Professional Documents
Culture Documents
ُتعرف الحضارة اإلسالميّة على أنها حضارة ناتجة عن تفاعل ال ّشعوب وثقافاتهم التي دخلت
ً
منتسبة له ،أو مص ّدقة ً
مؤمنة باإلسالم أو تحت راية اإلسالم ،سواء كانت تلك ال ّشعوب
ومعتقدة به .وللحضارة اإلسالميّة نوعان؛ ال ّنوع األول وهو ما يُعرف بحضارة اإلبداع
ٌ
أصيلة ،يعد ال ّدين اإلسالمي مصدرها الوحيد ،أما ال ّنوع والخلق ،وهي حضارةٌ إسالمي ٌّة
الثاني وهو ما يطلق عليه اسم حضارة اإلحياء والبعث ،والّتي قام المسلمون فيها بتحسين ّ
وتطوير الفكر البشري عن طريق تجاربهم الّتي قاموا بها.
بداية الحضارة اإلسالميّة كانت منذ عهد ال ّنبوّ ة (11 -1هـ) ،واستمرّ ت الحضارة اإلسالميّة
في تطوّ رها وازدهارها في عهد الخلفاء الرّ اشدين (40 -11هـ) ،وكان للدوّ لة األمويّة (41
ٌ
واضحة في تطور وازدهار الحضارة اإلسالميّة وتوسّعها في إفريقيا 132 -هـ) آثا ٌر
واألندلس (البرتغال،وجنوب فرنسا ،وإسبانيا) ،وح ّتى العصر العباسي (656 -132هـ)،
وعصر المماليك (922 -648هـ) ،وكذلك العهد العثماني ،فقد استمرّ ت الحضارة اإلسالميّة
بال ّتوسّع واستمرّ تأثيرها في ش ّتى بقاع األرض
ظهر في النصف الثاني من القرن الثالث الهجري/التاسع الميالدي واحد من أهم وأعظم
أطباء الحضارة اإلسالمية في القرون األربعة األولى ،هذا الطبيب هو أبو بكر محمد بن
زكريا الرازي ،ولد الرازي بالري بالقرب من طهران سنة 250هـ864/م وقد توفي في
بغداد في شعبان 313هـ925/م
نشأ الرازي محبا للعلم ،مشهورا بالذكاء والفطنة ،وقد شهد عدد من المستشرقين
الغربيين ببراعة الرازي ،ودائما ما يصفونه بـ ( ،)Rhazesقال عنه ستابلتون
اإلنجليزي بأنه "بقي بال ن ّد حتى بزوغ فجر العلم الحديث بأوروبا" ،وعلقت مدرسة
الطب بباريس صورة ملونة للرازي إلى جانب ابن سينا وابن رشد ،وخصصت جامعة
برنستون األميركية أفخم ناحية في أجمل مبانيها لعرض مآثره
درس الرازي الطب ،وعمل في بيمارستان بلده الري ،وجاء إلى بغداد ثم أشرف على
بناء البيمارستان العضدي ،وفي قصة بناء هذا المستشفى الكبير في بغداد ما يُدلل على
ذكاء الرازي ،حيث سأله عضد الدولة األمير البويهي عن أفضل المواضعـ لبناء هذا
المستشفى ،فأمر الرازي "بعض الغلمان أن يُعلق في كل ناحية من جانبي بغداد شقة
لحم ،ثم اعتبر التي لم يتغيّر فيها اللحم بسرعة فأشار بأن يبنى في تلك الناحية ،وهو
الموضع الذي بني فيه البيمارستان ،وهذا دليل على ذكاء الرازي ،فهذا المكان كان
أفضل مواضع بغداد في نقاء الهواء وجودته واعتداله ،وهي عوامل غاية في األهمية
لعالج المرضى أصحاب المناعات الضعيفة.
خاتمة
شملت الحضارة اإلسالميّة مختلف الجوانب الماديّة والمعنويّة ،وكرست نفسها لتسهيل
التق ّدم والتطوّ ر؛ ح ّتى قيل فيها إنه ال توجد حضارة في الوجود ق ّدمت للبشرية ما ق ّدمته
الحضارة اإلسالميّة.