسجل به في السجل التجاري للمستفيد ،أما بالنسبة
لغير المسجلين بالسجل التجاري فيتم القيد في المحكمة التي يمارسون فيها نشاطهم .كما نصت
16
المادة 442من مدونة التجارة على أنه وتجنبا لكل التباس لدى الغير الذي يتعامل مع المستفيد،
وجب وضع الفتة أو عالمة مميزة تشير ان هذه العين هي موضوع االئتمان أإليجاري ،وبالتاي
هي ملك لمؤسسة االئتمان أإليجاري.
عقد االئتمان أإليجاري عقد زمني ينتهي بانتهاء مدته،وغالبا ما ينص عند انتهائه على منح
المكتري ثالث خيارات 34إما شراء المال المكتري (أوال) ،أو تجديد عقد الكراء(ثانيا) أو إرجاع
األشياء المكتراة إلى مؤسسة االئتمان أإليجاري(ثالثا).
وهذه الخيارات من أهم الخصائص التي تميز عقد االئتمان أإليجاري وهذا ما نصت عليه المادة
43135من م .ت.
أوال :شراء المال المكترى
يختلف عقد االئتمان أ إليجاري عن الكراء العادي في كون هذا األخير يمنح للمكتري الحق في
تملك الشيء المكترى عند نهاية مدة العقد ،بمجرد إبداء المكتري لرغبته في ذلك.وبهذا يكون
للمكتري بعد انتهاء عقد االئتمان أإليجاري شراء الشيء محل العقد بثمن أقل من الثمن المدفوع
من لدن المؤسسة عند شرائها للشيء ،ومن هنا يمكن تطبيق القواعد العامة للبيع .36كما يجب
على المكتري الراغب في خيار الشراء إعالم المكري بذلك عن طريق رسالة مضمونة مع
اإلشعار بالتوصل شهرين قبل انتهاء المدة المتفق عليها مع أدائه للقيمة المتبقية عليها وأن يكون
قد نفذ بشكل كامل كل االلتزامات الواردة عليه.
لكن يبقى هناك إشكال مطروح حول الوضع في حالة ما إذا أراد المستفيد وضع حد لعقد الكراء
وتملك الشيء قبل الوقت المتفق عليه؟
34محمد الكشبور :عقد االئتمان أإليجاري ،مقال منشور بمجلة المحامين العدد ،6ص.128
35يعد عقد ائتمان إيجاري وفق مقتضيات المادة 8من الظهير الشريف رقم 93-1-147الصادر في 15من محرم 6( 1414يوليو )1993
المعتبر بمثابة قانون يتعلق بنشاط مؤسسات االئتمان ومراقبتها :
-1كل عملية إكراء للسلع التجهيزية أو المعدات أو اآلالت التي تمكن المكتري كيفما كان تكييف تلك العمليات من أن يتملك في تاريخ يحدده مع
المالك كل أو بعض السلع المكراة لقاء ثمن متفق عليه يراعي فيه جزء على األقل من المبالغ المدفوعة على سبيل الكراء (االئتمان اإليجاري
للمنقول) ؛
-2كل عملية إكراء للعقارات المعدة لغرض مهني ،تم شراؤها من طرف المالك أو بناها لحسابه ،إذا كان من شأن هذه العملية كيفما كان تكييفها أن
تمكن المكتري من أن يصير مالكا لكل أو بعض األموال المكراة على أبعد تقدير عند انصرام أجل الكراء (االئتمان اإليجاري العقاري).
36حياة مجدوب ،فاطمة بوكريم :االئتمان اإليجاري بين الفقه والقضاء .بحث نهاية التدريب بالمعهد العالي للقضاء سنة .2002-2004
17
الجواب على هذا السؤال الذي لم ترد بشأنه مقتضيات قانونية يستدعي الرجوع إلى القواعد
العامة وهو أن المستفيد إذا فضل هذا الحل يكون ملزما بأداء جميع األقساط المستحقة عن ثمن
تملك الشيء موضوع العقد لكون المؤسسة عند توظيفها للمبالغ المالية التي اشترت بها الشيء
راعت في ذلك استرجاع الرأسمال والربح ،ومادام المستفيد قد فضل هذا الخيار فإن مصالحها
سوف تتضرر إذا لم تسترجع الثمن وهامش الربح المتمثل في الكراء المتفق عليه طيلة مدة
الكراء.
ثانيا :تجديد عقد الكراء
يمكن للمكتري إلى جانب خيار الشراء إعمال خيار آخر والمتمثل في تجديد عقد الكراء بعد
انتهائه ،وهذا ما نصت عليه المادة 433من م.ت التي جاء فيها " تنص عقود االئتمان أإليجاري
،تحت طائلة البطالن ،على الشروط التي يمكن فيها ...وتجديدها بطلب من المتعاقد المكتري
كما تتضمن تلك العق
ود كيفية التسوية الودية للنزاعات الممكن حدوثها بين المتعاقدين" ،إال أن القانون الفرنسي لم
ينص على ضرورة تضمين العقد لشروط التجديد بل اقتصر على فرض هذا االلتزام بالنسبة
لشروط الفسخ وحدها وبذلك يكون المشرع المغربي أعطى للمستفيد حماية أكثر من نظيره
الفرنسي.
وفي حالة تجديد عقد الكراء فإن العقد ال يعود عقد ائتمان إيجاري بل يصير عقد كراء عادي،
كما أن ثمن الكراء يكون أقل من ذلك المطبق في عقد االئتمان أإليجاري األول مراعاة المتالك
المال موضوع الكراء والقيمة المسبقة.
ثالثا :إرجاع المنقول المؤجر إلى مؤسسة االئتمان أإليجاري
يتضح هذا الخيار في حالة عدم إبداء المكتري رغبته في شراء المال المكترى وال في تجديد
عقد الكراء بينه وبين مؤسسة االئتمان أإل يجاري مما يجعله ملزم بإرجاع األشياء المكتراة عند
نهاية المدة األولى من الكراء غير قابلة للتغير إلى مؤسسة االئتمان في حالة صيانة جيدة
واستخدام عادي ،وإذا تبين أن هذه األشياء في وضعية سيئة نتيجة االستخدام المفرط الذي
يتجاوز الحد الطبيعي فإن المكتري ملزم بتعويض مؤسسة االئتمان ،وفي حالة التأخير فإن
المكتري ملزم حسب عقود االئتمان أإليجاري بأداء التعويض بعد معاينة األضرار وسببها
ويتحمل المكتري مصاريف اإلرجاع ،وبل ويمكن عند االقتضاء اللجوء إلى القضاء
اإلستعجالي 37للمحكمة التجارية للمقر االجتماعي لمؤسسة االئتمان أإليجاري أو المكان
المتواجد فيه المنقول.
ويطرح خيار اإلرجاع إشكال متعلق بمصاريف اإلرجاع ،فإذا اختار المشرع المغربي الوقوف
على مسافة واحدة من طرفي العقد عمال بمبدأ سلطان اإلرادة فإن مؤسسات االئتمان أإليجاري
اتجهت نحو تحميل المستفيد مصاريف اإلرجاع وهو ما يمكن اعتباره إجحافا في حق هذا
األخير ،لدى كان الزما على المشرع المغربي حماية للطرف الضعيف في العقد أن يحمل كال
من المستفيد ومؤسسة االئتمان مصاريف اإلرجاع مناصفة بينهما.
37نورة غزالن الشنيوي :العقود الخاصة المدنية والتجارية مع أخر المستجدات ،الطبعة األولى .2016/1437ص .509
18
والفقه يجمع على أن خيار اإلرجاع يعتبر هو الخيار األكثر سواء بالنسبة للطرفين معا ،فالبنسبة
للمكتري فإن مصاريف اإلرجاع وما قد يطالب به من تعويض جراء االستخدام المفرط لآلالت
سيتجاوز بكثير القيمة التي يحددها العقد من اجل إعمال خيار الشراء ألجل تطبيق خيار التملك
لفائدة مصالحه،أما بالنسبة للمكري فإن اإلرجاع يؤدي إلى تحمله اللتزام يتعارض ويتنافى مع
نشاطه نظرا لكونها مؤسسة تمويل وليس مقاولة كراء ونتيجة لذلك فإن اإلرجاع يفرض عليه
التوفر على محالت للتخزين.
إن ابرز خاصية لعقد االئتمان أإليجاري انه من العقود الملزمة للجانبين إذ انه يمنح للمتعاقدين
طلب فسخ العقد إذا امتنع المتعاقد اآلخر عن تنفيذ التزامه تطبيقا لما يسمى بالشرط الفاسخ
الضمني طبقا للمادة 259من ق.ل.ع ،وعليه سوف نتطرق لكل من فسخ عقد االئتمان
أإليجاري من طرف مؤسسة االئتمان أإليجاري (أوال) وفسخ عقد االئتمان أإليجاري بناء على
طلب المكتري (ثانيا).
أوال :فسخ عقد االئتمان أإليجاري من طرف مؤسسة االئتمان أإليجاري
لكون عقد االئتمان أإليجاري يعتمد على االعتبار الشخصي ،إذ أن مؤسسات االئتمان أإليجاري
ال تقوم بإبرام العقد مع طالب االئتمان أإليجاري إال بعد التأكد من كفاية الضمانات التي يقدمها ،
ولهذا االعتبار فإن هذه المؤسسات تطالب بفسخ عقد االئتمان أإليجاري إذا أخل المستأجر بأحد
االلتزامات العقدية أو في حالة عجزه عن تحمل ما يثقله به العقد من أعباء مالية ،وفي هذا
الصدد نصت المادة 435من م.ت على أنه" في حالة عدم تنفيذ المكترى اللتزاماته التعاقدية
المتعلقة بأداء المستحقات الناجمة عن االئتمان أإليجاري الواجبة األداء ،فإن رئيس المحكمة
مختص بصفته قاضيا للمستعجالت لألمر بإرجاع العقار بعد معاينة واقعة عدم األداء وال يلجأ
إلى المسطرة موضوع الفقرة األولى إال بعد استنفاذ كل الوسائل الودية المشار إليها في المادة
433إلنهاء النزاع".
وال يمكن اللجوء إلى الفسخ إال عند فشل محاولة التسوية الودية وإرسال إشعار إلى المكتري
بضرورة تنفيذ التزامه داخل أجل ثمانية أيام ،وفي هذا الصدد سنورد ملخصا لألمر صادر عن
المحكمة التجارية بالدار البيضاء 38حيث أبرمت " شركة " إكدوم" مع مخلص العياشي عقدا
ائتمان إيجاري انصب على شراء ناقلة من نوع " إكسبريس" ألن السيد المذكور تماطل عن أداء
أقساط الكراء الواجبة ألداء مما دفع بشركة إكدو على اللجوء إلى القضاء الستيفاء حقها بعدما
قامت المدعية بإنذار المدعى عليه لكن بدون جدوى .ولقد صدر لها عن المحكمة التجارية
بالدار البيضاء بتاريخ 2006/12/12أمر يقضي باسترجاع الناقلة من نوع رونو إكسبرس
وبيعها بالمزاد العلني وتمكين المدعية من دينها أصال وفوائد ومصاريف وإن بقي زائد يسلم
للمدعى عليه.
38أمر صادر عن المحكمة التجارية بالدار البيضاء رقم 1998بتاريخ .06/ 12 / 12
19
إضافة إلى ملخص لقرار صادر عن محكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء 39مؤداه أن
شركة دياك ليزنيك أبرمت مع السيد عبد النبي قسام عقد ائتمان إيجاري إال أن السيد المذكور
تماطل عن أداء الواجبات المستحقة رغم إنذاره من طرف المدعية مما دفع بدياك ليزينك للجوء
إلى القضاء الستيفاء حقها وقد صدر لها حكم عن المحكمة التجارية بالدار البيضاء بتاريخ
2001/07/24يقضي بأداء السيد عبد النبي قسام مبلغ 33.132.00درهم لفائدة شركة دياك
ليزينك باإلضافة إلى الفوائد القانونية ،استأنف المدعى عليه الحكم المذكور واستند في طعنه
أنها تارة تحدد تاريخ الحلول في 2000/06/10وتارة أخرى تحدد تاريخ األداء في
2001/17/04وان المستأنف عليها لم تدل بإثبات حول المدة التي توقف فيها الدفع والتمس
إلغاء األمر باألداء وتحميل المستأنف عليها الصائر.
غير أن مسعى المستأنف لم يكلل بالنجاح وذلك ألن المستأنف عليها أجابت بمذكرة عرضت فيها
بأن األمر باألداء صادف الصواب وحيث أن المستأنف لم يدل بأي تعقيب حول المذكرة الجوابية
وتبعا لذلك اعتبرت المحكمة أن األساليب المعتمدة في االستئناف غير مرتكزة على أساس
فقضت برده وتأييد الحكم المستأنف.
كما يمكنها فسخ العقد عند وجود إخالالت أخرى كعدم أداء أقساط التأمين استعمال التجهيزات
في غير الغرض المخصصة له ،40عدم احترام تاريخ التسليم المبين في الطلب ...غير أنه في
هذه الحاالت فإن مؤسسات االئتمان ال تكون ملزمة بسلوك ونهج مسطرة الوسائل الودية بل
يكفيها توجيه إنذار للمكتري في جميع حاالت اإلخالل بالتزاماته.
ثانيا :فسخ عقد االئتمان أإليجاري بناء على طلب المكتري
قد يفضل المكتري في بعض األحيان وضع حد للعقد الرابط بينه وبين شركة االئتمان أإليجاري
تطبيقا لما يسمى بالشرط الفاسخ الضمني وفسخ العقد إما أن يكون إتفاقيا أو قضائيا.41
فعقود االئتمان أإليجاري تنص حسب المادة 433من مدونة التجارة تحت طائلة البطالن على
الشروط التي يمكن فيها فسخها وتجديدها بطلب من المتعاقد المكتري بحيث أصبح واجبا إدراج
شرط التقابل في العقد وكذلك االتفاق على الشروط التي يكون فيها للمكتري أن يطلب فسخ العقد
بإرادته المنفردة وإال اعتبر العقد باطال42 .و فسخ العقد بسبب إخالل الشركة مقدمة االئتمان
أإليجاري بالتزاماتها التعاقدية هو ما يخول حق المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي لحقه إال
أن مؤسسة االئتمان أإليجاري غالبا ما تقيد هذا الحق بمجموعة من الشروط كاشتراط مرور مدة
زمنية معينة على إبرام العقد ،و تلزمه بإشعارها خالل األجل المتفق عليه في العقد أو تفرض
عليه أن يقدم مستفيدا جديدا يحل محله في كل االلتزامات باإلضافة إلى إلزامه على االستمرار
قرار صادر عن محكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء قرار رقم 2002/2767بتاريخ .2002/10/21 39
40م.س :نورة غزالن الشنيوي ،ص 512
41محد الشرقاني :نظرية العقد – دراسة في قانون االلتزامات والعقود وأحكام القضاء والتشريع المقارن – المنشورات الجامعية المغربية الطبعة
األولى ، 1996ص .79
42عقد االئتمان االيجاري –دراسة عملية :-حسن الحجون ،بحث نهاية فترة التدريب بالمعهد الهالي للقضاء ،سنة ،2009/2007ص .53
20
على أداء الكراء المستحق إلى حين إبرام شركة االئتمان أإليجاري العقد مع المستفيد الجديد
الذي حل محل القديم أي أن استعمال المستفيد لهذا الحق يكاد يستحيل عليه لكثرة هذه الشروط
المعرقلة لتنفيد الخيار.
وعقود االئتمان أإليجاري بصفة عامة تفرض على المكتري التزامين أساسيين في حالة فسخ
العقد أولهما هو إرجاع التجهيزات المكتراة ،وثانيهما هو أداء تعويض يكون مبلغه مساويا لقيمة
األقساط إلى نهاية العقد وذلك في حالة الفسخ الراجع للمستأجر ،و تجدر اإلشارة إلى أن فسخ
العقد يؤدي بالضرورة إلى إنهاء عقد االئتمان أإليجاري .
21
خاتمة
االئتمان أإليجاري تقنية تمويلية متعددة الصور تقوم ،في أبرز صورها مؤسسة مالية بشراء
معدات أو أدوات أو حتى عقار( رغم أن هذا األخير يمثل نسبة ضئيلة مقارنة باالئتمان أإليجاري
للمنقول) لفائدة مقاولة تتسلم محل العقد من أجل استغالله لمدة معينة مقابل كراء يؤدى بصفة
دورية خالل هذه المدة التي تبقى فيها مؤسسة التمويل مالكة للمنقول شريطة تقديمها للمقاولة
وعدا من جانب واحد ببيع العين محل العقد ،وذلك بعد انتهاء المدة المحددة لقاء ثمن محدد مسبقا
يسمى القيمة الباقية.
ومن خالل كلل هذا يمكن اعتبار االئتمان أإليجاري ،ابتكارا و تأصيال في ميدان االئتمان
التجاري دعت إليه حاجات المقاوالت الملحة للمال وكذلك التطور العلمي والتكنولوجي الذي
عرفه العالم (في المجال االقتصادي عموما ،والتجاري خصوصا) في الوقت الذي عجز فيه
التمويل الذاتي ،ونظام القروض التقليدية على مواجهة هذه المعضلة.
أما من الناحية القانونية ،فمدونة التجارة لم تأت بجديد بخصوص االئتمان أإليجاري ،إال أن
القانون البنكي لسنة 1993كرس مفهوم االئتمان أإليجاري على انه منتج تقدمه المؤسسات
البنكية وكذلك مؤسسات التمويل.
كما أن القانون رقم 103.12تضمن منتجا آخر شبيه لالئتمان أإليجاري في صيغة منتج تشاركي
تقدمه المؤسسات البديلة والتي تتبنى التمويل اإلسالمي ،ونقصد هنا عقد اإليجار المنتهي بالتمليك.
وهنا نطرح التساؤل التالي ها هذا العقد ستسري عليه نفس مقتضيات االئتمان أإليجاري؟ أم أنه
سيخضع للقانون 51.00وهنا نص بالذكر العين العقارية؟ أم أن المشرع المغربي سيأتي
بمقتضيات مكملة لما جاء به القانون 103.12ومناشير والي المغرب؟
22
الئحة المراجع :
محمد الشرقاني :نظرية العقد – دراسة في قانون االلتزامات والعقود وأحكام القضاء
والتشريع المقارن – المنشورات الجامعية المغربية الطبعة األولى . 1996
عبد السالم الوهابي عقد االئتمان أإليجاري للمنقول في القانون المغربي الندوة الرابعة
للعمل القضائي والبنكي ،الطبعة االولى يناير.
محمد برادة غزيول :عقد االئتمان اإليجاري على المنقوالت بين الفقه والقضاء
الطبعة األولى .1998 – 1419
نورة غزالن الشنيوي ،العقود التجارية بالمغرب بين الممارسة التشريعية والممارسة
العملية ،سلسلة :نافذة على العقود التجارية العدد األول ،الطبعة الثانية ،2012مكتبة
قرطبة حي السالم ،أكادير.
نورة غزالن الشنيوي :العقود الخاصة المدنية والتجارية مع اخر المستجدات ،الطبعة
االولى .2016/1437
محمد حسين منصور ،اانظرية العامة لالئتمان ،دار الجامعة الجديدة للنشر،
االسكندرية .2001
هاني محمد دويدار ،االرض كموضوع للتمويل االيجاري ،دار الجامعة الجديدة للنشر
االسكندرية .1999
Med Ali mekouar : le contrat de crédit – bail sans la pratique marocaine Revue
juridique, Economique et social RABAT n°2 – 1977.
:المجالت
المختار بكور ،قراءة اتفاقيات المعهد الدولي لتوحيد القانون الخاص االيجاري
الدولي ،المجلة المغربية لقانون واقتصاد التنمية ،عدد . 1994 – 34
23
رياض فخري,عقد االئتمان أإليجاري بين مدونة التجارة والقانون المنظم لمؤسسات
أالئتمان|،مجلة الحقوق المغربية ،العدد السادس ،السنة الثالثة ،اكتوبر.2008
محمد الكشبور “االئتمان أإليجاري … مجلة المحامون،ـ للبيئة المحامين بأسفي عدد
.1998 ،6
:األطروحات والرسائل
جميلة جوالي :االئتمان أإليجاري للمنقوالت بالمغرب ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات
العليا المعمقة في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية
الرباط أكدال .1999 – 1998
رياض فخري ،االليات القانونية المميزة اعقد التاجير التمويلي ،دراسة تحليلية،
رسالة دون تاريخ ومكان النشر .
حياة مجدوب ،فاطمة بوكريم :االئتمان اإليجاري بين الفقه والقضاء .بحث نهاية
التدريب بالمعهد العالي للقضاء سنة .2004-2002
عقد االئتمان االيجاري –دراسة عملية :-حسن الحجون ،بحث نهاية فترة التدريب
بالمعهد العالي للقضاء ،سنة .2009/2007
المدونات:
مدونة التجارة :ظهير 15ربيع االول 1- 1417غشت .1996
قانون االلتزامات والعقود.
24
الفهرس
المقدمة 1 ............................................................................................................................................
المبحث األول :ماهية عقد االئتمان أإليجاري 4 ..............................................................................................
المطلب األول :مفهوم عقد االئتمان أإليجاري 4 .........................................................................................
الفقرة األولى :تعريف وخصائص عقد االئتمان أإليجاري 4 .......................................................................
الفقرة الثانية :طبيعة عقد االئتمان أإليجاري ومقارنته ببعض العقود المشابهة9 .............................................. .
المطلب الثاني :شروط عقد االئتمان أإليجاري و مراحله 10 .........................................................................
الفقرة األولى :شروط عقد االئتمان أإليجاري 10 ....................................................................................
الفقرة الثانية :مراحل إبرام عقد االئتمان أإليجاري 13 .............................................................................
المبحث الثاني :أثار عقد االئتمان أإليجاري و انقضائه13 .................................................................................
المطلب األول :أثار عقد االئتمان أإليجاري 14 ..........................................................................................
الفقرة األولى :إلتزامات مؤسسة االئتمان أإليجاري14 .............................................................................
الفقرة الثانية :التزامات المستفيد 15 ....................................................................................................
المطلب الثاني :انقضاء االئتمان أإليجاري 17 ...........................................................................................
الفقرة األولى :انقضاء االئتمان أإليجاري بانتهاء المدة المتفق عليها 17 .........................................................
الفقرة الثانية :انقضاء العقد قبل انتهاء مدته19 .......................................................................................
خاتمة 22 ...........................................................................................................................................
25