You are on page 1of 12

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬

‫أمــــا بعــــد ‪!..‬‬

‫الحمد هلل‪:‬‬
‫أحمده تعالى على جزيل إنعامه وإ ْفضاله ‪ ،‬وأشكره على جلي ِل إحسانه ونواله ‪ ،‬وله الحم ُد‬
‫ت جالله ‪ ،‬وله الحم ُد على ْعدله قَدَراً وشرعا ً ‪ ،‬وله‬ ‫ت كمال ِه ونعو ِ‬ ‫على أسمائ ِه الحسنى وصفا ِ‬
‫الحم ُد في اآلخر ِة واألولى وهو الحكي ُم الخبير ‪ ،‬وأشهد أن ال إله إال هللاُ وحده ال شريك له‬
‫س في‬ ‫والوزير ‪ ،‬وتق ّد َ‬
‫ِ‬ ‫ك‬
‫العلي الكبير ‪ ،‬تعالى في ألوهيته وربوبيت ِه عن الشري ِ‬ ‫ُّ‬ ‫ق‬ ‫ك الح ُّ‬ ‫ال ِمل ُ‬
‫ت‬
‫ت كمال ِه ونعو ِ‬ ‫والولي والنصير ‪ ،‬وتن َّزه في صفا ِ‬ ‫ِّ‬ ‫ص َمديتِه عن الصاحب ِة والول ِد‬ ‫أ َح ِديَّتِه و َ‬
‫ب‬
‫نازع وال ُمغال ِ‬
‫ِ‬ ‫سلطان قَهره وكما ِل قـدره عن ال ُم‬ ‫ِ‬ ‫جاللِه عن ال ُكفء والنظير‪ ،‬وعـ َّز في‬
‫طعم وال ُمجير ‪ ،‬فسبحانه ما أعظ َمه وأحل َمه‪،‬‬ ‫وغنَاهُ عن ال ُم ِ‬ ‫شير ‪ ،‬وج َّل في بقائه ِ‬ ‫وال ُمعي ِن وال ُم ِ‬
‫توكلت وإليه ُأنيبُ ‪ ،‬وهو حسبي ونعم الوكيل‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وما أجَّله وأكملَه ‪ ،‬عليه‬
‫من أيـن أبدأ والمحامـد كلهـا لك يا مهيمن يا مص ُور يا ص ْمد‬
‫فاعتذرت ولم أز ْد‬ ‫ُ‬ ‫قدرك‬ ‫احترت في أبهى المعاني أن تفي بجالل ِ‬ ‫ُ‬
‫كاشف الضـرَّاء ‪ ،‬معطي السـراء‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫جزيل العطاء ‪ ،‬مس ِدي النَّعماء ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫الحمد هللِ على‬
‫المتكفل باألقوات ‪،‬‬
‫ِ‬ ‫هر والقَ ْدر ‪ ،‬الحمد هلل‬ ‫عالي القَ ِ‬ ‫ْ‬ ‫عالم الس ِّر والجهر ‪ ،‬الحمد هلل‬ ‫الحمد هلل ِ‬
‫المرجو في األزمات‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫ف الكربات ‪،‬‬ ‫ب عند ك ْش ِ‬ ‫المدعو عند المدلَ ِه َّمات ‪ ،‬المطلو ِ‬ ‫ِّ‬
‫أمر يسَّره ‪ ،‬وعلى كل‬ ‫ص َرفها ‪ ،‬وعلى ك ِّل ٍ‬ ‫الحمد هلل على كل نعم ٍة أنعم بها ‪ ،‬وعلى كل بليِّ ٍة َ‬
‫ث لَطَف فيه‪.‬‬ ‫قضا ٍء ق َّدره ‪ ،‬وكل مكرو ٍه كفاه ‪ ،‬وكلِّ حاد ٍ‬
‫الحمد هلل كم أعطى من النعيم ‪ ،‬كم َمنَح من الخير العميم ‪ ،‬كم تفضَّل به من النوال الجسيم ‪،‬‬
‫انصرفت نقَ ُمه ‪ ،‬تضاعف كر ُمه‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ع َّمت نع ُمه ‪،‬‬
‫الحمد هلل على تمام ال ِمنة ‪ ،‬الحمد هلل بالكتاب والسنة ‪ ،‬الحمد هلل على نعم ِة اإلسالم ‪ ،‬وتواتر‬
‫ت أقوالُه الحمد هلل ُموْ لِى الجميل ‪،‬‬ ‫ُنت أفعالُه ‪ ،‬ت َّم ْ‬ ‫توالت أفضالُه ‪ ،‬ع َّم نوالُه ‪َ ،‬حس ْ‬ ‫ْ‬ ‫اإلنعام ‪،‬‬
‫ق من‬ ‫ك في القليل ‪ ،‬أجو ُد َم ْن أعطى ‪ ،‬وأصد ُ‬ ‫بار ُ‬ ‫واهبُ العطا ِء الجزيل ‪ ،‬شافي العليل ‪ ،‬ال ُم ِ‬
‫أوفى‪.‬‬
‫كالحيران كالساهي‬ ‫ِ‬ ‫يا غافالً عن إل ِه الكون يا الهي تعيش عمرك‬
‫ارج ْع إلى هللاِ واقص ْد بابه كرما ً وهللاِ وهللاِ ال تلقـى سـوى هللا‬
‫َم ْن قَبِله فهو المقبول ‪َ ،‬م ْن حاربه فهو المخذول ‪َ ،‬م ْن التجَأ إليه ع َّز ‪َ ،‬م ْن ت َّوكل عليه كفاه ‪،‬‬
‫صمه ‪َ ،‬م ْن بارزه َحطَمه ‪َ ،‬م ْن أشرك به أحرقه ‪َ ،‬م ْن نا َّده‬ ‫َم ْن أطاعه تواله ‪َ ،‬م ْن نازعه قَ َ‬
‫م َّزقه‪.‬‬
‫بالـدم يُكتـبُ‬
‫ِ‬ ‫وصـار كتابُ الحـبِّ‬ ‫َ‬ ‫ص ْغنا من الدمع قصةً‬ ‫فو هللاِ لو ُ‬
‫الجمر نُسحبُ‬‫ِ‬ ‫النار نُشوى أو على‬ ‫ِ‬ ‫و ِسرْ نا على األجفا ِن نمشي محبةً على‬
‫لما بـلغـت ما تستحق جهـودنا فكـل ولو نـال المشقـة مـذنـب‬
‫النبي الخاتم ‪ ،‬واإلما ُم المعصوم ‪ ،‬واألسوةُ الحسنة ‪ ،‬والقدوةُ‬ ‫ُّ‬ ‫وأشهد أن محمداً رسو ُل هللا ‪،‬‬
‫الحواضر والبوادي ‪ ،‬وزينةُ النوادي ‪ ،‬أعظم هادي ‪ ،‬وأفضل حادي‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫المثلى ‪َ ،‬ش َر ُ‬
‫يا طريــداً مـأل الدنيا اسـ ُمه وغـدا لحنـا ً على ك ِّل ال ِّشفـاه‬
‫وغــدت سيـرتُه أســطورةً يتلقَّــاهـا رواةُ عـن رواه‬ ‫ْ‬
‫ع منـاه‬ ‫ت وأتبـا ُ‬ ‫ليت شعري هل درى َم ْن طاردوا عابـدوا الال ِ‬
‫شاهـت وشـاه‬ ‫ْ‬ ‫ـن طـارد ْته ُأمــهٌ هُبَـ ٌل معبو ُدها‬ ‫درت َم ْ‬ ‫ْ‬ ‫هل‬

‫‪1‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫فعنوان محاضرتي ‪( ..‬أما بعد) ‪..‬‬
‫وأما بعد ‪ ..‬وأما قبل ‪ ،‬فلله األم ُر من قب ُل ومن بعد ‪ ،‬ليس لنا من األمر شيء ‪ ،‬وليس لنا مع‬
‫َره تدبير ‪ ،‬هو‬ ‫قدرت ِه َحوْ ل ‪ ،‬وما عندنا ‪ ،‬ألمره ر ُّد ‪ ،‬وما لنا لقضائه حيلة ‪ ،‬وما لدينا مع قَد ِ‬
‫فالطين أصلُنا ‪ ،‬وإن افتخرنا فالترابُ مر ُّدنا ‪ ،‬وما‬ ‫ُ‬ ‫الفعَّا ُل لما يريد ‪ ،‬ونحن العبيد ‪ ،‬إن تش َّر ْفنا‬
‫ُعجب برأيه‪:‬‬ ‫يزهو بعلمه ‪ ،‬أو ي َ‬ ‫َ‬ ‫مهين أن يشم َخ بأ ْنفِه‪ ،‬أو‬ ‫ٍ‬ ‫لمن ُخلِق من ما ٍء‬
‫ِّف من َم ْت ٍن ومن َسن ِد‬ ‫يا أنتَ يا أحسنَ األسما ِء في خَ لَدي ماذا ُأعر ُ‬
‫األوصاف عندك ُم ل َّما َس ِمعْنا ثنا َء الواحـ ِد األحـ ِد‬ ‫ُ‬ ‫تَقَاصرْ ت كلُّها‬
‫لمدح السـي ِد الصّم ِد‬ ‫ِ‬ ‫العروق‬
‫ِ‬ ‫أن أقال َم الورى بُريـت ِمن‬ ‫وهللاِ لو َّ‬
‫العشير وهذا غايةُ األمـ ِد‬ ‫ِ‬ ‫ق وال ُع َ‬
‫شر‬ ‫نبلغ العُش َر ممـا يستح ُّ‬ ‫لم ِ‬
‫الغني وأنا الفقير ‪ ،‬أنت‬ ‫ُّ‬ ‫لطيف ‪ ،‬أنت الكام ُل وأنا الناقص ‪ ،‬أنت‬ ‫ُ‬ ‫حي ‪ ،‬يا قيو ُم ‪ ،‬يا‬ ‫يا ربِّ ‪ ،‬يا ُّ‬
‫الفقر‬
‫ِ‬ ‫ب تشير إلى الغفار ‪ .‬ألسنةُ‬ ‫الحي وأنا الميت ‪ ..‬أصاب ُع الذنو ِ‬ ‫ُّ‬ ‫القويُّ وأنا الضعيف ‪ ،‬أنت‬
‫الضعف تُرفع للقوي‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ي ‪ُّ .‬‬
‫أكف‬ ‫تدعو الغن َّ‬
‫ي القيوم‪.‬‬ ‫الميت يمد ُح الح َّ‬ ‫ُ‬
‫ق يُنادي‪ :‬يا ذا الجالل واإلكرام‪.‬‬ ‫الغري ُ‬
‫واإلشارات عاجزات‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الكلمات‬
‫علن التقصير‪.‬‬ ‫البيان والبالغةُ والتعبي ُر تُ ِ‬ ‫ُ‬
‫ق إالَّ هو‪.‬‬ ‫ال يعلم ما يستح ُّ‬
‫ال يحيطُ بعل ِمه سواه‪.‬‬
‫ال يق ِّدرُه قَ ْدرُه إالَّ إياه‪.‬‬
‫ال يحسن الثناء عليه غيُره‪.‬‬
‫إن ق َّد ْستُهُ أو سبَّحْ تُه أو م ّج ْدتُه فهو الذي علَّمني‪ .‬إن َح ِم ْدتُه أو كبَّرْ تُه أو وحَّدتُه فهو الذي‬
‫ألهمني‪ .‬إن َعبْدتُه أو َش َكرْ تُه أو َذ َكرْ تُه فهو الذي أكرمني‪.‬‬
‫نعوت الفض ِل في األبرار نفحةٌ من أفضاله ‪ ،‬ألسنةُ‬ ‫ُ‬ ‫المدح في الكاملين ذ َّرةٌ من كماله ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫صفات‬
‫أمدحه؟ َم ْن أنا حتى ُأم ِّجده؟ َم ْن أنا‬ ‫َ‬ ‫المادحين وَأقال ُم الواصفينـ حائرةٌ في جالله ‪ ،‬من أنا حتى‬
‫طين أذكر‬ ‫ٍ‬ ‫ص َّور من‬ ‫ك الوهّاب! َأنا الذي ُ‬ ‫ف المل َ‬ ‫ص ُ‬‫ب َأ ِ‬ ‫ق من ترا ٍ‬ ‫ثني عليه؟ أنا الذي ُخلِ َ‬ ‫حتى ُأ َ‬
‫جال َل ربِّ العالمين؟!‬
‫بأوصاف أحكم الحاكمين ‪ ،‬الله َّم َّ‬
‫إن‬ ‫ِ‬ ‫إن الخَ َج َل يمُأل فؤا َد َم ْن خلق من ما ٍء مهي ٍن ‪ ،‬إذا قام يشدو‬ ‫َّ‬
‫وسام أحملُه وض ُع جبهتي‬ ‫ٍ‬ ‫إن أعظ َم‬ ‫أشرفَ تاج أحملهُ تمري ُغ أنفي على التراب لجاللك ‪ ،‬اللهم َّ‬
‫على األرض لعبوديتِك‪.‬‬
‫الغني الحمي ُد ‪ ،‬ع َّز‬‫ُّ‬ ‫المعترف بتقصيره ‪ ،‬المقرُّ بذنبه ‪َ ،‬أنت الجوا ُد الماج ُد‬ ‫ُ‬ ‫َأنا الظال ُم ِ‬
‫لنفسه‬
‫جاهُك ‪ ،‬وج َّل ثناؤك ‪ ،‬وتق َّدست َأسماؤك‪ .‬وال إله غيرك‪.‬‬
‫عزيـز بعدكم هـانا‬
‫ٍ‬ ‫ق من دمعي على بصري فاليـو َم كـلُّ‬ ‫قد كنت أشف ُ‬
‫ت‬‫يا هللا سج َد وجهي لك ‪ ،‬يا هللا خشع سمعي وبصري لك ‪ ،‬يا هللا َر ِغم أنفي لك ‪ ،‬يا هللا ذلَّ ْ‬
‫اتجهت نفسي إليك ‪ ،‬يا هللا َحسُنَ ظني فيك ‪ ،‬يا هللا‬ ‫ْ‬ ‫رقبتي لك ‪ ،‬يا هللا َو ِجل قلبي منك ‪ ،‬يا هللا‬
‫الحديث عنك ‪ ،‬يا هللا كمل التوكل عليك‪.‬‬‫ُ‬ ‫طاب‬
‫َ‬
‫إليك وإالَّ ال تُ َش ُّد الركائبُ ومنك وإال فالمؤ ِّمل خائبُ‬
‫ِّث كاذبُ‬ ‫وفيك وإال فالغرا ُم مضيَّ ٌع وعنك وإال فالمحد ُ‬
‫‪2‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫واستفدت عشراً‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وقفت عشرا ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫فقد‬
‫استفدت عشراً‪:‬‬
‫أولها‪ :‬اللجو ُء إلى هللا في ال ُملِ َّمات ‪ ،‬وقص ُده في ال ُكرُبات ‪ ،‬وسؤالُه في األزمات‪.‬‬
‫الضيق سعةً ‪ ،‬وبعد الشد ِة رخاء‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ب فرجا ً ‪ ،‬ومع‬ ‫أن مع العسر يسراً ‪ ،‬ومع الكر ِ‬ ‫ثانِيها‪َّ :‬‬
‫ب إال هللا ‪ ،‬وما لكَ عند الدواهي إال هللا ‪ .‬وما معك في‬ ‫ثالثُها‪ :‬أنه ليس لك في المصاع ِ‬
‫المضطر إذا دعاه)‪.‬‬
‫َ‬ ‫ب إال هللا (أمن يجيب‬ ‫الخطو ِ‬
‫ُحسنون ويغلَطُون ‪ ،‬والمصلحونـ يُس ّددون‬ ‫رابعُها‪ :‬أن العلما َء يصيبون ويخطئون ‪ ،‬والدعاةَ ي ِ‬
‫المصيب بال خطأ ‪ ،‬والمس َّدد بال َغلَط ‪،‬‬ ‫ُـ‬ ‫ويعثُرون إال محمداً صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬فهو‬
‫ي يوحى)‪.‬‬ ‫عثرة (وما ينطق عن الهوى إن هو إال وح ٌ‬ ‫والمصلِ ُح بال ْ‬
‫الوحي كتابا ً‬‫َ‬ ‫ق وتخالف ‪ ،‬إال‬‫ف منها وتُنكر ‪ ،‬وتَقب ُل وتَرُد ‪ ،‬وتوافِ ُ‬ ‫تعر ُ‬
‫الكتب ِ‬ ‫َ‬ ‫خامسُها‪ :‬أن‬
‫ق أت ُّمه وأكملُه ‪ ،‬والعد ُل أولُه وآخرُه‪.‬‬ ‫والصواب أجمعُه ‪ ،‬والح ُّ‬ ‫ُـ‬ ‫وسنة ‪ ،‬ففيه الصحةُ كلُّها ‪،‬‬
‫التكلم باسمه‪ُ ،‬‬
‫فدين هللا‬ ‫ِ‬ ‫لنصر الدين ‪ ،‬وال‬
‫ِ‬ ‫يدعي أنه المخ َّو ُل وحدَه‬ ‫َ‬ ‫سادسُها‪ :‬أنه ليس ألح ٍد أن‬
‫منصو ٌر ‪ ،‬شا َء َم ْن شا َء ‪ ،‬وأبى َم ْن أبى (فإن يكفر بها هؤالء فقد وكلنا بها قوما ً ليسوا بها‬
‫وسلمان الفارسي‪ ،‬وصهيبٌ الرومي ‪ ،‬وبال ٌل الحبشي ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫َص َره محم ٌد العربي ‪،‬‬ ‫بكافرين)‪ .‬ن َ‬
‫وصال ُح الدي ِن الكردي ‪ ،‬ونو ُر الدين التركماني ‪ ،‬وإقبا ُل الهندي‪.‬‬
‫وأن الكلمةَ اللينةَ هي السح ُر الحالل‪ ،‬وأن‬ ‫ق األمث ُل للدعوة ‪َّ ،‬‬ ‫ق هو الطري ُ‬ ‫أن الرف َ‬ ‫سابعُها‪َّ :‬‬
‫السهل هو مصيدة الرجال‪.‬‬ ‫َ‬ ‫األسلوب‬
‫َ‬
‫والقليل‬
‫َ‬ ‫ق وعدل‪،‬‬ ‫ت العلما ِء َحس ٌْن وصواب ‪ ،‬وح ٌّ‬ ‫ت الدعا ِة وندوا ِ‬ ‫غالب محاضرا ِ‬ ‫َ‬ ‫ثامنُها‪ :‬أن‬
‫وانقطاع الوحي‪.‬‬‫ِ‬ ‫وضعف اإلنسانية ‪ ،‬وانتفا ِء العصمة ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫لعنصر البشرية ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫الناد َر غلطٌ وخطأ ‪،‬‬
‫وجدت أن األمةَ ال يشفي عليلَها وال يروي غليلَها مقطوعةٌ من فنان ‪ ،‬وال طرْ ٌح من‬ ‫ُ‬ ‫تاسعُها‪:‬‬
‫ميراث من‬‫ٌ‬ ‫علماني ‪ ،‬وال هُيا ٌم من شاعر ‪ ،‬وال خيا ٌل من فيلسوف ‪ ،‬إنما يحييها ‪ ،‬ويرفعُها ‪،‬‬
‫نبوة ‪ ،‬وت َِركةٌ من رسالة ‪ ،‬وَأثَارةٌ من وحي‪( :‬فأما الزبد فيذهب جفاءاً وأما ما ينفع الناس‬
‫فيمكث في األرض)‪.‬‬
‫غير منتج ٍة ‪ ،‬وال مخترع ٍة ‪ ،‬وال مكتشف ٍة ‪ ،‬وال مصنِّعة ‪،‬‬ ‫أن األمةَ قد تكون َ‬ ‫وجدت َّ‬‫ُ‬ ‫عاشرُها‪:‬‬
‫ُف بال منهج‪( :‬أ َو من كان ميتا‬ ‫ولكنها ال تعيشُ بال إيمان ‪ ،‬وال تحيا بال رسالة ‪ ،‬وال تشر ُ‬
‫فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس)‪.‬‬
‫ب الحقيق ِة ‪ ،‬و ُشدا ِة‬
‫تلك عشرة كاملة ‪ ..‬أهديها لمحبِّ النصح ‪ ،‬وعاشق الفضيلة وطال ِ‬
‫اإلصالح ما استطعت وما توفيقي إال باهلل عليه‬ ‫َ‬ ‫(إن ُأري ُد إال‬ ‫اإلصالح ‪ ،‬ور َّوا ِد المعرفة‪ْ :‬‬
‫توكلت وإليه أنيب)‪.‬‬

‫الرحمن جاريةً هللا يحفظُهــا وهللا يرعاهَــا‬ ‫ُ‬ ‫َد ْعها كما شاءها‬
‫الغار تبـدو في محيَّاها أما بعد‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫لها من الوحي نو ٌر تستضي ُء به وبهجةُ‬
‫ومبكيات ‪َّ ،‬م ْ‬
‫رت‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫ومضحكات‬ ‫حسنات وسيئات ‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ت قصيرات ‪ ،‬فيها‬ ‫ت طويال ٍ‬‫فهذه عش ُر سنوا ٍ‬
‫وفقرها ‪َّ ،‬‬
‫ولذتِها ومعاناتِها‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وبؤسها ‪ ،‬وغناها‬
‫ِ‬ ‫بسرورها وحزنِها ‪ ،‬ونعيمها‬ ‫ِ‬
‫سنـون بالسعو ِد وبالهنا فكأنـها مـن قِصْ رها أيـا ُم‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬
‫مرت‬
‫هجر بعدها فكأنها مـن طُـولها أعـوا ُم‬
‫ٍ‬ ‫ْ‬
‫انثنت أيـا ُم‬ ‫ثـم‬
‫السنون وأهلُها فكـأنـها وكأنـهم أحـال ُم!‬‫ُ‬ ‫ْ‬
‫انقضت تلك‬ ‫ثم‬

‫‪3‬‬
‫(ع ْل ُمها عند ربي في كتاب ال يضل ربي وال‬
‫انتهت هذه العشر عندنا ‪ ،‬لكن ما انتهت عند هللا ِ‬
‫ينسى)‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫وميادين مختلفة ‪ ،‬ومناب ُر‬ ‫ُ‬ ‫فإن الداعية ليس له حقل واحد ال يعمل إال فيه ‪ ،‬بل حقو ٌل متعددة ‪،‬‬
‫إن الدعوةَ تجري في دم‬ ‫شتى ‪ ،‬فالدعوةُ ال يح ُّدها ح ّد ‪ ،‬وال يحصرُها َحصْ ر ‪ ،‬وال يقي ُدها قيد‪َّ .‬‬
‫الداعية ‪ ،‬يقولُها كلمةً ‪ ،‬ويصو ُغها عبارةً ‪ ،‬ويُنش ُدها قصيدةً ‪ ،‬ويدبِّجُها خطبةً ‪ ،‬وينقلُها فكرةً ‪،‬‬
‫ويؤلفُها كتابا ً ‪،‬ويلقيها محاضرة‪.‬‬
‫ب شفقةً‬ ‫إنها قد تكون مع النفس في محاسب ٍة ومراقبة ‪ ،‬وتكون مع األ ّم براً وحنانا ً ‪ ،‬ومع األ ِ‬
‫المسلم مصافاةً ومودة ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ورحمة ‪ ،‬ومع االبن تربيةً وأدبا ً ‪ ،‬ومع الجار إحسانا ً وبراً ‪ ،‬ومع‬
‫ومع الكافر دعوةً وحواراً‪.‬‬
‫يتلطف بأبيه (يا أبتي) ‪ ،‬وهذا نوح ينوح على ابنه‪( :‬يا بني اركب معنا) ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫فهذا إبراهي ُم الخلي ُل‬
‫وهذا مؤمن آل فرعونَ يعطف على قو ِمه‪( :‬يا قومي)‪ .‬وهذا مؤمن آل ياسين ينادي وهو في‬
‫الجنة‪( :‬يا ليت قومي يعلمون)‪.‬‬
‫إن الدعوةَ ه ٌّم الزم ‪ ،‬وواجبٌ دائم ‪ ،‬فهي معك في السيار ِة ‪ ،‬وفي الطائر ِة‪ ،‬وفي السفين ِة ‪ ،‬وفي‬
‫النادي ‪ ،‬وفي الجامع ِة ‪ ،‬والمزرع ِة ‪ ،‬والمتجر ‪..‬‬
‫ُ‬
‫قد تدعو بسيرتك أكثر من كالمك ‪ ،‬وتدعو بصفاتك أعظم من ُخطَبِك وتدعو ب ُخلقِك أحسن من‬
‫محاضرتك‪.‬‬
‫يوسف فدعا في السجن ‪ ،‬وطُرد نوح فدعا في السفينة ‪ ،‬وحوصر‬ ‫ُ‬ ‫ليس للداعية وقوف ‪ ،‬سُجن‬
‫ب ‪ ،‬وطُ ِّوق فدعا في الغار ‪ ،‬وطُرد فأنشأ دولة‪.‬‬ ‫محم ًد فدعا في ال ِّشع ِ‬
‫السلطان بنفيك إلى قبرص ‪ ،‬أو قتلِك أو سجنِك فقال‪ :‬وهللاِ‬ ‫ُ‬ ‫لشيخ اإلسالم ابن تيمية‪ :‬قد أمر‬ ‫ِ‬ ‫قيل‬
‫الشام لوسعهم‪ ،‬وهللا إني كالغنم ِة ما تنا ُم إال‬ ‫ِ‬ ‫إن بي من الفرح والسرور ما لو قُ ِّس َم على أه ِل‬ ‫َّ‬
‫خلوت بعبادة ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫دعوت أهلها إلى اإلسالم ‪ ،‬وإن سجنت‬ ‫ُ‬ ‫فيت إلى قبرص‬ ‫على صوف ‪ ،‬إن نُ ُ‬
‫ربي وإن قتلت فأنا شهيد‪:‬‬
‫روحي تحدثني بأنك متلفي نفسي فداك عرفت أم لم تعرف‬
‫ليس من المهم عند الداعية أن يكون له جمهو ٌر حاشد ‪ ،‬أو حف ٌل بهيج ‪ ،‬أو مستمعون ُكثر ‪،‬‬
‫ق‬‫يأمر بالمعروف ‪ ،‬وأن ينهى عن المنكر ‪ ،‬وأن يحم َل الميثا َ‬ ‫َ‬ ‫يقول الحق ‪ ،‬وأن‬ ‫َ‬ ‫المهم أن‬
‫بأمانة ‪ ،‬ويبلَّ َغ الشريعةَ بصدق‪.‬‬
‫(وإذ أخذ هللا ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس وال تكتمونه)‬
‫يستجبْ له أحد ‪ ،‬والبعضُ استجاب له واح ٌد أو اثنان ‪ ،‬والبعضُ جماعة ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫بعضُ األنبياء لم‬
‫وبعضُهم دعا ُع ُم َره كلَّه ثم قُتل ولم يُطعْه بشر ‪ ،‬وأنبيا ُء آخرون مكثوا السنينَ الطويلةَ يدعون‬
‫ثم نُشروا بالمناشير!‬
‫سيِّـدي علِّـ ِل الفـؤا َد العليـال واحيني قبل أن تراني قتيال‬
‫تكن عازما ً على قتل روحي فترفـ ْق بها قليـالً قليـال!‬ ‫إن ْ‬
‫التأثير في الناس ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫إن الداعيةَ ليس فنانا ً يداعبُ العواطف ‪ ،‬ويلعبُ بالمشاعر ‪ ،‬ويتَفق ُد مكامن‬
‫األلباب ‪ ،‬ويساف ُر مع الخيال ‪ ،‬وي ِهيم في أودي ِة الضالل ‪ ،‬وليس فيلسوفا ً‬ ‫َ‬ ‫وليس شاعراً يخلُبُ‬
‫يقنِّ ُن القوانين ‪ ،‬ويضربُ األقيسةَ ‪ ،‬ويحدِّد المقدِّمات‪ ،‬ويخلُصُ إلى النتائج ‪ ،‬وليس سلطانا ً‬
‫يفرضُ كلمتَه ‪ ،‬ويؤدبُ رعيتَه ويحش ُد جنودَه ‪ ،‬ويرف ُع بنودَه ‪ ،‬وليس تاجراً يجم ُع الدراه َم ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ص ُد الشيكات ‪ ،‬ويضاربُ باألسهم ‪ .‬الداعيةُ شي ٌء آخر! ‪..‬‬ ‫ويكنِ ُز القناطي َر المقنطرةَ ‪ ،‬وير ُ‬
‫تلميذ نجيبٌ في مدرستِه ‪ ،‬طالبٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ابن بارٌّ لرعايته ‪،‬‬ ‫إنه تاب ُع لمحم ٍد ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ٌ ، -‬‬
‫ق في جامعته‪ .‬يسري حبُّ هللا وحبُّ محم ٍد ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬في دمه ‪ ،‬يُ ِش ُّع في‬ ‫متفو ٌ‬
‫ضميره‪.‬‬
‫َ‬ ‫قلبه ‪ ،‬يُضي ُء طريقَه ‪ ،‬يمُأل وجدانَه ‪ ،‬يُل ِهبُ‬

‫‪5‬‬
‫الحبُّ ليس روايةٌ شرقيةً بأريجها يتزوج األبطال‬
‫لكنه اإلبحا ُر دون سفيـنة ومرادنا أن المحال محال‬
‫ات ‪ ،‬وال عادات‪ .‬الداعيةُ ليس له حف ُل مولد‬ ‫ّص ٌ‬ ‫الداعية ليس له إجازةٌ ‪ ،‬وال انتدابٌ ‪ ،‬وال مخص َ‬
‫وداع ‪ ،‬وال مناسبةُ استقبال ‪ ،‬بل هو مع األنبياء ‪ ،‬تلقاه‬ ‫ٍ‬ ‫مهرجانات تخرج ‪ ،‬وال حف ُل‬ ‫ُ‬ ‫‪ ،‬وال‬
‫والخباز والنسَّاج ‪ ،‬والبنَّاء ‪ ،‬مع‬‫ِ‬ ‫النجار‬
‫ِ‬ ‫الحرفَ ‪ ،‬مع‬ ‫كان ‪ ،‬ومع أه ِل ِ‬ ‫الرصيف ‪ ،‬وفي ال ُّد ِ‬ ‫ِ‬ ‫على‬
‫ولألمير‬
‫ِ‬ ‫وأجناسهم ‪ ،‬داعيا ً للملِك والمملوك ‪،‬‬‫ِ‬ ‫الناس باختالف أذواقِهم وطبقاتِهم وألوانِهم‬
‫والصغير ‪ ،‬للذكر واألنثى ‪ ،‬لألبيض واألسود‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وللكبير‬
‫ِ‬ ‫والوزيـر ‪،‬‬
‫ِ‬
‫ُ‬
‫الداعية باع نف َسه من هللا ‪ ،‬فال يُطالب ‪ ،‬وال يُضارب ‪ ،‬ال يُعاتب ‪ ،‬وال يُحاسب ‪ ..‬فاتورة تعبِه‬
‫ُ‬
‫مصروف من بنك‬ ‫ك ُأجْ رتِه‬
‫مدفوعةُ في اآلخرة (ولسوف يعطيك ربُّك فترضى) ‪ ،‬شي ُ‬
‫(يريدون وجهه) ‪ ،‬وسن ُد أموال ِه موقَّ ُع عليه (إنك تعلم ما نريد)‪.‬‬
‫بقوم بايعوا المختارا‬ ‫النفوس فال خيار ببيعنا أ ْعظ ْم ِ‬ ‫َ‬ ‫بعنا‬
‫ف األبرارا‬ ‫عدن تُ ِ‬
‫تح ُ‬ ‫ٍ‬ ‫فأعاضنَا ث َمنا ً أج َّل من المنى جنا ِ‬
‫ت‬ ‫َ‬
‫ك من البشر ‪ ،‬وال نياشينَ يعلِّقُها على صدره ‪ ،‬وال‬ ‫حسن سير ٍة وسلو ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الداعيةُ ال ينتظ ُر شهادةَ‬
‫نجو َم يضعُها على أكتافه ‪ ،‬وال صورةَ ذكرى يرفعُها في مجل ِسه‪ .‬إنه يريد تاج (رضي هللا‬
‫نجوم (يحبهم ويحبونه) ‪ ،‬ويرغبُ في نياشين (هللا ولي‬ ‫ِ‬ ‫عنهم ورضوا عنه) ‪ ،‬ويطم ُع في‬
‫الذين آمنوا)‪.‬‬
‫ب من الجمهور‪ .‬الداعيةُ ال‬ ‫بقرار جمهوري ‪ ،‬وال بوثيق ٍة حكومية‪ ،‬وال بانتخا ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫الداعيةُ ال يُعيَّن‬
‫ق‬
‫المجلس النيابي ‪ ،‬وال الهيئ ِة البرلمانية ‪ ،‬فهو فو َ‬ ‫ِ‬ ‫صناديق االقتراع ‪ ،‬وال‬ ‫ِ‬ ‫طريق‬
‫ِ‬ ‫يأتي عن‬
‫إن هللا عيَّنه ‪ ،‬والواح َد األحد هيَّأه ‪ ،‬والرحمنَ استأمنه‬ ‫الكونجرس ‪ ،‬واللوردات ‪ ،‬والشيوخ‪َّ .‬‬
‫(ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ‪.)..‬‬
‫الداعيةُ مواله هللا ‪ ،‬وإما ُمه محم ٌد ‪ ،‬وبيته المسجد ‪ ،‬ومذكرتُه القرآن ‪ ،‬وزا ُده التقوى ‪ ،‬وعصاه‬
‫التوكل ‪ ،‬ولباسُه الزهد ‪ ،‬ومركبُه اليقين ‪ ،‬وطريقُه الهدى‪ ،‬ومرا ُده الجنة (دعها فإن معها‬
‫حذاءها وسقاءها ‪ ،‬ترد الماء وترعى الشجر)‪.‬‬
‫والدين أبي ورسو ُل هللا دوما ً قدوتي‬ ‫ُ‬ ‫أنا ربي هللاُ‬
‫القرآن نو ٌر ساط ٌع ولي الكعبة كانت قبلتي‬ ‫ُ‬ ‫ولي‬
‫َ‬
‫الداعيةُ ال تتوقف دعوتُه مع التخرج من المدرسة الليلية ‪ ،‬وال مكافحة األمية ‪ ،‬وال من‬
‫الجامعة ‪ ،‬وال من المجالس الفقهية ‪ ،‬وال المجامع العلمية ‪ ..‬جامعةُ الداعية (ومن أحسن قوالً‬
‫ممن دعا إلى هللا) ‪ ،‬وشهادتُه (بلغوا عني ولو آية) ووثيقةُ تخرجه (فاصدع بما تؤمر ‪)..‬‬
‫الداعيةُ ال ينتظر راتبا ً شهريا ً ‪ ،‬وال مكافأةً سنوية ‪ ،‬وال إكراميةً مالية ‪ ،‬وال هتافا ً جماهيريا ً ‪،‬‬
‫وال شكراً من الوزير ‪ ،‬وال ترقيةً من الفريق ‪ ،‬وال ثنا ًء من مدير المدرسة‪.‬‬
‫راتبُه‪( :‬ليوفيهم أجورهم)‪.‬‬
‫مكافأتُه‪( :‬يبتغون فضالً من هللا ورضوانا)‪.‬‬
‫إكراميتُه‪( :‬ادخلوها بسالم آمنين)‪.‬‬
‫هتافُه‪( :‬ال إله إال هللا)‪.‬‬
‫شكرُه‪( :‬سالم عليكم بما صبرتم)‪.‬‬
‫ترقيتُه‪( :‬في مقعد صدق عند مليك مقتدر)‪.‬‬
‫ت ثناء ‪،‬‬ ‫مدح وملحما ِ‬
‫ٍ‬ ‫الداعية ال تُرفع له أقواسُ النصر‪ .‬وال تُعلَّق صُورُه‪ .‬وال ينتظ ُر قصائ َد‬
‫ت تبجيل‪.‬‬ ‫ومقاما ِ‬
‫أقواسُ نصره‪( :‬إنا فتحنا لك فتحا ً مبينا)‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫صورُه المعلقة‪( :‬كتابٌ أحكمت آياتُه)‪ .‬وعبارات مديحه (قد أفلح المؤمنون)‬
‫ُ‬
‫مقامات تبجيله‪( :‬وأنتم األعلون إن كنتم مؤمنين)‪.‬‬

‫اللوح وانهمـرت آيـاتها فاقـرؤا يـا قـو ُم قـرآني‬ ‫ِ‬ ‫وثيـقتي ُكتبـت في‬
‫ي مدرستي الكبرى ‪ ،‬وغار حـرا تاريخ عمري ‪ ،‬وميالدي ‪،‬وعرفاني‬ ‫والوح ُ‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫ق ‪ ،‬قريبٌ ‪ ،‬حبيبٌ ‪ ،‬سهل لي ٌِّن ‪ ،‬صبو ٌر شكور‪.‬‬ ‫فالداعيةُ رحي ٌم ‪ ،‬رفي ٌ‬
‫رحي ُم‪ :‬ألن الراحمين يرحمهم الرحمن ‪ ،‬وألن إما َمه ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬رحمةٌ‬
‫للعالمين ‪ ،‬فهو الذي يقول‪( :‬من ال يرحم ال يُرحم)‪.‬‬
‫يقول أحد العلماء‪( :‬ينبغي إذا رأيت الكافر أن تتمنى إسالمه رحمةً به أن يدخل النار ألن من‬
‫تمام النصح الشفقة بالخلق)‪.‬‬
‫ق يحب الرفق ‪ ،‬وألنه ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬يقول (ما كان الرفق في‬ ‫ق‪ :‬ألن هللا رفي ُ‬ ‫رفي ُ‬
‫ويقرب البعي َد ‪ ،‬ويلي ُِّن‬ ‫ِ‬ ‫عاب ‪،‬‬
‫ص َ‬ ‫ق يسهِّل ال ِّ‬‫شيء إال زانه ‪ ،‬وما نُزع من شيء إال شانه)‪ .‬والرف ُ‬
‫ع العاص َي ‪ ،‬ويجذبُ القلوب‪.‬‬ ‫ويطو ُ‬
‫ِّ‬ ‫القاس َي ‪،‬‬
‫قريبٌ ‪ :‬فهو يدنو من النفوس ‪ ،‬ويقتربُ من القلوب ‪ ،‬ويتواض ُع لزمالئه ‪ ،‬وال يفاخ ُر أبناء‬
‫عجبُه نفسُه ‪ ،‬وال يزدري أحداً ‪ ،‬وال يحتق ُر بشراً ‪ ،‬وال يتهكم‬ ‫جن ِسه ‪ ،‬وال ي ْش َم ُخ بأنفه ‪ ،‬وال تُ ِ‬
‫بمخلوق (واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين)‪.‬‬
‫حبيبٌ تحبُّه القلوب ‪ ،‬ترتا ُح له األنفس ‪ ،‬تأنَسُ بحضوره الناس ‪ ،‬تَهَشُ لقدومه األرواح ‪،‬‬
‫ق لقا َءه األجيال ‪ ،‬تدعو له األمةُ بظهر الغيب (إن الذين آمنوا‬ ‫بحضوره الجموع ‪ ،‬تعش ُ‬ ‫ِ‬ ‫تفر ُح‬
‫وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا)‪.‬‬
‫ك عليك أصحابُك فراجْ ع أخالقَك)‬ ‫يقول أح ُد الفضالء‪( :‬إذا سافرتَ ولم يب ِ‬
‫ق ‪ ،‬وال‬ ‫سه ُُل ليِّن‪ :‬فهو كمعلِّمه األول ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ ، -‬سه ُُل في كالمه فال يتفيه ُ‬
‫يزخرف ‪ ،‬سه ُُل في أفعاله فال يكلِّ ُ‬
‫ف‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يتكلف ‪ ،‬وال يتنط ُع ‪ ،‬وال‬ ‫ق ‪ ،‬وال‬ ‫ق ‪ ،‬وال يتشد ُ‬ ‫يتع َّم ُ‬
‫الناس شططا ً ‪ ،‬وال يح ِّملُهم عبئا ً ‪ ،‬وال يج ِّش ُمهم مشقة‪.‬‬‫َ‬
‫ث‪،‬‬
‫الفواجع ‪ ،‬وعلى الحواد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت ‪ ،‬وعلى‬ ‫ت ‪ ،‬وعلى الكربا ِ‬ ‫ت ‪ ،‬وعلى األزما ِ‬ ‫صبورُ‪ :‬على الملما ِ‬
‫ت‬‫ع فيصبْر ‪ ،‬يُسبُّ فيصبْر ‪ ،‬يُجلد فيصبْر ‪ ،‬يُحبس فيصبْر ‪ ،‬يبُ َّك ُ‬ ‫ث ‪ ،‬يجو ُ‬ ‫وعلى الكوار ِـ‬
‫فيصبْر ‪ ،‬يُ َّكذبُ فيصبْر ‪ ،‬يؤذى فيصبْر ‪ ،‬أما نوح فازدجرْ ‪ ،‬وأما صال ٌح فقيل له‪ :‬كذابٌ أشرْ ‪،‬‬
‫وأما هود فقُهر ‪ ،‬وأما زكريا فنشر ‪ ،‬وأما يحيى (فنحر…)‪ ،‬وأما موسى فضاق به المفر ‪،‬‬
‫وأما عيسى فافتقر ‪ ،‬وأما محمد فابتلي فصبر وأعطي فشكر (واصبرـ وما صبرك إال باهلل)‪.‬‬
‫(فاصبر صبراً جميال)‪( .‬واصبرـ على ما يقولون)‪( .‬فاصفح الصفح الجميل)‪( .‬واهجرهم‬
‫هجراً جميالً)‪( .‬فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في األمر)‪( .‬والكاظمين الغيظ والعافين‬
‫عن الناس)‪( .‬ادفع بالتي هي أحسن)‪.‬‬
‫شكور‪ :‬على النعمة ‪ ،‬يُعطى فيشكر ‪ ،‬يُس َّدد فيشكر ‪ ،‬يُفتح عليه فيشكر ‪ ،‬يأكل فيشكر ‪ ،‬يلبس‬
‫فيشكر ‪ ،‬ينام فيشكر ‪ ،‬يصح فيشكر ‪ ،‬يمرض فيشكر ‪ ،‬يعافى فيشكر ‪ ،‬يُبتلى فيشكر ‪ ،‬يغتني‬
‫فيشكر ‪ ،‬يفتقر فيشكر‪( .‬وسنجزي الشاكرين) (اعملواـ آل داود شكراً وقليل من عبادي‬
‫الشكور) ‪( ،‬إن في ذلك آليات لكل صبار شكور) ‪( ،‬لئن شكرتم ألزيدنكم)‪.‬‬
‫لك الحمـد يا رحمـان ما هل صيـب وما تاب يا من يقبل التوب مذنبُ‬
‫لك الحمد ما هاج الغرام وما هما الغمام ومـا غنـى الحمـام المطـربُ‬

‫‪7‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫فإن الداعية يعلم أن الحياة ليست فرصة لتقلد منصب ‪ ،‬وال الظفر بأمارة ‪ ،‬وال العثور على‬
‫وزارة ‪ ،‬وال جمع تجارة ‪ ،‬وال التشرف بسفارة ‪ ،‬وليست الحياة عنده متعة ‪ ،‬يقضيها في اللهو‬
‫واللعب ‪ ،‬فليس عنده إجازة يقضيها على ضفاف الل ّوار ‪ ،‬وال في قمم الهماليا ‪ ،‬وال عند‬
‫شالالت نياجرا ‪ ،‬وال في أبراج كوااللمبور‪ ،‬وال في حضور عيد األم ‪ ،‬وليس عند الداعية‬
‫أرصدة في البنوك الربوية ‪ ،‬وليس له هم في مراقبة البورصة العالمية ‪ ،‬وال االهتمام بأسواق‬
‫الذهبأو بأسعار البترول ‪ ،‬فكنوزه وماله وغناه ومستقبله في جنات تجري من تحتها األنهار ‪،‬‬
‫فال يُبهجه إال (متكئين على فرش بطائنها من إستبرق)‪.‬‬
‫وال يفرحه إال (تعرف في وجوههم نضرة النعيم)‪.‬‬
‫وال يسره إال (يُسقون من رحيم مختوم)‪.‬‬
‫وال يُسعده إال ( كلوا واشربوا هنيئا ً بما أسلفتم في األيام الخالية)‪.‬‬
‫وال يُطربه إال (حور مقصورات في الخيام)‪.‬‬
‫وال يُنعشه إال (وإذا رأيت ثم رأيت نعيما ً وملكا ً كبيراً)‬
‫الداعية ليس له سه ٌر مع (ألف ليلة وليلة) ‪ ،‬وال أنسٌ مع (أبي نواس) ‪ ،‬وال خلوةٌ مع (بدائع‬
‫ق من (الزير سالم) ‪ ،‬وال سن ٌد من (شمس المعارف)‪.‬‬ ‫الزهور) ‪ ،‬وال توثي ٌ‬
‫سهرُه‪ :‬مع صحيح البخاري‪.‬‬
‫أنسه‪ :‬مع ابن تيمية‪.‬‬
‫خلوتُه‪ :‬مع رياض الصالحين‪.‬‬
‫توثيقه‪ :‬من يحيى بن معين‪.‬‬
‫سنده‪ :‬من سفيان الثوري‪.‬‬
‫ُأ‬
‫هيهات رحلةُ مسرانا جحافلنا كما عهدت وعزمـات الــورى نُ ُ‬
‫ــف‬
‫ُ‬
‫طرف‬ ‫في كفك الشهم مـن حبل الهدى طـرف على الصراط وفي أرواحنا‬
‫الداعية ال يفتخر بصداقة المشاهير ‪ ،‬ونجوم الكرة ‪ ،‬ونجوم الفن ‪ ،‬وكواكب المسرح ‪،‬‬
‫والساسة العمالقة ‪ ،‬والفالسفة العباقرة ‪ ،‬ورموز الثقافة ‪ ،‬فله صداقات ومودات مع نـوح‬
‫وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد ‪ -‬صلـوات هللا وسالمه عليهم ‪ ، -‬وله عالقة بأبي بكر‬
‫وعمر وعثمان وعلي ‪ ،‬وله اتصال بأبي حنيفة ‪ ،‬ومالك ‪ ،‬والشافعي ‪ ،‬وأحمد بن حنبل‪.‬‬
‫الداعية ليس منهمكا في زوايا الغرام ‪ ،‬وال مع قصاصات الهيام ‪ ،‬وال مع آهات الهجر ‪،‬‬
‫وزفرات الجوى ‪ ،‬وأوجاع العيون السود …‬
‫زفراته‪ :‬من (كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها)‪.‬‬
‫وآهاته‪ :‬من (كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها)‪.‬‬
‫وأوجاعه‪ :‬من (يا ليتها كانت القاضية‪ .‬ما أغنى عني ماليه‪ .‬هلك عني سلطانيه)‪.‬‬

‫أما بعد‪:‬‬
‫فإن الداعية تتقلب به األيام ‪ ،‬وتتغاير عليه الليالي ‪ ،‬وتختلف عليه الساعات‪ ،‬وتتعاقب عليه‬
‫السنون ‪ ،‬رض ًى وغضب ‪ ،‬سرور وحزن ‪ ،‬شبع وجوع ‪ ،‬منبر وحبس ‪ ،‬شكر وسبّ ‪ ،‬إقبال‬
‫وإدبار ‪ ،‬منحه ومحنة ‪ ،‬عطية وبلية ‪ ،‬أمل وألم ‪ ،‬وهو مع ذلك عبد هلل ‪ ،‬ينزل مع القرآن أينما‬
‫نزل ‪ ،‬ويهبط مع الوحي أينما هبط ‪ ،‬ويسافر مع الرسالة أينما سافرت ‪ ،‬ويرتحل مع الحق‬
‫أينما ارتحل‪ .‬يصلي في القصر وفي الحبس ‪ ،‬في الجامعة والمزرعة ‪ ،‬وفي الحاضرة‬
‫والبادية ‪ ،‬يسبِّح في النادي والملعب ‪ ،‬ويكبِّر في المسجد والسوق ‪..‬‬

‫‪8‬‬
‫الداعية عنده شهادةُُ أكبر من شهادات األرض ‪ ،‬ولديه وثيقة أعظم من وثائق المعمورة (إياك‬
‫نعبد وإياك نستعين) وعنده تزكية أجل من كل تزكية (وإن جندنا لهم الغالبون)‪.‬‬
‫أيها الداعـي الذي َعبَ َد هللا طريـق النجـا ِة فيـك قويـ ُم‬
‫أدعيا ُء الضالل سحّا ُر فرعون ‪ ..‬وأنت العصى وأنت الكلي ُم‬
‫أما بعد ‪:‬‬
‫فقد قرأت عشرات المجلدات والمصنفات والمؤلفات ‪ ،‬فما وجدت كالقرآن حسنا ً وجماالً ‪،‬‬
‫بهجة ونضرة ‪ ،‬قوة وفخامة ‪ ،‬صدقا ً وعدال…‪ .‬سعادة وإشراقا ً ‪.‬‬
‫وطالعت مئات المجالت والجرائد والدوريات والصحف فما رأيت كالسنة عطا ًء وبركة ‪،‬‬
‫وسلوةً وعزاء‪ ،‬وتوعية وتربية ‪ ،‬ورشداً ونصحا ً ‪ ،‬وتعليما ً وتقويما ‪… ،‬‬
‫وسمعت آالف الكلمات ‪ ،‬وآالف األبيات ‪ ،‬وآالف اللطائف ‪ ،‬وآالف النُكات ‪ ،‬فما وجدت‬
‫كذكر هللا إيمانا َ ويقينا ً ‪ ،‬وروحا ً وطمأنينة ‪ ،‬وأنَسا ً ورحمة ‪ ،‬وثوابا ً وأجرا ‪.‬‬

‫أما بعد ‪:‬‬


‫فإن الداعية قد يكون غنيا ً كسليمان ‪ ،‬وقد يكون فقيراً كعيسى ‪ ،‬وقد يكون صحيحا ً كإبراهيم ‪،‬‬
‫وقد يكون مريضا ً كأيوب ‪ ،‬وقد يطول عمره كنوح ‪ ،‬وقد يقصر كيوشع ‪ ،‬وقد يكون ملكا ً‬
‫كداود ‪ ،‬وقد يكون خياطا ً كإدريس ‪ ،‬وقد يرعى الغنم كموسى وقد تمر به الحاالت جميعا ً من‬
‫غنى وفقر ‪ ،‬ونصر وهزيمة ‪ ،‬ونعيم وبؤس ‪ ،‬وصحة ومرض ‪ ،‬وعافية وبالء كمحمد ‪-‬‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬
‫ألجل دينك ذاق القتل مـن قتلـوا كأنما الموت في ساح الوغى عسل‬
‫ترى المحبين صرعى في ديارهم كفتية الكهف للرضوان قد نقلـوا‬
‫وقد يكون الداعية واسع الخير ‪ ،‬متعدد المواهب ‪ ،‬كثير اإلحسان ‪ ،‬عظيم البر‪ ،‬كأبي بكر‬
‫الصديق ‪ ،‬وقد يكون صارما ً حازما ً قويا ً شديداً في الحق ذا صولة في الدين ‪ ،‬ذا هيبة في‬
‫الملة كعمر بن الخطاب ‪ ،‬وقد يكون هينا ً لينا ً سهالً قريبا ً حبيبا ً حييا ً سخيا ً كعثمانَ بن عفان ‪،‬‬
‫وقد يكون مقداما ً شجاعا ً ‪ ،‬أبيا ً مضحيا ً فدائيا ً بطالً كعلي بن أبي طالب ‪ .‬وقد يكون الداعية‬
‫بحراً في العلم ‪ ،‬دائرة معارف ‪ ،‬موسوعة في الشريعة كابن عباس ‪ ،‬وقد يكون خطيبا ً لوذعيا ً‬
‫يرسل الكلمة كالقذيفة ‪ ،‬ويبعث الحرف كالشهاب ‪ ،‬ويطلق الجملة كالبركان كثابت بن قيس بن‬
‫شماس ‪ .‬وقد يكون الداعية شاعراً يرسم الحرف في القلب ‪ ،‬ويصنع البيت كالضياء وينسج‬
‫س كحسان بن ثابت ‪.‬‬ ‫القصيدة كقطعة الما ٍ‬
‫وقد يكون للداعية حشم وخدم ‪ ،‬ومال وجمال ‪ ،‬وعيال كعبد الرحمن بن عوف ‪ ،‬وقد يكون‬
‫الداعية فقيراً معدما ً ‪ ،‬ال بيت وال قصر وال دار وال عقار وال دينار كأبي ذر ‪ ،‬وقد يتولى‬
‫الداعية اإلمامة كمعاذ ‪ ،‬والقضاء كعلي ‪ ،‬واألذان كبالل ‪ ،‬والمواريث كزيد ‪ ،‬والقيادة كخالد ‪،‬‬
‫واإلمارة كأبي عبيدة‪.‬‬
‫وقد يتكلم الداعية من بالط السلطان كالزهري‪ .‬وقد يتحدث من القبو كالسرخسي‪ ،‬وقد يُبجَّل‬
‫ويُحتفى به كمالك بن أنس ‪ ،‬وقد يذهب دمه هدراً ‪ ،‬ورأسه شذراً كأحمد بن نصر الخزاعي‪.‬‬
‫الداعية كالهدهد قطع الفيافي والقفار ليبلِّغ رسالة الواحد القهار ( أال يسجدوا هلل الذي يخرج‬
‫الخبء في السموات واألرض)‪ .‬وكالنملة يح ِّذر قومه ‪ ،‬وينذر بني جنسه (ال يحطمنكم سليمان‬
‫وجنوده وهم ال يشعرون)‪.‬‬
‫وكالنحلة يجمع أطايب الحديث ‪ ،‬ويكنز أحسن المعرفة (ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل‬
‫ربك ذلال)‬

‫‪9‬‬
‫فيا حب زدني في هواه صبابـة ويا قلب زدني في هوى مهجتي حبا‬
‫ُ‬
‫سخرت فؤادي كـي أفوز به قربـا‬ ‫لعلي إذا جئت المحصب من مني‬

‫إن أهم صفة في الداعية أنه صاحب مبدأ ‪ ،‬وحامل رسالة ‪ ،‬وله منهج ‪ ،‬قد يغلظ أو يرفق ‪،‬‬
‫يقسو أو يلين ‪ ،‬يُقبل أو يدبر ‪ ،‬يواجه أو يهادن … لكنه صاحب مبدأ ‪.‬‬
‫قد يحاور ويفاوض ‪ ،‬وير ُّد ويَ ْقبل ‪ ،‬ويأخذ ويعطي ‪ ،‬ويغضب ويرضى ‪ ،‬ولكنه صاحب مبدأ‬
‫…‬
‫له ثوابت ال يتخلى عنها ‪ ،‬وربما تنازل عن الحواشي ليبقى األصل ‪ ،‬وربما ترك التعليق‬
‫ليبقى المتن ‪ ،‬وربما تخلى عن اإلطار لتبقى الصورةـ ‪.‬‬
‫الداعية هو الناطق الرسمي للملة (وقل الحق من ربكم) ‪ ،‬والسفي ُر األول للشريعة (إنا‬
‫أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيرا) والمندوب الدائم لمحمد (نضّر هللا امرءاً سمع مني مقالةً‬
‫فوعاها ‪ ،‬فأداها كما سمعها)‪.‬‬
‫واألمين العام للقيم (إن خير من استأجرت القوي األمين)‪.‬‬
‫الداعيـة له في كل قلب سفارة ‪ ،‬وفي كل عقل محطة ‪ ،‬وفي كل مجلس قناة … الداعية تقرؤه‬
‫في الصحيفة ‪ ،‬وتطالعه في المجلة ‪ ،‬وتنظر إليه في الشاشة ‪ ،‬وتصلي وراءه في المحراب‬
‫وتسمعه على المنبر ‪ ،‬وتلقاه في السوق ‪ ،‬وتصافحه في الحديقة ‪ ،‬وتجلس بجانبه في الحافلة ‪،‬‬
‫وتعانقه في الطائرة‪ .‬وتقاتل وراءه في المعركة ‪ ،‬وتراه في العرس ‪ ،‬وتشاهده في الجنازة ‪.‬‬
‫يصافح الملك ‪ ،‬يمسح رأس اليتيم ‪ ،‬يرفق بالرئيس ‪ ،‬يعطف على األرملة ‪ ،‬يمازح الشاب ‪،‬‬
‫ويقود العجوز‪.‬‬

‫الداعية يرسل كلمته على ذبذبة طولها الحق ‪ ،‬وعرضها الصدق ‪ ،‬على هواء اإلبداع ‪ ،‬وعبر‬
‫ُ‬
‫موجات األرواح ‪.‬‬ ‫وتنقل عبارته‬
‫َ‬ ‫أثير المحبة لتستقبل كلمته أطباق القلوب ‪،‬‬
‫والدعاة درجات عند هللا ‪ ،‬فمنهم من يحبو ‪ ،‬ومنهم من يمشي ‪ ،‬ومنهم من يهرول ‪ ،‬ومنهم من‬
‫يمرُّ م ّر السحاب ‪ ،‬ومنهم من يسرع سرعة الريح ‪ ،‬ومنهم من يحلق في سماء اإلبداع فيرتفع‬
‫عن سطح الدنيا سبعة وثالثين ألف قدم من الصدق والرفق والحق والعدل والعلم واإليمان ‪.‬‬
‫إن أنت كنت بكيت من حر الجوى وسكبت في ليـل الفـراق دمـوعا‬
‫فنفوسنا ذبحت على ساح الوغـى يا من يرى صرعى السيوف هجوعا‬

‫أما بعد ‪:‬‬


‫فإن هم الداعية إصالح الناس وتعبيد البشر هلل ‪ ،‬لتكون كلمة هللا هي العليا ويكون الدين كله‬
‫هلل‪ ،‬فليس همه المال وال الجاه وال المنصبـ ألنه مكلف بمهمة محددة (أن اعبدوا هللا واتقوه‬
‫وأطيعون) ‪ ،‬وعنده رسالة عليها طابع (ما أريد من أجر) وعنوانها ] قولوا ال إله إال هللا‬
‫تفلحوا [ يوزعها في كل قلب (وإنك لعلى خلق عظيم) ‪.‬‬
‫الداعية حبيبه من أحب هللا ‪ ،‬ووليه من تولى هللا ‪ ،‬وصديقه من احترم الشرع ‪ ،‬وعدوه من‬
‫عادى اإلسالم ‪ .‬ليس عند الداعية وقت للعداوات الشخصية ‪ ،‬وال فراغ لتوافه األمور ‪ ،‬فكل‬
‫دقيقة من عمره حسنات ‪ ،‬وكل ثانية من وقته قربات ‪.‬‬
‫عشت دهراً ال أعد اللياليا‬
‫ُ‬ ‫أعـد الليالي ليلة بعـد ليـلة وقد‬
‫فإما حياة نظـم الوحي سيرها وإال فموت ال يسـر األعاديا‬

‫‪10‬‬
‫الداعية ينهمر باآليات واألبيات والسير والعبر والقصص واألخبار والفوائد والقصائد‬
‫والشوارد والفرائد يدعو بها كلها إلى هللا ليُعبد هللا وحده ال إله إال هللا ‪.‬‬
‫فمرجع الداعية قلبه النابض ‪ ،‬ومصدره نفسه المشرقة ‪ ،‬وحبره دمه ‪ ،‬ومادته دموعه ‪،‬‬
‫ُ‬
‫وصفات النبل التي يحملها ‪.‬‬ ‫وورقه خصال الخي ُر‬
‫الداعية ال ينسى دعوته ‪ ،‬وهل ينسى المريضُ مرضه والجائ ُع جوعه ‪ ،‬والمحمو ُم ُح َّماه ‪،‬‬
‫وكيف يترك الداعية دعوته ‪ ،‬وهل يترك الرسام ريشته والنجار فأسه والفالح مسحاته ‪،‬‬
‫والكاتب قلمه‪.‬‬
‫وقد عاهدتني يا قلبُ أنّي متى ما تبت من ليلى تتوب‬
‫ذكرت تذوب؟!‬‫ُ‬ ‫فها أنا تائب من حب ليلى فمالك كلمـا‬
‫شي إذا ما ت ّم نقصان إال اإليمان في قلب حامله ‪.‬‬ ‫لكل ْ‬

‫لكل امـرء من دهـره ما تعـودا‬


‫وعـادة أهل الحق يا صاحبي الهدى‬
‫وما مضى فات والمؤمل غيب إال عند الداعية فالماضي ما فات وال مات (علمه عند ربي في‬
‫كتاب ال يضل ربي وال ينسى) والمؤ َّمل عنده حاصل ال محالة ‪ ،‬قادم بال شك (ثم لترونَّها‬
‫عين اليقين)‪.‬‬
‫نشيد الالهين ‪ :‬قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ‪.‬‬
‫ونشيد الدعاة ‪ :‬قفا نبك من ذكر الكتاب المنزل ‪.‬‬
‫أغنية الغافلين ‪:‬‬
‫أخبـروهـا إذا أتـيتـم حـمـاهـا‬
‫أنـني ذبـت فـي الـغـرام فـداهـا‬
‫وملحمة الصالحين‪:‬‬
‫أيقظـوا النـفس من سُبات منـاهـا‬
‫فـإلـى هللا ربِّـنـا منـتـهـاهـا‬
‫الجالل والجما ِل والكمالْ‬
‫ِ‬ ‫وقفة إجال ٍل لذي‬
‫قال موسى لربه (ربِّ أرني أنظر إليك)‪.‬‬
‫قال (لن تراني)‪.‬‬
‫(ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني)‪.‬‬
‫(فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا)‪.‬‬
‫وخ ّر موسى صعقا)‪.‬‬
‫تبت إليك وأنا أول المؤمنين)‪.‬ـ‬ ‫(فلما آفاق قال سبحانك ُ‬
‫داع فأمنوا‪:‬‬ ‫يا أيها الناس‪ :‬إني ٍ‬
‫اللهم اجعلْ مكانَ اللوع ِة سلوةً ‪ ،‬وجزا َء الحزن سروراً ‪ ،‬وعند الخوف أمناً‪.‬‬
‫ألق على‬ ‫األرواح بما ِء اِإل يمان‪ .‬يا ربّ ِ‬
‫ِ‬ ‫جمر‬
‫َ‬ ‫بثلج اليقيـن ‪ ،‬وأطفْئ‬
‫ب ِ‬ ‫ْـر ْد الع َج القل ِ‬
‫اللهم أب ِ‬
‫النفوس المضطرب ِة سكينةً وأثِبْها فتحا ً قريباً‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫العيون الساهر ِة نُعاسا ً أ َمنةً منك ‪ ،‬وعلى‬ ‫ِ‬
‫والزائغين عن‬
‫َـ‬ ‫المناهج إلى صرا ِطك ‪،‬‬‫ِ‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ال‬ ‫وض‬ ‫‪،‬‬ ‫ك‬ ‫نور‬
‫ِ‬ ‫إلى‬ ‫البصائر‬
‫ِ‬ ‫حيارى‬ ‫د‬
‫ِ‬ ‫أه‬ ‫رب‬ ‫يا‬
‫السبيل إلى هداك‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ق من الحق ‪ ،‬و ُردَّ‬ ‫الضمائر بفيل ٍ‬
‫ِ‬ ‫باطل‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ق من النور ‪ ،‬وأز ِهق‬ ‫بفجر صاد ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫الوسواس‬
‫َ‬ ‫أز ِل‬
‫اللهم ِ‬
‫الشيطان بمد ٍد من جنو ِد عونِك مس ّومين‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫كي َد‬

‫‪11‬‬
‫واط ُر ْد من نفو ِسنا القلق‪.‬‬ ‫وأزلْ عنا الهَ َّم ‪ْ ،‬‬ ‫اللهم أذ ِهبْ عنا الحزنَ ‪ِ ،‬‬
‫والتوكل إال عليك ‪ ،‬والسؤا ِل إال منك ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫الخوف إال منك ‪ ،‬والركو ِن إال إليك ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ونعو ُذ بك من‬
‫واالستعان ِة إال بك ‪ ،‬أنت وليُّنا ‪ ،‬نعم المولى ونعم النصير‪.‬‬
‫األحوال ‪ ،‬وسد ِد األقوال‪.‬‬ ‫َ‬ ‫األعمال ‪ ،‬وح ِّس ِن‬
‫َ‬ ‫واصلح‬
‫ِ‬ ‫حقق اآلما َل ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫اللهم‬
‫واكشف ال ُغ َّمةَ ‪ ،‬وانصرْ الدينَ وأت َّمه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫شمل األم ِة ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫اللهم اجم ْع‬
‫الهم أصلحْ القلوبْ ‪ ،‬واغفرْ الذنوبْ ‪ ،‬واستر العيوبْ ‪ ،‬واقبل توبةَ َم ْن يتوب ‪ ،‬اللهم أجزلْ‬
‫ال َعطيةَ ‪ ،‬واغفرْ الخطيةَ ‪ ،‬وأحْ يِنا حياةً رضيَّة ‪ ،‬ونسألك ال ِميتةَ السويَّة ‪ ،‬اللهم أل ِه ْمنا الحجةَ ‪،‬‬
‫وثب ْتنا على المح َّج ِة ‪ ،‬وي ِّم ْن كتابَنا ‪ ،‬ويسِّرْ حسابَنا‪.‬‬
‫الكوارث ‪ ،‬واح ِمنا من الحوادث‪.‬‬ ‫َ‬ ‫واغفر ال َّزلَلْ ‪ ،‬وادرْأ عنا‬ ‫ِ‬ ‫اشف منَّا ال ِعلَلْ ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫اللهم‬
‫ِّت أقدا َمنا‬ ‫ص ًر إسال َمنا ‪ ،‬وارف ْع أعال َمنا وثب ْ‬ ‫ثوب الدين ‪ ،‬وان ُ‬ ‫ك باليقين ‪ ،‬وألبِسْنا َ‬ ‫اللهم أذ ِهبْ الش َّ‬
‫ي‬ ‫ق لَ َم ْع ‪ ،‬وظب ٌ‬ ‫غيث هَ َمع ‪ ،‬وبرْ ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫‪ ،‬وس ِّد ْد سها َمنا ‪ ،‬اللهم بلِّ ْغ رسولَنا عنا الصالةَ والسال َم ما‬
‫وأعط ِه‬
‫ِ‬ ‫وابعثه مقاما ً محموداً ‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫ص َدحْ ‪ ،‬اللهم آت ِه الوسيلةَ ‪ ،‬وامنحْ ه الفضيلةَ ‪،‬‬ ‫َسنَحْ ‪ ،‬وبلب ٌل َ‬
‫اعتزوا بأنسابِهم ‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫حوضا ً موروداً ‪ ،‬وأجبْ شفاعتَه ‪ ،‬وأكر ْم وفادتَه ‪ ،‬يا رب إن البشر‬
‫وعزنا وفخرُنا بك ‪ ،‬فال نكن أشقى منهم بك‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫وافتخروا بأحسابِهم ‪،‬‬
‫ب والفضة‪ ،‬ومالَنَا وكن ُزنا‬ ‫يا رب إنهم جمعوا األموا َل ‪ ،‬وا َّدخروا الكنوزَ ‪ ،‬واحتاطوا بالذه ِ‬
‫الفقر األكبر حتى نكون بك أغنى منهم بأموالهم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وميراثُنا دينُك وذكرُك ‪ ،‬اللهم فاعنِنا يوم‬
‫ورفَ َع بعضُهم بعضا ً ‪ ،‬ومدحُنا‬ ‫َح بعضُهم بعضا ً وأطرى بعضُهم بعضا ً ‪َ ،‬‬ ‫البشر َمد َ‬ ‫َ‬ ‫يا رب إن‬
‫وثناؤنا وتبجيلُنا لك وحدك ‪ ،‬اللهم إنهم أ َّملوا من ممدوحيهم جوائزَ وأوسمةً ‪ ،‬وعطايا وهدايا ‪،‬‬
‫ك ‪ ،‬وهداياكَ ‪.‬‬ ‫أكثر منهم حظا ً بجوائزك ‪ ،‬وأوسمتِك ‪ ،‬وعطايا َ‬ ‫فاجعلنا َ‬ ‫ْ‬ ‫اللهم‬
‫س بمرغوبِه ‪ ،‬وفَ ِزع إلى قريبِه ‪ ،‬واعتم َد على‬ ‫اللهم إنا رأينا َم ْن َر َكن إلى محبوبِه ‪ ،‬وَأنِ َ‬
‫صاحبِه ‪ ،‬اللهم إليك فَز ْعنا ‪ ،‬وعليك ر َكنَّا ‪ ،‬وبك وث ْقنا ‪ ،‬وعليك اعتم ْدنا ‪ ،‬هللا فاجعلنا َأسع َد بك‬
‫ب بصاحبِه ‪ ،‬ومن المولى بسي ِده‪.‬‬ ‫ب بقريبه ‪ ،‬ومن الصاح ِ‬ ‫من القري ِ‬
‫لغيرك ‪ ،‬واأللسنةَ تق ِّدسُ البشر ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫الرؤوس تخض ُع لسواك ‪ ،‬والجباهَ تسج ُد‬ ‫َ‬ ‫اللهم إنا رأينا‬
‫ت رقابُنا ‪ ،‬اللهم‬ ‫َّ‬
‫وسجدت جباهُنا ‪ ،‬وذل ْ‬ ‫ْ‬ ‫خضعت رؤوسنا ‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫وأزعجنَا ذلك ‪ ،‬فلك‬
‫َ‬ ‫فغضبْنا لذلك ‪،‬‬
‫الذ ِل ‪ ،‬والنجاةَ يوم التغابن‪.‬‬ ‫إنا نسألك الغنى يوم الفقر ‪ ،‬والع َّز يوم ُّ‬
‫ق الراعي الرعية ‪ ،‬نسألك رضى ال ي ِّكدرُه سُخط ‪،‬‬ ‫اللهم أخلص الني ْة ‪ ،‬وأصلح الذري ْة ‪ ،‬ووفِّ ِ‬
‫وسروراً ال يش ُوبه ح ُْزن ‪ ،‬وفرحةً ال ين ِّغصُها تَرْ حة ‪ ،‬وسعادةً ال يع ِّكرها شقاء‪.‬‬
‫سبحانَ ربك رب العزة عما يصفون ‪ ،‬وسالم على المرسلين ‪ ،‬والحمد هلل رب العالمين ‪.‬‬
‫سبحانك هللا اللهم وبحمدك ‪ ،‬أشهد أن ال إله إال أنت استغفرك وأتوب إليك‪.‬‬
‫وصلى هللا على محمد وآله وصحبه وسلم تسليما‬

‫عائض بن عبدهللا القرني‬


‫‪15/11/1422‬هـ‬

‫‪12‬‬

You might also like