You are on page 1of 155

‫جامعة منتوري قسنطينة‬

‫كلية العلوم اإلنسانية والعلوم االجتماعية‬

‫التكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال‬


‫( ‪) NTIC / NICT‬‬

‫أ‪ .‬د‪ .‬فضيل دليو‬

‫‪2008-2007‬‬ ‫السنة الجامعية‪:‬‬


Aux
Tontons flingueurs du temps
« Ahmed et Nassera »

2
‫فهرس المحتويات‬

‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬
‫‪07‬‬ ‫مقدمة‬
‫‪11‬‬ ‫تمهيد‪ :‬مستويات االتصال التحليلية‬
‫‪13‬‬ ‫أوال) مفاهيم أولية‪ :‬التكنولوجيا‪ ،‬اإلعالم واالتصال‪ ،‬تكنولوجيا اإلعالم‬
‫واالتصال‪ ،‬التكنولوجيا الجديدة لإلعالم واالتصال‪.‬‬
‫‪27‬‬ ‫ثانيا) التطور التاريخي لوسائل االتصال وتطبيقاتها التقنية‪ :‬من‬
‫الوسائل التقليدية إلى التكنولوجيات الجديدة (عرض تصنيفي)‪.‬‬
‫‪38‬‬ ‫ثالثا) المبادئ التقنية للتكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال‬
‫‪45‬‬ ‫رابعا) تصنيفات التكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال‬
‫‪53‬‬ ‫خامسا) استعماالت التكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال‬
‫‪59‬‬ ‫سادسا) آثار ومخاطر التكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال‬
‫‪65‬‬ ‫سابعا) أهم مجاالت تطبيق التكنولوجيات الجديدة إلعالم واالتصال‬
‫‪80‬‬ ‫ثامنا) التكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال‪ :‬إشكاليات معاصرة‬
‫‪104‬‬ ‫تاسعا) التكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال‪ :‬آفاق ورهانات‬
‫‪128‬‬ ‫ملحق معجمي بأهم المصطلحات األجنبية‬
‫‪132‬‬ ‫القائمة العامة للمراجع‬

‫‪3‬‬
‫فهرس الجداول واألشكال‬

‫الصفحة‬ ‫عنوان الجدول‬ ‫الرقم‬


‫‪19‬‬ ‫التعريفات الجديدة لـ"تكنولوجيا اإلعالم واالتصال" (‪)TIC‬‬ ‫جدول (‪)1‬‬
‫‪36‬‬ ‫سرد تاريخي بأهم األحداث في عالم االتصال‬ ‫جدول (‪)2‬‬
‫‪47‬‬ ‫تصنيف أنواع "ت‪ .‬إ‪ .‬ا‪ ".‬مع أمثلة عن كل نوع‬ ‫جدول (‪)3‬‬
‫‪52‬‬ ‫الترتيب العالمي للتجمعات االتصالية الكبرى‬ ‫جدول (‪)4‬‬
‫‪56‬‬ ‫نسبة مستعملي "ت‪.‬إ‪.‬ا‪ ".‬في دول االتحاد األوروبي عام ‪2006‬‬ ‫جدول (‪)5‬‬
‫‪89‬‬ ‫مؤشرات استعمال "ت‪.‬إ‪.‬ا‪ ".‬في بعض دول الشمال والجنوب‬ ‫جدول (‪)6‬‬
‫‪92‬‬ ‫مؤشر نصيب الفرد من وسائل المعلومات واالتصال في العالم‬ ‫جدول (‪)7‬‬
‫العربي‬
‫‪98‬‬ ‫بعض الخصائص الديمغرافية المتوقعة لسكان العالم عام‪2025‬‬ ‫جدول (‪)8‬‬
‫‪99‬‬ ‫تطور طلبة الدراسات العليا (‪ 24-20‬سنة) باآلالف‬ ‫جدول (‪)9‬‬
‫‪99‬‬ ‫جدول (‪ )10‬من االنترنت التقليدي إلى الجيل الجديد‬

‫عنوان الشكل‬
‫‪33‬‬ ‫الدورات التطورية لإلعالم في الغرب‬ ‫شكل (‪)1‬‬
‫‪50‬‬ ‫احتماالت الجمع بين المهن المرتبطة بـ"ت‪.‬إ‪ .‬ا" وغيـر المرتبطـة‬ ‫شكل (‪)2‬‬
‫بها‬
‫‪69‬‬ ‫مكونات اقتصاد تكنولوجيا اإلعالم واالتصال لعام ‪2002‬‬ ‫شكل (‪)3‬‬
‫‪85‬‬ ‫الفجوة بين إفريقيا واليابان لعام ‪2002‬‬ ‫شكل (‪)4‬‬
‫‪86‬‬ ‫فجوة الهاتف داخل الواليات المتحدة (‪ )2002‬حسب مؤشرات‬ ‫شكل (‪)5‬‬
‫اجتماعية‪ ،‬ديمغرافية واقتصادية‬
‫‪86‬‬ ‫استهالك ورق الصحف (‪)1994-1970‬‬ ‫شكل (‪)6‬‬
‫‪87‬‬ ‫تق ــدير ع ــدد س ــحب اليومي ــات (ك ــل ‪ 100‬س ــاكن) مقارن ــة بنس ــبة‬ ‫شكل (‪)7‬‬
‫األمية (‪)1994،‬‬

‫‪4‬‬
‫‪87‬‬ ‫تقدير عدد أجهزة التلفزيون لكل ‪ 1000‬ساكن (‪)1994-1970‬‬ ‫شكل (‪)8‬‬
‫‪88‬‬ ‫تطور الفجوة الرقمية مابين الدول المتقدمة والدول النامية‬ ‫شكل (‪)9‬‬
‫(‪)2002-1992‬‬
‫‪91‬‬ ‫يقارن بين مصادر التوقعات واالحتماالت النسبية لوقوعها‬ ‫شكل (‪)10‬‬
‫‪94‬‬ ‫تطور القوة العاملة في الدول المصنعة‬ ‫شكل (‪)11‬‬
‫‪94‬‬ ‫تطور التواصل بـ"الصوت" أو بـ"البيانات" عبر الشبكات‬ ‫شكل (‪)12‬‬
‫‪95‬‬ ‫نسبة النمو السنوية لسكان العالم (‪)2100-1700‬‬ ‫شكل (‪)13‬‬
‫‪95‬‬ ‫نمو سكان العالم (‪)2100-1950‬‬ ‫شكل (‪)14‬‬

‫‪5‬‬
6
‫مقدمة‬

‫بسم هللا الرحمن الرحيم والصالة والسالم على أشرف المرسلين وبعد‪،‬‬

‫يختلف علماء االجتماع في تقييمهم لقدرة التقنيات على تحويل المجتمع‪ .‬فمنهم‬
‫من يرى أن المجتمع هو منشأ التقنية واإلنسان صانعها‪ ،‬ومنهم من يرى أن المحيط‬
‫التقني هو منتج التجمعات البشرية ومحدد أشكالها‪ .‬ورغم ذيوع الرأي األول لكون اإلنسان‬
‫هو فعال مبدع ومحرك التقنية‪ ،‬والتي‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬لن يكون لها وجود تاريخي وال‬
‫تعمير معتبر دون تبن اجتماعي وجماعي لها‪ ،‬فإنه ال يمكن إغفال البعد الحدثي المقدر‬
‫لبعض المستحدثات والمخترعات التقنية‪ :‬تفاحة الجاذبية‪ ،‬المحرك االنفجاري‪ ...‬والتي‬
‫أنتجت تحوالت اجتماعية‪ ،‬اقتصادية‪ ،‬سياسية وثقافية معتبرة‪.‬‬

‫وعلى كل يجب الفصل بين التقنيات العادية والتقنيات التي أحدثت ثورات‬
‫اجتماعية حقيقية قلبت التنظيمات االجتماعية بتفريعاتها المختلفة رأسا على عقب‪ .‬وتعتبر‬
‫"التكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال" (‪ )NTIC‬إحداها‪ ،‬حيث أدت إلى ظهور ما‬
‫يسمى بمجتمع المعلومات‪ ،‬والذي أدى بدوره إلى ظهور فضاءات اصطناعية‪-‬افتراضية‬
‫تجاوزت حدود الفضاءات الحضرية واالقتصادية والسياسية التقليدية‪ .‬فانتقلت بذلك الكثير‬
‫من األنشطة الخاصة بالحياة الحضرية والنشاط االقتصادي والتعليمي إلى فضاء الشبكات‬
‫الرقمية متسببة في ظهور وظائف مجتمعية جديدة وتحول أو اختفاء بعضها اآلخر‪ .‬وهو‬
‫األمر الذي يعيد إلى األذهان حداثة اهتمام الدراسات اإلنسانية بأثر "التكنولوجيات الجديدة‬
‫لإلعالم واالتصال" على الفضاءات المجتمعية المختلفة‪ :‬شكال ومضمونا‪ ،‬محليا ودوليا‪،‬‬
‫وعلى جميع األصعدة‪ :‬االجتماعية واالقتصادية والسياسية والثقافية‪.‬‬

‫ومما زاد من أهمية هذه التكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال وخاصة بالنسبة‬
‫للدول النامية‪ ،‬ما تدعو إليه الكثير من المؤشرات الخاصة بالنماذج التنموية الناجحة‬
‫(معدالت االستثمار‪ ،‬العمالة‪ ،‬المساهمة في الدخل‪ )...‬من كون التكنولوجيات الجديدة‬
‫لإلعالم واالتصال أصبحت في السنوات األخيرة أحد المفاتيح األساسية في التنمية‬

‫‪7‬‬
‫الشاملة باإلضافة طبعا إلى العوامل البشرية واإلنتاجية األخرى‪ .‬ففي إحدى الدراسات‬
‫الحديثة شملت عدة متغيرات مؤثرة في أنماط نمو بلدان "منظمة التعاون والتنمية‬
‫االقتصادية" (‪)COLECCHIA, A., & SCHREYER, P.: 2001, 7( )OCDE∕OECD‬‬
‫اتضح أنه‪ ،‬رغم عدم وجود أي متغير حاسم بمفرده‪ ،‬فإن المتغير الجديد الذي أصبح‬
‫يحرك التنمية االقتصادية الشاملة هي هذه التكنولوجيات‪ .‬ومع ذلك ال يجب أن نقع في‬
‫فخ "الحتمية التكنولوجية" أو االعتقاد بأن التمكن من تطبيقات هذه التكنولوجيات سيحل‬
‫كل المشاكل‪ ،‬ألنه لن يحل سوى مشكل إعداد التطبيقات واستيعاب إجراءاتها العملية‬
‫الدافعة أو المحسنة لحركية المجتمع ولن يحل مشكلة فيما تستعمل هذه التكنولوجيات‬
‫وكيفية مفصلتها مع محددات النمو األخرى‪.‬‬

‫ولقد كانت هذه األهمية من أهم دواعي قيامنا بهذا الجهد األكاديمي المتواضع‪،‬‬
‫الذي كان من بين مقاصده التأكيد على نجاعة هذه "التكنولوجيات الجديدة لإلعالم‬
‫واالتصال" (‪ ،)NTIC‬في عصر معلوماتي معولم لم ينل منه فضاؤنا الحضاري إال القسط‬
‫اليسير‪ ،‬وذلك من خالل التركيز على عرض مختلف مجاالت استعمالها‪ ،‬حيث أصبحت‬
‫تطبيقاتها جزء من حياتنا اليومية العائلية والمهنية والترفيهية‪ ،‬وذلك بعد منعطف مفاهيمي‬
‫مفصل يخص هذه التكنولوجيات الجديدة (التعريف‪ ،‬المصطلحات المشابهة‪ ،‬الخصائص‬
‫واألصناف) وآخر سردي تصنيفي يخص تاريخ تطورها‪ .‬باإلضافة طبعا إلى مباحث‬
‫أخيرة تضمنت لمحة سريعة حول اآلثار الحالية للتكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال‬
‫وقضاياها المعاصرة ورهاناتها وآفاقها المستقبلية‪.‬‬

‫وفي األخير‪ ،‬تجدر اإلشارة إلى أن هذا العمل أنجز معظمه في إطار العطلة‬
‫العلمية السنوية التي منحتها لنا مشكورة و ازرة التعليم العالي والبحث العلمي‪ .‬والشكر‬
‫واصل أيضا لجامعة منتوري قسنطينة الجزائرية ولـ"دار علوم اإلنسان" ( ‪Maison des‬‬
‫‪ )Sciences de l'Homme- Paris‬الباريسية في توفير بعض أسباب البحث العلمي‬
‫ومراجعه الورقية واإللكترونية والبشرية‪.‬‬

‫والشكر كل الشكر أيضا للمحيط العائلي بقسنطينة وفرنسا على الدعم المعنوي‬
‫والمادي الذي لواله لما أنجز هذا العمل في وقته وبهذه الكيفية‪ .‬والشكر والحمد يعود أوال‬

‫‪8‬‬
‫وأخي ار لمن يسر أسباب ذلك ووفقني لخير هذا العمل‪ ،‬فهو المستعان على كل شيء‪...‬‬
‫سبحانه وتعالى‪ .‬أسأله أن ينفع به طلبة العلم والتكنولوجيا عموما وطلبة العلوم اإلنسانية‬
‫واالجتماعية خصوصا‪.‬‬

‫أ‪.‬د‪ .‬فضيل دليو‬


‫قسنطينة في‪ 07:‬صفر ‪ 1429‬هـ‬
‫الموافق لـ‪ 15 :‬فبراير ‪ 2008‬م‬

‫‪9‬‬
‫تمهيد‪ :‬مستويات االتصال التحليلية‬

‫عندما نتواصل أو نتدارس االتصال يكون من األفضل تحديد في أي مستوى يقع‬


‫ذلك‪ .‬برى كل من "بروطون وبرولكس" (‪ )Breton & Proulx: 2002, 7-11‬أن هناك أربعة‬
‫مستويات تحليلية هي‪:‬‬
‫‪ -1‬مستوى الممارسات الفعلية لالتصال‪،‬‬
‫‪ -2‬مستوى التقنيات المستعملة في هذه الممارسات‪،‬‬
‫‪ -3‬مستوى النظريات إلى تعتمد عليها هذه التقنيات‪،‬‬
‫‪ -4‬مستوى الرهانات المرتبطة باالتصال‪.‬‬
‫‪ -‬فالمستوى األول يعني الجميع ألن الكل يمارس االتصال في الواقع بل أن‬
‫البعض منا يجعل منه تخصصا مهنيا‪ ،‬فكلنا يستعمل في حياته اليومية وسائل اتصالية‬
‫مثل‪ :‬الحركات‪ ،‬الصورة‪ ،‬األلفاظ والكتابة‪.‬‬
‫‪ -‬أما التقنيات التي نلجأ إليها في اتصالنا فقد نستعملها عن قصد أو عن غير‬
‫قصد‪ ،‬أي تبعا لموروثنا الثقافي‪ .‬ولذلك يفضل معرفة ماذا نفعل حتى نتمكن من تفعيل‬
‫اتصالنا‪.‬‬
‫‪ -‬وأما النظريات فهي عادة ما تقتصر على المتخصصين في مجال االتصال‬
‫الذين يالحظون‪ ،‬يفكرون وينتجون نماذج‪ ،‬معايير وتقنيات جديدة أيضا‪ .‬فالمتخصصون‬
‫ينظرون للممارسات وللتقنيات معا (النظريات االجتماعية لالتصال‪/‬النظريات التقنية)‪،‬‬
‫وكذا لرهانات االتصال‪.‬‬
‫‪ -‬ولكن الكل يهتم وبطريقته الخاصة برهانات االتصال والتي يستدعي تحليلها‬
‫نظرة أوسع بحيث تشمل مجاالت أخرى من الحياة االجتماعية (للتساؤل حول جدوى‬
‫االتصال ومكانته في المجتمع)‪.‬‬
‫وسنخص بالذكر في مقدمتنا هذه المستوى الثاني من مستويات االتصال التحليلية‬
‫أال وهو مستوى التقنيات‪:‬‬
‫‪ -‬التقنيات‪ :‬عندما نتصل فنحن نستعمل ذلك بواسطة تقنيات‪ .‬فالكتابة تقنية نتبعها‬
‫ألنها تتطلب معرفة حروف الهجاء ومقابالتها الصوتية‪ ،‬واإلقناع أو األخبار (اإلعالم)‬
‫تقنية أخرى تتطلب معرفة مستلزمات اإلقناع أو الوصف الموضوعي‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫أما دعائم االتصال التي طورت عبر التاريخ الطويل للبشرية فإنها كانت نتاج‬
‫إبداعات تقنية معقدة سواء تعلق األمر باألصباغ المستعملة في تلوين رسومات الكهوف‬
‫والمغارات قبل ثالثين ألف سنة‪ ،‬أو بالحروف المعدنية المستعملة في مطبعة جوتمبرغ‪ ،‬أو‬
‫بالهاتف والراديو أو بالبرمجيات في مجال التواصل المعلوماتي المعاصر‪.‬‬
‫ويعتبر استعمال التقنيات هذه إحدى النقاط األساسية التي تسمح بالتمييز بين‬
‫االتصال اإلنساني واالتصال الحيواني‪.‬‬
‫ص ُه أو تعكسه هذه‬ ‫فالحيوانات تتواصل نعم ولكنها تفتقر إلى التفكير الذي تُ َشخ ُ‬
‫التقنيات المطورة بفضل هبة العقل اإللهية حتى بلغت اآلن ما يسمى بالتكنولوجيا الجديدة‬
‫لإلعالم واالتصال (‪.)NTIC‬‬
‫إذن يقع موضوعنا في مستوى التقنيات عموما وتكنولوجيا اإلعالم واالتصال‬
‫خصوصا‪ .‬وفيما يأتي تفصيل ذلك‪:‬‬

‫‪11‬‬
‫أوال) مفاهيم أولية‬

‫إن المفاهيم في العلوم اإلنسانية إما أن تكون مجردة أو إجرائية أو النوعين معا‪.‬‬
‫يعالج المفهوم على المستوى التجريدي في إطاره النظري وحسب التعريفات السابقة له إن‬
‫وجدت‪ ،‬أما المستوى اإلجرائي فإن الباحث هو الذي ُيَقدم تعريفا معينا أو يتبنى تعريفا من‬
‫تعريفات الدراسات السابقة والذي يكون أقرب إلى موضوع بحثه‪ .‬بمعنى آخر‪ ،‬يساعد‬
‫المفهوم اإلجرائي الباحث على التقرب من الواقع بمتغيرات عملية قابلة للبحث والتقصي‬
‫الميداني‪ ،‬من خالل أبعاد قابلة للتطبيق تسهل عمليتي التحليل والتفسير‪.‬‬
‫وسنتعرض هنا وعلى المستويين المجـرد واإلج ارئـي‪ ،‬لمفهـوم كـل مـن‪ :‬التكنولوجيـا‪،‬‬
‫االتصال‪ ،‬تكنولوجيا اإلعالم واالتصال لنخلص في األخير إلى مفهوم "تكنولوجيـا اإلعـالم‬
‫واالتصال الجديدة"‪ ،‬موضوع مؤلفنا هذا‪.‬‬

‫‪.1.1‬التكنولوجيا‬
‫بالنسبة ألول مفهوم يعنينا هنا‪" :‬التكنولوجيا"‪ ،‬فهو يعتبر من المفاهيم التي ناقشها‬
‫الكثير من الباحثين والمفكرين‪ ،‬واختلفوا في نظرتهم له بسبب اختالف تخصصهم وتطور‬
‫خصائص التكنولوجيا نفسها‪ .‬ولكن من األمور المتفق عليها أن ماهية التكنولوجيا قديمة‬
‫قدم المخترعات البشرية نفسها‪ ،‬حيث كانت تعتبر وسيلة من الوسائل التي اكتشفها‬
‫اإلنسان عند تطويعه البدائي للطبيعة‪ ،‬وبعدها أصبحت أداة يستعملها لخدمته ومساعدته‬
‫لقضاء حاجياته المتنامية‪ ،‬ثم تطور استعمالها وعم إلى درجة أصبحت مهمة جدا في‬
‫حياته العامة والخاصة‪ .‬مما جعل البعض من المفكرين يعتقدون بأنها المسئولة عن معظم‬
‫التغيرات التي تحدث داخل المجتمع المعاصر‪.‬‬
‫هذا من حيث مضمونها‪ ،‬أما من حيث اللفظ ذاته فقد استعمل حديثا‪ ،‬حيث ورد‬
‫في بعض المصادر (بومهرة نور الدين‪ )1989 :‬أن أول ظهور لمصطلح "التكنولوجيا"‬
‫(‪ )Technology‬كان في ألمانيا عام ‪ 1770‬م‪ ،‬وهو مركب من مقطعين‪ )techno( :‬وتعني‬
‫في اللغة اليونانية "الفن" أو "صناعة يدوية" و(‪ )logy‬وتعني "علم" أو "نظرية"‪ .‬وينتج عن‬
‫تركيب المقطعين معنى "علم صناعة المعرفة النظامية في فنون الصناعة أو العلم‬

‫‪12‬‬
‫التطبيقي"‪ .‬وليس لديها مقابل أصيل في اللغة العربية بل عربت بنسخ لفظها حرفيا‬
‫(تكنولوجيا‪.)Technology :‬‬
‫ولقد تطورت معاني مفهوم التكنولوجيا بتطور حاجيات اإلنسان المجتمعية‬
‫وممارساته اليومية المتخصصة والمتنوعة‪ ،‬ولهذا تعددت تعريفات الباحثين والمفكرين لها‪:‬‬
‫فمن تعريفاتها التقليدية ما أورده "محمد عاطف غيث"‪ ،‬الذي جعلها تشمل‬
‫"المعرفة المنظمة التي تتصل بالمبادئ العلمية واالكتشافات فضال عن العمليات‬
‫الصناعية ومصادر القوة وطرق النقل واالتصال المالئمة إلنتاج السلع والخدمات‪،‬‬
‫ويضيف في تحليله لمفهوم التكنولوجيا على أنها ال تعنى فقط بوصف العمليات الصناعية‬
‫ولكنها تتبع تطورها‪ ،‬معنى ذلك أن التكنولوجيا تكشف عن أسلوب اإلنسان في التعامل‬
‫مع الطبيعة والتي من خاللها يدعم استمرار حياته" (محمد عاطف غيث‪.)484 ،1995 ،‬‬
‫كما يعرفها "إبراهيم مذكور" على أنها‪" :‬فن اإلنتاج‪ ،‬أي العمليات المادية الالزمة‬
‫له‪ ،‬وتطلق على المبادئ العملية والمخترعات التي يستفاد منها اإلنسان في تطوير‬
‫المجهود الصناعي فتشمل مصادر القوى والعمليات الصناعية‪ ،‬وما يمكن أن يط أر عليها‬
‫م ن تحسين وسائل اإلنتاج‪ ،‬باختصار كل ما يفيد اإلنتاج‪ ،‬ويرفع من شأن السلع‬
‫والخدمات" (إبراهيم مذكور‪ ،)176 ،1975 ،‬وذلك على غرار ما ذهبت إليه "ب‪ .‬مادوف"‬
‫(‪ )MADEUF, B.: 1981,18‬التي تحصرها في "مجموعة من الممارسات االجتماعية التي‬
‫تخص المعارف العلمية من أجل معرفة االستعمال في اإلنتاج"‪ .‬ومن خالل هذين‬
‫التعريفين يتبين ربط التكنولوجيا مباشرة بالعمل الصناعي المادي واإلنتاج السلعي وهذا‬
‫خدمة لإلنسان إذ تمده بوسائل اإلنتاج والخدمات‪.‬‬
‫ويرى "عبد العلم الفرجاني" أن التكنولوجيا هي العلم الذي يهتم بتحسين األداء‬
‫والممارسة والصياغة أثناء التطبيق العملي‪ .‬و"غالبرت" أنها التطبيق النظامي للمعرفة‬
‫العلمية‪ ،‬أو أية معرفة أخرى ألجل تحقيق مهام علمية‪ .‬و"أحمد حامد منصور" أنها علم‬
‫تطبيق المعرفة في األغراض العلمية بطريقة منظمة‪ .‬و"هولت" أنها دراسة لكيفية وضع‬
‫المعرفة العلمية في االستخدام العملي لتوفير ما هو ضروري لمعيشة اإلنسان ورفاهيته‬
‫(بشير عبد الرحيم الكلوب‪.)31 ،2005 :‬‬

‫‪13‬‬
‫نالحظ أن هذه التعريفات تركز على أن التكنولوجيا هي المعرفة العلمية المنظمـة‬
‫الت ــي س ــخرها اإلنس ــان لخدمت ــه وتطوي ــع الطبيع ــة باكتش ــاف مص ــادر الحي ــاة حفاظ ــا عل ــى‬
‫استم ارره ووجوده؛ وتتمثل تلك المصادر في مستلزمات الحياة اليومية التي أنتجهـا اإلنسـان‬
‫عن طريق العمليات الصناعية والموارد الطبيعية‪.‬‬
‫أما السيد "عبد العاطي السيد" فإنه يستلهم مفهوم التكنولوجيا من تعريف "أوغبرن"‬
‫لها‪ ،‬قائال أنها "دراسة للوسائل الفنية التي تشمل كل موضوعات الثقافة‬ ‫(‪(OGBURN‬‬

‫ا لمادية‪ ،‬وهي لذلك تتضمن كل ما يقدمه العالم الطبيعي من أمور مادية"‪ ،‬ومعنى هذا أن‬
‫التكنولوجيا ال تقتصر في نظره على اآللة أو نظام المصنع كما هو شائع عند البعض بل‬
‫أن كال من اآللة والمصنع في نظر "أوغبرن" هما مجرد مظهران من مظاهر التكنولوجيا‬
‫الحديثة (السيد عبد العاطي‪.)32 ،1986 ،‬‬
‫وحديثا‪ ،‬عرفها محمود علم الدين" (‪ )103 ،2005‬على أنها "تطبيق المعرفة العلمية‬
‫لتصميم‪ ،‬إنتاج واستخدام منتجات وخدمات توسع مقدرة اإلنسان على تطوير البيئة‬
‫الطبيعية اإلنسانية والتحكم فيها"‪.‬‬
‫وأما "زاهر أحمد" (عبد الباسط محمد عبد الوهاب محمد‪ )83-82 ،2005 :‬فيحدد‬
‫مفهومها في ثالثة عناصر أساسية‪ :‬التكنولوجيا كعملية (‪ )Process‬أو تطبيق عملي لفكرة‬
‫أو محتوى علمي‪ ،‬التكنولوجيا كمنتج (‪ )Product‬أي محصلة التطبيق في شكل محتويات‬
‫ومعدات (الفيلم‪ ،Software :‬وآلة العرض‪ )Hardware :‬والتكنولوجيا كمزيج لألسلوب‬
‫والمنتج‪ ،‬ومثال ذلك جهاز الكومبيوتر الذي هو في الوقت نفسه أداة تطبيق عملي لألفكار‬
‫(عملية‪ )Process :‬ومنتج (‪ )Product‬يجمع بين تطور الوسيلة (‪ )Hardware‬وبرمجياتها‬
‫(‪.)Software‬‬
‫وأخي ار يمكن إيجاز تعريفها وفق "د‪ .‬هاملتن" (‪ )HAMILTON, D.: 1988‬في‬
‫كونها‪" :‬الوسيلة التي بواسطتها يمكن لإلنسان أن يوسع نطاق سلطته على ما يحيط به"‪.‬‬
‫مما سبق يمكننا القول أن التكنولوجيا هي علم الصناعة الذي ال يشمل فقط العتاد‬
‫والتجهيزات والتقنيات التي يستخدمها اإلنسان خدمة ألغراضه وتحقيق مستلزماته وقضاء‬
‫حاجاته داخل المصنع أو المجتمع‪ ،‬بمعنى أنها ال تقتصر على الجانب المادي فقط بل‬

‫‪14‬‬
‫تحتوي على موضوعات التنظيم واإلدارة وممارسة عملية العمل والقيادة‪ ...‬في شتى‬
‫النواحي التنظيمية‪.‬‬
‫كما أنها نتاج اجتماعي وثقافي يشمل األفكار والمعتقدات والسلوك وجميع‬
‫التصورات والقيم التي يستمدها الفرد من خالل تعامله مع الطبيعة والمجتمع‪ ،‬ألن‬
‫التكنولوجيا قبل أن تكون آلة أو جها از معينا فهي فكرة تولدت عن حاجة أو رغبة‬
‫اجتماعية معينة وفي وقت معين‪ .‬وفوق هذا وذاك‪ ،‬فإن تأثير التكنولوجيا لم يتوقف عند‬
‫حدود المصنع بل يشمل النواحي االجتماعية واالقتصادية والسياسية للمجتمع وأننا حاليا‬
‫نقع في الغالب تحت وطأة تأثير التكنولوجيا الغربية التي تحولنا منذ مدة ليست بالقصيرة‬
‫إلى مجرد مستوردين ومستهلكين لها‪.‬‬
‫وبالتالي يكون فهمنا العام للتكنولوجيا يشير إلى أنها‪ :‬مجموعة من اآلالت والمعدات‬
‫والتقنيات والمعارف العلمية واألفكار والوسائل التي يعتمد عليها اإلنسان لتحقيق حاجياته‬
‫في بيئة اجتماعية تاريخية معينة‪.‬‬
‫بمعنى أن للتكنولوجيا ثالثة أبعاد‪:‬‬
‫‪ -1‬اآلالت والمعدات التي يستعملها اإلنسان (‪،)Hardware‬‬
‫‪ -2‬المعارف واألفكار واألساليب التي تمكن من استخدام هذه اآلالت والمعدات‬
‫(‪،)Software‬‬
‫‪ -3‬هي نتاج اجتماعي ال توجد بمعزل عن محيطها‪.‬‬
‫كما أن لها مصطلحا مشابها‪ ،‬حيث يعتبرها البعض تقنية (أسلوبا فنيا)‬
‫(‪ )Technique‬أكثر منها تكنولوجيا (‪ .)Technology / Technologie‬وقد نتج هذا‬
‫التجاوز في نظر "ف‪ .‬كاستيل" عن الترجمة من اإلنجليزية التي تجمع بين كلمتي التقنية‬
‫والتكنولوجيا في كلمة واحدة (‪ ،)Meziane: 2001, 23( )Technology‬وذلك بخالف‬
‫اللغتين الفرنسية واألسبانية مثال‪ ،‬حيث يعتبر أن للحيوانات "تقنية" (بناء األعشاش‪ ،‬صيد‬
‫الفرائس‪ )...‬وأن اإلنسان ُكرم بعقل وأطراف مرنة جدا مكناه من امتالك وإنتاج‬
‫"تكنولوجيا"‪ .‬فـ"التقنية حرفة والتكنولوجيا تطوير لهذه الحرفة‪ .‬إنها كيفية وطريقة إنجاز‬
‫األشياء وتنفيذ األفعال‪ ...‬وليست هي األدوات! فهي تشمل أيضا أبعادا تنظيمية وثقافية"‬
‫(‪ )LLORENTE, BERNETE, BECERRIL: 2004, 23‬واجتماعية وثقافية كما مر‬

‫‪15‬‬
‫أعاله‪ .‬فهي تعني ‪-‬حسب الموسوعة اإللكترونية (‪-)26/12/2007( )Wikipedia.com‬‬
‫"الخطاب حول التقنية‪ ،‬وتستعمل بدال من التقنيات التي هي أبسط وأدق" وخاصة فيما‬
‫يتعلق بمفهوم "التكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال" موضوع عملنا هذا‪.‬‬
‫وهناك مصطلح قريب منها‪ ،‬أال وهو "العلم"‪ ،‬باعتبار أن مخترعي التكنولوجيات‬
‫المختلفة قد يسميهم البعض "علماء" والبعض اآلخر "صناعا أو تقنيين تجريبيين" أو‬
‫"مخترعين" أصال‪ .‬وإذا اعتمدنا التفرقة بين العلم والتكنولوجيا‪ ،‬فيمكن القول أن العلم يقوم‬
‫بعمليات سابقة والحقة للتكنولوجيا في آن واحد‪ .‬فالعلم يأتي بالنظريات والقوانين العامة‬
‫والتكنولوجيا تحولها إلى تطبيقات عملية في مختلف ميادين الحياة‪ ،‬كما أن التكنولوجيا قد‬
‫تقوم بتجارب عملية متكررة تبنى عليها تعميمات نظرية قد تتحول مع الوقت إلى نظريات‬
‫علمية وقوانين عامة‪ .‬وتسمى العمليتان–كما هو معروف في التراث المنهجي‪ -‬باالستنباط‬
‫وباالستقراء‪.‬‬
‫وفي األخير تجدر اإلشارة إلى أن لهذه التكنولوجيا عدة سلبيات تخص عصرنا‬
‫الحالي‪ :‬المساهمة في زيادة الفجوات (الرقمية‪ ،‬االقتصادية‪ ،‬الثقافية‪ )...‬بين الدول‬
‫المتقدمة والدول المتأخرة وداخل هذه الدول بين األقليات المميزة واألغلبيات المهمشة من‬
‫حيث الفرص والمكاسب‪ ،‬مأسسة آليات حراسة أو ضبط اجتماعي واستغالل تجاري أو‬
‫سياسي قد تكون على حساب الحريات الشخصية والجماعية‪ ،‬الفردانية والخصوصية‬
‫المفرطتين كعنصري اغتراب أكثر منهما عنصري تحرير‪.‬‬

‫‪ -2-1‬اإلعالم واالتصال‪:‬‬
‫قبل التعرض لتعريف مصطلحي اإلعالم واالتصال‪ ،‬تجدر اإلشارة بإيجاز إلى‬
‫مجمل ما نوه به التراث األكاديمي حول تعريف علم االتصال كتخصص أكاديمي‪:‬‬
‫إن موضوع علم االتصال‪ ،‬حسب ( ‪Gaeton Tremblay et Michel Sénégal,‬‬
‫‪ )1987‬هو دراسة إنتاج‪ ،‬نقل واستقبال اإلشارات‪ ،‬وعالقة هذه األخيرة بنظام رمزي‬
‫وتأثيراتها على السلوكات‪ ،‬المعتقدات‪ ،‬قيم األفراد والجماعات‪ ،‬وكذا على طرق تنظيمهم‬
‫الجماعي‪ .‬أما حسب تعريف "شافي‪ ،‬برجر" (‪ )Chaffee Berger: 1986‬فهو "يدرس إنتاج‬
‫ومعالجة وتأثير الرموز وأنظمة اإلشارات عن طريق نظريات قابلة للتحليل‪ ،‬تحتوي على‬

‫‪16‬‬
‫تعميمات شرعية تمكن من تفسير الظواهر المرتبطة باإلنتاج‪ ،‬المعالجة والتأثيرات"‬
‫(‪.)LAZAR, J.: 1992, 4‬‬
‫وأما اإلعالم واالتصال فهما كلمتان قد تتقاطعان بحيـث أننـا نجـد الـبعض يسـتعمل‬
‫أحــدهما بــدل اآلخــر‪ .‬ولكــن علــى العمــوم يمكنــا القــول أنــه إذا كــان اإلعــالم يعنــي أساســا‬
‫المعطي ــات واألخب ــار والمعلوم ــات‪ ،‬فاالتص ــال يس ــتلزم الحـ ـوار ووج ــود عالق ــات‪ .‬وإذا ك ــان‬
‫مفهوم اإلعالم يعبر عادة عن شيء ثابت (محتوى‪ ،‬حالة‪ ،‬وضعية)‪ ،‬فاالتصال عبارة في‬
‫الغالب عن عملية (عالقة)‪ .‬إنه ُيَفعل اإلعالم بجعله أم ار عمليا‪ .‬ومـن ثـم فقـد يوجـد إعـالم‬
‫دون عالقة اتصالية ولكن ال يمكن أن يكون هنـاك اتصـال دون إعـالم‪ ،‬فاالتصـال أشـمل‪.‬‬
‫وهــو أكثــر اســتعماال حاليــا فــي الت ـراث األكــاديمي المتخصــص‪ .‬ويمكــن إيجــاز تعريفــه فيمــا‬
‫يأتي‪:‬‬
‫إنــه عبــارة عــن عملي ـة تفاعــل معلوم ــاتي هادفــة‪ .‬وهــو عــادة مــا يوصــف بالوس ــيلي‬
‫الرتباطه بإحدى وسائل اإلعالم واالتصـال المعنيـة بالد ارسـة فـي عملنـا هـذا‪ .‬واالتصـال قـد‬
‫يكـ ـ ــون ذاتيـ ـ ــا (بـ ـ ــين الشـ ـ ــخص ونفسـ ـ ــه)‪ ،‬شخصـ ـ ــيا (بـ ـ ــين شخصـ ـ ــين)‪ ،‬تنظيميـ ـ ــا (خـ ـ ــاص‬
‫بالمنظمات)‪ ،‬جماهيريا (موجه لجمهور عام وواسع)‪.‬‬
‫فاالتصال إذن‪ ،‬عبارة عن عملية نقل المعلومات قصد التواصل والتأثير‬
‫االجتماعي بوسائل مناسبة ‪ ‬أي له ستة مكونات وهو أشمل من اإلعالم‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة في األخير إلى أن ما أوردناه من اعتبار "االتصال" أشمل من‬
‫"اإلعالم" وتبعا لذلك تخصيص "االتصال" بالتعريف اإلجرائي يختلف عن المنظور‬
‫األمريكي الذي يعتبر حسب المؤلفين ( ‪LLORENTE, BERNETE, BECERRIL:‬‬
‫‪ )2004, 22‬أن "اإلعالم" يتضمن "االتصال" وهو أشمل منه‪.‬‬

‫‪ -3-1‬تكنولوجيا اإلعالم واالتصال (‪:)TIC‬‬


‫تمثل "تكنولوجيا اإلعالم واالتصال" (‪ )TIC‬ومنجزاتها المستمرة وسريعة التطور‬
‫وما يتصل بها من تكنولوجيا المعلومات‪ ،‬ثورة حقيقية انطلقت مع تصاعد اإلحساس بأن‬
‫الواقع االتصالى القائم‪ ،‬لم يعد كافيا للوفاء بمستلزمات القرن الواحد والعشرين‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن الرمز (‪ )TIC‬ليس مفهوما وحيد المعنى والتخصص‪ ،‬فهو‬
‫من اهتمامات عدة تخصصات‪ :‬الرياضيات‪ ،‬اإلعالم اآللي‪ ،‬االتصال‪ ،‬األدب‪ ،‬علم‬

‫‪17‬‬
‫االجتماع‪ ،‬علم النفس‪ ،‬هندسة االتصاالت‪ ،‬الفلسفة‪ ...‬ولقد ظهر مفهومه في الواليات‬
‫المتحدة األمريكية تحت مصطلح "تكنولوجيات اإلعالم" (‪)Information Technologies‬‬
‫أو (‪ )IT‬الناتج عن دمج الحواسيب بالخطوط الهاتفية‪ ،‬وفي اليابان باسم "الكومبيوتر‬
‫واالتصال" (‪ ،)C & C( )Computer & communication‬وفي أوروبا (أسبانيا‪ ،‬فرنسا)‬
‫باسم (‪ )Télémati(ca)que‬و(‪ )Télécommunica(c)tion et Informati(ca)que‬ثم الحقا‬
‫وبتأثير من علوم اإلعالم شاع في أوروبا المصطلح الحالي (‪LLORENTE, ( )TIC‬‬
‫‪.)BERNETE, BECERRIL: 2004, 28‬‬
‫ولقد واجه المجتمع الدولي عدة صعوبات لفهم أثر "تكنولوجيا اإلعالم واالتصال"‬
‫(‪ )TIC‬على االقتصاد بسبب غياب تعريفات دقيقة ومتفق عليها دوليا لقطاع وأنشطة هذه‬
‫التكنولوجيات‪ .‬وللتحكم إحصائيا في قياسها قدمت بعض المنظمات الدولية (منظمة "األمم‬
‫المتحدة" و"منظمة التعاون والتنمية االقتصادية‪ )ONU, OCDE :‬وكل من الواليات‬
‫المتحدة واليابان واالتحاد األوروبي تعريفاتها الخاصة بقطاعات هذه التكنولوجيات‪ ،‬نوجزها‬
‫في الجدول اآلتي‪:‬‬

‫الجدول (‪ :)1‬التعريفات الجديدة لـ"تكنولوجيا اإلعالم واالتصال" (‪)TIC‬‬


‫‪ ONU, OCDE‬القطاعات الحرفية والخدمية التي تعمل على استقبال ونقل وتخزين ومعالجة‬
‫(‪)2002،1998‬‬
‫ونشر المعلومات بوسائل إلكترونية (‪ )1998‬وذلك خدمة للتنمية (‪.)2002‬‬
‫بائعو الحواسيب وتجهيزات اإلعالم اآللي وأدوات القياس اإللكترونية (بالجملة‬ ‫و‪ .‬م‪ .‬أ‪)1987( .‬‬
‫والتجزئة)‪ ،‬وكذا البرمجيات والصناعات الخدمية بما فيها تلك التي تنتج‬
‫البرمجيات "الجاهزة لالستعمال"؛ الخدمات المرتبطة بالحواسيب؛ صناعات‬
‫تجهيزات االتصال والخدمات التي تشمل البنى التحتية المادية وغير المادية‬
‫والتي تسمح بالتواصل بين الحواسيب ومقدمي الخدمات اإللكترونية‪.‬‬
‫األوروبي قائمة النشاطات الشاملة لثالثة قطاعات‪ :‬المعلوماتية بما فيها صناعة الحواسيب‬ ‫االتحاد‬
‫والبرمجيات‪ ،‬االتصاالت عن بعد الشاملة للشبكات (اإلنترنت أساسا)‬ ‫(‪)1998‬‬
‫واإللكترونيك‪.‬‬
‫المصدر‪ :‬بتصرف عن‪ CONTINET, N.: 2006, 21 :‬و ‪.OECD, 25-26 April 2002‬‬

‫‪18‬‬
‫إن أهم ما يالحظ على هذه التعريفات الرسمية هو اقتصارها على الصناعات‬
‫"المادية" وإقصائها للصناعات المنتجة للمعلومات أو ما يسمى عادة بصناعات المحتوى‬
‫وكذا الغاية التنموية منها (باستثناء المنظمات الدولية التي انفردت بها الحقا‪.)2002 :‬‬
‫وإذا رجعنا إلى الكالم عن تحديد مفهوم "تكنولوجيا اإلعالم واالتصال" (‪،)TIC‬‬
‫فإننا نجد أن عبارة "تكنولوجيا اإلعالم" (‪ )TI‬أو (‪ IT‬باالنجليزية) استعملها األمريكيون‬
‫ألول مرة عام ‪ 1984‬وال زال استعمالها شائعا هناك لحد اآلن ( ‪www.usherb.ca/‬‬
‫‪ .)performa/tic/définition/tic.htm‬وهم ال يضيفون إليها عادة كلمة "اال تصال"‪ ،‬ألنهم‬
‫يرون ‪-‬بخالف األوروبيين‪ ،‬كما مر معنا‪ -‬بأن اإلعالم يشمل االتصال ( ‪LLORENTE,‬‬
‫‪.)BERNETE, BECERRIL: 2004, 22‬‬
‫وبخالف ذلك‪ ،‬هناك من يخص مفهوم "تكنولوجيا االتصال" (‪ )TC‬دون "اإلعالم"‬
‫جاعال إياه يشمل مجموع وسائل ومعدات تكنولوجيا االتصال اآللية‪ ،‬اإللكترونية و‪/‬أو‬
‫الكهربائية‪ .‬وذلك على غرار ما أورده "عبد الباسط محمد عبد الوهاب محمد" (‪)85 ،2005‬‬
‫على لسان "ج‪ .‬ف‪ .‬بافليك" (‪ )Pavlik, J.V.: 1996‬الذي حددها في "تلك األدوات أو‬
‫المعدات أو األجهزة التي تختص بجمع وتخزين واسترجاع وإرسال وعرض المعلومات‬
‫والبيانات سواء كانت مرئية أم مصورة أم بيانية أم مكتوبة أو مسموعة أم مرسومة‪،‬‬
‫ليستفيد منها الفرد أو المجتمع‪ ،‬وذلك في اختياره مما تتضمنه من معلومات وبيانات‬
‫يحتاج إليها وتسهل عليها ذلك االختيار"‪ .‬أما "عبد المجيد شكري" (‪ )11 ،1996‬فيضيف‬
‫إليها المعارف والوسائل التنظيمية واإلدارية‪ ،‬حيث يرى أنها "مجمل المعارف والخبرات‬
‫المتراكمة والمتاحة‪ ،‬واألدوات والوسائل المادية والتنظيمية واإلدارية المستخدمة في جمع‬
‫المعلومات ومعالجتها وإنتاجها وتخزينها واسترجاعها ونشرها وتبادلها‪ ،‬أي توصيلها إلى‬
‫األفراد والمجتمعات" وهو تقريبا التعريف نفسه الذي أورده "عبد الباسط محمد عبد الوهاب‬
‫محمد" (‪ )85 ،2005‬باسم "محمود علم الذين"‪.‬‬
‫وأما مفهوم تكنولوجيا "اإلعالم واالتصال" معا (‪ ،)TIC‬فهو بالنسبة للمقاربة‬
‫االتصالية لـ"أ‪ .‬موتشيللي" (‪ :)MUCCHIELLI, A.: 2006, 29‬عبارة عن "مادة إدراكية" أو‬
‫"عنصر سديد ومالئم" من الواقع يقدم معطيات و‪/‬أو "رسائل دالة" تستوجب الشرح‬
‫والتبيين‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫وهو بالنسبة للمقاربات الرسمية‪ ،‬ممثلة في المنظمتين الدوليتين (‪،)ONU, OCDE‬‬
‫فقد مر معنا أنه يخص "وسائل إلكترونية تنقل وتخزن وتعالج وتنشر المعلومات"‪.‬‬
‫وتعتبر هذه التكنولوجيات (‪ )TIC‬بالنسبة للمؤلفين ( ‪LLORENTE, BERNETE,‬‬
‫‪ )BECERRIL: 2004, 24‬طرقا بشرية تسمح بالقيام بأفعال متعلقة باستقبال ونقل‬
‫ومعالجة وتبادل ونشر رسائل ومعطيات (معلومات ومعارف)‪ .‬يتم تنفيذ هذه األفعال عن‬
‫طريق أشخاص وآالت أو بين أشخاص وآالت‪ .‬وتتمثل دعامتها المادية حتى اآلن في‬
‫الكهرباء‪ ،‬اإللكترونيك والفوتونيك‪ ،‬ودعامتها الفكرية والمعرفية في البرمجيات‬
‫(‪ .)Software‬أما تطبيقاتها فتشمل االتصاالت عن بعد‪ ،‬اإلعالم اآللي وناد ار "األت َمتية"‬
‫(‪ )Automatique‬ومجال العمليات اآللية (الروبوتيك) ومنذ التسعينيات‪ ،‬في أوروبا‪،‬‬
‫صناعة المحتويات‪ ،‬السمعي‪-‬بصري والوسائط المتعددة (‪.)Multimédia‬‬
‫لكنها حسب التعريف الوسيلي لـ"بيسي" (‪ )PACEY:1994, 6‬فهي تعني "تطبيق‬
‫المعرفة العلمية وغيرها من المعارف على مهام عملية تنجز من طرف أنظمة تستتبع‬
‫أشخاصا‪ ،‬منظمات‪ ،‬كائنات حية وآالت"‪.‬‬
‫أما "ب‪ .‬روبير" ( ‪ )ROBERT, P.: 2005, 50‬فيخص "تكنولوجيات اإلعالم‬
‫واالتصال" (‪ )TIC‬بتعريفين‪ :‬أولهما واسع‪ ،‬نقله عن (‪ ،)BENIGER, J.‬الذي جعلها‬
‫تشمل‪ :‬وسائل اإلعالم‪ ،‬اإلشهار‪ ،‬التسويق واألدوات "السيبرنيتيقية" مثل اآلليات الذكية؛‬
‫وثانيهما ضيق جعلها شخصيا تقتصر على‪ :‬أدوات معالجة وتخزين ونقل المعلومات‪.‬‬
‫وأما بالنسبة لكل من "هاق‪ ،‬كامينغ وماكوبري" ( ‪HAAG, S., CUMMINGS,‬‬
‫‪ )41 ،2004( )M., & McCUBBREY, D. J.‬فإنها تستهدف تطوير المؤسسات‪ ،‬فهي‬
‫تتكون من أي وسيلة تعتمد على الكومبيوتر الذي يستعمله الناس في عملهم المعلوماتي‬
‫لتلبية حاجيات المؤسسة‪ .‬وهم يدرجون ضمنها الحواسيب الشخصية‪ ،‬االنترنت‪ ،‬الهواتف‬
‫النقالة‪ ،‬الدعائم الرقمية الشخصية وأي معدات مشابهة‪ .‬وإلى قريب من ذلك ذهب قبلهم‬
‫كل من "بن يمين و بلونت" (‪ .)BENJAMIN, I BLUNT, J. : 1992, 7-19‬وغيرهم كثير‬
‫ممن يحدد مجالها بالمؤسسات والمنظمات في تفعيل نشاطها الداخلي والخارجي‪.‬‬

‫‪ -4.1‬التكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال (‪:)NTIC‬‬

‫‪20‬‬
‫وبتخصيصنا لمفهوم "تكنولوجيا اإلعالم واالتصال" (‪ )TIC‬وربطه بمصطلح‬
‫"الجديدة" (‪( )NTIC‬أو ‪ NICT‬باإلنجليزية)‪ ،‬تبعا لطبيعة هذا العمل‪ ،‬نصبح أمام موضوع‬
‫اتصالي معلوماتي أكثر أهمية وحداثة‪ .‬فهو يفرض نفسه بقوة في مستهل القرن الواحد‬
‫والعشرين‪ ،‬الذي يزخر بمتغيرات تمثل ثورة معلوماتية جديدة في عصر جديد معولم‬
‫األبعاد وقوامه أدوات وتقنيات اتصالية جديدة يتميز بها‪.‬‬
‫ولذلك فليس من الغريب أن نجد من المتخصصين في علوم اإلعالم‬
‫(‪ )LLORENTE, BERNETE, BECERRIL: 2004, 31‬من يفرق بين "تكنولوجيا‬
‫اإلعالم واالتصال" (‪ ،)TIC‬التي تشمل الوسائل ما قبل اإللكترونية‪ :‬صحف‪ ،‬مجالت‪،...‬‬
‫وبين "التكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال" (‪ )NTIC‬التي تخص الوسائل اإللكترونية‬
‫(راديو‪ ،‬تلفزيون‪ ،‬إنترنت‪ ،)...‬ولكن دون األخذ بعين االعتبار أن صفة "الجديدة" نسبية‬
‫من الناحية الزمنية‪ .‬إنها مرنة‪ ،‬دائمة التغير وغير صحيحة بالجملة‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬يبقى أن "التكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال" بمعناها المعاصر‬
‫ُيفترض في مكوناتها الدعامة اإللكترونية –كما مر معنا‪ -‬والكهرباء‪ ،‬كما سنرى الحقا‪.‬‬
‫فمعناها الواسع يشير إلى مجموع األدوات المتعلقة بعمليات اإلنتاج‪ ،‬التخزين‪،‬‬
‫المعالجة‪ ،‬وتبادل المعلومات الرقمية مهما كان شكلها‪ :‬من وسائل اإلعالم الرقمية‬
‫والهاتف الثابت والمحمول إلى االنترنت مرو ار بالبطاقات اإللكترونية وأنظمة المحاضرات‬
‫السمعية البصرية عن بعد‪.‬‬
‫إنها تجمع بين ثالثة مجاالت تقنية‪ :‬االتصاالت عن بعد‪ -‬السمعي البصري‪-‬‬
‫وعن‬ ‫)*(‬
‫اإلعالم اآللي‪ ،‬بحيث تنتج عن تقاطعها‪ :‬المعلوماتية عن بعد (‪)Télématique‬‬
‫إدماجها‪ :‬وسائل االتصال المتعددة (‪)Multimédia‬؛ ويستدعي استعمالها مكونات‬
‫إلكترونية وطاقة كهربائية‪.‬‬
‫ونظ ار لسرعة تطور المخترعات في هذا المجال على مستويي التقنيات والمحتويات‬
‫وتداخل وسائلها‪ ،‬فإنه يصعب حصر مسمياتها وإفرادها بصفة نهائية إال أن هناك من‬
‫عدها وحددها "مؤقتا" (عبد الباسط محمد عبد الوهاب محمد‪ )85 ،2005 :‬فيما يأتي‪:‬‬

‫وتقابلها في العربية‪ :‬التلماتيك أو التلماتية‪ ،‬وهي تخص الوسائل أو األساليب المعتمدة على‬ ‫)*(‬

‫الكومبيوتر في معالجة المعلومات ونقلها عن بعد بواسطة االتصاالت السلكية والالسلكية‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫"أقمار االتصال الصناعية‪ ،‬الحاسبات الشخصية‪ ،‬أجهزة التلفزيون‪ ،‬الفيديوتكس‪،‬‬
‫التليتكست‪ ،‬الكابالت المحورية‪ ،‬األلياف الضوئية أو البصرية‪ ،‬أقراص الفيديو بأنواعها‪،‬‬
‫البريد اإللكتروني‪ ،‬شبكات اإلنترنت‪ ،‬عقد المؤتمرات عن بعد"‪.‬‬
‫كما أنه يمكن حصر خصائصها فيما يأتي‪:‬‬
‫‪ -‬تجمع –كما مر معنا‪ -‬بين ثالثة مجاالت تقنية‪ :‬االتصاالت عن بعد‪ ،‬السمعي‬
‫البصري‪ ،‬اإلعالم اآللي‪،‬‬
‫‪ -‬عملت على زوال الحدود بين الكتابة والصوت والصورة‪،‬‬
‫‪ -‬جعلت المعلومات بمختلف أشكالها (اللفظية‪ ،‬الرمزية‪ )...‬في متناول الجميع‬
‫(بدرجات متفاوتة طبعا)‪،‬‬
‫‪ -‬تتميز بالسرعة في معالجة المعلومات وبذاكرة أنظمة معالجة المعلومات ذات‬
‫قدرات تخزينية هائلة‪،‬‬
‫‪ -‬تتميز بإمكانية التفاعل مع أنظمة معالجة المعلومات بلغة متداولة‪،‬‬
‫‪ -‬لقد أدى استعمالها إلى انخفاض تكلفة استقبال ومعالجة وتخزين وإرسال‬
‫المعلومات‪.‬‬
‫مع اإلشارة في األخير إلى أنه يعبر عن هذه "التكنولوجيات الجديدة لإلعالم‬
‫واالتصال" (‪Nouvelles Technologies de l'Information et de la ( )NTIC / NICT‬‬
‫‪New Information and Communication Technology / ( )Communication‬‬
‫‪ )Technologies‬بمصطلحات أخرى‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫‪" -‬التكنولوجيات الجديدة لإلعالم" (‪ )NTI‬عند من يجعل اإلعالم يتضمن‬
‫االتصال‪،‬‬
‫‪" -‬التكنولوجيات الجديدة لالتصال" (‪ )NTC‬عند من يرى بخالف ذلك أن‬
‫االتصال يتضمن اإلعالم‪،‬‬
‫‪" -‬تكنولوجيا اإلعالم واالتصال" (‪ )TIC‬عند من يرى أن هذه التكنولوجيات ليست‬
‫جديدة‪ :‬فدق الطبول والدخان والفوانيس والحمام الزاجل والتلغراف والصحف واإلذاعة‬
‫والتلفزيون والرسائل اإللكترونية‪ ...‬ال يفرق بينها سوى الكهرباء! والتي ظهرت منذ مطلع‬
‫القرن التاسع عشر وسمحت بتخزين الطاقة وظهور المصابيح‪ ،‬المحركات‪ ،‬المراقبة اآللية‬

‫‪22‬‬
‫للعمليات واالتصال باستعمال الكهرباء‪ ...‬ثم في أقل من ثالثين سنة ظهر التلغراف‬
‫الكهربائي (‪ )1834‬وبعد قرن ونصف ظهر التلفزيون والكومبيوتر (‪)ENIAC: 1946‬‬
‫واستعمال جزيئيات "اإللكترون" و"الفوتون" منذ ‪ 1905‬في نقل المعلومات وعبر األلياف‬
‫البصرية منذ ‪ .)LLORENTE, BERNETE, BECERRIL: 2004, 23( 1970‬فهي‪ ،‬إذا‬
‫ربطت بظهور الكهرباء (‪ ،)1800‬ليست بهذه الجدة! ولكن رغم أن "الجدة" أمر نسبي من‬
‫الناحية الزمنية فلها داللتها المعاصرة واآلنية‪ ،‬عندما مثال‪ُ ،‬يشترط في وجود أو استعمال‬
‫هذه التكنولوجيات "دعامة إلكترونية" كما مر معنا‪ .‬ومع ذلك يصر البعض على عدم‬
‫وصفها بالجديدة مفضال مصطلح (‪ )TIC / ICT‬لألسباب سابقة الذكر وكذا ألنه أيسر‬
‫لفظا وأفضل رنة من (‪ ،)NTIC / NICT‬ومقاوما اإلغراء النفسي الذي قد تضيفه صفة‬
‫"الجديد" (‪ )Nouveau/New‬على المصطلح‪ .‬هذه الصفة التي تجعل لمصطلح‬
‫"التكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال " خاصيتين تميزان عادة مثل هذه المفاهيم‬
‫الجديدة‪ :‬كثرة تداوله في النقاشات المعاصرة وضبابية تعريفه المعنوي (‪)Sémantique‬‬
‫(‪.)Wikipédia.com,26/12/2007‬‬
‫‪" -‬التكنولوجيات الرقمية (‪ )Numérique‬لإلعالم واالتصال" (‪ )TNIC/NICT‬عند‬
‫"ج‪ .‬كلوتييه" (‪ ،)CLOUTIER, J. : 2001, 52-53‬الذي يرى بخالف ما سبق أن‬
‫التكنولوجيات الرقمية هي التي سمحت باندماج التكنولوجيات الثالث الكبيرة‪ :‬االتصاالت‬
‫عن بعد (‪ ،)TÉLÉcommunications‬وسائل اإلعالم (‪ )MÉDIAs‬والمعلوماتية‬
‫(‪ )informaTIQUE‬بعد أن كانت تتطور بالتوازي وعلى انفراد‪ .‬ولذلك فهو يسميها‪:‬‬
‫"التلميديتيك" (‪ ،)Télémédiatique‬معتب ار أنه ال يمكن اعتبارها جديدة لو لم تكن رقمية‪.‬‬

‫مفاهيم ذات صلة‪:‬‬


‫هناك مفاهيم أخرى ذات عالقة مباشرة بتكنولوجيا االتصال الجديدة‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫‪ -‬مفهوم "تكنولوجيا المعلومات" (‪( )TI‬مقابل "تكنولوجيا اإلعالم"))*(‪ ،‬الذي يشيع‬
‫استعماله في تخصص "علم المكتبات والمعلومات"‪.‬‬

‫زيادة في توضيح الفرق بين كلمتي "إعالم" كعملية و"معلومة" كمادة أو محتوى‪ ،‬المقابلتين‬ ‫)*(‬

‫للكلمة الالتينية (‪ ،)Information‬نشير إلى أن كلمة (‪ )Information‬باإلنجليزية تعني "اإلعالم"‬


‫و"المعلومة" (وصيغة الجمع‪ :‬المعلومات) و"االتصال" في الوقت نفسه وال يفرق بينها سوى السياق‪ ،‬أما‬

‫‪23‬‬
‫للمتغير الثاني من هذا المفهوم (تكنولوجيا المعلومات) عدة مداخل تعريفية‬
‫(موضوعي‪ ،‬ذاتي‪ )...‬تقترح تعريفات مختلفة لها‪ ،‬باإلضافة إلى التعريفات المعجمية‬
‫والموسوعية‪ ،‬لخصها "محمود علم الدين" (‪ )10-9 ،2005‬على لسان "برامن" في أربعة‪:‬‬
‫المعلومات كـ‪ :‬مورد‪ ،‬سلعة‪ ،‬إدراك حسي أو قوة تشكل المجتمع‪ .‬وهي تختلف بذلك عن‬
‫البيانات أو المعطيات (‪ )Data / Données‬كمواد خام غير معالجة وغير معدة لالستخدام‪.‬‬
‫أما المفهوم بمتغيريه (تكنولوجيا المعلومات) فيعني حسب "محمود علم الدين‬
‫ومحمد تيمور عبد الحسيب" (‪" :)20 ،1997‬اقتناء واختزان المعلومات وتجهيزها في‬
‫مختلف صورها وأوعية حفظها‪ ،‬سواء كانت مطبوعة أو مصورة أو مسموعة أو مرئية أو‬
‫ممغنطة أو معالجة بالليزر‪ ،‬وبثها باستخدام توليفة من المعلومات اإللكترونية‪ ،‬ووسائل‬
‫أجهزة االتصال عن بعد"‪ .‬وهو ما لخصه "عبد الباسط محمد عبد الوهاب" في رسالته‬
‫(‪ )88 ،2005‬كما يلي‪ :‬إن تكنولوجيا المعلومات هي "تلك التي تعتمد على تقنيات أنتجت‬
‫من أجل تقديم أي معلومات للمستخدم لها‪ ،‬وتتيح له تخزينها واسترجاعها ونشرها وتبادلها‬
‫مع من يحب وقتما أراد بسهولة وبسرعة فائقة"‪ .‬أي أنها‪ ،‬على العموم‪ ،‬التكنولوجيا‬
‫المستعملة في تفعيل الدور التثقيفي والعلمي والتعليمي للمكتبات الكالسيكية الورقية‪ ،‬وهي‬
‫تستعمل تقريبا الروافد المادية (‪ )Hardware‬والذهنية (‪ )Software‬نفسها المستعملة في‬
‫السلكية‬ ‫االتصاالت‬ ‫(الكومبيوتر‪،‬‬ ‫واالتصال"‬ ‫لإلعالم‬ ‫الجديدة‬ ‫"التكنولوجيات‬
‫والالسلكية‪ ،)...‬مع خصوصية بعض وسائلها مثل أشعة الليزر والميكروويف والتصوير‬
‫المصغر (الميكروفيلمي) والجمع التصويري للحروف‪ ...‬في الشق المادي والنظام الرقمي‬
‫وبرمجيات معلوماتية مناسبة لطبيعة مهامها‪ ،‬في الشق الذهني‪.‬‬
‫‪ -‬مفاهيم أخرى تكميلية‪ ،‬مثل "تكنولوجيات اإلعالم واالتصال والمعرفة" (‪)TICC‬‬
‫(‪)Technologies de l'information, de la communication et de la connaissance‬‬
‫التي تضيف مفهوم قواعد المعرفة وتسيير المعارف‪ ،‬و"تكنولوجيات اإلعالم واالتصال في‬
‫التعليم" (‪Technologies de l'information et de la communication pour ( )TICE‬‬
‫‪...)Wikipédia.com,26/12/2007( )l'enseignement‬‬

‫بالفرنسية فصيغتها المفردة (‪ )Information‬تعني المعلومة أو اإلعالم وجمعها بالفرنسية (‪)Informations‬‬


‫يعني فقط المعلومات‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫‪ -‬مفاهيم إعالمية أخص‪ ،‬مثل مفهوم "اإلعالم الجديد" (‪ ،)New Media‬الذي‬
‫يشير عموما إلى الجمع بين تكنولوجيا االتصال والبث الجديدة والتقليدية مع الكومبيوتر‬
‫وشبكاته‪ .‬وقريبا منه نجد مفهومي "اإلعالم الشبكي الحي" (‪ )Online media‬و"اإلعالم‬
‫السيبروني أو الرقمي" (‪.(*))Cyber Media‬‬

‫من‬ ‫ثانيا) التطور التاريخي لوسائل االتصال وتطبيقاتها التقنية‪:‬‬


‫الوسائل التقليدية إلى التكنولوجيات الجديدة‬

‫لجأ اإلنسان منذ األزل إلى ابتكار أدوات وتقنيات تفعل من تواصله مع بني‬
‫جنسه ومن تسخيره لمخلوقات هللا األخرى من حيوان ونبات وجماد‪ .‬فطور وحسن وسائل‬
‫عملية تطبيقية حل بها مشاكله اآلنية وحقق بها بعض رغباته‪ ،‬كما اجتهد في إيجاد‬
‫دعامات تدوينية يسجل فيها أفكاره ومعارفه ويتناقلها ويورثها عبر األجيال المتالحقة‪.‬‬
‫وتختلف بالطبع أهمية مبتكرات اإلنسان باختالف أبعادها وتأثيراتها االجتماعية‬

‫لمزيـد مــن التفصـيل أنظــر المقــال اإللكترونـي ل ـ د‪ .‬عبـاس مصــطفى صــادق حـول "اإلعــالم الجديــد"‪،‬‬ ‫)*(‬

‫في‪.arabmediastudies.net,26/12/2007 :‬‬

‫‪25‬‬
‫واالقتصادية والسياسية والثقافية‪ .‬ونظ ار أيضا لكثرتها‪ ،‬قد يجد من يريد استعراض التاريخ‬
‫البشري في هذا المجال صعوبة في تجميعها وتصنيفها‪.‬‬
‫لذلك كله تعددت العروض التاريخية لوسائل وتقنيات االتصال البشري التي‬
‫تعرض بالجملة أو بالتفصيل عناصر فهم وتطور كل األنظمة التقنية المستعملة في‬
‫مختلف وسائل وتقنيات االتصال منذ نشأتها‪.‬‬
‫وفيما يأتي عرض نماذج منها‪ ،‬بعضها في شكل عناصر عامة وبعضها اآلخر‬
‫في شكل مفصل تقدي ار ألهميته‪:‬‬

‫أوال) العرضان العامان‪:‬‬


‫‪ -1.1.2‬تصنيف تاريخي عام وخطي يقسم تطورها إلى أربع مراحل هي‪:‬‬
‫‪ -‬االتصال الشفوي‬
‫‪ -‬من الكتابة إلى المطبعة‬
‫‪ -‬الشبكات األولى لالتصاالت عن بعد‪ :‬من اإلشارات التلغرافية‪ ،‬إلى التلفزة‬
‫الرقمية‪.‬‬
‫‪ -‬المعلوماتية واالتصاالت عن بعد‪ :‬الطرق السريعة للمعلومات‪.‬‬

‫‪ -2.1.2‬تصنيف نوعي يقوم على مؤشرين‪ :‬الوسائل والدعامات‪:‬‬


‫‪ -‬الوسائل‪ :‬اإلشارات الحركية (النظرة الداروينية) ‪ /‬الكالم والصوت ‪ /‬الصورة‬
‫والرسم‪ /‬الكتابة‪.‬‬
‫‪ -‬الدعامات‪ :‬دعامات الكالم والصوت (هاتف‪/‬راديو)‪ /‬دعامات الصورة (السينما‬
‫والتلفزة)‪ /‬دعامات الكتابة على األلواح (المطبعة‪ ،‬التلغراف‪ ،‬االنترنيت)‪ /‬دعامة الذاكرة‬
‫(اإلنسانية ‪ ‬الكتاب والمعلوماتية واإللكترونيك)‪.‬‬

‫ثانيا) العروض التفصيلية‪:‬‬


‫وهي ثالثة‪ :‬تكنولوجية‪ ،‬حدثية‪ ،‬تاريخية‪:‬‬
‫‪ -1.2‬تصنيف األطوار الثالثة لـ "م‪ .‬ماكلوهان"‪:‬‬
‫لقـد ركـز "مارشـال ماكلوهـان" اهتمامـه فــي د ارسـاته علـى النظـام االتصـالي المتبنــى‬
‫مــن طــرف كــل مجتمــع ألنــه يــرى بــأن الخصــائص األساســية للوســيلة المســيطرة فــي هــذا‬

‫‪26‬‬
‫النظام تدل على كيفية التفكير وتنظيم المعلومات علـى مسـتوى المجتمـع برمتـه‪ .‬وهـو يـرى‬
‫بـ ــأن التكنولوجيـ ــا المسـ ــتعملة فـ ــي وسـ ــيلة االتصـ ــال المسـ ــيطرة لهـ ــا دور كبيـ ــر فـ ــي تطـ ــور‬
‫المجتمعــات (ولهــذا يوصــف منظــوره هــذا ‪-‬المــدعم خاصــة مــن طــرف أعمــال "ه ــ‪ .‬إنــيس"‪ ،-‬بالحتميــة‬
‫التكنولوجية")‪ .‬لذلك فهو يقسم إعالميا تطور المجتمعات إلى ثالثة أطوار‪:‬‬
‫‪ -‬في الطور األول كان االتصال "شفويا" يتم مباشرة من الفم إلى األذن‪ ،‬مما‬
‫دعم العالقات االجتماعية وتماسك المجتمع في وحدات قبلية مندمجة‪.‬‬
‫‪ -‬في الطور الثاني (من سنة ‪ 1500‬إلـى سـنة ‪ 1900‬تقريبـا)‪ ،‬كـان االتصـال "سـطريا"‪،‬‬
‫انتقل فيه اإلنسان إلى طور الطباعة‪ ،‬حيث حـروف "غـوتنبرغ" (مختـرع آلتهـا عـام ‪ )1436‬فـي‬
‫تتابعهـ ــا كقطـ ــع مج ـ ـزأة وح ـ ـرة‪ ،‬فـ ــي سـ ــطور متتاليـ ــة جعلـ ــت اإلنسـ ــان يجـ ــنح إلـ ــى الفرديـ ــة‬
‫واالسـتقاللية ويشـعر بأهميـة االنتمـاء القـومي‪ .‬وإذا كانـت الحضـارة مـن منظـور "ماكلوهـان"‬
‫تستقي سماتها من وسيلة االتصـال السـائدة‪ ،‬فـإن عصـر الطباعـة هـذا (ابتـداء مـن ‪ 1436‬م‪).‬‬
‫جعل الفكر اإلنساني يتخذ شكل التسلسل والتتابع مثل الكلمات والسطور المطبوعة ويدعو‬
‫إلــى القوميــات العرقيــة واســتقاللها ضــمن كيانــات سياســية صــغيرة‪ ،‬مج ـزأة ومتجــاورة مثــل‬
‫قط ــع المطبع ــة‪ .‬فنتيج ــة الختـ ـراع الكتاب ــة المطبعي ــة ألغ ــي البع ــد الزم ــاني وأص ــبح الف ــرد ال‬
‫يحضر بالضرورة الحدث عند وقوعه بل بعـد حدوثـه عـن طريـق المطبوعـات‪ ،‬حيـث تكـون‬
‫عملية تلقي الخبر باردة وأقل تأثير عليه‪ ،‬وذلك بفعل تقليص المطبوعات من انفعالـه وقـوة‬
‫مشاعره‪ .‬مما أحدث شبه انفصال بين المشاعر والعقل في هذا الطور‪.‬‬
‫‪ -‬أمـ ــا فـ ــي الطـ ــور الثالـ ــث (منـ ــذ بدايـ ــة القـ ــرن العش ـ ـرين)‪ ،‬المـ ــدعو بعصـ ــر "الـ ــدوائر‬
‫اإللكترونية"‪ ،‬فقد تمت العودة إلى االتصال الشفهي‪ .‬وتمثل ذلك بشكل خاص في كـل مـن‬
‫الســينما والتلفــاز والحضــارة اآلليــة بعقولهــا اإللكترونيــة وأقمارهــا الصــناعية‪ .‬إن المعلومــات‬
‫التـي تحتويهــا تلــك الوســائل معلومـات مدروســة ومنظمــة‪ ،‬وهــي تمثـل "تجمعــات كليــة"" مثــل‬
‫الدوائر الكهربائية‪ .‬ومن ثم كان أثرها هو النـزوع إلـى االنـدماج والكليـة وأن يعـيس اإلنسـان‬
‫بكــل حواســه‪ .‬وقــد كــان الســمعي البصــري اكبــر ثــورة إذ أصــبح اإلنســان يعــايس مــن جديــد‬
‫الحــدث بالص ــوت والص ــورة بجمي ــع مش ــاعره‪ ،‬كم ــا أص ــبح يع ــيس ف ــي ش ــكل قبيل ــة أو قري ــة‬
‫عالمية‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫فبينما عمل "المطبوع" على تفجير أو تقسيم المجتمع إلى فئات‪ ،‬تعمل وسائل‬
‫االتصال اإللكترونية على إرجاع الناس مرة أخرى إلى الوحدة القبلية المميزة "للشفوي"‪.‬‬
‫بناء على ما سبق‪ ،‬يرى "م‪ .‬ماكلوهان" بأن وسائل االتصال امتدادات للبشر‬
‫(وهو عنوان لكتاب له نشر عام ‪ ،)1964‬لحواس اإلنسان ثم ألعصابه‪ .‬فالكامي ار امتداد‬
‫لحاسة العين والميكروفون امتداد لألذن (وللفم في االتجاه اآلخر) والحاسوب امتداد‬
‫للعقل‪ ...‬وأن تأثيرها على اإلنسان يرجع إلى كونها تعتبر جزءا ال يتج أز منه‪ ،‬يعتمد عليه‬
‫بالضرورة إلدراك ما يجري حوله وتقدير مدركاته‪.‬‬
‫ولكننا‪ ،‬على العموم‪ ،‬وبالرغم من أهمية وسائل االتصال نعتبر بأن هذه "الجبرية‬
‫التكنولوجية" مبالغ فيها‪ .‬وهي تفسير أحادي‪ ،‬يمكن اعتباره مجرد تعبير "غير علمي" عن‬
‫الثقافة األمريكية المعاصرة وعن اآللية التي عاش "ماكلوهان" في ظلها‪ ...‬ومن ثم ال‬
‫يمكن تعميمه من الناحتين التاريخية والجغرافية‪ ،‬بل حتى تصديقه بهذه الدرجة على‬
‫المجتمع األمريكي نفسه‪ .‬هذا باإلضافة إلى كونه ال يفسر اختالف النظم االقتصادية‪،‬‬
‫االجتماعية والسياسية بالرغم من وحدة كل من الطور التاريخي‪ ،‬الرقعة الجغرافية ووسيلة‬
‫االتصال المسيطرة‪ ،‬بل إننا نعتقد بأنه يعبر عن تفسير كاريكاتوري وتبسيطي لتاريخ‬
‫وسائل االتصال الذي هو أكثر تعقيدا وتداخال في تطوره أفقيا وعموديا من أن يفسر بهذا‬
‫التبسيط الخطي المنتظم‪.‬‬

‫‪ -2.2‬التطور التاريخي الحدثي لوسائل االتصال‬


‫م ــن المع ــروف أن هن ــاك ع ــدة تقس ــيمات لل ــزمن الت ــاريخي تمك ــن م ــن تتب ــع تط ــور‬
‫ظ ــاهرة االتص ــال من ــذ ظه ــور المجتمع ــات البدائي ــة األول ــى‪ ،‬وذل ــك عب ــر وسـ ـائل وتقني ــات‬
‫مضــاعفة الرســائل (الكلمــة‪ ،‬اإلشــارة‪ ،‬الخطــاب‪ ،‬الكتابــة‪ ،‬البريــد‪ ،‬التنظيمــات الدينيــة‪ ،‬الــخ)‪ .‬وبخــالف‬
‫االقتصــاديين يعمــل المؤرخــون عــادة بــثالث دورات زمنيــة‪ ،‬فتحلــيلهم للتــاريخ يتمحــور حــول‬
‫رتــه طويلــة أو بنيــوي (قــد يتوافــق مــع التقســيم التقليــدي الخطــي‪ :‬قــديم‪ ،‬وســيط‪،‬‬
‫زمــن ثالثــي‪ :‬أول دو ا‬
‫حديث ومعاصر) وثانيها متوسط أو مفصلي (يشمل دورات منتظمة ال يقل عمر أدناها عـن خمسـين‬
‫سنة وتتقدم في شكل ناقوس‪ ،‬نصفه األول تصاعدي ونصفه الثاني تنازلي)‪ ،‬وثالثها قصير أو حـدثي‬
‫يتطور خطيا ومعالمه عبارة عن أحداث بارزة‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى أنه جرت العـادة تقليـديا‬
‫العمل بالتسلسل الزمني الخطي الحدثي (‪ )Evénementiel‬ألنه تقسيم شائع في التعليم وبين‬

‫‪28‬‬
‫عامـة النـاس (‪ ،)Timoteo Alvarez, J.: 1992, 45-46‬وهـو يتمحـور ‪-‬كمـا هـو معـروف‪ -‬حـول‬
‫أحداث تاريخية كبيرة وقعت في تواريخ محددة‪.‬‬
‫وسنتعرض تباعا ألهم نقاط تطـور وسـائل االتصـال عبـر التـاريخ معتمـدين أساسـا‬
‫على هذا التقسيم التسلسلي الخطي‪:‬‬
‫إن وسائل االتصال وجـدت بوجـود كائنـات هـذا العـالم ولكنهـا مـرت بم ارحـل تطـور‬
‫عديدة أفرزت عدة أنـواع متفاوتـة فـي الكـم والكيـف والمـدى‪ ،‬ولكنهـا كانـت تهـدف دائمـا إلـى‬
‫فورية االتصال‪ ،‬توسعة دائرة المستقبلين وتحسين نوعية الرسالة‪:‬‬
‫لق ــد كان ــت وس ــائل االتص ــال ف ــي العص ــور القديم ــة طبـ ـوال ودخان ــا ون ــا ار وطيـــو ار‬
‫وخيال‪ ...‬هذا باإلضافة إلـى الحفـر علـى األحجـار واألشـجار واأللـواح واألعمـدة المنصـوبة‬
‫فـي المعابـد أو الميـادين العامـة‪ .‬ومـن جهـة ثانيـة‪ ،‬كـان التجـار يحملـون معهـم فـي أســفارهم‬
‫األخبار كما كان المندوبون ينشرونها ويعلنون أوامر الحكـام‪ .‬ويمكـن اإلضـافة فـي األخيـر‬
‫إلى جميع هذه الوسائل المتقدمة وسيلة هامة هي وسيلة االتصال الشخصي االعتيادي‪.‬‬
‫ولقد كـان النـاس يسـجلون رسـائلهم وينسـخونها باأليـدي علـى المـواد الطبيعيـة التـي‬
‫كانت متوفرة لديهم آنذاك (الخشب‪ ،‬النحاس‪ ،‬ورق ولحاء األشجار‪ ،‬العاج‪ ،‬العظـام‪ ،‬الجلـود‪ )...‬ومـع‬
‫م ــرور ال ــزمن ب ــرزت الحاج ــة للحص ــول عل ــى م ــادة للكتاب ــة تك ــون س ــهلة الخ ــزن والحم ــل‬
‫واالستعمال‪ .‬وقد اجتهد المصـريون القـدماء فاسـتخدموا ورق البـردى (نبـت مـائي) الـذي انتقـل‬
‫إلــى اليونــانيين والرومــان‪ .‬ثــم تمكــن الصــينيون مــن اخت ـراع الــورق مــن لحــاء شــجر التــوت‬
‫‪( )Ts’al‬إب ـراهيم أبــو عرقــوب‪ .)82 ،1993 :‬وبــالرغم مــن‬ ‫(‪Lub‬‬ ‫ح ـوالي ســنة ‪105‬م علــى يــد‬
‫احتكــار ه ـؤالء لســر اكتشــافهم اســتطاع المســلمون الحصــول عليــه بعــدما امتــدت فتوحــاتهم‬
‫لتتجاوز الصين شرقا حوالي منتصف القرن الثامن الميالدي‪ .‬ثم طوروها فأنتجوا ورقـا مـن‬
‫أليــاف الكتــان ثــم أول مصــنع إلنتــاج الــورق فــي التــاريخ فــي مدينــة "ســمرقند" تلتــه مصــانع‬
‫أخرى في دمشق‪ ،‬مصر والمغرب‪.‬‬
‫وفي منتصف القرن الثاني عشر أنشأ المسلمون مطاحن للورق في أسبانيا ثم أول‬
‫مصنع للورق في صقلية (إيطاليا)‪ ،‬وبذلك انتقلت صناعة الورق ومطاحنـه إلـى أوروبـا التـي‬
‫اســتحوذت علــى تطويرهــا منــذ القــرن الثالــث عشــر‪ ،‬فحســنت وســائلها حتــى أصــبحت آليــة‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫واســتمر الوضــع كــذلك إلــى حــد اكتشــاف المطبعــة فــي القــرن الخــامس عشــر ثــم اكتشــاف‬
‫المطبعة الميكانيكية األولى مع مطلع القرن التاسع عشر‪.‬‬
‫وه ــذا يعن ــي أن وس ــائل االتص ــال كان ــت كثيـ ـرة ومتنوع ــة ف ــي تل ــك العص ــور‪ ،‬ث ــم‬
‫خضــعت ألط ـوار متعــددة (الكــالم والرمــوز ثــم الكتابــة التصــويرية والحرفيــة) حتــى ظهــور المطبعــة‬
‫(جــوتنبرغ‪ )1436 :‬التــي كانــت بحــق تمثــل الفاصــل الحقيقــي بــين العصــور القديمــة والعصــور‬
‫الحديثة من حيث ارتباطها بتطـور وسـائل االتصـال طبعـا‪ .‬ذلـك أنهـا أمـدت العـالم الحـديث‬
‫بوسائل اتصـال جديـدة ابتـداء مـن الكتـب والنشـرات ثـم الصـحف (أول صـحيفة منتظمـة‪ :‬هولنـدا‬
‫‪/1605‬أول يومية‪ :‬بريطانيا ‪ )1702‬وأصبحت بذلك الكلمة المقروءة هي وسيلة االتصال األولى‬
‫في العصر الحديث‪.‬‬
‫ثــم بــدأت الثــورة االتصــالية الثانيــة مــع ظهــور أداة جديــدة مــن أدواته ـا ونعنــي بهــا‬
‫"وكاالت األنباء" (تعتبر وكالة "هافـاس" التـي ظهـرت عـام ‪ 1835‬أوالهـا) والتـي أصـبحت فيمـا بعـد‬
‫الممون اإلخباري األساسي للوسائل األخرى‪.‬‬
‫ثم حدثت الثورة الثالثة بظهور المخترعات السمعية البصرية الحديثـة (سـينما‪ ،‬راديـو‪،‬‬
‫تلفــاز‪ ،‬فيــديو‪ ،‬كومبيــوتر) وكــان قمــة الثــورة فــي االتصــال ظهــور األقمــار الصــناعية فــي نهايــة‬
‫الخمسينيات (وخاصة بعد نقل األلعـاب األولمبيـة مـن طوكيـو عـام ‪)1964‬؛ تلتهـا اخت ارعـات أخـرى‪،‬‬
‫الفيديو خاصة (عام ‪ ،)1964‬الذي مكن الجمهـور مـن إعـادة شـارات التلفـزة‪ ،‬والتلفـزة بواسـطة‬
‫الكابالت (مطلع السبعينيات)‪ ،‬التي عملت على زيادة وضوح الصورة والصوت وعـدد البـرامج‬
‫والقنوات‪.‬‬
‫وفــي أواخــر الســبعينيات ظهــرت وســائل جديــدة لالتصــال تولــدت عــن ال ـربط بــين‬
‫مختلــف الوســائل مــن تلف ـزة ومعلوماتيــة واتصــاالت قصــيرة المــدى‪ ...‬كانــت ســابقا تتطــور‬
‫تطو ار منفصـال وفـي منافسـة شـديدة تكـاد تكـون إقصـائية‪ .‬وقـد أدى هـذا التوجـه الجديـد إلـى‬
‫تغيـ ـرات جذري ــة عل ــى جمي ــع المس ــتويات‪ :‬اإلنت ــاج‪ ،‬المعالج ــة والتوزي ــع‪ ،‬ومنه ــا الـ ـربط ب ــين‬
‫الهــاتف والكومبيــوتر والتلفزيــون والفيــديو‪ ،‬وهــو األمــر الــذي نتجــت عنــه إمكانيــات جديــدة‬
‫لالتصــاالت االجتماعيــة‪ ،‬أدت فــي الثمانينــات إلــى مــا نســميه بوســائل االتصــال الجديــدة‪،‬‬
‫والتـ ــي تتمثـ ــل أساسـ ــا فـ ــي تطـ ــوير األقمـ ــار الصـ ــناعية‪ ،‬الكوابـ ــل‪ ،‬الفـ ــاكس‪ ،‬الفيديوتكسـ ــت‪،‬‬
‫التلتكست‪ ،‬الفيديودسك‪ ،‬التلفزة عالية التحديد والرقميـة‪ ،‬األشـرطة واألقـراص المضـغوطة‪...‬‬

‫‪30‬‬
‫وإلى عدد ال متناهي من إمكانيات التركيب المتعدد الوسائل والتقنيات واألبعاد‪ ،‬تمثلت أهم‬
‫تطبيقاته الحالية في الجمع بين التلفزيون واإلعالم اآللي والهاتف واإلنترنت‪.‬‬
‫وتج ــدر اإلش ــارة إل ــى أن هن ــاك العدي ــد م ــن الع ــروض التاريخي ــة لتط ــور وس ــائل‬
‫االتصــال تختلــف عــن هــذا الســرد التــاريخي‪ .‬فهنــاك مــن قســم تــاريخ اإلنســانية مــن حيــث‬
‫ارتباطهــا بوســائل االتصــال إلــى ثالثــة م ارحــل أيضــا ولكــن بتســميات وفتـرات مختلفـة‪ :‬ميــز‬
‫المرحلة األولى ظهور الكتابة كبديل لالتصال باإلشـارات واالتصـال الشـفوي‪ ،‬ومثـل الثانيـة‬
‫ظهــور وانتشــار الطباعــة التــي ســمحت بتعــدد أو إعــادة اإلنتــاج الصــناعي للرســالة‪ ،‬بينمــا‬
‫يمثل ثالثها تعدد هذه الوسائل التـي أصـبحت ال تسـمح فقـط بإعـادة اإلنتـاج المتسلسـل‪ ،‬بـل‬
‫بالنشــر الف ـوري للرســالة فــي جمهــور واســع (مرحلــة االتصــال الجمــاهيري)‪ .‬وبهــذا المعنــى‪،‬‬
‫فــإن ظهــور وســائل االتصــال البص ـرية ال تعتبــر ‪-‬كمــا يــزعم "ماكلوهــان"‪ -‬قطيعــة نحــو عمليــة‬
‫جديــدة بــل تتويجــا لــدورة قديمــة‪-‬جديــدة لــم تســتهلك بعــد‪ .‬ونحــن نعــيس اآلن مرحلــة انتقاليــة‬
‫تتراوح بين االتصال الجماهيري واالتصال التفاعلي المتخصص‪.‬‬
‫وإذا اعتمـدنا التقســيم الثالثــي للــزمن التــاريخي وأسـقطناه علــى تطــور ظــاهرة وســائل‬
‫االتصال‪ ،‬فإننا نجد بأن القرن العشرين يظهر تاريخيا متمي از أوال بـزمن طويـل‪" :‬معاصـر"‪،‬‬
‫ببعض الدورات المتوسطة وبزمن قصير مستمر‪ ،‬حدثي ونسـبي‪ .‬فـالزمن الطويـل يسـتجيب‬
‫لخصــائص عامــة ميــزت الغــرب تــدريجيا‪ :‬نمــوذج إعالمــي "حــر" (ليب ارلــي) وشــبكة إعالميــة‬
‫عالمي ــة يس ــيطر عل ــى مقوده ــا ع ــدد مح ــدود م ــن الش ــركات‪ .‬وف ــوق ه ــذا ال ــزمن الطوي ــل ال‬
‫تتشـكل الــدورات فــي اتجــاه أفقـي بــل فــي اتجــاه شــبه عمـودي مميـزة التطــور الــدوري بم ارحــل‬
‫تطور وم ارحـل ركـود (وليسـت م ارحـل ت ارجـع)‪ .‬وبـالطبع تتخلـل هـذا الـزمن والـدورات أحـداث أو‬
‫محطات إعالمية متعددة ومتفاوتة األهمية‪ .‬والشكل الموالي يعكس هذا التطور‪:‬‬

‫الشكل (‪ )1‬الدورات التطورية لإلعالم في الغرب‬

‫‪31‬‬
‫‪1880‬‬ ‫‪1900‬‬ ‫‪1920‬‬ ‫‪1940‬‬ ‫‪1960‬‬ ‫‪1980‬‬
‫المصدر‪Timoteo Alvarez, J.: 1992, 49 :‬‬

‫‪ -3.2‬العرض التاريخي لـ"‪:)1999, 8-40( "ALBERT, LETEINTURIER‬‬


‫التصنيف الثالث تصنيف ثالثي المراحل يعتمد أساسا على التطو ارت التقنية‬
‫بأبعادها العالمية‪ ،‬وذلك بدء من الكتابة ومرو ار بالطباعة والصحافة المكتوبة‪ ،‬فالشبكات‬
‫األولى لالتصاالت عن بعد‪ ،‬ووصوال إلى المعلوماتية والملتيميديا والطرق السريعة‬
‫للمعلومات‪ .‬وفيما يلي عرض موجز لتاريخ الوسائل وفق الكاتبين‪:‬‬
‫‪ -1.3.2‬من الكتابة إلى الصحافة‪:‬‬
‫‪ -‬من الكتابة إلى الطباعة‪ :‬ظهرت الكتابة في القرن الرابع قبل الميالد كضرورة‬
‫اجتماعية تواصلية للمحافظة على المعلومات (بيانات‪ ،‬خطب‪ ،‬صور‪ )...‬ونقلها عبر‬
‫الزمان والمكان‪ .‬وكانت تستعمل إلدارة وتسيير المجموعات البشرية وتخص أساسا الدين‬
‫واالقتصاد والتجارة‪ .‬أما دعامتها األولى فكانت عبارة عن ألواح طينية رافقتها القراءة‬
‫وتطوير تقنيات االتصال الشفوي والخطابي‪ .‬لكن االنتشار الواسع للكتابة والقراءة ومعهما‬
‫الكتاب لم يتحقق إال بعد ظهور المطبعة في القرن الخامس عشر‪.‬‬
‫‪ -‬نشأة الصحافة وتطورها‪ :‬ظهرت الصحف األولى بالمعنى الحديث للكلمة مع‬
‫بداية القرن السابع عشر‪ :‬أول دورية في فرنسا (‪)Les Nouvelles d’Anvers : 1605‬‬
‫وليست (‪ )La Gazette : 1631‬ثم أول يومية في ألمانيا عام ‪Neuenlauffende ( 1660‬‬
‫‪( )Nechricht von Kriegs und Welthändeln‬أخبار جديدة حول مسائل الحرب والعالم)‬
‫ثم في بريطانيا عام ‪( )The Daily Current( 1702‬األحداث اليومية)‪ .‬ولقد ارتبطت نشأة‬
‫الصحافة هذه بتقاطع ثالثة عوامل تقنية في أوروبا هي‪ :‬تطور الطباعة (مضاعفة النسخ)‬
‫وتحسن المواصالت (الطرق الحضرية وانتظام النقل) وتدعيم إدارات البريد (توزيع‬
‫منتظم)‪ .‬ثم تطورت أساسا في أوروبا وأمريكا في القرنين التاسع عشر والعشرين بفضل‬
‫العوامل االقتصادية والتقنية التي نتجت عنها سوق حقيقية للقراء والصناعة الصحفيين‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫كما كان لوكاالت األنباء (التوزيع) واإلشهار (الدعم المالي) دور معتبر في عولمة‬
‫الصحافة وزيادة انتشارها‪.‬‬

‫‪ -2.3.2‬الشبكات األولى لالتصاالت عن بعد‪:‬‬


‫لقد رافق ظهور وتطور تقنيات نقل الرموز عن بعد والتحكم في إجراءات تسجيل‬
‫الصوت والصورة التحكم في إنتاج وتوزيع الكهرباء‪ ،‬مما سمح بتطوير التلغراف الكهربائي‬
‫والهاتف (االتصال الشخصي) واإلذاعة الصوتية فالتلفزيون (االتصال الجماهيري غير‬
‫التفاعلي)‪:‬‬
‫‪ -‬شبكات االتصال األولى (التلغراف والهاتف)‪ :‬تطور االتصال اإلنساني عن‬
‫بعد (بعد الدخان والحمام الزاجل‪ )...‬مع ظهور شبكة التلغراف المرئي "التتابعي"‬
‫("السيمافور" الفرنسي‪ )1793 :‬ثم التلغراف الكهربائي أو "المورسي" (أمريكا‪ .)1837 :‬أما‬
‫التكنولوجيات الموالية الخاصة بالهاتف السلكي (بل‪ )1876 :‬والالسلكي فقد ضاعفت‬
‫أبعاده فخوصصته منذ البداية ودولته منذ ‪.1887‬‬
‫‪ -‬من اإلذاعة الالسلكية إلى اإلذاعة الرقمية‪ :‬لقد ساهمت األبحاث والتطبيقات‬
‫في المجال الكهرومغناطيسي (ماكسويل‪ ،‬هرتز‪ ،‬بوبوف‪ ،‬ماركوني) في تحقيق االتصاالت‬
‫الالسلكية قبل مطلع القرن العشرين‪ .‬فبعد االستعماالت المهنية "الهاتفية" (العسكرية‬
‫والمدنية) األولية استعملت محطات إذاعية "جماهيرية" ترفيهية وسياسية منذ ‪ 1920‬في كل‬
‫من روسيا وأمريكا ثم في بقية أوروبا والعالم‪ ،‬وذلك بعدما صغر حجمها وتنوعت برامجها‬
‫وتحسن بثها (تعدد الموجات والنظام الرقمي) وأصبحت تسمع وتشاهد عبر االنترنت‪.‬‬
‫المباشر‪ :‬إن اختراع السينما (‪-1889‬‬ ‫‪ -‬من التلفزيون التماثلي إلى باقات البث‬
‫‪ )1895‬الناتج عن اختراع التصوير أدى إلى تحقيق بث أُولى البرامج اإلخبارية في شكل‬
‫مقاطع صور متحركة وسمعية تبث في مطلع العروض السينمائية‪ .‬ثم أدت األعمال‬
‫الخاصة بنقل الصور الثابتة عن بعد إلى اختراع "البلينغراف" عام ‪ ، 1907‬لكن التلفزيون‬
‫ال يعتبر امتدادا لهاتين التقنيتين المهنيتين المحدودتين بالمكان بل تعتبر امتدادا لتقنية‬
‫البث اإلذاعي (غير الفيزيقي) النقطي التماثلي (منذ ‪ )1929‬عبر الموجات القصيرة‬
‫وباأللوان (منذ ‪ )1953‬وعبر األقمار الصناعية المضاعفة للبث (‪ )1962‬ثم بالبث المباشر‬
‫والمعولم (ابتداء من الثمانينات) وفي إطار باقات بث رقمي منذ ‪ 1995‬توج بما يسمى‬

‫‪33‬‬
‫حاليا بالتلفزيون التفاعلي أو تحت الطلب برمجيا والذي استفاد كثي ار من تطور‬
‫اإللكترونيك والمعلوماتية‪.‬‬

‫‪ -3.3.2‬المعلوماتية واالتصاالت عن بعد‪:‬‬


‫لقد دخلنا مع عشريتي الثمانينات والتسعينات في عصر اإللكترونيك الجماهيري‬
‫بفضل تنوع الوسائط االتصالية وجمهرة المعلوماتية‪:‬‬
‫‪ -‬من المعلوماتية المهنية عن بعد إلى المعلوماتية الجماهيرية‪ :‬ظهرت أجهزة‬
‫الكومبيوتر األولى (‪ )ENIAC‬بعد الحرب العالمية الثانية‪ ،‬ثم تطورت أجهزته وبرمجياته‬
‫في اتجاهين مهني وشخصي‪ .‬لتستغل فيما سمي الحقا بشبكة االنترنت‪.‬‬
‫‪ -‬شبكات الوسائط المتعددة (الملتيميديا) والطرق السريعة للمعلومات‪ :‬تعتبر‬
‫شبكة االنترنت (‪ )Internet‬امتداد وسائطي دولي إلحدى أولى الشبكات األمريكية‬
‫المعلوماتية عن بعد (‪ .)Arpanet : 1967‬والتي كان من أهم تطوراتها النوعية تدويلها (منذ‬
‫‪ )1983‬والتوصل إلى هيكلة المعلومات المتداولة عبرها وتوحيد نظام بحث وإنتاج‬
‫المعلومات‪" :‬الويب" (‪ )1989( )www‬وباقي "البروتوكوالت" االتصال قبل وبعد ذلك‬
‫(…‪ .)tcp/ip , http, html, ftp‬مما سمح بتقليص غلبة استعمال النص والصورة الثابتة‬
‫لصالح الصوت والفيديو وآنية البث وسرعته المتزايدة‪ ،‬حيث أصبحت اآلن الشبكة مطية‬
‫كل وسائل االتصال األخرى (الصحافة‪ ،‬الراديو‪ ،‬التلفزيون‪ ،‬الهاتف‪ )...‬وأي نوع من أنواع‬
‫الوثائق‪ ،‬الصور أو البرامج المكتوبة والسمعية البصرية‪ .‬ولذلك أطلق عليها منذ ‪1994‬‬
‫(‪ )Al Gore‬مصطلح "الطريق السريع للمعلومات" كسيناريو مستقبلي لها‪ .‬وهذا سيؤدي‬
‫إلى ضرورة رفع التحديات التقنية واالقتصادية والقانونية واألخالقية المالزمة لهذا التطور‪.‬‬

‫‪ -‬وفي األخير وتدعيما لما سبق سرده‪ ،‬نقدم جدوال تلخيصيا ألهم األحداث في‬
‫عالم االتصال الجماهيري معتمدين في ذلك أساسا على تصنيف "نبيل عارف الجردي"‪:‬‬
‫‪.61-60 ،1986‬‬
‫الجدول (‪ :)2‬سرد تاريخي بأهم األحداث في عالم االتصال‬
‫السنة‬ ‫الحدث‬
‫‪ 105‬م‬ ‫صنع الصينيون الورق والحبر‪.‬‬
‫‪ 400‬م‬ ‫ظهور أقدم جريدة عالمية في الصين "تشينغ باو" (توقفت عن الصدور عام ‪.)1934‬‬

‫‪34‬‬
‫‪1436‬‬ ‫تطريز الطباعة بالحروف المعدنية في أوروبا من طرف جوتنبرغ وآخرين‪.‬‬
‫‪1539‬‬ ‫ظهور أول مطبعة في األمريكيتين (في المكسيك)‪.‬‬
‫‪1631‬‬ ‫صدور أول صحيفة دورية رسمية في أوروبا بفرنسا (‪.)Gazette‬‬
‫‪1702‬‬ ‫صدور أول صحيفة يومية باإلنجليزية في لندن (‪.)Daily Current‬‬
‫‪1731‬‬ ‫صدور أول مجلة في الشكل الحديث بلندن (‪.)The Gentleman’s Magazine‬‬
‫‪1798‬‬ ‫ظهور أول مطبعة بمصر استقدمها الغازي نابليون‪.‬‬
‫صدور أول جريدة رافقت االحتالل الفرنسي للجزائر ‪" 1830‬بريد الجزائر" ( ‪1830 L'Estafette‬‬
‫‪..)d'Alger‬‬
‫‪1838‬‬ ‫صدور "الوقائع المصرية" بمصر‪.‬‬
‫‪1839‬‬ ‫"داجيير" يطور عملية التصوير‪.‬‬
‫‪1844‬‬ ‫"مورس" (‪ )Morse‬يرسل أول برقية تلغرافية بطريقة الرمز والتي أصبحت تحمل اسمه‪.‬‬
‫‪1853‬‬ ‫صنع الورق من لب األشجار‪.‬‬
‫‪1857‬‬ ‫مد أول كابل اتصالي عبر المحيط األطلسي‪.‬‬
‫‪1858‬‬ ‫صدور أول صحيفة "حديقة األخبار" في لبنان‪.‬‬
‫‪1867‬‬ ‫اختراع أول آلة كاتبة عملية (‪.)Type Writer‬‬
‫‪1873‬‬ ‫ظهور أول صحيفة مصورة‪.‬‬
‫‪1876‬‬ ‫"بل" (‪ )Bell‬يرسل رسالة هاتفية عبر السلك‪.‬‬
‫‪1877‬‬ ‫"إديسون" يخترع الفونوغراف‪.‬‬
‫‪1894‬‬ ‫أول آلة عرض سينمائية تعرض أفالم على الجمهور‪.‬‬
‫‪1895‬‬ ‫"ماركوني" يرسل ويستقبل رسائل راديفونية بالالسلكي‪.‬‬
‫‪1920‬‬ ‫ظهور أول محطة إذاعية في موسكو وأول برامج يومية مذاعة من (دترويت) في أمريكا‪.‬‬
‫‪1923‬‬ ‫نجاح أول إرسال للصورة المتلفزة في أمريكا‪.‬‬
‫ظهور أول إذاعة تلفزيونية منتظمة (األمريكية ‪ )W.G.Y‬وأول فيلم بالصور المتحركة لـ"والت ‪1928‬‬
‫ديزني"‪.‬‬
‫‪1934‬‬ ‫بداية اإلذاعة في الوطن العربي بمصر‪.‬‬
‫‪1954‬‬ ‫بداية التلفزيون الملون بصفة منتظمة وعلى أساس تجاري‪.‬‬
‫‪1957‬‬ ‫إطالق االتحاد السوفييتي ألول قمر صناعي (سبوتنيك رقم واحد)‪.‬‬
‫‪1962‬‬ ‫استعمال أول قمر صناعي أمريكي (تلستار) لنقل شارات تلفزيونية عبر الفضاء‪.‬‬
‫‪1964‬‬ ‫ظهور الفيديو‬
‫التلفزة بالكابل‪ ،‬الكومبيوتر الشخصي‪ ،‬تقنيات االتصال عن بعد‪ ،‬اإلنترنت‪1970 Multimédia, ( ..‬‬
‫‪..‬‬ ‫‪)Internet‬‬

‫‪35‬‬
‫ثالثا) المبادئ التقنية للتكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال‬

‫حصر "س‪ .‬ج‪ .‬برتران" (‪ )Bertrand, C-J. (Dr.),1999,108-111‬المبادئ التقنية‬


‫للتكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال في أربعة‪ ،‬نوجزها فيما يأتي‪:‬‬

‫‪ -1.3‬ترميز المعلومات‪:‬‬
‫‪ -‬الترميز التماثلي (التناظري)‪:‬‬
‫في األنظمة التماثلية تستقبل المعلومات وتعالج وترسل أو تخزن وأخي ار تسترجع‬
‫في شكل ترددات كمية فيزيقية (ميكانيكية‪ ،‬كهربائية‪ ،‬مغناطيسية أو كيميائية)‪ ،‬بحيث‬
‫يكون هناك تماثل بين الشارة المرسلة والشارة المستقبلة‪.‬‬
‫ولكن لهذا النظام التماثلي عدة سلبيات أهمها اثنان‪ :‬تدهور نوعية الشارة أثناء‬
‫اإلرسال وحاجة هذا األخير إلى تواصل مستمر بين المرسل والمستقبل‪ :‬فمثال تَش َغ ُل‬
‫المكالمة الهاتفية التماثلية خطا هاتفيا باستمرار (ما لم يتوقف المتهاتفين عن الكالم)‪.‬‬

‫‪ -‬الترميز الرقمي‪:‬‬
‫في األنظمة الرقمية ترمز المعلومات في شكل أرقام ثنائية (أو ‪ ،)Bits‬تتكون من‬
‫أصفار(‪ )0‬وآحاد (‪ ،)1‬وهي تعكس مرور أو عدم مرور التيار الكهربائي‪ .‬في اإلعالم‬

‫‪36‬‬
‫اآللي تصنف هذه األرقام إلى مجموعات متكونة من ثمانية أرقام (‪ ،)bytes Octets/‬تمثل‬
‫كل واحدة منها حرفا أو عددا أو رم از كتابيا‪ .‬أما الصوت فيحدد مداه بوحدة زمنية مقدارها‬
‫ويحول هذا القياس إلى أرقام ثنائية (‪ .)Bits‬ونطبق التقنية‬ ‫‪ 125‬مليون جزء من الثانية‪ُ ،‬‬
‫نفسها على الصورة‪ :‬كل نقطة أولية يمثلها رقم ُيحدد موقعها ولونها وشدتها‪ ،‬الخ‪.‬‬
‫ومما يتميز به النظام الرقمي على التماثلي ما يأتي‪:‬‬
‫‪ -‬إ نه يحافظ على نوعية أو أصالة المعلومات من التدهور أو التشويه‪ :‬فإذا أدت‬
‫معالجة المعلومات أو إرسالها إلى تشويهها‪ ،‬يمكن التقدير أن ما وصل أو اُستقبل قريب‬
‫من‪ 0‬أو‪ 1‬ومن ثم استرجاع الشارة األصلية بشكل شبه كامل‪.‬‬
‫‪ -‬كما يمكن للرقمي أن "يعالج" الصوت أو الصورة بالحاسوب بالكيفية نفسها التي‬
‫تعالج بها النصوص‪ .‬إن مخابر التلفزيون والسينما التي بدأت باستعمال النظام الرقمي في‬
‫بداية التسعينيات (‪ )1990‬أصبحت بمقدورها تغيير مظهر األشخاص أو حذف بعض‬
‫أجزاء المناظر الطبيعية أو على العكس من ذلك إضافة صورة متقطعة من مصادر‬
‫أخرى إلى فيلم معين‪ .‬إن هذه القدرة على التالعب بتمثيل الواقع قد تكون لها أهداف‬
‫جمالية إيجابية كما قد تكون لها أهداف سياسية أو أخالقية سلبية‪.‬‬

‫‪ -‬ضغط المعلومات الرقمية‪:‬‬


‫تتطلب تقنية الرقمي إمكانيات نقل ومعالجة وتخزين كبيرة‪ ،‬قد تتجاوز قدرات‬
‫الشبكات الهرتزية والقابلية العادية (فمثال‪ ،‬ثانية من الصورة التلفزيونية قد تمثل بما يتراوح‬
‫من ‪ 250‬مليون وحدة رقمية‪ ،)Mbits:‬كما تتطلب أجهزة استقبال إلكترونية معقدة ومكلفة‪.‬‬
‫اإلشارات الرقمية إحدى الحلول العملية لمشكلة التخزين‬ ‫تعتبر تقنية ضغط‬
‫واإلرسال‪ .‬وتتمثل هذه العملية في تقليص وتيرة تدفق المعلومات بغية تخفيض الكلفة‬
‫وتقليص زمن اإلرسال دون أثر يذكر على معنى الرسالة‪ .‬إن تعويض اسم "طرابلس‬
‫الغرب" بـ(‪ )4501‬مثال‪ ،‬عبارة عن عملية ضغط حولت ‪ 11‬حرفا إلى ‪ 4‬أرقام‪ .‬فلضغط‬
‫مجموعة من الصور يمكن مثال أن نرسل الصورة األولى كاملة‪ ،‬ثم االكتفاء في المراحل‬
‫الالحقة بإرسال العناصر الجديدة التي تغيرت فيها‪.‬‬
‫ولتنفيذ ذلك من الناحية التقنية تستعمل معادالت رياضية (خوارزميات) سمحت‬
‫إلى حد اآلن باختزال الصورة في حدود ‪ 1‬إلى ‪ ،8‬أي من أكثر من ‪ 250‬وحدة رقمية إلى‬

‫‪37‬‬
‫‪ 34‬وحدة دون تشويهها‪ .‬ولقد فتحت هذه التقنية المجال أمام التلفزيون إرسال عدد أكبر‬
‫من الصورة ومضاعفة عدد القنوات التلفزيونية وكذا إرسال صور غنية أكثر بالمعلومات‪.‬‬

‫‪ -2.3‬دعائم التخزين‪:‬‬
‫‪ -‬الدعائم التقليدية‪:‬‬
‫يمكن تحزين الصوت والصورة على دعائم مختلفة‪ .‬فحتى الستينيات (‪ )1960‬كان‬
‫يحتفظ بالصورة على لوحات معدنية (‪ )Daguirréotype:1839‬ثم على لوحات زجاجية‬
‫(‪ )1850‬وأخي ار على أشرطة أفالم (‪ ،)1880‬والتي شاع استعمالها ألزيد من قرن‪ .‬أما‬
‫الصوت فقد تم تخزينه أوال في أسطوانات قصديرية أو شمعية منذ ‪1877‬‬
‫(‪ )Phonographes‬ثم في أقراص (‪ )Gramophones‬بالستيكية أساسا طورت الحقا بعد‬
‫‪ 1930‬إلى دعائم مغناطيسية (‪.)Magnétophones‬‬
‫ثم توسع استعمال هذه الدعائم ليشمل معطيات اإلعالم اآللي (األقراص الصلبة‬
‫والمرنة للحواسيب) والصورة المتحركة (أشرطة الفيديو)‪ .‬لقد سمحت هذه الدعائم وألول‬
‫مرة باالحتفاظ بمعلومات مختلفة الطبيعة وبكتابة أو تسجيل المعلومات عدة مرات على‬
‫الدعامة نفسها‪.‬‬
‫‪ -‬الدعائم البصرية‪:‬‬
‫شهدت عشرية الثمانينات من القرن الماضي ظهور دعائم بصرية رقمية شاع‬
‫استخدامها من طرف عامة الناس‪ ،‬وكان أهمها األقراص المضغوطة (‪ .)CD‬تتميز هذه‬
‫األقراص عن الدعائم التقليدية بما يأتي‪:‬‬
‫‪ -‬قدرة أكبر على التخزين ألن المعلومة في شكلها الرقمي يمكن ضغطها‬
‫واختزالها‪.‬‬
‫‪ -‬القدرة على االحتفاظ لمدة أطول بالمعلومات‪ ،‬ألن قراءة المعلومات ال تتم من‬
‫خالل التماس الفيزيقي (االستماع إلى الموسيقى عن طريق إبرة من األسطوانات التقليدية)‬
‫بل بطريقة بصرية‪ :‬شعاع ليزري تعكسه األحواض المجهرية المكونة للقرص المضغوط‪.‬‬
‫‪ -‬الوصول المباشر والفوري (وليس التسلسلي) إلى المعلومات المرغوب فيها‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫كما أصبحت هذه األقراص متعددة االستعماالت‪ :‬دعائم موسيقية‪ ،‬دعائم تخزينية‬
‫للنصوص والصور الثابتة والمتحركة مع الحاسوب (‪ )CD Rom‬أو آالت التصوير أو‬
‫التلفزيون والفيديو الرقمي (‪.)Digital Versatil Disk : DVD‬‬

‫‪ -3 .3‬دعائم اإلرسال‪:‬‬
‫‪ -‬الموجات الكهرومغناطيسية (الهرتزية)‪:‬‬
‫يتم إرسال المعلومات عن طريق ترددات الموجات الكهرومغناطيسية المتواجدة‬
‫في الهواء‪ .‬وتقاس هذه الترددات بوحدة الهرتز(‪ ،)Hz‬حيث كلما زادت كمية المعلومات‬
‫المراد إرسالها وتحسنت نوعية اإلرسال كلما زادت الحاجة إلى كمية أكبر من هذه‬
‫الوحدات (يحتاج برنامج إذاعي إلى ‪ 200‬كيلوهرتز‪ ،‬وبرنامج تلفزيوني إلى ما بين ‪ 4‬و‪8‬‬
‫ميغاهرتز)‪.‬‬
‫تبعا التفاقات دولية ُقسم الطيف الهرتزي (مجموع الترددات المتوفرة) إلى عدة‬
‫أصناف من الموجات ُخصص كل نوع منها الستعمال بعينه (إذاعة موجات قصيرة‪،‬‬
‫متوسطة‪ ،‬طويلة‪ ،‬رقمية… تلفزيون بث مباشر‪ )...‬تبعا للخصائص الفيزيقية لترددات‬
‫الموجات ( العلو‪ ،‬االنخفاض)‪.‬‬
‫ويتم البث عبر الموجات الهرتزية إما عن طريق شبكات إرسال أرضية تُب َنى لها‬
‫أبراج عالية أو عن طريق األقمار الصناعية (الثابتة أو المتحركة) التي تعتبر أقل كلفة‬
‫(استثما ار واستغالال) وذات استقبال أكثر جودة‪ ،‬لكن عمر استغاللها الزمني أقصر‬
‫وتصليحها في حالة الخلل أو العطب أصعب بكثير‪.‬‬
‫ويمكن اإلشارة في األخير إلى أن الطيف الهرتزي‪ ،‬الذي يتراوح بين ‪ 3‬كيلوهرتز‬
‫و‪ 200‬جيغاهرتز) يعتبر مصد ار ناد ار ألننا‪ ،‬ورغم التقدم التقني الهائل‪ ،‬لم نتمكن من‬
‫استعمال سوى ُخ ُمسه (من ‪ 3‬كيلوهرتز إلى ‪ 60‬جيغاهرتز)‪ .‬كما أن توزيع حقوق استغالل‬
‫موجات هذا الطيف الناتج عن االتفاقات الدولية لم يكن عادال بل كان على حساب الدول‬
‫الضعيفة‪.‬‬

‫‪ -‬الشبكات الكابلية‪:‬‬
‫سنتعرض فيما يأتي إلى دعاماتها وشكلها‪:‬‬

‫‪39‬‬
‫‪ -‬دعامات االتصال الشبكي (الشبكات النحاسية والبصرية)‪:‬‬
‫حتى عشرية الثمانينيات من القرن الماضي كانت الشبكات تستعمل موصالت من‬
‫النحاس لنقل المعلومات في شكل إشارات كهربائية‪ .‬ثم ظهرت األلياف البصرية التي تنقل‬
‫المعلومات (بما في ذلك الصوت والمعطيات) في شكل إشارات ضوئية‪.‬‬
‫ولأللياف البصرية عدة ميزات أهمها‪ :‬القدرة على نقل كمية أكبر من المعلومات‬
‫وعلى مسافة أطول وبتدهور أقل في نوعية المعلومات‪ ،‬مما يؤدي إلى تقليص عدد‬
‫المضخمات (مضخم واحد كل ‪ 100‬كلم مقابل مضخم كل كلمترين في حالة الوصل‬
‫النحاسي) وكذا كلفة االستغالل إال أن وضع األلياف البصرية تعتبر عملية أدق وكلفة‬
‫تصنيعها مرتفعة أكثر‪.‬‬

‫‪ -‬شكل االتصال الشبكي (الهندسة الشجرية والنجمية)‪:‬‬


‫تتخذ هندسة شبكة االتصال شكلين تقليديين‪:‬‬
‫في الشبكات التي تتخذ شكل الشجرة تنطلق اإلشارات من مركز التوزيع باتجاه كل‬
‫واحد من المستعملين (المشتركين ‪ /‬الجمهور) على حده وذلك على غرار شبكات توزيع‬
‫الماء أو الكهرباء على السكان‪.‬‬
‫في الشبكات التي تتخذ شكل النجمة‪ ،‬تنطلق كل اإلشارات من مركز التوزيع‬
‫ولكنها ال تصل بالضرورة إلى كل المستعملين‪ ،‬إذ قد تغربل أو توجه هذه اإلشارات عند‬
‫مرورها بنقاط تبديل مختلفة من الشبكة لتصل إلى البعض دون اآلخر وذلك على غ ارر‬
‫شبكة توزيع المكالمات الهاتفية‪.‬‬
‫فحتى عشرية الثمانينيات من القرن الماضي كانت كل شبكات االتصال الكابلية‬
‫منظمة على شكل شجرة‪ .‬ولقد أصبحت هذه الهندسة عاجزة عن أداء دورها بفعالية بعد‬
‫تطور القنوات التلفزيونية االختيارية (تحت الطلب) والتفاعلية وبالدفع‪ ،‬ألنها تتطلب إما‬
‫تجهيز المشتركين بعلبة تصفية (وهو أمر يتطلب تنقل التقنيين كلما تغير االشتراك) أو‬
‫برمز إشارات القنوات بالدفع التي لن تستقبل إال من طرف مشتركين يتم تجهيزهم بعلبة أو‬
‫بطاقة فك الرموز (وهي عملية معرضة للقرصنة من طرف غير المشتركين)‪ .‬والشبكات‬
‫النجمية تحل هذين اإلشكالين بجعل عمليتي التصفية واالختيار تتمان على مستوى مراكز‬
‫نقاط التبديل في الشبكة وليس على مستوى المشتركين‪ .‬كما أنها تسهل التواصل التفاعلي‬

‫‪40‬‬
‫مع المشتركين بتسهيلها وصول رد فعل هؤالء نحو مركز تسيير الشبكة ألنها تربط كل‬
‫مشترك بخط رجعة مع مركز التبديل‪.‬‬
‫وبالطبع‪ ،‬فإن نوع هندسة الشبكات الشجرية أو النجمية تصلح لالستعمال مع كل‬
‫الشبكات النحاسية والبصرية‪.‬‬

‫‪ -4.3‬تجهيزات االستقبال‬
‫‪ -‬أجهزة االستقبال الحالية‪:‬‬
‫يسـ ـتقبل الجمه ــور حالي ــا المعلوم ــات اإللكتروني ــة بوس ــائط وأجهـ ـزة اس ــتقبال مختلف ــة‬
‫(راديـ ــو‪ ،‬تلفزيـ ــون‪ ،‬هـ ــاتف قـ ــارئ أشـ ــرطة أو أق ـ ـراص‪ ،‬مسـ ــجالت‪ ،‬أجه ـ ـزة ألعـ ــاب وتسـ ــلية‪،‬‬
‫حواســيب‪ .)...‬وينــتج هــذا التنــوع عــن نمــط تطــور قطــاع المعلومــات اإللكترونيــة فــي شــكل‬
‫فروع مستقلة عن بعضها البعض ومتميزة في كيفية إرسال المعلومات أو تخزينها‪.‬‬

‫‪ -‬أجهزة االستقبال ذات الوسائط المتعددة‪:‬‬


‫ظهرت مؤخ ار أجهزة استقبال متعددة الوظائف تدعى بالملتيميديا )‪)Multimédia‬‬
‫أو بوسائط أو وسائل االتصال المتعددة‪ ،‬وذلك للتعبير في حقيقة األمر عن وسيلة واحدة‬
‫)‪ )Unimédia‬ألننا بصدد تعويض دعائم اتصالية مختلفة بدعامة واحدة‪.‬‬
‫وقد بدأ هذا التوحيد واإلدماج ضمن وحدة الحاسوب الذي أضيفت إلى وظائفه‬
‫األساسية إمكانية قراءة األقراص المضغوطة‪ ،‬تأدية وظيفة الهاتف والفاكس‪ ،‬االتصال‬
‫بشبكة االنترنت‪ ...‬ثم بدأ ينتقل هذا اإلدماج تدريجيا إلى الوسائل األخرى كالتلفزيون‬
‫متعدد الوظائف والهاتف الخليوي متعدد الوظائف‪...‬‬

‫‪ -‬أجهزة االستقبال المحمولة والمتحركة‪:‬‬


‫إن الشائع حتى اآلن في استهالك المعلومات اإللكترونية أنه يتم عبر أجهزة ثابتة‪.‬‬
‫ولقد بدأ األمر يتغير شيئا فشيئا بفعل التأثير المزدوج لعاملين تقنيين (المحمولية‬
‫والحركية)‪ :‬أوال‪ ،‬أدى التصغير المستمر للمكونات إلى تصغير حجم األجهزة وزيادة قوة‬

‫‪41‬‬
‫معالجتها للمعلومات وتعديل مادتها الخام (المحمولية)‪ .‬وثانيا‪ ،‬أدى تطوير شبكات إعادة‬
‫اإلرسال بكثافة أكبر إلى التواصل الالسلكي الواسع (الحركية)‪ .‬ومع مطلع األلفية الثالثة‬
‫بدأ االستغالل التجاري لتجمعات كبيرة من األقمار الصناعية (‪)Motorola, Globalstar‬‬
‫تسمح باالتصال بالهاتف من أي نقطة في العالم‪ .‬ولذلك كثر استعمال أجهزة االستقبال‬
‫المحمولة والمتحركة وخاصة الهاتفية منها‪ ،‬وظهرت الحواسيب الجيبية منذ ‪ .1997‬كما‬
‫أدت إمكانية العمل عن بعد (‪ )Télé travail‬والتواصل في أي لحظة ومن أي مكان إلى‬
‫تقليص الحدود بين الفضاءات المهنية والزمالية من جهة والفضاءات العائلية والخاصة‬
‫من جهة ثانية‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫رابعا) تصنيفات التكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال‬

‫اختلف المختصون في تصـنيف تكنولوجيـات اإلعـالم واالتصـال (ت‪ .‬إ‪ .‬ا‪ ).‬بسـبب‬
‫تعدد مستويات استعمالها واختالف أغراض استخدامها باإلضـافة إلـى المنظـورات التحليليـة‬
‫التي تختلف من مدرسة إلى أخرى‪ .‬وزيادة في اإلحاطة المعرفية بهذه التكنولوجيات سنقدم‬
‫تباعــا عروض ـا تصــنيفية عامــة لهــا ثــم وفــق نــوع الوســائل والمــداخل التربوي ـة وأخي ـ ار وفــق‬
‫الوظائف والمهن والصناعات المرتبطة بها‪:‬‬

‫‪ -1.4‬تصنيف موسوعة "ويكيبديا" اإللكترونية (‪:)wikipédia.com‬‬


‫ذكــرت الموســوعة فــي مقــال إلكترونــي لهــا (‪ )2007/12/26‬بعن ـوان‪" :‬تكنولوجيــات‬
‫اإلعالم واالتصال" أنه "يمكن تجميع هذه التكنولوجيات تبعا لستة قطاعات‪:‬‬
‫‪ -‬تجهيزات اإلعالم اآللي‪ ،‬قواعد بيانات معلوماتية (ملقمات التخزين‪) Serveurs:‬‬
‫وأدوات اإلعالم اآللي؛‬
‫‪ -‬اإللكترونيك الجزئي (‪ )micro‬والمكونات اإللكترونية؛‬
‫‪ -‬االتصاالت عن بعد وشبكات اإلعالم اآللي؛‬
‫‪ -‬الوسائط المتعددة (الملتيميديا)؛‬
‫‪ -‬خدمات اإلعالم اآللي والبرمجيات؛‬
‫‪ -‬التجارة اإللكترونية والوسائل اإللكترونية"‪.‬‬

‫االسـتعمال‬ ‫‪ -2.4‬تصنيف التكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال علـى أسـا‬


‫الشبكي‪:‬‬
‫تتميز "ت‪ .‬ج‪ .‬إ‪ .‬ا‪ ".‬باعتمادها النظام الرقمـي‪ ،‬ويمكـن تصـنيفها تبعـا لـذلك ووفـق‬
‫" م‪ .‬جرمان" (‪ )GERMAIN, M. : 1998, 13‬إلى مجاالت ثالثة‪:‬‬

‫‪43‬‬
‫‪ -‬تكنولوجي ــات "خ ــارج الش ــبكة" (‪ )hors réseaux‬أو (‪ :)off line‬وه ــي تخ ــص‬
‫التطبيقــات التــي ال تكــون تابعــة ألي ـة شــبكة‪ ،‬مثــل‪ :‬األق ـراص المضــغوطة (‪،)CD Rom‬‬
‫النصوص التشعبية (‪...)hypertexte‬‬
‫‪ -‬تكنولوجيــات "داخــل الشــبكة" (‪ )en réseau‬أو (‪ :)on line‬وهــي التــي تســتعمل‬
‫شبكة هاتفيـة أو معلوماتيـة (‪ )LAN, WAN‬بطريقـة تقليديـة ودون اللجـوء إلـى بروتوكـوالت‬
‫ـرمج معلوماتيـة‬
‫إنترنتيــة‪ :‬المحاضـرة عــن بعــد (‪ ،)Visio conférence‬البريــد اإللكترونــي‪ ،‬بـ ا‬
‫للعمل الجماعي (…‪.)Groupware, Edi, Ged‬‬
‫‪ -‬تكنولوجيـات "داخـل الشـبكة" (‪ )en réseau‬أو (‪ )on line‬وإنترنتيـة‪ :‬وهـي شـبيهة‬
‫بسابقتها لكنها توسع من وظائفهـا باسـتعمال بروتوكـوالت اإلنترنـت (‪ )http, TCP ∕ IP‬بغيـة‬
‫الدردشة والتواصل عبر الشبكة‪.‬‬

‫االسـتعمال‬ ‫‪ -3.4‬تصنيف التكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال علـى أسـا‬


‫العام‪:‬‬
‫تتكون سوق تكنولوجيـا االتصـال مـن "عـرض" مجموعـة منتجـات متنوعـة و"طلـب"‬
‫مجموعة استعماالت متعددة (ثقافية‪ ،‬ترفيهية‪ ،‬مهنيـة) تمـر معظمهـا مـن خـالل شاشـات أو‬
‫لوحات مفاتيح‪.‬‬
‫يشـتمل العــرض علــى ثــالث مجموعــات تحــدد صـناعة االتصــال وســوقها‪ :‬األجهــزة‬
‫(التلفزيــون‪ ،‬المســجالت‪ ،‬الناســخات‪ ،‬الحواســيب‪ ،‬الهواتــف‪ ،)...‬المحتويــات (ب ـرامج ســمعية‬
‫بصرية‪ ،‬برمجيات‪ ،‬بنـوك المعلومـات والصـور واألصـوات‪ ،)...‬الشـبكات (التوزيـع السـمعي‬
‫بصري‪ ،‬البريد والمواصالت‪.)MUSSO, P. : 1993, 293( )...‬‬

‫‪ -4.4‬تصنيف تكنولوجيا اإلعالم واالتصال وفق نوع الوسيلة والمدخل التربوي‪:‬‬


‫إن المدخلين التربويين‪ :‬الخوارزميّ (المرتكز على المعلم) واالستنباطي (المرتكز‬
‫‪ )DWYER,‬المتناقض ـ ــين ظاهري ـ ــا والمتك ـ ــاملين فعلي ـ ــا‪ ،‬يمك ـ ــن‬ ‫عل ـ ــى الم ـ ــتعلم) (‪1995‬‬
‫استعمالهما مع ثالثة أنواع متكاملة أيضا من الوسائل‪ :‬الناقلة (تستهدف دعم النقـل الفعلـي‬
‫لرسائل المرسل إلى المستقبلين)‪ ،‬الفاعلة (تستهدف السماح للمتعلم أن يتدخل في موضـوع‬
‫تعلمه بغيـة تحسـين معارفـه) والمتفاعلـة (تسـتهدف جعـل عمليـة الـتعلم تـتم عبـر حـوار بنـاء‬

‫‪44‬‬
‫ب ــين متعلم ــين يس ــتعملون وس ــائل تواص ــلية رقمي ــة) (‪ .)FORTĖ, 1998‬إذا أخ ــذنا بع ــين‬
‫االعتبار هذه األبعاد عند تصنيف " ت‪ .‬إ‪ .‬ا‪ ،".‬فنحن نقر بخصائصـها األساسـية كوسـائل‬
‫ونش ــير إل ــى إمكاني ــة دعمه ــا للم ــدخل الترب ــوي األق ــرب منه ــا‪ .‬ولك ــن ذل ــك ال يعن ــي أن ك ــل‬
‫صنف سيؤدي بالضرورة إلى تـوفير فضـاءات تربويـة قريبـة منـه (خـوارزمي‪ :‬وسـائل ناقلـة؛‬
‫استنباطي‪ :‬وسائل فاعلة ومتفاعلة)‪ ،‬بل إن األمر سيخضع أكثر لكيفية استعمالها‪ .‬فمـثال‪،‬‬
‫إذا كانت لدينا "ت‪ .‬إ‪ .‬ا‪ ".‬فائقة التوصيل مثل عارض رقمي (شريط فيديو تعليمـي) يمكننـا‬
‫استعماله "استنباطيا" عندما يقرر المربي أن يباشر به حوار حول محتواه (تحليـل‪ ،‬مقارنـة‪،‬‬
‫نقــد‪ )...‬ليتجــاوزه فكريــا‪ .‬وعلــى العكــس مــن ذلــك‪ ،‬إذا كــان لــدينا جهــاز محاكــاة‪ ،‬لعبــة أو‬
‫جهاز ذكي‪ ..‬يمكن تحويلها إلى "خوارزمية" عنـدما يسـتعملها المربـي للبرهنـة علـى األفكـار‬
‫التي يريد تعليمهـا‪ ،‬مسـتبدال مـثال الطباشـير واللـوح بالفـأرة والحاسـوب‪ .‬واألمـر نفسـه يحـدث‬
‫عنــدما يتحــول المربــي أثنــاء دردشــة إلكترونيــة إلــى مركــز التواصــل‪ ،‬وبــدال مــن أن يســاعد‬
‫على تطوير أفكار اآلخرين يتحول إلى خبير يبدد قلق تالمذته من على مصطبة رقمية‪.‬‬
‫وفيمــا يــأتي ج ــدول تصــنيفي (وفــق ن ــوع الوســيلة والمــدخل الترب ــوي‪ ،‬وعلــى س ــبيل‬
‫المثال ال الحصر) لهذه التكنولوجيات مع أمثلة تشخيصية ألنواعها‪:‬‬

‫جدول (‪ )3‬تصنيف أنواع "ت‪ .‬إ‪ .‬ا‪ ".‬مع أمثلة عن كل نوع‬

‫مثال عن كل نوع‬ ‫أنواع "ت‪ .‬إ‪ .‬ا‪".‬‬


‫* عارضو العمليات أو المنتجات‪.‬‬ ‫"ت‪ .‬إ‪ .‬ا‪".‬‬
‫* وصايات على امتالك وتوثيق المحتويات‪.‬‬ ‫ذات خصائص‬
‫*منفذو القواعد والمبادئ‪ ،‬بتموين رجعي مباشر أو غير مباشر‬
‫ناقلة جدا (فائقة‬
‫*مكتبات رقمية‪ ،‬مكتبات رقمية سمعية وسمعية بصرية‪ ،‬موسوعات رقمية‪.‬‬
‫التوصيل)‬
‫* أماكن في الشبكة لتجميع وتوزيع المعلومات‪.‬‬
‫* أنظمة تعرف على نماذج (صورية‪ ،‬صوتية‪ ،‬نصية)‬
‫* أنظمة عمليات آلية تنفيذية متعلقة بحالة متغيرات دالة على حالة النظام‪.‬‬
‫* ُمَقولبو الظواهر أو العوالم الصغيرة‪.‬‬ ‫"ت‪ .‬إ‪ .‬ا‪".‬‬
‫* محاكو العمليات أو العوالم الصغيرة‪.‬‬ ‫فاعلة جدا‬
‫* أجهزة حساسة كاشفة للح اررة‪ ،‬الصوت‪ ،‬السرعة‪ ،‬الحموضة‪ ،‬اللـون‪ ،‬الطـول‬
‫والتي بواسطتها يتم تموين المنمطات وأجهزة المحاكاة‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫* المرقمات ومولدات الصور أو األصوات‪.‬‬
‫* الحاسبات المحمولة‪ ،‬الرقمية والبيانية‪.‬‬
‫* ألعاب إلكترونية‪ :‬معوذات إلكترونية‪.‬‬
‫* ألعاب فردية تخص‪ :‬اإلبداع‪ ،‬الحظ‪ ،‬المهارة‪ ،‬الكفاءة‪ ،‬األدوار‪.‬‬
‫* أنظمة ذكية في مجال المحتويات‪.‬‬
‫* مترجمو ومصححو اللغات‪ ،‬مفككو اللغة الطبيعية‪.‬‬
‫* حزم المعالجة اإلحصائية للبيانات‪.‬‬
‫* عوامل ذكية‪ :‬مفتشون ومنظمون أذكياء‪.‬‬
‫* أدوات بحث وإبحار في الفضاء الرقمي‪.‬‬
‫* أدوات اإلنتاجيــة‪ :‬معــالج النصــوص‪ ،‬ورقــة الحســاب‪ ،‬معــالج بيــاني‪ ،‬مــنظم‬
‫معلومات يستعمل قواعد بيانات‪.‬‬
‫* أدوات ولغ ــات تخ ــص‪ :‬عـ ـوالم ص ــغيرة‪ ،‬ص ــفحات وي ــب‪ ،‬خـ ـرائط تص ــورية‪،‬‬
‫برامج معلوماتية‪.‬‬
‫* أدوات سمعية بصرية إبداعية‪ :‬ناشرو نصوص متشـعبة‪ ،‬أفـالم‪ ،‬أصـوات أو‬
‫موسيقى‪.‬‬
‫* أدوات غير آلية لدعم إدارة وتسيير‪ :‬موارد‪ ،‬برامج‪ ،‬أموال‪ ،‬عمارات‪.‬‬
‫* أدوات لضغط المعلومات الرقمية‪.‬‬
‫* أدوات لتحويل األرشيف الرقمي‪.‬‬
‫* ألعــاب علــى الشــبكة‪ ،‬تعاونيــة أو منافســتية‪ ،‬بحجــج مغلقــة أو مفتوحــة‪ ،‬ذات‬ ‫"ت‪ .‬إ‪ .‬إ‪".‬‬
‫بعدين أو ثالثة أبعاد‪.‬‬ ‫متفاعلة جدا‬
‫‪ ،)MSN,‬لوحـ ــات‬ ‫‪AIM,‬‬ ‫* أنظمـ ــة الم ارس ـ ـلة اإللكتروني ـ ـة (مثـ ــل‪ICQ :‬‬
‫إلكتروني ــة‪ ،‬فض ــاءات الدردش ــة النص ــية والس ــمعية بصـ ـرية (المحاضـ ـرات ع ــن‬
‫بعد) والتي تسمح بالحوار المباشر‪.‬‬
‫* أنظمـ ــة البريـ ــد اإللكترونـ ــي النصـ ــي أو السـ ــمعي بصـ ــري‪ ،‬أنظمـ ــة منتـ ــديات‬
‫إلكترونية والتي تسمح بحوار غير مباشر (عبر منشطين أو وسطاء)‪.‬‬
‫المصدر‪GALVIS, H. A.: 2007, 4-5 :‬‬

‫‪ -5.4‬تصنيف تكنولوجيا اإلعالم واالتصال وفق الوظائف والمهن‪:‬‬


‫وردت في بعض المراجع المتخصصة ( ‪Commissariat Général du Plan, 2003,‬‬
‫‪ )112-117‬عدة محاوالت تصنيفية لم َهن تكنولوجيا اإلعالم واالتصال‪ .‬نقلها أصحابها عن‬

‫‪46‬‬
‫مؤسســات كبيـرة‪ ،‬نقابــات مهنيــة‪ ،‬نشــطاء ووســطاء ســوق العمــل‪ ...‬لكنهـا تختلــف بــاختالف‬
‫المصـ ـ ــادر والمجـ ـ ــال المعتمـ ـ ــدين‪ .‬اهتمـ ـ ــت بعـ ـ ــض الد ارسـ ـ ــات بوظـ ـ ــائف اإلعـ ـ ــالم اآللـ ـ ــي‬
‫واالتصــاالت عــن بعــد فقــط‪ ،‬بينمــا وســع بعضــها اآلخــر تعريــف مهــن تكنولوجيــا اإلعــالم‬
‫واالتصال إلى المجاالت التي تعتمـد فيهـا هـذه التكنولوجيـات كـدعامات‪ ،‬والقليـل مـنهم أخـذ‬
‫بعين االعتبار مهن صناع اآلليات واألجهزة من المتخصصين في اإللكترونيك مثال‪.‬‬
‫وفيما يلي بعض هذه التصنيفات‪:‬‬
‫‪ -‬قام المعهد الوطني الفرنسي لإلدارة (‪ )INA‬بدراسة عروض العمل المسجلة في‬
‫موقعه اإللكتروني (‪ )La bourse à l'emploi‬مكنته من وضـع جـدول لسـوق العمـل بالنسـبة‬
‫لســ ــت مهـ ـ ــن‪ :‬مطــ ــور (ب ـ ـ ـرامج‪ ،)Développeur( )...‬مهنـ ـ ــدس‪ ،‬مع ـ ــد مخططـ ـ ــات بيانيـ ـ ــة‬
‫(‪ ،)Graphiste‬معــد مخططــات بيانيــة معلوماتيــة (‪ ،)Infographiste‬رئــيس مشــروع‪ ،‬مــدير‬
‫موقع (‪.)Webmaster‬‬
‫‪ -‬فــي عــام ‪ 1999‬أنجــز "معهــد فـرانس‪-‬تلكــوم (‪ )France-Télécom‬للمهــن" د ارســة‬
‫حــول االنترنــت والوســائط المتعــددة (ملتيميــديا) وتوصــل إلـى العــرض التــالي للمهــن الجديــدة‬
‫موزعة حسب مجاالت انتمائها‪ :‬التسويق وتحديد المحتوى (منتج‪/‬مـدمج خـدمات المحتـوى‪،‬‬
‫رئـيس منــتَج ملتيميــديا‪ ،‬رئــيس اإلشــهار اإللكترونــي)؛ اإلعــداد (معــد مواقــع‪ُ ،‬مجمــع للموقــع‪،‬‬
‫معد مواثيق‪ ،‬معد مخططات ملتيميديا‪ ،‬مستشار في التجارة اإللكترونيـة)؛ التنشـيط (منشـط‬
‫المنتــديات والدردشــات اإللكترونيــة‪ ،‬صــحافي إلكتروني‪،‬كاتــب إلكترونــي)؛ التطــوير واإليـواء‬
‫‪،-Intégrateur-‬‬ ‫(مطــور تطبيقــي فــي الملتيميــديا‪ ،‬مختبــر –‪ ،-testeur‬مــدمج‬
‫‪Commercial -‬‬ ‫مــدير مــوزع إلكترونــي‪ ،‬مســتغل مــوزع إلكترونــي)؛ التجــارة مــع الزبــائن‬
‫‪( -clients‬بــائع‪-‬منشــط ملتيميــديا‪ ،‬مهنــدس تكنولوجيــا اإلعــالم واالتصــال‪ ،‬متخصــص فــي‬
‫التواصل اإللكترونـي المباشـر ‪ ،-Hotliner-‬مكلـف بالتـدخل فـي الملتيميـديا‪ ،‬مـدير تجـاري‬
‫ف ــي اإلنترن ــت والملتيمي ــديا)‪ ،‬التك ــوين (مكل ــف بهندس ــة التك ــوين)؛ الش ــبكة (مخط ــط ش ــبكة‬
‫بروتوكوالت االنترنت‪ ،‬مهندس شبكي‪ ،‬مستغل شبكة بروتوكوالت االنترنت)‪.‬‬
‫‪ -‬لـ ـ "نــادي اإلعــالم اآللــي للمؤسســات الفرنســية الكبي ـرة" (‪ )CIGREF‬نش ـرة ســنوية‬
‫يضــمنها قائمــة المهــن‪ .‬وقــد تضــمنت نســخة ‪ 2000‬حـوالي ثالثــين مهنــة موزعــة علــى ســت‬

‫‪47‬‬
‫عائالت‪ :‬االستشارة في مجال أنظمة المعلومات والتحكم في اإلنجاز‪ ،‬اإلنتاج واالستغالل‪،‬‬
‫الدراسات والتطوير واإلدماج‪ ،‬الدعامة والمساعدة التقنية الداخلية‪ ،‬اإلدارة والتسيير‪.‬‬
‫‪ -‬أمــ ــا الهيئــ ــة الفرنســ ــية المتخصصـ ـ ــة (‪ )LENTIC‬فتعتب ـ ــر أن المه ـ ــن الجديـ ـ ــدة‬
‫المرتبطـة بتكنولوجيـا اإلعـالم واالتصـال (ت‪ .‬إ‪ .‬إ‪ ).‬تجنــد تركيبـات جديـدة تسـتدعي الجمــع‬
‫بين مجموعتين كبيرتين من الكفاءات‪ :‬كفاءات ت‪.‬إ‪ .‬إ وكفاءات مغايرة‪ ،‬مما أدى بهـا إلـى‬
‫التفرقة بين حاالت أربع‪:‬‬
‫* الحالـ ــة األولـ ــى‪" :‬قلـ ــب" كفـ ــاءات معتمـ ــد علـ ــى "ت‪ .‬إ‪ .‬ا‪ ".‬تكملـ ــه فـ ــي األط ـ ـراف‬
‫كفاءات أخرى‪ ،‬وهي تخص أساسا المهن التقليدية لإلعالم اآللي‪،‬‬
‫* الحالـة الثانيـة‪ :‬التقـاء بـين كفـاءات "ت‪ .‬إ‪ .‬ا‪ ".‬وأخـرى مغـايرة شـكلت "قلبـا" جديــدا‬
‫من الكفاءات‪ ،‬وهي وضعية تميز المهن الجديدة المرتبطة بتطوير "ت‪ .‬إ‪ .‬ا‪،".‬‬
‫* الحالــة الثالثــة‪ :‬رغــم الزيــادة التدريجيــة ألهميــة كفــاءات "ت‪ .‬إ‪ .‬ا‪ ".‬إال أنهــا تبقــى‬
‫ثانوية بالنسبة للكفاءات األخرى‪ ،‬ولذلك فهي تؤدي إلى ظهور مهن جديدة حقيقية‪،‬‬
‫* الحالة ال اربعة‪ :‬تدعم "ت‪ .‬إ‪ .‬ا‪ ".‬كفاءات أخرى متميزة‪ .‬تحـرر العامـل مـن بعـض‬
‫المهــام المتك ــررة والممل ــة لتس ــمح لــه ب ــالتركيز عل ــى ل ــب وظيفتــه أو تف ــتح ل ــه آف ــاق جدي ــدة‬
‫لتطوير كفاءات خاصة غير متعلقة بـ"ت‪ .‬إ‪ .‬ا‪.".‬‬
‫والشكل الموالي يعكس ذلك‪:‬‬

‫الشكل (‪ )2‬احتماالت الجمع بين المهن المرتبطة بـ"ت‪.‬إ‪ .‬ا" وغير المرتبطة بها‬
‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬

‫كفاءات "ت‪ .‬إ‪ .‬ا‪".‬‬


‫كفاءات أخرى‬
‫المصدر‪Commissariat Général du Plan, 2003, 116 :‬‬

‫‪Career‬‬ ‫&‬ ‫‪Space‬‬ ‫‪ -‬وأمـ ــا علـ ــى المسـ ــتوى األوروبـ ــي‪ ،‬فتقتـ ــرح مؤسسـ ــة (‬
‫‪ ،)Consortium‬التي تضم حوالي عشرة مؤسسات دولية متخصصة في تكنولوجيا اإلعالم‬

‫‪48‬‬
‫واالتصــال‪ ،‬قائمــة متكونــة مــن حـوالي عشـرين نــوع مــن أنـواع الكفــاءات المتعلقــة بمهــن هــذه‬
‫التكنولوجيات الجديدة‪ .‬وهـي قائمـة دقيقـة وتقنيـة تغطـي المجـاالت اآلتيـة‪ :‬االتصـاالت عـن‬
‫بعــد‪ ،‬البرمجيــات وخــدمات تكنولوجيــا اإلعــالم واالتصــال‪ ،‬المنتجــات واألنظمــة‪ ،‬الوظــائف‬
‫المتعدية (أو المستعرضة‪ )transverses :‬وخاصة تلك المتعلقة بالتسيير والتجارة‪.‬‬

‫‪ -6.4‬التصنيف وفق صناعات التكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال‪:‬‬


‫يتكون االقتصاد اإللكتروني (‪ )eEconomy‬من صناعات "الوسائط المتعددة" التي‬
‫ترسم حدوده وتقاطعاته التكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال‪ .‬ويتميز هذا القطاع‬
‫بالتوجه نحو التكتل بين المؤسسات التي تجمع بين الهياكل القاعدية للشبكات‪،‬‬
‫المعلوماتية‪ ،‬السمعي بصري والنشر والتوزيع‪ .‬ويمكن تبرير هذا التقارب (باالندماج‬
‫والشراء‪ ،‬التحالف‪ )...‬في نظر البعض (‪ )MOULINE, Aziz, 2002, 251-253‬بثالثة‬
‫عوامل‪ :‬تكنولوجية (التكامل التكنولوجي بين اإلعالم واالتصال والسمعي بصري)‪،‬‬
‫مؤسستية (اللبرلة أساسا) وإستراتيجية (تنويع النشاط واالندماج العمودي والتكتل األفقي‬
‫القطاعيين)‪.‬‬
‫قام "مولين عزيز" (‪ )MOULINE, Aziz, 2002, 255-270‬بتكوين بنك للمعلومات‬
‫شمل ‪ 1348‬عملية تقارب قامت بها ‪ 1075‬مؤسسة ما بين ‪ 1993‬و‪ 2000‬ووجد أن النمو‬
‫الخارجي (الشراء واالندماج) ال يمثل تقريبا سوى ثلث العمليات مقابل التحالفات (التجارية‬
‫والبحثية)‪ ،‬وذلك بفضل حركية الفاعلين في مجال نشر البرمجيات (موردي الشبكات‬
‫والبرمجيات) المنتجة للقيمة المضافة في نموذج اقتصادي يتمحور أكثر فأكثر حول‬
‫المحتويات‪ ،‬مقابل صانعي األجهزة (كومبيوتر‪ ،‬تلفزيون‪ .)...‬كما وجد أن أعلى نسبة‬
‫مشاركة في هذه العمليات تعود ألمريكا فأوربا ثم اليابان‪.‬‬
‫وتفسر هيمنة الشركات األمريكية بزعامتها في قطاعات أساسية من صناعة‬
‫الوسائط المتعددة‪ :‬البرمجيات (‪ ،)Microsoft, Netscape, IBM, Oracle‬أجهزة اإلعالم‬
‫اآللي (‪ ،)IBM, Sun Microsystems, Compaq, Hewlett-Packard‬شبكات االتصال‬
‫الكابلي (‪ ،)TCI, Comcast, ATT‬البرامج (‪.)Walt Disney, Time Warner, MGM‬‬

‫جدول (‪ )4‬الترتيب العالمي للتجمعات االتصالية الكبرى‬

‫‪49‬‬
‫رقم األعمال ‪( 2000‬بالماليين من اليورو)‬ ‫الشركات‬
‫‪40.5‬‬ ‫‪AOL-Time Warner‬‬
‫‪28.5‬‬ ‫‪Walt Disney‬‬
‫‪24.7‬‬ ‫‪Vivendi Universal‬‬
‫‪20.1‬‬ ‫‪Viacom-CBS‬‬
‫‪17.5‬‬ ‫‪Bertelsmann‬‬
‫‪16.5‬‬ ‫‪New Corp‬‬
‫المصدر‪MOULINE, Aziz, 2002, 270 :‬‬

‫باإلضافة إلى هذه القطاعات األربعة األساسية يمكن تقسيم صناعات هذا القطاع‬
‫وفق مصدرها القطاعي إلى سبعة أنواع من الفاعلين‪:‬‬
‫‪ -‬ناشرو البرمجيات‬
‫‪ -‬االتصاالت عن بعد‬
‫‪ -‬صناعة البرامج‬
‫‪ -‬صناعة أجهزة اإلعالم اآللي‬
‫‪ -‬صناعة تجهيزات االتصاالت عن بعد‬
‫‪ -‬صناعة الكوابل (األلياف واألسالك)‬
‫‪ -‬صناعة مواد إلكترونية لالستهالك العام‪.‬‬
‫أما وفق قطاعات أنشطتها فجعل أهمها خمسة‪ ،‬وهي على التوالي‪:‬‬
‫‪ -‬قطاع التجارة اإللكترونية‬
‫‪ -‬قطاع األلعاب والتسلية‬
‫‪ -‬قطاع تجهيزات الوسائط المتعددة‬
‫‪ -‬قطاع برمجيات الوسائط المتعددة‬
‫‪ -‬قطاع التلفزيون التفاعلي‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫خامسا) استعماالت التكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال‬
‫تنتج التكنولوجيا االستعماالت‬
‫واالستعماالت تستوجب تكنولوجيا إضافية‬
‫(‪)Serge Soudoplatoff‬‬

‫لقد أصبح إدماج التكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال (ت‪.‬ج‪.‬إ‪.‬ا‪)NTIC( ).‬‬


‫في حياتنا اليومية أم ار عاديا‪ ،‬لذلك فإن وصفها وتحليلها وتفسيرها يتطلب مقاربات‬
‫منهجية خاصة تحتم على المعنيين باألمر التجرد نوعا ما من واقعهم المعايس حتى‬
‫يتمكنوا من مالمسة العالقة بين هذه التكنولوجيات والمجتمع‪ ،‬مالمسة موضوعية وبعيدة‬
‫نوعا ما عن تفاعالتهم الشخصية معها‪.‬‬
‫ولكننا لن نذهب بعيدا في ذلك بل سنكتفي هنا بتحديد مفهوم "االستعماالت" أوال‬
‫فمجاالتها ثانيا ثم بعض مؤشراتها اإلحصائية ثالثا‪:‬‬

‫‪ -1.5‬مفهوم االستعماالت‪:‬‬
‫يمكن اعتبار مفهوم االستعماالت مفهوما معقدا ومثي ار للعديد من التعريفات غير‬
‫الوفاقية‪ .‬فهو عبارة عن "بناء اجتماعي" مصطنع وليس عن مادة طبيعية لغوية‬
‫(‪ ،)P.Chambat, 1994, 253‬إذ يتراوح تعريفه بين قطب مجرد "التبني" (الشراء‪،‬‬
‫االستهالك‪ ،‬التعبير عن طلب اجتماعي مقابل عرض صناعي) وقطب "التملك"‪ ،‬مرو ار‬
‫بقطب "االستخدام"‪.‬‬
‫ويمكن التكلم عن "التملك" إذا توفرت ثالثة شروط اجتماعية‪:‬‬
‫أوال‪ ،‬برهنة المستعمل على التحكم التقني والمعرفي في الوسيلة التقنية‪.‬‬
‫ثانيا‪ ،‬اندماج هذا التحكم اندماجا واضحا ومبدعا في النشاط اليومي للمستعمل‪.‬‬
‫ثالثا‪ ،‬يفتح التملك المجال أمام المستعملين احتماالت تبديل أو تعديل أو إعادة‬
‫إبداعهم أو المشاركة مباشرة في تصور االبتكارات والتكنولوجيات الجديدة‪.‬‬
‫أما مفهوم "التبني" فهو يرتبط أكثر بمعاني الشراء واالستهالك وانتشار المبتكرات‪.‬‬
‫ويتوسطها مفهوم "االستخدام" ونعني به االستعمال العادي ألي تقنية جديدة عن‬
‫طريق وسائط خدمية مسهلة الستخدام الوظيفي في الحياة المهنية خاصة‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫‪ -2.5‬مجال االستعماالت‪:‬‬
‫أما فيما يخص مجاالت استعماالتها‪ ،‬فالمالحظ أن معظم العناصر المرتبطة‬
‫بمجتمع المعلومات والتكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال تتعلق بعالم الشغل ونظام‬
‫العمل وخاصة منه تحديد األهداف وتنظيم األنشطة‪ ،‬وكذا الحياة اليومية‪.‬‬
‫‪ -1‬استعملت التكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال في العالقات التجارية‬
‫فجعلت المنتجات عبارة عن قيمة أو صورة قبل أن تكون سلعة‪ .‬فهي لم تصبح ذات قيمة‬
‫ما إال بعد أن تم التعبير عنها (تسويقها) في المجال االتصالي‪ .‬ومن هنا جاءت أهمية‬
‫المعلومات وتكنولوجياتها االتصالية الجديدة‪.‬‬
‫‪ -2‬لقد أدت هذه (ت‪.‬ج‪.‬إ‪.‬ا‪ ).‬إلى ظهور نمط جديد من تنظيم المؤسسات يتمثل‬
‫في الشبكة‪ .‬ويتميز هذه التنظيم أو اإلدارة الشبكية باندماجها‪ ،‬تسييرها وتفككها فيزيقيا‬
‫حيث جعلت التنظيم ال مركزيا وهياكله مسطحة تُيسر التواصل التفاعلي‪.‬‬
‫‪ -3‬كما أدت هذه التكنولوجيات إلى تغييرات في حجم وطبيعة المهام المرتبطة‬
‫بضرورة التكيف معها‪ .‬مما أدى إلى اتخاذ إجراءات محفزة على التكوين المستمر‬
‫والمتخصص للعاملين في الميدان‪.‬‬
‫‪ -4‬فتح تيسير الوصول إلى بنوك المعلومات آفاقا اتصالية جديدة وأدى إلى زيادة‬
‫اإلنتاجية وزيادة قدرة المؤسسات على تسيير المسائل المهمة بجعل المعلومات في متناول‬
‫جميع الفاعلين‪ ،‬فزادت قدرتها على المنافسة‪ .‬وتجدر اإلشارة هنا إلى أن المالحظ على‬
‫العموم أن أهم الزيادات في اإلنتاجية والمنافسة اعتمدت ليس على أتمته مجموع العمليات‬
‫اإلنتاجية التي باشرتها منذ السبعينيات من القرن الماضي ولكن على زيادة إنتاجية المهام‬
‫اإلدارية‪ ،‬التسييرية‪ ،‬اللوجيستية (االمدادية)‪ ،‬المالية والمكتبية‪ ،‬والتي يسرتها الحواسيب‬
‫والمعلوماتية الالمركزية‪ .‬وقد تعمقت هذه الظاهرة منذ عشرية التسعينيات من القرن‬
‫الماضي حيث أصبحت االستثمارات في (ت‪.‬ج‪.‬إ‪.‬ا‪ ).‬مربحة‪.‬‬
‫‪ -5‬كما ال يمكن أن نتجاهل اليوم أن التكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال‬
‫تمثل ‪ 8‬من الناتج الخام المحلي (‪ )PIB‬األمريكي مثال وتساهم منذ ‪ 1995‬بأكثر من‬
‫‪ %30‬في نمو هذا الناتج‪ .‬كما أن أهمية هذه التكنولوجيات أدى برجال األعمال إلى إدراج‬
‫المؤشر المعلوماتي كمؤشر خاص في األسواق المالية (مؤشر‪ Nasdaq :‬في بورصة‬

‫‪52‬‬
‫نيويورك) ليستقل بذلك عن المؤشرات االقتصادية التقليدية األخرى‪Dow Jones, :‬‬
‫‪. Eurostoxx, FTSE, Xetra Dax, CAC 40, IBEX..‬‬
‫‪ -6‬االعتماد على الدعامة الكهربائية أو اإللكترونية أكثر من الدعامة الورقية‪،‬‬
‫وبالتالي التنقل بسرعة الضوء عبر إلكترونات (حوالي ‪ 300‬كلم‪/‬ثانية)‪ ،‬واستبدال عدد‬
‫النسخ الموزعة بعدد االتصاالت المنجزة‪.‬‬
‫وكذا تبني عامة الناس لها باستعمالها والرغبة في التحكم فيها‪ .‬إن استعمالها ييسر‬
‫أو يسمح بالجمع بين ظواهر بارزة‪:‬‬
‫‪ -1‬القضاء على الحواجز بين مختلف أشكال االتصال‪،‬‬
‫‪ -2‬تليين العالقة بين الفرد ومكان عمله‪،‬‬
‫‪ -3‬تغير االنترنيت لشروط وظروف التبادالت بين األفراد‪ ،‬أو بين المؤسسات‬
‫وتحفيزها على االستعالم وجعلها للمعرفة في متناول الجميع‪.‬‬
‫‪ -4‬تتيح هذه التكنولوجيات الجديدة للجميع إمكانية التحول إلى مرسلين‬
‫للمعلومات‪ ،‬حيث يمكن أن يكتب أحدنا قصيدة ويبثها في العالم بكامله عبر الطرق‬
‫السريعة للمعلومات أو أن يزود بنكا من الصور بإنجازاته الخاصة‪...‬‬

‫‪ -3.5‬االستعمال المنزلي ألجهزتها (بعض المؤشرات اإلحصائية)‪:‬‬


‫على مستوى االستعماالت النهائية (المنزلية والسكنية) تعودنا على التفرقة بين‬
‫ثالثة استعماالت‪ :‬اإلعالم‪ ،‬الترفيه واالتصال التفاعلي‪ .‬لكن بعض االستعماالت الجديدة‬
‫لـ"ت‪.‬ج‪.‬إ‪.‬ا‪ ".‬جعلت حدود هذه التفرقة غير واضحة وصعبت من تصنيف بعض‬
‫التكنولوجيات‪ .‬مما أدى بالبعض (‪ )GUILLAUME, M. : 1993, 299‬إلى تعميم وتبسيط‬
‫هذا التصنيف‪ ،‬مفرقا بين ثقافتين تقنيتين (‪ :)technocultures‬ثقافة وسائل اإلعالم‬
‫الجماهيرية (صحافة‪ ،‬راديو‪ ،‬تلفزيون) الموجه نحو اإلعالم والخيال‪ ،‬ثقافة الهاتف‬
‫ومشتقاته والموجهة أساسا نحو االتصال التفاعلي‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق ببعض المؤشرات اإلحصائية لالستعمال النهائي المنزلي‪-‬الخدمي‬
‫في بعض الدول‪ ،‬تشير اإلحصاءات األوروبية (‪ )www.eurostat.com‬لعام ‪ 2006‬إلى‬
‫أن استعمال "تكنولوجيات اإلعالم واالتصال" (وفق بعض مؤشراتها‪ :‬الكومبيوتر‪،‬‬

‫‪53‬‬
‫اإلنترنت‪ )...‬في االتحاد األوروبي يتميز كالعادة بتقدمه في دول الشمال األوروبي على‬
‫حساب جنوبه والدول حديثة االنتماء إلى االتحاد‪ .‬وفيما يلي جدول توضيحي لذلك‪:‬‬
‫جدول (‪ )5‬نسبة مستعملي "ت‪ .‬إ‪ .‬ا‪ ".‬في دول االتحاد األوروبي عام ‪2006‬‬
‫في استعمال االنترنت مرة في‬ ‫انترنت‬ ‫في استعملوا‬ ‫الحاسوب‬ ‫استعملوا‬ ‫البلد‬
‫األسبوع على األقل‬ ‫الشهور ‪ 3‬األخيرة‬ ‫الشهور ‪ 3‬األخيرة‬
‫‪47‬‬ ‫‪52‬‬ ‫‪59‬‬ ‫المعدل‬
‫‪58‬‬ ‫‪62‬‬ ‫‪67‬‬ ‫بلجيكا‬
‫‪22‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪30‬‬ ‫بلغاريا‬
‫‪36‬‬ ‫‪44‬‬ ‫‪52‬‬ ‫تشيكيا‬
‫‪78‬‬ ‫‪83‬‬ ‫‪86‬‬ ‫الدنمرك‬
‫‪59‬‬ ‫‪69‬‬ ‫‪76‬‬ ‫ألمانيا‬
‫‪56‬‬ ‫‪61‬‬ ‫‪62‬‬ ‫استونيا‬
‫‪23‬‬ ‫‪29‬‬ ‫‪38‬‬ ‫اليونان‬
‫‪)47( 40‬‬ ‫‪)52( 48‬‬ ‫‪)57( 54‬‬ ‫إسبانيا (‪)2007‬‬
‫‪39‬‬ ‫‪47‬‬ ‫‪55‬‬ ‫فرنسا‬
‫‪44‬‬ ‫‪51‬‬ ‫‪58‬‬ ‫أيرلندا‬
‫‪31‬‬ ‫‪36‬‬ ‫‪43‬‬ ‫إيطاليا‬
‫‪29‬‬ ‫‪34‬‬ ‫‪44‬‬ ‫قبرص‬
‫‪46‬‬ ‫‪50‬‬ ‫‪53‬‬ ‫لتوانيا‬
‫‪38‬‬ ‫‪42‬‬ ‫‪47‬‬ ‫لتوانيا‬
‫‪65‬‬ ‫‪71‬‬ ‫‪76‬‬ ‫للوكسمبورغ‬
‫‪42‬‬ ‫‪45‬‬ ‫‪54‬‬ ‫المجر‬
‫‪36‬‬ ‫‪..‬‬ ‫‪..‬‬ ‫مالتا‬
‫‪76‬‬ ‫‪81‬‬ ‫‪84‬‬ ‫هولندا‬
‫‪55‬‬ ‫‪61‬‬ ‫‪68‬‬ ‫النمسا‬
‫‪34‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪48‬‬ ‫بولندا‬
‫‪31‬‬ ‫‪36‬‬ ‫‪42‬‬ ‫البرتغال‬
‫‪18‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪30‬‬ ‫رومانيا‬

‫‪47‬‬ ‫‪51‬‬ ‫‪57‬‬ ‫سلوفينيا‬


‫‪43‬‬ ‫‪50‬‬ ‫‪61‬‬ ‫سلوفاكيا‬

‫‪54‬‬
‫‪71‬‬ ‫‪77‬‬ ‫‪80‬‬ ‫فنلندا‬
‫‪80‬‬ ‫‪86‬‬ ‫‪87‬‬ ‫السويد‬
‫‪57‬‬ ‫‪66‬‬ ‫‪73‬‬ ‫المملكة المتحدة‬
‫المصدر‪www.eurostat.com,10/12/2007 :‬‬

‫أما بخصوص أحد بلدان االتحاد األوروبي المتوسطة االستعمال‪ ،‬فقد أشار‬
‫"المعهد الوطني اإلسباني لإلحصاء" (‪ )www.ine.es( )INE‬في آخر استطالع له‬
‫(‪ )2007‬إلى أن ‪ 44.6%‬من المنازل متصلة بالشبكة (‪ 39‬بالمائة عن طريق موجات‬
‫رقمية عريضة‪ 10( )large bande : ADSL, Cable, Tel.Modem ou RDSI…:‬نقاط‬
‫أكثر من ‪ ،)2006‬وأن نسبة مستعملي الشبكة زادت خالل هذه السنة بـ ‪ 10‬بالمائة‪ .‬كما‬
‫ارتفعت نسبة استعمال التجهيزات المنزلية التكنولوجية األخرى‪ ،‬حيث بلغت عام ‪:2007‬‬
‫الحواسيب (‪( )60.4%‬زيادة في المحمولة بخالف الثابتة)‪ ،‬التلفزيون الرقمي األرضي‬
‫(‪ ،)22.8%‬األقراص الرقمية السمعية البصرية (‪ ،)75.6%‬الهواتف النقالة (‪ .)90.9%‬وفي‬
‫المقابل لوحظ تراجع متفاوت األهمية ألجهزة أخرى‪ ،‬مثل‪ :‬الحواسيب الثابتة (بحوالي‬
‫نقطة)‪ ،‬التلفزيون التماثلي (من ‪ 99.7%‬إلى ‪ ،)99.5%‬الفيديو (من ‪ 72%‬إلى ‪،)67.1%‬‬
‫الهواتف الثابتة (من ‪ 83.3%‬إلى ‪...)81.2%‬‬
‫وأما بخصوص أحد بلدان العالم العربي المتوسط االستعمال‪ ،‬تشير وثيقة العمل‬
‫المقترحة من طرف و ازرة البريد والمواصالت الجزائرية خالل االجتماع التحضيري العربي‬
‫الثاني للقمة العالمية لمجتمع المعلومات (طافر زهير و بوسهمين أحمد‪-146 ،2007 :‬‬
‫‪ )149‬إلى الكسر التدرجي الحتكار المتعامل العمومي (‪ )CERIST‬المزود لخدمات‬
‫االنترنت منذ ‪ 1998‬والمتعامل العمومي في مجال االتصاالت الهاتفية منذ ‪ ،2002‬حيث‬
‫أدى ذلك إلى ظهور ثالثة متعاملين في مجال الهاتف النقال (موبيليس‪ ،‬جيزي‪ ،‬نجمة)‬
‫بلغ مجمل مشتركيهم عام ‪ 2006‬أكثر من ‪ 15‬مليون (قرابة ‪ %50‬من السكان)‪ ،‬كما أدى‬
‫ذلك إلى ارتفاع عدد نوادي االنترنت إلى خمسة آالف ناد وعدد المشتركين إلى ‪ 800‬ألف‬
‫عام ‪ ،2004‬مع استعمال تقنية االتصال الهاتفي (‪ )ADSL‬فائقة السرعة بالتعاون مع‬
‫متعاملين خواص محليين (‪ )Eepad‬وآسيويين (…‪( )ZET, DAEWOO‬طوالبية أحمد‪:‬‬
‫‪.)www.chihab.net, 28-1-2008‬‬

‫‪55‬‬
‫سادسا) آثار التكنولوجيات الجديدة لوسائل اإلعالم واالتصال‬
‫ومخاطرها‬

‫‪56‬‬
‫سنقدم في هذا الجزء من العمل "آثار ومخاطر التكنولوجيات الجديدة لإلعالم‬
‫واالتصال (ت‪ .‬ج‪ .‬إ‪ .‬ا‪ ).‬بإيجاز شديد‪ ،‬تكملة للمفاهيم األولية العامة التي قدمناها حول‬
‫هذه التكنولوجيات وتمهيدا لما سيأتي‪ ،‬ألننا سنتعرض ألهمها الحقا تحت عنوان‪" :‬ت‪.‬‬
‫ج‪ .‬إ‪ .‬ا‪ :.‬إشكاليات معاصرة" لنناقس مختلف أبعادها في شكل قضايا آنية وبشيء من‬
‫التفصيل‪.‬‬

‫‪ -1.6‬آثارها‪:‬‬
‫تتعدد آثار "التكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال" بتعدد مجاالت استعماالتها‪.‬‬
‫ورغم صعوبة تعدادها لكثرتها وتفاوت أهميتها‪ ،‬فإنه يمكن حصر أكثرها ذيوعا وفقا لـ "ك‪.‬‬
‫برتران" (‪ )BERTRAND, C-J. (dr.): 1999, 46-72‬فيما يأتي‪:‬‬

‫‪ -1.1.6‬حماية المعلومات‪:‬‬
‫‪ -‬حفظ المؤلفات وحقوق التأليف‪:‬‬
‫تكاد التكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال تعيد النظر في مفهوم الؤلف‬
‫والحقوق المرتبطة به‪ ،‬وذلك بطرق عدة‪:‬‬
‫أوال‪ ،‬كيف تُ َحدد مستحقات المؤلفين؟ إن تطور الطرق السريعة للمعلومات‪ ،‬التي‬
‫تُوفر بنوك الصور واألصوات والمعطيات‪ ،‬سيجعل النشر مهيمنا على توزيع الدعائم‬
‫المادية‪ .‬إن حقوق المؤلف‪ ،‬التي تعتمد أساسا على نموذج الكتاب‪ ،‬يجب أن تكيف آخذة‬
‫بعين االعتبار الطبيعة الالمادية للمعلومات‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فهل سيسمح هذا التكييف بمراقبة‬
‫استعمال المؤلفات عبر الشبكات الدولية حيث تستنسخ بواسطة أجهزة فعالة وغير مكلفة؟‬
‫كيف يمكن بعد ذلك حفظ الحقوق المعنوية للمؤلفين؟ حيث أصبح من الشائع‬
‫حاليا تغيير ألوان األفالم والمقاطع الموسيقية ومحتويات المقاالت والنصوص عبر الشبكة‬
‫العنكبوتية‪.‬‬

‫‪ -‬سرية المعطيات الشخصية وخصوصيتها‪:‬‬


‫تهدد التكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال الحياة الخاصة لمستعمليها‪ .‬فبعدما‬
‫أضحت تفاعلية‪ ،‬أصبحت الشبكات االتصالية تتيح المعرفة الفورية للبرامج المشاهدة من‬

‫‪57‬‬
‫طرف المشاهدين وللمعلومات التي اطلع عليها اإلنترنتيون وحتى تشخيص الحواسيب‬
‫المتصلة بها‪.‬‬

‫وبالطبع قد تستعمل هذه المعلومات الخاصة ألغراض تجارية لمعرفة خصائص‬


‫المستهلكين فتوجه إليهم إشهارات مناسبة أو تقترح عليهم سلع وخدمات خاصة‪ ،‬كما قد‬
‫تستعمل ألغراض سياسية أو عسكرية‪.‬‬

‫‪ -2.1.6‬صراع الثقافات‪:‬‬
‫‪ -‬التنوع أم التجانس الثقافي‪:‬‬
‫حتى نهاية السبعينيات من القرن الماضي‪ ،‬كانت األنظمة اإلعالمية تعمل غالبا‬
‫داخل حيز الفضاءات الوطنية‪ ،‬لكن التكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال (‪)NTIC‬‬
‫يسرت عولمة التدفق المعلوماتي وذلك بفضل األقمار الصناعية التي أغرقت العالم‬
‫بالصورة والصوت ومن أدنى العالم إلى أقصاه الغية الحدود الوطنية‪ .‬مما أدى إلى‬
‫مواجهات ثقافية غير معهودة قد تؤدي إلى التثاقف والغزو الثقافي أو إلى اإلفقار والتبعية‬
‫الثقافيتين لصالح بعض الدول‪ .‬وهذا ما يحدث حاليا مع الهيمنة الثقافية األمريكية‪.‬‬
‫وفي مقابل ذلك قد نجد توجها جديدا نحو تدعيم الشبكات االجتماعية المحلية في‬
‫بعض الدول المتقدمة ألسباب اجتماعية وثقافية‪ ،‬فالباحثون في فرنسا مثال يتواصلون فيما‬
‫بينهم عشر مرات أكثر مما مع غيرهم‪ .‬واألمر نفسه بدأ يحدث مع بعض األقليات‬
‫العرقية‪ ،‬الثقافية والدينية داخل المجتمعات األوسع على المستوى المحلي‪ ،‬اإلقليمي‬
‫والدولي‪.‬‬

‫‪ -‬تنظيم المحتويات وتقنينها‪:‬‬


‫كيف تقنن هذه المواجهة الثقافية؟ تحاول بعض الدول الحد من التعرض لصور‬
‫ومعلومات اآلخر بالمنع أو بالتحكم في استعمال الهوائيات المقعرة (الصين‪ ،‬بعض دول‬
‫الخليج‪ )...‬أو بتحديد الدخول إلى اإلنترنت (كوبا‪ ،)...‬ولكن هذه التقنيات الوطنية‬
‫الصرفة‪ ،‬مؤقتة ومآلها الفشل ألنها ممكنة التجاوز تقنيا‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫أما أمر تبني قانون دولي فيبدو صعبا جدا ما دام ليس لجميع الدول نفس‬
‫المعايير الثقافية والتقاليد القانونية الخاصة بنقل المعلومات (القمار‪ ،‬اإلباحية الجنسية‪،‬‬
‫حرية التعبير‪ ،)...‬بذلك يفضل التركيز على الوسائل الوقائية والتربوية لتقوية المناعة‬
‫الذاتية وتقوية روح المسؤولية الجماعية‪.‬‬

‫‪ -3.1.6‬نهاية الوسطاء‪:‬‬
‫‪ -‬االزدحام اإللكتروني‪:‬‬
‫أدى تطور الشبكات االتصالية إلى زيادة العرض البرامجي وإمكانات التواصل‬
‫التفاعلي‪ ،‬مما تسبب في تجزئة أنماط المشاهدة وغرابتها‪ .‬حيث أدى هذا التطور إلى‬
‫دحرجة وظيفة البرمجة نحو المؤخرة (الطرف المستقبل)‪ ،‬إذ لم يبق المشاهد خاضعا كليا‬
‫الختيارات الطرف المقدم بل أصبح يستقي مختاراته بحرية من ضمن مجموعة كبيرة من‬
‫الصور والمعطيات المتوفرة‪ .‬بل يبدو أن التكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال‬
‫أصبحت تتيح للجميع إمكانية التحول إلى مرسلين للمعلومات‪ ،‬حيث يمكن أن يكتب‬
‫أحدنا قصيدة أو قصة أو مدونة شخصية (‪ )Blog‬ويبثها في العالم بكامله عبر الطرق‬
‫السريعة للمعلومات أو أن يزود بنكا من الصور بإنجازاته الخاصة أو بنصائحه العامة‪.‬‬

‫‪ -‬ظهور وسطاء جدد‪:‬‬


‫هل هذا يعني نهاية الوسطاء التقليديين‪ :‬الصحف المعالجة ألخبار وكاالت‬
‫األنباء‪ ،‬الشركات التلفزيونية بشبكاتها البرمجية‪ ،‬دور النشر بمخطوطاتها المختارة‪...‬؟ ال‪.‬‬
‫ألن األمر ليس بهذه البساطة‪ ،‬فالتكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال بتوفيرها الغزير‬
‫والمفرط (أحيانا) للمعلومات‪ ،‬تتسبب في مشكلة كيفية الوصول إلى المعلومة المناسبة‪،‬‬
‫أي التي نحتاجها لهدف بعينه‪ .‬كيف نستدل أو نحدد مكانها ضمن المئات من بنوك‬
‫المعلومات؟ والغريب أو المفارقة هنا تتمثل في إمكانية أن تقوم الوسائل الجديدة بتحديد‬
‫وظيفة الجمع والتصنيف والنشر التي تقوم بها الوسائل القديمة‪ .‬وهكذا‪ ،‬بدأت تظهر‬
‫أنظمة وسيطة (محركات بحث‪ ،‬بوابات‪ )...‬تختار وتغربل المعلومات حسب احتياجات‬
‫المستعملين‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫‪ -4.1.6‬قرية عالمية أم عالم مزدوج‬
‫‪ -‬خرافة القرية العالمية‪:‬‬
‫قبل حوالي أربعين سنة تنبأ "ماكلوهان" بالقرية العالمية التي توفر فيها الوسائل‬
‫اإللكترونية‪ ،‬دفء وحميمية المجتمع القبلي‪ .‬إن الفكرة جذابة ولكنها بعيدة عن الواقع‪،‬‬
‫فقرابة عشر البشرية فقط ينتج ويعالج المعلومات‪ ،‬أي أن أعشار العالم يستمع للنشاط‬
‫اإللكتروني المكثف لحوالي خمسة عشرة دولة فقط وباللغة اإلنجليزية أساسا (أكثر من‬
‫سبعين بالمائة)‪.‬‬

‫‪ -‬التوزيع غير العادل في مجتمع المعلومات‪:‬‬


‫تعمل التكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال (‪ )NTIC‬على إزالة الحواجز التقنية‬
‫أمام االتصال العالمي ولكنها ال تزيل الحواجز االقتصادية أو الثقافية‪ ،‬ألن استعمال هذه‬
‫التكنولوجيات يتطلب قبل كل شيء إمكانيات مالية لشراء التجهيزات والبرامج‪ .‬كما يتطلب‬
‫حد أدنى من التعليم والثقافة الستغالل مصادر المعلومات المكتوبة والسمعية بصرية‬
‫العديدة والمعقدة في حالة الشبكة العنكبوتية مثال‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬يبقى التعامل مع مجتمع المعلومات غير عادل لحد اآلن ويظهر فجوة‬
‫مزدوجة‪ :‬عمودية أو جغرافية‪ ،‬بين دول الشمال ودول الجنوب‪ ،‬وأفقية‪ ،‬داخل كل دولة‪،‬‬
‫بين األغنياء والفقراء معلوماتيا‪ .‬ولتصحيح هذه الوضعية بذلت والزالت تبذل العديد من‬
‫الجهود التعليمية التنموية والوطنية والدولية‪ ،‬ولكن ذلك لن يفيد كثي ار أمام السلعنة المتزايدة‬
‫للوسائل والمحتويات وضعف روح التضامن المحلي‪ ،‬اإلقليمي والدولي‪.‬‬

‫وكخالصة لما عرض يمكن القول أنه تم التطرق لثالث قضايا‪:‬‬


‫األولى‪ ،‬أن مفهوم التكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال (‪ )NTIC‬ثالثي األبعاد‬
‫وتترتب عنه خصائص تنعكس أساسا في االستعماالت واآلثار؛‬
‫الثانية‪ ،‬أن لمفهوم استعماالتها ثالثة أبعاد أيضا تتراوح بين مجرد التبني وتمام‬
‫االمتالك وتخص أساسا الحياة العملية وعالم الشغل وذلك بتفعيل األداء والخدمات؛‬
‫الثالثة‪ ،‬أن اآلثار المترتبة عن استعمالها على الفرد والمجتمع تخص كل مستوياته‬
‫وكياناته ونظم تسييره (المدينة‪ ،‬التعليم‪ ،‬الديمقراطية‪ ،‬الدولة الوطنية‪ )...‬وتتعداها إلى‬
‫النظام العالمي برمته‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫‪ -2.6‬مخاطرها‬

‫تتسبب التوجهات الجديدة للتكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال في عدة‬


‫مشاكل‪:‬‬
‫‪ -‬تهدد التكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال (‪ )NTIC‬البناء السياسي داخل‬
‫الدول المتقدمة التي تشهد تضخم إمكانات ونفوذ المؤسسات الخاصة والتي تراعي كثي ار‬
‫الخدمات العمومية وتكافؤ الفرص االقتصادية والسياسية والثقافية‪ .‬فمجمل هذه الدول ال‬
‫يسيطر سوى على ‪ % 4‬من إجمالي رؤوس األموال المتنقلة‪.‬‬
‫‪ -‬خصوصية منشأ التكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال‪ ،‬ومن ثمة خصوصية‬
‫استعماالتها‪ .‬فبرامج الحاسوب ليست كلها حيادية‪ ،‬فهي تعكس محيط وتطلعات‬
‫وخصوصيات شخصية الذين أعدوها‪.‬‬
‫‪ -‬ازدياد الفجوة بين الدول المتقدمة والدول المتخلفة في هذا المجال (التقنيات‬
‫والبرامج واالستعمال على حد سواء)‪.‬‬
‫‪ -‬تفاقم ظاهرة السلعنة والنفعية المادية وآثارها النفسية واالجتماعية واالقتصادية‪.‬‬
‫‪ -‬وأخي ار هناك من يناضل ضد "التكنولوجيا" عموما ويرفض استعمال‬
‫"التكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال" (‪- )NTIC‬وخاصة استعمال اإلعالم اآللي‬
‫والهاتف النقال‪ -‬بدعوى أنها تعتبر عوامل اغتراب جديدة‪ .‬وحسب الخبراء ( ‪La Tribune,‬‬
‫‪ )03-5-2007, 37‬فإن واحد بالمائة فقط من غير مستعمليها (مئات اآلالف) ينتمون فعال‬
‫إلى فئة "المتمردين" على هذه التكنولوجيات‪ ،‬وأن هذا الرفض يعود أساسا إلى الصعوبات‬
‫االقتصادية‪ ،‬شيخوخة المجتمع والعزلة في األوساط الريفية أكثر منه ألسباب فكرية‬
‫سياسية‪ .‬ينتمي هؤالء المناضلون المتمردون في الغالب إلى فئات شبابية من مناهضي‬
‫العولمة (‪ )Alter mondialistes‬والتخلف (‪ )Décroissance‬ومناضلي الحركات‬
‫اإليكولوجية الراديكالية من أمثال "األرض أوال" (‪ )Earth first‬وبعض جمعيات‬
‫المستهلكين‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫سابعا) أهم مجاالت تطبيق التكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال‬

‫ال يكاد يخلو مجال من مجاالت الحياة االجتماعية‪ ،‬الثقافية‪ ،‬االقتصادية أو‬
‫السياسية من أثر لتطبيق من التطبيقات المتعددة للتكنولوجيات الجديدة إلعالم واالتصال‪:‬‬
‫‪traçabilité,‬‬ ‫‪micro‬‬ ‫&‬ ‫(‬ ‫اإللكترونيك‬ ‫مجال‬ ‫في‬ ‫والتصغير‬ ‫األثر‬ ‫تقفي‬
‫‪ ،)nanoélectronique‬أدوات الحياة العامة‪ ،‬دعم السياقة‪ ...‬ولكننا سنقتصر هنا على أهم‬
‫مجاالتها‪ :‬التعليم‪ ،‬االقتصاد‪ ،‬التهيئة العمرانية‪ ،‬الصحة‪ ،‬الصحافة‪...‬‬

‫‪ -1.7‬تكنولوجيا اإلعالم واالتصال في التعليم‪:‬‬

‫‪62‬‬
‫لقد غيرت التكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال من طريقة تواصلنا مع‬
‫اآلخرين‪ ،‬حيث لم يعد الحضور الشخصي ضروريا للتواصل مع مرسلي أو مستقبلي‬
‫المعلومات المتعلقة باألنشطة التربوية‪ ،‬التعليمية والبحثية‪ .‬كما تغيرت طريقة تعاملنا مع‬
‫مواد هذه األنشطة استقباال‪ ،‬معالجة‪ ،‬تخزينا وتوزيعا‪ ،‬وذلك باالتجاه اإليجابي‪.‬‬
‫فال أحد يمكنه إنكار القيمة المضافة لهذه التكنولوجيات المعلوماتية إلى العمليات‬
‫التربوية‪ .‬ولكننا ال يمكن أن نجعلها تقتصر على الجانب الكمي (عدد الحواسيب‬
‫والشبكات المدخلة) ألن األهم هو فيما وكيف تستعمل (‪ .)GALVIS, A.H. : 2007, 1‬فقد‬
‫تستعمل لمجرد الزينة المكتبية‪ ،‬لتدعيم ممارسات قديمة بوسائل رقمية أو لتجديد وإعادة‬
‫هندسة العمليات التربوية‪.‬‬
‫هناك من المربين من يعتبر هذه التكنولوجيات المتعددة الوسائط فرصة طيبة يجب‬
‫استغاللها لتوسعة دائرة مستقبلي رسائله المعرفية وجعلها أكثر تشويقا‪.‬‬
‫ومنهم من يرى بأن اإلعالم اآللي وسيلة مستقلة مكملة لما يقوم به في القسم‬
‫ولذلك فهو يأخذ تالميذه‪/‬طلبته بين الحين واآلخر إلى قاعة اإلعالم اآللي ليضعهم تحت‬
‫تصرف المسؤول المتخصص ليقوموا بأنشطة مناسبة تعتمد على اإلعالم اآللي (ألعاب‪،‬‬
‫معالجة النصوص‪ ،‬لغات البرمجة‪ ،‬اإلبحار في االنترنت‪ .)...‬وفي هذه الحالة تتحول‬
‫أجهزة اإلعالم اآللي إلى هدف دراسي بدال من وسيلة عمل‪.‬‬
‫وأخيرا‪ ،‬هناك من يفضل أن تكون قاعة اإلعالم اآللي ومسؤولها حليفين تربويين‬
‫له‪ ،‬مثلهما مثل المكتبة‪ ،‬أي فضاء يستعان به كل من المعلم والمتعلم في إيجاد أحسن‬
‫استعمال للموارد الرقمية المتوفرة محليا أو على الشبكة لحل المسائل المطروحة‪ :‬ماهية‬
‫العمل وبأية إستراتيجية وحسن اإلنجاز يتكفل بها المعلم وتالمذته‪ ،‬أما الوسيلة والكيفية‬
‫فيشتركان في اختيارهما مع مسؤول القاعة أو متخصصين خارجيين‪.‬‬
‫ومن هذه الزاوية يكون استعمال "ت‪.‬إ‪.‬ا‪ ".‬من طرف المتعلمين مرتبطا بالمقاربة‬
‫التربوية المعتمدة من طرف المعلم في سبيل تفعيل نشاطهم باستعمال موارد رقمية‪ .‬فقد‬
‫يكون هذا االستعمال حسب "غالبس" (‪:)GALVIS, A.H. : 2007, 2‬‬
‫‪ -‬ناقال في الغالب‪ :‬عندما‪ ،‬مثال‪ ،‬يكلف المعلم تالمذته بالبحث في االنترنت أو‬
‫في موسوعة رقمية عن معلومات تعتمد كقواعد بيانات لتقديم عروضهم‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫‪ -‬تجريبيا وظرفيا خصوصا‪ ،‬يستهدف دعم اكتشاف أو اكتشاف مفاهيم أو‬
‫تراكيب‪ :‬عندما يطلب‪ ،‬مثال‪ ،‬من التالميذ اللعب بنموذج افتراضي للوصول إلى‬
‫استنتاجاتهم الخاصة حول تفسير كيفية عمل ظاهرة معينة أو مدى تأثير عوامل محددة‬
‫على عمل نظام معين‪.‬‬
‫‪ -‬تعاونيا وإبداعيا أساسا‪ ،‬عندما‪ ،‬مثال‪ ،‬يطلب المعلم تالمذته القيام بمشروع‬
‫جماعي‪ ،‬البحث بمعية زمالء من مناطق أخرى حول مسألة معينة‪ ،‬استكشاف طرق‬
‫مختلفة إلنجاز العمل نفسه‪ ،‬وعندما تتكون لهم أفكارهم الخاصة يتفاعلون بها بواسطة‬
‫الوسائل الرقمية التي يرغبونها‪.‬‬
‫المهم هو توفير وسط تعليمي يسمح تدريجيا للمتعلمين بالتحكم في الوسائط‬
‫االتصالية التعليمية والتفاعل معها مباشرة‪ ،‬بالتجربة والخطأ ومع زمالئهم ومعلميهم‪.‬‬
‫ويسمح من جهة أخرى للذين لديهم إمكانات قاعدية معتبرة في مجال اإللكترونيات (وهم‬
‫تعلمية مهمة ومفيدة‪ .‬فهم‬
‫أغلب األطفال والشباب) من استغاللها لدفعهم للقيام بمهام َ‬
‫يقضون وقتا أطول في األلعاب اإللكترونية‪ ،‬مع االنترنت والحواسيب من الذي‬
‫يخصصونه للمدرسة‪ ،‬كما أثبتت ذلك العديد من الدراسات ( ; ‪DOWNES, T. 1994‬‬
‫‪.)GALVIS, A.H. : 2007, 3( )HUSTON, A.C. & al., 1999...‬‬

‫‪ -1.1.7‬مؤشرات انتشار تطبيقات تكنولوجيا اإلعالم واالتصال في التربية‬


‫والتعليم‪:‬‬
‫نظ ار ألهمية داللتها الكمية سنعرض فيما يلي أهم المؤشرات اإلحصائية النتشار‬
‫تطبيقات تكنولوجيا اإلعالم واالتصال في التربية والتعليم‪ ،‬وذلك وفق منظمة "اليونسكو"‬
‫واالتحاد األوروبي ( ‪UNESCO, at : http://www.unesco.org/bangkok/education/‬‬
‫‪:)ict/unescoprojects/JFIT/perf indicators/proposedind.htm.‬‬

‫أوال) تأهيل المحيط‪:‬‬


‫‪ -‬المؤشرات‪:‬‬
‫‪ -1‬عدد المدارس (الرسمية وغير الرسمية‪ ،‬االبتدائية والثانوية) المزودة بالكهرباء‪،‬‬
‫الحواسيب‪ ،‬الهاتف‪ ،‬االنترانت‪ ،‬التلفزيون‪ ،‬الراديو‪ ،‬المسجالت واألقراص المختلفة‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫‪ -2‬عدد الحواسيب لكل ‪ 100‬متعلم في هذا النوع من المدارس‪...‬‬
‫‪ -3‬عدد الساعات في األسبوع المخصصة لـ"ت‪.‬إ‪.‬ا"‪.‬‬
‫‪ -4‬نسبة المدارس المستعملة للتجهيزات اآلتية ألغراض تربوية‪ :‬السكانير‪،‬‬
‫الطابعة الملونة‪ ،‬الكامي ار الرقمية‪ ،‬جهاز إسقاط الصور على الشاشة‪...‬‬

‫ثانيا) االرتباط باالنترنت‪:‬‬


‫‪ -‬المؤشرات (في المدارس الرسمية وغير الرسمية‪ ،‬االبتدائية والثانوية)‪:‬‬
‫‪ -1‬عدد الحواسيب المتصلة باالنترنت‪...‬‬
‫‪ -2‬عدد الساعات التي ترتبط بها المدرسة باالنترنت‪.‬‬
‫‪ -3‬عدد المدارس التي صمم تالمذتها مواقع إنترنتية‪.‬‬

‫ثالثا) السرعة‪ ،‬النطاقات العريضة‪ ،‬األقمار الصناعية‪ ،‬الالسلكي‪:‬‬


‫‪ -‬المؤشر‪ :‬نسبة المدارس المستعملة للنطاقات العريضة والضيقة‪ ،‬الخطوط‬
‫الرقمية فائقة السرعة (‪ )ADSL‬والالسلكية‪.‬‬

‫رابعا) األنظمة والمعدات‪:‬‬


‫‪ -‬المؤشرات‪:‬‬
‫‪ -1‬عدد الحواسيب العاملة على منصة "ويندوز" (‪.)Windows‬‬
‫‪ -2‬هل تستعمل المدرسة األجهزة اآلتية ألغراض تربوية‪ :‬السكانير‪ ،‬الطابعة‬
‫الملونة‪ ،‬الكامي ار الرقمية‪ ،‬جهاز متعدد الوسائط إلسقاط الصور على الشاشة‪ ،‬نظام بث‬
‫عبر األقمار ‪...UPS‬‬
‫أما المؤشرات اإلحصائية األوروبية في التربية والتعليم فتقتصر على مؤشر رئيس‬
‫ومؤشرين تكميليين‪ ،‬وهي على التوالي‪:‬‬
‫‪ -1‬عدد التالميذ لكل حاسوب يستعمل ألغراض تعليمية‪.‬‬
‫‪ -2‬نسبة مستعملي االنترنت ألغراض تعليمية تكوينية أثناء التمدرس أو بعده‪،‬‬
‫‪ -3‬نسبة المؤسسات المستعملة للتعليم والتكوين عن بعد للموظفين‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫وهي مؤشرات مكملة أساسا لمؤشرات اليونسكو‪ ،‬بحيث تضيف إليها مؤشري عدد‬
‫التالميذ لكل حاسوب والتعليم عن بعد ‪.‬‬

‫‪ -2.1.7‬نموذج التعليم بالكومبيوتر عن بعد‪:‬‬


‫رغم أهمية تواجد تقنيات اإلعالم واالتصال في المحيط الثقافي العام‪ ،‬فإنها لم تلج‬
‫األوساط التعليمية والتكوينية إال بصورة جزئية وبطيئة‪ ،‬وذلك بدء بالتلفزيون الذي لم يدخل‬
‫المؤسسات التربوية بل هي التي زودته ببرامجها (ليقوم بدوره التربوي التعليمي) وخاصة‬
‫تلك المتعلقة بتعليم اللغات أو ذات البعد التثقيفي العام من خالل األشرطة الوثائقية‪ .‬لكن‬
‫األمر أصبح يختلف اآلن بالنسبة للمعلوماتية‪ ،‬وخاصة في الدول المتقدمة‪ ،‬التي عمدت‬
‫إلى إنجاز موسوعات إلكترونية ضخمة وتطوير برامج تعليمية تفاعلية عن بعد تبث عبر‬
‫األقمار الصناعية باتجاه مواقع استقبال مختلفة داخل وخارج أوطانها‪.‬‬
‫ومن أهم التقنيات البرمجية المتاحة‪" ،‬التعليم بالكومبيوتر عن بعد" ( ‪Computer‬‬
‫‪ )Conferencing / Enseignement télématique‬كامتداد للتعليم التقليدي عن بعد ثم‬
‫"المحاضرة عن بعد" (‪ )téléconférence‬المدعومة بالكومبيوتر‪.‬‬
‫لم تكن "المحاضرة عن بعد" تستعمل بداية إال للتواصل بين خبراء المؤسسات‬
‫االقتصادية الكبيرة لتنتقل بعد ذلك إلى مؤسسات البحث العلمي والجامعات ‪-‬فيما يسمى‬
‫بالجامعات المفتوحة‪ -‬فتتنوع استعماالتها وتستعمل كمصطلح يشمل أيضا "التعليم‬
‫بالكومبيوتر عن بعد"‪ .‬إن هذا النوع من التعليم بخالف "المحاضرة عن بعد" ال يركز على‬
‫التواصل اآلني والمباشر رغم توفره‪ ،‬بل ما يهم أساسا هي الدعامات اإللكترونية والتواصل‬
‫عن بعد مباش ار كان أم غير مباشر‪ .‬وهو يتميز باعتماده على العناصر اآلتية‪:‬‬
‫‪" -‬ملقم تخزين" (‪ )Serveur‬قوي يسمح بالولوج المتزامن لعدد كبير من المتواصلين‬
‫(العشرات أو المئات) ويتكون أساسا من حاسوب وبرنامج تواصلي متطور‪.‬‬
‫‪ -‬ارتباط هذا الجهاز بشبكات محلية‪ ،‬وطنية ودولية‪ ،‬عبر الخطوط الهاتفية العامة‬
‫أو بعض الشبكات الخاصة‪ .‬ويكون التعامل معها في الغالب باالشتراك الفردي أو‬
‫الجماعي باإلضافة إلى دفع مستحقات االتصال‪.‬‬
‫‪ -‬تسمح برمجيات التواصل‪ ،‬على األقل‪ ،‬بالكتابة والقراءة واالحتفاظ برسائل‬
‫المشاركين‪ .‬كما قد تسمح هذه البرمجيات المستعملة في التعليم والبحث بتخزين (أرشفة)‬

‫‪66‬‬
‫المساهمات الشخصية‪ ،‬وبهندسة المحاضرات العامة والخاصة بمواضيعها ومجموعاتها‬
‫الفرعية (برمجيات العمل الجماعي‪ ،)Groupware :‬وأخي ار بجمع المعلومات حول كيفية‬
‫عمل هذه المجموعات‪ ،‬بحيث يستطيع األستاذ‪ ،‬المنشط أو رئيس المشروع متابعة‬
‫اتصاالت ومساهمات وقراءات المشاركين‪ ،‬الخ‪.)SFEZ, L. : 1993, 317-318( .‬‬

‫‪ -2.7‬االقتصاد الرقمي‪:‬‬
‫إن األهمية المتزايدة للخدمات عبر الشبكة‪ ،‬وخاصة منها تلك المرتبطة‬
‫بالتكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال‪ ،‬أدت ببعض االقتصاديين إلى الكالم عن‬
‫اقتصاد الشبكات‪ .‬وهو اقتصاد يضم فروع االلكترونيات‪ ،‬االتصاالت عن بعد‬
‫والمعلوماتية‪ ،‬أي قطاع "ت‪.‬ج‪.‬إ‪.‬ا‪ .".‬وقد عرف تطو ار سريعا بعد انفتاحه الكلي على‬
‫المنافسة في معظم الدول الغربية (في أوروبا منذ مطلع ‪.)1998‬‬
‫قدرت منظمة (‪ )OCDE‬وزن هذا القطاع بأكثر من ‪ %8‬في أمريكا وبأكثر من‬
‫‪ %6‬في أوروبا عام ‪ ،)PENARD, T. : 2002, 14( 1998‬لكن تواجده اآلن يبدو غالبا في‬
‫الدول المتقدمة (‪.)www1.oecd.org/dsti/sti/it/prod/measuring_ict.pdf‬‬
‫أما اقتصاد تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت‪ ،‬الذي بلغت قيمة سوقه العالمية أزيد‬
‫من بليوني دوالر عام ‪ ،2002‬فهو يتكون أساسا من ثالثة قطاعات‪ :‬المعدات‪ ،‬البرمجيات‬
‫والخدمات‪ ،‬خدمات االتصاالت عن بعد‪ ،‬وهي تدخل بنسب متقاربة في تكوين المجموع‪.‬‬
‫والشكل الموالي يوضح ذلك‪:‬‬

‫شكل (‪ )3‬مكونات اقتصاد تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت لعام ‪2002‬‬

‫‪Hardware‬‬
‫‪30%‬‬ ‫‪Telecom‬‬
‫‪Worldwide ICT‬‬ ‫‪services‬‬
‫‪market, 2002:‬‬ ‫‪39%‬‬
‫=‪US$ 2'066 billion‬‬
‫‪6.6% of GDP‬‬

‫&‪Software‬‬
‫‪services‬‬
‫‪67‬‬
‫‪31%‬‬
‫المصدر‪www.ituarabic.org, 12.2.2008 :‬‬

‫‪ -1.2.7‬التجارة اإللكترونية‪:‬‬

‫‪BASLE… eEurope‬‬

‫‪SFEZ, L. : 1993, 297‬‬


‫واقع وآفاق التجارة اإللكتروني‬ ‫مجلة إدارة‪ ،‬ع ‪ ،2003 ،26‬التوقيع اإللكتروني (ص‪)49‬‬
‫(ص‪)65‬‬

‫‪ -3.7‬التكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال والفضاءات الحضرية‪:‬‬


‫يختلف علماء االجتماع في تقييمهم لقدرة التقنيات على تحويل المجتمع‪ .‬فمنهم‬
‫من يرى أن المجتمع هو منشأ التقنية واإلنسان صانعها‪ ،‬ومنهم من يرى أن المحيط‬
‫التقني هو منتج التجمعات السكانية ومحدد أشكالها‪ .‬ورغم ذيوع الرأي األول لكون‬
‫اإلنسان هو فعال مبدع ومحرك التقنية‪ ،‬والتي‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬لن يكون لها وجود‬
‫تاريخي وال تعمير معتبر دون تبن اجتماعي وجماعي لها‪ ،‬فإنه ال يمكن إغفال البعد‬
‫الحدثي المقدر لبعض المستحدثات والمخترعات التقنية‪ :‬تفاحة الجاذبية‪ ،‬المحرك‬
‫االنفجاري‪ ...‬والتي أنتجت تحوالت اجتماعية‪ ،‬اقتصادية وثقافية معتبرة‪.‬‬
‫وعلى كل‪ ،‬يجب الفصل بين التقنيات العادية والتقنيات التي أحدثت ثورات‬
‫اجتماعية حقيقية قلبت النظم االجتماعية وتنظيماتها الحضرية رأسا على عقب‪ .‬وتعتبر‬

‫‪68‬‬
‫"التكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال" (‪ )NTIC‬إحداها‪ ،‬حيث أدت إلى ظهور ما‬
‫يسمى بمجتمع المعلومات‪ ،‬والذي أدى بدوره إلى ظهور فضاءات اصطناعية‪-‬افتراضية‬
‫تجاوزت حدود الفضاءات الحضرية التقليدية‪ .‬فانتقلت بذلك الكثير من األنشطة الخاصة‬
‫بالحياة الحضرية إلى فضاء الشبكات الرقمية متسببة في ظهور وظائف حضرية جديدة‬
‫وتحول أو اختفاء بعضها اآلخر‪ .‬وهو األمر الذي يعيد إلى األذهان قلة اهتمام الدراسات‬
‫الحضرية بأثر "التكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال" على الفضاءات الحضرية‪:‬‬
‫شكال ومضمونا‪ .‬وأما فيما يخص هذا المبحث‪ ،‬فسنكتفي فيه بعرض بعض أبعاد هذا‬
‫األثر وذلك بعد منعطف مفاهيمي مختصر يخص المدينة‪.‬‬

‫‪ -3.7‬التكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال والظاهرة الحضرية‬


‫قبل الكالم عن هذه العالقة تجدر اإلشارة بإيجاز إلى مفهوم "المدينة" في أبسط‬
‫صوره وتبعا للنظرية العامة للشبكات‪ :‬إنها عبارة عن عقدة من تبادالت السلع والمعلومات‬
‫في فضاء محدود يتكون من مجموعة من السكنات‪ ،‬عادة ما يتوسطها سوق وساحة عامة‬
‫أو مسجد عن المسلمين‪ .‬فالمدينة قوامها إذن تيسير تبادل‬ ‫)*(‬
‫(عند اإلغريق‪)Agora :‬‬
‫السلع والمعلومات وذلك بتركيزها في فضاء محدود ربحا للوقت وتقليصا للمسافات‪.‬‬
‫ولتفعيل ذلك اجتهد اإلنسان في مقاومة عنصري الزمن والمسافة فكانت االختراعات‬
‫التقنية محسنة لوظائف المدينة وذلك قبل أن تصبح أو تكاد تكون الغية لها‪.‬‬
‫‪ -‬التطورات التقنية وفضاءات المدينة‪ :‬لقد اهتم مؤرخو المدن منذ القديم بدور‬
‫التطورات التقنية المختلفة في نمو التجمعات السكانية الحضرية‪ .‬ويمكن أن نذكر‪ ،‬بهذا‬
‫الصدد وعلى سبيل المثال‪ ،‬أن اختراع الورق من طرف الصينيين وتطوير صناعته من‬
‫طرف المسلمين أدى إلى تحوالت جذرية في المجاالت الثقافية واالقتصادية والحضرية‬
‫فسمح بإنشاء مكتبات عامة وبتطوير بعض التجمعات الحضرية حول دور التعليم‬
‫والعبادة والمصانع وبتوسعة بعضها اآلخر ألن الكتابة يسرت إدارتها ووسعت نشاطها‬
‫الثقافي واالجتماعي واالقتصادي‪...‬‬

‫)*(‬
‫‪Communication au colloque : The Impacts of Information Technologies On Urban‬‬
‫‪Form And Life, Monte Verità, Ascona, Novembre 1995, 5.‬‬

‫‪69‬‬
‫وفي هذا السياق يمكن ذكر مثال‪ ،‬أن تطور المدفعية في القرون الوسطى أبطل‬
‫مفعول الحصون الحجرية وأدى إلى إزالتها مما سمح بتوسع النسيج الحضري‪ ،‬كما سمح‬
‫اختراع اآللة البخارية بتطور الصناعة وبناء مناطق صناعية ومدن منجمية لتموين هذه‬
‫اآلالت‪ ،‬تاله تطور الصناعات النفطية وما نتج عنه من تطور وسائل النقل وظهور ما‬
‫يعرف باألطراف الحضرية (الحواضر‪ .)banlieue, périphérie... :‬أما ذيوع استعمال‬
‫الهاتف فقد أدى إلى المركزية معتبرة للوظائف الحضرية الضابطة والتفاعلية وإلى‬
‫التوطئة إلمكانية العمل عن بعد واختفاء الكثير من وظائف المدينة وراء إنجازات الهواتف‬
‫الالسلكية واأللياف البصرية والموجات الكهرومغناطيسية واألقمار الصناعية‪.(*)...‬‬
‫هذه بعض األمثلة عن مساهمة التطورات التقنية في تطور الظاهرة الحضرية‪.‬‬
‫ونحن نعتقد أن للتكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال دو ار ال يقل أهمية عنها من حيث‬
‫تأثيره على شكل ومضمون الفضاءات الحضرية المعاصرة‪ .‬فلقد أصبح الفضاء المعايس‬
‫يختلف باختالف الوسائط التقنية الفيزيقية أو المعلوماتية (وسائل النقل الحديثة‪ ،‬الهاتف‪،‬‬
‫الراديو‪ ،‬التلفزيون‪ ،‬األقمار الصناعية‪ ،‬االنترنت‪ )...‬التي ندركها بها‪ ،‬كما يختلف‬
‫باختالف الممارسات االجتماعية الخاصة بسكان العمارة‪ ،‬الحي أو المدينة‪ .‬فمثال‪،‬‬
‫وحسب "ب‪ .‬سترلينغ" (‪ ،)STERLING, Bruce : 2004‬لم يكن من الممكن بناء ناطحات‬
‫السحاب‪ ،‬ليس فيزيقيا بل وظيفيا‪ ،‬حيث أنه ال يمكن تصور تسيير العدد الهائل من الرسل‬
‫الضروري لنقل الرسائل من طابق إلى آخر‪ ،‬فناطحات السحاب ذات عشرات الطوابق‬
‫غير عملية كفضاء مهني بل وسكني أيضا دون هاتف وال فاكس وال إنترنت‪ ...‬ألن‬
‫التواصل االجتماعي سيكون حينها مرهقا جدا‪.‬‬
‫كما أنه من المعروف أن هذه "التكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال"‬
‫(‪ ،)NTIC‬أصبحت تلغي الفضاء الجغرافي وتكاد تلغي الزمن (فهي تعمل بسرعة الضوء‬
‫بدال من السرعة العادية)‪ ،‬حيث أدخلتنا في عالم خيالي المادي وحولت الكثير من‬
‫نشاطاتنا المهنية من فضاءات جغرافية فيزيقية إلى فضاءات اصطناعية مكونة من‬
‫حواسيب تجمع بينها أسالك (أو ألياف) وأقمار صناعية وال تحدها إال سرعة الضوء‪،‬‬
‫فنقلتنا بذلك من عالم الذرات (‪ )atomes‬إلى عالم البايتات (‪ ،)bytes‬ومن عالم "الجزئي"‬

‫)*(‬
‫‪Communication au colloque : The Impacts of Information Technologies On Urban‬‬
‫‪Form And Life, Monte Verità, Ascona, Novembre 1995, 1-2.‬‬

‫‪70‬‬
‫(‪ )micro‬إلى عالم "النانو" (‪ )nano‬حيث تزداد أهمية المعلومة على حساب دعامتها‬
‫المادية‪.‬‬
‫لقد عملت الشبكات الرقمية المحركة لها على تشكيل فضاءات اصطناعية‬
‫للتفاعل الفكري والمادي (سلع‪ ،‬خدمات‪ ،‬معارف)‪ ،‬والتي مكنتها خصائصها الرقمية من‬
‫تجاوز الفضاءات الواقعية للمدينة (المكتبة‪ ،‬السوق‪ ،‬المؤسسات الخدمية‪ )...‬وتشكيل‬
‫مدينة اصطناعية‪-‬افتراضية اتخذت عدة أسماء‪ :‬مدينة المدن‪ ،‬المدينة الشبكية‪ ،‬المدينة‬
‫الشاملة (العالمية) أو المدينة الوسيلية (‪ ...)Cité médiate‬هذه المدينة ال يمكن تمثيلها‬
‫خرائطيا ببعدين أو ثالثة أبعاد كالفضاءات الفيزيقية بل بأنموذج شبكي هالمي األبعاد‬
‫وذي حدود غير ثابتة‪.‬‬
‫إن المدن والعواصم الكبرى التي عهدناها إلى حد اآلن هي عبارة عن مجمعات‬
‫وظيفية شيدت بغية لم شمل مجموعة من السكان على بقعة أرض محدودة بهدف تقليص‬
‫زمن وتكلفة خدماتهم وتفاعالتهم المادية والفكرية واالجتماعية‪ :‬وسائل النقل الجماعية‪،‬‬
‫الخدمات الصحية العمومية‪ ،‬الخدمات االجتماعية واالقتصادية والثقافية والمعلوماتية‬
‫المشتركة‪ .‬إال أن الفضاء االصطناعي‪-‬االفتراضي أصبح يعمل اليوم على تجريد المدينة‬
‫من وظيفتها كفضاء لتبادل السلع والخدمات والمعلومات‪ ،‬وذلك بتوفيره التعليم عن بعد‪،‬‬
‫العمليات المصرفية عن بعد‪ ،‬التسوق عن بعد‪ ،‬العمل عن بعد‪ ،‬التزاور عن بعد‪ ،‬الخ‪.‬‬
‫مما ألغى ضرورة التجمع أو التمركز فوق فضاء حضري محدود جغرافيا لتفعيل هذه‬
‫الوظائف وتيسير العمليات االجتماعية‪ .‬وقد استوجب ذلك ليس فقط ضرورة تكيف‬
‫المؤسسات الخدمية والتجارية‪ ،‬العامة والخاصة‪ ،‬مع الواقع االفتراضي الجديد بإعادة‬
‫هيكلتها محليا لتفعيل وظيفتها عالميا‪ ،‬بل ضرورة تكيف كل الفضاء الحضري مع‬
‫التصورات الجديدة الناتجة عن شبكة "التكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال" (‪.)NTIC‬‬
‫وهكذا يجب إعادة التفكير في كيفيات التهيئة العمرانية وفي طرق تسيير الزمن‬
‫االجتماعي الحضري وفقا لهذا المعطى الجديد‪ ،‬وذلك بغية تيسير تعاطي السكان مع‬
‫عمرانهم "المخفف" (فيزيقيا) فيطورون أشكاال جديدة من التنظيمات االجتماعية الفضائية‬
‫على المستوى المحلي وفق واقعهم الحضري الجديد‪ ،‬الذي لم يعد يعتبر مرك از لمحيط‬
‫ريفي أو صناعي بل أصبح محيطا جزئيا لمركز افتراضي مصطنع شامل‪ .‬بل هناك من‬

‫‪71‬‬
‫يرى (‪ )GALLAND, Blaise : 1995‬بأن هذا التحول يؤدي إلى اندماج كلي في فضاء‬
‫شبكي شامل بال مركز وال محيط‪ ،‬أو في "مجتمع أرخبيلي" حسب تعبير "ج‪ .‬فيار"‬
‫(‪.)VIARD, Jean, 1994‬‬
‫ونتيجة لذلك ضعفت سلطة المؤسسات السياسية المحلية البلدية والوالئية‬
‫وتضاءلت مداخلها االقتصادية بسبب فقدانها السيطرة على حركة السلع والخدمات‬
‫والمعلومات‪.‬‬

‫‪ -‬مجاالت تأثير "التكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال" (‪)NTIC‬‬


‫يمكن حصر مجاالت تأثير "التكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال" في‬
‫الوظائف المتعلقة بمختلف فضاءات المدينة‪ :‬العمومية‪ ،‬نصف العمومية‪ ،‬الخاصة‪،‬‬
‫المحمية‪ ،‬السرية‪ ...‬ولكننا سنخص هنا بالذكر منها ثالثة فضاءات‪ :‬الفضاءات السكنية‬
‫الشخصية‪ ،‬الفضاءات العمومية والفضاءات المهنية‪.‬‬

‫‪ -‬الفضاءات السكنية الشخصية‪:‬‬


‫إن تطور الشبكات التقنية وخاصة تلك المتعلقة بنقل ومعالجة المعلومات أدى‬
‫تدريجيا إلى تحوالت جذرية في العالقات بين الشبكات االجتماعية وفضاءاتها الواقعية‬
‫المرجعية‪ ،‬حيث أصبح لمقر السكن أو الفضاء الحضري األولي دو ار ثانويا في تحديد‬
‫طبيعة ونمط الشبكات االجتماعية‪ .‬مما أدى إلى بعض االنحرافات االجتماعية المالزمة‬
‫للروح االنعزالية واالنفرادية الناتجة عن االنسالخ عن المجموعات التقليدية‪ :‬األسرية‪،‬‬
‫الجوارية‪ ،‬المسجدية‪ ...‬واالندماج في شبكات اجتماعية أكثر مرونة وتنوع وتعقيد واتساع‬
‫وانفتاح وتصنع وافتراضية‪ ،‬وأقل انضباط وبساطة وحميمية ويقين‪ .‬كما أدت هذه الشبكات‬
‫إلى بعض األمراض الفيزيقية الناتجة عن قلة حركة أو كثرة استعمال بعض أجزاء جسم‬
‫اإلنسان (كثرة الجلوس واإلفراط في استعمال بعض أطراف اليد‪.)...‬‬
‫تشكل هذه الشبكات مدينة اصطناعية‪-‬افتراضية يطلق على سكانها أو روادها‬
‫في الثقافة المعلوماتية اسم‪" :‬المواشبكيين" (‪ )GRIZE, François: 1994( )Netizens‬قياسا‬

‫‪72‬‬
‫على المواطنين (‪ ،)Citizens‬ألن موطنهم المرجعي تحول إلى شبكة معلوماتية‪ .‬مئات‬
‫الماليين من المواشبكيين‪ :‬شديدو االختالف ومتفاوتو اإلمكانات‪ ،‬منهم األخيار (النافعون‬
‫بجميع أصنافهم) ومنهم األشرار (المتطفلون‪ ،‬المعتدون على الخصوصيات‪ ،‬مشيعو‬
‫الفواحس‪ )...‬على غرار ما هو موجود في الفضاءات الواقعية ولكن بحصانة أقل (عالم‬
‫سريع البناء وسريع الهدم) ودون تمييز مظهري (النوع‪ ،‬اللباس‪ ،‬السن‪ )...‬لمتعامليه "عن‬
‫بعد"‪.‬‬
‫ومع ذلك تبقى الفضاءات السكنية والشخصية في بعدها الحضري أقل الفضاءات‬
‫تأث ار بـ"التكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال"‪ ،‬رغم ما قد يدخل عليها من تعديالت‬
‫معمارية في المساكن استجابة لتوظيف األسالك واأللياف والوسائط المتعددة وغير الورقية‬
‫(هوائيات خاصة‪ ،‬قاعة متعددة الوسائط‪ :‬ملتيميديا‪ ،‬مكتبات شخصية إلكترونية ذات‬
‫حاويات ألشرطة وأقراص متناهية في الصغر وضخمة السعة‪ ،‬قاعات استقبال فردية بدال‬
‫من واحدة عائلية‪ .)...‬فاإلنسان الساكن في هذه الفضاءات العائلية له عالمه الخاص‬
‫وشبكة عالقاته االجتماعية الخاصة‪ ،‬وجسمه يعيق ميزتي العالم االفتراضي لهذه‬
‫التكنولوجيات‪ :‬زيادة السرعة وتقليص المسافة‪ .‬فهو يمثل تقريبا الحدود الوحيدة غير القابلة‬
‫للضغط أو االختزال رغم اإلمكانات الهائلة لهذه التكنولوجيات المعلوماتية الجديدة‪ :‬فما يتم‬
‫في أفالم الخيال من نقل لألجسام الحية بسرعة الضوء لم تحققه لحد اآلن‪ :‬فتقليد "اإلسراء‬
‫والمعراج" النبويين ليس في متناول البشر بعد‪ .‬ولذلك لم تهتم الثقافة المعلوماتية بجسم‬
‫اإلنسان كثي ار باستثناء كالمها عن إمكاناته التحسسية وعن تكييف بعض الموصالت‬
‫المعلوماتية التي تستعمل كامتدادات لحواسنا بغية تيسير ولوجنا عالمها االفتراضي‪.‬‬
‫وولوجنا هذا يتطلب منا مغادرة أجسامنا التي يستحيل إدخالها إلى الشاشة رغم تزويدها‬
‫بقفازات معلوماتية وخوذات بصرية وملبسات ذكية‪ .‬ولكن هذا الفصل يبقى افتراضيا‪-‬‬
‫فكريا وغير حدي وال فعليا‪ ،‬ألن الكائن الحي كل متكامل بجسمه وعقله وروحه‪ .‬ولذلك‬
‫فقد يكون لهذا الفصل المتكرر آثار نفسية سلبية‪.‬‬
‫كما أن العالم االفتراضي لهذه التكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال لم يستطع‬
‫حاليا تجاوز الحاجات األساسية لإلنسان ككائن بيولوجي‪ ،‬مثل‪ :‬التنفس والشرب واألكل‬
‫والنوم (بأحالمه الحقيقية) والتكاثر والوقاية من الحر أو البرد‪ ...‬والتي هي ضرورية حتى‬

‫‪73‬‬
‫الستم اررية التواصل مع هذا العالم؛ وال حاجاته الفضائية الواقعية الضرورية لذلك‬
‫(المساك ن)؛ وال حاجاته النفسية االجتماعية التي لن تشبعها إال العالقات االجتماعية‬
‫الحميمية والدفء النفسي‪-‬االجتماعي الناتج عن التواصل الشخصي في البيت الواحد‪،‬‬
‫العمارة المشتركة‪ ،‬الحي الجواري‪ ،‬المسجد الجامع‪ ،‬الحديقة المريحة وحتى الملعب‬
‫الصاخب‪ ...‬بعيدا عن برودة الفضاء االفتراضي‪ ،‬بل فوق أرض واقعية تهيأ عمرانيا تبعا‬
‫الحتياجات اإلنسان البيولوجية‪ ،‬االجتماعية والنفسية بل والروحية أيضا‪ :‬السكن‪ ،‬التعبد‪،‬‬
‫التغذية‪ ،‬التنقل‪ ،‬التجمع‪ ،‬ممارسة الرياضة‪ ،‬التمتع المحسوس‪...‬‬
‫فلكل شيء حدوده‪ ،‬ومن أهم حدود "تقليص الزمن وإلغاء الفضاء الفيزيقي"‬
‫الفضاءات الحضرية المتكيفة مع جسم اإلنسان باحتياجاته البيولوجية‪ ،‬االجتماعية‪،‬‬
‫النفسية والروحية‪.‬‬

‫‪ -‬الفضاءات العمومية‪:‬‬
‫تعتبر الفضاءات العمومية‪ ،‬بخالف الفضاءات السكنية الشخصية‪ ،‬أكثر‬
‫الفضاءات الحضرية تأث ار بالتكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال‪ ،‬ذلك ألن العديد من‬
‫البنايات العمومية المؤدية لوظيفة تبادل السلع والخدمات والمعلومات (مباني البريد‬
‫والمواصالت‪ ،‬المكتبة‪ ،‬اإلدارات المحلية‪ ،‬البنوك‪ ،‬المساجد‪ ،‬المدارس والجامعات‪،‬‬
‫المتاحف‪ ،‬األسواق‪ ،)...‬والتي هي ذات مظهر بارز في النسيج العمراني للمدينة‪،‬‬
‫أصبحت مهددة –في الدول الغربية خاصة‪ -‬من طرف الفضاءات االصطناعية‪-‬‬
‫االفتراضية بطرقها السريعة للمعلومات وتواصلها عن بعد‪.‬‬
‫فمراكز البريد والمواصالت مهددة بالزوال كواقع حضري ومعها صناديق البريد‬
‫وسعاته‪ .‬والشيء نفسه يمكن قوله عن الجامعات (بسبب‬
‫ورسائله (باستثناء الطرود) ُ‬
‫التعليم عن بعد) والمكتبات (بسبب المكتبات اإللكترونية) والبنوك (بسبب التعامالت‬
‫اإللكترونية) والمتاحف (بسبب المتاحف االفتراضية) وأكشاك الصحف ومحطات اإلذاعة‬
‫والتلفزيون (بسبب الصحافة اإللكترونية‪ ،‬والبرامج اإلذاعية والسمعية البصرية المشخصنة‬
‫إلكترونيا) والمحالت التجارية واألسواق (بسبب تعويضها بمخازن تموينية تحت الطلب‬
‫إلكترونيا)‪ ...‬وحتى أماكن العبادة –كفضاء حضري جامع‪ ،-‬والتي تبدو في منأى من‬
‫ذلك ألن تفاعل روادها روحي أصال‪ ،‬قد تتضرر وظائفها االجتماعية لقلة روادها نتيجة‬

‫‪74‬‬
‫قلة حركية سكان الحضر وإدمانهم على التكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال (فاألذان‬
‫يبرمج إلكترونيا وإمام –الجمعة والتراويح خاصة‪ -‬يؤتم به عبر واسطة إلكترونية) وما‬
‫يترتب عن ذلك من روح انعزالية وانفرادية ونشاط اجتماعي عن بعد أي دون الحاجة إلى‬
‫مرجعية فضائية‪-‬مكانية‪.‬‬
‫فالكل ينتقل أو يكاد إلى الفضاء العمومي الجديد الذي أصبح ذي امتداد عالمي‬
‫مهندسوه معلوماتيون وليسوا معمارييين‪ ،‬ودعامته األساسية الكهرباء وليس الورق‪ ،‬وأهم‬
‫متاعمليه رحل يعيشون في واقع اصطناعي وال َيحطون رحالهم إال عند واحات الراحة‬
‫واالستجمام‪ ...‬فيساهمون في حماية البيئة (هوائها وأشجارها‪ )...‬بتقليص النفايات الغازية‬
‫وقطع األشجار نتيجة قلة استعمالهم لوسائل النقل وللورق‪.‬‬

‫‪ -‬الفضاءات المهنية‪:‬‬
‫على غرار الفضاءات العمومية تتأثر الفضاءات المهنية تأث ار واضحا‬
‫ب التكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال‪ ،‬فعالم الشغل كان مند القدم حساسا جدا‬
‫للتطورات التقنية وال زال كذلك إن لم نقل بنسبة أكبر‪ .‬فلقد كان ألدوات القطع والحفر‬
‫والنقل أثر بالغ في شكل وكيفية تنظيم عالم الشغل في عالقته بالفضاءات العمرانية‪ .‬كما‬
‫كان لتقنيات التركيب والمكننة واألتمتة أثر مشابه‪ .‬ومع التطورات األخيرة في مجال‬
‫اإللكترونيات والمعلوماتية وإدخال "اإلنسان اآللي" إلى المصانع‪ ،‬تغيرت طبيعة العمل‬
‫ومعها فضاءاته ليس فقط في قطاعي الزراعة والصناعة بل وفي قطاع الخدمات أيضا‪.‬‬
‫فعالم الشغل بدأ يستغني تدريجا عن مادة الورق وفضاء المكاتب وعناء التنقل‬
‫إلى أماكن العمل ليستبدلها بالعمل عن بعد والتعامل أكثر فأكثر مع مادة رقمية افتراضية‬
‫وحدتها األولية مجردة‪" :‬أوكتات" (‪ )octets‬أو "بايتات" (‪ ...)bytes‬وذلك بعيدا عن‬
‫ضجيج اآلالت وصرير األقالم وخشخشة األوراق وضيق المكاتب وحتى عن موضوع‬
‫عمله‪ :‬الطائرة‪ ،‬مركز توليد الطاقة‪ ،‬مستشفى‪ ...‬وزمالئه الذين أصبح يتواصل معهم عن‬
‫بعد‪ :‬بالفاكس‪ ،‬الهاتف المرئي‪ ،‬المحاضرة عن بعد‪...‬‬
‫ويمكن أن نجمل الكالم عن أبعاد التغيرات التي قد تحدث في عالم الشغل في‬
‫الخصائص اآلتية‪ :‬العمل والنشاط عن بعد دون حاجة إلى مرجعية فضائية‪ ،‬الحضور‬
‫السمعي البصري للمتعاملين‪ ،‬تقليص الزمن والفضاء أو إلغاء هذا األخير‪ ...‬وبالطبع‬

‫‪75‬‬
‫يتسبب ذلك في تكييف الفضاء الحضري والمعماري ألماكن الشغل وتجهيزها معلوماتيا‪،‬‬
‫وظهور قرى مهنية إلكترونية متخصصة على شاكلة (‪ )Silicon valley‬ومن األفضل‬
‫قريبة من المطارات واألماكن الترفيهية أو الطبيعية الخالبة‪ ...‬تضمن سرعة التنقل‬
‫والحاجة إلى الراحة والتسلية‪.‬‬

‫الخاتمة‪:‬‬
‫إن الفضاءات الحضرية المختلفة ال تبدو للعيان متأثرة بوضوح بالتكنولوجيات‬
‫الجديدة لإلعالم واالتصال‪ ،‬إذا استثنينا الظهور المتزايد لكاميرات المراقبة في الساحات‬
‫العمومية وعدد محدود من نماذج اإلنسان اآللي واآلالت اإللكترونية في المنازل والشوارع‬
‫وأماكن العمل‪ ،‬ذلك ألن‪ ،‬أوال‪ ،‬التغييرات ذات األبعاد المعمارية ال زالت في بدايتها‪،‬‬
‫وثانيا‪ ،‬ألن مجال التغيير أصاب أساسا النظرة إلى الفضاءات الحضرية وكيفيات‬
‫استعمالها أكثر من شكل وكيفية هيكلتها‪ ،‬حيث بدأت تنتقل وظائفها إلى الفضاء‬
‫االصطناعي‪-‬االفتراضي‪ .‬وهذا األخير ال يرى بالعين بل يتصور ولذلك فهو أقل حضورا‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬فإن كل ما ذكر يؤدي بنا إلى التساؤل عن طبيعة عمل المعماريين‬
‫المدنيين وعن الهدف من مشاريعهم وإنجازاتهم المستقبلية‪ .‬لقد تخلصت المدينة أو تكاد‬
‫من المحددات الفضائية التي كانت توجه تصميماتهم المعمارية‪ ،‬حيث لم تعد هناك‬
‫ضرورة لتصورات حضرية كعملية خطية وكمية مؤداها تركيز العمران لربح الفضاء‬
‫واختزال الزمن وبالتالي تفعيل التبادالت السلعية والخدمية والمعلوماتية‪ .‬فشبكة هذه‬
‫التفاعالت االجتماعية لم تعد لها مرجعية مكانية ولم تعد منمطة مسبقا بل لقد أصبح لكل‬
‫متعامل القدرة على تشكيل وإعادة تشكيل شبكته الخاصة ومن أي مكان تواجد فيه‪ :‬في‬
‫المدينة‪ ،‬القرية‪ ،‬الخيمة‪ ،‬على الطائرة أو الباخرة أو في أعماق البحار‪ ...‬ولذلك حق‬
‫للبعض التساؤل عن جدوى ومستقبل المدينة المجردة من وظيفتها األساسية‪ :‬تبادل السلع‬
‫والخدمات والمعلومات‪ ...‬وبالتالي عن مركزيتها االجتماعية أو عما كان يميزها عن‬
‫القرية أصال‪ .‬ففضاء المدينة الجديد أصبح يتسع تدريجيا ليشمل تقريبا كل فضاءات‬
‫المجتمع‪ .‬وبالتالي أصبحنا نعيس في مدينة عالمية "باردة" (عالئقيا) ال يجمعها بالقرية‬
‫العالمية التي تنبأ بها "ماكلوهان" في السبعينيات سوى شمولية التواصل‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫كما أن لدينا عليها تحفظات أخرى ذات طابع اجتماعي‪ -‬اقتصادي وأخالقي‪:‬‬
‫فبعض ما طرح ينم عن أفكار خيالية وبعيدة عن الواقع‪ ،‬فقرابة عشر البشرية فقط ينتج‬
‫ويعالج المعلومات‪ ،‬أي أن أعشار العالم يستمع للنشاط اإللكتروني المكثف لحوالي‬
‫خمسة عشرة دولة فقط‪ ،‬كما أنه إذا كان البعض منا يشارك بالتصويت في رسم سياسة‬
‫بلده وحتى في تحديد سياسة تهيئة فضاءاته الحضرية عمرانيا‪ ،‬فإننا جميعا (باستثناء‬
‫المبرمجين) ال نساهم في اختيار البرامج المعلوماتية العمومية التي تشكل وتنمط وتكيف‬
‫جزء كبي ار من مظاهر حياتنا اليومية ومكنوناتها الحضرية وغير الحضرية‪.‬‬

‫ثامنا) التكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال‪ :‬إشكاليات معاصرة‬

‫أدت التغيرات الناتجة عن الثورة الرقمية المرافقة للتكنولوجيات الجديدة لإلعالم‬


‫واالتصال إلى طرح عدة إشكاالت قانونية‪ ،‬ثقافية‪ ،‬سياسية‪ ،‬اجتماعية‪ ،‬اقتصادية وبيئية‪:‬‬
‫حقوق التأليف والملكية الفكرية‪ ،‬حماية الحياة الخاصة‪ ،‬العنف‪ ،‬الفجوات الرقمية‪ ،‬العولمة‬
‫وتكنولوجيا االتصال الدولي‪ ،‬الديمقراطية اإللكترونية‪ ،‬البيئة والتنمية المستدامة‪ ،‬األبعاد‬
‫األخالقية والروحية‪ ،‬الخصوصيات الثقافية‪ ،‬مجتمع المعلومات أم مجتمع المعرفة‪...‬‬

‫‪ -1.8‬حقوق التأليف والملكية الفكرية‪:‬‬


‫تتعلق عادة حقوق التأليف باالمتيازات المعنوية والمادية (الشخصية والموروثة)‬
‫التي تعطي للمؤلفين الحق القانوني الحصري الستغالل منتجاتهم‪ .‬ولكن طبيعة اإلنتاج‬
‫الفكري المرتبطة أكثر فأكثر بالبرمجيات والخدمات‪ ،‬وذلك على حساب المنتجات‬
‫والدعامات المادية‪ ،‬أدت إلى تجاوز المفاهيم القانونية التي قامت عليها حقوق الملكية‬

‫‪77‬‬
‫الفكرية‪ .‬كما طرحت عدة إشكاالت تتعلق بكيفية تطبيق وفرض احترام هذه الحقوق في‬
‫محيط رقمي مرن‪ ،‬معولم وسريع التطور‪ ،‬ودون أن يكون ذلك على حساب "الحق في‬
‫اإلعالم" أو معيقا لتطور مجتمع المعلومات بل مفيدا النتشاره‪.‬‬
‫وتشمل هذه الحقوق عدة ملكيات فكرية‪ :‬العالمة التجارية للمجاالت أو العناوين‬
‫اإللكترونية (‪ ،)Marque de domaines ou adresses électroniques‬براءات االختراع‬
‫(‪ ،)Brevets d’invention / Patents‬حقوق التأليف والحقوق المشابهة (أو ذات الصلة‪:‬‬
‫‪ :)Voisins ou Apparentés‬حقوق الفنانين والممثلين ومنتجي الب ارمج السمعية والسمعية‬
‫بصرية‪...‬‬
‫وألن معظم النصوص المعنية بحماية "حقوق الملكية الفكرية" ( ‪Intellectual‬‬
‫‪ )Property Rights‬صدرت قبل ظهور التكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال فإنها لم‬
‫تأخذ بعين االعتبار مستلزمات التغييرات التي أحدثتها هذه األخيرة (سرعة االستنساخ‪،‬‬
‫القرصنة‪ ،‬االختراقات الرقمية‪ ،‬المحاكاة‪ ،‬الجرائم المعلوماتية‪ ،‬الحق في اإلعالم‪.)...‬‬
‫ويرجع تأريخ حماية حقوق الملكية الفكرية‪ ،‬على مستوى التعاون الدولي‪ ،‬إلى نهاية‬
‫القرن التاسع عشر (‪ ،)1886‬حيث أُسس لذلك بصدور معاهدة "برن" (سويسرا) التي‬
‫توجت باتفاق متعدد األطراف نص على الحماية الدولية لإلنتاج األدبي والفني‪ .‬ثم عدلت‬
‫هذه المعاهدة عدة مرات كان آخرها عام ‪ ،1971‬وذلك بغية ضمان مستوى أفضل من‬
‫الحماية لحقوق المبدعين المعنوية واالقتصادية (إعادة اإلنتاج‪ ،‬التمثيل أو التنفيذ‪ ،‬البث‬
‫السمعي‪ ،‬الترجمة‪ .)...‬كما أشرفت منظمة اليونسكو على معاهدة "جنيف" الدولية (‪)1952‬‬
‫الخاصة بحقوق المؤلف والتي تمت مراجعتها بباريس عام ‪ 1971‬أيضا‪ ،‬لتدعو إلى حرية‬
‫تكييف المؤلفين لكيفية ضمان حقوقهم وفق خصوصية مستلزمات واقعهم االجتماعي‬
‫واالقتصادي المحلي وتسهيل إجراءات الحماية باالكتفاء بوضع الرمز (©) (أي‬
‫‪ )Copyright‬متبوعا باسم صاحب حقوق التأليف والسنة األولى للنشر‪ .‬أما معاهدة "روما"‬
‫(‪ )1961‬فقد وضعت إطا ار قانونيا دوليا مرنا يخص حماية الفنانين‪-‬الممثلين‪ ،‬منتجي‬
‫البرامج السمعية (‪ )Phonogrammes‬وهيئات البث اإلذاعي ( ‪MAHERZI, L. : 1997,‬‬
‫‪.)86-87‬‬

‫‪78‬‬
‫وبالطبع فإن معظم بنود هذه االتفاقيات الدولية تجاوزتها مستحدثات التكنولوجيات‬
‫الجديدة لإلعالم واالتصال‪ ،‬ولذلك عمد المجتمع الدولي في هذا المجال‪ ،‬عن طريق‬
‫"المنظمة العالمية للملكية الفكرية" (‪ ،)OMPI‬إلى عقد اتفاقيتي جنيف (‪ 20‬ديسمبر‬
‫‪ )1996‬حول "حقوق المؤلف والحقوق المشابهة" معتبرة النقل الرقمي للمؤلفات‬
‫(البرمجيات‪ ،‬قواعد البيانات‪ )...‬عبر الشبكات كعملية اتصالية جماهيرية تخضع للحقوق‬
‫الحصرية لمالكي الحقوق‪ .‬لكنها استثنت موردي التجهيزات المادية الضرورية لذلك‬
‫(…‪ )Serveurs‬من دائرة الحقوق‪ .‬كما أنها لم تنص على أي إجراء حول ضبط "إعادة‬
‫اإلنتاج الرقمي" بسبب خالفاتها الداخلية المتعلقة بتفاوت مصالح بعض أعضائها‪ .‬مما‬
‫أدى إلى تبلور توجهين كبيرين‪:‬‬
‫فبينما يرى الفريق األول‪ ،‬ممثال في الـ"و‪ .‬م‪ .‬أ‪ ،".‬ضرورة تطبيق حقوق التوزيع‬
‫وإعادة اإلنتاج على االتصاالت الرقمية معتب ار االتصال نوعا من التوزيع سواء أكانت‬
‫دعامته مادية أو غير ذلك‪ ،‬يعتبر الفريق اآلخر (االتحاد األوروبي‪ ،‬كندا‪ ،‬أستراليا‪،‬‬
‫اليابان‪ ،‬األرجنتين‪ ...‬والعديد من المنظمات غير الحكومية) االتصال الرقمي اتصاال‬
‫جماهيريا وال يعتبره "إنتاجا معادا" (يشمله القانون) إال إذا استنسخ‪.‬‬
‫بعد أقل من سنتين فقط من إمضاء اتفاقيتي جنيف الدوليتين صوت الكونغرس‬
‫األمريكي (أكتوبر ‪ )1998‬على قانون خاص بحقوق التأليف ( ‪DMCA : Digital‬‬
‫‪ )Millenium Copyright Act‬بغية تأكيد حماية أوضح للمواد اإللكترونية ولمنتجيها على‬
‫حساب مستعمليها‪ ،‬وتعبي ار عن إرادة واضحة للسلطات األمريكية لحماية المصالح‬
‫االقتصادية األمريكية باعتبارها تمثل أكبر مالكي حقوق التأليف الرقمي في العالم‪ .‬أما‬
‫التعليمة (‪ )Directive‬األوروبية التي تلتها سنة ‪ 2001‬فحاولت إيجاد توازن عادل في‬
‫مجال الحقوق والمصالح بين األصناف المختلفة لمالكي الحقوق (المؤلفين‪ ،‬المنتجين‪،‬‬
‫الموزعين‪ )...‬والتوفيق بين مصالح هؤالء ومستعملي المحتويات المحمية‪ ،‬وذلك من خالل‬
‫ثالث أبواب متكاملة (حقوق المؤلفين والمتعاملين االقتصاديين معهم‪ ،‬حقوق المستعملين‬
‫–حددت باستثناءات الباب األول‪ ،-‬اإلجراءات القانونية الخاصة بتطبيق حقوق التأليف)‬
‫وثالث احتكارات قانونية (حقوق إعادة اإلنتاج‪ ،‬التواصل مع الجمهور والتوزيع) ذيلت‬
‫باثنتي وعشرين استثناء (إجباريا واختياريا) لتخفيف اآلثار االقتصادية وضمان حد أدنى‬

‫‪79‬‬
‫من العدالة‪ ،‬وقد خصت أساسا المستعملين الوسطاء (االستنساخ المؤقت كاستثناء إجباري‬
‫وحيد)‪ ،‬االستعمال الشخصي غير التجاري‪ ...‬إال أن هذه التعليمة األوروبية‪ ،‬لم تعر هي‬
‫األخرى‪ ،‬أدنى اهتمام للمصالح المعنوية للمؤلفين (رغم كونها مصد ار للخالف مع‬
‫األمريكيين)‪ ،‬كما أنها لم تكن في صالح المستعملين في بعض النقاط (المادتان ‪)7 ،6‬‬
‫(‪.(*))ROCHELANDET, F. : 2002, 320-321, 333-39‬‬
‫وأما في مجال "براءات االختراع" فإن "المعاهدة الخاصة بما يسمى البراءة‬
‫األوروبية لميونيخ لعام ‪ 1973‬تمنع استصدار براءات حول برامج الحاسوب‪ ،‬ولكن ذلك لم‬
‫يمنع هذه الهيئة –التي تتقوت من هذه البراءات‪ -‬من تسليم بعض هذه األخيرة‪ُ ...‬منساقة‬
‫وراء الضغوط األمريكية (بفعل إمبراطوريات المحتوى والتوزيع) التي تبرر كون البرمجيات‬
‫وحتى محركات البحث المعلوماتية قابلة لإلبراء‪ ،‬ألنها تقدر بأنه يجب على البراءات أن‬
‫تتعدى عالم الصناعة والتقنية لتشمل كل المجاالت المفيدة" ( ‪VIVANT, M. : 2001,‬‬
‫‪ )202‬بما في ذلك الكيمياويات النباتية والحيوية والجينات‪ ،...‬حيث قررت المحكمة العليا‬
‫األمريكية منذ عام ‪ 1988‬معاملة الحياة على أنها اختراع‪ ،‬ومن ثم السماح لمكتب البراءات‬
‫األمريكي بإبراء صور الحياة (ڤاندانا شيفا‪ .)19 ،2005 :‬وهو ما أكدته االتفاقية الدولية‬
‫في‬ ‫)*(‬
‫لحماية الملكية الفكرية (‪)TRIPs: Trade Related Intellectual Property Rights‬‬
‫دورة "األوروغواي‪ "1993 ،‬للغات (‪ )GATT‬تحت ضغط أمريكا وشركاتها العالمية عندما‬
‫وسعت نطاق الموضوعات التي يمكن إبراؤها‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 1/27‬بأن براءات‬
‫االختراع ستكون متاحة لكل االختراعات‪ ،‬سواء أكانت منتجات أم أساليب إنتاج وفي كل‬

‫يطالب بعض المنظرين بإلغاء حقوق التأليف حول الشبكات اإللكترونية‪ ،‬إما الستحالة االمتالك‬ ‫)*(‬

‫بفعل االنتشار الواسع للتقنيات الرقمية الميسرة إلعادة إنتاج المحتويات وتعود الناس على النقل‬
‫واالستنساخ (‪ )BARLOW, 1994‬وإما لعدم جدوى هذه الحقوق مقابل التكنولوجيات المستعملة في حماية‬
‫المحتويات (‪ )DAM, 1999 ; FRIEDMAN, 1996 ; DOMMERING, 1996‬والتي تسمح بحماية أفضل‬
‫من حماية حقوق التأليف وامتالك كاف للقيمة(‪.)ROCHELANDET, F. : 2002, 320-321‬‬
‫يحتــوي اتفــاق الت ـربس علــى ســبعة أشــكال مــن حقــوق الملكيــة الفكريــة‪" :‬ب ـراءات االخت ـراع‪ ،‬التصــميم‬ ‫)*(‬

‫الصــن اعي‪ ،‬العالمــات التجاريــة‪ ،‬المؤش ـرات الجغرافيــة‪ ،‬التصــميمات التخطيطيــة (الرســومات الطبوغرافيــة)‬
‫للــدوائر المتكاملــة‪ ،‬المعلومــات الس ـرية أو األســرار التجاريــة‪ ،‬حقــوق التــأليف‪ :‬األدبيــة والفنيــة والموســيقية‬
‫والفوتغرافية‪ ،‬واألعمال السمعية والمرئية" (ڤاندانا شيفا‪.)61 ،2005 :‬‬

‫‪80‬‬
‫مجاالت التكنولوجيا‪ .‬كما أشارت المادة ‪( 3/27‬ب) إلى "إبراء الحياة" بطريقة غير مباشرة‬
‫(ڤاندانا شيفا‪.)141 ،2005 :‬‬
‫وبالمنطق التجاري –في رأيهم‪ ،-‬أينما وجد االستثمار وجبت الحماية القانونية‪،‬‬
‫بغض النظر عن طبيعة المنتج الالمادية أو الجينية أو حجم قيمته الفكرية اإلبداعية أو‬
‫نوعية شخصية مالكه الفردية أو المؤسستية أو خطورة تبعاته االحتكارية على الباحثين‬
‫والصحية على اإلنسان العادي‪.‬‬
‫ساهم هذا المنطق وال يزال يسهم بوضوح في الهيمنة على االقتصاد العالمي‬
‫وتكريس تبعية الدول المتخلفة ليس فقط في مجال الصناعة الرقمية بل في مجال حيوي‬
‫أخطر أيضا‪ :‬الزراعة والتغذية والجينات‪ .‬وهو ما ناقشته الناشطة الهندية في مجال البيئة‪:‬‬
‫د‪" .‬ڤاندانا شيفا" (‪ )Vandana Shiva‬في كتابها حول "حقوق الملكية الفكرية‪ :‬حماية أم‬
‫نهب" (‪ ،)2005‬حيث أوضحت كيف كانت براءات االختراع أداة للغزو والقرصنة الحيوية‬
‫(‪ )Biopiracy‬لنهب ثروات دول الجنوب النباتية (بذو ار وسالالت) بعدما نهبت ثرواتها‬
‫المعدنية وكيف أنها تُ َشرعن "التربح من المرض‪ ،‬الحياة والموت" وتشكل تهديدا حقيقيا‬
‫للتنوع الحيوي للكرة األرضية‪ .‬مما قد يرهن مستقبل األجيال القادمة‪ .‬ولذلك قوبلت‬
‫بمقاومة جدية من قبل الكثير من المنظمات غير الحكومية ودول الجنوب وبعض دول‬
‫الشمال‪ ،‬مما دفع باتجاه تخفيف حدة ضغوط اللوبيات االقتصادية وتعديل بعض المواد‬
‫المعتمدة في االتفاقيات اإلقليمية والدولية‪.‬‬
‫ومع ذلك ال يزال األخذ والرد قائما بين الداعين الستحداث قوانين جديدة تستجيب‬
‫لمصالح المبدعين الجدد والمتشبثين بما هو موجود منها العتقادهم بأن جبة القديم تتسع‬
‫الوسط‪ ،‬التي تراعي المصالح‬
‫"تأويال" للجديد‪ .‬وكالعادة فالكلمة األخيرة ستعود للحلول َ‬
‫المختلفة ألصحاب المنطق التجاري الصرف (الربح) والمنطق االجتماعي األخالقي‬
‫الصرف (الحرية)‪ .‬كما تعالج التغييرات والنقالت النوعية بمنطق مرن وتدرجي‪.‬‬
‫ومعلوم أن أهم المراجعات وأكثرها جدية ستتركز بالضرورة على "حقوق التأليف‬
‫والحقوق المشابهة"‪ .‬إننا بصدد ابتكارات جديدة‪ :‬برمجيات‪ ،‬قواعد بيانات‪ ،‬وسائط متعددة‪،‬‬
‫أنظمة ذكية‪ ،‬وصالت وصفحات إلكترونية‪ ،‬تقنيات جديدة (رقمية أساسا ومتعددة األبعاد)‬
‫تسمح بتعديل وتجديد ملكيات فكرية قديمة أو بإبداعات غير مسبوقة‪...‬‬

‫‪81‬‬
‫وألن رجال القانون سيختلفون بالضرورة في تأويل القوانين القديمة عند تنازع‬
‫المبدعين والمستنسخين لمواد إلكترونية مثال‪ ،‬فإنه توجب إدخال توضيحات وتعديالت‬
‫قانونية (وأحيانا استحداث قوانين) تزيل الشبهات‪ ،‬تحد من سوء الفهم وتفصل بين‬
‫المتنازعين‪ ،‬ومنهم مثال‪ :‬ناشرو الصحف والصحافيون (فيما يتعلق بالنسخ اإللكترونية‬
‫لمقاالتهم الورقية)‪ ،‬الفنانون والمنتجون‪ ،‬مخترقو الحمايات الترميزية للمحتويات (بهدف‬
‫استعمال مواد محمية في إطار االستثناءات القانونية) ومالكو حقوقها‪ ...‬ومع ذلك‪ ،‬تبقى‬
‫بعض الشبهات المتعلقة بنقل المعلومات عبر الشبكة‪" :‬فعندما تسمح الرقم َنة بأن تستغرق‬
‫َ‬
‫النسخة لحظة واحدة وال تسمح بالتفرقة بينها وبين األصل‪ ،‬فإن هذا الذوبان الكلي يفقد‬
‫التفرقة التقليدية بين حقوق إعادة اإلنتاج (التثبيت على دعامة) وحقوق إعادة العرض‬
‫(الجماهيري) قيمتها وفاعليتها" (‪.)VIVANT, M. : 2001, 206‬‬
‫"وبتعبير آخر‪ ،‬فإننا عندما نتكلم عن المعطيات الرقمية عبر الشبكة‪ ،‬يمكننا القول‬
‫بأن االستنساخ متقن تماما‪ ،‬التعديل غير قابل للكشف والنسبة مستحيلة" (‪MARTIN, T.-‬‬
‫قمنة النصوص والتسجيالت والصور واألفالم تؤدي في معظم‬ ‫‪َ .)X. : 2001, 184‬ف َر َ‬
‫األحيان إلى موت حقوق الملكية الفكرية المرتبطة بها‪ ،‬وحتى صفة المؤلف األصلي لمثل‬
‫هذه المنتجات ال يمكن إثباتها إال باألسبقية المشخصة ماديا عند الموثقين أو جمعيات‬
‫المؤلفين‪.‬‬
‫ولكن ذلك ال يعني استحالة حمايتها بترميزها مثال (ومعاقبة مخترقي هذه‬
‫الحماية)‪ ،‬بل يشير أساسا إلى أن تقوية حمايتها ستصعب استعمالها على عموم الناس‬
‫من المشتركين أو الزبائن‪ .‬فحسب مبدأ "ويتن" (‪MARTIN, T.-X. : ( )WHITTEN‬‬
‫‪" :)2001, 187‬بالنسبة للنظام الرقمي‪ ،‬إن ناتج ضرب مستوى األمن في سهولة االستعمال‬
‫ال يمكنه تجاوز متغير ثابت‪ .‬وبتعبير آخر‪ :‬في لحظة ما ال يمكن زيادة أمن نظام معين‬
‫دون زيادة صعوبة استعماله‪ .‬وبتعبير أوضح‪ :‬ال يمكن لنظام سهل االستعمال أن يكون‬
‫آمنا ولنظام آمن أن يكون سهل االستعمال"‪ .‬لذلك وجب رفع تحدي التوازن بين متطلب‬
‫كثرة االستعمال (الجماهيري) والمتطلب األمني‪ ،‬مع العمل على تحسين الصورة العمومية‬
‫والثقة الموضوعة في النظام لدى عامة الناس‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫كما تجدر اإلشارة هنا إلى أن حماية حقوق التأليف والملكية الفكرية في النظام‬
‫الحالي ال يستفيد منها فعال المبدعون‪ ،‬بل الموظفون وخاصة أرباب العمل وامبراطوريات‬
‫المحتوى والتوزيع (دور نشر الكتب وموزعو األشرطة‪ ،‬األفالم‪ ،‬البرمجيات‪.)...‬‬
‫ومن جهة أخرى‪ ،‬فإذا كانت التحديات التي تواجه حقوق التأليف والملكية الفردية‬
‫متشابهة وتتطلب استجابات مماثلة‪ ،‬فإن القوانين الوطنية متفاوتة في هذا المجال‪ ،‬وأحيانا‬
‫تُزايد على بعضها البعض فيما يتعلق بالعالم الرقمي‪ .‬مما يتطلب توحيد هذه القوانين‬
‫وعولمتها لمواجهة التعامل على شبكة معلوماتية معولمة‪ ،‬ولكن دون أن يعني ذلك‬
‫أمرَكتها بل األخذ بعين االعتبار خصوصيات اآلخرين ومصالحهم التجارية والثقافية‪.‬‬
‫َ‬
‫وألن الكثير من هذه القوانين وضعت وأقرت بسرعة من طرف كبار السن من غير‬
‫المتخصصين‪ ،‬الذين "يجهلون المشاكل ويتأثرون باللوبيات االقتصادية وبتبريراتهم‬
‫الديماغوجية‪ ،‬يكون معظمها ُمجانبا للواقع وغير قابل للتطبيق وأحيانا متجنيا على الحقوق‬
‫العامة التي تعودنا عليها‪ ...‬مما يجعل المواطن العادي والمستعمل الرئيس لهذه‬
‫محصور‬
‫ا‬ ‫التكنولوجيا ‪-‬حسب تعبير ج‪ .‬كاتز (‪ -)Katz, John‬في موقف ال يحسد عليه‪،‬‬
‫بين نخبة فنية تتجاوزه بسرعة وبنية سلطة جاهلة ترد دون فهم وتقر قوانين غبية"‬
‫(‪ ،)MARTIN, T.-X. : 2001, 190-191‬قد تكون على حساب االستفادة من إيجابيات‬
‫مجتمع المعلومات عموما ومضرة بـ"الحق في اإلعالم" خصوصا‪ .‬هذا الحق الذي يفترض‬
‫التعرض الحر‪ ،‬المجاني وغير المجاني‪ ،‬للمؤلفات والخدمات اإللكترونية)*(‪ .‬وهو ما‬
‫يدعمه جزئيا نظام االستثناءات (اإلجبارية واالختيارية في الحالة األوروبية) على حقوق‬
‫التأليف والمتعلقة أساسا بضمان بعض الحريات األساسية‪ ،‬مثل استثناء اإلحاالت‬
‫التوثيقية (‪ ،)citations‬االستنساخ الوسيلي والمؤقت ( ‪reproduction transitoire et‬‬
‫ألنه يجب‬ ‫)**(‬
‫‪ ،)accessoire‬سقوط الحقوق بالتقادم‪ ،‬االستنساخ لالستعمال الشخصي‪...‬‬

‫بل إن الكثير من االنترنتيين يدعون إلى الحق في الحصول على المعلومات بطريقة حرة‪ ،‬غير‬ ‫)*(‬

‫محدودة ومجانية‪ ،‬وبعضهم ال يتردد في اعتبار المؤلفين طفيليات تحول دون اإلبحار الحر‬
‫(‪.)BLANDIN, A. 2002, 311‬‬
‫وأما االستثناءات المخففة للبند الخاص بمنع القرصنة اإللكترونية في القانون األمريكي سابق الذكر‬ ‫)**(‬

‫(‪ )DMCA‬فكانت أساسا لفائدة المكتبات (في بعض االستعماالت)‪ ،‬منتجي البرمجيات الراغبين في‬

‫‪83‬‬
‫التفرقة بين االستهداف التجاري واالستهداف الثقافي للمحتويات المحمية‪ .‬ولتطوير هذا‬
‫االستهداف األخير يجب تدعيم مقترحات "اليونسكو" الداعية إلى إنشاء مجال عمومي‬
‫للمعلومات قوامه أساسا مكتبات افتراضية عمومية متعددة الثقافات وفي متناول الجميع‬
‫وتفعلها تعددية لغوية على االنترنت‪ ...‬وتبني تسعيرات تعسفية خاصة لصالح‬
‫االستعماالت الفردية واستعماالت المؤسسات الخدمية العمومية‪ ،‬كما يقترح ذلك بعض‬
‫المؤلفين (‪.)ROCHELANDET, F. : 2002, 325( )Meurer, Fisher, Bell‬‬

‫‪ -2.8‬حماية الحياة الخاصة في مجتمع الرقابة المعلوماتية‪:‬‬


‫نعيس اليوم في مجتمع للمعلومات أَسست له تكنولوجيات جديدة لإلعالم واالتصال‬
‫قوامها شبكة معلوماتية عالمية فرضت أشكاال جديدة من التبادل في جميع المجاالت‬
‫(االجتماعية‪ ،‬الثقافية‪ ،‬االقتصادية‪ ،‬السياسية‪ .)...‬هذه األشكال جعلتها في متناول عد‬
‫كبير من الناس لتفعيل نشاطاتهم اإليجابية والسلبية على حد سواء‪ .‬ومن سلبيات تعميم‬
‫استعمالها إمكانية استغاللها في تهديد الحياة الخاصة لمستعمليها‪.‬‬
‫فبعدما أصبحت أدواتها تفاعلية‪ ،‬أصبحت الشبكات االتصالية تتيح المعرفة الفورية‬
‫للبرامج المشاهدة أو المعلومات المطلع عليها من طرف اآلخرين وحتى تشخيص‬
‫الحواسيب المتصلة بها وتحديد مواقعها‪.‬‬
‫وبالطبع قد تستغل هذه المعلومات الخاصة في تشكيل بنوك معلومات غنية‬
‫ومتعددة ال تكتفي بتخزين "الحالة المدنية" لألشخاص‪ ،‬بل تسجل أيضا معطيات تخص‬
‫سلوك االنترنتيين عموما وخصائص المستهلكين خصوصا الستعمالها في أغراض‬
‫تجارية‪ ،‬فتوجه إليهم إشهارات مناسبة أو تقترح عليهم سلع وخدمات خاصة (عبر البريد‬
‫اإللكتروني‪ ،‬تقنيات الدفع المعلوماتي‪ ،)... Spam :-Push-‬كما قد تستعمل ألغراض‬
‫سياسية أو عسكرية تجسسية (كاميرات الويب‪ ،-Webcams-‬الكعكات‪،-Cookies-‬‬
‫التتبع‪ ،-Tracking-‬تحليل الصفحات المتصفحة‪ )...‬على بعض النخب أو المجموعات‬
‫المتميزة فكريا‪ ،‬مهنيا‪ ،‬ثقافيا‪ ،‬عرقيا‪ ،‬دينيا‪...‬‬

‫تحقيق التفاعل الكلي (‪ )Interopérabilité‬لبرمجياتهم مع البرنامج المقرصن‪ ،‬حماية القصر‪ ،‬احترام‬


‫المعلومات حول الحياة الخاصة‪ ،‬أمن الدولة‪.)ROCHELANDET, F. : 2002, 324( ...‬‬

‫‪84‬‬
‫تتيح شبكة االنترنت كل ذلك بيسر وسرعة واضحين‪ ،‬فكلفة الحصول على‬
‫المعلومات الشخصية من الشبكة شبه منعدمة ألن الزبون هو الذي يسجل معطياته على‬
‫الشبكة‪ .‬كما أن عددا كبي ار من اآلثار غير المرئية (بيانات غير مباشرة‪ ،‬ملغاة‪ ،)...‬والتي‬
‫تخص سلوكنا وأذواقنا وقراءاتنا‪ ،...‬تسترد لتستغل بهدف تحسين معرفة جامعي‬
‫المعلومات بنا‪ .‬وأخي ار يمكن تخزين‪ ،‬معالجة‪ ،‬نقل والحصول على معلومات أوفر وبكلفة‬
‫زهيدة‪.‬‬
‫وفيما يلي نبذة عن وسائل التتبع والتجسس المعلوماتيين على حياة عامة الناس‬
‫وخاصتهم‪ ،‬كما أوردتها "س‪ .‬ألفرنيا" (‪:)ALVERNIAT, C. : 2001, 195-200‬‬
‫‪ -‬بيانات االتصال‪ :‬عند اتصالنا بالشبكة يسترجع موردنا (‪)fournisseur d’accès‬‬
‫البيانات الشخصية‪ :‬عنوان (‪ )IP‬المعرف بالجهاز‪ ،‬رقم الهاتف‪ ،‬توقيت االتصال ومدته‪.‬‬
‫‪ -‬البيانات المصرح بها‪ :‬إنها البيانات التي نبثها إراديا عبر الشبكة‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫‪ ---‬بيانات التعريف الشخصية (االسم‪ ،‬العنوان‪ ،‬الهاتف‪ ،‬البريد اإللكتروني‪)...‬‬
‫الضرورية لقضاء حوائجنا في الكثير من الحاالت التعلمية والتسوقية‪.‬‬
‫‪ ---‬المفضالت‪ ،‬مراكز االهتمام‪ ،‬الخصائص‪ .‬وتستخرج عادة من استمارة‬
‫معلومات ُيطلب الرد عليها للحصول على خدمات معينة (القروض‪ ،‬المنح‪ ،‬العروض‬
‫التعليمية‪ ،‬السفر‪.)...‬‬
‫‪ -‬اقتفاء أثر اإلبحار في الشبكة‪ :‬تستعمل معظم المواقع "الكعكات" (‪.)Cookies‬‬
‫إنها عبارة عن ملفات صغيرة يصدرها مضيفو المواقع المرتادة لتستقر بالقرص الصلب‬
‫للكومبيوتر وتسمح بذلك بتسجيل كل المعلومات المتعلقة بمسار المبحر عبر الشبكة‪:‬‬
‫المواقع المرتادة‪ ،‬وتيرة الزيارات‪ ،‬توقيت آخرها‪ ،‬المواضيع المهمة‪...‬‬
‫إن المتواطئ األول مع هذه الرقابة هي برمجيات اإلبحار " ‪logiciels de‬‬
‫‪Internet Explorer, Netscape Communicator, ( :"Navigators" "navigation‬‬
‫‪ .)Oracle‬ولمزيد من التفصيل عن الموضوع وعن كيفية تجنب هذه الرقابة‪ ،‬يمكن الرجوع‬
‫إلى بعض المواقع المتخصصة في الوقاية‪ ،‬مثل‪( www.cnil.fr :‬ملف‪ :‬آثاركم‪Vos :‬‬
‫‪.)traces‬‬

‫‪85‬‬
‫‪ -‬المعلومات المجمعة من منتديات الحوار والدردشة ومن الفضاءات العامة‬
‫لإلنترنت‪ :‬تعتبر إمكانات محركات البحث بال حدود‪ ،‬بحيث ال تفلت عادة من رقابتها أي‬
‫معلومة غير مرمزة تبث عبر الشبكة‪ .‬وتسمح هذه المحركات ألي كان بالحصول على‪:‬‬
‫‪ ---‬العنوان اإللكتروني ألي شخص مسجل في قاعدة بيانات أو في فضاء عام‬
‫مثل منتديات الدردشة ومواقع المؤسسات المرتبطة بالشبكة‪.‬‬
‫‪ ---‬مجموع مواضيع دردشة المتحاورين وكذا محتوياتها المتعلقة بآ ارئهم وأذواقهم‬
‫الخاصة‪.‬‬
‫‪ ---‬نهاية الغفلية (‪ )Anonymat‬على الشبكة‪ ،‬إذ بمجرد كتابة اسم أي شخص‬
‫في محرك بحث تظهر قائمة المواقع التي ورد اسمه فيها‪ ،‬سواء كان ذلك في قوائم‬
‫أعضاء مجموعات الدردشة‪ ،‬الحوليات اإللكترونية للجمعيات‪ ،‬إحاالت مرجعية‪ ،‬المشاركة‬
‫في ملتقى‪ ...‬وقد يكفي هذا لتكوين ملف مفصل بما فيه الكفاية حول أي منا‪.‬‬
‫‪ -‬تحديد الموقع الجغرافي‪ :‬يسمح انفجار استعمال الهاتف النقال بتقديم خدمات‬
‫تعتمد على إمكانية االتصال بمستعمل النقال المرتبط باالنترنت فوريا وفي أي لحظة‪ .‬كما‬
‫يمكن تحديد مكان صاحبه (في حدود المتر تقريبا) بفضل النظام المثلثي‬
‫(‪ )triangulation‬لتكنولوجيتي (‪.)GPRS, UMTS‬‬
‫كما يسمح نظام المراقبة الفيديوية عن طريق كاميرات صغيرة مرتبطة بالشبكة‬
‫(‪ )webcams‬بتسجيل الصور وتخزينها حسب مقاييس توجيهية محددة مسبقا (متابعة‬
‫سلوكية أو مظهرية في مكان معين مثال) تستعمل في تكوين ملفات منمطة‪.‬‬
‫‪ -‬في المؤسسات‪ :‬تعج األقراص الصلبة والبريد اإللكتروني واالتصاالت على‬
‫الشبكة بالمعلومات حول نشاط األجراء في أماكن العمل‪ .‬ويمكن استعمال هذه المعلومات‬
‫لمراقبة إنتاجية موظفيهم‪ .‬وبالفعل أكد استطالع قامت به‬ ‫من طرف أرباب العمل‬
‫الجمعية األمريكية "‪ "American Management Association‬أن ‪ % 45‬من المؤسسات‬
‫األمريكية تراقب إلكترونيا موظفيها بقراءة رسائلهم اإللكترونية أو بمراقبة فيما يستعملون‬
‫االنترنت‪.‬‬
‫وبالطبع يمكن تخفيف وطأة ذلك باعتماد مواثيق شرف مشتركة بين ممثلي العمال‬
‫واإلدارة توجه سلوك الموظفين داخل المؤسسة‪ .‬أما على المستوى العام فيجب تبني قواعد‬

‫‪86‬‬
‫ومبادئ عامة توضح فيها حقوق وواجبات مستعملي االنترنت داخل وخارج المؤسسات‬
‫لتأمين أفضل استعمال ممكن للشبكة وحماية حقوق اإلنسان وحياته الخاصة‪ .‬وهو ما تم‬
‫تقنينه فعال في العديد من الدول والتجمعات اإلقليمية وذلك منذ سبعينيات القرن الماضي‪.‬‬
‫ويتضمن ما اشتهر باسم تشريعات "المعلوماتية والحريات" العديد من المبادئ‪،‬‬
‫أهمها‪:‬‬
‫‪ -‬مبدأ الغاية‪ :‬ال يمكن استعمال البيانات الشخصية لغاية غير التي جمعت من‬
‫أجلها إال بإذن مسبق من صاحبها‪.‬‬
‫‪ -‬مبدأ التناسب‪ :‬ال يمكن طلب بيانات شخصية ال تتناسب والخدمة التي تجمع‬
‫من أجلها‪.‬‬
‫‪ -‬مبدأ الوفاء‪ :‬ال يسمح بجمع بيانات أو معالجتها دون أصحابها‪.‬‬
‫‪ -‬مبدأ دقة البيانات وتحيينها وسرية معالجتها‪.‬‬
‫‪ -‬مبدأ الشفافية‪...‬‬
‫‪ -‬مبدأ االعتراض‪...‬‬
‫ولضمان احترام هذه المبادئ أنشأت بعض الدول هيئات مراقبة ومتابعة مستقلة‬
‫(‪ CNIL‬في فرنسا مثال)‪.‬‬

‫‪ -3.8‬التكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال والعنف‪:‬‬


‫يعتبر العنف في وسائل اإلعالم واالتصال عنفا نفسيا فكريا أخالقيا‪ .‬فهو يشمل‬
‫كل عمل إعالمي يحتوي على مظاهر وتصرفات وألفاظ ورموز وعالقات وقيم ومثل‬
‫ومبادئ تتنافى والسلوك السوي والفطرة السليمة لإلنسان (عيساوي‪ .)8 ،1993 :‬وقد عرفه‬
‫"المركز الكندي للدراسات حول وسائل اإلعالم" في إحدى دراساته حول "العنف في‬
‫التلفزيون الكندي (‪" )1998-1993‬بأنه‪" :‬أي اعتداء نفسي أو أخالقي أو أي فعل يتسبب‬
‫في حالة نفسية غير مرغوبة مثل القلق‪ ،‬الخوف‪ ،‬اإلهانة‪ ،‬السخرية‪ ،‬فقدان القيمة أو‬
‫الحنان والحب‪ ،‬المساس بالسمعة‪ ،‬الشعور بالذنب‪ ...‬أي كل الحاالت المولدة للشعور‬
‫باأللم غير الفيزيقي" (‪ .)www.media-awareness. ca: 12/10/2005‬أما مؤسسة "دراسات‬
‫العنف للتلفزة الوطنية" األمريكية (‪ )National Television Violence Study‬المعروفة بقوة‬

‫‪87‬‬
‫منهجية دراساتها المتخصصة في عنف التلفزيون‪ ،‬فتعتمد تحديدا إجرائيا مفاده‪ :‬الوصف‬
‫الظاهر للمحاولة الحقيقية للفاعل االعتداء الفيزيقي على أي كائن حي)*(‪.‬‬
‫ويبدو أن العنف بهذا المفهوم المحدد أعاله‪ ،‬قد اتخذ مؤخ ار أبعادا خطيرة كما‬
‫ونوعا‪ ،‬وذلك بفضل تعدد دعامات نشره وتوفرها‪ .‬كما أن عروضه وبرامجه أصبحت أكثر‬
‫تشويقا وفي متناول الجميع‪ .‬ومعلوم أن للتكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال دور‬
‫تفعيلي واضح من خالل دعاماتها الرقمية‪ ،‬النقالة‪ ،‬الالمحدودة والمشوقة‪ :‬تلفزيون‪ ،‬فيديو‪،‬‬
‫مسجالت‪ ،‬هاتف‪ ،‬انترنت‪ ...‬باإلضافة إلى إمكاناتها البرمجية والتأثيرية في تطوير‬
‫المحتوى البرامجي عموما والعنيف خصوصا‪ .‬وهو ما جعل مجموع هذه الدعامات الرقمية‬
‫عنص ار محوريا في المحيط الثقافي والترفيهي للشباب خصوصا‪ ،‬الذين يقضون أوقات‬
‫أطول أمام التلفزيون‪ ،‬في األلعاب اإللكترونية‪ ،‬مع االنترنت والحواسيب من التي‬
‫يخصصونها للمؤسسات التعليمية‪ ،‬كما أثبتت ذلك العديد من الدراسات ( ‪DOWNES, T.‬‬
‫‪.)GALVIS, A.H. : 2007, 3( )1994 ; HUSTON, A.C. & al., 1999...‬‬
‫تعتبر صناعة الترفيه في نظر البعض (‪ )WOLF, 2003‬العجلة المحركة لالقتصاد‬
‫العالمي الجديد‪ ،‬بحيث بلغت قيمة معامالت صناعتها أزيد من تريليون دوالر (مليون‬
‫ويتوقع حسب ‪ )2006( -PricewaterhouseCoopers-‬أن تقارب تريليون ونصف‬
‫مليون) ُ‬
‫عام ‪ ،2006‬مؤكدا ما ذهب إليه (‪ )ZILLMANN & VORDERER, 2000‬من أن تاريخ‬
‫البشرية لم يعرف من قبل هذا الحجم من الترفيه وبهذه السهولة في التعرض واإلقبال‬
‫وبهذا القدر من السعة الزمنية في الترفيه‪ ،‬وذلك بفضل وسائل االتصال ( ‪BRYANT,‬‬
‫‪.)2004, 392‬‬
‫وهو ما أثار حفيظة الرأي العام في معظم المجتمعات‪ ،‬الذي أصبح يتساءل عن‬
‫هيمنة العنف في وسائل االتصال عموما والتلفزيون خصوصا ويتوجس من آثاره العدوانية‬
‫على الشباب‪ .‬فكان ذلك هدفا للعديد من الدراسات والملتقيات العلمية‪ ،‬التي أكدت‪ ،‬في‬
‫عمومها‪ ،‬عل تأثيراته السلبية ودعت إلى مواجهته إعالميا‪ ،‬تكنولوجيا‪ ،‬قانونيا وتربويا‪.‬‬
‫ومن أهمها الدراسة التي قامت بها المؤسسة البريطانية (‪)British Standards Council‬‬

‫)*(‬
‫‪"Any overt depiction of a credible treat of physical force or the actual use of such‬‬
‫‪force intended to physically harm an animate being or group of beings" (Smith et al.,‬‬
‫‪1998, 30).‬‬

‫‪88‬‬
‫عام ‪ 1995‬لحساب "اليونسكو" والتي شملت المهتمين بالشأن التلفزيوني في ‪ 22‬دولة‬
‫وأكدت قلق الغالبية العظمى لجمهور التلفزيون من برامجه‪ ،‬حيث عبر الجميع عن‬
‫إحساسه بأن القنوات التلفزيونية تبث أكثر فأكثر صو ار صدمية يختلط فيها االغتصاب‬
‫والعدوانية والجثث (‪.)MAHERZI, L. : 1997, 268‬‬
‫تستجيب في الغالب دراسة دور وسائل اإلعالم واالتصال في نشر العنف لعدة‬
‫فرضيات‪ ،‬إحداها أن التسلية عن طريق البرامج العنيفة تعد عامال قويا مستقال في استثارة‬
‫السلوك العدواني‪ ،‬وثانيها أن التعرض للخيال العنيف في وسائل اإلعالم واالتصال له‬
‫صلة بالسلوك الناتج من خالل التقليد والنمذجة النمطية‪ ،‬أي كلما ازداد تشابه النموذج‬
‫العنيف مع المشاهد (المقلد) ازدادت نسبة تقمصه له‪ ،‬وثالثها أن األطفال والمراهقين تقل‬
‫لديهم الضوابط الرسمية مما يجعلهم أكثر عرضة للتأثر بمضمون العنف في وسائل‬
‫اإلعالم واالتصال‪ ،‬ورابعها تخالف ما سبق بافتراضها وجود آثار إيجابية (التهدئة‬
‫والتنفيس أو تفريغ العدوان والعنف) لمشاهدة العنف في وسائل اإلعالم (مكاوي و السيد‪:‬‬
‫‪ ،366-1998،354‬و بالس‪...)25-24 ،1990 :‬‬
‫وقد بنيت على هذه االفتراضات وغيرها العديد من النظريات المفسرة للعنف في‬
‫وسائل اإلعالم واالتصال‪ ،‬ومنها‪ :‬نظريات التطهير‪ ،‬االستثارة‪ ،‬التدعيم‪ ،‬النموذج‪،‬‬
‫التوحد‪ ...‬يضيق المجال هنا لتفصيل الكالم عنها‪.‬‬
‫إن أهمية النقاش حول هذه العالقة أنتجت العديد من الكتب والمقاالت والدراسات‬
‫والبحوث والجمعيات واللجان المتخصصة‪ .‬وقد ازدادت وتيرة الدراسات المتخصصة منذ‬
‫النصف الثاني من الستينيات‪ ،‬حيث حاولت‪ :‬تكميم عنف برامج التلفزيون‪ ،‬اقتراح مؤشرات‬
‫لتحديد مستويات العنف‪ ،‬قياس وقت المشاهدة حسب مختلف الفئات العمرية‪ ،‬التقدير‬
‫الكيفي للمحتويات العنيفة لبعض البرامج والتساؤل عن طريقة التعامل معها بالشجب أو‬
‫عدمه‪ ...‬وخلصت معظمها إلى تأكيد العالقة بين صور العنف والسلوك العدواني مع‬
‫اإلشارة إلى أهمية المحددات الشخصية والثقافية واالجتماعية في تكييف هذه العالقة‪ .‬وفي‬
‫المقابل حاولت دراسات أخرى –محدودة العدد‪ -‬أُهملت منذ السبعينيات من القرن‬
‫الماضي‪ ،‬اإلشارة إلى التأثير اإليجابي لصور العنف بالتقليص التنفيسي أو التصفوي‬
‫للسلوك العدواني (‪.)WIERVIORKA: 2004, 123‬‬

‫‪89‬‬
‫هذا ملخص أهم ما وصلت إليه المعارف العلمية حول العنف ووسائل اإلعالم‬
‫عموما والتلفزيون خصوصا حتى ‪ ،1990‬حسب العمل الجامع لـ"أ‪ .‬مارتينز"‬
‫(‪.)MARTINEZ, A: 1990‬‬
‫أما الدراسات المعاصرة‪ ،‬فيغلب عليها التوجه أكثر نحو توصيف محددات هذه‬
‫العالقة الموجبة‪ ،‬مركزة على دراسة المتغيرات الداخلية للمواد اإلعالمية العنيفة وكذا‬
‫المتغيرات الخارجية المتعلقة بالجمهور وأثر األولى على الثانية ( & ‪ANDERSON‬‬
‫‪BUSHMAN, 2001; SHERRY, 2001; ANDERSON 2004; TAMBORINI et al.,‬‬
‫& ‪2004; FARRAR et al.: 2006; EASTIN & GRIFFITHS: 2006; PETER‬‬
‫‪ .)VALKENBURG: 2006‬كما وسعت من مجاالتها لتشمل ألعاب الفيديو واالنترنت‬
‫وباقي التكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال‪ ،‬مع التركيز دائما على الشباب الذي‬
‫أصبح "ينمو متصال" مع "أب ثالث إلكتروني" وفي "مجتمع إعالمي وسيلي" تحولت فيه‬
‫غرفه من "غرف أَسرة النوم" إلى "غرف وسائل اتصال"‪.‬‬
‫وعلى كل فالعديد من اإلحصائيات المتعلقة بكثرة العنف في وسائل اإلعالم‬
‫وشدته (مجانيا‪ ،‬عاريا‪ ،‬فضيعا‪ ،‬دنيئا‪ )...‬من جهة‪ ،‬وكثافة التعرض أو استهالك وسائل‬
‫من جهة أخرى‪ ،‬تشيران إلى تأكيد احتمال وقوع أثره على األقل على الفئات‬ ‫)*(‬
‫اإلعالم‬
‫الخاصة من األطفال والمراهقين ومن الذين لديهم استعداد لذلك‪ .‬ومن ثم فمخاوف األولياء‬
‫والتربويين منه مبررة‪ ،‬والدعوة إلى مواجهته ضرورية‪ ،‬على األقل‪ ،‬التقاء احتمال وكثرة‬
‫وقوعه‪.‬‬
‫ونظ ار لتقصير كبرى مؤسسات التنشئة االجتماعية (األسرة‪ ،‬المدرسة‪ ،‬المسجد‪)...‬‬
‫في أداء دورها وعدم قدرتها على التكييف مع الواقع الجديد الذي فرضته إحداها (وسائل‬
‫اإلعالم واالتصال) وجب على المعنيين (تربويون‪ ،‬سياسيون‪ ،‬كتاب‪ ،‬منتجون‪ )...‬توظيف‬
‫هذه األخيرة نفسها في مواجهة عنفها‪.‬‬
‫فإذا كان من المستحيل التخلص من جميع النماذج اإلعالمية العنيفة‪ ،‬فإنه من‬
‫المفيد جدا مواجهتها‪ ،‬بغية التقليل منها والتخفيف من حدة مضامينها وآثارها السلبية‪،‬‬
‫بزيادة عدد النماذج اإلعالمية غير العدوانية‪" .‬فقد أظهرت عدد من الدراسات‬

‫ففي ألمانيا مثال‪ ،‬تتجاوز مدة استهالك وسائل اإلعالم سبع ساعات يوميا ( ‪WOLFGANG, D.,‬‬ ‫)*(‬

‫‪.)2006, p.438‬‬

‫‪90‬‬
‫(‪ )DONNERSTEIN and DONNERSTEIN, 1972‬أن مشاهدة اآلخرين يتصرفون‬
‫على نحو غير عدواني‪ ،‬حتى في مواجهة االستف اززات الشديدة‪ ،‬من شأنه الحد من‬
‫العدوان" (مكلفين و غروس‪.)366 ،2004 :‬‬

‫‪ -4.8‬الفجوات الرقمية‪:‬‬
‫تواجه الدول المتخلفة في مجتمع المعلومات والمعرفة عدة تحديات نتجت عن‬
‫هيمنة الدول المتقدمة على إنتاج وتوزيع التكنولوجيات الرقمية لإلعالم واالتصال‪.‬‬
‫فمنذ الثمانينيات من القرن الماضي نددت بعض دول الجنوب‪ ،‬مدعومة بدول‬
‫المعسكر االشتراكي (الداعية آنذاك إلى مراقبة االتصال بين المعسكرين) وببعض‬
‫المنظمات الدولية (اليونسكو أساسا بتقرير لجنة "شون ماك برايد" الشهيرة)‪ ،‬بـ"تدفق‬
‫المعلومات في اتجاه واحد" وازدياد الفجوة المعلوماتية بين دول الشمال ودول الجنوب‪ ،‬كما‬
‫دعت تبعا لذلك إلى إرساء "نظام دولي جديد لإلعالم واالتصال" (‪.)NOMIC‬‬
‫ولكن هذه الدعوة لم تصمد كثي ار أمام تفكك االتحاد السوفيتي والتحوالت السياسية‬
‫الجذرية ف ي معظم دول أوروبا الوسطى والشرقية ودول الجنوب‪ .‬كما أن التطورات‬
‫التكنولوجية الحديثة في مجال اإلعالم واالتصال (البث الفضائي المباشر واالنترنت)‬
‫دفعت باتجاه التعددية اإلعالمية‪ ،‬اختراق المراقبة وعولمة المعلومات وجعلها في متناول‬
‫عدد أكبر من المستقبلين وفي مختلف أنحاء العالم‪ ،‬مع مالحظة مشاركة إيجابية لبعض‬
‫دول أمريكا الالتينية وآسيا بفعل قوتها الديمغرافية (توفير سوق محلية كبيرة تغطي تكاليف‬
‫اإلنتاج الوطني) واالقتصادية (االستثمار‪ ،‬اإلنتاج‪ ،‬التوزيع) وتبعية متزايدة لبعض الدول‬
‫الصغيرة الشمالية منها والجنوبية‪ .‬لكن تدفق المعلومات ال زال في صالح دول الشمال‬
‫وخاصة الكبرى منها وبصفة أخص المسيطرة منها على مؤسسات اإلنتاج والتوزيع‬
‫(أمريكا‪ ،‬أوروبا الغربية‪ ،‬اليابان)‪.‬‬
‫وتزداد حدة هذه الفجوة في أفريقيا خاصة‪ ،‬والتي كانت تحوز مثال "على ‪ 1‬فقط‬
‫من مجموع خطوط الهاتف المتوفرة في العالم‪ ،‬مقابل ‪ 12‬من سكان العالم‪ .‬في عام‬
‫‪ 1994‬كان عدد خطوط الهاتف في "طوكيو" فقط أكبر منه في أفريقيا كلها‪ ،‬بينما كان‬
‫عدد سكان أفريقيا يفوق سكان العاصمة اليابانية بثالثين مرة ( ‪MAHERZI, L. : 1997,‬‬
‫‪.)91‬‬

‫‪91‬‬
‫والشكل الموالي يعكس الفجوة الرقمية بين إفريقيا واليابان باستعمال مؤشري السكان‬
‫وبعض تكنولوجيات االتصال‪ :‬الهاتف (الثابت والنقال) واالنترنت‪:‬‬
‫الشكل (‪ )4‬الفجوة بين إفريقيا واليابان لعام ‪2002‬‬

‫‪Distribution between Africa and Japan, 2002, %‬‬


‫‪100%‬‬
‫‪90%‬‬ ‫‪Japan‬‬
‫‪80%‬‬
‫‪70%‬‬
‫‪60%‬‬
‫‪50%‬‬
‫‪40%‬‬
‫‪30%‬‬
‫‪20%‬‬ ‫‪Africa‬‬
‫‪10%‬‬
‫‪0%‬‬
‫‪Population‬‬ ‫‪Fixed‬‬ ‫‪Mobile‬‬ ‫‪Internet‬‬
‫‪telephone telephone‬‬ ‫‪users‬‬

‫المصدر‪www.ituarabic.org, 12.2.2008 :‬‬

‫ولكنه من المعلوم أن مجتمع المعلومات يظهر فجوة مزدوجة‪ :‬عمودية أو‬


‫جغرافية‪ ،‬بين دول الشمال ودول الجنوب‪ ،‬وأفقية‪ ،‬داخل كل دولة‪ ،‬بين األغنياء والفقراء‬
‫معلوماتيا‪ :‬وفق مؤشرات الدخل‪ ،‬العرق‪ ،‬السن‪ ،‬المهنة‪ ،‬المستوى التعليمي‪ ،‬االستعمال‬
‫الفردي أو الجماعي‪ ...‬فمثال نجد في أفريقيا تفاوتا كبي ار بين انتشار هذه التكنولوجيات في‬
‫العواصم وبين انتشارها في الحواضر اإلفريقية‪:‬‬

‫‪.....‬‬
‫‪MAHERZI unesco, 1997‬‬

‫ولم تسلم الدول المتقدمة‪ ،‬هي األخرى‪ ،‬من ذلك‪ .‬والشكل الموالي يعكس الفجوة الرقمية –‬
‫فيما يخص الهاتف‪ -‬في الواليات المتحدة األمريكية‪:‬‬

‫‪92‬‬
‫الشكل (‪ )5‬فجوة الهاتف داخل الواليات المتحدة (‪ )2002‬حسب مؤشرات اجتماعية‪،‬‬
‫ديمغرافية واقتصادية‬
‫‪Household telephone penetration by social,‬‬
‫‪demographic and economic characteristics, USA, 2002‬‬
‫‪99.3‬‬
‫‪97.5‬‬
‫‪96.2‬‬ ‫‪96.2‬‬
‫‪95.3‬‬
‫‪92.7‬‬
‫‪91.7‬‬
‫‪90.1‬‬
‫‪88.5‬‬
‫‪< $5'000‬‬

‫‪$75'000+‬‬

‫‪2-3 persons‬‬

‫‪65-69‬‬
‫‪White‬‬

‫‪1 person‬‬

‫‪USA‬‬
‫‪Hispanic‬‬

‫‪15-24‬‬
‫‪Black‬‬

‫‪79.9‬‬

‫‪Race‬‬ ‫‪Income‬‬ ‫‪Size‬‬ ‫‪Age‬‬

‫المصدر‪www.ituarabic.org, 12.2.2008 :‬‬

‫واألمر نفسه يمكن قوله عن دول االتحاد األوروبي الخمسة والعشرين‪ .‬ففي‬
‫‪ )Statistiques‬عالجت هيئة اإلحصاء األوروبية (‪ )Eurostat‬موضوع‬ ‫(‪en bref‬‬ ‫نشريتها‬
‫الفجوة الرقمية بين مختلف الفئات االجتماعية في أوروبا ( ‪www.futura-science.com,‬‬
‫‪ )14-11-2005‬وأقرت أن ‪ 85‬من الطلبة استعملوا االنترنت خالل الثالثي األول من عام‬
‫‪ ،2004‬مقابل ‪ 60‬من األجراء‪ 40 ،‬من البطالين و‪ 13‬من المتقاعدين‪ ،‬بينما بلغ‬
‫متوسط استعمال كل المواطنين (بين ‪ 16‬و‪ 74‬سنة) ‪ .47‬واألمر نفسه يمكن قوله عن‬
‫دور مؤشر المستوى التعليمي في الفجوة الرقمية داخل دول االتحاد‪ .‬باإلضافة طبعا إلى‬
‫تأكيد وجود فجوة أفقية بين دول شمال أوروبا وجنوبها‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى الحديث عن باقي مؤشرات الفجوة في مجال تكنولوجيا اإلعالم‬
‫واالتصال (التجهيزات السمعية بصرية‪ ،‬الصحافة‪ ،‬الورق‪ )...‬بين الدول النامية والدول‬
‫السائرة في طريق النمو نجد األمر نفسه (أنظر األشكال الموالية)‪:‬‬

‫‪93‬‬
‫شكل (‪ :)6‬استهالك ورق الصحف (‪)1994-1970‬‬
‫كلغ∕ ساكن‬
‫‪25‬‬

‫‪20‬‬
‫الدول النامية ‪.‬‬
‫‪15‬‬

‫‪10‬‬

‫‪05‬‬
‫الدول في طريق النمو ‪.‬‬
‫‪0‬‬
‫‪1970‬‬ ‫‪1980‬‬ ‫‪1990 1994‬‬
‫المصدر‪Annuaire statistique 1996, Paris, Unesco, 1997, in MAHERZI, :‬‬
‫‪L. 1997, 92‬‬

‫شكل (‪ )7‬تقدير عدد سحب اليوميات (كل ‪ 100‬ساكن) مقارنة بنسبة األمية (‪)1994،‬‬
‫‪50‬‬
‫السحب‬
‫‪40‬‬ ‫نسبة األمية‬

‫‪30‬‬
‫المعدل العالمي لألمية‬
‫‪20‬‬

‫‪10‬‬ ‫المعدل العالمي للسحب‬

‫‪0‬‬
‫الدول في طريق النمو الدول المتقدمة‬ ‫الدول األقل تقدما‬
‫بما فيها األقل تقدما‬
‫المصدر‪Annuaire statistique 1996,Paris,Unesco,1997,in MAHERZI, L.1997,93 :‬‬

‫‪94‬‬
‫شكل (‪ )8‬تقدير عدد أجهزة التلفزيون لكل ‪ 1000‬ساكن (‪)1994-1970‬‬

‫‪500‬‬

‫‪400‬‬
‫الدول المتقدمة‬
‫‪300‬‬

‫‪200‬‬ ‫المعدل العالمي‬

‫‪100‬‬
‫الدول في طريق النمو‬
‫‪0‬‬
‫‪1970‬‬ ‫‪1975‬‬ ‫‪1980‬‬ ‫‪1985‬‬ ‫‪1990‬‬ ‫‪1994‬‬
‫المصدر‪Annuaire statistique 1994 et 1996, Paris, Unesco, 1995 et 1997, in :‬‬
‫‪MAHERZI, L. 1997, 93‬‬

‫وأما إذا أردنا إجراء مقارنة بسيطة بين المستويات التكنولوجية التي بلغتها بعض‬
‫الدول الغنية والدول الفقيرة في هذا المجال معتمدين على مؤشرات استعمال تكنولوجيات‬
‫اإلعالم واالتصال‪ ،‬مثل‪ :‬عدد الحواسيب الشخصية‪ ،‬كمية "ملقمات التخزين"‬
‫(‪ ،)Serveurs‬خطوط الهاتف‪ ،‬المصاريف المخصصة لهذه التكنولوجيات‪ ،‬مستعملو‬
‫االنترنت والهاتف النقال‪ ...‬فإننا نجد أنفسنا أمام فجوة رقمية بينة بين دول الشمال ودول‬
‫الجنوب‪ .‬والجدول اآلتي يعكس ذلك‪:‬‬
‫جدول (‪ :)6‬مقارنة بين مؤشرات استعمال "ت‪ .‬إ‪ .‬ا‪ ".‬في بعض دول الشمال والجنوب‪.‬‬
‫معدل‬ ‫هاتف‬
‫خطوط هاتف االنترنت‪:‬‬ ‫ملقمات‬ ‫األجهزة الحواسيب‪:‬‬
‫‪ /2002‬ألف ‪ 10 /2002‬نقال‪ /2002‬المصاريف‬ ‫التخزين‪/2002‬‬ ‫‪,2002‬لكل‬
‫آالف ساكن‬
‫ألف ساكن مليون ‪$‬‬ ‫ساكن‬ ‫‪ 10000‬ساكن‬ ‫ألف ساكن‬ ‫الدول‬
‫‪ 252‬م‪$‬‬ ‫‪670‬‬ ‫‪4400‬‬ ‫‪590‬‬ ‫‪970‬‬ ‫‪420‬‬ ‫مجموع الدول‬
‫المصنعة(‪)G7‬‬
‫‪ 17‬م‪$‬‬ ‫‪220‬‬ ‫‪1000‬‬ ‫‪180‬‬ ‫‪70‬‬ ‫‪70‬‬ ‫أمريكاالالتينية‬
‫المصدر‪ :‬إعداد شخصي باالعتماد على البيانات الخام لـ"المؤسسة الوطنية لإلحصاء‪ ،‬الجغرافيا‬
‫واإلعالم اآللي"(‪ )www.inegi.gob.mx‬الواردة في‪.Jorge Granados@itesm.mx,07-2004:‬‬

‫‪95‬‬
‫الشكل (‪ )9‬تطور الفجوة الرقمية مابين الدول المتقدمة والدول النامية (‪)2002-1992‬‬
‫‪1992‬‬ ‫‪Developed‬‬
‫‪Developing‬‬
‫‪100%‬‬
‫‪21%‬‬
‫‪80%‬‬

‫‪60%‬‬ ‫‪79%‬‬
‫‪88%‬‬ ‫‪90%‬‬ ‫‪97%‬‬
‫‪40%‬‬ ‫‪79%‬‬

‫‪20%‬‬
‫‪21%‬‬
‫‪12%‬‬ ‫‪10%‬‬
‫‪0%‬‬ ‫‪3%‬‬
‫‪Population‬‬ ‫‪Fixed‬‬ ‫‪Mobile‬‬ ‫‪PC‬‬ ‫‪Internet‬‬
‫‪users‬‬

‫‪2002‬‬ ‫‪Developed‬‬
‫‪Developing‬‬
‫‪100%‬‬
‫‪19%‬‬
‫‪80%‬‬
‫‪55%‬‬ ‫‪54%‬‬
‫‪73%‬‬ ‫‪66%‬‬
‫‪60%‬‬

‫‪40%‬‬ ‫‪81%‬‬

‫‪20%‬‬ ‫‪45%‬‬ ‫‪46%‬‬


‫‪27%‬‬ ‫‪34%‬‬
‫‪0%‬‬
‫‪Population Fixed‬‬ ‫‪Mobile‬‬ ‫‪PC‬‬ ‫‪Internet‬‬
‫‪users‬‬

‫المصدر‪www.ituarabic.org, 12.2.2008 :‬‬

‫تؤكد بيانات الجدول السابق مدى اتساع الفجوة الرقمية في مجال استعمال "ت‪.‬إ‪.‬ا"‬
‫بين بعض دول الشمال ودول الجنوب‪ .‬كما يالحظ من معطيات الجدول الموالي‬
‫"ضعف‪ ...‬البنية (المعلوماتية) في الوطن العربي باستثناء الدول العربية المرتفعة في‬

‫‪96‬‬
‫مستوى التنمية البشرية (اإلمارات‪ ،‬البحرين‪ ،‬الكويت‪ ،‬قطر) مقارنة مع العالم ومع الدول‬
‫األخرى" (ذياب البداينة‪.)105 ،2006 :‬‬

‫جدول (‪ )7‬مؤشر نصيب الفرد من وسائل المعلومات واالتصال‬


‫هاتف حواسيب شخصية مضيفو االنترنت‬ ‫خطوط‬
‫‪/1998‬ألف ساكن ‪/1998‬ألف ساكن ‪/1998‬ألف ساكن‬
‫‪0.13‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪65‬‬ ‫الوطن العربي‬
‫‪0.26‬‬ ‫‪58‬‬ ‫البلدان النامية‬
‫‪37.86‬‬ ‫‪255‬‬ ‫‪490‬‬ ‫البلدان الصناعية‬
‫‪7.42‬‬ ‫‪142‬‬ ‫العالم‬
‫المصدر‪ :‬بتصرف عن‪ :‬تقرير التنمية البشرية في العالم العربي لعام ‪ ،1998‬ص ص‪.201-198 .‬‬

‫وإذا كانت الفوارق في التجهيزات بين الدول المتقدمة والدول المتخلفة حادة‪ ،‬فإن‬
‫نسبة وحجم نمو هذه األخيرة يتسارع بوتيرة أكبر‪ .‬ولذلك تعتبر هذه القياسات الكمية مؤش ار‬
‫قاص ار قصو ار منهجيا وخاصة إذا أضفنا إلى ذلك عامل إغفالها مؤشر االستعمال‬
‫الجماعي (المنازل‪ ،‬المقاهي‪ ،‬أماكن العمل) لهذه الوسائل السائد خاصة في المجتمعات‬
‫المتخلفة‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬يفترض في هذا النوع من النتائج –رغم قصورها المنهجي‪ -‬أن يؤدي‬
‫بنا إلى التفكير الجدي في كيفيات ردم هذه الهوة وتمكين شعوبنا من هذه التكنولوجيات‬
‫ومن المعرفة الناتجة عن تطبيقاتها‪ ،‬وذلك بتفعيل مبادرات واستراتيجيات شاملة (تخص‬
‫أساسا التعليم والصحة والبنى التحتية) وعلى المستويات المحلية‪ ،‬اإلقليمية والدولية‪.‬‬
‫فتتحول بذلك "الفجوة الرقمية" إلى "فرصة رقمية"‪ ،‬كما جاء في القمة العالمية لمجتمع‬
‫المعلومات‪ ،‬تونس ‪.2005‬‬
‫وبغية ردم هذه الفجوة أقر من جهته تقرير التنمية اإلنسانية العربية لعام ‪2003‬‬
‫(‪ ،)www.ituarabic.org, 12.2.2008‬إستراتيجية عامة إلقامة مجتمع المعرفة في البالد‬
‫العربية قوامها خمسة أركان‪:‬‬
‫‪ -1‬إطالق الحريات والتعبير والتنظيم وضمانها بالحكم الصالح‬
‫‪ -2‬النشر الكامل للتعليم راقي النوعية‬

‫‪97‬‬
‫‪ -3‬توطين العلم وبناء قدرة البحث والتطوير التقاني‬
‫‪ -4‬التحول الحثيث نحو نمط إنتاج المعرفة في البنية االجتماعية واالقتصادية‬
‫العربية‬
‫‪ -5‬تأسيس نموذج معرفي عربي أصيل يقوم على صحيح الدين وحفز االجتهاد‬
‫والنهوض باللغة العربية واستحضار التراث وإثراء التنوع الثقافي داخل األمة مع االنفتاح‬
‫على الثقافات األخرى‪.‬‬

‫‪ -1.4.8‬جغرافية التكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال والفجوة الرقمية‪:‬‬


‫تعتبر جغرافية اإلبداع‪ ،‬المرتبطة بالتكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال‪ ،‬نشاطا‬
‫اقتصاديا ذا كثافة معرفية عالية‪ .‬وهي مرتبطة ذهنيا بأسماء ومواقع ذات شهرة عالمية‬
‫مثل (‪ )Silicon Valley, Research Triangle Park‬األمريكيتين‪)Wireless Valley( ،‬‬
‫(‪ )Silicon-Sentier‬الفرنسي و(‪ )Oxford, Cambridge‬البريطانيتين‪ ،‬الخ‪.‬‬ ‫الفنلندية‪،‬‬
‫وبالطبع فإن للتكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال أثر كبير في التوزيع الجغرافي لهذه‬
‫األنشطة‪ .‬ورغم أن تقنيات االتصال المباشر وشبكة االنترنت تخففان من وطأة التركز‬
‫والتجمع الجغرافيين بفعل سيولة وفاعلية التفاعل عن بعد‪ ،‬فإن خصوصية اإلبداع‬
‫وضمنية بعض أجزائه والطابع االجتماعي لبعض عملياته تعتبر عوامل مشجعة ودافعة‬
‫ألن تكون وحدة الجغرافيا قاعدة تنظيمية توفر مستلزمات ومصادر عملية اإلبداع حتى في‬
‫مجال هذه التكنولوجيات الرقمية‪ ،‬وعامل وقاية وحماية مهما لنواتج اإلبداع والملكيات‬
‫الفكرية‪ ،‬باإلضافة إلى كونها تشجع أصال على التواصل مع المحيط االقتصادي‬
‫واالجتماعي والسياسي والثقافي‪.‬‬
‫"بإمكان االنترنت أن توصلنا بحياة افتراضية غنية ومهمة‪ ،‬أن توفر معلومات‬
‫وعالقات بين أفراد متباعدين جغرافيا‪ ،‬لكنها ال تستطيع تعويض الحياة الحقيقية"‬
‫(‪ )FELDMANN, M.P. : 2002, 8‬بعواملها الحاسمة في مجال اإلبداع التكنولوجي‪ .‬لذلك‬
‫تعززت هذه األماكن الشهيرة واستنسخت منها شبيهاتها في صراع تنافسي شرس بين دول‬
‫الشمال الستقطاب الكفاءات الشمالية والجنوبية على حد سواء‪.‬‬
‫ثم إن جغرافية تركز هذه الشبكة الرقمية وتطورها المتسارع تكاد تتطابق مع‬
‫جغرافية اإلبداع‪ :‬الشمال والحواضر الكبرى‪ .‬وهذا يعتبر مفارقة جغرافية في االقتصاد‬

‫‪98‬‬
‫الرقمي المعاصر‪ ،‬ألنه من المفترض فيه أن يؤدي تقنيا إلى المركزية جغرافية للتبادالت‬
‫التجارية والخدمية (عن بعد) بينما الواقع ينم عن تقوية وتدعيم آثار تركز وتجمع قطاعات‬
‫االقتصاد الرقمي‪ .‬وهذا التوجه يتناقض بالطبع مع تصريحات السلطات الرسمية حول‬
‫تقليص الفجوة الرقمية‪.‬‬
‫ويرجع كل من "سوير و فيسانت" (‪SUIRE, R. & VICENTE, J.: 2002, 89-‬‬
‫‪ )117‬هذه المفارقة إلى أسباب اقتصادية جغرافية معرفية‪:‬‬
‫‪ -‬ليست الخصائص الذاتية للتكنولوجيا (االمتداد الشبكي‪ ،‬قوة وسرعة التواصل‬
‫عن بعد‪ )...‬هي التي توجه التنظيم الفضائي للنشاط االقتصادي ولكن استراتيجيات‬
‫مختلف الفاعلين القائمة على تمثالتهم ومقارباتهم للتكنولوجيا ولعمليات تبنيها ولمصالحهم‬
‫االقتصادية‪ ،‬إذ يفضي تحليل استراتيجيات الفاعلين الخواص والعموميين إلى افتراض‬
‫استهالك قوي للبنى التحتية (الشبكات الحضرية أساسا) المتعلقة باالتصاالت عن بعد‬
‫والتكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال من طرف مؤسسات االقتصاد الرقمي‪ ،‬ومن ثم‬
‫توجيه التنظيم الفضائي ألنشطتها نحو تدعيم مركزية الهياكل بفعل المنافسة والجدوى‬
‫االقتصادية (كلفة االستثمار حول شبكات شغالة‪ ،‬كلفة التواصل المباشر (االجتماعي)‬
‫بين المؤسسات الجوارية‪ .)...‬وسيكون ذلك بالطبع على حساب تخفيف وطأة الفجوة‬
‫الرقمية‪ .‬ولن تجدي التصريحات السياسية وال الرغبات العاطفية نفعا حيال ذلك‪.‬‬
‫‪ -‬إذا كان هذا التفسير األول ذا طابع اقتصادي تقليدي فالتفسير الثاني تقدمه‬
‫( ‪FORAY, 2000; COHENDET,‬‬ ‫األعمال الموجهة نحو اقتصاد المعرفة‬
‫‪ )STEINMUELLER, 2000‬واقتصاد التفاعالت (‪ .)DALLE, VICENTE, 2001‬فهي‬
‫المرمز) هو الذي يدفع‬
‫تفترض أن الجزء "الضمني" من المعرفة االقتصادية (مقابل الجزء َ‬
‫إلى التجميع بحجة الفائدة التنسيقية للقرب الجغرافي أو الفائدة التكوينية اإلبداعية لهذه‬
‫الشبكات االجتماعية المتجمعة‪ .‬فالمعارف الضمنية ستفقد مغزاها التعاملي إذا لم يكن‬
‫تبادلها مباش ار ألن التواصل عن بعد (عبر تكنولوجيات االتصال) يشوه جديا محتواها‪.‬‬
‫وأما عن إمكانية ترميز بعضها وإرسالها عن بعد فقد تستبعد لعدم شموليتها‪ ،‬إمكانية فك‬
‫رموزها وخاصة ارتفاع كلفة ترميزها‪ ،‬والتي قد تكون أكبر من كلفة االنتشار والمركزية‬
‫الوحدات وأحيانا حتى من كلفة نقلها خارج موطنها األصلي (‪ .)Délocalisation‬وهو‬

‫‪99‬‬
‫األمر الذي إذا تم بفعل جدواه االقتصادية فسيساهم في ظهور تنظيم فضائي جديد للنشاط‬
‫اإلنتاجي قوامه وحدات مركزية ووحدات ملحقة‪ ،‬لكنه لن يكون على حساب التوجه‬
‫المركزي العام‪ ،‬فالفروع المنقولة (الملحقات) لن تتفاعل فيما بينها بل ستتواصل مباشرة مع‬
‫الوحدات المركزية‪ .‬مما يدعم تفسير قوى التجمع التي تفضي إلى ظهور تجمعات محورية‬
‫تضم بداخلها الوحدات المركزية وحواضر محيطية خاصة بالملحقات‪.‬‬
‫كما أن البعض يرى أن ديناميكية التراكم التفاعلي قد توضح األسس االقتصادية‬
‫الجزئية لهذه المفارقة‪ .‬فتمركز أنشطة االقتصاد الرقمي تنتج عن عملية مقطعية تراكمية‬
‫( & ‪RALLET, A.‬‬ ‫للتوطين االقتصادي التتابعي‪ .‬و"كما يقترح الكاتبان‬
‫‪ ،)WALKOMIAK, E. : 2001‬هناك منطق تنظيمي بالطبقات في أنشطة االنترنت‪،‬‬
‫بحيث قد تسمح العالقة المتبادلة بين طبقات البنية التحتية والبنية المعلوماتية والخدمات‬
‫النهائية بتفسير تجمع أنشطة االقتصاد الجديد" ( ‪SUIRE, R. & VICENTE, J.: 2002,‬‬
‫‪.)112‬‬
‫‪ -‬وأخيرا‪ ،‬وفي السياق التراكمي نفسه‪ ،‬قد تفسر مواقع اإلبداع االقتصادية‬
‫النموذجية والسلوكات المقلدة (التشبهية) لها تجمع وحدات االقتصاد الرقمي في بعض‬
‫الحواضر الكبرى الواحدة تلوى األخرى في تفاعل وظيفي عنقودي‪ ،‬وذلك تجنبا للمغامرة‬
‫وخاصة في القطاعات االقتصادية الحديثة‪ .‬وقد سبق وأن ذكرنا أعاله أسماء بعض‬
‫المواقع الشهيرة والتي لعبت دور القاطرة أو النموذج المتبع‪Silicon Valley, Wireless :‬‬
‫‪...Valley, Research Triangle Park, Silicon-Sentier‬‬

‫‪ -5.8‬العولمة وإشكالية حياد تكنولوجيا االتصال الدولي‪:‬‬


‫إن العولم ــة عب ــارة ع ــن عملي ــة مس ــتمرة ذات أبع ــاد كمي ــة وكيفي ــة تش ــمل مج ــاالت‬
‫السياسة واالقتصاد والثقافة واالتصال‪ ،‬ولكن آليتها الفاعلة ومحركها االقتصـادي والـدعائي‬
‫يتمثالن أساسا فـي صـناعة تكنولوجيـا االتصـال باألقمـار الصـناعية والشـبكات المعلوماتيـة‬
‫متع ــددة الخ ــدمات والث ــورة الرقمي ــة عموم ــا‪ ،‬مم ــا أص ــبح ي ــدعى الي ــوم بـ ــ"العالم الوس ــيلي" أو‬
‫‪ )Medialisme,‬نظ ـ ار لمــا لهــذه التقنيــات مــن ســلطة‬ ‫(‪Communication-Monde‬‬ ‫"االتصــالي"‬
‫حقيقيــة فــي عمليــة العولمــة‪ .‬وألن الســيطرة علــى هــذه اآلليــة التكنولوجيــة وتطويعهــا مفتــاح‬

‫‪100‬‬
‫المشــاركة فــي النظــام الحــالي للعولمــة أو مقاومتــه‪ ،‬فإننــا نــرى مــن األهميــة بمــا كــان طــرح‬
‫تساؤلين رئيسين متعلقين بإشكالية حياد هذه التقنيات االتصالية‪:‬‬
‫‪ -1‬يتعل ـ ــق األول بد ارس ـ ــة تكنولوجي ـ ــا االتص ـ ــال وعالقته ـ ــا باإلنس ـ ــان م ـ ــن حي ـ ــث‬
‫اإليجابيــة (مــا قدمتــه هــذه الثــورة الرقميــة مــن خــدمات ماديــة لإلنســان) والســلبية (تجريــد اإلنســان مــن‬
‫إنس ــانيته)‪ .‬بمعن ــى‪ ،‬ه ــل أن ه ــذه التكنولوجي ــا حيادي ــة وال عالق ــة له ــا باالعتب ــارات السياس ــية‬
‫والقـ ــيم الثقافيـ ــة‪ ،‬أم أن هـ ــذه التكنولوجيـ ــا تتميـ ــز بسـ ــيطرتها علـ ــى مختلـ ــف مظـ ــاهر الحيـ ــاة‬
‫وبزحزحة اإلنسان إلى دور التابع لها في عالم "بارد" اختلط فيه "الطبيعي" بــ"االصطناعي"‬
‫والغريب" بـ"األصيل" ؟‬
‫‪ -2‬إن هــذا االخ ــتالط يمهــد لن ــا طــرح التس ــاؤل الثــاني الخ ــاص بمجــال نق ــل ه ــذه‬
‫التكنولوجي ـ ــا‪ :‬إذا كان ـ ــت تكنولوجي ـ ــا االتص ـ ــال ال ـ ــدولي "غربي ـ ــة" أساس ـ ــا‪ ،‬فه ـ ــل نقله ـ ــا إل ـ ــى‬
‫المجتمع ــات المتخلف ــة "ع ــديم الج ــدوى لع ــدم اتفاقه ــا م ــع عناص ــر األن ــا" ف ــي ه ــذه األخيـ ـرة‬
‫وإلف ارزاتها لقيم مخالفـة عمومـا للقـيم السياسـية والثقافيـة للمسـتوردين؟ أم أن هـذه التكنولوجيـا‬
‫حياديـة وعالميــة فعــال وال عالقــة لهــا بمثــل هــذه الخصوصــيات الثقافيــة‪ ،‬االجتماعيــة‪ ...‬مــع‬
‫االستفادة من منتجات هذه الثورة التقنية؟‬
‫إن اإلجابة على مثل هذه التساؤالت ستشكل أساس مقاربتنا للموضوع والذي‬
‫ارتأينا ختمه باقتراح فكرة تجاوز هذه اإلشكالية بالدعوة إلى القيام بمحاولة تطويع‬
‫تكنولوجيا االتصال الدولي السائدة مدعمة بإبداع تدريجي لتكنولوجيا اتصال "مؤنسنة"‬
‫و"أفقية" قريبة من خصوصيات عالمنا المتخلف وتتفاعل كشريك كامل الحقوق في النظام‬
‫العالمي الشامل‪.‬‬
‫وسنباشر فيما يلي معالجة الموضوع من بوابة تكنولوجيا االتصال الدولي‪:‬‬

‫‪ -‬تكنولوجيا االتصال الدولي‪:‬‬


‫(*)‬
‫تتويج ـ ــا لتط ـ ــور مط ـ ــرد لوس ـ ــائل اإلع ـ ــالم‬ ‫تعتب ـ ــر تكنولوجي ـ ــا االتص ـ ــال ال ـ ــدولي‬
‫واالتص ــال أُرخ لهـ ـا من ــذ ظه ــور المجتمع ــات البدائي ــة األول ــى وذل ــك عب ــر وس ــائل وتقني ــات‬

‫ونعنــي باالتصــال الــدولي هنــا مــا ذهــب إليــه مــاك كليالن ــد (‪ )Mc Clelland :1987‬مــن تعريفــه لــه‬ ‫(*)‬

‫بمجموعة الرسائل العابرة للزمان والحدود الوطنية‪ ،‬بفضل وسائل االتصال‪ ،‬معتب ار هذه األخيـرة الفاعـل أو‬
‫القوة الدولية المحركـة لـه (‪.)NÚÑEZ de PRADO y CLAVEL, S. & MARTÍN-DÍEZ, M.: 1996, 71‬‬

‫‪101‬‬
‫مض ـ ــاعفة الرس ـ ــائل وتفعيله ـ ــا (الكلم ـ ــة‪ ،‬اإلش ـ ــارة‪ ،‬الخط ـ ــاب‪ ،‬الكتاب ـ ــة‪ ،‬البري ـ ــد‪ ،‬التنظيم ـ ــات‬
‫الدينية‪.)...‬‬
‫إن وسائل االتصال مرت بمراحل تطور عديدة أفرزت عدة أنواع متفاوتة في الكم‬
‫والكيف والمدى‪ ،‬ولكنها كانت تهدف دائما إلى فورية االتصال‪ ،‬توسعة دائرة المستقبلين‬
‫وتحسين نوعية الرسالة‪.‬‬
‫وه ــذا يعن ــي أن وس ــائل االتص ــال كان ــت كثيـ ـرة ومتنوع ــة من ــذ الق ــدم‪ ،‬ث ــم خض ــعت‬
‫ألط ـوار متعــددة (الكــالم والرمــوز ثــم الكتابــة التصــويرية والحرفيــة) حتــى ظهــور ثــورة االتصــاالت‬
‫السمعية بصرية الحديثة (سينما‪ ،‬راديـو‪ ،‬تلفـاز‪ ،‬فيـديو‪ ،‬كومبيـوتر)‪ ،‬وهـو األمـر الـذي نتجـت عنـه‬
‫إمكانيات جديدة لالتصاالت االجتماعيـة وإلـى عـدد المتنـاه مـن إمكانيـات التركيـب المتعـدد‬
‫الوسائل والتقنيات واألبعاد‪ .‬إذ أصبحت طريقة استعمال هذه الوسائل ال تسمح فقط بإعادة‬
‫اإلنتاج المتسلسل‪ ،‬بل بالنشر الفوري للرسالة في جمهور واسع كآلية لعولمة المعلومات‪.‬‬
‫وبهذا المعنى‪ ،‬فإن ظهور وسائل االتصـال البصـرية التماثليـة ثـم الرقميـة ال تعتبـر‬
‫‪-‬كما يزعم "ماكلوهان"‪ -‬قطيعة نحـو عمليـة جديـدة بـل تتويجـا لـدورة قديمـة‪-‬جديـدة لـم تسـتهلك‬
‫بعــد (‪ ،)NUÑEZ, L.L.:1983, 114-115‬وتمــثال وفيــا لخصــائص القطاعــات الصــناعية‬
‫األخرى في المجتمعات الغربية؛ أي تنميط المنتجات‪ ،‬سواء أكانـت رسـائل ثقافيـة‪ ،‬إخباريـة‬
‫أو ترفيهيـ ــة؛ العقلنـ ــة التجاريـ ــة فـ ــي التوزيـ ــع واالسـ ــتهالك؛ االتجـ ــاه نحـ ــو تجميـ ــع وتمركـ ــز‬
‫المؤسسات المنتجة؛ وأخيرا‪ ،‬التوسع الدولي (‪.)MURCIANO, M.:1992, 90‬‬
‫إن هذه الشبكة اإلعالمية الدولية التي يسيطر عليهـا الغـرب ال يمكـن النظـر إليهـا‬
‫من جانب تكنولوجي بحث (الجمع بين ظاهرتي "المعلوماتية" و"وسائل االتصال عن بعـد") ألن لهـا‬
‫تـداعيات سياســية وثقافيــة واقتصــادية ناتجـة أساســا عــن عولمــة االتصـال وأسـواقه مــن جهــة‬
‫وصــعوبة الــتحكم فــي مصــدر المعلومــات المبثوثــة مباشـرة وعــدم القــدرة علــى منافســة الــدول‬
‫الغربية في المجال التقني‪-‬الصناعي‪ ،‬الدعامة المادية لالتصال الدولي‪.‬‬
‫لقد شهد القرن العشرون تحوال واضحا تمثل في تعدد إنجازات التكنولوجيا الحديثـة‬
‫لالتصــال التــي أصــبحت تهــدد الوســائل التقليديــة المســتخدمة فــي نفــس المجــال‪ ،‬والتــي مــا‬

‫أمــا مــن حيــث محت ـواه فق ــد أصــبح شــامال لمعــارف كثيــرة‪ :‬العل ــوم اإلنســانية‪ ،‬العالقــات الدوليــة‪ ،‬صــناعة‬
‫الوسائل‪ ،‬التكنولوجيا اإللكترونية ومعالجة للمعلومات‪...‬‬

‫‪102‬‬
‫ك ــادت دول الجن ــوب تس ــيطر عليه ــا حت ــى داهمته ــا الث ــورة الرقمي ــة للس ــمعي البص ــري الت ــي‬
‫تستمد قوتها ‪-‬أكثر من المطبوع والمسموع‪ -‬من تأثيرها القـوي علـى الالشـعور ومقـدرتها الفائقـة‬
‫على التالعب بالحقيقة والخيال‪.‬‬
‫وما دام مقود هذه الوسائل والتقنيات الشاملة بيد الغرب عموما وأمريكا خصوصا‪،‬‬
‫فـإن آليـات قيــادة العـالم وتوجيهـه ترجــع إليهمـا‪ ،‬ألن مــن يـتحكم فـي هــذه العمليـة االتصــالية‬
‫هو األقوى واألكثر فاعلية‪.‬‬
‫لقد تم التركيز على دور التقنيات الحديثة لالتصـال عبـر األقمـار الصـناعية ألنهـا‬
‫توسـع مجــال التــأثير السياســي والثقــافي (أكثــر مـن الوســائل األخــرى) وبخاصــة البــث التلفزيــوني‬
‫"المباش ــر وتحـــت الطلـــب" الـــذي ال يمكـ ــن لل ــدول المتخلفـــة مراقب ــة مصـــادر معلوماتـــه وال‬
‫التشويس عليه وال منافسته في الوقت الحالي‪.‬‬
‫ومعروف أن هذا النوع من البث التلفزيوني بدأ عبر القمرين الصناعيين "إنتلسـات‬
‫واحد" أو "الطائر المبكر" األمريكي (‪ )1965‬و"أنترسبوتنيك" السوفييتي (‪ )1971‬المدعمين‬
‫بمحطات أرضية لالسـتقبال‪ ،‬وذلـك قبـل ظهـور جيـل أقمـار البـث المباشـر (ابتـداء مـن أكتـوبر‬
‫‪ )1988‬وتكاثر عددها (أكثر من ‪ 500‬قمر صناعي تدور حول األرض حاليا)‪ ،‬األمـر الـذي قلـص‬
‫تدريجيا من حجم وكلفة الهوائيات واالشتراك وضاعف أعداد جمهورها الـدولي‪ .‬ولقـد تـزامن‬
‫هذا االنتشار مع تحسين في وضوح ودقة الصوت والصورة وزيادة قدرات اإلرسال وخاصة‬
‫بعد إدخـال تكنولوجيـا الرقمـي التـي أتاحـت الفرصـة للمشـاهد الختيـار واسـع لبرامجـه ضـمن‬
‫باقــات برامجيــة يشــترك فيهــا‪ ،‬ويزيــد عــدد قن ـوات بعضــها عــن الخمســمائة ( ‪Direct TV,‬‬
‫…‪.)ART, TPS, Canal Satellite‬‬
‫باإلضــافة إلــى التلفزيــون يعتبــر الحاســوب وســيلة وســندا قــويين لممارســة االتصــال‬
‫الدولي وخاصة بواسطة شبكة اإلنترنت والبريد اإللكتروني واإلمكانـات الهائلـة التـي تتيحهـا‬
‫المعلوماتية بعد المزاوجة بينها وبين وسائل اإلعالم السمعية البصرية واالتصاالت السلكية‬
‫والالسلكية‪.‬‬
‫لقد القت شبكة اإلنترنت إقباال واسعا إذ قدر عدد الحواسيب الشخصية الموصولة‬
‫بهذه الشبكة العالمية أكثر من ستة ماليـين حاسـوب آلـي وحـوالي التسـعين مليـون مسـتخدم‬
‫من أكثر من مائة دولة‪ ،‬علمـا بـأن هـذا العـدد يـزداد أسـبوعيا بحـوالي نصـف مليـون‪ .‬ولكـن‬

‫‪103‬‬
‫لهــذه الشــبكة مخــاطر أهمهــا قــدرتها علــى عولمــة توزيــع الخــدمات غيــر الماديــة دون مراقبــة‬
‫لمضــامينها التــي قــد تبــث دعايــات سياســية مغرضــة وب ـرامج الأخالقيــة هدامــة (فيمــا يســمى‬
‫بـ ـ ــ"عالم أنترن ـ ــت الس ـ ــفلي" م ـ ــن بـ ـ ـرامج إباحي ـ ــة‪ ،‬غس ـ ــيل أمـ ـ ـوال‪ ،‬مخ ـ ــدرات‪ ،‬قم ـ ــار‪ ،‬ص ـ ــناعة المتفجـ ـ ـرات‬
‫والســموم…)‪ ،‬ممــا حمــل الــبعض علــى التفكيــر فــي محاولــة ابتكــار تقنيــات برامجيــة ترميزيــة‬
‫تمكنه مـن تصـفية أو تشـويس الرسـائل والصـور التـي ال تتوافـق ال مـع الـذوق العـام وال مـع‬
‫قــيم وع ــادات دول الجن ــوب عموم ــا‪ ،‬ثــم ت ــدعيمها بقـ ـوانين ردعي ــة‪ ،‬علــى غــرار بع ــض م ــا‬
‫عملت به ألمانيا مثال‪.‬‬
‫لكــن التســاؤل الــذي يبقــى مطروحــا هــو‪" :‬التشــويس علــى مــن والتقنــين ضــد مــن"؟‬
‫فالشــبكة‪ ،‬وإن كانــت أمريكيــة المنشــأ‪ ،‬كمــا هــو معــروف‪ ،‬شــبكة عالميــة ناتجــة عــن عمليــة‬
‫تعــاون ومشــاركة لعــدة أطـراف‪ .‬ومــع ذلــك يمكــن القــول بــأن مســتقبل اإلنترنــت مـرتبط بهيئــة‬
‫لجــان متخصصــة (‪ .)ISOC‬أهــم لجنــة بهــا هــي (‪ )Internet Architecture Board‬التــي‬
‫يترأسها حاليا "برايان كاربنتر" (‪ .)Brian Karpinter‬أما نظام (‪ )Word Wid Web‬فتشـرف‬
‫عليـه هيئـات بفرنسـا‪ ،‬سويسـ ار وأمريكـا (‪ .)BOUTIN, Yann, 1996, 15-17‬وهـذا يعنـي أن‬
‫مقودها غربي أساسا تتجاذب طرفي الصراع عليه أوروبا وأمريكا‪.‬‬
‫إن هذه الشبكة كباقي وسائل تكنولوجيا االتصال الدولي تساهم في تنشيط العولمة‬
‫حسب معالم الساحة العالمية الجديدة ذات الطابع األمريكي المهيمن‪ .‬والمشـكلة المطروحـة‬
‫هنــا هــي االتجــاه إلــى صــياغة ثقافــة عالميــة قوامهــا قــيم ومعــايير غربيــة‪-‬أمريكيــة‪ ،‬الغــرض‬
‫منه ــا ض ــبط سـ ــلوك ال ــدول والشـ ــعوب وقولبته ــا ف ــي ثقاف ــة عالمي ــة واح ــدة ألنه ــا ال تـــؤمن‬
‫بالخصوصيات التاريخية والثقافية لألمم وال بسـيادتها السياسـية الكاملـة‪ ،‬عاكسـة بـذلك إرادة‬
‫الهيمنة على العالم‪.‬‬

‫هيكلة نظام االتصال الدولي وخصائصه‪:‬‬


‫إن نظام االتصال الدولي يتكـون ‪-‬كمـا هـو معـروف‪ -‬مـن فـاعلين اتصـاليين كهيئـات‬
‫قــادرة علــى اإلنتــاج‪ ،‬المعالجــة‪ ،‬التوجيــه والتــأثير بالمعلومــات‪ .‬ولكــن مــا هــي طبيعــة ه ـؤالء‬
‫الفاعلين؟‪:‬‬
‫يقـدر "ل‪ .‬إسـكوبار" (‪ ،)LÓPEZ ESCOBAR, E : 1978, 296-298‬انطالقـا مـن‬
‫مبدأ حرية اإلعالم وأهمية وكاالت األنباء (والتي يمكن أن تسبق أو تدعم حاليـا بالوسـائل السـمعية‬

‫‪104‬‬
‫البصرية)‪ ،‬بأنه يمكن تشخيص هؤالء الفاعلين في‪ :‬وكـاالت األنبـاء‪ ،‬اليونسـكو‪ ،‬المؤسسـات‬
‫الدولية وبلدان العالم الثالث‪ .‬وأما المكان الـذي تـتم فيـه هيكلـة نظـام االتصـال الـدولي فهـي‬
‫المؤتمرات الدولية‪.‬‬
‫بينما يلفت "ر‪ .‬كالدوش" (‪ )CALDUCH, R.: 1993, 143-180‬انتباهنا إلـى كميـة‬
‫المعلومــات المنتجــة مــن طــرف مجمــوع الــدول وإلــى النظــام الــدائري القــائم علــى العالقــات‬
‫السلطوية بينهـا‪ .‬وهـو بـذلك يلتقـي مـع بعـض منظـري العالقـات الدوليـة الـذين يشـيرون إلـى‬
‫أهمية وجود "مجتمع دولي" يتحرك بداخله الفاعلون االتصاليون وتتطور فيه القوى الدولية‪.‬‬
‫وهـذا هـو رأي بعـض المتخصصـين فـي االتصـال مثـل "الزارسـفلد" و"بنيتـو" ( & ‪NÚÑEZ‬‬
‫‪.)MARTÍN-DÍEZ: 1996, 61‬‬
‫ومـن جهتـه يحـدد "كيـروس فرنانـدث" (‪)QUIROS FERNÁNDEZ, F: 1991, 72‬‬
‫النظــام الــدولي لالتصــال كمجموعــة عناصــر مترابطــة تســمح بتبــادل المعلومــات بــين الــدول‬
‫والشعوب ذات ثقافات مختلفة‪ ،‬وقد تكون هذه العناصر داخلية بالنسـبة لعمليـة االتصـال ‪-‬‬
‫مرسل‪ ،‬وسيلة‪ ،‬رسالة ومستقبل‪ -‬أو خارجية ‪-‬حكومة‪ ،‬ثقافة‪ ،‬نظام قانوني ومنظمات دولية‪ .-‬وتـربط‬
‫المجمـ ـ ــوعتين عالقـ ـ ــات متبادلـ ـ ــة علـ ـ ــى المسـ ـ ــتوى السياسـ ـ ــي‪ ،‬االقتصـ ـ ــادي‪ ،‬التكنولـ ـ ــوجي‪،‬‬
‫اإلعالمــي‪ ،‬الســلطة والنظــام الــدولي‪ .‬وهــذا األخيــر ســينتج لنــا إعالمــا ســلطويا للهيمنــة أو‬
‫إعالما تحرريا للمشاركة‪.‬‬
‫وأمــا خصــائص نظــام االتصــال الــدولي فعمادهــا األساســي قيمتهــا الكميــة والكيفيــة‬
‫المتمرك ـزة بيــد دول محــدودة العــدد‪ .‬وهكــذا نجــد أن م اركــز ق ـرار اإلعــالم الــدولي توجــد فــي‬
‫البلدان المتطورة اقتصاديا‪ ،‬ماليا وتكنولوجيـا‪ ،‬وعلـى أرسـها الواليـات المتحـدة األمريكيـة‪ .‬إن‬
‫عــدد الــذين لهــم حــق االســتماع والفرجــة يت ازيــد باســتمرار فــي حــين يتنــاقص بصــورة مدوخــة‬
‫عدد الذين لهم امتياز اإلعالم واإلبداع والتعبير‪ .‬فحسب دراسة أنجزهـا "س‪ .‬هاملينـك" عـام‬
‫‪ ،1981‬تســيطر مجموعــة ‪ 81‬مؤسســة دوليــة غربيــة كبي ـرة علــى ح ـوالي ‪ 75%‬مــن اإلنتــاج‬
‫والتوزيع العالمي لممتلكـات اإلعـالم وخدماتـه‪ .‬ويظهـر التحليـل المفصـل للمؤسسـات ال ارئـدة‬
‫في هذا المجال التواجد الكبير للمؤسسات األمريكية التـي تهـيمن بانتظـام ومنـذ السـبعينيات‬
‫على معظم قطاعات صناعة اإلعالم بمجاالته التقنية‪ ،‬المضمونية والبرنامجية ( ‪AT&T,‬‬
‫…‪ .)IBM, CBS‬وباإلضــافة إلــى هــذا المركــز تتــوزع م اركــز البقيــة الباقيــة علــى أربــع دول‬

‫‪105‬‬
‫أساسـا‪ :‬إنجلتـرا‪ ،‬اليابـان‪ ،‬ألمانيـا وفرنسـا (‪ .)MURCIANO, M : 1992, 120-123‬ومعلـوم‬
‫أن التوجــه الحــالي لهــذا القطــاع نحــو التجمــع والتمركــز المؤسســتي‪ ،‬فــي شــكل إمبراطوريــات‬
‫اتصالية‪ ،‬قلـص كثيـ ار مـن عـدد هـذه المؤسسـات ليضـاعف مـن قـوة سـلطتها ورقعـة هيمنتهـا‬
‫السياس ــية والثقافي ــة وم ــن نجاع ــة مردوديته ــا االقتص ــادية والمالي ــة‪ .‬وال أدل عل ــى ذل ــك مم ــا‬
‫يسمى بإمبراطورية "مـردوك" (‪ )Rupert Murdoch‬التـي اتخـذت الشـكل المـوالي عـام ‪1985‬‬
‫فقط‪:‬‬

‫ر‪ .‬مردوك‬

‫‪News America Publishing‬‬ ‫‪News Corporation‬‬ ‫‪News Corporation‬‬


‫و‪ .‬م‪ .‬أ‪.‬‬ ‫بريطانيا‬ ‫أستراليا‬

‫أحديات‪ ،‬مجالت‪ ،‬تلفزيونات‪ ،‬أقمار صناعية‪ ،‬دور نشر‪ ،‬مصانع ورق‪،‬‬ ‫يوميات‪َ ،‬‬
‫مطابع‪ ،‬وكاالت أنباء وصور‪ ،‬وسائل النقل‪ ،‬السينما‪ ،‬الرهانات‪ ،‬الخ‪.‬‬

‫المصدر‪TIMOTEO ALVAREZ, Jesus: 1992,151 :‬‬

‫لقــد لخصــتا "ســارة ن‪ .‬و ماريــا أنطونيــا م‪NÚÑEZ & MARTÍN-DÍEZ: ( ".‬‬
‫‪ )1996, 72-73‬خصائص نظام االتصال الدولي فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬تدفق المعلومات (أخبا ار وصو ار وبرامج) في اتجاه واحد‪ :‬شمال‪-‬جنوب‪.‬‬
‫‪ -2‬إن التفوق االقتصادي يترجم إلـى ريـادة اتصـالية بالسـيطرة علـى التكنولوجيـات‬
‫الجديدة‪.‬‬
‫‪ -3‬إن التــدويل والعولمــة الثقــافيتين ســائدتان أكثــر مــن أي فت ـرة أخــرى بســبب قــوة‬
‫دور وســائل االتصــال الجماهيريــة‪ .‬ومــع ذلـك فالظــاهر أن الرســائل الحاليــة أقــرب إلــى فكـرة‬
‫"الطف ـ ـرة" أو "الموضـ ــة" منهـ ــا إلـ ــى هيكلـ ــة ثقافـ ــة عالميـ ــة‪ .‬وحتـ ــى إذا أسـ ــندت إلـ ــى الثقافـ ــة‬
‫األمريكية قمة هرمها العالمي‪ ،‬فإن تمثالت هذه األخيرة أكثر تشخيصا خارج حدودها منها‬
‫في الداخل‪.‬‬

‫‪106‬‬
‫‪ -4‬ع ــودة المش ــاعر بق ــوة عل ــى حس ــاب الوق ــائع‪ .‬إن إع ــادة االعتب ــار لألحاس ــيس‬
‫والخيـال زاد مـن التغطيـة علـى خطـورة تباعـد المسـافات الموضـوعية القائمـة علـى المســتوى‬
‫االجتماعي واالقتصادي بين دول الشمال ودول الجنـوب‪ ،‬ويضـعف مـن البـاراديغم شـمال‪-‬‬
‫جنوب‪.‬‬
‫‪ -5‬إن هذه العـودة للمشـاعر واألحاسـيس مرتبطـة أساسـا بهيمنـة الوسـائل السـمعية‬
‫البصرية وخاصة منها الصورة والشبكات المعلوماتية المتميزة بـ"البرودة" وبـ"جمهور سلبي"‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬فإنها تبقى هي عمـاد التفاعـل علـى المسـتوى العـالمي رغـم أهميـة تـدفق األخبـار‬
‫ووكاالت األنباء العالمية التي زحزحت إلى مرتبة ثانوية‪.‬‬
‫‪ -6‬وجود أيديولوجيا مهيمنة‪" :‬الليبرالية الجديدة"‪ ،‬ال تقبل سوى تعديالت وتطورات‬
‫داخل نفس النظـام‪ ،‬ومـع ذلـك يالحـظ ت ازيـد االنشـغاالت األخالقيـة واالجتماعيـة والتحسـيس‬
‫الــدولي بــاإلف ارزات الســلبية لهــذا النظــام االتصــالي المهــيمن داخــل أمريكــا وخارجهــا‪ .‬ويمكــن‬
‫إدراج هذا الملتقى ضمن اإلجراءات التحسيسية‪.‬‬

‫حياد تكنولوجيا االتصال الدولي‪:‬‬


‫فما العمل لرفع تحديات هذه الهيمنة؟‬
‫قبل كل شيء يجب القيام بتعرية معرفية لخرافة عالمية الثقافة الغربية وزيف حياد‬
‫الدعامات االتصالية الناقلة لها‪.‬‬
‫لــيس هنــاك ثقافــة عالميــة واحــدة بــل ثقافــات شــعبية وأمميــة مختلفــة قــد تشــترك فــي‬
‫أبعادهــا اإلنســانية وتختل ـف فــي أبعادهــا الخصوصــية‪ ،‬فلكــل شــعب ذكرياتــه‪ ،‬ورمــوزه وقيمــه‬
‫ومعتقداته وإبداعاته وتطلعاته‪ ...‬علـى المسـتوى المحلـي‪ ،‬الجهـوي‪ ،‬األممـي والعـالمي‪ ،‬تقيـه‬
‫من محاوالت الهيمنة وعدوان الكيانات الثقافية األخرى‪.‬‬
‫ولهذا تستهدف هذه الخصوصيات الثقافية والحضـارية مـن طـرف شـمولية العولمـة‬
‫لتقل ــل م ــن مقاومته ــا للهيمن ــة الثقافي ــة واالقتص ــادية الملبس ــة بث ــوب الق ــيم العالمي ــة ومع ــايير‬
‫العلمية والموضوعية والحرية والديمقراطية والفاعلية‪...‬‬
‫ولكن باطن هذه القيم والمعايير بدعاماتها االتصالية ليست عالميـة وال حياديـة بـل‬
‫شــاملة (أي مهيمنــة) والإنســانية بــل "بــاردة" و"مصــطنعة" (أي ماديــة)‪ .‬فهــي تــدعو إلــى عولمــة‬
‫تعمل على تعميم النمط الحضـاري األمريكـي بالـذات‪ ،‬علـى بلـدان العـالم أجمـع‪ .‬ومـن أجـل‬

‫‪107‬‬
‫ذلــك أعطــت كــل األهميــة واألولويــة لإلعــالم إلحــداث التغييـرات المطلوبــة علــى الصــعيدين‬
‫المحل ــي والع ــالمي‪ ،‬باعتب ــار أن الهيمن ــة العالمي ــة م ــن المنظ ــور "الجيوسياس ــي" (أو السياس ــة‬
‫منظو ار إليها مـن زاويـة الجغرافيـا)‪ ،‬أصـبحت تعنـي اليـوم مراقبـة "السـلطة الالماديـة" سـلطة تقانـة‬
‫تكنولوجي ــة اإلع ــالم واالتص ــال ال ــدولي الت ــي ترس ــم الي ــوم الح ــدود ف ــي فض ــاء "س ــيبرنيتي"‬
‫إلكترون ــي متط ــور‪ ،‬انتقل ــت أبع ــاده الثقافي ــة م ــن "القيم ــي" الس ــاخن إل ــى "المرئ ــي" البـ ـارد(*)‪،‬‬
‫وبمض ــامين رمزي ــة ش ــاملة‪ :‬فاألخب ــار واألف ــالم وبـ ـرامج التلفزي ــون واألس ــطوانات واألش ــرطة‬
‫واألقراص والجرائد والمجالت وخاصة اإلشهار والتكنولوجيا والنظام التربوي‪ ...‬كلها تشـكل‬
‫ناقالت ممتازة للغزو الثقافي والهيمنة الشاملة‪.‬‬
‫وهكــذا فبــدال مــن الحــدود الثقافيــة‪ ،‬الوطنيــة واألمميــة الطبيعيــة‪ ،‬تطــرح أيديولوجيــة‬
‫العولمــة "حــدودا" أخــرى مصــطنعة وغيــر مرئيــة‪ ،‬ترســمها الشــبكات العالميــة قصــد الهيمنــة‬
‫على االقتصاد واألذواق والفكر والسلوك‪.‬‬
‫ومن ثم فـإن السـيادة السياسـية لمعظـم دول العـالم أصـبحت محـدودة بفعـل تـأثيرات‬
‫مضامين تكنولوجيا االتصال الـدولي علـى الـرأي العـام المحلـي‪ .‬فـالقنوات الفضـائية وشـبكة‬
‫اإلنترنت توجه وتتحكم بقدر متفاوت في عقول وقلوب البشر محدثة قالقل وزوابع سياسـية‬
‫واجتماعيــة فــي بلــدان مســتهدفة رغــم أنــف حكوماتهــا المحليــة التــي ال تســتطيع منــع "البــث‬
‫المباشــر" وال نشــر ســيادتها علــى فضــائها الجــوي وال الــتحكم فــي مصــادر مادتــه اإلعالميــة‬
‫والترفيهية الموجهة وال منافستها‪ .‬كيف لها أن تنافس مؤسسـات إعالميـة "ال تغيـب الشـمس‬
‫عــن إمبراطوريتهــا"‪ ،‬تصــرف حـوالي ‪ 250‬مليــار دوالر كميزانيــة لصــناعة الدعايــة واإلعــالن‬
‫فقط(*)‪ ،‬وتسيطر وكاالت أنبائها على حوالي ‪ 80%‬من اإلعالم الدولي‪ ،‬وتروج أفالمها لما‬
‫هو سهل وسريع وبسيط ويدغدغ األحالم‪ ...‬من جنس وعنف وأخبار؟‬

‫إن الوسائل المرئية مثل التلفزيون تعتبر ‪-‬حسب ماكلوهان‪ -‬من الوسائل الباردة في حد إعالمها‪ ،‬ألن‬ ‫(*)‬

‫المشــاهد يحتــاج إلــى وقــت وجهــد كبي ـرين النتشــال نفســه مــن االســتغراق فيهــا‪ .‬وهــذا يمثــل فــي رأينــا تحــذي ار‬
‫جديدا أمام خطورة ثقافة "المرئي" المهيمنة حاليا‪.‬‬
‫فصناعة األفالم األمريكية مثال ينفق عليها بالمتوسط ‪ 59‬مليون دوالر علـى الفـيلم الواحـد‪ ،‬وال ريـب فـي أن هـذا‬ ‫(*)‬

‫المبلغ ليس بوسع المنتجين األوروبيين أو الهنود تحمله أو حتى التفكير فيه (مارتين هانس‪-‬بيتر و شـومان ها ارلـد‪:‬‬
‫‪ .)47-45 ،1998‬فما بالك بباقي الدول األفريقية اآلسيوية‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫م ــن جه ــة أخ ــرى‪ ،‬ف ــإن أس ــس ه ــذه "العولم ــة‪-‬األمرك ــة"‪ ،‬باإلض ــافة إل ــى محاولته ــا‬
‫الهيمنة على باقي العالم كمجموعات بشرية وكيانات ثقافية‪ ،‬فهي تعمل على الهيمنة علـى‬
‫اإلنســان الفــرد كإنســان أينمــا كــان‪ ،‬فتحــاول تجريــده مــن إنســانيته بســيطرتها علــى مختلــف‬
‫مظاهر حياته وبزحزحته إلى دور التـابع آللياتهـا التكنولوجيـة االتصـالية‪ .‬والواقـع أنهـا تعيـد‬
‫بذلك إلى األذهان األطروحـة القديمـة‪-‬الجديـدة المتعلقـة بصـراع اآللـة مـع اإلنسـان ومـا نـتج‬
‫عنها من مقاربتين إحداهما مادية "تقنوية" واألخرى إنسانية "قيمية"‪:‬‬
‫إن أصحاب المقاربة األولى يؤمنون بالحياد المطلق للتكنولوجيا وعدم قدرتها على‬
‫المســاس بالمقومــات البش ـرية‪ ،‬ألنهــم يــرون بــأن التفاعــل بــين المجتمــع والتكنولوجيــا يمكــن‬
‫السيطرة عليه وأنسنته بحيث يصبح ال يستخدم كأداة لالغتراب واالستعباد‪.‬‬
‫فه ــم يؤك ــدون أن التكنولوجيـ ـا عموم ــا باعتباره ــا مجموع ــة م ــن المك ــائن والتقني ــات‬
‫واألدوات هــي حياديــة‪ ،‬بمعنــى أنهــا ال تتضــمن بحــد ذاتهــا جوانــب ذات عالقــة باالعتبــارات‬
‫السياســية أو القــيم االجتماعيــة واإلنســانية‪ .‬فاإلنســان فــي رأيهــم لــن يكــون مســي ار مــن طــرف‬
‫اآللــة ألنــه هــو اآلمــر والمــتحكم فــي األجه ـزة التكنولوجيــة علــى اختالفهــا‪ ،‬فلــن ينســاق أبــدا‬
‫ألوامر اآللة التي تعد مستقلة عـن الـذات البشـرية‪ ،‬ألنهـا ال تقـدم سـوى فاعليتهـا فـي العمـل‬
‫بغيــة التخفيــف مــن أتعــاب اإلنســان‪ .‬وأمــا تأثيراتهــا الضــارة فهــي ناجمــة عــن أخطــاء فــي‬
‫سياسة استعمالها‪.‬‬
‫نفس الشيء يمكن قوله فـي مجـال نقـل التكنولوجيـا إلـى الـدول اإلفريقيـة‪-‬اآلسـيوية‬
‫وما يترتب عنه من تداعيات سلبية‪ ،‬فهم يرون بأنه يعود إلـى خلـل فـي السياسـات التنمويـة‬
‫وفـي بـرامج التكييــف االجتمـاعي والثقـافي الضــرورية لـذلك‪ .‬فالخطـأ فــي تقـديرهم يكمــن إذن‬
‫في العادات والتقاليد وليس في التكنولوجيا المستوردة من أوروبا وأمريكا والمصنعة لإلنتاج‬
‫عل ــى ال ــنمط ال أرس ــمالي ولخدم ــة نم ــط الحي ــاة الغربي ــة‪ .‬وحت ــى ه ــذا البع ــد األخي ــر المتعل ــق‬
‫بــاإلف ارزات القيميــة لــنمط معيشــي معــين‪ ،‬فالنخــب المحليــة المســتوردة لهــا هــي التــي تتحمــل‬
‫ثمن إغفالها لطبيعة نوع معين من التكنولوجيا المستوردة وعدم إبداعها لتكنولوجيا بديلة‪.‬‬
‫أما أصحاب المقاربة الثانية فهم يركزون على كون تطبيقات التكنولوجيا أصبحت‬
‫شاملة لمختلف نواحي الحياة في الغرب ضمن فضاء سيبرنيتي يخضع فيه اإلنسان بصفة‬
‫شبه كاملة لنظام مـن األوامـر واالسـتجابات اآلليـة‪ ،‬بحيـث يجـد اإلنسـان أن اآللـة أصـبحت‬

‫‪109‬‬
‫بــديال لــه فــي العمــل وأن وســيلة االتصــال أصــبحت امتــدادا اصــطناعيا لحواســه وجوارحــه‬
‫مشــجعة إيــاه علــى االســتغناء التــدريجي عــن التنقــل والتفاعــل المباشــر مــع غيـره(*)‪ ،‬فأصــبح‬
‫بذلك جزءا من الوسائل بل تابعا لها‪ .‬وهو ما دفع بـ"لويس بورشي" ( ‪PORCHER, Louis:‬‬
‫‪ )1985‬إلى التخوف منذ منتصف الثمانينات من "ديكتاتورية" مستقبلية للوسائل‪ .‬وذلك فـي‬
‫سياق أطروحات قدماء مدرسة فرانكفورت (هابرماس‪ ،‬فروم‪ ،‬ماركيوس‪ ،‬هوركايمر‪ ،‬أدورنو…) في‬
‫هذا المجال‪ :‬إن تصنيع الثقافة‪ ،‬العلـم والتقنيـة كأيـديولوجيا جديـدة‪ ،...‬قضـت علـى إنسـانية‬
‫اإلنسـان‪ .‬وهـو مـا عبـر عنـه "ليقـارد" (‪ )LESGARDS, R.: 1995‬مـن جهتـه بــ"إمب ارطورية‬
‫التقنيــات"‪ ،‬و"أ‪ .‬مــاتالر" (‪ )MATTELART Armand : 1976‬بــ"الصناعة الثقيلــة"‪ ،‬وذلــك‬
‫رغم خفة آلية إنتاجها‪.‬‬
‫ومن ثم فإن القـول بـأن تكنولوجيـا االتصـال محايـدة يخفـي وراءه أهـدافا اقتصـادية‪،‬‬
‫سياسية وثقافية‪ .‬فالتكنولوجيـا بمختلـف تجلياتهـا ال يمكـن أن تكـون محايـدة النطوائهـا علـى‬
‫قــيم محــددة بحكــم كونهــا نتــاج مجتمــع معــين وثقافــة خاصــة وفت ـرة تاريخيــة محــددة‪ .‬لــذا ال‬
‫تعتبــر االســتحداثات التقنيــة نقطــة انطالقــة جديــدة وبدايــة إبــداع مطلــق ولكنهــا ناتجــة عــن‬
‫صيرورة استحداث تأخذ مرجعيتها من المثل والقيم والمعتقـدات والمصـالح المهيمنـة لـبعض‬
‫المجتمعـات والثقافـات‪ .‬فالتقنيـة بـذلك هـي منتـوج أيـديولوجي ( ‪LESGARDS, R.: 1995,‬‬
‫‪ .)30‬وبما أنها كذلك‪ ،‬فإنه ال يمكن نقلها ببراءة تامة إلى الـدول المتخلفـة تكنولوجيـا‪ .‬وإلـى‬
‫قريب من هذا ذهب من قبل المفكر الجزائري مالك بـن نبـي حـين قـال‪" :‬إن محاولـة بعـض‬
‫الساس ــة ف ــي البل ــدان األفريقي ــة اآلس ــيوية تطبي ــق حل ــول فني ــة يقترحه ــا بع ــض األخص ــائيين‬
‫األوروبيين عديمة الجدوى‪ ،‬ألنهـا ال تتفـق مـع عناصـر (األنـا) فيهـا" (بـن نبـي مالـك‪،1986:‬‬
‫‪" ،)45‬فعــالج أيــة مشــكلة ي ـرتبط بعوامــل زمنيــة نفس ــية ناتجــة عــن فك ـرة معينــة تــؤرخ م ــن‬
‫ميالدهــا عمليــات التطــور االجتمــاعي فــي حــدود الــدورة التــي ندرســها‪ .‬فــالفرق شاســع بــين‬
‫مشــاكل ندرســها فــي إطــار الــدورة الزمنيــة الغربيــة ومشــاكل أخــرى تولــدت فــي نطــاق الــدورة‬
‫اإلســالمية" (بــن نبــي مالــك‪ .)71-70 ،1969:‬فالتكنولوجيــات المختلفــة تنشــأ عمومــا ضــمن‬

‫إن القنـوات الفضــائية واإلنترنــت وبــاقي وســائل االتصــال عــن بعــد تشــجع اإلنســان علــى تلبيــة حاجياتــه‬ ‫(*)‬

‫الفكرية والمادية من سـلع وخـدمات‪ ،‬بـل وعلـى تأديـة بعـض واجباتـه المهنيـة دون الخـروج مـن بيتـه‪ ،‬فتـدفع‬
‫به تدريجيا إلى االنعزال وقلة الحركة‪.‬‬

‫‪110‬‬
‫ســياقات تاريخيــة‪ ،‬اجتماعيــة وحضــارية معينــة لــذلك فهــي ليســت مجــرد آلــة‪ ،‬بــل محتــوى‬
‫معرفـ ــي (أيـ ــديولوجيا‪ ،‬رمـ ــوز ثقافيـ ــة واجتماعي ـ ــة‪ )...‬واقتصـ ــادي (عالقـ ــات عمـ ــل وإنتـ ــاج‪ ،‬س ـ ــوق‪)...‬‬
‫واجتماعي (الفوارق االجتماعية‪.)...‬‬
‫وف ــي مج ــال تكنولوجي ــا االتص ــال نج ــد الط ــرح نفس ــه حي ــث يش ــير أص ــحاب ه ــذا‬
‫االتجـ ــاه إلـ ــى أن وسـ ــائل االتصـ ــال الحديثـ ــة رغـــم االختفـــاء النس ــبي لطبيعته ــا الميكانيكيـ ــة‬
‫واإللكترونيــة وراء مض ــمونها اإلعالم ــي والترفيهــي‪ ،‬فإنه ــا تعتب ــر مــن أق ــوى وس ــائل هيمن ــة‬
‫العولمة بمختلف تجلياتها االقتصادية‪ ،‬السياسية والثقافية ومن أقوى آليات تهميس اإلنسان‬
‫والتالعب بعقله وقلبه مما جعلها تحد من حريته بدال من توسعتها‪.‬‬
‫فبــالرغم مــن بريــق ظــاهر مــا أســفرت عنــه التطبيقــات الحديثــة لتكنولوجيــا االتصــال‬
‫الدولي من إمكانية الحصـول علـى كـم هائـل مـن المعلومـات ومبـادئ الحريـة والديمقراطيـة‪،‬‬
‫ف ـ ــإن احتك ـ ــار الغ ـ ــرب وأمريك ـ ــا تحدي ـ ــدا لتكنولوجي ـ ــا االتص ـ ــال وهيمنته ـ ــا عل ـ ــى المص ـ ــادر‬
‫والمضـ ــامين االتصـ ــالية (وكـ ــاالت األنبـ ــاء‪ ،‬األقمـ ــار الصـ ــناعية‪ ،‬القن ـ ـوات الفضـ ــائية‪ ،‬اإلنتـ ــاج الفنـ ــي‬
‫والمعرفــي‪ )...‬يتن ــاقض تناقض ــا ص ــارخا م ــع المب ــادئ والش ــعارات الجذاب ــة المرفوع ــة باس ــمها‬
‫(الحرية‪ ،‬الديمقراطية‪ ،‬حقوق اإلنسان‪.)...‬‬
‫فالرهانـ ـ ــات الدوليـ ـ ــة الحاليـ ـ ــة أصـ ـ ــبحت تحكمهـ ـ ــا تكنولوجيـ ـ ــا االتصـ ـ ــال بشـ ـ ــبكاتها‬
‫العنكبوتية الشاملة ممثلة للجيل الحالي للهيمنة األمريكية على العالم‪.‬‬
‫إن اتجاه المعالجة السابقة يميل بالطبع نحو اعتبار اآللة والتقانـة بمعظـم تجلياتهـا‬
‫(ومنها تكنولوجيا االتصال الدولي كأهم آلية لعملية العولمة) عنص ار غير محايد ال في عالقتـه مـع‬
‫اإلنســان كإنســان غربيــا كــان‪ ،‬شـرقيا‪ ،‬شــماليا أو جنوبيــا‪ ،‬ألنهــا فــي أحســن الحــاالت تقلــص‬
‫من إ نسانيته واجتماعيته وتزيد من قلقه ونفعيته وعزلته وانقياده األعمى؛ وال عند نقله قس ار‬
‫أو طواعيــة إلــى البلــدان األفريقيــة‪-‬اآلســيوية لصــهرها فــي بوتقــة العولمــة عــن طريــق قوالــب‬
‫تقنية تحمل مضامين قيمية غريبة عن الوسط االجتماعي والثقافي المنقولة إليه‪.‬‬
‫ولتج ـ ــاوز ه ـ ــذا اإلش ـ ــكال الثن ـ ــائي يج ـ ــب المزاوج ـ ــة ب ـ ــين ض ـ ــرورة اكتس ـ ــاب العل ـ ــم‬
‫بتكنولوجياتــه االتصــالية الدوليــة وبــين حاجتنــا إلــى الــدفاع عــن إنســانيتنا كبشــر أوال وعــن‬
‫خصوصيات هويتنا الحضارية ثانيا‪ .‬ولن يتأتى لنـا ذلـك إال بالعمـل‪ ،‬مرحليـا‪ ،‬علـى تطويـع‬
‫تكنولوجيـ ــا االتصـ ــال الـــدولي السـ ــائدة لتتفـ ــق مـ ــع األنمـ ــاط المعيشـ ــية للفعـ ــل والتفاعـ ــل فـ ــي‬

‫‪111‬‬
‫علـــى المـ ــدى‬- ‫ ولـ ــذلك يجـ ــب العمـ ــل‬،‫ ولـ ــن يكـ ــون ذلـ ــك دون أع ـ ـراض جانبيـ ــة‬.‫مجتمعاتن ــا‬
-‫ على تدعيم هذا التطويع ببدائل تكنولوجية اتصالية ومضامين إعالمية‬-‫المتوسط والبعيد‬
‫ قريب ــة م ــن خصوص ــياتنا‬،)‫ترفيهي ــة "مؤنس ــنة" أص ــال و"أفقي ــة" فض ــاء (محلي ــة وجهوي ــة وأممي ــة‬
‫ وذلــك حتــى نتحــرر مــن‬،‫بمســتوياتها الثالثــة ومــن االحتياجــات التنمويــة لعالمنــا المتخلــف‬
‫شـ َـرك التبعيــة لتكنولوجيــا اتصــالية غيــر محايــدة وشــمولية تــتحكم أساســا فــي آليــات تصــميم‬
‫ حينها نستطيع أن نتفاعل إيجابيا‬.)*(‫ أي في وسائل السيطرة الثقافية واأليديولوجية‬،‫التغيير‬
‫ أكثـر توازنـا ولمـا ال أكثـر إنسـانية‬،‫كشريك كامل الحقوق في نظام عـالمي متعـدد األقطـاب‬
"‫ محرك ــه االتص ــالي إع ــالم تح ــرري "للمش ــاركة‬،‫وانس ــجاما م ــع البيئ ــة األخالقي ــة والطبيعي ــة‬
."‫وليس "للهيمنة‬

:‫ الديمقراطية اإللكترونية‬-6.8
quelques questions relatives à l'impact des NTI sur la nature de l'état et
des villes comme sur l'exercice de la démocratie.
Le fait que les activités constitutives de la vie urbaine (Agora, place du marché
et autres espaces publics) puissent être déplacé dans l'espace des réseaux va
faire que beaucoup de choses vont pouvoir se transformer, disparaître ou
émerger.
On se rend difficilement compte de l'importance du papier dans notre vie. On
la commence pourtant avec un "acte de naissance", qui est une inscription
officielle déposée sur un papier dans les archives de la commune; et on la
termine avec un certificat de décès que les héritiers doivent obtenir pour toute
une série de démarches administratives. Entre les deux, on oublie à quel point
notre existence sociale est jalonnée par des papiers, certificats, déclarations
officielles, signatures, diplômes, passeports, livrets de famille, No d'AVS, etc.
Nous vivons dans une civilisation qui privilégie l'écrit contre la parole, parce
que scripta manent. L'inscription fait foi contre la parole. Et c'est dans des
textes que nous codifions nos lois, nos règles, nos constitutions, notre manière
d'être ensemble. Et ce sont aussi des écritures qui gèrent les relation entre
l'individu et l'état.
On voit alors comment les NTI peuvent engendrer un nouveau rapport entre
l'individu et l'administration. A partir du moment où tous ces actes d'écriture
sont numérisés l'individu n'a plus besoin de courir d'un guichet à l'autre pour
déplacer des documents dispersés dans les différents offices de la commune, du
canton et de la confédération.

‫وهي مطالب مجددة في حقيقتها ألحد أبعاد الئحة الدول غير المنحازة المصادق عليها في الجزائر‬ )*(

.)NOMIC( ‫ والتي طالبت حينها بنظام عالمي جديد لإلعالم واالتصال‬1973 ‫عام‬

112
Les NTI se développent de plus en plus dans les diverses administrations de
l’état comme aide aux institutions démocratiques, que ce soit au niveau
exécutif, législatif ou judiciaire. Il est évident qu’il vaut la peine, pour un
député par exemple, de ne pas s’encombrer de dizaines de kilos de papiers de
rapports et de règlements divers, de procès-verbaux de commissions et d’ordres
du jour. Trop d’information tue le message. On peut supposer qu’un intranet
d’état, puisse faciliter le travail des fonctionnaires en leur permettant d'une part
un accès immédiat et documenté à l’ensemble des textes nécessaires à
l’exercice de leur fonction, et, d'autre part, un mode d’échange d’information
entre confrères qui soit rapide et affranchi des contraintes spatio-temporelles
(messagerie électronique et forums). Dans ce sens, les NTI se présentent
comme un outil assez idéal pour renforcer la communication entre les hommes
politiques et, par là même, renforcer l’appareil d'Etat.
Dans le cas de figure où cet Intranet d’état viendrait à fonctionner, non pas tant
techniquement mais surtout en termes d'usage, ce qui impliquerait qu’il soit
effectivement le média de tous et non pas seulement des quelques
fonctionnaires "branchés", on en arrive presque naturellement à se demander
pourquoi on n’ouvrirait pas, dans une large mesure, ce "Cyberespace d'état" à
tous les citoyens. A partir de là, on arrive assez naturellement au concept très
flou de "démocratie électronique": on pourrait voter par e-mail. L’idée a été
lancée par le PSS au grand dam de la classe politique traditionnelle. Mais si on
peut voter par e-mail, alors on peut imaginer, comme Jacques Neirynck, une
véritable démocratie directe, où l’on pourrait se passer finalement de la
médiation du conseil communal, du Grand Conseil et du Parlement Fédéral
(mais pas de l’exécutif), et restaurer ainsi une nouvelle forme de
Landsgemeinde.
Nos voisins français, grands défenseurs de la démocratie représentative, sont
viscéralement horrifiés par cette éventualité semblant sortir du plus mauvais
roman de science fiction ("trop de démocratie directe tue la démocratie"). Pour
les tenants de la démocratie représentative, il est nécessaire, pour assurer le bon
fonctionnement des institutions démocratiques, de mettre la distance
temporelle requise pour favoriser la concertation et la réflexion et éviter des
débordements irréfléchis. "L’instantanéité politique" dit Philippe Breton "c’est
une porte ouverte vers l’affectif, le passionnel et la démagogie". Paul Virilio ne
croit pas non plus à la "démocratie presse-bouton": "Je ne crois absolument pas
à ce que j’appelle la démocratie automatique. Je crois à la réflexion, pas au
réflexe. Les technologies nouvelles sont des technologies de conditionnement
(…) La prétendue démocratie électronique sera la fin de la démocratie
participative."
Pour Jacques Neirynck, ce genre de propos relève de la mauvaise foi: "Ce n'est
pas une démocratie de réflexe. Cela ne veut pas dire qu’on ne fasse pas de
campagnes avant de voter. Tout le monde pourra s’exprimer, tout le monde
pourra se renseigner. Les informations que les partis politiques impriment à
grands frais sur du papier et nous distribuent, on pourra les afficher sur l'écran.
Donc, ce n'est pas parce que l'on ne vote pas sur un bout de papier, mais qu'on

113
presse sur un bouton, que les votants seront forcément moins renseignés ou
auront moins l'occasion de discuter du sujet. C’est de la mauvaise foi."
Pierre Lévy renforce également ce sentiment, sans se prononcer sur la forme
politique, en constatant, comme bien d’autres, que le Cyberespace " est le lieu
d’une démocratie d’initiative et d’expérimentation directe, utilisant de
nouveaux instruments techniques et sociaux d’expression collective qui
n’écrasent pas - et même favorisent - les singularités ". Philippe Rosé et Jean-
Marc Lamère voient volontiers dans les NTI une excellente occasion de
relancer le débat public "qui autrefois vivifiait la démocratie et qui a
progressivement été étouffé par la société moderne".
Si il en va ainsi, le remplacement du papier par le document numérisé dans nos
bureaucraties locales nous laissent entrevoir la possibilité de leur disparition. Et
cette éventualité nous incite à nous poser la question de la survivance future du
pouvoir étatique traditionnel et, par-là même, à redéfinir les bases de l’identité
des acteurs tant publics qu’individuels.
Jusqu’à présent, il était admis plus ou moins implicitement, par les juristes et
les politologues, que le pouvoir politique s’exerçait sur un territoire donné et
clairement délimité. Certes, depuis la Société des Nations, une superstructure
juridique s’est peu à peu développée pour régler, à travers le droit international,
les divers problèmes nationaux engendrées par les effets de la mondialisation
du capital. Mais ces dispositifs s’exerçaient sur le principe de la souveraineté
nationale qui, en aucun cas, était menacée de remise en question. Or, les
potentialités de l’Internet d'aujourd'hui et du futur sont justement celles de
renforcer et faciliter le développement de rapports sociaux et économiques
déliés de leurs contingences spatiales.
La globalisation des échanges et l'avènement du nouvel espace public des
réseaux posent un problème politique sans précédent dans notre histoire. C’est
celui de la souveraineté et du pouvoir d’action réel de l’Ėtat-Nation. L’état est
construit sur un territoire, avec ses frontières, et l'Internet, par quasi définition,
ne connaît pas de frontières territoriales. Pas plus que le capital. L’état perd une
partie de son pouvoir et de sa substance parce qu'il perd sa capacité à contrôler
les flux de valeurs et d'informations à l’entrée et à la sortie de son territoire : il
est impossible d'ériger des postes de douane dans le Cyberespace.
La notion de "Globalisation" tient pour certains du "prêt-à-porter idéologique",
et dissimule, plutôt qu’elle ne révèle la complexité de ce nouvel ordre mondial.
Bien que l’image de "village global" aie été lancé à la fin des années 60, cette
représentation ne s’est imposée que dans les années 80 avec la globalisation
des marchés, des circuits de la finance, des entreprises, ainsi que de l’ensemble
des échanges immatériels. Ce mouvement a été rendu possible par une vague
de déréglementations et de privatisations qui a fait du marché le régulateur de
la société. Ce qui s’est traduit par le recul des forces sociales, le déclin de l’Ėtat
Providence et de la philosophie de service public, et, d’autre part, par la montée
en puissance de l’entreprise, de ses valeurs et de l’intérêt privé. La mise sur
pied de la LAMI par l’Organisation Mondiale du Commerce montre à quel

114
point nous allons vers la décomposition de l’espace public traditionnel par la
privatisation progressive du politique.
Le développement des NTIC annonce ainsi la fin du monde, unique et
panoramique : sous les assauts de la diversité, notre réalité recule ou s’émiette
au profit de l’irréductible pluralité des mondes. C’est l’une des principales
préoccupations du grand patron de Microsoft qui écrit que "l’apparition de
communications et de liaisons informatiques pratiquement gratuites modifiera
les rapports entre les nations et les groupes socio-économiques", et ceci au
point "qu’il se peut que certaines nations se sentent agressées si leurs peuples
s’intéressent d’avantage aux cultures ou aux problèmes mondiaux qu’aux
questions traditionnelles locales".
Alain Touraine, se référant à Braudel, nous rappelle à quel point la Nation joue
un rôle de gardien du marché pour le capitalisme local, pour la petite
bourgeoisie dépendante de l’argent que l’état a mis à disposition pour la
reconstruction après la guerre. Si le capitalisme a toujours été international,
mondial, depuis que les Portugais ont ramené l’or des Incas, la Nation est
devenue trop petite pour le grand capital international. Pour ce dernier, le coût
d’une centralisation excessive est devenu trop élevé. La mondialisation, qui est
un fait structurel propre au capitalisme, fait que ce dernier ne peut pas se passer
aujourd'hui des autoroutes de l’information.
L’impuissance croissante des gouvernements fait craindre aux intellectuels du
Monde Diplomatique une "domination politique mondiale d’un nouveau type",
et à Philippe Breton un "retour au féodalisme", caractérisé par une
recrudescence des nationalismes locaux, avec des milices privées, l’arbitraire,
etc. Paul Virilio voit de même cet avenir de tribus et de barbarie : "On dépasse
l’Ėtat-Nation au profit d’ensembles plus restreints. Il y a une déconstruction de
l’Ėtat National qui ne va pas dans le sens d’un dépassement de l’Ėtat-Nation,
mais d’une régression aux tribus, aux groupes de pression qui ont précédé
l’Ėtat National…".
Dans la foulée, nombre d’auteurs moins alarmistes s’inquiètent toutefois des
conséquences des développements de la globalisation des marchés sur
l’identité et la citoyenneté. Derrick de Kerkhove souligne ainsi que les
"réseaux abolissent les repères traditionnels de l’identité, individuelle et
collective", et Olivier Abel, professeur de philosophie et d’éthique à la faculté
de théologie protestante de Paris, écrit que "l’informatique augmente la
complexité et, par-là même, étend l’espace de choix, donc de liberté. Il faut en
conséquence, penser à une citoyenneté complexe". Dans un monde "globalisé"
les identifications deviennent de plus en plus multiples, et de moins en moins
centrées sur un sentiment d’appartenance territoriale ou nationale. Pour Jacques
Attali aussi, "les nations anciennes vont exploser", et il faut penser à mettre en
place des "démocraties à N dimensions".
Si les pessimistes craignent un contrôle social accru, une déconstruction des
réseaux traditionnels de la fonction politique et économique nationale, ainsi
qu'un fort affaiblissement de la solidarité sociale telle qu’elle était conçue dans
l’Ėtat-Providence, les plus optimistes, eux, se réjouissent de cet état des choses

115
qui permet de "réduire l’entropie du système" et de se rapprocher d’un monde
plus proche de celui qu’espéraient Erwin Schumacher dans Small is beautiful
ou Denis de Rougemont avec son Europe des Régions.
La formation politique de nos citoyens de demain ne peut faire aujourd’hui
abstraction de ces problèmes. Une attention toute particulière devrait être
portée non seulement sur les différents rôles que jouent ce nouvel espace public
des réseaux dans le processus de mondialisation et de déliquescence des états,
mais aussi, et peut-être surtout, sur ses implications au niveau des réseaux
sociaux locaux.
En effet, l’étude des usages sociaux de l’Internet démontre le contraire de la
thèse pessimiste de Paul Virilio qui voudrait que " sur l’Internet on aime plus
son lointain que son prochain ". En effet, dans la pratique, les Netizens
communiquent jusqu'à 10 fois plus avec leur "prochain" qu'avec leur lointain.
L'usage social qui est fait des technologies de communication correspond
rarement à l'idée que s'en faisaient leur créateurs. Ainsi les NTIC ne sont pas
entièrement dépendantes de la logique et des besoins de la mondialisation du
capital. Les usages sociaux qui en seront fait pourraient, paradoxalement, se
retourner contre la logique de mondialisation qui a prévalu à leur
développement : le dispositif technique conçu par les ingénieurs pour créer le
village global, semble être appropriée par les usagers pour renforcer les
dynamiques "locales" tout autant, si ce n'est plus, que les dynamiques
"globales". Ceci au détriment des dynamiques nationales.

Conclusion
Si le monde est d'accord aujourd'hui de juger Pinochet, c'est que les états n'ont
plus beaucoup de pouvoir (est-il utile de rappeler que l'ensemble des états du
monde ne contrôle que 4% du capital en circulation?).
Si la logique de la mondialisation demande aux NTI de réduire de façon
drastique l'entropie des administrations nationales, alors nos états sont en passe
de devenir des reliques du passé. Il devient alors urgent d'encourager
l'émergence de nouvelles solidarités, de nouveau systèmes de confiance et de
reconnaissance pour imaginer les bases d'un nouveau contrat social. Ne serait
ce que pour des raisons fiscales...
Si l' état veut survivre, il lui faut un nouveau Montesquieu pour savoir si, à
terme, il est préférable de vivre dans une anarchie de mafias économiques, ou
bien au sein d'un état mondial tentaculaire, ou bien dans une fédération de
"tribus locales" plus ou moins grandes et plus ou moins barbares, ou bien
encore dans quelque chose d'autre qui reste à inventer.

‫ األبعاد األخالقية للتكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال‬-7.8

116
‫تاسعا) التكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال‪ :‬آفاق ورهانات‬

‫مقدمات منهجية‪:‬‬
‫عادة ما يتبع األكاديميون في استشراف المستقبل نماذج وتقنيات متعددة المراحل‬
‫توجه مقاربتهم المنهجية للموضوع المعني‪ :‬تقنية "دلفاي"‪ ،‬نموذج "كابالن ونورتن"‪،‬‬
‫المنظمة الدولية للمعايرة (أو المقايسة) (‪ ...)ISO‬وبالطبع يجب أن نعمل على توطين‬
‫هذه األدوات أو تكييفها مع محيط ميدان الدراسة االجتماعي والسياسي والثقافي المتجدد‬
‫وكذا مع خلفيتنا الفكرية أو التصورية كدارسين‪.‬‬
‫ورغم أن الموضوع‪ ،‬الذي يعنينا هنا (التكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالتصال)‬
‫"ت‪ .‬ج‪ .‬إ‪ .‬ا‪ ،".‬يبدو تقنيا وعالميا إلى حد كبير إال أن محدداته غالبا ما تكون اقتصادية‬
‫وسياسية وثقافية تتجاذبها العالمية من جهة والخصوصيات من جهة ثانية‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫هذه بعض المالحظات األولية الموجبة للتحفظ النسبي على ما سنعرضه من‬
‫توقعات في هذا المبحث لكون موجهاتها "غربو‪-‬مركزية" أساسا (فرنسا‪ ،‬أسبانيا‪ ،‬أمريكا)‬
‫ولم تراع فيها إال بعض المحددات الموضوعية سابقة الذكر (مثل الزمان وتنوع‬
‫التخصصات)‪ ،‬إال أنها تبقى مهمة ومفيدة منهجيا للداللة العالية لصدقها الداخلي (بناؤها‬
‫وداللتها المقبولة لصدقها الخارجي باعتبار مقود هذه التكنولوجيات غربي‬ ‫)*(‬
‫المنهجي)‬
‫أساسا (ممثال عينيا في الدول الثالث) من جهة والتبعية المتعددة والعالية لباقي‬
‫الفضاءات الحضارية األخرى‪.‬‬
‫وأمام عجزنا محليا للقيام في القريب العاجل‪ ،‬ألسباب موضوعية وأخرى ذاتية‪،‬‬
‫بمثل هذه الدراسات على أكمل وجه‪ ،‬سنكتفي هنا –مع األخذ بعين االعتبار التحفظات‬
‫السابقة‪ -‬بعرض شخصي آلفاق التطور المستقبلي لـ"لتكنولوجيات الجديدة لإلعالم‬
‫واالتصال" (ت‪ .‬ج‪ .‬إ‪ .‬ا‪ ).‬والستعماالتها وآثارها المختلفة بعد عشريتين (عام ‪ )2026‬من‬
‫الزمن ووفق المؤسستين الدوليتين (‪ )PROSODIE‬و(‪ )GESFOR‬المتخصصتين في‬
‫المعلوماتية واالتصاالت وبالتعاون مع مركز "ماركيس العالمي" ( ‪MARKESS‬‬
‫‪ )International‬للدراسات واالستشارة‪ .‬ولقد نشرت هذه اآلفاق في "كتاب أبيض" قدم‬
‫مطلع ‪ 2007‬بمدريد‪ .‬كما أننا وللتحفظات ذاتها سنقوم بتطعيم صدقيتها الخارجية بتوقعات‬
‫آراء بعض مؤسسات التخطيط (‪ )Commissariat Général du Plan - France‬ومكاتب‬
‫االستشارة (‪ )Gartner‬وشخصيات رمزية وفاعلة أخرى مثل "تيم برنس لي" ( ‪Tim‬‬

‫تمثلت أساسا في منهجية متدرجة اعتمدت أوال على البحث التوثيقي المتخصص حول السمات‬ ‫)*(‬

‫االجتماعية المستقبلية للمحيط الذي تندرج فيه هذه التكنولوجيات‪ ،‬ثم استخراج قائمة مواضيع موسعة‬
‫(‪ )30‬ثم قائمة ضيقة (‪ )11‬تم تحويلها إلى أسئلة تفترض بعض التطورات التكنولوجية المتوقعة وتستطلع‬
‫اآلراء حول احتمالية استعمالها وتأثيرها على االقتصاد والمجتمع‪ ،‬وذلك بإجراء حوالي ‪ 50‬مقابلة‬
‫(مباشرة‪ ،‬بالهاتف وإلكترونيا) لحوالي ساعة‪ ،‬مدة شهرين (أفريل وماي ‪ )2006‬ومع شخصيات‬
‫متخصصة (بمتغيرات‪ :‬ذكر‪-‬أنثى‪ ،‬التكوين‪-‬المسؤولية‪-‬المحيط المهني‪ ،‬وذات طابع‪ :‬محافظ‪-‬محدث‪-‬‬
‫براغماتي‪-‬مبدع) من كل من فرنسا‪ ،‬أسبانيا والو‪.‬م‪.‬أ‪ .‬وفي األخير تم تحليل وعرض التوجهات الكبرى‬
‫مع تدعيم بعضها باقتباسات حرفية ألقوال بعض المستجوبين‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫)‪(+‬‬
‫‪ )Bernes-Lee‬الذي يعتبر أب شبكة "الويب‪ )www( "web :‬ومنشط (‪)W3C‬‬
‫والجامعي المتخصص (‪.)Guy Pujolle‬‬
‫بداية يجب اإلشارة إلى أنها تبقى مجرد توقعات نسبية وأن ارتفاع نسبة صدقيتها‬
‫في هذا المجال تتناسب بالطبع عكسا مع بعد مدتها‪ ،‬كما يوضح ذلك الشكل أدناه‪ ،‬وثانيا‬
‫أنها ستشمل ماهية التكنولوجيات التي ستظهر في السوق من اآلن وحتى ‪ 2026‬وفيما‬
‫ستستعمل وبأي سرعة ستستوعب وكذا ماهية آثارها المجتمعية المتوقعة‪:‬‬
‫شكل (‪ )7‬يقارن بين مصادر التوقعات واالحتماالت النسبية لوقوعها‬
‫> ‪10‬سنوات‬ ‫‪ 8-2‬سنوات‬ ‫‪ 6-3‬سنوات‬ ‫‪ 3-2‬سنوات‬

‫المستشرفون‬ ‫المخابر‬ ‫المحللون‬ ‫مديرو مصالح معلوماتية‪ ..‬صناعة(‪)TIC‬‬


‫المحدثون‬ ‫جامعات‪ ،‬مراكز‬ ‫‪Gartner, IDC,‬‬ ‫‪Microsoft , IBM ,HP,‬‬ ‫‪DSI-CEOs‬‬
‫‪Futurologues‬‬ ‫بحث‬ ‫…‪Markess, etc‬‬ ‫…‪AT&T, Google‬‬

‫احتماالت الوقوع‬
‫‪ - ٪15-10‬أقل من ‪٪10‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪٪25‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪٪ 75-50‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪٪ 95-75‬‬
‫المصدر‪(www.gesfor.es, 3-11-2007, p.6) :‬‬

‫أوال) بعض السياقات المستقبلية العامة‬


‫بعد عمليتي تقصي وجمع للمعلومات من منشورات المتخصصين في الدراسات‬
‫المستقبلية والمؤسسات العمومية والخاصة ومخابر البحث والجامعات ووكاالت االستشارة‬
‫الدولية‪ ،‬تم تحديد حوالي ثالثين موضوعا يمكنها التأثير على تكنولوجيا اإلعالم واالتصال‬
‫"ت‪ .‬إ‪ .‬ا‪ ".‬في غضون العشرين سنة القادمة‪ ،‬من بينها‪ :‬تضاعف استعمال قوة اإلعالم‬
‫اآللي‪ ،‬زيادة سرعة االتصال والبث في الثانية‪ ،‬كثرة استعمال الشخصيات االفتراضية‪،‬‬
‫الترجمة الفورية اآللية‪ ،‬الخدمات البرمجية تحت الطلب‪ ،‬أنظمة إذاعية مرنة‪...‬‬
‫ولكن قبل تفصيل الكالم عن ذلك‪ ،‬وجب تسييق وتأطير هذه التطورات التكنولوجية‬
‫بمحيطها الديمغرافي‪ ،‬االقتصادي والسوسيولوجي المتوقع‪.‬‬

‫هي الهيئة المشرفة على الويب ويديرها جماعيا كل من‪Massachusetts Institute of Technology :‬‬ ‫)‪(+‬‬

‫األمريكي و ‪ European Research Consortium for Informatics & Mathematics‬األوروبية وجامعة ‪Keio‬‬
‫اليابانية‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫ففي المجال الديمغرافي تتوقع منظمة األمم المتحدة تراجعا في وتيرة النمو‬
‫الديمغرافي (وصوال إلى استقرار عدد السكان مع نهاية القرن ‪ )21‬وزيادة في نسبتي‬
‫التحضر والشيخوخة‪ ،‬مع بلوغ ضغط اإلنسان على البيئة قمته عام ‪ ،2050‬وما ينتج عن‬
‫ذلك من مشكالت‪ :‬المجاعة‪ ،‬تدهور األراضي‪ ،‬نقص وتلوث المياه‪ ،‬ضغط حضري‪...‬‬
‫وفي مجال الموارد االقتصادية والبشرية تشير توقعات صندوق النقد الدولي (‪)FMI‬‬
‫واألمم المتحدة واليونسكو إلى زيادة معتبرة في حصة مجموعة الدول ذات الدخل المتوسط‬
‫من مجموع الناتج الخام العالمي (‪ ،)PIB mondial‬تفاوت في نمو القوة العاملة في الدول‬
‫المصنعة (ارتفاع في أمريكا‪ ،‬انخفاض محسوس في اليابان وطفيف في أوروبا)‪ ،‬ارتفاع‬
‫محسوس في عدد طلبة الدراسات العليا في الدول المتخلفة وطفيف في الدول المتقدمة‪...‬‬
‫وأما في مجال تكنولوجيا المعلومات فالمتوقع من طرف المؤسسات الصناعية‬
‫المتخصصة أن انتشارها واستعماالتها سترتفع بقوة في الدول المتقدمة وبمعدالت طفيفة‬
‫في الدول المتخلفة‪ ،‬ولكن ذلك سيكون خاصة في مجال نقل البيانات أكثر منه في مجال‬
‫الصوتيات‪.‬‬
‫واألشكال اآلتية توضح تطور بعض هذه الخصائص على المستوى العالمي‪:‬‬

‫شكل (‪ )8‬تطور القوة العاملة في الدول المصنعة‬

‫‪150‬‬
‫‪-‬‬ ‫أمريكا‬
‫‪125‬‬
‫‪-‬‬
‫‪100‬‬
‫‪-‬‬ ‫أوروبا‬
‫‪75‬‬
‫‪-‬‬ ‫اليابان‬
‫‪50‬‬

‫‪2000‬‬ ‫‪2010‬‬ ‫‪2020‬‬ ‫‪2030‬‬ ‫‪2040‬‬ ‫‪2050‬‬

‫شكل (‪ )9‬تطور التواصل بـ"الصوت" أو بـ"البيانات" عبر الشبكات‬

‫‪120‬‬
‫متوسط اإلرسال بالجيغابايت في الثانية (‪)Gbits/s‬‬

‫‪150000‬‬
‫بالبيانات‬

‫‪100000‬‬

‫‪50000‬‬

‫بالصوت‬
‫‪0‬‬

‫‪1990‬‬ ‫‪1995 2000‬‬ ‫‪2005‬‬


‫‪2010 2015 2020‬‬
‫مصدر الشكلين السابقين‪ Siemens Information & Communication Networks :‬في‪:‬‬
‫‪www.gesfor.es, 3-11-2007, pp.11-12‬‬

‫جدول (‪ )8‬بعض الخصائص الديمغرافية المتوقعة لسكان العالم سنة ‪2025‬‬


‫‪ %‬سكان‬ ‫‪%‬سكان ‪ 60 +‬سنة‬ ‫معدل النمو السكاني‬ ‫عدد السكان‪‰‬‬ ‫السنة‬
‫الريف‬ ‫الحضر‬
‫‪50,8‬‬ ‫‪49,2‬‬ ‫‪10,4‬‬ ‫‪1,14‬‬ ‫‪6.464.750‬‬ ‫‪2005‬‬
‫‪41,7‬‬ ‫‪58,3‬‬ ‫‪15,1‬‬ ‫‪0,85‬‬ ‫‪7.905.239‬‬ ‫‪2025‬‬
‫المصدر‪ :‬بتصرف عن "منظمة األمم المتحدة"‪ ،‬في (‪.)www.gesfor.es, 3-11-2007, p.9‬‬

‫الشكل (‪ :)10‬نسبة النمو السنوية لسكان العالم (‪)2100-1700‬‬


‫نسبة النمو السنوية (‪)%‬‬

‫‪2.5‬‬

‫‪2.0‬‬

‫‪1.5‬‬

‫‪1.0‬‬

‫‪121‬‬
‫‪0.5‬‬

‫‪0.0‬‬
‫‪1700‬‬ ‫‪1800‬‬ ‫‪1900‬‬ ‫‪2000‬‬ ‫‪2100‬‬

‫الشكل (‪ :)11‬نمو سكان العالم (‪)2100-1950‬‬


‫عدد السكان (بالماليير)‬

‫‪10‬‬
‫الدول المتقدمة ودول العالم الثالث‬
‫‪8‬‬

‫‪6‬‬

‫‪4‬‬

‫‪2‬‬
‫الدول المتقدمة‬
‫‪0‬‬
‫‪1950‬‬ ‫‪1975‬‬ ‫‪2000‬‬ ‫‪2025‬‬ ‫‪2050‬‬ ‫‪2075‬‬ ‫‪2100‬‬

‫مصدر الشكلين‪ONU, Division de la population, 2000-2002, et révision 2002 in :‬‬


‫‪Nicolas A. : 2050 Rendez-vous à risques, Paris, Belin, 2004, pp. 8-9..‬‬

‫جدول (‪ )9‬تطور طلبة الدراسات العليا (‪ 24-20‬سنة) باآلالف‬

‫الدول المتخلفة‬ ‫الدول المتقدمة‬ ‫السنة‬


‫‪69.395‬‬ ‫‪46.347‬‬ ‫‪2003-2002‬‬
‫‪254.522‬‬ ‫‪51.271‬‬ ‫‪2025‬‬

‫المصدر‪ :‬األمم المتحدة واليونسكو‪ ،‬في‪) www.gesfor.es, 3-11-2007, p.9(:‬‬

‫ثانيا) التطورات التكنولوجية‬


‫في مجال تكنولوجيات المستقبل‪ ،‬يرى "ج‪ .‬سانتوتشي" ( ‪SANTUCCI, G. :‬‬
‫‪ )2002, 400-401‬أن االنتقال من مجتمع المعلومات إلى مجتمع المعرفة سيتم بفضل‬
‫الجيل الجديد من التكنولوجيات "الموصلة للمعلومات" (‪ )Infocommunicantes‬والقائمة‬

‫‪122‬‬
‫على مبدأ المحيط الذكي والموجهة نحو المستقبل (الزبون)‪ ،‬والجدول الموالي يوضح تقدير‬
‫اللجنة األوروبية لذلك‪:‬‬

‫جدول (‪ )10‬من االنترنت التقليدي إلى الجيل الجديد‬


‫إجراءات مخفية (‪( )enfouis‬أنظمة وبرمجيات مضاعفة‬ ‫حاسوب شخصي (‪)PC‬‬
‫الشبكة‪،‬‬ ‫على‬ ‫ومتوفرة‬ ‫اإلجراءات)‬ ‫وأداء‬ ‫لوظيفية‬
‫مستحصالت (‪)Capteurs‬‬
‫موصالت (شاشات تواصل) متعددة الحساسيات‬ ‫فأرة ولوحة مفاتيح‬
‫تكنولوجيات ثابتة ومتحركة من الجيل الجيالن الثالث والرابع من األنظمة المتحركة‪" ،‬الكل‬
‫السلكي"‬ ‫الثاني‬
‫"الكل‪ :"IP-‬تفاعل كلي للشبكات (‪)Interopérabilité‬‬ ‫شبكات مختلفة‬
‫وتقاطع التكنولوجيات الثابتة‪ ،‬المتحركة والالسلكية حول‬
‫بروتوكول تواصل موحد (‪)IP‬‬
‫البحث عن المعلومات بالكلمة (ويب البحث الداللي عن المعرفة (ويب البيانات)‬
‫الملفات)‬
‫سلم "نانو" (‪)nano‬‬ ‫سلم قياسي "ميكرو" (‪)micro‬‬
‫المصدر‪ :‬اللجنة األوروبية‪ ،‬في‪SANTUCCI, G. : 2002, 401 :‬‬

‫ومن بين أهم المواضيع التي تم تحديدها من قبل الخبراء كنتاج مستقبلي أساسي‬
‫لتطور تكنولوجيا اإلعالم واالتصال "ت‪ .‬إ‪ .‬ا‪ ".‬ما يأتي‪:‬‬

‫‪ -1‬تضاعف استعمال قوة اإلعالم اآللي (‪:)1.000 GHz‬‬


‫إذا اتبعنا قانون "مور" (‪ ،)Moore‬فإن القوة المعلوماتية ستتضاعف عام ‪2026‬‬
‫ثمانية آالف ضعف‪ .‬ولكن آراء مديري مصالح اإلعالم اآللي والشخصيات المستشارة‬
‫تختلف حول مدى صدقية هذا القانون الذي وضعه (‪ )Gordon E. Moore‬عام ‪1965‬‬
‫والذي يتوقع تضاعف قوة الحواسيب المعالجة كل ‪ 18‬شه ار‪.‬‬
‫فالذين يشككون في ذلك يقدمون سببين رئيسين‪ :‬األول يتعلق بإشكالية تبريد‬
‫األجهزة اإللكترونية الضرورية لتفعيل مردوديتها والثاني يتعلق بصعوبات التصنيع في هذا‬
‫المجال عند بلوغ مقاسات صغيرة جدا تخص السلم تحت النووي‪ .‬ولذلك يرى بعضهم أن‬

‫‪123‬‬
‫مجهودات التطوير المستقبلية يجب أن تنصب خاصة على تقليص استهالك الكهرباء‬
‫واإلصدارات الح اررية دون أن يكون ذلك على حساب قوة المعالجة المعلوماتية‪.‬‬
‫ولكن إذا افترضنا مستقبال أنه يمكننا استعمال حواسيب بقوة ألف جيغاهرتز‬
‫(‪ )1.000 GHz‬مع تقليص درجة الح اررة واختراع تكنولوجيا تصنيعية جديدة‪ ،‬فماذا سنفعل‬
‫بهذه القوة؟‬
‫هناك عدة احتماالت‪:‬‬
‫‪ -‬قوة في خدمة الذكاء البشري والمسئولين‪ :‬في محيط تستمر فيه المواجهة في‬
‫العشرين سنة القادمة بين المعلوماتية المركزية والمعلوماتية الالمركزية‪ ،‬فإن الذكاء‪،‬‬
‫وبالتالي القوة المعلوماتية‪ ،‬ستتركز في نقطة واحدة أو ستتوزع على عدة أماكن‪:‬‬
‫تؤدي المركزية بأنظمة اتخاذ الق اررات إلى صرامة أكثر بسبب معالجة وتخزين‬
‫البيانات المعقدة‪ ،‬الصوت والصورة وكذا التحليالت الالزمة لذلك‪ .‬فاتخاذ الق اررات العملية‬
‫سيتطلب وجود أنظمة تعالج مجموعة من البيانات ذات أهمية متزايدة وفي ظرف زمني‬
‫أقصر فأقصر‪.‬‬
‫أما في المستويات الالمركزية فإن هذه القوة المعالجتية المهمة ستسمح للفاعلين‬
‫بأن يحصلوا في الميدان على وظائف جديدة في الوصالت النهائية (‪)terminaux‬‬
‫الخاصة (الحواسيب في العمل وحتى في البيت) والمتحركة (الهواتف النقالة وأشباهها)‪.‬‬
‫وفي عالم الشغل‪ ،‬يرى رجال األعمال بأن تداعيات وضع قوة معلوماتية من هذا‬
‫النوع في متناول األفراد ستكون هائلة‪ ،‬بحيث ستزيد درجة االستقاللية والقدرة على المبادرة‬
‫واإلبداع الشخصي في إنشاء الشركات والتعامل التجاري الفردي مع المؤسسات‪ .‬ولكن‬
‫بعضهم يرى بأنه ليس من المؤكد أن يكون استعمال المؤسسات لهذه القوة المعلوماتية‬
‫فاعال قيميا‪ ،‬أو ذا مردودية مكافئة تناسبيا لقوتها‪ .‬فاستيعابها لها كليا بإدماج وظيفي‬
‫للعامل البشري أمر مشكوك فيه‪.‬‬
‫وعلى كل‪ ،‬فإن من النتائج المحتملة جدا إلدخال تكنولوجيا اإلعالم واالتصال‬
‫"ت‪ .‬إ‪ .‬ا‪ ".‬إلى عالم الشغل التحول إلى تنظيم أقل مركزية –كما تدعو إلى ذلك معظم‬
‫نظريات التسيير الحديثة‪ -‬وإلى استقاللية أكبر للوحدات واألشخاص نتيجة تعاملهم‬
‫المباشر مع المعطيات‪ ،‬ولكن دون أن يكون ذلك على حساب المراقبة والتقويم وال على‬

‫‪124‬‬
‫حساب العمل الجماعي‪ .‬إال أنه –حسب "مواتي" و"جوالك" (‪-)F. Moatty et M. Gollac‬‬
‫(‪ )Commissariat Général du Plan , 2003, 31-41‬فإن التطورات المالحظة في هذا‬
‫المجال أقل وضوح ونمطية بل تشير إلى عدم استلزام هذه التكنولوجيات لنمط تنظيمي‬
‫موحد (المركزي في هذه الحالة)‪ .‬كما أن الفاعلية لم تبقى حك ار على المهمات الشخصية‬
‫وال تخضع كليا للتخطيط‪ ،‬فنوعية التعاون والتواصل بين الفاعلين (األفراد‪ ،‬مجموعات‬
‫العمل‪ ،‬األنظمة التقنية) أصبحت عامل أداء محوري في محيط يتميز أكثر فأكثر‬
‫بالمرونة وعدم االستقرار‪.‬‬
‫‪ -‬قوة اإلعالم اآللي في خدمة الكائن البشري‪ :‬بعد عشريتين من الزمن سيكون‬
‫الجمع بين علوم الحياة وتكنولوجيا المعلومات أم ار واقعا‪ .‬ففي المجال الصحي سيكون‬
‫اإلعالم اآللي مكمال ضروريا ألي طبابة أو عالج نوعي‪ ،‬حيث ستسمح قوة المعالجة‬
‫المعلوماتية لألنكولوجيا (علم دراسة األورام أو الخ ارريج) مثال‪ ،‬بكشف "بروفيالت" (مقاطع‬
‫مظهرية) جينية تبعا لألدوية المقدمة للمرضى‪ .‬أما في مجال الهندسة الزراعية فستستعمل‬
‫قوة اإلعالم اآللي لتحسين مراقبة وضبط اإلنتاج الزراعي وكذا خدمة قضايا البيئة‪.‬‬
‫كما أن الموصالت (أو الحدود المشتركة‪ )interfaces :‬بين اإلنسان واآللة ستتكيف‬
‫أكثر فأكثر مع األشخاص (نوافذ افتراضية تحاكي مخاطب بشري‪ ،‬أجهزة نوعية‪)...‬‬
‫لتستجيب مثال لمتطلبات الشيوخ وذوي االحتياجات الخاصة فتسهل لهم استعمال االنترنت‬
‫مثال‪.‬‬
‫ورغم ذلك ففي عام ‪ 2026‬ستكون القوة المعالجتية للحواسيب بحاجة إلى مزيد من‬
‫التطور لتقارب‪ ،‬من حيث عدد العمليات في الثانية‪ ،‬العقل البشري‪ ،‬وهو ما يؤكده "جون‬
‫موني" (‪ )Jean Mounet‬من مؤسسة (‪ )Syntec Informatique‬بقوله‪" :‬ففي ‪ 2020‬لن‬
‫تتجاوز القوة الحسابية للكومبيوتر قوة مخ الفأر" (‪.)www.gesfor.es, 3-11-2007, p.16‬‬

‫‪ -2‬زيادة سرعة التواصل (مائة ترابايتس"‪ "terabits‬في الثانية)‪:‬‬


‫بفضل التكنولوجيات البصرية ستبلغ سرعة النقل واالتصال عام ‪ 2026‬مستويات‬
‫يصعب تصورها اليوم‪ ،‬وسيتيح هذا النوع من السرعة فوائد اقتصادية عديدة في الوسط‬
‫المهني‪ ،‬بينما يكون تأثير ذلك أقل على مستوى األفراد‪.‬‬

‫‪125‬‬
‫‪ -‬تمركز و"حضور كلي" لمراكز الحسابات‪ :‬بعد عشريتين من الزمن‪ ،‬يتوقع‬
‫مديرو أنظمة اإلعالم اآللي تمركز مراكز الحساب في عدد محدود من األماكن وذلك‬
‫بغية تقليص التكاليف‪ .‬كما أن الهندسة التعاونية ستسمح لكل فاعلي اإلنتاج بالعمل معا‬
‫عن بعد وعلى لوحات افتراضية‪ .‬إن سرعة نقل المعلومات وإمكانية توفير االحتياجات في‬
‫أي وقت ستجعالن الكون عبارة فعال عن قرية صغيرة تدرك من المساكن الشخصية‪،‬‬
‫ولكن ذلك سيتطلب طبعا قوانين ونظام تسيير وأمن مكافئ‪ .‬كما أن التنقل في المدن‬
‫الكبرى ستتزايد أهميته وكذا الحاجة المتزايدة إلى وسائله‪ ،‬والتي ستستفيد كثي ار من خدمات‬
‫تكنولوجيا االتصاالت التي ستجعلها تتجاوز الفضاء الحقيقي إلى الفضاء االفتراضي‪.‬‬
‫‪ -‬شبكات االتصال وإشكالية الترددات والوصالت‪ :‬سيؤدي تعميم الحراك في‬
‫العشرين سنة القادمة إلى استعمال متزايد للذبذبات العالية والتي هي سيئة التغطية والنفوذ‬
‫إلى الفضاءات االجتماعية والسكنية؛ والمشكلة أنه ما من حل في األفق –حسب الخبراء‪-‬‬
‫لمطلب توفير كل الخدمات ذات المعلومات الكثيفة في الهواتف النقالة التي سيتضاعف‬
‫استعمالها‪ .‬ثم "إن الطلب على استهالك الشبكات أو الموجات العريضة ( ‪Larges‬‬
‫‪ )bandes‬ال يمكن إشباعه‪ ،‬إنه مثل الهواء يمأل كل الحيز الذي نقدمه له"‬
‫(‪.)www.gesfor.es, 3-11-2007, p.17‬‬
‫في نهاية السلسلة وحتى يستمر األشخاص في تواصلهم سيكون من الضروري‬
‫إحداث تطويرات معتبرة على األجهزة الحساسة (الناقلة)‪ ،‬الشاشات‪ ،‬الكاميرات وغيرها‪،‬‬
‫والتي ستغلب على المداخل الصوتية أو وسائل االتصال الشفوي‪ .‬وهكذا سينتشر الهاتف‬
‫السمعي بصري أو االتصال الفيديوي في كل مكان مما سيجعلنا نتمتع بخاصية "الحضور‬
‫أو التواجد الكلي" ونستغني عن أماكن االتصال الفيزيقي‪ .‬كما أن تحسن قوة وسرعة‬
‫االتصال سيرافقه تحسن في تصميم أشكال وسائل االتصال وتكييفها مع طبيعة‬
‫استعماالتها ومستعمليها‪ ،‬أي في "أرغونوميتها"‪.‬‬
‫إن أحد أهم التحديات سيكمن في القدرة على تكبير حجم شاشات التوصيالت‬
‫النهائية مع المحافظة على الحجم المحدود لهذه األخيرة‪ ،‬اللهم إال إذا تم تعويض الشاشة‪،‬‬
‫في حالة الحركة‪ ،‬بعرض بصري دينامكي ذي نوعية أحسن‪.‬‬

‫‪126‬‬
‫ثالثا) بعض االستعماالت‬
‫من أهم االستعماالت الممكنة ما يأتي‪:‬‬
‫‪ -1‬ماليير الهويات االفتراضية‪:‬‬
‫تشير التوقعات إلى أن عدد سكان العالم سيبلغ في عام ‪ 2026‬حوالي ‪ 8‬ماليير‬
‫نسمة من بينهم ثالثة ماليير سيكونون من مستعملي شبكة االنترنت‪ .‬وبما أنه يمكن لكل‬
‫واحد منهم أن يستعمل عدة هويات إلكترونية (تمويها ووقاية‪ ،‬عن حسن أو سوء نية‪ ،‬عن‬
‫قصد أو نسيانا)‪ ،‬فمن الممكن أن تتواجد عبر الشبكة ماليير من الشخصيات الوهمية أو‬
‫الهويات االفتراضية‪ .‬مما قد يطرح عدة مشاكل في تسيير هذه التعددية التعريفية عبر‬
‫الشبكة ويؤدي إلى سن قوانين تسمح بتتبع الهويات "الميتة" (المتخلى عنها)‪ ،‬أي وضع‬
‫سجل مدني للشخصيات االفتراضية بغية رصد والدتها ووفاتها‪.‬‬
‫‪ -‬التكنولوجيات في خدمة تسيير الهويات االفتراضية‪ :‬سيسمح تعدد الهويات‬
‫االفتراضية لألفراد بتوفير حماية حياتهم الخاصة عند الحاجة مع استمرار تواصلهم‬
‫اإللكتروني‪ .‬إن العالقة بين األفراد وشخصياتهم االفتراضية ستؤدي بالمؤسسات إلى‬
‫تطوير آليات "تسيير العالقة مع الزبائن" ( ‪CRM : Customer Relationship‬‬
‫‪ )Management‬معقدة أكثر فأكثر (التأشير ‪ ،-Scoring-‬القيمة الموحدة للزبائن‬
‫باستعمال الرياضيات التطبيقية‪" ،‬الهويات المتحولة" –‪ ،-metaidentities‬الخ) لتتبع‬
‫الزبائن الحقيقيين واالفتراضيين عبر كل هوياتهم‪ .‬وستوضع عاجال أم آجال هذه األدوات‬
‫تحت تصرف الزبائن الذين سيقررون حينها متى ومع من سيتواصلون‪ ،‬بأي محتوى وبأي‬
‫هوية افتراضية‪ .‬إال أن عالم من هذا النوع‪ ،‬يقطنه أناس متعددو الهويات ينم عن مخاطر‬
‫معتبرة‪ :‬فقد تختلط على الفرد كثرة هوياته االفتراضية التي قد ال يتحكم فيها‪ ،‬وأما الخطورة‬
‫الثانية فتكمن في إمكانية أن تشجع هذه التعددية االفتراضية على التحايل على القانون‬
‫وبالتالي زيادة نسبة االنحراف والجريمة‪.‬‬
‫‪ -‬نحو ضرورة أكبر لمراقبة الهويات‪ :‬خلف استعمال هويات متعددة تكمن‬
‫إشكالية حقيقية تتمثل في كيفية التعرف على األشخاص وخاصة إمكانية عقد صفقات‬
‫آمنة‪.‬‬

‫‪127‬‬
‫فما هي الهيئات التي ستتكفل بضمانة الهويات وتأكيد الشخصيات الحقيقية‬
‫المتخفية وراء الهويات المستعارة؟‬
‫تختلف إجابات المستشارين حول الموضوع‪ ،‬بحيث كان لبعضهم نظرة براجماتية‬
‫نحو هذه الهويات ووسائل التأكد منها‪ ،‬فيكتفي بربط صدقيتها بالوثائق والمستخرجات‬
‫البنكية مع توكيل البنوك والمؤسسات المالية بالدور الرقابي للهويات‪ .‬أما البعض اآلخر‬
‫فيرى عدم إمكانية تجاوز الدور الرقابي للسلطات العمومية في مثل هذه القضايا‬
‫المجتمعية‪ ،‬بحيث سيستمر االعتماد على بطاقات التعريف الوطنية وجوازات السفر‬
‫مطعمة طبعا برقاقة إلكترونية تتضمن كل العالمات المميزة (البصمة‪ ،‬حدقة العين‬
‫وغيرهما)‪ .‬وأخي ار يفكر آخرون في استعمال مؤسسات ثالثة (غير حكومية وال مصرفية)‬
‫متخصصة على شاكلة (‪ )Verisign‬أو حتى مؤسسات خدمية من نوع (‪)Brink’s‬‬
‫تتخصص في تسيير الهويات‪.‬‬
‫‪ -‬نحو ظهور النسخة الرقمية‪ :‬قد ال يرغب اإلنسان في اعتماد هويات افتراضية‬
‫كوسيلة اتصال أو تبادل بل كرغبة بشرية في إطالة عمر اإلنسان االفتراضي بعد وفاته‬
‫الحقيقية‪ .‬كما أن ظهور "ويب البيانات" (‪ )Web sémantique‬بدال من "ويب الملفات"‬
‫الحالي‪ ،‬سيمكننا من االستغناء عن الوساطة البشرية الحقيقية بين األنظمة (لتبليغها مثال‬
‫كيفية اتخاذ الق اررات الالزمة)‪ ،‬ألن "النسخة أو الضعف الرقمي" سيكون هو الوسيط‬
‫البديل‪.‬‬
‫‪ -‬نحو ظهور الجيل الثاني من اإلنترنت (االنترنت البياناتي)‪ :‬يرى "تيم برنرس‪-‬‬
‫لي" (‪ )La Recherche, N°413, 2007, 34-45( )Tim Berners-Lee‬مخترع "الويب" أن‬
‫هذا األخير في تطور مستمر رغم أن قلبه لم يتغير‪ :‬فهو يستعمل دائما الوصل بين‬
‫)*(‬
‫ملفات معنونة‪ .‬إال أن ثورة ترتسم في األفق ستغير هذا القلب لتجعله "ويبا بياناتيا"‬
‫سيفجر المعارف في كل المجاالت‪ .‬فهو سيسمح بالربط بين البيانات المخزنة في مختلف‬

‫وليس "ويبا لمعاني الكلمات" كما قد توحي بذلك الترجمة الحرفية للتسمية الخطأ " ‪Web‬‬ ‫)*(‬

‫‪ ،"Sémantique‬تبعا دائما لـ"برنس‪-‬لي" (‪ )La Recherche, N°413, 2007, 35‬الذي يفضل‬


‫تسمية (‪ ،) Web de données‬ألن البعض ظن خطأ بأن هذا الويب سيسمح مثال بالقيام بالبحث عبر‬
‫االنترنت عن طريق طرح أسئلة في شكل جمل استفهامية بحثا عن إجابات محددة‪.‬‬

‫‪128‬‬
‫ملفات وقواعد بيانات كل الحواسيب‪ ،‬بدء بعلوم الحياة (حيث الضرورة ألح لتقاطع عدد‬
‫كبير من المعلومات الكتشاف أدوية جديدة) وانتهاء بالعلوم اإلنسانية‪ .‬فمثال إذا أراد أحدنا‬
‫أن يحصل على صور حول موضوع معين‪ ،‬اسم المصور‪ ،‬حقوق الدفع‪ ،‬تحديد الصورة‪،‬‬
‫الخ‪ .‬فسيحصل على هذه المعلومات وغيرها بعملية بحث واحدة‪ ،‬بينما هو يضطر في‬
‫الويب الحالي إلى البحث عنها تباعا وفي عدة مواقع متخصصة في الصور‪ .‬كما أنه‬
‫سيسمح (مع تحفظ بعض شركات الطيران ووكاالت السفر) باختيار أيسر لوجهة سفره‬
‫ومكان قضاء عطلته وذلك بتمكينه مثال من معلومات مركز الحجز الخاص بالطيران‬
‫ووكاالت السفر (الوفرة‪ ،‬األسعار‪ ،‬المسارات‪.)...‬‬
‫لكن التحفظات لن تقتصر على شركات الطيران ووكاالت السفر فقط بل تتعداها‬
‫إلى الكثير من المؤسسات أو الدول‪ .‬مما قد يؤدي إلى جعل التفاعل الكلي للشبكات‬
‫(‪ )Interopérabilité‬قويا جدا بالنسبة للبيانات العامة أو الخاصة المحررة‪ ،‬وأضعف‬
‫بالنسبة للبيانات ذات االهتمامات المحلية‪ ،‬الخاصة أو المحجوزة ألعضاء جماعة محلية‬
‫أو شركة‪ ...‬كما قد يكون هناك نوع ثالث من البيانات‪" :‬المتوسطة"‪ ،‬يشملها التفاعل في‬
‫حدود قطاع اقتصادي معين أو دولة أو إقليم‪...‬‬
‫وسيتطلب هذا التفاعل البياناتي عمال تصنيفيا ضخما للبيانات‪ ،‬تم تَبني أداته‬
‫حديثا‪ ،)RDF: Resource Data Framework( :‬والتي ستُفعل قواعد بيانات ضخمة (على‬
‫شاكلة‪ )DBpedia :‬وتسمح بربط أي معلومة بفئة أو صنف بياني معين تحدده بدوره لغة‬
‫معجمية وموسوعية متخصصة (‪ .)OWL : Ontology Web Language‬إن هذه األداة‬
‫(أي ‪ RDF‬أو لغة ويب البيانات) ستكون –حسب برنرس‪-‬لي‪ -‬بمثابة لغة الـ(‪)HTML‬‬
‫الحالية بالنسبة للملفات‪ .‬كما أنه سيتطلب محركا نوعيا قويا بدأت مجموعة (‪)W3C‬‬
‫تحضر له منذ نوفمبر ‪.)La Recherche, N°413, 2007, 38( 2005‬‬
‫إن حجم شبكة االنترنت يتضاعف تقريبا كل سنة وسيستمر نمو هذه الشبكة مع‬
‫–‬ ‫زيادة تعقد تمفصالتها وتحدياتها (االختراق‪ ،‬القنبلة‪ ،‬البطء‪ ،‬االنقطاع‪ .)...‬لذا وجب‬
‫حسب الجامعي "‪ -)La Recherche, N°413, 2007, 42( "Guy Pujolle‬استبدالها بجيل‬
‫ثان قد يرى النور في الخمس أو عشر سنوات القادمة‪ .‬بحيث يقدر الخبراء بأن الهدف‬
‫األول حتى ‪ 2010‬هو استبدال القيادة اليدوية بقيادة آلية وذكية تسمح بتشخيص وتصليح‬

‫‪129‬‬
‫العطب الذي قد يصيب االنترنت دون تدخل بشري‪ .‬كما أن لها ميزات أخرى‪ :‬ردود فعل‬
‫سريعة (ومن ثم زوال االنقطاع على الشبكة)‪ ،‬سيولة تواصل أكبر‪ ،‬أمان أوفر‪ ،‬انخفاض‬
‫عدد أخطاء البرمجة وتكلفة كلية أقل‪ .‬ولضمان تأمين أكبر سيكون لبطاقات ذات‬
‫الرقاقات إلكترونية المفتاحية دور هام في الجيل الثاني من االنترنت ألنها ال تسمح‬
‫بالتعرف على مستعمل الشبكة إال من طرف سلطة قضائية وعند الضرورة‪.‬‬
‫على المدى البعيد‪ ،‬وفي السنوات العشر القادمة‪ ،‬ستعاد هيكلة الشبكة والتخلي‬
‫التدريجي عن بروتوكوالت التواصل (‪ :)TCP-IP‬يرى البعض بأنه يجب األخذ بعين‬
‫االعتبار بنيتها الحالية‪ ،‬االحتفاظ بنواتها القاعدية ثم إدماج البروتوكوالت والبرمجيات‬
‫الضرورية لتجاوز النقائص الداخلية الحالية‪ .‬وذلك بخالف الراديكاليين الذين ينصحون‬
‫بطي صفحة الماضي وإبداع هندسة جديدة كليا‪ .‬وفي الحالتين يجب تأمين االستم اررية‬
‫واالنتقال التدريجي بين التصميمين‪.‬‬

‫‪ -2‬بطاقات التعريف والدفع المتحركة‪:‬‬


‫قد يستغنى في غضون العشرين سنة القادمة عن وسائل التعريف والدفع‬
‫الشخصية الحالية لفائدة وسائل الكشف واإلثبات "البيومترية" (البيولوجية اإلحصائية)‪ ،‬إال‬
‫أن تعميم هذه األخيرة سيكون تدريجيا وكتكملة لألدوات المستعملة حاليا‪ .‬فالبعض يتوقع‬
‫استعمال "بطاقات متعددة الوظائف" تجمع‪ ،‬مثال‪ ،‬بين بطاقة التعريف الوطنية والبطاقة‬
‫البنكية والحصالة اإللكترونية ورخصة السياقة‪ ،‬الخ‪ .‬والبعض اآلخر يتكلم عن "بطاقات‬
‫فردية موحدة" تحتوي عدة رقاقات تخص‪ :‬الصحة‪ ،‬التأمين‪ ،‬المعامالت البنكية‪ ،‬النقل‪،‬‬
‫التسوق‪ ،‬الخ‪ .‬إال أن أغلبية المستشارين يذكرون بعفوية الهاتف النقال كوسيلة تعريفية‬
‫وحيدة في المستقبل‪.‬‬
‫‪ -‬هيمنة التوجه البيومتري‪ :‬إن ذكر التقنيات البيومترية (البيولوجية اإلحصائية)‬
‫يفتح المجال أمام عدد كبير من االقتراحات‪ :‬فالبعض يؤمن فعال باالعتماد الكلي على‬
‫"المادية" وسائل التعريف بتبني الحمض النووي (‪ )DNA/ADN‬كقاعدة توقيع شخصي‬
‫نهائي‪ ،‬وخاصة إذا توفرت التحاليل الفورية مع األخذ بعين االعتبار حدود التحفظات التي‬
‫يستلزمها االستنساخ البشري والتوأم الحقيقي (أحادي الخلية)‪.‬‬

‫‪130‬‬
‫كما يمكن تصور عالقات تجارية بين البائع والمستهلك ال يستعمل فيها أي نوع‬
‫من أنواع الدعامات المادية‪ ،‬حيث سيتم اقتطاع كلفة التسوق من الحساب البنكي من‬
‫خالل كشف حدقة العين‪ ،‬وذلك بفضل التقنيات البيومترية‪ ،‬أو بتبني الصوت كوسيلة‬
‫تعريف متحركة ألنه‪ ،‬وكما هو معروف‪ ،‬من الصعب جدا تقليد صوت اآلخرين تقليدا‬
‫يغالط أجهزة إلكترونية حساسة جدا‪.‬‬
‫ويشير البعض اآلخر إلى إمكانية زرع نظام تعريف شخصي عند المولودين‬
‫الجدد (زرع رقاقة إلكترونية تحت الجلد عند الوالدة)‪ .‬ولذلك سنستعمل مصطلحات جديدة‬
‫مثل " األصل الرقمي" (‪ )Digital natif‬و"المهاجر الرقمي" و"البصمة الرقمية"‪...‬‬
‫بينما يقدر آخرون بأن وسائل التعريف ستكون متعددة ومترابطة‪ ،‬فوسائل الكشف‬
‫واإلثبات "البيومترية" ستستعمل مع بطاقة تعريف ذات ترددات كهرومغناطيسية وبطاقة‬
‫ذكية أو شهادة شخصية كالسيكية‪.‬‬
‫‪ -‬حول مراقبة الصفقات المالية‪ :‬هناك اختالف حول توقع اعتماد الهاتف النقال‬
‫كوسيلة تعريف ودفع وحيدة بين البنوك وعمالء االتصاالت عن بعد‪ .‬فهؤالء ال يريدون‬
‫االنقياد لمنطق السرية وعالم البنوك يريد من جهته أن يكون له الدور الراجح في التعريف‬
‫الشخصي والدفع‪ .‬وهناك من يتوقع مشاركة هيئة ثالثة رابحة في ذلك‪ ،‬أال وهي السلطات‬
‫العمومية‪.‬‬
‫فالسباق نحو تجميع كل الخدمات التعريفية والتبادلية في جهاز واحد (الهاتف‬
‫النقال مثال أو غيره) انطلق فعال ولكن التفاوت في تطور المهن والتخصصات قد يعطل‬
‫هذا التجميع‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن اختالف معايير تعريف األشخاص والسلع نتيجة‬
‫تحدديها من قبل السلطات العمومية في الكثير من الدول وكذا األجهزة النقالة المالزمة‬
‫لها‪ ،‬سيعقد األمور بعض الشيء‪ .‬فمثال يمكن التخمين بأن بعض الدول الكبرى مثل‬
‫أمريكا والصين وروسيا قد يشترطون استعمال معاييرهم ووسائل تعريفهم الخاصة‪ ،‬وخاصة‬
‫أن دولة مثل الصين ستصبح أكبر سوق لشبكة االنترنت ابتداء من ‪ 2010‬وبرقم أعمال‬
‫يفوق التسعين مليار دوالر حسب مكتب المحاسبة (‪)Brice & Waterhouse Copers‬‬
‫(‪.)Essafir , 3-9 Sept 2007, 3‬‬

‫‪ -3‬الترجمة الشفوية الفورية للكالم‪:‬‬

‫‪131‬‬
‫بالرغم من التجارب المخبرية العديدة حول األنظمة التي قد تسمح من اآلن وحتى‬
‫‪ 2026‬بالترجمة الفورية للكالم‪ ،‬فإن األمر ال يالقي إجماعا بين الخبراء الذين انقسموا‬
‫على العموم إلى فريقين‪ :‬مشكك ومتحمس‪.‬‬
‫‪ -‬المشككون في هذه التكنولوجيا المحتملة‪ :‬إنهم ال يشككون في تكنولوجيات‬
‫التركيب الصوتي وال في تلك التي تسمح بتحليل الكلمات (معاني الكلمات) إال أنهم يرون‬
‫أن الترجمة اآللية الفورية للكالم معقدة جدا حتى بالنسبة للجمل البسيطة‪ .‬كما أن هذا‬
‫التعقيد ناتج عن كون أي ترجمة آلية للكلمات مهما كانت فعالة‪ ،‬ال تسمح بفهم السياق أو‬
‫اإلطار الذي يعطي للجملة معنى دون آخر في معظم الحاالت‪ .‬إن سوء الفهم السياقي قد‬
‫يكن حتى بين متكلمي اللغة نفسها‪ ،‬فما بالك بترجمة آالت فهم السياق من لغة إلى‬
‫أخرى‪.‬‬
‫وأخيرا‪ ،‬فإذا كانت هذه الفكرة ممتازة ومشوقة‪ ،‬فالبعض ( ‪J-C. Lalanne –Air‬‬
‫‪ )www.gesfor.es, 3-11-2007, p.20( )France-KLM‬ال يؤمن بتحققها ألنها فكرة برمجت‬
‫سابقا منذ أكثر من عشرين سنة ولم تتحقق بالكيفية المرغوبة‪.‬‬
‫‪ -‬تطبيقات متعددة بالنسبة للمتحمسين‪ :‬يرى المتحمسين من المتعاملين مع عدد‬
‫كبير من الزبائن فوائد محتملة كثيرة للترجمة اآللية الفورية‪:‬إن إمكانية التكلم بجميع اللغات‬
‫إلى آالت الدفع سيكون عامال تنافسيا مهم جدا‪ .‬أما العاملون بقطاع التوزيع فيرون أن‬
‫أكبر تجديد سيخص المستهلك الذي سيتعرف النظام المعلوماتي عليه عند دخوله‬
‫المحالت التجارية ليقدم له معلومات وإعالنات إشهارية بلغته األم‪ .‬ولذلك سيخفف من‬
‫وطأة هيمنة اللغة اإلنجليزية في عالم التجارة وسيزيل شبح زوال اللغات المهمشة‪ .‬كما أن‬
‫أحسن األساتذة سيكونون عبر الشبكة ونفهمهم بلغتنا األم مستغنين عن الذهاب إلى‬
‫"بركلي"‪" ،‬ستانفورد"‪" ،‬هارفارد" أو "السوربون"‪...‬‬
‫أما الفائدة األخيرة فتتعلق باألمن‪ .‬إذا كان من الصعب تقليد صوت اآلخرين فقد‬
‫يتبنى مستقبال الصوت كوسيلة تعريفية للهويات عبر كاشف إلكتروني متعدد اللغات‪.‬‬

‫‪ -4‬األجهزة الذكية المضاعفة للحوا ‪:‬‬


‫ستدفع احتياجات المسنين في الدول المصنعة إلى تبني األجهزة الحساسة عبر‬
‫شبكة االنترنت‪ .‬ستكون التطورات مهمة في مجال اإلضافات التعويضية‪ ،‬تحديد‬

‫‪132‬‬
‫الخطوات‪ ،‬بخاخات (رشاشات) المورفين واألجهزة الذكية والمصغرة‪ ...‬ومنها مثال تصور‬
‫قرص أو حبة متناهية في الصغر تؤخذ بانتظام عبر الفم وتحتوي على أجهزة حساسة‬
‫تجوب جسم اإلنسان ألخذ قياسات في أمكنة محددة مسبقا‪ ،‬بعدها يمر حاملها تحت‬
‫كاشف الستطالع النتائج آليا وتحديد الوصفات الالزمة للعالج‪ .‬هذا في المجال الطبي‪،‬‬
‫ويمكن تعميم استعمال الكاشفات الحساسة عبر االنترنت لخدمة المستهلكين‪ ،‬المحترفين‪،‬‬
‫المؤسسات وحتى الجماعات المحلية‪ .‬كما أن ذوي االحتياجات الخاصة من غير الصم‬
‫البكم ستؤخذ احت ياجاتهم أكثر فأكثر بعين االعتبار ألن التركيز اآلن يتم على معوقي‬
‫السمع والبصر‪.‬‬
‫‪ -‬االستعماالت المتعددة لألجهزة الحساسة عبر االنترنت‪ :‬إن التحديات المتعلقة‬
‫بشفافية المعلومات‪ ،‬قابلية تقفي األثر وتفسير النتائج ستكون مهمة‪ .‬فمستهلك الغد سيكون‬
‫بحاجة أكبر لمعرفة مصدر المنتوج‪ ،‬وهل هو طازج‪ ،‬مدى صدقية المعلومات‪...‬‬
‫وسيحتاج إلى استعمال تكنولوجيات متطورة لتشخيص األخطاء‪.‬‬
‫إن األجهزة الحساسة المستعملة بكثرة في صناعات الزراعة والتغذية لمراقبة‬
‫الجودة والتأكد مثال من مدى تواجد المواد المعدلة وراثيا (‪ )OGM‬في المنتوجات الزراعية‪،‬‬
‫ستكون أكثر قوة وتطور‪ .‬فإذا كانت التكنولوجيات الفورية إلنجاز تحليل الحمض النووي‬
‫(‪ )DNA/ADN‬عير موجودة حاليا‪ ،‬فإننا يمكن توقع وجودها بعد عشرين سنة‪.‬‬
‫إن مديريات اإلعالم اآللي‪ ،‬التي تتعامل أكثر فأكثر مع العديد من األنظمة‬
‫المعلوماتية والعمليات المعقدة لنقل محتوياتها‪ ،‬ستكون في حاجة ماسة إلى أجهزة حساسة‬
‫وتنبيهات وقائية حول نوعية هذه المحتويات‪ .‬كما أن مديريات الموارد البشرية قد تحلم‬
‫يوما ما باللجوء إليها لقياس الروح المعنوية لعمالها والمتعاونين مع مؤسساتها‪.‬‬
‫أما بالنسبة للجماعات المحلية‪ ،‬فمثال على مستوى تجهيز شبكة الطرقات‪،‬‬
‫ستسمح هذه األجهزة بالكشف الفوري لالفتات العاطلة أو المتلفة وتجنب المشاكل القانونية‬
‫في حالة الحوادث الناتجة عن توقفها‪.‬‬
‫‪ -‬األجهزة الحساسة لتقليص األخطار الخاصة والمهنية‪ :‬لن يعطل تطور‬
‫استعمال هذه األجهزة الذكية سوى جدواها وفاعليتها االقتصاديتين وليس اإلمكانيات‬
‫التكنولوجية‪ .‬إنها ستسمح بالتفكير العقالني‪ ،‬قياس التغيرات "على الماشي" واستباق‬

‫‪133‬‬
‫األخطار وتخفيف آثارها المحتملة‪ .‬لذلك سيسهل اعتمادها وخاصة في عالم تتراجع فيه‬
‫تدريجيا رغبة الفاعلين االجتماعيين في المخاطرة واالندفاع وينمو فيه تبنيهم لمبدأ‬
‫االحتراز‪.‬‬

‫رابعا) بعض التأثيرات‬


‫إن من أهم التأثيرات الممكنة ما يأتي‪:‬‬

‫‪ -1‬الخدمات عن بعد تحت الطلب‪:‬‬


‫يتمثل نموذج الخدمات تحت الطلب في االستعمال عن بعد وعن طريق االنترنت‬
‫مخزنة في ُم َورد خارجي (‪ ،)Provider‬وذلك باالعتماد على "خدمة "البرمجيات"‬
‫لحلول َ‬
‫(‪ )Software as a Service‬أو خدمات مقدمة من قبل هيئة (‪" )APSs‬الخدمات التطبيقية‬
‫للموردين" (‪ .)Application Service Providers‬وهو نظام عادل ألن المستهلك يدفع فقط‬
‫مقدار ما يستهلك‪.‬‬
‫وستشهد السنوات القادمة ظهور عدد كبير من المنصات المتخصصة في اقتراح‬
‫هذا النوع من الخدمات وكذا العديد من مديريات اإلعالم اآللي التي ستستعمل هذا‬
‫النموذج‪.‬‬
‫‪ -‬نموذج لمجاالت المراقبة وغير اإلستراتيجية‪ :‬إن نموذج الـ(‪ )APSs‬قد يفرض‬
‫نفسه مستقبال في مجال التطبيقات العامة والقاعدية لتسيير المؤسسات (الموارد البشرية‪،‬‬
‫المالية‪ ،‬المبيعات‪ ،‬البريد‪ ،‬الخ‪ ).‬وذلك بغية تقليص تكلفة تعامالتها ألنها ال تتضمن قيمة‬
‫مضافة كبيرة‪ .‬سيكون العمود الفقري واإلسمنت المشترك ألنظمة المعلومات المنمطة في‬
‫مجال التسيير‪ .‬ومع ذلك ستبقى خصوصية الموارد الداخلية والكفاءات المتخصصة‬
‫تتطلب تطبيقات متميزة قوامها الخصائص الداخلية لبعض المؤسسات‪.‬‬
‫‪ -‬آفاق مستقبلية عديدة لنموذج الخدمات عن بعد تحت الطلب‪ :‬من بين‬
‫التطبيقات المستقبلية العديدة لهذا النموذج تحويله إلى خدمات داخلية للمؤسسة بدال من‬

‫‪134‬‬
‫أن يتكفل به وكيل خدمي خارجي‪ .‬وهناك اقتراح آخر يتمثل في إمكانية تعميم هذا‬
‫المدخل ليشمل المكونات المادية (‪ )Hardware‬باإلضافة إلى المكونات الفكرية أو غير‬
‫المادية (‪ .)Software‬وذلك بالرغم من أن قواعد المحاسبة تدفع أكثر فأكثر نحو االقتصاد‬
‫في الالماديات‪ ،‬وبالتالي إلى التقليص في االستثمار في التجهيزات مقابل رفع تكاليف‬
‫التسيير‪.‬‬
‫وألنه من المتوقع أن تدرك أحيانا الفاعلية المالية للمؤسسات بفضل نموذج‬
‫الـ(‪ )APSs‬الخدمي‪ ،‬فإن أهمية البرمجيات أو الرأسمال الفكري للمؤسسات ستؤدي إلى‬
‫تثمينه مستقبال تبعا للقيمة المضافة المنتجة‪ .‬وذلك بخالف العقود الحالية لـ (‪)Software‬‬
‫التي يمكن اعتبارها‪ ،‬مقارنة بالمتوقع‪ ،‬من مخلفات العصر الحجري‪.‬‬
‫إن تبني هذا النموذج من طرف المؤسسات سينتشر بسرعة بحيث يقدر الدكتور‬
‫"لـ‪ .‬تريُلوير" (‪ ،)www.gesfor.es, 3-11-2007, p.23( )Laurent Triluyer‬مثال‪ ،‬أنه "سيغزو‬
‫في العشر سنوات القادمة خمسين بالمائة من المستشفيات‪ ،‬وذلك سيعود أساسا إلى‬
‫ضرورة الجمع بين الكفاءات والتكاليف"‪.‬‬

‫‪ -2‬حجم المتخصصين في اإلعالم اآللي‪:‬‬


‫ما هي أهم المالمح المستقبلية لفرق اإلعالم اآللي في المؤسسات مع حلول عام‬
‫‪2026‬؟ ترى معظم الشخصيات المستشارة أن عدد هذه الفرق سيتراجع وأن المهن‬
‫ستتطور‪ ،‬ولكنها تختلف حول طبيعة هذا التطور‪ .‬وفيما يلي توضيح ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬تقنية أقل وتسيير وترشيد أكثر‪ :‬مع تعميم سياسة اللجوء إلى وكالء خارجيين‬
‫يرى العديد من مديري مصالح اإلعالم اآللي أن المهارات التقنية للمعلوماتيين يمكن أن‬
‫تتراجع ومعها مهنتهم‪ .‬فبعضهم يقدر بأن مجاالت المعرفة المستقبلية ستتركز حول‬
‫مسيري العقود‪ ،‬رؤساء المشاريع‪ ،‬خبراء الشبكات والهندسة‪ ،‬متفاوضين مع موردي‬
‫الخدمات اإللكترونية‪ ،‬متخصصين في اإلنتاج القبلي وتسيير نوعية الخدمات‪...‬‬
‫وبخالف األقلية التي ترى بأن مجال التطبيقات سيتسع ومعه مهنة "المعلوماتيين"‬
‫(‪ ،)Informaticiens‬فإن األكثرية تقدر بأن هؤالء سيتحولون أكثر فأكثر إلى زبائن‬
‫ومسيري التكنولوجيا وليس إلى متخصصين تقنيين‪ .‬ألننا سنقوم بشراء الخدمات بالجملة‬
‫لنبيعها بالتفصيل للزبائن الداخليين والخارجيين‪ .‬ولمراقبة كل ذلك قد نشهد ظهور مهنة‬

‫‪135‬‬
‫جديدة شبيهة بمهنة المراقب المالي في المؤسسات لمراقبة المعلوماتية‪ .‬فنحن نتوجه نحو‬
‫تطوير "معلوماتية التسيير" مع تعدد مجاالت المعرفة‪ :‬اإلستراتيجية التطبيقية‪ ،‬الحكم‬
‫الراشد‪ ،‬السياسة المنمطة‪ ،‬تسيير االنسجام والتدعيم‪...‬‬
‫‪ -‬استمرار الحاجة إلى متخصصين في اإلعالم اآللي بسبب المنافسة بين‬
‫المؤسسات‪ :‬بالرغم من أن أنظمة المعلوماتية المستقبلية ستعتمد أكثر فأكثر على نماذج‬
‫عالمية موحدة النمط‪ ،‬إال أن التطورات الخاصة والمتميزة ستستمر ومعها الحاجة إلى‬
‫تطبيقات معلوماتية تبدعها فرق مؤسستية داخلية‪ .‬إن البحث التطبيقي النوعي والفعال‬
‫سيكون حيويا أكثر فأكثر بالنسبة للمؤسسات‪ ،‬ألنه قليل التكلفة وكثير الفائدة‪ .‬وكتكملة‬
‫لهذا الجهد الداخلي سيفعل دور المتعاونين الخارجيين في البحث حول طرق العمل‬
‫الجديدة واستباق التحوالت التكنولوجية المستقبلية المهمة بالنسبة الستم اررية المؤسسة‪.‬‬
‫وعلى كل‪ ،‬فأصحاب فرضية "ندرة" الكفاءات (في قطاع "ت‪ .‬إ‪ .‬ا‪ ،)".‬والذين‬
‫تمثلهم أساسا الجمعيات المهنية في الغرب‪ ،‬يرون أن الفجوة بين احتياجات المؤسسات‬
‫وإمكانيات تكوين متخصصين في اإلعالم اآللي في الغرب في ازدياد مستمر)‪ ،(+‬مما‬
‫أدى إلى طلب زيادة عدد تأشيرات الدخول للمهاجرين من هذا القطاع المتميز وزيادة‬
‫توعية مواطنيهم بأهمية التكوين في اإلعالم اآللي‪ .‬بينما يشكك اآلخرون (ومنهم مؤسسة‬
‫"‪ "LENTIC‬الفرنسية) منهجيا في إمكانية تكميم "الفجوة" أو "انعدام التوازن" المحتمل في‬
‫سوق العمل في هذا القطاع‪ ،‬ومن ثم في فرضية "ندرة" كفاءات "ت‪.‬إ‪.‬ا‪ .".‬فتعدد‬
‫التصنيفات والتسميات المهنية تعيق ذلك باإلضافة إلى عدم أخذ هذه التقديرات مؤشرات‬
‫أخرى (نسبتا العمالة والبطالة‪ ،‬الزيادة في األجور وعروض العمل‪ )...‬بعين االعتبار‬
‫(‪.)Commissariat Général du Plan , 2003, 69-70‬‬

‫‪ -3‬االستثمار في "البرمجيات ذات المصادر المفتوحة" (‪:)Open source‬‬

‫قدرت و ازرة التجارة األمريكية احتياجاتها لفترة ‪ 2005-1994‬من المعلوماتيين‪ ،‬المهندسين‪ ،‬محللي‬ ‫)‪(+‬‬

‫األنظمة والمبرمجين بقرابة مليون متخصص‪ ،‬أي حوالي ‪ 95‬ألف سنويا‪ ،‬وذلك مقابل ‪ 24500‬متخرجا‬
‫سنويا فقط‪ .‬وفي أوروبا قدر "المرصد األوروبي لتكنولوجيا المعلومات" (‪ )EITO‬الندرة في هذا القطاع‬
‫بقرابة مليون و‪ 700‬ألف عامل (‪.)Commissariat Général du Plan , 2003, 68‬‬

‫‪136‬‬
‫إن ذيوع البرمجيات ذات المصادر المفتوحة‪ ،‬التي تعطي الحرية للمستعملين‬
‫البسطاء والمتمكنين لتنفيذ‪ ،‬استنساخ‪ ،‬توزيع‪ ،‬دراسة‪ ،‬تعديل وتحسين الترميز المصدري‬
‫ومجموع خطوط الترميز ألي برنامج معلوماتي‪ ،‬تزامن مع دخول مجتمعاتنا القرن الواحد‬
‫والعشرين واقتصاد الالماديات‪ .‬فقد دخلنا فعال في عصر تحولت فيه التكنولوجيا إلى‬
‫سلعة استهالكية ومعها أهمية رأسمال الملكية الفكرية‪.‬‬
‫‪ -‬زيادة انتشار البرمجيات مفتوحة المصادر ذات الهندسة المتغيرة‪ :‬يعترف‬
‫معظم مديري مصالح اإلعالم اآللي والشخصيات المستشارة أن وزن البرمجيات ذات‬
‫المصادر المفتوحة (مثل‪ )Open Office, Linux, Apache …:‬سيكون معتب ار في تنظيمه‬
‫خالل العشرين سنة القادمة‪ ،‬لكن الكثير من التخصيصات ستخفف من بريق هذه الزيادة‬
‫المذهلة‪:‬‬
‫فبعضهم يرى بأن هذه البرمجيات ستقتصر على الطبقات الدنيا من األنظمة‬
‫المعلوماتية والتي ستكون موحدة النمط أكثر فأكثر وعالمية االستعمال‪ .‬أما ما فوقها من‬
‫إبداع برمجي يسمح بالحصول على قيمة مضافة معتبرة مقارنة مع البرامج األخرى فلن‬
‫يكون مجانيا وستعمد المؤسسات المتنافسة إلى تسجيل حقوق ملكيتها الفكرية له‪.‬‬
‫والبعض اآلخر يرى أن هذه البرمجيات ستتواجد في المؤسسات اإللكترونية‬
‫(‪ )Start-ups‬أو الجديدة أكثر منها في المؤسسات المخضرمة‪ .‬وضمن هذه األخيرة‬
‫ستكون البنوك من أكثر المؤسسات المتحفظة‪.‬‬
‫وأخيرا‪ ،‬ستواصل المؤسسات العمومية تدعيمها للبرمجيات ذات المصادر‬
‫المفتوحة مع ترك فسحة لناشري برمجيات الملكية الخاصة‪.‬‬
‫‪ -‬نحو توازن بين البرمجيات ذات المصادر المفتوحة والبرمجيات الخاصة‪ :‬من‬
‫هنا إلى سنة ‪ 2026‬من المحتمل أن تحدث حركة ذهاب وإياب منتظمة بين الموردين‬
‫تتولد عنها حركة تأرجح مستمرة بين البرمجيات ذات المصادر المفتوحة والبرمجيات‬
‫الخاصة‪ .‬فبينما يساعد انخفاض التكاليف‪ ،‬المتعة الشخصية بإبداع البرمجيات وحل‬
‫المشاكل األمنية الخاصة بسرية المعلومات التي تواجه المؤسسات على انتشار األولى‬
‫ودعمها من طرف بعض المؤسسات‪ ،‬تفضل مؤسسات أخرى العمل ضمن الفضاءات‬

‫‪137‬‬
‫المراقبة واستعمال حلول خاصة تسمح لها باستغالل برمجيات ومكونات مادية ذات ملكية‬
‫خاصة‪ ،‬وذلك بخالف المؤسسات المدعمة لخدمات البرمجيات ذات المصادر المفتوحة‪.‬‬

‫‪ -4‬شرعية فرق البحث في مجال الخدمات والمحتويات عبر االنترنت‪:‬‬


‫إن االنترنت ليست شبكة عمومية بل مجموعة من الشبكات الخاصة المترابطة‬
‫والتي ستزيد مستقبال الحاجة إلى االستثمار في بنائها وصيانتها وتنظيم أنشطتها‪ .‬فهل‬
‫ستستمر فرق البحث (‪ )Opérateurs‬في مجال الخدمات والمحتويات على الحياد فاسحة‬
‫المجال للسلطات العمومية لتقوم بذلك‪ ،‬أم ستشترك معها في ذلك؟‬
‫‪ -‬نحو تقاطع بين فرق البحث ومُوردي المحتويات‪ :‬إذا استمرت فرق البحث في‬
‫تثمين استثماراتها ببيع خدمة الولوج إلى الشبكة ستضطر مستقبال إلى بناء شبكات‬
‫جديدة‪ .‬وهو أمر مستبعد‪ .‬لذلك‪ ،‬وحتى يكون نشاطها مربحا مستقبال‪ ،‬يجب أن تتوجه‬
‫نحو بيع المحتويات‪ ،‬ألن مراقبة المحتويات ستتحول إلى عنصر استراتيجي بالنسبة إليها‪.‬‬
‫ولكنه من المستبعد أيضا أن يظهر نموذج لمتعامل كبير في االتصاالت عن بعد يدمج‬
‫أيضا المحتويات‪ .‬فال يمكن أن يكون أحدهم في الوقت نفسه ُم َوردا انترنتيا (‪،)Provider‬‬
‫موزعا للمحتويات‪ ،‬للخدمات‪ ،‬للولوج‪ ...‬ألن الفضاء االقتصادي الرقمي لن يكون‬
‫ديمقراطيا على اإلطالق‪.‬‬
‫ثم إنه سيكون من الصعب الجمع بين العوالم الثالثة المشكلة لالنترنت‪ :‬اإلعالم‬
‫اآللي‪ ،‬االتصاالت عن بعد ووسائل االتصال‪ ،‬ألنها تخضع لثقافات وعقليات ونماذج‬
‫تجارية مختلفة‪ .‬فالتجارب السابقة تشير إلى فشل المحاوالت التجارية الجامعة بينها‪ .‬ولكن‬
‫هذا لن يمنع مستقبال من إعادة تحديد العالقات بين هذه الصناعات الثالث والتي سيتأثر‬
‫كثي ار شكل تمفصلها وكيفية تعاملها مع الوسطاء‪ .‬وبعد إعادة التوزيع لألدوار من المحتمل‬
‫جدا سيطرة نموذج مختلط قوامه إدماج مكونات من كل الصناعات الثالث‪.‬‬
‫أما رواد الشبكة فسيجدون أنفسهم أمام كم متزايد وهائل من المعلومات المتنوعة‪،‬‬
‫مما سيستدعي مساعدات توجيهية كبيرة لتلبية رغباتهم بما في ذلك أبسطها‪ .‬وبالطبع‬
‫ستنجح فرق البحث المدمجة للمحتويات والقادرة على تلبية تلك الرغبات المتنوعة‪.‬‬

‫‪138‬‬
‫‪ -‬هل األفراد متساوون في االنترنت؟‪ :‬في وقت رفضت فيه حديثا الغرفة األولى‬
‫للنواب األمريكيين مفهوم المحافظة على حياد االنترنت وحريتها ودعوتها إلى تحديد‬
‫استعمالها ووضع تسعيرات الستخدامها‪ ،‬يتوقع البعض نهاية مفهوم الشبكة الوحيدة‬
‫المترابطة والتي هي في متناول الجميع ومن أي مكان ودون أي مفاضلة بين مكوناتها؛‬
‫وفي مقابل ذلك تعميق مفهوم انترنت متعدد السرعات‪ :‬إحداها لإلنترنت المجاني والبقية‬
‫بالدفع وذات مستويات متعددة‪.‬‬
‫وهناك من يرى أن المسألة سياسية‪ ،‬فانترنت في طريقها ألن تكون أداة سلطة‪،‬‬
‫وعندما بلوغها درجة معتبرة من األهمية بالنسبة لرجال السلطة ستراقب بجدية أكبر‪ .‬وهذا‬
‫هو مصيرها المستقبلي‪.‬‬

‫‪ -5‬مكافحة الجريمة االلكترونية‪:‬‬


‫تشير توقعات ‪ 2010‬إلى مائة ألف هجوم برمجي جديد وعطل معلوماتي (‪)Bug‬‬
‫‪ .)www.gesfor.es,‬لكن الجريمة اإللكترونية تتعدى‬ ‫(‪3-11-2007, p.26‬‬ ‫كل خمس دقائق‬
‫حدود إنشاء الفيروسات ونشرها إلى تجاوزات مهمة مثل‪ :‬االختراقات غير القانونية‪ ،‬رفض‬
‫الخدمات‪ ،‬التصنت االلكتروني وانتحال الهويات‪ ،‬سرقة المعلومات‪ ،‬المساومات عبر‬
‫االنترنت‪ ،‬الخ‪ .‬مما أدى باالتحاد األوروبي وبعض الدول األخرى إلى اتخاذ إجراءات‬
‫جديدة لتفعيل محاربة الجريمة اإللكترونية‪ .‬ولكن تعميم مثل هذه اإلجراءات على كل دول‬
‫العالم سيكون من الصعب تحقيقه –حتى بعد عشرين سنة‪ -‬رغم كونه رغبة عامة‪.‬‬
‫‪ -‬الرغبة في وفاق بين الدول صعب التحقيق‪ :‬هناك شبه إجماع بين الشخصيات‬
‫المستشارة حول تأييد إنشاء هيئة دولية (أو توكيل األمم المتحدة‪ ،‬البنك العالمي‪،‬‬
‫إنتربول‪ )...‬تراقب الجريمة اإللكترونية وتطور سياسة مشتركة مدعمة بوسائل منسجمة‬
‫لتوقيف المخالفين ومجرمي االنترنت واقتسام المسؤوليات بين الدول لمتابعة وجلب‬
‫الخارجين عن القانون‪ .‬ولكنهم يشككون في إمكانية التوافق على ذلك بين كل الدول‬
‫ويرون بأنه سيكون هناك دائما أفراد ومنظمات إجرامية ومافيات إلكترونية ذات أبعاد‬
‫دولية‪.‬‬
‫‪ -‬مقاربة "فردانية" للدول في مجال البيانات الشخصية‪ :‬في مجال حماية البيانات‬
‫الشخصية واستعمالها تقل نسبة التوافق بين الدول‪ ،‬ألن الجميع سيريد حماية بياناته أكثر‬

‫‪139‬‬
‫من جاره (العقلية األمنية‪-‬العسكرية)‪ .‬لذلك فأهم الخوارزميات الترميزية ستبقى محمية‬
‫باعتبارها من أسرار أمن الدول‪ .‬مما قد يؤدي إلى توطين الشبكات وعزلها محليا‪ ،‬على‬
‫غرار التوجه السائد في الصين‪ .‬كما قد يؤدي ذلك إلى تعميق الهوة بين الدول الفقيرة‬
‫والدول الغنية في هذا المجال‪.‬‬

‫وفي األخير‪ ،‬تجدر اإلشارة إلى موضوعين يرى "أ‪ .‬برنار" (‪)Alain Bernard‬‬
‫‪ )www.gesfor.es,‬أنه يجب أن يشغال بالنا في العشريتين القادمتين‪:‬‬ ‫(‪3-11-2007, p.28‬‬

‫احترام الكائن البشري (حرياته األساسية وخصوصياته واجتماعيته)‪ ،‬والملكية الفكرية ألنها‬
‫محرك اقتصادي قوي ومصدر جدل قانوني قد يهدد حرية اإلبداع‪ .‬إضافة إلى هاجس‬
‫ثالث يخصنا في الجنوب وهو تعميق الفجوات الرقمية بيننا وبين الدول الشمالية المتقدمة‪.‬‬

‫‪140‬‬
‫ملحق معجمي بأهم المصطلحات األجنبية‬

‫تقنية بث هاتفية رقمية فائقة السرعة‪ADSL (Asymetric Digital Subscriber Line) :‬‬
‫‪Analogique :‬‬ ‫تماثلي‪.‬‬
‫‪Anonymity :‬‬ ‫الغفلية‪-‬المجهولية‪-‬التنكير‪.‬‬
‫‪Biometrics:‬‬ ‫وسائل الكشف واإلثبات البيولوجية اإلحصائية‪.‬‬
‫‪Biopiracy:‬‬ ‫القرصنة الحيوية‪.‬‬
‫"البتات" وهي سلسلة متكونة من ‪ 8‬وحدات ‪Byte (Sing. BIT: BInary digiT) (Fr. Octet):‬‬
‫قياسية رقمية أساسها ‪ 0‬و ‪ .1‬ومفردها يعني وحدة قياس‬
‫البيانات الرقمية‪.‬‬
‫‪Blog :‬‬ ‫"البلوغ" أو "المدونة الشخصية" على صفحات االنترنت‪.‬‬
‫‪Bug :‬‬ ‫عطل ‪-‬تخريب‪ -‬معلوماتي‪.‬‬
‫‪CD Rom :‬‬ ‫قرص مضغوط للتسجيل الرقمي‪.‬‬
‫‪Cookies :‬‬ ‫"الكعكات" وهي برامج معلوماتية تستعمل في تقفي أثر رواد‬
‫االنترنت‪.‬‬
‫‪Dependency :‬‬ ‫االعتمادية‪ -‬التبعية‪.‬‬
‫‪DNA (ADN) :‬‬ ‫"بصمة" الحمض النووي (البصمة الوراثية)‬
‫‪DVD (Digital Versatile Disc / Digital Video Disc):‬‬ ‫قرص معلومات نصية وسمعية‬
‫بصرية ذو إمكانيات تخزينية أكبر من األقراص الرقمية‬
‫المضغوطة العادية‪.‬‬
‫‪E-mail (Courriel) :‬‬ ‫رسالة إلكترونية‪.‬‬
‫‪Fibres optiques :‬‬ ‫ألياف بصرية‪.‬‬
‫‪Filters (Filtres) :‬‬ ‫مرشحات المعلومات (تراقب وتصفي المعلومات)‪.‬‬
‫‪Firewall (Pare-feu) :‬‬ ‫جدار الحماية األمنية "المعلوماتية"‪.‬‬
‫‪FTP (File Transfer Protocol):‬‬ ‫بروتوكول نقل أو تراسل الملفات‪.‬‬
‫‪GNP Per Capita :‬‬ ‫نصيب الفرد من إجمالي الناتج القومي (الوطني)‪.‬‬
‫‪GDP :‬‬ ‫الناتج المحلي اإلجمالي‪.‬‬
‫‪Groupware (Collecticiel) :‬‬ ‫برنامج معلوماتي يستعمل للعمل الجماعي‪.‬‬
‫‪Hardware :‬‬ ‫اآلالت والمعدات المعلوماتية التي يستعملها اإلنسان‪.‬‬
‫(المعدات)‪.‬‬

‫‪141‬‬
‫لغة وصف الوثائق بواسطة معالم معدة لكتابة ‪HTML (Hyper Text Markup Language):‬‬
‫صفحات "ويب" وخاصة صفحات تحتوي على روابط مع‬
‫صفحات أخرى‪.‬‬
‫بروتوكول تحميل وتحويل النصوص التشعبية‪HTTP (Hyper Text Transfer Protocol): .‬‬
‫‪Hypertext(e) :‬‬ ‫صفحات تحتوي على روابط مع صفحات أخرى‪ .‬أو‬
‫نصوص تشعبية‪.‬‬
‫‪Interface:‬‬ ‫حدود مشتركة بين شخص أو عدة أشخاص و‪/‬أو جهاز أو‬
‫عدة أجهزة‪ ،‬ومثال ذلك‪ :‬الشاشة‪ .‬وتتضمن هذه الحدود‬
‫المشتركة قواعد واتفاقيات يجب احترامها لجعل تبادل‬
‫المعلومات ممكنا‪.‬‬
‫‪Java :‬‬ ‫لغة برمجة أعدت في منتصف التسعينات وتستعمل في‬
‫االنترنت لتبادل تطبيقات خاصة‪.‬‬
‫‪Large(s) bande(s), Bandwidth/Broadband :‬‬ ‫خط رقمي قادر على نقل حجم كبير من‬
‫المعطيات وبوثيرة مرتفعة‪( .‬نطاقات أو موجات عريضة)‪.‬‬
‫‪LCD :‬‬
‫‪Link:‬‬ ‫وصلة (إلى صفحة أخرى في الويب)‪.‬‬
‫‪Modem :‬‬ ‫(مودم) محول للبيانات الرقمية والتماثلية عبر خط هاتفي‪.‬‬
‫وهي أداة أو معدة اتصال تمكن الحاسوب من الوصول إلى‬
‫حاسوب آخر عبر خط هاتفي‪.‬‬
‫‪OGM:‬‬ ‫مواد معدلة جينيا (وراثيا)‪.‬‬
‫‪Open source :‬‬ ‫البرمجيات ذات المصادر المفتوحة‪ .‬وهي مجانية‬
‫االستخدام‪ ،‬التعديل والتوزيع‪.‬‬
‫‪Opérateurs :‬‬ ‫فرق البحث المعلوماتي‪.‬‬
‫شكل لغوي تواصلي وضعته الهيئة المشرفة على "الويب" ‪OWL : Ontology Web Language :‬‬
‫عام ‪ 2004‬في إطار مشروع االنترنت "البياناتي"‪.‬‬
‫األجهزة الرقمية الكفية ‪PDA (Personal Digital Appliances):‬‬
‫شكل تمثيلي عالمي للوثائق أنشأته شركة "أدوب"‪ ،‬ويسمح ‪PDF (Portable Document Format) :‬‬
‫هذا الشكل بقراءة وطباعة أي وثيقة من أي كومبيوتر ولكنه‬
‫ال يسمح بأي بحث توثيقي من خاللها وال بإدخال أي تعديل‬
‫عليها‪.‬‬

‫‪142‬‬
‫‪Phising:‬‬ ‫اختراق للحصول على المعلومات السرية (أرقام بطاقات‬
‫بنكية‪ ،‬ائتمان‪ )...‬بطريقة غير قانونية‪.‬‬
‫‪PIN :‬‬ ‫رقم التحقق الشخصي‪.‬‬
‫‪Pixel :‬‬ ‫نقطة ضوئية‪.‬‬
‫‪Projector :‬‬ ‫جهاز إسقاط الصور على الشاشة البيضاء أو غيرها‪.‬‬
‫‪Provider:‬‬ ‫ُمورد انترنتي‪.‬‬
‫‪P2P (Peer to Peer):‬‬ ‫خدمة تبادل وتقاسم الملفات بين مراكز الزبائن وبنوك‬
‫المعلومات اإللكترونية‪.‬‬
‫لغة وصف وتصنيف وربط بين مصادر بيانات‪RDF (Resource Data Framework) :‬‬
‫‪Serveur:‬‬ ‫هيئة تخزن في حواسيب بنوك معلومات لتضعها في متناول‬
‫الزبائن‪ .‬فهي واسطة بين منتجي البنوك المعلوماتية‬
‫ومستعمليها‪ .‬وتدعى أيضا "ملقمات التخزين"‪.‬‬
‫‪Software:‬‬ ‫المعارف واألفكار واألساليب التي تمكن من استخدام اآلالت‬
‫والمعدات المعلوماتية‪( .‬البرمجيات)‪.‬‬
‫‪Spam :‬‬ ‫اإلرسال المكثف لرسائل إلكترونية غير مرغوب فيها‬
‫ألشخاص تحصل المرسل على عنوانهم اإللكتروني بطريقة‬
‫غير قانونية‪( .‬بريد القمامة)‪.‬‬
‫من بروتوكوالت أو قواعد نقل ‪TCP-IP (Transmission Control Protocol-Internet Protocol):‬‬
‫المعلومات‪ ،‬يتكفل األول بفتح ومراقبة التواصل بين جهازين‬
‫والثاني بضمان نقل وتوجيه الحزم البيانية‪.‬‬
‫تقابلها في العربية‪ :‬التلماتيك أو التلماتية‪ ،‬وهي تخص الوسائل أو األساليب المعتمدة ‪Télématique :‬‬
‫على الكومبيوتر في معالجة المعلومات ونقلها عن بعد‬
‫بواسطة االتصاالت السلكية والالسلكية‪.‬‬
‫‪Terminaux:‬‬ ‫الوصالت النهائية (كومبيوتر‪ ،‬تلفزيون‪.)...‬‬
‫تطلق على جهاز إلكتروني مكون عادة من ‪Transistor (Abrev. : Transconductance Resistor) :‬‬
‫أجسام نصف موصلة لها آثار مضخمة‪ .‬لقد سمح هذا‬
‫الجهاز بإنتاج أجهزة الراديو الصغيرة التي سميت باسمه‪:‬‬
‫‪Radio transistor‬‬
‫‪UHF (Ultrahigh Frequency) :‬‬ ‫ناقل موجة ذو تردد فائق العلو‪.‬‬
‫‪UPS:‬‬ ‫نظام بث عبر األقمار الصناعية‪.‬‬
‫‪VHF (Very High Frequency) :‬‬ ‫ناقل موجة ذو تردد عال جدا‪.‬‬

‫‪143‬‬
‫‪Vulnerability :‬‬ ‫االنكشاف (الثغرات)‪.‬‬
‫‪Webmestre/Webmaster :‬‬ ‫مدير موقع‪.‬‬
‫ويقابلها في العربية "الويب" أو الشبكة وهي مجموعة ‪WWW (Web : World Wide Web) :‬‬
‫مواقع معلوماتية مهيكلة ومرتبطة باالنترنت‪ ،‬وتستعمل‬
‫بروتوكوالت ولغوية رقمية موحدة‪.‬‬
‫أنشأها "تيم برنس‪-‬لي" في أكتوبر ‪ ،1994‬وهي ‪W 3C (World Wide Web Consortium) :‬‬
‫هيئة تشرف على "الويب"‪.‬‬

‫القائمة العامة للمراجع‬

‫أوال) باللغة العربية‬


‫‪ -‬أشرف صالح‪ :‬الطريق السريع للمعلومات ووسائل االتصال واإلعالم في الوطن‬
‫العربي‪ ،‬تونس‪ ،‬األلسكو‪.1999 ،‬‬
‫‪ -‬بشير عبد الرحيم الكلوب‪ :‬التكنولوجيا في عملية التعلم والتعليم‪ ،‬األردن‪ ،‬دار الشروق‬
‫للنشر والتوزيع‪.2005 ،‬‬
‫‪ -‬بالس‪ ،‬توماس (محرر)‪ :‬العنف واإلنسان‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الطليعة للطباعة والنشر‪.‬‬
‫ترجمة وتقديم عبد الهادي عبد الرحمن‪.1990 ،‬‬
‫‪ -‬بومهرة نور الدين‪ :‬التكنولوجيا وعالقات العمل في الجزائر‪ ،‬رسالة دكتوراه دولة‪،‬‬
‫القاهرة‪1989 ،‬‬
‫‪ -‬ذياب البداينة‪ :‬األمن وحرب المعلومات‪ ،‬األردن‪ ،‬الشروق‪.2006 ،‬‬
‫‪ -‬حسن عماد المكاوي‪ :‬تكنولوجيا االتصال الحديثة في عصر المعلومات‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪.1993‬‬
‫‪ -‬سعد محمد الهجرسي‪ :‬االتصاالت والمعلومات والتطبيقات التكنولوجية‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫دار الثقافة العلمية‪.2001 ،‬‬
‫‪ -‬سعيد الغريب النجار‪ :‬تكنولوجيا الصحافة في عصر التقنية الرقمية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الدار‬
‫المصرية اللبنانية‪.2003 ،‬‬
‫‪ -‬شريف درويس اللبان‪ :‬تكنولوجيا االتصال‪ ،‬الدار المصرية‪.2000 ،‬‬

‫‪144‬‬
‫‪ -‬عباس مصطفى صادق‪ :‬اإلعالم الجديد‪ ،‬دراسة في مداخله النظرية وخصائصه‬
‫في‪.arabmediastudies.net,26/12/2007 :‬‬ ‫العامة‪.‬‬
‫‪ -‬عبد الباسط محمد عبد الوهاب محمد‪ :‬استخدامات تكنولوجيا االتصال في اإلنتاج‬
‫اإلذاعي والتليفيزيوني‪ ،‬اليمن‪ ،‬المكتب الجامعي الحديث‪.2005 ،‬‬
‫‪ -‬عبد المجيد شكري‪ :‬تكنولوجيا االتصال‪ ،‬مصر‪ ،‬دار الفكر العربي‪.1996 ،‬‬
‫‪ -‬عيساوي‪ ،‬أحمد‪" :‬أفالم العنف وصناعة اإلرهاب"‪ ،‬أسبوعية الشروق الثقافي‪،‬‬
‫العدد ‪ ،8‬الجزائر‪.1993 ،‬‬
‫‪ -‬طافر زهير و بوسهمين أحمد‪ :‬اآلثار االجتماعية لتكنولوجيات االتصال الحديثة في‬
‫الجزائر‪ :‬حالة االنترنت والهاتف النقال‪ ،‬المجلة الجزائرية للدراسات السوسيولوجية‪،‬‬
‫العددان الثاني والثالث‪.164 -141 ،2007 ،‬‬
‫‪ -‬فضيل دليو‪ :‬وسائل االتصال وتكنولوجياته‪ ،‬جامعة منتوري قسنطينة‪ ،‬الجزائر‪.2002 ،‬‬
‫‪ -‬ڤاندانا شيفا‪ :‬حقوق الملكية الفكرية‪ :‬حماية أم نهب؟‪ ،‬الرياض‪ ،‬دار المريخ‪.2005 ،‬‬
‫تعريب‪ :‬السيد أحمد عبد الخالق ( ‪Protect or Plunder? Understanding‬‬
‫‪.)Intellectual Property Rights, By Vandana Shiva, Zed Books, 2001‬‬
‫‪ -‬محمود علم الدين‪ :‬تكنولوجيات المعلومات واالتصال ومستقبل صناعة الصحافة‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬السحاب للنشر والتوزيع‪.2005 ،‬‬
‫‪ -‬محمود علم الدين ومحمد تيمور عبد الحسيب‪ :‬الحاسبات اإللكترونية وتكنولوجيا‬
‫االتصال‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار الشروق‪.1997 ،‬‬
‫‪ -‬مكلفين‪ ،‬ر‪ .‬و غروس‪ ،‬ر‪ :.‬مدخل إلى علم النفس االجتماعي‪ ،‬األردن‪ ،‬دار وائل‬
‫للنشر (ترجمة ياسمين حداد وآخرين)‪.2002 ،‬‬
‫‪ -‬مكاوي‪ ،‬حسن عماد و السيد‪ ،‬ليلى حسين‪ :‬االتصال ونظرياته المعاصرة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الدار‬
‫المصرية اللبنانية‪.1998 ،‬‬

‫ثانيا) باللغات األجنبية‪:‬‬


‫‪- ALBERT, P., Leteinturier, Ch.: Les médias dans le monde, Paris, ellipses,‬‬
‫‪1999.‬‬
‫‪- ALIPHAT, P., Berdugo, A.: Systèmes d’information de l’entreprise, 11 cas‬‬
‫‪pratiques, Paris, Hermes, 1997.‬‬

‫‪145‬‬
- ALVERGNAT, Cécile: Protection de la vie privée, in : MICHAUD, Yves
(dir.) : Qu’est-ce que les technologies?, vol. 5, Paris, Odile Jacob, 2001,
pp. 192-200.
- ANDERSON, C. A. : An update on the effect of violent video games. Journal
of adolescnce, 27, 2004, 113-122.
- ANDERSON, C. A. & BUSHMAN, B. J.: Effect of violent video games on
aggressive behavior, aggressive cognition, aggressive affect,
physiological arousal, and prosocial behavior: a meta-analytic
review of the scientific literature. Psychological Science, 12, 2001,
353-359.
- BALLE, Francis: Médias et sociétés (9 éd.), Paris, Montchrestien, 1999.
- BARLOW, J.P.: “The economy of ideas“, Wired, Mars 1994, p. 84-85.
- BARON, George Louis & BRUILLARD, Eric (dr.): Les technologies en
éducation, Paris , MSH , 2002.
- BASLÉ, M. & PÉNARD, T. (éd.): eEurope: La société européenne de
l’information en 2010, Paris, Economica, 2002.
- BAYLOU, Ch., Mignot, X.: La communication, Paris, Nathan 1999
- BENJAMIN, I & BLUNT, J.: Critical IT Issues: The Next Ten Years, Sloan
Management Review, Summer 1992.
- BENTON Foundation: Buildings, Books and Bytes… The digital Age…
1996
- BERGER, Chaffee: 1986.
- BERTRAND, C-J. (dr.): Médias, Paris, Ellipses,1999.
- BLANDIN, Annie : Accès concurrentiel et ou universel à Internet : les enjeux
juridiques, in : MICHAUD, Yves (dir.) : Qu’est-ce que les technologies?,
vol. 5, Paris, Odile Jacob, 2001, pp. 301-318.
- BORSMENU, G. & BEAUDRY, G.: Le nouveau monde numérique: Revue
Univ., Paris, La découverte, 2002.
- BRETON, Ph., Proulx, S. : L’explosion de la communication à l’aube du
XXIème siècle, Paris, La découverte, 2002.
- BRUNEL, G., Lafont, S. : Les technologies de l’information, Paris, P.U.F,
1998.
- CALENGE, B.: Technologies de l'information dans les universités, BBf, T41
N° 1.
- CASTELLS, Manuel: La société en réseaux: l'ère de l'information, Paris,
Fayard, 1998
- CLOUTIER, Jean. : Petit traité de communication, Canada, Carte blanche,
2001.
- COLECCHIA, A., & SCHREYER, P.: ICT investment and economic growth
in the 1990s: Is the United State a unique case? A comparative study of
nine OECD countries. Science, Technology and Industry working papers,
2001.
- Commissariat Général du Plan: Les métiers face aux technologies de
l'information, Paris, La documentation française, 2003

146
- CONTINET, N.: Redéfinir les TIC pour comprendre leur impact sur
l'économie, Hermes N° 44, Paris, CNRS, 2006
- DAGNAUD, Monique : Les artisans de l'imaginaire, Armand Colin, 2006.
- DAM, K.W. : « Self help in the digital jungle », Journal of Legal Studies, vol.
28, n°2, p. 393-412, 1999.
- DOMMERING, E.J. : «Copyright being washed away through the elctronic
sieve. Some thoughts on the impending copyright crisis», in P.B.
Hugenholtz (dir.), The future of copyright in a digital environment,
Kluwer Law International, La Hague, Londres, Boston, p.1-12, 1996
- DOWNES, T.: Children & Electronic Media in Home. In J. Wright & D.
Benzie (Eds.), Exploring on a New Partnership: Childre, Teachers &
Technology (pp. 203-214). Amsterdam: Elsevier Science Publishers.
- DWYER, T.: Estrategias heurísticas para enriquecer la educación mediante el
uso del computador, Revista de Informatica Educativa, 8(3), 211-
227,1995.
- EASTIN & GRIFFITHS: "Beyond the shooter game". Communication
Research, Vol. 33, 6, 2006, pp. 448-466.
- ESTEOULE, B.: La maîtrise de l'information scientifique et technique, BBF,
2002, T 40 N°1.
- FARRAR, K.M. et al.: "Contextual features of violent video games, mental
models, and aggression". Journal of Communication, 56, 2006, pp.
387-405.
- FELDMANN, Maryann P. : La révolution d’Internet et la géographie de
l’innovation, Revue internationale des Sces. Soc. N°171, 2002/1, in :
www.cairn.info.2005.
- FORTĖ, E. N. & al.: The ARIADNE Project: Knowledge Pools for
Computer Based and TelemaTIC Supported Classical, Open & Distance
Education, Paper presented at the AAUC Ariadne Academic Users Group
Conference, Lucerna, Switzerland, 1998.
- FRIEDMAN, D. : “A World of strong privacy: Promises & Perils of
Encryption”, Social Philosophy And Policy, vol. 13, n°2, 1996.
- GALINON-MÉLÉNEC, Béatrice: Projet et communication dans les
universités, ed. d'Organisation, 1991.
- GALLAND, Blaise : La ville artificielle, ou les réalités du virtuel, Genève,
Georg, 1995.
- GALVIS, H. A.: Oportunidades educativas de las TIC, en http://metacursos
.com, 27/10/2007.
- GERMAIN, Michel: L’Intranet, Economica, Paris, 1998.
- GINGRA, Anne-Marie: Médias et démocratie, P.U. du Québec, 1999.
- GRANADOS DIAZ, Jorge Enrique : TIC : Un comparativo entre América
Latina y le G7, en : Jorge Granados@itesm.mx,07-2004 (Nueva
economía, Internet y tecnología).

147
- GRIZE, François : Communication des informations, des idées et des
personnes, Actes du Deuxième Colloque Transfrontalier, Université de
Lausanne, 1994.
- GUILLAUME, Marc: Le génie des réseaux et de la communication, in :
SFEZ, Lucien (dir.) : Dictionnaire critique de la communication, Paris,
PUF, 1993, 296-305.
- HAAG, S., CUMMINGS, M., & McCUBBREY, D. J.: Management
information systems for the information age, (4th Edition), New York:
McGraw-Hill, 2004.
- HAMILTON, D.: Technology man and environment, Faber and Faber Ltd.,
London, 1988.
- HUSTON, A.C. & al. : How young children spend time : Television and other
activities. Developmental psychology, N° 35, 1999, 912- 925.
- LAMIZET, Bernard : Les lieux de la communication, Liège, Mardaga, 1992.
- LAMIZET, Bernard: Histoire des médias audiovisuels, Paris, ellipses, 1999
- LAZAR, Judith: La science de la communication, Paris, P.U.F, 1992.
- LLORENTE, S., BERNETE, F., BECERRIL, D.: Jóvenes, relaciones
familiares et tecnologías de la información y de la comunicación, Madrid,
Instituto de la Juventud / CIS, 2004.
- MADEUF, B.: L'Ordre technologique internationale, N° 464. 2 Nov.1981.
- MAHERZI, Lotfi (Réd.) : Les médias face aux défis des nouvelles
technologies, 2éme Ed., Paris, Unesco, 1997.
- MARTIN, Thomas-Xavier : Insécurité informatique : épouvantails et dangers
réels de la révolution numérique, in : MICHAUD, Yves (dir.) : Qu’est-ce
que les technologies?, vol. 5, Paris, Odile Jacob, 2001, pp. 180-191.
- MARTINEZ, Andrea: La violence et la télévision: état des connaissances
scientifiques, CRTC, Canada, 1990.
- MEZIANE, Med. : La communication et les nouvelles techniques de
l’information, Alger, El Ayam, 2001
- MICHAUD, Yves (dir.) : Qu’est-ce que les technologies?, vol. 5, Paris, Odile
Jacob, 2001.
- MICHEL, J.: Les documentalistes et Internet, bulletin d'information, 1998, N°
182
- MOULINE, Aziz : Positionnement des firmes européennes dans la Net
économie, in : BASLÉ, M. & PÉNARD, T. (éd.): eEurope: La société
européenne de l’information en 2010, Paris, Economica, 2002, pp. 251-
270.
- MUCCHIELLI, A.: Etude des communications: le dialogue avec la
technologie, Paris, Armand Colin, 2006.
- MUSSO, Pierre : Offre et demande de biens de communication, in : SFEZ,
Lucien (dir.) : Dictionnaire critique de la communication, Paris, PUF,
1993, pp. 293-296.
- NICOLAS, Adolphe: 2050 Rendez-vous à risques, Paris, Belin, 2004.

148
- OECD Reviewing the ICT sector definition: Issues for discussion. Working
party on indicators for the information society. Stockholm, 25-26 April
2002.
- OLIVESI, Stéphane : La communication au travail, Grenoble, P.U.G., 2002.
- OLIVESI, Stéphane : La communication selon Bourdieu, Paris, l'Harmattan,
2005.
- OLLIVIER, Bruno : Observer la communication, Paris, CNRS, 2000.
- ONU : Division de la population, 2000-2002, et révision 2002.
- PATEYRON, E-A, ROBERT, Salmon: Les nouvelles technologies de
l'information et l'entreprise, Paris, economica, 1996.
- PACEY, A.: The culture of technology, Cambridge Mass, The MIT Press
PewInternet & American Life Project, 1994.
- PENARD, Thierry : Stratégies et concurences dans la Net-économie, in:
BASLÉ, M. & PÉNARD, T. (éd.): eEurope: La société européenne de
l’information en 2010, Paris, Economica, 2002, 13-49.
- PERRIN, Jacques : Transfert des technologies, Paris, La découverte, 2ème
éd.1984.
- PETER, J. & VALKENBURG, P.M.: "Adolescents' exposure to sexually
explicit material on the Internet". Communication Research,Vol.33,
2, 2006, pp. 178- 204.
- RENAUD, Isabelle: Cogitation virtuelle: débats et enjeux sociaux sur
Internet, Mémoire maître és arts (M.A), faculté des Sciences Sociales,
Université Laval, Nov.1997. publié sur le site
www.yahoo.enseignement.fr le 28/10/2000.
- ROBERT, Pascal.: La logique politique des TIC, Presses Universitaires de
Bordeaux, 2005
- ROCHELANDET, Fabrice : Le droit d’auteur européen à l’heure numérique,
in : BASLÉ, M. & PÉNARD, T. (éd.): eEurope: La société européenne de
l’information en 2010, Paris, Economica, 2002, pp. 319- 347.
- SANTUCCI, G. : Quinze ans de recherche et de développement
technologique au plan communautaire dans les applications sociétales
TIC : bilan et perspectives européennes, in : BASLÉ, M. & PÉNARD, T.
(éd.): eEurope: La société européenne de l’information en 2010, Paris,
Economica, 2002, pp. 352- 408.
- SFEZ, Lucien (dir.) : Dictionnaire critique de la communication, Paris, puf,
1993.
- SHERRY, J. L.: The effect of violent video games on aggression: a meta-
analysis. Human Communication Research, 27, 2001, 409-431.
- SMITH, S. L. et al. : Violence in television programming: University of
California, Santa Barbara study. In National Television Violence Study
(Vol. 3, pp. 5-220). Newbury Park, CA: Sage, 1998.
- STERLING, Bruce: "The Virtual City", http://riceinfo.rice.edu/projects/RDA/
VC/ Sterling/Sterling_VirtualCity, 2004.

149
- SUIRE, Raphaël & VICENTE, Jérôme: Net-économie et localisation des
entreprises, in : BASLÉ, M. & PÉNARD, T. (éd.): eEurope: La société
européenne de l’information en 2010, Paris, Economica, 2002, 89-117.
- TAMBORINI, R. et al.: Violent virtual video games and hostile thoughts.
Journal of Broadcasting and Electronic Media, 48, 2004, 335-357.
- TREMBLAY, Gaeton et SĖNĖGAL, Michel: , 1987
- VASSEUR, Frédéric: les médias du futur, Paris, Puf,1993.
- VIARD, Jean, La société d'archipel. Ou les territoires du village global, Les Editions
de l'Aube, 1994.
- VIVANT, Michel : Propriété intellectuelle et nouvelles technologies. A la
recherche d’un nouveau paradigme, in : MICHAUD, Yves (dir.) : Qu’est-
ce que les technologies?, vol. 5, Paris, Odile Jacob, 2001, pp. 201-210.
- WOLTON, Dominique: Penser la communication, France, Flammarion,
1997.
- WIERVIORKA, M: La violence, Paris, Ed. Ballan, .(2004).
- WOLF, M. J. : The entertainment economy: How mega-media forces are
transforming our lives. New York. Three Rivers Press, 2003.
- WOLFGANG, Donsbach: The identity of communication research. Journal
of Communication, 56, 2006, 437-448.
- WOLTON, Dominique: Internet et après, une théorie critique des nouveaux
médias, Paris, Flammarion, 1999.
- YOGIL, Limore : Internet et les droits individuels, France, Cerf, 2006.
- ZILLMANN, D. & VORDERER, P. (Eds.) : Media entertainment: The
psychology of its appeal. Mahwah, NJ: Erlbaum, 2000.

:‫ثالثا) الدوريات‬
- Technologies de l’information et société N°03, 1994.
- Hermes, Journal of communication N° 1996
- Manière de voir, N° 46, Juillet-Aout 1993 :Révolution dans la communication
- La Recherche (Mensuel français), N°413, 2007. : L’Internet du futur.
- La Tribune, Quotidien français, 03-5-2007, 37
- Essafir (Le mobile), Supplément hebdomadaire, Alger: 3-9 Sept 2007, 3

:)Webographie( ‫رابعا) المراجع اإللكترونية‬

www.chihab.net, :‫ في‬،‫ تكنولوجيات االتصال والمعلوماتية في الجزائر‬:‫ طوالبية أحمد‬-


28-1-2008.
arabmediastudies.net
http://metacursos.com
http://www.usherb.ca/performa/tic/definition/tic.htm
Katz, John : selfish society ; http://slashdot.org/features/00/07/24/202207.shtml

150
‫‪Wikipedia.com‬‬
‫)‪www.oneword.org/euforic/eadi/97marfr.htm (Marshal, J. 1997. NTIC‬‬
‫‪www.acfas. ca/congres‬‬
‫‪www.tech-quimper.fr‬‬
‫‪www.cedric.cnam.fr/ABU‬‬
‫‪www.markess.fr‬‬
‫‪www.ine.es‬‬
‫‪www.eurostat.com‬‬
‫‪www.futura-science.com, 14-11-2005.‬‬
‫‪www.inegi.gob.mx‬‬
‫‪www.ituarabic.org, 12.2.2008‬‬
‫‪www.unesco.org/bangkok/education/ict/unescoprojects/JFIT/perf‬‬
‫‪indicators/proposedind.htm.‬‬
‫‪Communication au colloque : The Impacts of Information Technologies On‬‬
‫‪Urban Form And Life, Monte Verità, Ascona, Novembre 1995, 5.‬‬
‫???????????????????????????????????????????????????????‪L’AUTEUR‬‬

‫المراجع‬
‫‪ -‬أبــو عرقــوب إبـراهيم‪ :‬االتصــال اإلنســاني ودوره فــي التفاعــل االجتمــاعي‪ ،‬عمــان‪ ،‬دار ‪1‬‬
‫‪1993.‬مجدالوي‪،‬‬
‫‪ -3 ،1986.‬بن نبي مالك‪ :‬ميالد مجتمع‪ ،‬الجزائر‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬ط‪2.‬‬
‫‪ -1969.‬بن نبي مالك‪ :‬شروط النهضة‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬ط‪3،3 .‬‬
‫‪ -‬الجابري محمد عابد‪" :‬العولمة والهويـة الثقافيـة‪ :‬عشـر أطروحـات"‪ ،‬المسـتقبل العربـي‪4 ،‬‬
‫‪ ،22-14.‬ص ص‪1998.‬رقم ‪2‬‬
‫زئــر‪ ،‬دي ـوان المطبوعــات ‪5‬‬
‫‪ -‬دليــو فضــيل‪ :‬مقدمــة فــي وســائل االتصــال الجماهيريــة‪ ،‬الج ا‬
‫‪1998.‬الجامعية‪،‬‬
‫رلـ ــد‪ :‬فـ ــخ العولمـ ــة‪ :‬االعتـ ــداء علـ ــى الديمقراطيـ ــة ‪6‬‬
‫‪ -‬مـ ــارتين هـ ــانس‪-‬بيتـ ــر و شـ ــومان ها ا‬
‫‪1998 ،‬والرفاهية‪ ،‬سلسلة عالم المعرفة‪ ،‬الكويت‪ ،‬المجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب‪،‬‬
‫ترجمة عدنان عباس علي‪.‬‬
‫‪ ،13-4.‬ص ص‪ -2 ،1998.‬السيد يسين‪" :‬في مفهوم العولمة"‪ ،‬المستقبل العربي‪ ،‬رقم‪7‬‬
‫‪ -‬عزي عبد الرحمن‪" :‬اإلعالم والبعد الثقافي‪ :‬مـن القيمـي إلـى المرئـي"‪ ،‬مجلـة التجديـد‪8 ،‬‬
‫‪ ،‬ص ص‪1997.145-125 .‬الجامعة اإلسالمية العالمية بماليزيا‪ ،‬العدد‪،1‬‬

‫‪151‬‬
9 ‫ سلس ــلة ع ــالم‬،‫ الفض ــاء الخ ــارجي واس ــتخداماته الس ــلمية‬:‫ عرج ــون محم ــد به ــي ال ــدين‬-
،‫ المجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب‬،‫ الكويت‬،‫المعرفة‬1996.
10 ‫ قســم عل ــوم‬،‫ رس ــالة ماجس ــتير‬،"‫ "االتصــال ال ــدولي والتجــانس الثق ــافي‬:‫ فيالل ــي ليل ــى‬-
،‫ جامعة الجزائر‬،‫اإلعالم واالتصال‬2000-1999.

11- BETTETINI, Gianfranco & COLOMBO, Fausto : Las nuevas tecnologías de la


comunicación, Barcelona, Paidós, 1995. Trad. Juan Carlos Gentile Vitale.
12- BOUTAIN Yann: « A la découverte d’Internet », Revue Le guide d’Internet et du
Multimedia », France, Continental one, Juillet/Aout 1996, pp.15-17.
13- CALDUCH, R.: Dinámica de la sociedad internacional, Madrid, Centro de
Estudios Ramón Areces, 1993.
14- EUDES, Yves: La colonización de las conciencias: las centrales USA de
exportación cultural, México, Gustavo Gili, 1984.
15- Encyclopédie « ENCARTA », 1997.
16- LOPEZ ESCOBAR, E : Análisis del « nuevo orden » internacional de la información, Pamplona, Ed. Universidad
de Navarra, 1978.
17- LESGARDS, Roger: « L’Empire des techniques », Revue Manière de voir, n°28, Paris, 1995, pp. 29-31.

18- MATTELART Armand: Multinationales et systèmes de comunication. Les


appareils ideologiques de l’imperialisme, Paris, Anthropos, 1976.
19- MURCIANO, Marcel : Estructura y dinamica de la comunicación internacional,
Barcelona, Bosch, 1992.
20- NORA, Dominique: Les conquérants du cybermonde, Paris, Calman Levy,
1995.
21- NÚÑEZ de PRADO y CLAVEL, SARA & MARTÍN-DÍEZ, Ma. Antonia:
Estructura de la comunicación mundial, España, Universitas, 1996.
22- NÚÑEZ LADAVEZE, Luis: « Para un tratamiento autonómico de la noción y las
funciones del medio de comunicación social », Madrid, REIS, N° 22; 1983.
23- PORCHER, Louis: Vers la dictature des medias?, Paris, Hatier, 1985.
24- QUIROS FERNANDEZ, F: Curso de estructura de la información, Madrid,
Centro de Estudios Ramón Areces, 1991.
25- SIDHOUM, Nabila: « La démonopolisation du secteur audiovisuel des pays du
Maghreb: étude de cas: l’Algérie, la Tunisie, le Maroc »,Revue Naqd, n° 8/9, pp.7-
15.
26- TIMOTEO ALVAREZ, Jesús: Historia y modelos de la comunicación en el
siglo xx: el nuevo orden informativo, Barcelona, Ariel, 1992

152
‫‪-----------------------------------------‬‬

‫المحتويات (وبعض مرجعياتها)‬


‫مقدمة‬
‫‪ -1‬تعريف تكنولوجيا االتصال الجديدة )‪:)TIC/NTI/ NTC/NTIC‬‬
‫التكنولوجيا‪ /‬االتصال‪ /‬تكنولوجيا االتصال الجديدة (فضيل‪ ،133:‬محمد‬
‫مزيان‪)23/22:‬‬
‫‪ -2‬التطور التاريخي لوسائل االتصال وتطبيقاتها الكبرى‪ :‬من الوسائل التقليدية‬
‫إلى التكنولوجيات الجديدة ( ‪Breton:chap1 , Albert, Lamizet:chap1,‬‬
‫‪)Bertrand: 112-118‬‬
‫‪ -3‬المبادئ التقنية لـ(‪ )NTIC‬ووسائلها(‪)Bertrand :chap7: 108-111‬‬
‫‪ -4‬خصائص (‪ )NTIC‬واستعماالتها (محمد مزيان‪Bertrand : 52 ،46،47 :‬‬
‫‪)chap11,‬‬
‫‪ -5‬تأثيرات (‪ )NTIC‬ونتائجها (محمد مزيان‪Bertrand 72-54،65/52-47:‬‬
‫‪):fin chap7,‬‬
‫‪ -6‬مخاطر تكنولوجيا االتصال الجديدة وأخالقياتها(شريف درويس‪Bertrand : ،‬‬
‫‪)chap15,‬‬
‫‪ -7‬األبعاد الدولية لـ (‪Bertrand: chap6, Albert :chap2, ()NTIC‬‬
‫‪)Murciano‬‬
‫‪ -8‬الـ ‪ : NTIC‬اآلفاق والرهانات (من خالل العروض والملخصات)‬

‫العروض‪:‬‬
‫‪ -1.8‬النظريات المتعلقة بالتكنولوجيا الجديدة لإلعالم واالتصال(قوة التأثير‪،‬‬
‫االستعماالت‪)...‬‬
‫‪ -2.8‬مجتمع المعلومات (محمد مزيان‪ /22،23:‬محمد لعقاب‪) Lamizet :171-180/‬‬

‫‪153‬‬
)Breton :303-308 , Albert:chap2( ‫ والعولمة‬NTIC ‫ الـ‬-3.8
‫ تكنولوجيا االتصال الجديدة والعملية التربوية التعليمية‬-4.8
)Baylon:375-390, Breton:289-302( ‫ االنترنت والعالم االفتراضي‬-5.8
)Breton:191-248 , Bertrand: chap13( ‫ والديمقراطية‬NTIC ‫ الـ‬-6.8
)Pateyron(‫ والمؤسسات‬NTIC ‫ الـ‬-7.8
)‫ والصحافة (الصحافة اإللكترونية‬NTIC ‫ الـ‬-8.8
‫ الكتاب اإلكتروني‬-9.8
‫ ووسائل اإلعالم العلمي والتقني بالمكتبات‬NTIC ‫ الـ‬-10.8
‫ والبيئة‬NTIC ‫ الـ‬-11.8
)‫ (االتصال البيئي‬-12.8
‫ والمدينة‬NTIC ‫ الـ‬-13.8
)‫ إشكالية حياد تكنولوجيا االتصال الدولي (فضيل‬-14.8

:‫ تلخيص المواضيع اآلتية من اللغات األجنبية‬: ‫ملخصات‬

-Pourquoi le monde va changer avec les NTIC?


-Espaces virtuels: la fin du territoire?
-L'impact des technologies de l'information et de la communication sur la vie
et la forme urbaine.
- Espace régional et espace virtuel
-Etudier, comprendre et gérer l'environnement construit
-La ville virtuelle
-Réalités virtuelles et multimédia: vérités construites et rêves éveillés
-La réalité de la virtualité: L'impact culturel des technologies de l'information
- Les identités urbaines
-Dynamique des réseaux et société
-Une éthique Homme-Technique-Environnement : conclusion du livre:
Transformations techniques et sociétés: Eléments pour une problématique
HTE
-Nouvelles techniques de fichage et de contrôle : Qui a peur de Big Brother ?
-Le nouvel ordre Internet
-Jeter les bases d’une information éthique
-Le cinquième pouvoir
- Surveillance totale
- Internet et la folie des weblogs

154
- Les laissés pour compte du cyberespace
- Télécommunications: les échecs d'une révolution
- Les tentacules du système Schengen
- Une mémoire audiovisuelle qui s'estompe en silence

- Media technology and social change


- Globalisation and the future

- Introducción a la ecología de la comunicación

155

You might also like