You are on page 1of 22

‫االجتاهات النظ رية الكالسيكية واملعاصرة يف دراسة اخلالفات األس رية‬ ‫أ‪ /‬بدرية مناحي غ زاي املطريي‬

‫االتجاهات النظرية الكالسيكية والمعاصرة‬


‫في دراسة الخالفات االسرية‬
‫اعداد‬
‫بدرية مناحي غزاي المطيري‬
‫باحثة ماجستير‬
‫قسم االجتماع‪ ،‬كلية اآلداب‪،‬جامعة بني سويف‬
‫اشراف‬
‫أ‪.‬م‪.‬د حوتة حسين‬

‫‪75‬‬

‫ع‪ (49‬أكتوبر – ديسمبر ‪2018‬م)‬ ‫مجلة كلية اآلداب – جامعة بني سويف‬
‫االجتاهات النظرية الكالسيكية واملعاصرة يف راسة اخلالفات األسرية‬ ‫ بدرية مناحي غزاي املطريي‬/‫أ‬

‫المستخلص‬
‫تعتبر االتجاهات النظرية في سياق العلم االجتماعي هي المرشد لتحديد معالم أية‬
‫ اخذت االسرة جانبا هاما من النظرية السوسيولوجية وشكلت قضية تتعدد‬.‫ظاهرة يتم دراستها‬
‫ وقد رأت الباحثة ان انسب النظريات السوسيولوجية يمكن ان تفسر‬. ‫فيها المداخل النظرية‬
‫ نظرية التبادل‬،‫ المدخل الصراعي النسوي‬، ‫ النظرية الوظيفية‬:‫حقيقة الخال فات االسرية هي‬
‫واخيرا‬، ‫ االتجاه التفكيكي‬،‫االتجاه التطوري التنموي‬، ‫ نظرية التفاعلية الرمزية‬، ‫االجتماعي‬
‫ ويعد العرض لهذه المداخل ومدي تركيزها علي‬. ‫االتجاهات الحديثة في فهم الخالفات االسرية‬
‫النظرة الخاصة للخالفات االسرية أوال دليل علي ربط هذه اآلراء بالسياق االجتماعي والثقافي‬
‫ ألنها مظهر من مظاهر‬، ‫وثانيا توضح ان الخالفات االسرية ظاهرة اجتماعية بكل المقاييس‬
‫ وان كانت ظاهرة ضرورية تؤدي وظيفة‬، ‫التفكك االسري الذي يعد بعدا سلوكيا واجتماعيا‬
‫اجتماعية تدفع مؤسسات المجتمع الي اليقظة واال نتباه اال ان في حالة زيادتها ستؤدي الي‬
. ‫اثار سلبية اجتماعية ونفسية علي الزوجين واالبناء والمجتمع‬

Abstract
Theoretical trends in the context of social science are the guide to determining
the parameters of any phenomenon studied. The family took an important
aspect of sociological theory and formed an issue with many theoretical
approaches. The researcher considered that the most appropriate sociological
theories can explain the fact of the family differences are: functional theory,
feminist approach, social exchange theory, symbolic interactive theory,
evolutionary developmental trend, deconstructionist trend and finally recent
trends in understanding family differences. The presentation of these entries
and the extent of their focus on the view of the family differences first
evidence of linking these views to the social and cultural context and secondly
illustrate that family differences are a social phenomenon by all standards,
because it is a manifestation of family disintegration, which is considered a
behavioral dimension and social, Community institutions to vigilance and
attention, but in the case of increased will lead to negative social and
psychological effects on spouses and children and society.

76
) ‫م‬2018‫ ( أكتوبرـ ديسمبر‬49‫ع‬ ‫مجلة كلية اآلداب – جامعة بني سويف‬
‫االجتاهات النظ رية الكالسيكية واملعاصرة يف دراسة اخلالفات األس رية‬ ‫أ‪ /‬بدرية مناحي غ زاي املطريي‬

‫مقدمة‬
‫تعد االتجاهات النظرية في سياق العلم االجتماعي هي المرشد لتحديد معالم أية ظاهرة‬
‫يتم دراستها‪ .‬اخذت االسرة جانبا هاما من النظرية السوسيولوجية وشكلت قضية تتعدد فيها‬
‫المداخل النظرية ‪ .‬وقد رأت الباحثة ان انسب النظريات السوسيولوجية يمكن ان تفسر حقيقة‬
‫المدخل الصراعي النسوي‪ ،‬نظرية التبادل‬ ‫الخالفات االسرية هي‪ :‬النظرية الوظيفية ‪،‬‬
‫االجتماعي ‪ ،‬نظرية التفاعلية الرمزية ‪،‬االتجاه التطوري التنموي‪ ،‬االتجاه التفكيكي ‪،‬واخيرا‬
‫االتجاهات الحديثة في فهم الخالفات االسرية ‪،‬وفيما يلي عرض لهذه االتجاهات‪- :‬‬
‫‪ - 1‬النظرية الوظيفية‪:‬‬
‫يعد االتجاه البنائي الوظيفي أحد االتجاهات الرئيسة في علم االجتماع المعاصر وقد‬
‫اهتم االتجاه بدراسة الظواهر االجتماعية في أعمال المؤسسين األوائل لعلم االجتماع من أمثال‬
‫ابن خلدون – أوجست كونت ثم ظهر بوضوح في أعمال "دوركايم" و"باريتو" و"بارسونز"‬
‫و"ميرتون" ‪ .‬ل قد استمدت جذورها الفكرية من االتجاه الوظيفي في علم النفس وخاصة النظرية‬
‫الجشطالتية التي تركز علي العالقة بين الكل واجزائه ‪،‬وكذلك من الوظيفية االنثربولوجية كما‬
‫تبدو في اعمال بعض االنثربولوجيون مثل مالينوفسكي‪)1 (.‬‬
‫يرر أنصررار هرذه النظريررة أن لكرل فرررد فرري المجت مرع مجموعررة مرن االحتياجررات ال ريزيررة‬
‫واالجتماعير ررة والعاطفير ررة التر رري يسر ررعا ولر ررا وشر ررباعها ويحر رراول كر ررل مجتمر ررع وشر ررباعها هر ررذه‬
‫االحتياجات عن طريق النظم االجتماعية المختلفة واستمرار أي نظام مرهون بالوظائف يؤدي‬
‫إلشباع هذه الحاجات ‪ ،‬واذا فقرد هرذا الجرزء وظيفتره انتهرا الرزوال ‪ ،‬فرذذا لرم يسرتطيع الرزوا‬
‫تحقيق األهداف التي يسعا وليها األفراد مثل ‪ :‬تحقيق االستقرار العاطفي والوجداني وا إلنجاب‬
‫واإلشباع الجنس والحصول علا االستقرار االجتماعي ‪ .‬فأن أحد الزوجين أو كليهما سيقرران‬
‫االنفصال وأنهاء الزوا ‪.‬‬
‫وير أنصار االتجاه الوظيفي أن اختالف التنظيم االجتماعي وغياب التماسك االجتماعي‬
‫بين أفراد المجتمع الواحد الذين تجمعهم أهداف مشتركة قد يقود في ال الب ولا اضطراب‬
‫وظائف المجتمع ‪ ،‬والا حالة من التفكك االجتماعي ‪ ،‬التي تؤدي بدورها ولا فقدان المعايير‬
‫والقواعد االجتماعية مما يعرض المجتمع ولا الحالة األ نومي أي الالمعيارية وهي الحالة التي‬
‫تفقد المعايير االجتماعية السائدة في مجتمع ما ‪ ،‬فعاليتها في ضبط سير األفراد وتنظيم‬
‫سلوكهم لتحقيق القدر المطلوب من التوافق االجتماعي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫طلعت لطفي وكمال الزيات ‪ ،‬النظرية االجتماعية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 67‬‬
‫‪77‬‬

‫ع‪ (49‬أكتوبر – ديسمبر ‪2018‬م)‬ ‫مجلة كلية اآلداب – جامعة بني سويف‬
‫االجتاهات النظرية الكالسيكية واملعاصرة يف راسة اخلالفات األسرية‬ ‫أ‪ /‬بدرية مناحي غزاي املطريي‬

‫ينظر االتجاه الوظيفي ولي األسرة علي أنها جزء أساسي من كيان المجتمع‪ ،‬وتشكل‬
‫نسقاً فرعياً من نسق عام هو المجتمع‪ .‬وتتكون بدورها من عدة أنساق فرعية ترتبط فيما بينها‬
‫بعالقات تفاعلية متبادلة ‪ .‬ويركز االتجاه الوظيفي علي االهتمام بالعالقات الداخلية للنسق‬
‫العائلي‪ ،‬وعالقة النسق األسري باألنساق االجتماعية األخر ‪ .‬ويعد "بارسونز" من أبرز م مثلي‬
‫االتجاه الوظيفي ‪ ، 1‬حيث تناول أسرة من خالل معياري القرابة ‪ ،‬والحب الرومانسي والجاذبية‬
‫العاطفية ‪ ،‬وقد أكد علي أن انعزال األسرة الرقابية ج رافيا وبنائياً عن الرباط القرابي يحل محله‬
‫الجاذبية العاطفية ‪ ،‬وتضعف الصراعات الزوجية ‪ ،‬كما يضيف "بارسونز" أن الرباط الرومانسي‬
‫ال يقتصر علي الجاذبية العاطفية فحسب ‪ ،‬بل علي عامل الدخل والموقع المهني واالعتبار‬
‫االجتماعي ونمط المعيشة ‪.‬‬
‫وحلل دوركايم الخالفات االسرية في معرض مفهومه عن االنومي ‪ ،‬وخاصة االنتحار‬
‫االنومي الناتج عن عجز التنظيم االجتماعي عن تلبية طموحات افراده‪ .‬في هذا الصدد‪ ،‬ناقش‬
‫دوركايم االنومي االقتصادي ‪،‬الناشئ عن فترات الرخاء االقتصادي ‪،‬واالنومي الزواجي الجنسي‬
‫‪ conjugal or sexual anomie‬بسبب انتشار الطالق‪ .‬في كال الحالتين‪ ،‬فرصة احتمال‬
‫وجود الرغبة ‪،‬او عدم الرغبة متساويتان في الدرجة ‪،‬مما يدفع الي االحباط ‪.‬ربما االنومي‬
‫الناتج يسبب ازمة حادة ‪ ،‬لكن يهتم دوركايم تحديدا باالنومي المؤسسي الدائم ‪ .‬الن هذا النمط‬
‫من االنومي ‪،‬يعبر عن رغبة مرضية الحد لها ‪،‬وال يمكن تحاشيه في المجتمع الصناعي‬
‫الحديث ‪،‬ألنه يمارس بالتزامن مع نظامه القيمي ‪ ،‬اي المعتقدات الثابتة عن التقدم‪ ،‬وتنظيماته‬
‫‪ ،‬اي ‪،‬قوانين الطالق ‪ ،‬ووظيفته ‪ ،‬اي المنافسة في السوق( ‪. )2‬‬
‫ويمكن تفسير الخالفات الزوجية من واقع هذه النظرية علي اساس رؤية االسرة او‬
‫النسق االسري كنسق من انساق المجتمع الذي يتأثر بحجم ونمط الت ير الذي يمر به المجتمع‬
‫واألنساق االجتماعية لألفراد ‪،‬فالت ير في انساق المجتمع األخر تؤثر علي النسق االسري مما‬
‫يحدث المشكالت االسرية داخله ‪ .‬كما يمكن االشارة الي ان الت ير في انماط التفاعالت‬
‫الداخلية في النسق االسري يؤدي الي حدوث الخالفات االسرية التي تتطلب في النسق االسري‬
‫اعادة التوازن داخله إلحداث منظومة متكاملة من التفاعالت التي تؤدي الي في النهاية الي‬
‫استقرار النسق االسري داخل منظومة النسق االكبر الممثل النساق المجتمع المختلفة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫جي روشيه ‪ ،‬علم االجتماع االمريكي ‪ :‬دراسة ألعمال تالكوت بارسونز‪ ،‬ترجمة محمد الجوهري واحمد زايد ‪،‬‬
‫(القاهرة‪ :‬دار المعارف ‪ ،)1981 ،‬ص‪. 87- 86‬‬
‫‪2‬‬
‫‪P. Bernard, Anomie, in: Neil J. Smelser and others, eds, International‬‬
‫‪Encyclopedia of the Social & Behavioral Sciences,(N.y: Elsevier Scien ce‬‬
‫‪Ltd,2001),p.511.‬‬

‫‪78‬‬
‫)‬ ‫ع‪ ( 49‬أكتوبرـ ديسمبر‪2018‬م‬ ‫مجلة كلية اآلداب – جامعة بني سويف‬
‫االجتاهات النظ رية الكالسيكية واملعاصرة يف دراسة اخلالفات األس رية‬ ‫أ‪ /‬بدرية مناحي غ زاي املطريي‬

‫وسوف اشرح دور النظرية الوظيفية في فهم الخالفات الزوجية من خالل استقرار الدور‬
‫علي النحو الذي قاله "ابو جادو" في كتابة"‬ ‫االجتماعي لكل الزوجين في مؤسسة الزوا‬
‫سيكولوجية التنشئة االجتماعية"( ‪ )1‬كالتالي ‪:‬‬
‫‪ - 1‬نظام الدور‬
‫يري بارسونز ان الدور هو افعال الشخص اثناء عالقاته مع االخرين ضمن النظام‬
‫االجتماعي ‪ ،‬وان تقسيم العمل في النظام االجتماعي ادي الي تعدد االدوار وتباينها ‪،‬وتكون كل‬
‫مجموعة من هذه االدوار المتخصصة المترابطة نظاما معينا في البناء االجتماعي ‪ ،‬وتكون‬
‫هذه االدوار مرتبطة وظيفيا وذات اهداف مشتركة ‪. 2‬‬
‫‪ - 2‬لعب الدور‬
‫هو مجموعة السلوكيات او النشاطات المحددة التي ينتظر من الفرد القيام بها في موقف‬
‫معين ‪ .‬وقد اختلف العلماء حول طبيعة اداء الدور ولعبه ‪ ،‬من يري ان لعب الدور هو من‬
‫طبيعة نفسية ‪،‬وعلي هذا االساس يختلف االفراد في ادائهم ال دوارهم المتشابهة نظرا الختالف‬
‫سماتهم ‪،‬وقدراتهم الشخصية في حين يري اخرون ان اداء الدور ذو طبيعة اجتماعية ‪،‬وهذا‬
‫يعني ان اداء الدور ظاهرة اجتماعية مرتبطة بالمكانة االجتماعية التي يش لها الفرد في البناء‬
‫االجتماعي ‪ .‬ويري اخرون ومنهم بارسونز ان اداء الدور في اطار الموقف االجتماعي ما هو‬
‫اال استجابة الفرد لتوقعات االخرين وتحقيقا للمعايير االجتماعية ‪ .‬وبذلك تتضح ان اداء الدور‬
‫هو محصلة التفاعل بين العوامل االجتماعية والعوامل النفسية في المواقف االجتماعية ‪ ،‬الن‬
‫االستمرار الوظيفي الي نظام اجتماعي‪ ،‬يعتمد علي االداء المناسب والنظم لألدوار االجتماعية‬
‫‪.‬‬
‫‪ - 3‬توقعات الدور‬
‫يتحدد اداء الفرد لدوره قيم ومعايير المجتمع المتوحدة مع شخصيته ‪،‬وكذلك نحدده القدرات‬
‫الفردية ‪ ،‬ويكون اداء الفرد نتاجا لعملية التنشئة االجتماعية والتعلم ‪ ،‬حيث يؤدي هذه العملية‬
‫االجتماعية الي تعريف الفرد بالتوقعات المنتظرة منه لكل دور سيقوم به والتدريب عليها ‪،‬‬
‫فيتعلم الفرد السلوك المنظر منه بالنسبة لألخرين ‪،‬كما يتعلم القواعد التي تحدد هذا السلوك‬
‫‪،‬وكيف يستجيب وي تفاعل مع آرائهم ‪ .‬وتشكل هذه التوقعات التي ينشا عليها الشخص سلوكه‬
‫في المواقف االجتماعية المختلفة ‪،‬فيتعلم كيف يقدر المواقف ‪،‬وكيف يؤدي االدوار المتوقعة‬
‫منه حسب المكانة التي يش لها ‪ .‬ويؤدي استقرار نظام التفاعل بين الفرد واالخرين الي تكوين‬

‫‪1‬‬
‫صالح محمد ابو جادو ‪ ،‬سيك ولوجية التنشئة االجتماعية ‪( ،‬عمان ‪ :‬دار المسيرة ‪ ،) 1998 ،‬ص ‪. 185‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Tony Bilton, An Introductory Sociology, (N.Y: Macmillan, 1996), p.90 -91.‬‬
‫‪79‬‬

‫ع‪ (49‬أكتوبر – ديسمبر ‪2018‬م)‬ ‫مجلة كلية اآلداب – جامعة بني سويف‬
‫االجتاهات النظرية الكالسيكية واملعاصرة يف راسة اخلالفات األسرية‬ ‫أ‪ /‬بدرية مناحي غزاي املطريي‬

‫توقعات واضح ة السلوك ا لمرتبطة باألدوار في حين يؤدي عدم االستقرار الي غموض وتعارض‬
‫او الي تناقض هذه التوقعات ‪.‬‬
‫‪ - 4‬محددات الدور‬
‫يتألف البناء االجتماعي من مجموعة من المراكز االجتماعية الت يتطلب ادوار محددة‬
‫وهذه المراكز تمثل مواقع خاصة في سلم البناء االجتماعي وان كل بناء اجتماعي البد له من‬
‫مضمون عام هو الثقافة بمعناها الواسع ‪ ،‬حيث تعمل علي توجيه سلوك الفرد‪ ،‬وتقوم في‬
‫الوقت نفسه بتحديد دوره ‪ .‬وهناك مجموعة من المحددات لسلوك الفرد واهمها ‪:‬‬
‫* االدراك المشترك للمكانة التي يش لها الفرد في البناء االجتماعي‬
‫* ما يحمله افراد الج ماعة من توقعات بالنسبة لسلوك االشخاص الذين يش لون مراكز معينة‬
‫في البناء االجتماعي او النظام االجتماعي‬
‫* المعايير والقيم االجتماعية وهي عبارة عن توقعات مشتركة يتقاسمها افراد المجتمع والنظام‬
‫الواحد ‪ - 5‬صراع وغموض الدور‬
‫ويعني غموض الدور عدم االعتراف بموقع ومكانة هذه االدوار علي خريطة العالقات‬
‫االجتماعية‪ ،‬وعدم تحديد مدي قبولها ورفضها من المجتمع ‪ .‬اما صراع الدور يظهر في‬
‫المواقف التي يدرك فيها شاغل الدور وجود توقعات متعارضة بينه وبين المشاركين معه في‬
‫نفس الدور‪ .‬ونتيجة لذلك فان الزو او الزوجة قد يشعران بتداخل وصراع في االدوار المختلفة‬
‫اللذان يقومان بهما مثال الزوجة كربة بيت او موظفة او عضوه في جماعة اجتماعية وهذا‬
‫التداخل يؤثر علي اداء ادوارها االجتماعية نتيجة الختالف توقعات االنساق المختلفة المنتمية‬
‫اليها ‪.‬‬
‫مؤك د‬
‫الش أن ّ‬
‫أيضا ان استقرارها في هذا ّ‬ ‫أما بخصوص وظائف األسرة فير بارسونز ً‬‫ّ‬
‫للتكيف االجتماعي فاألسرة تعمل علا نقل القيم والقواعد المقبولة وأنماط‬
‫كذلك الحال بالنسبة ّ‬
‫السلوك القائمة‪ ،‬كما تتضمن تكيف الفرد لمطالب المجتمع والتآلف داخل األسرة بان يعملوا‬ ‫ّ‬
‫علا الحفاظ علا األسرة والمجتمع‪ .‬فاألسرة بالنسبة لبارسونز هي بمثابة نظام تندمج فيه نظم‬
‫نظاما فرعيا معرضة من‬
‫ً‬ ‫عية ال يتسنا فهمها دون ّ‬
‫الرجوع ولا النظام الشامل باعتبارها‬ ‫فر ّ‬
‫ناحية الت يرات التي تطرا علي المجتمع الكبير فالتأثيرات التي تحدث في األسرة وردود األفعال‬
‫الثقافية الجديدة ‪ .‬هذه القواعد قد تنشأ في تاريخ ال ّنظام‬
‫ّ‬ ‫هي انعكاسات للظّروف الجديدة والقيم‬
‫قيما تقليدية‪ ،‬أو علا األقل تؤ ّخر نتائج الت يرات في البيئة االشتراطية ‪،‬غير‬‫الفرعي وتعكس ً‬

‫‪80‬‬
‫)‬ ‫ع‪ ( 49‬أكتوبرـ ديسمبر‪2018‬م‬ ‫مجلة كلية اآلداب – جامعة بني سويف‬
‫االجتاهات النظ رية الكالسيكية واملعاصرة يف دراسة اخلالفات األس رية‬ ‫أ‪ /‬بدرية مناحي غ زاي املطريي‬

‫ان عالم الثقافية له ديناميكية الخاصة وفي توسيع اآلراء ووجهات النظر الجديدة بان تعجل‬
‫هذه الت يرات وتعدلها ‪.1‬‬
‫الحالية وال أ ّن ها‬
‫ّ‬ ‫الرغم من أهمية هذه النظرية خاصة لما قدمته لموضوع دراستي‬ ‫علا ّ‬
‫الصعب تحديد وظائف‬ ‫تصورها النظري لألسرة بأنّها متماسكة ومترابطة‪ ،‬كما أنّه من ّ‬
‫بال ت في ّ‬
‫األسرة خاصة في المجتمعات الحديثة‪ ،‬فمثالً الوظيفة التعليمية لم تعد وظيفة األسرة فقط‪ ،‬بل‬
‫أصبح يشارك بها العديد من المؤسسات التربوية‪ ،‬كالمدرسة‪ ،‬المسجد‪ ،‬رياض األطفال‪،‬‬
‫وكأي نظام تعترض األسرة عدة ت يرات ك يرها من األنظمة األخر ‪ ،‬ففكرة‬‫ّ‬ ‫وغيرها‪ ،‬هذا‬
‫االستقرار والثّبات لألسرة التي ركز عليها أنصار هذه النظرية ال يمكن األخذ بها وخاصة في‬
‫مست مختلف مؤسسات المجتمع بما فيها مؤسسة األسرة‪.‬‬
‫التطورات الحاصلة والتي ٌ‬
‫ّ‬ ‫ظل‬
‫ّ‬
‫‪ - 2‬المدخل الصراعي والنسوي‬
‫تعتبر هذه النظرية من النظريات االجتماعية التي اهتمت بد راسة األسرة وذ حاول‬
‫وجه أنصار هذه النظرية اهتمامهم‬
‫الزوا واألسرة‪ ،‬لذا ّ‬
‫علماؤها تطبيق مبادئهم في دراسة ّ‬
‫قوتهم في سبيل تحقيق أهدافهم وغاياتهم‪،‬‬
‫للكشف عن كيفية است الل األفراد داخل األسرة ّ‬
‫الرجل يمثل الطبقة الحاكمة‪،‬‬
‫لكنهم لم يعتبروا العالقات األسرية كنوع من الصراع الطبقي‪ ،‬حيث ّ‬
‫والمرأة تمثل الطبقة المحكومة ولكنهم حاولوا معرفة كيف يحاول كل فرد من أفراد األسرة‬
‫است الل ومكانياته المتاحة للوصول ولا غاياته‪.2‬‬

‫ان نظام االسرة في راي هذا االتجاه وجد في المجتمع استجابة العتبارات رأسمالية بحتة‬
‫قوامها المحافظة علي استمرار وسيطرة االفراد علي الملكية ‪ .‬وعلي ذلك يشير ماركس في‬
‫كتاباته المبكرة الي الزوا علي انه شكل من اشكال الملكية الخاصة ‪ .‬وان هذا االتجاه يري ان‬
‫الخالفات االسرية بين اعضائها امر طبيعي ونتا لعدم المساواة في الحقوق والواجبات ‪ .‬كما‬
‫ان هذا االتجاه ال ينظر الي الخالفات والمشاجرات االسرية علي انها تقوض كيان االسرة‪ ،‬بل‬
‫لها ايجابيات تعود علي بنيتها ‪ .‬ان هذا االتجاه يركز علي المصادر االساسية (المال والسلطة‬

‫‪1‬‬
‫محمد أحمد‪ ،‬محمد بيومي‪ ،‬وعفاف عبد العليم ناصر‪ ،‬علم االجتماع العائلي‪ ،‬دراسة المتغيرات في األسرة‬
‫العربية‪ ،‬اإلسكندرية‪ :‬دار المعرفة الجامعية‪ ، 2003 ، ،‬ص ص‪71، 72‬‬
‫‪2‬‬
‫سلوى عبد الحميد الخطيب‪ ،‬نظرة في علم اإلجتماع األسري‪ ،‬القاهرة ‪:‬المصرية لخدمات الطباعة‪ 2007 ،‬ص‬
‫‪.94‬‬
‫‪81‬‬

‫ع‪ (49‬أكتوبر – ديسمبر ‪2018‬م)‬ ‫مجلة كلية اآلداب – جامعة بني سويف‬
‫االجتاهات النظرية الكالسيكية واملعاصرة يف راسة اخلالفات األسرية‬ ‫أ‪ /‬بدرية مناحي غزاي املطريي‬

‫والثروة والمنافسة)والتي تمثل المصدر الرئيسي لوقوع الخالفات االسرية ‪،‬ويري هذا االتجاه ان‬
‫االتفاق واالنسجام ما هو اال وسيلة للتحكم في عملية الصراع داخل االسرة ‪. 1‬‬
‫لم ينظر الماركسيون لألسرة علي أنها واحدة من السمات العامة للمجتمع اإلنساني‬
‫ولكنهم نظروا وليها في سياق تحليلهم لطبيعة المجتمع الرأسمالي وما يتميز به من طبقية ‪.‬‬
‫ونقطة انطالق معظم تحليالت ممثلي هذا االتجاه عن األسرة والعالقات بين الجنسين نجدها‬
‫في كتاب " أصل األسرة ‪:‬الملكية الخاصة والدولة " إلنجلز الذي يفرق فيه بين تحقيق‬
‫ال مساواة بين الجنسين في المرحلة الحديثة حيث يري ونجلز أن النزعات والخالفات األسرية‬
‫بين الزوجة والزو واألب واألبناء ‪ ،‬واألبناء وبعضهم أمر طبيعي ناتج عن عدم المساواة في‬
‫الحقوق والواجبات ومن هذه الرؤية أطلق تعميمه المشهور بأنه ال توجد أسرة خالية من‬
‫النزاعات وا لخالفات األسرية وحتا وذا حدث فترة غابت فيها المشاحنات األسرية فذن ذلك ال‬
‫يعبر عن سعادة و هناء األسرة بل أنها حالة طارئة ومؤقتة تعقبها مشاحنات قادمة( ‪.)2‬‬
‫وذهب بعض مفكري هذا االتجاه ولا أن األسرة هي أول مدرسة يختبرها الفرد في‬
‫يمثل‬ ‫حياته االجتماعي ة من خالل سيطرة الرجل علا المرأة في النظام األسري ‪ ،‬ولا أن الزوا‬
‫تجوزا راقيا للعداوات التي ظهرت في التاريخ ‪ .‬حيث أن نمو مجموعة معينة و ازدهارها قد يتم‬
‫علا حساب مأساة واضطهاد مجموعة أخر ‪ ،‬أن العالقة بين الزو والزوجة هي مثال‬
‫نموذجي لما يحدث الحقا من اضطهاد بين الطبقة الرأسمالية والطبقة العمالية‪ .‬أن نظام األسرة‬
‫في رأي هذا التجاه وجد في المجتمع استجابة العتبارات رأسمالية بحتة قوامها المحافظة علي‬
‫استمرار سيطرة األفراد علي الملكية ‪ .‬وعلي ذلك يشير ماركس في كتاباته المبكرة ولي الزوا‬
‫علي أنه شكل من أشكال ال ملكية الخاصة( ‪. )3‬‬
‫ومن بين التفسيرات المعاصرة للخالفات االسرية وفقا لمنظور الصراع ‪ ،‬ما قدمه مايكل‬
‫هارجيس واخرون عن التوقعات في مجالين (العمل او االسرة) يمكن ان تتعارض التوقعات‬
‫فيهما بسبب المعايير وااللتزامات المختلفة ‪ .‬لهذا السبب االداء في مجال واحد للحياة ( اي‬
‫العمل) يقلل من مقدار الوقت الطاقة ‪،‬والموارد األخر المتاحة للمجاالت األخر (مثل االسرة)‪.‬‬

‫عزت سيد اسماعيل ‪ ،‬االسرة في القرن الحادي والعشرين‪ ،‬سلس لة الدراسات االجتماعية العمالية‪ ،‬السلسلة رقم‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ، 28‬ابوظبي‪ :‬مجلس التعاون الخليجي‪ ،1993 ،‬ص ‪. 158‬‬


‫‪2‬‬
‫معن خليل عمر ‪ :‬علم اجتماع األسـ ـرة‪ ،‬بيروت ‪ ،‬الطبعة األ ولي ‪ ،‬دار الشــروق ‪ ، 1994،‬ص ‪. 44‬‬
‫‪W. K., Halford, Bouma, R., Kelly, A., &. Young, R. M.. Indi vidual Psychopathology 3‬‬
‫‪and Marital Distress: Analyzing the Association and Implications for Therapy‬‬
‫‪Behavior Modification, 23 (2), (1999) p.179‬‬

‫‪82‬‬
‫)‬ ‫ع‪ ( 49‬أكتوبرـ ديسمبر‪2018‬م‬ ‫مجلة كلية اآلداب – جامعة بني سويف‬
‫االجتاهات النظ رية الكالسيكية واملعاصرة يف دراسة اخلالفات األس رية‬ ‫أ‪ /‬بدرية مناحي غ زاي املطريي‬

‫وعلي هذا يعرف الخالفات االسرية ‪،‬بانها شكل من الصراع حيث ض وط الدور من العمل‬
‫‪1‬‬
‫والمجاالت االسرية تتبادل بشكل غير متكافئ انتا مزيد من الخالفات‪.‬‬
‫ويري المدخل النسوي ان عال المشكالت االسرية عند المدخل الوظيفي عالجا مثاليا‬
‫وغير كافي‪ .‬يركز علي المشكالت االسرية باعتبارها تعبير عن عالقات طبقية في االقتصاديات‬
‫الرأسمالية ‪،‬مثلما يحدث في مجتمع المصنع ‪ .‬يسيطر الرجل علي المرأة في المنزل ‪ ،‬كما‬
‫تسيطر البرجوازية علي البرولتياريا في المصانع ‪ .‬لذا فان كثير من المشكالت تلتصق‬
‫بالحاجات االساسية من توفير الدخل المناسب ‪،‬المالبس‪ ،‬الطعام ‪،‬المساندة العاطفية‪ .‬تعتقد‬
‫كثير من النسويات في هيمنة الرجل وخضوع المرأة قبل وجود الرأسمالية ‪ ،‬والملكية الخاصة‬
‫‪ .‬تري نظرية الصراع في ان المشكالت االسرية‬ ‫) ‪(2‬‬
‫‪،‬وكان هذه العالقة نظام اقتصادي في ذاته‬
‫نتيجة ألفكار متعارضة عن القيم ‪،‬االدوار واشكال الحياة االسرية ‪ .‬من جانب نظرية الصراع‬
‫تتجسد االفكار المتعارضة في البناء االسري التقليدي المساند للفرد في المجتمع المعاصر‬
‫‪،‬وعلي الجانب االخر الليبرالي يعتقد بضرورة وجود اشكال اسرية جديدة ‪.‬‬
‫وتري ان النساء ال الدين يجب ان يكون في قلب النظرية والممارسة حول العالم ‪ ،‬ولعل‬
‫سعي النساء قد يساعد علي التمكين وان كانت اآلمال حول هذا الهدف نظرية ‪ .‬ان مثل هذا‬
‫السياق يشرح ان حقيقة الخالفات خالفات ثقافية بالدرجة االولي ‪،‬والتي تأخذ شكل االل از ‪.3‬‬
‫وتعود النزاعات والخالفات بين الرجل والمرأة الي طبيعة الخبرات التي يواجهانها بكل منهما‬
‫‪،‬وهو ما يؤدي الي اختالف اشكال االست الل التي يتعرضان لها ‪ .‬فالسياقات االجتماعية‬
‫تفرض اشكاال مختلفة من االست الل علي كل من الرجل والمرأة كما تفرض اشكال مختلفة من‬
‫التحليل للتوصل الي االسباب المؤدية لهذه التفاوتات ‪ .‬ويعد است الل النساء القاسم المشترك‬
‫بين كل النظريات النسوية علي الرغم من اختالف االطر النظرية التي تنطلق منها والنتائج‬
‫التي تنتهي اليها ‪،‬والجانب المهم في تلك التحليالت يرجع الي عملية االست الل بوصفها مبنية‬

‫‪1‬‬
‫‪Michael B. Hargis, Lindsey M. Kotrba, Ludmila Zhdanova and Boris B. Baltes,‬‬
‫‪What's Really Important? Examining the Relative Importance of Antecedents to‬‬
‫‪Work-Family Conflict, Journal of Managerial Issues, Vol. 23, No. 4 (Winter 2011),‬‬
‫‪p.388.‬‬
‫‪ibid.p.243.‬‬
‫‪7‬‬

‫‪3‬‬
‫‪Monica Gallant, The a pplication of feminism in the Arab world: research‬‬
‫‪perspectives, Education, Business and Society: Contemporary Middle Eastern‬‬
‫‪Issues, Vol. 1 Issue 3,2000, p. 193.‬‬

‫‪83‬‬

‫ع‪ (49‬أكتوبر – ديسمبر ‪2018‬م)‬ ‫مجلة كلية اآلداب – جامعة بني سويف‬
‫االجتاهات النظرية الكالسيكية واملعاصرة يف راسة اخلالفات األسرية‬ ‫أ‪ /‬بدرية مناحي غزاي املطريي‬

‫اجتماعيا بمعني ان اسبابها متجذرة في الواقع االجتماعي المحيط بالمرأة وليست خارجية ‪،‬كما‬
‫ترتبط بجملة من العالقات االجتماعية السائدة بين الرجل والمرأة ‪. 1‬‬
‫عالوة علي ذلك‪ ،‬ذهب المدخل النسوي الي ان القوانين لم تعد محايدة النها تتناسي‬
‫قناعة االخر بأهمية الطالق‪ ،‬وتتبني سياسات تزيد االلتزام علي طرف دون االخر‪ ،‬فتزداد‬
‫الخالفات دون ان تعالج بحق‪ ،‬بل ينتظر الكثير من الوقت في المحاكم للحصول علي الط الق‬
‫فتزداد الخالفات فتصير اكثر تعقيدا( ‪. )2‬‬
‫في النهاية ‪ ،‬ير النهج الصراعي ان الخالفات والنزاعات األسرية أمر طبيعي ‪ ،‬بل وير‬
‫بأنره ال توجد أسرة خالية من نزاعات وخالفات ‪ ،‬وحتا اذا حصلت فترة ت يب فيها المرشاحنات‬
‫األسرية فان ذلك ال يعبر عن سعادة وهناء األسرة بل انها حالرة طارئرة ومؤقترة تعقبهرا‬
‫مشاحنات قادمة ‪.‬فضال عن ذلك فان هذا النهج ال ينظر الا النزاعات والخال فات األسررية علا‬
‫انها تعبر عن سلبيات تقوض كيان األسرة بل لها ايجابيات تعود علا بنيتها وتصفي او تنقي‬
‫أجوائها من التلوث الذي أصابها ألنها سوف تصرف االختناقرات والمرشاحنات التري أحدثتها‬
‫الظروف القاسية او الصعبة وبالتالي تعيد األمور الا نرصابها وترصحح األخطراء وتزيل‬
‫ال موض واإلبهام الذي طرأ علا حياة األسرة عبر معايشتها لألحداث الساخنة‪.‬‬
‫‪ - 3‬نظرية التبادل االجتماعي‬
‫يري عديد من النقاد ان نظرية التبادل االجتماعي‪ exchange theory‬او االختيار‬
‫العقالني –يمكن استخدامهما بمعني واحد ‪ -‬هي االنسب في تحليل التبادالت التطوعية في‬
‫المجتمعات البسيطة التي تكون اقتصاديات المناطق التقليدية وخاصة االسرة والدين والنوع ‪.‬‬
‫تعتبر االسرة واحدة من الموضوعات البعيدة عن مشاهد نظرية االختيار العقالني النه تنظيم‬
‫ارثي ينتج دوافع حادة –من الحب والكره ‪ -‬اكثر ما تنتج حسابات نفعية باردة ‪ .‬من هنا يمكن‬
‫ان تطبق النظرية علي قرارات افراد االسرة باعتبار االسرة وحدة التخاذ القرار ( ‪.)3‬‬
‫ير أنصار هذه النظرية أن األفراد يدخلون مع بعضهم البعض في عالقات تبادلية فهم‬
‫يتبادلون العواطف والمشاعر واآلراء واألفكار والمصرالح واألمروال وغيرهرا فري تبرادله م هرذا هرم‬

‫‪1‬‬
‫صالح سليمان عبد العظيم ‪،‬النظرية النسوية ودراسة التفاوت ‪ ،‬مجلة دراسات العلوم اال نسانية واالجتماعية‬
‫‪،‬مجلد ‪، 4‬ملحق ‪ ،2014 ،1‬ص‪. 639 .‬‬
‫‪2‬‬
‫'‪L. A, kurdeck, Predicting change in marital satisfaction from husbands' and wives‬‬
‫– ‪conflict resolution styles. Journal of Marriage and Family, 57 (1), (1995), Pp. 153‬‬
‫‪155.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪Michael Hechter and Satoshi Kanazawa, Sociological Rational Choice Theory , in:‬‬
‫‪Annual Review of Sociology, Vol. 23 (1997), pp. 191‬‬

‫‪84‬‬
‫)‬ ‫ع‪ ( 49‬أكتوبرـ ديسمبر‪2018‬م‬ ‫مجلة كلية اآلداب – جامعة بني سويف‬
‫االجتاهات النظ رية الكالسيكية واملعاصرة يف دراسة اخلالفات األس رية‬ ‫أ‪ /‬بدرية مناحي غ زاي املطريي‬

‫ي سعون ولا تحقيق أكبر قدر من الربح بأقل خسائر ممكنة ‪.‬عندما تتعذر الحياة الزوجية بين‬
‫الطررفين وتصربح الحيراة مليئرة بالمشركالت والمشراحنات فرذن المررأة تحراول أن تحسرب مقردار‬
‫الخسائر المترتبة من هذا الطالق ومقدار المكاسب فذذا أحست أن مكاسبها من الطالق تفو ق‬
‫خسائرها فأنها تتخذ قرار الطالق والعكس صحيح وذا كانت الخسائر أكثر من المكاسرب فذنهرا‬
‫ستستمر في حياتها الزوجية ‪ ،‬وأن هذه المكاسب أو الخسائر ليست هنا مادية فقط و أنما هي‬
‫مادية أو معنوية أو اجتماعية( ‪. )1‬‬
‫وفقا لنظريات التبادل االجتماعي عند بالو وزمالءه ان العالقات االسرية مماثلة للعالقات‬
‫االقتصادية حيث يظهر التبادل للسلع من خالل التفاعل في العالقة الرومانسية ‪.‬يتبادل‬
‫الفاعلون علي قدر كبير من الموارد ‪،‬بما في ذلك الرفقة ‪،‬الحب‪،‬الجنس‪ ،‬المال‪ ،‬الحراك‬
‫االجتماعي‪ ،‬رعاية المنزل ‪،‬رعاية االطفال ‪ .‬عالوة علي ذلك‪ ،‬التفاوض علي ادوار محدودة من‬
‫الموارد لكل فاعل بشكل منفصل ‪،‬وبدون اتفاق مسبق ‪ ،‬يؤدي االعمال التي تعين االخر علي‬
‫اداء وظيفته بشكل تبادلي معروف ‪.‬‬

‫بما ان هناك ميل قوي نحو الزوا المتجانس ‪ homogamy‬فان بعض الموارد تتبادل‬
‫بالمثل ‪ .‬يتزو الناس من نفس الطبقة االجتماعية ‪،‬الساللة‪ ،‬التعليم ‪ ،‬المهنة ‪،‬بينما اخرو ن‬
‫يتبادلون علي موارد مختلفة ‪،‬علي سبيل المثال جاذبية المرأة تبادل ثروة الرجل او مكانته‬
‫االجتماعية ‪ .‬علي الرغم من تعلم المرأة ومشاركتها في العمل اال ان هذه التبادالت تظل‬
‫مرهونة نظريا وعمليا ‪ .‬من منظور التبادل االجتماعي ‪،‬ترتبط الموارد مع القوة بشدة ‪،‬بمعني‬
‫ان القوة عالئقية ‪ ،‬الن الموارد تزيد القوة وتقلل من التبعية ‪.‬‬
‫ان مثل هذا النوع من النظريات ينتمي الي النظريات االقتصادية للفعل او النظريات‬
‫االجتماعية والنفسية للتبادل‪ .‬وتفترض تفسيرات االختيار العقالني ان االساس في الزوا هو‬
‫الحصةل علي اكبر استفادة من الفعل الزواجي في اختيار شريك الحياة ‪،‬الن من المتوقع ان‬
‫يجني احد الطرفين مكاسب جمة من الشريك االخر‪ .‬كما ان تنظيم الوحدة االسرية اشبه بتنظيم‬
‫الوحدة االنتاجية للحصول علي اكبر عائد ‪،‬واستثمار ما بداخل االسرة ‪،‬وخاصة السلع اال سرية‬
‫(كالس لوك االنجابي) عالوة علي حساب الخسارة في حالة تصفية العالقة الزواجية ‪.‬‬
‫وخلصت ولا أن طريقة معالجة الخالفات تتأثر بنوعية العالقات بين الناس‪ ،‬فالخالفات بين‬
‫أفراد األسرة الواحدة يصعب تجنبها وأكثر كلفة –علا األسرة نفسيا واجتماعيا ‪ -‬في حال‬
‫تجاهلها‪ ،‬بعكس الخالفات التي تنشأ بين األصدقاء والزمالء وغيرهم‪ ،‬وفي حال عدم توفر‬

‫‪1‬‬
‫سلوي الخطيب‪ ،‬نظرة في علم االجتماع األسري ‪ ،‬الرياض ‪ :‬مكتبة الشقري‪،2007،‬ص ‪. 213- 211‬‬

‫‪85‬‬

‫ع‪ (49‬أكتوبر – ديسمبر ‪2018‬م)‬ ‫مجلة كلية اآلداب – جامعة بني سويف‬
‫االجتاهات النظرية الكالسيكية واملعاصرة يف راسة اخلالفات األسرية‬ ‫أ‪ /‬بدرية مناحي غزاي املطريي‬

‫المهارات الالزمة لحل الخالفات فذن مشاعر ال ضب يمكن أن تؤدي ولا ارتكاب العنف‪ ،‬خاصة‬
‫وذا أدرك الشخص أن استخدامه للعنف ال يترتب عليه أي عقوبات أو أن العقوبات التي تنتج‬
‫عن ممارسة العنف تكون أقل وشباعا من تنفيس مشاعر ال ضب‪.‬‬
‫بتطبيق هذه النظرية علي موضوع الدراسة الراهنة ‪،‬وهي الخالفات والعالقات االسرية‬
‫‪.‬تشير نظرية التبادل بان القوة االكبر والتبعية االقل سوف تزيد من ارجحية الحفاظ علي‬
‫الزوا ‪،‬ويعتمد اختبار هذا الفرض تجريبيا علي العالقة بين الدخل النسبي ‪،‬وومقدار الموارد‬
‫من ناحية والطالق ‪،‬فاالكثر دخال اقل طالقا‪ .‬تتنبا ايضا بان ارجحية ظهور الخالفات نتيجة‬
‫لحدوث او حضور فرص التبادالت والبدائل مما يجعل من االفراد مساهمين في تصفية الزوا ‪.‬‬
‫وطبقت هذه الفرضية بوضوح علي النساء وخاصة عن المكاسب المالية النسبية لل مراة‬
‫واحتمالية الدخول في خالفات اسرية نتيجة ألثر او عامل االستقالل والسيما اذا زاد دخلها عن‬
‫زوجها فيقل مكاسب الزوا لها والعكس صحيح ‪ .‬يعني ان النساء ذو الدخل المرتفع يعتقد ان‬
‫يحسن مستوي التبادل مع ازواجهن وخاصة االقل دخل منهن ( ‪. )1‬‬
‫لقد استخدمت هذه ا لنظرية في الدراسات العائلية حيث أفكار هذه النظرية ومفاهيمها‬
‫الرئيسة قد استعملت من قبل الباحثين في تفسير وفي التنبؤ بميدان واسع من أنماط السلوك‬
‫االجتماعي‪ .‬وقام حديثاً العديد من الباحثين باستخدام مفاهيم نظرية التبادل في تفسير‬
‫العالقات الزوجية والعائلية‪ ،‬وقد وفرت هذه النظرية عدة تفسيرات مفيدة لكيفية بداية العالقات‬
‫أن أفكارهم يمكن‬
‫بين الزوجين‪ ،‬وكيفية اختيار شريك الحياة ويعتقد أتباع هذه النظرية ّ‬
‫استعمالها في تحليل الكثير من جوانب الحياة الزوجية والعائلية األخر ‪.‬‬
‫أن السبب في الط الق يرجع‬
‫فمثالً لتفسير حاالت الطالق في ال عائلة تر نظرية التبادل َّ‬
‫ولا خلل في عمليات التبادل وعدم العدالة في توزيع المكافآت أو الفوائد‪ ،‬فذذا شعر أحد‬
‫أن تكاليف هذا العطاء تفوق بكثير الفوائد المتوقعة‬
‫الزوجين مثالً بأنَّه يعطي الكثير للزوا و َّ‬
‫فذن هذا الطرف قد يقرر ونهاء ال عالقة‪.‬‬
‫َّ‬
‫‪ - 4‬نظرية التفاعلية الرمزية‬
‫تمتد نظرية التفاعل الرمزي الي اكثر من قرن من الزمان تقريبا ‪،‬وهي التفاعل بين الفكر‬
‫التي حملها المهاجرون االوربيون الي امريكا ‪ ،‬وبين البيئة الجديدة التي نشألوا فيها ‪،‬وعلي‬
‫هذا فنظرية التفاعل تبلورت في امريكا علي اثر ازدياد المشكال ت الخاصة بالهجرة‪ ،‬والجريمة‬
‫وجنوح االحداث والطالق والنزاعات االسرية ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Christin L. Munsch, Her Su pport, His Support: Money, Masculinity, and Marital‬‬
‫‪Infidelity, American Sociological Review ,2015, Vol. 80(3), p.471‬‬

‫‪86‬‬
‫)‬ ‫ع‪ ( 49‬أكتوبرـ ديسمبر‪2018‬م‬ ‫مجلة كلية اآلداب – جامعة بني سويف‬
‫االجتاهات النظ رية الكالسيكية واملعاصرة يف دراسة اخلالفات األس رية‬ ‫أ‪ /‬بدرية مناحي غ زاي املطريي‬

‫والتركيز االساسي للفكرة ينصب علي ان الفرد يعيش في عالم من الرموز والمعارف‬
‫المحيطة به في كل موقف او تفاعل اجتماعي يتأثر بها ويستخدمها يوميا وباستمرار ‪.‬‬
‫ويتضح استخدام الفرد للرموز من خال ل معانيها للتعبير عن حاجاته االجتماعية ‪ ،‬ورغباته‬
‫الفردية‪ ،‬وتتجلي اهمية الرموز عند استخدامها من قبل افراد المجتمع علي صعيد الممارسة‬
‫اليومية في الحياة االجتماعية ‪ .‬حيث يتعلم الفرد من خالل تفاعله مع االخرين المحيطين به‬
‫بشكل شعوري او ال شعوري استخدام الرموز في الحياة مثل استخدام الل ة ‪،‬او تحريك الراس‬
‫‪ ،‬للداللة علي الرفض او القبول‪ ،‬لبس الخاتم عند الزوا ‪ ،‬ووفقا لهذه النظرية‪ ،‬فان التفاعل‬
‫الرمزي في االسرة يشير الي دراسة التفاعل والعالقات الشخصية بين الزوجين وزوجته‬
‫‪1‬‬
‫واوالدهما‪.‬‬
‫الزوجة وبين الوالدين واألوالد‪ ،‬فهو‬
‫الزو و ّ‬
‫ويركز هذا االتجاه علا دراسة العالقات بين ّ‬
‫الشخصية في نظر أصحاب‬ ‫ألن ّ‬
‫خصيات المتفاعلة ّ‬‫الش ٌ‬
‫ينظر ولي األسرة علا أ ّنها وحدة من ّ‬
‫هذا االتجاه ليست كيا ًنا ثاب ًتا‪ ،‬بل هي مفهوم دينامي‪ ،‬واألسرة هي شيء معاش ومت ّير وتام‪،‬‬
‫تتكون من‬
‫يفسر األسرة من خالل عمليات ال ّتفاعل‪ ،‬وهذه العمليات ّ‬‫فاتجاه ال ّتفاعلية الّرمزية ّ‬
‫الدور‪ ،‬وعالقات المكانة ومشكالت االتصال‪ ،‬ومّتخذي القرارات وعمليات التنشئة فالتركيز‬
‫أداء ّ‬
‫هنا يكون علا األسرة كعملية وليست كوحدة وستاتيكية‪. 2‬‬
‫وعلا ذلك ينظر هذا االتجاه الا األسرة علا ونها وحدة من الشخصيات المتفاعلة ‪،‬‬
‫ومن هنا فان تكيف األبوين مع األحداث المستجدة يؤهلهما الكتساب دورهما كأبوين ‪ ،‬وان‬
‫فشل احدهما في هذه المهمة األسرية يؤد ولا تصدع بنيان األسرة ‪ ،‬وكما أن نجاح الزوجين‬
‫في عالقتهما باآلخر داخل األسرة مرهون بدرجة وشباع كل منهما لألخر‪ ،‬وعلا ذلك ينظر هذا‬
‫االتجاه لألسرة علا أنها خلية اجتماعية تقوم بتطبيع الوليد بالسلوك االجتماعي‪.‬‬
‫يفترض التفاعليون الرمزيون ون العالم الرمزي والثقافي يختلف باختالف البيئة‬
‫الل وية والعرقية أو حتا الطبقية لألفراد ‪ ،‬وفي ضوء هذه الفرضية يهتم دارسوا األسرة بطبيعة‬
‫االختالف بين العالم الرمزي للزو والزوجة وتأثير هذا االختالف علا تحديد توقعات أدوارهما‬
‫وعلا مجريات التفاعل بينهما ‪ ،‬وقد أكدت الدراسات في هذا الصدد انه كلما كان العالم الرمزي‬
‫مختلفا ومتباينا ) كما يحدث في الزيجات بين افراد ينتمون الي بيئات ل وية وثقا فية مختلفة‬

‫‪1‬‬
‫احمد محمد مبارك الكندري‪ ،‬علم النفس االسري‪( ،‬الكويت ‪ :‬مكتبة الفالح للنشر والتوزيع ‪ ،)1992 ،‬ص ‪55‬‬
‫‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫سامية مصطفى الخشاب‪ ،‬النظرية االجتماعية ود راسة األسرة‪ ،‬ط‪ ، 1‬القاهرة ‪ :‬الدار الد ولية لالستثمارات‬
‫الثقافية‪ ، 2008 ، ،‬ص ‪.51‬‬
‫‪87‬‬

‫ع‪ (49‬أكتوبر – ديسمبر ‪2018‬م)‬ ‫مجلة كلية اآلداب – جامعة بني سويف‬
‫االجتاهات النظرية الكالسيكية واملعاصرة يف راسة اخلالفات األسرية‬ ‫أ‪ /‬بدرية مناحي غزاي املطريي‬

‫)اي كلما تبلورت توقعات االدوار بينهما بشكل ضعيف وبطئ ‪،‬كلما شهدا تفاعل بينهما ضروبا‬
‫من التوتر والصراع ويحدث العكس في حالة اشتراك الطرفين في عالم رمزي واحد ‪)1 (.‬‬
‫اذن التفاعلية الرمزية في اطار دراسة الخالفات االسرية تقوم علي فروض عديدة منها‪:‬‬

‫ا لفرض االول ‪ ،‬يجب دراسة االنسان وفقا لمستواه الخاص ‪،‬فاذا اردنا ان نفهم الزوا‬
‫والخالفات االسرية يجب ان ندرس الل ة والرموز والمعاني واالشارات واالنعكاسات اليوم في‬
‫مؤسسة االسرة ‪.‬‬

‫الفرض الثاني ‪ ،‬ال يمكن فهم الخالفات االسرية بدون ان نحلل المجتمع والثقافة ا لفرعية‬
‫لكل من الزو والزوجة ‪.‬‬

‫الفرض الثالث‪ ،‬يعتبر المجتمع والمحيط االجتماعي هما ما يشكالن نمط السلوك اجتماعيا‬
‫مقبوال او غير اجتماعيا مرفوض ‪.‬ويطلق علي هذا التنشئة االجتماعية‪.‬‬
‫‪ - 5‬االتجاه التطوري او التنموي‪:‬‬
‫ينصب التركيز االساسي علي اهمية المراحل ال مختلفة التي تمر بها دورة حياة االسرة‬
‫‪،‬واالهتمام بعامل الزمن كبعد هام في فهم التفاعل الزواجي ‪،‬تستخدم هذه النظرية عدة‬
‫افتراضات اساسية ‪:‬‬
‫‪ - 1‬ان االسرة موضع الدراسة هي االسرة الزواجية مع وجود اطفال ‪.‬‬
‫‪ - 2‬ان االسرة واالفراد يت يرون وينمون بطرق مختلفة وفقا لمؤثرات الوسط االجتماعي‪.‬‬
‫‪ - 3‬ان التركيز االساسي علي االفراد من خالل الض وط التي يتعرضون لها‬
‫‪ - 4‬كل اسرة فريدة من نوعها من حيث تركيبها وتوقعاتها االجتماعية ‪.2‬‬
‫ينظر هذا االتجاه ولا األسرة علا أنها وحدة من الشخصيات المتفاعلة‪ ،‬ورغم ذلك ال‬
‫ينطلق من التفاعل في حد ذاته ‪ ،‬وال من السلوك المتأثر بالموقف ؛ ولكنه ينطلق من فكرة‬
‫دوره الحياة لألسرة‪ .‬واستخدم دورة حياة األسرة كأداة تحليلية لوصف ومقارنة بناءات ووظائف‬
‫التفاعل الزواجي في مراحل مختلفة من التطور والنمو بهدف وصف وتفسير بعض الجوانب‬
‫في األسرة في كل مرحلة ‪ ،‬بدءا بمرحلة زوا الخطيبين ‪ ،‬وانتهاء بوفاة احدهما أو كليهما‪.‬‬
‫وير هذا االتجاه أن لكل مرحلة تطورية ظروف وشروط تلزم األسرة القيام بمهام معين ة كي‬
‫تواجه شروط وظروف مرحلة تطورية جديدة ‪ ،‬أو تقبل مرحلة الت ير اآلتية ‪ .‬وقد وضع هذا‬
‫االتجاه ثمانية مراحل تطورية لنمو األسرة حسب شكل دائري سمي بدورة حياة األسرة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫علياء شكري واخرون ‪،‬علم االجتماع العائلي ‪،‬عمان ‪:‬دار المسيرة ‪،2009 ،‬ص ‪. 34‬‬
‫‪2‬‬
‫غنيمة يوسف المهيني ‪ ،‬االسرة والبناء االجتماعي في المجتمع الكويتي ‪ ،‬الكويت ‪ :‬دار الفالح للتوزيع‬
‫والنشر ‪ ، )1997 ،‬ص ‪. 101‬‬

‫‪88‬‬
‫)‬ ‫ع‪ ( 49‬أكتوبرـ ديسمبر‪2018‬م‬ ‫مجلة كلية اآلداب – جامعة بني سويف‬
‫االجتاهات النظ رية الكالسيكية واملعاصرة يف دراسة اخلالفات األس رية‬ ‫أ‪ /‬بدرية مناحي غ زاي املطريي‬

‫في هذه النظرية يهتم الباحثون بتحديد مراحل األسرة فهي عند بعضهم تبدأ مع بداية‬
‫الحياة الزوجية وتنتهي بوفاة الزوجين أو أحدهما ‪ ،‬وهي عند البعض اآلخر تبدأ مع ونجاب‬
‫أول طفل وتنتهي ببلوغ الزوجين مرحلة متقدمة من العمر مع اختالف هنا وهناك في عدد‬
‫المراحل ‪ ،‬مهما كان عدد المراحل التي تمر بها دورة حياة األسرة فأن لكل منها أعباءها‬
‫الخاصة ومسؤولياتها الخاصة ‪ ،‬ففي بداية حياة األسرة ترتبط أدوار الزوجين بالتكيف مع‬
‫الحياة الجديدة ‪ ،‬ثم تظهر فيها بعد ونجاب األطفال أعباء التنشئة االجتماعية ‪ ،‬وهي أعباء‬
‫تقل مع تقدم األطفال في العمر ‪ ،‬وفي نهاية دورة حياة األسرة تتحول ولا أسرة توجيه بالنسبة‬
‫لألسرة الزوجية التي يكونها األبناء ‪ ،‬والشك ون كل هذه األعباء واألدوار المت يرة تختلف‬
‫باختالف عدد من المت يرات مثل اإلقامة ( الريف ‪ -‬الحضر – البادية) والعمل ( طبيعة‬
‫األنشطة اإلنتاجية وغير اإلنتاجية التي ينخرط فيها الزوجان ) حجم األسرة ‪ ،‬طبيعة عمل‬
‫‪1‬‬
‫المرأة ‪ ،‬والمستو التعليمي للزوجين‬
‫‪ - 6‬المدخل التفكيكي‬
‫نظر المدخل التفكيكي عند فوكوه ‪ Michel Foucault‬للخالفات االسرية من خالل‬
‫‪Divorce‬‬ ‫فكرة المفاوضات اثناء الخالفات االسرية وخاصة مفاوضات الطالق‬
‫‪ negotiations‬او الصراع التنظيمي ‪ . ))2 Organizational conflict‬هناك نقص حاد‬
‫في االهتمام ‪،‬عند منظري الق وة‪ ،‬عن المنطقة الوسط بين الصراع التنظيمي للدولة كممثل للقوة‬
‫والمواطنين المستهدفين ‪ ،‬لم تدرس بالشكل الكافي ‪.‬‬
‫ناقش فوكوه في االمن ‪،‬االقليم‪ ،‬السكان ‪،‬ان االسرة تحولت من كونها العنصر االساسي‬
‫للشكل المماثل الحكومي الي كونها اداة للمجتمع ‪ .‬تؤدي االسرة ألعضاء المجتمع كل شئ عن‬
‫السوق الذي لم يقدر علي ايفاء بحاجات اعضاءها ‪،‬تراعهم في اعتماد متبادل ‪،‬تقدم لهم‬
‫الجنة في قلب عالم ال يرحم ‪،‬وتحافظ علي توهج الحياة االخالقية والروحية‪. 3‬‬
‫ان الخالفات االسرية مرتبطة عند فوكوه بطرحه عن كيف يحكم الناس ‪،‬وطرق ادارة‬
‫السلوك د اخل المجتمع ‪ .‬فمن خالل مفهوم القوة ‪،‬يطرح فوكوه كيف تدير الدولة الخالفات‬
‫االسرية وهي القوة الرعوية ‪ Pastoral power‬للدولة عن طريق وسائط محلية مثل االدارة‬

‫‪1‬‬
‫المصدر نفسه ‪. 39 ،‬‬
‫‪W L F, Divorce Lawyers and their Clients: Power and Meaning Sarat, A, Felstiner 2‬‬
‫‪in the Legal Process. (Oxford, UK, Oxford University Press, 1995) p 23.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪JANET HALLEY and KERRY RITTICH, Critical Directions in Comparative Family‬‬
‫‪Law: Genealogies and Contemporary Studies of Family Law Exceptionalism, The‬‬
‫‪American Journal of Comparative Law, Vol. 58, No. 4, (FALL 2010), p.758.‬‬
‫‪89‬‬

‫ع‪ (49‬أكتوبر – ديسمبر ‪2018‬م)‬ ‫مجلة كلية اآلداب – جامعة بني سويف‬
‫االجتاهات النظرية الكالسيكية واملعاصرة يف راسة اخلالفات األسرية‬ ‫أ‪ /‬بدرية مناحي غزاي املطريي‬

‫لالستشارات االسرية في حل المشكالت باعتبارها مرشد داخلي تستجيب له الذوات الطيعة وهم‬
‫المترددين علي االدارة االسرية الن الخالفات في هذه الحالة تهديد للنظام االجتماعي بوجه‬
‫عام والدولة الكويتية بشكل خاص ‪ .‬هذه النظرة الي تكنولوجيات الضبط داخل المجتمع اشبه‬
‫باليات البوليسية التي تخفي وراءه سلطة الدولة القانونية لحماية المجتمع حتي ينضبط‬
‫االيقاع في المجتمع وخاصة عندما ال تنجح المجتمعات المحلية والقواعد غير الرسمية التي‬
‫تميز المجتمعات الخليجية ‪.1‬‬

‫‪ - 7‬االتجاهات الحديثة في دراسة الخالفات االسرية‬


‫أسهم بعض الباحثين الطليعين في ضبط مفهوم ما بعد الحداثة ويعتبر ليوتار ‪،‬اول من‬
‫اعلن خبر عصر ما بعد الحداثة ‪ ،‬في كتابه الشهير ‪ :‬الظرف مابعد الحداثي ‪ :‬تقرير عن‬
‫المعرفة ‪ 2 .‬ويشبه السيد يس حركة ما بعد الحداثة بانها عبارة عن فعل رمزي يشير الي سقوط‬
‫النظرية التي سادت الفكر االجتماعي في القرن العشرين نتيجة عجزها عن قراءة‬ ‫النماذ‬
‫العالم وتفسيره والتنبؤ بمستقبله‪ . 3‬وفكر مابعد الحداثة تناول موضوع االسرة والمقومات‬
‫المؤدية الي تكاملها من خالل بعض التصورات حيث نجد ان كل من "ادجار وجيليزر يتخذو ن‬
‫من مفهوم مجري المياه اداة تحليلية لفهم وتفسير التحوالت والت يرات التي تطرا علي بنية‬
‫االسرة ‪ .‬وتعتبر نظرة جيليز وزميله نظرة بنيوية تجاه الحياة االسرية التي تركز علي محورين‬
‫احدهما تاريخي واالخر تحليلي ‪،‬ويعتمد تحليالتها للت ير في البناء االسري علي مناقشة‬
‫التحول في العالقة الحميمة فيما يتصل بطبيعة المجتمع الحديث ‪،‬ويستخدم الباحثان مفهوم‬
‫مجري الحياة االسرية للتأكيد علي ان االسرة هي نتا من نواتج التركيب الفعلي الذي يت ير‬
‫معناه عبر الزمان ‪ .‬فمهوم مجري الحياة االسرية يؤكد في نظرهما الت ير التاريخي الذي طرا‬
‫علي مفهوم الحياة الخاصة متجها الي العقالنية المتزايدة في االختيار التي تدعم اسس‬
‫‪4‬‬
‫المجتمع ما بعد الحداثة ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Argyo Demartoto & Pam Nilan & Alex Broom & John Germov, Indonesian Men's‬‬
‫‪Contrasting Perceptions of How to Deal with Local Violence, Asian Criminology,vol‬‬
‫‪9, (2014) p.128.‬‬
‫‪2‬‬
‫السيد يس ‪ ،‬التغيرات العالمية وح وار الحضارات في عالم متغير‪ ،‬كراسات استراتيجية ‪،‬القاهرة‪ :‬مركز االهرام‬
‫للدراسات السياسية واالستراتيجية ‪،‬العدد ‪ ،14‬مارس ‪ ،1993‬ص ‪. 22‬‬
‫‪3‬‬
‫السي د ياسين ‪ ،‬الوعي التاريخي والثورة الكونية ‪ ،‬ح وار الحضارات في عالم متغير‪ ،‬القاهرة ‪ :‬مركز االهرام ‪،‬‬
‫‪ ،1995‬ص ‪. 152‬‬
‫‪4‬‬
‫دون ادجار وهلين جليزر ‪ ،‬االسرة والعالقات الحميمة ‪ :‬مسارات الحياة االسرية واعادة بناء الحياة الخاصة‪،‬‬
‫المجلة الد ولية للعلوم االجتماعية ‪ ،‬العدد ‪ ،139‬فبراير ‪ ،1994‬ص ‪.163‬‬

‫‪90‬‬
‫)‬ ‫ع‪ ( 49‬أكتوبرـ ديسمبر‪2018‬م‬ ‫مجلة كلية اآلداب – جامعة بني سويف‬
‫االجتاهات النظ رية الكالسيكية واملعاصرة يف دراسة اخلالفات األس رية‬ ‫أ‪ /‬بدرية مناحي غ زاي املطريي‬

‫ان مفهوم مجري الحياة االسرية ‪،‬يؤكد اه مية التفاوض والتوجيه نحو المستقبل وهو ما‬
‫يميز الحياة االسرية الحديثة ‪،‬ويعتقدان ان هذا المفهوم يتميز عن المفاهيم السالبة مثل‬
‫مفهوم دورة الحياة ‪1 .‬ويؤكدان علي ان الذي حدث في المجتمع الحديث هو ان مسار الحياة قد‬
‫اصبح يوما بعد يوم قابال الستكمال واعادة التنظيم ‪ .‬اي مجري رسم مسارات الحياة االسرية‬
‫وتنظيمها مسبقا‪.‬‬
‫ويؤكد كل من ادجار وجيليزر علي ان جميع مجتمعات العالم تعيش حالة من الت يرات‬
‫والتحوالت وان جميع المجتمعات شهدت نمو ذجا للت ير االسري‪ .‬ويشير الي ان االطفال‬
‫يولدون او يعيشيون علي نحو مضطرد معظم فترة طفولته م داخل اسرة يرعاها احد االبوين فقط‬
‫سواء بسبب تجنب الزوا في حد ذاته او بسبب الزيادة المفرطة في حاالت الطالق وبالتالي‬
‫فان نشأتهم االولي تختلف عن الحالة التي تفترض بينها وبين وجود االبوين ‪. 2‬‬
‫كما يؤكدان علي ان هناك تحوال جذريا في العالقات الزوجية ذاتها ‪،‬وخاصة ال عالقة مع‬
‫الشريك اكثر من التأكيد علي اداء ادوار معينة داخل مجاالت خاصة ‪ .‬كما يؤكدان ان تزايد‬
‫حاالت الطالق لها تأثيرات علي طبيعة العالقات الحميمة ‪،‬وان ثمة تحوال جذريا يجب دراسته‬
‫بعناية عندما تناول دراسة التحول في العالقة الحميمة اال وهو انفصال النساء عن المجال‬
‫الخاص للحياة االسرية ويتوازي ذلك مع انفصال الرجال عن تلك الحياة في غضون الثورة‬
‫الصناعية ‪ .‬كما اكدا علي ان هناك ت يرا مصاحبا للحداثة تمثل في طول متوسط فترة العمر‬
‫خاصة لدي النساء وهذا االمر يفرض مشكالت فيما يتصل باستمرار اسرة واحدة ملتزمة ‪ .‬ان‬
‫فكرة العال قات الحميمة قد استحوذت علي اهتمام عدد ليس بقليل من المفكرين قبل ان يلتفت‬
‫جيليز وزميله النظر اليها ‪ .‬من بين هؤالء بيرجر حيث اكد علي ان تداعي المجتمع المدني‬
‫واالوامر الجماعية قد اضر بنوعية الحياة الشخصية حيث اصبح المجال بال خصائص‬
‫مؤسسية في حين ان الحياة العا مة اصبحت مؤسسة اكثر مما ينب ي مما ادي الي ان الق‬
‫‪3‬‬
‫الحياة الشخصية ‪.‬‬
‫ويؤكد اجار وزميله انه يجب البحث عن رؤية اكثر عمقا للحياة االسرية تنقلنا الي‬
‫ابعد من التركيز البسيط علي العالقات االسرية ‪ ،‬باعتبارها التي يولدها الجنس والطبقة والنظم‬
‫االقتصادية المخ تلفة لصالح النساء واالنتقال الي ما وراء البيت وهو امور لها القدرة علي‬
‫‪4‬‬
‫ت ير شكل العالقات االسرية ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 162‬‬
‫‪2‬‬
‫المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪164- 163‬‬
‫‪3‬‬
‫المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.171‬‬
‫‪4‬‬
‫المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 172- 171‬‬
‫‪91‬‬

‫ع‪ (49‬أكتوبر – ديسمبر ‪2018‬م)‬ ‫مجلة كلية اآلداب – جامعة بني سويف‬
‫االجتاهات النظرية الكالسيكية واملعاصرة يف راسة اخلالفات األسرية‬ ‫أ‪ /‬بدرية مناحي غزاي املطريي‬

‫رؤية جيدنز للنظام االسري ‪:‬‬


‫في اطار تطويره لنظرية البنية ‪ ،‬قدم جيدنز تصورا جديدا للتكوين االسري في اطار ما بعد‬
‫الحداثة ‪ ،‬وهي محاولة للتوصل الي البناء النظري الذي يتدر من الممارسات اليومية‬
‫والشخصية علي مستوي الحياة العادية الي مستوي النظم واالبنية االجتماعية ‪ .‬ويحتل مفهوم‬
‫الممارسة مكانة جوهرية في فكر جيدنز‪ .‬ويشير الي ضروب السلوك والتفاعل التي تنتجها‬
‫الفاعلون االجتماعيون وهو يكشف عن الطريقة التي تتشكل بها الحياة االجتماعية ‪ .‬ويشير‬
‫جيدنز الي ان من الممارسات االجتماعية يمكننا من ان نهتم بالطريقة التي تشكل بها‬
‫المجتمع ‪ ،‬ويري ان المجتمع تحلل ويعاد انتاجيته من خالل فرد واحد او من خالل المشاركين‬
‫‪1‬‬
‫في كل موقف اجتماعي ‪.‬‬
‫يقول جيدنز " تدفع ض وط العمل والحياة المنزلية االفراد باتجاه اعادة البناء المستمر‬
‫للهويات الذاتية باعتبارها جزءا من مشروع انعكاسي ‪ .‬في ظل هذا المشروع القائم علي السيرة‬
‫الذاتية بصورة ال يمكن تفاديها ‪ ،‬تتم االختيارات الفردية في سياق مجموعة من المنحنيات‬
‫والخيارات متولدة بواسطة نظم مجردة وترتبط الحداثة بحدوث تحول في اسلوب الحياة "وتحول‬
‫‪2‬‬
‫في الحميمية" التي تنظم بها صالت الفرد ‪ ،‬وتتشكل باعتبارها عالقات صرفة "‪.‬‬
‫ون ما يفسر سيطرة الاليقين المصرنوع علرا الاليقرين الخرارجي عوامرل ت يريرة ثالثرة‬
‫وهي‪:‬‬

‫‪ - 1‬العولمة‪:‬‬
‫ال تعني عند جيدنز التنافس االقتصاد ي العالمي فقط أو ظهور األنظمة العالمية الضخمة‬
‫وانما تعني تحوالت فري أعمرق أعراميق نسريج الحيراة اليوميرة أيضراً‪ ،‬ونهرا ترؤثر فري عالقرات‬
‫الصداقة والقرابة والمودة واأللفة والهوية الشخصية‪ .‬ون الميديا (وسائل االتصال الجماهيرية)‬
‫ملقراة فري العقرل البشررري دون حاجرة رم ن صرراحبه لاللتقراء برأي ونسرران فري تفاعرل ونسرراني‬
‫مباشر‪ 000‬ومع أن العولمة ت زوا افاق العمل االجتماعي المحلي وتخومه وال أنها ال تدمرها‪.‬‬
‫ونها بالعكس من ذلك قد تحرض علا ظهور أشكال جديدة من االستقالل الثقافي كما قد تزيد‬
‫الطلب علا الهوية الثقافية الخاصة‪.‬‬
‫‪ - 2‬تدهور التقاليد‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫احمد زايد ‪ ،‬افاق جديدة في نظرية علم االجتماع ونظرية البنية عند جيدنز ‪ ،‬المجلة االجتماعية القومية ‪،‬‬
‫المركز القومي ل لبحوث االجتماعية والجنائية ‪ ،‬المجلد ‪ ، 33‬العدد ‪ ،2/1‬يناير ‪ /‬مايو ‪ ،1996،‬القاهرة‪ ،‬ص ‪57‬‬
‫‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫جون سكوت (محرر)‪ ،‬خمسون عالما اجتماعيا اساسيا ‪ ،‬ترجمة محمود محمد حلمي ‪ ،‬بيروت ‪ :‬الشبكة‬
‫العربية لألبحاث والنشر ‪ ،2009 ،‬ص ‪. 234‬‬

‫‪92‬‬
‫)‬ ‫ع‪ ( 49‬أكتوبرـ ديسمبر‪2018‬م‬ ‫مجلة كلية اآلداب – جامعة بني سويف‬
‫االجتاهات النظ رية الكالسيكية واملعاصرة يف دراسة اخلالفات األس رية‬ ‫أ‪ /‬بدرية مناحي غ زاي املطريي‬

‫ون تدهور التقاليد ال يعني نهايتها ونه يعني أوصار يعني أويؤدي في كثير من األحيان‬
‫ولا وعادة تقويتها وشحذها وشدة الدفاع عنها وذلك بالضبط كما ير جيدنز المصدر األول(‬
‫لألصولية) ونهرا تقليرد يرتم الردفاع عنره‪ ،‬منرذ هجمرة العولمرة‪ ،‬بالقرانون التقليردي‪ .‬ون النقطرة‬
‫األساسية في التقاليد احتوائها فري طرابع أدائري طقسري للحقيقرة‪ ،‬الحقيقرة تتمثرل فري أداء أو‬
‫ممارسات أو رموز تقليدية معينة‪ ،‬يجب علينا وذن أن ال نفاجأ بالمناوشات ومعارك كسر العظم‬
‫المحتدمة اليوم بين التقاليد وأساليب الحياة المفتوحة أي المتحررة من التقليد ‪.‬‬

‫ون تدهور التقاليد مرتبط تماماً بنهاية أو انتهراء الطبيعرة‪ ،‬وغالبراً مرا يترداخل تردهور‬
‫التقاليد مع نهاية الطبيعة‪ ،‬ون الطبيعة تختفي كل يوم بمقدار‪ ،‬بمعنا أن األشياء الثابترة مرن‬
‫العرالم المرادي المحريط بنرا وبجسرم كرل منرا غيرر المترأثرة بالتردخل اإلنسراني قليلرة جرداً‪ ،‬كانرت‬
‫الطبي عة والتقاليد مجالين أو ميدانين للنشاط اإلنساني‪ ،‬أي أن الت يير فيهما كان غير ملحوظ‬
‫وبتالشي الطبيعة والتقاليد فذن جملة من القرارات الجديدة يجب أن تتخذ (من قبل جهة ما) في‬
‫مجاالت لم تكن تتخذ فيها أية قرارات ‪.‬‬

‫لنأخذ االنجاب مثال علا ذلك‪ :‬لطالما بقيت أمو ر عديدة من اإلنجاب خار نطاق قرارات‬
‫اإلنسان‪ ،‬لكنها أصبحت اآلن من حيث المبدأ أو الواقع مطروقة أو مطواعة لقراراته‪ .‬ونه يمكن‬
‫علا طفل دون أي اتصال جنسي‪ ،‬كما يمكن اختيار جنس المولود واجراء‬ ‫للمرء أن يحصل‬
‫التعقيم ضد الحمل للرجال والنساء علا حد سواء‪ ،‬وذن فقد أصبح القرار أن يكون للمرء طفل‬
‫أوال يكون مختلفاً تماماً عما كان عليه األمر عندما كان الحمل عملية طبيعية‪ .‬ومتكاملة نهاية‬
‫الطبيعة في مجال اإلنجاب مع الت يرات الناجمة عن تدهور التقاليد‪ ،‬فقد رافق انخفاض معدل‬
‫المواليد في األقطار المتقدمة سلسلة من الت يرات ساعدت علا نيرل المررأة اسرتقاللها وكرذلك‬
‫ت ير العالقات التقليدية بين الجنسين‪.‬‬
‫‪- 3‬االنعكاسية االجتماعية‪:‬‬

‫وهر رري مرتبطر ررة بعولمر ررة االتصر رراالت وفوريتهر ررا أو ناجمر ررة عنهمر ررا‪ .‬تعنر رري االنعكاسر ررية‬
‫االجتماعية العيش في نظام اجتماعي تتردهور تقاليرده وتتالشرا‪ .‬لقرد صرار علرا كرل ونسران‬
‫يعيش في نظام كهذا مواجهة هذا النظرام والتعامرل مرع مصرادر المعلومرات والمعرفرة المتعرددة‬
‫منه‪ ،‬بما في ذلك االدعاءات المعرفية اليومية الشرذمة أو المشكوك بصحتها ‪ .‬لقد صار علا‬
‫كل ونسان اليوم وعلا نحو أواخر‪ ،‬التأمل أو التفكير في أحوال حياته وظروفها كوسيلة للحياة‬
‫يتخذ وسط صخب معلومراتي فري العالقرات وااللترزام‪ ،‬وت يرر طبيعرة‬ ‫أو للنجاة‪ .‬فقرار الزوا‬
‫الجنس‪ ،‬والعالقات بين الجنسين‪ ،‬ومؤسسة الزوا نفسها‪ .‬وليست المعلومات أو المعرفة هذه‬
‫مجرد خلفية لقرار الزوا المطلوب اتخاذه‪ ،‬وانمرا عنصرر مرن عناصرر تكروين اإلنسران بيئرة‬

‫‪93‬‬

‫ع‪ (49‬أكتوبر – ديسمبر ‪2018‬م)‬ ‫مجلة كلية اآلداب – جامعة بني سويف‬
‫االجتاهات النظرية الكالسيكية واملعاصرة يف راسة اخلالفات األسرية‬ ‫أ‪ /‬بدرية مناحي غزاي املطريي‬

‫العقل الذي تعصرف بره‪ ،‬والقررار الرذي يتخرذ فيره ‪ ،‬ونهرا بيئرة اجتماعيرة انعكاسرية ذات فوائرد‬
‫جديدة‪ ،‬وأشكال من االستقالل متزايدة ولكن ذات مشكالت ومقلقات كثيرة ومعقدة أيضاً‪.‬‬
‫في اطار هذه الرؤية النظرية قدم جيدنز مفهومه عن االسرة ‪ ،‬خاصة رؤيته لمفهوم العالقات‬
‫االسرية الحميمة ‪ ،‬وعالقاتها بالتح والت االجتماعية واالقتصادية والسياسية الجارية ‪ .‬ويؤكد‬
‫علي ان النظم الجديدة خاصة نظام السوق قد غيرت طبيعة الصداقة وحيث ان النظم االدارية‬
‫لها مسارات روتينية ( ال شخصية) فان العالقات المبنية علي االخالص والثقة تصبح جزءا‬
‫اساسيا من الحياة الحديثة ‪ .‬ويري جيدنز ا ن العالقات الشخصية ليست مستبعدة من المجتمع‬
‫المدني بالمعني السوسيولوجي ‪،‬ولكنها تربط النظم المجردة علي مستوي العالم بالحياة‬
‫الشخصية ‪ .‬ويفسر هذا علي انه تحوال للعالقات الحميمة ‪.1‬‬
‫ويري جيدنز انه يجب اال ننظر الي الت يرات التي طرات علي الحياة اال سرية من ج انب‬
‫الت يرات االقتصادية في طبيعة العمل ‪ .‬وانما بالنظر الي الت يرات االيديولوجية التي صاحبتها ‪.‬‬
‫فالتحول من المجتمع التقليدي الي المجتمع الحديث فرغ العقل وانفصل النشاطين الجنسي‬
‫والتناسلي عن فكرة عالقة الحب الرومانسي‪ ،‬والسيطرة المتزايدة من النساء علي عالم الش ئو ن‬
‫المنزلية وتربية االبناء ‪ ،‬ويوصف ذلك بانه منشأ الحب الرومانسي ‪،‬او العالقات المت يرة بين‬
‫االباء واالبناء ‪ . 2‬ويذهب جيدنز ان الت ير في العالقات العاطفية بين الرجال والنساء تتمثل في‬
‫الحياة الخاصة قد ت يرت ‪ .‬لقد مهدت النساء الطريق لنوع من التوسع في مجال العال قات‬
‫الحميمة باعتبارهن حامالت لواء الثورة العاطفية‪ .‬ان الت يرات المادية سمحت للنساء ان‬
‫يرسخن دعائم مطالبتهن بالمساواة ‪.‬‬
‫في النهاية ‪ ،‬يعد العرض لهذه المداخل ومدي تركيزها علي النظرة الخاصة للخالفات‬
‫االسرية دليل علي ربط هذه اآلراء بالسياق االجتماعي والثقافي ‪ .‬قدمت الوظيفية الخالفات في‬
‫صورة مثالية ‪،‬وعلي هيئة فترات ذهابا وايابا وكأنها نوع من التوقعات متبادلة بين الناس‬
‫بوصفهم اعضاء داخل اسرة واحدة ‪،‬وفي حالة العجز علي االستجابة لمثل هذه التوقعات تنتج‬
‫المشكالت والخالفات ‪ .‬وذهبت نظرية الصراع الي ابعد من ذلك حيث فسرت الخالفات االسرية‬
‫الي طبيعة البشر االنانية في الرغبة في االمتالك بأنواع مختلفة قد تصل الي است الل بسبب‬
‫وجود المجتمع ال ير متسامح ‪ ،‬القائم علي المظالم ال علي المساواة ‪.‬‬
‫ركزت التفاعلية الرمزية علي اساليب التنشئة االجتماعية وخاصة المبكرة في االسرة‬
‫والتراكم الثقافي في تعلم الزوجين كيفية تجاوز المشكالت ‪،‬علي عكس النظريات التبادلية او‬
‫العقالنية التي رجحت الخالفات الي دوافع الفعل لدي اطراف العالقة ‪،‬وحساب االستمرار في‬

‫‪A.Giddenis, The consequences of modern ity, Cambridge: Polity Press, 1990, p.55. 1‬‬
‫‪Ibid., p.75. 2‬‬

‫‪94‬‬
‫)‬ ‫ع‪ ( 49‬أكتوبرـ ديسمبر‪2018‬م‬ ‫مجلة كلية اآلداب – جامعة بني سويف‬
‫االجتاهات النظ رية الكالسيكية واملعاصرة يف دراسة اخلالفات األس رية‬ ‫أ‪ /‬بدرية مناحي غ زاي املطريي‬

‫الخالف او التوقف وفقا للمكسب والخسارة ‪،‬وتاني التطورية لتري ان الخالفات االسرية تعبير‬
‫صريح علي عجز في بلورة حياتنا بالطريقة السليمة او التوافق مع مستجدات العصر ‪ .‬وقد‬
‫غزت هذه المدرسة كافة الكتابات العربية عن الخالفات كما اشار بهذا الطاهر لبيب ان المدخل‬
‫التنموي ‪ ":‬تخترق معظم الدراسات العربية حول موضوع األسرة‪ ،‬وتجد مرتكزها األساسي " ف ي‬
‫رصد المراحل "التي مرت أو تمر بها األسرة في صيرورة خطية للتحول بطريقة تجعل تلك‬
‫المراحل وطارا مرجعيا ال غنا عنه ‪.‬التطور من القبيلة ولا األسرة مرورا بالعشيرة‪ ،‬أو من‬
‫العائلة الممتدة ولا األسرة النووية‪.1‬‬
‫وعلي هذا تعتمد الدراسة علي الرؤية التطورية كمدخل اساي للدراسة ‪،‬حيث تشير الي ان‬
‫قضية الخالفات االسرية نتا لعدم مواكبة التطور سواء االجتماعي او االقتصادي والسياسي‬
‫‪،‬من ناحية ‪ ،‬وعجز هذه التطورات عن التفاعل مع القيم االجتماعية وتأثيرها علي نمط االسرة‬
‫الحالي وبنائها وطبيعة العالقات فيها ‪ .‬واندر هذا التطور ضمن معادلة الصراع بين التقليد‬
‫والتحديث ‪ ،‬كمدخل ليفسر االوضاع الحالية لألسرة العربية اليوم ‪.‬‬
‫نتيجة لذلك‪ ،‬ان هذا التطور كان القاعدة لظهور االنتقال من الجماعية الي الفردية‬
‫‪،‬وت ير في مراكز التنشئة االجتماعية ‪،‬والتعرض لقيم الثقافة ال ربية ‪،‬وت ير في فكرة الطا عة ‪،‬‬
‫ادت ا لي اشكال اقل وطأة من طاعة المرأة للرجل ومن طاعة الص ار للكبار ‪ .‬هذه االحوال‬
‫والخالفات االسرية انعكاس لما فرضته الحالة الكونية المعاصرة التي عمقت بروز الخالفات‬
‫الجديدة وظهور الطارئة منها ‪،‬استدعي تدخل الدولة عبر تنظيماتها وادارتها ومن بينها ادارة‬
‫االستشارات االسرية كمستودع تقليدي وحديث للقيم االجتماعية ‪،‬ومصدر لتحقيق التجانس‬
‫البنيوي بين البناء القديم والحديث لألسرة الكويتية ‪ .‬مما سبق يتضح ان الخالفات االسرية‬
‫ظاهرة اجتماعية بكل المقاييس ‪ ،‬ألنها مظهر من مظاهر التفكك االسري الذي يعد بعدا سلوكيا‬
‫واجتماعيا ‪ ،‬وان كانت ظاهرة ضرورية تؤدي وظيفة اجتماعية تدفع مؤسسات المجتمع الي‬
‫اليقظة واالنتباه اال ان في حالة زيادتها ستؤدي الي اثار سلبية اجتماعية ونفسية علي‬
‫الزوجين واالبناء والمجتمع ‪.‬‬
‫وهكذا نري ان االسرة كانت بؤرة لعديد من الت يرات االجتماعية العميقة التي المت بها‬
‫في نفس الوقت ‪ ،‬ولكنها ت يرات كانت متشبعة بقيم مستمدة من انماط سابقة من التنظيم‬
‫االسري ‪ .‬ولعل هذا ما جعل المدخل التطوري المدخل النظري للدراسة وخاصة مع ظهور‬
‫مصطلحات جدية قدمها جيدنز في معرض حديثة عن التطورات االسرية وخاصة العيش‬
‫بانعزالية عن باقي افراد االس رة ‪ ،‬ومصطلح االبوة البديلة الذي يعادل الخالفات والنزاعات‬

‫‪1‬‬
‫الطاهر لبيب ‪ ،‬االسرة العربية ‪ :‬مقاربات نظرية ‪ ،‬المستقبل العربي‪ ،‬العدد ‪ ،308‬اكتوبر ‪ ،2004‬ص ‪. 92‬‬
‫‪95‬‬

‫ع‪ (49‬أكتوبر – ديسمبر ‪2018‬م)‬ ‫مجلة كلية اآلداب – جامعة بني سويف‬
‫االجتاهات النظرية الكالسيكية واملعاصرة يف راسة اخلالفات األسرية‬ ‫أ‪ /‬بدرية مناحي غزاي املطريي‬

‫االسرية او الزوا المحطم او االسرة المفككة ‪،‬وكلها ت يرات تطورية تعبر عن دالالت سلبية‬
‫في حياة االسرة الحديثة ‪. 1‬‬
‫وال يجب ان ينظر البحث الي االدارة علي انها ابتكارا اجتماعيا يستخدم للخرو من‬
‫ال توترات االجتماعية والخالفات االسرية الناجمة عن الزوا ‪،‬ولكنها تعبر عن رؤية مجتمعية‬
‫ثقافية واجتماعية ترصد الظروف التي من خاللها تحدث الخالفات سواء في سوء االختيار‬
‫‪،‬غياب التفاهم ‪،‬االزمات االقتصادية والسياسية واالجتماعية التي تواجه االسرة ‪ .‬اضافة الي‬
‫تعرض الح ياة للض وط والتوترات ال تنتهي ابدا ‪ ،‬وايضا الت يرات المحتملة في خرو المراة‬
‫للعمل وتقسيم العمل والحياة الحديثة ‪،‬وت ير القوانين لصالح احد افراد االسرة علي حساب‬
‫االخرين ‪ .‬ان مثل هذه الت يرات االجتماعية الجماعية ترتبط بعوامل ذاتية يرجع الي العوامل‬
‫الثقافية وا لديموجرافية واالختالفات العمرية والتعليمية ‪،‬والتوترات الداخلية وكيف يواجه الزوجان‬
‫الخالفات االسرية ‪،‬وهذا هو موضوع لدراسة ميدانية سوف تأتي الحقا‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫انتوني جيدنز ‪ ،‬مقدمة نقدية في علم االجتماع ‪ ،‬ترجمة احمد زايد واخرون ‪ ،‬القاهرة ‪ :‬مركز البحوث بجامعة‬
‫القاهرة ‪ ،2007 ،‬ص ‪.184‬‬

‫‪96‬‬
‫)‬ ‫ع‪ ( 49‬أكتوبرـ ديسمبر‪2018‬م‬ ‫مجلة كلية اآلداب – جامعة بني سويف‬

You might also like